وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قُلْت فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ
وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ له الْحَضَانَةَ مُطْلَقًا وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هو أو إلَى مَحْرَمِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى من أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ
وَكَذَا قال فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ لِعَدَمِ عُمُومِهِ
قَوْلُهُ وإذا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ من حَضَانَتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى أُمِّهَا
وَكَذَلِكَ إنْ لم تَكُنْ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى الْأَبِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَوَجْهٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا كُلُّ ذِي حَضَانَةٍ إذَا امْتَنَعَ من الْحَضَانَةِ أو كان غير أَهْلٍ لها قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
تَنْبِيهٌ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ كَلَامُهُمْ يَدُلُّ على سُقُوطِ حَقِّ الْأُمِّ من الْحَضَانَةِ بِإِسْقَاطِهَا وَأَنَّ ذلك ليس مَحَلُّ خِلَافٍ
وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ لو أَرَادَتْ الْعَوْدَ فيها هل لها ذلك يُحْتَمَلُ قَوْلَيْنِ
أَظْهَرُهُمَا لها ذلك لِأَنَّ الْحَقَّ لها ولم يَتَّصِلْ تَبَرُّعُهَا بِهِ بِالْقَبْضِ فَلَهَا الْعَوْدُ كما لو أَسْقَطَتْ حَقَّهَا من الْقَسْمِ انْتَهَى
____________________
(9/421)
قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَ هَؤُلَاءِ فَهَلْ لِلرِّجَالِ من ذَوِي الْأَرْحَامِ
وَكَذَا لِلنِّسَاءِ منهم غَيْرُ من تَقَدَّمَ حَضَانَةٌ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي وَبَعْدِهِ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْهَادِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لهم الْحَضَانَةُ بَعْدَ عَدَمِ من تَقَدَّمَ وهو الصَّحِيحُ
قال في الْمُغْنِي وهو أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هو أَقْيَسُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ في مَوْضِعٍ وَصَحَّحَهُ في آخَرَ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في أَثْنَاءِ الْبَابِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا حَقَّ لهم في الْحَضَانَةِ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ ولم يَذْكُرُوهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ في أَوَّلِ الْبَابِ وَلَعَلَّهُ تَنَاقُضٌ منهم
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أبو الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهُ أَحَقَّ من الْخَالِ بِلَا نِزَاعٍ وفي تَقْدِيمِهِمْ على الْأَخِ من الْأُمِّ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُونَ عليه قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(9/422)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ عليهم صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قَوْلُهُ وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ
وقال في الْفُنُونِ لم يَتَعَرَّضُوا لِأُمِّ الْوَلَدِ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا من سَيِّدِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ وهو الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى لَا دَلِيلَ على اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ
وقد قال مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ في حُرٍّ له وَلَدٌ من أَمَةٍ هِيَ أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلُ فَالْأَبُ أَحَقُّ
قال في الْهُدَى وَهَذَا هو الصَّحِيحُ لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ
قال وَيُقَدَّمُ لِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتُ حَاجَةِ الْوَلَدِ على السَّيِّدِ كما في الْبَيْعِ سَوَاءٌ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا حَضَانَةَ لِمَنْ بَعْضُهُ قِنٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْخُلُ في الْمُهَايَأَةِ
فَائِدَةٌ حَضَانَةُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كان بَعْضُ الرَّقِيقِ الْمَحْضُونِ حُرًّا تَهَايَأَ فيه سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَتَبِعَهُ من بَعْدَهُ
قَوْلُهُ وَلَا فَاسِقٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ له الْحَضَانَةَ
وقال لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّارِعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ وَأَقَرَّ الناس ولم يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا وَلِاحْتِيَاطِ الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ على وَلَدِهِ
____________________
(9/423)
قَوْلُهُ وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ من الطِّفْلِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَلَوْ رضي الزَّوْجُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا الصَّحِيحُ
وقال بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ الْعَمَلُ عليه
وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ لها حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ
وَخَصَّ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ هذه الرِّوَايَةَ بِابْنَةٍ دُونَ سَبْعٍ وهو الْمَرْوِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ لها حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ إلَى سَبْعِ سِنِينَ
وَعَنْهُ حتى تَبْلُغَ بِحَيْضٍ أو غَيْرِهِ
وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ إذَا رضي الزَّوْجُ بِنَاءً على أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ أنها لو كانت مُزَوَّجَةً لِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ لها الْحَضَانَةَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا حَضَانَةَ لها إلَّا إذَا كانت مُزَوَّجَةً بِجَدِّهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إذَا كان الزَّوْجُ ذَا رَحِمٍ لَا يَسْقُطُ وما هو بِبَعِيدٍ
____________________
(9/424)
فَائِدَةٌ حَيْثُ أَسْقَطْنَا حَضَانَتَهَا بِالنِّكَاحِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ بَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ
قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وهو كما قال
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ في الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَإِنْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ رَجَعُوا إلَى حُقُوقِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ
وقد يُقَالُ شَمِلَ كَلَامُهُ ما لو طَلُقَتْ من الْأَجْنَبِيِّ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ولم تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَيَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا من الْحَضَانَةِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وهو الذي نَصَّهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّاب وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
وَهِيَ تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَوَجْهٌ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
وَصَحَّحَهَا في التَّرْغِيبِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ
قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قُلْت وهو قَوِيٌّ
____________________
(9/425)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا نَظِيرُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو وَقَفَ على أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ في وَقْفِهِ أَنَّ من تَزَوَّجَ من الْبَنَاتِ لَا حَقَّ له فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ قَالَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ وَهَلْ مِثْلُهُ إذَا وَقَفَ على زَوْجَتِهِ ما دَامَتْ عَازِبَةً فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لها
يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِرَّهَا حَيْثُ ليس لها من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا كَأَوْلَادِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ صِلَتَهَا ما دَامَتْ حَافِظَةً لِحُرْمَةِ فِرَاشِهِ عن غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ وَالْوَقْفِ على الْأَوْلَادِ انْتَهَى
قُلْت يَرْجِعُ في ذلك إلَى حَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْوَقْفِ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها
الثَّانِيَةُ هل يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا لِلْحَضَانَةِ فيه احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا في الِانْتِصَارِ في مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ هل يُورَثُ أَمْ لَا
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِسْقَاطِ الْأَبِ الرُّجُوعَ في الْهِبَةِ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى هل الْحَضَانَةُ حَقُّ لِلْحَاضِنِ أو حَقٌّ عليه فيه قَوْلَانِ في مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ رضي اللَّهُ عنهما
وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا هل لِمَنْ له الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عنها على قَوْلَيْنِ
وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ عليه خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ له وَإِلَّا وَجَبَتْ عليه خِدْمَتُهُ مَجَّانًا وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ على الْقَوْلَيْنِ
____________________
(9/426)
قال وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةُ لِلْأَبِ وَقُلْنَا الْحَقُّ لها لَزِمَتْ الْهِبَةُ ولم تَرْجِعْ فيها وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عليها فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
ثُمَّ قال في الْهُدَى هذا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن نَصْرِ اللَّهِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الْمُسَافِرُ الْأَبَ أو الْأُمَّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ الْأُمُّ أَحَقُّ
وَقَيَّدَ هذه الرِّوَايَةَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ بِمَا إذَا كانت هِيَ الْمُقِيمَةُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَلَا بُدَّ من هذا الْقَيْدِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لم يقيدها ( ( ( يقيده ) ) )
وَقِيلَ الْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ
وقال في الْهُدَى إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ لم يُجَبْ إلَيْهِ وَإِلَّا عَمِلَ ما فيه الْمَصْلَحَةُ لِلطِّفْلِ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ فَلَا مُخَالَفَةَ لَا سِيَّمَا في صُورَةِ الْمُضَارَّةِ انْتَهَى
قُلْت أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ فَلَا شَكَّ فيها وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ على ذلك
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ
الْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/427)
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَالْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ما لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ منه في يَوْمِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَاهُمَا
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ من ذلك فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ
فَعَلَى هذا لو أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ سَفَرًا قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ الْأُمُّ أَوْلَى
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَالْمُقِيمُ أَوْلَى أَيْضًا على الْمَذْهَبِ لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ وهو السَّكَنُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وبن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ الْأُمُّ أَوْلَى
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَلَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَرِيبًا لِلسُّكْنَى فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُقِيمَ أَحَقُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(9/428)
جَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ الْأُمُّ أَحَقُّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وإذا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ خُيِّرَ بين أَبَوَيْهِ فَكَانَ مع من اخْتَارَ مِنْهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ وَمَسْبُوكُ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةُ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةُ وَالْوَجِيزُ وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَتَذْكِرَةُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ أَبُوهُ أَحَقُّ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي لَكِنْ قَالَا الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ
وَعَنْهُ أُمُّهُ أَحَقُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَضْعَفُهُمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ لِدُونِ سَبْعِ سِنِينَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ يُخَيَّرُ بن سِتٍّ أو سَبْعٍ
____________________
(9/429)
قُلْت الْأَوْلَى في ذلك أَنَّ وَقْتَ الْخِيرَةِ إذَا حَصَلَ له التَّمْيِيزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ وَلَكِنْ ضَبَطُوهُ بِالسِّنِّ
وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يقول إنَّ حَدَّ سَنِّ التَّمْيِيزِ سَبْعُ سِنِينَ كما تَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الصَّلَاةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إلَيْهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَلَوْ فَعَلَ ذلك أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إنْ أَسْرَفَ تَبَيَّنَ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ فَيُقْرَعُ أو هو لِلْأُمِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ أَسْرَفَ فيه فَبَانَ نَقْصُهُ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ
وَقِيلَ من قَرَعَ بَيْنَهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَخْتَرْ أَحَدَهُمَا أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما لو اخْتَارَهُمَا مَعًا
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ لِأُمِّهِ كَبُلُوغِهِ غير رَشِيدٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ في الْحَضَانَةِ كَالْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ
مُرَادُهُ إذَا كان الطِّفْلُ دُونَ السَّبْعِ
فَأَمَّا إنْ بَلَغَ سَبْعًا فإنه يُخَيَّرُ بين الْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ كان غُلَامًا أو جَارِيَةً
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ وإذا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ سَبْعًا كانت عِنْدَ أَبِيهَا
____________________
(9/430)
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ ولو ( ( ( فلو ) ) ) تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ الْأُمُّ أَحَقُّ حتى تَحِيضَ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْهُدَى هِيَ أَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصَحُّ دَلِيلًا
وَقِيلَ تُخَيَّرُ ذَكَرَهُ في الْهُدَى رِوَايَةً وقال نَصَّ عليها
وَعَنْهُ تَكُونُ عِنْدَ أَبِيهَا بَعْدَ تِسْعٍ وَعِنْدَ أُمِّهَا قبل ذلك فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ عَاقِلَةً وَجَبَ عليها أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَبِيهَا حتى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجُهَا
وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ عِنْدَ الْأُمِّ
وَقِيلَ عِنْدَ الْأُمِّ إنْ كانت أَيِّمًا أو كان زَوْجُهَا مَحْرَمًا لِلْجَارِيَةِ وهو اخْتِيَارُهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ تَكُونُ حَيْثُ شَاءَتْ إذَا حُكِمَ بِرُشْدِهَا كَالْغُلَامِ وَقَالَهُ في الْوَاضِحِ وَخَرَّجَهُ على عَدَمِ إجْبَارِهَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً
____________________
(9/431)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ كانت ثَيِّبًا أَيِّمًا مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلْأَبِ مَنْعُهَا من الِانْفِرَادِ
فَإِنْ لم يَكُنْ أَبٌ فَأَوْلِيَاؤُهَا يَقُومُونَ مَقَامَهُ
وَأَمَّا إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ عَاقِلًا رَشِيدًا كان عِنْدَ من شَاءَ مِنْهُمَا
الثَّانِيَةُ سَائِرُ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ منهم كَالْأَبِ في التَّخْيِيرِ وَالْأَحَقِّيَّةِ وَالْإِقَامَةِ وَالنُّقْلَةِ بِالطِّفْلِ أو الطِّفْلَةِ إنْ كان مَحْرَمًا لها قَالَهُ الْأَصْحَابُ
زَادَ في الرِّعَايَةِ فقال وَقِيلَ ذَوُو الْحَضَانَةِ من عَصَبَةٍ وَذِي رَحِمٍ في التَّخْيِيرِ مع الْأَبِ كَالْأَبِ وَكَذَا سَائِرُ النِّسَاءِ الْمُسْتَحِقَّاتِ لِلْحَضَانَةِ كَالْأُمِّ فِيمَا لها
قَوْلُهُ وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ من زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا
هذا صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ قال في التَّرْغِيبِ لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا إلَّا مع أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الْوَاضِحِ تُمْنَعُ الْأُمُّ من الْخَلْوَةِ بها إذَا خِيفَ منها أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَهَا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وقال وَيُتَوَجَّهُ في الْغُلَامِ مِثْلُهَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ فِيهِمَا
وَكَذَا تُمْنَعُ وَلَوْ كانت الْبِنْتُ مُزَوَّجَةً إذَا خِيفَ من ذلك مع أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْوَاضِحِ يَحْتَمِلُ ذلك
الثَّانِيَةُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا في بَيْتِهَا وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إذَا مَرِضَتْ
الثَّالِثَةُ غَيْرُ أَبَوَيْ الْمَحْضُونِ كَأَبَوَيْهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ مع أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
الرَّابِعَةُ لَا يُقَرُّ الطِّفْلُ بِيَدِ من لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(9/432)
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
فَائِدَةٌ الْجِنَايَاتُ جَمْعُ جِنَايَةٍ وَالْجِنَايَةُ لها مَعْنَيَانِ مَعْنًى في اللُّغَةِ وَمَعْنًى في الِاصْطِلَاحِ
فَمَعْنَاهَا في اللُّغَةِ كُلُّ فِعْلٍ وَقَعَ على وَجْهِ التَّعَدِّي سَوَاءٌ كان في النَّفْسِ أو في الْمَالِ
وَمَعْنَاهَا في عُرْفِ الْفُقَهَاءِ التَّعَدِّي على الْأَبَدَانِ
فَسَمَّوْا ما كان على الْأَبَدَانِ جِنَايَةً وَسَمَّوْا ما كان على الْأَمْوَالِ غَصْبًا وَإِتْلَافًا وَنَهْبًا وَسَرِقَةً وَخِيَانَةً
قَوْلُهُ الْقَتْلُ على أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ عَمْدٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ وخطأ وما أُجْرِيَ مَجْرَى الخطا
اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَسَّمَ الْقَتْلَ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ
وَكَذَا فَعَلَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبِ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَزَادُوا ما أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ كَالنَّائِمِ يَنْقَلِبُ على إنْسَانٍ فَيَقْتُلُهُ أو يَقْتُلُ بِالسَّبَبِ مِثْلَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أو يَنْصِبَ سِكِّينًا أو حَجَرًا فيؤول ( ( ( فيئول ) ) ) إلَى إتْلَافِ إنْسَانٍ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وما أَشْبَهَ ذلك كما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ في آخِرِ الْفَصْلِ من هذا الْكِتَابِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذِهِ الصُّوَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ من قِسْمِ الْخَطَأِ أَعْطَوْهُ حُكْمَهُ انْتَهَيَا
قُلْت كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ قَسَّمُوا الْقَتْلَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرُ وَالْفُرُوعُ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ زَادُوا قِسْمًا رَابِعًا
____________________
(9/433)
قال وَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا يَزِيدُ على ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَمْدٍ وهو ما فيه الْقِصَاصُ أو الدِّيَةُ وَشَبَهِ الْعَمْدِ وهو ما فيه دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ من غَيْرِ قَوَدٍ وَخَطَأٍ وهو ما فيه دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ انْتَهَى
وَيَأْتِي تَفَاصِيلُ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ
قُلْت الذي نَظَرَ إلَى الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ على الْقَتْلِ جَعَلَ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةً
وَاَلَّذِي نَظَرَ إلَى الصُّوَرِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ بِلَا شَكٍّ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَمُتَّفَقٌ عليها
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَحَدُهَا أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا له مَوْرٌ أَيْ دُخُولٌ وَتَرَدُّدٌ في الْبَدَنِ من حَدِيدٍ أو غَيْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ بِسِكِّينٍ أو يَغْرِزَهُ بِمِسَلَّةٍ
وَلَوْ لم يُدَاوِ الْمَجْرُوحُ الْقَادِرُ على الدَّوَاءِ جُرْحَهُ حتى مَاتَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ لم يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ
وَقِيلَ ليس بِعَمْدٍ
نَقَلَ جَعْفَرٌ الشَّهَادَةَ على الْقَتْلِ أَنْ يَرَوْهُ وَجَأَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ من ذلك
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لو جَرَحَهُ فَتَرَكَ مُدَاوَاةَ الْجُرْحِ أو فَصَدَهُ فَتَرَك شَدَّ فَصَادِهِ لم يَسْقُطْ الضَّمَانُ ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي مَحَلَّ وِفَاقٍ
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا ضَمَانَ في تَرْكِ شَدِّ الْفِصَادِ ذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ
وَذَكَرَ في تَرْكِ مُدَاوَاةٍ لِجُرْحٍ من قَادِرٍ على التَّدَاوِي وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ الضَّمَانَ انْتَهَى
وَأَرَادَ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ صَاحِبَ الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو طَالَ بِهِ الْمَرَضُ وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ
قال بن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ أو جَرَحَهُ وَتَعَقَّبَهُ سِرَايَةٌ بِمَرَضٍ وَدَامَ جُرْحُهُ حتى مَاتَ فَلَا يُعَلَّقُ بِفِعْلِ اللَّهِ شَيْءٌ
____________________
(9/434)
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَغْرِزَهُ بِإِبْرَةٍ أو شَوْكَةٍ وَنَحْوِهِمَا في غَيْرِ مَقْتَلٍ فَيَمُوتَ في الْحَالِ فَفِي كَوْنِهِ عَمْدًا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ عَمْدًا وهو الْمَذْهَبُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإنه لم يُفَرِّقْ بين الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً
قال في الْهِدَايَةِ هو قَوْلُ غَيْرِ بن حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ عَمْدًا بَلْ شِبْهَ عَمْدٍ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ من ذلك ضَمِنَا حتى مَاتَ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قال الْمُصَنِّفُ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَكُونُ عَمْدًا
قَوْلُهُ أو كان الْغَرْزُ بها في مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ وَالْخَصِيَتَيْنِ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ سِلْعَةً من أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(9/435)
وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَهَا حَاكِمٌ من صَغِيرٍ أو وَلِيُّهُ فَلَا قَوَدَ وَكَذَا لو قَطَعَهَا وَلِيُّ الْمَجْنُونِ منه فَلَا قَوَدَ
مُقَيَّدٌ فِيهِمَا بِمَا إذَا كان ذلك لِمَصْلَحَةٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا إذَا فَعَلَا ذلك لِمَصْلَحَةٍ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ الْأُولَى لِمَصْلَحَةٍ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثَقَّلٍ كَبِيرٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذي ضُرِبَ بِهِ بِمَا هو فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن مُشَيْشٍ يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا ضَرَبَهُ بِمَا هو فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ
قَوْلُهُ أو يَضْرِبُهُ بِمَا يَغْلِبُ على الظَّنِّ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهِ كَاللَّتِّ وَالْكُوذِينَ وَالسِّنْدَانِ أو حَجَرٍ كَبِيرٍ أو يُلْقِي عليه حَائِطًا أو سَقْفًا أو يُلْقِيه من شَاهِقٍ
فَهَذَا كُلُّهُ عَمْدٌ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ أو يُعِيدَ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ وَمَاتَ يَكُونُ عَمْدًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَكُونُ عَمْدًا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
قال في الِانْتِصَارِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
نَقَلَ حَرْبٌ شَبَهُ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِخَشَبَةٍ دُونَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِ ذلك حتى يَقْتُلَهُ
____________________
(9/436)
قَوْلُهُ أو يَضْرِبَهُ بِهِ في مَقْتَلٍ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ لَا يَكُونُ عَمْدًا إذَا ضَرَبَهُ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ أو يَضْرِبَهُ بِهِ في حَالِ ضَعْفِ قُوَّةٍ من مَرَضٍ أو صِغَرٍ أو كِبَرٍ أو في حَرٍّ مُفْرِطٍ أو بَرْدٍ مُفْرِطٍ وَنَحْوِهِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قال بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ أو لَكَمَهُ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
لَكِنْ لو ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ في ذلك كُلِّهِ لم يُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ
وَقِيلَ يُقْبَلُ إذَا كان مِثْلُهُ يجهله ( ( ( بجهله ) ) ) وَإِلَّا فَلَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ الثَّالِثُ إلْقَاؤُهُ في زُبْيَةِ أَسَدٍ
وَكَذَا لو أَلْقَاهُ في زُبْيَةِ نَمِرٍ فَيَكُونُ عَمْدًا بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا لو أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ بِحَضْرَةِ سَبُعٍ فَقَتَلَهُ أو أَلْقَاهُ بِمَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ فَقَتَلَتْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي لَا يَكُونُ عَمْدًا فِيهِمَا
وَقِيلَ هو أَنْ يُكَتِّفَهُ كَالْمُمْسِكِ لِلْقَتْلِ
وَهَذَا الذي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في أَوَاخِرِ الْبَابِ على ما يَأْتِي
____________________
(9/437)
قَوْلُهُ أو أَنْهَشَهُ كَلْبًا أو سَبُعًا أو حَيَّةً أو أَلْسَعَهُ عَقْرَبًا من الْقَوَاتِلِ وَنَحْوِ ذلك فَقَتَلَهُ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَنْهَشَهُ كَلْبًا أو أَلْسَعَهُ شيئا من ذلك فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذلك يَقْتُلُ غَالِبًا أو لَا
فَإِنْ كان يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ
وَإِنْ كان لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَثُعْبَانِ الْحِجَازِ أو سَبُعٍ صَغِيرٍ وَقُتِلَ بِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ قَتَلَا عَمْدًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ عَمْدًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ والفروع ( ( ( الفروع ) ) )
قَوْلُهُ الرَّابِعُ إلْقَاؤُهُ في مَاءٍ يُغْرِقُهُ أو نَارٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا فَمَاتَ بِهِ
إذَا أَلْقَاهُ في مَاءٍ فَلَا يَخْلُو أما أَنْ يُمْكِنَهُ التَّخَلُّصُ منه أو لَا
فَإِنْ كان لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ منه وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَهُوَ عَمْدٌ
وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ كَالْمَاءِ الْيَسِيرِ ولم يَتَخَلَّصْ حتى مَاتَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَوْتَهُ هَدَرٌ فَلَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَلَا غَيْرَهَا
قال في الْفُرُوعِ لَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ
وإذا أَلْقَاهُ في نَارٍ فَإِنْ لم يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ منها فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(9/438)
وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ ولم يَتَخَلَّصْ حتى مَاتَ فَقِيلَ دَمُهُ هَدَرٌ لَا شَيْءَ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ
قال في الْكَافِي وَإِنْ كان لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أو التَّخَلُّصُ منه مُمْكِنٌ فَلَا قَوَدَ فيه لِأَنَّهُ عَمْدٌ خَطَأٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فيه الدِّيَةَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قَوْلُهُ الْخَامِسُ خَنْقُهُ بِحَبْلٍ أو غَيْرِهِ أو سَدُّ فَمِهِ وَأَنْفِهِ أو عَصْرُ خُصْيَتَيْهِ حتى مَاتَ فَعَمْدٌ
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَدُّ الْفَمِ وَالْأَنْفِ جميعا وهو صَحِيحٌ
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في السَّدِّ وَالْعَصْرِ بين طُولِ الْمُدَّةِ أو قِصَرِهَا
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ فعل ( ( ( فعله ) ) ) ذلك في مُدَّةٍ يَمُوتُ في مِثْلِهَا غَالِبًا فَمَاتَ فَهُوَ عَمْدٌ فيه الْقِصَاصُ
قَالَا وَلَا بُدَّ من ذلك لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا كانت يَسِيرَةً لَا يَغْلِبُ على الظَّنِّ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِهِ
قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وإذا مَاتَ في مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ في مِثْلِهَا غَالِبًا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا إلَى الْغَايَةِ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ الْمَوْتُ منه فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ السَّادِسُ حَبْسُهُ وَمَنْعُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ حتى مَاتَ جُوعًا وَعَطَشًا في مُدَّةٍ يَمُوتُ في مِثْلِهَا غَالِبًا
مُرَادُهُ إذَا تَعَذَّرَ على الْجَائِعِ وَالْعَطْشَانِ الطَّلَبُ لِذَلِكَ
فَأَمَّا إذَا لم يَتَعَذَّرْ الطَّلَبُ أو تَرَكَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ قَادِرًا على الطَّلَبِ أو غَيْرِهِ فَلَا دِيَةَ له كَتَرْكِهِ شَدَّ مَوْضِعِ فَصَادِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/439)
وَتَقَدَّمَ النَّقْلُ في ذلك أَوَّلَ الْبَابِ في كَلَامِ صَاحِبِ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قَوْلُهُ السَّابِعُ إسْقَاؤُهُ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ أو خَلَطَ سُمًّا بِطَعَامٍ فَأَطْعَمَهُ أو خَلَطَهُ بِطَعَامِهِ فَأَكَلَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ فَمَاتَ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ
وَأَطْلَقَ بن رَزِينٍ فِيمَا إذَا أَلْقَمَهُ سُمًّا أو خَلَطَهُ بِهِ قَوْلَيْنِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ آكِلُهُ بِهِ وهو بَالِغٌ عَاقِلٌ أو خَلَطَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرٍ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عليه
أَمَّا غَيْرُ الْبَالِغِ لو أَكَلَهُ كان ضَامِنًا له إذَا مَاتَ بِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كان مُمَيِّزًا فَفِي ضَمَانِهِ نَظَرٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بِالسُّمِّ أَنَّنِي لم أَعْلَمْ أَنَّهُ سُمٌّ قَاتِلٌ لم يُقْبَلْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَيُقْبَلُ في الْآخَرِ وَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقْبَلُ إذَا كان مِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ الثَّامِنُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِسَحَرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا
____________________
(9/440)
إذَا قَتَلَهُ بِسَحَرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ كان يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ وَإِنْ قال لم أَعْلَمْهُ قَاتِلًا لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ وَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ
وَقِيلَ يُقْبَلُ إذَا كان مِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَإِلَّا فَلَا كما تَقَدَّمَ في السُّمِّ سَوَاءٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِالسَّحَرِ وَقُتِلَ كان قَتْلُهُ بِهِ حَدًّا وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ في تَرِكَتِهِ على الصَّحِيحِ
وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَعِنْدِي في هذا نَظَرٌ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في آخِرِ بَابِ الْمُرْتَدِّ
الثَّانِيَةُ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لم يذكر أَصْحَابُنَا الْمِعْيَانَ الْقَاتِلَ بِعَيْنِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالسَّاحِرِ الذي يَقْتُلُ بِسَحَرِهِ غَالِبًا فإذا كانت عَيْنُهُ يَسْتَطِيعُ الْقَتْلَ بها وَيَفْعَلُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَجَبَ بِهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ وَقَعَ ذلك منه بِغَيْرِ قَصْدِ الْجِنَايَةِ فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ خَطَأٌ يَجِبُ عليه ما يَجِبُ في قَتْلِ الْخَطَأِ
وَكَذَا ما أَتْلَفَهُ الْمِعْيَانُ بِعَيْنِهِ
وَيُتَوَجَّهُ فيه الْقَوْلُ بِضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يَقَعَ بِغَيْرِ قَصْدِهِ فَيُتَوَجَّهُ عَدَمُ الضَّمَانِ انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا الذي قَالَهُ حَسَنٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالتَّرْغِيبِ عَدَمُ الضَّمَانِ
وَكَذَلِكَ قال الْقَاضِي على ما يَأْتِي في آخِرِ بَابِ التَّعْزِيرِ
قَوْلُهُ التَّاسِعُ أَنْ يَشْهَدَا على رَجُلٍ بِقَتْلٍ عَمْدٍ أو رِدَّةٍ أو زِنًا فَيُقْتَلُ بِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعَا وَيَقُولَا عَمِدْنَا قَتْلَهُ
هَكَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ
____________________
(9/441)
وقال في الْكَافِي وَقَالَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ
وقال في الْمُغْنِي ولم يَجُزْ جَهْلُهُمَا بِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ فَالْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ على أَنَّ هذا عَمْدٌ مَحْضٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ من صُوَرِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ من شَهِدَتْ عليه بَيِّنَةٌ بِالرِّدَّةِ فَقُتِلَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا وَقَالُوا عَمِدْنَا قَتْلَهُ
قال وفي هذا نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ إنَّمَا يُقْتَلُ إذَا لم يَتُبْ فَيُمْكِنُ الْمَشْهُودُ عليه التَّوْبَةَ كما يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصَ من النَّارِ إذَا أُلْقِيَ فيها انْتَهَى
قُلْت يُتَصَوَّرُ عَدَمُ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُرْتَدِّ في مَسَائِلَ على رِوَايَةٍ قَوِيَّةٍ كَمَنْ سَبَّ اللَّهَ أو رَسُولَهُ وَكَالزِّنْدِيقِ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ وَالسَّاحِرُ وَغَيْرُ ذلك على ما يَأْتِي في بَابِهِ فَلَوْ شَهِدَ عليه بِذَلِكَ فإنه يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مَحَلُّهُ حَيْثُ امْتَنَعَتْ التَّوْبَةُ
وَيَكْفِي هذا في إطْلَاقِهِمْ في مَسْأَلَةٍ وَلَوْ وَاحِدَةٍ
لَكِنْ ظَهَرَ لي على كَلَامٍ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ إشْكَالٌ في قَوْلِهِمْ لو شَهِدَا على رَجُلٍ بِزِنًا فَقُتِلَ بِذَلِكَ فإن الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقْتَلُ الزَّانِي بِشَهَادَتِهِمَا فَهَذَا فيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِهَذَا
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ شَهِدَتْ عليه بَيِّنَةٌ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ فَتَخَلَّصَ من الْإِشْكَالِ
قَوْلُهُ أو يَقُولَ الْحَاكِمُ عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمِدْت قَتْلَهُ
فَهَذَا عَمْدٌ مَحْضٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ على الْحَاكِمِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/442)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَنَصَرَ بن عَقِيلٍ في مُنَاظَرَاتِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ وَالْحَالَةُ هذه لَا قِصَاصَ عليه
وَقِيلَ في قَتْلِ الْحَاكِمِ وَجْهَانِ فَوَائِدُ
الْأُولَى يُقْتَلُ الْمُزَكِّي كَالشَّاهِدِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا يُقْتَلُ وَإِنْ قَتَلَ الشَّاهِدُ
الثَّانِيَةُ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مع مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ الْقَتْلَ وَإِقْرَارِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذلك عَمْدًا عُدْوَانًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ الْبَيِّنَةُ وَالْوَلِيُّ هُنَا كَمُمْسِكٍ مع مُبَاشِرٍ فَالْبَيِّنَةُ هُنَا كَالْمُمْسِكِ وَالْوَلِيُّ هُنَا كَالْمُبَاشِرِ هُنَاكَ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا في هذا الْبَابِ وَالْخِلَافُ فيه
وقال في التَّبْصِرَةِ إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ أَنَّهُ لم يَقْتُلْ أُقِيدَ الْكُلُّ
الثَّالِثَةُ يَخْتَصُّ الْمُبَاشِرُ الْعَالِمُ بِالْقَوَدِ ثُمَّ الْوَلِيُّ ثُمَّ الْبَيِّنَةُ وَالْحَاكِمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِالْحَاكِمِ إذَا اشْتَرَكَ هو وَالْبَيِّنَةُ لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ من سَبَبِهِمْ فإن حُكْمَهُ وَاسِطَةٌ بين شَهَادَتِهِمْ وَقَتَلَهُ فَأَشْبَهَ الْمُبَاشِرَ مع الْمُتَسَبِّبِ
الرَّابِعَةُ لو لَزِمَتْ الدِّيَةَ الْبَيِّنَةُ وَالْحَاكِمُ فَقِيلَ تَلْزَمُهُمْ ثَلَاثًا على الْحَاكِمِ الثُّلُثُ وَعَلَى كل شَاهِدٍ ثُلُثٌ
____________________
(9/443)
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ نِصْفَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الْخَامِسَةُ لو قال بَعْضُهُمْ عَمِدْنَا قَتْلَهُ وقال بَعْضُهُمْ أَخْطَأْنَا فَلَا قَوَدَ على الْمُتَعَمِّدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ فَلَا قَوَدَ على الْمُتَعَمِّدِ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في آخِرِ هذا الْبَابِ
وَعَنْهُ عليه الْقَوَدُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ على الْمُتَعَمِّدِ بِحِصَّتِهِ من الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَعَلَى الْمُخْطِئِ بِحِصَّتِهِ من الْمُخَفَّفَةِ
وَتَأْتِي هذه الْمَسْأَلَةُ وَنَظَائِرُهَا في آخِرِ هذا الْبَابِ بِأَتَمَّ من هذا
السادسة ( ( ( السادس ) ) ) لو قال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ في الْقَوَدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه وُجُوبُ الْقَوَدِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْعَمْدِيَّةِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي عَدَمَ الْقَوَدِ
وَصَحَّحَهُ في الْكُبْرَى وقال الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا حَالَّةً
وَلَوْ قال وَاحِدٌ عَمِدْنَا وقال الْآخَرُ أَخْطَأْنَا لَزِمَ الْمُقِرُّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدَ وَلَزِمَ الْآخَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ
السَّابِعَةُ لو رَجَعَ الْوَالِي وَالْبَيِّنَةُ ضَمِنَهُ الْوَالِي وَحْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَضْمَنُهُ الْوَالِي وَالْبَيِّنَةُ مَعًا كَمُشْتَرِكٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوَالِي يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا الدِّيَةُ وَأَنَّ الْآمِرَ لَا يَرِثُ
____________________
(9/444)
الثَّامِنَةُ لو حَفَرَ في بَيْتِهِ بِئْرًا أو سَتَرَهُ لِيَقَعَ فيه أَحَدٌ فَوَقَعَ فَمَاتَ فَإِنْ كان دخل بِإِذْنِهِ قُتِلَ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ كما لو دخل بِلَا إذْنِهِ أو كانت مَكْشُوفَةً بِحَيْثُ يَرَاهَا الدَّاخِلُ
وَيَأْتِي في أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ إذَا حَفَرَ في فِنَائِهِ بِئْرًا فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ
التَّاسِعَة لو جَعَلَ في حَلْقِ زَيْدٍ خِرَاطَةً وَشَدَّهَا في شَيْءٍ عَالٍ وَتَرَكَ تَحْتَهُ حَجَرًا فَأَزَالَهُ آخَرُ عَمْدًا فَمَاتَ قُتِلَ مُزِيلُهُ دُونَ رَابِطِهِ
فَإِنْ جَهِلَ الْخِرَاطَةَ فَلَا قَوَدَ على قَاتِلِهِ وفي مَالِهِ الدِّيَةُ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ الدِّيَةُ على عَاقِلَتِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَقِيلَ بَلْ على الْأَوَّلِ نِصْفُهَا
وَقِيلَ بَلْ على عَاقِلَتِهِ
قَوْلُهُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ الْجِنَايَةَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَيَقْتُلُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ ولم يَجْرَحْهُ بِذَلِكَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَصَدَ قَتْلَهُ أو لم يَقْصِدْهُ
وهو ظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ إلَّا إذَا لم يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِذَلِكَ
قال في الرِّعَايَةِ وَشِبْهُ الْعَمْدِ قَتْلُهُ قَصْدًا بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا
وَقِيلَ قَصْدُ جِنَايَةٍ لَا قَتْلُهُ غَالِبًا
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو يَصِيحَ بِصَبِيٍّ أو مَعْتُوهٍ وَهُمَا على سَطْحٍ فَيَسْقُطَا
____________________
(9/445)
أَنَّهُ لو صَاحَ بِرَجُلٍ مُكَلَّفٍ أو امْرَأَةٍ مُكَلَّفَةٍ وَهُمَا على سَطْحٍ فَسَقَطَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه فِيهِمَا وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ الْمُكَلَّفُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ
وَأَلْحَقَ في الْوَاضِحِ الْمَرْأَةَ بِالصَّبِيِّ والمعتوه ( ( ( المعتوه ) ) )
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ أو يَغْتَفِلَ عَاقِلًا فَيَصِيحَ بِهِ فَيَسْقُطَ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو فَعَلَ ذلك فَذَهَبَ عَقْلُهُ
تَنْبِيهٌ يَلْزَمُ في شِبْهِ الْعَمْدِ الدِّيَةُ
لَكِنْ هل تَكُونُ على الْعَاقِلَةِ أو على الْقَاتِلِ فيه خِلَافٌ على ما يَأْتِي في أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ وباب الْعَاقِلَةِ
وَيَأْتِي في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عليه بِذَلِكَ الْخِلَافُ الْآتِي في بَابِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
قَوْلُهُ وَالْخَطَأُ على ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ الصَّيْدَ أو يَفْعَلَ ما له فِعْلُهُ فَيَقْتُلَ إنْسَانًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ بِلَا نِزَاعٍ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو بفعل ( ( ( يفعل ) ) ) مَالَهُ فِعْلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ما ليس له فِعْلُهُ كَأَنْ يَقْصِدَ رَمْيَ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ أو بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَةٍ فَيُصِيبُ غَيْرَهُ أَنَّ ذلك لَا يَكُونُ خَطَأً بَلْ عَمْدٌ وهو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَخَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ فِيمَنْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فلم يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حتى أَسْلَمَ أَنَّهُ عَمْدٌ يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ
وَقَدَّمَ في الْمُغْنِي أَنَّهُ خَطَأٌ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قال في الْخَطَأِ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أو هَدَفًا أو شَخْصًا فَيُصِيبُ إنْسَانًا لم يَقْصِدْهُ
____________________
(9/446)
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَقْتُلَ في دَارِ الْحَرْبِ من يَظُنَّهُ حَرْبِيًّا وَيَكُونُ مُسْلِمًا أو يَرْمِيَ إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ فَيُصِيبَ مُسْلِمًا أو يَتَتَرَّسُ الْكُفَّارُ بِمُسْلِمٍ وَيَخَافُ على الْمُسْلِمِينَ إنْ لم يَرْمِهِمْ فَيَرْمِيهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُسْلِمَ فَهَذَا فيه الْكَفَّارَةُ
على ما يَأْتِي في بَابِهَا وفي وُجُوبِ الدِّيَةِ على الْعَاقِلَةِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ الدِّيَةُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قال الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن إمَامِنَا وَمُخْتَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ عليهم جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
تَنْبِيهٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَحَلُّ هذا في الْمُسْلِمِ الذي هو بين الْكُفَّارِ مَعْذُورٌ كَالْأَسِيرِ وَالْمُسْلِمِ الذي لَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ وَالْخُرُوجُ من صَفِّهِمْ
فَأَمَّا الذي يَقِفُ في صَفِّ قِتَالِهِمْ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِحَالٍ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ مَعْنَى ذلك في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْجِهَادِ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ
وَعَنْهُ تَجِبُ الدِّيَةُ في الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَكْسُ هذه الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا
قال وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كما لو حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَيُصَلِّي وَيُكَفِّرْ كَذَا هُنَا
____________________
(9/447)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
يَعْنِي أَنَّ عَمْدَهُمَا من الذي أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ وهو كَذَلِكَ لَكِنْ لو قال كُنْت حَالَ الْفِعْلِ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ
وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ الْعَاقِلَةِ هل تَتَحَمَّلُ عَمْدَ الصَّبِيِّ أو تَكُونُ في مَالِهِ
قَوْلُهُ وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ
هذا الْمَذْهَبُ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِلَا رَيْبٍ
وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ عليه عَامَّةُ شُيُوخِنَا
وَعَنْهُ لَا يُقْتَلُونَ بِهِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَحَسَّنَهَا بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْفُنُونِ فِيمَا إذَا اشْتَرَكَ في الْقَتْلِ اثْنَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ على أَحَدِهِمَا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ أَنَّهُ إنْ قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ قَتْلُ أَحَدِهِمْ وَالْعَفْوُ عن آخَرَ وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً من أَحَدِهِمْ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ من شَرْطِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ كل وَاحِدٍ منهم صَالِحًا لِلْقَتْلِ بِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عَفَى الْوَلِيُّ عَنْهُمْ سَقَطَ الْقَوَدُ ولم يَلْزَمْهُمْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُمْ دِيَاتٌ
نَقَلَ بن هَانِئٍ يَلْزَمُهُمْ دِيَاتٌ
وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهَا الشِّيرَازِيُّ
____________________
(9/448)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةُ بن مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ
وَأَمَّا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو فَعَلُوا ما يُوجِبُ قِصَاصًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَالْقَطْعِ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَيَأْتِي هذا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا جَرْحًا وَالْآخَرُ مِائَةً فَهُمَا سَوَاءٌ في الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ
هذا بِلَا نِزَاعٍ بشرطه ( ( ( بشرط ) ) ) الْمُتَقَدِّمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا من الْكُوعِ ثُمَّ قَطَعَهُ الْآخَرُ من الْمِرْفَقِ يَعْنِي وَمَاتَ فَهُمَا قَاتِلَانِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ الْقَاتِلُ هو الثَّانِي فَيُقْتَلُ بِهِ وَيُقَادُ من الْأَوَّلِ بِأَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ من الْكُوعِ كَقَطْعِهِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان قَطْعُ الثَّانِي قبل بُرْءِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ
أَمَّا إنْ كان بَعْدَ بُرْئِهِ فَالْقَاتِلُ هو الثَّانِي قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وهو وَاضِحٌ
____________________
(9/449)
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو ادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ جُرْحَهُ انْدَمَلَ فَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ سَقَطَ عنه الْقَتْلُ وَلَزِمَهُ الْقِصَاصُ في الْيَدِ أو نِصْفُ الدِّيَةِ
وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ وَاخْتَارَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ فَلَا فَائِدَةَ له في تَكْذِيبِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ وَاجِبٌ
وَإِنْ عَفَا عنه إلَى الدِّيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من نِصْفِ الدِّيَةِ
وَإِنْ كَذَّبَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَ حَلَفَ وكان له قَتْلُهُ
وَإِنْ ادَّعَى الثَّانِي انْدِمَالَ جُرْحِهِ فَالْحُكْمُ فيه كَالْحُكْمِ في الْأَوَّلِ إذَا ادَّعَى ذلك
الثَّانِيَةُ لو انْدَمَلَ الْقَطْعَانِ أُقِيدَ الْأَوَّلُ بِأَنْ يُقْطَعَ من الْكُوعِ
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا من الثَّانِي الْمَقْطُوعِ يَدُهُ من كُوعٍ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ أو ثُلُثُ دِيَةٍ فيه الرِّوَايَتَانِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ انْدَمَلَا فَعَلَى الْأَوَّلِ الْقَوَدُ من الْكُوعِ وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةٌ
وَعَنْهُ ثُلُثُ دِيَةِ الْيَدِ وَلَا قَوَدَ عليه مع كَمَالِ يَدِهِ
الثَّالِثَةُ لو قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ منها لِقَتْلِهِ نحو أَنْ يَضْرِبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ سَوْطًا في حَالَةٍ أو مُتَوَالِيًا فَلَا قَوَدَ
وَفِيهِ عن تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْقَوَدُ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ معه كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ أو مَرِيئِهِ أو وَدَجَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ هو الْأَوَّلُ وَيُعَزَّرُ الثَّانِي
____________________
(9/450)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ قُتِلَ الْأَوَّلُ وَعُزِّرَ الثَّانِي
وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في التَّبْصِرَةِ كما لو جَنَى على مَيِّتٍ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَدَلَّ هذا على أَنَّ التَّصَرُّفَ فيه كَمَيِّتٍ كما لو كان عَبْدًا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ
قال كَذَا جَعَلُوا الضَّابِطَ يَعِيشُ مِثْلُهُ أو لَا يَعِيشُ
وكذا عَلَّلَ الْخِرَقِيُّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مع أَنَّهُ قال في الذي لَا يَعِيشُ خَرَقَ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ حَشْوَتَهُ فَقَطَعَهَا فَأَبَانَهَا منه
قال وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لو لم يُبِنْهَا لم يَكُنْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مع أَنَّهُ بِقَطْعِهَا لَا يَعِيشُ
فَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ كَوْنَهُ لَا يَعِيشُ في مَوْضِعٍ خَاصٍّ فَتَعْمِيمُ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا وقد احْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم بِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ فيه نَظَرٌ
قال وَهَذَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإنه احْتَجَّ بِهِ في مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ فَدَلَّ على تَسَاوِيهِمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَلِهَذَا احْتَجَّ بِوَصِيَّةِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عليه في مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ كما احْتَجَّ هُنَا وَلَا فَرْقَ
وقد قال بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ في الذَّكَاةِ كَالْقَوْلِ هُنَا في أَنَّهُ يَعِيشُ أو لَا يَعِيشُ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
قال فَهَؤُلَاءِ أَيْضًا سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وكلام ( ( ( كلام ) ) ) الْأَكْثَرِ على التَّفْرِقَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ إنْ فَعَلَ ما يَمُوتُ بِهِ يَقِينًا وَبَقِيَتْ
____________________
(9/451)
معه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كما لو خَرَقَ حَشْوَتَهُ ولم يُبِنْهَا ثُمَّ ضَرَبَ آخَرُ عُنُقَهُ كان الْقَاتِلُ هو الثَّانِي لِأَنَّهُ في حُكْمِ الْحَيَاةِ لِصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ من مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى
قال وَلَوْ كان فِعْلُ الثَّانِي كَلَا فِعْلٍ لم يُؤَثِّرْ غَرَقُ حَيَوَانٍ في مَاءٍ بِقَتْلِ مِثْلِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَمَا صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ نَفْسَهُ زَهَقَتْ بِهِمَا كَالْمُقَارِنِ وَلَا يَنْفَعُ كَوْنُ الْأَصْلِ الْحَظْرُ ثُمَّ الْأَصْلُ هُنَا بَقَاءُ عِصْمَةِ الْإِنْسَانِ على ما كان
فَإِنْ قِيلَ زَالَ الْأَصْلُ بِالسَّبَبِ
قِيلَ وفي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ
وقد ظَهَرَ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّارِئَ له تَأْثِيرٌ في التَّحْرِيمِ في الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَأْثِيرٌ في الْمَحَلِّ في مَسْأَلَةِ الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا على ما فيها من الْخِلَافِ
ولم أَجِدْ في كَلَامِهِمْ دَلِيلًا هُنَا إلَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى أنها كَمَيِّتٍ وَلَا فَرْقًا مُؤَثِّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّكَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَاهُ في لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ فَالْقَوَدُ على الرَّامِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ لَا قَوَدَ عليه بَلْ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ عليه الْقَوَدُ إنْ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ بَعْدَ حُصُولِهِ فيه قبل غَرَقِهِ
فَائِدَةٌ لو أَلْقَاهُ في مَاءٍ يَسِيرٍ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْحُوتُ وَالْتَقَمَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِنْ لم يَعْلَمْ بِهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ
____________________
(9/452)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَهَ إنْسَانًا على الْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغني وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمَذْهَبُ اشْتِرَاكُ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ في الْقَوَدِ وَالضَّمَانِ
وَكَذَا قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال قال في الْمُوجَزِ هذا إنْ قُلْنَا بِقَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ
وقال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ على الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ دُونَ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِقَوْلِهِ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمُكْرَهٍ
قال في الْقَوَاعِدِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في بَابِ الرَّهْنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوَدَ على الْمُكْرَهِ الْمُبَاشِرِ ولم يذكر على الْمُكْرِهِ قَوَدًا
قَالَا وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا
وَذَكَرَ بن الصَّيْرَفِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ من أَصْحَابِنَا خَرَّجَ وَجْهًا أَنَّهُ لَا قَوَدَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا من رِوَايَةِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَأَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ عَكْسُهُ وَيَعْنِي أَنَّ الْقَوَدَ يَخْتَصُّ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءُ
وقال في الِانْتِصَارُ لو أُكْرِهَ على الْقَتْلِ بِأَخْذِ الْمَالِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلِ النَّفْسِ فَلَا
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَ من لَا يُمَيِّزُ أو مَجْنُونًا أو عَبْدَهُ الذي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ مُحَرَّمٌ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ على الْآمِرِ
وَكَذَا الْحَكَمُ لو أَمَرَ كَبِيرًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ
____________________
(9/453)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلُّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
إلَّا أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ قال في الِانْتِصَارِ لو أَمَرَ صَبِيًّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ هو وَآخَرُ وَجَبَ الْقِصَاصُ على آمِرِهِ وَشَرِيكِهِ في رِوَايَةٍ وَإِنْ سُلِّمَ فَلِعَجْزِهِ غَالِبًا
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ أَمَرَ من لَا يُمَيِّزُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ على الْآمِرِ أَنَّهُ لو أَمَرَ من يُمَيِّزُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ أَنَّ الْقِصَاصَ على الْقَاتِلِ
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِهِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ على الْقَاتِلِ
أَنَّهُ لَا قِصَاصَ على غَيْرِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ فَشَمِلَ من يُمَيِّزُ
فقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لَا قِصَاصَ عليه وَلَا على الْآمِرِ
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ تَمْيِيزَهُ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ كَالْآلَةِ فَلَا قَوَدَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وقال في الْفُرُوعِ وَمَنْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ لَزِمَ الْآمِرُ
فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ الْمُمَيِّزِ في ذلك
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ بَعْدَ ذلك حَكَى ما قَالَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَ كَبِيرًا عَاقِلًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِهِ فَقَتَلَ فَالْقِصَاصُ على الْقَاتِلِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَاب
وَأَمَّا الْآمِرُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لَا غَيْرُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُحْبَسُ كَمُمْسِكِهِ
وفي الْمُبْهِجِ رِوَايَةً يُقْتَلُ أَيْضًا
وَعَنْهُ يُقْتَلُ بِأَمْرِهِ عَبْدَهُ وَلَوْ كان كَبِيرًا عَاقِلًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ
____________________
(9/454)
نَقَلَ أبو طَالِبٍ من أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْمَوْلَى وَحُبِسَ الْعَبْدُ حتى يَمُوتَ لِأَنَّهُ سَوْطُ الْمَوْلَى وَسَيْفُهُ
كَذَا قال عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ وأبو هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنهما
وَأَنَّهُ لو جَنَى بِإِذْنِهِ لَزِمَ مَوْلَاهُ وإن ( ( ( لمن ) ) ) كانت الْجِنَايَةُ أَكْثَرَ من ثَمَنِهِ
وَحَمَلَهَا أبو بَكْرٍ على جَهَالَةِ الْعَبْدِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ أَمَرَ عَبْدًا بِقَتْلِ سَيِّدِهِ فَقَتَلَ أَثِمَ وَأَنَّ في ضَمَانِ قِيمَتِهِ رِوَايَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ إنْ خَافَ السُّلْطَانُ قُتِلَا فَوَائِدُ
لو قال لِغَيْرِهِ اُقْتُلْنِي أو اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَدَمُهُ وَجُرْحُهُ هَدَرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ عليه الدِّيَةُ
وَقِيلَ عليه دِيَتُهُمَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَعَنْهُ عليه الدِّيَةُ لِلنَّفْسِ دُونَ الْجُرْحِ
وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ فِيهِمَا وهو لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ
وَلَوْ قَالَهُ عبد ضَمِنَ الْفَاعِلُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ فَقَطْ نَصَّ عليه
وَلَوْ قال اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك قال في الْفُرُوعِ فَخِلَافٌ كَإِذْنِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِنْ قال اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَإِكْرَاهٌ وَلَا قَوَدَ إذَنْ
وَعَنْهُ وَلَا دِيَةَ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْتَلَ أو يَغْرَمَ الدِّيَةَ إنْ قُلْنَا هِيَ لِلْوَرَثَةِ
وَإِنْ قال له الْقَادِرُ عليه اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك أو اقْطَعْ يَدَك وَإِلَّا قَطَعْتهَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِعْلُهُ حَرَامٌ
____________________
(9/455)
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ إكْرَاهٌ
وَإِنْ قال اقتل زَيْدًا أو عَمْرًا فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَإِنْ قَتَلَ أَحَدَهُمَا قُتِلَ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ الْإِكْرَاهُ
وَإِنْ أَكْرَهَ سَعْدٌ زَيْدًا على أَنْ يُكْرَهَ عَمْرًا على قَتْلِ بَكْرٍ فقتله ( ( ( له ) ) ) قَتْلُ الثَّلَاثَةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ وَحُبِسَ الْمُمْسِكُ حتى يَمُوتَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَاتِهِمْ وَالشِّيرَازِيِّ
وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَالْأُخْرَى يُقْتَلُ أَيْضًا الْمُمْسِكُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال بن الصَّيْرَفِيِّ في عُقُوبَةِ أَصْحَابِ الْجَرَائِمِ في الْمُمْسِكِ الْقَتْلُ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّهُ تُغَلُّ يَدُ الْمُمْسِكِ إلَى عُنُقِهِ حتى يَمُوتَ
وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ فقال الْقَاضِي يَجِبُ عليه الْقِصَاصُ مع أَنَّهُ فِعْلٌ مُخْتَلِفٌ
____________________
(9/456)
قال الْمُجَاهِدُ وَهَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ فِيمَنْ فَعَلَ ذلك مُعْتَقِدًا لِجَوَازِهِ وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ له فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ قَطْعًا
وَإِنْ أَرَادَ مُعْتَقِدًا لِلتَّحْرِيمِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ على وَجْهَيْنِ
أَصَحُّهُمَا سُقُوطُ الْقِصَاصِ بِشُبْهَةِ الْخِلَافِ كما في الْحُدُودِ
تَنْبِيهٌ شَرَطَ في الْمُغْنِي في الْمُمْسِكِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يقتله ( ( ( بقتله ) ) ) وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال الْقَاضِي إذَا أَمْسَكَهُ لِلَّعِبِ أو الضَّرْبِ وَقَتَلَهُ الْقَاتِلُ فَلَا قَوَدَ على الْمَاسِكِ وَذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ
وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ لَا مَازِحًا مُتَلَاعِبًا انْتَهَى
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْإِطْلَاقُ
فَائِدَةٌ مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ لو أَمْسَكَهُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَكَذَا إنْ فَتَحَ فَمَه وَسَقَاهُ آخَرُ سُمًّا
وَكَذَا لو اتَّبَعَ رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَإِنْ كان الْأَوَّلُ حَبَسَهُ بِالْقَطْعِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ في الْقَطْعِ وَحُكْمُهُ في الْقِصَاصِ في النَّفْسِ حُكْمُ الْمُمْسِكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَفِيهِ وَجْهٌ ليس عليه إلَّا الْقَطْعُ بِكُلِّ حَالٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَّفَ إنْسَانًا وَطَرَحَهُ في أَرْضِ مُسَبَّعَةٍ أو ذَاتِ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُمْسِكِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
____________________
(9/457)
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَغَيْرِ الْأَرْضِ الْمُسَبَّعَةِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ الثَّالِثُ إلْقَاؤُهُ في زُبْيَةِ أَسَدٍ
قَوْلُهُ وإذا اشْتَرَكَ في الْقَتْلِ اثْنَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ على أَحَدِهِمَا كَالْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ في قَتْلِ الْوَلَدِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ في قَتْلِ الْعَبْدِ وَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ على الشَّرِيكِ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ على شَرِيكِ الْأَبِ وَالْعَبْدِ وَسُقُوطُهُ عن شَرِيكِ الْخَاطِئِ
وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْكَافِي هذا الْأَظْهَرُ
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي
قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ قَتْلُ شَرِيكِ الْأَبِ
وقال في الْخَاطِئِ لَا قِصَاصَ على الْمَشْهُورِ وَالْمُخْتَارُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَعَنْهُ يُقْتَصُّ من الشَّرِيكِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ لَا يُقْتَصُّ من الشَّرِيكِ مُطْلَقًا
قال في الْفُنُونِ أنا أَخْتَارُ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَجَانِبِ
____________________
(9/458)
تَمْنَعُ الْقَوَدَ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لنا بِظَنٍّ فَضْلًا عن عِلْمٍ بِجِرَاحَةِ أَيِّهِمَا مَاتَ بِهِ أو بِهِمَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ على شَرِيكِ الْأَبِ وَالْعَبْدِ تَقْدِيرُهُ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ على شَرِيكِ الْأَبِ وَوُجُوبُهُ على الْعَبْدِ فَالْعَبْدُ مَعْطُوفٌ على لَفْظَةِ شَرِيكٍ وَلَا يَجُوزُ عَطْفُهُ على لَفْظَةِ الْأَبِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى وهو وَاضِحٌ
فَائِدَةٌ دِيَةُ الشَّرِيكِ الْمُخْطِئِ في مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ على الصَّحِيحِ
قال في الْفُرُوعِ قَالَهُ الْقَاضِي
وَعَنْهُ على عَاقِلَتِهِ
قَوْلُهُ وفي شَرِيكِ السَّبُعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ
ذَكَرَهُمَا بن حَامِدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَوَدُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا قَوَدَ وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال إذَا جَرَحَهُ رَجُلٌ ثُمَّ جَرَحَ الرَّجُلَ نَفْسَهُ فَمَاتَ فَعَلَى شَرِيكِهِ الْقِصَاصُ
ثُمَّ قَالَا فَأَمَّا إنْ جَرَحَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ خَطَأً مِثْلَ إنْ أَرَادَ ضَرْبَ غَيْرِهِ فَأَصَابَ نَفْسَهُ فَلَا قِصَاصَ على شَرِيكِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ عليه الْقِصَاصُ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في شَرِيكِ الْخَاطِئِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ حَيْثُ سَقَطَ الْقِصَاصُ عن الشَّرِيكِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/459)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ على شَرِيكِ السَّبُعِ
وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ في شَرِيكِ الْمُقْتَصِّ
قُلْت يَتَخَرَّجُ وُجُوبُ الدِّيَةِ كَامِلَةً على شَرِيكِ النَّفْسِ من مَسْأَلَةِ الْمَنْجَنِيقِ إذَا قَتَلَ أَحَدُ الرُّمَاةِ بِهِ أَنَّ دِيَتَهُ على أَصْحَابِهِ كَامِلَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي في كِتَابِ الدِّيَاتِ
فَعَلَى هذا يَكُونُ هذا هو الصَّوَابُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ
قَوْلُهُ وَلَوْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ
فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ على الْجَارِحِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْهَادِي
أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ على الْجَارِحِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا قِصَاصَ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ لو جَرَحَهُ إنْسَانٌ فَتَدَاوَى بِسُمٍّ وكان سُمُّ سَاعَةٍ يقتل ( ( ( قتل ) ) ) في الْحَالِ فَقَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَقَطَعَ سِرَايَةَ الْجَرْحِ وَجَرَى مَجْرَى من ذَبَحَ نَفْسَهُ بَعْدَ أَنْ جَرَحَ
وَيُنْظَرُ في الْجُرْحِ فَإِنْ كان مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَلِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاؤُهُ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الْأَرْشُ
وَإِنْ كان السُّمُّ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وقد يقتل ( ( ( قتل ) ) ) فَفِعْلُ الرَّجُلِ في نَفْسِهِ عَمْدُ خَطَأٍ
وَالْحُكْمُ في شَرِيكِهِ كَالْحُكْمِ في شَرِيكِ الْخَاطِئِ
____________________
(9/460)
فإذا لم يَجِبْ الْقِصَاصُ فَعَلَى الْجَارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ
وَإِنْ كان السُّمُّ يَقْتُلُ غَالِبًا بَعْدَ مُدَّةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَمْدُ الخطأ أَيْضًا
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ في حُكْمِ الْعَمْدِ
فَيَكُونُ في شَرِيكِهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا انْتَهَيَا
قُلْت قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أو دَاوَاهُ بِسُمٍّ يقتل ( ( ( وقتل ) ) ) غَالِبًا
قَوْلُهُ أو خَاطَهُ في اللَّحْمِ أو فَعَلَ ذلك وَلِيُّهُ أو الْإِمَامُ فَمَاتَ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ على الْجَارِحِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا قِصَاصَ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
____________________
(9/461)
بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ
قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ أحدها أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وفي السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا وُجُوبُهُ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَجِبُ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ في كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ عليه مَبْنِيٌّ على طَلَاقِهِ
وقد تَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ حَرْبِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ وَإِنْ كان الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ قَتْلُ ذِمِّيٍّ وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَيْهِ
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ لِأَنَّ الْحَدَّ لنا وَالْإِمَامُ نَائِبٌ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا دِيَةَ عليه أَيْضًا
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ فَاعِلُ ذلك لِلِافْتِيَاتِ على وَلَيِّ الْأَمْرِ كَمَنْ قَتَلَ حَرْبِيًّا
____________________
(9/462)
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ له تَعْزِيرُهُ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ فَكُلُّ من قَتَلَ مُرْتَدًّا أو زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَوْ قبل تَوْبَتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْمُرَادُ قبل التَّوْبَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فَهَدَرٌ
وَإِنْ كان بَعْدَ التَّوْبَةِ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا فَكَإِسْلَامٍ طَارِئٍ
فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ زَانٍ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ لَا سِيَّمَا وَقَوْلُهُمْ عُضْوٌ من نَفْسٍ وَجَبَ قَتْلُهَا فَهَدَرٌ
قال في الرَّوْضَةِ إنْ أَسْرَعَ وَلِيُّ قَتِيلٍ أو أَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَ قَاطِعَ طَرِيقٍ قبل وصوله ( ( ( وصول ) ) ) الْإِمَامِ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ انْهَدَرَ دَمُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَا دِيَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
وَسَيَأْتِي في بَابِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
قَوْلُهُ أو قَطَعَ مُسْلِمٌ أو ذِمِّيٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أو حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عليه
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ منهم صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ في التَّضْمِينِ بِحَالِ ابْتِدَاءِ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ لم يَجْنِ على مَعْصُومٍ
وَجَعَلَهُ في التَّرْغِيبِ كَمَنْ أَسْلَمَ قبل أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ على الْآتِي بَعْدَهُ قَرِيبًا
قَوْلُهُ أو رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قبل أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَشْهَرُ
____________________
(9/463)
وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ والآمدي ( ( ( والأدمي ) ) ) وأبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ من الْهِدَايَةِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قبل وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ فَلَا قِصَاصَ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُقْتَلُ بِهِ
قَوْلُهُ وفي الدِّيَةِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو أَشْهَرُ
وَحَكَاهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ عن أبي بَكْرٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ من الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ هُنَا وَإِنْ لم تَجِبْ الدية ( ( ( لديه ) ) ) لِلْحَرْبِيِّ لِتَفْرِيطِهِ إذْ قَتْلُهُ ليس إلَيْهِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَأَصْلُ هذا الْوَجْهِ طَرِيقَةٌ القاضي ( ( ( للقاضي ) ) ) في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ من الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْحَرْبِيُّ بِغَيْرِ خِلَافٍ وفي الْمُرْتَدِّ وَجْهَانِ
____________________
(9/464)
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ أَيْ الْمَقْطُوعُ يَدَهُ وَمَاتَ فَلَا شَيْءَ على الْقَاطِعِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ في الطَّرَفِ أو نِصْفِ الدِّيَةِ
إذَا قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ لم يَجِبْ الْقَوَدُ في النَّفْسِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَجِبُ الْقَوَدُ في الطَّرَفِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الصَّحِيحُ لَا قِصَاصَ
قال في الْفُرُوعِ فَلَا قَوَدَ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عليه الْقَوَدُ في الطَّرَفِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال في الْفُرُوعِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هل يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ في النَّفْسِ فَقَطْ
وَيَأْتِي بَيَانُ ذلك في آخِرِ الْبَابِ الذي بَعْدَ هذا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وهو وُجُوبُ الْقَوَدِ في الطَّرَفِ هل يَسْتَوْفِيه الْإِمَامُ أو قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ فيه وَجْهَانِ
قال في الْفُرُوعِ أَصْلُهُمَا هل مَالُهُ فَيْءٌ أو لِوَرَثَتِهِ
وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ من ذلك في بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ فَيَسْتَوْفِيهِ هُنَا الْإِمَامُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ في الطَّرَفِ يَجِبُ عليه الْأَقَلُّ من دِيَةِ النَّفْسِ أو الطَّرَفِ فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
____________________
(9/465)
وَقِيلَ لَا يَجِبُ عليه إلَّا دِيَةٌ الطرف ( ( ( للطرف ) ) ) فَقَطْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَجِبُ عليه شَيْءٌ سَوَاءٌ كان عَمْدًا أو خَطَأً
وَيُحْتَمَلُ دُخُولُ هذا الْقَوْلِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ في النَّفْسِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن أبي مُوسَى يُتَوَجَّهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِالرِّدَّةِ
وقال الْقَاضِي إنْ كان زَمَنُ الرِّدَّةِ مِمَّا تسرى فيه الْجِنَايَةُ فَلَا قِصَاصَ فيه
اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ
فَعَلَى هذا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ تَجِبُ كُلُّهَا
فَائِدَةٌ لو رَمَى ذمي سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا وقد أَسْلَمَ الرَّامِي فقال الْآمِدِيُّ يَجِبُ ضَمَانُهُ في مَالِهِ
وَبِذَلِكَ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا
____________________
(9/466)
وَمِثْلُهُ لو رَمَى بن مُعْتِقِهِ فلم يُصِبْ حتى انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي أبيه
وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ سَهْمًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَصَابَ سَهْمُهُ فَقَتَلَ فَهَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ في مَالِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَمْ على عَاقِلَتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ على وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَيَخْرُجُ منها في الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ وَجْهَانِ أَيْضًا
أَحَدُهُمَا الضَّمَانُ على أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَوَالِي الْأُمِّ
وَالثَّانِي على الْمُسْلِمِينَ وَمَوَالِي الْأَبِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عليه مُكَافِئًا لِلْجَانِي وهو أَنْ يُسَاوِيَهُ في الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ أو الرِّقِّ فَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ من الْمُسْلِمِ الْحُرِّ أو الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ الْحُرِّ أو الْعَبْدِ بمثله
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ سَوَاءٌ كان مُكَاتَبًا أو لَا وَسَوَاءٌ كان يُسَاوِي قِيمَتَهُ أو لَا
وَعَنْهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ إلَّا أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَتُهُمَا وَلَا عَمَلَ عليه
وَيَأْتِي في أَوَّلِ بَابِ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَزِيدُ بَيَانٍ على ذلك
تَنْبِيهٌ عُمُومُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ ما لو كان الْعَبْدُ الْقَاتِلُ وَالْعَبْدُ الْمَقْتُولُ لِوَاحِدٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ صَرِيحًا
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَيُؤَيِّدُهُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في الْمُكَاتَبَةِ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَالْحَالَةُ هذه
____________________
(9/467)
وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ نَقَلَهُمَا في الْفُرُوعِ عنه
قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ قَتَلَ عبد زَيْدٍ عَبْدَهُ الْآخَرَ فَلَهُ قَتْلُهُ دُونَ الْعَفْوِ على مَالٍ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَعُمُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا يَشْمَلُ ما لو قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ وهو صَحِيحٌ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ
فَإِنْ كان ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ منه كَأَخِيهِ وَنَحْوِهِ فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنْ يُسَاوِيَهُ في الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ أو الرِّقِّ أَنَّهُ لو قَتَلَ من بَعْضَهُ حُرٌّ مثله أو أَكْثَرَ منه حُرِّيَّةً أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ من الْوَجْهَيْنِ
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ
____________________
(9/468)
قَوْلُهُ وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ في الصَّحِيحِ عنه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُعْطِي الذَّكَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ إذَا قَتَلَ الْأُنْثَى
قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا
وَخَرَجَ في الْوَاضِحِ من هذه الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا وفي تَفَاضُلِ مَالٍ في قَوَدٍ طَرَفُهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَوْ ارْتَدَّ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَمُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَأَنَّ الْخَبَرَ في الْحَرْبِيِّ كما يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ
قال وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ حُكْمُ الْمَالِ غَيْرُ حُكْمِ النَّفْسِ بِدَلِيلِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ زَانٍ وَقَاتِلٍ في مُحَارَبَةٍ وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُمَا
وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَهُمَا بَاقٍ على الْعِصْمَةِ كَمَالِ غَيْرِهِمَا وَعِصْمَةُ دَمِّهِمَا زَالَتْ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس في الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ صَحِيحَةٌ تَمْنَعُ قَتْلَ الْحُرِّ بِهِ وَقَوَّى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وقال هذا الرَّاجِحُ وَأَقْوَى على قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ وهو
____________________
(9/469)
مِثْلُهُ أو يَجْرَحَهُ ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ أو الْجَارِحُ أو يُعْتَقَ وَيَمُوتُ الْمَجْرُوحُ فإنه يُقْتَلُ بِهِ
يَعْنِي إذَا قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا أو ذِمِّيٌّ أو مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا أو جَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ أو الْجَارِحُ أو عَتَقَ وَيَمُوتُ الْمَجْرُوحُ فإنه يُقْتَلُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ قُتِلَ بِهِ في الْمَنْصُوصِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ نَقْلِ بَكْرٍ كَإِسْلَامِ حَرْبِيٍّ قَاتِلٍ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ من هو مِثْلُهُ ثُمَّ جُنَّ وَجَبَ الْقَوَدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا قَوَدَ
قَوْلُهُ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أو حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ وَعَتَقَ وَمَاتَ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ في قَوْلِ بن حَامِدٍ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى أَنَّهُ نَصَّ عليه في وُجُوبِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وفي قَوْلِ أبي بَكْرٍ عليه في الذِّمِّيِّ دِيَةُ ذِمِّيٍّ وفي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
____________________
(9/470)
وَحَكَى الْقَاضِي عن بن حَامِدٍ أَنَّهُ يَجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ من قِيمَةِ الْعَبْدِ أو الدِّيَةِ
وَحَكَى أبو الْخَطَّابِ عن الْقَاضِي أَنَّ بن حَامِدٍ أَوْجَبَ دِيَةَ حُرٍّ لِلْمَوْلَى مِنْهُمَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ من نِصْفِ الدِّيَةِ أو نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ احْتِمَالًا بِوُجُوبِ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ من الْقِيمَةِ أو الدِّيَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَقْتَ جِنَايَتِهِ وَكَذَا دِيَتُهُ إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ الدِّيَةُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن حَامِدٍ
وَكَوْنُ قِيمَتِهِ يوم الْجِنَايَةِ لِلسَّيِّدِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِي جَمِيعُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ
ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبَ الْقَوَدَ لِلْوَرَثَةِ على هذه وَعَلَى الْأُخْرَى لِلسَّيِّدِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قبل مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ عليه وفي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا فلم يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حتى عَتَقَ وَأَسْلَمَ فَلَا قَوَدَ عليه وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إذَا مَاتَ من الرَّمْيَةِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ أَيْضًا وَالْقَاضِي
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/471)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ عليه الْقِصَاصُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ أَيْضًا حَكَاهُ عنه بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَكُونُ الدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلسَّيِّدِ
قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَ من يَعْرِفُهُ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَبَانَ أَنَّهُ قد عَتَقَ وَأَسْلَمَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ لَا قِصَاصَ عليه ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو قَتَلَ من يَظُنُّهُ قَاتِلَ أبيه فلم يَكُنْ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا فَكَذَلِكَ قَالَهُ أبو بَكْرٍ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
قال أبو بَكْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا الدِّيَةُ
وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ بن مُنَجَّا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَلَوْ قَتَلَ من يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ أَنَّهُ قد أَسْلَمَ فَفِي الْقَوَدِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَجْهَانِ
يَعْنِي في مَسْأَلَةِ أبي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ التي قبل هذه الْمَسْأَلَةِ
وقال في الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هل يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أو كَافِرٍ فيه رِوَايَتَانِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أو الرَّمْيَةِ
ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ على الرِّوَايَتَيْنِ في ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أو قِيمَةٍ
____________________
(9/472)
ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا من رَمَى مُرْتَدًّا أو حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قبل وُقُوعِهِ هل يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أو هَدَرٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَكُونَ أَبًا لِلْمَقْتُولِ فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ يَعْنِي وَإِنْ عَلَا بِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ في ذلك سَوَاءٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تُقْتَلُ الْأُمُّ حَكَاهَا أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ
وَرَدَّهَا الْقَاضِي وقال لَا تُقْتَلُ الْأُمُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَعَنْهُ تُقْتَلُ الْأُمُّ وَالْأَبُ
وَعَنْهُ يُقْتَلُ أبو الْأُمِّ بِوَلَدِ بِنْتِهِ وَعَكْسِهِ
وَحَكَاهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَجْهَيْنِ
وقال في الرَّوْضَةِ لَا تُقْتَلُ أُمٌّ وَالْأَصَحُّ وَجَدَّةٌ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ قَتْلُ أبيه بِرِدَّةٍ وَكُفْرٍ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا رَجْمُهُ بِزِنًا وَلَوْ قضى عليه بِرَجْمٍ
وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بِقَتْلٍ مُطْلَقًا في دَارِ الْحَرْبِ فَتَجِبُ دِيَةٌ إلَّا لِغَيْرِ مُهَاجِرٍ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا عُمُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ كَاتِّفَاقِهِمَا وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أو قَتَلَ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ أو قَتَلَ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ أو قَتَلَ الْحَرُّ وَالِدَهُ الْعَبْدَ لم يَجِبْ الْقِصَاصُ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ وَانْتِفَاءُ الْمُكَافَأَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَالِدَهُ
____________________
(9/473)
الثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ غَيْرُ وَلَدِهِ من الزنى فإنه يُقْتَلُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
فَائِدَةٌ يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِقَتْلِهِ وَلَدَهُ من الرَّضَاعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ يُقْتَلُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْتَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا قَوْلُهُ يُقْتَلُ بن بِنْتِهِ بِهِ
قَوْلُهُ وَمَتَى وَرِثَ وَلَدُهُ الْقِصَاصَ أو شيئا منه أو وَرِثَ الْقَاتِلُ شيئا من دَمِهِ سَقَطَ الْقِصَاصُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ بِإِرْثِ الْوَلَدِ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَبَاهُ وَالْآخَرُ أُمَّهُ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ سَقَطَ الْقِصَاصُ عن الْأَوَّلِ لِذَلِكَ
____________________
(9/474)
وَالْقِصَاصُ على الْقَاتِلِ الثَّانِي لِأَنَّ الْقَتِيلَ الثَّانِي وَرِثَ جُزْءًا من دَمِ الْأَوَّلِ فلما قُتِلَ وَرِثَهُ فَصَارَ له جُزْءًا من دَمِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ الْقِصَاصُ عن الْأَوَّلِ وهو قَاتِلُ الْأَبِ لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ
وَلَهُ أَنْ يُقْتَصَّ من أَخِيهِ وَيَرِثَهُ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَرِثُهُ على الْأَصَحِّ
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَلَهُ قَتْلُهُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ أنها لو كانت بَائِنًا أَنَّ عَلَيْهِمَا الْقَتْلَ وهو صَحِيحٌ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا لو قَتَلَاهُمَا مَعًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ من لَا يَعْرِفُ وَادَّعَى كُفْرَهُ أو رِقَّهُ أو ضَرَبَ مَلْفُوفًا فَقَدَّهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كان مَيِّتًا وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ
وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ فَالْقَوَدُ أو الدِّيَةُ في الْأَصَحِّ إنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا قِصَاصَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي وحكى عن أبي بَكْرٍ
وَأَطْلَقَ بن عَقِيلٍ في مَوْتِهِ وَجْهَيْنِ
وَسَأَلَ بن عَقِيلٍ الْقَاضِيَ فقال لَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ وَعَدَمِهِ فقال لَا لم يَعْتَبِرْهُ الْفُقَهَاءُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ يُعْتَبَرُ
____________________
(9/475)
قُلْت وهو قَوِيٌّ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ أو قَتَلَ رَجُلًا في دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دخل يُكَابِرُهُ على أَهْلِهِ أو مَالِهِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عن نَفْسِهِ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ
وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُهُ في مَعْرُوفٍ بِالْفَسَادِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ الْمَقْتُولَ زَنَى وهو مُحْصَنٌ بِشَاهِدَيْنِ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ بِأَرْبَعَةٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ قُتِلَ وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهِ في الْبَاطِنِ
وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ ذلك من غَيْرِ بَيِّنَةٍ في الظَّاهِرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تُقْبَلُ ظَاهِرًا
وَقَالَهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ بَعْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ
وقد رَوَى عُبَادَةُ بن الصَّامِتِ رضي اللَّهُ عنه عن رسول اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَرِيمُهُ فَمَنْ دخل عَلَيْك حَرِيمَكَ فاقتله
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ
وَلِهَذَا ذُكِرَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ إنْ اعْتَرَفَ الولي ( ( ( للولي ) ) ) بِذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه
قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُهُمْ وكلام ( ( ( كلام ) ) ) الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ السَّابِقِ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين كَوْنِهِ مُحْصَنًا أو لَا
وَكَذَا ما يُرْوَى عن عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنهما
____________________
(9/476)
وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ ليس بِحَدٍّ وَإِنَّمَا هو عُقُوبَةٌ على فِعْلِهِ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ
وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَسَأَلَهُ أبو الْحَارِثِ وَجَدَهُ يَفْجُرُ بها له قَتْلُهُ قال قد روى عن عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنهما
قَوْلُهُ أو تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ جَرَحَهُ دَفْعًا عن نَفْسِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وفي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْكَافِي تَجِبُ الدِّيَةُ فَقَطْ
وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ في قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارٍ فَجَرَحَ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ على عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ منها أَرْشُ الْجِرَاحِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه
وَهَلْ على من ليس بِهِ جُرْحٌ من دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ فيه وَجْهَانِ قَالَهُ بن حَامِدٍ
نَقَلَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ في الدِّيَةِ
فَائِدَةٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فقال رَجُلٌ آخَرُ أنا الْقَاتِلُ لَا هذا أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ على الْمُقِرِّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه أَحْيَا نَفْسًا ذَكَرَهُ الشِّيرَازِيُّ في الْمُنْتَخَبِ
وَحَمَلَهُ أَيْضًا على أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَاتِلَ سِوَى الْأَوَّلِ وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا منه
وَذَكَرَ في الْمُنْتَخَبِ في الْقَسَامَةِ لو شَهِدَا عليه بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فذكر رِوَايَةَ حَنْبَلٍ انْتَهَى
____________________
(9/477)
وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادِفَتِهِ الدَّعْوَى
وقال في المغني في الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِي شَيْءٌ
فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الْأُولَى ثُمَّ هل له طَلَبُهُ فيه وَجْهَانِ
ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُوصُ وهو رِوَايَةُ حَنْبَلٍ وَأَنَّهُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ عَمَّنْ أَحْيَا نَفْسًا
وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ثُمَّ رِوَايَةَ مُهَنَّا ادَّعَى على رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فقال إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ فقال فُلَانٌ صَدَقَ أنا الذي قَتَلْته فإن هذا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ
قُلْت أَلَيْسَ قد ادَّعَى على الْأَوَّلِ قال إنَّمَا هذا بِالظَّنِّ فَأَعَدْت عليه فقال يُؤْخَذُ الذي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ
____________________
(9/478)
بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ له ثلاثة شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا فَإِنْ كان صَبِيًّا أو مَجْنُونًا لم يَجُزْ اسْتِيفَاؤُهُ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حتى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ فَهَلْ له اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا على رِوَايَتَيْنِ
وَحَكَاهُمَا أبو الْخَطَّابِ في بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
إحْدَاهُمَا ليس له اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَهِيَ أَصَحُّ
وَصَحَّحَهُمَا في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له اسْتِيفَاؤُهُ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجُوزُ له الْعَفْوُ على الدِّيَةِ نَصَّ عليه
وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ على الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْحَاكِمَ ليس لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ لَهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ أَيْضًا كَالْأَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَى النَّفَقَةِ فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ على الدِّيَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
____________________
(9/479)
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا له الْعَفْوُ وهو الصَّوَابُ جَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
قال الْقَاضِي وهو الصَّحِيحُ
وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَالثَّانِي ليس له ذلك وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ عَفْوِ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ دُونَ الصَّبِيِّ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ لِلْأَبِ الْعَفْوُ خَاصَّةً
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أو قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا في مَالِ الْجَانِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْجَانِي على عاقلتهما ( ( ( عاقلتها ) ) )
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ الْكَبِيرِ
____________________
(9/480)
قَوْلُهُ الثَّانِي اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ على اسْتِيفَائِهِ وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ بَعْضٍ بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ عليه وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ حَقَّهُمْ من الدِّيَةِ وَتَسْقُطُ عن الْجَانِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وفي الْآخِرِ لهم ذلك من تَرِكَةِ الْجَانِي وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِي على قَاتِلِهِ
يَعْنِي بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وفي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَقُّهُمْ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَيْنًا
وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ إذَا قَتَلَ جَمَاعَةً فَاسْتَوْفَى بعضهم من غَيْرِ إذْنِ أَوْلِيَاءِ الْبَاقِينَ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَإِنْ كان الْعَافِي زَوْجًا أو زَوْجَةً
وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ مع فِسْقِهِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِأَنَّ نَصِيبَهُ سَقَطَ من الْقَوَدِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ وَلِلْبَاقِينَ حَقُّهُمْ من الدِّيَةِ على الْجَانِي
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(9/481)
وقال في التَّبْصِرَةِ إنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَةُ وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ حَقُّهُمْ من الدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ عليهم وَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كان الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ أو بَعْضُهُمْ غَائِبًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وحكى في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ تَابَعَهُ رِوَايَةً بِأَنَّ لِلْحَاضِرِ مع عَدَمِ الْعَفْوِ الْقِصَاصَ كَالرِّوَايَةِ التي في الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ الْآتِيَةِ ولم نَرَهَا لِغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حتى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ في الْمَشْهُورِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ له ذلك
فَائِدَةٌ لو مَاتَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قبل الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ قام وَارِثُهُمَا مَقَامَهُمَا في الْقِصَاصِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَعِنْدَ بن أبي مُوسَى يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ
قَوْلُهُ وَكُلُّ من وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ على قَدْرِ مِيرَاثِهِ من الْمَالِ حتى الزَّوْجَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ
____________________
(9/482)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ ذَكَرَهَا بن الْبَنَّا
وَخَرَّجَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا
فَائِدَةٌ هل يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ الْقِصَاصَ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ فيه رِوَايَتَانِ
وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
إحْدَاهُمَا يَسْتَحِقُّونَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَجِبُ بِالْمَوْتِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِيَةُ يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ لِأَنَّ سَبَبَهُ وُجِدَ في حَيَاتِهِ وهو الصَّوَابُ قِيَاسًا على الدِّيَةِ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الدِّيَةِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ
قَوْلُهُ وَمَنْ لَا وَارِثَ له وَلِيُّهُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْقَوَدِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ لِأَنَّ بِنَا حَاجَةً إلَى عِصْمَةِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لم يُقْتَلْ لَقُتِلَ كُلُّ من لَا وَارِثَ له قَالَا وَلَا رِوَايَةَ فيه
وفي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ كَوَالِدٍ لِوَلَدِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عنه
ظَاهِرُهُ شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ كَامِلَةً وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذلك
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ له أَخْذُ الدِّيَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/483)
وَقِيلَ ليس له الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا جَوَازُهُ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس له ذلك وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يُؤْمَنَ في الِاسْتِيفَاءِ التَّعَدِّي إلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ فَلَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ على حَامِلٍ أو حَمَلَتْ بَعْدَ وُجُوبِهِ لم تُقْتَلْ حتى تَضَعَ الْوَلَدَ وَتُسْقِيَهُ اللِّبَأَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
ثُمَّ إنْ وُجِدَ من يُرْضِعْهُ وَإِلَّا تُرِكَتْ حتى تَفْطِمَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ له الْقَوَدُ إنْ غُذِّيَ بِلَبَنِ شَاةٍ
فَائِدَةٌ مُدَّةُ الرَّضَاعِ حَوْلَانِ كَامِلَانِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها تَلْزَمُ بِأُجْرَةِ رَضَاعِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَصُّ منها في الطَّرَفِ حَالَ حَمْلِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ منها بَعْدَ الْوَضْعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/484)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُغْنِي لَا يُقْتَصُّ منها في الطَّرَفِ حتى تَسْقِيَ اللِّبَأَ
وزاد في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَتَفْرُغَ من نِفَاسِهَا
وقال في الْبُلْغَةِ هِيَ فيه كَمَرِيضٍ وَأَنَّهُ إنْ تَأَثَّرَ لَبَنُهَا بِالْجَلْدِ ولم يُوجَدْ مُرْضِعٌ أُخِّرَ الْقِصَاصُ
قَوْلُهُ وَحُكْمُ الْحَدِّ في ذلك حُكْمُ الْقِصَاصِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي تَأْخِيرَ الرَّجْمِ حتى تَفْطِمَهُ
وَقِيلَ يَجِبُ التَّأْخِيرُ حتى تَفْطِمَهُ
نَقَلَ الْجَمَاعَةُ تُتْرَكُ حتى تَفْطِمَهُ
قال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقِصَاصِ في النَّفْسِ من الْحَامِلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَحْدُودَةِ فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ حتى تَفْطِمَ مع وُجُودِ الْمُرْضِعَةِ وَعَدَمِهَا لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَسْهَلُ وَلِذَلِكَ تُحْبَسُ في الْقِصَاصِ وَلَا تُحْبَسُ في الْحَدِّ وَلَا يُتَّبَعُ الْهَارِبُ فيه
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْحَمْلَ اُحْتُمِلَ أَنْ يُقْبَلَ منها فَتُحْبَسُ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ منها إلَّا بِبَيِّنَةٍ
وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ
وَعِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ
____________________
(9/485)
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال في التَّرْغِيبِ لَا قَوَدَ على مَنْكُوحَةٍ مُخَالَطَةٍ لِزَوْجِهَا وفي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اُقْتُصَّ من حَامِلٍ وَجَبَ ضَمَانُ جَنِينِهَا على قَاتِلِهَا
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ إنْ كان الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ عَالِمَيْنِ بِالْحَمْلِ وَتَحْرِيمِ الِاسْتِيفَاءِ أو جَاهِلَيْنِ بِالْأَمْرَيْنِ أو بِأَحَدِهِمَا أو كان الْوَلِيُّ عَالِمًا بِذَلِكَ دُونَ الْحَاكِمِ فَالضَّمَانُ عليه وَحْدَهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَالْحَاكِمُ سَبَبٌ
وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ دُونَ الْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ على الْحَاكِمِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مَعْذُورٌ
وقال الْقَاضِي إنْ كان أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَحْدَهُ فَالضَّمَانُ عليه وَحْدَهُ
وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ فَالضَّمَانُ على الْحَاكِمِ
وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا الضَّمَانُ على الْإِمَامِ
وَالثَّانِي على الْوَلِيِّ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَجِبُ على السُّلْطَانِ الذي مَكَّنَهُ من ذلك ولم يُفَرِّقْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ حَدَثَ قبل الْوَضْعِ
وقال في الْمُذْهَبِ في ضَمَانِهَا وَجْهَانِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّلْطَانَ يَضْمَنُ هل تَجِبُ الْغُرَّةُ في مَالِ الْإِمَامِ أو في بَيْتِ الْمَالِ فيه رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(9/486)
إحْدَاهُمَا تَجِبُ في بَيْتِ الْمَالِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في بَابِ الْعَاقِلَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَضْمَنُهَا في مَالِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقُلْنَا يَضْمَنُهُ السُّلْطَانُ فَهَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ على عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أو في بَيْتِ الْمَالِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
إحْدَاهُمَا تَجِبُ على عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ في بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ من خَطَأِ الْإِمَامِ على ما يَأْتِي
قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ في بَيْتِ الْمَالِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَائِلِ بَابِ الْعَاقِلَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أو نَائِبِهِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِ حُضُورِ السُّلْطَانِ إذَا كان الْقِصَاصُ في النَّفْسِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو خَالَفَ وَاسْتَوْفَى من غَيْرِ حُضُورِهِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ وَلِلسُّلْطَانِ تَعْزِيرُهُ
____________________
(9/487)
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ لِافْتِيَاتِهِ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ له كَالْمَالِ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وبن هَانِئٍ مثله
الثَّانِيَةُ قال في النِّهَايَةِ يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحْضِرَ الْقِصَاصَ عَدْلَيْنِ فَطِنَيْنِ حتى لَا يَقَعَ حَيْفٌ وَلَا جُحُودٌ وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَالْحَدِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ من مُسْتَحَقِّي الْجِنَايَةِ
وقال بَعْضُ الاصحاب يُرْزَقُ من بَيْتِ الْمَالِ رَجُلٌ يَسْتَوْفِي الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ
وقال أبو بَكْرٍ يُسْتَأْجَرُ من مَالِ الْفَيْءِ فَإِنْ لم يَكُنْ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي
قَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بين الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إن كان يُحْسِنُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ ليس له أَنْ يَسْتَوْفِيَ في الطَّرَفِ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ
وهو تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي
وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ في الطَّرَفِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يُوَكِّلُ فِيهِمَا كما لو كان يَجْهَلُهُ
____________________
(9/488)
قَوْلُهُ وَإِنْ تَشَاحَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ في الِاسْتِيفَاءِ قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَشْهُورُ
وَقِيلَ يُعَيِّنُ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ من وَقَعَتْ له الْقُرْعَةُ يُوَكِّلُهُ الْبَاقُونَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اقْتَصَّ الْجَانِي من نَفْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ بِرِضَى الْوَلِيِّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ
جَزَمَ بِهِ في المنور ( ( ( المحرر ) ) ) والوجيز ( ( ( والحاوي ) ) )
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَصَحَّحَ في التَّرْغِيبِ لَا يَقَعُ ذلك قَوَدًا
وقال في الْبُلْغَةِ يَقَعُ ذلك قَوَدًا
وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
قال وَلَوْ أَقَامَ حَدَّ زِنًا أو قَذْفٍ على نَفْسِهِ بِإِذْنٍ لم يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ
وَيَأْتِي إذَا وَجَبَ عليه حَدٌّ هل يَسْقُطُ بِإِقَامَتِهِ على نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا في كِتَابِ الْحُدُودِ
____________________
(9/489)
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قَوِيَ عليه وَأَحْسَنَهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ السِّوَاكِ
وَلَيْسَ له الْقَطْعُ في السَّرِقَةِ لِفَوَاتِ الرَّدْعِ
وقال الْقَاضِي على أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَبَتْ يَدُهُ فَجَنَى على نَفْسِهِ ولم يَعْتَبِرْ الْقَاضِي على جَوَازِهِ إذْنًا
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ قال وهو مُرَادُ الْقَاضِي
وَهَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ يُتَوَجَّهُ على الْوَجْهَيْنِ في الْقَوَدِ
قال وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ في حَدِّ زِنًا وَقَذْفٍ وَشُرْبٍ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ في الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ وهو قَطْعُ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ وَعَدَمُ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِجَلْدِهِ نَفْسِهِ وقد يُقَالُ بِحُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرُ بِحُصُولِ الْأَلَمِ وَالتَّأَذِّي بِذَلِكَ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ في النَّفْسِ إلَّا بِالسَّيْفِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَاخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ
قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ في قَوَدٍ وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَجُوزُ في النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ لِأَنَّهُ أَزَجْرُ لَا بِسِكِّينٍ وَلَا في طَرَفٍ إلَّا بها لِئَلَّا يَحِيفَ وَأَنَّ الرَّجْمَ بِحَجَرٍ لَا يَجُوزُ بِسَيْفٍ انْتَهَى
وفي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُفْعَلُ بِهِ كما فَعَلَ إلَّا ما اسْتَثْنَى أو يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ
____________________
(9/490)
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فقال هذا أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَوْضَحُ دَلِيلًا
فَعَلَيْهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَعَلَ بِهِ ذلك وَإِنْ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ أو أَغْرَقَهُ أو غير ذلك فُعِلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ من مِفْصَلٍ أو غَيْرِهِ أو أَوْضَحَهُ فَمَاتَ فُعِلَ بِهِ كَفِعْلِهِ
في هذه الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ فيها الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو قَوْلُ غَيْرِ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ هُنَا يقتل ( ( ( قتل ) ) ) وَلَا يُزَادُ عليه رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذلك فِيمَا لو انْفَرَدَ لم يَكُنْ فيه قِصَاصٌ كما لو أَجَافَهُ أو أَمَّهُ أو قَطَعَ يَدَهُ من نِصْفِ ذِرَاعِهِ أو رِجْلَهُ من نِصْفِ سَاقِهِ أو يَدًا نَاقِصَةً أو شَلَّاءَ أو زَائِدَةً وَنَحْوَهُ فَسَرَى
وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِمَا لَا يَجِبُ فيه قِصَاصٌ كَالْقَطْعِ من مِفْصَلٍ وَالْمُوضِحَةِ
وَمَثَّلَ لِمَا يَجِبُ فيه الْقِصَاصُ كَالْقَطْعِ من الْمِفْصَلِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لو قَطَعَ يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ أو جَرَحَهُ جُرْحًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لو انْفَرَدَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَيْضًا
وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ على الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(9/491)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا
فَيَصِحُّ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعِ الْيَدِ من الْمِفْصَلِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ من الطَّرَفِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِيِّ وَجَمَاعَةٍ
فَفِي كُلٍّ من الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَانِ وَلَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ
وَحَيْثُ قُلْنَا يُفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ما فَعَلَ وَفَعَلَ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ أو الدِّيَةُ بِغَيْرِ رِضَاهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَعَنْهُ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كان مُوجِبًا وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كان مُوجِبًا أو مُوجِبًا لِقَوَدِ طَرَفِهِ لو انْفَرَدَ وَإِلَّا فَلَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو فَعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ ولم يَضْمَنْ وَأَنَّهُ لو قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قبل الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ في قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ في الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
إحْدَاهُمَا يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ في قَوَدِ النَّفْسِ وَيَكْفِي قَتْلُهُ
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ في قَوَدِ النَّفْسِ فَلَهُ قَطْعُ طَرَفِهِ ثُمَّ قَتْلُهُ
قال في التَّرْغِيبِ فَائِدَةُ الرِّوَايَتَيْنِ لو عَفَا عن النَّفْسِ سَقَطَ الْقَوَدُ في الطَّرَفِ لِأَنَّ قَطْعَ السِّرَايَةِ كَانْدِمَالِهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو قَطَعَ طَرَفًا ثُمَّ عَفَا إلَى الدِّيَةِ كان له تَمَامُهَا
____________________
(9/492)
وَإِنْ قَطَعَ ما يُوجِبُ الدِّيَةَ ثُمَّ عَفَا لم يَكُنْ له شَيْءٌ
وَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَبُ بِهِ دِيَةٌ ثُمَّ عَفَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ ما زَادَ على الدِّيَةِ أَمْ لَا فيه احْتِمَالَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الِاقْتِصَارُ على ضَرْبِ عُنُقِهِ أَفْضَلُ
وَإِنْ قَطَعَ ما قَطَعَ الْجَانِي أو بَعْضَهُ ثُمَّ عَفَا مَجَّانًا فَلَهُ ذلك
وَإِنْ عَفَا إلَى الدِّيَةِ لم يَجُزْ بَلْ له ما بَقِيَ من الدِّيَةِ فَإِنْ لم يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ
قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ على ما أتى رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَا قَطْعُ شَيْءٍ من أَطْرَافِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ فيه عليه بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَتَجِبُ فيه دِيَتُهُ سَوَاءٌ عَفَا عنه أو قَتَلَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تجب فيه دِيَتُهُ إنْ لم يَسْرِ الْقَطْعُ
وَجَزَمُوا بِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَقَالُوا أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أو يَقْتُلُهُ
فَائِدَةٌ لو قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ الْمَجْنِيُّ عليه رِجْلَ الْجَانِي فَقِيلَ هو كَقَطْعِ يَدِهِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَةُ رِجْلِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/493)
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَرَضُوا بِقَتْلِهِ قُتِلَ لهم وَلَا شَيْءَ لهم سِوَاهُ وَإِنْ تَشَاحُّوا فِيمَنْ يَقْتُلُهُ منهم على الْكَمَالِ أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْخِرَقِيِّ
وقال في الْمُغْنِي يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ انْتَهَى
وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يُقَادُ لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مع الْمَعِيَّةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال في الِانْتِصَارِ إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رضي كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ منه وَأَنَّهُ قَوْلٌ الإمام ( ( ( للإمام ) ) ) أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُجْبَرَ له بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ
وَيَتَخَرَّجُ يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا في المستوفى أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ
فَلَوْ بَادَرَ غَيْرُ من وَقَعَتْ له الْقُرْعَةُ فَقَتَلَهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ إلَى الدِّيَةِ
____________________
(9/494)
وَإِنْ قَتَلَهُمْ مُتَفَرِّقًا وَأَشْكَلَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى وَلِيُّ كل وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَلَا بَيِّنَةَ لهم فَأَقَرَّ الْقَاتِلُ لِأَحَدِهِمْ قُدِّمَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لم يُقِرَّ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ
الثَّانِيَةُ لو عَفَا الْأَوَّلُ عن الْقَوَدِ فَهَلْ يُقْرَعُ بين الْبَاقِينَ أو يُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أو يُقَادُ لِلْكُلِّ مَبْنِيٌّ على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفًا قُطِعَ طَرَفُهُ ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لَا قَوَدَ حتى يَنْدَمِلَ
وَلَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَإِصْبَعَ آخَرَ قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كان أَوَّلًا وَلِلْآخَرِ دِيَةُ إصْبَعِهِ
وَإِنْ كان آخِرًا قُدِّمَ رَبُّ الْإِصْبَعِ ثُمَّ يُقْتَصُّ رَبُّ الْيَدِ وفي أَخْذِهِ دِيَةَ الْإِصْبَعِ الْخِلَافُ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ له دِيَةَ الْإِصْبَعِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ
فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في تَيَمُّمِ من لم يَجِدْ إلَّا مَاءً لِبَعْضِ بَدَنِهِ وَلَوْ قَطَعَ يُمْنَى رِجْلَيْهِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ لَهُمَا أَخَذَ منه نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ لكل ( ( ( الكل ) ) ) مِنْهُمَا فَيَجْمَعُ بين الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ
فَائِدَةٌ لو بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ في النَّفْسِ أو في الطَّرَفِ فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ على الْجَانِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وفي كِتَابِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ على الْمُقْتَصِّ
____________________
(9/495)
وَقَدَّمَ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ وبن رَزِينٍ يَرْجِعُ على قَاتِلِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ بَلْ على قَاتِلِ الْجَانِي
وَقِيلَ إنْ سَقَطَ الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في جَوَازِ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمْ فَعَلَى الْجَانِي وَإِنْ سَقَطَ لِلشَّرِكَةِ فَعَلَى المستوفي
وَتَقَدَّمَ إذَا اسْتَوْفَى بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْقِصَاصَ من غَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْبَابِ حَيْثُ قال وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ
____________________
(9/496)
بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ
قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ الْقِصَاصُ أو الدِّيَةُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْخِيَرَةُ فيه إلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا إلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِيفَاءُ الْإِنْسَانِ حَقَّهُ من الدَّمِ عَدْلٌ وَالْعَفْوُ إحْسَانٌ وَالْإِحْسَانُ هُنَا أَفْضَلُ لَكِنَّ هذا الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إحْسَانًا إلَّا بَعْدَ الْعَدْلِ وهو أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالْعَفْوِ ضَرَرٌ فإذا حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ كان ظُلْمًا من الْعَافِي إمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ
قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في آخِرِ الْمُحَارِبِينَ
وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُطَالَبَةُ الْمَقْتُولِ بِالْقِصَاصِ تُوجِبُ تَحَتُّمَهُ فَلَا يُمَكَّنُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذلك من الْعَفْوِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ اخْتَارَ الْقِصَاصَ فَلَهُ الْعَفْوُ على الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ أَعْلَى فَكَانَ له الِانْتِقَالُ إلَى الأدني وَيَكُونُ بَدَلًا عن الْقِصَاصِ وَلَيْسَتْ هذه الدِّيَةُ هِيَ التي وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ وَعَلَى هذا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(10/3)
قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ ذلك في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وهو قَوْلُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ ليس له ذلك لِأَنَّهُ أَسْقَطَهَا بِاخْتِيَارِهِ الْقِصَاصَ فلم يَعُدْ إلَيْهَا
وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وهو وَجْهٌ في التَّرْغِيبِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا إنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقِصَاصُ ولم يَمْلِكْ طَلَبَهُ كما قال الْمُصَنِّفُ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو اخْتَارَ الْقِصَاصَ كان له الصُّلْحُ على أَكْثَرَ من الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ ليس له ذلك
وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ من الْأَصْحَابِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الصُّلْحِ حَيْثُ قال وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ وَبِكُلِّ ما يَثْبُتُ مَهْرًا وَاسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَلَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ سَخِطَ الْجَانِي
يَعْنِي إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا
وَهَذَا هو الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ مُوجِبُهُ الْقَوَدُ عَيْنًا مع التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا
____________________
(10/4)
وَعَنْهُ أَنَّ مُوجِبَهُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَأَنَّهُ ليس له الْعَفْوُ على الدِّيَةِ بِدُونِ رضى ( ( ( رضا ) ) ) الْجَانِي فَيَكُونُ قَوَدُهُ بِحَالِهِ انْتَهَى
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ إذَا لم يَرْضَ الْجَانِي فَقَوَدُهُ بَاقٍ وَيَجُوزُ له الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ من الدِّيَةِ
وقال الشِّيرَازِيُّ لَا شَيْءَ له وَلَوْ رضي وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَهُ الدِّيَةُ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أو على غَيْرِ مَالٍ أو عن الْقَوَدِ مُطْلَقًا وَلَوْ عن يَدِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ على الْأَصَحِّ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى خَاصَّةً
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا وَقُلْنَا يَجِبُ بِالْعَمْدِ قَوَدٌ أو دِيَةٌ وَجَبَتْ على الْأَصَحِّ وَإِنْ قُلْنَا الْقَوَدُ فَقَطْ سَقَطَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ليس له شَيْءٌ
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ لو عَفَا عن الْقِصَاصِ ولم ( ( ( ولما ) ) ) يذكر مَالًا فَإِنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ قُلْنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ ثَبَتَ الْمَالُ
وَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُ إذَا عَفَا عن الْقَوَدِ سَقَطَ وَلَا شَيْءَ له بِكُلِّ حَالٍ على كل قَوْلٍ
قال صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا ضَعِيفٌ انْتَهَى
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ قال لِمَنْ عليه قَوَدٌ في نَفْسٍ أو طَرَفٍ قد عَفَوْت عَنْك أو عن جِنَايَتِك فَقَدْ بريء من قَوَدِ ذلك وَدِيَتِهِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ من الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْعَافِي أَنَّهُ أَرَادَهَا بِلَفْظِهِ
____________________
(10/5)
وَقِيلَ يَبْرَأُ منها إلَّا أَنْ يَقُولَ إنَّمَا أَرَدْت الْقَوَدَ دُونَ الدِّيَةِ فَيُقْبَلُ منه مع يَمِينِهِ انْتَهَى
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ وَحْدَهُ سَقَطَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ قُلْنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ انْصَرَفَ الْعَفْوُ إلَى الْقِصَاصِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى يَسْقُطَانِ جميعا ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ
فَائِدَةٌ لو عَفَا عن الْقَوَدِ إلَى غَيْرِ مَالٍ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا مَالَ له في نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ هذا لَغْوٌ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالْمَالُ جميعا
فَإِنْ كان مِمَّنْ لَا تَبَرُّعَ له كَالْمَحْجُورِ عليه لِفَلَسٍ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ وَالْوَرَثَةُ مع اسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ لِلتَّرِكَةِ فَوَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْمَالُ وهو الْمَشْهُورُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَالثَّانِي يَسْقُطُ وفي الْمُحَرَّرِ أنه الْمَنْصُوصُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أن الْعَفْوَ لَا يَصِحُّ في قَتْلِ الْغِيلَةِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ كَالْقَتْلِ مُكَابَرَةً
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا في قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ يُقْتَلُ حَدًّا لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ من الْمُحَارِبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في تَرِكَتِهِ
وَكَذَا لو قُتِلَ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في الْمَوْتِ وَقَدَّمَاهُ في الْقَتْلِ
وَقِيلَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ
____________________
(10/6)
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَقَتْلِهِ وَخَرَّجَهُ وَجْهًا وَسَوَاءٌ كان مُعْسِرًا أو مُوسِرًا وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا أو الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ
وَعَنْهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إذَا قُتِلَ إلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي فَيُخَيَّرُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ بين قَتْلِهِ أو الْعَفْوِ عنه
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في تَرِكَتِهِ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَذَكَرَ في الْقَوَاعِدِ النَّصَّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وقد فَاتَ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ
قال وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا
وقال الْقَاضِي يَجِبُ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ وإذا قَطَعَ إصْبَعًا عَمْدًا فَعَفَا عنه ثُمَّ سَرَتْ إلَى الْكَفِّ أو النَّفْسِ وكان الْعَفْوُ على مَالٍ فَلَهُ تَمَامُ الدِّيَةِ
يَعْنِي تَمَامَ دِيَةِ ما سَرَتْ إلَيْهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قَطَعَ إصْبَعًا عَمْدًا فَعَفَا عنها فَسَرَتْ إلَى الْكَفِّ فقال لم أَعْفُ عن السِّرَايَةِ وَلَا عن الدِّيَةِ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ وَلَهُ دِيَةُ كَفِّهِ
وَقِيلَ دُونَ إصْبَعٍ وَقِيلَ تُهْدَرُ كَفُّهُ بِعَفْوِهِ
وَإِنْ سَرَتْ إلَى نَفْسِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَقَطْ
وَقِيلَ إنْ كان الْعَفْوُ إلَى مَالٍ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(10/7)
وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُهَا
وَقِيلَ الْكُلُّ هَدَرٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا على غَيْرِ مَالٍ فَلَا شَيْءَ له في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له تَمَامَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ
قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنْ يَرْجِعَ الْوَلِيُّ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عليه إنَّمَا عَفَا عن نِصْفِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا انْبَنَى على الرِّوَايَتَيْنِ في مُوجِبِ الْعَمْدِ
فَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَهُوَ كما لو عَفَا على مَالٍ
وَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَهُوَ كما لو عَفَا إلَى غَيْرِ مَالٍ
وَقَطَعَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وقال في الْفُرُوعِ فَلَهُ الدِّيَةُ على الْأَصَحِّ على الْأَوْلَى خَاصَّةً
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ له نِصْفُ الدِّيَةِ
وَقِيلَ تَسْقُطُ الدِّيَةُ كُلُّهَا كما ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِي الْعَافِي عن الْقَطْعِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ أو الدِّيَةُ كَامِلَةً
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
____________________
(10/8)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وقال الْقَاضِي ليس له إلَّا الْقِصَاصُ أو تَمَامُ الدِّيَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ إذَا قال لِمَنْ عليه قَوَدٌ عَفَوْت عَنْك أو عن جِنَايَتِك بَرِيء من الدِّيَةِ كَالْقَوَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصّ عليه
وَقِيلَ يَبْرَأُ من الدِّيَةِ إذَا قَصَدَهَا بِقَوْلِهِ
وَقِيلَ إنْ ادَّعَى قَصْدَ الْقَوَدِ فَقَطْ قُبِلَ وَإِلَّا بريء
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ بَقِيَتْ الدِّيَةُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وإذا وَكَّلَ رَجُلًا في الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا ولم يَعْلَمْ الْوَكِيلُ حتى اقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ عليه
يَعْنِي على الْوَكِيلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ وهو وَجْهٌ
قال في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وقال غَيْرُ أبي بَكْرٍ يَخْرُجُ في صِحَّةِ الْعَفْوِ وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في الْوَكِيلِ هل يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ قبل عِلْمِهِ أَمْ لَا
قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ كما تَقَدَّمَ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ فَيَرْجِعُ بِهِ على الْمُوَكِّلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ
____________________
(10/9)
وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ لَا يَرْجِعُ بِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ وهو أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ يَكُونُ في مَالِهِ حَالًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَكُونُ على عَاقِلَتِهِ اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ
فَعَلَيْهِمَا إنْ كان عَفَا إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ لِلْعَافِي على الْجَانِي
قَوْلُهُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِي يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَكِيلَ لَا شَيْءَ عليه ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ وهو الْمَذْهَبُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا عن قَاتِلِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ صَحَّ
سَوَاءٌ كان بِلَفْظِ الْعَفْوِ أو الْوَصِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ في الْقَوَدِ إنْ كان الْجُرْحُ لَا قَوَدَ فيه إذَا بريء صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
فَائِدَةٌ لو قال عَفَوْت عن الْجِنَايَةِ وما يَحْدُثُ منها صَحَّ ولم يَضْمَنْ السِّرَايَةَ
____________________
(10/10)
فَإِنْ كان عَمْدًا لم يَضْمَنْ شيئا وَإِنْ كان خَطَأً اُعْتُبِرَ خُرُوجُهُمَا من الثُّلُثِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ السُّقُوطُ مُطْلَقًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في النَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ
وَإِنْ قال عَفَوْت عن هذا الْجُرْحِ أو هذه الضَّرْبَةِ فَعَنْهُ يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا من الدِّيَةِ
وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ
وَإِنْ قال عَفَوْت عن هذه الْجِنَايَةِ وَأَطْلَقَ لم يَضْمَنْ السِّرَايَةَ
وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ على الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَدَّمَ في النَّظْمِ عَدَمَ الضَّمَانِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى في التي قَبْلَهَا
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأهُ من الدِّيَةِ أو وَصَّى له بها فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ هل تَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ
إحْدَاهُمَا تَصِحُّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَتُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
قال الشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْمُقْنِعِ ولم يُفَرِّقْ بين الْعَمْدِ والخطأ
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي إنْ كان خَطَأً اُعْتُبِرَتْ من الثُّلُثِ وَإِلَّا فَلَا
وَقِيلَ تَصِحُّ من كل مَالِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(10/11)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَتَقَدَّمَ ما يُشَابِهُ ذلك في بَابِ الْمُوصَى له عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى له فَمَاتَ من الْجُرْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَفْوُهُ عن الْمَالِ وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ وَلَا غَيْرِهِ إذَا قُلْنَا يَحْدُثُ على مِلْكِ الْوَرَثَةِ
وقد تَقَدَّمَ أَيْضًا في بَابِ الْمُوصَى بِهِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ هل يَدْخُلُ في الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا فَلْيُرَاجَعْ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ لَا الْوَصِيَّةِ
وقال في التَّرْغِيبِ أَيْضًا تَخَرَّجَ في السِّرَايَةِ في النَّفْسِ رِوَايَاتٌ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا
وَالثَّالِثَةُ يَجِبُ النِّصْفُ بِنَاءً على أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ ليس بِوَصِيَّةٍ وَيَبْقَى ما قَابَلَ السِّرَايَةَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عنها
قال وَذَهَبَ بن أبي مُوسَى إلَى صِحَّتِهِ في الْعَمْدِ وفي الخطأ من ثُلُثِهِ
قُلْت وَذَكَرَ أَيْضًا هذا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ من الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ على عَاقِلَتِهِ أو الْعَبْدَ من جِنَايَتِهِ التي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ لم يَصِحَّ
في الْأُولَى قَوْلًا واحد ( ( ( واحدا ) ) )
وَلَا يَصِحُّ في الثَّانِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ ولم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ إبْرَاءُ الْعَبْدِ من جِنَايَتِهِ التي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ أو السَّيِّدَ صَحَّ
____________________
(10/12)
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ منه بِحَالٍ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْمَقْتُولِ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ قال وَفِيهِ بُعْدٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ أو تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عنه وَلَيْسَ ذلك لِلسَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال بن عَقِيلٍ في حَدِّ الْقَذْفِ ليس لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَالْعَفْوُ عنه لِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَمْلِكُ ما كان مَالًا أو طَلَبَ بَدَلٍ هو مَالٌ كَالْقِصَاصِ فَأَمَّا ما لم يَكُنْ مَالًا وَلَا له بَدَلٌ هو مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ كَالْقَسَمِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالْعُنَّةِ
وقال بن عبد الْقَوِيِّ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ ما لم يَعْفُ الْعَبْدُ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ فيه إسْقَاطُ حَقِّ الْعَبْدِ مِمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مُخَيَّرًا فيه فَيَكُونُ مَنْفِيًّا
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ لنا في عِتْقِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا في جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَجْهَانِ من مَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ وَهُنَا أَوْلَى بِعَدَمِ السُّقُوطِ إذْ ذَاتُ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ انْتَهَى
____________________
(10/13)
بَابُ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
قَوْلُهُ كُلُّ من أُقِيدَ بِغَيْرِهِ في النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَمَنْ لَا فَلَا
يَعْنِي وَمَنْ لَا يُقَادُ بِغَيْرِهِ في النَّفْسِ لَا يُقَادُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بين الْعَبِيدِ مُطْلَقًا نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا
وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ في النَّفْسِ وَالطَّرَفِ حتى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
قال حَرْبٌ في الطَّرَفِ كَأَنَّهُ مَالٌ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في بَابِ شُرُوطِ الْقِصَاصِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِمِثْلِ الْمُوجِبِ في النَّفْسِ وهو الْعَمْدُ الْمَحْضُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ يَجِبُ الْقِصَاصُ أَيْضًا في شِبْهِ الْعَمْدِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ في الْأَلْيَةِ وَالشَّفْرِ على وَجْهَيْنِ
____________________
(10/14)
أَطْلَقَ في إجْرَاءِ الْقِصَاصِ في الْأَلْيَةِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِمَا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِمَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في إجْرَاءِ الْقِصَاصِ في الشَّفْرِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيه وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيه
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال في الْخُلَاصَةِ فَلَا قِصَاصَ فيه في الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ في الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا الْأَمْنُ من الْحَيْفِ
أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ في اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا لإنه لَا يُؤْمَنُ في ذلك الْحَيْفِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/15)
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَالشَّالَنْجِيُّ الْقَوَدُ في اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قالوا ما أَصَابَ بِسَوْطٍ أو عَصًا وكان دُونَ النَّفْسِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ أَرَى
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا قِصَاصَ بين الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا في أَدَبٍ يُؤَدِّبُهَا بِهِ
فَإِنْ اعْتَدَى أو جَرَحَ أو كَسَرَ يُقْتَصُّ لها منه
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا قَتَلَهُ بِعَصًا أو خَنَقَهُ أو شَدَخَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ يُقْتَلُ بِمِثْلِ الذي قَتَلَ بِهِ لِأَنَّ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ
وَنَقَلَ أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ من الْجِرَاحِ وَالْكَسْرِ يُقْدَرُ على الِاقْتِصَاصِ يُقْتَصُّ منه لِلْأَخْبَارِ
وَاخْتَارَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ثَبَتَ ذلك عن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي اللَّهُ تعالى عَنْهُمْ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا تَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ الْغَصْبِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ كان مَصُوغًا أو تِبْرًا هل يُقْتَصُّ في الْمَالِ مِثْلُ شَقِّ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِ
الثَّانِي قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ في الطَّرَفِ الْأَمْنُ من الْحَيْفِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ بن حَمْدَانَ تَبَعًا لِأَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ أَمْنُ الْحَيْفِ وهو أَخَصُّ من إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا اشْتَرَطَ إمْكَانَ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ وَتَبِعَهُ أبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ وَجَعَلَ الْمَجْدُ أَمْنَ الْحَيْفِ شَرْطًا لِجَوَازِ الِاسْتِيفَاءِ وهو التَّحْقِيقُ
وَعَلَيْهِ لو أَقْدَمَ وَاسْتَوْفَى ولم يَتَعَدَّ وَقَعَ الْمَوْقِعُ وَلَا شَيْءَ عليه
وَكَذَا صَرَّحَ الْمَجْدُ
____________________
(10/16)
وَعَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ بن حَمْدَانَ وما في الْمُقْنِعِ تَكُونُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً يَتَرَتَّبُ عليها مُقْتَضَاهَا انْتَهَى
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ما قَالَهُ عن بن حَمْدَانَ وَالْمُصَنِّفُ إذَا أَقْدَمَ وَاسْتَوْفَى
أَكْثَرُ ما فيه أَنَّا إذَا خِفْنَا الْحَيْفَ مَنَعْنَاهُ من الِاسْتِيفَاءِ فَلَوْ أَقْدَمَ وَفَعَلَ ولم يَحْصُلْ حَيْفٌ فَلَيْسَ في كَلَامِهِمَا ما يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ أو قَطَعَ من نِصْفِ السَّاعِدِ أو السَّاقِ
وَكَذَا لو قَطَعَ من الْعَضُدِ أو الْوَرِكِ فَلَا قِصَاصَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْهِدَايَةِ هو الْمَنْصُوصُ وَاخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالْأَصْحَابِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ قال أَصْحَابُنَا لَا قِصَاصَ
وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ يُقْتَصُّ من حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنْ الْكُوعِ وَالْمَرْفِقِ وَالرُّكْبَةِ وَالْكَعْبِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فِيمَا قَطَعَهُ من نِصْفِ الْكَفِّ أو زَادَ قَطْعَ الْأَصَابِعِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَطَعَ يَدَهُ من الْكُوعِ ثُمَّ تأكلت إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ فَلَا قَوَدَ له أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالِاسْتِقْرَارِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وقال الْمَجْدُ يُقْتَصُّ هُنَا من الْكُوعِ أو الْكَعْبِ
____________________
(10/17)
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجِبُ له أَرْشُ الْبَاقِي على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ له أَرْشٌ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهُرُ الْوَجْهَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له الْأَرْشُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
قَدَّمَ في الْمُغْنِي في قَصَبَةِ الْأَنْفِ حُكُومَةً مع الْقِصَاصِ
وقال فِيمَنْ قَطَعَ من نِصْفِ الذِّرَاعِ ليس له الْقَطْعُ من ذلك الْمَوْضِعِ وَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ في الْمَقْطُوعِ من الذِّرَاعِ وَهَلْ له أَنْ يَقْطَعَ من الْكُوعِ فيه وَجْهَانِ
وَمَنْ جَوَّزَ له الْقَطْعَ من الْكُوعِ فَعِنْدَهُ في وُجُوبِ الْحُكُومَةِ لِمَا قَطَعَ من الذِّرَاعِ وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ الْخِلَافُ هُنَا يَعُودُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي سَوَاءً قُلْنَا يُقْتَصُّ أو لَا يُقْتَصُّ
قال في الْفُرُوعِ وَعَلَيْهِمَا في أَرْشِ الْبَاقِي وَلَوْ خَطَأً وَجْهَانِ
وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ إنَّمَا حَكَى ذلك على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ على الْوَجْهِ الثَّانِي وهو الْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ
وَعَلَى كل حَالٍ الْخِلَافُ جَارٍ في الْمَسْأَلَتَيْنِ
____________________
(10/18)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَيُقْتَصُّ من الْمَنْكِبِ إذَا لم يَخَفْ جَائِفَةً بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ إنْ خِيفَ هل له أَنْ يَقْتَصَّ من مِرْفَقِهِ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا له ذلك وهو الصَّحِيحُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك
الثَّانِيَةُ لو خَالَفَ وَاقْتَصَّ مع خَشْيَةِ الْحَيْفِ أو من مَأْمُومَةٍ أو جَائِفَةٍ أو نِصْفِ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ أَجْزَأَهُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وإذا أَوْضَحَ إنْسَانًا فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ أو سَمْعُهُ أو شَمُّهُ فإنه يُوضِحُهُ فَإِنْ ذَهَبَ ذلك وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُذْهِبُهُ من غَيْرِ أَنْ يجري على حَدَقَتِهِ أو أُذُنِهِ أو أَنْفِهِ
هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي اسْتِعْمَالَ ما يُذْهِبُ ذلك وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْمُنَوِّرِ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ من غَيْرِ اسْتِعْمَالِ ما يُذْهِبُهُ
وَهَلْ يَلْزَمُهُ في مَالِهِ أو على عَاقِلَتِهِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
____________________
(10/19)
قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُهَا عليه
وَلَوْ أَذْهَبَ ذلك عَمْدًا بِشَجَّةٍ لَا قَوَدَ فيها أو لَطْمَةٍ فَهَلْ يُقْتَصُّ منه بِالدَّوَاءِ أو تَتَعَيَّنُ دِيَتُهُ من الِابْتِدَاءِ على الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَطَمَهُ فَأَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ أو غَيْرَهَا تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْ إلَّا بِالْجِنَايَةِ على هذه الْأَعْضَاءِ سَقَطَ
يَعْنِي الْقَوَدُ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا تُؤْخَذُ أَصْلِيَّةٌ بِزَائِدَةٍ وَلَا زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ
أَنَّ الزَّائِدَةَ تُؤْخَذُ بِالزَّائِدَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوِيَا مَحِلًّا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ بها أَيْضًا
فَإِنْ اخْتَلَفَا لم تُؤْخَذْ بها قَوْلًا وَاحِدًا
فَائِدَةٌ تُؤْخَذُ كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ بِزَائِدَةٍ إصْبَعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تُؤْخَذُ بها
فَإِنْ ذَهَبَتْ الْإِصْبَعُ الزَّائِدَةُ فَلَهُ الْأَخْذُ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاضَيَا عليه لم يَجُزْ
يَعْنِي إذَا تَرَاضَيَا على أَنْ يَأْخُذَ الْأَصْلِيَّةَ بِالزَّائِدَةِ أو عَكْسِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ فَعَلَا أو قَطَعَهَا تَعَدِّيًا أو قال أَخْرِجْ يَمِينَك فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ على كل حَالٍ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ
____________________
(10/20)
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال بن حَامِدٍ إنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا لم يَجُزْ ويستوفي من يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً أو ظَنًّا أنها تُجْزِئُ فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا
هذا ظَاهِرُ كَلَامِ بن حَامِدٍ وَاخْتِيَارُهُ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا إنْ عَلِمَ أنها يَسَارٌ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَيُعَزَّرُ وَجَزَمَ بِهِ
وَاخْتَارَ بن حَامِدٍ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا وَقَطَعَهَا أنها تَذْهَبُ هَدَرًا انْتَهَى
وَقَوْلُ بن حَامِدٍ ويستوفي من يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ يَعْنِي إذَا لم يَتَرَاضَيَا فَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا فَفِي سُقُوطِهِ إلَى الدِّيَةِ وَجْهَانِ
وقال في التَّرْغِيبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ دَهِشَ اُقْتُصَّ من يَسَارِ الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّثَبُّتِ
وقال إنْ قَطَعَهَا عَالِمًا عَمْدًا فَالْقَوَدُ
وَقِيلَ الدِّيَةُ وَيُقْتَصُّ من يُمْنَاهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ اسْتِوَاؤُهُمَا في الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَلَا يُؤْخَذُ لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
____________________
(10/21)
منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا إلَّا عن دَاوُد بن عَلِيٍّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ في لِسَانِ النَّاطِقِ بِأَخْرَسَ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ وَلَا عِنِّينٍ
وهو الْمَذْهَبُ فِيهِمَا اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِمَا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ يُؤْخَذُ ذَكَرُ الْفَحْلِ بِذَكَرِ الْعِنِّينِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في الْخُلَاصَةِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَكَرُ الْفَحْلِ بِالْخَصِيِّ وفي ذَكَرِ الْعِنِّينِ وَجْهَانِ
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَتَبِعَهُ في الْهِدَايَةِ وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هل في ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أو حُكُومَةٌ على رِوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ إلَّا مَارِنُ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ يُؤْخَذُ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ
____________________
(10/22)
وَالْمَجْذُومِ وَالْمُسْتَحْشِفِ وَأُذُنُ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ الشَّلَّاءِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ في أَخْذِ الصَّحِيحِ بِالْمُسْتَحْشِفِ الْوَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ وَالْأَنْفِ الْأَشَمِّ بِالْأَنْفِ الْأَخْشَمِ وَبِالْأُذُنِ الْأَصَمِّ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ عَدَمَ أَخْذِ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ وَالْأَنْفِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ الْمَخْزُومَتَيْنِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُؤْخَذُ بِهِ في الْجَمِيعِ
قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ لَا يُؤْخَذُ عُضْوٌ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ
قال في الْمُحَرَّرِ وقال الْقَاضِي يُؤْخَذُ في الْجَمِيعِ إلَّا في الْمَخْزُومِ خَاصَّةً
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَخْذَ أُذُنِ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ الشَّلَّاءِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ولم أَرَ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا إلَّا الصَّمَمَ مُنْفَرِدًا وَالشَّلَلَ كَذَلِكَ من غَيْرِ جَمْعٍ فَلَعَلَّهُ سَقَطَ من هُنَا وَاوٌ
____________________
(10/23)
وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ بإذن الْأَصَمِّ وَالشَّلَّاءِ مُوَافَقَةً لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ مع أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وُجُودُ الْخِلَافِ في صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ من ذلك كُلِّهِ بِالصَّحِيحِ وَبِمِثْلِهِ إذَا أُمِنَ من قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ مع الْقِصَاصِ أَرْشٌ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ له دِيَةُ الْأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ له من أَجْلِ الشَّلَلِ
هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَشَيْخِهِ
وَقِيلَ الشَّلَلُ مَوْتٌ
قال في الْفُنُونِ سَمِعْته من جَمَاعَةٍ من الْبُلْهِ الْمُدَّعِينَ لِلْفِقْهِ قال وهو بَعِيدٌ وَإِلَّا لَأَنْتَنَ وَاسْتَحَالَ كَالْحَيَوَانِ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ ثَبَتَ فَلَا قَوَدَ في مَيِّتٍ
____________________
(10/24)
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّ له أَرْشَهُ مُطْلَقًا قِيَاسًا على قَوْلِهِ في عَيْنِ الْأَعْوَرِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وهو أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في شَلَلِ الْعُضْوِ وَصِحَّتِهِ فأيهما ( ( ( فأيها ) ) ) يَقْبَلُ قَوْلَهُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ عَكْسَ قَوْلِ بن حَامِدٍ في أَعْضَاءٍ بَاطِنَةٍ لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إنْ اتَّفَقَا على صِحَّةِ الْعُضْوِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ وَمَارِنِهِ أو شَفَتِهِ أو حَشَفَتِهِ أو أُذُنِهِ أُخِذَ مِثْلُهُ يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ
هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ في غَيْرِ قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا قَوَدَ بِبَعْضِ اللِّسَانِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَصَحُّ
____________________
(10/25)
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَصُّ من السِّنِّ حتى يُؤْيَسَ من عَوْدِهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ في سِنِّ الْكَبِيرِ وَنَحْوِهَا الْقَوَدَ في الْحَالِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ فإن سِنَّ الْكَبِيرِ إذَا قُلِعَتْ يَيْأَسُ من عَوْدِهَا غَالِبًا
قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ قبل الْيَأْسِ من عَوْدِهَا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَا قِصَاصَ فيها
يَجِبُ دِيَتُهَا إذَا مَاتَ قبل الْيَأْسِ من عَوْدِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه بَلْ تَذْهَبُ هَدَرًا كَنَبْتِ شَيْءٍ فيه قَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ
فَائِدَةٌ الظُّفْرُ كَالسِّنِّ في ذلك
وَلَهُ في غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا له الْقَوَدُ حَيْثُ شَرَعَ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له الْقَوَدُ
قَوْلُهُ وَإِنْ اُقْتُصَّ من سِنٍّ فَعَادَتْ غَرِمَ سِنَّ الْجَانِي ثُمَّ إنْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِي رَدَّ ما أَخَذَ
____________________
(10/26)
هذا الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَ بن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ ما أَخَذَ
قال ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ ذِكْرِ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي
فَائِدَةٌ حَيْثُ قُلْنَا يَرُدُّ ما أَخَذَ فإنه لَا زَكَاةَ فيه كَمَالٍ ضَالٍّ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي
قَوْلُهُ النَّوْعُ الثَّانِي الْجُرُوحُ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ في كل جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ كَالْمُوضِحَةِ وَجُرْحِ الْعَضُدِ وَالسَّاعِدِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد الْمُوضِحَةُ يُقْتَصُّ منها قال الْمُوضِحَةُ كَيْفَ يُحِيطُ بها
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ في غَيْرِ ذلك من الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ كما دُونَ الْمُوضِحَةِ وَأَعْظَمَ منها إلَّا أَنْ تَكُونَ أَعْظَمَ من الْمُوضِحَةِ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ له على قَوْلِ أبي بَكْرٍ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي
وقال بن حَامِدٍ له ما بين دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ فَيَأْخُذُ في الْهَاشِمَةِ خَمْسًا من الْإِبِلِ وفي الْمُنَقِّلَةِ عَشْرًا وفي الْمَأْمُومَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا
____________________
(10/27)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ فَلَوْ أَوْضَحَ إنْسَانًا في بَعْضِ رَأْسِهِ مِقْدَارُ ذلك الْبَعْضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وَزِيَادَةٌ كان له أَنْ يُوضِحَهُ في جَمِيعِ رَأْسِهِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وفي الْأَرْشِ لِلزَّائِدِ وَجْهَانِ
قال في الْوَجِيزِ وفي بَعْضِ إصْبَعٍ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الزَّائِدِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الزَّائِدِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له الْأَرْشُ لِلزَّائِدِ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الشَّارِحُ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
فَائِدَةٌ لو كانت الصِّفَةُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ وكان رَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرَ منه فَلَهُ قَدْرُ شَجَّتِهِ من أَيِّ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/28)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ وَمِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْضًا
وَأَمَّا إذَا كانت الشَّجَّةُ بِقَدْرِ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْهُمَا لم يُعْدَلْ عن جَانِبِهَا إلَى غَيْرِهِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في قَطْعِ طَرَفٍ أو جُرْحٍ مُوجِبٍ لِلْقِصَاصِ وَتَسَاوَتْ أَفْعَالُهُمْ مِثْلُ أَنْ يَضَعُوا الْحَدِيدَةَ على يَدِهِ وَيَتَحَامَلُوا عليها جميعا حتى تَبِينَ فَعَلَى جَمِيعِهِمْ الْقِصَاصُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا قِصَاصَ عليهم
وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ في قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَشَرْطُهُ كما قال الْمُصَنِّفُ
أَمَّا لو تَفَرَّقَتْ أَفْعَالُهُمْ أو قَطَعَ كُلُّ إنْسَانٍ من جَانِبٍ فَلَا قِصَاصَ رِوَايَةً وَاحِدَةً كما قال
فَائِدَةٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لو حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ يَدَ أَحَدٍ حَنِثَ بهذا الْفِعْلِ
وَكَذَا قال أبو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا منهم قَاطِعٌ
وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ
____________________
(10/29)
وقال أبو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا منهم قَاطِعٌ لِجَمِيعِ الْيَدِ
قَوْلُهُ وَسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بِالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فَلَوْ قَطَعَ إصْبَعًا فتأكلت أُخْرَى إلَى جَانِبِهَا وَسَقَطَتْ من مَفْصِلٍ أو تأكلت الْيَدُ وَسَقَطَتْ من الْكُوعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ في ذلك بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَإِنْ شُلَّ فَفِيهِ دِيَتُهُ دُونَ الْقِصَاصِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن أبي مُوسَى لَا قَوَدَ بِنَقْصِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ
قَوْلُهُ وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ قِصَاصًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا شَيْءَ على الْقَاطِعِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو اقْتَصَّ قَهْرًا مع حَرٍّ أو بَرْدٍ أو بِآلَةٍ كَالَّةٍ أو مَسْمُومَةٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ
وقال بن عَقِيلٍ من له قَوَدٌ في نَفْسٍ وَطَرَفٍ فَقُطِعَ طَرَفُهُ فَسَرَى أوصال من عليه الدِّيَةُ فَدَفَعَهُ دَفْعًا جَائِرًا فَقَتَلَهُ هل يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ كما يُجْزِئُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ عن كَفَّارَةٍ قد وَجَبَ عليه بَدَلُهُ له وَكَذَا من دخل مَسْجِدًا وَصَلَّى قَضَاءً وَنَوَى كَفَاهُ عن تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فيه احْتِمَالَانِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَصُّ من الطَّرَفِ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ
____________________
(10/30)
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عليه أَنْ يُقْتَصَّ من الطَّرَفِ قبل بُرْئِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بَلْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ الْقَوَدُ قبل بُرْئِهِ على الْأَصَحِّ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ من قَوْلِنَا إنَّهُ إذَا سَرَى إلَى السِّنِّ يُفْعَلُ بِهِ كما فَعَلَ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ قبل ذلك بَطَلَ حَقُّهُ من سِرَايَةِ جُرْحِهِ فَلَوْ سَرَى إلَى نَفْسِهِ كان هَدَرًا
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ قد دَخَلَهُ الْعَفْوُ بِالْقِصَاصِ
وهو من الْمُفْرَدَاتِ
____________________
(10/31)
كِتَابُ الدِّيَاتِ
قَوْلُهُ كُلُّ من أَتْلَفَ إنْسَانًا أو جُزْءًا منه بِمُبَاشَرَةٍ أو سَبَبٍ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ فَإِنْ كان عَمْدًا مَحْضًا فَهِيَ من مَالِ الْجَانِي حَالَّةً
بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي ذلك فِيمَا لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ في بَابِ الْعَاقِلَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كان شِبْهَ عَمْدٍ أو خَطَإٍ أو ما جَرَى مَجْرَاهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ
أَمَّا الْخَطَأُ وما جَرَى مَجْرَاهُ فَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ
وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهَا تَحْمِلُهُ وهو الْمَذْهَبُ
وقال أبو بَكْرٍ لَا تَحْمِلُهُ
وَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ صَرِيحًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْعَاقِلَةِ
قَوْلُهُ وَلَوْ أَلْقَى على إنْسَانٍ أَفْعَى أو أَلْقَاهُ عليها فَقَتَلَتْهُ أو طَلَبَ إنْسَانًا بِسَيْفٍ مُجَرَّدٍ فَهَرَبَ منه فَوَقَعَ في شَيْءٍ تَلِفَ بِهِ بَصِيرًا كان أو ضَرِيرًا وَجَبَتْ عليه دِيَتُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ كَذَلِكَ إذَا انْدَهَشَ أو لم يَعْلَمْ بِالْبِئْرِ
أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ إلْقَاءَ نَفْسِهِ مع الْقَطْعِ بِالْهَلَاكِ فَلَا خَلَاصَ من الْهَلَاكِ فَيَكُونُ كَالْمُبَاشِرِ من التَّسَبُّبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ
قُلْت الذي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ أَنَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عليه
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ أو حَفَرَ بِئْرًا في فِنَائِهِ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَتْ عليه دِيَتُهُ
____________________
(10/32)
مُرَادُهُ إذَا كان الْحَفْرُ مُحَرَّمًا وَسَوَاءٌ كان في فِنَائِهِ أو غَيْرِهِ فَمُرَادُهُ ضَرْبُ مِثَالٍ لَا حَصْرُ الْمَسْأَلَةِ في ذلك
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَشِبْهُ الْعَمْدِ في الْفَائِدَةِ الثَّامِنَةِ إذَا حَفَرَ في بَيْتِهِ بِئْرًا وَسَتَرَهُ لِيَقَعَ فيه أَحَدٌ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا حَفَرَ في فِنَائِهِ بِئْرًا لِنَفْسِهِ أو حَفَرَهَا في سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَوَقَعَ فيها شَيْءٌ ما حُكْمُهُ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ أو صَبَّ مَاءً في طَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَتْ عليه دِيَتُهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ رَشَّهُ لِذَهَابِ الْغُبَارِ فَمَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ كَحَفْرِ بِئْرٍ في سَابِلَةٍ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ أَلْقَى كِيسًا فيه دَرَاهِمُ في الطَّرِيقِ فَكَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ وأن كُلَّ من فَعَلَ فيها شيئا ليس مَنْفَعَةً ضَمِنَ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ لو تَرَكَ طِينًا في الطَّرِيقِ أو خَشَبَةً أو عَمُودًا أو حَجَرًا وَنَحْوَ ذلك فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ أو بَالَتْ فيها دَابَّتُهُ وَيَدُهُ عليها فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَتْ عليه دِيَتُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان رَاكِبًا أو قَائِدًا أو سَائِقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَضْمَنُهُ كَمِنْ سَلَّمَ على غَيْرِهِ أو أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ
____________________
(10/33)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَوَقَعَ في الْبِئْرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ
فَالضَّمَانُ على وَاضِعِ الْحَجَرِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وقال في الْفُرُوعِ وهو أَشْهُرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَخَرَّجُ منه ضَمَانُ الْمُتَسَبِّبِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَجَعَلَهُ أبو بَكْرٍ كَقَاتِلٍ وَمُمْسِكٍ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَعَدَّيَا بِفِعْلِ ذلك
أَمَّا إنْ تَعَدَّى أَحَدُهُمَا فَالضَّمَانُ عليه وَحْدَهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ أَحْكَامُ الْبِئْرِ في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ أو أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَفِيهِ الدِّيَةُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَلَكِنَّ شَرْطَ بن عَقِيلٍ في ضَمَانِهِ كَوْنُ أَرْضِهِ تُعْرَفُ بِذَلِكَ
وَحَكَى صَاحِبُ النَّظْمِ في الْغَصْبِ أَنَّ بن عَقِيلٍ قال لَا يَضْمَنُهُ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالصَّاعِقَةِ كُلُّ سَبَبٍ يَخْتَصُّ الْبُقْعَةَ كَالْوَبَاءِ وَانْهِدَامِ سَقْفٍ عليه وَنَحْوِهِمَا
____________________
(10/34)
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ بِمَرَضٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَكَذَا لو مَاتَ فَجْأَةً وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا تَجِبُ عليه الدِّيَةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجِبُ نَقَلَهُ أبو الصَّقْرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
قال الْحَارِثِيُّ في الْغَصْبِ وَعَنْ بن عَقِيلٍ لَا يَضْمَنُ ولم يُفَرِّقْ بين الصَّاعِقَةِ وَالْمَرَضِ وهو الْحَقُّ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ الْغَصْبِ إذَا غَصَبَ صَغِيرًا هل يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ لو قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا وَغَلَّهُ فَتَلِفَ بِصَاعِقَةٍ أو حَيَّةٍ فَفِيهِ الدِّيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ لَا تَجِبُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اصْطَدَمَ نَفْسَانِ
قال في الرَّوْضَةِ بَصِيرَانِ أو ضَرِيرَانِ أو أَحَدُهُمَا
قُلْت وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ
____________________
(10/35)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَجِبُ على عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وهو تَخْرِيجٌ لِبَعْضِهِمْ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا أو خَطَأً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ إذَا كان عَمْدًا يَضْمَنَانِ دُونَ عَاقِلَتِهِمَا
وقال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ فَمَاتَتْ الدَّابَّتَانِ فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ دَابَّةِ الْآخَرِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ إنْ غَلَبَتْ الدَّابَّةُ رَاكِبَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا يَسِيرُ وَالْآخَرُ وَاقِفًا فَعَلَى السَّائِرِ ضَمَانُ الْوَاقِفِ وَدَابَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ قَاعِدًا أو وَاقِفًا فَلَا ضَمَانَ عليه وَعَلَيْهِ ضَمَانُ ما تَلِفَ بِهِ
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا ما يُتْلِفُهُ السَّائِرُ إذَا كان الْآخَرُ وَاقِفًا أو قَاعِدًا فَقَطَعَ بِضَمَانِ الْوَاقِفِ وَدَابَّتِهِ على السَّائِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ قَاعِدًا أو وَاقِفًا فَلَا ضَمَانَ عليه وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَنَصَّ عليه
____________________
(10/36)
وجزم بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَضْمَنُهُ السَّائِرُ سَوَاءٌ كان الْوَاقِفِ في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ أو وَاسِعٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ما يُتْلِفُهُ الْوَاقِفُ أو الْقَاعِدُ لِلسَّائِرِ في الطَّرِيقِ الضَّيِّقِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَمَّا ما يُتْلَفُ لِلسَّائِرِ إذَا كانت الطَّرِيقُ وَاسِعًا فَلَا ضَمَانَ على الْوَاقِفِ وَالْقَاعِدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَضْمَنُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ فَعَلَى السَّائِرِ ضَمَانُ الْوَاقِفِ وَدَابَّتِهِ
ضَمَانُ الْوَاقِفِ يَكُونُ على عَاقِلَةِ السَّائِرِ وَضَمَانُ دَابَّةِ الْوَاقِفِ على نَفْسِ السَّائِرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُرَادٍ
الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ في طَرِيقٍ ضَيِّقٍ قَاعِدًا أو وَاقِفًا
قال بن مُنَجَّا لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ أَنَّ الطَّرِيقَ الضَّيِّقَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْوَاقِفِ
____________________
(10/37)
أو الْقَاعِدِ لِأَنَّهُ إذَا كان مَمْلُوكًا لم يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِوُقُوفِهِ فيه بَلْ السَّائِرُ هو الْمُتَعَدِّي بِسُلُوكِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو اصْطَدَمَ عَبْدَانِ مَاشِيَانِ فَمَاتَا فَهَدَرٌ
وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ في رَقَبَةِ الْآخَرِ كَسَائِرِ جِنَايَتِهِ
وَإِنْ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتَا ضُمِنَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ في تَرِكَةِ الْحُرِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ نِصْفُهَا
وَتَجِبُ دِيَةُ الْحُرِّ كَامِلَةً في تِلْكَ الْقِيمَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ أو نِصْفُهَا وما هو بِبَعِيدٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ لَا وِلَايَةَ له عَلَيْهِمَا فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الضَّمَانَ على الذي أَرْكَبَهُمَا اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في نَفْسِ الدِّيَةِ على من تَجِبُ
أَمَّا إنْ كان التَّالِفُ مَالًا فإن الذي أَرْكَبَهُمَا يَضْمَنُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
____________________
(10/38)
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لو أَرْكَبَهُمَا من له وِلَايَةٌ عَلَيْهِمَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه
وَتَحْرِيرُ ذلك أَنَّهُ لو أَرْكَبَهُمَا لِمَصْلَحَةٍ فَهُمَا كما لو رَكِبَا وَكَانَا بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال بن عَقِيلٍ إنَّمَا ذلك إذَا أَرْكَبَهُمَا لِيُمَرِّنَهُمَا على الرُّكُوبِ إذَا كَانَا يَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَأَمَّا إنْ كَانَا لَا يَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا فَالضَّمَانُ عليه
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا ما يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مِثْلِهِمَا لم يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو رَكِبَ الصَّغِيرَانِ من عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا فَهُمَا كَالْبَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ
الثَّانِيَةُ لو اصْطَدَمَ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَإِنْ مَاتَ الصَّغِيرُ ضَمِنَهُ الْكَبِيرُ وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ الذي أَرْكَبَ الصَّغِيرَ
الثَّالِثَةُ لو تَجَاذَبَ اثْنَانِ حَبْلًا أو نَحْوَهُ فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا فَهُمَا كَالْمُتَصَادَمِينَ سَوَاءٌ انْكَبَّا أو اسْتَلْقَيَا أو انْكَبَّ أَحَدُهُمَا وَاسْتَلْقَى الْآخَرُ لَكِنَّ نِصْفَ دِيَةِ الْمُنْكَبِّ على عَاقِلَةِ الْمُسْتَلْقِي مُغَلَّظَةً وَنِصْفَ دِيَةِ الْمُسْتَلْقِي على عَاقِلَةِ الْمُنْكَبِّ مُخَفَّفَةً قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْغَصْبِ أَحْكَامُ ما إذَا اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ إنْسَانًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ منهم ثُلُثُ دِيَتِهِ
____________________
(10/39)
وَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ في بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ
وفي الْفُصُولِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَرَمْيِهِ عن قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وَحَجَرٍ عن يَدٍ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَفْدِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ لم يَكُنْ فَعَلَيْهِمْ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّ ذلك عَمْدًا إذَا كان الْغَالِبُ الْإِصَابَةَ
قُلْت إنْ قَصَدُوا رَمْيَهُ كان عَمْدًا وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ وَالْأَدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ في مُنْتَخَبِهِ
وقال في الْمُغْنِي هذا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ في النَّظَرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالثَّانِي عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ
قال أبو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَالثَّالِثُ على عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ وَثُلُثَاهَا على عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
وَهَذَا الْوَجْهُ مَبْنِيٌّ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ في أَنَّ جِنَايَتَهُ على نَفْسِهِ تَجِبُ على عَاقِلَتِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
____________________
(10/40)
وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ تَكُونُ عليه يدفعها ( ( ( ويدفعها ) ) ) إلَى وَرَثَتِهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يلغي فِعْلُ نَفْسِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ
يَعْنِي يلغي فِعْلُ نَفْسِهِ وما يَتَرَتَّبُ عليه
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَأَمَّا كَوْنُ أَحَدِهِمْ إذَا قَتَلَهُ الْحَجَرُ يلغي فِعْلُ نَفْسِهِ في وَجْهٍ فَقِيَاسٌ على الْمُتَصَادِمَيْنِ وقد تَقَدَّمَ
فَعَلَى هذا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ على عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ
صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
ولم يُرَتِّبْ الْمُصَنِّفُ هُنَا على إلْغَاءِ فِعْلِ نَفْسِهِ كَمَالَ الدِّيَةِ بَلْ رَتَّبَ عليه وُجُوبَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ على عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ قال وَلَا أَعْلَمُ له وَجْهًا بَلْ وَجْهُ إيجَابِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ على عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ما قَابَلَ فِعْلَ الْمَقْتُولِ سَاقِطًا لَا يَضْمَنُهُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ شَارَكَ في إتْلَافِ نَفْسِهِ فلم يَضْمَنْ ما قَابَلَ فِعْلَهُ كما لو شَارَكَ في قَتْلِ بَهِيمَتِهِ أو عَبْدِهِ
وَهَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَنَسَبَهُ إلَى الْقَاضِي انْتَهَى كَلَامُ بن مُنَجَّا
وَلَيْسَ فيه كَبِيرُ جَدْوَى وَلَا يُرَدُّ على الْمُصَنِّفِ ما قال فإن مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ يلغي فِعْلُ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ فِعْلُ نَفْسِهِ وما يَتَرَتَّبُ عليه بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ
وَلَا يَلْزَمُ من إلْغَاءِ فِعْلِ نَفْسِهِ وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذلك فَمَحَلُّهُ إذَا لم يَكُنْ يَذْكُرُ الْحُكْمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ الْحَجَرُ الثَّلَاثَةَ فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي على عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَثُلُثُهَا هَدَرٌ
وَعَلَى قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ على عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ كَمَالُ الدِّيَةِ لِلْآخَرَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ من ثَلَاثَةٍ فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ في أَمْوَالِهِمْ
____________________
(10/41)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
قال الشَّارِحُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ من ثَلَاثَةٍ فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ في أَمْوَالِهِمْ في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا على الْوَجْهِ الذي اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ فَإِنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَقَتَلَ الْحَجَرُ أَحَدَهُمْ فإنه يَجِبُ على عَاقِلَةِ كل وَاحِدٍ من الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوهَا كُلَّهَا انْتَهَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَإِنْ زَادُوا على ثَلَاثَةٍ فَالدِّيَةُ في أَمْوَالِهِمْ
وَعَنْهُ على الْعَاقِلَةِ لِاتِّحَادِ فِعْلِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَالدِّيَةُ عليهم كَالْخَمْسَةِ
زَادَ في الْكُبْرَى في الْأَصَحِّ
وَعَنْهُ على عَوَاقِلِهِمْ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لَا يَضْمَنُ من وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ كَمَنْ أَوْتَرَ الْقَوْسَ وَقَرَّبَ سهم ( ( ( سهما ) ) ) هذا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ يَتَوَجَّهُ رِوَايَتَا مُمْسِكٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى إنْسَانٌ على نَفْسِهِ أو طَرَفِهِ خَطَأً فَلَا دِيَةَ له
هذا الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وهو الْقِيَاسُ
وَعَنْهُ على عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَدِيَةُ طَرَفِهِ لِنَفْسِهِ
____________________
(10/42)
وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَأَبِي طَالِبٍ
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ دِيَةُ ذلك على عَاقِلَتِهِ له أو لِوَرَثَتِهِ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ انْتَهَى
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقِ فَرَجَعَ الْحَجَرُ فَقَتَلَ أَحَدَهُمْ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا نُحَمِّلُهُ دُونَ الثُّلُثِ في الْأَصَحِّ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
نَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُودَى من بَيْتِ الْمَالِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا فَخَرَّ عليه آخَرُ فَمَاتَ الْأَوَّلُ من سَقْطَتِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ وَإِنْ سَقَطَ ثَالِثٌ فَمَاتَ الثَّانِي فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ من سَقْطَتِهِمَا فَدِيَتُهُ على عَاقِلَتِهِمَا
وَدَمُ الثَّالِثِ هَدَرٌ لَا أَعْلَمُ في ذلك خِلَافًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَإِنْ مَاتُوا كلهم فَدِيَةُ الْأَوَّلِ على عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ وَدِيَةُ الثَّانِي على عَاقِلَةِ الثَّالِثِ وَالثَّالِثُ هَدَرٌ فَائِدَةٌ
لو تَعَمَّدَ ذلك وَاحِدٌ منهم أو كلهم وكان ذلك يَقْتُلُ غَالِبًا وَجَبَ عليه الْقَوَدُ وَإِلَّا فَهُوَ عَمْدٌ خَطَأً فيه الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ
فَإِنْ كان الْوُقُوعُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِيَ وَجَذَبَ الثَّانِي الثَّالِثَ فَلَا شَيْءَ على الثَّالِثِ وَدِيَتُهُ على الثَّانِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
____________________
(10/43)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وفي الْوَجْهِ الثَّانِي دِيَتُهُ على الْأَوَّلِ وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
لَكِنْ إنَّمَا مَحَلُّ ذلك على الْعَاقِلَةِ عِنْدَهُمْ
وَقِيلَ يَسْقُطُ ثُلُثُهَا
وَقِيلَ يَجِبُ على عَاقِلَتِهِ إرْثًا
وَقِيلَ على عَاقِلَةِ الثَّانِي نِصْفُهَا وَالْبَاقِي هَدَرٌ
وَقِيلَ دَمُهُ كُلُّهُ هَدَرٌ
ذَكَرَ هذه الْأَوْجُهَ الْأَخِيرَةَ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ حِكَايَةُ ذلك في هذه الْمَسْأَلَةِ غَلَطٌ
وَإِنَّمَا هذه الْأَوْجُهُ فِيمَا إذَا جَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا
وقد أَخَذَ هذه الْمَسْأَلَةَ من الْمُحَرَّرِ وَأَسْقَطَ منها الرَّابِعَ فَفَسَدَتْ الْأَوْجُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَدِيَةُ الثَّانِي على الْأَوَّلِ
وَهِيَ أَحَدُ الْوُجُوهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ على الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَتِهِ وَيُهْدَرُ نِصْفُهَا في مُقَابَلَةِ فِعْلِ نَفْسِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ وُجُوبُ نِصْفِ دِيَتِهِ على عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَتِهِ كما قُلْنَا إذَا رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ أَحَدَهُمْ وهو تَخْرِيجٌ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ دَمُهُ هَدَرٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدِّيَةَ
____________________
(10/44)
على من ذُكِرَ لَا على عَاقِلَتِهِمْ وَصَرَّحَ في الْمُغْنِي أَنَّ دِيَةَ الثَّالِثِ على عَاقِلَةِ الثَّانِي أو على عَاقِلَتِهِ وَعَاقِلَةِ الْأَوَّلِ نِصْفَيْنِ وَأَنَّ دِيَةَ الثَّانِي على عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ
قِيلَ قال في النِّهَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ هذا عَمْدٌ خَطَأً وَهَلْ يَجِبُ في مَالِ الْجَانِي أو على الْعَاقِلَةِ فيه خِلَافٌ بين الْأَصْحَابِ
فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ هُنَا وَالْآخَرَ في الْمُغْنِي انْتَهَى
وقد حَكَى الْخِلَافَ في الرِّعَايَتَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا دِيَةُ الْأَوَّلِ قِيلَ تَجِبُ كُلُّهَا على عَاقِلَةِ الثَّانِي ويلغي فِعْلُ نَفْسِهِ
وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُهَا على الثَّانِي وَيُهْدَرُ نِصْفُ دِيَةِ الْقَاتِلِ لِفِعْلِ نَفْسِهِ
وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُهَا على نَفْسِهِ لِوَرَثَتِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
الثَّانِيَةُ لو كَانُوا أَرْبَعَةً فَجَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ على الثَّالِثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ على الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا
وَأَمَّا دِيَةُ الثَّالِثِ فَعَلَى الثَّانِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ نِصْفُهَا على الثَّانِي
وَقِيلَ على الْأَوَّلَيْنِ
وَقِيلَ ثُلُثَاهَا
وَقِيلَ دَمُهُ هَدَرٌ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا دِيَةُ الثَّانِي فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
____________________
(10/45)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ بَلْ ثُلُثَاهَا عَلَيْهِمَا
وَقِيلَ على الثَّالِثِ
قال الْمَجْدُ لَا شَيْءَ على الْأَوَّلِ بَلْ على الثَّالِثِ كُلُّهَا أو نِصْفُهَا
وَقِيلَ نِصْفُهَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ في دِيَةِ الثَّالِثِ أنها على الْأَوَّلِ
وَأَمَّا دِيَةُ الْأَوَّلِ فَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ ثُلُثَاهَا عَلَيْهِمَا
تَنْبِيهٌ تَتِمَّةُ الدِّيَةِ في جَمِيعِ الصُّوَرِ فيه الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا جَنَى على نَفْسِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْأَوَّلُ هَلَكَ من دَفْعَةِ الثَّالِثِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ على الثَّانِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا على الثَّانِي
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وفي نِصْفِهَا الْآخَرِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على الْخِلَافِ في جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ على نَفْسِهِ على ما تَقَدَّمَ مِرَارًا
قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَّ رَجُلٌ في زُبْيَةِ أَسَدٍ فَجَذَبَ آخَرَ وَجَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا وَجَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا فَقَتَلَهُمْ الْأَسَدُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ دَمَ الْأَوَّلِ هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِي وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ
____________________
(10/46)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ دِيَةَ الثَّالِثِ على عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي نِصْفَانِ وَدِيَةُ الرَّابِعِ على عَاقِلَةِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا
وَقِيلَ دِيَةُ الثَّالِثِ على الثَّانِي خَاصَّةً
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَجِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ دِيَةَ الْأَوَّلِ تَجِبُ على الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّهُ مَاتَ من جَذْبَتِهِ وَجَذْبَةِ الثَّانِي لِلثَّالِثِ وَجَذْبَةِ الثَّالِثِ لِلرَّابِعِ فَسَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ
وَأَمَّا دِيَةُ الثَّانِي فَتَجِبُ على الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ نِصْفَيْنِ
وَأَمَّا دِيَةُ الثَّالِثِ فَتَجِبُ على الثَّانِي خَاصَّةً
وَقِيلَ بَلْ على الْأَوَّلِ وَالثَّانِي
وَأَمَّا دِيَةُ الرَّابِعِ فَهِيَ على الثَّالِثِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وفي الْآخَرِ تَجِبُ على الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا انْتَهَوْا
قال في الرِّعَايَةِ هذا الْقِيَاسُ
قال في الْمَذْهَبِ لَمَّا قَدَّمَ ما قَالَهُ عَلِيٌّ رضي اللَّهُ تعالى ( ( ( عنها ) ) ) عنه
قال وَالْقِيَاسُ غَيْرُ ذلك
وروى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَلِلثَّانِي بِثُلُثِهَا وَلِلثَّالِثِ بِنِصْفِهَا وَلِلرَّابِعِ بِكَمَالِهَا على من حَضَرَ ثُمَّ رَفَعَ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَجَازَ قَضَاءَهُ فَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَيْهِ تَوْقِيفًا
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/47)
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ في خَبَرِ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه وَجَعَلَهُ على قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّانِي بِثُلُثِهَا لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ اثْنَانِ وَلِلثَّالِثِ بِنِصْفِهَا لِأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ وَلِلرَّابِعِ بِكَمَالِهَا
تَنْبِيهٌ حَكَى الْمُصَنِّفُ هُنَا ما روى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه فِيمَا إذَا خَرَّ رَجُلٌ في زُبْيَةِ أَسَدٍ فَجَذَبَ آخَرَ إلَى آخِرِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَمَاعَةٌ
وَذَكَرَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ هذه الْمَسْأَلَةَ ثُمَّ قالوا وَلَوْ تَدَافَعَ وَتَزَاحَمَ عِنْدَ الْحُفْرَةِ جَمَاعَةٌ فَسَقَطَ منهم أَرْبَعَةٌ فيها مُتَجَاذِبِينَ كما وَصَفْنَا فَهِيَ الصُّورَةُ التي قَضَى فيها عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه فَصُورَةُ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه التي حَكَاهَا هَؤُلَاءِ جَزَمَ بها وَبِحُكْمِهَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ مع حِكَايَتِهِمَا الْخِلَافَ في مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ
وَقَدَّمَ ما جَزَمَا بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ
وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ فإنه ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فيها
ثُمَّ قال وَكَذَا إنْ ازْدَحَمَ وَتَدَافَعَ جَمَاعَةٌ عِنْدَ الْحُفْرَةِ فَوَقَعَ أَرْبَعَةٌ مُتَجَاذِبِينَ فَظَاهِرُهُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّهُمَا في الْخِلَافِ سَوَاءٌ وهو أَوْلَى
وَيَدُلُّ عليه كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُمَا لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا ما روى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه في ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَائِدَةٌ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ سِتَّةً تَغَاطَسُوا في الْفُرَاتِ فَمَاتَ وَاحِدٌ فَرُفِعَ إلَى عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه فَشَهِدَ رَجُلَانِ على ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٌ على
____________________
(10/48)
اثْنَيْنِ فَقَضَى بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ على الثَّلَاثَةِ وَبِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهَا على الِاثْنَيْنِ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ
فَائِدَةٌ ذَكَرَ بن عَقِيلٍ إنْ نَامَ على سَطْحِهِ فَهَوَى سَقْفُهُ من تَحْتِهِ على قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ كما قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِيمَنْ أُلْقِيَ في مَرْكَبِهِ نَارٌ وَلَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِسُقُوطِهِ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ لم يَتَسَبَّبْ وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِدَوَامِ مُكْثِهِ أو بِانْتِقَالِهِ ضَمِنَهُ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في التَّائِبِ الْعَاجِزِ عن مُفَارَقَةِ الْمَعْصِيَةِ في الْحَالِ أو الْعَاجِزِ عن إزَالَةِ أَثَرِهَا كَمُتَوَسِّطِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَمُتَوَسِّطِ الْجَرْحَى تَصِحُّ تَوْبَتُهُ مع الْعَزْمِ وَالنَّدَمِ وَأَنَّهُ ليس عَاصِيًا بِخُرُوجِهِ من الْغَصْبِ
قال في الْفُرُوعِ وَمِنْهُ تَوْبَتُهُ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أو الْجُرْحِ وَتَخْلِيصِهِ صَيْدَ الْحَرَمِ من الشَّبَكِ وَحَمْلِهِ الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ لِيَرْتَفِعَ الْإِثْمُ بِالتَّوْبَةِ وَالضَّمَانُ بَاقٍ بِخِلَافِ ما لو كان ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ غير مُحَرَّمٍ كَخُرُوجِ مُسْتَعِيرٍ من دَارٍ انْتَقَلَتْ عن الْمُعِيرِ وَخُرُوجِ من أَجْنَب من مَسْجِدٍ ونزع ( ( ( ونزاع ) ) ) مُجَامِعٍ طَلَعَ عليه الْفَجْرُ فإنه غَيْرُ آثِمٍ اتِّفَاقًا
وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لم يَتُبْ من أَصْلِهِ تَصِحُّ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ بن شَاقِلَا
وكذا تَوْبَةُ الْقَاتِلِ قد تُشْبِهُ هذا وَتَصِحُّ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ
وَكَلَامُ بن عَقِيلٍ يَقْتَضِي ذلك
وأبو الْخَطَّابِ مَنَعَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْغَاصِبِ لِلْخُرُوجِ طَاعَةٌ بَلْ مَعْصِيَةٌ فَعَلَهَا لِدَفْعِ أَكْثَرِ الْمَعْصِيَتَيْنِ بِأَقَلِّهِمَا وَالْكَذِبُ لِدَفْعِ قَتْلِ إنْسَانٍ
قال في الْفُرُوعِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هو الْوَسَطُ
وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّ الْخَارِجَ من الْغَصْبِ ممتثل ( ( ( متمثل ) ) ) من كل وَجْهٍ إنْ جَازَ الْوَطْءُ
____________________
(10/49)
لِمَنْ قال إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَفِيهَا رِوَايَتَانِ وَإِلَّا تَوَجَّهَ لنا أَنَّهُ عَاصٍ مُطْلَقًا أو عَاصٍ من وَجْهٍ مُمْتَثِلٌ من وَجْهٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ إنْسَانٍ أو شَرَابِهِ وَلَيْسَ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ فَمَنَعَهُ حتى مَاتَ ضَمِنَهُ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُنَوِّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي على عَاقِلَتِهِ
وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ الْأَطْعِمَةِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ لو أَخَذَ منه تُرْسًا كان يَدْفَعُ بِهِ عن نَفْسِهِ ضَرْبًا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
قَوْلُهُ وَخَرَّجَ عليه أبو الْخَطَّابِ كُلَّ من أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ
وَوَافَقَ أبو الْخَطَّابِ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ على هذا التَّخْرِيجِ
قال في الْفُرُوعِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ ضَمَانَهُ على الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا فَدَلَّ على أَنَّهُ مع الطَّلَبِ انْتَهَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَأَلْحَقَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ كُلَّ من أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ شَخْصٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ وَفَرَّقَ غَيْرُهُمَا بَيْنَهُمَا انْتَهَى
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ ذلك مثله
____________________
(10/50)
وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيمَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ لم يَكُنْ بِسَبَبٍ منه فلم يَضْمَنْهُ كما لو لم يَعْلَمْ بِحَالِهِ
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الطَّعَامِ فإنه مَنَعَهُ منه مَنْعًا كان سَبَبًا في هَلَاكِهِ فَافْتَرَقَا
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لو لم يَطْلُبْهُ فَإِنْ كان ذلك مُرَادَهُمْ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ
وَنَقَلَ محمد بن يحيى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ في غَزَاةٍ لم يَلْزَمْ من معه فَضْلُ حِمْلِهِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يُذَكِّرُ الناس فَإِنْ حَمَلُوهُ وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ
فَائِدَةٌ من أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ شَخْصٍ من هَلَكَةٍ فلم يَفْعَلْ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ
وَقِيلَ الْوَجْهَانِ أَيْضًا في وُجُوبِ إنْجَائِهِ
قُلْت جَزَمَ بن الزَّاغُونِيِّ في فَتَاوِيهِ بِاللُّزُومِ
وَتَقَدَّمَ ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ في كِتَابِ الصِّيَامِ
تَنْبِيهٌ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ وَقَفْت على كَلَامِهِ وَخَصُّوا الْحُكْمَ بِالْإِنْسَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كل مَضْمُونٍ إذَا أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهُ فلم يَفْعَلْ حتى تَلِفَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِالْإِنْسَانِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً من غَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كل ذِي رُوحٍ كما اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ على بَذْلِ فَضْلِ الْمَاءِ لِلْبَهَائِمِ وَحَكَوْا في الزَّرْعِ رِوَايَتَيْنِ
____________________
(10/51)
وَذَكَرَ أبو مُحَمَّدٍ إذَا اُضْطُرَّتْ بَهِيمَةُ الْأَجْنَبِيِّ إلَى طَعَامِهِ وَلَا ضَرَرَ يَلْحَقُهُ بِبَذْلِهِ فلم يَبْذُلْهُ حتى مَاتَتْ فإنه يَضْمَنُهَا وَجَعَلَهَا كَالْآدَمِيِّ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَمَنْ أَفْزَعَ إنْسَانًا فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَعَنْهُ لَا شَيْءَ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في آخِرِ بَابِ أَرْشِ الشِّجَاجِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَحْدَثَ بِبَوْلٍ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ الْإِحْدَاثَ بِالرِّيحِ كَالْإِحْدَاثِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيقُ بين الْبَوْلِ وَالرِّيحِ لِأَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ أَفْحَشُ فَلَا يُقَاسُ الرِّيحُ عَلَيْهِمَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ
وَاقْتَصَرَ النَّاظِمُ على الْغَائِطِ وقال هذا الْأَقْوَى
وَوُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ على الْعَاقِلَةِ بِالْإِحْدَاثِ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَسْتَمِرَّ
____________________
(10/52)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَأَحْدَثَ
وَقِيلَ مَرَّةً
أَمَّا إنْ اسْتَمَرَّ الْإِحْدَاثُ بِالْبَوْلِ أو الْغَائِطِ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لم يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطَ أو الْبَوْلَ في بَابِ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا في الْفَصْلِ الْأَوَّلِ
فَائِدَةٌ لو مَاتَ من الْإِفْزَاعِ فَعَلَى الذي أَفْزَعَهُ الضَّمَانُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِشَرْطِهِ
وَكَذَا لو جَنَى الْفَزَعَانُ على نَفْسِهِ أو غَيْرِهِ
جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
قَوْلُهُ وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ أو امْرَأَتَهُ في النُّشُوزِ أو الْمُعَلِّمُ صَبِيَّهُ أو السُّلْطَانُ رَعِيَّتَهُ ولم يُسْرِفْ فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ لم يَضْمَنْهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ في أَوَاخِرِ بَابِ الْإِجَارَةِ لم يَضْمَنْهُ في ذلك كُلِّهِ في الْمَنْصُوصِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَبَكْرٌ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ الضَّمَانِ على ما قَالَهُ فِيمَا إذَا أَرْسَلَ السُّلْطَانُ إلَى امْرَأَةٍ لِيُحْضِرَهَا فَأَجْهَضَتْ جَنِينَهَا أو مَاتَتْ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ
وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِيِّ في الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ إنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ فَقَلَعَ عَيْنَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَرْسَلَ إلَى امْرَأَةٍ لِيُحْضِرَهَا فَأَجْهَضَتْ جَنِينَهَا أو مَاتَتْ أَنَّهُ يَضْمَنُ
____________________
(10/53)
أَمَّا إذَا أَجْهَضَتْ جَنِينَهَا فإنه يَضْمَنُهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ أَسْقَطَتْ بِطَلَبِ سُلْطَانٍ أو تَهْدِيدِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أو غَيْرِهِ أو مَاتَتْ بِوَضْعِهَا أو ذَهَبَ عَقْلُهَا أو اسْتَعْدَى السُّلْطَانُ ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَالْمُسْتَعِدِّي في الْأَخِيرَةِ في الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أو قَطْعِ يَدٍ لم يَأْذَنْ سَيِّدٌ فيه أو شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ
وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ فَزَعًا من إرْسَالِ السُّلْطَانِ إلَيْهَا فَجَزَمَ الْمُصَنِّف هُنَا أَنَّهُ يَضْمَنُهَا أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ في مَوْضِعٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في مَوَاضِعَ إنْ أَحْضَرَ الْخَصْمُ ظَالِمَةً عِنْدَ السُّلْطَانِ لم يَضْمَنْهَا بَلْ جَنِينَهَا
وفي الْمُنْتَخَبِ وَكَذَا رَجُلٌ مُسْتَعْدًى عليه
قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ أَفْزَعَهَا سُلْطَانٌ بِطَلَبِهَا وَقِيلَ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أو غَيْرِهِ فَوَضَعَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أو ذَهَبَ عَقْلُهَا أو مَاتَتْ فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ
وَقِيلَ بَلْ عليه
وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ
وَقِيلَ تُهْدَرُ
وَإِنْ هَلَكَتْ بِرَفْعِهَا ضَمِنَهَا
وَإِنْ أَسْقَطَتْ بِاسْتِعْدَاءِ أَحَدٍ إلَى السُّلْطَانِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِدِّي ذلك نَصَّ عليه
____________________
(10/54)
وَقِيلَ لَا
وَإِنْ فَزِعَتْ فَمَاتَتْ فَوَجْهَانِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَذِنَ السَّيِّدُ في ضَرْبِ عَبْدِهِ فَضَرَبَهُ الْمَأْذُونُ له فَفِي ضَمَانه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهَلْ يَسْقُطُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ
وَلَوْ أَذِنَ الْوَالِدُ في ضَرْبِ وَلَدِهِ فَضَرَبَهُ الْمَأْذُونُ له ضَمِنَهُ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ قال في الْفُنُونِ إنْ شَمَّتْ حَامِلٌ رِيحَ طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ هِيَ أو مَاتَ جَنِينُهَا فقال حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ إذَا لم يَعْلَمُوا بها فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ عَلِمُوا وَكَانَتْ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً أَنَّ الرَّائِحَةَ تَقْتُلُ احْتَمَلَ الضَّمَانَ لِلْإِضْرَارِ وَاحْتَمَلَ عَدَمَهُ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ وكريح ( ( ( كريح ) ) ) الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بها صَاحِبُ السُّعَالِ وَضِيقِ النَّفَسِ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ إلي السَّابِحِ يَعْنِي الْحَاذِقَ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ لم يَضْمَنْهُ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَضْمَنْهُ في الْأَصَحِّ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
____________________
(10/55)
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَضَمُنَّهُ الْعَاقِلَةُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُذْهَبِ
قال الشَّارِحُ إذَا سَلَّمَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى سَابِحٍ لَيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ فَالضَّمَانُ على عَاقِلَةِ السَّابِحِ
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو سَلَّمَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ نَفْسَهُ إلَى السَّابِحِ لَيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ لم يَضْمَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا أو يَصْعَدُ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِذَلِكَ لم يَضْمَنْهُ
كما لو اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ كما لو اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُهُ وهو من خطأ الْإِمَامِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
فَائِدَةٌ لو أَمَرَ من لَا يُمَيِّزُ بِذَلِكَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الْأَكْثَرَ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ لو أَمَرَ غير الْمُكَلَّفِ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ ما جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا مُتَّجَهٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ
____________________
(10/56)
قَوْلُهُ وَإِنْ وَضَعَ جَرَّةً على سَطْحٍ فَرَمَتْهَا الرِّيحُ على إنْسَانٍ فَتَلِفَ لم يَضْمَنْهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَضْمَنُ إذَا كانت مُتَطَرِّفَةً وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال النَّاظِمُ إنْ لم يُفَرِّطْ لم يَضْمَنْ وَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ في وَجْهٍ كَمَنْ بَنَى حَائِطًا مُمَالًا أو مِيزَابًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو دَفَعَ الْجَرَّةَ حَالَ نُزُولِهَا عن وُصُولِهَا إلَيْهِ لم يَضْمَنْ
وَكَذَا لو تَدَحْرَجَ فَدَفَعَهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ فيها وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ لو حَالَتْ بَهِيمَةٌ بين الْمُضْطَرِّ وَبَيْنَ طَعَامِهِ وَلَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهَا فَقَتَلَهَا مع أَنَّهُ يَجُوزُ فَهَلْ يَضْمَنُهَا على وَجْهَيْنِ في التَّرْغِيبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت قد تَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في آخِرِ بَابِ الغضب ( ( ( الغصب ) ) ) فِيمَا إذَا حَالَتْ الْبَهِيمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ فَقَتَلَهَا
فذكر الْحَارِثِيُّ في الضَّمَانِ احْتِمَالَيْنِ وَاخْتَرْنَا هُنَاكَ عَدَمَ الضَّمَانِ
وَظَهَرَ لنا هُنَاكَ أنها كَالْجَرَادِ إذَا انْفَرَشَ في طَرِيقِ الْمُحْرِمِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَقْدِرُ على الْمُرُورِ إلَّا بِقَتْلِهِ
____________________
(10/57)
بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ
قَوْلُهُ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ من الْإِبِلِ أو مِائَتَا بَقَرَةٍ أو أَلْفَا شَاةٍ أو أَلْفُ مِثْقَالٍ أو اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَهَذِهِ الْخَمْسُ أُصُولٌ في الدِّيَةِ إذَا أَحْضَرَ من عليه الدِّيَةُ شيئا منه لَزِمَهُ قَبُولُهُ
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ أُصُولَ الدِّيَةِ هذه الْخَمْسُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ
قال النَّاظِمُ هذا الْمَشْهُورُ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَكَوْنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ من أُصُولِ الدِّيَةِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ خَاصَّةً وَهَذِهِ أَبْدَالٌ عنها فَإِنْ قَدَرَ على الْإِبِلِ أَخْرَجَهَا وَإِلَّا انْتَقَلَ إلَيْهَا
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ من حَيْثُ الدَّلِيلُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَظْهَرُ دَلِيلًا وَنَصَرَهُ
وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ حَيْثُ لم يذكر غَيْرَهَا
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ على هذه الرِّوَايَةِ إذَا لم يَقْدِرْ على الْإِبِلِ انْتَقَلَ إلَيْهَا وَكَذَا لو زَادَ ثَمَنُهَا
وقال في الْعُمْدَةِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَلْفُ مِثْقَالٍ أو اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أو مِائَةٌ من الْإِبِلِ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وفي الْحُلَلِ رِوَايَتَانِ
____________________
(10/58)
وَأَطْلَقَهُمَا نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
إحْدَاهُمَا لَيْسَتْ أَصْلًا في الدِّيَةِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ أَصْلٌ أَيْضًا نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَكَثِيرٍ من أَصْحَابِهِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْحُلَلَ كَغَيْرِ الْإِبِلِ من الْأُصُولِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَقَدْرُهَا مِائَتَا حُلَّةٍ
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَصْلٌ
كُلُّ حُلَّةٍ بُرْدَانِ هَكَذَا أَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ كُلُّ حُلَّةٍ بُرْدَانِ جَدِيدَانِ من جِنْسٍ
وقال أَيْضًا في كَشْفِ الْمُشْكِلِ الْحُلَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا ثَوْبَيْنِ
قال الْخَطَّابِيُّ الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً حتى تَكُونَ جَدِيدَةً تُحَلُّ عن طَيِّهَا هذا كَلَامُهُ ولم يَقُلْ من جِنْسٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْقَتْلُ عَمْدًا أو شِبْهَ عَمْدٍ وَجَبَتْ أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
____________________
(10/59)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أنها ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً
رَجَّحَهَا أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَذَكَرَ في الرَّوْضَةِ رِوَايَةَ الْعَمْدِ أَثْلَاثًا وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَرْبَاعًا على صِفَةِ ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ من حَمَلَ الْعَاقِلَةَ أَنَّ الْعَمْدَ وَشِبْهَهُ كَالْخَطَأِ في قَدْرِ الْأَعْيَانِ على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ في صِفَةِ الْخَلِفَةِ في بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثَنَايَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ وَهِيَ ما لها خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ في السَّادِسَةِ على ما تَقَدَّمَ في الْأُضْحِيَّةِ
____________________
(10/60)
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثَنَايَا إلَى بَازِلِ عَامٍ وَلَهُ سَبْعُ سِنِينَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان خَطَأً وَجَبَتْ أَخْمَاسًا عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بن مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَالذِّمِّيَّ وَالْجَنِينَ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْجَامِعِ
قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ من الْبَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ وَالنِّصْفُ أَتْبِعَةً وفي الْغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايَا وَالنِّصْفُ أَجْذِعَةً
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْوَجِيزِ وَيُؤْخَذُ في الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ من الْبَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٍ وَالنِّصْفُ أَتْبِعَةً وَمِنْ الْغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايَا وَالنِّصْفُ أَجْذِعَةً وفي الخطأ يَجِبُ من الْبَقَرِ مُسِنَّاتٍ وَتَبِعَاتٍ وَأَتْبِعَةً أثلاثا ( ( ( ثلاثا ) ) ) وَمِنْ الْغَنَمِ وَالْمَعْزِ أَثْلَاثًا ثُلُثٌ من الْمُعِزِّ ثَنِيَّاتٍ وَثُلُثَانِ من الْغَنَمِ ثُلُثٌ أَجْذَاعٌ وَثُلُثٌ جَذَعَاتٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَاقْتَصَرَ عليه وهو احْتِمَالٌ في جَامِعِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ من الْآخَرِ وَأَنَّهُ كَزَكَاةٍ
قَوْلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ في ذلك بَعْدَ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا من الْعُيُوبِ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(10/61)
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهَذَا أَوْلَى وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال في النَّظْمِ هذا الْمَنْصُورُ من نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ كل بَعِيرٍ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ في الْأُصُولِ كُلِّهَا أَنْ تَبْلُغَ دِيَةً من الْأَثْمَانِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهَا الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا
وَاعْتَبَرُوا جِنْسَ مَاشِيَتِهِ في بَلَدِهِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِائَةٌ من الْإِبِلِ قِيمَةُ كل بَعِيرٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَإِنْ لم يَقْدِرْ على ذلك أو في اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أو أَلْفَ مِثْقَالٍ وَرَدَّاهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي لَا يُجْزِئُ مَعِيبٌ وَلَا دُونَ دِيَةِ الْأَثْمَانِ على الْأَصَحِّ من إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَحُلَلٍ
وقال في الصُّغْرَى وَقِيلَ أَدْنَى قِيمَةِ كل بَعِيرٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَكُلُّ بَقَرَةٍ أو حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا وَكُلُّ شَاةِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَحَكَاهُ في الْكُبْرَى رِوَايَةً
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ أَنْ لَا تَنْقُصَ قِيمَتُهَا عن دِيَةِ الْأَثْمَانِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالِفَةٌ لِلرِّوَايَةِ التي ذَكَرَهَا في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
____________________
(10/62)
قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ من الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفِ أَيْ بِالْيَمَنِ فَإِنْ تَنَازَعَا جُعِلَتْ قِيمَةُ كل حُلَّةٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ التي اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يُؤْخَذُ من الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفِ بِالْيَمَنِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَقِيمَةُ كل حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا
وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الرِّوَايَةِ التي ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ
قُلْت قد يَسْتَشْكِلُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فإن صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ بينا ( ( ( بنيا ) ) ) ذلك على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وهو ظَاهِرٌ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالنَّاظِمِ أَنَّ هذا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ الذي اخْتَارَهُ
فَعَلَى هذا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الْمُتَعَارَفُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً من الْعُيُوبِ من غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَةٍ البتة كما في غَيْرِهَا
حَكَى الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا ثُمَّ قال وهو ذُهُولٌ منه بَلْ عِنْدَ التَّنَازُعِ يُقْضَى بِالْمُتَعَارَفِ على الْمُخْتَارِ
قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُسَاوِي جِرَاحُهَا جِرَاحَهُ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ الْمَرْأَةُ في الْجِرَاحِ على النِّصْفِ من جِرَاحِ الرَّجُلِ مُطْلَقًا كَالزَّائِدِ على الثُّلُثِ
تَنْبِيهٌ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ عَدَمَ الْمُسَاوَاةِ في الثُّلُثِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ منه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(10/63)
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَيَحْتَمِلُ الْمُسَاوَاةَ وهو الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وهو أَوْلَى كما لو كان دُونَهُ
وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال بن مُنَجَّا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قال فإذا زَادَتْ صَارَتْ على النِّصْفِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى
وهو صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا في كِتَابِ الْفَرَائِضِ
قُلْت هذا بَعِيدٌ أَنْ يَكُونَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فِيمَا يَظْهَرُ
وَكَذَلِكَ أَرْشُ جِرَاحِهِ
قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
سَوَاءٌ كان ذِمِّيًّا أو مُسْتَأْمَنًا أو مُعَاهَدًا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/64)
وَعَنْهُ ثُلُثُ دِيَتِهِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وقال إنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَدِيَةُ الْمُسْلِمِ
قُلْت خَالَفَ الْمَذْهَبَ في صُورَةٍ وَوَافَقَهُ في أُخْرَى
لَكِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَجَعَ عن هذه الرِّوَايَةِ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ
وكذلك قال أبو بَكْرٍ الْمَسْأَلَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً أنها على النِّصْفِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ جِرَاحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ على النِّصْفِ من دِيَاتِهِمْ
يَعْنِي أنها مَبْنِيَّةٌ على الْخِلَافِ الذي ذَكَرَهُ فِيهِمَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ منهم ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا الْوَثَنِيُّ وَكَذَا من ليس له كِتَابٌ كَالتُّرْكِ وَمَنْ عَبَدَ ما اسْتَحْسَنَ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَنَحْوِهَا
وَكَذَلِكَ الْمُعَاهَدِ منهم الْمُسْتَأْمَنُ بِدَارِنَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في الْمُعَاهِدِ
قال في التَّرْغِيبِ في الْمُسْتَأْمَنِ لو قَتَلَ منهم من أَمَّنُوهُ بِدَارِهِمْ
وقال في الْمُغْنِي دِيَةُ الْمُعَاهَدِ قَدْرُ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ
الثَّانِيَةُ جِرَاحُهُمْ تُقَدَّرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى دِيَاتِهِمْ
قَوْلُهُ وَمَنْ لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَا ضَمَانَ فيه
هذا الْمَذْهَبُ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وقال هذا أَوْلَى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/65)
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ إنْ كان ذَا دَيْنٍ فَفِيهِ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فيه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ أنها كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ ليس له من يَتْبَعُهُ
تَنْبِيهٌ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ أَنَّهُ لَا أَمَانَ له
فَإِنْ كان له أَمَانٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ
وَإِنْ لم يُعْرَفْ له دَيْنٌ فَفِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ انْتَهَى
وَهَذَا بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا بَالِغَةً ما بَلَغَتْ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْغَصْبِ في أَوَّلِ فَصْلٍ هذا الْمَذْهَبُ
وَكَذَا قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ عليه الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يَبْلُغُ بها دِيَةَ الْحُرِّ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
وَقِيلَ يَضْمَنُهُ بِأَكْثَرِهِمَا إذَا كان غَاصِبًا له
قَوْلُهُ وفي جِرَاحِهِ إنْ لم يَكُنْ مُقَدَّرًا من الْحُرِّ ما نَقَصَهُ وَإِنْ كان مُقَدَّرًا من الْحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّرٌ من الْعَبْدِ من قِيمَتِهِ فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وفي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ سَوَاءٌ نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ من ذلك أو أَكْثَرَ
____________________
(10/66)
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في أَوَّلِ كِتَابُ الْغَصْبِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالشَّارِحُ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَغَيْرُهُمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا
وقد تَقَدَّمَ هُنَاكَ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ في الْغَصْبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ الْغَصْبِ شَيْءٌ من ذلك
وَعَنْهُ إنْ كانت جِرَاحَةً عن إتْلَافٍ ضُمِنَتْ بِالتَّقْدِيرِ وَإِنْ كانت عن تَلَفٍ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ ضُمِنَتْ بِمَا نَقَصَ
فَعَلَى هذه مَتَى قَطَعَ الْغَاصِبُ يَدَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ
وَإِنْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ ضَمَّنَ الْمَالِكُ من شَاءَ مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَالْقَرَارُ على الْجَانِي وما بَقِيَ من نَقْصٍ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ خَاصَّةً
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ في بَابُ مَقَادِيرِ الدِّيَاتِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو جَنَى عليه جِنَايَةً لَا مُقَدَّرَ فيها في الْحُرِّ إلَّا أنها في شَيْءٍ فيه
____________________
(10/67)
مُقَدَّرٌ كما لو جَنَى على رَأْسِهِ أو وَجْهِهِ دُونَ الْمُوضِحَةِ ضَمِنَ بِمَا نَقَصَ على الصَّحِيحِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن رَزِينٍ
وَقِيلَ إنْ نَقَصَ أَكْثَرُ من أَرْشِهَا وَجَبَ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ وَهَكَذَا في جِرَاحِهِ
وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ من أَنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ بِالْمُقَدَّرِ
أَمَّا على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَفِي لِسَانِهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ ما نَقَصَ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْقَوَدِ بِقَتْلِهِ في بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ
قَوْلُهُ وإذا قَطَعَ خُصْيَتَيْ عَبْدٍ أو أَنْفَهُ أو أُذُنَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ ولم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه
هذا مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى التي قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ في جِرَاحِ الْعَبْدِ
وَأَمَّا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فإنه يَلْزَمُهُ ما نَقَصَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِقَطْعِ الذَّكَرِ وَقِيمَتُهُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عليه
وَهَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ ما نَقَصَ
فَائِدَةٌ الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ لَكِنْ إذَا بَلَغَتْ جِرَاحُهَا ثُلُثَ قِيمَتِهَا فقال الْمُصَنِّفُ يَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدَّ جِنَايَتُهَا إلَى النِّصْفِ فَيَكُونَ في ثَلَاثِ أَصَابِعَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ قِيمَتِهَا وفي الْأَرْبَعِ خُمُسُ قِيمَتِهَا كَالْحُرَّةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدَّ إلَى النِّصْفِ لِأَنَّ ذلك في الْحُرَّةِ على خِلَاف الْأَصْلِ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ
____________________
(10/68)
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَدِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إذَا سَقَطَ مَيِّتًا غُرَّةُ عَبْدٍ أو أَمَةٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ كان من فِعْلِ الْأُمِّ أو كانت أَمَةً وهو حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتُقَدَّرُ حَرَّةً أو ذِمِّيَّةً حَامِلَةً من مُسْلِمٍ أو ذِمِّيٍّ وَمَاتَ على أَصْلِنَا فَتُقَدَّرُ مُسْلِمَةً
لَكِنْ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ مُصَوَّرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ الْوَلَدُ الذي تَجِبُ فيه الْغُرَّةُ هو ما تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وما لَا فَلَا
وَقِيلَ تَجِبُ الْغُرَّةُ وَلَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً لم تُتَصَوَّرْ
قال في النَّظْمِ % وَوَجْهَانِ في المبدا بِإِرْشَادِ خَرْدٍ %
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَإِنْ كان الْحُرُّ مَبْدَأَ خَلْقٍ آدَمِيٍّ بِشَهَادَةِ الْقَوَابِلِ ضَمِنَ بِغُرَّةٍ
وَقِيلَ يُهْدَرُ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ قِيمَتُهَا خَمْسٌ من الْإِبِلِ
أن ذلك يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ خَاصَّةً أَمْ هِيَ وَغَيْرُهَا من الْأُصُولِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ قال قِيمَتُهَا خَمْسٌ من الْإِبِلِ بِنَاءً عِنْدَهُ على الْأَصْلِ في الدِّيَةِ
____________________
(10/69)
فَجَعَلَ التَّقْوِيمَ بها
وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِوَاحِدٍ من الْخَمْسَةِ أو السِّتَّةِ وَأَنَّ ذلك رَاجِعٌ إلَى اخْتِيَارِ الْجَانِي كما له الِاخْتِيَارُ في دَفْعِ أَيِّ الْأُصُولِ شَاءَ إذَا كان مُوجِبُ جِنَايَتِهِ دِيَةً كَامِلَةً انْتَهَى
قُلْت ليس الْأَمْرُ كما قال فإن كَثِيرًا من الْأَصْحَابِ يحكي ( ( ( حكى ) ) ) الْخِلَافَ في الْأُصُولِ
وَتَقَدَّمَ أنها خَمْسَةٌ كما تَقَدَّمَ
وَيَذْكُرُونَ هُنَا في الْغُرَّةِ أَنَّ قِيمَتَهَا خَمْسٌ من الْإِبِلِ
الثَّالِثُ قَوْلُهُ مَوْرُوثَةٌ عنه
كَأَنَّهُ خَرَجَ حَيًّا فَيَرِثُ الْغُرَّةَ وَالدِّيَةَ من يَرِثُهُ كَأَنَّهُ خَرَجَ حَيًّا
وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ وَلَا رَقِيقٌ وَلَا كَافِرٌ
وَتَرِثُ عَصَبَةُ سَيِّدِ قَاتِلِ جَنِينِ أَمَتِهِ
الرَّابِعُ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ في الْغُرَّةِ خنثي وَلَا مَعِيبٌ
مُرَادُهُ بِالْمَعِيبِ أَنْ يَكُونَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ في الْبَيْعِ
وَلَا يُقْبَلُ خصى وَنَحْوُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَهَلْ الْمَرْعِيُّ في الْقَدْرِ وَقْتُ الجناية ( ( ( الجنابة ) ) ) أو الْإِسْقَاطِ فيه وَجْهَانِ
وَمَعَ سَلَامَتِهِ وَعَيْبِهَا هل تُعْتَبَرُ سَلِيمَةً أو مَعِيبَةً في الِانْتِصَارِ احْتِمَالَانِ
قَوْلُهُ وَلَا من له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/70)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ قُلْت وَالْغُرَّةُ من له سَبْعُ سِنِينَ إلَى عَشْرٍ
وَقِيلَ يُقْبَلُ من له دُونَ سَبْعٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في التَّبْصِرَةِ في جَنِينِ الْحُرَّةِ غُرَّةٌ سَالِمَةٌ لها سَبْعُ سِنِينَ
وَعَنْهُ بَلْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أبيه أو عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْجَنِينُ مَمْلُوكًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
نَقَلَ حَرْبٌ فيه نِصْفَ عُشْرِ أمة يوم جِنَايَتِهِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وبن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ وبن عَقِيلٍ
وَخَرَّجَ الْمَجْدُ أَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَتْ أمة لَا غَيْرُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْجَنِينَ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْقَوَاعِدِ ولم يذكر الْقَاضِي سِوَاهُ
وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ضَمَانُ نَقْصِهَا
وَقِيلَ يَجِبُ ضَمَانُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ وَهُنَّ احْتِمَالَاتٌ في الْمُغْنِي
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْوَاجِبُ من ذلك يَكُونُ نَقْدًا
وَقِيلَ قِيمَةُ أُمِّهِ مُعْتَبَرَةٌ يوم الْجِنَايَةِ عليها وَقَدَّمَاهُ وَنَصَرَاهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(10/71)
وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجْهًا تَكُونُ قِيمَةُ الْأُمِّ يوم الْإِسْقَاطِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ
يَعْنِي إذَا تَسَاوَتَا في الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقّ وَإِلَّا فَبِالْحِسَابِ إلَّا أَنْ تَكُونَ دِيَةُ أبيه أو هو أَعْلَى منها دِيَةً فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَتِهَا لو كانت على ذلك الدِّينِ كَمَجُوسِيَّةٍ تَحْتَ نَصْرَانِيٍّ أو ذِمِّيَّةٍ مَاتَ زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ على أَصْلِنَا أو جَنِينٍ مُسْلِمٍ من كِتَابِيَّةٍ زَوْجُهَا مجوسيا ( ( ( مجوسي ) ) ) فَيُعْتَبَرُ عُشْرُ الْأُمِّ لو كانت على ذلك الدِّينِ
وقد صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هذا بِقَوْلِهِ وَإِنْ كان أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا دِيَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَعَتَقَتْ وَكَذَا لو أَعْتَقَ وَأَعْتَقْنَاهُ بِذَلِكَ ثُمَّ أَسْقَطَتْ الْجَنِينَ فَفِيهِ غُرَّةٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَنِينِ الْمَمْلُوكِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ
قال في الْهِدَايَةِ هو أَصَحُّ في الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ فيه غُرَّةٌ مع سَبْقِ الْعِتْقِ الْجِنَايَةَ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ التَّوَقُّفَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْجَنِينُ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ
____________________
(10/72)
يَعْنِي فيه غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا
دِيَةً من أَبٍ أو أُمٍّ فَتَجِبُ الْغُرَّةُ قِيمَتُهَا عُشْرُ أَكْثَرِهِمَا دِيَةً فَتُقَدَّرُ الْأُمُّ إنْ كانت أَقَلَّ دِيَةً كَذَلِكَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ سَقَطَ الْجَنِينُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ إنْ كان حُرًّا أو قِيمَتُهُ إنْ كان مَمْلُوكًا إذَا كان سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ في مِثْلِهِ وهو أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع ما تَقَدَّمَ أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا
قال في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا كَحَيَاةِ مَذْبُوحٍ فإنه لَا حُكْمَ لها
قال الزَّرْكَشِيُّ تُعْلَمُ حَيَاتُهُ بِاسْتِهْلَالِهِ بِلَا رَيْبٍ
وَهَلْ تُعْلَمُ بِارْتِضَاعِهِ أو تَنَفُّسِهِ أو عُطَاسِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ فيه رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا
وَالثَّانِيَةُ نعم وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ
أَمَّا مُجَرَّدُ الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ فَلَا يَدُلَّانِ على الْحَيَاةِ انْتَهَى
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هذا يَنْزِعُ إلَى ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ في مِيرَاثِ الْحَمْلِ على ما تَقَدَّمَ فَحَيْثُ حَكَمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ فَفِيهِ هُنَا الدِّيَةُ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ
يَعْنِي إنْ سَقَطَ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/73)
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَفِي أَيِّهِمَا يُقَدِّمُ قَوْلُهُ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ في مَكَانَيْنِ
وهو عَجِيبٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ في النُّسْخَةِ سَقْطٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عليه فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لو خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا وَبَعْضُهُ مَيِّتًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ
الثَّانِيَةُ يَجِبُ في جَنِينِ الدَّابَّةِ ما نَقَصَ أُمَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ
وقال أبو بَكْرٍ هو كَجَنِينِ الْأَمَةِ فَيَجِبُ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَقِيَاسُهُ جَنِينُ الصَّيْدِ في الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ قال وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ أُمَّهُ أَيْضًا
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ الْغَصْبِ
____________________
(10/74)
قَوْلُهُ فَصْلٌ
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تَغْلُظُ دِيَتُهُ في الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ والزحم ( ( ( والرحم ) ) ) الْمَحْرَمِ فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ فإذا اجْتَمَعَتْ الْحُرُمَاتُ الْأَرْبَعُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ وَثُلُثٌ
اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى هُنَا عن الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قالوا تَغْلُظُ الدِّيَةُ في أَرْبَعِ جِهَاتٍ فذكر منها الْحَرَمَ
قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ
قُلْت منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
تَنْبِيهٌ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الْحَرَمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَرَمُ مَكَّةَ فَتَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ تَغْلُظُ أَيْضًا في حَرَمِ الْمَدِينَةِ وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَخَرَجَ في حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَجْهَانِ
زَادَ في الْكُبْرَى على الرِّوَايَتَيْنِ في صَيْدِهِ
وَذَكَرَ منها الْإِحْرَامَ وَالْأَشْهُرَ الْحُرُمَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تَغْلُظُ بِالْإِحْرَامِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
____________________
(10/75)
وَذَكَرَ منها الرَّحِمَ الْمَحْرَمَ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عن الْأَصْحَابِ
قُلْت منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تَغْلُظُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ وَالْمُنَوِّرُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّحِمَ غير الْمُحَرَّمِ لَا تَغْلُظُ بِهِ الدِّيَةُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
ولم يُقَيِّدْ الرَّحِمَ بِالْمُحَرَّمِ في التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا
ولم يَحْتَجَّ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لِلرَّحِمِ إلَّا بِسُقُوطِ الْقَوَدِ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِعَمُودَيْ النَّسَبِ
قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أنها لَا تَغْلُظُ بِذَلِكَ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ
فَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ أَنَّهُ أَظْهَرُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه لم يذكر التَّغْلِيظَ البتة
وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أنها تَغْلُظُ في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَفِيمَا يَغْلُظُ فيه تَقَدَّمَ تَفَاصِيلُهُ وَالْخِلَافُ فيه
فَعَلَى الْمَذْهَبِ مَحَلُّ التَّغْلِيظِ في قَتْلِ الْخَطَأِ لَا غَيْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(10/76)
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أنها تَغْلُظُ في الْعَمْدِ
قال في الِانْتِصَارِ تَغْلُظُ فيه كما يَجِبُ بِوَطْءِ صَائِمَةٍ مُحْرِمَةٍ كَفَّارَتَانِ
ثُمَّ قال تَغْلُظُ إذَا كان موجبة الدِّيَةَ
وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
وَذَكَرَ في الْمُفْرَدَاتِ تَغْلُظُ عِنْدَنَا في الْجَمِيعِ
ثُمَّ دِيَةُ الخطأ لَا تَغْلِيظَ فيها
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أنها تَغْلُظُ في الْعَمْدِ والخطأ وَشِبْهِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ إلَّا في نَفْسِ الْقَتْلِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَالشَّرْحِ تَغْلُظُ أَيْضًا في الطَّرَفِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا عَمْدًا
سَوَاءٌ كان كِتَابِيًّا أو مَجُوسِيًّا
أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ كما حَكَمَ عُثْمَانُ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ عنه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تُضَعَّفُ
____________________
(10/77)
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ تُغَلَّظُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا عَمْدًا وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ لم تُضَعَّفْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ أنها تُضَعَّفُ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ بين فِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ أو تَسْلِيمِهِ لِيُبَاعَ في الْجِنَايَةِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ إنْ أَبَى تَسْلِيمَهُ فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهَا
وَتَقَدَّمَتْ هذه الرِّوَايَةُ أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابُ الرَّهْنِ
وَعَنْهُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بين فِدَائِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَبَيْنَ تَسْلِيمِهِ فَيُخَيَّرُ بين الثَّلَاثَةِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا في بَابُ الرَّهْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ يُخَيَّرُ بين فِدَائِهِ وَبَيْعِهِ في الْجِنَايَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ بين فِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ لَا يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ إلَّا بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(10/78)
وَعَنْهُ إنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَدَاهُ بِكُلِّ الْأَرْشِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كَأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ أو إذْنِهِ فيها نَصَّ عَلَيْهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ فِيمَا فيه الْقَوَدِ خَاصَّةً يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ وَإِنْ جَاوَزَتْ دِيَةَ الْمَقْتُولِ
وَعَنْهُ إنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ لَزِمَهُ جَمِيعُ أَرْشِهَا بخلاف ( ( ( بحلاف ) ) ) ما إذَا لم يَعْلَمْ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَقَلِّ أَيْضًا
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ أَرْشِهَا وَلَوْ كان غير عَالِمٍ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ أَرْشِهَا وَلَوْ كان قبل الْعِتْقِ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ الْعَبْدَ أَجْنَبِيٌّ فقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْكَبِيرِ يَسْقُطُ الْحَقُّ كما لو مَاتَ
وَحَكَى الْقَاضِي في كِتَابُ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْآمِدِيِّ رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا يَسْقُطُ الْحَقُّ
قال الْقَاضِي نَقَلَهَا مُهَنَّا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ
الثَّانِيَةِ لَا يَسْقُطُ نَقَلَهَا حَرْبٌ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ فَيَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ
وَجَعَلَ الْقَاضِي الْمُطَالَبَةَ على هذه الرِّوَايَةِ لِلسَّيِّدِ وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْجَانِيَ بِالْقِيمَةِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَهُ فَأَبَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قَبُولَهُ وقال بِعْهُ أنت فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذلك على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(10/79)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ فَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَلْزَمْهُ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَلْزَمُهُ على الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ في الرَّهْنِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ الرَّهْنِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَمْدًا إذَا اُخْتِيرَ الْمَالُ أو أَتْلَفَ مَالًا حُكْمُ جِنَايَتِهِ خَطَأً خِلَافًا وَمَذْهَبًا على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى عَمْدًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عن الْقِصَاصِ على رَقَبَتِهِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَى السَّيِّدِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذه أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً بِجِنَايَةِ عَمْدٍ وَلَهُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ وَعِتْقُهُ
____________________
(10/80)
وَيَنْبَنِي عليه لو وطىء الْأَمَةَ
وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا شَيْءَ عليه وَهِيَ له وَوَلَدُهَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في قَدْرِ ما يَرْجِعُ بِهِ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدِّمَاتُ
ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى على اثْنَيْنِ خَطَأً اشْتَرَكَا فيه بِالْحِصَصِ نَصَّ عليه فَإِنْ عفى ( ( ( عفا ) ) ) أَحَدُهُمَا أو مَاتَ الْمَجْنِيُّ عليه فَعَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْبَاقِينَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ أو بِحِصَّتِهِمْ منه على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْبَاقِينَ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْبَاقِينَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ كما لو لم يَعْفُ عنه
____________________
(10/81)
بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وما فيه منه شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا كَالْعَيْنَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو كان في الْعَيْنَيْنِ بَيَاضٌ نَقَصَ من الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ كما لو كانت حَوْلَاءَ وَعَمْشَاءَ مع رَدِّ الْمَبِيعِ بِهِمَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَالْأُذُنَيْنِ
يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الْوَسِيلَةِ في أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ وهو جِلْدُ ما بين الْعِذَارِ وَالْبَيَاضِ الذي حَوْلَهُمَا نَصَّ عليه
وقال في الْوَاضِحِ في أَصْدَافِ الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ
قَوْلُهُ وَالشَّفَتَيْنِ
يَعْنِي في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ في الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا الدِّيَةِ وفي الْعُلْيَا ثُلُثُهَا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قَوْلُهُ وَثُنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ
____________________
(10/82)
يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ كَثُنْدُوَتَيْ الْمَرْأَةِ وهو صَحِيحٌ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْيَدَيْنِ
يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ أَنَّ الْمُرْتَعِشَ كَالصَّحِيحِ وَأَنَّ في يَدَيْهِ الدِّيَةَ كَالصَّحِيحَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو صَحِيحٌ
وقد صَرَّحَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وبن عَقِيلٍ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ
يَعْنِي في كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ كان قَدَمَ أَعْرَجَ وَيَدَ أَعْسَمَ وهو عِوَجٌ في الرُّسْغِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ فيه حُكُومَةٌ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَالْأَلْيَتَيْنِ
يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَهُمَا ما عَلَا وَأَشْرَفَ على الظَّهْرِ وَعَنْ اسْتِوَائَيْ الْفَخِذَيْنِ وَإِنْ لم يَصِلْ الْعَظْمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ فِيهِمَا الدِّيَةُ إذَا قُطِعَتَا حتى يَبْلُغَ الْعَظْمَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَوْلُهُ وَالْأُنْثَيَيْنِ
يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا يَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ لِنُقْصَانِ الذَّكَرِ بِقَطْعِهِمَا وما هو بِبَعِيدٍ
____________________
(10/83)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِسْكَتَيْ الْمَرْأَةِ
اسكتا الْمَرْأَةِ هُمَا شُفْرَاهَا يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ لو قَطَعَهُمَا وَكَذَا لو أَشَلَّهُمَا
وفي رَكَبِ الْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ وهو عَانَتُهَا
وَكَذَلِكَ في عَانَةِ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ
قَوْلُهُ وفي الْمَنْخِرَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وفي الْحَاجِزِ ثُلُثُهَا
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ في الْمَنْخِرَيْنِ الدِّيَةُ وفي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الْمَشْهُورَةُ من الرِّوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وفي الظُّفْرِ خُمُسُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ
وهو بَعِيرَانِ وهو صَحِيحٌ لَا نِزَاعَ فيه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَسَوَاءٌ كانت من يَدٍ أو رِجْلٍ
قَوْلُهُ وفي كل سِنٍّ خَمْسٌ من الْإِبِلِ إذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قد ثُغِرَ
يَعْنِي إذَا لم تَعُدْ لِكَوْنِهِ بَدَلَهَا وَسَوَاءٌ قَلَعَهَا بِسِنْخِهَا أو قَلَعَ الظَّاهِرَ فَقَطْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/84)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ لم يَكُنْ بَدَلَهَا فَحُكُومَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ في جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فعليها ( ( ( فعليهما ) ) ) في كل ضِرْسٍ بَعِيرَانِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ من فَوْقُ ثَنِيَّتَانِ وَرَبَاعِيَتَانِ وَنَابَانِ وَضَاحِكَانِ وَنَاجِذَانِ وَسِتَّةُ طَوَاحِينَ وَمِنْ أَسْفَلُ مِثْلُهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ هذه الرِّوَايَةِ على مِثْلِ قَوْلِ سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْإِجْمَاعِ على أَنَّ في كل سِنٍّ خَمْسًا من الْإِبِلِ وَوَرَدَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ
فَيَكُونُ في الْأَسْنَانِ وَالْأَنْيَابِ سِتُّونَ بَعِيرًا لِأَنَّ فيه أَرْبَعَ ثَنَايَا وَأَرْبَعَ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعَةَ أَنْيَابٍ فيها خَمْسٌ وَفِيهِ عِشْرُونَ ضِرْسًا في كل جَانِبٍ عَشْرَةٌ خَمْسَةٌ من فَوْقُ وَخَمْسَةٌ من أَسْفَلُ فَيَكُونُ فيها أَرْبَعُونَ بَعِيرًا في كل ضِرْسٍ بَعِيرَانِ فَتَكْمُلُ الدِّيَةُ انْتَهَى
وقال أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَإِنْ قَلَعَ الْكُلَّ أو فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَجَبَتْ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا
وَقِيلَ دِيَةٌ فَقَطْ
قُلْت وفي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ سَهْوٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ حكموا ( ( ( حكوا ) ) ) أَنَّ في قَلْعِ ما فَوْقَ الْعِشْرِينَ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا
وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا في قَلْعِ الْجَمِيعِ وهو اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لَا فِيمَا دُونَهَا
____________________
(10/85)
وَالصَّوَابُ ما قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو وَقِيلَ إنْ قَلَعَ الْكُلَّ أو فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً لم يَجِبْ سِوَى الدِّيَةِ فَهَذَا وَجْهُهُ ظَاهِرٌ
فَائِدَةٌ لو قَلَعَ من السِّنِّ ما بَطَنَ منه في اللَّحْمِ وهو السِّنْخُ بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في التَّرْغِيبِ في سِنْخِهِ حُكُومَةٌ وَلَا تَدْخُلُ في حِسَابِ النِّسْبَةِ
قَوْلُهُ وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ في قَطْعِهِمَا من الْكُوعِ وَالْكَعْبِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا من فَوْقِ ذلك لم يَزِدْ على الدِّيَةِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي في الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
قَوْلُهُ وفي مَارِنِ الْأَنْفِ دِيَةُ الْعُضْوِ كَامِلَةً
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
لَكِنْ لو قُطِعَ مع قَصَبَتِهِ فَفِي الْجَمِيعِ الدِّيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ من اسْتَوْعَبَ الْأَنْفَ جَدْعًا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ في الْقَصَبَةِ
قَوْلُهُ وفي قَطْعِ بَعْضِ الْمَارِنِ وَالْأُذُنِ وَالْحَلَمَةِ وَاللِّسَانِ
____________________
(10/86)
وَالشَّفَةِ وَالْحَشَفَةِ وَالْأُنْمُلَةِ وَالسِّنِّ وَشَقِّ الْحَشَفَةِ طُولًا بِالْحِسَابِ من دِيَتِهِ يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
ولم يذكر في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ هُنَا شَقَّ الْحَشَفَةِ طُولًا
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ في شَحْمَةِ الْأُذُنِ رِوَايَةً أَنَّ فيها ثُلُثَ الدِّيَةِ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ فِيمَا بَقِيَ من الْأُذُنِ بِلَا نَفْعٍ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ
قَوْلُهُ وفي شَلَلِ الْعُضْوِ أو ذَهَابِ نَفْعِهِ وَالْجِنَايَةِ على الشَّفَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَنْطَبِقَانِ على الْأَسْنَانِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أو اسْتَرْخَتَا دِيَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ في التَّقَلُّصِ حُكُومَةٌ
قَوْلُهُ وفي تَسْوِيدِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ دِيَتُهُ
إذَا اسْوَدَّ الظُّفْرُ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ اسْوَدَّ السِّنُّ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ سَوَادُهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ فيه دِيَتَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ في تَسْوِيدِ السِّنِّ ثُلُثُ دِيَتِهَا كَتَسْوِيدِ أَنْفِهِ مع بَقَاءِ نَفْعِهِ
____________________
(10/87)
وقال أبو بَكْرٍ في تَسْوِيدِ السِّنِّ حُكُومَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كما لو احْمَرَّتْ أو اصْفَرَّتْ أو كَلَّتْ
وَعَنْهُ إنْ ذَهَبَ نَفْعُهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَائِدَةٌ لو اخْضَرَّتْ سنة بِجِنَايَةٍ عليها فَفِيهَا حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ في الْمَذْهَبِ فيها حُكُومَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أو تَحَرَّكَتْ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ انْتَهَوْا
وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ تَسْوِيدِهَا
جَزَمَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في مُنْتَخَبِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وفي الْعُضْوِ الْأَشَلِّ من الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالذَّكَرِ وَالثَّدْيِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَشَحْمَةِ الْأُذُنِ وَذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ وَالذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَالْيَدِ وَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ حُكُومَةٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ الْحُكُومَةَ في الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في قَطْعِ الذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ
____________________
(10/88)
وَعَنْهُ يَجِبُ في ذلك كُلِّهِ ثُلُثُ دِيَةِ كل عُضْوٍ من ذلك
وَاخْتَارَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ في شَلَلِ الْيَدِ فَقَطْ
وقال الْقَاضِي الرِّوَايَتَانِ في السِّنِّ السَّوْدَاءِ التي ذَهَبَ نَفْعُهَا أَمَّا إنْ لم يَذْهَبْ نَفْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً
وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَوُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ في الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالذَّكَرِ الْأَشَلِّ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَالسِّنِّ السودا ( ( ( السود ) ) ) وَذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا
وَكَذَا وُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ في الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ كَمَالُ دِيَتِهِمَا
وَعَنْهُ في ذَكَرِ الْعِنِّينِ كَمَالُ دِيَتِهِ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الِانْتِصَارِ في لِسَانِ الْأَخْرَسِ
وَقَدَّمَ في الرَّوْضَةِ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ إنْ لم يُجَامِعْ بمثله ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِلَّا دِيَةٌ
وقال في الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ
فَائِدَةٌ لو قَطَعَ نِصْفَ الذَّكَرِ بِالطُّولِ فقال الْمُصَنِّفُ قال أَصْحَابُنَا فيه نِصْفُ الدِّيَةِ
قال هو وَالشَّارِحُ وَالْأَوْلَى وُجُوبُ الدِّيَةِ كَامِلَةً لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِمَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً كما لو أَشَلَّهُ أو كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ جِمَاعُهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ فَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالذَّكَرَ مَعًا أو الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ
____________________
(10/89)
لَزِمَهُ دِيَتَانِ وَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ قَطَعَ الذَّكَرَ وَجَبَتْ دِيَةُ الْأُنْثَيَيْنِ وفي الذَّكَرِ رِوَايَتَانِ
وَهُمَا الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ أُنْثَيَيْهِ صَارَ خَصِيًّا
وقد ذَكَرْنَا الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ فيه
وَتَقَدَّمَ أَنَّ فيه أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَشَلَّ الْأَنْفَ أو الْأُذُنَ أو عَوَجَهُمَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ في شَلَلِهَا الدِّيَةُ كَشَلَلِ الْيَدِ وَالْمَثَانَةِ وَنَحْوِهِمَا
وقال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهِبِ وَإِنْ أَشَلَّ الْمَارِنَ وَعَوَجَهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ وَيَحْتَمِلُ دِيَةً
قَوْلُهُ وفي قَطْعِ الْأَشَلِّ مِنْهُمَا كَمَالُ دِيَتِهِ
يَعْنِي دِيَةً كَامِلَةً صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وفي كُلٍّ منها كَمَالُ دِيَتِهِ إذَا قُلْنَا يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ من ذلك في الْعَمْدِ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ
وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال في التَّرْغِيبِ في أُذُنٍ مُسْتَخْسَفَةٍ وَهِيَ الشَّلَّاءُ رِوَايَتَانِ ثُلُثُ دِيَتِهِ أو حُكُومَةٌ
وَكَذَا في التَّرْغِيبِ أَيْضًا في أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لم تَجِبْ الدِّيَةُ
قَوْلُهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ في الْأَنْفِ الْأَخْشَمِ وَالْمَخْزُومِ وَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ
____________________
(10/90)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال لَا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ في كُلٍّ من ذلك كَمَالُ دِيَتِهِ إذَا قُلْنَا يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ من ذلك في الْعَمْدِ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ كما تَقَدَّمَ
وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ أو أُذُنَيْهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ إذَا أَذْهَبَهَا بِنَفْعِهَا لم تَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ
قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا بِفُرُوقٍ جَيِّدَةٍ
منها أَنَّ تَفْوِيتَ نَفْعِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَقَعَ ضِمْنًا لِلْعُضْوِ وَالْفَائِتُ ضِمْنًا لَا شَيْءَ فيه دَلِيلُهُ الْقَتْلُ فإنه يُوجِبُ دِيَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَتْلَفَ أَشْيَاءَ تَجِبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ منها الدِّيَةُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ إذَا ذَهَبَا بِقَطْعِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الْمَنْفَعَتَيْنِ في غَيْرِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ فَذَهَابُ أَحَدِهِمَا مع الْآخَرِ ذَهَابٌ لِمَا ليس أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ
فَائِدَةٌ من له يَدَانِ على كُوعَيْهِ أو يَدَانِ وَذِرَاعَانِ على مَرْفِقَيْهِ وَتَسَاوَيَا في الْبَطْشِ فَهُمَا يَدٌ وَاحِدَةٌ وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ
وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَتِهِمَا وَحُكُومَةٌ
وفي قَطْعِ إصْبَعٍ من أَحَدِهِمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ
____________________
(10/91)
فَإِنْ قَطَعَ يَدًا لم يُقْطَعَا لِلزِّيَادَةِ وَلَا أَحَدُهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْأَصْلِيَّةِ قَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي
وقال بن حَامِدٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِمَا لِأَنَّ هذا نَقْصٌ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَالسِّلْعَةِ في الْيَدِ انْتَهَى
وَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا بَاطِشَةً دُونَ الْأُخْرَى أو إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ بَطْشًا أو في سَمْتِ الذِّرَاعِ وَالْأُخْرَى زَائِدَةً فَفِي الْأَصْلِيَّةِ دِيَتُهَا وَالْقِصَاصُ لِقَطْعِهَا عَمْدًا وفي الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ قَطَعَهَا مُنْفَرِدَةً أو مع الْأَصْلِيَّةِ
وَعَلَى قَوْلِ بن حَامِدٍ لَا شَيْءَ فيها لِأَنَّهَا عَيْبٌ فَهِيَ كَالسِّلْعَةِ في الْيَدِ
وَإِنْ اسْتَوَيَا من كل الْوُجُوهِ وَكَانَا غير بَاطِشَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثُلُثُ دِيَةِ الْيَدِ أو حُكُومَةٌ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً لِأَنَّهَا لَا نَفْعَ فيها فَهُمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ
وَالْحُكْمُ في الْقَدَمَيْنِ على سَاقٍ كَالْحُكْمِ في الْكَفَّيْنِ على ذِرَاعٍ وَاحِدٍ
وَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا أَطْوَلَ من الْأُخْرَى فَقَطَعَ الطُّولَى وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ على الْقَصِيرَةِ فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَإِلَّا فَهِيَ زَائِدَةٌ قال ذلك في الْكَافِي
قَوْلُهُ فَصْلٌ في دِيَةِ الْمَنَافِعِ
في كل حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ
في كل وَاحِدٍ من السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِلَا نِزَاعٍ
وفي ذَهَابِ الذَّوْقِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
قال الشَّارِحُ الْقِيَاسُ لَا دِيَةَ فيه
____________________
(10/92)
قَوْلُهُ وَتَجِبُ في الْحَدَبِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُصُولِ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْحَدَبِ الدِّيَةُ ولم يُفَصِّلْ
وَهَذَا مَحْمُولٌ على أَنَّهُ يَمْنَعُهُ من الْمَشْيِ
وَأَجْرَاهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ على ظَاهِرِهِ فَقَالَا وَيَجِبُ في الْحَدَبِ الدِّيَةُ
وَكَذَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فيه في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا تَجِبُ فيه الدِّيَةُ
قال بن الْجَوْزِيِّ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ
قَوْلُهُ وَيَجِبُ في الصَّعَرِ وهو أَنْ يَضْرِبَهُ فَيَصِيرَ الْوَجْهُ في جَانِبٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
لَكِنْ قال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَكَذَا إذَا لم يَبْلَعْ رِيقَهُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وفي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ إذَا لم يَزُلْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَكَذَا لو أَزَالَ لَوْنَ الْوَجْهِ كان فيه الدِّيَةُ
قَوْلُهُ وإذا لم يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ يَعْنِي إذَا ضَرَبَهُ فَفِي كل وَاحِدٍ من ذلك دِيَةٌ كَامِلَةٌ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/93)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَكَذَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
ذَكَرُوهُ في أَوَّلِ كِتَابُ الدِّيَاتِ
وَعَنْهُ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ
وَخَصَّ الرِّوَايَةَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِمَا إذَا لم يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلَ
وَتَقَدَّمَ إذَا أَفْزَعَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أو بَوْلٍ أو رِيحٍ في كِتَابُ الدِّيَاتِ قبل الْفَصْلِ
فَائِدَةٌ تَجِبُ الدِّيَةُ في إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الصَّوْتِ
وَكَذَا في إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ
وقال في الْفُنُونِ لو سَقَاهُ ذَرْقَ الْحَمَامِ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ في إذْهَابِ الصَّوْتِ
قَوْلُهُ وفي الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ على ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ على الْحُرُوفِ التي لِلِّسَانِ فيها عَمَلٌ دُونَ الشَّفَوِيَّةِ كَالْبَاءِ وَالْفَاءِ وَالْمِيمِ وَكَذَا الْوَاوُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ سِوَى الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ حَرْفٌ بِمَعْنَى كَلِمَةٍ كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَأْمَدَ أو لَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ
فَائِدَةٌ لو كان أَلْثَغَ من غَيْرِ جِنَايَةٍ فَأَذْهَبَ إنْسَانٌ كَلَامَهُ كُلَّهُ فَإِنْ كان
____________________
(10/94)
ميؤسا ( ( ( ميئوسا ) ) ) من ذَهَابِ لُثْغَتِهِ فَفِيهِ بِقِسْطِ ما ذَهَبَ من الْحُرُوفِ وَإِنْ كان غير ميؤس ( ( ( ميئوس ) ) ) من زَوَالِهَا كَالصَّبِيِّ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ كَذَلِكَ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ إزَالَةُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ
قَوْلُهُ وفي نَقْصِ شَيْءٍ من ذلك إن عُلِمَ بِقَدْرِهِ مِثْلُ نَقْصِ الْعَقْلِ بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا أو ذَهَابُ بَصَرِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ أو سَمْعِ أَحَدِ الْأُذُنَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
وَقَوْلُهُ وَإِنْ لم يُعْلَمْ قدرة مِثْلُ أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا أو نَقَصَ سَمْعُهُ أو بَصَرُهُ أو شَمُّهُ أو حَصَلَ في كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ أو عَجَلَةٌ أو نَقَصَ مَشْيُهُ أو انْحَنَى قَلِيلًا أو تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ أو تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ بَعْضَ التَّحَرُّكِ أو ذَهَبَ اللَّبَنُ من ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوُ ذلك فَفِيهِ حُكُومَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَقَطَعَ بِأَكْثَرِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِالْجَمِيعِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
ولم يذكر في الْفُرُوعِ وَالتَّقَلُّصَ
وَقِيلَ إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ فَفِيهِ الدِّيَةُ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في الْبَصَرِ يَزِنُهُ بِالْمَسَافَةِ فَلَوْ نَظَرَ الشَّخْصُ على مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فَنَظَرَهُ على مِائَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ
وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ لو لَطَمَهُ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
____________________
(10/95)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو جَعَلَهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا بِشِدَّةٍ أو لَا يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ أو اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أو احْمَرَّ
الثَّانِيَةُ لو صَارَ أَلْثَغَ بِذَلِكَ فَقِيلَ تَجِبُ دِيَةُ الْحَرْفِ الذي امْتَنَعَ من خُرُوجِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَلَوْ ذَهَبَ رُبُعُ اللِّسَانِ وَنِصْفُ الْكَلَامِ أو رُبُعُ الْكَلَامِ وَنِصْفُ اللِّسَانِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ قَطَعَ رُبُعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَتْهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُهَا فَقَطْ
وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ لِرُبُعِ اللِّسَانِ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا وهو الْمَذْهَبُ
وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا الْأَشْهَرُ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَجِبُ عليه ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
____________________
(10/96)
فَائِدَةٌ عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ لو قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبُعُ الْكَلَامِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ كان على الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيَجِبُ على الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ نِصْفُهَا لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ لم يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَإِنْ ذَهَبَا مع بَقَاءِ اللِّسَانِ فَفِيهِ دِيَتَانِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَدِيَةٌ أَزَالَ نُطْقَهُ أو لم يُزِلْهُ
فَإِنْ عَدِمَ الْكَلَامَ بِقَطْعِهِ وَجَبَ لِعَدَمِهِ أَيْضًا دِيَةٌ كَامِلَةٌ
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا وَجَدْته في مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ لو ذَهَبَ شَمُّهُ وَسَمْعُهُ وَمَشْيُهُ وَكَلَامُهُ تَبَعًا فَدِيَتَانِ
فَائِدَةٌ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ في دِيَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ يَدْخُلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَفِيهِ دِيَتَانِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ
____________________
(10/97)
فَائِدَةٌ لو قَطَعَ أَنْفَهُ أو أُذُنَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ أو سَمْعُهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ قَوْلًا وَاحِدًا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حتى يَنْدَمِلَ
فَيَسْتَقِرَّ بِالِانْدِمَالِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ قال في الرَّوْضَةِ لو قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا في الْحَالِ قبل الِانْدِمَالِ وَبَعْدَهُ لَا الْقَوَدُ قَبْلَهُ
وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرُوحٍ على الدِّيَةِ فَعَفَا عن الْقَوَدِ إلَى الدِّيَةِ وَأَحَبَّ أَخْذَ الْمَالِ قبل الِانْدِمَالِ فَقِيلَ يَأْخُذُ دِيَةً فَقَطْ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ
وَقِيلَ لَا لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْأَوَّلُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا دِيَةَ سِنٍّ وَلَا ظُفْرٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ حتى يَيْأَسَ من عَوْدِهَا وهو صَحِيحٌ
لَكِنْ لو مَاتَ في الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هَدَرٌ كما لو نَبَتَ شَيْءٌ فيه قَالَهُ في مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ
وَلَهُ في غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ بَابُ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ
قَوْلُهُ وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ أو ظُفْرَهُ ثُمَّ نَبَتَتْ
سَقَطَتْ دِيَتُهُ وَإِنْ كان قد أَخَذَهَا رَدَّهَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه في السِّنِّ
____________________
(10/98)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي تَجِبُ دِيَتُهَا
وقال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ لم يَرُدَّ ما أَخَذَ وقال ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابُ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ في أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ عليه حُكُومَةٌ لِنَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ وَضَعْفِهَا إنْ ضَعُفَتْ
وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذلك وَجَبَتْ دِيَتُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَنِي حُكْمُهَا على وُجُوبِ قَلْعِهَا
فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فَلَا شَيْءَ على قَالِعِهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ قَلْعُهَا احْتَمَلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ وَلَكِنْ فيها حُكُومَةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَبَانَ سِنًّا وُضِعَ مَحَلَّهُ وَالْتَحَمَ فَفِي الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ السِّنِّ سِنًّا أُخْرَى أو سِنَّ حَيَوَانٍ أو عَظْمًا فَنَبَتَتْ وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا
فَإِنْ قُلِعَتْ هذه الثَّانِيَةُ لم تَجِبْ دِيَتُهَا وَفِيهَا حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ فيها شَيْءٌ
قَوْلُهُ أو رَدَّهُ يَعْنِي الظُّفْرَ فَالْتَحَمَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
____________________
(10/99)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وقال الْقَاضِي تَجِبُ دِيَتُهَا ذَكَرَهُ عنه الشَّارِحُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ لو قَطَعَ طَرَفَهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ
ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَلَوْ رَدَّ الْمُلْتَحِمَ الْجَانِي أُقِيدَ بِهِ ثَانِيَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُقَادُ بِهِ
فَائِدَةٌ لو الْتَحَمَتْ الْجَائِفَةُ أو الْمُوضِحَةُ وما فَوْقَهَا على غَيْرِ شَيْنٍ لم يَسْقُطْ مُوجِبُهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا أو عَادَتْ السِّنُّ أو الظُّفْرُ قَصِيرًا أو مُتَغَيِّرًا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ في قَلْعِ الظُّفْرِ إذَا نَبَتَتْ على صِفَتِهِ خَمْسُ دَنَانِيرَ وَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ فَفِيهِ عَشَرَةٌ
____________________
(10/100)
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا التَّقْدِيرَاتُ بَابُهَا التَّوْقِيفُ وَلَا نَعْلَمُ فيه تَوْقِيفًا وَالْقِيَاسُ لَا شَيْءَ عليه إذَا عَادَ على صِفَتِهِ
وَإِنْ نَبَتَ صَغِيرًا فَفِيهِ حُكُومَةٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ وَيَئِسَ من عَوْدِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي فيها حُكُومَةٌ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عليه وَادَّعَى الْجَانِي عَوْدَ ما أَذْهَبَهُ فَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الْمُنْتَخَبِ إنْ ادَّعَى انْدِمَالَهُ وَمَوْتَهُ بِغَيْرِ جُرْحِهِ وَأَمْكَنَ قُبِلَ قَوْلُهُ
قَوْلُهُ وفي كل وَاحِدٍ من الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ وهو شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ في كل شَعْرٍ من ذلك حُكُومَةٌ كَالشَّارِبِ نَصَّ عليه
____________________
(10/101)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا قِصَاصَ في ذلك لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ
الثَّانِيَةُ نَقَلَ حَنْبَلٌ كُلُّ شَيْءٍ من الْإِنْسَانِ فيه أَرْبَعَةٌ فَفِي كل وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي في جلده وَجْهٍ
قَوْلُهُ وفي بَعْضِ ذلك بِقِسْطِهِ من الدِّيَةِ
وهو الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في بَحْثِهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا يَجِبُ فيه حُكُومَةٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ من لِحْيَتِهِ ما لَا جَمَالَ فيه احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَصَرَهُ النَّاظِمُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في بَحْثِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ وهو قَوِيٌّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لم تَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ
أَنَّ الدِّيَةَ لِلْأَصَابِعِ لَا غَيْرُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سُقُوطَ ما يَجِبُ في مُقَابَلَةِ الْكَفِّ وَلَيْسَ ذلك بِمُرَادٍ وَلَكِنْ لَمَّا كانت دِيَةُ الْأَصَابِعِ كَدِيَةِ الْيَدِ أَطْلَقَ هذا اللَّفْظَ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى
____________________
(10/102)
وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لم يَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْيَدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عليه بَعْضُ الْأَصَابِعِ دخل ما حَاذَى الْأَصَابِعَ في دِيَتِهَا وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَاقِي الْكَفِّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الْأَصَابِعِ
فَائِدَةٌ يَجِبُ في كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ ثُلُثُ دِيَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقد شَبَّهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ذلك بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ
وَعَنْهُ يَجِبُ فيه حُكُومَةٌ
ذَكَرَهُمَا في الْمُنْتَخَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَمَذْهَبُ بن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَكَذَا الْعَضُدُ وَحُكْمُ الرِّجْلِ حُكْمُ الْيَدِ في ذلك
قَوْلُهُ وفي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعُمُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ فيها نِصْفَ الدِّيَةِ وهو مُقْتَضَى حديث عَمْرِو بن حَزْمٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ مُمَاثِلَةً لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا قِصَاصَ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(10/103)
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَقْلَعُ عَيْنَهُ كَقَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَأَخْذُ نِصْفِ الدِّيَةِ مع الْقَلْعِ أَشْهَرُ يَعْنِي على هذا الْقَوْلِ
وَخَرَّجَهُ في التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ من قَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ
وقد جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا على هذا الِاحْتِمَالِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا
وَقِيلَ لَا يَأْخُذُ منه شيئا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا خُيِّرَ بين قَلْعِ عَيْنِهِ وَلَا شَيْءَ له غَيْرُهَا وَبَيْنَ الدِّيَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَكَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ قَلْعَ عَيْنِهِ فَقَطْ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ دِيَتَانِ
وَهَذَا أَيْضًا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ كَغَيْرِهِ وَكَسَمْعٍ وَأُذُنٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ من جَعْلِهِ كَالْبَصَرِ في مَسْأَلَةِ النَّظَرِ في بَيْتِهِ من خَصَاصِ الْبَابِ
قَوْلُهُ وفي يَدِ الْأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ في رِجْلِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/104)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ فيها دِيَةٌ كَامِلَةٌ
وَهِيَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ فيها دِيَةٌ كَامِلَةٌ إنْ ذَهَبَتْ الْأُولَى هَدَرًا
وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
قال في الرَّوْضَةِ إنْ ذَهَبَتْ في حَدٍّ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَإِنْ كان في جِهَادٍ فَرِوَايَتَانِ
فَائِدَةٌ لو قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ لم تُقْطَعْ يَدُهُ إنْ قُلْنَا فيها الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِلَّا قُطِعَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(10/105)
بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ
قَوْلُهُ الشَّجَّةُ اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً
قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُسْتَعْمَلُ في غَيْرِهِمَا
وَهِيَ عَشْرٌ خَمْسٌ لَا مُقَدَّرَ فيها
أَوَّلُهَا الْخَارِصَةُ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَإِهْمَالِهَا مع إهْمَالِ الصَّادِ فيها وَهِيَ التي تَخْرُصُ الْجِلْدَ أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تُدْمِيهِ
وَتُسَمَّى الْخُرْصَةَ وَالْقَاشِرَةَ وَالْقِشْرَةَ بِإِعْجَامِ الشِّينِ مع الْقَافِ
ثُمَّ الْبَازِلَةُ بِمُوَحَّدَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ التي يَسِيلُ منها الدَّمُ وَتُسَمَّى الدَّامِيَةَ وَالدَّامِعَةَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ التي تدمي وَلَا تَشُقُّ اللَّحْمَ
وَقِيلَ الدَّامِعَةُ ما ظَهَرَ دَمُهَا ولم يَسِلْ
ثُمَّ الْبَاضِعَةُ التي تُبْضِعُ اللَّحْمَ
وَقِيلَ ما تَشُقُّهُ بَعْدَ الْجِلْدِ ولم يَسِلْ دَمُهَا
ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ التي أَخَذَتْ في اللَّحْمِ
وَقِيلَ ما الْتَحَمَ أَعْلَاهَا وَاتَّسَعَ أَسْفَلُهَا ولم تَبْلُغْ جِلْدَةً تَلِي الْعَظْمَ
ثُمَّ السِّمْحَاقُ التي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ على هذا التَّرْتِيبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعِنْدِ الْخِرَقِيِّ الْبَاضِعَةُ بين الْخَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ تَشُقُّ اللَّحْمَ وَلَا تُدْمِيهِ وَتَبِعَهُ بن الْبَنَّاءِ
قال الزَّرْكَشِيُّ الْبَازِلَةُ التي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ يَعْنِي وَلَا يَسِيلُ منها دَمٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وبن فَارِسٍ
____________________
(10/106)
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَعَلَّ ما في نُسَخِ الْخِرَقِيِّ غَلَطٌ من الْكُتَّابِ لِأَنَّ الْبَاضِعَةَ التي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ يَسِيلُ منها دَمٌ كَثِيرٌ في الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْبَازِلَةِ فَإِنَّهَا الدَّامِعَةُ بِالْمُهْمَلَةِ لِقِلَّةِ سَيَلَانِ دَمِهَا فَالْبَاضِعَةُ أَشَدُّ انْتَهَى
وهو قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ
قَوْلُهُ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ فيها حُكُومَةٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ في الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ وفي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ وفي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ وفي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ
اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ عن بن أبي مُوسَى أَنَّهُ اخْتَارَ ذلك في السِّمْحَاقِ
وَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قال مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْجِرَاحَاتِ من الْمُوضِحَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ في رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عليه مُوضِحَةٌ إلَى جَانِبِهَا قُدِّرَتْ هذه الْجِرَاحَاتُ منها فَإِنْ كانت بِقَدْرِ النِّصْفِ وَجَبَ نِصْفُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كانت بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَجَبَ ثُلُثُ الْأَرْشِ وَعَلَى هذا إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْحُكُومَةُ على ذلك فَيَجِبُ ما تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَكْثَرَ مِمَّا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ أو قَدْرُهَا من الْمُوضِحَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا لَا نَعْلَمُهُ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يَقْتَضِيهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَخَمْسٌ فيها مُقَدَّرٌ أَوَّلُهَا الْمُوضِحَةُ التي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُبْرِزُهُ فَفِيهَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ في مُوضِحَةِ الْوَجْهِ عَشَرَةٌ
____________________
(10/107)
نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ
فَائِدَةٌ يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ في الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْبَارِزَةِ وَالْمَسْتُورَةِ بِالشَّعْرِ
وَحَدُّ الْمُوضِحَةِ ما أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ
ذَكَرَهُ بن الْقَاسِمِ وَالْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْمُوضِحَةُ ما كَشَفَ عَظْمَ رَأْسٍ أو وَجْهٍ أو غَيْرِهِمَا
وَقِيلَ وَلَوْ بِقَدْرِ رَأْسِ إبْرَةٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أو مُوضِحَتَانِ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا هِيَ مُوضِحَتَانِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَلَوْ عَمَّتْهُمَا فَثُلُثَانِ في وَجْهٍ
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ إذَا عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ
قال الشَّارِحُ ولم يذكر الْمُصَنِّفُ ذلك في كِتَابَيْهِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي بَلْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيمَا إذَا كان بَعْضُهَا في الرَّأْسِ وَبَعْضُهَا في الْوَجْهِ
____________________
(10/108)
فَإِنْ لم تَعُمَّ الرَّأْسَ فَفِيهَا الْوَجْهَانِ
قال وهو الذي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ انْتَهَى
قُلْت قَدَّمَ ما قَالَهُ النَّاظِمُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَإِنَّهُمَا قَالَا وَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَمُوضِحَةٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَإِنْ خَرَقَ ما بَيْنَهُمَا أو ذَهَبَ بِالسِّرَايَةِ صَارَا مُوضِحَةً وَاحِدَةً وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِيُّ عليه أو أَجْنَبِيٌّ فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ خَرَقَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عليه
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال مع بَقَاءِ التَّلَابُسِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ يُصَدَّقُ من يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ
قال وَلَهُ أَرْشَانِ وفي ثَالِثٍ وَجْهَانِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال الْمَجْرُوحُ خَرَقْته بَعْدَ الْبُرْءِ صُدِّقَ مع طُولِ الزَّمَنِ وَلَهُ أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ فَقَطْ
وَقِيلَ وَالْخَرْقِ بَيْنَهُمَا
وَقِيلَ يُنْسَبُ من الْمُوضِحَةِ إنْ أَمْكَنَ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَقَ ما بين الْمُوضِحَتَيْنِ في الْبَاطِنِ يَعْنِي الْجَانِيَ
____________________
(10/109)
فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أو مُوضِحَتَانِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُمَا مُوضِحَتَانِ اخْتَارَهُ النَّاظِمُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو خَرَقَهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَمُوضِحَتَانِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
وَقِيلَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ
الثَّانِيَةُ لو أَوْضَحَهُ جَمَاعَةٌ مُوضِحَةً فَهَلْ يُوضَحُ من كل وَاحِدٍ بِقَدْرِهَا أَمْ يُوَزَّعُ فيه الخلاف ( ( ( للخلاف ) ) ) الْمُتَقَدِّمِ
قَوْلُهُ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ وَهِيَ التي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ فَفِيهَا عَشْرٌ من الْإِبِلِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِمُثَقَّلٍ فَهَشَمَهُ من غَيْرِ أَنْ يُوضِحَهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/110)
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ من الْإِبِلِ كَهَشْمِهِ على مُوضِحَةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ وَهِيَ التي تَصِلُ إلَى جِلْدَةِ الدِّمَاغِ وَتُسَمَّى أُمَّ الدِّمَاغِ وَتُسَمَّى الْمَأْمُومَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ ثُمَّ الدَّامِغَةُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ التي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ فَفِيهَا ما في الْمَأْمُومَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ فيها مع ذلك حُكُومَةٌ لِخَرْقِ الْجِلْدَةِ
قال الْقَاضِي ولم يذكر أَصْحَابُنَا الدَّامِغَةَ بِالْمُعْجَمَةِ لِمُسَاوَاتِهَا لِلْمَأْمُومَةِ في أَرْشِهَا
قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذِكْرَهَا لِكَوْنِ صَاحِبِهَا لَا يَسْلَمُ غَالِبًا انْتَهَى
قَوْلُهُ وفي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ التي تَصِلُ إلَى بَاطِنِ الْجَوْفِ من بَطْنٍ أو ظَهْرٍ أو صَدْرٍ أو نَحْرٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ فَإِنْ خَرَقَهُ من جَانِبٍ فَخَرَجَ من جَانِبٍ آخَرَ فَهِيَ جَائِفَتَانِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(10/111)
وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَإِنْ طَعَنَهُ في خَدِّهِ فَوَصَلَ إلَى فَمِهِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ جَائِفَةً وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُذْهَبِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَنْفَذَ أَنْفًا أو ذَكَرًا أو جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ جَرَحَهُ في وَرِكِهِ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى جَوْفِهِ أو أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى قَفَاهُ فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ لِجُرْحِ الْقَفَا وَالْوَرِكِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ أَجَافَهُ وَوَسَّعَ آخِرَ الْجُرْحِ فَهِيَ جَائِفَتَانِ بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ وَسَّعَ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ أو بَاطِنَهُ دُونَ ظَاهِرِهِ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أنها جَائِفَةٌ
فَائِدَةٌ لو وطىء زَوْجَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أو نَحِيفَةٌ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ فَفَتَقَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ
وَمَعْنَى الْفَتْقِ خَرْقُ ما بين مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/112)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي
وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ خَرْقُ ما بين الدُّبُرِ وَالْقُبُلِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إلَّا أَنَّ هذا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَذْهَبَ بِالْوَطْءِ ما بَيْنَهُمَا من الْحَاجِزِ لِأَنَّهُ غَلِيظٌ قَوِيٌّ انْتَهَيَا
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَإِنْ وطىء امْرَأَتَهُ فَخَرَقَ مَخْرَجَ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ أو الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ في الْغَالِبِ الْأَوَّلُ
وَجَزَمَ بِوُجُوبِ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إنْ كان الْبَوْلُ يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِنْ كان لَا يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ دِيَتِهَا
وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْفُنُونِ فِيمَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا الْقَوَدُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِفِعْلٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ وطىء أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوَعَةً بِلَا شُبْهَةٍ أو امْرَأَتَهُ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ لِمِثْلِهِ فَأَفْضَاهَا فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ وهو حَقٌّ له وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فَإِنْ ثَبَتَ الْبَوْلُ فَجَائِفَةٌ
وَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ في دِيَةِ إفْضَاءٍ على الْأَصَحِّ
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَوْ وطىء زَوْجَتَهُ الْكَبِيرَةَ الْمُحْتَمِلَةَ لِلْوَطْءِ وَفَتَقَهَا لم يَضْمَنْهَا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِوُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
____________________
(10/113)
وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أو إكْرَاهٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ اُسْتُمْسِكَ الْبَوْلُ مع مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ لم يُسْتَمْسَكْ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً
فَائِدَةٌ لو أَدْخَلَ إصْبَعَهُ في فَرْجِ بِكْرٍ فَأَذْهَبَ بَكَارَتَهَا فَلَيْسَ بِجَائِفَةٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ وفي الضِّلْعِ بَعِيرٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً فيه حُكُومَةٌ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وفي الضِّلَعِ بَعِيرٌ كَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقُوا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقَيَّدَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ بِمَا إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا فَقَالُوا وفي الضِّلْعِ بَعِيرٌ إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
وَلَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ غَايَرَ
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى من أَطْلَقَ وَقَيَّدَ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ هذا الشَّرْطَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ
وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ في الضِّلَعِ بعير ( ( ( بعيرا ) ) ) من غَيْرِ قَيْدٍ
قَوْلُهُ وفي التَّرْقُوَتَيْنِ بَعِيرَانِ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/114)
وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ فيها أَرْبَعَةَ أَبْعِرَةٍ فإنه قال وفي التَّرْقُوَةِ بَعِيرَانِ
وقال في الْإِرْشَادِ في كل تَرْقُوَةٍ بَعِيرَانِ فَهُوَ أَصْرَحُ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَصَرَفَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ إلَى الْمَذْهَبِ فقال الْمُرَادُ بِالتَّرْقُوَةِ التَّرْقُوَتَانِ اكْتَفَى بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِإِدْخَالِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ
قَوْلُهُ وفي كل وَاحِدٍ من الذِّرَاعِ وَالزَّنْدِ وَالْعَضُدِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ بَعِيرَانِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ في الزَّنْدِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في عَظْمِ السَّاقِ وَالْفَخِذِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالزَّنْدِ
وَعَنْهُ في كل وَاحِدٍ من ذلك بَعِيرٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ في غَيْرِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ الضِّلَعُ وَالتَّرْقُوَتَانِ وَالزَّنْدَانِ
وَجَزَمَ أَنَّ في الزَّنْدِ بَعِيرَيْنِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في ذلك رِوَايَةً أَنَّ فيه حُكُومَةً
نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ كُسِرَتْ يَدُهُ أو رِجْلُهُ فيها حُكُومَةٌ وَإِنْ انْجَبَرَتْ
____________________
(10/115)
وَتَرْجَمَهُ أبو بَكْرٍ بِنَقْصِ الْعُضْوِ بِجِنَايَةٍ
وَعَنْهُ في الزَّنْدِ الْوَاحِدِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ لِأَنَّهُ عَظْمَانِ وَفِيمَا سِوَاهُ بَعِيرَانِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ فِيمَا سِوَى الزَّنْدِ حُكُومَةً كما تَقَدَّمَ كَبَقِيَّةِ الْجُرُوحِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وَعُصْعُصٍ وَعَانَةٍ قَالَهُ في الْإِرْشَادِ في غَيْرِ ضِلْعٍ
قَوْلُهُ وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عليه كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ قد بَرَأَتْ فما نَقَصَ من الْقِيمَةِ فَلَهُ مِثْلُهُ من الدِّيَةِ فَإِنْ كان قِيمَتُهُ وهو صَحِيحٌ عِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ
بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ في شَيْءٍ فيه مُقَدَّرٍ فَلَا يُبْلَغُ بِهِ أَرْشَ الْمُقَدَّرِ فَإِنْ كانت في الشِّجَاجِ التي دُونَ الْمُوضِحَةِ لم يُبْلَغْ بها أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كان في إصْبَعٍ لم يُبْلَغْ بها دِيَةُ الْإِصْبَعِ
وَإِنْ كانت في أُنْمُلَةٍ لم يُبْلَغْ بها دِيَتَهَا
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يُبْلَغُ بِحُكُومَةِ مَحِلٍّ له مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَهُ على الْأَصَحِّ كَمُجَاوَزَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وبن عَقِيلٍ
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ يُبْلَغُ بِهِ أَرْشُ الْمُقَدَّرِ
____________________
(10/116)
وقال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ أَنْ يُخَصَّصَ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ في وَجْهٍ أو رَأْسٍ فَلَا يُجَاوَزُ بِهِ أَرْشُ الْمُؤَقَّتِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت مِمَّا لَا تَنْقُصُ شيئا بَعْدَ الِانْدِمَالِ قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَب وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَوَّمُ قُبَيْلَ الِانْدِمَالِ التَّامِّ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ أَنَّ ذلك لَا يَكُونُ هدر ( ( ( هدرا ) ) ) وَأَنَّ عليه فيه حُكُومَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا شَيْءَ فيها وَالْحَالَةُ هذه
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم تُنْقِصْهُ شيئا بِحَالٍ أو زَادَتْهُ حُسْنًا كَإِزَالَةِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ أو إصْبَعٍ زَائِدَةٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ فيها
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(10/117)
قال في الْمُحَرَّرِ فَلَا شَيْءَ فيها على الْأَصَحِّ
قال في الْفُرُوعِ فَلَا شَيْءَ فيها في الْأَصَحِّ
وَكَذَا قال النَّاظِمُ
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ بَلَى
قال الْقَاضِي نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على هذا
قال الْمُصَنِّفُ فَعَلَى هذا يُقَوَّمُ في أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إلَى الْبُرْءِ فَإِنْ لم يَنْقُصْ في ذلك الْحَالِ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ من نَقْصٍ لِلْخَوْفِ عليه ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَتُقَوَّمُ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ كَأَنَّهَا لِحْيَةُ رَجُلٍ في حَالٍ يُنْقِصُهُ ذَهَابُ لِحْيَتِهِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَجَزَمَ بهذا الْقَوْلِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(10/118)
بَابُ الْعَاقِلَةِ وما تَحْمِلُهُ
فَائِدَةٌ سُمِّيَتْ عَاقِلَةً لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ نَقَلَهُ حَرْبٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ عن الْقَاتِلِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لِأَنَّ الْإِبِلَ تُجْمَعُ فَتُعْقَلُ بِفِنَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَيْ تُشَدُّ عُقُلُهَا لِتُسَلَّمَ إلَيْهِمْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الدِّيَةُ عَقْلًا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ لِإِعْطَائِهِمْ الْعَقْلَ الذي هو الدِّيَةُ
قَوْلُهُ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ عِصَبَاتُهُ كلهم قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ من النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ آبَاؤُهُ وَأَبْنَاؤُهُ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ
قُلْت ليس كما قال فإنه قال وَالْعَاقِلَةُ الْعُمُومَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْأَبُ وَالِابْنُ وَالْإِخْوَةُ وَكُلُّ الْعَصَبَةِ من الْعَاقِلَةِ انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ من عَصَبَةِ أُمِّهِ
وَسَبَقَهُ إلَى ذلك السَّامِرِيُّ في مُسْتَوْعِبِهِ
وَعَنْهُ أَنَّهُمْ من الْعَاقِلَةِ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/119)
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ ذُكُورُ عَصَبَتِهِ وَلَوْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ على الْأَظْهَرِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الْجَمِيعُ عَاقِلَتُهُ إلَّا أَبْنَاؤُهُ إذَا كان امْرَأَةً
قال في الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَصَحُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهَا يَقُومُ الدَّلِيلُ
نَقَلَ حَرْبٌ الِابْنُ لَا يَعْقِلُ عن أُمِّهِ لِأَنَّهُ من قَوْمٍ آخَرِينَ
وقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى وبن أبي الْمَجْدِ وَأَبِي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ كُلُّ الْعَصَبَةِ إلَّا الْأَبْنَاءَ وَلَعَلَّهُ يَقِيسُ أَبْنَاءَ الرَّجُلِ على أَبْنَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
وَعَنْهُ الْجَمِيعُ عَاقِلَتُهُ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَإِخْوَتَهُ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ وَيَأْتِي التَّرْتِيبُ في ذلك
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ عَاقِلَةَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ عَصَبَاتُ سَيِّدِهِ فَكَلَامُهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ على فَقِيرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا زَائِلِ الْعَقْلِ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا مُخَالِفٍ لِدِينِ الْجَانِي حَمْلُ شَيْءٍ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/120)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّ الْفَقِيرَ يَحْمِلُ من الْعَقْلِ
وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقَيَّدَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِالْمُعْتَمَلِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ تَحْمِلُ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ بِالْوَلَاءِ
وَعَنْهُ الْمُمَيِّزُ من الْعَاقِلَةِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى يَحْمِلَانِ من الْعَقْلِ فإنه ما ذَكَرَ إلَّا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْفَقِيرَ وَمَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْهَرِمَ وَالزَّمِنَ وَالْأَعْمَى يَحْمِلُ من الْعَقْلِ بِشَرْطِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيَعْقِلُ الزَّمِنُ وَالشَّيْخُ وَالضَّعِيفُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْمِلُونَ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهَرِمِ وَالزَّمِنِ في الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَخَطَأُ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ في أَحْكَامِهِ في بَيْتِ الْمَالِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَخَطَأِ الْوَكِيلِ
وَعَنْهُ على عَاقِلَتِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(10/121)
وَالْمُرَادُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ عن صَاحِبِ الرَّوْضَةِ كَخَطَئِهِمَا في غَيْرِ الْحُكْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ زَادَ سَوْطًا كَخَطَأٍ في حَدٍّ أو تَعْزِيرٍ أو جَهِلَا حَمْلًا أو بَانَ من حَكَمَا بِشَهَادَتِهِ غير أَهْلٍ
وَيَأْتِي الْخَطَأُ في الْحَدِّ في كِتَابِ الْحُدُودِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَعَاقَلُ أَهْلُ الذِّمَّةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي
إحْدَاهُمَا يَتَعَاقَلُونَ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَتَعَاقَلُونَ على الْأَصَحِّ
قال في الْمُحَرَّرِ يَتَعَاقَلُونَ وهو الْأَصَحُّ
قال النَّاظِمُ يَتَعَاقَلُونَ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَتَعَاقَلُونَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ فيه مع اخْتِلَافِ مِلَلِهِمْ وَجْهَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ في التَّرْغِيبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
وَذَكَرَهُمَا في الْكَافِي وَجْهَيْنِ وقال بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في تَوْرِيثِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَتَعَاقَلُونَ أَيْضًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَتَعَاقَلُونَ
____________________
(10/122)
قَوْلُهُ وَلَا يَعْقِلُ ذِمِّيٌّ عن حَرْبِيٍّ وَلَا حَرْبِيٌّ عن ذِمِّيٍّ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ يَتَعَاقَلَانِ إنْ قُلْنَا يَتَوَارَثَانِ وَإِلَّا فَلَا
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ له أو لم تَكُنْ له عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ الْجَمِيعَ فَالدِّيَةُ أو بَاقِيهَا عليه إنْ كان ذِمِّيًّا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في كُتُبِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ كَمُسْلِمٍ
وَأَجْرَى في الْمُحَرَّرِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ في الْمُسْلِمِ هُنَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُسْلِمًا أَخَذَ من بَيْتِ الْمَالِ
هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تَحْمِلُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ أَنَّ ذلك على الْجَانِي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ حَالًّا في بَيْتِ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/123)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاقِلَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُمْكِنْ يَعْنِي أَخْذُهَا من بَيْتِ الْمَالِ
فَلَا شَيْءَ على الْقَاتِلِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِنَاءً على أَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ على الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ في مَالِ الْقَاتِلِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو أَوْلَى فَاخْتَارَهُ
ثُمَّ قال كما لو قالوا في فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْمُعْسِرِ وَضَيْفِهِ فإنه عَلَيْهِمَا دُونَهُ لِأَنَّهُمَا مُحْتَمَلَانِ لَا أَصْلِيَّانِ وَكَقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ بِمَنْ لَا يَرَى تَحَمُّلَهَا عنه وَنَحْوِ ذلك وهو كُلُّ من تَحَمَّلَ عنه شيئا مَغْرَمًا أو مَغْنَمًا بِاخْتِيَارِهِ له لِتَسَبُّبِهِ فيه أو قَهْرًا عنه بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَنَحْوِ ذلك
وقال كَقَوْلِهِمْ في الْمُرْتَدِّ يَجِبُ أَرْشُ خَطَئِهِ في مَالِهِ وَلَوْ رَمَى وهو مُسْلِمٌ فلم يُصِبْ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ كان عليه في مَالِهِ وَلَوْ رَمَى الْكَافِرُ سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ في مَالِهِ وَلَوْ جَنَى بن الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ في مَالِهِ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ له قال فَكَذَا هذا
____________________
(10/124)
فَاسْتَشْهَدَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ على صِحَّةِ ما اخْتَارَهُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا
وَذَكَرَ أَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا بها
فَنَذْكُرُ كُلَّ مَسْأَلَةٍ من الْمُسْتَشْهَدِ بها وما فيها من الْخِلَافِ
فَمِنْهَا قَوْلُهُ يَجِبُ أَرْشُ خَطَأِ الْمُرْتَدِّ في مَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا إلَى الْأَصْحَابِ وَلَا شَكَّ أَنَّ عليه جَمَاهِيرَ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وحكى وَجْهٌ لَا شَيْءَ عليه كَالْمُسْلِمِ
وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَلَوْ رَمَى وهو مُسْلِمٌ فلم يُصِبْ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ كان عليه في مَالِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه
وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَلَوْ رَمَى الْكَافِرُ سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ في مَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه
وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَلَوْ جَنَى بن الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ في مَالِهِ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ تَغَيَّرَ دِينُ جَارِحٍ حَالَتَيْ جَرْحٍ وَزُهُوقٍ عَقَلَتْ عَاقِلَتُهُ حَالَ الْجَرْحِ
وَقِيلَ أَرْشُهُ
____________________
(10/125)
وَقِيلَ الْكُلُّ في مَالِهِ
وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ بن معتقه بين جَرْحٍ أو رمى وَتَلِفَ فَكَتَغَيُّرِ دِينٍ
وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا
فَسَّرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الصُّلْحَ بِالصُّلْحِ عن دَمِ الْعَمْدِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يُغْنِي عن ذلك ذِكْرُ الْعَمْدِ بَلْ مَعْنَاهُ صَالَحَ عنه صُلْحَ إنْكَارٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو الصَّوَابُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا اعْتِرَافًا
وَمَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ على نَفْسِهِ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ أو جَنَى جِنَايَةَ خَطَأٍ أو شِبْهَ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ
لَكِنَّ مُرَادَهُمْ إذَا لم تُصَدِّقْهُ الْعَاقِلَةُ بِهِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه
بَلْ وَصَرَّحَ بِهِ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَاشِيَتِهِ على شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ لِلْخِرَقِيِّ
لَكِنْ لو سَكَتَتْ فلم تَتَكَلَّمْ أو قالت لَا نُصَدِّقُهُ وَلَا نُكَذِّبُهُ أو قالت لَا عِلْمَ لنا بِذَلِكَ فَهَلْ هو كَقَوْلِ الْمُدَّعِي لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ أو لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ أو كَسُكُوتِهِ وهو الْأَظْهَرُ إنْ كان ذلك في جَوَابِ دَعْوَى فَنُكُولُهُمْ كَنُكُولِهِ
وَإِنْ لم يَكُنْ في جَوَابِ دَعْوَى لم يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ ولم يَصِحَّ الْحُكْمُ بِنُكُولِهِمْ
وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال فيها وَلَا اعْتِرَافًا تُنْكِرُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا ما دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ
____________________
(10/126)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً عَمْدًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منها احْتِمَالُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ الْقَلِيلَ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ما أَصَابَ الصَّبِيَّ من شَيْءٍ فَعَلَى الْأَبِ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ فإذا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ
فَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الثُّلُثَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا ما دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذلك في مَالِ الْجَانِي حَالًّا إلَّا غُرَّةَ الْجَنِينِ إذَا مَاتَ مع أُمِّهِ فإن الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا مع دِيَةِ أُمِّهِ
يَعْنِي وَهِيَ أَقَلُّ من ثُلُثِ الدِّيَةِ بِانْفِرَادِهَا لَكِنْ لَمَّا وَجَبَتْ مع الْأُمِّ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ مع زِيَادَتِهِمَا على الثُّلُثِ حَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ كَالدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ خَبَرُ الْمَرْأَةِ التي قَتَلَتْ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا وَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَضَى بِدِيَةٍ الجنين ( ( ( للجنين ) ) ) على الْجَانِيَةِ حَيْثُ لم تَبْلُغْ الثُّلُثَ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا مُنْفَرِدَيْنِ لم تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ لِنَقْصِهَا عن الثُّلُثِ
إنْ مَاتَ ولم تَمُتْ الْأُمُّ لم تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ
وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا
وَإِنْ مَاتَا من الضَّرْبَةِ فَإِنْ مَاتَا مَعًا حَمَلَتْهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ حَمَلَتْهَا أَيْضًا على الْمَذْهَبِ
____________________
(10/127)
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أنها لَا تَحْمِلُهَا فَإِنَّهُمَا قَالَا إذَا مَاتَ قبل مَوْتِ أُمِّهِ لم تَحْمِلْهَا نَصَّ عليه وَإِنْ مَاتَ مع أُمِّهِ حَمَلَتْهَا نَصَّ عليه انْتَهَيَا
وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَإِنْ مَاتَ قبل مَوْتِ أُمِّهِ لم تَحْمِلْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ بِأَنَّهَا تَحْمِلُهَا
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من قِبَلِ أَنَّهُمَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ
وقال أَيْضًا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وهو كما قال
قَوْلُهُ وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الْخَطَإِ على الْحُرِّ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ
وَقَوْلُهُ وقال أبو بَكْرٍ لَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ وَيَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ في ثَلَاثِ سِنِينَ
اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا في شِبْهِ الْعَمْدِ هل تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَمْ لَا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَحْمِلُهُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُقْنِعِ في أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/128)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ لَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ وَيَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ في ثَلَاثِ سِنِينَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا تَحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ في الْأَصَحِّ
إذَا عَلِمْت ذلك فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَاوِ قَبْلُ
قال أبو بَكْرٍ لِتَظْهَرَ الْمُغَايَرَةُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال أبو بَكْرٍ مَرَّةً يَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ حَالًّا
وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ كَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ حَالًّا
وقال في التَّبْصِرَةِ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا ما دُونَ الثُّلُثِ وَجَمِيعُ ذلك في مال ( ( ( حال ) ) ) الْجَانِي في ثَلَاثِ سِنِينَ
قَوْلُهُ وما يَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ من الْعَاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ لَكِنْ يُرْجَعُ فيه إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَحْمِلُ كُلُّ إنْسَانٍ منهم ما يَسْهُلُ وَلَا يَشُقُّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ يَجْعَلُ على الْمُوسِرِ نِصْفَ دِينَارٍ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعًا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ الْمُوسِرُ هُنَا من مَلَكَ نِصَابًا عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عنه كَالْحَجِّ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ
____________________
(10/129)
قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذلك في الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي على قَوْلِ أبي بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَتَكَرَّرُ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ على الْغَنِيِّ في الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ دِينَارٌ وَنِصْفُ دِينَارٍ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِينَارٍ
قال في الْكَافِي لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ على سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ فَيَتَكَرَّرُ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَتَكَرَّرُ فَيَكُونُ على الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ في الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعُ دِينَارٍ لَا غَيْرُ
قَالَهُ بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ
قال في الْكَافِي لو قُلْنَا يَتَكَرَّرُ لَأَفْضَى إلَى إيجَابِ أَقَلَّ من الزَّكَاةِ فَيَكُونُ مُضِرًّا انْتَهَى
قُلْت إنْ بَقِيَ الْغَنِيُّ في الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ غَنِيًّا تَكَرَّرَ
وكذا إنْ بَقِيَ مُتَوَسِّطًا في الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَكَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَيُبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ
كَالْعَصَبَاتِ في الْمِيرَاثِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/130)
وقال في الْوَاضِحِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ يُبْدَأُ بِالْآبَاءِ ثُمَّ بِالْأَبْنَاءِ
وَقِيلَ مُدْلٍ بِأَبٍ كَالْأُخْوَةِ وَأَبْنَائِهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَأَبْنَائِهِمْ كَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ
قَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ النِّكَاحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ الْأَخَ لِلْأَبِ هل يُسَاوِي الْأَخَ لِلْأَبَوَيْنِ على رِوَايَتَيْنِ
وَخَرَجَ منها مُسَاوَاةُ بَعِيدٍ لِقَرِيبٍ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُضْرَبُ على عَاقِلَةِ مُعْتَقَةٍ في حَيَاةِ مُعْتِقَةٍ بِخِلَافِ عَصَبَةِ النَّسَبِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
وَنَقَلَ حَرْبٌ وَالْمَوْلَى يَعْقِلُ عنه عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ
فَائِدَةٌ يُؤْخَذُ من الْبَعِيدِ لِغَيْبَةِ الْقَرِيبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُبْعَثُ إلَيْهِ
قَوْلُهُ وما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا في ثَلَاثِ سِنِينَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الرَّوْضَةِ دِيَةُ الخطأ في خَمْسِ سِنِينَ في كل سَنَةٍ خُمُسُهَا
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ ما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَكُونُ حَالًّا وَتَقَدَّمَ ذلك
قَوْلُهُ وما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا في ثَلَاثِ سِنِينَ في كل سَنَةٍ ثُلُثُهُ إنْ كان دِيَةً كَامِلَةً وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَأَرْشِ الْجَائِفَةِ وَجَبَ في رَأْسِ الْحَوْلِ وَإِنْ كان نِصْفَهَا كَدِيَةِ الْيَدِ وَجَبَ في رَأْسِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ في رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانِي
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالتَّأْجِيلِ
____________________
(10/131)
وَإِنْ كان الْوَاجِبُ أَكْثَرَ من الثُّلُثَيْنِ وَجَبَ الثُّلُثَانِ في السَّنَتَيْنِ وَالْبَاقِي في آخِرِ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان دِيَةَ امْرَأَةٍ وَكِتَابِيٍّ فَكَذَلِكَ
يَعْنِي يَجِبُ ثُلُثَاهَا في رَأْسِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وهو قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَبَاقِيهَا في رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقَسَّمَ في ثَلَاثِ سِنِينَ لِكَوْنِهَا دِيَةَ نَفْسٍ وَإِنْ كانت أَقَلَّ من دِيَةِ الرَّجُلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأَصْحَابُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَكْثَرَ من دِيَةٍ كما لو جَنَى عليه فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ لم يَزِدْ في كل حَوْلٍ على الثُّلُثِ
وَكَذَا لو قَتَلَتْ الضَّرْبَةُ الْأُمَّ وَجَنِينَهَا بعد ما اسْتَهَلَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُؤْخَذُ الْكُلُّ في ثَلَاثِ سِنِينَ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ شَخْصٌ اثْنَيْنِ لَزِمَ عَاقِلَتَهُ في كل حَوْلٍ من كل دِيَةٍ ثُلُثُهَا فَيَلْزَمُهُمْ دِيَتُهُمَا في ثَلَاثِ سِنِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما لو أَذْهَبَ بِجِنَايَتَيْنِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ
____________________
(10/132)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَجِبُ دِيَةُ الِاثْنَيْنِ في سِتِّ سِنِينَ
قَوْلُهُ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ في الْجُرْحِ من حِينِ الِانْدِمَالِ وفي الْقَتْلِ من حِينِ الْمَوْتِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي إنْ لم يَسِرْ الْجُرْحُ إلَى شَيْءٍ فَحَوْلُهُ من حِينِ الْقَطْعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي ابْتِدَاؤُهُ في الْقَتْلِ الْمُوحِي وَالْجُرْحِ إنْ لم يَسِرْ عن مَحِلِّهِ من حِينِ الجناية ( ( ( الجنابة ) ) )
فَائِدَةٌ من صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ ما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ
عَمْدُ الْمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ في الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَنَّ عَمْدَهُ في مَالِهِ
قال بن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَتَكُونُ مُغَلَّظَةً
____________________
(10/133)
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً تَكُونُ في مَالِهِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ما أَصَابَ الصَّبِيُّ من شَيْءٍ فَعَلَى الْأَبِ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ فإذا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ
قال في الْفُرُوعِ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا
____________________
(10/134)
بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً أو ما أُجْرِيَ مَجْرَاهُ أو شَارَكَ فيها فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَتَلَ نَفْسَهُ أو غَيْرَهَا وَسَوَاءٌ كان الْقَاتِلُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ وَلَا كَافِرًا بِنَاءً على كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ
وَعَنْهُ على الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَظْهَرُ من جِهَةِ الدَّلِيلِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
قَوْلُهُ أو ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أو حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْإِرْشَادِ وَإِنْ جَنَى عليها فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَأَكْثَرَ فَقِيلَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَقِيلَ تَتَعَدَّدُ
قال في الْفُرُوعِ فَيُخَرَّجُ مِثْلُهُ في جَنِينٍ وَأُمِّهِ
____________________
(10/135)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا أنها لو أَلْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَصَوَّرْ لَا كَفَّارَةَ فيها وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ فيه الْكَفَّارَةُ
قَوْلُهُ سَوَاءٌ كان الْقَاتِلُ كَبِيرًا عَاقِلًا أو صَبِيًّا أو مَجْنُونًا حُرًّا أو عَبْدًا
بِلَا نِزَاعٍ في ذلك إلَّا الْمَجْنُونَ فإنه قال في الِانْتِصَارِ لَا كَفَّارَةَ عليه
قَوْلُهُ وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالصِّيَامِ
يَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ في التَّكْفِيرِ في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا أعتق ( ( ( عتق ) ) ) أو لم يَعْتِقْ قبل التَّكْفِيرِ فَلْيُعَاوَدْ هُنَاكَ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الْقَتْلُ الْمُبَاحُ كَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَقَتْلِ الْبَاغِي وَالصَّائِلِ فَلَا كَفَّارَةَ فيه
بِلَا نِزَاعٍ إلَّا في الْبَاغِي إذَا قَتَلَهُ الْعَادِلُ فإنه حَكَى في التَّرْغِيبِ فيه وَجْهَيْنِ على رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ
قَوْلُهُ وفي الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِيهِمَا
أَمَّا الْعَمْدُ فَلَا تَجِبُ فيه الْكَفَّارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَوَلَدُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ في قَتْلِ الْعَمْدِ
____________________
(10/136)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ تَجِبُ اخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَزَعَمَ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا أَنَّ هذه الرِّوَايَةَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ
قال وَلَيْسَ في كَلَامِهِ ما يَدُلُّ على ذلك
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ إنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِهِ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُ على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ لَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا في شِبْهِ الْعَمْدِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلًا وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ كَالْعَمْدِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَكَذَا قال بن مُنَجَّا
وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْأَصْحَابُ فيها إنَّمَا هو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ فَقَطْ
فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ على أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
____________________
(10/137)
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وقد وَقَعَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ إجْرَاءُ الرِّوَايَتَيْنِ في شِبْهِ الْعَمْدِ وهو ذُهُولٌ
فَقَدْ قال في الْمُغْنِي لَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا فيه قَوْلًا
قال بن مُنَجَّا بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي فَحِكَايَةُ الرِّوَايَةِ في شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَعَتْ هُنَا سَهْوًا
قال الشَّارِحُ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وقد ذَكَرَ شَيْخُنَا في الْكِتَابِ الْمَشْرُوحِ رِوَايَةً أَنَّهُ كَالْعَمْدِ لِأَنَّ دِيَتَهُ مُغَلَّظَةٌ
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ما اطَّلَعَ عليها إلَّا في هذا الْكِتَابِ انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ
وقد ذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ النَّاظِمُ وبن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ ولم يَتَعَرَّضُوا لِلنَّقْلِ فيها
لَكِنْ قال النَّاظِمُ هِيَ بَعِيدَةٌ
وقد عَلَّلَهَا الشَّارِحُ فقال لِأَنَّ دِيَتَهُ مُغَلَّظَةٌ فَكَانَتْ كَالْعَمْدِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا من لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فَفِي مَالِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ ما حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ من خَطَأِ الْإِمَامِ وَحَاكِمٍ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ
وَيُكَفِّرُ الْوَلِيُّ عن غَيْرِ مُكَلَّفٍ من مَالِهِ
الثَّانِيَةُ نَقَلَ مُهَنَّا الْقَتْلُ له كَفَّارَةٌ وَالزِّنَا له كَفَّارَةٌ
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ ليس بَعْدَ الْقَتْلِ شَيْءٌ أَشَدُّ من الزنى
____________________
(10/138)
بَابُ الْقَسَامَةِ
قَوْلُهُ وَهِيَ الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ في دَعْوَى الْقَتْلِ
مُرَادُهُ قَتْلُ مَعْصُومٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كان الْقَتْلُ عَمْدًا أو خَطَأً
أَمَّا الْعَمْدُ فَلَا نِزَاعَ فيه بِشُرُوطِهِ
وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ
أَحَدُهَا دَعْوَى الْقَتْلِ ذَكَرًا كان الْمَقْتُولُ أو أُنْثَى حُرًّا أو عَبْدًا مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا قَسَامَةَ في عَبْدٍ وَكَافِرٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ لَا تُشْرَعُ إلَّا فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ
كَذَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ منه وَاخْتَارَهُ وَيَأْتِي قَرِيبًا
قَوْلُهُ الثَّانِي اللَّوْثُ وَهِيَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ كَنَحْوِ ما كان بين الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَكَمَا بين الْقَبَائِلِ التي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْهِدَايَةِ هذا اخْتِيَارُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا
____________________
(10/139)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيَدْخُلُ في ذلك لو حَصَلَ عَدَاوَةٌ مع سَيِّدِ عَبْدٍ وَعَصَبَتِهِ فَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ في صَحْرَاءَ وَلَيْسَ معه غَيْرُ عَبْدِهِ كان ذلك لَوْثًا في حَقِّ الْعَبْدِ وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الْقَسَامَةُ
قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ ما يَغْلِبُ على الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عن قَتِيلٍ وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ من معه سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ وَشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَعَدْلٍ وَاحِدٍ وَفَسَقَةٍ وَنَحْوِ ذلك
وَاخْتَارَ هذه الرِّوَايَةَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وبن رَزِينٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحْمَةُ اللَّهِ عليهم وَغَيْرُهُمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعَنْهُ إذَا كان عَدَاوَةٌ أو عَصَبِيَّةٌ نَقَلَهَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع الْعَدَاوَةِ أَثَرُ الْقَتْلِ في الْمَقْتُولِ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ كَدَمٍ من أُذُنِهِ وَفِيهِ من أَنْفِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ أو من شَفَتِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يَقْدَحُ فيه فَقْدُ أَثَرِ الْقَتْلِ على رِوَايَتَيْنِ
وقال في التَّرْغِيبِ ليس ذلك أَثَرًا
وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي أَنْ لَا يَخْتَلِطَ بِالْعَدُوِّ غَيْرُهُ
وَالْمَنْصُوصُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ
وقال بن عَقِيلٍ إنْ ادَّعَى قَتِيلٌ على مَحَلَّةِ بَلَدٍ كَبِيرٍ يَطْرُقُهُ غَيْرُ أَهْلِهِ ثَبَتَتْ الْقَسَامَةُ في رِوَايَةٍ
قَوْلُهُ فَأَمَّا قَوْلُ الْقَتِيلِ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَيْسَ بِلَوْثٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/140)
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَذْهَبُ إلَى الْقَسَامَةِ إذَا كان ثَمَّ لَطْخٌ إذَا كان ثَمَّ سَبَبٌ بَيِّنٌ إذَا كان ثَمَّ عَدَاوَةٌ إذَا كان مِثْلُ الْمُدَّعَى عليه يَفْعَلُ مِثْلَ هذا
قَوْلُهُ وَمَتَى ادَّعَى الْقَتْلَ مع عَدَمِ اللَّوْثِ عَمْدًا فقال الْخِرَقِيُّ لَا يُحْكَمُ له بِيَمِينٍ وَلَا بِغَيْرِهَا
وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ
وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَهِيَ الْأَوْلَى وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوْلُ بِالْحَلِفِ هو الْحَقُّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا
فَائِدَةٌ حَيْثُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه فَلَا كَلَامَ وَحَيْثُ امْتَنَعَ لم يُقْضَ عليه بِالْقَوَدِ بِلَا نِزَاعٍ
وَهَلْ يُقْضَى عليه بِالدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَتَثْبُتُ بِالنُّكُولِ عِنْدَ من يُثْبِتُ الْمَالَ بِهِ أو تُرَدُّ الْيَمِينُ على الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي إنْ قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ انْتَهَى
____________________
(10/141)
وإذا لم يُقْضَ عليه فَهَلْ يخلي سَبِيلُهُ أو يُحْبَسُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قُلْت الصَّوَابُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ وَإِنْ كان خَطَأً حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَعَنْهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا
وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ اتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ في الدَّعْوَى فَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ لم تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنْ لم يُكَذِّبْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لم يَقْدَحْ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ في الْمُدَّعِينَ رِجَالٌ عُقَلَاءُ وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ في الْقَسَامَةِ عَمْدًا كان أو خَطَأً
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ لِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ في الْقَسَامَةِ في قَتْلِ الْخَطَأِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كان في الْأَوْلِيَاءِ نِسَاءٌ أَقْسَمَ الرِّجَالُ فَقَطْ وَإِنْ كان الْجَمِيعُ نِسَاءً فَهُوَ كما لو نَكَلَ الْوَرَثَةُ
____________________
(10/142)
فَائِدَةٌ لَا مَدْخَلَ لِلْخُنْثَى في الْقَسَامَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ بَلَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانا اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ أو غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ من الدِّيَةِ هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ حَلَفَ على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا ( ( ( شيء ) ) ) حتى يَحْلِفَ الْآخَرُ فَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ أَهْلِيَّةِ الْآخَرِ
وَمَحِلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ الْعَمْدِ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أو خَمْسًا وَعِشْرِينَ على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ
____________________
(10/143)
أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْلِفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ وإذا قَدِمَ الْغَائِبُ أو بَلَغَ الصَّبِيُّ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَلَهُ بَقِيَّتُهَا
سَوَاءٌ قُلْنَا يَحْلِفُ الْأَوَّلُ خَمْسِينَ أو خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يَحْلِفُ خَمْسِينَ وَحَكَى عن أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي
وَعَلَى هذا إنْ اخْتَلَفَ التَّعْيِينُ أَقْسَمَ كُلُّ وَاحِدٍ على من عَيَّنَهُ
قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ من شُرُوط الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا تُوجِبُ الْقِصَاصَ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ وَأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى على وَاحِدٍ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ
وَعَلَّلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هذا نَظَرٌ حَسَنٌ
وَلَيْسَ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ بِالْبَيِّنِ في ذلك
وقال غَيْرُهُ ليس بِشَرْطٍ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(10/144)
قال الزَّرْكَشِيُّ لم أَرَ الْأَصْحَابَ عَرَّجُوا على كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الشَّارِحُ وَعِنْدَ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ من أَصْحَابِنَا تَجْرِي الْقَسَامَةُ فِيمَا لَا قَوَدَ فيه كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
وفي التَّرْغِيبِ عنه عَمْدًا وَالنَّصُّ أو خَطَأً
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَمَّا الدَّعْوَى على وَاحِدٍ فَإِنْ كانت الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا لم يُقْسِمُوا إلَّا على وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ كانت خَطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ ليس لهم الْقَسَامَةُ
وَلَا تُشْرَعُ على أَكْثَرَ من وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّاءِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لهم الْقَسَامَةُ على جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ
وهو الذي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ غير الْخِرَقِيِّ قال ذلك
وَتَابَعَهُ على ذلك الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا عن غَيْرِ الْخِرَقِيِّ من اخْتَارَ ذلك
____________________
(10/145)
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ من الْمُدَّعَى عليهم خَمْسِينَ يَمِينًا أو بِقِسْطِهِ منها فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم خَمْسِينَ يَمِينًا
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ
قَوْلُهُ وَيُبْدَأُ في الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَخْتَصُّ ذلك بِالْوَارِثِ
يَعْنِي الْعَصَبَةَ على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحْلِفُ من الْعَصَبَةِ الْوَارِثُ منهم وَغَيْرُ الْوَارِثِ نَصَرَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّاءِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَاضِي فِيمَا أَظُنُّ
فَيُقْسِمُ من عُرِفَ وَجْهُ نِسْبَتِهِ من الْمَقْتُولِ لَا أَنَّهُ من الْقَبِيلَةِ فَقَطْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وَسَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ لم يَكُنْ أَوْلِيَاءٌ قال فَقَبِيلَتُهُ التي هو فيها أو أَقْرَبُهُمْ منه
____________________
(10/146)
وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ أَنَّهُمْ الْعَصَبَةُ الْوَارِثُونَ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْوَارِثُ وَاحِدًا حَلَفَهَا هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لَا أَجْتَرِئُ عليه
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ يَحْلِفُ وَلِيٌّ يَمِينًا
وَعَنْهُ خَمْسُونَ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا في اعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَيْمَانِ الْخَمْسِينَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا الْمُوَالَاةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ فَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ أو عُزِلَ الْحَاكِمُ بَنَى لَا وَارِثُهُ
الثَّانِيَةُ وُرَّاثُ الْمُسْتَحِقِّ كَالْمُسْتَحِقِّ بِالْأَصَالَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُنْتَخَبِ إنْ لم يَكُنْ طَالِبٌ فَلَهُ الْحَقُّ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ من تَفْصِيلِ الدَّعْوَى في يَمِينِ الْمُدَّعِي
الثَّالِثَةُ مَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ فَالْحَقُّ لِلْجَمِيعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ الْعَمْدُ لِذُكُورِ الْعَصَبَةِ
الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عليه وَقْتَ يَمِينِهِ كَالْبَيِّنَةِ عليه وَحُضُورُ الْمُدَّعِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(10/147)
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَحْلِفُوا حَلَفَ المدعي عليه خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ
وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا نِسَاءً وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عليه في الخطأ وَيَغْرَمُ الدِّيَةَ
وَعَنْهُ يُؤْخَذُ من بَيْتِ الْمَالِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَقَدَّمَ في الْمُوجَزِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَصِحُّ يَمِينُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ ما قَتَلْته وَلَا أَعَنْت عليه وَلَا تَسَبَّبْت لِئَلَّا يُتَأَوَّلَ انْتَهَى
وقد تَقَدَّمَ إذَا قُلْنَا تَصِحُّ الدَّعْوَى في الخطأ وَشِبْهِهِ على جَمَاعَةٍ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا أو قِسْطَهُ منها فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَحْلِفْ الْمُدَّعُونَ ولم يَرْضَوْا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عليه فَدَاهُ الْإِمَامُ من بَيْتِ الْمَالِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ فَنَكَلُوا لم يُحْبَسُوا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/148)
وَعَنْهُ يُحْبَسُونَ حتى يُقِرُّوا أو يَحْلِفُوا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ أو تَكُونُ في بَيْتِ الْمَالِ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي إذَا نَكَلُوا وَقُلْنَا إنَّهُمْ لَا يُحْبَسُونَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَكُونُ في بَيْتِ الْمَالِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَبَنَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْ الْحَبْسِ وَعَدَمِهِ على هذه الرِّوَايَةِ وهو وَاضِحٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو رَدَّ الْمُدَّعَى عليه الْيَمِينَ على الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ على رَدِّ الْيَمِينِ وَجْهَانِ وَأَنَّهُمَا في كُلٍّ نُكُولٌ عن يَمِينٍ مع الْعَوْدِ إلَيْهَا في مَقَامٍ آخَرَ هل له ذلك لِتَعَدُّدِ الْمَقَامِ أَمْ لَا لِنُكُولِهِ مَرَّةً
الثَّانِيَةُ يفدي مَيِّتٌ في زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ من بَيْتِ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ هَدَرٌ
وَعَنْهُ هَدَرٌ في صَلَاةٍ لَا حَجٍّ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ في غَيْرِ زِحَامٍ خَالِيًا
____________________
(10/149)
كِتَابُ الْحُدُودِ
فَائِدَةٌ الْحُدُودُ جَمْعُ حَدٍّ وهو في الْأَصْلِ الْمَنْعُ وهو في الشَّرْعِ عُقُوبَةٌ تَمْنَعُ من الْوُقُوعِ في مِثْلِهِ
قَوْلُهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا على بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ
هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال في الْوَجِيزِ تَبَعًا لِلرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مُلْتَزِمٍ لِيَدْخُلَ الذِّمِّيُّ دُونَ الْحَرْبِيِّ
قُلْت هذا الْحُكْمُ لَا خِلَافَ فيه
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ إلَّا الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَتَطَلُّبِ الْإِمَامِ له لِيَقْتُلَهُ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ قَتْلُهُ
وَقِيلَ يُقِيمُ الْحَدَّ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ لم يَضْمَنْهُ نَصَّ عليه
قَوْلُهُ إلَّا السَّيِّدَ يَعْنِي الْمُكَلَّفَ فإن له إقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً على رَقِيقِهِ الْقِنِّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَلِسَيِّدٍ إقَامَتُهُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/150)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ليس له ذلك
وَقِيلَ ليس له إقَامَةُ الْحَدِّ على أَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ عَصَى الرَّقِيقُ عَلَانِيَةً أَقَامَ السَّيِّدُ عليه الْحَدَّ وَإِنْ عَصَى سِرًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عليه إقَامَتُهُ بَلْ يُخَيَّرُ بين سَتْرِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ في ذلك تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قد يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ رَقِيقِهِ الْقِنِّ أَنَّهُ لو كان رَقِيقًا مُشْتَرَكًا لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ ليس لِغَيْرِ السَّيِّدِ إقَامَةُ الْحَدِّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لِلْوَصِيِّ إقَامَتُهُ على رَقِيقِ مُوَلِّيهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَهَلْ له الْقَتْلُ في الرِّدَّةِ وَالْقَطْعُ في السَّرِقَةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا ليس له ذلك وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَنَصَرُوهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له ذلك صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
____________________
(10/151)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُ إقَامَتَهُ على مُكَاتَبِهِ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له إقَامَتُهُ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنه لَا يُقِيمُ الْحَدَّ على مُكَاتَبَتِهِ
قَوْلُهُ وَلَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ
يَعْنِي لَا يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ عليها وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ له إقَامَتُهُ عليها صَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ
وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ كانت ثَيِّبًا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ كانت مُحْصَنَةً فَالسُّلْطَانُ وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا حتى تُحَدَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان السَّيِّدُ فَاسِقًا أو امْرَأَةً فَلَهُ إقَامَتُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(10/152)
وَيُحْتَمَلُ أن لا يملكه وهو لِلْقَاضِي
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يُقِيمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في بَابِ الْمُكَاتَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي في الْكِتَابَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَهُ وهو وَجْهٌ وَرِوَايَةٌ في الْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي هُنَا وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أو إقْرَارِ
حَيْثُ قُلْنَا لِلسَّيِّدِ إقَامَتُهُ فَلَهُ إقَامَتُهُ بِالْإِقْرَارِ بِلَا نِزَاعٍ إذَا عَلِمَ شُرُوطَهُ
وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لم يَعْلَمْ شُرُوطَهَا فَلَيْسَ له إقَامَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَإِنْ عَلِمَ شُرُوطَ سَمَاعِهَا فَلَهُ إقَامَتُهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ
____________________
(10/153)
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له ذلك
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَمَنْ أَقَامَ على نَفْسِهِ ما يَلْزَمُهُ من حَدِّ زِنًا أو قَذْفٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ لم يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ
وَيَأْتِي اسْتِيفَاؤُهُ حَدَّ قَذْفٍ من نَفْسِهِ في بَابِهِ بِأَتَمَّ من هذا
وَتَقَدَّمَ في بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لو اقْتَصَّ الْجَانِي من نَفْسِهِ برضى ( ( ( برضا ) ) ) الْوَلِيِّ هل يَجُوزُ أو لَا
قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِعِلْمِهِ فَلَهُ إقَامَتُهُ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ كَالْإِمَامِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهَا الْقَاضِي
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقِيمُ الْإِمَامُ الْحَدَّ بِعِلْمِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا من كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ إقَامَتِهِ بِعِلْمِهِ
قَوْلُهُ وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ في الْمَسَاجِدِ
يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّحْرِيمَ
____________________
(10/154)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ
وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ في بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْوَقْفِ
قَوْلُهُ وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ في الْحَدِّ قَائِمًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ قَاعِدًا
فَعَلَيْهَا يُضْرَبُ الظَّهْرُ وما قَارَبَهُ
قَوْلُهُ بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلِقٍ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ سَوْطُ الْعَبْدِ دُونَ سَوْطِ الْحُرِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَجَعَلُوا الْأَوَّلَ احْتِمَالًا
وَنَسَبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَى الْمُصَنِّفِ فَقَطْ
قال في الْبُلْغَةِ وَلْتَكُنْ الْحِجَارَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالْكَفِّيَّةِ
وقال في الرِّعَايَةِ من عِنْدَهُ حَجْمُ السَّوْطِ بين الْقَضِيبِ والعصي ( ( ( والعصا ) ) ) أو بِقَضِيبٍ بين الْيَابِسِ وَالرَّطْبِ
قَوْلُهُ وَلَا يُمَدُّ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُجَرَّدُ بَلْ يَكُونُ عليه الْقَمِيصُ وَالْقَمِيصَانِ
____________________
(10/155)
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ نَقَلَهُ عبد اللَّهِ وَالْمَيْمُونِيُّ
قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ على أَعْضَائِهِ إلَّا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وَمَوْضِعَ الْمَقْتَلِ
تَفْرِيقُ الضَّرْبِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي يَجِبُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ في الْحُدُودِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ وَلِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ
قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ وما قَالَهُ شَيْخُنَا أَظْهَرُ
الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ لِلْجَلْدِ النِّيَّةُ فَلَوْ جَلَدَهُ لِلتَّشَفِّي أَثِمَ وَيُعِيدُهُ ذَكَرَهُ في الْمَنْثُورِ عن الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُعْتَبَرُ وهو أَظْهَرُ
قال ولم يَعْتَبِرُوا نِيَّةَ من يُقِيمُهُ أَنَّهُ حَدٌّ مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ لَا يُعْتَبَرُ
وفي الْفُصُولِ قُبَيْلَ فُصُولِ التَّعْزِيرِ يُحْتَاجُ عِنْدَ إقَامَتِهِ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَضْرِبُ لِلَّهِ وَلِمَا وَضَعَ اللَّهُ ذلك وَكَذَلِكَ الْحِدَادُ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَوَلَّى وَأَمَرَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا يَضْرِبُ لَا عِلْمَ له بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَتْ نِيَّتُهُ وَالْعَبْدُ كَالْآلَةِ
____________________
(10/156)
قال وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهُمَا كما نَقُولُ في غُسْلِ الْمَيِّتِ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ غَاسِلِهِ
وَاحْتَجَّ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ لِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْفَقِيرِ له جِهَاتٌ فَلَا بُدَّ من نِيَّةِ التَّمْيِيزِ كَالْجَلْدِ في الْحُدُودِ قال ذلك في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ إلَّا أنها تُضْرَبُ جَالِسَةً وَتُشَدُّ عليها ثِيَابُهَا نَصَّ عليه
وَتُمْسَكُ يَدَاهَا لِئَلَّا تَنْكَشِفَ
وقال في الْوَاضِحِ أَسْوَاطُهَا كَذَلِكَ
قَوْلُهُ وَالْجَلْدُ في الزنى أَشَدُّ الْجَلْدِ ثُمَّ جَلْدُ الْقَذْفِ ثُمَّ الشُّرْبِ ثُمَّ التَّعْزِيرِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ أَخَفُّهَا حَدُّ الشُّرْبِ إنْ قُلْنَا هو أَرْبَعُونَ جَلْدَةً ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ
وَإِنْ قُلْنَا حَدُّهُ ثَمَانُونَ بُدِئَ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ بِحَدِّ الشُّرْبِ ثُمَّ بِحَدِّ الزنى ثُمَّ بِحَدِّ السَّرِقَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الضَّرْبَ في حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ فَلَهُ ذلك
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وزاد في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَبِالْأَيْدِي أَيْضًا وهو مَذْكُورٌ في الحديث
وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ الشُّرَّاحُ بِذَلِكَ
وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يُجْزِئُ بِطَرْفِ ثَوْبٍ وَنَعْلٍ
وفي الْمُوجَزِ لَا يُجْزِئُ بِيَدٍ وَطَرْفِ ثَوْبٍ
____________________
(10/157)
وقال في الْوَسِيلَةِ يُسْتَوْفَى بِالسَّوْطِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْخِرَقِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَكَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ قالوا يُضْرَبُ بِسَوْطٍ
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ حَبْسُهُ بَعْدَ الْحَدِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ من لم يَنْزَجِرْ بِالْحَدِّ وَضَرْبِ الناس فَلِلْوَالِي لَا الْقَاضِي حَبْسُهُ حتى يَتُوبَ
وفي بَعْضِ النُّسَخِ حتى يَمُوتَ
قَوْلُهُ قال أَصْحَابُنَا وَلَا يُؤَخَّرُ الْحَدُّ لِلْمَرَضِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما قال الْمُصَنِّفُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ في الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ
يَعْنِي إذَا كان جَلْدًا
فَأَمَّا الرَّجْمُ فَلَا يُؤَخَّرُ فَلَوْ خَالَفَ على هذا الِاحْتِمَالِ وَفَعَلَ ضَمِنَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ تَأْخِيرُهُ لِقَوْلِهِ من يَجِبُ عليه الْحَدُّ وهو صَحِيحٌ عَاقِلٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان جَلْدًا وَخُشِيَ عليه من السَّوْطِ أُقِيمَ بِأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَالْعُثْكُولِ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(10/158)
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ خِيفَ من السَّوْطِ لم يَتَعَيَّنْ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الْجَلْدُ بِالسَّوْطِ
وَقِيلَ يُضْرَبُ بِمِائَةِ شِمْرَاخٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ خِيفَ عليه بِالسَّوْطِ جَلَدَهُ بِطَرْفِ ثَوْبٍ أو عُثْكُولِ نَخْلٍ فيه مِائَةُ شِمْرَاخٍ يَضْرِبُهُ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً
فَائِدَةٌ يُؤَخَّرُ شَارِبُ الْخَمْرِ حتى يَصْحُوَ نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ لو وُجِدَ في حَالِ سُكْرِهِ فقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ بِهِ أَلَمٌ يُوجِبُ الزَّجْرَ سَقَطَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
وقال أَيْضًا الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لو تَلِفَ وَالْحَالَةُ هذه لَا يَضْمَنُهُ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا قُلْنَا لَا يَسْقُطُ بِهِ
وَيُؤَخَّرُ قَطْعُ السَّارِقِ خَوْفَ التَّلَفِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وإذا مَاتَ الْمَحْدُودُ في الْجَلْدِ فَالْحَقُّ قَتْلُهُ
وَكَذَا في التَّعْزِيرِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ في حَرٍّ أو بَرْدٍ أو مَرَضٍ وَتَلِفَ فَهَدَرٌ في الْأَصَحِّ
وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إذَا لم يَلْزَمْ التَّأْخِيرُ
فَأَمَّا إذَا قُلْنَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ وَجَلَدَهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أو أَكْثَرَ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أو نِصْفَ الدِّيَةِ على وَجْهَيْنِ
____________________
(10/159)
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ هذا الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ
وَقِيلَ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ على الْأَسْوَاطِ إنْ زَادَ على الْأَرْبَعِينَ
وفي وَاضِحِ بن عَقِيلٍ إنْ وَضَعَ في سَفِينَةٍ كُرًّا فلم تَغْرَقْ ثُمَّ وَضَعَ قَفِيزًا فَغَرِقَتْ فَغَرَقُهَا بِهِمَا في أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّانِي بِالْقَفِيزِ
وَكَذَلِكَ الشِّبَعُ وَالرِّيُّ وَالسَّيْرُ بِالدَّابَّةِ فرسخ ( ( ( فرسخا ) ) ) وَالسُّكْرُ بِالْقَدَحِ وَالْأَقْدَاحِ
وَذَكَرَهُ عن الْمُحَقِّقِينَ كما تَنْشَأُ الْغَضْبَةُ بِكَلِمَةٍ بَعْدَ كَلِمَةٍ وَيَمْتَلِئُ الْإِنَاءُ بِقَطْرَةٍ بَعْدَ قَطْرَةٍ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ
وَجَزَمَ أَيْضًا في السَّفِينَةِ أَنَّ الْقَفِيزَ هو الْمُغْرِقُ لها
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ الْغَصْبِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرَتُهَا في الْإِجَارَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أُمِرَ بِزِيَادَةٍ في الْحَدِّ فَزَادَ جَاهِلًا ضَمِنَهُ الْآمِرُ وَإِنْ كان عَالِمًا فَفِيهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْآمِرُ
____________________
(10/160)
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَالثَّانِي يَضْمَنُ الضَّارِبُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
الثَّانِيَةُ لو تَعَمَّدَ الْعَادُّ الزِّيَادَةَ دُونَ الضَّارِبِ أو أَخْطَأَ وَادَّعَى ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ وَتَعَمُّدُ الْإِمَامِ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُهُ في الْأَقْيَسِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ
وَقِيلَ كَخَطَأٍ فيه الرِّوَايَتَانِ
قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْحَدُّ رَجْمًا لم يُحْفَرْ له رَجُلًا كان أو امْرَأَةً في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
وفي الْآخَرِ إنْ ثَبَتَ على الْمَرْأَةِ بِإِقْرَارِهَا لم يُحْفَرْ لها وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ حُفِرَ لها إلَى الصَّدْرِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَحَكَاهُمَا في الْخُلَاصَةِ رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وبن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ الْحَفْرَ لها يَعْنُونَ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا أو بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَهُوَ أَسْتَرُ لها بِخِلَافِ الرَّجُلِ
____________________
(10/161)
قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ
بِلَا نِزَاعٍ وَيَجِبُ حُضُورُهُ هو أو من يُقِيمُهُ مَقَامَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَجِبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَأَبْطَلَا غَيْرَهُ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَجِيءُ الناس صُفُوفًا لَا يَخْتَلِطُونَ ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا
فَائِدَةٌ يَجِبُ حُضُورُ طَائِفَةٍ في حَدِّ الزنى وَالطَّائِفَةُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا وَاحِدًا مع الذي يُقِيمُ الْحَدَّ لِأَنَّ الذي يُقِيمُ الْحَدَّ حَاصِلٌ ضَرُورَةً فَتَعَيَّنَ صَرْفُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ
قال في الْكَافِي وقال أَصْحَابُنَا أَقَلُّ ذلك وَاحِدٌ مع الذي يُقِيمُ الْحَدَّ
وَاخْتَارَ في الْبُلْغَةِ اثْنَانِ فما فَوْقَهُمَا لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ
قال الْقَاضِي الطَّائِفَةُ اسْمُ الْجَمَاعَةِ لقوله تعالى 4 102 { وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يُصَلُّوا } وَلَوْ كانت الطَّائِفَةُ وَاحِدًا لم يَقُلْ فَلْيُصَلُّوا
وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ
وقال في الْفُصُولِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ الطَّائِفَةُ اسْمُ جَمَاعَةٍ وَأَقَلُّ اسْمِ الْجَمَاعَةِ من الْعَدَدِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ قال جَمَاعَةٍ لَكَانَ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا قال طَائِفَةٍ
وَسَبَقَ في الْوَقْفِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ
قُلْت كَلَامُ الْقَاضِي في اسْتِدْلَالِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا } غَيْرُ قَوِيٍّ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يقول بهذا أَيْضًا وَلَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ عِنْدَهُ تَشْمَلُ الْجَمَاعَةَ وَتَشْمَلُ الْوَاحِدَ فَهَذِهِ الْآيَةُ شَمِلَتْ الْجَمَاعَةَ لَكِنْ ما نَفَتْ أنها تَشْمَلُ الْوَاحِدَ
____________________
(10/162)
وذكر أبو الْمَعَالِي أَنَّ الطَّائِفَةَ تُطْلَقُ على الْأَرْبَعَةِ في قَوْله تَعَالَى 24 2 { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ } لِأَنَّهُ أَوَّلُ شُهُودِ الزنى
قَوْلُهُ وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عن إقْرَارِهِ قُبِلَ منه وَإِنْ رَجَعَ في أَثْنَاءِ الْحَدِّ لم يُتْمَمْ
هذا الْمَذْهَبُ في جَمِيعِ الْحُدُودِ أَعْنِي حَدَّ الزنى وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ في الزنى فَقَطْ
وقال في الِانْتِصَارِ في الزنى يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ بِكِنَايَةٍ نَحْوِ مَزَحْت أو ما عَرَفْت ما قُلْت أو كُنْت نَاعِسًا
وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا في سَارِقِ بَارِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تُمِّمَ الْحَدُّ إذَنْ ضَمِنَ الرَّاجِعُ لَا الْهَارِبُ فَقَطْ بالمال ( ( ( المال ) ) ) وَلَا قَوَدَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ لم يُتْرَكْ بِلَا نِزَاعٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بِإِقْرَارٍ تُرِكَ
يَعْنِي إذَا رُجِمَ بِإِقْرَارٍ فَهَرَبَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُتْرَكُ فَلَا يَسْقُطُ عنه الْحَدُّ بِالْهَرَبِ
____________________
(10/163)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تُمِّمَ الْحَدُّ بَعْدَ الْهَرَبِ لم يَضْمَنْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ يَضْمَنُ
فَائِدَةٌ لو أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ أَقَرَّ حُدَّ
وَلَوْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ على إقْرَارِهِ فَقَدْ رَجَعَ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يُتْرَكُ فَيُحَدُّ
وَقِيلَ يقبل ( ( ( قبل ) ) ) رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وإذا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ فيها قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ فيها قَتْلٌ فَإِنْ كانت من جِنْسٍ مِثْلُ أن زَنَى أو سَرَقَ أو شَرِبَ مِرَارًا أَجْزَأَ حَدٌّ وَاحِدٌ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ في السَّرِقَةِ
قال في الْبُلْغَةِ فَقَطْعٌ وَاحِدٌ على الْأَصَحِّ
وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةً إنْ طَالَبُوا مُتَفَرِّقِينَ قُطِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
قال أبو بَكْرٍ هذه رِوَايَةُ صَالِحٍ وَالْعَمَلُ على خِلَافِهَا
قَوْلُهُ وإن ( ( ( وإذ ) ) ) كانت من أَجْنَاسٍ اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا وَيُبْدَأُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ
____________________
(10/164)
وَهَذَا على سَبِيلِ الْوُجُوبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فَلَوْ بدأ ( ( ( بدئ ) ) ) بِغَيْرِ الْأَخَفِّ جَازَ وَقَطَعَا بِهِ
قَوْلُهُ وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا سَوَاءٌ كان فيها قَتْلٌ أو لم يَكُنْ وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مع حُدُودِ اللَّهِ بدأ ( ( ( بدئ ) ) ) بها
وَبِالْأَخَفِّ وُجُوبًا
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي الْمُغْنِي إنْ بدأ ( ( ( بدئ ) ) ) بِغَيْرِهِ جَازَ
فإذا زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا قُطِعَتْ يَدُهُ أَوَّلًا ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ للزنى ( ( ( للزنا ) ) )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُؤَخَّرُ الْقَطْعُ
وَيُؤَخَّرُ حَدُّ الشُّرْبِ عن حَدِّ الْقَذْفِ إنْ قِيلَ هو أَرْبَعُونَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حتى يَبْرَأَ من الذي قَبْلَهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/165)
وَقِيلَ إنْ طَلَبَ صَاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَهُ قبل بُرْئِهِ من قَطْعٍ فَوَجْهَانِ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ وَارْتَدَّ أو سَرَقَ وَقَطَعَ يَدًا قُتِلَ وَقُطِعَ لَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُقْتَلُ ويقطع ( ( ( وقطع ) ) ) لِلْقَوَدِ فَقَطْ
جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَظْهَرَ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ في جَوَازِ الْخِلَافِ في اسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَأَنَّ على الْمَنْعِ هل يُعَزَّرُ أَمْ لَا
وَأَنَّ الْأُجْرَةَ منه أو من الْمَقْتُولِ
وَأَنَّهُ هل يَسْتَقِلُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أو يَكُونُ كَمَنْ قَتَلَ جَمَاعَةً فَيُقْرَعُ أو يُعَيِّنُ الْإِمَامُ
وَأَنَّهُ هل يَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ كما قِيلَ فِيمَنْ قَتَلَ الرَّجُلَيْنِ وَغَيْرِ ذلك انْتَهَى
وقال الشَّارِحُ إذَا اتَّفَقَ الْحَقَّانِ في مَحِلٍّ وَاحِدٍ كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ قِصَاصًا صَارَ حَدًّا
فَأَمَّا الْقَتْلُ فَإِنْ كان فيه ما هو خَالِصٌ لِحَقِّ اللَّهِ كَالرَّجْمِ في الزنى وما هو حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَاصِ قُدِّمَ الْقِصَاصُ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْآدَمِيِّ
وَإِنْ اجْتَمَعَ الْقَتْلُ كَالْقَتْلِ في الْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ بدأ ( ( ( بدئ ) ) ) بِأَسْبَقِهِمَا لِأَنَّ الْقَتْلَ في الْمُحَارَبَةِ فيه حَقٌّ لِآدَمِيٍّ
وَإِنْ سَبَقَ الْقَتْلُ في الْمُحَارَبَةِ استوفى وَوَجَبَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ دِيَتُهُ من مَالِ الْجَانِي
وَإِنْ سَبَقَ الْقِصَاصُ قُتِلَ قِصَاصًا ولم يُصْلَبْ وَوَجَبَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ في الْمُحَارَبَةِ دِيَتُهُ
وَكَذَا لو مَاتَ الْقَاتِلُ في الْمُحَارَبَةِ
____________________
(10/166)
وَلَوْ كان الْقِصَاصُ سَابِقًا وَعَفَا وَلِيُّ الْمَقْتُولِ استوفى الْقَتْلُ لِلْمُحَارَبَةِ سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أو إلَى الدِّيَةِ
وَإِنْ اجْتَمَعَ وُجُوبُ الْقَطْعِ في يَدٍ أو رِجْلٍ قِصَاصًا وَحَدًّا قُدِّمَ الْقِصَاصُ على الْحَدِّ الْمُتَمَحِّضِ لِلَّهِ
وَإِنْ عَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ استوفى الْحَدُّ
فإذا قَطَعَ يَدًا وَأَخَذَ الْمَالَ في الْمُحَارَبَةِ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا وَيُنْتَظَرُ بُرْؤُهُ فإذا بَرَأَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ لو أَخَذَ الدِّيَةَ استوفى الْحَدُّ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّاءِ من قَتَلَ بِسِحْرٍ قُتِلَ حَدًّا وَلِلْمَسْحُورِ من مَالِهِ دِيَتُهُ فَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ
قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ أو أتى حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ لم يُسْتَوْفَ منه فيه
وَكَذَلِكَ لو لَجَأَ إلَيْهِ حَرْبِيٌّ أو مُرْتَدٌّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَحَيَوَانٍ صَائِلٍ مَأْكُولٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في الْحُدُودِ
وَوَافَقَ أبو حَنِيفَةَ في القتل ( ( ( الحدود ) ) )
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُؤْخَذُ بِدُونِ الْقَتْلِ
هَكَذَا قال في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ من قَاتِلٍ وَآتٍ حَدًّا لَا يُسْتَوْفَى منه
وَعَنْهُ يُسْتَوْفَى فيه كُلُّ حَدٍّ وَقَوَدٍ مُطْلَقًا غير الْقَتْلِ
قال وَكَذَا الْخِلَافُ في الْحَرْبِيِّ الْمُلْتَجِئِ إلَيْهِ وَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ ارْتَدَّ فيه
____________________
(10/167)
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ فيه يُقْتَلُ فيه تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى
أَنَّهُ لَا يُكَلَّمُ وَلَا يُوَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَلَا يُكَلَّمُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ
وزاد في الرَّوْضَةِ لَا يُوَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ
الثَّانِي الْأَلِفُ وَاللَّامُ في الْحَرَمِ لِلْعَهْدِ وهو حَرَمُ مَكَّةَ
فَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ في التَّعْلِيقِ وَجْهًا أَنَّ حَرَمَهَا كَحَرَمِ مَكَّةَ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذلك في الْحَرَمِ اُسْتُوْفِيَ منه فيه
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى دَارِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ من لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ من خَارِجِهِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ لَا تَعْصِمُ من شَيْءٍ من الْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَرَدَّدَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تُعْصَمُ
وَاخْتَارَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى
الثَّانِيَةُ لو قُوتِلُوا في الْحَرَمِ دَفَعُوا عن أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال هذا ظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ
وَصَحَّحَهُ بن الْجَوْزِيِّ
____________________
(10/168)
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى الطَّائِفَةُ الْمُمْتَنِعَةُ بِالْحَرَمِ من مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ لَا تُقَاتَلُ لَا سِيَّمَا إنْ كان لها تَأْوِيلٌ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَاتَلُ الْبُغَاةُ إذَا لم يَنْدَفِعْ بَغْيُهُمْ إلَّا بِهِ
وفي الْخِلَافِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ على جَوَازِ الْقِتَالِ فيها مَتَى عَرَضَتْ تِلْكَ الْحَالُ
وَرَدَّهُ في الْفُرُوعِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ تَعَدَّى أَهْلُ مَكَّةَ أو غَيْرُهُمْ على الرَّكْبِ دَفَعَ الرَّكْبُ كما يُدْفَعُ الصَّائِلُ وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ مع الرَّكْبِ بَلْ قد يَجِبُ أن اُحْتِيجَ إلَيْهِ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَمَنْ أتى حَدًّا في الْغَزْوِ لم يُسْتَوْفَ منه في أَرْضِ الْعَدُوِّ حتى يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَتُقَامُ عليه
وهو صَحِيحٌ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَكَذَلِكَ لو أتى بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو أتى بِشَيْءٍ من ذلك في الثُّغُورِ أَنَّهُ يُقَامُ عليه فيه وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
الرَّابِعَةُ لو أتى حَدًّا في دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ دخل دَارَ الْحَرْبِ أو أُسِرَ يُقَامُ عليه الْحَدُّ إذَا خَرَجَ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا قَتَلَ وَزَنَى وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أو زَنَى أو سَرَقَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُقَامَ عليه ما أَصَابَ هُنَاكَ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وبن مَنْصُورٍ إنْ زَنَى الْأَسِيرُ أو قَتَلَ مُسْلِمًا ما أَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ يُقَامَ عليه الْحَدُّ إذَا خَرَجَ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُقْتَلُ إذَا قَتَلَ في غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ لم يَجِبْ عليه هُنَاكَ حُكْمٌ
____________________
(10/169)
بَابُ حَدِّ الزنى
قَوْلُهُ وإذا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حتى يَمُوتَ وَهَلْ يُجْلَدُ قبل الرَّجْمِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ الْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا لَا يُجْلَدُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وبن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وبن شِهَابٍ انْتَهَى
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُجْلَدُ قبل الرَّجْمِ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي
وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَصَحَّحَهُمَا الشِّيرَازِيُّ
____________________
(10/170)
قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ اخْتَارَهَا شُيُوخُ الْمَذْهَبِ
قال بن شِهَابٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ
قَوْلُهُ وَالْمُحْصَنُ من وطىء امْرَأَتَهُ في قُبُلِهَا في نِكَاحٍ صَحِيحٍ
وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أو قَدْرِهَا
وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ
هذا الْمَذْهَبُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ على أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ في الْحَيْضِ وَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ
وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ أَنَّ الْمُرَاهِقَ يُحْصِنُ غَيْرَهُ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَتَى اخْتَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا في تَحْصِينِ الْبَالِغِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقَةِ وَتَحْصِينِ الْبَالِغَةِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقِ فَإِنَّهُمَا على وَجْهَيْنِ
وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ كان أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أو مَجْنُونًا أو رَقِيقًا فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا على الْأَصَحِّ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ في نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ لَا يُحْصِنُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/171)
فَائِدَةٌ جَزَمَ في الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا زَنَى بن عَشْرٍ أو بِنْتُ تِسْعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ بَابِ الْمُرْتَدِّ
وَيَأْتِي في بَابِ التَّعْزِيرِ
قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ لِلذِّمِّيَّيْنِ
وَكَذَا لِلْمُسْتَأْمَنَيْنِ
فَلَوْ زَنَى أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ ويلزم ( ( ( ولزم ) ) ) الْإِمَامَ إقَامَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ إنْ شَاءَ لم يُقِمْ حَدَّ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ
اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَمِثْلُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ
وَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ نَصَّ عليه
تَنْبِيهٌ شَمَلَ كَلَامُهُ كُلَّ ذِمِّيٍّ فَدَخَلَ الْمَجُوسِيُّ في ذلك
وَتَبِعَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ على ذلك
وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِيرُ الْمَجُوسِيُّ مُحْصَنًا بِنِكَاحِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ
قَوْلُهُ وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا تُحْصِنُهُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغني وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/172)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُحْصِنُهُ
فَائِدَةٌ لو زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدُّهُ نَصَّ عليه
قَوْلُهُ وَلَوْ كان لِرَجُلٍ وَلَدٌ من امْرَأَتِهِ فقال ما وَطِئْتهَا لم يَثْبُتْ إحْصَانُهُ بِمُجَرَّدِ ذلك بِلَا نِزَاعٍ
وَيَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِقَوْلِهِ وَطِئْتهَا أو جَامَعْتهَا وَبِقَوْلِهِ أَيْضًا دَخَلْت بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَغُرِّبَ عَامًا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الْمُغَرَّبُ رَجُلًا أو امْرَأَةً
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْفَى إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ مع مَحْرَمِهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَعَ تَعَذُّرِهِ لِدُونِهَا
وَعَنْهُ يُغَرَّبَانِ أَقَلَّ من مَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ غَيْرُ الْجَلْدِ
نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ
____________________
(10/173)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا
قال الزَّرْكَشِيُّ تُنْفَى الْمَرْأَةُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مع وُجُودِ الْمَحْرَمِ وَمَعَ تَعَذُّرِهِ هل تُنْفَى كَذَلِكَ أو إلَى ما دُونَهَا فيه رِوَايَتَانِ
هذه طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي
وَجَعَلَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ فيها مُطْلَقًا
وَتَبِعَهُ أبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ
وَعَكَسَ الْمَجْدُ طَرِيقَةَ الْمُغْنِي فَجَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا نُفِيَتْ مع مَحْرَمِهَا أَمَّا بِدُونِهِ فَإِلَى ما دُونَهَا قَوْلًا وَاحِدًا كما اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو زَنَى حَالَ التَّغْرِيبِ غُرِّبَ من بَلَدِ الزنى
فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ قبل الْحَوْلِ مُنِعَ
وَإِنْ زَنَى في الْآخَرِ غُرِّبَ إلَى غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا
لَا تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ إلَّا مع مَحْرَمٍ إنْ تَيَسَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ أنها تُغَرَّبُ بِدُونِ مَحْرَمٍ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً بُذِلَتْ من مَالِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا
____________________
(10/174)
وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَمَالَ إلَيْهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا اُسْتُؤْجِرَتْ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ
اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ
وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ مع الْأَمْنِ
وَعَنْهُ تُغَرَّبُ بِلَا مَحْرَمٍ تَعَذَّرَ أو لم يَتَعَذَّرْ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لها ذَكَرَهُ بن شِهَابٍ في الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ
قُلْت وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا وقد يُخَافُ عليها أَكْثَرُ من قُعُودِهَا
قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُنْفَى بِغَيْرِ مَحْرَمٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب ( ( ( المذهب ) ) ) وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْيُ
قُلْت وهو قَوِيٌّ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الزَّانِي رَقِيقًا فَحَدُّهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً بِكُلِّ حَالٍ
بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُغَرَّبُ
____________________
(10/175)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَأَبْدَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِمَالًا بِنَفْيِهِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه نَفَاهُ
وَأَوَّلَهُ بن الْجَوْزِيِّ على إبْعَادِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان نِصْفُهُ حُرًّا فَحَدُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ جَلْدَةً بِلَا نِزَاعٍ وَتَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيُغَرَّبُ في الْمَنْصُوصِ بِحِسَابِهِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُغَرَّبَ وهو وَجْهٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ
قَوْلُهُ وَحَدُّ اللُّوطِيِّ
يعنى الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ كَحَدِّ الزَّانِي سَوَاءً
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ حَدُّهُ الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالِ
اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتَابِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ
قال بن رَجَبٍ في كَلَامٍ له على ما إذَا زَنَى عَبْدُهُ بِابْنَتِهِ الصَّحِيحُ قَتْلُ اللُّوطِيِّ سَوَاءٌ كان مُحْصَنًا أو غير مُحْصَنٍ
____________________
(10/176)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ لو قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لم أَرَ بِهِ بَأْسًا
وَنَقَلَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا لو رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذلك وهو مَرْوِيٌّ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ من الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ إذَا قُتِلَ الْفَاعِلُ كَزَانٍ فَقِيلَ يُقْتَلُ الْمَفْعُولُ بِهِ مُطْلَقًا
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ كَفَاعِلٍ
الثَّانِيَةُ قال في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ دُبُرُ الْأَجْنَبِيَّةِ كَاللِّوَاطِ وَقِيلَ كَالزِّنَا وَأَنَّهُ لَا حَدَّ بِدُبُرِ أَمَتِهِ وَلَوْ كانت مُحَرَّمَةً بِرَضَاعٍ
قُلْت قد يُسْتَأْنَسُ له بِمَا في الْمُحَرَّرِ في قَوْلِهِ وَالزَّانِي من غَيَّبَ الْحَشَفَةَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ حَرَامًا مُحْصَنًا فَسَمَّى الْوَاطِئَ في الدُّبُرِ زَانِيًا
الثَّالِثَةُ الزَّانِي بِذَاتِ محرمة كَاللِّوَاطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ حَدَّهُ الرَّجْمُ مُطْلَقًا حَتْمًا وهو منها
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ أَيْضًا لِخَبَرِ الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي اللَّهُ عنه
وَأَوَّلَهُ الْأَكْثَرُ على عَدَمِ وَارِثٍ
وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ على خَبَرِ الْبَرَاءِ رضي اللَّهُ عنه إلَّا رَجُلًا يَرَاهُ مُبَاحًا فَيُجَارُ
____________________
(10/177)
قُلْت فَالْمَرْأَةُ قال كِلَاهُمَا في مَعْنًى وَاحِدٍ
وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ أن خَبَرَ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الْمُسْتَحِلِّ وأن غير الْمُسْتَحِلِّ كَزَانٍ
نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ على الْمُسْتَحِلِّ
قَوْلُهُ وَمَنْ أتى بَهِيمَةً فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي
وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ أَنَّهُ يُعَزَّرُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الْحَدُّ في رِوَايَةٍ وَإِنْ سَلَّمْنَا في رِوَايَةٍ فَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فيه غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ ذلك وَلَوْ وَجَبَ الْحَدُّ مع أَنَّهُ احْتَجَّ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطِ بِوُجُوبِ ذلك بِهِ
وَظَاهِرُهُ يَجِبُ ذلك وَإِنْ لم يَجِبْ الْحَدُّ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا هو الْمَشْهُورُ وَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى مع أَنَّ ما ذَكَرَهُ من عَدَمِ وُجُوبِ ذلك غَرِيبٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(10/178)
قال في الْفُرُوعِ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ على الْأَصَحِّ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
قال أبو بَكْرٍ الِاخْتِيَارُ قَتْلُهَا فَإِنْ تُرِكَتْ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى
وَعَنْهُ لَا تُقْتَلُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وأطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ إنْ كانت تُؤْكَلُ ذُبِحَتْ وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ
فَأَمَّا إنَّ قُلْنَا إنَّ حَدَّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ أو حَدُّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ إلَّا بِالشَّهَادَةِ على فِعْلِهِ بها أو بِإِقْرَارِهِ إنْ كانت مِلْكَهُ
الثَّانِيَةُ قِيلَ في تَعْلِيلِ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ لِئَلَّا يُعَيَّرَ فَاعِلُهَا لِذِكْرِهِ بِرُؤْيَتِهَا
وَرَوَى بن بَطَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ قال من وَجَدْتُمُوهُ على بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ ما بَالُ الْبَهِيمَةِ قال لِئَلَّا يُقَالَ هذه هذه
____________________
(10/179)
وَقِيلَ في التَّعْلِيلِ لِئَلَّا تَلِدَ خَلْقًا مُشَوَّهًا
وَبِهِ عَلَّلَ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَقِيلَ لِئَلَّا تُؤْكَلَ أَشَارَ إلَيْهِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما في تَعْلِيلِهِ
قَوْلُهُ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْلَ لَحْمِهَا وَهَلْ يَحْرُمُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ أَكْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ فَيَضْمَنُ النَّقْصَ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ إنْ كانت مِمَّا يُؤْكَلُ ذُبِحَتْ وَحَلَّتْ مع الْكَرَاهَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهَا لِصَاحِبِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا أنها لَا تُضْمَنُ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَضْمَنُ النَّقْصَ كما تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فَصْلٌ
وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ
____________________
(10/180)
أَحَدُهَا أَنْ يَطَأَ في الْفَرَجِ سَوَاءٌ كان قُبُلًا أو دُبُرًا وَأَقَلُّ ذلك تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرَجِ
مُرَادُهُ بِالْحَشَفَةِ الْحَشَفَةُ الْأَصْلِيَّةُ من فَحْلٍ أو خَصِيٍّ أو قَدْرِهَا عِنْدَ الْعَدَمِ
وَمُرَادُهُ بِالْفَرْجِ الْفَرَجُ الْأَصْلِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ وطىء دُونَ الْفَرْجِ أو أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ أَيْ تَسَاحَقَتَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال بن عَقِيلٍ في إتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ يُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْحَدِّ لِلْخَبَرِ قَوْلُهُ فَصْلٌ
الثَّانِي انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَإِنْ وطىء جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَلَا حَدَّ عليه
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ
قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ما لم يَنْوِ تَمَلُّكَهَا
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ هذا إذَا لم يَكُنْ الِابْنُ يَطَؤُهَا
فَإِنْ كان الِابْنُ يَطَؤُهَا فَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ تَقَدَّمَتَا في بَابِ الْهِبَةِ فَلْيُعَاوَدْ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ أو وطىء جَارِيَةً له فيها شِرْكٌ أو لِوَلَدِهِ أو وَجَدَ امْرَأَةً على فِرَاشِهِ ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أو جَارِيَتَهُ أو دَعَا الضَّرِيرُ امْرَأَتَهُ أو جَارِيَتَهُ فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا فَوَطِئَهَا أو وطىء امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا أو
____________________
(10/181)
حَيْضِهَا أو نِفَاسِهَا أو لم يَعْلَمْ بِالتَّحْرِيمِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أو نُشُوئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا حَدَّ عليه بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
وَقَوْلُهُ أو وطىء في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ في صِحَّتِهِ
فَلَا حَدَّ عليه كَنِكَاحِ مُتْعَةٍ وَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أو لَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ إذَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا في هذا النِّكَاحِ
قال في الْفُرُوعِ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ تَوَجَّهَ الْخِلَافُ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ انْتَهَى
وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا وطىء في نِكَاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلَانِهِ عَالِمًا أو ادَّعَى الْجَهْلَ أو وطىء في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو وطىء جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَلَا حَدَّ عليه أَنَّهُ لو وطىء جَارِيَةَ وَالِدِهِ أَنَّ عليه الْحَدَّ وهو صَحِيحٌ
فَلَوْ وطىء جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ كان عليه الْحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُحَدُّ بَلْ يُعَزَّرُ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ
قَوْلُهُ أو أُكْرِهَ على الزنى فَلَا حَدَّ عليه
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُطْلَقًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وقال أَصْحَابُنَا إنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى حُدَّ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/182)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ لو أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ أو الْغُلَامُ على الزنى بِإِلْجَاءٍ أو تَهْدِيدٍ أو مَنْعِ طَعَامٍ مع الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ ذَكَرَهَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَعَنْهُ فيها لَا حَدَّ بِتَهْدِيدٍ وَنَحْوِهِ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الْفِعْلُ بِالْإِكْرَاهِ بَلْ الْقَوْلُ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَافَتْ على نَفْسِهَا الْقَتْلَ سَقَطَ عنها الدَّفْعُ كَسُقُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِالْخَوْفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء مَيِّتَةً أو مَلَكَ أمة أو أُخْتَهُ من الرَّضَاعِ فَوَطِئَهَا فَهَلْ يُحَدُّ أو يُعَزَّرُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ إذَا وطىء مَيِّتَةً فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عليه الْحَدُّ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالنَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/183)
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ بَعْضُ الناس يقول عليه حَدَّانِ فَظَنَنْته يَعْنِي نَفْسَهُ
قال أبو بَكْرٍ هو قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ
وَأَظُنُّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ أَشَارَ إلَيْهِ
وَأَثْبَتَ بن الصَّيْرَفِيِّ فيه رِوَايَةً فِيمَنْ وطىء مَيِّتَةً أَنَّ عليه حَدَّيْنِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ بَلْ يُحَدُّ حَدَّيْنِ للزنى ( ( ( للزنا ) ) ) وَلِلْمَوْتِ
وَأَمَّا إذَا مَلَكَ أُمَّهُ أو أُخْتَهُ من الرَّضَاعِ وَوَطِئَهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عليه
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عليه الْحَدُّ
قال الْقَاضِي قال أَصْحَابُنَا عليه الْحَدُّ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ
وَمِقْدَارُهُ يَأْتِي الْخِلَافُ فيه في بَابِ التَّعْزِيرِ
فَائِدَةٌ لو وطىء أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ لم يُحَدَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُعَزَّرُ
قال في الْفُرُوعِ قال أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يُعَزَّرُ
____________________
(10/184)
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يُعَزَّرُ وَلَا يُرْجَمُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ
وَيَأْتِي في بَابِ التَّعْزِيرِ مِقْدَارُ ما يُعَزَّرُ بِهِ في ذلك وَالْخِلَافُ فيه
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ وَطْئِهِ لِأَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ أَبَدًا بِرَضَاعٍ وَغَيْرِهِ وَعِلْمِهِ على ما تَقَدَّمَ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ في التي قَبْلَهَا فَكَذَا في هذه
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ إذَا وَطِئَهَا
فَإِنْ كانت مُرْتَدَّةً أو مَجُوسِيَّةً فَلَا حَدَّ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا يَأْتِي في التَّعْزِيرِ إذَا وطىء أَمَةَ امْرَأَتِهِ بِإِبَاحَتِهَا له
الثَّانِي قَوْلُهُ أو وطىء في نِكَاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلَانِهِ
بِلَا نِزَاعٍ إذَا كان عَالِمًا
وَأَمَّا إذَا كان جَاهِلًا تَحْرِيمَ ذلك فقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إنْ كان يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ فَلَا حَدَّ عليه
وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ ادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ ذلك فَلَا حَدَّ عليه
وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ
وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أو ادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ عليها فَلَا حَدَّ
نَقَلَ مُهَنَّا لَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ بِقَوْلِهِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنْكَرَتْ هِيَ وقد أَقَرَّتْ على نَفْسِهَا بالزنى فَلَا تُحَدُّ حتى تُقِرَّ أَرْبَعًا
____________________
(10/185)
فَائِدَةٌ لو وطىء في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ في صِحَّتِهِ كَوَطْءِ الْبَائِعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ في مُدَّتِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِشَرْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وقال الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا
وَعَنْهُ لَا حَدَّ عليه
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في خِيَارِ الشَّرْطِ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ
وَلَوْ وطىء أَيْضًا في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه كَشِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ
وَإِنْ كان قبل الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُحَدُّ بِحَالٍ
وَكَذَا الْحُكْمُ في حَدِّ من وطىء في عَقْدِ فُضُولِيٍّ
وَعَنْهُ يُحَدُّ إنْ وطىء قبل الْإِجَازَةِ
وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ يُحَدُّ قبل الْإِجَازَةِ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بها
وحكى رِوَايَةً
فَائِدَةٌ لو وطىء حَالَ سُكْرِهِ لم يُحَدَّ
قال النَّاظِمُ لم يُحَدَّ في الْأَقْوَى مُطْلَقًا مِثْلُ الرَّاقِدِ
وَقِيلَ يُحَدُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَحْكَامُ أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ
____________________
(10/186)
قَوْلُهُ أو زَنَى بِامْرَأَةٍ له عليها الْقِصَاصُ
فَعَلَيْهِ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقيل ( ( ( قوله ) ) ) لَا حَدَّ عليه بَلْ يُعَزَّرُ
قَوْلُهُ أو زَنَى بِصَغِيرَةٍ
إنْ كان يُوطَأُ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَإِنْ كان لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يُحَدُّ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ
وَقِيلَ لَا يُحَدُّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي لَا حَدَّ على من وطىء صَغِيرَةً لم تَبْلُغْ تِسْعًا
وكذلك لو اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ صَبِيٍّ لم يَبْلُغْ عَشْرًا فَلَا حَدَّ عليها
قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى وطىء من أَمْكَنَ وَطْؤُهَا أو أَمْكَنَتْ الْمَرْأَةُ من يُمْكِنُهُ الْوَطْءَ فَوَطِئَهَا أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ على الْمُكَلَّفِ مِنْهُمَا وَلَا يَصِحُّ تَحْدِيدُ ذلك بِتِسْعٍ وَلَا بِعَشْرٍ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوْقِيفِ وَلَا تَوْقِيفَ في هذا وَكَوْنُ التِّسْعِ وَقْتًا لِإِمْكَانِ الِاسْتِمْتَاعِ غَالِبًا لَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ قَبْلَهُ كما أن الْبُلُوغَ يُوجَدُ في خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا غَالِبًا وَلَا يُمْنَعُ من وُجُودِهِ قَبْلَهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ أو أَمْكَنَتْ الْعَاقِلَةُ من نَفْسِهَا مَجْنُونًا أو صَغِيرًا فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهَا الْحَدُّ
____________________
(10/187)
تُحَدُّ الْعَاقِلَةُ بِتَمْكِينِهَا الْمَجْنُونَ من وَطْئِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ مَكَّنَتْ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُحَدُّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقِيلَ إنْ كان بن عَشْرٍ حُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَتَقَدَّمَ ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا
فَائِدَةٌ لو مَكَّنَتْ من لَا يُحَدُّ لِجَهْلِهِ أو مَكَّنَتْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا أو اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ
قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ أَيْ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ في مَجْلِسٍ أو مَجَالِسَ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ يُقِرُّ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ
وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ بِمَجْلِسٍ أو مَجَالِسَ قال الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ تَدُلُّ إلَّا على مَجْلِسٍ إلَّا عن ذلك الشَّيْخِ بَشِيرِ بن الْمُهَاجِرِ عن بن بُرَيْدَةَ عن أبيه وَذَلِكَ مُنْكَرُ الحديث
قَوْلُهُ وهو بَالِغٌ عَاقِلٌ
فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
وفي مَعْنَاهُمَا من زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أو إغْمَاءٍ أو شُرْبِ دَوَاءٍ وَكَذَا مُسْكِرٌ
____________________
(10/188)
قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فيه
وَيَأْتِي حُكْمُ إقْرَارِهِ بِمَا هو أَعَمُّ من ذلك في كِتَابِ الْإِقْرَارِ
وَيَلْحَقُ أَيْضًا بِهِمَا الْأَخْرَسُ في الْجُمْلَةِ
فَإِنْ لم تُفْهَمْ إشَارَتُهُ لم يَصِحَّ إقْرَارُهُ
وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَقَطَعَ الْقَاضِي بِالصِّحَّةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ احْتِمَالًا بِعَدَمِهَا
وَيَلْحَقُ أَيْضًا بِهِمَا الْمُكْرَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ
أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ من زَنَى بها وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ من زَنَى بها
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ أَظْهَرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي إنَّمَا حَكَيَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا شَهِدَ على إقْرَارِهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ هل يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ من زَنَى بها أَمْ لَا
وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ حَكَى كما ذكرته ( ( ( ذكرها ) ) ) أَوَّلًا
فَائِدَةٌ لو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على إقْرَارِهِ أَرْبَعًا بالزنى ثَبَتَ الزنى بِلَا نِزَاعٍ
وَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(10/189)
وَعَنْهُ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ
وَيَأْتِي هذا في أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ
وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على إقْرَارِهِ أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ أو صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو رُجُوعٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُحَدُّ
وقال في التَّرْغِيبِ لو صَدَّقَهُمْ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ قَوْلِي وَصَدَّقَهُمْ مَرَّةً هَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال النَّاظِمُ إذَا صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ قالوا لو صَدَّقَهُمْ أَرْبَعًا حُدَّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُحَدُّ الشُّهُودُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ إنْ أَنْكَرُوا أَنَّهُ لو صَدَّقَهُمْ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ عليه أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ
هذا بِنَاءٌ منه على أَنَّ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ وهو الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ تُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في بَابِ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى
____________________
(10/190)
قَوْلُهُ وَيَصِفُونَ الزنى
يَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ غَيَّبَ ذَكَرَهُ أو حَشَفَتَهُ أو قَدْرَهَا في فَرْجِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ مع ذلك أَنْ يَذْكُرُوا الْمَكَانَ وَلَا الْمَزْنِيَّ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الزَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَأَجْرَى الْمَجْدُ الْخِلَافَ في الزَّمَانِ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَيَجِيئُونَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ جاؤوا ( ( ( جاءوا ) ) ) مُتَفَرِّقِينَ أو مُجْتَمَعِينَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ سَوَاءٌ صَدَّقَهُمْ أو لَا نَصَّ عليه
وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِيئُوا في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ جاء بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قام الْحَاكِمُ أو شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَامْتَنَعَ الرَّابِعُ من الشَّهَادَةِ أو لم يُكْمِلْهَا فَهُمْ قَذَفَةٌ وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا جاء بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قام الْحَاكِمُ وَشَهِدَ في مَجْلِسٍ آخَرَ حتى كَمُلَ النِّصَابُ بِهِ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يُحَدُّونَ لِكَوْنِهِمْ أَرْبَعَةً ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ
____________________
(10/191)
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كَانُوا فُسَّاقًا أو عُمْيَانًا أو بَعْضُهُمْ فَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي هذا الصَّحِيحُ
قال في الْكَافِي هذا أَصَحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا حَدَّ عليهم كَمَسْتُورِ الْحَالِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَكَمَوْتِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ قبل وَصْفِهِ الزنى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ الْعُمْيَانُ خَاصَّةً
وَأَطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ
وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على رَجُلٍ بالزنى أحدهم ( ( ( وأحدهم ) ) ) فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُمْ أُقِيمَ عليه الْحَدُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَحَدُهُمْ زَوْجًا حُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَاعَنَ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ
هذا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
فَأَمَّا على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ بِحَالٍ
فَائِدَةٌ لو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ وإذا ( ( ( وإذ ) ) ) الْمَشْهُودُ عليه مَجْبُوبٌ أو رَتْقَاءُ حُدُّوا لِلْقَذْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ عليه
____________________
(10/192)
وَنَقَلَ أبو النَّضْرِ الشُّهُودُ قَذَفَةٌ وقد أَحْرَزُوا ظُهُورَهُمْ
وَإِنْ شَهِدُوا عليها فَثَبَتَ أنها عَذْرَاءُ لم تُحَدَّ هِيَ وَلَا هُمْ وَلَا الرَّجُلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْوَاضِحِ تَزُولُ حَصَانَتُهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ
وَأَطْلَقَ بن رَزِينٍ في مَجْبُوبٍ وَنَحْوِهِ قَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْعَذْرَاءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في بَيْتٍ أو بَلَدٍ أو يَوْمٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في بَيْتٍ أو بَلَدٍ أو يَوْمٍ آخَرَ فَهُمْ قَذَفَةٌ وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ حُدُّوا لِلْقَذْفِ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُحَدُّونَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال الْمَجْدُ وَنَقَلَ مُهَنَّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّوَايَةَ التي اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
وَاسْتَبْعَدَهَا الْقَاضِي ثُمَّ تَأَوَّلَهَا تَأْوِيلًا حَسَنًا فقال هذا مَحْمُولٌ عِنْدِي على أَنَّ الْأَرْبَعَةَ اتَّفَقُوا على أَنَّهُمْ شَاهَدُوا زِنَاهُ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ ولم يُشَاهِدُوا غَيْرَهَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا في الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَهَذَا لَا يَقْدَحُ في أَصْلِ الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ حَصَلَ في التَّأْوِيلِ سَهْوٌ أو غَلَطٌ في الصِّفَةِ
وَهَذَا التَّأْوِيلُ ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَمْنَعُهُ
لَكِنْ في كَلَامِ أبي بَكْرٍ ما يَمْنَعُهُ
____________________
(10/193)
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ قَوْلٌ جَيِّدٌ في نِهَايَةِ الْحُسْنِ وهو عِنْدِي يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ في اسْتِعْمَالِهِمَا في الْجُمْلَةِ فِيمَا اتَّفَقَا عليه دُونَ ما اخْتَلَفَا فيه انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدُوا بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) وَاحِدٍ فَأَمَّا إنْ شَهِدُوا بِزِنَاءَيْنِ لم تُكْمَلْ وَهُمْ قَذَفَةٌ حَقَّقَهُ أبو الْبَرَكَاتِ
وَمُقْتَضَى كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ جَرَيَانُ الْخِلَافِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
قُلْت وَجَزَمَ بِمَا قال الْمَجْدُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا زَانِيَةً وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ
وَأَمَّا الْمَشْهُودُ عليه فَلَا يُحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال الْمُصَنِّفُ وهو بَعِيدٌ
قال في الْهِدَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَهِيَ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ
قال وَظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ على فِعْلٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الشُّهُودِ في كَوْنِهَا زَانِيَةً وَفِيهَا بُعْدٌ انْتَهَى
قال في التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا ظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا زَانِيَةً وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بها في زَاوِيَةِ بَيْتٍ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى أو شَهِدَ أَنَّهُ زَنَى بها في قَمِيصٍ أَبْيَضَ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في قَمِيصٍ أَحْمَرَ كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ
____________________
(10/194)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَكْمُلَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
وهو تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِهِمْ
فَعَلَيْهِ هل يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّهُمْ يُحَدُّونَ على الصَّحِيحِ فإنه قال وَقِيلَ هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِالْبَيْتِ هُنَا الْبَيْتُ الصَّغِيرُ عُرْفًا
فَأَمَّا إنْ كان كَبِيرًا كان كَالْبَيْتَيْنِ على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بها مُطَاوَعَةً وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها مُكْرَهَةً لم تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ ولم تُقْبَلْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ يُحَدُّ الرَّجُلُ الْمَشْهُودُ عليه وَلَا حَدَّ لِلْمَرْأَةِ وَالشُّهُودِ وَاخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ
____________________
(10/195)
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها لَا تُحَدُّ وفي الزَّانِي وَجْهَانِ
وقال في الْوَاضِحِ لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ منهم
أَمَّا الشُّهُودُ فَلِأَنَّهُ كَمُلَ عَدَدُهُمْ على الْفِعْلِ كما لو اجْتَمَعُوا على وَصْفِ الْوَطْءِ وَالْمَشْهُودُ عليه لم تَكْمُلْ شَهَادَةُ الزنى في حَقِّهِ كَدُونِ أَرْبَعَةٍ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ أو شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْمِيلِ شَهَادَتِهِمْ وَعَدَمِ قَبُولِهَا وهو الْمَذْهَبُ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
أَمَّا شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ لِقَذْفِ الْمَرْأَةِ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ وَالتَّكْمِيلِ
أَحَدُهُمَا يُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ فَقَطْ لِقَذْفِهَا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ أَيْضًا وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَ في الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْجَمِيعَ يُحَدُّونَ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ في وُجُوبِ الْحَدِّ في قَذْفِ الرَّجُلِ الْوَجْهَيْنِ
وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أو لَا يُحَدُّونَ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يُحَدُّونَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
____________________
(10/196)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالثَّانِي يُحَدُّونَ
جَزَمَ به في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ وَالْوَاضِحِ
تَنْبِيهٌ تَابَعَ الْمُصَنِّفُ في عِبَارَتِهِ أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أو لَا يُحَدُّونَ له أو يُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ لِقَذْفِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ فيه وَجْهَانِ وفي الْعِبَارَةِ نَوْعُ قَلَقٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ قبل الْحَدِّ فَلَا شَيْءَ على الرَّاجِعِ وَيُحَدُّ الثَّلَاثَةُ
فَقَطْ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُحَدُّ الرَّاجِعُ مَعَهُمْ أَيْضًا
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ حُدَّ الْأَرْبَعَةُ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي
قُلْت هذا الْمَذْهَبُ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَخَرَّجُوا لَا يُحَدُّ سِوَى الرَّاجِعِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْحَدِّ وهو قَوْلٌ في النَّظْمِ
____________________
(10/197)
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ يُحَدُّ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه
وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ لَا يُحَدُّ أَحَدٌ لِتَمَامِهَا بِالْحَدِّ
فَائِدَةٌ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ حُدُّوا في الْأَظْهَرِ كما لو اخْتَلَفُوا في زَمَانِ أو مَكَانِ أو مَجْلِسِ أو صِفَةِ الزنى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان رُجُوعُهُ بَعْدَ الْحَدِّ فَلَا حَدَّ على الثَّلَاثَةِ وَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ رُبْعَ ما أَتْلَفُوهُ وَيُحَدُّ وَحْدَهُ
وَيُحَدُّ وَحْدَهُ يَعْنِي إنْ وَرِثَ حَدَّ الْقَذْفِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّاجِعَ يُحَدُّ إنْ قُلْنَا يُورَثُ حَدُّ الْقَذْفِ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ خِيَارِ الشَّرْطِ في الْبَيْعِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ أبو النَّضْرِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ على الشُّهُودِ أَنَّهُمْ هُمْ الزُّنَاةُ بها لم يُحَدَّ الْمَشْهُودُ عليه وَهَلْ يُحَدُّ الشُّهُودُ الْأَوَّلُونَ حَدَّ الزنى على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يُحَدُّ الشُّهُودُ الْأَوَّلُونَ للزنى ( ( ( للزنا ) ) ) وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال النَّاظِمُ هذا الْأَشْهَرُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
____________________
(10/198)
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحَدُّونَ للزنى ( ( ( للزنا ) ) )
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَتْ من لَا زَوْجَ لها وَلَا سَيِّدَ لم تُحَدَّ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُحَدُّ إذَا لم تَدَّعِ شُبْهَةً
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ قِصَّةِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه
وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ وَالْمَجْمُوعِ رِوَايَةً أنها تُحَدُّ وَلَوْ ادَّعَتْ شُبْهَةً
____________________
(10/199)
بَابُ الْقَذْفِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا فَعَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً إنْ كان الْقَاذِفُ حُرًّا وَأَرْبَعِينَ إنْ كان عَبْدًا
أَنَّ هذا الْحُكْمَ جَارٍ وَلَوْ عَتَقَ قبل الْحَدِّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
تَنْبِيهٌ ثَانٍ يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ قَذْفِ الْقَاذِفِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وهو الْعَاقِلُ الْبَالِغُ فَلَا حَدَّ على مَجْنُونٍ وَلَا مُبَرْسَمٍ وَلَا نَائِمٍ وَلَا صَبِيٍّ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ قَذْفِ السَّكْرَانِ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَيَصِحُّ قَذْفُ الْأَخْرَسِ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ
وفي اللِّعَانِ ما يَدُلُّ على ذلك
فَائِدَةٌ لو كان الْقَاذِفُ مُعْتَقًا بَعْضُهُ حُدَّ بِحِسَابِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هو كَعَبْدٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ لو قِيلَ بِالْعَكْسِ لَاتُّجِهَ يَعْنِي أَنَّهُ كَالْحُرِّ انْتَهَى
قُلْت وهو ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ
قَوْلُهُ وَهَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ أو لِلْآدَمِيِّ على رِوَايَتَيْنِ )
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من جُمْلَةِ ما زِيدَ في الْكِتَابِ
إحْدَاهُمَا هو حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/200)
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَنْصُوصُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وقال هو مُقْتَضَى ما جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وهو الصَّوَابُ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ هو حَقٌّ لِلَّهِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَسْقُطُ الْحَدُّ بِعَفْوِهِ عنه بَعْدَ طَلَبِهِ
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ عنه لَا عن بَعْضِهِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَسْقُطُ
وَعَلَيْهِمَا لَا يُحَدُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ له إلَّا بِطَلَبٍ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ على الثَّانِيَةِ وَبِدُونِهِ
وَلَوْ قال اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ عُزِّرَ على الْمَذْهَبِ وَيُحَدُّ على الثَّانِيَةِ
وَصَحَّحَ في التَّرْغِيبِ وَعَلَى الْأُولَةِ أَيْضًا
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
فَائِدَةٌ ليس لِلْمَقْذُوفِ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ إجْمَاعًا وَأَنَّهُ لو فَعَلَ لم يُعْتَدَّ بِهِ
وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدٌّ
وقال أبو الْخَطَّابِ له اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ
وقال في الْبُلْغَةِ لَا يَسْتَوْفِيهِ بِدُونِ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ فَوَجْهَانِ
وقال هذا في الْقَذْفِ الصَّرِيحِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَبْرَأُ بِهِ سِرًّا على خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا الْإِمَامُ
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْحُدُودِ هل يستوفى حَدَّ الزنى من نَفْسِهِ
____________________
(10/201)
قَوْلُهُ وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ قَاذِفُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْمُلَاعَنَةِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ قَاذِفُ أَمَةٍ أو ذِمِّيَّةٍ لها وَلَدٌ أو زَوْجٌ مُسْلِمَانِ
وقال بن عَقِيلٍ إنْ قَذَفَ كَافِرًا لَا وَلَدَ له مُسْلِمٌ لم يُحَدَّ على الْأَصَحِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يُحَدُّ وَالِدٌ لِوَلَدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ بن الْبَنَّا وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَنَصَّ عليه في الْوَلَدِ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَأَبِي طَالِبٍ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ لَا يُحَدُّ أَبٌ وفي أُمٍّ وَجْهَانِ انْتَهَوْا
وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَوَا كَالْأَبَوَيْنِ ذَكَرَهُ بن الْبَنَّا
وَيُحَدُّ الِابْنُ بِقَذْفِ كل وَاحِدٍ منهم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ أَبَاهُ أو أَخَاهُ
الثَّانِيَةُ يُحَدُّ بِقَذْفٍ على وَجْهِ الْغَيْرَةِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُحَدُّ وِفَاقًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهَا عُذْرٌ في غَيْبَةٍ وَنَحْوِهَا
____________________
(10/202)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَقِيلٍ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
قَوْلُهُ وَالْمُحْصَنُ هو الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الذي يُجَامِعُ مِثْلُهُ
زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ الْمُلْتَزِمُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُبْهِجِ لَا مُبْتَدِعٌ
وقال في الْإِيضَاحِ لَا مُبْتَدِعٌ وَلَا فَاسِقٌ ظَهَرَ فِسْقُهُ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا يُحَدُّ بِقَذْفِ فَاسِقٍ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْمُحْصَنُ هو الْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَنَّ الرَّقِيقَ وَالْكَافِرَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ عِنْدِي يُحَدُّ بِقَذْفِ الْعَبْدِ وهو أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ لِعَدَالَتِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا من الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الزنى انْتَهَى
وَعَنْهُ يُحَدُّ بِقَذْفِ أُمِّ الْوَلَدِ قَطَعَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ
وَعَنْهُ يُحَدُّ بِقَذْفِ أَمَةٍ وَذِمِّيَّةٍ لها وَلَدٌ أو زَوْجٌ مُسْلِمٌ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَقِيلَ يُحَدُّ الْعَبْدُ بِقَذْفِ الْعَبْدِ وَلَا عَمَلَ عليه
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ الْقَاذِفُ على الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ لَا يُعَزَّرُ لِقَذْفِ كَافِرٍ
الثَّانِي شَمِلَ كَلَامُهُ الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ وهو صَحِيحٌ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
____________________
(10/203)
الثَّالِثُ مُرَادُهُ بِالْعَفِيفِ هُنَا الْعَفِيفُ عن الزنى ظَاهِرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ % وَقَاذِفُ الْمُحْصَنِ فِيمَا يَبْدُو % وَإِنْ زَنَى فَقَاذِفٌ يُحَدُّ %
وَقِيلَ هو الْعَفِيفُ عن الزنى وَوَطْءٍ لَا يُحَدُّ بِهِ لِمِلْكٍ أو شُبْهَةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
وقال وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ على أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ هل يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ أَمْ لَا
قُلْت تَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
وَقِيلَ يَجِبُ الْبَحْثُ عن بَاطِنِ عِفَّةٍ
فَائِدَةٌ لَا يَخْتَلُّ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِ في حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ يَكُونُ مِثْلُهُ يَطَأُ أو يُوطَأُ وهو الْمَذْهَبُ
قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أبي عبد اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ إذَا كان بن عَشْرَةٍ أو اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً
قال في التَّرْغِيبِ هذه أَشْهَرُهُمَا
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَشْهَرُهُمَا يَجِبُ الْحَدُّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَاتِهِمْ وَالشِّيرَازِيُّ وبن البنا ( ( ( البناء ) ) ) وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(10/204)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ
قال في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَالْمُحْصَنُ هو الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَفِيفُ
وَقِيلَ إنَّ هذه الرِّوَايَةَ مُخَرَّجَةٌ لَا مَنْصُوصَةٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُقَامُ الْحَدُّ على الْقَاذِفِ حتى يَبْلُغَ الْمَقْذُوفُ وَيُطَالِبَ بِهِ بَعْدَهُ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ بن عَشْرٍ وَالْجَارِيَةُ بِنْتَ تِسْعٍ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ لو قَذَفَ عَاقِلًا فَجُنَّ أو أُغْمِيَ عليه قبل الطَّلَبِ لم يُقَمْ عليه الْحَدُّ حتى يُفِيقَ وَيُطَالِبَ فَإِنْ كان قد طَالَبَ ثُمَّ جُنَّ أو أُغْمِيَ عليه جَازَتْ إقَامَتُهُ
وَلَوْ قَذَفَ غَائِبًا اُعْتُبِرَ قُدُومُهُ وَطَلَبُهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ طَالَبَ بِهِ في غَيْبَتِهِ فَيُقَامُ على الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُقَامُ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ وَفَسَّرَهُ بِصِغَرٍ عن تِسْعِ سِنِينَ
لم يُحَدَّ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ
زَادَ الْمُصَنِّفُ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ لِأَنَّهُ لِتَأْدِيبِهِ
فَائِدَةٌ لو أَنْكَرَ الْمَقْذُوفُ الصِّغَرَ حَالَ الْقَذْفِ فقال الْقَاضِي يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ
فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَكَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ أو مُؤَرَّخَتَيْنِ تَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَهُمَا قَذْفَانِ مُوجَبُ أَحَدِهِمَا التَّعْزِيرُ وَالْآخَرُ الْحَدُّ
____________________
(10/205)
وَإِنْ بَيَّنَا تَارِيخًا وَاحِدًا وَقَالَتْ إحْدَاهُمَا وهو صَغِيرٌ وَقَالَتْ الْأُخْرَى وهو كَبِيرٌ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا
وَكَذَلِكَ لو كان تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْمَقْذُوفِ قبل تَارِيخِ بَيِّنَةِ الْقَاذِفِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِلَّا خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ
يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ في اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أو أَمَةٌ ولم تَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ
وَإِنْ لم يَثْبُتْ وَأَمْكَنَ فَرِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يُحَدُّ وهو الصَّحِيحُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ حُدَّ على الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحَدُّ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ لم يَثْبُتْ وَأَمْكَنَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَا يُحَدُّ وهو صَحِيحٌ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَثْبُتَا لم يُحَدَّ على الْأَصَحِّ
وَكَذَا قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ
____________________
(10/206)
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو قَذَفَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَادَّعَى رِقَّهَا وَأَنْكَرَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَالَهُ الْمَجْدُ وَالنَّاظِمُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُ يُحَدُّ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي وهو الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ
الثَّانِيَةُ لو قال زَنَيْت وَأَنْتِ مُشْرِكَةٌ فقالت أَرَدْت قَذْفِي بالزنى وَالشِّرْكِ مَعًا فقال بَلْ أَرَدْت قَذْفَك بالزنى إذْ كُنْت مُشْرِكَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنَصُّهُمَا
وَعَنْهُ يُحَدُّ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
الثَّالِثَةُ لو قال لها يا زَانِيَةُ ثُمَّ ثَبَتَ زِنَاهَا في حَالِ كُفْرِهَا لم تُحَدَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَثُبُوتِهِ في إسْلَامٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُبْهِجِ إنْ قَذَفَهُ بِمَا أتى في الْكُفْرِ حُدَّ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ
وَسَأَلَهُ بن مَنْصُورٍ رَجُلٌ رَمَى امْرَأَةً بِمَا فَعَلَتْ في الْجَاهِلِيَّةِ قال يُحَدُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت كَذَلِكَ وَقَالَتْ أَرَدْتَ قَذْفِي في الْحَالِ فَأَنْكَرَهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ
____________________
(10/207)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُسْتَوْعِبِ
أَحَدُهُمَا لَا يُحَدُّ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وبن الْبَنَّاءِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحَدُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ أَضَافَهُ إلَى جُنُونٍ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ كان مِمَّنْ يُجَنُّ لم يُحَدُّ بِقَذْفِهِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ كان مَجْنُونًا حين قَذَفَهُ فَأَنْكَرَ وَعُرِفَ له حَالَةُ جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ فَوَجْهَانِ
فَائِدَةٌ لو قَذَفَ بن الْمُلَاعَنَةِ حُدَّ نَصَّ عليه
وَكَذَا لو قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ نَفْسَهَا وَوَلَدَ الزنى قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا فَزَالَ إحْصَانُهُ قبل إقَامَةِ الْحَدِّ لم يَسْقُطْ الْحَدُّ عن الْقَاذِفِ
نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
حَكَمَ حَاكِمٌ بِوُجُوبِهِ أو لَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ إلَّا في مَوْضِعَيْنِ
____________________
(10/208)
أَحَدُهُمَا أَنْ يَرَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه
زَادَ في التَّرْغِيبِ وَلَوْ دُونَ الْفَرْجِ
وقال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ أو تُقِرُّ بِهِ فَيُصَدِّقُهَا
قَوْلُهُ فَيَعْتَزِلُهَا وَتَأْتِي بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ من الزَّانِي فَيَجِبُ عليه قَذْفُهَا وَنَفْيُ وَلَدِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا لو وَطِئَهَا في طُهْرٍ زَنَتْ فيه وَظَنَّ الْوَلَدَ من الزَّانِي
وقال في التَّرْغِيبِ نَفْيُهُ مُحَرَّمٌ مع التَّرَدُّدِ فَإِنْ تَرَجَّحَ النَّفْيُ بِأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ فَوَجْهَانِ وَاخْتَارَ جَوَازَهُ مع أَمَارَةِ الزنى وَلَا وُجُوبَ
وَلَوْ رَآهَا تَزْنِي وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ من الزنى ( ( ( الزاني ) ) ) حَرُمَ نَفْيُهُ وَلَوْ نَفَاهُ وَلَاعَنَ انْتَفَيَا
قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنْ لَا تَأْتِيَ بِوَلَدٍ يَجِبُ نَفْيُهُ
يَعْنِي يَرَاهَا تَزْنِي وَلَا تَأْتِي بِوَلَدٍ يَجِبُ نَفْيُهُ
أو اسْتَفَاضَ زِنَاهَا في الناس أو أخبره بِهِ ثِقَةٌ أو رَأَى رَجُلًا يُعْرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إلَيْهَا
زَادَ في التَّرْغِيبِ فقال يَدْخُلُ إلَيْهَا خَلْوَةً
وَاعْتُبِرَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هُنَا اسْتِفَاضَةُ زِنَاهَا وَقَدَّمَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي اسْتِفَاضَةٌ بِلَا قَرِينَةٍ
وَقَوْلُهُ فَيُبَاحُ قَذْفُهَا وَلَا يَجِبُ
قال الْأَصْحَابُ فِرَاقُهَا أَوْلَى من قَذْفِهَا
وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّ الْقَذْفَ الْمُبَاحَ أَنْ يَرَاهَا تَزْنِي أو يَظُنَّهُ وَلَا وَلَدَ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ من يُسْتَحَبُّ طَلَاقُهَا وَمَنْ يُكْرَهُ وَمَنْ يُبَاحُ
____________________
(10/209)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهُمَا لم يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال أبو الْخَطَّابِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إبَاحَتُهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَكُنْ ثَمَّ قَرِينَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ قَرِينَةٌ فإنه يُبَاحُ نَفْيُهُ قَوْلُهُ فَصْلٌ
وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ يا زَانِي يا عَاهِرُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت يا زَانِيَ الْعَيْنِ وَلَا يا عَاهِرَ الْيَدِ
وقال في التَّبْصِرَةِ لم يُقْبَلْ مع سَبْقِهِ ما يَدُلُّ على قَذْفٍ صَرِيحٍ وَإِلَّا قُبِلَ
قَوْلُهُ * وَإِنْ قال يا لُوطِيُّ أو يا مَعْفُوجُ فَهُوَ صَرِيحٌ
إذَا قال له يا لُوطِيُّ فَهُوَ صَرِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ صَرِيحٌ مع الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ دُونَ غَيْرِهِ
وقال الْخِرَقِيُّ إذَا قال أَرَدْت أَنَّك من قَوْمِ لُوطٍ فَلَا حَدَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ وهو بَعِيدٌ
____________________
(10/210)
قال في الْهِدَايَةِ إذَا قال أَرَدْت أَنَّك من قَوْمِ لُوطٍ هذا لَا يُعْرَفُ انْتَهَى
وَكَذَا لو قال نَوَيْت أَنَّ دِينَهُ دِينُ قَوْمِ لُوطٍ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وإذا قال يا مَعْفُوجُ فَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُحَدُّ بِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنَّهُ كِنَايَةٌ ويحتمله ( ( ( ويحتمل ) ) ) كَلَامَ الْخِرَقِيِّ
وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَرَدْت أَنَّك تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ غير إتْيَانِ الرِّجَالِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قبل ذلك
فَإِنْ قُلْنَا هو هُنَاكَ صَرِيحٌ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ في تَفْسِيرِهِ هُنَا وَإِلَّا قُبِلَ
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَقِيلَ الْوَجْهَانِ على غَيْرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
أَمَّا على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ فَيُقْبَلُ منه بِطَرِيقٍ أَوْلَى
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو التَّحْقِيقُ تَبَعًا لِأَبِي الْبَرَكَاتِ يَعْنِي الْمَجْدَ في الْمُحَرَّرِ
فَائِدَةٌ وَمِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ قَوْلُهُ يا مَنْيُوكُ أو يا مَنْيُوكَةُ لَكِنْ لو فَسَّرَ قَوْلَهُ يا مَنْيُوكَةُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ لم يَكُنْ قَذْفًا ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(10/211)
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت لو قِيلَ إنَّهُ قَذْفٌ بِقَرِينَةِ غَضَبٍ وَخُصُومَةٍ وَنَحْوِهِمَا لَكَانَ مُتَّجَهًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لَسْت بِوَلَدِ فُلَانٍ فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ
إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لم يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ ولم يُفَسِّرْهُ بِزِنَى أُمِّهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس بِقَذْفٍ لِأُمِّهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحَكَمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو نَفَاهُ من قَبِيلَتِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِنَفْيِ الرَّجُلِ عن قَبِيلَتِهِ
الثَّانِيَةُ لو قَذَفَ بن الْمُلَاعَنَةِ حُدَّ نَصَّ عليه
وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لَسْت بِوَلَدِي فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا ليس بِقَذْفٍ إذَا فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو قَذْفٌ بِكُلِّ حَالٍ فَيَكُونُ صَرِيحًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْت أَزَنَى الناس أو أَزَنَى من فُلَانَةَ أو قال
____________________
(10/212)
لِرَجُلٍ يا زَانِيَةُ أو لِامْرَأَةٍ يا زَانِي أو قال زَنَتْ يَدَاك أو رِجْلَاك فَهُوَ صَرِيحٌ في الْقَذْفِ في قَوْلِ أبي بَكْرٍ
إذَا قال أَنْت أَزَنَى الناس أو من فُلَانَةَ أو قال له يا زَانِيَةُ أو لها يا زَانِي فَهُوَ صَرِيحٌ في الْقَذْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ عِنْدَ بن حَامِدٍ
فَعَلَى الْأَوَّلِ في قَذْفِ فُلَانَةَ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا ليس بِقَاذِفٍ لها قَدَّمَهُ في الْكَافِي
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ
وَالثَّانِي هو قَذْفٌ أَيْضًا لها قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وإذا قال زَنَتْ يَدَاك أو رِجْلَاك فَهُوَ صَرِيحٌ في الْقَذْفِ في قَوْلِ أبي بَكْرٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ عِنْدَ بن حَامِدٍ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَاهُ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَكُنْ قَذْفًا في الْأَصَحِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَبَنَاهُمَا على أَنَّ قَوْلَهُ لِلرَّجُلِ يا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ يا زَانِي صَرِيحٌ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحَكَمُ لو قال زَنَتْ يَدُك أو رِجْلُك وَكَذَا قَوْلُهُ زَنَى بَدَنُك قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
____________________
(10/213)
وَكَذَا قَوْلُهُ زَنَتْ عَيْنُك قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وقال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ لَا شَيْءَ عليه بِقَوْلِهِ زَنَتْ عَيْنُك وهو صَحِيحٌ من الْمَذْهَبِ وَالصَّوَابِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال زَنَأْت في الْجَبَلِ مَهْمُوزًا فَهُوَ صَرِيحٌ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن حَامِدٍ إنْ كان يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لم يَكُنْ صَرِيحًا
وَيُقْبَلُ منه قَوْلُهُ أَرَدْت صُعُودَ الْجَبَلِ
قال في الْهِدَايَةِ وهو قِيَاسُ قَوْلِ إمَامِنَا إذَا قال لِزَوْجَتِهِ بهشتم إنْ كان لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ طَلَاقٌ لم يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَقُلْ في الْجَبَلِ فَهَلْ هو صَرِيحٌ أو كَاَلَّتِي قَبْلَهَا على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي على قَوْلِ بن حَامِدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا هو صَرِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي حُكْمُهَا حُكْمُ التي قَبْلَهَا
وَقِيلَ لَا قَذْفَ هُنَا
____________________
(10/214)
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلَهَا لَفْظَةُ عِلْقٍ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرِيحَةً
وَمَعْنَاهُ قَوْلُ بن رَزِينٍ كُلُّ ما يَدُلُّ عليه عُرْفًا
قَوْلُهُ وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ قد فَضَحْتِيهِ وَغَطَّيْت أو نَكَّسْت رَأْسَهُ وَجَعَلْت له قُرُونًا أو عَلَّقْت عليه أَوْلَادًا من غَيْرِهِ وَأَفْسَدْت فِرَاشَهُ أو يقول لِمَنْ يُخَاصِمُهُ يا حَلَالُ بن الْحَلَالِ ما يَعْرِفُك الناس بالزنى يا عَفِيفُ أو يا فَاجِرَةُ يا قَحْبَةُ يا خَبِيثَةُ
وَكَذَا قَوْلُهُ يا نَظِيفُ يا خَنِيثُ بِالنُّونِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْبَاءِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
أو يقول لِعَرَبِيٍّ يا نَبَطِيُّ يا فَارِسِيُّ يا رُومِيُّ
أو يقول لِأَحَدِهِمْ يا عَرَبِيُّ أو ما أنا بِزَانٍ أو ما أُمِّي بِزَانِيَةٍ
أو يَسْمَعُ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فيقول صَدَقْت أو أخبرني فُلَانٌ أَنَّك زَنَيْت
أو أَشْهَدَنِي فُلَانٌ أَنَّك زَنَيْت وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ
فَهَذَا كِنَايَةٌ إنْ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُ الْقَذْفِ قُبِلَ قَوْلُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ
____________________
(10/215)
وفي الْآخَرِ جَمِيعُهُ صَرِيحٌ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من أَصْحَابِهِ
وَذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ عن الْخِرَقِيِّ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُحَدُّ إلَّا بِنِيَّتِهِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إلَّا بِالصَّرِيحِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أَنَّ أَلْفَاظَ الْكِنَايَاتِ مع دَلَالَةِ الْحَالِ صَرَائِحُ فَوَائِدُ
الْأُولَى وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ لو سمع رَجُلًا يَقْذِفُ فقال صَدَقْت كما تَقَدَّمَ
لَكِنْ لو زَادَ على ذلك فقال صَدَقْت فِيمَا قُلْت فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يُحَدُّ بِكُلِّ حَالٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ الْقَرِينَةُ هُنَا كَكِنَايَةِ الطَّلَاقِ
قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وقال في التَّرْغِيبِ هو قَذْفٌ بِنِيَّةٍ وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا
وفي قِيَامِ قَرِينَةٍ مَقَامَ النِّيَّةِ ما تَقَدَّمَ فَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا بِالنِّيَّةِ وفي لُزُومِ إظْهَارِهَا وَجْهَانِ وَأَنَّ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ يُقْبَلُ تَأْوِيلُهُ
وقال في الِانْتِصَارِ لو قال أَحَدُكُمَا زَانٍ فقال أَحَدُهُمَا أنا فقال لَا أنه قَذْفٌ لِلْآخَرِ
____________________
(10/216)
وَذَكَرَهُ في الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
الثَّالِثَةُ لو قال لِامْرَأَتِهِ في غَضَبٍ اعتدى وَظَهَرَتْ منه قَرَائِنُ تَدُلُّ على إرَادَتِهِ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ أو فَسَّرَهُ بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَهَلْ يُحَدُّ ذَكَرَ بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ يُحَدُّ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ
الرَّابِعَةُ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُحَدُّ بِالتَّعْرِيضِ فإنه يُعَزَّرُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ منهم أبو الْخَطَّابِ وأبو يَعْلَى
الْخَامِسَةُ يُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ يا كَافِرُ يا فَاجِرُ يا حِمَارُ يا تَيْسُ يا رَافِضِيُّ يا خَبِيثَ الْبَطْنِ أو الْفَرْجِ يا عَدُوَّ اللَّهِ يا ظَالِمُ يا كَذَّابُ يا خَائِنُ يا شَارِبَ الْخَمْرِ يا مُخَنَّثُ
نَصَّ على ذلك
وَقِيلَ يا فَاسِقُ كِنَايَةٌ ويا مُخَنَّثُ تَعْرِيضٌ
وَيُعَزَّرُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ يا قَرْنَانُ يا قَوَّادُ وَنَحْوَهَا
وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عن دَيُّوثٍ فقال يُعَزَّرُ قُلْت هذا عِنْدَ الناس أَقْبَحُ من الْفِرْيَةِ فَسَكَتَ
وقال في الْمُبْهِجِ يا دَيُّوثُ قَذْفٌ لِامْرَأَتِهِ
قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الدَّيُّوثُ هو الذي يُدْخِلُ الرِّجَالَ على امْرَأَتِهِ
وَمِثْلُهُ كَشْحَانِ وقرطبان
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ في مَأْبُونٍ كَمُخَنَّثٍ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إن قَوْلَهُ يا عِلْقُ تَعْرِيضٌ
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قال إنَّهَا صَرِيحَةٌ
وقال في الرِّعَايَةِ قَوْلُهُ لم أَجِدْك عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ
____________________
(10/217)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَ أَهْلَ بلده أو جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ الزنى من جَمِيعِهِمْ عُزِّرَ ولم يُحَدَّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
قال أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ليس ذلك بِقَذْفٍ لِأَنَّهُمْ لَا عَارَ عليهم بِذَلِكَ وَيُعَزَّرُ كَسَبِّهِمْ بِغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لم يَطْلُبْهُ أَحَدٌ
يُؤَيِّدُهُ أَنَّ في الْمُغْنِي جَعَلَ هذه الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا لِقَذْفِ الصَّغِيرَةِ مع أَنَّهُ قال لَا يَحْتَاجُ في التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ وَيُعَزَّرُ حَيْثُ لَا حَدَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِرَجُلٍ اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ فَهَلْ يُحَدُّ على وَجْهَيْنِ
مَبْنِيَّيْنِ على الْخِلَافِ في حَدِّ الْقَذْفِ هل هو حَقٌّ لِلَّهِ أو لِلْآدَمِيِّ
وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ في ذلك
فَإِنْ قُلْنَا هو حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ لم يُحَدَّ ها هنا
وَإِنْ قُلْنَا هو حَقٌّ لِلَّهِ حُدَّ
وَصَحَّحَ في التَّرْغِيبِ أَنَّهُ يُحَدُّ أَيْضًا على قَوْلِنَا إنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ يا زَانِيَةُ فقالت بِك زَنَيْت لم تَكُنْ قَاذِفَةً وَيَسْقُطُ عنه الْحَدُّ بِتَصْدِيقِهَا
نَصَّ عليه وَلَوْ قال زَنَى بِك فُلَانٌ كان قَذْفًا لَهُمَا نَصَّ عليه فِيهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
وَخَرَجَ في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُ الْأُخْرَى
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وقال أبو الْخَطَّابِ في هِدَايَتِهِ يَكُونُ الرَّجُلُ قَاذِفًا
____________________
(10/218)
لها في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى الزنى وَتَصْدِيقُهَا لم تُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لو أُرِيدَ بِهِ ذلك لَوَجَبَ كَوْنُهَا قَاذِفَةً انْتَهَى
وَاَلَّذِي قَالَهُ في الْهِدَايَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ قَاذِفَةً وَاقْتَصَرَ عليه فَلَعَلَّهُ قال أبو الْخَطَّابِ في غَيْرِ هِدَايَتِهِ فَسَقَطَ لَفْظَةُ غَيْرِ
قَوْلُهُ وإذا قُذِفَتْ الْمَرْأَةُ لم يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ إذَا كانت الْأُمُّ في الْحَيَاةِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وقوله ( ( ( قوله ) ) ) وَإِنْ قُذِفَتْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ مُسْلِمَةً كانت أو كَافِرَةً حُرَّةً أو أَمَةً حُدَّ الْقَاذِفُ إذَا طَالَبَ الِابْنُ وكان مُسْلِمًا حُرًّا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِ مَيِّتَةٍ
وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ في غَيْرِ أُمَّهَاتِهِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو قَذَفَ أُمَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَالِابْنُ مُشْرِكٌ أو عَبْدٌ أَنَّهُ لَا حَدَّ على قَاذِفِهَا وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّف وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ
____________________
(10/219)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قَذَفَ جَدَّتَهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ فَقِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ كَقَذْفِ أُمِّهِ في الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاقْتَصَرَا عليه
الثَّانِيَةُ لو قَذَفَ أَبَاهُ أو جَدَّهُ أو كان وَاحِدًا من أَقَارِبِهِ غير أُمَّهَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لم يُحَدَّ بِقَذْفِهِ في ظَاهِرِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمَا
وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ أَنَّ حَدَّ قَذْفِ الْمَيِّتِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ حتى الزَّوْجَيْنِ وقال نَصَّ عليه
وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا هو في الْقَذْفِ الْمَوْرُوثِ لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ سَقَطَ الْحَدُّ
إذَا قُذِفَ قبل مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قد طَالَبَ أو لَا
فَإِنْ مَاتَ ولم يُطَالِبْ سَقَطَ الْحَدُّ بِلَا إشْكَالٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وَجْهًا بِالْإِرْثِ وَالْمُطَالَبَةِ
وَإِنْ كان طَالَبَ بِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ وَلِلْوَرَثَةِ طَلَبُهُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ قُذِفَ له مَوْرُوثٌ حَيٌّ لم يَكُنْ له أَنْ يُطَالِبَ في حَيَاتِهِ بِمُوجَبِ قَذْفِهِ فَإِنْ مَاتَ وقد وَرِثَ أو قُلْنَا يُورَثُ مُطْلَقًا صَارَ لِلْوَارِثِ بِصِفَةِ ما كان لِلْمَوْرُوثِ اعْتِبَارًا بِإِحْصَانِهِ انْتَهَى
وقال في الْقَوَاعِدِ وَيَسْتَوْفِيهِ الْوَرَثَةُ بِحُكْمِ الْإِرْثِ عِنْدَ الْقَاضِي
وقال بن عَقِيلٍ فِيمَا قَرَأْته بِخَطِّهِ إنَّمَا يُسْتَوْفَى لِلْمَيِّتِ بِمُطَالَبَتِهِ منه وَلَا يَنْتَقِلُ
____________________
(10/220)
وَكَذَا الشُّفْعَةُ فيه فإن مِلْكَ الْوَارِثِ وَإِنْ كان طَارِئًا على الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ على مِلْكِ مَوْرُوثِهِ انْتَهَى
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يُورَثُ حَدُّ قَذْفٍ وَلَوْ طَلَبَهُ مَقْذُوفٌ كَحَدِّ الزنى
وَتَقَدَّمَ ذلك آخِرَ خِيَارِ الشَّرْطِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَقُّ الْقَذْفِ لِجَمِيعِ الورثه حتى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ لهم سِوَى الزَّوْجَيْنِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وقال في الْمُغْنِي هو لِلْعَصَبَةِ
وقال بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ يَرِثُهُ الْإِمَامُ أَيْضًا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أو غَيْرُهُ في بَابِ ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ وَحُكْمُ الْقَضَاءِ
الثَّانِيَةُ لو عَفَا بَعْضُهُمْ حُدَّ لِلْبَاقِي كَامِلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَسْقُطُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لَعَلَّهُ وَقِيلَ بِقِسْطِهِ انْتَهَى
قُلْت وَيَدُلُّ ما يَأْتِي قَرِيبًا عليه
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَبِهِ مَلَكَهُ وَارِثُهُ فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ حُدَّ لِمَنْ طَلَبَ بِقِسْطِهِ وَسَقَطَ قِسْطُ من عَفَا بِخِلَافِ الْقَذْفِ إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَبَعَّضُ وَهَذَا يَتَبَعَّضُ
____________________
(10/221)
قَوْلُهُ وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُتِلَ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
يُكَفَّرُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ إنْ تَابَ لم يُقْتَلْ
وَعَنْهُ لَا يُقْتَلُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ
وَهِيَ مُخَرَّجَةٌ من نَصِّهِ في التَّفْرِقَةِ بين السَّاحِرِ الْمُسْلِمِ وَالسَّاحِرِ الذِّمِّيِّ على ما يَأْتِي
قال في الْمَنْثُورِ وَهَذَا كَافِرٌ قُتِلَ من سَبِّهِ فَيُعَايَى بها
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَذْفُ رسول اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَقَذْفِ أُمِّهِ وَيَسْقُطُ سَبُّهُ بِالْإِسْلَامِ كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ خِلَافٌ في الْمُرْتَدِّ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا من سَبَّ نِسَاءَهُ لِقَدْحِهِ في دِينِهِ وَإِنَّمَا لم يَقْتُلْهُمْ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قبل عِلْمِهِ بِبَرَاءَتِهَا وَأَنَّهَا من أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ فَتَخْرُجُ بِالْمُفَارَقَةِ من أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ في وَجْهٍ
وَقِيلَ لَا وَقِيلَ في غَيْرِ مَدْخُولٍ بها
الثَّانِيَةُ اخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ كُفْرَ من سَبَّ أُمَّ نَبِيٍّ من الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا غير نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليهم أَجْمَعِينَ كَأُمِّ نَبِيِّنَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ
____________________
(10/222)
قُلْت وهو عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا شَكَّ فيه وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه ولم يَذْكُرُوا ما ينافيه ( ( ( بينا ) ) )
قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَ الْجَمَاعَةَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَحَدٌّ وَاحِدٌ إذَا طَالَبُوا أو وَاحِدٌ منهم
فَيُحَدُّ لِمَنْ طَلَبَ ثُمَّ لَا حَدَّ بَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ طَالَبُوا مُتَفَرِّقِينَ حُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدًّا وَإِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ
وَعَنْهُ يُحَدُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدًّا مُطْلَقًا
وَعَنْهُ إنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ هُنَا
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كما لو لَاعَنَ امْرَأَتَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ حُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدًّا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
قال في الْفُرُوعِ تَعَدَّدَ الْحَدُّ على الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ حَدٌّ وَاحِدٌ
وَعَنْهُ إنْ تَعَدَّدَ الطَّلَبُ تَعَدَّدَ الْحَدُّ وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذلك إذَا كَانُوا جَمَاعَةً يُتَصَوَّرُ منهم الزنى أَمَّا إنْ كان لَا يُتَصَوَّرُ من جَمِيعِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ ذلك
____________________
(10/223)
قَوْلُهُ وَإِنْ حُدَّ لِلْقَذْفِ فَأَعَادَهُ لم يُعَدْ عليه الْحَدُّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَلَوْ بَعْدَ لِعَانِهِ زَوْجَتَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَتَعَدَّدُ مُطْلَقًا
وَقِيلَ يُحَدُّ إنْ كان حَدًّا أو لَاعَنَ
نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فَوَائِدُ
الْأُولَى مَتَى قُلْنَا لَا يُحَدُّ هُنَا فإنه يُعَزَّرُ وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ لَا لِعَانَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ يُلَاعِنُ إلَّا أَنْ يَقْذِفَهَا بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) لَاعَنَ عليه مَرَّةً وَاعْتَرَفَ أو قَامَتْ الْبَيِّنَةُ
وقال بن عَقِيلٍ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ
الثَّانِيَةُ لو قَذَفَهُ بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) آخَرَ بَعْدَ حَدِّهِ فَعَنْهُ يُحَدُّ وَعَنْهُ لَا يُحَدُّ
وَعَنْهُ يُحَدُّ مع طُولِ الزَّمَنِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وقال يُحَدُّ مع قُرْبِ الزَّمَانِ في الْأُولَى
وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
____________________
(10/224)
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قَذَفَهُ بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) آخَرَ عَقِبَ هذا فَرِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَجِبُ حَدَّانِ
وَالثَّانِيَةُ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ
وَإِنْ قَذَفَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ حُدَّ على الْأَصَحِّ
قال بن عَقِيلٍ إنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ نَكَحَهَا قبل حَدِّهِ فَقَذَفَهَا فَإِنْ طَالَبَتْ بِأَوَّلِهِمَا فَحُدَّ فَفِي الثَّانِي رِوَايَتَانِ
وَإِنْ طَالَبَتْ بِالثَّانِي فَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أو لَاعَنَ لم يُحَدَّ لِلْأَوَّلِ
الثَّالِثَةُ من تَابَ من الزنى ثُمَّ قُذِفَ حُدَّ قَاذِفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُعَزَّرُ فَقَطْ
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ يُحَدُّ بِقَذْفِهِ بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) جَدِيدٍ لِكَذِبِهِ يَقِينًا
الرَّابِعَةُ لو قُذِفَ من أقرت ( ( ( أقر ) ) ) بالزنى مَرَّةً وفي الْمُبْهِجِ أَرْبَعًا أو شَهِدَ بِهِ اثْنَانِ أو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بالزنى فَلَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُعَزَّرُ
الْخَامِسَةُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَةٍ من قَذْفٍ وَغِيبَتِهِ وَنَحْوِهِمَا إعْلَامُهُ وَالتَّحَلُّلُ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي وَالشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ يَحْرُمُ إعْلَامُهُ
وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا إعْلَامُهُ
قُلْت وَهِيَ بَعِيدَةٌ على إطْلَاقِهَا
وَقِيلَ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا دَعَا له وَاسْتَغْفَرَ ولم يُعْلِمْهُ
____________________
(10/225)
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ قال وَعَلَى الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لو سَأَلَهُ فَيُعْرِضُ وَلَوْ مع اسْتِحْلَافِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ وَمَنْ جَوَّزَ التَّصْرِيحَ في الْكَذِبِ الْمُبَاحِ فَهُنَا فيه نَظَرٌ وَمَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ وَالْإِحْسَانِ تَعْرِيضُهُ كَذِبٌ وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ
قال وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا لَا يُعْلِمُهُ بَلْ يَدْعُو له في مُقَابَلَةِ مَظْلِمَتِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَزِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَالْغِيبَةِ
قُلْت بَلْ أَوْلَى بِكَثِيرٍ
وَاَلَّذِي لَا شَكَّ فيه أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عليه أَنْ لَا يُعْلِمَهُ وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِالْغِيبَةِ فإن ذلك يُفْضِي في الْغَالِبِ إلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْقَتْلِ
وَذُكِرَ الشيخ ( ( ( للشيخ ) ) ) عبدالقادر في الْغُنْيَةِ إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ وَأَهْلِهِ وَغِيبَتِهِ بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ فَهُنَا لَا طَرِيقَ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَبْقَى عليه مَظْلِمَةٌ ما فَيَجْبُرُهُ بِالْحَسَنَاتِ كما تُجْبَرُ مظلمه الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ انْتَهَى
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ لَا يَصِحُّ إحْلَالُهُ منه لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِإِبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً
قُلْت وَعِنْدِي أَنَّهُ يَبْرَأُ وَإِنْ لم يَمْلِكْ إبَاحَتَهَا ابْتِدَاءً كَالذَّمِّ وَالْقَذْفِ
قال وَيَنْبَغِي اسْتِحْلَالُهُ فإنه حَقُّ آدَمِيٍّ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لو أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ على الناس لم يَمْلِكْهُ ولم يُبَحْ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قبل وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ وَإِذْنُهُ في عِرْضِهِ كَإِذْنِهِ في قَذْفِهِ هِيَ كَإِذْنِهِ في دَمِهِ وَمَالِهِ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ليس له إبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ وَلِهَذَا لو رضي بِأَنْ يُشْتَمَ أو يُغْتَابَ لم يُبَحْ ذلك انْتَهَى
فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِمَا فَعَلَ ولم يُبَيِّنْهُ فَحَلَّلَهُ فَهُوَ كَإِبْرَاءٍ من مَجْهُولٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(10/226)
وقال في الْغُنْيَةِ لَا يَكْفِي الِاسْتِحْلَالُ الْمُبْهَمُ لِجَوَازِ أَنَّهُ لو عَرَفَ قَدْرَ ظُلْمِهِ لم تَطِبْ نَفْسُهُ بِالْإِحْلَالِ إلَى أَنْ قال فَإِنْ تَعَذَّرَ فَيُكْثِرُ الْحَسَنَاتِ فإن اللَّهَ يَحْكُمُ عليه وَيُلْزِمُهُ قَبُولَ حَسَنَاتِهِ مُقَابَلَةً لِجِنَايَتِهِ عليه كَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا فَجَاءَ بمثله وَأَبَى قَبُولَهُ وَأَبْرَأَهُ حَكَمَ الْحَاكِمُ عليه بِقَبْضِهِ
____________________
(10/227)
بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ
قَوْلُهُ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ من أَيِّ شَيْءٍ كان وَيُسَمَّى خَمْرًا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَأَبَاحَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ من نَقِيعِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ ما دُونَ السُّكْرِ
قال الْخَلَّالُ فُتْيَاهُ على قَوْلِ أبي حَنِيفَةَ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ الْخَمْرَ إذَا طُبِخَ لم يُسَمَّ خَمْرًا وَيَحْرُمُ إذَا حَدَثَتْ فيه الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ
ثُمَّ صَرَّحَ في مَنْعِ ثُبُوتِ الْأَسْمَاءِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ الْخَمْرَ إنَّمَا سُمِّيَ خَمْرًا لِأَنَّهُ عَصِيرُ الْعِنَبِ الْمُشْتَدِّ وَلِهَذَا يقول الْقَائِلُ أَمَعَك نَبِيذٌ أَمْ خَمْرٌ
قال وَقَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْخَمْرُ من هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ وَقَوْلُ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه الْخَمْرُ ما خَامَرَ الْعَقْلَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهَا من وَجْهٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ نَفْيَ الِاسْمِ في الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ دُونَ الشَّرْعِيَّةِ فَلَهُ مَسَاغٌ فإن مَقْصُودَنَا يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ اسْمُ الْخَمْرِ في الشَّرْعِ يَعُمُّ الْأَشْرِبَةَ الْمُسْكِرَةَ وَإِنْ كانت في اللُّغَةِ أَخَصَّ
وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الِاسْمَ الْحَقِيقِيَّ مَسْلُوبٌ مُطْلَقًا فَهَذَا مع مُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وهو تَأْسِيسٌ لِمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَيَتَرَتَّبُ عليه إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ خَمْرًا انْتَهَى
وَعَنْهُ لَا يُحَدُّ بِالْيَسِيرِ الْمُخْتَلَفِ فيه
ذَكَرَهَا بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ
نَقَلَهَا بن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ عنه
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وُجُوبَ الْحَدِّ بِأَكْلِ الْحَشِيشَةِ الْقِنَّبِيَّةِ
____________________
(10/228)
وقال هِيَ حَرَامٌ سَوَاءٌ سَكِرَ منها أو لم يَسْكَرْ وَالسُّكْرُ منها حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَضَرَرُهَا من بَعْضِ الْوُجُوهِ أَعْظَمُ من ضَرَرِ الْخَمْرِ
قال وَلِهَذَا أَوْجَبَ الْفُقَهَاءُ بها الْحَدَّ كَالْخَمْرِ
وَتَوَقَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ في الْحَدِّ بها وإن أَكْلَهَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ بِمَا دُونَ الْحَدِّ فيه نَظَرٌ إذْ هِيَ دَاخِلَةٌ في عُمُومِ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَأَكَلَتُهَا يَنْتَشُونَ عنها وَيَشْتَهُونَهَا كَشَرَابِ الْخَمْرِ وَأَكْثَرَ وَتَصُدُّهُمْ عن ذِكْرِ اللَّهِ
وَإِنَّمَا لم يَتَكَلَّمْ الْمُتَقَدِّمُونَ في خُصُوصِهَا لِأَنَّ أَكْلَهَا إنَّمَا حَدَثَ في أَوَاخِرِ الْمِائَةِ السَّادِسَةِ أو قَرِيبًا من ذلك فَكَانَ ظُهُورُهَا مع ظُهُورِ سَيْفِ جنكيزخان انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ شُرْبُهُ لِلَذَّةٍ وَلَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِعَطَشٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بها فَيَجُوزُ
يَعْنِي إذَا لم يَجِدْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهِ
قال في الْفُرُوعِ وَخَافَ تَلَفًا
فَائِدَةٌ لو وَجَدَ بَوْلًا وَالْحَالَةُ هذه قُدِّمَ على الْخَمْرِ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِشُرْبِهِ دُونَ الْبَوْلِ فَهُوَ أَخَفُّ تَحْرِيمًا
وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا
وَلَوْ وَجَدَ مَاءً نَجِسًا قُدِّمَ عَلَيْهِمَا
قَوْلُهُ وَمَنْ شَرِبَهُ مُخْتَارًا عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ قَلِيلًا كان أو كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/229)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَرْبَعُونَ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالتَّسْهِيلِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الثَّمَانِينَ لِلْمَصْلَحَةِ وقال هِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ
فَالزِّيَادَةُ عِنْدَهُ على الْأَرْبَعِينَ إلَى الثَّمَانِينَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً على الْإِطْلَاقِ وَلَا مُحَرَّمَةً على الْإِطْلَاقِ بَلْ يُرْجَعُ فيها إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ كما جَوَّزْنَا له الِاجْتِهَادَ في صِفَةِ الضَّرْبِ فيه بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْحُدُودِ انْتَهَى
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ هو الذي يَقُومُ عليه الدَّلِيلُ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا يُقْتَلُ شَارِبُ الْخَمْرِ في الرَّابِعَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى قَتْلِهِ إذَا لم يَنْتَهِ الناس بِدُونِهِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ حتى يَصْحُوَ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُخْتَارًا أَنَّ غير الْمُخْتَارِ لِشُرْبِهَا لَا يُحَدُّ وهو الْمُكْرَهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ منهم
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
____________________
(10/230)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا يَحْرُمُ شُرْبُهَا فَوَائِدُ
الْأُولَى إذَا أُكْرِهَ على شُرْبِهَا حَلَّ شُرْبُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وقال كما لَا يُبَاحُ لِمُضْطَرٍّ
الثَّانِيَةُ الصَّبْرُ على الْأَذَى أَفْضَلُ من شُرْبِهَا نَصَّ عليه
وَكَذَا كُلُّ ما جَازَ فِعْلُهُ لِلْمُكْرَهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَخَّصَ أكثر ( ( ( أكبر ) ) ) الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُكْرَهُ عليه من الْمُحَرَّمَاتِ لِحَقِّ اللَّهِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ
وهو ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ عَالِمًا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو ادَّعَى أَنَّهُ جَاهِلٌ بِالتَّحْرِيمِ مع نُشُوئِهِ بين الْمُسْلِمِينَ لم يُقْبَلْ وَإِلَّا قُبِلَ
وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْحَدِّ قَالَهُ بن حَمْدَانَ
الرَّابِعَةُ لو سَكِرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ جُلِدَ ثَمَانِينَ حَدًّا وَعِشْرِينَ تَعْزِيرًا نَقَلَهُ صَالِحٌ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُغَلَّظُ عليه كَمَنْ قَتَلَ في الْحَرَمِ
وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(10/231)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إذَا سَكِرَ في رَمَضَانَ غُلِّظَ حَدُّهُ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ يُعَزَّرُ بِعَشْرَةٍ فَأَقَلَّ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي عُزِّرَ بِعَشْرَيْنِ لِفِطْرِهِ
الْخَامِسَةُ يُحَدُّ من احْتَقَنَ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه كما لو اسْتَعَطَ بها أو عَجَنَ بها دَقِيقًا فَأَكَلَهُ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ من احْتَقَنَ بها
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَاهُ
وَاخْتَارَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا عَجَنَ بِهِ دَقِيقًا وَأَكَلَهُ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لو خَلَطَ خَمْرًا بِمَاءٍ وَاسْتُهْلِكَ فيه ثُمَّ شَرِبَهُ لم يُحَدَّ على الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ قِيلَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ أو لَا
وفي التَّنْبِيهِ لِأَبِي بَكْرٍ من لَتَّ بِالْخَمْرِ سَوِيقًا أو صَبَّهَا في لَبَنٍ أو مَاءٍ حَارٍّ ثُمَّ شَرِبَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ
ولم يُفَرِّقْ بين الِاسْتِهْلَاكِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى
وَأَمَّا إذَا خُبِزَ الْعَجِينُ فإنه لَا يُحَدُّ بِأَكْلِ الْخُبْزِ لِأَنَّ النَّارَ أَكَلَتْ أَجْزَاءَ الْخَمْرِ
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُحَدُّ إنْ تَمَضْمَضَ بِهِ
وَكَذَا رَوَاهُ بَكْرُ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه في الرَّجُلِ يَسْتَعِطْ بِالْخَمْرِ أو يَحْتَقِنُ بِهِ أو يَتَمَضْمَضُ بِهِ أَرَى عليه الْحَدُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
قاله الزَّرْكَشِيُّ وهو مَحْمُولٌ على أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَصَلَتْ إلَى حَلْقِهِ
وَذَكَرَ ما نَقَلَهُ حَنْبَلٌ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا ثُمَّ قال وهو بَعِيدٌ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ وَصَلَ جَوْفَهُ حُدَّ
قَوْلُهُ إلَّا الذِّمِّيَّ فإنه لَا يُحَدُّ بِهِ بِشُرْبِهِ في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ
____________________
(10/232)
وَكَذَا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ الْمَذْهَبُ لَا يُحَدُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْبُلْغَةِ وَلَوْ رضي بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُ لم يَلْتَزِمْ الِانْقِيَادَ في مُخَالَفَةِ دِينِهِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ الذِّمِّيُّ دُونَ الْحَرْبِيِّ
وَعَنْهُ يُحَدُّ إنْ سَكِرَ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَكَلَامُ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ يُشْعِرُ بِبِنَاءِ هذه ( ( ( هذا ) ) ) الْمَسْأَلَةِ على أَنَّ الْكُفَّارَ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا
فقال الزَّرْكَشِيُّ وقد تُبْنَى الرِّوَايَتَانِ على تَكْلِيفِهِمْ بِالْفُرُوعِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ ثَمَّ قَطْعًا تَكْلِيفُهُمْ بها
قَوْلُهُ وَهَلْ يُحَدُّ بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ
إحْدَاهُمَا لَا يُحَدُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُحَدُّ إذَا لم يَدَّعِ شُبْهَةً
قال بن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ هذه أَظْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(10/233)
وَاخْتَارَهَا بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ وَإِنْ ادَّعَى شُبْهَةً
ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في آخِرِ بَابِ حَدِّ الزنى
وَأَطْلَقَهُنَّ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُؤَدَّبُ بِرَائِحَتِهِ
وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ كَالْحَاضِرِ مع من يَشْرَبُهُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وُجِدَ سَكْرَانَ وقد تَقَيَّأَ الْخَمْرَ فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّائِحَةِ
قَدَّمَهُ في الْفُصُولِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يُحَدُّ هُنَا وَإِنْ لم نَحُدَّهُ بِالرَّائِحَةِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْإِرْشَادِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ يَثْبُتُ شُرْبُهُ لِلْخَمْرِ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَحَدِّ الْقَذْفِ
جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ مَرَّتَيْنِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
____________________
(10/234)
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَجَعَلَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْحُدُودِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في حَدِّ الْخَمْرِ بِمَرَّتَيْنِ وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا بِخِلَافِ حَدِّ السَّرِقَةِ
قال في الْفُرُوعِ ولم يُفَرِّقُوا بين حَدِّ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالْقَوَدِ
فَدَلَّ على رِوَايَةٍ فيه قال وَهَذَا مُتَّجَهٌ
وَيَثْبُتُ أَيْضًا شُرْبُهَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ مُخْتَارًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَالْعَصِيرُ إذَا أَتَتْ عليه ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَرُمَ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَبَيَّنَ ذلك في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالُوا بِلَيَالِيِهِنَّ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ ما لم يَغْلِ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ذلك
فقال في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَحْمُولٌ على عَصِيرٍ يَتَخَمَّرُ في ثَلَاثٍ غَالِبًا
فَائِدَةٌ لو طُبِخَ قبل التَّحْرِيمِ حَلَّ إنْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
____________________
(10/235)
قال أبو بَكْرٍ هو إجْمَاعٌ من الْمُسْلِمِينَ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا الِاعْتِبَارُ في حِلِّهِ عَدَمُ الْإِسْكَارِ سَوَاءٌ ذَهَبَ بِطَبْخِهِ ثُلُثَاهُ أو أَقَلُّ أو أَكْثَرُ أو لم يُسْكِرْ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يغلي قبل ذلك فَيَحْرُمُ
نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ إذَا غلى أَكْرَهُهُ وَإِنْ لم يُسْكِرْ فإذا أَسْكَرَ فَحَرَامٌ
وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِيمَا نَشَّ
قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَتْرُكَ في الْمَاءِ تَمْرًا أو زَبِيبًا وَنَحْوَهُ لِيَأْخُذَ مُلُوحَتَهُ ما لم يَشْتَدَّ أو يأتي ( ( ( يأت ) ) ) عليه ثَلَاثٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أو تمر ( ( ( تمرا ) ) ) هندي ( ( ( هنديا ) ) ) أو عُنَّابًا وَنَحْوَهُ لِدَوَاءٍ غَدْوَةً وَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً أو عَشِيَّةً وَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً هذا نَبِيذٌ أَكْرَهُهُ وَلَكِنْ يَطْبُخُهُ وَيَشْرَبُهُ على الْمَكَانِ فَهَذَا ليس بِنَبِيذٍ
فَائِدَةٌ لو غَلَى الْعِنَبُ وهو عِنَبٌ على حَالِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ الِانْتِبَاذُ في الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/236)
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ
قال الْخَلَّالُ عليه الْعَمَلُ
وَذَكَرَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى رِوَايَةً أَنَّهُ يَحْرُمُ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ في هذه الْأَوْعِيَةِ وفي غَيْرِهَا إلَّا سِقَاءً يُوكَى حَيْثُ بَلَغَ الشَّرَابُ وَلَا يَتْرُكُهُ يَتَنَفَّسُ
نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد وَلَا يُعْجِبُنِي إلَّا هو
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَرِهَ السِّقَاءَ الْغَلِيظَ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ وهو أَنْ يَنْتَبِذَ شَيْئَيْنِ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
وَكَذَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخَلِيطَانِ حَرَامٌ
قال الْقَاضِي يَعْنِي أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ حَرَامٌ إذَا اشْتَدَّ وَأَسْكَرَ وإذا لم يُسْكِرْ لم يَحْرُمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَهَذَا هو الصَّحِيحُ
____________________
(10/237)
وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لَا يُكْرَهُ ما كان في الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَيُكْرَهُ ما كان في مُدَّةٍ يُحْتَمَلُ إفْضَاؤُهُ فيها إلَى الْإِسْكَارِ
وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ ما لم يَغْلِ أو تَمْضِ عليه ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ
فَائِدَةٌ يُكْرَهُ انْتِبَاذُ الْمُذْنِبِ وَحْدَهُ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِالْفُقَّاعِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ لَا يُسْكِرُ وَيَفْسُدُ إذَا بَقِيَ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ ذَكَرَهَا في الْوَسِيلَةِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَذَّ من نَقَلَ تَحْرِيمَهُ
فَائِدَةٌ جَعَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَضْعَ زَبِيبٍ في خَرْدَلٍ كَعَصِيرٍ وَأَنَّهُ إنْ صُبَّ فيه خَلٌّ أُكِلَ
____________________
(10/238)
بَابُ التَّعْزِيرِ
قَوْلُهُ وهو وَاجِبٌ في كل مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فيها وَلَا كَفَّارَةَ كَالِاسْتِمْتَاعِ الذي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَسَرِقَةِ مالا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَالْجِنَايَةِ على الناس بِمَا لَا قِصَاصَ فيه وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزنى وَنَحْوِهِ
إذَا كانت الْمَعْصِيَةُ لَا حَدَّ فيها وَلَا كَفَّارَةَ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ وَفَعَلَهَا فإنه يُعَزَّرُ
وقد يَفْعَلُ مَعْصِيَةً لَا كَفَّارَةَ فيها وَلَا حَدَّ وَلَا تَعْزِيرَ أَيْضًا كما لو شَتَمَ نَفْسَهُ أو سَبَّهَا قَالَهُ الْقَاضِي
وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى وُجُوبِ التَّعْزِيرِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
وَإِنْ كان فيها حَدٌّ فَقَدْ يُعَزَّرُ معه
وقد تَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ
منها الزِّيَادَةُ على الْحَدِّ إذَا شَرِبَ الْخَمْرَ في رَمَضَانَ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ فِيمَا فيه حَدٌّ إلَّا على ما قَالَهُ أبو الْعَبَّاسِ بن تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ في شَارِبِ الْخَمْرِ يَعْنِي في جَوَازِ قَتْلِهِ وَفِيمَا إذَا أتى حَدًّا في الْحَرَمِ فإن بَعْضَ الْأَصْحَابِ قال يُغَلَّظُ وهو نَظِيرُ تَغْلِيظِ الدِّيَةِ بِالْقَتْلِ في ذلك انْتَهَى
وَإِنْ كانت الْمَعْصِيَةُ فيها كَفَّارَةٌ كَالظِّهَارِ وَقَتْلِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِ كَالْفِطْرِ في رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ فَهَذَا لَا تَعْزِيرَ فيه مع الْكَفَّارَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/239)
قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهُرُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ عنه في النُّكَتِ
وَقِيلَ يُعَزَّرُ أَيْضًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قال في الْفُرُوعِ وَقَوْلُنَا لَا كَفَّارَةَ فَائِدَتُهُ في الظِّهَارِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِمَا لَا في الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إنْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ لِاخْتِلَافِ سَبَبِهَا وَسَبَبِ التَّعْزِيرِ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ مع الْكَفَّارَةِ فيها
قَوْلُهُ وهو وَاجِبٌ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَصَّ عليه في سَبِّ الصَّحَابِيِّ كَحَدٍّ وَكَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ مَنْدُوبٌ نَصَّ عليه في تَعْزِيرِ رَقِيقِهِ على مَعْصِيَةٍ وَشَاهِدِ زُورٍ
وفي الْوَاضِحِ في وُجُوبِ التَّعْزِيرِ رِوَايَتَانِ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ تَشَاتَمَ وَالِدٌ وَوَلَدُهُ لم يُعَزَّرْ الْوَالِدُ لِحَقِّ وَلَدِهِ وَيُعَزَّرُ الْوَلَدُ لِحَقِّ وَالِدِهِ وَلَا يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْوَالِدِ
وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في قَذْفِ الصَّغِيرِ لَا يُحْتَاجُ في التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِتَأْدِيبِهِ فَلِلْإِمَامِ تَعْزِيرُهُ إذَا رَآهُ
قال في الْفُرُوعِ يُؤَيِّدُهُ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا يَجِبُ على السُّلْطَانِ تَأْدِيبُهُ
ولم يُقَيِّدْهُ بِطَلَبِ وَارِثٍ مع أَنَّ أَكْثَرَهُمْ أو كَثِيرًا منهم له وَارِثٌ
وقد نَصَّ في مَوَاضِعَ على التَّعْزِيرِ ولم يُقَيِّدْهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَّا ما تَقَدَّمَ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
____________________
(10/240)
وَيَأْتِي في أَوَّلِ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا افْتَاتَ خَصْمٌ على الْحَاكِمِ له تَعْزِيرُهُ
مع أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ إجْمَاعًا فَدَلَّ أَنَّهُ ليس كَحَقِّ آدَمِيٍّ الْمُفْتَقِرِ جَوَازُ إقَامَتِهِ إلَى طَلَبٍ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ كان التَّعْزِيرُ مَنْصُوصًا عليه كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ أو الْمُشْتَرَكَةِ وَجَبَ وَإِنْ كان غير مَنْصُوصٍ عليه وَجَبَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فيه أو عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِهِ وَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ عنه جَازَ
وَيَجِبُ إذَا طَالَبَ الْآدَمِيُّ بِحَقِّهِ
وقال في الْكَافِي يَجِبُ في مَوْضِعَيْنِ فِيهِمَا الْخَبَرُ إلَّا إنْ جاء تَائِبًا فَلَهُ تَرْكُهُ
قال الْمَجْدُ فَإِنْ جاء من يَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ تَائِبًا لم يُعَزَّرْ عِنْدِي انْتَهَى
وَإِنْ لم يَجِئْ تَائِبًا وَجَبَ
وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ مع أَنَّ فيها له الْعَفْوُ عن حَقِّ اللَّهِ
وقال إنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ
وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يَسْقُطُ بِعَفْوِ آدَمِيٍّ حَقُّهُ وَحَقُّ السَّلْطَنَةِ
وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يَسْقُطُ لِلتَّهْدِيدِ وَالتَّقْوِيمِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَلَوْ قَذَفَ مُسْلِمٌ كَافِرًا التَّعْزِيرُ لِلَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ
نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِيمَنْ زَنَى صَغِيرًا لم نَرَ عليه شيئا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ في صَبِيٍّ قال لِرَجُلٍ يا زَانِي ليس قَوْلُهُ شيئا
وَكَذَا في التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ
وَكَذَا في الْمُغْنِي وزاد وَلَا لِعَانَ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الرَّدِّ على الرَّافِضِيِّ لَا نِزَاعَ بين الْعُلَمَاءِ أَنَّ غير الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يُعَاقَبُ على الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا وَكَذَا الْمَجْنُونُ يُضْرَبُ على ما فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ لَكِنْ لَا عُقُوبَةَ بِقَتْلٍ أو قَطْعٍ
____________________
(10/241)
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وما أَوْجَبَ حَدًّا على مُكَلَّفٍ عُزِّرَ بِهِ الْمُمَيِّزُ كَالْقَذْفِ
قال في الْوَاضِحِ من شَرَعَ في عَشْرٍ صَلُحَ تَأْدِيبُهُ في تَعْزِيرٍ على طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ فَكَذَا مِثْلُهُ زنى ( ( ( زنا ) ) )
وهو مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي
وَذَكَرَ ما نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ في الْغِلْمَانِ يَتَمَرَّدُونَ لَا بَأْسَ بِضَرْبِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عن الْقَاضِي يَجِبُ ضَرْبُهُ على صَلَاةٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في تَأْدِيبِهِ في الْإِجَارَةِ وَالدِّيَاتِ أَنَّهُ جَائِزٌ
وَأَمَّا الْقِصَاصُ مِثْلُ أَنْ يَظْلِمَ صَبِيٌّ صَبِيًّا أو مَجْنُونٌ مَجْنُونًا أو بَهِيمَةٌ بَهِيمَةً فَيَقْتَصُّ الْمَظْلُومُ من الظَّالِمِ وَإِنْ لم يَكُنْ في ذلك زَجْرٌ لَكِنْ لِاسْتِيفَاءِ الْمَظْلُومِ وَأَخْذِ حَقِّهِ
وَجَزَمَ في الرَّوْضَةِ إذَا زَنَى بن عَشْرٍ أو بِنْتُ تِسْعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ بَابِ الْمُرْتَدِّ
فَائِدَةٌ في جَوَازِ عَفْوِ وَلِيِّ الْأَمْرِ عن التَّعْزِيرِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ في وُجُوبِ التَّعْزِيرِ وَنَدْبِهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ الذي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ
قال الْأَصْحَابُ يُعَزَّرُ على ذلك
وقال في الرِّعَايَةِ هل حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ أو لِآدَمِيٍّ وأن التَّعْزِيرَ لِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِثْلُهُ
قَوْلُهُ وَمَنْ وطىء أَمَةَ امْرَأَتِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَحَلَّتْهَا له فَيُجْلَدُ مِائَةً
____________________
(10/242)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْعُمْدَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ يُجْلَدُ مِائَةً إلَّا سَوْطًا
وَعَنْهُ يُضْرَبُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ
وَهُمَا من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال أبو بَكْرٍ عليه الْعَمَلُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِمَا لَزِمَهُ من الْجَلْدِ أو الرَّجْمِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ ظَنَّ جَوَازَهُ لَحِقَهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فيه وفي حَدِّهِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ فَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ كما لو لم نحلها ( ( ( تحلها ) ) ) له وَلَوْ مع ظَنِّ حِلِّهَا نَقَلَهُ مُهَنَّا
____________________
(10/243)
وَعَنْهُ فِيمَنْ وطء أَمَةَ امْرَأَتِهِ إنْ أَكْرَهَهَا عَتَقَتْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا وَإِلَّا مَلَكَهَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ من الْأُصُولِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُزَادُ في التَّعْزِيرِ على عَشْرِ جَلْدَاتٍ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ إلَّا في وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ على ما يَأْتِي
قال الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْهَبُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُزَادُ على عَشْرِ جَلْدَاتٍ إلَّا في وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَجَارِيَةِ زَوْجَتِهِ إذَا أَحَلَّتْهَا له انْتَهَى
قال الشَّارِحُ وهو حَسَنٌ
وَعَنْهُ لَا يُزَادُ على تِسْعِ جَلْدَاتٍ
نَقَلَهَا أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَظْهَرُ لي وَجْهُهَا
وَذَكَرَ بن الصَّيْرَفِيِّ في عُقُوبَةِ أَصْحَابِ الْجَرَائِمِ أَنَّ من صلى في الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عنها ضُرِبَ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ مَنْقُولٌ عن الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ
وَذَكَرَ بن بَطَّةَ في كِتَابِ الْحَمَّامِ أَنَّ عُقُوبَةَ من دَخَلَهَا بِغَيْرِ مِئْزَرٍ يُجْلَدُ خَمْسَ عَشْرَةَ جَلْدَةً انْتَهَى
وَعَنْهُ ما كان سَبَبُهُ الْوَطْءَ كَوَطْءِ جَارِيَتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَنَحْوِهِ ضُرِبَ مِائَةً وَيَسْقُطُ عنه النَّفْيُ
وَهِيَ الرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
(10/244)
قال وَكَذَلِكَ تَخَرَّجَ فِيمَنْ أتى بَهِيمَةً
يَعْنِي إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُحَدُّ
وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِ
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وطىء جَارِيَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ يُعَزَّرُ بِضَرْبِ مِائَةٍ إلَّا سَوْطًا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيَسْقُطُ عنه النَّفْيُ وَلَهُ نَقْصُهُ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةً
قال في الْخُلَاصَةِ فما كان سَبَبُهُ الْوَطْءَ يُضْرَبُ فيه مِائَةً وَيَسْقُطُ النَّفْيُ
وَقِيلَ عَشْرَ جَلْدَاتٍ انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَعَنْهُ لَا يُزَادُ على عَشْرِ جَلْدَاتٍ
وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَأَمَّا إذَا وطىء جَارِيَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ أو الْمُحَرَّمَةَ بِرَضَاعٍ إذَا قُلْنَا لَا يُحَدُّ بِذَلِكَ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ حَدِّ الزنى فَعَنْهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ على ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُزَادُ على عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَإِنْ زِدْنَا عليها في وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ
وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ عنه
____________________
(10/245)
وَأَمَّا إذَا وطىء فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَنَقَلَ يَعْقُوبُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ على ما تَقَدَّمَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ على ما قَدَّمُوهُ
وَعَنْهُ لَا يُزَادُ فيه على عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَإِنْ زِدْنَا في الْوَطْءِ في الْفَرْجِ
قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو الْمَذْهَبُ على الْمُصْطَلَحِ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ لو وطىء مَيِّتَةً وَقُلْنَا لَا يُحَدُّ على ما تَقَدَّمَ عُزِّرَ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ
وَإِنْ وطىء جَارِيَةَ وَلَدِهِ عُزِّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَكُونُ مِائَةً
وَقِيلَ لَا يُعَزَّرُ
وَقِيلَ إنْ حَمَلَتْ منه مَلَكَهَا وَإِلَّا عُزِّرَ
وَإِنْ وطىء أَمَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَقُلْنَا لَا يُحَدُّ عُزِّرَ بِمِائَةِ سَوْطٍ
وَكَذَا لو وَجَدَ مع امْرَأَتِهِ رَجُلًا فإنه يُعَزَّرُ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ
قال ذلك في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ
وَيَأْتِي فيه من الْخِلَافِ ما في نَظَائِرِهِ
وَأَمَّا الْعَبْدُ على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحُرَّ يُعَزَّرُ بِمِائَةٍ أو بِمِائَةٍ إلَّا سَوْطًا فإنه يُجْلَدُ خَمْسِينَ إلَّا سَوْطًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ خَمْسُونَ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُ الْوَطْءِ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ من تَتِمَّةِ الرِّوَايَةِ أو رِوَايَةٌ بِرَأْسِهَا
____________________
(10/246)
وَجَزَمَ بهذا الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا ما اسْتَثْنَوْهُ مِمَّا سَبَبُهُ الْوَطْءُ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ
قال الزَّرْكَشِيُّ كَذَا فَهِمَ عنه الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ في الْفُصُولِ
وقال في الْفُرُوعِ فَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ روى عنه أَدْنَى حَدٍّ عليه وهو أَشْهَرُ
وَنَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
فَعَلَى هذا لَا يَبْلُغُ بِالْحُرِّ أَدْنَى حَدِّهِ وهو الْأَرْبَعُونَ أو الثَّمَانُونَ وَلَا بِالْعَبْدِ أَدْنَى حَدِّهِ وهو الْعِشْرُونَ أو الْأَرْبَعُونَ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنْ لَا يَبْلُغَ جِنَايَةً حَدًّا مَشْرُوعًا من جِنْسِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ على حَدٍّ من غَيْرِ جِنْسِهَا
فَعَلَى هذا ما كان سَبَبُهُ الْوَطْءَ يَجُوزُ أَنْ يُجْلَدَ مِائَةً إلَّا سَوْطًا لِيَنْقُصَ عن حَدِّ الزنى وما كان سَبَبُهُ غير الْوَطْءِ لم يَبْلُغْ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَقْعَدُ من جِهَةِ الدَّلِيلِ
زَادَ في الْفُرُوعِ فقال وَيَكُونُ ما لم يَرِدْ بِهِ نَصٌّ بِحَبْسٍ وَتَوْبِيخٍ
وَقِيلَ في حَقِّ اللَّهِ الْحَبْسُ وَالتَّوْبِيخُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا عَزَّرَهُ الْحَاكِمُ أَشْهَرَهُ لِمَصْلَحَةٍ نَقَلَهُ عبد اللَّهِ في شَاهِدِ الزُّورِ
وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ بَابِ الشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ
____________________
(10/247)
الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ
وفي تَسْوِيدِ وَجْهِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ
وقد تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَسْوِيدِ الْوَجْهِ
وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا عن تَسْوِيدِ الْوَجْهِ قال مُهَنَّا فَرَأَيْت كَأَنَّهُ كَرِهَ تَسْوِيدَ الْوَجْهِ
قَالَهُ في النُّكَتِ في شَهَادَةِ الزُّورِ
وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه حَلَقَ رَأْسَ شَاهِدِ الزُّورِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ عن أَصْحَابِنَا لَا يَرْكَبُ وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا يُمَثِّلُ بِهِ ثُمَّ جَوَّزَهُ هو لِمَنْ تَكَرَّرَ منه لِلرَّدْعِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَدَ فيه عن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه يُضْرَبُ ظَهْرُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ وَيُطَافُ بِهِ وَيُطَالُ حَبْسُهُ
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ له التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ شَعْرِهِ لَا لِحْيَتِهِ وَبِصَلْبِهِ حَيًّا وَلَا يُمْنَعُ من أَكْلٍ وَوُضُوءٍ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يُعِيدُ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَيُتَوَجَّهُ لَا يُمْنَعُ من صَلَاةٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال الْقَاضِي أَيْضًا هل يُجَرَّدُ في التَّعْزِيرِ من ثِيَابِهِ إلَّا ما يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عنه في الْحَدِّ
قال وَيَجُوزُ أَنْ يُنَادَى عليه بِذَنْبِهِ إذَا تَكَرَّرَ منه ولم يُقْلِعْ
ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله في شَاهِدِ الزُّورِ وقال فَنَصَّ أَنَّهُ يُنَادَى عليه بِذَنْبِهِ وَيُطَافُ بِهِ وَيُضْرَبُ مع ذلك
قال في الْفُصُولِ يُعَزَّرُ بِقَدْرِ رُتْبَةِ الْمَرْمِيِّ فإن الْمَعْيَرَةَ تَلْحَقُ بِقَدْرِ مَرْتَبَتِهِ
____________________
(10/248)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُعَزِّرُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ كَعَزْلِ مُتَوَلٍّ
وقال لَا يَتَقَدَّرُ لَكِنَّ ما فيه مُقَدَّرٌ لَا يَبْلُغُهُ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ دُونَ نِصَابٍ وَلَا يُحَدُّ حَدَّ الشُّرْبِ بِمَضْمَضَةِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ
وقال هو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِهِ وقد يُقَالُ بِقَتْلِهِ لِلْحَاجَةِ
وقال يُقْتَلُ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ
وَذَكَرَهُ وَجْهًا وِفَاقًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَنَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بن سَعِيدٍ الْأُطْرُوشُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الدُّعَاةِ من الْجَهْمِيَّةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَاِتِّخَاذِ الطَّوَافِ بِالصَّخْرَةِ دِينًا وفي قَوْلِ الشَّيْخِ اُنْذُرُوا لي وَاسْتَعِينُوا بِي إنْ أَصَرَّ ولم يَتُبْ قُتِلَ وَكَذَا من تَكَرَّرَ شُرْبُهُ لِلْخَمْرِ ما لم يَنْتَهِ بِدُونِهِ للإخبار فيه
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِيَةِ يُحْبَسُ حتى يَكُفَّ عنها
وقال في الرِّعَايَةِ من عُرِفَ بِأَذَى الناس وَمَالِهِمْ حتى بِعَيْنِهِ ولم يَكُفَّ حُبِسَ حتى يَمُوتَ
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي فِعْلُهُ لَا لِلْقَاضِي
وَنَفَقَتُهُ من بَيْتِ الْمَالِ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ لِلْإِمَامِ حَبْسُ الْعَائِنِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ إذَا قَتَلَ الْعَائِنُ مَاذَا يَجِبُ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ إنْ كَثُرَ مجزومون ( ( ( مجذومون ) ) ) وَنَحْوُهُمْ لَزِمَهُمْ التَّنَحِّي نَاحِيَةً
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ فَلِلْإِمَامِ فِعْلُهُ
وَجَوَّزَ بن عَقِيلٍ قَتْلَ مُسْلِمٍ جَاسُوسٍ لِلْكُفَّارِ
وزاد بن الْجَوْزِيِّ إنْ خِيفَ دَوَامُهُ
____________________
(10/249)
وَتَوَقَّفَ فيه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال بن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ دَلَّ حَدِيثُ حَاطِبِ بن أبي بَلْتَعَةَ رضي اللَّهُ عنه على أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ
وَرَدَّهُ في الْفُرُوعِ وهو كما قال
وَعِنْدَ الْقَاضِي يُعَنَّفُ ذُو الْهَيْئَةِ وَغَيْرُهُ يُعَزَّرُ
وقال الْأَصْحَابُ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ منه وَلَا جَرْحُهُ وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ من مَالِهِ
قال في الْفُرُوعِ فَيُتَوَجَّهُ أَنَّ إتْلَافَهُ أَوْلَى مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ
وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّعْزِيرَ بِقَطْعِ الْخُبْزِ وَالْعَزْلِ عن الْوِلَايَاتِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا نَفْيَ إلَّا لِلزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ
وقال الْقَاضِي نَفْيُهُ دُونَ سَنَةٍ
وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِنَفْيِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه نَصْرَ بن حَجَّاجٍ
وقال في الْفُنُونِ لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ وهو الْحَزْمُ عِنْدَنَا وَلَا تَقِفُ السِّيَاسَةُ على ما نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك كَالدُّعَاءِ عليه وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ نَحْوُ يا كَلْبُ فَلَهُ قَوْلُهُ له أو تَعْزِيرُهُ
وَلَوْ لَعَنَهُ فَهَلْ له أَنْ يَلْعَنَهُ يَنْبَنِي على جَوَازِ لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ
وَمَنْ لَعَنَ نَصْرَانِيًّا أُدِّبَ أَدَبًا خَفِيفًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قد صَدَرَ من النَّصْرَانِيِّ ما يَقْتَضِي ذلك
وقال أَيْضًا وَمَنْ دُعِيَ عليه ظُلْمًا فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ على ظَالِمِهِ بِمِثْلِ ما دَعَا بِهِ عليه نَحْوُ أَخْزَاك اللَّهُ أو لَعَنَك اللَّهُ أو يَشْتُمُهُ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ نَحْوُ يا كَلْبُ يا خِنْزِيرُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ له مِثْلَ ذلك
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا على ظَالِمِهِ فما صَبَرَ انْتَهَى
____________________
(10/250)
قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَمْنَى بيده لِغَيْرِ حَاجَةٍ عُزِّرَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِفِعْلِهِ مُحَرَّمًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا يُعْجِبُنِي بِلَا ضَرُورَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا من الزنى فَلَا شَيْءَ عليه
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِإِبَاحَتِهِ إذَنْ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا من الزنى ولم يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَلَا ثَمَنَ أَمَةٍ فَلَا شَيْءَ عليه
وَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قُلْت لو قِيلَ بِوُجُوبِهِ في هذه الْحَالَةِ لَكَانَ له وَجْهٌ كَالْمُضْطَرِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَفُّ
ثُمَّ وَجَدْت بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ ذَكَرَ ذلك
وَعَنْهُ يُكْرَهُ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَلَوْ خَافَ الزنى ذَكَرَهَا في الْفُنُونِ وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا لِأَنَّ الْفَرْجَ مع إبَاحَتِهِ بِالْعَقْدِ لم يُبَحْ بِالضَّرُورَةِ فَهُنَا أَوْلَى وقد جَعَلَ الشَّارِعُ الصَّوْمَ بَدَلًا من النِّكَاحِ وَالِاحْتِلَامُ مُزِيلٌ لِشِدَّةِ الشَّبَقِ مُفْتِرٌ لِلشَّهْوَةِ
____________________
(10/251)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يُبَاحُ الِاسْتِمْنَاءُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَا يُبَاحُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ
فإذا حَصَلَتْ الضَّرُورَةُ قُدِّمَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمْنَاءُ كما قَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وقال بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ الِاسْتِمْنَاءُ أَحَبُّ إلَيَّ من نِكَاحِ الْأَمَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وهو كما قال
الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ في ذلك حُكْمُ الرَّجُلِ فَتَسْتَعْمِلُ شيئا مِثْلَ الذَّكَرِ عِنْدَ الْخَوْفِ من الزنى وَهَذَا الصَّحِيحُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَعَدَمَ الْقِيَاسِ
وقال الْقَاضِي في ضِمْنِ الْمَسْأَلَةِ لَمَّا ذَكَرَ الْمَرْأَةَ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا بَأْسَ بِهِ إذَا قَصَدَتْ بِهِ إطْفَاءَ الشَّهْوَةِ وَالتَّعَفُّفَ عن الزنى
قال وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ
____________________
(10/252)
3 بَابُ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ
أَحَدُهَا السَّرِقَةُ وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ على وَجْهِ الِاخْتِفَاءِ
يُشْتَرَطُ في السَّارِقِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا بِلَا نِزَاعٍ
وَأَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أو مكره ( ( ( مكرها ) ) )
وَعَنْهُ أو سَكْرَانَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قُلْت تَقَدَّمَتْ أَحْكَامُ السَّكْرَانِ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ على مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ وَلَا غَاصِبٍ وَلَا خَائِنٍ وَلَا جَاحِدِ وَدِيعَةٍ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَقَوْلُهُ وَلَا عَارِيَّةٍ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وبن شَاقِلَا وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَعَنْهُ يُقْطَعُ جَاحِدُ الْعَارِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وبن الْبَنَّاءِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(10/253)
وَقَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ وهو الذي يَبُطُّ الْجَيْبَ وَغَيْرَهُ وَيَأْخُذُ منه هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُقْطَعُ الطَّرَّارُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
وَبَنَى الْقَاضِي في كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ الْخِلَافَ على أَنَّ الْجَيْبَ وَالْكُمَّ هل هُمَا حِرْزٌ مُطْلَقًا بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ على كُمِّهِ وَيَزُرَّ جَيْبَهُ وَنَحْوَ ذلك أَمْ لَا
فَائِدَةٌ يُقْطَعُ على الْأَصَحِّ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ وكان نِصَابًا مع أَنَّ ذلك حِرْزٌ
وقال بن عَقِيلٍ حِرْزٌ على الْأَصَحِّ
وَبَنَى في التَّرْغِيبِ الْقَطْعَ على الرِّوَايَتَيْنِ في كَوْنِهِ حِرْزًا
تَنْبِيهٌ دخل في قَوْلِهِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مَالًا مُحْتَرَمًا
____________________
(10/254)
الْمِلْحُ وهو صَحِيحٌ فَلَوْ سَرَقَ من الْمِلْحِ ما قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَهَلْ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ تُرَابٍ وكلأ وَسِرْجِينٍ طَاهِرٍ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَ في الْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ في الْكَلَأِ الْوَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ وبن عَقِيلٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهِ
اخْتَارَهُ النَّاظِمُ في السِّرْجِينِ وَالتُّرَابِ
قال أبو بَكْرٍ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ كَلَأٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي في السِّرْجِينِ الطَّاهِرِ
وقال في التُّرَابِ الذِّمِّيُّ له قِيمَةٌ كَالْأَرْمَنِيِّ وَاَلَّذِي يُعَدُّ لِلْغَسْلِ بِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ في ذلك كُلِّهِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَمَّا السَّرْجِينُ النَّجِسُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/255)
وَقِيلَ يُقْطَعُ بِهِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ في الثَّلْجِ وَجْهَانِ انْتَهَى
وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ فإنه قال وما أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَدَمَ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالْمِلْحِ
وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وأبو بَكْرٍ وبن شَاقِلَا
وقال بن عَقِيلٍ يُقْطَعُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ بن هُبَيْرَةَ
قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ لم يَتَمَوَّلْ عَادَةً كَمَاءٍ وكلأ مُحَرَّزٍ فَلَا قَطْعَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى
وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الصَّيْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي الْوَاضِحِ في صَيْدِ مَمْلُوكٍ مُحَرَّزٍ رِوَايَتَانِ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا قَطْعَ في طَيْرٍ لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا
____________________
(10/256)
وَيَأْتِي إذَا سَرَقَ الذِّمِّيُّ أو الْمُسْتَأْمِنُ أو سُرِقَ مِنْهُمَا
قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بسرقه الْعَبْدِ الصَّغِيرِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ مُمَيِّزٍ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
يَعْنِي أَنَّ مُرَادَهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ كَبِيرٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وقال في الْكَافِي لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ كَبِيرٍ أَكْرَهَهُ
وقال في التَّرْغِيبِ في الْعَبْدِ الْكَبِيرِ وَجْهَانِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالْأَعْجَمِيِّ الذي لَا يُمَيِّزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ في سَرِقَةِ نَائِمٍ وَسَكْرَانَ وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ وَلَا بِسَرِقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الْمُكَاتَبِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ
____________________
(10/257)
وقال في الْمُكَاتَبِ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهِ
وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا كَانَا نَائِمَيْنِ أو مَجْنُونَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ سَرَقَ أُمَّ وَلَدٍ مَجْنُونَةً أو نَائِمَةً قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَهَا كُرْهًا فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في أُمِّ الْوَلَدِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بسرقه حُرٍّ وَإِنْ كان صَغِيرًا
هذا الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ الْكَبِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يُقْطَعُ فَسَرَقَهُ وَعَلَيْهِ حُلِيٌّ فَهَلْ يُقْطَعُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْطَعُ وهو الصَّحِيحُ
____________________
(10/258)
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْفُصُولِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْطَعُ
قال في الْمَذْهَبِ قُطِعَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ
وَقَيَّدَهَا جَمَاعَةٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بالحلى منهم بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مُصْحَفٍ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ بن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ وَالْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ
قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يُقْطَعُ
وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(10/259)
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَاخْتَارَهُ في الْفُصُولِ وَرَدَّ قَوْلَ أبي بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْبَيْعِ إنْ حَرُمَ بَيْعُهُ قُطِعَ بِسَرِقَتِهِ
قال بن مُعَلَّى الْحَمَوِيُّ في حَاشِيَةٍ له على هذا الْمَكَانِ هذا عِنْدِي سَهْوٌ وَصَوَابُهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قُطِعَ بِسَرِقَتِهِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وهو كما قال
فَعَلَى الْأَوَّلِ وهو عَدَمُ الْقَطْعِ لو كان عليه حِلْيَةٌ قُطِعَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال في الْفُصُولِ هو قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وقال في الْبُلْغَةِ هل يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ فيه وَجْهَانِ وَسَوَاءٌ كان عليه حِلْيَةٌ أو لَا انْتَهَى
قُلْت هذه الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ سَرِقَةَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ إذَا كان عليه حِلْيَةٌ كما تَقَدَّمَ
ثُمَّ وَجَدْته في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ نَقَلَ مِثْلَ ذلك عن الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ وَلَا مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ
وَكَذَا كُتُبُ بِدَعٍ وَتَصَاوِيرَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يُقْطَعُ بِذَلِكَ
____________________
(10/260)
وَعَنْهُ ولم يَقْصِدْ سَرِقَةً
وقال في الْمُذْهَبِ وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ فَإِنْ كان عليها حِلْيَةٌ قُطِعَ
وقال بن عَقِيلٍ لَا يُقْطَعُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَمِثْلُهُ في إنَاءٍ نقد ( ( ( فقد ) ) )
وفي الْفُصُولِ في قُضْبَانِ الْخَيْزُرَانِ وَمَخَادِّ الْجُلُودِ الْمُعَدَّةِ لِتَغْبِيرِ الصُّوفِيَّةِ يُحْتَمَلُ أنها كَآلَةِ لَهْوٍ وَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ وَضَمَانُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ آنِيَةً فيها الْخَمْرُ أو صَلِيبًا أو صَنَمَ ذَهَبٍ لم يُقْطَعْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال النَّاظِمُ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يُقْطَعْ في الْأَظْهَرِ إذَا سَرَقَ آنِيَةً فيها خَمْرٌ
قال الشَّارِحُ إذَا سَرَقَ إنَاءً فيه خَمْرٌ لم يُقْطَعْ عِنْدَ غَيْرِ أبي الْخَطَّابِ من أَصْحَابِنَا وَإِنْ سَرَقَ صَلِيبًا أو صَنَمًا من ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ فقال الْقَاضِي لَا قَطْعَ فيه
وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ في الْكُلِّ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يُقْطَعُ
قال في الْمُذْهَبِ إذَا سَرَقَ صَلِيبَ ذَهَبٍ قُطِعَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ فِيمَا إذَا سَرَقَ صَلِيبًا أو صَنَمَ ذَهَبٍ
فَائِدَةٌ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ إنَاءِ نَقْدٍ أو دَرَاهِمَ فيها تَمَاثِيلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(10/261)
وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا لم يَقْصِدْ إنْكَارًا فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْكَارَ لم يُقْطَعْ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا وهو ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أو قِيمَةُ ذلك من الذَّهَبِ وَالْعُرُوضِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
أعني أَنَّ الْأَصْلَ هو الدَّرَاهِمُ لَا غَيْرُ وَالذَّهَبُ وَالْعُرُوضُ تُقَوَّمَانِ بها
قال في الْمُبْهِجِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيِّ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن الْبَنَّا
وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ دِرْهَمٌ أو رُبْعُ دِينَارٍ أو ما يَبْلُغُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا من غَيْرِهِمَا
يَعْنِي أَنَّ كُلًّا من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ
قال في الْكَافِي هذا أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَعُمْدَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تُقَوَّمُ الْعُرُوض إلَّا بِالدَّرَاهِمِ فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ أَصْلًا لِلْعُرُوضِ وَيَكُونُ الذَّهَبُ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لَا غَيْرُ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/262)
إذَا عَلِمْت ذلك فَلَوْ سَرَقَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَا تُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ على الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ
وَلَوْ سَرَقَ دُونَ رُبْعِ مِثْقَالٍ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا يُكْمِلُ النِّصَابَ بِضَمِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ إنْ جُعِلَا أَصْلَيْنِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ أَصْلُ الْخِلَافِ الْخِلَافُ في الضَّمِّ في الزَّكَاةِ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْمِلُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ يَكْفِي وَزْنُ التِّبْرِ الْخَالِصِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِالْمَضْرُوبِ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
الثَّالِثَةُ لو أَخْرَجَ بَعْضَ النِّصَابِ ثُمَّ أَخْرَجَ بَاقِيَهُ ولم يَطُلْ الْفَصْلُ قُطِعَ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْطَعُ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
____________________
(10/263)
الثَّانِي يُقْطَعُ قَدَّمَهُ في التَّرْغِيبِ
وقال اخْتَارَهُ بَعْضُ شُيُوخِي
وقال أَيْضًا وَإِنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ وَأَهْمَلَهُ فَلَا قَطْعَ انْتَهَى
قال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يبني على فِعْلِهِ كما يبني على فِعْلِ غَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ إنْ عَادَ غَدًا ولم يَكُنْ رَدَّ الْحِرْزَ فَأَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَسَلَّمَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِ سَرِقَتِهِ الثَّانِيَةِ من غَيْرِ حِرْزٍ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ إنْ كان في لَيْلَةٍ قُطِعَ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ نِصَابًا ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أو مَلَكَهُ بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو غَيْرِهِمَا لم يَسْقُطْ الْقَطْعُ
إذَا سَرَقَ نِصَابًا ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عن النِّصَابِ فَلَا يَخْلُو
إمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصُهَا قبل إخْرَاجِهِ من الْحِرْزِ أو بَعْدَ إخْرَاجِهِ
فَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ قُطِعَ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ نَقَصَتْ قبل إخْرَاجِهِ من الْحِرْزِ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك إذَا دخل الْحِرْزُ فَذَبَحَ شَاةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ فَنَقَصَتْ أو قُلْنَا هِيَ مَيِّتَةٌ ثُمَّ أَخْرَجَهَا أو دخل الْحِرْزَ فَأَتْلَفَهَا فيه بِأَكْلٍ أو غَيْرِهِ لم يُقْطَعْ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّارِقَ إذَا ذَبَحَ الْمَسْرُوقَ يَحِلُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَحَكَى رِوَايَةً أَنَّهُ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مُطْلَقًا
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَتَقَدَّمَ مِثْلُ ذلك في الْغَصْبِ
وَيَأْتِي أَيْضًا في الذَّكَاةِ وهو مَحَلُّهَا
____________________
(10/264)
وَأَمَّا إذَا مَلَكَهُ السَّارِقُ بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو غَيْرِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذلك بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ أو قَبْلَهُ
فَإِنْ كان بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ لم يَسْقُطْ الْقَطْعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَيْسَ له الْعَفْوُ عنه نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ لِلْمَسْرُوقِ منه الْعَفْوُ عنه قبل الْحُكْمِ
وَحَمَلَ بن مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه
أَعْنِي على ما بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ
وقال في كَلَامِهِ ما يُشْعِرُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ قال لم يَسْقُطْ وَالسُّقُوطُ يَسْتَدْعِي وُجُوبَ الْقَطْعِ وَمِنْ شَرْطِ وُجُوبِ الْقَطْعِ مُطَالَبَةُ الْمَالِكِ وَذَلِكَ يَعْتَمِدُ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ انْتَهَى
وَعِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ
وَإِنْ كان قبل التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ لم يَسْقُطْ الْقَطْعُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ
وَذَكَرَهُ بن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ يَسْقُطُ قبل التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ وَالْمُطَالَبَةِ بها عِنْدَهُ
وَقَالَا لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
____________________
(10/265)
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَة وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالنَّظْمِ
فَيُعَايَى بها
قال في الْفُرُوعِ وفي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي يَسْقُطُ قبل التَّرَافُعِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ انْتَهَى
قُلْت ليس كما قال عن الْخِرَقِيِّ فإن كَلَامَهُ مُحْتَمِلٌ لِغَيْرِهِ
فإنه قال وَيُقْطَعُ السَّارِقُ وَإِنْ وُهِبَتْ له السَّرِقَةُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ
بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْقَطْعُ سَوَاءٌ كان قبل التَّرَافُعِ أو بَعْدَهُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ وَقِيمَتُهُ وَحْدَهُ مع الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ لم يُقْطَعْ بِلَا خِلَافٍ
لَكِنْ لو أَتْلَفَهُ لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ وَنَقْصُ التَّفْرِقَةِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لو سَرَقَ جُزْءًا من كِتَابٍ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَنَظَائِرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَضَمَانُ ما في وَثِيقَةٍ أَتْلَفَهَا إنْ تَعَذَّرَ يُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ على هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الْغَصْبِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ ضَمِنَهُ بِأَتَمَّ من هذا
وَذَكَرْنَا كَلَامَ صَاحِبِ الْفَائِقِ في هذه الْمَسْأَلَةِ
____________________
(10/266)
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في سَرِقَةِ نِصَابٍ قُطِعُوا سَوَاءٌ أَخْرَجُوهُ جُمْلَةً أو أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يُقْطَعُ من أَخْرَجَ منهم نِصَابًا منه وَإِلَّا فَلَا
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الزَّرْكَشِيّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في سَرِقَةِ نِصَابٍ لم يُقْطَعْ بَعْضُهُمْ بِشُبْهَةٍ أو غَيْرِهَا كما لو كان أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا قَطْعَ عليه كَأَبِي الْمَسْرُوقِ منه فَهَلْ يُقْطَعُ الْبَاقِي أَمْ لَا فيه قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُطِعَ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ
قال الشَّارِحُ وهو أَصَحُّ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ
____________________
(10/267)
قُلْت وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ ما إذَا اشْتَرَكَ في الْقَتْلِ اثْنَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ على أَحَدِهِمَا على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ
الثَّانِيَةُ لو سَرَقَ لِجَمَاعَةٍ نِصَابًا قُطِعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَاهُ الدَّاخِلُ إلَى خَارِجٍ فَأَخَذَهُ الْآخَرُ فَالْقَطْعُ على الدَّاخِلِ وَحْدَهُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا بِأَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا
إذَا لم يتواطئا ( ( ( يتواطآ ) ) ) فَلَا قَطْعَ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُبَ أَحَدُهُمَا وَيَذْهَبَ فَيَأْتِي الْآخَرُ من غَيْرِ عِلْمٍ فَيَسْرِقُ فَلَا قَطْعَ عليه وَإِنْ تواطئا ( ( ( تواطآ ) ) ) على ذلك
فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْطَعَا
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وهو الْوَجْهُ الثَّانِي
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
____________________
(10/268)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً أو ذَهَبًا وَخَرَجَ بِهِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا قَطْعَ عليه مُطْلَقًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ في الْحِرْزِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قُلْت إتْلَافُهُ في الْحِرْزِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بَلْ فَعَلَ فيه ما هو سَبَبٌ في الْإِتْلَافِ إنْ وُجِدَ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ لم يَخْرُجْ فَلَا قَطْعَ عليه وَإِنْ خَرَجَ فَفِيهِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ أو نَقَبَ وَدَخَلَ فَتَرَكَ الْمَتَاعَ على بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَخَرَجَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَة وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا قَطْعَ عليه إلَّا إذَا سَاقَهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(10/269)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو تَرَكَهُ في مَاءٍ جَارٍ فَأَخْرَجَهُ
أَنَّهُ لو تَرَكَهُ في مَاءٍ رَاكِدٍ ثُمَّ انْفَتَحَ بَعْدَ ذلك أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُقْطَعُ أَيْضًا
فَائِدَةٌ لو عَلَّمَ قِرْدًا السَّرِقَةَ فَسَرَقَ لم يُقْطَعْ الْمُعَلِّمُ لَكِنْ يَضْمَنُهُ
ذَكَرَهُ أبو الْوَفَا بن عَقِيلٍ وبن الزَّاغُونِيِّ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ الْمَالِ ما جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فيه وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ وَالْبُلْدَانِ وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ ما كان حِرْزًا لِمَالٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَالٍ آخَرَ
وَرَدَّهُ النَّاظِمُ وَحَمَلَهُ أبو الْخَطَّابِ على مَعْنَيَيْنِ
فقال في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُمَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ
فما قَالَهُ أبو بَكْرٍ يَرْجِعُ إلَى قُوَّةِ السُّلْطَانِ وَعَدْلِهِ وَبَسْطِ الْأَمْنِ
وما قَالَهُ بن حَامِدٍ يَرْجِعُ إلَى ضَعْفِ السُّلْطَانِ وَعَادَةِ الْبَلَدِ مع الدُّعَّارِ فيه انْتَهَى
وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْقُمَاشِ في الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ في الْعُمْرَانِ وَرَاءَ الْأَبْوَابِ وَالْأَغْلَاقِ الْوَثِيقَةِ
____________________
(10/270)
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في قُمَاشٍ غَلِيظٍ وَرَاءَ غَلْقٍ
وقال بن الْجَوْزِيِّ في تَفْسِيرِهِ ما جُعِلَ لِلسُّكْنَى وَحِفْظِ الْمَتَاعِ كَالدُّورِ وَالْخِيَامِ حِرْزٌ سَوَاءٌ سَرَقَ من ذلك وهو مَفْتُوحُ الْبَابِ أو لَا بَابَ له إلَّا أَنَّهُ له حَارِسٌ مُحَجَّرٌ بِالْبِنَاءِ
فَائِدَةٌ الصُّنْدُوقُ في السُّوقِ حِرْزٌ إذَا كان له حَارِسٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ أو لم يَكُنْ له حَارِسٌ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ الْخَشَبِ وَالْحَطَبِ الْحَظَائِرُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّبْصِرَةِ حِرْزُ الْحَطَبِ تَعْبِئَتُهُ وَرَبْطُهُ بِالْحِبَالِ
وَكَذَا ذَكَرَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وقال في الرِّعَايَةِ وَحِرْزُ الْخَشَبِ وَالْحَطَبِ تَعْبِئَتُهُ وَرَبْطُهُ في حَظِيرَةٍ أو فُنْدُقٍ مُغْلَقٍ أو فيه حَافِظٌ يَقْظَانُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَحِرْزُهَا في الْمَرْعَى بِالرَّاعِي وَنَظَرِهِ إلَيْهَا
يَعْنِي إذَا كان يَرَاهَا في الْغَالِبِ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ حُمُولَةِ الْإِبِلِ بِتَقْطِيرِهَا وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا إذَا كان يَرَاهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/271)
وقال في التَّرْغِيبِ حِرْزُهَا بِقَائِدٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهَا وَيَرَاهَا إذَنْ إلَّا الْأَوَّلَ مُحَرَّزٌ بِقَوْدِهِ وَالْحَافِظُ الرَّاكِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ كَقَائِدٍ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ الثِّيَابِ في الْحَمَّامِ بِالْحَافِظِ
فَيُقْطَعُ من سَرَقَ منه مع وُجُودِ الْحَافِظِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ حِرْزُ الثِّيَابِ في الْحَمَّامِ بِحَافِظٍ على الْأَصَحِّ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ
وَمَالَ إلَيْهِ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ ليس الْحَمَّامِيُّ حَافِظًا بِجُلُوسِهِ وَلَا الذي يَدْخُلُ الطَّاسَاتِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا الثِّيَابُ في الْأَعْدَالِ وَالْغَزْلُ في السُّوقِ وَالْخَانِ إذَا كان مُشْتَرَكًا في الدُّخُولِ إلَيْهِ بِالْحَافِظِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ الْكَفَنِ في الْقَبْرِ على الْمَيِّتِ فَلَوْ نَبَشَ قَبْرًا وَأَخَذَ الْكَفَنَ قُطِعَ
يَعْنِي إذَا كان كَفَنًا مَشْرُوعًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ قُطِعَ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجِيزُ وقال بَعْدَ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ
____________________
(10/272)
وقال في الْوَاضِحِ إذَا أَخَذَهُ من مَقْبَرَةٍ مَصُونَةٍ بِقُرْبِ الْبَلَدِ
ولم يَقُلْ في التَّبْصِرَةِ مَصُونَةٍ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَحِرْزُ كَفَنِ الْمَيِّتِ قَبْرُهُ قَرِيبُ الْعُمْرَانِ
قال في الْكُبْرَى قُلْت قَرِيبُ الْعُمْرَانِ
وَقِيلَ مُطْلَقًا انْتَهَى
قُلْت جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَطْلَقُوا أَنَّ حِرْزَ كَفَنِ الْمَيِّتِ الْقَبْرُ وهو الْمَذْهَبُ
فَائِدَةٌ الْكَفَنُ مِلْكُ الْمَيِّتِ على الصَّحِيحِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ في الْجَنَائِزِ فقال لو كُفِّنَ فَعَدِمَ الْمَيِّتُ فَالْكَفَنُ بَاقٍ على مِلْكِهِ يقضي منه دُيُونَهُ
وَقِيلَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَكَلَهُ ضَبُعٌ فَكَفَنُهُ إرْثٌ
وَقَالَهُ بن تَمِيمٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت فَيُعَايَى بها على كُلٍّ من الْوَجْهَيْنِ
وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ الْخَصْمُ في ذلك الْوَرَثَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ نَائِبُ الْإِمَامِ كما لو عَدِمُوا
وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ فَكَذَلِكَ
وَقِيلَ هو له
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ في كِتَابِ الْفَرَائِضِ وبن تَمِيمٍ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على بَعْضِ ذلك في أَحْكَامِ الْكَفَنِ من كِتَابِ الْجَنَائِزِ
____________________
(10/273)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَلْ يُفْتَقَرُ في قَطْعِ النَّبَّاشِ إلَى الْمُطَالَبَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُفْتَقَرُ إلَى ذلك فَيَكُونُ الْمُطَالَبُ الْوَارِثَ
وَالثَّانِي لَا يُفْتَقَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَظْهَرُ
وقال أبو الْمَعَالِي وَقِيلَ لَمَّا لم يَكُنْ الْمَيِّتُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَوَارِثُهُ لَا يَمْلِكُ إبْدَالَهُ وَالتَّصَرُّفَ فيه إذَا لم يُخَلِّفْ غَيْرَهُ أو عَيَّنَهُ بِوَصِيَّةٍ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ حَقًّا لِلَّهِ انْتَهَى
وهو الصَّوَابُ
وقال في الِانْتِصَارِ وَثَوْبٌ رَابِعٌ وَخَامِسٌ مِثْلُهُ كَطِيبٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وفي الطِّيبِ وَالثَّوْبِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَحِرْزُ الْبَابِ تَرْكِيبُهُ في مَوْضِعِهِ فَلَوْ سَرَقَ رِتَاجَ الْكَعْبَةِ وهو الْبَابُ الْكَبِيرُ أو بَابَ مَسْجِدٍ أو تَأْزِيرَهُ قُطِعَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِسَرِقَةِ بَابِ الْمَسْجِدِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سَتَائِرِهَا
إذَا لم تَكُنْ سَتَائِرُهَا مَخِيطَةً عليها لم يُقْطَعْ
وَإِنْ كانت مَخِيطَةً عليها فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(10/274)
قال في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وقال الْقَاضِي يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمَخِيطَةِ عليها
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ أو حَصَرَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْطَعُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لَا يُقْطَعُ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْطَعُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان السَّارِقُ مُسْلِمًا فَإِنْ كان كَافِرًا قُطِعَ
قال في الْمُحَرَّرِ قَوْلًا وَاحِدًا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إجْرَاءُ الْخِلَافِ فيه فإنه قال وفي قَنَادِيلِهِ التي تَنْفَعُ الْمُصَلِّينَ وَبِوَارِيهِ وَحُصُرِهِ وَبُسُطِهِ وَجْهَانِ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ انْتَهَى
____________________
(10/275)
قَوْلُهُ وَإِنْ نَامَ إنْسَانٌ على رِدَائِهِ في الْمَسْجِدِ فَسَرَقَهُ سَارِقٌ قُطِعَ
وَكَذَا إنْ نَامَ على مَجَرِّ فَرَسِهِ ولم يَزُلْ عنه أو نَعْلِهِ في رِجْلِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في التَّرْغِيبِ لو سَرَقَ مَرْكُوبَهُ من تَحْتِهِ فَلَا قَطْعَ
وقال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ من السُّوقِ غَزْلًا وَثَمَّ حَافِظٌ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَحُكْمُ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الثِّيَابِ في الْحَمَّامِ بِالْحَافِظِ
وقد تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك هُنَاكَ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ من النَّخْلِ أو الشَّجَرِ من غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ عليه وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَكَذَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لو سَرَقَ مَاشِيَةً من غَيْرِ حِرْزٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
____________________
(10/276)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَأَمَّا غَيْرُ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا سَرَقَهُ من غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا يَضْمَنُ عِوَضَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا إلَّا أَبَا بَكْرٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
وَعَنْهُ أَنَّ ذلك كَالثَّمَرِ وَالْمَاشِيَةِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَالُوا نَصَّ عليه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ أَيْضًا
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا في الزَّرْعِ وهو منها
وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَكَذَا لو سَرَقَ دُونَ نِصَابٍ من حِرْزٍ
يَعْنِي أنها تَضْعُفُ قِيمَتُهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَظْهَرُ
فَائِدَةٌ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ على سَارِقٍ في عَامِ مَجَاعَةٍ وَأَنَّهُ يُرْوَى عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ما لم يَبْذُلْهُ له وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ
وقال في التَّرْغِيبِ ما يحيى به نَفْسَهُ
____________________
(10/277)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُحْتَاجَ إذَا سَرَقَ ما يَأْكُلُهُ لَا قَطْعَ عليه لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ
قَالَا وهو مَحْمُولٌ على من لَا يَجِدُ ما يَشْتَرِيهِ أو لَا يَجِدُ ما يشتري بِهِ فَأَمَّا الْوَاجِدُ لِمَا يَأْكُلُهُ أو لِمَا يَشْتَرِيهِ وما يُشْتَرَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَإِنْ كان بِالثَّمَنِ الْغَالِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه
قَوْلُهُ الْخَامِسُ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَا الْوَلَدُ من مَالِ أبيه وَإِنْ عَلَا وَالْأَبُ وَالْأُمُّ في هذا سَوَاءٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشِّيرَازِيُّ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّاءِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ عَدَمُ الْقَطْعِ بِالْأَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَاضِحِ قَطْعُ الْكُلِّ غير الْأَبِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَلَا الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ سَيِّدِهِ
وَكَذَا لَا يُقْطَعُ السَّيِّدُ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ عَبْدِهِ وَلَوْ كان مُكَاتَبًا
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً فَيُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ
وقال في الِانْتِصَارِ فِيمَنْ وَارِثُهُ حُرٌّ يُقْطَعُ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ
____________________
(10/278)
قَوْلُهُ وَلَا مُسْلِمٌ بِالسَّرِقَةِ من بَيْتِ الْمَالِ وَلَا من مَالٍ له فيه شَرِكَةٌ أو لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ منه
لَا خِلَافَ في ذلك إذَا كان حُرًّا
وَأَمَّا إذَا سَرَقَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ من بَيْتِ الْمَالِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الشَّرْحِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قبل ذلك وهو قَوْلُهُ وَلَا الْعَبْدُ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ من غَيْرِ مَالِ سَيِّدِهِ فَدَخَلَ فيه بَيْتُ الْمَالِ
أو يُقَالُ لِلسَّيِّدِ شُبْهَةٌ في بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا عَبْدُهُ
وقد قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يُقْطَعُ عبد مُسْلِمٍ بِسَرِقَتِهِ من بَيْتِ الْمَالِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ عَبْدٌ مُسْلِمٌ سَرَقَ من بَيْتِ الْمَالِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عليه الْقَطْعُ لِأَنَّ عَبْدَ الْمُسْلِمِ له شُبْهَةٌ وهو أَنَّ سَيِّدَهُ لو افْتَقَرَ عن نَفَقَتِهِ ولم يَكُنْ لِلْعَبْدِ كَسْبٌ في نَفْسِهِ كانت نَفَقَتُهُ في بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى
وَجَعَلَ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ سَرِقَةَ عبد الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا مِثْلُ سَرِقَةِ الْعَبْدِ من بَيْتِ الْمَالِ في وُجُوبِ الْقَطْعِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ مُخَالِفٌ
تَنْبِيهٌ دخل في كَلَامِهِ لو سَرَقَ من مَالِ وَقْفٍ له فيه اسْتِحْقَاقٌ وهو صَحِيحٌ فَلَا قَطْعَ بِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ سَرَقَ من غَلَّةِ وَقْفٍ ليس له فيه اسْتِحْقَاقٌ قُطِعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(10/279)
وَقِيلَ لَا قَطْعَ عليه بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ الْآخَرِ الْمُحْرَزِ عنه على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يُقْطَعُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُقْطَعُ
فَائِدَةٌ لو مَنَعَهَا نَفَقَتَهَا أو نَفَقَةَ وَلَدِهَا فَأَخَذَتْهَا لم تُقْطَعْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَكَذَا لو أَخَذَتْ أَكْثَرَ منها
وَأَمَّا إذَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا من حِرْزٍ مُفْرَدٍ فإنه يُقْطَعُ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ
قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ أَقَارِبِهِمْ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ ذُو الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ
____________________
(10/280)
قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالسَّرِقَةِ من مَالِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَيُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ مَالِهِ
هذا الْمَذْهَبُ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا
وَضَمَانِ مُتْلَفٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ مُسْتَأْمَنٌ
اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنًا نَصَّ عليه بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ
وقال في الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ لَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ مَالِ مُسْلِمٍ
قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا وَادَّعَى أنها مِلْكُهُ لم يُقْطَعْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْكَافِي وَالشَّرْحِ هذا أَوْلَى
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُقْطَعُ بِحَلِفِ الْمَسْرُوقِ منه
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ
اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(10/281)
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ له في دُخُولِهِ
وَقَطَعَ في الْمُحَرَّرِ هُنَا بِالْقَطْعِ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ لو شَهِدَ عليه فقال أَمَرَنِي رَبُّ الدَّارِ أَنْ أُخْرِجَهُ لم يُقْبَلْ منه
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مثله حَدُّ الزنى
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يُحَدُّ
قَوْلُهُ وإذا سَرَقَ الْمَسْرُوقُ منه مَالَ السَّارِقِ أو الْمَغْصُوبُ منه مَالَ الْغَاصِبِ من الْحِرْزِ الذي فيه الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أو الْمَغْصُوبَةُ لم يُقْطَعْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقْطَعُ إنْ تَمَيَّزَ الْمَسْرُوقُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ من غَيْرِ ذلك الْحِرْزِ أو سَرَقَ من مَالِ من له عليه دَيْنٌ قُطِعَ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عن أَخْذِهِ منه فَيَسْرِقُ قَدْرَ حَقِّهِ فَلَا يُقْطَعُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
____________________
(10/282)
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وقال الْقَاضِي يُقْطَعُ مُطْلَقًا بِنَاءً على أَنَّهُ ليس له أَخْذُ قَدْرِ دَيْنِهِ إذَا عَجَزَ عن أَخْذِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
فَائِدَةٌ لو سَرَقَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ أو الْمَغْصُوبَ أَجْنَبِيٌّ لم يُقْطَعْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقْطَعُ
قَوْلُهُ وَمَنْ أَجَّرَ دَارِهِ أو أَعَارَهَا ثُمَّ سَرَقَ منها مَالَ الْمُسْتَعِيرِ أو الْمُسْتَأْجِرِ قُطِعَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ إنْ قَصَدَ بِدُخُولِهِ الرُّجُوعَ في الْعَارِيَّةِ لم يُقْطَعْ
وفي الْفُنُونِ له الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ لَا بِسَرِقَتِهِ
على أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا إذَا أَعَارَهُ ثَوْبًا وَسَرَقَ ضِمْنَهُ شيئا وَلَا فَرْقَ
قَوْلُهُ السَّادِسُ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنَّ من شَرْطِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا أَنْ يَصِفَا السَّرِقَةَ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ قبل الدَّعْوَى
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا تُسْمَعُ قبل الدَّعْوَى
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ قبل الدَّعْوَى في الْأَصَحِّ
____________________
(10/283)
وَقِيلَ تُسْمَعُ
تَنْبِيهٌ اشْتِرَاطُ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ لِأَجْلِ الْقَطْعِ
أَمَّا ثُبُوتُ الْمَالِ فإنه يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَبِإِقْرَارِهِ مَرَّةً على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ أو إقْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ
وَوَصْفُ السَّرِقَةِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بالزنى فإن في اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِحُصُولِ التَّعْيِيرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
أعني أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إقْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ في إقْرَارِ عَبْدٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا لَا يَكُونُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ نَصَّ عليه
قَوْلُهُ وَلَا يَنْزِعُ عن إقْرَارِهِ حتى يُقْطَعَ
فَإِنْ رَجَعَ قُبِلَ بِلَا نِزَاعٍ كَحَدِّ الزنى
بِخِلَافِ ما لو ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فإن رُجُوعَهُ لَا يُقْبَلُ
أَمَّا لو شَهِدَتْ على إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ جَحَدَ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقْطَعُ نَظَرًا لِلْبَيِّنَةِ أو لَا يُقْطَعُ نَظَرًا لِلْإِقْرَارِ على رِوَايَتَيْنِ
حَكَاهُمَا الشِّيرَازِيُّ
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا الزَّرْكَشِيُّ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى من الْبَيِّنَةِ عليه وَمَعَ هذا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عليه
قَوْلُهُ السَّابِعُ مُطَالَبَةُ الْمَسْرُوقِ منه بِمَالِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
____________________
(10/284)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمُخْتَارُ لِلْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَطَلَبُ رَبِّهِ أو وَكِيلِهِ شَرْطٌ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ ليس ذلك بِشَرْطٍ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوِيٌّ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَحَادِيثِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ وَإِنْ قُطِعَ دُونَ الْمُطَالَبَةِ أَجْزَأَ
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْحُدُودِ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْمَسْرُوقِ منه
فَائِدَةٌ وَكِيلُ الْمَسْرُوقِ منه كَهُوَ وكذا وَلِيُّهُ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا حُكْمُ سَرِقَةِ الْكَفَنِ
قَوْلُهُ وإذا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى من مَفْصِلِ الْكَفِّ وَحُسِمَتْ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَسْمَ وَاجِبٌ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْحَسْمَ مُسْتَحَبٌّ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا هل الزَّيْتُ من بَيْتِ الْمَالِ أو من مَالِ السَّارِقِ
فَائِدَةٌ يُسْتَحَبُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ في عُنُقِهِ
زَادَ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ
قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَ حُبِسَ ولم يُقْطَعْ
____________________
(10/285)
يَعْنِي بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى في الثَّالِثَةِ وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى في الرَّابِعَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ إنْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ وَلَا تَفْرِيعَ عليها
وقال في الْفُرُوعِ وَقِيَاسُ قَوْلِ شَيْخِنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ بن تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ السَّارِقَ كَالشَّارِبِ في الرَّابِعَةِ يُقْتَلُ عِنْدَهُ إذَا لم يَتُبْ بِدُونِهِ انْتَهَى
قُلْت بَلْ هذا أَوْلَى عِنْدَهُ وَضَرَرُهُ أَعَمُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجْلِسُ في الثَّالِثَةِ حتى يَتُوبَ كَالْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ الْحَبْسَ وَمُرَادُهُمْ الْأَوَّلُ
وقال في الْإِيضَاحِ يُحْبَسُ وَيُعَذَّبُ
وقال في التَّبْصِرَةِ يُحْبَسُ أو يُغَرَّبُ
قُلْت التَّغْرِيبُ بَعِيدٌ
وقال في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حتى يَتُوبَ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَمَنْ سَرَقَ وَلَيْسَ له يَدٌ يُمْنَى قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا لو سَرَقَ وَلَهُ يُمْنَى لَكِنْ لَا رِجْلَ له يُسْرَى فإن يَدَهُ الْيُمْنَى تُقْطَعُ
____________________
(10/286)
بِلَا نِزَاعٍ بِخِلَافِ ما لو كان الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى فإنه لَا يُقْطَعُ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ من شِقٍّ
وَلَوْ كان الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَطْ أو يَدَيْهِ فَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَجْهَانِ
قال في الْفُرُوعِ بِنَاءً على الْعِلَّتَيْنِ
قال في الْمُغْنِي أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ
وَلَوْ كان الذَّاهِبُ رِجْلَيْهِ أو يُمْنَاهُمَا قُطِعَتْ يُمْنَى يَدَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ قُطِعَتْ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا تُقْطَعُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ سَرَقَ وَلَهُ يُمْنَى فَذَهَبَتْ سَقَطَ الْقَطْعُ وَإِنْ ذَهَبَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لم تُقْطَعْ يَدُهُ الْيُمْنَى على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَتُقْطَعُ على الْأُخْرَى
قال في الْفُرُوعِ تَفْرِيعًا على الْأُولَى وَمَنْ سَرَقَ وَلَهُ يَدٌ يُمْنَى فَذَهَبَتْ هِيَ أو يُسْرَى يَدَيْهِ فَقَطْ أو مع رِجْلَيْهِ أو إحْدَاهُمَا فَلَا قَطْعَ لِتَعَلُّقِ الْقَطْعِ بها لِوُجُودِهَا كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ فَمَاتَ
وَإِنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أو يُمْنَاهُمَا فَقِيلَ يُقْطَعُ كَذَهَابِ يُسْرَاهُمَا
وَقِيلَ لَا لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ كان أَقْطَعَ الرِّجْلَيْنِ أو يُمْنَاهُمَا فَقَطْ قُطِعَتْ يُمْنَى يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا
يَعْنِي على الرِّوَايَتَيْنِ
وَقِيلَ بَلْ على الثَّانِيَةِ
____________________
(10/287)
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ فَقَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ
وَإِنْ قَطَعَهَا خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا
وفي قَطْعِ يَمِينِ السَّارِقِ وَجْهَانِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قُلْت قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ إذَا قَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ عَمْدًا أُقِيدَ من الْقَاطِعِ
وَهَلْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ أَصْلُهُ هل يَقْطَعُ أَرْبَعَتَهُ أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ
فَإِنْ قَطَعَهَا خَطَأً أَخَذَ من الْقَاطِعِ الدِّيَةَ
وَهَلْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ على وَجْهَيْنِ انْتَهَيَا
فَظَاهِرُ هذا أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُقْطَعُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لو سَرَقَ مَرَّةً ثَالِثَةً أَنَّ يُسْرَى يَدَيْهِ لَا تُقْطَعُ كما تَقَدَّمَ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ إنْ قَطَعَهَا مع دَهْشَةٍ أو ظَنَّ أنها تُجْزِئُ كَفَتْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فيه سَقْطٌ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْقَطْعَ يُجْزِئُ وَلَا ضَمَانَ
وهو احْتِمَالٌ في الِانْتِصَارِ وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ تَضْمِينَهُ نِصْفَ دِيَةٍ
____________________
(10/288)
قَوْلُهُ وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ فَتُرَدُّ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ إلَى مَالِكِهَا وَإِنْ كانت تَالِفَةً غَرِمَ قِيمَتَهَا وَقُطِعَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وفي الِانْتِصَارِ لَا غُرْمَ لِهَتْكِ حِرْزٍ وَتَخْرِيبِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجِبُ الزَّيْتُ الذي يُحْسَمُ بِهِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْقَطْعِ من بَيْتِ الْمَالِ أو من مَالِ السَّارِقِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ من مَالِ السَّارِقِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَجِبُ من مَالِ السَّارِقِ إنْ قُلْنَا هو احْتِيَاطٌ له
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ من بَيْتِ الْمَالِ
قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي أَنَّ الزَّيْتَ من بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ إنْ قُلْنَا هو من تَتِمَّةِ الْحَدِّ
فَائِدَةٌ لو كانت الْيَدُ التي وَجَبَ قَطْعُهَا شَلَّاءَ فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ على ما تَقَدَّمَ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فَيَنْتَقِلُ
قَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَالْكَافِي وقال نَصَّ عليه وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَعَنْهُ يُجْزِئُ مع أَمْنِ تَلَفِهِ بِقَطْعِهَا
____________________
(10/289)
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِ الْيَدِ كَقَطْعِ الْأَصَابِعِ كُلِّهَا أو أَرْبَعٍ منها
فَإِنْ ذَهَبَتْ الْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ أو وَاحِدَةٌ غَيْرُهُمَا أَجْزَأَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ إذَا قُطِعَ الْإِبْهَامُ وَتُجْزِئُ إذَا قُطِعَتْ السَّبَّابَةُ وَالْوُسْطَى فَإِنْ بَقِيَ إصْبَعَانِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُ قَطْعُهُمَا
صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ
____________________
(10/290)
بَابُ حَدِّ الْمُحَارَبِينَ
تَنْبِيهٌ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَهُمْ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ في الصَّحْرَاءِ فَيَغْصِبُونَهُمْ الْمَالَ مُجَاهَرَةً
وَلَوْ كان سِلَاحُهُمْ الْعِصِيَّ وَالْحِجَارَةَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَعَصًا وَحَجَرٍ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَظْهَرُ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ لَا يُعْطَوْنَ حُكْمَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْأَيْدِي وَالْعِصِيُّ وَالْأَحْجَارُ كَالسِّلَاحِ في وَجْهٍ
وقال في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا لو غَصَبُوهُمْ بِأَيْدِيهِمْ من غَيْرِ سِلَاحٍ كَانُوا من قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
فَائِدَةٌ من شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في الصَّحْرَاءِ
كَذَا قال الْأَكْثَرُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ في صَحْرَاءَ بَعِيدَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلُوا ذلك في الْبُنْيَانِ لم يَكُونُوا مُحَارِبِينَ في قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هو الْأَشْهَرُ
____________________
(10/291)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ حُكْمُهُمْ في الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَكَثِيرٍ من أَصْحَابِنَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قُلْت منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ حُكْمُ الْمِصْرِ حُكْمُ الصَّحْرَاءِ إنْ لم يُغَثْ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ ذَكَرَهُ في الطَّبَقَاتِ
تَنْبِيهٌ مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن ذلك فَتَوَقَّفَ فِيهِمْ
قَوْلُهُ وإذا قَدَرَ عليهم فَمَنْ كان منهم قد قَتَلَ من يُكَافِئُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ حَتْمًا بِلَا نِزَاعٍ
وَلَا يُزَادُ على الْقَتْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(10/292)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ مع ذلك أَوَّلًا
اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَقِيلَ وَيُصْلَبُونَ بِحَيْثُ لَا يَمُوتُونَ
قَوْلُهُ وَصُلِبَ حتى يَشْتَهِرَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي في جَامِعِهِ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وقال أبو بَكْرٍ يُصْلَبُ قَدْرَ ما يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّلْبِ
وقال في التَّبْصِرَةِ يُصْلَبُ قَدْرَ ما يُتَمَثَّلُ بِهِ وَيُعْتَبَرُ
قُلْت وهو أَوْلَى وهو قَرِيبٌ من الْمَذْهَبِ
وَعِنْدَ بن رَزِينٍ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الصَّلْبَ بَعْدَ قَتْلِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يُصْلَبُ أَوَّلًا
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْجَنَائِزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُصَلِّي الْإِمَامُ على الْغَالِّ أَنَّهُ هل يُقْتَلُ أولا ثُمَّ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عليه ثُمَّ يُصْلَبُ أو يُصْلَبُ عَقِبَ الْقَتْلِ
فَائِدَةٌ لو مَاتَ أو قُتِلَ قبل قَتْلِهِ لِلْمُحَارَبَةِ لم يُصْلَبْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُصْلَبُ
____________________
(10/293)
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ من لَا يُكَافِئُهُ
يَعْنِي كَوَلَدِهِ وَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ
فَهَلْ يُقْتَلُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا يُقْتَلُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُقْتَلُ على الْأَظْهَرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْتَلُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَمَشَى على قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَهَلْ يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا لَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(10/294)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَتَحَتَّمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَهُمَا وَجْهَانِ في الْكَافِي وَالْبُلْغَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَسْقُطُ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وَلَا يَسْقُطُ تَحَتُّمُ الْقَوَدِ في الطَّرْفِ إذَا كان قد قُتِلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَسْقُطَ تَحَتُّمُ قَوَدِ طَرْفٍ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هذا الِاحْتِمَالَ فقال يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ الْجِنَايَةُ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهَا
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فقال يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ في الطَّرْفِ وَهَذَا وَهْمٌ وهو كما قال
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَحُكْمُ الرِّدْءِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَلِكَ الطَّلِيعُ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ السَّرِقَةُ كَذَلِكَ فَرِدْءٌ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَهُوَ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْمَالَ آخِذُهُ
وَقِيلَ قَرَارُهُ عليه
وقال في الْإِرْشَادِ من قَاتَلَ اللُّصُوصَ وَقُتِلَ قُتِلَ الْقَاتِلُ فَقَطْ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْتَلُ الْآمِرُ كَرِدْءٍ وَأَنَّهُ في السَّرِقَةِ كَذَلِكَ
وفي السَّرِقَةِ في الِانْتِصَارِ الشَّرِكَةُ تُلْحِقُ غير الْفَاعِلِ بِهِ كَرِدْءٍ مع مُبَاشِرٍ
____________________
(10/295)
وقال في الْمُفْرَدَاتِ إنَّمَا قُطِعَ جَمَاعَةٌ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ لِلسَّعْيِ بِالْفَسَادِ وَالْغَالِبُ من السُّعَاةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالتَّلَصُّصُ بِاللَّيْلِ وَالْمُشَارَكَةُ بِأَعْوَانٍ بَعْضُهُمْ يُقَاتِلُ أو يَحْمِلُ أو يُكَثَّرُ أو يَنْقُلُ فَقَتَلْنَا الْكُلَّ أو قَطَعْنَاهُمْ حَسْمًا لِلْفَسَادِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَمَنْ قَتَلَ ولم يَأْخُذْ الْمَالَ قُتِلَ
يَعْنِي حَتْمًا مُطْلَقًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقْتَلُ حَتْمًا إنْ قَتَلَهُ لِقَصْدِ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا
وَقِيلَ في غَيْرِ مُكَافِئٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا أَثَرَ لِعَفْوِ وَلِيٍّ
فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ وَهَلْ يُصْلَبُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
إحْدَاهُمَا لَا يُصْلَبُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُصْلَبُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ ولم يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى في مَقَامٍ وَاحِدٍ وَحُسِمَتَا وَخُلِّيَ
يَعْنِي يَكُونُ ذلك حَتْمًا
____________________
(10/296)
قال بن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذلك مُرَتَّبًا بِأَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى أَوَّلًا ثُمَّ رِجْلَهُ الْيُسْرَى
وَجَوَّزَهُ أبو الْخَطَّابِ ثُمَّ أَوْجَبَهُ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ منهم إلَّا من أَخَذَ ما يُقْطَعُ السَّارِقُ في مِثْلِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَخَرَجَ عَدَمُ الْقَطْعِ من عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ
فَائِدَةٌ من شَرْطِ قَطْعِهِ أَنْ يَأْخُذَ من حِرْزٍ
فَإِنْ أَخَذَ من مُنْفَرِدٍ عن الْقَافِلَةِ وَنَحْوِهِ لم يُقْطَعْ
وَمِنْ شَرْطِهِ أَيْضًا انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ في الْمَالِ الْمَأْخُوذِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت يَمِينُهُ مَقْطُوعَةً أو مُسْتَحَقَّةً في قِصَاصٍ أو شَلَّاءَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَهَلْ تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْهِ يُبْنَى على الرِّوَايَتَيْنِ في قَطْعِ يُسْرَى السَّارِقِ في الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ
وهو بِنَاءٌ صَحِيحٌ فَالْمَذْهَبُ هُنَاكَ عَدَمُ الْقَطْعِ فَكَذَا هُنَا هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ هُنَا بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَقِيلَ يُقْطَعُ الْمَوْجُودُ مع يَدِهِ الْيُسْرَى
وقال في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ إنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ قَوَدًا واكتفي بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى فَفِي إمْهَالِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قُطِعَتْ يُسْرَاهُ قَوَدًا وَقُلْنَا تُقْطَعُ يُمْنَاهُ كَسَرِقَةٍ أُمْهِلَ
وَإِنْ عَدِمَ يُسْرَى يَدَيْهِ قُطِعَتْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ
____________________
(10/297)
وَيَتَخَرَّجُ لَا تُقْطَعُ كَيُمْنَى يَدَيْهِ في الْأَصَحِّ من الْوَجْهَيْنِ
الثَّانِيَةُ لو حَارَبَ مَرَّةً ثَانِيَةً لم تُقْطَعْ أَرْبَعَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ بَلَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في السَّارِقِ إذَا سَرَقَ مَرَّةً ثَالِثَةً على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَمَنْ لم يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ الْمَالَ نُفِيَ وَشُرِّدَ فَلَا يُتْرَكُ يَأْتِي إلَى بَلَدٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أَنَّ نَفْيَهُ تَعْزِيرُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ
وقال في التَّبْصِرَةِ يُعَزَّرُ ثُمَّ يُنْفَى وَيُشَرَّدُ
وَعَنْهُ أَنَّ نَفْيَهُ حَبْسُهُ
وفي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ نَفْيُهُ طَلَبُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ دُخُولُ الْعَبْدِ في ذلك وَأَنَّهُ يُنْفَى
وقد قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ لَا تُعْرَفُ الرِّوَايَةُ عن أَصْحَابِنَا في ذلك
وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَالْقَصْدُ من ذلك كَفُّهُ عن الْفَسَادِ وَهَذَا يَشْتَرِكُ فيه الْحُرُّ وَالْعَبْدُ انْتَهَى
____________________
(10/298)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا تُنْفَى الْجَمَاعَةُ مُتَفَرِّقِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ
الثَّانِيَةُ لَا يَزَالُ مَنْفِيًّا حتى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُنْفَى عَامًا
وَذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ احْتِمَالَيْنِ وَقَالَا لم يذكر أَصْحَابُنَا قَدْرَ مُدَّةِ نَفْيِهِمْ
قَوْلُهُ وَمَنْ تَابَ منهم قبل الْقُدْرَةِ عليه سَقَطَتْ عنه حُدُودُ اللَّهِ من الصَّلْبِ وَالْقَطْعِ وَالنَّفْيِ وَانْحِتَامِ الْقَتْلِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وَأَطْلَقَ في الْمُبْهِجِ في حَقِّ اللَّهِ رِوَايَتَيْنِ في أَوَّلِ الْبَابِ وَقَطَعَ في آخِرِهِ بِالْقَبُولِ
قَوْلُهُ وَأُخِذَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ من الْأَنْفُسِ وَالْجِرَاحِ وَالْأَمْوَالِ إلَّا أَنْ يُعْفَى له عنها
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقَ اللَّهِ فِيمَنْ تَابَ قبل الْقُدْرَةِ عليه هذا فِيمَنْ تَحْتَ حُكْمِنَا
ثُمَّ قال وفي خَارِجِيٍّ وَبَاغٍ وَمُرْتَدٍّ وَمُحَارِبٍ الْخِلَافُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
قَالَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِبَيِّنَةٍ
وَقِيلَ وَقَرِينَةٍ
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْكَافِرُ فَلَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ في كُفْرِهِ إجْمَاعًا
____________________
(10/299)
قَوْلُهُ وَمَنْ وَجَبَ عليه حَدٌّ لِلَّهِ سِوَى ذلك مِثْلُ الشُّرْبِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا فَتَابَ قبل إقَامَتِهِ لم يَسْقُطْ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في الْمَذْهَبِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قبل إصْلَاحِ الْعَمَلِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِبَيِّنَةٍ لم يَسْقُطْ بِالتَّوْبَةِ
ذَكَرَهَا بن حَامِدٍ وبن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَلَكِنْ أَطْلَقَ الثُّبُوتَ
وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ بَابِ الشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ إذَا تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ قبل التَّعْزِيرِ هل يَسْقُطُ عنه أَمْ لَا
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الْأُولَى يَسْقُطُ في حَقِّ مُحَارِبٍ تَابَ قبل الْقُدْرَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ كما قبل الْمُحَارَبَةِ
____________________
(10/300)
وقال في الْمُحَرَّرِ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمِنٍ نَصَّ عليه
وَذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى في الذِّمِّيِّ
وَنَقَلَ فيه أبو دَاوُد عن الْإِمَامِ أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ فيه الْخِلَافَ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ إنْ أَكْرَهَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فَوَطِئَهَا قُتِلَ ليس على هذا صُولِحُوا وَلَوْ أَسْلَمَ هذا حُدَّ وَجَبَ عليه
فَدَلَّ أَنَّهُ لو سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ التَّائِبَ وَجَبَ عليه أَيْضًا
وَأَنَّهُ أَوْجَبَهُ بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فإنه لم يُصَرِّحْ بِتَفْرِقَةٍ بين إسْلَامٍ وَتَوْبَةٍ
وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً من قَذَفَ أُمَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ حَدٌّ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَسْقُطُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في سُقُوطِ الْجِزْيَةِ بالإسلام ( ( ( بإسلام ) ) ) إذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ عنه الْعُقُوبَاتُ الْوَاجِبَةُ بِالْكُفْرِ كَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ من الْحُدُودِ
وفي الْمُبْهِجِ احْتِمَالٌ يُسْقَطُ حَدُّ زِنَا ذِمِّيٍّ وَيُسْتَوْفَى حَدُّ قَذْفٍ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وفي الرِّعَايَةِ الْخِلَافُ
وهو مَعْنَى ما أَخَذَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا من عَدَمِ إعْلَامِهِ وَصِحَّةِ تَوْبَتِهِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ
وقال في التَّبْصِرَةِ يَسْقُطُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا يُوجِبُ مَالًا وَإِلَّا سَقَطَ إلَى مَالٍ
وقال في الْبُلْغَةِ في إسْقَاطِ التَّوْبَةِ في غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ قبل الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا رِوَايَتَانِ
قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التي هِيَ الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قبل
____________________
(10/301)
إصْلَاحِ الْعَمَلِ فَلَا يُشْتَرَطُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ مع التَّوْبَةِ بَلْ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ
قال الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا
قال في الْكَافِي قال أَصْحَابُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ إصْلَاحُ الْعَمَلِ مع التَّوْبَةِ في إسْقَاطِ الْحَدِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا صَلَاحُ عَمَلِهِ مُدَّةً
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا وهو سُقُوطُ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ فَقِيلَ يَسْقُطُ بها قبل تَوْبَتِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ قبل الْقُدْرَةِ
وَقِيلَ قبل إقَامَتِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إصْلَاحُ الْعَمَلِ مُدَّةً يَتَبَيَّنُ فيها صِحَّةَ تَوْبَتِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي في سُقُوطِ حَدِّ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالْقَاذِفِ بِالتَّوْبَةِ قبل إقَامَةِ الْحَدِّ وَقِيلَ قبل تَوْبَتِهِ رِوَايَتَانِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ
بَلْ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كما قال في الْمُغْنِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وفي بَحْثِ الْقَاضِي التَّفْرِقَةُ بين عِلْمِ الْإِمَامِ بِهِمْ أَوَّلًا
____________________
(10/302)
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تُقْبَلُ وَلَوْ في الْحَدِّ فَلَا يُكْمَلُ وَأَنَّ هَرَبَهُ فيه تَوْبَةٌ
قَوْلُهُ وَمَنْ أُرِيدَتْ نَفْسُهُ أو حُرْمَتُهُ أو مَالُهُ فَلَهُ الدَّفْعُ عن ذلك بِأَسْهَلِ ما يَعْلَمُ دَفْعَهُ بِهِ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ له الدَّفْعُ عن ذلك بِأَسْهَلِ ما يَغْلِبُ على ظَنِّهِ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ليس له ذلك إذَا أَمْكَنَهُ هَرَبٌ أو احْتِمَاءٌ وَنَحْوُهُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ له الْمُنَاشَدَةُ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ له دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْأَسْهَلِ ابْتِدَاءً إنْ خَافَ أَنْ يُبَدِّدَهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال بَعْضُهُمْ أو يَجْهَلُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَحْصُلْ إلَّا بِالْقَتْلِ فَلَهُ ذلك وَلَا شَيْءَ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ الْحَارِثِيُّ قَوْلًا بِالضَّمَانِ من ضَمَانِ الصَّائِلِ في الْإِحْرَامِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ
____________________
(10/303)
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْغَصْبِ لو قَتَلَ دَفْعًا عن مَالِهِ قُتِلَ وَلَوْ قَتَلَ دَفْعًا عن نَفْسِهِ لم يُقْتَلْ نَقَلَهُ عنه في الْفُرُوعِ
وفي الْفُصُولِ يَضْمَنُ من قَتَلَ دَفْعًا عن نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجِبُ عليه الدَّفْعُ عن نَفْسِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
الدَّفْعُ عن نَفْسِهِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ في فِتْنَةٍ أو في غَيْرِهَا فَإِنْ كان في غَيْرِ فِتْنَةٍ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن نَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن نَفْسِهِ على الْأَصَحِّ
قال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ
قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَنِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَإِنْ كان في فِتْنَةٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عنها
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ إنْ دخل عليه منزلة
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَالْحَالَةُ هذه فَوَائِدُ
منها يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن حُرْمَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
____________________
(10/304)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
قَدَّمَهُ في نِهَايَةِ المبتدى ( ( ( المبتدئ ) ) ) وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَمِنْهَا لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن مَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُ عن مَالِهِ في الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في نِهَايَةِ المبتدى ( ( ( المبتدئ ) ) ) وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ
قال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ في الْأَصَحِّ
وَمِنْهَا لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَالِهِ عن الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ على الْأَصَحِّ
وقال في نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ يَجُوزُ دَفْعُهُ عن نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ
وَقِيلَ يَجِبُ
وَمِنْهَا له بَذْلُ الْمَالِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ وَأَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَهُ
وقال في التَّرْغِيبِ الْمَنْصُوصُ عنه أَنَّ تَرْكَ قِتَالِهِ عنه أَفْضَلُ
وَأَطْلَقَ رِوَايَتَيْ الْوُجُوبِ في الْكُلِّ ثُمَّ قال عِنْدِي يُنْتَقَضُ عَهْدُ الذِّمِّيِّ
قال في الْفُرُوعِ وما قَالَهُ في الذِّمِّيِّ مُرَادٌ غَيْرُهُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ يُرِيدُ الْمَالَ أَرَى دَفْعَهُ إلَيْهِ وَلَا يَأْتِي على نَفْسِهِ لِأَنَّهَا لَا عِوَضَ لها
____________________
(10/305)
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ لَا بَأْسَ
وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عن نَفْسِ غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَكَإِحْيَائِهِ بِبَذْلِ طَعَامِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَيْضًا
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ مع ظَنِّ سَلَامَةِ الدَّافِعِ وكذا مَالُهُ مع ظَنِّ سَلَامَتِهِمَا
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَجُوزُ مع ظَنِّ سَلَامَتِهِمَا وَإِلَّا حَرُمَ
وَقِيلَ في جَوَازِهِ عنهما وَعَنْ حُرْمَتِهِ رِوَايَتَانِ
نَقَلَ حَرْبٌ الْوَقْفَ في مَالِ غَيْرِهِ
وَنَقَلَ أَحْمَدُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُقَاتِلُهُ لِأَنَّهُ لم يُبَحْ له قَتْلُهُ لِمَالِ غَيْرِهِ
وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لُزُومَهُ عن مَالِ غَيْرِهِ
قال في التَّبْصِرَةِ فَإِنْ أبى أَعْلَمَ مَالِكَهُ فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَتْهُ إعَانَتُهُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْفُصُولِ
وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي بِلُزُومِ دَفْعِ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ عن نَفْسِهِ وَبِإِبَاحَتِهِ عن مَالِهِ وَحُرْمَتِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَحُرْمَتِهِ
وَأَنَّ في إبَاحَتِهِ عن مَالِ غَيْرِهِ وَصَلَاةِ خَوْفٍ لِأَجْلِهِ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ
وقال في الْمَذْهَبِ وَهَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ أَنْ يَدْفَعَ عنه من أَرَادَ نَفْسَهُ أو يَجِبُ على وَجْهَيْنِ
أَمَّا دَفْعُ الْإِنْسَانِ عن مَالِ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ ما لم يُفْضِ إلَى الْجِنَايَةِ على نَفْسِ الطَّالِبِ أو شَيْءٍ من أَعْضَائِهِ انْتَهَى
____________________
(10/306)
وَمِنْهَا لو ظَلَمَ ظَالِمٌ فَنَقَلَ بن أبي حَرْبٍ لَا يُعِينُهُ حتى يَرْجِعَ عن ظُلْمِهِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِينُوهُ أَخْشَى أَنْ يَجْتَرِئَ يَدَعُوهُ حتى يَنْكَسِرَ
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ
وَسَأَلَهُ صَالِحٌ فِيمَنْ يَسْتَغِيثُ بِهِ جَارُهُ قال يُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى صَيْحَةٍ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ لَا يدرى ما يَكُونُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيهِمَا خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ في الثَّانِيَةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كان الصَّائِلُ آدَمِيًّا أو بَهِيمَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْأَوْلَى من الرِّوَايَتَيْنِ في الْبَهِيمَةِ وُجُوبُ الدَّفْعِ إذَا أَمْكَنَهُ كما لو خَافَ من سَيْلٍ أو نَارٍ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عن ذلك وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ فَالْأَوْلَى يَلْزَمُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ الْبَهِيمَةُ لَا حُرْمَةَ لها فَيَجِبُ
قال في الْفُرُوعِ وما قَالَهُ في الْبَهِيمَةِ مُتَّجَهٌ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَ الْبَهِيمَةَ حَيْثُ قُلْنَا له قَتْلُهَا فَلَا ضَمَانَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ في بَابِ الصَّائِلِ فِيمَا وَقَفْت عليه من كُتُبِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في التَّنْبِيهِ إذَا قَتَلَ صَيْدًا صَائِلًا عليه فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ
وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فَرَعَيْنَ
أَحَدُهُمَا لو حَالَ بين الْمُضْطَرِّ وَبَيْنَ الطَّعَامِ بَهِيمَةٌ لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ له قَتْلُهَا وَهَلْ يَضْمَنُهَا على وَجْهَيْنِ
____________________
(10/307)
الْفَرْعُ الثَّانِي لو تَدَحْرَجَ إنَاءٌ من عُلْوٍ على رَأْسِ إنْسَانٍ فَكَسَرَهُ دَفْعًا عن نَفْسِهِ بِشَيْءٍ الْتَقَاهُ بِهِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ على وَجْهَيْنِ مع جَوَازِ دَفْعِهِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ وَصَاحِبُهُ مُسْتَغْنٍ عنه إذَا قَتَلَهُ الْمُضْطَرُّ فَلَا ضَمَانَ عليه إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ مُقَاتَلَتِهِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ الْأَطْعِمَةِ جَوَازُ قِتَالِهِ
وَخَرَّجَ الْحَارِثِيُّ في كِتَابِ الْغَصْبِ ضَمَانَ الصَّائِلِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ في ضَمَانِ الصَّيْدِ الصَّائِلِ على الْمُحْرِمِ
قَوْلُهُ فإذا دخل رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مُتَلَصِّصًا أو صَائِلًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَضَّ إنْسَانٌ إنْسَانًا فَانْتَزَعَ يَدَهُ من فيه فَسَقَطَتْ ثَنَايَاهُ ذَهَبَتْ هَدَرًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَنْتَزِعُهَا بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ كَالصَّائِلِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذلك إذَا كان الْعَضُّ مُحَرَّمًا
قَوْلُهُ وَإِنْ نَظَرَ في بَيْتِهِ من خُصَاصِ الْبَابِ أو نَحْوِهِ فَحَذَفَ عَيْنَهُ فَفَقَأَهَا فَلَا شَيْءَ عليه
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال بن حَامِدٍ يَدْفَعُهُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ كَالصَّائِلِ فَيُنْذِرَهُ أَوَّلًا كَمَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ لَا يَقْصِدُ أُذُنَهُ بِلَا إنْذَارٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
____________________
(10/308)
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ النَّاظِرُ أو لَا وهو صَحِيحٌ إذَا ظَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ مُتَعَمِّدًا
وقال في التَّرْغِيبِ أو صَادَفَ النَّاظِرُ عَوْرَةً من مَحَارِمِهِ
وقال في الْمُغْنِي في هذه الصُّورَةِ وَلَوْ خَلَتْ من نِسَاءٍ
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَابَ لو كان مَفْتُوحًا وَنَظَرَ إلَى من فيه ليس له رَمْيُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ هو كَالنَّظَرِ من خُصَاصِ الْبَابِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ
فَائِدَةٌ لو تَسَمَّعَ الْأَعْمَى على من في الْبَيْتِ لم يَجُزْ طَعْنُ أُذُنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ طَعْنَ أُذُنِهِ وقال لَا ضَمَانَ عليه
تَنْبِيهٌ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ الْأَعْمَى إذَا تَسَمَّعَ وَحَكَوْا فيه الْقَوْلَيْنِ
قال وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَسَمُّعَ الْبَصِيرِ يَلْحَقُ بِالْأَعْمَى على قَوْلِ بن عَقِيلٍ سَوَاءٌ كان أَعْمَى أو بَصِيرًا انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ
وَإِنَّمَا لم يَذْكُرُوهُ حَمْلًا على الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ من الْبَصِيرِ لَا يَتَسَمَّعُ وَالْعِلَّةُ جَامِعَةٌ لَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(10/309)
بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا نَصْبُ الْإِمَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ
قال في الْفُرُوعِ فَرْضُ كِفَايَةٍ على الْأَصَحِّ
فَمَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِإِجْمَاعٍ أو بِنَصٍّ أو بِاجْتِهَادٍ أو بِنَصِّ من قَبْلَهُ عليه وَبِخَبَرٍ مُتَعَيِّنٍ لها حَرُمَ قِتَالُهُ
وَكَذَا لو قَهَرَ الناس بِسَيْفِهِ حتى أَذْعَنُوا له وَدَعَوْهُ إمَامًا
قَالَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ رِوَايَةً وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا بِذَلِكَ
وَقَدَّمَ روايتان ( ( ( روايتين ) ) ) في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ
فَإِنْ بُويِعَ لِاثْنَيْنِ فَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ
قَالَهُ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا
وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ قُرَشِيًّا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا عَالِمًا كَافِيًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا
قَالَهُ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِ
وَلَوْ تَنَازَعَهَا اثْنَانِ متكافئكان ( ( ( متكافئتان ) ) ) في صِفَاتِ التَّرْجِيحِ قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ
قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالْأَذَانِ
الثَّانِيَةُ هل تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عن الناس بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لهم أَمْ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ فيه وَجْهَانِ
وَخَرَّجَ الآمدي رِوَايَتَيْنِ بناء ( ( ( بنى ) ) ) على أَنَّ خَطَأَهُ هل هو في بَيْتِ الْمَالِ أو على عَاقِلَتِهِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوَكَالَةِ لِعُمُومِهِمْ
وَذَكَرَ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ رِوَايَتَيْنِ في انْعِقَادِ إمَامَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَهْرِ
____________________
(10/310)
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ وَهَذَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِلْخِلَافِ في الْوِلَايَةِ وَالْوَكَالَةِ أَيْضًا
وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ انْعِزَالُهُ بِالْعَزْلِ
ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ
فَإِنْ قُلْنَا هو وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ
وَإِنْ قُلْنَا هو وَالٍ لم يَنْعَزِلْ بِالْعَزْلِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ من تَابَعَهُ
وَهَلْ لهم عَزْلُهُ إنْ كان بِسُؤَالِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ من عَزْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ كان بِغَيْرِ سُؤَالِهِ لم يَجُزْ بِغَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهُمْ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ على الْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ
أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْإِمَامُ عَادِلًا أو لَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَوَّزَ بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ الْخُرُوجَ على إمَامٍ غَيْرِ عَادِلٍ وَذَكَرَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ على يَزِيدَ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن رَزِينٍ على ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ وَنُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أن ذلك لَا يَحِلُّ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وآمره بِالصَّبْرِ وَأَنَّ السَّيْفَ إذَا وَقَعَ عَمَّتْ الْفِتْنَةُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ وَتُسْتَبَاحُ الْأَمْوَالُ وَتُنْتَهَكُ الْمَحَارِمُ
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ
أَنَّهُمْ لو كَانُوا جَمْعًا يَسِيرًا أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ حُكْمَ الْبُغَاةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/311)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
بَلْ حُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ
وقال أبو بَكْرٍ هُمْ بُغَاةٌ أَيْضًا
وهو رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ
الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ سَوَاءٌ كان فِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ أولا وَأَنَّهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا في طَرَفٍ وِلَايَتِهِ أو وَسَطِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا تَتِمُّ شَوْكَتُهُمْ إلَّا وَفِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ في طَرَفِ وِلَايَتِهِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ تَدْعُو إلَى نَفْسِهَا أو إلَى إمَامٍ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُرَاسَلَهُمْ وَيَسْأَلَهُمْ ما يَنْقِمُونَ منه وَيُزِيلَ ما يَذْكُرُونَهُ من مَظْلِمَةٍ وَيَكْشِفَ ما يَدَّعُونَهُ من شُبْهَةٍ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ
يَعْنِي إذَا كان يَقْدِرُ على قِتَالِهِمْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ له قَتْلُ الْخَوَارِجِ ابْتِدَاءً وَتَتِمَّةً الْجَرِيحِ
قال في الْفُرُوعِ وهو خِلَافُ ظَاهِرِ رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بن مَالِكٍ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ في الْخَوَارِجِ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ من أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ بُغَاةٌ لهم حُكْمُهُمْ وَأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَلَيْسَ بِمُرَادِهِمْ لِذِكْرِهِمْ كُفْرَهُمْ وَفِسْقَهُمْ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ
____________________
(10/312)
قال في الْكَافِي ذَهَبَ فُقَهَاءُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ حُكْمَ الْخَوَارِجِ حُكْمُ الْبُغَاةِ
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ من أَهْلِ الحديث إلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بين الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ وهو الْمَعْرُوفُ عن الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الحديث وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَنُصُوصِ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا يَخْرُجُ على وَجْهِ من صَوَّبَ غير مُعَيَّنٍ أو وَقَفَ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه هو الْمُصِيبُ وَهِيَ أَقْوَالٌ في مَذْهَبِنَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْخَوَارِجُ بُغَاةٌ مُبْتَدِعَةٌ يُكَفِّرُونَ من أتى كَبِيرَةً وَلِذَلِكَ طَعَنُوا على الْأَئِمَّةِ وَفَارَقُوا الْجَمَاعَةَ وَتَرَكُوا الْجُمُعَةَ وَمِنْهُمْ من كَفَّرَ الصَّحَابَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَسَائِرَ أَهْلِ الْحَقِّ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ وَقِيلَ هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ كَالْمُرْتَدِّينَ فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ وَمَنْ قُدِرَ عليه منهم اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وهو أَوْلَى انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فِيهِمْ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
إحْدَاهُمَا هُمْ كُفَّارٌ
وَالثَّانِيَةُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ
يَعْنِي وُجُوبًا
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ قِصَّةِ الْحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنهما وَقَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ
____________________
(10/313)
الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْقِتَالَ لَا يَجِبُ وَمَالَ إلَيْهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِينَ عليهم بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي بِسِلَاحِ الْبُغَاةِ وَكُرَاعِهِمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالثَّانِي يَجُوزُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَائِدَةٌ الْمُرَاهِقُ منهم وَالْعَبْدُ كَالْخَيْلِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ وَلَا يُتْبَعُ لهم مُدْبِرٌ وَلَا يُجَازُ على جَرِيحٍ
اعلم أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُ مُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
وَقِيلَ في آخِرِ الْقِتَالِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قُلْت يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ إنْ خِيفَ من اجْتِمَاعِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ تَبِعَهُمْ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ فَعَلَ فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُقَادُ بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ الْآتِي
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالثَّانِي لَا يُقَادُ بِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في ذلك فَأَنْتَجَ شُبْهَةً
____________________
(10/314)
فَائِدَةٌ قال في الْمُسْتَوْعِبِ الْمُدْبِرُ من انْكَسَرَتْ شَوْكَتُهُ لَا الْمُتَحَرِّفُ إلَى مَوْضِعٍ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ يَحْرُمُ قَتْلُ من تَرَكَ الْقِتَالَ
قَوْلُهُ وَمَنْ أُسِرَ من رِجَالِهِمْ حُبِسَ حتى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ ثُمَّ يُرْسَلَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ يُخَلَّى إنْ أُمِنَ عَوْدُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُرْسَلُ مع بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
فَعَلَى هذا لو بَطَلَتْ شَوْكَتُهُمْ وَلَكِنْ يُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ في الْحَالِ فَفِي إرْسَالِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ إرْسَالِهِ
وَقِيلَ يَجُوزُ حَبْسُهُ ليخلي أَسِيرُنَا
قَوْلُهُ فَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ أو امْرَأَةٌ فَهَلْ يُفْعَلُ بِهِ ذلك أو يُخَلَّى في الْحَالِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(10/315)
أَحَدُهُمَا يُفْعَلُ بِهِ كما يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُخَلَّى في الْحَالِ
صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قُلْت الصَّوَابُ النَّظَرُ إلَى ما هو أَصْلَحُ من الْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ
وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ على ذلك
قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ ما أَتْلَفُوهُ عليهم حَالَ الْحَرْبِ من نَفْسٍ أو مَالٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَتَقَدَّمَ في كَفَّارَةِ الْقَتْلِ هل يَجِبُ على الْقَاتِلِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا
وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْبُغَاةُ ما أَتْلَفُوهُ على أَهْلِ الْعَدْلِ في الْحَرْبِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا لَا يَضْمَنُونَ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قُلْت فَيُعَايَى بها
____________________
(10/316)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَضْمَنُونَ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ في الْقَوَدِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ ضَمِنَ الْمَالَ احْتَمَلَ الْقَوَدُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ الْقَوَدِ
وَالْوَجْهَانِ أَيْضًا في تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بَعْدَهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وما أَخَذُوا في حَالِ امْتِنَاعِهِمْ من زَكَاةٍ أو خَرَاجٍ أو جِزْيَةٍ لم يُعَدْ عليهم وَلَا على صَاحِبِهِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ
نَصَّ عليه في الْخَوَارِجِ إذَا غَلَبُوا على بَلَدٍ وَأَخَذُوا منه الْعُشْرَ وَقَعَ مَوْقِعَهُ
قال الْقَاضِي في الشَّرْحِ هذا مَحْمُولٌ على أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ
وقال في مَوْضِعٍ إنَّمَا يُجْزِئُ أَخْذُهُمْ إذَا نَصَبُوا لهم إمَامًا
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في مَوْضِعٍ من الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ اخْتِيَارًا
وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّوَقُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ من الزَّكَاةِ
وقال الْقَاضِي وقد قِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلَفَ الْأَئِمَّةِ الْفُسَّاقِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَعْشَارِ وَالصَّدَقَاتِ إلَيْهِمْ وَلَا إقَامَةُ الْحُدُودِ
وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَحْوُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى ذِمِّيٌّ دَفْعَ جِزْيَتِهِ إلَيْهِمْ لم تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/317)
وَفِيهِ احْتِمَالٌ تُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ إذَا كان بَعْدَ الْحَوْلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إنْسَانٌ دَفْعَ خَرَاجِهِ إلَيْهِمْ فَهَلْ تُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ على وَجْهَيْنِ
عِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ كَذَلِكَ
فَقَدْ يُقَالُ شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا إذَا كان مُسْلِمًا وَادَّعَى ذلك فَأَطْلَقَ في قَبُولِ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ مع يَمِينِهِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا كان ذِمِّيًّا وَأَطْلَقَ في قَبُولِ قَوْلِهِ بلا ( ( ( بل ) ) ) بَيِّنَةٌ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
____________________
(10/318)
وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يُقْبَلُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ
قَوْلُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يُنْقَضُ من حُكْمِ حَاكِمِهِمْ إلَّا ما يُنْقَضُ من حُكْمِ غَيْرِهِ
هذا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن عَقِيلٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ ما لم يَكُونُوا دُعَاةً
ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
وَذَكَرَ في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَالشَّرْحِ أَنَّ الْأَوْلَى رَدُّ كِتَابِهِ قبل الْحَكَمِ بِهِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ بن عَقِيلٍ وَغَيْرَهُ فَسَّقُوا الْبُغَاةَ
فَائِدَةٌ لو ولي الْخَوَارِجُ قَاضِيًا لم يَجُزْ قَضَاؤُهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ احْتِمَالٌ بِصِحَّةِ قَضَاءِ الْخَارِجِيِّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ كما لو أَقَامَ الْحَدَّ أو أَخَذَ جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَزَكَاةً
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَأَعَانُوهُمْ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ إلَّا أَنْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَجِبُ عليهم مَعُونَةُ من اسْتَعَانَ بِهِمْ من الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُ ذلك فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ
إذَا قَاتَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مع الْبُغَاةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدَّعُوا شُبْهَةً أو لَا
فَإِنْ لم يَدَّعُوا شُبْهَةً كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(10/319)
وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُنْتَقَضُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِيرُونَ كَأَهْلِ الْحَرْبِ
وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْبُغَاةِ
وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا في أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فَفِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَكْسَ أَوْلَى وهو أَنَّهُمْ إذَا قَاتَلُوا مع الْبُغَاةِ وَقُلْنَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فَهَلْ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ إذَا قَاتَلُوا مع أَهْلِ الْعَدْلِ هذا ما يَظْهَرُ
وَإِنْ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَظَنِّهِمْ وُجُوبَهُ عليهم وَنَحْوَهُ لم يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في التَّرْغِيبِ في نَقْضِ عَهْدِهِمْ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَيَغْرَمُونَ ما أَتْلَفُوهُ من نَفْسٍ وَمَالٍ
يَعْنِي أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا قَاتَلُوا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَضْمَنُونَ ما أَتْلَفُوهُ في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُونَ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ فَلَا يَضْمَنُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَأَمَّنُوهُمْ لم يَصِحَّ أَمَانُهُمْ وَأُبِيحَ قَتْلُهُمْ
____________________
(10/320)
يَعْنِي لِغَيْرِ الَّذِينَ أَمَّنُوهُمْ فَأَمَّا الَّذِينَ أَمَّنُوهُمْ فَلَا يُبَاحُ لهم ذلك وهو ظَاهِرٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ ولم يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ لم يُتَعَرَّضْ لهم
بَلْ تَجْرِي الْأَحْكَامُ عليهم كَأَهْلِ الْعَدْلِ
قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
قُلْت منهم أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَسَأَلَهُ الْمَرْوَزِيِّ عن قَوْمٍ من أَهْلِ الْبِدَعِ يَتَعَرَّضُونَ وَيُكَفِّرُونَ قال لَا تَعَرَّضُوا لهم
قُلْت وَأَيُّ شَيْءٍ تَكْرَهُ أَنْ يُحْبَسُوا قال لهم وَالِدَاتٌ وَأَخَوَاتٌ
وقال في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ الْحَرُورِيَّةُ إذَا دَعَوْا إلَى ما هُمْ عليه إلَى دِينِهِمْ فَقَاتِلْهُمْ وَإِلَّا فَلَا يُقَاتَلُونَ
وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ الْأُطْرُوشُ عن قَتْلِ الْجَهْمِيِّ قال أَرَى قَتْلَ الدُّعَاةِ منهم
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ قال عَمْرُو بن عُبَيْدٍ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَى ذلك إذَا جَحَدَ الْعِلْمَ
وَذَكَرَ له الْمَرُّوذِيُّ عَمْرَو بن عُبَيْدٍ قال كان لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ وَهَذَا كَافِرٌ
وقال له الْمَرُّوذِيُّ الْكَرَابِيسِيُّ يقول من لم يَقُلْ لَفْظُهُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ فقال هو الْكَافِرُ
____________________
(10/321)
فَوَائِدُ
الْأُولَى قَوْلُهُ فَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ عَزَّرَهُمْ
وَكَذَا لو سَبُّوا عَدْلًا فَلَوْ عَرَضُوا لِلْإِمَامِ أو لِلْعَدْلِ بِالسَّبِّ فَفِي تَعْزِيرِهِمْ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي
أَحَدُهُمَا يُعَزَّرُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعَزَّرُ
قال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ الْإِمَامِ عَزَّرَهُمْ
الثَّانِيَةُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٍ له دُعَاةٌ أَرَى حَبْسَهُ
وَكَذَا قال في التَّبْصِرَةِ على الْإِمَامِ مَنْعُهُمْ وَرَدْعُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُهُمْ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبِهِ فَكَبُغَاةٍ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا في الْحَرُورِيَّةِ الدَّاعِيَةُ يُقَاتَلُ كَبُغَاةٍ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ يُقَاتَلُ من مَنَعَ الزَّكَاةَ وَكُلُّ من مَنَعَ فَرِيضَةً فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُ حتى يَأْخُذُوهَا منه
وَاخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال أَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عن شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ من شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ قِتَالُهَا حتى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَالْمُحَارِبِينَ وَأَوْلَى
وقال في الرَّافِضَةِ شَرٌّ من الْخَوَارِجِ اتِّفَاقًا
____________________
(10/322)
قال وفي قَتْلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَنَحْوِهِمَا وَكُفْرِهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ قَتْلِهِ كَالدَّاعِيَةِ وَنَحْوِهِ
الثَّالِثَةُ من كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْوِيلٍ فَهُمْ خَوَارِجُ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ هُمْ كُفَّارٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَاَلَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ
قال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَهِيَ أَشْهَرُ
وَذَكَرَ بن حَامِدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فيه
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في الْإِرْشَادِ عن أَصْحَابِنَا تَكْفِيرُ من خَالَفَ في أَصْلٍ كَخَوَارِجَ وَرَوَافِضَ وَمُرْجِئَةٍ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ قال لم يَخْلُقْ اللَّهُ الْمَعَاصِيَ أو وَقَفَ فِيمَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ وَفِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا غير مُسْتَحِلٍّ وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهُ كَافِرٌ
وقال في الْمُغْنِي يَخْرُجُ في كل مُحَرَّمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلٍ كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ كَفَّرَهُمْ فَحُكْمُهُمْ عِنْدَهُ كَمُرْتَدِّينَ
قال في الْمُغْنِي هذا مُقْتَضَى قَوْلِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نُصُوصُهُ صَرِيحَةٌ على عَدَمِ كُفْرِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا كَفَّرَ الْجَهْمِيَّةَ لَا أَعْيَانَهُمْ
قال وَطَائِفَةٌ تَحْكِي عنه رِوَايَتَيْنِ في تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ مُطْلَقًا حتى الْمُرْجِئَةَ وَالشِّيعَةَ الْمُفَضِّلَةَ لِعَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه
قال وَمَذَاهِبُ الأئمة ( ( ( للأئمة ) ) ) الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَبْنِيَّةٌ على التَّفْضِيلِ بين النَّوْعِ وَالْعَيْنِ
وَنَقَلَ محمد بن عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ من أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ النبي عليه الصَّلَاةُ
____________________
(10/323)
وَالسَّلَامُ من الْإِسْلَامِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ وَالرَّافِضَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ فقال لَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ وَلَا تُصَلُّوا عليهم
وَنَقَلَ محمد بن مَنْصُورِ الطُّوسِيُّ من زَعَمَ أَنَّ في الصَّحَابَةِ خَيْرًا من أبي بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه فَوَلَّاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدْ افْتَرَى عليه وَكَفَرَ فَإِنْ زَعَمَ بِأَنَّ اللَّهَ يقر ( ( ( قر ) ) ) الْمُنْكَرَ بين أَنْبِيَائِهِ في الناس فَيَكُونُ ذلك سَبَبَ ضَلَالَتِهِمْ
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ من قال عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ كَفَرَ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ الْقَدَرِيُّ لَا نُخْرِجُهُ عن الْإِسْلَامِ
وقال في نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ من سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًّا كَفَرَ وَإِلَّا فَسَقَ
وَقِيلَ وَعَنْهُ يَكْفُرُ
نَقَلَ عبد اللَّهِ فِيمَنْ شَتَمَ صَحَابِيًّا الْقَتْلَ أَجْبُنُ عنه وَيُضْرَبُ ما أَرَاهُ على الْإِسْلَامِ
وَذَكَرَ بن حَامِدٍ في أُصُولِهِ كُفْرَ الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ
وقال من لم يُكَفِّرْ من كَفَّرْنَاهُ فَسَقَ وَهُجِرَ وفي كُفْرِهِ وَجْهَانِ
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هو وَغَيْرُهُ من رواية ( ( ( رواة ) ) ) الْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَيَعْقُوبَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ
وقال من رَدَّ مُوجِبَاتِ الْقُرْآنِ كَفَرَ وَمَنْ رَدَّ ما تَعَلَّقَ بِالْأَخْبَارِ وَالْآحَادِ الثَّابِتَةِ فَوَجْهَانِ وَأَنَّ غَالِبَ أَصْحَابِنَا على كُفْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ
وَذَكَرَ بن حَامِدٍ في مَكَان آخَرَ إنْ جَحَدَ أَخْبَارَ الْآحَادِ كَفَرَ كَالْمُتَوَاتِرِ عِنْدَنَا يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ فَأَمَّا من جَحَدَ الْعِلْمَ بها فَالْأَشْبَهُ لَا يَكْفُرُ وَيَكْفُرُ في نَحْوِ الْإِسْرَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِهِ من الصِّفَاتِ
وقال في إنْكَارِ المعتزل ( ( ( المعتزلة ) ) ) اسْتِخْرَاجَ قَلْبِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِعَادَتَهُ في كُفْرِهِمْ بِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على أَصْلِهِ في الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عِلْمَ اللَّهِ وَأَنَّهُ صِفَةٌ له وَعَلَى من قال لَا أُكَفِّرُ من لَا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ
____________________
(10/324)
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أو طَلَبِ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتَانِ وَتُضَمَّنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ما أَتْلَفَتْ على الْأُخْرَى
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
لَكِنْ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ جُهِلَ قَدْرُ ما نَهَبَتْهُ كُلُّ طَائِفَةٍ من الْأُخْرَى تساوتا ( ( ( تساويا ) ) ) كَمَنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمُحَرَّمِ من مَالِهِ أَخْرَجَ نِصْفَهُ وَالْبَاقِي له
وقال أَيْضًا أَوْجَبَ الْأَصْحَابُ الضَّمَانَ على مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ وَإِنْ لم يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتْلَفِ
وقال أَيْضًا وَإِنْ تَقَاتَلَا تَقَاصَّا لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَالْمُعِينَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ
الْخَامِسَةُ لو دخل أَحَدٌ فِيهِمَا لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا فَقُتِلَ وَجُهِلَ قَاتِلُهُ ضَمِنَتْهُ الطَّائِفَتَانِ
____________________
(10/325)
بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ أو جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ أو وَحْدَانِيَّتَهُ أو صِفَةً من صِفَاتِهِ
قال بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أو جَحَدَ صِفَةً من صِفَاتِهِ الْمُتَّفَقِ على إثْبَاتِهَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ أو سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أو رَسُولَهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم كَفَرَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا لو كان مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أو لِمَا جاء بِهِ اتِّفَاقًا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ أو جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ أو وَحْدَانِيَّتَهُ أو صِفَةً من صِفَاتِهِ أو اتَّخَذَ لِلَّهِ صَاحِبَةً أو وَلَدًا أو جَحَدَ نَبِيًّا أو كِتَابًا من كُتُبِ اللَّهِ أو شيئا منه أو سَبَّ اللَّهَ أو رَسُولَهُ كَفَرَ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وَمُرَادُهُ إذَا أتى بِذَلِكَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا وكان ذلك بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ طَوْعًا
وَقِيلَ وَكَرْهًا
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ هذه الْأَحْكَامَ مُتَرَتِّبَةٌ عليه حَيْثُ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ طَوْعًا أو كَرْهًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ يَعْنِي إذَا أُكْرِهَ على الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ على الْأَصَحِّ
____________________
(10/326)
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عليهم وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ إجْمَاعًا
قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أو سَجَدَ لِشَمْسٍ أو قَمَرٍ
قال في التَّرْغِيبِ أو أتى بِقَوْلٍ أو فِعْلٍ صَرِيحٍ في الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ
وَقِيلَ أو كَذَبَ على نَبِيٍّ أو أَصَرَّ في دَارِنَا على خَمْرٍ أو خِنْزِيرٍ غير مُسْتَحِلٍّ
وقال الْقَاضِي رَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يُكَفِّرُ جَاحِدَ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ وَالْمُسْكِرِ كُلِّهِ كَالْخَمْرِ وَلَا يَكْفُرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا لِلْخِلَافِ بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ
قال وَمَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَسَرَّ الْكُفْرَ فَمُنَافِقٌ وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وفي قَلْبِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَنِفَاقٌ وَهَلْ يَكْفُرُ على وَجْهَيْنِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابِ لَا يَكْفُرُ إلَّا مُنَافِقٌ أَسَرَّ الْكُفْرَ
قال وَمِنْ أَصْحَابِنَا من أَخْرَجَ الْحَجَّاجَ بن يُوسُفَ عن الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَانْتَهَكَ حُرَمَ اللَّهِ وَحُرَمَ رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ عليه يَزِيدُ بن مُعَاوِيَةَ وَنَحْوُهُ
وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِخِلَافِ ذلك وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِاللَّعْنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ وبن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْكَرَاهَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ شيئا من الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ تَهَاوُنًا لم يَكْفُرْ
يَعْنِي إذَا عَزَمَ على أَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَبَدًا اُسْتُتِيبَ وُجُوبًا كَالْمُرْتَدِّ فَإِنْ أَصَرَّ لم يَكْفُرْ وَيُقْتَلُ حَدًّا
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَكْفُرُ إلَّا بِالْحَجِّ لَا يَكْفُرُ بِتَأْخِيرِهِ بِحَالٍ
____________________
(10/327)
وَعَنْهُ يَكْفُرُ بِالْجَمِيعِ نَقَلَهَا أبو بَكْرٍ
وَاخْتَارَهَا هو وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الْكُفْرُ بِالصَّلَاةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال بن شِهَابٍ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الْكُفْرُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ إذَا قَاتَلَ عَلَيْهِمَا الْإِمَامَ
وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ خَاصَّةً
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وباب إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مُسْتَوْفًى بِأَتَمَّ من هذا
قَوْلُهُ فَمَنْ ارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وهو بَالِغٌ عَاقِلٌ مُخْتَارٌ أَيْضًا دُعِيَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَعْنِي وُجُوبًا وَضُيِّقَ عليه فَإِنْ لم يَتُبْ قُتِلَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في النَّظْمِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
____________________
(10/328)
وَعَنْهُ لَا تَجِبُ الِاسْتِتَابَةُ بَلْ تُسْتَحَبُّ وَيَجُوزُ قَتْلُهُ في الْحَالِ
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ
وَعَنْهُ وَلَا تَأْجِيلُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من ذلك رسول الْكُفَّارِ إذَا كان مُرْتَدًّا بِدَلِيلِ رَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ
ذَكَرَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى
قُلْت فَيُعَايَى بها
فَائِدَةٌ قال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ فِيمَنْ وُلِدَ بِرَأْسَيْنِ فلما بَلَغَ نَطَقَ أَحَدُ الرَّأْسَيْنِ بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ إنْ نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ احْتِمَالَانِ قال وَالصَّحِيحُ إنْ تَقَدَّمَ الْإِسْلَامُ فَمُرْتَدٌّ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَقَلَ الصَّبِيُّ الْإِسْلَامَ صَحَّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ
يَعْنِي إذَا كان مُمَيِّزًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَقَالَهُ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ في بَابِ اللُّقَطَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وقد أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ بن الْعَوَّامِ رضي اللَّهُ عنه وهو بن ثَمَانِ سِنِينَ وَكَذَلِكَ عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه
حَكَاهُ في التَّلْخِيصِ في بَابِ اللُّقَطَةِ وَقَالَهُ عُرْوَةُ
وَعَنْهُ يَصِحُّ إسْلَامُهُ دُونَ رِدَّتِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
____________________
(10/329)
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا حتى يَبْلُغَ
وَعَنْهُ يَصِحُّ مِمَّنْ بَلَغَ عَشْرًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في صِحَّةِ إسْلَامِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ جَمَاعَةً منهم أبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي جَزَمُوا بِذَلِكَ انْتَهَى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ مِمَّنْ بَلَغَ سَبْعًا
فَعَلَى هذه الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ
قال في الِانْتِصَارِ وَيَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ وَيُدْفَنُ في مَقَابِرِهِمْ وَأَنْ فَرِيضَتَهُ مُتَرَتِّبَةٌ على صِحَّتِهِ كَصِحَّتِهِ تَبَعًا وَكَصَوْمِ مَرِيضٍ وَمُسَافِرِ رَمَضَانَ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ
يَعْنِي الْكَافِرَ صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا وَإِنْ كان ظَاهِرُهُ في الصَّغِيرِ
ثُمَّ قال لم أَدْرِ ما قُلْت لم يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَأُجْبِرَ على الْإِسْلَامِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال أبو بَكْرٍ وَالْعَمَلُ عليه
وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ منه
وَعَنْهُ يُقْبَلُ منه إنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا
وَرَوَى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ من الصَّبِيِّ وَلَا يُجْبَرُ على الْإِسْلَامِ
قال أبو بَكْرٍ هذا قَوْلٌ مُحْتَمَلٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ في مَظِنَّةِ النَّقْصِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا قال وَالْعَمَلُ على الْأَوَّلِ
____________________
(10/330)
قال الْإِمَامِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال لِكَافِرٍ أَسْلِمْ وَخُذْ أَلْفًا فَأَسْلَمَ ولم يُعْطِهِ فَأَبَى الْإِسْلَامَ يُقْتَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ
قال وَإِنْ أَسْلَمَ على صَلَاتَيْنِ قُبِلَ منه وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ
قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ حتى يَبْلُغَ وَيُجَاوِزَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ من وَقْتِ بُلُوغِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في الرَّوْضَةِ تَصِحُّ رِدَّةُ مُمَيِّزٍ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وتجري عليه أَحْكَامُ الْبُلَّغِ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ فَإِنْ بَلَغَ مُرْتَدًّا قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ
وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ حتى يَبْلُغَ مُكَلَّفًا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَمَنْ ارْتَدَّ وهو سَكْرَانُ لم يُقْتَلْ حتى يَصْحُوَ وَيَتِمَّ له ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ من وَقْتِ رِدَّتِهِ
تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
قال النَّاظِمُ هذا أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
وَصَحَّحَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ
اخْتَارَهُ النَّاظِمُ في كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ
____________________
(10/331)
قَوْلُهُ لم يُقْتَلْ حتى يَصْحُوَ وَتَتِمَّ له ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ من وَقْتِ رِدَّتِهِ
وهو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ من حِينِ صَحْوِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أو من سَبَّ اللَّهَ أو رَسُولَهُ وَالسَّاحِرِ
يَعْنِي الذي يَكْفُرُ بِسِحْرِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وبن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيِّ في الزِّنْدِيقِ
قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ هذا الذي نَصَرَهُ الْأَصْحَابُ
وهو اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ في السَّاحِرِ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشِّيرَازِيُّ في سَابِّ الرَّسُولِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْخِرَقِيُّ في قَوْلِهِ من قَذَفَ أُمَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قُتِلَ
____________________
(10/332)
وَالْأُخْرَى تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وهو اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ في السَّاحِرِ وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ وَالزِّنْدِيقِ وَآخِرُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في تَعْلِيقِهِ في سَابِّ اللَّهِ تَعَالَى
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ إنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ وَإِلَّا قُبِلَتْ
وقال في الْفُصُولِ عن أَصْحَابِنَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إنْ سَبَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا يُعْلَمُ إسْقَاطُهُ وَأَنَّهَا تُقْبَلُ إنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ في خَالِصِ حَقِّهِ
وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْخَالِقَ مُنَزَّهٌ عن النَّقَائِصِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ فإنه مَحَلٌّ لها وَلِهَذَا افْتَرَقَا
وَعَنْهُ مِثْلُهُمْ فِيمَنْ وُلِدَ على الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في السَّاحِرِ حَيْثُ يُحْكَمُ بِقَتْلِهِ بِذَلِكَ على ما يَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ فَوَائِدُ
الْأُولَى حُكْمُ من تَنَقَّصَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حُكْمُ من سَبَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ وَلَوْ تَعْرِيضًا
نَقَلَ حَنْبَلٌ من عَرَّضَ بِشَيْءٍ من ذِكْرِ الرَّبِّ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
____________________
(10/333)
وَسَأَلَهُ بن مَنْصُورٍ ما الشَّتِيمَةُ التي يُقْتَلُ بها قال نَحْنُ نَرَى في التَّعْرِيضِ الْحَدَّ
قال فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا يَجِبُ فيه الْحَدُّ من الشَّتِيمَةِ التَّعْرِيضَ
الثَّانِيَةُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ وَقَبُولِهَا في أَحْكَامِ الدُّنْيَا من تَرْكِ قَتْلِهِمْ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ
فَأَمَّا في الْآخِرَةِ فَإِنْ صَدَقَتْ تَوْبَتُهُ قُبِلَتْ بِلَا خِلَافٍ
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي إرْشَادِ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ بَاطِنًا وَضَعَّفَهَا وقال كَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إذَا أتى مَعْصِيَةً وَتَابَ منها
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ دَاعِيَةٍ إلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ اخْتَارَهَا أبو إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا
وقال بن عَقِيلٍ في إرْشَادِهِ نَحْنُ لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِمَنْ أَضَلَّ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا مُطَالَبَةَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد بَيَّنَ اللَّهُ أَنَّهُ يَتُوبُ على أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ من أَئِمَّةِ الْبِدَعِ
وقال في الرِّعَايَةِ من كَفَرَ بِبِدْعَةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ إنْ اعْتَرَفَ بها
وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ من دَاعِيَةٍ
الثَّالِثَةُ الزِّنْدِيقُ هو الذي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ وَيُسَمَّى مُنَافِقًا في الصَّدْرِ الْأَوَّلِ
وَأَمَّا من أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فَكَالزِّنْدِيقِ في تَوْبَتِهِ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(10/334)
وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَحَمَلَ رِوَايَةَ قَبُولِ تَوْبَةِ السَّاحِرِ على الْمُتَظَاهِرِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ
قال في الْفُرُوعِ يُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنَّهُ لم يُوجَدْ بِالتَّوْبَةِ سِوَى ما يُظْهِرُهُ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُقْبَلُ وهو أَوْلَى في الْكُلِّ انْتَهَى
الرَّابِعَةُ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اُقْتُصَّ من الْقَاتِلِ أو عُفِيَ عنه هل يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ في الْآخِرَةِ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال الْإِمَامُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالتَّحْقِيقُ في الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثلاث ( ( ( ثلاثة ) ) ) حُقُوقٍ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ فإذا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا على ما فَعَلَ وَخَوْفًا من اللَّهِ وَتَوْبَةً نَصُوحًا سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أو الصُّلْحِ أو الْعَفْوِ وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ تَعَالَى عنه يوم الْقِيَامَةِ عن عَبْدِهِ التَّائِبِ الْمُحْسِنِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هذا وَلَا تَبْطُلُ تَوْبَةُ هذا انْتَهَى وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ إسْلَامُهُ وهو أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ رِدَّتُهُ بِإِنْكَارِ فَرْضٍ أو إحْلَالِ مُحَرَّمٍ أو جَحْدِ نَبِيٍّ أو كِتَابٍ أو انْتَقَلَ إلَى دِينِ من
____________________
(10/335)
يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ حتى يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ وَيَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إلَى الْعَالَمِينَ أو يَقُولَ أنا بَرِيءٌ من كل دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ
يَعْنِي يَأْتِي بِذَلِكَ مع الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إذَا كان ارْتِدَادُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُغْنِي قَوْلُهُ مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ عن كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ
وَعَنْهُ يُغْنِي ذلك عن مُقِرٍّ بِالتَّوْحِيدِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يَكْفِي التَّوْحِيدُ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ بِهِ كَالْوَثَنِيِّ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ وَلِخَبَرِ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي اللَّهُ عنهما وَقَتْلِهِ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِأَنَّهُ مَصْحُوبٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ على الْإِسْلَامِ وَمُسْتَلْزِمٌ له
وَذَكَرَ بن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ يَكْفِي التَّوْحِيدُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في حديث جُنْدُبٍ وَأُسَامَةَ قال فيه إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قال لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عُصِمَ بها دَمُهُ وَلَوْ ظَنَّ السَّامِعُ أَنَّهُ قَالَهَا فَرَقًّا من السَّيْفِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فَوَائِدُ
الْأُولَى نَقَلَ أبو طَالِبٍ في الْيَهُودِيِّ إذَا قال قد أَسْلَمْت وأنا مُسْلِمٌ وَكَذَا قَوْلُهُ أنا مُؤْمِنٌ يُجْبَرُ على الْإِسْلَامِ قد عُلِمَ ما يُرَادُ منه
وَقَالَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ
وَذَكَرَ في الْمُغْنِي احْتِمَالًا أَنَّ هذا في الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَمَنْ جَحَدَ الْوَحْدَانِيَّةَ أَمَّا من كَفَرَ بِجَحْدِ نَبِيٍّ أو كِتَابٍ أو فَرِيضَةٍ أو نَحْوِ هذا فإنه لَا يَضُرُّ مُسْلِمًا بِذَلِكَ
____________________
(10/336)
وفي مُفْرَدَاتِ أبي يَعْلَى الصَّغِيرِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْكَافِرَ لو قال أنا مُسْلِمٌ وَلَا أَنْطِقُ بِالشَّهَادَةِ يُقْبَلُ منه وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ
الثَّانِيَةُ لو أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ على إقْرَارِهِ بِهِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَصِحُّ
وَفِيهِ أَيْضًا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِكِتَابَةِ الشَّهَادَةِ
الثَّالِثَةُ لَا يُعْتَبَرُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إقْرَارُ مُرْتَدٍّ بِمَا جَحَدَهُ لِصِحَّةِ الشَّهَادَتَيْنِ من مُسْلِمٍ وَمِنْهُ بِخِلَافِ التَّوْبَةِ من الْبِدْعَةِ ذَكَرَهُ فيها جَمَاعَةٌ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ في الرَّجُلِ يُشْهَدُ عليه بِالْبِدْعَةِ فَيَجْحَدُ لَيْسَتْ له تَوْبَةٌ إنَّمَا التَّوْبَةُ لِمَنْ اعْتَرَفَ فَأَمَّا من جَحَدَ فَلَا
الرَّابِعَةُ يَكْفِي جَحْدُهُ لِرِدَّتِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَرُجُوعِهِ عن حَدٍّ لَا بَعْدَ بَيِّنَةٍ بَلْ يُجَدِّدُ إسْلَامَهُ
قال جَمَاعَةٌ يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ
وفي الْمُنْتَخَبِ الْخِلَافُ
نَقَلَ بن الْحَكَمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ فَشَهِدَ عليه عُدُولٌ فقال لم أَفْعَلْ وأنا مُسْلِمٌ قُبِلَ قَوْلُهُ هو أَبَرُّ عِنْدِي من الشُّهُودِ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ صلى بَعْدَ الرِّدَّةِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كِتَابِ الصَّلَاةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُ الْمُسْلِمِ بِرِدَّتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُؤْخَذُ بِحَدٍّ فَعَلَهُ في رِدَّتِهِ نَصّ عليه كَقَبْلِ رِدَّتِهِ
____________________
(10/337)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَظَاهِرُ ما نَقَلَهُ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ كَعِبَادَتِهِ
وَعَنْهُ الْوَقْفُ
وقال في الْفُرُوعِ أَيْضًا وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُ قَذْفٍ وَرَجْمٍ بِرِدَّةٍ فإذا أتى بِهِمَا بَعْدَ إسْلَامِهِ حُدَّ خِلَافًا لِكِتَابِ بن رَزِينٍ في إحْصَانِ رَجْمٍ
قَوْلُهُ وَلَا عِبَادَاتُهُ التي فَعَلَهَا في إسْلَامِهِ يَعْنِي لَا تَبْطُلُ إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ
الْعِبَادَاتُ التي فَعَلَهَا قبل رِدَّتِهِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ حَجًّا أو صَلَاةً في وَقْتِهَا أو غير ذلك
فَإِنْ كانت حَجًّا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَلْ يُجْزِئُ الْحَجَّ الذي فَعَلَهُ قبل رِدَّتِهِ نَصَّ عليه
قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ بن الْقَيِّمِ وبن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في كِتَابِ الْحَجِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ لِابْنِ حَمْدَانَ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَذَكَرَهُ في الْحَجِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَأَمَّا الصَّلَاةُ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا في وَقْتِهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحَجِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
وقال الْقَاضِي لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَعَادَ الْحَجَّ لِفِعْلِهَا في إسْلَامِهِ الثَّانِي
وَأَمَّا غَيْرُهُمَا من الْعِبَادَاتِ فقال الْأَصْحَابُ لَا تَبْطُلُ عِبَادَةٌ فَعَلَهَا في الْإِسْلَامِ
____________________
(10/338)
إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا قَضَاءَ عليه إلَّا ما تَقَدَّمَ من الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ
قال في الرِّعَايَةِ إنْ صَامَ قبل الرِّدَّةِ فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كِتَابِ الصَّلَاةِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَمَنْ ارْتَدَّ عن الْإِسْلَامِ لم يَزُلْ مِلْكُهُ بَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا وَتَصَرُّفَاتُهُ مَوْقُوفَةٌ فَإِنْ أَسْلَمَ ثَبَتَ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ
الظَّاهِرُ أَنَّ هذا بِنَاءٌ منه على ما قَدَّمَهُ في بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ من أَنَّ مِيرَاثَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ
وَاعْلَمْ أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ من الْمُسْلِمِينَ أو وَرَثَتُهُ من دِينِهِ الذي اخْتَارَهُ أو يَكُونَ فَيْئًا على ما تَقَدَّمَ في بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
فَإِنْ قُلْنَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ من الْمُسْلِمِينَ أو من الدِّينِ الذي اخْتَارَهُ فإن تَصَرُّفَهُ في مِلْكِهِ في حَالِ رِدَّتِهِ كَالْمُسْلِمِ وَيُقَرُّ بيده وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ
وَإِنْ قُلْنَا يَكُونُ فَيْئًا فَفِي وَقْتِ مَصِيرِهِ فَيْئًا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهُنَّ يَكُونُ فَيْئًا حين مَوْتِهِ مُرْتَدًّا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِيرُ فَيْئًا بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ
____________________
(10/339)
اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وأبو إِسْحَاقَ وبن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ
وقال أبو بَكْرٍ يَزُولُ مِلْكُهُ بِرِدَّتِهِ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ رُدَّ إلَيْهِ تَمْلِيكًا مُسْتَأْنَفًا
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يَتَبَيَّنُ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا كَوْنُهُ فَيْئًا من حِينِ الرِّدَّةِ
فَعَلَى الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ يُمْنَعُ من التَّصَرُّفِ فيه قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم أبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ وأبو الْفَرَجِ
قال في الْوَسِيلَةِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ يُمْنَعُ منه
فإذا قُتِلَ مُرْتَدًّا صَارَ مَالُهُ في بَيْتِ الْمَالِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا على هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ يُوقَفُ وَيُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ كَالرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِرِدَّتِهِ وَيَكُونُ مِلْكُهُ مَوْقُوفًا وَكَذَلِكَ تَصَرُّفَاتُهُ على الْمَذْهَبِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَجَعَلَ في التَّرْغِيبِ كَلَامَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَكَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَاحِدًا
وكذا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
وَتَبِعَهُ بن الْبَنَّا وَغَيْرُهُ على ذلك
وَذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه
لَكِنْ لم يَقُولُوا إنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ بَلْ قالوا يُمْنَعُ منه
وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ بن الْجَوْزِيِّ
____________________
(10/340)
فإنه ذَكَرَ أَنَّهُ يُوقَفُ تَصَرُّفُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذلك وَإِلَّا بَطَلَ وَأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْفَظُ بَقِيَّةَ مَالِهِ
قالوا فَإِنْ مَاتَ بَطَلَتْ تَصَرُّفَاتُهُ تَغْلِيظًا عليه بِقَطْعِ ثَوَابِهِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ
وَقِيلَ إنْ لم يَبْلُغْ تَصَرُّفُهُ الثُّلُثَ صَحَّ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى التي قَدَّمَهَا وَهِيَ الْمَذْهَبُ يُقَرُّ بيده وَتَنْفُذُ فيه مُعَاوَضَاتُهُ وَتُوقَفُ تَبَرُّعَاتُهُ وَتُرَدُّ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا لِأَنَّ حُكْمَ الرِّدَّةِ حُكْمُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ
وَإِنَّمَا لم يُنَفَّذْ من ثُلُثِهِ لِأَنَّ مَالَهُ يَصِيرُ فَيْئًا بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا وَلَوْ كان قد بَاعَ شِقْصًا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ
وَقِيلَ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ الْمُنَجَّزُ وَبَيْعُ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ
وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
زَادَ في الْكُبْرَى فَإِنْ أَسْلَمَ اُعْتُبِرَ من الثُّلُثِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُجْعَلُ في بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فيه
لَكِنْ إنْ أَسْلَمَ رُدَّ إلَيْهِ مِلْكًا جَدِيدًا
وَعَلَيْهَا أَيْضًا لَا نَفَقَةَ لِأَحَدٍ في الرِّدَّةِ وَلَا يُقْضَى دَيْنٌ تَجَدَّدَ فيها فَإِنْ أَسْلَمَ مَلَكَهُ إذَنْ وَإِلَّا بَقِيَ فَيْئًا
وَعَلَى الثَّالِثَةِ يَحْفَظُهُ الْحَاكِمُ وَتُوقَفُ تَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
فَإِنْ أَسْلَمَ أُمْضِيَتْ وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهَا
وَعَلَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ يُنْفَقُ منه على من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ أَخَذَهُ أو بَقِيَّتَهُ وَنَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِلَّا بَطَلَ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ يقضى منه ما لَزِمَهُ قبل رِدَّتِهِ من دَيْنٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْفَقُ عليه منه مُدَّةَ الرِّدَّةِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ
____________________
(10/341)
فَائِدَةٌ إنَّمَا يَبْطُلُ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ فَلَوْ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ صَحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
قَوْلُهُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ وَأُرُوشُ جِنَايَاتِهِ وَيُنْفَقُ على من يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ
قد تَقَدَّمَ ذلك بِنَاءً على بَعْضِ الرِّوَايَاتِ دُونَ بَعْضٍ
قَوْلُهُ وما أَتْلَفَ من شَيْءٍ ضَمِنَهُ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَتَخَرَّجُ في الْجَمَاعَةِ الْمُمْتَنِعَةِ الْمُرْتَدَّةِ أَنْ لَا تَضْمَنَ ما أَتْلَفَتْهُ
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَعَنْهُ إنْ فَعَلَهُ في دَارِ الْحَرْبِ أو في جَمَاعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ لَا يَضْمَنُ
اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وإذا أَسْلَمَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ما تَرَكَ من الْعِبَادَاتِ في رِدَّتِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْقَاضِي وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَغَيْرُهُ
____________________
(10/342)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وبن تَمِيمٍ وَالْحَاوِي
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ في الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
لَكِنْ قال الْمَذْهَبُ عَدَمُ اللُّزُومِ
فَعَلَى هذه لو جُنَّ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْعِبَادَةِ زَمَنَ جُنُونِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
وَأَمَّا إذَا حَاضَتْ الْمُرْتَدَّةُ فإن الْوُجُوبَ يَسْقُطُ عنها قَوْلًا وَاحِدًا
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كِتَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ على كَافِرٍ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ما تَرَكَ من الْعِبَادَاتِ قبل رِدَّتِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ في كِتَابِ الصَّلَاةِ
وَقَدَّمَهُ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وبن تَمِيمٍ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ
قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ
تَقَدَّمَ في بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ
قَوْلُهُ وإذا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمَا
____________________
(10/343)
لم يَجُزْ اسْتِرْقَاقُهُمَا وَلَا اسْتِرْقَاقُ أَوْلَادِهِمَا الَّذِينَ وُلِدُوا في دَارِ الْإِسْلَامِ
بِلَا نِزَاعٍ وَمَنْ لم يُسْلِمْ منهم قُتِلَ بِلَا نِزَاعٍ
فَائِدَةٌ لو لَحِقَ مُرْتَدٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ وما معه كَحَرْبِيٍّ
وَالْمُذْهَبُ الْمَنْصُوصُ لَا يَتَنَجَّزُ جَعْلُ ما بِدَارِنَا فَيْئًا إنْ لم يَصِرْ فَيْئًا بِرِدَّتِهِ
وَقِيلَ يَتَنَجَّزُ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ من وُلِدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ وُلِدَ في دَارِ الْإِسْلَامِ أو دَارِ الْحَرْبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وَالْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وبن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ
وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو كان قبل الرِّدَّةِ حَمْلًا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ ما لو حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ
____________________
(10/344)
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِقُّ وَإِنْ اسْتَرَقَّ من حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
فإنه قال وَمَنْ لم يُسْلِمْ منهم قُتِلَ إلَّا من عَلِقَتْ بِهِ أمة في الرِّدَّةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَرِقَّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي فَوَائِدُ
الْأُولَى لو مَاتَ أبو الطِّفْلِ أو الْحَمْلِ أو أبو الْمُمَيِّزِ أو مَاتَ أَحَدُهُمَا في دَارِنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ
وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَحْكَامِ الذِّمَّةِ وهو قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرُبَّمَا ادعى فيه إجْمَاعٌ مَعْلُومٌ مُتَيَقَّنٌ
وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى
وَذَكَرَ في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا
نَقَلَ أبو طَالِبٍ في يَهُودِيٍّ أو نَصْرَانِيٍّ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَهُوَ مُسْلِمٌ إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَيَرِثُهُ أَبَوَاهُ وَيَرِثُ أَبَوَيْهِ
____________________
(10/345)
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فَمُسْلِمٌ وَيَرِثُ الْوَلَدُ الْمَيِّتَ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ ليس من جِهَتِهِ
وَقِيلَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا كان مُمَيِّزًا وَالْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ
الثَّانِيَةُ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو عُدِمَ الْأَبَوَانِ أو أَحَدُهُمَا بِلَا مَوْتٍ كَزِنَا ذِمِّيَّةٍ وَلَوْ بِكَافِرٍ أو اشْتِبَاهِ وَلَدٍ مُسْلِمٍ بِوَلَدٍ كَافِرٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي أو وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ
قُلْت يُعَايَى بِذَلِكَ
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَسْأَلَةِ الِاشْتِبَاهِ تَكُونُ الْقَافَةُ في هذا قال ما أَحْسَنَهُ
وَإِنْ لم يُكَفِّرَا وَلَدَهُمَا وَمَاتَ طِفْلًا دُفِنَ في مَقَابِرِنَا نَصَّ عليه وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ
قال النَّاظِمُ كَلَقِيطٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَرُدَّ الْأَوَّلُ
وقال بن عَقِيلٍ الْمُرَادُ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ما لم يُعْلَمْ له أَبَوَانِ كَافِرَانِ وَلَا يَتَنَاوَلُ من وُلِدَ بين كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ كَافِرًا
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال وَيَدُلُّ على خِلَافِ النَّصِّ الْحَدِيثُ
وَفَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفِطْرَةَ فقال التي فَطَرَ اللَّهُ الناس عليها شَقِيٌّ أو سَعِيدٌ
قال الْقَاضِي الْمُرَادُ بِهِ الدِّينُ من كُفْرٍ أو إسْلَامٍ
قال وقد فَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا في غَيْرِ مَوْضِعٍ
وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ مَعْنَاهُ على الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ حين أَخَذَهُمْ من صُلْبِ آدَمَ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنْفُسِهِمْ وَبِأَنَّ له صَانِعًا وَمُدَبِّرًا وَإِنْ عَبَدَ شيئا غَيْرَهُ وَسَمَّاهُ بِغَيْرِ
____________________
(10/346)
اسْمِهِ وَأَنَّهُ ليس الْمُرَادُ على الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ يَرِثُهُ وَلَدُهُ الطِّفْلُ إجْمَاعًا
وَنَقَلَ يُوسُفُ الْفِطْرَةُ التي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عليها
وَقِيلَ له في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ هِيَ التي فَطَرَ اللَّهُ الناس عليها الْفِطْرَةُ الْأُولَى قال نعم
وَأَمَّا إذَا مَاتَ أبو وَاحِدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ في دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّا لَا نَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ دَارِنَا
قال في الْمُحَرَّرِ وَفِيهِ بُعْدٌ
الثَّالِثَةُ لو أَسْلَمَ أَبَوَا من تَقَدَّمَ أو أَحَدُهُمَا لَا جَدُّهُ وَلَا جَدَّتُهُ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا
وَتَقَدَّمَ إذَا سُبِيَ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا أو مع أَحَدِ أَبَوَيْهِ أو مَعَهُمَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْجِهَادِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَقَرُّونَ على كُفْرِهِمْ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي من وُلِدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ
قال في الْفُرُوعِ وَهَلْ يَقَرُّونَ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ وَيَرِقُّ أَمْ الْقَتْلِ فيه رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَقَرُّونَ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
____________________
(10/347)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَقَرُّونَ فَلَا يُقْبَلُ منهم إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي لِاقْتِصَارِهِمَا على حِكَايَةِ هذه الرِّوَايَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ مع حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا وَقَعَ أبو الْوَلَدِ في الْأَسْرِ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَإِنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ وهو في دَارِ الْحَرْبِ أو وهو في دَارِ الْإِسْلَامِ لم نُقِرَّهَا لِانْتِقَالِهِ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ انْتَهَيَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لم نَرَهَا لِغَيْرِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ في النَّارِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه مِرَارًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ الْوَقْفُ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُمْ في الْجَنَّةِ كَأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ بَلَغَ منهم مَجْنُونًا نَقَلَ ذلك في الْفُرُوعِ
وقال بن حَمْدَانَ في نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ وَعَنْهُ الْوَقْفُ
اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ وأبو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ انْتَهَى
قُلْت الذي ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي أَنَّهُ نَقَلَ رِوَايَةَ الْوَقْفِ وَاقْتَصَرَ عليها
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَكْلِيفَهُمْ في الْقِيَامَةِ لِلْأَخْبَارِ
وَمِثْلُهُمْ من بَلَغَ منهم مَجْنُونًا فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ
____________________
(10/348)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال وَظَاهِرُهُ يَتَّبِعُ أَبَوَيْهِ بِالْإِسْلَامِ كَصَغِيرٍ فَيُعَايَى بها
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَبْكَمُ أَصَمُّ وَصَارَ رَجُلًا هو بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ هو مع أَبَوَيْهِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا بعد ما صَارَ رَجُلًا قال هو مَعَهُمَا
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُمَا من لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَقَالَهُ شَيْخُنَا
وَذَكَرَ في الْفُنُونِ عن أَصْحَابِنَا لَا يُعَاقَبُ
وفي نِهَايَةِ المبتدى ( ( ( المبتدئ ) ) ) لَا يُعَاقَبُ
وَقِيلَ بَلَى إنْ قِيلَ بِحَظْرِ الْأَفْعَالِ قبل الشَّرْعِ
وقال بن حَامِدٍ يُعَاقَبُ مُطْلَقًا وَرَدَّهُ في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو ارْتَدَّ أَهْلُ بَلَدٍ وَجَرَى فيه حُكْمُهُمْ فَهِيَ دَارُ حَرْبٍ فَيُغْنَمُ مَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ الَّذِينَ حَدَثُوا بَعْدَ الرِّدَّةِ
قَوْلُهُ وَالسَّاحِرُ الذي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ في الْهَوَاءِ وَنَحْوُهُ
كَاَلَّذِي يَدَّعِي أَنَّ الْكَوَاكِبَ تُخَاطِبُهُ
يَكْفُرُ وَيُقْتَلُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَالَهُ أَصْحَابُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَكْفُرُ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
____________________
(10/349)
وَكَفَّرَهُ أبو بَكْرٍ بِعَمَلِهِ
قال في التَّرْغِيبِ عَمَلُهُ أَشَدُّ تَحْرِيمًا
وَحَمَلَ بن عَقِيلٍ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في كُفْرِهِ على مُعْتَقَدِهِ وَأَنَّ فَاعِلَهُ يَفْسُقُ وَيُقْتَلُ حَدًّا
فَائِدَةٌ من اعْتَقَدَ أَنَّ السَّحَرَ حَلَالٌ كَفَرَ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ فَأَمَّا الذي يَسْحَرُ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ شَيْءٍ يَضُرُّ فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ إنْ قال سِحْرِي يَنْفَعُ وَأَقْدِرُ على الْقَتْلِ بِهِ قُتِلَ وَلَوْ لم يَقْتُلْ بِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ له تَعْزِيرُهُ بِالْقَتْلِ
قَوْلُهُ وَيُقْتَصُّ منه إنْ فَعَلَ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ
وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُقَادُ منه إنْ قَتَلَ غَالِبًا وَإِلَّا الدِّيَةَ
وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا هُنَاكَ في الْقِسْمِ الثَّامِنِ
____________________
(10/350)
قَوْلُهُ فَأَمَّا الذي يُعَزِّمُ على الْجِنِّ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا فَتُطِيعَهُ فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَذَكَرَ بن مُنَجَّا أَنَّهُ قَوْلُ غَيْرِ أبي الْخَطَّابِ
وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ
وَكَذَلِكَ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا لَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَبْلُغُ بِتَعْزِيرِهِ الْقَتْلَ فَوَائِدُ
الْأُولَى حُكْمُ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ كَذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَالْكَاهِنُ هو الذي له رِئِيٌّ من الْجِنِّ يَأْتِيهِ بِالْأَخْبَارِ
وَالْعَرَّافُ هو الذي يَحْدِسُ وَيَتَخَرَّصُ
وقال في التَّرْغِيبِ الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَأَنَّ بن عَقِيلِ فَسَّقَهُ فَقَطْ إنْ قال أَصَبْت بِحَدْسِي وَفَرَاهَتِي
الثَّانِيَةُ لو أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّنْجِيمُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ على الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ من السِّحْرِ
____________________
(10/351)
قال وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا وَأَقَرَّ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ عن أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ بِبَرَكَتِهِ ما زَعَمُوا أَنَّ الْأَفْلَاكَ تُوجِبُهُ وَأَنَّ لهم من ثَوَابِ الدَّارَيْنِ ما لَا تَقْوَى الْأَفْلَاكُ على أَنْ تَجْلِبَهُ
الثَّالِثَةُ الْمُشَعْبِذُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ هو وَالْقَائِلُ بِزَجْرِ الطَّيْرِ وَالضَّارِبُ بِحَصًى وَشَعِيرٍ وَقِدَاحٍ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالنَّظَرِ في أَلْوَاحِ الْأَكْتَافِ إنْ لم يَكُنْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ وَأَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ يُعَزَّرُ وَيَكُفُّ عنه وَإِلَّا كَفَرَ
الرَّابِعَةُ يَحْرُمُ طِلْسَمٌ وَرُقْيَةٌ بِغَيْرِ عَرَبِيٍّ
وَقِيلَ يَكْفُرُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَيَحْرُمُ الرقى وَالتَّعْوِيذُ بِطَلْسَمٍ وَعَزِيمَةٍ وَاسْمِ كَوْكَبٍ وَخَرَزٍ وما وُضِعَ على نَجْمٍ من صُورَةٍ أو غَيْرِهَا
الْخَامِسَةُ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في حَلِّ الْمَسْحُورِ بِسِحْرٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْحَلِّ وهو إلَى الْجَوَازِ أَمْيَلُ
وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ تَأْتِيهِ مَسْحُورَةً فَيُطْلِقَهُ عنها قال لَا بَأْسَ
قال الْخَلَّالُ إنَّمَا كُرِهَ فِعَالُهُ وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا كما بَيَّنَهُ مُهَنَّا
وَهَذَا من الضَّرُورَةِ التي تُبِيحُ فِعْلَهَا
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَيَحْرُمُ الْعَطْفُ وَالرَّبْطُ وَكَذَا الْحَلُّ بِسِحْرٍ
وَقِيلَ يُكْرَهُ الْحَلُّ
وَقِيلَ يُبَاحُ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ
السَّادِسَةُ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَمِنْ السِّحْرِ السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالْإِفْسَادِ بين الناس وَذَلِكَ شَائِعٌ عَامٌّ في الناس
____________________
(10/352)
وَذَكَرَ في ذلك حِكَايَاتٍ حَصَلَ بها الْقَتْلُ
قال في الْفُرُوعِ وما قَالَهُ غَرِيبٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِكَلَامِهِ وَعَمَلِهِ على وَجْهِ الْمَكْرِ وَالْحِيلَةِ فَأَشْبَهَ السِّحْرَ وَلِهَذَا يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ وَيَنْتِجُ ما يَعْمَلُهُ السِّحْرُ أو أَكْثَرُ فيعطي حُكْمُهُ تَسْوِيَةً بين الْمُتَمَاثِلَيْنِ أو الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا يُقْتَلُ الْآمِرُ بِالْقَتْلِ على رِوَايَةٍ سَبَقَتْ فَهُنَا أَوْلَى أو الْمُمْسِكُ لِمَنْ يَقْتُلُ فَهَذَا مِثْلُهُ انْتَهَى
السَّابِعَةُ هذه الْأَحْكَامُ كُلُّهَا في السَّاحِرِ الْمُسْلِمِ
فَأَمَّا السَّاحِرُ الْكِتَابِيُّ فَلَا يُقْتَلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْهِدَايَةِ قال أَصْحَابُنَا لَا يُقْتَلُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُقْتَلُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على قَتْلِهِ
قال في الْهِدَايَةِ وَيَتَخَرَّجُ من عُمُومِ قَوْلِهِ في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ الزِّنْدِيقُ وَالسَّاحِرُ كَيْفَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمَا أَنْ يُقْتَلَا
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ
وقال في الْكُبْرَى وَقِيلَ يُقْتَلُ لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ
____________________
(10/353)
كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فيها الْحِلُّ فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فيه من الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهَا حتى الْمِسْكَ
وقد سَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عن الْمِسْكِ يُجْعَلُ في الدَّوَاءِ وَيَشْرَبُهُ قال لَا بَأْسَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وقال في الِانْتِصَارِ حتى شَعَرَ
وقال في الْفُنُونِ الصَّحْنَاءُ سَحِيقُ الْمِسْكِ مُنْتِنٌ في غَايَةِ الْخُبْثِ
تَنْبِيهٌ دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حِلُّ أَكْلِ الْفَاكِهَةِ الْمُسَوِّسَةِ وَالْمُدَوِّدَةِ وهو كَذَلِكَ
وَيُبَاحُ أَيْضًا أَكْلُ دُودِهَا مَعَهَا
قال في الرِّعَايَةِ يُبَاحُ أَكْلُ فَاكِهَةٍ مُسَوِّسَةٍ وَمُدَوِّدَةٍ بِدُودِهَا أو بَاقِلَاءَ بذبابة وَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَحُبُوبٍ وَخَلٍّ بِمَا فيه
وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في التَّلْخِيصِ
قال في الْآدَابِ وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فيه وَجْهَيْنِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في بَحْثِ مَسْأَلَةِ ما لَا نَفْسَ له سَائِلَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كان طَاهِرًا من غَيْرِ تَفْصِيلٍ
قَوْلُهُ فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ كَالْمَيِّتَةِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِمَا وما فيه مَضَرَّةٌ من السُّمُومِ وَنَحْوِهَا فَمُحَرَّمَةٌ
وَيَأْتِي مَيِّتَةُ السَّمَكِ وَنَحْوِهِ في أَوَّلِ بَابِ الذَّكَاةِ
فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً أَنَّ السُّمُومَ نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَكَذَا ما فيه مَضَرَّةٌ
____________________
(10/354)
وقال في الْوَاضِحِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ السُّمَّ نَجِسٌ
وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِ رسول اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ من الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ
وقال في التَّبْصِرَةِ ما يَضُرُّ كَثِيرُهُ يَحِلُّ يَسِيرُهُ
قَوْلُهُ وَالْحَيَوَانَاتُ مُبَاحَةٌ إلَّا الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ وما له نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ
سِوَى الضَّبُعِ مُحَرَّمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ بَدَأَ بِالْعُدْوَانِ أو لَا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا أبدأ ( ( ( بدأ ) ) ) بِالْعُدْوَانِ
قَوْلُهُ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْفَهْدِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وبن آوَى وَالسِّنَّوْرِ وبن عُرْسٍ وَالنِّمْسِ وَالْقِرْدِ
مُرَادُهُ هُنَا بِالسِّنَّوْرِ السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ بِدَلِيلِ ما يَأْتِي في كَلَامِهِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس يُشْبِهُ السِّبَاعَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الْكَرَاهَةُ
وَجَعَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسًا وَأَنَّهُ قد يُقَالُ يَعُمُّهَا اللَّفْظُ
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ فِيمَا له نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ الدُّبَّ وهو مُحَرَّمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ النِّهَايَةِ لَا يَحْرُمُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْرُمُ دُبٌّ
____________________
(10/355)
وَقِيلَ كَبِيرٌ له نَابٌ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ لم يَكُنْ له نَابٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ يَعْنِي إنْ لم يَكُنْ له نَابٌ في أَصْلِ خِلْقَتِهِ
فَظَنَّ أَنَّهُ إنْ لم يَكُنْ له نَابٌ في الْحَالِ لِصِغَرِهِ وَإِنْ كان يَحْصُلُ له نَابٌ بَعْدَ ذلك وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ
وقال في الْحَاوِي وَيَحْرُمُ دُبٌّ
وقال بن أبي مُوسَى كَبِيرٌ
فَظَاهِرُ هذا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ نَصَّ عليه سَهْوٌ
وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا الْفِيلَ وهو كَذَلِكَ فَيَحْرُمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ هو سَبُعٌ وَيَعْمَلُ بِأَنْيَابِهِ كَالسَّبُعِ
وَنَقَلَ عنه جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ
قَوْلُهُ وما يَأْكُلُ الْجِيَفَ
يَعْنِي يَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ
وَجَعَلَ فيه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَتَيْ الْجَلَّالَةِ
وقال عَامَّةُ أَجْوِبَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس فيها تَحْرِيمٌ
وقال إذَا كان ما يَأْكُلُهَا من الدَّوَابِّ السِّبَاعُ فيه نِزَاعٌ أو لم يُحَرِّمُوهُ وَالْخَبَرُ في الصَّحِيحَيْنِ فَمِنْ الطَّيْرِ أَوْلَى
قَوْلُهُ كَالنَّسْرِ وَالرَّخَمِ وَاللَّقْلَقِ وَكَذَا الْعَقْعَقُ وَغُرَابُ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعُ
____________________
(10/356)
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ غُرَابِ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَنَقَلَ حَرْبٌ في الْغُرَابِ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ لم يَأْكُلْ الْجِيَفَ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمَانِ إنْ لم يَأْكُلَا الْجِيَفَ
قال الْخَلَّالُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْقَعُ مُبَاحَانِ إذَا لم يَأْكُلَا الْجِيَفَ
قال وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أبي عبد اللَّهِ
قَوْلُهُ وما يُسْتَخْبَثُ
أَيْ تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ لَا أَثَرَ لِاسْتِخْبَاثِ الْعَرَبِ وَإِنْ لم يُحَرِّمْهُ الشَّرْعُ حَلَّ وَاخْتَارَهُ
وقال أَوَّلُ من قال يَحْرُمُ الْخِرَقِيُّ وَأَنَّ مُرَادَهُ ما يَأْكُلُ الْجِيَفَ لِأَنَّهُ تَبِعَ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو حَرَّمَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ الِاعْتِبَارُ بِمَا يَسْتَخْبِثُهُ ذَوُو الْيَسَارِ من الْعَرَبِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ ذَوُو الْيَسَارِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَقِيلَ ما كان يُسْتَخْبَثُ على عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقَالُوا في الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في الْقُرَى
وَقِيلَ ما يُسْتَخْبَثُ مُطْلَقًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ما يَسْتَخْبِثُهُ ذَوُو الْيَسَارِ وَالْمُرُوءَةِ
____________________
(10/357)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
قَوْلُهُ كَالْقُنْفُذِ نَصَّ عليه
وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقُنْفُذَ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ بِأَنَّهُ مُسِخَ أَيْ لَمَّا مُسِخَ على صُورَتِهِ دَلَّ على خُبْثِهِ
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَالْفَأْرِ
لِكَوْنِهَا فُوَيْسِقَةً نَصَّ عليه وَالْحَيَّاتِ
لِأَنَّ لها نَابًا من السِّبَاعِ نَصَّ عليه
وَالْعَقَارِبِ نَصَّ عليه
وَمِنْ الْمُحَرَّمِ أَيْضًا الْوَطْوَاطُ نَصَّ عليه وهو الْخُشَّافُ وَالْخُفَّاشُ
قال في الرِّعَايَةِ وَيَحْرُمُ خُفَّاشٌ وَيُقَالُ خَشَّافٌ وهو الْوَطْوَاطُ
وَقِيلَ بَلْ غَيْرُهُ
وَقِيلَ الْخُفَّاشُ صَغِيرٌ وَالْوَطْوَاطُ كَبِيرٌ رَأْسُهُ كَرَأْسِ الْفَأْرَةِ وَأُذُنَاهُ أَطْوَلُ من أُذُنَيْهَا وَبَيْنَ جَنَاحَيْهِ في ظَهْرِهِ مِثْلُ كِيسٍ يَحْمِلُ فيه تَمْرًا كَثِيرًا وَطَبُّوعٌ وَقُرَادٌ انْتَهَى
قال في الْحَاوِي وَالْخُشَّافُ هو الْوَطْوَاطُ
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الزُّنْبُورُ وَالنَّحْلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ رِوَايَةً لَا يَحْرُمُ الزُّنْبُورُ وَالنَّحْلُ
وقال في الرَّوْضَةِ يُكْرَهُ الزُّنْبُورُ
وقال في التَّبْصِرَةِ في خُفَّاشٍ وَخَطَّافٍ وَجْهَانِ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخُشَّافَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هل هِيَ لِلتَّحْرِيمِ فيه وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ دخل في قَوْلِهِ وَالْحَشَرَاتِ الذُّبَابُ
____________________
(10/358)
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرَّوْضَةِ يُكْرَهُ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وقد تَقَدَّمَ أَكْلُ دُودِ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا قَرِيبًا
فَائِدَةٌ لو اشْتَبَهَ مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ غَلَبَ التَّحْرِيمُ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ
قَوْلُهُ وما تَوَلَّدَ من مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَالْبَغْلِ وَالسِّمْعِ وَلَدِ الضَّبُعِ من الذِّئْبِ وَالْعِسْبَارِ وَلَدِ الذِّئْبَةِ من الذَّيْخِ
وهو ذَكَرُ الضَّبُعَانِ الْكَثِيرُ الشَّعْرِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ تَمَيَّزَ كَحَيَوَانٍ من نَعْجَةٍ نِصْفُهُ خَرُوفٌ وَنِصْفُهُ كَلْبٌ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ من الْمَأْكُولَيْنِ مُبَاحٌ وهو صَحِيحٌ كَبَغْلٍ من وَحْشٍ وَخَيْلٍ لَكِنَّ ما تَوَلَّدَ من مَأْكُولٍ طَاهِرٍ كَذُبَابِ الْبَاقِلَّاءِ فإنه يُؤْكَلُ تَبَعًا لَا أَصْلًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا
وقال بن عَقِيلٍ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ
قال وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ كَذُبَابٍ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْبَاقِلَّاءِ الْمُدَوِّدِ يَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَإِنْ لم يَتَقَذَّرْهُ فَأَرْجُو
وقال عن تَفْتِيشِ التَّمْرِ الْمُدَوِّدِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا عَلِمَهُ
وَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ الذُّبَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
____________________
(10/359)
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ
وأطلقهما ( ( ( وأطلق ) ) ) في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ
قَوْلُهُ وفي الثَّعْلَبِ وَالْوَبَرِ وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ وَالْيَرْبُوعِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَمَّا الثَّعْلَبُ فَيَحْرُمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَحْرِيمُ الثَّعْلَبِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فيه إلَّا عَطَاءً وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْك فَدَعْهُ
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ
قال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالثَّعْلَبُ مُبَاحٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالْخِرَقِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
وَأَمَّا سِنَّوْرُ الْبَرِّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ سِنَّوْرُ بَرٍّ على الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(10/360)
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْإِشَارَةِ لِلشِّيرَازِيِّ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ
وَأَمَّا الْوَبَرُ وَالْيَرْبُوعُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا مُبَاحَانِ
قال في الْفُرُوعِ لَا يَحْرُمُ وَبَرٌ وَيَرْبُوعٌ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
قال بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ يُبَاحُ الْيَرْبُوعُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمَانِ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِتَحْرِيمِ الْيَرْبُوعِ
وقال الْقَاضِي يَحْرُمُ الْوَبَرُ
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُحَرَّرِ فَوَائِدُ
الْأُولَى في هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا يَحْرُمَانِ
قال النَّاظِمُ هذه الرِّوَايَةُ أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ في الْأُولَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(10/361)
الثَّانِيَةُ في الْغُدَافِ وَالسِّنْجَابِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَحْرُمَانِ
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِتَحْرِيمِ الْغُدَافِ
قال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ لَا يُؤْكَلُ الْغُدَافُ
وقال الْخَلَّالُ الْغُدَافُ مُحَرَّمٌ وَنَسَبَهُ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمَانِ
وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ بِأَنَّ الْغُدَافَ لَا يَحْرُمُ
وقال الْقَاضِي يَحْرُمُ السِّنْجَابُ
وَمَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إلَى إبَاحَةِ السِّنْجَابِ
الثَّالِثَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في السِّنَّوْرِ وَالْفَنَكِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ
الرَّابِعَةُ في الْخَطَّافِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ في النَّظْمِ في مَوْضِعٍ بِالتَّحْرِيمِ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ الْأَوْلَى التَّحْرِيمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ
الْخَامِسَةُ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وما لم يَكُنْ ذُكِرَ في نَصِّ الشَّرْعِ وَلَا في عُرْفِ الْعَرَبِ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ فَإِنْ كان بِالْمُسْتَطَابِ أَشْبَهَ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ وَإِنْ كان بِالْمُسْتَخْبَثِ أَشْبَهَ أَلْحَقْنَاهُ
____________________
(10/362)
وقال في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ أو مُسَمًّى بِاسْمِ حَيَوَانٍ خَبِيثٍ
قَوْلُهُ وما عَدَا هذا مُبَاحٌ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ
الْخَيْلُ مُبَاحَةٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي الْبِرْذَوْنِ رِوَايَةٌ بِالْوَقْفِ
قَوْلُهُ وَالزَّرَافَةُ
يَعْنِي أنها مُبَاحَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
منهم أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
قال في الْفُرُوعِ وَتُبَاحُ في الْمَنْصُوصِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّارِحُ هذا أَصَحُّ
وَقِيلَ لَا يُبَاحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وهو سَهْوٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وَحَرَّمَهَا أبو الْخَطَّابِ وَأَبَاحَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ الْوَقْفُ
قَوْلُهُ وَالْأَرْنَبُ
يَعْنِي أَنَّهُ مُبَاحٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ
____________________
(10/363)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَالضَّبُعُ
أَعْنِي أَنَّهُ مُبَاحٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ ذَكَرَهَا بن الْبَنَّا
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ عُرِفَ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَكَالْجَلَّالَةِ
قُلْت وهو أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ
قَوْلُهُ وَالزَّاغُ وَغُرَابُ الزَّرْعِ
يَعْنِي أَنَّهُمَا مُبَاحَانِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
تَنْبِيهٌ غُرَابُ الزَّرْعِ أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلِ
وَقِيلَ غُرَابُ الزَّرْعِ وَالزَّاغُ شَيْءٌ وَاحِدٌ
وَقِيلَ غُرَابُ الزَّرْعِ أَسْوَدُ كَبِيرٌ
تَنْبِيهٌ آخَرُ دخل في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَائِرُ الطَّيْرِ الطَّاوُوسُ وهو مُبَاحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَدَخَلَ أَيْضًا الْبَبَّغَاءُ وَهِيَ مُبَاحَةٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَجَمِيعُ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ يَعْنِي مُبَاحَةً إلَّا الضُّفْدَعَ وَالْحَيَّةَ وَالتِّمْسَاحَ
____________________
(10/364)
أَمَّا الضُّفْدَعُ فَمُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَأَمَّا الْحَيَّةُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها مُحَرَّمَةٌ وهو الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ يُبَاحُ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَيُبَاحُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ جَمِيعُهُ إلَّا الضُّفْدَعَ وَالتِّمْسَاحَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إبَاحَةُ الْحَيَّةِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيُبَاحُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ كُلُّهُ إلَّا الضُّفْدَعَ وفي التِّمْسَاحِ رِوَايَتَانِ
فَظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ
وهو ظَاهِرُ تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا التِّمْسَاحُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ في الْمُسْتَثْنَى من الْمُبَاحِ من حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَالتِّمْسَاحِ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِصَالِهِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُبَاحُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/365)
وما عَدَا هذه الثَّلَاثَةَ فَمُبَاحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن حَامِدٍ وَإِلَّا الْكَوْسَجَ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَهَا في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ مع بن حَامِدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو عَلِيٍّ النَّجَّادُ لَا يُبَاحُ من الْبَحْرِيِّ ما يَحْرُمُ نَظِيرُهُ في الْبَرِّ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَإِنْسَانِهِ وَكَذَا كَلْبُهُ وَبَغْلُهُ وَحِمَارُهُ وَنَحْوُهَا
وَحَكَاهُ بن عَقِيلٍ عن أبي بَكْرٍ النَّجَّادِ
وَحَكَاهُ في التَّبْصِرَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا رِوَايَةً
قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في الْمُذْهَبِ رِوَايَتَيْنِ
ولم أَرَهُ فيه فَلَعَلَّ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ
قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ التي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ وَلَبَنُهَا وَبَيْضُهَا حتى تُحْبَسَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا تَحْرِيمَ الْجَلَّالَةِ وَأَنَّ مِثْلَهَا خَرُوفٌ ارْتَضَعَ من كَلْبَةٍ ثُمَّ شَرِبَ لَبَنًا طَاهِرًا
قال في الْفُرُوعِ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ
____________________
(10/366)
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قَوْلُهُ وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا
يَعْنِي تُطْعَمُ الطَّاهِرَ وَتُمْنَعُ من النَّجَاسَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا وَالشَّاةُ سَبْعًا وما عَدَا ذلك أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وحكى في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ رِوَايَةً أَنَّ ما عَدَا الطَّائِرَ يُحْبَسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَعَنْهُ تُحْبَسُ الْبَقَرَةُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
قال في الْفُرُوعِ وهو وَهْمٌ وَقَالَهُ بن بَطَّةَ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
وَقِيلَ يُحْبَسُ الْكُلُّ أَرْبَعِينَ
وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ رُكُوبَهَا وَعَنْهُ يَحْرُمُ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له أَنْ يَعْلِفَ النَّجَاسَةَ الْحَيَوَانَ الذي لَا يُذْبَحُ أو لَا يُحْلَبُ قَرِيبًا
نَقَلَهُ عبد اللَّهِ وبن الْحَكَمِ وَاحْتَجَّ بِكَسْبِ الْحَجَّامِ وَبِاَلَّذِينَ عَجَنُوا من آبَارِ ثَمُودَ
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَحْرِيمَ عَلْفِهَا مَأْكُولًا
وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ مَأْكُولٍ على الْأَصَحِّ
وَخَصَّهُمَا في التَّرْغِيبِ بِطَاهِرٍ مُحَرَّمٍ كَهِرٍّ
قَوْلُهُ وما سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ من الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ مُحَرَّمٌ
____________________
(10/367)
وَيَنْجَسُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن عَقِيلٍ ليس بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ بَلْ يطهر ( ( ( يظهر ) ) ) بِالِاسْتِحَالَةِ كَالدَّمِ يَسْتَحِيلُ لَبَنًا
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ فَوَائِدُ
منها يُكْرَهُ أَكْلُ التُّرَابِ وَالْفَحْمِ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَمِنْهَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْلَ الطِّينِ لِضَرَرِهِ
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ كَأَنَّهُ لم يَكْرَهْهُ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَكْلَهُ عَيْبٌ في الْمَبِيعِ نَقَلَهُ بن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا من بِهِ مَرَضٌ
وَمِنْهَا ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْوَلِيمَةِ كَرَاهَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْخُبْزِ الْكِبَارِ وَوَضْعِهِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ وَالْخِلَافُ في ذلك
وَمِنْهَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ اللَّحْمِ النِّيءِ نَقَلَهُ مُهَنَّا
وَكَذَا اللَّحْمُ الْمُنْتِنِ نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا يُكْرَهُ
وَجَعَلَهُ في الِانْتِصَارِ في الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا
قُلْت الْكَرَاهَةُ في اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ أَشَدُّ
وَمِنْهَا يُكْرَهُ أَكْلُ الْغُدَّةِ وَأُذُنِ الْقَلْبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وقال أبو بَكْرٍ وأبو الْفَرَجِ يَحْرُمُ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ نهي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن أُذُنِ الْقَلْبِ وهو هَكَذَا
____________________
(10/368)
وقال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ كَرِهَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَكْلَ الْغُدَّةِ
وَمِنْهَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ حَبًّا دِيسَ بِالْحُمُرِ وقال لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدُوسُوهُ بها
وقال حَرْبٌ كَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً
وَهَذَا الْحَبُّ كَطَعَامِ الْكَافِرِ وَمَتَاعِهِ على ما ذَكَرَهُ الْمَجْدُ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى وَلَا يُؤْكَلُ حتى يُغْسَلَ
وَمِنْهَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمة اللَّهُ أَكْلَ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَنَحْوِهِ ما لم يُنْضَجْ بِالطَّبْخِ وقال لَا يُعْجِبُنِي
وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ كَرِهَهُ لِمَكَانِ الصَّلَاةِ في وَقْتِ الصَّلَاةِ
وَمِنْهَا يُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ أَكْلِ اللَّحْمِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنَا حَلَّ له منه ما يَسُدُّ رَمَقَهُ
يَجُوزُ له الْأَكْلُ من الْمُحَرَّمِ مُطْلَقًا إذَا اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ يَحْرُمُ عليه الْمَيْتَةُ في الْحَضَرِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ رِوَايَةً
وَعَنْهُ إنْ خَافَ في السَّفَرِ أَكَلَ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا الِاضْطِرَارُ هُنَا أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
نَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّفْسَ تَكَادُ تَتْلَفُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ أو خَافَ ضَرَرًا
____________________
(10/369)
وقال في الْمُنْتَخَبِ أو مَرَضًا أو انْقِطَاعًا عن الرُّفْقَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ يَنْقَطِعُ فَيَهْلِكُ كما ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أو زِيَادَةَ مَرَضٍ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ خَافَ طُولَ مَرَضِهِ فَوَجْهَانِ
الثَّانِي قَوْلُهُ حَلَّ له منه ما يَسُدُّ رَمَقَهُ يَعْنِي وَيَجِبُ عليه أَكْلُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وِفَاقًا
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يُبَاحُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَهَلْ له الشِّبَعُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا ليس له ذلك ( ( ( لذلك ) ) ) وَلَا يَحِلُّ له إلَّا ما يَسُدُّ رَمَقَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/370)
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له الْأَكْلُ حتى يَشْبَعَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَقِيلَ له الشِّبَعُ إنْ دَامَ خَوْفُهُ وهو قَوِيٌّ
وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ بين ما إذَا كانت الضَّرُورَةُ مُسْتَمِرَّةً فَيَجُوزُ له الشِّبَعُ وَبَيْنَ ما إذَا لم تَكُنْ مُسْتَمِرَّةً فَلَا يَجُوزُ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا هل له أَنْ يَتَزَوَّدَ منه مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَتَيْنِ في جَوَازِ شِبَعِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ التَّزَوُّدَ منه مُطْلَقًا
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَيْسَ في ذلك ضَرَرٌ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ يَجُوزُ له التَّزَوُّدُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ بن زِيَادٍ يَتَزَوَّدُ إنْ خَافَ الْحَاجَةَ
جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وهو الصَّوَابُ أَيْضًا
الثَّانِيَةُ يَجِبُ تَقْدِيمُ السُّؤَالِ على أَكْلِ الْمُحَرَّمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ يَجِبُ وَلَا يَأْثَمُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
الثَّالِثَةُ ليس لِلْمُضْطَرِّ في سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْأَكْلُ من الْمَيْتَةِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْآبِقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال صَاحِبُ التَّلْخِيصِ له ذلك
____________________
(10/371)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ
الرَّابِعَةُ حُكْمُ الْمُحَرَّمَاتِ حُكْمُ الْمَيْتَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ وَمَيْتَةً أو صَيْدًا وهو مُحْرِمٌ فقال أَصْحَابُنَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
لِأَنَّ في أَكْلِ الصَّيْدِ ثَلَاثَ جِنَايَاتٍ صَيْدُهُ وَذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ فيه جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحِلَّ له الطَّعَامُ وَالصَّيْدُ إذَا لم تَقْبَلْ نَفْسُهُ الْمَيْتَةَ
قال في الْفُنُونِ قال حَنْبَلِيٌّ الذي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا خِلَافُ ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الْكَافِي الْمَيْتَةُ أَوْلَى إنْ طَابَتْ نَفْسُهُ وَإِلَّا أَكَلَ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ يُقَدَّمُ الطَّعَامُ وَلَوْ بِقِتَالِهِ ثُمَّ الصَّيْدُ ثُمَّ الْمَيْتَةُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو وَجَدَ لَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً أَكَلَ لَحْمَ الصَّيْدِ
قَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فيه جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَمَيَّزُ الصَّيْدُ بِالِاخْتِلَافِ في كَوْنِهِ مُذَكًّى
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفِيمَا قَالَهُ الْقَاضِي نَظَرٌ وَعَلَّلَهُ ثُمَّ قال وَجَدْت أَبَا الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ اخْتَارَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَعَلَّلَهُ بِمَا قَالَهُ
وَلَوْ وَجَدَ بَيْضَ صَيْدٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَا يَكْسِرُهُ وَيَأْكُلُهُ لِأَنَّ كَسْرَهُ جِنَايَةٌ كَذَبْحِ الصَّيْدِ
____________________
(10/372)
الثَّانِيَةُ لو وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ ولم يَجِدْ مَيْتَةً أَكَلَ الطَّعَامَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُخَيَّرُ
وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ
قُلْت يُتَوَجَّهُ أَنْ يَأْكُلَ الصَّيْدَ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ على الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ كما في نَظَائِرِهَا
الثَّالِثَةُ لو اشْتَبَهَتْ مَسْلُوخَتَانِ مَيْتَةٌ وَمُذَكَّاةٌ ولم يَجِدْ غَيْرَهُمَا تَحَرَّى الْمُضْطَرُّ فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ له الْأَكْلُ بِلَا تَحَرٍّ
الرَّابِعَةُ لو وَجَدَ مَيِّتَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ في إحْدَاهُمَا أَكَلَهَا دُونَ الْمُجْمَعِ عليها
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا طَعَامًا لم يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ فَإِنْ كان صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو خَافَ في الْمُسْتَقْبَلِ فَهَلْ هو أَحَقُّ بِهِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى ما هو أَصْلَحُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَظْهَرُهُمَا إمْسَاكُهُ
فَائِدَةٌ حَيْثُ قُلْنَا إنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ فَهَلْ له إيثَارُهُ
قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهُدَى في غَزْوَةِ الطَّائِفِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَأَنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ
____________________
(10/373)
قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ نَصَّ عليه
وَلَوْ كان الْمُضْطَرُّ مُعْسِرًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ تَنْبِيهَانِ
إحْدَاهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ أَنَّهُ لو طَلَبَ زِيَادَةً لَا تُجْحِفُ ليس له ذلك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الصَّحِيحُ مِنْهُمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ في مَوْضِعَيْنِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ له ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من ثَمَنِ مِثْلِهِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ قَرْضًا بِعِوَضِهِ
وَقِيلَ مَجَّانًا
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَالْمَنْفَعَةِ في الْأَشْهَرِ
الثَّانِي قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهُ
كَذَا قال جَمَاعَةٌ
وقال جَمَاعَةٌ وَيُعْطِيهِ ثَمَنَهُ
وقال في الْمُغْنِي وَيُعْطِيهِ عِوَضَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَجْوَدُ
وقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ أَبَى أَخَذَهُ بِالْأَسْهَلِ ثُمَّ قَهْرًا وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَهُ قِتَالُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
____________________
(10/374)
وقال في التَّرْغِيبِ في قِتَالِهِ وَجْهَانِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ أَكْرَهُ مُقَاتَلَتَهُ
وقال في الْإِرْشَادِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ على أَخْذِهِ منه إلَّا بِمُقَاتَلَتِهِ لم يُقَاتِلْهُ فإن اللَّهَ يَرْزُقُهُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو بَادَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ أو رَهَنَهُ فقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ في الرَّهْنِ يَصِحُّ وَيَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ من الْمُرْتَهِنِ وَالْبَائِعُ مِثْلُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ ولم يُفَرَّقْ بين ما قبل الطَّلَبِ وَبَعْدَهُ
قال وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ بَلْ لو قِيلَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا مع عِلْمِهِ بِاضْطِرَارِهِ لم يَبْعُدْ وَأَوْلَى لِأَنَّ هذا يَجِبُ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو بَذَلَهُ بِأَكْثَرَ ما يَلْزَمُهُ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَعْنِي من غَيْرِ مُقَاتَلَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقَاتِلُهُ
الثَّالِثَةُ لو بَذَلَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال بن عَقِيلٍ لَا يَلْزَمُ مُعْسِرًا على احْتِمَالٍ
الرَّابِعَةُ لو امْتَنَعَ الْمَالِكُ من الْبَيْعِ إلَّا بِعَقْدِ رِبًا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهُ منه قَهْرًا
وَنَصَّ عليه بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال نعم إنْ لم يَقْدِرْ على قَهْرِهِ دخل في الْعَقْدِ وَعَزَمَ على أَنْ لَا يُتِمَّ عَقْدَ الرِّبَا فَإِنْ كان الْبَيْعُ نَسَاءً عَزَمَ على أَنَّ الْعِوَضَ الثَّابِتَ في الذِّمَّةِ قَرْضًا
____________________
(10/375)
وقال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لو قِيلَ إنَّ له أَنْ يُظْهِرَ صُورَةَ الرِّبَا وَلَا يُقَاتِلَهُ وَيَكُونَ كَالْمُكْرَهِ فَيُعْطِيَهُ من عَقْدِ الرِّبَا صُورَتَهُ لَا حَقِيقَتَهُ لَكَانَ أَقْوَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَجِدْ إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَالْحَرْبِيِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وما هو بِبَعِيدٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا فَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفْصَاحِ وَغَيْرِهِ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ لم يَأْكُلْهُ في الْأَصَحِّ
قال في الْكَافِي هذا اخْتِيَارُ غَيْرِ أبي الْخَطَّابِ
قال في الْمُغْنِي اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ أَكْلُهُ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْكَافِي هذا أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(10/376)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ عليه أَكْلُ عُضْوٍ من أَعْضَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الْفُنُونِ عن حَنْبَلٍ إنَّهُ لَا يَحْرُمُ
الثَّانِيَةُ من اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مع بَقَاءِ عَيْنِهِ لِدَفْعِ بَرْدٍ أو حَرٍّ أو اسْتِقَاءِ مَاءٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ بَذْلُهُ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقِيلَ يَجِبُ له الْعِوَضُ كَالْأَعْيَانِ
وقال في الْفُصُولِ في الْجَنَائِزِ يُقَدَّمُ حَيٌّ اُضْطُرَّ إلَى سُتْرَةٍ لِبَرْدٍ أو مَطَرٍ على تَكْفِينِ مَيِّتٍ فَإِنْ كانت السُّتْرَةُ لِلْمَيِّتِ اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَدَّمَ الْحَيُّ أَيْضًا ولم يُذْكَرْ غَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرٍ على شَجَرٍ لَا حَائِطَ عليه نَصَّ عليه وَلَا نَاظِرَ عليه فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ منه وَلَا يَحْمِلُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ هذا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
وقال في خلافة الصَّغِيرِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(10/377)
ولم يذكر في الْمُوجَزِ لَا حَائِطَ عليه
ولم يذكر في الْوَسِيلَةِ لَا نَاظِرَ عليه
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ له ذلك إلَّا لِحَاجَةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ يَأْكُلُ الْمُتَسَاقِطَ وَلَا يَرْمِي بِحَجَرٍ ولم يُثْبِتْهَا الْقَاضِي
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ ذلك مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ
حَكَاهَا بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ له ذلك إلَّا لِضَرُورَةٍ
ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ كَالْمَجْمُوعِ الْمَجْنِيِّ
وَعَنْهُ يُبَاحُ في السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد تُحْمَلُ على رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ
وَجَوَّزَهُ في التَّرْغِيبِ لِمُسْتَأْذِنٍ ثَلَاثًا لِلْخَبَرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس له رَمْيُ الشَّجَرِ بِشَيْءٍ وَلَا يَضُرُّ بِهِ وَلَا يَحْمِلُ نَصَّ عليه
الثَّانِيَةُ حَيْثُ جَوَّزْنَا له الْأَكْلَ فإنه لَا يَضْمَنُ ما أَكَلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَضْمَنُهُ اخْتَارَهُ في الْمُبْهِجِ
وَحَيْثُ جَوَّزْنَا الْأَكْلَ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا بِإِذْنٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
____________________
(10/378)
قَوْلُهُ وفي الزَّرْعِ وَشُرْبِ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ رِوَايَتَانِ
يَعْنِي إذَا أَبَحْنَا الْأَكْلَ من الثِّمَارِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ
إحْدَاهُمَا له ذلك كَالثَّمَرَةِ وهو الْمَذْهَبُ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في لَبَنِ الْمَاشِيَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له ذلك
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ له ذلك في رِوَايَةٍ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ يَلْحَقُ بِالزَّرْعِ الْبَاقِلَّاءُ وَالْحِمَّصُ وَشَبَهُهُمَا مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لم تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ
وقال وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتٌ إلَى ما تَقَدَّمَ من الزَّكَاةِ من الْوَضْعِ لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ خَرْصِ الثَّمَرَةِ الثُّلُثُ أو الرُّبُعِ وَلَا يُتْرَكُ له من الزَّرْعِ إلَّا ما الْعَادَةُ أَكْلُهُ فَرِيكًا
قَوْلُهُ وَيَجِبُ على الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً
هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ الْآتِي
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(10/379)
قال في الْفُرُوعِ لَيْلَةً وَالْأَشْهَرُ وَيَوْمًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ الْوَاجِبُ لَيْلَةً فَقَطْ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
لَكِنْ قال الْأَوَّلُ الْأَشْهَرُ
وهو أَيْضًا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فما زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَنَقَلَ عَلِيُّ بن سَعِيدٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على وُجُوبِ الضِّيَافَةِ لِلْغُزَاةِ خَاصَّةً على من يَمُرُّونَ بِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ في شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَاوِيَّةِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ هل يَجِبُ عليهم ضِيَافَةُ من يَمُرُّ بِهِمْ من الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا أو بِالشَّرْطِ
تَنْبِيهٌ في قَوْلِهِ الْمُجْتَازِ بِهِ إشْعَارٌ بِأَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا وهو صَحِيحٌ فَلَا حَقَّ لِحَاضِرٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/380)
فإن عِبَارَتَهُمْ مِثْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو كَالْمُسَافِرِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَحَاضِرٌ وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُجْتَازُ في الْقُرَى
فَإِنْ كان في الْأَمْصَارِ لم تَجِبْ الضِّيَافَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الْأَمْصَارُ كَالْقُرَى
قال في الْفُرُوعِ وفي مِصْرٍ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَجِبُ على الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ أنها لَا تَجِبُ لِلذِّمِّيِّ إذَا اجْتَازَ بِالْمُسْلِمِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
قال بن رَجَبٍ في شَرْحِ النَّوَاوِيَّةِ وَخَصَّ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ الْوُجُوبَ بِالْمُسْلِمِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ هو كالمسلم ( ( ( كمسلم ) ) ) في ذلك
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو قَوْلٌ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ بن رَجَبٍ في شَرْحِ النَّوَاوِيَّةِ وقال هو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(10/381)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ إذَا امْتَنَعَ من الضِّيَافَةِ الْوَاجِبَةِ عليه جَازَ له الْأَخْذُ من مَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ نَقَلَهَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِعِلْمِهِمْ يُطَالِبُهُمْ بِقَدْرِ حَقِّهِ
قُلْت النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فما زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ أنها تُحَبُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عليه إنْزَالُهُ في بَيْتِهِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَسْجِدًا أو رِبَاطًا يَبِيتُ فيه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَأَوْجَبَ بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ إنْزَالَهُ في بَيْتِهِ مُطْلَقًا كَالنَّفَقَةِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فَوَائِدُ
الْأُولَى الضِّيَافَةُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ مع الْأُدْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمَعْرُوفُ عَادَةً قال كَزَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَرَقِيقٍ
وفي الْوَاضِحِ وَلِفَرَسِهِ أَيْضًا تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ
____________________
(10/382)
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَعْنِي وَيَجِبُ شَعِيرٌ كَالتِّبْنِ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ في ضِيَافَتِهِمْ الْمُسْلِمِينَ
الثَّانِيَةُ من قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لم يَجُزْ لهم قَسْمُهُ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ
ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ في الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُ الطَّعَامِ بِلَا إذْنٍ على الصَّحِيحِ
الثَّالِثَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من امْتَنَعَ من أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَهُوَ مَذْمُومٌ مُبْتَدِعٌ وما نُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ امْتَنَعَ من أَكْلِ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم له فَكَذِبٌ
____________________
(10/383)
بَابُ الذَّكَاةِ
قَوْلُهُ لَا يُبَاحُ شَيْءٌ من الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عليه بِغَيْرِ ذَكَاةٍ
إنْ كان مِمَّا لَا يَعِيشُ إلَّا في الْبَرِّ فَهَذَا لَا نِزَاعَ في وُجُوبِ تَذْكِيَةِ الْمَقْدُورِ عليه منه إلَّا ما استثنى
وَإِنْ كان مَأْوَاهُ الْبَحْرَ وَيَعِيشُ في الْبَرِّ كَكَلْبِ الْمَاءِ وَطَيْرِهِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَنَحْوِ ذلك فَهَذَا أَيْضًا لَا يُبَاحُ الْمَقْدُورُ عليه منه إلَّا بِالتَّذْكِيَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا إلَّا ما اُسْتُثْنِيَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَحَّحَهَا تَحِلُّ مَيْتَةُ كل بَحْرِيٍّ انْتَهَى
وقال بن عَقِيلٍ في الْبَحْرِيِّ يَحِلُّ بِذَكَاةٍ أو عَقْرٍ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَحَيَوَانِ الْبَرِّ
وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الطَّيْرَ يُشْتَرَطُ ذَبْحُهُ
قَوْلُهُ إلَّا الْجَرَادَ وَشَبَهَهُ وَالسَّمَكَ وَسَائِرَ مالا يَعِيشُ إلَّا في الْمَاءِ فَلَا ذَكَاةَ له
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كان طَافِيًا
وَعَنْهُ في السَّرَطَانِ وَسَائِرِ الْبَحْرِيِّ أَنَّهُ يَحِلُّ بِلَا ذَكَاةٍ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِلَا ذَكَاةٍ انْتَهَى
وَعَنْهُ في الْجَرَادِ لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ كَكَبْسِهِ وَتَغْرِيقِهِ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ السَّمَكُ الطَّافِي
وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ ما لم يَتَقَذَّرْهُ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ
____________________
(10/384)
وَعَنْهُ لَا تُبَاحُ مَيْتَةُ بَحْرِيٍّ سِوَى السَّمَكِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ اخْتِيَارِ جَمَاعَةٍ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ سَمَكٌ وَجَرَادٌ صَادَهُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ صَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ
وَتَقَدَّمَ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وقال بن عَقِيلٍ ما لَا نَفْسَ له سَائِلَةً يَجْرِي مَجْرَى دِيدَانِ الْخَلِّ وَالْبَاقِلَّاءِ فَيَحِلُّ بِمَوْتِهِ قال وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَوَائِدُ
الْأُولَى حَيْثُ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ لم يَكُنْ نَجِسًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ بَلَى
وَعَنْهُ نَجِسٌ مع دَمٍ
الثَّانِيَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ شَيَّ السَّمَكِ الْحَيِّ لَا الْجَرَادِ
وقال بن عَقِيلٍ فِيهِمَا يُكْرَهُ على الْأَصَحِّ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ في الْجَرَادِ لَا بَأْسَ بِهِ ما أَعْلَمُ له وَلَا لِلسَّمَكِ ذَكَاةً
الثَّالِثَةُ يَحْرُمُ بَلْعُهُ حَيًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَهُ بن حَزْمٍ إجْمَاعًا
وقال الْمُصَنِّفُ يُكْرَهُ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِلذَّكَاةِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ
أَحَدُهَا أَهْلِيَّةُ الذَّابِحِ وهو أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا
لِيَصِحَّ قَصْدُهُ التَّذْكِيَةَ وَلَوْ كان مُكْرَهًا
ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/385)
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ فيه كَذَبْحِ مَغْصُوبٍ
وقد دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَقْلَفُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ
فَائِدَةُ قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ هُنَا لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الْأَكْلِ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ لو تَلَاعَبَ بِسِكِّينٍ على حَلْقِ شَاةٍ فَصَارَ ذَبْحًا ولم يَقْصِدْ حِلَّ أَكْلِهَا لم تُبَحْ
وَعَلَّلَ بن عَقِيلٍ تَحْرِيمَ ما قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِصَوْلِهِ بِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ أَكْلَهُ كما لو وَطِئَهُ آدَمِيٌّ إذَا قُتِلَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ كَذَبْحِهِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ عن أَصْحَابِنَا إذَا ذَبَحَهُ لِيُخَلِّصَ مَالَ غَيْرِهِ منه بِقَصْدِ الْأَكْلِ لَا التَّخَلُّصِ لِلنَّهْيِ عن ذَبْحِهِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ لو لم يَقْصِدْ الْأَكْلَ أو قَصَدَ حِلَّ يَمِينِهِ لم يُبَحْ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَجَمَاعَةٌ اعْتِبَارَ إرَادَةِ التَّذْكِيَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ يَكْفِي
وقال في التَّرْغِيبِ هل يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ من قَصْدِ الْإِحْلَالِ فيه وَجْهَانِ
قَوْلُهُ مُسْلِمًا أو كِتَابِيًّا وَلَوْ حَرْبِيًّا فَتُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَةُ بَنِي تَغْلِبَ وَلَا من أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرُ كِتَابِيٍّ
____________________
(10/386)
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِيهِمَا
أَمَّا ذَبِيحَةُ بَنِي تَغْلِبَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إبَاحَتُهَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وَتَحِلُّ مُنَاكَحَةُ وَذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ هُمَا في بَقِيَّةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى من الْعَرَبِ انْتَهَى
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ إبَاحَةَ ذَبِيحَةِ بَنِي تَغْلِبَ
وَعَنْهُ لَا تُبَاحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك فِيهِمْ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وفي نَصَارَى الْعَرَبِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقُوهُمَا
وَأَمَّا من أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرُ كِتَابِيٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَدَّمَ إبَاحَةَ ذَبْحِهِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ كَالْمُصَنِّفِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تُبَاحُ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قال أَصْحَابُنَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ فَاخْتَارَ دِينَهُ فَالْأَشْهَرُ تَحْرِيمُ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ
____________________
(10/387)
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَا تَحِلُّ ذَكَاةُ من أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ مَجُوسِيٌّ أو وَثَنِيٌّ أو كِتَابِيٌّ لم يَخْتَرْ دِينَهُ
وَعَنْهُ أو اخْتَارَ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت إنْ أَقَرَّ حَلَّ ذَبْحُهُ وَإِلَّا فَلَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت فَإِنْ انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ أو غَيْرُهُ إلَى دِينٍ يُقِرُّ أَهْلُهُ بِكِتَابٍ وَجِزْيَةٍ وَأَقَرَّ عليه حَلَّتْ ذَكَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا
وقال في الْمُحَرَّرِ في بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ وَمَنْ أَقْرَرْنَاهُ على تَهَوُّدٍ أو تَنَصُّرٍ مُتَجَدِّدٍ أَبَحْنَا ذَبِيحَتَهُ وَمُنَاكَحَتَهُ وإذا لم نُقِرَّهُ عليه بَعْدَ الْمَبْعَثِ وَشَكَكْنَا هل كان منه قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ قُبِلَتْ جِزْيَتُهُ وَحَرُمَتْ مُنَاكَحَتُهُ وَذَبِيحَتُهُ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ من تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ منهم سَوَاءٌ كان أَبُوهُ أو جَدُّهُ قد دخل في دِينِهِمْ أو لم يَدْخُلْ وَسَوَاءٌ كان دُخُولُهُ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أو قبل ذلك وهو الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ كان بين أَصْحَابِهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ وهو الثَّابِتُ عن الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ إجْمَاعٌ قَدِيمٌ انْتَهَى
وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ ذَبِيحَةَ من أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرُ كِتَابِيٍّ غَيْرُ مُبَاحَةٍ
قال الشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ من أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرُ كِتَابِيٍّ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَكَذَلِكَ صَيْدُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ في الصَّائِبَةِ رِوَايَتَانِ
مَأْخَذُهُمَا هل هُمْ فِرْقَةٌ من النَّصَارَى أَمْ لَا
____________________
(10/388)
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ من ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه فإنه قال هُمْ يَسْبِتُونَ جَعَلَهُمْ رضي اللَّهُ عنه بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ وَكُلُّ من يَصِيرُ إلَى كِتَابٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَذْبَحَ الْيَهُودِيُّ الْإِبِلَ في الْأَصَحِّ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ الذي لَا يَخَافُ بِخِتَانِهِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الْأَقْلَفِ لَا صَلَاةَ له وَلَا حَجَّ وَهِيَ من تَمَامِ الْإِسْلَامِ
وَنَقَلَ فيه الْجَمَاعَةُ لَا بَأْسَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ من جُنُبٍ وَنَحْوِهِ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَذْبَحُ الْجَنْبُ
وَنَقَلَ أَيْضًا في الْحَائِضِ لَا بَأْسَ
وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ وَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ
قَوْلُهُ وَلَا تُبَاحُ ذَكَاةُ مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ
أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا تُبَاحُ ذَكَاتُهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تُبَاحُ
وَعَنْهُ تُبَاحُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وَلَا طِفْلٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ
إنْ كان غير مُمَيِّزٍ فَلَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ
فَإِنْ كان مُمَيِّزًا أُبِيحَتْ ذَبِيحَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/389)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فَأَنَاطَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْإِبَاحَةَ بِالتَّمْيِيزِ
وقال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَةُ بن دُونَ عَشْرٍ
وقال في الْوَجِيزِ تُبَاحُ إنْ كان مُرَاهِقًا
قَوْلُهُ وَلَا مُرْتَدٍّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ تَحِلُّ ذَكَاةُ مُرْتَدٍّ إلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ
قَوْلُهُ الثَّانِي الْآلَةُ وهو أَنْ يَذْبَحَ بِمُحَدَّدٍ سَوَاءٌ كان من حَدِيدٍ أو حَجَرٍ أو قَصَبٍ أو غَيْرِهِ إلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ ذَبَحَ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ حَلَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْحِلُّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُبَاحُ لِأَنَّهُ يُبَاحُ الذَّبْحُ بها لِلضَّرُورَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَحِلُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ فَوَائِدُ
الْأُولَى مِثْلُ الْآلَةِ الْمَغْصُوبَةِ سِكِّينٌ ذَهَبٌ وَنَحْوِهَا
____________________
(10/390)
ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ يُبَاحُ الْمَغْصُوبُ لِرَبِّهِ وَغَيْرِهِ إذَا ذَكَّاهُ غَاصِبُهُ أو غَيْرُهُ سَهْوًا أو عَمْدًا طَوْعًا أو كَرْهًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ عليه فَغَيْرُهُ أَوْلَى كَغَاصِبِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَقِيلَ إنَّهُ مَيْتَةٌ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ الرِّوَايَتَيْنِ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْنُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
الثَّالِثَةُ لو أُكْرِهَ على ذَكَاةِ مِلْكِهِ فَفَعَلَ حَلَّ أَكْلُهُ له وَلِغَيْرِهِ
الرَّابِعَةُ لو أَكْرَهَهُ رَبُّهُ على ذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ حَلَّ مُطْلَقًا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا السِّنَّ أَنَّهُ يُبَاحُ الذَّبْحُ بِالْعَظْمِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إبَاحَةَ الذَّبْحِ بِهِ قال وهو أَصَحُّ
وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ آلَةٍ لها حَدٌّ يَقْطَعُ وَيَنْهَرُ الدَّمَ إلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ
قَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ الذَّبْحُ بِهِ
____________________
(10/391)
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ في الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الحديث وَهَذَا تَنْبِيهٌ على عَدَمِ التَّذْكِيَةِ بِالْعِظَامِ إمَّا لِنَجَاسَةِ بَعْضِهَا وَإِمَّا لِتَنْجِيسِهِ على مُؤْمِنِي الْجِنِّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ بِعَظْمٍ وَلَوْ بِسَهْمٍ نَصْلُهُ عَظْمٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع ذلك قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن الْبَنَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
قال في الْكَافِي الْأَوْلَى قَطْعُ الْجَمِيعِ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ قَطْعُ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ
وقال في الْإِيضَاحِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ
وقال في الْإِشَارَةِ الْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ
____________________
(10/392)
وقال في الرِّعَايَةِ وَالْكَافِي أَيْضًا يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْدَاجِ فَقَطْعُ أَحَدِهِمَا مع الْحُلْقُومِ أو الْمَرِيءِ أَوْلَى بِالْحِلِّ
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَكَرَهُ في الْأُولَى رِوَايَةً
وَذَكَرَ وَجْهًا يَكْفِي قَطْعُ ثَلَاثٍ من الْأَرْبَعَةِ وقال إنَّهُ الْأَقْوَى
وَسُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ شَاةً فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ لَكِنْ فَوْقَ الْجَوْزَةِ فَأَجَابَ هذه الْمَسْأَلَةُ فيها نِزَاعٌ وَالصَّحِيحُ أنها تَحِلُّ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ أَطْلَقُوا الْإِبَاحَةَ بِقَطْعِ ذلك من غَيْرِ تَفْصِيلٍ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ في اعْتِبَارِ إبَانَةِ ذلك بِالْقَطْعِ مُحْتَمَلٌ قال وَيَقْوَى عَدَمُهُ
وَظَاهِرُهُ لَا يَضُرُّ رَفْعُ يَدِهِ إنْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ على الْفَوْرِ
وَاعْتَبَرَ في التَّرْغِيبِ قَطْعًا تَامًّا فَلَوْ بَقِيَ من الْحُلْقُومِ جِلْدَةٌ ولم يَنْفُذْ الْقَطْعُ وَانْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَطَعَ الْجِلْدَةَ لم يَحِلَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَحَرَهُ أَجْزَأَهُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْحَرَ الْبَعِيرَ وَيَذْبَحَ ما سِوَاهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا خِلَافَ بين أَهْلِ الْعِلْمِ في اسْتِحْبَابِ ذلك
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةً أَنَّ الْبَقَرَ تُنْحَرُ أَيْضًا
____________________
(10/393)
وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ يُنْحَرُ ما صَعُبَ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ أَيْضًا
وَعَنْهُ يُكْرَهُ ذَبْحُ الْإِبِلِ
وَعَنْهُ لَا يُؤْكَلُ
قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عن ذلك مِثْلُ أَنْ يَنِدَّ الْبَعِيرَ أو يَتَرَدَّى في بِئْرٍ فَلَا يَقْدِرُ على ذَبْحِهِ صَارَ كَالصَّيْدِ إذَا جَرَحَهُ في أَيِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْتُلَ مثله غَالِبًا
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِغَيْرِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُهُ في الْمَاءِ فَلَا يُبَاحُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُبَاحُ إذَا كان الْجَرْحُ مُوجِبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهَا من قَفَاهَا وهو مُخْطِئٌ فَأَتَتْ السِّكِّينُ على مَوْضِعِ ذَبْحِهَا وَهِيَ في الْحَيَاةِ يَعْنِي الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ أُكِلَتْ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/394)
وَعَنْهُ يُؤْكَلُ وَإِنْ لم يَكُنْ فيه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ كان الْغَالِبُ نَفَاذَ ذلك لِحِدَةِ الْآلَةِ وَسُرْعَةِ الْقَطْعِ فَالْأَوْلَى إبَاحَتُهُ وَإِلَّا فَلَا
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ رِوَايَةً يَحْرُمُ مع حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ
وقال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ
فَائِدَةٌ قال الْقَاضِي مَعْنَى الْخَطَأِ أَنْ تَلْتَوِيَ الذَّبِيحَةُ عليه فَتَأْتِيَ السِّكِّينُ على الْقَفَا لِأَنَّهَا مع الْتِوَائِهَا مَعْجُوزٌ عن ذَبْحِهَا في مَحَلِّ الذَّبْحِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْمَحَلِّ كَالْمُتَرَدِّيَةِ في بِئْرٍ فَأَمَّا مع عَدَمِ الْتِوَائِهَا فَلَا يُبَاحُ ذلك انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَطَأَ أَعَمُّ من ذلك
قَالَهُ الْمَجْدُ وَمَنْ بَعْدَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا تُبَاحُ إذَا أَتَتْ السِّكِّينُ على الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ بِشَرْطِ أَنْ تَبْقَى فيها حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قبل قَطْعِهِمَا وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُبَاحُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
____________________
(10/395)
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
تَنْبِيهٌ شَرْطُ الْحِلِّ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةً حَالَةَ وُصُولِ السِّكِّينِ إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ وَيُعْلَمُ ذلك بِوُجُودِ الْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ قَالَهُ الْقَاضِي
ولم يَعْتَبِرْ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ الْقُوَّةَ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقُوَّةُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ من عِلْمِ ذلك
وقال أبو مُحَمَّدٍ إنْ لم يَعْلَمْ ذلك فَإِنْ كان الْغَالِبُ الْبَقَاءَ لِحِدَةِ الْآلَةِ وَسُرْعَةِ الْقَطْعِ فَالْأَوْلَى الْإِبَاحَةُ وَإِنْ كانت الْآلَةُ كالة وَأَبْطَأَ الْقَطْعَ لم تُبَحْ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو الْتَوَى عُنُقُهُ كان كَمَعْجُوزٍ عنه قَالَهُ الْقَاضِي كما تَقَدَّمَ
وَقِيلَ هو كَالذَّبْحِ من قَفَاهُ
الثَّانِيَةُ لو أَبَانَ الرَّأْسَ بِالذَّبْحِ لم يَحْرُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَحَكَى أبو بَكْرٍ رِوَايَةً بِتَحْرِيمِهِ
قَوْلُهُ وَكُلُّ ما وُجِدَ فيه سَبَبُ الْمَوْتِ كَالْمُنْخَنِقَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَأَكِيلَةِ السَّبُعِ إذَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَكْثَرَ من حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّتْ وَإِنْ صَارَتْ حَرَكَتُهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لم تَحِلَّ
هَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
____________________
(10/396)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ تَزِيدُ على حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ
وقال في الْفُرُوعِ وما أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ من مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ فَذَكَّاهُ وَحَيَاتُهُ يُمْكِنُ زِيَادَتُهَا حَلَّ
وَقِيلَ بِشَرْطِ تَحَرُّكِهِ بِيَدٍ أو طَرْفِ عَيْنٍ وَنَحْوِهِ
وَقِيلَ أو لَا انْتَهَى
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ إذَا أَدْرَكَ ذَكَاةَ ذلك وَفِيهِ حَيَاةٌ يُمْكِنُ أَنْ تَزِيدَ على حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّ بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَرَّكَ عِنْدَ الذَّبْحِ وَلَوْ بِيَدٍ أو رِجْلٍ أو طَرْفِ عَيْنٍ أو مَصْعِ ذَنَبٍ وَنَحْوِهِ
فَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ الذي ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ تَحَرُّكُهُ إذَا كانت فيه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَكْثَرَ من حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحِ أنها إذَا كانت تَعِيشُ زَمَنًا يَكُونُ الْمَوْتُ بِالذَّبْحِ أَسْرَعَ منه حَلَّتْ بِالذَّبْحِ وَأَنَّهَا مَتَى كانت مِمَّا لَا يُتَيَقَّنُ مَوْتُهَا كَالْمَرِيضَةِ أنها مَتَى تَحَرَّكَتْ وَسَالَ دَمُهَا حَلَّتْ انْتَهَى
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَجَمَاعَةٌ ما عُلِمَ مَوْتُهُ بِالسَّبَبِ لم يَحِلَّ
وَعَنْهُ ما يُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى مُعْظَمَ الْيَوْمِ يَحِلُّ وما يُعْلَمُ مَوْتُهُ لِأَقَلَّ منه فَهُوَ في حُكْمِ الْمَيِّتِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ
ذَكَرُوهُ في بَابِ الصَّيْدِ
وَعَنْهُ يَحِلُّ إذَا ذكى قبل مَوْتِهِ ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(10/397)
وفي كِتَابِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ يُشْتَرَطُ حَيَاةٌ يُذْهِبُهَا الذَّبْحُ جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِهِ
وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَعَنْهُ إنْ تَحَرَّكَ ذَكَرَهَا في الْمُبْهِجِ
وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ وَالْمَرُّوذِيُّ وأبو طَالِبٍ
وَعَنْهُ ما يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَمُوتُ من السَّبَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا
اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال في التَّرْغِيبِ لو ذَبَحَ وَشَكَّ في الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَوَجَدَ ما يُقَارِبُ الْحَرَكَةَ الْمَعْهُودَةَ في التَّذْكِيَةِ الْمُعْتَادَةِ حَلَّ في الْمَنْصُوصِ
قال وَأَصْحَابُنَا قالوا الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ ما جَازَ بَقَاؤُهَا أَكْثَرَ الْيَوْمِ
وَقَالُوا إذَا لم يَبْقَ فيه إلَّا حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ لم يَحِلَّ
فَإِنْ كان التَّقْيِيدُ بِأَكْثَرِ الْيَوْمِ صَحِيحًا فَلَا مَعْنًى لِلتَّقْيِيدِ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِلْحَظْرِ وَكَذَا بِعَكْسِهِ فإن بَيْنَهُمَا أَمَدًا بَعِيدًا
قال وَعِنْدِي أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ ما ظُنَّ بَقَاؤُهَا زِيَادَةً على أَمَدِ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِمِثْلِهِ سِوَى أَمَدِ الذَّبْحِ
قال وما هو في حُكْمِ الْمَيِّتِ كَمَقْطُوعِ الْحُلْقُومِ وَمُبَانِ الْحَشْوَةِ فَوُجُودُهَا كَعَدَمٍ على الْأَصَحِّ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ من هذه الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ مَتَى ذُبِحَ فَخَرَجَ منه الدَّمُ الْأَحْمَرُ الذي يَخْرُجُ من المذكي الْمَذْبُوحِ في الْعَادَةِ ليس هو دَمُ الْمَيِّتِ فإنه يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ لم يَتَحَرَّكْ انْتَهَى
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْمَرِيضَةِ حُكْمُ الْمُنْخَنِقَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
وَقِيلَ لَا تُعْتَبَرُ حَرَكَةُ الْمَرِيضَةِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهَا في غَيْرِهَا
____________________
(10/398)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُغْنِي صَرِيحًا وَحُكْمُ ما صَادَهُ بِشَبَكَةٍ أو شَرَكٍ أو أُحْبُولَةٍ أو فَخٍّ أو أَنْقَذَهُ من مَهْلَكَةٍ كَذَلِكَ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ يَكُونُ عِنْدَ حَرَكَةِ يَدِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَكُونُ عِنْدَ الذَّبْحِ أو قَبْلَهُ قَرِيبًا فُصِلَ بِكَلَامٍ أو لَا وَاخْتَارُوهُ
وَعَنْهُ يُجْزِئُ إذَا فَعَلَ ذلك إذَا كان الذَّابِحُ مُسْلِمًا
وَذَكَرَ حَنْبَلٌ عَكْسَ هذه الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فيه اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ شَرْطٌ وهو الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ
نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ الْآيَةَ في الْمَيْتَةِ وقد رَخَّصَ أَصْحَابُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في أَكْلِ ما لم يُسَمَّ عليه
وَتَأْتِي هذه الرِّوَايَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وهو أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/399)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَكْفِي تَكْبِيرُ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوُهُ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ
وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا
يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْإِتْيَانَ بها بِأَيِّ لُغَةٍ كانت مع الْقُدْرَةِ على الْإِتْيَانِ بها بِالْعَرَبِيَّةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِيَهُ إلَّا التَّسْمِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ مع الْقُدْرَةِ عليها
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وقال هو الْمَنْصُوصُ
قَوْلُهُ إلَّا الْأَخْرَسَ فإنه يُومِئُ إلَى السَّمَاءِ
تُبَاحُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ إجْمَاعًا
وقال الْأَصْحَابُ يُشِيرُ عِنْدَ الذَّبْحِ إلَى السَّمَاءِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ من الْإِشَارَةِ إلَى السَّمَاءِ لِأَنَّهَا عَلَمٌ على قَصْدِهِ التَّسْمِيَةَ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَلَوْ أَشَارَ إشَارَةً تَدُلُّ على التَّسْمِيَةِ وَعُلِمَ ذلك كان كَافِيًا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا لم تُبَحْ وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أُبِيحَتْ
____________________
(10/400)
هذا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
وَذَكَرَهُ بن جَرِيرٍ إجْمَاعًا في سُقُوطِهَا سَهْوًا
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال النَّاظِمُ هذا الْأَشْهَرُ
قال في الْهِدَايَةِ إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أنها لَا تَحِلُّ وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا فَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أنها تَحِلُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وأبو ( ( ( وأبي ) ) ) مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قال في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ على الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أُبِيحَتْ على الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ تُبَاحُ في الْحَالَيْنِ يَعْنِي أنها سُنَّةٌ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ هذه الرِّوَايَةِ وَلَفْظُهَا
وَعَنْهُ لَا تُبَاحُ فِيهِمَا
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالتَّسْمِيَةُ شَرْطٌ في الْأَظْهَرِ
وَعَنْهُ مع الذِّكْرِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّسْمِيَةِ على ما يَذْبَحُهُ فَلَوْ سَمَّى على شَاةٍ وَذَبَحَ غَيْرَهَا
____________________
(10/401)
بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ لم تُبَحْ وَكَذَا لو رَأَى قَطِيعًا فَسَمَّى وَأَخَذَ شَاةً فَذَبَحَهَا بِالتَّسْمِيَةِ الْأُولَى لم يُجْزِئْهُ
وَيَأْتِي عَكْسُهُ في الصَّيْدِ
الثَّانِيَةُ ليس الْجَاهِلُ هُنَا كَالنَّاسِي كَالصَّوْمِ ذَكَرَهُ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في مُنْتَخَبِهِ
وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
الثَّالِثَةُ يَضْمَنُ أَجِيرٌ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ إنْ حَرُمَتْ بِتَرْكِهَا
وَاخْتَارَ في النَّوَادِرِ الضَّمَانَ لِغَيْرِ شَافِعِيٍّ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَضْمِينُهُ النَّقْصَ إنْ حَلَّتْ
الرَّابِعَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَبِّرَ مع التَّسْمِيَةِ فيقول بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه
وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ كَالصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا نَصَّ عليه
وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عليه أَيْضًا
وقال في الْمُنْتَخَبِ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ مع التَّسْمِيَةِ شيئا
قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا أو مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَسَوَاءٌ أَشَعَرَ أو لم يَشْعُرْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(10/402)
وقال بن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ في الْقِيَاسِ ما قَالَهُ أبو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحِلُّ جَنِينٌ بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ
وقال في فُنُونِهِ لَا يُحْكَمُ بِذَكَاتِهِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ خَرَجَ حَيًّا فَلَا بُدَّ من ذَبْحِهِ
وَعَنْهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا يَحِلُّ فَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ لَا بَأْسَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فيه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لم يُبَحْ إلَّا بِذَبْحِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَشَعَرَ أو لم يَشْعُرْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ هو كَالْمُنْخَنِقَةِ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَعَنْهُ إنْ مَاتَ قَرِيبًا حَلَّ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَقِيلٍ في وَاضِحِهِ وَفُنُونِهِ
فَائِدَةٌ لو كان الْجَنِينُ مُحَرَّمًا مِثْلُ الذي لم يُؤْكَلْ أَبُوهُ لم يَقْدَحْ في ذَكَاةِ الْأُمِّ
وَلَوْ وَجِئَ بَطْنَ أُمِّهِ فَأَصَابَ مَذْبَحَ الْجَنِينِ تذكي وَالْأُمُّ مَيْتَةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(10/403)
نَقَلَهُ عَنْهُمْ في الِانْتِصَارِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ
وَيُسَنُّ تَوْجِيهُهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ الْكَحَّالُ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إذَا لم يَتَعَمَّدْهُ
فَائِدَةٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُ على شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَرِفْقِهِ بِهِ وَيُحْمَلُ على الْآلَةِ بِالْقُوَّةِ وَإِسْرَاعِهِ بِالشَّحْطِ
وفي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ إيمَاءٌ إلَى وُجُوبِ ذلك وما هو ببعيد ( ( ( بعيد ) ) )
قَوْلُهُ وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَ الْحَيَوَانِ أو يَسْلُخَهُ حتى يَبْرُدَ
وَكَذَا لَا يَقْطَعُ عُضْوًا منه حتى تَزْهَقَ نَفْسُهُ
يَعْنِي يُكْرَهُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَفْعَلُ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَحْرُمُ فِعْلُ ذلك وما هو بِبَعِيدٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْإِحْسَانُ وَاجِبٌ على كل حَالٍ حتى في حَالِ إزْهَاقِ النُّفُوسِ نَاطِقِهَا وَبَهِيمِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ لِلْآدَمِيِّينَ وَالذِّبْحَةَ لِلْبَهَائِمِ
وقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ قَطْعُ رَأْسِهِ قبل سَلْخِهِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَيْضًا لَا يُفْعَلُ
قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ
____________________
(10/404)
فَائِدَةٌ نَقَلَ بن مَنْصُورٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْرَهُ نَفْخَ اللَّحْمِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي مُرَادُهُ الذي لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ غِشٌّ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ أَكْلِ أُذُنِ الْقَلْبِ وَالْغُدَّةِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ
قَوْلُهُ وإذا ذَبَحَ حَيَوَانًا ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ أو وطىء عليه شَيْءٌ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ فَهَلْ يَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ هذا الْمَشْهُورُ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ
قال في الْكَافِي وهو الْمَنْصُوصُ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْأَدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحِلُّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَبِهِ قال أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
(10/405)
وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ الْآتِي في بَابِ الصَّيْدِ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كان الْجَرْحُ مُوجِبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وإذا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ ما يَحْرُمُ عليه يَعْنِي يَقِينًا كَذِي الظُّفُرِ
مِثْلُ الْإِبِلِ وَالنَّعَامَةِ وَالْبَطِّ وما ليس بِمَشْقُوقِ الْأَصَابِعِ لم يَحْرُمْ عَلَيْنَا هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أو الرِّوَايَتَيْنِ
جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْأَدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ أَظْهَرُ
قال في الْحَاوِيَيْنِ وهو الصَّحِيحُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا
قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ لِفَقْدِ قَصْدِ الذَّكَاةِ منه
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وحكى عن الْخِرَقِيِّ في كَلَامٍ مُفْرَدٍ وهو سَهْوٌ إنَّمَا الْمَحْكِيُّ عنه في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قد حكى عنه في الْمَكَانَيْنِ أو تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً وهو الظَّاهِرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَلَوْ ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ ما ظَنَّهُ حَرَامًا عليه ولم يَكُنْ حَلَّ أَكْلُهُ
____________________
(10/406)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ ذَبَحَ شيئا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عليه ولم يَثْبُتْ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عليه حَلَّ
قال في الْمُحَرَّرِ لَا يَحْرُمُ من ذَبْحِهِ ما نَتَبَيَّنُهُ مُحَرَّمًا عليه كَحَالِ الرِّئَةِ وَنَحْوِهَا
وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْيَهُودَ إذَا وَجَدُوا الرِّئَةَ لَاصِقَةً بِالْأَضْلَاعِ امْتَنَعُوا من أَكْلِهَا زَاعِمِينَ تَحْرِيمَهَا وَيُسَمُّونَهَا اللَّازِقَةَ وَإِنْ وَجَدُوهَا غير لَازِقَةٍ بِالْأَضْلَاعِ أَكَلُوهَا
قَوْلُهُ وإذا ذَبَحَ حَيَوَانًا غَيْرَهُ لم تَحْرُمْ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عليهم وهو شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَحَكَاهُ عن الْخِرَقِيِّ في كَلَامٍ مُفْرَدٍ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَاخْتَارَ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي تَحْرِيمَهُ
قال في الْوَاضِحِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال في الْمُنْتَخَبِ وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ هو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِهِ
تَنْبِيهٌ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فيه وَجْهَانِ
وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
وَقَطَعَ في الْفُرُوعِ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ
____________________
(10/407)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ لنا أَنْ نَتَمَلَّكَهَا منهم فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُطْعِمَهُمْ شَحْمًا من ذَبْحِنَا نَصَّ عليه لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ
جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال بن عَقِيلٍ في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ نُسِخَ في حَقِّهِمْ أَيْضًا انْتَهَى
وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لهم مع اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِاعْتِقَادِنَا
الثَّانِيَةُ في بَقَاءِ تَحْرِيمِ يَوْمِ السَّبْتِ عليهم وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
ذَكَرُوهُ في بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَفَائِدَتُهُمَا حِلُّ صَيْدِهِمْ فيه وَعَدَمُهُ قَالَهُ النَّاظِمُ
قُلْت وَظَاهِرُ ما تَقَدَّمَ في بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ أَنَّ من فَوَائِدِ الْخِلَافِ لو شكى ( ( ( شكا ) ) ) عليهم لَا يَحْضُرُوا يوم السَّبْتِ إذَا قُلْنَا بِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ
وقد قال بن عَقِيلٍ لَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يوم سَبْتٍ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عليهم
قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَ لِعِيدِهِ أو لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى شَيْءٍ مِمَّا يُعَظِّمُونَهُ لم يَحْرُمْ
نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وقال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَذْهَبُنَا
وَعَنْهُ يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(10/408)
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وقال بن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ مَيْتَةً لقوله تعالى 5 3 { وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ }
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ما تَقَدَّمَ إذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه فَأَمَّا إذَا ذُكِرَ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ عليه فقال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ أَصَحُّهَا عِنْدِي تَحْرِيمُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ أَنْ يُذْكَرَ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ لَا يُعْجِبُنِي ما ذُبِحَ لِلزُّهْرَةِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْكَنِيسَةِ وَكُلَّ شَيْءٍ ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَذَكَرَ الْآيَةَ
قَوْلُهُ وَمَنْ ذَبَحَ حَيَوَانًا فَوَجَدَ في بَطْنِهِ جَرَادًا أو طَائِرًا فَوَجَدَ في حَوْصَلَتِهِ حَبًّا أو وَجَدَ الْحَبَّ في بَعْرِ الْجَمَلِ لم يَحْرُمْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
نَقَلَ أبو الصَّقْرِ الطَّافِي أَشَدَّ من هذا وقد رَخَّصَ فيه أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي اللَّهُ عنه
قال الْمُصَنِّفُ هذا هو الصَّحِيحُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْرُمْ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْأَدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ يَحْرُمُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
(10/409)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَحْرُمُ جَرَادٌ في بَطْنِ سَمَكٍ لِأَنَّهُ من صَيْدِ الْبَرِّ وَمَيْتَتُهُ حَرَامٌ لَا الْعَكْسُ لِحِلِّ مَيْتَةِ صَيْدِ الْبَحْرِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو وَجَدَ سَمَكَةً في بَطْنِ سَمَكَةٍ
الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ بَوْلُ طَائِرٍ كَرَوْثِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَأَبَاحَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الطِّبِّ وَذَكَرَ رِوَايَةً في بَوْلِ الْإِبِلِ
وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ فيه لَا يُبَاحُ
وَكَلَامُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ يَدُلُّ على حِلِّ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي يُبَاحُ رَجِيعُ السَّمَكِ وَنَحْوِهِ
الثَّالِثَةُ يَحِلُّ مَذْبُوحٌ مَنْبُوذٌ بِمَوْضِعٍ يَحِلُّ ذَبْحُ أَكْثَرِ أَهْلِهِ وَلَوْ جُهِلَتْ تَسْمِيَةُ الذَّابِحِ
الرَّابِعَةُ الذَّبِيحُ إسْمَاعِيلُ عليه السَّلَامُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(10/410)
كِتَابُ الصَّيْدِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا حَدُّ الصَّيْدِ ما كان مُمْتَنِعًا حَلَالًا لَا مَالِكَ له
قَالَهُ بن أبي الْفَتْحِ في مَطْلَعِهِ
وَقِيلَ ما كان مُتَوَحِّشًا طَبْعًا غير مَقْدُورٍ عليه مَأْكُولًا بِنَوْعِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْحَدُّ أَجْوَدُ
الثَّانِيَةُ الصَّيْدُ مُبَاحٌ لِقَاصِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاسْتَحَبَّهُ بن أبي مُوسَى وَيُكْرَهُ لَهْوًا
الثَّالِثَةُ الصَّيْدُ أَطْيَبُ الْمَأْكُولِ قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ الزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قال بَعْضُهُمْ وَأَفْضَلُ الْمَعَايِشِ التِّجَارَةُ
قُلْت قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَفْضَلُ الْمَعَايِشِ التِّجَارَةُ وَأَفْضَلُهَا في الْبَزِّ وَالْعِطْرِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَبْغَضُهَا التِّجَارَةُ في الرَّقِيقِ وَالصَّرْفِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ قَوْلٌ الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ أَفْضَلُ
قال الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يُفَضِّلُ عَمَلَ الْيَدِ
وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ وَأَدْنَاهَا الْحِيَاكَةُ وَالْحِجَامَةُ وَنَحْوُهُمَا وَأَشَدُّهَا كَرَاهِيَةً الصَّبْغُ وَالصِّبَاغَةُ وَالْحِدَادَةُ وَنَحْوُهَا انْتَهَى
وقال ( ( ( ونقل ) ) ) بن هَانِئٍ إنه سُئِلَ عن الْخِيَاطَةِ وَعَمَلِ الْخُوصِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ قال كُلُّ ما نُصِحَ فيه فَهُوَ حَسَنٌ
____________________
(10/411)
قال الْمَرُّوذِيُّ حَثَّنِي أبو عبد اللَّهِ على لُزُومِ الصَّنْعَةِ للخير ( ( ( للخبر ) ) )
الرَّابِعَةُ يُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ
ذَكَرَهُ أبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي قال وَاِتِّخَاذُ الْغَنَمِ
قَوْلُهُ وَمَنْ صَادَ صَيْدًا فَأَدْرَكَهُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لم يَحِلَّ إلَّا بِالذَّكَاةِ
مُرَادُهُ بِالِاسْتِقْرَارِ بِأَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهُ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ مُطْلَقًا وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ
فإذا كانت حَرَكَتُهُ فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ لم يُبَحْ إلَّا بِالذَّكَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَعَنْهُ دُونَ مُعْظَمِ يَوْمٍ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وفي التَّبْصِرَةِ دُونَ نِصْفِ يَوْمٍ
وَأَمَّا إذَا أُدْرِكَ وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أو وَجَدَهُ مَيِّتًا فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
____________________
(10/412)
فَائِدَةٌ لو اصْطَادَ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ كان الصَّيْدُ لِلْمَالِكِ
جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا في بَابِ الْغَصْبِ
قَوْلُهُ فَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ ولم يَجِدْ ما يُذَكِّيهِ بِهِ أَرْسَلَ الصَّائِدُ له عليه حتى يَقْتُلَهُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
كَالْمُتَرَدِّيَةِ في بِئْرٍ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فَإِنْ لم يَجِدْ ما يَذْبَحُهُ بِهِ فَأَشْلَى الْجَارِحُ عليه فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ أَيْضًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في التَّبْصِرَةِ أَبَاحَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَحِلُّ حتى يُزَكِّيَهُ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الرَّاجِحُ لِظَاهِرِ حديث عَدِيِّ بن حَاتِمٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي اللَّهُ عنهما
____________________
(10/413)
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حتى مَاتَ لم يَحِلَّ
وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَةِ التي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وهو الصَّحِيحُ عليها
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي يَحِلُّ
قال الشَّارِحُ وحكى عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال في هذا يَتْرُكُهُ حتى يَمُوتَ فَيَحِلَّ انْتَهَى
قال في الْهِدَايَةِ فقال شَيْخُنَا يَحِلُّ أَكْلُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ أَظُنُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
فَائِدَةٌ لو امْتَنَعَ الصَّيْدُ على الصَّائِدِ من الذَّبْحِ بِأَنْ جَعَلَ يَعْدُو منه يَوْمَهُ حتى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا فذكر الْقَاضِي أَنَّهُ يَحِلُّ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ على الْمَوْتِ فَصَارَ كَالْمَاءِ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لم يَحِلَّ وَلِمَنْ أَثْبَتَهُ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا على قَاتِلِهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَ الْأَوَّلُ مَقْتَلَهُ
____________________
(10/414)
دُونَ الثَّانِي أو يُصِيبَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ فَيَحِلَّ وَعَلَى الثَّانِي ما خُرِقَ من جِلْدِهِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ ولم يَقْصِدْ الذَّبْحَ لم يَحِلَّ وَإِنْ قَصَدَهُ فَهُوَ ذَبْحُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ يَحِلُّ على الصَّحِيحِ
مَأْخَذُهُمَا هل يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ من قَصْدِ الْإِحْلَالِ
قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي ما خُرِقَ من جِلْدِهِ
يَعْنِي إذَا أَصَابَ الْأَوَّلُ مَقْتَلَهُ أو كان جَرْحُهُ مُوجِبًا أو أَصَابَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُغْنِي فِيمَا إذَا أَصَابَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ عليه أَرْشُ ذَبْحِهِ كما لو ذَبَحَ شَاةً لِغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَصْوَبُ في النَّظَرِ
قال في الْمُنْتَخَبِ على الثَّانِي ما نَقَصَ بِذَبْحِهِ كَشَاةِ الْغَيْرِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَعَلَى الثَّانِي ما بين كَوْنِهِ حَيًّا مَجْرُوحًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَذْبُوحًا وَإِلَّا قِيمَتُهُ بِجَرْحِ الْأَوَّلِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فلم يُذَكِّهِ حتى مَاتَ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ كَالْأُولَى
____________________
(10/415)
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَاخْتَارَ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى
وقال الْقَاضِي يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ مع أَرْشِ ما نَقَصَهُ بِجُرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
فَلَوْ كانت قِيمَتُهُ عَشَرَةً فَنَقَصَهُ كُلُّ جُرْحٍ عَشْرًا لَزِمَهُ على الْأَوَّلِ تِسْعَةٌ وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَعَلَى الثَّالِثِ خَمْسَةٌ
فَلَوْ كان عَبْدٌ أو شَاةٌ لِلْغَيْرِ ولم يُوجِبَاهُ وَسَرَيَا تَعَيَّنَ الْأَخِيرَانِ وَلَزِمَ الثَّانِي عَلَيْهِمَا ذلك
وَكَذَا الْأَوَّلُ على الثَّالِثِ وَعَلَى الثَّانِي بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا
الثَّانِيَةُ لو أَصَابَاهُ مَعًا حَلَّ بَيْنَهُمَا كَذَبْحِهِ مُشْتَرِكَيْنِ
وَكَذَا لو أَصَابَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَجُهِلَ قَاتِلُهُ فَإِنْ قال الْأَوَّلُ أنا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْته أنت فَتَضْمَنَهُ لم يَحِلَّ لِاتِّفَاقِهِمَا على تَحْرِيمِهِ وَيَتَحَالَفَانِ وَلَا ضَمَانَ
فَإِنْ قال لم نُثَبِّتْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الِامْتِنَاعُ ذَكَرَ ذلك في الْمُنْتَخَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ مَتَى تَشَاقَّا في إصَابَتِهِ وَصِفَتِهَا أو اُحْتُمِلَ إثْبَاتُهُ بِهِمَا أو بِأَحَدِهِمَا لَا بعينيه ( ( ( بعينه ) ) ) فَهُوَ بَيْنَهُمَا
وَلَوْ إن رمى أَحَدِهِمَا لو انْفَرَدَ أَثْبَتَهُ وَحْدَهُ فَهُوَ له وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ
وَلَوْ إن رمى أَحَدِهِمَا مُوحٍ وَاحْتُمِلَ الْآخَرُ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَاحْتُمِلَ أَنَّ نِصْفَهُ لِلْمُوحِي وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا
وَلَوْ وُجِدَ مَيِّتًا مُوحِيًا وَتَرَتَّبَا وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ
____________________
(10/416)
وَإِنْ ثَبَتَ بِهِمَا لَكِنْ عَقِبَ الثَّانِي وَتَرَتَّبَا فَهَلْ هو لِلثَّانِي أو بَيْنَهُمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ إنْ أَصَابَاهُ جميعا فَذَكَّيَاهُ جميعا حَلَّ وَإِنْ ذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا فَلَا
الثَّالِثَةُ لو رَمَاهُ فَأَثْبَتَهُ مَلَكَهُ كما تَقَدَّمَ وَلَوْ رَمَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَتَلَهُ حَرُمَ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عليه
وهو الْمَذْهَبُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ يَحِلُّ وذكر ( ( ( وذكره ) ) ) رِوَايَةً
وَكَذَا لو أَوْحَاهُ الثَّانِي بَعْدَ إيحَاءِ الْأَوَّلِ فيه الرِّوَايَتَانِ
قَوْلُهُ وَمَتَى أَدْرَكَ الصَّيْدَ مُتَحَرِّكًا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ
وَكَذَا لو كان فَوْقَ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَكِنْ لم يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ
وَمَتَى أَدْرَكَهُ مَيِّتًا حَلَّ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ
أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ من أَهْلِ الذَّكَاةِ
شَمِلَ كَلَامُهُ الْبَصِيرَ وَالْأَعْمَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَطَعَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ بِصِحَّةِ ذَكَاتِهِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَالَا من حَلَّ ذَبْحُهُ حَلَّ صَيْدُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ في صَيْدِ الْأَعْمَى الْمَنْعُ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ بَصِيرًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(10/417)
قَوْلُهُ فَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ صَيْدًا أو أَرْسَلَا عليه جَارِحًا أو شَارَكَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ في قَتْلِهِ لم يَحِلَّ بِلَا نِزَاعٍ
فَائِدَةٌ لو وَجَدَ مع كَلْبِهِ كَلْبًا آخَرَ وَجَهِلَ حاله هل سَمَّى عليه أَمْ لَا وَهَلْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا أو جَهِلَ حاله مُرْسِلُهُ هل هو من أَهْلِ الصَّيْدِ أَمْ لَا وَلَا يَعْلَمُ أَيُّهُمَا قَتَلَهُ أو لم يَعْلَمْ أَنَّهُمَا قَتَلَاهُ مَعًا أو عَلِمَ أَنَّ الْمَجْهُولَ هو الْقَاتِلُ لم يُبَحْ قَوْلًا وَاحِدًا
وَإِنْ عَلِمَ حَالَ الْكَلْبِ الذي وَجَدَهُ مع كَلْبِهِ وَأَنَّ الشَّرَائِطَ الْمُعْتَبَرَةَ قد وُجِدَتْ فيه حَلَّ
ثُمَّ إنْ كان الْكَلْبَانِ قَتَلَاهُ مَعًا فَهُوَ لِصَاحِبِهِمَا
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ
وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنْ كان الْكَلْبَانِ مُتَعَلِّقَانِ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا
وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ وَعَلَى من حُكِمَ له بِهِ الْيَمِينُ
وَإِنْ كان الْكَلْبَانِ نَاحِيَةً فقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَصْطَلِحَا
وَحَكَى احْتِمَالًا بِالْقُرْعَةِ فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَيْسَتْ في يَدِ أَحَدٍ
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَاصْطَلَحَا على ثَمَنِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا يَعْنِي الْمُسْلِمَ وَالْمَجُوسِيَّ الْمَقْتَلَ دُونَ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ له
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(10/418)
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ كَإِسْلَامِهِ بَعْدَ إرْسَالِهِ
قال الشَّارِحُ وَيَجِيءُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فإنه قال إذَا ذَبَحَ فَأَتَى على الْمَقَاتِلِ فلم تَخْرُجْ الرُّوحُ حتى وَقَعَتْ في الْمَاءِ لم تُؤْكَلْ
فَائِدَةٌ هل الِاعْتِبَارُ في حَالَةِ الصَّيْدِ بِأَهْلِيَّةِ الرَّامِي وفي سَائِرِ الشُّرُوطِ حَالُ الرَّمْيِ أو حَالُ الْإِصَابَةِ فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْإِصَابَةِ
وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ
فَلَوْ رَمَى سَهْمًا وهو مُحْرِمٌ أو مُرْتَدٌّ أو مَجُوسِيٌّ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ بِالصَّيْدِ وقد حَلَّ أو أَسْلَمَ حَلَّ أَكْلُهُ وَلَوْ كان بِالْعَكْسِ لم يَحِلَّ
الْوَجْهُ الثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الرَّمْيِ
قَالَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الصَّيْدِ
وَذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَادَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ حَلَّ ولم يُكْرَهْ
وهو الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْوَفَاءِ وبن الزَّاغُونِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ
____________________
(10/419)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ الْمَجُوسِيُّ فَزَجَرَهُ مُسْلِمٌ لم يَحِلَّ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنْ زَادَ عَدْوُهُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ الثَّانِي الْآلَةُ وَهِيَ نَوْعَانِ مُحَدَّدٌ فَيُشْتَرَطُ له ما يُشْتَرَطُ لِآلَةِ الذَّكَاةِ وَلَا بُدَّ من جَرْحِهِ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ لم يُبَحْ
كَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ شَدَخَهُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَادَ بِالْمِعْرَاضِ أُكِلَ ما قُتِلَ بِحَدِّهِ دُونَ عَرْضِهِ
إذَا قَتَلَهُ بِحَدِّهِ أُبِيحَ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ لم يُبَحْ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ ولم يَجْرَحْهُ لم يُبَحْ
فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ إذَا جَرَحَهُ بِعَرْضِهِ يُبَاحُ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَصَبَ مَنَاجِلَ أو سَكَاكِينَ وَسَمَّى عِنْدَ نَصْبِهَا فَقَتَلَتْ صَيْدًا أُبِيحَ
إذَا سَمَّى عِنْدَ نَصْبِهَا وَقَتَلَتْ صَيْدًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجْرَحَهُ أو لَا
____________________
(10/420)
فَإِنْ جَرَحَهُ حَلَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ لم يَجْرَحْهُ لم يَحِلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحِلُّ مُطْلَقًا
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليه حِلُّ ما قَبْلَهَا
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا يَحِلُّ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ النَّاصِبُ أو مَاتَ
قال في الْفُرُوعِ وهو كَقَوْلِهِمْ إذَا ارْتَدَّ أو مَاتَ بين رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يُبَحْ إذَا غَلَبَ على الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ على قَتْلِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ فيه سُمٌّ قال جَمَاعَةٌ وَظَنَّ أَنَّهُ أَعَانَهُ حَرُمَ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَعَانَ لم يَأْكُلْ
قال وَلَيْسَ مِثْلُ هذا من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمُرَادٍ
وفي الْفُصُولِ إذَا رَمَى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يُبَحْ لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عليه فَهُوَ كما لو شَارَكَ السَّهْمَ تَغْرِيقٌ بِالْمَاءِ
وَمَنْ أتى بِلَفْظِ الظَّنِّ كَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فَمُرَادُهُ احْتِمَالُ الْمَوْتِ وَلِهَذَا عَلَّلَهُ من عَلَّلَهُ منهم كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ بِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ كَسَهْمَيْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ
____________________
(10/421)
وَقَالُوا فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ السُّمَّ لم يُعِنْ على قَتْلِهِ لِكَوْنِ السُّمِّ أَوْحَى منه فَمُبَاحٌ
وَلَوْ كان الظَّنُّ بِمُرَادٍ لَكَانَ الْأَوْلَى
فَأَمَّا إنْ لم يَغْلِبْ على الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ فَمُبَاحٌ
وَنَظِيرُ هذا من كَلَامِهِمْ في شُرُوطِ الْبَيْعِ فَإِنْ رَأَيَاهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذلك بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرْ فيه ظَاهِرًا
وَقَوْلُهُمْ في الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فيها وقد سَبَقَ ذلك
وقال في الْكَافِي وَغَيْرِهِ إذَا اجْتَمَعَ في الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمُثَقَّلٍ وَمُحَدَّدٍ أو بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ أو بِسَهْمِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ أو بِسَهْمٍ غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو كَلْبِ مُسْلِمٍ وَكَلْبِ مَجُوسِيٍّ أو غَيْرِ مُسَمًّى عليه أو غَيْرِ مُعَلَّمٍ أو اشْتَرَكَا في إرْسَالِ الْجَارِحَةِ عليه أو وَجَدَ مع كَلْبِهِ كَلْبًا لَا يَعْرِفُ مُرْسِلَهُ أو لَا يَعْرِفُ حاله أو مع سَهْمِهِ سَهْمًا كَذَلِكَ لم يُبَحْ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ وَإِنْ وَجَدْت معه غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ وإذا شَكَكْنَا في الْمُبِيحِ رُدَّ إلَى أَصْلِهِ انْتَهَى
وقال في التَّرْغِيبِ يَحْرُمُ وَلَوْ مع جَرْحٍ مُوحٍ لَا عَمَلَ لِلسُّمِّ معه لِخَوْفِ التَّضَرُّرِ بِهِ
وَكَذَا قال في الْفُصُولِ وقال لَا نَأْمَنُ أَنَّ السُّمَّ تَمَكَّنَ من بَدَنِهِ بِحَرَارَةِ الْحَيَاةِ فَيَقْتُلُ أو يَضُرُّ آكِلَهُ وَهُمَا حَرَامٌ وما يُؤَدِّي إلَيْهِمَا حَرَامٌ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَنَقَلَهُ
وقد قال في الْخُلَاصَةِ فَإِنْ رَمَى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ لم يَحِلَّ
قَوْلُهُ وَلَوْ رَمَاهُ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من جَبَلٍ أو وطىء عليه شَيْءٌ فَقَتَلَهُ لم يَحِلَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُوحِيًا كَالذَّكَاةِ فَهَلْ يَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(10/422)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشِّيرَازِيُّ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في بَابِ الذَّكَاةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَبِهِ قال أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ
وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في هذا الْبَابِ فَنَاقَضَ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الذَّكَاةِ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وإذا ذُبِحَ الْحَيَوَانُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ
وقال في الْوَجِيزِ فِيمَا إذَا رَمَاهُ في الْهَوَاءِ فَوَقَعَ في مَاءٍ أو تَرَدَّى من جَبَلٍ أو وطىء عليه شَيْءٌ لم يُبَحْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ موجبا ( ( ( موحيا ) ) ) فَيُبَاحَ
وَذَكَرَ في بَابِ الذَّكَاةِ إذَا ذُبِحَ الْحَيَوَانُ ثُمَّ غَرِقَ في مَاءٍ أو وطىء عليه ما يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ حَرُمَ
____________________
(10/423)
قال وَكَذَا في الصَّيْدِ
فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ سَهَا في ذلك فإن الْأَصْحَابَ سَوَّوْا بين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا سِيَّمَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ يقول في بَابِ الذَّكَاةِ وَكَذَا الصَّيْدُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان الْمَاءُ أو التَّرَدِّي يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ فَلَوْ لم يَكُنْ بقتله ( ( ( يقتله ) ) ) مِثْلُهُ أُبِيحَ بِلَا نِزَاعٍ
فَائِدَةٌ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْجُرْحَ إذَا لم يَكُنْ مُوحِيًا وَوَقَعَ في مَاءٍ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ وهو صَحِيحٌ خَشْيَةَ أَنَّ الْمَاءَ أَعَانَ على قَتْلِهِ
وَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ لِحُكْمِنَا على كل وَاحِدٍ بِأَصْلِهِ
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَاهُ في الْهَوَاءِ فَوَقَعَ على الْأَرْضِ فَمَاتَ حَلَّ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ إلَّا إذَا كان الْجُرْحُ مُوحِيًا
جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَغَابَ عنه ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيْرُ سَهْمِهِ حَلَّ
وَكَذَا لو رَمَاهُ على شَجَرَةٍ أو جَبَلٍ فَوَقَعَ على الْأَرْضِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ حَلَّ على الْأَصَحِّ
____________________
(10/424)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ
وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ
وقال بَعْدَ ذلك هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ كانت الْجِرَاحَةُ مُوحِيَةً حَلَّ وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ إنْ وَجَدَهُ في يَوْمِهِ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ إنْ وَجَدَهُ في مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ مُطْلَقًا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ غَابَ نَهَارًا حَلَّ وَإِنْ غَابَ لَيْلًا لم يَحِلَّ
قال بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ من حَالِ اللَّيْلِ تَخَطُّفُ الْهَوَامِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ خَامِسَةٌ كَرَاهَةُ ما غَابَ مُطْلَقًا
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو عَقَرَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ ثُمَّ غَابَ عنه ثُمَّ وَجَدَهُ وَحْدَهُ أَمَّا لو وَجَدَهُ بِفَمِ كَلْبِهِ أو وهو يَعْبَثُ بِهِ أو وَسَهْمُهُ فيه حَلَّ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ بِهِ غير أَثَرِ سَهْمِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعَانَ على قَتْلِهِ لم يُبَحْ
____________________
(10/425)
نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ ولم يَقُولُوا ظَنَّ كَسَهْمٍ مَسْمُومٍ
قال وَيَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّنِّ الِاحْتِمَالُ
فَائِدَةٌ لو غَابَ قبل عَقْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ أو كَلْبُهُ عليه فقال في الْمُنْتَخَبِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ
وهو مَعْنَى ما في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ أَيْضًا وَعَنْهُ يَحْرُمُ
وَذَكَرَهَا في الْفُصُولِ كما لو وَجَدَ سَهْمَهُ أو كَلْبَهُ نَاحِيَةً
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَتَبِعَهُ في الْمُحَرَّرِ
وقال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ على ما ذَكَرَهُ هو وَغَيْرُهُ من التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا على الْخِلَافِ
وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ حِلَّهُ
وهو مَعْنَى ما جَزَمَ في الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ منه عُضْوًا وَبَقِيَتْ فيه حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لم يُبَحْ ما أَبَانَ منه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ إنْ ذَكَّى حَلَّ كَبَقِيَّتِهِ
قوله ( ( ( وله ) ) ) وَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بجلده حَلَّ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ أَبَانَهُ وَمَاتَ في الْحَالِ حَلَّ الْجَمِيعُ
____________________
(10/426)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا
وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ ما أَبَانَ منه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخِرَقِيُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَأَمَّا ما ليس بِمُحَدَّدٍ كَالْبُنْدُقِ وَالْحَجَرِ وَالْعِصِيِّ وَالشَّبَكَةِ وَالْفَخِّ فَلَا يُبَاحُ ما قُتِلَ بِهِ لِأَنَّهُ وَقِيذٌ
قال الْأَصْحَابُ وَلَوْ شَدَخَهُ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ
وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ
وَلَوْ خَرَقَهُ لم يَحِلَّ نَقَلَهُ حَرْبٌ
فَأَمَّا إنْ كان له حَدٌّ كَصَوَّانٍ فَهُوَ كَالْمِعْرَاضِ
قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ النَّوْعُ الثَّانِي الْجَارِحَةُ فَيُبَاحُ ما قَتَلَتْهُ إذَا كانت مُعَلَّمَةً إلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ
فَالْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ هو الذي لَا بَيَاضَ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَةِ هُنَا وهو مالا بَيَاضَ فيه في الْأَشْهَرِ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هو الذي لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ سِوَاهُ
____________________
(10/427)
وقال أَيْضًا لو كان بين عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ تُخَالِفَانِ لَوْنَهُ لم يَخْرُجْ بِهِمَا عن الْبَهِيمِ وَأَحْكَامِهِ
قال الشَّارِحُ هو الذي لَا لَوْنَ فيه سِوَى السَّوَادِ
وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ قَوْلًا غير الْأَوَّلِ
وَعَنْهُ إنْ كان بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ لم يَخْرُجْ بِذَلِكَ عن كَوْنِهِ بَهِيمًا
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْمُغْنِي
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
وَصَحَّحَهُ بن تَمِيمٍ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ فَلَا يُبَاحُ صَيْدُهُ
نَصَّ عليه لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ الْعِلَّةُ وَالسَّوَادُ عَلَامَةٌ كما يُقَالُ إذَا رَأَيْت صَاحِبَ السِّلَاحِ فَاقْتُلْهُ فإنه مُرْتَدٌّ فَالْعِلَّةُ الرِّدَّةُ
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ صَيْدَهُ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بن سَعِيدٍ الْكَرَاهَةَ
وَعَنْهُ وَمِثْلُهُ ما بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ
جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ هُنَا كما تَقَدَّمَ
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ما بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ لَا يُسَمَّى بَهِيمًا قَوْلًا وَاحِدًا
____________________
(10/428)
وَلَكِنْ هل يَلْحَقُ في الْحُكْمِ بِهِ أو لَا
وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ يَحْكِي الْخِلَافَ في الْبَهِيمِ وَيَذْكُرُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهِ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على وُجُوبِهِ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا
وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ إبَاحَتَهُ يَعْنِي إبَاحَةَ قَتْلِهِ
وَنَقَلَ مُوسَى بن سَعِيدٍ لَا بَأْسَ عليه
وقد قال الْأَصْحَابُ يَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ قال ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ
نَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ
وَيُؤْخَذُ من كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ مِثْلُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ إلَّا في قَطْعِ الصَّلَاةِ
وهو مُتَّجَهٌ وَأَوْلَى لِقَتْلِهِ في الْحَرَمِ
قال في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ تَرْكُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجِبُ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ عن الناس وَدَعْوَى نَسْخِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا إلَّا الْمُؤْذِي دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ وَيُقَابِلُهُ قَتْلُ الْكُلِّ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
وَأَمَّا ما لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ وَلَا أَذَى فيه فقال الْمُصَنِّفُ لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ
وَقِيلَ يُكْرَهُ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَتَقَدَّمَ الْمُبَاحُ من الْكِلَابِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ
____________________
(10/429)
قَوْلُهُ وَالْجَوَارِحُ نَوْعَانِ ما يَصِيدُ بِنَابِهِ كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ
كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ اقْتَصَرَ على ذِكْرِ هَذَيْنِ
وزاد في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ النَّمِرَ
وَظَاهِرُ تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرَ ذلك
فَتَعْلِيمُهُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ
قال في الْمُغْنِي لَا في وَقْتِ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ
قال في الْوَجِيزِ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا أزجر ( ( ( زجر ) ) ) لَا في حَالِ مُشَاهَدَتِهِ لِلصَّيْدِ
قَوْلُهُ وإذا أَمْسَكَ لم يَأْكُلْ وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ ذلك منه
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخِلَافَ له وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ
فَعَلَى هذا هل يُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا فَيُبَاحُ في الرَّابِعَةِ وهو الصَّحِيحُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أو يَكْفِي التَّكْرَارُ مَرَّتَيْنِ فَيُبَاحُ في الثَّالِثَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَيُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ منه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ
____________________
(10/430)
أو الْمَرْجِعُ في ذلك إلَى الْعُرْفِ من غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمَرَّةٍ أو مَرَّاتٍ
وهو قَوْلُ بن الْبَنَّا في الْخِصَالِ فيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَا أَحْسِبُ هذه الْخِصَالَ تُعْتَبَرُ في غَيْرِ الْكَلْبِ فإنه الذي يُجِيبُ صَاحِبَهُ إذَا دَعَاهُ وَيَنْزَجِرُ إذَا زَجَرَهُ وَالْفَهْدُ لَا يُجِيبُ دَاعِيًا وَإِنْ عُدَّ مُتَعَلِّمًا فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ في حَقِّهِ تَرْكُ الْأَكْلِ خَاصَّةً أو ما يُعِدُّهُ بِهِ أَهْلُ الْعُرْفِ مُعَلَّمًا
ولم يذكر الآدمي الْبَغْدَادِيُّ في مُنْتَخَبِهِ تَرْكَ الْأَكْلِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَكَلَ بَعْدَ تَعْلِيمِهِ لم يَحْرُمْ ما تَقَدَّمَ من صَيْدِهِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ لم يَحْرُمْ على الْأَصَحِّ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ لَا يَحْرُمُ على الصَّحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ
قُلْت وهو بَعِيدٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَكَيَاهُمَا وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ ولم يُبَحْ ما أَكَلَ منه في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ فَالْمَذْهَبُ يَحْرُمُ
قال في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْأَصَحُّ
قال في الْكَافِي هذا أَوْلَى
____________________
(10/431)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ حَرُمَ على الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَحِلُّ مع الْكَرَاهَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ يُبَاحُ
وَقِيلَ يَحْرُمُ إذَا أَكَلَ منه حين الصَّيْدِ
جَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ
وَقِيلَ يَحْرُمُ إذَا أَكَلَ منه قبل مُضِيِّهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو شَرِبَ من دَمِهِ لم يَحْرُمْ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الِانْتِصَارِ من دَمِهِ الذي جَرَى
الثَّانِيَةُ لَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عن كَوْنِهِ مُعَلَّمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يَبْقَى مُعَلَّمًا بِأَكْلِهِ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
قَوْلُهُ وَالثَّانِي ذُو الْمِخْلَبِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَالشَّاهِينِ فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيُجِيبَ إذَا دُعِيَ وَلَا يَعْتَبِرُ تَرْكَ الْأَكْلِ بِلَا نِزَاعٍ
قال في الرِّعَايَةِ يَحِلُّ الصَّيْدُ بِكُلِّ حَيَوَانٍ مُعَلَّمٍ
قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ أو خَنَقَهُ لم يُبَحْ
____________________
(10/432)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ فِيهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ في الصَّدْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَحِلَّ في الْأَصَحِّ
وقال بن حَامِدٍ يُبَاحُ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ في الْخَنْقِ
قَوْلُهُ وما أَصَابَ فَمُ الْكَلْبِ هل يَجِبُ غَسْلُهُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ غَسْلُهُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ بَلْ يُعْفَى عنه
____________________
(10/433)
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ أو غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ لم يُبَحْ صَيْدُهُ وَإِنْ زَجَرَهُ
هذا الْمَذْهَبُ رِوَايَةُ وَاحِدَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال بن عَقِيلٍ إنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ فَرِوَايَتَانِ
وقال في الرَّوْضَةِ إذَا اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ حَلَّ أَكْلُهُ منه أو لَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ في عَدْوِهِ بِزَجْرِهِ فَيَحِلُّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَقِيلٍ إذَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أو سَهْمَهُ إلَى هَدَفٍ فَقَتَلَ صَيْدًا أو أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ وَلَا يَرَى صَيْدًا لم يَحِلَّ صَيْدُهُ إذَا قَتَلَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَحِلُّ
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
____________________
(10/434)
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا لم يَحِلَّ
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمي الْبَغْدَادِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحِلَّ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لو رَمَى ما ظَنَّهُ أو عَلِمَهُ غير صَيْدٍ فَأَصَابَ صَيْدًا لم يَحِلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يَحِلُّ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا أو صَيْدًا مُحَرَّمًا لم يُبَحْ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أو رَمَى صَيْدًا فَقَتَلَ جَمَاعَةً حَلَّ الْجَمِيعُ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
لَكِنْ لو أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ فَصَادَ غَيْرَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ إنَّهُ يَحِلُّ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ يَحْرُمُ ما قَتَلَهُ الْكَلْبُ لَا السَّهْمُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ
____________________
(10/435)
مَلَكَهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ ما إذَا رَمَاهُ بَعْدَهُ آخَرُ أو رَمَاهُ هو أَيْضًا وَأَحْكَامُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُثَبِّتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ إنْسَانٍ فَأَخَذَهُ فَهُوَ لِآخِذِهِ
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ من دخل في خَيْمَتِهِ إلَّا بِأَخْذِهِ
وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْخَيْمَةِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ دخل الصَّيْدُ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ أو دخل بُرْجَهُ فَسَدَّ الْمَنَافِذَ أو حَصَلَتْ سَمَكَةٌ في بِرْكَتِهِ فَسَدَّ مَجْرَى الْمَاءِ فَقِيلَ يَمْلِكُهُ
وَقِيلَ إنْ سَهُلَ تَنَاوُلُهُ منه وَإِلَّا فَكَتَحْجِيرٍ لِلْإِحْيَاءِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بِغَلْقٍ وَسَدٍّ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا الِاحْتِمَالَ من كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ ما يَبْنِيهِ الناس من الْأَبْرِجَةِ فَيُعَشِّشُ بها الطُّيُورُ يَمْلِكُونَ الْفِرَاخَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُمَّهَاتُ مَمْلُوكَةً فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا نَصَّ عليه فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أو لم يَقْصِدْ تَمَلَّكَهَا
وَمِثْلُهَا أَيْضًا إحْيَاءُ أَرْضٍ بها كَنْزٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(10/436)
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ في شَبَكَتِهِ صَيْدٌ فَخَرَقَهَا وَذَهَبَ بها فَصَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي
بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه
قَوْلُهُ وَإِنْ كان في سَفِينَةٍ فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ في حِجْرِهِ فَهِيَ له دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ
هذا الْمَذْهَبُ كَمَنْ فَتَحَ حِجْرَهُ لِلْأَخْذِ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِأَخْذِهَا فَهِيَ قَبْلَهُ مُبَاحَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَيْضًا إنْ كانت وَثَبَتَ بِفِعْلِ إنْسَانٍ لِقَصْدِ الصَّيْدِ فَهِيَ لِلصَّائِدِ دُونَ من وَقَعَتْ في حِجْرِهِ وَقَطَعَا بِهِ وَبِالْأَوَّلِ أَيْضًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَقَعَتْ السَّمَكَةُ في السَّفِينَةِ فَهِيَ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أنها تَكُونُ قبل الْأَخْذِ على الْإِبَاحَةِ وهو كما قال
____________________
(10/437)
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَنَعَ بِرْكَةً لِيَصِيدَ بها السَّمَكَ فما حَصَلَ فيها مَلَكَهُ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه
وَكَذَا لو نَصَبَ خَيْمَةً لِذَلِكَ أو فَتَحَ حِجْرَهُ لِلْأَخْذِ أو نَصَبَ شَبَكَةً أو شَرَكًا نَصَّ عليه أو فَخًّا أو مِنْجَلًا أو حَبَسَهُ جَارِحٌ له أو بِإِلْجَائِهِ لِضِيقٍ لَا يُفْلِتُ منه
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَقْصِدْ بها ذلك لم يَمْلِكْهُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ حَصَلَ في أَرْضِهِ سَمَكٌ أو عَشَّشَ فيها طَائِرٌ لم يَمْلِكْهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ فِيمَنْ صَادَ من نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ فَهُوَ له فَإِنْ رَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ فَوَقَعَ فيها فَهُوَ لِأَهْلِهَا
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في التَّرْغِيبِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَمْلِكُهُ بِالتَّوَحُّلِ وَيَمْلِكُ الْفِرَاخَ
وَنَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ صَادَ من نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ هو لِلصَّيَّادِ
فَخُرِّجَ في الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا لم يَضْمَنْهُ في الْأَوْلَةِ في الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لم يُوجَدْ منه فِعْلٌ يُوجِبُ ضَمَانًا لَا لِأَنَّهُ ما مَلَكَهُ
____________________
(10/438)
وَكَذَا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ من رَمَى صَيْدًا على شَجَرَةٍ في دَارِ قَوْمٍ فَحَمَلَ نَفْسَهُ فَسَقَطَ خَارِجَ الدَّارِ فَهُوَ له وَإِنْ سَقَطَ في دَارِهِمْ فَهُوَ لهم لِأَنَّهُ حَرِيمُهُمْ
وقال في الرِّعَايَةِ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ على الْأَصَحِّ
وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لِلْمُؤَجِّرِ
وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي إنْ عَشَّشَ بِأَرْضِهِ نَحْلٌ مَلَكَهُ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِذَلِكَ
وفي مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ إلَّا أَنْ يُعِدَّ حِجْرَهُ وَبِرْكَتَهُ وَأَرْضَهُ له
وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ في زَكَاةِ ما يَأْخُذُهُ من الْمُبَاحِ أو من أَرْضِهِ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ اكْتِفَاءً بِمِلْكِهِ وَقْتَ الْأَخْذِ كَالْعَسَلِ
قال في الْفُرُوعِ وهو كَالصَّرِيحِ في أَنَّ النَّحْلَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ وَإِلَّا لَمَلَكَ الْعَسَلَ
وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ في الزَّكَاةِ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ من أَرْضٍ مَوَاتٍ أو مَمْلُوكَةٍ أو لِغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ صَيْدُ السَّمَكِ بِالنَّجَاسَةِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُبْهِجِ في الصَّيْدِ بِالنَّجَاسَةِ وَبِمُحَرَّمٍ رِوَايَتَانِ
____________________
(10/439)
فَوَائِدُ
الْأُولَى لو مَنَعَهُ الْمَاءُ حتى صَادَهُ حَلَّ أَكْلُهُ نَقَلَهُ أبو دَاوُد
وقال في الرِّعَايَةِ وَيَحْرُمُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُصَادُ الْحَمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا
الثَّانِيَةُ تَحِلُّ الطَّرِيدَةُ وَهِيَ الصَّيْدُ بين قَوْمٍ يَأْخُذُونَهُ قَطْعًا وَكَذَلِكَ النَّادُّ وَنَصَّ عليه
وَيُكْرَهُ الصَّيْدُ من وَكْرِهِ
وَلَا يُكْرَهُ الصَّيْدُ بِلَيْلٍ وَلَا صَيْدُ فَرْخٍ من وَكْرِهِ وَلَا بِمَا يُسْكِرُ نَصَّ على ذلك
وَظَاهِرُ رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ لَا يُكْرَهُ الصَّيْدُ من وَكْرِهِ
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ كَرَاهَتَهُ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ يُكْرَهُ الصَّيْدُ لَيْلًا
الثَّالِثَةُ لا ( ( ( بلا ) ) ) بَأْسٍ بِشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَدَبْقٍ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكُلِّ حِيلَةٍ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ بِمُثْقَلٍ كَبُنْدُقٍ
وَكَذَا كَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرَّمْيَ بِالْبُنْدُقِ مُطْلَقًا لِنَهْيِ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ عنه
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُنْدُقِ ويرمي بها الصَّيْدُ لَا لِلْعَبَثِ
وَأَطْلَقَ بن هُبَيْرَةَ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ
قَوْلُهُ وإذا أَرْسَلَ صَيْدًا وقال أَعْتَقْتُك لم يَزُلْ مِلْكُهُ عنه
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عنه قَالَهُ أَصْحَابُنَا
____________________
(10/440)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلْ أَنْ يَزُولَ مِلْكُهُ عنه وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
وقال بن عَقِيلٍ وَلَا يَجُوزُ أَعْتَقْتُك في حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اصْطَادَ صَيْدًا فَوَجَدَ عليه عَلَامَةً مِثْلَ قِلَادَةٍ في عُنُقِهِ أو وَجَدَ في أُذُنِهِ قَطْعًا لم يَمْلِكْهُ لِأَنَّ الذي صَادَهُ أَوَّلًا مَلَكَهُ
وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ طَائِرًا مَقْصُوصَ الْجَنَاحِ وَيَكُونُ لُقَطَةً
قَوْلُهُ الرَّابِعُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إرْسَالِ السَّهْمِ أو الْجَارِحَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا لم يُبَحْ سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أو سَهْوًا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ إنْ نَسِيَهَا على السَّهْمِ أُبِيحَ وَإِنْ نَسِيَهَا على الْجَارِحَةِ لم يُبَحْ
وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ مع الذِّكْرِ دُونَ السَّهْوِ
وَذَكَرَهُ بن جَرِيرٍ إجْمَاعًا نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
قال الْخَلَّالُ سهى ( ( ( سها ) ) ) حَنْبَلٌ في نَقْلِهِ
وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ من مُسْلِمٍ لَا من كَافِرٍ
____________________
(10/441)
بسم الله الرحمن الرحيم كِتَابُ الإيمان
فَائِدَةٌ الْحَلِفُ على الْمُسْتَقْبَلِ إرَادَةُ تَحْقِيقِ خَبَرٍ في الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ بِقَوْلٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَثُّ على فِعْلِ الْمُمْكِنِ أو تَرْكِهِ
وَالْحَلِفُ على الْمَاضِي اما بَرٌّ وهو الصَّادِقُ او غَمُوسٌ وهو الْكَاذِبُ او لَغْوٌ
قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وهو مالا اجر له فيه وَلَا اثم عليه وَلَا كَفَّارَةَ
وَقِيلَ الْيَمِينُ جمله خَبَرِيَّةٌ تُؤَكَّدُ بها أُخْرَى خَبَرِيَّةٌ وَهُمَا كَشَرْطٍ وَجَزَاءٍ
وياتي ذلك في الْفَصْلِ الثَّانِي
قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ التي تَجِبُ بها الْكَفَّارَةُ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى او صفه من صِفَاتِهِ
كَوَجْهِ اللَّهِ نَصَّ عليه وَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ فَتَنْعَقِدُ بِذَلِكَ الْيَمِينُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ نَوَى مَقْدُورَهُ او معلومة او مُرَادَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عنه
وَقِيلَ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ اذا نَوَى بِقُدْرَةِ اللَّهِ مقدورة وَبِعِلْمِ اللَّهِ معلومة وَبِإِرَادَةِ اللَّهِ مُرَادَهُ
وياتي ايضا ذلك قَرِيبًا
قَوْلُهُ الثَّانِي ما يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ واطلاقه يَنْصَرِفُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْعَظِيمِ وَالْقَادِرِ وَالرَّبِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّازِقِ
____________________
(11/3)
وَنَحْوِهِ فَهَذَا إنْ نَوَى بِالْقَسَمِ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أو أَطْلَقَ فَهُوَ يَمِينٌ وان نَوَى غَيْرَهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ
هذا الذي ذَكَرَهُ في الرحمن من انه يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ وانه ان نَوَى بِهِ غَيْرَهُ ليس بِيَمِينٍ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّحْمَنَ من أَسْمَاءِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ بِهِ التي لَا يُسَمَّى بها غَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا اولى
قال في الْفُرُوعِ والرحمن يَمِينٌ مُطْلَقًا على الاصح
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ
واما الرَّبُّ والخالق والرازق ( ( ( الخالق ) ) ) فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ من أنها من الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَنَّهُ إذَا نَوَى بها الْقَسَمَ وَأَطْلَقَ انْعَقَدَتْ بِهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ
جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ والحاوى في الرَّبِّ والرازق
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ في الرَّبِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في الرَّبِّ وَالرَّازِقِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في الْجَمِيعِ
وَخَرَّجَهَا في التَّعْلِيقِ على رِوَايَةِ أُقْسِمُ
وقال طَلْحَةُ العاقولى إنْ أتى بِذَلِكَ مُعَرَّفًا نَحْوُ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ كان يَمِينًا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ في التَّعْرِيفِ إلَّا في اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى
____________________
(11/4)
وَقِيلَ يَمِينٌ مُطْلَقًا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ
قَوْلُهُ فَأَمَّا ما لَا يُعَدُّ من أَسْمَائِهِ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ
وَكَذَا الحى وَالْوَاحِدُ وَالْكَرِيمُ
فَإِنْ لم يَنْوِ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وان نَوَاهُ كان يَمِينًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي وبن الْبَنَّا لَا يَكُونُ يَمِينًا أَيْضًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَحَقِّ اللَّهِ وَعَهْدِ اللَّهِ وإيم اللَّهِ وَأَمَانَةِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ وَعِزَّتِهِ وَنَحْوِهِ
كَإِرَادَتِهِ وَعِلْمِهِ وَجَبَرُوتِهِ فَهِيَ يَمِينٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ في اَيْمُ اللَّهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَطَعَ بِهِ جَمِيعُ الاصحاب في غَيْرِ إيم اللَّهِ وقدرته وَجُمْهُورُهُمْ قَطَعَ بِهِ في غَيْرِ إيم اللَّهِ
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ إيم اللَّهِ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ
وَقِيلَ إنْ نَوَى بِقُدْرَتِهِ مَقْدُورَهُ وَبِعِلْمِهِ معلومة وبارادته مُرَادَهُ لم يَكُنْ يَمِينًا كما تَقَدَّمَ
____________________
(11/5)
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ في قَوْلِهِ على عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَمِينٌ مُطْلَقًا
فَائِدَةٌ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثَرِ وَالْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَسَائِرِ ذلك
كَالْأَمَانَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ وَالْعِزَّةِ
ولم يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لم يَكُنْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ صفة ( ( ( بصفة ) ) ) اللَّهِ تَعَالَى
إذَا نَوَى بِذَلِكَ صِفَتَهُ تَعَالَى كان يَمِينًا قَوْلًا وَاحِدًا
وَإِنْ أَطْلَقَ لم يَكُنْ يَمِينًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ
____________________
(11/6)
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا نَوَى
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
قوله وَإِنْ قال لعمرو ( ( ( لعمر ) ) ) اللَّهِ كان يَمِينًا
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ أو بِالْمُصْحَفِ أو بِالْقُرْآنِ فَهِيَ يَمِينٌ فيها كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
وَكَذَا لو حَلَفَ بِسُورَةٍ منه أو آيَةٍ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الاصحاب
قال الْمُصَنِّفُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ عليه بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ
وهو الذي ذَكَرَهُ الخرقى
____________________
(11/7)
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْصُوصُهُ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ إنْ قَدَرَ
قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ
وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على الِاسْتِحْبَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِلْوُجُوبِ أَقْرَبُ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ لِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْعَجْزِ انْتَهَى
وَعَنْهُ عليه بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لم يَقْدِرْ
وَذَكَرَ في الْفُصُولِ وَجْهًا عليه بِكُلِّ حَرْفٍ كَفَّارَةٌ
وقال في الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً
فَائِدَةٌ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ لو حَلَفَ بِالتَّوْرَاةِ والانجيل وَنَحْوِهِمَا من كُتُبِ اللَّهِ فَلَا نَقْلَ فيها وَالظَّاهِرُ أنها يَمِينٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أو أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أو أُقْسِمُ بِاَللَّهِ كان يَمِينًا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والكافى والمغنى ( ( ( والمنور ) ) ) وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
فَائِدَةٌ لو قال حَلَفْت بِاَللَّهِ أو أَقْسَمْت بِاَللَّهِ أو آلَيْت بِاَللَّهِ أو
____________________
(11/8)
شَهِدْت بِاَللَّهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أو أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أو أَشْهَدُ بِاَللَّهِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
لَكِنْ لو قال نَوَيْت بِ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ الْخَبَرَ عن قَسَمٍ مَاضٍ أو ب ( ( ( بأقسم ) ) ) أقسم ( ( ( الخبر ) ) ) الخير عن قَسَمٍ يَأْتِي دِينَ وَيُقْبَلُ في الْحُكْمِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَعْزِمُ بِاَللَّهِ كان يَمِينًا
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ قال جَمَاعَةٌ وَالْعَزْمُ وهو الْمَذْهَبُ
وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في قَوْلِهِ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ ليس بِيَمِينٍ مع الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ له عُرْفُ الشَّرْعِ وَلَا الِاسْتِعْمَالُ
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ يَمِينٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اقصد بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يذكر اسْمَ اللَّهِ
يعنى فِيمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ أو أَشْهَدُ أو أُقْسِمُ أو حَلَفْت أو أَقْسَمْت أو شَهِدْت لم يَكُنْ يَمِينًا إلَّا إذَا لم يذكر اسْمَ اللَّهِ وَنَوَى بِهِ الْيَمِينَ كان يَمِينًا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(11/9)
وَإِنْ لم يَنْوِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ يَكُونُ يَمِينًا
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَاخْتَارَهُ الخرقى وأبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ الشَّرِيفُ وابو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والكافى وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَزَمْت وأعزم ليس يَمِينًا وَلَوْ نَوَى لانه لَا شَرْعٌ وَلَا لُغَةٌ وَلَا فيه دَلَالَةٌ عليه وَلَوْ نَوَى
قال بن عَقِيلٍ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ فيها الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ أَكْثَرُهُمْ لم يذكر ذلك فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال قَسَمًا بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كان يَمِينًا وَتَقْدِيرُهُ أَقْسَمْت قَسَمًا بِاَللَّهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَلِيَّةً بِاَللَّهِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال عَلَيَّ يَمِينٌ أو نَذْرٌ هل يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا
____________________
(11/10)
الثَّانِيَةُ لو قال آلَيْت بِاَللَّهِ او آلَى بِاَللَّهِ او الية بِاَللَّهِ او حَلِفًا بِاَللَّهِ او قَسَمًا بِاَللَّهِ فَهُوَ حَلِفٌ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ او اطلق كما لو قال اقسم بِاَللَّهِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ ذلك في تَفْصِيلِهِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَحُرُوفُ الْقَسَمِ الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ
فَالْبَاءُ يَلِيهَا مُظْهَرٌ وَمُضْمَرٌ وَالْوَاوُ يَلِيهَا مُظْهَرٌ فَقَطْ وَالتَّاءُ في اللَّهِ خَاصَّةً على ما ياتي
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هذه حُرُوفُ الْقَسَمِ لَا غَيْرُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هَا اللَّهِ حَرْفُ قَسَمٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها يَمِينٌ بِالنِّيَّةِ
قَوْلُهُ وَالتَّاءُ في اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً
بِلَا نِزَاعٍ وهو يَمِينٌ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وفي المغنى احْتِمَالٌ في تَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِنِيَّةِ أَنَّ قِيَامَهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَثِقُ ثُمَّ ابْتَدَأَ لَأَفْعَلَنَّ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ بَاطِنًا
قال في الْفُرُوعِ وهو كَطَلَاقٍ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حُرُوفِ الْقَسَمِ فيقول اللَّهِ لافعلن بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ قال اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ مَرْفُوعًا كان يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا ينوى بِهِ الْيَمِينَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(11/11)
وقال في الْفُرُوعِ فان نَصَبَهُ بِوَاوٍ او رَفَعَهُ مَعَهَا او دُونَهَا فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَهَا عربى
وَقِيلَ أو عَامِّيٌّ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ مع رَفْعِهِ
وقال الْقَاضِي في الْقَسَامَةِ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لم يَضُرَّ لانه لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الاحكام تَتَعَلَّقُ بِمَا اراده الناس بالالفاظ الْمَلْحُونَةِ كَقَوْلِهِ حَلَفْت بِاَللَّهِ رَفْعًا او نَصْبًا وَاَللَّهِ باصوم وباصلى وَنَحْوِهِ وَكَقَوْلِ الْكَافِرِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الثَّانِي وأوصيت لِزَيْدًا بِمِائَةٍ وأعتقت سَالِمٌ وَنَحْوِ ذلك وهو الصَّوَابُ
وقال أَيْضًا من رَامَ جَعْلَ جَمِيعِ الناس في لَفْظٍ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَةِ قَوْمٍ بِعَيْنِهِمْ فَقَدْ رَامَ ما لَا يُمْكِنُ عَقْلًا وَلَا يَصْلُحُ شَرْعًا
فَائِدَةٌ يُجَابُ فى الْإِيجَابِ بإن خَفِيفَةٍ وَثَقِيلَةٍ وَبِاللَّامِ وبنونى التَّوْكِيدِ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُثْقَلَةِ وَبِقَدْ والنفى بِمَا وإن في مَعْنَاهَا وبلا وَتُحْذَفُ لَا لَفْظًا وَنَحْوِ وَاَللَّهِ افعل
وَغَالِبُ الْجَوَابَاتِ وَرَدَتْ في الْكِتَابِ الْعَزِيزِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ أبو عَلِيٍّ وبن الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/12)
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَعَنْهُ يَجُوزُ
ذَكَرَهَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَهَا في الشَّرْحِ قَوْلًا
فَائِدَةٌ تَنْقَسِمُ الْأَيْمَانُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهِيَ أَحْكَامُ التَّكْلِيفِ كَالطَّلَاقِ على ما تَقَدَّمَ
أَحَدُهَا وَاجِبٌ كَاَلَّذِي ينجى بها انسانا مَعْصُومًا من هلكه وَكَذَا إنْجَاءُ نَفْسِهِ مِثْلُ الذي تتوجه ( ( ( يوجه ) ) ) عليه أَيْمَانُ القسامه في دَعْوَى الْقَتْلِ علية وهو بَرِيءٌ ونحوة
الثَّانِي مَنْدُوبٌ وهو الذي تَتَعَلَّقُ بِهِ مصلحه من الْإِصْلَاحِ بين الْمُتَخَاصِمَيْنِ أو إزاله حِقْدٍ من قَلْبِ مُسْلِمٍ عن الْحَالِفِ أو غَيْرِهِ أو دَفْعِ شَرٍّ
فَإِنْ حَلَفَ على فِعْلِ طاعه أو تَرْكِ مَعْصِيَةٍ فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَارِحِ الْوَجِيزِ
أَحَدُهُمَا ليس بِمَنْدُوبٍ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ شَارِحِ الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَنْدُوبٌ
اختارة بَعْضُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
الثَّالِثُ مُبَاحٌ كَالْحَلِفِ على فِعْلِ مُبَاحٍ أو تَرْكِ مُبَاحٍ وَالْحَلِفِ على الْخَبَرِ بِشَيْءٍ هو صَادِقٌ فيه او يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ
____________________
(11/13)
الرَّابِعُ مَكْرُوهٌ وهو الْحَلِفُ على مكروة أو تَرْكِ مَنْدُوبٍ
وَيَأْتِي حَلِفُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ
الْخَامِسُ مُحَرَّمٌ وهو الْحَلِفُ كَاذِبًا عَالِمًا
وَمِنْهُ الْحَلِفُ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ أو تَرْكِ وَاجِبٍ
قولة وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ بِهِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ مِثْلُ قولة وَمَعْلُومِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ ورزقه وبيته ( ( ( رزقه ) ) ) أو لم يُضِفْهُ مِثْلُ وَالْكَعْبَةِ وَأَبِي
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كانت بِغَيْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ علية وسلم وعلية جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ الْحَلِفُ بِخَلْقِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ يَمِينٌ فَنِيَّةُ مَخْلُوقِهِ وَمَرْزُوقِهِ كمقدورة على ما تَقَدَّمَ
وَالْتَزَمَ بن عَقِيلٍ أَنَّ مَعْلُومَ اللَّهِ يَمِينٌ لِدُخُولِ صِفَاتِهِ
وَأَمَّا الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وهو اخْتِيَارُهُ
واختارة أَيْضًا الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال أَصْحَابُنَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ
وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلُهُ
____________________
(11/14)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الِاسْتِحْبَابِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ خَاصَّةً إن الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ من الْأَنْبِيَاءِ لَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَالْتَزَمَ بن عَقِيلٍ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِكُلِّ نبى
قُلْت وهو قَوِيٌّ في الْإِلْحَاقِ
فَائِدَةٌ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على كَرَاهَةِ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ
وفي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال وَيُعَزَّرُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ
قال وهو قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ من أَصْحَابِنَا
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ
أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَهِيَ الْيَمِينُ التي يُمْكِنُ فيها الْبِرُّ وَالْحِنْثُ وَذَلِكَ الْحَلِفُ على مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ
بِلَا نِزَاعٍ في ذلك في الْجُمْلَةِ
فَائِدَةٌ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ النَّائِمِ وَالطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمْ
وفي مَعْنَاهُمْ السَّكْرَانُ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ فيه قَوْلَيْنِ
____________________
(11/15)
وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ الصَّبِيِّ قبل الْبُلُوغِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ
قُلْت وَيَتَخَرَّجُ انْعِقَادُهَا من مُمَيِّزٍ
وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُكْرَهِ
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ حَنِثَ في كُفْرِهِ
وَقَوْلُهُ فَأَمَّا الْيَمِينُ على الماضى فَلَيْسَتْ مُنْعَقِدَةً وَهِيَ نَوْعَانِ يَمِينُ الْغَمُوسِ وهى التى يَحْلِفُ بها كَاذِبًا عَالِمًا بِكَذِبِهِ
يَمِينُ الْغَمُوسِ لَا تَنْعَقِدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا كَفَّارَةَ فيها
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزركشى وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ فيها الْكَفَّارَةُ وَيَأْثَمُ كما يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ
قَالَهُ الاصحاب فَيُكَفِّرُ كَاذِبٌ في لِعَانِهِ
ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ
قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ على مُسْتَحِيلٍ كَقَتْلِ الْمَيِّتِ واحيائه وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه
اعْلَمْ انه اذا عَلَّقَ الْيَمِينَ على مُسْتَحِيلٍ فَلَا يخلوا ( ( ( يخلو ) ) ) اما ان يُعَلِّقَهَا بِفِعْلِهِ أو يُعَلِّقَهَا بِعَدَمِ فِعْلِهِ
____________________
(11/16)
فَإِنْ عَلَّقَهَا بِفِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ سَوَاءٌ كان مُسْتَحِيلًا لِذَاتِهِ او في الْعَادَةِ مِثْلُ ان يَقُولَ وَاَللَّهِ ان طِرْت او لَا طِرْت او صَعِدْت السَّمَاءَ او شَاءَ الْمَيِّتُ او قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا او جَمَعْت بين الضِّدَّيْنِ او رَدَدْت امس او شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه وَنَحْوَهُ
فقال في الْفُرُوعِ هذا لَغْوٌ وَقَطَعَ بِهِ
ذَكَرَهُ في الطَّلَاقِ فى الماضى وَالْمُسْتَقْبَلِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
وان عَلَّقَ يَمِينَهُ على عَدَمِ فِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ سَوَاءٌ كان مُسْتَحِيلًا لِذَاتِهِ او في الْعَادَةِ نَحْوُ وَاَللَّهِ لاصعدن السَّمَاءَ او ان لم اصعد او لَا شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه او ان لم اشربه او لاقتلنه فاذا هو مَيِّتٌ عَلِمَهُ او لم يَعْلَمْ وَنَحْوَ ذلك فَفِيهِ طَرِيقَانِ
احدهما فيه ثَلَاثَةُ اوجه كَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ على ذلك
احدها وهو الصَّحِيحُ منها تَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
ذَكَرُوهُ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
وَالثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه
وَالثَّالِثُ لَا تَنْعَقِدُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ وَلَا كَفَّارَةَ عليه فيه وَتَنْعَقِدُ في الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً في آخِرِ حَيَاتِهِ
وَقِيلَ ان وَقَّتَهُ فَفِي آخِرِ وَقْتِهِ ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا في الطَّلَاقِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا كَفَّارَةَ عليه بِذَلِكَ مُطْلَقًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَأَطْلَقَ الطَّرِيقِينَ في الْفُرُوعِ في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ
____________________
(11/17)
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى ان حُكْمَ الْيَمِينِ بِذَلِكَ حُكْمُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا كَقَتْلِ الْمَيِّتِ واحيائه وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه
قال ابو الْخَطَّابِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَلَا تَجِبُ بها كَفَّارَةٌ
وقال الْقَاضِي تَنْعَقِدُ مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ في الْحَالِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً كَصُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ في الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ اذا حَلَفَ على فِعْلِهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابو الْخَطَّابِ وَاقْتَصَرَا عليه انْتَهَيَا
قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَغْوُ الْيَمِينِ وهو ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ فَلَا كَفَّارَةَ فيها
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ فيه الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ من لَغْوِ الْيَمِينِ على ما يَأْتِي
فَائِدَةٌ قال في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وان عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ على مُسْتَقْبَلٍ وَفَعَلَهُ نَاسِيًا
قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية قال جَمَاعَةٌ من اصحابنا مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ في غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ اما الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَيَحْنَثُ جَزْمًا
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخِلَافُ في مَذْهَبِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَمِيعِ
____________________
(11/18)
وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ فِيمَا اذا عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ بِحِنْثِهِ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا ذُهُولٌ لان ابا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُحَنِّثَانِ الناسى وَلَا يُحَنِّثَانِ هذا لان تِلْكَ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ وَهَذِهِ لم تَنْعَقِدْ
وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
فَيَدْخُلُ في ذلك الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْيَمِينُ الْمُكَفَّرَةُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ فِيمَا اذا حَلَفَ على شَيْءٍ وَفَعَلَهُ نَاسِيًا ان الْمَذْهَبَ الْحِنْثُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَعَدَمُهُ في غَيْرِهِمَا فَكَذَا هُنَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه اذا حَلَفَ يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ في طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَلَا يَحْنَثُ في غَيْرِهِمَا
وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِحِنْثِهِ هُنَا في طَلَاقٍ وَعِتْقٍ
زَادَ في التَّبْصِرَةِ مثله في الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا وَكُلُّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى
قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ حتى عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَهَلْ فِيهِمَا لَغْوٌ على قَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ ما سَبَقَ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن قَوْلِ من قَطَعَ بِحِنْثِهِ في الطَّلَاقِ
وَالْعَتَاقِ هُنَا هو ذُهُولٌ بَلْ فيه الرِّوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذلك ( ( ( لمذهب ) ) ) اذا عقد اليمين في زمن ماض على الصحيح من المذهب وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا لو عَقَدَهَا في زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَهُ فلم يَكُنْ كَمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ يَظُنُّ انه يُطِيعُهُ فلم يَفْعَلْ او ظَنَّ الْمَحْلُوفُ عليه خِلَافَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَنَحْوَ ذلك
____________________
(11/19)
وقال ان الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ كَمَنْ ظَنَّ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَتَعَارَضُ فيه التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ وَالْقَصْدُ
فَلَوْ كانت يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ مقرى بها او مُؤَكِّدًا له لم يَقَعْ وان كان مُنْشِئًا فَقَدْ اوقعه بِمَنْ يَظُنُّهَا اجنبية فَفِيهَا الْخِلَافُ انْتَهَى
وَمِثْلُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ بِحَلِفِهِ ان الْمُسْتَقْبَلَ زيدا ( ( ( زيد ) ) ) وما كان كَذَا وكان كَذَا فَكَمَنْ فَعَلَ مُسْتَقْبَلًا نَاسِيًا
قَوْلُهُ الثَّانِي ان يَحْلِفَ مُخْتَارًا فان حَلَفَ مُكْرَهًا لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى
قال النَّاظِمُ هذا الْمَنْصُورُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ
ذَكَرَهَا ابو الْخَطَّابِ نَقَلَهُ عنه الشَّارِحُ
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ لو اكره على الْحَلِفِ بِيَمِينٍ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَحَلَفَ دَفْعًا لِلظُّلْمِ عنه لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَوْ اكره على الْحَلِفِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عن غَيْرِهِ فَحَلَفَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ
وفي الْفَتَاوَى الرَّجَبِيَّاتِ عِنْدَ ابى الْخَطَّابِ لَا تَنْعَقِدُ وهو الاظهر انْتَهَى
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وان سَبَقَتْ الْيَمِينُ على لِسَانِهِ من غَيْرِ قَصْدٍ اليها كَقَوْلِهِ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في عَرْضِ حَدِيثِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه
____________________
(11/20)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
قال في الْفُرُوعِ فَلَا كَفَّارَةَ على الاصح
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَلَا كَفَّارَةَ في الاشهر
وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ في الْمَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَلَا كَفَّارَةَ في الاشهر وفي الْمُسْتَقْبَلِ رِوَايَتَانِ
وقال في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ لَا كَفَّارَةَ فيه ان كان في الْمَاضِي وان كان في الْمُسْتَقْبَلِ فَرِوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان هذا ليس من لَغْوِ الْيَمِينِ بَلْ لَغْوُ الْيَمِينِ ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ كما قَالَهُ قبل ذلك
وهو احدى الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ان هذا لَغْوُ الْيَمِينِ فَقَطْ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ مع ان كَلَامَهُ يَحْتَمِلُ ان يَشْمَلَ الشَّيْئَيْنِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَقِيلَ كِلَاهُمَا لَغْوُ الْيَمِينِ
وَقَطَعَ الشَّارِحُ ان قَوْلَهُ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في عَرْضِ حَدِيثِهِ من غَيْرِ قَصْدٍ من لَغْوِ الْيَمِينِ
____________________
(11/21)
وَقَدَّمَ فِيمَا اذا حَلَفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ انه من لَغْوِ الْيَمِينِ ايضا
قال الزَّرْكَشِيُّ الخرقى يَجْعَلُ لَغْوَ الْيَمِينِ شَيْئَيْنِ
احدهما ان لَا يَقْصِدَ عَقْدَ الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ وَسَوَاءٌ كان في الْمَاضِي او الْمُسْتَقْبَلِ
وَالثَّانِي ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ فَيَبِينَ بِخِلَافِهِ
وَهِيَ طَرِيقَةُ بن ابى مُوسَى وَغَيْرِهِ
وَهِيَ في الْجُمْلَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْمَاضِيَ لَغْوًا قَوْلًا وَاحِدًا وفي سَبْقِ اللِّسَانِ في الْمُسْتَقْبَلِ رِوَايَتَيْنِ
وابو مُحَمَّدٍ عَكْسُهُ فَجَعَلَ سَبْقَ اللِّسَانِ لَغْوًا قَوْلًا وَاحِدًا وفي الْمَاضِي رِوَايَتَانِ
وَمِنْ الاصحاب من يَحْكِي رِوَايَتَيْنِ في الصُّورَتَيْنِ وَيَجْعَلُ اللَّغْوَ في احدى الرِّوَايَتَيْنِ هذا دُونَ هذا وفي الاخرى عَكْسُهُ
وَجَمَعَ ابو الْبَرَكَاتِ بين طَرِيقَتَيْ الْقَاضِي وابى مُحَمَّدٍ
فَحَكَى في الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ
فاذا سَبَقَ على لِسَانِهِ في الْمَاضِي لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا ان الامر كما حَلَفَ عليه فَهُوَ لَغْوٌ اتِّفَاقًا
وان سَبَقَ على لِسَانِهِ الْيَمِينُ في الْمُسْتَقْبَلِ او تَعَمَّدَ الْيَمِينَ على أَمْرٍ يَظُنُّهُ كما حَلَفَ عليه فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ كِلَاهُمَا لَغْوٌ وهو الْمَذْهَبُ الْحِنْثُ في الْمَاضِي دُونَ ما سَبَقَ على لِسَانِهِ وَعَكْسُهُ
وقد تَلَخَّصَ في الْمَسْأَلَةِ خَمْسُ طُرُقٍ
____________________
(11/22)
وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا في الْجُمْلَةِ قَوْلُ الخرقى انْتَهَى
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ الثَّالِثُ الْحِنْثُ في يَمِينِهِ بان يَفْعَلَ ما حَلَفَ على تَرْكِهِ او يَتْرُكَ ما حَلَفَ على فِعْلِهِ مُخْتَارًا ذَاكِرًا
ما لو كان فِعْلُهُ مَعْصِيَةً او غَيْرَهَا
فَلَوْ حَلَفَ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ فلم يَفْعَلْهَا فعلية الْكَفَّارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وعلية جَمَاهِيرُ الاصحاب
قال الزركشى هذا قَوْلُ الْعَامَّةِ
وَقِيلَ لَا كَفَّارَةَ في ذلك
وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وان حَلَفَ على يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها تَحْرِيمُ فِعْلِهِ وانه لَا كَفَّارَةَ مع فِعْلِهِ على الصَّحِيحِ وَفُرُوعٌ اخر
قَوْلُهُ وان فَعَلَهُ مُكْرَهًا او نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عليه
اذا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الاكثر
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
لِعَدَمِ اضافة الْفِعْلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الناسى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال النَّاظِمُ هذا الْمَنْصُورُ
وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ
وَقِيلَ هو كالناسى
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
____________________
(11/23)
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ ان لَا يَحْنَثَ الا في الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ
وقال الشَّارِحُ وَالْمُكْرَهُ على الْفِعْلِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ
احدهما ان يُلْجَأَ إلَيْهِ مِثْلُ من حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا
او لَا يَخْرُجُ منها فَأُخْرِجَ مَحْمُولًا ولم يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ فَلَا يَحْنَثُ
الثَّانِي ان يُكْرَهَ بِالضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ فقال أبو الْخَطَّابِ فيه رِوَايَتَانِ كالناسى انْتَهَى
قال الزَّرْكَشِيُّ في الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ الالجاء رِوَايَتَانِ
وَاَلَّذِي نَصَرَهُ ابو مُحَمَّدٍ عَدَمُ الْحِنْثِ
وان كان الاكراه بِالْإِلْجَاءِ لم يَحْنَثْ اذا لم يَقْدِرْ على الِامْتِنَاعِ وان قَدَرَ فَوَجْهَانِ الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ
واما اذا فَعَلَهُ نَاسِيًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه لَا كَفَّارَةَ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ اكثر شُيُوخِنَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَهُ الْمُذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(11/24)
وَعَنْهُ لَا حِنْثَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا اظهر
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وهو في الارشاد عن بَعْضِ اصحابنا
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ ذَكَرَهُ في اول كِتَابِ الايمان
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ان رُوَاتَهَا بِقَدْرِ رِوَايَةِ التَّفَرُّقِ وان هذا يَدُلُّ ان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلِّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية على هذه الرِّوَايَةِ قال الاصحاب يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْجَاهِلِ الْمَحْلُوفِ عليه حُكْمُ الناسى على ما تَقَدَّمَ
وَالْفَاعِلُ في حال ( ( ( حالة ) ) ) الْجُنُونِ قِيلَ كالناسى وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ حِنْثِهِ مُطْلَقًا
قال الزركشى وهو الْأَصَحُّ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ فقال ان شَاءَ اللَّهُ لم يَحْنَثْ فَعَلَ او تَرَكَ اذا كان مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ
يعنى بِذَلِكَ في الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهِ لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ واصول بن مُفْلِحٍ
____________________
(11/25)
وقال عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ
وقال وَيُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ لَفْظًا او حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ او سُعَالٍ وَنَحْوِهِ
وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ اذا قال ان شَاءَ اللَّهُ مع فَصْلٍ يَسِيرٍ ولم يَتَكَلَّمْ
وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ اذا اسْتَثْنَى في الْمَجْلِسِ
وهو في الارشاد عِنْدَ بَعْضِ اصحابنا
قال في الْمُبْهِجِ وَلَوْ تَكَلَّمَ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَمَنْ حَلَفَ قَائِلًا ان شَاءَ اللَّهُ قَصْدًا فَخَالَفَ لم يَحْنَثْ وان قَالَهَا في الْمَجْلِسِ فَرِوَايَتَانِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ وقال مَعَهَا ان شَاءَ اللَّهُ مع قَصْدِهِ له في الاصح ولم يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ اخر او سُكُوتٍ يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فيه فَخَالَفَ لم يَحْنَثْ وان قَالَهَا في الْمَجْلِسِ فَرِوَايَتَانِ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ الحاقه بها قبل طُولِ الْفَصْلِ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
احداهما قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الاصحاب يَقْتَضِي ان رَدَّهُ إلَى يَمِينِهِ لم يَنْفَعُهُ لِوُقُوعِهَا وَتَبَيُّنِ مَشِيئَةِ اللَّهِ
وَاحْتَجَّ بِهِ الْمُوقِعُ في انت طَالِقٌ ان شَاءَ اللَّهُ
قال ابو يَعْلَى الصَّغِيرُ في الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا انه يَقِفُ على ايجاد فِعْلٍ او تَرْكِهِ فَالْمَشِيئَةُ مُتَعَلِّقَةٌ على الْفِعْلِ فاذا وُجِدَ تَبَيَّنَّا انه شَاءَهُ والا فَلَا وفي الطَّلَاقِ الْمَشِيئَةُ انْطَبَقَتْ على اللَّفْظِ بِحُكْمِهِ الْمَوْضُوعِ له وهو الْوُقُوعُ
الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ نُطْقُهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الا من خَائِفٍ نَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(11/26)
ولم يَقُلْ في الْمُسْتَوْعِبِ خَائِفٌ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انه لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٍ وهو احد الْوَجْهَيْنِ
ذَكَرَهُ بن الْبَنَّا وَبَنَاهُ على ان لَغْوَ الْيَمِينِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وهو ما كان على الماضى وان لم يَقْصِدْهُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَلَوْ اراد تَحْقِيقًا لارادته وَنَحْوِهِ لِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وابو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمَا مع فَصْلِ الِاتِّصَالِ ان ينوى الِاسْتِثْنَاءَ قبل تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى منه
وَظَاهِرُ بَحْثِ ابى مُحَمَّدٍ ان الْمُشْتَرَطَ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ حتى لو نَوَى عِنْدَ تَمَامِ يَمِينِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ قال وَفِيهِ نَظَرٌ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ اول الْكَلَامِ فَائِدَتَانِ
احداهما مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ وقال ان اراد اللَّهُ وَقَصَدَ بالارادة الْمَشِيئَةَ لَا ان اراد مَحَبَّتَهُ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ لو شَكَّ في الِاسْتِثْنَاءِ فالاصل عَدَمُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/27)
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الاصل عَدَمُهُ مِمَّنْ عَادَتُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاحْتَجَّ بِالْمُسْتَحَاضَةِ تَعْمَلُ بِالْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ ولم تَجْلِسْ اقل الْحَيْضِ والاصل وُجُوبُ الْعِبَادَةِ
قَوْلُهُ واذا حَلَفَ على يَمِينٍ فرأي غَيْرَهَا خَيْرًا منها اُسْتُحِبَّ له الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ ان بِرَّهُ واقامته على يَمِينِهِ اولى
قُلْت وهو ضَعِيفٌ مُصَادِمٌ للاحاديث وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ في ذلك
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ الْحِنْثُ ان كان مَعْصِيَةً بِلَا نِزَاعٍ
وان حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا حَرَامًا او مُحَرَّمًا وَجَبَ ان يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وان فَعَلَهُ أَثِمَ بِلَا كَفَّارَةٍ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَقِيلَ بَلَى
وَلَا يَجُوزُ تَكْفِيرُهُ قبل حِنْثِهِ الْمُحَرَّمِ على ما ياتي قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ بَلَى
وَالْبِرُّ في النَّدْبِ اولى وَكَذَا الْحِنْثُ في الْمَكْرُوهِ مع الْكَفَّارَةِ
يَتَخَيَّرُ في الْمُبَاحِ قَبْلَهَا وَحِفْظُ الْيَمِينِ اولى
قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
قال النَّاظِمُ % وَلَا نَدْبَ في الايلا ( ( ( الإيلاء ) ) ) لَيَفْعَلَ طَاعَةً % وَلَا تَرْكِ عِصْيَانٍ على الْمُتَجَوِّدِ
____________________
(11/28)
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ مع ان الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ حَلِفِهِ فَقِيلَ يُكْرَهُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ فانه مَكْرُوهٌ
لَكِنْ يُشْتَرَطُ فيه ان لَا يَبْلُغَ حَدَّ الافراط فان بَلَغَ ذلك كُرِهَ قَطْعًا
قَوْلُهُ وإذا دعى إلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وهو مُحِقٌّ اُسْتُحِبَّ له افْتِدَاءُ يَمِينِهِ فان حَلَفَ فَلَا باس هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ فالاولى افْتِدَاءُ يَمِينِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُكْرَهُ حَلِفُهُ
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال اصحابنا تَرْكُهُ اولى فَيَكُونُ مَكْرُوهًا انْتَهَى
وَقِيلَ يُبَاحُ
وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ كَعِنْدِ غَيْرِ الْحَاكِمِ
واطلقهما شَارِحُ الْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ وَتَوْكِيدِ الامر وَغَيْرِهِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه افضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِعُمَرَ عن صَلَاةِ الْعَصْرِ وَاَللَّهِ ما صَلَّيْتهَا تَطْيِيبًا منه لِقَلْبِهِ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى عن قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ فيها جَوَازُ الْحَلِفِ
____________________
(11/29)
بَلْ اسْتِحْبَابُهُ على الخبر ( ( ( الخير ) ) ) الدِّينِيِّ الذي يُرِيدُ تاكيده وقد حُفِظَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْحَلِفُ في اكثر من ثَمَانِينَ مَوْضِعًا وامره اللَّهُ بِالْحَلِفِ على تَصْدِيقِ ما أَخْبَرَ بِهِ في ثَلَاثِ مَوَاضِعَ من القران في سُورَةِ يُونُسَ وَسَبَأٍ وَالتَّغَابُنِ
قَوْلُهُ وان حَرَّمَ امته او شيئا من الْحَلَالِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ كَالطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا او قال ما احل اللَّهُ على حَرَامٌ او لَا زَوْجَةَ له لم تَحْرُمْ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ان فَعَلَهُ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والكافى والمغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وادراك الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ ان يَحْرُمَ تَحْرِيمًا تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ
وهو لابي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَتَقَدَّمَ اذا حَرَّمَ زَوْجَتَهُ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ فَلْيُعَاوَدْ فَائِدَتَانِ
احداهما مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ نَحْوِ ان اكلته فَهُوَ على حَرَامٌ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ ابو طَالِبٍ
قال في الِانْتِصَارِ وَكَذَا طعامى على كالميته وَالدَّمِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وان قال هذا الطَّعَامُ على حَرَامٌ فَهُوَ كَالْحَلِفِ على تَرْكِهِ
____________________
(11/30)
الثَّانِيَةُ لَا يُغَيِّرُ الْيَمِينُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ لَا الْمَحْلُوفُ في نَفْسِهِ وَلَا ما رَآهُ خَيْرًا
وقال في الافصاح يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ وانه عِنْدَ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ
قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَقُلْ احد انها تُوجِبُ ايجابا او تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ
قال وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى او مُتَّفِقَةٌ فاذا قال اعاهد اللَّهَ اني احج الْعَامَ فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ وَلَوْ قال اعاهد اللَّهَ ان لَا اكلم زَيْدًا فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ لَا نَذْرٌ فالايمان ان تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ وهو ان يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قربه لزمة الْوَفَاءُ وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ لانه الْتَزَمَ لِلَّهِ ما يَطْلُبُهُ اللَّهُ منه
وان تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ التي بين الناس وهو ان يَلْتَزِمَ كُلٌّ من الْمُتَعَاقِدَيْنِ للاخر ما اتَّفَقَا عليه فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بها
ثُمَّ ان كان الْعَقْدُ لَازِمًا لم يَجُزْ نَقْضُهُ وان لم يَكُنْ لَازِمًا خُيِّرَ وَلَا كَفَّارَةَ في ذلك لِعِظَمِهِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ مع ان الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ بَلْ يَتَقَرَّبُ بِالطَّاعَاتِ انْتَهَى
قَوْلُهُ فان قال هو يَهُودِيٌّ او كَافِرٌ او مجوسى او هو يَعْبُدُ الصَّلِيبَ او يَعْبُدُ غير اللَّهِ او بَرِيءٌ من اللَّهِ تَعَالَى او من الاسلام او الْقُرْآنِ او النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ان فَعَلَ ذلك فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا بِلَا نِزَاعٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ان فَعَلَ في احدى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان مُنْجَزًا او مُعَلَّقًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اشهر الرِّوَايَتَيْنِ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ جُمْهُورِ
____________________
(11/31)
الاصحاب والقاضى وَالشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ
وجزم ( ( ( وجزمه ) ) ) به في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْآخَرُ لَا كَفَّارَةَ عليه
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ
واطلقهما في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال اكفر بِاَللَّهِ او لَا يَرَاهُ اللَّهُ في مَوْضِعِ كَذَا ان فَعَلَ كَذَا فَفَعَلَهُ وَنَحْوُ ذلك
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ انه لَا كَفَّارَةَ عليه بِقَوْلِهِ لَا يَرَاهُ اللَّهُ في مَوْضِعِ كَذَا
وقال الْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا عليه الْكَفَّارَةُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَحَكَى الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن جَدِّهِ الْمَجْدِ انه كان يقول اذا حَلَفَ بالالزامات كَالْكُفْرِ اليمين ( ( ( واليمين ) ) ) بِالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِ ذلك من الْإِلْزَامَاتِ كانت يَمِينُهُ غَمُوسًا وَيَلْزَمُهُ احلف ( ( ( الحلف ) ) ) عليه ذَكَرَهُ في طَبَقَاتِ بن رَجَبٍ
وقال في الِانْتِصَارِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال وَالطَّاغُوتِ لافعلنه لِتَعْظِيمِهِ له مَعْنَاهُ عَظَّمْتُهُ ان فَعَلْته وَفَعَلَهُ لم يَكْفُرْ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ هو فَاسِقٌ ان فَعَلَهُ لاباحته في حَالٍ
____________________
(11/32)
قَوْلُهُ وان قال انا استحل الزنى او نَحْوَهُ
كَقَوْلِهِ انا استحل شُرْبَ الْخَمْرِ واكل لَحْمِ الْخِنْزِيرِ واستحل تَرْكَ الصَّلَاةِ او الزَّكَاةِ او الصِّيَامِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في التي قَبْلَهَا
وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا
واجرى في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في ذلك وَهُمَا مُخَرَّجَتَانِ
قَوْلُهُ وان قال عَصَيْت اللَّهَ او انا اعصى اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ او مَحَوْت الْمُصْحَفَ ان فعلت ( ( ( فعل ) ) ) فَلَا كَفَّارَةَ فيه
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ واجرى بن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ لِإِسْقَاطِهِ حُرْمَتَهُ وعصيت اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ
وَاخْتَارَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ
وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ وَعَصَيْت اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ انه يَمِينٌ يَلْزَمُهُ فيه الْكَفَّارَةُ ان حَنِثَ لِدُخُولِ التَّوْحِيدِ فيه فَوَائِدُ
احداهما لو قال لعمرى لافعلن او لَا فَعَلْت او قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ او ادخله اللَّهُ النَّارَ فَهُوَ لَغْوٌ نَصَّ عليه
الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ ابرار الْقَسَمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كاجابة سُؤَالٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ
____________________
(11/33)
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ انما تَجِبُ على مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ اجابة سَائِلٍ يُقْسِمُ على الناس انْتَهَى
الثَّالِثَةُ لو قال بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَيَمِينٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ هِيَ يَمِينٌ الا ان ينوى
واسألك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في اطلاقه وَجْهَانِ انْتَهَى
وَالْكَفَّارَةُ على الْحَالِفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وحكى عنه انها تَجِبُ على الذي حَنَّثَهُ حَكَاهُ سُلَيْمٌ الشَّافِعِيُّ
قال في الْفُرُوعِ وَرُوِيَ عنه صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على اجابة من سَأَلَ بِاَللَّهِ وَذَكَرَهُ
قَوْلُهُ وان قال عبد فُلَانٍ حُرٌّ لافعلن فَلَيْسَ بِشَيْءٍ
وَكَذَا قَوْلُهُ مَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ وَنَحْوُهُ لافعلن وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ عليه كَفَّارَةٌ ان حَنِثَ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وان قال ايمان الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي فَهِيَ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ
قال بن بَطَّةَ وَرَتَّبَهَا ايضا الْمُعْتَمِدُ على اللَّهِ من الْخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيِّينَ لاخيه الْمُوَفَّقِ بِاَللَّهِ لَمَّا جَعَلَهُ ولى عَهْدِهِ
تَشْتَمِلُ على الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ
لَا تَشْمَلُ إيمان الْبَيْعَةِ إلَّا ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/34)
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ وَتَشْتَمِلُ أَيْضًا على الْحَجِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ
قوله فَإِنْ كان الْحَالِفُ يَعْرِفُهَا وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فيها
وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه
إذَا كان يَعْرِفُهَا الْحَالِفُ وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فيها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ بِحَالٍ إلَّا في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ عَلِمَهَا لَزِمَهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ
وَقِيلَ تَنْعَقِدُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصَّدَقَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قوله وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه
يَعْنِي إذَا لم يَعْرِفْهَا بِأَنْ كان يَجْهَلُهَا ولم يَنْوِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
أَوْمَأَ إلَيْهِ الْخِرَقِيُّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/35)
وَفِيهِ وَجْهٌ يَلْزَمُهُ مُوجَبُهَا نَوَاهَا أو لم يَنْوِهَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ وقال لِأَنَّ من أَصْلِنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالْكِتَابَةِ بِالْخَطِّ وَإِنْ لم يَنْوِهِ
نَقَلَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَإِنْ نَوَاهَا وَجَهِلَهَا فَلَا شَيْءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِمَا فيها إذَا نَوَاهَا جَاهِلًا لها
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الْمُسْتَوْعِبِ وقد تَوَقَّفَ شُيُوخُنَا الْقُدَمَاءُ عن الْجَوَابِ في هذه الْمَسْأَلَةِ
فقال بن بَطَّةَ كُنْت عِنْدَ الخرقى وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ قال أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي فقال لَسْت أُفْتِي فيها بِشَيْءٍ وَلَا رَأَيْت أَحَدًا من شُيُوخِنَا أَفْتَى في هذه الْيَمِينِ وكان أبي يَعْنِي الْحُسَيْنَ الْخِرَقِيَّ يَهَابُ الْكَلَامَ فيها
ثُمَّ قال أبو الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْحَالِفُ بها بِجَمِيعِ ما فيها من الْأَيْمَانِ
فقال له السَّائِلُ عَرَفَهَا أو لم يَعْرِفْهَا قال نعم عَرَفَهَا أو لم يَعْرِفْهَا انْتَهَى
وقال الْقَاضِي إذَا قال أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي إنْ لم يَلْزَمْهُ في الْأَيْمَانِ المترتبه الْمَذْكُورَةِ كان لَاغِيًا وَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَيْمَانَ انْعَقَدَتْ
الثَّانِيَةُ لو قال أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت ذلك وَفَعَلَهُ لَزِمْته يَمِينُ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ إذَا نَوَى ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/36)
وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْمَجْدُ وَقِيَاسُ الْمَشْهُورِ عن أَصْحَابِنَا في يَمِينِ الْبَيْعَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حتى يَنْوِيَهُ وَيَلْتَزِمَهُ أو لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ حتى يَعْلَمَهُ
وَالْفَرْقُ بين الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَأَلْزَمَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْحَالِفَ بِكُلِّ ذلك وَلَوْ لم يَنْوِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا تَشْمَلُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ نَوَى
قال الْمَجْدُ ذَكَرَ الْقَاضِي الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالنَّذْرُ مَبْنِيٌّ على قَوْلِنَا بِعَدَمِ تَدَاخُلِ كَفَّارَتِهِمَا
فَأَمَّا على قَوْلِنَا بِالتَّدَاخُلِ فَيُجْزِئُهُ لَهُمَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ
ذَكَرَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ
الثَّالِثَةُ لو حَلَفَ بِشَيْءٍ من هذه الْخَمْسَةِ فقال له آخَرُ يَمِينِي مع يَمِينِك
أو أنا على مِثْلِ يَمِينِك يُرِيدُ الْتِزَامَ مِثْلِ يَمِينِهِ لَزِمَهُ ذلك إلَّا في الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فإنه على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا
قَالَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
____________________
(11/37)
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا
صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ كل يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا قَوْلُهُ أنا مَعَك يَنْوِي في يَمِينِهِ انْتَهَى
وَإِنْ لم يَنْوِ شيئا لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ
جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال عَلَيَّ نَذْرٌ أو يَمِينٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ
فقال أَصْحَابُنَا عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ في قَوْلِهِ عَلَيَّ يَمِينٌ يَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا مُطْلَقًا
فقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَإِنْ قال عَلَيَّ يَمِينٌ وَنَوَى الْخَبَرَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَإِنْ نَوَى الْقَسَمَ فقال أبو الْخَطَّابِ هِيَ يَمِينٌ
وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس بِيَمِينٍ وَهَذَا أَصَحُّ
وَجَزَمَ بهذا الْأَخِيرِ في الْكَافِي
____________________
(11/38)
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال وَيَتَوَجَّهُ على الْقَوْلَيْنِ تَخْرِيجُ ان اراد ان فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَتَخْرِيجُ لافعلن
قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ لَامُ الْقَسَمِ فَلَا تُذْكَرُ الا معه مُظْهَرًا او مُقَدَّرًا
وَتَقَدَّمَ اذا قال قَسَمًا بِاَللَّهِ او إليه بِاَللَّهِ فَائِدَتَانِ
احداهما اذا قال حَلَفْت ولم يَكُنْ حَلَفَ فقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ كذبه ليس عليه يَمِينٌ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
واختارة ابو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ عليه كَفَّارَةٌ لانه اقر على نَفْسِهِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الطَّلَاقِ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
الثَّانِيَةُ تَقَدَّمَ انْعِقَادُ يَمِينِ الْكَافِرِ
وياتي اخر الْبَابِ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ قوله فَصْلٌ في كَفَّارَةِ الْيَمِينِ
وَهِيَ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا فَيُخَيَّرُ فيها بين ثَلَاثَةِ اشياء اطعام عَشَرَةِ مَسَاكِينَ
وَسَوَاءٌ كان جِنْسًا او اكثر
او كِسْوَتِهِمْ
وَيَجُوزُ ان يُطْعِمَ بَعْضًا وَيَكْسُوَ بَعْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
____________________
(11/39)
وَفِيهِ قَوْلٌ قَالَهُ ابو الْمَعَالِي لَا يَجُوزُ ذلك كبقيه الْكَفَّارَاتِ من جِنْسَيْنِ وَكَعِتْقٍ مع غيرة او اطعام وَصَوْمٍ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُجْزِئُ
ذكرة الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ في بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ
قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ ان يُصَلِّيَ فيه وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه يَلْزَمُهُ من الْكِسْوَةِ ما يُجْزِئُ صَلَاةَ الْآخِذِ فيه مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في التَّبْصِرَةِ ما يُجْزِئُ صَلَاةَ الْفَرْضِ فيه
وَكَذَا نَقَلَ حَرْبٌ يَجُوزُ فيه الْفَرْضُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اجزاء ما يُسَمَّى كِسْوَةً وَلَوْ كان عَتِيقًا وهو صَحِيحٌ اذا لم تَذْهَبْ قُوَّتُهُ
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ يُجْزِئُ الْحَرِيرُ
وقال في التَّرْغِيبِ يُجْزِئُ ما يَجُوزُ للاخذ لُبْسُهُ
فائده لو اطعم خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ عَدَمَ الاجزاء كاعطائه في الْجُبْرَانِ شَاةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ
وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا
وَلَوْ اطعمه بَعْضَ الطَّعَامِ وَكَسَاهُ بَعْضَ الْكِسْوَةِ لم يُجْزِئْهُ
وان اعتق نِصْفَ عَبْدٍ واطعم خَمْسَةَ مَسَاكِينَ او كَسَاهُمْ لم يُجْزِئْهُ
____________________
(11/40)
وَلَوْ اتى بِبَعْضِ وَاحِدٍ من الثلاثه ثُمَّ عَجَزَ عن تَمَامِهِ فقال الْمُصَنِّفُ وجماعه ليس له التَّتْمِيمُ بِالصَّوْمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ بِذَلِكَ كما في الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ مع التَّيَمُّمِ
واجاب عنه الْمُصَنِّفُ
وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَتَقَدَّمَ في الظِّهَارِ اذا اعتق نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ
قَوْلُهُ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثلاثه ايام
لَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ الا اذا عَجَزَ عَجْزًا كعجزة عن زَكَاةِ الْفِطْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ كعجزة عن الرقبه في الظِّهَارِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الظِّهَارِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الشَّرْحِ
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ايضا هل الِاعْتِبَارُ في الْكَفَّارَةِ بحاله الْوُجُوبِ او باغلظ الاحوال في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ مُتَتَابِعَةٍ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَالْمَنْصُوصُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وُجُوبُ التَّتَابُعِ في الصِّيَامِ اذا لم يَكُنْ عُذْرٌ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزركشى هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/41)
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهَا
فائده لو كان له مَالٌ غَائِبًا وَيَقْدِرُ على الشِّرَاءِ بنسيئه لم يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الاكثر
قال الزركشى بِلَا نِزَاعٍ اعلمه
وَقِيلَ يُجْزِئُهُ فِعْلُ الصَّوْمِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الظِّهَارِ
وان لم يَقْدِرْ على الشِّرَاءِ مع غيبه مَالِهِ اجزأة الصَّوْمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ
قَدَّمَهُ الزركشى وقال هو مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى وَمُخْتَارُ عامه الاصحاب حتى إنَّ ابا مُحَمَّدٍ وابا الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيَّ وَغَيْرَهُمْ جَزَمُوا بِذَلِكَ
وَتَقَدَّمَ ذلك وغيرة مُسْتَوْفًى في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ اذا شَرَعَ في الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ على الْعِتْقِ هل يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ أَمْ لَا
قَوْلُهُ ان شَاءَ قبل الْحِنْثِ وان شَاءَ بعدة
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والهادى وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الاصحاب
____________________
(11/42)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وغيرة
وقال في الْوَاضِحِ على رِوَايَةٍ حِنْثُهُ بِعَزْمِهِ على مخالفه يَمِينِهِ بِنِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ بَلْ لَا يَصِحُّ
وَفِيهِ رِوَايَةٌ لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ قبل الْحِنْثِ بِالصَّوْمِ لانه تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ كَالصَّلَاةِ
وَاخْتَارَ بن الجوزى في التَّحْقِيقِ انه لَا يَجُوزُ كَحِنْثٍ مُحَرَّمٍ في وَجْهٍ
واما الظِّهَارُ وما في حُكْمِهِ فَلَا يَجُوزُ له فِعْلُ ذلك الا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ على ما مَضَى في بَابِهِ فَوَائِدُ
احداها حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ سَوَاءٌ في الْفَضِيلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ التَّكْفِيرُ بَعْدَ الْحِنْثِ افضل
وَقَالَهُ بن ابى مُوسَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ
وَعُورِضَ بِتَعْجِيلِ النَّفْعِ لِلْفُقَرَاءِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ قَبْلَهُ افضل
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ تَقَدُّمُ الْكَفَّارَةِ واجبه فَلَهُ ان يُقَدِّمَهَا قبل الْحِنْثِ لَا تَكُونُ اكثر من الزَّكَاةِ
الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان التَّخْيِيرَ جَارٍ ان كان الْحِنْثُ حَرَامًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَكَثِيرٍ من الاصحاب وهو احد الْوَجْهَيْنِ
____________________
(11/43)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ قبل الْحِنْثِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
واطلقهما الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا
الثَّالِثَةُ الْكَفَّارَةُ قبل الْحِنْثِ مُحَلِّلَةٌ لِلْيَمِينِ لِلنَّصِّ
الرَّابِعَةُ لو كَفَّرَ بِالصَّوْمِ قبل الْحِنْثِ لِفَقْرِهِ ثُمَّ حَنِثَ وهو مُوسِرٌ فقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ لانا تَبَيَّنَّا ان الْوَاجِبَ غَيْرُ ما اتى بِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ واطلاق الاكثر مُخَالِفٌ لِذَلِكَ لانه كان فَرْضَهُ في الظَّاهِرِ
الْخَامِسَةُ نَصَّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ على وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ على الْفَوْرِ اذا حَنِثَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَجِبَانِ على الْفَوْرِ
قال ذلك بن تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدُ الاصولية وَغَيْرُهُمَا
وَتَقَدَّمَ ذلك في اول بَابِ اخراج الزَّكَاةِ
قَوْلُهُ وَمَنْ كَرَّرَ ايمانا قبل التَّكْفِيرِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
يعنى اذا كان مُوجِبُهَا وَاحِدًا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب منهم الْقَاضِي
وَذَكَرَ ابو بَكْرٍ ان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ رَجَعَ عن غَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الاكثر
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/44)
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا الاشهر
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ كما لو اخْتَلَفَ مُوجِبُهَا
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ اذا لم يُكَفِّرْ
اما ان كَفَّرَ بِحِنْثِهِ في احدها ثُمَّ حَنِثَ في غَيْرِهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ بِلَا رَيْبٍ
قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ انها ان كانت على فِعْلٍ وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وان كانت على افعال فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
حَكَاهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فَاَلَّذِي على فِعْلٍ وَاحِدٍ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قُمْت وما اشبهه
وَاَلَّذِي على افعال نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قَعَدْت وما اشبهه
وَاخْتَارَهُ في الْعُمْدَةِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ اعجب إلى ان يُغَلِّظَ على نَفْسِهِ اذا كَرَّرَ الايمان ان يُعْتِقَ رَقَبَةً فان لم يُمْكِنْهُ اطعم فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ الْحَلِفُ بِنُذُورٍ مُكَرَّرَةٍ او بِطَلَاقٍ مُكَفَّرٍ قَالَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ حَلَفَ نُذُورًا كَثِيرَةً مُسَمَّاةً إلَى بَيْتِ اللَّهِ ان لَا يُكَلِّمَ اباه او اخاه فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَأَفْعَلُ كَذَا
وَكَرَّرَهُ لم يَقَعْ أَكْثَرُ من طَلْقَةٍ اذا لم يَنْوِ انْتَهَى
____________________
(11/45)
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ يَمِينًا على اجناس مُخْتَلِفَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَنِثَ في الْجَمِيعِ او في وَاحِدٍ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ في الْبَقِيَّةِ
قَوْلُهُ وان كانت الايمان مُخْتَلِفَةَ الْكَفَّارَةِ كَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَتُهَا
بِلَا نِزَاعٍ لِانْتِفَاءِ التَّدَاخُلِ لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ
قَوْلُهُ وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ الصِّيَامُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ منه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَقِيلَ ان حَلَفَ باذنه فَلَيْسَ له مَنْعُهُ والا كان له مَنْعُهُ
وَكَذَا الْحُكْمُ في نَذْرِهِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ اعْلَمْ ان تَكْفِيرَ الْعَبْدِ بِالْمَالِ في الْحَجِّ وَالظِّهَارِ والايمان وَنَحْوِهَا للاصحاب فيها طُرُقٌ
احدها الْبِنَاءُ على مِلْكِهِ وَعَدَمُهُ
فان قُلْنَا يَمْلِكُ فَلَهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ في الْجُمْلَةِ والا فَلَا
وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وابى الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ واكثر الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْمَالِ فاذا كان هذا غير قَابِلٍ لِلْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ خَاصَّةً
وَعَلَى الْقَوْلِ بالملك ( ( ( بالمال ) ) ) فانه يُكَفِّرُ بالاطعام
وَهَلْ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ على رِوَايَتَيْنِ
وَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ او يَجُوزُ له مع اجزاء الصِّيَامِ
قال بن رَجَبٍ في الْفَوَائِدِ الْمُتَوَجَّهُ ان كان في مِلْكِهِ مَالٌ فَأَذِنَ له السَّيِّدُ
____________________
(11/46)
بِالتَّكْفِيرِ منه لَزِمَهُ ذلك وان لم يَكُنْ في مِلْكِهِ بَلْ اراد السَّيِّدُ ان يَمْلِكَهُ لِيُكَفِّرَ لم يَلْزَمْهُ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ اذا بُذِلَ له مَالٌ
قال وَعَلَى هذا يَتَنَزَّلُ ما ذكرة صَاحِبُ المغنى من لُزُومِ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ في الْحَجِّ ونفى اللُّزُومِ في الظِّهَارِ
الطريقه الثَّانِيَةُ في تكفيرة بِالْمَالِ باذن السَّيِّدِ رِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ او لَا يَمْلِكُ
حَكَاهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ عن شَيْخِهِ بن حَامِدٍ وغيرة من الاصحاب
وَهِيَ طريقه ابي بَكْرٍ
فَوَجْهُ عَدَمِ تكفيرة بِالْمَالِ مع الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ ان تَمَلُّكَهُ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ
وَوَجْهُ تكفيرة بِالْمَالِ مع الْقَوْلِ بِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ له ماخذان
أَحَدُهُمَا ان تَكْفِيرَهُ بِالْمَالِ إنَّمَا هو تَبَرُّعٌ له من السَّيِّدِ واباحه وَالتَّكْفِيرُ عن الْغَيْرِ لَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهُ في مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عنه كما نَقُولُ في رِوَايَةٍ في كَفَّارَةِ الْمُجَامِعِ في رَمَضَانَ اذا عَجَزَ عنها وَقُلْنَا لَا يَسْقُطُ تَكْفِيرُ غيرة عنه الا باذنه جَازَ ان يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وكذلك في سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ على احدى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ كانت قد دَخَلَتْ في مِلْكِهِ لم يَجُزْ ان ياخذها هو لانه لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ اخراجا لِلْكَفَّارَةِ
وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي ان الْعَبْدَ ثَبَتَ له مِلْكٌ قَاصِرٌ بِحَسَبِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ وان لم يَثْبُتْ له الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ التَّامُّ فَيَجُوزُ ان يَثْبُتَ له في الْمَالِ الْمُكَفَّرِ بِهِ مِلْكٌ يُبِيحُ له التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ دُونَ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ كما اثبتنا له في الامة مِلْكًا قَاصِرًا ابيح له بِهِ التَّسَرِّي بها دُونَ بَيْعِهَا وَهِبَتِهَا
وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(11/47)
وقال الزَّرْكَشِيُّ في بَابِ الْفِدْيَةِ ذَهَبَ كَثِيرٌ من مُتَقَدِّمِي الاصحاب إلَى ان له التَّكْفِيرَ باذن السَّيِّدِ وان لم نَقُلْ بِمِلْكِهِ بِنَاءً على احد الْقَوْلَيْنِ من ان الْكَفَّارَةَ لَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهَا في مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عنه وانه يَثْبُتُ له مِلْكٌ خَاصٌّ بِقَدْرِ ما يُكَفِّرُ انْتَهَى
وقال في كِتَابِ الظِّهَارِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابى بَكْرٍ وَطَائِفَةٍ من مُتَقَدِّمِي الاصحاب واليه مَيْلُ ابى مُحَمَّدٍ جَوَازُ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ باذن السَّيِّدِ وان لم نَقُلْ انه يَمْلِكُ وَلَهُمْ مُدْرَكَانِ
احدهما انه يَمْلِكُ الْقَدْرَ الْمُكَفَّرَ بِهِ مِلْكًا خَاصًّا
وَالثَّانِي ان الْكَفَّارَةَ لَا يَلْزَمُ ان تَدْخُلَ في مِلْكِ الْمُكَفِّرِ انْتَهَى
وَوَجْهُ التَّفْرِيقِ بين الْعِتْقِ والاطعام ان التَّكْفِيرَ بِالْعِتْقِ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ بِخِلَافِ الاطعام ذَكَرَهُ بن ابى مُوسَى
وَلِهَذَا لو امر من عليه الْكَفَّارَةُ رَجُلًا ان يُطْعِمَ عنه فَفَعَلَ اجزأ
وَلَوْ امره ان يَعْتِقَ عنه فَفِي اجزائه عنه رِوَايَتَانِ
وَلَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بالاطعام الْوَاجِبِ عن مُورِثِهِ صَحَّ
وَلَوْ تَبَرَّعَ عنه بِالْعِتْقِ لم يَصِحَّ
وَلَوْ اعتق الاجنبي عن الْمَوْرُوثِ لم يَصِحَّ وَلَوْ اطعم عنه فَوَجْهَانِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بالاطعام بِإِذْنِهِ
وَقِيلَ وَلَوْ لم يَمْلِكْ وَفِيهِ بِعِتْقٍ رِوَايَتَانِ
اخْتَارَ ابو بَكْرٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ جَوَازَ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ
قال في الْفُرُوعِ فان جَازَ واطلق فَفِي عِتْقِهِ نَفْسَهُ وَجْهَانِ انْتَهَى
واطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الاصولية
قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ والأجزاء
____________________
(11/48)
قال الزركشى جَازَ ذلك على مُقْتَضَى قَوْلِ ابي بَكْرٍ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ جَازَ له التَّكْفِيرُ باذن السَّيِّدِ فقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْكَفَّارَاتِ لَا يَلْزَمُهُ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وان اذن له سَيِّدُهُ
وقال الزركشى في الظِّهَارِ تَرَدَّدَ الاصحاب في الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا
الطريقه الثالثه انه لَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصِّيَامِ بِحَالٍ على كِلَا الطَّرِيقَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابي الْخَطَّابِ في كِتَابِ الظِّهَارِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا لانه وان قُلْنَا يَمْلِكُ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ فَلَا يَكُونُ مُخَاطَبًا بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بالكليه فَلَا يَكُونُ فَرْضُهُ غير الصِّيَامِ بالاصاله بِخِلَافِ الْحُرِّ الْعَاجِزِ فانه قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ التَّامِّ
قال بن رَجَبٍ وَمِنْ هُنَا وَاَللَّهُ اعلم قال الخرقى في الْعَبْدِ اذا حَنِثَ ثُمَّ عَتَقَ لَا يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْحُرِّ الْمُعْسِرِ اذا حَنِثَ ثُمَّ ايس
وقال أَيْضًا في الْعَبْدِ اذا فَاتَهُ الْحَجُّ يَصُومُ عن كل مُدٍّ من قِيمَةِ الشَّاةِ يَوْمًا
وقال في الْحُرِّ الْمُعْسِرِ يَصُومُ في الاحصار صِيَامَ الْمُتَمَتِّعِ
قَوْلُهُ وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَحُكْمُهُ في الْكَفَّارَةِ حُكْمُ الاحرار
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ
فَائِدَةٌ يُكَفِّرُ الْكَافِرُ وَلَوْ كان مُرْتَدًّا بِغَيْرِ الصَّوْمِ لان يَمِينَهُ تَنْعَقِدُ كَالْمُسْلِمِ كما تَقَدَّمَ
____________________
(11/49)
بَابُ جَامِعِ الايمان
قَوْلُهُ يُرْجَعُ في الايمان إلَى النِّيَّةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم
وقال الْقَاضِي يُقَدَّمُ عُمُومُ لَفْظِهِ على النِّيَّةِ احْتِيَاطًا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ يَرْجِعُ في الايمان إلَى النِّيَّةِ مُقَيَّدٌ بان يَكُونَ الْحَالِفُ بها غير ظَالِمٍ نَصَّ عليه على ما تَقَدَّمَ وان يَحْتَمِلَهَا لَفْظُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ ابو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٌ وَيُقْبَلُ منه في الْحُكْمِ اذا قَرُبَ الِاحْتِمَالُ وان قوى بُعْدُهُ منه لم يُقْبَلْ وان تَوَسَّطَ فَرِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في اول بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ
وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ بَعْضِ مَسَائِلَ من ذلك وَذِكْرُ الْخُرُوجِ من مَضَايِقِ الايمان مُسْتَوْفًى في بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ في اوله واخره فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ فان لم يَكُنْ له نِيَّةٌ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَالْوَجِيزُ وَتَذْكِرَةُ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الادمى وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ السَّبَبَ على النِّيَّةِ الخرقى والارشاد وَالْمُبْهِجُ
____________________
(11/50)
وَحَكَى رِوَايَةً
وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي بِمُوَافَقَتِهِ لِلْوَضْعِ
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ عُمُومُ لَفْظِهِ على سَبَبِ الْيَمِينِ احْتِيَاطًا
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَعَلَى النِّيَّةِ ايضا انْتَهَى
وقال الزَّرْكَشِيُّ اعْتَمَدَ عَامَّةُ الاصحاب تَقْدِيمَ النِّيَّةِ على السَّبَبِ
وَعَكَسَ ذلك الشِّيرَازِيُّ فَقَدَّمَ السَّبَبَ على النِّيَّةِ انْتَهَى
قُلْت وَقَطَعَ بِهِ في الارشاد
وَقَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ الخرقى السَّبَبَ على النِّيَّةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ
وقال الزَّرْكَشِيُّ ايضا لَمَّا تَكَلَّمَ على كَلَامِ الخرقى اذا لم يَنْوِ شيئا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غير ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا اي اثارها
فاذا حَلَفَ لَا ياوى مع امْرَأَتِهِ في هذه الدَّارِ وكان سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا من جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ من جِيرَانِهَا او مِنَّةٍ حَصَلَتْ عليه بها وَنَحْوِ ذلك اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بها كما هو مُقْتَضَى اللَّفْظِ
وان كان لِغَيْظٍ من الْمَرْأَةِ يقتضى جَفَاءَهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فيه تَعَدَّى ذلك إلَى كل دَارٍ لِلْمَحْلُوفِ عليها بِالنَّصِّ وما عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَاءِ التي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ
وَكَذَلِكَ اذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ولا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ له الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ
وَكَلَامُ الخرقى يَشْمَلُ ما اذا كان اللَّفْظُ خَاصًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كما مَثَّلْنَاهُ اولا او كان اللَّفْظُ عَامًا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كما مَثَّلْنَاهُ ثَانِيًا
وَلَا نِزَاعَ بين الاصحاب فِيمَا عَلِمْت في الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ المقتضى لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ في عَكْسِهِ
فَقِيلَ فيه وَجْهَانِ
____________________
(11/51)
وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
وَبِالْجُمْلَةِ فيه قَوْلَانِ او ثَلَاثَةٌ
احدها وهو الْمَعْرُوفُ عن الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وفي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ اصحابه الشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا يُؤْخَذُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو مُقْتَضَى نَصِّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ ابي مُحَمَّدٍ وحكى عن الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ على السَّبَبِ وَيَكُونُ ذلك السَّبَبُ مَبْنِيًّا على ان الْعَامَّ اريد بِهِ خَاصٌّ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَلَدَ لِظُلْمٍ راه فيه وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا اذا دعى إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى او حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ الا باذنه وَالْحَالُ يقتضى ما دَامَا كَذَلِكَ
وقد اشار الْقَاضِي إلَى هذا التَّعْلِيقِ انْتَهَى كَلَامُ الزركشى
وقال في القاعده الرابعه وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ المائه وَتَبِعَهُ في الْقَوَاعِدِ الاصوليه هل يُخَصُّ اللَّفْظُ الْعَامُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصِّ اذا كان السَّبَبُ هو المقتضى له أَمْ يُقْضَى بِعُمُومِ اللَّفْظِ فيه وَجْهَانِ
احدهما الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ
اختارة الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ
واخذوه من نَصِّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ من نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ
قال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ
____________________
(11/52)
وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ المغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ
لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وما اشبهها كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ
فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ في ذلك بِعُمُومِ اللَّفْظِ
وَعَدَّى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ اليها
وَرَجَّحَهُ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الادلة وقال هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ
وَاخْتَارَهُ الشيخ ( ( ( الشيح ) ) ) تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا احسن
وقد يَكُونُ لَحَظَ هذا جَدُّهُ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ لم يَحْنَثْ اذا قَضَاهُ قبل الْغَدِ لم يَحْنَثْ اذا قَصَدَ ان لَا يُجَاوِزَهُ قَوْلًا واحد ( ( ( واحدا ) ) )
وَكَذَا لَا يَحْنَثُ ايضا اذا كان السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ والا حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي واصحابه لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كان السَّبَبُ لَا يَقْتَضِيهِ ايضا
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَنَقْلُهُ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ لَآكُلَنَّ شيئا غَدًا او لابيعنه او لافعلنه
____________________
(11/53)
فاما ان حَلَفَ لاقضينه حَقَّهُ غَدًا وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ لم يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ في غَيْرِهِ
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ وان دعى إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى اُخْتُصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ اذا قَصَدَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ على الاصح
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْكِفَايَةِ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَشْرَبُ له الْمَاءَ من الْعَطَشِ يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةَ او كان السَّبَبُ قَطْعَ الْمِنَّةِ
حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ واستعاره دَابَّتِهِ وَكُلِّ ما فيه المنه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ لَا أَقَلَّ كَقُعُودِهِ في ضَوْءِ نَارِهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا حَنِثَ
وَكَذَا ان انْتَفَعَ بِثَمَنِهِ
____________________
(11/54)
وَمَفْهُومُهُ انه لو انْتَفَعَ بِشَيْءٍ من مَالِهَا غَيْرِ الْغَزْلِ وَثَمَنِهِ انه لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ بِقَدْرِ مِنَّتِهِ فَأَزْيَدَ
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وفي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا يَحْنَثُ بشئ ( ( ( بشيء ) ) ) منها لانه لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا الا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عنها مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً لِيَخْرُجَ مَجْرَى الْوَضْعِ العرفى
وَكَذَا سِوَى الادمى الْبَغْدَادِيِّ في مُنْتَخَبِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا وانه يَحْنَثُ بِكُلِّ ما فيه مِنَّةٌ
وقال في الرَّوْضَةِ ان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ له خُبْزًا وَالسَّبَبُ الْمِنَّةُ حَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ كَائِنًا ما كان وانه ان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ عِمَامَةً او عَكْسُهُ إنْ كانت امْتَنَّتْ بِغَزْلِهَا حَنِثَ بِكُلِّ ما يَلْبَسُهُ منه انْتَهَى
وَكَذَا مَنَعَ بن عَقِيلٍ الْحَالِفَ على خُبْزِ غَيْرِهِ من لَحْمِهِ وَمَائِهِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا في دَارٍ يُرِيدُ جَفَاءَهَا ولم يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ فَأَوَى مَعَهَا في غَيْرِهَا حَنِثَ
وَكَذَا لو حَلَفَ فقال لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لم يَرَهَا
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ اقل الأيواء سَاعَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لِعَامِلٍ لَا يَخْرُجُ الا باذنه فَعُزِلَ او على زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا او على عَبْدِهِ فاعتقه وَنَحْوَهُ يُرِيدُ ما دَامَ كَذَلِكَ
____________________
(11/55)
انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وان لم تَكُنْ له نيه انْحَلَّتْ يَمِينُهُ ايضا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لان الْحَالَ تَصْرِفُ الْيَمِينَ إلَيْهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هذا اولى لان السَّبَبَ يَدُلُّ على النيه فَصَارَ كالمنوى سَوَاءً
وَذَكَرَ الْقَاضِي ايضا في مَوْضِعٍ اخر ان السَّبَبَ اذا كان يقتضى التَّعْمِيمَ عَمَّمْنَاهَا بِهِ وان اقْتَضَى الْخُصُوصَ مِثْلُ من نَذَرَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ راة فيه فَزَالَ الظُّلْمُ فقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ النَّذْرُ يُوَفَّى بِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَمَعَ السَّبَبِ فيه رِوَايَتَانِ
وَنَصُّهُ يَحْنَثُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزركشى وَصَاحِبِ الْقَوَاعِدِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وان لم يَكُنْ له فيه نيه فَكَلَامُ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ يقتضى رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَاهُ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا الا رَفَعْته إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي فَعُزِلَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إنْ نَوَى ما دَامَ قَاضِيًا
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ قَوْلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ فيه نَظَرٌ لان الْمَذْهَبَ عَوْدُ الصفه فَيُحْمَلُ على انه نَوَى تِلْكَ الْوِلَايَةَ وَذَلِكَ النِّكَاحَ وَنَحْوَهُ انْتَهَى
قوله وان لم يَنْوِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
احدهما تَنْحَلُّ يَمِينُهُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ اولا
____________________
(11/56)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ يَحْنَثُ
قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبِ الْقَوَاعِدِ لان هذه الْمَسَائِلَ من جُمْلَةِ الْقَاعِدَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ ان كان السَّبَبُ او الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اُخْتُصَّ بها وان كانت تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ ان يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ اعلامه بِذَلِكَ لاجل قَرَابَتِهِ تَنَاوَلَ الْيَمِينُ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الاول لو رَأَى الْمُنْكَرَ في وِلَايَتِهِ فَأَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فلم يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حتى عُزِلَ لم يَبَرَّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ في حَالِ عَزْلِهِ
وَهَلْ يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ فيه وَجْهَانِ
واطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
احدهما يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ
قُلْت وهو اولى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ
وان مَاتَ قبل امكان رَفْعِهِ إلَيْهِ حَنِثَ ايضا على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
قُلْت وهو اولى
واطلقهما في الْفُرُوعِ
____________________
(11/57)
واما على الْوَجْهِ الثَّانِي وهو كَوْنُ يَمِينِهِ لَا تَنْحَلُّ في اصل المساله لو رَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ بِذَلِكَ
فائده اذا لم يُعَيِّنْ الْوَالِي اذن فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بين تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ ايضا لو عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ فَاتَ الْبِرُّ كما لو راة معه
وَقِيلَ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ
فَعَلَى الاول هو كَإِبْرَائِهِ من دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ
وَكَذَا قَوْلُهُ جَوَابًا لِقَوْلِهَا تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ كُلُّ امْرَأَةٍ لي طَالِقٌ تَطْلُقُ على نَصِّهِ
وَقَطَعَ بِهِ جماعه أَخْذًا بِالْأَعَمِّ من لَفْظٍ وَسَبَبٍ
قَوْلُهُ فان عَدِمَ ذلك يَعْنِي النيه وَسَبَبَ الْيَمِينَ وما هَيَّجَهَا رَجَعَ إلَى التَّعْيِينِ هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ هُنَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى الْبَغْدَادِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِاسْمُ شَرْعًا او عُرْفًا او لغه على التَّعْيِينِ
وقال في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه فَإِنْ عَدِمَ النيه وَالسَّبَبَ رَجَعْنَا إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ
فَإِنْ اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَالتَّعْيِينُ او الصفه وَالتَّعْيِينُ غَلَّبْنَا التَّعْيِينَ
فَإِنْ اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَالْعُرْفُ فقال في الْمُذْهَبِ والخلاصه فايهما يُغَلَّبُ فيه وَجْهَانِ
____________________
(11/58)
قال في الْهِدَايَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ اصحابنا فَتَارَةً غَلَّبُوا الِاسْمَ وتاره غَلَّبُوا الْعُرْفَ
قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ يُوسُفُ بن الجوزى النيه ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لغه انْتَهَى
وقال في الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ النيه ثُمَّ السَّبَبُ ثُمَّ التَّعْيِينُ ثُمَّ إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَإِنْ كان لِلَّفْظِ عُرْفٌ غَالِبٌ حُمِلَ كَلَامُ الْحَالِفِ عليه
قَوْلُهُ فإذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هذه فَدَخَلَهَا وقد صَارَتْ فَضَاءً او حَمَّامًا او مَسْجِدًا او بَاعَهَا او لَا لَبِسْت هذا الْقَمِيصَ فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ او رِدَاءً او عِمَامَةً وَلَبِسَهُ او لَا كَلَّمْت هذا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا او امراة فُلَانٍ او صَدِيقَهُ فُلَانًا او غُلَامَهُ سَعْدًا فَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ وَزَالَتْ الصداقه وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَكَلَّمَهُمْ او لَا أَكَلْت لَحْمَ هذا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا او لَا أَكَلْت هذا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا او دِبْسًا نَصَّ عليه او خَلًّا او لَا اكلت هذا اللَّبَنَ فَتَغَيَّرَ او عُمِلَ منه شَيْءٌ فاكله حَنِثَ في ذلك كُلِّهِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الاصحاب منهم بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو اصح
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ ان ذَكَرَ ذلك كُلَّهُ وَغَيْرَهُ اذا فَعَلَ ذلك وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/59)
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ انه لو حَلَفَ لَا أَكَلْت هذه الْبَيْضَةَ فَصَارَتْ فَرْخًا او لَا اكلت هذه الْحِنْطَةَ فَصَارَتْ زَرْعًا فاكله انه لَا يَحْنَثُ
قَالَا وَعَلَى قِيَاسِهِ لو حَلَفَ لَا شَرِبْت هذا الْخَمْرَ فَصَارَ خَلًّا
فَاسْتَثْنَوْا هذه الْمَسَائِلَ من اصل هذه الْقَاعِدَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْ بن عَقِيلٍ انه طَرَدَ الْقَوْلَ حتى في الْبَيْضَةِ وَالزَّرْعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهُ اظهر
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ ولم يَقُلْ هذه او لَا اكلت التَّمْرَ الحديث فَعَتَقَ او الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ او لَا دَخَلْت هذه السَّفِينَةَ فَنُقِضَتْ ثُمَّ اعيدت فَفَعَلَ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك الا ان في السَّفِينَةِ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْحِنْثِ
قوله فان عُدِمَ ذلك يَعْنِي النِّيَّةَ وَسَبَبُ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا وَالتَّعْيِينُ رَجَعْنَا إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ على التَّعْيِينِ وَتَقَدَّمَ ذلك
____________________
(11/60)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ يُوسُفِ بن الْجَوْزِيِّ فانه يُقَدِّمُ النِّيَّةَ ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لُغَةً
فَائِدَةٌ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ العرفى والشرعى وَاللُّغَوِيَّ فَيُقَدَّمُ اللَّفْظُ الشَّرْعِيُّ وَالْعُرْفِيُّ على اللُّغَوِيِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَقِيلَ عَكْسُهُ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ يُقَدَّمُ الِاسْمُ عُرْفًا ثُمَّ شَرْعًا ثُمَّ لُغَةً
فَأَفَادَنَا تَقْدِيمَ الْعُرْفِيِّ على الشَّرْعِيِّ
وَقَدَّمَ وَلَدُ بن الْجَوْزِيِّ الْعُرْفَ ثُمَّ اللُّغَةَ كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ وَتَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ منه فاذا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا او لَا يَنْكِحُ فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا لم يَحْنَثْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وفي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ من الاوجه
وَعَنْهُ يَحْنَثُ في الْبَيْعِ وَحْدَهُ
وَقِيلَ يَحْنَثُ في بَيْعٍ وَنِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه
وَاخْتَارَهُ بن ابي مُوسَى
____________________
(11/61)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ انه يَحْنَثُ اذا بَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وهو كَذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لو بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ هل يَحْنَثُ يَنْبَنِي على نَقْلِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ
وانكر ذلك الْمَجْدُ عليه
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ حَجًّا فَاسِدًا حَنِثَ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ الا ان يُضِيفَ الْيَمِينَ إلَى شَيْءٍ لَا يُتَصَوَّرُ فيه الصِّحَّةُ مِثْلُ ان يَحْلِفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ او الْحُرَّ فَيَحْنَثُ بِصُورَةِ الْبَيْعِ
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا اولى
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَنْ قال لِامْرَأَتِهِ ان سَرَقْت مِنِّي شيئا وبعتينيه ( ( ( وبعتنيه ) ) ) فانت طَالِقٌ فَفَعَلَتْ لم تَطْلُقْ
وقال الْقَاضِي ايضا لو قال ان طَلَّقْت فُلَانَةَ الاجنبية فانت طَالِقٌ فَوُجِدَ لم تَطْلُقْ
____________________
(11/62)
فَائِدَتَانِ
احداهما الشِّرَاءُ مِثْلُ الْبَيْعِ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَخَالَفَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في سَرَقْت مِنِّي شيئا وبعتينيه ( ( ( وبعتنيه ) ) ) كما لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ لَا تَسَرَّيْت فَوَطِئَ جَارِيَتَهُ حَنِثَ
ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وقال الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ حتى يُنْزِلَ فَحْلًا كان او خَصِيًّا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ ان حَلَفَ وَلَيْسَتْ في مِلْكِهِ حَنِثَ بِالْوَطْءِ وان حَلَفَ وقد مَلَكَهَا حَنِثَ بِالْوَطْءِ بِشَرْطِ ان لَا يَعْزِلَ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ ان عَزَلَ لم يَحْنَثْ
وَعَنْهُ في مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَصُومُ لم يَحْنَثْ حتى يَصُومَ يَوْمًا
هذا احد الْوُجُوهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/63)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال قَالَهُ الاصحاب
وَقِيلَ يَحْنَثُ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ ان قُلْنَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ فَائِدَتَانِ
احداهما لو حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا لم يَحْنَثْ حتى يَصُومَ يَوْمًا بِلَا نِزَاعٍ
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ لَا يَحُجُّ حَنِثَ باحرامه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ الا بِفَرَاغِهِ من اركانه
قوله وان حَلَفَ لَا يصلى لم يَحْنَثْ حتى يصلى رَكْعَةً
يَعْنِي بِسَجْدَتَيْهَا هذا احد الْوُجُوهِ
اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا اصح
وقال الْقَاضِي ان حَلَفَ لَا صَلَّيْت صَلَاةً لم يَحْنَثْ حتى يَفْرُغَ مِمَّا يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّلَاةِ وان حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِالتَّكْبِيرِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ ان قُلْنَا حَنِثَ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ
وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ حتى تَفْرُغَ الصَّلَاةُ كَقَوْلِهِ صَلَاةً او صَوْمًا وَكَحَلِفِهِ لَيَفْعَلَنَّهُ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ
وهو رِوَايَةٌ في الشَّرْحِ لانه اقل ما يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّلَاةِ على رِوَايَةٍ
____________________
(11/64)
وقال في التَّرْغِيبِ على الاول وَالثَّانِي يُخَرَّجُ اذا افسده فَوَائِدُ
الاولى لو كان حَالَ حَلِفِهِ صَائِمًا او حَاجًّا فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الرِّعَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وفي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ
يَعْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ
الثَّانِيَةُ شَمِلَ قَوْلُهُ لَا يصلى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَالطَّوَافُ ليس بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَا مُضَافَةٍ فَلَا يُقَالُ صَلَاةُ الطَّوَافِ
وفي كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّوَافُ صَلَاةٌ
وقال ابو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ عن قَوْلِهِ عليه افضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ يُوجِبُ ان يَكُونَ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ في جَمِيعِ الاحكام الا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ وهو النُّطْقُ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الطَّوَافُ ليس بِصَلَاةٍ في الْحَقِيقَةِ لانه ابيح فيه الْكَلَامُ والاكل وهو مَبْنِيٌّ على الْمَشْيِ فَهُوَ كَالسَّعْيِ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَهَبُ زَيْدًا شيئا وَلَا يُوصِي له وَلَا يَتَصَدَّقُ عليه فَفَعَلَ ولم يَقْبَلْ زَيْدٌ حَنِثَ
بِلَا نِزَاعٍ اعلمه
لَكِنْ قال في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ في الْبَيْعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(11/65)
وَاَلَّذِي رَأَيْته في الْمُسْتَوْعِبِ فان حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ ولم يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي لم يَحْنَثْ
وقال الْقَاضِي مِثْلَ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ في ان بِعْتُك فانت حُرٌّ
وقال في التَّرْغِيبِ ان قال لاخر ان اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ من بَائِعِهِ سَابِقًا لِلْقَبُولِ
وَجَزَمَ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ انه اذا حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُزَوِّجُ فاوجب ولم يَقْبَلْ الاخر انه لَا يَحْنَثُ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عليه فَوَهَبَهُ لم يَحْنَثْ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عليه حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
____________________
(11/66)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ
واطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في صدقه التَّطَوُّعِ
اما الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَالضِّيَافَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وان أَعَارَهُ لم يَحْنَثْ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في المغنى وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ
قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وان وَقَفَ عليه حَنِثَ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/67)
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ كَصَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَتَضْيِيفِهِ وابرائه
قَوْلُهُ وان اوصى له لم يَحْنَثْ
بِلَا نِزَاعٍ اعلمه
قَوْلُهُ وان بَاعَهُ وَحَابَاهُ حَنِثَ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ
وهو لابي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
واطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
فَائِدَةٌ لو اهدى إلَيْهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال ابو الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ
قَوْلُهُ واذا حَلَفَ لَا ياكل اللَّحْمَ فاكل الشَّحْمَ او الْمُخَّ او الْكَبِدَ او الطِّحَالَ او الْقَلْبَ او الْكَرِشَ أو الْمُصْرَانَ او الالية او الدِّمَاغَ او الْقَانِصَةَ لم يَحْنَثْ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
____________________
(11/68)
وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ باكل الشَّحْمِ الذي على الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ وفي تَضَاعِيفِ اللَّحْمِ وهو لَحْمٌ
وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ من حَلَفَ لَا ياكل شَحْمًا على ما ياتي
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في انه لَا يَحْنَثُ باكله الْكُلْيَةَ وَالْكَارِعَ فَلَا يَحْنَثُ في ذلك كُلِّهِ الا ان يَنْوِيَ اجْتِنَابَ الدَّسَمِ فإذا نوي ذلك حَنِثَ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ انه لو اكل لَحْمَ الراس او لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ انه يَحْنَثُ
وهو احد الْوَجْهَيْنِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
قال ابو الْخَطَّابِ يَحْنَثُ باكل لَحْمِ الْخَدِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ في الْهِدَايَةِ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا ياكل راسا لم يَحْنَثْ الا باكل راس جَرَتْ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا فَغَلَّبَ الْعُرْفَ
قال في الْخُلَاصَةِ يَحْنَثُ باكل لَحْمِ الراس في الاصح
واطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في اكل لَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى انه يَحْنَثُ باكل كل لَحْمٍ فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ
وهو اشهر الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ ابو مُحَمَّدٍ انْتَهَى
وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ انه يَحْنَثُ بِلَحْمِ الراس وَبِلَحْمِ غَيْرِ ماكول
قال في الْمُذْهَبِ حَنِثَ باكل الراس في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ حتى يَنْوِيَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي انه لَا يَحْنَثُ باكل خَدِّ الراس
وحكى عن بن أبي مُوسَى في ذلك كُلِّهِ
____________________
(11/69)
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا لو اكل اللِّسَانَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
واطلقهما في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعَ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَحْنَثُ باكل اللِّسَانِ على اظهر الِاحْتِمَالَيْنِ
وقال في الْكَافِي لو حَلَفَ لَا ياكل لَحْمًا تَنَاوَلَتْ يَمِينُهُ اكل اللَّحْمِ الْمُحَرَّمِ
وقال ابو الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ باكل راس لم تَجْرِ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا
وقال في المغنى ان اكل راسا او كَارِعًا فَقَدْ رُوِيَ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على انه لَا يَحْنَثُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
قال الْقَاضِي لان اسْمَ اللَّحْمُ لَا يَتَنَاوَلُ الرُّءُوسَ وَالْكَوَارِعَ
وياتي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْفَصْلِ الاتي اذا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا
قَوْلُهُ وان اكل الْمَرَقَ لم يَحْنَثْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ في الاصح
وَصَحَّحَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وقد قال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ لَا يُعْجِبُنِي لان طَعْمَ اللَّحْمِ قد يُوجَدُ في الْمَرَقِ
____________________
(11/70)
قال ابو الْخَطَّابِ هذا على سَبِيلِ الْوَرَعِ
قال وَالْأَقْوَى لَا يَحْنَثُ انْتَهَى
وقال بن ابي مُوسَى وَالْقَاضِي يَحْنَثُ
قال الزَّرْكَشِيُّ فَنَاقَضَ الْقَاضِي
واطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا ياكل الشَّحْمَ فاكل شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ
وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وابي الْخَطَّابِ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو اخْتِيَارُ اكثر الاصحاب وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وقال الشَّحْمُ هو الذي يَكُونُ في الْجَوْفِ من شَحْمِ الْكُلَى او غَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ
وقال الْقَاضِي ايضا وان اكل من كل شَيْءٍ من الشَّاةِ من لَحْمِهَا الاحمر والابيض والالية وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْقَلْبِ فقال شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ بن حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ لان اسْمَ الشَّحْمُ لَا يَقَعُ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَهَلْ بَيَاضُ اللَّحْمِ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامٍ لَحْمٌ او شَحْمٌ فيه وَجْهَانِ
واطلق الْوَجْهَيْنِ في اصل الْمَسْأَلَةِ في النَّظْمِ
____________________
(11/71)
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا ياكل شَحْمًا حَنِثَ باكل الالية لَا اللَّحْمِ الاحمر على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وقال الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ لَيْسَتْ الالية شَحْمًا وَلَا لَحْمًا
وقال الْخِرَقِيُّ يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر
وقال غَيْرُهُ من الاصحاب لَا يَحْنَثُ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ
وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الخرقى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا ياكل لَبَنًا فاكل زُبْدًا او سَمْنًا او كِشْكًا او مَصْلًا او جبنا ( ( ( جنبا ) ) ) لم يَحْنَثْ
وَكَذَا لو اكل اقطا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب وَنَصَّ عليه في اكل الزُّبْدِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ ان يُقَالَ في الزُّبْدِ ان ظَهَرَ فيه لَبَنٌ حَنِثَ باكله
والا فَلَا كما لو حَلَفَ لَا ياكل سَمْنًا فَأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في قَوْلِهِ اذا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا في غَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ ان اكل الْجُبْنَ او الاقط او الزُّبْدَ حَنِثَ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ على الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ فاكل لَبَنًا لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/72)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ بن مُنَجَّا
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ان اكل لَبَنًا لم يَظْهَرْ فيه الزُّبْدُ لم يَحْنَثْ وان كان الزُّبْدُ فيه ظَاهِرًا حَنِثَ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَأَكَلَ حَلِيبًا او مَخِيضًا او جَامِدًا لم يَظْهَرْ زُبْدُهُ لم يَحْنَثْ
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا ياكل زُبْدًا فاكل سَمْنًا لم يَحْنَثْ وفي عَكْسِهِ وَجْهَانِ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ في الْكَافِي انه لَا يَحْنَثُ ايضا
قَوْلُهُ وان حَلَفَ على الْفَاكِهَةِ فاكل من ثَمَرِ الشَّجَرِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ حَنِثَ إنْ أَكَلَ من ثَمَرِ الشَّجَرِ رُطَبًا حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ اكل منه يَابِسًا كَحَبِّ الصَّنَوْبَرِ وَالْعُنَّابِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ الْيَابِسِ والاجاص وَنَحْوِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ هذا الاصح
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/73)
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ ذلك
وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ كَالْحُبُوبِ فَائِدَتَانِ
احداهما الزَّيْتُونُ ليس من الفاكهه وَكَذَلِكَ الْبَلُّوطُ وَسَائِرُ ثَمَرِ الشَّجَرِ البرى الذي يُسْتَطَابُ كَالزُّعْرُورِ الاحمر وَثَمَرِ الْقَيْقَبِ وَالْعَفَصِ وَحَبِّ الْآسِ ونحوة قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ وَجْهًا في الزَّيْتُونِ وَالْبَلُّوطِ وَالزُّعْرُورِ انه فاكهه
قُلْت وَحَبُّ الاس وَالْقَيْقَبِ كَذَلِكَ
وَالْبُطْمُ ليس بفاكهه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَيَحْتَمِلُ انه منها ذكرة الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
الثَّانِيَةُ الثَّمَرَةُ تُطْلَقُ على الرطبه واليابسه شَرْعًا ولغه قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ في السرقه منها وغيرة
وفي طريقه لِبَعْضِ الاصحاب في السَّلَمِ اسْمُ الثَّمَرَةِ اذا اطلق للرطبه وَلِهَذَا لو أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ ثَمَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَمَرَةً يابسه لم تَلْزَمْهُ
وَكَذَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا الثَّمَرُ اسْمٌ لِلرُّطَبِ
قوله وان اكل الْبِطِّيخَ حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ اختارة الْقَاضِي وغيرة
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/74)
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ
وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ باكل الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا لَا يَحْنَثُ باكل الْقَرْعِ وَالْبَاذِنْجَانِ لانهما من الْخُضَرِ
وَكَذَا لَا يَحْنَثُ باكل ما يَكُونُ في الارض كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ وَالْقُلْقَاسِ وَالسَّوْطَلِ وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ مُذَنَّبًا
وهو الذي بَدَأَ فيه الْإِرْطَابُ من ذَنَبِهِ وَبَاقِيهِ بُسْرٌ حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
قَوْلُهُ وان أَكَلَ تَمْرًا أو بُسْرًا او حَلَفَ لَا ياكل تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا او دِبْسًا او نَاطِفًا لم يَحْنَثْ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ رِوَايَةً بِأَنَّهُ يَحْنَثُ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا ياكل رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا ياكل أَدْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ الْبَيْضِ وَالشِّوَاءِ وَالْجُبْنِ وَالْمِلْحِ وَالزَّيْتُونِ وَاللَّبَنِ وَسَائِرِ ما يُصْطَبَغُ بِهِ فانه يَحْنَثُ بِهِ
____________________
(11/75)
وَكَذَا اذا اكل الْمِلْحَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ وَمِلْحٌ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ الْمِلْحُ ليس بادم وما هو بِبَعِيدٍ
واطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وفي التَّمْرِ وَجْهَانِ
واطلقهما في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
احدهما هو من الادم
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثانى ليس من الادم فَلَا يَحْنَثُ باكله
جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ على هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الزَّبِيبُ وَنَحْوُهُ
قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
قلت وهو الصَّوَابُ وان ذلك مِمَّا يُؤْتَدَمُ بِهِ
وَجَزَمَ في المغنى والكافى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا انه لَا يَحْنَثُ باكل الزَّبِيبِ
قالوا لِأَنَّهُ من الْفَاكِهَةِ فَوَائِدُ
الاولى لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَنِثَ بِأَكْلِ كل ما يُسَمَّى طَعَامًا من قُوتٍ وادم وَحَلْوَاءَ وَجَامِدٍ وَمَائِعٍ
____________________
(11/76)
وفي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ وفي الْمَاءِ وَالدَّوَاءِ وَجْهَانِ
قُلْت الصَّوَابُ انه لَا يَحْنَثُ باكل شَيْءٍ من ذلك وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ من ذلك طَعَامًا في الْعُرْفِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُسَمَّى ذلك طَعَامًا في الاظهر
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ قُوتًا حَنِثَ باكل خُبْزٍ وَتَمْرٍ وَتِينٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقُوتُ ما تَبْقَى معه الْبِنْيَةُ كَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِ ذلك
وَكَذَا قال في النَّظْمِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَخْتَصُّ بِقُوتِ بَلَدِهِ في الاظهر انْتَهَى
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ الا بِمَا يَقْتَاتُهُ اهل بَلَدِهِ
وان أَكَلَ سَوِيقًا او اسْتَفَّ دَقِيقًا او حَبًّا يَقْتَاتُ بِخُبْزِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ باكل الْحَبِّ
وان اكل عِنَبًا او حِصْرِمًا او خَلًّا لم يَحْنَثْ
الثَّالِثَةُ قال في الْفُرُوعِ والعيش يَتَوَجَّهُ فيه عُرْفًا الْخُبْزُ وفي اللُّغَةِ الْعَيْشُ لِلْحَيَاةِ فَيَتَوَجَّهُ ما يَعِيشُ بِهِ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ انْتَهَى
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شيئا فَلَبِسَ ثَوْبًا او دِرْعًا
____________________
(11/77)
او جَوْشَنًا او خُفًّا او نَعْلًا حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ
وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَمَا لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ وَلَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ او ائْتَزَرَ بِقَمِيصٍ لابطيه وَتَرَكَهُ على راسه وَلَا بِنَوْمِهِ عليه
وان تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ واطلقهما في الْفُرُوعِ
جَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ
وان قال قَمِيصًا فَائْتَزَرَ لم يَحْنَثْ وان ارْتَدَى فَوَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ
جَزَمَ في المغنى انه يَحْنَثُ وهو ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ
وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا في رِجْلِهِ لم يَحْنَثْ لانه عَبَثٌ وَسَفَهٌ
الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ او فِضَّةٍ او جَوْهَرٍ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَحْنَثُ ايضا بِلُبْسِ خَاتَمٍ في غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَجْهًا وَاحِدًا
وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ عَدَمَ الْحِنْثِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ في لُبْسِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ والابهام فَأَمَّا في الْخِنْصَرِ فَلَا نِزَاعَ فيه
السَّادِسَةُ قَوْلُهُ وان لَبِسَ عَقِيقًا او سَبَجًا لم يَحْنَثْ بِلَا نِزَاعٍ
قُلْت لو قِيلَ بِحِنْثِهِ بِلُبْسِهِ الْعَقِيقَ لَمَا كان بَعِيدًا
وَلَا يَحْنَثُ ايضا بِلُبْسِ الْحَرِيرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْوَسِيلَةِ تَحْنَثُ الْمَرْأَةُ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ
قَوْلُهُ وان لَبِسَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
واطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(11/78)
والهادى والمغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
احدهما لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الكافى فانه ذَكَرَ ما يَحْنَثُ بِهِ من ذلك ولم يَذْكُرْهُمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى
وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وهو من الحلى
اختارة بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في الارشاد لو لَبِسَ ذَهَبًا او لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ
وقال بَعْضُ الاصحاب مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا كَانَا مُفْرَدَيْنِ فَوَائِدُ
الاولى في لُبْسِهِ منطقه مُحَلَّاةً وَجْهَانِ
واطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
احدهما هِيَ من الحلى
اختارة بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَيْسَتْ من الحلى فَلَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهَا
قُلْت وَيَحْتَمِلُ ان يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَعَادَةِ من يَلْبَسُهَا هِيَ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ
____________________
(11/79)
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ وَلَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ وَدَخَلَ دَارِهِ او فَعَلَ ذلك فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فُلَانٌ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو دخل دَارًا اسْتَعَارَهَا السَّيِّدُ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ
وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
الثَّالِثَةُ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ حَنِثَ بِدُخُولِ ما اسْتَأْجَرَهُ أو اسْتَعَارَهُ لِلسُّكْنَى وفي حِنْثِهِ بِدُخُولِ مَغْصُوبٍ أو في دَارٍ له لَكِنَّهَا لِغَيْرِ السُّكْنَى وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْأَقْوَى إنْ كانت سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ
وَظَاهِرُ المغنى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ
وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لَا أَسْكُنُ مَسْكَنَهُ فَفِيمَا لَا يَسْكُنُهُ من مِلْكٍ أو يَسْكُنُهُ بِغَصْبٍ فيه وَجْهَانِ وَيَحْنَثُ بِسُكْنَى ما سَكَنَهُ منه بِغَصْبٍ
الرَّابِعَةُ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِلْكَ فُلَانٍ فَدَخَلَ ما استأجره فَهَلْ يَحْنَثُ فيه وَجْهَانِ في الِانْتِصَارِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو الْمُتَعَارَفُ بين الناس وَإِنْ كان مَالِكَ الْمَنَافِعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ سَطْحَهَا حَنِثَ
____________________
(11/80)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ إنْ رقى السَّطْحَ أو نَزَلَهَا منه أو من نَقْبٍ فَوَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ دخل طَاقَ الْبَابِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَهِيَ من جُمْلَةِ مَسَائِلَ من حَلَفَ على فِعْلِ شَيْءٍ فَفَعَلَ بَعْضَهُ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
وقد صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ على ما تَقَدَّمَ هُنَاكَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في مُنْتَخَبِ الأدمى
وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وقال الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ إذَا كان بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ كان خَارِجًا وهو الصَّوَابُ
صَحَّحَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَإِنْ دخل طَاقَ الْبَابِ بِحَيْثُ إذَا أُغْلِقَ كان خَارِجًا منها فَوَجْهَانِ
اخْتَارَ الْقَاضِي الْحِنْثَ ذَكَرَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ لو وَقَفَ على الْحَائِطِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
____________________
(11/81)
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ الْحِنْثَ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ كل إنْسَانٍ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَلَوْ صلى بِهِ إمَامًا ثُمَّ سَلَّمَ من الصَّلَاةِ لم يَحْنَثْ نَصَّ عليه
وَإِنْ اُرْتُجَّ عليه في الصلاه فَفَتَحَ عليه الْحَالِفُ لم يَحْنَثْ بِذَلِكَ
فَائِدَةٌ لو كَاتَبَهُ أو أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا يُشَافِهَهُ
وَرَوَى الْأَثْرَمُ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ أو سَبَبُ يَمِينِهِ يقتضى هِجْرَانَهُ وَتَرْكَ صِلَتِهِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَالْأَوَّلُ عليه الْأَصْحَابُ
وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَالثَّانِي لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
واليه مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
فَإِنْ نَادَاهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ فلم يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ وَغَفْلَتِهِ حَنِثَ نَصَّ عليه
وَإِنْ سَلَّمَ على الْمَحْلُوفِ عليه حَنِثَ
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ فَلْيُعَاوَدْ
____________________
(11/82)
قَوْلُهُ وان زَجَرَهُ فقال تَنَحَّ او اُسْكُتْ حَنِثَ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
وقال الْمُصَنِّفُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ انه لَا يَحْنَثُ لان قرينه صِلَتِهِ هذا الْكَلَامُ بِيَمِينِهِ تَدُلُّ على اراده كَلَامٍ يَسْتَأْنِفُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ هذا الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ كما لو وُجِدَتْ النيه حقيقه
فائده لو حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عليه فَسَلَّمَ على جماعه هو فِيهِمْ وهو لَا يَعْلَمُ بِهِ ولم يُرِدْهُ بِالسَّلَامِ فَحَكَى الْأَصْحَابُ في حِنْثِهِ رِوَايَتَانِ
وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا الْحِنْثُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَيُشْبِهُ تَخْرِيجُ الرِّوَايَتَيْنِ على مسأله من حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ جَاهِلًا بانه الْمَحْلُوفُ عليه
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَبْتَدِئُهُ بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا جميعا مَعًا حَنِثَ
هذا احد الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الادمى
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فائده لو حَلَفَ لَا كَلَّمْته حتى يكلمنى او يبدأنى بِالْكَلَامِ فَتَكَلَّمَا مَعًا
حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ
____________________
(11/83)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ واختارة في الرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا فَذَلِكَ سِتَّةُ اشهر نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
جَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الارشاد وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ والرعايه الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال الزركشى نَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ والاصحاب
وَقَدَّمَهُ في الرعايه الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ ان عَرَّفَهُ فَلِلْأَبَدِ كَالدَّهْرِ وَالْعُمْرِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ اقل زَمَنٍ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا اطلق ولم يَنْوِ شيئا
قَوْلُهُ وان قال زَمَنًا او دَهْرًا او بَعِيدًا او مبليا ( ( ( مليا ) ) ) رَجَعَ إلَى اقل ما يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ
وَكَذَا طَوِيلًا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ وغيرة
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(11/84)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَعِيدٌ وملى وطويل ( ( ( ملي ) ) )
وقال الْقَاضِي هذه الالفاظ كُلُّهَا مِثْلُ الْحِينِ الا بَعِيدًا او مَلِيًّا فانه على اكثر من شَهْرٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في زَمَنٌ ودهر
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَعِنْدَ بن ابى مُوسَى اذا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ زَمَانًا لم يُكَلِّمْهُ ثَلَاثَةَ اشهر
قَوْلُهُ وان قال عُمْرًا احْتَمَلَ ذلك
يَعْنِي انه كَزَمَنٍ وَدَهْرٍ وَبَعِيدٍ ومليء ( ( ( وملي ) ) ) وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَاحْتَمَلَ ان يَكُونَ اربعين عَامًا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قَوْلٌ حَسَنٌ
وقال الْقَاضِي هو مِثْلُ حِينٍ كما تَقَدَّمَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ وان قال الْأَبَدَ وَالدَّهْرَ
يَعْنِي مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَذَلِكَ على الزَّمَانِ كُلِّهِ
وَكَذَا الْعُمْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ ان الْعُمْرَ كَالْحِينِ
وَقِيلَ اربعون سَنَةً
فَائِدَةٌ الزَّمَانُ كَالْحِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/85)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ انه على الزَّمَانِ كُلِّهِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ
وحكى عن بن ابى مُوسَى انه ثَلَاثَةُ اشهر
واما الذي قَالَهُ في الارشاد فانما هو فِيمَا اذا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ زَمَانًا فانه لَا يُكَلِّمُهُ ثَلَاثَةَ اشهر
قَوْلُهُ وَالْحِقْبُ ثَمَانُونَ سَنَةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَصَحَّحَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ واما الْحِقْبُ فَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاقْتَصَرَ عليه
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ
وقال الْقَاضِي هو ادنى زَمَانٍ
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ ان حِقَبًا اقل زَمَانٍ
وَقِيلَ الْحِقْبُ اربعون سَنَةً
قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ انه كَالْعُمْرِ
وَقِيلَ الْحِقْبُ للابد
فَائِدَةٌ لو قال إلَى الْحَوْلِ فَحَوْلٌ كَامِلٌ لَا تَتِمَّتُهُ
اوما إلَيْهِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
____________________
(11/86)
قَوْلُهُ وَالشُّهُورُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عِنْدَ الْقَاضِي
قال الشَّارِحُ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَعِنْدَ ابى الْخَطَّابِ ثَلَاثَةُ اشهر كالاشهر وَالْأَيَّامِ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ
قَوْلُهُ وَالْأَيَّامُ ثَلَاثَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِلْقَاضِي في مَسْأَلَةِ اكثر الْحَيْضِ اسْمُ الايام يَلْزَمُ الثَّلَاثَةَ إلَى الْعَشَرَةِ لانك تَقُولُ احد عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَقُولُ اياما فَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمُ الايام ما زَادَ على الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً لَمَا جَازَ نَفْيُهُ
فقال قد بَيَّنَّا ان اسْمَ الايام يَقَعُ على ذلك والاصل الْحَقِيقَةُ
يَعْنِي قَوْله تَعَالَى 3 140 { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بين الناس } 69 24 { بِمَا أَسْلَفْتُمْ في الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ } 2 184 185 { فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ }
وقال زُفَرُ بن الْحَارِثِ % وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً % لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامًا وَحِمْيَرَا %
قال الْقَاضِي فَدَلَّ ان الايام وَاللَّيَالِيَ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَشَرَةِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَابَ هذه الدَّارِ فَحُوِّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ
____________________
(11/87)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وَقِيلَ ان رقى السَّطْحَ او نَزَلَهَا منه او من نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كما تَقَدَّمَ
فائده لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هذه الدَّارَ من بَابِهَا فَدَخَلَهَا من غَيْرِ الْبَابِ لم يَحْنَثْ
وَيَتَخَرَّجُ ان يَحْنَثَ اذا اراد بِيَمِينِهِ اجْتِنَابَ الدَّارِ ولم يَكُنْ لِلْبَابِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو قوى
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إلَى حِينِ الْحَصَادِ انْتَهَتْ يَمِينُهُ باوله
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الاصحاب
قال بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ ان يَتَنَاوَلَ جَمِيعَ مُدَّتِهِ
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَتَقَدَّمَ ما يُشَابِهُ ذلك في الْخِيَارِ في الْبَيْعِ
وياتي نَظِيرُهُ في الاقرار
وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كليه ذَكَرَهَا الاصحاب
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا مَالَ له وَلَهُ مَالٌ غَيْرُ زكوى او دَيْنٌ على الناس حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
____________________
(11/88)
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْقَاعِدَةِ الحاديه وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ المائه قال الاصحاب يَحْنَثُ
وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ الا بِالنَّقْدِ
وَعَنْهُ إذَا نَذَرَ الصدقه بِجَمِيعِ مَالِهِ انما يَتَنَاوَلُ نذرة الصَّامِتَ من مَالِهِ
ذَكَرَهَا بن ابي مُوسَى
قال في الْوَاضِحِ الْمَالُ ما تَنَاوَلَهُ الناس عاده بِعَقْدٍ شرعى لِطَلَبِ الرِّبْحِ ماخوذ من الْمَيْلِ من يَدٍ إلَى يَدٍ وَمِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ
قال وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الاعيان من الاموال وَلَا يَعُمُّ الدَّيْنَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِئْجَارِهِ عَقَارًا او غيرة وفي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عنه وَضَائِعٍ أَيِسَ منه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فان كان له مَالٌ مَغْصُوبٌ حَنِثَ وان كان له مَالٌ ضَائِعٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ الْحِنْثُ عدمه ( ( ( وعدمه ) ) )
فَإِنْ ضَاعَ على وَجْهٍ قد ايس من عَوْدِهِ كَاَلَّذِي سَقَطَ في بَحْرٍ لم يَحْنَثْ
وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ في كل موضع ( ( ( موضوع ) ) ) لَا يَقْدِرُ على اخذ مَالِهِ كَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ وَالدَّيْنِ الذي على غَيْرِ مَلِيءٍ انْتَهَيَا
فائده لو تَزَوَّجَ لم يَحْنَثْ لان ما تَمَلَّكَهُ ليس بِمَالٍ
وَكَذَلِكَ ان وَجَبَ له حَقُّ شفعه
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَوَكَّلَ من يَفْعَلُهُ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
____________________
(11/89)
وَنَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ اكثرهم منهم الخرقى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وبن مُنَجَّا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ والزركشى وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الِانْتِصَارِ وغيرة اقام الشَّرْعُ اقوال الْوَكِيلِ وافعاله مَقَامَ الْمُوَكِّلِ في الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا
قال في التَّرْغِيبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ من اشتراة او تَزَوَّجَهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ
نَقَلَ بن الْحَكَمِ ان حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ شيئا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ انه يَشْتَرِيهِ لِلَّذِي حَلَفَ عليه حَنِثَ
وقال في الارشاد وان حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فامر غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ جاريه بِمُبَاشَرَةِ ذلك الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ وَيَقْصِدُ بِيَمِينِهِ ان لَا يَتَوَلَّى هو فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ فامر غيرة بِفِعْلِهِ لم يَحْنَثْ
قال في الْمُفْرَدَاتِ ان حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ والا فَلَا
فائده لو تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِيمَا حَلَفَ ان لَا يَفْعَلَهُ وكان عَقْدًا فان اضافه إلَى مُوَكِّلِهِ لم يَحْنَثْ
وَلَا بُدَّ في النِّكَاحِ من الاضافه كما تَقَدَّمَ في الوكاله وَالنِّكَاحِ وان اطلق في ذلك كُلِّهِ فَوَجْهَانِ
واطلقهما في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ اولا لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ على وَطْءِ امراته تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا وان
____________________
(11/90)
حَلَفَ على وَطْءِ دَارٍ تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا او مَاشِيًا او حَافِيًا او مُنْتَعِلًا
لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ وَالْيَاسَمِينَ او لَا يَشُمُّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ فَشَمَّ دُهْنَهُمَا او مَاءَ الْوَرْدِ فَالْقِيَاسُ انه لَا يَحْنَثُ
وَلَا يَحْنَثُ الا بِشَمِّ الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال بَعْضُ اصحابنا يَحْنَثُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الاصح
وَاخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ
وَقَدَّمَهُ في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا ياكل لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ
وهو الْمَذْهَبُ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ واللغه
قال في الْمَذْهَبِ حَنِثَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ في الاصح
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
____________________
(11/91)
وهو اخْتِيَارُ الخرقى وَالْقَاضِي وعامه اصحابه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
ولم يَحْنَثْ عِنْدَ بن ابي مُوسَى إلَّا ان يَنْوِيَ
قال الزركشى وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
واطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الفقهيه
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا وَلَا بَيْضًا حَنِثَ بِأَكْلِ رؤوس الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَبَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عِنْدَ الْقَاضِي
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الخلاصه حَنِثَ باكل السَّمَكِ وَالطَّيْرِ في الاصح
وَعِنْدَ ابي الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ الا باكل راس جَرَتْ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا او بَيْضٍ يُزَايِلُ بَائِضُهُ حَالَ الْحَيَاةِ
وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ ان يَمِينَهُ تَخْتَصُّ بِمَا يُسَمَّى رَأْسًا عُرْفًا
واختارة الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْبَيْضِ
وقال في الْوَاضِحِ والاقناع في الرُّءُوسِ هل يَحْنَثُ بِأَكْلِ كل رَأْسٍ اختارة الخرقى ام بِرُءُوسِ بهيمه الانعام فيه رِوَايَتَانِ
وقال في التَّرْغِيبِ ان كان بِمَكَانٍ الْعَادَةُ افراده بِالْبَيْعِ فيه حَنِثَ فيه او في غَيْرِ مَكَانِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى اصل العاده او عاده الْحَالِفِ
____________________
(11/92)
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا أو حَمَّامًا أو بَيْتَ شَعْرٍ أو أَدَمٍ أو لَا يَرْكَبُ فَرَكِبَ سَفِينَةً حَنِثَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ
قال الشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ فِيمَا إذَا دخل مَسْجِدًا أو حَمَّامًا
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا انه يَحْنَثُ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ في ذلك إلَى نِيَّتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَحِنْثُهُ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ وَالْكَعْبَةِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ
وقال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا دخل ما لَا يُسَمَّى بَيْتًا في الْعُرْفِ كَالْخَيْمَةِ
قوله وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أو سَبَّحَ أو ذَكَرَ اللَّهَ لم يَحْنَثْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ
وَتَوَقَّفَ في رِوَايَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ دَقَّ عليه إنْسَانٌ فقال اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ يَقْصِدُ تَنْبِيهَهُ
يَعْنِي يَقْصِدُ بِذَلِكَ الْقُرْآنَ لم يَحْنَثْ
____________________
(11/93)
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ وَجْهَيْنِ في حِنْثِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يَقْصِدْ تَنْبِيهَهُ أَعْنِي إنْ لم يَقْصِدْ بِذَلِكَ الْقُرْآنَ يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ من كَلَامِ الناس
وقد صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
فَائِدَةٌ حَقِيقَةُ الذِّكْرِ ما نَطَقَ بِهِ فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عليه
ذَكَرَهُ في الإنتصار
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ وَيَتَضَمَّنُ ما يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ من الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي
فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ تَارَةً وَقِسْمًا منه تَارَةً أُخْرَى
وينبنى عليه من حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فقال قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا هل يَحْنَثُ فيه وَجْهَانِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ
قال بن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ لو حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَتَكَلَّمَ حَنِثَ
وَقِيلَ لَا
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في الْمَشْيِ في صَلَاتِهِ في قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أفعل ذلك يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ في الْحَقِيقَةِ
وَلَيْسَ إذَا كان لها اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ من الْفِعْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى فِعْلًا
قال أبو الْوَفَاءِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ حَنِثَ إجْمَاعًا
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بها ضَرْبَةً وَاحِدَةً لم يَبَرَّ في يَمِينِهِ
____________________
(11/94)
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال بن الْجَوْزِيِّ في التَّبْصِرَةِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
وَعَنْهُ يَبَرُّ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ كَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةِ سَوْطٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شيئا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا في غَيْرِهِ مِثْلُ أن حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فأكل ( ( ( فأكله ) ) ) زُبْدًا أو لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فيه طَعْمُهُ أو لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَأَكَلَ نَاطِفًا أو لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ أو لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ يَشْتَمِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا على مَسَائِلَ
منها لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فإنه يَحْنَثُ بِأَكْلِ كل لَبَنٍ وَلَوْ من صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ما تَقَدَّمَ في مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ وَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا إذَا لم يَظْهَرْ فيه طَعْمُهُ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ قبل ذلك بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الذي ذَكَرَهُ هُنَا احْتِمَالًا لِلْقَاضِي
____________________
(11/95)
وَلَعَلَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ في تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ على ما إذَا لم يَظْهَرْ فيه طَعْمُهُ كما صَرَّحُوا بِهِ هُنَا
أو يُقَالُ الزُّبْدُ ليس فيه شَيْءٌ من اللَّبَنِ مُسْتَهْلَكًا
وَلِذَلِكَ لم يذكر هذه الصُّورَةَ في الْوَجِيزِ هُنَا وَلَا جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ رِوَايَتَانِ
وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُهُ فيه فإنه يَحْنَثُ
وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل سَمْنًا فاكل خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فيه طَعْمُهُ لم يَحْنَثْ وان ظَهَرَ فيه طَعْمُهُ حَنِثَ بِلَا خِلَافٍ اعلمه
وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل بَيْضًا فاكل نَاطِفًا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لو حَلَفَ لَا ياكل شيئا فَاسْتَهْلَكَ في غَيْرِهِ ثُمَّ اكله قال الاصحاب لَا يَحْنَثُ ولم يُخَرِّجُوا فيه خِلَافًا
وقد يُخَرَّجُ فيه وَجْهٌ بِالْحِنْثِ
وقد أَشَارَ إلَيْهِ ابو الْخَطَّابِ
وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فاكل اللَّحْمَ الاحمر لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اكثر الاصحاب
قال في الْفُرُوعِ لَا يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر على الاصح
قال الْمُصَنِّفُ وهو الصَّحِيحُ
قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ غَيْرِ الخرقى من اصحابنا
قال الزَّرْكَشِيُّ وقال عَامَّةُ الاصحاب لَا يَحْنَثُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/96)
وقال الخرقى يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر وَحْدَهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابى الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ اذا حَلَفَ لَا ياكل اللَّحْمَ فاكل الشَّحْمَ او غَيْرَهُ او لَا ياكل الشَّحْمَ فاكل شَحْمَ الظَّهْرِ وَنَحْوَ ذلك
وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل شَعِيرًا فاكل حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ على الاصح
قال الشَّارِحُ والاولى انه لَا يَحْنَثُ
وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وهو تَخْرِيجٌ فى الْهِدَايَةِ
وقال غَيْرُ الْخِرَقِيِّ يَحْنَثُ باكل حِنْطَةٍ فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ حَنِثَ فى الاصح
وَقَدَّمَهُ فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ ابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ في حِنْثِهِ وَجْهَيْنِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ ان كان غير مَطْحُونٍ
وَغَلِطَ من نَقَلَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ
وان كان مَطْحُونًا لم يَحْنَثْ نَقَلَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
وقال في الْفُرُوعِ وفي التَّرْغِيبِ ان طَحَنَهُ لم يَحْنَثْ والا حَنِثَ في الاصح انْتَهَى
____________________
(11/97)
قُلْت قَطَعَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ انه لَا يَحْنَثُ اذا اكل ذلك غير مَطْحُونٍ وَيَحْنَثُ اذا اكله دَقِيقًا او سَوِيقًا
فقال لو حَلَفَ لَا آكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ بَلْ بِدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَشُرْبِهِمَا او بِالْعَكْسِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَشَرِبَهُ او لَا يَشْرَبُهُ فاكله فقال الخرقى يَحْنَثُ
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ في الاصح
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَثَرَدَ فيه فاكله لَا يَحْنَثُ
قال فى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ رَوَى مُهَنَّا لَا يَحْنَثُ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
واطلق الرِّوَايَتَيْنِ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
قال ابو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا فَيَخْرُجُ في كل ما حَلَفَ لَا ياكله فَشَرِبَهُ او لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ وَجْهَانِ
واطلقهما في الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي ان عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عليه يَحْنَثُ وان لم يُعَيِّنْهُ لم يَحْنَثْ
قَالَهُ في الْمُجَرَّدِ
وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ
واطلقهن الزركشى وَالْمُحَرَّرُ والحاوى
وقال الْقَاضِي فى كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ مَحَلُّ الْخِلَافِ مع التَّعْيِينِ اما مع عَدَمِهِ فَلَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا
____________________
(11/98)
وقال في التَّرْغِيبِ مَحَلُّ الْخِلَافِ مع ذِكْرِ الماكول وَالْمَشْرُوبِ والا حَنِثَ
فائده لو حَلَفَ لَا يَشْرَبُ فَمَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ او الرُّمَّانَ لم يَحْنَثْ نَصَّ عليه
وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَمَصَّهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ اختارة بن ابي مُوسَى وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى والكافى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَاقْتَصَرَ عليه بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَيَجِيءُ على قَوْلِ الخرقى انه يَحْنَثُ
وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
واطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا فَتَرَكَهُ في فيه حتى ذَابَ وَابْتَلَعَهُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ باكله وَشُرْبِهِ وان ذَاقَهُ ولم يَبْلَعْهُ لم يَحْنَثْ
بِلَا نِزَاعٍ
وان حَلَفَ لَا ذَاقَهُ حَنِثَ باكله وَشُرْبِهِ
قال في الرعايه وَفِيمَنْ لَا ذَوْقَ له نَظَرٌ
وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فاكله بِالْخُبْزِ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ ذلك لم يَحْنَثْ
وَقَطَعَ بِهِ الاصحاب
____________________
(11/99)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لانه لَا يُطْلَقُ اسْمُ الْفِعْلِ على مُسْتَدِيمِ هذه الثلاثه فَلَا يُقَالُ تَزَوَّجْت شَهْرًا وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا وَلَا تَطَيَّبْت شَهْرًا وانما يُقَالُ مُنْذُ شَهْرٍ ولم يُنَزِّلْ الشَّارِعُ استدامه التَّزَوُّجِ وَالتَّطَيُّبِ منزله ابْتِدَائِهِمَا في تَحْرِيمِهِ في الاحرام
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ فَاسْتَدَامَ ذلك حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال ابو مُحَمَّدٍ الجوزى في اللُّبْسِ ان اسْتَدَامَهُ حَنِثَ ان قَدَرَ على نَزْعِهِ
قال الْقَاضِي وبن شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا الاخراج وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لُبْسًا وَلَا فيه مَعْنَاهُ
وَتَقَدَّمَ إذَا حَلَفَ لَا يَصُومُ وكان صَائِمًا او لَا يَحُجُّ في حَالِ حَجِّهِ او حَلَفَ على غيرة لَا يصلى وهو في الصَّلَاةِ
فائده وَكَذَا الْحُكْمُ لو حَلَفَ لَا يَلْبَسُ من غَزْلِهَا وَعَلَيْهِ منه شَيْءٌ نَصَّ عليه
وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَقُومُ وهو قَائِمٌ ولا يَقْعُدُ وهو قَاعِدٌ ولا يُسَافِرُ وهو مُسَافِرٌ
وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَطَأُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَلَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
او حَلَفَ ان لَا يُضَاجِعَهَا على فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ نَصَّ عليه
او حَلَفَ ان لَا يُشَارِكَهُ فَدَامَ ذَكَرَهُ في الروضه
قال في الْفُرُوعِ عن الْقَاضِي وبن شِهَابٍ وَغَيْرِهِمَا وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ لِاشْتِمَالِهِ على ايلاج واخراج فَهُوَ شَطْرُهُ
____________________
(11/100)
وَجَزَمَ الْمَجْدُ في مُنْتَهَى الغايه لَا يَحْنَثُ الْمُجَامِعُ ان نَزَعَ في الْحَالِ
وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ في مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ الْكَفَّ في الْمُسْتَقْبَلِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِأَوَّلِ أَسْبَابِ الْإِمْكَانِ بَعْدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ يَمِينِهِ لَا اسْتَدَمْت الْجِمَاعَ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ قَرِيبَةٌ من هذا
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وهو دَاخِلُهَا فاقام فيها حَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
ولم يَحْنَثْ عِنْدَ ابي الْخَطَّابِ
واطلقهما في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ عليه فَأَقَامَ معه فَعَلَى وَجْهَيْنِ
واطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
احدهما يَحْنَثُ
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
____________________
(11/101)
وَالْوَجْهُ الثانى لَا يَحْنَثُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ اذا لم يَكُنْ له نِيَّةٌ قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارًا او لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وهو مُسَاكِنُهُ ولم يَخْرُجْ في الْحَالِ حَنِثَ الا ان يُقِيمَ لِنَقْلِ مَتَاعِهِ او يَخْشَى على نَفْسِهِ الْخُرُوجَ فَيُقِيمُ إلَى ان يُمْكِنَهُ وان خَرَجَ دُونَ مَتَاعِهِ واهله حَنِثَ إلَّا أَنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ او يُعِيرَهُ او يَزُولَ مِلْكُهُ عنه وَتَأْبَى امْرَأَتُهُ الْخُرُوجَ معه وَلَا يُمْكِنُهُ اكراهها فَيَخْرُجُ وَحْدَهُ فَلَا يَحْنَثُ
هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ اقام السَّاكِنُ او الْمُسَاكِنُ حتى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسْبِ العاده لَا لَيْلًا ذَكَرَهُ في التبصره وَالشَّيْخِ يعنى بِهِ الْمُصَنِّفَ بِنَفْسِهِ وباهله وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ لم يَحْنَثْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والهدايه وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال الْمُصَنِّفُ يَحْنَثُ ان لم يَنْوِ النَّقْلَةَ
وَظَاهِرُ نَقْلِ بن هَانِئٍ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ لو تَرَكَ له بها شيئا حَنِثَ
وَقِيلَ ان خَرَجَ باهله فَقَطْ فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ لم يَحْنَثْ
قال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ بِأَهْلِهِ فَسَكَنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ انه لَا يَحْنَثُ وَإِنْ بَقِيَ مَتَاعُهُ في الدَّارِ الْأُولَى لِأَنَّ مَسْكَنَهُ حَيْثُ حَلَّ أَهْلُهُ بِهِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ انْتَهَى
____________________
(11/102)
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقِيلَ او خَرَجَ وَحْدَهُ بِمَا يتاثث بِهِ فَلَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قوله وان حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فى النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ فى الشَّرْحِ وقال ( ( ( وقيل ) ) ) لانعلم فيه خِلَافًا
وَقِيلَ لايحنث
قال فى الْمُحَرَّرِ وان تَشَاغَلَ هو وَفُلَانٌ بِبِنَاءِ الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
واطلقهما فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا اساكنه فى هذه الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَفَتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَابًا لِنَفْسِهِ وَسَكَنَاهَا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في المغنى الشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَقَدَّمَهُ فى الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ
قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِكَوْنِهِ عَيَّنَ الدَّارِ
قَوْلُهُ وان كان فى الدَّارِ حُجْرَتَانِ كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً لم يَحْنَثْ
____________________
(11/103)
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وقال إذَا لم يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ
قال في الْفُنُونِ فِيمَنْ قال انت طَالِقٌ ان دَخَلْت على الْبَيْتَ وَلَا كُنْت لي زوجه إنْ لم تَكْتُبِي لي نِصْفَ مَالِكِ فَكَتَبَتْهُ له بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَتَبَتْ له لانه يَقَعُ باستدامه الْمَقَامِ فَكَذَا استدامه الزوجيه قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه البلده فَخَرَجَ وحدة دُونَ اهله بَرَّ
وهو الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
قال في الْفُرُوعِ والاشهر يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ
وَجُزِمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
قال في الرعايه يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ بِمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ
وَقِيلَ لَا يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ انها كَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ
قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه الدَّارِ فَخَرَجَ دُونَ اهله لم يَبَرَّ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
قال في الْفُرُوعِ فَهُوَ كَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ على ما تَقَدَّمَ
فائده مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ لَا يَنْزِلُ في هذه الدَّارِ وَلَا يَأْوِي إلَيْهَا نُصَّ عَلَيْهِمَا وَكَذَا لو حَلَفَ لَيَرْحَلَنَّ من الْبَلَدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه البلده او لَيَرْحَلَنَّ
عن هذه الدَّارِ فَفَعَلَ فَهَلْ له الْعَوْدُ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(11/104)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
إحْدَاهُمَا له الْعَوْدُ ولم يَحْنَثْ إذَا لم تكن ( ( ( يكن ) ) ) نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ على الْأَصَحِّ
قال في الْمُذْهَبِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْخُلَاصَةِ إذَا رَحَلَ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْنَثُ بِالْعَوْدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا وَأَمْكَنَهُ الِامْتِنَاعُ فلم يَمْتَنِعْ أو حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فَخَدَمَهُ وهو سَاكِتٌ فقال الْقَاضِي يَحْنَثُ
وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ
وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/105)
وَقُدِّمَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَحْنَثُ في الثَّانِيَةِ
وقال الشَّارِحُ إنْ كان الْخَادِمُ عَبْدَهُ حَنِثَ وَإِنْ كان عَبْدَ غَيْرِهِ لم يَحْنَثْ
وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لم يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ
وهو الْمُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ
وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ على الصَّحِيحِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْمُكْرَهِ في آخِرِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ لو اسْتَدَامَ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا يَحْنَثُ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِي لَا يَحْنَثُ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ أو لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عليه قبل الْغَدِ حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُحَرَّرِ
____________________
(11/106)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ على قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْنَثُ حَالَ تَلَفِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه
وَقِيلَ يَحْنَثُ في آخِرِ الْغَدِ
وهو أَيْضًا تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ إذَا جاء الْغَدُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْحَالِفِ
فَأَمَّا إنْ تَلِفَ بِاخْتِيَارِهِ كما إذَا قَتَلَهُ وَنَحْوَهُ فإنه يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا
وفي وَقْتِ حِنْثِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو تَلِفَ في الْغَدِ ولم يَضْرِبْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَشَمِلَ صُورَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ في الْغَدِ فَهُوَ كما لو مَاتَ من يَوْمِهِ على ما تَقَدَّمَ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ ولم يَضْرِبْهُ فَهَذَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا فَوَائِدُ
منها لو ضَرَبَهُ قبل الْغَدِ لم يَبَرَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/107)
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وقال الْقَاضِي يَبَرُّ لِأَنَّ يَمِينَهُ لِلْحِنْثِ على ضَرْبِهِ فإذا ضَرَبَهُ الْيَوْمَ فَقَدْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه وَزِيَادَةً
قُلْت قَرِيبٌ من ذلك إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ
وَمِنْهَا لو ضَرَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لم يَبَرَّ
وَمِنْهَا لو ضَرَبَهُ ضَرْبًا لَا يُؤْلِمُهُ لم يَبَرَّ أَيْضًا
وَمِنْهَا لو جُنَّ الْغُلَامُ وَضَرَبَهُ بَرَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ لم يَحْنَثْ
إذَا مَاتَ الْحَالِفُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ قبل الْغَدِ أو في الْغَدِ
فَإِنْ مَاتَ قبل الْغَدِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو جُنَّ الْحَالِفُ فلم يُفِقْ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْغَدِ
وَإِنْ مَاتَ في الْغَدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ نُصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَقِيلَ إنْ تَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(11/108)
قال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ هذه الْأَقْوَالَ مُصَرَّحًا بها في هذه الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا لَكِنَّهَا تُؤْخَذُ من مَجْمُوعِ كَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ انْتَهَى
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ في الْغَدِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِهِ حَنِثَ وَجْهًا وَاحِدًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ هذا الْغُلَامَ الْيَوْمَ أو لَيَأْكُلَنَّ هذا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَمَاتَ الْغُلَامُ أو تَلِفَ الرَّغِيفُ فيه حَنِثَ عَقِبَ تَلَفِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ في آخِرِهِ
وَأَمَّا إذَا لم يَمُتْ الْغُلَامُ وَلَا تَلِفَ الرَّغِيفُ لَكِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فإنه يَحْنَثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْنَثُ بِمَوْتِهِ على الْأَصَحِّ بِآخِرِ حَيَاتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِمَوْتِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَقْتُ حِنْثِهِ آخِرُ حَيَاتِهِ
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا وَعَيَّنَ وَقْتًا أو أَطْلَقَ فَمَاتَ الْحَالِفُ أو تَلِفَ الْمَحْلُوفُ عليه قبل أَنْ يَمْضِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُ فِعْلُهُ فيه حَنِثَ نُصَّ عليه كَإِمْكَانِهِ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ من الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فَأَبْرَأَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ وَجْهَيْنِ
____________________
(11/109)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ
قال في الْهِدَايَةِ بِنَاءً على ما إذَا أُكْرِهَ وَمُنِعَ من الْقَضَاءِ في الْغَدِ هل يَحْنَثُ على الرِّوَايَتَيْنِ
قال الشَّارِحُ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على ما إذَا حَلَفَ على فِعْلِ شَيْءٍ فَتَلِفَ قبل فِعْلِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأهُ الْيَوْمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ
وقال في التَّرْغِيبِ أَصْلُهُمَا إذَا مُنِعَ من الْإِيفَاءِ في الْغَدِ كُرْهًا لَا يَحْنَثُ على الْأَصَحِّ
وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فَقَضَى وَرَثَتَهُ لم يَحْنَثْ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ فَأَشْبَهَ ما لو حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا فَمَاتَ الْيَوْمَ
____________________
(11/110)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقَضَى لِوَرَثَتِهِ
وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا لم يَحْنَثْ عِنْدَ بن حَامِدٍ
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَخَذَ عنه عَرَضًا لم يَحْنَثْ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَحَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأَهُ الْيَوْمَ أو قبل مُضِيِّهِ أو مَاتَ رَبُّهُ فَقَضَاهُ لِوَرَثَتِهِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ إلَّا مع الْبَرَاءَةِ أو الْمَوْتِ قبل الْغَدِ
قال في الْفُرُوعِ لو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأَهُ الْيَوْمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أَوَّلِ الشَّهْرِ بَرَّ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(11/111)
وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال مع رَأْسِ الْهِلَالِ أو إلَى رَأْسِ الْهِلَالِ أو إلَى اسْتِهْلَالِهِ أو عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أو مع رَأْسِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو شَرَعَ في عَدِّهِ أو كَيْلِهِ أو وَزْنِهِ فَتَأَخَّرَ الْقَضَاءُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لم يَتْرُكْ الْقَضَاءَ
قَالَا وَكَذَلِكَ لو حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هذا الطَّعَامَ في هذا الْوَقْتِ فَشَرَعَ في أَكْلِهِ فيه وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَتِهِ لم يَحْنَثْ
قَوْلُهُ فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أَوَّلِ الشَّهْرِ
هَكَذَا قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ
وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قالوا فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ من آخِرِ الشَّهْرِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَضَاهُ قبل الْغُرُوبِ في آخِرِهِ بَرَّ
وَقِيلَ بَلْ في أَوَّلِهِ
فَجَعَلَهُمَا قَوْلَيْنِ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ مُخْتَلِفَةٌ
فَائِدَةٌ لو أَخَّرَ ذلك مع إمْكَانِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا تُعْتَبَرُ الْمُقَارَنَةُ فَتَكْفِي حَالَةَ الْغُرُوبِ وَإِنْ قَضَاهُ بَعْدَهُ حَنِثَ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَهَرَبَ منه حَنِثَ نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(11/112)
قال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَحْنَثُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَصَحُّ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ في الْكَافِي بِأَنَّهُ إذَا فَارَقَهُ الْغَرِيمُ بِإِذْنِهِ أو قَدَرَ على مَنْعِهِ من الْهَرَبِ فلم يَفْعَلْ حَنِثَ
وَمَعْنَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي
وَجَعَلَهُ مَفْهُومَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَعْنِي في الْإِذْنِ له
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَهَرَبَ منه وَأَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ وَإِمْسَاكُهُ فلم يَفْعَلْ حَنِثَ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَحَكَمَ عليه بِفِرَاقِهِ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْإِكْرَاهِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا فَلَّسَهُ ولم يَحْكُمْ عليه بِفِرَاقِهِ وَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(11/113)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ هو كَالْمُكْرَهِ وما هو بِبَعِيدٍ
فَائِدَةٌ قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إذَا حَلَفَ لأفارقنك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَفِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ
إحْدَاهَا أَنْ يُفَارِقَهُ مُخْتَارًا فَيَحْنَثَ سَوَاءٌ أَبْرَأَهُ من الْحَقِّ أو بَقِيَ عليه
الثَّانِيَةُ أَنْ يُفَارِقَهُ مُكْرَهًا فَإِنْ فَارَقَهُ بِكَوْنِهِ حُمِلَ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ وَإِنْ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ لم يَحْنَثْ
وفي قَوْلِ أبي بَكْرٍ يَحْنَثُ
وفي النَّاسِي تَفْصِيلٌ ذُكِرَ فِيمَا مَضَى
الثَّالِثَةُ أَنْ يَهْرُبَ منه بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يَحْنَثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ
الرَّابِعَةُ أَذِنَ له الْحَالِفُ في الْمُفَارَقَةِ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْنَثُ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ
قال الْقَاضِي وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
الْخَامِسَةُ فَارَقَهُ من غَيْرِ إذْنٍ وَلَا هَرَبٍ على وَجْهٍ يُمْكِنُهُ مُلَازَمَتُهُ وَالْمَشْيُ معه أو إمْسَاكُهُ فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
السَّادِسَةُ قَضَاهُ قَدْرَ حَقِّهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قد وَفَّاهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا فَيُخَرَّجُ في حِنْثِهِ رِوَايَتَا النَّاسِي
وَكَذَا إنْ وَجَدَهَا مُسْتَحَقَّةً فَأَخَذَهَا رَبُّهَا
وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ حَنِثَ
____________________
(11/114)
السَّابِعَةُ تَفْلِيسُ الْحَاكِمِ له على ما تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا
الثَّامِنَةُ أَحَالَهُ الْغَرِيمُ بِحَقِّهِ فَفَارَقَهُ حَنِثَ
فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ قد يُرِيدُ بِذَلِكَ مُفَارَقَتَهُ فَفَارَقَهُ خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ هُنَا
فَأَمَّا إنْ كانت يَمِينُهُ لَا فَارَقْتُك وَلِي قِبَلَك حَقٌّ فَأَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ لم يَحْنَثْ
وَإِنْ أَخَذَ بِهِ ضَمِينًا أو كَفِيلًا أو رَهْنًا فَفَارَقَهُ حَنِثَ بِلَا إشْكَالٍ
التَّاسِعَةُ قَضَاهُ عن حَقِّهِ عَرَضًا ثُمَّ فَارَقَهُ فقال بن حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَوْلَى
وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ
فَلَوْ كانت يَمِينُهُ لَا فَارَقْتُك حتى تَبْرَأَ من حَقِّي أو وَلِي قِبَلَك حَقٌّ لم يَحْنَثْ وَجْهًا وَاحِدًا
الْعَاشِرَةُ وَكَّلَ في اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَإِنْ فَارَقَهُ قبل اسْتِيفَاءِ الْوَكِيلِ حَنِثَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال لَا فَارَقْتنِي حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَفَارَقَهُ الْمَحْلُوفُ عليه مُخْتَارًا حَنِثَ
وَإِنْ أُكْرِهَ على فِرَاقِهِ لم يَحْنَثْ
وَإِنْ فَارَقَهُ الْحَالِفُ مُخْتَارًا حَنِثَ إلَّا على ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في تَأْوِيلِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
____________________
(11/115)
الثَّانِيَةُ لو حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أُوفِيَك حَقَّك فَأَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ منه فَهَلْ يَحْنَثُ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْمُكْرَهِ
وَإِنْ كان الْحَقُّ عَيْنًا فَوَهَبَهَا له الْغَرِيمُ فَقَبِلَهَا حَنِثَ
وَإِنْ قَبَضَهَا منه ثُمَّ وَهَبَهَا إيَّاهُ لم يَحْنَثْ
وَإِنْ كانت يَمِينُهُ لَا أُفَارِقُك وَلَك في قِبَلِي حَقٌّ لم يَحْنَثْ إذَا أَبْرَأَهُ أو وَهَبَ الْعَيْنَ له
____________________
(11/116)
بَابُ النَّذْرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا نِزَاعَ في صِحَّةِ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ في الْجُمْلَةِ
وهو عِبَارَةٌ عَمَّا قال الْمُصَنِّفُ وهو أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى شيئا
يَعْنِي إذَا كان مُكَلَّفًا مُخْتَارًا
الثَّانِيَةُ النَّذْرُ مَكْرُوهٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ النَّذْرُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ
قال بن حَامِدٍ لَا يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شيئا مُحْدَثًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال النَّاظِمُ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا مُحَرَّمٍ
وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَحْرِيمِهِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ نهى عنه النبي عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ
وقال بن حَامِدٍ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُبَاحٌ
وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ من أَهْلِ الحديث
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من مُكَلَّفٍ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا
يَصِحُّ النَّذْرُ من الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا بِلَا نِزَاعٍ
وَيَصِحُّ من الْكَافِرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عليه في الْعِبَادَةِ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةٍ نُصَّ عليه
____________________
(11/117)
وَقِيلَ منه بِغَيْرِهَا
مَأْخَذُهُ أَنَّ نَذْرَهُ لها كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَصِحُّ من كل كَافِرٍ
وَقِيلَ بِغَيْرِ عِبَادَةٍ
فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يَصِحُّ منه بِعِبَادَةٍ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ يَحْسُنُ بِنَاؤُهُ على أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إنَّ نَذْرَهُ لِلْعِبَادَةِ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ من أَهْلِ الْعِبَادَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ فَإِنْ نَوَاهُ من غَيْرِ قَوْلٍ لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ له صِيغَةٌ خَاصَّةٌ
يُؤَيِّدُهُ ما يَأْتِي في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ قال أنا أُهْدِي جَارِيَتِي أو دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أو الْأَكْثَرِ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أو عَلَيَّ كَذَا
وَيَأْتِي كَلَامُ بن عَقِيلٍ إلَّا مع دَلَالَةِ الْحَالِ
وقال في الْمُذْهَبِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ فيقول لِلَّهِ عَلَيَّ
وقد قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ وهو قَوْلٌ يَلْتَزِمُ بِهِ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ لِلَّهِ حَقًّا بِعَلَيَّ لِلَّهِ أو نَذَرْت لِلَّهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ في مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ فَلَوْ قال لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ أو صَوْمُ رَمَضَانَ لم يَنْعَقِدْ
لَا يَصِحُّ النَّذْرُ في مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
____________________
(11/118)
وَحَكَى في الْمُغْنِي احْتِمَالًا
وَجَعَلَ في الْكَافِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ في الْوَاجِبِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إنْ لم يَفْعَلْهُ
وقال في الْمُغْنِي في مَوْضِعٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ الِانْعِقَادُ وَقَوْلِ الْقَاضِي عَدَمُهُ انْتَهَى
وَذَكَرَ في الْكَافِي احْتِمَالًا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ في نَذْرِ الْمُحَالِ كَيَمِينِ الْغَمُوسِ
وَيَأْتِي إذَا نَذَرَ صَوْمَ نِصْفِ يَوْمٍ
قَوْلُهُ وَالنَّذْرُ الْمُنْعَقِدُ على خَمْسَةِ أَقْسَامٍ
أَحَدُهَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ وهو أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَيَجِبُ فيه كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَكَذَا قَوْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ له
قَوْلُهُ الثَّانِي نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وهو ما يُقْصَدُ بِهِ الْمَنْعُ من شَيْءٍ غَيْرَهُ أو الْحَمْلُ عليه كَقَوْلِهِ إنْ كَلَّمْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ أو صَوْمُ سَنَةٍ أو عِتْقُ عَبْدِي أو الصَّدَقَةُ بِمَالِي فَهَذَا يَمِينٌ يَتَخَيَّرُ بين فِعْلِهِ وَالتَّكْفِيرِ
يَعْنِي إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
نَقَلَ صَالِحٌ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه فَلَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
____________________
(11/119)
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وقال في الْوَاضِحِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لَزِمَهُ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَضُرُّ قَوْلُهُ على مَذْهَبِ من يُلْزِمُ بِذَلِكَ أو لَا أُقَلِّدُ من يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَوْكِيدٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ فيه كَأَنْتِ طَالِقٌ بَتَّةَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
نَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِيمَنْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أو بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ أَرَادَ يَمِينًا كَفَّرَ يَمِينَهُ وَإِنْ أَرَادَ نَذْرًا فَعَلَى حديث عُقْبَةَ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ من قال أنا أُهْدِي جَارِيَتِي أو دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ
وقال في امْرَأَةٍ حَلَفَتْ إنْ لَبِسْت قَمِيصِي هذا فَهُوَ مهدى تُكَفِّرُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ
وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ قال غَنَمِي صَدَقَةٌ وَلَهُ غَنَمٌ شَرِكَةٌ إنْ نَوَى يَمِينًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ
الثَّانِيَةُ لو عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِبَيْعِهِ وَالْمُشْتَرِي عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفَّارَةً نُصَّ عليه
____________________
(11/120)
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو مَعْصِيَةٍ لَا شَيْءَ عليه كَنَذْرِهِمَا فإن ما لم يَلْزَمْ بِنَذْرِهِ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إذَا حَلَفَ بِهِ فَمَنْ يقول لَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِالْأَوْلَى فإن إيجَابَ النَّذْرِ أَقْوَى من إيجَابِ الْيَمِينِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ نَذْرُ الْمُبَاحِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي أو أَرْكَبَ دَابَّتِي فَهَذَا كَالْيَمِينِ يَتَخَيَّرُ بين فِعْلِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَعْصِيَةِ على ما يَأْتِي
وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في نَذْرِ الْمُبَاحِ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَذَرَ مَكْرُوهًا كَالطَّلَاقِ اُسْتُحِبَّ له أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلُهُ
أَنَّهُ إذَا لم يَفْعَلْهُ عليه الْكَفَّارَةُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه
____________________
(11/121)
وهو دَاخِلٌ في احْتِمَالِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ إذَا لم يَنْعَقِدْ نَذْرُ الْمُبَاحِ فَنَذْرُ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى
وَالْمَذْهَبُ انْعِقَادُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أو صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ وَيَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُكَفِّرُ
إذَا نَذَرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أو صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيُكَفِّرُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ يُكَفِّرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَعْصِيَةِ وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كما تَقَدَّمَ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ في نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا هو لَاغٍ لَا شَيْءَ فيه
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ نَذَرَ لَيَهْدِمَنَّ دَارَ غَيْرِهِ لَبِنَةً لَبِنَةً لَا كَفَّارَةَ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَلِهَذَا قال أَصْحَابُنَا لو نَذَرَ الصَّلَاةَ أو الاعتكاف في مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَهُ فِعْلُهُ في غَيْرِهِ وَلَا كَفَّارَةَ عليه
____________________
(11/122)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو مَعْصِيَةٍ
وَذَكَرَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ نَذْرَ شُرْبِ الْخَمْرِ لَغْوٌ وَنَذْرَ ذَبْحِ وَلَدِهِ يُكَفَّرُ
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ أَنَّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ لَغْوٌ وفي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ وَجْهٌ أَنَّهُ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ على ما يَأْتِي
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ فَعَلَ ما نَذَرَهُ أَثِمَ وَلَا شَيْءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وهو لِلْمُصَنِّفِ
وَأَمَّا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَقْضِيهِ
نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَهُ هو وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَعَنْهُ لَا يَقْضِي نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
قال في الشَّرْحِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ
قَالَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يُكَفِّرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبُ يُكَفِّرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(11/123)
وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ
وَعَنْهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَأْثَمُ
وقال بن شِهَابٍ يَنْعَقِدُ بِنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا يَصُومُهُ وَيَقْضِي فَتَصِحُّ منه الْقُرْبَةُ وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَافُ عليه فيه فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ
وَكَذَا الصَّلَاةُ في ثَوْبِ حَرِيرٍ
وَالطَّلَاقُ زَمَنَ الْحَيْضِ صَادَفَ التَّحْرِيمَ يَنْعَقِدُ على قَوْلِهِمْ وَرِوَايَةٍ لنا كَذَا هُنَا
وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنِ صَوْمٍ
وَعَلَى قِيَاسِ ذلك إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ وَصَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وقد أَكَلَ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالصَّلَاةَ زَمَنَ الْحَيْضِ قال في الْفُرُوعِ وَنَذْرَ صَوْمِ اللَّيْلِ مُنْعَقِدٌ في النَّوَادِرِ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ لَا لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنِ الصَّوْمِ
وفي الْخِلَافِ وَمُفْرَدَاتِ بن عَقِيلٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ
فَائِدَةٌ نَذْرُ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ إذَا لم يَجُزْ صَوْمُهَا عن الْفَرْضِ وَإِنْ أَجَزْنَا صَوْمَهَا عن الْفَرْضِ فَهُوَ كَنَذْرِ سَائِرِ الْأَيَّامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَكُونَ كَنَذْرِ العيد ( ( ( العبد ) ) ) أَيْضًا
____________________
(11/124)
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْذِرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ وَكَذَا نَذْرُ ذَبْحِ نَفْسِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْخِرَقِيِّ
إحْدَاهُمَا هو كَذَلِكَ
يَعْنِي أَنَّ عليه الْكَفَّارَةَ لَا غَيْرُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ
قال أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وهو الْأَقْوَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ ذَبْحُ كَبْشٍ نُصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَعَنْهُ إنْ قال إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ كَذَا أو نَحْوُهُ وَقَصَدَ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَنَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَيَذْبَحُ في مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ كَبْشًا
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال عليه أَكْثَرُ نُصُوصِهِ
قال وهو مَبْنِيٌّ على الْفَرْقِ بين النَّذْرِ وَالْيَمِينِ
قال وَلَوْ نَذَرَ طَاعَةً حَالِفًا بها أَجْزَأَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا خِلَافٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَيْفَ لَا يُجْزِئُهُ إذَا نَذَرَ مَعْصِيَةً حَالِفًا بها
____________________
(11/125)
قال في الْفُرُوعِ فَعَلَى هذا على رِوَايَةِ حَنْبَلٍ الْآتِيَةِ يَلْزَمَانِ النَّاذِرَ وَالْحَالِفُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
تَنْبِيهٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ ذَبَحَ كَبْشًا
وقال جَمَاعَةٌ ذَبَحَ شَاةً
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَارَةً هذا وَتَارَةً قال هذا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك لو نَذَرَ ذَبْحَ أبيه وَكُلَّ مَعْصُومٍ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الشَّارِحُ فَإِنْ نَذَرَ ذَبْحَ نَفْسِهِ أو أَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ أَيْضًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَتَانِ
وَاقْتَصَرَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ على الْوَلَدِ
وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وقال ما لم تَقِسْ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْعَمُّ وَالْأَخُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وِلَايَةً
الثَّانِيَةُ لو كان له أَكْثَرُ من وَلَدٍ ولم يُعَيِّنْ وَاحِدًا منهم لَزِمَهُ بِعَدَدِهِمْ كَفَّارَاتٌ أو كِبَاشٌ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ في الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ على ما تَقَدَّمَ
تَنْبِيهٌ على الْقَوْلِ بِلُزُومِ ذَبْحِ كَبْشٍ قِيلَ يَذْبَحُهُ مَكَانَ نَذْرِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ بَلْ يَذْبَحُ كَبْشًا حَيْثُ هو وَيُفَرِّقُهُ على الْمَسَاكِينِ فَقُطِعَ بِذَلِكَ
____________________
(11/126)
وَقِيلَ هو كالهدى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَلْزَمَانِهِ
قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ وَلَا كَفَّارَةَ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ نَذَرَ من تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ نُصَّ عليه
وَقَوْلُهُ من تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ يُحْتَرَزُ بِهِ عن نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ
قال في الرَّوْضَةِ ليس لنا في نَذْرِ الطَّاعَةِ ما يَفِي بِبَعْضِهِ إلَّا هذا الْمَوْضِعُ
قُلْت فيعايى بها
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إجْزَاءُ الصَّدَقَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا كَفَّارَةَ نُصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْقَوَاعِدِ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
ويعايى بها أَيْضًا
وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ كُلِّهِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَيُحْكَى رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوَاجِبَ في ذلك كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَعَنْهُ يَشْمَلُ النَّقْدَ فَقَطْ
____________________
(11/127)
وقال ( ( ( وقيل ) ) ) في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهَلْ يَخْتَصُّ ذلك بِالصَّامِتِ أو يَعُمُّ غَيْرَهُ بِلَا نِيَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَالٍ إنْ لم يَكُنْ له نِيَّةٌ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ على اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسْبِ عَزْمِهِ وَنَصّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ في الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ من الصَّامِتِ أو من جَمِيعِ ما يَمْلِكُ
قال إنَّمَا يَكُونُ هذا على قَدْرِ ما نَوَى أو على قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عِنْدَ الناس
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أو بِبَعْضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ
فَإِنْ نَفِدَ هذا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يوم حِنْثِهِ
قال في الهدى يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ يوم نَذْرِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ
قال ( ( ( قيل ) ) ) فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذلك الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَإِنَّمَا نَصُّهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يوم نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ عنه قَدْرُ دَيْنِهِ
وَهَذَا على أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَحِيحٌ في صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ
وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِكَوْنِ قَدْرِ الدِّينِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ من النَّذْرِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِأَلْفٍ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ
هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(11/128)
قال الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ ثُلُثُهُ
قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ إنْ زَادَ الْمَنْذُورُ على ثُلُثِ الْمَالِ أَجْزَأَهُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِلَّا لَزِمَهُ كُلُّ الْمُسَمَّى
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَصَحُّ
وَصَحَّحَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِقَدْرٍ من الْمَالِ فَأَبْرَأَ غَرِيمَهُ من قَدْرِهِ يَقْصِدُ بِهِ وَفَاءَ النَّذْرِ لم يُجْزِئْهُ وَإِنْ كان من أَهْلِ الصَّدَقَةِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُجْزِئُهُ حتى يَقْبِضَهُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ الْخَامِسُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ كَنَذْرِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَنَحْوِهَا من الْقِرَبِ على وَجْهِ التَّقَرُّبِ سَوَاءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا أو مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ يَرْجُوهُ فقال إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أو إنْ سَلَّمَ اللَّهُ مَالِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ بِشَرْطِ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أو دَفْعِ نِقْمَةٍ
____________________
(11/129)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ
الثَّالِثَةُ لو نَذَرَ صِيَامَ نِصْفِ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ
ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في الْمُسَوَّدَةِ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ في الْفُرُوعِ وقال وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ
الرَّابِعَةُ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ مِثْلَ ما لو قال وَاَللَّهِ لَئِنْ سَلَّمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ تَعَدُّدِ نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَالْمَنْصُوصُ أو حَلَفَ بِقَصْدِ التَّبَرُّرِ
وَقِيلَ ليس هذا بِنَذْرٍ
الْخَامِسَةُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَتَى وُجِدَ شَرْطُهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالْفُنُونِ لِوُجُودِ أَحَدِ سَبَبَيْهِ وَالنَّذْرُ كَالْيَمِينِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَمَنَعَهُ أبو الْخَطَّابِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ مَنَعَ كَوْنَهُ سَبَبًا
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لم يَلْزَمْهُ فَلَا يُجْزِئُهُ عن الْوَاجِبِ
ذَكَرَاهُ في جَوَازِ صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ قبل رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ لم يَجِبْ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ الْقُدُومُ وما وُجِدَ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ على الْفَوْرِ
السَّادِسَةُ لو نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قبل عِتْقِهِ لم يَلْزَمْهُ عِتْقُ غَيْرِهِ وَلَزِمَهُ
____________________
(11/130)
كَفَّارَةُ يَمِينٍ نُصَّ عليه لِعَجْزِهِ عن الْمَنْذُورِ
وَإِنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ على وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ قَالَهُ بن عَقِيلٍ
فَيَجِبُ صَرْفُ قِيمَتِهِ في الرِّقَابِ
وَلَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فقال أبو الْخَطَّابِ لِسَيِّدِهِ الْقِيمَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا في الْعِتْقِ
وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَجْهًا بِوُجُوبِهِ وهو قِيَاسُ قَوْلِ بن عَقِيلٍ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ وَلِهَذَا لو وَصَّى له بِعَبْدٍ فَقُتِلَ قبل قَبُولِهِ كان له قِيمَتُهُ
قال ذلك في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ لم يَدْخُلْ في نَذْرِهِ رَمَضَانَ وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ وفي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ
وأطلقهما في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إذا ( ( ( وإذا ) ) ) نَذَرَ صَوْمَ سنة ( ( ( السنة ) ) ) فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُطْلِقَ السَّنَةَ أو يُعَيِّنَهَا
فَإِنْ عَيَّنَهَا لم يَدْخُلْ في نَذْرِهِ رَمَضَانُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَدْخُلُ في نَذْرِهِ فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ
وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
____________________
(11/131)
وَلَا يَدْخُلُ في نَذْرِهِ أَيْضًا يَوْمَا الْعِيدَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ فَيَدْخُلَانِ في نَذْرِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَالْحُكْمُ في الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ على ما تَقَدَّمَ
وَلَا يَدْخُلُ في نَذْرِهِ أَيْضًا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُ عن صَوْمِ الْفَرْضِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَدْخُلْنَ في نَذْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَتَنَاوَلُ النَّذْرُ أَيَّامَ النهى دُونَ أَيَّامِ رَمَضَانَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْقَضَاءُ لَا بُدَّ منه وَيَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ
وَأَمَّا إذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَأَطْلَقَ فَفِي لُزُومِ التَّتَابُعِ فيها ما في نَذْرِ صَوْمِ شَهْرٍ مُطْلَقٍ على ما يَأْتِي
إذَا عَلِمْت ذلك فَيَلْزَمُهُ صِيَامُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النهى وَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في التَّرْغِيبِ يَصُومُ مع التَّفْرِيقِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي
____________________
(11/132)
وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ أَنَّ صِيَامَهَا مُتَتَابِعَةٌ وَهِيَ على ما بها من نُقْصَانٍ أو تَمَامٍ
وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَعُمُّ الْعِيدَ وَرَمَضَانَ وفي التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ
وَعَنْهُ يَقْضِي الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ إنْ أَفْطَرَهَا
وقال في الْكَافِي إنْ لَزِمَ التَّتَابُعُ فَكَمُعَيَّنَةٍ
قال في الْمُحَرَّرِ وقال صَاحِبُ الْمُغْنِي مَتَى شَرَطَ التَّتَابُعَ فَهُوَ كَنَذْرِهِ الْمُعَيَّنَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ من الْآنَ أو من وَقْتِ كَذَا فَهِيَ كَالْمُعَيَّنَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ كَمُطْلَقَةٍ في لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لِلنَّذْرِ
وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
الثَّانِيَةُ لو نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ لَزِمَهُ صَوْمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ لُزُومُهُ إنْ اسْتَصْحَبَ صَوْمَهُ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ كان له صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ انْتَهَى
وَحُكْمُهُ في دُخُولِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ حُكْمُ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ على ما تَقَدَّمَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ
فَإِنْ كَفَّرَ لِتَرْكِهِ صِيَامَ يَوْمٍ أو أَكْثَرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت فَعَلَى الصِّحَّةِ يعايى بها
وقال في الرِّعَايَةِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ من قَادِرٍ وَمَنْ قَضَى ما يَجِبُ فِطْرُهُ كَيَوْمِ عِيدٍ وَنَحْوِهِ وَقَضَاءِ ما أَفْطَرَهُ من رَمَضَانَ لِعُذْرٍ وَصَوْمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِ ذلك لِعُذْرٍ على وَجْهَيْنِ
____________________
(11/133)
فَإِنْ دخل فَفِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرٌ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهَا مع الْقَضَاءِ لِأَنَّ النَّذْرَ سَقَطَ لِقَضَاءِ ما أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ ابْتِدَاءً وَوُجُوبِهَا مع صَوْمِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوع وَغَيْرِهِ وَلَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ
وَقِيلَ بَلْ قَضَاءُ فِطْرِهِ منه لِعُذْرٍ وَيَوْمِ نهى وَصَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهَا مع صَوْمِ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَوَافَقَ يوم عِيدٍ أو حَيْضٍ أَفْطَرَ وَقَضَى وَكَفَّرَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُكَفِّرُ من غَيْرِ قَضَاءٍ
وَنُقِلَ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّهُ إنْ صَامَ يوم الْعِيدِ صَحَّ صَوْمُهُ
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه مع الْقَضَاءِ
وَقِيلَ عَكْسُهُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ ابْتَدَأَ بِنَذْرِ صَوْمِ كل اثْنَيْنِ أو خَمِيسٍ أو علقة بِشَرْطٍ يُمْكِنُ فَوُجِدَ لَزِمَهُ فَإِنْ صَادَفَ مَرَضًا أو حَيْضًا غير مُعْتَادٍ قَضَى
وَقِيلَ وَكَفَّرَ كما لو صَادَفَ عِيدًا
وَعَنْهُ تَكْفِي الْكَفَّارَةُ فِيهِمَا
وَقِيلَ لَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ مع حَيْضٍ وَعِيدٍ
وَقِيلَ إنْ صَامَ الْعِيدَ صَحَّ
____________________
(11/134)
زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَقْضِي الْعِيدَ وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صَوْمِ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ
وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في بَابِ النَّذْرِ
فَائِدَةٌ لو نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَبَدًا ثُمَّ جَهِلَهُ فَأَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِصِيَامِ الْأُسْبُوعِ كَصَلَاةٍ من خَمْسٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ يَصُومُ يوما من الْأَيَّامِ مُطْلَقًا أَيَّ يَوْمٍ كان
وَهَلْ عليه كَفَّارَةٌ لِفَوَاتِ التَّعْيِينِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ على الْمَشْهُورِ وَالتَّعْيِينُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَهَلْ يَصُومُهُ على رِوَايَتَيْنِ
وَهُمَا مَبْنِيَّتَانِ على جَوَازِ صَوْمِهَا فَرْضًا وَعَدَمِهِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا هُنَاكَ
فَالْمَذْهَبُ هُنَا مِثْلُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عليه بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ قال في مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ صَبِيحَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا فَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إتْمَامُ صِيَامِ ذلك الْيَوْمِ إنْ لم يَكُنْ أَفْطَرَ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ سَوَاءٌ قَدِمَ وهو مُفْطِرٌ أو صَائِمٌ
____________________
(11/135)
إذَا نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ وَقَدِمَ نَهَارًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْدَمَ وهو صَائِمٌ أو يَقْدَمَ وهو مُفْطِرٌ
فَإِنْ قَدِمَ وهو مُفْطِرٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وقال عن التَّكْفِيرِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو قَدِمَ يوم فِطْرٍ أو أَضْحَى فَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا
وَأَطْلَقَا فِيمَا إذَا كان مُفْطِرًا في غَيْرِهِمَا الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ مع الْقَضَاءِ كَفَّارَةٌ
وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مع الْقَضَاءِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَلَا كَفَّارَةَ
قال في الْوَجِيزِ فَلَا شَيْءَ عليه
وَإِنْ قَدِمَ وهو صَائِمٌ تَطَوُّعًا فَإِنْ كان قد بَيَّتَ النِّيَّةَ لِلصَّوْمِ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ صَحَّ صَوْمُهُ وَأَجْزَأَهُ
وَإِنْ نَوَى حين قَدِمَ أَجْزَأَهُ أَيْضًا على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هذه وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(11/136)
وَمَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا قَدِمَ قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الصَّوْمِ
وَإِنْ قُلْنَا لم يَصِحَّ بَعْدَ الزَّوَالِ وقدمه ( ( ( وقدم ) ) ) بَعْدَهُ فَلَغْوٌ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَتَيْنِ على أَنَّ مُوجَبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ من قُدُومِهِ أو كُلَّ الْيَوْمِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو وُجُوبُ الْقَضَاءِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ مع الْقَضَاءِ كَفَّارَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه قَضَاهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ في هذا أَنَّهُ لَغْوٌ أَشْبَهَ ما لو نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ
وقال في الِانْتِصَارِ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ
وفي الِانْتِصَارِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ كَحَيْضٍ وَأَنَّ في إمْسَاكِهِ أَوْجُهًا
الثَّالِثُ يَلْزَمُ في الثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا من رَمَضَانَ فقال الْخِرَقِيُّ يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ
وهو رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ
____________________
(11/137)
وَجَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ في رَمَضَانَ لم يَقْضِ ولم يُكَفِّرْ
قال في الْقَوَاعِدِ حَمَلَ هذه الرِّوَايَةَ الْمُتَأَخِّرُونَ على أَنَّ نَذْرَهُ لم يَنْعَقِدْ لِمُصَادَفَتِهِ رَمَضَانَ
قال وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هذا التَّأْوِيلِ
وقال غَيْرُهُ عليه الْقَضَاءُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ هذا الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْفُصُولِ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ لَا لِأَنَّ صَوْمَهُ أَغْنَى عنهما بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فيه نُصَّ عليه
وقال فيه أَيْضًا إذَا نَوَى صَوْمَهُ عنهما فَقِيلَ لَغْوٌ
وَقِيلَ يُجْزِئُهُ عن رَمَضَانَ انْتَهَى
وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ إذَا قَدِمَ في نَهَارِ يَوْمٍ من رَمَضَانَ وَالْمَذْهَبُ انْعِقَادُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو وُجُوبُ الْقَضَاءِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ معه رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا عليه الْكَفَّارَةُ أَيْضًا
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
____________________
(11/138)
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ عليه
اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ في نِيَّةِ نَذْرِهِ أَيْضًا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عن فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ
وقال الْمَجْدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْقَوَاعِدِ وفي تَعْلِيلِهِ بُعْدٌ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْفُصُولِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَافَقَ قُدُومُهُ وهو صَائِمٌ عن نَذْرٍ مُعَيَّنٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَلْ يَقْضِي نَذْرَ الْقُدُومِ كَصَوْمٍ في قَضَاءِ رَمَضَانَ أو كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ مُطْلَقٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَكْفِيهِ لَهُمَا
الثَّانِيَةُ مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ من يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ في أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ قَوْلُهُ وَإِنْ وَافَقَ يوم نَذْرِهِ وهو مَجْنُونٌ فَلَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ
____________________
(11/139)
قال في الْفُرُوعِ عَمَّنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَجُنَّ كُلَّ الشَّهْرِ لم يَقْضِ على الْأَصَحِّ
وَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ
وَعَنْهُ يَقْضِي
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فلم يَصُمْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ لم يَصُمْهُ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا نِزَاعٍ
وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا عليه الْكَفَّارَةُ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ عليه
وَعَنْهُ في الْمَعْذُورِ يفدى فَقَطْ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ فَوَائِدُ
الْأُولَى صَوْمُهُ في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ في الشَّهْرِ الْمَنْذُورِ كَفِطْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(11/140)
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ هُنَا
الثَّانِيَةُ لو جُنَّ في الشَّهْرِ كُلِّهِ لم يَقْضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَقْضِيهِ
الثَّالِثَةُ إذَا لم يَصُمْهُ لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ وَقَضَاهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مُتَتَابِعًا مُوَاصِلًا لِتَتِمَّتِهِ
وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهُ
وَعَنْهُ وَتَرْكُ مُوَاصَلَتِهِ أَيْضًا
الرَّابِعَةُ يَبْنِي من لَا يَقْطَعُ عُذْرُهُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ
الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَامَ قَبْلَهُ لم يُجْزِهِ
بِلَا نِزَاعٍ كَالصَّلَاةِ
لَكِنْ لو كان نَذَرَهُ بِصَدَقَةِ مَالٍ جَازَ إخْرَاجُهَا قبل الْوَقْتِ الذي عَيَّنَهُ لِلدَّفْعِ كَالزَّكَاةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال النَّاظِمُ % وَيُجْزِئُهُ فِيمَا فيه نَفْعٌ سِوَاهُ % كَالزَّكَاةِ لِنَفْعِ الْخَلْقِ لَا الْمُتَعَبِّدِ %
قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ في بَعْضِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ وَيُكَفِّرُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبُ الآدمي
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وبن الْبَنَّا
____________________
(11/141)
فَعَلَى هذا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ عَقِبَ الْأَيَّامِ التي أَفْطَرَ فيها وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتِمَّ بَاقِيَهُ وَيَقْضِيَ وَيُكَفِّرَ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا الْحَاوِي
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ أَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ التَّتَابُعَ في الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ هل وَجَبَ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ
أو لِإِطْلَاقِ النَّذْرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْجَمَاعَةِ
وَلِهَذَا لو شَرَطَ التَّتَابُعَ بِلَفْظِهِ أو نَوَاهُ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَمِمَّا يَنْبَنِي على ذلك أَيْضًا إذَا تَرَكَ صَوْمَ الشَّهْرِ كُلِّهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ أو يُجْزِئُهُ مُتَفَرِّقًا على الرِّوَايَتَيْنِ
وَلِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا الْتِفَاتٌ إلَى ما إذَا نَوَى صَوْمَ شَهْرٍ وَأَطْلَقَ هل يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا أَمْ لَا
وقد تَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّتَابُعِ
وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ هُنَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ التَّتَابُعِ كما هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ثَمَّ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قَيَّدَ الشَّهْرَ الْمُعَيَّنَ بِالتَّتَابُعِ فَأَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ابْتِدَاءً وَكَفَّرَ
الثَّانِيَةُ لو أَفْطَرَ في بَعْضِهِ لِعُذْرٍ بَنَى على ما مَضَى من صِيَامِهِ وَكَفَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
____________________
(11/142)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ وإذا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِشَرْطٍ أو نِيَّةٍ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ
وفي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما رِوَايَتَانِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ
فَائِدَةٌ لو قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وَمَعَ عُذْرٍ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ أو يَبْنِي
قال في الْفُرُوعِ فَهَلْ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أو الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ فيه وَجْهَانِ
قُلْت يَقْرَبُ من ذلك إذَا ابْتَدَأَ صَوْمَ شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ في أَثْنَاءِ شَهْرٍ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْإِجَارَةِ
وَتَقَدَّمَ إذَا فَاتَهُ رَمَضَانُ هل يَقْضِي شَهْرًا أو ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيُكَفِّرُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ
وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ كَشَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرَّوْضَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَفْطَرَهُ بِلَا عُذْرٍ كَفَّرَ وَهَلْ يَنْقَطِعُ فَيَسْتَأْنِفُهُ أَمْ لَا فَيَقْضِي ما تَرَكَهُ فيه رِوَايَتَانِ
____________________
(11/143)
وَكَذَا قال في التَّبْصِرَةِ
وَهَلْ يُتِمُّهُ أو يَسْتَأْنِفُهُ فيه رِوَايَتَانِ
وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُكَفِّرُ وَيَسْتَأْنِفُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ لم يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ
يَعْنِي أو يَنْوِيَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
تَنْبِيهٌ دخل في قَوْلِهِ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ لو كانت ثَلَاثِينَ يَوْمًا وهو كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فيها إلَّا بِشَرْطٍ أو نِيَّةٍ كما لو قال عِشْرِينَ وَنَحْوَهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
جُزِمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فيها وَإِنْ لَزِمَهُ في غَيْرِهَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
لِأَنَّهُ لو أَرَادَ التَّتَابُعَ لَقَالَ شَهْرًا
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا يَعْنِي غير مُعَيَّنٍ
____________________
(11/144)
فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ يَعْنِي يَجِبُ معه الْفِطْرُ أو حَيْضٍ قَضَى لَا غَيْرُ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ بن مُنَجَّا
وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بين أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَلَا شَيْءَ عليه وَبَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ على صِيَامِهِ وَيُكَفِّرَ وهو الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْخِرَقِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ بِلَا نِزَاعٍ بِلَا كَفَّارَةٍ
وَإِنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ أو ما يُبِيحُ الْفِطْرَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِذَلِكَ
قال بن مُنَجَّا وَيَجِيءُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يُخَيَّرُ بين الِاسْتِئْنَافِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كما تَقَدَّمَ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وأكثر الْأَصْحَابِ لِعَدَمِ تَفْرِيقِهِمْ في ذلك
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ يُفَرَّقُ بين الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَفِي الْمَرَضِ يُخَيَّرُ وفي السَّفَرِ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِئْنَافُ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ دخل في قَوْلِهِ ما يُبِيحُ الْفِطْرَ الْمَرَضُ أَيْضًا لَكِنَّ مُرَادَهُ بِالْمَرَضِ
____________________
(11/145)
هُنَا الْمَرَضُ غَيْرُ الْمَخُوفِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَضِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْمَرَضُ الْمَخُوفُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ ذَكَرَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عنه لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ
يَعْنِي يُطْعِمُ وَلَا يُكَفِّرُ
وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا شَيْءَ عليه
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً كَغَيْرِ الصَّوْمِ
قال في الْحَاوِي وهو أَصَحُّ عِنْدِي
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُطْعَمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ وَيُكَفَّرُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه
قال الْقَاضِي وهو أَصَحُّ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْمَنْصُوصُ عنه وُجُوبُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُجْزِئُ عن كُلِّهِ فَقِيرٌ وَاحِدٌ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ
وفي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ يُصَامُ عنه
وَسَبَقَ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه أَنَّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
____________________
(11/146)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو نَذَرَهُ في حَالِ عَجْزِهِ عنه قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ
نَقَلَ أبو طَالِبٍ ما كان نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أو لَا يَقْدِرُ عليه فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ عنه
قال وَالْمُرَادُ وَلَا يُطِيقُهُ وَلَا شيئا منه وَإِلَّا أتى بِمَا يُطِيقُهُ منه وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي
قال وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْقَادِرُ على فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ انْتَهَى
فَأَمَّا إنْ نَذَرَ من لَا يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً الْحَجَّ فَإِنْ وَجَدَهُمَا بَعْدَ ذلك لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ وَإِلَّا لم يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ ما فيه أَنْ يُظْهِرَ من الدِّينِ ما يَعْجِزُ عن أَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ كما لو نَذَرَ أَلْفَ حَجَّةٍ وَالصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا فإنه يَصِحُّ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ في ذلك بِرِضَاهُ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الْعَاجِزِ
الثَّانِيَةُ لو نَذَرَ غير الصِّيَامِ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَعَجَزَ عنه فَلَيْسَ عليه إلَّا الْكَفَّارَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أو مَوْضِعٍ من الْحَرَمِ أو مَكَّةَ وَأَطْلَقَ لم يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ في حَجٍّ أو عُمْرَةٍ
لِأَنَّهُ مشى إلَى عِبَادَةٍ وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ
وَمُرَادُهُ وَمُرَادُ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ ما لم يَنْوِ إتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ الْمَشْيِ
____________________
(11/147)
صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
فَائِدَةٌ حَيْثُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ أو غَيْرُهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ من مَكَانِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ نَصَّ عليه
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لو نذره ( ( ( نذر ) ) ) من مَحَلِّهِ لم يحز ( ( ( يجز ) ) ) من مِيقَاتِهِ على قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ من الْأَبْعَدِ من إحْرَامِهِ أو مِيقَاتِهِ
وَقِيلَ هُنَا أو من إحْرَامِهِ إلَى أَمْنِهِ فَسَادَهُ بِوَطْئِهِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ
وقال أَيْضًا يَرْكَبُ في الْحَجِّ إذَا رَمَى وفي الْعُمْرَةِ إذَا سَعَى
قال في التَّرْغِيبِ لَا يَرْكَبُ حتى يَأْتِيَ بِالتَّحْلِيلَيْنِ على الْأَصَحِّ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو مَوْضِعٍ من الْحَرَمِ لو نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَعَرَفَةَ وَمَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِ ذلك لم يَلْزَمْهُ ذلك وَيَكُونُ كَنَذْرِ الْمُبَاحِ وهو كَذَلِكَ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
فَائِدَةٌ لو نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ غير حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَغَا قَوْلُهُ غير حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ وَلَزِمَهُ إتْيَانُهُ حَاجًّا أو مُعْتَمِرًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أو غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
وهو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ عليه دَمٌ
____________________
(11/148)
وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أو الدَّمِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه ذَكَرَهَا بن رَزِينٍ
وقال في الْمُغْنِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ
يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَانِ
وَهُمَا هل عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ أو دَمٍ وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الرُّكُوبَ في نَفْسِهِ غَيْرُ طَاعَةٍ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَفْسَدَ الْحَجَّ الْمَنْذُورَ مَاشِيًا وَجَبَ الْقَضَاءُ مَاشِيًا وَكَذَا إنْ فَاتَهُ الْحَجُّ سَقَطَ تَوَابِعُ الْوُقُوفِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَالرَّمْيِ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَيَمْضِي في الْحَجِّ الْفَاسِدِ مَاشِيًا حتى يَحِلَّ منه
الثَّانِيَةُ لو نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أو الْأَقْصَى لَزِمَهُ ذلك وَالصَّلَاةُ فيه قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ بَيْتِهَا
وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غير حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ ركعتين ( ( ( ركعتان ) ) ) ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدٍ سِوَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لم يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فيه لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ دُونَ الْمَشْيِ فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ صلى أَجْزَأَهُ
قَالَا وَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
____________________
(11/149)
قَوْلُهُ فَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهِيَ التي تُجْزِئُ عن الْوَاجِبِ
على ما تَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ في كِتَابِ الظِّهَارِ
إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا
فَيُجْزِئَهُ ما عَيَّنَهُ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو مَاتَ الْمَنْذُورُ قبل أَنْ يُعْتِقَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ عَبْدٍ نَصَّ على ذلك وَقَالَهُ
وقال الْأَصْحَابُ وَلَوْ أُتْلِفَ الْعَبْدُ الْمَنْذُورُ عِتْقُهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَصْرِفُهَا إلَى الرِّقَابِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ على أَرْبَعٍ طَافَ طَوَافَيْنِ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا بَدَلٌ وَاجِبٌ
وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ على يَدَيْهِ
وفي الْكَفَّارَةِ على هذه الرِّوَايَةِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(11/150)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِنَاءً على ما تَقَدَّمَ
وَقَالَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِإِخْلَالِهِ بِصِفَةِ نَذْرِهِ وَإِنْ كان غير مَشْرُوعٍ فَوَائِدُ
الْأُولَى مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ لو نَذَرَ السَّعْيَ على الْأَرْبَعِ
ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا لو نَذَرَ طَاعَةً على وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عنه كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أو الْحَجَّ حَافِيًا حَاسِرًا أو نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ الْحَجَّ حَاسِرَةً وَفَاءً بِالطَّاعَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ على الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وفي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ قبل ذلك
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ قال حَافِيًا حَاسِرًا كَفَّرَ ولم يَفْعَلْ الصِّفَةَ
وَقِيلَ يَمْشِي مُنْذُ أَحْرَمَ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو نَذَرَ الطَّوَافَ فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمًا فَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً لم يُجْزِئْهُ أَقَلُّ من رَكْعَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
الثَّالِثَةُ قال في الْفُرُوعِ لو نَذَرَ الْحَجَّ الْعَامَ فلم يَحُجَّ ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى في الْعَامِ
____________________
(11/151)
الثَّانِي فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى وفي المنذور ( ( ( المعذور ) ) ) الْخِلَافُ انْتَهَى
الرَّابِعَةُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لقوله تعالى 18 23 { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } وَلِأَنَّهُ في مَعْنَى الْهِبَةِ قبل الْقَبْضِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاخْتَارَهُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ من تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عن عِوَضِ الْمُتْلَفِ بِمُؤَجَّلٍ
وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ قال بِخَلْفِ الْمَوَاعِيدِ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ
وَتَقَدَّمَ الْخُلْفُ بِالْعَهْدِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
الْخَامِسَةُ لم يَزَلْ الْعُلَمَاءُ يَسْتَدِلُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ على الِاسْتِثْنَاءِ وفي الدَّلَالَةِ بها غُمُوضٌ فَلِهَذَا قال الْقَرَافِيُّ في قَوَاعِدِهِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ على الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }
وَوَجْهُ الدَّلِيلِ منه في غَايَةِ الْإِشْكَالِ فإن إلَّا لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ وأن الْمَفْتُوحَةَ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ فما بَقِيَ في الْآيَةِ شَيْءٌ يَدُلُّ على التَّعْلِيقِ مُطَابَقَةً وَلَا الْتِزَامًا فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِشَيْءٍ لَا يَدُلُّ على ذلك وَطُولُ الْأَيَّامِ يُحَاوِلُونَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا يَكَادُ يُتَفَطَّنُ لِوَجْهِ الدَّلِيلِ منها وَلَيْسَ فيها إلَّا الِاسْتِثْنَاءُ وأن النَّاصِبَةُ لَا الشَّرْطِيَّةُ وَلَا يَفْطِنُونَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ من أَيِّ شَيْءٍ هو وما هو الْمُسْتَثْنَى منه فَتَأَمَّلْهُ فَهُوَ في غَايَةِ الْإِشْكَالِ وهو أَصْلٌ في اشْتِرَاطِ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْأَفْعَالِ
____________________
(11/152)
وَالْجَوَابُ أَنَّا نَقُولُ هذا اسْتِثْنَاءٌ من الْأَحْوَالِ وَالْمُسْتَثْنَى حَالَةٌ من الْأَحْوَالِ وَهِيَ مَحْذُوفَةٌ قبل أَنْ النَّاصِبَةِ وَعَامِلَةٌ فيها أَعْنِي الْحَالُ عَامِلَةٌ في أَنْ النَّاصِبَةِ
وَتَقْرِيرُهُ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا في حَالَةٍ من الْأَحْوَالِ إلَّا مُعَلَّقًا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ثُمَّ حُذِفَتْ مُعَلَّقًا وَالْبَاءُ من أَنْ فَيَكُونُ النَّهْيُ الْمُتَقَدِّمُ مع إلَّا الْمُتَأَخِّرَةِ قد حَصَرَتْ الْقَوْلَ في هذه الْحَالِ دُونَ سَائِرِ الْأَحْوَالِ فَتَخْتَصُّ هذه الْحَالُ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرُهَا بِالتَّحْرِيمِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ شَيْءٌ هُنَاكَ يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ إلَّا هذه فَتَكُونُ وَاجِبَةً فَهَذَا مُدْرَكُ الْوُجُوبِ
وَأَمَّا مُدْرَكُ التَّعْلِيقِ فَهُوَ قَوْلُنَا مُعَلَّقًا فإنه يَدُلُّ على أَنَّهُ تَعْلِيقٌ في تِلْكَ الْحَالَةِ كما إذَا قال لَا تَخْرُجُ إلَّا ضَاحِكًا فإنه يُفِيدُ الْأَمْرَ بِالضَّحِكِ لِلْخُرُوجِ وَانْتَظَمَ مُعَلَّقًا مع أَنْ بِالْبَاءِ الْمَحْذُوفَةِ وَاتُّجِهَ الْأَمْرُ بِالتَّعْلِيقِ على الْمَشِيئَةِ من هذه الصِّيغَةِ عِنْدَ الْوَعْدِ بِالْأَفْعَالِ انْتَهَى
____________________
(11/153)
كِتَابُ الْقَضَاءِ
فَائِدَةٌ الْقَضَاءُ وَاحِدُ الاقضية وَالْقَضَاءُ يُعَبَّرُ بِهِ عن مَعَانٍ كَثِيرَةٍ والاصل فيه الْحَتْمُ وَالْفَرَاغُ من الامر وَيَجْرِي على هذا جَمِيعُ ما في القران من لَفْظِ الْقَضَاءِ
وَالْمُرَادُ بِهِ في الشَّرْعِ الالزام
وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ رُتْبَةٌ دِينِيَّةٌ وَنَصْبَةٌ شَرْعِيَّةٌ
قولة وهو فَرْضُ كِفَايَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بة في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذَهَّبِ والخلاصه وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ سُنَّةٌ نصرة الْقَاضِي واصحابه
وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَعَنْهُ لَا يُسَنُّ دخولة فيه
نَقَلَ عبد اللَّهِ لَا يُعْجِبُنِي هو اسلم
فائده نَصْبُ الامام فَرْضٌ على الْكِفَايَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الاصحاب بِشُرُوطِهِ المتقدمه في اول بَابِ قِتَالِ اهل البغى
وَذُكِرَ في الْفُرُوعِ رِوَايَةُ انه ليس فَرْضَ كِفَايَةٍ
وهو ضَعِيفٌ جِدًّا ولم أَرَهُ لغيرة
قَوْلُهُ فَيَجِبُ
____________________
(11/154)
يعنى على الْقَوْلِ بانه فَرْضُ كِفَايَةٍ على الامام ان يَنْصِبَ في كل اقليم قَاضِيًا
وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ على الاصح
وَالظَّاهِرُ انه مبنى على الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ
قولة وَيَخْتَارُ لِذَلِكَ افضل من يَجِدُ واورعهم
قَالَهُ الاصحاب
وفي مُنْتَخَبِ الادمى البغدادى على الامام نَصْبُ من يُكْتَفَى بِهِ
قال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ ان يولى قَاضِيًا من افضل وَأَصْلَحِ من يَجِدُ عِلْمًا وَدِينًا
وَعَنْهُ وَوَرَعًا ونزاهه وصيانه وامانه
قَوْلُهُ وَيَجِبُ على من يَصْلُحُ له اذا طُلِبَ ولم يُوجَدْ غيرة مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ الدُّخُولُ فيه
يعنى على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ
وَمُرَادُهُ اذا لم يَشْغَلْهُ عَمَّا هو اهم منه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب
وَصَحَّحَهُ في الْمَذْهَبِ والخلاصه وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ انه سُئِلَ هل يَأْثَمُ الْقَاضِي بِالِامْتِنَاعِ اذا لم يُوجَدْ غيرة مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ
قال لَا يَأْثَمُ
وَهَذَا يَدُلُّ على انه ليس بِوَاجِبٍ
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُسَنُّ دخولة فيه نَقَلَ عبد اللَّهِ لَا يُعْجِبُنِي هو اسلم
____________________
(11/155)
وَذَكَرَ ما رَوَاهُ عن عائشه رضي اللَّهُ عنها مَرْفُوعًا لَيَأْتِيَنَّ على الْقَاضِي الْعَدْلِ ساعه يَتَمَنَّى انه لم يَقْضِ بين اثْنَيْنِ في تَمْرَةٍ
قال في الحاوى عن الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هذه الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ على من لَا يَأْمَنُ على نفسة الضَّعْفَ فيه او على ان ذلك الزَّمَانَ كان الْحُكَّامُ يَحْمِلُونَ فيه الْقُضَاةَ على ما لَا يَحِلُّ وَلَا يُمْكِنُهُمْ الْحُكْمُ بِالْحَقِّ انْتَهَى
تنبية ظَاهِرُ قولة وَيَجِبُ على من يَصْلُحُ له اذا طُلِبَ انه لَا يَجِبُ عليه الطَّلَبُ
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَقِيلَ يَحْرُمُ الطَّلَبُ لِخَوْفِهِ مَيْلًا
فائده قال في الْفُرُوعِ وان وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيُتَوَجَّهُ انه كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ
قَوْلُهُ فان وُجِدَ غَيْرُهُ كُرِهَ له طَلَبُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
يعنى فِيمَا اذا اطَّلَعَ عليه وهو الْمَذْهَبُ وعلية الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ لَا يكرة له طَلَبُهُ لِقَصْدِ الْحَقِّ وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ
وَقِيلَ يكرة مع وُجُودِ اصلح منه او غناة عنه او شُهْرَتِهِ ذكرة في الرِّعَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ بَلْ يُسْتَحَبُّ طلبة لِقَصْدِ الْحَقِّ وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ
قال الماوردى وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَحْرُمُ بِدُونِهِ
____________________
(11/156)
قَوْلُهُ وان طُلِبَ فالافضل ان لَا يُجِيبَ إلَيْهِ فى ظَاهِرِ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ
يعنى اذا وُجِدَ غَيْرُهُ وَطُلِبَ هو وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وقال بن حَامِدٍ الافضل الاجابة اذا امن من نَفْسِهِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
واطلقهما في الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ الافضل الاجابة الية مع خُمُولِهِ
قال ( ( ( قاله ) ) ) الْمُصَنِّفُ في المغنى ( ( ( المذهب ) ) ) وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ
وقال بن حَامِدٍ ان كان رَجُلًا خَامِلًا لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ في الاحكام فَالْأَوْلَى له التَّوْلِيَةُ لِيُرْجَعَ الية في ذلك وَيَقُومَ الْحَقُّ بِهِ وَيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وان كان مَشْهُورًا في الناس بِالْعِلْمِ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ في تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى له اشْتِغَالٌ بِذَلِكَ انْتَهَيَا
فَلَعَلَّ بن حَامِدٍ له قَوْلَانِ
وقد حَكَاهُمَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قَوْلَيْنِ
وَقِيلَ الاجابة افضل مع خُمُولِهِ وَفَقْرِهِ فَائِدَتَانِ
احداهما يَحْرُمُ بَذْلُ الْمَالِ في ذلك وَيَحْرُمُ اخذه وَطَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ اهل له
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ تَخْصِيصِهِمْ الكراهه بِالطَّلَبِ انه لَا يُكْرَهُ توليه الْحَرِيصِ وَلَا ينفى ان غيرة اولى
قال وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ
____________________
(11/157)
قُلْت هذا التَّوْجِيهُ هو الصَّوَابُ
الثَّانِيَةُ تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمَفْضُولِ مع وُجُودِ الافضل على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الا لمصلحه
قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا معرفه المولى كَوْنَ الْمُوَلَّى على صفه تَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَتَعْيِينُ ما يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فية من الاعمال وَالْبُلْدَانِ وَمُشَافَهَتُهُ بِالْوِلَايَةِ او مُكَاتَبَتُهُ بها وَاسْتِشْهَادُ شَاهِدَيْنِ على تَوْلِيَتِهِ
قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ انه يُشْتَرَطُ في وِلَايَتِهِ اما بِالْمُكَاتَبَةِ واما المشافهه وَاسْتِشْهَادُ شَاهِدَيْنِ على ذلك فَقَطْ وَهَذَا احد الْوَجْهَيْنِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وقال الْقَاضِي تَثْبُتُ بالاستفاضه اذا كان بلدة قَرِيبًا فَتَسْتَفِيضُ فيه اخبار بَلَدِ الامام وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ والاصح تَثْبُتُ بالاستفاضه
وَجُزِمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَالْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ
وهو عَجِيبٌ منه الا ان تَكُونَ النسخه مغلوطه
وَجَزَمَ بة الْمُصَنِّفُ في اول كِتَابِ الشَّهَادَاتِ تَنْبِيهَانِ
احدهما حَدَّ الْأَصْحَابُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ بِخَمْسَةِ ايام فما دُونَ
واطلق الادمى الاستفاضه وظاهرة مع الْبُعْدِ
____________________
(11/158)
قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالْعَمَلُ عليه في الْغَالِبِ وهو قَوْلُ اصحاب أبي حنيفه
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ إلَيْهِ
بِذَلِكَ من غَيْرِ اشهاد وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وقال في الْفُرُوعِ وَتُتَوَجَّهُ صِحَّتُهَا بِنَاءً على صحه الاقرار بِالْخَطِّ
وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
ذَكَرَهُ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ تُشْتَرَطُ عداله المولى بِكَسْرِ اللام ( ( ( اللازم ) ) ) اسْمُ فَاعِلٍ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في نَائِبِ الامام
قال في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى بَعْدَ ان اطلقوا الْخِلَافَ وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ في نَائِبِ الامام دُونَهُ
احداهما لَا تُشْتَرَطُ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وغيرة
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في الامام
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُشْتَرَطُ
وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ العداله في سِوَى الامام
____________________
(11/159)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى
ثُمَّ قال في الرِّعَايَةِ ان قُلْنَا الْحَاكِمُ نَائِبُ الشَّرْعِ صَحَّتْ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا
قُلْت في الامام وَجْهَانِ هل تَصَرُّفُهُ بِطَرِيقِ الوكاله او الْوِلَايَةِ
اخْتَارَ الْقَاضِي الاول
وقال في الْوَجِيزِ واذا كان المولى نَائِبَ الامام لم تُشْتَرَطْ عَدَالَتُهُ
قَوْلُهُ والفاظ التَّوْلِيَةِ الصريحه سبعه وَلَّيْتُك الْحُكْمَ وقلدتك واستنبتك ( ( ( قلدتك ) ) ) واستخلفتك ورددت ( ( ( استنبتك ) ) ) اليك وفوضت اليك وجعلت اليك الْحُكْمَ
زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى واستكفيتك
وَذَكَرَهَا في الخلاصه ولم يذكر اسْتَنَبْتُكَ
وَقِيلَ رَدَدْته فَوَّضْته وَجَعَلْته اليك كنايه
قَوْلُهُ فاذا وُجِدَ لَفْظٌ منها وَالْقَبُولُ من الْمُوَلَّى انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ
وَكَذَا قال في الْوَجِيزِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصه والمغنى فاذا وُجِدَ احد هذه الالفاظ وَجَوَابُهَا من الْمُوَلَّى بِالْقَبُولِ انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ
وهو قَرِيبٌ من الاول
وفي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فاذا وُجِدَ لَفْظٌ منها وَقَبُولُ الْمُوَلَّى في الْمَجْلِسِ ان كان حَاضِرًا او فِيمَا بَعْدَهُ ان كان غَائِبًا انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ
وفي الْكَافِي وَالشَّرْحِ فاذا اتى بِوَاحِدٍ منها وَاتَّصَلَ الْقَبُولُ انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ
زَادَ في الشَّرْحِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذلك
____________________
(11/160)