لها بِنِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ النِّصْفَ يُسْتَحَقُّ بِإِزَاءِ الْحَبْسِ وهو حَاصِلٌ بِالْعَقْدِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِإِزَاءِ الدُّخُولِ فَلَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالتَّمْكِينِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى لو كان الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا لم تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا لَكِنْ لو حَلَّ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ لها مَنْعُ نَفْسِهَا كَقَبْلِ التَّسْلِيمِ كما هِيَ عِبَارَةُ الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ فِيهِمَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا ليس لها ذلك وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لها ذلك
الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا لها مَنْعُ نَفْسِهَا فَلَهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ
وقال في الرَّوْضَةِ لها ذلك في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها النَّفَقَةَ
وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْحَبْسَ من قِبَلِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا نَفَقَةَ وهو مُتَّجَهٌ
الثَّالِثَةُ لو قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا فَبَانَ مَعِيبًا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حتى تَقْبِضَ بَدَلَهُ بَعْدَهُ أو معه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ ليس لها ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا ثُمَّ أَرَادَتْ الْمَنْعَ
____________________
(8/311)
يَعْنِي بَعْدَ الدُّخُولِ أو الْخَلْوَةِ
فَهَلْ لها ذلك على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا ليس لها ذلك وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ انْتَهَى
منهم أبو عبد اللَّهِ بن بَطَّةَ وأبو إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لها ذلك اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو امْتَنَعَتْ لم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كِتَابِ النَّفَقَاتِ في أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَبَى كُلُّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ التَّسْلِيمَ أَوَّلًا أُجْبِرَ الزَّوْجُ على تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ أَوَّلًا ثُمَّ تُجْبَرُ هِيَ على تسليم ( ( ( تسلم ) ) ) نَفْسِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِجَعْلِهِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ وَهِيَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا فإذا فَعَلَتْهُ أَخَذَتْهُ من الْعَدْلِ
وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَسَلَّمَ أُجْبِرَ الْآخَرُ فَإِنْ بَادَرَ هو فَسَلَّمَ الصَّدَاقَ فَلَهُ طَلَبُ التَّمْكِينِ فَإِنْ أَبَتْ بِلَا عُذْرٍ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُهُ
الثَّانِيَةُ لو كانت مَحْبُوسَةً أو لها عُذْرٌ يَمْنَعُ التسليم ( ( ( التسلم ) ) ) وَجَبَ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَمَهْرِ الصَّغِيرَةِ التي لَا تُوطَأُ مِثْلُهَا كما تَقَدَّمَ
وَقِيلَ لَا يَجِبُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ قبل الدُّخُولِ فَلَهَا الْفَسْخُ
____________________
(8/312)
يَعْنِي إذَا كان حَالًّا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في التَّصْحِيحِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَلَهَا الْفَسْخُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَرَجَّحَهُ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا كان ذلك بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ ليس لها ذلك
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وبن حَامِدٍ قَالَهُ الشَّارِحُ
وَاَلَّذِي نَقَلَهُ في الْمُحَرَّرِ عن بن حَامِدٍ عَدَمُ ثُبُوتِ الْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ في ثُبُوتِهِ لها قبل ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لها الْفَسْخُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَلَهَا الْفَسْخُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس لها الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُولِ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ تُزَوَّجُ مُفْلِسًا ولم تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قال عِنْدِي عَرَضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ
قال في التَّصْحِيحِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ لَا فَسْخَ لها وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ
____________________
(8/313)
وَقِيلَ إنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ انْبَنَى على مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ صَدَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ كما تَقَدَّمَ
إنْ قُلْنَا لها مَنْعُ نَفْسِهَا هُنَاكَ فَلَهَا الْفَسْخُ هُنَا وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْمُغْنِي وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ معه مع عُسْرَتِهِ ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ ذلك الْفَسْخَ لم يَكُنْ لها ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لها ذلك
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لها مَنْعُ نَفْسِهَا
الثَّانِيَةُ لو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ لم يَكُنْ لها الْفَسْخُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لها ذلك
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذه الْأَحْكَامِ إذَا كانت الزَّوْجَةُ حُرَّةً
فَأَمَّا إنْ كانت أَمَةً فَالْخِيرَةُ في الْمَنْعِ وَالْفَسْخِ إلَى السَّيِّدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ لها قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى كَوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَخِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ انْتَهَى
____________________
(8/314)
بَابُ الْوَلِيمَةِ
فَائِدَةٌ قال الْكَمَالُ الدَّمِيرِيُّ في شَرْحِهِ على الْمِنْهَاجِ في النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ في الْأَفْرَاحِ قال النَّجْمُ الْبَالِسِيُّ إنَّهُ كَالدَّيْنِ لِدَافِعِهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْعُرْفِ في ذلك فإنه مُضْطَرِبٌ فَكَمْ يَدْفَعُ النُّقُوطَ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَهِيَ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً
هذا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَهُ في الْمَطْلَعِ
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْوَلِيمَةَ اسْمٌ لِطَعَامِ الْعُرْسِ كَالْقَامُوسِ وزاد أو كُلُّ طَعَامٍ صُنِعَ لِدَعْوَةٍ أو غَيْرِهَا
فَقَوْلُهُمْ اسْمٌ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ على حَذْفِ مُضَافٍ لِطَعَامِ دَعْوَةٍ وَإِلَّا فَالدَّعْوَةُ نَفْسُ الدُّعَاءِ إلَى الطَّعَامِ وقد تُضَمُّ دَالُهَا كَدَالِ الدُّعَاءِ
قال بن عبد الْبَرِّ قَالَهُ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْوَلِيمَةُ تَقَعُ على كل طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا في طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ
وَقِيلَ تُطْلَقُ على كل طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ إطْلَاقًا مُتَسَاوِيًا قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ نَقَلَهُ عنه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلِيمَةُ الشَّيْءِ كَمَالُهُ وَجَمْعُهُ وَسُمِّيَتْ دَعْوَةُ الْعُرْسِ وَلِيمَةً لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ
فَائِدَةٌ الْأَطْعِمَةُ التي يُدْعَى إلَيْهَا الناس عَشَرَةٌ
الْأَوَّلُ الْوَلِيمَةُ وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ
____________________
(8/315)
الثَّانِي الْحِذَاقُ وهو الطَّعَامُ عِنْدَ حِذَاقِ الصَّبِيِّ أَيْ مَعْرِفَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ وَإِتْقَانِهِ
الثَّالِثُ الْعَذِيرَةُ وَالْإِعْذَارُ لِطَعَامِ الْخِتَانِ
الرَّابِعُ الْخُرْسَةُ وَالْخَرَسُ لِطَعَامِ الْوِلَادَةِ
الْخَامِسُ الْوَكِيرَةُ لِدَعْوَةِ الْبِنَاءِ
السَّادِسُ النَّقِيعَةُ لِقُدُومِ الْغَائِبِ
السَّابِعُ الْعَقِيقَةُ وَهِيَ الذَّبْحُ لِأَجْلِ الْوَلَدِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْأُضْحِيَّةِ
الثامن ( ( ( الثامنة ) ) ) الْمَأْدُبَةُ وهو كُلُّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ كانت أو غَيْرِهِ
التَّاسِعُ الْوَضِيمَةُ وهو طَعَامُ الْمَأْتَمِ
الْعَاشِرُ التُّحْفَةُ وهو طَعَامُ الْقَادِمِ
وزاد بَعْضُهُمْ حَادِيَ عَشَرَ وهو الشُّنْدُخِيَّةُ وهو طَعَامُ الْإِمْلَاكِ على الزَّوْجَةِ
وَثَانِيَ عَشَرَ الْمِشْدَاخُ وهو الطَّعَامُ الْمَأْكُولُ في خِتْمَةِ الْقَارِئِ
وقد نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ ولم يَسْتَوْعِبْهَا فقال % وَلِيمَةُ عُرْسٍ ثُمَّ خُرْسٌ وِلَادَةٌ % % وَعَقٌّ لِسَبْعٍ وَالْخِتَانُ لِإِعْذَارِ % % وَمَأْدُبَةٌ أَطْلِقْ نَقِيعَةَ غَائِبٍ % % وَضِيمَةُ مَوْتٍ وَالْوَكِيرَةُ لِلدَّارِ % % وَزِيدَتْ لِإِمْلَاكِ الْمُزَوَّجِ شُنْدُخٌ % % وَمِشْدَاخٌ الْمَأْكُولِ في خَتْمَةِ الْقَارِئِ %
فَأَخَلَّ بِالْحِذَاقِ وَالتُّحْفَةِ
قَوْلُهُ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/316)
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عن شَاةٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا تُسْتَحَبُّ بِشَاةٍ
وقال بن عَقِيلٍ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تَجِبُ وَلَوْ بِشَاةٍ لِلْأَمْرِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَوْ بِشَاةٍ الشَّاةُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِلتَّقْلِيلِ أَيْ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ كَشَاةٍ
فَيُسْتَفَادُ من هذا أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَلِيمَةُ بِدُونِ شَاةٍ
وَيُسْتَفَادُ من الحديث أَنَّ الْأَوْلَى الزِّيَادَةُ على الشَّاةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذلك قَلِيلًا انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا تُسْتَحَبُّ الْوَلِيمَةُ بِالْعَقْدِ قَالَهُ بن الْجَوْزِيِّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ
قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ من عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ أَيَّامِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ في هذا وَكَمَالِ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكِنْ قد جَرَتْ الْعَادَةُ فِعْلَ ذلك قبل الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ
الثَّانِيَةُ قال بن عَقِيلٍ السُّنَّةُ أَنْ يُكْثِرَ لِلْبِكْرِ
قُلْت الِاعْتِبَارُ في هذا بِالْيَسَارِ فإنه عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ما أو لم على أَحَدٍ ما أَوْلَمَ على زَيْنَبَ وَكَانَتْ ثَيِّبًا لَكِنْ قد جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ ذلك في حَقِّ الْبِكْرِ أَكْثَرَ من الثَّيِّبِ
____________________
(8/317)
قَوْلُهُ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِشُرُوطِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرُوهُ
قال بن عبد الْبَرِّ لَا خِلَافَ في وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَى الْوَلِيمَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْإِفْصَاحِ وَيَجِبُ في الْأَشْهَرِ عنه
وَقِيلَ الْإِجَابَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ
وَقِيلَ مُسْتَحَبَّةٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ إنْ دَعَاهُ من يَثِقُ بِهِ فَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ من عَدَمِهَا
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ هُنَاكَ قَوْلًا
قَوْلُهُ إذَا عَيَّنَهُ الدَّاعِي الْمُسْلِمُ
مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَحْرُمْ هَجْرُهُ فَإِنْ حَرُمَ هَجْرُهُ لم يُجِبْهُ وَلَا كَرَامَةَ
وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لم يَكُنْ كَسْبُهُ خَبِيثًا فَإِنْ كان كَسْبُهُ خَبِيثًا لم يُجِبْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ بَلَى
وَمَنَعَ بن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ من إجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بها أو فيها وَمُبْتَدِعٍ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ إلَّا لِرَادٍّ عليه
وَكَذَا إنْ كان فيها مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أو كَذِبٍ كَثِيرٍ فِيهِنَّ وَإِلَّا أُبِيحَ إذَا كان قَلِيلًا
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخُصَّ بها الْأَغْنِيَاءَ وَأَنْ لَا يَخَافَ الْمَدْعُوُّ الدَّاعِيَ وَلَا يَرْجُوهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ في الْمَحَلِّ من يَكْرَهُهُ الْمَدْعُوُّ أو يَكْرَهَ هو الْمَدْعُوَّ
____________________
(8/318)
قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرَاذِلِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بمثله لم تَجِبْ إجَابَتُهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذا الْقَوْلِ لم أَرَهُ لِغَيْرِهِ من أَصْحَابِنَا
قال وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْوُجُوبَ وَاشْتَرَطَ الْحِلَّ وَعَدَمَ الْمُنْكَرِ
فَأَمَّا هذا الشَّرْطُ فَلَا أَصْلَ له كما أَنَّ مُخَالَطَةَ هَؤُلَاءِ في صُفُوفِ الصَّلَاةِ لَا تُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ وفي الْجِنَازَةِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ الْحُضُورِ فَكَذَلِكَ ها هنا
وَهَذِهِ شُبْهَةُ الْحَجَّاجِ بن أَرْطَاةَ وهو نَوْعٌ من التَّكَبُّرِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ
نعم إنْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقَدْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَةُ على مُحَرَّمٍ وَإِنْ كان مَكْرُوهًا فَقَدْ اشْتَمَلَتْ على مَكْرُوهٍ
وَأَمَّا إنْ كَانُوا فُسَّاقًا لَكِنْ لَا يَأْتُونَ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ لِهَيْبَتِهِ في الْمَجْلِسِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْضُرَ إذَا لم يَكُونُوا ممن يُهْجَرُونَ مِثْلَ الْمُسْتَتِرِينَ
أَمَّا إنْ كان في الْمَجْلِسِ من يُهْجَرُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُ الْإِجَابَةِ لَا وُجُوبُهَا انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَا الْجَفَلَى كَقَوْلِهِ أَيُّهَا الناس تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ أو دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أو دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لم تَجِبْ الْإِجَابَةُ
إذَا دَعَا الجفلي لم تَجِبْ إجَابَتُهُ على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ويحتمل ( ( ( يحتمل ) ) ) ان يَجِبَ قَالَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لم تَجِبْ ولم تُسْتَحَبَّ
وَقِيلَ تُبَاحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا إذَا دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وهو الْيَوْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلَا تَجِبُ
____________________
(8/319)
الْإِجَابَةُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُ في الْيَوْمِ الثَّانِي وَتُكْرَهُ في الْيَوْمِ الثَّالِثِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ أَحَبَّ أَجَابَ في الثَّانِي وَلَا يُجِيبُ في الثَّالِثِ
وَأَمَّا إذَا دَعَاهُ ذِمِّيٌّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ إجَابَتُهُ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال أبو دَاوُد قِيلَ لِأَحْمَدَ تُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّيِّ قال نعم
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يُحْمَلُ كَلَامُهُ على الْوُجُوبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُكْرَهُ إجَابَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ تَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال أَصْحَابُنَا لَا تَجِبُ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ وَلَكِنْ تَجُوزُ
وقال في الْكَافِي وَتَجُوزُ إجَابَتُهُ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُتَقَدِّمِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وهو الصَّوَابُ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لَا بَأْسَ بِإِجَابَتِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَخَرَّجَ الزَّرْكَشِيُّ من رِوَايَةِ عَدَمِ جَوَازِ تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ عَدَمَ الْجَوَازِ هُنَا
قَوْلُهُ وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ
هذا قَوْلُ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّعَوَاتِ مُبَاحَةٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ
____________________
(8/320)
وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُكْرَهُ دَعْوَةُ الْخِتَانِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
وَأَمَّا الْإِجَابَةُ إلَى سَائِرِ الدَّعَوَاتِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُهَا كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الظَّاهِرُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تُبَاحُ وَنَصَّ عليه وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُوجَزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرٌ
وقال أَيْضًا وَظَاهِرُ رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَمُثَنَّى تَجِبُ الْإِجَابَةُ
قال الزَّرْكَشِيُّ لو قِيلَ بِالْوُجُوبِ لَكَانَ مُتَّجَهًا
وَكَرِهَ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ حُضُورَ غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إذَا كانت كما وَصَفَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُمْنَعُهَا الْمُحْتَاجُ وَيَحْضُرُهَا الْغَنِيُّ
فَائِدَةٌ قال الْقَاضِي في آخِرِ الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ الْإِسْرَاعُ إلَى إجَابَةِ الطَّعَامِ وَالتَّسَامُحِ لِأَنَّ فيه بِذْلَةً وَدَنَاءَةً وَشَرَهًا لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَ وهو صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لم يُفْطِرْ وَإِنْ كان نَفْلًا أو كان مُفْطِرًا اُسْتُحِبَّ الْأَكْلُ
____________________
(8/321)
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ لِمَنْ صَوْمُهُ نَفْلٌ أو هو مُفْطِرٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ لِلصَّائِمِ إنْ كان يُجْبِرُ قَلْبَ دَاعِيهِ وَإِلَّا كان إتْمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَقِيلَ نَصُّهُ يَدْعُو وَيَنْصَرِفُ
وقال في الْوَاضِحِ ظَاهِرُ الحديث وُجُوبُ الْأَكْلِ لِلْمُفْطِرِ
وفي مُنَاظَرَاتِ بن عَقِيلٍ لو غَمَسَ إصْبَعَهُ في مَاءٍ وَمَصَّهَا حَصَلَ بِهِ إرْضَاءُ الشَّارِعِ وَإِزَالَةُ الْمَأْثَمِ بِإِجْمَاعِنَا وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ إجَابَةً عُرْفًا بَلْ اسْتِخْفَافًا بِالدَّاعِي
فَائِدَةٌ في جَوَازِ الْأَكْلِ من مَالِ من في مَالِهِ حَرَامٌ أَقْوَالٌ
أَحَدُهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا قَطَعَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في الْمُنْتَخَبِ قُبَيْلَ بَابِ الصَّيْدِ
قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كما قُلْنَا في اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
قال بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ في مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ منه
وَسَأَلَهُ الْمَرْوَزِيِّ عن الذي يُعَامِلُ بِالرِّبَا يَأْكُلُ عِنْدَهُ قال لَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في آدَابِهَا وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي إنْ زَادَ الْحَرَامُ على الثُّلُثِ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ لِأَنَّ الثُّلُثَ ضَابِطٌ في مَوَاضِعَ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ إنْ كان الْحَرَامُ أَكْثَرَ حَرُمَ الْأَكْلُ وَإِلَّا فَلَا إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ قَطَعَ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ في الْمِنْهَاجِ
نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ وَرِثَ مَالًا فيه حَرَامٌ
____________________
(8/322)
إنْ عَرَفَ شيئا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ وَإِنْ كان الْغَالِبُ على مَالِهِ الْفَسَادَ تَنَزَّهَ عنه أو نحو هذا
وَنَقَلَ حَرْبٌ في الرَّجُلِ يَخْلُفُ مَالًا إنْ كان غَالِبُهُ نَهْبًا أو رِبًا يَنْبَغِي لِوَارِثِهِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عنه إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُعْرَفُ
وَنَقَلَ عنه أَيْضًا هل لِلرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ من وَرَثَةِ إنْسَانٍ مَالًا مُضَارَبَةً ينفعهم ( ( ( ينفعهما ) ) ) وَيَنْتَفِعُ
قال إنْ كان غَالِبُهُ الْحَرَامَ فَلَا
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا قَلَّ الْحَرَامُ أو كَثُرَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ في بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ صَدَقَتِهِ وَهِبَتِهِ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ وَنَحْوِ ذلك
وَإِنْ لم يَعْلَمْ أَنَّ في الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ وَإِنْ كان تَرْكُهُ أَوْلَى لِلشَّكِّ
وَإِنْ قوى سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَظَنُّهُ يَتَوَجَّهُ فيه كَآنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَطَعَامِهِمْ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ التَّرْكُ وَأَنَّ ذلك يَنْبَنِي على ما إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ
____________________
(8/323)
فَوَائِدُ جَمَّةٌ في آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِمَا
كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْقَوْمُ حين وَضْعِ الطَّعَامِ أَنْ يَفْجَأَهُمْ وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلَا تَعَمُّدٍ أَكَلَ نَصَّ عليه
وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ الْكَرَاهَةَ إلَّا من عَادَتُهُ السَّمَاحَةُ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخُبْزَ الْكِبَارَ وقال ليس فيه بَرَكَةٌ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَضْعَهُ تَحْتَ الْقَصْعَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ له
وقال الْآمِدِيُّ يَحْرُمُ عليه ذلك وَأَنَّهُ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ وَكَرِهَهُ الْأَصْحَابُ في الْأُولَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي في الثَّانِيَةِ
ذَكَرَ ذلك كُلَّهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ
وَيَحْرُمُ عليه أَخْذُ شَيْءٍ من الطَّعَامِ من غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةٍ رِضَا مَالِكِهِ فقال في التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ
وقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مع ظَنِّهِ رِضَاهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى له أَخْذُ ما عَلِمَ رضي رَبِّهِ بِهِ وَإِطْعَامُ الْحَاضِرِينَ معه وَإِلَّا فَلَا
وَيَأْتِي هل له أَنْ يُلَقِّمَ غَيْرَهُ وما يُشَابِهُهُ
وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ من غَيْرِ إذْنٍ وَلَا قَرِينَةٍ وَأَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ في الْأَكْلِ
وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ قبل الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةَ الْكَرَاهَةِ
____________________
(8/324)
قُلْت قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وقال بن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ يَدَيْهِ بَعْدَ الطَّعَامِ إذَا كان له غَمْرٌ انْتَهَى
وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهُ في الْإِنَاءِ الذي أَكَلَ فيه نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَيُكْرَهُ الْغَسْلُ بِطَعَامٍ وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ نَصَّ عليه
قال بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلَاءَ وَنَحْوِهِ
وقال في الْآدَابِ وَيَتَوَجَّهُ تَحْرِيمُ الْغَسْلِ بِمَطْعُومٍ كما هو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَمَّا أَمَرَ الشَّارِعُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْمَرْأَةَ أَنْ تَجْعَلَ مع الْمَاءِ مِلْحًا ثُمَّ تَغْسِلَ بِهِ الدَّمَ عن حَقِيبَتِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمِلْحُ طَعَامٌ فَفِي مَعْنَاهُ ما يُشْبِهُهُ انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامُ أبي مُحَمَّدٍ يَقْتَضِي جَوَازَ غَسْلِهَا بِالْمَطْعُومِ وهو خِلَافُ الْمَشْهُورِ
وَجَزَمَ النَّاظِمُ بِجَوَازِ غَسْلِ يَدَيْهِ بِالْمِلْحِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ
وقال إِسْحَاقُ تَعَشَّيْت مع أبي عبد اللَّهِ مَرَّةً فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَرُبَّمَا مَسَحَ يَدَيْهِ عِنْدَ كل لُقْمَةٍ بِالْمِنْدِيلِ
وَيَتَمَضْمَضُ من شُرْبِ اللَّبَنِ وَيَلْعَقُ قبل الْغَسْلِ أو الْمَسْحِ أَصَابِعَهُ أو يُلْعِقُهَا
وَيَعْرِضُ رَبُّ الطَّعَامِ الْمَاءَ لِغَسْلِهِمَا وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ وَلَا يَعْرِضُ الطَّعَامَ
ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَيُسَنُّ أَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُجِيدَ الْمَضْغَ وَيُطِيلَ الْبَلْعَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ما هو أَهَمُّ من الْإِطَالَةِ
وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ تَصْغِيرِ الْكِسَرِ انْتَهَى
وَلَا يَأْكُلُ لُقْمَةً حتى يَبْلَعَ ما قَبْلَهَا
____________________
(8/325)
وقال بن أبي مُوسَى وبن الْجَوْزِيِّ وَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إلَى أُخْرَى حتى يَبْتَلِعَ الْأُولَى وكذا قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَيَنْوِي بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التقوى على الطَّاعَةِ
وَيَبْدَأُ بِهِمَا الْأَكْبَرُ وَالْأَعْلَمُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ الْكُبْرَى
وقال النَّاظِمُ في آدَابِهِ % وَيُكْرَهُ سَبْقُ الْقَوْمِ لِلْأَكْلِ نَهْمَةً % % وَلَكِنْ رَبُّ الْبَيْتِ إنْ شَاءَ يبتدي ( ( ( يبتدئ ) ) ) %
وإذا أَكَلَ معه ضَرِيرٌ أَعْلَمَهُ بِمَا بين يَدَيْهِ
وَتُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِمَا وَالْأَكْلُ بِالْيَمِينِ
وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ وَالْأَكْلُ بِشِمَالِهِ إلَّا من ضَرُورَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ في الشُّرْبِ إجْمَاعًا
وَقِيلَ يَجِبَانِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيُسْرَى وَمَسِّ الْفَرَجِ بها لِأَنَّ النهى في كِلَيْهِمَا
وقال بن الْبَنَّا قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا في الْأَكْلِ أَرْبَعُ فَرَائِضَ أَكْلُ الْحَلَالِ وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَالتَّسْمِيَةُ على الطَّعَامِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ عز وجل على ذلك
وَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ في أَوَّلِهِ قال إذَا ذَكَرَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ
وقال في الْفُرُوعِ قال الْأَصْحَابُ يقول بِسْمِ اللَّهِ
وفي الْخَبَرِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو زَادَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ عِنْدَ الْأَكْلِ لَكَانَ حَسَنًا فإنه أكمل ( ( ( أكل ) ) ) بِخِلَافِ الذَّبْحِ فإنه قد قِيلَ لَا يُنَاسِبُ ذلك انْتَهَى
____________________
(8/326)
ويسمى الْمُمَيِّزُ ويسمى عَمَّنْ لَا عَقْلَ له وَلَا تَمْيِيزَ غَيْرُهُ قَالَهُ بَعْضُهُمْ إنْ شُرِعَ الْحَمْدُ عنه
وَيَنْبَغِي للمسمى أَنْ يَجْهَرَ بها قَالَهُ في الْآدَابِ لِيُنَبِّهَ غَيْرَهُ عليها
وَيَحْمَدَ اللَّهَ إذَا فَرَغَ وَيَقُولَ ما وَرَدَ
وَقِيلَ يَجِبُ الْحَمْدُ وَقِيلَ يحمد ( ( ( ويحمد ) ) ) الشَّارِبُ كُلَّ مَرَّةٍ
وقال السَّامِرِيُّ يسمى الشَّارِبُ عِنْدَ كل ابْتِدَاءٍ وَيَحْمَدُ عِنْدَ كل قَطْعٍ
قال في الْآدَابِ وقد يُقَالُ مِثْلُهُ في أَكْلِ كل لُقْمَةٍ وهو ظَاهِرُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
نَقَلَ بن هَانِئٍ أَنَّهُ جَعَلَ عِنْدَ كل لُقْمَةٍ يسمى وَيَحْمَدُ
وقال أَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ من أَكْلٍ وَصَمْتٍ
وَيُسَنُّ مَسْحُ الصَّحْفَةِ وَأَكْلُ ما تَنَاثَرَ وَالْأَكْلُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ وَإِذْنِهِ وَيَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيُكْرَهُ بِإِصْبَعٍ لِأَنَّهُ مَقْتٌ وَبِإِصْبَعَيْنِ لِأَنَّهُ كِبْرٌ وَبِأَرْبَعٍ وَخَمْسٍ لِأَنَّهُ شَرَهٌ
قال في الْآدَابِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ما يَتَنَاوَلُ عَادَةً وَعُرْفًا بِإِصْبَعٍ أو إصْبَعَيْنِ فإن الْعُرْفَ يَقْتَضِيهِ
وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وبن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ إذَا كان الطَّعَامُ لَوْنًا أو نَوْعًا وَاحِدًا
وقال الْآمِدِيُّ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ من غَيْرِ ما يَلِيهِ إذَا كان وَحْدَهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْآدَابِ نَقَلَ الأمدي عن بن حَامِدٍ أَنَّهُ قال إذَا كان مع جَمَاعَةٍ أَكَلَ مِمَّا يَلِيهِ وَإِنْ كان وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَجُولَ يَدُهُ انْتَهَى
قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَاكِهَةَ كَغَيْرِهَا
____________________
(8/327)
وَكَلَامُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ مُحْتَمِلُ الْفَرْقَ
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عِكْرَاشِ بن ذُؤَيْبٍ رضي اللَّهُ عنه لَكِنْ فيه مَقَالٌ انْتَهَى
وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ من أَعْلَى الْقَصْعَةِ وَأَوْسَطِهَا
قال بن عَقِيلٍ وَكَذَلِكَ الْكَيْلُ
وقال بن حَامِدٍ يُسَنُّ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ
وَيُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ وَغَيْرِهِمَا وَالشَّرَابِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ في الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِتَابِ منهى عنه
وقال الْآمِدِيُّ لَا يُكْرَهُ النَّفْخُ في الطَّعَامِ إذَا كان حَارًّا
قُلْت وهو الصَّوَابُ إنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ
وَيُكْرَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ الْحَارِّ
قُلْت عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ
وَيُكْرَهُ فِعْلُ ما يَسْتَقْذِرُهُ من غَيْرِهِ
وَكَذَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بِمَا يُسْتَقْذَرُ أو بِمَا يُضْحِكُهُمْ أو يُحْزِنُهُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَكْلَ مُتَّكِئًا
قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ وَعَلَى الطَّرِيقِ أَيْضًا
وَيُكْرَهُ أَيْضًا الْأَكْلُ مُضْطَجِعًا وَمُنْبَطِحًا قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/328)
وَيُسَنُّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْأَكْلِ على رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى أو يَتَرَبَّعَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّاءِ أَنَّ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَجْلِسَ مُفْتَرِشًا وَإِنْ تَرَبَّعَ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى
وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَأْكُلَ مُطْمَئِنًّا كَذَا قال
وَيُكْرَهُ عَيْبُ الطَّعَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ
وَيُكْرَهُ قِرَانُهُ في التَّمْرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ النَّاظِمُ في آدَابِهِ وبن حَمْدَانَ في آدَابِ رِعَايَتَيْهِ وبن مُفْلِحٍ في آدَابِهِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ مع شَرِيكٍ لم يَأْذَنْ
قال في الرِّعَايَةِ لَا وَحْدَهُ وَلَا مع أَهْلِهِ وَلَا من أَطْعَمَهُمْ ذلك
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُفْلِحٍ في الْفُرُوعِ
وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في كِتَابِهِ أُصُولِ الْفِقْهِ لَا يُكْرَهُ الْقِرَانُ
وقال بن عَقِيلٍ في الْوَاضِحِ الْأَوْلَى تَرْكُهُ
قال صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِثْلُهُ ما الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ وَلَهُ أَفْرَادٌ
وَكَذَا قال النَّاظِمُ في آدَابِهِ وهو الصَّوَابُ
وَلَهُ قَطْعُ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ والنهى عنه لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْبَطْنُ أَثْلَاثًا ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ
وَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الْفُرُوعِ وهو مُرَادُ من أَطْلَقَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَكَلَ كَثِيرًا لم يَكُنْ بِهِ باس
وَذَكَرَ النَّاظِمُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشِّبَعِ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِسْرَافُ
____________________
(8/329)
وقال في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ الْأَكْلُ كَثِيرًا مع خَوْفِ تُخَمَةٍ
وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَكْلَهُ حتى يُتْخَمَ وَحَرَّمَهُ أَيْضًا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَحَرَّمَ أَيْضًا الْإِسْرَافَ وهو مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ
وَيَأْتِي في الْأَطْعِمَةِ كَرَاهَةُ إدْمَانِ أَكْلِ اللَّحْمِ
وَلَا يُقَلِّلُ من الْأَكْلِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ ذلك
وَلَيْسَ من السُّنَّةِ تَرْكُ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ
وَلَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قَائِمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالشُّرْبِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قُلْت إنْ قُلْنَا إنَّ الْكَرَاهَةَ في الشُّرْبِ قَائِمًا لِمَا يَحْصُلُ له من الضَّرَرِ ولم يَحْصُلْ مِثْلُ ذلك في الْأَكْلِ امْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الشُّرْبَ من فَمِ السِّقَاءِ وَاخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ وهو قَلْبُهَا
وَيُكْرَهُ أَيْضًا الشُّرْبُ من ثُلْمَةِ الْإِنَاءِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا يَشْرَبُ مُحَاذِيًا الْعُرْوَةَ وَيَشْرَبُ مِمَّا يَلِيهَا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَحَمَلَهُ في الْآدَابِ على أَنَّ الْعُرْوَةَ مُتَّصِلَةٌ بِرَأْسِ الْإِنَاءِ
وإذا شَرِبَ نَاوَلَ الْإِنَاءَ الْأَيْمَنَ
وقال في التَّرْغِيبِ وَكَذَا غَسْلُ يَدِهِ
____________________
(8/330)
وقال بن أبي الْمَجْدِ وَكَذَا في رَشِّ مَاءِ الْوَرْدِ
وقال في الْفُرُوعِ وما جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ وَتَقْدِيمٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ وَجْهَيْنِ قال وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ
وقال في آدَابِهِ الْأَوْلَى جَوَازُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يُلْقِمُ جَلِيسَهُ وَلَا يُفْسِحُ له إلَّا بأذن رَبِّ الطَّعَامِ
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ من حَضَرَ معه لِأَنَّهُ يَأْكُلُ وَيَتْلَفُ بِأَكْلِهِ على مِلْكِ صَاحِبِهِ على وَجْهِ الْإِبَاحَةِ
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ من الْآدَابِ أَنْ لَا يُلْقِمَ أَحَدًا يَأْكُلُ معه إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الطَّعَامِ
قال في الْآدَابِ وَهَذَا يَدُلُّ على جَوَازِ ذلك عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ في ذلك لَكِنَّ الْأَدَبَ وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عن ذلك لِمَا فيه من إسَاءَةِ الْأَدَبِ على صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ على طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ من غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ
وفي مَعْنَى ذلك تَقْدِيمُ بَعْضِ الضِّيفَانِ ما لَدَيْهِ وَنَقْلُهُ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِفَاعِلِ ذلك أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ جَلِيسِهِ من ذلك
وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ في ذلك
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْفُنُونِ كُنْت أَقُولُ لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلَا لِسِنَّوْرٍ حتى وَجَدْت في صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ أَنَسٍ في الدُّبَّاءِ انْتَهَى
وَيُسَنُّ أَنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ عن جَلِيسِهِ
قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ من الْآدَابِ أَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى وُجُوهِ الْآكِلِينَ انْتَهَى
____________________
(8/331)
وَيُسَنُّ أَنْ يُؤْثِرَ على نَفْسِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مع أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَعَ الْفُقَرَاءِ بِالْإِيثَارِ وَمَعَ الْإِخْوَانِ بِالِانْبِسَاطِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مع الْإِخْوَانِ وَبِالْإِيثَارِ مع الْفُقَرَاءِ وَبِالْمُرُوءَةِ مع أَبْنَاءِ الدُّنْيَا انْتَهَى
وَيُسَنُّ أَنْ يُخَلِّلَ أَسْنَانَهُ إنْ عَلِقَ بها شَيْءٌ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ روى عن بن عُمَرَ تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ
وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا
قال النَّاظِمُ ويلقى ما أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ وَلَا يَبْتَلِعُهُ لِلْخَبَرِ
وَيُسَنُّ الشُّرْبُ ثَلَاثًا وَيَتَنَفَّسُ دُونَ الْإِنَاءِ ثَلَاثًا فَإِنْ تَنَفَّسَ فيه كُرِهَ
وَلَا يَشْرَبُ في أَثْنَاءِ الطَّعَامِ فإنه مُضِرٌّ ما لم يَكُنْ عَادَةً
وَيُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَ غُلَامَهُ معه على الطَّعَامِ وَإِنْ لم يُجْلِسْهُ أَطْعَمَهُ
وَيُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ مع الْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ قَبْلَهُمْ ما لم تُوجَدْ قَرِينَةٌ
وَيُكْرَهُ مَدْحُ طَعَامِهِ وَتَقْوِيمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ عليه ذلك
وقال الْآمِدِيُّ السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ بيده وَلَا يَأْكُلَ بِمِلْعَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَمَنْ أَكَلَ بِمِلْعَقَةٍ أو غَيْرِهَا أَكَلَ بِالْمُسْتَحَبِّ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمَ بِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ زَادَ الْمِلْحَ
وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ من فيه وَرَدُّهُ في الْقَصْعَةِ
وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْذِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَالَهُ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ
____________________
(8/332)
وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ وَالْحِكَايَاتِ التي تَلِيقُ بِالْحَالَةِ إذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ
وقد كان الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُبَاسِطُ من يَأْكُلُ معه
وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ من آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ لَا يَسْكُتُوا على الطَّعَامِ بَلْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ في الْأَطْعِمَةِ انْتَهَى
وَلَا يَتَصَنَّعُ بِالِانْقِبَاضِ وإذا أَخْرَجَ من فيه شيئا لِيَرْمِيَ بِهِ صَرَفَ وَجْهَهُ عن الطَّعَامِ وَأَخَذَهُ بِيَسَارِهِ
قال وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ وَيُقَدِّمُ ما حَضَرَ من غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُمْ في التَّقْدِيمِ انْتَهَى
قال في الْآدَابِ كَذَا قال
وقال بن الْجَوْزِيِّ أَيْضًا وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلَى الْمَكَانِ الذي يَخْرُجُ منه الطَّعَامُ فإنه دَلِيلٌ على الشَّرَهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا دُعِيَ إلَى أَكْلٍ دخل إلَى بَيْتِهِ فَأَكَلَ ما يَكْسِرُ نَهْمَتَهُ قبل ذَهَابِهِ
وقال بن الْجَوْزِيِّ وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ لَا يَجْمَعَ بين النَّوَى وَالتَّمْرِ في طَبَقٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجْمَعَهُ في كَفِّهِ بَلْ يَضَعَهُ من فيه على ظَهْرِ كَفِّهِ
وَكَذَا كُلُّ ما فيه عَجَمٌ وَثِقَلٌ وهو مَعْنَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ
وقال أبو بَكْرِ بن حَمَّادٍ رَأَيْت الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْكُلُ التَّمْرَ وَيَأْخُذُ النَّوَى على ظَهْرِ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى
وَرَأَيْته يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَى مع التَّمْرِ في شَيْءٍ وَاحِدٍ
وَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الضِّيفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ إذَا لم يَتَأَذَّ غَيْرُهُ
وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفَضِّلَ شيئا لَا سِيَّمَا إنْ كان مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ أو كان ثَمَّ حَاجَةٌ
____________________
(8/333)
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يُقَبَّلُ وَلَا بَأْسَ بِالْمُنَاهَدَةِ
نَقَلَ أبو دَاوُد لَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَاهَدَ في الطَّعَامِ وَيَتَصَدَّقَ منه لم يَزَلْ الناس يَفْعَلُونَ هذا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً لَا يَتَصَدَّقُ بِلَا إذْنٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَمَعْنَى النَّهْدِ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ من الرُّفْقَةِ شيئا من النَّفَقَةِ وَيَدْفَعُونَهُ إلَى رَجُلٍ يُنْفِقُ عليهم منه وَيَأْكُلُونَ جميعا
وَإِنْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ من بَعْضٍ فَلَا بَأْسَ
قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ أَجَابَ أَسْبَقَهُمَا
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ هل السَّبْقُ بِالْقَوْلِ وهو الصَّوَابُ أو بِقُرْبِ الْبَابِ فيه وَجْهَانِ
قال في الْفُرُوعِ وحكى هل السَّبْقُ بِالْقَوْلِ أو بِالْبَابِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ السَّبْقَ بِالْقَوْلِ وهو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ خُصُوصًا الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَإِنْ اسْتَوَيَا في السَّبْقِ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِتَقْدِيمِ الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَقْرَبِ جِوَارًا وَقَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي
وقال في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا بَابًا
زَادَ في الْخُلَاصَةِ وَيُقَدِّمُ إجَابَةَ الْفَقِيرِ مِنْهُمَا
وزاد في الْكَافِي فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا
وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(8/334)
وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ إنْ أَتَيَا مَعًا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا ثُمَّ جِوَارًا ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُقَدِّمُ أَسْبَقَ ثُمَّ أَدْيَنَ ثُمَّ أَقْرَبَ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا وَقِيلَ عَكْسُهُ ثُمَّ قَارَعَ
وقال في الْفُصُولِ يُقَدِّمُ السَّابِقَ فَإِنْ لم يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فقال أَصْحَابُنَا يَنْظُرُ أَقْرَبَهُمَا دَارًا فَيُقَدِّمُ في الْإِجَابَةِ
وَقِيلَ الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا
وقال في الْبُلْغَةِ فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ في الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَالزَّمْرِ وَالْخَمْرِ وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ وَأَنْكَرَ وَإِلَّا لم يَحْضُرْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ حَضَرَ وَشَاهَدَ الْمُنْكَرَ أَزَالَهُ وَجَلَسَ فَإِنْ لم يَقْدِرْ انْصَرَفَ بِلَا خِلَافٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ ولم يَرَهُ ولم يَسْمَعْهُ فَلَهُ الْجُلُوسُ
ظَاهِرُهُ الْخِيرَةُ بين الْجُلُوسِ وَعَدَمِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال النَّاظِمُ إنْ شَاءَ يَجْلِسُ وَلَكِنْ عَنْهُمْ الْبُعْدُ أَجْوَدُ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنْصَرِفُ
____________________
(8/335)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فيها صُوَرُ الْحَيَوَانِ لم يَجْلِسْ إلَّا أَنْ تُزَالَ
هَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وفي تَحْرِيمِ لُبْثِهِ في مَنْزِلٍ فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ على وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَتَقَدَّمَ في سِتْرِ الْعَوْرَةِ هل يَحْرُمُ ذلك أَمْ لَا
فَائِدَةٌ إذَا عَلِمَ بِهِ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ يَحْرُمُ الدُّخُولُ أَمْ لَا فيه الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الدُّخُولُ وهو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت مَبْسُوطَةً أو على وِسَادَةٍ فَلَا بَأْسَ بها
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْإِرْشَادِ الصُّوَرُ وَالتَّمَاثِيلُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا في الْأَسِرَّةِ وَالْجُدُرِ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ تَعْلِيقُ ما فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ وَسِتْرُ الْجُدُرِ بِهِ وَتَصْوِيرُهُ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً كَافْتِرَاشِهِ وَجَعْلِهِ مِخَدًّا
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في سِتْرِ الْعَوْرَةِ
____________________
(8/336)
قَوْلُهُ وَإِنْ سُتِرَتْ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فيها أو فيها صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ فَهَلْ تُبَاحُ على رِوَايَتَيْنِ
مُرَادُهُ إذَا كانت غير حَرِيرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في مَوْضِعٍ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ
وقال في الْخُلَاصَةِ وإذا حَضَرَ فَرَأَى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لَا صُوَرَ عليها فَهَلْ يَجْلِسُ فيه رِوَايَتَانِ أَصْلُهُمَا هل هو حَرَامٌ أو مَكْرُوهٌ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم تَكُنْ حَاجَةٌ فَأَمَّا إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ من حَرٍّ أو بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو وَاضِحٌ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَهَلْ يُبَاحُ أَنَّ الْخِلَافَ في الْإِبَاحَةِ وَعَدَمِهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ في الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ فَمُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ الْجَوَازُ الذي هو ضِدُّ التَّحْرِيمِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ يَكُونُ وُجُودُ ذلك عُذْرًا في تَرْكِ الْإِجَابَةِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ يَكُونُ أَيْضًا عُذْرًا في تَرْكِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(8/337)
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ لَا يَكُونُ عُذْرًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ الْمُتَقَدِّمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِذَلِكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ وَغَيْرُهُ كُلُّ ما كان فيه شَيْءٌ من زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَشِبْهِهِ فَلَا يَدْخُلُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَدْخُلَ قال لَا كَرَيْحَانٍ مُنَضَّدٍ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ أَنَّ النَّهْيَ عن التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ لِلتَّحْرِيمِ
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ لَا يَشْهَدُ عُرْسًا فيه طَبْلٌ أو مُخَنَّثٌ أو غِنَاءٌ أو تَسَتُّرُ الْحِيطَانِ وَيَخْرُجُ لِصُورَةٍ على الْجِدَارِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْفَضْلُ لَا لِصُورَةٍ على سِتْرٍ لم يَسْتُرْ بِهِ الْجُدُرَ
قَوْلُهُ وَلَا يُبَاحُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إذْنٍ أو ما يَقُومُ مَقَامَهَا بِلَا نِزَاعٍ
فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ أو قَرِينَةٍ وَلَوْ من بَيْتِ قَرِيبِهِ أو صَدِيقِهِ ولم يُحْرِزْهُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَنَقَلَهُ بن الْقَاسِمِ وبن النَّضْرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ بن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ يَجُوزُ أَكْلُهُ من بَيْتِ قَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ إذَا لم يُحْرِزْهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في آدَابِهِ وقال هذا هو الْمُتَوَجَّهُ
وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الشَّكِّ في رِضَاهُ أو على الْوَرَعِ انْتَهَى
وَجَزَمَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في آخِرِ الْغَصْبِ فِيمَنْ يَكْتُبُ من مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ في حَقِّ من يَنْبَسِطُ إلَيْهِ وَيَأْذَنُ له عُرْفًا
____________________
(8/338)
قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ فيه
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَكَذَا تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إذْنًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ في ذلك الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ فَيَكُونُ الْعُرْفُ إذْنًا
وقد تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَسْنُونَ الْأَكْلُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ وَإِذْنِهِ
وَتَقَدَّمَ جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ في آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الدُّعَاءَ ليس إذْنًا في الدُّخُولِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هو إذْنٌ فيه
وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ وَنَسَبَهُ إلَى الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
قُلْت إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عليه كان إذْنًا وَإِلَّا فَلَا
الثَّانِيَةُ قال الْمَجْدُ مَذْهَبُنَا لَا يَمْلِكُ الطَّعَامَ الذي قُدِّمَ إلَيْهِ بَلْ يَهْلَكُ بِالْأَكْلِ على مِلْكِ صَاحِبِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ أَكْلُ الضَّيْفِ إبَاحَةٌ مَحْضَةٌ لَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِهِ بِحَالٍ على الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا انْتَهَى
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ له هل له الصَّدَقَةُ من قُوتِهِ الضَّيْفُ لَا يَمْلِكُ الصَّدَقَةَ بِمَا أَذِنَ له في أَكْلِهِ
وقال إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَضَافَهُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لم يُمَلِّكْهُ شيئا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ الْأَكْلَ وَلِهَذَا لم يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فيه بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى
قُلْت فَيَحْرُمُ عليه تَصَرُّفُهُ فيه بِدُونِهِ
____________________
(8/339)
قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا يَأْكُلُ الضَّيْفُ على مِلْكِ صَاحِبِ الطَّعَامِ على وَجْهِ الْإِبَاحَةِ وَلَيْسَ ذلك بِتَمْلِيكٍ انْتَهَى
قال في الْآدَابِ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ في الْمُغْنِي التَّحْرِيمُ
قُلْت وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ
قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ لو قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لم يَجُزْ لهم قِسْمَتُهُ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ نَقَلَهُ عَنْهُمْ في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْأَطْعِمَةِ
وقال في الْقَوَاعِدِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ بِإِجْزَاءِ الطَّعَامِ في الْكَفَّارَاتِ وَتَنْزِلُ على أَحَدِ قَوْلَيْنِ
وَهُمَا أَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ ما قُدِّمَ إلَيْهِ وَإِنْ كان مِلْكًا خَاصًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَكْلِ
وَإِمَّا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُشْتَرَطُ فيها تَمْلِيكٌ انْتَهَى
وقال في الْآدَابِ وَوُجِّهَتْ رِوَايَةُ الْجَوَازِ في مَسْأَلَةِ صَدَقَةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ له بِأَنَّهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ فيه وَالْإِذْنِ عُرْفًا فَجَازَ كَصَدَقَةِ الْمَرْأَةِ من بَيْتِ زَوْجِهَا
قال وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ في مَسْأَلَتَيْ الضَّيْفِ انْتَهَى
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فيها أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ أو بِحُصُولِهِ في الْفَمِ أو بِالْبَلْعِ أو لَا يَمْلِكُهُ بِحَالٍ كَمَذْهَبِنَا
قَوْلُهُ وَالنِّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهَانِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/340)
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إبَاحَتُهُمَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كَالْمُضَحِّي يقول من شَاءَ اقْتَطَعَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ في الْعُرْسِ دُونَ غَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي هذا نُهْبَةٌ لَا يَأْكُلُهُ وَلَا يُؤَكِّلُهُ لِغَيْرِهِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ كَقَوْلِ الْإِمَامِ وَالْأَمِيرِ في الْغَزْوِ وفي الْغَنِيمَةِ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له وَنَحْوُهُ
قَوْلُهُ وَمَنْ حَصَلَ في حِجْرِهِ شَيْءٌ منه فَهُوَ له
وَكَذَا من أَخَذَ شيئا منه فَهُوَ له وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَصْدِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِينَ خَلْطُ أَزْوَادِهِمْ لِيَأْكُلُوا جميعا وهو النَّهْدُ على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ إعْلَانُ النِّكَاحِ وَالضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ
إعْلَانُ النِّكَاحِ مُسْتَحَبٌّ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاسْتَحَبَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا الصَّوْتَ في الْعُرْسِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا بَأْسَ بِالصَّوْتِ وَالدُّفِّ فيه
قال في الرِّعَايَة في بَابِ بَقِيَّةِ من تَصِحُّ شَهَادَتُهُ وَيُبَاحُ الدُّفُّ في الْعُرْسِ انْتَهَى
____________________
(8/341)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالضَّرْبُ عليه بِالدُّفِّ أَنَّهُ سَوَاءً كان الضَّارِبُ رَجُلًا أو امْرَأَةً
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ
قِيلَ له في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ ما تَرَى الناس الْيَوْمَ تُحَرِّكُ الدُّفَّ في إملاك أو بِنَاءٍ بِلَا غِنَاءٍ فلم يَكْرَهْ ذلك
وَقِيلَ له في رِوَايَةِ جَعْفَرٍ يَكُونُ فيه جَرَسٌ قال لَا
وقال الْمُصَنِّفُ ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ
قال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ضَرْبُ الدُّفِّ في نَحْوِ الْعُرْسِ كَالْخِتَانِ وَقُدُومِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا كَالْعُرْسِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَصْحَابُنَا كَرِهُوا الدُّفَّ في غَيْرِ الْعُرْسِ
وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في غَيْرِ عُرْسٍ وَخِتَانٍ
وَيُكْرَهُ لِرَجُلٍ لِلتَّشَبُّهِ
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُبَاحُ في الْخِتَانِ
وَقِيلَ وَكُلِّ سُرُورٍ حَادِثٍ
الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَى الدُّفِّ كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ وَنَايٍ وَمِعْزَفَةٍ وَسِرْنَايٌ نَصَّ على ذلك كُلِّهِ
وَكَذَا الْجِفَانَةُ وَالْعُودُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أو سُرُورٍ
وَسَأَلَهُ بن الْحَكَمِ عن النَّفْخِ في الْقَصَبَةِ كَالْمِزْمَارِ فقال أَكْرَهُهُ
____________________
(8/342)
وفي تَحْرِيمِ الضَّرْبِ بِالْقَضِيبِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْكَرَاهَةَ
وقال في الْمُغْنِي لَا يُكْرَهُ إلَّا مع تَصْفِيقٍ أو غِنَاءٍ أو رَقْصٍ وَنَحْوِهِ
وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِالتَّحْرِيمِ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّبْلَ لِغَيْرِ حَرْبٍ وَنَحْوِهِ
وَاسْتَحَبَّهُ بن عَقِيلٍ في الْحَرْبِ وقال لِتَنْهِيضِ طِبَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَشْفِ صُدُورِ الْأَعْدَاءِ
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّغْبِيرَ وَنَهَى عن اسْتِمَاعِهِ وقال هو بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد لَا يُعْجِبُنِي
وَنَقَلَ يُوسُفُ لَا يَسْتَمِعُهُ قِيلَ هو بِدْعَةٌ قال حَسْبُك
قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَقَدْ مَنَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من إطْلَاقِ اسْمِ الْبِدْعَةِ عليه وَمِنْ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ كَشِعْرٍ مُلَحَّنٍ كَالْحُدَاءِ لِلْإِبِلِ وَنَحْوِهِ
____________________
(8/343)
بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ
قَوْلُهُ وإذا تَمَّ الْعَقْدُ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ في بَيْتِ الزَّوْجِ إذَا طَلَبَهَا وَكَانَتْ حُرَّةً يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بها ولم تَشْتَرِطْ دَارَهَا
مَتَى كان يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَطَلَبَهَا الزَّوْجُ وَكَانَتْ حُرَّةً لَزِمَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَكُونُ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي هذا عِنْدِي ليس على سَبِيلِ التَّحْدِيدِ وَالتَّضْيِيقِ وَإِنَّمَا هو لِلْغَالِبِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو كانت صَغِيرَةً نِضْوَةَ الْخِلْقَةِ وَطَلَبَهَا لَزِمَ تَسْلِيمُهَا فَلَوْ خَشِيَ عليها اسْتَمْتَعَ منها كَالِاسْتِمْتَاعِ من الْحَائِضِ
وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا مع ما يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ كَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ وَلَوْ قال لَا أَطَأُ وفي الْحَائِضِ احْتِمَالَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ لُزُومِ التَّسْلِيمِ بَلْ لو قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لَاتَّجَهَ أو يَنْظُرُ إلَى قَرِينَةِ الْحَالِ
وَجَزَمَ في الْمُغْنِي في بَابِ الْحَالِ التي تَجِبُ فيها النَّفَقَةُ على الزَّوْجِ بِاللُّزُومِ
وَكَذَلِكَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ
____________________
(8/344)
الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ في ضِيقِ فَرْجِهَا وَقُرُوحٍ فيه وَعَبَالَةِ ذَكَرِهِ يَعْنِي كِبَرَهُ وَنَحْوُ ذلك وَتَنْظُرُهُمَا وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا لِلْحَاجَةِ
وَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا لَزِمَتْهَا الْبَيِّنَةُ
الثَّالِثَةُ إذَا امْتَنَعَتْ قبل الْمَرَضِ ثُمَّ حَدَثَ بها الْمَرَضُ فَلَا نَفَقَةَ لها
قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلْت الْإِنْظَارَ أُنْظِرَتْ مُدَّةً جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِصْلَاحِ أَمْرِهَا فيها
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ لَا لِعَمَلِ جِهَازٍ وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ إنْ اُسْتُمْهِلَتْ هِيَ وَأَهْلُهَا اُسْتُحِبَّ له إجَابَتُهُمْ ما يُعْلَمُ بِهِ التَّهَيُّؤُ من شِرَاءِ جِهَازٍ وَتَزَيُّنٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت أَمَةً لم يَجِبْ تَسْلِيمُهَا إلَّا بِاللَّيْلِ
يَعْنِي مع الْإِطْلَاقِ نَصَّ عليه
فَلَوْ شَرَطَهُ نَهَارًا وَجَبَ على السَّيِّدِ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَذَا لو بَذَلَهُ السَّيِّدُ بِلَا شَرْطٍ عليه
وَلَوْ بَذَلَهُ السَّيِّدُ وكان قد شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَجِبُ وَيَأْتِي حُكْمُ نَفَقَتِهَا في كِتَابِ النَّفَقَاتِ
____________________
(8/345)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس لِزَوْجِ الْأَمَةِ السَّفَرُ بها
وَهَلْ يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ صَحِبَهُ الزَّوْجُ أو لَا فيه وَجْهَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ
أَحَدُهُمَا له ذلك من غَيْرِ إذْنِهِ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي نَقَلَهُ الْمَجْدُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال الْمَجْدُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
وَعَلَيْهَا يَنْبَنِي لو بَوَّأَهَا مَسْكَنًا لِيَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فيه هل يَلْزَمُهُ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إذَا بَذَلَ السَّيِّدُ لها مَسْكَنًا لِيَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فيه
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بها
يَعْنِي على أَيِّ صِفَةٍ كانت إذَا كان في الْقُبُلِ وَلَوْ من جِهَةِ عَجِيزَتِهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ السِّرِّ الْمَصُونِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ كَرِهُوا الْوَطْءَ بين الْأَلْيَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الدُّبُرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قَالَا
قَوْلُهُ ما لم يَشْغَلْهَا عن الْفَرَائِضِ من غَيْرِ إضْرَارٍ بها
بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ كانت على التَّنُّورِ أو على ظَهْرِ قَتَبٍ كما رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
____________________
(8/346)
فَائِدَةٌ قال أبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي إذَا زَادَ الرَّجُلُ على الْمَرْأَةِ في الْجِمَاعِ صُولِحَ على شَيْءٍ منه وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عن بن الزُّبَيْرِ أَنَّهُ جَعَلَ لِرَجُلٍ أَرْبَعًا بِاللَّيْلِ وَأَرْبَعًا بِالنَّهَارِ
وَعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ صَالَحَ رَجُلًا اسْتَعْدَى على امْرَأَةٍ على سِتَّةٍ
قال الْقَاضِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَقُدِّرَ كما أَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لها غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَيَرْجِعَانِ في التَّقْدِيرِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ كَالنَّفَقَةِ وَكَوَطْئِهِ إذَا زَادَ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ خِلَافُ ذلك وَأَنَّهُ يَطَأُ ما لم يَشْغَلْهَا عن الْفَرَائِضِ وما لم يَضُرَّهَا بِذَلِكَ وَيَأْتِي كَلَامُ النَّاظِمِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْوَطْءِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَهُ السَّفَرُ بها إلَّا أَنْ تَشْتَرِطَ بَلَدَهَا
مُرَادُهُ غَيْرُ زَوْجِ الْأَمَةِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا في الْحَيْضِ بِلَا نِزَاعٍ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ وَطْئِهَا وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ في كِتَابِ الْحَيْضِ
____________________
(8/347)
قَوْلُهُ وَلَا في الدُّبُرِ
وَهَذَا أَيْضًا بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَئِمَّةِ وَلَوْ تَطَاوَعَا على ذلك فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
وَلَا يُعْذَرُ الْعَالِمُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْهُمَا وَلَوْ أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ عليه نهى عنه فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلَمْسُهُ هل يَجُوزُ لها اسْتِدْخَالُ ذَكَرِ زَوْجِهَا من غَيْرِ إذْنِهِ وهو نَائِمٌ
قَوْلُهُ وَلَا يَعْزِلُ عن الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا عن الْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا
وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَمَحَلُّ هذا إذَا لم يَشْتَرِطْ حُرِّيَّةَ الْأَوْلَادِ فَأَمَّا إذَا اشْتَرَطَ ذلك فَلَهُ الْعَزْلُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ الْأَمَةِ
وَقِيلَ لَا يُبَاحُ الْعَزْلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُبَاحُ مُطْلَقًا
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا عن الْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهَا هِيَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إذْنُهَا أَيْضًا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(8/348)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
الثَّانِي أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا جَوَازَ عَزْلِ السَّيِّدِ عن سُرِّيَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَإِنْ لم يَجُزْ له الْعَزْلُ عن زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال بن عَقِيلٍ يُحْتَمَلُ من مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا
قُلْت وهو مُتَّجَهٌ لِأَنَّ لها فيه حَقًّا
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ هل يَسْتَأْذِنُ أُمَّ الْوَلَدِ في الْعَزْلِ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَلَهُ إجْبَارُهَا على الْغُسْلِ من الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ
أَمَّا الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ إذَا كانت بَالِغَةً وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَهُ إجْبَارُهَا على ذلك إذَا كانت مُسْلِمَةً رِوَايَةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تُجْبَرُ على غُسْلِ الْجَنَابَةِ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا
وَأَمَّا غَسْلُ النَّجَاسَةِ فَلَهُ أَيْضًا إجْبَارُهَا عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وفي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا عليه
قُلْت وهو بَعِيدٌ أَيْضًا
قَوْلُهُ إلَّا الذِّمِّيَّةَ فَلَهُ إجْبَارُهَا على غُسْلِ الْحَيْضِ
وَكَذَا النِّفَاسُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا فَعَلَيْهَا في وَطْئِهِ بِدُونِ الْغُسْلِ وَجْهَانِ
____________________
(8/349)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ فيعايي بها
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي فإنه قال وَلِلزَّوْجِ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ على الْغُسْلِ من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مُسْلِمَةً كانت أو ذِمِّيَّةً لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ الذي هو حَقٌّ له
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو إجْبَارُهَا في وُجُوبِ النِّيَّةِ لِلْغُسْلِ منه وَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّعَبُّدِ بِهِ لو أَسْلَمَتْ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا وُجُوبُ ذلك
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ ذلك
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ وفي اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ في غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ من الْحَيْضِ وَجْهَانِ وَيَصِحُّ منها الْغُسْلُ بِلَا نِيَّةٍ وَخَرَجَ ضِدُّهُ انْتَهَى
وَقَدَّمَ صِحَّةَ الْغُسْلِ بِلَا نِيَّةٍ بن تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ
قُلْت الصَّوَابُ ما قَدَّمَهُ وَأَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَجِبُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ الْحَيْضِ شَيْءٌ من ذلك فَلْيُرَاجَعْ
وَهَلْ الْمُنْفَصِلُ من غُسْلِهَا من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مَانِعًا أو طَهُورٌ لِأَنَّهُ لم يَقَعْ قُرْبَةً فيه رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وبن عُبَيْدَانَ وَالْفُرُوعِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُمَا وَجْهَانِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ ذَكَرُوهُ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ
إحْدَاهُمَا هو طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ
____________________
(8/350)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَوْلَى جَعْلُهُ طَاهِرًا غير طَهُورٍ
وَالثَّانِيَةُ هو طَهُورٌ قَدَّمَهُ بن تَمِيمٍ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ
وَقِيلَ إنْ لَزِمَهَا الْغُسْلُ منه بِطَلَبِ الزَّوْجِ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت أو السَّيِّدِ فظاهر ( ( ( فطاهر ) ) ) وَإِنْ لم يَطْلُبْهُ أَحَدُهُمَا أو طَلَبَهُ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ فَطَهُورٌ
وَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ من غُسْلِهَا من الْجَنَابَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ طَهُورٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَصَحَّحَهُ في الحاويين ( ( ( الحاوي ) ) ) في كِتَابِ الطَّهَارَةِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وبن عُبَيْدَانَ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَطَهُورٌ قَوْلًا وَاحِدًا
وَقِيلَ طَاهِرٌ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى ثُمَّ قال قُلْت إنْ وَجَبَ غُسْلُهَا منه في وَجْهٍ فَطَاهِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ طَهُورٌ
قَوْلُهُ وفي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ رِوَايَتَانِ
يَعْنِي غير الْحَيْضِ في حَقِّ الذِّمِّيَّةِ
فَدَخَلَ في هذا الْخِلَافِ الذي حَكَاهُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةُ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَخْذُ الشَّعْرِ الذي تَعَافُهُ النَّفْسُ وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ في الْجَنَابَةِ
وفي أَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا له إجْبَارُهَا على ذلك وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ في الْغُسْلِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في ذلك كُلِّهِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ
____________________
(8/351)
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ له إجْبَارُهَا على غُسْلِ الْجَنَابَةِ على الْأَصَحِّ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالنَّجَاسَةِ وَعَلَى تَرْكِ كل مُحَرَّمٍ وَأَخْذِ ما تَعَافُهُ النَّفْسُ من شَعْرٍ وَغَيْرِهِ
قال النَّاظِمُ هذه الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ في غَيْرِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في غُسْلِ الْجَنَابَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ له إجْبَارُهَا على إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا خَرَجَ عن الْعَادَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَذَلِكَ الْأَظْفَارُ انْتَهَيَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له إجْبَارُهَا على شَيْءٍ من ذلك
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ طَالَ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ وَجَبَ إزَالَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَا
وَقِيلَ في التَّنْظِيفِ وَالِاسْتِحْدَادِ وَجْهَانِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا في مَنْعِهَا من أَكْلِ ما له رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ ونحوها ( ( ( ونحوه ) ) ) وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وَخَرَّجَهُمَا بن عَقِيلٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تُمْنَعُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُمْنَعُ من ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
الثَّانِيَةُ تُمْنَعُ الذِّمِّيَّةُ من شُرْبِهَا مُسْكِرًا إلَى أَنْ تَسْكَرَ وَلَيْسَ له مَنْعُهَا من شُرْبِهَا منه ما لم يُسْكِرْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ تُمْنَعُ منه مُطْلَقًا
____________________
(8/352)
وقال في التَّرْغِيبِ وَمِثْلُهُ أَكْلُ لَحْمِ خِنْزِيرٍ ولا تُمْنَعُ من دُخُولِ بِيعَةٍ وَكَنِيسَةٍ
وَلَا تُكْرَهُ على الْوَطْءِ في صَوْمِهَا نَصَّ عليه وَلَا إفْسَادِ صَلَاتِهَا وَسُنَّتِهَا
قَوْلُهُ وَلَهَا عليه أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً من أَرْبَعِ لَيَالٍ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَإِنْ كانت أَمَةً فَمِنْ كل ثَمَانٍ
يَعْنِي إذَا طَلَبَتَا ذلك منه لَزِمَ مَبِيتُ الزَّوْجِ عِنْدَ الْأَمَةِ لَيْلَةً من كل ثَمَانِ لَيَالٍ
اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالْعُمْدَةِ
وقال أَصْحَابُنَا من كل سَبْعٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ من الْبَيْتُوتَةِ ما يَزُولُ معه ضَرَرُ الْوَحْشَةِ وَيَحْصُلُ منه الْأُنْسُ الْمَقْصُودُ بِالزَّوْجِيَّةِ بِلَا تَوْقِيتٍ فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُ الْمَبِيتُ إنْ لم يَقْصِدْ بِتَرْكِهِ ضَرَرًا
قَوْلُهُ وَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِيَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَبِيتُ وَحْدَهُ ما أُحِبُّ ذلك إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَكَى اخْتِيَارَ الْأَصْحَابِ وَالْمُصَنِّفِ وَقِيلَ حَقُّ الزَّوْجَةِ الْمَبِيتُ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ وَيَنْفَرِدُ بِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِيَ إنْ شَاءَ
____________________
(8/353)
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَطْؤُهَا في كل أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً إنْ لم يَكُنْ عُذْرٌ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا هو الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَرْجِعُ فيه إلَى الْعُرْفِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وُجُوبَ الْوَطْءِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا ما لم يُنْهِكْ بَدَنَهُ أو يَشْغَلْهُ عن مَعِيشَتِهِ من غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّ الْوَطْءَ غَيْرُ وَاجِبٍ إنْ لم يَقْصِدْ بِتَرْكِهِ ضَرَرًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
ولم يَعْتَبِرْ بن عَقِيلٍ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِتَرْكِهِ لِلْوَطْءِ
قال وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ غَالِبًا ما يَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ
وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَصْدِ في حَقِّ الْآدَمِيِّ
وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في قَصْدِ الْإِضْرَارِ على الْغَالِبِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا فَائِدَةَ في الْإِيلَاءِ
وَأَمَّا إنْ اعْتَبَرَ قَصْدَ الْإِضْرَارِ فَالْإِيلَاءُ دَلَّ على قَصْدِ الْإِضْرَارِ فَيَكْفِي وَإِنْ لم يَظْهَرْ منه قَصْدُهُ انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ خَرَّجَ بن عَقِيلٍ قَوْلًا أَنَّ لها الْفَسْخَ بِالْغَيْبَةِ الْمُضِرَّةِ بها وَكَمَا لو لم يَكُنْ مَعْقُودًا كما لو كُوتِبَ فلم يَحْضُرْ بِلَا عُذْرٍ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في امْرَأَةِ من عُلِمَ خَبَرُهُ كَأَسِيرٍ وَمَحْبُوسٍ لها الْفَسْخُ بِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ من مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا إجْمَاعًا
____________________
(8/354)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا إجْمَاعَ
وَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَطْءُ لِعَجْزٍ فَهُوَ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى لِلْفَسْخِ بِتَعَذُّرِهِ إجْمَاعًا في الْإِيلَاءِ وَقَالَهُ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ
وقال أَيْضًا حُكْمُهُ كَعِنِّينٍ قال النَّاظِمُ
وَقِيلَ يُسَنُّ الْوَطْءُ في الْيَوْمِ مَرَّةً % % وَإِلَّا فَفِي الْأُسْبُوعِ إنْ يَتَزَيَّدْ % % وَلَيْسَ بِمَسْنُونٍ عليه زِيَادَةٌ % % سِوَى عِنْدَ دَاعِي شَهْوَةٍ أو تَوَلُّدِ %
قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَ عنها أَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ لَزِمَهُ ذلك إنْ لم يَكُنْ عُذْرٌ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ قد يَغِيبُ الرَّجُلُ عن أَهْلِهِ أَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا لَا بُدَّ له منه
قال الْقَاضِي مَعْنَى هذا أَنَّهُ قد يَغِيبُ في سَفَرٍ وَاجِبٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ فَلَا يُحْتَسَبُ عليه بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فيها لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ عليه
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالْقَاضِي جَعَلَ الزِّيَادَةَ على السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِسَفَرٍ وَاجِبٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِمَا
فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَلَوْ كان سُنَّةً أو مُبَاحًا أو مُحَرَّمًا كَتَغْرِيبِ زَانٍ وَتَشْرِيدِ قَاطِعِ طَرِيقٍ فَإِنْ كان مَكْرُوهًا فَاحْتِمَالَانِ لِلْأَصْحَابِ
وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ له منه وَذَلِكَ يَعُمُّ الْوَاجِبَ الشَّرْعِيَّ وَطَلَبَ الرِّزْقِ الذي هو مُحْتَاجٌ إلَيْهِ انْتَهَى
قُلْت قد صَرَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَا قال
فقال في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ وَسَأَلَهُ عن رَجُلٍ تَغَيَّبَ عن امْرَأَتِهِ أَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ قال إذَا كان في حَجٍّ أو غَزْوٍ أو مَكْسَبٍ يَكْسِبُ على عِيَالِهِ
____________________
(8/355)
أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إنْ كان قد تَرَكَهَا في كِفَايَةٍ من النَّفَقَةِ لها وَمَحْرَمِ رَجُلٍ يَكْفِيهَا
قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى شيئا من ذلك ولم يَكُنْ له عُذْرٌ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا
وَلَوْ قبل الدُّخُولِ نَصَّ عليه
يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَبِيتِ وَالْوَطْءِ وَالْقُدُومِ وَأَبَى ذلك من غَيْرِ عُذْرٍ
وَحَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَيْسَ لها ذلك مع امْتِنَاعِهِ منه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في التَّرْغِيبِ هو صَحِيحُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أنها لو طَلَبَتْ قُدُومَهُ من السَّفَرِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَبَى من الْقُدُومِ أَنَّ لها الْفَسْخَ سَوَاءٌ قُلْنَا الْوَطْءُ وَاجِبٌ عليه أَمْ لَا
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ ليس لها الْفَسْخُ إلَّا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوَطْءِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ قد يُبَاحُ الْفَسْخُ
____________________
(8/356)
وَطَلَاقُ الْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْغَيْبَةِ إذَا قَصَدَ بها الْإِضْرَارَ بِنَاءً على ما إذَا تَرَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بها من غَيْرِ يَمِينٍ أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
فَوَائِدُ
الْأُولَى قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ ما رَزَقْتنِي بِلَا نِزَاعٍ
لِحَدِيثِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما الذي في الصَّحِيحَيْنِ
قُلْت قد رَوَى بن أبي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ عن بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه مَوْقُوفًا أَنَّهُ إذَا أَنْزَلَ يقول اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيمَا رَزَقْتنِي نَصِيبًا
فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ذلك عِنْدَ إنْزَالِهِ ولم أَرَهُ لِلْأَصْحَابِ وهو حَسَنٌ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ يُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ من الْجِمَاعِ أَنْ يَقْرَأَ { وهو الذي خَلَقَ من الْمَاءِ بَشَرًا }
قال وَهَذَا على بَعْضِ الرِّوَايَاتِ التي تُجَوِّزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضَ آيَةٍ ذَكَرَهُ أبو حَفْصٍ
وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ الْجِمَاعِ قَالَهُ بن رَجَبٍ في تَفْسِيرِ الْفَاتِحَةِ
قُلْت وهو حَسَنٌ
وقال الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بن نَصْرِ اللَّهِ هل التَّسْمِيَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالرَّجُلِ أَمْ لَا لم أَجِدْهُ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بَلْ تَقُولُهُ الْمَرْأَةُ أَيْضًا انْتَهَى
قُلْت هو كَالْمُصَرَّحِ بِهِ في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الْقَائِلَ هو الرَّجُلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَقُولُهُ أَيْضًا
الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ عِنْدَ الْوَقَاعِ وَعِنْدَ الْخَلَاءِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ
____________________
(8/357)
وَقِيلَ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَّخِذَ خِرْقَةً تُنَاوِلُهَا لِلزَّوْجِ بَعْدَ فَرَاغِهِ من جِمَاعِهَا
قال أبو حَفْصٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُظْهِرَ الْخِرْقَةَ بين يَدَيْ امْرَأَةٍ من أَهْلِ دَارِهَا فإنه يُقَالُ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَخَذَتْ الْخِرْقَةَ وَفِيهَا المنى فَتَمَسَّحَتْ بها كان منها الْوَلَدُ
وقال الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَمْسَحَ ذَكَرَهُ بِالْخِرْقَةِ التي تَمْسَحُ بها فَرْجَهَا وَعَكْسُهُ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ قال أبو الْحَسَنِ بن الْعَطَّارِ في كِتَابِ أَحْكَامِ النِّسَاءِ وَيُكْرَهُ نَخْرُهَا عِنْدَ الْجِمَاعِ وَحَالَ الْجِمَاعِ وَلَا نَخْرُهُ وهو مُسْتَثْنًى من الْكَرَاهَةِ في غَيْرِهِ
وقال مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالنَّخْرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَأَرَاهُ سَفَهًا في غَيْرِ ذلك يُعَابُ على فَاعِلِهِ
وقال مَعْنُ بن عِيسَى كان بن سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ يَكْرَهُونَ النَّخْرَ عِنْدَ الْجِمَاعِ
وقال عَطَاءٌ من انْفَلَتَتْ منه نَخْرَةٌ فَلِيُكَبِّرْ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ
وقال مُجَاهِدٌ لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ إبْلِيسَ إلَى الْأَرْضِ أَنَّ وَنَخَرَ فَلُعِنَ من أَنَّ وَنَخَرَ إلَّا ما أُرْخِصَ فيه عِنْدَ الْجِمَاعِ
وَسُئِلَ نَافِعُ بن جُبَيْرٍ بن مُطْعِمٍ رضي اللَّهُ عنه عن النَّخْرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ فقال أَمَّا النَّخْرُ فَلَا وَلَكِنْ يَأْخُذُنِي عِنْدَ ذلك حَمْحَمَةٌ كَحَمْحَمَةِ الْفَرَسِ
وكان عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما يُرَخِّصُ في النَّخْرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ
وَسَأَلَتْ امْرَأَةٌ عَطَاءَ بن أبي رَبَاحٍ فقالت إنَّ زَوْجِي يَأْمُرُنِي أَنْ أَنَخَرَ عِنْدَ الْجِمَاعِ فقال لها أَطِيعِي زَوْجَك
____________________
(8/358)
وَعَنْ مَكْحُولٍ لَعَنَ رسول اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ النَّاخِرَ وَالنَّاخِرَةَ إلَّا عِنْدَ الْوَقَاعِ ذَكَرَ ذلك أبو بَكْرٍ في أَحْكَامِ الْوَطْءِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا يَنْزِعُ إذَا فَرَغَ قَبْلَهَا حتى تَفْرُغَ
يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذلك فَلَوْ خَالَفَ كُرِهَ له
الثَّالِثَةُ يُكْرَهُ الْجِمَاعُ وَهُمَا مُتَجَرِّدَانِ بِلَا نِزَاعٍ
قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ لَا سُتْرَةَ عَلَيْهِمَا لِحَدِيثٍ رَوَاهُ بن مَاجَهْ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ عِنْدَ مُعَاوَدَةِ الْوَطْءِ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك وَالْخِلَافُ فيه في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بين زَوْجَتَيْهِ في مَسْكَنٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحْرُمُ مع اتِّحَادِ الْمَرَافِقِ وَلَوْ رَضِيَتَا
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَإِنْ أَسْكَنَهُمَا في دَارٍ وَاحِدَةٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا في بَيْتٍ جَازَ إذَا كان في مَسْكَنِ مِثْلِهَا
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ من جَمْعِ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ كما لو كَانَا زَوْجَتَيْنِ لِثُبُوتِ حَقِّهَا كَالِاجْتِمَاعِ وَنَحْوِهِ وَالسُّرِّيَّةُ لَا حَقَّ لها في الِاجْتِمَاعِ قال وَهَذَا مُتَّجَهٌ
قُلْت وهو أَوْلَى بِالْمَنْعِ
قَوْلُهُ وَلَا يُجَامِعُ إحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَرَاهُ الْأُخْرَى
____________________
(8/359)
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ذلك مَكْرُوهٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ذلك مُحَرَّمٌ وَلَوْ رَضِيَتَا بِهِ وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَطَعَا بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَلَا يُحَدِّثُهَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ذلك مَكْرُوهٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ التَّحْرِيمَ
وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ وَالْأَدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ في كِتَابِهِ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ أَيْضًا
فَائِدَةٌ قال في أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ يَحْرُمُ إفْشَاءُ السِّرِّ
وقال في الرِّعَايَةِ يَحْرُمُ إفْشَاءُ السِّرِّ الْمُضِرِّ
قَوْلُهُ وَلَهُ مَنْعُهَا من الْخُرُوجِ عن مَنْزِلِهِ
بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ
وَيَحْرُمُ عليها الْخُرُوجُ بِلَا إذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ فَلَا نَفَقَةَ لها إذَنْ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا قام بِحَوَائِجِهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ لها
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَبَسَتْهُ امْرَأَتُهُ لِحَقِّهَا إنْ خَافَ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنِهِ أَسْكَنَهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ فَإِنْ لم يَكُنْ له من يَحْفَظُهَا غير نَفْسِهِ حُبِسَتْ معه فَإِنْ عَجَزَ أو خِيفَ حُدُوثُ شَرٍّ أُسْكِنَتْ في رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ ومتى ( ( ( وحتى ) ) ) كان خُرُوجُهَا مَظِنَّةً لِلْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ يَجِبُ على وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ
____________________
(8/360)
قَوْلُهُ فَإِنْ مَرِضَ بَعْضُ مَحَارِمِهَا أو مَاتَ اُسْتُحِبَّ له أَنْ يَأْذَنَ لها في الْخُرُوجِ إلَيْهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم صَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن عَقِيلٍ يَجِبُ عليه أَنْ يَأْذَنَ لها لِأَجْلِ الْعِيَادَةِ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا دَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ على أنها لَا تَزُورُ أَبَوَيْهَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لها زِيَارَتُهُمَا كَكَلَامِهِمَا
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ مَرِضَ بَعْضُ مَحَارِمِهَا أو مَاتَ أَنَّهُ لو مَرِضَ أو مَاتَ غَيْرُ مَحَارِمِهَا من أَقَارِبِهَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْذَنَ لها في الْخُرُوجِ إلَيْهِ
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ له أَنْ يَأْذَنَ لها أَيْضًا
قُلْت وهو حَسَنٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْعَ أَبَوَيْهَا من زِيَارَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُمَا من زِيَارَتِهَا في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ له مَنْعُهُمَا
قُلْت الصَّوَابُ في ذلك إنْ عُرِفَ بِقَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّهُ يَحْدُثُ بِزِيَارَتِهِمَا أو أَحَدِهِمَا له ضَرَرٌ فَلَهُ الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(8/361)
الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهَا طَاعَةُ أَبَوَيْهَا في فِرَاقِ زَوْجِهَا وَلَا زِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ
الثَّالِثَةُ ليس عليها عَجْنٌ وَلَا خَبْزٌ وَلَا طَبْخٌ وَنَحْوُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْجُوزَجَانِيُّ عليها ذلك
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِبُ عليها الْمَعْرُوفُ من مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى عُرْفِ الْبَلَدِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْوُجُوبَ من نَصِّهِ على نِكَاحِ الْأَمَةِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ليس فيه وُجُوبُ الْخِدْمَةِ عليها
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ وَلَا وَلِيُّهَا أو سَيِّدُهَا إجَارَةَ نَفْسِهَا لِلرَّضَاعِ وَالْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنَّهُ لو تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ لم يَمْلِكْ الْفَسْخَ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَمْلِكُهُ إنْ جَهِلَهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَلَهُ مَنْعُهَا من إرْضَاعِ وَلَدِهَا من الْأَوَّلِ ما لم يَضْطَرَّ إلَيْهَا
قُلْت وَيَكُونُ الْأَوَّلُ اسْتَأْجَرَهَا لِلرَّضَاعِ انْتَهَى
الْخَامِسَةُ يَجُوزُ له وَطْؤُهَا بَعْدَ إجَارَتِهَا نَفْسَهَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس له ذلك إنْ أَضَرَّ الْوَطْءُ بِاللَّبَنِ
____________________
(8/362)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلِلزَّوْجِ الثَّانِي وَطْؤُهَا ما لم يَفْسُدْ اللَّبَنُ فَإِنْ أَفْسَدَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ وَالْأَشْهَرُ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ
قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا من إرْضَاعِ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهَا وَيَخْشَى عليه
إنْ كان الْوَلَدُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ فَلَهُ مَنْعُهَا من إرْضَاعِهِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَيْهَا وَيَخْشَى عليه نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَقَلَ مُهَنَّا لها ذلك إذَا شَرَطَتْهُ عليه
وَإِنْ كان الْوَلَدُ مِنْهُمَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ له مَنْعَهَا إذَا انْتَفَى الشَّرْطَانِ وَهِيَ في حِبَالِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَلَفْظُ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِيهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْوَجِيزِ هُنَا كَخِدْمَتِهِ نَصَّ عليها
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له مَنْعُهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ من بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ فقال وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ من إرْضَاعِ وَلَدِهَا إذَا طَلَبَتْ ذلك
وَجَزَمَ بِهِ هُنَاكَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا على ما إذَا كان الْوَلَدُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ
وَأَمَّا إذَا كان له فَقَدْ ذَكَرَهُ في بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ فَيَكُونُ عُمُومُ كَلَامِهِ هُنَا مُقَيَّدٌ بِمَا هُنَاكَ وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا هُنَا في الشَّرْحِ
____________________
(8/363)
وَيَأْتِي ذلك في بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِأَتَمَّ من هذا تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُسَاوِيَ بين نِسَائِهِ في الْقَسْمِ
غَيْرُ الزَّوْجِ الطِّفْلِ وهو وَاضِحٌ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَاوِيَ بين نِسَائِهِ في الْقَسْمِ
أَنَّهُ لَا يَجِبُ عليه التَّسْوِيَةُ في النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ إذَا كَفَى الْأُخْرَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِبُ عليه التَّسْوِيَةُ فِيهِمَا أَيْضًا
وقال لَمَّا عَلَّلَ الْقَاضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ حَقَّهُنَّ في النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَسْمِ وقد سَوَّى بَيْنَهُمَا وما زَادَ على ذلك فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَى من شَاءَ قال مُوجِبُ هذه الْعِلَّةِ أَنَّ له أَنْ يَقْسِمَ لِلْوَاحِدَةِ لَيْلَةً من أَرْبَعٍ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَيَبِيتُ الْبَاقِيَ عِنْدَ الْأُخْرَى انْتَهَى
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ في النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُسَاوِيَ بين نِسَائِهِ في الْقَسْمِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يَكُونُ في الْمَبِيتِ لَيْلَةً وَلَيْلَةً فَقَطْ إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ بِالزِّيَادَةِ عليها هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ له أَنْ يُقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ وَثَلَاثًا ثَلَاثًا وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِأَنَّ الثَّلَاثَ في حَدِّ الْقِلَّةِ فَهِيَ كَاللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ لَكِنْ
____________________
(8/364)
الْأَوْلَى لَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَيْسَ له الْبُدَاءَةُ بِإِحْدَاهُنَّ وَلَا السَّفَرُ بها إلَّا بِقُرْعَةٍ
يُسْتَثْنَى من ذلك إذَا رضى الزَّوْجَاتُ بِسَفَرِ وَاحِدَةٍ معه فإنه يَجُوزُ بِلَا قُرْعَةٍ
نعم إذَا لم يَرْضَ الزَّوْجُ بها وَأَرَادَ غَيْرَهَا أَقْرَعَ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ عليه التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ في الْوَطْءِ بَلْ يُسْتَحَبُّ
وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجِمَاعِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَهُ عَمْدًا يبقى نَفْسَهُ لِتِلْكَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا
قَوْلُهُ وَيُقْسِمُ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لَيْلَةً وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِنْ كانت كِتَابِيَّةً بِلَا نِزَاعٍ
وَيُقْسِمُ لِلْمُعْتَقِ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
الثَّانِيَةُ لو عَتَقَتْ الْأَمَةُ في نَوْبَتِهَا أو في نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ وَلَوْ عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ فَقِيلَ يُتِمُّ لِلْحُرَّةِ على حُكْمِ الرِّقِّ جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ يَسْتَوِيَانِ بِقَطْعٍ أو اسْتِدْرَاكٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إنْ عَتَقَتْ في ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا لَيْلَةً أُخْرَى
____________________
(8/365)
وَإِنْ كان بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا اسْتَأْنَفَ مُدَّةَ الْقَسْمِ مُتَسَاوِيًا ولم يَقْضِ لها ما مَضَى لِأَنَّ الحرية ( ( ( الحرة ) ) ) حَصَلَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا
وَإِنْ عَتَقَتْ وقد قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً لم تَزِدْ على ذلك لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا انتهيا ( ( ( انتهى ) ) )
وَمَعْنَاهُ في التَّرْغِيبِ وزاد إنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا بَدَأَ بها أو بِالْحُرَّةِ
وقال في الْكَافِي وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ في نَوْبَتِهَا أو قَبْلَهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا لَيْلَةً أُخْرَى
وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ مُدَّتِهَا اسْتَأْنَفَ الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا
تَنْبِيهٌ هَكَذَا عِبَارَةُ صَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
أَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ لها قَسْمُ حُرَّةٍ وإذا عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ فيها الْخِلَافُ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلِأَمَةٍ عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ كَقَسْمِهَا وفي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ يُتِمُّهَا على الرِّقِّ
بِعَكْسِ ما قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَجَعَلَ لها إذَا عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قَسْمَ حُرَّةٍ وإذا عَتَقَتْ في نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ أَنْ يُتِمَّهَا على الرِّقِّ
وَرَأَيْت بَعْضَ من تَقَدَّمَ صَوَّبَهُ
وَأَصْلُ ذلك ما قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ
فإنه قال وإذا عَتَقَتْ الْأَمَةُ في نَوْبَتِهَا أو في نَوْبَةِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ وَإِنْ عَتَقَتْ في نَوْبَةِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ فَوَجْهَانِ
فَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ جَعَلَا قَوْلَهُ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ عَائِدًا إلَى الْأَمَةِ لَا إلَى الْحُرَّةِ
وَجَعَلَهُ بن عَبْدُوسٍ عَائِدًا إلَى الْحُرَّةِ لَا إلَى الْأَمَةِ
وَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ في بَادِي الرَّأْيِ
____________________
(8/366)
وَصَوَّبَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الضَّمِيرَ في ذلك عَائِدٌ إلَى الْحُرَّةِ كما قَالَهُ بن عَبْدُوسٍ وَخَطَّأَ ما قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَكَتَبَ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بن نَصْرِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ قَاضِي قُضَاةِ مِصْرَ كُرَّاسَةً في الْكَلَامِ على قَوْلِ الْمُحَرَّرِ ذلك
وقال في حَوَاشِي الْفُرُوعِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ
فَائِدَةٌ يَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ وُجُوبًا وَيَحْرُمُ تَخْصِيصٌ بِإِفَاقَتِهِ
وَإِنْ أَفَاقَ في نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي قَضَاءِ يَوْمِ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الْقَضَاءُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ وَيُقْسِمُ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضَةِ وَالْمَعِيبَةِ
وَكَذَا من آلَى منها أو ظَاهَرَ وَالْمُحْرِمَةُ وَمَنْ سَافَرَ بها بِقُرْعَةٍ وَالزَّمِنَةُ وَالْمَجْنُونَةُ الْمَأْمُونَةُ نَصَّ على ذلك
وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ كانت تُوطَأُ قَسَمَ لها وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ إنْ كانت مُمَيِّزَةً قَسَمَ لها وَإِلَّا فَلَا
وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ دخل في لَيْلَتِهَا إلَى غَيْرِهَا لم يَجُزْ إلَّا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ فَإِنْ لم يَلْبَثْ عِنْدَهَا لم يَقْضِ وَإِنْ لَبِثَ أو جَامَعَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ لها مِثْلَ ذلك من حَقِّ الْأُخْرَى
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ لَا يَقْضِي وَطْئًا في الزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
(8/367)
وقال في التَّرْغِيبِ فِيمَنْ دخل نَهَارًا لِحَاجَةٍ أو لَبِثَ وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو جَامَعَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ أَنَّهُ لو قَبَّلَ أو بَاشَرَ وَنَحْوَهُ لَا يَقْضِي وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْضِي كما لو جَامَعَ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ له أَنْ يَقْضِيَ لَيْلَةَ صَيْفٍ عن لَيْلَةِ شِتَاءٍ وَعَكْسُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ لَا يَقْضِي لَيْلَةَ صَيْفٍ عن شِتَاءٍ انْتَهَى
وَيَقْضِي أَوَّلَ اللَّيْلِ عن آخِرِهِ وَعَكْسُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ مِثْلُ الزَّمَنِ الذي فَوَّتَهُ في وَقْتِهِ
الثَّانِيَةُ له أَنْ يَأْتِيَ نِسَاءَهُ وَلَهُ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدٌ مِنْهُنَّ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَهُ دُعَاءُ الْبَعْضِ إلَى مَنْزِلِهِ وَيَأْتِي إلَى الْبَعْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَدْعُو الْكُلَّ أو يَأْتِي الْكُلَّ
فَعَلَى هذا لَيْسَتْ الْمُمْتَنِعَةُ نَاشِزًا انْتَهَى
وَالْحَبْسُ كَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ دَعَاهُنَّ لم يَلْزَمْ ما لم يَكُنْ سَكَنَ مِثْلِهِنَّ
قَوْلُهُ وَمَتَى سَافَرَ بِقُرْعَةٍ لم يَقْضِ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
____________________
(8/368)
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في غَيْرِ سَفَرِ النَّقْلَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَقْضِي مُطْلَقًا
وَقِيلَ يَقْضِي في سَفَرِ النَّقْلَةِ دُونَ غَيْرِهِ
وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في الْقَضَاءِ في سَفَرِ النَّقْلَةِ الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ يَقْضِي في السَّفَرِ الْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ على ما يَأْتِي
فَائِدَةٌ يَقْضِي ما تَخَلَّلَهُ السَّفَرُ أو ما يَعْقُبُهُ من الْإِقَامَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّرْغِيبِ إنْ أَقَامَ في بَلْدَةٍ مُدَّةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً فما دُونَ لم يَقْضِ وَإِنْ زَادَ قَضَى الْجَمِيعَ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَيْضًا إنْ أَزْمَعَ على الْمُقَامِ قَضَى ما أَقَامَهُ وَإِنْ قَلَّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ حُكْمَ السَّفَرِ الْقَصِيرِ حُكْمُ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ ان لَا يَقْضِيَ لِلْبَوَاقِي في السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْبُلْغَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بِغَيْرِ قُرْعَةٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْأُخْرَى
يَعْنِي مُدَّةَ غَيْبَتِهِ إذَا لم تَرْضَ الضَّرَّةُ بِسَفَرِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(8/369)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي زَمَنَ سَيْرِهِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَقْضِي زَمَنَ سَيْرِهِ في الْأَظْهَرِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ امْتَنَعَتْ من السَّفَرِ معه أو من الْمَبِيتِ عِنْدَهُ أو سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ سَقَطَ حَقُّهَا من الْقَسْمِ
أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا من النَّفَقَةِ وهو قَوْلٌ فِيمَا إذَا كان يَطَؤُهَا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ سُقُوطُ حَقِّهَا من النَّفَقَةِ أَيْضًا
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي من كِتَابِ النَّفَقَاتِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا كانت قد سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَيَأْتِي هذا هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا في الْقَسْمِ لِأَنَّهُ بِصَدَدِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
أَحَدُهُمَا سُقُوطُ حَقِّهَا من الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحُ وَتَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَالْخِرَقِيِّ في بَعْضِ النُّسَخِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ ذَكَرَهُ في مَكَانَيْنِ منه
____________________
(8/370)
وَقِيلَ يَسْقُطُ الْقَسْمُ وَحْدَهُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وفي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَيَأْتِي في كِتَابِ النَّفَقَاتِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هل تَجِبُ لها النَّفَقَةُ إذَا سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ حَقَّهَا من الْقَسْمِ لِبَعْضِ ضَرَائِرِهَا بِإِذْنِهِ وَلَهُ فَيَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُشْتَرَطُ في الْأَمَةِ إذْنُ السَّيِّدِ لِأَنَّ وَلَدَهَا له
قال الْمُصَنِّفُ وَالْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالْعَزْلِ
وقال في التَّرْغِيبِ لو قالت له الْمَرْأَةُ خُصَّ بها من شِئْت لَأَشْبَهَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَا يُورِثُ الْغَيْظَ بِخِلَافِ تَخْصِيصِهَا وَاحِدَةً فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ هِبَةُ ذلك بِمَالٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا من الْأَصْحَابِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقِيَاسُ في الْمَذْهَبِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عن سَائِرِ حُقُوقِهَا من الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/371)
وَوَقَعَ في كَلَامِ الْقَاضِي ما يَقْتَضِي جَوَازَهُ
الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ له نَقْلُ لَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ لِتَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ له ذلك اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ
وَقِيلَ إنْ وَهَبَتْهُ له جَازَ وَلَهُنَّ لم يَجُزْ وَالْمُرَادُ فِيهِمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا مَعَهَا أو بِإِذْنِ من عليها فيه تَطْوِيلٌ في الزَّمَنِ دُونَ غَيْرِهَا وهو أَظْهَرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لو وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا لِثَانِيَةٍ فَقِيلَ يَطَأُ ثَانِيَةً ثُمَّ أُولَى ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً
وَقِيلَ له وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا ثُمَّ يُوَالِي الثَّانِيَةَ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَمَتَى رَجَعَتْ في الْهِبَةِ عَادَ حَقُّهَا
وَلَوْ كان رُجُوعُهَا في بَعْضِ لَيْلَتِهَا وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يَقْضِيهَا إنْ عَلِمَ بَعْدَ تَتِمَّةِ اللَّيْلَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قُلْت وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَلَهُ نَظَائِرُ فَوَائِدُ
الْأُولَى يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ بَذْلُ قَسْمِهَا وَنَفَقَتِهَا وَغَيْرِهِمَا لِيُمْسِكَهَا وَلَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا يَتَجَدَّدُ شيئا فَشَيْئًا
____________________
(8/372)
وقال بن الْقَيِّمِ في الهدى لَزِمَ ذلك وَلَا مُطَالَبَةَ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ كما لو صَالَحَ فِيمَا عليه من الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ وَلِمَا فيه من الْعَدَاوَةِ وَمِنْ عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وإذا عَاهَدَ غَدَرَ وإذا اُؤْتُمِنَ خَانَ وإذا حَدَّثَ كَذَبَ انْتَهَى قَالَهُ في الْفُرُوعِ كَذَا قَالَهُ
الثَّانِيَةُ لو قَسَمَ لِاثْنَتَيْنِ من ثَلَاثٍ ثُمَّ تَرَتَّبَ له رَابِعَةً إمَّا بِعَوْدٍ في هِبَةٍ أو رُجُوعٍ عن نُشُوزٍ أو بِنِكَاحٍ أو رَجْعَةٍ أو بُلُوغِ زَمَنِ وَطْءٍ أو زَوَالِ حَيْضٍ أو نِفَاسٍ أو اسْتِحَاضَةٍ أو مَانِعٍ من وَطْءٍ حِسًّا أو شَرْعًا أو عُرْفًا أو عَادَةً وَفَّاهَا حَقَّ الْعَقْدِ ثُمَّ جَعَلَ رُبُعَ الزَّمَنِ من الْقَدْرِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ مِنْهُنَّ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ لِلثَّالِثَةِ حتى يُكْمِلَ حَقَّهَا ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ التَّسْوِيَةَ
الثَّالِثَةُ لو بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ ثَالِثَةً وَفَّاهَا حَقَّ الْعَقْدِ ثُمَّ لَيْلَةً لِلْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا قَضَى حَقَّ الْجَدِيدَةِ بَدَأَ بِالثَّانِيَةِ فَوَفَّاهَا لَيْلَتَهَا ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا وَفَّى الثَّانِيَةَ نِصْفَهَا من حَقِّهَا وَنِصْفَهَا من حَقِّ الْأُخْرَى فَيَثْبُتُ لِلْجَدِيدَةِ في مُقَابَلَةِ ذلك نِصْفُ لَيْلَةٍ بِإِزَاءِ ما حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ من ضَرَّتَيْهَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَلَى هذا الْقَوْلِ يَحْتَاجُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ في نِصْفِ لَيْلَةٍ وَفِيهِ حَرَجٌ
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ قَوْلَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَبِيتُ نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً كَامِلَةً لِأَنَّهُ حَرَجٌ
____________________
(8/373)
وقال في التَّرْغِيبِ لو أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا وقد نَكَحَ جَدِيدَاتٍ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَلَا قَسْمَ عليه في مِلْكِ يَمِينِهِ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ كَيْفَ شَاءَ وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ يُسَاوِي في حِرْمَانِهِنَّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَحَبَّتْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا فَعَلَ وَقَضَى لِلْبَوَاقِي
أَنَّ الْخِيرَةَ لها وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ أو أَحَبَّ هو أَيْضًا
قَوْلُهُ فَعَلَ وَقَضَى لِلْبَوَاقِي يَعْنِي سَبْعًا سَبْعًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرَّوْضَةِ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي من نِسَائِهِ الْفَاضِلَ عن الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في ذلك بين الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَيُقْسِمُ لِلْأَمَةِ الْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا كَالْحُرَّةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِلْأَمَةِ نِصْفُ الْحُرَّةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتَانِ قُدِّمَ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا
يَعْنِي الْأُولَى دُخُولًا مِنْهُمَا وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ فِعْلُ ذلك مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ
____________________
(8/374)
قَوْلُهُ فَإِنْ زُفَّتَا مَعًا قُدِّمَ إحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا مع الْكَرَاهَةِ لِهَذَا الْفِعْلِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّبْصِرَةِ يَبْدَأُ بِالسَّابِقَةِ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنْ زُفَّتَا فَسَابِقَةٌ بمجئ ( ( ( بمجيء ) ) ) وَقِيلَ بِعَقْدٍ ثُمَّ قُرْعَةٍ
فَالظَّاهِرُ من كَلَامِ صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ يَشْمَلُ ما إذَا زُفَّتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ أو زُفَّتَا مَعًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو بَعِيدٌ
فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمَا إذَا زُفَّتَا مَعًا لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ وإذا أَرَادَ السَّفَرَ فَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِإِحْدَاهُمَا سَافَرَ بها وَدَخَلَ حَقُّ الْعَقْدِ في قَسْمِ السَّفَرِ فإذا قَدِمَ بَدَأَ بِالْأَحْرَى فَوَفَّاهَا حَقَّ الْعَقْدِ
هذا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
قال في الْفُرُوعِ فَيَقْضِيهِ لِلْأُخْرَى في الْأَصَحِّ بَعْدَ قُدُومِهِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَقْضِي لِلْأُخْرَى شيئا إذَا قَدِمَ
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقِيلَ لَا يَحْتَسِبُ على الْمُسَافِرَةِ معه بِمُدَّةِ سَفَرِهَا فَيُوَفِّيهَا إذَا قَدِمَ
قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ
____________________
(8/375)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وإذا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ في لَيْلَتِهَا أَثِمَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ قَضَى لها لَيْلَتَهَا
أَنَّهُ يَقْضِي لها لَيْلَتَهَا وَلَوْ كان قد تَزَوَّجَ غَيْرَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ لو أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا وقد نَكَحَ جَدِيدَاتٍ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ كما قد تَقَدَّمَ آنِفًا
قَوْلُهُ فَصْلٌ في النُّشُوزِ
وهو مَعْصِيَتُهَا إيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ له عليها ( ( ( وعليها ) ) ) وإذا ظَهَرَ منها أَمَارَاتُ النُّشُوزِ بِأَنْ لَا تُجِيبَهُ إلَى الِاسْتِمْتَاعِ أو تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً مُتَكَرِّهَةً وَعَظَهَا
بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّتْ هَجَرَهَا في الْمَضْجَعِ ما شَاءَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ في التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ لَا يَهْجُرُهَا في الْمَضْجَعِ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
قَوْلُهُ وفي الْكَلَامِ فِيمَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْوَاضِحِ يَهْجُرُهَا في الْفِرَاشِ فَإِنْ أَضَافَ إلَيْهِ الْهَجْرَ في الْكَلَامِ وَدُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ عليها جَازَ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَصَرَّتْ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ
____________________
(8/376)
أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ضَرْبَهَا إلَّا بَعْدَ هَجْرِهَا في الْفِرَاشِ وَتَرْكِهَا من الْكَلَامِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ له ضَرْبُهَا أو لَا يَعْنِي من حِينِ نُشُوزِهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ تَقْدِيرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عِنْدَ أبي مُحَمَّدٍ على الْأَوَّلِ { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ } فَإِنْ نَشَزْنَ فاهجروهن فَإِنْ أَصْرَرْنَ فاضربوهن وَفِيهِ تَعَسُّفٌ
قال وَمُقْتَضَى كَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ وَأَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ الْوَعْظَ وَالْهِجْرَانَ وَالضَّرْبَ على ظُهُورِ أَمَارَاتِ النُّشُوزِ على جِهَةِ التَّرْتِيبِ
قال الْمَجْدُ إذَا بَانَتْ أَمَارَاتُهُ زَجَرَهَا بِالْقَوْلِ ثُمَّ هَجَرَهَا في الْمَضْجَعِ وَالْكَلَامِ دُونَ ثَلَاثٍ ثُمَّ يَضْرِبُ غير مُبَرِّحٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْوَاوُ وَقَعَتْ لِلتَّرْتِيبِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ
قال الْأَصْحَابُ عَشْرَةٌ فَأَقَلُّ
قال في الِانْتِصَارِ وَضَرْبُهَا حَسَنَةٌ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا
وَلَا يَتْرُكُهُ عن الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ له في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقِيَاسُهُمَا الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَالرَّعِيَّةُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِيمَا يَظْهَرُ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ الْأَوْلَى تَرْكُ السُّؤَالِ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهُ عن الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ انْتَهَى
فَالضَّمِيرُ في تَرْكِهِ عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ في كَلَامِهِ السَّابِقِ وَيَدُلُّ عليه قَوْلُهُ بَعْدَهُ فيه وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهُ عن الصَّبِيِّ
____________________
(8/377)
وقد جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَائِدًا إلَى السُّؤَالِ عن سَبَبِ الضَّرْبِ وهو بَعِيدٌ
وَالْمُوقِعُ له في ذلك ذِكْرُ الْفُرُوعِ فيه لِكَلَامِ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا
الثانية ( ( ( الثاني ) ) ) لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ تَعْزِيرَهَا في حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
نَقَلَ مُهَنَّا هل يَضْرِبُهَا على تَرْكِ زَكَاةٍ قال لَا أَدْرِي
قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّهُ نَقَلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا على فَرَائِضِ اللَّهِ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ
قُلْت قَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا بِجَوَازِ تَأْدِيبِهَا على تَرْكِ الْفَرَائِضِ فَقَالَا له تَأْدِيبُهَا على تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ
وَسَأَلَ إسْمَاعِيلُ بن سَعِيدٍ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا يَجُوزُ ضَرْبُ الْمَرْأَةِ عليه فقال على فَرَائِضِ اللَّهِ
وقال في الرَّجُلِ له امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي يَضْرِبُهَا ضَرْبًا رَفِيقًا غير مُبَرِّحٍ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْشَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ مع امْرَأَةٍ لَا تُصَلِّي وَلَا تَغْتَسِلُ من الْجَنَابَةِ وَلَا تَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ
قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظُلَمْ صَاحِبِهِ له أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إلَى جَانِبِ ثِقَةٍ لِيُشْرِفَ عَلَيْهِمَا وَيَلْزَمَهُمَا الْإِنْصَافُ
قال في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ يَكْشِفُ عنهما كما يَكْشِفُ عن عَدَالَةٍ وَإِفْلَاسٍ من خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ انْتَهَى
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْإِسْكَانَ إلَى جَانِبِ ثِقَةٍ قبل بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
(8/378)
وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
ولم يَذْكُرْهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقُدَمَاءُ
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْعَدَاوَةُ وَخِيفَ الشِّقَاقُ بَعَثَ الحكمان ( ( ( الحكمين ) ) ) من غَيْرِ إسْكَانٍ إلَى جَانِبِ ثِقَةٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَا إلَى الشِّقَاقِ وَالْعَدَاوَةِ بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ وَيَكُونَانِ مُكَلَّفَيْنِ
اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ وَالْعَدَالَةِ في الْحَكَمَيْنِ مُتَّفَقٌ عليه
وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِاشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الرِّعَايَتَيْنِ حُرَّيْنِ على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ
وهو ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُمْ لم يَذْكُرُوهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي قال الْقَاضِي وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا حُرَّيْنِ
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لم تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ وَإِنْ كَانَا حَكَمَيْنِ اُعْتُبِرَتْ الْحُرِّيَّةُ وَقُدِّمَ الذي ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي أَنَّهُ الْأَوْلَى في الْكَافِي
____________________
(8/379)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ
قال الزَّرْكَشِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ انْتَهَى
قُلْت أَمَّا اشْتِرَاطُ ذلك فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الْكَافِي وَمَتَى كَانَا حَكَمَيْنِ اُشْتُرِطَ كَوْنَهُمَا فَقِيهَيْنِ وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَا عَامِّيَّيْنِ
قُلْت وفي الثَّانِي ضَعْفٌ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا ذَكَرَيْنِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِهِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ بِجَوَازِ كَوْنِهَا أُنْثَى على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَا من التَّوْكِيلِ يَعْنِي الزَّوْجَيْنِ لم يُجْبَرَا
واعلم ( ( ( اعلم ) ) ) أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ وَكِيلَانِ عن الزَّوْجَيْنِ لَا يُرْسِلَانِ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَتَوْكِيلِهِمَا
فَإِنْ امْتَنَعَا من التَّوْكِيلِ لم يُجْبَرَا عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ الْقَاضِيَ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفَ أَبَا جَعْفَرٍ وبن الْبَنَّا لم يَذْكُرُوا فيه خِلَافًا وَرَضِيَهُ أبو الْخَطَّابِ
____________________
(8/380)
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا أَشْهَرُ
وَقَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّ الزَّوْجَ إنْ وَكَّلَ في الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أو غَيْرِهِ أو وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ في بَذْلِ الْعِوَضِ بِرِضَاهُمَا وَإِلَّا جَعَلَ حَاكِمٌ إلَيْهِمَا ذلك
فَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُمَا حَكَمَانِ يَفْعَلَانِ ما يَرَيَانِ من جَمْعٍ أو تَفْرِيقٍ بِعِوَضٍ أو غَيْرِهِ من غَيْرِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ انْتَهَى
وَاخْتَارَهُ بن هُبَيْرَةَ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالشَّرْحِ
تَنْبِيهٌ لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
منها لو غَابَ الزَّوْجَانِ أو أَحَدُهُمَا لم يَنْقَطِعْ نَظَرُ الْحَكَمَيْنِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَيَنْقَطِعُ على الثَّانِيَةِ
هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا أَيْضًا على الثَّانِيَةِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَمِنْهَا لو جُنَّا جميعا أو أَحَدُهُمَا انْقَطَعَ نَظَرَهُمَا على الْأُولَى ولم يَنْقَطِعْ على الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ على الْمَجْنُونِ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي بِأَنَّ نَظَرَهُمَا يَنْقَطِعُ أَيْضًا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ معه بَقَاءُ الشِّقَاقِ وَحُضُورُ الْمُدَّعِيَيْنِ وهو شَرْطٌ
فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ من الْحَكَمَيْنِ إلَّا في الْخُلْعِ خَاصَّةً من وَكِيلِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(8/381)
كِتَابُ الْخُلْعِ
فَائِدَةٌ قال في الْكَافِي مَعْنَى الْخُلْعِ فِرَاقُ الزَّوْجِ امْرَأَتَهُ بِعِوَضٍ على الْمَذْهَبِ وَبِغَيْرِهِ على اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ
قَوْلُهُ وإذا كانت الْمَرْأَةُ مُبْغِضَةً لِلرَّجُلِ وَتَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ في حَقِّهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تفتدى نَفْسَهَا منه
فَيُبَاحُ لِلزَّوْجَةِ ذلك وَالْحَالَةُ هذه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ الْحُلْوَانِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ
وَأَمَّا الزَّوْجُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ له الْإِجَابَةُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَيْهِ
وَأَلْزَمَ بِهِ بَعْضُ حُكَّامِ الشَّامِ الْمَقَادِسَةُ الْفُضَلَاءُ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عِبَارَةُ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَجْوَدُ من عِبَارَةِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ
فإن صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرَهُ قال الْخُلْعُ لِسُوءِ الْعِشْرَةِ بين الزَّوْجَيْنِ جَائِزٌ
فإن قَوْلَهُمْ لِسُوءِ الْعِشْرَةِ بين الزَّوْجَيْنِ فيه نَظَرٌ فإن النُّشُوزَ قد يَكُونُ من الرَّجُلِ فَتَحْتَاجُ هِيَ أَنْ تُقَابِلَهُ انْتَهَى
وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَرِيبَةٌ من عِبَارَةِ الْخِرَقِيُّ
فإن الْخِرَقِيَّ قال وإذا كانت الْمَرْأَةُ مُبْغِضَةً لِلرَّجُلِ وَتَكْرَهُ أَنْ تَمْنَعَهُ ما تَكُونُ عَاصِيَةً بمنعه ( ( ( يمنعه ) ) ) فَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا منه
قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَتْهُ لِغَيْرِ ذلك وَوَقَعَ
يَعْنِي إذَا خَالَعَتْهُ مع اسْتِقَامَةِ الْحَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
____________________
(8/382)
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ حتى إنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ حَكَاهُ عن الْأَصْحَابِ وُقُوعُ الْخُلْعِ مع الْكَرَاهَةِ كَالطَّلَاقِ أو بِلَا عِوَضٍ انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال هو الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَاخْتَارَهُ أبو عبد اللَّهِ بن بَطَّةَ وَأَنْكَرَ جَوَازَ الْخُلْعِ مع اسْتِقَامَةِ الْحَالِ وَصَنَّفَ فيه مُصَنَّفًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ خَوْفَ قَادِرٍ على الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ انْفِرَادُهَا بِهِ
قَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ عَضَلَهَا لِتَفْتَدِي نَفْسَهَا منه فَفَعَلَتْ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا
اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُخْتَلِعَةِ مع زَوْجِهَا أَحَدَ عَشَرَ حَالًا
أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ كَارِهَةً له مُبْغِضَةً لِخُلُقِهِ وَخَلْقِهِ أو لِغَيْرِ ذلك من صِفَاتِهِ وَتَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ في حُقُوقِهِ الْوَاجِبَةِ عليها فَالْخُلْعُ في هذا الْحَالِ مُبَاحٌ أو مُسْتَحَبٌّ على ما تَقَدَّمَ
الْحَالُ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَلَكِنْ لِلرَّجُلِ مَيْلٌ إلَيْهَا وَمَحَبَّةٌ فَهَذِهِ أَدْخَلَهَا الْقَاضِي في الْمُبَاحِ كما تَقَدَّمَ
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّهُ يَنْبَغِي لها أَنْ لَا تَخْتَلِعَ منه وَأَنْ تَصْبِرَ
قال الْقَاضِي قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَنْبَغِي لها أَنْ تَصْبِرَ على طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ ولم يُرِدْ بهذا الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ قد نَصَّ على جَوَازِهِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ
وَيُحْتَمَلُ دُخُولُ هذه الصُّورَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَرَاهَةُ الْخُلْعِ في حَقِّ هذه مُتَوَجِّهَةٌ
____________________
(8/383)
الْحَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَقَعَ وَالْحَالُ مُسْتَقِيمَةٌ فَالْمَذْهَبُ وُقُوعُهُ مع الْكَرَاهَةِ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَلَا يَقَعُ
وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
الْحَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَعْضُلَهَا أو يَظْلِمَهَا لِتَفْتَدِي منه فَهَذَا حَرَامٌ عليه وَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا كما قال الْمُصَنِّفُ
الْحَالُ الْخَامِسُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَكِنَّهَا زَنَتْ فَيَجُوزُ ذلك نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَيَأْتِي في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ هل زني ( ( ( زنا ) ) ) الْمَرْأَةِ يَفْسَخُ النِّكَاحَ
الْحَالُ السَّادِسُ أَنْ يَظْلِمَهَا أو يَعْضُلَهَا لَا لِتَفْتَدِي فَتَفْتَدِيَ فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على صِحَّةِ الْخُلْعِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحِلُّ له وَلَا يَجُوزُ
الْحَالُ السَّابِعُ أَنْ يُكْرِهَهَا فَلَا يَحِلُّ له نَصَّ عليه
الْحَالُ الثَّامِنُ أَنْ يَقَعَ حِيلَةً لِحَلِّ الْيَمِينِ فَلَا يَقَعُ
وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ
الْحَالُ التَّاسِعُ أَنْ يَضْرِبَهَا وَيُؤْذِيَهَا لِتَرْكِهَا فَرْضًا أو لِنُشُوزٍ فَتُخَالِعُهُ لِذَلِكَ فقال في الْكَافِي يَجُوزُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعْلِيلُ الْقَاضِي وَأَبِي مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ يَقْتَضِي أنها لو نَشَزَتْ عليه جَازَ له أَنْ يَضْرِبَهَا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا منه وَهَذَا صَحِيحٌ
الْحَالُ الْعَاشِرُ أَنْ يَتَنَافَرَا أَدْنَى مُنَافَرَةً فَذَكَرَهَا الْحَاوِي في قِسْمِ الْمَكْرُوهِ قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْمُخَالَعَةُ
____________________
(8/384)
الْحَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ يَمْنَعَهَا كَمَالَ الِاسْتِمْتَاعِ لِتَخْتَلِعَ فذكر أبو الْبَرَكَاتِ أَنَّهُ يُكْرَهُ على هذا الْحَالِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ عَضَلَهَا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا منه فَفَعَلَتْ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا
فَيَقَعَ رَجْعِيًّا فإذا رَدَّ الْعِوَضَ وَقُلْنَا الْخُلْعُ طَلَاقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ رَجْعِيٌّ
وَإِنْ قُلْنَا هو فَسْخٌ ولم يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لم يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَقَعُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إنَّمَا رضي بِالْفَسْخِ هُنَا بِالْعِوَضِ فإذا لم يَحْصُلْ الْعِوَضُ لم يَحْصُلْ الْمُعَوَّضِ
وَقِيلَ يَقَعُ بَائِنًا إنْ قُلْنَا يَصِحُّ الْخُلْعُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ من مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَنْبِيهٌ آخَرُ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْخُلْعُ من كل زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ مُسْلِمًا كان أو ذِمِّيًّا بِلَا نِزَاعٍ
وَيَأْتِي إذَا تَخَالَعَ الذِّمِّيَّانِ على مُحَرَّمٍ عِنْدَ تَخَالُعِ الْمُسْلِمَيْنِ عليه
قَوْلُهُ فَإِنْ كان مَحْجُورًا عليه دَفَعَ الْمَالَ إلَى وَلِيِّهِ وَإِنْ كان عَبْدًا دَفَعَ إلَى سَيِّدِهِ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ هذا أَصَحُّ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ الْقَبْضُ من كل من يَصِحُّ خُلْعُهُ
____________________
(8/385)
فَعَلَى هذا يَصِحُّ قَبْضُ الْمَحْجُورِ عليه وَالْعَبْدُ وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في الْعَبْدِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ عِنْدَ الْقَاضِي انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَيَأْتِي في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَحْكَامُ طَلَاقِهِ
فَائِدَةٌ في صِحَّةِ خُلْعِ الْمُمَيَّزِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على طَلَاقِهِ على ما يَأْتِي
وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ عَدَمُ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ هُنَا وَقَدَّمُوا هُنَاكَ الْوُقُوعَ
قُلْت لو قِيلَ بِالْعَكْسِ لَكَانَ أَوْجَهَ
قَوْلُهُ وَهَلْ لِلْأَبِ خُلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أو طَلَاقُهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
إحْدَاهُمَا ليس له ذلك وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
ذَكَرَهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ
____________________
(8/386)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له ذلك
قال أبو بَكْرٍ وَالْعَمَلُ عِنْدِي على جَوَازِ ذلك
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها أَشْهَرُ في الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْخُلَاصَةِ وَلَهُ ذلك على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهَا بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَنَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ في أبي الْمَجْنُونِ وَسَيِّدِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَصِحَّةُ خُلْعِ أبي الْمَجْنُونِ وَطَلَاقِهِ من الْمُفْرَدَاتِ
الثَّانِيَةُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ من مَهْرِهَا فَفَعَلَ بَانَتْ ولم يَبْرَأْ وَيَرْجِعُ على الْأَبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على جَهْلِ الزَّوْجِ وَإِلَّا فَخُلْعٌ بِلَا عِوَضٍ
وَلَوْ كان قَوْلُهُ طَلِّقْهَا إنْ بَرِئَتْ منه لم تَطْلُقْ
وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ قال طَلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ من صَدَاقِهَا فَطَلَّقَ بَانَتْ ولم يَبْرَأْ نَصَّ عليه وَلَا يَرْجِعُ هو على الْأَبِ
وَعَنْهُ يَرْجِعُ إنْ غَرَّهُ وَهِيَ وَجْهٌ في الْحَاوِي
وَقِيلَ إنْ لم يَرْجِعْ فَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ
وَإِنْ قال إنْ أَبْرَأْتَنِي أنت منه فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأَهُ لم تَطْلُقْ
وَقِيلَ بَلَى إنْ أَرَادَ لَفْظَ الْإِبْرَاءِ
____________________
(8/387)
قلت أو صَحَّ عَفْوُهُ عنه لِصِغَرِهَا وَبِطَلَاقِهَا قبل الدُّخُولِ وَالْإِذْنِ فيه إنْ قُلْنَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ بيده وَإِنْ قال قد طَلَّقْتُهَا إنْ أَبْرَأْتَنِي منه فَأَبْرَأَهُ طَلُقَتْ نَصَّ عليه
وَقِيلَ إنْ عَلِمَ فَسَادَ إبْرَائِهِ فَلَا انْتَهَى
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غير الْأَبِ ليس له أَنْ يُطَلِّقَ على الِابْنِ الصَّغِيرِ وهو صَحِيحٌ وهوالمذهب وَعَلَيْهِ أكثرالأصحاب
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَمْلِكَ طَلَاقَهُ إنْ مَلَكَ تَزْوِيجَهُ قال وهو قَوْلُ بن عَقِيلٍ فِيمَا أَظُنُّ
وَتَقَدَّمَ هل يُزَوِّجُ الْوَصِيَّ الصَّغِيرَ أَمْ لَا وَهَلْ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُهُ أَمْ لَا في مَكَانَيْنِ من بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ
أَحَدُهُمَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَصِيُّهُ في النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ
وَالثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْوِيجُ كَبِيرَةٍ إلَّا بِإِذْنِهَا
قَوْلُهُ وَلَيْسَ له خُلْعُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ من مَالِهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
فَعَلَيْهِ لو فَعَلَ كان الضَّمَانُ عليه نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ
وَقِيلَ له ذلك وهو رِوَايَةٌ في الْمُبْهِجِ
نَقَلَ أبو الصَّقْرِ فِيمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِصَغِيرَةٍ وَنَدِمَ أَبَوَاهُمَا هل تَرَى في فَسْخِهَا وَطَلَاقِهِمَا عَلَيْهِمَا شيئا قال فيه اخْتِلَافٌ وَأَرْجُو ولم يَرَ بِهِ بَأْسًا
قال أبو بَكْرٍ وَالْعَمَلُ عِنْدِي على جَوَازِ ذلك مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا
____________________
(8/388)
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْلِكَ ذلك إذَا رَأَى لها فيه الْمَصْلَحَةَ وَالْحَظَّ
قُلْت هذا هو الصَّوَابُ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَكَذَلِكَ أَشَارَ إلَيْهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّ ما صَحَّ عَفْوُ الْأَبِ عنه فَهُوَ كَخُلْعِهِ بِهِ وما لَا فَلَا
قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ الْخُلْعُ مع الزَّوْجَةِ
بِلَا خِلَافٍ وَمَعَ الْأَجْنَبِيِّ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا صَحَّ بَذْلُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ يَصِحُّ من غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مع الْأَجْنَبِيِّ إذَا قُلْنَا إنَّهُ فَسْخٌ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يقول الْأَجْنَبِيُّ له اخْلَعْ أو خَالِعْ زَوْجَتَك على أَلْفٍ أو على سِلْعَتِي هذه وَكَذَا إنْ قال على مَهْرِهَا أو سِلْعَتِهَا وأنا ضَامِنٌ أو على أَلْفٍ في ذِمَّتِهَا وأنا ضَامِنٍ فَيُجِيبُهُ إلَيْهِ فَيَصِحُّ منه وَيَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ وَحْدَهُ بَذْلُ الْعِوَضِ
فَإِنْ لم يَضْمَنْ حَيْثُ سَمَّى الْعِوَضَ منها لم يَصِحَّ الْخُلْعُ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/389)
قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا على شَيْءٍ مَعْلُومٍ كان في ذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ
جَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِصِحَّةِ خُلْعِ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو مُشْكِلٌ إذْ الْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ في ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهَا كما لو مَنَعَهَا فَخَالَعَتْ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَصِحُّ في الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ فإنه قال وَلَا يَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ في الْمَالِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَهَذِهِ من جُمْلَةِ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في كُتُبِهِ الثَّلَاثَةِ وما هو الْمَذْهَبُ
وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ وهو أَنَّهُ إنْ خَالَعَتْهُ على شَيْءٍ في ذِمَّتِهَا صَحَّ وَإِنْ خَالَعَتْهُ على شَيْءٍ في يَدِهَا لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
فَعَلَى الْأَوَّلِ تُتْبَعُ بِالْعِوَضِ بَعْدَ عِتْقِهَا قَالَهُ الْخِرَقِيُّ
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى تُتْبَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ
____________________
(8/390)
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ وَقَعَ على شَيْءٍ في الذِّمَّةِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا وَإِنْ وَقَعَ على عَيْنٍ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ له
قَالَا وَلِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أنها أمة فَقَدْ عَلِمَ أنها لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ فَيَلْزَمُ من هذا التَّعْلِيلِ بُطْلَانُ الْخُلْعِ على الْمَشْهُورِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ
فَائِدَةٌ يَصِحُّ خُلْعُ الْأَمَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَالْعِوَضُ فيه كدينها ( ( ( كديتها ) ) ) بِإِذْنِ سَيِّدِهَا على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ هل يتعلق ( ( ( تعلق ) ) ) بِذِمَّةِ السَّيِّدِ أو بِرَقَبَتِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عليها لم يَصِحَّ الْخُلْعُ
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ أَذِنَ لها الْوَلِيُّ أو لَا وَلِأَنَّهُ لَا إذْنَ له في التَّبَرُّعِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ إذَا أَذِنَ لها الْوَلِيُّ
قُلْت إنْ كان فيه مَصْلَحَةٌ صَحَّ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عليها لم يَصِحَّ الْخُلْعُ وَوَقَعَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا
يَعْنِي إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أو نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ
فَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أو الْفَسْخِ أو الْمُفَادَاةِ ولم يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ الْخُلْعُ هُنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا رضي بِهِ بِعِوَضٍ ولم يَحْصُلْ له وَلَا أَمْكَنَ الرُّجُوعُ في بَدَلِهِ
____________________
(8/391)
وَمُرَادُهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا إذَا كان دُونَ الثَّلَاثِ وهو وَاضِحٌ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِالْمَحْجُورِ عليها الْمَحْجُورُ عليها لِلسَّفَهِ أو الصِّغَرِ أو الْجُنُونِ
أَمَّا الْمَحْجُورُ عليها لِلْفَلَسِ فإنه يَصِحُّ خُلْعُهَا وَيَرْجِعُ عليها بِالْعِوَضِ إذَا فُكَّ عنها الْحَجْرُ وَأَيْسَرَتْ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أو الْفَسْخِ أو الْمُفَادَاةِ وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ بِشَرْطِهِ الْآتِي وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ في الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارِ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمِهِمْ وَمُتَأَخِّرِهِمْ
قال في الْخُلَاصَةِ فَهُوَ فَسْخٌ في الْأَصَحِّ
قال في الْبُلْغَةِ هذا الْمَشْهُورُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَصَحُّ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ بِكُلِّ حَالٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/392)
تَنْبِيهٌ من شَرْطِ وُقُوعِ الْخُلْعِ فَسْخًا أَنْ لَا يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ كما قال الْمُصَنِّفُ
فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ طَلَاقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ هو فَسْخٌ وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الْخُلْعِ فَسْخًا أَيْضًا أَنْ لَا يُوقِعَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ
فَإِنْ أَوْقَعَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ كان طَلَاقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ هو فَسْخٌ وَلَوْ أتى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَيْضًا إذَا كان بِعِوَضٍ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
وقال عليه دَلَّ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ أَصْحَابُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ ما قال عبد اللَّهِ رَأَيْت أبي كان يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما وبن عَبَّاسٍ صَحَّ عنه انه قال ما أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَصَحَّ عنه أَنَّهُ قال الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
قال في الْفُرُوعِ وَالْخُلْعُ بِصَرِيحٍ طَلَاقٌ أو بِنِيَّةٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ
وَعَنْهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ عَكْسُهُ
وَعَنْهُ بِصَرِيحٍ خُلْعٌ فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا
وَعَنْهُ عَكْسُهُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ انْتَهَى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لِلْخُلْعِ أَلْفَاظٌ صَرِيحَةٌ في الْخُلْعِ وَأَلْفَاظٌ كِنَايَةٌ فيه
فَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْخُلْعِ والمفاداة بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا الْفَسْخُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(8/393)
وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ هو كِنَايَةٌ
وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ ليس بِكِنَايَةٍ
وَأَمَّا كِنَايَاتُهُ فالإبابة ( ( ( فالإبانة ) ) ) بِلَا نِزَاعٍ نَحْوُ ابنتك وَالتَّبْرِئَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَحْوُ بَارَأْتُك وأبرأتك جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ الْمُبَارَأَةُ
وقال في الرَّوْضَةِ صَرِيحُهُ لَفْظُ الْخُلْعِ أو الْفَسْخِ أو الْمُفَادَاةِ أو بَارَأْتُك
الثَّانِيَةُ إذَا طَلَبَتْ الْخُلْعَ وَبَذَلَتْ الْعِوَضَ فَأَجَابَهَا بِصَرِيحِ الْخُلْعِ أو كِنَايَتِهِ صَحَّ الْخُلْعُ من غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ من سُؤَالِ الْخُلْعِ وَبَذْلِ الْعِوَضِ صَارِفَةٌ إلَيْهِ فَأَغْنَى عن النِّيَّةِ
وَإِنْ لم تَكُنْ دَلَالَةَ حَالٍ وَأَتَى بِصَرِيحِ الْخُلْعِ وَقَعَ من غَيْرِ نِيَّةٍ سَوَاءٌ قُلْنَا هو فَسْخٌ أو طَلَاقٌ
وَإِنْ أتى بِكِنَايَةٍ لم يَقَعْ إلَّا بِنِيَّةٍ مِمَّنْ تَلَفَّظَ بِهِ مِنْهُمَا كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مع صَرِيحِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ بِصَرِيحٍ فَأَجَابَهَا بِصَرِيحٍ وَقَعَ وَإِلَّا وَقَفَ على نِيَّةِ من أتى مِنْهُمَا بِكِنَايَةٍ
الثَّالِثَةُ يَصِحُّ تَرْجَمَةُ الْخُلْعِ بِكُلِّ لُغَةٍ من أَهْلِهَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
الرَّابِعَةُ قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ يَتَفَرَّعُ على قَوْلِنَا الْخُلْعُ فَسْخٌ أو طَلَاقٌ مَسْأَلَةُ ما إذَا قال خَالَعْت يَدَكِ أو رِجْلَكِ على كَذَا فَقَبِلَتْ
____________________
(8/394)
فَإِنْ قُلْنَا الْخُلْعُ فَسْخٌ لَا يَصِحُّ ذلك وَإِنْ قُلْنَا هو طَلَاقٌ صَحَّ كما لو أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى يَدِهَا أو رِجْلِهَا
الْخَامِسَةُ نَقَلَ الْجِرَاحِيُّ في حَاشِيَتِهِ على الْفُرُوعِ أَنَّ بن أبي الْمَجْدِ يُوسُفَ نَقَلَ عن شَيْخِهِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال تَصِحُّ الْإِقَالَةُ في الْخُلْعِ وفي عِوَضِهِ كَالْبَيْعِ وَثَمَنِهِ لِأَنَّهُمَا كَهُمَا في غَالِبِ أَحْكَامِهِمَا من عَدَمِ تَعْلِيقِهِمَا وَاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ وَالْمَجْلِسِ وَنَحْوِ ذلك
وَقِيَاسُهُ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنْ تَبْطُلَ الْبَيْنُونَةُ أَوَالطَّلَاقُ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كما أَنْكَرَهُ عليه فيه صَاحِبُ الْفُرُوعِ في غَيْرِهِ
وقال له في بَعْضِ مُنَاظَرَاتِهِ إنَّك أَخْطَأْت في النَّقْلِ عن شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ
وَإِنْ أُرِيدَ بَقَاؤُهُمَا دُونَ الْفَرْضِ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجَةِ أو تَبْرَأُ منه وَلَا تَحِلُّ له إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَمُسَلَّمٌ كَعِتْقٍ على مَالٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ وَصُلْحٍ عن دَمِ عَمْدٍ على مَالٍ وَنَحْوِهَا وَلِمَنْ جَهِلَ خُرُوجَ الْعِوَضِ أو الْبُضْعِ
وَعَنْهُ الْخِيَارُ في الْأَوَّلِ فَقَطْ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا إذْ لَا إقَالَةَ في الطَّلَاقِ لِلْخَبَرِ فيه وَقِيسَ عليه نَحْوُهُ
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه بِيَمِينِهِ إنْ جَهِلَهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا فَهُوَ حِينَئِذٍ تَبَرُّعٌ لها أو لِلسَّائِلِ غَيْرِهَا بِالْعِوَضِ الْمَذْكُورِ أو بِنَظِيرِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ بِالْمُعْتَدَّةِ من الْخُلْعِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَقَعُ بِالْمُعْتَدَّةِ من الْخُلْعِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ إلَّا أن قُلْنَا هو طَلْقَةٌ وَيَكُونُ بِلَا عِوَضٍ وَيَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْضًا وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
____________________
(8/395)
قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ الرَّجْعَةَ في الْخُلْعِ لم يَصِحَّ الشَّرْطُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وفي الْأُخْرَى يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَبْطُلُ الْعِوَضُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى في الْخُلْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَلْغُو الْمُسَمَّى وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ الْخِيَارَ في الْخُلْعِ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَغَا الشَّرْطُ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ إلَّا بِعِوَضٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْأُخْرَى يَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَعَقْدِ الْبَيْعِ حتى في الْإِقَالَةِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كان فَسْخًا بِلَا عِوَضٍ إجْمَاعًا
____________________
(8/396)
وَاخْتَلَفَ فيه كَلَامُهُ في الِانْتِصَارِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لم يَقَعْ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا
يَعْنِي إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ أو نَقُولَ الْخُلْعُ طَلَاقٌ
تَنْبِيهٌ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التي هِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا بُدَّ من السُّؤَالِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإنه قال وَلَوْ خَالَعَهَا على غَيْرِ عِوَضٍ كان خُلْعًا وَلَا شَيْءَ له
قال الْأَصْفَهَانِيُّ مُرَادُهُ ما إذَا سَأَلَتْهُ فَأَمَّا إذَا لم تَسْأَلْهُ وقال لها خَالَعْتُكِ فإنه يَكُونُ كِنَايَةً في الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ انْتَهَى
قال أبو بَكْرٍ لَا خِلَافَ عن أبي عبد اللَّهِ أَنَّ الْخُلْعَ ما كان من قِبَلِ النِّسَاءِ فإذا كان من قِبَلِ الرِّجَالِ فَلَا نِزَاعَ في أَنَّهُ طَلَاقٌ يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ وَلَا يَكُونُ فَسْخًا وَيَأْتِي بَعْدَ هذا ما يَدُلُّ عليه
فَائِدَةٌ لَا يَحْصُلُ الْخُلْعُ بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْمَالِ وَقَبُولِهِ من غَيْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ فَلَا بُدَّ من الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ في الْمَجْلِسِ
قال الْقَاضِي هذا الذي عليه شُيُوخُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَذَهَبَ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وبن شِهَابٍ إلَى وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِقَبُولِ الزَّوْجِ لِلْعِوَضِ
وَأَفْتَى بِذَلِكَ بن شِهَابٍ بِعُكْبَرَا
____________________
(8/397)
وَاعْتَرَضَ عليه أبو الْحُسَيْنِ بن هُرْمُزٍ وَاسْتَفْتَى عليه من كان بِبَغْدَادَ من أَصْحَابِنَا قَالَهُ الْقَاضِي
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يَتِمُّ بِقَبُولِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ إنْ صَحَّ بِلَا عِوَضٍ وهو رِوَايَةٌ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ منها أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ وَصَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَجُوزُ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا بِمُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْحُرِّ فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ
يَعْنِي إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ تَحْرِيمَ ذلك فَإِنَّهُمَا إذَا كَانَا لَا يَعْلَمَانِ ذلك فَلَا شَيْءَ له وهو كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ على ما مَرَّ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ هو قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ
فإذا صَحَّحْنَاهُ لم يَلْزَمْ الزَّوْجَ شَيْءٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ على ذلك
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْمَهْرِ كَالنِّكَاحِ انْتَهَى
وقال الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ انه حُرٌّ أو مَغْصُوبٌ فإنه لَا شَيْءَ له
____________________
(8/398)
بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ هل يَصِحُّ الْخُلْعُ أو يَكُونُ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فيه طَرِيقَانِ لِلْأَصْحَابِ
الْأُولَى طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن الْبَنَّاءِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وَالشَّيْخَيْنِ انْتَهَى
قُلْت وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ
وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى قَدَّمَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْخُلَاصَةِ
فَعَلَيْهَا تَبَيَّنَ مَجَّانًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو جَهِلَ التَّحْرِيمَ صَحَّ وكان له بَدَلُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
الثَّانِيَةُ إذَا تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أو أَحَدُهُمَا قبل قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ له قِيمَتُهُ عِنْدَ أَهْلِهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ له مَهْرُ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا على عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أو مُسْتَحَقًّا فَلَهُ قِيمَتُهُ عليها
يَعْنِي إذَا لم يَكُنْ مِثْلِيًّا فَإِنْ كان مِثْلِيًّا فَلَهُ مِثْلُهُ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(8/399)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَصِحُّ الْخُلْعُ على الْأَصَحِّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ قَوْلُهُ وَإِنْ بَانَ مَعِيبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أو قِيمَتُهُ وَيَرُدُّهُ فَهُوَ بِالْخِيرَةِ في ذلك تَغْلِيبًا لِلْمُعَاوَضَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ لَا أَرْشَ له مع الْإِمْسَاكِ كَالرِّوَايَةِ التي في الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَبَانَ حُرًّا أو مُسْتَحَقًّا يُحْتَرَزُ عَمَّا إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ ذلك فإنه لَا شَيْءَ له وَهَلْ يَصِحُّ الْخُلْعُ أو يَكُونُ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فيه طَرِيقَانِ
الْأَوَّلُ طَرِيقُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن الْبَنَّا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَالثَّانِي طَرِيقُ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا على رَضَاعِ وَلَدِهِ عَامَيْنِ أو سُكْنَى دَارٍ صَحَّ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أو خَرِبَتْ الدَّارُ رَجَعَ بِأُجْرَةِ بَاقِي الْمُدَّةِ من أُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَالدَّارِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ رَجَعَ عليها بِأُجْرَةِ رضاعة أو ما بَقِيَ منها وَقِيلَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي
قال الشَّارِحُ فإذا خَرِبَتْ الدَّارُ رَجَعَ عليها بِأُجْرَةِ بَاقِي الْمُدَّةِ وَتُقَدَّرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
____________________
(8/400)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فقال يَرْجِعُ قِيلَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَقِيلَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَرْجِعُ بِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً أو يَسْتَحِقُّهُ يَوْمًا فَيَوْمًا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ
قُلْت وهو أَوْلَى وَأَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ
وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مَوْتُ الْمُرْضِعَةِ وَجَفَافُ لَبَنِهَا في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَوْتِ الْمُرْتَضِعِ في الْحُكْمِ على ما تَقَدَّمَ وَكَذَا كَفَالَةُ الْوَلَدِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَنَفَقَتُهُ
لَكِنْ قال في الرِّعَايَةِ لو مَاتَ في الْكَفَالَةِ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فإنه يَرْجِعُ بِقِيمَةِ كَفَالَةِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وفي اعْتِبَارِ ذِكْرِ قَدْرِ النَّفَقَةِ وَصِفَتِهَا وَجْهَانِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ صَحَّ الْإِطْلَاقُ فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
الثَّانِيَةُ لو أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ بَدَلَ الرَّضِيعِ من تُرْضِعُهُ أو تَكْفُلُهُ فَأَبَتْ أو أَرَادَتْهُ هِيَ فَأَبَى لم يَلْزَمَا وَإِنْ أَطْلَقَ الرَّضَاعَ فَحَوْلَانِ أو بَقِيَّتُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَ الْحَامِلَ على نَفَقَةِ عِدَّتِهَا صَحَّ
وَسَقَطَتْ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا في الْمَنْصُوصِ
____________________
(8/401)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ الْآتِي قَرِيبًا الْخُلْعُ بَاطِلٌ
وَقِيلَ إنْ أَوْجَبْنَا نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ صَحَّ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَإِلَّا فَهُوَ خُلْعٌ بمعدوم ( ( ( معدوم ) ) )
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشَرَ لو اخْتَلَعَتْ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ جَعْلُ النَّفَقَةِ عِوَضًا لِلْخُلْعِ
قال الشِّيرَازِيُّ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لها صَحَّ وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ
وقال الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ يَصِحُّ على الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في النَّفَقَاتِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو خَالَعَ حَامِلًا فَأَبْرَأَتْهُ من نَفَقَةِ حَمْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لها وَلَا لِلْوَلَدِ حتى تَفْطِمَهُ
نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إذَا أَبْرَأَتْهُ من مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَلَهَا وَلَدٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ عليه إذَا فَطَمَتْهُ لِأَنَّهَا قد أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لها من النَّفَقَةِ فإذا فَطَمَتْهُ فَلَهَا طَلَبُهُ بِنَفَقَتِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم الْخِرَقِيُّ
وقال الْقَاضِي إنَّمَا صَحَّتْ الْمُخَالَعَةُ على نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَهِيَ لِلْوَلَدِ دُونَهَا لِأَنَّهَا في حُكْمِ الْمَالِكَةِ لها وَبَعْدَ الْوَضْعِ تَأْخُذُ أُجْرَةَ رَضَاعِهَا
فَأَمَّا النَّفَقَةُ الزَّائِدَةُ على هذا من كِسْوَةِ الطِّفْلِ وَدُهْنِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُعَاوِضَ بِهِ لِأَنَّهُ ليس لها وَلَا في حُكْمِ ما هو لها
قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ يُخَصِّصُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ
الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ في ذلك كُلِّهِ الصِّيغَةُ فيقول خَلَعْتُك أو فَسَخْتُ
____________________
(8/402)
أو فَادَيْتُ على كَذَا فَتَقُولُ قَبِلْتُ أو رَضِيتُ وَيَكْفِي ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ وَتَذْكُرُهُ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَذْهَبُ الْمَعْمُولُ بِهِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَصِحُّ وقال هو قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَأَنَّهُ كَالْمَهْرِ
وَالْعَمَلُ وَالتَّفْرِيعُ على الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ فإذا خَالَعَهَا على ما في يَدِهَا من الدَّرَاهِمِ أو ما في بَيْتِهَا من الْمَتَاعِ فَلَهُ ما فِيهِمَا فَإِنْ لم يَكُنْ فِيهِمَا شَيْءٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَأَقَلُّ ما يُسَمَّى مَتَاعًا
إنْ كان في يَدِهَا شَيْءٌ من الدَّرَاهِمِ فَهِيَ له لَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَهَا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ كان دُونَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وهو صَحِيحٌ
وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَامِلَةً
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَأَمَّا إذَا لم يَكُنْ في يَدِهَا شَيْءٌ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّ له ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ
وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَصَّ عليه
وقال الزَّرْكَشِيُّ الذي يَظْهَرُ أَنَّ له ما في يَدِهَا فَإِنْ لم يَكُنْ في يَدِهَا شَيْءٌ فَلَهُ أَقَلُّ ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ انْتَهَى
____________________
(8/403)
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْمُحَرَّرِ
وإذا لم يَكُنْ في بَيْتِهَا مَتَاعٌ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَقَلُّ ما يُسَمَّى مَتَاعًا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي يَرْجِعُ عليها بِصَدَاقِهَا
وَقَالَهُ أَصْحَابُ الْقَاضِي أَيْضًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ إذَا لم تَغُرَّهُ فَلَا شَيْءَ عليها
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا على حَمْلِ أَمَتِهَا أو ما تَحْمِلُ شَجَرَتُهَا فَلَهُ ذلك فَإِنْ لم تَحْمِلَا فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُرْضِيهِ بِشَيْءٍ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي لَا شَيْءَ له
وَتَأَوَّلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تُرْضِيهِ بِشَيْءٍ على الِاسْتِحْبَابِ
وَفَرَّقَ بين هذه الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ حَيْثُ يَرْجِعُ هُنَاكَ إذَا لم يَجِدْ شيئا وَهُنَا لَا يَرْجِعُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال بن عَقِيلٍ له مَهْرُ الْمِثْلِ
وقال أبو الْخَطَّابِ له الْمَهْرُ الْمُسَمَّى لها
وَقِيلَ يَبْطُلُ الْخُلْعُ هُنَا وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ في التي قَبْلَهَا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ ما مَعْنَاهُ وَإِنْ جَعَلَا الْعِوَضَ ما لا يَصِحُّ مَهْرًا لِغَرَرٍ أو جَهَالَةٍ صَحَّ الْخُلْعُ بِهِ إنْ صَحَحْنَا الْخُلْعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَوَجَبَ فِيمَا لَا يُجْهَلُ حَالًا وَمَآلًا كَثَوْبٍ وَدَارٍ وَنَحْوِهِمَا أَدْنَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ
وَأَمَّا فِيمَا يَتَبَيَّنُ في الْمَالِ كخمل ( ( ( كحمل ) ) ) أَمَتِهَا وما تَحْمِلُ شَجَرَتُهَا وَآبِقٍ منقطع
____________________
(8/404)
مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ وما في بَيْتِهَا من مَتَاعٍ أو ما في يَدِهَا من الدَّرَاهِمِ فَلَهُ ما يَنْكَشِفُ وَيَحْصُلُ منه وَلَا شَيْءَ عليها لِمَا يَتَبَيَّنُ عَدَمُهُ إلَّا ما كان بِتَغْرِيرِهَا كَمَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ وَالدَّرَاهِمِ
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ في الْخُلْعِ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ الْخُلْعِ بِالْمُسَمَّى كما سَبَقَ لَكِنْ يَجِبُ أَدْنَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ لِمَا يَتَبَيَّنُ عَدَمُهُ وَإِنْ لم تَكُنْ غَرَّتْهُ كَحَمْلِ الْأَمَةِ وَالشَّجَرِ
الثَّانِي صِحَّتُهُ بِمَهْرِهَا فِيمَا يُجْهَلُ حَالًا وَمَآلًا وَصِحَّتُهُ بِالْمُسَمَّى فِيمَا يُرْجَى تَبْيِينُهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ رَجَعَ إلَى مَهْرِهَا
وَقِيلَ إذَا لم تَغُرَّهُ فَلَا شَيْءَ عليها
الثَّالِثُ فَسَادُ الْمُسَمَّى وَصِحَّةُ الْخُلْعِ بِقَدْرِ مَهْرِهَا
وَقِيلَ إذَا لم تَغُرَّهُ فَلَا شَيْءَ عليها
الرَّابِعُ بُطْلَانُ الْخُلْعِ قَالَهُ أبو بَكْرٍ
الْخَامِسُ بُطْلَانُهُ بِالْمَعْدُومِ وَقْتَ الْعَقْدِ كما يُحْمَلُ شَجَرُهَا وَصِحَّتُهُ مع الموجود ( ( ( الوجود ) ) ) يَقِينًا أو ظَنًّا
ثُمَّ هل يَجِبُ الْمُسَمَّى أو قَدْرُ الْمَهْرِ أو يُفَرَّقُ بين الْمُتَبَيِّنِ مَآلًا وَبَيْنَ غَيْرِهِ مَبْنِيٌّ على ما سَبَقَ انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا على عَبْدٍ فَلَهُ أَقَلُّ ما يُسَمَّى عَبْدًا وَإِنْ قال إنْ أعطيتيني ( ( ( أعطيتني ) ) ) عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ إيَّاهُ طَلَاقًا بَائِنًا وَمَلَكَ الْعَبْدَ نَصَّ عليه
إذَا خَالَعَهَا على عَبْدٍ فَلَهُ أَقَلُّ ما يُسَمَّى عَبْدًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(8/405)
وَقِيلَ يَجِبُ مَهْرُهَا
وقال الْقَاضِي يَلْزَمُهَا عَبْدٌ وَسَطٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَإِنْ خَالَعَهَا على عَبْدٍ مُطْلَقٍ فَلَهُ الْوَسَطُ إنْ قُلْنَا بِهِ في الْمَهْرِ وَإِلَّا فَهَلْ له أَيُّ عَبْدٍ اعطته أو قَدْرُ مَهْرِهَا وَالْخُلْعُ أَبَاطِلٌ يَنْبَنِي على ما سَبَقَ
وَأَمَّا إذَا قال لها إنْ أَعْطَيْتِينِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَطْلُقُ بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي يَلْزَمُهَا عَبْدٌ وَسَطٌ فَلَوْ أَعْطَتْهُ مَعِيبًا أو دُونَ الْوَسَطِ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ وَالْبَيْنُونَةُ بحالها ( ( ( بحالهما ) ) ) فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَعْطَتْهُ عَبْدًا مُدَبَّرًا أو مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
الثَّانِيَةُ لو بَانَ مَغْصُوبًا أو حُرًّا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ أو مُكَاتَبًا لم تَطْلُقْ كَتَعْلِيقِهِ على هروى فَتُعْطِيهِ مَرْوِيًّا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في مَوْضِعٍ وَقَدَّمَاهُ في آخَرَ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَهُ قِيمَتُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهَا قَدْرُ مَهْرِهَا
وَقِيلَ يَبْطُلُ الْخُلْعُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ قِيمَةُ الْحُرِّ كَأَنَّهُ عَبْدٌ
____________________
(8/406)
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ إنْ بَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ قِيمَتُهُ وَإِنْ بَانَ حُرًّا أو مَغْصُوبًا لم تَطْلُقْ كَقَوْلِهِ هذا الْعَبْدَ انْتَهَى
وَيَأْتِي نَظِيرُهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا فِيمَا إذَا قال إنْ أَعْطَيْتِينِي هذا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ أَعْطَيْتِينِي هذا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ طَلُقَتْ وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَا شَيْءَ له
تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ له الرَّدُّ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ بِالصِّفَةِ سَلِيمًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنَّ قَدَّمَ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا على ثَوْبٍ فَخَرَجَ مَعِيبًا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بين أَنْ يَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ أو قِيمَةَ الثَّوْبِ وَيَرُدَّهُ فَيَكُونُ في مَسْأَلَتِنَا كَذَلِكَ انْتَهَى
وقال في التَّرْغِيبِ في رُجُوعِهِ بِأَرْشِهِ وَجْهَانِ وَأَنَّهُ لو بَانَ مُسْتَحَقَّ الدَّمِ فَقُتِلَ فَأَرْشُ عَيْبِهِ وَقِيلَ قِيمَتُهُ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ خَالَعَتْهُ على عَبْدٍ فَوَجَدَهُ مُبَاحَ الدَّمِ بِقِصَاصٍ أو غَيْرِهِ فَقُتِلَ رَجَعَ عليها بِأَرْشِ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَذَكَرَ بن الْبَنَّا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا لم يَقَعْ الطَّلَاقُ
وَكَذَا لو بَانَ حُرًّا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
____________________
(8/407)
جَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَتَذْكِرَةُ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَقَعُ وَلَهُ قِيمَتُهُ وَكَذَلِكَ في التي قَبْلَهَا
يَعْنِي فِيمَا إذَا قال إنْ أَعْطَيْتِينِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا مَغْصُوبًا
وَجَزَمَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ في الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فقال لو خَالَعَتْهُ على عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أو مَغْصُوبًا أو بَعْضَهُ صَحَّ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ أو قِيمَةِ ما خَرَجَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ أَعْطَيْتِينِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرَوِيًّا لم تَطْلُقْ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَتْهُ على مَرْوِيٍّ
بِأَنْ قالت اخْلَعْنِي على هذا الثَّوْبِ الْمَرْوِيِّ فَبَانَ هَرَوِيًّا فَلَهُ الْخِيَارُ بين رَدِّهِ وَإِمْسَاكِهِ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ ليس له غَيْرُهُ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ مُنَجَّزًا على عَيْنِهِ
اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ
بِنَاءً على أَنَّهُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَهَذَا يَقْتَضِي حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ في كُلٍّ من الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ في الْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ على عِوَضٍ مُعَيَّنٍ إذَا بَانَتْ الصِّفَةُ الْمُعَيَّنَةُ مُخَالِفَةً وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ مِنْهُمَا في ذلك فيها أَنَّهُ ليس له غَيْرُهُ وَأَنَّ الْمُؤَخَّرَ منها فيها أَنَّهُ يُخَيَّرُ في ذلك بين رَدِّهِ وَإِمْسَاكِهِ وَلَيْسَ فيها وَلَا في بَعْضِهَا حِكَايَتُهُمَا في ذلك
____________________
(8/408)
بَلْ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في بَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ فيه على عَيْبٍ أو نَقْصِ صِفَةٍ شُرِطَتْ فيه أَنَّهُ يُخَيَّرُ بين الْأَرْشِ يَعْنِي مع الْإِمْسَاكِ أو الرَّدِّ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ كَامِلَةً
ثُمَّ حَكَوْا رِوَايَةً أُخْرَى بِأَنَّهُ لَا ارش مع إمْسَاكِهِ ولم يَحْكِيَا غَيْرَهُ في الْبَابِ الْمَذْكُورِ
ثُمَّ ذَكَرَا في بَابِ الْخُلْعِ مَسْأَلَةَ الصَّدَاقِ الْمُعَلَّقِ على عِوَضٍ مُعَيَّنٍ وَقَدَّمَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ له غَيْرُهُ إنْ بَانَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ
ثُمَّ حَكَيَا قَوْلًا بِأَنَّ له رَدَّهُ وَأَخْذَ قِيمَتِهِ بِالصِّفَةِ سَلِيمًا كما لو نَجَزَ الْخُلْعُ عليه
وَمُقْتَضَى هذا أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمَا في الْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ بين ما ذُكِرَ سَوَاءٌ كان بِلَفْظِ الْخُلْعِ أو الطَّلَاقِ
وفي الْفُرُوعِ في بَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ إنْ بَانَ عِوَضُ الْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ مَعِيبًا أو نَاقِصًا صِفَةً شُرِطَتْ فيه أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ وَاقْتَصَرَ على ذلك
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا أو نَاقِصًا كما ذُكِرَ بين إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ
ولم يَتَعَرَّضْ لِلْمَسْأَلَةِ في بَابِ الْخُلْعِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ في بَابِ الصَّدَاقِ
فَهَذَا هو الْمَجْزُومُ بِهِ فيها في الْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ مع الْجَزْمِ بِهِ أَيْضًا في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُقَدَّمُ من الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ إنَّمَا هو اخْتِيَارٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ كما حَكَاهُ عنه فيها جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا فيها حِينَئِذٍ هو الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الذي جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا منهم الْمُؤَلِّفُ
لَا أَنَّهُ هو الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْهُمَا عِنْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ في بَعْضِ كُتُبِهِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(8/409)
قَوْلُهُ إذَا قال إنْ أَعْطَيْتِينِي أو إذَا أَعْطَيْتِينِي أو مَتَى أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ كان على التَّرَاخِي أَيَّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ أَلْفًا طَلُقَتْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ من جِهَتِهِ لَا يَصِحُّ إبْطَالُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس بِلَازِمٍ من جِهَتِهِ كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ
وَوَافَقَ على شَرْطٍ مَحْضٍ كَقَوْلِهِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ
وقال التَّعْلِيقُ الذي يُقْصَدُ بِهِ إيقَاعُ الْجَزَاءِ إنْ كان مُعَاوَضَةً فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ ثُمَّ إنْ كانت لَازِمَةً فَلَازِمٌ وَإِلَّا فَلَا فَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ قبل الْقَبُولِ وَلَا الْكِتَابَةِ وَقَوْلُ من قال التَّعْلِيقُ لَازِمٌ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ انْتَهَى
وَيَأْتِي هذا وَغَيْرُهُ في أَوَائِلِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَيَّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ أَلْفًا طَلُقَتْ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ قَبْضُهُ صَرَّحَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَمُرَادُهُ أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ وَازِنَةً بِإِحْضَارِهِ وَلَوْ كانت نَاقِصَةً بِالْعَدَدِ وَازِنَتُهَا في قَبْضِهِ وَمِلْكِهِ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ في إنْ أَقْبَضْتِينِي فَأَحْضَرَتْهُ ولم يَقْبِضْهُ فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَمْ لَا يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا فيه احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ
وَقِيلَ يَكْفِي عَدَدٌ مُتَّفَقٌ بِرَأْسِهِ بِلَا وَزْنٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فَلَا يَكْفِي وَازِنَةٌ نَاقِصَةٌ عَدَدًا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ هو الْمَعْرُوفُ في زَمَنِنَا وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الزَّكَاةِ يُقَوِّيهِ
وَالسَّبِيكَةُ لَا تُسَمَّى دَرَاهِمُ
____________________
(8/410)
قَوْلُهُ وَإِنْ قالت اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أو على أَلْفٍ أو طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ أو على أَلْفٍ
وَكَذَا لو قالت وَلَك أَلْفٌ إنْ طَلَّقْتنِي أو خَالَعْتَنِي أو إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ على أَلْفٌ فَفَعَلَ بَانَتْ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ من الزَّوْجِ أَيْضًا ذِكْرُ الْعِوَضِ وَيَسْتَحِقُّ الالف
يَعْنِي من غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَوَائِدُ
الْأُولَى يُشْتَرَطُ في ذلك أَنْ يُجِيبَهَا على الْفَوْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ فَفَعَلَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَيَّدَهُ بِالْمَجْلِسِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال بَانَتْ إنْ كان في الْمَجْلِسِ وَإِلَّا لم يَقَعْ شَيْءٌ
وَقِيلَ إن ( ( ( لمن ) ) ) قالت اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فقال في الْمَجْلِسِ طَلَّقْتُك طَلُقَتْ مَجَّانًا انْتَهَى
وَقَيَّدَهُ بِالْمَجْلِسِ أَيْضًا في التَّرْغِيبِ في قَوْلِهَا إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فقال خَالَعْتُكِ أو طَلَّقْتُك انْتَهَى
وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ الْفَوْرِيَّةُ بَلْ يَكُونُ على التَّرَاخِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ
الثَّانِيَةُ لها أَنْ تَرْجِعَ قبل أَنْ يُجِيبَهَا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَيَمْتَنِعُ من قَبْضِ الْعِوَضِ لِيَقَعَ رَجْعِيًّا
وقال في التَّرْغِيبِ في خَلَعْتُك أو اخْلَعْنِي وَنَحْوِهِمَا على كَذَا يُعْتَبَرُ
____________________
(8/411)
الْقَبُولُ في الْمَجْلِسِ إنْ قُلْنَا الْخُلْعُ فَسْخٌ بِعِوَضٍ وَإِنْ قُلْنَا هو فَسْخٌ منه مُجَرَّدٌ فَكَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ لَا يُعْتَبَرُ فيه قَبُولٌ وَلَا عِوَضٌ فَتَبِينُ بِقَوْلِهِ فَسَخْت أو خَلَعْت
الثَّالِثَةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِقَوْلِهِ إنْ بَذَلْت لي كَذَا فَقَدْ خَلَعْتُك قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في بَابِ الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطِ ذِكْرِهِ في التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ لَا
قال في الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخَهَا أَنَّهُ يَصِحُّ كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ وهو فَسْخٌ على الْأَصَحِّ انْتَهَى
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَوَقَّفُ على رِضَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ كَالْبَيْعِ انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُهَا إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ كَذَا أو أنت بَرِيءٌ منه كَ إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ وَأَوْلَى
وَلَيْسَ فيه النِّزَاعُ في تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ
أَمَّا لو الْتَزَمَ دَيْنًا لَا على وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ كإن تَزَوَّجْت فَلَكَ في ذِمَّتِي أَلْفٌ أو جَعَلْت لَك في ذِمَّتِي أَلْفًا لم يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ
قال الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِقَوْلِهِ إنْ بَذَلْت لي كَذَا قد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في الْقِسْمِ الثَّانِي من الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ ما نَصُّهُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ في التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَصِحُّ
قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا اجره كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخَهَا أَنَّهُ يَصِحُّ كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ وهو فَسْخٌ على الْأَصَحِّ انْتَهَى
____________________
(8/412)
فَأَقَرَّ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ هُنَاكَ ولم يَتَعَقَّبْهُ
وَجَزَمَ هُنَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وهو الْأَظْهَرُ كما قَالَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَوَقَّفُ على رِضَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ فلم يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ كَالْبَيْعِ
الرَّابِعَةُ لو قالت طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ له نَصَّ عليه وَإِنْ قالت من الْآنَ إلَى شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَهْرَ مِثْلِهَا
الْخَامِسَةُ لو قالت طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فقال خَلَعْتُك فَإِنْ قُلْنَا هو طَلَاقٌ اسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا لم يَصِحَّ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هو خُلْعٌ بِلَا عِوَضٍ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الرَّوْضَةِ يَصِحُّ وَلَهُ الْعِوَضُ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَهَا بِالطَّلْقَةِ وقد حَصَلَ بِالْخُلْعِ
وَعَكَسَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ قالت اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فقال طَلَّقْتُك يَسْتَحِقُّهَا إنْ قُلْنَا هو طَلَاقٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ شيئا وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ قالت اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فقال في الْمَجْلِسِ طَلَّقْتُك طَلُقَتْ مَجَّانًا كما تَقَدَّمَ
فَإِنْ لم يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَقَعُ بها شَيْءٌ
____________________
(8/413)
قَوْلُهُ وَإِنْ قالت طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا اسْتَحَقَّهَا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ فَقَطْ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَإِنْ قالت طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أو على أَلْفٍ فقال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ أَخَذَهَا وَالْأَقْوَى إنْ رَضِيَتْ أَخَذَهَا وأن أَبَتْ لم تَطْلُقْ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ قَالَهُ في الرَّوْضَةِ
فَائِدَةٌ لو قالت طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فقال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قُلْت فيعايي بها
وَقِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا
قُلْت هذا مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلُ مُشْكِلٌ عليه
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لو قالت له زَوْجَتُهُ التي لم يَدْخُلْ بها طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فقال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ تَطْلُقُ هُنَا وَاحِدَةً وما قَالَهُ في الْمُجَرَّدِ بَعِيدٌ على قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ
وَخَالَفَهُ في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فقال تَطْلُقُ هُنَا ثَلَاثًا بِنَاءً على قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ
ثُمَّ نَاقَضَ فذكر في نَظِيرَتِهَا أنها تَطْلُقُ وَاحِدَةً
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من وَافَقَهُ في بَعْضِ الصُّوَرِ وَخَالَفَهُ في بَعْضِهَا
____________________
(8/414)
وَمِنْهُمْ من قال ما قَالَهُ سَهْوٌ على الْمَذْهَبِ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بين قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ
وهو طَرِيقُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ في تَعْلِيقِهِ على الْهِدَايَةِ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو ذَكَرَ الْأَلْفَ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بها وَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قالت طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لم يَسْتَحِقَّ شيئا وَوَقَعَتْ رَجْعِيَّةً
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ وَتَقَعُ بَائِنَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ بَقِيَ من طَلَاقِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَفَعَلَ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ عَلِمَتْ أو لم تَعْلَمْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَهُ إذَا لم يَعْلَمْ وهو لِلْمُصَنِّفِ هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان له امْرَأَتَانِ مُكَلَّفَةٌ يَعْنِي رَشِيدَةً وَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ
يَعْنِي وَكَانَتْ مُمَيِّزَةً فقال أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا قد شِئْنَا لَزِمَ الْمُكَلَّفَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ وَطَلُقَتْ بَائِنًا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا نِصْفُ الْأَلْفِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/415)
وَعِنْدَ بن حَامِدٍ يُقَسِّطُ الْأَلْفَ على قَدْرِ مَهْرَيْهِمَا
وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عليها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا مَشِيئَةَ لها
فَعَلَى هذا لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كما لو كانت غير مُمَيِّزَةٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وكذلك الْمَحْجُورُ عليها لِلسَّفَهِ حُكْمُهَا حُكْمُ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قالت له زَوْجَتَاهُ طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا بَانَتْ بِقِسْطِهَا من الْأَلْفِ
وَلَوْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ وَلَا شَيْءَ له صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
قال في الْمُغْنِي قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُ الْبَاذِلَةَ هُنَا شَيْءٌ
وقال الْقَاضِي هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو قالت طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ على أَنْ لَا تُطَلِّقَ ضَرَّتِي أو على أَنْ تُطَلِّقَهَا صَحَّ شَرْطُهُ وَعِوَضُهُ فَإِنْ لم يَفِ اسْتَحَقَّ في الْأَصَحِّ الْأَقَلَّ منه أو الْمُسَمَّى قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/416)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ طَلُقَتْ وَلَا شَيْءَ عليها
يَعْنِي أَنَّ ذلك ليس بِشَرْطٍ وَلَا كَالشَّرْطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لَكِنْ إذَا قَبِلَتْ فَتَارَةً تَقْبَلُ في الْمَجْلِسِ وَتَارَةً لَا تَقْبَلُ
فَإِنْ قَبِلَتْ في الْمَجْلِسِ بَانَتْ منه وَاسْتَحَقَّهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ قبل قَبُولِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَجَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْمُغْنِي كإن أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَإِنْ لم تَقْبَلْ في الْمَجْلِسِ فالصحيح ( ( ( الصحيح ) ) ) من الْمَذْهَبِ أنها تَطْلُقُ مَجَّانًا رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عليها نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
بَلْ قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حتى تَخْتَارَ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
ولم أَرَهُ في غَيْرِهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ التَّخْرِيجُ
وقال الْقَاضِي لَا تَطْلُقُ
قال في الْفُرُوعِ وَخَرَجَ من نَظِيرَتِهَا في الْعِتْقِ عَدَمُ الْوُقُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال على أَلْفٍ أو بِأَلْفٍ فَكَذَلِكَ
يَعْنِي أَنَّ ذلك ليس بِشَرْطٍ وَلَا كَالشَّرْطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
لَكِنْ إنْ قَبِلَتْ في الْمَجْلِسِ بَانَتْ منه وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَلَهُ الرُّجُوعُ قبل قَبُولِهَا كَالْأُولَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/417)
وَجَعَلَهُ في الْمُغْنِي كإن أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ كما تَقَدَّمَ
قال في الْمُحَرَّرِ في الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَقِيلَ إذَا جَعَلْنَاهُ رَجْعِيًّا بِلَا قَبُولٍ فَكَذَلِكَ إذَا قَبِلَ
وَإِنْ لم يَقْبَلْ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عليها وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ في قَوْلِهِ بِأَلْفٍ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ حتى تَخْتَارَ فَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ
وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ نَقَلَهُ عنه بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ نَقَلَهُ عنه في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا قال بِأَلْفٍ فَلَا تَطْلُقُ حتى تَخْتَارَ ذلك وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال لَا تَطْلُقُ في قَوْلِهِ على أَلْفٍ حتى تَخْتَارَ
قال في الْفُرُوعِ وَخَرَجَ عَدَمُ الْوُقُوعِ من نَظِيرَتِهِنَّ في الْعِتْقِ
وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ أَيْضًا إنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا في قَوْلِهِ لها أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ نَقَلَهُ عنه في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال بن عَقِيلٍ لَا تَطْلُقُ في الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَتَطْلُقُ في الْأَخِيرَةِ
فَائِدَةٌ لَا يَنْقَلِبُ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ بَائِنًا بِبَذْلِهَا الْأَلْفَ في الْمَجْلِسِ في الصُّوَرِ الثَّلَاثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(8/418)
وَقِيلَ بَلْ في الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ
قُلْت فيعايي بِهِمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مع أَنَّ علي لِلشَّرْطِ اتِّفَاقًا وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَيْسَتْ لِلشَّرْطِ وَلَا لِلْمُعَاوَضَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ بِعْتُك ثَوْبِي على دِينَارٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَتْهُ في مَرَضِ مَوْتِهَا فَلَهُ الْأَقَلُّ من الْمُسَمَّى أو مِيرَاثُهُ منها
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وبن مُنَجَّا وَالْخِرَقِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ إذَا خَالَعَتْهُ على مَهْرِهَا فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ وَلَوْ كان أَقَلَّ من مِيرَاثِهِ منها
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا في مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى لها بِأَكْثَرَ من مِيرَاثِهَا لم تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ من مِيرَاثِهَا وَإِنْ خَالَعَهَا في مَرَضِهِ أو حَابَاهَا فَهُوَ من رَأْسِ الْمَالِ
قد تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ الْهِبَةِ إذَا عَاوَضَ الْمَرِيضُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِلْوَارِثِ وَغَيْرِهِ وإذا حَابَى وَارِثَهُ أو أَجْنَبِيًّا فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وإذا وَكَّلَ الزَّوْجُ في خُلْعِ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فما زَادَ صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ نَقَصَ من الْمَهْرِ رَجَعَ على الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ
هذا الْمَذْهَبُ وَأَحَدُ الْأَقْوَالِ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(8/419)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَيَّرَ بين قَبُولِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ
وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ
وَقِيلَ يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي أَيْضًا
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وهو ظَاهِرُ قَوْلِ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ في الْفُرُوعِ وَالثَّانِي لم يَذْكُرْهُ فيه
فَائِدَةٌ لو خَالَعَ وَكِيلُهُ بِلَا مَالٍ كان الْخُلْعُ لَغْوًا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ الْخُلْعُ بِلَا عِوَضٍ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا
وَأَمَّا وَكِيلُهَا فَيَصِحُّ خُلْعُهُ بِلَا عِوَضٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَيَّنَ له الْعِوَضَ فَنَقَصَ منه لم يَصِحَّ الْخُلْعُ عِنْدَ بن حَامِدٍ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وقال أبو بَكْرٍ يَصِحُّ وَيَرْجِعُ على الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ
قال في الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ هذا الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ في ذلك فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فما دُونَ أو بِمَا عَيَّنَتْهُ فما دُونَ صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ زَادَ لم يَصِحَّ
____________________
(8/420)
هذا أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَجَعَلَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الْمَذْهَبَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ وَتَبْطُلَ الزِّيَادَةُ
يَعْنِي أنها لَا تَلْزَمُ الْوَكِيلَ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ في الْمُعَيَّنِ وَتَصِحُّ في غَيْرِهِ
وَقِيلَ تَصِحُّ وَتَلْزَمُ الْوَكِيلَ الزِّيَادَةُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ عليها مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا شَيْءَ على وَكِيلِهَا لِأَنَّهُ لم يَقْبَلْ الْعَقْدَ لها لَا مُطْلَقًا وَلَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ إلَّا الثَّانِيَ فإنه لم يَذْكُرْهُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إذَا وَكَّلَتْهُ وَأَطْلَقَتْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مِقْدَارُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فَإِنْ لم يَكُنْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ
وقال فِيمَا إذَا زَادَ على ما عَيَّنَتْ له يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الزِّيَادَةُ
وقال بن الْبَنَّا يَلْزَمُهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ من مَهْرِ مِثْلِهَا أو الْمُسَمَّى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو خَالَفَ وَكِيلُ الزَّوْجِ أو الزَّوْجَةِ جِنْسًا أو حُلُولًا أو نَقْدَ بَلَدٍ فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ فيه الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ
قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَ الْوَكِيلَ الذي أَذِنَ فيه وَيَكُونُ له ما خَالَعَ بِهِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ مُطْلَقًا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا
قال في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(8/421)
الثَّانِيَةُ لو كان وَكِيلُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَاحِدًا وَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ كان حُكْمُهُ حُكْمَ النِّكَاحِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْخُلْعِ وَكِيلٌ وَاحِدٌ وَخَرَجَ جَوَازُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَالَعَا تَرَاجَعَا بِمَا بَيْنَهُمَا من الْحُقُوقِ
يَعْنِي حُقُوقَ النِّكَاحِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أنها تَسْقُطُ
وَاسْتَثْنَى الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ
زَادَ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وهو مُرَادُ غَيْرِهِمْ وَبَقِيَّةُ ما خُولِعَ بِبَعْضِهِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَعَنْهُ أنها تَسْقُطُ يَعْنِي حُقُوقَ النِّكَاحِ
أَمَّا الدُّيُونُ وَنَحْوُهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
الثَّانِيَةُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَخَالَعَا أَنَّهُمَا لو تَطَالَقَا تَرَاجَعَا بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ قَوْلًا وَاحِدًا وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْعِوَضِ أو عَيْنِهِ أو تَأْجِيلِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مع يَمِينِهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/422)
وَيَتَخَرَّجُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ خَرَّجَهُ الْقَاضِي وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَكَاهَا الْقَاضِي أَيْضًا
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنْ لم يُجَاوِزْ مَهْرَهَا
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَحَالَفَا إنْ لم يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَيَرْجِعَا إلَى الْمَهْرِ الْمُسَمَّى إنْ كان وَإِلَّا إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ لم يَكُنْ مُسَمًّى وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ ثُمَّ خَالَعَهَا أو أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ أو دُونَهَا فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا فَوُجِدَتْ الصُّفَّةُ طَلُقَتْ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِنَاءً على الرِّوَايَةِ في الْعِتْقِ وَاخْتَارَهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ
وَجَزَمَ في الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ بين الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ
وقال أبو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ في التَّرْغِيبِ الطَّلَاقُ أَوْلَى من الْعِتْقِ
وَحَكَاهُ بن الْجَوْزِيِّ رِوَايَةً وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَحَكَاهُ أَيْضًا قَوْلًا
وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ في كِتَابِهِ الطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ في الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ قال إنْ بِنْتِ منى ثُمَّ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّعْلِيقِ احْتِمَالًا لَا يَقَعُ كَتَعْلِيقِهِ بِالْمِلْكِ
____________________
(8/423)
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قال إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كان هذا الْقَوْلُ تَغْلِيظًا عليها في أَنْ لَا تَعُودَ إلَيْهِ فَمَتَى عَادَتْ إلَيْهِ في الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا طَلُقَتْ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم تُوجَدْ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ عَادَتْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
هَكَذَا قال الْجُمْهُورِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَعُودُ مُطْلَقًا
يَعْنِي سَوَاءٌ وُجِدَتْ حَالَ الْبَيْنُونَةِ أو لَا
قُلْت وهو الصَّحِيحُ في مِنْهَاجِ الشَّافِعِيَّةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى يَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ عَيْنِ طَلَاقٍ وَلَا يَقَعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ بن بَطَّةَ في مُصَنَّفٍ له في هذه الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرَهُ عن الْآجُرِّيِّ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْقَاضِي في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وقال هو مُحَرَّمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي هذا فعل ( ( ( يفعل ) ) ) حِيلَةً على إبْطَالِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَالْحِيَلُ خُدَعٌ لَا تُحِلُّ ما حَرَّمَ اللَّهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ خُلْعُ الْحِيلَةِ لَا يَصِحُّ على الْأَصَحِّ كما لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُ ليس الْمَقْصُودُ منه الْفُرْقَةَ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ بَقَاءَ الْمَرْأَةِ مع زَوْجِهَا كما في نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَالْعَقْدُ لَا يُقْصَدُ بِهِ نَقِيضُ مَقْصُودِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَقَعُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً وَيَقَعُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(8/424)
قال في الْفُرُوعِ وَشَذَّ في الرِّعَايَةِ فَذَكَرَهُ
قُلْت غَالِبُ الناس وَاقِعٌ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَكَثِيرًا ما يَسْتَعْمِلُونَهَا في هذه الْأَزْمِنَةِ فَفِي هذا الْقَوْلِ فَرَجٌ لهم
وَاخْتَارَهُ بن الْقَيِّمِ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ وَنَصَرَهُ من عَشَرَةِ أَوْجُهٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ وَقَصْدَ الْمُحَلِّلِ التَّحْلِيلَ وَقَصْدَ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا مُحَرَّمًا كَبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا على حَدٍّ وَاحِدٍ فَيُقَالُ في كُلٍّ مِنْهُمَا ما قِيلَ في الْأُخْرَى
الثَّانِيَةُ لو اعْتَقَدَ الْبَيْنُونَةَ بِذَلِكَ ثُمَّ فَعَلَ ما حَلَفَ عليه فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُطَلِّقِ أَجْنَبِيَّةٍ فَتَبَيَّنَ أنها امْرَأَتُهُ على ما يَأْتِي في آخِرِ بَابِ الشَّكِّ في الطَّلَاقِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَلَوْ لَقَى امْرَأَتَهُ فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً فقال لها أَنْتِ طَالِقٌ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَقَعُ
قال بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْعَمَلُ على أَنَّهُ لَا يَصِحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَقَعُ جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا
قال في تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ دُيِّنَ ولم يَقْبَلْ حُكْمًا انْتَهَى
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال أبو الْعَبَّاسِ لو خَالَعَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه بَعْدَ الْخُلْعِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْخُلْعِ لم يَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ أو فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه مُعْتَقِدًا زَوَالَ النِّكَاحِ ولم يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ كما لو حَلَفَ على شَيْءٍ بِظَنِّهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ يَأْتِيَانِ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ
____________________
(8/425)
وقد جَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ
قُلْت وَمِمَّا يُشْبِهُ اصل هذا ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ في الصَّوْمِ لو أَكَلَ نَاسِيًا وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ ثُمَّ جَامَعَ فَإِنَّهُمْ قالوا حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي
وقد اخْتَارَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ منهم بن بَطَّةَ وَالْآجُرِّيُّ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ بَلْ قالوا عن غَيْرِ بن بَطَّةَ إنَّهُ لَا يَقْضِي أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ خُلْعُ الْيَمِينِ هل يَقَعُ رَجْعِيًّا أو لَغْوًا وهو أَقْوَى فيه نِزَاعٌ لِأَنَّ قَصْدَهُ ضِدَّهُ كَالْمُحَلِّلِ
الثَّالِثَةُ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ قال في الْمُغْنِي في الْكِتَابَةِ قبل مَسْأَلَةِ ما لو قَبَضَ من نُجُومِ كِتَابَتِهِ شيئا اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا
فقال فَصْلٌ وإذا دَفَعَ إلَيْهِ مَالَ كِتَابَتِهِ ظَاهِرًا فقال له السَّيِّدُ أنت حُرٌّ أو قال هذا حُرٌّ ثُمَّ بَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا لم يُعْتَقْ بِذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا حَصَلَ له بِالْأَدَاءِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّ سَيِّدَهُ قَصَدَ بِذَلِكَ عِتْقَهُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مع يَمِينِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ معه وهو أَخْبَرَ بِمَا نَوَى انْتَهَى
الثَّالِثَةُ لو أَشْهَدَ على نَفْسِهِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ثُمَّ اسْتَفْتَى فَأُفْتَى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه لم يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ في إقْرَارِهِ ذلك مِمَّا يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ
لِأَنَّ حَلِفَهُ على الْمُسْتَنَدِ دُونَ الطَّلَاقِ ولم يسلم ( ( ( يعلم ) ) ) ضِمْنًا فَهُوَ وَسِيلَةٌ له يُغْتَفَرُ فيه ما لَا يُغْتَفَرُ في الْمَقْصُودِ لِأَنَّهُ دُونَهُ وَإِنْ كان سَبَبًا له بِمَعْنَى تَوَقُّفِهِ عليه لَا أَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فيه بِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَكَانَ عِلَّةً فاعلية ( ( ( فاعلة ) ) ) لَا سَبَبِيَّةً وَوَسِيلَةً
وَدَلِيلُهُ قِصَّةُ بَانَتْ سُعَادُ حَيْثُ أَقَرَّ بِذَلِكَ كَعْبُ بن زُهَيْرٍ رضي اللَّهُ عنه
____________________
(8/426)
لِاعْتِقَادِهِ أنها بَانَتْ منه بِإِسْلَامِهِ دُونَهَا فَأَخْبَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالصَّحَابَةُ بِأَنَّهَا لم تَبِنْ وَأَنَّ ذلك لَا يَضُرُّهُ تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى على حَقِّهَا وهو قَرِيبُ عَهْدِ بالإسلام ( ( ( الإسلام ) ) ) وَذَلِكَ قَرِينَةُ جَهْلِهِ بِحُكْمِهِ في ذلك ولم يَقْصِدْ بِهِ إنْشَاءَهُ وَإِلَّا لَمَا نَدِمَ عليه مُتَّصِلًا بِهِ وَإِنَّمَا نَدِمَ على ما أَقَرَّ بِهِ لِتَوَهُّمِهِ صِحَّةَ وُقُوعِهِ وَقِيَاسُهُ الْخُلْعُ وَبَقِيَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضَةِ أو الْغَالِبِ له فيها حَقٌّ على حَقِّ غَيْرِهِ تَعَالَى لِأَنَّ حَقَّهُ مَبْنِيٌّ على الْمُسَامَحَةِ وَحَقُّ غَيْرِهِ على المشاححة ( ( ( المشاحة ) ) ) بِدَلِيلِ مُسَامَحَةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم له بِهَجْرِهِ له قبل إسْلَامِهِ وهو حَرْبِيٌّ وهو الشَّاعِرُ الصَّحَابِيُّ كَعْبُ بن زُهَيْرٍ فَأَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقَتْلِهِ قَبْلَهُ فَبَلَغَ ذلك أَخَاهُ مَالِكَ بن زُهَيْرٍ فَأَتَى إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَسْلَمَ فَأَتَى بِهِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو مُسْلِمٌ معه فَامْتَدَحَهُ بِالْبُرْدَةِ الْمَذْكُورَةِ في الْقِصَّةِ وَحَقُّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من حَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ سَهْمِ خُمُسِ الْخُمُسِ والفئ ( ( ( والفيء ) ) ) وَالْغَنِيمَةِ وَكَسْبِهِمَا أو أَحَدِهِمَا
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
ذَكَرَهُ في أَوَاخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
الرَّابِعَةُ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَاشِيَتِهِ قُلْت وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذلك وَيُقَوِّيهِ ما قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَخَذَ حَقَّهُ من الْمُكَاتَبِ ظَاهِرًا ثُمَّ قال هو حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كما تَقَدَّمَ نَقْلُهُ في بَابِ الْكِنَايَةِ
الْخَامِسَةُ ذَكَرَ بن عَقِيلٍ في وَاضِحِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمُسْتَفْتِي بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ إنْ كان أَهْلًا لِلرُّخْصَةِ كَطَالِبِ التَّخَلُّصِ من الرِّبَا فَيَدُلُّهُ على من يَرَى التَّحَيُّلَ لِلْخَلَاصِ منه وَالْخُلْعَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ انْتَهَى
وَنَقَلَ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ
____________________
(8/427)
رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمْ جَاءُوهُ بِفَتْوَى فلم تَكُنْ على مَذْهَبِهِ فقال عَلَيْكُمْ بِحَلْقَةِ الْمَدَنِيِّينَ
فَفِي هذا دَلِيلٌ على أَنَّ الْمُفْتِيَ إذَا جَاءَهُ الْمُسْتَفْتِي ولم يَكُنْ له عِنْدَهُ رُخْصَةٌ فَلَهُ أَنْ يَدُلَّهُ على صَاحِبِ مَذْهَبٍ له فيه رُخْصَةٌ
وَذَكَرَ في طَبَقَاتِهِ قال الْفَضْلُ بن زِيَادٍ سَمِعْت أَبَا عبد اللَّهِ وَسُئِلَ عن الرَّجُلِ يُسْأَلُ عن الشَّيْءِ في الْمَسَائِلِ فَهَلْ عليه شَيْءٌ من ذلك
فقال إذَا كان الرَّجُلُ مُتَّبَعًا أَرْشَدَهُ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ
قِيلَ له فيفتى بِقَوْلِ مَالِكٍ وَهَؤُلَاءِ قال لَا إلَّا بِسُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَآثَارِهِ وما روى عن الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنْ لم يَكُنْ فَعَنْ التَّابِعِينَ انْتَهَى
وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ في أَحْكَامِ الْمُفْتِي
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(8/428)
كِتَابُ الطَّلَاقِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وهو حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ
وَكَذَا قال غَيْرُهُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ أو بَعْضِهِ بِوُقُوعِ ما يَمْلِكُهُ من عَدَدِ الطَّلَقَاتِ أو بَعْضِهَا
وَقِيلَ هو تَحْرِيمٌ بَعْدَ تَحْلِيلٍ كَالنِّكَاحِ تَحْلِيلٌ بَعْدَ تَحْرِيمٍ
قَوْلُهُ وَيُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَيُكْرَهُ من غَيْرِ حَاجَةٍ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَيُسْتَحَبُّ إذَا كان في بَقَاءِ النِّكَاحِ ضررا ( ( ( ضرر ) ) )
اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ الْإِبَاحَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ
فَالْمُبَاحُ يَكُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِسُوءِ خُلُقِ الْمَرْأَةِ أو لِسُوءِ عِشْرَتِهَا وَكَذَا لِلتَّضَرُّرِ منها من غَيْرِ حُصُولِ الْغَرَضِ بها فَيُبَاحُ الطَّلَاقُ في هذه الْحَالَةِ من غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَالْمَكْرُوهُ إذَا كان لِغَيْرِ حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ يُبَاحُ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ
وَالْمُسْتَحَبُّ وهو عِنْدَ تَفْرِيطِ الْمَرْأَةِ في حُقُوقِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ عليها مِثْلَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَكَوْنِهَا غير عَفِيفَةٍ وَلَا يُمْكِنُ إجْبَارُهَا على فِعْلِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذِهِ يُسْتَحَبُّ طَلَاقُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(8/429)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَجِبُ لِكَوْنِهَا غير عَفِيفَةٍ وَلِتَفْرِيطِهَا في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَذَكَرَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هو فِيمَا إذَا كانت مُفَرِّطَةً في حَقِّ زَوْجِهَا وَلَا تَقُومُ بِحُقُوقِهِ
قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا زِنَى الْمَرْأَةِ لَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ نَصَّ عليه
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يُسْكِرُ زَوْجَ أُخْتِهِ يُحَوِّلُهَا إلَيْهِ
وَعَنْهُ أَيْضًا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا قال اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
الثَّانِيَةُ إذَا تَرَكَ الزَّوْجُ حَقَّ اللَّهِ فَالْمَرْأَةُ في ذلك كَالزَّوْجِ فَتَتَخَلَّصُ منه بِالْخُلْعِ وَنَحْوِهِ
وَالْمُحَرَّمُ وهو طَلَاقُ الْحَائِضِ أو في طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في بَابِ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ
وَالْوَاجِبُ وهو طَلَاقُ المولى بَعْدَ التَّرَبُّصِ إذَا أَبَى الْفَيْئَةَ وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ إذا رَأَيَا ذلك قَالَهُ الْأَصْحَابُ
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ هُنَا وَالرَّابِعُ ذَكَرَهُ في بَابِ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ وَالْخَامِسُ ذَكَرَهُ في بَابِ الْإِيلَاءِ
فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ الطَّلَاقُ في غَيْرِ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَجِبُ الطَّلَاقُ إذَا أَمَرَهُ أَبُوهُ بِهِ وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
وَعَنْهُ يَجِبُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ عَدْلًا
____________________
(8/430)
وَأَمَّا إذَا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ فَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْجِبُنِي طَلَاقُهُ وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ منه وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيْعِ السُّرِّيَّةِ إنْ خِفْت على نَفْسِك فَلَيْسَ لها ذلك وَكَذَا نَصَّ فِيمَا إذَا مَنَعَاهُ من التَّزْوِيجِ
قَوْلُهُ وَمِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُمَيِّزِ الْعَاقِلِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْأَصْحَابُ على وُقُوعِ طَلَاقِهِ وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ منهم عبد اللَّهِ وَصَالِحٌ وبن مَنْصُورٍ وَالْحَسَنُ بن ثَوَابٍ وَالْأَثْرَمُ وَإِسْحَاقُ بن هَانِئٍ وَالْفَضْلُ بن زِيَادٍ وَحَرْبٌ وَالْمَيْمُونِيُّ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْمُذْهَبِ يَقَعُ طَلَاقُ الْمُمَيِّزِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ منه حتى يَبْلُغَ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي وَالْبَغْدَادِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قال في الْعُمْدَةِ وَلَا يَصِحُّ الطَّلَاقُ إلَّا من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(8/431)
وَعَنْهُ يَصِحُّ من بن عَشْرِ سِنِينَ
نَقَلَ صَالِحٌ إذَا بَلَغَ عَشْرًا يَتَزَوَّجُ وَيُزَوِّجُ وَيُطَلِّقُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في طَلَاقِ مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ من بن اثنتي ( ( ( اثنتا ) ) ) عَشْرَةَ سَنَةً
قال الشَّارِحُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ تَحْدِيدُ من يَقَعُ طَلَاقُهُ من الصِّبْيَانِ بِكَوْنِهِ يَعْقِلُ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي
وَرَوَى أبو الْحَارِثِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا عَقَلَ الطَّلَاقَ جَازَ طَلَاقُهُ ما بين عَشْرٍ إلَى ثِنْتَيْ عَشَرَةَ
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِمَّنْ له دُونَ الْعَشْرِ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ
وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ من ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ الْخُلْعِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هل يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَبِ لِزَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فيه كَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عليه وَالْمُبَرْسَمِ لم يَقَعْ طَلَاقُهُ
هذا صَحِيحٌ لَكِنْ لو ذَكَرَ الْمُغْمَى عليه وَالْمَجْنُونَ بَعْدَ أَنْ أَفَاقَا أَنَّهُمَا طَلَّقَا وَقَعَ الطَّلَاقُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ هذا فِيمَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ
فَأَمَّا الْمُبَرْسَمُ وَمَنْ بِهِ نِشَافٌ فَلَا يَقَعُ
وقال في الرَّوْضَةِ الْمُبَرْسَمُ والمسوس ( ( ( والممسوس ) ) ) إنْ عَقَلَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُمَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَدْخُلُ في كَلَامِهِمْ من غَضِبَ حتى أغمى عليه أو غشى عليه
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْخُلُ ذلك في كَلَامِهِمْ بِلَا رَيْبٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا إنْ غَيَّرَهُ الْغَضَبُ ولم يُزِلْ عَقْلَهُ لم يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ وَحَمَلَهُ عليه فَأَوْقَعَهُ وهو يَكْرَهُهُ لِيَسْتَرِيحَ منه فلم يَبْقَ له قَصْدٌ
____________________
(8/432)
صَحِيحٌ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ وَلِهَذَا لَا يُجَابُ دُعَاؤُهُ على نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ الطَّاعَةِ فيه
قَوْلُهُ وَإِنْ زَالَ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فيه كَالسَّكْرَانِ فَفِي صِحَّةِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ وَالْحَلْوَانِيُّ في كِتَابٍ الْوَجْهَيْنِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا الْمَشْهُورُ من الْمَذْهَبِ
قال بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ تُعْتَبَرُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ في الْأَشْهَرِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَقَدَّمَهُ
وقال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ مُخْتَصَرِهِ هذا الْمَشْهُورُ بين الْأَصْحَابِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَقَعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في الشَّافِي وَزَادِ الْمُسَافِرِ وبن عَقِيلٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ وهو منها وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَدِلَّةَ هذه الرِّوَايَةِ أَظْهَرُ
____________________
(8/433)
نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ كُنْت أَقُولُ يَقَعُ حتى تَبَيَّنْته فَغَلَبَ على أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الذي لَا يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا أتى خَصْلَةً وَاحِدَةً وَاَلَّذِي يَأْمُرُ بِهِ أتى بِاثْنَتَيْنِ حَرَّمَهَا عليه وَأَبَاحَهَا لِغَيْرِهِ
وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهَا آخِرُ الرِّوَايَاتِ
قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْأُصُولِ هذا أَشْبَهُ
وَعَنْهُ الْوَقْفُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وفي التَّحْقِيقِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هذه الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ تَوَقَّفَ فَلِلْأَصْحَابِ قَوْلَانِ وقد نَصَّ على الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَغْنَى عن ذِكْرِ الرِّوَايَةِ
قُلْت ليس الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ تَوَقُّفُهُ لِقُوَّةِ الْأَدِلَّةِ من الْجَانِبَيْنِ فلم يَقْطَعْ فيها بِشَيْءٍ
وَحَيْثُ قال بِقَوْلٍ فَقَدْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ دَلِيلُهُ على غَيْرِهِ فَقَطَعَ بِهِ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تُخَرَّجُ في قَتْلِهِ وَقَذْفِهِ وَسَرِقَتِهِ وَزِنَاهُ وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَكَذَا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَرِدَّتُهُ وَإِقْرَارُهُ وَنَذْرُهُ وَغَيْرُهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
اعْلَمْ أَنَّ في أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ رِوَايَاتٌ صَرِيحَاتٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
إحْدَاهُنَّ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بها فَهُوَ كَالصَّاحِي فيها وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ السَّكْرَانُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ عَمْدًا فَهُوَ كَالصَّاحِي في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ فِيمَا عليه في الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ من سَكِرَ بِبَنْجٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى
____________________
(8/434)
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ ليس بِمُؤَاخَذٍ بها فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في إقْرَارِهِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ
وَكَذَا قَدَّمَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ في الْإِقْرَارِ على ما يَأْتِي
قال بن عَقِيلٍ هو غَيْرُ مُكَلَّفٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ كَالصَّاحِي في أَفْعَالِهِ وَكَالْمَجْنُونِ في أَقْوَالِهِ
وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّهُ في الْحُدُودِ كَالصَّاحِي وفي غَيْرِهَا كَالْمَجْنُونِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ تَلْزَمُهُ الْحُدُودُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْحُقُوقُ وَهَذَا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ عنه الْقَاضِي نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الْخَامِسَةُ أَنَّهُ فِيمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِثْلَ قَتْلِهِ وَعِتْقِهِ وَغَيْرِهِمَا كَالصَّاحِي وَفِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ كَبَيْعِهِ وَنِكَاحِهِ وَمُعَاوَضَاتِهِ كَالْمَجْنُونِ حَكَاهَا بن حَامِدٍ
قال الْقَاضِي وقد أَوْمَأَ إلَيْهَا في رِوَايَةِ الْبَرْزَاطِيِّ فقال لَا أَقُولُ في طَلَاقِهِ شيئا قِيلَ له فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فقال أَمَّا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَنَقَلَ عنه إِسْحَاقُ بن هَانِئٍ ما يَحْتَمِلُ عَكْسَ الرِّوَايَةِ الْخَامِسَةِ فقال لَا أَقُولُ في طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَعِتْقِهِ شيئا وَلَكِنْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ فَقَطْ حَكَاهَا بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ
وَيَأْتِي الْخِلَافُ في قَتْلِهِ في بَابِ شُرُوطِ الْقِصَاصِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَوَائِدُ
الْأُولَى حَدُّ السَّكْرَانِ الذي تَتَرَتَّبُ عليه هذه الْأَحْكَامُ هو الذي يَخْلِطُ في كَلَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَيَسْقُطُ تَمْيِيزُهُ بين الْأَعْيَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ
____________________
(8/435)
لَا يُمَيِّزُ بين السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَا بين الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فقال السَّكْرَانُ الذي إذَا وَضَعَ ثِيَابَهُ في ثِيَابِ غَيْرِهِ فلم يَعْرِفْهَا أو وَضَعَ نَعْلَهُ في نِعَالِهِمْ فلم يَعْرِفْهُ وإذا هذي في أَكْثَرِ كَلَامِهِ وكان مَعْرُوفًا بِغَيْرِ ذلك
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَكْفِي تَخْلِيطُ كَلَامِهِ ذَكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ في بَابِ حَدِّ السُّكْرِ
وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ فقال هو الذي يَخْتَلُّ في كَلَامِهِ الْمَنْظُومِ وَيُبِيحُ بِسِرِّهِ الْمَكْتُومِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَزَعَمَ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رحمهم الله أَنَّ النِّزَاعَ في وُقُوعِ طَلَاقِهِ إنَّمَا هو في النَّشْوَانِ فَأَمَّا الذي تَمَّ سُكْرُهُ بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُ ما يقول فإنه لَا يَقَعُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا
قال وَالْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ جَعَلُوا النِّزَاعَ في الْجَمِيعِ
الثَّانِيَةُ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا تَصِحُّ عِبَادَةُ السَّكْرَانِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حتى يَتُوبَ لِلْخَبَرِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّالِثَةُ مَحَلُّ الْخِلَافِ في السَّكْرَانِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ إذَا كان آثِمًا في سُكْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فإن قَوْلَهُ فَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فيه يَدُلُّ عليه
____________________
(8/436)
فَأَمَّا إنْ أُكْرِهَ على السُّكْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال بن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ وَالْمَعْذُورُ بِالسُّكْرِ كَالْمُغْمَى عليه
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ في كِتَابِ الطَّلَاقِ فَأَمَّا إنْ أُكْرِهَ على شُرْبِهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُخْتَارِ لَمَا فيه من اللَّذَّةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُخْتَارِ لِسُقُوطِ الْمَأْثَمِ عنه وَالْحَدِّ
قال وَإِنَّمَا يُخَرَّجُ هذا على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ إنَّ الْإِكْرَاهَ يُؤَثِّرُ في شُرْبِهَا
فَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يُؤَثِّرُ الْإِكْرَاهُ في شُرْبِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُخْتَارِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَمَنْ شَرِبَ ما يُزِيلُ عَقْلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَفِي صِحَّةِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ
اعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا من الْأَصْحَابِ أَلْحَقُوا بِالسَّكْرَانِ من شَرِبَ أو أَكَلَ ما يُزِيلُ عَقْلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَالْمُزِيلَاتِ لِلْعَقْلِ غَيْرِ الْخَمْرِ من الْمُحَرَّمَاتِ وَالْبَنْجِ وَنَحْوِهِ فَجَعَلُوا فيه الْخِلَافَ الذي في السَّكْرَانِ منهم بن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب ( ( ( المذهب ) ) ) وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وفي الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ
وَمَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ في السَّكْرَانِ أَطْلَقَهُ هُنَا إلَّا صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ فإنه جَزَمَ بِالْوُقُوعِ من السَّكْرَانِ
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَصَحَّحَ في التَّصْحِيحِ الْوُقُوعَ فِيهِمَا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَالسَّكْرَانِ
قال لِأَنَّهُ قَصَدَ إزَالَةَ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ تَدَاوَى بِبَنْجٍ فَسَكِرَ لم يَقَعْ
____________________
(8/437)
وَصَحَّحَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
قال في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ نَظَرْت فَإِنْ تَدَاوَى بِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَيَكُونُ الْحُكْمُ فيه كَالْمَجْنُونِ
وَإِنْ تَنَاوَلَ ما يُزِيلُ عَقْلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كان حُكْمُهُ كَالسَّكْرَانِ وَالتَّدَاوِي حَاجَةٌ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَنَاوَلَهُ لِحَاجَةٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَنَاوُلَ الْبَنْجِ وَنَحْوِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إذَا زَالَ الْعَقْلُ بِهِ كَالْمَجْنُونِ لَا يَقَعُ طَلَاقُ من تَنَاوَلَهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فيه
وَفَرَّقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّكْرَانِ فَأَلْحَقَهُ بِالْمَجْنُونِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَمَالَ إلَيْهِ
قال في الْمُنَوِّرِ لَا يَقَعُ من زَائِلِ الْعَقْلِ إلَّا بِمُسْكِرٍ مُحَرَّمٍ
وهو الظَّاهِرُ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإنه قال وَطَلَاقُ الزَّائِلِ الْعَقْلِ بِلَا سُكْرٍ لَا يَقَعُ
قال الزَّرْكَشِيُّ قد يَدْخُلُ ذلك في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ أَثِمَ بِسُكْرٍ وَنَحْوِهِ فَرِوَايَتَانِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الْبَنْجِ وَنَحْوِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِمَّا يُلْحَقُ بِالْبَنْجِ الْحَشِيشَةُ الْخَبِيثَةُ
وأبو الْعَبَّاسِ يَرَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ حتى في إيجَابِ الْحَدِّ
وهو الصَّحِيحُ إنْ أَسْكَرَتْ أو كَثِيرُهَا وَإِلَّا حُرِّمَتْ وَعُزِّرَ فَقَطْ فيها في الْأَظْهَرِ وَلَوْ طَهُرَتْ
____________________
(8/438)
وَفَرَّقَ أبو الْعَبَّاسِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَنْجِ بِأَنَّهَا تشتهي وَتُطْلَبُ فَهِيَ كَالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْبَنْجِ
فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ مَنُوطٌ بِاشْتِهَاءِ النَّفْسِ لها وَطَلَبِهَا
الثَّانِيَةُ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ لو ضَرَبَ بِرَأْسِهِ فَجُنَّ لم يَقَعْ طَلَاقُهُ على الْمَنْصُوصِ وَعَلَّلَهُ
قَوْلُهُ وَمَنْ أُكْرِهَ على الطَّلَاقِ بِغَيْرِ حَقٍّ لم يَقَعْ طَلَاقُهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ في الْوُقُوعِ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ ذَا سُلْطَانٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ هَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ أو أَخْذِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ قَادِرٌ يَغْلِبُ على ظَنِّهِ وُقُوعُ ما هَدَّدَهُ بِهِ فَهُوَ إكْرَاهٌ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا حتى يَنَالَ بِشَيْءٍ من الْعَذَابِ كَالضَّرْبِ وَالْخَنْقِ وَعَصْرِ السَّاقِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ
____________________
(8/439)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في تَهْدِيدِهِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ
وَقَطَعَ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إذَا هَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ أو الْقَطْعِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَقَعُ إذَا هَدَّدَ بِهِمَا
وَعَنْهُ إنْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ أو قَطْعِ عُضْوٍ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا
قال الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ التَّهْدِيدُ بِالْقَتْلِ إكْرَاهٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَتَبِعَهُ الْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وزاد وَقَطْعِ طَرَفٍ كما تَقَدَّمَ عنهما فَوَائِدُ
الْأُولَى يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ
أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَادِرًا بِسُلْطَانٍ أو تَغَلُّبٍ كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ
الثَّانِي أَنْ يَغْلِبَ على ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ إنْ لم يُجِبْهُ إلَى ما طَلَبَهُ مع عَجْزِهِ عن دَفْعِهِ وَهَرَبِهِ وَاخْتِفَائِهِ
الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ ما يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا كَالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ
زَادَ في الْكَافِي وَالْإِخْرَاجَ من الدِّيَارِ
وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الْحَبْسَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَمَّا الضَّرْبُ الْيَسِيرُ فَإِنْ كان في حَقِّ من لَا يُبَالِي بِهِ فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَإِنْ كان في ذَوِي الْمُرُوءَاتِ على وَجْهٍ يَكُونُ إخْرَاقًا بِصَاحِبِهِ وَغَضًّا له وَشُهْرَةً له في حَقِّهِ فَهُوَ كَالضَّرْبِ الْكَثِيرِ في حَقِّ غَيْرِهِ انْتَهَيَا
فَأَمَّا السَّبُّ وَالشَّتْمُ وَالْإِخْرَاقُ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا رِوَايَةً وَاحِدَةً
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ إخْرَاقُ من يُؤْلِمُهُ ذلك إكْرَاهٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَاضِحِ
____________________
(8/440)
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ الْإِكْرَاهُ يَخْتَلِفُ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا رِوَايَةً وَاحِدَةً في حَقِّ كل أَحَدٍ مِمَّنْ يَتَأَلَّمُ بِالشَّتْمِ أو لَا يَتَأَلَّمُ
قال بن عَقِيلٍ وهو قَوْلٌ حَسَنٌ
وقال بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ من مُكْرَهٍ لَا بِشَتْمٍ وَتَوَعُّدٍ لِسُوقَةٍ
الثَّانِيَةُ ضَرْبُ وَلَدِهِ وَحَبْسُهُ وَنَحْوُهُمَا إكْرَاهٌ لِوَالِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا فَلَا يَقَعُ طَلَاقُ الْوَالِدِ
وَقِيلَ ليس بِإِكْرَاهٍ له
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ ضَرْبَ وَالِدِهِ وَنَحْوَهُ وَحَبْسَهُ كَضَرْبِ وَلَدِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ تَعْدِيَتُهُ إلَى كل من يَشُقُّ عليه تَعْدِيَتُهُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً من وَالِدٍ وَزَوْجَةٍ وَصَدِيقٍ
الثَّالِثَةُ لو سُحِرَ لِيُطَلِّقَ كان إكْرَاهًا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قُلْت بَلْ هو منه أَعْظَمُ الْإِكْرَاهَاتِ
ذَكَرَهُ بن الْقَيِّمِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وبن نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرُهُمْ وهو وَاضِحٌ وهو الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ
الرَّابِعَةُ يَنْبَغِي لِلْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ إذَا أُكْرِهَ على الطَّلَاقِ وَطَلَّقَ أَنْ يَتَأَوَّلَ فَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ لم يَقَعْ الطَّلَاقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ نَوَى الْمُكْرَهُ ظُلْمًا غير الظَّاهِرِ نَفَعَهُ
____________________
(8/441)
تَأْوِيلُهُ وَإِنْ تَرَكَ ذلك جَهْلًا أو دَهْشَةً لم يَضُرَّهُ وَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا نِزَاعَ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّهُ إذَا لم يَنْوِ الطَّلَاقَ ولم يَتَأَوَّلْ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَلِابْنِ حَمْدَانَ احْتِمَالٌ بِالْوُقُوعِ وَالْحَالَةُ هذه انْتَهَى
وَكَذَا الْحُكْمُ لو أُكْرِهَ على طَلَاقِ مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً
وقال في الِانْتِصَارِ هل يَقَعُ لَغْوًا أو يَقَعُ بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ فيه رِوَايَتَانِ
يَعْنِي أَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ هل هو لَغْوٌ لَا حُكْمَ له أو هو بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَةِ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا
وَفِيهِ الْخِلَافُ كما سَيَأْتِي ذلك في الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ صَرِيحًا فِيهِمَا
الْخَامِسَةُ لو قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ دُونَ دَفْعِ الْإِكْرَاهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لو أُكْرِهَ فَطَلَّقَ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقِيلَ لَا يَقَعُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقِيلَ إنْ نَوَى وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَالْكِنَايَةِ حَكَاهُمَا في الِانْتِصَارِ
وَحَكَى شَيْخُهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على رِوَايَتَيْنِ وَجَعَلَ الْأَشْبَهَ الْوُقُوعَ أَوْرَدَهُ أبو مُحَمَّدٍ مَذْهَبًا
السَّادِسَةُ الْإِكْرَاهُ على الْعِتْقِ وَالْيَمِينِ وَنَحْوِهِمَا كَالْإِكْرَاهِ على الطَّلَاقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ
____________________
(8/442)
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ غَيْرُهَا مِثْلَهَا
قَوْلُهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ في النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فيه كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
قُلْت وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حتى يَعْتَقِدَ صِحَّتَهُ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْمُذْهَبِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ حَمَلَهُ أَصْحَابُنَا على أَنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ وإن ( ( ( ولمن ) ) ) اعْتَقَدَ فَسَادَ النِّكَاحِ
وقال أبو الْخَطَّابِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَحْمُولٌ على من اعْتَقَدَ صِحَّةَ النِّكَاحِ إمَّا بِاجْتِهَادٍ أو تَقْلِيدٍ
فَأَمَّا من اعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا بِالْوُقُوعِ فيه فإنه يَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت فيعايي بها
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ الطَّلَاقُ في النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فيه في الْحَيْضِ وَلَا يُسَمَّى طَلَاقَ بِدْعَةٍ
قُلْت فيعايي بها
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ في نِكَاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلَانِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ يَقَعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
____________________
(8/443)
فَائِدَةٌ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ في نِكَاحِ فُضُولِيٍّ قبل إجَازَتِهِ وَإِنْ بَعُدَ بها وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ بِالْوُقُوعِ
ذَكَرَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من عِنْدِهِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ طَلَاقَ الْفُضُولِيِّ كَبَيْعِهِ
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ
قَوْلُهُ وإذا وَكَّلَ في الطَّلَاقِ من يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ صَحَّ طَلَاقُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ صَحَّ طَلَاقُ مُمَيِّزٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ يَعْنِي وَلَوْ صَحَّ طَلَاقُهُ لم يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا
ذَكَرَهُ في باب صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ يَحُدَّ له الزَّوْجُ حَدًّا
أو يَفْسَخَ أو يَطَأَ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَطْءَ عَزْلٌ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ وهو رِوَايَةٌ في الْفُرُوعِ
ذَكَرَهُ في بَابِ الْوَكَالَةِ وقال في بُطْلَانِهَا بِقُبْلَةٍ خِلَافٌ
قَوْلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ إلَيْهِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ له أَنْ يُطَلِّقَ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إنْ لم يَحُدَّ له حَدًّا
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ وما شَاءَ إلَّا أَنْ يَحُدَّ في ذلك حَدًّا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ
____________________
(8/444)
فَائِدَةٌ لو وَكَّلَهُ في ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أو وَكَّلَهُ في وَاحِدَةٍ فَطَلَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه
وَإِنْ خَيَّرَهُ من ثَلَاثٍ مَلَكَ اثْنَتَيْنِ فَأَقَلَّ وَلَا يَمْلِكُ بِالْإِطْلَاقِ تَعْلِيقًا
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَيَأْتِي في آخِرِهِ أَيْضًا هل يَقَعُ من الْوَكِيلِ بِالْكِنَايَةِ إذَا وَكَّلَهُ بِالصَّرِيحِ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ فيه فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُمَا في ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ من الْآخَرِ وَقَعَ ما اجْتَمَعَا عليه
فَلَوْ طَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أَكْثَرَ فَوَاحِدَةٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس لِلْوَكِيلِ الْمُطَلِّقِ الطَّلَاقُ وَقْتَ بِدْعَةٍ فَإِنْ فَعَلَ حَرُمَ ولم يَقَعْ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَقَعُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قال وَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/445)
الثَّانِيَةُ تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ رَجَعَ عن الْوَكَالَةِ قبل إيقَاعِ الْوَكِيلِ الطَّلَاقَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ في تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالْأَزَجِيُّ في عَزْلِ الْمُوَكِّلِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ وَرَهْنِهِ وَنَحْوِهِ
وَعَادَةُ كَثِيرٍ من الْمُصَنِّفِينَ ذِكْرُ الْوَكَالَةِ في الطَّلَاقِ في آخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَلَهَا ذلك كَالْوَكِيلِ
إذَا قال لها طَلِّقِي نَفْسَك صَحَّ ذلك كَتَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ فيه بِلَا نِزَاعٍ
فَإِنْ نَوَى عَدَدًا فَهُوَ على ما نَوَى وَإِنْ أَطْلَقَ من غَيْرِ نِيَّةٍ لم تَمْلِكْ إلَّا وَاحِدَةً على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ لو قال لها طَلِّقِي نَفْسَك فقالت اخْتَرْت نَفْسِي
وَيَأْتِي هُنَاكَ ما تَمْلِكُ بِقَوْلِهِ لها طَلَاقُك بِيَدِك أو وَكَّلْتُك في الطَّلَاقِ وَصِفَةُ طَلَاقِهَا وَفُرُوعٌ أُخَرُ مُسْتَوْفَاةٌ مُحَرَّرَةٌ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لها أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا في مَجْلِسِ الْوَكَالَةِ وَبَعْدَهُ ما لم يَبْطُلْ حُكْمُ الْوَكَالَةِ كَالْوَكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ وك أَمْرُك بِيَدِك وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَرَجَّحَهُ في الْكَافِي
____________________
(8/446)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وقال الْقَاضِي إذَا قال لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك تَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال لها أَمْرُك بِيَدِك أو اخْتَارِي نَفْسَك هل يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ أو لَا
وَتَأْتِي أَيْضًا هذه الْمَسْأَلَةُ هُنَاكَ
____________________
(8/447)
بَابُ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ
قَوْلُهُ السُّنَّةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه ثُمَّ يَدَعَهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا في ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كان حُكْمُ ذلك حُكْمَ جَمْعِ الثَّلَاثِ في طُهْرٍ وَاحِدٍ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ طَلَاقُ السُّنَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَتْرُكُهَا حتى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بها في حَيْضَتِهَا أو طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه فَهُوَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ مُحَرَّمٌ وَيَقَعُ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ طَلَاقَهَا في حَيْضِهَا أو طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه مُحَرَّمٌ وَيَقَعُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتِلْمِيذُهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَدَمَ الْوُقُوعِ في الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ
وقال أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى أَنَّ طَلَاقَ الْمُجَامَعَةِ مَكْرُوهٌ وَطَلَاقَ الْحَائِضِ مُحَرَّمٌ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أو طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه إذَا لم يَسْتَبِنْ حَمْلُهَا فَإِنْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَلَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
وَالْعِلَّةُ في ذلك احْتِمَالُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَيَحْصُلُ النَّدَمُ فَإِنْ كان الْحَمْلُ مُسْتَبِينًا فَقَدْ طَلَّقَ وهو على بَصِيرَةٍ فَلَا يَخَافُ أَمْرًا يَتَجَدَّدُ معه النَّدَمُ
____________________
(8/448)
فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الْمُحَرَّرِ وكذا الْحُكْمُ لو طَلَّقَهَا في آخِرِ طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه
يَعْنِي أَنَّهُ طَلَاقُ بِدْعَةٍ وَمُحَرَّمٌ وَيَقَعُ
وَتَبِعَهُ شَارِحُهُ على ذلك وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَسَبَقَهُمْ إلَيْهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَجَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ على أَنَّهُ مُبَاحٌ وَالْحَالَةُ هذه إلَّا على رِوَايَةِ أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
الثَّانِيَةُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على أَنَّ الْعِلَّةَ في مَنْعِ الطَّلَاقِ من الْحَيْضِ هِيَ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ
وَخَالَفَهُمْ أبو الْخَطَّابِ فقال لِكَوْنِهِ في زَمَنِ رَغْبَتِهِ عنها
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقد يُقَالُ إنَّ الْأَصْلَ في الطَّلَاقِ النَّهْيُ عنه فَلَا يُبَاحُ إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ وهو الطَّلَاقُ الذي تَتَعَقَّبُهُ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ
الثَّالِثَةُ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في الطَّلَاقِ في الْحَيْضِ هل هو مُحَرَّمٌ لِحَقِّ اللَّهِ فَلَا يُبَاحُ وَإِنْ سَأَلَتْهُ إيَّاهُ أو لِحَقِّهَا فَيُبَاحُ بِسُؤَالِهَا فيه وَجْهَانِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ
لَكِنَّ الذي جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ خُلْعَ الْحَائِضِ زَادَ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَطَلَاقَهَا بِسُؤَالِهَا غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَلَا بِدْعَةٌ ذَكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ في كِتَابِ الْخُلْعِ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا سُنَّةَ لِخُلْعٍ وَلَا بِدْعَةَ بَلْ لِطَلَاقٍ بِعِوَضٍ
____________________
(8/449)
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ الْحَيْضِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَمْنَعُ سُنَّةَ الطَّلَاقِ
الرَّابِعَةُ الْعِلَّةُ في تَحْرِيمِ جَمْعِ الثَّلَاثِ سَدُّ الْبَابِ على نَفْسِهِ وَعَدَمُ الْمَخْرَجِ
وقال بَعْضُهُمْ هل الْعِلَّةُ في النَّهْيِ عن جَمْعِ الثَّلَاثِ التَّحْرِيمُ الْمُسْتَفَادُ منها أو تَضْيِيعُ الطَّلَاقِ لَا فَائِدَةَ له وَيَنْبَنِي على ذلك تَحْرِيمُ جَمْعِ الطَّلْقَتَيْنِ
الْخَامِسَةُ قال في التَّرْغِيبِ تَحَمُّلُ الْمَرْأَةِ بِمَاءِ الرَّجُلِ في مَعْنَى الْوَطْءِ قال وَكَذَا وَطْؤُهَا في غَيْرِ الْقُبُلِ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ
قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
قَوْلُهُ وَتُسْتَحَبُّ رَجْعَتُهَا
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ ذَكَرَهَا في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا وطىء في طُهْرٍ طَلَّقَهَا فيه
وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ في الْحَيْضِ اخْتَارَهَا في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقِيَامِهَا فَقَامَتْ حَائِضًا فقال في الِانْتِصَارِ هو طَلَاقٌ مُبَاحٌ
وقال في التَّرْغِيبِ هو طَلَاقٌ بِدْعِيٌّ
وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ في حَيْضِهَا فَبِدْعَةٌ وَلَا إثْمَ
____________________
(8/450)
قُلْت مُقْتَضَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ مُبَاحٌ بَلْ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ وهو أَوْلَى
وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ ما كان عَلَّقَهُ وَهِيَ حَائِضٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَيَقَعُ
الثَّانِيَةُ طَلَاقُهَا في الطُّهْرِ الْمُتَعَقِّبِ لِلرَّجْعَةِ بِدْعَةٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمَا
قُلْت فيعايي بها
وَعَنْهُ يَجُوزُ زَادَ في التَّرْغِيبِ وَيَلْزَمُهُ وَطْؤُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه كُرِهَ وفي تَحْرِيمِهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي
إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ وَأَبِي دَاوُد وَالْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ بن صَدَقَةَ وَأَبِي الْحَارِثِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قُلْت منهم أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَحْرُمُ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/451)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس بِحَرَامٍ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهَا في الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال الطُّوفِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس بِبِدْعَةٍ قُلْت ليس كما قال
وَعَنْهُ الْجَمْعُ في الطُّهْرِ بِدْعَةٌ وَالتَّفْرِيقُ في الْأَطْهَارِ من غَيْرِ مُرَاجَعَةٍ سُنَّةٌ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الطَّلَاقُ على هذه الصِّفَةِ مَكْرُوهًا
ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ هو طَلَاقُ السُّنَّةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ ليس له أَنْ يُطَلِّقَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً قبل الرَّجْعَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ قال وهو أَصَحُّ
وَعَنْهُ له ذلك قبل الرَّجْعَةِ
فَائِدَةٌ لو طَلَّقَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً في طُهْرٍ وَاحِدٍ بَعْدَ رَجْعَةٍ أو عَقْدٍ لم يَكُنْ بِدْعَةً بِحَالٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةَ تَحْرِيمِهِ حتى تَفْرُغَ الْعِدَّةُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ فيما ( ( ( فما ) ) ) إذَا رَجَعَ
قال لِأَنَّهُ طُولُ الْعِدَّةِ وَأَنَّهُ مَعْنَى نَهْيِهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا }
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ طَلَاقَهَا اثْنَتَيْنِ ليس كَطَلَاقِهَا ثَلَاثًا وهو صَحِيحٌ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(8/452)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وقال وقد يَحْسُنُ بِنَاءُ رِوَايَتَيْ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ من غَيْرِ حَاجَةٍ على أَصْلٍ قَالَهُ أبو يعلي في تَعْلِيقِهِ الصَّغِيرِ وأبو الْفَتْحِ بن الْمُنَى وهو أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ إلَّا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَإِنْ كان ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فيه سُنَّةً انْتَهَى
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ مَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعِلَّةَ في النَّهْيِ عن جَمْعِ الثَّلَاثِ هل هِيَ التَّحْرِيمُ الْمُسْتَفَادُ منها أو تَضْيِيعُ الطَّلَاقِ لَا فَائِدَةَ له فَيَنْبَنِي على ذلك جَمْعُ الطَّلْقَتَيْنِ
فَائِدَةٌ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً بَعْدَ أَنْ رَاجَعَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ منهم الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً قبل رَجْعَةٍ وَاحِدَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ لم يَنْوِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه مِرَارًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ بَلْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رحمهم الله وَأَصْحَابُهُمْ في الْجُمْلَةِ
وَأَوْقَعَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من ثَلَاثٍ مَجْمُوعَةٍ أو مُتَفَرِّقَةٍ قبل رَجْعَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً وقال لَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ بين الصُّورَتَيْنِ
وَحَكَى عَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ جُمْلَةً بَلْ وَاحِدَةً في الْمَجْمُوعَةِ أو الْمُتَفَرِّقَةِ عن جَدِّهِ الْمَجْدِ وَأَنَّهُ كان يُفْتِي بِهِ أَحْيَانًا سِرًّا
ذَكَرَهُ عنه في الطَّبَقَاتِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عليه إذَنْ فَلَا يَصِحُّ كَالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَبَ عليه فِرَاقُهَا لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ بِخُلْعٍ بِعِوَضٍ يُعَارِضُ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَنِيَّتَهُ فَضْلًا عن حُصُولِهِ بِنَفْسِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ أو طَلَقَاتٍ
وقال عن قَوْلِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه في إيقَاعِ الثَّلَاثِ إنَّمَا جَعَلَهُ
____________________
(8/453)
لِإِكْثَارِهِمْ منه فَعَاقَبَهُمْ على الْإِكْثَارِ منه لَمَّا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ فَيَكُونُ عُقُوبَةَ من لم يَتَّقِ اللَّهَ من التَّعْزِيرِ الذي يَرْجِعُ فيه إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ كَالزِّيَادَةِ على الْأَرْبَعِينَ في حَدِّ الْخَمْرِ لَمَّا أَكْثَرَ الناس منها وَأَظْهَرُوهُ سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً انْتَهَى
وَاخْتَارَهُ الْحِلِّيُّ وَغَيْرُهُ من الْمَالِكِيَّةِ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ في مُسْلِمٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثِ في ذلك ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ
فَعَلَيْهِ لو أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ اتِّفَاقًا إنْ امْتَنَعَ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بن الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ في الْهُدَى وَغَيْرِهِ وَكَثِيرٌ من أَتْبَاعِهِ
قال بن الْمُنْذِرِ هو مَذْهَبُ أَصْحَابِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما كَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَمْرِو بن دِينَارٍ رحمهم الله نَقَلَهُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بن حَجَرٍ في فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ
وَحَكَى الْمُصَنِّفُ عن عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَعَمْرِو بن دِينَارٍ أنهم ( ( ( أنهما ) ) ) كَانُوا يَقُولُونَ من طَلَّقَ الْبِكْرَ ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ
وقال الْقُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِهِ على قَوْله تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى على لُزُومِ إيقَاعِ الثَّلَاثِ وهو قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَشَذَّ طَاوُسٌ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ فَذَهَبُوا إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقَعُ وَاحِدَةً وَيُرْوَى هذا عن مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ وَالْحَجَّاجِ بن أرطأة
____________________
(8/454)
وقال بَعْدَ ذلك وَلَا فَرْقَ بين أَنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَةً في كَلِمَةٍ أو مُتَفَرِّقَةً في كَلِمَاتٍ ثَلَاثٍ
وقال بَعْدَ ذلك ذَكَرَ محمد بن أَحْمَدَ بن مُغِيثٍ في وَثَائِقِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى طَلَاقِ سُنَّةٍ وَطَلَاقِ بِدْعَةٍ فَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا في حَيْضٍ أو ثَلَاثًا في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ على أَنَّهُ مُطْلَقٌ كَمْ يَلْزَمُهُ من الطَّلَاقِ فقال عَلِيٌّ وبن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنهما يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَهُ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما وقال قَوْلُهُ ثَلَاثًا لَا مَعْنَى له لِأَنَّهُ لم يُطَلِّقْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وَقَالَهُ الزُّبَيْرُ بن الْعَوَّامِ وَعَبْدُ الرحمن بن عَوْفٍ رضي اللَّهُ عنهما وَرَوَيْنَاهُ عن بن وَضَّاحٍ
وقال بِهِ من شُيُوخِ قُرْطُبَةَ بن زِنْبَاعٍ وَمُحَمَّدُ بن بَقِيٍّ بن مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدُ بن عبد السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ فَقِيهُ عَصْرِهِ وَأَصْبَغُ بن الْحُبَابِ وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ
وقد يَخْرُجُ بِقِيَاسٍ من غَيْرِ ما مَسْأَلَةٍ من الْمُدَوَّنَةِ ما يَدُلُّ على ذلك وَذَكَرَهُ وَعَلَّلَ ذلك بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ انْتَهَى
فَوُقُوعُ الْوَاحِدَةِ في الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الذي ذَكَرْنَاهُ هُنَا لِكَوْنِهِ طَلَاقَ بِدْعَةٍ لَا لِكَوْنِ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً أو آيِسَةً أو غير مَدْخُولٍ بها أو حَامِلًا قد اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَلَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ إلَّا في الْعَدَدِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال الشَّارِحُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُنَّ ليس لِطَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ من جِهَةِ الْوَقْتِ في قَوْلِ أَصْحَابِنَا انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا سُنَّةَ لَهُنَّ وَلَا بِدْعَةَ لَا في الْعَدَدِ وَلَا في غَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
____________________
(8/455)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ سُنَّةُ الْوَقْتِ تَثْبُتُ لِلْحَامِلِ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ
فَلَوْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ بِالْوَضْعِ لِأَنَّ النِّفَاسَ زَمَنُ بِدْعَةٍ كَالْحَيْضِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُطَلِّقَ حَائِضًا لم يَدْخُلْ بها
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ لو قال لِمَنْ اتَّصَفَتْ بِبَعْضِ هذه الصِّفَاتِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةً وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةً وَقَعَ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ في غَيْرِ الْآيِسَةِ إذَا صَارَتْ من أَهْلِ ذلك الْوَصْفِ فَيُدَيَّنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَدِينُ
وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ
فَائِدَةٌ لو قال لِمَنْ لها سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةً لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ طَلْقَةً في الْحَالِ وَطَلْقَةً في ضِدِّ حَالِهَا الرَّاهِنَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِمَنْ لها سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه طَلُقَتْ في الْحَالِ بِلَا نِزَاعٍ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كانت حَائِضًا طَلُقَتْ إذَا طَهُرَتْ
____________________
(8/456)
سَوَاءٌ اغْتَسَلَتْ أولا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْبُلْغَةِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ على أَنَّ الْعِلَّةَ في الْمَنْعِ من طَلَاقِ الْحَائِضِ
إنْ قِيلَ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ وهو الْمَشْهُورُ أُبِيحَ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الطُّهْرِ
وَإِنْ قِيلَ الرَّغْبَةُ عنها لم تُبِحْ رَجْعَتُهَا حتى تَغْتَسِلَ لِمَنْعِهَا منها قبل الِاغْتِسَالِ انْتَهَى
وَيَأْتِي في بَابِ الرَّجْعَةِ ما يَقْرُبُ من ذلك وهو ما إذَا طَهُرَتْ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ولم تَغْتَسِلْ هل له رَجْعَتُهَا أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ حَائِضٌ أو في طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه طَلُقَتْ في الْحَالِ وَإِنْ كانت في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه طَلُقَتْ إذَا أَصَابَهَا أو حَاضَتْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ يَنْزِعُ في الْحَالِ بَعْدَ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ لِوُقُوعِ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ عَقِيبَ ذلك
فَإِنْ اسْتَدَامَ ذلك حُدَّ الْعَالِمُ وَعُذِرَ الْجَاهِلُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي أنها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ في الْحَالِ إذَا كان زَمَنَ السُّنَّةِ وَقُلْنَا الْجَمْعُ بِدْعَةٌ بِنَاءً على اخْتِيَارِهِ من أَنَّ جَمْعَ طَلْقَتَيْنِ بِدْعَةٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(8/457)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وفي الْأُخْرَى تَطْلُقُ في الْحَالِ وَاحِدَةً وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ في طُهْرَيْنِ في نِكَاحَيْنِ إنْ أَمْكَنَ
وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ
وَعَنْهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا في ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ لم يُصِبْهَا فِيهِنَّ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
تَنْبِيهٌ قال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وبن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَب وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه مبنى على الرِّوَايَةِ التي قال فيها إنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ يَكُونُ سُنَّةً
فَأَمَّا على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فإذا طَهُرَتْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ في نِكَاحَيْنِ آخَرَيْنِ أو بَعْدَ رَجْعَتَيْنِ
وقد أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا الْقَوْلَ فقال في رِوَايَةِ مُهَنَّا إذَا قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ قد اخْتَلَفُوا فيه
فَمِنْهُمْ من يقول يَقَعُ عليها السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ فَلَوْ رَاجَعَهَا تَقَعُ عليها تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى وَتَكُونُ عِنْدَهُ على أُخْرَى وما يُعْجِبُنِي قَوْلُهُمْ هذا
قال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ لِأَنَّ ذلك عِنْدَهُ سُنَّةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا لِوَصْفِهِ الثَّلَاثَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ فَأَلْغَى الصِّفَةَ وَأَوْقَعَ الثَّلَاثَ كما لو قال لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ في الْحَالِ لِلسُّنَّةِ
وقال في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ ما يَدُلُّ على هذا
فإنه قال يَقَعُ عليها الثَّلَاثُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وفي هذا الِاحْتِمَالِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لو أَلْغَى قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ
____________________
(8/458)
وَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ في الْحَالِ حَائِضًا كانت أو طَاهِرًا مُجَامَعَةً أو غير مُجَامَعَةٍ لِأَنَّهُ إذَا أَلْغَى قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ بَقِيَ أَنْتِ طَالِقٌ وهو مُوجِبٌ لِمَا ذَكَرَهُ
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ على غَيْرِ ذلك وهو أَنَّهُ لَمَّا كانت الْبِدْعَةُ على ضَرْبَيْنِ أَحَدِهِمَا من جِهَةِ الْعَدَدِ وَالْأُخْرَى من جِهَةِ الْوَقْتِ فَحَيْثُ جَمَعَ الزَّوْجُ بين الثَّلَاثِ وَبَيْنَ السُّنَّةِ كان ذلك قَرِينَةً في إرَادَتِهِ السُّنَّةَ من حَيْثُ الْوَقْتُ لَا من حَيْثُ الْعَدَدُ فَلَا تُلْحَظُ في الثَّلَاثِ السُّنَّةُ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ له وَيَصِيرُ كما لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَيُلْحَظُ السُّنَّةُ في الْوَقْتِ لِإِرَادَتِهِ له فَلَا تَطْلُقُ إلَّا في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو قال لِمَنْ لها سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا نِصْفُهَا لِلسُّنَّةِ وَنِصْفُهَا لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ في الْحَالِ وَطَلُقَتْ الثَّالِثَةَ في ضِدِّ حَالِهَا الرَّاهِنَةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَصَحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال بن أبي مُوسَى تَطْلُقُ الثَّلَاثَ في الْحَالِ لِتَبْعِيضِ كل طَلْقَةٍ انْتَهَى
وَكَذَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَأَطْلَقَ
وَلَوْ قال طَلْقَتَانِ لِلسُّنَّةِ وَوَاحِدَةٌ لِلْبِدْعَةِ أو عَكَسَهُ فَهُوَ على ما قال
فَإِنْ أَطْلَقَ ثُمَّ قال نَوَيْت ذلك إنْ فَسَّرَ نِيَّتَهُ بِمَا يَقَعُ في الْحَالِ طَلُقَتْ وَقُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فيه
وَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا يُوقِعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَيُؤَخِّرُ اثْنَتَيْنِ دُيِّنَ وَيُقْبَلُ في الْحَكَمِ على الصَّحِيحِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَظْهَرُ
____________________
(8/459)
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِأَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ في الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ طَلْقَةٌ وَيَتَأَخَّرَ اثْنَتَانِ إلَى الْحَالِ الْأُخْرَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ في كل قُرْءٍ وَهِيَ من اللَّائِي لم يَحِضْنَ لم تَطْلُقْ حتى تَحِيضَ فَتَطْلُقَ في كل حَيْضَةٍ طَلْقَةً
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْحَائِضُ التي لم يَدْخُلْ بها
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقُرْءَ هو الْحَيْضُ على ما يَأْتِي في بَابِ الْعِدَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ الْأَطْهَارُ
وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَهَلْ تَطْلُقُ في الحال ( ( ( الحل ) ) ) طَلْقَةً
أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا تَطْلُقُ في الْحَالِ طَلْقَةً وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَطْلُقُ إلَّا في طُهْرٍ بَعْدَ حَيْضٍ مُتَجَدِّدٍ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا حُكْمُ الْحَامِلِ كَحُكْمِ اللَّائِي لم يَحِضْنَ على ما تَقَدَّمَ
____________________
(8/460)
وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَتَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً على كل حَالٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ وَأَجْمَلَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ
وَكَذَا قَوْلُهُ أَقْرَبَ الطَّلَاقِ وَأَعْدَلَهُ وَأَكْمَلَهُ وَأَفْضَلَهُ وَأَتَمَّهُ وَأَسَنَّهُ وَنَحْوَهُ
وَكَذَا قَوْلُهُ طَلْقَةً جَلِيلَةً أو سُنِّيَّةً وَنَحْوَهُ
وَإِنْ قال أَقْبَحَ الطَّلَاقِ واسمجه وَكَذَا أَفْحَشَ الطَّلَاقِ وَأَرْدَأَهُ أو أَنْتَنَهُ وَنَحْوَهُ
فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَحْسَنَ أَحْوَالِك أو أَقْبَحَهَا أَنْ تَكُونِي مُطَلَّقَةً فَيَقَعُ في الْحَالِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو نَوَى بِأَحْسَنِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ لِشَبَهِهِ بِخُلُقِهَا الْقَبِيحِ أو بِأَقْبَحِهِ زَمَنَ السُّنَّةِ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا وَنَحْوِهِ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ قال في أَحْسَنِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ وفي أَقْبَحِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ أَرَدْتُ طَلَاقَ السُّنَّةِ قُبِلَ قَوْلُهُ في الْأَغْلَظِ عليه وَدُيِّنَ في الْأَخَفِّ
وَهَلْ يُقْبَلُ حُكْمًا خَرَجَ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً طَلُقَتْ في الْحَالِ
وَكَذَلِكَ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ في الْحَالِ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ حَائِضٌ أو قال أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ في الْحَالِ وَهِيَ في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا
____________________
(8/461)
بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
فَائِدَةٌ لو قال امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ أو قال عَبْدِي حُرٌّ أو أَمَتِي حَرَّةٌ وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ طَلُقَ جَمِيعُ نِسَائِهِ وَعَتَقَ جَمِيعُ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَتَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ
وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ بَعْدَ قَوْلُهُ وَإِنْ قال كُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ
قَوْلُهُ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وما يَتَصَرَّفُ منه
يَعْنِي أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ هو لَفْظُ الطَّلَاقِ وما تَصَرَّفَ منه لَا غَيْرُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
قال في الْهِدَايَةِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال الْخِرَقِيُّ صَرِيحُهُ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ الطَّلَاقُ والفراق والسراح ( ( ( الفراق ) ) ) وما تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ
وقال أبو بَكْرٍ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّاءِ
____________________
(8/462)
قال في الْوَاضِحِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ لَيْسَتْ صَرِيحَةً ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا مَاضِيًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْزَمُهُ ذلك في طَلَّقْتُك
وَقِيلَ طَلَّقْتُك لَيْسَتْ صَرِيحَةً أَيْضًا بَلْ كِنَايَةً
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ عليه أَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْإِنْشَاءُ وَالْخَبَرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ هو إنْشَاءٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الصِّيَغُ إنْشَاءٌ من حَيْثُ إنَّهَا هِيَ التي أَثْبَتَتْ الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ وَهِيَ إخْبَارٌ لِدَلَالَتِهَا على المعني الذي في النَّفْسِ
وفي الْكَافِي احْتِمَالٌ في أَنْتِ الطَّلَاقُ أنها لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ
وَقِيلَ إنَّ لَفْظَ الْإِطْلَاقِ نحو قَوْلِهِ أَطْلَقْتُك صَرِيحٌ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ فيه وَجْهَيْنِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو قال لها أنت طَالِقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ طَلُقَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ لَا تَطْلُقُ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ على الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ
الثَّانِيَةُ لو قال لِزَوْجَتِهِ كُلَّمَا قلت لي شيئا ولم أَقُلْ لَك مثله فَأَنْتِ طَالِقٌ
____________________
(8/463)
ثَلَاثًا فَهَذِهِ وَقَعَتْ زَمَنَ بن جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَفْتَى فيها بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إذَا عَلَّقَهُ بِأَنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ أنا طَلَّقْتُك
وقال في الْفُرُوعِ طَلُقَتْ وَلَوْ عَلَّقَهُ وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا قال بِكَسْرِ التَّاءِ وَقَالَهُ
وقال في مَوْضِعٍ إذَا قَالَهُ وَعَلَّقَهُ بِشَرْطٍ تَطْلُقُ
وَإِنْ فَتْحَ التَّاءَ مُذَكِّرًا فَحَكَى بن عَقِيلٍ عن الْقَاضِي أنها تَطْلُقُ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ فَسَقَطَ حُكْمُ اللَّفْظِ
نَقَلَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وقال حكى عن أبي بَكْرٍ أَنَّهُ قال في التَّنْبِيهِ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ قال ولم أَجِدْهَا في التَّنْبِيهِ
وَذَكَرَ كَلَامَ بن جَرِيرٍ لِابْنِ عَقِيلٍ فَاسْتَحْسَنَهُ وقال لو فَتَحَ التَّاءَ تَخْلُصُ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ تَخْلُصُ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
قال بن الْجَوْزِيِّ وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ
وَقِيلَ لَا يَقَعُ عليه شَيْءٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ ذلك مَعْلُومٌ بِالْقَرِينَةِ
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَحْسَنُ من وَجْهَيْ بن جَرِيرٍ وبن عَقِيلٍ وهو جَارٍ على أُصُولِ الْمَذْهَبِ وهو تَخْصِيصُ اللَّفْظِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ كما لو حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى وَنِيَّتُهُ غَدَاءُ يَوْمِهِ قَصُرَ عليه وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ وَنِيَّتُهُ تَخْصِيصُ الْكَلَامِ بِمَا يَكْرَهُهُ لم يَحْنَثْ إذَا كَلَّمَهُ بِمَا يُحِبُّهُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَعَلَّلَهُ بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ
قلت وهو الصَّوَابُ
الثَّالِثَةُ من صَرِيحِ الطَّلَاقِ أَيْضًا إذَا قِيلَ له أَطَلَّقْتَ أمرأتك قال نعم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي هُنَا وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(8/464)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وما تَصَرَّفَ منه
يُسْتَثْنَى من ذلك الْأَمْرُ وَالْمُضَارِعُ
وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ
وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ مُطْلِقَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ
قَوْلُهُ فَمَتَى أتى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَقَعَ نَوَاهُ أو لم يَنْوِهِ
أَمَّا إذَا نَوَاهُ فَلَا نِزَاعَ في الْوُقُوعِ
وَأَمَّا إذَا لم يَنْوِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَقَعُ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ أو قَرِينَةِ غَضَبٍ أو سُؤَالِهَا وَنَحْوِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ من الْهَازِلِ وَاللَّاعِبِ كَالْجَادِّ وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحُوا بِهِ وَكَذَلِكَ الْمُخْطِئُ قَالَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
فَائِدَةٌ لَا يَقَعُ من النَّائِمِ كما تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الطَّلَاقِ وَلَا من الْحَاكِي عن نَفْسِهِ وَلَا من الْفَقِيهِ الذي يُكَرِّرُهُ وَلَا من الزَّائِلِ الْعَقْلِ إلَّا ما تَقَدَّمَ من السَّكْرَانِ وَنَحْوِهِ على الْخِلَافِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ من وَثَاقٍ أو أَرَادَ أَنْ يَقُولَ طَاهِرٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ أو أَرَادَ بِقَوْلِهِ مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلَهُ لم تَطْلُقْ وإن ادعى ذلك دُيِّنَ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى ذلك يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يُدَيَّنُ حَكَاهَا بن عَقِيلٍ في بَعْضِ كُتُبِهِ وَالْحَلْوَانِيُّ كَالْهَازِلِ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(8/465)
قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ على رِوَايَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ في حَالِ الْغَضَبِ أو بَعْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ فَلَا يُقْبَلُ
قَوْلًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي إلَّا في قَوْلِهِ أَرَدْتُ أنها مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلِي وكان كَذَلِكَ فَأَطْلَقَ فيها وَجْهَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ في الْأَظْهَرِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ لم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ في الْأَظْهَرِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَفِيمَا إذَا قال أَرَدْت أنها مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلِي وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ كان وُجِدَ وَإِلَّا فَلَا
قلت وهو قَوِيٌّ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ قال أَرَدْت أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ إنْ قُمْتِ فَتَرَكَ الشَّرْطَ ولم يُرِدْ بِهِ طَلَاقًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَرَدْت إنْ قُمْتِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ هُنَا
____________________
(8/466)
قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ له أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ قال نعم وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلُقَتْ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال بن أبي مُوسَى تَطْلُقُ في الْحُكْمِ فَقَطْ
وَتَقَدَّمَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ هذه الصِّيغَةَ لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ في الطَّلَاقِ كما لو قال كنت طَلَّقْتُهَا
وَكَذَا الْحُكْمُ لو قِيلَ له امْرَأَتُكَ طَالِقٌ فقال نعم أو أَلَكَ امْرَأَةٌ فقال قد طَلَّقْتُهَا فَلَوْ قال أَرَدْت أَنِّي طَلَّقْتهَا في نِكَاحٍ آخَرَ دُيِّنَ
وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ إنْ كان وُجِدَ قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ
وَلَوْ قِيلَ له أَأَخْلَيْتَهَا فقال نعم فَكِنَايَةٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَشْهَدَ عليه بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ ثُمَّ اسْتَفْتَى فأفتى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه لم يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ في إقْرَارِهِ ذلك مِمَّنْ يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ
ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ بَابِ الْخُلْعِ أَيْضًا
الثَّانِيَةُ لو قال قَائِلٌ لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ أَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُكَ فقال نعم لم تَطْلُقْ وَإِنْ قال بَلَى طَلُقَتْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ ما يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ ولم يُفَرِّقُوا هُنَاكَ بين الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ
____________________
(8/467)
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَوْ قِيلَ له أَلَك امْرَأَةٌ قال لَا وَأَرَادَ الْكَذِبَ لم تَطْلُقْ
أَنَّهُ لو لم يُرِدْ الْكَذِبَ أنها تَطْلُقُ
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ ليس لي امْرَأَةٌ أو لَسْتِ لي بِامْرَأَةٍ وَنَوَى الطَّلَاقَ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا قِيلَ أَلَك امْرَأَةٌ فقال لَا ليس بِشَيْءٍ
فَأَخَذَ الْمَجْدُ من إطْلَاقِ هذه الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَى يَكُونُ لَغْوًا وَحَمَلَهَا الْقَاضِي على أَنَّهُ لم يَنْوِ الطَّلَاقَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو حَلَفَ بِاَللَّهِ على ذلك فَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا عن الْجَوَابِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال مَبْنَاهُمَا على أَنَّ الْإِنْشَاءَاتِ هل تُؤَكِّدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ أو لَا تُؤَكِّدُ إلَّا الْخَبَرَ فَتَتَعَيَّنُ خَبَرِيَّةُ هذا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ
قال بن عَبْدُوسٍ ذلك كِنَايَةٌ وَإِنْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لَطَمَ امْرَأَتَهُ أو أَطْعَمَهَا أو سَقَاهَا
وَكَذَا لو أَلْبَسَهَا ثَوْبًا أو أَخْرَجَهَا من دَارِهَا أو قَبَّلَهَا وَنَحْوَ ذلك وقال هذا طَلَاقُك طَلُقَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّ هذا سَبَبُ طَلَاقِكِ وَنَحْوَ ذلك
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذلك فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ طَلَاقَهَا أو لَا
فَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقَهَا طَلُقَتْ وَإِنْ لم يَنْوِهِ وَقَعَ أَيْضًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
____________________
(8/468)
وقال في الْفُرُوعِ فَنَصُّهُ صَرِيحٌ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ فَعَلَ ذلك وَقَعَ نَصَّ عليه
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَقَعُ نَوَاهُ أو لم يَنْوِهِ
قال في الْكَافِي فَهُوَ صَرِيحٌ ذَكَرَهُ بن حَامِدٍ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِيهِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ حتى يَنْوِيَهُ
قال الْقَاضِي يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حتى يَنْوِيَهُ نَقَلَهُ في الْبُلْغَةِ
وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ كناية ( ( ( كفاية ) ) ) وَنَصَرَاهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْخِلَافِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَيَكُونُ اللَّطْمُ قَائِمًا مَقَامَ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ على الْغَضَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو الْوُقُوعُ من غَيْرِ نِيَّةٍ لو فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلِ غَيْرِهِ قُبِلَ وَقَالَهُ بن حَمْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ
وقال وَعَلَى هذا فَهَذَا قِسْمٌ بِرَأْسِهِ ليس بِصَرِيحٍ
قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ لو أَطْعَمَهَا أو سَقَاهَا فَهَلْ هو كَالضَّرْبِ فيه وَجْهَانِ
____________________
(8/469)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَوَى أَنَّ هذا سَبَبُ طَلَاقِك دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُصَنَّفِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ في الْحَكَمِ
فَائِدَةٌ لو طَلَّقَ امْرَأَةً أو ظَاهَرَ منها أو آلَى ثُمَّ قال سَرِيعًا لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا أو أَنْتِ مِثْلُهَا أو أَنْتِ كَهِيَ أو أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فَهُوَ صَرِيحٌ في الضَّرَّةِ في الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الظِّهَارِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ فِيهِمَا كِنَايَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُولِيًا من الضَّرَّةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُقْنِعِ في بَابِ الْإِيلَاءِ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في آخِرِ بَابِ الْإِيلَاءِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ في حَقِّ الضَّرَّةِ أَيْضًا فَيَكُونُ مُولِيًا منها أَيْضًا نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَعَنْهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَيَكُونُ مُولِيًا منها إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا فَلَا
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْإِيلَاءِ
____________________
(8/470)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ أو ليس بِشَيْءٍ أو لَا يَلْزَمُك شَيْءٌ طَلُقَتْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ وَقَعَ في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَعْنِي في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ فَقَطْ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك أو طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَنْقُصُ بها عَدَدُ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ أو لَا أو طَالِقٌ وَاحِدَةً أو لَا لم يَقَعْ
أَمَّا إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ أو لَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ
وَأَمَّا إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أو لَا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَدَمَ الْوُقُوعِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَرَدَّا قَوْلَ من فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
____________________
(8/471)
2
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ فإنه ذَكَرَ عَدَمَ الْوُقُوعِ في الْأُولَى ولم يَذْكُرْهُ في هذه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
قال في الْخُلَاصَةِ فَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَاقْتَصَرَ عليه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ
يَعْنِي صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ
إذَا كَتَبَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَعَ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ
لِأَنَّهُ إمَّا صَرِيحٌ أو كِنَايَةٌ وقد نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِنَاءً على إقْرَارِهِ بِخَطِّهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ
قال وَيَتَوَجَّهُ عليها صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ وَصِحَّةُ الْحُكْمِ بِهِ انْتَهَى
قال في الرِّعَايَةِ وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِخَطِّهِ شَيْءٌ وَلَوْ نَوَاهُ بِنَاءً على أَنَّ الْخَطَّ بِالْحَقِّ ليس إقْرَارًا شَرْعِيًّا في الْأَصَحِّ انْتَهَى
قلت النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ بِذَلِكَ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في حَدِّ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا أو كِنَايَةً
وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي ما تَقُولُونَ في الْعُقُودِ وَالْحُدُودِ وَالشَّهَادَاتِ هل تَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ
____________________
(8/472)
قِيلَ الْمَنْصُوصُ عنه في الْوَصِيَّةِ تَثْبُتُ وَهِيَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَثْبُتَ جَمِيعُهَا لِأَنَّهَا في حُكْمِ الصَّرِيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَثْبُتَ لِأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لها فَقَوِيَتْ وَلِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كِنَايَةٌ فَضَعُفَا
قال الْمَجْدُ لَا أَدْرِي أَرَادَ صِحَّتَهَا بِالْكِنَايَةِ أو تَثْبِيتَهَا بِالظَّاهِرِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ أَرَادَهُمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَنْوِ شيئا فَهَلْ يَقَعُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ خَرَّجَهُمَا في الْإِرْشَادِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا هو أَيْضًا صَرِيحٌ فَيَقَعُ من غَيْرِ نِيَّةٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَدْخَلَهُ الْأَصْحَابُ في الصَّرِيحِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَعَ على الْأَظْهَرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَلَا يَقَعُ من غَيْرِ نِيَّةٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ
قلت وهو الصَّوَابُ
وتقدم ( ( ( تقدم ) ) ) تَخْرِيجٌ بِأَنَّهُ لَغْوٌ مع النِّيَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ أو غَمَّ أَهْلِهِ لم يَقَعْ
هذا الْمَذْهَبُ يَعْنِي أَنَّهُ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/473)
وقد رَوَى أبو طَالِبٍ فِيمَنْ كَتَبَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَنَوَى أَنْ يَغُمَّ أَهْلَهُ قال قد عَمِلَ في ذلك يَعْنِي أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ لِأَنَّهُ أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ بِتَوَهُّمِ الطَّلَاقِ دُونَ حَقِيقَتِهِ فَلَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا تُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ قُبِلَ حُكْمًا على الْأَصَحِّ
قال النَّاظِمُ هذا أَجْوَدُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قُبِلَ على الْأَظْهَرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةِ لَا يُقْبَلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ لم يَقَعْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لم يَقَعْ على الْأَظْهَرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال أبو حَفْصٍ يَقَعُ
____________________
(8/474)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو كَتَبَهُ على شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ عليه خَطٌّ كَالْكِتَابَةِ على الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ لم يَقَعْ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وقال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في الْمُغْنِي الْوَجْهَ لِأَبِي حَفْصٍ فِيمَا إذَا كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يَبِينُ هُنَا
فَالصُّورَةُ الْأُولَى صِفَةُ الْمَكْتُوبِ بِهِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ صِفَةُ الْمَكْتُوبِ عليه قَالَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ
فَأَجْرَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ في الْمَكْتُوبِ عليه كما هو في الْمَكْتُوبِ بِهِ
قُلْت الشَّارِحُ مَثَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِصِفَةِ الْمَكْتُوبِ عليه فقال مِثْلَ أَنْ يَكْتُبَهُ بإصبعه على وِسَادَةٍ أو في الْهَوَاءِ وَكَذَا قال النَّاظِمُ
الثَّانِيَةُ لو قَرَأَ ما كَتَبَهُ وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَفِي قَبُولِهِ حُكْمًا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِيمَا إذَا قَصَدَ تَجْوِيدَ خَطِّهِ أو غَمَّ أَهْلِهِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ
الثَّالِثَةُ يَقَعُ الطَّلَاقُ من الْأَخْرَسِ وَحْدَهُ بِالْإِشَارَةِ
فَلَوْ فَهِمَهَا الْبَعْضُ فَكِنَايَةٌ وَتَأْوِيلُهُ مع صَرِيحٍ كَالنُّطْقِ وَكِنَايَتُهُ طَلَاقٌ
وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ لَفْظٍ إلَّا في الْكِنَايَةِ وَالْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ على ما تَقَدَّمَ فِيهِمَا
قَوْلُهُ وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ في لِسَانِ الْعَجَمِ بِهِشْتَمٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالْهَاءِ وَسُكُونِ الشَّيْنِ وَفَتْحِ التَّاءِ فَإِنْ قَالَهُ الْعَرَبِيُّ وهو لَا يَفْهَمُهُ أو نَطَقَ الْأَعْجَمِيُّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وهو لَا يَفْهَمُهُ لم يَقَعْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ نَوَى مُوجِبَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
____________________
(8/475)
أَحَدِهِمَا لَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرِينَ انْتَهَى
وَالْوَجْهِ الثَّانِي يَقَعُ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ من لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَيَقَعُ طَلَاقُهُ
فَائِدَةٌ لو قَالَهُ الْعَجَمِيُّ وَقَعَ ما نَوَاهُ فَإِنْ زَادَ بِسَيَّارٍ بِأَنْ قال أَنْتِ بِهِشْتَمٌ بِسَيَّارٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ يَقَعُ ما نَوَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وقال كُلُّ شَيْءٍ بِالْفَارِسِيَّةِ على ما نَوَاهُ لِأَنَّهُ ليس له حَدٌّ مِثْلَ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ
قَوْلُهُ وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ سَبْعَةٌ أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَبَائِنٌ وَبَتَّةٌ وَبَتْلَةٌ وَأَنْتِ حُرَّةٌ وَأَنْتِ الْحَرَجُ
هذا الْمَذْهَبُ أعنى أنها السَّبْعَةُ
وَكَذَا أَعْتَقْتُك وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ابنتك كَ أَنْتِ بَائِنٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
فإنه قال فَإِنْ قِيلَ أَبَنْتُك مِثْلُ بَائِنٌ وَيُحْتَمَلُ أَظْهَرْتُك كما يُحْتَمَلُ خَلِيَّةٌ من حَيِّزِهِ
____________________
(8/476)
قُلْنَا قد وُجِدَ في بَعْضِ الْأَلْفَاظِ أَبَنْتُك وَلِأَنَّهُ أَظْهَرُ في الْإِبَانَةِ من خَلِيَّةٌ فَاسْتَوَى تَصْرِيفُهُ
وَلِأَنَّنَا قد بَيَّنَّا أَنَّ في أَطْلَقْتُك وَجْهَيْنِ لِلْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فَإِنْ وُجِدَ مِثْلُهُ جَوَّزْنَاهُ انْتَهَى
وَجَعَلَ أبو بَكْرٍ لَا حَاجَةَ لي فِيك وباب الدَّارِ لَك مَفْتُوحٌ كَ أَنْتِ بَائِنٌ
وَجَعَلَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ أَنْتِ مُخَلَّاةٌ كَ أَنْتِ خَلِيَّةٌ
وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بن عَقِيلٍ فقال لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَقَعُ عليها اسْمُ مُخَلَّاةٍ بِطَلْقَةٍ وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ لِلزَّوْجِ خَلِّهَا بِطَلْقَةٍ
وَأَيْضًا فإن الْخَلِيَّةَ هِيَ الْخَالِيَةُ من زَوْجٍ والرجعية لَيْسَتْ خَالِيَةً انْتَهَى
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ قِيلَ مُخَلَّاةٌ وخليتك وخلية ( ( ( خليتك ) ) ) بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَلِمَ أَلْحَقْتُمُوهَا بِالْخَفِيَّةِ
قُلْنَا قد كان الْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذلك مِثْلَ مُطَلَّقَةٌ وطلقتك وطالق ( ( ( طلقتك ) ) ) وَلَكِنْ تَرَكْنَاهُ لِلتَّوْقِيفِ الذي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ولم نَجِدْهُمْ ذَكَرُوا إلَّا خَلِيَّةً انْتَهَى
وقال بن عَقِيلٍ في الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ لي عَلَيْك
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ هِيَ صَرِيحَةٌ في طَلْقَةٍ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ فِيمَا زَادَ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال هذه اللَّفْظَةُ صَرِيحَةٌ في الْإِيقَاعِ كِنَايَةٌ في الْعَدَدِ فَهِيَ مُرَكَّبَةٌ من صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ انْتَهَى
قلت فيعايي بها
____________________
(8/477)
وَعَنْهُ تَقَعُ بها طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ
وَعَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ حُرَّةٌ لَيْسَتْ من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ بَلْ من الْخَفِيَّةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ أَنَّ أَعْتَقْتُك لَيْسَتْ من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وَخَفِيَّةٌ نحو اُخْرُجِي وَاذْهَبِي وَذُوقِي وَتَجَرَّعِي وَخَلَّيْتُك وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ وَلَسْتِ لي بِامْرَأَةٍ وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي وَاعْتَزِلِي وما أَشْبَهُهُ
كَ لَا حَاجَةَ لي فِيك وما بَقِيَ شَيْءٌ وأغناك اللَّهُ والله قد أَرَاحَك مِنِّي وجرى الْقَلَمُ وَنَحْوُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ أبي جَعْفَرٍ في أَنْتِ مُخَلَّاةٌ
وَعَنْهُ أَنَّ اعتدى واستبرئي لَيْسَتَا من الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ
وقال بن عَقِيلٍ إذَا قالت له طَلِّقْنِي فقال إنَّ اللَّهَ قد طَلَّقَك هذا كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ أُسْنِدَتْ إلَى دَلَالَتَيْ الْحَالِ وَهِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَسُؤَالُهَا إيَّاهُ
وقال بن الْقَيِّمِ الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ نَوَى وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا لم يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ اللَّهُ قد طَلَّقَكِ إنْ أَرَادَ بِهِ شَرَعَ طَلَاقَك وَأَبَاحَهُ لم يَقَعْ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ أَوْقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقَ وَأَرَادَهُ وَشَاءَهُ فَهَذَا يَكُونُ طَلَاقًا فإذا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لم يَقَعْ إلَّا بِالنِّيَّةِ انْتَهَى
وَنَقَلَ أبو دَاوُد إذَا قال فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قال إنْ كان يُرِيدُ أَنَّهُ دُعَاءٌ يَدْعُو بِهِ فَأَرْجُو أَنَّهُ ليس بِشَيْءٍ
فلم يَجْعَلْهُ شيئا مع نِيَّةِ الدُّعَاءِ
____________________
(8/478)
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مع نِيَّةِ الطَّلَاقِ أو الْإِطْلَاقِ بِنَاءً على أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ أو لِلْقَرِينَةِ
قال وَيُوَافِقُ هذا ما قَالَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ في إنْ أَبْرَأْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أَبْرَأَك اللَّهُ مِمَّا تدعى النِّسَاءُ على الرِّجَالِ فَظَنَّ أَنَّهُ يَبْرَأُ فَطَلَّقَ فقال يَبْرَأُ
فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْحُكْمُ فيها سَوَاءٌ
وَظَهَرَ أَنَّ في كل مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ هل يُعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ تَدُلُّ على النِّيَّةِ أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ
وَنَظِيرُ ذلك إنَّ اللَّهَ قد بَاعَك أو قد أَقَالَك وَنَحْوَ ذلك انْتَهَى
قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ في قَوْلِهِ الْحَقِي بِأَهْلِك وَحَبْلُك على غَارِبِك وَتَزَوَّجِي من شِئْت وَحَلَلْتُ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا سَبِيلَ لي عَلَيْكِ وَلَا سُلْطَانَ لي عَلَيْك هل هِيَ ظَاهِرَةٌ أو خَفِيَّةٌ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَأَمَّا ألحقي بِأَهْلِك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها من الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْفُرُوعِ خَفِيَّةٌ على الْأَصَحِّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ فإنه لم يَذْكُرْهَا في الظَّاهِرَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ
وَقِيلَ هِيَ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
____________________
(8/479)
وَقَطَعَ بِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُبْهِجِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أنها من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ خَفِيَّةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَنَّ حَبْلُكِ على غَارِبِكِ وتزوجي من شِئْتِ وحللت لِلْأَزْوَاجِ من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَأَنَّ قَوْلَهُ لَا سَبِيلَ لي عَلَيْك ولا سُلْطَانَ لي عَلَيْك خَفِيَّةٌ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا في قَوْلِهِ غَطِّ شَعْرَك وتقنعي وفي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا من الصَّرَائِحِ
أَحَدُهُمَا هُمَا من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَالثَّانِي هُمَا من الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَنْوِيَ بها الطَّلَاقَ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ من شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَاتِ أَنْ يَنْوِيَ بها الطَّلَاقَ إلَّا ما اسْتَثْنَى على ما يَأْتِي بَعْدَ ذلك قَرِيبًا
____________________
(8/480)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عليه انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالظَّاهِرَةِ من غَيْرِ نِيَّةٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال في الرِّعَايَةِ وفي هذه الرِّوَايَةِ بُعْدٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فقال وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ
وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَارِنَ أَوَّلَ اللَّفْظِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَمِنْ شَرْطِهَا مُقَارَنَةُ أَوَّلِ اللَّفْظِ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ طَلَاقٌ إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَهُ أو مع أَوَّلِ اللَّفْظِ أو جُزْءٍ غَيْرَهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ في حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا يَقَعُ وَإِنْ لم يَأْتِ بِالنِّيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(8/481)
قال الزَّرْكَشِيُّ طَلُقَتْ على الْمَشْهُورِ وَالْمُخْتَارِ لِكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَقَعْ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ ابو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ما كان من الْكِنَايَاتِ لَا يُسْتَعْمَلُ في غَيْرِ الْفُرْقَةِ إلَّا نَادِرًا نحو قَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ أو اعتدى أو اسْتَبْرِئِي رَحِمَك أو حَبْلُك على غَارِبِك أو أَنْتِ بَائِنٌ وَأَشْبَاهُ ذلك أَنَّهُ يَقَعُ في حَالِ الْغَضَبِ
وَجَوَابُ السُّؤَالِ من غَيْرِ نِيَّةٍ وما كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ لِغَيْرِ ذلك نحو اُخْرُجِي واذهبي وروحي ( ( ( اذهبي ) ) ) وتقنعي لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ فقال أَصْحَابُنَا يَقَعُ بها الطَّلَاقُ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةٍ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْفَرْقَ فقال وَالْأَوْلَى في الْأَلْفَاظِ التي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلَاقِ نحو اُخْرُجِي واذهبي وروحي ( ( ( اذهبي ) ) ) أَنَّهُ لَا يَقَعُ بها طَلَاقٌ حتى يَنْوِيَهُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى أَنَّهُ ما أَرَادَ الطَّلَاقَ أو أَرَادَ غَيْرَهُ دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ مع سُؤَالِهَا أو خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَمَتَى نَوَى بِالْكِنَايَاتِ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً
____________________
(8/482)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَقَعُ ما نَوَاهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَيَدِينُ فيه
فَعَلَيْهَا إنْ لم يَنْوِ شيئا وَقَعَ وَاحِدَةً وفي قَبُولِهِ في الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وَيَكُونُ رَجْعِيًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَقَعُ بها وَاحِدَةً بَائِنَةً
وَهُنَّ أَوْجَهُ مُطْلَقَةً في الْمُذْهَب وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى وَكَذَلِكَ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أو طَالِقٌ البتة أو أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا رَجْعَةٍ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/483)
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا على قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا رَجْعَةٍ في الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ
الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أو وَاحِدَةً بَتَّةً وَقَعَ رَجْعِيًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَقَعُ طَلْقَةً بَائِنَةً وَعَنْهُ يَقَعُ ثَلَاثًا
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً أنها تَقَعُ
ثُمَّ قال وَعَنْهُ رَجْعِيَّةً
الثَّالِثَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا وَقَعَ ثَلَاثٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْفُصُولِ عن أبي بَكْرٍ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً يَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَاحِدَةَ بِالثَّلَاثِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الثَّلَاثَ بِالْوَاحِدَةِ فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ وَلَغَا الْوَصْفُ وهو أَصَحُّ
الرَّابِعَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يفتى في الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَتَوَقَّفَ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ في ذلك
قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ ما نَوَاهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا نِزَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْخَفِيَّةَ يَقَعُ بها ما نَوَاهُ وَلَيْسَ كما قال
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وقال النَّاظِمُ وَتَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ في الْمُجَرَّدِ
____________________
(8/484)
وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَوْلَهُ أَنْتِ وَاحِدَةٌ فإنه لَا يَقَعُ بها إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا
وَعِنْدَ بن أبي مُوسَى يَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً
ذَكَرَهُ عنه في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَنْوِ عَدَدًا وَقَعَ وَاحِدَةٌ
يَعْنِي رَجْعِيَّةً إنْ كان مَدْخُولًا بها وَإِلَّا بَائِنَةً
قَوْلُهُ فَأَمَّا ما لَا يَدُلُّ على الطَّلَاقِ نحو كُلِي واشربي واقعدي ( ( ( اشربي ) ) ) واقربي وبارك ( ( ( اقعدي ) ) ) اللَّهُ عَلَيْك وأنت مَلِيحَةٌ أو قَبِيحَةٌ فَلَا يَقَعُ بها طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ هو كِنَايَةٌ في كُلِي واشربي
وَتَقَدَّمَ إذَا قال لها لَسْت لي بِامْرَأَةٍ أو لَيْسَتْ لي امْرَأَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ قِيلَ له أَلَك امْرَأَةٌ فقال لَا
قَوْلُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ أنا طَالِقٌ
يَعْنِي لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ
فَإِنْ زَادَ فقال أنا مِنْك طَالِقٌ فَذَلِكَ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
قال في الرِّعَايَةِ عن هذا الِاحْتِمَالِ فَيَقَعُ إذًا
ثُمَّ قال قُلْت إنْ نَوَى إيقَاعَهُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(8/485)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أنا مِنْك بَائِنٌ أو حَرَامٌ فَهَلْ هو كِنَايَةٌ أو لَا على وَجْهَيْنِ
وكذا قَوْلُهُ أنا مِنْك بَرِيءٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وبن رَزِينٍ
أَحَدُهُمَا هو لَغْوٌ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في قَوْلِهِ أنا مِنْك بَرِيءٌ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو كِنَايَةٌ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَب وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في الْجَمِيعِ وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في الْأُولَتَيْنِ
وَأَصْلُ الْخِلَافِ في ذلك أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن ذلك فَتَوَقَّفَ
فَائِدَةٌ لو أَسْقَطَ لَفْظَ مِنْك فقال أنا بَائِنٌ أو حَرَامٌ فَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ من كَلَامِ الْقَاضِي فيها وَجْهَيْنِ هل هُمَا كِنَايَةٌ أو لَغْوٌ
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا مع حَذْفِهِ مِنْك بِالنِّيَّةِ في احْتِمَالٍ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ انْتَهَى
قلت ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَغْوٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أو ما أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
وَكَذَا قَوْلُهُ الْحِلُّ على حَرَامٌ
إحْدَاهُنَّ أَنَّهُ ظِهَارٌ وهو الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمُذْهَب وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/486)
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ
حتى نَقَلَ حَنْبَلٌ وَالْأَثْرَمُ الْحَرَامَ ثَلَاثٌ حتى لو وَجَدْت رَجُلًا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ عليه وهو يَرَى أنها وَاحِدَةٌ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا
قال في الْفُرُوعِ مع أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ كَرَاهَةُ الْفُتْيَا بِالْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ كما تَقَدَّمَ
قال الزَّرْكَشِيُّ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ ظَاهِرٌ في الظِّهَارِ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا وَإِنْ نَوَى يَمِينًا أو طَلَاقًا انْصَرَفَ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِهِ لِذَلِكَ انْتَهَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو يَمِينٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ ظَاهِرٌ في الْيَمِينِ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ أو الظِّهَارَ انْصَرَفَ إلَى ذلك انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْكَافِي
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إحْدَاهُنَّ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ
هذا الْأَشْهَرُ في الْمُذْهَب وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ هذا الْمَشْهُورُ في الْمُذْهَب
____________________
(8/487)
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَقَعُ ما نَوَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ في بَابِ الظِّهَارِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال لها أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى في حُرْمَتِك على غَيْرِي فَكَطَلَاقٍ
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو قال عَلَيَّ الْحَرَامُ أو يَلْزَمُنِي الْحَرَامُ أو الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي فَهُوَ لَغْوٌ لَا شَيْءَ فيه مع الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ مع قَرِينَةٍ أو نِيَّةٍ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قلت الصَّوَابُ أَنَّهُ مع النِّيَّةِ أو الْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ
ثُمَّ وَجَدْت بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قَدَّمَهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ ذَكَرَهُ في أَوَّلِ بَابِ الظِّهَارِ
قلت الصَّوَابُ أَنَّهُ مع النِّيَّةِ أو الْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال ما أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا وَعَنْهُ أَنَّهُ ظِهَارٌ
____________________
(8/488)
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ذلك طَلَاقٌ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ وَعَنْهُ أَنَّهُ ظِهَارٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِمَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تَطْلُقُ ثَلَاثًا مُطْلَقًا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وقال إنْ حَرُمَتْ الرَّجْعِيَّةُ وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ ذَكَرَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أنها تَطْلُقُ وَاحِدَةً إنْ لم يَنْوِ أَكْثَرَ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ أنه طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ ظِهَارٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ وَقُلْنَا الْحَرَامُ صَرِيحٌ في الظِّهَارِ فقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ فَهَلْ يَلْغُو تَفْسِيرُهُ وَيَكُونُ ظِهَارًا أو يَصِحُّ وَيَكُونُ طَلَاقًا على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ قِيَاسًا على نَظِيرَتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ
الثَّانِيَةُ لو قال فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فَظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ فَيَمِينٌ
____________________
(8/489)
نَقَلَهُ بن هَانِئٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَقَعَ ما نَوَاهُ من الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَقَعُ ما نَوَاهُ سِوَى الظِّهَارِ جَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا كما قُلْنَا في قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ
وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ ظِهَارًا كما لو قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ أو كَظَهْرِ أبي انْتَهَيَا
فَائِدَةٌ لو نَوَى الطَّلَاقَ ولم يَنْوِ عَدَدًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ
قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَقَالَا لِأَنَّهُ من الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَنْوِ شيئا فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أو يَمِينًا على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ ظِهَارًا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ هذه اشهر
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالثَّانِي يَكُونُ يَمِينًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(8/490)
قَوْلُهُ فَإِنْ قال حَلَفْت بِالطَّلَاقِ وَكَذَبَ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ في الْحُكْمِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْفُرُوعِ لزمه ( ( ( لزم ) ) ) حُكْمًا على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ في الْحُكْمِ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في كِتَابِ الإيمان قُبَيْلَ حُكْمِ الْكَفَّارَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْإِرْشَادِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً
هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ وَأَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِرَارًا
وَجَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/491)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ ليس لها أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ ما لم يَنْوِ أَكْثَرَ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ وهو في يَدِهَا ما لم يَفْسَخْ أو يَطَأْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَجْلِسِ كما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لها اخْتَارِي نَفْسَك لم يَكُنْ لها أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا أَكْثَرَ من ذلك
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ في اخْتَارِي غَيْرِ مُكَرَّرٍ يَقَعُ ثَلَاثًا
وَعَنْهُ إنْ خَيَّرَهَا فقالت طَلَّقْت نَفْسِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا
فَائِدَةٌ لو كَرَّرَ لَفْظَ الْخِيَارِ بِأَنْ قال اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَارِي فَإِنْ نَوَى إفْهَامَهَا وَلَيْسَ نِيَّتُهُ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(8/492)
وَإِنْ أَرَادَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَعَنْهُ ثَلَاثًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لها أَنْ تُطَلِّقَ إلَّا ما دَامَتْ في الْمَجْلِسِ ولم يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لها أَكْثَرَ من ذلك
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ
وَعَنْهُ أَنَّهُ على الْفَوْرِ جَوَابًا لِكِلَيْهِمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقِيلَ هو على التَّرَاخِي ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَ لها الْخِيَارَ الْيَوْمَ كُلَّهُ أو جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَرَدَّتْهُ أو رَجَعَ فيه أو وَطِئَهَا بَطَلَ خِيَارُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وهو كما قال وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ في كل مَسْأَلَةٍ وَجْهًا مِثْلَ حُكْمِ الْأُخْرَى
يَعْنِي من حَيْثُ التَّرَاخِي وَالْفَوْرِيَّةُ لَا من حَيْثُ الْعَدَدُ
مع أَنَّ كَلَامَ أبي الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ في الْعَدَدِ أَيْضًا قال مَعْنَاهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فَلَا يُتَّجَهُ التَّخْرِيجُ
وَقِيلَ الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
____________________
(8/493)
قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ الْأَمْرِ والخيار كِنَايَةٌ في حَقِّ الزَّوْجِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ
لَفْظُ الْأَمْرِ من الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَلَفْظَةُ الْخِيَارِ من الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَكَوْنُهُ بَعْدَ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ
وقد تَقَدَّمَ الْخِلَافُ في قَدْرِ ما يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ أَنَّ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةَ لَا يَحْتَاجُ الْوُقُوعُ فيها إلَى نِيَّةٍ
فَكَذَا لَفْظَةُ الْأَمْرِ هُنَا
قَوْلُهُ فَإِنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ نحو اخْتَرْت نَفْسِي افْتَقَرَ إلَى نِيَّتِهَا أَيْضًا
فَإِنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ بِأَنْ قالت طَلَّقْت نَفْسِي وَقَعَ من غَيْرِ نِيَّةٍ
لو جَعَلَ ذلك لها بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ كَقَوْلِهِ لها اخْتَارِي نَفْسَك أو أَمْرُك بِيَدِك فَهُوَ تَوْكِيلٌ منه لها فَإِنْ أَوْقَعَتْهُ بِالصَّرِيحِ كَقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالْوُقُوعِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةٌ أَنَّهُ لو خَيَّرَهَا فقالت طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا أنها تَطْلُقُ ثَلَاثًا
وَحَكَى في التَّرْغِيبِ في الْوُقُوعِ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أتى الزَّوْجُ بِالْكِنَايَةِ وَأَوْقَعَتْ هِيَ بِالصَّرِيحِ كَعَكْسِهَا على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هذا فَوَائِدُ
____________________
(8/494)
إحْدَاهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِيقَاعِ الْوَكِيلِ بِصَرِيحٍ أو كِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ
وفي وُقُوعِهِ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ مِمَّنْ وَكَّلَ فيه بِصَرِيحٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَكَذَا عَكْسُهُ في التَّرْغِيبِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قلت الصَّوَابُ الْوُقُوعُ كَالْمَرْأَةِ
الثَّانِيَةُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ هل تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ بِأَنَّهُ رَجَعَ قبل إيقَاعِ وَكِيلِهِ أَمْ لَا في كِتَابِ الطَّلَاقِ
الثَّالِثَةُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا اخْتَرْت وَلَوْ نَوَتْ حتى تَقُولَ نَفْسِي أو أبوى أو الْأَزْوَاجَ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثَةٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في نِيَّتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا في رُجُوعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
لَا أَعْلَمُ في ذلك خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال طَلِّقِي نَفْسَك فقالت اخْتَرْتُ نَفْسِي وَنَوَتْ الطَّلَاقَ وَقَعَ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَوَجْهٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عَكْسُهَا
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لها أَنْ تُطَلِّقَ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لها أَكْثَرَ منها
____________________
(8/495)
إمَّا بِلَفْظِهِ أو نِيَّتِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا إنْ نَوَاهَا هو وَنَوَتْهَا هِيَ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو قال لها طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِنِيَّتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَلَوْ لم تَنْوِهَا
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ نَوَتْ ثَلَاثًا
الثَّانِيَةُ هل قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك مُخْتَصٌّ بِالْمَجْلِسِ كَقَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك أو على التَّرَاخِي كَأَمْرُك بِيَدِك فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ على التَّرَاخِي وهو الصَّحِيحُ رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَوْلَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
الثَّالِثَةُ قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لو قال ذلك لِأَجْنَبِيٍّ كان ذلك على التَّرَاخِي في الْجَمِيعِ يَعْنِي في الْأَمْرِ والاختيار والطلاق ( ( ( الاختيار ) ) )
وَحُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ إذَا وَكَّلَ حُكْمُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا إلَّا في التَّرَاخِي على ما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُ تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الطَّلَاقِ فَلْيُعَاوَدْ
الرَّابِعَةُ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ بِقَوْلِهِ طَلَاقُك بِيَدِك أو وَكَّلْتُك في الطَّلَاقِ
____________________
(8/496)
ما تَمْلِكُ بِقَوْلِهِ لها أَمْرُك بِيَدِك فَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَنْتِ طَالِقٌ أو أَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ أو طَلَّقْتُك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يَقَعُ بِالنِّيَّةِ
وقال في الرَّوْضَةِ صِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْتُ نَفْسِي أو أنا مِنْك طَالِقٌ وَإِنْ قالت أنا طَالِقٌ لم يَقَعْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَهَبْتُكِ لِأَهْلِكِ فَإِنْ قَبِلُوهَا فَوَاحِدَةٌ
يَعْنِي رَجْعِيَّةً نَصَّ عليه وَإِنْ ردها ( ( ( ردوها ) ) ) فَلَا شَيْءَ
هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذه الْمَشْهُورَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا
وَعَنْهُ إنْ قَبِلُوهَا فَثَلَاثٌ وَإِنْ رَدُّوهَا فَوَاحِدَةٌ
يَعْنِي رَجْعِيَّةً قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ إنْ قَبِلُوهَا فَثَلَاثٌ وَإِنْ رَدُّوهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وَعِنْدَ الْقَاضِي يَقَعُ ما نَوَاهُ فَوَائِدُ
الْأُولَى تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ من الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ وَيَقَعُ أَقَلُّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا في النِّيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْبُلْغَةِ وَبِكُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ من النِّيَّةِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فَتَقْدِيرُهُ مع النِّيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ رضي أَهْلُك أو رضى فُلَانٌ انْتَهَى
____________________
(8/497)
وَعَنْهُ لَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ في الْهِبَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
الثَّانِيَةُ لو بَاعَهَا لِغَيْرِهِ كان لَغْوًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وقال في التَّرْغِيبِ في كَوْنِهِ كِنَايَةً كَالْهِبَةِ وَجْهَانِ
الثَّالِثَةُ لو نَوَى بِالْهِبَةِ وَالْأَمْرِ وَالْخِيَارِ الطَّلَاقَ في الْحَالِ وَقَعَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
الرَّابِعَةُ من شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا التَّلَفُّظُ بِهِ فَلَوْ طَلَّقَ في قَلْبِهِ لم يَقَعْ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
نَقَلَ بن هَانِئٍ إذَا طَلَّقَ في نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ ما لم يَتَلَفَّظْ بِهِ أو يُحَرِّكْ لِسَانَهُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لم يَسْمَعْهُ
قال وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةِ صَلَاةٍ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ ما يُسْمِعُ نَفْسَهُ
الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا قال وَهَبْتُك لِنَفْسِك
قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال الْمُصَنِّفُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو وَهَبَهَا لِأَجْنَبِيٍّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُنَازَعُ في ذلك فإن الْأَجْنَبِيَّ لَا حُكْمَ له عليها بِخِلَافِ نَفْسِهَا أو أَهْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(8/498)
بسم الله الرحمن الرحيم بَابُ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ يَمْلِكُ الْحَرُّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ وَإِنْ كان تَحْتَهُ أَمَةٌ وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ كان تَحْتَهُ حُرَّةٌ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا نَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِالنِّسَاءِ فَيَمْلِكُ زَوْجُ الْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَإِنْ كان عَبْدًا وَزَوْجُ الْأَمَةِ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ كان حُرًّا فَعَلَيْهَا يُعْتَبَرُ طَرَيَان الرِّقِّ بِالْمَرْأَةِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحَادِيثُ في هذا الْبَابِ ضَعِيفَةٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ من الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ كُلَّ زَوْجٍ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ مُطْلَقًا انْتَهَى
قُلْت وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عَلَّقَ الْعَبْدُ الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ بَعْدَ عِتْقِهِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ وَيَمْلِكُ الثَّالِثَةَ
وَإِنْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِعِتْقِهِ لَغَتْ الثَّالِثَةُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ لَغَتْ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ بَلْ تَقَعُ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ على مِلْكِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا
وَلَوْ عَلَّقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ
وَلَوْ عَلَّقَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ أو عَتَقَا مَعًا لم يَمْلِكْ ثَالِثَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(9/3)
قال في الْبُلْغَةِ لو عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لم يَمْلِكْ نِكَاحَهَا على الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْعُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَمْلِكُ عليها طَلْقَةً ثَالِثَةً فَتَحِلُّ له
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ وَالْكَلَامُ عليه مُسْتَوْفًى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
تَنْبِيهٌ قد يُقَالُ شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ما لو كان حُرًّا حَالَ الزَّوَاجِ ثُمَّ صَارَ رَقِيقًا بِأَنْ يَلْحَقَ الذِّمِّيُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُسْتَرَقُّ وقد كان طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ وَقُلْنَا يَنْكِحُ عَبْدٌ حُرَّةً نَكَحَهَا هُنَا وَبَقِيَ له طَلْقَةٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ
قلت وَيَأْتِي عَكْسُ ذلك بِأَنْ تَلْحَقَ الذِّمِّيَّةُ بدار ( ( ( دار ) ) ) الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْتَرَقُّ وكان زَوْجُهَا مِمَّنْ يُبَاحُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ هل يَمْلِكُ عليها ثَلَاثًا أو طَلْقَتَيْنِ
فَائِدَةٌ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْحُرِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْكَافِي هو كَالْقِنِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ الطَّلَاقُ أو الطَّلَاقُ لي لَازِمٌ
وَكَذَا قَوْلُهُ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أو يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ أو على الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ وَنَوَى الثَّلَاثَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا
وَإِنْ لم يَنْوِ شيئا أو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ الطَّلَاقُ أو الطَّلَاقُ لي لَازِمٌ أو يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ أو عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ صَرِيحٌ في الطَّلَاقِ مُنْجَزًا كان أو مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أو مَحْلُوفًا بِهِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم لَكِنْ هل هو صَرِيحٌ في الثَّلَاثِ أو في وَاحِدَةٍ يَأْتِي ذلك
وَقِيلَ ذلك كِنَايَةٌ
____________________
(9/4)
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَبِعَهُ في الْأُصُولِيَّةِ لو نَوَى بِهِ ما دُونَ الثَّلَاثِ فَهَلْ يَقَعُ بِهِ ما نَوَاهُ خَاصَّةً أو يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ وَيَكُونُ ذلك صَرِيحًا في الثَّلَاثِ فيه طَرِيقَانِ لِلْأَصْحَابِ انْتَهَى
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ قَوْلَهُ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي وَنَحْوُهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَالْأُمَمِ وَالْفُقَهَاءِ وَخَرَّجَهُ على نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو خِلَافُ صَرِيحِهَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا إنْ حَلَفَ بِهِ نحو الطَّلَاقُ لي لَازِمٌ وَنَوَى النَّذْرَ كَفَّرَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَنَصَرَهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ هو وَاَلَّذِي قَبْلَهُ
وقد ذَكَرَ أَنَّ أَخَا الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِيهِمَا وهو مَذْهَبُ بن حَزْمٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لم يَنْوِ شيئا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا في وُقُوعِ الثَّلَاثِ أو وُقُوعِ وَاحِدَةِ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
إحْدَاهُمَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا صَحَّحَهَا في التَّصْحِيحِ
قال في الرَّوْضَةِ وهو قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَنَصَّ عليها الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةٍ مُهَنَّا وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال هو الْأَشْبَهُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ فَوَائِدُ
إحداها قال في الْوَاضِحِ أَنْتِ طَلَاقٌ كَأَنْتِ الطَّلَاقُ وقال مَعْنَاهُ في الِانْتِصَارِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/5)
الثَّانِيَةُ سَأَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ الْقَاضِيَ يَعْقُوبَ أَبَا يُوسُفَ الْحَنَفِيَّ وَالْكِسَائِيَّ عن رَفْعِ ثَلَاثٍ وَنَصْبِهِ في قَوْلِهِ % فَإِنْ تَرْفُقِي يا هِنْدُ فَالرِّفْقُ أَيْمَنُ % وَإِنْ تَخْرَقِي يا هِنْدُ فَالْخُرْقُ أَشْأَمُ % % فَأَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ % ثَلَاثًا وَمَنْ يَخْرَقْ أَعَقُّ وَأَظْلَمُ % % فَبِينِي بها إنْ كُنْتِ غير رَفِيقَةٍ % وما لِامْرِئٍ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مَقْدَمُ %
فَمَاذَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا
فَقَالَا إنْ رَفَعَ ثَلَاثًا الْأُولَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ لِأَنَّهُ قال لها أَنْتِ طَلَاقٌ وَأَطْلَقَ فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَخْبَرَ ثَانِيًا بِأَنَّ الطَّلَاقَ التَّامَّ الْعَزِيمَةَ ثَلَاثٌ
وَإِنْ نَصَبَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وما بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ
وقال الْجَمَّالُ بن هِشَامٍ الْأَنْصَارِيُّ من أَئِمَّتِنَا في مُغْنِي اللَّبِيبِ ما نَصُّهُ وَأَقُولُ إنَّ الصَّوَابَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحْتَمَلٌ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ وَالْوَاحِدَةِ أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّ ال في الطَّلَاقِ إمَّا لِمَجَازِ الْجِنْسِ نَحْوُ زَيْدٌ الرَّجُلُ أَيْ هو الرَّجُلُ الْمُعْتَمَدُ عليه الْمُعْتَدُّ بِهِ في الرِّجَالِ وَإِمَّا لِلْعَهْدِ الذكري كَمِثْلِهَا في قَوْله تَعَالَى 73 16 { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } أَيْ وَهَذَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ عَزِيمَتُهُ ثَلَاثٌ وَلَا تَكُونُ لِلْجِنْسِ الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ منه الْإِخْبَارُ عن الْعَامِّ بِالْخَاصِّ كَالْحَيَوَانِ إنْسَانٌ فَهُوَ بَاطِلٌ إذْ ليس كُلُّ حَيَوَانٍ إنْسَانًا وَلَا كُلُّ طَلَاقٍ عَزِيمَةً أو ثَلَاثًا فَعَلَى الْعَهْدِيَّةِ تَقَعُ الثَّلَاثُ وَعَلَى الْجِنْسِيَّةِ تَقَعُ الْوَاحِدَةُ كما قد قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وأبو يُوسُفَ تَبَعًا له
وَأَمَّا النَّصْبُ فَلِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِكَوْنِهِ مَفْعُولًا بِهِ أو مَفْعُولًا مُطْلَقًا أو مَصْدَرًا وَحِينَئِذٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ الثَّلَاثِ إذْ الْمَعْنَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ أو لِكَوْنِهِ حَالًا من الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ في عَزِيمَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ منه وُقُوعُ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالطَّلَاقُ عَزِيمَةٌ إذَا كان ثَلَاثًا فَإِنَّمَا يَقَعُ ما نَوَاهُ وَهَذَا ما يَقْتَضِيهِ مَعْنَى هذه اللَّفْظَةِ مع قَطْعِ النَّظَرِ عن شَيْءٍ آخَرَ
فَأَمَّا الذي قد نَوَاهُ هذا الشَّاعِرُ الْمُعَيَّنُ بِقَوْلِهِ في شَعْرِهِ الْمَذْكُورَيْنِ فيه فَهُوَ الثَّلَاثُ
____________________
(9/6)
بِدَلِيلِ الْبَيْتِ الثَّالِثِ من قَوْلِهِ في شِعْرِهِ الْمَذْكُورَيْنِ فيه
فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً في مَحَلِّ الثَّلَاثِ بِلَا تَزْوِيجٍ أو كِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ أو عَكَسَهُ أو لم يَنْوِ شيئا بَلْ أَطْلَقَ فَاحْتِمَالَانِ أَظْهَرُهُمَا يُعْمَلُ بِالْيَقِينِ وَالْوَرَعُ الْتِزَامُ الْمَشْكُوكِ فيه بِإِيقَاعِهِ يَقِينًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَتَمَامُ الثَّلَاثِ فَلَا يَزُولُ الشَّكُّ فِيهِمَا انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
الثَّالِثَةُ لو قال الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي وَنَحْوُهُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ وَلَهُ أَكْثَرُ من زَوْجَةٍ فإذا كان هُنَاكَ نِيَّةٌ أو سَبَبٌ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ أو التَّخْصِيصَ عَمِلَ بِهِ وَمَعَ فَقْدِ السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ خَرَّجَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ على الرِّوَايَتَيْنِ في وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ على الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ في الطَّلَاقِ يَكُونُ تَارَةً في نَفْسِهِ وَتَارَةً في مَحَلِّهِ
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عُمُومَ الطَّلَاقِ من بَابِ عُمُومِ الْمَصْدَرِ لِأَفْرَادِهِ وَعُمُومُ الزَّوْجَاتِ يُشْبِهُ عُمُومَ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولَاتِهِ وَعُمُومُهُ لِأَفْرَادِهِ أَقْوَى من عُمُومِهِ لِمَفْعُولَاتِهِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ على أَفْرَادِهِ بِذَاتِهِ عَقْلًا وَلَفْظًا وَإِنَّمَا يَدُلُّ على مَفْعُولَاتِهِ بِوَاسِطَةٍ مِثَالُهُ لَفْظُ الْأَكْلِ والشرب فإنه يَعُمُّ أَنْوَاعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وهو أَبْلَغُ من عُمُومِ الْمَأْكُولِ إذَا كان عَامًا فَلَا يَلْزَمُ من عُمُومِهِ لِأَفْرَادِهِ وَأَنْوَاعِهِ عُمُومُهُ لِمَفْعُولَاتِهِ
ذَكَرَ مَضْمُونَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقوي في مَوْضِعٍ آخَرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِجَمِيعِ الزَّوْجَاتِ دُونَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِالزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالزَّوْجَاتِ الْمُتَعَدِّدَاتِ انْتَهَى
قال في الرَّوْضَةِ إنْ قال إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ بِالْكُلِّ وَبِمَنْ بَقِيَ وَإِنْ قال عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ ولم يذكر الْمَرْأَةَ فَالْحُكْمُ على ما تَقَدَّمَ انْتَهَى
وَأَمَّا إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا في وُقُوعِ الثَّلَاثِ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(9/7)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
إحْدَاهُمَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ صَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهَا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْأُخْرَى وَاحِدَةٌ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وقال عليها الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقِيلَ هِيَ أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَصَادَفَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا مَوْتَهَا أو قَارَنَهُ وَقَعَ وَاحِدَةً وَعَلَى الْأُولَى ثَلَاثٌ لِوُجُودِ الْمُفَسِّرِ في الْحَيَاةِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا أو طَالِقٌ الطَّلَاقَ وَنَوَى ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ في الْأُولَى طَلْقَةً وكذا في الثَّانِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ بَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا
الثَّانِيَةُ لو أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قال جَعَلْتهَا ثَلَاثًا ولم يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَوَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا لم تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(9/8)
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْفُرُوعِ فقال طَلُقَتْ وَاحِدَةً في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا قُلْنَا في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا تَطْلُقُ هُنَاكَ وَاحِدَةً فَهُنَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً بِطَرِيقِ أَوْلَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ قال أَرَدْت بِعَدَدِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ قُبِلَ منه
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ إذَا لم يَقُلْ هَكَذَا بَلْ أَشَارَ فَقَطْ فَطَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ زَادَ في الْكُبْرَى ولم يَكُنْ له نِيَّةٌ
وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن الْجَوَابِ وَاقْتَصَرَ عليه في التَّرْغِيبِ فقال تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ هذه ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْأُولَى وَاحِدَةً وَالثَّانِيَةَ ثَلَاثًا
بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ هذه طَلُقَتَا نَصَّ عليه وَإِنْ قال هذه أو هذه وَهَذِهِ طَالِقٌ وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ وَإِحْدَى الْأُولَتَيْنِ كهذه أو هذه بَلْ هذه طَالِقٌ
وَقِيلَ يُقْرَعُ بين الْأُولَى وَالْأُخْرَيَيْنِ كهذه بَلْ هذه أو هذه طَالِقٌ
____________________
(9/9)
وَقِيلَ يُقْرَعُ بين الْأُولَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أو أَكْثَرَهُ أو جَمِيعَهُ أو مُنْتَهَاهُ أو طَالِقٌ كَأَلْفٍ أو بِعَدَدِ الْحَصَا أو الْقَطْرِ أو الرِّيحِ أو الرَّمْلِ أو التُّرَابِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا
أَمَّا إذَا قال ذلك في غَيْرِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في كَأَلْفٍ
وقال في الِانْتِصَارِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يَأْثَمُ بِالزِّيَادَةِ
وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِهِ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي في مَوْضِعٍ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَشْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ في مَوْضِعٍ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي في مَوْضِعٍ آخَرَ فقال تَطْلُقُ وَاحِدَةً في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ وَاقْتَصَرَ عليه وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ في مَوْضِعٍ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فَوَائِدُ
إحداها لو قال أَنْتِ طَالِقٌ أَقْصَى الطَّلَاقِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كمنتهاه وَغَايَتِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أنها تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كأشده وَأَطْوَلِهِ وَأَعْرَضِهِ
____________________
(9/10)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو نَوَى كَأَلْفٍ في صُعُوبَتِهَا فَهَلْ يُقْبَلُ في الْحَكَمِ فيه الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ
الثَّالِثَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ ولم يَنْوِ بُلُوغَهَا طَلُقَتْ في الْحَالِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ على جِهَةٍ صَحِيحَةٍ وهو إمَّا أَنَّهُ يُحْمَلُ على مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ إلَى مَكَّةَ أو إذَا خَرَجْتِ إلَى مَكَّةَ فَإِنْ حُمِلَ على الْأَوَّلِ لم تَطْلُقْ إلَّا بِالدُّخُولِ إلَيْهَا وَهَذَا أَوْلَى لِبَقَاءِ نَفْيِ النِّكَاحِ وَإِنْ حُمِلَ على الثَّانِي كان حُكْمُهَا حُكْمَ ما لو قال إنْ خَرَجْتِ إلَى الْعُرْسِ أو إلَى الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ إلَى ذلك تَقْصِدُهُ ولم تَصِلْ إلَيْهِ وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَكَّةَ طَلُقَتْ في الْحَالِ
وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ أَشَدُّ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ في آخِرِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قال في أَشَدِّ الطَّلَاقِ كأقبح الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلْقَةً في الْحَيْضِ أو ثَلَاثًا على احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ وقال كَيْفَ يسوي بين أَشَدِّ الطَّلَاقِ وَأَهْوَنِ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ أو أَغْلَظَهُ أو أَطْوَلَهُ أو أَعْرَضَهُ أو مِلْءَ الدُّنْيَا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا
____________________
(9/11)
بِلَا نِزَاعٍ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ من وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَخَرَّجَ وَجْهً بِأَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَلَوْ لم يَقُلْ نَوَيْتهَا من مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الْآتِيَةِ في آخِرِ الْكِتَابِ إلْغَاءً لِلطَّرَفَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً في طَلْقَتَيْنِ وَنَوَى طَلْقَةً مع طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى موجبة عِنْدَ الْحِسَابِ وهو يَعْرِفُهُ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ لم يَعْرِفْهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ بن حَامِدٍ
يَعْنِي وَإِنْ لم يَعْرِفْ مُوجَبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ وَنَوَاهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال النَّاظِمُ هذا أَصَحُّ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعِنْدَ الْقَاضِي تَطْلُقُ وَاحِدَةً
وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَإِنْ قال وَاحِدَةً في اثْنَتَيْنِ لَزِمَ الْحَاسِبَ اثْنَتَانِ وَغَيْرَهُ ثلاثا ( ( ( ثلاث ) ) ) ولم يُفَصِّلْ
____________________
(9/12)
فَائِدَةٌ لو قال الْحَاسِبُ أو غَيْرُهُ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْحَاسِبِ اثْنَتَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَنْوِ وَقَعَ بِامْرَأَةِ الْحَاسِبِ طَلْقَتَانِ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ
قَوْلُهُ وَبِغَيْرِهَا طَلْقَةٌ
يَعْنِي بِغَيْرِ امْرَأَةِ الْحَاسِبِ إذَا لم يَنْوِ شيئا وهو الصَّحِيحُ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي أَنَّ عليه الْأَصْحَابَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ امْرَأَةُ الْعَامِّيِّ ثَلَاثًا دُونَ غَيْرِهِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ ولم يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا في ذلك بين أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ له عُرْفٌ بهذا اللَّفْظِ أَمْ لَا
وَالظَّاهِرُ إنْ كان الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ في ها هنا بِمَعْنَى مع
____________________
(9/13)
وَقَعَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ يُحْمَلُ على عُرْفِهِمْ وَالظَّاهِرُ إرَادَتُهُ وهو الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ من كَلَامِهِ انْتَهَى
وَجَزَمَ بهذا في الرِّعَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ في نِصْفِ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَةً بِكُلِّ حَالٍ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَائِدَةٌ أُخْرَى لو قال أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلُ ما طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَجَهِلَ عَدَدَهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ بَلْ تَطْلُقُ بِعَدَدِ ما طَلَّقَ زَيْدٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ أو نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أو نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ طَلْقَةً
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنِ في الْأَخِيرَةِ وهو قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ النِّصْفِ من كل طَلْقَةٍ مِنْهُمَا
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَةً جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْأَثْرَمِ وَأَبِي الْحَارِثِ وَأَبِي دَاوُد قال ولم أَجِدْ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ اشْتَرَطَ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ النِّيَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْبَعْضِ عن الْكُلِّ من صِفَاتِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَسْتَدْعِي قَصْدَهُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا لم يَصِحَّ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِ عنه انْتَهَى
وَيَأْتِي في هذا الْبَابِ الذي يَلِيهِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ أو ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
____________________
(9/14)
وإذا قال لها أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ قال ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ
وَقِيلَ وَاحِدَةٌ كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ أو نِصْفِ ثِنْتَيْنِ
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَزَمَ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ فيها أنها تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ
ثُمَّ ظَهَرَ لي أَنَّ في الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا حَصَلَ ذلك من النَّاسِخِ أو من تَخْرِيجٍ غَلَطٍ أو يَكُونُ على هذا تَقْدِيرُ الْكَلَامِ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ كَنِصْفِ ثِنْتَيْنِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً
فَائِدَةٌ خَمْسَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ أو أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَنَحْوُهُ كَثَلَاثَةِ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَيْنِ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
قال النَّاظِمُ وَلَيْسَ بِمُبْعَدٍ
وقال في الْفُرُوعِ ويتوجه ( ( ( وتوجه ) ) ) مِثْلُهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ثِنْتَيْنِ وقال في الرَّوْضَةِ يَقَعُ اثنتان
____________________
(9/15)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ أو نِصْفَ وَثُلُثَ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَةً
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ في الْأُولَى وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ في الثَّالِثَةِ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ تَقَعُ ثَلَاثًا في الثَّانِيَةِ وفي كل ( ( ( ما ) ) ) مالا يَزِيدُ على وَاحِدَةٍ إذَا جَمَعَ
قَوْلُهُ وإذا قال لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ
وكذا قَوْلُهُ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أو اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا وَقَعَ بِكُلِّ واحد ( ( ( واحدة ) ) ) طَلْقَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ إذَا قال أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ ثَلَاثًا ما أَرَى إلَّا قد بِنَّ منه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَعَنْهُ إنْ أَوْقَعَ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ اثنتان وَإِنْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا فَثَلَاثٌ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْأَقْوَى يَقَعُ ثَلَاثَةً في غَيْرِ الْأُولَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ خَمْسًا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ
وكذا لو أَوْقَعَ سِتًّا أو سَبْعًا أو ثَمَانِيًا
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَقَعُ ثَلَاثٌ
وَإِنْ أَوْقَعَ تِسْعًا فَأَزْيَدَ فَثَلَاثٌ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(9/16)
فَائِدَةٌ لو قال أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً فَثَلَاثٌ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ وَاحِدَةٌ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ على الرِّوَايَتَيْنِ وهو طَرِيقُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَالَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حُكْمُهَا حُكْمُ ما لو قال بَيْنَكُنَّ أو عَلَيْكُنَّ ثَلَاثًا قال وَهَذَا الطَّرِيقُ أَقْرَبُ إلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ قال نِصْفُك أو جَزْءٌ مِنْك أو أصبعك أو أُذُنُك طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو قال أصبعك أو يَدُك طَالِقٌ وَلَا يَدَ لها وَلَا إصْبَعَ أو قال إنْ قُمْت فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقَامَتْ بَعْدَ قَطْعِهَا فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وقال بِنَاءً على أَنَّهُ هل هو بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ أو بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عن الْكُلِّ كَذَا قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى عُضْوٍ فَهَلْ يَقَعُ عليها جُمْلَةً تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ الْقَاضِي أو على الْعُضْوِ أو الْبَعْضِ نَظَرًا لِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ ثُمَّ يَسَرِي تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ فيه وَجْهَانِ وبنى عَلَيْهِمَا الْمَسْأَلَةُ
أحدهما تَطْلُقُ فِيهِمَا جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ بِهِمَا
وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أنها تَطْلُقُ في الثَّانِيَةِ وَلَا تَطْلُقُ في الْأُولَى
____________________
(9/17)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال دَمُك طَالِقٌ طَلُقَتْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قال بن الْبَنَّا لَا تَطْلُقُ وَاقْتَصَرَ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو قال لَبَنُكِ أو مَنِيُّكِ طَالِقٌ فَقِيلَ هُمَا كَالدَّمِ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَمَنِيٌّ كَدَمٍ
وَقِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في اللَّبَنِ
نُسِبَ تَقْدِيمُهُ إلَى صَاحِبِ الْفُرُوعِ فيه
وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَقِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهِمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي في مَوْضِعَيْنِ في اللَّبَنِ
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ عن هذا الْقَوْلِ إنَّهُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَيْضًا فإنه مَدْلُولُهُ كما لَا يَخْفَى على من تَأَمَّلَهُ فإنه قال فيه وَقِيلَ تَطْلُقُ بِسِنٍّ وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَقِيلَ وَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ كَدَمٍ وَفِيهِ وَجْهٌ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ انْتَهَى
فَفَهِمَ بَعْضُهُمْ منه أَنَّ قَوْلَهُ وَلَبَنٌ وَمَنِيٌّ مَرْفُوعَانِ اسْتِئْنَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فإنه لم يَسْبِقْ له في الْفُرُوعِ ذِكْرُ حُكْمِ الدَّمِ بَلْ الظَّاهِرُ جَرُّهُمَا عَطْفًا على ما قَبْلَهُمَا وَحِينَئِذٍ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ
وَيُؤَيِّدُهُ الْجَزْمُ في الْمُغْنِي فيها بِعَدَمِ الْوُقُوعِ في اللَّبَنِ في مَوْضِعَيْنِ منه كما نَقَلْته
____________________
(9/18)
عنه هُنَا وَعَنْهُ جَزَمَ الْمُسْتَوْعِبُ حَيْثُ قَاسَ الشَّعْرَ وَالظُّفْرَ وَالسِّنَّ وَالدَّمْعَ وَالْعَرَقَ في عَدَمِ الْوُقُوعِ بها عليها
وإذا كان كَذَلِكَ في اللَّبَنِ فَفِي الْمَنِيِّ كَذَلِكَ أَيْضًا لِاشْتِرَاكِهِمَا عِنْدَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ في الْحُكْمِ والمعنى ( ( ( ويأتي ) ) ) أَيْضًا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ نَظَرًا لِلتَّقْدِيرَيْنِ السَّابِقَيْنِ في حِلِّ قَوْلِ الْفُرُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال شَعْرُكِ أو ظُفْرُكِ أو سِنُّكِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ وَوَجْهٌ في الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا فيه
فَائِدَةٌ لو قال سَوَادُكِ أو بَيَاضُكِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَطْلُقُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الرِّيقِ وَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ وَالْحَمْلِ لم تَطْلُقْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الِانْتِصَارِ هل يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إلَى صِفَةٍ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنَحْوِهِمَا إنْ قُلْنَا تَسْمِيَةُ الْكُلِّ الْجُزْءَ عِبَارَةٌ عن الْجَمِيعِ كِنَايَةً أو مَجَازًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ صَحَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال رُوحُك طَالِقٌ طَلُقَتْ
وهو الْمَذْهَبُ قال في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَإِنْ قال رُوحُك طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(9/19)
وقال أبو بَكْرٍ لَا تَطْلُقُ
فقال لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ ولا ظِهَارٌ ولا عِتْقٌ ولا حَرَامٌ بِذِكْرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ وَبِذَلِكَ أَقُولُ انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَهَذَا ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فأنه قال وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مُبْهَمًا أو مُشَاعًا أو مُعَيَّنًا أو عُضْوًا طَلُقَتْ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ وَكَذَا الرُّوحُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن الْجَوْزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ انْتَهَى
وما ذَكَرَهُ عن أبي بَكْرٍ فيه نَظَرٌ وَيَرُدُّهُ ما نَقَلَهُ آنِفًا وما نَقَلَهُ هو عنه في مَحَلٍّ آخَرَ أَيْضًا
ثُمَّ وَجَدْت بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ نَقَلَ عن الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ بن مَغْلِيٍّ أَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ هذا يَغْلِبُ على صَاحِبِ الْفُرُوعِ في الْكَلَام يَعْنِي قَوْلَهُ وَكَذَا الرُّوحُ وَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ على قَوْلِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا وَأَنَّ مُرَادَهُ أنها تَطْلُقُ بِالرُّوحِ على هذه الرِّوَايَةِ لَكِنَّهُ وَهَمَ في عَزْوِهَا إلَى أبي بَكْرٍ انْتَهَى وهو كما قال
قال شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ أبي بَكْرٍ سَهْوٌ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّصُّ عَدَمُ الْوُقُوعِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَهَذَا بِنَاءً على أَنَّ الْإِشَارَةَ في قَوْلِهِ في الْفُرُوعِ وَكَذَا الرُّوحِ إلَى آخِرِهِ إلَى الْوُقُوعِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وهو الظَّاهِرُ من الْعِبَارَةِ وقد أَوَّلَهُ بِهِ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَاشِيَتِهِ عليه فَجَعَلَ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ فيه هو قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِك بَعْضُ وَلِيَّتِي أَيْ فَلَا تَطْلُقُ في هذه الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى الْمُشَبَّهَةُ بها فيه لها
فَالتَّشْبِيهُ في أَصْلِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَنْطِقُ الِانْتِفَاءَيْنِ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ في الْفُرُوعِ هو الْوُقُوعَ في الرُّوحِ وكذا مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا
____________________
(9/20)
إنْ قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ فيه وَكَذَا الْحَيَاةُ عَطْفٌ على قَوْلِهِ وَكَذَا الرُّوحُ وَقِيلَ إنَّهُ عَطْفٌ على جُمْلَةِ قَوْلِهِ وَكَذَا الرُّوحُ فَيَكُونُ قد حكى فيه الْخِلَافُ فيها
وَالرَّاجِحُ فيه عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَهُ كما جَعَلَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ عليه مُقْتَضَى كَلَامِهِ فيها خِلَافًا لَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا من الْجَزْمِ بِالْوُقُوعِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو قال حَيَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ كَبَقَائِك أو نَفْسِك بِسُكُونِ الْفَاءِ لَا بِفَتْحِهَا فإنه كَرِيحِك وهواؤك ( ( ( وهوائك ) ) ) وَرَائِحَتِك وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ أنها لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَاشِيَتِهِ عليه مُقْتَضَى كَلَامِهِ فيه وَكَمَسْأَلَةِ الرُّوحِ وَالدَّمِ وَإِنْ كان الْمَذْهَبُ فِيهِمَا الوقوع ( ( ( كالوقوع ) ) ) كما ذَكَرَ
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ فيها الْخِلَافَ كَالرُّوحِ وَالدَّمِ وَنَحْوِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَذْهَبُ فيها كُلِّهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ كَإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَنَحْوِهِمَا كَالرَّائِحَةِ لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا وَالْحَيَاةُ عَرَضٌ بِاتِّفَاقِ الْمُتَكَلِّمِينَ كَالْبَقَاءِ وَالرَّوْحِ وَالرُّوحِ وَالرَّائِحَةِ وَالرِّيحِ وَالْهَوَاءِ بِخِلَافِ الرُّوحِ
وَهَذَا ما ظَهَرَ لي من تَحْرِيرِ هذا الْمَحَلِّ وَكَمَا هو في كُتُبِ غَيْرِنَا كَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ الْحَيَاةُ عَرَضٌ كَالْهَوَاءِ لَا يَسْتَغْنِي الْحَيَوَانُ عنها كَالرُّوحِ وَالدَّمِ وَالْبَقَاءِ وَالنَّفْسِ بِالسُّكُونِ لَا بِالْفَتْحِ بِخِلَافِ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَنَحْوِهِمَا فإن الْحَيَوَانَ يَعِيشُ بِدُونِهَا لَا بِدُونِ جَمِيعِ الْأَعْرَاضِ كُلِّهَا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فيها جميعا
الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ هُنَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا أو بهذا الْبَلَدِ صَحَّ وَيُكْمِلُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ انْتَهَى
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَضَعَ هذه الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِكَوْنِهَا شَبِيهَةً بِتَطْلِيقِ عُضْوٍ منها فَكَمَا أنها تَطْلُقُ كُلُّهَا بِتَطْلِيقِ عُضْوٍ منها أو بِبَعْضِهَا فَكَذَلِكَ تَطْلُقُ أَيْضًا في هذه الْمَسْأَلَةِ
____________________
(9/21)
في جَمِيعِ الشُّهُورِ وَالْبُلْدَانِ في قَوْلِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَالْفُسُوخِ
الثَّالِثَةُ حُكْمُ الْعِتْقِ في ذلك كُلِّهِ حُكْمُ الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وإذا قال لِمَدْخُولٍ بها أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أو إفْهَامَهَا
وَيُشْتَرَطُ في التَّأْكِيدِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مع الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ كَالْإِقْرَارِ وَنَقَلَ أبو دَاوُد في قَوْلِهِ اعتدى اعتدى مَرَّتَيْنِ فَأَرَادَ الطَّلَاقَ هِيَ طَلْقَةٌ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَظَاهِرُ هذا النَّصِّ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ إذَا لم يَنْوِ التَّكْرَارَ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَا فِعْلَ كَذَا وَكَرَّرَهُ لم يَقَعْ أَكْثَرَ من طَلْقَةٍ إذَا لم يَنْوِ
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا
وَحَكَى الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ إجْمَاعًا وكان الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ من الشَّرْطِ الْجَزَاءُ فَيَقَعُ الثَّلَاثَ مَعًا لِلتَّلَازُمِ وَلَا رَبَطَ لِلْيَمِينِ ذَكَرَهُ في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو قال أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى لم يُقْبَلْ وَوَقَعَ ثَلَاثًا لِعَدَمِ اتِّصَالِ التَّأْكِيدِ وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ ثَلَاثٌ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةً ما لم يَنْوِ أَكْثَرَ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في
____________________
(9/22)
التَّرْغِيبِ أَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ تَكَرَّرَ فإنه قال فيه لو قال أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ قُبِلَ أَيْضًا قَصْدُ التَّأْكِيدِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَحْكَامَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَالتَّفْصِيلُ إنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أو أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ التَّأْكِيدَ
الثَّالِثَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وقال أَرَدْت تَأْكِيدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَرَدْت تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ بِالثَّالِثَةِ دُيِّنَ
وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُبِلَ منه لِمُطَابَقَتِهَا لها في لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا مَعًا وَجَزَمَ بِهِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ في الْفَاءِ وَثُمَّ فَإِنْ غَايَرَ بين الْأَحْرُفِ مِثْلُ إنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ أو ثُمَّ طَالِقٌ أو فَطَالِقٌ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ في إرَادَةِ التَّأْكِيدِ قَوْلًا وَاحِدًا
الرَّابِعَةُ لو قال أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ وقال أَرَدْت تَأْكِيدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ جُزِمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
وَإِنْ أتى بِالْوَاوِ فقال أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَمُفَارَقَةٌ فَهَلْ يُقْبَلُ منه إرَادَةُ التَّأْكِيدِ فيه احْتِمَالَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ عَدَمَ الْقَبُولِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أو ثُمَّ طَالِقٌ أو بَلْ طَالِقٌ أو طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أو بَلْ طَلْقَةً أو طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أو قبل طَلْقَةٍ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أو ثُمَّ طَالِقٌ أو بَلْ طَالِقٌ لَا أَعْلَمُ
____________________
(9/23)
فيه خِلَافًا إلَّا رِوَايَةً في الْمُحَرَّرِ بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ وبن الزَّاغُونِيِّ تَطْلُقُ ثَلَاثًا
وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وعليه ( ( ( وعليها ) ) ) أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قبل طَلْقَةٍ أو بَعْدَهَا طَلْقَةٌ هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ يَقَعُ اثنتان
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في بَعْدَهَا طَلْقَةٌ
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا قُلْنَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ هل يَقَعَانِ مَعًا أو مُتَعَاقِبَتَانِ فِيمَا إذَا كانت الزَّوْجَةُ غير مَدْخُولٍ بها وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَهَا طَلْقَةً في نِكَاحٍ آخَرَ وَزَوْجٍ آخَرَ دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ قِيلَ يُقْبَلُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ
وَقِيلَ يُقْبَلُ إنْ وُجِدَ ذلك وَإِلَّا فَلَا
قلت وهو الصَّوَابُ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا لم يَكُنْ وَجَدَ
____________________
(9/24)
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ سَأُوقِعُهَا دُيِّنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وفي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ
وقال في الرَّوْضَةِ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وفي قَبُولِهِ في الْبَاطِنِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قلت الصَّوَابُ الْقَبُولُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها بَانَتْ بِالْأُولَى ولم يَلْزَمْهَا ما بَعْدَهَا
يَعْنِي فِيمَا تَقَدَّمَ من الْمَسَائِلِ فَدَخَلَ في كَلَامِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أو قبل طَلْقَةٍ وَكَذَا حُكْمُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بها إلَّا وَاحِدَةٌ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَشْهَرُ وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَقَعَانِ مَعًا فَيَقَعُ اثنتان بِالْمَدْخُولِ بها وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهَا أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ في قَوْلِهِ طَلْقَةٌ بَعْدَ طَلْقَةٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وزاد عليها قبل طَلْقَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي
حتى تَبِينَ بِطَلْقَةٍ في غَيْرِ الْمَدْخُولِ بها وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَشْهَرُ وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَصَرَهُ الشَّارِحُ
____________________
(9/25)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ
وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ
وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بها في هذه الْمَسْأَلَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ الْأَصَحُّ يَقَعُ اثنتان وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ نَقَلَهُ عنه بن الْبَنَّا ذَكَرَ ذلك في الْمُسْتَوْعِبِ على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أو مع طَلْقَةٍ أو طَالِقٌ وَطَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أو مع طَلْقَةٍ لَا نِزَاعَ فيه في الْمَذْهَبِ في الْمَدْخُولِ بها وَغَيْرِهَا وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بها هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ تَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بها في الْأُولَى بِنَاءً على أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ قَالَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
قال الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ وفي بِنَاءِ بن أبي مُوسَى نَظَرٌ بَلْ الْأَوْلَى في تَعْلِيلِ أنها تَبِينُ بِالْأُولَى أنها إنْشَاءٌ وَالْإِنْشَاءَاتُ يَتَرَتَّبُ مَعْنَاهَا على ثُبُوتِ لَفْظِهَا
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهُ أنها تَبِينُ بِالْأُولَى وَلَوْ لم تَكُنْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ
قَوْلُهُ وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنَجَّزِ في هذا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَدَّمَ الشَّرْطَ أو أَخَّرَهُ أو كَرَّرَهُ
فَلَوْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ
____________________
(9/26)
الدَّارَ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً إنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها وَثَلَاثًا إنْ كانت مَدْخُولًا بها وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ ذَهَبَ الْقَاضِي إلَى وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ في الْحَالِ في حَقِّ الْمَدْخُولِ بها وَتَبْقَى الثَّالِثَةُ مُعَلَّقَةٌ بِالدُّخُولِ قَالَا وهو ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَأَبْطَلَاهُ وَقَالَا أَيْضًا ذَهَبَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ أو طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَكَذَا لو أَخَّرَ الشَّرْطَ إلَى أَنْ غَيَّرَ الْمَدْخُولَ بها تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ في الْحَالِ من غَيْرِ دُخُولِ الدَّارِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ قال وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ ثُمَّ كَسَكْتَةٍ لِتَرَاخِيهَا فَيَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ طَلْقَةٌ فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بها إذَنْ اثنتان وَطَلْقَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِالشَّرْطِ إنْ تَقَدَّمَ فَبِالْأُولَى وَإِنْ تَأَخَّرَ فَبِالْأَخِيرَةِ وَيَقَعُ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بها الثَّانِيَةُ مُنَجَّزَةٌ إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ وَالثَّالِثَةُ لَغْوٌ وَالْأُولَى مُعَلَّقَةٌ
وَإِنْ أَخَّرَهُ فَطَلْقَةٌ مُنَجَّزَةٌ وَالْبَاقِي لَغْوٌ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْأُولَى انْتَهَى
وقال في الْمُذْهَبِ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ إنَّ الْقَاضِي أَوْقَعَ وَاحِدَةً فَقَطْ في الْحَالِ وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنَجَّزِ لِأَنَّ اللُّغَةَ لم تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وقال إنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ فَطَلْقَةٌ مُنَجَّزَةٌ وَإِنْ قَدَّمَ لم يَقَعْ إلَّا طَلْقَةٌ بِالشَّرْطِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ إجْمَاعًا
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا من قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَا فِعْلُ كَذَا وَكَرَّرَهُ فإنه لَا يَقَعُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إذَا لم يَنْوِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفَرَّقُوا بين الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالتَّعْلِيقِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
____________________
(9/27)
بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ حُكِيَ عن أبي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ في الطَّلَاقِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَكْثَرُ أَجْوِبَتِهِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلَا تَفْرِيعَ عليه
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ خَصُّوا قَوْلَ أبي بَكْرٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ في عَدَدِ الطَّلَاقِ دُونَ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ وَمِنْهُمْ من حكى عنه إبْطَالُ الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ مُطْلَقًا قال وهو ظَاهِرٌ انْتَهَى
قلت وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَطَعَ في الْفُرُوعِ بِالْأَوَّلِ
وقال في التَّرْغِيبِ لو قال أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ لم يَصِحَّ على الْأَشْبَهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ قال أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ انْتَهَى
قُلْت وهو ضَعِيفٌ
قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ ما دُونَ النِّصْفِ
وهو الْمَذْهَبُ كما قال بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عليه
وهو الْمَذْهَبُ أَيْضًا كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ في أُصُولِهِ وَاسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ
فَائِدَةٌ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ في الطَّلَقَاتِ وَالْمُطَلَّقَاتِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِ ذلك إلَّا ما حُكِيَ عن أبي بَكْرٍ وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
____________________
(9/28)
قَوْلُهُ وفي النِّصْفِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال بن هُبَيْرَةَ الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ في الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ فإنه ذَكَرَ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ وَاقْتَصَرَ عليه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مِثْلَ على الْأَظْهَرِ
قال النَّاظِمُ الْفَسَادُ أَجْوَدُ
وَنَقَلَهُ أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وهو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِنَا
وَنَصَرَهُ شَارِحُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَسْقَلَانِيُّ في مختصر مُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ وهو صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرُهُ
تَنْبِيهٌ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَوْا الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وقال أبو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْخُلَاصَةِ هُمَا رِوَايَتَانِ
وَذَكَرَ أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً بِالْمَنْعِ كما تَقَدَّمَ
____________________
(9/29)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ أو خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ بِنَاءً على عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ اثْنَتَانِ بِنَاءً على الْقَوْلِ الْآخَرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
قُلْت لو قِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا في قَوْلِهِ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا وَإِنْ أَوْقَعْنَا في الْأُولَى طَلْقَتَيْنِ لَكَانَ له وَجْهٌ لِأَنَّ لنا وَجْهًا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى ما يَمْلِكُهُ وهو هُنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ وقد اسْتَثْنَاهَا فَلَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قد اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بِخِلَافِ ما إذَا اسْتَثْنَى اثْنَتَيْنِ من ثَلَاثٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْفُصُولِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ على صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَعَدَمِهِ وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أو اثْنَتَيْنِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/30)
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ من الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وَاسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ صَحِيحٌ على الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ من الِاسْتِثْنَاءِ في الطَّلَاقِ إلَّا في هذه الْمَسْأَلَةِ فإنه يَصِحُّ إذَا أَجَزْنَا النِّصْفَ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَقَعَ الثَّلَاثُ
فَائِدَةٌ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى من الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ في حَقِّهَا لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ من النَّفْيِ إثْبَاتًا فَيَقَعُ فَيُقْبَلُ ذلك في إيقَاعِ طَلَاقِهِ وَإِنْ لم يُقْبَلُ في نَفِيهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أو طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ في أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أو طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَانِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْجَمِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/31)
لَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ وَقَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى الْأَخِيرَةِ فإذا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وما قَالَهُ في الْمُغْنِي ليس بِجَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً كما قَدَّمَهُ بن حَمْدَانَ وَقَطَعَ بِهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أَيْضًا
لَكِنْ ذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ عن الْقَاضِي أنها تَطْلُقُ ثَلَاثًا في هذه وفي الْجَمِيعِ
وَاخْتَارَ الشَّارِحُ وُقُوعَ الثَّلَاثِ في الْأُولَى وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْبَاقِي وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمَذْهَبِ في الْأُولَى وفي قَوْلِهِ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً
فإذا قُلْنَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا في قَوْلِهِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً لو أَرَادَ اسْتِثْنَاءً من الْمَجْمُوعِ دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ فإنه قال دُيِّنَ وَاقْتَصَرَ عليه
قال بن رَزِينٍ في التَّهْذِيبِ كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَّرَ قَوْلَهُ فيه بِمَا يَحْتَمِلُهُ فإنه يُدَيَّنُ فيه فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ دُونَ الْحُكْمِ انْتَهَى
وَنَقَلَهُ أَيْضًا عنه في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قلت الصَّوَابُ قَبُولُهُ
قال الشَّيْخُ في مُخْتَصَرِهِ هِدَايَةِ أبي الْخَطَّابِ فَإِنْ قال أَرَدْتُ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ من الثَّلَاثِ قُبِلَ
وَهَذَا الْجَزْمُ من الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ مع إطْلَاقِ أبي الْخَطَّابِ لِلْخِلَافِ على ما نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ أَحْسَنُ ما يَسْتَنِدُ إلَيْهِ في تَصْحِيحِ الْوَجْهِ الثَّانِي وهو الْقَبُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(9/32)
فَائِدَةٌ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ اثْنَتَيْنِ قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا أَقْيَسُ
وَإِنْ قال اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أنها تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ بِنَاءً على قَاعِدَتِهِ
وَقَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى ما يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً
وَأَبْدَى الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي احْتِمَالَيْنِ
أَحَدَهُمَا ما قَالَهُ الْقَاضِي
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ
وَإِنْ فَرَّقَ بين الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى منه فقال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً قال في التَّرْغِيبِ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ على الْوَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً وَقَعَتْ الثَّلَاثُ
أَمَّا في الْحُكْمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَأَمَّا في الْبَاطِنِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ في فُرُوقِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُدَيَّنُ وَاخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ
____________________
(9/33)
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ في صَرِيحِ النُّطْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال نِسَائِي طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ لم تَطْلُقْ
فَيُقْبَلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلًا وَاحِدًا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُنَوِّرُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طَلُقَتْ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
ولم تَطْلُقْ في الْبَاطِنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ
وقال في التَّرْغِيبِ لو قال أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ لم يَصِحَّ على الْأَشْبَهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ وَأَوْقَعَ ويصح ( ( ( وصح ) ) ) أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ
الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهِمَا اتِّصَالُ مُعْتَادٍ لَفْظًا وَحُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
____________________
(9/34)
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا نِيَّتُهُ قبل تَكْمِيلِ ما أَلْحَقَهُ بِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ يَصِحُّ بَعْدَ تَكْمِيلِ ما أَلْحَقَهُ بِهِ قَطَعَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في التَّرْغِيبِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ
وقال لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بالنية ( ( ( النية ) ) ) وَبِالِاسْتِثْنَاءِ انْتَهَى
وَقِيلَ مَحَلُّهُ في أَوَّلِ الْكَلَامِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ تَوْجِيهًا من عِنْدِهِ
وَسَأَلَهُ أبو دَاوُد عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ له أَلَك امْرَأَةٌ سِوَى هذه فقال كُلُّ امْرَأَةٍ لي طَالِقٌ فَسَكَتَ فَقِيلَ إلَّا فُلَانَةَ قال إلَّا فُلَانَةَ فَإِنِّي لم أَعْنِهَا فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فيه
وَيَأْتِي في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى
____________________
(9/35)
بَابُ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ
قَوْلُهُ إذَا قال لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أو قبل أَنْ أَنْكِحَك يَنْوِي الْإِيقَاعَ وَقَعَ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِقَصْدِ وُقُوعِهِ أَمْسِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ كَمَسْأَلَةٍ ما إذَا لم يَنْوِ إلَّا نِيَّةً
وَعَنْهُ يَقَعُ إنْ كانت زَوْجَتُهُ أَمْسِ
نَقَلَ مُهَنَّا إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ فَلَيْسَ هذا بِشَيْءٍ فَمَفْهُومُهُ أنها إنْ كانت زَوْجَتُهُ بِالْأَمْسِ طَلُقَتْ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَنْوِ لم يَقَعْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليه الْأَكْثَرُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وقال الْقَاضِي يَقَعُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيَلْغُو ذِكْرُ أَمْسِ
وحكي عن أبي بَكْرٍ لَا يَقَعُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَيَقَعُ إذَا قال قبل أَنْ أَنْكِحَكِ
قال الْقَاضِي رَأَيْته بِخَطِّ أبي بَكْرٍ في جَزْءٍ مُفْرَدٍ
وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أبي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذلك ثَانِيًا فَيَبِينُ وُقُوعُهُ الْآنَ
____________________
(9/36)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في تَعْلِيلِ قَوْلِ أبي بَكْرٍ لِأَنَّ أَمْسِ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فيه
وَقَبْلَ تَزَوُّجِهَا مُتَصَوَّرُ الْوُجُودِ فإنه يُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَهَذَا الْوَقْتُ قَبْلَهُ فَوَقَعَ في الْحَالِ كما لو قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل قُدُومِ زَيْدٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْتُ أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا أو طَلَّقْتُهَا أنا في نِكَاحٍ قبل هذا قُبِلَ منه إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُدَيَّنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُدَيَّنُ فِيهِمَا بَاطِنًا حَكَاهَا الْحَلْوَانِيُّ وبن عَقِيلٍ
وَأَمَّا في الْحُكْمِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ يُقْبَلُ أَيْضًا وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم تُكَذِّبْهُ قَرِينَةٌ من غَضَبٍ أو سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هو الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قُبِلَ حُكْمًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أو نَقْصٌ من الْكَاتِبِ وَإِنَّمَا هذا الشَّرْطُ على التَّخْرِيجِ الْآتِي
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ إذَا قُلْنَا تَطْلُقُ بِلَا نِيَّةٍ أَنْ لَا يُقْبَلَ منه في الْحُكْم إلَّا أَنْ يُعْلَمَ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ من وَثَاقٍ أو مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلِي
____________________
(9/37)
وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُ ذلك فَلْيُعَاوَدْ فإن الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا أَنَّ الْحَكَمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ قُبِلَ منه إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ أَيْ وُجُودَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قد وُجِدَ ذلك منه أو من الزَّوْجِ الذي قَبْلَهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ إذَا أَمْكَنَ
قال في التَّرْغِيبِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو إنْ تَدَاعَيَا عِنْدَهُ أو لَا مُطْلَقًا أو يُشْتَرَطُ في الْحُكْمِ دُونَ التَّدَيُّنِ بَاطِنًا وهو الْأَظْهَرُ فيه خِلَافٌ
لَكِنْ فَرْقٌ بين إمْكَانِ الصَّوْتِ وَلَوْ لم يَكُنْ وُجِدَ شَيْءٌ مُطْلَقًا وَبَيْنَ الْوُجُودِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ ثُبُوتُهُ في نَفْسِ الْأَمْرِ أو عِنْدَ الْحَاكِمِ لِلْحُكْمِ أو للتدين ( ( ( التدين ) ) ) مَثَلًا
فَكُلٌّ من ذلك مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا خِلَافًا لِمَنْ يَجْعَلُ الْخُلْفَ لَفْظِيًّا في ذلك كُلِّهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبل الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ فَهَلْ تَطْلُقُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ
وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ
____________________
(9/38)
فَإِنْ قِيلَ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَاكَ وهو الْمَذْهَبُ لم تَطْلُقْ هُنَا لِأَنَّ شَرْطَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ النِّيَّةُ ولم يَتَحَقَّقْ وُجُودُهَا
وَإِنْ قِيلَ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هُنَا طَلُقَتْ هُنَاكَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَقَدِمَ قبل مُضِيِّ شَهْرٍ لم تَطْلُقْ
كَذَا إذَا قَدِمَ مع الشَّهْرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
حتى قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لم تَطْلُقْ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ من أَصْحَابِنَا
وَقِيلَ هُمَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ
فَائِدَةٌ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ جَزَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِتَحْرِيمِ وَطِئَهَا من حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عليه وَطْؤُهَا من حِينِ عَقْدِ هذه الصِّفَةِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَأْتِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فيه ولم يذكر خِلَافَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فيه تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ فيه
بِلَا نِزَاعٍ وكان وَطْؤُهُ مُحَرَّمًا فَإِنْ كان وطىء لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لها النَّفَقَةُ من حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ
قلت فَيُعَايَى بها
____________________
(9/39)
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ وكان الطَّلَاقُ بَائِنًا ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ الشَّهْرِ بِيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ
وَهَذَا صَحِيحٌ لَا خِلَافَ فيه لِأَنَّ الطَّلَاقَ لم يُصَادِفْهَا إلَّا بَائِنًا وَالْبَائِنُ لَا يَقَعُ عليها الطَّلَاقُ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ دُونَ الْخُلْعِ
بِلَا خِلَافٍ عليها لَكِنْ إذَا لم يَقَعْ الْخُلْعُ تَرْجِعُ بِالْعِوَضِ
وَقَوْلُهُ وكان الطلاق ( ( ( كالطلاق ) ) ) بَائِنًا
احْتِرَازًا من الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فإنه يَصِحُّ الْخُلْعُ مُطْلَقًا أَعْنِي قبل وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا
الثَّالِثَةُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل مَوْتِي بِشَهْرٍ لَكِنْ لَا إرْثَ لِبَائِنٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ
وَلَوْ قال إذَا مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَهُ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ لِمُضِيِّهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ قبل مَوْتِي طَلُقَتْ في الْحَالِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في التَّبْصِرَةِ تَطْلُقُ في جَزْءٍ يَلِيهِ مَوْتُهُ كَقُبَيْلِ موتى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قَوْلُهُ وَإِنْ قال بَعْدَ مَوْتِي أو مع مَوْتِي لم تَطْلُقْ
بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
لَكِنْ قال في الْقَوَاعِدِ يَلْزَمُ على قَوْلِ بن حَامِدٍ الْوُقُوعُ هُنَا في قَوْلِهِ مع مَوْتِي لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ مع الْحُكْمِ بِالْبَيْنُونَةِ فَإِيقَاعُهُ مع سَبَبِ الْحُكْمِ أَوْلَى انْتَهَى
____________________
(9/40)
الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم مَوْتِي فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في أَوَّلِهِ وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
والثاني ( ( ( الثاني ) ) ) لَا تَطْلُقُ
الثَّالِثَةُ لو قال أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى إذَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَقْتَ يَمِينِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أبيه ثُمَّ قال إذَا مَاتَ أبي أو اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أو اشْتَرَاهَا لم تَطْلُقْ
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ
وهو الْمَذْهَبُ وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ
قال في الشَّرْحِ وَهَذَا أَظْهَرُ
قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ طَلُقَتْ في الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وبن عَقِيلٍ في عمد ( ( ( عمدة ) ) ) الْأَدِلَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةُ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
____________________
(9/41)
فَائِدَةٌ لو قال إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ الْأَبُ أو اشْتَرَاهَا لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لَا تَطْلُقُ في الْأَصَحِّ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لم تَطْلُقْ وَجْهًا وَاحِدًا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال زَوْجُ الْأَمَةِ لها إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ مَلَكَهَا لم تَطْلُقْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَجْهًا وَاحِدًا
وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ بن حَامِدٍ يُلْزِمُهُ الْقَوْلَ هُنَا بِالْوُقُوعِ لِاقْتِرَانِهِ بِالِانْفِسَاخِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَوْ كان قال إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقُلْنَا الْمِلْكُ في زَمَنِ الْخِيَارَيْنِ لِلْمُشْتَرِي لم تَطْلُقْ وَاقْتَصَرَ عليه وَقِيلَ تَطْلُقُ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ احْتِمَالٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ في مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ بِنَاءً على أَنَّ الْمِلْكَ هل يَنْتَقِلُ زَمَنُ الْخِيَارِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كانت مُدَبَّرَةً فَمَاتَ أَبُوهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا
إذَا كانت تَخْرُجُ من الثُّلُثِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الذي في الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو لَأَقْتُلَنَّ فلانا ( ( ( فلان ) ) ) الْمَيِّتِ أو لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أو لَأَطِيرَنَّ أو إنْ لم أَصْعَدْ السَّمَاءَ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ في الْحَالِ
هذا تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمُسْتَحِيلِ وَعَدَمِ فِعْلِهِ
وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ إنْ لم أَشْرَبْ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو إنْ لم أَطِرْ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
____________________
(9/42)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ
وَحَكَى في الْهِدَايَةِ عن الْقَاضِي أنها لَا تَنْعَقِدُ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ
وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ وفي الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً تَطْلُقُ في آخِرِ حَيَاتِهِ
وَقِيلَ إنْ وَقَّتَهُ كَقَوْلِهِ لَأَطِيرَنَّ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ في آخِرِ وَقْتِهِ وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَطْلَقَ طَلُقَتْ في الْحَالِ
وَقِيلَ إنْ عَلِمَ مَوْتَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الْحَيَاةِ الْفَانِيَةِ
فَائِدَةٌ لو قال لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو صَعِدْتِ السَّمَاءَ أو شَاءَ الْمَيِّتُ أو الْبَهِيمَةُ
هذا تَعْلِيقٌ بِوُجُودِ مُسْتَحِيلٍ وَفِعْلِهِ وهو قِسْمَانِ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً وَمُسْتَحِيلٌ لِذَاتِهِ
فَالْمُسْتَحِيلُ عَادَةً كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ
وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا طِرْتِ أو إنْ طِرْتِ أو لَا شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو إنْ قَلَبْتِ الْحَجَرَ ذَهَبًا وَنَحْوَهُ
وَالْمُسْتَحِيلُ لِذَاتِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ رَدَدْتِ أَمْسِ أو جَمَعْتِ بين الضِّدَّيْنِ أو شَرِبْتِ الْمَاءَ الذي في هذا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه وَنَحْوُهُ فَهَذَانِ الْقِسْمَانِ لَا تَطْلُقُ بِهِمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَتَطْلُقُ في الآخر وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
____________________
(9/43)
وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ لَا في الْمُحَالِ في الْعَادَةِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ وَالنَّذْرِ حُكْمُ الطَّلَاقِ في ذلك
وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَيَأْتِي الْكَلَامُ عليه في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْأَيْمَانِ في الْفَصْلِ الثَّانِي
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جاء غَدٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ
يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَيْنِ قَبْلَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا بَلْ هو لَغْوٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَالثَّانِي تَطْلُقُ في الْحَالِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ
قال في الْوَجِيزِ طَلُقَتْ انْتَهَى
وَقِيلَ تَطْلُقُ في غَدٍ
تَنْبِيهٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا حَكَاهُ عن الْقَاضِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ هُنَا مع قَطْعِ النَّظَرِ عن تَخْرِيجِهِ على تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ في الْحَالِ انْتَهَى
قلت قد ذَكَرَ الشَّارِحُ عن الْقَاضِي قَوْلَيْنِ عَدَمَ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا وَوُقُوعَ الطَّلَاقِ في الْحَالِ كما ذَكَرَتْهُ عنه
____________________
(9/44)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا على مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فقال الْقَاضِي في الدَّعَاوَى من حَوَاشِي التَّعْلِيقِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لهم وَلِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ انْتَهَى
قلت وَيَقْرَبُ من ذلك قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا على سَائِرِ الْمَذَاهِبِ لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ بَلْ هذه أَوْلَى من التي قَبْلَهَا ولم أَرَهَا لِلْأَصْحَابِ
وقال أبو نَصْرِ بن الصَّبَّاغِ وَالدَّامَغَانِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ تَطْلُقُ في الْحَالِ
وقال أبو مَنْصُورِ بن الصَّبَّاغِ وَسَمِعْتُ من رَجُلٍ فَقِيهٍ كان يَحْضُرُ عِنْدَ أبي الطَّيِّبِ أَنَّ الْقَاضِيَ قال لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قد أَوْقَعَ ذلك على الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا
قال أبو مَنْصُورٍ لَا بَأْسَ بهذا الْقَوْلِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو يوم السَّبْتِ أو في رَجَبٍ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ ذلك
بِلَا نِزَاعٍ وَيَجُوزُ له الْوَطْءُ قبل وُقُوعِهِ
وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو في هذا الشَّهْرِ طَلُقَتْ في الْحَالِ
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَكَذَا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ في الْحَوْلِ طَلُقَتْ أَيْضًا بِأَوَّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَقَعُ إلَّا في رَأْسِ الْحَوْلِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
____________________
(9/45)
قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْته في آخِرِ هذه الْأَوْقَاتِ دُيِّنَ
إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو يوم السَّبْتِ وقال أَرَدْتُ في آخِرِ ذلك فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يُدَيَّنُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أو الرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يدين ( ( ( دين ) ) ) وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ
قلت هذا الْمَذْهَبُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَأَمَّا ما عَدَا هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّهُ يُدَيَّنُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ دُيِّنَ في الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى دُيِّنَ في الْأَظْهَرِ
قال في الْحَاوِي دُيِّنَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يُدَيَّنُ وَقَدَّمَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم كَذَا وقال أَرَدْت آخِرَهُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فِيمَا عَدَا الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في شَرْحِ بن مُنَجَّا في الْجَمِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو غَدًا أو شَهْرَ كَذَا
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ والنظم ( ( ( النظم ) ) ) وبن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(9/46)
وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال في الْوَجِيزِ دُيِّنَ فيه
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا قال غَدًا أو يوم كَذَا وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ فَائِدَةٌ % ما يقول الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّ % ه وما زَالَ عِنْدَهُ إحْسَانُ % % في فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ % قبل ما قبل قَبْلِهِ رَمَضَانُ %
في هذا الْبَيْتِ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا هذا
وَالثَّانِي بعد ما بَعْدَ بَعْدِهِ
وَالثَّالِثُ قبل ما بَعْدَ بَعْدِهِ
وَالرَّابِعُ بعد ما قبل قَبْلِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ مُتَقَابِلَةٌ
الْخَامِسُ قبل ما بَعْدَ قَبْلِهِ
السَّادِسُ بعد ما قبل بَعْدِهِ
السَّابِعُ بعد ما بَعْدَ قَبْلِهِ
الثَّامِنُ قبل ما قبل بَعْدِهِ
وَتَلْخِيصُهَا أَنَّك إنَّ قَدَّمْتَ لَفْظَةَ بَعْدَ جاء أَرْبَعَةٌ
أَحَدُهَا أَنَّ كُلَّهَا بَعْدُ
الثَّانِي بَعْدَانِ وَقَبْلُ
الثَّالِثُ قَبْلَانِ وَبَعْدُ
الرَّابِعُ بَعْدَانِ بَيْنَهُمَا قَبْلُ
وَإِنْ قَدَّمْتَ لَفْظَةَ قَبْلُ فَكَذَلِكَ
____________________
(9/47)
وَضَابِطُ الْجَوَابِ عن الْأَقْسَامِ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَتْ الْأَلْفَاظُ فَإِنْ كانت قَبْلُ وَقَعَ الطَّلَاقُ في الشَّهْرِ الذي تَقَدَّمَهُ رَمَضَانُ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ فَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ فَكَأَنَّهُ قال أَنْتِ طَالِقٌ في ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ في شَهْرِ رَمَضَانَ قبل قَبْلِ قَبْلِهِ فَلَوْ كان رَمَضَانُ قَبْلَهُ طَلُقَتْ في شَوَّالٍ
وَلَوْ قال قبل قَبْلِهِ طَلُقَتْ في ذِي الْقِعْدَة
وَإِنْ كانت الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا بَعْدُ طَلُقَتْ في جُمَادَى الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ في شَهْرٍ يَكُونُ رَمَضَانُ بَعْدَ بَعْدِ بَعْدِهِ
وَلَوْ قال رَمَضَانُ بَعْدَهُ طَلُقَتْ في شَعْبَانَ
وَلَوْ قال بَعْدَ بَعْدِهِ طَلُقَتْ في رَجَبٍ
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ وَهِيَ سِتُّ مَسَائِلَ فَضَابِطُهَا أَنَّ كُلَّ ما اُجْتُمِعَ فيه قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا نَحْوُ قبل بَعْدِهِ وبعد قَبْلِهِ وَاعْتَبِرْ الثَّالِثَ
فإذا قال قبل ما بَعْدَ بَعْدِهِ أو بعد ما قبل قَبْلِهِ فَأَلْغِ اللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قال أَوَّلًا بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَعْبَانَ
وفي الثَّانِي كَأَنَّهُ قال قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالًا
وَإِنْ تَوَسَّطَتْ لَفْظَةٌ بين مُضَادَّيْنِ لها نَحْوُ قبل بَعْدِ قَبْلِهِ وبعد قَبْلِ بَعْدِهِ فَأَلْغِ اللفظين ( ( ( لفظين ) ) ) الْأَوَّلَيْنِ وَيَكُونُ شَوَّالًا في الصُّورَةِ الْأُولَى كَأَنَّهُ قال في شَهْرٍ قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَشَعْبَانُ في الثَّانِيَةِ كَأَنَّهُ قال بَعْدَهُ رَمَضَانُ
وإذا قال بَعْدَ بَعْدِ قَبْلِهِ أو قبل قَبْلِ بَعْدِهِ وَهِيَ تَمَامُ الثَّمَانِيَةِ طَلُقَتْ في الْأُولَى في شَعْبَانَ كَأَنَّهُ قال بَعْدَهُ رَمَضَانُ وفي الثَّانِيَةِ في شَوَّالٍ كَأَنَّهُ قال قَبْلَهُ رَمَضَانُ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أو غَدًا أو أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أو بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ في أَسْبَقِ الْوَقْتَيْنِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(9/48)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أو في الْيَوْمِ وفي غَدٍ وفي بَعْدِهِ فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أو وَاحِدَةً على وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَصَحَّحَ هذا الْوَجْهَ في التَّصْحِيحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ في كل يَوْمٍ ذَكَرَهُ أَيْضًا في الِانْتِصَارِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ في الْأُولَى وَاحِدَةً وفي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبُ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ في الْأُولَى وَقَدَّمُوهُ في الثَّانِيَةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَخْرُجَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أو في كل يَوْمٍ على هذا الْخِلَافِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِالنَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلِ تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ فإن بَعْضَهُمْ ذَكَرَهَا هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ طَلُقَتْ في آخِرِ جَزْءٍ منه
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/49)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا تَطْلُقُ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ فَقَطْ فقال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَلَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ فَقَطْ فقال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ طَلُقَتْ بِلَا خِلَافٍ
لَكِنْ في وَقْتِ وُقُوعِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في آخِرِهِ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ بَعْدَ خُرُوجِهِ
وَلَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ فقال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هذا
فَائِدَةٌ لو قال لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ أَيَّتُكُنَّ لم أَطَأْهَا اللَّيْلَةَ فَصَوَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ ولم يَطَأْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُنَّ يُطَلَّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَحَكَى أبو بَكْرٍ وَجْهًا وَجَزَمَ بِهِ أَوَّلًا أَنَّ إحْدَاهُنَّ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالْبَوَاقِي طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَعَلَّلَهُ
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ خَرَجَتْ عليها قُرْعَةُ الثَّلَاثِ حُرِّمَتْ بِدُونِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
____________________
(9/50)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ غُدْوَةً وَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي في ذلك الْيَوْمِ فَهَلْ وَقَعَ بها الطَّلَاقُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ
أَحَدُهُمَا وَقَعَ بها الطَّلَاقُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقَعُ بها الطَّلَاقُ
وَأَمَّا إذَا قَدِمَ لَيْلًا أو نَهَارًا أو حَيًّا أو مَيِّتًا أو طَائِعًا أو مُكْرَهًا فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَطْلُقُ من أَوَّلِ النَّهَارِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وكذا الْحُكْمُ لو قَدِمَ وَهِيَ حَيَّةٌ في وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْوَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَمَاتَتْ قبل قُدُومِهِ لم تَطْلُقْ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا بِنَاءً على ما إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ
____________________
(9/51)
غَدًا إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ وقد أَكَلَ فإنه يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ نَذْرَهُ قد انْعَقَدَ انْتَهَى
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ فإنه قال إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ في غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فيه طَلُقَتْ ولم يُفَرَّقْ بين مَوْتِهَا وَعَدَمِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ
وقال أبو الْخَطَّابِ تَطْلُقُ من أَوَّلِ الْغَدِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ مَحَلُّ هذا إذَا قَدِمَ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قَدِمَ زَيْدٌ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ طَلُقَتْ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ في وَقْتِ وُقُوعِهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ وَقْتُ قُدُومِهِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ في بَحْثِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ من أَوَّلِ الْغَدِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ كما تَقَدَّمَ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا طَلُقَتْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَطَالِقٌ غَدًا فَتَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا غَدًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
(9/52)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
ولم يذكر هذه الْمَسْأَلَةَ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَاقِيهَا غَدًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وقدمه ( ( ( قدمه ) ) ) في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ وَكَذَا إلَى حَوْلٍ طَلُقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ
هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَقَعُ في الْحَالِ وهو مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا في الْحَالِ
يَعْنِي فَتَطْلُقُ في الْحَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَى بن عَقِيلٍ مع النِّيَّةِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ مع عَدَمِ النِّيَّةِ وَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مَكَّةَ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَإِنْ قال بَعْدَ مَكَّةَ وَقَعَ في الْحَالِ
____________________
(9/53)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في آخِرِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ منه
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ
وَقِيلَ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه
وَقِيلَ تَطْلُقُ في آخِرِ جَزْءٍ منه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الصَّوَابُ
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
قَوْلُهُ أو أَوَّلِ آخِرِهِ
يَعْنِي لو قال أنت طَالِقٌ في أَوَّلِ آخِرِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ منه وهو الْمَذْهَبُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَصَحَّحَهُ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه
قُلْت وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ تَطْلُقُ بِالزَّوَالِ منه يوم الْخَامِسَ عَشَرَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كان نَاقِصًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ وَطْؤُهُ في تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ ذَكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ لَا يَحْرُمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال في آخِرِ أَوَّلِهِ طَلُقَتْ في آخِرِ يَوْمٍ من أَوَّلِهِ
____________________
(9/54)
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ بِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ منه وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ طَلُقَتْ بِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ منه في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وقال أبو بَكْرٍ تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ منه
وقال في الرِّعَايَةِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ في غُرَّةِ الشَّهْرِ أو أَوَّلِهِ وَأَرَادَ أَحَدَهُمَا دُيِّنَ في الْأَظْهَرِ وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الثَّلَاثُ اللَّيَالِي الْأُوَلُ تُسَمَّى غُرَرًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا مَضَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُكَمَّلُ الشَّهْرُ الذي حَلَفَ في أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُكَمَّلُ الْكُلُّ بِالْعَدَدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وعند ( ( ( وعنه ) ) ) الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وإذا أجره في أَثْنَاءِ شَهْرِ سَنَةٍ
قَوْلُهُ وإذا قال إذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
____________________
(9/55)
قال بن رَزِينٍ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا أَشَارَ فقال أَنْتِ طَالِقٌ في هذه السَّنَةِ
فَائِدَةٌ لو قال أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ على رِوَايَتَيْنِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمَذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ في كل سَنَةٍ طَلْقَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى في الْحَالِ وَالثَّانِيَةَ في أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ فَإِنْ قال أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالنَّظْمِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ في الْحُكْمِ على الْأَصَحِّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا إذَا بَقِيَتْ في عِصْمَتِهِ
أَمَّا لو بَانَتْ منه وَدَامَتْ حتى مَضَتْ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لم يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَوْ نَكَحَهَا في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أو الثَّانِيَةِ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُغْنِي اقْتَضَى قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَقِبَ تَزَوُّجِهِ بها إذَا
____________________
(9/56)
تَزَوَّجَهَا في أَثْنَاءِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ جَزْءٌ من السَّنَةِ الثَّانِيَةِ التي جَعَلَهَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ
قال وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ بِدُخُولِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كان نِكَاحُهَا في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ بِدُخُولِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ انْتَهَى
وَمَحَلُّ هذا أَيْضًا على الْمَذْهَبِ
فَأَمَّا على قَوْلِ أبي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ فَتَنْحَلُّ الصِّفَةُ بِوُجُودِهَا في حَالِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا تَعُودُ بِحَالٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ
وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ فيه رِوَايَتَانِ
قال في الْمُحَرَّرِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ يوم يَقْدُمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لم تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ فَتَطْلُقُ
بِلَا خِلَافٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ لَا تَطْلُقُ بِقُدُومِهِ لَيْلًا وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ فَكَنِيَّةِ الْوَقْتِ
وَقِيلَ كَنِيَّةِ النَّهَارِ يَعْنُونَ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أنها تَطْلُقُ مع إطْلَاقِ النِّيَّةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَقَدِمَ لَيْلًا أَنَّهُ لو قَدِمَ نَهَارًا طَلُقَتْ وهو صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَدِمَ حَيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ
____________________
(9/57)
وقال الْخَلَّالُ يَقَعُ قَوْلًا وَاحِدًا
وقال بن حَامِدٍ إنْ كان الْقَادِمُ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ من الْقُدُومِ بِيَمِينِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَاجِّ وَالْأَجْنَبِيِّ حَنِثَ وَلَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ وَلَا جَهْلُهُ
وَإِنْ كان مِمَّنْ يَمْتَنِعُ بِالْيَمِينِ من الْقُدُومِ كَقَرَابَةٍ لَهُمَا أو لِأَحَدِهِمَا أو غُلَامٍ لِأَحَدِهِمَا فَجَهِلَ الْيَمِينَ أو نَسِيَهَا فَالْحُكْمُ فيه كما لو حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَهُ جَاهِلًا أو نَاسِيًا فيه رِوَايَتَانِ كَذَلِكَ هُنَا على ما يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ الْآتِي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ من أَوَّلِ النَّهَارِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَطْلُقُ عَقِيبَ قُدُومِهِ
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ الْإِرْثُ وَعَدَمُهُ
وَتَقَدَّمَ إذَا قَدِمَ وقد مَاتَتْ في ذلك الْيَوْمِ في هذا الْبَابِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أو مُكْرَهًا لم تَطْلُقْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ تَطْلُقُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ
أَمَّا مع النِّيَّةِ فَيُحْمَلُ الْكَلَامُ عليها بِلَا إشْكَالٍ
____________________
(9/58)
بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
فَائِدَةٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ مع تَقَدُّمِ الشَّرْطِ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُتَنَجَّزُ إنْ تَأَخَّرَ الشَّرْطُ وَنَقَلَهُ بن هَانِئٍ في الْعِتْقِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَأَخَّرَ الْقَسَمُ كأنت طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ كَالشَّرْطِ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يُلْحَقُ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ قال عَقِيبَ الرَّابِعَةِ إنْ قُمْت طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ ما لَا يَمْلِكُ بِشَرْطٍ
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ ما يُخْتَلَفُ بِهِ عَدُّ الطَّلَاقِ ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ من الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ قال إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أو إنْ تَزَوَّجْت امرأة ( ( ( المرأة ) ) ) فَهِيَ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ إذَا تَزَوَّجَهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَعَنْهُ تَطْلُقُ قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ صِحَّةُ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ من تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ أو قَوْلُهُ لِعَتِيقَتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قَوْلُهُ لِرَجْعِيَّتِهِ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عليها
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِعَتِيقَتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو لِامْرَأَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك عَمْرَةَ أو غَيْرَهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهُمَا طَلُقَتَا
ثُمَّ قال قُلْت إنْ صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا
فَجَزَمَ بِالْوُقُوعِ في هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَفَرَّقَ من عِنْدِهِ وَجَزَمَ بِهِمَا غَيْرُهُ
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ أَنَّ تَعْلِيقَهُ من أَجْنَبِيٍّ كَتَعْلِيقِهِ عِتْقًا بِمِلْكٍ ثُمَّ قال وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا
قوله وَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ لم تَطْلُقْ قبل وُجُودِهِ
____________________
(9/59)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تَطْلُقُ مع تَيَقُّنِ وُجُودِ الشَّرْطِ قبل وُجُودِهِ
وَخَصَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الرواية ( ( ( الراوية ) ) ) بِالثَّلَاثِ لِأَنَّهُ الذي يَضُرُّهُ كَمُتْعَةٍ
تَنْبِيهٌ في قَوْلِهِ لم تَطْلُقْ قبل وُجُودِهَا إشْعَارٌ بِأَنَّ الشَّرْطَ مُمْكِنٌ وهو كَذَلِكَ
فَأَمَّا ما يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ فَيُذْكَرُ في أَمَاكِنِهِ
وقد تَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِوُجُودِ شَرْطِهِ وهو صَحِيحٌ وَنَصَّ عليه وَلَيْسَ فيه بِحَمْدِ اللَّهِ خِلَافٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال عَجَّلْت ما عَلَّقْته لم يَتَعَجَّلْ
هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فلم يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَتَعَجَّلُ إذَا عَجَّلَهُ وهو ظَاهِرُ بَحْثِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه قال فِيمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ نَظَرٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ دُيِّنَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ على شَرْطٍ لَزِمَ وَلَيْسَ له إبْطَالُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ وَالْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً بِجَوَازِ فَسْخِ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ على شَرْطٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ ذلك في طَلَاقٍ ذَكَرَهُ في بَابِ التَّدْبِيرِ
قُلْت وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا لو قال إنْ أَعْطَيْتِينِي
____________________
(9/60)
أو إذَا أَعْطَيْتِينِي أو مَتَى أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّ الشَّرْطَ ليس بِلَازِمٍ من جِهَتِهِ كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ
قال في الْفُرُوعِ وَوَافَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ على شَرْطٍ مَحْضٍ كَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّعْلِيقُ الذي يَقْصِدُ بِهِ إيقَاعَ الْجَزَاءِ إنْ كان معاوضه فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ ثُمَّ إنْ كانت لَازِمَةً فَلَازِمٌ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ قبل الْقَبُولِ وَلَا الْكِنَايَةِ وَقَوْلُ من قال التَّعْلِيقُ لَازِمٌ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَثْنَاءِ بَابِ الْخُلْعِ
الثَّانِيَةُ لو فَصَلَ بين الشَّرْطِ وَحُكْمِهِ بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ يا زَانِيَةُ إنْ قُمْت لم يَضُرَّ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَقْطَعُهُ كَسَكْتَةٍ وَتَسْبِيحَةٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَرَدْت إنْ قُمْت دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ في الْحُكْمِ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
قُلْت صَرَّحَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ فيها رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ وَلَكِنْ حَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ وقال وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ انْتَهَى
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ إذَا قال لها
____________________
(9/61)
أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَرَدْت من وِثَاقٍ أو أَنْ أَقُولَ طَاهِرٌ فَسَبَقَ لِسَانِي أو أنها مُطَلَّقَةٌ من زَوْجٍ كان قَبْلَهُ
قَوْلُهُ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ إذْ وإذا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ وَكُلَّمَا
أَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتٌّ لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقد تَقَدَّمَ في بَابِ الْخُلْعِ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ أو على أَلْفٍ أو بِأَلْفٍ أَنَّ ذلك كإن أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ
وقد تَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك هُنَاكَ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ فيها ما يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إلَّا كُلَّمَا بِلَا نِزَاعٍ وفي مَتَى وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
فَائِدَةٌ من وأي الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا كان أو مَفْعُولًا
قَوْلُهُ وَكُلُّهَا على التَّرَاخِي إذَا تَجَرَّدَتْ عن لم
وَكَذَا إذَا تَجَرَّدَتْ عن نِيَّةِ الْفَوْرِيَّةِ أَيْضًا أو قَرِينَةٍ
فَأَمَّا إذَا نَوَى الْفَوْرِيَّةَ أو كان هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ على الْفَوْرِيَّةِ فإنه يَقَعُ في الْحَالِ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عن لم
____________________
(9/62)
قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّصَلَ بها صَارَتْ على الْفَوْرِ
يَعْنِي إذَا اتَّصَلَ بِالْأَدَوَاتِ لم صَارَتْ على الْفَوْرِ
وهو مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ أو قَرِينَةٌ تَدُلُّ على التَّرَاخِي
فَإِنْ نَوَى التَّرَاخِيَ أو كان هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عليه كانت له
قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّصَلَ بها صَارَتْ على الْفَوْرِ إلَّا إنْ
هذا الْمَذْهَبُ في إنْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَنْهُ يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ على التَّرْكِ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْقُوفٌ على الْقَصْدِ وَالْقَصْدُ هو النِّيَّةُ وَلِهَذَا لو فَعَلَهُ نَاسِيًا أو مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ فَأَثَّرَ فيه تَعْيِينُ النِّيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ من الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إذَا نَوَى قَطْعَهَا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
قَوْلُهُ وفي إذَا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
أَحَدُهُمَا هِيَ على الْفَوْرِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالثَّانِي أنها على التَّرَاخِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في التَّمْثِيلِ إذَا لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ كان على التَّرَاخِي في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فَأَطْلَقَا أَوَّلًا وَصَحَّحَا هُنَا
تَنْبِيهٌ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ بَاقِيَ الْأَدَوَاتِ غَيْرُ إنْ وإذا على الْفَوْرِ وإذا اتَّصَلَ بها لم وهو الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ في كُلَّمَا ومتى وأي ( ( ( متى ) ) ) الْمُضَافَةِ إلَى الْوَقْتِ وَأَمَّا أَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ ومن فَفِيهِمَا وَجْهَانِ
____________________
(9/63)
أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا على الْفَوْرِ إذَا اتَّصَلَتْ بِهِمَا من ولم وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُمَا على التَّرَاخِي نَصَرَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال الشَّارِحُ الذي يَظْهَرُ أَنَّ من على التَّرَاخِي إذَا اتَّصَلَ بها لم
قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهَانِ في مَهْمَا فَإِنْ اقْتَضَتْ الْفَوْرِيَّةَ فَهِيَ كمتى
قَوْلُهُ فإذا قال إنْ قُمْت أو إذَا قُمْت أو من قام مِنْكُنَّ أو أَيَّ وَقْتٍ قُمْت أو مَتَى قُمْت أو كُلَّمَا قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لم يَتَكَرَّرْ الطَّلَاقُ إلَّا في كُلَّمَا وفي مَتَى في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
الْمُتَقَدِّمَيْنِ قَرِيبًا وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا
قَوْلُهُ وَلَوْ قال كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ أو كُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا
بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ جَعَلَ مَكَانَ كُلَّمَا إنْ أَكَلْت لم تَطْلُقْ إلَّا اثْنَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً
قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا على صِفَاتٍ ثَلَاثٍ فَاجْتَمَعْنَ في عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ رَأَيْت رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْت
____________________
(9/64)
أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْت فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً مع الْإِطْلَاقِ ذَكَرَهُ عنه في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ولم يُطَلِّقْهَا لم تَطْلُقْ إلَّا في آخِرِ جُزْءٍ من حَيَاةِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ له نِيَّةٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ مَتَى عَزَمَ على التَّرْكِ بِالْكُلِّيَّةِ حَنِثَ حَالَ عَزْمِهِ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ رِوَايَةً يَقَعُ بَعْدَ مَوْتِهِ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَنْوِ وَقْتًا فأن نَوَى وَقْتًا أو قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِيَّةٍ تَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِهِ
وَتَقَدَّمَ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ إذَا قال لها أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ أو طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لم أُطَلِّقْك أو طَالِقٌ إنْ لم أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَلْيُعَاوَدْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا كان الْمُعَلَّقُ طَلَاقًا بَائِنًا لم يَرِثْهَا إذَا مَاتَتْ وَتَرِثُهُ هِيَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ لَا تَرِثُهُ من تَعْلِيقِهِ في صِحَّتِهِ على فِعْلِهَا فَيُوجَدُ في مَرَضِهِ قال وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ
____________________
(9/65)
وقال في الرَّوْضَةِ في إرْثِهِمَا رِوَايَتَانِ لِأَنَّ الصِّفَةَ في الصِّحَّةِ وَالطَّلَاقَ في الْمَرَضِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ
الثَّانِيَةُ لَا يُمْنَعُ من وَطْئِهَا قبل فِعْلِ ما حَلَفَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُمْنَعُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال من لم أُطَلِّقْهَا أو أَيَّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فيه طَلُقَتْ
ومتى مِثْلُ أَيِّ في ذلك وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ هُنَا من لم أُطَلِّقْهَا مِثْلَ قَوْلِهِ أَيُّ وَقْتٍ لم أُطَلِّقْك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ من كإن لم أُطَلِّقْك على ما تَقَدَّمَ قبل هذه الْمَسْأَلَةِ
قال الشَّارِحُ هذا الذي يَظْهَرُ لي وَتَقَدَّمَ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ تَطْلُقُ في الْحَالِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ في الْحَالِ كأي ( ( ( ك ) ) ) ومتى ( ( ( أي ) ) ) وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها على التَّرَاخِي نَصَرَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على قَوْلِنَا في إذَا هل هِيَ على الْفَوْرِ أو التَّرَاخِي إذَا اتَّصَلَتْ بها لم على ما تَقَدَّمَ
____________________
(9/66)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْعَامِّيُّ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَهُوَ شَرْطٌ
هذا الْمَذْهَبُ كَنِيَّتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ يَقَعُ في الْحَالِ إن كان دُخُولُ الدَّارِ قد وُجِدَ قبل ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ طَلُقَتْ في الْحَالِ
يَعْنِي إنْ كان وُجِدَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَحُكِيَ عن الْخَلَّالِ أَنَّهُ إذَا لم يَنْوِ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا
وَفِيهِ في التَّرْغِيبِ وَجْهٌ يَقَع في الْحَالِ وَلَوْ لم يُوجَدْ الشَّرْطُ
وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ سَوَاءٌ دَخَلَتْ أو لم تَدْخُلْ من عَارِفٍ وَغَيْرِهِ
وقال بن أبي مُوسَى لَا تَطْلُقُ إذَا لم تَكُنْ دَخَلَتْ قبل ذلك لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِدُونِهَا
وَكَذَلِكَ أَفْتَى بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ فِيمَنْ قِيلَ له زَنَتْ زَوْجَتُك فقال هِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أنها لم تَزْنِ أنها لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَ السَّبَبَ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وَأَوْلَى ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْتِ فأنت ( ( ( وأنت ) ) ) طَالِقٌ طَلُقَتْ في الْحَالِ
لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنَّ الْوَاوَ كَالْفَاءِ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ عن صَاحِبِ الْفُرُوعِ وهو الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْت الْجَزَاءَ أو أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا
____________________
(9/67)
وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ ثُمَّ أَمْسَكْت دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَهُمَا وَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَظَاهِرِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ الْقَبُولُ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَرَدْت إقَامَةَ الْوَاوِ مَقَامَ الْفَاءِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ من غَيْرِ فَاءٍ وَلَا وَاوٍ كان كَوُجُودِ الْفَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنْ نَوَى الشَّرْطَ وَإِلَّا وَقَعَ في الْحَالِ
الثَّانِيَةُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَقَعَ الطَّلَاقُ في الْحَالِ
فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قلت الصَّوَابُ عَدَمُ الْقَبُولِ
وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الْأُخْرَى فَمَتَى دَخَلْت الْأُولَى طَلُقَتْ سَوَاءٌ دَخَلَتْ الْأُخْرَى أو لَا وَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى
وَإِنْ قال أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِي شَرْطًا لِطَلَاقِهَا أَيْضًا طَلُقَتْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
فَإِنْ قال أَرَدْتُ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطًا لِدُخُولِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ على ما أَرَادَهُ
وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ أو إنْ دَخَلْت هذه الْأُخْرَى فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَقَدْ قِيلَ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِدُخُولِهِمَا
قَالَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ بِأَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كان
____________________
(9/68)
وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لو قُمْت كان ذلك شَرْطًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ قُمْت قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ الْكَافِي
وَقِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ في الْحَالِ
وَإِنْ قال أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَهَا جَوَابًا دُيِّنَ
وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الْكَافِي فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ قُبِلَ منه لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت فَقَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أو إنْ قَعَدْت إذَا قُمْت أو إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت لم تَطْلُقْ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ
وكذا قَوْلُهُ إنْ قَعَدْت مَتَى قُمْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَيُسَمِّيهِ النُّحَاةُ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ على الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِي في اللَّفْظِ شَرْطًا لِلَّذِي قَبْلَهُ وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ
فَلَوْ قال لِامْرَأَتِهِ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ حتى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيهَا لِأَنَّهُ شَرَطَ في الْعَطِيَّةِ الْوَعْدَ وفي الْوَعْدِ السُّؤَالَ فَكَأَنَّهُ قال إنْ سَأَلْتِينِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفَوَائِدِ بن قَاضِي الْجَبَلِ وَغَيْرِهِمْ
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ أنها لَا تَطْلُقُ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ الْقَاضِي إنْ كان الشَّرْطُ بِ إذَا كان كَالْأَوَّلِ وَإِنْ كان بإن كان كَالْوَاوِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت كَقَوْلِهِ إنْ قَعَدْت وَقُمْت عِنْدَهُ على ما يَأْتِي بَعْدَ هذا فَتَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا وُجِدَا
قال لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْرِفُونَ ما يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ
____________________
(9/69)
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ في الْفَاءِ وَثُمَّ رِوَايَةً كَالْوَاوِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ قُمْت فَقَعَدْت أو ثُمَّ قَعَدْت كَقَوْلِهِ إنْ قُمْت وَقَعَدْت على هذه الرِّوَايَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَخَرَّجُ لنا رِوَايَةٌ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قُلْنَا بِالتَّرْتِيبِ بِنَاءً على أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا كان مُعَلَّقًا على شَرْطَيْنِ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت وَقَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كان
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ
قال الشَّارِحُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا تُخَالِفُ الْأُصُولَ وَمُقْتَضَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفَ وَعَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وَجْهًا بَنَاهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ
وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَوْلًا بِعَدَمِ الْوُقُوعِ حتى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ بِنَاءً على أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْت وَقَعَدْت قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ قُمْت أو قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا
____________________
(9/70)
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْت وَلَا قَعَدْت فَالْمَذْهَبُ أنها تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا في الْأَصَحِّ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اتِّفَاقًا
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَيْضِ إذَا قال إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيْضِ
يَعْنِي تَطْلُقُ من حِينِ تَرَى دَمَ الْحَيْضِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
قال في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ حَيْضٍ مُتَيَقَّنٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَالْفُنُونِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ تَطْلُقُ بِتَبَيُّنِهِ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ جَزْءٍ تَرَاهُ من الدَّمِ في الظَّاهِرِ فإذا اتَّصَلَ الدَّمُ أَقَلَّ الْحَيْضِ اسْتَقَرَّ وُقُوعُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ حتى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرُ
أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ غُسْلُهَا بَلْ مُجَرَّدُ ما تَطْهُرُ تَطْلُقُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً من أَوَّلِ حَيْضَةِ مُسْتَقْبَلَةٍ
____________________
(9/71)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ
احْتَمَلَ أَنْ تَعْتَبِرَ نِصْفَ عَادَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ
وَاحْتَمَلَ أنها مَتَى طَهُرَتْ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ في نِصْفِهَا
وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْغُوَ قَوْلُهُ نِصْفَ حَيْضَةٍ
فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت
وحكى هذا عن الْقَاضِي وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ فَيَتَعَلَّقُ طَلَاقُهَا بِأَوَّلِ الدَّمِ
وَقِيلَ يَلْغُو النِّصْفُ وَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت حَيْضَةً
وَقِيلَ إذَا حَاضَتْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا طَلُقَتْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَهَذَا في الْفُرُوعِ
فقال إذَا قال إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَتْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقَعَ لِنِصْفِهَا وفي وُقُوعِهِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أو لِنِصْفِ الْعَادَةِ فيه وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهُ قَوْلًا لَا تَطْلُقُ حتى تَغْتَسِلَ
قَوْلُهُ وإذا قالت حِضْت وَكَذَّبَهَا قُبِلَ قَوْلُهَا في نَفْسِهَا
____________________
(9/72)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فَتُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ فَيَخْتَبِرْنَهَا بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ في الْفَرَجِ زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قلت وهو الصَّوَابُ إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى مَعْرِفَتِهِ من غَيْرِهَا فلم يُقْبَلْ فيه مُجَرَّدُ قَوْلِهَا كَدُخُولِ الدَّارِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل تُسْتَحْلَفُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ يَأْتِيَانِ في بَابِ الْيَمِينِ في الدعاوي
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إن حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فقالت قد حِضْت وَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ دُونَ ضَرَّتِهَا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالضَّرَّةِ فَتُخْتَبَرُ كما تَقَدَّمَ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو الْمُخْتَارُ إنْ أَمْكَنَ
لَكِنْ قال في الْهِدَايَةِ لَا عَمَلَ عليه
وَعَنْهُ إنْ أَخْرَجَتْ على خِرْقَةٍ دَمًا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ اخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ وَحَكَاهُ عنه الْقَاضِي
وَالْخِلَافُ في يَمِينِهَا كَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في التي قَبْلَهَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في آخِرِ الْفَصْلِ فِيمَا إذَا قال كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ فَقُلْنَ قد حِضْنَا وَصَدَقَهُنَّ طلقن ( ( ( طلقهن ) ) ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا
____________________
(9/73)
وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لم تَطْلُقْ وَطَلُقَتْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً
وَإِنْ صَدَّقَ اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً وَطَلُقَتْ الْمُكَذِّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْمُكَذِّبَةُ ثَلَاثًا بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا وَتَطْلُقُ أَيْضًا كُلُّ وَاحِدَةٍ من الْمُصَدَّقَاتِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو قال إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ حتى تَحِيضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَيْضَةً اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ تَطْلُقَانِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ من إحْدَاهُمَا
وَقِيلَ لَا تَطْلُقَانِ مُطْلَقًا بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ على مُسْتَحِيلٍ
وَقِيلَ تَطْلُقَانِ بِالشُّرُوعِ فِيهِمَا قَالَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وَغَيْرُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ تَطْلُقُ بِشُرُوعِهَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
تَنْبِيهٌ هذه الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ إذَا لم يَنْتَظِمْ الْكَلَامُ إلَّا بِارْتِكَابِ مَجَازٍ إمَّا بِارْتِكَابِ مَجَازِ الزِّيَادَةِ أو بِارْتِكَابِ مَجَازِ النُّقْصَانِ فَارْتِكَابُ مَجَازِ النُّقْصَانِ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَذْفَ في كَلَامِ الْعَرَبِ أَكْثَرُ من الزِّيَادَةِ كَرَّرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأُصُولِيِّينَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ
فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ على هذا إنْ حَاضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَيْضَةً وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى 24 2 { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } أَيْ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ منهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ في الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ على ارْتِكَابِ مَجَازِ الزِّيَادَةِ فَيَلْغُو قَوْلُهُ حَيْضَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ حَيْضَةً وَاحِدَةً من امْرَأَتَيْنِ مُحَالٌ فَكَأَنَّهُ قال إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ
____________________
(9/74)
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَمْلِ إذَا قال إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَبَيَّنَ أنها كانت حَامِلًا
بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كانت تُوطَأُ أو لِأَقَلَّ من أَكْثَرَ من مُدَّةِ الْحَمْلِ إنْ لم تَكُنْ تُوطَأُ فَإِنْ تَبَيَّنَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ من حِينِ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَتَلِدُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا من أَوَّلِ وَطْئِهِ فَلَا تَطْلُقُ في الْأَصَحِّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ لم يَقَعْ في الْأَصَحِّ انْتَهَى
وَقِيلَ يَقَعُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْمَنْصُوصِ عنه أَنَّهُ إنْ ظهرالحمل أو خَفِيَ فَوَلَدَتْ لِغَالِبِ الْمُدَّةِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فما دُونَ طَلُقَتْ بِكُلِّ حَالٍ
صَحَّحَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْجَامِعِ هذه الرِّوَايَةَ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهِيَ بِالْعَكْسِ
فَتَطْلُقُ في كل مَوْضِعٍ لَا تَطْلُقُ فيه في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا تَطْلُقُ في كل مَوْضِعٍ تَطْلُقُ فيه في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الْعَكْسِ في الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِئَلَّا يَزُولَ يَقِينُ النِّكَاحِ بِشَكِّ الطَّلَاقِ
وقال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ في التي قَبْلَهَا لَا يَقَعُ هُنَا وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَقَعُ ثُمَّ يَقَعُ هُنَا لِأَنَّهَا ضِدُّهَا إلَّا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ فَهَلْ يَقَعُ هُنَا فيه وَجْهَانِ
____________________
(9/75)
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ قبل الْوَطْءِ
وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إنْ كان الطَّلَاقُ بَائِنًا
يَعْنِي في الْمَسْأَلَتَيْنِ
أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا مُنْذُ حَلَفَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَقِيبَ الْيَمِينِ ما لم يَظْهَرْ بها حَمْلٌ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه ما ذَكَرَ التَّحْرِيمَ إلَّا في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ على الْأَصَحِّ حتى يَظْهَرَ حَمْلٌ أو تَسْتَبْرِئَ أو تَزُولَ الرِّيبَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كان بَائِنًا
أَنَّهُ لو كان رَجْعِيًّا لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي التَّحْرِيمَ أَيْضًا وَلَوْ كان رَجْعِيًّا سَوَاءٌ قُلْنَا الرَّجْعِيَّةُ مُبَاحَةٌ أو مُحَرَّمَةٌ
____________________
(9/76)
الثَّانِي قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أو مُسْتَقْبَلَةٍ أو مَاضِيَةٍ لم يَطَأَ بَعْدَهَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تستبرأ ( ( ( تستبرئ ) ) ) بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ
وَقِيلَ لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ وَلَا مَاضِيَةٍ وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ عن أَصْحَابِنَا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو قال إذَا حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لم يَقَعْ إلَّا بِحَمْلٍ مُتَجَدِّدٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمُوا بِهِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعُ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
لَكِنْ قَدَّمَ أنها إذَا بَانَتْ حَامِلًا تَطْلُقُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي ولم يُعَرِّجْ على ذلك الْأَصْحَابُ بَلْ جَعَلُوهُ خَطَأً
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَطَأُ حتى تَحِيضَ ثُمَّ يَطَأُ في كل طُهْرٍ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
وَعَنْهُ يَجُوزُ أَكْثَرَ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ من قُرْبَانِهَا مَرَّةً في أَوَّلِ مَرَّةٍ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هل يَحْرُمُ وَطْؤُهَا في كل طُهْرٍ أَكْثَرَ من مَرَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى طَلُقَتْ ثَلَاثًا
____________________
(9/77)
بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً
وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَقَطَعَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ أنها تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهًا
وَقِيلَ تَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قلت وهو الصَّوَابُ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ ضَعِيفٌ جِدًّا
وَلَوْ كان مَكَانَ قَوْلِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا إنْ كان حَمْلُك لم تَطْلُقْ إذَا كانت حَامِلًا بِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال الْأَصْحَابُ لَا تَطْلُقُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ حَمْلَهَا ليس بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى بَلْ بَعْضُهُ هَكَذَا وَبَعْضُهُ هَكَذَا انْتَهَى
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه من غَزْلِهَا
الثَّالِثَةُ يَسْتَحِقُّ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى الْوَصِيَّةَ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَحِقَّانِ في الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ في الْأُولَى إنْ كُنْت حَامِلًا بِذِكْرٍ فَلَهُ مِائَةٌ وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَلَهَا مِائَتَانِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ وَصِيَّتَهُ
وَيَقُولُ في الثَّانِيَةِ إنْ كان حَمْلُك ذكرا فَلَهُ مِائَةٌ وَإِنْ كان أُنْثَى فَلَهُ مِائَتَانِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى لم يَسْتَحِقَّا شيئا من الْوَصِيَّةِ
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْوِلَادَةِ إذَا قال إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَبَانَتْ بِالثَّانِي ولم تَطْلُقْ بِهِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
____________________
(9/78)
وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو الصَّحِيحُ
قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا
قال في النُّكَتِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قلت منهم أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن حَامِدٍ تَطْلُقُ بِهِ يَعْنِي بِالثَّانِي أَيْضًا
وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَنَقَلَ أبو بَكْرٍ هِيَ وِلَادَةٌ وَاحِدَةٌ
قال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وَفِيهَا نَظَرٌ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ هذا على نِيَّةِ الرَّجُلِ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَطْلِيقَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ وِلَادَةً وَاحِدَةً
وَأَنْكَرَ قَوْلَ سُفْيَانَ إنَّهُ يَقَعُ عليها بِالْأَوَّلِ ما عَلَّقَ بِهِ وَتَبِينُ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ بِهِ كما قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال بن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وَرِوَايَةُ بن مَنْصُورٍ أَصَحُّ وهو الْمَنْصُوصُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا حَلَفَ على حَمْلٍ وَاحِدٍ وَوِلَادَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْغَالِبُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا وَلَدًا وَاحِدًا لَكِنَّهُ لَمَّا كان ذَكَرًا مَرَّةً وَأُنْثَى أُخْرَى نُوِّعَ التَّعْلِيقُ عليه فإذا وَلَدَتْ هذا الْحَمْلَ ذَكَرًا وَأُنْثَى لم يَقَعْ بِهِ الْمُعَلَّقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى جميعا بَلْ الْمُعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لم يَقْصِدْ إلَّا إيقَاعَ أَحَدِ الطَّلَاقَيْنِ وَإِنَّمَا رَدَّدَهُ لِتَرَدُّدِ كَوْنِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا أو أُنْثَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ أَكْثَرَ الطَّلَاقَيْنِ إذا كان الْقَصْدُ تَطْلِيقَهَا بهذا الْوَضْعِ سَوَاءٌ كان ذَكَرًا أو أُنْثَى لَكِنَّهُ أَوْقَعَ بِوِلَادَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ من الْآخَرِ فَيَقَعُ بِهِ أَكْثَرُ الْمُعَلَّقَيْنِ انْتَهَى
____________________
(9/79)
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ بن حَامِدٍ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عليها بَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي
وَصَرَّحَ النَّاظِمُ في حِكَايَةِ قَوْلِ بن حَامِدٍ أنها بِوَضْعِ الْحَمْلِ الثَّانِي تَطْلُقُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَصَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
وهو يَدُلُّ على ضَعْفِ هذا الْقَوْلِ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ لَا بُدَّ له من عِدَّةٍ مُتَعَقِّبَةٍ وَعَلَى هذا يُعَايَى بها
فَيُقَالُ على أَصْلِنَا طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا مَانِعَ وَالزَّوْجَانِ مُكَلَّفَانِ لَا عِدَّةَ فيه
وَيُعَايَى بها من وَجْهٍ آخَرَ
فَيُقَالُ طَلَاقٌ بِلَا عِوَضٍ دُونَ الثَّلَاثِ بَعْدَ الدُّخُولِ في نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا رَجْعَةَ فيه
وقد يُقَالُ عِدَّةٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَسْبِقُ الْبَيْنُونَةَ فلم تَخْلُ من عِدَّةٍ مُتَعَيِّنَةٍ إمَّا حَقِيقَةً أو حُكْمًا
وَبِهَذَا قال بن الْجَوْزِيِّ في حِكَايَةِ قَوْلِ بن حَامِدٍ تَطْلُقُ الثَّالِثَةُ لِقُرْبِ زَمَانِ الْبَيْنُونَةِ وَالْوُقُوعِ فلم يُجْعَلْ زَمَانُهَا زَمَانَهَا ذَكَرَ ذلك في النُّكَتِ
الثَّانِي قَوْلُهُ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى
احْتِرَازًا مِمَّا إذَا وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَالْحَالَةُ هذه بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ غير الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ تَبِعَهُ
وَمُرَادُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بين الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالثَّانِي حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ بِلَا خِلَافٍ بين الْأُمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْبَلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ قَالَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَغَيْرُهُ في الْحَامِلِ لَا تَحِيضَ وفي الطَّلَاقِ بِهِ الْوَجْهَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةٌ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ
____________________
(9/80)
وَكَذَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ لِثُبُوتِ وَطْئِهِ بِهِ فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فيها
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدُلُّ على الْوَطْءِ الْمُحَصِّلِ لِلرَّجْعَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَشْكَلَ كَيْفِيَّةُ وَضْعِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةً بِيَقِينٍ وَلَغَا ما زَادَ
وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا أَظْهَرُ
قال في النُّكَتِ وهو أَصَحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا
قال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
قال في الْقَوَاعِدِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لها في إلْحَاقِ الطَّلَاقِ لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَبَهَةِ فَمَنْ قال بِالْقُرْعَةِ هُنَا جَعَلَ التَّعْيِينَ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ وَجَعَلَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لَازِمًا لِذَلِكَ وَمَنْ مَنَعَهَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بهما ( ( ( بها ) ) ) هُنَا هو اللَّازِمُ وهو الْوُقُوعُ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فيه وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا قال إنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَلْقَتْ ما تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قالت قد وَلَدْت فَأَنْكَرَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ
قال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ هذا إنْ لم يُقِرَّ بِالْحَمْلِ
____________________
(9/81)
وَإِنْ شَهِدَ النِّسَاءُ بِمَا قالت طَلُقَتْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَالُوا هذا ظَاهِرُ كَلَامِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْمَشْهُورُ الْوُقُوعُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَتَبِعَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْمَوَاهِبِ الْعُكْبَرِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَالْأَكْثَرُونَ
وَقِيلَ تَطْلُقُ إذَا كان مِثْلُهَا يَلِدُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ حتى يَشْهَدَ من يَثْبُتُ ابْتِدَاءً الطَّلَاقُ بِشَهَادَتِهِ كَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ما غَصَبَ أو لَا غَصَبَ كَذَا ثُمَّ ثَبَتَ عليه الْغَصْبُ بِرَجُلِ وَامْرَأَتَيْنِ أو شَاهِدٍ وَيَمِينٍ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالسَّامِرِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عِنْدِي أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ من عَفَا عن الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي في الطَّلَاقِ أَنْ لَا يَحْكُمَ عليه بِهِ وَلَوْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِرَجُلَيْنِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَحَكَاهُمَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ رِوَايَتَيْنِ
الثَّانِيَةُ لو قال كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وإن وَلَدَتْهُمْ مُتَعَاقِبِينَ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(9/82)
وقال بن حَامِدٍ تَطْلُقُ بِهِ كما تَقَدَّمَ عنه في قَوْلِهِ إنْ وَلَدْت
وَلَوْ قال أَنْتِ طَالِقٌ مع انْقِضَاءِ عِدَّتِك لم تَطْلُقْ وَإِنْ لم يَقُلْ وَلَدًا بَلْ قال كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ أنها تَطْلُقُ وَاحِدَةً
قلت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وإذا قال إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَامَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو نَجَّزَهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ إذْ التَّعْلِيقُ مع وُجُودِ الصِّفَةِ تَعْلِيقٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا
لَكِنْ لو قال عَنَيْت بِقَوْلِي هذا أَنَّكِ تَكُونِينَ طَالِقًا بِمَا أَوْقَعْته عَلَيْك ولم أُرِدْ إيقَاعَ طَلَاقٍ سِوَى ما بَاشَرْتُك بِهِ دُيِّنَ
وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
قلت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هذا تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ ولم يُعَلِّلْ في الْكَافِي بِغَيْرِهِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ في تَعْلِيقِهِ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ قال كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ إنْ كانت مَدْخُولًا بها
وَإِنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها لم تَطْلُقْ الطَّلْقَةَ الْمُعَلَّقَةَ
وَمُرَادُهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ عليها طَلَاقُهُ بِمُبَاشَرَةٍ أو سَبَبٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا إذَا وَقَعَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ رَجْعِيَّتَيْنِ
وَلَوْ قال كُلَّمَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ على الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/83)
وقال الْقَاضِي إنْ وَقَعَ عليها طَلَاقٌ بِصِفَةٍ عَقَدَهَا قبل هذه الْيَمِينِ أو بَعْدَهَا لم تَطْلُقْ غَيْرَهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لم يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا هو وَقَعَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ ما يَقَعُ عليها بِصِفَةِ عَقْدِهَا قبل هذه الْيَمِينِ كما قال وَحُكْمُ ما يَقَعُ عليها بِصِفَةِ عَقْدِهَا بَعْدَ هذه الْيَمِينِ حُكْمُ طَلَاقِهِ الْمُنَجَّزِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإن ( ( ( وإذ ) ) ) قال كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أو إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا نَصَّ فيها
وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي تَطْلُقُ ثَلَاثًا وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال بن عَقِيلٍ تَطْلُقُ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَيَلْغُو ما قَبْلَهُ
وهو قِيَاسُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبِي بَكْرٍ في أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ في زَمَنٍ مَاضٍ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ بن سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ من الشَّافِعِيَّةِ وَنُسِبَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ إلَيْهِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ وهو وُقُوعُ الثَّلَاثِ يَقَعُ بِالْمُنَجَّزِ وَاحِدَةً ثُمَّ يُتَمِّمُ من الْمُعَلَّقِ على الصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا
فَعَلَى هذا إنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها لم تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً
وَقِيلَ تَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا فَتَطْلُقُ الْمَدْخُولُ بها وَغَيْرُهَا ثَلَاثًا
وَقِيلَ تَقَعُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بها وَغَيْرِهَا ثَلَاثًا أَيْضًا
____________________
(9/84)
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو قال إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أو إنْ أَبَنْتُك أو فَسَخْت نِكَاحَك أو رَاجَعْتُك أو إنْ ظَاهَرْت أو آلَيْتُ مِنْك أو لَاعَنْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى
قال في التَّرْغِيبِ تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ وفي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ من أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ في التي قَبْلَهَا
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ يَعْنِي في التي قَبْلَهَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ في أَبَنْتُك وَفَسَخْت نِكَاحَك بَلْ تَبِينُ بِالْإِبَانَةِ وَالْفَسْخِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَا مَعًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ في الظِّهَارِ لِصِحَّتِهِ من الْأَجْنَبِيَّةِ فَكَذَا في الْإِيلَاءِ إذَا صَحَّ من الْأَجْنَبِيَّةِ في وَجْهٍ وكذا في اللِّعَانِ إنْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ على تَفْرِيقِ حَاكِمٍ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو قال كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال مثله لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالْأُولَةَ اثْنَتَيْنِ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَوُقُوعُهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فيها طَلَاقًا بِتَعْلِيقِهِ طَلَاقًا ثَانِيًا
وَإِنْ طَلَّقَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ طَلْقَتَانِ طلقة ( ( ( طلقت ) ) )
وَمِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ إنْ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ أو كُلَّمَا طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قال إنْ طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ أو كُلَّمَا طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قال لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعُمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ
وقال بن عَقِيلٍ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَرَى مَتَى طَلُقَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ بِالْمُبَاشَرَةِ
____________________
(9/85)
وَطَلُقَتْ بِالصِّفَةِ أَنْ يَقَعَ على حَفْصَةَ أُخْرَى بِالصِّفَةِ في حَقِّ عَمْرَةَ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَيْهِمَا وَأَنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا في كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا يَقَعُ الثَّلَاثُ يعطي اسْتِيفَاءُ الثَّلَاثِ في حَقِّ عَمْرَةَ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالثَّالِثَةَ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ في طَلَاقِ عَمْرَةَ الْمُعَلَّقِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ انْتَهَى
الثَّالِثَةُ لو عَلَّقَ ثَلَاثًا بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فيه الرَّجْعَةَ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي
وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ
قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ
وَأَمَّا قبل الدُّخُولِ فَيَقَعُ ما نَجَّزَهُ
وَأَمَّا طَلَاقُهَا بِعِوَضٍ فَلَا يَقَعُ غَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ من عَبِيدِي حُرٌّ وَكُلَّمَا طَلَّقْت اثنتين ( ( ( اثنين ) ) ) فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَكُلَّمَا طَلَّقْت ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَحْرَارٌ وَكُلَّمَا طَلَّقْت أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ أَحْرَارٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ جميعا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ عَشَرَةً وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وهو خَطَأٌ
قال الشَّارِحُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ
____________________
(9/86)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَقَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقِيلَ يُعْتَقُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ
وَقِيلَ يُعْتَقُ سَبْعَةَ عَشَرَ قال الشَّارِحُ وهو غَيْرُ سَدِيدٍ
وَقِيلَ يُعْتَقُ عِشْرُونَ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ أَيْضًا في الْهِدَايَةِ
قال الشَّارِحُ أَيْضًا وهو غَيْرُ سَدِيدٍ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ له نِيَّةٌ
يَعْنِي في جَمِيعِ الْأَوْجُهِ فَيُؤَاخَذُ بِمَا نَوَى
فَائِدَةٌ لو جَعَلَ مَكَانَ كُلَّمَا إنْ لم يُعْتَقْ إلَّا أَرْبَعٌ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وَقِيلَ يُعْتَقُ عَشَرَةٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَدَاخُلِ الصِّفَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ هُنَاكَ إلَّا وَاحِدَةً
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا الْكِتَابُ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ
أَنَّهُ لو أتى بَعْضُ الْكِتَابِ وَفِيهِ الطَّلَاقُ ولم يَنْمَحِ ذِكْرُهُ أنها لَا تَطْلُقُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ
قال في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ فَإِنْ أَتَاهَا وقد ذَهَبَتْ حَوَاشِيهِ أو محى ما فيه سِوَى الطَّلَاقِ طَلُقَتْ وَإِنْ ذَهَبَ الْكِتَابُ إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ فَوَجْهَانِ
____________________
(9/87)
قَوْلُهُ فَإِنْ قال أَرَدْت أَنَّكِ طَالِقٌ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
قلت وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ
قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ دُيِّنَ بَاطِنًا وقال في الْمُنَوِّرِ دُيِّنَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كَتَبَ إلَيْهَا إذَا قَرَأْت كِتَابِي هذا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عليها وَقَعَ إنْ كانت لَا تُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ كانت تُحْسِنُ فَوَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَلْفِ إذَا قال إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أو دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ في الْحَالِ
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ أَعَادَهُ أو عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ وفي ذلك الشرط ( ( ( للشرط ) ) ) حَثٌّ أو مَنْعٌ وَالْأَصَحُّ أو تَصْدِيقُ خَبَرٍ أو تَكْذِيبُهُ سِوَى تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهَا أو حَيْضٍ أو طُهْرٍ تَطْلُقُ في الْحَالِ طَلْقَةً في مَرَّةٍ
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من لم يَسْتَثْنِ غير هذه الثَّلَاثَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَ الْعَمَلَ بِعُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدِهِ في مُسَمَّى الْيَمِينِ وَأَنَّهُ مُوجَبُ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأُصُولِهِ
____________________
(9/88)
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْحَلْفِ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أو قَدِمَ الْحَاجُّ فَهَلْ هو حَلِفٌ فيه وَجْهَانِ
يَعْنِي إنْ قال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أو قَدِمَ الْحَاجُّ
وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
أَحَدُهُمَا ليس بِحَلِفٍ فَيَكُونُ شَرْطًا مَحْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْبُلْغَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو حَلِفٌ فَتَطْلُقُ في الْحَالِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ أَعَادَهُ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا
إذَا لم يَقْصِدْ بِإِعَادَتِهِ إفْهَامَهَا فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إفْهَامَهَا لم تَطْلُقْ سِوَى الْأُولَى قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَيَأْتِي الْكَلَامُ على هذه الْمَسْأَلَةِ آخِرَ الْفَصْلِ مُسْتَوْفًى لِمَعْنًى مُنَاسِبٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً فَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا غير مَدْخُولٍ
____________________
(9/89)
بها فَأَعَادَهُ بَعْدَ ذلك يَعْنِي بَعْدَ الطَّلْقَةِ الْأُولَى لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لو تَزَوَّجَ بَعْدَ ذلك الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أنها لَا تَطْلُقُ وهو مَعْنَى ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ الصِّفَةَ لم تَنْعَقِدْ لِأَنَّهَا بَائِنٌ
وَكَذَا جَزَمَ في التَّرْغِيبِ فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولُ بها غَيْرَهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَصِحُّ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ تَطْلُقُ كَالْأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً
وَلَوْ جَعَلَ كُلَّمَا بَدَلَ إنْ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا ثَلَاثًا طَلُقَتْ عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ قال ذلك في الْفُرُوعِ
وقال وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ في الْمُغْنِي في كُلَّمَا قال ما تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ في إنْ وَكَذَا فَرَضَهَا في الشَّرْحِ
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال لِامْرَأَتَيْهِ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بها إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً على الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ مَرَّةً ثَانِيَةً في حَقِّ الْمَدْخُولِ بها وفي انْعِقَادِهَا في غَيْرِ الْمَدْخُولِ بها وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا تَنْعَقِدُ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَالْمَجْدِ وَمُقْتَضَى ما قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ الْآتِيَةِ
وَالثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي
فَإِنْ أَعَادَهُ ثَالِثًا قبل تَجْدِيدِ نِكَاحِ الْبَائِنِ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا على كِلَا الْوَجْهَيْنِ
____________________
(9/90)
فَإِنْ تَزَوَّجَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَطْلُقُ وَتَطْلُقُ الْأُخْرَى طَلْقَةً لِوُجُودِ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا قبل نِكَاحِ الثَّانِيَةِ وَالْحَلِفُ بِطَلَاقِ الْبَائِنَةِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَكَمُلَ الشَّرْطُ في حَقِّ الْأُولَى
وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ لو كان له امْرَأَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ فقال إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا
وَإِنْ قال بَعْدَ ذلك إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ
فَإِنْ قال بَعْدَ هذا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا
فَإِنْ قال بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ
وَعَلَى هذا فَقِسْ
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْكَلَامِ إذَا قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقَ ذلك أو زَجَرَهَا فقال تَنَحِّي أو اُسْكُتِي أو قال إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ
هذا الْمَذْهَبُ ما لم يَنْوِ غَيْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ
قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِهِ يَدُلُّ على إرَادَتِهِ الْكَلَامَ الْمُنْفَصِلَ عنها
قلت وَهَذَا هو الصَّوَابُ
وَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ إذَا قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ
____________________
(9/91)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت إنْ بَدَأْتُك بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْنَثَ بِبُدَاءَتِهِ إيَّاهَا بِالْكَلَامِ في ( ( ( وفي ) ) ) وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ ذلك بِيَمِينِهِ
وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْمُصَنِّفِ
قلت وهو قَوِيٌّ جِدًّا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ فلم يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ أو غَفْلَتِهِ أو كَاتَبَتْهُ أو رَاسَلَتْهُ حَنِثَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في التَّشَاغُلِ وَالْغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ كَتَكْلِيمِهَا غَيْرَهُ وهو يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ بِهِ
وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ إذَا كَاتَبَتْهُ أو رَاسَلَتْهُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ كَنِيَّةِ غَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو أَرْسَلَتْ إنْسَانًا يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ عن مَسْأَلَةٍ حَدَثَتْ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عليه لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/92)
زَادَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ سَوَاءٌ أَشَارَتْ بِيَدٍ أو بِعَيْنٍ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ
قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَ أو أَصَمَّ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أنها كَلَّمَتْهُ أو مَجْنُونًا يَسْمَعُ كَلَامَهَا حَنِثَ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْأَصَمِّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب ( ( ( المذهب ) ) ) وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهَا السَّكْرَانَ فَقَطْ
وَأَطْلَقَ في السَّكْرَانِ وَجْهَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
فَائِدَةٌ وكذلك الْحُكْمُ إنْ كَلَّمَتْ صَبِيًّا يَسْمَعُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مُكَلَّمٌ حَنِثَ
فَأَمَّا إنْ جُنَّتْ هِيَ وَكَلَّمَتْهُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عنها فلم يَبْقَ لِكَلَامِهَا حُكْمٌ
وَلَوْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى حَنِثَ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الصَّاحِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(9/93)
وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا عَقْلَ لها
قَوْلُهُ وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا أو غَائِبًا أو مُغْمًى عليه أو نَائِمًا لم يَحْنَثْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وفي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ يَحْنَثُ
وَذَكَرَهُ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إنْ كَلَّمْتُمَا هَذَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا طَلُقَتَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ حتى تُكَلِّمَا جميعا كُلَّ وَاحِدٍ منها ( ( ( منهما ) ) ) وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
قال الشَّارِحِ وهو أَوْلَى
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْأَقْوَى لَا يَقَعُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم نُحْنِثْهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ فَأَمَّا إنْ حَنَّثْنَاهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ حَنَّثْنَاهُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا
فَائِدَةٌ هذه الْمَسْأَلَةُ من جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ وَهِيَ إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ذَاتَ أَعْدَادٍ مُوَزَّعَةٍ
____________________
(9/94)
على جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ تَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمْلَةِ الْمُوَزَّعَةِ على أَفْرَادِ الْأُخْرَى أو كُلُّ فَرْدٍ منها على مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ على قِسْمَيْنِ
الْأَوَّلُ أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ على تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَا خِلَافَ في ذلك
فَمِثَالُ ما دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فيه على تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ على الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدِ يُقَابِلُهُ إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ أو دَلَالَةِ الشَّرْعِ على ذلك وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ ما سِوَاهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فإذا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ كل وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ أو يقول لِعَبْدَيْهِ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أو لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا أو تَقَلَّدْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أو دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَمَتَى وُجِدَ من كل وَاحِدٍ رُكُوبُ دَابَّتِهِ وَلُبْسُ ثَوْبِهِ وَتَقَلُّدُ سَيْفِهِ أو الدُّخُولُ بِزَوْجَتِهِ تَرَتَّبَ عليه الْعِتْقُ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بهذا عُرْفِيٌّ وفي بَعْضِهِ شَرْعِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ على الْجُمْلَةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
وَمِثَالُ ما دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فيه على تَوْزِيعِ كل فَرْدٍ من أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ على جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أو كَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَلَا تَطْلُقَانِ حتى تُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ منها زَيْدًا وَعَمْرًا
الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ على إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هذا الْإِطْلَاقِ على الْأَوَّلِ وَالثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ
وَالْأَشْهَرُ أَنْ يُوَزَّعَ كُلُّ فَرْدٍ من أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ على جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ في مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ من نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ذَكَرَ ذلك بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَتَقَدَّمَ من مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ في بَابِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَالْوَقْفِ وَالرِّبَا وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/95)
وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا من الْقَاعِدَةِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا خِلَافُ ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ أَمَرْتُك فَخَالَفْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ لم يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ به في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم تَعْرِفْ حقيقة الْأَمْرِ وَالنَّهْي حَنِثَ
قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَعَلَّ هذا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ وَالتَّحْقِيقِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ إنْ نَهَيْتُك فَخَالَفْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَمَرَهَا وَخَالَفَتْهُ لم يَذْكُرْهَا الْأَصْحَابُ
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ على هذه الْمَسْأَلَةِ أَلَّا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ مُؤَثِّرٍ لِيَمْتَنِعَ التَّخْرِيجُ انْتَهَى
قُلْت عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِكُلِّ حَالٍ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عن ضِدِّهِ وَالنَّهْيُ عنه أَمْرٌ بِضِدِّهِ انْتَهَيَا
وقد قال مَعْنَى ذلك الْأُصُولِيُّونَ
الثَّانِيَةُ لو قال إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ
____________________
(9/96)
قَالَهُ ثَالِثًا طَلُقَتْ ثَانِيَةً وَإِنْ قَالَهُ رَابِعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بها بِطَلْقَةٍ ولم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَلَا الثَّالِثَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ بِحَيْثُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَكَلَّمَهَا طَلُقَتْ إلَّا على قَوْلِ التَّمِيمِيِّ تَنْحَلُّ الصِّفَةُ مع الْبَيْنُونَةِ فَإِنَّهَا قد انْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ قد كَلَّمَهَا
وَلَا يَجِيءُ مِثْلُهُ في الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لم يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِهِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في الْمَعْنَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ السَّابِقَةِ فَإِمَّا لَا يَصِحُّ فِيهِمَا وهو أَظْهَرُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ يَصِحَّ فِيهِمَا كما سَبَقَ من قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَمَّا التَّفْرِقَةُ بين مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَلَا وَجْهَ له من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا مَعْنَى يَقْتَضِيهِ ولم أَجِدْ من صَرَّحَ بِالتَّفْرِقَةِ انْتَهَى
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو قال لِامْرَأَتِهِ التي لم يَدْخُلْ بها إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا كلام في الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وقال بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بهذا الْكَلَامِ وَعَلَّلَهُ
فإذا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْإِعَادَةِ ثَانِيًا فَهَلْ تَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا تَنْعَقِدُ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ
____________________
(9/97)
كَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وبن عَقِيلٍ وهو قِيَاسُ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَلَهُ مَأْخَذَانِ وَذَكَرَهُمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وهو اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً على أَنَّ الطَّلَاقَ يَقِفُ وُقُوعُهُ على تَمَامِ الْإِعَادَةِ
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ إذَا قال إذَا خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي أو إلَّا بِإِذْنِي أو حتى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَذِنَ لها فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ طَلُقَتْ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تَطْلُقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ في كل مَرَّةٍ
قلت وهو قَوِيٌّ كَإِذْنِهِ في الْخُرُوجِ كُلَّمَا شَاءَتْ نَصَّ عليه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ أَذِنَ لها بِالْخُرُوجِ مَرَّةً أو مُطْلَقًا أو أَذِنَ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فقال اُخْرُجِي مَتَى شِئْت لم يَكُنْ إذْنًا إلَّا لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا قال اُخْرُجِي كُلَّمَا شِئْت يَكُونُ إذْنًا عَامًا نَصَّ عليه
قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لها من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ فَخَرَجَتْ طَلُقَتْ
نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَشْهَرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(9/98)
وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ بِنَاءً على ما قَالَهُ في عَزْلِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ من غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ
وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ وَلِأَبِي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّ دَعْوَاهُ الْإِذْنَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ في الظَّاهِرِ فَلَوْ أَشْهَدَ على الْإِذْنِ نَفَعَهُ ذلك ولم تَطْلُقْ
قال صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لم يَحْنَثْ إذَا خَرَجَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَنَّثَهُ الْقَاضِي وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
الثَّانِيَةُ لو أَذِنَ لها فلم تَخْرُجْ حتى نَهَاهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا تَطْلُقُ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا يَقَعُ إذَا أَذِنَ لها ثُمَّ نهى وَجَهِلَتْهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْحَمَّامَ وَغَيْرَهُ طَلُقَتْ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ
____________________
(9/99)
وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ عَدَلَتْ إلَى غَيْرِهِ طَلُقَتْ
هذا الْمَذْهَبُ
قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَطْلُقَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ في تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إن شِئْت أو كَيْف شِئْت أو حَيْثُ شِئْت أو مَتَى شِئْت لم تَطْلُقْ حتى تَقُولَ قد شِئْت سَوَاءٌ شَاءَتْ على الْفَوْرِ أو التَّرَاخِي
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَلَوْ شَاءَتْ كَارِهَةً جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ على الْمَجْلِسِ كَالِاخْتِيَارِ
وَقِيلَ تَخْتَصُّ إنْ بِالْمَجْلِسِ دُونَ غَيْرِهِمَا
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَإِنْ لم تَشَأْ إذَا قال كَيْفَ شِئْت أو حَيْثُ شِئْت دُونَ غَيْرِهِمَا
فَائِدَةٌ لو رَجَعَ قبل مَشِيئَتِهَا لم يَصِحَّ رُجُوعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَبَقِيَّةِ التَّعَالِيقِ
____________________
(9/100)
وَعَنْهُ يَصِحُّ كَاخْتَارِي وَأَمْرُك بِيَدِك
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت وَشَاءَ أَبُوك لم تَطْلُقْ حتى يَشَاءَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
قلت هو بَعِيدٌ وَالْمَشِيئَةُ مِنْهُمَا أو من أَحَدِهِمَا على التَّرَاخِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ
فَائِدَةٌ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَهُمَا وَلَا نِيَّةَ وَقَعَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَقَعَانِ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْإِشَاءَةُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ
وحكى عنه أو غَابَ
وَحَكَاهُ في الْمُنْتَخَبِ عن أبي بَكْرٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبل الْمَشِيئَةِ لم تَطْلُقْ
أَمَّا إذَا مَاتَ أو جُنَّ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ لم يَقَعْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
____________________
(9/101)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ في الْهِدَايَةِ وبن عَقِيلٍ أنها لَا تَطْلُقُ حَكَاهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عن أبي بَكْرٍ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ عن بن عَقِيلٍ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ
وَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَهِيَ كَنُطْقِهِ
قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ إنْ خَرِسَ بَعْدَ يَمِينِهِ لم تَطْلُقْ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ
فَائِدَةٌ لو غَابَ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وحكى عن بن عَقِيلٍ تَطْلُقُ وَحَكَاهُ في الْمُنْتَخَبِ عن أبي بَكْرٍ كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ وهو سَكْرَانُ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ في طَلَاقِهِ
ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا عَدَمَ الْوُقُوعِ وَإِنْ وَقَعَ هُنَاكَ وَفَرَّقَا بَيْنَهُمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان صَبِيًّا يَعْقِلُ الْمَشِيئَةَ فَشَاءَ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ إذَا شَاءَ تَطْلُقُ قال الْأَصْحَابُ هو كَطَلَاقِهِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ على زَوْجَتِهِ
____________________
(9/102)
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ شَاءَ فميز ( ( ( مميز ) ) ) فَكَطَلَاقِهِ
وَجَزَمَ بِالْوُقُوعِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَطْلُقُ كَطَلَاقِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ طَلُقَتْ
إذَا مَاتَ أو جُنَّ طَلُقَتْ بِلَا نِزَاعٍ وفي وَقْتِ الْوُقُوعِ أَوْجُهٌ
أَحَدُهَا يَقَعُ في الْحَالِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
الثَّانِي تَطْلُقُ آخِرَ حَيَاتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
الثَّالِثُ يَتَبَيَّنُ حِنْثُهُ من حِينِ حَلَفَ
وذكره ( ( ( وذكر ) ) ) القاضي ( ( ( للقاضي ) ) ) في أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ
وَأَمَّا إذَا خَرِسَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إشَارَتَهُ الْمَفْهُومَةَ كَنُطْقِهِ مُطْلَقًا
وَقِيلَ إنْ حَصَلَ خَرَسُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ فَلَيْسَ كَنُطْقِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ كما تَقَدَّمَ
وقال النَّاظِمُ لو قِيلَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا خَرِسَ أو جُنَّ إلَى حِينِ الْمَوْتِ لم يَكُنْ بِبَعِيدٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالتَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(9/103)
وفي الْآخِرِ لَا تَطْلُقُ يَعْنِي لَا تَطْلُقُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ الْمُنَجَّزَةِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ من الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ تَشَائِي ثَلَاثًا فَشَاءَتْ ثَلَاثًا وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ هُنَا من الْمُفْرَدَاتِ وَنَصَّ عليه
وَكَذَا عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ مِثْلُهَا في الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أو تَشَائِي وَاحِدَةً فَيَشَاءُ زَيْدٌ أو هِيَ وَاحِدَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ وَإِنْ قال لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَتَقَتْ
وَكَذَا لو قَدَّمَ الشَّرْطَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ الْجَمَاعَةُ منهم بن مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ وَالْحَسَنُ بن ثَوَابٍ وأبو النَّضْرِ وَالْأَثْرَمُ وأبو طَالِبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهِمَا
وقال الْخِرَقِيُّ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عن الْجَوَابِ
قلت مِمَّنْ نَقَلَ ذلك عبد اللَّهِ وَصَالِحٌ وَإِسْحَاقُ بن هَانِئٍ وأبو الْحَارِثِ وَالْفَضْلُ بن زِيَادٍ وَإِسْمَاعِيلُ بن إِسْحَاقَ
وحكى عنه أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ
____________________
(9/104)
حَكَاهُ عنه بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وهو أبو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ
وَقَطَعَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذلك غَلَطٌ على الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَبَيَّنُوا وَجْهَ الْغَلَطِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَقَعُ الطَّلَاقُ دُونَ الْعِتْقِ
وَعَنْهُ لَا يَقَعَانِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ بِنَاءً على أَنَّهُمَا من جُمْلَةِ الْأَيْمَانِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكُونُ مَعْنَاهُ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ بَعْدَ هذا وَاَللَّهُ لَا يَشَاؤُهُ إلَّا بِتَكَلُّمِهِ بَعْدَ ذلك
وقال أَيْضًا إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عليها بهذا التَّطْلِيقِ طَلُقَتْ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْلِيقًا بَلْ تَأْكِيدٌ لِلْوُقُوعِ وَتَحْقِيقٌ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ على مَشِيئَةٍ مستقبله لم يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ حتى يُطَلِّقَ بَعْدَ ذلك فإذا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذلك فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَ طَلَاقِهَا حِينَئِذٍ وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ هذا الطَّلَاقُ الْآنَ فإنه يَكُونُ مُعَلَّقًا أَيْضًا على الْمَشِيئَةِ فإذا شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ فَيَقَعُ حِينَئِذٍ وَلَا يَشَاءُ اللَّهُ وُقُوعَهُ حتى يُوقِعَهُ ثَانِيًا انْتَهَى
قال في التَّرْغِيبِ لو قال يا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَطْلُقُ بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ من قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وفي الرِّعَايَةِ في ذلك وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ لم يَشَأْ اللَّهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(9/105)
أَحَدُهُمَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ لِتَضَادِّ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَلَغَا تَعْلِيقُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحِيلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال أَنْتِ طَالِقٌ ما لم يَشَأْ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أو قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَخَلَتْ فَهَلْ تَطْلُقُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
أَحَدُهُمَا لَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وقال لَا تَطْلُقُ من حَيْثُ الدَّلِيلُ
قال وهو قَوْلُ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ أَصَحُّهُمَا تَطْلُقُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لم يَقَعْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا فَعَلْت أو لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ
يَعْنِي في عَدَمِ الْوُقُوعِ إذَا نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ على فِعْلٍ يُوجَدُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وقد وُجِدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فما الْمَانِعُ من وُقُوعِهِ انْتَهَى
____________________
(9/106)
وقد حَرَّرَ الْعَلَامَةُ بن رَجَبٍ في هذه الْمَسْأَلَةِ وفي صِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِينَ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أو أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ لِلْأَصْحَابِ سَبْعُ طُرُقٍ
أَحَدُهَا أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كان الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ أو بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْحَلِفِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وفي التَّعْلِيقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَضُّ أو الْمَنْعُ دُونَ التَّعْلِيقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَتَّةً
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في صِيغَةِ التَّعْلِيقِ إذَا قَصَدَ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ أو أَطْلَقَ فَأَمَّا إنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ فإنه يَنْفَعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَكَذَا إنْ حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فإنه يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ كما تَقَدَّمَ
الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ إذَا لم يَرُدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ رَدَّهَا إلَى الطَّلَاقِ فَهُوَ كما لو نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى فيه
وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي
وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الطَّلَاقِ وَيَحْتَمِلُ عَوْدُهُ إلَى الطَّلَاقِ وَإِنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُوَافِقُ طَرِيقَةَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ إلَّا أنها مُخَالِفَةٌ لها في أَنَّهُ إذَا عَادَ
____________________
(9/107)
الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الطَّلَاقِ لم يَنْفَعْ كما لَا يَنْفَعُ في الْمُنَجَّزِ وهو الذي ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وهو وَاضِحٌ
الطَّرِيقَةُ الْخَامِسَةُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ مَحْمُولَتَانِ على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ كان الشَّرْطُ نَفْيًا لم تَطْلُقْ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنَّ لم أَفْعَلْ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فلم يَفْعَلْهُ فَلَا يَحْنَثُ
فَإِنْ كان إثْبَاتًا حَنِثَ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ
وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
الطَّرِيقَةُ السَّادِسَةُ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فإنه قال عِنْدِي فيها تَفْصِيلٌ
ثُمَّ ذَكَرَ ما مَضْمُونُهُ أَنَّهُ إذَا لم تُوجَدْ الصِّفَةُ التي هِيَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ على الطَّلَاقِ انْبَنَى الْحُكْمُ على عِلَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ الْمُسْتَثْنَى فيه
فَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا لم يَقَعْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا وَالْأُخْرَى الْمَشِيئَةُ وما وُجِدَتَا فَلَا يَحْنَثُ
وَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ عِلْمُنَا بِوُجُودِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ انْبَنَى على أَصْلٍ آخَرَ وهو ما إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَتَيْنِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَشَاءَ زَيْدٌ فَدَخَلَتْ ولم يَشَأْ زَيْدٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ على رِوَايَتَيْنِ كَذَا هُنَا يُخْرَجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَمَّا إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهِيَ دُخُولُ الدَّارِ فإنه يَنْبَنِي على التَّعْلِيلَيْنِ أَيْضًا
فَإِنْ قُلْنَا قد عَلِمْنَا مَشِيئَةَ الطَّلَاقِ وَقَعَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ جميعا
____________________
(9/108)
وَإِنْ قُلْنَا لم نَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ انْبَنَى على ما إذَا عَلَّقَهُ على صِفَتَيْنِ فوجدنا ( ( ( فوجد ) ) ) إحْدَاهُمَا وَيُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ
الطَّرِيقَةُ السَّابِعَةُ طَرِيقَةُ بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ فإنه جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ في وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِدُونِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَأَمَّا مع وُجُودِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَهِيَ أَضْعَفُ الطُّرُقِ وَذَكَرَ فَسَادَهَا من وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ أو مَشِيئَتِهِ طَلُقَتْ في الْحَالِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
فَإِنْ قال أَرَدْت الشَّرْطَ دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ حُكْمًا على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ دُيِّنَ بَاطِنًا
فَائِدَةٌ لو قال إنْ رضي أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال ما رَضِيت ثُمَّ قال رَضِيت طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَانَ مُتَرَاخِيًا ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ
وقال قال قَوْمٌ يَنْقَطِعُ بِالْأَوَّلِ
وَلَوْ قال إنْ كان أَبُوك يَرْضَى بِمَا فعلتيه ( ( ( فعلته ) ) ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فقال ما رَضِيت
____________________
(9/109)
ثُمَّ قال رَضِيت طَلُقَتْ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ على رِضًى مُسْتَقْبَلٍ وقد وُجِدَ بِخِلَافِ إنْ كان أَبُوك رَاضِيًا بِهِ لِأَنَّهُ مَاضٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِالنَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أو قال إنْ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أنا أُحِبُّهُ
فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عنها وقال دَعْنَا من هذه الْمَسَائِلِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا
وقال الْقَاضِي تَطْلُقُ
وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْخُلَاصَةِ في الْأُولَى وَصَحَّحَهُ في الثَّانِيَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَوْلَى أنها لَا تَطْلُقُ إذَا كانت كَاذِبَةً
وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وقال لِاسْتِحَالَتِهِ عَادَةً كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ في خُرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أَعْتَقِدُهُ فإن عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عن اعْتِقَادِهِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ في قَوْلِهِ إنَّ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك وَإِنْ طَلُقَتْ في الْأُولَى وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أنا أَبْغَضُهَا وَكَذَا لو قال إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْحَيَاةَ وَنَحْوَ ذلك مِمَّا يُعْلَمُ أنها تُحِبُّهُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(9/110)
الثَّانِيَةُ لو قالت امْرَأَتُهُ أُرِيدُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فقال إنْ كُنْت تُرِيدِينَ أو إذَا أَرَدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَظَاهِرُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أنها تَطْلُقُ بِإِرَادَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَدَلَالَةِ الْحَالِ على أَنَّهُ أَرَادَ إيقَاعَهُ لِلْإِرَادَةِ التي أَخْبَرَتْهُ بها قَالَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ
وَنَصَرَ الثَّانِيَ الْعَلَّامَةُ بن الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ قَوْلُهُ فَصْلٌ في مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ
إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ طَلُقَتْ إذَا رُئِيَ أو أَكْمَلَتْ الْعِدَّةَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا فَلَا يَحْنَثُ حتى تَرَاهُ
إذَا نَوَى حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا لم يَحْنَثْ حتى تَرَاهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَيُدَيَّنُ بِلَا نِزَاعٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ حُكْمًا على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ بِقَرِينَةٍ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ طَلُقَتْ إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ أنها تَطْلُقُ إذَا رُئِيَ سَوَاءٌ رُئِيَ قبل الْغُرُوبِ أو بَعْدَهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا رُئِيَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(9/111)
الثَّانِي تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَتَى تَطْلُقُ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو لم يَرَ الْهِلَالَ حتى أَقَمَرَ لم تَطْلُقْ وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أو بِاسْتِدَارَتِهِ أو بِبُهْرِ ضَوْئِهِ فيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
قال الْقَاضِي لَا يَبْهَرُ ضوؤه ( ( ( ضوءه ) ) ) إلَّا في اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ حَكَاهُ عن أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو قال إنْ رَأَيْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ وَلَوْ مَيِّتًا طَلُقَتْ وَلَوْ رَأَتْهُ في مَاءٍ أو في زُجَاجٍ شَفَّافٍ طَلُقَتْ إلَّا مع نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ
وَلَوْ رَأَتْهُ مُكْرَهَةً لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ
وَلَوْ رَأَتْ خَيَالَهُ في مَاءٍ أو مِرْآةٍ لم تَطْلُقْ
وَلَوْ جَالَسَتْهُ وَهِيَ عَمْيَاءُ لم تَطْلُقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ تَطْلُقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّالِثَةُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال من بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ امْرَأَتَاهُ طَلُقَتْ الْأُولَى مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّادِقَةَ وَحْدَهَا فَتَطْلُقُ وَحْدَهَا
أَنَّهُ لو أَخْبَرَتَاهُ مَعًا تَطْلُقَانِ وهو صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال من أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِقٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي
يَعْنِي أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا من التَّفْصِيلِ وَالْحُكْمِ
____________________
(9/112)
وكذا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ إنْ أَخْبَرَتَاهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا على الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ وَيُسَمَّى خَبَرًا وَإِنْ تَكَرَّرَ وَالْبِشَارَةُ الْقَصْدُ بها السُّرُورُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذلك مع الصِّدْقِ وَيَكُونُ من الْأُولَى لَا غَيْرُ
وَقِيلَ تَطْلُقَانِ مع الصِّدْقِ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال بن الْبَنَّا لَا يُدَيَّنُ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَخَرَّجَهُ الْحَلْوَانِيُّ على رِوَايَتَيْنِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَشَذَّ طَائِفَةٌ فَحَكَوْا الْخِلَافَ في تَدْيِينِهِ في الْبَاطِنِ منهم الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ
وَكَذَلِكَ وَقَعَ في مَوْضِعٍ من مُفْرَدَاتِ بن عَقِيلٍ في الْأَيْمَانِ
وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِلْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قال الْمَجْدُ وهو سَهْوٌ انْتَهَى
وَيُقْبَلُ حُكْمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ
وَإِنْ لم يَقُلْ ثَوْبًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمَهُ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ حُكْمًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الْحِيَلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَإِنْ حَلَفَ لَا لُبْسَ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ على الْأَصَحِّ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو قال إنْ قَرِبْت دَارِ أَبِيك بِكَسْرِ الرَّاءِ من قَرِبْت فَأَنْتِ
____________________
(9/113)
طَالِقٌ لم يَقَعْ حتى تَدْخُلَهَا وَإِنْ قال إنْ قَرُبْت بِضَمِّ الرَّاءِ طَلُقَتْ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا ذلك قَالَهُ في الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَكَذَا جَاهِلًا حَنِثَ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ولم يَحْنَثْ في الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرُوهُ في الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ في الْجَمِيعِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ذَكَرُوهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ في الْجَمِيعِ بَلْ يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو في الْإِرْشَادِ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ
قلت وهو الصَّوَابُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال إنَّ رُوَاتِهَا بِقَدْرِ رُوَاةِ التَّفْرِيقِ وَإِنَّ هذا يَدُلُّ على أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلَّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ
وَاخْتَارَهَا بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَيْضًا ذَكَرَهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال الْأَصْحَابُ على هذه الرِّوَايَةِ يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا
وَيَأْتِي أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ بَيْتًا أو لَا يُكَلِّمُهُ أو
____________________
(9/114)
لَا يُسَلِّمُ عليه أو لَا يُفَارِقُهُ حتى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فَدَخَلَ بَيْتًا هو فيه ولم يَعْلَمْ أو سَلَّمَ على قَوْمٍ هو فِيهِمْ ولم يَعْلَمْ أو قَضَاهُ حَقَّهُ فَفَارَقَهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أو أَحَالَهُ بِحَقِّهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قد بَرَّ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في النَّاسِي وَالْجَاهِلِ
وَكَذَا قال الشَّارِحُ وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ في غَيْرِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ
قال الشَّارِحُ وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ ثَوْبًا فَوَكَّلَ زَيْدٌ من يَدْفَعُهُ إلَى من يَبِيعُهُ فَدَفَعَهُ إلَى الْحَالِفِ فَبَاعَهُ من غَيْرِ عِلْمِهِ فَهِيَ كَالنَّاسِي
وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَسَلَّمَ عليه يَحْسَبُهُ أَجْنَبِيًّا
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ على فُلَانٍ فَدَخَلَ ولم يَعْلَمْ أو لَا يفارقه ( ( ( فارقه ) ) ) إلَّا بِقَبْضِ حَقِّهِ فَقَبَضَهُ فَفَارَقَهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أو أَحَالَهُ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ قد بريء أو لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عليه وَجَهِلَهُ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَحْنَثُ
وَجَزَمَ في الْمُنْتَخَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْحَوَالَةِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَضَاءِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا لو سَلَّمَ على جَمَاعَةٍ وهو فِيهِمْ ولم يَعْلَمُ وَقُلْنَا يَحْنَثُ كَالنَّاسِي فَهَلْ يَحْنَثُ هُنَا على رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْنَثُ
وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فلم يَنْوِهِ ولم يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ فَرِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا يَحْنَثُ وَإِنْ قصده ( ( ( قصد ) ) ) حَنِثَ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ لَا يَحْنَثُ
قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِثْلُهَا الدُّخُولُ على فُلَانٍ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى السَّلَامَ على الْجَمِيعِ أو كَلَامَهُمْ حَنِثَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ نَوَى السَّلَامَ على غَيْرِهِ أو كَلَامَ غَيْرِهِ لم يَحْنَثْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ
____________________
(9/115)
فَوَائِدُ
الْأُولَى لو حَلَفَ على من يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِمَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أو جَاهِلًا فَفِيهِ الرِّوَايَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وهو الصَّحِيحُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَحْنَثُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ دُونَ غَيْرِهِمَا وهو مَاشٍ على الْمَذْهَبِ في النَّاسِي وَالْجَاهِلِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ هُنَا وَإِنْ لم يَحْنَثْ هُنَاكَ
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ لم يَحْنَثْ النَّاسِي
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ لَيَفْعَلْنَهُ فَخَالَفَهُ لم يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرَامَهُ لَا إلْزَامَهُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ وَلَا يَجِبُ لِأَمْرِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَبَا بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه بِوُقُوفِهِ في الصَّفِّ ولم يَقِفْ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْسَمَ لَيُخْبِرَنَّهُ بِالصَّوَابِ وَالْخَطَأِ لَمَّا فَسَّرَ الرُّؤْيَا فقال لَا تُقْسِمْ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لم يَقْصِدْ الْإِقْسَامَ عليه مع الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَتْمِ
وقال أَيْضًا إنْ لم يَعْلَمْ الْمَحْلُوفَ عليه بِيَمِينِهِ فَكَالنَّاسِي
قال في الْفُرُوعِ وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أَظْهَرُ انْتَهَى
وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِمَنْعِهِمْ أَنْ لَا يُخَالِفُوهُ وَفَعَلُوهُ كُرْهًا لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
الثَّانِيَةُ قال في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ كان الْحَلِفُ على من لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَاجِّ اسْتَوَى الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالْإِكْرَاهُ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في السُّلْطَانِ
الثَّالِثَةُ لو فَعَلَهُ في حَالِ جُنُونِهِ لم يَحْنَثْ كَالنَّائِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
____________________
(9/116)
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي
الرَّابِعَةُ لو حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ وَقِيلَ هو كَالنَّاسِي
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَحْنَثُ إلَّا في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ
وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
الْخَامِسَةُ لو حَلَفَ لَا تَأْخُذُ حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ على دَفْعِهِ إلَيْهِ أو أَخْذِهِ منه قَهْرًا حَنِثَ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عليه فَعَلَ الْأَخْذَ مُخْتَارًا وَإِنْ أُكْرِهَ صَاحِبُ الْحَقِّ على أَخْذِهِ تَخَرَّجَ على الْخِلَافِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ على ذلك
قوله وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ لم يَحْنَثْ
هذا الْمَذْهَبُ ما لم يَكُنْ له نِيَّةٌ أو سَبَبٌ أو قَرِينَةٌ
قال الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وَعَنْهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّاءِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ على الْأَصَحِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(9/117)
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أو دخل طَاقَ الْبَابِ أو لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه منه أو لَا يَشْرَبُ مَاءَ هذا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَبَاعَ نِصْفَهُ وَوَهَبَ نِصْفَهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ في غَيْرِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ وَفِيهَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ
فَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ على التَّحْنِيثِ كَمَسْأَلَةِ الْغَزْلِ وأبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ اخْتَارَا عَدَمَ التَّحْنِيثِ
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ في مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ وَغَيْرِهَا الْحِنْثَ كَالْجَمَاعَةِ
وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ في مَسْأَلَةِ الدَّارِ الرِّوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا أَلْبَسُ من غَزْلِهَا ولم يَقُلْ ثَوْبًا فَلَبِسَ ثَوْبًا فيه منه أو لَا آكُلُ طَعَامًا اشْتَرَتْهُ فَأَكَلَ طَعَامًا شُورِكَتْ في شِرَائِهِ فَقِيلَ هو على الْخِلَافِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا وهو الصَّحِيحُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ أو نَسَجَهُ أو لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هو وَغَيْرُهُ أو اشْتَرَيَاهُ أو أَكَلَ من طَعَامٍ طَبَخَاهُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(9/118)
إحْدَاهُمَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمَجْدِ في الْمُشَارَكَةِ في الشِّرَاءِ
واختاره ( ( ( واختار ) ) ) الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو ( ( ( أبو ) ) ) الْخَطَّابِ وبن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ في الْجَمِيعِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَحْنَثُ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ قال يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا ولم يَحْكِ فيها خِلَافًا كما حَكَى في الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ منهم الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ شيئا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ حَنِثَ وَإِنْ أَكَلَ مثله فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في أَوَاخِرِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالثَّانِي يَحْنَثُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو أَكَلَ أَقَلَّ منه أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْنَثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أو بَاعَهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ
الثانية ( ( ( والثانية ) ) ) الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ على مَالٍ شِرَاءٌ
____________________
(9/119)
بَابُ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ ظَالِمًا فَلَهُ تَأْوِيلُهُ
أَنَّهُ لو لم يَكُنْ ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا يَنْفَعُهُ تَأْوِيلُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَنْفَعُهُ تَأْوِيلُهُ وَالْحَالَةُ هذه حَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَنْعُ من الْيَمِينِ بِهِ
وَيَأْتِي ما يُشْبِهُ هذا قَرِيبًا في التَّعْرِيضِ فَوَائِدُ
الْأُولَى قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ ظَالِمًا فَلَهُ تَأْوِيلُهُ فَعَلَى هذا يَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وما ذَكَرْت فُلَانًا أَيْ ما قَطَعْت ذَكَرَهُ وما رَأَيْته أَيْ ما ضَرَبْت رِئَتَهُ وَبِنِسَائِيِّ طَوَالِقُ أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَقَارِبُ منه وَبِجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَبِمَا كَاتَبْت فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَبِمَا عَرَفْته جَعَلْته عَرِيفًا وَلَا أَعْلَمْته أو أَعْلَمَ السَّفَهَ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً وَهِيَ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَلَا أَكَلْت له دَجَاجَةً وَهِيَ الْكُبَّةُ من الْغَزْلِ وَلَا فَرُّوجَةً وَهِيَ الدُّرَّاعَةُ وَلَا في بَيْتِي فِرَاشٌ وَهِيَ الصِّغَارُ من الْإِبِلِ وَلَا حَصِيرٌ وهو الْحَبْسُ وَلَا بَارِيَةٌ وَهِيَ السِّكِّينُ التي يُبْرَى بها وَيَقُولُ وَاَللَّهِ ما أَكَلْت من هذا شيئا وَيَعْنِي بِهِ الْبَاقِي وكذا ما أَخَذْت منه شيئا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِمَّا يَسْبِقُ إلَى فَهْمِ السَّامِعِ خِلَافُهُ إذَا عَنَاهُ بِيَمِينِهِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ زِيَادَاتٌ على هذا
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ في الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/120)
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْبَيْعِ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّدْلِيسَ وقال لَا يُعْجِبُنِي
وَالْمَنْصُوصُ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مع الْيَمِينِ وَيُقْبَلُ في الْحُكْمِ مع قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظَّاهِرِ وَلَا يُقْبَلُ مع بُعْدِهِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يَعْنِي سَوَاءً قَرُبَ الِاحْتِمَالُ أو تَوَسَّطَ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في أَوَّلِ بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ
الثالثة ( ( ( الثالث ) ) ) قَوْلُهُ فإذا أَكَلَ تَمْرًا فَحَلَفَ لَتُخْبِرِنِّي بِعَدَدِ ما أَكَلْت أو لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى ما أَكَلْت فَإِنَّهَا تُفْرِدُ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا وَتَعُدُّ من وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ ما أَكَلَ فيه
قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وقال وَقِيلَ إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا حَنِثَ
وَاعْلَمْ أَنَّ غَالِبَ هذا الْبَابِ مَبْنِيٌّ على التَّخَلُّصِ مِمَّا حَلَفَ عليه بِالْحِيَلِ
وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْحِيَلَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا وَلَا يَبَرُّ بها
وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على مَسَائِلَ
من ذلك أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا في نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ وَوَطِئَهَا فَنَصُّهُ لَا يُعْجِبُنِي ذلك لِأَنَّهُ حِيلَةٌ
وقال أَيْضًا من احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ
وَنُقِلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ نَحْنُ لَا نَرَى الْحِيلَةَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ
____________________
(9/121)
فقال له إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قال لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ على دَرَجَةِ سُلَّمٍ إنْ صَعِدْت أو نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالُوا تُحْمَلُ عنه أو تَنْتَقِلُ عنه إلَى سُلَّمٍ آخَرَ
فقال ليس هذا حِيلَةً هذا هو الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ
وَقَالُوا إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فَوَطِئَ على اثْنَيْنِ وإذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ إلَيْهَا طَائِعًا
قال بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ في الْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ منها إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
وقال قال أَصْحَابُنَا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَعَنْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ له وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَعَنْ اللَّهُ صَاحِبَ الْمَرَقِ لقد احْتَالَ حتى أَكَلَ
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ فإذا هِيَ حَائِضٌ أو لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ وَتَطْلُقُ فَهَذِهِ نُصُوصُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ
وقد ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ جَوَازَ ذلك
وَذَكَرُوا من ذلك مَسَائِلَ كَثِيرَةً مَذْكُورَةً في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَعْظَمُهُمْ في ذلك صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ فِيهِمَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بَعْضَهَا
قلت الذي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ ذلك ليس بِمَذْهَبٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مع هذه النُّصُوصِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْحِنْثِ ولم يَرِدْ عنه ما يُخَالِفُهَا وَلَكِنْ ذَكَرَ ذلك بَعْضُ الْأَصْحَابِ
فَنَحْنُ نَذْكُرُ شيئا من ذلك حتى لَا يَخْلُو كِتَابُنَا منه في آخِرِ الْبَابِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ
____________________
(9/122)
فَمِنْ ذلك ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْعُدَنَّ على بَارِيَةٍ في بَيْتِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ بَارِيَةً فإنه يُدْخِلُهُ قَصَبًا فَيَنْسِجُهُ فيه
قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وقال وَقِيلَ إنْ أَدْخَلَ بَيْتَهُ قَصَبًا لِذَلِكَ فَنُسِجَتْ فيه حَنِثَ وَإِنْ طَرَأَ قَصْدُهُ وَحَلِفُهُ وَالْقَصَبُ فيه فَوَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ منه وَلَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ فإنه يَسْلُقُ فيه بَيْضًا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا في هذا الْوِعَاءِ فَوَجَدَهُ بَيْضًا وَتُفَّاحًا فإنه يَعْمَلُ من الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا
قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَحْنَثُ لِلتَّعْيِينِ
وَإِنْ كان على سُلَّمٍ فَحَلَفَ لَا صَعِدْت إلَيْك وَلَا نَزَلْت إلَى هذه وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَلْتَنْزِلْ الْعُلْيَا وَلْتَصْعَدْ السُّفْلَى فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ
وَإِنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عليه وَلَا نَزَلْت منه وَلَا صَعِدْت فيه فإنه يَنْتَقِلُ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت في هذا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت منه فَإِنْ كان جَارِيًا لم يَحْنَثْ إذَا نَوَى ذلك الْمَاءَ بِعَيْنِهِ
قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وقال هذا الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ حَنِثَ بِقَصْدٍ أو سَبَبٍ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ إنْ كان في مَاءٍ جَارٍ وَلَا نِيَّةَ له لم تَطْلُقْ
وَقِيلَ إنْ نَوَى الْمَاءَ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا حَنِثَ كما لو قَصَدَ خُرُوجَهَا من النَّهْرِ أو أَفَادَتْ قَرِينَةٌ
____________________
(9/123)
قال الْقَاضِي في كِتَابٍ آخَرَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ الْمَاءِ الذي هِيَ فيه لِأَنَّ إطْلَاقَ يَمِينِهِ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا من النَّهْرِ أو إقَامَتَهَا فيه
قَوْلُهُ وَإِنْ كان وَاقِفًا حُمِلَ منه مُكْرَهًا
هذا قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ حِيلَةٌ كما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ ما لِفُلَانٍ عِنْدَك وَدِيعَةٌ وكانت ( ( ( كانت ) ) ) له عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فإنه يَعْنِي بِمَا الذي وَيَبَرُّ في يَمِينِهِ
وَيَبَرُّ أَيْضًا إذَا نَوَى غير الْوَدِيعَةِ وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ فَإِنْ لم يَتَأَوَّلْ أَثِمَ وهو دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بها وَيُكَفِّرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ وَعَزَّاهُمَا الْحَارِثِيُّ إلَى فَتَاوَى أبي الْخَطَّابِ
قال في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُمَا فيها
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَحْدُهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ
فَائِدَةٌ لو لم يَحْلِفْ لم يَضْمَنْ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ
وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ كَخَوْفِهِ من وُقُوعِ طَلَاقٍ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عن يَمِينِهِ
وفي فَتَاوَى بن الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وهو تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ له ما فُلَانٌ ها هنا
وعنى مَوْضِعًا مُعَيَّنًا بَرَّ في يَمِينِهِ
وقد فَعَلَ هذا الْمَرُّوذِيُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فلم يُنْكِرْ عليه بَلْ تَبَسَّمَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ على امْرَأَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شيئا فَخَانَتْهُ في وَدِيعَةٍ لم يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ
قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ بِقَصْدٍ أو سَبَبٍ
____________________
(9/124)
فَوَائِدُ
مِمَّا ذَكَرَ ها ( ( ( ههنا ) ) ) هنا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ زِيَادَةً على ما تَقَدَّمَ لو كان في فَمِهَا رُطَبَةٌ فقال إنْ أَكَلْتِيهَا أو أَلْقَيْتِيهَا أو أَمْسَكْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَأْكُلُ بَعْضَهَا وَتَرْمِي الْبَاقِيَ وَلَا تَطْلُقُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِنَاءً على من حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَ بَعْضَهُ على ما تَقَدَّمَ
وَإِنْ حَلَفَ لَتَصْدُقَنَّ هل سَرَقْت مِنِّي أَمْ لَا وَكَانَتْ قد سَرَقَتْ فقالت سَرَقْت مِنْك ما سَرَقْت مِنْك لم تَطْلُقْ
فَإِنْ قال إنْ قُلْتِ لي شيئا ولم أَقُلْ لَك مثله فَأَنْتِ طَالِقٌ فقالت أَنْتِ طَالِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ فقال مِثْلُهَا وَعَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يَتَعَذَّرُ لم تَطْلُقُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك إذَا كَسَرَ التَّاءَ أو فَتَحَهَا أو ما أَشْبَهَ ذلك في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ ذلك
وَإِنْ قال لها أَنْتِ طَالِقٌ إنْ سَأَلْتِينِي الْخُلْعَ ولم أَخْلَعْك عَقِبَ سُؤَالِك فقالت عَبْدِي حُرٌّ إنْ لم أَسْأَلْك الْخُلْعَ الْيَوْمَ
فَخَلَاصُهَا أَنْ تَسْأَلَهُ الْخُلْعَ في الْيَوْمِ فيقول الزَّوْجُ قد خَلَعْتُك على ما بَذَلْت إنْ فَعَلْت الْيَوْمَ كَذَا فَتَقُولُ الزَّوْجَةُ قد قَبِلْت وَلَا تَفْعَلُ هِيَ ما عَلَّقَ خَلْعَهَا على فِعْلِهِ فَقَدْ بَرَّ في يَمِينِهِ
وَإِنْ اشْتَرَى خِمَارَيْنِ وَلَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَحَلَفَ لَتَخْتَمِرَنَّ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِشْرِينَ يَوْمًا من الشَّهْرِ اخْتَمَرَتْ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَخَذَتْهُ الصُّغْرَى من الْكُبْرَى إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَاخْتَمَرَتْ الْكُبْرَى بِخِمَارِ الْوُسْطَى بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَكَذَا رُكُوبُهُنَّ لِبَغْلَيْنِ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ
فَإِنْ حَلَفَ لَيَقْسِمَنَّ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثِينَ قَارُورَةً عشرة ( ( ( عشرا ) ) ) مَمْلُوءَةً وعشرة ( ( ( وعشرا ) ) ) فَارِغَةً وعشرة ( ( ( وعشرا ) ) ) مُنَصَّفَةً قَلَبَ كُلَّ مُنَصَّفَةٍ في أُخْرَى فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَةٌ مَمْلُوءَةٌ وَخَمْسَةٌ فَارِغَةٌ
____________________
(9/125)
فَإِنْ كان له ثَلَاثُونَ نَعْجَةً عَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ سَخْلَاتٍ وَعَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَتَيْنِ وَعَشْرٌ نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَةً ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْسِمَنَّهَا بَيْنَهُنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثُونَ رَأْسًا من غَيْرِ أَنْ يُفَرِّقَ بين شَيْءٍ من السِّخَالِ وَأُمَّهَاتِهِنَّ فإنه يُعْطِي إحْدَاهُنَّ الْعَشْرَ التي نَتَجَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَخْلَتَيْنِ وَيَقْسِمُ بين الزَّوْجَتَيْنِ ما بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسٌ مِمَّا نِتَاجُهَا ثَلَاثٌ وَخَمْسٌ مِمَّا نِتَاجُهَا وَاحِدَةٌ
وَإِنْ حَلَفَ لَا شَرِبْت هذا الْمَاءَ وَلَا أَرَقْتِيهِ وَلَا تَرَكْتِيهِ في الْإِنَاءِ وَلَا فَعَلَ ذلك غَيْرُك فإذا طَرَحَتْ في الْإِنَاءِ ثَوْبًا فَشَرِبَ الْمَاءَ ثُمَّ جَفَّفَتْهُ بِالشَّمْسِ لم يَحْنَثْ
وَإِنْ حَلَفَ لَتَقْسِمَنَّ هذا الدُّهْنَ نِصْفَيْنِ وَلَا تَسْتَعِيرُ كَيْلًا وَلَا مِيزَانًا وهو ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ في ظَرْفٍ وَمَعَهُ آخَرُ يَسْعَ خَمْسَةً وَآخَرُ يَسْعَ ثَلَاثَةً أَخَذَ بِظَرْفِ الثَّلَاثَةِ مَرَّتَيْنِ وَأَلْقَاهُ في ظَرْفِ الْخَمْسَةِ وَتَرَكَ الْخَمْسَةَ في ظَرْفِ الثَّمَانِيَةِ وما بَقِيَ في الثُّلَاثِيِّ يَضَعُهُ في الْخُمَاسِيِّ ثُمَّ مَلَأَ الثُّلَاثِيَّ من الثُّمَانِيِّ وَأَلْقَاهُ في الْخُمَاسِيِّ فَيَصِيرُ فيه أَرْبَعَةٌ وفي الثُّمَانِيِّ أَرْبَعَةٌ
وَإِنْ وَرَدَ الشَّطَّ أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرَ مَعَهُمْ نِسَاؤُهُمْ وَالسَّفِينَةُ لَا تَسَعُ غير اثْنَيْنِ فَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا رَكِبَتْ زَوْجَتُهُ مع رَجُلٍ فَأَكْثَرَ إلَّا وأنا مَعَهَا فإنه يَعْبُرُ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ ثُمَّ يَصْعَدُ زَوْجُهَا وَتَعُودُ هِيَ فَتَعْبُرُ أُخْرَى وَتَصْعَدُ الْأُولَى إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الثَّانِيَةُ فَتَعْبُرُ بِزَوْجِهَا فَيَصْعَدُ وَتَعُودُ امْرَأَتُهُ فَتَعْبُرُ الثَّالِثَةُ وَتَصْعَدُ هِيَ إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الثَّالِثَةُ فَيَعْبُرُ زَوْجُهَا فَيَصْعَدُ هو وَتَعُودُ هِيَ فَتَعْبُرُ الرَّابِعَةُ وَتَصْعَدُ الثَّالِثَةُ إلَى زَوْجِهَا وَتَعُودُ الرَّابِعَةُ فَيَعْبُرُ زَوْجُهَا فَيَصْعَدَانِ مَعًا
وَعَلَى هذه الطَّرِيقَةِ يَتَخَلَّصُونَ وَلَوْ كَانُوا أَلْفًا
وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا قَرُبْت جَانِبَ النَّهْرِ وَفِيهِ رَجُلٌ إلَّا وأنا مَعَك فَتَعْبُرُ امْرَأَتَانِ فَتَصْعَدُ إحْدَاهُمَا وَتَرْجِعُ الْأُخْرَى فَتَأْخُذُ الثَّالِثَةُ وَتَرْجِعُ
____________________
(9/126)
إلَى زَوْجِهَا وَيَنْزِلُ زَوْجَا الْمَرْأَتَيْنِ فَيَصْعَدَانِ إلَيْهِمَا وَيَنْزِلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتُهُ فَيَعْبُرَانِ فَتَصْعَدُ امْرَأَتُهُ وَيَنْزِلُ الرَّجُلُ مع الرَّجُلِ فَيَعْبُرَانِ وَتَنْزِلُ الْمَرْأَةُ الثَّالِثَةُ فَتَعْبُرُ بِالْمَرْأَتَيْنِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَيَصْعَدْنَ الثَّلَاثُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ
قال في الْهِدَايَةِ وَلَا تُتَصَوَّرُ هذه الطَّرِيقَةُ في أَكْثَرَ من ثَلَاثَةٍ
فَإِنْ قال فَإِنْ وَلَدْت وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ أو أُنْثَيَيْنِ أو حَيَّيْنِ أو مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ فلم تَطْلُقْ فَقَدْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى حَيًّا وَمَيِّتًا
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُقِرُّ على سَارِقٍ وَسُئِلَ عن قَوْمٍ فقال لَا وَسُئِلَ عن خَصْمِهِ فَسَكَتَ وَعَلِمَ بِهِ لم يَحْنَثْ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَحْنَثُ إنْ سَأَلَهُ الْوَالِي عن قَوْمٍ هو فِيهِمْ فَبَرَّأَهُمْ وَسَكَتَ يُرِيدُ التَّنْبِيهَ عليه إلَّا أَنْ يُرِيدَ حَقِيقَةَ النُّطْقِ وَالْغَمْزِ
فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ في شَعْبَانَ بِالثَّلَاثِ أَنْ يُجَامِعَهَا في نَهَارِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَدَخَلَ رَمَضَانُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَافِرَ بها
قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْعَلَّامَةُ بن الْقَيِّمِ في أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ
فَإِنْ حَاضَتْ وطىء وَكَفَّرَ بِدِينَارٍ أو نِصْفِ دِينَارٍ على ما تَقَدَّمَ في بَاب الْحَيْضِ
وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ وَيُطَلِّقُ وهو الصَّوَابُ
فَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنِّي أُحِبُّ الْفِتْنَةَ وَأَكْرَهُ الْحَقَّ وَأَشْهَدُ بِمَا لم تَرَهُ عَيْنِي وَلَا أَخَافُ من اللَّهِ وَلَا من رَسُولِهِ وأنا عَدْلٌ مُؤْمِنٌ مع ذلك لم يَقَعْ الطَّلَاقُ فَهَذَا رَجُلٌ يُحِبُّ الْمَالَ وَالْوَلَدَ قال اللَّهُ تَعَالَى 64 15 { أنما أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } وَيَكْرَهُ الْمَوْتُ وهو حَقٌّ وَيَشْهَدُ بِالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَلَا يَخَافُ من اللَّهِ وَلَا من رَسُولِهِ الظُّلْمَ وَالْجَوْرَ
____________________
(9/127)
وَإِنْ حَلَفَ أَنَّ امْرَأَتَهُ بَعَثَتْ إلَيْهِ فقالت قد حَرُمْت عَلَيْك وَتَزَوَّجْت بِغَيْرِك وَأَوْجَبْت عَلَيْك أَنْ تَنْفُذَ إلَيَّ بِنَفَقَتِي وَنَفَقَةِ زَوْجِي وَتَكُونُ على الْحَقِّ في جَمِيعِ ذلك
فَهَذِهِ امْرَأَةٌ زَوَّجَهَا أَبُوهَا من مملوكه ( ( ( مملوك ) ) ) ثُمَّ بَعَثَ الْمَمْلُوكَ في تِجَارَةٍ وَمَاتَ الْأَبُ فإن الْبِنْتَ تَرِثُهُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَتَقْضِي الْعِدَّةَ وَتَتَزَوَّجُ بِرَجُلٍ فَتَنْفُذُ إلَيْهِ ابْعَثْ لي من الْمَالِ الذي مَعَك فَهُوَ لي
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
فَإِنْ كان له زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا في الْغُرْفَةِ وَالْأُخْرَى في الدَّارِ فَصَعِدَ في الدَّرَجَةِ فقالت كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَيَّ فَحَلَفَ لَا صَعِدْت إلَيْك وَلَا نَزَلْت إلَيْك وَلَا أَقَمْت مَقَامِي سَاعَتِي فإن التي في الدَّارِ تَصْعَدُ وَاَلَّتِي في الْغُرْفَةِ تَنْزِلُ وَلَهُ أَنْ يَصْعَدَ وَيَنْزِلَ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ لَا لَبِسْت هذا الْقَمِيصَ وَلَا وَطِئْتُك إلَّا فيه فَلَبِسَهُ وَوَطِئَهَا لم يَحْنَثْ
وَإِنْ حَلَفَ لَيُجَامِعَنَّهَا على رَأْسِ رُمْحٍ فَنَقَبَ السَّقْفَ فَانْفَرَجَ منه رَأْسُ الرُّمْحِ يَسِيرًا وَجَامَعَهَا عليه بَرَّ
وَإِنْ حَلَفَ لَتُخْبِرَنَّهُ بِشَيْءٍ رَأْسُهُ في عَذَابٍ وَأَسْفَلُهُ في شَرَابٍ وَوَسَطُهُ في طَعَامٍ وَحَوْلُهُ سَلَاسِلُ وَأَغْلَالٌ وَحَبْسُهُ في بَيْتٍ صَغُرَ فَهُوَ فَتِيلَةُ الْقِنْدِيلِ
وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَطَأُ في يَوْمٍ وَلَا يَغْتَسِلُ فيه مع قُدْرَتِهِ على اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَلَا تَفُوتُهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ مع الْإِمَامِ فإنه يُصَلِّي معه الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَيَطَأُ بَعْدَهَا وَيَغْتَسِلُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُصَلِّي معه
فَإِنْ حَلَفَ في يَوْمٍ إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عليه خَمْسَةَ عَشْرَ رَكْعَةً وَصَدَقَ فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
____________________
(9/128)
وَإِنْ قال تِسْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ يَوْمُ عِيدٍ إنْ وَجَبَتْ صَلَاتُهُ
وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَاعَ تَمْرًا كُلَّ رِطْلٍ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَتِبْنًا كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَزَبِيبًا كُلَّ رِطْلٍ بِثَلَاثَةٍ فَبَلَغَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْوَزْنُ عِشْرُونَ رِطْلًا وَبَرَّ فَالتَّمْرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رِطْلًا والتين ( ( ( والتبن ) ) ) خَمْسَةٌ وَالزَّبِيبُ رِطْلٌ
فَإِنْ حَلَفَ أَنِّي رَأَيْت رَجُلًا يُصَلِّي إمَامًا بِنَفْسَيْنِ وهو صَائِمٌ ثُمَّ الْتَفَتَ عن يَمِينِهِ فَنَظَرَ إلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ فَحُرِّمَتْ عليه امْرَأَتُهُ وَبَطَلَ صَوْمُهُ وَصَلَاتُهُ وَوَجَبَ جَلْدُ الْمَأْمُومِينَ وَنَقْضُ الْمَسْجِدِ وهو صَادِقٌ
فَهَذَا رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ قد غَابَ عنها زَوْجُهَا وَشَهِدَ الْمَأْمُومَانِ بِوَفَاتِهِ وَأَنَّهُ وَصَّى بِدَارِهِ أَنْ تُجْعَلَ مَسْجِدًا وكان على طَهَارَةٍ صَائِمًا فَالْتَفَتَ فرأى زَوْجَ الْمَرْأَةِ قد قَدِمَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ قد خَرَجَ يَوْمُ الصَّوْمِ وَدَخَلَ يَوْمُ الْعِيدِ وهو لم يَعْلَمْ بِأَنَّ هِلَالَ شَوَّالٍ قد رُئِيَ وَرُئِيَ على ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أو كان مُتَيَمِّمًا فَرَأَى الْمَاءَ بِقُرْبِهِ فإن الْمَرْأَةَ تَحْرُمُ بِقُدُومِ الزَّوْجِ وَصَوْمُهُ يَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ وَصَلَاتُهُ تَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَالنَّجَاسَةِ وَيُجْلَدُ الرَّجُلَانِ لِكَوْنِهِمَا قد شَهِدَا بِالزُّورِ وَيَجِبُ نَقْضُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ ما صَحَّتْ وَالدَّارُ لِمَالِكِهَا
فَإِنْ حَلَفَ على زَوْجَتِهِ لَا أَبْصَرْتُك إلَّا وَأَنْتَ لَابِسَةٌ عَارِيَّةٌ حَافِيَةٌ رَاجِلَةٌ رَاكِبَةٌ فَأَبْصَرَهَا ولم تَطْلُقْ فَإِنَّهَا تَجِيئُهُ بِاللَّيْلِ عُرْيَانَةَ حَافِيَةً رَاكِبَةً في سَفِينَةٍ فإن اللَّهَ تَعَالَى قال 78 10 { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا } وقال { ارْكَبُوا فيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا }
فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ رَأَى ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَحَدُهُمْ عَبْدٌ وَالْآخَرُ مَوْلًى وَالْآخَرُ عَرَبِيٌّ وَبَرَّ فإن رَجُلًا تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَتَتْ بِابْنٍ فَهُوَ عَبْدٌ ثُمَّ كُوتِبَتْ فَأَدَّتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِابْنِ فَتَبِعَهَا في الْعِتْقِ فَهُوَ مَوْلًى ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْأَدَاءِ ابْنًا فَهُوَ عَرَبِيٌّ
وَإِنْ حَلَفَ أَنَّ خَمْسَةً زَنَوْا بِامْرَأَةٍ لَزِمَ الْأَوَّلَ الْقَتْلُ وَالثَّانِيَ الرَّجْمُ وَالثَّالِثَ الْجَلْدُ وَالرَّابِعَ نِصْفُ الْجَلْدِ ولم يَلْزَمْ الْخَامِسَ شَيْءٌ وَبَرَّ في يَمِينِهِ فَالْأَوَّلُ ذِمِّيٌّ وَالثَّانِي مُحْصَنٌ وَالثَّالِثُ بِكْرٌ وَالرَّابِعُ عَبْدٌ وَالْخَامِسُ حَرْبِيٌّ
____________________
(9/129)
فَوَائِدُ
في الْمَخَارِجِ من مَضَايِقِ الْأَيْمَانِ وما يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ حَالَ عَقْدِ الْيَمِينِ وما يَتَخَلَّصُ بِهِ من الْمَأْثَمِ وَالْحِنْثِ
إذَا أَرَادَ تَخْوِيفَ زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ إنْ خَرَجَتْ من دَارِهَا فقال لها أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ خَرَجْت من الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي وَنَوَى بِقَلْبِهِ طَالِقٌ من وَثَاقٍ أو من الْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ كَالْخِيَاطَةِ وَالْغَزْلِ أو التَّطْرِيزِ وَنَوَى بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ
فَإِنْ خَرَجَتْ لم تَطْلُقْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا في الْحُكْمِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ
قلت الصَّوَابُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لِأَنَّ هذا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَوَى بِقَوْلِهِ طَالِقٌ الطَّالِقُ من الْإِبِلِ وَهِيَ النَّاقَةُ التي يُطْلِقُهَا الرَّاعِي وَحْدَهَا أَوَّلَ الْإِبِلِ إلَى الْمَرْعَى وَيَحْبِسُ لَبَنَهَا وَلَا يَحْلُبُهَا إلَّا عِنْدَ الْوُرُودِ أو نَوَى بِالطَّالِقِ النَّاقَةَ التي يَحِلُّ عِقَالُهَا
وَكَذَا إنْ نَوَى إنْ خَرَجَتْ ذلك الْيَوْمَ أو إنْ خَرَجَتْ وَعَلَيْهَا ثِيَابُ خَزٍّ أو إبْرَيْسِمَ أو غَيْرُ ذلك وَإِنْ خَرَجَتْ عُرْيَانَةَ أو رَاكِبَةً بَغْلًا أو حِمَارًا أو إنْ خَرَجَتْ لَيْلًا أو نَهَارًا فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَمَتَى خَرَجَتْ على غَيْرِ الصِّفَةِ التي نَوَاهَا لم يَحْنَثْ
وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا قال أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَبِسْت وَنَوَى ثَوْبًا دُونَ ثَوْبٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ كانت يَمِينُهُ بِعَتَاقٍ
وَكَذَا إنْ وَضَعَ يَدَهُ على ضَفِيرَةِ شَعْرِهَا وقال أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُخَاطَبَةَ الضَّفِيرَةِ أو وَضَعَ يَدَهُ على شَعْرِ عَبْدِهِ وقال أنت حُرٌّ وَنَوَى مُخَاطَبَةَ الشَّعْرِ
____________________
(9/130)
أو إنْ خَرَجْت من الدَّارِ أو إنْ سَرَقْت مِنِّي أو إنْ خُنْتِينِي في مَالٍ أو إنْ أَفْشَيْت سِرِّي أو غير ذلك مِمَّا يُرِيدُ مَنَعَهَا منه فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ أَرَادَ ظَالِمٌ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِطَلَاقٍ أو عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ ما يَجُوزُ له فِعْلُهُ أو أَنْ يَفْعَلَ ما لَا يَجُوزُ له فِعْلُهُ أو أَنَّهُ لم يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ فَحَلَفَ وَنَوَى شيئا مِمَّا ذَكَرْنَا لم يَحْنَثْ
وَكَذَا إنْ قال له قُلْ زَوْجَتِي أو كُلُّ زَوْجَةٍ لي طَالِقٌ إنْ فَعَلَتْ كَذَا أو إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا أو إنْ لم أَفْعَلْ كَذَا فقال وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أو الْيَهُودِيَّةَ أو كُلَّ زَوْجَةٍ له عَمْيَاءَ أو يَهُودِيَّةٍ أو نَصْرَانِيَّةٍ أو عَوْرَاءَ أو خَرْسَاءَ أو حَبَشِيَّةٍ أو رُومِيَّةٍ أو مَكِّيَّةً أو مَدَنِيَّةٍ أو خُرَاسَانِيَّةٍ أو نَوَى كُلَّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا بِالصِّينِ أو بِالْبَصْرَةِ أو بِغَيْرِهَا من الْمَوَاضِعِ فَمَتَى لم يَكُنْ له زَوْجَةٌ على الصِّفَةِ التي نَوَاهَا وكان له زَوْجَاتٌ على غَيْرِهَا من الصِّفَاتِ لم يَحْنَثْ
وَكَذَا حُكْمُ الْعَتَاقِ
وَكَذَلِكَ إنْ قال نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَنَوَى بِنِسَائِهِ بَنَاتِهِ أو عَمَّاتِهِ أو خَالَاتِهِ لِلْآيَةِ على ما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ
وَكَذَا إنْ قال إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَنَوَى إنْ كُنْت فَعَلْته بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ من الْأَمَاكِنِ التي لم يَفْعَلْهُ فيها لم يَحْنَثْ
فَإِنْ أَحْلَفَهُ مع الطَّلَاقِ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ ما يَمْلِكُ فَحَلَفَ وَنَوَى جِنْسًا من الْأَمْوَالِ ليس في مِلْكِهِ منه شَيْءٌ لم يَحْنَثْ
وَكَذَا إنْ أَحْلَفَهُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ فقال عليه الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ وَنَوَى بِقَوْلِهِ بَيْتُ اللَّهِ مَسْجِدَ الْجَامِعِ وَبِقَوْلِهِ الْحَرَامِ الذي بِمَكَّةَ الْمُحْرِمَ الذي بِمَكَّةَ لِحَجٍّ أو عَمْرَةٍ ثُمَّ وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
فَإِنْ ابْتَدَأَ إحْلَافَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فقال له قُلْ وَاَللَّهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ هو
____________________
(9/131)
اللَّهُ الذي لَا إلَهَ إلَّا هو وَيُدْغِمُ الْهَاءَ في الْوَاوِ حتى لَا يَفْهَمَ مُحَلِّفُهُ ذلك
فَإِنْ قال له الْمُحَلِّفُ أنا أَحْلِفُك بِمَا أُرِيدُ وَقُلْ أنت نعم كُلَّمَا ذَكَرْت أنا فَصْلًا وَوَقَفْت فَقُلْ أنت نعم وَكَتَبَ له نُسْخَةَ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وصدقه جَمِيعِ ما يَمْلِكُهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ نعم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَلَا يَحْنَثُ
فَإِنْ قال له الْيَمِينُ التي أُحَلِّفُك بها لَازِمَةٌ لَك قُلْ نعم أو قال له قُلْ الْيَمِينُ التي تُحَلِّفُنِي بها لَازِمَةٌ لي فقال وَنَوَى بِالْيَمِينِ يَدَهُ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال له أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لَك أو قال له قُلْ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لي فقال وَنَوَى بِالْأَيْمَانِ الْأَيْدِي التي تَنْبَسِطُ عِنْدَ أَخْذِ الْأَيْدِي وَيُصَفِّقُ بَعْضُهَا على بَعْضٍ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال له وَالْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك فقال وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ وَبِالنِّيَّةِ الْبِضْعَةَ من اللَّحْمِ فَلَهُ نِيَّتُهُ
فَإِنْ قال له قُلْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالظَّهْرِ ما يُرْكَبُ من الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْإِبِلِ فإذا نَوَى ذلك لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ وقال هذا من الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ
قال وَكَذَلِكَ إنْ قال له قُلْ فَأَنَا مُظَاهِرٌ من زَوْجَتِي فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ مُظَاهِرٌ مُفَاعِلٌ من ظَهْرِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يقول ظَاهَرْتهَا فَنَظَرْت أَيَّنَا أَشَدَّ ظَهْرًا قال وَالْمُظَاهِرُ أَيْضًا الذي قد لَبِسَ حَرِيرَةً بين دِرْعَيْنِ وَثَوْبًا بين ثَوْبَيْنِ فَأَيَّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ
فَإِنْ قال له قُلْ وَإِلَّا فَقَعِيدَةُ بَيْتِي التي يَجُوزُ عليها أَمْرِي طَالِقٌ أو هِيَ حَرَامٌ فقال وَنَوَى بِالْقَعِيدَةِ نَسِيجَةً تُنْسَجُ كَهَيْئَةِ العبية ( ( ( العباءة ) ) ) فَلَهُ نِيَّتُهُ
____________________
(9/132)
فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَمَالِي على الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ مَالَهُ على الْمَسَاكِينِ من دَيْنٍ وَلَا دَيْنَ عليهم فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْمَمْلُوكِ الدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ
فَإِنْ قال قُلْ فَكُلُّ عَبْدٍ لي حُرٌّ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْحُرِّ غَيْرِ ضِدِّ الْعَبْدِ وَذَلِكَ أَشْيَاءُ فَالْحُرُّ اسْمٌ لِلْحَيَّةِ الذَّكَرِ وَالْحُرُّ أَيْضًا الْفِعْلُ الْجَمِيلُ وَالْحُرُّ أَيْضًا من الرَّمْلِ الذي ما وطىء
فَإِنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَكُلُّ جَارِيَةٍ لي حُرَّةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ وَالْجَارِيَةُ أَيْضًا الْعَادَةُ التي جَرَتْ فَأَيُّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَلِكَ إنْ نَوَى بِالْحُرَّةِ الْأُذُنَ فَإِنَّهَا تُسَمَّى حُرَّةً وَالْحُرَّةُ أَيْضًا السَّحَابَةُ الْكَثِيرَةُ الْمَطَرِ وَالْحُرَّةُ أَيْضًا الْكَرِيمَةُ من النُّوقِ فَأَيُّ ذلك نَوَى فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَلِكَ إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ فقال وَنَوَى بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَلِكَ إنْ قال له قُلْ وَإِلَّا فَجَوَارِيَّ حَرَائِرُ فقال وَنَوَى بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ الْأَيَّامَ تُسَمَّى حَرَائِرَ
وَكَذَلِكَ إنْ قال قُلْ كُلُّ شَيْءٍ في مِلْكِي صَدَقَةٌ فقال وَنَوَى بِالْمِلْكِ مَحَجَّةَ الطَّرِيقِ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال قُلْ جَمِيعُ ما أَمْلِكُهُ من عَقَارٍ وَدَارٍ وَضَيْعَةٍ فَهُوَ وَقْفٌ على الْمَسَاكِينِ فقال وَنَوَى بِالْوَقْفِ السِّوَارَ من الْعَاجِ فَلَهُ نية ( ( ( نيته ) ) )
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْحَجُّ فقال وَنَوَى بِالْحَجِّ أَخْذَ الطَّبِيبِ ما حَوْلَ الشَّجَّةِ من الشَّعْرِ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فقال وَنَوَى بِالْحَجَّةِ الْقُصَّةَ
____________________
(9/133)
من الشَّعْرِ الذي حَوْلَ الشَّجَّةِ وَنَوَى بِالْعُمْرَةِ أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ في بَيْتِ أَهْلِهَا فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ ذلك يُسَمَّى مُعْتَمِرًا
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فعلى حِجَّةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَنَوَى بها شَحْمَةَ الْأُذُنِ فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَلَا قَبِلَ اللَّهُ منه صَوْمًا وَلَا صَلَاةً فقال وَنَوَى بِالصَّوْمِ ذَرْقَ النَّعَامِ أو النَّوْعَ من الشَّجَرِ وَنَوَى بِالصَّلَاةِ بَيْتًا لِأَهْلِ الْكِتَابِ يُصَلُّونَ فيه فَلَهُ نِيَّتُهُ
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فما صَلَّيْت لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فقال وَنَوَى بِقَوْلِهِ صَلَّيْت أَيْ أَخَذْت بَصَلِيِّ الْفَرَسِ وهو ما اتَّصَلَ بِخَاصِرَتِهِ إلَى فَخِذَيْهِ أو نَوَى بِصَلَّيْتُ أَيْ شَوَيْت شيئا في النَّارِ فَلَهُ نِيَّتُهُ
قلت أو يَنْوِي بِ ما النَّافِيَةِ
وَكَذَا إنْ قال قُلْ وَإِلَّا فَأَنَا كَافِرٌ بِكَذَا وَكَذَا فقال وَنَوَى بِالْكَافِرِ الْمُسْتَتَرِ المتغطي أو السَّاتِرِ المغطى فَلَهُ نِيَّتُهُ
____________________
(9/134)
فَوَائِدُ في الْأَيْمَانِ التي يَسْتَحْلِفُ بها النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ
إذَا اسْتَحْلَفَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عليها فَحَلَفَ وَنَوَى شيئا مِمَّا ذَكَرْنَا أَوَّلًا فَلَهُ نِيَّتُهُ
فَإِنْ أَرَادَتْ إحْلَافَهُ بِطَلَاقِ كل امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عليها أو إنْ تَزَوَّجَ عليها فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَقُلْنَا يَصِحُّ على رِوَايَةٍ تَقَدَّمَتْ
أو أَرَادَتْ إحْلَافَهُ بِعِتْقِ كل جَارِيَةٍ يَشْتَرِيهَا عليها وَقُلْنَا يَصِحُّ على رَأْيٍ
فإذا قال كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك وَكُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا وَنَوَى جِنْسًا من الْأَجْنَاسِ أو من بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أو نَوَى أَنْ يَكُونَ صَدَاقُهَا أو ثَمَنُ الْجَارِيَةِ نَوْعًا من أَنْوَاعِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ فَمَتَى تَزَوَّجَ أو اشْتَرَى بِغَيْرِ الصِّفَةِ التي نَوَاهَا لم يَحْنَثْ
وَكَذَا إنْ نَوَى كُلَّ زَوْجَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك أَيْ على طَلَاقِك أو نَوَى بِقَوْلِهِ عَلَيْك أَيْ على رَقَبَتِك أَيْ تَكُونُ رَقَبَتُك صَدَاقًا لها فَلَهُ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُقْبَلُ في الْحُكْم لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ
فَإِنْ أَحَلَفْته بِطَلَاقِ كل امْرَأَةٍ يَطَؤُهَا غَيْرَهَا ولم يَكُنْ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَأَيُّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذلك وَوَطِئَهَا لَا تَطْلُقُ
وَكَذَلِكَ إنْ قال كُلُّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا حُرَّةٌ ولم يَكُنْ في مِلْكِهِ جَارِيَةٌ ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ سَوَاءٌ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ قبل الْمِلْكِ أو لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هذه يَمِينٌ في غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا مُضَافَةٌ إلَى مِلْكٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لم يَقُلْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَطَؤُهَا أو كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَأَطَؤُهَا
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وقد ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا قال لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَتْ دَارِهِ أنها لَا تَطْلُقُ
وَكَذَا إنْ قال لِأَمَةِ غَيْرِهِ إنَّ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَضَرَبَهَا فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ
____________________
(9/135)
فَأَمَّا إنْ كان له وَقْتَ الْيَمِينِ زَوْجَاتٌ أو جَوَارٍ وَقَالَتْ له قُلْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك طَالِقٌ أو حُرَّةٌ وقال ذلك من غَيْرِ نِيَّةٍ فَأَيُّ زَوْجَةٍ وطىء غَيْرَهَا مِنْهُنَّ طَلُقَتْ وَأَيُّ جَارِيَةٍ وَطِئَهَا مِنْهُنَّ عَتَقَتْ
فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ كُلَّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا وَكُلَّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك بِرِجْلِي يَعْنِي يَطَؤُهَا بِرِجْلِهِ فَلَهُ نِيَّتُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِجِمَاعِ غَيْرِهَا زَوْجَةً كانت أو سُرِّيَّةً
فَإِنْ أَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْإِشْهَادَ عليه بِهَذِهِ الْيَمِينِ التي يَحْلِفُ بها في جَوَارِيهِ وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يُصَدِّقُهُ فِيمَا نَوَاهُ
فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ جَوَارِيهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَيُشْهِدُ على بَيْعِهِنَّ شُهُودًا عُدُولًا من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ الزَّوْجَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذلك يَحْلِفُ بِعِتْقِ كل جَارِيَةٍ يَطَؤُهَا مِنْهُنَّ فَيَحْلِفُ وَلَيْسَ في مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ وَيُشْهِدُ على وَقْتِ الْيَمِينِ شُهُودَ الْبَيْعِ لِيَشْهَدُوا له بِالْحَالَيْنِ جميعا
فَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمْ وَأَرَّخَ الْوَقْتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا من الْفَصْلِ ما يَتَمَيَّزُ كُلُّ وَقْتٍ مِنْهُمَا عن الْآخَرِ كَفَاهُ ذلك ثُمَّ بَعْدَ الْيَمِينِ يُقَايِلُ مُشْتَرِيَ الْجَوَارِي أو يَعُودُ وَيَشْتَرِيهِنَّ منه وَيَطَؤُهُنَّ وَلَا يَحْنَثُ
فَإِنْ رَافَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِالْيَمِينِ بِوَطْئِهِنَّ أَقَامَ هو الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لم يَكُنْ وَقْتَ الْيَمِينِ في مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ
فَإِنْ قالت له قُلْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَأَطَؤُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فَلْيَقُلْ ذلك وَيَنْوِي بِهِ الِاسْتِفْهَامَ وَلَا يَنْوِي بِهِ الْحَلِفَ فَلَا يَحْنَثُ ذَكَرَ ذلك صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ تَابَعَهُ
قلت وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عليه إذَا كان الْحَالِفُ مَظْلُومًا على ما تَقَدَّمَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِنَا أبي حَكِيمِ قال حكى أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ رضي اللَّهُ عنه عن رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ لَا يُفْطِرَ في رَمَضَانَ فقال له اذْهَبْ إلَى بِشْرِ بن الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهُ ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي فَذَهَبَ فَسَأَلَهُ
____________________
(9/136)
فقال له بِشْرٌ إذَا أَفْطَرَ أَهْلُك فَاقْعُدْ مَعَهُمْ وَلَا تُفْطِرُ فإذا كان السَّحَرُ فَكُلْ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم هَلُمُّوا إلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ فَاسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى
وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ من هذه الْمَسْأَلَةِ كِفَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
____________________
(9/137)
بَابُ الشَّكِّ في الطَّلَاقِ فَوَائِدُ
إحداها قَوْلُهُ إذَا شَكَّ هل طَلَّقَ أَمْ لَا لم تَطْلُقْ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ الْوَرَعُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ
فَإِنْ كان الْمَشْكُوكُ فيه رَجْعِيًّا رَاجَعَ امْرَأَتَهُ إنْ كانت مَدْخُولًا بها وَإِلَّا جَدَّدَ نِكَاحَهَا إنْ كانت غير مَدْخُولٍ بها أو قد انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
وَإِنْ شَكَّ في طَلَاقِ ثَلَاثٍ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَتَرَكَهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ نِكَاحُهَا
وَأَمَّا إذَا لم يُطَلِّقْهَا فَيَقِينٌ نِكَاحُهُ بَاقٍ فَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو شَكَّ في شَرْطِ الطَّلَاقِ لم يَلْزَمْهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مع شَرْطٍ عَدَمِيٍّ نحو لقد فَعَلْت كَذَا أو إنْ لم أَفْعَلْهُ الْيَوْمَ فَمَضَى وَشَكَّ في فِعْلِهِ
وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا ثُمَّ نَسِيَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عن الْبِرِّ
الثَّالِثَةُ لو أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هل هِيَ طَلَاقٌ أو ظِهَارٌ فَقِيلَ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا
قال في الْفُنُونِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تُخْرِجُ الْمُطَلَّقَةَ فَيَخْرُجُ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ
وَقِيلَ لَغْوٌ قَدَّمَهُ في الْفُنُونِ كَمَنِيٍّ وُجِدَ في ثَوْبٍ لَا يُدْرَى من أَيِّهِمَا هو وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ من حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا
____________________
(9/138)
يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ رَجُلٌ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ قال لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْت دَرَيْت أنا
وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فقال وَالْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
قال في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ في رَجُلٍ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا يَدْرِي ما هِيَ طَلَاقٌ أو غَيْرُهُ قال لَا يَجِبُ عليه الطَّلَاقُ حتى يَعْلَمَ أو يَسْتَيْقِنَ
وَتَوَقَّفَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى
وفي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ
أَحَدُهُمَا يُقْرَعُ فما خَرَجَ بِالْقُرْعَةِ لَزِمَهُ قال وهو بَعِيدٌ
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ كل يَمِينٍ شَكَّ فيها وَجَهِلَهَا ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّهُ استفتى في هذه الْمَسْأَلَةِ فَتَوَقَّفَ فيها ثُمَّ نَظَرَ فإذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بين الْأَيْمَانِ كُلِّهَا الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَيُّ يَمِينٍ وَقَعَتْ عليه الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْمَحْلُوفُ عليها
قال ثُمَّ وَجَدْت عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هذه الْيَمِينِ وَذَكَرَ رِوَايَةَ بن مَنْصُورٍ انْتَهَى
قلت فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
قال في الْفُرُوعِ وحكى عن بن عَقِيلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةً أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَرِوَايَةُ أَنَّهُ لَغْوٌ
يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ التي في قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَا نِيَّةَ كما تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ فَثَبَتَ الْيَقِينُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ في عَدَدِ الطَّلَاقِ بَنَى على الْيَقِينِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ خِلَافَ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(9/139)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا رَاجَعَهَا حَلَّتْ له
قال في الْقَوَاعِدِ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْخِرَقِيُّ إذَا طَلَّقَ فلم يَدْرِ أَوَاحِدَةً طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا لَا يَحِلَّ له وَطْؤُهَا حتى يَتَيَقَّنَ لِشَكِّهِ في حِلِّهِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ فَتُبَاحُ الرَّجْعَةُ ولم يَبُحْ الْوَطْءُ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلِضَعْفِ هذا الْقَوْلِ لم يَلْتَفِتْ إلَيْهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَحَمَلَ كَلَامَهُ على الِاسْتِحْبَابِ انْتَهَى
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ في تَعْلِيلِ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ لِأَنَّهُ قد تَيَقَّنَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ وهو الطَّلَاقُ فإنه إنْ كان ثَلَاثًا فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بِدُونِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ وَإِنْ كان وَاحِدَةً فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَالرَّجْعَةُ في الْعِدَّةِ لَا يَحْصُلُ بها الْحِلُّ إلَّا على هذا التَّقْدِيرِ فَقَطْ فَلَا يُزِيلُ الشَّكَّ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَيَقُّنَ سَبَبِ وُجُودِ التَّحْرِيمِ مع الشَّكِّ في وُجُودِ هذا الْمَانِعِ منه يَقُومُ مَقَامَ تَحَقُّقِ وُجُودِ الْحُكْمِ مع الشَّكِّ وَوُجُودِ الْمَانِعِ فَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُ السَّبَبِ كما يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ ويلغي الْمَانِعُ الْمَشْكُوكُ فيه كما يلغي مع تَيَقُّنِ وُجُودِ حُكْمِهِ
قال وقد اسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ في تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ التَّحْرِيمَ وَشَكَّ في التَّحْلِيلِ فَظَنُّوا أَنَّهُ يقول بِتَحْرِيمِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِمَا ذَكَرْنَا انْتَهَى
قَوْلُهُ وكذلك قال يَعْنِي الْخِرَقِيَّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً فوقعت ( ( ( فوقع ) ) ) في تَمْرٍ فَأَكَلَ منه وَاحِدَةً مُنِعَ من وَطْءِ امْرَأَتِهِ حتى يَتَيَقَّنَ أنها لَيْسَتْ التي وَقَعَتْ الْيَمِينُ عليها وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حتى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ
____________________
(9/140)
وَتَابَعَهُ على ذلك بن الْبَنَّا
وقال أبو الْخَطَّابِ هِيَ بَاقِيَةٌ على الْحِلِّ إذَا لم يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ أَكَلَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَكَّ هل أُكِلَتْ أَمْ لَا أَمَّا أن تَحَقَّقَ أَنَّهُ أَكَلَهَا فإنه يَحْنَثُ وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ أَكْلِهَا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا فِيهِمَا
فَائِدَةٌ لو عَلَّقَ الطَّلَاقَ على عَدَمِ شَيْءٍ وَشَكَّ في وُجُودِهِ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ على وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ
وَالثَّانِي يَقَعُ
وَنَقَلَ مُهَنَّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَرَجَّحَهُ بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ يَنْوِي وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لم يَنْوِ أُخْرِجَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ الْقَاضِيَ في تَعْلِيقِهِ وَأَبَا مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةً لَا يَذْكُرُونَ خِلَافًا انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(9/141)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يُعَيِّنُهَا الزَّوْجُ وَذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا في الْعِتْقِ أَيْضًا وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَرَّةً فيها في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا يَجُوزُ له أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا قبل الْقُرْعَةِ أو التَّعْيِينِ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَيْسَ الْوَطْءُ تَعَيُّنِيٌّ لِغَيْرِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أَنَّ الْعِتْقَ كَذَلِكَ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي
الثَّانِيَةُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالتَّعْيِينِ بَلْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى
الثَّالِثَةُ لو مَاتَ أَقْرَعَ وَارِثُهُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ بِالطَّلَاقِ فَحُكْمُهَا في الْمِيرَاثِ حُكْمُ ما لو عَيَّنَهَا بِالتَّطْلِيقِ عنهما قَالَهُ الشَّارِحُ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ وَارِثُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ في ذلك
وَقِيلَ يَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَصْطَلِحُوا
قال في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ تَخْرُجُ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ وَتَرِثُ الْبَوَاقِيَ كما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ على أَنَّ الْوَرَثَةَ يُقْرِعُونَ بَيْنَهُنَّ
وَالْمُصَنِّفُ يُوَافِقُ على الْقُرْعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لم يَقُلْ بها في الْمَنْسِيَّةِ
____________________
(9/142)
الرَّابِعَةُ إذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ هو قبل الْبَيَانِ فَكَذَلِكَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي
وَالْإِقْرَاعُ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هل لِلْوَرَثَةِ الْبَيَانُ مُطْلَقًا على وَجْهَيْنِ
وَإِنْ صَحَّ بَيَانُهُمْ فَعَيَّنُوا الْمَيِّتَةَ قَبِلَ قَوْلِهِمْ وَإِنْ عَيَّنُوا الْحَيَّةَ حَلَفُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ طَلَاقَ الْمَيِّتَةِ
الْخَامِسَةُ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَتَانِ أو إحْدَاهُمَا عُيِّنَ الْمُطَلَّقُ لِأَجَلِ الْإِرْثِ فَإِنْ كان نَوَى الْمُطَلَّقَةَ حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لم يَنْوِهَا وَوَرِثَهَا أو الْحَيَّةَ ولم يَرِثْ الْمَيِّتَةَ
وَإِنْ كان ما نَوَى إحْدَاهُمَا أَقْرَعَ على الصَّحِيحِ أو يُعَيِّنُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
فإن عَيَّنَ الْحَيَّةَ لِلطَّلَاقِ صَحَّ وَحَلَفَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ أَنَّهُ لم يُطَلِّقْهَا وَوَرِثَهَا وَإِنْ عَيَّنَهَا لِلطَّلَاقِ لم يَرِثْهَا وَحَلَفَ لِلْحَيَّةِ
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ لَهُمَا ما إذَا مَاتَا حتى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ
السَّادِسَةُ لو قال لِزَوْجَتَيْهِ أو أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أو حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا قبل الْغَدِ طَلُقَتْ وَعَتَقَتْ الْبَاقِيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ وَلَا تُعْتَقُ إلَّا بِقُرْعَةٍ تُصِيبُهَا كَمَوْتِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في مَسْأَلَةِ الزَّوْجَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
يَعْنِي أَنَّ الْمَنْسِيَّةَ تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/143)
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لها هُنَا وَيَحْرُمَانِ عليه جميعا كما لو اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحِلُّ له وَطْءُ الْبَاقِي من نِسَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَيَحِلُّ له وَطْءُ الْبَوَاقِي على الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ
فَعَلَى اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ عليه نَفَقَتُهُنَّ وَكَذَا على الْمَذْهَبِ قبل الْقُرْعَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ التي خَرَجَتْ عليها الْقُرْعَةُ رُدَّتْ إلَيْهِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قد تَزَوَّجَتْ أو تَكُونَ أَيْ الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ تَطْلُقُ الْمَرْأَتَانِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
وَظَاهِرُ كَلَامِ بن رَزِينٍ أنها تُرَدُّ إلَيْهِ مُطْلَقًا فإنه قال إنْ ذَكَرَ الْمُطَلِّقُ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ غَيْرُ التي وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ طَلُقَتْ وَرَجَعَتْ إلَيْهِ التي وَقَعَتْ عليها الْقُرْعَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَارَ طَائِرٌ فقال إنْ كان هذا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ
____________________
(9/144)
وَإِنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ ولم يَعْلَمْ حاله فَهِيَ كَالْمَنْسِيَّةِ
يَعْنِي في الْخِلَافِ وَالْمَذْهَبِ وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ لو قال إنْ كان غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وقال آخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ولم يَعْلَمَاهُ لم تَطْلُقَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ إلَّا مع اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا
نَقَلَ بن الْقَاسِمِ فَلْيَتَّقِيَا الشُّبْهَةَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْقَوَاعِدِ فيها وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على يَقِينِ نِكَاحِهِ وَلَا يَحْكُمُ عليه بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِحِلِّ زَوْجَتِهِ شَاكٌّ في تَحْرِيمِهَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَكَثِيرٍ من الْمُتَأَخِّرِينَ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ إنْ اعْتَقَدَ أَحَدُهُمَا خَطَأَ الْآخَرِ فَلَهُ الْوَطْءُ وَإِنْ شَكَّ ولم يَدْرِ كَفَّ حَتْمًا عِنْدَ الْقَاضِي
وَقِيلَ وَرَعًا عِنْدَ بن عَقِيلٍ
وقال في الْمُنْتَخَبِ إمْسَاكُهُ عن تَصَرُّفِهِ في الْعَبِيدِ كَوَطْئِهِ وَلَا حِنْثَ
وَاخْتَارَ أبو الْفَرَجِ في الْإِيضَاحِ وبن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ في التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ فَيُقْرَعُ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْمَنْصُوصُ وقال أَيْضًا هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ احْتِمَالًا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ
____________________
(9/145)
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في الْمُعْتِقِ يَعْنِي في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كان غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كان حَمَّامًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ لم تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إذَا لم يَعْلَمْ
لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قلت لو قِيلَ إنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ تَتَمَشَّى على كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في مَسْأَلَةِ الشَّكِّ في عَدَدِ الطَّلَاقِ وَأَكْلِ التَّمْرَةِ لَمَا كان بَعِيدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ كان غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ فقال آخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ ولم يَعْلَمَاهُ لم يَعْتِقْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
قال في الْقَوَاعِدِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ من الْعَبْدَيْنِ فَدَلَّ على خِلَافٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ هو الْقَوْلُ بِالْقُرْعَةِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ لو كَانَتَا أَمَتَيْنِ فَفِيهِمَا الْوَجْهَانِ
وَقِيَاسُ الْمَنْصُوصِ هُنَا أَنْ يَكُفَّ كُلُّ وَاحِدٍ عن وَطْءِ أَمَتِهِ حتى يَتَيَقَّنَ
قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَالَهُ في الرَّابِعَةَ عَشْرَ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وقال الْقَاضِي يَعْتِقُ الذي اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ذَكَرَاهُ في بَابِ الْوَلَاءِ وَالنِّهَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَعْتِقُ الذي اشْتَرَاهُ إنْ كَانَا تَكَاذَبَا قبل ذلك
قال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ إنَّمَا يَعْتِقُ إذَا تَكَاذَبَا وَإِلَّا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وهو الْأَصَحُّ وَتَبِعَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(9/146)
وَذَكَرَ هذه وَنَظِيرَتَهَا في الطَّلَاقِ في آخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ
فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ حتى يَتَصَادَقَا على أَمْرٍ يَتَّفِقَانِ عليه
وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ وَقَعَتْ الْحُرِّيَّةُ على الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ وَإِنْ وَقَعَتْ على عَبْدِهِ فَوَلَاؤُهُ له
قال في الْقَوَاعِدِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قُرِعَ فَالْوَلَاءُ له كما تَقَدَّمَ مِثْلُ ذلك في الْوَلَدِ الذي يَدَّعِيهِ أَبَوَانِ وَأَوْلَى
فَائِدَةٌ لو كان عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بين مُوسِرَيْنِ فقال أَحَدُهُمَا إنْ كان غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ وقال الْآخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ عَتَقَ على أَحَدِهِمَا فَيَمِيزُ بِالْقُرْعَةِ وَالْوَلَاءُ له
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أو قال سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُ امْرَأَتِهِ سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فَإِنْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ لم تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ وَإِنْ ادعي ذلك دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَهُمَا وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
إحْدَاهُمَا لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فقال لِحَمَاتِهِ ابْنَتُك طَالِقٌ وقال أَرَدْت ابْنَتَك الْأُخْرَى التي لَيْسَتْ بِزَوْجَتِي فَلَا يُقْبَلُ منه
وَنَقَلَ أبو دَاوُد فَمَنْ له امْرَأَتَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فقال فُلَانَةُ طَالِقٌ يَنْوِي الْمَيِّتَةَ فقال الْمَيِّتَةُ تَطْلُقُ
____________________
(9/147)
كَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ حُكْمًا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُقْبَلُ مُطْلَقًا وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَقَوْلٌ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وفي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ في قَوْلِهِ لها وَلِرَجُلٍ إحْدَاهُمَا طَالِقٌ هل يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَادَى امْرَأَتَهُ فَأَجَابَتْهُ امْرَأَةٌ له أُخْرَى فقال أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ طَلُقَتَا
في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا بن حَامِدٍ قَالَهُ الشَّارِحُ
وَالْأُخْرَى تَطْلُقُ التي نَادَاهَا فَقَطْ نَقَلَهُ مُهَنَّا وهو الْمَذْهَبُ
قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها لَا تَطْلُقُ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ أبي بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْقَوَاعِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن الْحُسَيْنِ أَنَّهُمَا تَطْلُقَانِ جميعا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
وَزَعَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْمُجِيبَةَ إنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال عَلِمْت أنها غَيْرُهَا وَأَرَدْت طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ قال أَرَدْت طَلَاقَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ وَحْدَهَا
بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَقِيَ أَجْنَبِيَّةً فَظَنَّهَا امْرَأَتَهُ فقال يا فُلَانَةُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ
____________________
(9/148)
أَنَّهُ إذَا لم يُسَمِّهَا بَلْ قال أَنْتِ طَالِقٌ أنها لَا تَطْلُقُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ سَمَّاهَا أو لَا
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لو لَقِيَ امْرَأَتَهُ فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً عَكَسَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفُ فقال أَنْتِ طَالِقٌ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ وَهُمَا أَصْلُ هذه الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا وَبَنَاهُمَا أبو بَكْرٍ على أَنَّ الصَّرِيحَ هل يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا
قال الْقَاضِي إنَّمَا هذا على الْخِلَافِ في صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ وَلَا يُطْرَدُ مع الْعِلْمِ
إحْدَاهُمَا لَا يَقَعُ قال بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْعَمَلُ على أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُغْنِي وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَقَعُ جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُنَوِّرِ
قال في تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ حُكْمًا وكذا حُكْمُ الْعِتْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَقَعُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال يا غُلَامُ أنت حُرٌّ يُعْتَقُ الذي نَوَاهُ
وقال في الْمُنْتَخَبِ لو نَسِيَ أَنَّ له عَبْدًا وَزَوْجَةً فَبَانَ له
____________________
(9/149)
بَابُ الرَّجْعَةِ
قَوْلُهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ بها أَقَلَّ من ثَلَاثٍ أو الْعَبْدُ وَاحِدَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَهُ رَجْعَتُهَا ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ
رَضِيَتْ أو كَرِهَتْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُمَكَّنُ من الرَّجْعَةِ إلَّا من أَرَادَ إصْلَاحًا وَأَمْسَكَ بِمَعْرُوفٍ فَلَوْ طَلَّقَ إذًا فَفِي تَحْرِيمِهِ الرِّوَايَاتُ
وقال الْقُرْآنُ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ لو أَوْقَعَهُ لم يَقَعْ كما لو طَلَّقَ الْبَائِنَ وَمَنْ قال إنَّ الشَّارِعَ مَلَّكَ الْإِنْسَانَ ما حَرُمَ عليه فَقَدْ تَنَاقَضَ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بها أَنَّهُ لو خَلَا بها ثُمَّ طَلَّقَهَا يَمْلِكُ عليها الرَّجْعَةَ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بمنزلة الدُّخُولِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا رَجْعَةَ بِالْخَلْوَةِ من غَيْرِ دُخُولٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ
فَائِدَةٌ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَجْنُونِ يَمْلِكُ عليه الرَّجْعَةَ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا
قَوْلُهُ وَأَلْفَاظُ الرَّجْعَةِ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي أو رَجَعْتهَا أو ارْتَجَعْتهَا أو رَدَدْتهَا أو أَمْسَكْتهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه الْأَلْفَاظَ الْخَمْسَةَ وَنَحْوَهَا صَرِيحٌ في الرَّجْعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَلَوْ زَادَ بَعْدَ هذه الْأَلْفَاظِ لِلْمَحَبَّةِ أو الْإِهَانَةِ وَلَا نِيَّةَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/150)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ الصَّرِيحُ من ذلك لَفْظُ الرَّجْعَةِ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ وَاحْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال نَكَحْتهَا أو تَزَوَّجْتهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ
عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْإِيضَاحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْمُبْهِجِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن حَامِدٍ
وقال في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ مع نِيَّةٍ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْمُنَوِّرِ فَنَكَحْتهَا وَتَزَوَّجْتهَا كِنَايَةٌ
وقال في التَّرْغِيبِ هل تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِكِنَايَةٍ نحو أَعَدْتُك أو اسْتَدَمْتُكِ فيه وَجْهَانِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَنْوِي في قَوْلِهِ أَعَدْتُك أو اسْتَدَمْتُكِ فَقَطْ
وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ إنَّ اشْتَرَطْنَا الْإِشْهَادَ في الرَّجْعَةِ لم تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِالْكِنَايَةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ
____________________
(9/151)
وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَيْنِ وَالْأَوْلَى ما ذَكَرْنَا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَهَلْ من شَرْطِهَا الْإِشْهَادُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
وَيَأْتِي قَرِيبًا الْخِلَافُ في مَحَلِّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ وَنَصَّ عليها في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَعُزِيَتْ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا في تَعَالِيقِهِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ إنْ أَشْهَدَ وَأَوْصَى الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ نَصَّ عليه
وَيَأْتِي إذَا ارْتَجَعَهَا في عِدَّتِهَا وَأَشْهَدَ على رَجْعَتِهَا من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ
وَكَذَا اللِّعَانُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ منها
فَعَلَى الْمَذْهَبِ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ من حِينِ الْيَمِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/152)
وَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ من قَوْلِ الْخِرَقِيِّ بِتَحْرِيمِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا من حِينِ الرَّجْعَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ يَجِيءُ هذا على قَوْلِ أبي مُحَمَّدٍ إذَا كان الْمَانِعُ من جِهَتِهَا لم يُحْتَسَبْ عليه بِمُدَّتِهِ أَمَّا على قَوْلِ غَيْرِهِ بِالِاحْتِسَابِ فَلَا يَتَمَشَّى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ أَنَّ لها الْقَسْمَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا قَسْمَ لها ذَكَرَهُ في الْحَضَانَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وإذا أُخِذَ الْوَلَدُ من الْأُمِّ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ
قَوْلُهُ وَيُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَالْخَلْوَةُ وَالسَّفَرُ بها وَلَهَا أَنْ تَتَشَرَّفَ له وَتَتَزَيَّنَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ هذا أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ حِلُّهَا وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَيْسَتْ مُبَاحَةً حتى يُرَاجِعَهَا بِالْقَوْلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
فَعَلَى هذا هل من شَرْطِهَا الْإِشْهَادُ على الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ
وَبَنَاهُمَا على هذه الرِّوَايَةِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو وَاضِحٌ
____________________
(9/153)
أَمَّا إنْ قُلْنَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَكَلَامُ الْمَجْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ يُطْلِقُونَ الْخِلَافَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في التَّعَلُّقِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَأَلْزَمَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِعْلَانِ الرَّجْعَةِ وَالتَّسْرِيحِ وَالْإِشْهَادِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ عِنْدَهُ لَا على ابْتِدَاءِ الْفُرْقَةِ
قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا نَوَى الرَّجْعَةَ بِهِ أو لم يَنْوِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال في الْمُذْهَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْكَافِي هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ إلَّا مع نِيَّةِ الرَّجْعَةِ نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ
قال بن أبي مُوسَى إذَا نَوَى بِوَطْئِهِ الرَّجْعَةَ كانت رَجْعَةً وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا مُطْلَقًا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ مُخْتَلِفُونَ في حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِالْوَطْءِ هل هو مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِحِلِّ الرَّجْعِيَّةِ أَمْ مُطْلَقٌ على طَرِيقَتَيْنِ
____________________
(9/154)
إحْدَاهُمَا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ منهم الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وَالْجَامِعِ وَجَمَاعَةٌ عَدَمُ الْبِنَاءِ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ وَيَحْتَمِلُهَا كَلَامُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْبِنَاءُ
فَإِنْ قُلْنَا الرَّجْعِيَّةُ مُبَاحَةٌ حَصَلَتْ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ قُلْنَا غير مُبَاحَةٍ لم تَحْصُلْ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ فإنه قال لَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ على حِلِّ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَهَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا على رِوَايَتَيْنِ مَأْخَذُهُمَا عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ الْخِلَافُ في وَطْئِهَا هل هو مُبَاحٌ أو مُحَرَّمٌ
وَالصَّحِيحُ بِنَاؤُهُ على اعْتِبَارِ الْإِشْهَادِ لِلرَّجْعِيَّةِ وَعَدَمِهِ وهو الْبِنَاءُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا عِبْرَةَ بِحِلِّ الْوَطْءِ وَلَا عَدَمِهِ فَلَوْ وَطِئَهَا في الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ كان رَجْعَةً انْتَهَى
فَعَلَى الْقَوْلِ بِالرَّجْعَةِ لَا تَحْصُلُ بِوَطْئِهِ وَأَنَّ وَطْئَهَا غَيْرُ مُبَاحٍ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ لها الْمَهْرَ إذَا أَكْرَهَهَا على الْوَطْءِ إنْ لم يَرْتَجِعْهَا بَعْدَهُ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ
وَقِيلَ يَجِبُ الْمَهْرُ سَوَاءٌ ارْتَجَعَهَا أو لم يَرْتَجِعْهَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ وهو ضَعِيفٌ انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ إذَا أَكْرَهَهَا على الْوَطْءِ سَوَاءٌ ارْتَجَعَهَا أو لم يَرْتَجِعْهَا وَسَوَاءٌ قُلْنَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا أو لم تَحْصُلْ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالتَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزُّبْدَةِ وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في وُجُوبِ الْمَهْرِ على الْمُكْرَهِ وَجْهَيْنِ
____________________
(9/155)
قَوْلُهُ وَلَا تَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهَا وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا وَالْخَلْوَةِ بها لِشَهْوَةٍ نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ في الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا تَحْصُلُ بِالْوَطْءِ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ
أَمَّا مُبَاشَرَتُهَا وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا فَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِأَحَدِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَخَرَّجَهُ بن حَامِدٍ على وَجْهَيْنِ من تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِذَلِكَ
قال الْقَاضِي يخرج ( ( ( تخرج ) ) ) رِوَايَةٌ أنها تَحْصُلُ بِنَاءً على تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ
وَخَرَّجَهُ الْمَجْدُ من نَصِّهِ على أَنَّ الْخَلْوَةَ تَحْصُلُ بها الرَّجْعَةُ
قال فَاللَّمْسُ وَنَظَرُ الْفَرْجِ أَوْلَى انْتَهَى
وَأَمَّا الْخَلْوَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَيْضًا أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بها كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْخَلْوَةِ وهو رِوَايَةٌ نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْخُلَاصَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ نَصَّ عليه يَشْمَلُ الْخَلْوَةَ
____________________
(9/156)
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فإن النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ في الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ فَقَطْ
قُلْت وَحَكَى في الرِّعَايَتَيْنِ في حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِالْخَلْوَةِ رِوَايَتَيْنِ وَحَكَاهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَجْهَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِإِنْكَارِ الطَّلَاقِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ في بَابِ التَّدْبِيرِ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِشَرْطٍ
فَلَوْ قال رَاجَعْتُك إنْ شِئْت أو كلما ( ( ( كما ) ) ) طَلَّقْتُك فَقَدْ رَاجَعْتُك لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو عَكَسَ فقال كُلَّمَا رَاجَعْتُك فَقَدْ طَلَّقْتُك صَحَّ وَطَلُقَتْ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الِارْتِجَاعُ في الرِّدَّةِ
إنْ قُلْنَا تُتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ لم يَصِحَّ الِارْتِجَاعُ لِأَنَّهَا قد بَانَتْ
وَإِنْ قُلْنَا لَا تُتَعَجَّلُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ الِارْتِجَاعَ لَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي إنْ قُلْنَا تُتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ لم تَصِحَّ الرَّجْعَةُ وَإِنْ قُلْنَا لَا تُتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ فَالرَّجْعَةُ مَوْقُوفَةٌ
قال الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الرَّجْعَةِ في الْإِحْرَامِ في بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
قَوْلُهُ فَإِنْ طَهُرَتْ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ فَهَلْ له رَجَعْتُهَا على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(9/157)
ذَكَرَهُمَا بن حَامِدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَهُ في الْعِدَّةِ
إحْدَاهُمَا له رَجْعَتُهَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَالَهُ بن كَثِيرٍ من أَصْحَابِنَا
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا قال أَصْحَابُنَا له أَنْ يَرْتَجِعَهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْخُلَاصَةِ له ارْتِجَاعُهَا قبل أَنْ تَغْتَسِلَ على الْأَصَحِّ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له رَجْعَتُهَا بَلْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الدَّمِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وهو الصَّحِيحُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في مَسَائِلِ الطَّلَاقِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ له رَجْعَتَهَا وَلَوْ فَرَطَتْ في الْغُسْلِ سِنِينَ حتى قال بِهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي عِشْرِينَ سُنَّةً
وَذَكَرَهَا بن الْقِيَمِ في الْهُدَى إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ
وَيَأْتِي حِكَايَتُهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ يَمْضِي وَقْتُ صَلَاةٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْقُرْءُ الْحَيْضُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في إبَاحَتِهَا لِلْأَزْوَاجِ وَحِلِّهَا لِزَوْجِهَا بِالرَّجْعَةِ
____________________
(9/158)
أَمَّا ما عَدَا ذلك من انْقِطَاعِ نَفَقَتِهَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بها وَانْتِفَاءِ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِ ذلك فَيَحْصُلُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَلِكَ قَصْرًا على مَوْرِدِ حُكْمِ الصَّحَابَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَجَعَلَهُ بن عَقِيلٍ مَحَلًّا لِلْخِلَافِ وما هو بِبَعِيدٍ
الثَّانِيَةُ لو كانت الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَوَضَعَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ مَعَهَا آخَرُ فَلَهُ رَجْعَتُهَا قبل وَضْعِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهَلْ له رَجْعَتُهَا بَعْدَ وَضْعِ الْجَمِيعِ وَقَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ من النِّفَاسِ
قال بن عَقِيلٍ له رَجْعَتُهَا على رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَتُبَاحُ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ طَهُرَتْ من النِّفَاسِ أو لَا نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى
وَجَزَمَ بهذا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في أَوَائِلِ الْعِدَدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ولم يُرَاجِعْهَا بَانَتْ ولم تَحِلَّ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَتَعُودُ إلَيْهِ على ما بَقِيَ من طَلَاقِهَا سَوَاءٌ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ أو قَبْلَهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ إنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ رَجَعَتْ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَتُلَقَّبُ هذه الْمَسْأَلَةُ بِالْهَدْمِ وهو أَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي هل يَهْدِمُ نِكَاحَ الْأَوَّلِ أَمْ لَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَجَعَهَا في عِدَّتِهَا وَأَشْهَدَ على رَجْعَتِهَا من حَيْثُ لَا تَعْلَمُ
____________________
(9/159)
فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ من أَصَابَهَا رُدَّتْ إلَيْهِ وَلَا يَطَؤُهَا حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أنها زَوْجَةُ الثَّانِي إنْ كان أَصَابَهَا نَقَلَهَا الْخِرَقِيُّ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هل تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ
أَحَدُهُمَا تَضْمَنُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ خُرُوجَ الْبِضْعِ مُتَقَوِّمٌ
وَالثَّانِي لَا تَضْمَنُ
وَيَأْتِي في بَابِ الرَّضَاعِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم تَكُنْ له بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لم تُقْبَلْ دَعْوَاهُ لَكِنْ إنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ منه وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لم يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا لَكِنْ مَتَى بَانَتْ منه عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ صَدَّقَتْهُ لم يُقْبَلْ إلَّا أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمَا
فَائِدَةٌ لَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ له إنْ صَدَّقَتْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وقال في الْوَاضِحِ إنْ صَدَّقَتْهُ لَزِمَهَا لِلثَّانِي مَهْرُهَا أو نِصْفُهُ
____________________
(9/160)
وَهَلْ يُؤْمَرُ بِطَلَاقِهَا فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ وَالْحَالَةُ هذه وَهِيَ في نِكَاحِ الثَّانِي فقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ يَنْبَغِي أَنْ تَرِثَهُ لِإِقْرَارِهِ بزوجتيها ( ( ( بزوجيتها ) ) ) وَتَصْدِيقِهَا له وَإِنْ مَاتَتْ لم يَرِثْهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الثَّانِي بِالْإِرْثِ وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي لم تَرِثْهُ لِإِنْكَارِهَا صِحَّةَ نِكَاحِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَلَا يُمَكَّنُ من تَزْوِيجِ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا
قَوْلُهُ وإذا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا قُبِلَ قَوْلُهَا إذَا كان مُمْكِنًا إلَّا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيْضِ في شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْوَجِيزِ إذَا ادَّعَتْهُ الْحُرَّةُ بِالْحَيْضِ في أَقَلَّ من تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
وَجَزَمَ بِمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ كَخِلَافِ عَادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ قَبُولُ قَوْلِهَا مُطْلَقًا إذَا كان مُمْكِنًا وَاخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ
وَذَكَرَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْفُرُوعِ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْعَدَدِ وَأَقَلُّ ما يُصَدَّقُ في ذلك تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
قَوْلُهُ وَأَقَلُّ ما يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ من الْأَقْرَاءِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ إذَا قُلْنَا الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلِلْأَمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَحْظَةٌ
____________________
(9/161)
وَإِنْ قُلْنَا الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ وَلِلْأَمَةِ سبعة ( ( ( سبع ) ) ) عَشَرَ وَلَحْظَةٌ وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ الْأَطْهَارُ فَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ وَلِلْأَمَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلَحْظَتَانِ
وَإِنْ قُلْنَا أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ وَلِلْأَمَةِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَحْظَتَانِ
هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال في الرِّعَايَةِ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةً إنْ قُلْنَا الْقُرْءُ حَيْضَةٌ وَإِنَّ أَقَلَّهَا يَوْمٌ وَإِنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ
وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ طُهْرٌ فَفِي أَقَلِّهِمَا مَرَّتَيْنِ وَاللَّحْظَةُ الْمَذْكُورَةُ بِقُرْءٍ لَحْظَةٌ من حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ في وَجْهٍ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَحْظَتَانِ
وَإِنْ طَلَّقَ في سَلْخِ طُهْرٍ وَقُلْنَا الْقُرْءُ حَيْضَةٌ فَفِي ثَلَاثِ حِيَضٍ وَطُهْرَيْنِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَقَطْ
وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ طُهْرٌ فَفِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَثَلَاثِ حِيَضٍ وَلَحْظَةٍ من حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ في وَجْهٍ وَذَلِكَ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ
وَإِنْ طَلَّقَ في سَلْخِ حَيْضَةٍ وَقُلْنَا الْقُرْءُ حَيْضَةٌ فَفِي ثَلَاثِ حِيَضٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَذَلِكَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا فَقَطْ
وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ طُهْرٌ فَفِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَحَيْضَتَيْنِ وَلَحْظَةٍ في وَجْهٍ من حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَذَلِكَ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ
وَأَقَلُّ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَقَلُّ الْحَيْضِ مَرَّتَيْنِ
وَأَقَلُّ الطُّهْرِ مَرَّةً وَلَحْظَةً من طُهْرٍ طَلَّقَهَا فيه بِلَا وَطْءٍ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ إنْ قُلْنَا إنَّ الْقُرْءَ حَيْضَةٌ
____________________
(9/162)
وَإِنْ قُلْنَا الْقُرْءُ طُهْرٌ فَأَقَلُّهُمَا وَلَحْظَةٌ من طُهْرٍ طَلَّقَ فيه بِلَا وَطْءٍ وَلَحْظَةٌ من حَيْضَةٍ أُخْرَى في وَجْهٍ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وإذا قالت انْقَضَتْ عِدَّتِي فقال قد كُنْت رَاجَعْتُك فَأَنْكَرَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ سَبَقَ فقال ارْتَجَعْتُك فقالت قد انْقَضَتْ عِدَّتِي قبل رَجْعَتِك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال الْخِرَقِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُهَا
قال في الْوَاضِحِ في الدَّعَاوَى نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ
قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ
وَاَلَّذِي رَأَيْته في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ما ذَكَرْته أَوَّلًا فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ على غَيْرِ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَدَاعَيَا مَعًا قُدِّمَ قَوْلُهَا
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/163)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ قَوْلُ من تَقَعُ له الْقُرْعَةُ
وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وهو وَاضِحٌ
فَائِدَةٌ مَتَى قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهَا فَمَعَ يَمِينِهَا عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ عليها يَمِينٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْحَاوِي
وَكَذَا لو قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ لو نَكَلَتْ لم يُقْضَ عليها بِالنُّكُولِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَلِلْمُصَنِّفِ احْتِمَالٌ يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ إذَا نَكَلَتْ وَلَهُ الرَّجْعَةُ بِنَاءً على الْقَوْلِ بِرَدِّ الْيَمِينِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وإذا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لم تَحِلَّ له حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَطَأَ في الْقُبُلِ
إذَا كان مع انْتِشَارٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَدْنَى ما يَكْفِي من ذلك تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ
وَلَوْ كان خَصِيًّا أو نَائِمًا أو مُغْمًى عليه وَأَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ في فَرْجِهَا أو مَجْنُونًا أو ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وهو الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ في الْخَصِيِّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُنْزِلُ
____________________
(9/164)
وَقِيلَ لَا تَحِلُّ بِوَطْءِ نَائِمٍ وَمُغْمًى عليه وَمَجْنُونٍ
وَقِيلَ لَا يُحِلُّهَا وَطْءُ مُغْمًى عليه وَمَجْنُونٍ
وَقِيلَ لو وَطِئَهَا يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً لم يُحِلَّهَا فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ مع الْإِثْمِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كان مَجْبُوبًا وَبَقِيَ من ذَكَرِهِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَأَوْلَجَهُ أَحَلَّهَا
هذا بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو بَقِيَ أَكْثَرُ من قَدْرِ الْحَشَفَةِ فَأَوْلَجَ قَدْرَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ لَا يُحِلُّهَا إلَّا بِإِيلَاجِ كل الْبَقِيَّةِ
قَوْلُهُ أو وَطِئَهَا مُرَاهِقٌ أَحَلَّهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال الْقَاضِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بن اثْنَيْ عَشْرَ سُنَّةً وَنَقَلَهُ مُهَنَّا وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَعَنْهُ عَشْرُ سِنِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَيَأْتِي في بَابِ اللِّعَانِ أَقَلُّ سِنٍّ يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ لِلْغُلَامِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْغُسْلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وُطِئَتْ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ لم تَحِلَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَكَذَا قال في الْمَذْهَبِ كَالنِّكَاحِ الْبَاطِلِ وفي الرِّدَّةِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ لم يُحِلَّهَا في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(9/165)
وَقِيلَ تَحِلُّ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
فَيَجِيءُ عليه إحْلَالُهَا بِنِكَاحِ الْمُحَلَّلِ
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة ( ( ( الخلاصة ) ) )
قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا زَوْجٌ في حَيْضٍ أو نِفَاسٍ أو إحْرَامٍ وَكَذَا في صَوْمِ فَرْضٍ أَحَلَّهَا
هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
وَكَذَا قال أَصْحَابُنَا لَا يُحِلُّهَا
وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْخُلَاصَةِ
فَائِدَةٌ لو وَطِئَهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ أو ضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ أو في الْمَسْجِدِ أو لِقَبْضِ مَهْرٍ وَنَحْوِهِ أَحَلَّهَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا لِمَعْنًى فيها بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ
وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا نُسَلِّمُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَّلَهُ بِالتَّحْرِيمِ فَنَطْرُدُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في جَمِيعِ الْأُصُولِ كَالصَّلَاةِ في دَارِ غَصْبٍ وَثَوْبِ حَرِيرٍ
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ لو نَكَحَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا زَوْجًا آخَرَ فَخَلَا بها ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقُلْنَا يَجِبُ عليها الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ وَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وهو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ثُمَّ وَطِئَهَا في مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَهَلْ يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ على رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّرْغِيبِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يُحِلُّهَا
____________________
(9/166)
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُطَلِّقُهَا لم تَحِلَّ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَحِلَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ طَلْقَتَيْنِ لم تَحِلَّ له حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَوَاءٌ عَتَقَا أو بَقِيَا على الرِّقِّ
هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ لم يَمْلِكْ نِكَاحَهَا على الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ لم تَحِلَّ له في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَمْلِكُ تَتِمَّةَ الثَّلَاثِ إذَا عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ كَكَافِرٍ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَكَذَا تَأْتِي هذه الرِّوَايَةُ في عِتْقِهِمَا مَعًا
فَعَلَيْهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ
وَتَقَدَّمَ مَعْنَى ذلك في أَوَّلِ بَابِ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ
فَائِدَةٌ لو عَلَّقَ الْعَبْدُ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِشَرْطٍ فَوَجَدَ الشَّرْطَ بَعْدَ عِتْقِهِ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَبْقَى له طَلْقَةٌ كما لو عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِعِتْقِهِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
تَنْبِيهٌ هذه الْمَسَائِلُ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ على أَنَّ الطَّلَاقَ بِالرِّجَالِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في أَوَّلِ بَابِ ما يَخْتَلِفُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ فَبَعْضُ الْأَصْحَابِ يَذْكُرُهَا هُنَا وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا هُنَاكَ
قَوْلُهُ وإذا غَابَ عن مُطَلَّقَتِهِ فَأَتَتْهُ فَذَكَرَتْ أنها نَكَحَتْ
____________________
(9/167)
من أَصَابَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وكان ذلك مُمْكِنًا فَلَهُ نِكَاحُهَا إذَا غَلَبَ على ظَنِّهِ صِدْقُهَا وَإِلَّا فَلَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في التَّرْغِيبِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً بِالثِّقَةِ وَالدِّيَانَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كَذَّبَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي في الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ في تَنْصِيفِ الْمَهْرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا في إبَاحَتِهَا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ قَوْلَهَا في الْوَطْءِ مَقْبُولٌ
وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحَ حَاضِرٍ وَإِصَابَتَهُ فَأَنْكَرَ الْإِصَابَةَ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تَحِلُّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ بعد ( ( ( بعدما ) ) ) ما تَقَدَّمَ
وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَتْ حَاضِرًا وَفَارَقَهَا وَادَّعَتْ إصَابَتَهُ وهو مُنْكِرُهَا انْتَهَوْا
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَهَذَانِ الْفَرْعَانِ مُشْكِلَانِ جِدًّا
الثَّانِيَةُ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو جَاءَتْ امْرَأَةٌ حَاكِمًا وَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا كان له تَزْوِيجُهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا كَمُعَامَلَةِ عَبْدٍ لم يَثْبُتْ عِتْقُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا سِيَّمَا إنْ كان الزَّوْجُ لَا يَعْرِفُ
____________________
(9/168)
بَابُ الْإِيلَاءِ
فَائِدَةٌ الْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ يَمِينٌ على تَرْكِ وَاجِبٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْبَابِ
تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وهو الْحَلِفُ على تَرْكِ الْوَطْءِ
امْرَأَتُهُ سَوَاءٌ كانت حُرَّةً أو أَمَةً مُسْلِمَةً أو كَافِرَةً عَاقِلَةً أو مَجْنُونَةً صَغِيرَةً أو كَبِيرَةً
وَتُطَالَبُ الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ عِنْدَ تَكْلِيفِهِمَا
وَيَأْتِي حُكْمُ الرَّتْقَاءِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ الْجُبِّ
وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْحَلِفُ على زَوْجَتِهِ فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ أَمَتَهُ أو أَجْنَبِيَّةً مُطْلَقًا أو أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لم يَكُنْ مُولِيًا على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ الصِّحَّةَ من الظِّهَارِ قبل النِّكَاحِ
وَخَرَّجَهَا الْمَجْدُ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ إلَى النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ في رِوَايَةٍ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ له أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ
أَحَدُهَا الْحَلِفُ على تَرْكِ الْوَطْءِ في الْقُبُلِ
بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ إيلَاءِ الرَّجْعِيَّةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لم يَكُنْ مُولِيًا لَكِنْ إنْ تَرَكَهُ مُضِرًّا بها من غَيْرِ عُذْرٍ فَهَلْ تُضْرَبُ له مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيُحْكَمُ له بِحُكْمِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
إحْدَاهُمَا تُضْرَبُ له مُدَّتُهُ وَيُحْكَمُ له بِحُكْمِهِ وهو الصَّوَابُ
____________________
(9/169)
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَهَذَا أَوْلَى
قال في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي ضُرِبَتْ له مُدَّةُ الْإِيلَاءِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُضْرَبُ له مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَلَا يُحْكَمُ له بِحُكْمِهِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا حُكْمُ من ظَاهَرَ ولم يُكَفِّرْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي آخِرَ الْبَابِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّهُ تُضْرَبُ له مُدَّةُ الْإِيلَاءِ
ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ في تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو تَرَكَهُ من غَيْرِ مُضَارَّةٍ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ له بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ من غَيْرِ خِلَافٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وقال بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالْمُفْرَدَاتِ عِنْدِي إنْ قَصَدَ الْإِضْرَارَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمَتَى حَصَلَ إضْرَارُهَا بِامْتِنَاعِهِ من الْوَطْءِ وَإِنْ كان ذَاهِلًا عن قَصْدِ الْإِضْرَارِ تُضْرَبُ له الْمُدَّةُ
وَذَكَرَ في آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ لِعَجْزِهِ عنه كان حُكْمُهُ كَالْعِنِّينِ
قال بن رَجَبٍ في كِتَابِ تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ يُؤْخَذُ من كَلَامِهِ أَنَّ حُصُولَ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كان بِقَصْدٍ من الزَّوْجِ أو بِغَيْرِ قَصْدٍ وَسَوَاءٌ كان مع عَجْزِهِ أو قُدْرَتِهِ
وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْعَاجِزِ وَأَلْحَقَهُ بِمَنْ طَرَأَ عليه جَبٌّ أو عُنَّةٌ
____________________
(9/170)
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ على تَرْكِ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ وَقَوْلِهِ وَلَا أَدْخَلْت ذَكَرِي في فَرْجِك
لم يُدَيَّنْ فيه
قَوْلُهُ وَلِلْبِكْرِ خَاصَّةً لَا افْتَضَضْتُك لم يُدَيَّنْ فيه
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَتَخْتَصُّ الْبِكْرُ بِلَفْظَيْنِ وَهُمَا وَاَللَّهِ لَا افْتَضَضْتُك وَلَا أَبْتَنِي بِك وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمَا يُشْتَرَطُ في هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا عَرَبِيٌّ فَإِنْ أتى بِهِمَا غَيْرُهُ دُيِّنَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قُلْت لَعَلَّهُ مُرَادُ من لم يَذْكُرْهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أو لَا جَامَعْتُك أو لَا بَاضَعْتُكِ أو لَا بَاشَرْتُك أو لَا بَاعَلْتُكِ أو لَا قَرَبْتُكِ أو لَا مَسَسْتُكِ أو لَا أَتَيْتُك أو لَا اغْتَسَلْت مِنْك فَهُوَ صَرِيحٌ في الْحُكْمِ وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ في لَا اغْتَسَلْت مِنْك أَنَّهُ كِنَايَةٌ وهو في الْحِيلَةِ في الْيَمِينِ
وقال في الْوَاضِحِ الْإِبْضَاعُ الْمَنَافِعُ الْمُبَاحَةُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عُضْوٍ مَخْصُوصٍ من فَرْجٍ مَخْصُوصٍ أو غَيْرِهِ على ما يَعْتَقِدُهُ الْمُتَفَقِّهُ والمباضعة مُفَاعَلَةٌ من الْمُتْعَةِ بِهِ وَالْمُتَفَقِّهَةُ تَقُولُ مَنَافِعُ الْبُضْعِ
قَوْلُهُ وَسَائِرُ الْأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فيها إلَّا بِالنِّيَّةِ
شَمِلَ مَسَائِلَ
____________________
(9/171)
منها ما هو صَرِيحٌ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَمِنْهَا ما هو كِنَايَةٌ
فَمِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاَللَّهِ لَا غَشِيتُك فَهِيَ صَرِيحَةٌ في الْحُكْمِ وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ هِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَفْضَيْت إلَيْك صَرِيحٌ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ هِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَمِنْهَا وَاَللَّهِ لَا لَمَسْتُك صَرِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيُدَيَّنُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّ الْمُلَامَسَةَ اسْمٌ لِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ
وفي الِانْتِصَارِ لَمَسْتُمْ ظَاهِرٌ في الْجَسِّ بِالْيَدِ ولامستم ظَاهِرٌ في الْجِمَاعِ فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْقَرَائِنَ كَالْآيَتَيْنِ وَذَكَرَ الْقَاضِي هذا الْمَعْنَى أَيْضًا
وَمِنْهَا ما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا افْتَرَشْتُكِ صَرِيحٌ في الْحُكْمِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ التي لَا يَكُونُ مُولِيًا بها إلَّا بِنِيَّةٍ أو قَرِينَةٍ
فَمِنْهَا قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا ضَاجَعْتُك وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت عَلَيْك وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت عَلَيَّ وَاَللَّهِ لَا قَرُبْت فِرَاشَك وَاَللَّهِ لَا بِتُّ عِنْدَك وَنَحْوَهَا
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي
أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أو بِصِفَةٍ من صِفَاتِهِ
____________________
(9/172)
وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الدَّعْوَى بها وَاخْتِصَاصِهَا بِاللِّعَانِ وَسَوَاءٌ كان في الرضى ( ( ( الرضا ) ) ) أو الْغَضَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ أو عِتْقٍ أو طَلَاقٍ لم يَصِرْ مُولِيًا في الظَّاهِرِ عنه
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ
قال في الْبُلْغَةِ لَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ على الْمَشْهُورِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذه الْمَشْهُورَةُ
قال في الْهِدَايَةِ هذا ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَعَنْهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَبِتَحْرِيمِ الْمُبَاحِ وَنَحْوِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَبِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَلْزَمَ بِالْيَمِينِ حَقٌّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَعَنْهُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلْفِهِ بِيَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ كَنَذْرٍ وَظِهَارٍ وَنَحْوِهِمَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي
فَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْإِيلَاءِ بِالطَّلَاقِ لو عَلَّقَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ
وَمَتَى أَوْلَجَ أو تَمَّمَ أو لَبِثَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وفي الْمَهْرِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الْمُنْتَخَبِ لَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ
____________________
(9/173)
وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ الْمَهْرُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَلَا يَجِبُ عليه الْحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَجِبُ وَجَزَمَ بِهِ التَّرْغِيبِ وَفِيهِ وَيُعَزَّرُ جَاهِلٌ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَإِنْ نَزَعَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ
وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ فَإِنْ جَهْلًا التحريم ( ( ( للتحريم ) ) ) فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ وَلَا حَدَّ وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ
وَإِنْ عَلِمَهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ وَلَا نَسَبَ
وَإِنْ عَلِمَتْهُ فَالْحَدُّ وَالنَّسَبُ وَلَا مَهْرَ وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَتْ في عِدَّتِهَا
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لها الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَ منها وَيُؤَدَّبَانِ
وَقِيلَ لَا حَدَّ في التي قَبْلَهَا
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ طَرْدُهُ في الثَّانِيَةِ وَتَعْزِيرُ جَاهِلٍ في نَظَائِرِهِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ في جَاهِلَيْنِ وَطِئَا أَمَتَهُمَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَا
فَائِدَةٌ لو عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بها بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا
وَالرِّوَايَتَانِ في قَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضَّرَّةَ انْقَطَعَ
فَإِنْ نَكَحَهَا وَقُلْنَا تَعُودُ الصِّفَةُ عَادَ الْإِيلَاءُ ويبني ( ( ( ويندد ) ) ) على الْمُدَّةِ وَالرِّوَايَتَانِ في إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ
وَمَتَى طَلَّقَ الْحَاكِمُ هُنَا طَلَّقَ على الْإِبْهَامِ وَلَا مُطَالَبَةَ
فإذا عُيِّنَتْ بِقُرْعَةٍ سُمِعَتْ دَعْوَى الْأُخْرَى
قوله الثَّالِثُ أَنْ يَحْلِفَ على أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
____________________
(9/174)
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ أَيْضًا على أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ
قَوْلُهُ أو يُعَلِّقُهُ على شَرْطٍ يَغْلِبُ على الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ في أَقَلَّ منها مِثْلَ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حتى يَنْزِلَ عِيسَى بن مَرْيَمَ أو يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أو ما عِشْت
فَيَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ أو يقول وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حتى تَحْبَلِي لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ إذَا لم يَطَأْهَا
فَيَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وقال الْقَاضِي إذَا قال حتى تَحْبَلِي وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا لم يَكُنْ مُولِيًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنْ قال حتى تَحْبَلِي وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا فَوَجْهَانِ
وَقِيلَ إنْ لم يَكُنْ وطىء أو وطىء وَحَمَلْنَا يَمِينَهُ على حَبْلٍ جَدِيدٍ صَارَ مُولِيًا وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَإِنْ قال حتى تَحْبَلِي ولم يَكُنْ وَطِئَهَا أو وَطِئَهَا وَحَمَلْنَا يَمِينَهُ على حَبْلٍ مُتَجَدِّدٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ لم يَكُنْ وَطِئَهَا أو وطىء وَنِيَّتُهُ حَبْلٌ مُتَجَدِّدٌ فَهُوَ مُولٍ
____________________
(9/175)
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيَكُونُ مُولِيًا بِحَبَلِ مَوْطُوءَةٍ قَصَدَهُ بِمُتَجَدِّدٍ أو غَيْرِهَا
وقال بن عَقِيلٍ إنْ آلَى مِمَّنْ يُظَاهِرُ منها أو عَكْسُهُ لم يَصِحَّ مِنْهُمَا في رِوَايَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أو إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يُوجَدَ الشَّرْطُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا في الْحَالِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَارَ مُولِيًا بِوُجُودِهِ
وَقِيلَ تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا في الْحَالِ نَحْوُ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْت أو دَخَلْت الدَّارَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك في السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يَطَأَهَا وقد بَقِيَ منها أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك في السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا فَكَذَلِكَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَهَا وقد بَقِيَ من السَّنَةِ أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ هذا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/176)
وفي الْآخِرِ يَصِيرُ مُولِيًا في الْحَالِ
فَائِدَةٌ لو قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً بِالتَّنْكِيرِ إلَّا يَوْمًا لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يَطَأَ وقد بقى منها أَكْثَرُ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَصِيرُ مُولِيًا في الْحَالِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُولِيًا هُنَا وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ مُولٍ في التي قَبْلَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فإذا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لم يَصِرْ مُولِيًا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو حَلَفَ على مُدَّةٍ ثُمَّ قال إذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك مُدَّةً بِحَيْثُ يَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ أَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْت فَشَاءَتْ صَارَ مُولِيًا
أَنَّهُ سَوَاءٌ شَاءَتْ في الْمَجْلِسِ أو في غَيْرِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا في الْحَالِ
____________________
(9/177)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إلَّا أَنْ تَشَائِي أو إلَّا بِاخْتِيَارِك أو إلَّا أَنْ تَخْتَارِي لم يَصِرْ مُولِيًا
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم تَشَأْ في الْمَجْلِسِ صَارَ مُولِيًا
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِنِسَائِهِ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ
فَيَحْنَثَ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا قال لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُمُّ الْجَمِيعَ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ بِنَاءً على أَنَّ النَّكِرَةَ في سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ
وَحَكَى الْقَاضِي عن أبي بَكْرٍ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا من وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَرَدَّهُ في الْقَوَاعِدِ
قال وَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي عن الْقَاضِي كَذَلِكَ وَالْقَاضِي مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ انْتَهَى
وَقِيلَ يَبْقَى الْإِيلَاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الْفَيْئَةِ وَإِنْ لم يَحْنَثْ بِوَطْئِهِنَّ
____________________
(9/178)
قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ
وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ وَاحِدَةٌ بِقُرْعَةٍ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا فَيَكُونُ مُولِيًا منها وَحْدَهَا
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً فقال أبو بَكْرٍ تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ
وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُعَيِّنُ هو وَاحِدَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ كان مُولِيًا من جَمِيعِهِنَّ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي لَا تَنْحَلُّ في الْبَوَاقِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ يَبْقَى الْإِيلَاءُ لَهُنَّ في طَلَبِ الْفَيْئَةِ وَإِنْ لم يَحْنَثْ بِوَطْئِهِنَّ
قال في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وهو أَصَحُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلَاثًا فَيَصِيرُ مُولِيًا من الرَّابِعَةِ
صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ في الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ التي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَيَجِيءُ على هذا الْوَجْهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ في التي قَبْلَهَا عِنْدَهُ
____________________
(9/179)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وهو أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلَاثًا فَيَصِيرُ مُولِيًا من الرَّابِعَةِ
هذا ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ بن مُنَجَّا
وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ أَصْلَ الْوَجْهَيْنِ الرِّوَايَتَانِ في فِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عليه
فَإِنْ قُلْنَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ صَارَ مُولِيًا في الْحَالِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ كَالْأُولَى
وَإِنْ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ لم يَصِرْ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلَاثًا
فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُولِيًا من الرَّابِعَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ في الْحَالِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَأَخَّرَ هذه الطَّرِيقَةَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
ولم أَرَ ما شَرَحَ عليه بن مُنَجَّا مع أَنَّهُ ظَاهِرٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وإن ( ( ( ولمن ) ) ) قال لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكُنَّ وَقُلْنَا لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ فَأَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا حتى يَطَأَ ثَلَاثًا فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مُولِيًا من الرَّابِعَةِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَبِي الْخَطَّابِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو مُولٍ في الْحَالِ من الْجَمِيعِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وبن عَقِيلٍ في عُمَدِهِ وَقَالَا هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ مَأْخَذَ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ وَإِنْ آلَى من وَاحِدَةٍ وقال لِلْأُخْرَى شَرَّكْتُكِ مَعَهَا لم يَصِرْ مُولِيًا من الثَّانِيَةِ
____________________
(9/180)
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ذَكَرَهُ في آخِرِ الْبَابِ
وقال الْقَاضِي يَصِيرُ مُولِيًا منها
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَذَكَرَهُ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَعَنْهُ يَصِيرُ مُولِيًا منها إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا فَلَا
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ وَيَأْتِي نَظِيرَتُهُمَا في الظِّهَارِ
فَائِدَةٌ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وقال لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى وَقُلْنَا يَكُونُ إيلَاءً من الْأُولَى صَارَ مُولِيًا من الثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ من زَوْجٍ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَبِعَهُ صِحَّةَ إيلَاءِ من قال لِأَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت فُلَانَةَ أو لَا وَطِئْتهَا إنْ تَزَوَّجْتهَا مع لُزُومِ الْكَفَّارَةِ له بِوَطْئِهَا
وَخَرَّجَ أَيْضًا صِحَّةَ إيلَائِهِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ إلَى النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ في رِوَايَةٍ على ما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ
قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا حُرًّا أو عَبْدًا سَلِيمًا أو خَصِيَّا أو مَرِيضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الْعَاجِزُ عن الْوَطْءِ بِجَبٍّ أو شَلَلٍ فَلَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ
____________________
(9/181)
وَكَذَا لو كانت رَتْقَاءَ وَنَحْوَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَأَوْرَدَهُ أبو الْخَطَّابِ مَذْهَبًا
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَفَيْئَتُهُ لو قَدَرْت لَجَامَعْتُك
فَائِدَةٌ على الْمَذْهَبِ لو حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قُلْت الصَّوَابُ الْبُطْلَانُ
ثُمَّ وَجَدْت بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ صَحَّحَهُ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إيلَاءُ الصَّبِيِّ
إنْ كان غير مُمَيِّزٍ لم يَصِحَّ إيلَاؤُهُ وَإِنْ كان مُمَيِّزًا صَحَّ إيلَاؤُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ يَصِحُّ من كل زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاءُ الصَّبِيِّ وَلَا ظِهَارُهُ ذَكَرَهُ في هذا الْكِتَابِ في كِتَابِ الظِّهَارِ على ما يَأْتِي
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وإذا قُلْنَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فَهَلْ يَصِحُّ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ أَمْ لَا الْأَكْثَرُونَ من أَصْحَابِنَا على صِحَّةِ ذلك
وَحَكَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ قال قُلْت وَحَكَى في الْمَذْهَبِ في انْعِقَادِ يَمِينِهِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
____________________
(9/182)
وَالْوَجْهَانِ إنَّمَا هُمَا مَبْنِيَّانِ على صِحَّةِ طَلَاقِهِ وَعَدَمِهَا كما صَرَّحَ بِذَلِكَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَإِنَّهُمَا لَمَّا حَكَيَا الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَاهُمَا قَالَا بِنَاءً على طَلَاقِهِ
وقد حَكَى الْوَجْهَيْنِ في الْخُلَاصَةِ من غَيْرِ بِنَاءٍ وهو وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ تَابِعَانِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ
وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ وَإِنْ صَحَّ طَلَاقُهُ
قَوْلُهُ وفي إيلَاءِ السَّكْرَانِ وَجْهَانِ
بِنَاءً على طَلَاقِهِ على ما مَضَى في بَابِهِ مُحَرَّرًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ في الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ أنها في الْعَبْدِ على النِّصْفِ
نَقَلَ أبو طَالِبٍ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ إلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ
وَذَكَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ هذه الرِّوَايَةَ وقال لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ فَمَتَى كان أَحَدُهُمَا رَقِيقًا يَكُونُ على النِّصْفِ فِيمَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ
قَوْلُهُ وإذا صَحَّ الْإِيلَاءُ ضُرِبَتْ له مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَعْنِي من وَقْتِ الْيَمِينِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال في الْمُوجَزِ تُضْرَبُ لِكَافِرٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال قَالَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ اُحْتُسِبَ عليه بِمُدَّتِهِ
____________________
(9/183)
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ كان ذلك بها لم يُحْتَسَبْ عليه
كَصِغَرِهَا وَجُنُونِهَا وَنُشُوزِهَا وَإِحْرَامِهَا وَمَرَضِهَا وَحَبْسِهَا وَصِيَامِهَا وَاعْتِكَافِهَا الْمَفْرُوضَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يُحْتَسَبُ عليه كَالْحَيْضِ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
قال في الْوَجِيزِ تُضْرَبُ مُدَّتُهُ من الْيَمِينِ سَوَاءٌ كان في الْمُدَّةِ مَانِعٌ من قِبَلِهَا أو من قِبَلِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ مَجْنُونَةٌ لها شَهْوَةٌ كَعَاقِلَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَرَأَ بها اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ إلَّا الْحَيْضَ فإنه يُحْتَسَبُ بِمُدَّتِهِ
إذَا طَرَأَ بها عُذْرٌ غَيْرُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ من الْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَحْوِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُحْتَسَبُ عليه بِمُدَّتِهِ فَلَا تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ
وَأَمَّا إنْ كان حَيْضًا فَإِنَّهَا تُحْتَسَبُ بِمُدَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ وفي النِّفَاسِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وفي الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ رِوَايَتَانِ
____________________
(9/184)
أَحَدُهُمَا لَا يُحْتَسَبُ عليه صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالثَّانِي يُحْتَسَبُ عليه كَالْحَيْضِ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْقَطَعَتْ
إنْ كان طَلَاقًا بَائِنًا انْقَطَعَتْ الْمُدَّةُ
وَإِنْ كان طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَطِعُ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْقَطِعُ ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ فَإِنْ رَاجَعَهَا أو نَكَحَهَا إذَا كانت بَائِنًا اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ
هذا مَبْنِيٌّ في الرَّجْعَةِ على ما جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا من أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ
وَأَمَّا على الْمَذْهَبِ فَلَا أَثَرَ لِرَجْعَتِهَا قبل انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ بَقِيَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الْمُدَّةِ أَقَلُّ من مُدَّةِ الْإِيلَاءِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ وَإِلَّا ضُرِبَتْ له
وَعَلَى الْمَذْهَبِ تُكَمَّلُ الْمُدَّةُ على ما قبل الطَّلَاقِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي مُقْتَضَى كَلَامِ بن حَامِدٍ أَنَّ الْمُدَّةَ تُسْتَأْنَفُ من حِينِ الطَّلَاقِ وَنَازَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ لم تَمْلِكْ طَلَبَ الْفَيْئَةِ
____________________
(9/185)
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِمَنْ بها مَانِعٌ شَرْعِيٌّ طَلَبُ الْفَيْئَةِ بِالْقَوْلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْعُذْرُ بِهِ وهو مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عن الْوَطْءِ أُمِرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ فيقول مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُك
فيقول لها ذلك بهذا اللَّفْظِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَحْسَنُ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَعَنْهُ أَنَّ فَيْئَةَ الْمَعْذُورِ أَنْ يَقُولَ فِئْت إلَيْك
وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ عن الْقَاضِي
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ
وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ فَيْئَتُهُ حَكُّهُ حتى يَبْلُغَ بِهِ الْجَهْدُ من تَفْتِيرِ الشَّهْوَةِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ أَمَرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ يَعْنِي في الْحَالِ من غَيْرِ مُهْلَةٍ
الثَّانِي قَوْلُهُ فيقول مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُك
هذا في حَقِّ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ
فَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فإنه يقول لو قَدَرْت جَامَعْت زَادَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وقد نَدِمْت على ما فَعَلْت
قَوْلُهُ ثُمَّ مَتَى قَدَرَ على الْوَطْءِ لَزِمَهُ ذلك أو تَطْلُقُ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(9/186)
قال الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وهو لَازِمُ قَوْلِهِ في الْمُجَرَّدِ
وقال أبو بَكْرٍ إذَا فَاءَ بِلِسَانِهِ لم يَلْزَمْهُ ولم يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَخَرَجَ من الْإِيلَاءِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ
قال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ مُهَنَّا تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في ذلك أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ مَبْنِيٌّ على قَوْلِهِ مَتَى قَدَرْت جَامَعْت
وقال الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ أَعْنِي في صِفَةِ الْفَيْئَةِ وَانْبَنَى عليه على ذلك إذَا قَدَرَ على الْوَطْءِ هل يَلْزَمُهُ فَالْخِرَقِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ يَقُولَانِ يَلْزَمُهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وأبو بَكْرٍ لَا يَلْزَمُهُ انْتَهَى
وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ مَبْنِيٌّ على رِوَايَةِ قَوْلِهِ قد فِئْت إلَيْك
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كان مُظَاهِرًا فقال أَمْهِلُونِي حتى أَطْلُبَ رَقَبَةً أَعْتِقُهَا عن ظِهَارِي أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ لِصَوْمِ شَهْرَيْ الظِّهَارِ وهو صَحِيحٌ فَيُطَلِّقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَصُومُ فَيَفِيءُ كَمَعْذُورٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا دُونَ الْفَرْجِ أو في الدُّبُرِ لم يَخْرُجْ من الْفَيْئَةِ
____________________
(9/187)
بِلَا نِزَاعٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ في يَمِينِهِ بِفِعْلِ ذلك وَقِيلَ يَحْنَثُ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا في الْفَرَجِ وَطْئًا مُحَرَّمًا مِثْلَ أَنْ يَطَأَ في حَالِ الْحَيْضِ أو النِّفَاسِ أو الْإِحْرَامِ أو صِيَامِ فَرْضٍ من أَحَدِهِمَا فَقَدْ فَاءَ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ من الْفَيْئَةِ
وقال هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وهو نَائِمٌ أو وَطِئَهَا نَائِمًا أو نَاسِيًا أو جَاهِلًا بها أو مَجْنُونًا ولم نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أو كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قبل الْوَطْءِ فَفِي خُرُوجِهِ من الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قال في الْكَافِي وَإِنْ وَطِئَهَا وهو مَجْنُونٌ لم يَحْنَثْ وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ
وَإِنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَحْنَثُ
فَعَلَيْهَا هل يَسْقُطُ الْإِيلَاءُ على وَجْهَيْنِ كَالْمَجْنُونِ
وقال في الْمُحَرَّرِ لو اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وهو نَائِمٌ أو وَطِئَهَا نَاسِيًا أو في حَالِ جُنُونِهِ وَقُلْنَا لَا يَحْنَثُ خَرَجَ من الْفَيْئَةِ
وَقِيلَ لَا يَخْرُجُ
وَقَدِمَ فِيمَا إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قبل الْوَطْءِ أَنَّهُ لم يَخْرُجْ من الْفَيْئَةِ
وقال في الْمُنَوِّرِ يَخْرُجُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ في قُبُلٍ مُطْلَقًا
____________________
(9/188)
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيُكَفِّرُ بِوَطْءٍ وَلَوْ مع إكْرَاهٍ وَنِسْيَانٍ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ الْوَقْفِ صَارَ كَالْحَالِفِ على أَكْثَرَ منها إذَا مَضَتْ يَمِينُهُ قبل وَقْفِهِ انْتَهَيَا
الثَّانِيَةُ لو أُكْرِهَ على الْوَطْءِ فَوَطِئَ فَقَدْ فَاءَ إلَيْهَا
قال في التَّرْغِيبِ إذْ الْإِكْرَاهُ على الْوَطْءِ لَا يُتَصَوَّرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَفِئْ وَأَعْفَتْهُ الْمَرْأَةُ سَقَطَ حَقُّهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدُ كَسُكُوتِهَا وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم تُعْفِهِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَهُ رَجْعَتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أنها تَكُونُ بَائِنَةً
وَيَأْتِي طَلَاقُ الْحَاكِمِ إذَا قُلْنَا يُطَلِّقُ هل هو رَجْعِيٌّ أو بَائِنٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُطَلِّقْ حُبِسَ وَضُيِّقَ عليه حتى يُطَلِّقَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(9/189)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وفي الْأُخْرَى يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ هذا أَصَحُّ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَآبِيهَا وَطَلَاقٍ يُحْبَسُ ثُمَّ يُطَلِّقُ عليه الْحَاكِمُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو أَنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عليه فقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَهُوَ كَطَلَاقِ المولى
يَعْنِي أنها هل تَقَعُ رَجْعِيَّةً أو بَائِنَةً وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أنها تَقَعُ رَجْعِيَّةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ أَنَّ طَلَاقَ الْحَاكِمِ بَائِنٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ طَلَاقَ المولى رَجْعِيٌّ
قال الْقَاضِي الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ فِرْقَةَ الْحَاكِمِ تَكُونُ بَائِنًا
وَعَنْهُ فِرْقَةُ الْحَاكِمِ كَاللِّعَانِ فَتَحْرُمُ على التَّأْبِيدِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال امْتَنَعَ بن حَامِدٍ وَالْجُمْهُورُ من إثْبَاتِ هذه الرِّوَايَةِ
وقال وَالطَّرِيقَانِ في كل فِرْقَةٍ من الْحَاكِمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أو فَسَخَ صَحَّ ذلك
يَعْنِي لو طَلَّقَ الْحَاكِمُ ثَلَاثًا أو فَسَخَ صَحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/190)
قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَصَّ عليه في الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ثَلَاثًا
وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ فَلَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ
وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ فَلَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ
فَائِدَةٌ لو قال فَرَّقْت بَيْنَكُمَا فَهُوَ فَسْخٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ طَلَاقٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْمُدَّةَ ما انْقَضَتْ أو أَنَّهُ وَطِئَهَا وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا في عَدَم الْوَطْءِ بِنَاءً على رِوَايَةٍ في الْعُنَّةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو طَلَّقَهَا فَهَلْ له رَجْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وفي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت بِكْرًا وَادَّعَتْ أنها عَذْرَاءُ فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ عَدْلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ من الْقَوْلُ قَوْلُهُ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي في الثَّيِّبِ رِوَايَتَانِ وفي الْبِكْرِ وَجْهَانِ
____________________
(9/191)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ في بَعْضِ النُّسَخِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْلِفُ
قال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لو ادَّعَى وَطْءَ الثَّيِّبِ لَا يَمِينَ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال الْقَاضِي وهو أَصَحُّ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال نَصَّ عليه لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فيه بِالنُّكُولِ
قال في الْمُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا إذَا شهد ( ( ( شهدا ) ) ) بِالْبَكَارَةِ لِقَوْلِهِ في بَابِ الْعِنِّينِ فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا قالت أُجِّلَتْ سَنَةً ولم يذكر يَمِينًا وَهَذَا قَوْلُ أبي بَكْرٍ
وقال النَّاظِمُ % وَدَعْوَاهُ بُقْيَا الْوَقْتِ أو وَطْءَ ثَيِّبٍ % فَقَلِّدْهُ وَلْيَحْلِفْ على الْمُتَأَكِّدِ % % وَإِنْ تَكُ بِكْرًا ثُمَّ تَشْهَدْ عَدْلَةٌ % بِعُذْرَتِهَا تُقْبَلْ وَتَحْلِفُ بِمُبْعَدٍ %
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ يَشْمَلُ الْبِكْرَ إذَا شَهِدَ بِأَنَّهَا بِكْرٌ وَأَنَّ فيها وَجْهًا يُحَلِّفُهَا وهو صَحِيحُ
ذَكَرَ هذا الْوَجْهَ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّ حِكَايَةَ الْوَجْهَيْنِ فيها لم يَذْكُرْهُ إلَّا في التَّرْغِيبِ فَقَطْ فإنه قال إذَا شَهِدَ بِالْبَكَارَةِ امْرَأَةٌ قُبِلَ وفي التَّرْغِيبِ في يَمِينِهَا وَجْهَانِ
____________________
(9/192)
كِتَابُ الظِّهَارِ
قَوْلُهُ وهو أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أو عُضْوًا منها
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَشْبِيهَ عُضْوٍ من امْرَأَتِهِ كَتَشْبِيهِهَا كُلِّهَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ ليس بِمُظَاهِرٍ حتى يُشَبِّهَ جُمْلَةَ امْرَأَتِهِ
قَوْلُهُ بِظَهْرِ من تَحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ أو بها أو بِعُضْوٍ منها فيقول أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أو كَيَدِ أُخْتِي أو كَوَجْهِ حَمَاتِي أو ظُهْرُك أو يَدُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أو كَيَدِ أُخْتِي أو خَالَتِي من نَسَبٍ أو رَضَاعٍ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ من تَحْرُمُ عليه بِسَبَبٍ كَالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ من تَحْرُمُ عليه بِنَسَبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إذَا أَضَافَهُ إلَى من تَحْرُمُ عليه بِسَبَبٍ
وَقِيلَ إنْ كان السَّبَبُ مُجْمَعًا عليه فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي
وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ عِنْدِي أو مِنِّي أو مَعِي كَأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي كان مُظَاهِرًا
إنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ كان ظِهَارًا وَإِنْ أَطْلَقَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ صَرِيحٌ في الظِّهَارِ أَيْضًا نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/193)
وَعَنْهُ ليس بِظِهَارٍ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ فقال فيه رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ ليس بِظِهَارٍ حتى يَنْوِيَهُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فقال وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ إنْ وُجِدَتْ نِيَّةٌ أو قَرِينَةٌ تَدُلُّ على الظِّهَارِ فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَرَدْت كَأُمِّي في الْكَرَامَةِ أو نَحْوَهُ دُيِّنَ بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ يُقْبَلُ في الْحُكْمِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَوَجْهَانِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ
إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في الْإِرْشَادِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ ليس بِظِهَارٍ حتى يَنْوِيَهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ كَأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي فذكر أبو الْخَطَّابِ فيها رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي يَكُونُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي هل هو صَرِيحٌ أو كِنَايَةٌ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَوْلَى أَنَّ هذا ليس بِظِهَارٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ أو يَقْتَرِنَ بِهِ ما يَدُلُّ على إرَادَتِهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَلَوْ لم يَقُلْ عَلَيَّ لم يَكُنْ مُظَاهِرًا إلَّا بِالنِّيَّةِ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ قال أَنْتِ أُمِّي أو كَأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي وَأَطْلَقَ فَلَا ظِهَارَ
وقال في الْبُلْغَةِ أَمَّا الْكِنَايَةُ فَنَحْوُ قَوْلِهِ أُمِّي أو كَأُمِّي أو مِثْلُ أُمِّي لم يَكُنْ مُظَاهِرًا إلَّا بِالنِّيَّةِ أو الْقَرِينَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
____________________
(9/194)
وَعَنْهُ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال في التَّرْغِيبِ وهو الْمَنْصُوصُ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ فَهُوَ صَرِيحٌ في الظِّهَارِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ قال أَنْتِ كَأُمِّي أو مِثْلُهَا فَصَرِيحٌ نَصَّ عليه
وَقِيلَ ليس ظِهَارًا بِلَا نِيَّةٍ وَلَا قَرِينَةٍ
وَإِنْ قال نَوَيْت في الْكَرَامَةِ دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ على رِوَايَتَيْنِ
وَقِيلَ هو كِنَايَةٌ في الظِّهَارِ
وَقِيلَ إنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أو مِثْلُهَا ولم يَنْوِ الْكَرَامَةَ فَمُظَاهِرٌ وَإِنْ نَوَاهَا دُيِّنَ وفي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ
وَإِنْ أَسْقَطَ عَلَيَّ فَلَغْوٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الظِّهَارَ وَمَعَ ذِكْرِ الظَّهْرِ لَا يُدَيَّنُ انْتَهَيَا فذكر الطَّرِيقَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي أو كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أو أُخْتِ زَوْجَتِي أو عَمَّتِهَا أو خَالَتِهَا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَتَيْنِ في الْخُلَاصَةِ
إحْدَاهُمَا هو ظِهَارٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ فِيمَا إذَا قال كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهُ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ على ما حَكَاهُ الْقَاضِي
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
____________________
(9/195)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس بِظِهَارٍ وَاخْتَارَهُ فِيمَا إذَا قال كَظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَكَذَا أبو بَكْرٍ على ما حَكَاهُ عنه الْمُصَنِّفُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وفي مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ إذَا شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا تَحْرِيمٌ مُؤَقَّتٌ
وَعَنْهُ هو ظِهَارٌ إنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي أو كَظَهْرِ رَجُلٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَعَكَسَهَا أبو بَكْرٍ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَغْوٌ لَا شَيْءَ فيه وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ لم يَكُنْ مُظَاهِرًا
هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يَكُونُ مُظَاهِرًا إذَا نَوَاهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ مُظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقًا أو يَمِينًا فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أو ما نَوَاهُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ إذَا قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَطْلَقَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ظِهَارٌ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/196)
وَعَنْهُ هو يَمِينٌ
وَعَنْهُ هو طَلَاقٌ بَائِنٌ حتى نَقَلَ حَنْبَلٌ وَالْأَثْرَمُ الْحَرَامُ ثَلَاثٌ حتى لو وَجَدْت رَجُلًا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ وهو يَرَى أنها وَاحِدَةٌ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا مع أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عنه كَرَاهَةُ الْفُتْيَا في الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَأَمَّا إذَا نَوَى بِذَلِكَ طَلَاقًا أو يَمِينًا فَعَنْهُ يَكُونُ ظِهَارًا أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا
والرواية ( ( ( الرواية ) ) ) الثَّانِيَةُ يَقَعُ ما نَوَاهُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
فَائِدَةٌ لو قال أَنْتِ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا ظِهَارَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه خِلَافًا لِابْنِ شَاقِلَا وبن بَطَّةَ وبن عَقِيلٍ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ من كل زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَيَصِحُّ ظِهَارُ الصَّبِيِّ حَيْثُ صَحَّحْنَا طَلَاقَهُ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ سِوَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيَّنَهُ وَبَيَّنَ الطَّلَاقَ
____________________
(9/197)
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على صِحَّةِ ظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا هو الْمَشْهُورُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ من الصَّبِيِّ ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ فلم تَنْعَقِدْ في حَقِّهِ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في بَابِ الْأَيْمَانِ وَتَنْعَقِدُ يَمِينُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وقال في الْمُوجِزِ يَصِحُّ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مَبْنِيٌّ على قَوْلِ الزُّورِ وَحُصُولِ التَّكْفِيرِ وَالْمَأْثَمِ وَإِيجَابِ مَالٍ أو صَوْمٍ
قال وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ اللَّهِ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّمَا لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ ليس من أَهْلِ الْيَمِينِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لِرَفْعِ الدَّعْوَى
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من صَحَّ ظِهَارُهُ صَحَّ طَلَاقُهُ إلَّا الْمُمَيِّزَ في الْأَصَحِّ فيه
وَقِيلَ ظِهَارُ الْمُمَيِّزِ كَطَلَاقِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَصِحُّ الظِّهَارُ من مُرْتَدَّةٍ
قَوْلُهُ مُسْلِمًا كان أو ذِمِّيًّا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ظِهَارِ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ
قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَكَافِرٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ لِتَعَقُّبِهِ كَفَّارَةً ليس من أَهْلِهَا وَرُدَّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكَفِّرُ بِالْمَالِ لَا غَيْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ بِصِحَّةِ التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ
____________________
(9/198)
وإذا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ
قال الدِّينَوَرِيُّ وَيُعْتَبَرُ في تَكْفِيرِ الذِّمِّيِّ بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ النِّيَّةُ
وقال بن عَقِيلٍ وَيُعْتَقُ أَيْضًا بِلَا نِيَّةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال بن عَقِيلٍ أَيْضًا يَصِحُّ الْعِتْقُ من الْمُرْتَدِّ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ الظِّهَارَ من فُرُوعِ النِّكَاحِ أو قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ وَالذِّمِّيُّ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَيَصِحُّ منه في غَيْرِ الْكَفَّارَةِ فَصَحَّ منه فيها بِخِلَافِ الصَّوْمِ
وَصَحَّحَهُ في الِانْتِصَارِ من وَكِيلٍ فيه تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا شَمِلَ قَوْلُهُ يَصِحُّ من كل زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ الْعَبْدُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْتِي حُكْمُ تَكْفِيرِهِ في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ من لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ لَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ وهو صَحِيحٌ كَالطِّفْلِ وَالزَّائِلِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أو إغْمَاءٍ أو نَوْمٍ أو غَيْرِهِ وَكَذَا الْمُكْرَهُ إذَا لم نصحح ( ( ( تصحح ) ) ) طَلَاقَهُ وَحُكْمُ ظِهَارِ السَّكْرَانِ مَبْنِيٌّ على طَلَاقِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَاهَرَ من أَمَتِهِ أو أُمِّ وَلَدِهِ لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة ( ( ( الخلاصة ) ) ) وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/199)
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُحَرَّرِ نقلها ( ( ( ونقلها ) ) ) أبو طَالِبٍ
وقال أبو الْخَطَّابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ من رِوَايَةٍ فِيمَا إذَا ظَاهَرَتْ هِيَ من زَوْجِهَا الْآتِيَةِ
وَذَكَرَ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةً بِالصِّحَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قالت الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي لم تَكُنْ مُظَاهِرَةً
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ وَالْمَشْهُورُ وَالْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ حتى قال الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ لم تَكُنْ مُظَاهِرَةً رِوَايَةً وَاحِدَةً انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أنها تَكُونُ مُظَاهِرَةً اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى فَتُكَفِّرُ إنْ طَاوَعَتْهُ
وَإِنْ اسْتَمْتَعَتْ بِهِ أو عَزَمَتْ فَكَمُظَاهِرٍ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِهِ أبي الْحُسَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/200)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ عليها كَفَّارَةُ يَمِينٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَقَيْسُ على مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَشْبَهُ بِأُصُولِهِ
وَعَنْهُ لَا شَيْءَ عليها وَمِنْهَا خَرَّجَ في التي قَبْلَهَا كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا التَّمْكِينُ قبل التَّكْفِيرِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا إنَّهَا لَيْسَتْ مُظَاهِرَةً وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَعَلَيْهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ قَبْلَهَا في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا تُمَكِّنُهُ قبل التَّكْفِيرِ
وَحَكَى ذلك عن أبي بَكْرٍ حَكَاهُ عنه في الْهِدَايَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ ظِهَارَ الرَّجُلِ صَحِيحٌ وَظِهَارُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت قَوْلُ أبي بَكْرٍ جَارٍ على قَوْلِهِ من أنها تَكُونُ مُظَاهِرَةً
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ لها ابْتِدَاءً الْقُبْلَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَجِبُ عليها كَفَّارَةُ الظِّهَارِ قبل التَّمْكِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ بَعْدَهُ
قال بن عَقِيلٍ رَأَيْت بِخَطِّ أبي بَكْرٍ الْعَوْدُ التَّمْكِينُ
الثَّانِيَةُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَلَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بِتَزْوِيجِهَا مِثْلُ إنْ قالت إنْ تَزَوَّجْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي
____________________
(9/201)
قال في الْفُرُوعِ فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ ولم يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الْمُحَرَّرِ فَهُوَ ظِهَارٌ وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا نَصَّ عليه
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَغْوٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لِأَجْنَبِيَّةٍ أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لم يَطَأْهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حتى يُكَفِّرَ
يَصِحُّ الظِّهَارُ من الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَطَؤُهَا إذَا تَزَوَّجَهَا حتى يُكَفِّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال في الرِّعَايَة الْكُبْرَى صَحَّ في الْأَشْهَرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ كَالطَّلَاقِ
قال في الِانْتِصَارِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالطَّلَاقِ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً
وَالْفَرْقُ أَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ وَالطَّلَاقُ حَلُّ عَقْدٍ ولم يُوجَدْ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحَكَمُ إذَا عَلَّقَهُ فَتَزَوَّجَهَا بِأَنْ قال إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ في كل حَالٍ فَكَذَلِكَ يَعْنِي إذَا قال ذلك لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ أَرَادَ في تِلْكَ الْحَالِ فَلَا شَيْءَ عليه لِأَنَّهُ صَادِقٌ
____________________
(9/202)
وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ أنها كَالَّتِي قَبْلَهَا في أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَطَأُ إذَا تَزَوَّجَهَا حتى يُكَفِّرَ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وكذا إنْ قال أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا وَإِنْ نَوَى في الْحَالِ فَلَغْوٌ وَإِنْ أَطْلَقَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ
فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس بِظِهَارٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ هو ظِهَارٌ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
الثَّانِيَةُ لو ظَاهَرَ من إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ قال لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أو أنت مِثْلُهَا فَهُوَ صَرِيحٌ في حَقِّ الثَّانِيَةِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وهو رِوَايَةٌ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى آخِرَ بَابِ الْإِيلَاءِ إذَا قال ذلك فَقَدْ صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا وفي اعْتِبَارِ نِيَّتِهِ وَجْهَانِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْمُظَاهَرِ منها قبل التَّكْفِيرِ
إنْ كان التَّكْفِيرُ بِالْعِتْقِ أو الصِّيَامِ حَرُمَ الْوَطْءُ إجْمَاعًا لِلنَّصِّ وإن كان بِالْإِطْعَامِ حَرُمَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وَالشَّرِيفُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/203)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا إذَا كان التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو إِسْحَاقَ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ منها بِمَا دُونَ الْفَرَجِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْقَوَاعِدِ أَشْهُرُهُمَا التَّحْرِيمُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ نَقَلَهَا الْأَكْثَرُونَ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها أَظْهَرُهُمَا عنه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ وهو الْوَطْءُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنْكَرَ على الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ الْعَزْمُ على الْوَطْءِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/204)
وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ هو الْعَزْمُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ الْعَوْدُ الْعَزْمُ
قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ بن رَزِينٍ رِوَايَةً
قال الْقَاضِي نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ منهم الْأَثْرَمُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْبُلْغَةِ وهو الْعَزْمُ على الْأَظْهَرِ
قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أو طَلَّقَهَا قبل الْوَطْءِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه
وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ وهو أَنَّ الْعَوْدَ هو الْوَطْءُ
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الْعَوْدَ هو الْعَزْمُ على الْوَطْءِ لو عَزَمَ ثُمَّ مَاتَ أو طَلَّقَهَا قبل الْوَطْءِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ
فَرَّعَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ على قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وعن ( ( ( وعنه ) ) ) القاضي لَا تَجِبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ الْعَوْدُ الْعَزْمُ على الْوَطْءِ
إلَّا أَنَّهُمْ لم يُوجِبُوا الْكَفَّارَةَ على الْعَازِمِ على الْوَطْءِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أو طَلَّقَ قبل الْوَطْءِ إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ فإنه قال إذَا مَاتَ بَعْدَ الْعَزْمِ أو طَلَّقَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء قبل التَّكْفِيرِ أَثِمَ وَاسْتَقَرَّتْ عليه الْكَفَّارَةُ
اعْلَمْ أَنَّ الْوَطْءَ قبل التَّكْفِيرِ مُحَرَّمٌ عليه وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ وَطْئِهِ بِمَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ وَلَا غَيْرِ ذلك وَتَحْرِيمُهَا عليه بَاقٍ حتى يُكَفِّرَ وَلَوْ كان مَجْنُونًا نَصَّ عليه قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ تَلْزَمُ مَجْنُونًا بِوَطْئِهِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
____________________
(9/205)
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَلْزَمُ الْمَجْنُونَ كَفَّارَةٌ بِوَطْئِهِ وَأَنَّهُ كَالْيَمِينِ
قال وهو أَظْهَرُ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ كَإِيلَاءٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَاهَرَ من امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لم تَحِلَّ له حتى يُكَفِّرَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ يَبْطُلُ الظِّهَارُ وَتَحِلُّ له فَإِنْ وَطِئَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عليه كَظِهَارِهِ من أَمَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَرَّرَ الظِّهَارَ قبل التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/206)
وَعَنْهُ إنْ كَرَّرَهُ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَرَّرَهُ في مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى أبو مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِع رِوَايَةً إنْ كَرَّرَهُ في مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ قال وَلَا أَظُنُّهُ إلَّا وَهْمًا
قُلْت ليس الْأَمْرُ كما قال فإن الشَّارِحَ ذَكَرَهَا وقال وهو مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وروى عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه وَعَمْرِو بن دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ ما لم يَنْوِ التَّأْكِيدَ أو الْإِفْهَامَ
قال الزَّرْكَشِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي يَحْكِي هذه الرِّوَايَةَ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ تَكَرَّرَتْ وَإِلَّا لم تتكرر ( ( ( تكرر ) ) ) وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ فإن مَأْخَذَ هذه الرِّوَايَةِ في الرَّجُلِ يَحْلِفُ على شَيْءٍ وَاحِدٍ أَيْمَانًا كَثِيرَةً فَإِنْ أَرَادَ تَأْكِيدَ الْيَمِينِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَى
وَعَنْهُ تَتَعَدَّدُ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَاهَرَ من نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ كان بِكَلِمَاتٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال بن حَامِدٍ إذَا ظَاهَرَ بِكَلِمَاتٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
قال الْقَاضِي الْمَذْهَبُ عِنْدِي ما قَالَهُ بن حَامِدٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا ظَاهَرَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/207)
وَعَنْهُ عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كان بِكَلِمَةٍ أو بِكَلِمَاتٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ عليه كَفَّارَاتٌ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ إنْ كان بِكَلِمَاتٍ في مَجَالِسَ فَكَفَّارَاتٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ هِيَ على التَّرْتِيبِ فَيَجِبُ عليه تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا
عَدَمُ اسْتِطَاعَةِ الصَّوْمِ إمَّا لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ مُطْلَقًا
وقال في الْكَافِي لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أو يُخَافُ زِيَادَتُهُ أو تَطَاوُلُهُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أو لِشَبَقٍ وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
أو لِضَعْفِهِ عن مَعِيشَةٍ تَلْزَمُهُ وهو خِلَافُ ما نَقَلَهُ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
وفي الرَّوْضَةِ لِضَعْفٍ عنه أو كَثْرَةِ شُغْلٍ أو شِدَّةِ حَرٍّ أو شَبَقٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَكَفَّارَةُ الْوَطْءِ في رَمَضَانَ مِثْلُهَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
يَعْنِي أنها على التَّرْتِيبِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ
وَعَنْهُ أَنَّ كَفَّارَةَ رَمَضَانَ على التَّخْيِيرِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ
قَوْلُهُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ مِثْلُهُمَا يَعْنِي أنها على التَّرْتِيبِ في الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ إلَّا في الْإِطْعَامِ فَفِي وُجُوبِهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ
إحْدَاهُمَا لَا يَجِبُ الْإِطْعَامُ في كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/208)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ في خِلَافَيْهِمَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ اخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ في الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وهو الْمَذْهَبُ كَالْحَدِّ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَالْقَوَدِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا مَذْهَبُنَا الْمُخْتَارُ وجزم بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن شِهَابٍ وَأَبِي الْحُسَيْنِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى
وهو ظاهركلام الْخِرَقِيِّ حَيْثُ قال إذَا وَجَبَتْ وهو عَبْدٌ فلم يُكَفِّرْ حتى عَتَقَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الصَّوْمِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَعَلَيْهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ على الزَّكَاةِ على ما تَقَدَّمَ
وَعَلَيْهَا إذَا وَجَبَتْ وهو مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ لم يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ وَإِنْ وَجَبَتْ وهو مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ لم يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ وَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(9/209)
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْبُلْغَةِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي
قال في التَّرْغِيبِ الْعِتْقُ هُنَا هدى الْمُتْعَةِ أَوْلَى
وقال في الْمُذْهَبِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ عِتْقٌ
وَعَنْهُ في الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيِّ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ فِيمَنْ أَيْسَرَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ كَالرِّوَايَةِ التي في الْعَبْدِ وهو رِوَايَةٌ في الِانْتِصَارِ وَالتَّرْغِيبِ
وَعَلَيْهَا أَيْضًا وَقْتُ الْوُجُوبِ في الظِّهَارِ من حِينِ الْعَوْدِ لَا وَقْتِ الْمُظَاهَرَةِ وَوَقْتُهُ في الْيَمِينِ من الْحِنْثِ لَا وَقْتِ الْيَمِينِ وفي الْقَتْلِ زَمَنِ الزَّهُوقِ لَا زَمَنِ الْجُرْحِ
وَتَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قبل الْوُجُوبِ تَعْجِيلٌ لها قبل وُجُوبِهَا لِوُجُودِ سَبَبِهَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قبل الْحَوْلِ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ من أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ الِاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ
اخْتَارَهَا الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَحَكَاهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ عن الْخِرَقِيِّ قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُمَا أَخَذَا ذلك من قَوْلِهِ وَمَنْ دخل في الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ لم يَكُنْ عليه الْخُرُوجُ من الصَّوْمِ إلَى الْعِتْقِ أو الْإِطْعَامِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ
إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّ من لم يَدْخُلْ في الصَّوْمِ كان عليه الِانْتِقَالُ قال وما تَقَدَّمَ أَظْهَرُ انْتَهَى
فَمَنْ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ من حِينِ الْوُجُوبِ إلَى حِينِ التَّكْفِيرِ لَا يجزئه ( ( ( تجزئه ) ) ) غَيْرُهُ
وَقِيلَ إنْ حَنِثَ عَبْدٌ صَامَ
وَقِيلَ أو يُكَفِّرُ بِمَالٍ
وَقِيلَ إنْ اُعْتُبِرَ أَغْلَظُ الْأَحْوَالِ
____________________
(9/210)
وَذَكَرَ الشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ وبن عَقِيلٍ رِوَايَةً أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ
قَوْلُهُ وإذا شَرَعَ في الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ لم يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ عنه
هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ لو شَرَعَ في كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أو يَمِينٍ أو غَيْرِهِمَا ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ فَالْمَذْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ
تَنْبِيهٌ قد يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ له أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وهو كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ قَوْلًا في الْحُرِّ الْمُعْسِرِ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ على ما يَأْتِي في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ فَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً أو أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهَا بِمَا هو فَاضِلٌ عن كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ من يَمُونُهُ على الدَّوَامِ وَغَيْرِهَا من حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَزِمَهُ الْعِتْقُ بِلَا نِزَاعٍ
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عن وَفَاءِ دَيْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ إذَا لم يَكُنْ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ أَمَّا إنْ كان مُطَالَبًا بِهِ فَلَا تَجِبُ وَغَيْرُهُمْ يُطْلِقُ الْخِلَافَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَمَنْ له خَادِمٌ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ أو دَارٌ يَسْكُنُهَا
____________________
(9/211)
أو دَابَّةٌ يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِهَا أو ثِيَابٌ يَتَجَمَّلُ بها أو كُتُبٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا
يَعْنِي إذَا كان ذلك صَالِحًا لِمِثْلِهِ فَلَوْ كان عِنْدَهُ خَادِمٌ يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَيَشْتَرِي بِهِ رَقَبَتَيْنِ يَسْتَغْنِي بِخِدْمَةِ أَحَدِهِمَا وَيَعْتِقُ الْأُخْرَى لَزِمَهُ ذلك
وَكَذَا لو كان عِنْدَهُ ثِيَابٌ فَاخِرَةٌ تَزِيدُ على مَلَابِسِ مِثْلِهِ أو دَارٌ يُمْكِنُهُ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ ما يَكْفِيه لِسُكْنَى مِثْلِهِ قال ذلك الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قال في الْفُرُوعِ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ من أَدْنَى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهَا بِزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال في الْبُلْغَةِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كانت الزِّيَادَةُ تُجْحِفُ بِمَالِهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ قَاسَ الْوَجْهَيْنِ على الْوَجْهَيْنِ في الْمَاءِ وَصَحَّحَ في الْمَاءِ اللُّزُومَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان مَالُهُ غَائِبًا وَأَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا بِنَسِيئَةٍ لَزِمَهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
____________________
(9/212)
وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
قال في الشَّرْحِ إذَا كان مَالُهُ غَائِبًا وَأَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا بِنَسِيئَةٍ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ فَبُذِلَ له بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ يَقْدِرُ على أَدَائِهِ في بَلَدِهِ وَجْهَيْنِ اللُّزُومُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَدَمُهُ اخْتَارَهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ
فَيُخَرَّجُ هُنَا على وَجْهَيْنِ وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِذَلِكَ انْتَهَى
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو كان له مَالٌ وَلَكِنَّهُ دَيْنٌ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَحُكْمُ الدَّيْنِ الْمَرْجُوِّ الْوَفَاءِ حُكْمُ الْمَالِ الْغَائِبِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّقَبَةَ إذَا لم تُبَعْ بِالنَّسِيئَةِ أَنَّهُ يَصُومُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ صَامَ في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هذه
قال الزَّرْكَشِيُّ في كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَمُخْتَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ حتى إن أَبَا مُحَمَّدٍ وَأَبَا الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيَّ وَغَيْرَهُمْ جَزَمُوا بِهِ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ في غَيْرِ الظِّهَارِ لِلْحَاجَةِ لِتَحْرِيمِهَا قبل التَّكْفِيرِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَصُومُ في الظِّهَارِ فَقَطْ إنْ رجى ( ( ( رجا ) ) ) إتْمَامَهُ قبل حُصُولِ الْمَالِ
____________________
(9/213)
وَقِيلَ أو لم يَرْجُ
قال الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ شِرَاؤُهَا نَسِيئَةً فَإِنْ كان مَرْجُوَّ الْحُضُورِ قَرِيبًا لم يَجُزْ الِانْتِقَالُ إلَى الصِّيَامِ وَإِنْ كان بَعِيدًا لم يَجُزْ الِانْتِقَالُ لِلصِّيَامِ في غَيْرِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ في الِانْتِظَارِ
وَهَلْ يَجُوزُ في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ في كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إلَّا رَقَبَةً مُؤْمِنَةٌ بِلَا نِزَاعٍ لِلْآيَةِ وَكَذَلِكَ في سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ كَافِرَةٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هل تُجْزِئُ رَقَبَةٌ كَافِرَةٌ مُطْلَقًا أو يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ كِتَابِيَّةً أو ذِمِّيَّةً فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ عِتْقُ رَقَبَةٍ ذِمِّيَّةٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ تُجْزِئُ الْكَافِرَةُ نَصَّ عليها في الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تُجْزِئُ الْكَافِرَةُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْحَرْبِيَّةُ وَالْمُرْتَدَّةُ اتِّفَاقًا
____________________
(9/214)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا تُجْزِئُهُ إلَّا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ من الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا كَالْعَمَى
أَنَّ الْأَعْوَرَ يُجْزِئُ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ قَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَشَلَلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ أو قَطْعِهِمَا أو قَطْعِ إبْهَامِ الْيَدِ أو سَبَّابَتِهَا أو الْوُسْطَى أو الْخِنْصَرِ أو الْبِنْصِرِ من يَدٍ وَاحِدَةٍ
يَعْنِي لَا يُجْزِئُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ إنْ كانت إصْبَعُهُ مَقْطُوعَةً فَأَرْجُو هذا يَقْدِرُ على الْعَمَلِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مع يَسَارِ الرَّاهِنِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْجَانِي وهو صَحِيحٌ وَلَوْ قُتِلَ في الْجِنَايَةِ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ يُجْزِئُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ
فَائِدَةٌ قَطْعُ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ كَقَطْعِ الْإِبْهَامِ وَقَطْعُ أُنْمُلَتَيْنِ من إصْبَعٍ كَقَطْعِهَا وَقَطْعُ أُنْمُلَةٍ من غَيْرِ الْإِبْهَامِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو قُطِعَ وَاحِدَةٌ من الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ أو قُطِعَا من يَدَيْنِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
____________________
(9/215)
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لو قَطَعَ إبْهَامَ الرِّجْلِ أو سِبَابَتَهَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وَقَطَعَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الأجزاء قَطْعُ أَصَابِعِ الْقَدَمِ
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّ حُكْمَ الْقَطْعِ من الرِّجْلِ حُكْمُ الْقَطْعِ من الْيَدِ
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُ الْمَرِيضُ الْمَيْئُوسُ منه
أَنَّهُ لو كان غير مَيْئُوسٍ منه أَنَّهُ يُجْزِئُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ أَيْضًا
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ مَرِيضٌ أَيِسَ منه أو رُجِيَ بُرْؤُهُ ثُمَّ مَاتَ في وَجْهٍ
الثَّالِثُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا رَقَبَةٌ سَلِيمَةٌ من الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا أَنَّ الزَّمِنَ وَالْمُقْعَدَ لَا يُجْزِئَانِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُمَا النَّحِيفُ
قَوْلُهُ وَلَا غَائِبٌ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُجْزِئُ من جُهِلَ خَبَرُهُ في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/216)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُجْزِئُ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَة
وَحَكَاهُ بن أبي مُوسَى في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجْهًا
وَجَزَمَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّهُ يُجْزِئُ من جُهِلَ خَبَرُهُ عن كَفَّارَتِهِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يُعْلَمْ خَبَرُهُ مُطْلَقًا أَمَّا إنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذلك كَوْنُهُ حَيًّا فإنه يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَلَا أَخْرَسُ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَجْهٌ يُجْزِئُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَهُ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ
وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ من فُهِمَتْ إشَارَتُهُ
فَائِدَةٌ لَا يُجْزِئُ الْأَخْرَسُ الْأَصَمُّ وَلَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَة وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ الْإِجْزَاءَ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كان أَصَمَّ فَقَطْ
قَوْلُهُ وَلَا من اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(9/217)
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَلَا يُجْزِئُ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُجْزِئُ
قَوْلُهُ وَلَا أُمُّ الْوَلَدِ في الصَّحِيحِ عنه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ لَا تُجْزِئُ على الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تُجْزِئُ
قُلْت وَيَجِيءُ عِنْدَ من يقول بِجَوَازِ بَيْعِهَا الْإِجْزَاءُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَلَا مُكَاتَبٌ قد أَدَّى من كِتَابَتِهِ شيئا في اخْتِيَارِ شُيُوخِنَا
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْقَاضِي هذا الصَّحِيحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْأَدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُجْزِئُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(9/218)
قال في النَّظْمِ وهو الْأَوْلَى
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ مُكَاتَبٌ بِحَالٍ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو أَعْتَقَ عن كَفَّارَتِهِ عَبْدًا لَا يُجْزِئُ في الْكَفَّارَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَلَا يُجْزِئُ عن الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ الْأَعْرَجُ يَسِيرًا بِلَا نِزَاعٍ وَالْمَجْدُوعُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ ذلك وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْأَعْوَرِ
قَوْلُهُ وَمَنْ يُخْنَقُ في الْأَحْيَانِ
يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ
اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ كانت إفَاقَتُهُ أَكْثَرَ من خَنْقِهِ فإنه يُجْزِئُ وَإِنْ كان خَنْقُهُ أَكْثَرَ أَجْزَأَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ وَالْأَصَمُّ وَالْأَخْرَسُ الذي يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ وَتُفْهَمُ إشَارَتُهُ
يُجْزِئُ عِتْقُ الْأَصَمِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(9/219)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْوَجِيزِ وَالتَّبْصِرَةِ لَا يجزئ ( ( ( تجزئ ) ) )
وَأَمَّا الْأَخْرَسُ الذي تُفْهَمُ إشَارَتُهُ وَيَفْهَمُ الْإِشَارَةَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ الْأَخْرَسُ مُطْلَقًا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَالْمُدَبَّرُ
يَعْنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ وَمُرَادُهُ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ
يَعْنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ قبل ذلك أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عِتْقُ من عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا
وَقَطَعَ هُنَا بِإِجْزَاءِ عِتْقٍ من عَتْقٍ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ
فَمُرَادُهُ هُنَا إذَا أَعْتَقَهُ قبل وُجُودِ الصِّفَةِ وهو صَحِيحٌ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا أَعْلَمُ فيه نِزَاعًا
قَوْلُهُ وَوَلَدُ الزنى
يَعْنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ وهو الْمَذْهَبُ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْصُلُ له أَجْرُهُ كَامِلًا خِلَافًا لِمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه يَشْفَعُ مع صِغَرِهِ لِأُمِّهِ لَا أبيه
____________________
(9/220)
قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ
يَعْنِي أَنَّهُ يُجْزِئُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ يَجُوزُ إعْتَاقُ الطِّفْلِ في الْكَفَّارَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ فَيَجُوزُ عِتْقُ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ له سَبْعُ سِنِينَ إنْ اشْتَرَطَ الْإِيمَانَ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْوَجِيزِ وَيُجْزِئُ بن سَبْعٍ
وقال الْخِرَقِيُّ يُجْزِئُ إذَا صَامَ وَصَلَّى
وَقِيلَ يُجْزِئُ وَإِنْ لم يَبْلُغْ سَبْعًا
وَنَقْل الْمَيْمُونِيُّ يَعْتِقُ الصَّغِيرُ إلَّا في قَتْلِ الْخَطَأِ فإنه لَا يُجْزِئُ إلَّا مُؤْمِنَةً وَأَرَادَ التي قد صَلَّتْ
وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ يُجْزِئُ إعْتَاقُ الصَّغِيرِ في جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ إلَّا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ فَإِنَّهَا على رِوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُ الْمَغْصُوبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في مَوْضِعٍ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وقال في الْفُرُوعِ في مَكَان آخَرَ وفي مَغْصُوبٍ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ وهو مُعْسِرٌ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهُ فَأَعْتَقَهُ أَجْزَأَهُ إلَّا على رِوَايَةِ وُجُوبِ الِاسْتِسْعَاءِ
____________________
(9/221)
وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَتَيْنِ الْإِجْزَاءَ مع الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الِاسْتِسْعَاءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ وهو مُوسِرٌ فَسَرَى لم يُجْزِهِ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ يَعْنِي إذَا نَوَى عِتْقَ جَمِيعِهِ عن كَفَّارَتِهِ كَعِتْقِهِ بَعْضَ عَبْدِهِ ثُمَّ بَقِيَّتَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي
قال الْقَاضِي قال غَيْرُ الْخَلَّالِ وَأُبَيُّ بَكْرِ عبد الْعَزِيزِ يُجْزِئُهُ إذَا نَوَى عِتْقَ جَمِيعِهِ عن كَفَّارَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفًا آخَرَ أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ
يَعْنِي أَنَّهُ كَمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الرَّوْضَةِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ هذا قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيِّ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
ولم يُجْزِئْهُ عِنْدَ أبي بَكْرٍ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ رِوَايَتَيْنِ
____________________
(9/222)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ كان بَاقِيهِمَا حُرًّا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ إنْ كان بَاقِيهِمَا حُرًّا أو أُعْتِقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عن كَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَهَذَا أَصَحُّ
وَجَزَمَ بِالثَّانِي نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَذَكَرَ هذه الْأَقْوَالَ في الهدى رِوَايَاتٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أو أَمَتَيْنِ أو أَمَةً وَعَبْدًا بَلْ هذه هِيَ الْأَصْلُ في الْخِلَافِ
وَقِيلَ إنْ كان بَاقِيهِمَا حُرًّا أَجْزَأَ وَجْهًا وَاحِدًا لِتَكْمِيلِ الْحُرِّيَّةِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ على الْوَجْهَيْنِ لو أَخْرَجَ في الزَّكَاةِ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ وزاد في التَّلْخِيصِ لو أَهْدَى نِصْفَيْ شَاتَيْنِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَقْصُودُ من الهدى اللَّحْمُ وَلِهَذَا أَجْزَأَ فيه شِقْصٌ من بَدَنَةٍ
وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على الْإِجْزَاءِ هُنَا انْتَهَى
قَوْلُهُ فَمَنْ لم يَجِدْ رَقَبَةً فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ حُرًّا كان أو عَبْدًا
قال الشَّارِحُ يَسْتَوِي في ذلك الْحَرُّ وَالْعَبْدُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّتَابُعِ
____________________
(9/223)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ به في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَجِبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ في الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالتَّجْدِيدُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ
قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يكتفى بِاللَّيْلَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُ لَا بُدَّ من التَّجْدِيدِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ
وفي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ أَيْضًا
قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ
وقد تَقَدَّمَ في بَابِ النِّيَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ نِيَّةِ الْقَضَاءِ في الْفَائِتَةِ وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ في الْفَرْضِ وَنِيَّةُ الْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ فَهُنَا بِطَرِيقِ أَوْلَى
قَوْلُهُ فَإِنْ تَخَلَّلَ صَوْمَهَا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ أو فِطْرٌ وَاجِبٌ كَفِطْرِ الْعِيدِ أو الْفِطْرُ لِحَيْضٍ أو نِفَاسٍ أو جُنُونٍ أو مَرَضٍ مَخُوفٍ أو فِطْرُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ لِخَوْفِهِمَا على أَنْفُسِهِمَا لم يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ
إذَا تَخَلَّلَ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ أو فِطْرُ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ أو حَيْضٌ أو جُنُونٌ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ نَصَّ عليه في الْعِيدِ وَالْحَيْضِ ولم يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَكَوْنُ الصَّوْمِ لَا يَنْقَطِعُ إذَا تَخَلَّلَهُ رَمَضَانُ أو يَوْمُ الْعِيدِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَعِيدٍ بَنَى وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ انْتَهَى
وإذا تَخَلَّلَ ذلك مَرَضٌ وَمَخُوفٌ لم يَقْطَعْ التَّتَابُعَ ولم يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ
____________________
(9/224)
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ قال جَمَاعَةٌ وَمَرَضٌ مَخُوفٌ
وَتَقَدَّمَ قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ
وإذا أَفْطَرَتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لِخَوْفِهِمَا على أَنْفُسِهِمَا لم يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وإذا أَفْطَرَتْ لِأَجْلِ النِّفَاسِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخُلَاصَةِ فَإِنَّهُمَا لم يَذْكُرَاهُ فِيمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ خَافَتَا على وَلَدَيْهِمَا
يَعْنِي إذَا أَفْطَرَتَا لِخَوْفِهِمَا على وَلَدَيْهِمَا لم يَقْطَعْ التَّتَابُعَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلَ أَنْ يَنْقَطِعَ وهو لِلْقَاضِي وَاخْتَارَهُ
____________________
(9/225)
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَفْطَرَ مُكْرَهًا أو نَاسِيًا كَمَنْ وطىء كَذَلِكَ أو خَطَأً كَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا لم يَقْطَعْ التَّتَابُعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْجَاهِلِ بِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَقْطَعُهُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ لو أَكَلَ نَاسِيًا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ أو جَاهِلًا بِهِ أو ظَنًّا منه أَنَّهُ قد أَتَمَّ الشَّهْرَيْنِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أو صَامَ تَطَوُّعًا أو قَضَاءً عن نَذْرٍ أو كَفَّارَةٍ أُخْرَى لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَقَعُ صَوْمُهُ عَمَّا نَوَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ هل يَفْسُدُ أو يَنْقَلِبُ نفلا ( ( ( نقلا ) ) ) فيه وفي نَظَائِرِهِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ غَيْرِ الْمَخُوفِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
____________________
(9/226)
قال الشَّارِحُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِفِطْرِهِ في السَّفَرِ الْمُبِيحِ له على الْأَظْهَرِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمَرَضِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقْطَعُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ يَقْطَعُ السَّفَرُ لِأَنَّهُ أَنْشَأَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا يَقْطَعُ الْمَرَضُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ
وقال الْقَاضِي نَصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَ الْمُظَاهَرَ منها لَيْلًا أو نَهَارًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
ويأتي ( ( ( ويأبى ) ) ) كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى
وَعَنْهُ لَا يَنْقَطِعُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فِيهِمَا
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ وطىء من ظَاهَرَ منها لَيْلًا عَمْدًا أو نَهَارًا سَهْوًا انْقَطَعَ على الْأَصَحِّ
وقال في الْكُبْرَى وَإِنْ وطىء من ظَاهَرَ منها لَيْلًا عَمْدًا
وَقِيلَ أو سَهْوًا أو نَهَارًا سَهْوًا لم يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ على الْأَصَحِّ فِيهِمَا فَاخْتَلَفَ تَصْحِيحُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا وطىء لَيْلًا هذه إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ الْمُظَاهَرَ منها لَيْلًا عَمْدًا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ في النِّسْيَانِ
____________________
(9/227)
وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ في الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو غَفْلَةٌ من الْمُصَنِّفِ انْتَهَى
قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَ ذلك مُتَابَعَتُهُ لِظَاهِرِ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ فإنه قال إذَا وطىء الْمُظَاهَرَ منها لَيْلًا أو نَهَارًا نَاسِيًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وفي الْأُخْرَى لَا يَنْقَطِعُ
فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ نَاسِيًا رَاجِعٌ إلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَإِنَّمَا هو رَاجِعٌ إلَى النَّهَارِ فَتَابَعَهُ على ذلك وَغَيَّرَ الْعِبَارَةَ فَحَصَلَ ذلك فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهَا لَيْلًا لم يَنْقَطِعْ
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَكَذَا لو أَصَابَهَا نَهَارًا نَاسِيًا أو لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ
الثَّانِيَةُ لَا يَنْقَطِعُ بِوَطْئِهِ في أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ في الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُمَا في الِانْتِصَارِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِطْعَامَ لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَالصَّوْمُ مُبْدَلٌ كَوَطْءِ من لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ في الْإِطْعَامِ
وقال في الرِّعَايَةِ وفي اسْتِمْتَاعِهِ بِغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ إنْ أَفْطَرَ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَسْتَطِعْ لَزِمَهُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا مُسْلِمًا
يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ في الْمِسْكِينِ في دَفْعِ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّاب جَوَازَ دَفْعِهَا إلَى الذِّمِّيِّ إذَا كان مِسْكِينًا من جَوَازِ عِتْقِهِ في الْكَفَّارَةِ
____________________
(9/228)
وَخَرَّجَ الْخَلَّالُ جَوَازَ دَفْعِهَا إلَى كَافِرٍ
قال بن عَقِيلٍ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ من الْمُؤَلَّفَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى الْخَلَّالُ في جَامِعِهِ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ
قال الْقَاضِي لَعَلَّهُ بَنَى ذلك على جَوَازِ عِتْقِ الذِّمِّيِّ في الْكَفَّارَةِ انْتَهَى
وَاقْتَصَرَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى على الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ
قَوْلُهُ صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ في جَوَازِ دَفْعِهَا إلَى الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال الْمَجْدُ هذه الرِّوَايَةُ أَشْهُرُ عنه
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا لم يَأْكُلْ الطَّعَامَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
والرواية ( ( ( الرواية ) ) ) الثَّانِيَةُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كان يَأْكُلُ الطَّعَامَ أو لَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مُكَاتَبٍ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ وَالْبُلْغَةِ
____________________
(9/229)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ أَحْرَارٌ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وهو تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافَاتِهِمْ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى من يَظُنُّهُ مِسْكِينًا فَبَانَ غَنِيًّا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ كَالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ في الزَّكَاةِ حُكْمًا وَمَذْهَبًا على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ
قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّهَا على مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ فَيُجْزِيهِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ من الْمَسَاكِينِ لم يُجْزِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْمُحَرَّرِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يُجْزِيهِ اخْتَارَهُ بن بَطَّةَ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ أبو الْبَرَكَاتِ
وَإِنْ لم يَجِدْ غَيْرَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/230)
قال الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَصَحَّحَهَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وقال اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ إلَى مِسْكِينٍ في يَوْمٍ وَاحِدٍ من كَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الشَّارِحُ هذا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وهو أَقْيَسُ وَأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ فَيُجْزِئُ عن وَاحِدَةٍ
وَالْأُخْرَى إنْ كان أَعْلَمَهُ أنها كَفَّارَةٌ رَجَعَ عليه وَإِلَّا فَلَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَتَخَرَّجُ عَدَمُ الرُّجُوعِ من الزَّكَاةِ
قَوْلُهُ وَالْمُخَرَّجُ في الْكَفَّارَةِ ما يُجْزِئُ في الْفِطْرَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَاقْتَصَرَ الْخِرَقِيُّ على الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ
وَإِخْرَاجُ السَّوِيقِ وَالدَّقِيقِ هُنَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وفي الْخُبْزِ رِوَايَتَانِ
وَكَذَا السَّوِيقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
إحْدَاهُمَا لَا يُجْزِئُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/231)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُجْزِئُ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذِهِ أَحْسَنُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ذَكَرَهُ في بَابِ الظِّهَارِ
وقال في بَابِ الْكَفَّارَاتِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وقال يَقْرَبُ من الْإِجْمَاعِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ على الْإِجْزَاءِ احْتِمَالًا أَنَّ الْخُبْزَ افضل الْمُخْرَجَاتُ وما هو بِبَعِيدٍ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ أَفْضَلَ الْمُخْرَجِ هُنَا الْبُرُّ قال لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّ التَّمْرَ أَفْضَلُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّمْرُ أَعْجَبُ إلَيَّ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان قُوتُ بَلَدِهِ غير ذلك أَجْزَأَهُ منه لقوله تعالى 5 89 { من أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ }
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال الْقَاضِي لَا يُجْزِئُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ
____________________
(9/232)
قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ من الْبُرِّ أَقَلُّ من مُدٍّ وَلَا من غَيْرِهِ أَقَلُّ من مُدَّيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْإِيضَاحِ يُجْزِئُ مُدٌّ أَيْضًا من غَيْرِ الْبُرِّ كَالْبُرِّ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ رِوَايَةً وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا من الْخُبْزِ أَقَلُّ من رِطْلَيْنِ بِالْعِرَاقِيِّ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْخُبْزِ وهو وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُدٌّ فَيُجْزِئُ وَلَوْ كان أَقَلَّ من رِطْلَيْنِ وَكَذَا ضِعْفُهُ من الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ أو غَدَّى الْمَسَاكِينَ أو عَشَّاهُمْ لم يُجْزِئْهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ إذَا كان قَدْرَ الْوَاجِبِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْإِجْزَاءَ ولم يَعْتَبِرْ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ أبي دَاوُد وَغَيْرِهِ فإنه قال أَشْبِعْهُمْ قال ما أُطْعِمُهُمْ قال خُبْزًا وَلَحْمًا إنْ قَدَرْتَ أو من أَوْسَطِ طَعَامِكُمْ
قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَذَا الْإِعْتَاقُ وَالصِّيَامُ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ في الْإِطْعَامِ وَالْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ وَلَا يُجْزِئُ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَقَطْ
____________________
(9/233)
وَتَقَدَّمَ هل تَجِبُ نِيَّةُ التَّتَابُعِ أَمْ لَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان عليه كَفَّارَاتٌ من جِنْسٍ فَنَوَى إحْدَاهَا أَجْزَأَهُ عن وَاحِدَةٍ
وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ لم يُشْتَرَطْ تَعْيِينُ سَبَبِهَا في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت من أَجْنَاسٍ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ
يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ السَّبَبِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وقال هو قَوْلُ غَيْرِ الْقَاضِي
قال بن شِهَابٍ على أَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا من جِنْسٍ قال وَلِأَنَّ آحَادَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا
وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا يُجْزِئُهُ حتى يُعَيِّنَ سَبَبَهَا كَتَيَمُّمِهِ وَكَوَجْهٍ في دَمٍ نُسُكٍ وَدَمٍ مَحْظُورٍ وَكَعِتْقِ نَذْرٍ وَعِتْقِ كَفَّارَةٍ في الْأَصَحِّ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت عليه كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ نَسِيَ سَبَبَهَا أَجْزَأَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ
قَالَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي تَجِبُ عليه كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ فَنَوْعٌ وَإِلَّا جِنْسٌ
فَائِدَةٌ لو كَفَّرَ مُرْتَدٌّ بِغَيْرِ الصَّوْمِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي الْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ ما يُفْسِدُ الصَّوْمَ هل تَسْقُطُ جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ بِالْعَجْزِ عنها أَمْ لَا وَحُكْمُ أَكْلِهِ من كَفَّارَاتِهِ هل يَجُوزُ أَمْ لَا
____________________
(9/234)
كِتَابُ اللِّعَانِ فَوَائِدُ
الْأُولَى اللِّعَانُ مَصْدَرُ لَاعَنَ إذَا فَعَلَ ما ذَكَرَ أو لَعَنَ كُلُّ وَاحِدٍ من الِاثْنَيْنِ الْآخَرَ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو مُشْتَقٌّ من اللَّعْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ يَلْعَنُ نَفْسَهُ في الْخَامِسَةِ إنْ كان كَاذِبًا
وقال الْقَاضِي سمى بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَا يَنْفَكَّانِ من أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَتَحْصُلُ اللَّعْنَةُ عليه انْتَهَى
وَأَصْلُ اللَّعْنِ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ يُقَالُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَيْ أَبْعَدَهُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بالزنى فَلَهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ
بِلَا نِزَاعٍ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عنه بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ
وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهُمَا
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بالزنى يَعْنِي سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِهِ في طُهْرٍ أَصَابَهَا فيه أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كان في قُبُلٍ أو دُبُرٍ
قَوْلُهُ فَلَهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لَا نِزَاعَ كما تَقَدَّمَ
قال الْأَصْحَابُ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِ بِهِ وَلَوْ بَقِيَ منه سَوْطٌ وَاحِدٌ
قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ امْرَأَتِي هذه من الزنى
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ
____________________
(9/235)
وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الرَّمْيَ بالزنى بَلْ يقول بَعْدَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَتْ زَوْجَتِي هذه
وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ يقول بَعْدَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فَقَطْ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ثُمَّ تَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ في الْخَامِسَةِ وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عليها إنْ كان من الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى
فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها تَقُولُ في الْخَامِسَةِ بَعْدَ ذلك فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَهَذَا ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ فإن عِبَارَاتِهِمْ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَخَذَ بن هُبَيْرَةَ بِالْآيَةِ 24 6 10 في ذلك كُلِّهِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ على ما في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى يقول الرَّجُلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي فِيمَا رَمْيَتُهَا بِهِ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ثُمَّ يُوقَفُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فيقول لَعْنَةُ اللَّهِ عليه إنْ كان من الْكَاذِبِينَ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذلك
____________________
(9/236)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بأقسم أو أَحْلِفُ أو لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بالإبعاد أو الْغَضَبِ بالسخط فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْهِدَايَةِ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ وهو الْأَظْهَرُ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ
قال النَّاظِمُ ويلغي بِذَلِكَ على الْمُتَجَوَّدِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ
قال في الْبُلْغَةِ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَكَذَلِكَ صِيغَةُ اللَّعْنَةِ والغضب على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ما اُعْتُبِرَ فيه لَفْظُ الشَّهَادَةِ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالشَّهَادَاتِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لو أَبْدَلَ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالْإِبْعَادِ أو بِالْغَضَبِ فَفِي الْإِجْزَاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
ثَالِثُهَا الْإِجْزَاءُ بِالْغَضَبِ لَا بِالْإِبْعَادِ
وفي إبْدَالِ لَفْظَةِ أَشْهَدُ بأقسم أو أَحْلِفُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِئُ انْتَهَى
____________________
(9/237)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِتَبْدِيلِ لَفْظٍ بِمَا يُحَصِّلُ مَعْنَاهُ
وَأَمَّا إذَا أَبْدَلَتْ الْغَضَبَ بِاللَّعْنَةِ فإنه لَا يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَمَنْ قَدَرَ على اللِّعَانِ بِالْعَرَبِيَّةِ لم يَصِحَّ منه إلَّا بها وَإِنْ عَجَزَ عنها لَزِمَهُ تَعَلُّمُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ بِلِسَانِهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهَا
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَصِفَةِ الصَّلَاةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ أو كِتَابَتُهُ صَحَّ لِعَانُهُ بها
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُ من اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأُيِسَ من نُطْقِهِ بِالْإِشَارَةِ على وَجْهَيْنِ
____________________
(9/238)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
قال في الْكَافِي هو كَالْأَخْرَسِ
الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
قَوْلُهُ وَهَلْ اللِّعَانُ شَهَادَةٌ أو يَمِينٌ على رِوَايَتَيْنِ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من الزَّوَائِدِ
إحْدَاهُمَا هو يَمِينٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالثَّانِيَةُ هو شَهَادَةٌ
قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَاعَنَا قِيَامًا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ بِمَحْضَرِ أَرْبَعَةٍ فَأَزْيَدَ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ من الْمُسْلِمِينَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصُوا عن أَرْبَعَةٍ انْتَهَى
قُلْت لَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ قال جَمَاعَةٍ وَبَعْضُهُمْ قال أَرْبَعَةٍ وَمُرَادُ من قال جَمَاعَةٍ أَنْ لَا يَنْقُصُوا عن أَرْبَعَةٍ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ غَايَرَ بين الْقَوْلَيْنِ
فَإِنْ كان أَحَدٌ من الْأَصْحَابِ صَرَّحَ في قَوْلِهِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ أَقَلُّ من أَرْبَعَةٍ
____________________
(9/239)
فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا كما قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ في الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَلَا زَمَانٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَخَصَّ في التَّرْغِيبِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَائِدَةٌ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَصْرِ وقال أبو الْخَطَّابِ في مَوْضِعٍ آخَرَ بين الْأَذَانَيْنِ والمكان بِمَكَّةَ بين الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وفي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وفي سَائِرِ الْبُلْدَانِ في جَوَامِعِهَا
وَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ في بَابِ الْيَمِينِ في الدَّعَاوَى
قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ ذلك بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ
يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ اللِّعَانِ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أو نَائِبِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ حُضُورَهُ مُسْتَحَبٌّ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ
وقد يُقَالُ لَا يَلْزَمُ من كَوْنِ الْمُصَنِّفِ جَعَلَهُ سُنَّةً انْتِفَاءُ الْوُجُوبِ إذْ السُّنَّةُ في قَوْلِهِ وَالسُّنَّةُ أَعَمُّ من أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا أو وَاجِبًا
فَائِدَةٌ لو حَكَّمَا رَجُلًا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَتَلَاعَنَا بِحَضْرَتِهِ فقال الشَّارِحُ قد ذَكَرْنَا أَنَّ من شَرْطِ صِحَّةِ اللِّعَانِ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ
____________________
(9/240)
وَحَكَى شَيْخُنَا في آخِرِ كِتَابِ الْقَضَاءِ يَعْنِي في الْمُقْنِعِ إذَا تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا نَفَذَ حُكْمُهُ في اللِّعَانِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ على ما يَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وقال الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ إلَّا في الْأَمْوَالِ خَاصَّةً
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا حَكَّمَا رَجُلًا هل يَكُونُ كَالْحَاكِمِ من جَمِيعِ الْوُجُوهِ أَمْ لَا على ما يَأْتِي بَيَانُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت الْمَرْأَةُ خَفِرَةً بَعَثَ الْحَاكِمُ من يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في مَسْأَلَةِ فَسْخِ الْخِيَارِ بِلَا حُضُورِ الْآخَرِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مع غَيْبَتِهَا وَتُلَاعِنُ هِيَ مع غَيْبَتِهِ
قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلِعَانٍ على ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/241)
وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ إنْ كان الْقَذْفُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَاتٍ أَفْرَدَ كُلَّ واحدة ( ( ( واحد ) ) ) بِلِعَانٍ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ يَبْدَأُ بِلِعَانِ التي تَبْدَأُ بِالْمُطَالَبَةِ فَإِنْ طَالَبْنَ جميعا وَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِإِحْدَاهُنَّ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ لم يَتَشَاحَحْنَ بَدَأَ بِلِعَانِ من شَاءَ مِنْهُنَّ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ مع الْمُشَاحَّةِ صَحَّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ في تَتِمَّةِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فيقول أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ من الزنى وَتَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ من الزنى
هذه الزِّيَادَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ بِهِ من الزنى وفيما رَمَانِي بِهِ من الزنى مَبْنِيَّةٌ على الْقَوْلِ الذي جَزَمَ بِهِ في أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ صِفَةِ ما يقول هو وَتَقُولُ هِيَ
وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ هُنَاكَ فَكَذَا الْحُكْمُ هُنَا
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ
أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ بين زَوْجَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أو ذِمِّيَّيْنِ أو رَقِيقَيْنِ أو فَاسِقَيْنِ أو كان أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وَاخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا وَغَيْرِهِ انْتَهَى
____________________
(9/242)
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ إلَّا بين زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَصِحُّ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَامْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ فإذا بَلَغَتْ من يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْ حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ إذَنْ فَلَا لِعَانَ لِتَعْزِيرٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ في الزَّوْجَةِ الْبُلُوغَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ ولم يَعْتَبِرْ ذلك من الزَّوْجِ
ثُمَّ قال في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَسَاهُلٌ وَبَيَّنَهُ
وقال وَعَنْهُ لَا لِعَانَ بِقَذْفِ غَيْرِ مُحْصَنَةٍ إلَّا لِوَلَدٍ يُرِيدُ نَفْيَهُ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يُلَاعِنُ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ كَتَعْزِيرٍ
وقال في الْمُوجَزِ وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حتى تَبْلُغَ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أو بِبَيِّنَةٍ
وفي الِانْتِصَارِ في زَانِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا يَلْحَقُهَا عَارٌ بِقَوْلِهِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ
وَعَنْهُ يُلَاعِنُ بِقَذْفِ غَيْرِ مُحْصَنَةٍ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَقَطْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وفي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ كُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ لِعَانُهُ في رِوَايَةٍ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إلَّا من مُسْلِمٍ عَدْلٍ
وَالْمُلَاعِنَةُ كُلُّ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ بَالِغَةٍ
وَعَنْهُ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ عَفِيفَةٍ
____________________
(9/243)
قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً أو قال لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قبل أَنْ أَنْكِحَك حُدَّ ولم يُلَاعِنْ
إذَا قَذَفَ الْأَجْنَبِيَّةَ حُدَّ ولم يُلَاعِنْ بِلَا نِزَاعٍ
وإذا قال لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قبل أَنْ أَنْكِحَك حُدَّ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولم يُلَاعِنْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إنْ كان
قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًى في النِّكَاحِ أو قَذَفَهَا في نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا حُدَّ ولم يُلَاعِنْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ عن أَصْحَابِنَا إنْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا في الزَّوْجِيَّةِ لَاعَنَ
وَفِيهِ أَيْضًا لَا يَنْتَفِي وَلَدٌ بِلِعَانٍ من نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَلَدِ أَمَتِهِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنَهَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِنْ قَذَفَهَا بِلَا وَلَدٍ لم يُلَاعِنْهَا
قَوْلُهُ وإذا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ أو الْمَجْنُونَةَ عُزِّرَ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يصح ( ( ( صح ) ) ) اللِّعَانُ من زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَامْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ دُونَ الْبُلُوغِ كما تَقَدَّمَ
____________________
(9/244)
فإذا بَلَغَتْ من يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْهُ حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يُلَاعِنُ صَغِيرَةً لِتَعْزِيرٍ
وقال في الْمُوجَزِ وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حتى تَبْلُغَ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أو بَيِّنَةٍ
وفي الِانْتِصَارِ في زَانِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا يَلْحَقُهُمَا عَارٌ بِقَوْلِهِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ
وَتَقَدَّمَ هذا قَرِيبًا بِزِيَادَةٍ
وقال في التَّرْغِيبِ لو قَذَفَهَا بِزِنًا في جُنُونِهَا أو قَبْلَهُ لم يُحَدَّ وفي لِعَانِهِ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أو مُكْرَهَةً فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا
إذَا قال لها وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيِّ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا قال إذَا جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فقال لم تَزْنِ وَلَكِنَّ هذا الْوَلَدَ ليس مِنِّي فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ انْتَهَى فَظَاهِرُهُ كما قال في الْهِدَايَةِ
وَعَنْهُ إنْ كان ثَمَّ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَنْتَفِي بِلِعَانِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ نَصَّ عليه أَيْضًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَصَحُّ عِنْدِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وبن حَامِدٍ والقاضي ( ( ( القاضي ) ) ) في تَعْلِيقِهِ وفي
____________________
(9/245)
رِوَايَتَيْهِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ
وإذا قال لها وُطِئْت مُكْرَهَةً وَكَذَا مع نَوْمٍ أو إغْمَاءٍ أو جُنُونٍ
فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ إنْ كان ثَمَّ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا فَلَا فَيَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْقَاضِي وأبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ عِنْدِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْبُلْغَةِ
فَائِدَةٌ لو قال وَطِئَك فُلَانٌ بِشُبْهَةٍ وَكُنْت عَالِمَةً فَعِنْدَ الْقَاضِي هُنَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ لا يُلَاعِنُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُلَاعِنُ وهو الصَّوَابُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم تَزْنِ وَلَكِنْ ليس هذا الْوَلَدُ مِنِّي فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ وَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
____________________
(9/246)
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ
وَعَنْهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن حَامِدٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ عِنْدِي
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَاعْلَمْ أَنَّ هذه الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ على حَدٍّ سَوَاءٍ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال ليس هذا الْوَلَدُ مِنِّي وَقُلْنَا إنَّهُ لَا قَذْفَ بِذَلِكَ أو زَادَ عليه وَلَا أَقْذِفُك
قَوْلُهُ وَإِنْ قال ذلك بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ
يَعْنِي إذَا قال لها بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا لم تَزْنِ وَلَكِنْ هذا الْوَلَدُ ليس مِنِّي وَكَذَا لو قال ذلك لِزَوْجَتِهِ التي هِيَ في حِبَالِهِ أو لِسُرِّيَّتِهِ
فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا في اللِّعَانِ وَعَدَمِهِ
وَكَلَامُهُ هُنَا في لُحُوقِ نَسَبِ الْوَلَدِ بِهِ وَعَدَمِهِ
فإذا قال ذلك لِمُطَلَّقَتِهِ أو لِزَوْجَتِهِ التي هِيَ في حِبَالِهِ أو لِسُرِّيَّتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُشْهَدَ بِهِ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ أو لَا فَإِنْ شُهِدَ بِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ بِلَا نِزَاعٍ وتكفى امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَرْضِيَّةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ امْرَأَتَانِ
وَلَهَا نَظَائِرُ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَيَأْتِي
وَإِنْ لم يَشْهَدْ بِهِ أَحَدٌ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَلَامُ صَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/247)
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ دُونَ السُّرِّيَّةِ وَالْمُطَلَّقَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَدِّ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي يُحَدُّ وَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بِاللِّعَانِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الِانْتِصَارِ إنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ له لَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ
فَائِدَةٌ التَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ يَتَوَارَثَانِ بِأُخُوَّةٍ أَبَوِيَّةٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أو سَكَتَتْ لَحِقَهُ النَّسَبُ وَلَا لِعَانَ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ
وَاقْتَصَرَ عليه الشَّارِحُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه فِيهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَقِيلَ يَنْتَفِي عنه بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا كَدَرْءِ الْحَدِّ
وَقِيلَ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ
نَقَلَ بن أَصْرَمَ فِيمَنْ رُمِيَتْ بالزنى فَأَقَرَّتْ ثُمَّ وَلَدَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قال الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حتى يُلَاعِنَ
____________________
(9/248)
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَفَتْ عنه أو ثَبَتَ زِنَاهَا بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أو قَذَفَ مَجْنُونَةً بزنى ( ( ( بزنا ) ) ) قَبْلَهُ أو مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أو خَرْسَاءَ أو نَاطِقَةً ثُمَّ خَرِسَتْ نَصَّ على ذلك
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ أو صَمَّاءَ
وقال في التَّرْغِيبِ لو قَذَفَهَا بِزِنًا في جُنُونِهَا أو قَبْلَهُ لم يُحَدَّ وفي لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ الزَّوْجَةُ خُلِّيَ سَبِيلُهَا وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
إذَا لَاعَنَ الزَّوْجُ وَنَكَلَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا حَدَّ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم حتى قال الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا انْتِفَاءُ الْحَدِّ عنها فَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا في مَذْهَبِنَا
وقال الْجُوزَجَانِيُّ وأبو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عليها الْحَدُّ
قال في الْفُرُوعِ وهو قَوِيٌّ
وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يخلي سَبِيلُهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تُحْبَسُ حتى تُقِرَّ أو تُلَاعِنَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَالْمُنَوِّرِ
____________________
(9/249)
قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ بِعَنْهُ وَعَنْهُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تُحْبَسُ حتى تُقِرَّ وَيَكُونُ إقْرَارُهَا بالزنى أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَا يُقَامُ نُكُولُهَا مُقَامَ إقْرَارِهِ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من أَقَامَ النُّكُولَ مُقَامَ إقْرَارِهَا مَرَّةً
وقال إذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ ذلك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَزِمَهَا الْحَدُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَأَشْكَلَ تَوْجِيهُ هذا الْقَوْلِ على الزَّرْكَشِيّ وبن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ لِأَنَّهُمَا لم يَطَّلِعَا على كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَقَرَّتْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ من غَيْرِ تَقَدُّمِ نُكُولٍ منها
قَوْلُهُ وَلَا يُعْرَضُ لِلزَّوْجِ حتى تُطَالِبَهُ الزَّوْجَةُ
فَلَوْ كانت مَجْنُونَةً أو مَحْجُورًا عليها أو صَغِيرَةً أو أَمَةً فَإِنْ أَرَادَ اللِّعَانَ من غَيْرِ طَلَبِهَا فَإِنْ كان بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ ذلك وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فقال الْقَاضِي يُشْرَعُ له أَنْ يُلَاعِنَ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ له أَنْ يُلَاعِنَ فَيَحْتَمِلُ ما قَالَهُ الْقَاضِي
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ اللِّعَانُ هُنَا قال وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَا يُشْرَعُ مع وُجُودِ الْوَلَدِ على أَكْثَرِ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبَيْ الْقَذْفِ فَلَا يُشْرَعُ مع عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ كَالْحَدِّ
____________________
(9/250)
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فإذا تَمَّ الْحَدُّ بَيْنَهُمَا ثَبَتَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ أَحَدُهَا سُقُوطُ الْحَدِّ عنه أو التَّعْزِيرُ بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ سَقَطَ الْحَدُّ عنه لَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّارِحُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَذْفُ لِلزَّوْجَةِ وَحْدَهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهَا حَقٌّ في الْمُطَالَبَةِ وَلَا الْحَدِّ
قَوْلُهُ الثَّانِي الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا
يَعْنِي تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ فِيمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ حتى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَاتِهِمْ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَبٍ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ فَيُعَايَى بها فَيُقَالُ حُكْمٌ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ بِغَيْرِ طَلَبٍ وكذا أَحْكَامُ الْحِسْبَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُصَنِّفِ وَأَبِي بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/251)
قال في الْخُلَاصَةِ فإذا تَلَاعَنَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا
وَعَنْهُ لَا تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفُرْقَةِ فَيَنْتَفِي الْوَلَدُ
قال في الِانْتِصَارِ وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وفي الْخُلَاصَةِ هُنَا
وَعَنْهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له
قال بن رَزِينٍ وَهِيَ أَظْهَرُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ شَذَّ بها حَنْبَلٌ عن أَصْحَابِهِ
قال أبو بَكْرٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا غَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ كما تَقَدَّمَ
وَعَنْهُ تُبَاحُ له بِعَقْدٍ جَدِيدٍ حَكَاهَا الشِّيرَازِيُّ وَالْمَجْدُ
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَلَفَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
فقال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ نَقْلُ حَنْبَلٍ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ زَالَ تَحْرِيمُ الْفِرَاشِ وَعَادَتْ مُبَاحَةً كما كانت بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ
وقال في الْجَامِعِ وَالتَّعْلِيقِ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَرُدَّتْ إلَيْهِ
فَظَاهِرُ هذا أنها تُرَدُّ إلَيْهِ من غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ
قال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي نَقْلُ حَنْبَلٍ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ عَادَ فِرَاشُهُ كما كان
____________________
(9/252)
زَادَ في الْمُغْنِي وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هذه الرِّوَايَةُ على ما إذَا لم يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ فَأَمَّا مع تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا فَلَا وَجْهَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِحَالٍ
قال وَفِيمَا قال نَظَرٌ فإنه إذَا لم يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ فَلَا تَحْرِيمَ حتى يُقَالَ حَلَّتْ له انْتَهَى
قُلْت النَّظَرُ على كَلَامِهِ أَوْلَى فإن رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ظَاهِرُهَا سَوَاءٌ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا أو لَا فإنه قال إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له وَعَادَ فِرَاشُهُ بِحَالِهِ
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَحْصُلُ بِتَمَامِ التَّلَاعُنِ من غَيْرِ تَفْرِيقٍ من الْحَاكِمِ كما تَقَدَّمَ
وَقَوْلُهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له فيه دَلِيلٌ على أنها مُحَرَّمَةٌ عليه قبل تَكْذِيبِ نَفْسِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يُقَالُ في تَوْجِيهِ هذه الرِّوَايَةِ ظَاهِرُ هذا أَنَّ الْفُرْقَةَ إنَّمَا اسْتَنَدَتْ لِلِّعَانِ وإذا أَكْذَبَ نَفْسَهُ كان اللِّعَانُ كَأَنْ لم يُوجَدْ وَإِنْ لم يَزُلْ ما يَتَرَتَّبُ عليه وهو الْفُرْقَةُ وما نَشَأَ عنها وهو التَّحْرِيمُ
قال وَأَعْرَضَ أبو الْبَرَكَاتِ عن هذا كُلِّهِ فقال إنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ فَسْخًا مُتَأَبِّدَ التَّحْرِيمِ
وَعَنْهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ له بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أو مِلْكِ يَمِينٍ إنْ كانت أَمَةً
وقد سَبَقَهُ إلَى ذلك الشِّيرَازِيُّ فَحَكَى الرِّوَايَةَ بِإِبَاحَتِهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لم تَحِلَّ له إلَّا أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
وَهِيَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَحِلُّ له كما لو كانت حُرَّةً كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عنه بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
اعْلَمْ أَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(9/253)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ
وَعَنْهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفُرْقَةِ فَيَنْتَفِي حِينَئِذٍ كما تَقَدَّمَ وَمَتَى تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْتَفِيَ نَسَبُ الْوَلَدِ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ وَقَالَهُ في الِانْتِصَارِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّهُ خَرَّجَهُ من الْقَوْلِ إنَّ تَعَذَّرَ اللِّعَانُ من جِهَةِ الْمَرْأَةِ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ
وَأَمَّا ذِكْرُ الْوَلَدِ في اللِّعَانِ فَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُهُ في اللِّعَانِ وَأَنَّهُ يَنْتَفِي عنه بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ
وقال الْقَاضِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ هذا الْوَلَدُ من زِنًا وَلَيْسَ هو مِنِّي
وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَنْتَفِي حتى يَذْكُرَهُ هو في اللِّعَانِ فإذا قال أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَيْتِ يقول وما هذا الْوَلَدُ وَلَدِي وَتَقُولُ هِيَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد كَذَبَ وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ قَذَفَهَا وَانْتَفَى من وَلَدِهَا لم يَنْتَفِ حتى يَتَنَاوَلَهُ اللِّعَانُ إمَّا صَرِيحًا كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لقد زَنَتْ وما هذا الْوَلَدُ وَلَدِي وَتَقُولُ هِيَ بِالْعَكْسِ وَإِمَّا ضِمْنًا بِأَنْ يَقُولَ من قَذَفَهَا بِزِنًا في طُهْرٍ لم يُصِبْهَا فيه وَادَّعَى أَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حتى وَلَدَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْتُ عليها أو فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ من الزنى وَنَحْوُهُ
____________________
(9/254)
وَقِيلَ يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ في اللِّعَانِ من الزَّوْجِ وَإِنْ لم تُكَذِّبْهُ الْمَرْأَةُ في لِعَانِهَا
فَائِدَةٌ لو نَفَى أَوْلَادًا كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ نَفَى الْحَمْلَ في الْتِعَانِهِ لم يَنْتَفِ حتى يَنْفِيَهُ عِنْدَ وَضْعِهَا له وَيُلَاعِنُ
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ نَفْيُهُ قبل وَضْعِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ في لِعَانِهِ وَهِيَ في الْمُوجَزِ في نَفْيِهِ أَيْضًا
قال الْخَلَّالُ عن رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ هذا قَوْلٌ أَوَّلُ
وَذَكَرَ النَّجَّادُ أَنَّ رِوَايَةَ بن مَنْصُورٍ الْمَذْهَبُ
وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ اسْتِلْحَاقُهُ
فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ
وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُلَاعِنُ لِدَرْءِ الْحَدِّ على الصَّحِيحِ
وقال في الِانْتِصَارِ نَفْيُهُ ليس قَذْفًا بِدَلِيلِ نَفْيِهِ حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ فإنه لَا يُحَدُّ
قَوْلُهُ وَمِنْ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ لَا يُوجَدَ دَلِيلٌ على الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أو بِتَوْأَمِهِ أو نَفَاهُ وَسَكَتَ عن تَوْأَمِهِ أو هُنِّئَ بِهِ
____________________
(9/255)
فَسَكَتَ أو أَمَّنَ على الدُّعَاءِ أو أَخَّرَ نَفْيَهُ مع إمْكَانِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ
اعْلَمْ أَنَّ من شَرْطِ صِحَّةِ نَفْيِهِ أَنْ يَنْفِيَهُ حَالَةَ عِلْمِهِ من غَيْرِ تَأْخِيرٍ إذَا لم يَكُنْ عُذْرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ له تَأْخِيرُ نَفْيِهِ ما دَامَ في مَجْلِسِ عِلْمِهِ
وقال في الِانْتِصَارِ في لُحُوقِ الْوَلَدِ بِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ إنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ له لَا يُعْرَفُ فيه رِوَايَةٌ وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم أَعْلَمْ بِهِ أو لم أَعْلَمْ أَنَّ لي نَفْيَهُ أو لم أَعْلَمْ أَنَّ ذلك على الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ ولم يَسْقُطْ نَفْيُهُ
شَمِلَ بِمَنْطُوقِهِ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ قَائِلَ ذلك حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أو من أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ عَامِّيًّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَأَمَّا إذَا كان فَقِيهًا وَادَّعَى ذلك فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقْبَلُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ هُنَا
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ الْقَبُولَ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ
____________________
(9/256)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ أو مَرَضٍ أو غَيْبَةٍ أو شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذلك لم يَسْقُطْ نَفْيُهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ إنْ كانت مُدَّةُ ذلك تَتَطَاوَلُ وَأَمْكَنَهُ التَّنْفِيذُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبْعَثَ إلَيْهِ من يَسْتَوْفِي عليه اللِّعَانَ فلم يَفْعَلْ بَطَلَ نَفْيُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْهُ أَشْهَدَ على نَفْيِهِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ وَقَطَعَا بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قَوْلُهُ وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفِيه لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَزِمَهُ الْحَدُّ إنْ كانت الْمَرْأَةُ مُحْصَنَةً أو التَّعْزِيرُ إنْ لم تَكُنْ مُحْصَنَةً
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَيَنْجَرُّ أَيْضًا نَسَبُهُ من جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ كَالْوَلَاءِ وَيَتَوَارَثَانِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في الْإِرْثِ وَجْهٌ كما لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ انْتَهَى
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ هذا كَلَامٌ لم يَظْهَرْ مَعْنَاهُ وَتَوَقَّفَ فيه شَيْخُنَا وَمَوْلَانَا الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ بن مغلي وَلَعَلَّ كما زَائِدَةٌ فَيَصِيرُ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وهو ظَاهِرٌ
وفي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ لَا يُحَدُّ
وَسَأَلَهُ مُهَنَّا إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ قال لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ قد أَبْطَلَ عنه الْقَذْفَ انْتَهَى
وَلَوْ أَنْفَقَتْ الْمُلَاعِنَةُ على الْوَلَدِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْمَلَاعِنُ رَجَعَتْ عليه بِالنَّفَقَةِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قال لِأَنَّهَا إنَّمَا أَنْفَقَتْ عليه لِظَنِّهَا أَنَّهُ لَا أَبَ له فَوَائِدُ
الْأُولَى لو اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لم يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ حتى يَقُولَ بَعْدَ الْوَضْعِ بِضِدِّ ما قَالَهُ قبل ذلك قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
____________________
(9/257)
الثَّانِيَةُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِاسْتِلْحَاقِ وَرَثَتِهِ له بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْتِعَانِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه
وَقِيلَ يَلْحَقُهُ
الثَّالِثَةُ لو نَفَى من لَا يَنْتَفِي وقال إنَّهُ من زِنًا حُدَّ إنْ لم يُلَاعِنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ يُحَدُّ وَإِنْ لَاعَنَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فِيمَا يَلْحَقُ من النَّسَبِ من أَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ منه وهو أَنْ تَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بها
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ
فَأَخَذَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالدُّخُولِ
وَاخْتَارَهُ هو وَغَيْرُهُ من الْمُتَأَخِّرِينَ منهم وَالِدُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَالَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَلْحَقُ بِمُطْلَقٍ إنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لم يَمَسَّهَا
وَنَقَلَ مُهَنَّا لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ حتى يُوجَدَ الدُّخُولُ
وقال في الْإِرْشَادِ في مُسْلِمٍ صَائِمٍ في رَمَضَانَ خَلَا بِزَوْجَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ ولم يَطَأْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُمْكِنٍ لَحِقَهُ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(9/258)
قَوْلُهُ وَلِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا وهو مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ
وَهَذَا بِنَاءً منه على أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ
وَيَأْتِي قَرِيبًا من يَصْلُحُ أَنْ يُولَدَ له
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُمْكِنْ كَوْنُهُ منه مِثْلَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا
وَكَذَا قال غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ وَعَاشَ وَإِلَّا لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ كما بَعْدَهَا انْتَهَى
قَوْلُهُ أو لِأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا
لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَأْتِي في العد ( ( ( العدة ) ) ) هل تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ
قَوْلُهُ أو أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرْءِ ثُمَّ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا إنْ أَقَرَّتْ بِفَرَاغِ الْعِدَّةِ أو الِاسْتِبْرَاءِ من عِتْقٍ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ فَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ
وقال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ % إمْكَانُ وَطْءٍ في لُحُوقِ النَّسَبِ % فَعِنْدَنَا مُعْتَبَرٌ في الْمَذْهَبِ % % كَامْرَأَةٍ تَكُونُ في شِيرَازِ % وَزَوْجُهَا مُقِيمٌ في الْحِجَازِ % % فَإِنْ تَلِدْ لِسِتَّةٍ من أَشْهُرٍ % من يَوْمِ عَقْدٍ وَاضِحًا في النَّظَرِ % % فَمُدَّةُ الْحَمْلِ مع الْمَسِيرِ % لَا بُدَّ أَنْ تَمْضِيَ في التَّقْدِيرِ
____________________
(9/259)
% إنْ مَضَتَا بِهِ غَدًا مُلْتَحِقَا % وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَافَقَا % % وَعِنْدَنَا في صُورَتَيْنِ حَقَّقُوا % وَالْمُدَّتَانِ إنْ مَضَتْ لَا يَلْحَقُ % % من كان كَالْقَاضِي وَكَالسُّلْطَانِ % وَسَيْرُهُ لَا يَخْفَ عن عِيَانِ % % أو غَاصِبٍ صُدَّ عن اجْتِمَاعٍ % وَنَحْوِهِ فَامْنَعْ وَلَا تُرَاعِي % تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو تَزَوَّجَهَا وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَصِلُ إلَيْهَا في الْمُدَّةِ التي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فيها لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ أَنَّهُ لو أَمْكَنَ وُصُولُهُ إلَيْهَا في الْمُدَّةِ التي أَتَتْ بِالْوَلَدِ فيها لَحِقَهُ نَسَبُهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالِانْتِصَارِ وَلَوْ أَمْكَنَ وَلَا يَخْفَ الْمَسِيرُ كَأَمِيرٍ وَتَاجِرٍ كَبِيرٍ
وَمَثَّلَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِالسُّلْطَانِ وَالْحَاكِمِ
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ مِثْلُهُ لم يَقْضِ بِالْفِرَاشِ وَهِيَ مِثْلُهُ
وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ في وَالٍ وَقَاضٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَعَ عَمَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ لَحِقَهُ
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو يَكُونُ صَبِيًّا دُونَ عَشْرِ سِنِينَ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ أَنَّ بن عَشْرِ سِنِينَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعِبَارَتُهُ في الْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي كَذَلِكَ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ لَا يَلْحَقُ النَّسَبُ من صَبِيٍّ له تِسْعُ سِنِينَ فما دُونَ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وبن تَمِيمٍ ذَكَرَهُ في بَابِ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/260)
وَقِيلَ يُولَدُ لِابْنِ تِسْعٍ جَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ في أَحْكَامِ إقْرَارِ الصَّبِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْكَافِي
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أو كان الزَّوْجُ صَبِيًّا له دُونَ تِسْعِ سِنِينَ
وَقِيلَ عَشْرُ سِنِينَ
وَقِيلَ اثْنَتَيْ عشر ( ( ( عشرة ) ) ) سَنَةً انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يُولَدُ إلَّا لِابْنِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ حتى يُعْلَمَ بُلُوغُهُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ إنْ شَكَّ فيه بِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرٌ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه قَوْلٌ كَثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ
قَوْلُهُ أو مَقْطُوعُ الذَّكَرِ أو الْأُنْثَيَيْنِ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَهُ بن هَانِئٍ فِيمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ قال إنْ دَفَقَ فَقَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ من الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنْ شَكَّ في وَلَدِهِ أرى الْقَافَةَ
وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عن خَصِيٍّ قال إنْ كان مَجْبُوبًا ليس له شَيْءٌ فَإِنْ أَنْزَلَ فإنه يَكُونُ منه الْوَلَدُ وَإِلَّا فَالْقَافَةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قُطِعَ أَحَدُهُمَا فقال أَصْحَابُنَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ
شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ
____________________
(9/261)
إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ خَصِيًّا بِأَنْ تُقْطَعَ أُنْثَيَاهُ وَيَبْقَى ذَكَرُهُ فقال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ وهو عَجِيبٌ منه إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَجْبُوبًا بِأَنْ يُقْطَعَ ذَكَرُهُ وَتَبْقَى أُنْثَيَاهُ فقال جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْمَجْبُوبَ دُونَ الْخَصِيِّ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال النَّاظِمُ % وَزَوْجَةُ من لم يُنْزِلْ الْمَاءَ عَادَةً % لِجَبِّ الْفَتَى أو لِاخْتِصَاءٍ لِيُبْعِد % % وَإِنْ جُبَّ إحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ من الْفَتَى % فالحق لَدَى أَصْحَابِنَا في مُبْعَدِ % انْتَهَى
ولم أَرَ حُكْمَ جَبِّ إحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُطِعَ إحْدَاهُمَا
فَائِدَةٌ قال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ لو كان عِنِّينًا لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ انْتَهَيَا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وهو ظَاهِرُ كلام أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/262)
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ
مُنْذُ طَلَّقَهَا يَعْنِي وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا صَرَّحَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ وَلِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ
تَنْبِيهٌ عِبَارَتُهُ في الْخُلَاصَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ولم يُذْكَرْ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي إلَّا في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى
وَعِبَارَتُهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَإِنْ وَلَدَتْ الرَّجْعِيَّةُ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ طَلَّقَهَا وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أو لم تُخْبِرْ بِانْقِضَائِهَا أَصْلًا فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ذَكَرُوا رِوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَمَنْ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ في الْفَرْجِ أو دُونَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْعَزْلَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ
مَتَى اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ في الْفَرْجِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُطْلَقًا فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أبو الْحُسَيْنِ أو يُرَى الْقَافَةَ نَقَلَهُ الْفَضْلُ
____________________
(9/263)
وقال في الِانْتِصَارِ يَنْتَفِي بِالْقَافَةِ لَا بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا نَفَاهُ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ
وقال في الْفُصُولِ إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً ثُمَّ وَلَدَتْ انْتَفَى عنه وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لم يَنْتَفِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ كما لو أَرَادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَتِهِ بِلِعَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قَوْلُهُ أو دُونَهُ
أَيْ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ دُونَ الْفَرْجِ فَهُوَ كَوَطْئِهِ في الْفَرْجِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ليس كَوَطْئِهِ في الْفَرْجِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْعَزْلَ
يَعْنِي لو اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ في الْفَرْجِ أو دُونَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَ عنها لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ وَكَذَا لو ادَّعَى عَدَمَ إنْزَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْأَصَحِّ أو يَدَّعِي الْعَزْلَ أو عَدَمَ إنْزَالِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَوَجْهَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ من الرِّيحِ
قال بن عَقِيلٍ وَهَذَا منه يَدُلُّ أَنَّهُ أَرَادَ ولم يَنْزِلْ في الْفَرْجِ لِأَنَّهُ لَا رِيحَ يُشِيرُ إلَيْهَا إلَّا رَائِحَةَ الْمَنِيِّ وَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ إنْزَالِهِ فَتَتَعَدَّى رَائِحَتُهُ إلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ فَتَعْلَقُ بها كَرِيحِ الْكُشِّ الْمُلَقِّحِ لِإِنَاثِ النَّخْلِ
____________________
(9/264)
قال وَهَذَا من الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عِلْمٌ عَظِيمٌ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ جَعَلَ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قال ذلك الْوَاطِئُ دُونَ الْفَرْجِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ ذلك فِيمَا إذَا كان يَطَؤُهَا في الْفَرْجِ وهو طَرِيقَةٌ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قال كُنْت أَطَؤُهَا في الْفَرْجِ وَأَعْزِلُ عنها أو لم أُنْزِلْ أو كُنْت أَطَأُ دُونَ الْفَرْجِ وَأَفْعَلُ ذلك وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ وَفِيمَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجِبُ فيه يَمِينٌ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يقبل ( ( ( قبل ) ) ) قَوْلُهُ من غَيْرِ يَمِينٍ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو ادَّعَى عَدَمَ إنْزَالِهِ هل يَحْلِفُ أَمْ لَا قَالَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا أو بَاعَهَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ وَلَدُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ
____________________
(9/265)
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ لم يَسْتَبْرِئْهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ منه
أَيْ من الْبَائِعِ فَهُوَ وَلَدُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أو لم يَدَّعِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَقِيلَ يَلْحَقُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يُرَى الْقَافَةَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ الْفَضْلُ هو له قُلْت في نَفْسِهِ منه شَيْءٌ قال فَالْقَافَةُ
وَأَمَّا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَقِيلَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ يُرَى الْقَافَةَ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَتَجْتَنِب الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا الطِّيبَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ لم يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ وَكَذَا إنْ لم تُسْتَبْرَأْ ولم يُقِرَّ المشتري له بِهِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذلك وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ
قَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ لم يَكُنْ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قبل بَيْعِهَا لم يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عليه فَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَوْ لم يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا حتى بَاعَ لم يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَيُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي
____________________
(9/266)
وَقِيلَ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِدَعْوَاهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وهو مِلْكُ الْمُشْتَرِي إنْ لم يَدَّعِهِ وَكَذَا ذَكَرُوا ذلك في آخِرِ بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فلم يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي هذا الْمَذْهَبُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي مع عَدَمِ لُحُوقِ النَّسَبِ بِالْبَائِعِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ إنْ لم يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي وَلَدًا له
وَالْوَجْهُ الثَّانِي وهو الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ احْتِمَالًا أَنْ يَلْحَقَهُ نَسَبُهُ مع كَوْنِهِ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ ما بَاعَ حتى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ ما وَطِئَهَا فقال إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ قَالَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ يَنْتَفِي النَّسَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ
فَعَلَى هذا هل يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ على الِاسْتِبْرَاءِ فيه وَجْهَانِ الْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَوَائِدُ
منها يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ كَعَقْدٍ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(9/267)
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا
وقال أبو بَكْرٍ لَا يَلْحَقُهُ
قال الْقَاضِي وَجَدْت بِخَطِّ أبي بَكْرٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ إلَّا في نِكَاحٍ صَحِيحٍ أو فَاسِدٍ أو مِلْكٍ أو شُبْهَةٍ ولم يُوجَدْ شَيْءٌ من ذلك وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً
وفي كل نِكَاحٍ فَاسِدٍ فيه شُبْهَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
وَقِيلَ إذَا لم يُعْتَقَدْ فَسَادُهُ
وفي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أو كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَهَلْ يُلْحَقُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ أو بِمِلْكِ الْيَمِينِ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ
وقال في الْفُنُونِ لم يُلْحِقْهُ أبو بَكْرٍ في نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ
وَمِنْهَا لو أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أو مُطَلَّقَتِهِ أو سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ امْرَأَتَانِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِوِلَادَتِهِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ
ثُمَّ هل له نَفْيُهُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَعَلَى الْأَوَّلِ نَقَلَ في الْمُغْنِي عن الْقَاضِي يُصَدَّقُ فيه لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِشُبْهَةٍ مع فِرَاشٍ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/268)
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبْعِيضَ الْأَحْكَامِ لِقَوْلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاحْتَجِبِي منه يا سَوْدَةُ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَمْرُهُ لِسَوْدَةِ رضي اللَّهُ عنها بِالِاحْتِجَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ من الزَّانِي فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ أو قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِهِ عن أَخِيهَا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ من الزنى وَلَا فِرَاشَ لَحِقَهُ
وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها لَا يَلْحَقُهُ
وقال في الِانْتِصَارِ في نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فيه
وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ
وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذلك
وَمِنْهَا إذَا وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ أو أَمَتُهُ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ من الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ لَحِقَ الزَّوْجَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ
وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ من الْوَاطِئِ فقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ يُعْرَضُ على الْقَافَةِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ عنه
وَانْتَفَى عن الزَّوْجِ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالزَّوْجِ لَحِقَ بِهِ ولم يَمْلِكْ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ يَمْلِكُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ اللَّقِيطِ
وَإِنْ الحقته بِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا ولم يَمْلِكْ الْوَاطِئُ نَفْيَهُ عن نَفْسِهِ
وَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(9/269)
كِتَابُ الْعِدَدِ
قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا في الْحَيَاةِ قبل الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ فَلَا عِدَّةَ عليها بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَلَا بها وَهِيَ مُطَاوَعَةٌ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ سَوَاءٌ كان بِهِمَا أو بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ من الْوَطْءِ كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ أو لم يَكُنْ
هذا الْمَذْهَبُ مطلقا ( ( ( مطلق ) ) ) بِشَرْطِهِ الْآتِي سَوَاءٌ كان الْمَانِعُ شَرْعِيًّا أو حِسِّيًّا كما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَاخْتَارَ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ مُطْلَقًا
وَعَنْهُ لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ مع وُجُودِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالِاعْتِكَافِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ في عِدَّةٍ بِخَلْوَةٍ كَصَدَاقٍ
وقد تَقَدَّمَ أَحْكَامُ اسْتِقْرَارِ الصَّدَاقِ كَامِلًا بِالْخَلْوَةِ في الْفَوَائِدِ في كِتَابِ الصَّدَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا لَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان النِّكَاحُ صَحِيحًا أو فَاسِدًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال بن حَامِدٍ لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ بِالْوَطْءِ كَالنِّكَاحِ الْبَاطِلِ إجْمَاعًا
وَعِنْدَ بن حَامِدٍ أَيْضًا لَا عِدَّةَ بِالْمَوْتِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ
وَيَأْتِي هذا قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا مَاتَ عن امْرَأَةٍ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ
فَائِدَةٌ لَا عِدَّةَ بِتَحَمُّلِ الْمَرْأَةِ بِمَاءِ الرَّجُلِ وَلَا بِالْقُبْلَةِ وَلَا بِاللَّمْسِ من غَيْرِ
____________________
(9/270)
خَلْوَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمَا
وَصَحَّحَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه
وَقِيلَ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ فِيمَا إذَا تَحَمَّلَتْ بِالْمَاءِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ رَجُلٍ وَقِيلَ أو قَبَّلَهَا أو لَمَسَهَا بِلَا خَلْوَةٍ فَوَجْهَانِ
ثُمَّ قال قُلْت إنْ كان مَاءُ زَوْجِهَا اعْتَدَّتْ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ بها كَالْأَعْمَى وَالطِّفْلِ فَلَا عِدَّةَ عليها
وَكَذَا لو كانت طِفْلَةً
وَضَابِطُ ذلك أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ مِمَّنْ لَا يُولَدُ له وَالطِّفْلَةُ مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إحْدَاهُنَّ 65 4 { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
أنها لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ ما في بَطْنِهَا وهو صَحِيحٌ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم لِبَقَاءِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ في الْأَحْكَامِ
وقال بن عَقِيلٍ وَغُسْلُهَا من نِفَاسِهَا إنْ اُعْتُبِرَ غُسْلُهَا من حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ
وَعَنْهُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ الْأَزَجِيُّ بِأَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ من الْأَوَّلِ وَآخِرَهُ منه بِأَنَّ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ يتعلق ( ( ( تعلق ) ) ) بِأَحَدِهِمَا لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
____________________
(9/271)
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ الرَّجْعَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ طَهُرَتْ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ
قَوْلُهُ وَالْحَمْلُ الذي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ما يَتَبَيَّنُ فيه شَيْءٌ من خَلْقِ الْإِنْسَانِ
اعْلَمْ أَنَّ ما تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ من الْحَمْلِ هو ما تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فما حَكَمْنَا هُنَاكَ بِأَنَّهَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ نَحْكُمُ هُنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ وما نَحْكُمُ هُنَاكَ بِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ نَحْكُمُ هُنَا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِهِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ هُنَا بِالْمُضْغَةِ وَإِنْ صَارَتْ بها هُنَاكَ أُمَّ وَلَدٍ نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فيها شَيْءٌ من ذلك فذكر ثِقَاتٌ من النِّسَاءِ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
إحْدَاهُمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هذا الْمَنْصُوصُ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(9/272)
فَائِدَةٌ لو أَلْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَبَيَّنْ فيها الْخِلْقَةُ فَشَهِدَ ثِقَاتٌ من الْقَوَابِلِ أَنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً بَانَ بها أنها خِلْقَةُ آدَمِيٍّ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لو وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فيها شَيْءٌ من خَلْقِ الْإِنْسَانِ أنها لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بها وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ
فَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من ذلك انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِهِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ
وَأَمَّا إذَا أَلْقَتْ نُطْفَةً أو دَمًا أو عَلَقَةً فإن الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَأَجْرَى الْقَاضِي الْخِلَافَ في الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ التي لم يَتَبَيَّنْ أنها مَبْدَأُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ كَامْرَأَةِ الطِّفْلِ وَكَذَا الْمُطَلَّقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ وَنَحْوِهِ لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَفِيهِ بُعْدٌ
وَتَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ على قَوْلِ ذلك وَتَابَعَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا
وَعَنْهُ تَنْقَضِي بِهِ إذَا كان من غَيْرِ امْرَأَةِ الطِّفْلِ لِلُحُوقِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَظُنُّ هذا اخْتِيَارَ الْقَاضِي
وقال في الْمُنْتَخَبِ إنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَةٌ بَائِنٌ لِأَكْثَرَ من أَرْبَعِ سِنِينَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَالْمُلَاعِنَةِ وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا
____________________
(9/273)
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدًا بَعْدَ مُدَّةِ أَكْثَرِ الْحَمْلِ لم يَلْحَقْ الزَّوْجَ إذَا كان الطَّلَاقُ بَائِنًا
وَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ على وَجْهَيْنِ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِذَلِكَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قَوْلُهُ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ أَقَلُّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ
قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ سَنَتَانِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَشَرْحِهِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا قبل ذلك إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ هل تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَأَقَلُّ ما يَتَبَيَّنُ بِهِ الْوَلَدُ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ
____________________
(9/274)
وَقِيلَ بَلْ ثَمَانُونَ وَلَحْظَتَانِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وهو إذَنْ مُضْغَةٌ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ وَيُصَوَّرُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ على الصَّحِيحِ
وَقِيلَ وَلَحْظَتَيْنِ
وَقِيلَ بَلْ وَسَاعَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا
يَعْنِي غير الْحَامِلِ منه قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وهو صَحِيحٌ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إنْ كانت حَرَّةً وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إنْ كانت أَمَةً يَعْنِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا فَتَكُونُ عَشْرَ لَيَالٍ وَخَمْسَ لَيَالٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ
وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ الْيَوْمُ مُقَدَّمٌ قبل اللَّيْلَةِ لَا يُجْزِئُهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةً
فَائِدَةٌ من نِصْفُهَا حُرٌّ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ من حِينِ مَوْتِهِ وَسَقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَعْتَدُّ بِأَطْوَلِهِمَا
قال الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَهُ عن صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ
____________________
(9/275)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قُتِلَ الْمُرْتَدُّ في عِدَّةِ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ لِأَنَّهُ كان يُمْكِنُهُ تَلَافِي النِّكَاحَ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً على أَنَّ الْفَسْخَ يَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ كَافِرٍ ثُمَّ مَاتَ قبل انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ في قِيَاسِ التي قَبْلَهَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا في الصِّحَّةِ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ في عِدَّتِهَا لم تَنْتَقِلْ عن عِدَّتِهَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان الطَّلَاقُ في مَرَضِ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ من عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وهو الصَّحِيحُ وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ لَا غَيْرُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ
ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُجَرَّدِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كانت تَرِثُهُ فَأَمَّا الْأَمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ فَلَا يَلْزَمُهُمَا غَيْرُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ قَوْلًا وَاحِدًا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ أو بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْبَائِنِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِمَا لِلْوَفَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/276)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ إنْ وَرِثَتْ منه اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
الثَّانِيَةُ لو طَلَّقَ في مَرَضِ الْمَوْتِ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَهِيَ بَعْضُ ما قَبْلَهَا فِيمَا يَظْهَرُ
الثَّالِثَةُ لو طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ مُبْهَمَةً أو مُعَيَّنَةً ثُمَّ أُنْسِيَهَا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ لِلْأَطْوَلِ مِنْهُمَا ما لم تَكُنْ حَامِلًا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَابَتْ الْمُتَوَفَّى عنها لِظُهُورِ أَمَارَاتِ الْحَمْلِ من الْحَرَكَةِ وَانْتِفَاخِ الْبَطْنِ وَانْقِطَاعِ الْحَيْضِ قبل أَنْ تُنْكَحَ لم تَزَلْ في عِدَّةٍ حتى تَزُولَ الرِّيبَةُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قبل زَوَالِهَا لم يَصِحَّ النِّكَاحُ
يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَتْ الْمُرْتَابَةُ قبل زَوَالِ الرِّيبَةِ لم يَصِحَّ النِّكَاحُ مُطْلَقًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ يَصِحُّ إذَا كان بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ بها ذلك بَعْدَ نِكَاحِهَا لم يَفْسُدْ
إنْ كان بَعْدَ الدُّخُولِ لم يَفْسُدْ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا حتى تَزُولَ الرِّيبَةُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(9/277)
وَإِنْ كان قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ فيها وَجْهَانِ كَالَّتِي بَعْدَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أنها لو ظَهَرَ بها أَمَارَاتُ الْحَمْلِ قبل نِكَاحِهَا وَبَعْدَ شُهُورِ الْعِدَّةِ أَنَّ نِكَاحَهَا فَاسِدٌ بَعْدَ ذلك وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحِلُّ لها النِّكَاحُ وَيَصِحُّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَحِلِّ النِّكَاحِ وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فَلَا يَزُولُ ما حَكَمْنَا بِهِ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في التي قَبْلَهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي في هذه الْمَسْأَلَةِ لو وَلَدَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَبَيَّنَّا فَسَادَ الْعَقْدِ فِيهِمَا
قَوْلُهُ وإذا مَاتَ عن امْرَأَةٍ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ
كَالنِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فيه فقال الْقَاضِي عليها عِدَّةُ الْوَفَاةِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن حَامِدٍ لَا عِدَّةَ عليها لِلْوَفَاةِ كَذَلِكَ
وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ في أَوَّلِ الْبَابِ بِمَا هو أَعَمُّ من ذلك
وَإِنْ كان النِّكَاحُ مُجْمَعًا على بُطْلَانِهِ لم تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ من أَجْلِهِ وَجْهًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ الثَّالِثُ ذَاتُ الْقُرْءِ التي فَارَقَهَا في الْحَيَاةِ بَعْدَ دُخُولِهِ بها وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إنْ كانت حُرَّةً وَقُرْآنِ إنْ كانت أَمَةً
____________________
(9/278)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَقِيَّةِ الْفُسُوخِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ صَالِحٍ
فَائِدَةٌ الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ
قَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ الْحَيْضُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْقَاضِي الصَّحِيحُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُنَا وَرَجَعَ عن قَوْلِهِ بِالْأَطْهَارِ
فقال في رِوَايَةِ النَّيْسَابُورِيِّ كُنْت أَقُولُ إنَّهُ الْأَطْهَارُ وأنا أَذْهَبُ الْيَوْمَ إلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ
وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ كُنْت أَقُولُ الْأَطْهَارُ ثُمَّ وُفِّقَتْ لِقَوْلِ الْأَكَابِرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ
قال بن عبد الْبَرِّ رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ
وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ رَأَيْت الْأَحَادِيثَ عَمَّنْ قال الْقُرْءُ الْحَيْضُ مُخْتَلِفَةٌ وَالْأَحَادِيثُ عَمَّنْ قال إنَّهُ أَحَقُّ بها حتى تَدْخُلَ في الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَحَادِيثُهَا صِحَاحٌ قَوِيَّةٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ التي طَلَّقَهَا فيها بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى
____________________
(9/279)
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو انْقَطَعَ دَمُهَا من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قبل الِاغْتِسَالِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وهو الصَّحِيحُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حتى تغتسل ( ( ( تغسل ) ) ) وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا قال أَصْحَابُنَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ارْتِجَاعُهَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْوَجِيزِ لَا تَحِلُّ حتى تَغْتَسِلَ أو يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الرَّجْعَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَإِنْ طَهُرَتْ من الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ فَهَلْ له رَجْعَتُهَا على رِوَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أنها لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا حتى تَغْتَسِلَ أنها لَا تَحِلُّ إذَا فَرَّطَتْ في الْغُسْلِ سِنِينَ حتى قال بِهِ شَرِيكُ الْقَاضِي عِشْرِينَ سَنَةً
وَذَكَرَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى إحْدَى الرِّوَايَات
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي ما لم تَغْتَسِلْ وَإِنْ فَرَّطَتْ في الِاغْتِسَالِ مُدَّةً طَوِيلَةً
وقد قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ أَخَّرَتْ الْغُسْلَ مُتَعَمِّدَةً فَيَنْبَغِي إنْ كان الْغُسْلُ من أَقْرَائِهَا أَنْ لَا تَبِينَ وَإِنْ أَخَّرَتْهُ قال هَكَذَا كان يقول شَرِيكٌ
____________________
(9/280)
وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ أَخَذَ بِهِ انْتَهَى
وَعَنْهُ تَحِلُّ بِمُضِيِّ وَقْتِ صَلَاةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ كما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذلك في بَابِ الرَّجْعَةِ
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ كَقَطْعِ الْإِرْثِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا فَتَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَجَعَلَهَا بن عَقِيلٍ على الْخِلَافِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا هُنَاكَ
وَأَمَّا على رِوَايَةِ أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ فَتَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الذي طَلَّقَهَا فيه قُرْءًا ثُمَّ إذَا طَعَنَتْ في الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَمَةُ إذَا طَعَنَتْ في الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ حَلَّتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
فَعَلَى هذا ليس الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ من الْعِدَّةِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ منها
قُلْت فَيُعَايَى بها
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ الرَّابِعُ اللَّائِي يَئِسْنَ من الْمَحِيضِ وَاَللَّائِي لم يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كُنَّ حَرَائِرَ وَإِنْ كُنَّ إمَاءً فَشَهْرَانِ
يَعْنِي يَكُونُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ من حِينِ وَقَعَ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ كان في أَوَّلِ اللَّيْلِ أو النَّهَارِ أو في أَثْنَائِهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/281)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ
وقال بن حَامِدٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا من أَوَّلِ اللَّيْلِ أو النَّهَارِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كُنَّ إمَاءً فَشَهْرَانِ
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عنه أَنَّ عِدَتَهُنَّ شَهْرَانِ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ وَالْمُنْتَخَبُ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وأبو بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ عنه الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ شَهْرٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ
قَوْلُهُ وَعِدَّةُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ من عِدَّةِ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ
على الرِّوَايَاتِ في الْأَمَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أنها كَحُرَّةٍ
قَوْلُهُ وَحَدُّ الْإِيَاسِ خَمْسُونَ سَنَةً
____________________
(9/282)
هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ في بَابِ الْحَيْضِ وَقَدَّمُوهُ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا في بَابِ الْحَيْضِ في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ
وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا في نَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ هُنَا في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِينَ سَنَةً على الْأَظْهَرِ
وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ في بَابِ الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ
قال بن الزَّاغُونِيِّ هذا اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ
قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ في بَابِ الْحَيْضِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ أَنَّ ذلك حَدُّهُ في نِسَاءِ الْعَجَمِ وَحَدُّهُ في نِسَاءِ الْعَرَبِ سِتُّونَ سَنَةً
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ إنْ كانت من الْعَجَمِ وَالنَّبَطِ فَإِلَى الْخَمْسِينَ وَالْعَرَبُ إلَى السِّتِّينَ زَادَ في الرِّعَايَةِ النَّبَطِ وَنَحْوِهِمْ وَالْعَرَبِ وَنَحْوِهِمْ
وَعَنْهُ حَدُّهُ سِتُّونَ سَنَةً مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْإِيضَاحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَعُمْدَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالتَّسْهِيلِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في النِّهَايَةِ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَالْقَاضِي
وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي
____________________
(9/283)
قال في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا عن عَادَتِهَا مَرَّاتٌ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَقَدْ صَارَتْ آيِسَةً وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ على الْعَادَةِ التي كانت تَرَاهُ فيها فَهُوَ حَيْضٌ في الصَّحِيحِ لِأَنَّ دَلِيلَ الْحَيْضِ الْوُجُودُ في زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَهَذَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْحَيْضِ فيه وَإِنْ كان نَادِرًا انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه
وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ مَشْكُوكٌ فيه فَتَصُومُ وَتُصَلِّي اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَنَاظِمُهُ
قال في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ
فَعَلَيْهَا تَصُومُ وُجُوبًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ
وَعَنْهُ اسْتِحْبَابًا ذَكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ سِنِّ الْحَيْضِ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ الْحَيْضِ
فَلِلْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اخْتِيَارَاتٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ في عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى الْقُرْءِ وَيَلْزَمُهَا إكْمَالُهَا وَهَلْ يُحْسَبُ ما قبل الْحَيْضِ قُرْءٌ إذَا قُلْنَا الْقُرْءُ الْأَطْهَارُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا لَا يُحْسَبُ قُرْءٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْمُنَوِّرِ وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ ابْتَدَأَتْ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَتَبْدَأُ حَائِضٌ في الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ
____________________
(9/284)
فَلَيْسَ في شَيْءٍ من ذلك دَلِيلٌ على ما قُلْنَا لِأَنَّ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضُ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالطُّهْرُ الْمَاضِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ في وَجْهٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحْسَبُ قُرْءًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ يَئِسَتْ ذَاتُ الْقُرْءِ في عِدَّتِهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْآيِسَاتِ وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ الرَّجْعِيَّةُ في عِدَّتِهَا بَنَتْ على عِدَّةِ حَرَّةٍ وَإِنْ كانت بَائِنًا بَنَتْ على عِدَّةِ أَمَةٍ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك كُلِّهِ
قَوْلُهُ الْخَامِسُ من ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي ما رَفَعَهُ اعْتَدَّتْ سَنَةً تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ وَثَلَاثَةٌ لِلْعِدَّةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْخِرَقِيِّ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ أَكْثَرَ مُدَّتِهِ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَعْتَدَّ لِلْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
فَائِدَةٌ لَا تَنْتَقِضُ عِدَّتُهَا بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أنها لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ لِلْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَنْتَقِضُ فَتَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ
جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(9/285)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كانت أَمَةً اعْتَدَّتْ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا
هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ من أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ التي يَئِسَتْ من الْحَيْضِ أو لم تَحِضْ شَهْرَانِ على ما تَقَدَّمَ
وَإِنْ قُلْنَا عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ كَالْحُرَّةِ
وَإِنْ قُلْنَا عِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ فَتَعْتَدُّ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ
وَإِنْ قُلْنَا عِدَّتُهَا شَهْرٌ فَبِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ
وَهَذَا الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
قَوْلُهُ وَعِدَّةُ الْجَارِيَةِ التي أَدْرَكَتْ ولم تَحِضْ وَالْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ
عِدَّةُ الْجَارِيَةِ الْحَرَّةِ التي أَدْرَكَتْ ولم تَحِضْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالْأَمَةُ شَهْرَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْآيِسَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ عِدَّتُهَا كَعِدَّةِ من ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي ما رَفَعَهُ على ما تَقَدَّمَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ وفي غَيْرِهِ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ لَكِنْ قال أبو بَكْرٍ خَالَفَ أبو طَالِبٍ أَصْحَابَهُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ لِوَقْتِهَا وَالْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَالْآيِسَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/286)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَعْتَدُّ سَنَةً كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي ما رَفَعَهُ
وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ في الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ وهو منها
وقال في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ الْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ لِوَقْتِ حَيْضِهَا تَعْتَدُّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ
فَائِدَةٌ لو كانت الْمُسْتَحَاضَةُ لها عَادَةٌ أو تَمْيِيزٌ فأنها تَعْمَلُ بِذَلِكَ
وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ لها حَيْضَةً في كل شَهْرٍ أو شَهْرَيْنِ أو أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَقْتَهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ ذلك نُصَّ عليه وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ فَأَمَّا التي عَرَفَتْ ما رَفَعَ الْحَيْضَ من مَرَضٍ أو رَضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَزَالُ في عِدَّةٍ حتى يَعُودَ الْحَيْضُ فَتَعْتَدَّ بِهِ إلَّا أَنْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ آيِسَةٍ حِينَئِذٍ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي طَالِبٍ وبن مَنْصُورٍ وَالْأَثْرَمِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ ذَكَرَهُ محمد بن نَصْرِ الْمَرْوَزِيِّ عن مَالِكٍ رضي اللَّهُ عنه وَمَنْ تَابَعَهُ منهم الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه وهو ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْكَافِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ أنها تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ كانت لَا تَحِيضُ أو ارْتَفَعَ حَيْضُهَا أو صَغِيرَةً فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ في أَمَةٍ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ تُسْتَبْرَأُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ وَشَهْرٍ لِلْحَيْضِ
____________________
(9/287)
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَكَآيِسَةٍ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ سَنَةً
قَوْلُهُ السَّادِسَةُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ الذي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ كَاَلَّذِي يُفْقَدُ من بَيْنِ أَهْلِهِ أو في مَفَازَةٍ أو بين الصَّفَّيْنِ إذَا قُتِلَ قَوْمٌ أو من غَرِقَ مَرْكَبُهُ وَنَحْوُ ذلك فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا في مِقْدَارِ تَرَبُّصِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ اعْتِدَادِهَا فِيمَا ظَاهِرُهُ الْهَلَاكُ كَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ فِيمَا ظَاهِرُهُ الْهَلَاكُ حُكْمًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَلْيُعَاوَدْ ذلك فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا تَرَبُّصُ الْأَمَةِ كَالْحُرَّةِ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي تَتَرَبَّصُ على النِّصْفِ من الْحُرَّةِ وَرَوَاهُ أبو طَالِبٍ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
الثَّانِيَةُ هل تَجِبُ لها النَّفَقَةُ في مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ وهو الذي ذَكَرَهُ بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ
قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي لِأَنَّهُ حُكِمَ بِوَفَاتِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ فَصَارَتْ مُعْتَدَّةً لِلْوَفَاةِ
وَالثَّانِي يَجِبُ قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينِ الْمَوْتِ ولم يُوجَدْ
____________________
(9/288)
هُنَا وَذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وزاد أَنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ على نِكَاحِهِ ما لم تَتَزَوَّجْ أو يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا
قُلْت فَعَلَى الثَّانِي يُعَايَى بها
قَوْلُهُ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَفْتَقِرُ إلَى ذلك فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ من حِينِ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ لها كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذلك
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَاكِمُ على الْأَصَحِّ فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو الصَّوَابُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في أَوَّلِ كَلَامِهِ
وَعَدَمُ افْتِقَارِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ إلَى الْحَاكِمِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلِيُّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وهو الصَّوَابُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الْقِيَاسُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وقال بن عَقِيلٍ لَا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكَاحِ على الْأَصَحِّ كَضَرْبِ الْمُدَّةِ انْتَهَى
____________________
(9/289)
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ طَلَاقُ وَلِيِّهِ بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وإذا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ نَفَذَ حُكْمُهُ في الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَلَوْ طَلَّقَ الْأَوَّلُ صَحَّ طَلَاقُهُ
لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ وَكَذَا لو ظَاهَرَ منها صَحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُهُ بَاطِنًا فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً
قُلْت قد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في آخِرِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ رِوَايَةً ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُزِيلُ الشَّيْءَ عن صِفَتِهِ في الْبَاطِنِ من الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ
وقال أبو الْخَطَّابِ الْقِيَاسُ أَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِالْفُرْقَةِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْإِرْثُ على الْخِلَافِ
فَائِدَةٌ لو تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ قبل الزَّمَانِ الْمُعْتَبَرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كان مَيِّتًا أو أَنَّهُ طَلَّقَهَا قبل ذلك بِمُدَّةٍ تَنْقَضِي فيها الْعِدَّةُ فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي
الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
____________________
(9/290)
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ ولم يَجُزْ التَّزْوِيجُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإذا فَعَلَتْ ذلك
يَعْنِي إذَا تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَاعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ رُدَّتْ إلَيْهِ إنْ كان قبل دُخُولِ الثَّانِي بها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً أَنَّهُ يُخَيَّرُ أُخِذَ ذلك من قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ فَجَاءَ خُيِّرَ بين الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عُمُومَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُحْمَلُ على خَاصِّ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَأَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَتَكُونُ زَوْجَةَ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ
يَعْنِي بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ خُيِّرَ الْأَوَّلُ بين أَخْذِهَا وَبَيْنَ تَرْكِهَا مع الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ كما قال الْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْقِيَاسُ أنها تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا خِيَارَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَنَقُولُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ
وَحَكَاهُ في الْفُرُوعِ عن جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ
____________________
(9/291)
وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ في أَمْرِهِ
وَنَقَلَ أبو طَالِب لَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ مع مَوْتِهَا وَأَنَّ الْأَمَةَ كَنِصْفِ الْحُرَّةِ كَالْعِدَّةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
وَجَعَلَ في الرَّوْضَةِ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إلَيْهَا فَأَيُّهُمَا اخْتَارَتْهُ رَدَّتْ على الْآخَرِ ما أَخَذَتْهُ منه انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَرِثُ الثَّانِيَ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ
قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ تَرِثُهُ كَذَا قال في الْفُرُوعِ
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه على الْفُرُوعِ وَصَوَابُهُ وقال أبو حَفْصٍ
وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ مَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ حَيًّا فَالْفُرْقَةُ وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ اخْتَارَ الْأَوَّلُ أَخْذَهَا فَلَهُ ذلك بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ من غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى طَلَاقِ الثَّانِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْمَنْصُوصُ وَإِنْ لم يُطَلِّقْ
وَقِيلَ لَا بُدَّ من طَلَاقِ الثَّانِي
قال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِهِ يَحْتَاجُ إلَى الطَّلَاقِ انْتَهَى
وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلثَّانِي تَرَكَهَا له فَتَكُونُ زَوْجَتَهُ من غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وقال الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجَدَّدُ الْعَقْدُ
قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ صَدَاقَهَا منه
____________________
(9/292)
يَعْنِي إذَا تَرَكَهَا الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَخَذَ صَدَاقَهَا منه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال بن عَقِيلٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الذي أَعْطَاهَا أو الذي أَعْطَاهَا الثَّانِي على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَأْخُذُ قَدْرَ صَدَاقِهَا الذي أَعْطَاهَا هو لَا الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الذي أَعْطَاهَا الثَّانِي
وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يَرْجِعُ الثَّانِي على الزَّوْجَةِ بِمَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ منه على الصَّحِيحِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عليها
قال في الْمُغْنِي وهو أَظْهَرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ
____________________
(9/293)
قَوْلُهُ فَأَمَّا من انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتَّاجِرِ وَالسَّائِحِ فإن امْرَأَتَهُ تَبْقَى أَبَدًا إلَى أَنْ يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَالَا هذا الْمَذْهَبُ وَنَصَرَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَعَنْهُ أنها تَتَرَبَّصُ تِسْعِينَ عَامًا من يَوْمِ وُلِدَ ثُمَّ تَحِلُّ هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ أَبَدًا
فَعَلَيْهَا يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فيه كَغَيْبَةِ بن تِسْعِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في هذا الْبَابِ وَإِنْ جَهِلَ بِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ ولم يَثْبُتْ مَوْتُهُ بَقِيَتْ ما رَأَى الْحَاكِمُ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْمَوْتِ وَقَدَّمُوا هذا
وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْأَسِيرِ
وَقَالَهُ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أو مَاتَ عنها وهو غَائِبٌ عنها فَعِدَّتُهَا من يَوْمِ مَاتَ أو طَلَّقَ وَإِنْ لم تَجْتَنِبْ ما تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ إنْ ثَبَتَ ذلك بِبَيِّنَةٍ أو كانت بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَعِدَّتُهَا من يَوْمِ بَلَغَهَا الْخَبَرُ
قَوْلُهُ وَعِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ
____________________
(9/294)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ إجْمَاعًا وَكَذَا عِدَّةُ من نِكَاحُهَا فَاسِدٌ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَأَنَّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ في الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ عِدَّةُ الْمَزْنِيِّ بها
يَعْنِي أَنَّ عِدَّتَهَا كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى كَالْأَمَةِ الْمَزْنِيِّ بها غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ
وَاخْتَارَهَا الْحَلْوَانِيُّ وبن رَزِينٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا في كل فَسْخٍ وَطَلَاقِ ثَلَاثٍ
وَحَكَى في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي رِوَايَةً ثَالِثَةً أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ وَالْمَزْنِيَّ بها وَمَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فَقَالَا وَمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أو زنا ( ( ( وزنا ) ) ) أو بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تَعْتَدُّ كَمُطَلَّقَةٍ
وَعَنْهُ تُسْتَبْرَأُ الزَّانِيَةُ بِحَيْضَةٍ كَأَمَةٍ غَيْرِ مُزَوَّجَةٍ وَعَنْهُ بِثَلَاثٍ
فَائِدَةٌ إذَا وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ أو سُرِّيَّتُهُ بِشُبْهَةٍ أو زِنًا حَرُمَتْ عليه حتى تَعْتَدَّ
وَفِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا تَحْرُمُ عليه اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو الصَّوَابُ
____________________
(9/295)
وَالثَّانِي تَحْرُمُ
قَوْلُهُ وإذا وُطِئَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِشُبْهَةٍ أو غَيْرِهَا
مِثْلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ
لَكِنْ لَا يُحْتَسَبُ منها مُدَّةُ مَقَامِهَا عِنْدَ الْوَاطِئِ الثَّانِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُحْسَبُ منها مَقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في كُتُبِهِ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ يُحْسَبُ منها
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَاتِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُنْذُ وطىء لَا يُحْتَسَبُ من مُدَّةِ الْأَوَّلِ
وَقِيلَ بَلَى
وقال في الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ قُلْت مُنْذُ وطىء لَا يُحْتَسَبُ من عِدَّةِ الْأَوَّلِ في الْأَصَحِّ انْتَهَى
وَلَهُ رَجْعَتُهَا في مُدَّةِ تَتِمَّةِ الْعِدَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ رَجْعَةُ الرَّجْعِيَّةِ في التَّتِمَّةِ في الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ ليس له رَجْعَتُهَا فيها
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ قَالَهُ في آخِرِ الْفَائِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ
قُلْت فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ من الْوَطْءِ
____________________
(9/296)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الْعِدَّتَيْنِ من رَجُلَيْنِ لَا يَتَدَاخَلَانِ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ إذَا وُطِئَتْ زَوْجَةُ الطِّفْلِ ثُمَّ مَاتَ عنها ثُمَّ وَضَعَتْ قبل تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أنها لَا تَحِلُّ له حتى تُكْمِلَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ
قال الْمَجْدُ وَظَاهِرُ هذا تَدَاخُلُ الْعِدَّتَيْنِ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت بَائِنًا فَأَصَابَهَا الْمُطَلِّقُ عَمْدًا فَكَذَلِكَ
يَعْنِي أنها كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ من الْأَجْنَبِيِّ في عِدَّتِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَعَلَهَا في التَّرْغِيبِ كَوَطْئِهِ الْبَائِنَ منه بِشُبْهَةٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ هذه
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَهَا بِشُبْهَةٍ
يَعْنِي الْمُطَلِّقَ طَلَاقًا بَائِنًا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ لِلْوَطْءِ وَدَخَلَتْ فيها بَقِيَّةُ الْأُولَى
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَإِنْ كان الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ هو الزَّوْجُ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ لِأَنَّهُمَا من رَجُلٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ من أَحَدِ الْوَطْأَيْنِ فَفِي التَّدَاخُلِ وَجْهَانِ لِكَوْنِ الْعِدَّتَيْنِ من جِنْسَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا اعْتَدَّتْ له أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/297)
وَقِيلَ تَعْتَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَوَّلًا ثُمَّ تَعْتَدُّ له ثَانِيًا وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَقْيَسُ
وفي رَجْعَتِهِ قبل عِدَّتِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا ليس له ذلك قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له ذلك
وفي وَطْءِ الزَّوْجِ إنْ حَمَلَتْ منه وَجْهَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صِحَّةَ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ
وَصَحَّحَ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ عَدَمَ التَّحْرِيمِ
الثَّانِيَةُ كُلُّ مُعْتَدَّةٍ من غَيْرِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالزَّانِيَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أو في نِكَاحٍ فَاسِدٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا على الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ في الْعِدَّةِ قَالَهُ الشَّارِحُ
وقال قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى حِلُّ نِكَاحِهَا لِمَنْ هِيَ مُعْتَدَّةٌ منه إنْ كان يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ مائة وَصِيَانَةِ نَسَبِهِ
وَمَنْ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا كَالزَّانِيَةِ لَا يَحِلُّ له نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى اشْتِبَاهِ النَّسَبِ
وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ذلك في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حتى تَتُوبَ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ في عِدَّتِهَا لم تَنْقَطِعْ عِدَّتُهَا حتى يَدْخُلَ بها
____________________
(9/298)
فَتَنْقَطِعَ حِينَئِذٍ ثُمَّ إذَا فَارَقَهَا بَنَتْ على عِدَّتُهَا من الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ من الثَّانِي
لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ من أَحَدِهِمَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ منه ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ أَيَّهُمَا كان وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا أُرِيَ الْقَافَةَ مَعَهُمَا فَأُلْحَقَ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْآخَرِ كَمَوْطُوءَةٍ لِاثْنَيْنِ
وَقِيلَ في الْمَوْطُوءَةِ لِاثْنَيْنِ بِزِنًى عليها عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَتَدَاخَلَانِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمَجْدِ
وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ من نِكَاحِ الثَّانِي فَهُوَ له ذَكَرَهُ عنه الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في الْمَفْقُودِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ مثله وزاد فَإِنْ ادَّعَيَاهُ فَالْقَافَةُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَهَا وَيُؤَدَّبَانِ
قَوْلُهُ وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ أنها تَحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ
وَعَنْهُ تَحْرُمُ على التَّأْبِيدِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ
____________________
(9/299)
وقال الْمُصَنِّفُ له نِكَاحُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا يُمْنَعُ من نِكَاحِهَا في عِدَّتِهَا منه كَالْوَطْءِ في النِّكَاحِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في الْفَائِدَةِ قبل ذلك وَهِيَ أَعَمُّ
وَتَقَدَّمَ في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء رَجُلَانِ امْرَأَةً فَعَلَيْهَا عِدَّتَانِ لَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَمُرَادُهُ إذَا وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ إذْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ
وَصَرَّحَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فلم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حتى طَلَّقَهَا ثَانِيَةً بَنَتْ على ما مَضَى من الْعِدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بها اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل دُخُولِهِ بها فَهَلْ تَبْنِي أو تَسْتَأْنِفُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ كَمَنْ فَسَخَتْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِعِتْقٍ أو غَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَوْلَى الرِّوَايَتَيْنِ أنها تَسْتَأْنِفُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَبْنِي اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(9/300)
وَقَوْلِي اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هو من كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه لَيْسَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ في الْخِرَقِيِّ وَلَا عَزَاهَا إلَيْهِ في الْمُغْنِي وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا في فَصْلٍ مُفْرَدٍ ولم يَنْقُلْ عنه فيها قَوْلًا انْتَهَى
قَوْلُهُ وإن ( ( ( وإذا ) ) ) طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ نَكَحَهَا في عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فيها قبل دُخُولِهِ بها فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ أُولَاهُمَا أنها تَبْنِي على ما مَضَى من الْعِدَّةِ الْأُولَى لِأَنَّ هذا طَلَاقٌ من نِكَاحٍ لَا دُخُولَ فيه فَلَا يُوجِبُ عِدَّةً
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً
وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فيها طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا هِيَ على الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ في الرَّجْعِيَّةِ وهو الْمَذْكُورُ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ
وَالثَّانِي تَبْنِي هُنَا رِوَايَةً وَاحِدَةً وهو ما في تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ عن الثَّانِي بِالْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ قَوْلُهُ فَصْلٌ
وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ على الْمُعْتَدَّةِ من الْوَفَاةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَهَلْ يَجِبُ على الْبَائِنِ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(9/301)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ وهو الْمَذْهَبُ على ما قَدَّمْنَا في الْخُطْبَةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وبن شِهَابٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَجِبُ على الْمُتَوَفَّى عنها وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُحَرَّمَةِ
وَالْأَصْحَابُ يَحْكُونَ الْخِلَافَ في الْبَائِنِ فَيَشْمَلُ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا وَالْمُخْتَلِعَةَ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد مَخْصُوصٌ بِالثَّلَاثِ
وَالْخِرَقِيُّ قال وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَيُلْحَقُ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا كُلُّ بَائِنٍ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وفي وُجُوبِهِ على الْبَائِنِ بِالثَّلَاثِ أو خُلْعٍ أو فَسْخٍ أو غَيْرِ ذلك رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي الْبَائِنِ بِطَلَاقٍ وَخُلْعٍ وَفَسْخٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَقِيلَ الْمُخْتَلِعَةُ كَالرَّجْعِيَّةِ
قال الشَّارِحُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا في كِتَابِ الْكَافِي أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ كَالْبَائِنِ فِيمَا ذَكَرْنَا من الْخِلَافِ
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عليها لِأَنَّهَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الذي خَالَعَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا في عِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْبَائِنِ بِالثَّلَاثِ انْتَهَى
____________________
(9/302)
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ مَخْصُوصٌ بِالْبَائِنِ بِالثَّلَاثِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَطْلَقُوا الْبَائِنَ
وقال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ لَا يَلْزَمُ الْإِحْدَادَ بَائِنًا قبل الدُّخُولِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ فإنه يَجُوزُ إجْمَاعًا لَكِنْ لَا يُسَنُّ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْمَنْصُوصُ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ الْبَرَائِيِّ الْقَاضِي وَمُحَمَّدِ بن أبي مُوسَى
قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ في الْإِحْدَادِ الْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى الَّذِينَ أَلْزَمُوا بِهِ الذِّمِّيَّةَ لَا يُلْزِمُونَهَا بِهِ في عِدَّتِهَا من الذِّمِّيِّ فَصَارَ هذا كَعُقُودِهِمْ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَالْإِحْدَادُ اجْتِنَابُ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ
فَتَجْتَنِبُ الطِّيبَ وَلَوْ كان في دُهْنٍ نُصَّ عليه كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْيَاسَمِين وَالْبَانِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَتَتْرُكُ دُهْنًا مُطَيِّبًا فَقَطْ نَصَّ عليه كَدُهْنِ وَرْدٍ
____________________
(9/303)
وفي الْمُغْنِي وَدُهْنُ راس وَلَعَلَّهُ بَانَ كما صَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي
وَصَرَّحَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالِادِّهَانِ بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَالسَّمْنِ ولم يَخُصَّ غير الرَّأْسِ بَلْ أَطْلَقَ
قُلْت وَكَذَا قال الشَّارِحُ
الثَّانِي قَوْلُهُ وَاجْتِنَابُ الْحِنَّاءِ وَالْخِضَابِ وَالْكُحْلِ الْأَسْوَدِ
مُرَادُهُ بِاجْتِنَابِ الْكُحْلِ الْأَسْوَدِ إذَا لم تَكُنْ حَاجَةً قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وغيره ( ( ( غيره ) ) )
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ اُضْطُرَّتْ الْحَادَّةُ إلَى الْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ لِلتَّدَاوِي فَلَهَا أَنْ تَكْتَحِلَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا وَقَطَعُوا بِهِ وَأَفْتَتْ بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ رضي اللَّهُ عنها
قُلْت ذلك مُعَارَضٌ بِمَا في الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا وقد اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنُكَحِّلُهَا فقال لَا مَرَّتَيْنِ
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذلك مَنْسُوخًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كان يُمْكِنُهَا التَّدَاوِي بِغَيْرِهِ فَمَنَعَهَا منه وَيُحْتَمَلُ أنها لم تَكُنْ وَصَلَتْ إلَى الِاضْطِرَارِ إلَى ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَالْخِفَافِ
تُمْنَعُ الْحَادَّةُ من الْخِفَافِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَجْهُ سَهْوٍ
وقال في الْمَطْلَعِ وَالْمُحَرَّمُ عليها إنَّمَا هو نَتْفُ وَجْهِهَا فَأَمَّا حَفُّهُ وَحَلْقُهُ فَمُبَاحٌ نَصَّ عليه أَصْحَابُنَا
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ اُشْتُبِهَ عليه فَجَعَلَ الْمَمْنُوعَةَ منه في الْإِحْدَادِ وَغَيْرِهِ وهو النَّتْفُ مَمْنُوعَةً منه هُنَا وَجَعَلَ الذي لَا تُمْنَعُ منه الزَّوْجَةُ مع زَوْجِهَا وَغَيْرُ
____________________
(9/304)
الْحَادَّةِ وهو الْحَفُّ وَالْحَلْقُ لَا تُمْنَعُ منه الْحَادَّةُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ عَنَاهُ بِمَا قال
فَائِدَةٌ لَا تُمْنَعُ من التَّنْظِيفِ بِتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفٍ الإبط ( ( ( للإبط ) ) ) وَحَلْقٍ الشعر ( ( ( للشعر ) ) ) الْمَنْدُوبِ إلَى حَلْقِهِ وَلَا من الِاغْتِسَالِ بِالسِّدْرِ وَالِامْتِشَاطِ
قَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ عليها الْأَبْيَضُ من الثِّيَابِ وَإِنْ كان حَسَنًا وَلَا الْمُلَوَّنُ لِدَفْعِ الْوَسَخِ كَالْكُحْلِيِّ وَنَحْوِهِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْرُمُ الْأَبْيَضُ الْمُعَدُّ لِلزِّينَةِ وما هو بِبَعِيدٍ فإن بَعْضَهَا أَعْظَمُ مِمَّا مُنِعَتْ منه من غَيْرِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَحْرُمُ في الْأَصَحِّ مُلَوَّنٌ لِدَفْعِ وَسَخٍ كَأَسْوَدَ وَكُحْلِيٍّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
فَائِدَةٌ هل تُمْنَعُ من الذي صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ أَمْ لَا فيه احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ بِنَاءً على تَفْسِيرِ الْعَصَبِ الْمُسْتَثْنَى في الحديث بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال الْقَاضِي هو ما صُبِغَ غَزْلُهُ قبل نَسْجِهِ فَيُبَاحُ ذلك
وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ نَبْتٌ يَنْبُتُ في الْيَمَنِ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ وَنَقَلَاهُ عن صَاحِبِ الرَّوْضِ الْأُنُفِ وَصَحَّحَا أَنَّ ما صُبِغَ غَزْلُهُ يَحْرُمُ عليها لُبْسُهُ وَأَنَّهُ ليس بِعَصْبٍ
وَالْمُذْهَبُ يَحْرُمُ ما صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/305)
قَوْلُهُ قال الْخِرَقِيُّ وَتَجْتَنِبُ النِّقَابَ
هذا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَتَابَعَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَمَاعَةٌ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الْخِرَقِيَّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَنَصَّ عليه أَنَّ النِّقَابَ لَا يَحْرُمُ عليها
قال الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَجْتَنِبُ النِّقَابَ كَأَنَّهُ لَا نَصَّ فيه عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ كَثِيرًا من الْأَصْحَابِ عَزَا ذلك إلَى الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ كَالْمُحْرِمَةِ وَعَلَى هذا تُمْنَعُ مِمَّا في مَعْنَى ذلك كَالْبُرْقُعِ
وقال فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْبَائِنَ التي تُحِدُّ لَا تَجْتَنِبُ النِّقَابَ وَصَرَّحَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ في الْكِتَابِ الْكَبِيرِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في كِتَابِهِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ الْمَجْدُ مَنْعُهَا من ذلك قَوْلُهُ فَصْلٌ
وَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ في الْمَنْزِلِ الذي وَجَبَتْ فيه إلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إلَى خُرُوجِهَا منه بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ أو تَخْشَى على نَفْسِهَا فَتَنْتَقِلَ بِلَا نِزَاعٍ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أنها تَنْتَقِلُ حَيْثُ شَاءَتْ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا على ما اصْطَلَحْنَاهُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها لَا تَنْتَقِلُ إلَّا إلَى أَقْرَبِ ما يُمْكِنُ من الْمَنْزِلِ الذي وَجَبَتْ فيه جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/306)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لو بِيعَتْ الدَّارُ التي وَجَبَتْ فيها الْعِدَّةُ وَهِيَ حَامِلٌ فقال الْمُصَنِّفُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ من مُدَّةِ الْعِدَّةِ مَجْهُولٌ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وقال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ صَحِيحٌ
وقال في الْمُغْنِي أو يَطْلُبَ بِهِ فَوْقَ أُجْرَتِهِ
وقال أَيْضًا هو وَالشَّارِحُ أو لم تَجِدْ ما تَكْتَرِي بِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا لَا سُكْنَى لها فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَحْوِيلُهَا منه
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
قال وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ ذَكَرَهُ أبو مُحَمَّدٍ من صُوَرِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلِانْتِقَالِ إذَا لم تَجِدْ أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ إلَّا من مَالِهَا فَلَهَا الِانْتِقَالُ
وَصَرَّحَ أَنَّ الْوَاجِبَ عليها فِعْلُ السُّكْنَى لَا تَحْصِيلُ الْمَسْكَنِ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ
قال وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ وَذَكَرَهُ ثُمَّ قال وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لي أَنَّهُ يَجِبُ عليها بَذْلُ الْأُجْرَةِ من مَالِهَا إنْ قَدَرَتْ عليها وَإِلَّا فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا
فَائِدَةٌ يَجُوزُ نَقْلُهَا لِأَذَاهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس لهم ذلك بَلْ يَنْتَقِلُونَ عنها وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
____________________
(9/307)
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا
وَلَوْ كان لِحَاجَةٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ
وَقَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لها الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ لها الْخُرُوجُ لَيْلًا لِلْحَاجَةِ
قال في الرِّعَايَة الصُّغْرَى وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِحَاجَةٍ في الْأَشْهَرِ
قال في الْحَاوِي وَالْهَادِي وَلَهَا ذلك في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَاضِحِ أَنَّ لها الْخُرُوجَ مُطْلَقًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا
أَنَّهُ سَوَاءٌ وَجَدَ من يَقْضِيهَا الْحَوَائِجَ أو لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَأَطْلَقُوا
قال الْحَلْوَانِيُّ لها ذلك مع وُجُودِ من يَقْضِيهَا فَصَرَّحَ وَبَيَّنَ الْمُطْلَقَ من كَلَامِهِمْ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَيْضًا لِحَوَائِجِهَا أنها لَا تَخْرُجُ لِغَيْرِ حَوَائِجِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لها الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا وَغَيْرِهَا
قال في الْوَسِيلَةِ نُصَّ عليه
نَقَلَ حَنْبَلٌ تَذْهَبُ بِالنَّهَارِ
____________________
(9/308)
قال الزَّرْكَشِيُّ اشْتَرَطَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِخُرُوجِهَا الْحَاجَةَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَاعَةٌ لم يَشْتَرِطُوا ذلك
وَلَا حَاجَةَ في التَّحْقِيقِ إلَى اشْتِرَاطِهِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَإِنْ لم تَكُنْ مُتَوَفًّى عنها تُمْنَعُ من خُرُوجِهَا من بَيْتِهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ مُطْلَقًا
فَائِدَةٌ لو خَالَفَتْ وَفَعَلَتْ ما هِيَ مَمْنُوعَةٌ منه أَثِمَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ زَمَنِهَا كَالصَّغِيرَةِ
قَوْلُهُ وإذا أَذِنَ لها في النُّقْلَةِ إلَى بَلَدِ السُّكْنَى فيه فَمَاتَ قبل مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ إلَى مَنْزِلِهَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ بين الْبَلَدَيْنِ
يَعْنِي إذَا مَاتَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ في الْبَلَدِ الثَّانِي كما لو وَصَلَتْ
قُلْت لو قِيلَ بِلُزُومِهَا في أَقْرَبِ الْبَلَدَيْنِ إلَيْهَا لَكَانَ مُتَّجِهًا بَلْ أَوْلَى
فَائِدَةٌ الْحُكْمُ في النُّقْلَةِ من دَارٍ إلَى دَارٍ كَذَلِكَ على ما تَقَدَّمَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَ بها فَمَاتَ في الطَّرِيقِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ خُيِّرَتْ بين الْبَلَدَيْنِ
مُرَادُهُ إذَا كان سَفَرُهُ بها لِغَيْرِ النُّقْلَةِ على ما تَقَدَّمَ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَإِنْ سَافَرَ بها لِغَيْرِ النُّقْلَةِ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَالْحُكْمُ كما قال الْمُصَنِّفُ من أنها إنْ كانت قَرِيبَةً وهو دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَإِنْ كانت بَعِيدَةً وهو مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَأَزْيَدُ خُيِّرَتْ بين الْبَلَدَيْنِ
____________________
(9/309)
فَائِدَةٌ لو أَذِنَ لها في السَّفَرِ لِغَيْرِ النفلة ( ( ( النقلة ) ) ) فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها إنْ كانت قَرِيبَةً وَمَاتَ يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ وَإِنْ كانت بَعِيدَةً تُخَيَّرُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّبْصِرَةِ عن أَصْحَابِنَا فِيمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنٍ يَلْزَمُهَا الْمُضِيُّ مع الْبُعْدِ فَتَعْتَدُّ فيه
فَشَمِلَ كَلَامُهُ في التَّبْصِرَةِ عن الْأَصْحَابِ سَفَرَ النُّقْلَةِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لها في الْحَجِّ وَكَانَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَأَحْرَمَتْ بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ في سَفَرِهَا وَإِنْ لم تَخْشَ وَهِيَ في بَلَدِهَا أو قَرِيبَةً يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ في مَنْزِلِهَا وَإِلَّا مَضَتْ في سَفَرِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ لم تَكُنْ أَحْرَمَتْ أو أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ من لم تَخْشَ الْفَوَاتَ
في أنها تُقِيمُ إذَا كانت في بَلَدِهَا لم تَخْرُجْ أو خَرَجَتْ لَكِنَّهَا قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ وَإِنْ لم تَكُنْ كَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قد تَبَاعَدَتْ أو لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ فَإِنَّهَا تَمْضِي
وَاعْلَمْ أنها إذَا أَحْرَمَتْ قبل مَوْتِهِ أو بَعْدَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُمْكِنَ الْجَمْعُ بين الْإِتْيَانِ بِالْعِدَّةِ في مَنْزِلِهَا أو الْحَجِّ أو لَا يُمْكِنُ
فَإِنْ كان لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بين ذلك فقال في الْمُحَرَّرِ إنْ لم يُمْكِنْ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ مع الْبُعْدِ الْحَجَّ فَإِنْ رَجَعَتْ منه وقد بَقِيَ من عِدَّتِهَا شَيْءٌ أَتَمَّتْهُ في مَنْزِلِهَا
وَأَمَّا مع الْقُرْبِ فَهَلْ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ أو أَسْبَقَهُمَا لُزُومًا على رِوَايَتَيْنِ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ لم يُمْكِنْ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الْحَجَّ مع الْبُعْدِ
وقال في الْكَافِي إنْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أو عُمْرَةٍ في حَيَاةِ زَوْجِهَا في بَلَدِهَا
____________________
(9/310)
ثُمَّ مَاتَ وَخَافَتْ فَوَاتَهُ مَضَتْ فيه لِأَنَّهُ أَسْبَقُ فإذا اسْتَوَيَا في خَوْفِ الْفَوَاتِ كان أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ إنْ كانت قَرِيبَةً ولم يُمْكِنْ الرُّجُوعُ فَهَلْ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَيَعْقُوبَ أو الْحَجَّ إنْ كانت قد أَحْرَمَتْ بِهِ قبل الْعِدَّةِ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي على رِوَايَتَيْنِ
وَإِنْ كانت بَعِيدَةً مَضَتْ في سَفَرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ ذلك وَجَعَلَهُ أبو مُحَمَّدٍ مُسْتَحَبًّا وَفَصَّلَ الْمَجْدُ ما تَقَدَّمَ
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ أنها هل تُقَدِّمُ الْحَجَّ مُطْلَقًا أو أَسْبَقَهُمَا على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بِقِيلِ وَقِيلَ
وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ مع مَوْتِهِ بِالْقُرْبِ وَخُيِّرَتْ مع الْبُعْدِ
وقال في الشَّرْحِ إنْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ الفرض ( ( ( للفرض ) ) ) أو بِحَجٍّ أَذِنَ لها فيه وكان وَقْتُ الْحَجِّ مُتَّسِعًا لَا تَخَافُ فَوْتَهُ وَلَا فَوْتَ الرُّفْقَةِ لَزِمَهَا الِاعْتِدَادُ في مَنْزِلِهَا وَإِنْ خَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ لَزِمَهَا الْمُضِيُّ فيه
وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَخَشِيَتْ فَوَاتَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَجُوزَ لها الْمُضِيُّ فيه وَاحْتَمَلَ أَنْ تَلْزَمَهَا الْعِدَّةُ في مَنْزِلِهَا انْتَهَى تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهُمَا الْقَرِيبُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالْبَعِيدُ عَكْسُهُ
الثَّانِي حَيْثُ قُلْنَا تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ فَإِنَّهَا تَتَحَلَّلُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ وَحُكْمُهَا
____________________
(9/311)
في الْقَضَاءِ حُكْمُ من فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِنْ لم يُمْكِنْهَا السَّفَرُ فَهِيَ كَالْمُحْصَرَةِ التي يَمْنَعُهَا زَوْجُهَا من السَّفَرِ وَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ كَذَلِكَ إذَا خِيفَ فَوَاتُ الرُّفْقَةِ أو لم يُخَفْ
قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَبْتُوتَةُ فَلَا تَجِبُ عليها الْعِدَّةُ في مَنْزِلِهِ وَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أنها كَالْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ يَعْنِي في بَلَدِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَبِيتُ خَارِجًا عن مَنْزِلِهَا
وَعَنْهُ يَجُوزُ ذلك فَوَائِدُ
الْأُولَى إذَا أَرَادَ زَوْجُ الْبَائِنِ إسْكَانُهَا في مَنْزِلِهِ أو غَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لها تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ فيه لَزِمَهَا ذلك ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ لم يَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ أو نِكَاحٍ فَاسِدٍ أو مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَلْزَمُهَا ذلك
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إن ( ( ( لمن ) ) ) أَرَادَ ذلك وَأَنْفَقَ عليها فَلَهُ ذلك وَإِلَّا فَلَا
____________________
(9/312)
وَسَوَّى الْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ بين من يُمْكِنُ زَوْجُهَا إمْسَاكَهَا وَالرَّجْعِيَّةِ في نَفَقَةٍ وَسُكْنَى
الثانية ( ( ( والثانية ) ) ) لو كانت دَارُ الْمُطَلِّقِ مُتَّسَعَةً لَهُمَا وَأَمْكَنَهَا السُّكْنَى في مَوْضِعٍ مُنْفَرِدٍ كَالْحُجْرَةِ وَعُلُوِّ الدَّارِ وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ جَازَ وَسَكَنَ الزَّوْجُ في الْبَاقِي كما لو كَانَا حُجْرَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ
وَإِنْ لم يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَكِنْ لها مَوْضِعٌ تَسْتَتِرُ فيه بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ بِهِ جَازَ أَيْضًا وَتَرْكُهُ أَوْلَى
الثالثة ( ( ( الثالث ) ) ) لو غَابَ من لَزِمَتْهُ السُّكْنَى لها أو مَنَعَهَا من السُّكْنَى اكْتَرَاهُ الْحَاكِمُ من مَالِهِ أو اقْتَرِضْ عليه أو فَرَضَ أُجْرَتَهُ
وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أو إذْنِ حَاكِمٍ أو بِدُونِهَا لِلْعَجْزِ عن إذْنِهِ رَجَعَتْ وَمَعَ الْقُدْرَةِ على إذْنِهِ فيه الْخِلَافُ السَّابِقُ في أَوَائِلِ بَابِ الضَّمَانِ
وَلَوْ سَكَنَتْ في مِلْكِهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ وَلَوْ سَكَنَتْهُ أو اكْتَرَتْ مع حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا أُجْرَةَ لها
الرَّابِعَةُ حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ في الْعِدَّةِ حُكْمُ الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ بَلْ كَالزَّوْجَةِ يَجُوزُ لها الْخُرُوجُ وَالتَّحَوُّلُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا
الْخَامِسَةُ ليس له الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتِهِ الْبَائِنِ إلَّا مع زَوْجَتِهِ أو أَمَتِهِ أو مَحْرَمِ أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَجُوزُ مع أَجْنَبِيَّةٍ فَأَكْثَرَ
____________________
(9/313)
قال في التَّرْغِيبِ وَأَصْلُهُ النِّسْوَةُ الْمُنْفَرِدَاتُ هل لَهُنَّ السَّفَرُ مع أَمْنٍ بِلَا مَحْرَمٍ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَهَلْ يَجُوزُ دُخُولُهُ على الْبَائِنِ منه مع أَجْنَبِيَّةٍ ثِقَةٍ فيه وَجْهَانِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْرُمُ سَفَرُهُ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَهَا
وقال في مَيِّتٍ عن امْرَأَةٍ شَهِدَ قَوْمٌ بِطَلَاقِهِ ثَلَاثًا مع عِلْمِهِمْ عَادَةً بِخَلْوَتِهِ بها لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ يَقْدَحُ فِيهِمْ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ يَخْلُو إذَا لم تشتهي وَلَا يَخْلُو أَجَانِبُ بِأَجْنَبِيَّةٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لِقِصَّةِ أبي بَكْرٍ رضي اللَّهُ عنه مع زَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي اللَّهُ عنها لَمَّا رَأَى جَمَاعَةً من بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
وقال الْقَاضِي من عُرِفَ بِالْفِسْقِ مُنِعَ من الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَالْأَشْهَرُ تَحْرُمُ مُطْلَقًا وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إجْمَاعًا
قال بن عَقِيلٍ وَلَوْ لِإِزَالَةِ شُبْهَةٍ ارْتَدَّتْ بها أو لِتَدَاوٍ
وفي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ له بِمَحْرَمٍ إلَّا كان الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا وَلَوْ كانت عَجُوزًا شَوْهَاءَ
وقال في الْمُغْنِي لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَحْرَمٌ لِمَوْلَاتِهِ بِدَلِيلِ نَظَرِهِ لَا يَلْزَمُ منه الْمَحْرَمِيَّةُ بِدَلِيلِ الْقَوَاعِدِ من النِّسَاءِ وَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ
وفي الْمُغْنِي أَيْضًا لَا يَجُوزُ إعَارَةُ أَمَةٍ جَمِيلَةٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ إنْ كان يَخْلُو بها أو يَنْظُرُ إلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عليها
وَكَذَا في الشَّرْحِ إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ على عِبَارَةِ الْمُقْنِعِ بِالْكَرَاهَةِ
قال في الْفُرُوعِ فَحَصَلَ من النَّظَرِ ما تَرَى
وقال الشَّارِحُ كما هو ظَاهِرُ الْمُغْنِي فَإِنْ كانت شَوْهَاءَ أو كَبِيرَةً فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهَا لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مع الْخَلْوَةِ أو النَّظَرِ كما تَرَى
____________________
(9/314)
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا في الْخَلْوَةِ غَرِيبٌ
وفي آدَابِ صَاحِبِ النَّظْمِ تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ بِالْعَجُوزِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو غَرِيبٌ ولم يَعْزُهُ
قال وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ في تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ من لِعَوْرَتِهِ حُكْمٌ
فَأَمَّا من لَا عَوْرَةَ له كَدُونِ سَبْعٍ فَلَا تَحْرِيمَ
وَسَبَقَ ذلك في الْجَنَائِزِ في تَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسِهِ
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ النِّكَاحِ هل يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى هَؤُلَاءِ أو إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ أَمْ لَا
السَّادِسَةُ يَجُوزُ إرْدَافُ مَحْرَمٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في غَيْرِهَا مع الْأَمْنِ وَعَدَمِ سُوءِ الظَّنِّ خِلَافٌ بِنَاءً على أَنَّ إرَادَتَهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إرْدَافُ أَسْمَاءَ رضي اللَّهُ عنها مُخْتَصٌّ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(9/315)
بَابُ اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ
قَوْلُهُ وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ في ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ
أَحَدُهَا إذَا مَلَكَ أَمَةً لم يَحِلَّ له وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بها بِمُبَاشَرَةٍ أو قُبْلَةٍ حتى يَسْتَبْرِئَهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْعُمْدَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِمَنْ تَحِيضُ فَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ بِمَنْ لَا تَحِيضُ
وَعَنْهُ يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالْوَطْءِ فَقَطْ ذَكَرَهَا في الْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى وَاحْتَجَّ بِجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وقال لَا أَعْلَمُ في جَوَازِ هذا نِزَاعًا
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ في الْمُسِنَّةِ ذَكَرَهَا الْحَلْوَانِيُّ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا بِإِرْثٍ
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا كان الْمَالِكُ طِفْلًا
وَقِيلَ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا مَلَكَهَا من مُكَاتَبِهِ على ما يَأْتِي
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ وَطْءِ الْبِكْرِ وَلَوْ كانت كَبِيرَةً والآيسة وإذا أخبره صَادِقٌ أَنَّهُ لم يَطَأْهَا أو أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ
وَيَأْتِي بَعْدَ ذلك الْخِلَافُ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا من كَبِيرٍ أو صَغِيرٍ أو ذَكَرٍ أو أُنْثَى وَيَأْتِي بَعْدَ ذلك إذَا كانت الْأَمَةُ صَغِيرَةً
قَوْلُهُ إلَّا الْمَسْبِيَّةَ هل له الِاسْتِمْتَاعُ بها فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي إذَا مَنَعْنَا من الِاسْتِمْتَاعِ في غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ
____________________
(9/316)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا يَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ وهو الظَّاهِرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحِلُّ له ذلك وَجَزَمَ بِهِ بن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ
وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَلَكَهَا من صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ أو رَجُلٍ أو امْرَأَةٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا مَلَكَهَا من طِفْلٍ أو امْرَأَةٍ
قُلْت وهو مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَائِدَةٌ لو مَلَكَتْهَا امْرَأَةٌ من امْرَأَةٍ أُخْرَى لم يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقد يُقَالُ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاؤُهَا كما لو مَلَكَهَا طِفْلٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فيه كما تَقَدَّمَ
____________________
(9/317)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا لم يَحِلَّ له نِكَاحُهَا حتى يَسْتَبْرِئَهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحِلُّ نِكَاحُهَا وَلَا يَطَأُ حتى يَسْتَبْرِئَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَعَقَدَ النِّكَاحَ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ
وَعَنْهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا يَطَؤُهَا حتى يَسْتَبْرِئَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ إنْ لم يَكُنْ بَائِعُهَا يَطَؤُهَا
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْأَصَحُّ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ على الْأَصَحِّ
وقال في الْكُبْرَى وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ على الْأَقْيَسِ وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ ليس لها ذلك وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قُلْت في النَّفْسِ من كَوْنِ هذا الْمَذْهَبِ بِتَقْدِيمِ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ فإن صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَإِنْ كَانَا قد قَدَّمَاهُ فَقَدْ صَحَّحَا غَيْرَهُ
فَائِدَةٌ لو أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ قبل عِتْقِهَا ولم يَكُنْ يَطَؤُهَا قبل ذلك
____________________
(9/318)
فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما لو أَعْتَقَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا ولم يَكُنْ يَطَؤُهَا على ما تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ قَالَا ليس له نِكَاحُهَا قبل اسْتِبْرَائِهَا
قَوْلُهُ وَالصَّغِيرَةُ التي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا هل يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا على وَجْهَيْنِ وَهُمَا روايتان ( ( ( رويتان ) ) )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ بن مُنَجَّا إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ وهو قد صَحَّحَ عَدَمَهُ كما حَكَيْنَاهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَالثَّانِي يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا
قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عنه
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أو عَجَزَتْ مُكَاتَبَتُهُ أو فَكَّ أَمَتَهُ من الرَّهْنِ
حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَهَذَا هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ يُسْتَحَبُّ له الِاسْتِبْرَاءُ في الزَّوْجَةِ لِيَعْلَمَ هل حَمَلَتْ في زَمَنِ الْمِلْكِ أو غَيْرِهِ
وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ لِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ قَالَهُ في الرَّوْضَةِ
____________________
(9/319)
قَوْلُهُ أو أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أو الْمُرْتَدَّةُ أو الْوَثَنِيَّةُ التي حَاضَتْ عِنْدَهُ أو اشْتَرَى مُكَاتَبُهُ ذَوَاتَ رَحِمِهِ فَحِضْنَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَجَزَ
حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وفي الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُهُ إنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ أو وَثَنِيَّةٌ أو مُرْتَدَّةٌ أو رَجَعَ إلَيْهِ رَحِمُ مُكَاتَبِهِ الْمَحْرَمِ لِعَجْزِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
قال النَّاظِمُ هذا الْأَقْوَى
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ في ذلك كُلِّهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لو أَخَذَ من الْمُكَاتَبِ أَمَةً من ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ في الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِبْرَاءُ في يَدِ الْبَائِعِ قبل الْقَبْضِ أَجُزْأَهُ
هذا هو الْمَذْهَبُ قَالَهُ بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/320)
قال في الْخُلَاصَةِ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ على الْأَصَحِّ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ وهو وَجْهٌ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا وَكِيلُ الْبَائِعِ إذَا وُجِدَ الِاسْتِبْرَاءُ في يَدِهِ كَالْبَائِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا
الثَّانِيَةُ قال في الْمُحَرَّرِ وَيُجْزِئُ اسْتِبْرَاءُ من مَلَكهَا بِشِرَاءٍ أو وَصِيَّةٍ أو غَنِيمَةٍ أو غَيْرِهَا قبل الْقَبْضِ
وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُوصَى بها وَالْمَوْرُوثَةُ وَالْمَغْنُومَةُ كَالْمَبِيعَةِ
زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ فقال قُلْت وَالْمَوْهُوبَةُ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ تُجْزِئُ في الْمَوْرُوثَةِ دُونَ غَيْرِهَا
الثَّالِثَةُ لو حَصَلَ اسْتِبْرَاءٌ زَمَنَ الْخِيَارِ فَفِي إجْزَائِهِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ الْإِجْزَاءَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال في الْخُلَاصَةِ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ للمشترى مع الْخِيَارِ كَفَى وَإِلَّا فَلَا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنَّفِ
____________________
(9/321)
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ اُشْتُرِيَتْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَهَلْ يُجْزِئُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا قُلْنَا بِنَقْلِ الْمِلْكِ على وَجْهَيْنِ وأطلقهما في النَّظْمِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى عَدَمَ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ أَمَتَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أو غَيْرِهِ كَالْإِقَالَةِ وَالرُّجُوعِ في الْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا وَإِنْ كان قَبْلَهُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْبُلْغَةِ وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْفَسْخِ حَيْثُ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي
أَمَّا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ انْتِقَالِهِ عن الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْمَجْلِسِ لم يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قبل الدُّخُولِ لَزِمَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه
وَإِنْ كان بَعْدَهُ لم يَجِبْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
اكْتِفَاءً بِالْعِدَّةِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(9/322)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً أو مُزَوَّجَةً فَمَاتَ زَوْجُهَا
قَوْلُهُ الثَّانِي إذَا وطىء أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا لم يَجُزْ حتى يَسْتَبْرِئَهَا
ولم يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ هذا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ من غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ حتى يَسْتَبْرِئَ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قبل ذلك صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
____________________
(9/323)
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ خَصَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كانت تَحْمِلُ
فَأَمَّا إنْ كانت آيِسَةً لم يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَهُمْ
وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ من غَيْرِ تَفْصِيلٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَطَأْهَا لم يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا في الْمَوْضِعَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ لم يَطَأْهَا ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ في مُقْنِعِهِ وَاخْتَارَهَا
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ كانت الْبَالِغَةُ امْرَأَةً قال لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وما يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ قد جَاءَتْ بِحَمْلٍ وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الِانْتِصَارِ إنْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا قبل الِاسْتِبْرَاءِ لم يَسْقُطْ الْأَوَّلُ في الْأَصَحِّ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أو أَمَةً كان يُصِيبُهَا أو مَاتَ عنها لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا بِلَا نِزَاعٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً أو مُعْتَدَّةً فَلَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ
وَكَذَا لو أَرَادَ تَزْوِيجَهَا أو اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أو بَاعَهَا فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قبل وَطْئِهِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
وَإِنْ أَبَانَهَا قبل دُخُولِهِ أو بَعْدَهُ أو مَاتَ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا
____________________
(9/324)
اسْتِبْرَاءَ إنْ لم يَطَأْ لِزَوَالِ فِرَاشِهِ بِتَزْوِيجِهَا كَأَمَةٍ لم يَطَأْهَا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ بن الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وُجُوبَهُ لِعَوْدِ فِرَاشِهِ
وَإِنْ بَاعَ ولم يَسْتَبْرِئْ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قبل وَطْءٍ وَاسْتِبْرَاءٍ اسْتَبْرَأَتْ أو تَمَّمَتْ ما وُجِدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا ولم يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَبَيْنَ مَوْتِهِمَا أَقَلُّ من شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ من الْوَفَاةِ حَسْبُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ من ذلك أو جُهِلَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ من عِدَّةِ الْحُرَّةِ أو الِاسْتِبْرَاءِ
وَلَا تَرِثُ الزَّوْجَ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهَا سِوَى عِدَّةِ حُرَّةٍ لِلْوَفَاةِ فَقَطْ مُطْلَقًا
فَائِدَةٌ لو ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا على وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا تُصَدَّقُ في ذلك لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا من جِهَتِهَا
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ في وَطْءِ أَمَةٍ لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ
____________________
(9/325)
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَكْفِي اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ اللِّعَانِ إذَا اشْتَرَكَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي في وَطْئِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ هل يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي أو يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَتَفَاصِيلُ ذلك
قَوْلُهُ وَالِاسْتِبْرَاءُ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كانت حَامِلًا بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ أو بِحَيْضَةٍ إنْ كانت مِمَّنْ تَحِيضُ
هو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كانت أُمَّ وَلَدٍ أو غَيْرَهَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ بِعِتْقِهَا أو بِمَوْتِهِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ
قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةً تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ بِعِتْقِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ
وَعَنْهُ في أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
وَحَكَى أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً ثَالِثَةً أنها تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لِلْوَفَاةِ
قال الْمُصَنِّفُ ولم أَجِدْ هذه الرِّوَايَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَامِعِ وَلَا أَظُنُّهَا صَحِيحَةً عنه
قُلْت قد أَثْبَتَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ أو بِمُضِيِّ شَهْرٍ إنْ كانت آيِسَةً أو صَغِيرَةً
وَكَذَا لو بَلَغَتْ ولم تَحِضْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(9/326)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ
وَعَنْهُ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
وَعَنْهُ بِشَهْرَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ
قال الْمُصَنِّفُ ولم أَرَ لِذَلِكَ وَجْهًا
وَلَوْ كان اسْتِبْرَاؤُهَا بِشَهْرَيْنِ لَكَانَ اسْتِبْرَاءُ ذَاتِ الْقُرْءِ بِقُرْأَيْنِ ولم نَعْلَمْ بِهِ قَائِلًا
فَائِدَةٌ تُصَدَّقُ في الْحَيْضِ فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ فقال أَخْبَرْتنِي بِهِ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُصَدَّقُ هو وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالثَّانِي تُصَدَّقُ هِيَ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه وهو أَظْهَرُ إلَّا في وَطْئِهِ أُخْتَهَا بِنِكَاحٍ أو مِلْكٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي ما رَفَعَهُ فَبِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ نَصَّ عليه
تِسْعَةٌ لِلْحَمْلِ وَشَهْرٌ لِلِاسْتِبْرَاءِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
____________________
(9/327)
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تُسْتَبْرَأُ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا
وَعَنْهُ بِسَنَةٍ وَعَنْهُ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ فَالزَّائِدُ عن التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في عِدَّتِهَا على ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فَكَعِدَّةٍ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو عَلِمَتْ ما رَفَعَ حَيْضَهَا انْتَظَرَتْهُ حتى يَجِيءَ فَتَسْتَبْرِئَ بِهِ أو تَصِيرَ من الْآيِسَاتِ فَتَعْتَدَّ بِالشُّهُورِ كَالْمُعْتَدَّةِ
الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ في الاستبراء ( ( ( الاستيراء ) ) ) فَإِنْ فَعَلَ لم يَنْقَطِعْ الِاسْتِبْرَاءُ
وَإِنْ أَحْبَلَهَا قبل الْحَيْضَةِ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ أَحْبَلَهَا في الْحَيْضَةِ حَلَّتْ في الْحَالِ لِجَعْلِ ما مَضَى حَيْضَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَنَقَلَ أبو دَاوُد من وطىء قبل الِاسْتِبْرَاءِ يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ بها حَيْضَةً
وَإِنَّمَا لم يُعْتَبَرْ اسْتِبْرَاءُ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ له نَفْيَ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ
ذَكَرَ بن عَقِيلٍ في الْمَنْثُورِ أَنَّ هذا الْفَرْقَ ذَكَرَهُ له الشَّاشِيُّ وقد بَعَثَنِي شَيْخُنَا لِأَسْأَلهُ عن ذلك
____________________
(9/328)
كِتَابُ الرَّضَاعِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ وإذا حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ من رَجُلٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا منه فَثَابَ لها لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا
هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقُوا
وزاد في الْمُبْهِجِ فقال وَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا ولم يَتَقَيَّأْ
قَوْلُهُ صَارَ وَلَدًا لَهُمَا في تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا وَصَارَ أَبَوَيْهِ وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَتَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ من الْمُرْتَضِعِ إلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا فَيَصِيرُونَ أَوْلَادًا لَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
قَوْلُهُ وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى من في دَرَجَتِهِ من أخوته وَأَخَوَاتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الرَّوْضَةِ لو ارْتَضَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى من امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمًّا لَهُمَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْآخَرِ وَلَا بِأَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ بَعْدَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَخَوَاتِهِ اللَّاتِي وُلِدْنَ قَبْلَهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ الْآخَرِ انْتَهَى
وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا غَيْرَهُ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ
ثُمَّ وَجَدْت بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه قال هذا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ
قَوْلُهُ وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى من هو أَعْلَى منه من آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَعْمَامِهِ
____________________
(9/329)
وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ على أبي الْمُرْتَضِعِ وَلَا أَخِيهِ وَلَا تَحْرُمُ أُمُّ الْمُرْتَضِعِ وَلَا أُخْتُهُ على أبيه من الرَّضَاعِ وَلَا أَخِيهِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ وَلَدِهَا من الزنى طِفْلًا صَارَ وَلَدًا لها وَحَرُمَ على الزَّانِي تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ ولم تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ في حَقِّهِ في ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال أبو بَكْرٍ تَثْبُتُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
قَوْلُهُ قال أبو الْخَطَّابِ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ
وهو الصَّحِيحُ يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ لَبَنِ وَلَدِهَا الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ كَحُكْمِ لَبَنِ وَلَدِهَا من الزنى من كَوْنِ الْمُرْتَضِعِ يَحْرُمُ على الْمَلَاعِنِ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ ولم تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ في حَقِّ الْمَلَاعِنِ على الْمَذْهَبِ أو تَثْبُتُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ في حَقِّ الْمَلَاعِنِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ ليس بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِخِلَافِ الزَّانِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(9/330)
وَإِنْ وطىء رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ منه بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا كان الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا بِلَا خِلَافٍ
زَادَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمْ فَقَالُوا وكذا الْحُكْمُ لو مَاتَ ولم يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ لَهُمَا
قُلْت وهو صَحِيحٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا
إمَّا لِعَدَمِ الْقَافَةِ أو لِأَنَّهُ أَشْكَلَ عليهم
ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ في حَقِّهِمَا
كَالنَّسَبِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هو لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ الْقَافَةِ أو لِاشْتِبَاهِهِ عليهم وَنَحْوِ ذلك حَرُمَ عَلَيْهِمَا تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ
وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وبن مُنَجَّا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ من غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ
قال جَمَاعَةٌ منهم بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ أو من وَطْءٍ تَقَدَّمَ
لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ نَصَّ عليه في لَبَنِ الْبِكْرِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليه الْأَكْثَرُ
____________________
(9/331)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ ليس بِلَبَنٍ حَقِيقَةً بَلْ رُطُوبَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ ما أَنْشَزَ الْعِظَامَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ وَهَذَا ليس كَذَلِكَ
وَعَنْهُ يُنْشِزُهَا ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى
قال في الْمُسْتَوْعِبِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ بن حَامِدٍ
قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ بن حَامِدٍ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ لَبَنُ غَيْرِ حُبْلَى وَلَا مَوْطُوءَةٍ على الْأَصَحِّ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْشُرُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ فَلَوْ ارْتَضَعَ طِفْلَانِ من بَهِيمَةٍ أو رَجُلٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ بِلَا نِزَاعٍ
إذَا ارْتَضِعْ طِفْلَانِ من بَهِيمَةٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ ارْتَضَعَ من رَجُلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ رِوَايَةً بِأَنَّهُ يَنْشُرُ
وَإِنْ ارْتَضَعَا من خُنْثَى مُشْكِلٍ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْشُرُ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الذي حَدَثَ من غَيْرِ حَمْلٍ فَهُنَا لَا يَنْشُرُ بِطَرِيقِ أَوْلَى وَأَحْرَى
وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُ على الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ
____________________
(9/332)
وَإِنْ قُلْنَا هُنَا يَنْشُرُ على الرِّوَايَةِ التي ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى فَهَلْ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ هُنَا لَبَنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فيه وَجْهَانِ
هذه طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَهِيَ الصَّوَابُ
وَالصَّوَابُ أَيْضًا عَدَمُ الِانْتِشَارِ وَلَوْ قُلْنَا بِالِانْتِشَارِ من الْمَرْأَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ في الْخُنْثَى مُطْلَقًا
وَلِذَلِكَ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ من غَيْرِ بِنَاءٍ فَقَالُوا لو ارْتَضَعَ من كَذَا وَكَذَا وَمِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ لم يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ
وقال بن حَامِدٍ يُوقَفُ أَمْرُ الْخُنْثَى حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ
وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ لَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى
وَقِيلَ يَقِفُ أَمْرُهُ حتى يَنْكَشِفَ
وَقِيلَ إنْ حَرُمَ لَبَنٌ بِغَيْرِ حَبَلٍ وَلَا وَطْءٍ فَفِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَجْهَانِ انْتَهَى
فَعَلَى قَوْلِ بن حَامِدٍ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَجُلًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَيَكُونُ هذا الْوُقُوفُ عن الْحُكْمِ بِالْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ من الرَّضَاعِ يُوجِبُ تَحْرِيمًا في الْحَالِ من حَيْثُ الشُّبْهَةُ وَإِنْ لم تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ حَقِيقَةً كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجَانِبَ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَعَلَى قَوْلِ بن حَامِدٍ لَا تَحْرِيمَ في الْحَالِ وَإِنْ أَيِسُوا منه بِمَوْتٍ أو غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ
قَوْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَضِعَ في الْعَامَيْنِ فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لم تَثْبُتْ
____________________
(9/333)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ لو ارْتَضَعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِسَاعَةٍ لم يَحْرُمْ
وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ لو شَرَعَ في الْخَامِسَةِ فَحَالَ الْحَوْلُ قبل كَمَالِهَا لم يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ
قال الْمُصَنِّفُ وَلَا يَصِحُّ هذا لِأَنَّ ما وُجِدَ من الرَّضْعَةِ في الْحَوْلَيْنِ لَبَنٌ كَافٍ في التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ ما لو انْفَصَلَ مِمَّا بَعْدَهُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ إلَى الْفِطَامِ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أو قَبْلَهُمَا
فَأَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْفِطَامِ سَوَاءٌ كان قبل الْحَوْلَيْنِ أو بَعْدَهُ
وَاخْتَارَ أَيْضًا ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ وَلَوْ كان الْمُرْتَضِعُ كَبِيرًا لِلْحَاجَةِ نحو كَوْنِهِ مُحَرَّمًا لِقِصَّةِ سَالِمِ مولى أبي حُذَيْفَةَ رضي اللَّهُ عنه مع زَوْجَةِ أبي حُذَيْفَةَ رضي اللَّهُ عنهما
فَائِدَةٌ لو أُكْرِهَتْ على الرَّضَاعِ ثَبَتَ حُكْمُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ مَحَلَّ وِفَاقٍ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو مُخْتَارُ أَصْحَابِهِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ ثَلَاثٌ يَحْرُمْنَ وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ
____________________
(9/334)
قَوْلُهُ وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ منه ثُمَّ تَرَكَهُ أو قُطِعَ عليه فَهِيَ رَضْعَةٌ فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى بَعُدَ ما بَيْنَهُمَا أو قَرُبَ وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا أو لِأَمْرٍ يُلْهِيه أو لِانْتِقَالِهِ من ثَدْيٍ إلَى غَيْرِهِ أو من امْرَأَةٍ إلَى غَيْرِهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وقال بن حَامِدٍ إنْ لم يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُمَا رَضْعَةٌ إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا
وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لو قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ لِتَنَفُّسٍ أو إعْيَاءٍ يَلْحَقُهُ ثُمَّ عَادَ ولم يَطُلْ الْفَصْلُ فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ
قال وَلَوْ انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى آخَرَ ولم يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ كان من امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كان من امْرَأَتَيْنِ فَوَجْهَانِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
وقال بن أبي مُوسَى حَدُّ الرَّضْعَةِ أَنْ يَمْتَصَّ ثُمَّ يُمْسِكَ عن امْتِصَاصِ لِتَنَفُّسٍ أو غَيْرِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ الثَّدْيُ من فَمِهِ أو لم يَخْرُجْ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَعَنْهُ رَضْعَةٌ إنْ تَرَكَهُ عن قَهْرٍ أو لِتَنَفُّسٍ أو مَلَلٍ
وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أو إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَرَضْعَتَانِ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ لِلتَّنَفُّسِ أو ما أَلْهَاهُ أو قَطَعَتْ عليه الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا فَرَضْعَةٌ وَعَنْهُ لَا
وإذا انْتَقَلَ من ثَدْيٍ إلَى آخَرَ أو إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَرَضْعَتَانِ على الْأَصَحِّ
____________________
(9/335)
قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ لِتَنَفُّسٍ أو شِبَعٍ أو أَمْرٍ أَلْهَاهُ أو قَطَعَتْ عليه الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا فَرَضْعَةٌ
فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أو مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فَثِنْتَانِ قَرُبَ ما بَيْنَهُمَا أو بَعُدَ
قَوْلُهُ وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفُرُوعِ وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ على الْأَصَحِّ
قال النَّاظِمُ هو كَالرَّضَاعِ في الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ فَرَضَاعٌ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ والمذهب ( ( ( المذهب ) ) ) وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
قَوْلُهُ وَيُحَرِّمُ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا كَحَلْبِهِ من حَيَّةٍ ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِلَا خِلَافٍ فيه
وقال أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ لَا يُحَرِّمُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْفُرُوعُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(9/336)
وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً
فَائِدَةٌ لو حَلَفَ لَا شَرِبْتُ من لَبَنِ هذه الْمَرْأَةِ فَشَرِبَ من لَبَنِهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ حَنِثَ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
قَوْلُهُ وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ
يَعْنِي يُحَرِّمُ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ فَيَحْرُمُ لَبَنٌ شِيبَ بِغَيْرِهِ على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَيَأْتِي بِنَاءُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على مَاذَا قَرِيبًا
وقال بن حَامِدٍ إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا
وَذَكَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ تَنْبِيهَاتٌ
أحدها مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فيما ( ( ( فما ) ) ) إذَا كانت صِفَاتُ اللَّبَنِ بَاقِيَةً
فَأَمَّا إنْ صُبَّ في مَاءٍ كَثِيرٍ لم يَتَغَيَّرْ بِهِ لم يَثْبُتْ بِهِ التَّحْرِيمُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال وَقِيلَ بَلْ وَإِنْ لم يُغَيِّرْهُ
وَعِنْدَ الْقَاضِي يَجْرِي الْخِلَافُ فيه لَكِنْ بِشَرْطِ شُرْبِ الْمَاءِ كُلِّهِ وَلَوْ في دَفَعَاتٍ وَتَكُونُ رَضْعَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ في خِلَافِهِ
____________________
(9/337)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ
الثَّانِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ وَلَبَنَ الْمَيِّتَةِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا ظَاهِرٌ أَنَّهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ غُلَامِ الْخَلَّالِ وَأَنَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِهِمَا
وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَوْا عَدَمَ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ عن أبي بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَعَدَمَ تَحْرِيمِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عن أبي بَكْرِ عبد الْعَزِيزِ فَظَاهِرُهُ التَّعَارُضُ
فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قد اطَّلَعَ الْمُصَنِّفُ على نَقْلٍ لِأَبِي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قد حَصَلَ وَهْمٌ في ذلك ولم أَرَ من نَبَّهَ على ذلك
الثَّالِثُ بَنَى الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ في التَّحْرِيمِ في اللَّبَنِ الْمَشُوبِ على الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ بِالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ ثَمَّ قال أبو بَكْرٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّهُ وَجُورٌ
فَائِدَةٌ يُحَرِّمُ الْجُبْنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُحَرِّمُ
قَوْلُهُ وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَازُ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ لِحُصُولِهِ في الْجَوْفِ بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِالْخَمْرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(9/338)
وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن حَامِدٍ تَنْشُرُهَا وَحَكَاهُ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
فَائِدَةٌ لَا أَثَرَ لِلْوَاصِلِ إلَى الْجَوْفِ الذي لَا يغذى كَالذَّكَرِ وَالْمَثَانَةِ
قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ولم يَدْخُلْ بها وَثَلَاثَ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ في الْحَوْلَيْنِ حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ على التَّأْبِيدِ
لِأَنَّهَا صَارَتْ من أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ ولم يَدْخُلْ بِأُمِّهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وبن عَقِيلٍ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذه الرِّوَايَةُ أَصَحُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا
يَعْنِي الصُّغْرَى لِأَنَّهُمَا صَارَا أُمًّا وَبِنْتًا وَاجْتَمَعَا في نِكَاحِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَرَّمٌ فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا كما لو كَانَا أُخْتَيْنِ وَكَمَا لو عَقَدَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الرَّضَاعِ عَقْدًا وَاحِدًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ
____________________
(9/339)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا على الرِّوَايَةِ الْأُولَى
وهو الْمَذْهَبُ كَإِرْضَاعِهِمَا مَعًا
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُولَى وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ وَثَبَتَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ
فَائِدَةٌ لو أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَةَ أَجْنَبِيَّةٌ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ حَلَبَتْهُ في ثَلَاثِ أَوَانٍ وَأَوْجَرَتْهُنَّ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ في غَيْرِ ذلك انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ
وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ ولم يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا سقط ( ( ( يسقط ) ) ) مَهْرُهَا إذَا كان الْإِفْسَادُ قبل الدُّخُولِ وهو وَاضِحٌ
وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذلك وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا لم يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
إذَا كان الْإِفْسَادُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِدَلِيلِ ما قبل ذلك وما بَعْدَهُ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو وَاضِحٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَكُلُّ من أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قبل الدُّخُولِ فإن الزَّوْجَ يَرْجِعُ عليه بِنِصْفِ مَهْرِهَا الذي يَلْزَمُهُ لها بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ مَآخِذَ
____________________
(9/340)
أَحَدُهَا أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ من الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ فَيَتَقَوَّمُ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى
وَقِيلَ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَالثَّانِي ليس بِمُتَقَوِّمٍ لَكِنَّ الْمُفْسِدَ قَرَّرَ على الزَّوْجِ هذا النِّصْفَ
وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ يَسْقُطُ بِالْفُرْقَةِ وَيَجِبُ لها نِصْفُهُ وُجُوبًا مُبْتَدَأً بِالْفُرْقَةِ التي اسْتَقَلَّ بها الْأَجْنَبِيُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ قال في أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ خُرُوجُ الْبُضْعِ من الزَّوْجِ هل هو مُتَقَوِّمٌ أَمْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ هل يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ له قَهْرًا ضَمَانُهُ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ فيه قَوْلَانِ في الْمَذْهَبِ
وَيُذْكَرَانِ رِوَايَتَانِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ ليس بِمُتَقَوِّمٍ وَخَصُّوا هذا الْخِلَافَ بِمَنْ عَدَا الزَّوْجَةَ فَقَالُوا لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ شيئا بِغَيْرِ خِلَافٍ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ عليها أَيْضًا وَحَكَاهُ قَوْلًا في الْمَذْهَبِ
وَيَتَخَرَّجُ على هذه الْمَسْأَلَةِ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ التي يَحْصُلُ بها الْفَسْخُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا سَقَطَ مَهْرُهَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَ لها مَهْرُهَا يَعْنِي إذَا أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا ولم يَرْجِعْ بِهِ على أَحَدٍ
هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ في مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا وَرَوَاهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(9/341)
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَاعْتَبَرَ بن أبي مُوسَى لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ
وَقَاسَ في الْوَاضِحِ النَّائِمَةَ على الْمُكْرَهَةِ
قَوْلُهُ وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا لم يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْمُصَنِّفُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا بَيْنَهُمْ في ذلك
قُلْت لو خَرَجَ السُّقُوطُ من الْمَنْصُوصِ في التي قَبْلَهَا لَكَانَ مُتَّجِهًا
وَحَكَى في الْفُرُوعِ عن الْقَاضِي أنها إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمُسَمَّى وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ
ثُمَّ رَأَيْته في الْقَوَاعِدِ حَكَى أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى يَرْجِعُ بِهِ على الْكُبْرَى بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى إنْ كان لم يَدْخُلْ بها بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان دخل بها فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَيَأْتِي هُنَا ما خَرَّجْنَاهُ في التي قَبْلَهَا
وَيَأْتِي في قَوْلِ الْقَاضِي الذي ذُكِرَ قَبْلُ من وُجُوبِ نِصْفِ الْمُسَمَّى فَقَطْ هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الصُّغْرَى هِيَ التي دَبَّتْ إلَى الْكُبْرَى وَهِيَ نَائِمَةٌ
____________________
(9/342)
فَارْتَضَعَتْ منها فَلَا مَهْرَ لها وَيَرْجِعُ عليها بِنِصْفِ مَهْرِ الْكُبْرَى إنْ كان لم يَدْخُلْ بها وَبِجَمِيعِهِ إنْ كان دخل بها على قَوْلِ الْقَاضِي
وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ كما تَقَدَّمَ
وَعَلَى ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِشَيْءٍ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا قَوْلُ بن أبي مُوسَى وَاشْتِرَاطُهُ لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْوَاضِحِ قَاسَ النَّائِمَةَ على الْمُكْرَهَةِ فإن الْحُكْمَ في هذا كُلِّهِ وَاحِدٌ
فَائِدَةٌ حَيْثُ أَفْسَدَ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ فَلَهَا الْأَخْذُ مِمَّنْ أَفْسَدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَتَى خَرَجَتْ منه بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِإِفْسَادِهَا أَوَّلًا أو بِيَمِينِهِ لَا تَفْعَلْ شيئا فَفَعَلَتْهُ فَلَهُ مَهْرُهُ
وَذَكَرَهُ رِوَايَةً كَالْمَفْقُودِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ بِسَبَبٍ هو تَمْكِينُهَا من وَطْئِهَا وَضَمِنَتْهُ بِسَبَبٍ هو إفْسَادُهَا
وَاحْتَجَّ بِالْمُخْتَلِعَةِ التي تَسَبَّبَتْ إلَى الْفُرْقَةِ
قَوْلُهُ وَلَوْ كان لِرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ لَهُنَّ لَبَنٌ منه فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً له أُخْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَةً حَرُمَتْ عليه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ولم تَحْرُمْ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وهو الْمَذْهَبُ
قال النَّاظِمُ هذا الْأَقْوَى
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
____________________
(9/343)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَحْرُمُ عليه
قال في الْهِدَايَةِ هو قَوْلُ غَيْرِ بن حَامِدٍ
وأطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُذْهَبِ
وَأَمَّا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ فَلَا يَحْرُمْنَ إلَّا إذَا قُلْنَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِرَضْعَةٍ
قَوْلُهُ وَلَوْ كان له ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ منه فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً له صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ لم تَحْرُمْ الْمُرْضِعَاتُ وَهَلْ تَحْرُمُ الصُّغْرَى على وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا تَحْرُمُ وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَحْرُمُ عليه فَلَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ كما لَا تَثْبُتُ الْأُمُومَةُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ على قَدْرِ رَضَاعِهِنَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا
فَيَلْزَمُ الْأُولَى خُمُسُ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ وُجِدَ منها رَضْعَتَانِ وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ وَعَلَى الثَّالِثَةِ نِصْفُ الْخُمُسِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَمُلَ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو أَرْضَعَتْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسُ طِفْلًا كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً لم يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ له وَصَارَ الْمَوْلَى أَبًا له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَبَنُهُ وَهُنَّ كَالْأَوْعِيَةِ
وَقِيلَ لَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ أَيْضًا
____________________
(9/344)
الثَّانِيَةُ لو كان له خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً لم يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ له وَهَلْ يَصِيرُ الرَّجُلُ جَدًّا له وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
أَحَدُهُمَا لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ ذلك فَرْعُ الْأُمُومَةِ لِأَنَّ اللَّبَنَ ليس له وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بين الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فيها بين الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَرَجَّحُ في هذه الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ بِخِلَافِ التي قَبْلَهَا
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِيرُ جَدًّا له وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ وهو أَنَّهُ يَصِيرُ أَخُوهُنَّ خَالًا لَا تَثْبُتُ الْخُئُولَةُ في حَقِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لم يَرْتَضِعْ من بن أَخَوَاتِهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ لِأَنَّهُ قد اجْتَمَعَ من اللَّبَنِ الْمُحَرَّمِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَلَوْ كَمُلَ لِلطِّفْلَةِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ من أُمِّ رَجُلٍ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ من كل وَاحِدَةٍ رَضْعَةً خَرَجَ على الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في الْفُرُوعِ لم يَحْرُمْ على الرَّجُلِ في الْأَصَحِّ لِمَا سَبَقَ
وهو ظَاهِرُ ما رَجَّحَهُ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فقال لم تَحْرُمْ إنْ لم تُحَرِّمْ الرَّضْعَةُ
وَقِيلَ تُحَرِّمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
الثَّالِثَةُ لو أَرْضَعَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ خَمْسٌ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ وَتَصِيرُ أُمُّهُنَّ جَدَّةً
____________________
(9/345)
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا تَصِيرُ جَدَّةً وَرَجَّحَهُ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَلَوْ كان لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ من زَوْجٍ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَصَارَ لها منه لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ منه الطِّفْلَ رَضْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ صَارَتْ أُمًّا له بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخَمْسَ مُحَرَّمَاتٍ ولم يَصِرْ وَاحِدٌ من الزَّوْجَيْنِ أَبًا له لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْ عَدَدَ الرَّضَاعَاتِ من لَبَنِهِ وَيَحْرُمُ على الرَّجُلَيْنِ لِكَوْنِهِ رَبِيبَهُمَا لَا لِكَوْنِهِ وَلَدَهُمَا
قَوْلُهُ فَإِنْ كان لِرَجُلٍ ثَلَاثَ بَنَاتِ امْرَأَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ له صِغَارًا حَرُمَتْ الْكُبْرَى وَإِنْ كان دخل بها حَرُمَ الصِّغَارُ أَيْضًا لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَدْخُلْ بها فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ من كَمُلَ رِضَاعُهَا أولا على رِوَايَتَيْنِ
بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكُبْرَى زَوْجَتَهُ الصُّغْرَى فإن الْكُبْرَى تَحْرُمُ وَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى على رِوَايَتَيْنِ تَقَدَّمَتَا
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَدْخُلْ بها بَطَلَ نِكَاحُهُنَّ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ نِكَاحُ من كَمُلَ رِضَاعُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَرْضَعْنَ وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ فَهَلْ تَحْرُمُ الْكُبْرَى بِذَلك على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا تَحْرُمُ وهو الصَّحِيحُ
____________________
(9/346)
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ بهذا
قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَحْرُمُ
قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
قَوْلُهُ وإذا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا منه لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا منه وَحَرُمَتْ عليه وَعَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ من حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ لِعَيْبٍ
وَكَذَا لو طَلَّقَ وَلِيُّهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لها منه لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا على الْأَبَدِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
أَمَّا الْكَبِيرُ فَلِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ من الرَّضَاعِ
وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَلِأَنَّهَا أُمُّهُ من الرَّضَاعِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةُ أبيه أَيْضًا
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ طَرَأَ لِرَضَاعِ أَجْنَبِيٍّ
قال وَكَذَلِكَ لو زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ له يَرْضِعُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِ هذا الْوَلَدِ زَوْجَهَا الْمَعْتُوقَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا جميعا لَمَا ذَكَرْنَا
قُلْت فَيُعَايَى بها
تَنْبِيهٌ حَكَى في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ قال وَكَذَا إنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحُرٍّ رَضِيعٍ فَأَرْضَعَتْهُ ما حَرَّمَهَا
وَحَكَاهُ في الْكُبْرَى قَوْلًا
____________________
(9/347)
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذلك خَطَأٌ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ لِلْحُرِّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ كما تَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وَلَيْسَا مَوْجُودَيْنِ في هذا الطِّفْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وإذا شَكَّ في الرَّضَاعِ أو عَدَدِهِ بَنَى على الْيَقِينِ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ أنها إنْ كانت مَرْضِيَّةً اُسْتُحْلِفَتْ فَإِنْ كانت كَاذِبَةً لم يَحُلْ الْحَوْلُ حتى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا
وَذَهَبَ في ذلك إلَى قَوْلِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ
قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قال قبل الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال ذلك بَعْدَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ
يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وقال بَعْدَ الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعِ فإن النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها الْمَهْرَ سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ أو كَذَّبَتْهُ
وهو مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَسْقُطُ بِتَصْدِيقِهَا له
قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ يَسْقُطُ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ
____________________
(9/348)
لَكِنْ قال في الرَّوْضَةِ لَا مَهْرَ لها عليه
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا في الْحُكْمِ
أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَيَنْبَنِي ذلك على عِلْمِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كما قال فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عليه وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَإِنْ شَكَّ في ذلك لم يَزُلْ عن الْيَقِينِ بِالشَّكِّ هذا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ في حِلِّهَا له إذَا عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ رِوَايَتَانِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا وَالصَّحِيحُ ما قُلْنَاهُ أَوَّلًا
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت هِيَ التي قالت هو أَخِي من الرَّضَاعِ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ في الْحُكْمِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ إنْ كان قَوْلُهَا قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لها
وَإِنْ كان بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا كانت عَالِمَةً بِأَنَّهَا أُخْتُهُ وَبِتَحْرِيمِهَا عليه وَطَاوَعَتْهُ في الْوَطْءِ فَلَا مَهْرَ لها أَيْضًا
وَإِنْ أَنْكَرَتْ شيئا من ذلك فَلَهَا الْمَهْرُ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ وَهِيَ زَوْجَتُهُ في ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ
فَإِنْ عَلِمَتْ صِحَّةَ ما أَقَرَّتْ بِهِ لم يَحِلَّ لها مُسَاكَنَتُهُ وَلَا تَمْكِينُهُ من وَطْئِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَفِرَّ منه وَتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا كما قُلْنَا في التي عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ لها من الْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ من الْمُسَمَّى أو مَهْرِ الْمِثْلِ
قَوْلُهُ وَلَوْ قال الزَّوْجُ هِيَ ابْنَتِي من الرَّضَاعِ وَهِيَ في سِنِّهِ أو أَكْبَرَ منه لم تَحْرُمْ لِتَحَقُّقِنَا كَذِبَهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ منه فَكَمَا لو قال هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاعَةِ على ما تَقَدَّمَ
____________________
(9/349)
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى الْأُخُوَّةَ أو الْبُنُوَّةَ وَكَذَّبَتْهُ لم تُقْبَلْ شَهَادَةُ أُمِّهِ وَلَا ابْنَتِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ
وَإِنْ ادَّعَتْ ذلك الْمَرْأَةُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَتْ بِهِ أُمُّهَا أو ابْنَتُهَا لم تُقْبَلْ وَإِنْ شَهِدَتْ أُمُّهُ أو ابْنَتُهُ قُبِلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ
وفي التَّرْغِيبِ لو شَهِدَ بها أَبُوهَا لم يُقْبَلْ بَلْ أَبُوهُ يَعْنِي بِلَا دَعْوَى
فَائِدَةٌ أُخْرَى لو ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لم تُقْبَلْ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ في تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَعَدَمُهُ في ثُبُوتِ الْعِتْقِ
وَتُشْبِهُ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ في الِاسْتِبْرَاءِ إذَا ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا على وَارِثٍ
قَوْلُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لها لَبَنٌ من زَوْجٍ قَبْلَهُ فَحَمَلَتْ ولم يَزِدْ لَبَنُهَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ زَادَ لَبَنُهَا فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ إنْ كانت الزِّيَادَةُ في غَيْرِ أَوَانِهَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو لم تَحْمِلْ وزاد بِالْوَطْءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأَوَّلِ ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا من الثَّانِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي بَكْرٍ
يَعْنِي أَنَّهُ يَصِيرُ ابْنًا لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَنَصَرَهُ
____________________
(9/350)
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ هو بن لِلثَّانِي وَحْدَهُ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ إعْطَاءِ الظِّئْرِ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أو أَمَةً إذَا كان الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا في بَابِ الْإِجَارَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مَتَى وَلَدَتْ فَاللَّبَنُ الثَّانِي وَحْدَهُ إلَّا إذَا لم يَزِدْ لَبَنُهَا ولم يَنْقُصْ من الْأَوَّلِ حتى وَلَدَتْ فإنه يَكُونُ لَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عليه
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لِلثَّانِي كما لو زَادَ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَحَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا
الثَّانِيَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ فَاجِرَةً أو مُشْرِكَةً وَكَذَا حَمْقَاءُ أو سَيِّئَةُ الْخُلُقِ
وفي الْمُجَرَّدِ وَبَهِيمَةٌ وفي التَّرْغِيبِ وَعَمْيَاءُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنَّ من ارْتَضَعَ من أَمَةٍ حَمْقَاءَ خَرَجَ الْوَلَدُ أَحْمَقُ وَمَنْ ارْتَضَعَ من سَيِّئَةِ الْخُلُقِ تَعَدَّى إلَيْهِ وَمَنْ ارْتَضَعَ من بَهِيمَةٍ كان بِهِ بَلَادَةُ الْبَهِيمَةِ انْتَهَى
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ من جَذْمَاءَ أو بَرْصَاءَ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ الْمَنْعُ من ذلك
____________________
(9/351)
كِتَابُ النَّفَقَاتِ
قَوْلُهُ يَجِبُ على الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ ما لَا غِنَى لها عنه وَكِسْوَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَمَسْكَنُهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا وَلَيْسَ ذلك مُقَدَّرًا لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ
وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا فيها رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ تَحْتَ الْمُوسِرِ قَدْرَ كِفَايَتِهَا من أَرْفَعْ خُبْزِ الْبَلَدِ وَأَدَمِهِ الذي جَرَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا بِأَكْلِهِ وما تَحْتَاجُ إلَيْهِ من الدُّهْنِ
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَفْرِضُ لها لَحْمًا بِمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وهو الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا وقال هو أَظْهَرُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ
وَقِيلَ في كل جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْعَادَةُ لَكِنْ يُخَالِفُ في إدْمَانِهِ قال وَلَعَلَّ هذا مُرَادُهُمْ
تَنْبِيهٌ وَأَدَمُهُ الذي جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِأَكْلِهِ
قال في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأَدَمٍ نَقَلَهَا إلَى أَدَمٍ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وما يكتسى مِثْلُهَا بِهِ من جَيِّدِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالْخَزِّ
____________________
(9/352)
وهو الذي يُنْسَجُ من الصُّوفِ أو الْوَبَرِ مع الْحَرِيرِ
وَالْإِبْرَيْسِمِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ
وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ وَمُقَنِّعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ في الشِّتَاءِ وَلِلنَّوْمِ الْفِرَاشُ وَاللِّحَافُ وَالْمِخَدَّةُ
بِلَا نِزَاعٍ زَادَ في التَّبْصِرَةِ وَالْإِزَارُ نَقَلَهُ عنه في الْفُرُوعِ
قُلْت وهو عَجِيبٌ منه لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ فَقَدْ قَطَعَ بِذَلِكَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَمُرَادُهُمْ بِالْإِزَارِ الْإِزَارُ لِلنَّوْمِ
وَلِهَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذلك وَلَا يَجِبُ لها إزَارٌ لِلْخُرُوجِ
قَوْلُهُ وَلِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الْفَقِيرِ قَدْرُ كِفَايَتِهَا من أَدْنَى خُبْزِ الْبَلَدِ وَأَدَمِهِ وَدُهْنِهِ بِلَا نِزَاعٍ
قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَقْطَعُهَا اللَّحْمَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا
قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمْ يَأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ قال في أَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَقِيلَ كُلُّ شَهْرٍ مَرَّةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يُرْجَعُ في ذلك إلَى الْعَادَةِ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في الْبُلْغَةِ وَيُفْرَضُ لِلْفَقِيرَةِ تَحْتَ الْفَقِيرِ أَدْوَنَ خُبْزِ الْبَلَدِ وَمِنْ الْأُدْمِ ما يُنَاسِبُهُ وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُنَّ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(9/353)
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قال إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فإن له ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ
قال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يَعْنِي إذَا أَكْثَرَ منه
قَوْلُهُ وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ أو إذَا كان أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ما بين ذلك كُلٌّ على حَسَبِ عَادَتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَكَوْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الزَّوْجَيْنِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ عليه أَقَلُّ الْكِفَايَةِ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الزَّوْجِ
وَصَرَّحَ بِهِ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ
وَأَوْمَأَ في رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهَا
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُهُ خُفٌّ وَلَا مِلْحَفَةٌ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ عن الْقَاضِي لِمُوسِرَةٍ مع فَقِيرٍ أَقَلُّ كِفَايَةٍ وَالْبَقِيَّةُ في ذِمَّتِهِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا فَوَائِدُ
الْأُولَى لَا بُدَّ من مَاعُونِ الدَّارِ وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ وَخَشَبٍ وَالْعَدْلُ ما يَلِيقُ بِهِمَا قال النَّاظِمُ % وَمِنْ خَيْرٍ مَاعُونٌ لِحَاجَةِ مِثْلِهَا % لِشُرْبٍ وَتَطْهِيرٍ وَأَكْلٍ فَعَدِّدْ
____________________
(9/354)
الثَّانِيَةُ من نِصْفُهُ حُرٌّ إنْ كان مُعْسِرًا فَهُوَ مَعَهَا كَالْمُعْسِرِينَ وَإِنْ كان مُوسِرًا فَكَالْمُتَوَسِّطِينَ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال قُلْت وَالْمُوسِرُ من يَقْدِرُ على النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أو كَسْبِهِ وَالْمُعْسِرُ من لَا يَقْدِرُ عليها لَا بِمَالِهِ وَلَا بِكَسْبِهِ
وَقِيلَ بَلْ من لَا شَيْءَ له وَلَا يَقْدِرُ عليه
وَالْمُتَوَسِّطُ من يَقْدِرُ على بَعْضِ النَّفَقَةِ بِمَالِهِ أو كَسْبِهِ
وقال قُلْت وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كُلِّفَ أَكْثَرَ من نَفَقَةِ مِسْكِينٍ حتى صَارَ مِسْكِينًا فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ انْتَهَى
الثَّالِثَةُ النَّفَقَةُ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ من تَجِبُ عليه النَّفَقَةُ في مِقْدَارِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي الْوَاجِبُ مُقَدَّرٌ بِمِقْدَارٍ لَا يَخْتَلِفُ في الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فَيَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ رِطْلَانِ من الْخُبْزِ يَعْنِي بِالْعِرَاقِيِّ في حَقِّ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ اعْتِبَارًا بِالْكَفَّارَاتِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفَانِ في صِفَةِ جَوْدَتِهِ انْتَهَى
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَيَجِبُ الدُّهْنُ بِحَسَبِ الْبَلَدِ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ ما يَعُودُ بِنَظَافَةِ الْمَرْأَةِ من الدُّهْنِ وَالسِّدْرِ وَثَمَنِ الْمَاءِ
وَكَذَا الْمُشْطُ وَأُجْرَةُ الْقِيمَةِ وَنَحْوُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي
____________________
(9/355)
وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَا
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى شِرَاءِ الْمَاءِ فَقِيمَتُهُ عليه
قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي في بَابِ الْغُسْلِ وَثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ على الزَّوْجِ
وَقِيلَ على الْمَرْأَةِ
وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ لَا يَلْزَمُهُ ذلك
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ ما كان من تَنْظِيفٍ على مُكْتَرٍ كَرَشٍّ وَكَنْسٍ وَتَنْقِيَةِ الْآبَارِ وما كان من حِفْظِ الْبِنْيَةِ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَتَغْيِيرِ الْجِذْعِ على مُكْرٍ فَالزَّوْجُ كَمُكْرٍ وَالزَّوْجَةُ كَمُكْتَرٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا يَحْفَظُ الْبِنْيَةَ دَائِمًا من الطَّعَامِ فإنه يَلْزَمُ الزَّوْجَ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ على الزَّوْجِ أو عليها أو مَاءِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ عليه أو عَكْسُهُ فيه أَوْجُهٌ وَمَاءُ الْوَضُوءِ كَالْجَنَابَةِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ شِرَاءُ ذلك لِرَقِيقِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ في الْأَصَحِّ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الطِّيبُ وَالْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ
أَمَّا الْحِنَّاءُ وَالْخِضَابُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَأَمَّا الطِّيبُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا
وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ يَلْزَمُهُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ منها التَّزَيُّنَ
____________________
(9/356)
يَعْنِي فَيَلْزَمُهُ
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لو أَرَادَ قَطْعَ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ منها لم يَلْزَمْهُ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ يَلْزَمُهُ
فَائِدَةٌ يَلْزَمُهَا تَرْكُ حِنَّاءٍ وَزِينَةٍ نَهَاهَا عنه الزَّوْجُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قَوْلُهُ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى من يَخْدُمُهَا لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا أو لِمَرَضِهَا لَزِمَهُ ذلك
إذَا احْتَاجَتْ إلَى من يَخْدُمُهَا لِكَوْنِ مِثْلِهَا لَا تَخْدُمُ نَفْسَهَا لَزِمَهُ ذلك بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ذلك على ما إذَا كان قَادِرًا على ذلك إذْ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ
وَإِنْ كان لِمَرَضِهَا لَزِمَهُ ذلك أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَلْزَمُهُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إخْدَامُ مَرِيضَةٍ وَلَا أَمَةٍ
وَقِيلَ غَيْرُ حميله ( ( ( جميلة ) ) ) انْتَهَى
فَائِدَةٌ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ من يُوَضِّئُ مَرِيضَهُ بِخِلَافِ رَقِيقِهِ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(9/357)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَادِمُ كِتَابِيَّةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ كِتَابِيَّةٌ في الْأَصَحِّ إنْ جَازَ نَظَرُهَا
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ في الْخَادِمِ الْإِسْلَامُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَلْزَمُهَا قَبُولُهَا على وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قال أنا أَخْدُمُك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَالصَّوَابُ اللُّزُومُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْفَقِيرَيْنِ
وَكَذَا كِسْوَتُهُ
قال الْأَصْحَابُ مع خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِلْخُرُوجِ
قَوْلُهُ إلَّا في النَّظَافَةِ
لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِلْخَادِمِ ما يَعُودُ بِنَظَافَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ سِوَى النَّظَافَةِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَيْضًا
فَائِدَةٌ إنْ كان الْخَادِمُ له أو لها فَنَفَقَتُهُ عليه
قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُعَارِ في وَجْهٍ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ولم أَجِدْهُ صَرِيحًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ في الْمُؤَجَّرِ فإن نَفَقَتَهُ على مَالِكِهِ
____________________
(9/358)
وَأَمَّا في الْمُعَارِ فَيَحْتَمِلُ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ في آخِرِ الْإِجَارَةِ
وَقَوْلُهُ في وَجْهٍ يَدُلُّ أَنَّ الْأَشْهَرَ خِلَافُهُ وَلِهَذَا جَزَمَ بِهِ في الْمُعَارِ في بَابِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ لَا يَكْفِي خَادِمٌ مع الْحَاجَةِ إلَى أَكْثَرَ منه انْتَهَى
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من خَادِمٍ بِقَدْرِ حَالِهَا
فَائِدَةٌ إنْ كان الْخَادِمُ مِلْكَهَا كان تَعْيِينُهُ إلَيْهِمَا وَإِنْ كان مِلْكَهُ أو اسْتَأْجَرَهُ أو اسْتَعَارَهُ فَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْله وَإِنْ قال أنا أَخْدُمُك فَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذلك على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهَا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(9/359)
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ له ذلك فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ لِمَنْ يَكْفِيهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكِسْوَتُهَا وَمَسْكَنُهَا كَالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ فَإِنْ كانت حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى
وَكَذَا الْكِسْوَةُ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كُلَّ يَوْمٍ تَأْخُذُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أنها إذَا وَضَعَتْ اسْتَحَقَّتْ ذلك لِجَمِيعِ مُدَّةِ الْحَمْلِ
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ فقال وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عليه تَسْلِيمُ النَّفَقَةِ حتى تَضَعَ الْحَمْلَ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ عليه عِنْدَهُ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ يَلْزَمُهُ لِبَائِنٍ حَامِلٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى نَصَّ عليه
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ بِوَضْعِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو ضَعِيفٌ مُصَادِمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى 65 6 { وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
وقال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا تَلْزَمُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ سَهْوٌ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَحَكَى الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ رِوَايَةً لَا نَفَقَةَ لها كَالْمُتَوَفَّى عنها
____________________
(9/360)
وَخَصَّهَا ابْنُهُ بِالْمَبْتُوتَةِ بِالثَّلَاثِ وَبَنَاهَا على أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْمَرْأَةِ وَالْمَبْتُوتَةُ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا قُلْنَا هِيَ لِلْحَمْلِ
قال بن رَجَبٍ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ في الْقِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِيمَا إذَا ظُنَّ وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمَبْتُوتَةِ الْحَامِلِ يُرَجِّحُ الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ انْتَهَى
وقال في الرَّوْضَةِ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وفي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها
يَعْنِي وَإِنْ لم تَكُنْ حَامِلًا فَلَا شَيْءَ لها وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لها السُّكْنَى خَاصَّةً اخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا تَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَالْعِدَّةِ
وَعَنْهُ لها أَيْضًا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ
وَعَنْهُ يَجِبُ لها النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَكَاهَا بن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ
وَالظَّاهِرُ أنها الرِّوَايَةُ التي في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ هِيَ كَالزَّوْجَةِ يَجُوزُ لها الْخُرُوجُ وَالتَّحَوُّلُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
فَائِدَةٌ لو نَفَى الْحَمْلَ وَلَاعَنَ فَإِنْ صَحَّ نَفْيُهُ فَلَا نَفَقَةَ عليه فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَزِمَهُ
____________________
(9/361)
نَفَقَةُ ما مَضَى وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ أو لم يَنْفِهِ وَقُلْنَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُنْفِقْ عليها يَظُنُّهَا حَائِلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أنها حَامِلٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ما مَضَى هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ رَجَعَتْ عليه على الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَضَى على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ما مَضَى
قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْفَقَ عليها يَظُنُّهَا حَامِلًا ثُمَّ بَانَتْ حَائِلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عليها بِالنَّفَقَةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا يَرْجِعُ عليها وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ رَجَعَ عليها على الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ عليها
وقال في الْوَسِيلَةِ إنْ بَقِيَ الْحَمْلُ فَفِي رُجُوعِهِ رِوَايَتَانِ
____________________
(9/362)
فَائِدَةٌ لو ادَّعَتْ أنها حَامِلٌ أَنْفَقَ عليها ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُنْفِقُ ذلك إنْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ وَإِلَّا فَلَا
وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ عليها قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا إنْ ادَّعَتْ حَمْلًا وَلَا أَمَارَةَ لم تُعْطَ شيئا
وَقِيلَ بَلَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ
وَعَنْهُ لَا تَجِبُ حتى تَشْهَدَ النِّسَاءُ
وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ أنها لَا تُعْطَى بِلَا أَمَارَةٍ وَتُعْطَى مَعَهَا
فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ إنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ولم يَتَبَيَّنْ حَمْلٌ رَجَعَ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ كَنِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِتَفْرِيطِهِ كَنَفَقَتِهِ على أَجْنَبِيَّةٍ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قالوا قال وَيَتَوَجَّهُ فيه الْخِلَافُ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي رُجُوعِهِ بِمَا أَنْفَقَ وَقِيلَ بَعْدَ عِدَّتِهَا رِوَايَتَانِ
ثُمَّ قال قُلْت إنْ قُلْنَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّفَقَةِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ كَتَمَتْ بَرَاءَتَهَا منه فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا
قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا شَكَّ فيه وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ
قَوْلُهُ وَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ لِحَمْلِهَا أو لها من أَجْلِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَهُمَا وَجْهَانِ في الْكَافِي
____________________
(9/363)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا هِيَ لِلْحَمْلِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَصَحُّهُمَا أنها لِلْحَمْلِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُهُمَا
وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ لها من أَجْلِهِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَأَوْجَبَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ له وَلَهَا من أَجْلِهِ وَجَعَلَهَا كَمُرْضِعَةٍ له بِأُجْرَةٍ
تَنْبِيهٌ لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ
منها لو كان أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَجِبُ لِأَنَّهُ إنْ كان هو الرَّقِيقَ فَلَا تَجِبُ عليه نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ وَإِنْ كانت هِيَ الرَّقِيقَةُ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فَنَفَقَتُهُ على مالكه ( ( ( مالكها ) ) )
وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَجِبُ على الْعَبْدِ في كَسْبِهِ أو تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا
وقال في الْهِدَايَةِ على سَيِّدِهِ وَتَابَعَهُ في الْمُذْهَبِ
وَمِنْهَا لو نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ
____________________
(9/364)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَجِبُ
وَمِنْهَا لو كانت حَامِلًا من وَطْءِ شُبْهَةٍ أو نِكَاحٍ فَاسِدٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَجِبُ
قال في الْقَوَاعِدِ إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ يَلِيقُ بها تَحْصِينًا لمائة فَيَلْزَمُهَا ذلك ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَتَقَدَّمَ ذلك
وَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إذَا حَمَلَتْ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ فَالنَّفَقَةُ على الْوَاطِئِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ لِحَمْلِ الْمَبْتُوتَةِ
وَهَلْ لها على الزَّوْجِ نَفَقَةٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كانت مُكْرَهَةً أو نَائِمَةً فَنَعَمْ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ تَظُنُّهُ زَوْجَهَا فَلَا نَفَقَةَ
فَائِدَةٌ الْفَسْخُ لِعَيْبٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَقَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَعِنْدَ الْقَاضِي هو كَصَحِيحٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ دخل بها وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِرَضَاعٍ أو عَيْبٍ فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَإِنْ كانت حَامِلًا حتى تَضَعَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَمُلَخَّصُهُ
إذَا وُطِئَتْ الرَّجْعِيَّةُ بِشُبْهَةٍ أو نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ بَانَ بها حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ من الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهَا النَّفَقَةُ حتى تَضَعَ وَلَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا نَفَقَةَ لها على وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّةَ الْحَمْلِ حتى يَنْكَشِفَ الْأَبُ
____________________
(9/365)
مِنْهُمَا وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِ بَعْدَ الْوَضْعِ بِنَفَقَةِ أَقْصَرِ الْمُدَّتَيْنِ من مُدَّةِ الْحَمْلِ
أو قَدْرِ ما بَقِيَ من الْعِدَّةِ بَعْدَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ
ثُمَّ إذَا زَالَ الْإِشْكَالُ أو أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَاعْمَلْ بِمُقْتَضَى ذلك
فَإِنْ كان مَعَهَا وَفْقُ حَقِّهَا من النَّفَقَةِ وَإِلَّا رَجَعَتْ على الزَّوْجِ بِالْفَضْلِ
وَلَوْ كان الطَّلَاقُ بَائِنًا فَالْحُكْمُ كما تَقَدَّمَ في جَمِيعِ ما ذَكَرْنَا إلَّا في مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أنها لَا تَرْجِعُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِشَيْءٍ على الزَّوْجِ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أو لها من أَجْلِهِ ذُكِرَ ذلك كُلَّهُ في الْمُجَرَّدِ
وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُهُ من أَحَدِهِمَا فقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ يَرْجِعُ عليه الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهُ لم يُنْفِقْ مُتَبَرِّعًا
قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ
وَجَعَلَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ من الْمُجَرَّدِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ على ما مَضَى في بَابِ الضَّمَانِ
وَمِنْهَا لو كانت حَامِلًا من سَيِّدِهَا فَأَعْتَقَهَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ إلَّا حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ
وَنَقْل الْكَحَّالُ في أُمِّ الْوَلَدِ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ تُنْفِقُ من جَمِيعِ الْمَالِ
وَمِنْهَا لو غَابَ الزَّوْجُ فَهَلْ تَثْبُتُ النفقة ( ( ( للنفقة ) ) ) في ذِمَّتِهِ فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا الْبِنَاءُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ لَا تَثْبُتُ في الذِّمَّةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ
____________________
(9/366)
قال في الْقَوَاعِدِ على الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي
وَمِنْهَا لو مَاتَ الزَّوْجُ وَلَهُ حَمْلٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَلْزَمُ النَّفَقَةُ الْوَرَثَةَ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَلْزَمُهُمْ بِحَالٍ
وَمِنْهَا لو كان الزَّوْجُ مُعْسِرًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَجِبُ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ مَشْرُوطَةٌ بِالْيَسَارِ دُونَ نَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ تَجِبُ
وَمِنْهَا لو اخْتَلَعَتْ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا فَهَلْ يَصِحُّ جَعْلُ النَّفَقَةِ عِوَضًا لِلْخُلْعِ
قال الشِّيرَازِيُّ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لها يَصِحُّ
وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا
وقال الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ يَصِحُّ على الرِّوَايَتَيْنِ
وَمِنْهَا لو كان الْحَمْلُ مُوسِرًا بِأَنْ يُوصَى له بِشَيْءٍ فَيَقْبَلُهُ الْأَبُ
فَإِنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ له وهو الْمَذْهَبُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عن أبيه
وَإِنْ قُلْنَا لأمة وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لم تَسْقُطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَمِنْهَا لو دَفَعَ إلَيْهَا النَّفَقَةَ فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ بَدَلُهَا لِأَنَّ ذلك حُكْمُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا
وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْمُطَلَّقَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِطْرَةُ الْحَمْلِ على أبيه غَيْرُ وَاجِبَةٍ على الصَّحِيحِ
____________________
(9/367)
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَجِبُ لها الْفِطْرَةُ
وَمِنْهَا هل تَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا سُكْنَى ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لها السُّكْنَى أَيْضًا
وَمِنْهَا لو تَزَوَّجَ امْرَأَةً على أنها حَرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً وهو مِمَّنْ يُبَاحُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَفَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ حَامِلٌ منه فَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا وُجُوبُ النَّفَقَةِ عليه على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ
وفي الْمُحَرَّرِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ ما يَدُلُّ عليه
قال بن رَجَبٍ وهو الصَّحِيحُ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ قُلْنَا النفقة ( ( ( النفقات ) ) ) لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ على الزَّوْجِ
وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَامِلِ لم تَجِبْ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ في كِتَابِ النِّكَاحِ
وَمِنْهَا الْبَائِنُ في الْحَيَاةِ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ إذَا كانت حَامِلًا
وقد تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَأَمَّا الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أو طَلَاقٍ فَإِنْ كانت حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لها وَأَحْكَامُهَا
وَمِنْهَا الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا إذَا كانت حَامِلًا
وَتَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ
قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عنها زَوْجُهَا فَإِنْ كانت حَائِلًا فَلَا نَفَقَةَ لها وَلَا سُكْنَى
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وقال وَعَنْهُ لها السُّكْنَى اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فَهِيَ كَغَرِيمٍ
____________________
(9/368)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ حَكَى شَيْخُنَا رِوَايَةً أَنَّ لها السُّكْنَى بِكُلِّ حَالٍ
وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَالشَّارِحُ إنْ مَاتَ وَهِيَ في مَسْكَنِهِ قَدِمَتْ بِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت حَامِلًا فَهَلْ لها ذلك على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
إحْدَاهُمَا لَا نَفَقَةَ لها وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ أَصَحُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لها ذلك
وَبَنَاهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ على أَنَّ النَّفَقَةَ هل هِيَ لِلْحَمْلِ أو لها من أَجْلِهِ
فَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ من التَّرِكَةِ كما لو كان الْأَبُ حَيًّا
وَإِنْ قُلْنَا لها لم تَجِبْ
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ لَا تَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ
قال وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وهو أَنَّا إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ لم تَجِبْ لِلْمُتَوَفَّى عنها لِهَذَا الْمَعْنَى
وَإِنْ قُلْنَا لها وَجَبَتْ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ على الْمَيِّتِ لَحِقَهُ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا في مَالِهِ انْتَهَى
وَعَنْهُ لها السُّكْنَى خَاصَّةً اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فَهِيَ كَغَرِيمٍ فَهِيَ عِنْدَهُ كَالْحَائِلِ
قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ لها السُّكْنَى بِكُلِّ حَالٍ وَتُقَدِّمُ بها على الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ إنْ كان قد أَفْلَسَهُ الْحَاكِمُ قبل مَوْتِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي أَيْضًا إنْ مَاتَ وَهِيَ في مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ فَهِيَ عِنْدَهُ وَالْحَالَةُ هذه كَالْحَائِلِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
____________________
(9/369)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو بِيعَتْ الدَّارُ التي هِيَ سَاكِنَتُهَا وَهِيَ حَامِلٌ لم يَصِحَّ الْبَيْعُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لِجَهْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ إلَى الْوَضْعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ وهو الصَّوَابُ
وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا في بَابِ الْإِجَارَةِ
الثَّانِيَةُ نَقَلَ الْكَحَّالُ في أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ تُنْفِقُ من مَالِ حَمْلِهَا
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ تُنْفِقُ من جَمِيعِ الْمَالِ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا قَرِيبًا في الْفَوَائِدِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَمَاتَ فَهَلْ نَفَقَتُهَا من الْكُلِّ أو من حَقِّ وَلَدِهَا على رِوَايَتَيْنِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ في نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهَا لَا نَفَقَةَ لها نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وبن بُخْتَانَ
وَالثَّانِيَةُ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ ما في بَطْنِهَا نَقَلَهَا الْكَحَّالُ
وَالثَّالِثَةُ إنْ لم تَكُنْ وَلَدَتْ من سَيِّدِهَا قبل ذلك فَنَفَقَتُهَا من جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كانت حَامِلًا وَإِنْ كانت وَلَدَتْ قبل ذلك فَهِيَ في عِدَادِ الْأَحْرَارِ يُنْفِقُ عليها من نَصِيبِ وَلَدِهَا نَقَلَهَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّدٍ
قال وَهِيَ مُشْكِلَةٌ جِدًّا وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا
وَاسْتَشْكَلَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فقال الْحَمْلُ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ فيه قبل تَحَقُّقِ الشَّرْطِ
وَيُجَابُ بِأَنَّ هذا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ من حِينِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذلك
____________________
(9/370)
فإذا حَكَمْنَا له بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فيه بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عليه وَعَلَى من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ على أمة يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ كما يَتَصَرَّفُ في مَالِ الْمَفْقُودِ
قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَيْهَا في صَدْرِ نَهَارِ كل يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا على تَأْخِيرِهَا أو تَعْجِيلِهَا مُدَّةً قَلِيلَةً أو كَثِيرَةً فَيَجُوزُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَمْلِيكٌ بَلْ يُنْفِقُ وَيَكْسُو بِحَسَبِ الْعَادَةِ فإن الْإِنْفَاقَ بِالْمَعْرُوفِ ليس هو التَّمْلِيكُ
وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ عَمَّنْ زَوْجَتُهُ صَغِيرَةٌ أو مَجْنُونَةٌ إلَّا بِتَسْلِيمِ وَلِيٍّ أو بِإِذْنِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا دَفْعَ الْقِيمَةِ لم يَلْزَمْ الْآخَرَ ذلك بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما سَبَقَ أو صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْلِكُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ كَدَرَاهِمَ مَثَلًا إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا فَلَا يُجْبَرُ من امْتَنَعَ
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى لَا أَصْلَ لِفَرْضِ الدَّرَاهِمِ في كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا نَصَّ عليه أَحَدٌ من الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَى عن غَيْرِ مُسْتَقَرٍّ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ مع عَدَمِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ فَأَمَّا مع الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةِ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيَتَوَجَّهُ الْفَرْضُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ على ما لَا يَخْفَى وَلَا يَقَعُ الْفَرْضُ بِدُونِ ذلك بِغَيْرِ الرِّضَى انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيَجُوزُ التَّعَوُّضُ عن النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِنَقْدٍ وَغَيْرِهِ عَمَّا يَجِبُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كِسْوَتُهَا في كل عَامٍ
يَعْنِي عليه كِسْوَتُهَا مَرَّةً بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(9/371)
وَمَحَلُّهَا أَوَّلَ كل عَامٍ من حِينِ الْوُجُوبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ أَوَّلَ كل صَيْفٍ وَشِتَاءٍ
وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ فقال قُلْت في أَوَّلِ الشِّتَاءِ كِسْوَتُهُ وفي أَوَّلِ الصَّيْفِ كِسْوَتُهُ
وقال في الْوَاضِحِ وَعَلَيْهِ كِسْوَتُهَا كُلَّ نِصْفِ سَنَةٍ
قَوْلُهُ وَإِذْ قَبَضَتْهَا فَسُرِقَتْ أو تَلِفَتْ لم يَلْزَمْهُ عِوَضُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ سُرِقَتْ أو بَلِيَتْ فَلَا بَدَلَ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ عِوَضُهَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هِيَ إمْتَاعٌ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهَا كَكِسْوَةِ الْقَرِيبِ
وقال في الْكَافِي فَإِنْ بَلِيَتْ في الْوَقْتِ الذي يَبْلَى فيه مِثْلُهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا لِأَنَّ ذلك من تَمَامِ كِسْوَتِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ لم يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا
قَوْلُهُ وإذا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَعَلَيْهِ كِسْوَةُ السَّنَةِ الْأُخْرَى
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
____________________
(9/372)
قُلْت وهو قَوِيٌّ جِدًّا
قال في الرِّعَايَةِ إنْ قُلْنَا هِيَ تَمْلِيكٌ لَزِمَهُ وَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ فَلَا كَالْمَسْكَنِ وَأَوْعِيَةِ الطَّعَامِ وَالْمَاعُونِ وَالْمُشْطِ وَنَحْوِ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
وقال في الْكَافِي وَإِنْ مَضَى زَمَانٌ تَبْلَى فيه ولم تَبْلَ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْكِسْوَةِ
وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمُدَّةِ بِدَلِيلِ أنها لو تَلِفَتْ قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لم يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ الْكِسْوَةَ بِقَبْضِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا تَمْلِكُهَا
وَالْمَسْأَلَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ على هذا الْخِلَافِ
الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ الْكِسْوَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
وَاخْتَارَ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيه أَنَّ ذلك يَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا
قَوْله وَإِنْ مَاتَتْ أو طَلَّقَهَا قبل مُضِيِّ السَّنَةِ فَهَلْ يَرْجِعُ عليها بِقِسْطِهِ على وَجْهَيْنِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو تَسَلَّفَتْ النَّفَقَةَ فَمَاتَتْ أو طَلَّقَهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ رَجَعَ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/373)
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ دُونَ الْكِسْوَةِ
وَقِيلَ عَكْسُهُ
وَقِيلَ ذلك كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ
وَجَزَمَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في الْمُنْتَخَبِ
وَجَزَمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا وَجَبَ كَيَوْمٍ وَكِسْوَةِ سَنَةٍ بَلْ يَرْجِعُ بِمَا لم يَجِبْ إذَا دَفَعَهُ
فَائِدَةٌ لَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْيَوْمِ الذي فَارَقَهَا فيه ما لم تَكُنْ نَاشِزًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي لَا يَرْجِعُ قَوْلًا وَاحِدًا
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَرْجِعُ في الْأَصَحِّ
قال في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا يَوْمُ السَّلَفِ لَا يَرْجِعُ بِهِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَرْجِعُ بِهِ
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِهِ
وَأَمَّا إذَا كانت نَاشِزًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عليها بِذَلِكَ
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ أَيْضًا
تَنْبِيهٌ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا قَبَضَتْ النَّفَقَةَ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فيها
إشْعَارٌ بِأَنَّهَا تَمْلِكُهَا وهو صَحِيحٌ
صَرَّحَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَطَعُوا بِهِ كَالْكِسْوَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ مُدَّةً ولم يُنْفِقْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ ما مَضَى
____________________
(9/374)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا لها
اخْتَارَهُ في الْإِرْشَادِ وهو ضَعِيفٌ
وقال في الرِّعَايَةِ لَا نَفَقَةَ لها إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا لها أو فَرَضَهَا الزَّوْجُ بِرِضَاهَا
وقال في الِانْتِصَارِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَسْقَطَهَا بِالْمَوْتِ
وَعَلَّلَ في الْفُصُولِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ الْكَافِي فإنه فَرَّعَ عليها لَا يَثْبُتُ في ذِمَّتِهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا لِأَنَّهُ ليس مَآلُهَا إلَى الْوُجُوبِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو اسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ رَجَعَتْ على زَوْجِهَا مُطْلَقًا نَقَلَهُ أَحْمَدُ بن هَاشِمٍ
وَذَكَرَهُ في الْإِرْشَادِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال وَيَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ أَدَّى عن غَيْرِهِ وَاجِبًا انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو أَنْفَقَتْ في غَيْبَتِهِ من مَالِهِ فَبَانَ مَيِّتًا رَجَعَ عليها الْوَارِثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهَا من مَالِ غَائِبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِظُهُورِهِ على الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ عليها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّالِثَةُ لو أَكَلَتْ مع زَوْجِهَا عَادَةً أو كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ ولم يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ عنه مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(9/375)
وقال في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي إنْ نَوَى اعْتَدَّ بها وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وإذا بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا أو يَتَعَذَّرُ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ أو حَيْضٍ أو رَتْقٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَ زَوْجَهَا نَفَقَتُهَا سَوَاءٌ كان الزَّوْجُ كَبِيرًا أو صَغِيرًا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ أو لَا يُمْكِنُهُ كَالْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَرِيضِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كان صَغِيرًا
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مع عَدَمِ مَنْعٍ لِمَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا لو بَذَلَهُ
وَقِيلَ وَلِصَغِيرَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
فَعَلَيْهَا لو تَسَاكَنَا بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً لَزِمَهُ
وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ دَفْعُ النَّفَقَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ سَوَاءٌ قَدَرَ على الْوَطْءِ أو عَجَزَ عنه
فَائِدَةٌ مَثَّلَ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ بِابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ وهو مُقْتَضَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَالِحٍ
وَأَنَاطَ الْخِرَقِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ الْحُكْمَ بِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا وهو أَقْعَدُ فإن تَمْثِيلَهُمْ بِالسِّنِّ فيه نَظَرٌ بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْقُدْرَةِ على ذلك أَوْلَى أو مُتَعَيِّنٌ وَهَذَا مُخْتَلِفٌ فَقَدْ تَكُونُ ابْنَةُ تِسْعٍ تَقْدِرُ على الْوَطْءِ وَبِنْتُ عَشْرٍ لَا تَقْدِرُ عليه بِاعْتِبَارِ كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا من نحولها وَسِمَنِهَا وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا
____________________
(9/376)
لَكِنَّ الذي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ في الْغَالِبِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُحْمَلُ إطْلَاقُ من أَطْلَقَ من الْأَصْحَابِ على ذلك انْتَهَى
قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لم تَجِبْ نَفَقَتُهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ بِلُزُومِ النَّفَقَةِ لِلصَّغِيرَةِ بِالْعَقْدِ حَكَاهُ في الْفُرُوعِ فَبَعْدَ الدُّخُولِ بِطَرِيقِ أَوْلَى
فَائِدَةٌ لو زُوِّجَ طِفْلٌ بِطِفْلَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ
وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ
قَوْلُهُ فَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لم يُفْرَضْ لها حتى يُرَاسِلَهُ الْحَاكِمُ أو يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يَقْدُمَ في مِثْلِهِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي عِنْدَ النُّشُوزِ ما يُشَابِهُ هذا
قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا أو مَنَعَهَا أَهْلُهَا فَلَا نَفَقَةَ لها إذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا فَلَا نَفَقَةَ لها بِلَا نِزَاعٍ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أو مَنَعَهَا أَهْلُهَا وَلَوْ كانت بَاذِلَةً لِلتَّسْلِيمِ وَلَكِنَّ أَهْلَهَا يَمْنَعُونَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وقال ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ قال وَفِيهِ نَظَرٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(9/377)
وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لها النَّفَقَةُ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا قبل الدُّخُولِ حتى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ فَلَهَا ذلك وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا نَفَقَةَ لها ذَكَرَهُ في كِتَابِ الصَّدَاقِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ أَيْضًا في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا تَمْلِكُ الْمَنْعَ فَلَا نَفَقَةَ لها إذَا امْتَنَعَتْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قُلْت منهم بن بَطَّةَ وبن شَاقِلَا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لها ذلك فَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْآجِلِ
يَعْنِي أنها لَا تَمْلِكُ مَنْعَ نَفْسِهَا إذَا كان الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَلَوْ فَعَلَتْ لم يَكُنْ لها عليه نَفَقَةٌ
____________________
(9/378)
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أو لَا
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحِلَّ قبل الدُّخُولِ أو لَا
فَإِنْ لم يَحِلَّ قبل الدُّخُولِ فَلَيْسَ لها الِامْتِنَاعُ فَلَوْ امْتَنَعَتْ لم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ حَلَّ قبل الدُّخُولِ لم تَمْلِكْ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَقِيلَ لها الِامْتِنَاعُ وَيَجِبُ لها النَّفَقَةُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا فَهِيَ كَالْحُرَّةِ
يَعْنِي سَوَاءً رضي بِذَلِكَ الزَّوْجُ أو لم يَرْضَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قُلْت يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لِلزَّوْجِ بِذَلِكَ ضَرَرٌ لِفَقْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت تَأْوِي إلَيْهِ لَيْلًا وَعِنْدَ السَّيِّدِ نَهَارًا فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ مَقَامِهَا عِنْدَهُ
فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ اللَّيْلِ من الْعَشَاءِ وَتَوَابِعِهِ كَالْوَطْءِ وَالْغِطَاءِ وَرَهْنِ الْمِصْبَاحِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ قَطْعًا لِلتَّنَازُعِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قال الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَوَّلَ فَعَلَى هذا على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ النَّفَقَةِ فَفَسَّرَ الْأَوَّلَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي
وَوُجُوبُ نَفَقَةِ اللَّيْلِ على الزَّوْجِ وَالنَّهَارِ على السَّيِّدِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ لو سَلَّمَهَا سَيِّدُهَا نَهَارًا فَقَطْ لم يَكُنْ له ذلك
____________________
(9/379)
قَوْلُهُ وإذا نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا نَفَقَةَ لها
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ بِنِكَاحٍ في عِدَّةٍ
وقال في التَّرْغِيبِ من مَكَّنَتْهُ من الْوَطْءِ دُونَ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَسُقُوطُ النَّفَقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا تُشَطَّرُ النَّفَقَةُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا فَقَطْ أو نَهَارًا فَقَطْ لَا بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ
وَتُشَطَّرُ النَّفَقَةُ لِنَاشِزٍ بَعْضَ يَوْمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ تَسْقُطُ كُلُّ نَفَقَتِهِ
الثَّانِيَةُ لو نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ غَابَ الزَّوْجُ فَأَطَاعَتْ في غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَمَضَى زَمَنٌ يَقْدَمُ في مِثْلِهِ عَادَتْ لها النَّفَقَةُ
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَجِبُ بَعْدَ مُرَاسَلَةِ الْحَاكِمِ له انْتَهَى
وَكَذَا الْحُكْمُ لو سَافَرَ قبل الزِّفَافِ
وَكَذَا لو أَسْلَمَتْ مُرْتَدَّةٌ أو مُتَخَلِّفَةٌ عن الْإِسْلَامِ في غَيْبَتِهِ عِنْدَ بن عَقِيلٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَعُودُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِمَا
قَوْلُهُ أو سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ سَفَرُ التَّغْرِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ فيه النَّفَقَةُ
قُلْت وَيُتَصَوَّرُ ذلك فِيمَا إذَا كانت بَالِغَةً عَاقِلَةً ولم يَدْخُلْ بها وَهِيَ بَاذِلَةٌ لِلتَّسْلِيمِ وَالْمَنْعِ من الدُّخُولِ منه
____________________
(9/380)
قَوْلُهُ أو تَطَوَّعَتْ بِصَوْمٍ أو حَجٍّ فَلَا نَفَقَةَ لها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال إنْ جَازَ له إبْطَالُهُ فَتَرَكَهُ
وفي الْوَاضِحِ في حَجٍّ نَفْلٍ إنْ لم يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَتَحْلِيلَهَا لم تَسْقُطْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ أو لِقَضَاءِ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ بِلَا إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ في صَوْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ
وَنَقَلَ أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ تَصُومُ النَّذْرَ بِلَا إذْنٍ
وقال في الْوَاضِحِ في صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ لو حُبِسَتْ بِحَقٍّ أو ظُلْمًا فَلَا نَفَقَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَهَلْ له الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ له الْبَيْتُوتَةَ مَعَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ بَعَثَهَا في حَاجَةٍ يَعْنِي له أو أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَهَا النَّفَقَةُ
____________________
(9/381)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ بِشَرْطِ أَنْ تُحْرِمَ في الْوَقْتِ من الْمِيقَاتِ
وقال في التَّبْصِرَةِ في حَجِّ فَرْضٍ احْتِمَالٌ كَنَفَقَةٍ زَائِدَةٍ على الْحَضَرِ
فَائِدَةٌ لو ( ( ( أو ) ) ) سَافَرَتْ لِنُزْهَةٍ أو تِجَارَةٍ أو زِيَارَةِ أَهْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لها وَفِيهِ احْتِمَالٌ وهو وَجْهٌ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِمَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ في وَقْتِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وكذلك الصَّوْمُ الْمَنْذُورُ وَالْمُعَيَّنُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لها النَّفَقَةُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا نَفَقَةَ لها مُطْلَقًا وهو الْوَجْهُ الثَّانِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَهُ بن مُنَجَّا
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ إنْ كان نَذْرُهَا بِإِذْنِهِ أو قبل النِّكَاحِ لم تَسْقُطْ النَّفَقَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ
وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لها
ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ في بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْمُصَنِّفِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ
وَيَحْتَمِل أَنَّ لها النَّفَقَةَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وأطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(9/382)
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في نُشُوزِهَا أو تَسْلِيمِ النَّفَقَةِ إلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مع يَمِينِهَا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْآمِدِيُّ إنْ اخْتَلَفَا في النُّشُوزِ فَإِنْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ صُدِّقَ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ صُدِّقَتْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَنْعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ إثْبَاتِ التَّمْكِينِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ
وقال في التَّبْصِرَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قبل الدُّخُولِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في النَّفَقَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ من يَشْهَدُ له الْعُرْفُ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في بَذْلِ التَّسْلِيمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِنَفَقَتِهَا أو بِبَعْضِهَا أو بِالْكِسْوَةِ
وَكَذَا بِبَعْضِهَا خُيِّرَتْ بين فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْمُقَامِ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ دَيْنًا في ذِمَّتِهِ
يَعْنِي نَفَقَةَ الْفَقِيرِ وَمَحَلُّهُ إذَا لم تَمْنَعْ نَفْسَهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها الْفَسْخَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(9/383)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَفَسْخُهَا لِلْإِعْسَارِ بِنَفَقَتِهَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أنها لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ بِحَالٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ نَقَلَ بن مَنْصُورٍ ما يَدُلُّ على أنها لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ بِهِ ما لم يُوجَدْ منه غُرُورٌ
وَذَكَرَ بن الْبَنَّا وَجْهًا أَنَّهُ يُؤَجِّلُ ثَلَاثًا
وَقِيلَ إنْ أَعْسَرَ بِكِسْوَةِ يَسَارٍ فَلَا فَسْخَ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ يَرْفَعُ يَدَهُ عنها لِتَكْتَسِبَ ما تَقْتَاتُ بِهِ
فَائِدَةٌ إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ بِطَلَبِهَا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَا في النَّفَقَةِ وَلَا تَجِدُ من يُدَيَّنُهَا عليه
وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في الْغَائِبِ ولم يَذْكُرُوهُ في الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ الْمَانِعِ
وَرَفْعُ النِّكَاحِ هُنَا فَسْخٌ بِطَلَبِهَا أو فَسَخَتْ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ هو قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا فَيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ
فإذا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فُسِخَ بِطَلَبِهَا أو فَسَخَتْ بِأَمْرِهِ وَلَا يَنْفُذُ بِدُونِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ ظَاهِرًا
وفي التَّرْغِيبِ يَنْفُذُ مع تَعَذُّرِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ مُطْلَقًا
وَقِيلَ هذه الْفُرْقَةُ طَلَاقٌ
فَعَلَى هذا يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِطَلَبِهَا بِطَلَاقٍ أو نَفَقَةٍ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عليه الْحَاكِمُ
جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(9/384)
فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ مع عُسْرَتِهِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
فَإِنْ رَاجَعَ طَلَّقَ عليه ثَانِيَةً فَإِنْ رَاجَعَ طَلَّقَ عليه ثَالِثَةً
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنَّ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ فَلَوْ لم يَقْدِرْ فَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَقِيلَ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُتَخَلِّفَةِ نَفَقَتُهُ
وقال في الْمُغْنِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ ثُمَّ بَدَا لها الْفَسْخُ فَلَهَا ذلك
وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لها ذلك في الْأَصَحِّ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ليس لها ذلك كما لو رَضِيَتْ بِعُسْرَتِهِ في الصَّدَاقِ
قال في الْمُحَرَّرِ فَعَلَى هذا هل خِيَارُهَا الْأَوَّلُ على التَّرَاخِي أو على الْفَوْرِ على رِوَايَتَيْ خِيَارِ الْعَيْبِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِهِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو اخْتَارَتْ الْمُقَامَ جَازَ لها أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ من نَفْسِهَا وَلَيْسَ له أَنْ يَحْبِسَهَا
الثَّانِيَةُ لو رَضِيَتْ بِعُسْرَتِهِ أو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بها فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(9/385)
قال في الْفُرُوعِ لها ذلك على الْأَصَحِّ فِيهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقِيلَ ليس لها ذلك
قال في الرِّعَايَتَيْنِ ليس لها ذلك في الْأَصَحِّ فِيهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى هذا الْقَوْلِ خِيَارُهَا على الْفَوْرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ على التَّرَاخِي وهو الْمَذْهَبُ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي
وَظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَلْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وهو أَوْلَى فَإِنْ حَصَلَ في الرَّابِعِ نَفَقَةٌ فَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى وَإِنْ حَصَلَتْ في الثَّالِثِ فَهَلْ يُفْسَخُ في الْخَامِسِ أو السَّادِسِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
قال وَإِنْ مَضَى يَوْمَانِ وَوَجَدَ نَفَقَةَ الثَّالِثِ ثُمَّ أَعْسَرَ في الرَّابِعِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْمُدَّةَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى أنها لو تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أو كان مُوسِرًا ثُمَّ افْتَقَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لها
قال ولم يَزَلْ الناس تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ ولم يَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
الثَّالِثَةُ لو قَدَرَ على التَّكَسُّبِ أُجْبِرَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال في التَّرْغِيبِ أُجْبِرَ على الْأَصَحِّ
____________________
(9/386)
وقال فيه أَيْضًا الصَّانِعُ الذي لَا يَرْجُو عَمَلًا أَقَلَّ من ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فإذا عَمِلَ دَفَعَ نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا فَسْخَ ما لم يَدُمْ
قال في الْكَافِي إنْ كانت نَفَقَتُهُ عن عَمَلٍ فَمَرِضَ فَاقْتَرَضَ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ عَجَزَ عن الِاقْتِرَاضِ وكان لِعَارِضٍ يَزُولُ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فما دُونَ فَلَا فَسْخَ انْتَهَى
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ تَعَذَّرَ عليه الْكَسْبُ في بَعْضِ زَمَانِهِ أو تَعَذَّرَ الْبَيْعُ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاقْتِرَاضُ إلَى زَوَالِ الْعَارِضِ وَحُصُولِ الِاكْتِسَابِ
وَكَذَلِكَ إنْ عَجَزَ عن الِاقْتِرَاضِ أَيَّامًا يَسِيرَةً لِأَنَّ ذلك يَزُولُ عن قَرِيبٍ وَلَا يَكَادُ يَسْلَمُ منه كَثِيرٌ من الناس
وَقَالَا أَيْضًا إنْ مَرِضَ مَرَضًا يُرْجَى زَوَالُهُ في أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لم يَفْسَخْ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كان ذلك يَطُولُ فَلَهَا الْفَسْخُ
وَكَذَلِكَ إنْ كان لَا يَجِدُ النَّفَقَةَ إلَّا يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ انْتَهَيَا
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أو نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أو الْمُتَوَسِّطِ أو الْأُدْمِ أو نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَلَا فَسْخَ لها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إنْ كانت مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهَا بِأَكْلِ الطِّيبِ وَلِبْسِ النَّاعِمِ لَزِمَهُ ذلك فَإِنْ كان مُعْسِرًا مَلَكَتْ الْفَسْخَ إذَا عَجَزَ عن الْقِيَامِ بِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ اعْتَادَتْ الطِّيبَ وَالنَّاعِمَ فَعَجَزَ عنهما فَلَهَا الْفَسْخُ
قُلْت فَالْأَدَمُ أَوْلَى انْتَهَى
____________________
(9/387)
وَقِيلَ لها الْفَسْخُ إذَا أَعْسَرَ بِالْأُدْمِ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ لها الْفَسْخُ في ذلك كُلِّهِ مع ضَرَرِهَا
قَوْلُهُ وَتَكُون النَّفَقَةُ دَيْنًا في ذِمَّتِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي تَسْقُطُ أَيْ الزِّيَادَةُ عن نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ أو الْمُتَوَسِّطِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ في ذلك وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ لَا أنها تَسْقُطُ مُطْلَقًا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي تَسْقُطُ زِيَادَةُ الْيَسَارِ وَالتَّوَسُّطِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ تَسْقُطُ زِيَادَةُ الْيَسَارِ وَالتَّوَسُّطِ
قُلْت غَيْرُ الْأُدْمِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى أو الْمَهْرِ فَهَلْ لها الْفَسْخُ على وَجْهَيْنِ
إذَا أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ الْفَسْخِ لها وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لها الْفَسْخُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لها ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
____________________
(9/388)
وَأَطْلَقَ في جَوَازِ الْفَسْخِ إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لها الْفَسْخُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس لها ذلك اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وهو أَصَحُّ وَنَصَرَهُ
وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ إنْ أَعْسَرَ قبل الدُّخُولِ فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَلَا
قال الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ في التَّصْحِيحِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
قال النَّاظِمُ هذا أَشْهَرُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ تَزَوَّجَ مُفْلِسًا ولم تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قال عِنْدِي عَرْضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا بِأَتَمَّ من هذا في آخِرِ بَابِ الصَّدَاقِ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَرَضِيَتْ أو زَوْجُ الصَّغِيرَةِ أو الْمَجْنُونَةِ لم يَكُنْ لِوَلِيِّهِنَّ الْفَسْخُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لَا فَسْخَ في الْمَنْصُوصِ لِوَلِيِّ أَمَةٍ رَاضِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَلَا فَسْخَ لهم في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له ذلك
____________________
(9/389)
وقال في الْكَافِي وحكى عن الْقَاضِي أَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الْفَسْخَ لِأَنَّ الضَّرَرَ عليه
قَوْلُهُ وَإِنْ مَنَعَ النَّفَقَةَ أو بَعْضَهَا مع الْيَسَارِ وَقَدَرَتْ له على مَالٍ أَخَذَتْ منه ما يَكْفِيهَا وَيَكْفِي وَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
لِلْحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وهو في الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الرَّوْضَة الْقِيَاسُ مَنْعُهَا تَرَكْنَاهُ لِلْخَبَرِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أنها لَا تَأْخُذُ لِوَلَدِهَا
وَيَأْتِي حُكْمُ الحديث في آخِرِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ غَيَّبَهُ وَصَبَرَ على الحبس ( ( ( الجنس ) ) ) فَلَهَا الْفَسْخُ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْوَجِيزُ وَتَذْكِرَةُ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ لها الْفَسْخُ في الْأَقْيَسِ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَلَهَا الْفَسْخُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنْ أَصَرَّ فَارَقَتْهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال النَّاظِمُ % فَإِنْ مَنَعَ الْإِنْفَاقَ ذُو الْيُسْرِ أو يَغِبْ % أو الْبَعْضَ أَنْ يَظْفَرَ بِمَالِ الْمُقَلِّدِ % % فَإِنْ تَعَذَّرَ يُلْجِئْهُ حَاكِمٌ فَإِنْ % أَبَى يُعْطِهَا عنه وَلَوْ قِيمَةَ أَعْبُدٍ %
وقال الْقَاضِي ليس لها ذلك
____________________
(9/390)
قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ ولم يَتْرُكْ لها نَفَقَةً ولم تَقْدِرْ له على مَالٍ وَلَا الِاسْتِدَانَةَ عليه فَلَهَا الْفَسْخُ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي ليس لها ذلك إذَا لم يَثْبُتْ إعْسَارُهُ
قال في التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ لها أَنْ تَسْتَدِينَ وَتُنْفِقَ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ في ذلك إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ في كِتَابِ الصَّدَاقِ لها أَنْ تَفْسَخَ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فِيمَا إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ فَلْيُعَاوَدْ
____________________
(9/391)
بَابُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ
قَوْلُهُ يَجِبُ على الْإِنْسَانِ نَفَقَةُ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَلَهُ ما يُنْفِقُ عليهم فَاضِلًا عن نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ وَرَقِيقِهِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ أو بَعْضِهَا إنْ كان الْمُنْفِقُ عليه قَادِرًا على الْبَعْضِ
وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ لهم الْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مع فَقْرِهِمْ إذَا فَضَلَ عن نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ
وَكَذَا رَقِيقُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَأْتِي حُكْمُ اخْتِلَافِ الدِّينِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّرْحُ فإنه قال يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ
الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ وَارِثًا فَإِنْ لم يَكُنْ وَارِثًا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ لم تَجِبْ عليه النَّفَقَةُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا في الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ وَارِثًا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ
وَعَنْهُ تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا بِالْوُجُوبِ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ
____________________
(9/392)
فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ في الْحَالِ فَلَا تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ
وَعَنْهُ بَلْ إنْ وَرِثَهُ وَحْدَهُ لَزِمَتْهُ مع يَسَارِهِ وَمَعَ فَقْرِهِ تَلْزَمُ بَعِيدًا مُعْسِرًا
فَلَا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مع أَبٍ فَقِيرٍ على الْأُولَى وَتَلْزَمُ على الثَّانِيَةِ على ما يَأْتِي
وَيَأْتِي أَيْضًا ذِكْرُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ وما يَتَفَرَّعُ عليها في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هذه
وَيَأْتِي تَفَارِيعُ هذه الرِّوَايَاتِ وما يَنْبَنِي عليها تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا شَمِلَ قَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا الْأَوْلَادَ الْكِبَارَ الْأَصِحَّاءَ الْأَقْوِيَاءَ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وهو صَحِيحٌ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ في ذلك
الثَّانِي قَوْلُهُ فَاضِلًا عن نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَعْنِي يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ كما تَقَدَّمَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
من كَسْبِهِ أو أُجْرَةِ مِلْكِهِ وَنَحْوِهِمَا لَا من أَصْلِ الْبِضَاعَةِ وَثَمَنِ الْمِلْكِ وَآلَةِ عَمَلِهِ
قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ من يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ سَوَاءٌ وَرِثَهُ الْآخَرُ أو لَا كَعَمَّتِهِ وَعَتِيقِهِ
هذا الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
____________________
(9/393)
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَصَرَّحُوا بِالْعَتِيقِ
وَعَنْهُ أنها تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ من عَمُودَيْ النَّسَبِ وَغَيْرِهِمْ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ كما تَقَدَّمَ
فَلَا تَجِبُ على الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَنَحْوِهَا
فَعَلَيْهَا هل يُشْتَرَطُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ في الْحَالِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ وهو الصَّحِيحُ فَلَا نَفَقَةَ على بَعِيدٍ مُوسِرٍ يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَالْأُخْرَى يُشْتَرَطُ ذلك في الْجُمْلَةِ
لَكِنْ إنْ كان يَرِثُهُ في الْحَالِ أُلْزِمَ بها مع الْيَسَارِ دُونَ الْأَبْعَدِ
وَإِنْ كان فَقِيرًا جُعِلَ كَالْمَعْدُومِ وَلَزِمَتْ الْأَبْعَدَ الْمُوسِرَ
فَعَلَى هذا من له بن فَقِيرٌ وَأَخٌ مُوسِرٌ أو أَبٌ فَقِيرٌ وَجَدٌّ مُوسِرٌ لَزِمَتْ الْمُوسِرَ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَلَا تَلْزَمهُمَا على التي قَبْلَهَا
وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْإِرْثِ في غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً تَلْزَمُ الْجَدَّ دُونَ الْأَخِ
قال الْمُصَنِّفُ وهو الظَّاهِرُ
وقال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ لو كان بَعْضُهُمْ يُسْقِطُ بَعْضًا لَكِنَّ الْوَارِثَ مُعْسِرٌ وَغَيْرَ الْوَارِثِ مُوسِرٌ فَهَلْ تَجِبُ النَّفَقَةُ على الْبَعِيدِ الْمُوسِرِ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
الثَّالِثُ إنْ كان من عَمُودَيْ النَّسَبِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ تَوَارَثَهُمَا اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِعَمَّتِهِ وَلَا لِعَتِيقِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَأَطْلَقَ هذه الرِّوَايَةَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(9/394)
فَائِدَةٌ وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ على الْأَقَارِبِ غير عَمُودَيْ النَّسَبِ مُقَيَّدٌ بِالْإِرْثِ لَا بِالرَّحِمِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ وَعَتِيقُهُ لو كان الْعَتِيقُ فَقِيرًا وَلَهُ مُعْتِقٌ أو من يَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ وهو صَحِيحٌ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِعَتِيقِهِ مع عَمَّتِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ فَأَمَّا ذَوَوْا الْأَرْحَامِ فَلَا نَفَقَةَ له عليهم رِوَايَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَنْصُوصُ وَالْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ من صِلَةِ الرَّحِمِ وهو عَامٌّ كَعُمُومِ الْمِيرَاثِ في ذَوِي الْأَرْحَامِ بَلْ أَوْلَى
وقال أبو الْخَطَّابِ وبن أبي مُوسَى يَخْرُجُ في وُجُوبِهَا عليهم رِوَايَتَانِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وُجُوبَهَا على تَوْرِيثِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوِيٌّ
وقال في الْبُلْغَةِ وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ فَهَلْ يَلْزَمُ بَعْضَهُمْ نَفَقَةُ بَعْضٍ عِنْدَ عَدَمِ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(9/395)
وَقِيلَ تَلْزَمُ رِوَايَةً وَاحِدَةً انْتَهَى
وَلَعَلَّهُ وَقِيلَ لَا تَلْزَمُ بِزِيَادَةٍ لَا
تَنْبِيهٌ قد يُقَالُ عُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ وَنَحْوَهُمْ لَا نَفَقَةَ عليهم لِأَنَّهُمْ من ذَوِي الْأَرْحَامِ
وَعُمُومُ كَلَامِهِ في أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ عليهم النَّفَقَةَ وهو قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أو الْعَمَلُ على هذا الثَّانِي وَأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عليهم
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ قالوا وَلَا نَفَقَةَ على ذَوِي الْأَرْحَامِ من غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ نَصَّ عليه
فَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ من هو من عَمُودَيْ النَّسَبِ من ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَدْخَلَهُمْ في الْفُرُوعِ في الْخِلَافِ
ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ يَعْنِي من ذَوِي الْأَرْحَامِ
فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لهم وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِلْفَقِيرِ وَارِثٌ فَنَفَقَتُهُ عليهم على قَدْرِ إرْثِهِمْ منه فإذا كان أُمٌّ وَجَدٌّ فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي على الْجَدِّ
وَكَذَا بن وَبِنْتٌ
فَإِنْ كانت أُمٌّ وَبِنْتٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها عليهم أَرْبَاعًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ ثُلُثَيْ النَّفَقَةِ عليهم بِإِرْثِهِمَا فَرْضًا
قَوْلُهُ وَعَلَى هذا حِسَابُ النَّفَقَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ له أَبٌ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عليه وَحْدَهُ
____________________
(9/396)
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْوَاضِحِ هذا ما دَامَتْ أُمُّهُ أَحَقَّ بِهِ
وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ الْقِيَاسُ في أَبٍ وبن يَلْزَمُ الْأَبَ السُّدُسَ فَقَطْ لَكِنْ تَرَكَهُ أَصْحَابُنَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ الْوَلَدُ مِثْلُ الْأَبِ في ذلك
وَعَنْهُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ كَالْأَبِ في ذلك ذَكَرَهُمَا بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ
فَائِدَةٌ لو كان أَحَدُ الْوَرَثَةِ مُوسِرًا لَزِمَهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال هذا الْمَذْهَبُ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ من مِقْدَارِ إرْثِهِ منه وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ كُلُّ النَّفَقَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ خَاصَّةً وَأَمَّا سَائِرُ الْأَقَارِبِ فَلَا تَلْزَمُ الْغَنِيَّ منهم النَّفَقَةُ إلَّا بِالْحِصَّةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ
وقال بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ في الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ رِوَايَتَانِ هل يَكُونَانِ كَالْأَبِ في وُجُوبِ النَّفَقَةِ كَامِلَةً على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لو انْفَرَدَ أو كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ
قَوْلُهُ وَمَنْ له بن فَقِيرٌ وَأَخٌ مُوسِرٌ فَلَا نَفَقَةَ له عَلَيْهِمَا
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(9/397)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ في التَّفْرِيعِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
قال الشَّارِحُ هذا الظَّاهِرُ
وَعَنْهُ تَجِبُ النَّفَقَةُ على الْأَخِ وهو تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْمُصَنِّفِ
وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَتَقَدَّمَ ذلك
قَوْلُهُ وَمَنْ له أُمٌّ فَقِيرَةٌ وَجَدَّةٌ مُوسِرَةٌ فَالنَّفَقَةُ عليها
يَعْنِي على الْجَدَّةِ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَذَكَرَهُ أَيْضًا في أَبٍ مُعْسِرٍ وَجَدٍّ مُوسِرٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
قال في الشَّرْحِ هذا الظَّاهِرُ
وَصَرَّحَ بِهِ بن عَقِيلٍ في كِفَايَةِ الْمُفْتِي
وَاخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَعَنْهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَلَى رِوَايَةٍ اشْتِرَاطُ الْإِرْثِ في عَمُودَيْ النَّسَبِ يَلْزَمُ النَّفَقَةُ الْجَدَّ دُونَ الْأَخِ
وَتَقَدَّمَ بِنَاءُ هذه الْمَسَائِلِ على رِوَايَاتٍ تَقَدَّمَتْ فَلْيُعَاوَدْ
قَوْلُهُ وَمَنْ كان صَحِيحًا مُكَلَّفًا لَا حِرْفَةَ له سِوَى الْوَالِدَيْنِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ على رِوَايَتَيْنِ
قال الْقَاضِي كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ
وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمُذْهَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
إحْدَاهُمَا تَجِبُ له لِعَجْزِهِ عن الْكَسْبِ وهو الْمَذْهَبُ
قال النَّاظِمُ وهو أَوْلَى
____________________
(9/398)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ في الْأَوْلَادِ وهو منها كما تَقَدَّمَ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ سِوَى الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا صَحِيحَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ لَا حِرْفَةَ لَهُمَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا من غَيْرِ خِلَافٍ فيه وهو أَحَدُ الطُّرُقِ
وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْقَاضِي نَقَلَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِمَا فِيمَا عَلِمْت وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي في زَكَاةِ الْفِطْرِ من الْمُجَرَّدِ بين الْأَبِ وَغَيْرِهِ وَأَوْجَبَ النَّفَقَةَ لِلْأَبِ بِكُلِّ حَالٍ وَشَرَطَ في الِابْنِ وَغَيْرِهِ الزَّمَانَةَ انْتَهَى
وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ كَغَيْرِهِمَا وَتَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ غير الْمُكَلَّفِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرَ الصَّحِيحِ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا من غَيْرِ خِلَافٍ وهو صَحِيحٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا هل يَلْزَمُ الْمُعْدَمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
____________________
(9/399)
وقال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ ذَكَرُوهُ في إجَارَةِ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ
قال في الْقَوَاعِدِ وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ على أَقَارِبِهِ من الْكَسْبِ فَصَرَّحَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَالْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وبن الزَّاغُونِيِّ وَالْأَكْثَرُونَ بِالْوُجُوبِ
قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا فَرْقَ في ذلك بين الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَقَارِبِ
وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ الْقُدْرَةُ على الْكَسْبِ بِالْحِرْفَةِ تَمْنَعُ وُجُوبَ نَفَقَتِهِ على أَقَارِبِهِ
صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْضُلْ عِنْدَهُ إلَّا نَفَقَةَ وَاحِدٍ بَدَأَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ ثُمَّ التَّسَاوِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ وَارِثٌ مع التَّسَاوِي
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ من امْتَازَ بِفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ فَإِنْ تَعَارَضَتْ الْمَرْتَبَتَانِ أو فُقِدَتَا فَهُمَا سَوَاءٌ
فَائِدَةٌ لو فَضَلَ عِنْدَهُ نَفَقَةً لَا تَكْفِي وَاحِدًا لَزِمَهُ دَفْعُهَا
قَوْلُهُ فَإِنْ كان له أَبَوَانِ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْأُمُّ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(9/400)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان مَعَهُمَا بن فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا يَقْسِمُهُ بَيْنَهُمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِمَا
نَقَلَ أبو طَالِبٍ الِابْنُ أَحَقُّ بِالنَّفَقَةِ وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ
قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ بِالْقُرْبِ قُدِّمَ الْعَصَبَةُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ على الِابْنِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بين الْأَبِ وَالِابْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ جَدٌّ وبن بن
وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان أَبٌ وَجَدٌّ أو بن وبن بن فَالْأَبُ وَالِابْنُ أَحَقُّ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ الْأَبُ وَالْجَدُّ سَوَاءٌ وَكَذَا الِابْنُ وبن الِابْنِ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وهو قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِتَسَاوِيهِمْ في الْوِلَايَةِ وَالتَّعْصِيبِ
قال أبو الْخَطَّابِ هذا سَهْوٌ من الْقَاضِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ وَارِثٍ فَوَائِدُ
الْأُولَى يُقَدَّمُ أبو الْأَبِ على أبي الْأُمِّ
____________________
(9/401)
وَلَوْ اجْتَمَعَ أبو أبي الْأَبِ مع أبي الْأُمِّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ
قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ تَسَاوِيهِمَا لِتَعَارُضِ قُرْبِ الدَّرَجَةِ وَمِيزَةِ الْعُصُوبَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ أبو الْأُمِّ لِقُرْبِهِ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
وفي الْفُصُولِ احْتِمَالُ تَقْدِيمِ أبي أبي الْأَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
الثَّانِيَةُ لو اجْتَمَعَ بن وَجَدٍّ أو أَبٌ وبن بن قُدِّمَ الِابْنُ على الْجَدِّ وَقُدِّمَ الْأَبُ على بن الِابْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْتَمِلُ التَّسَاوِي
الثَّالِثَةُ لو اجْتَمَعَ جَدٌّ وَأَخٌ قُدِّمَ الْجَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَاهُ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
الرَّابِعَةُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ في هذه الْمَسَائِلِ على غَيْرِهِ
وَاعْتَبَرَ في التَّرْغِيبِ بِإِرْثٍ وَأَنَّ مع الِاجْتِمَاعِ يُوَزَّعُ لهم بِقَدْرِ إرْثِهِمْ
وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ عن الْقَاضِي فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ الْأَبَوَانِ وَالِابْنُ إنْ كان الِابْنُ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا قُدِّمَ وَإِنْ كان الِابْنُ كَبِيرًا وَالْأَبُ زَمِنًا فَهُوَ أَحَقُّ وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ الِابْنِ
قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ مع اخْتِلَافِ الدِّينِ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَهَذَا تَخْصِيصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ
وَقِيلَ في عَمُودَيْ النَّسَبِ رِوَايَتَانِ
____________________
(9/402)
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ تَجِبُ في عَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً
قال الْقَاضِي في عَمُودَيْ النَّسَبِ رِوَايَتَانِ
وَقِيلَ تَجِبُ لهم مع اخْتِلَافِ الدِّينِ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً
وفي الْمُوجِزِ رِوَايَةً تَجِبُ لِلْوَالِدِ دُونَ غَيْرِهِ
وقال في الْوَجِيزِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ مع اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا أَنْ يُلْحِقَهُ بِهِ قَافَّةٌ
وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وزاد وَيَرِثُهُ بِالْوَلَاءِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ الْإِنْفَاقَ الْوَاجِبَ مُدَّةً لم يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كان الْحَاكِمُ قد فَرَضَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا تَأَكَّدَتْ بِفَرْضِ الْحَاكِمِ فَلَزِمَتْهُ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ تَرَكَ النَّفَقَةَ على قَرِيبِهِ مُدَّةً سَقَطَتْ إلَّا إذَا كان فَرَضَهَا حَاكِمٌ
وَقِيلَ وَمَعَ فَرْضِهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْحَاكِمُ في الِاسْتِدَانَةِ عليه أو الْقَرْضِ
زَادَ في الْكُبْرَى أو الْإِنْفَاقِ من مَالِهَا لِتَرْجِعَ بِهِ عليه لِغَيْبَتِهِ أو امْتِنَاعِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من أَنْفَقَ عليه بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ عليه وَبِلَا إذْنٍ فيه خِلَافٌ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَأَمَّا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ فُرِضَتْ إلَّا أَنْ تَسْتَدِينَ عليه بِإِذْنِ الْحَاكِمِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَتَسْتَدِينُ عليه فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَغْنَى بِكَسْبٍ أو نَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا تَأْخُذُ بِلَا إذْنِهِ إذَا امْتَنَعَ كَالزَّوْجَةِ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ من النَّفَقَةِ عليها
____________________
(9/403)
نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْجَمَاعَةُ يَأْخُذُ من مَالِ وَالِدِهِ بِلَا إذْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا احْتَاجَ وَلَا يَتَصَدَّقُ
قَوْلُهُ وَمَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي
إحْدَاهُمَا تَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَلْزَمُهُ وَتَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ في عَمُودَيْ النَّسَبِ لَا غَيْرُ
وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ لِامْرَأَةِ أبيه لَا غَيْرُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْإِعْفَافِ
فَائِدَةٌ يَجِبُ على الرَّجُلِ إعْفَافُ من وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عليه من الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَجِبُ عليه نَفَقَتُهُمْ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وما يَتَفَرَّعُ عليها
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ عليه ذلك مُطْلَقًا
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُ غَيْرِ عَمُودَيْ النَّسَبِ
فَحَيْثُ قُلْنَا يَجِبُ عليه ذلك لَزِمَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ تُعِفُّهُ أو بِسُرِّيَّةٍ
وَتَقَدَّمَ تَعْيِينُ قَرِيبٍ إذَا اتَّفَقَا على مِقْدَارِ الْمَهْرِ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّ التَّعْيِينَ لِلزَّوْجِ لَكِنْ ليس له تَعْيِينُ رَقِيقِهِ وَلَا لِلِابْنِ تَعْيِينُ عَجُوزٍ قَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ أو مَعِيبَةٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أَعَفَّهُ بها مع غِنَاهُ
____________________
(9/404)
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ له ذلك
قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يعايى بها
وَيُصَدَّقُ بِأَنَّهُ تَأَثَّقَ بِلَا يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينِهِ
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عن مَهْرِ زَوْجَةٍ أو ثَمَنِ أَمَةٍ
وَيَكْفِي إعْفَافُهُ بِوَاحِدَةٍ
وَيَعِفُّ ثَانِيًا إنْ مَاتَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا كَمُطْلَقٍ لِعُذْرٍ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمِّهِ كَأَبِيهِ
قال الْقَاضِي وَلَوْ سَلَّمَ فَالْأَبُ آكَدُ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْإِعْفَافَ لها بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا على الزَّوْجِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا وهو ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ
وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ فإنه قال وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ كل إنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ من رِضَاعِ وَلَدِهَا إذَا طَلَبَتْ ذلك
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْكَبِيرِ وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ بن رَجَبٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(9/405)
وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ له ذلك إذَا كانت في حِبَالِهِ بِأُجْرَةٍ وَبِغَيْرِهَا
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ نَقَلَهُ بن رَجَبٍ في مَسْأَلَةِ مُؤْنَةِ الرَّضَاعِ له كَخِدْمَتِهِ نَصَّ عليه
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في عِشْرَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا من إرْضَاعِ وَلَدِهَا وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ما يَتَعَلَّقُ بهذا
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوُجِدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَهِيَ أَحَقُّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصِحَّةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ على رَضَاعِ وَلَدِهَا من أبيه من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ ذلك صَرِيحًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ قال وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ وَامْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ إنْ اسْتَأْجَرَ من هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا في ذلك الشَّهْرِ لِلْبِنَاءِ
وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا كما تَقَدَّمَ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أُجْرَةَ لها مُطْلَقًا فَيُحَلِّفُهَا أنها أَنْفَقَتْ عليه ما أَخَذَتْ منه
وقال في الِاخْتِيَارَاتِ وَإِرْضَاعُ الطِّفْلِ وَاجِبٌ على الْأُمِّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مع الزَّوْجِ وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ زِيَادَةً على نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي
____________________
(9/406)
في الْمُجَرَّدِ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عليها وَاجِبَةٌ بِشَيْئَيْنِ حتى لو سَقَطَ الْوُجُوبُ بِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ بِالْآخَرِ كما لو نَشَزَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا لِلزَّوْجِيَّةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو طَلَبَتْ أَكْثَرَ من أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ بِيَسِيرٍ لم تَكُنْ أَحَقَّ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْوَاضِحِ لها أَخْذُ فَوْقَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِمَّا يَتَسَامَحُ بِهِ
الثَّانِيَةُ لو طَلَبَتْ أَكْثَرَ من أُجْرَةِ مِثْلِهَا ولم يُوجَدْ من يُرْضِعُهُ إلَّا بِمِثْلِ تِلْكَ الْأُجْرَةِ فقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْأُمُّ أَحَقُّ لِتَسَاوِيهِمَا في الْأُجْرَةِ وَمُيِّزَتْ الْأُمُّ
الثَّالِثَةُ لو كانت مع زَوْجٍ آخَرَ وَطَلَبَتْ رِضَاعَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَوُجِدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ كانت أَحَقَّ بِرَضَاعِهِ إذَا رضي الزَّوْجُ الثَّانِي بِذَلِكَ
الرَّابِعَةُ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ على رَضَاعِهِ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال بن رَجَبٍ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي له مَنْعُ زَوْجَتِهِ من إرْضَاعِ وَلَدِهَا فَأَمَتُهُ أَوْلَى وَصَرَّحَ بِذَلِكَ في الْمُجَرَّدِ أَيْضًا
الْخَامِسَةُ لو عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ على السَّيِّدِ فَحُكْمُ رَضَاعِ وَلَدِهَا منه حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ ذَكَرَهُ بن الزَّاغُونِيِّ في الْإِقْنَاعِ
وَاقْتَصَرَ عليه بن رَجَبٍ
وَلَوْ بَاعَهَا أو وَهَبَهَا أو زَوَّجَهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا على ظَاهِرِ ما ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ
وَعَلَى هذا يَسْقُطُ حَقُّهَا من الرَّضَاعِ أَيْضًا قَالَهُ بن رَجَبٍ
قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا من رَضَاعِ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا
____________________
(9/407)
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَقَلَ مُهَنَّا له مَنْعُهَا إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا أو تَكُونَ قد شَرَطَتْهُ عليه
وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لَا يُفْطَمُ قبل الْحَوْلَيْنِ إلَّا بِرِضَى أَبَوَيْهِ ما لم يَنْضَرَّ
وقال في الرِّعَايَةِ هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ رَضِيَا بِهِ
وقال في التَّرْغِيبِ له فِطَامُ رَقِيقِهِ قَبْلَهُمَا ما لم يَنْضَرَّ
قال في الرِّعَايَةِ وَبَعْدَهُمَا ما لم تَنْضَرَّ الْأُمُّ
الثَّانِيَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ النَّجَاسَةِ اللَّبَنُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ من رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُبَاحُ من امْرَأَةٍ
وقال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ تُرِكَ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ أُبِيحَ بَعْدَ زَوَالِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا
الثَّالِثَةُ تَلْزَمُهُ خِدْمَةُ قريبة عِنْدَ الْحَاجَةِ كَزَوْجَةٍ
قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْإِنْفَاقُ على رَقِيقِهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ كان آبِقًا أو كانت نَاشِزًا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أبي يَعْلَى في الْمُكَاتَبِ
____________________
(9/408)
فَائِدَةٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِ أَمَتِهِ دُونَ زَوْجِهَا
وَيَلْزَمُ الْحَرَّةُ نَفَقَةَ وَلَدِهَا من عَبْدٍ نَصَّ على ذلك
وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةُ نَفَقَةَ وَلَدِهَا وَكَسْبُهُ لها
وَيُنْفِقُ على من بَعْضُهُ حُرٌّ بِقَدْرِ رِقِّهِ وَبَقِيَّتِهِ على نَفْسِهِ
قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُهُمْ إذَا طَلَبُوا ذلك إلَّا الْأَمَةَ إذَا كان يَسْتَمْتِعُ بها بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا
لَكِنْ لو قالت إنَّهُ ما يَطَأُ صُدِّقَتْ لِلْأَصْلِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في التَّرْغِيبِ صُدِّقَتْ على الْأَصَحِّ
وَوُجُوبُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ لِأَجْلِ الْإِعْفَافِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَكَذَا وُجُوبُ بَيْعِهِ إذَا لم يُعِفَّهُ من الْمُفْرَدَاتِ
فَائِدَةٌ قال الْقَاضِي لو كان السَّيِّدُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَطَلَبَتْ أَمَتُهُ التَّزْوِيجَ أو كان سَيِّدُهَا صَبِيًّا أو مَجْنُونًا احْتَمَلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ
قال بن رَجَبٍ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا فَرْقَ فيه بين أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِنَّ لِلِاشْتِرَاكِ في وُجُوبِ الْإِعْفَافِ
وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَطَلَبَتْ أَمَتُهُ التَّزْوِيجَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ
وقال هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ولم يذكر فيه خِلَافًا
وَنَقَلَهُ عنه الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ولم يَعْتَرِضْ عليه بِشَيْءٍ
وَكَذَا ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا غَابَ زَوَّجَ أَمَتَهُ من يَلِي مَالَهُ
وقال أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ بَكْرٍ بن مُحَمَّدٍ انْتَهَى ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو شَرَطَ وَطْءَ الْمُكَاتَبَةِ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ إذَا كان يَطَأُ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
____________________
(9/409)
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ لَمَا فيه من إسْقَاطِ حَقِّ السَّيِّدِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ
وقال بن الْبَنَّا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُهَا بِطَلَبِهَا وَلَوْ كان يَطَؤُهَا وَأُبِيحَ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَاقْتَصَرَ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ لِمَا فيه من اكْتِسَابِ الْمَهْرِ فَمَلَكْته كَأَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَهُ أَعَمُّ من ذلك فإن الْمُتَرَتِّبَ لها على الزَّوْجِ أَكْثَرُ من ذلك
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يُعَايَى بها
فَائِدَةٌ لو غَابَ عن أُمِّ وَلَدِهِ وَاحْتَاجَتْ إلَى النَّفَقَةِ زُوِّجَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ زُوِّجَتْ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا تُزَوَّجُ
وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى الْوَطْءِ لم تُزَوَّجْ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال وَيُتَوَجَّهُ الْجَوَازُ عِنْدَ من جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ وَالضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِذَلِكَ أَعْظَمُ من الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ
وَاخْتَارَهُ بن رَجَبٍ في كِتَابٍ له سَمَّاهُ الْقَوْلُ الصَّوَابُ في تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْغِيَابِ ذَكَرَ فيه أَحْكَامَ زَوَاجِهَا وَزَوَاجَ الْإِمَاءِ وَامْرَأَةَ الْمَفْقُودِ وَأَطَالَ في ذلك وَأَجَادَ وَاسْتَدَلَّ لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في الِانْتِصَارِ إذَا عَجَزَ السَّيِّدُ عن النَّفَقَةِ على أُمِّ الْوَلَدِ وَعَجَزَتْ هِيَ أَيْضًا لَزِمَهُ عِتْقُهَا لِيُنْفَقَ عليها من بَيْتِ الْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَيُدَاوِيهِمْ إذَا مَرِضُوا
____________________
(9/410)
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوُجُوبُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَيُدَاوِيه وُجُوبًا قَالَهُ جَمَاعَةٌ
قال بن شِهَابٍ في كَفَنِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ لَا مَالَ له فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ وَلِهَذَا النَّفَقَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْمَرَضِ من الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ انْتَهَى
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ الِاسْتِحْبَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُسْتَحَبُّ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى
قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّ تَرْكَ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَوُجُوبُ الْمُدَاوَاةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ
قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ على الْمُخَارَجَةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ اتَّفَقَا عليها جَازَ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ كَسْبِهِ فَأَقَلَّ بَعْدَ نَفَقَتِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لم يُعَارِضْ
قُلْت وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ما قَالَهُ الْأَوَّلُونَ
فَائِدَةٌ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يُؤْخَذُ من الْمُغْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ الْمُخَارَجُ هَدِيَّةُ طَعَامٍ وَإِعَارَةُ مَتَاعٍ وَعَمَلُ دَعْوَةٍ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ له في التَّصَرُّفِ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَمْلِكُ ذلك
وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْمُخَارَجَةِ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الضَّرِيبَةِ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى له التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ على خَرَاجِهِ وَلَوْ مُنِعَ منه كان كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا ولم يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ فَائِدَةٌ بَلْ ما زَادَ تَمْلِيكٌ من سَيِّدِهِ له يَتَصَرَّفُ فيه كما أَرَادَ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
____________________
(9/411)
قَوْلُهُ وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ من الْوَاجِبِ عليه وَطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ لَزِمَهُ بَيْعُهُ
نَصَّ عليه كَفُرْقَةِ الزَّوْجَةِ
وَقَالَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِ في أُمِّ الْوَلَدِ
قال في الْفُرُوعِ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَعْنِي في أُمِّ الْوَلَدِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ لم تُلَائِمْ أَخْلَاقَ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عن مِلْكِهِ
وَكَذَا أَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ
قَوْلُهُ وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرَأَتَهُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قالوا
قال وَالْأَوْلَى ما رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ تَدُلُّ على أَنَّ ضَرْبَ الرَّقِيقِ أَشَدُّ من ضَرْبِ الْمَرْأَةِ
وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا في ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ وَلَا يَضْرِبُهُ ضَرْبًا شَدِيدًا
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَضْرِبُهُ إلَّا في ذَنْبٍ عَظِيمٍ وَيُقَيِّدُهُ بِقَيْدٍ إذَا خَافَ عليه وَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ
وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُقَيِّدُهُ وَيُبَاعُ أَحَبُّ إلَيَّ
وَنَقَلَ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ يُؤَدَّبُ على فَرَائِضِهِ
فَائِدَةٌ لَا يَشْتِمُ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ لَا يُعَوِّدُ لِسَانَهُ الْخَنَا وَالرَّدَى
وَإِنْ بَعَثَهُ لِحَاجَةٍ فَوَجَدَ مَسْجِدًا يُصَلِّي فيه قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ صلى وَإِنْ صلى فَلَا بَأْسَ نَقَلَهُ صَالِحٌ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فيه صلى وَإِلَّا قَضَاهَا
____________________
(9/412)
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ جَوَازَ تَأْدِيبِ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وهو صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كان كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا في بَيْتٍ كَفِعْلِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي اللَّهُ عنهما
قال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ الْوَلَدُ يَضْرِبُهُ الْوَالِدُ وَيُعَزِّرُهُ وَإِنَّ مثله عَبْدٌ وَزَوْجَةٌ
قَوْلُهُ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
هذا إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليها في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَأَبِي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا ذَكَرَهُ عنه في الْوَاضِحِ
وَرَجَّحَهَا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهِيَ أَصَحُّ فإن نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَخْتَلِفُ في إبَاحَةِ التَّسَرِّي له وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَصَرَهُ
وَقِيلَ يَنْبَنِي على الرِّوَايَتَيْنِ في مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ بَعْدَهُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قال الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَسَرِّي الْعَبْدِ وَجْهَانِ مَبْنَيَانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ
وَهِيَ الْمَذْهَبُ على ما أَسْلَفْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ
فَعَلَى الْأُولَى لَا يَجُوزُ تَسَرِّيهِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ كَنِكَاحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ
____________________
(9/413)
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وبن هَانِئٍ يَتَسَرَّى الْعَبْدُ في مَالِهِ كان بن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما يَتَسَرَّى عَبِيدُهُ في مَالِهِ فَلَا يَعِيبُ عليهم
قال الْقَاضِي ظَاهِرُ هذا أَنَّهُ يَجُوزُ تَسَرِّيه من غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ له
قال في الْقَوَاعِدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلُ نَصُّ اشْتِرَاطِهِ على التَّسَرِّي من مَالِ سَيِّدِهِ إذَا كان مَأْذُونًا له
وَنَصُّهُ تَقَدَّمَ على اشْتِرَاطِ تَسَرِّيه في مَالِ نَفْسِهِ الذي يَمْلِكُهُ
وقد أَوْمَأَ إلَى هذا في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ قال وهو الْأَظْهَرُ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ في ذلك في فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ فَلْيُعَاوَدْ
وَتَقَدَّمَ في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ هل يَجُوزُ له التَّسَرِّي بِأَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ أَمْ لَا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو أَذِنَ له سَيِّدُهُ في التَّسَرِّي مَرَّةً فَتَسَرَّى لم يَمْلِكْ سَيِّدُهُ الرُّجُوعَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وهو الْمَذْهَبُ
وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وقال الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّسَرِّي هُنَا التَّزْوِيجَ وَسَمَّاهُ تَسَرِّيًا مَجَازًا ويكون ( ( ( يكون ) ) ) لِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ فِيمَا مَلَكَ عَبْدُهُ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
الثَّانِيَةُ لو تَزَوَّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ على السَّيِّدِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقد تَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الصَّدَاقِ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَسَقْيُهَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ قال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يُكْرَهُ إطْعَامُ الْحَيَوَانِ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ على الْأَكْلِ على ما اتَّخَذَهُ الناس عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ
____________________
(9/414)
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَلَا يُحَمِّلُهَا ما لَا تُطِيقُ
قال أبو الْمَعَالِي في سَفَرِ النُّزْهَةِ قال أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبُ دَابَّةً وَلَا أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ
الْخَامِسَةُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَهَائِمِ في غَيْرِ ما خُلِقَتْ له كَالْبَقَرِ لِلْحَمْلِ أو الرُّكُوبِ وَالْإِبِلِ وَالْحَمِيرِ لِلْحَرْثِ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في الْإِجَارَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمَلِكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ له وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ الناس وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِهِ في الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لم يَكُنْ الْمَقْصُودُ منها ذلك
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عن الْبَقَرَةِ لَمَّا رُكِبَتْ إنها قالت لم أُخْلَقْ لِهَذَا إنَّمَا خُلِقْت لِلْحَرْثِ أَيْ مُعْظَمِ النَّفْعِ وَلَا يَلْزَمُ منه نَفْيُ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عن الْإِنْفَاقِ عليها أُجْبِرَ على بَيْعِهَا أو إجَارَتِهَا أو ذَبْحِهَا إنْ كان مِمَّا يُبَاحُ أَكْلُهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي عَدَمِ الْإِجْبَارِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَقِيلٍ
فَائِدَةٌ لو أَبَى رَبُّهَا الْوَاجِبُ عليه فَعَلَى الْحَاكِمِ الْأَصْلَحُ أو اقْتَرَضَ عليه
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لو امْتَنَعَ من الْإِنْفَاقِ على بَهَائِمِهِ أُجْبِرَ على الْإِنْفَاقِ أو الْبَيْعِ أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال بن الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى بَاعَ الْحَاكِمُ عليه
____________________
(9/415)
بَابُ الْحَضَانَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَضَانَةُ الطِّفْلِ حِفْظُهُ عَمَّا يَضُرُّهُ وَتَرْبِيَتُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَرَبْطِهِ في الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِ ذلك
وَقِيلَ هِيَ حِفْظُ من لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَتَرْبِيَتُهُ حتى يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ
الثَّانِيَةُ اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْبَابِ في الْحَضَانَةِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ أو امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أو مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ كَالْخَالَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ أو مُدْلِيَةٍ بِعَصَبَةٍ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
فَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ غَيْرُ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْحَاكِمُ فَيَأْتِي حُكْمُهُمْ وَالْخِلَافُ فِيهِمْ
وَقَوْلُنَا إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ هل يَدْخُلُ في ذلك الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ في الْمِيرَاثِ أو لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَسِيبٍ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لم أَجِدْ من تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِهِ
وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ دُخُولُهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَارِثٌ وَلَوْ كان امْرَأَةً لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَأَحَقُّ الناس بِحَضَانَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ أُمُّهُ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ كان بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَالرَّضَاعِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وهو وَاضِحٌ
قَوْلُهُ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
____________________
(9/416)
وَعَنْهُ تَقَدُّمُ أُمِّ الْأَبِ على أُمِّ الْأُمِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
قال في الْمُغْنِي هو قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْأَبُ وَالْجَدُّ على غَيْرِ الْأُمِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ تَقْدِيمِ أُمِّ الْأَبِ على أُمِّ الْأُمِّ فَعَلَى هذه يَكُونُ الْأَبُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو امْتَنَعَتْ الْأُمُّ لم تُجْبَرْ وَأُمُّهَا أَحَقُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ الْأَبُ أَحَقُّ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ وَكَذَا ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ وَهَلُمَّ جَرًّا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ تَقْدِيمُ أُمِّ الْأَبِ على الْخَالَةِ انْتَهَى
وَعَنْهُ الْأُخْتُ من الْأُمِّ وَالْخَالَةُ أَحَقُّ من الْأَبِ
فَعَلَيْهَا تَكُونُ الْأُخْتُ من الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ من الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَمِنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ
وَقِيلَ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ من جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ إنْ لم يُدْلِينَ بِهِ فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِهِ كان أَحَقَّ مِنْهُنَّ
____________________
(9/417)
قال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ على الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهِ وَجِهَتِهِ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ على الْأُنْثَى إنْ كان أَقْرَبَ منها فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ
وَيَأْتِي ذلك عِنْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ
قَوْلُهُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ الْعَمَّةُ في الصَّحِيحِ عنه
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَأُمَّهَاتِهِمَا كما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَالْخَالَةِ على الْأَبِ وما يَتَفَرَّعُ على ذلك
إذَا عَلِمْت ذلك فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأَبَوَيْنِ على غَيْرِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ بِلَا نِزَاعٍ
ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا قَدَّمَ الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَقَدَّمَ الْخَالَةَ على الْعَمَّةِ وقال إنَّهُ الصَّحِيحُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال الشَّارِحُ هذه الْمَشْهُورَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَتَنَاقَضُوا حَيْثُ قَدَّمُوا الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ ثُمَّ قَدَّمُوا الْخَالَةَ على الْعَمَّةِ
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأُمِّ على الْأُخْتِ من الْأَبِ وَالْخَالَةُ على الْعَمَّةِ وَخَالَةُ الْأُمِّ على خَالَةِ الْأَبِ وَخَالَاتُ الْأَبِ على عَمَّاتِهِ وَمَنْ يُدْلِي من الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأَبٍ على من يُدْلِي بِأُمٍّ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(9/418)
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ فقال قَرَابَةُ الْأُمِّ مُقَدَّمَةٌ على قَرَابَةِ الْأَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْأُخْتُ من الْأَبِ على الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَالْعَمَّةُ على الْخَالَةِ وَخَالَةُ الْأَبِ على خَالَةِ الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ على خَالَاتِهِ وَمَنْ يُدْلِي من الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأُمٍّ على من يُدْلِي بِأَبٍ مِنْهُمَا
عَكْسُ الرِّوَايَةِ التي قَبْلَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا لِتَقْدِيمِهِمْ الْأُخْتَ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وهو مَذْهَبُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ فَكَذَا قَرَابَتُهُ لِقُوَّتِهِ بها
وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا أَحَدٌ في مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ
وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ بن عَبْدَ الْمُطَّلِبِ رضي اللَّهُ عنه على عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ رضي اللَّهُ عنها لِأَنَّ صَفِيَّةَ لم تَطْلُبْ وَجَعْفَرُ رضي اللَّهُ عنه طَلَبَ نَائِبًا عن خَالَتِهَا فَقَضَى الشَّارِعُ بها لها في غَيْبَتِهَا انْتَهَى
وَجَزَمَ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ على الْأُخْتِ من الْأُمِّ وَبِتَقْدِيمِ الْعَمَّةِ على الْخَالَةِ
قال الْخِرَقِيُّ وَخَالَةُ الْأَبِ أَحَقُّ من خَالَةِ الْأُمِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ولم يَذْكُرُوا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ
فَائِدَةٌ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بَعْدَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ عَمَّاتُ أبيه وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ على التَّفْصِيلِ ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ على التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ على الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَمَنْ بَعْدَهُنَّ
تَنْبِيهٌ تَحْرِيرُ الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في تَرْتِيبِ من يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ
____________________
(9/419)
أَنَّ أَحَقَّهُمْ بِالْحَضَانَةِ الْأُمُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُنَّ ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ خَالَاتُهُ ثُمَّ عَمَّاتُهُ ثُمَّ خَالَاتُ أَبَوَيْهِ ثُمَّ عَمَّاتُ أبيه ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ على ما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أبيه وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أبيه وَهَلُمَّ جَرًّا
قَوْلُهُ ثُمَّ تَكُونُ لِلْعَصَبَةِ
يَعْنِي الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ غير الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا على ما تَقَدَّمَ
إذَا عَلِمْت ذلك فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ إلَّا بَعْدَ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُدْلِينَ بِهِ فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِالْعَصَبَةِ كان أَحَقَّ مِنْهُنَّ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ على الْأُنْثَى إنْ كان أَقْرَبَ مِنْهُمَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ وَبِنَاؤُهُ
فَائِدَةٌ مَتَى اسْتَحَقَّتْ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ فَهِيَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ من مَحَارِمِهَا فَإِنْ كانت أُنْثَى وَكَانَتْ من غَيْرِ مَحَارِمِهَا كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ ليس لِابْنِ عَمِّهَا حَضَانَتُهَا لِأَنَّهُ ليس من مَحَارِمِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس له حَضَانَتُهَا مُطْلَقًا
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لها إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَجَزَمَ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ له إذَا كانت تُشْتَهَى فَإِنْ لم تَكُنْ تُشْتَهَى فَلَهُ الْحَضَانَةُ
____________________
(9/420)