قَوْلُهُ ( وَإِنْ بَاعَهُ أو وَهَبَهُ أو رَهَنَهُ كان رُجُوعًا )
إذَا بَاعَهُ أو وَهَبَهُ كان رُجُوعًا بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا إنْ رَهَنَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ ليس بِرُجُوعٍ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو أَوْجَبَهُ في الْبَيْعِ أو الْهِبَةِ فلم يَقْبَلْ فِيهِمَا أو عَرَضَهُ لِبَيْعٍ أو رَهْنٍ أو وَصَّى بِبَيْعِهِ أو عِتْقِهِ أو هِبَتِهِ كان رُجُوعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فِيمَا إذَا أَوْجَبَهُ في الْبَيْعِ أو وَهَبَهُ ولم يَقْبَلْ
وَقِيلَ ليس بِرُجُوعٍ كَإِيجَارِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَمُجَرَّدِ لُبْسِهِ وَسُكْنَاهُ وَكَوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَيَتْلَفُ أو يَبِيعُهُ ثُمَّ يَمْلِكُ مَالًا غَيْرَهُ فإنه في ذلك لَا يَكُونُ رُجُوعًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِيمَا إذَا أَوْجَبَهُ في بَيْعٍ أو هِبَةٍ أو رَهْنٍ فلم يَقْبَلْ
الثَّانِيَةُ لو قال ما أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ حَرَامٌ عليه فَرُجُوعٌ ذَكَرَهُ في الْكَافِي وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ وَنَصَرَهُ
الثَّالِثَةُ لو وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَهُ أو وَهَبَهُ لم يَكُنْ رُجُوعًا لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا هو حَاضِرٌ بَلْ فِيمَا عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ
____________________
(7/212)
قُلْت فيعايي بها
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَهُ أو دَبَّرَهُ أو جَحَدَ الْوَصِيَّةَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ )
إذَا كَاتَبَهُ أو دَبَّرَهُ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا هو رُجُوعٌ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْكِتَابَةِ وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ فِيهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس ذلك بِرُجُوعٍ
وَأَطْلَقَ فِيمَا إذَا جَحَدَ الْوَصِيَّةَ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
أَحَدُهُمَا ليس بِرُجُوعٍ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو رُجُوعٌ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَيَّدَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا عُلِمَ وهو مُرَادُ من أَطْلَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ على وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ أو أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ أو خَبَزَ الدَّقِيقَ أو جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا أو نَسَجَ الْغَزْلَ أو نَجَرَ الْخَشَبَةَ بَابًا وَنَحْوَهُ أو انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَزَالَ اسْمُهَا فقال الْقَاضِي هو رُجُوعٌ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ فيه وَجْهَيْنِ
____________________
(7/213)
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ على وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ أو أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ وَخَبَزَ الدَّقِيقَ وَنَحْوَهُ
وَكَذَا لو زَالَ اسْمُهُ بِنَفْسِهِ كَانْهِدَامِ الدَّارِ أو بَعْضِهَا
فقال الْقَاضِي هو رُجُوعٌ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ ليس بِرُجُوعٍ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لو وَصَّى له بِرِطْلٍ من زَيْتٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ خَلَطَهُ بِزَيْتٍ آخَرَ فَإِنْ قُلْنَا هو اشْتِرَاكٌ لم تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ
وَإِنْ قُلْنَا هو اسْتِهْلَاكٌ بَطَلَتْ
وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَأَبِي الْحَارِثِ أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ قبل ذلك
وَأَمَّا إذَا عَمِلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا أو نَسَجَ الْغَزْلَ أو عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أو ضَرَبَ النَّقْرَةَ دَرَاهِمَ أو ذَبَحَ الشَّاةَ أو بَنَى أو غَرَسَ فَفِيهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالنَّظْمِ في الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ
أَحَدُهُمَا هو رُجُوعٌ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في غَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مُطْلَقًا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
____________________
(7/214)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي في غير الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في غَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ فِيهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس بِرُجُوعٍ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَكُنْ رُجُوعًا في الْأَصَحِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَصَّى له بِدَارٍ فَانْهَدَمَتْ فَأَعَادَهَا فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِ الْبِنَاءِ
وَيَتَوَجَّهُ عَوْدُهَا إنْ أَعَادَهَا بِآلَتِهَا الْقَدِيمَةِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِكُلِّ حَالٍ
الثَّانِيَةُ وَطْءُ الْأَمَةِ ليس بِرُجُوعٍ إذَا لم تَحْمِلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
وفي المغنى احْتِمَالٌ بِالرُّجُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ فَوَطِئَهَا وَعَزَلَ عنها وَقِيلَ أو لم يَعْزِلْ عنها ولم تَحْبَلْ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ فيه وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَوْصَى له بِقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ ثُمَّ خَلَطَ الصُّبْرَةَ بِأُخْرَى لم يَكُنْ رُجُوعًا )
سَوَاءٌ خَلَطَهُ بِدُونِهِ أو بمثله أو بِخَيْرٍ منه وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(7/215)
قال في الْهِدَايَةِ فَإِنْ أَوْصَى بِطَعَامٍ فَخَلَطَهُ بِغَيْرِهِ لم يَكُنْ رُجُوعًا
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَارِثِيُّ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ هو رُجُوعٌ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ في خَلْطِهِ بمثله
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ وقال هُمَا مَبْنِيَّانِ على أَنَّ الْخَلْطَ هل هو اسْتِهْلَاكٌ أو اشْتِرَاكٌ
فَإِنْ قُلْنَا هو اشْتِرَاكٌ لم يَكُنْ رُجُوعًا وَإِلَّا كان رُجُوعًا
قُلْت تَقَدَّمَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ في كِتَابِ الْغَصْبِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ اشْتِرَاكٌ
وَقِيلَ هو رُجُوعٌ إنْ خَلَطَهُ بِجُزْءٍ منه وَإِلَّا فَلَا
وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ
قال الْحَارِثِيُّ وهو مَفْهُومُ إيرَادِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا خَلَطَهُ بِخَيْرٍ منه الْوَجْهَيْنِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ أَوْصَى بِقَفِيزٍ منها ثُمَّ خَلَطَهَا بِخَيْرٍ منها فَقَدْ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا
قال في الْكُبْرَى قُلْت إنْ خَلَطَهَا بِأَرْدَأِ منها صِفَةً فَقَدْ رَجَعَ وَإِنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا في الصِّفَةِ فَلَا
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِحَالٍ
فَائِدَةٌ لو أَوْصَى له بِصُبْرَةِ طَعَامٍ فَخَلَطَهَا بِطَعَامٍ غَيْرِهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ
____________________
(7/216)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكُونُ رُجُوعًا
قال الْحَارِثِيُّ لو خَلَطَ الْحِنْطَةَ الْمُعَيَّنَةَ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى فَهُوَ رُجُوعٌ
قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى فَهَذَا هو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ خَلَطَهَا من الطَّعَامِ بِمِثْلِهَا قَدْرًا وَصِفَةً فَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَظْهَرُ
وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا أو صِفَةً أو احْتَمَلَ ذلك فَالرُّجُوعُ أَظْهَرُ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالْمُوصَى بِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ زَادَ في الدَّارِ عِمَارَةً أو انْهَدَمَ بَعْضُهَا فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى له على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَة وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا زَادَ فيها عِمَارَةً
أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في التَّبْصِرَةِ فِيمَا إذَا زَادَ في الدَّارِ عِمَارَةً لَا يَأْخُذُ نَمَاءً مُنْفَصِلًا وفي مُتَّصِلٍ وَجْهَانِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقُلْت الانقاض له وَالْعِمَارَةُ إرْثٌ
وَقِيلَ إنْ صَارَتْ فَضَاءً في حَيَاةِ الموصى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ بَقِيَ اسْمُهَا أَخَذَهَا إلَّا ما انْفَصَلَ منها فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو بَنَى الْوَارِثُ في الدَّارِ وَكَانَتْ تَخْرُجُ من الثُّلُثِ فَقِيلَ
____________________
(7/217)
يَرْجِعُ على الْمُوصَى له بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهِ أَرْشُ ما نَقَصَ من الدَّارِ عَمَّا كانت عليه قبل عِمَارَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ جَهِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَهُ قِيمَتُهُ غير مَقْلُوعٍ
الثَّانِيَةُ لو أَوْصَى له بِدَارٍ دخل فيها ما يَدْخُلُ في الْبَيْعِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن صَدَقَةَ فِيمَنْ أَوْصَى بِكَرْمٍ وَفِيهِ حَمْلٌ فَهُوَ لِلْمُوصَى له
وَنَقَلَ غَيْرُهُ إنْ كان يوم وَصَّى بِهِ له فيه حَمْلٌ فَهُوَ له
قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ سقى ثَمَرَةٍ مُوصًى بها لِأَنَّهُ لم يَضْمَنْ تَسْلِيمَ هذه الثَّمَرَةِ إلَى الْمُوصَى له بِخِلَافِ الْبَيْعِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ ثُمَّ قال إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَهُوَ له فَقَدِمَ في حَيَاةِ الموصى فَهُوَ له ) بِلَا نِزَاعٍ
( وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوع وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وفي الْآخَرِ هو لِلْقَادِمِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ ( وَتَخْرُجُ الْوَاجِبَاتُ من رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بها أو لم يُوصِ فَإِنْ وَصَّى مَعَهَا بِتَبَرُّعٍ اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ من الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَاجِبِ )
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن إبْرَاهِيمَ في حَجٍّ لم يُوصِ بِهِ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ من الثُّلُثِ
وَنَقَلَ أَيْضًا من رَأْسِ مَالِهِ مع عِلْمِ الْوَرَثَةِ
____________________
(7/218)
وَنُقِلَ عنه في زَكَاةٍ من كُلِّهِ مع الصَّدَقَةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا لم يَفِ مَالُهُ بِالْوَاجِبِ الذي عليه تَحَاصُّوا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ على الْحَجِّ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَوْلًا كَتَقْدِيمِهِ بِالرَّهِينَةِ
وَتَقَدَّمَ ذلك وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِأَتَمَّ من هذا في أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُرَاجَعْ
وَتَقَدَّمَ إذَا وَجَبَ عليه الْحَجُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَضَاقَ الْمَالُ عن ذلك في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ
الثَّانِيَةُ الْمُخْرِجُ لِذَلِكَ وصيه ( ( ( وصيته ) ) ) ثُمَّ وَارِثُهُ ثُمَّ الْحَاكِمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الوصى وهو احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ
فَإِنْ أَخْرَجَهُ من لَا وِلَايَةَ له عليه من مَالِهِ بِإِذْنٍ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوع
قُلْت الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ
وَتَقَدَّمَ في حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ ما يَشْهَدُ لِذَلِكَ
وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ من ثُلُثَيْ فقال الْقَاضِي يُبْدَأُ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ من الثُّلُثِ شَيْءٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ )
يَعْنِي وَإِنْ لم يَفْضُلْ شَيْءٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(7/219)
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيز وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُزَاحِمُ بِهِ أَصْحَابَ الْوَصَايَا وَتَابَعَهُ السَّامِرِيُّ
قال الشَّارِحُ فَيُحْتَمَلُ ما قال الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
يَعْنِي أَنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ من رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْخُلُهُ الدَّوْرُ
وَإِنَّمَا قال الْمُصَنِّفُ فَيُحْتَمَلُ على هذا لِأَنَّ الْمُزَاحَمَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً في كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي يَصْدُقُ عليه أَيْضًا
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ بَلْ يَتَزَاحَمَانِ فيه وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ من ثُلُثَيْهِ
وَقِيلَ من رَأْسِ مَالِهِ
وقال في الْفَائِقِ وَقِيلَ يَتَقَاصَّانِ وَيُتَمَّمُ الْوَاجِبُ من رَأْسِ الْمَالِ
وَقِيلَ من ثُلُثَيْهِ
____________________
(7/220)
بَابُ الْمُوصَى له
قَوْلُهُ ( تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ من يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ من مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ )
تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إذَا كان مُعَيَّنًا
أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ فَلَا تَصِحُّ صَرَّحَ بِهِ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ
وَكَذَا الْحَرْبِيُّ نَصَّ عليه وَالْمُرْتَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَاخْتَارَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ له أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
قال الأزجى في مُنْتَخَبِهِ وَالْفُرُوعِ تَصِحُّ لِمَنْ صَحَّ تَمَلُّكُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال بن أبي مُوسَى لَا تَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ صَحَّ الْإِيصَاءُ له كَالْهِبَةِ له مُطْلَقًا وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ في الْحَالِ فَلَا
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على زَوَالِ مِلْكِهِ وَبَقَائِهِ
فَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ له وَإِلَّا صَحَّتْ وَصَحَّحَ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ الْبِنَاءِ
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فقال بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ له جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(7/221)
قال في الرِّعَايَةِ هذا الْأَشْهَرُ كَالْهِبَةِ إجْمَاعًا
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ
وقال في الْمُنْتَخَبِ تَصِحُّ لِأَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تَصِحُّ لِحَرْبِيٍّ في دَارِ حَرْبٍ
قال الْحَارِثِيُّ وَالصَّحِيحُ من الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا لم يَتَّصِفْ بِالْقِتَالِ وَالْمُظَاهَرَةِ صَحَّتْ وَإِلَّا لم تَصِحَّ
فَائِدَةٌ لَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُصْحَفٍ وَلَا بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ
فَلَوْ كان الْعَبْدُ كَافِرًا أو أَسْلَمَ قبل مَوْتِ الموصى بَطَلَتْ
وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِتْقِ بَطَلَتْ أَيْضًا إنْ قِيلَ بِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ على الْقَبُولِ وَإِلَّا صَحَّتْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ قَالَهُ في المغنى
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ )
هذا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو صَحَّتْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عن الْمُدَبَّرِ بُدِئَ بِنَفْسِهِ فَيُقَدَّمُ عِتْقُهُ على وَصِيَّتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وقال الْقَاضِي يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيَمْلِكُ من الْوَصِيَّةِ بِقَدْرِ ما عَتَقَ منه
الثَّانِي قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ لِأُمِّ وَلَدِهِ ) بِلَا نِزَاعٍ
كَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ وَقْفٌ عليها ما دَامَتْ على وَلَدِهَا نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ عَدَمَ تزويجها ( ( ( تزوجها ) ) ) فلم تَتَزَوَّجْ وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ
____________________
(7/222)
فَقِيلَ تَبْطُلُ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وإذا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِجُزْءٍ من مَالِهِ
قال في بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ قبل آخِرِهِ بِقَرِيبٍ من كَرَاسِينَ قال في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا يعنى إلَى زَوْجَتِهِ على أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ تَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الشُّرُوطِ في النِّكَاحِ وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا على أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عليها رَدَّهُ إذَا تَزَوَّجَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا على أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ رَدَّتْهُ إلَى وَرَثَتِهِ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ انْتَهَى
فَقِيَاسُ هذا النَّصِّ أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ تَرُدُّ ما أَخَذَتْ من الْوَصِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِرَدِّهَا وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ
وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ أَمَتِهِ على أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَمَاتَ وَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُ عَتَقَتْ
فإذا تَزَوَّجَتْ لم يَبْطُلْ عِتْقُهَا قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
وقال الْحَارِثِيُّ يُحْتَمَلُ الرَّدُّ إلَى الرِّقِّ وهو الْأَظْهَرُ وَنَصَرَهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَارِثِيِّ
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِقِنٍّ زَمَنَهَا ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَقَاتِلِهِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لَهُمَا ما لم يَصِرْ حُرًّا وَقْتَ نَقْلِ الْمِلْكِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ
____________________
(7/223)
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ له سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ أو لَا يَمْلِكُ
وَصَرَّحَ بِهِ بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أنها لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ
فقال وَتَصِحُّ لِعَبْدٍ إنْ مَلَكَ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في كِتَابِ الزَّكَاةِ في فَوَائِدِ الْعَبْدِ هل يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ قَوْلُهُ ( فَإِنْ قَبِلَهَا فَهِيَ لِسَيِّدِهِ )
مُرَادُهُ إذَا لم يَكُنْ حُرًّا وَقْتَ مَوْتِ الموصى
فَإِنْ كان حُرًّا وَقْتَ مَوْتِهِ فَهِيَ له وهو وَاضِحٌ
وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ في الْفَوَائِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ
وَإِنْ لم يُعْتَقْ فَهِيَ لِسَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْحَارِثِيُّ وَيَتَخَرَّجُ أنها لِلْعَبْدِ
ثُمَّ قال وَبِالْجُمْلَةِ فَاخْتِصَاصُ الْعَبْدِ أَظْهَرُ
وقال بن رَجَبٍ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ
نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَبَنَاهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ على الْخِلَافِ في مِلْكِ السَّيِّدِ
فَائِدَةٌ لو قَبِلَ السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وَلَا يَفْتَقِرُ قَبُولُ الْعَبْدِ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في الْهِبَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ بَلَى اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ
____________________
(7/224)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ لِقِنٍّ زَمَنَ الْوَصِيَّةِ كما تَقَدَّمَ
وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ في صِحَّةِ عِتْقِهِ وَوَصِيَّتُهُ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ رِوَايَتَيْنِ من قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أنت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ في بَابِ الْمُدَبَّرِ فَائِدَتَانِ
الْأُولَى لو وَصَّى له بِرُبُعِ مَالِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَهُ سِوَاهُ ثَمَانُمِائَةٍ عَتَقَ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ هذا الصَّحِيحُ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُعْطَى مِائَتَيْنِ تَكْمِيلًا لِعِتْقِهِ بِالسِّرَايَةِ من تَمَامِ الثُّلُثِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ رُبُعُهُ وَيَرِثَ بَقِيَّتَهُ
وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ الْوَارِثِ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِلْعَبْدِ بِنَفْسِهِ أو بِرَقَبَتِهِ وَيُعْتَقُ بِقَبُولٍ ذلك إنْ خَرَجَ من الثُّلُثِ وَإِلَّا عَتَقَ منه بِقَدْرِ الثُّلُثِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِمُعَيَّنٍ أو بِمِائَةٍ لم تَصِحَّ )
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ
قال بن رَجَبٍ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَدَمُ الصِّحَّةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
بَلْ عليه الْأَصْحَابُ
( وحكى عنه أنها تَصِحُّ )
وَصَرَّحَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بن أبي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ
____________________
(7/225)
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ
فَعَلَيْهَا يُشْتَرَى من الْوَصِيَّةِ وَيُعْتَقُ وما بَقِيَ فَهُوَ له
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَقِيلَ يُعْطَى ثُلُثَ الْمُعَيَّنِ إنْ خَرَجَا معه من الثُّلُثِ
فَإِنْ بَاعَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذلك فَالْمِائَةُ لهم إنْ لم يَشْتَرِطْهَا الْمُبْتَاعُ قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ إذَا وَصَّى له بِمُعَيَّنٍ فَعَنْهُ كما له
وَعَنْهُ يُشْتَرَى وَيُعْتَقُ
وَكَوْنُهُ كما له قَطَعَ بِهِ بن أبي مُوسَى
تَنْبِيهٌ من الْأَصْحَابِ من بَنَى الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا على أَنَّ الْعَبْدَ هل يَمْلِكُ أولا
فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا
وَهِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ
وَأَشَارَ إلَى ذلك الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ
وَمِنْهُمْ من حَمَلَ الصِّحَّةَ على أَنَّ الْوَصِيَّةَ الْقَدْرُ الْمُعَيَّنُ أو الْمُقَدَّرُ من التَّرِكَةِ لَا بِعَيْنِهِ فَيَعُودُ إلَى الْجُزْءِ الْمُشَاعِ
قال بن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا
وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الزَّكَاةِ في الْعَبْدِ هل يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ لِلْحَمْلِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ كان مَوْجُودًا حين الْوَصِيَّةِ )
هذا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل الْوَصِيَّةُ له تَعَلُّقٌ على خُرُوجِهِ حَيًّا وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في بَعْضِ كَلَامِهِ أو يَثْبُتُ الْمِلْكُ له من حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِ الْوَلِيِّ له
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أَيْضًا في بَعْضِ كَلَامِهِ فيه وَجْهَانِ
____________________
(7/226)
وَصَرَّحَ أبو الْمَعَالِي بن مُنَجَّا بِالثَّانِي وقال يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عليه من حِينِ الْمِلْكِ إذَا كان مَالًا زَكَوِيًّا وَكَذَلِكَ في الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ
وَحَكَى وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يَجْرِي في حَوْلِ الزَّكَاةِ حتى يُوضَعَ لِلتَّرَدُّدِ في كَوْنِهِ حَيًّا مَالِكًا كَالْمُكَاتَبِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَلَا يُعْرَفُ هذا التَّفْرِيعُ في الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ ( بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كانت ذَاتَ زَوْجٍ أو سَيِّدٍ يَطَؤُهَا أو لِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ إنْ لم تَكُنْ كَذَلِكَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
يعنى إنْ لم تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا سَيِّدٍ يَطَؤُهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ له إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْوَجِيزِ وَتَصِحُّ لِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَبْلَهَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ في وُجُودِهِ وَلَا يَلْزَمُ من لُحُوقِ النَّسَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كانت ذَاتَ زَوْجٍ أو سَيِّدٍ يَطَؤُهَا
وَكَذَا قال في المغنى وَجَمَاعَةٌ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ
____________________
(7/227)
أَشْهُرٍ من حِينِ الْوَصِيَّةِ صَحَّتْ سَوَاءٌ كانت فِرَاشًا أو بَائِنًا لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ وُجُودَهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّوَابُ جَزْمًا وهو كما قال
الثَّانِي قَوْلُهُ أو لِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ هذا بِنَاءً منه على أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وهو الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُصَرَّحًا بِهِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْعِدَدِ
وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ فَبِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ من سَنَتَيْنِ
وَالشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ مَبْنِيَّانِ على الْخِلَافِ في أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ
وَالْأَوْلَى أَنَّ الْخِلَافَ في صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَعَلَيْهِ شَرْحُ بن مُنَجَّا وهو الصَّوَابُ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ كانت فِرَاشًا لِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا لِكَوْنِهِ غَائِبًا في بَلَدٍ بَعِيدٍ أو مَرِيضًا مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أو كان أَسِيرًا أو مَحْبُوسًا أو عَلِمَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لم ( ( ( يطؤها ) ) ) يطأها أو أَقَرُّوا بِذَلِكَ فإن أَصْحَابَنَا لم يُفَرِّقُوا بين هذه الصُّورَةِ وَبَيْنَ ما إذَا كان يَطَؤُهَا
قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أنها مَتَى أَتَتْ بِهِ في هذه الْحَالِ أو وَقْتَ يَغْلِبُ على الظَّنِّ أَنَّهُ كان مَوْجُودًا حَالَ الْوَصِيَّةِ مِثْلَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ من غَالِبِ مُدَّةِ الْحَمْلِ أو تَكُونُ أَمَارَاتُ الْحَمْلِ ظَاهِرَةً أو أَتَتْ بِهِ على وَجْهٍ يَغْلِبُ على الظَّنِّ أَنَّهُ كان مَوْجُودًا بإمارات الْحَمْلِ بِحَيْثُ يُحْكَمُ لها بِكَوْنِهَا حَامِلًا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ له انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
____________________
(7/228)
قال الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى
وَلَيْسَ كَذَلِكَ وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ إلَّا أَنْ تَضَعَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ من حِينِ الْوَصِيَّةِ
وَقِيلَ إذَا ما وَضَعَتْهُ بَعْدَهَا لِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ ولم يُلْحَقْ نَسَبُهُ إلَّا بِتَقْدِيرِ وَطْءٍ قبل الْوَصِيَّةِ صَحَّتْ له أَيْضًا انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا وَطْءَ فَوَجْهَانِ ما لم يُجَاوِزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ لِحَمْلٍ إلَّا أَنْ يُولَدَ حَيًّا قبل نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ وَصَّى له
وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَهَا قبل أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ ما لم يُلْحَقْ الْوَاطِئَ نَسَبُهُ إلَّا بِوَطْءٍ قبل الْوَصِيَّةِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ وُلِدَ لِأَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَقَلَّ وَلَا وَطْءَ إذًا فَوَجْهَانِ
وقال في الْكُبْرَى وَلَا تَصِحُّ له إلَّا أَنْ يُولَدَ حَيًّا قبل نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَهَا قبل أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ إذَا لم يُلْحَقْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ له وَإِنْ كانت بَائِنًا فَكَذَلِكَ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ اكثر مُدَّةِ الْحَمْلِ من حِينِ الْفُرْقَةِ وَأَكْثَرَ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ من حِينِ الْوَصِيَّةِ لم يَلْحَقْهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ له
وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ الْفُرْقَةِ لَحِقَهُ وَصَحَّتْ
وَإِنْ وَصَّى لِحَمْلٍ من زَوْجٍ أو سَيِّدٍ يَلْحَقُهُ صَحَّتْ
وَإِنْ كان مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ أو بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فَلَا
وَإِنْ كانت فِرَاشًا لِزَوْجٍ أو سَيِّدٍ وما يَطَؤُهَا لِبُعْدٍ أو مَرَضٍ أو أَسْرٍ أو حَبْسٍ لَحِقَهُ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ
____________________
(7/229)
وَقِيلَ وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَهُ إنْ ظَنَنَّا أَنَّهُ كان مَوْجُودًا حين الْوَصِيَّةِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِأَقَلَّ من أَرْبَعِ سِنِينَ وَكَذَا قال الْأَصْحَابُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ ولم يذكر الْمُصَنِّفُ بِأَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أو لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا بُدَّ منها
فَإِنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أو لِأَرْبَعِ سِنِينَ عُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ كان مَوْجُودًا لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يُولَدَ وَلَدٌ لِأَقَلَّ من سِتَّةِ أَشْهُرٍ
وَتَبِعَ في ذلك الْمُصَنِّفُ في المغنى
وَالصَّوَابُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَصْحَابُ
وَلِذَلِكَ قال الزَّرْكَشِيُّ انْعَكَسَ على بن مُنَجَّا الْأَمْرُ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَصَّى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى تَسَاوَيَا في ذلك
وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ فتأتي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ بَابِ الْمُوصَى بِهِ
الثَّانِيَةُ لو قال إنْ كان في بَطْنِك ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كان أُنْثَى فَكَذَا فَكَانَ فيه ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَلَهُمَا ما شَرَطَ
وَلَوْ كان قال إنْ كان ما في بَطْنِك ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كان ما في بَطْنِك أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَكَانَ فيه ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَلَا شَيْءَ لَهُمَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَإِنْ كان خُنْثَى في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فقال في الْكَافِي له ما لِلْأُنْثَى حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ هذه الْمَرْأَةُ لم تَصِحَّ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/230)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تَصِحُّ
وَجَزَمَ بن رَزِينٍ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ وَصِحَّتُهَا بِهِمَا أَيْضًا
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لَا تَصِحُّ لِمَعْدُومٍ بِالْأَصَالَةِ كَ من تَحْمِلُ هذه الْجَارِيَةُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وفي دُخُولِ الْمُتَجَدِّدِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الموصى رِوَايَتَانِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَنْ وَصَّى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مُدَبَّرُونَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُمْ أَمْوَالٌ حَالَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِ الْمَوْتِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ على الْخِلَافِ في الْمُتَجَدِّدِ بين الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ قال بَلْ هذا مُتَجَدِّدٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَمَنْعُهُ أَوْلَى
وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا بِدُخُولِ الْمَعْدُومِ في الْوَصِيَّةِ تَبَعًا كَمَنْ وَصَّى بغله ثَمَرِهِ لِلْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يَحْدُثَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ
فَائِدَةٌ لو وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ أو قال لجارى أو قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تَصِحُّ كَقَوْلِهِ أَعْطُوا ثُلُثِي أَحَدَهُمَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ فِيمَا إذَا قال لجارى أو قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا تَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ
وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ في غَيْرِ الْأُولَى الْقَاضِي وأبو بَكْرٍ في الشَّافِي وبن رَجَبٍ
وَتَقَدَّمَ في التي قَبْلَهَا كَلَامُ بن رَزِينٍ
وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى
فَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَقِيلَ يُعَيِّنُهُ الْوَرَثَةُ جَزَمَ به في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ قَطَعَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو الصَّوَابُ
____________________
(7/231)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قال عَبْدِي غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ موتي وَلَهُ مِائَةٌ وَلَهُ عَبْدَانِ بهذا الِاسْمِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا شَيْءَ له نَقَلَهُ يَعْقُوبُ وَحَنْبَلٌ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ هِيَ له من ثُلُثِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
تَنْبِيهٌ قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قال لجارى فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ إذَا لم يَكُنْ قرينه
فَإِنْ كان ثَمَّ قرينه أو غَيْرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا وَأُشْكِلَ عَلَيْنَا مَعْرِفَتُهُ فَهُنَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ وَيَخْرُجُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الموصى بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ )
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ بَطَلَتْ رِوَايَةً وَاحِدَةً على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
قال الْحَارِثِيُّ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى له فَمَاتَ من الْجُرْحِ لم تَبْطُلْ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ )
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن بَكْرُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(7/232)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ تَبْطُلُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ بن أبي مُوسَى
قَوْلُهُ ( وقال أَصْحَابُنَا في الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ )
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ في الْحَالَيْنِ رِوَايَتَانِ
وقال في الْفُرُوعِ وقال جَمَاعَةٌ في الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ رِوَايَتَانِ سَوَاءً أَوْصَى له قبل الْجُرْحِ أو بَعْدَهُ
إحْدَاهُمَا تَصِحُّ اخْتَارَهَا بن حَامِدٍ
وَالثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ
فَتَلَخَّصَ لنا في صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَعَدَمُهَا مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَالْفَرْقُ بين أَنْ يُوصَى له بَعْدَ الْجُرْحِ فَيَصِحُّ وَقَبْلَهُ لَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ من قَتَلَهُ من الدِّيَةِ أو وَصَّى له بها
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَالْإِرْثِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ إذَا قُتِلَ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ هل تَدْخُلُ في الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا
فَائِدَةٌ مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو دَبَّرَ عَبْدَهُ وَقَتَلَ سَيِّدَهُ أو جَرَحَهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(7/233)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَبْطُلُ تَدْبِيرُ الْعَبْدِ دُونَ الْأَمَةِ
وقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ جَعَلَ التَّدْبِيرَ عِتْقًا بِصِفَةٍ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا
وَيَأْتِي هذا آخِرَ التَّدْبِيرِ مُحَرَّرًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِصِنْفٍ من أَصْنَافِ الزَّكَاةِ أو لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ صَحَّ وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ منهم الْقَدْرَ الذي يُعْطَاهُ في الزَّكَاةِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْوَقْفِ فِيمَا إذَا وَقَفَ على الْفُقَرَاءِ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْفَقِيرِ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطَى من الزَّكَاةِ في الْمَنْصُوصِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَغَيْرِهِ هُنَاكَ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ هُنَا
وقال وَقِيلَ يُعْطَى كُلَّ صِنْفٍ ثُمُنٌ وَقِيلَ يَجُوزُ
فَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ جَوَازَ زِيَادَةِ الْمِسْكِينِ على خَمْسِينَ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ منها في الزَّكَاةِ ذَكَرُوهُ في الْوَقْفِ وَهَذَا مِثْلُهُ
قال الْحَارِثِيُّ هُنَا وهو الْأَقْوَى وَتَقَدَّمَ ذلك
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ لو وَقَفَ على الْفُقَرَاءِ دخل الْمَسَاكِينُ وَكَذَا عَكْسُهُ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ
وَحُكْمُ الْقَدْرِ الذي يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ ممن أَصْنَافِ الزَّكَاةِ من الْوَصِيَّةِ حُكْمُ ما يُعْطَى من الْوَقْفِ عليهم على ما تَقَدَّمَ فَلْيُعَاوَدْ
فَائِدَةٌ قال في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ الرِّقَابُ وَالْغَارِمُونَ وفي سَبِيلِ اللَّهِ وبن السَّبِيلِ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ
وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْوَقْفِ
فَيُعْطَى في فِدَاءِ الْأَسْرَى لِمَنْ يَفْدِيهِمْ
____________________
(7/234)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أو يُوَفَّى ما اُسْتُدِينَ فِيهِمْ انْتَهَى
قُلْت أَمَّا إذَا أَوْصَى لِجَمِيعِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ بِأَجْمَعِهِمْ
وَكَذَا لو أَوْصَى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ فَتُعْطَى الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ
أعنى أَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلْإِعْطَاءِ لِدُخُولِهِمْ في كَلَامِهِ
وَحُكْمُ إعْطَائِهِمْ هُنَا كَالزَّكَاةِ
وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنَ الْوَصِيَّةِ كما لو أَوْصَى لِثَمَانِ قَبَائِلَ
وَفَرَّقُوا بين هذا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ على صِنْفٍ وَاحِدٍ أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ فيها بَيَانُ من يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بها بَيَانُ من يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ وَصَّى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ الثَّمَانِيَةِ فَلِكُلِّ صِنْفٍ الثُّمُنُ وَيَكْفِي من كل صِنْفٍ ثَلَاثَةٌ
وَقِيلَ بَلْ وَاحِدٌ
وَيُسْتَحَبُّ إعْطَاءُ من أَمْكَنَ منهم بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَتَقْدِيمُ أَقَارِبِ الموصى وَلَا يُعْطَى إلَّا مُسْتَحِقٌّ من أَهْلِ بَلَدِهِ انْتَهَى
قال الْحَارِثِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ على الْبَعْضِ كَالزَّكَاةِ
وَالْأَقْوَى أَنَّ لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنًا
قال وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ على الشَّخْصِ الْوَاحِدِ من الصِّنْفِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ لَا بُدَّ من ثَلَاثَةٍ لَكِنْ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَوْصَى لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عليه صَحَّ وَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ رُدَّ الموصي بِهِ أو بَاقِيهِ إلَى الْوَرَثَةِ ) هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/235)
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُصْرَفُ إلَى فَرَسٍ آخَرَ حَبِيسٍ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَوْصَى في أَبْوَابِ الْبِرِّ صُرِفَ في الْقُرَبِ )
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ عنه يُصْرَفُ في أَرْبَعِ جِهَاتٍ في أَقَارِبِهِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقُيِّدَ في الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ الْأَقَارِبُ بِاَلَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وهو كما قال
وَعَنْهُ فِدَاءُ الْأَسْرَى مَكَانَ الْحَجِّ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ في أَبْوَابِ الْبِرِّ يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ جُزْءٌ في الْحَجِّ وَجُزْءٌ في الْجِهَادِ وَجُزْءٌ يُتَصَدَّقُ بِهِ في أَقَارِبِهِ
زَادَ في التَّبْصِرَةِ وَالْمَسَاكِينِ
وَعَنْهُ يُصْرَفُ في الْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَفِدَاءِ الْأَسْرَى
قال الْمُصَنِّفُ عن هذه الرِّوَايَاتِ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ليس على سَبِيلِ اللُّزُومِ وَالتَّحْدِيدِ بَلْ يَجُوزُ صَرْفُهُ في الْجِهَاتِ كُلِّهَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ ذلك
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ أَنَّ قَوْلَهُ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ أو في سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْقُرْبَةِ يَصْرِفُهُ لِفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ وُجُوبًا
قُلْت هذا ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ لِحِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ وَإِطْلَاقِهِمْ
____________________
(7/236)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَفْضَلُ الْقُرَبِ الْغَزْوُ فَيُبْدَأُ بِهِ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ ما تَقَدَّمَ في أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ
يعنى الذي حَكَاهُ من الْخِلَافِ في أَوَّلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في الْوَقْفِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ فَلَهُ صَرْفُهُ في أَيِّ جِهَةٍ من جِهَاتِ الْقُرَبِ وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ
فَإِنْ لم يَجِدْ فَإِلَى مَحَارِمِهِ من الرَّضَاعِ فَإِنْ لم يَجِدْ فَإِلَى جِيرَانِهِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا عن الْقَاضِي وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ وُجُوبُ الدَّفْعِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ في هذه الْمَسْأَلَةِ
الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَلِهَذَا قال لو جَعَلَ الْكُفْرَ أو الْجَهْلَ شَرْطًا في الِاسْتِحْقَاقِ لم يَصِحَّ فَلَوْ وَصَّى لِأَجْهَلْ الناس لم يَصِحَّ
وَعَلَّلَ في المغنى الْوَصِيَّةَ لِمَسْجِدٍ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ
قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على اشْتِرَاطِهَا
وقال في التَّرْغِيبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ
وقال في التَّبْصِرَةِ إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فيه وَلَا بِرَّ كَكَنِيسَةٍ أو كَتْبِ التَّوْرَاةِ لم يَصِحَّ ذُكِرَ ذلك في الْفُرُوعِ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عنه بِأَلْفٍ صُرِفَ في حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حتى تَنْفَدَ
____________________
(7/237)
سَوَاءٌ كان رَاكِبًا أو رَاجِلًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ تُصْرَفُ في حَجَّةٍ لَا غير وَالْبَاقِي إرْثٌ
وَنَقَلَ بن إبْرَاهِيمَ بَعْدَ الْحَجَّةِ الْأُولَى تُصْرَفُ في الْحَجِّ أو في سَبِيلِ اللَّهِ
وقال في الْفُصُولِ من وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عنه بِكَذَا لم يَسْتَحِقَّ ما عَيَّنَ زَائِدًا على النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ جَعَالَةٍ وَاخْتَارَهُ وَلَا يَجُوزُ في الْحَجِّ
وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّهُ إنْ وَصَّى بِأَلْفٍ يُحَجُّ بها يُصْرَفُ في كل حَجَّةٍ قَدْرُ نَفَقَتِهِ حتى يَنْفَدَ وَلَوْ قال حُجُّوا عنى بِأَلْفٍ فما فَضَلَ فَلِلْوَرَثَةِ
وقد تَقَدَّمَ في بَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَصِحُّ على الْحَجِّ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيُعْطَى هُنَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم تَكْفِ الْأَلْفُ أو الْبَقِيَّةُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ حَجَّ بِهِ من حَيْثُ يَبْلُغُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي
وَقِيلَ يُعَانُ بِهِ في حَجَّةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَبَقِيَّتِهَا لِعَاجِزَةٍ عن حَجَّةٍ لِمَصْلَحَتِهَا انْتَهَى
وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهُوَ إرْثٌ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
قال الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إذَا لم تَكْفِ الْحَجُّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا كان الْحَجُّ تَطَوُّعًا أَجْزَأَ أَنْ يُحَجَّ عنه من الْمِيقَاتِ على الصَّحِيحِ
____________________
(7/238)
صَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ في كِتَابِ الْحَجِّ
قال الْحَارِثِيُّ وهو أَقْوَى
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ إلَّا من مَحَلِّ وَصِيَّتِهِ كَحَجِّهِ بِنَفْسِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
لَكِنْ قال عن الاولى هو أَوْلَى كما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الْحَجِّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ على الْمَرْأَةِ وُجُودُ مَحْرَمِهَا
الثَّانِيَةُ إنْ كان الموصى قد حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كانت الْأَلْفُ من ثُلُثِ مَالِهِ
وَإِنْ كانت عليه حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَنَفَقَتُهَا من رَأْسِ الْمَالِ وَالْبَاقِي من الثُّلُثِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ قال يُحَجُّ عنى حَجَّةً بِأَلْفٍ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى من يَحُجُّ عنه )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَقِيلَ الْبَقِيَّةُ من نَفَقَةِ الْحَجَّةِ إرْثٌ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
وَحَكَاهُ الْحَارِثِيُّ رِوَايَةً وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ
وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ
____________________
(7/239)
قَوْلُهُ ( فَإِنْ عَيَّنَهُ في الْوَصِيَّةِ فقال يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ فَأَبَى الْحَجَّ وقال أصرفوا لي الْفَضْلَ لم يُعْطَهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ )
يعنى من أَصْلِهَا إذَا كان تَطَوُّعًا
وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ فإن كَلَامَهُمْ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ في حَقِّهِ لَا غير وَيُحَجُّ عنه بِأَقَلَّ ما يُمْكِنُ من نَفَقَةٍ أو أُجْرَةٍ وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وفي بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ ( لم يُعْطَهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ في حَقِّهِ ) وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ
وَذَكَرَهَا بن مُنَجَّا في الْمَتْنِ ولم يَشْرَحْهَا بَلْ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ فَقَطْ
فَعَلَى هذه النُّسْخَةِ مع أَنَّ النُّسْخَةَ الْأُولَى لَا تَأْبَى ذلك يَكُونُ الْمُصَنِّفُ قد جَزَمَ بهذا الْوَجْهِ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ النَّاظِمُ قَوْلًا أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَلْفِ لِلَّذِي حَجَّ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ إذَا كان الموصى قد حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ
أَمَّا إذَا لم يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَبَى من عَيَّنَهُ فإنه يُقَامُ غَيْرُهُ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ وَالْفَضْلُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا تَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا وهو وَاضِحٌ وَيُحْسَبُ الْفَاضِلُ في الثُّلُثِ عن نَفَقَةِ مِثْلِهِ أو أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْفَرْضِ
____________________
(7/240)
فَوَائِدُ
منها لو قال يَحُجُّ عنى زَيْدٌ بِأَلْفٍ فما فَضَلَ فَهُوَ وَصِيَّةٌ له إنْ حَجَّ
وَلَا يُعْطَى إلَى أَيَّامِ الْحَجِّ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَضْلَ لِلْوَارِثِ
وَمِنْهَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَحُجَّ وصى بِإِخْرَاجِهَا
نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَأَبِي الْحَارِثِ وَجَعْفَرٍ النَّسَائِيّ وَحَرْبٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ
قال لِأَنَّهُ مُنْفِذٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَصَدَّقْ عنى بِهِ لَا يَأْخُذُ منه
وَمِنْهَا لَا يَحُجُّ وَارِثٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ بَلَى يَحُجُّ عنه إنْ عَيَّنَهُ ولم يَزِدْ على نَفَقَتِهِ منهم الْحَارِثِيُّ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَشَرْحُ بن رَزِينٍ
وفي الْفُصُولِ إنْ لم يُعَيِّنْهُ جَازَ
وَمِنْهَا لو أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عنه بِالنَّفَقَةِ صَحَّ
وَمِنْهَا لو وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ إلَى ثَلَاثَةٍ في عَامٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَأَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْفَرْضِ أَوَّلًا إنْ كان عليه فَرْضٌ
وَمِنْهَا لو وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ لم يَكُنْ له أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عنه في عَامٍ وَاحِدٍ قاله في الرِّعَايَتَيْنِ
قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ إنْ كانت نَفْلًا
وَتَقَدَّمَ في حُكْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَكِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا هل يَصِحُّ حَجُّ الْأَجْنَبِيِّ عن الْمَيِّتِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَمْ لَا
____________________
(7/241)
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ حَكَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن طَاوُسٍ جَوَازَ صَوْمِ جَمَاعَةٍ عنه في يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُجْزِئُ عن عُدَّتِهِمْ من الْأَيَّامِ
قال وهو أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ
قال فَدَلَّ ذلك على أَنَّ من أَوْصَى بِثَلَاثِ حِجَجٍ جَازَ صَرْفُهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عنه في سَنَةٍ وَاحِدَةٍ
وَجَزَمَ بن عَقِيلٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ نائبة مِثْلُهُ
وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا ولم يذكر قَبْلَهُ ما يُخَالِفُهُ
ذَكَرَهُ في فَصْلِ اسْتِنَابَةِ الْمَعْضُوبِ من بَابِ الْإِحْرَامِ وهو قِيَاسُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الصَّوْمِ انْتَهَى كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ
ولم يَسْتَحْضِرْ تِلْكَ الْحَالَ ما ذَكَرَهُ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ أو رَآهُ بَعْدَ ذلك وقد أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في صِحَّةِ ذلك
ثُمَّ وَجَدْت الْحَارِثِيَّ نَقَلَ عن الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيِّ صِحَّةَ صَرْفِ ثَلَاثِ حِجَجٍ في عَامٍ وَاحِدٍ وقال وهو أَوْلَى
قَوْلُهُ ( فَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ فَهُوَ لِأَهْلِ دَرْبِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ هُمَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ يَكُونُ طَرِيقُهُمْ بِدَرْبِهِ
فَائِدَةٌ يُعْتَبَرُ في اسْتِحْقَاقِهِ سُكْنَاهُ في السِّكَّةِ حَالُ الْوَصِيَّةِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى
وقال في المغنى وَيَسْتَحِقُّ أَيْضًا لو طَرَأَ إلَى السِّكَّةِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ
____________________
(7/242)
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وفي دُخُولِ الْمُتَجَدِّدِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الموصى رِوَايَتَانِ
ثُمَّ قال وَالْمَنْصُوصُ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ في سِكَّةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا فَسَكَنَهَا قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِ الموصى قال إنَّمَا كانت الْوَصِيَّةُ لِلَّذِينَ كَانُوا
ثُمَّ قال ما أَدْرِي كَيْفَ هذا قِيلَ فَيُشْبِهُ هذا الْكُورَةَ قال لَا الْكُورَةُ وَكَثْرَةُ أَهْلِهَا خِلَافُ هذا الْمَعْنَى يَنْزِلُ قَوْمٌ وَيَخْرُجُ قَوْمٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا من كل جَانِبٍ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
منهم أبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ والفائق ( ( ( الفائق ) ) ) وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال أبو بَكْرٍ مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ دَارًا
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وقال أبو بَكْرٍ وقد قِيلَ مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ دَارًا
قال في الْفَائِقِ بَعْدَ قَوْلِ أبى بَكْرٍ وَقِيلَ من أَرْبَعَةِ جَوَانِبَ
قال الشَّارِحُ عن قَوْلِ أبى بَكْرٍ يَعْنِي من كل جَانِبٍ
وَعَنْهُ جِيرَانُهُ مُسْتَدَارُ ثَلَاثِينَ دَارًا ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ
وقال في الْفَائِقِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا من كل جَانِبٍ
وَعَنْهُ ثَلَاثِينَ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ
فَظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ مُخَالِفٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا لَكِنْ فَسَّرَهَا الْحَارِثِيُّ بِالْأَوَّلِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى هُنَا إلَّا الْجَارُّ الْمُلَاصِقُ
____________________
(7/243)
وَقِيلَ يُرْجَعُ فيه إلَى الْعُرْفِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ إنْ لم يَصِحَّ الْحَدِيثُ
وقد اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لِلْمَذْهَبِ بِالْحَدِيثِ فيه وقال هذا نَصٌّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عنه إنْ صَحَّ وَإِنْ لم يَثْبُتْ فَالْجَارُ هو الْمُقَارِبُ وَيُرْجَعُ في ذلك إلَى الْعُرْفِ انْتَهَيَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ وَلَهُ أَبٌ وبن فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْأَخُ وَالْجَدُّ سَوَاءٌ )
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الِابْنِ على الْأَبِ وَالْأَخِ على الْجَدِّ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْجَدُّ على الْأَخِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَالْأَخُ من الْأَبِ وَالْأَخُ من الْأُمِّ سَوَاءٌ )
بِلَا نِزَاعٍ وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَخَ من الْأُمِّ يَدْخُلُ في الْقَرَابَةِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْوَقْفِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ في أَبْنَائِهِمَا
وَكَذَا يُحْمَلُ ما قَالَهُ في المغنى وَالْكَافِي أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ سَوَاءٌ
قَوْلُهُ ( وَالْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ مِنْهُمَا )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةً أَنَّهُ كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ كَالنِّكَاحِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
____________________
(7/244)
قُلْت وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ لَكِنْ ذَكَرَهُ في الْوَقْفِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الْأَبُ أَوْلَى من بن الِابْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيُّ
وَقَطَعَ بِهِ في المغنى وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ بن الِابْنِ أَوْلَى
قال وَكُلُّ من قُدِّمَ قُدِّمَ وَلَدُهُ إلَّا الْجَدُّ فإنه يُقَدَّمُ على بَنِي إخْوَتِهِ وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ فإنه يُقَدَّمُ على بن أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ
الثَّانِيَةُ يَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ كَأَبَوَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ لِأَبِيهِ
قَوْلُهُ ( وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَنِيسَةٍ وَلَا بَيْتِ نَارٍ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لو أَوْصَى بِحُصْرِ الْبِيَعِ وَقَنَادِيلِهَا وما شَاكَلَ ذلك ولم يَقْصِدْ إعْظَامَهَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ صَحِيحَةٌ
قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ
وَرَدَّهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه في الرِّعَايَةِ وقال فيه نَظَرٌ
وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ من الذمى لِخِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ
قال في الْهِدَايَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَإِنْ وَصَّى لِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ أو بِيعَةٍ أو كَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ
____________________
(7/245)
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ ما يَدُلُّ على صِحَّتِهَا
قال في الرِّعَايَتَيْنِ لم تَصِحَّ على الْأَصَحِّ
ثُمَّ قال قُلْت تُحْمَلُ الصِّحَّةُ على وَصِيَّةِ ذمى بِمَا يَجُوزُ له فِعْلُهُ من ذلك انْتَهَى
قُلْت وَحَمْلُ الرِّوَايَةِ على غَيْرِ ظَاهِرِهَا مُتَعَيَّنٌ
قَوْلُهُ ( وَلَا لِكَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَا لِمَلَكٍ وَلَا لِمَيِّتٍ )
بِلَا نِزَاعٍ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا تَصِحُّ لِكَتْبِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ على الْأَصَحِّ
وَقِيلَ إنْ كان الموصى بِذَلِكَ كَافِرًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا في فَائِدَةٍ هل تُشْتَرَطُ الْقَرَابَةُ في الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَلَا لِبَهِيمَةٍ )
إنْ وَصَّى لِفَرَسٍ حَبِيسٍ صَحَّ إذَا لم يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قبل ذلك
وَإِنْ وَصَّى لِفَرَسِ زَيْدٍ صَحَّ وَلَزِمَ بِدُونِ قَبُولِ صَاحِبِهَا وَيَصْرِفُهَا في عَلَفِهِ
وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا تَمْلِيكُ الْبَهِيمَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لحى وَمَيِّتٍ يُعْلَمُ مَوْتُهُ فَالْكُلُّ للحى )
وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَنُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ عليه
وَاخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ له إلَّا النِّصْفُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
____________________
(7/246)
قال الْحَارِثِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
حتى أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ
وَنَصَّ عليه من رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَتَوَجَّهُ الْقُرْعَةُ بين الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَقُلْ هو بَيْنَهُمَا فَإِنْ قَالَهُ كان له النِّصْفُ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ لم يَعْلَمْ فللحى نِصْفُ الْمُوصَى بِهِ ) بِلَا نِزَاعٍ فَوَائِدُ
إحداها لو وَصَّى له وَلِجِبْرِيلَ أو له وَلِلْحَائِطِ بِثُلُثِ مَالِهِ كان له الْجَمِيعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ له النِّصْفُ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي
قُلْت هِيَ شَبِيهَةٌ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا
الثَّانِيَةُ لو وَصَّى له وَلِلرَّسُولِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِثُلُثِ مَالِهِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ
وَقِيلَ الْكُلُّ له
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُصْرَفُ ما لِلرَّسُولِ في الْمَصَالِحِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ يُصْرَفُ في الْكُرَاعِ وفي السِّلَاحِ وَالْمَصَالِحِ
____________________
(7/247)
الثَّالِثَةُ لو وَصَّى له وَلِلَّهِ قُسِمَ نِصْفَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ كُلُّهُ له كَاَلَّتِي قَبْلَهَا جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
الرَّابِعَةُ لو وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ قُسِمَ بين زَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ نِصْفَيْنِ نِصْفُهُ له وَنِصْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ شَيْءٍ انْتَهَى
وَلَوْ كان زَيْدٌ فَقِيرًا لم يَسْتَحِقَّ من نَصِيبِ الْفُقَرَاءِ شيئا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ وَعَلِيِّ بن سَعِيدٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ الْقَاضِي الِاتِّفَاقَ على ذلك
مع أَنَّ بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ حَكَى عنه أَنَّهُ خَرَّجَ وَجْهًا بِمُشَارَكَتِهِمْ إذَا كان فَقِيرًا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى لِوَارِثِهِ وأجنبى بِثُلُثِ مَالِهِ فَرَدَّ الْوَرَثَةُ فللأجنبى السُّدُسُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ وَصَّى لَهُمَا بِثُلُثَيْ مَالِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي
يَعْنِي إذَا رَدَّ الْوَرَثَةُ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ وهو ما جَاوَزَ الثُّلُثَ من غَيْرِ تَعْيِينٍ فَيَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ وَالسُّدُسُ لِلْوَارِثِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ له الثُّلُثُ كُلُّهُ كما لو رَدَّ الْوَرَثَةُ وَصِيَّتَهُ
____________________
(7/248)
وَقِيلَ السُّدُسُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ فيه شيئا فَوَائِدُ
إحداها لو رَدُّوا نَصِيبَ الْوَارِثِ كان لِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ كَامِلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ له السُّدُسُ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ
الثَّانِيَةُ لو أَجَازُوا لِلْوَارِثِ وَحْدَهُ فَلَهُ الثُّلُثُ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا إنْ أَجَازُوا لِلْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ فَلَهُ الثُّلُثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَارِثِيِّ
وَقِيلَ له السُّدُسُ فَقَطْ
الثَّالِثَةُ لو رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ وَنِصْفُ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ السُّدُسُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو يَنْزِعُ إلَى قَوْلِ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَقِيلَ له الثُّلُثُ وهو يَنْزِعُ إلَى قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى بِمَالِهِ لِابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّا وَصِيَّتَهُ فَلَهُ التُّسْعُ عِنْدَ الْقَاضِي
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ له الثُّلُثُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَقْيَسُ
قال في الْفَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ له السُّدُسُ جَعْلًا لَهُمَا صِنْفًا
____________________
(7/249)
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ بِثُلُثِهِ فَلِزَيْدٍ التُّسْعُ وَالْبَاقِي لَهُمَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنَّ له السُّدُسَ لِأَنَّهُمَا هُنَا صِنْفٌ انْتَهَى
قُلْت يَتَخَرَّجُ فيه أَيْضًا أَنْ يَكُونَ كَأَحَدِهِمْ فَيُعْطَى أَقَلَّ شَيْءٍ كما قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا فَوَائِدُ
الْأُولَى لو وَصَّى له وَلِإِخْوَتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال وَيُحْتَمَلُ أَنَّ له النِّصْفَ وَلَهُمْ النِّصْفَ
قال الْحَارِثِيُّ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ له النِّصْفَ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ وَصَّى له وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ فَنِصْفَانِ
وَقِيلَ هو كَأَحَدِهِمْ كُلُّهُ وَإِخْوَتُهُ في وَجْهٍ
فَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ أَنْ يَكُونَ له النِّصْفُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا أَوْصَى له وَلِلْفُقَرَاءِ أو له وَلِلَّهِ أو له وَلِلرَّسُولِ وما أَشْبَهَ ذلك
الثَّانِيَةُ لو وَصَّى بِدَفْنِ كُتُبِ الْعِلْمِ لم تُدْفَنْ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ما يُعْجِبُنِي
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا بَأْسَ
وَنَقَلَ غَيْرُهُ يُحْسَبُ من ثُلُثِهِ وَعَنْهُ الْوَقْفُ
قال الْخَلَّالُ الْأَحْوَطُ دَفْنُهَا
الثَّالِثَةُ لو وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ صَحَّ وَصُرِفَ في تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ وَتَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(7/250)
قُلْت الذي يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ في الْقَرَائِنِ فَإِنْ كان من أَهْلِ الْخَيْرِ وَنَحْوِهِمْ صُرِفَ في ذلك وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ
الرَّابِعَةُ قال بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ لو وَصَّى بِجَعْلِ ثُلُثِهِ في التُّرَابِ صُرِفَ في تَكْفِينِ الْمَوْتَى
وَلَوْ وَصَّى بِجَعْلِهِ في الْمَاءِ صُرِفَ في عَمَلِ سُفُنٍ لِلْجِهَادِ
قُلْت وَهَذَا من جِنْسِ ما قَبْلَهُ
وقال بن الْجَوْزِيِّ إمَّا من عِنْدِهِ وأما حِكَايَةً عن الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ولم يُخَالِفْهُ لو أَنَّ رَجُلًا وَصَّى بِكُتُبِهِ من الْعِلْمِ لِآخَرَ فَكَانَ فيها كُتُبُ الْكَلَامِ لم تَدْخُلْ في الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ ليس من الْعِلْمِ وهو صَحِيحٌ
____________________
(7/251)
بَابُ الْمُوصَى بِهِ
قَوْلُهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَعْدُومِ كَاَلَّذِي تَحْمِلُ أَمَتُهُ أو شَجَرَتُهُ أَبَدًا أو مُدَّةً مُعَيَّنَةً
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ فَهُوَ له وَإِلَّا بَطَلَتْ
قال في الْفُرُوعِ وَيُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْمُوصَى بِهِ
وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَاخْتِصَاصُهُ
فَلَوْ وَصَّى بِمَالِ غَيْرِهِ لم يَصِحَّ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدُ
وَتَصِحُّ بِزَوْجَتِهِ وَوَقْتِ فَسْخِ النِّكَاحِ فيه الْخِلَافُ
وَبِمَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهُ أَبَدًا أو إلَى مُدَّةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ السقى لِأَنَّهُ لم يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا بِخِلَافِ مُشْتَرٍ
وَمِثْلُهُ بِمِائَةٍ لَا يَمْلِكُهَا إذَنْ
وفي الرَّوْضَةِ إنْ وَصَّى بِمَا تَحْمِلُ هذه الْأَمَةُ أو هذه النَّخْلَةُ لم تَصِحَّ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِمَعْدُومٍ
وَالْأَشْهَرُ وَبِحَمْلِ أَمَتِهِ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ نَصَّ عليه
وَقِيلَ وَيَدْفَعُ أُجْرَةَ حَضَانَتِهِ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَمْلِ أَمَتِهِ
قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِمَا فيه نَفْعٌ مُبَاحٌ من غَيْرِ الْمَالِ كَالْكَلْبِ وَالزَّيْتِ النَّجِسِ فَإِنْ لم يَكُنْ له مَالٌ فللموصي له ثلث ( ( ( بثلث ) ) ) ذلك
يَعْنِي إذَا لم تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(7/252)
وَإِنْ كان له مَالٌ فَجَمِيعُ ذلك للموصي له وَإِنْ قَلَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وفي الْآخَرِ له ثُلُثُهُ
وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
قال الْحَارِثِيُّ وَيُحْتَمَلُ وَجْهًا ثَالِثًا وهو أَنْ يَضُمَّ إلَى الْمَالِ بِالْقِيمَةِ فَتُقَدَّرُ الْمَالِيَّةُ فيه كَتَقْدِيرِهَا في الْجُزْءِ في بَعْضِ الصُّوَرِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ كَأَنَّهُ مَالٌ قال وَهَذَا أَصَحُّ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا الْكَلْبُ الْمُبَاحُ النَّفْعِ كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ لَا غير على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الصَّيْدِ
وَقِيلَ أو بُسْتَانٌ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في آدَابِهِمَا
وَقِيلَ وَكَلْبُ الْبُيُوتِ أَيْضًا وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ فَعَلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا وَأَمَّا الْجَرْوُ الصَّغِيرُ فَيُبَاحُ تَرْبِيَتُهُ لمن ( ( ( لما ) ) ) يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى في آدَابِهِمَا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(7/253)
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ
وَقِيلَ لَا تَجُوزُ تَرْبِيَتُهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
أَمَّا إنْ كان عِنْدَهُ ما يَصِيدُ بِهِ ولم يَصِدْ بِهِ أو يَصِيدُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الصَّيْدِ أو لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ أو زَرْعٍ إنْ حَصَلَا فَخِلَافٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ احْتِمَالَيْنِ مُطْلَقَيْنِ ذَكَرَهُ في الْبَيْعِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ ذلك كَالْجَرْوِ الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَ في الْكَافِي الْجَوَازَ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وَجَعَلَ في الرِّعَايَةِ الْكَلْبَ الْكَبِيرَ الذي لَا يَصِيدُ بِهِ لَهْوًا كَالْجَرْوِ الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه
وَجَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ في آدَابِ الرِّعَايَتَيْنِ
وقال في الْوَاضِحِ الْكَلْبُ ليس مِمَّا يَمْلِكُهُ
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ إنَّمَا يَصِحُّ لِمِلْكِ الْيَدِ الثَّابِتِ له كَخَمْرٍ تَخَلَّلَ وَلَوْ مَاتَ من في يَدِهِ خَمْرٌ وُرِثَ عنه فَلِهَذَا يُورَثُ الْكَلْبُ نَظَرًا إلَى الْيَدِ حِسًّا
الثَّانِيَةُ تُقْسَمُ الْكِلَابُ الْمُبَاحَةُ بين الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى له وَالْمُوصَى لَهُمَا بِالْعَدَدِ فَإِنْ تَشَاحُّوا فَبِقُرْعَةٍ
وَيَأْتِي في بَابِ الصَّيْدِ تَحْرِيمُ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ وَجَوَازُ قَتْلِهِ وَكَذَا الْكَلْبُ الْعَقُورُ
الثَّالِثَةُ لو أَوْصَى له بِكَلْبٍ وَلَهُ كِلَابٌ
قال في الرِّعَايَةِ له أَحَدُهَا بِالْقُرْعَةِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ بَلْ ما شَاءَ الْوَرَثَةُ انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِمَا فيه نَفْعٌ مُبَاحٌ كَالزَّيْتِ
____________________
(7/254)
النَّجِسِ أَنَّ ذلك على الْقَوْلِ بِجَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ
أَمَّا على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فما فيه نَفْعٌ مُبَاحٌ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْإِطْلَاقُ وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّقْيِيدُ بِمَا قال الْمُصَنِّفُ من عِنْدِهِ
قَوْلُهُ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ وَشَاةٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَيُعْطَى ما يَقَعُ عليه الِاسْمُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْعُرْفِ كَالشَّاةِ هِيَ في الْعُرْفِ لِلْأُنْثَى يَعْنِي الْأُنْثَى الْكَبِيرَةَ وَالْبَعِيرِ وَالثَّوْرِ هو في الْعُرْفِ لِلذَّكَرِ يَعْنِي الذَّكَرَ الْكَبِيرَ وَحْدَهُ وفي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى غُلِّبَ الْعُرْفُ
هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقُدِّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ الشَّاةَ لِلْأُنْثَى
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ في الْبَعِيرِ والثور
وقال الْمُصَنِّفُ الْعَبْدُ لِلذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْوَقْفِ وَالْحَارِثِيُّ هُنَا
وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ذَكَرًا
وقال في الْفُرُوعِ في الْوَقْفِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ في إجْزَاءِ خُنْثَى غَيْرِ مُشْكِلٍ وَجْهَانِ جَزَمَ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ في مُطْلَقِ الْعَبْدِ
وقال أَصْحَابُنَا تُغَلَّبُ الْحَقِيقَةُ وهو الْمَذْهَبُ فَيَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالصِّغَارَ وَالْكِبَارَ
____________________
(7/255)
وَأَطْلَقَ في الشَّرْحِ في الْبَعِيرِ وَجْهَيْنِ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ الشَّاةُ اسْمٌ لِجِنْسِ الْغَنَمِ يَتَنَاوَلُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ
قَوْلُهُ وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى من الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
فَتَتَقَيَّدُ يَمِينُ من حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً بها
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ في وَصِيَّةٍ بِدَابَّةٍ يَرْجِعُ إلَى عُرْفِ الْبَلَدِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في التَّمْهِيدِ في الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ أَنَّ الدَّابَّةَ اسْمٌ لِلْفَرَسِ عُرْفًا وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ
وَذَكَرَهُ في الْفُنُونِ عن أُصُولِيٍّ يَعْنِي بِنَفْسِهِ
قال لِأَنَّ لها نَوْعَ قُوَّةٍ من الدَّبِيبِ وَلِأَنَّهُ ذُو كَرٍّ وَفَرٍّ فَوَائِدُ
الْحِصَانُ وَالْجَمَلُ وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ وَالنَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ وَالْحُجْرَةُ وَالْأَتَانُ لِلْأُنْثَى وَأَمَّا الْفَرَسُ فَلِلذَّكَرِ والأنثى ( ( ( وللأنثى ) ) )
قال في الْفَائِقِ قُلْت وَالْبَغْلُ لِلذَّكَرِ وَالْبَغْلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَلَوْ قال عَشْرَةٌ من إبلى وغنمى فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى على الصَّحِيحِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إن قال عَشْرَةٌ بِالْهَاءِ فَهُوَ لِلذُّكُورِ وَبِعَدَمِهَا لِلْإِنَاثِ
والرقيق لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى له بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ من عَبِيدِهِ صَحَّ وَيُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ ما شاؤوا منهم في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
هو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(7/256)
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وقال الْخِرَقِيُّ يعطي وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في التَّبْصِرَةِ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ في كل لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ قال وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ على ظَاهِرِهِمَا
فَائِدَةٌ قال الْقَاضِي في هذه الْمَسْأَلَةِ يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ ما شاؤوا من عَبْدٍ أو أَمَةٍ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وقال الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا ذَكَرًا وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ النَّظْمِ الْإِطْلَاقُ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكُنْ له عَبِيدٌ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال الْحَارِثِيُّ الْمَذْهَبُ الْبُطْلَانُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَتَصِحُّ في الْآخَرِ وَيَشْتَرِي له ما يُسَمَّى عَبْدًا
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْفَائِقُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو مَلَكَ عَبِيدًا قبل مَوْتِهِ فَهَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
أَحَدُهُمَا تَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(7/257)
وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ كَمَنْ وَصَّى لِعَمْرٍو بِعَبْدِ زَيْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ
فَائِدَةٌ لو وَصَّى بِأَنْ يعطي مِائَةً من أَحَدِ كِيسَيَّ فلم يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ اسْتَحَقَّ مِائَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ اسْتَحَقَّ مِائَةً على الْمَنْصُوصِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ
وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان له عَبِيدٌ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فيه
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقْرَعَ بين الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ
فَائِدَةٌ لو لم يَكُنْ له إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ صَحَّتْ وَتَعَيَّنَتْ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وقال الْحَارِثِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ تَلِفَ رَقِيقُهُ كلهم قبل مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ
وَلَوْ تَلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ قُتِلُوا كلهم فَلَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ على قَاتِلِهِ إمَّا بِالْقُرْعَةِ أو بِاخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ قُتِلُوا في حَيَاتِهِ بَطَلَتْ وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ مَوْتِهِ أُخِذَتْ قِيمَةُ عَبْدٍ من قَاتِلِهِ وَقَالَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/258)
فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ على ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى له بِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ لِلرَّمْيِ وَالْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ فَلَهُ قَوْسُ النَّشَّابِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُهَا إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ قرينه تَصْرِفُهُ إلَى غَيْرِهِ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَصَحُّ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ له وَاحِدٌ منها كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ من عَبِيدِهِ
وَاخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَقِيلَ له وَاحِدٌ منها غَيْرُ قَوْسِ الْبُنْدُقِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ
وَقِيلَ له ما يرمي بِهِ عَادَةً
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَلَهُ قَوْسُ النَّشَّابِ
وَقِيلَ وَالنَّبْلُ قال في الْمُذْهَبِ فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا تَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَى قَوْسِ النَّشَّابِ وَالنَّبْلِ على قَوْلِ الْقَاضِي فَوَائِدُ
إحْدَاهَا يُعْطَى قَوْسًا مَعْمُولَةً بِغَيْرِ وَتَرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَظْهَرُ
وَقِيلَ يعطي قَوْسًا مع وَتَرِهِ
جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(7/259)
الثَّانِيَةُ قَوْسُ النَّشَّابِ هو الْفَارِسِيُّ وَقَوْسُ النَّبْلِ هو الْعَرَبِيُّ وَقَوْسُ جرخ ( ( ( جرح ) ) ) وَقَوْسٌ بِمَجْرَى وهو الذي يُوضَعُ في مُجْرَاةِ السَّهْمِ فَيَخْرُجُ من الْمَجْرَى وَقَوْسُ الْبُنْدُقِ هو قَوْسُ جُلَاهِقَ
الثَّالِثَةُ لو كان له أَقْوَاسٌ من جِنْسٍ أو قَوْسُ نَشَّابٍ وَنَبْلٍ وَقُلْنَا يعطي من كُلٍّ مِنْهُمَا أعطى أَحَدَهَا بِالْقُرْعَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ بَلْ بِرِضَى الْوَرَثَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى له بِكَلْبٍ أو طَبْلٍ وَلَهُ منها مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ انْصَرَفَ إلَى الْمُبَاحِ وَإِنْ لم يَكُنْ له إلَّا مُحَرَّمٌ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ
بِلَا نِزَاعٍ في ذلك وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ما إذَا تَعَدَّدَتْ الْكِلَابُ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ من مَالِهِ وما لم يُعْلَمْ
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا أَعْلَمُ فيها خِلَافًا
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا دخل ثُلُثُهُ في الْوَصِيَّةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَدْخُلُ الْمُتَجَدِّدُ مع عِلْمِهِ بِهِ أو قَوْلِهِ بِثُلُثِي يوم أَمُوتُ وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ قد يَدْخُلُ في كلامه ( ( ( كرمه ) ) ) لو نَصَبَ أُحْبُولَةً قبل مَوْتِهِ فَوَقَعَ فيها صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فإن الصَّيْدَ يَكُونُ لِلنَّاصِبِ فَيَدْخُلُ ثُلُثُهُ في الْوَصِيَّةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ لَا يَدْخُلُ وَيَكُونُ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
____________________
(7/260)
قَوْلُهُ وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ فَهَلْ تَدْخُلُ في الْوَصِيَّةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ في بَابِ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ
إحْدَاهُمَا تَدْخُلُ فَتَكُونُ من جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قد قَضَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْخُلَاصَةِ في بَابِ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ وَتُؤْخَذُ دُيُونُ الْمَقْتُولِ وَوَصَايَاهُ من دِيَتِهِ على الْأَصَحِّ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ في التي بَعْدَهَا وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَدْخُلُ فَتَكُونُ لِلْوَرَثَةِ خَاصَّةً
وَقِيلَ يقضي منها الدَّيْنُ أَيْضًا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَإِنَّهُمْ قالوا على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَكَذَلِكَ يقضي منها دُيُونُهُ وَيُجَهَّزُ منها
وَطَرِيقَةُ الْمَجْدِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ مبنى على الرِّوَايَتَيْنِ إنْ قُلْنَا له قُضِيَتْ دُيُونُهُ وَإِنْ قُلْنَا لِلْوَرَثَةِ فَلَا وهو الْمَذْهَبُ
وَأَمَّا تَجْهِيزُهُ فإنه منها بِلَا نِزَاعٍ
وَيَأْتِي ما يُشَابِهُ ذلك في أَثْنَاءِ بَابِ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ
____________________
(7/261)
تَنْبِيهٌ مَبْنَى الْخِلَافِ هُنَا على أَنْ من تَحْدُثَ على مِلْكِ الْمَيِّتِ أو على مِلْكِ الْوَرَثَةِ فيه رِوَايَتَانِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَحْدُثُ على مِلْكِ الْمَيِّتِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِ الدِّيَةِ فَهَلْ تُحْسَبُ الدِّيَةُ على الْوَرَثَةِ على وَجْهَيْنِ
بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قَالَهُ الشَّارِحُ وبن مُنَجَّا وَالْحَارِثِيُّ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ عَمْدًا أو خَطَأً تَرِكَةٌ تقضي منها دُيُونُهُ وفي وَصِيَّتِهِ وَجْهَانِ
وَلَوْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ قَدْرَ نِصْفِ الدِّيَةِ فَالدِّيَةُ مَحْسُوبَةٌ على الْوَرَثَةِ من ثُلُثَيْهِ
وَقِيلَ لَا وَعَنْهُ دِيَتُهُ لهم فَلَا حَقَّ فيها لِوَصِيَّةٍ وَلَا دَيْنٍ
وَقِيلَ يقضي منها الدَّيْنُ فَقَطْ
قَوْلُهُ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُفْرَدَةِ فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا أو مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا بِلَا نِزَاعٍ وَلَهُمْ بَيْعُهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُطْلَقًا
وَقِيلَ يَصِحُّ لِمَالِكِ نَفْعِهَا لَا غَيْرُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
____________________
(7/262)
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ
وَهُنَّ في الْكَافِي احْتِمَالَاتٌ مُطْلَقَاتٌ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا يَعْنِي مَجَّانًا
أَمَّا عِتْقُهَا عن كَفَّارَةٍ فَلَا يُجْزِئُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يُجْزِئُ كَعَبْدٍ مُؤَجَّرٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
وَمَتَى قُلْنَا بِالْجَوَازِ إمَّا مَجَّانًا وَإِمَّا عن كَفَّارَةٍ على هذا الْقَوْلِ فَانْتِفَاعُ رَبِّ الْوَصِيَّةِ بِهِ بَاقٍ
فَائِدَةٌ صِحَّةُ كِتَابَتِهَا مبنى على صِحَّةِ بَيْعِهَا هُنَا
قَوْلُهُ وَلَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا
يَعْنِي لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهَا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلِيَّهَا مَالِكُ رَقَبَتِهَا
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَارِثِيِّ وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ وَلِيُّهَا مَالِكُ رَقَبَتِهَا وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ جميعا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ
قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَهْرَهَا في كل مَوْضِعٍ وَجَبَ
يَعْنِي لِمُلَّاكِ الرَّقَبَةِ ذلك وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وبن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(7/263)
وقال أَصْحَابُنَا مَهْرُهَا لِلْوَصِيِّ
يَعْنِي لِلْمُوصَى له بِنَفْعِهَا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُمَا
قال في الْفَائِقِ هذا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من غَيْرِ الْغَالِبِ الذي ذَكَرْنَاهُ في الْخُطْبَةِ من الْمُصْطَلَحِ في مَعْرِفَةِ الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عِنْدَ الْوَضْعِ على الْوَاطِئِ يَعْنِي لِأَصْحَابِ الرَّقَبَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يشترى بها ما يَقُومُ مَقَامَهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
قَوْلُهُ وَإِنْ قُتِلَتْ فَلَهُمْ قِيمَتُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وفي الْأُخْرَى يَشْتَرِي بها ما يَقُومُ مَقَامَهَا
قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
____________________
(7/264)
تَنْبِيهٌ يَنْبَنِي على الْخِلَافِ ما إذَا عَفَا عن قَاتِلِهَا هل تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ أَمْ لَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَهَا الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ عِنْدَ الْكَلَامِ على الْخُلْعِ بِمُحَرَّمٍ
قُلْت وَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّ قَتْلَ الْوَارِثِ كَقَتْلِ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في التَّرْغِيبِ في جَوَازِ وَطْءِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَجْهَانِ
فَائِدَةٌ لو وَطِئَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا حَدَّ عليه وَوَلَدُهُ حُرٌّ
فَإِنْ كان الْوَاطِئُ مَالِكَ الرَّقَبَةِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَلَا
وفي وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَلَدِ عليه الْوَجْهَانِ
وَكَذَا الْمَهْرُ على ما تَقَدَّمَ من اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتِيَارِ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَجِبُ الْحَدُّ على صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ إذَا وطىء
فَعَلَى هذا يَكُونُ وَلَدُهُ مَمْلُوكًا وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَغَيْرِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ لَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَطْؤُهَا إذَا كان مُوصًى بِمَنَافِعِهَا على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ من زَوْجٍ أو زِنًا فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ
____________________
(7/265)
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ الْوَلَدُ هل هو كَالْجُزْءِ أو كَالْكَسْبِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَجُزْءٍ
ثُمَّ قال مُفَرِّعًا على ذلك لو وَلَدَتْ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا
فَإِنْ قُلْنَا الْوَلَدُ كَسْبٌ فَكُلُّهُ لِصَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ
وَإِنْ قُلْنَا هو جُزْءٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهَا
وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ لهم دُونَ الْمَنَافِعِ
قَوْلُهُ ( وفي نَفَقَتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ )
وَهُنَّ احْتِمَالَاتٌ في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
قال في الْفُرُوعِ وفي نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ في كَسْبِهَا فَإِنْ عُدِمَ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ لم يَكُنْ لها كَسْبٌ فَقِيلَ تَجِبُ في بَيْتِ الْمَالِ قال الْحَارِثِيُّ هو قَوْلُ الْأَصْحَابِ وقال الْمُصَنِّفُ عن الْقَوْلِ أَنَّهُ يَكُونُ في كَسْبِهَا هو رَاجِعٌ إلَى إيجَابِهَا على صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا الْوَجْهُ لِلْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها على مَالِكِهَا يَعْنِي على مَالِكِ الرَّقَبَةِ
وهو الذي ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(7/266)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وبن بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَعِنْدَ الْقَاضِي مِثْلُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ على الموصى وهو مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ وهو الْمَذْهَبُ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قَوْلُهُ ( وفي اعْتِبَارِهَا من الثُّلُثِ وَجْهَانِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهَا من الثُّلُثِ وهو الصَّحِيحُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا ثُمَّ تُقَوَّمُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ ما بَيْنَهُمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ إنْ وَصَّى بِمَنْفَعَةٍ على التَّأْبِيدِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا من الثُّلُثِ لِأَنَّ عَبْدًا لَا مَنْفَعَةَ له لَا قِيمَةَ له
وَإِنْ كانت الْوَصِيَّةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ اُعْتُبِرَتْ الْمَنْفَعَةُ فَقَطْ من الثُّلُثِ اخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَيْضًا
فقال وَهَلْ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ثَمَنِهَا من ثُلُثِهِ أو ما قِيمَتُهَا بِنَفْعِهَا وَبِدُونِهِ
____________________
(7/267)
فيها وَجْهَانِ وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِهَا وَقْتًا فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ وَحْدَهُ من ثُلُثِهِ لِإِمْكَانِ تَقْوِيمِهِ مُفْرَدًا انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ لو مَاتَ الْمُوصَى له بِنَفْعِهَا كانت الْمَنْفَعَةُ لِوَرَثَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الِانْتِصَارِ في الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ
وقال وَيُحْتَمَلُ مِثْلُهُ في هِبَةِ نَفْعِ دَارِهِ وَسُكْنَاهَا شَهْرًا تَسْلِيمُهَا انْتَهَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ بَلْ لِوَرَثَةِ الموصى
قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُوصَى له بِرَقَبَتِهَا أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ لِوَارِثِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ صَحَّ وَيَكُونُ كما لو اشْتَرَاهُ )
على ما يَأْتِي في بَابِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
( وَإِنْ وَصَّى له بِمَالِ الْكِتَابَةِ أو بِنَجْمٍ منها صَحَّ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ قال في الْخِلَافِ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ إنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْعَقْلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال ضَعُوا نَجْمًا من كِتَابَتِهِ فَلَهُمْ وَضْعُ أَيِّ نَجْمٍ شاؤوا
وَإِنْ قال ضَعُوا ما شَاءَ الْمُكَاتَبُ فَالْكُلُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا شَاءَ
وَقِيلَ لَا كما لو قال ضَعُوا ما شَاءَ من مَالِهَا
____________________
(7/268)
وَإِنْ قال ضَعُوا أَكْثَرَ ما عليه وَمِثْلُ نِصْفِهِ وُضِعَ عنه فَوْقَ نِصْفِهِ وَفَوْقَ رُبُعِهِ يَعْنِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ نِصْفِ الْمَوْضُوعِ أَوَّلًا
الثَّانِيَةُ لو أَوْصَى لِمُكَاتَبِهِ بِأَوْسَطِ نُجُومِهِ وَكَانَتْ النُّجُومُ شَفْعًا مُتَسَاوِيَةَ الْقَدْرِ تَعَلَّقَ الْوَضْعُ بِالشَّفْعِ الْمُتَوَسِّطِ كَالْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ منها الثَّانِي وَالثَّالِثُ
وَكَالسِّتَّةِ الْمُتَوَسِّطُ منها الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ذَكَرَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِمَالِ الْكِتَابَةِ أو بِنَجْمٍ منها صَحَّ )
بِلَا نِزَاعٍ وَلِلْمُوصَى له الِاسْتِيفَاءُ وَالْإِبْرَاءُ وَيُعْتَقُ بِأَحَدِهِمَا وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ
فَإِنْ عَجَزَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ تَعْجِيزَهُ وَأَرَادَ الْمُوصَى له إنْظَارَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ
وَكَذَا إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ إنْظَارَهُ وَأَرَادَ الْمُوصَى له تَعْجِيزَهُ فَالْحُكْمُ لِلْوَارِثِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِمَا عليه لِآخَرَ صَحَّ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْمَالِ فِيمَا بَقِيَ عليه )
إذَا أَدَّى لِصَاحِبِ الْمَالِ أو أَبْرَأَهُ منه عَتَقَ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَبْطُلَ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ له لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَمَالَ إلَيْهِ وَقَوَّاهُ
فَإِنْ عَجَزَ فَسَخَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ كِتَابَتَهُ وكان رَقِيقًا له وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْمَالِ
وَإِنْ كان قَبَضَ من مَالِ الْكِتَابَةِ شيئا فَهُوَ له
قَوْلُهُ ( وَمَنْ أوصى له بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ قبل مَوْتِ الْمُوصِي أو بَعْدَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ) بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(7/269)
( وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيْرَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ للموصي له ) بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ لم يَأْخُذْهُ زَمَانًا قُوِّمَ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْأَخْذِ ) يَعْنِي إذَا أوصى له بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فنما ( ( ( فيما ) ) ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وَقَطَعَ بِهِ الخرقى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ الخرقى هو قَوْلُ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ وهو أَوْجَهُ من قَوْلِ الجد ( ( ( المجد ) ) ) يَعْنِي الْآتِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ من التَّرِكَةِ بِسِعْرِهِ يوم الْمَوْتِ على أَدْنَى صِفَاتِهِ من يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى الْقَبُولِ سِعْرًا وَصِفَةً انْتَهَى
فَبَنَى ذلك على أَنَّ الْمِلْكَ بين الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ هل هو لِلْمُوصَى له أو لِلْوَرَثَةِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْوَصَايَا في الْفَوَائِدِ الْمَبْنِيَّةِ على قَوْلِهِ وَإِنْ قَبِلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثَبَتَ الْمِلْكُ حين الْقَبُولِ وَذَكَرْنَا هذا هُنَاكَ أَيْضًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ لم يَكُنْ له شَيْءٌ سِوَى الْمُعَيَّنِ إلَّا مَالٌ غَائِبٌ أو دَيْنٌ في ذمه مُوسِرٍ أو مُعْسِرٍ فللموصي له ثُلُثُ الْمُوصَى بِهِ وَكُلَّمَا اقتضى من الدَّيْنِ شَيْءٌ أو حَضَرَ من الْغَائِبِ شَيْءٌ مَلَكَ من الْمُوصَى بِهِ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ حتى يَمْلِكَهُ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في الْمُدَبَّرِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/270)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَذَكَرَهُ الخرقى في الْمُدَبَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالْحَارِثِيِّ
وقال قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَصَحَّحَهُ
وَقِيلَ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ بَلْ يُوقَفُ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ شُرَكَاؤُهُ في التَّرِكَةِ فَلَا يَحْصُلُ له شَيْءٌ ما لم يَحْصُلْ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ
قُلْت وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا فإنه إذَا أَخَذَ ثُلُثَ هذا الْمُعَيَّنِ يَبْقَى ثُلُثَاهُ فَإِنْ لم يَحْصُلْ من الْمَالِ الْغَائِبِ وَالدَّيْنِ شَيْءٌ البتة فَلِلْوَرَثَةِ الْبَاقِي من هذا الْمُوصَى بِهِ فما يَحْصُلُ لِلْمُوصَى له شَيْءٌ إلَّا وَلِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ
غَايَتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يَضُرُّ ذلك
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحَاصِلِ بِسِعْرِهِ يوم الْمَوْتِ على أَدْنَى صِفَتِهِ من يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْحُصُولِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِثُلُثِ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ فَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي )
يَعْنِي إذَا خَرَجَ من ثُلُثِ التَّرِكَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ له ثُلُثُ ثُلُثِهِ لَا غَيْرُ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك لو أَوْصَى بِثُلُثِ صُبْرَةٍ من مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ فَتَلِفَ أو اُسْتُحِقَّ ثُلُثَاهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِثُلُثِ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ فَاسْتُحِقَّ اثْنَانِ أو مَاتَا فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/271)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ جَمِيعُهُ له إذَا لم يُجَاوِزْ ثُلُثَ قِيمَتِهَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمِلْكُهُ غَيْرُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ فَلِلْمُوصَى له بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَرُبُعُ الْعَبْدِ وَلِلْمُوصَى له بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَعْنِي في الْمُزَاحَمَةِ في الْعَبْدِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ الخرقى فَمَنْ بَعْدَهُ
قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ سَائِرِ الْأَصْحَابِ
قال بن رَجَبٍ وَتَبِعَ الخرقى على ذلك بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ
ثُمَّ قال فَهَذَا قد يُحْمَلُ على ما إذَا كانت الْوَصِيَّتَانِ في وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا إشْكَالَ على هذا
وَإِنْ حُمِلَ على إطْلَاقُهُ وهو الذي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ فَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ
ثُمَّ قال وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأُصُولُهُ مُخَالِفَةٌ لِذَلِكَ
ثُمَّ قال وقد ذَكَرَ بن حَامِدٍ أَنَّ الْأَصْحَابَ اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الخرقى وَأَنْكَرُوهَا عليه وَنَسَبُوهُ إلَى التَّفَرُّدِ بها
ذُكِرَ ذلك في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ رَدُّوا فقال الْخِرَقِيُّ لِلْمُوصَى له بِالثُّلُثِ سُدُسُ الْمِائَتَيْنِ وَسُدُسُ الْعَبْدِ وَلِلْمُوصَى له بِالْعَبْدِ نِصْفُهُ )
وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْحَارِثِيُّ هو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَمُعْظَمِ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/272)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا على حَسَبِ مَالِهِمَا في حَالِ الْإِجَازَةِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ وَعُشْرُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ عُشْرِهِ وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ رُبُعُهُ وَخُمُسُهُ
وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ وفي تَخْرِيجِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ نَظَرٌ وَذَكَرَهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كانت الْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ مَكَانَ الثُّلُثِ فَرُدُّوا فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبُعُ الْمِائَتَيْنِ وَسُدُسُ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ ثُلُثُهُ )
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَوَافَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَخَالَفَهُ في التي قَبْلَهَا وهو غَرِيبٌ
وقال أبو الْخَطَّابِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ وَخُمُسُ الْعَبْدِ وَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ خُمُسَاهُ وهو قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وهو الصَّحِيحُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ الْجُمْهُورِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ وَلِثَالِثٍ بِتَمَامِ الثُّلُثِ على الْمِائَةِ فلم يَزِدْ الثُّلُثُ )
يَعْنِي الثُّلُثَ الثَّانِيَ
( عن الْمِائَةِ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ التَّمَامِ وَقُسِمَ الثُّلُثُ بين الْآخَرِينَ على قَدْرِ وَصِيَّتِهِمَا وَإِنْ زَادَ على الْمِائَةِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ على ما قال الموصى وَإِنْ رُدُّوا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ عِنْدِي
____________________
(7/273)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وقال الْقَاضِي ليس لِصَاحِبِ التَّمَامِ شَيْءٌ حتى تَكْمُلَ الْمِائَةُ لِصَاحِبِهَا ثُمَّ يَكُونُ له ما فَضَلَ عنها وَيَجُوزُ أَنْ يُزَاحِمَ بِهِ وَلَا يُعْطَى كَوَلَدِ الْأَبِ مع وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ في مُزَاحَمَةِ الْجَدِّ
قال الْحَارِثِيُّ الْأَصَحُّ ما قال الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ إذَا جَاوَزَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ الْمِائَتَيْنِ فللموصى له بِالثُّلُثِ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ له وَلِلْمُوصَى له بِالْمِائَةِ مِائَةٌ وَلِلثَّالِثِ نِصْفُ الزَّائِدِ
وَإِنْ جَاوَزَ مِائَةً فَلِلْمُوصَى له الْأَوَّلِ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ وَلِلْمُوصَى له الثَّانِي بَقِيَّةُ الثُّلُثِ مع مُعَادَلَتِهِ بِالثَّالِثِ انْتَهَى
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي تَبْطُلُ وَصِيَّةُ التَّمَامِ ها هنا وَيَقْتَسِمُ الْآخَرَانِ الثُّلُثَ كَأَنْ لَا وَصِيَّةَ لِغَيْرِهِمَا كما إذَا لم يُجَاوِزْ الثُّلُثُ مِائَةً
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ فَلِلْمُوصَى له بِثُلُثِ مَالِهِ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ وَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ مِائَةٌ وَلِلثَّالِثِ نِصْفُ الزَّائِدِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
____________________
(7/274)
بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَنْصِبَاءِ وَالْأَجْزَاءِ
قَوْلُهُ ( إذَا وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ مَضْمُومًا إلَى الْمَسْأَلَةِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ وَلَوْ لم يَرِثْهُ ذلك الذي أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لِمَانِعٍ بِهِ من رِقٍّ وَغَيْرِهِ
وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارُ له مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ غَيْرُ مُزَادٍ وَيُقْسَمُ الْبَاقِي
فإذا وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَهُ ابْنَانِ فَلَهُ الثُّلُثُ على الْمَذْهَبِ وَلَهُ النِّصْفُ على ما اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْبَاقِي بين الِابْنَيْنِ وَلَهُ قُوَّةٌ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِنَصِيبِ ابْنِهِ فَكَذَلِكَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
يَعْنِي له مِثْلُ نَصِيبِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْمُذْهَبِ وَغَيْرُهُ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الْحَارِثِيُّ هو الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ
وفي الْآخَرِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ
وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي
قال الزَّرْكَشِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قال الْحَارِثِيُّ لَكِنْ رَجَعَ عنه
فَائِدَةٌ لو وَصَّى له بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ وَلَهُ بن وَبِنْتٌ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِ الْبِنْتِ نقله ( ( ( نقل ) ) ) بن الْحَكَمِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(7/275)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى له بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ أو بِضِعْفَيْهِ فَلَهُ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ وَصَّى له بِثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ )
قال الْمُصَنِّفُ هذا هو الصَّحِيحُ عِنْدِي
وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال أَصْحَابُنَا ضِعْفَاهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ كُلَّمَا زَادَ ضِعْفًا زَادَ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لو كان فَلَهُ مِثْلُ مَالِهِ لو كانت الْوَصِيَّةُ وهو مَوْجُودٌ فإذا كان الْوُرَّاثُ أَرْبَعَةَ بَنِينَ فَلِلْمُوصَى له السُّدُسُ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ الْخُمُسُ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الْحَارِثِيُّ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إقَامَةُ الوصى مَقَامَ الِابْنِ الْمُقَدَّرِ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ لو كان إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ سَادِسٍ لو كان فَقَدْ أَوْصَى له بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ )
هَكَذَا مَوْجُودٌ في النُّسَخِ الْمَعْرُوفَةِ الْمَشْهُورَةِ
وَوُجِدَ في نُسْخَةٍ مَقْرُوءَةٍ على الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهَا خطة لو كَانُوا أَرْبَعَةً فَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ بن خَامِسٍ لو كان
قال النَّاظِمُ وفي بَعْضِ النُّسَخِ الْمَقْرُوءَةِ على الْمُصَنِّفِ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ بن سَادِسٍ لو كان
____________________
(7/276)
قال فَعَلَى هذا يَصِحُّ أَنَّهُ وَصَّى بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
وهو كما قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ
فإنه على ما قَالَهُ النَّاظِمُ في النُّسْخَةِ الْمَقْرُوءَةِ على الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يَكُونُ أَوْصَى له بِالْخُمُسِ إلَّا السُّبُعَ على ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ في قَوَاعِدِهِمْ فَلِذَلِكَ لم يَرْتَضِهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ منه
وَاعْلَمْ أَنَّ النُّسَخَ الْمَعْرُوفَةَ الْمُعْتَمَدَ عليها ما قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ وبن مُنَجَّا
لَكِنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ أَوْصَى بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ مُشْكِلٌ على قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ وَمُخَالِفٌ لِطَرِيقَتِهِمْ في ذلك وَأَشْبَاهِهِ
بَلْ قِيَاسُ ما ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ قد أوصى له بِالسُّدُسِ إلَّا السُّبُعَ فَيَكُونُ له سَهْمٌ من اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ
وَكَذَا قال الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا
لَكِنْ في الْفُرُوعِ سَهْمَانِ من اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وهو سِبْقَةُ قَلَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَجَابَ الْحَارِثِيُّ عن ذلك فقال قَوْلُهُمْ أَوْصَى بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ صَحِيحٌ
بِاعْتِبَارِ أَنَّ له نَصِيبَ الْخَامِسِ الْمُقَدَّرِ غَيْرُ مَضْمُومٍ وَأَنَّ النَّصِيبَ هو الْمُسْتَثْنَى وهو طَرِيقَةُ الشَّافِعِيَّةِ انْتَهَى
قُلْت وهو مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ فِيمَا إذَا أَوْصَى له بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ على ما تَقَدَّمَ
قال في الْفُرُوعِ وما قَالَهُ الْحَارِثِيُّ صَحِيحٌ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ في نُسْخَةٍ مَقْرُوءَةٍ على الشَّيْخِ أَرْبَعَةٌ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ بن خَامِسٍ لو كان فَقَدْ أَوْصَى له بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ
قال وَيُوَافِقُ هذا قَوْلَ بن رَزِينٍ في ابْنَيْنِ وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ بن ثَالِثٍ
____________________
(7/277)
لو كان له الرُّبُعُ وَإِلَّا مِثْلَ نَصِيبِ رَابِعٍ لو كان من وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ انْتَهَى
فَكَأَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ فَسَّرَ النُّسْخَةَ الْأُولَى الْمُعْتَمَدَةَ الْمُشْكِلَةَ على طَرِيقَةِ الْأَصْحَابِ بِهَذِهِ النُّسْخَةِ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في ذلك أَنَّ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَأَنَّ النُّسْخَةَ الْأُولَى تَابَعَ فيها طَرِيقَةَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَبِعَ فيها طَرِيقَةَ الْأَصْحَابِ وَلَعَلَّهُ في النُّسْخَةِ الْأُولَى اخْتَارَ ذلك أو يَكُونُ ذلك مُجَرَّدَ مُتَابَعَةٍ لِغَيْرِهِ فلما ظَهَرَ له ذلك اعْتَمَدَ على النُّسْخَةِ الْمُوَافَقَةِ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَالْأَصْحَابِ وهو أَوْلَى
فَتَلَخَّصَ لنا أَنَّ الْمُصَنِّفَ وُجِدَ له ثَلَاثُ نُسَخٍ مُخْتَلِفَةٍ قُرِئَتْ عليه
إحْدَاهَا الْأُولَى وَهِيَ الْمُشْكِلَةُ على قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ وَلِذَلِكَ أَجَابَ عنها الْحَارِثِيُّ
وَالثَّانِيَةُ ما ذَكَرَهَا النَّاظِمُ وَتَقَدَّمَ ما فَسَّرَهَا بِهِ
وَالتَّفْسِيرُ أَيْضًا مُشْكِلٌ على قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ وَلِذَلِكَ رَدَّهُ في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَوَاعِدَ الْأَصْحَابِ تَقْتَضِي على هذه النُّسْخَةِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالْخُمُسِ إلَّا السُّبُعَ وَتَفْسِيرُهُ مُوَافِقٌ لطريقه أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وما اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ
وَالثَّالِثَةُ فيها أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ بن خَامِسٍ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ صَحِيحَةٌ على قِيَاسِ طَرِيقَةِ الْأَصْحَابِ وَيَكُونُ قد أوصى له بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ وهو مُوَافِقٌ لِمَا فَسَّرَ وَأَوْلَى من النُّسَخِ الْمَعْرُوفَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَوْصَى له بِسَهْمٍ من مَالِهِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ )
وظاهرة ( ( ( وظاهر ) ) ) الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إطْلَاقُهُنَّ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
إحْدَاهُنَّ له السُّدُسُ بِمَنْزِلَةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ
إنْ لم تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ أو كَانُوا عَصَبَةً أعطى سُدُسًا كَامِلًا
وَإِنْ كَمُلَتْ فُرُوضُهَا أُعِيلَتْ بِهِ وَإِنْ عَالَتْ أُعِيلَ مَعَهَا وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(7/278)
نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَفَسَّرَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ الخرقى بِذَلِكَ
قال الْحَارِثِيُّ هذا أَصَحُّ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال نَاظِمُهَا
% من قال في الإيصا ( ( ( الإيصاء ) ) ) لِزَيْدٍ سَهْمٌ % % فَالسُّدُسُ يُعْطَى حَيْثُ كان الْقَسْمُ %
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ منه الْمَسْأَلَةُ ما لم يَزِدْ على السُّدُسِ
وَالرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ليس فيها ما لم يَزِدْ على السُّدُسِ بَلْ قالوا يُعْطَى سَهْمًا مِمَّا تَصِحُّ منه الْفَرِيضَةُ
لَكِنْ قال الْقَاضِي مَعْنَاهُ ما لم يَزِدْ على السُّدُسِ فَإِنْ زَادَ عليه أعطى السُّدُسُ وَرَدَّ الْحَارِثِيُّ ما قال الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ له سَهْمٌ وَاحِدٌ مِمَّا تَصِحُّ منه الْمَسْأَلَةُ مَضْمُومًا إلَيْهَا اخْتَارَهُ الخرقى انْتَهَى
قُلْت ليس الْأَمْرُ كما قال فإن الخرقى قال وإذا أَوْصَى له بِسَهْمٍ من مَالِهِ أعطى السُّدُسَ
وقد روى عن أبي عبد اللَّهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى يعطي سَهْمًا مِمَّا تَصِحُّ منه الْفَرِيضَةُ انْتَهَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سِبْقَةُ قَلَمٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ له مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّ الْوَرَثَةِ ما لم يَزِدْ على السُّدُسِ
وَاخْتَارَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ له مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كان أَقَلَّ من السُّدُسِ أو أَكْثَرَ
____________________
(7/279)
قال في الْهِدَايَةِ في تَتِمَّةِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ زَادَ على السُّدُسِ أعطى السُّدُسَ وهو قَوْلُ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ انْتَهَى
وَقِيلَ يُعْطَى سُدُسًا كَامِلًا
أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ
وَأَطْلَقَهُ الخرقى وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٌ
وهو كَالصَّرِيحِ في الْمُنَوِّرِ فإنه قال وَإِنْ وَصَّى بِسَهْمٍ من مَالِهِ أعطى سُدُسَهُ
وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَحَّ أَنَّ السَّهْمَ في لِسَانِ الْعَرَبِ السُّدُسُ أو صَحَّ الْحَدِيثُ وهو أَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَعْطَى رَجُلًا أَوْصَى له بِسَهْمٍ من مَالِهِ السُّدُسَ فَهُوَ كما لو أَوْصَى بِسُدُسٍ من مَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كما لو أَوْصَى بِجُزْءٍ من مَالِهِ على ما اخْتَارَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وبن الْمُنْذِرِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَرَثَةَ يُعْطُوهُ ما شاؤوا
تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ما لم يَزِدْ على السُّدُسِ
قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ
وَأَطْلَقَ الْبَاقُونَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَوَّاهُ الْحَارِثِيُّ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةُ له السُّدُسُ وَإِنْ جَاوَزَهُ الْمُوصَى بِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا على ثَلَاثَةٍ إنْ أُجِيزَ لَهُمَا وَالثُّلُثُ على ثَلَاثَةٍ مع الرَّدِّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ فِيمَنْ أَوْصَى بِمَالِهِ لِوَارِثِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ وَأُجِيزَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُهُ وَمَعَ الرَّدِّ هل الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا على أَرْبَعَةٍ أو على ثَلَاثَةٍ أو هو لِلْأَجْنَبِيِّ فيه الْخِلَافُ
____________________
(7/280)
قَوْلُهُ ( فَإِنْ أُجِيزَ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ التُّسُعُ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الْمَالِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وفي الْآخَرِ ليس له إلَّا ثُلُثَا الْمَالِ الذي كان له في حَالِ الْإِجَازَةِ لَهُمَا وَيَبْقَى التُّسُعَانِ لِلْوَرَثَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( ليس له إلَّا ثُلُثَا الْمَالِ التي كانت له في حَالِ الْإِجَازَةِ )
كَذَا وُجِدَ مخط ( ( ( بخط ) ) ) الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وكان الْأَصْلُ أَنْ يَقُولَ إلَّا ثُلُثَا الْمَالِ اللَّتَانِ كَانَتَا له في حَالِ الْإِجَازَةِ بِتَثْنِيَةِ التى وَبِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ في كان لِأَنَّ الصِّفَةَ وَالضَّمِيرَ يُشْتَرَطُ مُطَابَقَةُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ هو له وَإِنَّمَا أُفْرِدَا وَأُنِّثَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ السِّهَامِ السِّتَّةِ التي كانت له نَصَّ على ذلك في المطع ( ( ( المطلع ) ) )
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَجَازُوا لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ فَلَهُ النِّصْفُ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ) وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثاني ( ( ( الثالث ) ) ) له الثُّلُثُ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ التُّسُعَانِ
وَالْوَجْهَانِ الْآتِيَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هذا مَبْنِيَّانِ على الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا
قَوْلُهُ ( إذَا اخلف ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ بن فَفِيهَا وَجْهَانِ
____________________
(7/281)
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا ( لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بين الْوَصِيَّيْنِ نِصْفَيْنِ ) وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْهِدَايَةِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ( لِصَاحِبِ النَّصِيبِ مِثْلُ ما يَحْصُلُ لِابْنٍ وهو ثُلُثُ الْبَاقِي وَذَلِكَ التُّسُعَانِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا على خَمْسَةٍ )
وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا أَصَحُّ بِلَا مِرْيَةٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان الْجُزْءُ الموصي بِهِ النِّصْفَ خَرَجَ فيها وَجْهٌ ثَالِثٌ وهو أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ في حَالِ الْإِجَازَةِ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ وفي الرَّدِّ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا على ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ تِسْعَةٌ وَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَرْبَعَةٌ ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ
قال الْحَارِثِيُّ عن الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَلَيْسَ بالقوى وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ
وَالْمَسَائِلُ الْمُفَرَّعَةُ بَعْدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على الْخِلَافِ هُنَا وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ هُنَا
فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَبِنْتًا وَأُخْتًا وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ وَسُبُعِ ما يَبْقَى وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبُعِ ما يَبْقَى وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ ما يبقي فَقُلْ مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ من سِتَّةٍ وَهِيَ بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ ثُلُثُهُ فَزِدْ عليه مِثْلَ نِصْفِهِ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ رُدَّ مِثْلَ نَصِيبِ الْبِنْتِ يَكُنْ اثنى عَشْرَ فَهِيَ بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ رُبُعُهُ فَزِدْ عليه مِثْلَ ثُلُثِهِ وَمِثْلَ نَصِيبِ الْأُخْتِ صَارَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ
____________________
(7/282)
بَقِيَّةُ مَالٍ ذَهَبَ سُبُعُهُ فَزِدْ عليه سُدُسَهُ وَمِثْلَ نَصِيبِ الْأُمِّ يَكُنْ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ )
هذه الطَّرِيقَةُ تُسَمَّى طَرِيقَةَ الْمَنْكُوسِ وَهِيَ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ
وَلَنَا فيها طَرِيقَةٌ مُطَّرِدَةٌ ولم أَرَهَا مَسْطُورَةً في كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَكِنْ أَفَادَنِيهَا بَعْضُ مَشَايِخِنَا
وَذَلِكَ أَنْ نَقُولَ انْكَسَرَ مَعَنَا على ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعَةٍ
وَهَذِهِ الْأَعْدَادُ مُتَبَايِنَةٌ فَاضْرِبْ بَعْضَهَا في بَعْضٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ ثُلُثُهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَرُبُعُهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَسُبُعُهَا اثنى عَشْرَةَ وَمَجْمُوعُ ذلك أَحَدٌ وَسِتُّونَ يَبْقَى بَعْدَ ذلك ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وهو النَّصِيبُ فَاحْفَظْهُ
ثُمَّ تَأْتِي إلَى نَصِيبِ الْبِنْتِ وهو ثَلَاثَةٌ تلقى ثُلُثَهُ وهو وَاحِدٌ يَبْقَى اثْنَانِ وتلقى من نَصِيبِ الْأُخْتِ رُبُعَهُ وهو نِصْفُ سَهْمٍ يَبْقَى سَهْمٌ وَنِصْفٌ وتلقى من نَصِيبِ الْأُمِّ سبعه وهو سُبُعُ سَهْمٍ يَبْقَى سِتَّةُ أَسْبَاعٍ فَتَجْمَعُ الْبَاقِيَ بَعْدَ الذي أَلْقَيْته من أَنْصِبَاءِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَسُبُعَيْنِ وَنِصْفُ سُبُعٍ فَتُضِيفُهَا إلَى الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ سِتٌّ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ عَشْرَةَ أَسْهُمٍ وَسُبُعَيْنِ وَنِصْفُ سُبُعٍ فَاضْرِبْ ذلك في الْأَرْبَعَةِ وَالثَّمَانِينَ التي حَصَلَتْ من مَخْرَجِ الْكُسُورِ يَكُونُ ثَمَانَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ
للموصي له بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ سَهْمٌ من سِتَّةٍ مَضْرُوبٌ في النَّصِيبِ وهو ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ يَكُونُ ذلك ثَلَاثَةً وعشرون ( ( ( وعشرين ) ) ) سَهْمًا وَلَهُ سُبُعُ الْبَاقِي من الثَّمَانِمِائَةِ وَالسَّبْعِينَ وهو مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ له مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَلِلْمُوصَى له بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ سَهْمَانِ من سِتَّةٍ مَضْرُوبَانِ في النَّصِيبِ تَبْلُغُ سِتَّةً وأربعين ( ( ( وأربعة ) ) ) وأربعين وَلَهُ رُبُعُ الْبَاقِي من الثَّمَانِمِائَةِ وَالسَّبْعِينَ وَقَدْرُهُ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ له مِائَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ
وَلِلْمُوصَى له بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ في ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ تَبْلُغُ
____________________
(7/283)
تِسْعَةً وَسِتِّينَ وَلَهُ ثُلُثٌ الْبَاقِي من الثَّمَانِمِائَةِ وَالسَّبْعِينَ وَقَدْرُهُ مِائَتَانِ وَسَبْعَةٌ وَسِتُّونَ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ له ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَثَلَاثِينَ
فَمَجْمُوعُ سِهَامِ الْمُوصَى لهم سَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَقَدْرُهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ سَهْمًا
لِلْأُمِّ السُّدُسُ من ذلك وَقَدْرُهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا وَلِلْأُخْتِ الثُّلُثُ وَقَدْرُهُ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا
وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَقَدْرُهُ تِسْعَةٌ وَسِتُّونَ سَهْمًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ أَرَدْت أَنْ تعطى الْمُوصَى له بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ ما يَبْقَى أَوَّلًا أو الْمُوصَى له بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبُعِ ما يَبْقَى فَافْعَلْ كما قُلْنَا يَصِحُّ الْعَمَلُ مَعَك
بِخِلَافِ طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَلُ إلَّا على طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ التي ذَكَرَهَا
فَأَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَ هذه الطَّرِيقَةَ لِتَعْرِفَ وَلِيُقَاسَ عليها ما شَابَهَهَا لِاطِّرَادِهَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ
وَاسْتَمَرَّ بِنَا على هذه الطَّرِيقَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ ثُمَّ سَافَرْت إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِلزِّيَارَةِ وكان فيها رَجُلٌ من الْأَفَاضِلِ الْمُحَرَّرِينَ في الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا فَسَأَلْته عن هذه الْمَسْأَلَةِ فَتَرَدَّدَ فيها وَذَكَرَ لنا طَرِيقَةً حَسَنَةً مُوَافِقَةً لِقَوَاعِدِ الْفَرْضِيِّينَ
وَكُنْت قبل ذلك قد كَتَبْت الْأُولَى في التَّنْقِيحِ كما في الْأَصْلِ
فلما تَحَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّرِيقَةَ التي قَالَهَا هذا الْفَاضِلُ أَوْلَى وَأَصَحَّ أَضْرَبْنَا عن هذه التي في الْأَصْلِ
وَأَثْبَتْنَا هذه وَهِيَ الْمُعْتَمَدُ عليها
وقد تَبَيَّنَ لي أَنَّ هذه الطَّرِيقَةَ التي في الْأَصْلِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ عَمَلٌ لِتَصِحَّ قِسْمَتُهَا مُطْلَقًا من غَيْرِ نَظَرٍ إلَى ما يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ
وقد كَتَبْت عليها ما يُبَيِّنُ ضَعْفَهَا من صِحَّتِهَا في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ وَيُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ عِنْدَ النَّظَرِ وَأَثْبَتُّ هذه الطَّرِيقَةَ وَضَرَبْت على الْأُولَى التي في الْأَصْلِ هُنَا فَلْيُحَرَّرْ
____________________
(7/284)
بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ
فَائِدَةٌ الدُّخُولُ في الْوَصِيَّةِ للقوى عليها قُرْبَةٌ
وقال في المغنى قِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنَّ تَرْكَ الدُّخُولِ أَوْلَى انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا في هذه الْأَزْمِنَةِ
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ ( تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كل مُسْلِمٍ عَاقِلٍ عَدْلٍ )
الْعَدْلُ الْعَاجِزُ إذَا كان أَمِينًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إجْمَاعًا
لَكِنْ قَيَّدَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِطَرَيَانِ الْعَجْزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ لَا تَصِحُّ وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ إبْدَالَهُ
وقال في الْكَافِي لِلْحَاكِمِ إبْدَالُهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان عَبْدًا )
تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى الْعَبْدِ لَكِنْ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَمَنْ بَعْدَهُ
وَتَصِحُّ إلَى عبد نَفْسِهِ قَالَهُ بن حَامِدٍ
وَتَابَعَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا مَذْهَبُنَا
قال في الْفُرُوعِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى رَشِيدٍ عَدْلٍ وَلَوْ رَقِيقٌ
قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي ذلك
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَدْلِ الْعَدْلَ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ مَسْتُورَ الْحَالِ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(7/285)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْعَدْلَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وهو قَوْلٌ في الْمَذْهَبِ
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ إلَى كَافِرٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ في تَعْلِيقِهِ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ اخْتَارَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ
قَوْلُهُ ( أو مُرَاهِقًا )
قَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمُرَاهِقِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ إلَى الْمُمَيِّزِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الأدمى
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال هذا كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
قال الْحَارِثِيُّ هو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ إلَيْهِ حتى يَبْلُغَ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْوَجِيزِ مُكَلَّفٌ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قال في الْكَافِي وفي الْوَصِيَّةِ إلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرَاهِقِ أنها لَا تَصِحُّ إلَى مُمَيِّزٍ قبل أَنْ يُرَاهِقَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/286)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَصِحُّ قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ
وَيَأْتِي هل يَصِحُّ أَنْ يُوصَى إلَيْهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ قبل أَنْ يَبْلُغَ وهو الوصى الْمُنْتَظَرُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى السَّفِيهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ تَصِحُّ
الثَّانِيَةُ لَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مع وصى خَاصٍّ إذَا كان كُفُؤًا في ذلك
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ حُجَّةٍ أَنَّ وِلَايَةَ إخْرَاجِهَا وَالتَّعْيِينَ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا للولى الْعَامِّ الِاعْتِرَاضُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ أو فِعْلِهِ مُحَرَّمًا
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ لَا نَظَرَ وَلَا ضَمَّ مع وصى مُتَّهَمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في نَاظِرِ الْوَقْفِ في كِتَابِ الْوَقْفِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا كان الوصى مُتَّهَمًا لم تَخْرُجْ من يَدِهِ وَيُجْعَلُ معه آخَرُ
وَنَقَلَ يُوسُفُ بن مُوسَى إنْ كان الوصى مُتَّهَمًا ضُمَّ إلَيْهِ رَجُلٌ يَرْضَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ يَعْلَمُ ما جَرَى وَلَا تُنْزَعُ الْوَصِيَّةُ منه
ثُمَّ إنْ ضَمَّهُ بِأُجْرَةٍ من الْوَصِيَّةِ تَوَجَّهَ جَوَازُهُ وَمِنْ الوصى فيه نَظَرٌ بِخِلَافِ ضَمِّهِ مع فَاسِقٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَلَا تَصِحُّ إلي غَيْرِهِمْ )
قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها لَا تَصِحُّ إلَى فَاسِقٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
____________________
(7/287)
وَالشِّيرَازِيُّ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَعَنْهُ تَصِحُّ إلَى الْفَاسِقِ وَيَضُمُّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمِينًا
قَالَهُ الخرقى وبن أبي مُوسَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَهَذَا من غَيْرِ الْغَالِبِ الذي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ على من طَرَأَ فِسْقُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ
وَقِيلَ تَصِحُّ إلَى الْفَاسِقِ إذَا طَرَأَ عليه وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ
اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ تَصِحُّ إلَيْهِ من غَيْرِ ضَمِّ أَمِينٍ حَكَاهَا أبو الْخَطَّابِ في خلافة
قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا
قال في الْخُلَاصَةِ وَيُشْتَرَطُ في الوصى الْعَدَالَةُ
وَعَنْهُ يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ
وَيَأْتِي هل تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى الْكَافِرِ في آخِرِ الْبَابِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَانُوا على غَيْرِ هذه الصِّفَاتِ ثُمَّ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فَهَلْ تَصِحُّ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
أعلم أَنَّ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَوْجُهًا
أَحَدُهَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ هذه الصِّفَاتِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ وما بَيْنَهُمَا
____________________
(7/288)
وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وَقَوْلٌ في الْفُرُوعِ وَوَجْهٌ لِلْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَالثَّانِي يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ وهو أَحَدُ وَجْهَيْ الْمُصَنِّفِ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَالثَّالِثُ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَيَحْتَمِلُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي لِلْمُصَنِّفِ
وَالرَّابِعُ يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَقَطْ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وَتَخْرِيجٌ في الْفَائِقِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ
قال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ كان أَهْلًا عِنْدَ مَوْتِ الموصى لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ فَوَجْهَانِ وَمَنْ كان أَهْلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ فَزَالَتْ عِنْدَ مَوْتِ الموصى بَطَلَتْ
قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ
فَإِنْ كان أَهْلًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ وَفِيهَا احْتِمَالٌ كما لو زَالَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ عَادَتْ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وإذا أوصي إلَى وَاحِدٍ وَبَعْدَهُ إلَى آخَرَ فَهُمَا وَصِيَّتَانِ )
نَصَّ عليه
( إلَّا أَنْ يَقُولَ قد أَخْرَجْت الْأَوَّلَ ) نَصَّ عليه
( وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذلك إلَيْهِ )
نَصَّ عليه وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ ما يَدُلُّ على رِوَايَةٍ بِالْجَوَازِ
____________________
(7/289)
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا جَعَلَ النَّظَرَ في الْوَقْفِ لِاثْنَيْنِ أو كان لَهُمَا بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ في كِتَابِ الْوَقْفِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَرْجِعُ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَهَذَا يُشْبِهُ ذلك
فَائِدَةٌ لو وَصَّى إلَى اثْنَيْنِ في التَّصَرُّفِ وَأُرِيدَ اجْتِمَاعُهُمَا على ذلك
قال الْحَارِثِيُّ من الْفُقَهَاءِ من قال ليس الْمُرَادُ من الِاجْتِمَاعِ تَلَفُّظُهُمَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ بَلْ الْمُرَادُ صُدُورُهُ عن رَأْيِهِمَا ثُمَّ لَا فَرْقَ بين أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا أو الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا ولم يُخَالِفْ الْحَارِثِيُّ هذا الْقَائِلَ
قُلْت وهو الظَّاهِرُ وَأَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ أَحَدِهِمَا الْوَكِيلَ في صُدُورِ الْعَقْدِ مع حُضُورِ الْآخَرِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ
وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ الِاثْنَيْنِ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَقَامَ الْحَاكِمُ مقامة أَمِينًا )
وَكَذَا لو وَجَدَ ما يُوجِبُ عزلة بِلَا نِزَاعٍ
قال الْمُصَنِّفُ أو غَابَ لَكِنْ لو مَاتَا أو وُجِدَ مِنْهُمَا ما يُوجِبُ عَزْلَهُمَا فَفِي الإكتفاء بِوَاحِدٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ مَاتَا جَازَ إقامه وَاحِدٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُمَا ما يُوجِبُ عَزْلَهُمَا جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُمَا وَاحِدًا في الْأَصَحِّ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ مَاتَا جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ وَاحِدًا في الْأَصَحِّ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمَا فَلَهُ نَصْبُ وَاحِدٍ
وَقِيلَ لَا يَنْصِبُ إلَّا اثْنَيْنِ
تَنْبِيهٌ هذه الْأَحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ إذَا لم يَجْعَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا
____________________
(7/290)
فَأَمَّا إنْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أو خَرَجَ من أَهْلِيَّةِ الْوَصِيَّةِ لم يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عن التَّصَرُّفِ وَحْدَهُ
وَإِنْ مَاتَا مَعًا أو خَرَجَا من الْوَصِيَّةِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ وَاحِدًا
وَلَوْ حَدَثَ عَجْزٌ لِضَعْفٍ أو عِلَّةٍ أو كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ ولم يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
قال بن رَزِينٍ ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ ولم يَنْعَزِلْ إجْمَاعًا
وَقِيلَ له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ إنْ فَسَقَ )
يَعْنِي أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَمِينًا وَيَنْعَزِلُ
فَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُورَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا مُنْفَرِدًا
الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى وصى آخَرَ
وَاعْلَمْ أَنَّ هذا مبنى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ من أَنَّ الْفَاسِقَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ وَيَنْعَزِلُ إذَا طَرَأَ عليه الْفِسْقُ كما تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عليه
وَعَنْهُ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ كما تَقَدَّمَ
وَقِيلَ يُضَمُّ إلَيْهِ هُنَا أَمِينٌ وَإِنْ أَبْطَلْنَا الْوَصِيَّةَ إلَى الْفَاسِقِ لِطَرَيَانِهِ
اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ كما تَقَدَّمَ
فَوَائِدُ
لو وَصَّى إلَيْهِ قبل أَنْ يَبْلُغَ لِيَكُونَ وَصِيًّا بَعْدَ بُلُوغِهِ أو حتى يَحْضُرَ فُلَانٌ أو إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ وصى صَحَّ وَيَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا عِنْدَ الشَّرْطِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَيُسَمَّى الوصى الْمُنْتَظَرَ
____________________
(7/291)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ لو أَوْصَى إلَى الْمُرْشِدِ من أَوْلَادِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ فإن الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ وَيُسَمَّى الوصى الْمُنْتَظَرَ انْتَهَى
وَكَذَا لو قال أَوْصَيْت إلَيْهِ سَنَةً ثُمَّ إلَى فُلَانٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بن رَوَاحَةَ وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ لَا
يَعْنِي لَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِنَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ كَالْوَكَالَةِ في الْحَيَاةِ
وَلِهَذَا هل لِلْوَصِيِّ أَنْ يوصى وَيَعْزِلَ من وَصَّى إلَيْهِ
وَلَا تَصِحُّ إلَّا في مَعْلُومٍ وللوصى عزلة وَغَيْرُ ذلك كَالْوَكِيلِ
فَلِهَذَا لَا يُعَارِضُ ذلك ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إذَا قال الْخَلِيفَةُ الْإِمَامُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فَفُلَانٌ في حَيَاتِي أو إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ فَالْخَلِيفَةُ فُلَانٌ صَحَّ
وَكَذَا في الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ
وَإِنْ قال فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي فَإِنْ ولى ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ لم يَصِحَّ لِلثَّانِي
وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إذَا ولى وَصَارَ إمَامًا حَصَلَ التَّصَرُّفُ وَبَقِيَ النَّظَرُ وَالِاخْتِيَارُ إلَيْهِ فَكَانَ الْعَهْدُ إلَيْهِ فِيمَنْ يَرَاهُ
وفي التي قَبْلَهَا جَعَلَ الْعَهْدَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أو تَغَيَّرَ صِفَاتُهُ في الْحَالَةِ التي لم يَثْبُتْ لِلْمَعْهُودِ إلَيْهِ إمامه
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ لو عَلَّقَ ولى الْأَمْرِ وِلَايَةَ حُكْمٍ أو وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أو بِشَرْطٍ فَوَجَدَ الشَّرْطَ بَعْدَ مَوْتِ ولى الْأَمْرِ وَالْقِيَامِ مَقَامَهُ أَنَّ وِلَايَتَهُ تَبْطُلُ وَأَنَّ النَّظَرَ وَالِاخْتِيَارَ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ
يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوا وِلَايَةَ الْحُكْمِ بِالْوَكَالَةِ في مَسَائِلِ وَأَنَّهُ لو عَلَّقَ عِتْقًا أو غَيْرَهُ بِشَرْطٍ بَطَلَ بِمَوْتِهِ
____________________
(7/292)
قالوا لِزَوَالِ ملكة فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ
قال في المغنى وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي الْحَيَاةَ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ وِلَايَةِ الْحُكْمِ وَالْوَظَائِفِ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أو بِشَرْطٍ إذَا وُجِدَ ذلك قبل مَوْتِ ولى الْأَمْرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
قَوْلُهُ ( وَيَصِحُّ قَبُولُهُ لِلْوَصِيَّةِ في حَيَاةِ الموصى وَبَعْدَ مَوْتِهِ )
بِلَا نِزَاعٍ وَتَقَدَّمَ صِفَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ
قَوْلُهُ ( وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ أَطْلَقَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ له الرَّدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ في حَيَاةِ الموصى وَبَعْدَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَنَصَرَهُ
وَقِيلَ له ذلك إنْ وُجِدَ حَاكِمٌ وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ ليس له ذلك بَعْدَ مَوْتِهِ بحال ( ( ( بحاله ) ) ) وَلَا قَبْلَهُ إذَا لم يَعْلَمْهُ بِذَلِكَ
وَعَنْهُ ليس له ذلك بَعْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَحَكَى بن أبي مُوسَى رِوَايَةٌ ليس له الرَّدُّ بِحَالٍ إذَا قَبِلَهَا
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من حَمَلَهَا على ما بَعْدَ الْمَوْتِ
وَحَكَاهُمَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ صَرِيحًا في الْحَالَيْنِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يوصى إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذلك إلَيْهِ
____________________
(7/293)
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال الشَّارِحُ وهو الظَّاهِرُ من قَوْلِ الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
قال الْحَارِثِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ انْتَهَى
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ
قال الْحَارِثِيُّ لو غَلَبَ على الظَّنِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُسْنِدُ إلَى من ليس أَهْلًا أو أَنَّهُ ظَالِمٌ اتَّجَهَ جَوَازُ الْإِيصَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا بَلْ يَجِبُ لِمَا فيه من حِفْظِ الْأَمَانَةِ وَصَوْنِ الْمَالِ عن التَّلَفِ وَالضَّيَاعِ انْتَهَى
وَعَنْهُ له ذلك وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَيَكُونُ الثَّانِي وَصِيًّا لَهُمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو مُشْكِلٌ
وقال الْقَاضِي يَكُونُ الثَّانِي وَصِيًّا عن الْأَوَّلِ فَلَوْ طَرَأَ لِلْأَوَّلِ ما يُخْرِجُهُ عن الْأَهْلِيَّةِ انْعَزَلَ الثَّانِي لِأَنَّهُ فَرْعُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالسِّتِّينَ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ
وَقِيلَ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ
فَاخْتَلَفَ نَقْلُهُ في مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(7/294)
وَيَأْتِي في أَرْكَانِ النِّكَاحِ هل للوصى في النِّكَاحِ أَنْ يوصى بِهِ
فَائِدَةٌ إنْ نَهَاهُ الموصى ( ( ( الوصي ) ) ) عن الْإِيصَاءِ لم يَكُنْ له أَنْ يوصى وَلَهُ أَنْ يوصى إلَى غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فِيمَا وَصَّاهُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ ليس له ذلك
وَقِيلَ إنْ أُذِنَ له في الْوَصِيَّةِ إلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا
وَأَمَّا جَوَازُ تَوْكِيلِ الوصى فَقَدْ تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْوَكَالَةِ
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ ( وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا في مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الموصى فِعْلَهُ )
الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ وَلَوْ كانت صَغِيرَةً وهو صَحِيحٌ وَلَهُ إجْبَارُهَا كَالْأَبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَلِكَ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَالْخِلَافُ فيه
قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ في الْوَصِيَّةِ بِالنِّكَاحِ وَعَلَى هذا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْخِلَافَةِ من الْإِمَامِ وَبِهِ قال الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
قُلْت وَقَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ
تَنْبِيهٌ آخَرُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَالنَّظَرُ في أَمْرِ الْأَطْفَالِ )
أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا على الْبَالِغِ الرَّشِيدِ من أَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ من الْوُرَّاثِ وهو صَحِيحٌ
وَكَذَا لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مع بُلُوغِ الْوَارِثِ رُشْدَهُ وَلَوْ مع غَيْبَتِهِ
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ يَمْلِكُ الموصى فِعْلَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِمَا لَا يَمْلِكُ فِعْلَهُ وهو صَحِيحٌ
فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمَرْأَةِ بِالنَّظَرِ في حَقِّ أَوْلَادِهَا الْأَصَاغِرِ وَنَحْوِ ذلك
____________________
(7/295)
قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وإذا أَوْصَى بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ فَأَبَى الْوَرَثَةُ إخْرَاجَ ثُلُثِ ما في أَيْدِيهِمْ )
وَكَذَا لو جَحَدُوا ما في أَيْدِيهِمْ
( أَخْرَجَهُ كُلَّهُ مِمَّا في يَدِهِ )
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَعَنْهُ يُخْرِجُ ثُلُثَ ما في يَدِهِ وَيَحْبِسُ بَاقِيَهُ لِيُخْرِجُوا ثُلُثَ ما مَعَهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في التنبية أَنَّهُ لَا يَحْبِسُ الْبَاقِي بَلْ يُسَلِّمُهُ إلَيْهِمْ وَيُطَالِبُهُمْ بِثُلُثِ ما في أَيْدِيهِمْ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ على إختلاف حَالَيْنِ فَالْأُولَى مَحْمُولَةٌ على ما إذَا كان الْمَالُ جِنْسًا وَاحِدًا وَالثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ على ما إذَا كان الْمَالُ أَجْنَاسًا فإن الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِثُلُثِ كل جِنْسٍ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ كانت التَّرِكَةُ جِنْسًا وَاحِدًا أَخْرَجَ الثُّلُثَ كُلَّهُ مِمَّا معه وَإِلَّا أَخْرَجَ ثُلُثَهُ فَقَطْ
فَائِدَةٌ لو ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أو جُهِلَ مُوصًى له فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ هو أو حَاكِمٌ ثُمَّ ثَبَتَ ذلك لم يَضْمَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت بَلْ يَرْجِعُ بِهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَعَنْهُ يَضْمَنُ
____________________
(7/296)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ مُعَيَّنٍ فَأَبَى ذلك الْوَرَثَةُ قَضَاهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ )
يَعْنِي إذَا جَحَدُوا الدَّيْنَ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ أو أَبَوْا الدَّفْعَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ لَا يَقْضِيهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ إلَّا ببينه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَقْضِيهِ إنْ أَذِنَ له فيه حَاكِمٌ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَعَنْهُ فِيمَنْ عليه دَيْنٌ لِمَيِّتٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أنه يقضى دَيْنَ الْمَيِّتِ إنْ لم يَخَفْ تَبِعَةً
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَامَّةٌ في الْمُوصَى إلَيْهِ وَغَيْرِهِ
فَإِنْ كان الذي عليه الدَّيْنُ غَيْرُ الْمُوصَى إلَيْهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْمَيِّتَ الذي له الدَّيْنُ عليه دَيْنٌ لِآخَرَ وَجَحَدَهُ الْوَرَثَةُ فَقَضَاهُ مِمَّا عليه فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهُنَّ هذه أَعْنِي يَقْضِيهِ إنْ لم يَخَفْ تَبِعَةً
وَالثَّانِيَةُ لَا يَقْضِيهِ وَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالثَّالِثَةُ يَبْرَأُ بِالدَّافِعِ بِالْقَضَاءِ بَاطِنًا
وَوَهَى هذه الرِّوَايَةَ النَّاظِمُ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ في الْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ جَوَازَ قَضَائِهِ مُطْلَقًا في الْبَاطِنِ
فَائِدَةٌ لو أَقَامَ الذي له الْحَقُّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِحَقِّهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُوصَى إلَيْهِ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا حُضُورِ حَاكِمٍ فيه رِوَايَتَانِ
____________________
(7/297)
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
لَكِنْ جَعَلَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ في جَوَازِ الدَّفْعِ لَا في لُزُومِ الدَّفْعِ
قال بن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ بِدُونِ حُضُورِ حَاكِمٍ على الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ لِمَنْ عليه دَيْنٌ لِمَيِّتٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَى من أَوْصَى له بِهِ إذَا كان مُعَيَّنًا وإن شَاءَ دَفَعَهُ إلَى وصى الْمَيِّتِ لِيَدْفَعَهُ إلَى الْمُوصَى له بِهِ وهو أَوْلَى
فَإِنْ لم يُوصِ بِهِ وَلَا بِقَبْضِهِ عَيْنًا لم يَبْرَأْ إلَّا بِدَفْعِهِ إلَى الْمُوصَى إلَيْهِ وَالْوَارِثِ مَعًا
وَقِيلَ أو الْمُوصَى إلَيْهِ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ
وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ
وَإِنْ صَرَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ وَقِيلَ أو لِغَيْرِهِ في جِهَتِهِ لم يَضْمَنْهُ
وَإِنْ وَصَّاهُ بِإِعْطَاءِ مُدَّعٍ دَيْنًا بِيَمِينِهِ نَفَّذَهُ من رَأْسِ مَالِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَقَلَ بن هَانِئٍ بِبَيِّنَةٍ وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ أَيْضًا يُقْبَلُ مع صِدْقِ المدعى
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْكَافِرِ إلَى مُسْلِمٍ )
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ في تَرِكَتِهِ خَمْرٌ وَلَا خِنْزِيرٌ
قَوْلُهُ ( وَإِلَى من كان عَدْلًا في دِينِهِ )
يَعْنِي أَنَّ وَصِيَّةَ الْكَافِرِ إلَى كَافِرٍ تَصِحُّ إذَا كان عَدْلًا في دِينِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الأزجى
وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال الْحَارِثِيُّ الْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال الْمَجْدُ وَجَدْته بِخَطِّهِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ
____________________
(7/298)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى كَافِرٍ
قال في الْمُذْهَبِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا إلَى مُسْلِمٍ
وَكَذَا هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ
وأطلقهما في الْفُصُولِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لو كان غير عَدْلٍ في دِينِهِ أَنَّ فيه الْخِلَافَ الذي في الْمُسْلِمِ
قَوْلُهُ ( وإذا قال ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت أو أَعْطِهِ من شِئْت لم يَجُزْ له أَخْذُهُ وَلَا دَفْعُهُ إلَى وَلَدِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ في الْوَلَدِ
وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ ذلك لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ له وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ ذلك مع الْقَرِينَةِ فَقَطْ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ جَوَازَ دَفْعِهِ إلَى وَلَدِهِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْمَذْهَبُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنَعَهُ أَصْحَابُنَا
تَنْبِيه مَفْهُومُ قَوْلِهِ لم يَجُزْ له أَخْذُهُ وَلَا دَفْعُهُ إلَى وَلَدِهِ جَوَازُ أَخْذِ وَالِدِهِ وَأَقَارِبِهِ الْوَارِثِينَ سَوَاءٌ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أو فُقَرَاءَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ
قال الْحَارِثِيُّ وهو الْمَذْهَبُ
____________________
(7/299)
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ نَصَّ عليه كَوَلَدِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَى ابْنِهِ فَقَطْ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يعطي الْوَلَدُ وَلَا الْوَالِدُ منهم صَاحِبُ النَّظْمِ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في مَنْعِ من يَمُونُهُ وَجْهًا
فَائِدَةٌ قال في الْفَائِقِ وَلَيْسَ له دَفْعُهُ إلَى وَرَثَةِ الموصى ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي الصَّقْرِ وَأَبِي دَاوُد وَقَالَهُ الْحَارِثِيُّ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِ بَعْضِ الْعَقَارِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ أو حَاجَةِ الصِّغَارِ وفي بَيْعِ بَعْضِهِ نَقْصٌ فَلَهُ الْبَيْعُ على الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ )
يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ الْكِبَارُ من الْبَيْعِ أو كَانُوا غَائِبِينَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ
قال في الْفَائِقِ وَالْمَنْصُوصُ الْإِجْبَارُ على بَيْعِ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ إذَا حَصَلَ بَيْعُ بَعْضِهِ نَقْصٌ وَلَوْ كان الْكُلُّ كِبَارًا وَامْتَنَعَ الْبَعْضُ
نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَذَكَرَهُ في الشَّافِي
وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ لَا بِقِيمَةِ النِّصْفِ
انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفَائِقِ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ليس له الْبَيْعُ على الْكِبَارِ وهو أَقْيَسُ
فَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
____________________
(7/300)
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ
وَقِيلَ يَبِيعُ بِقَدْرِ حِصَّةِ الصِّغَارِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ إنْ كانت
وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ قُلْنَا التَّرِكَةُ لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مع الدَّيْنِ جَازَ بَيْعُهُ لِلدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كان الْكُلُّ كِبَارًا وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أو وَصِيَّةٌ بَاعَهُ الْمُوصَى إلَيْهِ إذَا أَبَوْا بَيْعَهُ وَكَذَا لو امْتَنَعَ الْبَعْضُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ صَاحِبِ الْفَائِقِ
الثَّانِيَةُ لو مَاتَ شَخْصٌ بِمَكَانٍ لَا حَاكِمَ فيه وَلَا وصى جَازَ لِمُسْلِمٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ أَنْ يَحُوزَ تَرِكَتَهُ وَيَعْمَلَ الْأَصْلَحَ فيها من بَيْعٍ وَغَيْرِهِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ
وَقِيلَ لَا يَبِيعُ الْإِمَاءَ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَبِيعُ ما يَخَافُ فَسَادَهُ وَالْحَيَوَانَ وَلَا يَبِيعُ رقيقة إلَّا حَاكِمٌ
وَعَنْهُ يلى بَيْعَ جَوَارِيهِ حَاكِمٌ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهَا إلَى وَرَثَتِهِ أو مُكَاتَبَتُهُمْ لِيَحْضُرُوا وَيَأْخُذُوهَا انْتَهَى
وَيُكَفِّنَهُ من التَّرِكَةِ إنْ كانت ولم تَتَعَذَّرْ وَإِلَّا كَفَّنَهُ من عِنْدِهِ وَرَجَعَ على التَّرِكَةِ إنْ كانت وَإِلَّا على من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ ولم يُوجَدْ حَاكِمٌ
فَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ أو أَبَى الْإِذْنَ رَجَعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ كَإِمْكَانِهِ ولم يَسْتَأْذِنْهُ ولم يَنْوِ مع إذْنِهِ
____________________
(7/301)
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
فَائِدَةٌ الْفَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَهِيَ في الْأَصْلِ اسْمُ مَصْدَرٍ وَالِاسْمُ الْفَرِيضَةُ وَتُسَمَّى قِسْمَةُ الْمَوَارِيثِ فَرَائِضَ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَوَارِيثِ وقال في الْكَافِي وَالزَّرْكَشِيِّ هِيَ الْعِلْمُ بِقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا حَذْفٌ لِيُوَافِقَ ما في الْكَافِي
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هِيَ مَعْرِفَةُ الْوَرَثَةِ وَسِهَامِهِمْ وَقِسْمَةُ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ
وقال في الصُّغْرَى هِيَ قِسْمَةُ الْإِرْثِ
وَقُلْت مَعْرِفَةُ الْوَرَثَةِ وَحُقُوقِهِمْ من التَّرِكَةِ
قَوْلُهُ ( وَأَسْبَابُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ رَحِمٌ وَنِكَاحٌ وَوَلَاءٌ )
فَ الرَّحِمُ الْقَرَابَةُ والنكاح عَقْدُهُ وَإِنْ عرى عن الْوَطْءِ وَالْوَلَاءُ نِعْمَةُ السَّيِّدِ على رَقِيقِهِ بِعِتْقِهِ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ وَارِثًا مَوْرُوثًا
قال في الرِّعَايَةِ وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ نَسَبٌ خَاصٌّ وَنِكَاحٌ خَاصٌّ وَوَلَاءُ عِتْقٍ خَاصٌّ وَنَحْوُهُ انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ أَسْبَابَ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ لَا غَيْرُ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِغَيْرِهِمْ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ ( أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاقَدَةِ وَإِسْلَامِهِ على يَدِهِ وَكَوْنِهِمَا من أَهْلِ الدِّيوَانِ وَلَا عَمَلَ عليه )
زَادَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الرِّوَايَةِ وَالْتِقَاطِ الطِّفْلِ
وَاخْتَارَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِ الرَّحِمِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ
وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ أَيْضًا
وَقِيلَ يَرِثُ عَبْدٌ سَيِّدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ
____________________
(7/303)
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال في السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَوَرَّثَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمَوْلَى من أَسْفَلَ من معتقة
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ عن ذلك فقال لَا أَدْرِي
وَيَأْتِي في أَوَّلِ بَابِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ رِوَايَةٌ بِإِرْثِ الْعَبْدِ من قَرِيبِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ وَقَوْلٌ بِإِرْثِ الْمُكَاتَبِ من عَتِيقِهِ في صوره
فَائِدَةٌ الْمُوَالَاةُ هِيَ الْمُؤَاخَاةُ والمعاقدة هِيَ الْمُحَالَفَةُ
قَوْلُهُ ( وَالْوَارِثُ ثَلَاثَةٌ ذَوُو فَرْضٍ وَعَصَبَاتٍ ) بِلَا نِزَاعٍ ( وَذَوُو رَحِمٍ )
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَيَأْتِي ذلك في بَابِهِ
____________________
(7/304)
بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْفُرُوضِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ في عَدَدِهِمْ ( وَالْأَخُ من الْأُمِّ )
قال في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وقد يُعَصِّبُ أُخْتَهُ من غَيْرِ أبيه بِمَوْتِ أُمِّهِ عنهما
قُلْت في هذا نَظَرٌ ظَاهِرٌ فإن الْأُمَّ إذَا مَاتَتْ عنهما لَا يَرِثَانِ منها إلَّا بِكَوْنِهِمَا أَوْلَادًا لَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَخَ الْآخَرِ لِأُمِّهِ
غَايَتُهُ أَنَّهُمَا أَخٌ وَأُخْتٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من أَبٍ وَالْإِرْثُ من الْأُمِّ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَالتَّعْصِيبُ إنَّمَا حَصَلَ لكونهم ( ( ( لكونها ) ) ) أَوْلَادًا لَا لِكَوْنِهِمْ إخْوَةً لِأُمٍّ
فَعَلَى ما قَالَا يُعَايَى بها
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ ( وَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ إذَا كان لها وَلَدٌ أو وَلَدُ بن والنصف ( ( ( النصف ) ) ) مع عَدَمِهِمَا وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ إذَا كان لها وَلَدٌ أو وَلَدُ بن وَالرُّبُعُ مع عَدَمِهِمَا )
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا
فَلَوْ كان فَاسِدًا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَتَوَقَّفَ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وَأَمَّا إذَا كان بَاطِلًا فَلَا تَوَارُثَ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( وَلِلْجَدِّ حَالٌ رَابِعٌ وهو مع الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ من الْأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ فإنه يُقَاسِمُهُمْ كَأَخٍ )
هذا مبنى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ من أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ
وَعَنْهُ يُسْقِطُ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ اخْتَارَهُ بن بَطَّةَ
____________________
(7/305)
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وأبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ والآجرى وَذَكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ عن أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ أَيْضًا وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَحَدِيثُ أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ ضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن الْجَوْزِيِّ الآجرى من أَعْيَانِ أَعْيَانِ أَصْحَابِنَا
قَوْلُهُ ( فَإِنْ لم يَفْضُلْ عن الْفَرْضِ إلَّا السُّدُسُ فَهُوَ له وَسَقَطَ من معه منهم إلَّا في الْأَكْدَرِيَّةِ )
تَسْتَحِقُّ الْأُخْتُ في الْأَكْدَرِيَّةِ جُزْءًا من التَّرِكَةِ وَقَدْرُهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ من سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَقِيلَ لَا تَرِثُ الْأُخْتُ مع الْجَدِّ فيها فَتَسْقُطُ كما لو كان مَكَانَهَا أخ
فَائِدَةٌ سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً لِتَكْدِيرِهَا أُصُولَ زَيْدٍ رضي اللَّهُ عنه في الْجَدِّ في الْأَشْهَرِ عنه
وَقِيلَ إنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بن مَرْوَانَ سَأَلَ عنها رَجُلًا اسْمَهُ الْأَكْدَرُ فَنُسِبَتْ إلَيْهِ
وَقِيلَ سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً بِاسْمِ السَّائِلِ عنها
وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ كان اسْمُهَا أَكْدَرَةُ
وَقِيلَ لِأَنَّ زَيْدًا رضي اللَّهُ عنه كَدَّرَ على الْأُخْتِ مِيرَاثَهَا وَقِيلَ لِتَكَدُّرِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ فيها وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِمْ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ لم يَكُنْ فيها زَوْجٌ سُمِّيَتْ الْخَرْقَاءَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فيها )
فَكَأَنَّ أَقْوَالَهُمْ خَرَقَتْهَا
____________________
(7/306)
وَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ فيها سَبْعَةٌ وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُسَبَّعَةَ وَتَرْجِعُ إلَى سِتَّةٍ وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُسَدَّسَةَ
وَاخْتَلَفَ فيها خَمْسَةٌ من الصَّحَابَةِ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وبن مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ وبن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ على خَمْسَةِ أَقْوَالٍ وَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُخَمَّسَةَ
وَتُسَمَّى الْمُرَبَّعَةَ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه جَعَلَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ وَالْبَاقِي بين الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ وَتَصِحُّ من أَرْبَعَةٍ
وَتُسَمَّى الْمُثَلَّثَةَ وَالْعُثْمَانِيَّةَ أَيْضًا لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنه قَسَّمَهَا على ثَلَاثَةٍ
وَتُسَمَّى أَيْضًا الشَّعْبِيَّةَ وَالْحَجَّاجِيَّةَ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ سَأَلَ عنها الشَّعْبِيَّ امْتِحَانًا
فَأَصَابَ فَعَفَا عنه
فَائِدَةٌ لو عُدِمَ الْجَدُّ من الْأَكْدَرِيَّةِ سُمِّيَتْ الْمُبَاهَلَةَ لِأَنَّ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنه لَمَّا سُئِلَ عنها لم يَعْلَمْهَا وقال من شَاءَ بَاهَلْته فَسُمِّيَتْ الْمُبَاهَلَةَ لِذَلِكَ
وَتَأْتِي قِصَّتُهَا في أَوَّلِ بَابِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( فَإِنْ كان جَدٌّ وَأُخْتٌ من أَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ من أَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ على أَرْبَعَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ثُمَّ رَجَعَتْ الْأُخْتُ من الْأَبَوَيْنِ فَأَخَذَتْ ما في يَدِ أُخْتِهَا كُلَّهُ )
فَيُعَايَى بها
فَيُقَالُ امْرَأَةٌ حُبْلَى جَاءَتْ إلَى قَوْمٍ فقالت لِلْوَرَثَةِ لَا تَعْجَلُوا إنْ أَلِدْ أُنْثَى لم تَرِثْ وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَيَيْنِ أو ذَكَرًا وَرِثَ الْعُشْرَ فَقَطْ وَإِنْ أَلِدْ ذَكَرَيْنِ وَرِثَا السُّدُسَ فَهِيَ أُمُّ الْأُخْتِ من الْأَبِ في هذه الْمَسْأَلَةِ
قَوْلُهُ ( وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ حَالٌ لها السُّدُسُ وهو مع وُجُودِ الْوَلَدِ أو وَلَدِ الِابْنِ أو اثْنَيْنِ من الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ
____________________
(7/307)
أَمَّا مع وُجُودِ الْوَلَدِ أو وَلَدِ الِابْنِ فإن لها السُّدُسَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ
وَأَمَّا مع وُجُودِ الِاثْنَيْنِ من الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ فَلَهَا السُّدُسُ أَيْضًا
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ كَانُوا مَحْجُوبِينَ أو لَا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يَحْجُبُونَ الْأُمَّ من الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا إذَا كَانُوا وَارِثِينَ مَعَهَا فَإِنْ كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ وَرِثَتْ السُّدُسَ فَلَهَا في مِثْلِ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ عِنْدَهُ وَالْأَصْحَابُ على خلافة
قَوْلُهُ ( وَحَالٌ لها ثُلُثُ ما بَقِيَ وَهِيَ مع زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَامْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ )
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال ظَاهِرُ الْقُرْآنِ لها الثُّلُثُ
وهو مَذْهَبُ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْحُجَّةُ معه لَوْلَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ انْتَهَى
وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ تُسَمَّيَانِ الْعُمَرِيَّتَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَحَالٌ رَابِعٌ وَهِيَ إذَا لم يَكُنْ لِوَلَدِهَا أَبٌ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أو مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ فإنه مُنْقَطِعٌ تعصيبة من جِهَةِ من نَفَاهُ )
لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ تَعْصِيبُهُ من غَيْرِ جِهَةِ من نَفَاهُ
مِثْلُ أَنْ تَلِدَ تَوْأَمَيْنِ فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا من الْآخَرِ بِالْأُخُوَّةِ من الْأَبِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ من الْأَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَرِثُ بِالْأُخُوَّةِ من الْأَبِ في وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ دُونَ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَعَصَبَتُهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ
____________________
(7/308)
مُرَادُهُ إذَا لم يَكُنْ له بن وَلَا بن ابْنٍ فإذا لم يَكُنْ بن وَلَا بن ابْنٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَاخْتَارَهُ الخرقى وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَعَنْهُ أنها هِيَ عَصَبَتُهُ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَرِثُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ مع ابْنَتِهِ لَا أُخْتُهُ لِأُمِّهِ فَيُعَايَى بها
وَعَلَى الثَّانِيَةِ إنْ لم تَكُنْ الْأُمُّ مَوْجُودَةً فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ على الصَّحِيحِ
وَعَنْهُ يُرَدُّ على ذَوِي الْفُرُوضِ فَإِنْ عُدِمُوا فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ
وَالتَّفْرِيعُ الْآتِي بَعْدَ ذلك على هذه الرِّوَايَاتِ وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُنَّ
قَوْلُهُ ( وإذا مَاتَ بن الْمُلَاعَنَةِ وَخَلَّفَ أُمَّهُ وَجَدَّتَهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ لِلْجَدَّةِ )
على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهَذِهِ جَدَّةٌ وَرِثَتْ مع أُمٍّ أَكْثَرَ منها فَيُعَايَى بها
وَعَلَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ لِلْأُمِّ جَمِيعُ الْمَالِ
قَوْلُهُ في الْجَدَّاتِ ( فَإِنْ كان بَعْضُهُنَّ أَقْرَبَ من بَعْضٍ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ )
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الخرقى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(7/309)
وَعَنْهُ أَنَّ الْقُرْبَى من جِهَةِ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى من جِهَةِ الْأُمِّ فَتُشَارِكُهَا وَهَذَا هو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في جامعة
ولم يَعْزُ في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إلَّا إلَى الخرقى
وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ تُشَارِكُهَا في الْأَشْهَرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ جَدَّةً تَرِثُ مَعَهَا أُمُّهَا
مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ جَدَّةٌ هِيَ أُمُّ أبيه وَتَكُونُ أُمُّهَا أُمَّ أُمِّ الْمَيِّتِ
وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أبو الْمَيِّتِ بِابْنَةِ خَالَتِهِ وَجَدَّتُهُ التي هِيَ أُمُّ خَالَتِهِ مَوْجُودَةٌ
وَكَذَلِكَ ابْنَتُهَا التي هِيَ أُمُّهُ ثُمَّ تُخَلِّفُ وَلَدًا فَيَمُوتُ الْوَلَدُ فَيُخَلِّفُ أُمَّ أبيه وَأُمَّهَا التي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ
فَيَشْتَرِكَانِ في الْمِيرَاثِ على هذه الرِّوَايَةِ فَيُعَايَى بها
قُلْت وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ إرْثِهَا على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ في الْحَجْبِ لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى من الْجَدَّاتِ بَيْنَهُمَا
قَوْلُهُ ( فَأَمَّا أُمُّ أبي الْأُمِّ وَأُمُّ أبي الْجَدِّ فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا )
أَمَّا أُمُّ أبي الْأُمِّ فَهِيَ من ذَوِي الْأَرْحَامِ على ما يَأْتِي
وَأَمَّا أُمُّ أبي الْجَدِّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها من ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا تَرِثُ بِنَفْسِهَا فَرْضًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/310)
وَقِيلَ تَرِثُ وَلَيْسَتْ من ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمِثْلُهَا أُمُّ جَدِّ الْجَدِّ وَلَوْ عَلَتْ أُبُوَّةً وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى فإنه قال وَكَذَلِكَ إنْ كَثُرَتْ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ ذَوِي الْأَرْحَامِ في عَدَدِهِمْ
قَوْلُهُ ( وَتَرِثُ الْجَدَّةُ وَابْنُهَا حَيٌّ )
يَعْنِي سَوَاءٌ كان أَبًا أو جَدًّا كما لو كان عَمًّا اتِّفَاقًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تَرِثُ
فَعَلَيْهَا لِأُمِّ الْأُمِّ مع الْأَبِ وَأُمِّهِ السُّدُسُ كَامِلًا على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ مع قِيَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِجَمِيعِهِ
وَقِيلَ لها نِصْفُ السُّدُسِ مُعَادَاةً بِأُمِّ الْأَبِ التي لَا تَرِثُ على هذه الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ مَأْخَذَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ إذَا كان مَعَهَا أُمُّ أُمِّ الْأَبِ إلَّا أَنْ تَسْقُطَ الْبُعْدَى بِالْقُرْبَى على الْقَوْلِ بِالْمُعَادَاةِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ ذَاتُ قَرَابَتَيْنِ مع أَخَوَيْنِ فَلَهَا ثُلُثَا السُّدُسِ في قِيَاسِ قَوْلِهِ )
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ وَالْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا
وَعَنْهُ تَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدِهِمَا وَأُمُّ أبي أبيه
____________________
(7/311)
وَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ خَالَتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ
فَائِدَةٌ لو أَدْلَتْ جَدَّةٌ بِثَلَاثِ جِهَاتٍ تَرِثُ بها لم يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهَا جَدَّةٌ أُخْرَى وَارِثَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى تَرِثُ مَعَهَا رُبُعَ السُّدُسِ أو نِصْفَهُ على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ اللَّقِيطِ أَنَّهُ لو أُلْحِقَ بِأَبَوَيْنِ أَنَّ لأمى أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ أُلْحِقَ بِهِمَا مع أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ السُّدُسِ وَلِأُمِّ الْأُمِّ نِصْفُهُ فَيُعَايَى بها
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( فَإِنْ كانت بِنْتٌ وَبَنَاتُ بن فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الِابْنِ وَاحِدَةً كانت أو أَكْثَرَ من ذلك السُّدُسِ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَيُمْكِنُ عَوْلُهَا بهذا السُّدُسِ كُلِّهِ فَلَوْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا وَالْحَالَةُ هذه فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وما انْتَفَعَ )
ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا
وَكَذَا الْأُخْتُ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ مع الأخوة لِلْأَبَوَيْنِ
فَأَمَّا الْأُخْتُ من الْأَبِ وَهِيَ الْقَائِلَةُ إذَا كانت حَامِلًا مع زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ إنْ أَلِدْ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ أو ذَكَرًا وَأُنْثَى لم يَرِثَا وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَى وَرِثَتْ فَيُعَايَى بها
وَكَذَا الْحُكْمُ في بَنَاتِ بن الِابْنِ مع بِنْتِ الِابْنِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ في الْحَجْبِ ( وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِثَلَاثَةٍ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَالْأَبِ وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَبِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُهُمْ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ كما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ ( وَلِلْجَدِّ هذه الْأَحْوَالُ وَحَالٌ رَابِعٌ وَهِيَ مع الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ
____________________
(7/312)
بَابُ الْعَصَبَاتِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ )
أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى من الْإِخْوَةِ من الْأَبَوَيْنِ أو الْأَبِ
وهو صَحِيحٌ في الْجُمْلَةِ أَمَّا حَمْلُهُ على إطْلَاقِهِ فَضَعِيفٌ
فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِخْوَةَ يُقَاسِمُونَهُ
وَأَمَّا أَنَّهُ أَوْلَى في الْجُمْلَةِ فَصَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ
أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا لم يَفْضُلْ من الْمِيرَاثِ إلَّا السُّدُسُ وَرِثَهُ وَأَسْقَطَهُمْ
وَكَذَا إذَا لم يَبْقَ من الْمَالِ شَيْءٌ أُعِيلَ بِسَهْمِهِ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ فَوَائِدُ
بَعْدَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مع بنى أَبٍ أَقْرَبَ منه هذا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ نَصَّ عليه
فَعَلَى هذا لو نَكَحَ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَابْنُ الْأَبِ عَمٌّ وبن الِابْنِ خَالٌ فَيَرِثُهُ خَالُهُ دُونَ عَمِّهِ فَيُعَايَى بها
وَلَوْ خَلَّفَ الْأَبُ فيها أَخًا وبن ابْنِهِ وهو أَخُو زَوْجَتِهِ وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ فَيُعَايَى بها
وَيُقَالُ أَيْضًا وَرِثَتْ زَوْجَةٌ ثُمُنًا وَأَخُوهَا الْبَاقِي فَيُعَايَى بها
فَلَوْ كان الْإِخْوَةُ سَبْعَةً وَرِثُوهُ سَوَاءً فَيُعَايَى بها
وَلَوْ كان الْأَبُ تَزَوَّجَ الْأُمَّ وَتَزَوَّجَ ابْنُهُ بِنْتَهَا فَابْنُ الْأَبِ منها عَمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَخَالُهُ فَيُعَايَى بها
وَلَوْ تَزَوَّجَ زَيْدٌ أُمَّ عَمْرٍو وَتَزَوَّجَ عَمْرٌو بِنْتَ زَيْدٍ فَابْنُ زَيْدٍ عَمُّ بن عَمْرٍو وَخَالُهُ فَيُعَايَى بها
____________________
(7/313)
وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتَ الْآخَرِ فَوَلَدُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بن خَالِ وَلَدِ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ فَوَلَدُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ وَلَدِ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها
وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَهُمَا الْقَائِلَتَانِ مَرْحَبًا بِابْنَيْنَا وَزَوْجَيْنَا وابنى زَوْجَيْنَا وَوَلَدُ كل وَاحِدٍ عَمُّ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وإذا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ من بَعْدِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الرَّدُّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ على الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وإذا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ من بَعْدِهِ يَعْنِي الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ كَعَصَبَاتِ النَّسَبِ
فَيُقَدَّمُ الْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ على الْأَخِ من الْأَبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وَخَرَّجَ بن الزَّاغُونِيِّ في كِتَابِهِ التَّلْخِيصِ في الْفَرَائِضِ من مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ رِوَايَةً أُخْرَى بِاشْتِرَاكِ الْأَخِ من الْأَبِ مع الْأَخِ من الْأَبَوَيْنِ في الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَمَتَى كان بَعْضُ بنى الْأَعْمَامِ زَوْجًا أو أَخًا من أُمٍّ أَخَذَ فَرْضَهُ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ في تَعْصِيبِهِمْ )
فَلَوْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَتْ الْبِنْتُ النِّصْفَ وَأَبُوهَا النِّصْفَ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَيُعَايَى بها
وَلَوْ أَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ وَرِثُوهَا أَثْلَاثًا فَيُعَايَى بها
____________________
(7/314)
وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَ أخوة لِأَبَوَيْنِ أَحَدُهُمْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فإذا مَاتَتْ وَرِثَ الزَّوْجُ ثُلُثَيْ التَّرِكَةِ وَالْأَخَوَيْنِ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثَ فَيُعَايَى بها
وَلَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَلَهُ خَمْسَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ ثُمَّ وَلَدَتْ منه مِثْلَهُمْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ آخَرَ فَوَلَدَتْ له خَمْسَ بَنِينَ أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا الْأَوَّلُ وَرِثَ منه خَمْسَةُ إخْوَةٍ نِصْفًا وَخَمْسَةٌ ثُلُثًا وَخَمْسَةٌ سُدُسًا فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ ( فإذا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ الْمَالَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَصَبَةِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْإِخْوَةِ من الْأُمِّ الثُّلُثُ وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ ) وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّ الْإِخْوَةَ من الْأَبَوَيْنِ يُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ من الْأُمِّ في الثُّلُثِ
وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ والحمارية إذَا كان فيها إخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَلَوْ كان مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ عَالَتْ إلَى عَشْرَةٍ ) بِلَا نِزَاعٍ ( وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْفُرُوخِ )
وَتُسَمَّى أَيْضًا الشُّرَيْحِيَّةَ لِحُدُوثِهَا في زَمَنِ شُرَيْحٍ الْقَاضِي لِأَنَّ الزَّوْجَ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ النِّصْفَ فلما أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ أَعْطَاهُ ثَلَاثَةً من عَشْرَةٍ فَخَرَجَ وهو يقول ما أَعْطَيْت النِّصْفَ وَلَا الثُّلُثَ
وكان شُرَيْحٌ يقول إذَا رَأَيْتنِي رَأَيْت حُكْمًا جَائِرًا وإذا رَأَيْتُك ذَكَرْت رَجُلًا فَاجِرًا لِأَنَّك تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ
____________________
(7/315)
بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( فإذا اجْتَمَعَ مع النِّصْفِ سُدُسٌ أو ثُلُثٌ أو ثُلُثَانِ فَهِيَ من سِتَّةٍ )
فَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ من أُمٍّ من سِتَّةٍ
وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ لِأَنَّ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما لَا يُعِيلُ الْمَسَائِلَ وَلَا يَحْجُبُ الْأُمَّ من الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فإنه أَعْطَى الْأُمَّ الثُّلُثَ هُنَا وَالْبَاقِيَ وهو السُّدُسُ لِلْأَخَوَيْنِ من الْأُمِّ
فَهُوَ إنَّمَا يُدْخِلُ النَّقْصَ على من يَصِيرُ عَصَبَةً في حَالٍ وَإِنْ أَعْطَى الْأُمَّ السُّدُسَ فَهُوَ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا بِثَلَاثَةٍ وهو لَا يَرَى الْعَوْلَ
قَوْلُهُ ( وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ )
فَتُسَمَّى الْمَسْأَلَةُ إذَا عَالَتْ إلَى تِسْعَةٍ الْغَرَّاءَ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمُبَاهَلَةِ فَاشْتُهِرَ الْعَوْلُ فيها
وَمَسْأَلَةُ الْمُبَاهَلَةِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ فَشَاوَرَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه الصَّحَابَةَ فَأَشَارَ عليه الْعَبَّاسُ رضي اللَّهُ عنه بِالْعَوْلِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ على الْقَوْلِ بِهِ إلَّا بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما وَلَكِنَّهُ لم يَظْهَرْ ذلك في حَيَاةِ عُمَرَ فلما مَاتَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه دَعَا بن عَبَّاسٍ إلَى الْمُبَاهَلَةِ وقال من شَاءَ بَاهَلْته أن الذي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لم يَجْعَلْ في الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا فإذا ذَهَبَ النِّصْفَانِ بِالْمَالِ فَأَيْنَ الثُّلُثُ
ثُمَّ قال وَأَيْمُ اللَّهِ لو قَدَّمُوا من قَدَّمَ اللَّهُ وَأَخَّرُوا من أَخَّرَ اللَّهُ ما عَالَتْ فَرِيضَةٌ قَطُّ فَقِيلَ له لِمَ لَا أَظْهَرْت هذا في زَمَنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه فقال كان مَهِيبًا فَهِبْته انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْإِلْزَامِ وَلَا جَوَابَ له عنها
____________________
(7/316)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وإذا اجْتَمَعَ مع الرُّبُعِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ من اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ على الْأَفْرَادِ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ )
كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ فَهَذِهِ تُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ كُلَّهُمْ نِسَاءٌ
فَإِنْ كانت التَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَلِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ ( وإذا اجْتَمَعَ مع الثَّمَنِ سُدُسٌ أو ثُلُثَانِ فَأَصْلُهَا من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا تَعُولُ إلَى أَكْثَرَ منها )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ أنها تَعُولُ إلَى إحْدَى وَثَلَاثِينَ
وَلَعَلَّهُ عَنَى الرِّوَايَةَ عن بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه فإنه مَذْهَبُهُ كما قَالَهُ في الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ ( وإذا لم تَسْتَوْعِبْ الْفُرُوضُ الْمَالَ ولم تَكُنْ عَصَبَةٌ رَدَّ الْفَاضِلَ على ذَوِي الْفُرُوضِ بِقَدْرِ فُرُوضِهِمْ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الرَّدُّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ على الْوَلَاءِ
وَتَقَدَّمَتْ هذه الرِّوَايَةُ في بَابِ الْعَصَبَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وإذا انْقَرَضَتْ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ ذَوُو الْأَرْحَامِ على الرَّدِّ
وَعَنْهُ لَا يَرِثُ بِالرَّدِّ بِحَالٍ
وَعَنْهُ لَا يُرَدُّ على وَلَدِ أُمٍّ مع الْأُمِّ وَلَا على جَدَّةٍ مع ذِي سَهْمٍ
نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ إلَّا قَوْلَهُ إلَّا مع ذِي سَهْمٍ
____________________
(7/317)
فَائِدَةٌ إذَا لم نَقُلْ بِالرَّدِّ كان الْفَاضِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَالُ من مَاتَ وَلَا وَارِثَ له
لَكِنْ هل بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ ليس بِوَارِثٍ وَإِنَّمَا يُحْفَظُ فيه الْمَالُ الضَّائِعُ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسْعِينَ
قال الزَّرْكَشِيُّ في الْعَاقِلَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ليس بِعَصَبَةٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَهُ بن الْبَنَّا وَغَيْرُهُ
قال الْحَارِثِيُّ في أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ غَيْرُ وَارِثٍ لِتَقَدُّمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ عليه وَانْتِفَاءِ صَرْفِ الْفَاضِلِ عن ذَوِي الْفُرُوضِ إلَيْهِ
قال الْمُصَنِّفُ ليس بِعَصَبَةٍ
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ إرْثًا
ثُمَّ قال فَإِنْ أُرِيدَ أن اشْتِبَاهُ الْوَارِثِ بِغَيْرِهِ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْإِرْثِ لِلْكُلِّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ
وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ إرْثٌ في الْبَاطِنِ لِمُعَيَّنٍ فَيُحْفَظُ مِيرَاثُهُ في بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ لِلْجَهْلِ بِمُسْتَحَقِّهِ عَيْنًا فَهُوَ وَالْأَوَّلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ
قال وَيَنْبَنِي على ذلك مَسْأَلَةُ اقْتِصَاصِ الْإِمَامِ مِمَّنْ قَتَلَ من لَا وَارِثَ له
وفي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ منهم من بَنَاهَا على أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ هل هو وَارِثٌ أَمْ لَا
وَمِنْهُمْ من قال لَا يَنْبَنِي على ذلك ثُمَّ لهم طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ وَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ وَارِثٌ لِأَنَّ في الْمُسْلِمِينَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْغَائِبَ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى الْخَطَّابِ
____________________
(7/318)
وَالثَّانِي يَجُوزُ الِاقْتِصَاصُ وَإِنْ قُلْنَا ليس بِوَارِثٍ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامِ وَنَظَرَهُ في الْمَصَالِحِ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَارِثِ وهو مَأْخَذُ بن الزَّاغُونِيِّ انْتَهَى
قُلْت قد تَقَدَّمَ من فَوَائِدِ الْخِلَافِ في وَصِيَّةِ من لَا وَارِثَ له إنْ قِيلَ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِ
وَإِنْ قِيلَ هو وَارِثٌ لم تَجُزْ إلَّا بِالثُّلُثِ قَالَهُ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْفَيْءِ هل بَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا
____________________
(7/319)
بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( فَإِنْ تَبَايَنَتْ ضَرَبْت بَعْضَهَا في بَعْضٍ فما بَلَغَ ضَرَبْته في الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا )
كَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ تُسَمَّى الصَّمَّاءَ
وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَخَمْسِ جَدَّاتٍ وَسَبْعِ بَنَاتٍ وَتِسْعِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الِامْتِحَانِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ من ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ
وَذَلِكَ أَنَّك إذَا ضَرَبْت الْأَعْدَادَ بَعْضَهَا في بَعْضٍ بَلَغَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ مَضْرُوبَةً في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْلُغُ ما قُلْنَا
فَيُقَالُ أَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ وَلَيْسَ منهم من يَبْلُغُ عَدَدُهُ عَشْرَةً بَلَغَتْ مَسْأَلَتُهُمْ إلَى ذلك فَيُعَايَى بها
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ كانت مُوَافِقَةً كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ ) هذا يُسَمَّى الْمَوْقُوفَ الْمُطْلَقَ
ذلك أَنْ تَقِفَ أَيَّ الْأَعْدَادِ شِئْت وَيَصِحُّ جُزْءُ السَّهْمِ من سِتِّينَ
وبقى نَوْعٌ آخَرُ وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ الْمُقَيَّدَ
مِثَالُهُ لو انْكَسَرَ على اثنى عَشَرَ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ فَهُنَا تَقِفُ الاثنى ( ( ( الاثنا ) ) ) عَشَرَ لَا غَيْرُ لِأَنَّهَا تُوَافِقُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بِالْأَسْدَاسِ وَالْعِشْرِينَ بِالْأَرْبَاعِ بِخِلَافِ ما إذَا وَقَفْت الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهَا لَا تُوَافِقُ الْعِشْرِينَ إلَّا بِالْإِنْصَافِ وَإِنْ وَافَقَتْ الْعِشْرِينَ لم تُوَافِقْهَا الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ إلَّا بِالْأَنْصَافِ فَيَرْتَفِعُ الْعَمَلُ في الْمَسْأَلَةِ وهو غَيْرُ مرضى عِنْدَهُمْ
فَالْأَوْلَى أَنْ تَقِفَ الإثنى ( ( ( الاثنا ) ) ) عَشَرَ وَقِسْ عليها ما شَابَهَهَا
____________________
(7/320)
بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَمَعْنَاهَا أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ قبل قَسْمِ تَرِكَتِهِ )
وهو صَحِيحٌ فَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ أَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَ من في الْمَسْأَلَةِ فَلَا بُدَّ هُنَا من السُّؤَالِ عن الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ
فَإِنْ كان رَجُلًا فَالْأَبُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَدٌّ في الثَّانِيَةِ أبو أَبٍ فَيَرِثُهُ في الثَّانِيَةِ
وَإِنْ كان الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ أُنْثَى فَالْأَبُ في الْأُولَى جَدٌّ في الثَّانِيَةِ أبو أُمٍّ فَلَا يَرِثُ
فَتَصِحُّ في الْأُولَى من أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ
وفي الثَّانِيَةِ من اثنى عَشَرَ
وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عنها يحيى بن أَكْثَمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ فقال له الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَعُلِمَ أَنَّهُ قد عَرَفَهَا
فقال له كَمْ سِنُّك فَفَطِنَ يحيى لِذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّهُ اسْتَصْغَرَهُ فقال سِنُّ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي اللَّهُ عنه لَمَّا وَلَّاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْيَمَنَ وَسِنُّ عَتَّابِ بن أُسَيْدَ رضي اللَّهُ عنه لَمَّا ولى مَكَّةَ فَاسْتَحْسَنَ جَوَابَهُ وَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ
____________________
(7/321)
بَابُ قَسْمِ التَّرِكَاتِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال قَائِلٌ إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ ولى تَرِكَةٌ أَخَذَ الْأَكْبَرُ دِينَارًا وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الثَّانِي دِينَارَيْنِ وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثَلَاثَ دَنَانِيرَ وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الرَّابِعُ جَمِيعَ ما بَقِيَ وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهم أَخَذَ حَقَّهُ من غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَمْ كانت التَّرِكَةُ
فَالْجَوَابُ أنها كانت سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا
وفي الْفُرُوعِ هُنَا سَهْوٌ فإنه جَعَلَ لِلرَّابِعِ أَرْبَعَةً وَخُمِّسَ ما بقى وَالْحَالُ أَنَّهُ لم يَبْقَ شَيْءٌ بَعْدَ أَخْذِ الْأَرْبَعَةِ
الثَّانِيَةُ لو قال إنْسَانٌ لِمَرِيضٍ أَوْصِ فقال إنَّمَا يرثنى امْرَأَتَاك وَجَدَّتَاك وَأُخْتَاك وَعَمَّتَاك وَخَالَتَاك
فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزَوَّجَ بِجَدَّتَيْ الْآخَرِ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أبيه فَأَوْلَدَ الْمَرِيضُ كُلًّا مِنْهُمَا بِنْتَيْنِ فَهُمَا من أُمِّ الْأَبِ الصَّحِيحِ عَمَّتَا الصَّحِيحِ وَمِنْ أُمِّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ وقد كان أبو الْمَرِيضِ تَزَوَّجَ أُمَّ الصَّحِيحِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ
وَتَصِحُّ من ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيُعَايَى بها
____________________
(7/322)
بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في آخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ رِوَايَةٌ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرِثُونَ أَلْبَتَّةَ وَلَا عَمَلَ عليه
وَقَوْلُهُ هُنَا في عَدَدِهِمْ ( وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بين أُمَّيْنِ أو بِأَبٍ أَعْلَى من الْجَدِّ )
أَمَّا الْأُولَى فَهِيَ من ذَوِي الْأَرْحَامِ بِلَا نِزَاعٍ
وَأَمَّا الْجَدَّةُ الثَّانِيَةُ أعنى الْمُدْلِيَةَ بِأَبٍ أَعْلَى من الْجَدِّ فَهِيَ أَيْضًا من ذَوِي الْأَرْحَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَقِيلَ هِيَ من ذَوِي الْفُرُوضِ
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ في فَصْلِ الْجَدَّاتِ
وَقَوْلُهُ ( وَيَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ )
كما نَقَلَ الْمُصَنِّفُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ
وَعَنْهُ يَرِثُونَ على حَسَبِ تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ
قَوْلُهُ ( وَالْعَمَّاتُ وَالْعَمُّ من الْأُمِّ كَالْأَبِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
منهم الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ كَالْعَمِّ يَعْنِي من الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
____________________
(7/323)
وَقِيلَ كُلُّ عَمَّةٍ كَأَخِيهَا
وَعَنْهُ الْعَمَّةُ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ كَالْجَدِّ
فَعَلَيْهَا الْعَمَّةُ لِأُمٍّ وَالْعَمُّ لِأُمٍّ كَالْجَدَّةِ أُمُّهُمَا
وقال في الرَّوْضَةِ الْعَمَّةُ كَالْأَبِ وَقِيلَ كَبِنْتٍ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا خَطَأٌ وَأَيُّ جَامِعٍ بين الْعَمَّةِ وَالْبِنْتِ
فَائِدَةٌ هل عَمَّةُ الْأَبِ على هذا الْخِلَافِ
وَهَلْ عَمُّ الْأَبِ من الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ لِأُمٍّ كَالْجَدِّ أو كَعَمِّ الْأَبِ من الْأَبَوَيْنِ أو كَأُمِّ الْجَدِّ مبنى على هذا الْخِلَافِ أَيْضًا
وَلَيْسَا كَأَبِ الْجَدِّ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا
قَوْلُهُ ( فإذا أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِوَاحِدٍ وَاسْتَوَتْ مَنَازِلُهُمْ منه فَنَصِيبُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فيه سَوَاءٌ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال أبو الْخَطَّابِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلَّا وَلَدُ الْأُمِّ
وقال الخرقى يسوي بَيْنَهُمْ إلَّا الْخَالُ وَالْخَالَةُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ اسْتِحْسَانًا
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشِّيرَازِيُّ
____________________
(7/324)
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى لَا أَعْلَمُ له وَجْهًا
قال الْقَاضِي لم أَجِدْ هذا بِعَيْنِهِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ من بَعْضٍ فَمَنْ سَبَقَ إلَى الْوَارِثِ وَرِثَ وَأَسْقَطَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا من جِهَتَيْنِ فَيُنَزَّلُ الْبَعِيدُ حتى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ أَمْ لَا كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ )
فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْمَالَ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ
وَذُكِرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ أَنَّ الْإِرْثَ لِلْجِهَةِ الْقُرْبَى مُطْلَقًا
وفي الرَّوْضَةِ في بن بِنْتٍ وبن أَخٍ لِأُمٍّ له السُّدُسُ وَلِابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا على أَرْبَعَةٍ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ
قَوْلُهُ ( وَالْجِهَاتُ أَرْبَعٌ الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ وَالْأُخُوَّةُ )
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أو لَا
وَيَلْزَمُهُ عليه إسْقَاطُ بِنْتِ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأَخَوَاتِ وَبَنُوهُنَّ بِبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ
قال الشَّارِحُ وهو بَعِيدٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وإذا كان بن ابْنِ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَبِنْتُ بن ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهُ السُّدُسُ وَلَهَا الْبَاقِي
وَيَلْزَمُ من جَعْلِ الْأُخُوَّةِ جِهَةً أَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ لِلْبِنْتِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا حَيْثُ يَجْعَلُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَهْلَ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَدَّهُ شَارِحُهُ
قال في الْفَائِقِ وهو فَاسِدٌ
قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ وَقِيلَ خَطَأٌ
____________________
(7/325)
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ الْعُمُومَةَ جِهَةً خَامِسَةً
وهو مُفْضٍ إلَى إسْقَاطِ بِنْتِ الْعَمِّ من الْأَبَوَيْنِ بِبِنْتِ الْعَمِّ من الْأُمِّ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَا نَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا
وَذَكَرَ في المغنى أَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بن سَالِمٍ
قال في الْفَائِقِ ولم يُعَدَّ قَبْلَهُ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا أَشْهَرُ
وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجِهَاتِ ثَلَاثٌ وَهُمْ الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَخِيرًا وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَيَلْزَمُ عليه إسْقَاطُ بِنْتِ عَمَّةٍ بِبِنْتِ أَخٍ
قال في الْفَائِقِ وهو أَفْسَدُ من الْقَوْلِ الْأَوَّلِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ النِّزَاعُ لفظى
وَلَا فَرْقَ بين جَعْلِ الْأُخُوَّةِ والعمومة جِهَةً وَبَيْنَ إدْخَالِهَا في جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ وَيَجْعَلُ الْجِهَاتِ ثَلَاثًا وَالِاعْتِرَاضُ في الصُّورَتَيْنِ لَا حَقِيقَةَ له
لِأَنَّا إذَا قُلْنَا إذَا كَانَا من جِهَةٍ قَدَّمْنَا الْأَقْرَبَ إلَى الْوَارِثِ فإذا كَانَا من جِهَتَيْنِ لم يُقَدَّمْ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَارِثِ
فَاسْمُ الْجِهَةِ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي بِهِ ما يَشْتَرِكَانِ فيه من الْقَرَابَةِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ يَشْتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ يَشْتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ الْأُخُوَّةِ ولم يُرِدْ أبو الْخَطَّابِ بِالْجِهَةِ الْوَارِثَ الذي يُدْلَى بِهِ
وَلِهَذَا فَرَّقَ بين الْوَارِثِ الذي يُدْلَى بِهِ وَبَيْنَ الْجِهَةِ فقال إلَّا أَنْ يَسْبِقَهُ إلَى وَارِثٍ آخَرَ غَيْرِهِ وَتَجْمَعُهُمَا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ
____________________
(7/326)
وإذا نَزَّلْنَا بِنْتَ الْعَمَّةِ وَالْعَمِّ مَنْزِلَةَ الْأَبِ لم يَمْنَعْ ذلك أَنْ يَكُونَ جِهَةً من جِهَاتِ الْعُمُومَةِ لِلْمُشَارَكَةِ في الِاسْمِ انْتَهَى كَلَامُهُ
فَائِدَةٌ الْبُنُوَّةُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ كُلُّ وَلَدِ الصُّلْبِ جِهَةٌ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَهِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدِي
وَعَنْهُ كُلُّ وَارِثٍ يُدْلَى بِهِ جِهَةٌ
فَعَمَّةٌ وبن خَالٍ له الثُّلُثُ وَلَهَا الْبَقِيَّةُ
وَلَوْ كان مَعَهُمَا خَالَةُ أُمٍّ كان الْحُكْمُ كَذَلِكَ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بن الْخَالِ يَسْقُطُ بها وَلَهَا السُّدُسُ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمَّةِ وَخَالَةِ أُمٍّ وَخَالَةِ أَبٍ الْمَالُ لَهُمَا كَجَدَّتَيْنِ وَتُسْقِطُهُمَا أُمُّ أبى الْأُمِّ على هذه الرِّوَايَةِ وَالْمَذْهَبُ تَسْقُطُ هِيَ
وَلَوْ كانت بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتِ بن فَالْمِيرَاثُ على أَرْبَعَةٍ بَيْنَهُمَا إنْ قِيلَ كُلُّ وَلَدِ صُلْبٍ جِهَةٌ
وَإِنْ قِيلَ كلهم جِهَةٌ اخْتَصَّتْ بِهِ الثَّانِيَةُ لِلسَّبْقِ
وَلَوْ كان مَعَهَا بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى فَالْمِيرَاثُ لولدى بنتى الصُّلْبِ على الْأَوَّلِ ولولدى الِابْنِ على الثَّانِي قَالَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَمَنْ مَتَّ بِقَرَابَتَيْنِ ) أَيْ أَدْلَى ( وَرِثَ بِهِمَا )
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَشَخْصَيْنِ
وحكى عنه أَنَّهُ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اتَّفَقَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَعْطَيْته فَرْضَهُ غير مَحْجُوبٍ وَلَا مُعَاوِلٍ وَقَسَمْت الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ كما لو انْفَرَدُوا
____________________
(7/327)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْسَمَ الْفَاضِلُ عن الزَّوْجِ بَيْنَهُمْ كما يُقْسَمُ بين من أَدْلَوْا بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
وَالْأَمْثِلَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذا الْخِلَافِ
وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ منه
____________________
(7/328)
بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ فَائِدَةٌ الْحَمْلُ يَرِثُ في الْجُمْلَةِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ هل يَثْبُتُ له الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَيَتَبَيَّنُ ذلك بِخُرُوجِهِ حَيًّا أَمْ لَا يَثْبُتُ له الْمِلْكُ حتى يَنْفَصِلَ حَيًّا فيه خِلَافٌ بين الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهَذَا الْخِلَافُ مُطَّرِدٌ في سَائِرِ أَحْكَامِهِ
الثَّانِيَةُ هل هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ حَيًّا فَلَا تَثْبُتُ قَبْلَهُ أو هِيَ ثَابِتَةٌ له في حَالِ كَوْنِهِ حَمْلًا لَكِنْ ثُبُوتُهَا مُرَاعًى بِانْفِصَالِهِ حَيًّا فإذا انْفَصَلَ حَيًّا تَبَيَّنَّا ثُبُوتَهَا من حِينِ وُجُودِ أَسْبَابِهَا
وَهَذَا هو تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِ من قال هل الْحَمْلُ له حُكْمٌ أَمْ لَا
قال وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْإِنْفَاقِ على أُمِّهِ من نَصِيبِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ له الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ من حِينِ مَوْتِ أبيه وَصَرَّحَ بِذَلِكَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على خِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ له الْمِلْكُ إلَّا بِالْوَضْعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ في فِطْرَةِ الْجَنِينِ لم تَثْبُتْ له أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا في الْإِرْثِ في الْوَصِيَّةِ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا انْتَهَى
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَقَفْت له نَصِيبَ ذَكَرَيْنِ إنْ كان نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ وَإِلَّا وَقَفْت نَصِيبَ اثْنَيْنِ )
وَكَذَا لو كان إرْثُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرَ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَمِثَالُ كَوْنِ الذَّكَرَيْنِ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ لو خَلَّفَ زَوْجَةً حَامِلًا
وَمِثَالُهُ في الْأُنْثَيَيْنِ كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ مع أَبَوَيْنِ
____________________
(7/329)
وَمِثَالُهُ في الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لو خَلَّفَ زَوْجَةً أو خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأَمَّا حَامِلًا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
قَوْلُهُ ( وإذا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا وَرِثَ وَوُرِثَ ) مُخَفَّفًا
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ
قال في الرَّوْضَةِ هذا الصَّحِيحُ عِنْدِي
وَجَزَمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَرِثُ أَيْضًا بِصَوْتِ غَيْرِ الصُّرَاخِ
قَوْلُهُ ( وفي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ وَالتَّنَفُّسُ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في الْعُطَاسِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ في الْعُطَاسِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ في التنفس ( ( ( التنفيس ) ) )
قال في الْفَائِقِ وَشَرَطَ الْقَاضِي طُولَ زَمَنِ التَّنَفُّسِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أو تَحَرَّكَ أو عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ
وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في هذا الْبَابِ فَإِنْ تَحَرَّكَ أو تَنَفَّسَ لم يَكُنْ كَالِاسْتِهْلَالِ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ إذَا تَحَرَّكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ حتى يَسْتَهِلَّ
وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّنَفُّسِ كَالِاسْتِهْلَالِ
وقال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِهْلَالُ فَقَطْ
قَوْلُهُ ( وَالِارْتِضَاعُ
____________________
(7/330)
يَعْنِي أَنَّهُ في مَعْنَى الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا فَيَرِثُ وَيُورَثُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ
وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَرِثُ بِذَلِكَ وَلَا يُورَثُ
وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا في الْفَائِقِ
قَوْلُهُ ( وما يَدُلُّ على الْحَيَاةِ )
كَالْحَرَكَةِ الطَّوِيلَةِ وَالْبُكَاءِ وغيرهما ( ( ( وغيرها ) ) ) مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ ( فَأَمَّا الْحَرَكَةُ وَالِاخْتِلَاجُ فَلَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ )
مُجَرَّدُ الِاخْتِلَاجِ لَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ
وَأَمَّا الْحَرَكَةُ فَإِنْ كانت يَسِيرَةً فَلَا تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا على الْحَيَاةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَلَوْ عُلِمَ مَعَهُمَا حَيَاةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فإن الْحَيَوَانَ يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ حَرَكَةً شَدِيدَةً وهو كَمَيِّتٍ
وَكَذَا التَّنَفُّسُ الْيَسِيرُ لَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَإِنْ كانت الْحَرَكَةُ طَوِيلَةً فَالْمَذْهَبُ أنها تَدُلُّ على الْحَيَاةِ وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ
وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي في الْفَائِقِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ ذلك كُلَّهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا لم يَرِثْ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ
____________________
(7/331)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ يَرِثُ
قال في الْخُلَاصَةِ وَرِثَ في الْأَصَحِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَاسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ عليه الْقُرْعَةُ فَهُوَ الْمُسْتَهِلُّ )
مُرَادُهُ إذَا كان إرْثُهُمَا مُخْتَلِفًا فَلَوْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أو أُنْثَيَيْنِ أو ذَكَرًا وَأُنْثَى أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ لم يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا وَيُقْرَعُ فِيمَا سِوَى ذلك وهو وَاضِحٌ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو مَاتَ كَافِرٌ عن حَمْلٍ منه لم يَرِثْهُ الْحَمْلُ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ قبل وَضْعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَنَصَرَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يَرِثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وفي الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيَرِثُهُ
ثُمَّ ذَكَرَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا مَاتَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ولم يَرِثْهُ وَحَمَلَهُ على وِلَادَتِهِ بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ
الثَّانِيَةُ إذَا مَاتَ كَافِرٌ عن حَمْلٍ من كَافِرٍ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قبل وَضْعِهِ مِثْلُ أَنْ يُخَلِّفَ أُمَّهُ حَامِلًا من غَيْرِ أبيه فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرِثَ حَيْثُ ثَبَتَ النَّسَبُ
____________________
(7/332)
تَنْبِيهٌ روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك نُصُوصٌ نَذْكُرُهَا وَنَذْكُرُ ما فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِهِ فَنَقُولُ
رَوَى جَعْفَرٌ عنه في نصرانى مَاتَ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ وَكَانَتْ حُبْلَى فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ هل يَرِثُ
قال لَا وقال إنَّمَا مَاتَ أَبُوهُ وهو لَا يَعْلَمُ ما هو وَإِنَّمَا يَرِثُ بِالْوِلَادَةِ وَحُكِمَ له بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ
وقال محمد بن يحيى الْكَحَّالُ قُلْت لأبى عبد اللَّهِ مَاتَ نصرانى وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ قال ما في بَطْنِهَا مُسْلِمٌ
قُلْت أَيَرِثُ أَبَاهُ إذَا كان كَافِرًا وهو مُسْلِمٌ قال لَا يَرِثُهُ
فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ من إرْثِهِ لِأَبِيهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ إرْثَهُ يَتَأَخَّرُ إلَى ما بَعْدَ الْوِلَادَةِ وإذا تَأَخَّرَ تَوْرِيثُهُ إلَى ما بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَقَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ زَمَنَ الْوِلَادَةِ إمَّا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ كما دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا أو بِمَوْتِ أبيه على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ لَا يَتَوَقَّفُ على الْعِلْمِ بِهِ بِخِلَافِ التَّوْرِيثِ
وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّوْرِيثَ يَتَأَخَّرُ عن مَوْتِ الْمَوْرُوثِ إذَا انْعَقَدَ سَبَبُهُ في حَيَاةِ الْمَوْرُوثِ وَأُصُولِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَشْهَدُ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ
وقال وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ فَاضْطَرَبُوا في تَخْرِيجِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِلْقَاضِي في تَخْرِيجِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
الْأَوَّلُ أَنَّ إسْلَامَهُ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ أَوْجَبَ مَنْعَهُ من التَّوْرِيثِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
قال بن رَجَبٍ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْفَسَادِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ هذه الصُّورَةَ من جُمْلَةِ صُوَرِ تَوْرِيثِ الطِّفْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أبيه وَنَصُّهُ هذا يَدُلُّ على عَدَمِ التَّوْرِيثِ فَتَكُونُ رِوَايَةً ثَانِيَةً في الْمَسْأَلَةِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(7/333)
قال بن رَجَبٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيلِ بِغَيْرِ ذلك وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ الطِّفْلِ من أبيه الْكَافِرِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِهِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فيه حتى نَقَلَ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عليه فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ما يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ هذا الطِّفْلِ حَصَلَ بِشَيْئَيْنِ بِمَوْتِ أبيه وَإِسْلَامِ أُمِّهِ
وَهَذَا الثَّانِي مَانِعٌ قوى لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عليه فَلِذَلِكَ مَنَعَ الْمِيرَاثَ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ إذَا مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فإنه يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَمْنَعُ إرْثَهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ فيه ضَعِيفٌ للإختلاف فيه
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
قال بن رَجَبٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ أَيْضًا وَمُخَالِفَةٌ لِتَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فإنه إنَّمَا عُلِّلَ بِسَبْقِ الْمَانِعِ لِتَوْرِيثِهِ لَا بِقُوَّةِ الْمَانِعِ وَضَعْفِهِ
وَإِنَّمَا وَرَّثَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ لَا لِضَعْفِهِ انْتَهَى ما ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو زَوَّجَ أَمَتَهُ بِحُرٍّ فَأَحْبَلَهَا فقال السَّيِّدُ إنْ كان حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ وهو رَقِيقَانِ وَإِلَّا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَهِيَ الْقَائِلَةُ إنْ أَلِدْ ذَكَرًا لم أَرِثْ ولم يَرِثْ وَإِلَّا وَرِثْنَا فَيُعَايَى بها
وَتَقَدَّمَ مَسَائِلُ في الْمُعَايَاةِ فِيمَا إذَا كانت حَامِلًا
الثَّانِيَةُ لو خَلَّفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً فقال في المغنى يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَهَا حتى تُسْتَبْرَأَ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ حتى يَعْلَمَ أَحَامِلٌ هِيَ أَمْ لَا وهو الصَّوَابُ
____________________
(7/334)
بَابُ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ
قَوْلُهُ ( وإذا انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا انْتَظَرَتْهُ تَمَامَ تِسْعِينَ سَنَةً من يَوْمِ وُلِدَ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ أَبَدًا
فَعَلَيْهَا يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فيه كَغَيْبَةِ بن تِسْعِينَ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي في بَابِ الْعِدَدِ وَإِنْ كان ظَاهِرُهَا السَّلَامَةَ ولم يَثْبُتْ مَوْتُهُ بَقِيَتْ زَوْجَتُهُ ما رَأَى الْحَاكِمُ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ والنظم ( ( ( والنظر ) ) )
وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ أَبَدًا حتى تَتَيَقَّنَ مَوْتَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَيَاتُهُ
قَدَّمَهُ في بَابِ الْعِدَدِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَالَا هذا الْمَذْهَبُ وَنَصَرَاهُ
وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ زَمَنًا لَا يَعِيشُ مثله غَالِبًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وقال بن عَقِيلٍ تَنْتَظِرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً من يَوْمِ وُلِدَ
وقال بن رَزِينٍ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُنْتَظَرَ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِقَضَاءِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه بِذَلِكَ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنَّمَا قَضَاؤُهُ فِيمَنْ هو في مُهْلِكَةٍ
____________________
(7/335)
قال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ فُقِدَ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً فَهَلْ تَنْتَظِرُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أو يُرْجَعُ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ أو يُرْتَقَبُ أَرْبَعَ سِنِينَ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا
أَفْتَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ يَعْنِي بِهِ الشَّارِحَ وَالْمُخْتَارُ الْأَخِيرُ انْتَهَى
قُلْت قد تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ قال يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ على ذلك في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان ظَاهِرُهَا الْهَلَاكَ ) كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ ( اُنْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ يُقْسَمُ مَالُهُ )
هذا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ فقال اُنْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ تَلِفَ
وَتَابَعَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في ذلك
وَالْأَوْلَى مُنْذُ فُقِدَ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزِيَادَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ
قال الْقَاضِي لَا يُقْسَمُ مَالُهُ حتى تَمْضِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ
وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ في أَمْرِهِ
وقال كُنْت أَقُولُ ذلك وقد هِبْت الْجَوَابَ فيها لِاخْتِلَافِ الناس وَكَأَنِّي أُحِبُّ السَّلَامَةَ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قال أَصْحَابُنَا وَهَذَا تَوَقُّفٌ يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ عَمَّا قَالَهُ أَوَّلًا وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِيَّةِ حتى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أو يَمْضِيَ زَمَانٌ لَا يَعِيشُ فيه مثله
وَيَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ وَيَكُونُ ما قَالَهُ أَوَّلًا بِحَالِهِ في الْحُكْمِ
وَعَنْهُ حُكْمُهُ في الِانْتِظَارِ حُكْمُ التي ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ
____________________
(7/336)
وقال في الْوَاضِحِ يُنْتَظَرُ زَمَنًا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ قال وَحْدَهَا في بَعْضِ رِوَايَاتِهِ بِتِسْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ بِسَبْعِينَ
فَائِدَةٌ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ في عَبْدٍ مَفْقُودٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحُرِّ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَ مُهَنَّا وأبو طَالِبٍ في الْأَمَةِ أنها على النِّصْفِ من الْحُرَّةِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ مَاتَ مَوْرُوثُهُ في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ دُفِعَ إلَى كل وَارِثٍ الْيَقِينُ وَوَقَفَ الْبَاقِي )
وَطَرِيقُ الْعَمَلِ في ذلك أَنْ تَعْمَلَ الْمَسْأَلَةُ على أَنَّهُ حَيٌّ ثُمَّ على أَنَّهُ مَيِّتٌ ثُمَّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا أو وَفْقَهَا في الْأُخْرَى وَاجْتُزِئَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أو بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَتُدْفَعُ إلَى كل وَارِثٍ الْيَقِينُ وَمَنْ سَقَطَ في إحْدَاهُمَا لم يَأْخُذْ شيئا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ على تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ فَقَطْ وَلَا تَقِفُ شيئا سِوَى نَصِيبِهِ إنْ كان يَرِثُ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي
وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يُؤْخَذُ ضَمِينٌ مِمَّنْ معه احْتِمَالُ زِيَادَةٍ على الصَّحِيحِ
____________________
(7/337)
قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ منه ضَمِينٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَ نَصِيبَهُ ) بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ لم يَأْتِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ )
هذا الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قال في الْفَائِقِ هو قَوْلُ غَيْرِ صَاحِبِ المغنى فيه
وَقَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الذي مَاتَ في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ قَطَعَ بِهِ في المغنى
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَحَكَاهُمَا في الشَّرْحِ رِوَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ
قُلْت لم نَرَ من حَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ غَيْرَهُ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يقضي منه دَيْنُ الْمَفْقُودِ بِلَا نِزَاعٍ
وَيُنْفِقُ على زَوْجَتِهِ أَيْضًا وَعَبْدِهِ وَبَهِيمَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفَائِقِ يقضي منه تِلْكَ الْحَالَةَ دَيْنُهُ وَيُنْفِقُ على زَوْجَتِهِ وَغَيْرُ ذلك انْتَهَى
وَعَلَى الثَّانِي لَا يقضي منه دَيْنُهُ وَلَا يُنْفِقُ منه على زَوْجَتِهِ وَلَا عَبْدِهِ وَلَا بَهِيمَتِهِ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ يُقْسَمُ مَالُهُ بَعْدَ انْتِظَارِهِ
وَهَلْ تَثْبُتُ له أَحْكَامُ الْمَعْدُومِ من حِينِ فَقْدِهِ أولا تَثْبُتُ إلَّا من حِينِ
____________________
(7/338)
إبَاحَةِ أَزْوَاجِهِ وَقِسْمَةِ مَالِهِ على وَجْهَيْنِ ينبنى عَلَيْهِمَا لو مَاتَ له في مُدَّةِ انْتِظَارِهِ من يَرِثُهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِتَوْرِيثِهِ منه أَمْ لَا
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنه يُزَكِّي مَالَهُ بَعْدَ مُدَّةِ انْتِظَارِهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ له بِأَحْكَامِ الْمَوْتِ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا )
على ما زَادَ عن نَصِيبِهِ فَيَقْتَسِمُوهُ
يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا على ما زَادَ عن نَصِيبِ الْمَفْقُودِ وَلَهُمْ أَنْ يَصْطَلِحُوا على كل الْمَوْقُوفِ أَيْضًا إنْ حَجَبَ أَحَدًا ولم يَرِثْ أو كان أَخًا لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ مع زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ مُفَرَّعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
أَمَّا على ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو أَنَّا نُعْمِلُ الْمَسْأَلَةَ على تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ فَقَطْ فَلَا يتأتي هذا
وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ ضَمِينٌ مِمَّنْ معه احْتِمَالُ زِيَادَةٍ على الصَّحِيحِ فَلْيُعَاوَدْ فَوَائِدُ
الأولي إذَا قَدِمَ الْمَفْقُودُ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ ما وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ وَيَرْجِعُ على من أَخَذَ الْبَاقِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال في الْفَائِقِ وهو أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ على من أَخَذَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وقال إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لهم
____________________
(7/339)
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فإنه قال رَجَعَ في رِوَايَةٍ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا يَرْجِعُ
الثَّانِيَةُ لو جُعِلَ لِأَسِيرٍ من وَقْفِ شَيْءٍ تَسَلَّمَهُ وَحَفِظَهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدَهُ جميعا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وقال وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَكْفِي وَكِيلُهُ
قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْفَظَهُ الْحَاكِمُ إذَا عُدِمَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ على أَمْوَالِ الْغُيَّابِ على ما يَأْتِي في أَوَاخِرِ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي
الثَّالِثَةُ الْمُشْكِلُ نَسَبُهُ كَالْمَفْقُودِ
فَلَوْ قال رَجُلٌ أَحَدُ هَذَيْنِ ابنى ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا فَيُعَيِّنُهُ فَإِنْ مَاتَ عَيَّنَهُ وَارِثُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أرى الْقَافَةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ في النَّسَبِ على ما يَأْتِي وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوقَفُ
وَيَصْرِفُ نَصِيبَ بن لِبَيْتِ الْمَالِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ عن الْقَاضِي
وَذَكَرَ الأزجى عن الْقَاضِي يُعْزَلُ من التَّرِكَةِ مِيرَاثُ بن يَكُونُ مَوْقُوفًا في بَيْتِ الْمَالِ لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا
قال الأزجى وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لَا وَقْفَ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رجى زَوَالُ الْإِشْكَالِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ افْتَقَرَ نَسَبُهُ إلَى قَائِفٍ فَهُوَ في مُدَّةِ إشْكَالِهِ كَالْمَفْقُودِ
الرَّابِعَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْعَمَلُ في الْمَفْقُودِينَ أو أَكْثَرَ بِتَنْزِيلِهِمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ لَا غَيْرُ دُونَ الْعَمَلِ بِالْحَالَيْنِ
____________________
(7/340)
بَابُ مِيرَاثِ الخنثي
قَوْلُهُ ( وَإِنْ خَرَجَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وقيل ( ( ( وقليل ) ) ) لَا تُعْتَبَرُ الْكَثْرَةُ وَنَقَلَهُ بن هَانِئٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْفَرَجِ وَغَيْرِهِ فإنه قال هل يُعْتَبَرُ السَّبْقُ في الِانْقِطَاعِ فيه رِوَايَتَانِ ولم يذكر الْكَثْرَةَ
وقال ( ( ( وقيل ) ) ) في التَّبْصِرَةِ يُعْتَبَرُ أَطْوَلُهُمَا خُرُوجًا وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ لِأَنَّ بَوْلَهُ يَمْتَدُّ وَبَوْلُهَا يَسِيلُ
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ إنْ خَرَجَا مَعًا حُكِمَ لِلْمُتَأَخِّرِ
وَقَدَّمَ بن عَقِيلٍ الْكَثْرَةَ على السَّبْقِ
وَقِيلَ إنْ انْتَشَرَ بَوْلُهُ على كَثِيبِ رَمْلٍ فَذَكَرٌ وَإِنْ لم يَنْتَشِرْ فَأُنْثَى
قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ
وقال بن أبى مُوسَى تُعَدُّ أَضْلَاعُهُ فَسِتَّةَ عَشَرَ ضِلْعًا لِلذَّكَرِ وَسَبْعَةَ عَشَرَ لِلْأُنْثَى
قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ وهو الصَّغِيرُ أعطى هو وَمَنْ معه الْيَقِينُ وَوَقَفَ الْبَاقِي حتى يَبْلُغَ فَتَظْهَرُ فيه عَلَامَاتُ الرِّجَالِ من نَبَاتِ لِحْيَتِهِ وَخُرُوجِ المنى من ذَكَرِهِ أو عَلَامَاتِ النِّسَاءِ من الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ )
كَسُقُوطِ الثَّدْيَيْنِ نَصَّ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/341)
وَقِيلَ لَا أُنُوثَةَ بِسُقُوطِ الثَّدْيَيْنِ
وَقِيلَ إنْ اشْتَهَى النِّسَاءَ فَذَكَرٌ في كل شَيْءٍ
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ إلَّا في الْإِرْثِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ لِلْغَيْرِ حَقًّا وَإِنْ اشْتَهَى ذَكَرًا فَأُنْثَى
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ حَاضَ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ أو احْتَلَمَ منه أو أَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ لم يُحْكَمْ بِالْخُنُوثَةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلْقَةً زَائِدَةً وَإِنْ حَاضَ من فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ فَبَالِغٌ بِلَا إشْكَالٍ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ بُلُوغُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَلْيُعَاوَدْ فإن فيه نَوْعَ الْتِفَاتٍ إلَى هذا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ يَئِسَ من ذلك بِمَوْتِهِ أو عُدِمَ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أعطى نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى فإذا كان مع الْخُنْثَى بِنْتٌ وبن جَعَلْت لِلْبِنْتِ أَقَلَّ عَدَدٍ له نِصْفٌ وهو سَهْمَانِ وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةً وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةً )
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وقال هذا قَوْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ في هذه الْمَسْأَلَةِ وفي كل
مَسْأَلَةٍ فيها وَلَدٌ إذَا كان فِيهِمْ خُنْثَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أَصْحَابُنَا تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ على أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ على أَنَّهُ أُنْثَى وهو الْمَذْهَبُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
فَيَسْتَحِقُّ على اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ من تِسْعَةٍ وَهِيَ الثُّلُثُ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ من أَرْبَعِينَ وَهِيَ أَقَلُّ من الثُّلُثِ
قَوْلُهُ ( ثُمَّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا أو وَفْقَهَا في الْأُخْرَى إنْ اتَّفَقَا وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أو بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا
____________________
(7/342)
هَكَذَا قال الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا نَوْعٌ من الْمُوَافِقِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أعطى نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى إذَا كان يَرِثُ بِهِمَا مُتَفَاضِلًا كَوَلَدِ الْمَيِّتِ أو وَلَدِ ابْنِهِ
أَمَّا إذَا وَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ كَوَلَدِ أخى الْمَيِّتِ أو عَمِّهِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ لَا غَيْرُ أو وَرِثَ بِكَوْنِهِ أُنْثَى فَقَطْ كَوَلَدِ أَبٍ خُنْثَى مع زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى لَا غَيْرُ أو يَكُونُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمَا كَوَلَدِ الْأُمِّ فإنه يعطي سُدُسًا مُطْلَقًا أو كان الْخُنْثَى سَيِّدًا مُعْتِقًا فإنه عَصَبَةٌ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُنَزِّلُهُمْ حَالَيْنِ مَرَّةً ذُكُورًا وَمَرَّةً إنَاثًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وقال في الْفُرُوعِ وقال بن عَقِيلٍ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ وَلَا تُوقَفُ مع خُنْثَى مُشْكِلٍ على الْأَصَحِّ
وقال في الْفَائِقِ وَفِيهِ وَجْهٌ يُنَزَّلُونَ حَالَيْنِ فَقَطْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ مع مُزَاحَمَتِهِمْ مع غَيْرِهِمْ من وَجْهٍ وَاحِدٍ
وَفِيهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ وهو قِسْمَةُ مُسْتَحَقِّيهِمْ بَيْنَهُمْ على أَنْصِبَائِهِمْ مُنْفَرِدِينَ
فَلَوْ كان الْوَارِثُ ابْنًا وَوَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ صَحَّتْ من مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ على تَنْزِيلِهِمْ على الْأَحْوَالِ لِلِابْنِ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ وَلِكُلِّ خُنْثَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ
وَتَصِحُّ على الْحَالَيْنِ من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ عَشْرَةٌ لِلِابْنِ وَلِكُلِّ خُنْثَى سَبْعَةٌ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ تَصِحُّ من عَشَرَةٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ خُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَلَوْ كان الْوَارِثُ وَلَدًا أو وَلَدَ بن خُنْثَيَيْنِ وَعَمًّا صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْوَلَدِ وَأَرْبَعَةٌ لِوَلَدِ الِابْنِ وَسَهْمَانِ لِلْعَمِّ
____________________
(7/343)
وَعَلَى الْعَمَلِ بِالْحَالَيْنِ يَسْقُطُ وَلَدُ الِابْنِ هُنَا لو كان مع وَلَدِ الصُّلْبِ أُخْتُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي الصُّغْرَى وَلَوْ كان بِزِيَادَةِ وَاوٍ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو أُعْطِيت الْخَنَاثَى الْيَقِينُ قبل الْيَأْسِ من انْكِشَافِ حَالِهِمْ نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا حُكْمُ الْمَفْقُودِ كما تَقَدَّمَ
الثَّانِيَةُ لو صَالَحَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ من معه على ما وُقِفَ له صَحَّ إنْ كان بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِلَّا فَلَا
الثَّالِثَةُ قال الْمُصَنِّفُ لقد وَجَدْنَا في عَصْرِنَا شيئا لم يَذْكُرْهُ الْفَرْضِيُّونَ فَإِنَّا وَجَدْنَا شَخْصَيْنِ ليس لَهُمَا في قُبُلِهِمَا مَخْرَجٌ لَا ذَكَرٌ وَلَا فَرْجٌ
أَمَّا أَحَدُهُمَا فَذَكَرُوا أَنَّهُ ليس له في قُبُلِهِ إلَّا لَحْمَةٌ نَاتِئَةٌ كَالرَّبْوَةِ يُرَشَّحُ الْبَوْلُ منها رَشْحًا على الدَّوَامِ
وَالثَّانِي ليس له إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بين الْمَخْرَجَيْنِ منه يَتَغَوَّطُ وَمِنْهُ يَبُولُ
وَسَأَلْت من أخبرني عن زِيِّهِ فقال يَلْبَسُ لُبْسَ النِّسَاءِ وَيُخَالِطُهُنَّ وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ وَيُعِدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً
وَحُدِّثْت أَنَّ في بِلَادِ الْعَجَمِ شَخْصًا ليس له مَخْرَجٌ أَصْلًا لَا قُبُلَ وَلَا دُبُرَ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ ما يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ
قال الْمُصَنِّفُ فَهَذَا وما أَشْبَهَهُ في مَعْنَى الْخُنْثَى لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له عَلَامَةٌ أُخْرَى فَهُوَ مُشْكِلٌ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَمَنْ له ثَقْبٌ وَاحِدٌ يَخْرُجُ منه الْبَوْلُ والمنى وَالدَّمُ فَلَهُ حُكْمُ الْخُنْثَى
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِنْ كان له ثَقْبٌ وَاحِدٌ يَرْشَحُ منه الْبَوْلُ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ كما تَقَدَّمَ
____________________
(7/344)
بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عمى مَوْتُهُمْ
قَوْلُهُ ( وإذا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا كَالْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُمَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا إذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجْهَلُوا السَّابِقَ وَيَخْتَلِفُوا فيه أو يَجْهَلُوا السَّابِقَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فيه )
فَإِنْ جَهِلُوا السَّابِقَ ولم يَخْتَلِفُوا فيه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الْمَوْتَى يَرِثُ صَاحِبَهُ من تِلَادِ مَالِهِ دُونَ ما وَرِثَهُ من الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الدَّوْرُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَخَرَجَ أبو بَكْرٍ وَمَنْ بَعْدَهُ مَنْعَ تَوَارُثِ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ
وَهَذَا التَّخْرِيجُ من الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ وَرَثَةُ كل مَيِّتٍ في السَّابِقِ مِنْهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هذه
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
فَائِدَةٌ لو عُلِمَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَوْتًا ثُمَّ نسى أو جَهِلُوا عَيْنَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ
وقال الأزجى إنَّمَا لم نُجِزْ الْقُرْعَةَ هُنَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا في النَّسَبِ
____________________
(7/345)
قال الْقَاضِي لَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ بِالْقُرْعَةِ هُنَا
وَذَكَرَ البونى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْيَقِينِ وَيَقِفُ مع الشَّكِّ حتى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ أو يَصْطَلِحُوا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَيْضًا وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا جَهِلُوا السَّابِقَ وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُمَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ أو كانت بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتْ تَحَالَفَا ولم يَتَوَارَثَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهَذَا أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَاخْتَارَهُ الخرقى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال جَمَاعَةٌ يَتَوَارَثَانِ منهم أبو الْخَطَّابِ
قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا
قال أبن أبى مُوسَى الْقُرْعَةُ تُعَيِّنُ أَسْبَقَهُمَا وَضَعَّفَهُ أبو بَكْرٍ في كِتَابِ الْخِلَافِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَإِنْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَةُ وَقُلْنَا بِالْقِسْمَةِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا ما اخْتَلَفَا فيه نِصْفَيْنِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وهو اخْتِيَارُ أبى بَكْرٍ في كِتَابِ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْقَدْرُ الْمُتَنَازَعُ فيه من الْمِيرَاثِ بين مُدَّعِيَيْهِ نِصْفَيْنِ وَعَلَيْهِمَا الْيَمِينُ في ذلك كما لو تَنَازَعَا دَابَّةً في أَيْدِيهِمَا
وَيَأْتِي هذا بِعَيْنِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو عَيَّنَ الْوَرَثَةُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا وَشَكُّوا هل مَاتَ لِآخَرَ قَبْلَهُ
____________________
(7/346)
أو بَعْدَهُ وَرِثَ من شُكَّ في وَقْتِ مَوْتِهِ من الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا
قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ
قال في الْفَائِقِ وهو ضَعِيفٌ
الثَّانِيَةُ لو تَحَقَّقَ مَوْتُهُمَا مَعًا لم يَتَوَارَثَا اتِّفَاقًا
الثَّالِثَةُ وَهِيَ غَرِيبَةٌ لو مَاتَ أَخَوَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ وَرِثَ الذي مَاتَ بِالْمَغْرِبِ من الذي مَاتَ بِالْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ
بِنَاءً على اخْتِلَافِ الزَّوَالِ قَالَهُ في الْفَائِقِ
وقال ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قال وهو صَحِيحٌ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَلَوْ مَاتَا عِنْدَ ظُهُورِ الْهِلَالِ قال في الْفَائِقِ فَتَعَارَضَ في الْمَذْهَبِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ كَالزَّوَالِ انْتَهَى
فَيُعَايَى بها أَيْضًا على اخْتِيَارِهِ
____________________
(7/347)
بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
قَوْلُهُ ( لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرِثُ الْمُسْلِمُ من قَرِيبِهِ الْكَافِرِ الذمى لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَرِيبُهُ من الْإِسْلَامِ وَلِوُجُوبِ نُصْرَتِهِمْ وَلَا يَنْصُرُونَنَا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا إرْثَ بَيْنَهُمَا بِالْوَلَاءِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْوَلَاءِ
قَوْلُهُ ( إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قبل قَسْمِ مِيرَاثِهِ فَيَرِثُهُ )
وَكَذَا لو كان مُرْتَدًّا على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَعَنْهُ ( لَا يَرِثُ )
صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَحَكَى الْقَاضِي عن أبي بَكْرٍ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَا يَتَوَارَثَانِ بِالْإِسْلَامِ قبل الْقِسْمَةِ بِحَالٍ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بين الزَّوْجَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُسْلِمُ زَوْجَةً أو غَيْرَهَا مِمَّنْ
____________________
(7/348)
يَرِثُ وهو صَحِيحٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ البرزاطى ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا
وَقِيلَ لَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ إذَا أَسْلَمَتْ
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ كان الْمُسْلِمُ زَوْجَةً لم تَرِثْ في قَوْلِ أبى بَكْرٍ وَوَرِثَهَا الْقَاضِي
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
قال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى هذا لو أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ في مُدَّةِ الْعِدَّةِ لم يَرِثْهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ وَلَوْ أَسْلَمَ قبل الْقِسْمَةِ لِانْقِطَاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ مَوْتِهَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ عَتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ لم يَرِثْ وَجْهًا وَاحِدًا )
قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَرِثُ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى وَخَرَّجَهُ التَّمِيمِيُّ على الْإِسْلَامِ
فَائِدَةٌ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ الْحُرِّيَّةُ عَقِبَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ أو معه كَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ على ذلك أو دَيْنِ بن عَمِّهِ ثُمَّ مَاتَ لم يَرِثْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ المغنى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ على الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا حَدَثَتْ الْأَهْلِيَّةُ مع الْحُكْمِ هل يكتفي بها أو يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُهَا
____________________
(7/349)
قَوْلُهُ ( وَيَرِثُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ وَهُمْ ثَلَاثُ مِلَلٍ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ وَدِينُ سَائِرِهِمْ )
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ الْقَاضِي وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ أَنَّهُمْ مِلَلٌ شَتَّى مُخْتَلِفَةٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى هذا الْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ وَعُبَّادُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ
وَعَنْهُ أَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَعَنْهُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّتَانِ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالصَّابِئَةُ مِلَّةٌ
وَقِيلَ الصَّابِئَةُ كَالْيَهُودِيَّةِ وَقِيلَ كَالنَّصْرَانِيَّةِ
وقد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال هُمْ جِنْسٌ من النَّصَارَى
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ
وَقِيلَ من لَا كِتَابَ له مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ لم يَتَوَارَثُوا )
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَتَوَارَثُونَ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ فقال وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
____________________
(7/350)
وقال الْقَاضِي يَتَوَارَثُونَ إذَا كَانُوا في دَارِ الْحَرْبِ
تَنْبِيهٌ الْخِلَافُ هُنَا مبنى على الْخِلَافِ في الْمِلَلِ
فَإِنْ قُلْنَا الْمِلَلُ مُخْتَلِفَةٌ لم يَتَوَارَثُوا مع اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ قُلْنَا الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ تَوَارَثُوا
قَوْلُهُ ( وَلَا يَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا وَلَا حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا )
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في التَّهْذِيبِ اتِّفَاقًا
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ لَا يَتَوَارَثُونَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ مَنَعَهُ الْقَاضِي وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَوَارَثَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ الْأَقْوَى في الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
فَائِدَةٌ يَرِثُ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنَ وَعَكْسُهُ وَيَرِثُ الذمى الْمُسْتَأْمَنَ وَعَكْسُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ وَرَثَتَهُ الَّذِينَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ حربى
وقال في التَّرْغِيبِ هو في حُكْمِ ذمى وَقِيلَ حربى
قَوْلُهُ ( وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ )
فإذا لم يُسْلِمْ لم يَرِثْ أَحَدًا وَإِنْ أَسْلَمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ
____________________
(7/351)
الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا أَسْلَمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فَلْيُعَاوَدْ وَإِرْثُهُ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ في الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَاتَ في رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ على ذلك عَامَّةُ أَصْحَابِنَا قال الْقَاضِي هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَكَذَا قال الشَّارِحُ في بَابِ الْمُرْتَدِّ
وقال هُنَا هذا الْمَشْهُورُ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ من الْمُسْلِمِينَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ من أَهْلِ الدِّينِ الذي اخْتَارَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونُوا مُرْتَدِّينَ
وَرَوَى بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ رَجَعَ عن هذا الْقَوْلِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الزِّنْدِيقُ وهو الْمُنَافِقُ كَالْمُرْتَدِّ على ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ
الثَّانِيَةُ كُلُّ مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٌ إلَى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ فَمَالُهُ فَيْءٌ نَصَّ عليه في الجهمى وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي ذلك في بَابِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
____________________
(7/352)
وَعَلَى الْأَصَحِّ من الرِّوَايَتَيْنِ أو غَيْرُ دَاعِيَةٍ وَهُمَا في غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عليه وَغَيْرِ ذلك
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ في الجهمى إذَا مَاتَ في قَرْيَةٍ ليس فيها إلَّا نَصَارَى من يَشْهَدُهُ قال أنا لَا أَشْهَدُهُ يَشْهَدُهُ من شَاءَ
قال بن حَامِدٍ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهَا على نَقْلِ يَعْقُوبَ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ بِمَثَابَةِ أَهْلِ الرِّدَّةِ في وَفَاتِهِ وَمَالِهِ وَنِكَاحِهِ
قال وقد يَتَخَرَّجُ على رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ مُتَوَلٍّ فإنه يُحْتَمَلُ في مَالِهِ وَمِيرَاثِهِ أَهْلَهُ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ أو تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَرِثُوا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَرِثُونَ بِأَقْوَاهَا وَهِيَ ما يَرِثُ بها مع ما يَسْقُطُ الْأُخْرَى ذَكَرَهَا حَنْبَلٌ وَمَنَعَهَا أبو بَكْرٍ
فَائِدَةٌ حُكْمُ ما إذَا أَوْلَدَ الْمُسْلِمُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وغيرها ( ( ( وغيره ) ) ) بِشُبْهَةٍ تَثْبُتُ النَّسَبُ حُكْمُ الْمَجُوسِ في إرْثِهِمْ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل من أجرى مَجْرَى الْمَجُوسِ مِمَّنْ يَنْكِحُ ذَوَاتَ الْمَحْرَمِ
____________________
(7/353)
بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ طَلَّقَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فيه بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ أو عَلَّقَ طَلَاقَهَا على فِعْلٍ لها منه بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ أو عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ أو طَلَّقَ من لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ فَهُوَ كطلاق ( ( ( كالطلاق ) ) ) الصَّحِيحِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ )
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسَائِلَ
منها إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَأَجَابَهَا إلَى سُؤَالِهَا أو عَلَّقَهُ على فِعْلٍ لها منه بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ عَالِمَةً فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ كما صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو كَطَلَاقٍ مُتَّهَمٍ فيه اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لو سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قال ابو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لم تَرِثْهُ
قال في الْفُرُوعِ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ
وقد أَحْسَنَ الْمُصَنِّفُ في قَوْلِهِ إنْ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ على فِعْلِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عليها فيه فَأَنْتِ ذلك لم يَتَوَارَثَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرِثُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فيه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(7/354)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو خَالَعَتْهُ فَهُوَ كطلاق ( ( ( كالطلاق ) ) ) الصَّحِيحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ تَرِثُ منه
الثَّانِيَةُ لو قَذَفَهَا في صِحَّتِهِ ولا عنها في مَرَضِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ لنفى الْحَدِّ لَا لنفى الْوَلَدِ أو عَلَّقَ طَلَاقَهَا حَالَةَ الصِّحَّةِ على فِعْلٍ لها لَا بُدَّ لها منه فَفَعَلَتْهُ في الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ فِيهِمَا على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ لَا تَرِثُ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى
وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ إذَا عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ كَمُتَّهَمٍ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَهْرٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَ في مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ
وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا إذا طَلَّقَ من لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ كَطَلَاقٍ مُتَّهَمٍ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَوَائِدُ
الْأُولَى قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ وَرِثَتْهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ )
فَمِنْ ذلك لو أَقَرَّ في مَرَضِهِ أَنَّهُ أَبَانَهَا في صِحَّتِهِ فَهَذَا مُتَّهَمٌ فيه فَتَرِثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(7/355)
وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ لَا تَرِثُهُ
قُلْت وهو بَعِيدٌ
ومن ( ( ( وهو ) ) ) ذلك لو وطىء حَمَاتَهُ لم يُقْطَعْ إرْثُ زَوْجَتِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّانِيَةُ لو وَكَّلَ في صِحَّتِهِ من يُبَيِّنُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا في مَرَضِهِ لم يَقْطَعْ ذلك إرْثَهَا منه
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ ( أو عَلَّقَهُ على فِعْلٍ لَا بُدَّ لها منه كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا )
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ وَكَلَامُ أَبَوَيْهَا أو أَحَدِهِمَا
قال الْأَصْحَابُ لَا بُدَّ لها منه شَرْعًا كما مَثَّلَ أو عَقْلًا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ ( وَرِثَتْهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ ولم يَرِثْهَا ) هو بِلَا نِزَاعٍ
( وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قبل الدُّخُولِ على رِوَايَتَيْنِ )
يَعْنِي إذَا فَعَلَ فِعْلًا يُتَّهَمُ فيه بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَرِثُهَا هو بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قبل الدُّخُولِ
أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ في الْأُولَى
إحْدَاهُمَا تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَوْ كانت غير مَدْخُولٍ بها ما لم تَتَزَوَّجْ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(7/356)
قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْمُذْهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أبى عبد اللَّهِ في الْمَدْخُولِ بها أنها تَرِثُهُ في الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا ما لم تَتَزَوَّجْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَرِثُهُ وَاخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ في الْمَدْخُولِ بها
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فيها وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في آخِرِ الْبَابِ حَيْثُ جَعَلَ الْمِيرَاثَ لِلزَّوْجَاتِ اللَّاتِي في عِصْمَتِهِ ولم يُعْطِ الْمُطَلَّقَاتِ شيئا فِيمَا إذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ بَعْدَهُنَّ أَرْبَعًا وَمَاتَ عَنْهُنَّ
قال أبو بَكْرٍ إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا قبل الدُّخُولِ في الْمَرَضِ فيها أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهُنَّ لها الصَّدَاقُ كَامِلًا وَالْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَاخْتَارَهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ عِدَّةَ وَفَاةٍ
قُلْت فَيُعَايَى بها في الصَّدَاقِ
وَالثَّانِيَةُ لها الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ وَلَا عِدَّةَ عليها
وَالثَّالِثَةُ لها الْمِيرَاثُ وَنِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ
وَالرَّابِعَةُ لَا تَرِثُ وَلَا عِدَّةَ عليها وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ انْتَهَى
وَيُعَايَى بها حَيْثُ أَوْجَبْنَا الْعِدَّةَ
وَأَطْلَقَ في تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَعَدَمِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَ تَكْمِيلَ الْمَهْرِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(7/357)
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ لِمَا ذَكَرُوهُ في الصَّدَاقِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا تَرِثُ فإنه يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَرْتَدَّ فَإِنْ ارْتَدَّتْ لم تَرِثْ قَوْلًا وَاحِدًا
فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ لم تَرِثْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ
وَعَنْهُ تَرِثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ أَكْرَهَ الِابْنُ امْرَأَةَ أبيه في مَرَضِ أبيه على ما يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لم يَنْقَطِعْ مِيرَاثُهَا )
مُرَادُهُ إنْ كان الِابْنُ عَاقِلًا
وَقَوْلُهُ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ له امْرَأَةٌ سِوَاهَا )
مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يُتَّهَمْ فيه مع وُجُودِ امْرَأَةٍ سِوَاهَا وهو وَاضِحٌ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الاكراه
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ أو بَعْضَهُ لم تَرِثْهُ في الْأَصَحِّ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ منه لو تَزَوَّجَ في مَرَضِهِ مُضَارَّةً لِيَنْقُصَ إرْثُ غَيْرِهَا وَأَقَرَّتْ بِهِ لم تَرِثْ
وَمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تَرِثُهُ لِأَنَّ له أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَكْرَهَ أنها لو كانت مُطَاوِعَةً أنها لَا تَرِثُ
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تَرِثُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ فَعَلَتْ في مَرَضِ مَوْتِهَا ما يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لم يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا
____________________
(7/358)
مُرَادُهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ وَمُرَادُهُ أَيْضًا إذَا كانت مُتَّهَمَةً في فَسْخِهِ
أَمَّا إذَا كانت غير مُتَّهَمَةٍ كَفَسْخِ الْمُعْتَقَةِ إذَا كانت تَحْتَ عَبْدِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انْقِطَاعُ الْإِرْثِ
وَعَنْهُ لَا يَنْقَطِعُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قَوْلُهُ ( وإذا طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في مَرَضِهِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لِلثَّمَانِ )
اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مبنى على الْخِلَافِ الذي تَقَدَّمَ في الْمُطَلَّقَةِ الْمُتَّهَمِ في طَلَاقِهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ولم تَتَزَوَّجْ ولم تَرْتَدَّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَبَنَوْهُ عليه
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أنها تَرِثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ما لم تَتَزَوَّجْ فَكَذَا هُنَا
فَعَلَى هذا يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
فَلَوْ كانت الْمُطَلَّقَةُ الْمُتَّهَمُ في طَلَاقِهَا وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا ولم تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حتى مَاتَ الزَّوْجُ كان الْمِيرَاثُ بين الْجِهَتَيْنِ على السَّوَاءِ على الصَّحِيحِ من ن الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ رُبُعُهُ لِلْمُطَلَّقَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْأَرْبَعِ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ
وَإِلَّا فَلِلثَّلَاثِ السَّوَابِقِ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّهُ لِلْبَائِنِ انْتَهَى
وَلَوْ كان مَكَانَ الْمُطَلَّقَةِ أَرْبَعًا فَطَلَّقَهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ فَالْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ على اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(7/359)
وَلِلزَّوْجَاتِ فَقَطْ على الْقَوْلِ بِأَنْ المطلقات لَا يَرِثْنَ شيئا
وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ هو وَالشَّارِحُ
وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ من يقول إنَّ الْإِرْثَ لِلثَّمَانِ أو لِلْمُطَلَّقَاتِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ من يقول ذلك عَدَمُ الْبِنَاءِ
فَلَوْ مَاتَتْ إحْدَى الْمُطَلَّقَاتِ أو تَزَوَّجَتْ فَقِسْطُهَا لِلزَّوْجَاتِ الْمُتَجَدِّدَاتِ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ إلَى كَمَالِ أَرْبَعٍ بِالْمَبْتُوتَةِ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ وَعَنْهُ أَنَّهُ بين الثَّمَانِ أَنَّ نِكَاحَهُنَّ صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو طَلَّقَ وَاحِدَةً من أَرْبَعٍ وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ مَاتَ وَاشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ قُرِعَتْ فَلَا حَظَّ لها في الْمِيرَاثِ وَيُقْسَمُ الْمِيرَاثُ بين الْأَرْبَعِ فَتَسْتَحِقُّ الْجَدِيدَةُ الرُّبُعَ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ مَاتَ عن زَوْجَاتٍ لَا تَرِثُهُ بَعْضُهُنَّ لِجَهْلِ عَيْنِهَا أَخْرَجَ الْوَارِثَاتُ بِقُرْعَةٍ انْتَهَى
وَهَذِهِ الْقُرْعَةُ هُنَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ لم تَرِثْهُ الْمَرْأَةُ إنْ دَامَتْ على قَوْلِهَا
الثَّالِثَةُ لو قَبَّلَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ لم تَرِثْهُ لِخُرُوجِهَا من حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ كَمَنْ وَقَعَ في شَبَكَةِ صَيْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ
وَتَقَدَّمَ هل تَدْخُلُ الدِّيَةُ في الْوَصِيَّةِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ
____________________
(7/360)
بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ في الْمِيرَاثِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( إذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كلهم )
يَعْنِي وَلَوْ كان الْوَارِثُ وَاحِدًا ( بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ )
سَوَاءٌ كان من حُرَّةٍ أو أَمَةٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ
( فَصَدَّقَهُمْ أو كان صَغِيرًا )
وَكَذَا لو كان مَجْنُونًا ( ثَبَتَ نَسَبُهُ )
وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ بِأَتَمَّ من هذا
وَيَأْتِي أَيْضًا هُنَاكَ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ وَبَعْدَهُ إذَا أَقَرَّ من عليه الْوَلَاءُ بِوَارِثٍ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقِ إذَا كَانَا من الْوَرَثَةِ وَلَوْ كانت بِنْتًا صَحَّ لِإِرْثِهَا بِفَرْضٍ وَرَدٍّ
قَوْلُهُ ( سَوَاءٌ كان الْمُقَرُّ بِهِ يَحْجُبُ الْمُقِرَّ أو لَا يَحْجُبُهُ )
أَمَّا إذَا كان لَا يَحْجُبُهُ مُطْلَقًا أو كان يَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ فَلَا خِلَافَ في ذلك وهو وَاضِحٌ
وَأَمَّا إذَا كان يَحْجُبُهُ حَجْبَ حِرْمَانٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ يَرِثُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقد شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ ( ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ )
وَقِيلَ لَا يَرِثُ مُسْقَطٌ اخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ
وَذَكَرَهُ الأزجى عن أَصْحَابِنَا غَيْرِ الْقَاضِي وقال إنَّهُ الصَّحِيحُ
____________________
(7/361)
فَعَلَى هذا هل يُقَرُّ نَصِيبُ الْمُقَرِّ بِهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ أو بِبَيْتِ الْمَالِ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو الذي خَرَّجَهَا
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقَرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فلم يُصَدِّقْهُ على ما يَأْتِي في آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ )
إذَا كان الْبَعْضُ الذي لم يُقِرَّ وَارِثًا أَمَّا إذَا كان الْمُنْكِرُ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ بِهِ كَالرِّقِّ وَنَحْوِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِإِنْكَارِهِ وَيَرِثُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لم يَدْخُلْ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ يَعْنِي بَعْضَ الْوَرَثَةِ وَهَذَا ليس من أَهْلِ الْوَرَثَةِ لِلْمَانِعِ الذي بِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ )
يَعْنِي مُطْلَقًا بَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ من الْمُقِرِّينَ الْوَارِثِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ جَزَمَ بِهِ الأزجى وَغَيْرُهُ
فَلَوْ كان الْمُقَرُّ بِهِ أَخًا وَمَاتَ الْمُقِرُّ عن بنى عَمٍّ وَرِثُوهُمْ
وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرِثُهُ الْأَخُ وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ من وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ له تَبَعًا فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ
وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي أَنَّهُ يَثْبُتُ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ من الْمُقِرِّ لو مَاتَ
وَقِيلَ لَا يَثْبُتَانِ انْتَهَى
وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وفي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ مع كَوْنِهِ أَكْبَرَ سِنًّا من أبى الْمُقِرِّ أو مَعْرُوفَ النَّسَبِ انْتَهَى
____________________
(7/362)
وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ وَخَلَّفَهُ وَالْمُنْكِرُ فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ خَلَّفَهُ فَقَطْ وَرِثَهُ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إقْرَارَهُ له كَوَصِيَّةٍ فَيَأْخُذُ الْمَالَ في وَجْهٍ وَثُلُثَهُ في آخَرَ
وَقِيلَ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ لم يَثْبُتْ نَسَبُهُ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ اثْنَانِ منهم على أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ أو نَسَبٍ ثَبَتَ في حَقِّ غَيْرِهِمْ إعْطَاءٌ له حُكْمٌ شهادة ( ( ( وشهادة ) ) ) وَإِقْرَارٌ
وفي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْفَائِقِ في ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ رِوَايَتَانِ
وَهُمَا بِإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ على الْمَيِّتِ
قال الْقَاضِي وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ في عَدَالَتِهِمَا ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ في التَّمَامِ
قَوْلُهُ ( إلَّا أَنْ يَشْهَدَ منهم عَدْلَانِ أَنَّهُ وُلِدَ على فِرَاشِهِ أو أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِهِ )
وَكَذَا لو شَهِدَ أَنَّهُ وَلَدُهُ فإنه يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ بِلَا نِزَاعٍ
فَائِدَةٌ لو صَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا بَلَغَ أو عَقَلَ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ ( وإذا خَلَّفَ أَخًا من أَبٍ وَأَخًا من أُمٍّ فَأَقَرَّ بِأَخٍ من أَبَوَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأَخَذَ ما في يَدِ الْأَخِ من الْأَبِ )
جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً منهم على الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ يَأْخُذُ نِصْفَهُ وَقَطَعَ بِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو سَهْوٌ
____________________
(7/363)
قَوْلُهُ ( فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخَوَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ في أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عليه فَصَارُوا ثَلَاثَةً ثُمَّ تُضْرَبُ مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ في مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ تَكُنْ اثنى عَشَرَ لِلْمُنْكِرِ سَهْمٌ من الْإِنْكَارِ في الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُقِرِّ سَهْمٌ من الْإِقْرَارِ في مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُتَّفَقِ عليه إنْ صَدَّقَ الْمُقِرُّ مِثْلَ سَهْمِهِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ مِثْلَ سَهْمِ الْمُنْكِرِ وما فَضَلَ لِلْمُخْتَلَفِ فيه وهو سَهْمَانِ في حَالِ التَّصْدِيقِ وَسَهْمٌ في حَالِ الْإِنْكَارِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عليه من الْمُنْكِرِ في حَالِ التَّصْدِيقِ إلَّا رُبُعَ ما في يَدِهِ وَصَحَّحَهَا من ثَمَانِينَ لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُخْتَلَفِ فيه سَهْمٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الْآخَرِينَ سَهْمَانِ
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَضَعَّفَهُ النَّاظِمُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَإِرْثُهُمَا سَوَاءٌ اتَّفَقَا أو اخْتَلَفَا )
هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(7/364)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُمَا مع اخْتِلَافِهِمَا وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ فَإِنْ كَانَا تَوْأَمَيْنِ فإن نَسَبَهُمَا يَثْبُتُ بِلَا نِزَاعٍ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ أُعْطِيَ الْأَوَّلُ نِصْفَ ما في يَدِهِ وَالثَّانِي ثُلُثَ ما بَقِيَ في يَدِهِ إذَا كَذَّبَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي وَثَبَتَ نَسَبُ الاول وَوَقَفَ ثُبُوتُ نَسَبِ الثَّانِي على تَصْدِيقِهِ وَلَوْ كَذَّبَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ وهو مُصَدِّقٌ بِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلَاثَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يَسْقُطُ نَسَبُ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَيْ ما في يَدِهِ وَثُلُثَ ما في يَدِ الْمُقِرِّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ من إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ
يَعْنِي يَلْزَمُهُ ما يَفْضُلُ في يَدِهِ لها عن حِصَّتِهِ كما ذَكَرَهُ في الْإِقْرَارِ بِغَيْرِهَا وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ لو مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ بها ابْنُهُ فَفِي تَكْمِيلِ إرْثِ الزَّوْجَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
قُلْت الْأَوْلَى التَّكْمِيلُ فَإِنْ لم يُخَلِّفْ الْمُنْكِرُ إلَّا الْأَخَ الْمُقِرَّ كَمَّلَ الْإِرْثَ على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في التَّلْخِيصِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ وَقِيلَ لَا يُكَمَّلُ
____________________
(7/365)
وَأَمَّا إنْ مَاتَ قبل إنْكَارِهِ فإن إرْثَهَا يَثْبُتُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ قَوْلُهُ وإذا قال رَجُلٌ مَاتَ أبي وَأَنْتَ أَخِي فقال هو أبي وَلَسْت بِأَخِي لم يُقْبَلْ إنْكَارُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وقال وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْمُقِرِّ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ ابناؤه قَوْلُهُ وَإِنْ قال مَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أَخُوهَا فقال لَسْت بِزَوْجِهَا فَهَلْ يُقْبَلُ إنْكَارُهُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ إنْكَارُهُ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ يَبْقَى سَبْعَةٌ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ
____________________
(7/366)
أَحَدُهُمَا يُقَرُّ في يَدِ الْمُقِرِّ وهوالمذهب ( ( ( وهو ) ) ) صححه ( ( ( المذهب ) ) ) في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَالثَّانِي يُؤْخَذُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ
وَالثَّالِثُ يُقْسَمُ بين الْمُقِرَّةِ وَالزَّوْجِ والاختين من الْأُمِّ على حَسَبِ ما يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لهم وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
فَعَلَيْهِ يَكُونُ لِلْمُقِرَّةِ النِّصْفُ وَلِلزَّوْجِ وَالْأُخْتَيْنِ من الْأُمِّ النِّصْفُ بَيْنَهُمْ على خَمْسَةٍ لِأَنَّ له النِّصْفَ وَلَهُمَا الثُّلُثَ
____________________
(7/367)
بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ
قَوْلُهُ ( كُلُّ قَتْلٍ مَضْمُونٍ بِقِصَاصٍ أو دِيَةٍ أو كَفَّارَةٍ يَمْنَعُ الْقَاتِلَ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ سَوَاءٌ كان عَمْدًا أو خطئا ( ( ( خطأ ) ) ) بِمُبَاشَرَةٍ أو سَبَبٍ وَسَوَاءٌ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ أو شَارَكَ )
هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ حتى لو شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا لَا تَرِثُ من الْغُرَّةِ شيئا نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ من أَدَّبَ وَلَدَهُ فَمَاتَ بِذَلِكَ لم يَرِثْهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ فيها كَالْمُذْهَبِ
وَقِيلَ إنْ سَقَاهُ دَوَاءً أو فَصَدَهُ أو بَطَّ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَوَجْهَانِ وَأَنَّ في الْحَافِرِ احْتِمَالَيْنِ
وَمِثْلُهُ نَصْبُ سِكِّينٍ وَوَضْعُ حَجَرٍ وَرَشُّ مَاءٍ وَإِخْرَاجُ جَنَاحٍ وَهَذَا كُلُّهُ طَرِيقَتُهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو قَصَدَ مَصْلَحَةَ مُوَلِّيهِ بسقى دَوَاءٍ أو بَطِّ جِرَاحٍ فَمَاتَ وَرِثَهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ بن أبى مُوسَى فيه وَجْهَيْنِ
وَكَذَا لو أَمَرَهُ كَبِيرٌ عَاقِلٌ بِبَطِّ جِرَاحَةٍ أو قَطْعِ سِلْعَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَالَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَيْضًا
قَوْلُهُ ( صَغِيرًا كان الْقَاتِلُ أو كَبِيرًا )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَذَكَرَ أبو الْوَفَاءِ بن عَقِيلٍ وأبو يَعْلَى أَنَّ أَحَدَ طريقى بَعْضِ أَصْحَابِنَا تَوْرِيثُ من لَا قَصْدَ له كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْإِرْثُ من يُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَالنَّصُّ خِلَافُ ذلك
____________________
(7/368)
وَحَكَى بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَجْهًا أَنَّ قَتْلَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ قال وهو أَصَحُّ عِنْدِي
قَوْلُهُ ( وما لم يَضْمَنْ بِشَيْءٍ من هذا كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أو حَدًّا أو دَفْعًا عن نَفْسِهِ وَقَتْلِ الْبَاغِي الْعَادِلَ وَالْعَادِلِ الْبَاغِيَ فَلَا يَمْنَعُ إذَا كان الْقَتْلُ غير مَضْمُونٍ على قَاتِلِهِ فإن الْقَاتِلَ يَرِثُ منه )
نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ فإنه يَرِثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَرِثُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الْمُصَنِّفُ فَيُخْرَجُ منه أَنَّ كُلَّ قَاتِلٍ لَا يَرِثُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ إنْ جَرَحَهُ الْعَادِلُ لِيَصِيرَ غير مُمْتَنِعٍ وَرِثَهُ لَا إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ابْتِدَاءً
قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ
وَأَمَّا إذَا قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ لَا يَمْنَعُهُ الْإِرْثُ على الصَّحِيحِ
قال في الْفَائِقِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ في الْأَصَحِّ
قال في النَّظْمِ هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ
وَعَنْهُ يَمْنَعُ الْإِرْثَ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُذْهَبِ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالْمُصَنِّفُ في المغنى في قِتَالِ أَهْلِ البغى وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(7/369)
بَابُ مِيرَاثِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ
قَوْلُهُ ( لَا يَرِثُ الْعَبْدُ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَرِثُ عِنْدَ عَدَمِ وَارِثٍ ذَكَرَهَا بن الجوزى في الْمُذْهَبِ وأبو الْبَقَاءِ في النَّاهِضِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ ولم أَرَهَا في الْمُذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ في أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ إنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ سَيِّدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ
وَقِيلَ في الْمُكَاتَبِ خَاصَّةً يَمُوتُ له عَتِيقٌ ثُمَّ يُؤَدِّي فَيُعْتَقُ يَأْخُذُ إرْثَهُ بِالْوَلَاءِ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ
يَعْنِي إنْ جَعَلْنَا الْوَلَاءَ له على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ ( فَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فما كَسَبَ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلِوَرَثَتِهِ )
سَوَاءٌ كان بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أو قَاسَمَهُ السَّيِّدُ في حَيَاتِهِ أو لَا
قَوْلُهُ ( وَيَرِثُ وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ ما فيه من الْحُرِّيَّةِ )
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إرْثَ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ له خَاصَّةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال هو الصَّوَابُ
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ ما يَرِثُهُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يَكُونُ مِثْلَ كَسْبِهِ إنْ لم يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ كان بَيْنَهُمَا وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَهَلْ هو لِمَنْ الْمَوْتُ في نَوْبَتِهِ أو بَيْنَهُمَا على وجهى الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ
إذَا عَلِمْت ذلك فَالتَّفْرِيعُ على الْمَذْهَبِ
فَلَوْ كانت بِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ وَعَمٌّ حُرَّانِ كان لِلْبِنْتِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ الرُّبُعُ بِحَجْبِهَا لها عن نِصْفِ السُّدُسِ وَلِلْعَمِّ سَهْمَانِ وهو الْبَاقِي
____________________
(7/370)
وَتَصِحُّ من أَرْبَعَةٍ فَلَوْ كان مَكَانَ الْبِنْتِ بن نِصْفُهُ حُرٌّ فَلَهُ هُنَا نِصْفُ مَالِهِ لو كان حُرًّا فَيَسْتَحِقُّ رُبُعًا وَسُدُسًا من الْمَالِ لِأَنَّهُ لو كان حُرًّا كان له خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو الذي ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ في كِتَابِ الْفَرَائِضِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ له نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي وَفِيهِ بُعْدٌ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو بَعِيدٌ وَقِيلَ له نِصْفُ الْمَالِ كَامِلًا
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ أبيه
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ
وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ في كل عَصَبَةٍ نِصْفُهُ حُرٌّ مع ذِي فَرْضٍ يَنْقُصُ بِهِ فَإِنْ لم يَنْقُصْ بِهِ كَجَدِّهِ وَعَمِّهِ مع بن نِصْفُهُ حُرٌّ فَعَلَى الثَّالِثِ له نِصْفُ الْمَالِ وَعَلَى الْآخَرِينَ له نِصْفُ الْبَاقِي وهو الصَّحِيحُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَلَوْ كان معه من يُسْقِطُهُ بِحُرِّيَّتِهِ التَّامَّةِ كَأُخْتٍ وَعَمٍّ حُرَّيْنِ فَلِلِابْنِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ نِصْفُ ما بقى قَرْضًا وَلِلْعَمِّ ما بقى
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في المغنى أَنَّ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ كَامِلًا
قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا
قُلْت قد يُعَايَى بها
____________________
(7/371)
فَائِدَةٌ لو كان أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ حُرًّا وَالْآخَرُ نِصْفُهُ حُرٌّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ تَنْزِيلًا لَهُمَا بِالْأَحْوَالِ وَالْخِطَابِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثًا جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا وَقِسْمَةً لأرثهما كَالْعَوْلِ
قَوْلُهُ ( وإذا كان عَصَبَتَانِ نِصْفُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ كَالْأَخَوَيْنِ فَهَلْ تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ )
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا تُكَمَّلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فَلَهُمَا جَمِيعُ الْمَالِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالسَّامِرِيُّ وَطَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ وَلَهُ مَأْخَذَانِ
أَحَدُهُمَا جَمْعُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا فَتَكْمُلُ بها حُرِّيَّةُ بن وهو مَأْخَذُ أبى الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ
وَالثَّانِي أَنَّ حَقَّ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مع كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ في جَمِيعِ الْمَالِ لَا في نِصْفِهِ وَإِنَّمَا أَخَذَ نِصْفَهُ لِمُزَاحَمَةِ أَخِيهِ له وَحِينَئِذٍ فَقَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَالِ وهو نِصْفُ حَقِّهِ مع كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ فلم يَأْخُذْ زِيَادَةً على قَدْرِ ما فيه من الْحُرِّيَّةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِالْأَحْوَالِ وَالْخِطَابِ وَهَذَا الصَّحِيحُ وَقَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ لَهُمَا نِصْفُهُ بِتَنْزِيلِهِمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(7/372)
وَالتَّفْرِيعُ على هذا الْخِلَافِ وهو ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ أو نِصْفُهُ أو كُلُّهُ
فَلَوْ كان بن وَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَعَمٌّ حُرٌّ
فَلَهُمَا على الْأَوَّلِ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ على ثَلَاثَةٍ وَنِصْفُ الْمَالِ على الثَّانِي وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ على الثَّالِثِ
وَلَوْ كان مَعَهُمَا أُمٌّ فَلَهَا السُّدُسُ على الْوُجُوهِ كُلِّهَا
وَلِلِابْنِ على الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ من أَصْلِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ
وَعَلَى الثَّانِي هل لَهُمَا على ثَلَاثَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ أو ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْبَاقِي على وَجْهَيْنِ
وَعَلَى الثَّالِثِ هل لَهُمَا على ثَلَاثَةً ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ أو ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْبَاقِي بَعْدَ السُّدُسِ على وَجْهَيْنِ
وَلَوْ كان أَحَدُهُمَا يَحْجُبُ الْآخَرَ كَابْنٍ وبن بن نِصْفُهُمَا حُرٌّ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ
فَلِلِابْنِ النِّصْفُ وَلِابْنِ الِابْنِ على الْأَوَّلِ الرُّبُعُ وَعَلَى الثَّالِثِ النِّصْفُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَلَا شَيْءَ له على الْأَوْسَطِ
وَلَوْ كان جَدَّةٌ حُرَّةً وَأُمٌّ نِصْفُهَا حُرٌّ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدَّةِ نِصْفُ السُّدُسِ وَلَوْ كان الْجَدَّةُ نِصْفُهَا حُرٌّ كان لها رُبُعُ السُّدُسِ على الْأَوَّلِ وَنِصْفُ السُّدُسِ على الثَّالِثِ وَلَا شَيْءَ لها على الْأَوْسَطِ وَلَوْ كان أُمٌّ وَأَخَوَانِ أَحَدُهُمَا رِقٌّ كان لِلْأُمِّ الثُّلُثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَحَجَبَهَا أبو الْخَطَّابِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ فَبِنِصْفِهَا يَحْجُبُهَا عن نِصْفِ السُّدُسِ
فَائِدَةٌ يُرَدُّ على ذِي فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ لم تَرِثْ بِقَدْرِ نِسْبَةِ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُمَا لَكِنْ
____________________
(7/373)
أَيُّهُمَا اُسْتُكْمِلَ بِالرَّدِّ أَزْيَدَ من قَدْرِ حُرِّيَّتِهِ من نَفْسِهِ مُنِعَ من الزِّيَادَةِ وَرُدَّتْ على غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَهِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ
فَلِبِنْتٍ نِصْفُهَا حُرٌّ النِّصْفُ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ
وَلِابْنٍ مَكَانَهَا نِصْفُهُ حُرٌّ النِّصْفُ بِالْعُصُوبَةِ وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ
وَلِابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرٌّ إنْ لم نُوَرِّثْهُمَا الْمَالَ الْبَقِيَّةُ مع عَدَمِ الْعَصَبَةِ
أعنى لَهُمَا الْبَقِيَّةُ بِالرَّدِّ سَوَاءٌ وَرَّثْنَاهُمَا النِّصْفَ فَقَطْ أو النِّصْفَ وَالرُّبُعَ
وَلِبِنْتٍ وَجَدَّةٍ نِصْفُهَا حُرٌّ الْمَالُ نِصْفَيْنِ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ
وَلَا يُرَدُّ هُنَا على قَدْرِ فَرْضِيِّهِمَا لِئَلَّا يَأْخُذَ من نِصْفُهُ حُرٌّ فَوْقَ نِصْفِ التَّرِكَةِ
وَمَعَ حُرِّيَّةٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِقَدْرِ فَرْضَيْهِمَا
وَمَعَ حُرِّيَّةٍ ثُلُثَهُمَا الثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ
____________________
(7/374)
قَوْلُهُ ( كُلُّ من أَعْتَقَ عَبْدًا أو عَتَقَ عليه بِرَحِمٍ أو كِتَابَةٍ فَلَهُ عليه الْوَلَاءُ )
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ عليه بِالرَّحِمِ يَكُونُ له عليه الْوَلَاءُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قال الْمُصَنِّفُ لَا نَعْلَمُ بين أَهْلِ الْعِلْمِ فيه خِلَافًا
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُعْتَقِ سَائِبَةً على ما يَأْتِي
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ عليه بِالْكِتَابَةِ يَكُونُ له عليه الْوَلَاءُ وَكَذَا لو أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِمَا
وَقِيلَ لَا وَلَاءَ له عَلَيْهِمَا
وَعَنْهُ في الْمُكَاتَبِ ( إذَا أَدَّى إلَى الْوَرَثَةِ يَكُونُ وَلَاؤُهُ لهم وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا )
وفي التَّبْصِرَةِ وَجْهٌ إنْ أَدَّى إلَيْهِمَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلْوَرَثَةِ
وفي الْمُبْهِجِ إنْ أَعْتَقَ كُلُّ الْوَرَثَةِ الْمُكَاتَبَ نَفَذَ وَالْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ وفي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ
فَائِدَةٌ إذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَأَدَّى إلَيْهِ وَعَتَقَ قبل أَدَائِهِ أو أَعْتَقَهُ بِمَالٍ وَقُلْنَا له ذلك
فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُكَاتَبِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ وهو يحكى عن أبى بَكْرٍ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ
حتى حكى عنه أَنَّهُ لو عَتَقَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قبل الثَّانِي فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْوَلَاءِ حَيْثُ كان الْمُكَاتَبُ ليس أَهْلًا له
وَرَدَّ ما حَكَاهُ الْقَاضِي عن أبى بَكْرٍ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
____________________
(7/375)
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ كُلُّ من أَعْتَقَ عَبْدًا أو عَتَقَ عليه فَلَهُ عليه الْوَلَاءُ الْكَافِرُ لو أَعْتَقَ مُسْلِمًا أو عَتَقَ عليه وهو صَحِيحٌ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هل يَرِثُ بِهِ أَمْ لَا
فَائِدَةٌ لو أَعْتَقَ الْقِنُّ عَبْدًا مِمَّا مَلَكَهُ فَحَكَى الْمُصَنِّفُ في المغنى عن طَلْحَةَ العاقولى من أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَالْوَلَاءُ له وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ
قَوْلُهُ ( وَمَنْ كان أَحَدُ أَبَوَيْهِ حُرّ الْأَصْلِ ولم يَمَسَّهُ رِقٌّ فَلَا وَلَاءَ عليه )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ أن كانت أُمُّهُ حَرَّةَ الْأَصْلِ وَأَبُوهُ عَتِيقٌ فَلِمَوْلَى أبيه الْوَلَاءُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وقال نَصَّ عليه
وحكى الْأَوَّلُ قَوْلًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو كانت أُمُّهُ عَتِيقَةً وَأَبُوهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وقال الْقَاضِي لموالى أُمِّهِ الْوَلَاءُ عليه
قال الْخَيْرِيُّ وهو قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
____________________
(7/376)
فقال فَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِمُعْتَقَةٍ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا كان وَلَاءُ ذلك الْوَلَدِ لموالى أُمِّهِ
وَلَوْ كان الْأَبُ مَوْلًى وَالْأُمُّ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في المغنى فَلَا وَلَاءَ عليه في قَوْلِنَا وَقَالَهُ غَيْرُهُ
وَقِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي أَنْ يَثْبُتَ الْوَلَاءُ لموالى أبيه لِأَنَّا شَكَكْنَا في الْمَانِعِ من ثُبُوتِهِ
قَوْلُهُ ( وَمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً أو في زَكَاتِهِ أو نَذْرِهِ أو كَفَّارَتِهِ أو قال لَا وَلَاءَ لي عَلَيْك فَفِيهِ رِوَايَتَانِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي
إحْدَاهُمَا عليه الْوَلَاءُ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ له الْوَلَاءُ على الْأَظْهَرِ
قال في الْمَذْهَبِ أَصَحُّهُمَا الْوَلَاءُ لمعتقة فِيمَا عَتَقَهُ عن كَفَّارَتِهِ أو نَذْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا وَلَاءَ عليه
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الخرقى وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا
وَقَطَعَ في الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ له عليه إذَا أَعْتَقَهُ سَائِبَةٌ أو قال لَا وَلَاءَ لي عَلَيْك
____________________
(7/377)
وَقِيلَ له الْوَلَاءُ في السَّائِبَةِ دُونَ غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ لَا وَلَاءَ له على السَّائِبَةِ
قَوْلُهُ ( وما رَجَعَ من مِيرَاثِهِ رُدَّ في مِثْلِهِ )
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ له عليه
( يشترى بِهِ رِقَابًا يُعْتِقُهُمْ )
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَيَتَفَرَّعُ على هذا الْخِلَافِ لو مَاتَ وَاحِدٌ من هَؤُلَاءِ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَمُعْتَقَةً
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي له
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مِيرَاثَهُ يُصْرَفُ في مِثْلِهِ يَكُونُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي يُصْرَفُ في الْعِتْقِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ يَكُونُ لِلْبِنْتِ الْجَمِيعُ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ إذْ الرَّدُّ مُقَدَّمٌ على بَيْتِ الْمَالِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى يَكُونُ المشترى لِلرِّقَابِ الْإِمَامُ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ السَّيِّدُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا على الْقَوْلِ بِشِرَاءِ الرِّقَابِ لو قَلَّ الْمَالُ عن شِرَاءِ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وَتَرْكِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قلت الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه أَنَّ الصَّدَقَةَ بِهِ في زَمَنِنَا هذا أَوْلَى
____________________
(7/378)
الثَّانِيَةُ لو خَلَّفَ الْمُعْتِقُ بِنْتًا مع سَيِّدِهِ وَقُلْنَا له الْوَلَاءُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وَإِنْ قُلْنَا لَا وَلَاءَ له فَالْجَمِيعُ لِلْبِنْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ
وَإِنْ قُلْنَا يَشْتَرِي بِمَا خَلَّفَهُ رِقَابًا فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَشْتَرِي بِهِ رِقَابًا وَحُكْمُ وَلَائِهِ حُكْمُ وَلَاءِ أَوْلَادِهِ
قَوْلُهُ ( وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عن مَيِّتٍ أو حَيٍّ بِلَا أَمْرِهِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ )
هذا الْمَذْهَبُ إلَّا ما استثنى وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيُسْتَثْنَى من ذلك لو أَعْتَقَ وَارِثٌ عن مَيِّتٍ في وَاجِبٍ كَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ وَرَمَضَانَ وَقِيلَ وَلَهُ تَرِكَةٌ فإنه يَقَعُ عن الْمَيِّتِ وَالْوَلَاءُ له أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
واختاره الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً على أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهَا ليس من شَرْطِهَا الدُّخُولُ في مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عنه وَأَطْلَقَهُ الخرقى وَالْمُصَنِّفُ هُنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَاءً على أَنَّهُ يُشْتَرَطُ دُخُولُ الْكَفَّارَةِ وَنَحْوُهَا في مِلْكِ من ذلك عليه
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَتَعَيَّنْ الْمُعْتِقُ أَطْعَمَ أو كَسَا
وَيَصِحُّ عِتْقُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُوصِيهِ
____________________
(7/379)
قال في التَّرْغِيبِ بِنَاءً على قَوْلِنَا الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عنه وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عنه وَلَا تَرِكَةَ فَهَلْ يُجْزِيهِ كَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ أَمْ لَا يُجْزِيهِ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ لِأَنَّ مقصوده ( ( ( مقصود ) ) ) الْوَلَاءِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْمُعْتَقِ عنه فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عن غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عن الْمُعْتِقِ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عن مَيِّتٍ في وَاجِبٍ عليه فَيَقَعَانِ لِلْمَيِّتِ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قَرِيبًا
وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عنه فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَكْسُهُ
الثَّالِثُ يُجْزِيهِ في إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ دُونَ غَيْرِهِمَا
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عن مَيِّتٍ في وَاجِبٍ وَقَعَا عن الْمَيِّتِ وَقِيلَ لَا
وَقِيلَ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عنه
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نُصُوصٌ تَدُلُّ على الْعِتْقِ لِلْمُعْتَقِ عنه وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ
قال أبو النَّضْرِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله في الْعِتْقِ عن الْمَيِّتِ إنْ وَصَّى بِهِ فَالْوَلَاءُ له وَإِلَّا لِلْمُعْتَقِ
وقال في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وأبى طَالِبٍ في الرَّجُلِ يُعْتِقُ عن الرَّجُلِ فَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عنه
وفي مُقَدِّمَةِ الْفَرَائِضِ لأبى الْخَيْرِ سَلَامَةَ بن صدقة ( ( ( صادقة ) ) ) الْحَرَّانِيِّ إنْ أَعْتَقَ عن غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلِأَيِّهِمَا الْوَلَاءُ فيه رِوَايَتَانِ
____________________
(7/380)
وقال في الرَّوْضَةِ فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عن كَفَّارَةِ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ وَلَا يَرْجِعُ على الْمُعْتَقِ عنه في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَكَذَا لو أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَتَقَ حَيًّا كان الْمُعْتَقَ عنه أو مَيِّتًا وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ
وقال في التَّبْصِرَةِ لو أَعْتَقَهُ عن غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ لِلْمُعْتِقِ كَالْوَلَاءِ
وَيُحْتَمَلُ لِلْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عنه لِأَنَّ الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَيْهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَهُ عنه بِأَمْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عنه )
إذَا قال أَعْتِقْ عَبْدَك عنى وعلى ثَمَنُهُ فَفَعَلَ فَالثَّمَنُ عليه وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عنه هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ عن الثَّانِيَةِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ هو اسْتِدْعَاءٌ لِلْعِتْقِ وَالْمِلْكُ يَدْخُلُ تَبَعًا وَمِلْكًا لِضَرُورَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ له وَصَرَّحَ أَنَّهُ مِلْكٌ قهرى حتى إنه يَثْبُتُ لِلْكَافِرِ على الْمُسْلِمِ إذَا كان الْعَبْدُ الْمُسْتَدْعَى عِتْقُهُ مُسْلِمًا والمستدعى كَافِرًا
وَذَكَرَ بن أبى مُوسَى لَا يُجْزِئُهُ حتى يَمْلِكَهُ إيَّاهُ فَيُعْتِقَهُ هو وَنَقَلَهُ مُهَنَّا
وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَعْتِقْ عَبْدَك عنى وَأَطْلَقَ أو أَعْتِقْهُ عنى مَجَّانًا خِلَافًا وَمَذْهَبًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ عن الْوَاجِبِ ما لم يَكُنْ قَرِيبَهُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ إلَّا بِالْتِزَامِهِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ ما لم يَنْفِهِ
____________________
(7/381)
وَعَنْهُ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمَسْئُولِ لَا لِلسَّائِلِ إلَّا حَيْثُ الْتَزَمَ الْعِوَضَ
وقال في التَّرْغِيبِ إذَا قال أَعْتِقْهُ عن كَفَّارَتِي وَلَك مِائَةٌ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ ولم يُجْزِئْهُ عنها وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ وَالْوَلَاءُ له
وقال بن عَقِيلٍ لو قال أَعْتِقْهُ عنى بهذا الْخَمْرِ أو الْخِنْزِيرِ مَلَكَهُ وَعَتَقَ عليه كَالْهِبَةِ وَالْمِلْكُ يَقِفُ على الْقَبْضِ في الْهِبَةِ إذَا كان ذلك بِلَفْظِهَا لَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ قال بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عنى فإنه يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ هُنَا قبل إعْتَاقِهِ
وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَابِضًا له من طَرِيقِ الْحُكْمِ كَقَوْلِك بِعْتُك أو وَهَبْتُك هذا الْعَبْدَ وقال الْمُشْتَرِي هو حُرٌّ عَتَقَ وَيُقَدَّرُ الْقَبُولُ حُكْمًا انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ في الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْعِتْقِ
فَائِدَةٌ لو قال أَعْتِقْ عَبْدَك عنى وعلى ثَمَنُهُ لم يَجِبْ على السَّيِّدِ إجَابَتُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْكِتَابَةِ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ هُنَا
قَوْلُهُ ( وإذا قال أَعْتِقْهُ وَالثَّمَنُ على وَ ) كَذَا لو قال ( أَعْتِقُهُ عَنْك وعلى ثَمَنُهُ فَفَعَلَ فَالثَّمَنُ عليه وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ )
إذَا قال ذلك لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ وَوَلَاءَهُ لِلْمُعْتِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ هُمَا لِلَّذِي عليه الثَّمَنُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ
قال في الْمُحَرَّرِ وَفِيهِ بُعْدٌ
____________________
(7/382)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْزِئُهُ عن الْوَاجِبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُجْزِئُهُ عن الْوَاجِبِ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال الْكَافِرُ لِرَجُلٍ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وعلى ثَمَنُهُ فَفَعَلَ فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَيُعْتَقُ وَلَهُ عليه الْوَلَاءُ كَالْمُسْلِمِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ واختاره الْقَاضِي في الْخِلَافِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ
تَنْبِيهٌ حكى الْخِلَافُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَجْهَيْنِ كَالْمُصَنِّفِ
وَحَكَاهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ رِوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ ( وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُبَايِنُهُ في دِينِهِ فَلَهُ وَلَاؤُهُ وَهَلْ يَرِثُ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا يَرِثُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الخرقى وَالْقَاضِي في جَامِعِهِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافِهِ وَالشِّيرَازِيُّ في
____________________
(7/383)
مُبْهِجِهِ وبن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وبن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وبن الْجَوْزِيِّ في مَذْهَبِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرِثُ بِهِ
قال في الْخُلَاصَةِ لَا يَرِثُ بِهِ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
واختاره الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَخَلَّفَ الْمُسْلِمُ الْعَتِيقُ ابْنًا لِسَيِّدِهِ كَافِرًا أو عَمًّا مُسْلِمًا فَمَالُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْمَالُ لِعَمِّهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ من أَهْلِ دِينِهِ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ
وَإِنْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَمَاتَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ عَتِيقُهُ وَلِعَتِيقِهِ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَرِثَ الْكَافِرُ وَحْدَهُ
وَلَوْ أَسْلَمَ الْعَتِيقُ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُ وَحْدَهُ
وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قبل قِسْمَةِ الْإِرْثِ وَرِثَهُ معه على الْأَصَحِّ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ هذه الْأَحْكَامِ في ذلك الْبَابِ
قَوْلُهُ ( وَلَا تَرِثُ النِّسَاءُ من الْوَلَاءِ إلَّا ما أَعْتَقْنَ أو أَعْتَقَ من أَعْتَقْنَ أو كَاتَبْنَ أو كَاتَبَ من كَاتَبْنَ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه
حتى قال أبو بَكْرٍ هذا الْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وقال وَهِمَ أبو طَالِبٍ في نَقْلِهِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ انْتَهَى
____________________
(7/384)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ الخرقى وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَا هذا الصَّحِيحُ
وَغَالَى أبو بَكْرٍ فَوَهَّمَ أَبَا طَالِبٍ في نَقْلِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
قال الْقَاضِي لم أَجِدْ الرِّوَايَةَ التي نَقَلَهَا الخرقى في ابْنَةِ الْمُعْتِقِ أنها تَرِثُ مَنْصُوصَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى
وَعَنْهُ في بِنْتِ الْمُعْتِقِ خَاصَّةً أنها تَرِثُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في الْمُنْتَقَى
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ نَاظِمُهَا وقال هو الْمَنْصُورُ في الْخِلَافِ انْتَهَى
وَعَنْهُ تَرِثُ مع أَخِيهَا وَعَنْهُ تَرِثُ عَتِيقَ ابْنِهَا مع عَدَمِ الْعَصَبَةِ
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَتِيقُ بن الْمُلَاعَنَةِ فإن الْأُمَّ الْمُلَاعَنَةَ تَرِثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ لَا تَرِثُهُ
وَمَحَلُّ هذا الْخِلَافِ على الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَصَبَتُهُ
فَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ عَصَبَتَهَا عَصَبَتُهُ كان الْوَلَاءُ لِعَصَبَتِهَا لَا لها
فَائِدَةٌ لو تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ بِمَنْ أَعْتَقَتْهُ فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ الْقَائِلَةُ إنْ أَلِدْ أُنْثَى فلى النِّصْفُ وَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا فلى الثُّمُنُ وَإِنْ لم أَلِدْ شيئا فَالْجَمِيعُ لي فَيُعَايَى بها
____________________
(7/385)
قَوْلُهُ ( وَلَا يَرِثُ منه ذُو فَرْضٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ يَرِثَانِ السُّدُسَ مع الِابْنِ وَابْنِهِ وَالْجَدُّ يَرِثُ الثُّلُثَ مع الْإِخْوَةِ إذَا كان أَحَظَّ له )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَ أبو إِسْحَاقَ سُقُوطَ الْأَبِ وَالْجَدِّ مع الِابْنِ وَيُجْعَلُ الْجَدُّ كَالْإِخْوَةِ وَإِنْ كَثُرُوا قال في التَّرْغِيبِ وهو أَقْيَسُ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وقال في الْفَائِقِ وَقِيلَ لَا فَرْضَ لَهُمَا بِحَالٍ
اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا
وَيَسْقُطَانِ بِالِابْنِ وَابْنِهِ وَالْجَدُّ مع الْإِخْوَةِ كَالْأَخِ وَإِنْ كَثُرُوا
وَقِيلَ له الثُّلُثُ إنْ كان أَحَظَّ له وَلَا يُعَادُ بِأُخْتٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لِلْأَبِ لَا يُفْرَضُ لِلْجَدِّ مع الْإِخْوَةِ بَلْ يَكُونُ كَأَحَدِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا وَيُعَادُونَهُ بِوَلَدِ الْأَبِ وَلَا يُعَادُونَهُ بِالْأَخَوَاتِ
قال وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ أبى مُحَمَّدٍ في الْكَافِي والمغنى انْتَهَى
قُلْت وَعَلَى رِوَايَةِ حَجْبِ الْإِخْوَةِ بِالْجَدِّ في النَّسَبِ تَسْقُطُ الْإِخْوَةُ بِالْجَدِّ هُنَا وهو الْمُخْتَارُ كَإِسْقَاطِ أبى الْجَدِّ أَوْلَادَ الْإِخْوَةِ وَجَدُّ الْمَوْلَى مُقَدَّمٌ على عَمِّهِ انْتَهَى
وقال في الِانْتِصَارِ لَمَّا حَمَلْنَا تَوْرِيثَ أَبٍ سُدُسًا بِفَرْضٍ مع بن على رِوَايَةِ تَوْرِيثِ بِنْتِ الْمَوْلَى فَيَجِيءُ من هذا أَنَّهُ يَرِثُ قَرَابَةُ الْمَوْلَى بِالْوَلَاءِ
على نَحْوِ مِيرَاثِهِمْ قَوْلُهُ ( وَالْوَلَاءُ لَا يُورَثُ
____________________
(7/386)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمُوهُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَالْوَلَاءُ لَا يُورَثُ كما يُورَثُ الْمَالُ لَكِنْ يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَشَذَّ شُرَيْحٌ فَجَعَلَهُ مَوْرُوثًا كَالْمَالِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَمُحَمَّدُ بن الْحَكَمِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلَ قَوْلِ شُرَيْحٍ وَغَلَّطَهَا أبو بَكْرٍ قَالَا وهو كما قال
قَوْلُهُ ( فإذا مَاتَ الْمُعْتِقُ وَخَلَّفَ عَتِيقَهُ وَابْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَعْدَهُ عن بن ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَالْمِيرَاثُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ )
هذا مُفَرَّعٌ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى ما نَقَلَ حَنْبَلٌ يَكُونُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِابْنِ بن الْمُعْتِقِ
وَكَذَا التَّفْرِيعُ على الْمَذْهَبِ في قَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَ الِابْنَانِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمَوْلَى وَخَلَّفَ أَحَدَهُمَا ابْنًا وَالْآخَرَ تِسْعَةً فَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمْ على عَدَدِهِمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ
وَعَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لِابْنِ الْمُعْتِقِ نِصْفُهُ وَلِابْنَا بن الْمُعْتِقِ نِصْفُهُ وَقِيلَ يَرِثُ بن الِابْنِ في الْأُولَى النِّصْفَ دُونَ هذه
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ في هذه يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ نِصْفًا
قَوْلُهُ ( وإذا اشْتَرَى رَجُلٌ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا أو أَخَاهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ ) يَعْنِي الْأَبَ أو الْأَخَ ( ثُمَّ مَاتَ مَوْلَاهُ ) يَعْنِي الْعَبْدَ الْعَتِيقَ ( وَرِثَهُ الرَّجُلُ دُونَ أُخْتِهِ )
وَهَذَا مُفَرَّعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ من أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ من الْوَلَاءِ إلَّا ما أَعْتَقْنَ أو أَعْتَقَ من أَعْتَقْنَ
فَأَمَّا على رِوَايَةِ إرْثِ بِنْتِ الْمُعْتِقِ فَتَرِثُ هُنَا
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(7/387)
وَإِنَّمَا لم ترث ( ( ( يرث ) ) ) مع أَخِيهَا على الْمَذْهَبِ وَإِنْ كانت قد أَعْتَقَتْ من أَعْتَقَ لِأَنَّ مِيرَاثَ الْأَخِ هُنَا من أبيه أو أَخِيهِ بِالنَّسَبِ وَهِيَ مولاه الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةُ الْمُعْتِقِ مُقَدَّمٌ على مَوْلَاهُ
وَلِهَذَا قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ أَخْطَأَ فيها خَلْقٌ كَثِيرٌ
قال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ بن وَبِنْتٌ اشْتَرَيَا أَبَاهُمَا فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَهَلَكَ الْأَبُ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا هَلَكَ الْأَبُ كان مَالُهُ بين ابْنِهِ وَابْنَتِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِالتَّعْصِيبِ لَا بِالْوَلَاءِ وَلَمَّا هَلَكَ الْعَبْدُ وَخَلَّفَ بن مَوْلَاهُ وَبِنْتَ مَوْلَاهُ كان مَالُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ دُونَ بِنْتِ مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ مَوْلَاهُ لَا خِلَافَ في ذلك
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يروي عن مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال سَأَلْت سَبْعِينَ قَاضِيًا من قُضَاةِ الْعِرَاقِ عنها فأخطؤا ( ( ( فأخطئوا ) ) ) فيها
وَلَوْ مَاتَ الِابْنُ قبل مَوْتِ الْعَتِيقِ وَرِثَتْ الْبِنْتُ من مَالِهِ بِقَدْرِ ما أَعْتَقَتْ من أَبِيهَا وَالْبَاقِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعْتِقِ الْأُمِّ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وإذا مَاتَتْ امْرَأَةٌ ) وَخَلَّفَتْ ابْنَهَا وَعَصَبَتَهَا وَمَوْلَاهَا فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا وَكَذَلِكَ الْإِرْثُ وعقلة على عَصَبَتِهَا
هذا صَحِيحٌ لَكِنْ لو بَادَ بَنُوهَا فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا وَنَقَلَ جَعْفَرٌ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا
قال في الْفُرُوعِ وهو مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ الْوَلَاءُ لَا يُورَثُ ثُمَّ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى
____________________
(7/388)
وقال في الْفَائِقِ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا قال بن عَقِيلٍ في مَنْثُورِهِ وَجَدْت في تَعَالِيقِي قال شَيْخُنَا وَجَدْت عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ من الْمُعْتِقِ مِثْلُ خَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ يَرِثُونَ من المولي إذَا لم يَكُنْ له عَصَبَةٌ وَلَا ذُو فَرْضٍ
قُلْت وقال بن أبي مُوسَى فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ ولم يَتْرُكْ عَصَبَةً وَلَا ذَا سَهْمٍ وَلَا كان لِمُعْتِقِهِ عَصَبَةٌ وَرِثَهُ الرِّجَالُ من ذَوِي أَرْحَامِ مُعْتِقِهِ دُونَ نِسَائِهِمْ وَعِنْدَ عَدَمِهِمْ لِبَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفَائِقِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا وَعَقْلُهُ على عَصَبَتِهَا
هذا مَبْنِيٌّ على أَنَّ الِابْنَ ليس من الْعَاقِلَةِ وهو احدى الرِّوَايَاتِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْعَاقِلَةِ
وَمَنْ قال الِابْنُ من الْعَاقِلَةِ وهو الْمَذْهَبُ يقول الْوَلَاءُ له وَالْعَقْلُ عليه وَمَنْ قال الِابْنُ عَاقِلَةُ الاب دُونَ الام كَمُخْتَارِ الْجَدِّ يُقَيِّدُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كان الْمُعْتِقُ امْرَأَةً كما قَيَّدَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا
فَائِدَةٌ لو أَعْتَقَ سَائِبَةً أو في زَكَاةٍ أو نَذْرٍ أو كَفَّارَةٍ أو قال لَا وَلَاءَ لي عَلَيْك وَقُلْنَا لَا وَلَاءَ له عليه كما تَقَدَّمَ فَفِي عَقْلِهِ عنه لِكَوْنِهِ مُعْتِقًا رِوَايَتَانِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي
قَوْلُهُ وَإِنْ اعتق الْجَدُّ لم يَجُرَّ وَلَاءَهُمْ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا قال في الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الاصحاب
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ من الرِّوَايَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يَجُرُّهُ إلَى مَوَالِيهِ
____________________
(7/389)
فَعَلَيْهَا إنْ عَتَقَ الْأَبُ بَعْدَ الْجَدِّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ من مولى الْجَدِّ إلَى مَوَالِي الاب وَكَذَا لو عَتَقَ من الْأَجْدَادِ من هو أَقْرَبُ مِمَّنْ عَتَقَ اولا وَجَرَّ الْوَلَاءَ وَعَنْهُ إنْ عَتَقَ الْجَدُّ بَعْدَ مَوْتِ الاب جَرَّهُ وَإِنْ عَتَقَ الْجَدُّ والاب حَيٌّ لم يَجُرَّهُ بِحَالٍ سَوَاءٌ عَتَقَ الاب بَعْدُ أو مَاتَ قِنًّا حَكَاهَا الْخَلَّالُ
وَعَنْهُ يَجُرُّهُ إذَا عَتَقَ والاب مَيِّتٌ وَإِنْ عَتَقَ والاب حَيٌّ لم يَجُرَّهُ حتى يَمُوتَ قِنًّا فَيَجُرُّهُ من حِينِ مَوْتِهِ وَيَكُونُ في حَيَاةِ الاب لِمَوَالِي الام
نَقَلَهَا أبو بَكْرٍ في الشَّافِي
قَوْلُهُ وإذا اشْتَرَى الْوَلَدُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ فَأَعْتَقَهُ ثَبَتَ له وَلَاؤُهُ وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مولى الْآخَرِ بِلَا نِزَاعٍ فَيُعَايَى بها وَبِاَلَّتِي بَعْدَهَا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو مَاتَ مولى الاب وَالْجَدِّ لم يَعُدْ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الام بِحَالٍ بَلْ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وهو مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَعُودُ إلَى مَوَالِي الاب بِحَالٍ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لو أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا ثُمَّ سَبَى الْعَبْدُ مُعْتِقَهُ فَأَعْتَقَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ صَاحِبِهِ فَلَوْ سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الاول ثُمَّ اعتقوه فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ الاخير على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ لِلْأَوَّلِ وَقِيلَ لَهُمَا
____________________
(7/390)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَنْجَرُّ ما كان لِلْأَوَّلِ قبل الرِّقِّ من وَلَاءِ وَلَدٍ أو عَتِيقٍ إلَى الْأَخِيرِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ ( وهو الْجُزْءُ الدَّائِرُ لِأَنَّهُ خَرَجَ من الْأَخِ وَعَادَ إلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا هو لموالى الْأُمِّ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال البونى هذا قِيَاسُ قَوْلِ الأمام أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ له
نَصَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
واختاره بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقِيلَ يُرَدُّ على سِهَامِ الموالى أَثْلَاثًا لموالى أُمِّهِ الثُّلُثَانِ وَلِمَوَالِي أُمِّهَا الثُّلُثُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
____________________
(7/391)
كِتَابُ الْعِتْقِ
فَائِدَةٌ الْعِتْقُ عِبَارَةٌ عن تَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ وَتَخْلِيصِهَا من الرِّقِّ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ ( وهو من افضل الْقُرَبِ )
هَكَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال في التَّبْصِرَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هو أَحَبُّ الْقُرَبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَوَائِدُ
منها أَفْضَلُ عِتْقِ الرِّقَابِ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرَةً وِفَاقًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَكِنْ يُثَابُ على عِتْقِهِ
قال في الْفُنُونِ لَا يَخْتَلِفُ الناس فيه
وَمِنْهَا عِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ من عِتْقِ الْأُنْثَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى والمغنى وَالْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ عِتْقُ الْأُنْثَى لِلْأُنْثَى أَفْضَلُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
____________________
(7/392)
وَمِنْهَا عِتْقُ الْأُنْثَى كَعِتْقِ الذَّكَرِ في الْفِكَاكِ من النَّارِ ذَكَرَهُ بن أبى مُوسَى الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ عِتْقُ امْرَأَتَيْنِ كَعِتْقِ رَجُلٍ في الْفِكَاكِ قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
وَمِنْهَا التَّعَدُّدُ في الْعِتْقِ أَفْضَلُ من عِتْقِ الْوَاحِدِ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْأَضَاحِيّ
وَمَالَ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فيها إلَى أَنَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ نَفِيسَةٍ بِمَالٍ أَفْضَلُ من عِتْقِ رِقَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِذَلِكَ الْمَالِ
وقال عن الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فيه نَظَرٌ
قوله ( ( ( قاله ) ) ) ( فَأَمَّا من لَا قُوَّةَ له وَلَا كَسْبَ فَلَا يُسْتَحَبُّ عِتْقُهُ وَلَا كِتَابَتُهُ بَلْ يُكْرَهُ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِحْبَابُ على الْقَوْلِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عليه
وَعَنْهُ تُكْرَهُ كِتَابَتُهُ دُونَ عِتْقِهِ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْأُنْثَى وَيَأْتِي ذلك في أَوَّلِ بَابِ الْكِتَابَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو خِيفَ على الرَّقِيقِ الزنى وَالْفَسَادُ كُرِهَ عِتْقُهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ ظُنَّ ذلك صَحَّ وَحَرُمَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(7/393)
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ فيه كَمَنْ بَاعَ أو اشْتَرَى بِقَصْدِ الْحَرَامِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَنِيَّتُهُ بِعِتْقِهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِيمَةً لم يَحْرُمْ عليه بَيْعُهَا إذَا كانت زَانِيَةً
الثَّانِيَةُ لو أَعْتَقَ عَبْدَهُ أو أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ نَصَّ عليه لِحَدِيثِ سَفِينَةَ
وَكَذَا لو اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ
قال وَعَلَى هذا يَتَخَرَّجُ أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ وَيَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ وَيَمْلِكَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَجَعَلَ الْعِتْقَ عِوَضًا عنه فَانْعَقَدَا في آنٍ وَاحِدٍ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في هذا الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قال أنت حُرٌّ على أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ
الثَّالِثَةُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ يَصِحُّ الْعِتْقُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ
قال في الْفَائِقِ وَإِنْ لم يَبْلُغْ نَصَّ عليه قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَعَنْهُ بَلْ وَهِبَةٌ انْتَهَى
وقال في الْمُذْهَبِ يَصِحُّ عِتْقُ من يَصِحُّ بَيْعُهُ
قال النَّاظِمُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ في مَالِهِ في الْمُؤَكَّدِ
وَقَدَّمَ هذا في الْمُسْتَوْعِبِ
وقال بن عَقِيلٍ يَصِحُّ عِتْقُ الْمُرْتَدِّ
وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِتْقَ لِمُمَيِّزٍ
____________________
(7/394)
وقال طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّغِيرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ منهم الْمُصَنِّفُ
وَأَثْبَتَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْخِلَافَ فقال في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ في عِتْقِ بن عَشْرٍ وَابْنَةِ تِسْعٍ رِوَايَتَانِ
وقال في الْمُوجَزِ وفي صِحَّةِ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ
وقال في الِانْتِصَارِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ في بَابِ الْحَجْرِ وَغَيْرِهِمْ في صِحَّةِ عِتْقِ السَّفِيهِ رِوَايَتَانِ
وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ صِحَّةَ عِتْقِ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ انْتَهَى
وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وأبو الْحَارِثِ وبن مُشَيْشٍ صِحَّةَ عِتْقِهِ
وإذا قُلْنَا بِصِحَّةِ عِتْقِهِ فَضَبَطَهُ طَائِفَةٌ بِعَقْلِهِ الْعِتْقَ وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ ابنة صَالِحٍ وأبى الْحَارِثِ وبن مُشَيْشٍ
وَضَبَطَهُ طَائِفَةٌ بِعَشْرٍ في الْغُلَامِ وَتِسْعٍ في الْجَارِيَةِ كما ذَكَرْنَاهُ عن صَاحِبِ الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبى طَالِبٍ في الْغُلَامِ الذي لم يَحْتَلِمْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إذَا عَقَلَ الطَّلَاقَ جَازَ طَلَاقُهُ ما بين عَشْرِ سِنِينَ إلَى ثنتى عَشْرَةَ سَنَةً وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ جَازَ عِتْقُهُ انْتَهَى
وَمِمَّنْ اخْتَارَ من الْأَصْحَابِ صِحَّةَ عِتْقِهِ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ ذَكَرَهُ في آخِرِ كِتَابِ الْمُدَبَّرِ من الْخِلَافِ
فقال وَتَدْبِيرُ الْغُلَامِ إذَا كان له عَشْرُ سِنِينَ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ عِتْقُهُ وَطَلَاقُهُ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ وَبَابِ الْحَجْرِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( فَأَمَّا الْقَوْلُ فَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ والحرية كَيْفَ صُرِّفَا
____________________
(7/395)
أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَلَوْ تَجَرَّدَ عن النِّيَّةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مع الْقَوْلِ الصَّرِيحِ
قال في الْفَائِقِ قُلْت نِيَّةُ قَصْدِ الْفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ تَحَرُّزًا من النَّائِمِ وَنَحْوِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْعِبَادَةِ وَلَا الْقُرْبَةِ فَيَقَعُ عِتْقُ الْهَازِلِ انْتَهَى
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ الْإِمَامِيَّةُ يَقُولُونَ لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَةَ
قال وَهَذَا يَدُلُّ على اعْتِبَارِ النِّيَّةِ لِوُقُوعِهِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ عِبَادَةً قال وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى
وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعِتْقِ بِالصَّرِيحِ إذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
فَائِدَةٌ لو قَصَدَ غير الْعِتْقِ بِقَوْلِهِ عبدى هذا حُرٌّ يُرِيدُ عِفَّتَهُ وَكَرَمَ أَخْلَاقِهِ أو يَقُولَ له ما أنت إلَّا حُرٌّ يُرِيدُ بِهِ عَدَمَ طَاعَتِهِ وَنَحْوَ ذلك لم يُعْتَقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ هو كَالطَّلَاقِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ وَالتَّعْلِيقِ وَدَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عن صَرِيحِهِ
قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا في اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ
وَجَزَمَ في التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ
وَعَلَى الْأَوَّلِ لو أَرَادَ الْعَبْدُ إحْلَافَهُ كان له ذلك نَصَّ عليه
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ صَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ كَيْفَ صُرِّفَا
ليس على إطْلَاقِهِ فإن الْأَلْفَاظَ الْمُتَصَرِّفَةَ منه خَمْسَةٌ مَاضٍ وَمُضَارِعٌ وَأَمْرٌ وَاسْمُ فَاعِلٍ وَاسْمُ مَفْعُولٍ وَالْمُشْتَقُّ منه وهو الْمَصْدَرُ
فَهَذِهِ سِتَّةُ أَلْفَاظٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُضَارِعِ وَلَا بِالْأَمْرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَعْدٌ وَالثَّانِي لَا يَصْلُحُ لِلْإِنْشَاءِ وَلَا هو خَبَرٌ
____________________
(7/396)
فَيَكُونُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ عَامًّا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ
وقد ذُكِرَ مِثْلُ هذه الْعِبَارَةِ في بَابِ التَّدْبِيرِ وَصَرِيحِ الطَّلَاقِ
وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَمُرَادُهُمْ ما قُلْنَاهُ
قَوْلُهُ ( وفي قَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ لي عَلَيْك وَلَا مِلْكَ لي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لي عَلَيْك وَفَكَكْت رَقَبَتَك وَأَنْتَ مَوْلَايَ وَأَنْتَ لِلَّهِ وَأَنْتَ سَائِبَةٌ رِوَايَتَانِ )
وَكَذَا لَا خِدْمَةَ لي عَلَيْك وملكتك نَفْسَك وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ في قَوْلِهِ فَكَكْت رَقَبَتَك وَأَنْتَ سَائِبَةٌ وَأَنْتَ مَوْلَايَ وَمَلَّكْتُك رَقَبَتَك إحْدَاهُمَا صَرِيحٌ
صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال بن رَزِينٍ وَفِيهِ بُعْدٌ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ كِنَايَةٌ
صَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَصَحَّحَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا سَبِيلَ لي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ لي عَلَيْك كِنَايَةٌ
وقال الْقَاضِي في قَوْلِهِ لَا مِلْكَ لي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لي عَلَيْك وَأَنْت لِلَّهِ صَرِيحٌ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ
وقال وَمِنْ الْكِنَايَةِ قَوْلُهُ لَا سُلْطَانَ لي عَلَيْك وَلَا سَبِيلَ لي عَلَيْك
____________________
(7/397)
وَفَكَكْت رَقَبَتَك وَمَلَّكْتُك نَفْسَك وَأَنْت مَوْلَايَ أو سَائِبَةٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَطَعَ في الْإِيضَاحِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا مِلْكَ لي عَلَيْك وَأَنْتَ لِلَّهِ كِنَايَةٌ
وقال اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ وَهِيَ لَا سَبِيلَ لي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ وَأَنْتَ سَائِبَةٌ
وقال بن الْبَنَّا في خِصَالِهِ قَوْلُهُ لَا مِلْكَ لي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لي وَأَنْتَ لِلَّهِ صَرِيحٌ
وقال اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ وَهِيَ التي ذَكَرَهَا في الْإِيضَاحِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَاضِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَهَبْتُك لِلَّهِ صَرِيحٌ
وَسَوَّى الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أنت لِلَّهِ
وقال في الْمُوجَزِ هِيَ وَقَوْلُهُ رَفَعْت يَدِي عَنْك إلَى اللَّهِ كِنَايَةٌ
قَوْلُهُ ( وفي قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أو أَنْتِ حَرَامٌ رِوَايَتَانِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا كِنَايَةٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَظْمِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في قَوْلِهِ ( أَنْتِ حَرَامٌ )
وَالرِّوَايَةُ الثانية ( ( ( الثالثة ) ) ) أَنَّهُ لَغْوٌ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ
وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ في قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وقال في الِانْتِصَارِ حُكْمُ قَوْلِهِ اعتدى حُكْمُ هذه الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ في لَفْظِ الظِّهَارِ
____________________
(7/398)
قَوْلُهُ ( وإذا قال لِعَبْدِهِ وهو أَكْبَرُ منه أنت ابْنِي لم يُعْتَقْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ) وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يُعْتَقْ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ وهو تَخْرِيجُ وَجْهٍ لأبى الْخَطَّابِ
وقال أبو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ لَا نَصَّ فيها إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ قال لَا يُعْتَقُ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وإذا قال لِعَبْدِهِ وهو أَكْبَرُ منه )
قال ذلك الْمُصَنِّفُ على سَبِيلِ ضَرْبِ الْمِثَالِ وَإِلَّا فَحَيْثُ قال ذلك لِمَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ منه فإنه دَاخِلٌ في الْمَسْأَلَةِ
وإذا أَمْكَنَ كَوْنُهُ منه فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ أو لَا
فَإِنْ لم يَكُنْ له نَسَبٌ مَعْرُوفٌ عَتَقَ عليه
وَإِنْ كان له نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عليه أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وطىء بِشُبْهَةٍ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ والأمدي وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ لِكَذِبِهِ شَرْعًا
وهو احْتِمَالٌ في انْتِصَارِ أبى الْخَطَّابِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
تَنْبِيهٌ قال بن رَجَبٍ وَتَبِعَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا جَمِيعُهُ مع إطْلَاقِ اللَّفْظِ إما إنْ نَوَى بهذا اللَّفْظِ الْحُرِّيَّةَ فَيَنْبَغِي عِتْقُهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ مع هذا اللَّفْظِ
قال بن رَجَبٍ ثُمَّ رَأَيْت أَبَا حَكِيمٍ وَجَّهَ الْقَوْلَ بِالْعِتْقِ وقال لِجَوَازِ كَوْنِهِ كِنَايَةً في الْعِتْقِ
____________________
(7/399)
فَائِدَةٌ لو قال لِأَصْغَرَ منه أنت أبى فَالْحُكْمُ كما لو قال لِأَكْبَرَ منه أنت ابْنِي قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَقَاسَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ على الْأَوَّلِ من عِنْدِهِ
فَائِدَةٌ أُخْرَى لو قال أَعْتَقْتُك أو أنت حُرٌّ من أَلْفِ سَنَةٍ لم يُعْتَقْ
وقال في الِانْتِصَارِ وَلَوْ قال لِأَمَتِهِ أَنْتِ ابْنِي أو لِعَبْدِهِ أنت بِنْتِي لم يُعْتَقْ
فَائِدَةٌ لو قال لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ أَكْبَرُ منه هذه ابْنَتِي لم تَطْلُقْ بِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ جَنِينُهَا إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ وَإِنْ أَعْتَقَ ما في بَطْنِهَا دُونَهَا عَتَقَ وَحْدَهُ )
في الْحَالِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْقَوْلُ بِعِتْقِ جَنِينِهَا مَعَهَا إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ الْحَمْلُ فِيهِمَا حتى تَضَعَهُ حَيًّا فَيَكُونُ كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قبل وَضْعِهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليها في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
وَقَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ
وقال بَعْدَ ذلك وَقِيَاسُ ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ حَامِلًا إذْ هو كَالْمَعْدُومِ قبل الْوَضْعِ قال وهو بَعِيدٌ جِدًّا
وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ هل يَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا إذَا اسْتَثْنَاهُ من الْعِتْقِ
وَخَرَّجَ بن أبى مُوسَى وَالْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ على قِيَاسِ اسْتِثْنَائِهِ في الْبَيْعِ
____________________
(7/400)
فَائِدَةٌ لو أَعْتَقَ أمه حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ وهو مُوسِرٌ كَالْمُوصَى بِهِ عَتَقَ الْحَمْلُ أَيْضًا وَضَمِنَ قِيمَتَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ ( فَأَمَّا الْمِلْكُ فَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عليه )
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا عمودى النَّسَبِ
قال في الْكَافِي بِنَاءً على أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ
وقال في الِانْتِصَارِ وَلَنَا فيه خِلَافٌ
وَاخْتَارَ الآجرى لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ
وَرَجَّحَ بن عَقِيلٍ لَا عِتْقَ بِالْمِلْكِ
وَعَنْهُ إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ لم يُعْتَقْ
وفي إجْبَارِهِ على عِتْقِهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ بن أبى مُوسَى
وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ الْحَمْلُ حتى يُولَدَ في مِلْكِهِ حَيًّا
فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ بِأَمَةٍ فَحَمَلَتْ منه في حَيَاتِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ فَهَلْ هو مَوْرُوثٌ عنه أو حُرٌّ فيه رِوَايَتَانِ
ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
فَائِدَةٌ لو مَلَكَ رَحِمًا غير مَحْرَمٍ عليه أو مَلَكَ مَحْرَمًا بِرَضَاعٍ أو مُصَاهَرَةٍ لم يُعْتَقْ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(7/401)
وَعَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ أَخِيهِ من الرَّضَاعِ وقال يَبِيعُ أَخَاهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَلَكَ وَلَدَهُ من الزنى ) يَعْنِي وَإِنْ نَزَلَ ( لم يُعْتَقْ )
في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأَصْحَابُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ واختاره بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لأبى الْخَطَّابِ
فَائِدَةٌ لو مَلَكَ أَبَاهُ من الزنى فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما لو مَلَكَ ابْنَهُ من الزنى
ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت إنْ أَرَادُوا أَنَّ أَبَاهُ وَلَدُ زِنًا وَوَلَدُهُ وَلَدُ زِنًا منه فَهَذَا مُحْتَمَلٌ
وَإِنْ أَرَادُوا أَبَاهُ وَلَدُ زِنًا وَوَلَدُهُ الذي مَلَكَهُ هو وَلَدُهُ من الزنى فَمُسَلَّمٌ وهو مُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ أَبَاهُ وَلَدُ زِنًا وَوَلَدُهُ الذي مَلَكَهُ ليس من زِنًا فَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ يُعْتَقُ عليه هُنَا وهو دَاخِلٌ في كَلَامِهِمْ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عليه بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ وهو مُوسِرٌ عَتَقَ عليه كُلُّهُ )
أعلم أَنَّهُ إذَا مَلَكَ جُزْءًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عليه وكان مِلْكُهُ له بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أو مُعْسِرًا
فَإِنْ كان مُوسِرًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِجَمِيعِهِ أو مُوسِرًا بِبَعْضِهِ فَإِنْ كان مُوسِرًا بِجَمِيعِهِ عَتَقَ عليه في الْحَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(7/402)
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ عليه قبل أَدَاءِ الْقِيمَةِ
اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ
فَعَلَيْهِ لو أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قبل أَدَائِهَا فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ رحمهما ( ( ( رحمه ) ) ) اللَّهُ
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ شَرِيكِهِ )
بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا مَتَى يَقُومُ
فَائِدَةٌ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ له نِصْفُهُ لَا قِيمَةُ النِّصْفِ
قال في الْفُرُوعِ لَا قِيمَةَ لِلنِّصْفِ وَرَدَّهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وَتَأَوَّلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هل يُقَوَّمُ كَامِلًا وَلَا عِتْقَ فيه أو قد عَتَقَ بَعْضُهُ فيه قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ
وهو الذي قَالَهُ أبو الْعَبَّاسِ فِيمَا أَظُنُّ لِظَاهِرِ الحديث وَلِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ إنَّمَا هو في نِصْفِ الْقِيمَةِ لَا قِيمَةِ النِّصْفِ بِدَلِيلِ ما لو أَرَادَ الْبَيْعَ فإن الشَّرِيكَ يُجْبَرُ على الْبَيْعِ معه انْتَهَى كَلَامُ الْفُرُوعِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَعْتَقَ شَرِيكًا في عَبْدٍ وهو مُوسِرٌ على ما يَأْتِي
وَإِنْ كان مُوسِرًا بِبَعْضِهِ عَتَقَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بِقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ بِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبن مَنْصُورٍ
قال في الْفَائِقِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(7/403)
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ إلَّا ما مَلَكَهُ وَالْحَالَةُ هذه
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ عَتَقَ كُلُّهُ
لو كان شِقْصُ شَرِيكِهِ مُكَاتَبًا أو مُدَبَّرًا أو مَرْهُونًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي يَمْتَنِعُ الْعِتْقُ في الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ إلَّا أَنْ يَبْطُلَا فيسرى حِينَئِذٍ وَحَيْثُ سَرَى ضَمِنَ حَقَّ الشَّرِيكِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَضْمَنُهُ بِمَا بَقِيَ من الْكِتَابَةِ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَأَمَّا الْمَرْهُونُ فيسرى الْعِتْقُ عليه وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فَتُجْعَلُ مَكَانَهُ رَهْنًا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ حَدُّ الْمُوسِرِ هُنَا أَنْ يَكُونَ حين الْإِعْتَاقِ قَادِرًا على قِيمَةِ الشِّقْصِ وَأَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عن قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَته كَالْفِطْرَةِ على ما تَقَدَّمَ هُنَاكَ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
قال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ الْيَسَارِ هُنَا أَنْ يَكُونَ له فَضْلٌ عن قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وما يَفْتَقِرُ إلَيْهِ من حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ من الْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ وَسَائِرِ مالا بُدَّ منه نَقَلَهُ عنه في المغنى وَالشَّرْحِ
قال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَهُ فيه وَإِنَّمَا فيه أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مَبْلَغَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَأَوْرَدَهُ بن حَمْدَانَ مَذْهَبًا
وقال في المغنى مُقْتَضَى نَصِّهِ لَا يُبَاعُ له أَصْلُ مَالٍ
____________________
(7/404)
قال في الْفَائِقِ ولا يُبَاعُ له دَارٌ وَلَا رِبَاعٌ نَصَّ عليه
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ إنْ كان ما يَغْرَمُهُ الْمَوْلَى فَاضِلًا عن قُوتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ قُلْت وَعَنْ قُوتِ من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِيهِمَا مالا بُدَّ لَهُمَا منه انْتَهَى
وَالِاعْتِبَارُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ حَالَةَ الْعِتْقِ فَلَوْ أَيْسَرَ الْمُعْسِرُ بَعْدَهُ لم يَسْرِ إلَيْهِ وَلَوْ أَعْسَرَ الْمُوسِرُ لم يَسْقُطْ ما وَجَبَ عليه نَصَّ على ذلك
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان مُعْسِرًا ) يَعْنِي بِجَمِيعِهِ
( لم يُعْتَقْ عليه إلَّا ما مَلَكَ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ ويستسعى الْعَبْدُ في بَقِيَّتِهِ نَصَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الجوزى وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمهم ( ( ( رحمهما ) ) ) اللَّهُ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ
فَلَوْ مَاتَ وَبِيَدِهِ مَالٌ كان لِسَيِّدِهِ ما بقى من السِّعَايَةِ وَالْبَاقِي إرْثٌ وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ على أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَهَذَا الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وهو كما قال
فَإِنَّهُمْ قالوا يُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَقَ حتى يُؤَدِّيَ حَقَّ السِّعَايَةِ
واختاره أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ بَعْضُهُ رَقِيقٌ فَلَوْ مَاتَ كان لِلشَّرِيكِ من مَالِهِ مِثْلُ مَالِهِ عِنْدَ من لم يَقُلْ بِالسِّعَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
____________________
(7/405)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْمِيرَاثِ لم يُعْتَقْ منه إلَّا ما مَلَكَ مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عليه نَصِيبُ الشَّرِيكِ إنْ كان مُوسِرًا
نَصَّ عليها في رِوَايَةِ المروذى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَجَدَعَ أَنْفَهُ أو أُذُنَهُ وَنَحْوَهُ )
وَكَذَا لو خَرَقَ عُضْوًا منه
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أو أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ عَتَقَ عليه نَصَّ عليه لِلْأَثَرِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءً قَصَدَ التَّمْثِيلَ بِهِ أو لم يَقْصِدْهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْفَائِقِ ولم يَشْتَرِطْ غَيْرُ بن عَقِيلٍ الْقَصْدَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(7/406)
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ في ذلك اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا حَيْثُ قُلْنَا يُعْتَقُ بِالتَّمْثِيلِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال بن عَقِيلٍ يُصْرَفُ في الرِّقَابِ قال وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قال في الْفَائِقِ قُلْت واختاره بن الزاغونى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال أَيْضًا في الْفَائِقِ وَيَتَوَجَّهُ في الْعَمَلِ بِهِ كَقَوْلِ بن عَقِيلٍ وَإِنْ لم يُشْتَرَطْ فَكَالْمَنْصُوصِ
الثَّانِيَةُ هل يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الْمُثْلَةِ أو يُعْتِقُهُ عليه السُّلْطَانُ
قال في الْفَائِقِ يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في رِوَايَةٍ يُعْتَقُ وقال في رِوَايَةٍ يُعْتِقُهُ السُّلْطَانُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عن الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عليه بِمُجَرَّدِ ذلك قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ يُعْتِقُهُ السُّلْطَانُ عليه
وقال في الْفَائِقِ أَيْضًا وَلَوْ مَثَّلَ بِعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ سَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ وَضَمِنَ لِلشَّرِيكِ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
الثَّالِثَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو اسْتَكْرَهَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ على الْفَاحِشَةِ عَتَقَ عليه وهو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مبنى على الْقَوْلِ بِالْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ
وَلَوْ اسْتَكْرَهَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ على الْفَاحِشَةِ عَتَقَتْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا لِسَيِّدَتِهَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ
____________________
(7/407)
الرَّابِعَةُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو مَثَّلَ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَا يُعْتَقُ عليه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُعْتَقَ واختاره
الْخَامِسَةُ مَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لو لَعَنَ عَبْدَهُ لَا يُعْتَقُ عليه بِذَلِكَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وَذَكَرَ بن حَامِدٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال من لَعَنَ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ أو لَعَنَ شيئا من مَالِهِ أَنَّ عليه أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ
قال ويجئ ( ( ( ويجيء ) ) ) في لَعْنِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا
قال بن رَجَبٍ في شَرْحِ حديث لَبَّيْكَ وَيَشْهَدُ لِهَذَا في الزَّوْجَةِ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بين الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَمَّا كان أَحَدُهُمَا كَاذِبًا في نَفْسِ الْأَمْرِ قد حَقَّتْ عليه اللَّعْنَةُ أو الْغَضَبُ
السَّادِسَةُ لو وطىء جَارِيَتَهُ الْمُبَاحَةَ التي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَأَفْضَاهَا عَتَقَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فماله لِلسَّيِّدِ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ لِلْعَبْدِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ وَبِيَدِهِ مَالٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ له
وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا من عَبْدِهِ مُعَيَّنًا أو مُشَاعًا عَتَقَ كُلُّهُ
____________________
(7/408)
مُرَادُهُ إذَا أَعْتَقَ غير شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَسِنِّهِ وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ وهو مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ عَتَقَ كُلُّهُ )
بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنْ لو كان مُوسِرًا بِبَعْضِهِ فإنه يُعْتَقُ منه بِقَدْرِ ما هو مُوسِرٌ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ عليه إلَّا حِصَّتُهُ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا فَلْيُعَاوَدْ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هل يُوقَفُ الْعِتْقُ على أَدَاءِ الْقِيمَةِ أَمْ لَا
قَوْلُهُ ( وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ يوم الْعِتْقِ لِشَرِيكِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَنَصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ
وفي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ أَنَّ عليه قِيمَتَهُ يوم تَقْوِيمِهِ وَحَكَاهُ الشِّيرَازِيُّ أَيْضًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قِيَاسُ الْقَوْلِ الذي لنا في الْغَصْبِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو عَتَقَ عليه كُلُّهُ
فَائِدَةٌ لو عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وقال في الْفَائِقِ وَيُقْبَلُ فيها قَوْلُ الشَّرِيكِ مع عَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَلَعَلَّهُ سبقه قَلَمٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان مُعْسِرًا لم يُعْتَقْ إلَّا نَصِيبُهُ وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فيه )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يُعْتَقُ كُلُّهُ ويستسعى الْعَبْدُ في قِيمَةِ بَاقِيهِ غير مَشْقُوقٍ عليه
وَتَقَدَّمَ ذلك كُلُّهُ وَأَحْكَامُهُ وَفُرُوعُهُ وَالْخِلَافُ فيه وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ من
____________________
(7/409)
الْفُرُوعِ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يُعْتَقُ عليه فإن الْحُكْمَ هُنَا وَهُنَاكَ وَاحِدٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ
تَنْبِيهٌ يَأْتِي قَرِيبًا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ من مُسْلِمٍ هل يسرى أَمْ لَا
قَوْلُهُ ( وإذا كان الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا وَضَمِنَا حَقَّ شَرِيكِهِمَا فيه نِصْفَيْنِ وَصَارَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والخرقى وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَاهُ على قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فيه وهو لأبى الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُتَصَوَّرُ عِتْقُهُمَا مَعًا في صُوَرٍ
منها أَنْ يَتَّفِقَ لَفْظُهُمَا بِالْعِتْقِ في آنٍ وَاحِدٍ
وَمِنْهَا أَنْ يُعَلِّقَاهُ على صِفَةٍ وَاحِدَةٍ
وَمِنْهَا أَنْ يُوَكِّلَا شَخْصًا يُعْتِقُ عنهما أو يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ
قَوْلُهُ ( وإذا أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ من مُسْلِمٍ وهو مُوسِرٌ سَرَى إلَى بَاقِيهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالنَّاظِمِ
____________________
(7/410)
قال في الْفَائِقِ سَرَى إلَى سَائِرِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يسرى ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدَهُ
قال بن رَزِينٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ هل يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ مُسْلِمًا يُعْتَقُ عليه بِالرَّحِمِ أَمْ لَا
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْوَلَاءِ إذَا قال الْكَافِرُ لِرَجُلٍ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عنى وعلى ثَمَنُهُ هل يَصِحُّ أَمْ لَا
الثَّانِيَةُ لو قال أَعْتَقْت نَصِيبَ شَرِيكِي كان لَغْوًا وَلَوْ قال أَعْتَقْت النِّصْفَ انْصَرَفَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَرَى لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ في دَارٍ بَيْنَهُمَا فقال أَحَدُهُمَا بِعْتُك نِصْفَ هذه الدَّارِ لَا يَجُوزُ إنَّمَا له الربع ( ( ( الرابع ) ) ) من النِّصْفِ حتى يَقُولَ نَصِيبِي
وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا بِنَاءَ فَفِي صَرْفِهِ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ أَمْ نَصِيبُهُ أَمْ إلَيْهِمَا احْتِمَالَاتٌ في المغنى وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ عِتْقُ نَصِيبِهِ لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ ( وإذا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ منه وَهُمَا مُوسِرَانِ فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا لِاعْتِرَافِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّتِهِ وَصَارَ مُدَّعِيًا على شَرِيكِهِ قِيمَةَ حَقِّهِ منه وَلَا وَلَاءَ عليه لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ لم يُعْتَقْ على وَاحِدٍ مِنْهُمَا
____________________
(7/411)
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يَحْلِفَ مع كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ أو مع أَحَدِهِمَا وَيُعْتَقُ نِصْفُهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وكان عَدْلًا على ما يَأْتِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ بن أبى مُوسَى لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا على الْآخَرِ
وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ وَلَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ على خَصْمِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ عَتَقَ حِينَئِذٍ ولم يَسْرِ إلَى نَصِيبِهِ )
يَعْنِي إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وقال أبو الْخَطَّابِ يُعْتَقُ جَمِيعُهُ
قال النَّاظِمُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ
فَعَلَى قَوْلِ أبى الْخَطَّابِ لَا وَلَاءَ له فِيمَا اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ له وَلَاؤُهُ كُلُّهُ إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ
قَوْلُهُ ( وإذا قال أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وهو مُوسِرٌ عَتَقَ كُلُّهُ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ ( وإذا قال إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ مع نَصِيبِك فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا ) هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ عِتْقُهُ عَلَيْهِمَا
____________________
(7/412)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ يُعْتَقُ كُلُّهُ على الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ وَالْمُذْهَبُ فِيمَا إذَا قال إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ قبل إعْتَاقِك قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ جَمِيعُهُ على صَاحِبِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ اخْتَارَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَمَعَ إعْسَارِهِمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا
الثَّانِيَةُ لو قال لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حَرَّةٌ قَبْلَهُ فَصَلَّتْ كَذَلِكَ عَتَقَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ وقال صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ
وَقِيلَ لَا تُعْتَقُ جَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي لِبُطْلَانِ الصِّفَةِ بِتَقَدُّمِ الْمَشْرُوطِ
الثَّالِثَةُ لو قال إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ فَأَقَرَّ له بِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ فَقَطْ
الرَّابِعَةُ لو قال إنْ أفررت ( ( ( أقررت ) ) ) بِك له فَأَنْتَ حُرٌّ سَاعَةَ إقْرَارِي لم يَصِحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا الْعِتْقُ
قَوْلُهُ ( وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ كَدُخُولِ الدَّارِ ومجئ ( ( ( ومجيء ) ) ) الْأَمْطَارِ وَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا بِالْقَوْلِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ
وَذَكَرَ في الإنتصار وَالْوَاضِحِ أَنَّهُ يَجُوزُ له فسخة وَيَأْتِي ذلك وَغَيْرُهُ في أَوَّلِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ
____________________
(7/413)
قَوْلُهُ ( وَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَغَيْرُ ذلك )
وَلَا يَحْرُمُ عليه وَطْءُ أَمَتِهِ بَعْدَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ لَا يَطَؤُهَا
فَائِدَةٌ لَا يُعْتَقُ قبل كَمَالِ الصِّفَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَّجَ الْقَاضِي رِوَايَةً من الْأَيْمَانِ بِالْعِتْقِ
وقال في الْفَائِقِ وهو ضَعِيفٌ
قال النَّاظِمُ لَا يُعْبَأُ بِمَا في الْمُجَرَّدِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ من خَمْسَةِ أَوْجُهٍ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ عَادَتْ الصِّفَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قد وُجِدَتْ منه في حَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ فَهَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ وهو الْمَذْهَبُ فِيهِمَا نَصَّ عليه واختاره بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أنها تَعُودُ بِعَوْدِ الْمِلْكِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَفَرَّقَ الْقَاضِي بين الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فإن مِلْكَ الرَّقِيقِ لَا ينبنى فيه أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ على الْآخَرِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فإنه يَنْبَنِي فيه أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ على الْآخَرِ في عِدَدِ الطَّلَاقِ على الصَّحِيحِ
____________________
(7/414)
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا التَّفْرِيقُ لَا أَثَرَ له إذْ لو كان مُعْتَبَرًا لم يُشْتَرَطْ لِعَدَمِ الْحِنْثِ وُجُودُ الصِّفَةِ في غَيْرِ الْمِلْكِ انْتَهَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَعُودُ الصِّفَةُ جَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الجوزى في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ قال في الْفَائِقِ وهو أَرْجَحُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَعَنْهُ لَا تَعُودُ الصِّفَةُ سَوَاءٌ وُجِدَتْ حَالَ زَوَالِ مِلْكِهِ أو لَا حَكَاهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهَا مَرَّةً قَوْلًا
قَوْلُهُ ( وَتَبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِهِ فَإِنْ قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ موتى فَأَنْتَ حُرٌّ أو أنت حُرٌّ بَعْدَ موتى بِشَهْرٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ على رِوَايَتَيْنِ )
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا قال إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ موتى فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَطْلَقَ فيها رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْبُلْغَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ قبل نَقْلِهِ كَالْمُوصَى بِهِ قبل قَبُولِهِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا قال أنت حُرٌّ بَعْدَ موتى بِشَهْرٍ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(7/415)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ في بَابِ التَّدْبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُمْ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في كِتَابِ الْعِتْقِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ في بَابِ التَّدْبِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَغَالِبُ الْأَصْحَابِ يَذْكُرُ هذه الْمَسْأَلَةَ في بَابِ الْمُدَبَّرِ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قال في فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ بَنَى طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على أَنَّ التَّدْبِيرَ هل هو تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ أو وَصِيَّةٍ على ما يَأْتِي في بَابِ التَّدْبِيرِ
فَإِنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ صَحَّ تَقْيِيدُهَا بِصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ
وَإِنْ قُلْنَا عِتْقٌ بِصِفَةٍ لم يَصِحَّ ذلك
وَهَؤُلَاءِ قالوا لو هو صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فقال إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ موتى بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ لم يُعْتَقْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَرِيقَةُ بن عَقِيلٍ في إشَارَاتِهِ
قال بن رَجَبٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هذا الْخِلَافَ ليس مَبْنِيًّا على هذا الْأَصْلِ وَعَلَّلَهُ وقال وَمِنْ الْأَصْحَابِ من جَعَلَ هذا الْعَقْدَ تَدْبِيرًا وَمِنْهُمْ من ينفى ذلك
وَلَهُمْ في حِكَايَةِ الْخِلَافِ فيه أَرْبَعَةُ طُرُقٍ ذَكَرْت في غَيْرِ هذا الموضع ( ( ( الموضوع ) ) )
الثَّانِي على الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَكَسْبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِلْوَرَثَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَوَجْهٌ في الْقَوَاعِدِ أَنَّ كَسْبَهُ له من تَصْرِيحِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الْعَبْدَ بَاقٍ على مِلْكِ الْمَيِّتِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ
____________________
(7/416)
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال اخْدِمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ موتى ثُمَّ أنت حُرٌّ
فَعَلَى الصِّحَّةِ لو أَبْرَأَهُ زَيْدٌ من الْخِدْمَةِ عَتَقَ من حِينِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ فَإِنْ كانت الْخِدْمَةُ لِبَيْعِهِ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَفِي لُزُومِ الْقِيمَةِ عليه لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا بن أبى مُوسَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
إحداهما لَا تَلْزَمُهُ وَيُعْتَقُ مَجَّانًا جزم ( ( ( وجزم ) ) ) بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَلْزَمُهُ
وَلَوْ قال لِجَارِيَتِهِ إذَا خَدَمْت ابنى حتى يستغنى فَأَنْتِ حُرَّةٌ لم تُعْتَقْ حتى تَخْدُمَهُ إلَى أَنْ يَكْبَرَ ويستغنى عن الرَّضَاعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال بن أبى مُوسَى لَا تُعْتَقُ حتى يستغنى عن الرَّضَاعِ وَعَنْ أَنْ يلقم ( ( ( يقلم ) ) ) الطَّعَامَ وَعَنْ التنجى من الْغَائِطِ
نَقَلَ مُهَنَّا لَا تُعْتَقُ حتى يستغنى قُلْت حتى يَحْتَلِمَ قال لَا دُونَ الِاحْتِلَامِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ أو كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ حتى إنَّ بَعْضَهُمْ لَا يُثْبِتُ ما يُخَالِفُهُ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(7/417)
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال أبو بَكْرٍ في الشَّافِي لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أبى عبد اللَّهِ فيه إلَّا ما رَوَى محمد بن الْحَسَنِ بن هَارُونَ في الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وما أَرَاهُ إلَّا غَلَطًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ
وَتَقَدَّمَ إذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ على بَيْعِهِ في أَوَاخِرِ بَابِ الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ
فَائِدَةٌ لو بَاعَ أَمَةً بِعَبْدٍ على أَنَّ له الْخِيَارَ ثَلَاثًا ثُمَّ قال في مُدَّةِ الْخِيَارِ هُمَا حُرَّانِ قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ لَا أَعْرِفُ فيها نَصًّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ خَاصَّةً لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْأَمَةِ يَتَرَتَّبُ على فَسْخِ الْبَيْعِ وَعِتْقَهُ لِلْعَبْدِ لَا يَتَرَتَّبُ على وَاسِطَةٍ فَيَكُونُ الْعِتْقُ إلَى الْعَبْدِ أَسْبَقَ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَقَ وَلَا تُعْتَقُ الْأَمَةُ انْتَهَى
قُلْت يَنْبَغِي أَنْ ينبنى ذلك على انْتِقَالِ الْمِلْكِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ
فَإِنْ قُلْنَا يَنْتَقِلُ عَتَقَ الْعَبْدُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ عَتَقَتْ الْأَمَةُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قَالَهُ الْعَبْدُ لم يَصِحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ )
يَعْنِي إذَا قال الْعَبْدُ إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ أو كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ عَتَقَ وَمَلَكَ على الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ من الْحُرِّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
____________________
(7/418)
قال في الْهِدَايَةِ فإذا قال الْعَبْدُ ذلك ثُمَّ عَتَقَ وَمَلَكَ مماليكا ( ( ( مماليك ) ) ) فَعَلَى الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ تَنْعَقِدُ الصِّفَةُ لِلْحُرِّ هل تَنْعَقِدُ له هذه الصِّفَةُ على وَجْهَيْنِ
فَائِدَةٌ لو قال أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ على الْمِلْكِ فلم يَمْلِكْ إلَّا وَاحِدًا فَقَطْ فَقَدْ عَتَقَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَطَعَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ ذَكَرَاهُ في تَعْلِيلِ ما إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ فَمَلَكَ عَبِيدًا ثُمَّ مَاتَ فَآخِرُهُمْ حُرٌّ من حِينِ الشِّرَاءِ وَكَسْبُهُ له )
وقد عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الصِّفَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قال إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ أو كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ أَمَةً ثُمَّ مَلَكَ أُخْرَى لم يَجُزْ له وَطْءُ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يشترى غَيْرَهَا فَتَكُونُ حُرَّةً من حِينِ اشْتَرَاهَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
الثَّانِيَةُ لو كان آخِرُ من اشْتَرَى مَمْلُوكَيْنِ مَعًا أو عَلَّقَ الْعِتْقَ على أَوَّلِ مَمْلُوكٍ فَمَلَكَهُمَا مَعًا أو قال لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ خَرَجَا مَعًا فَقِيلَ يُعْتَقَانِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَالَا هذا قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقَانِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ على أَوَّلِ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ فَمَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا
____________________
(7/419)
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ أَيْضًا في شَرْحِهِ وقال نَصَّ عليه
قُلْت وَنَقَلَهُ مُهَنَّا في أَوَّلُ غُلَامٍ يَطْلُعُ أو امْرَأَةٍ تَطْلُعُ فَهُوَ حُرٌّ أو طَالِقٌ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الرِّوَايَةِ أَوَّلُ من يَطْلُعُ من عَبِيدِي
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ في الطَّلَاقِ
وَلَوْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ من يَقُومُ فَقُمْنَ مَعًا طُلِّقْنَ وفي مُنْفَرِدَةٍ بِهِ وَجْهٌ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال لِأَمَتِهِ آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا لم يُعْتَقْ الْأَوَّلُ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ وهو قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ أبى جَعْفَرٍ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ لو قال لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ أو قال إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا بَلْ جَعَلُوا هذه أَصْلًا لِتِلْكَ
وَصُحِّحَ في المغنى وَالشَّرْحِ عَدَمُ الْعِتْقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهِبِ وَغَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ يُعْتَقُ الْحَيُّ مِنْهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأُشْكِلَ الْآخَرُ مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يُعْتَقَانِ
وَاخْتِبَارُ في التَّرْغِيبِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ أَمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ مِنْهُمَا هل هو الْقُرْعَةُ
____________________
(7/420)
أو الِانْكِشَافُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ عَيَّنَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ لو قال أَوَّلُ غُلَامٍ لي يَطْلُعُ فَهُوَ حُرٌّ فَطَلَعَ عَبِيدُهُ كلهم أو قال لِزَوْجَاتِهِ أَيَّتُكُنَّ طَلَعَ أَوَّلًا فَهِيَ طَالِقٌ فَطَلَعْنَ كُلُّهُنَّ فَنَصَّ لإمام ( ( ( الإمام ) ) ) أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُمَيِّزُ وَاحِدًا من الْعَبِيدِ وَامْرَأَةً من الزَّوْجَاتِ بِالْقُرْعَةِ في رِوَايَةِ مُهَنَّا
وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في هذا النَّصِّ
فَمِنْهُمْ من حَمَلَهُ على أَنَّ طُلُوعَهُمْ كان مُرَتَّبًا وَأُشْكِلَ السَّابِقُ
وَمِنْهُمْ من أَقَرَّ النَّصَّ على ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُمْ طَلَعُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً وقال صِفَةُ الْأَوَّلِيَّةِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم بِانْفِرَادِهِ وَالْمُعْتِقُ إنَّمَا أَرَادَ عِتْقَ وَاحِدٍ منهم فَيُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَمِنْهُمْ من قال يُعْتَقُ وَيُطَلِّقُ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ صِفَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم وَلَفْظُهُ صَالِحٌ لِلْعُمُومِ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ
أو يُقَالُ الْأَوَّلِيَّةُ صِفَةٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْأَفْرَادِ وهو الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى في الطَّلَاقِ
وَمِنْهُمْ من قال لَا يُعْتِقُ وَلَا يُطَلِّقُ أَحَدٌ منهم لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْدًا لَا تَعَدُّدَ فيه وَالْفَرْدِيَّةُ مُشْتَبِهَةٌ هُنَا وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في الطَّلَاقِ وَالسَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ الْكَافِي
قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ وهو أَنَّهُ إنْ طَلَعَ بَعْدَهُمْ غَيْرُهُمْ من عَبِيدِهِ وَزَوْجَاتِهِ طُلِّقْنَ وَعَتَقْنَ وَإِلَّا فَلَا بِنَاءً على أَنَّ الْأَوَّلَ هو السَّابِقُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ أَوَّلًا حتى يَأْتِيَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ فَتَتَحَقَّقُ له بِذَلِكَ صِفَةُ الْأَوَّلِيَّةِ وهو وَجْهٌ لنا ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ في آخِرِ الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ بِالصِّفَةِ أُمَّهُ في الْعِتْقِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا حَالَ عِتْقِهَا أو حَالَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا )
إذَا كانت حَامِلًا حَالَ عِتْقِهَا أو حَالَ تَعْلِيقِ عِتْقِهَا فإنه يَتْبَعُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
____________________
(7/421)
وَإِنْ وُجِدَ حَمْلٌ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَوَضَعَتْهُ قبل وُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَصُحِّحَ عَدَمُ التَّبَعِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتْبَعُهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
فَائِدَةٌ لَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ أُمَّهُ إذَا كان مُنْفَصِلًا حَالَ التَّعْلِيقِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
قَوْلُهُ ( وإذا قال لِعَبْدِهِ أنت حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ أو عَلَيَّ أَلْفٌ عَتَقَ وَلَا شَيْءَ عليه )
إذَا قال لِعَبْدِهِ أنت حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ عتق وَلَا شَيْءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ من أَصْحَابِنَا
قال في الْفُرُوعِ يُعْتَقُ وَلَا شَيْءَ عليه على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمي وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ إنْ لم يَقْبَلْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وإذا قال لِعَبْدِهِ أنت حُرٌّ على أَلْفٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا بِلَا قَبُولٍ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ إنْ لم يَقْبَلْ الْعَبْدُ لم يُعْتَقْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(7/422)
وَجَزَمَ بِهِ الأدمى في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً أَنَّ قَوْلَهُ أنت حُرٌّ على أَلْفٍ شَرْطٌ لَازِمٌ بِلَا قَبُولٍ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال له أنت حُرٌّ على أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أو قال لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك على أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك لَكِنْ إنْ أَبَتْ لَزِمَهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُعْتَقُ مَجَّانًا بِقَبُولِهَا وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أنها لَا تُعْتَقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ
الثَّانِيَةُ لو قال له أنت حُرٌّ بِمِائَةٍ أو بِعْتُك نَفْسَك بِمِائَةٍ فَقَبْلَ عِتْقٍ وَلَزِمَتْهُ الْمِائَةُ وَإِلَّا فَلَا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَإِنْ لم يَقْبَلْ لم يُعْتَقْ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا أَنَّهُ يُعْتَقُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كما لو قال لها أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَاخِرِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ فِيهِمَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ الْعِوَضُ رُكْنًا فِيهِمَا إذَا لم يُعَلِّقْهُمَا عليه
وَعَلَى الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارُ الْأَصْحَابِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ في النِّكَاحِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي في بَابِ الرَّضَاعِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فإنه مَالٌ مَحْضٌ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال أنت حُرٌّ على أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً فَكَذَلِكَ )
يَعْنِي كَقَوْلِهِ أنت حُرٌّ على أَلْفٍ
فَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يُعْتَقُ مَجَّانًا وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يُعْتَقُ حتى يَقْبَلَ
وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ في الرِّوَايَتَيْنِ وَهَذَا إحْدَى الطُّرُقِ في الْمَسْأَلَةِ
____________________
(7/423)
وَقَدَّمَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ يُعْتَقُ هُنَا بِلَا قَبُولٍ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ واختاره بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْمُحَرَّرِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ وقال نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَجِيزِ
وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ بِقِيلَ وَقِيلَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إنْ لم يَقْبَلْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا يُعْتَقُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
وَالثَّانِيَةُ لَا يُعْتَقُ
وقدما ( ( ( وقدمه ) ) ) في أنت حُرٌّ على أَلْفٍ أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا فَخَالَفَا الطَّرِيقَتَيْنِ
وَقِيلَ إنْ لم يَقْبَلْ لم يُعْتَقْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ
وَعَلَى كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي تَكُونُ طَرِيقَةً رَابِعَةً
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ الْبَابِ فَوَائِدُ
الْأُولَى مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو اسْتَثْنَى نفعه ( ( ( في ) ) ) مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ
الثَّانِيَةُ لو مَاتَ السَّيِّدُ في أَثْنَاءِ السَّنَةِ رَجَعَ الْوَرَثَةُ على الْعَبْدِ بِقِيمَةِ ما بقى من الْخِدْمَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالسَّامِرِيُّ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ
الثَّالِثَةُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ هذه الْخِدْمَةِ نَصَّ عليه
نَقْلُ حَرْبٍ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا من الْعَبْدِ أَمْ مِمَّنْ شَاءَ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ نَصَّ عليه وهو الصَّوَابُ
ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ بن أبى مُوسَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
____________________
(7/424)
الرَّابِعَةُ قال في الْفُرُوعِ لم يذكر الْأَصْحَابُ ما لو اسْتَثْنَى السَّيِّدُ خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَذَكَرُوا صِحَّةَ ذلك في الْوَقْفِ قال وَهَذَا مِثْلُهُ
يُؤَيِّدُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي اللَّهُ عنها أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ وَشَرَطَتْ عليه خِدْمَةَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ما عَاشَ
قال وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ انْتَهَى
قُلْت صَرَّحَ بِذَلِكَ أَعْنِي بِجَوَازِ ذلك في الْقَوَاعِدِ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ الْبَابِ
الْخَامِسَةُ لو بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ في يَدِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ صَحَّ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ في الْوَلَاءِ وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ من سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ فَهُوَ مِثْلُ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ وَالسَّيِّدُ هو الْمُعْتِقُ لَهُمَا فَكَانَ الْوَلَاءُ له عَلَيْهِمَا انْتَهَيَا
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في التَّرْغِيبِ مَأْخَذُهُمَا هل هو عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أو تَعْلِيقٌ مَحْضٌ وَيَأْتِي في الْكِتَابَةِ هل تَصِحُّ الْكِتَابَةُ حَالَّةً
السَّادِسَةُ لو قال إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا يَبْطُلُ ما دَامَ مِلْكُهُ وَلَا يُعْتَقُ بِالْإِبْرَاءِ منها بَلْ بِدَفْعِهَا نَصَّ عليه وما فَضَلَ عنها فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ من مِلْكِهِ إذًا لَا مِلْكَ له على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ إنْ أعطيتيني ( ( ( أعطيتني ) ) ) مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ وَأَنَّ هذا الْخِلَافَ يَجْرِي في الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ
____________________
(7/425)
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الْأُولَى إنْ قَالَهُ الصَّغِيرُ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ لم يَقْدِرْ عليه
السَّابِعَةُ لو قال جَعَلْت عِتْقَك إلَيْك أو خَيَّرْتُك وَنَوَى تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ في الْمَجْلِسِ عَتَقَ وَيَتَوَجَّهُ كَطَلَاقٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَلَوْ قال اشْتَرِنِي من سَيِّدِي بهذا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَ مُشْتَرِيَهُ الْمُسَمَّى وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ إنْ لم تَتَعَيَّنْ النُّقُودُ وَإِلَّا بَطَلَا
وَعَنْهُ أُجِيزَ عنه
وَذَكَرَ الأزجى إنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعَبْدِ وَقَعَ عنه وَعَتَقَ وَإِنْ لم يُصَرِّحْ احْتَمَلَ ذلك وَاحْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عن الْوَكَالَةِ لِأَنَّهُ لو وَقَعَ لَعَتَقَ وَالسَّيِّدُ لم يَرْضَ بِالْعِتْقِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال كُلُّ مَمْلُوكٍ لي حُرٌّ عَتَقَ عليه مُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ )
وَكَذَا عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
وَعَتَقَ عليه ( شِقْصٌ يَمْلِكُهُ ) مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ الشِّقْصُ بِدُونِ نِيَّةٍ ذَكَرَهُ بن أبى مُوسَى وَنَقَلَهُ مُهَنَّا كما لو كان له شِقْصٌ فَقَطْ وقال ذلك ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
فَائِدَةٌ لو قال عَبْدِي حُرٌّ أو امتي حُرَّةٌ أو زَوْجَتِي طَالِقٌ ولم يَنْوِ مُعَيَّنًا عَتَقَ الْكُلُّ وَتَطْلُقُ كُلُّ نِسَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَهَذَا مبنى على أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَعُمُّ
____________________
(7/426)
وَقِيلَ يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ وَاحِدٌ وَتَطْلُقُ وَاحِدَةٌ وَتَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ
وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
تَنْبِيهٌ قال في الْفُرُوعِ عن هذه الْمَسْأَلَةِ وَالْمُرَادُ إنْ كان عَبْدٌ مُفْرَدًا لِذَكَرٍ وانثى فَإِنْ كان لِذَكَرٍ فَقَطْ لم يَشْمَلْ أُنْثَى إلَّا إنْ اجْتَمَعَا تَغْلِيبًا
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال لِخَدَمٍ له رِجَالٌ وَنِسَاءٌ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدِهِ ولم يَعْلَمْ بها إنَّهَا تُعْتَقُ
قال أبو مُحَمَّدٍ الجوزى بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَا إنْ قال كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ في الْمُسْتَقْبَلِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال أَحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا )
وَكَذَا لو قال أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أو بَعْضُهُمْ حُرٌّ ولم يَنْوِهِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ وَجْهًا أَنَّهُ يُعْتَقُ بِتَعْيِينِهِ من الرِّوَايَةِ التي في الطَّلَاقِ
وَكَذَا لو أَدَّى أَحَدُ مُكَاتَبِيهِ وَجَهِلَ أَقْرَعَ هو أو وَارِثُهُ في الْجَمِيعِ
وَلَوْ قال لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ حَرُمَ وطؤها ( ( ( وطؤهما ) ) ) مَعًا بِدُونِ قُرْعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفِيهِ وَجْهٌ تَتَمَيَّزُ الْمُعْتَقَةُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ وطىء وَاحِدَةً لم تُعْتَقْ الْأُخْرَى كما لو عَيَّنَهَا ثُمَّ أُنْسِيَهَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُعْتَقَ
قال فَلَوْ قال لِإِمَائِهِ الْأَرْبَعِ إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ حُرَّةٌ ثُمَّ وطىء ثَلَاثًا أُقْرِعَ بين الأولة ( ( ( الأول ) ) ) وَالرَّابِعَةِ فَإِنْ وَطِئَهَا عَتَقَتْ الأولة ( ( ( الأول ) ) ) وَإِنْ كان وَطِئَهَا ثَانِيًا قبل وَطْءِ الرَّابِعَةِ عَتَقَتْ الرَّابِعَةُ فَقَطْ وَيُحَدُّ إنْ عَلِمَ قَبْلَهُ بِعِتْقِهَا
____________________
(7/427)
وَيَأْتِي في بَابِ الشَّكِّ في الطَّلَاقِ إذَا قال إنْ كان هذا الطَّائِرُ غُرَابًا فعبدى حُرٌّ وقال آخَرُ إنْ لم يَكُنْ غُرَابًا فعبدى حُرٌّ
وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ يَذْكُرُ هذه الْمَسْأَلَةَ هُنَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أُنْسِيَهُ أُخْرِجَ بِالْقُرْعَةِ )
إمَّا الْمُعْتِقُ أو وَارِثُهُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ هُنَا من الطَّلَاقِ
قال وَأَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ في آخِرِ الْقَوَاعِدِ
( فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ غَيْرُهُ عَتَقَ وَهَلْ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَوَّلِ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كما لو كانت الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَإِنَّهَا لو كانت بِحُكْمِ حَاكِمٍ لم يَبْطُلْ عِتْقُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَبْطُلُ كما لو كانت الْقُرْعَةُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَإِنَّهَا لو كانت بِحُكْمِ حَاكِمٍ لم يَبْطُلْ عِتْقُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَهَذَا الْوَجْهُ مُقْتَضَى قَوْلِ بن حَامِدٍ قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا من عَبْدِهِ في مَرَضِهِ أو دَبَّرَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا ما أَعْتَقَ أو دَبَّرَ لَا غَيْرُ
____________________
(7/428)
وَعَنْهُ يُعْتَقُ جَمِيعُهُ في الْمُنَجَّزِ دُونَ التَّدْبِيرِ
وَأَطْلَقَ في الشَّرْحِ الرِّوَايَتَيْنِ في تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ إذَا كان يَخْرُجُ من الثُّلُثِ وَقَدَّمَ عِتْقَ الْجَمِيعِ فِيمَا إذَا نُجِّزَ الْبَعْضُ
فَائِدَةٌ لو مَاتَ الْعَبْدُ قبل سَيِّدِهِ عَتَقَ منه بِقَدْرِ ثُلُثِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُعْتَقُ كُلُّهُ لِأَنَّ رَدَّ الْوَرَثَةِ هُنَا لَا فَائِدَةَ لهم فيه
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ أو دَبَّرَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ بَاقِيَهُ أعطى الشَّرِيكَ )
يَعْنِي قِيمَةَ حِصَّتِهِ وكان جَمِيعُهُ حُرًّا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا والخرقى وَالزَّرْكَشِيِّ
إحْدَاهُمَا يُعْتَقُ جَمِيعُهُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
واختاره أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْأُخْرَى ( لَا يُعْتَقُ إلَّا ما مَلَكَ منه )
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ واختاره الشِّيرَازِيُّ وَالشَّرِيفُ
وقال الْقَاضِي ما أَعْتَقَهُ في مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى وما دَبَّرَهُ أو وَصَّى بِعِتْقِهِ لم يَسْرِ
فَالرِّوَايَةُ في سِرَايَةِ الْعِتْقِ في حَالِ الْحَيَاةِ أَصَحُّ وَالرِّوَايَةُ في وُقُوفِهِ في التَّدْبِيرِ أَصَحُّ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أعنى التَّفْرِقَةَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ في مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ عليه دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ بِيعُوا في دَيْنِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ تَبَرُّعَاتِ
____________________
(7/429)
الْمَرِيضِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ بن مُنَجَّا ( وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثُهُمْ )
وهو رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ
فَإِنْ الْتَزَمَ وَارِثُهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَفِي نُفُوذِ عِتْقِهِمْ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ والمغنى وَالشَّرْحِ وَقَالَا وَقِيلَ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَصَرَّفَ الْوَرَثَةُ في التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ أو غَيْرِهِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَضَى الدَّيْنَ هل يَنْفُذُ فيه وَجْهَانِ
قُلْت الصَّوَابُ نُفُوذُ عِتْقِهِمْ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو ظَهَرَ عليه دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ بَعْضَهُمْ احْتَمَلَ بُطْلَانَ عِتْقِ الْكُلِّ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَبْطُلَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ له مَالٌ يُخْرَجُونَ من ثُلُثِهِ عَتَقَ من أُرِقَّ منهم )
بِلَا نِزَاعٍ وكان كَسْبُهُمْ لهم من مُنْذُ عَتَقُوا
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُمْ وَحَكَاهُمَا في الْكَافِي احْتِمَالَيْنِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا من ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ في حَيَاتِهِ أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ فَإِنْ وَقَعَتْ على الْمَيِّتِ رُقَّ الْآخَرَانِ وَإِنْ وَقَعَتْ على أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ إذَا خَرَجَ من الثُّلُثِ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يُقْرَعُ بين الْحَيَّيْنِ دُونَ الْمَيِّتِ
____________________
(7/430)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ في مَرَضِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ فَكَذَلِكَ في قَوْلِ أبى بَكْرٍ )
وَحَكَاهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَّيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا ( وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْرَعَ بين الْحَيَّيْنِ وَيَسْقُطَ حُكْمُ الْمَيِّتِ )
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ كَعِتْقِهِ أَحَدَ عَبْدَيْهِ غير مُعَيَّنٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فإنه يَتَعَيَّنُ الْعِتْقُ في الثَّانِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ يُقْرَعُ بين الْحَيَّيْنِ في هذه الْمَسْأَلَةِ دُونَ التي قَبْلَهَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
ذَكَرَ هذه الْمَسَائِلَ في الْفُرُوعِ في آخِرِ بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ
وَذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي في أَوَّلِ بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ
وَقِيلَ إنْ أَعْتَقَهُمْ أو دَبَّرَهُمْ أو أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ أو دَبَّرَ بَعْضَهُمْ وَأَوْصَى بِعِتْقِ الْبَاقِينَ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ الميت ( ( ( لميت ) ) ) حَسِبْنَاهُ من التَّرِكَةِ وَقَوَّمْنَاهُ حين الْعِتْقِ وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَيٍّ
فَإِنْ كان الْمَوْتُ في حَيَاةِ السَّيِّدِ أو بَعْدَهَا قبل قَبْضِ الْوَرَثَةِ لم يُحْسَبْ من التَّرِكَةِ غَيْرُ الْحَيَّيْنِ فَيُكَمَّلُ ثُلُثُهُمَا مِمَّنْ قُرِعَ أو يُقَوَّمُ بِهِ يوم الْعِتْقِ
وَقِيلَ يُحْسَبُ الْمَيِّتُ من التَّرِكَةِ وَيُقْرَعُ من قُرِعَ إنْ خَرَجَ حَيًّا من الثُّلُثِ وَإِلَّا عتقق ( ( ( عتق ) ) ) منه بِقَدْرِهِ
وَإِنْ كان الْمَوْتُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ حُسِبَ من التَّرِكَةِ
وَبِدُونِ الْمَوْتِ يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ إنْ لم يُجِزْ الْوَرَثَةُ ما زَادَ عليه ذَكَرَ ذلك في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(7/431)
بَابُ التَّدْبِيرِ
قَوْلُهُ ( وهو تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ )
هَكَذَا قال الْأَصْحَابُ زَادَ في الْمُذْهَبِ أو بِشَرْطٍ يُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ
قَوْلُهُ ( وَيُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُعْتَقُ من كل الْمَالِ
قال في الْكَافِي وَلَا عَمَلَ عليه
قال أبو بَكْرٍ هذا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عنه
قال في الْفَوَائِدِ وهو مُتَخَرِّجٌ على أَنَّهُ عِتْقٌ لَازِمٌ كَالِاسْتِيلَادِ وَعَنْهُ يُعْتَقُ من كل الْمَالِ إذَا دَبَّرَهُ في الصِّحَّةِ دُونَ الْمَرَضِ
فَائِدَةٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا نَحْوُ إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمُقَيَّدًا نَحْوُ إنْ مِتّ من مرضى هذا أو عامى أو بهذا الْبَلَدِ فَأَنْتَ حُرٌّ
وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَوْتِهِمَا جميعا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ منه وَلَا يَبِيعُ وَارِثُهُ حَقَّهُ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ حُرٌّ
قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ فإذا أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهِمَا مَوْتًا فَإِنْ جَازَ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ على صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتٍ لِآخَرَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا وَإِلَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ
وفي سِرَايَتِهِ إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ الرِّوَايَتَانِ
قَوْلُهُ ( وَيَصِحُّ من كل من تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ
____________________
(7/432)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال الخرقى يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْغُلَامِ إذَا جَاوَزَ الْعَشْرَ وَالْجَارِيَةُ إذَا جَاوَزَتْ التِّسْعَ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ وَلَفْظُ التَّدْبِيرِ وما تَصَرَّفَ منها )
مُرَادُهُ غَيْرُ لَفْظِ الْأَمْرِ وَالْمُضَارِعِ
كما تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عليه في أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ فَلْيُرَاجَعْ
فَائِدَةٌ كِنَايَاتُ الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ تَكُونُ لِلتَّدْبِيرِ إذَا أَضَافَ إلَيْهِ ذِكْرَ الْمَوْتِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( وَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا بِأَنْ يَقُولَ إنْ مِتّ في مرضى هذا أو عَامِي هذا فَأَنْتَ حُرٌّ أو مُدَبَّرٌ )
وَكَذَا لو قال له إذَا قَدِمَ زَيْدٌ أو جاء رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَصِحُّ مُؤَقَّتًا نَحْوُ أنت مُدَبَّرٌ الْيَوْمَ نَصَّ عليه
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال مَتَى شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَمَتَى شَاءَ في حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا ) بِلَا نِزَاعٍ
أَعْنِي إذَا قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ على صِفَةٍ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْعِتْقِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ )
يَعْنِي كَمَتَى شِئْت وَأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْفُرُوعِ
وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ شَاءَ في الْمَجْلِسِ صَارَ مُدَبَّرًا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/433)
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ واختاره بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَائِدَةٌ لو قال إذَا شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ مَتَى شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
فَائِدَةٌ أُخْرَى لو قال مَتَى شِئْت بَعْدَ موتى فَأَنْتَ حُرٌّ أو أَيَّ وَقْتٍ شِئْت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ على صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وقد تَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الْعِتْقِ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ
فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ ذلك على التَّرَاخِي بَعْدَ مَوْتِهِ وما كَسَبَ فَهُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال قد رَجَعْت في تَدْبِيرِي أو أَبْطَلْته لم يَبْطُلْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ )
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
واختاره الْقَاضِي وقال في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ هذه الرِّوَايَةُ أَجْوَدُ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهَا بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَبْطُلْ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ يَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ
____________________
(7/434)
وفي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ لَا يَبْطُلُ في الْأَمَةِ فَقَطْ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ في حَمْلٍ لم يُوجَدْ وَإِنْ رَجَعَ في حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا فيه
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا لم يَأْتِ بِصَرِيحِ التَّعْلِيقِ أو بِصَرِيحِ الْوَصِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الثَّانِي قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ على صِفَةٍ
تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ على صِفَةٍ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
فَائِدَةٌ اعْلَمْ أَنَّ التَّدْبِيرَ هل هو تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ على صِفَةٍ أو هو وَصِيَّةٌ فيه رِوَايَتَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ على صِفَةٍ
تَنْبِيهٌ يَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ مَسَائِلُ جَمَّةٌ
منها لو قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ هل يُعْتَقُ أَمْ لَا على ما يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَمِنْهَا بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ هل يَجُوزُ أَمْ لَا على ما يَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
وَمِنْهَا هل اعْتِبَارُهُ من الثُّلُثِ أَمْ من كل الْمَالِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ وَمِنْهَا إبْطَالُ التَّدْبِيرِ وَالرُّجُوعُ عنه بِالْقَوْلِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمَةِ
قال بن رَجَبٍ بَنَاهُمَا الخرقى وَالْأَصْحَابُ على هذا الْأَصْلِ
فَإِنْ قِيلَ هو وَصِيَّةٌ جَازَ الرُّجُوعُ عنه وَإِنْ قُلْنَا هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ فَلَا
قال وَلِلْقَاضِي وأبى الْخَطَّابِ في تَعْلِيقَيْهِمَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا مَبْنِيَّتَانِ على قَوْلِنَا إنَّهُ وَصِيَّةٌ تُنَجَّزُ بِالْمَوْتِ من غَيْرِ قَبُولٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْوَصَايَا
____________________
(7/435)
وهو مُنْتَقَضٌ بِالْوَصِيَّةِ لِجِهَاتِ الْبِرِّ
قال ولأبى الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ بِنَاءُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْبَيْعِ أَمَّا إنْ قُلْنَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالْفِعْلِ فَبِالْقَوْلِ أَوْلَى
وَمِنْهَا لو بَاعَ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهَلْ يَكُونُ بَيْعُهُ رُجُوعًا فَلَا يَعُودُ تَدْبِيرُهُ أَمْ لَا يَكُونُ رُجُوعًا فَيَعُودُ فيه رِوَايَتَانِ أَيْضًا بَنَاهُمَا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ على هذا الْأَصْلِ
فَإِنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ بَطَلَتْ بِخُرُوجِهِ عن مِلْكِهِ ولم تَعُدْ بِعَوْدِهِ
وَإِنْ قُلْنَا هو تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ عَادَ بِعَوْدِ الْمِلْكِ بِنَاءً على أَصْلِنَا في عَوْدِ الصِّفَةِ بِعَوْدِ الْمِلْكِ في الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ
وَطَرِيقَةُ الخرقى وَطَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَعُودُ بِعَوْدِ الْمِلْكِ هُنَا رِوَايَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ ما إذَا أَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ بِالْقَوْلِ وهو يَتَنَزَّلُ على أَحَدِ أَمْرَيْنِ
إمَّا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا بَلْ تَعُودُ بِعَوْدِهِ
وَإِمَّا أَنَّ هذا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ خَاصَّةً
وَيَأْتِي أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
وَمِنْهَا لو قال عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَمْ يَبْطُلُ على رِوَايَتَيْنِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الْعِتْقِ فَلْيُرَاجَعْ
وَمِنْهَا لو كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عن التَّدْبِيرِ أَمْ لَا على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
وَمِنْهَا لو وَصَّى بِعَبْدِهِ ثُمَّ دَبَّرَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ عن الْوَصِيَّةِ وَالثَّانِي ليس بِرُجُوعٍ
فَعَلَى هذا فَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ بِهِ أَنَّهُ لو أَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ بِالْقَوْلِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى له ذَكَرَهُ في المغنى
____________________
(7/436)
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَنِي على أَنَّ التَّدْبِيرَ هل هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ أو وَصِيَّةٍ فَإِنْ قُلْنَا هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ قُدِّمَ على الْمُوصَى بِهِ وَإِنْ قُلْنَا هو وَصِيَّةٌ فَقَدْ ازْدَحَمَتْ وَصِيَّتَانِ في هذا الْعَبْدِ فَيَنْبَنِي على أَنَّ الْوَصَايَا الْمُزْدَحِمَةَ إذَا كان بَعْضُهَا عِتْقًا هل تُقَدَّمُ أَمْ يَتَحَاصَّ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ على رِوَايَتَيْنِ
فَإِنْ قُلْنَا بِالْمُحَاصَّةِ فَهُوَ كما لو دَبَّرَ نِصْفَهُ وَوَصَّى بِنِصْفِهِ وَيَصِحُّ ذلك على الْمَنْصُوصِ انْتَهَى
قال في الْفَوَائِدِ وقد يُقَالُ الْمُوصَى له إنْ قِيلَ لَا يَمْلِكُ حتى يَقْبَلَ فَقَدْ سَبَقَ زَمَنُ الْعِتْقِ زَمَنَ مِلْكِهِ فَيَنْفُذُ
وَإِنْ قِيلَ يَمْلِكُ من حِينِ الْمَوْتِ فَقَدْ تَقَارَنَ زَمَنُ مِلْكِهِ وَزَمَنُ الْعِتْقِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعِتْقِ كما نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَسْأَلَةِ من عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِبَيْعِهِ
وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمُدَبَّرِ فَالْمَذْهَبُ أنها لَا تَصِحُّ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ الطَّارِئَ إذَا لم يُبْطِلْ الْوَصِيَّةَ على الْمَشْهُورِ فَكَيْفَ يَصِحُّ طَرَيَان الْوَصِيَّةِ على التَّدْبِيرِ وَمُزَاحَمَتُهَا له
وَبَنَى الْمُصَنِّفُ هذه الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا على الْأُصُولِ السَّابِقَةِ
وَمِنْهَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ هل يَتْبَعُهَا في التَّدْبِيرِ أَمْ لَا على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ ( وَلَهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَهِبَتُهُ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفَائِقِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْفَوَائِدِ وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/437)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إمَّا وَصِيَّةٌ أو تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ وَكِلَاهُمَا لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ قبل الصِّفَةِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا بِنَاءً على أَنَّهُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ فَيَكُونُ لَازِمًا كَالِاسْتِيلَادِ
وَعَنْهُ لَا يُبَاعُ إلا في الدَّيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى في الْعَبْدِ فقال وَلَهُ بَيْعُهُ في الدَّيْنِ وَلَا تُبَاعُ الْمُدَبَّرَةُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وفي الْأُخْرَى الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ انْتَهَى
وَعَنْهُ لَا تُبَاعُ إلَّا في الدَّيْنِ أو الْحَاجَةِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَكِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الخرقى وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ
وَعَنْهُ لَا تُبَاعُ الْأَمَةُ خَاصَّةً
قال في الرَّوْضَةِ وَلَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ في الدَّيْنِ وفي بيعه ( ( ( بيع ) ) ) الْأَمَةِ فيه رِوَايَتَانِ
وَمِنْهَا لو جَحَدَ السَّيِّدُ التَّدْبِيرَ فَنَصُّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ليس بِرُجُوعٍ قَدَّمَهُ بن رَجَبٍ
وقال الْأَصْحَابُ إنْ قُلْنَا هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ لم يَكُنْ رُجُوعًا وَإِنْ قُلْنَا هو وَصِيَّةٌ فَوَجْهَانِ بِنَاءً على ما إذَا جَحَدَ الموصى الْوَصِيَّةَ هل هو رُجُوعٌ أَمْ لَا
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ لم يَكُنْ رُجُوعًا إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ انْتَهَى
قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا جَحَدَ الْوَصِيَّةَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا على ما تَقَدَّمَ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ جَوَّزْنَا الرُّجُوعَ وَحَلَفَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ بِمَا يُحْكَمُ عليه إذَا أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ
____________________
(7/438)
فَائِدَةٌ حُكْمُ وَقْفِ الْمُدَبَّرِ حُكْمُ بَيْعِهِ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا حُكْمُ هِبَتِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ عَادَ التَّدْبِيرُ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على أَنَّ التَّدْبِيرَ هل هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ أو وَصِيَّةٌ على ما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في الْفَوَائِدِ بِأَتَمَّ من ذلك فَلْيُرَاجَعْ
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ رُجُوعُهُ إلَى التَّدْبِيرِ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ ( وما وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفَوَائِدِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا في التَّدْبِيرِ كما لو وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كان مَوْجُودًا حَالَ التَّعْلِيقِ أو الْعِتْقِ أو حَادِثًا بَيْنَهُمَا
وَعَنْهُ في الْحَمْلِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ كَحَمْلِ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ
وَعَنْهُ لَا تَتْبَعُهَا الْأُنْثَى إلَّا بِشَرْطِ السَّيِّدِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ بِخِلَافِ الذَّكَرِ قَالَهُ في الْفَائِقِ
وَاخْتَارَ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْفَوَائِدِ وَحَكَى الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ في تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ رِوَايَتَيْنِ وَبَنَاهُمَا على أَنَّ التَّدْبِيرَ هل هو عِتْقٌ لَازِمٌ كَالِاسْتِيلَادِ أَمْ لَا
____________________
(7/439)
وَمِنْ هُنَا قال أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ مبنى على لُزُومِ التَّدْبِيرِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَتْبَعُهَا إذَا كان مَوْجُودًا مَعَهَا في أَحَدِهِمَا من حُكْمِ وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ بِنَاءً على أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ
وَيَنْبَغِي على هذا أَنْ يُخَرِّجَ طَرِيقَةً أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ
وَأَمَّا ما كان مَوْجُودًا في أَحَدِ الْحَالَيْنِ فَهَلْ يَتْبَعُهَا على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُوصَى بها كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ انْتَهَى كَلَامُهُ في الْفَوَائِدِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا قال الْأَكْثَرُونَ وَيَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ
وقد نَصَّ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ على أَنَّ الْأُمَّ لو عَتَقَتْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ لم يُعْتَقْ الْوَلَدُ حتى تَمُوتَ
وَعَلَى هذا لو رَجَعَ في تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا له ذلك بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا هذا قَوْلُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ هل هو تَابِعٌ مَحْضٌ لها إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ وَإِنْ رُقَّتْ رُقَّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبى مُوسَى انْتَهَى
وقال في الِانْتِصَارِ هل يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِمَا قبل السَّيِّدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا اخْتَلَفَ كَلَامُهُ وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ في وَلَدِهِمَا
قَوْلُهُ ( وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا قبل التَّدْبِيرِ ) هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَكَذَا قال غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَتْبَعُهَا حَكَاهَا أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ من رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَتَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ وقال هذه الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ
____________________
(7/440)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَلَدَتْ الْمُوصَى بِوَقْفِهَا أو عِتْقِهَا قبل مَوْتِ الموصى لم يَتْبَعْهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُوصَى بِعِتْقِهَا وَقِيَاسُهُ الْأُخْرَى
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتْبَعَ في الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ بِنَاءً على أَنَّ فيه ثُبُوتَ التَّحْرِيرِ دُونَ التَّمْلِيكِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
الثَّانِيَةُ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ من أَمَةِ الْمُدَبَّرِ نَفْسِهِ كَالْمُدَبَّرِ نَصَّ عليه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ تَسَرَّى الْمُدَبَّرُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَوُلِدَ له فروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ في التَّدْبِيرِ وَاقْتَصَرَ عليه
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ من أَمَتِهِ مثله في الْأَصَحِّ بَلْ يَتْبَعُ أُمَّهُ وقال في الْفُرُوعِ أَيْضًا وَوَلَدُهُ من غَيْرِ أَمَتِهِ كَالْأُمِّ فَجَزَمَ بِأَنَّهُ كَالْأُمِّ
وقال في الْفَائِقِ وَوَلَدُ الْمُدَبَّرِ تَابِعٌ أُمَّهُ لَا أَبَاهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مثله في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ والخرقى رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنَّمَا حُكِمَ على وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ
أَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ فَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ مُطْلَقًا على الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَتْبَعُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى الْجَزْمُ بها في وَلَدِهِ من أَمَتِهِ الْمَأْذُونِ له في التَّسَرِّي بها وَيَكُونُ مُدَبَّرًا انْتَهَى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَلَهُ إصَابَةُ مُدَبَّرَتِهِ )
أَنَّهُ سَوَاءً شَرَطَهُ أو لَا وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
وَيَجُوزُ له وَطْءُ ابنتها ( ( ( ابنتهما ) ) ) إنْ لم يَكُنْ وطىء أُمَّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفَائِقِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ
قَوْلُهُ ( وإذا كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ أو دَبَّرَ الْمُكَاتَبَ جَازَ
____________________
(7/441)
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا عن التَّدْبِيرِ إنْ قُلْنَا التَّدْبِيرُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ لم يَكُنْ رُجُوعًا
وَإِنْ قُلْنَا هو وَصِيَّةٌ انْبَنَى على أَنَّ كِتَابَةَ الْمُوصَى بِهِ هل تَكُونُ رُجُوعًا فيه وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ
وَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ كِتَابَةَ الْمُدَبَّرِ لَيْسَتْ رُجُوعًا عن تَدْبِيرِهِ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ رُجُوعٌ بِنَاءً على أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ فَتَبْطُلُ بِالْكِتَابَةِ
قَوْلُهُ ( فَلَوْ أَدَّى عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قبل الْأَدَاءِ عَتَقَ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ ما بَقِيَ من كِتَابَتِهِ )
وَإِلَّا عَتَقَ منه قَدْرُ الثُّلُثِ وَسَقَطَ من الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ ما عَتَقَ وهو على الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ
مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ ما بَقِيَ من الْكِتَابَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ في خُرُوجِهِ من الثُّلُثِ هو ما بَقِيَ عليه من الْكِتَابَةِ
وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى وَكَلَامُهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَجَزَمُوا بِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ كان ما في يَدِهِ له
وَلَوْ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ مع الْعَجْزِ عن أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ كان ما في يَدِهِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قبل الْعَجْزِ عن جَمِيعِ الْكِتَابَةِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وما في يَدِهِ له عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عن الْأَصْحَابِ وهو الْمَذْهَبُ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك إذَا أَوْلَدَ الْمُكَاتَبَةَ في بَابِ الْكِتَابَةِ
____________________
(7/442)
فَائِدَةٌ لو أَوْلَدَ أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا أو كَاتَبَهَا ثُمَّ أَوْلَدَهَا جَازَ لَكِنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا
وَلَوْ دَبَّرَ أُمَّ وَلَدِهِ لم يَصِحَّ إذْ لَا فَائِدَةَ فيه وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَ بن حَمْدَانَ الصِّحَّةَ إنْ جَازَ بَيْعُهَا وَقُلْنَا التَّدْبِيرُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ
قَوْلُهُ ( وإذا دَبَّرَ شِرْكًا له في عَبْدٍ لم يَسْرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ سَرَى إلَى الْمُدَبَّرِ وَعَنْهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يسرى في الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي
فَعَلَى هذا يَصِيرُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهَا
قَوْلُهُ ( وإذا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الْكَافِرِ لم يُقَرَّ في يَدِهِ وَتُرِكَ في يَدِ عَدْلٍ يُنْفِقُ عليه من كَسْبِهِ وما فَضَلَ فَلِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَعْوَزَ فَعَلَيْهِ تَمَامُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ في التَّدْبِيرِ وَنَقُولُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ )
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ الْكَافِرِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ إذَا اسْتَدَامَ تَدْبِيرُهُ لَكِنْ لَا يُقَرُّ في يَدِهِ وَيُتْرَكُ في يَدِ عَدْلٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عنه فَإِنْ أَبَى بِيعَ عليه وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَتَقَدَّمَ في آخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ إذَا أَسْلَمَ عبد الْكَافِرِ الْقِنِّ وَأَحْكَامُهُ
____________________
(7/443)
فَائِدَةٌ لو أَسْلَمَ مُكَاتَبُ الْكَافِرِ لَزِمَهُ إزَالَةُ يَدِهِ عنه فَإِنْ أَبَى بِيعَ عليه بِلَا خِلَافٍ
وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ لم تُقَرَّ في يَدِهِ وَجُعِلَتْ عِنْدَ عَدْلٍ يُنْفِقُ عليها من كَسْبِهَا
وَإِنْ أَعْوَزَ لَزِمَ السَّيِّدَ تَمَامُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ له وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا
وَعَنْهُ يُسْتَسْعَى في قِيمَتِهَا ثُمَّ تُعْتَقُ
وَنَقَلَ مُهَنَّا تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا
وَتَأْتِي هذه الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَاخِرِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا لو أَسْلَمَتْ مُدَبَّرَتُهُ مُسْتَوْفَاةً مُحَرَّرَةً
قَوْلُهُ ( وَمَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ لم يُحْكَمْ عليه إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَهَلْ يَحْكُمُ عليه بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْعَبْدِ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْخُلَاصَةُ
إحْدَاهُمَا يُحْكَمُ عليه بِذَلِكَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَالنَّاظِمُ
وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَالْوَجِيزُ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَكَذَا الْحُكْمُ في الْكِتَابَةِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُحْكَمُ عليه إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ
وَيَأْتِي ذلك في أَحْكَامِ الشُّهُودِ بِهِ
وَتَقَدَّمَ في الْفَوَائِدِ هل يَكُونُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ رُجُوعٌ لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ
____________________
(7/444)
قَوْلُهُ ( وإذا ( ( ( وإذ ) ) ) قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جماهير ( ( ( الجماهير ) ) ) الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ واختاره الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ في بَابِ الْمُوصَى له
وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ فَيُعْتَقُ
وَهَذَا ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في آخِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
وقال في فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الرِّوَايَتَيْنِ إنْ قُلْنَا هو عِتْقٌ بِصِفَةٍ عَتَقَ وَإِنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ لم يُعْتَقْ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ على الرِّوَايَتَيْنِ وهي ( ( ( وهو ) ) ) طَرِيقَةُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لم يُعَلِّقْهُ على مَوْتِهِ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْمُوصَى له وَلَوْ قَتَلَ الوصى الْمُوصَى وَلَوْ خَطَأً بَطَلَتْ وَلَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ بَعْدَ جُرْحِهِ
وقال جَمَاعَةٌ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَمِثْلُهَا التَّدْبِيرُ فَإِنْ جَعَلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ فَوَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
(7/445)
بَابُ الْكِتَابَةِ
قَوْلُهُ ( وَهِيَ بَيْعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ )
زَادَ غَيْرُهُ بِعِوَضٍ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ
وَلَيْسَتْ الْكِتَابَةُ مُخَالِفَةً لِلْأَصْلِ لِأَنَّ مَحَلَّهَا الذِّمَّةُ
قَوْلُهُ ( وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّارِحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ إذَا ابْتَغَاهَا من سَيِّدِهِ أَجْبَرَهُ عليها بِقِيمَتِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في تَفْسِيرِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو مُتَّجَهٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَى قِيَاسِهِ وُجُوبُ الْعِتْقِ في قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَقَدَّمَ في الرَّوْضَةِ أنها مُبَاحَةٌ
فَائِدَةٌ لَا تَصِحُّ كِتَابَةُ الْمَرْهُونِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت تَجُوزُ كَعِتْقِهِ وهو الصَّوَابُ وَتَجُوزُ كِتَابَةُ الْمُسْتَأْجَرِ
قَوْلُهُ ( لِمَنْ يُعْلَمُ فيه خَيْرًا وهو الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(7/446)
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ الْمُكْتَسِبُ الصَّدُوقُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتُسْتَحَبُّ مع كَسْبِ الْعَبْدِ وَأَمَانَتِهِ وَصِدْقِهِ
وقال في الْوَاضِحِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مع كَسْبِ الْعَبْدِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في كِتَابِ الْعِتْقِ فَأَسْقَطُوا الْأَمَانَةَ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ من لَا كَسْبَ له على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا تُكْرَهُ كِتَابَتُهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَرَاهَةُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ والتصحيح ( ( ( والصحيح ) ) ) وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ فَتُسْتَحَبُّ لَكِنْ قال في الْكَافِي لو دَعَا من لَا كَسْبَ له سَيِّدَهُ إلَى الْكِتَابَةِ لم يُجْبَرْ رِوَايَةً وَاحِدَةً
قال الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ في الْمُكَاتَبِ فَإِنْ كان مِمَّنْ يَتَضَرَّرُ بِالْكِتَابَةِ وَيَضِيعُ لِعَجْزِهِ عن الْإِنْفَاقِ على نَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ من يُنْفِقُ عليه كُرِهَتْ كِتَابَتُهُ وَإِنْ كان يَجِدُ من يَكْفِيهِ مُؤْنَتَهُ لم تُكْرَهْ كِتَابَتُهُ
وَعَنْهُ تُكْرَهُ كِتَابَةُ الْأُنْثَى
فَائِدَةٌ تَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ صِحَّةُ كِتَابَةِ الولى رَقِيقَ الْمَوْلَى عليه وَالْكِتَابَةُ في الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ من رَأْسِ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ في الْمَرَضِ من الثُّلُثِ
وَلَوْ كَاتَبَهُ في الصِّحَّةِ وَأَسْقَطَ دَيْنَهُ أو أَعْتَقَهُ في مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ خُرُوجُ الْأَقَلِّ من رَقَبَتِهِ أو دَيْنِهِ من الثُّلُثِ
____________________
(7/447)
وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ أو أَبْرَأَهُ من الدَّيْنِ اُعْتُبِرَ أَقَلُّهُمَا من ثُلُثِهِ وَلَوْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ عَتَقَ وَبَاقِيهِ على الْكِتَابَةِ وَلَوْ أَقَرَّ في الْمَرَضِ بِقَبْضِ النُّجُومِ سَلَفًا جَازَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَ الْمُمَيِّزُ عَبْدَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ صَحَّ )
صِحَّةُ كِتَابَةِ الْمُمَيِّزِ لِعَبْدِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مَبْنِيَّةٌ على صِحَّةِ بَيْعِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ بَيْعِهِ فَكَذَا كِتَابَتُهُ
وَقَوْلُهُ ( وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ )
هذا الِاحْتِمَالُ لأبى الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في هذا الْبَابِ
وَقِيلَ تَصِحُّ كِتَابَتُهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ تَصِحُّ من بن عَشْرٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمُمَيِّزَ صَحَّ )
بِلَا نِزَاعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الْمَجْنُونُ وَلَوْ فَعَلَ لم يَصِحَّ وَلَا يُعْتَقَانِ بِالْأَدَاءِ بَلْ يَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِهِ إنْ كان التَّعْلِيقُ صَرِيحًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ في الْعِتْقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُعْتَقُ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الصِّفَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَالثَّانِي لَا يُعْتَقُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْمَذْهَبِ لَا يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ خِلَافًا لِمَا قال الْقَاضِي
قَوْلُهُ ( وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ وَيَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك على كَذَا وَإِنْ لم يَقُلْ فإذا أَدَّيْت إلى فَأَنْتَ حُرٌّ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(7/448)
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
( وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُهُ ) ذلك ( أو نِيَّتُهُ )
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وفي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ هو رِوَايَةٌ في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ ذلك وَقِيلَ أو نِيَّتُهُ
فَائِدَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِلْكِتَابَةِ
وقال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُشْتَرَطُ ذلك وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ مَعْلُومٍ )
وَلَوْ خِدْمَةً أو مَنْفَعَةً وَغَيْرَهَا
قال الْأَصْحَابُ مُبَاحٌ يَصِحُّ السَّلَمُ فيه مُنَجَّمٌ بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا يُعْلَمُ قَدْرُ ما يُؤَدِّي في كل نَجْمٍ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَصِحُّ إلَّا على نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا يُعْلَمُ قَدْرُ ما يُؤَدِّي في كل نَجْمٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
( وَقِيلَ تَصِحُّ على نَجْمٍ وَاحِدٍ )
اخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى
قال في الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقِيلَ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ على خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ على مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ
____________________
(7/449)
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَصِحُّ إلَّا على عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَلَا تَصِحُّ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
( وقال الْقَاضِي تَصِحُّ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ ) وَلَهُ الْوَسَطُ وَقَالَهُ أَصْحَابُ الْقَاضِي
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ كَاتَبَهُ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَلَهُ الْوَسَطُ وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ كَاتَبَهُ على عَبْدٍ مُطْلَقٍ صَحَّ وَوَجَبَ الْوَسَطُ وَقِيَاسُ قَوْلِ أبى بَكْرٍ بُطْلَانُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَصِحُّ حَالَّةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في المغنى وَالشَّارِحِ أَنَّ فيها قَوْلًا بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَلَا تَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
فَدَلَّ أَنَّ فيها خِلَافًا وهو خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ واختاره في الْفَائِقِ فقال وَالْمُخْتَارُ صِحَّةُ الْكِتَابَةِ حَالَّةً
وقال في التَّرْغِيبِ في كِتَابَةِ من نِصْفُهُ حُرٌّ حالة ( ( ( له ) ) ) وَجْهَانِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في جَوَازِ تَوْقِيتِ النَّجْمَيْنِ بِسَاعَتَيْنِ وَعَدَمِهِ فَيُعْتَبَرُ ماله وَقْعٌ في الْقُدْرَةِ على الْكَسْبِ فيه خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ
قُلْت الصَّوَابُ الثَّانِي
وَإِنْ كان ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْعِتْقِ هل يَصِحُّ شِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ من سَيِّدِهِ بِمَالٍ في يَدِهِ أَمْ لَا
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا تَكُونُ الْكِتَابَةُ بَاطِلَةً من أَصْلِهَا على الصَّحِيحِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَرَّحَ بن عَقِيلٍ بِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِشَرْطِ النُّجُومِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ
____________________
(7/450)
وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَصِيرُ فَاسِدَةً وَلَا تَبْطُلُ من أَصْلِهَا وَيَأْتِي الْإِشْكَالُ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ على عِوَضٍ مَجْهُولٍ أنها تَكُونُ فَاسِدَةً لَا بَاطِلَةً آخِرَ الْبَابِ
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ على مَالٍ وَخِدْمَةٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الْخِدْمَةُ أو تَأَخَّرَتْ )
يَعْنِي تَصِحُّ الْكِتَابَةُ على مَالٍ مع خِدْمَةٍ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَالِ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ لَكِنْ لو جَعَلَ الدَّيْنَ بَعْدَ فَرَاغِ الْخِدْمَةِ بِيَوْمٍ أو أَكْثَرَ صَحَّ وَإِنْ جَعَلَ مَحَلَّهُ في الْخِدْمَةِ أو عِنْدَ انْقِضَائِهَا صَحَّ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرُوهُ
وقال الْقَاضِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يَكُونُ نَجْمًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
فَائِدَةٌ تَصِحُّ الْكِتَابَةُ على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنَجَّمَةٍ كَخِدْمَةٍ وَعَمَلٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَلِلْمُصَنِّفِ احْتِمَالٌ بِصِحَّتِهَا على مَنْفَعَةٍ مُفْرَدَةٍ مُدَّةً وَاحِدَةً
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَدَّى ما كُوتِبَ عليه أو أُبْرِئَ منه عَتَقَ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إذَا مَلَكَ ما يُؤَدِّي صَارَ حُرًّا وَيُجْبَرُ على أَدَائِهِ
فَائِدَةٌ لو أَبْرَأَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ من حَقٍّ منها وكان مؤسرا عَتَقَ عليه كُلُّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ
____________________
(7/451)
قَوْلُهُ ( فَلَوْ مَاتَ قبل الْأَدَاءِ كان ما في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ في الصَّحِيحِ عنه )
وَهَذَا مُفَرَّعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو أَنَّهُ إذَا مَلَكَ ما يُؤَدِّي عن كِتَابَتِهِ ولم يُؤَدِّهِ لم يُعْتَقْ فإذا مَاتَ قبل الْأَدَاءِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وكان ما في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا ملك ما يُؤَدِّي يَصِيرُ حُرًّا قبل الْأَدَاءِ فإذا مَاتَ قبل الْأَدَاءِ كان لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ وَالْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ اخْتَارَهُ هُنَا أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ
لَكِنْ هل يَسْتَحِقُّهُ السَّيِّدُ حَالًّا أو هو على نُجُومِهِ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ
وَتَقَدَّمَ في ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ إذَا عَجَزَ وَرُقَّ وَنَحْوَهُ وكان بيده مَالٌ أَخَذَهُ من الزَّكَاةِ هل يَكُونُ لِسَيِّدِهِ أو لِمَنْ أَخَذَهُ منه
قَوْلُهُ ( وإذا عُجِّلَتْ الْكِتَابَةُ قبل مَحَلِّهَا لَزِمَ السَّيِّدَ الْأَخْذُ )
فَشَمِلَ الْقَبْضَ مع الضَّرَرِ وَعَدَمِهِ وَكَذَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ والخرقى وأبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ مع الضَّرَرِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ ذلك إذَا كان في قبضة ضَرَرٌ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْقَاضِي وَالْمَذْهَبُ عِنْدِي أَنَّ فيه تَفْصِيلًا على حَسَبِ ما ذُكِرَ في السَّلَمِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ واختاره الْمُصَنِّفُ في المغنى
____________________
(7/452)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ عَجَّلَ ما عليه قبل مَحَلِّهِ لَزِمَ سَيِّدَهُ في الْأَصَحِّ أَخْذُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَعَتَقَ في الْحَالِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ عَجَّلَ ما عليه لَزِمَ قَبْضُهُ وَعَتَقَ حَالًا نَصَّ عليه وَقُيِّدَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ السَّلَمِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وأبو بَكْرٍ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ مع عَدَمِ الضَّرَرِ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ قد يَعْجِزُ فَيَرِقُّ وَلِأَنَّ بَقَاءَ الْمُكَاتَبِ في هذه الْمُدَّةِ حَقٌّ له ولم يَرْضَ بِزَوَالِهِ
فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ رِوَايَةٌ بِاللُّزُومِ مُطْلَقًا وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَالثَّالِثَةُ الْفَرْقُ بين الضَّرَرِ وَعَدَمِهِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ طَرِيقَةً أُخْرَى وَهِيَ إنْ كان في الْقَبْضِ ضَرَرٌ لم يَلْزَمْهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَتَبِعَهُ في الْكَافِي فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا بِاللُّزُومِ لو امْتَنَعَ السَّيِّدُ من قَبْضِهِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ في بَيْتِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَشْهُورُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ أَبَى السَّيِّدُ بريء الْعَبْدُ ذَكَرْنَاهُ في الْمَكْفُولِ بِهِ
نَقَلَ حَرْبٌ إنْ أَبَى مَوْلَاهُ الْأَخْذَ ما أَعْلَمُ ما زَادَهُ إلَّا خَيْرًا
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ السَّلَمِ
الثَّانِيَةُ في عِتْقِ الْمُكَاتَبِ بِالِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالصَّوَابُ الْعِتْقُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَعَدَمُ الْعِتْقِ قَالَهُ الْقَاضِي
____________________
(7/453)
قَوْلُهُ ( وإذا أَدَّى وَعَتَقَ فَوَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ عَيْبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أو قِيمَتُهُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هو كَالْبَيْعِ
وَقِيلَ يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ إنْ رَدَّهُ ولم يُعْطِهِ الْبَدَلَ وهو تَوْجِيهٌ لِلْقَاضِي
قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ بَانَ مَعِيبًا نَظَرْت فَإِنْ رضى بِذَلِكَ وَأَمْسَكَهُ اسْتَقَرَّ الْعِتْقُ وَإِنْ اخْتَارَ إمْسَاكَهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ أو رَدَّهُ فَلَهُ ذلك
وقال أبو بَكْرٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ الْعِتْقُ وَلَيْسَ له الرَّدُّ وَلَهُ الْأَرْشُ
فَائِدَةٌ لو أَخَذَ السَّيِّدُ حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قال هو حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لم يُعْتَقْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَإِنْ ادَّعَى السَّيِّدُ تَحْرِيمَ الْعِوَضِ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ
وَإِنْ لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُ الْعَبْدِ مع يَمِينِهِ ثُمَّ يَجِبُ على السَّيِّدِ أَخْذُهُ وَيُعْتَقُ بِهِ ثُمَّ يَلْزَمُ السَّيِّدَ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ إنْ أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ
وَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ حَلَفَ سَيِّدُهُ
وَلَهُ قبضة من دَيْنٍ غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَتَعْجِيزُهُ وفي تَعْجِيزِهِ قبل أَخْذِ ذلك من جِهَةِ الدَّيْنِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ في قَبْضِهِ عن أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ وَفَائِدَتُهُ يَمِينُهُ عِنْدَ النِّزَاعِ
قُلْت قد تَقَدَّمَ في بَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لو قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أو أُبْرِئَ منه
____________________
(7/454)
وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أو كَفِيلٌ كان عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أو الْمُبْرِئُ من الْقِسْمَيْنِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ في النِّيَّةِ بِلَا نِزَاعٍ فَيَخْرُجُ هُنَا مِثْلُهُ
قَوْلُهُ ( وَيَمْلِكُ السَّفَرَ )
حُكْمُ سَفَرِ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ سَفَرِ الْغَرِيمِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ الْحَجْرِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ السَّفَرُ كَغَرِيمٍ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وقد أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا الْقَوْلَ في ذلك ولم يُفَرِّقُوا بين السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِ
وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ له مَنْعَهُ من السَّفَرِ الذي تَحِلُّ نُجُومُ الْكِتَابَةِ قَبْلَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وهو مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَإِنَّمَا لم يُقَيِّدُوا ذلك اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ لهم من الْحُرِّ الْمَدِينِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّفَرُ لِلْجِهَادِ فإنه لَا يَجُوزُ له السَّفَرُ لِذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ على ما مَرَّ في كِتَابِ الْجِهَادِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ شَرَطَ عليه أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ على وَجْهَيْنِ )
وَهُمَا وَجْهَانِ أَيْضًا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ أبى الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْمَجْدِ في الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَيَصِحُّ شَرْطُ تَرْكِهِمَا على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ
____________________
(7/455)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ صِحَّةَ شَرْطِ أَنْ لَا يُسَافِرَ
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ بُطْلَانَ شَرْطِ عَدَمِ سَفَرِهِ وَصِحَّةَ شَرْطِ عَدَمِ السُّؤَالِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَصِحُّ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ أَنْ لَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ
وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُسَافِرَ
وقال في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ يَصِحُّ شَرْطُ أَنْ لَا يُسَافِرَ
وقال أبو بَكْرٍ إذَا رَآهُ يَسْأَلُ مَرَّةً في مَرَّةٍ عَجَّزَهُ كما لو حَلَّ نَجْمٌ في نَجْمٍ عَجَّزَهُ
فَاعْتَبَرَ الْمُخَالَفَةَ في مَرَّتَيْنِ كَحُلُولِ نَجْمَيْنِ وَصُحِّحَ الشَّرْطُ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ إذَا خَالَفَ كان لِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ بِسَفَرِهِ إذَا لم يمكن ( ( ( يكن ) ) ) رَدَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ لم يَمْلِكْ تَعْجِيزَهُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ له أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يَتَبَرَّعُ وَلَا يُقْرِضُ وَلَا يُحَابِي وَلَا يَقْتَصُّ من عَبْدِهِ الْجَانِي على بَعْضِ رَقِيقِهِ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُكَاتِبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ )
لَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَذْهَبُ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ عَامَّتُهُمْ
____________________
(7/456)
قُلْت قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ له أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَنَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ
فَائِدَةٌ ليس لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ رَقِيقَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي
وَقِيلَ له ذلك إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَقِيلَ له أَنْ يُزَوِّجَ الْأَمَةَ دُونَ الْعَبْدِ حَكَاهُ الْقَاضِي في خِصَالِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ ذَكَرَهُمَا في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُمَا في غَيْرِهِ
وَلَيْسَ له أَنْ يَتَبَرَّعَ وَلَا يُقْرِضَ وَلَا يُحَابِي إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَلَيْسَ له أَنْ يَقْتَصَّ من عَبْدِهِ الْجَانِي على بَعْضِ رَقِيقِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى واختاره أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
____________________
(7/457)
وَقِيلَ يَجُوزُ له ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَأَطْلَقَهُمَا 2 في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْتِقَهُ مَجَّانًا أو على عِوَضٍ في ذِمَّتِهِ
فَإِنْ أَعْتَقَهُ مَجَّانًا لم يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي عِتْقُهُ مَوْقُوفٌ على انْتِهَاءِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا وَإِنْ رُقَّ رُقُّوا كما لو مَلَكَ ذَا رَحِمٍ منه وَخَرَجَ وَقْفُهُ على رِضَا السَّيِّدِ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَإِنْ اعتقه بِمَالٍ في ذِمَّتِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ليس له ذلك إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً له
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَ له ذلك إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وقال أبو بَكْرٍ هو مَوْقُوفٌ كَقَوْلِهِ في الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي هُنَا ليس له أَنْ يَحُجَّ إنْ احْتَاجَ إلَى الأنفاق من مَالِهِ فيه
____________________
(7/458)
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا في الْمُقْنِعِ في بَابِ الِاعْتِكَافِ له أَنْ يَحُجَّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لانه كَالْحُرِّ الْمَدِينِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هُنَاكَ
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ له أَنْ يَحُجَّ من الْمَالِ الذي جَمَعَهُ ما لم يَأْتِ نَجْمُهُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ هذه الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ على أَنَّهُ يَحُجُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ في بَابِ الِاعْتِكَافِ وَيَحُجُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ ما لم يَحِلَّ عليه نَجْمٌ في غَيْبَتِهِ نَصَّ عليه انْتَهَى فَقَطَعُوا بِذَلِكَ
وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وفي جَوَازِ حَجِّهِ بِمَالٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ رِوَايَتَانِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ في هذا الْبَابِ في جَوَازِ حَجِّهِ بِمَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ رِوَايَتَانِ
وَعَنْهُ له الْحَجُّ بِلَا إذْنِهِ
وَعَنْهُ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ الْحَجُّ بِمَالِهِ ما لم يَحِلَّ نَجْمٌ
وَقِيلَ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَالُوا نَصَّ عليه
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الِاعْتِكَافِ
قَوْلُهُ ( وَوَلَاءُ من يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ لِسَيِّدِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ إنْ كَاتَبَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
وَقِيلَ الْوَلَاءُ لِلْمُكَاتَبِ إنْ عَتَقَ زَادَ في الْفَائِقِ مع أَمْنِ ضَرَرٍ في مَالِهِ
____________________
(7/459)
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ أَدَّى الْأَوَّلُ ثُمَّ أَدَّى الثَّانِي فَوَلَاءُ كل وَاحِدٍ لِمُكَاتَبِهِ وَإِنْ أَدَّى الْأَوَّلُ وَعَجَزَ الثَّانِي صَارَ رَقِيقًا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ عَجَزَ الْأَوَّلُ وَأَدَّى الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَدَّى الثَّانِي قبل عِتْقِ الْأَوَّلِ عَتَقَ
قال أبو بَكْرٍ وَوَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ هو مَوْقُوفٌ إنْ أَدَّى عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ له وَإِلَّا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ )
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَعَنْهُ له ذلك بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ يُكَفِّرُ بِالْمَالِ مُطْلَقًا
وقال الْقَاضِي الْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ في التَّكْفِيرِ فَإِنْ أَذِنَ له سَيِّدُهُ في التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ انْبَنَى على مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لم ( ( ( له ) ) ) يَصِحُّ تَكْفِيرُهُ بِغَيْرِ الصِّيَامِ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ صَحَّ بِالْإِطْعَامِ إذَا أَذِنَ فيه سَيِّدُهُ وَإِنْ أَذِنَ بِالتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هذا التَّفْصِيلَ لَا يَتَوَجَّهُ في الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَالَ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنَّمَا مِلْكُهُ نَاقِصٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ فإذا أَذِنَ له صَحَّ كَالتَّبَرُّعِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ جَوَّزْنَا له التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ فإنه لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
____________________
(7/460)
قَوْلُهُ ( وَهَلْ له أَنْ يَرْهَنَ أو يُضَارِبَ بِمَالِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ )
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا ليس له ذلك وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ في مَوْضِعٍ آخَرَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي له ذلك اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا في جَوَازِ بَيْعِهِ نَسَاءً وَلَوْ بَرْهَنَ وَهِبَةً بِعِوَضٍ وَحَدَّ رَقِيقَهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ في الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ في الْبَيْعِ نَسَاءً
وَقَدَّمَ في المغنى وَالشَّرْحِ أَنَّهُ ليس له أَنْ يَبِيعَ نَسَاءً وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي في الْجَمِيعِ
وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ ليس له أَنْ يَهَبَ وَلَوْ بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ وَلَا يُحَدَّ
وَجَزَمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ليس له أَنْ يَهَبَ وَلَوْ بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ
وَجَزَمَ في المغنى وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِالثَّوَابِ
وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسَاءً من غَيْرِ رَهْنٍ وَلَا ضَمِينٍ
فَفِي الْبَيْعِ نَسَاءً ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْجَوَازُ وهو تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي من الْمُضَارِبِ وَعَدَمِهِ وَالْجَوَازُ بِرَهْنٍ أو ضَمِينٍ
الثَّانِيَةُ ليس له أَنْ يَقْتَصَّ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى على طَرَفِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(7/461)
قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ من عُضْوٍ وَقِيلَ أو جُرُوحٍ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ في الْأَصَحِّ وَكَذَا قال في الْفَائِقِ
قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وهو قِيَاسُ قَوْلِ أبى بَكْرٍ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَقِيلَ له ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا
وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً أَنَّ الْعَبْدَ لو وَجَبَ له قِصَاصٌ أَنَّ له طَلَبَهُ وَالْعَفْوَ عنه كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في آخِرِ بَابِ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ فها هنا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ له الطَّلَبُ وَلَيْسَ له الْفِعْلُ
قُلْت وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ له شِرَاءُ ذَوِي رَحِمِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ )
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي له ذلك نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَهُ شِرَاءُ ذِي رَحِمِهِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ
وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
قَوْلُهُ ( وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُمْ إذَا وُهِبُوا له أو أوصى له بِهِمْ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ بِمَالِهِ
____________________
(7/462)
وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَشَرَحَ على ذلك بن مُنَجَّا
وَقِيلَ له أَنْ يَقْبَلَهُمْ في الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَلَوْ أَضَرَّ ذلك بِمَالِهِ
وَأَطْلَقَ الْجَوَازَ من غَيْرِ التَّقْيِيدِ بِالضَّرَرِ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو إحْدَى نُسْخَتَيْ الخرقى
قال الشَّارِحُ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُمْ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ شِرَاءَهُ فلان يَجُوزَ له بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْلَى وَعِنْدَ من لَا يَرَى جَوَازَ شراءهم ( ( ( شرائهم ) ) ) بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَا يُجِيزُ قَبُولَهُمْ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ بِمَالِهِ
فَائِدَةٌ هل له أَنْ يَفْدِيَ ذَوِي رَحِمِهِ إذَا جَنَوْا فيه وَجْهَانِ
وفي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُذْهَبِ له ذلك كَالشِّرَاءِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ
قَوْلُهُ ( وَمَتَى مَلَكَهُمْ لم يَكُنْ له بَيْعُهُمْ وَلَهُ كَسْبُهُمْ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُ فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا وَإِنْ رُقَّ صَارُوا رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ )
مُرَادُهُ بِذَلِكَ ذَوُو رَحِمِهِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَتَقَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ أو بِعِتْقِ سَيِّدِهِ له
فَإِنْ كان بِأَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ عَتَقُوا معه بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان عِتْقُهُ لِكَوْنِ سَيِّدِهِ أَعْتَقَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ معه أَيْضًا وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ لَا يُعْتَقُونَ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ بَلْ يَبْقَوْنَ أَرِقَّاءَ لِلسَّيِّدِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ شِرَاءُ من يُعْتَقُ على سَيِّدِهِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالتَّرْغِيبِ فَإِنْ عَجَزَ عَتَقُوا
____________________
(7/463)
وَإِنْ عَتَقَ كَانُوا أَرِقَّاءَ له وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في وَلَدِهِ من أَمَتِهِ )
يَعْنِي أَنَّهُ يُعْتَقُ بِعِتْقِهِ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ إذَا كان من أَمَةِ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَتْبَعُهُ إذَا شُرِطَ ذلك منهم النَّاظِمُ
قَوْلُهُ ( وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ الذي وَلَدَتْهُ في الْكِتَابَةِ يَتْبَعُهَا )
نَصَّ عليه فَإِنْ عَتَقَتْ بِأَدَاءٍ أو إبْرَاءٍ عَتَقَ مَعَهَا وَإِنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِهِمَا لم يُعْتَقْ وَلَدُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَمَوْتِهَا في الْكِتَابَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَبْقَى مُكَاتَبًا قال الشَّارِحُ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ شَيْخِنَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ الذي وَلَدَتْهُ قبل الْكِتَابَةِ لَا يَتْبَعُهَا وهو صَحِيحٌ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أنها لو كانت حَامِلًا بِهِ حَالَ الْكِتَابَةِ تَبِعَهَا وهو صَحِيحٌ قَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ دُونَهَا صَحَّ عِتْقُهُ نَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقِيلَ لَا يُعْتَقُ
قال الْقَاضِي قد كان يَجِبُ أَنْ لَا يَنْفُذَ عِتْقُهُ لِأَنَّ فيه ضَرَرًا بِأُمِّهِ لِتَفْوِيتِ كَسْبِهِ عليها فَإِنَّهَا كانت تَسْتَعِينُ بِهِ في كِتَابَتِهَا وَلَعَلَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَفَّذَ عِتْقَهُ تَغْلِيبًا لِلْعِتْقِ
____________________
(7/464)
5
وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ من ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْعِتْقِ صِحَّةُ عِتْقِ الْجَنِينِ
الثَّانِيَةُ وَلَدُ بِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ كَالْمُكَاتَبَةِ وَوَلَدُ ابْنِهَا وَوَلَدُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا كَالْأَمَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ يَمْتَنِعُ عليه بَيْعُهَا على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَبِيعُهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ )
يَعْنِي أَنَّهُ يَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال بن أبى مُوسَى لَا رِبَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ في الْأَظْهَرِ من قَوْلِهِ لَا رِبَا بين الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَادَ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ جَازَ ذلك على احْتِمَالٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ بَابِ الرِّبَا
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من ذلك مَالُ الْكِتَابَةِ فإنه لَا يَجْرِي الرِّبَا في ذلك قَالَهُ
____________________
(7/465)
الْأَصْحَابُ لِتَجْوِيزِهِمْ تَعْجِيلَ الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَضَعَ عنه بَعْضَهَا وَتَقَدَّمَ قَطْعُ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ حَبَسَهُ مُدَّةً فَعَلَيْهِ أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِهِ من أنظاره مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ أو أجره مِثْلِهِ )
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ واختاره بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ جَزَمَ بِهِ الأدمى في مُنْتَخَبِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ مِثْلَ الْمُدَّةِ وَلَا تُحْتَسَبُ عليه مُدَّةُ حَبْسِهِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ له وَطْءُ مُكَاتَبَةٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ )
إذَا أَرَادَ وَطْأَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يشترطه ( ( ( يشترط ) ) ) أو لَا فَإِنْ لم يَشْتَرِطْهُ لم يَجُزْ وَطْؤُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَقِيلَ له وَطْؤُهَا وَإِنْ لم يَشْتَرِطْ في الْوَقْتِ الذي لَا يَشْغَلُهَا الْوَطْءُ عن السَّعْيِ عَمَّا هِيَ فيه
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ في الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ شَرَطَ وَطْأَهَا في الْعَقْدِ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(7/466)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ كَالرَّاهِنِ يَطَأُ بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وقال هذا اخْتِيَارِيٌّ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَطِئَهَا ولم يَشْتَرِطْ أو وطىء أَمَتَهَا فَلَهَا عليه الْمَهْرُ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إنْ طَاوَعَتْهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
فَائِدَةٌ إذَا تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ فَإِنْ كان قد أَدَّى مَهْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ لِلثَّانِي مَهْرٌ أَيْضًا وَإِنْ لم يَكُنْ أَدَّى عنه لم يَلْزَمْهُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَسَيَأْتِي ذلك مُسْتَوْفًى في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ ( وَيُؤَدَّبُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ )
إذَا كان عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ
فَأَمَّا إنْ كان غير عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ فإنه لَا يُعَزَّرُ
قَوْلُهُ ( وَمَتَى وَلَدَتْ منه صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له وَوَلَدُهُ حُرٌّ )
سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِشَرْطٍ أو بِغَيْرِهِ
____________________
(7/467)
( فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ مَاتَتْ قبل أَدَائِهَا عَتَقَتْ وَسَقَطَ ما بَقِيَ من كِتَابَتِهَا )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ رِوَايَةً يَلْزَمُهَا بَقِيَّةُ مَالِ الْكِتَابَةِ تَدْفَعُهَا إلَى الْوَرَثَةِ إذَا اخْتَارَتْ بَقَاءَهَا على الْكِتَابَةِ ذَكَرَهُ عنه الزَّرْكَشِيُّ
فَائِدَةٌ ليس له وَطْءُ بِنْتِ مُكَاتَبَتِهِ وَلَا يُبَاحُ ذلك بِالشَّرْطِ فَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ وَلَا تَجِبُ عليه قِيمَةُ وَلَدِهِ من جَارِيَةِ مكاتبة أو مُكَاتَبَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ
قَوْلُهُ ( وما في يَدِهَا لها إلَّا إن يَكُونَ قد عَجَّزَهَا )
إذَا مَاتَ السَّيِّدُ قبل أَدَائِهَا عَتَقَتْ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وما في يَدِهَا إنْ كان مَاتَ سَيِّدُهَا بَعْدَ عَجْزِهَا فَهُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهَا وَإِنْ كان مَاتَ قبل عَجْزِهَا فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ لها وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ ذَكَرَهُ فيه في الظِّهَارِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وقال أَصْحَابُنَا هو لِوَرَثَةِ سَيِّدِهَا أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ ولم يُفَرِّقْ بين عَجْزِهَا وَعَدَمِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك إذَا دَبَّرَ الْمُكَاتَبَ أو كَاتَبَ الْمُدَبَّرَ في بَابِ التَّدْبِيرِ
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ )
فَيَكُونُ ما في يَدِهِ له في قَوْلِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
____________________
(7/468)
وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْأَصْحَابِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُكَاتَبِ أَيْضًا على قَوْلِ الْأَصْحَابِ الخرقى وَغَيْرِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَهُ بِرِضَاهُ فَيَكُونُ قد رضى بِإِعْطَائِهِ ماله بِخِلَافِ الْأُولَى
وَتَقَدَّمَ إذَا مَاتَ أو عَجَزَ أو أُعْتِقَ وفي يَدِهِ مَالٌ من الزَّكَاةِ هل يَكُونُ لِسَيِّدِهِ أو يُرَدُّ إلَى رَبِّهِ في بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَةَ
الثَّانِيَةُ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ قِيلَ هو إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ عليه
وَقِيلَ بَلْ هو فَسْخٌ كَعِتْقِهِ في الْكَفَّارَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا ثُمَّ وَطِئَاهَا فَلَهَا الْمَهْرُ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ وَلَدَتْ من أَحَدِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له )
وَمُكَاتَبَةُ كل نِصْفٍ لِسَيِّدِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وغيرهما ( ( ( وغيرها ) ) )
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي لَا يسرى اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمَا إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ فَيَنْظُرَ حِينَئِذٍ فَإِنْ كان مُوسِرًا قُوِّمَ عليه نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَلَا
وَقَوْلُهُ ( وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا )
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً أو نِصْفَ قِيمَتِهَا قِنًّا فيه وَجْهَانِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(7/469)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَتِهَا قِنًّا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا أو نِصْفُهُ فيه وَجْهَانِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ وَلَدِهَا على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا نِصْفُ قِيمَتِهِ قال الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةُ أَصَحُّ على الْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَغْرَمُهُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ إنْ وَضَعَتْهُ قيل ( ( ( قبل ) ) ) التَّقْوِيمِ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَيَأْتِي ما يُشَابِهُ ذلك في آخِرِ بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
قَوْلُهُ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ ) هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عليه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمُوهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بيعه ( ( ( به ) ) ) مُطْلَقًا
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَكْثَرَ من كِتَابَتِهِ حَكَاهَا بن أبى مُوسَى
____________________
(7/470)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَقُومُ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ هِبَتِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ حُكْمُ بَيْعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ
وَتَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْوَصِيَّةُ بِالْمُكَاتَبِ وَبِمَالِ الْكِتَابَةِ أو بِنَجْمٍ منها أو بِرَقَبَتِهِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ فَلْيُرَاجَعْ
فَائِدَةٌ أُخْرَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ ما في ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ من نُجُومِ الْكِتَابَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ من الْمُكَاتَبِينَ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَا لِوَاحِدٍ أو اثْنَيْنِ )
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ على الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ
وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ جُهِلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَسَدَ الْبَيْعَانِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال الْقَاضِي يُفْسَخَانِ كما لو زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ وَأُشْكِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا أو يُقْرَعُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ عبد مُشْتَرِيهِ مُبْقًى على ما بَقِيَ من كِتَابَتِهِ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ وَوَلَاؤُهُ له )
قال النَّاظِمُ
وَلَوْ قِيلَ يعط ( ( ( يعطى ) ) ) الرُّبُعَ بَيْنَهُمَا مَعًا وَيَلْزَمُهُ كُلُّ الْفِدَا لم أُبْعِدْ هذا الْحُكْمُ مبنى على ثَلَاثِ قَوَاعِدَ
____________________
(7/471)
الْأُولَى أَنَّ الْكُفَّارَ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ
الثَّانِيَةُ أَنَّ من وَجَدَ مَالَهُ من مُسْلِمٍ أو مُعَاهَدٍ بِيَدِ من اشْتَرَاهُ منهم فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا على ما تَقَدَّمَ مُحَرَّرًا في بَابِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ
الثَّالِثَةُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فيه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
إذَا عَلِمْت ذلك فَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِالْأَسْرِ لَكِنْ هل يُحْتَسَبُ عليه بِالْمُدَّةِ التي كان فيها مع الْكُفَّارِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ جَزَمَ في الْكَافِي بِالِاحْتِسَابِ
قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ الِاحْتِسَابِ ثُمَّ رَأَيْت بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قَدَّمَهُ
فَإِنْ قِيلَ لَا تُحْتَسَبُ وهو الصَّوَابُ لَغَتْ مُدَّةُ الْأَسْرِ وَبَنَى على ما مَضَى
وَإِنْ قِيلَ تُحْتَسَبُ عليه فَحَلَّ ما يَجُوزُ تَعْجِيزُهُ بِتَرْكِ أَدَائِهِ فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَهَلْ له ذلك بِنَفْسِهِ أو بِحُكْمِ حَاكِمٍ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قُلْت الْأَوْلَى أَنَّ له ذلك بِنَفْسِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ الْفَسْخُ بِلَا حُكْمٍ وَعَلَى كل الْوَجْهَيْنِ مَتَى خَلَصَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِوُجُودِ مَالٍ له وَقْتَ الْفَسْخِ يَفِي بِمَا عليه فَهَلْ يَبْطُلُ الْفَسْخُ أَمْ لَا بُدَّ مع ذلك من ثُبُوتِ أَنَّهُ كان يُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ فيه قَوْلَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ الْبُطْلَانَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ جَنَى على سَيِّدِهِ أو أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ )
أَيْ بِقِيمَتِهِ مُقَدَّمًا على الْكِتَابَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(7/472)
قال الشَّارِحُ هذا الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا على ذلك وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
( وقال أبو بَكْرٍ يَتَحَاصَّانِ )
فَعَلَى هذا يَقْسِمُ الْحَاكِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمَا على قَدْرِ حَقِّهِمَا
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَدَّى مُبَادِرًا وَلَيْسَ مَحْجُورًا عليه عَتَقَ وَاسْتَقَرَّ الْفِدَاءُ وَإِنْ كان بَعْدَ الْحَجْرِ لم يَصِحَّ وَوَجَبَ رُجُوعُهُ إلَى ولى الْجِنَايَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كانت على أَجْنَبِيٍّ فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ وَإِلَّا فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ في الْجِنَايَةِ قِنًّا )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ جِنَايَتَهُ في رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ إنْ شَاءَ قال أبو بَكْرٍ وَبِهِ أَقُولُ
فَائِدَةٌ لو قَتَلَهُ السَّيِّدُ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ وَيَسْقُطُ في الْأَصَحِّ إنْ كانت الْجِنَايَةُ على سَيِّدِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَالْوَاجِبُ في الْفِدَاءِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ كَامِلَةً وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِالْأَرْشِ كَامِلًا إنْ كانت الْجِنَايَةُ على أَجْنَبِيٍّ
____________________
(7/473)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ لَزِمَتْهُ دُيُونٌ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بها بَعْدَ الْعِتْقِ )
وَلَا يَمْلِكُ غَرِيمُهُ تَعْجِيزَهُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ له
وَعَنْهُ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى ذَكَرَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ مَعًا قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ إذَا كان عليه دُيُونٌ مع دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَمَعَهُ مَالٌ يَفِي بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا شَاءَ وَإِنْ لم يَفِ بها ما معه وَكُلُّهَا حَالَّةٌ ولم يَحْجُرْ الْحَاكِمُ عليه فَخَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْقَضَاءِ صَحَّ
وَإِنْ كان بَعْضُهَا مُؤَجَّلًا فَعَجَّلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ كان التَّعْجِيلُ لِلسَّيِّدِ فَقَبُولُهُ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ
وَإِنْ حُجِرَ عليه بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ فقال الْقَاضِي عِنْدِي أَنَّهُ يَبْدَأُ بِقَضَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَعِوَضِ الْقَرْضِ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَيُقَدِّمُهُمَا على أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وقال الشَّارِحُ وقد اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ على تَقْدِيمِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ على مَالِ الْكِتَابَةِ وَبَنَى ذلك في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ على الرِّوَايَتَيْنِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ
فقال بَانِيًا على الرِّوَايَةِ الْأُولَى تُقَدَّمُ دُيُونُ مَحْجُورٍ عليه لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ
فَلِهَذَا إنْ لم يَكُنْ بيده مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ بِخِلَافِ الْأَرْشِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَتَتَسَاوَى الْأَقْدَامُ وَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِفَوْتِ الرَّقَبَةِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ
ثُمَّ قال وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ
____________________
(7/474)
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هل يُقَدَّمُ دَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ على السَّيِّدِ كَحَالَةِ الْحَيَاةِ أَمْ يَتَحَاصَّانِ فيه رِوَايَتَانِ
وَهَلْ يَضْرِبُ سَيِّدُهُ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مع غَرِيمِهِ فيه وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ لَا يُجْبَرُ الْمُكَاتَبُ على الْكَسْبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ضَعِيفٌ وَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ وَجْهًا بِالْوُجُوبِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ
قَوْلُهُ ( وَالْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ من الطَّرَفَيْنِ لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ في بَابِ الْخِيَارِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ له الْخِيَارُ على التَّأْبِيدِ بِخِلَافِ سَيِّدِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ
قال بن عَقِيلٍ لَا خِيَارَ لِلسَّيِّدِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَهُ الْخِيَارُ أَبَدًا مع الْقُدْرَةِ على الْوَفَاءِ وَالْعَجْزِ فإذا امْتَنَعَ كان الْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وقال أبو بَكْرٍ إنْ كان قَادِرًا على الْوَفَاءِ فَلَا خِيَارَ له وَإِنْ عَجَزَ عنه فَلَهُ الْخِيَارُ ذَكَرَ ذلك في النُّكَتِ في بَابِ الْخِيَارِ وقال ما قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ على ما يَأْتِي قَرِيبًا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَيُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ إلَى سَيِّدِهِ أو إلَى من يَقُومُ مَقَامَهُ من الْوَرَثَةِ )
أَنَّ الْبَاقِيَ من الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ يُطَالَبُ بِهِ وَيُؤْخَذُ منه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ إنْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ يُحْسَبُ من ثُلُثِهِ ما بَقِيَ من كِتَابَةِ الْعَبْدِ وَيَعْتِقُ
____________________
(7/475)
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ الْوَلَاءِ إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَعْضَ الْكِتَابَةِ لِلْوَرَثَةِ هل يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ أو لِلْوَرَثَةِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ فلم يُؤَدِّهِ فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
( وَعَنْهُ لَا يَعْجِزُ حتى يَحُلَّ نَجْمَانِ )
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى قال الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا
قال في الْهِدَايَةِ وهو اخْتِيَارُ أبى بَكْرٍ والخرقى وَنَصَرَهُ في المغنى
( وَعَنْهُ لَا يَعْجِزُ حتى يَقُولَ قد عَجَزْت )
ذَكَرَهَا بن أبى مُوسَى وروى عنه أَنَّهُ إنْ أَدَّى أَكْثَرَ مَالِ الْكِتَابَةِ لم يُرَدَّ إلَى الرِّقِّ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ليس له الْفَسْخُ قبل حُلُولِ نَجْمٍ وَلَا بَعْدَهُ مع قُدْرَةِ الْعَبْدِ على الْأَدَاءِ كَالْبَيْعِ
وقال في التَّرْغِيبِ إنْ غَابَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ لم يُفْسَخْ وَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الذي هو فيه لِيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ أو يَثْبُتَ عَجْزُهُ فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُ الْفَسْخَ
وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وقال وَقِيلَ إنْ لم يَتَّفِقَا فَسَخَهَا الْحَاكِمُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ كَبَيْعِ عَرْضٍ وَمِثْلُهُ مَالُ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَدَيْنٍ حَالٍّ على ملئ ( ( ( مليء ) ) ) وَمُودَعٍ
قال في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفَاؤُهُ قال فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في غَيْرِهِ
____________________
(7/476)
فَائِدَةٌ حَيْثُ جَوَّزْنَا له الْفَسْخَ فإنه لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
( وَعَنْهُ له ذلك )
قال في الْفُرُوعِ وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَوَقَعَ في الْمُقْنِعِ وَالْكَافِي رِوَايَةٌ بِأَنَّ لِلْعَبْدِ فَسْخَهَا
قال وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَهْمٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حَمْلُ ذلك عليه أَنَّ له الْفَسْخَ إذَا امْتَنَعَ من الْأَدَاءِ وَهَذَا كما قال بن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا إنَّهَا لَازِمَةٌ من جِهَةِ السَّيِّدِ جَائِزَةٌ من جِهَةِ الْعَبْدِ
وَفَسَّرُوا ذلك بِأَنَّ له الِامْتِنَاعَ من الْأَدَاءِ فَيَمْلِكُ السَّيِّدُ الْفَسْخَ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو اتَّفَقَا على فَسْخِهَا جَازَ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ لَا يَجُوزُ كَحَقِّ اللَّهِ
قَوْلُهُ ( وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ من مُكَاتَبِهِ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ )
يَعْنِي إذَا كانت وَارِثَةً من أَبِيهَا وكان النِّكَاحُ صَحِيحًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُفْسَخَ حتى يَعْجِزَ
فَائِدَةٌ الْحُكْمُ في سَائِرِ الْوَرَثَةِ من النِّسَاءِ إذَا كانت زَوْجَةً له كَالْحُكْمِ في الْبِنْتِ وَكَذَا لو تَزَوَّجَ رَجُلٌ مُكَاتَبَةً فَوَرِثَهَا أو بَعْضَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهُ
وَيَأْتِي إذَا مَلَكَ الْحُرُّ زَوْجَتَهُ أو بَعْضَهَا في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ ( وَيَجِبُ على سَيِّدِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ رُبُعَ مَالِ الْكِتَابَةِ إنْ شَاءَ وَضَعَهُ عنه وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ
____________________
(7/477)
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ إيتَاءِ الْعَبْدِ رُبُعَ مَالِ الْكِتَابَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ في الرَّوْضَةِ رِوَايَةً وَقَدَّمَهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَأَنَّ الْأَمْرَ في الْآيَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ
وَظَاهِرُ مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ أَنَّ فيه خِلَافًا فإنه قال وَعَنْهُ يُعْتَقُ بِمِلْكِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا إنْ لَزِمَ إيتَاءُ الرُّبُعِ
قال في الْفَائِقِ قُلْت وفي وجو به نَظَرٌ لِلِاخْتِلَافِ في مَدْلُولِ الْآيَةِ وفي التَّقْدِيرِ انْتَهَى
قُلْت ظَاهِرُ الْآيَةِ وُجُوبُ الْإِيتَاءِ لَكِنْ ذلك غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَأَيُّ شَيْءٍ أَعْطَاهُ فَقَدْ سَقَطَ الْوُجُوبُ عنه وَامْتَثَلَ وقد فَسَّرَهَا بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما بِذَلِكَ
هذا ما لم يَصِحَّ الْحَدِيثُ فَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَلَا كَلَامَ
فَائِدَةٌ إنْ أَعْطَاهُ السَّيِّدُ من جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا كان منها لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وَإِنْ أَعْطَاهُ من غَيْرِ جِنْسِهَا مِثْلُ أَنْ يُكَاتِبَهُ على دَرَاهِمَ فَيُعْطِيَهُ دَنَانِيرَ أو عُرُوضًا لم يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَعَجَزَ عن الرُّبُعِ عَتَقَ ولم تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ في قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
____________________
(7/478)
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قال في الْكَافِي قال أَصْحَابُنَا إذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ وَعَجَزَ عن الرُّبُعِ عَتَقَ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ إذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَعَجَزَ عن الرُّبُعِ لم يَجُزْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حتى يُؤَدِّيَ جَمِيعَهَا
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ قَوْلِ أبى الْخَطَّابِ عَدَمُ الْعِتْقِ وَمُنِعَ السَّيِّدُ من الْفَسْخِ
وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَعَنْهُ أو أَكْثَرَ منه وَعَجَزَ عن الْبَاقِي لم يَعْتِقْ وَلِسَيِّدِهِ فَسْخُهَا في أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا
وقال في التَّرْغِيبِ وفي عِتْقِهِ بِالتَّقَاصِّ رِوَايَتَانِ ولم يذكر الْعَجْزَ
قال وَلَوْ أَبْرَأَهُ من بَعْضِ النُّجُومِ أو أَدَّاهُ إلَيْهِ لم يَعْتِقْ بِهِ على الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ لو كان على سَيِّدِهِ مِثْلُ النُّجُومِ عَتَقَ على الْأَصَحِّ انْتَهَى
وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَعَجَزَ عن رُبُعِهِ لم يَعْتِقْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ
وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي يَعْتِقُ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَعَجَزَ عن رُبُعِهِ لم يَعْتِقْ في الْأَصَحِّ وَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا
وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَعَجَزَ عن رُبُعِهِ لم يَعْتِقْ في الْأَصَحِّ وَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ نَصَّ عليه
____________________
(7/479)
وقال أبو بَكْرٍ لم يَجُزْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ
وَصُحِّحَ في النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَيَمْلِكُ الْفَسْخَ نَصَّ عليه
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَمْلِكُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَ عَبِيدًا له كِتَابَةً وَاحِدَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ على قَدْرِ قِيمَتِهِمْ ) يوم الْعَقْدِ ( وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا وَيَعْجِزُ بِالْعَجْزِ عنها وَحْدَهُ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَالَا هذا أَصَحُّ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال أبو بَكْرٍ الْعِوَضُ بَيْنَهُمْ على عَدَدِهِمْ وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ منهم حتى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ وَاخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَنَقَلَ مُهَنَّا ما يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَذُكِرَ الِاخْتِلَافُ في مَأْخَذِ هذا الْقَوْلِ
فَائِدَةٌ لو شُرِطَ عليهم في الْعَقْدِ ضَمَانُ كل وَاحِدٍ منهم عن الْبَاقِينَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الْعَقْدُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ
وَعَنْهُ صِحَّةُ الشَّرْطِ أَيْضًا ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ
وَخَرَّجَهُ بن حَامِدٍ وَجْهًا بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في ضَمَانِ الْحُرِّ لِمَالِ الْكِتَابَةِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ
وَيَذْكُرُونَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا كَثِيرًا
____________________
(7/480)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْأَدَاءِ في قَدْرِ ما أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ منهم فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يدعى أَدَاءَ قَدْرِ الْوَاجِبِ عليه )
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
قال الشَّارِحُ هذا إذَا أَدَّوْا وَعَتَقُوا فقال من كَثُرَتْ قِيمَتُهُ أَدَّيْنَا على قَدْرِ قِيمَتِنَا وقال الْآخَرُ أَدَّيْنَا على السَّوَاءِ فَبَقِيَتْ لنا على الْأَكْثَرِ قِيمَةُ بَقِيَّةٍ
فَمَنْ جَعَلَ الْعِوَضَ بَيْنَهُمْ على عَدَدِهِمْ قال الْقَوْلُ قَوْلُ من يدعى التَّسْوِيَةَ وَمَنْ جَعَلَ على كل وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَعِنْدَهُ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ من يدعى التَّسْوِيَةَ
وَالثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ من يدعى أَدَاءَ قَدْرِ الْوَاجِبِ عليه
وَجَزَمَ بهذا الْقَوْلِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَالَا وَقِيلَ يُصَدَّقُ من ادَّعَى أَدَاءَ ما عليه إذَا أَنْكَرَ ما زَادَ
قَوْلُهُ ( وَيَجُوزُ له أَنْ يُكَاتِبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فإذا أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ )
قَالَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
فَإِنْ كان كَاتَبَ نِصْفَهُ أَدَّى إلَى سَيِّدِهِ مثلى كِتَابَتِهِ لِأَنَّ نِصْفَ كَسْبِهِ يَسْتَحِقُّهُ سَيِّدُهُ بِمَا فيه من الرِّقِّ إلَّا أَنْ يَرْضَى سَيِّدُهُ بِتَأْدِيَةِ الْجَمِيعِ عن الْكِتَابَةِ فَيَصِحُّ
قَوْلُهُ ( وَيَجُوزُ كِتَابَةُ حِصَّتِهِ من الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ من إذْنِ الشَّرِيكِ إذَا كان مُعْسِرًا
____________________
(7/481)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ ( فإذا أَدَّى ما كُوتِبَ عليه وَمِثْلَهُ لِسَيِّدِهِ الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ )
هذا صَحِيحٌ لَكِنْ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ من كَسْبِهِ بِقَدْرِ ما كُوتِبَ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَوْمًا وَيَوْمًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قبل أَدَائِهِ عَتَقَ عليه كُلُّهُ إنْ كان مُوسِرًا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُكَاتَبِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بَكْرِ بن مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ الخرقى وَحَكَاهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ عن أبى بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
وقال الْقَاضِي لَا يسرى إلَى نِصْفِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ فَيُقَوَّمُ عليه حِينَئِذٍ ويسرى الْعِتْقُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
فَعَلَى هذا إنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ عَتَقَ الْبَاقِي بِالْكِتَابَةِ وكان وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُ لِلشَّرِيكِ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى
وَعَنْهُ يَضْمَنُهُ بِالْبَاقِي من كِتَابَتِهِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ قال بن أبي مُوسَى فَعَلَى هذه يَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ ما عَتَقَ عليه وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
فَكَأَنَّ بن أبى مُوسَى قال يَعْتِقُ على من أَدَّى إلَيْهِ الْمُكَاتَبُ بِمِقْدَارِ ما أَدَّى إلَيْهِ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي على من أَعْتَقَ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ ما عَتَقَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا
____________________
(7/482)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كَاتَبَا عَبْدَهُمَا جَازَ سَوَاءٌ كان على التَّسَاوِي أو التَّفَاضُلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِمَا إلَّا على التَّسَاوِي فإذا كَمَّلَ أَدَاءَهُ إلَى أَحَدِهِمَا قبل الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ عليه وَإِنْ أَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ لم يَعْتِقْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ فَيَعْتِقُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَعْتِقَ )
قال الشَّارِحُ إذَا كان الْعَبْدُ لِاثْنَيْنِ فَكَاتَبَاهُ مَعًا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا في الْعِوَضِ أو اخْتَلَفَا فيه وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ نَصِيبَاهُمَا فيه أو اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ كان في عَقْدٍ وَاحِدٍ أو عَقْدَيْنِ صَحَّ
ثُمَّ قال وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَا في التَّنْجِيمِ وَلَا في أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا من النُّجُومِ قبل النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَكْثَرَ من الْآخَرِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِمَا إلَّا على السَّوَاءِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا بِالْأَدَاءِ على الْآخَرِ وَاخْتِلَافُهُمَا في مِيقَاتِ النُّجُومِ وَقَدْرِ المؤدي يُفْضِي إلَى ذلك
وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُعَجِّلَ لِمَنْ تَأَخَّرَ نَجْمُهُ قبل مَحَلِّهِ ويعطى من قَلَّ نَجْمُهُ أَكْثَرَ من الْوَاجِبِ له وَيُمْكِنُ أَنْ يَأْذَنَ له أَحَدُهُمَا في الدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ قَبْلَهُ أو أَكْثَرَ منه
ثُمَّ قال وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ من الْآخَرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
قال الْمُصَنِّفُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
فَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخِرِ شيئا لم يَصِحَّ الْقَبْضُ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ منه حِصَّتَهُ إذَا لم يَأْذَنْ له فَإِنْ أَذِنَ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو بَكْرٍ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
____________________
(7/483)
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ انْتَهَى كَلَامُ الشَّارِحِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ كَاتَبَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا على التَّسَاوِي أو التَّفَاضُلِ جَازَ ولم يُؤَدِّ إلَيْهِمَا إلَّا على قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ خُصَّ أَحَدُهُمَا بِالْأَدَاءِ لم يَعْتِقْ نَصِيبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ فإنه على وَجْهَيْنِ انْتَهَى
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فإذا كَمَّلَ أَدَاءَهُ إلَى أَحَدِهِمَا قبل الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ عليه يَعْنِي إذَا كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ وكان مُوسِرًا
وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ إلَى آخِرِهِ مَحْمُولٌ على ما إذَا كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِأَنْ يُوَكِّلَا من يُكَاتِبُهُ أو يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيُكَاتِبُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً
فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فيه إيهَامٌ
وَتَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ ما قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمَا إذَا كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا ما كَاتَبَهُ عليه أو أَبْرَأَهُ من حِصَّتِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كان مُعْسِرًا وَإِنْ كان مُوسِرًا عَتَقَ عليه جَمِيعُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ له وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ
وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا مِقْدَارَ حَقِّهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لم يَعْتِقْ منه شَيْءٌ فَإِنْ أَدَّى بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلْ يَعْتِقُ نَصِيبُ المؤدي إلَيْهِ على وَجْهَيْنِ
وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَخِيرِ هُنَا على ذلك
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُ المؤدي إلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ
____________________
(7/484)
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَعْتِقَ وَلَوْ أَذِنَ له الْآخَرُ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا أَدَّى ما عليه من مَالِ الْكِتَابَةِ بِإِذْنِ الْآخَرِ عَتَقَ نَصِيبُهُ
ويسرى إلَى بَاقِيهِ إنْ كان مُوسِرًا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَهَذَا قَوْلُ الخرقى وَغَيْرِهِ وَيَضْمَنُهُ في الْحَالِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا مُبْقًى على ما بقى من كِتَابَتِهِ وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ له
وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي لَا يسرى الْعِتْقُ في الْحَالِ وَإِنَّمَا يسرى عِنْدَ عَجْزِهِ
فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَكُونُ بَاقِيًا على الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى إلَى الْآخَرِ عَتَقَ عَلَيْهِمَا وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا وما يَبْقَى في يَدِهِ من كَسْبِهِ فَهُوَ له وَإِنْ عَجَزَ وَفُسِخَتْ كِتَابَتُهُ قُوِّمَ على الذي أَدَّى إلَيْهِ وكان وَلَاؤُهُ كُلُّهُ له فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الْقَاضِي وَيَطَّرِدُ قَوْلُ أبى بَكْرٍ في دَيْنٍ بين اثْنَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ في قَبْضِ نَصِيبِهِ لَا يَقْبِضُ إلَّا بِقِسْطِ حَقِّهِ منه
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ في الْأَصَحِّ كَمَسْأَلَتِنَا
الثَّانِيَةُ لو كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمْ شَارَكَهُمَا فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ الخرقى فَمَنْ بَعْدَهُ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عليه وَقَطَعَ بِهِ الخرقى وَغَيْرُهُ وهو الْمَذْهَبُ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عليه وَاخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا في الْكِتَابَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يُنْكِرُهَا ) بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(7/485)
وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ عِوَضِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ )
في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْكَوْسَجِ
وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَصَحَّحَهَا بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَعَنْهُ يَتَحَالَفَانِ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وقال اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ على أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
فَعَلَى رِوَايَةِ التَّحَالُفِ إنْ تَحَالَفَا قبل الْعِتْقِ فُسِخَ الْعَقْدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمَا بِمَا قال صَاحِبُهُ وَإِنْ تَحَالَفَا بَعْدَ الْعِتْقِ رَجَعَ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ وَرَجَعَ الْعَبْدُ بِمَا أَدَّاهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا في وَفَاءِ مَالِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ ) بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا وَحَلَفَ معه أو شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ الْأَدَاءُ وَعَتَقَ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ بِنَاءً على أَنَّ الْمَالَ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ يُقْبَلُ فيه شَاهِدٌ وَيَمِينٌ على ما يَأْتِي وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا هُنَا في أَدَاءِ الْمَالِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ في النَّجْمِ الْأَخِيرِ إلَّا رَجُلَانِ لِتَرَتُّبِ الْعِتْقِ على شَهَادَتِهِمَا وَبِنَاءً على أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
____________________
(7/486)
قَوْلُهُ ( وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ مِثْلُ أَنْ يُكَاتِبَهُ على خَمْرٍ أو خِنْزِيرٍ يَغْلِبُ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ )
وَكَذَا لو كان الْعِوَضُ مَجْهُولًا أو شُرِطَ فيها ما يُنَافِيهَا وَقُلْنَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ في وَجْهٍ على ما تَقَدَّمَ يَغْلِبُ حُكْمُ الصِّفَةِ في كل ذلك في أَنَّهُ إذَا أَدَّى عَتَقَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ فَهِيَ جَائِزَةٌ من الطَّرَفَيْنِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ بُطْلَانُ الْكِتَابَةِ مع تَحْرِيمِ الْعِوَضِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وهو الْأَظْهَرُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ من أَصْلِهِ وَأَوَّلَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ النَّصَّ
وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْكَبِيرِ الْمُغَلَّبُ في الْكِتَابَةِ على عِوَضٍ مَجْهُولٍ الْمُعَاوَضَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إنَّ الْكِتَابَةَ إذَا لم تَكُنْ مُنَجَّمَةً بَاطِلَةٌ من أَصْلِهَا مع قَوْلِهِمْ في الْكِتَابَةِ على عِوَضٍ مَجْهُولٍ ( يَغْلِب فيها حُكْم الصُّفَّة ) مُشْكِلٍ جِدًّا وكان الْأَوْلَى إذَا كان الْعِوَضُ مَعْلُومًا أَنْ يُغَلَّبَ فيها حُكْمُ الصِّفَةِ أَيْضًا
الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إذَا كانت الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ بِعِوَضٍ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهَا تُسَاوِي الصَّحِيحَةَ في أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ
____________________
(7/487)
أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ ما كُوتِبَ عليه مُطْلَقًا
الثَّانِي إذَا أَعْتَقَهُ بِالْأَدَاءِ لم يَلْزَمْهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ ولم يَرْجِعْ على سَيِّدِهِ
الثَّالِثُ يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ التَّصَرُّفَ في كَسْبِهِ وَلَهُ أَخْذُ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ
الرَّابِعُ إذَا كَاتَبَ جَمَاعَةٌ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَأَدَّى أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ عَتَقَ على قَوْلِ من قال إنَّهُ يَعْتِقُ في الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ وَمَنْ لَا فَلَا هُنَا وَتُفَارِقُ الصَّحِيحَةَ في ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ
أَحَدُهَا إذَا أَبْرَأَهُ لم يَصِحَّ ولم يَعْتِقْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ في الِانْتِصَارِ إنْ أتى بِالتَّعْلِيقِ لم يُعْتَقْ بِالْإِبْرَاءِ وَإِلَّا عَتَقَ
الثَّانِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا
الثَّالِثُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ شيئا من الْكِتَابَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
قَوْلُهُ ( وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ )
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في الِانْفِسَاخِ بِالْمَوْتِ
وقال أبو بَكْرٍ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْجُنُونِ وَلَا بِالْحَجْرِ وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى أنها لَا تَبْطُلُ بِالْحَجْرِ وَالْجُنُونِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
____________________
(7/488)
قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ عن الْأَدَاءِ فَضْلٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ يعنى في الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وأبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال الْقَاضِي ما في يَدِ الْمُكَاتَبِ وما يَكْسِبُهُ وما يَفْضُلُ في يَدِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَهُوَ له وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا يَكْسِبُهُ
وَكَلَامُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي كَالْمُتَنَاقِضِ فَإِنَّهُمَا جَزَمَا بِأَنَّ لِسَيِّدِهِ أَخْذَ ما معه قبل الْأَدَاءِ وما فَضَلَ بَعْدَهُ وَقَالَا قبل ذلك وفي تَبَعِيَّةِ الْكَسْبِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا فيها على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا يَتْبَعُهَا قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحِ هذا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ وَكَذَا قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
الثَّانِي يَتْبَعُهَا قَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ إنْ قُلْنَا هو جُزْءٌ منها تَبِعَهَا وَإِنْ قُلْنَا هو كَسْبٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على سَلَامَةِ الْأَكْسَابِ في الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ
فَائِدَةٌ هل تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا أَوْلَدَهَا فيها أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
وفي الصِّحَّةِ هُنَا وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَإِنْ مَنَعْنَاهَا في غَيْرِهِ
____________________
(7/489)
بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
تَنْبِيهٌ عُمُومُ قَوْلِهِ ( وإذا عَلِقَتْ الْأَمَةُ من سَيِّدِهَا )
يَشْمَلُ سَوَاءٌ كانت فِرَاشًا أو مُزَوَّجَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ حَرْبٌ وبن أبى حَرْبٍ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ
فَائِدَةٌ في إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جَهْلًا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِثْمِ وَتَأْثِيمُهُ ضَعِيفٌ
قَوْلُهُ ( فَوَضَعَتْ منه ما تَبَيَّنَ فيه بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ صَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ له أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه في عِشْرِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَعْتِقُ الْأَمَةُ إذَا دخل في الْخَلْقِ الرَّابِعِ
وَقَدَّمَ في الْإِيضَاحِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ
وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ لم تَضَعْ وَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا في بَطْنِهَا عَتَقَتْ وَأَنَّهُ يُمْنَعُ من نَقْلِ الْمِلْكِ لِمَا في بَطْنِهَا حتى يُعْلَمَ
قَوْلُهُ ( فإذا مَاتَ عَتَقَتْ وَإِنْ لم يَمْلِكْ غَيْرَهَا ) هذا بِلَا نِزَاعٍ
وَمَحَلُّ هذا إذَا لم يَجُزْ بَيْعُهَا على الْمَذْهَبِ
____________________
(7/490)
أَمَّا إنْ جَازَ بَيْعُهَا فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ يَقْتَضِي الْعِتْقَ وَلِهَذَا قَدَّمَهُ بن حَمْدَانَ فقال وَقِيلَ إنْ جَازَ بَيْعُهَا لم تَعْتِقْ عليه بِمَوْتِهِ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ في جَوَازِ بَيْعِهَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فيه مِثْلُ الْمُضْغَةِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْخُلَاصَةُ وقال لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ وَضَعَتْ جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فيه فقال الثِّقَاتُ من الْقَوَابِلِ هو مَبْدَأُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
إحْدَاهُنَّ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَالثَّانِيَةُ تَصِيرُ وَالثَّالِثَةُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا في الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَضِي بِذَلِكَ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ وَضَعَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ لم يَبِنْ فيها خَلْقُ آدمى فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ
الثَّالِثَةُ تَعْتِقُ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ انْتَهَى
وَقِيلَ ما تَجِبُ فيه عِدَّةٌ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ كان عَلَقَةً
وَقِيلَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا ذَكَرَهُ أَيْضًا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا وَضَعَتْ مُضْغَةً لم يَظْهَرْ فيها شَيْءٌ من خَلْقِ
____________________
(7/491)
الآدمى فَشَهِدَتْ ثِقَاتٌ من الْقَوَابِلِ أَنَّ فيها صُورَةً خَفِيَّةً تَعَلَّقَتْ بها الْأَحْكَامُ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لم يَشْهَدْنَ بِذَلِكَ لَكِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدمى بِشَهَادَتِهِنَّ أو غَيْرِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ
فَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا قَيَّدَ بن مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَضْعِ عَلَقَةٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَضْعِهَا أَيْضًا وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَيُوسُفَ بن مُوسَى
وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْعَلَقَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَصَابَهَا في مِلْكِ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أو غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا عَتَقَ الْجَنِينُ ولم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ )
هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْفَائِقِ هذا الْمَذْهَبُ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بن مَنْصُورٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَلَامُ الخرقى يَقْتَضِي ذلك
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ كان قد مَلَكَهَا بَعْدَ وَضْعِهَا منه نَقَلَهَا بن أبى مُوسَى
قال الْمُصَنِّفُ ولم أَجِدْ هذه الرِّوَايَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا نَقَلَ مُهَنَّا عنه الْوَقْفَ
____________________
(7/492)
وَعَنْهُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا حَامِلًا بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا فيه وَاخْتَارَهَا أبو الْخَطَّابِ
وقال الْقَاضِي إنْ مَلَكَهَا حَامِلًا ولم يَطَأْهَا حتى وَضَعَتْ لم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ وَطِئَهَا حَالَ حَمْلِهَا فَإِنْ كان بَعْدَ أَنْ كَمُلَ الْوَلَدُ وَصَارَ له خَمْسَةُ أَشْهُرٍ لم تَصِرْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَيْضًا
وَإِنْ وَطِئَهَا قبل ذلك صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ
وقال بن حَامِدٍ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا حَامِلًا بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا في ابْتِدَاءِ الْحَمْلِ أو بِوَسَطِهِ
وَقِيلَ إنَّهُ روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو قَرِيبٌ من قَوْلِ الْقَاضِي
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لو أَقَرَّ بِوَلَدٍ من أَمَتِهِ أَنَّهُ وَلَدُهُ ثُمَّ مَاتَ ولم يُبَيِّنْ هل اسْتَوْلَدَهُ في مِلْكِهِ أو قَبْلَهُ وَأَمْكَنَّا فَفِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ هُنَا
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا في آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا في الرِّعَايَةِ في آخِرِ الْبَابِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالثَّانِي لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ
فَعَلَى هذا يَكُونُ له عليه الْوَلَاءُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ في المغنى
وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ
فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ لو قال لِجَارِيَتِهِ يَدُك أُمُّ ولدى أو قال لِوَلَدِهَا يَدُك ابْنِي صَحَّ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ في طَلَاقِ جُزْءٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(7/493)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( أو غَيْرِهِ )
أَنَّ الْخِلَافَ شَامِلٌ لِمَا لو وَطِئَهَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا
وقد صَرَّحَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ إذَا أَصَابَهَا بِذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا
فَائِدَةٌ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا من غَيْرِهِ فَوَطِئَهَا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُلْحَقُ بِالْوَاطِئِ وَلَكِنْ يُعْتَقُ عليه لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ في الْوَلَدِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَمُحَمَّدُ بن حَبِيبٍ وَنَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فَيُعَايَى بها
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُسْتَحَبُّ ذلك وفي وُجُوبِهِ خِلَافٌ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ
وقال أَيْضًا يَعْتِقُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَأَنَّهُ يسرى كَالْعِتْقِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ إذَا وطىء جَارِيَةً من الْمَغْنَمِ مِمَّنْ له فيها حَقٌّ أو لِوَلَدِهِ فَأَوْلَدَهَا ما حُكْمُهُ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْوَقْفِ إذَا وطىء الْجَارِيَةَ الْمَوْقُوفَةَ عليه فَأَحْبَلَهَا وَحُكْمُهَا
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْهِبَةِ إذَا أَحْبَلَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ في فَصْلٍ وَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ من مَالِ وَلَدِهِ ما شَاءَ
قَوْلُهُ ( وَأَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ أَحْكَامُ الْأَمَةِ في الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَسَائِرِ أُمُورِهَا إلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ في رَقَبَتِهَا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ أو ما تُرَادُ له كَالرَّهْنِ )
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ
____________________
(7/494)
الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَحَكَى جَمَاعَةٌ الْإِجْمَاعَ على ذلك ( ( ( تلك ) ) )
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على جَوَازِ بَيْعِهَا مع الْكَرَاهَةِ وَلَا عَمَلَ عليه
قُلْت قال في الْفُنُونِ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيِّ بن أبى طَالِبٍ وَغَيْرِهِ من الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ لَا يَرْفَعُهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفَائِقِ وهو الْأَظْهَرُ
قال فَتَعْتِقُ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا من نَصِيبِ وَلَدِهَا إنْ كان لها وَلَدٌ أو بَعْضُهَا مع عَدَمِ سَعَتِهِ وَلَوْ لم يَكُنْ لها ( ( ( ولد ) ) ) ولدا فَكَسَائِرِ رَقِيقِهِ وَكَذَا قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ فَقِيلَ لَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ
وَنَفَى هذه الرِّوَايَةَ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ ولم يُثْبِتْهَا وَتَأَوَّلَهَا
وَحَكَى بَعْضُهُمْ هذا الْقَوْلَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ هل يَصِحُّ وَقْفُ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ لَا
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَوَاخِرِ بَابِ الْهِبَةِ هل يَصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ لَا فَلْيُرَاجَعَا
فَائِدَةٌ هل لِهَذَا الْخِلَافِ شُبْهَةٌ فيه نِزَاعٌ وَالْأَقْوَى فيه شُبْهَةٌ
قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ ينبنى عليه لو وطىء مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ هل يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ أو يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ أَمَّا التَّعْزِيرُ فَوَاجِبٌ انْتَهَى وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ من غَيْرِ سَيِّدِهَا فَلِوَلَدِهَا حُكْمُهَا في الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا سَوَاءٌ عَتَقَتْ أو مَاتَتْ قَبْلَهُ )
يَعْنِي إذَا وَلَدَتْ من زَوْجٍ أو غَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ من سَيِّدِهَا وَسَوَاءٌ عَتَقَتْ أُمُّهُ قبل مَوْتِ السَّيِّدِ أو مَاتَتْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ فإن حُكْمَ الْوَلَدِ
____________________
(7/495)
حُكْمُهَا إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا عَتَقَ مَعَهَا وَيَجُوزُ فيه من التَّصَرُّفَاتِ ما يَجُوزُ فيها وَيَمْتَنِعُ فيه ما يَمْتَنِعُ فيها
وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ فيه بِمَوْتِ أُمِّهِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وقال في الِانْتِصَارِ هل يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِمَوْتِهِمَا قبل السَّيِّدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا
اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فيه وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ في وَلَدِهِمَا
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ على الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ يَتْبَعُهَا قال الْأَكْثَرُونَ يَكُونُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِهِ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ وقد نَصَّ على أَنَّ الْأُمَّ لو عَتَقَتْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ لم يُعْتَقْ الْوَلَدُ حتى تَمُوتَ
فَعَلَى هذا لو رَجَعَ في تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا له ذلك بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وقال أبو بَكْرٍ هو تَابِعٌ مَحْضٌ إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ وَإِنْ رَقَّتْ رَقَّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبى مُوسَى انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وما وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا
أَمَّا وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ فإنه يَعُودُ رَقِيقًا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ )
أَنَّ الْوَلَدَ لو كان مَوْجُودًا قبل إيلَادِهَا من سَيِّدِهَا لَا يَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لَا يَعْتِقُ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ يَعْتِقُ خَرَّجَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ من وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ الذي كان قبل التَّدْبِيرِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِهِ
____________________
(7/496)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ منه فَهَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لها النَّفَقَةُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَسْتَحِقُّهَا هذا يُشْبِهُ ما إذَا مَاتَ عن امْرَأَةٍ حَامِلٍ هل تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِمُدَّةِ حَمْلِهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَمَبْنَى الْخِلَافِ على الْخِلَافِ في نَفَقَةِ الْحَامِلِ هل هِيَ لِلْحَمْلِ أو لِلْحَامِلِ
فَإِنْ قُلْنَا هِيَ لِلْحَمْلِ فَلَا نَفَقَةَ لها وَلَا لِلْأَمَةِ الْحَامِلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ له نَصِيبٌ في الْمِيرَاثِ
وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَامِلِ فَالنَّفَقَةُ على الزَّوْجِ أو السَّيِّدِ انْتَهَى
قُلْت وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ هل تَجِبُ النَّفَقَةُ لِحَمْلِهَا أو لها من أَجْلِهِ على رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَجِبُ لِلْحَمْلِ
قَوْلُهُ ( وإذا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا أو دُونَهَا )
يَعْنِي إذَا كان ذلك قَدْرَ أَرْشِ جِنَايَتِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وبن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ عليه فِدَاؤُهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كُلِّهِ حَكَاهَا أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
____________________
(7/497)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَفْدِيهَا بِقِيمَتِهَا يوم الْفِدَاءِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَتَجِبُ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً بِعَيْبِ الِاسْتِيلَادِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ عَادَتْ فَجَنَتْ فَدَاهَا أَيْضًا )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ أبى بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ حتى قال أبو بَكْرٍ وَلَوْ جَنَتْ أَلْفَ مَرَّةٍ وَقَطَعَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ الثَّانِي وما بَعْدَهُ بِذِمَّتِهَا حَكَاهَا أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وقال في الْفَائِقِ قُلْت الْمُخْتَارُ عَدَمُ إلْزَامِهِ جِنَايَتَهَا
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت يَرْجِعُ الثَّانِي على الْأَوَّلِ بِمَا يَخُصُّهُ مِمَّا أَخَذَهُ
تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هذه الرِّوَايَةَ وَكَذَا أَطْلَقَهَا أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَيَّدَهَا الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحُ حَاكِينَ ذلك عن أبى الْخَطَّابِ وبن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ بِمَا إذَا فَدَاهَا أَوَّلًا بِقِيمَتِهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى ذلك أَنَّهُ لو فَدَاهَا أَوَّلًا بِأَقَلَّ من قِيمَتِهَا لَزِمَهُ فِدَاؤُهَا ثَانِيًا بِمَا بَقِيَ من الْقِيمَةِ بِلَا خِلَافٍ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ جَنَتْ جِنَايَاتٍ وَكَانَتْ كُلُّهَا قبل
____________________
(7/498)
فِدَاءِ شَيْءٍ منها تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجَمِيعِ بِرَقَبَتِهَا ولم يَكُنْ على السَّيِّدِ في الْجِنَايَاتِ كُلِّهَا إلَّا قِيمَتَهَا أو أَرْشَ جَمِيعِهَا وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا
وَيَشْتَرِكُ المجنى عليهم في الْوَاجِبِ لهم فَإِنْ لم يَفِ بها تَحَاصُّوا فيها بِقَدْرِ أُرُوشِ جِنَايَاتِهِمْ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ )
مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَكُنْ لها منه وَلَدٌ فَإِنْ كان لها منه وَلَدٌ لم يَجِبْ الْقِصَاصُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقد صَرَّحُوا بِهِ في بَابِ شُرُوطِ الْقِصَاصِ بِقَوْلِهِمْ وَمَتَى وَرِثَ وَلَدُهُ الْقِصَاصَ أو شيئا منه سَقَطَ الْقِصَاصُ فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ منها وَلَدٌ سَقَطَ عنه الْقِصَاصُ
وَنَقَلَ مُهَنَّا يَقْتُلُهَا أَوْلَادُهُ من غَيْرِهَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِأُصُولِ مَذْهَبِهِ وَالصَّحِيحُ لَا قِصَاصَ عليها
قال في الرِّعَايَةِ وَلِوَلِيِّهِ مع فَقْدِ ابْنِهِمَا الْقَوَدُ وَقِيلَ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ ( فَإِنْ عَفَوْا على مَالٍ أو كانت الْجِنَايَةُ خَطَأً فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا )
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو قَوْلُ الخرقى وَالْمُصَنِّفِ في كُتُبِهِ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من أَصْحَابِهِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْأَقَلُّ من قِيمَتِهَا أو دِيَتِهِ نَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
____________________
(7/499)
% إنْ قَتَلَتْ في الْحُكْمِ أُمُّ الْوَلَدِ % سَيِّدَهَا في خَطَأٍ لِلرُّشْدِ %
% أو كان عَمْدًا فَعَفْوًا لِلْمَالِ % قِيمَتُهَا تَلْزَمُ في الْمَقَالِ %
% أو دِيَةً فَأَنْقَصُ الْأَمْرَيْنِ % يَلْزَمُهَا إذْ ذَاكَ في الْحَالَيْنِ %
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ إطْلَاقَ الْأَوَّلِينَ مَحْمُولٌ على الْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ قِيمَةَ الْأَمَةِ لَا تَزِيدُ على دِيَةِ الْحُرِّ انْتَهَى
قال الْأَصْحَابُ سَوَاءٌ قُلْنَا الدِّيَةُ تَحْدُثُ على مِلْكِ الْوَرَثَةِ أو لَا
وفي الرَّوْضَةِ دِيَةُ الْخَطَأِ على عَاقِلَتِهَا لِأَنَّ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مَاتَ من السَّيِّدِ عَتَقَتْ وَوَجَبَ الضَّمَانُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا إنْ قَتَلَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ وَقُلْنَا تَعْتِقُ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْمُدَبَّرِ
قَوْلُهُ ( وَتَعْتِقُ في الْمَوْضِعَيْنِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا عَلَّلُوهُ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ كما أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ كذلك ( ( ( ذلك ) ) ) النَّسَبُ سَبَبٌ لِلْإِرْثِ فَكَمَا جَازَ تَخَلُّفُ الْإِرْثِ مع قِيَامِ السَّبَبِ بِالنَّصِّ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَلَّفَ الْعِتْقُ مع قِيَامِ سَبَبِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ
وقد قِيلَ في وَجْهِ الْفَرْقِ إنَّ الْحَقَّ وهو الْحُرِّيَّةُ لِغَيْرِهَا فَلَا تَسْقُطُ بِفِعْلِهَا بِخِلَافِ الْإِرْثِ فإنه مَحْضُ حَقِّهَا وَأَوْرَدَ عليه الْمُدَبَّرَةَ يَبْطُلُ تَدْبِيرُهَا إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا وَإِنْ كان الْحَقُّ لِغَيْرِهَا وَأُجِيبَ بِضَعْفِ السَّبَبِ في الْمُدَبَّرَةِ
قَوْلُهُ ( وَلَا حَدَّ على قَاذِفِهَا )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ إنْ كان لها بن لِأَنَّهُ أَرَادَهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إجْرَاءُ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كان لها زَوْجٌ حُرٌّ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إجْرَاؤُهُمَا في الْأَمَةِ الْقِنِّ
____________________
(7/500)
وَنَظِيرُ ذلك لو قَذَفَ أمه أو ذِمِّيَّةً لها بن أو زَوْجٌ مُسْلِمَانِ فَهَلْ يُحَدُّ على رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الِابْنُ وَالزَّوْجُ بِأَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وإذا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ أو مُدَبَّرَتُهُ مُنِعَ من غَشَيَانِهَا وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ) بِلَا نِزَاعٍ
وَمُقْتَضَى ذلك أَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُمَا لم يَعْتِقَا
أَمَّا في أُمِّ الْوَلَدِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ الْمُخْتَارُ لِأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وأبى الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ تَعْتِقُ في الْحَالِ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا نَقَلَهَا مُهَنَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا أَعْلَمُ له سَلَفًا في ذلك
وَعَنْهُ أنها تستسعى في حَيَاتِهِ وَتَعْتِقُ نَقَلَهَا مُهَنَّا قَالَهُ الْقَاضِي ولم يُثْبِتْهَا أبو بَكْرٍ فقال أَظُنُّ أَنَّ أَبَا عبد اللَّهِ أَطْلَقَ ذلك لِمُهَنَّا على سَبِيلِ الْمُنَاظَرَةِ لِلْوَقْتِ
وَأَمَّا الْمُدَبَّرَةُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُدَبَّرِ إذَا أَسْلَمَ وقد ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ التَّدْبِيرِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على ذلك مُسْتَوْفًى فَلْيُرَاجَعْ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رِوَايَةَ الِاسْتِسْعَاءِ عَائِدَةٌ إلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ
وَالْمَنْقُولُ أنها في أُمِّ الْوَلَدِ وَحَمَلَهَا بن مُنَجَّا على ظَاهِرِهَا وَجَعَلَهَا على الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرَةِ
____________________
(7/501)
قَوْلُهُ ( وَأُجْبِرَ على نَفَقَتِهَا إنْ لم يَكُنْ لها كَسْبٌ )
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ نَفَقَتَهَا على سَيِّدِهَا وَالْكَسْبُ له يَصْنَعُ بِهِ ما شَاءَ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا على التَّمَامِ سَوَاءٌ كان لها كَسْبٌ أو لم يَكُنْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ والخرقى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا بِحَالٍ وتستسعى في قِيمَتِهَا ثُمَّ تَعْتِقُ كما تَقَدَّمَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ نَفَقَتَهَا في كبسها ( ( ( كسبها ) ) ) وَالْفَاضِلُ منه لِسَيِّدِهَا
فَإِنْ عَجَزَ كبسها ( ( ( كسبها ) ) ) عن نَفَقَتِهَا فَهَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ تَمَامُ نَفَقَتِهَا على رِوَايَتَيْنِ وَتَبِعَ الْقَاضِيَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ ( وإذا وطىء أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ فَأَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ )
لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ مع ذلك نِصْفُ مَهْرِهَا
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ مع نِصْفِ الْمَهْرِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ
وقال الْقَاضِي إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ فَلَا شَيْءَ فيه لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ في مِلْكِهِ وَإِنْ وَضَعَتْهُ قبل ذلك فَالرِّوَايَتَانِ وَاخْتَارَ اللُّزُومَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(7/502)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان مُعْسِرًا كان في ذِمَّتِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الخرقى وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَعِنْدَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وأبى الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ إنْ كان مُعْسِرًا لم يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ فَلَا يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِهِ بَلْ يَصِيرُ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا قِنٌّ بَاقٍ على مِلْكِ الشَّرِيكِ
فَعَلَى هذا الْقَوْلِ هل وَلَدُهُ حُرٌّ أو نِصْفُهُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ
ثُمَّ وَجَدْت الزَّرْكَشِيَّ قال ذلك قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَصَحُّ قَوْلُهُ ( فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذلك فَأَوْلَدَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا فَإِنْ كان عَالِمًا فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَإِنْ جَهِلَ إيلَادَ شَرِيكِهِ أو أنها صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ يوم الْوِلَادَةِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ )
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا
وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وأبى الْخَطَّابِ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا من مَاتَ مِنْهُمَا عَتَقَ حَقُّهُ وَيَتَكَمَّلُ عِتْقُهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْكِتَابَةِ ما يُشَابِهُ ذلك في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا ثُمَّ وَطِئَاهَا وما يُشَابِهُهَا أَيْضًا ما إذَا كَاتَبَ حِصَّتَهُ وَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ قبل أَدَائِهِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ ذلك
____________________
(7/503)
يَعْنِي بَعْدَ حُكْمِنَا بِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا على قَوْلِ الْقَاضِي وأبى الْخَطَّابِ
( وهو مُوسِرٌ فَهَلْ يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِهِ على وَجْهَيْنِ )
أَحَدُهُمَا يُقَوَّمُ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ مَضْمُونًا عليه على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَوْلَى وَأَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو أَصَحُّ وَأَقْوَى
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقَوَّمُ عليه بَلْ يَعْتِقُ مَجَّانًا
وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إلَّا ما أَعْتَقَهُ وَلَا يسرى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
____________________
(7/504)
بسم الله الرحمن الرحيم كِتَابُ النِّكَاحِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا النِّكَاحُ له مَعْنَيَانِ مَعْنًى في اللُّغَةِ وَمَعْنًى في الشَّرْعِ
فَمَعْنَاهُ في اللُّغَةِ الْوَطْءُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقِيلَ لِلتَّزْوِيجِ نِكَاحٌ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْوَطْءِ
قال أبو عَمْرٍو غُلَامُ ثَعْلَبٍ الذي حَصَّلْنَاهُ عن ثَعْلَبٍ عن الْكُوفِيِّينَ وَالْمُبَرِّدِ عن الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ النِّكَاحَ في أَصْلِ اللُّغَةِ هو اسْمٌ لِلْجَمْعِ بين الشَّيْئَيْنِ قال الشَّاعِرُ % أَيُّهَا الْمُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا % % عَمْرُكَ اللَّهَ كَيْفَ يَجْتَمِعَانِ %
وقال الْجَوْهَرِيُّ النِّكَاحُ الْوَطْءُ وقد يَكُونُ الْعَقْدَ ونكحتها ونكحت ( ( ( نكحتها ) ) ) هِيَ أَيْ تَزَوَّجَتْ
وَعَنْ الزَّجَّاجِ النِّكَاحُ في كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ جميعا وَمَوْضِعُ نَكَحَ في كَلَامِهِمْ لُزُومُ الشَّيْءِ الشَّيْءَ رَاكِبًا عليه
قال بن جنى سَأَلْت أَبَا على الْفَارِسِيَّ عن قَوْلِهِمْ نَكَحَهَا
فقال فَرَّقَتْ الْعَرَبُ فَرْقًا لَطِيفًا يُعْرَفُ بِهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ من الْوَطْءِ فإذا قالوا نَكَحَ فُلَانَةَ أو بِنْتَ فُلَانٍ أَرَادُوا تَزْوِيجَهَا وَالْعَقْدَ عليها
وإذا قالوا نَكَحَ امْرَأَتَهُ لم يُرِيدُوا إلَّا الْمُجَامَعَةَ لِأَنَّ بِذِكْرِ امْرَأَتِهِ وَزَوْجَتِهِ تُسْتَغْنَى عن الْعَقْدِ
قال الزَّرْكَشِيُّ فَظَاهِرُهُ الِاشْتِرَاكُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَأَنَّ الْقَرِينَةَ تُعِينُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ في اللُّغَةِ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ على أَتَمِّ الْوُجُوهِ
____________________
(8/3)
فَإِنْ كان اجْتِمَاعًا بِالْأَبْدَانِ فَهُوَ الْإِيلَاجُ الذي ليس بَعْدَهُ غَايَةٌ في اجْتِمَاعِ الْبَدَنَيْنِ وَإِنْ كان اجْتِمَاعًا بِالْعُقُودِ فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا على الدَّوَامِ وَاللُّزُومِ وَلِهَذَا يُقَالُ اسْتَنْكَحَهُ المذى إذَا لَازَمَهُ وَدَاوَمَهُ انْتَهَى
وَمَعْنَاهُ في الشَّرْعِ عَقْدُ التَّزْوِيجِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ في الْعَقْدِ مَجَازٌ في الْوَطْءِ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا
وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في كَوْنِ الْمَحْرَمِ لَا يُنْكَحُ لَمَا قِيلَ له إنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ في الْوَطْءِ قال إنْ كان في اللُّغَةِ حَقِيقَةً في الْوَطْءِ فَهُوَ في عُرْفِ الشَّرْعِ لِلْعَقْدِ
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْحَلْوَانِيُّ هو في الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عن الْعَقْدِ بِأَوْصَافِهِ وفي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عن الْجَمْعِ وهو الْوَطْءُ
قال بن عَقِيلٍ الصَّحِيحُ انه مَوْضُوعٌ لِلْجَمْعِ وهو في الشَّرِيعَةِ في الْعَقْدِ أَظْهَرُ اسْتِكْمَالًا وَلَا نَقُولُ إنَّهُ مَنْقُولٌ نَقَلَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في تَعْلِيقِهِ على الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ في الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَلَيْسَ في الْكِتَابِ لَفْظُ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ إلَّا قَوْله تَعَالَى { حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } على الْمَشْهُورِ
وَلِصِحَّةِ نَفْيِهِ عن الْوَطْءِ فَيُقَالُ هذا سِفَاحٌ وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ وَصِحَّةُ النَّفْيِ دَلِيلُ الْمَجَازِ
وَقِيلَ هو حَقِيقَةٌ في الْوَطْءِ مَجَازٌ في الْعَقْدِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ
قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وبن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ عن الْأَزْهَرِيِّ وَغُلَامِ ثَعْلَبٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ
____________________
(8/4)
قال أبو الْخَطَّابِ وَتَحْرِيمُ من عَقَدَ عليها الْأَبُ اسْتَفَدْنَاهُ من الْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ وهو بِالْإِجْمَاعِ القطعى في الْجُمْلَةِ
وَقِيلَ هو مُشْتَرَكٌ يعنى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ
قال الْقَاضِي في الْمُحَرَّرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْجَامِعُ الْكَبِيرُ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا وَمَذْهَبِنَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ في الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جميعا في الشَّرِيعَةِ لِقَوْلِنَا بِتَحْرِيمِ مُوطَأَةِ الْأَبِ من غَيْرِ تَزْوِيجٍ لِدُخُولِهَا في قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آبَاؤُكُمْ من النِّسَاءِ } وَذَلِكَ لِوُرُودِهَا في الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْأَصْلُ في الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ قال أبو الْحُسَيْنِ النِّكَاحُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَقِيقَةٌ في الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ جميعا وَقَالَهُ أبو حَكِيمٍ
وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَقِيلَ هو حَقِيقَةٌ فِيهِمَا مَعًا فَلَا يُقَالُ هو حَقِيقَةٌ على أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ بَلْ على مَجْمُوعِهِمَا فَهُوَ من الْأَلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ
قال بن رَزِينٍ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ في كل وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ مُطْلَقِ الضَّمِّ لِأَنَّ التَّوَاطُؤَ خَيْرٌ من الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ لِأَنَّهُمَا على خِلَافِ الْأَصْلِ انْتَهَى
وقال بن هُبَيْرَةَ وقال مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هو حَقِيقَةٌ في الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جميعا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ منه بِالْآخَرِ انْتَهَى
مع أَنَّ هذا اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الِاشْتِرَاكَ
وقال في الْوَسِيلَةِ كما قال بن هُبَيْرَةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ انْتَهَى
وَالْفَرْقُ بين الِاشْتِرَاكِ وَالتَّوَاطُؤِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ يُقَالُ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا
____________________
(8/5)
بِانْفِرَادِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمُتَوَاطِئِ فإنه لَا يُقَالُ حَقِيقَةً إلَّا عَلَيْهِمَا مُجْتَمَعَيْنِ لَا غَيْرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو في الْإِثْبَاتِ لَهُمَا وفي النَّهْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنَاءً على أَنَّهُ إذَا نهى عن شَيْءٍ نهى عن بَعْضِهِ وَالْأَمْرُ بِهِ أَمْرٌ بِكُلِّهِ في الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْكَلَامِ فإذا قِيلَ مَثَلًا انْكِحْ ابْنَةَ عَمِّك كان الْمُرَادُ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ
وإذا قِيلَ لَا تَنْكِحْهَا تَنَاوَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
الثَّانِيَةُ قال الْقَاضِي الْمَعْقُودُ عليه في النِّكَاحِ الْمَنْفَعَةُ أَيْ الِانْتِفَاعُ بها لَا مِلْكُهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عليه في النِّكَاحِ مَنْفَعَةُ الِاسْتِمْتَاعِ وَأَنَّهُ في حُكْمِ مَنْفَعَةِ الِاسْتِخْدَامِ
قال صَاحِبُ الْوَسِيلَةِ الْمَعْقُودُ عليه مَنْفَعَةُ الِاسْتِمْتَاعِ
وقال الْقَاضِي في أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْمَعْقُودُ عليه الْحِلُّ لَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّمَانِينَ تَرَدَّدَتْ عِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ في مَوْرِدِ عَقْدِ النِّكَاحِ هل هو الْمِلْكُ أو الِاسْتِبَاحَةُ فَمِنْ قَائِلٍ هو الْمِلْكُ
ثُمَّ تَرَدَّدُوا هل هو مِلْكُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ أو مِلْكُ الِانْتِفَاعِ بها
وَقِيلَ بَلْ هو الْحِلُّ لَا الْمِلْكُ وَلِهَذَا يَقَعُ الِاسْتِمْتَاعُ من جِهَةِ الزَّوْجَةِ مع أَنَّهُ لَا مِلْكَ لها
وَقِيلَ بَلْ الْمَعْقُودُ عليه الِازْدِوَاجُ كَالْمُشَارَكَةِ وَلِهَذَا فَرَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بين الِازْدِوَاجِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
فَيَكُونُ من بَابِ الْمُشَارَكَاتِ لَا الْمُعَاوَضَاتِ
قَوْلُهُ النِّكَاحُ سُنَّةٌ
____________________
(8/6)
اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ في ضَبْطِ أَقْسَامِ النِّكَاحِ طُرُقًا
أَشْهَرُهَا واصحها أَنَّ الناس في النِّكَاحِ على ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ من له شَهْوَةٌ وَلَا يَخَافُ الزنى فَهَذَا النِّكَاحُ في حَقِّهِ مُسْتَحَبٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ
قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ وَاجِبٌ على الْإِطْلَاقِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وبن أبي مُوسَى
وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَحَمَلَ الْقَاضِي الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ على من يَخْشَى على نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ بِتَرْكِ النِّكَاحِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في ذلك بين الغنى وَالْفَقِيرِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
نَقَلَ صَالِحٌ يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ
وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
قال الآمدي يُسْتَحَبُّ في حَقِّ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْعَاجِزِ وَالْوَاجِدِ وَالرَّاغِبِ وَالزَّاهِدِ فإن الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَزَوَّجَ وهو لَا يَجِدُ الْقُوتَ
وَقِيلَ لَا يَتَزَوَّجُ فَقِيرٌ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ
وَقَيَّدَهُ بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ بِمُوسِرٍ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ في هذه الْأَزْمِنَةِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ
____________________
(8/7)
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في تَعْدَادِ الطُّرُقِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فيه نِزَاعٌ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ
الْقِسْمُ الثَّانِي من ليس له شَهْوَةٌ كَالْعِنِّينِ وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ لِمَرَضٍ أو كِبَرٍ أو غَيْرِهِ
فَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ في حَقِّهِ أَيْضًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في بَابِ الطَّلَاقِ وَالْخِصَالِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي هو في حَقِّهِمْ مُبَاحٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في بَابِ النِّكَاحِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وبن الْبَنَّا وبن بَطَّةَ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال في مُنْتَخَبِهِ يُسَنُّ لِلتَّائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ وما هو بِبَعِيدٍ في هذه الْأَزْمِنَةِ
وحكى عنه يَجِبُ وهو وَجْهٌ في التَّرْغِيبِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ يَدُلُّ على أَنَّ رِوَايَةَ وُجُوبِ النِّكَاحِ مُنْتَفِيَةٌ في حَقِّ من لَا شَهْوَةَ له
وَكَذَلِكَ قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من طَرَدَ فيه رِوَايَةَ الْوُجُوبِ أَيْضًا
____________________
(8/8)
نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وهو مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ
وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في تَعْدَادِ الطُّرُقِ
الْقِسْمُ الثَّالِثُ من خَافَ الْعَنَتَ
فَالنِّكَاحُ في حَقِّ هذا وَاجِبٌ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا أَنَّ بن عَقِيلٍ ذَكَرَ رِوَايَةً أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ
وَيَأْتِي كَلَامُهُ في تَعْدَادِ الطُّرُقِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِخَوْفِ الْعَنَتِ خَوْفَ الْمَرَضِ وَالْمَشَقَّةِ لَا خَوْفَ الزنى فإن الْعَنَتَ يُفَسَّرُ بِكُلِّ وَاحِدٍ من هذه تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا الْعَنَتُ هُنَا هو الزنى على الصَّحِيحِ
وَقِيلَ هو الْهَلَاكُ بالزنى ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
الثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ على نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ إذَا عَلِمَ وُقُوعَ ذلك أو ظَنَّهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُ فَقَطْ
الثَّالِثُ هذه الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ هِيَ أَصَحُّ الطُّرُقِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ
وقال بن شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ على الْمُحَرَّرِ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ من أَصْحَابِنَا في وُجُوبِ النِّكَاحِ رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا في مَحَلِّ الْوُجُوبِ
فَمِنْهُمْ من أَطْلَقَهُ ولم يُقَيِّدْهُ بِحَالٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ وَأَبِي حَفْصٍ وبن الزَّاغُونِيِّ
قال في مُفْرَدَاتِهِ النِّكَاحُ وَاجِبٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(8/9)
وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في مُفْرَدَاتِهِ وأبو الْحُسَيْنِ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ
وقد وَقَعَ ذلك في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا سُئِلَ عن التَّزْوِيجِ فقال أَرَاهُ وَاجِبًا
وَأَشَارَ إلَى هذا أبو الْبَرَكَاتِ حَيْثُ قال وَعَنْهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا فِيمَنْ لَا شَهْوَةَ له
قال وَمِنْهُمْ من خَصَّ الْوُجُوبَ بِمَنْ يَجِدُ الطَّوْلَ وَيَخَافُ الْعَنَتَ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَهَذَا يَجِبُ عليه النِّكَاحُ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وكذا قال في التَّرْغِيبِ وبن الجوزى وأبو الْبَرَكَاتِ
وَعَلَيْهَا حَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبِي بَكْرٍ
قُلْت وَقَيَّدَهُ بن عَقِيلٍ بِذَلِكَ أَيْضًا وَأَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ ذلك غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
وَاخْتَارَ بن حَامِدٍ عَدَمَ الْوُجُوبِ حتى في هذه الْحَالَةِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا خَطَأٌ من النَّاقِلِ عنه
وَمِنْ أَصْحَابِنَا من أَجْرَى الْخِلَافَ فيه
فَحَكَى بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ في وُجُوبِ النِّكَاحِ على من يَخَافُ الْعَنَتَ وَيَجِدُ الطَّوْلَ رِوَايَتَيْنِ
وَمِنْهُمْ من جَعَلَ مَحِلَّ الْوُجُوبِ في الصُّورَةِ الْأُولَى وَهَذِهِ الصُّورَةِ
وَمِنْهُمْ من جَعَلَ الْخِلَافَ في الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وهو من يَجِدُ الطَّوْلَ وَلَا يَخَافُ الْعَنَتَ وَلَهُ شَهْوَةٌ
فها هنا جَعَلَ مَحِلَّ الْخِلَافِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَحَكَوْا فيه رِوَايَتَيْنِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي الْبَرَكَاتِ
____________________
(8/10)
وَقَطَعَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ من غَيْرِ خِلَافٍ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ
قالوا وَيَدُلُّ على رُجْحَانِهَا في الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَتَزَوَّجْ حتى صَارَ له أَرْبَعُونَ سَنَةً مع أَنَّهُ كان له شَهْوَةٌ
وَمِنْهُمْ من جَعَلَ مَحِلَّ الْوُجُوبِ في الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وفي صُورَةٍ ثَالِثَةٍ وهو من يَجِدُ الطَّوْلَ وَلَا شَهْوَةَ له حَكَاهُ في التَّرْغِيبِ
قال أبو الْعَبَّاسِ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ في الْوُجُوبِ ثَابِتٌ وَإِنْ لم يَكُنْ له شَهْوَةٌ
وَمِنْهُمْ من جَعَلَ مَحِلَّ الْوُجُوبِ الْقُدْرَةَ على النَّفَقَةِ وَالصَّدَاقِ
قال في الْمُبْهِجِ النِّكَاحُ مُسْتَحَبٌّ وَهَلْ هو وَاجِبٌ أَمْ لَا يُنْظَرُ فيه
فَإِنْ كان فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ على الصَّدَاقِ وَلَا على ما يَقُومُ بِأَوَدِ الزَّوْجَةِ لم يَجِبْ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَإِنْ كان قَادِرًا مُسْتَطِيعًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ لَا يَجِبُ وَهِيَ الْمَنْصُورَةُ وَالْوُجُوبُ
قال قُلْت وَنَازَعَهُ في ذلك كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وَمِنْهُمْ من أَضَافَ قَيْدًا آخَرَ فَجَعَلَ الْوُجُوبَ مُخْتَصًّا بِالْقُدْرَةِ على نِكَاحِ الْحُرَّةِ
قال أبو الْعَبَّاسِ إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ جَازَ له التَّزَوُّجُ بِالْأَمَةِ مع أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ أو مع الْكَرَاهَةِ وهو يَخَافُ الْعَنَتَ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ مَشْرُوطًا بِالْقُدْرَةِ على نِكَاحِ الْحُرَّةِ
قُلْت قَدَّمَ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عليه نِكَاحُ الْحُرَّةِ
قال الْقَاضِي وبن الْجَوْزِيِّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يُبَاحُ ذلك وَالصَّبْرُ عنه أَوْلَى
وقال في الْفُصُولِ في وُجُوبِهِ خِلَافٌ
وَاخْتَارَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ الْوُجُوبَ
____________________
(8/11)
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا لم يَجِدْ حُرَّةً
وَمِنْهُمْ من جَعَلَ الْوُجُوبَ من بَابِ وَجَوْبِ الْكِفَايَةِ لَا الْعَيْنِ
قال أبو الْعَبَّاسِ ذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ إنَّا إذَا لم نُوجِبْهُ على كل وَاحِدٍ فَهُوَ فَرْضٌ على الْكِفَايَةِ
قُلْت وَذَكَرَ أبو الْفَتْحِ بن الْمُنَى أَيْضًا أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى كَالْجِهَادِ
قال وكان الْقِيَاسُ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ على الْأَعْيَانِ تَرَكْنَاهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ انْتَهَى
وَانْتَهَى كَلَامُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ مع ما زِدْنَا عليه فيه فَوَائِدُ
الْأُولَى حَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فإن الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ في ذلك أَشَارَ إلَيْهِ أبو الْحُسَيْنِ وأبو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ قَالَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ
الثَّانِيَةُ على الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لَا يكتفي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ في الْعُمْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في النُّكَتِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يكتفي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَكُونُ النِّكَاحُ في مَجْمُوعِ الْعُمْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَتْ الْعُزُوبَةُ في شَيْءٍ من أَمْرِ الْإِسْلَامِ
وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ لَا يكتفي بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ
وقال أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ إذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِهِ في حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا
ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ لَيْسَتْ الْعُزُوبَةُ من الْإِسْلَامِ وَهَذَا الِاسْمُ لَا يَزُولُ بِمَرَّةٍ وَكَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَسِيلَةِ وأبو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ
____________________
(8/12)
وفي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ يكتفي بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وقال هذا على رِوَايَةِ وُجُوبِهِ
وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الْمُتَبَتِّلُ هو الذي لم يَتَزَوَّجْ قَطُّ
قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَمَشَّى هذا الْخِلَافُ على الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ أَيْضًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ بِخِلَافِ صَاحِبِ النُّكَتِ
الثَّالِثَةُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ إذَا زَاحَمَهُ الْحَجُّ الْوَاجِبُ
فَقَدْ تَقَدَّمَ لو خَافَ الْعَنَتَ من وَجَبَ عليه الْحَجُّ في كِتَابِ الْحَجِّ
وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحُكْمَ وَالتَّفْصِيلَ فَلْيُرَاجَعْ
الرَّابِعَةُ في الِاكْتِفَاءِ بِالْعَقْدِ اسْتِغْنَاءً بِالْبَاعِثِ الطَّبْعِيِّ عن الشَّرْعِيِّ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في الْوَاضِحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
قال بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي يَقْتَضِي إيجَابَهُ شَرْعًا كما يَجِبُ على الْمُضْطَرِّ تَمَلُّكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَتَنَاوُلُهُمَا
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ على الْمُحَرَّرِ وَحَيْثُ قُلْنَا بالوجوب ( ( ( الوجوب ) ) ) فَالْوَاجِبُ هو الْعَقْدُ وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِمْتَاعِ فقال الْقَاضِي لَا يَجِبُ بَلْ يكتفي فيه بِدَاعِيَةِ الْوَطْءِ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْوَطْءَ فَإِنَّمَا هو لِإِيفَاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا غَيْرُ انْتَهَى
الْخَامِسَةُ ما قَالَهُ أبو الْحُسَيْنِ هل يكتفي عنه بِالتَّسَرِّي فيه وَجْهَانِ
وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قال بن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ وَيُجْزِئُ عنه التَّسَرِّي في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الزَّرْكَشِيّ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْدَفِعُ فَلْيَتَزَوَّجْ فَأَمَرَ بِالتَّزَوُّجِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فيه احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وبن الزَّاغُونِيِّ
____________________
(8/13)
ثُمَّ قال وَيَشْهَدُ لِسُقُوطِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ ألا ( ( ( أن ) ) ) تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوُجُوبَ يَسْقُطُ بِهِ مع خَوْفِ الْعَنَتِ وَإِنْ لم يَسْقُطْ مع غَيْرِهِ
السَّادِسَةُ على الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ هل يَجِبُ بِأَمْرِ الْأَبَوَيْنِ أو بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا بِهِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي دَاوُد إنْ كان له أَبَوَانِ يَأْمُرَانِهِ بِالتَّزْوِيجِ أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ أو كان شَابًّا يَخَافُ على نَفْسِهِ الْعَنَتَ أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ
فَجَعَلَ أَمْرَ الْأَبَوَيْنِ له بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَوْفِهِ على نَفْسِهِ الْعَنَتَ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا إنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ تَزَوَّجَ
السَّابِعَةُ وَعَلَى الْقَوْلِ أَيْضًا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ هل يَجِبُ بِالنَّذْرِ
صَرَّحَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ
قُلْت وهو دَاخِلٌ في عُمُومَاتِ كَلَامِهِمْ في نَذْرِ التَّبَرُّرِ
الثَّامِنَةُ يَجُوزُ له النِّكَاحُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ لَا يَتَزَوَّجُ وَإِنْ خَافَ
وَإِنْ لم تَكُنْ بِهِ ضَرُورَةٌ لِلنِّكَاحِ فَلَيْسَ له ذلك على الصَّحِيحِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ ليس له النِّكَاحُ سَوَاءٌ كان بِهِ ضَرُورَةٌ أو لَا
قال الزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى تَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا مُسْلِمَةً وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَلَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ إنْ كانت معه وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/14)
وَعَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ له أَنْ يَتَزَوَّجَ آيِسَةً أو صَغِيرَةً فإنه عَلَّلَ وقال من أَجْلِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ
وقال في الْمُغْنِي في آخِرِ الْجِهَادِ وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحِلُّ له التَّزَوُّجُ ما دَامَ أَسِيرًا
وَأَمَّا الذي يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْبَغِي له التَّزَوُّجُ
فَإِنْ غَلَبَتْ عليه الشَّهْوَةُ أُبِيحَ له نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ وَلْيُعْزَلْ عنها وَلَا يَتَزَوَّجْ منهم انْتَهَى
وَقِيلَ يُبَاحُ له النِّكَاحُ مع عَدَمِ الضَّرُورَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فقال وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حرب ( ( ( الحرب ) ) ) ضَرُورَةً وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى إلَّا أَنْ يَخَافَ عليه
وقال أَيْضًا وَلَا يَطْلُبُ الْوَلَدَ
وَيَأْتِي هل يُبَاحُ نِكَاحُ الْحَرْبِيَّاتِ أَمْ لَا في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَفَعَلَ وَجَبَ عَزْلُهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ عَزْلُهُ ذَكَرَهُ في الْفُصُولِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ من التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ
يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا يُسْتَحَبُّ وكان له شَهْوَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ أَفْضَلَ من التَّخَلِّي إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْمَصَالِحَ الْمَعْلُومَةَ أَمَّا إذَا لم يَقْصِدْهَا فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ
وَعَنْهُ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ كما لو كان مَعْدُومَ الشَّهْوَةِ حَكَاهَا
____________________
(8/15)
أبو الْحُسَيْنِ في التَّمَامِ وبن الزَّاغُونِيِّ وَاخْتَارَهَا بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وَهِيَ احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَذَكَرَ أبو الْفَتْحِ بن الْمُنَى أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى كَالْجِهَادِ كما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْبِكْرِ الْحَسِيبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ لَا يَزِيدَ على وَاحِدَةٍ إنْ حَصَلَ بها الْإِعْفَافُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ على نِكَاحِ وَاحِدَةٍ
قال النَّاظِمُ وَوَاحِدَةٌ اقرب إلَى الْعَدْلِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَشْهَرُ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ اسْتَحَبُّوا أَنْ لَا يَزِيدَ على وَاحِدَةٍ
قال بن الْجَوْزِيِّ إلَّا أَنْ لَا تُعِفَّهُ وَاحِدَةٌ انْتَهَى
وَقِيلَ الْمُسْتَحَبُّ اثنان ( ( ( اثنتان ) ) ) كما لو لم تُعِفَّهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه قال يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ لَيْتَهُ إذَا تَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ يُفْلِتُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ
قال بن رَزِينٍ في النِّهَايَةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ على وَاحِدَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ النَّظَرُ
هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أَنَّهُ يُبَاحُ
____________________
(8/16)
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ له النَّظَرُ
جَزَمَ بِهِ أبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَجَعَلَهُ بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ مُسْتَحَبًّا وهو ظَاهِرُ الحديث
فَزَادَ بن الْجَوْزِيِّ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ يُسَنُّ إجْمَاعًا كَذَا قال
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ
وقال قُلْت وَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ ذلك بِمَنْ إذَا خَطَبَهَا غَلَبَ على ظَنِّهِ إجَابَتُهُ إلَى نِكَاحِهَا
وَقَالَهُ بن رَجَبٍ في تَعْلِيقِهِ على الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قُلْت وهو كما قال وهو مُرَادُ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ قَطْعًا
قَوْلُهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا
يَعْنِي فَقَطْ من غَيْرِ خَلْوَةٍ بها هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَة وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ صَحَّحَهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
____________________
(8/17)
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ له النَّظَرُ إلَى ما يَظْهَرُ غَالِبًا كَالرَّقَبَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَصَحُّ وَنَصَرَهُ النَّاظِمُ
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
وَحُمِلَ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْآتِي على ذلك وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
وَقِيلَ له النَّظَرُ إلَى الرَّقَبَةِ وَالْقَدَمِ وَالرَّأْسِ وَالسَّاقِ
وَعَنْهُ له النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ حَكَاهَا بن عَقِيلٍ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا بِنَاءً على أَنَّ الْيَدَيْنِ لَيْسَتَا من الْعَوْرَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ اخْتِيَارُ من زَعَمَ ذلك
قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْمَذْهَبُ الْمُعَوَّلُ عليه إلَى الْمَنْعِ من النَّظَرِ ما هو عَوْرَةٌ وَنَحْوُهُ
قال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَجَوَّزَ أبو بَكْرٍ النَّظَرَ إلَيْهَا في حَالِ كَوْنِهَا حَاسِرَةً
وَحَكَى بن عَقِيلٍ رِوَايَةً بِأَنَّ له النَّظَرَ إلَى ما عَدَا الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ ذَكَرَهَا في الْمُفْرَدَاتِ
وَالْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ هِيَ الْفَرْجَانِ وَهَذَا مَشْهُورٌ عن دَاوُد الظَّاهِرِيِّ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ أبحنا ( ( ( أتحنا ) ) ) له النَّظَرَ إلَى شَيْءٍ من بَدَنِهَا فَلَهُ تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَيْهِ وَتَأَمُّلُ الْمَحَاسِنِ كُلُّ ذلك إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ الْأَصْحَابُ
تَنْبِيهٌ آخَرُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ أَنَّ مَحِلَّ النَّظَرِ قبل الْخِطْبَةِ وهو صَحِيحٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ بَعْدَ الْعَزْمِ على نِكَاحِهَا وَقَبْلَ الْخِطْبَةِ
____________________
(8/18)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا خَطَبَ رَجُلٌ امْرَأَةً سَأَلَ عن جَمَالِهَا أَوَّلًا فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عن دِينِهَا فَإِنْ حُمِدَ تَزَوَّجَ وَإِنْ لم يُحْمَدْ يَكُونُ رَدُّهُ لِأَجْلِ الدِّينِ وَلَا يَسْأَلُ أَوَّلًا عن الدِّينِ فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عن الْجَمَالِ فَإِنْ لم يُحْمَدْ رَدَّهَا فَيَكُونُ رَدُّهُ لِلْجَمَالِ لَا لِلدِّينِ
الثَّانِيَةُ قال بن الْجَوْزِيِّ وَمَنْ ابتلى بِالْهَوَى فَأَرَادَ التَّزَوُّجَ فَلْيَجْتَهِدْ في نِكَاحِ التي ابتلى بها إنْ صَحَّ ذلك وَجَازَ وَإِلَّا فَلْيَتَخَيَّرْ ما يَظُنُّهُ مِثْلَهَا
قَوْلُهُ وَلَهُ النَّظَرُ إلَى ذلك وَإِلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَيْنِ من الْأَمَةِ الْمُسْتَامَةِ
يَعْنِي له النَّظَرُ إلَى ما يَظْهَرُ غَالِبًا وَإِلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَيْنِ منها وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ يُنْظَرُ سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي فقال وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ شِرَاءَ جَارِيَةٍ النَّظَرُ منها إلَى ما عَدَا عَوْرَتَهَا
وَقِيلَ يَنْظُرُ غير ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ
قال النَّاظِمُ هذا الْمُقَدَّمُ
وَقِيلَ حُكْمُهَا في النَّظَرِ كَالْمَخْطُوبَةِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ شِرَاءَهَا من فَوْقِ ثِيَابِهَا لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لها
قال الْقَاضِي أَجَازَ تَقْلِيبَ الظَّهْرِ وَالصَّدْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ من فَوْقِ الثِّيَابِ
قَوْلُهُ وَمِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ
____________________
(8/19)
يَعْنِي يَجُوزُ له النَّظَرُ من ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ إلَى ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا وَإِلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ حُكْمُ الْأَمَةِ الْمُسْتَامَةِ في النَّظَرِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
وَعَنْهُ لَا يَنْظُرُ من ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ إلَى غَيْرِ الْوَجْهِ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَعَنْهُ لَا يَنْظُرُ مِنْهُنَّ إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حُكْمُ الْمَرْأَةِ في النَّظَرِ إلَى مَحَارِمِهَا حُكْمُهُمْ في النَّظَرِ إلَيْهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
الثَّانِيَةُ ذَوَاتُ مَحَارِمِهِ من يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عليه على التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أو سَبَبٍ مُبَاحٍ فَلَا يَنْظُرُ إلَى أُمِّ الْمَزْنِيِّ بها وَلَا إلَى ابْنَتِهَا وَلَا إلَى بِنْتِ الموطوأة ( ( ( الموطوءة ) ) ) بِشُبْهَةٍ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وَلِلْعَبْدِ النَّظَرُ إلَيْهِمَا من مَوْلَاتِهِ
يَعْنِي إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْعَبْدِ النَّظَرَ من مَوْلَاتِهِ إلَى ما يَنْظُرُ إلَيْهِ الرَّجُلُ من ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
وَعَنْهُ الْمَنْعُ من النَّظَرِ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا نَقَلَهُ بن هَانِئٍ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(8/20)
قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وما هو بِبَعِيدٍ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَنْظُرُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ أَمَةً مُشْتَرَكَةً لِعُمُومِ مَنْعِ النَّظَرِ إلَّا من عَبْدِهَا وَأَمَتِهِ انْتَهَى
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِلْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بين النِّسَاءِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِهِنَّ لِوُجُودِ الْحَاجَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَمِيعِ
وَجَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فقال وَلِعَبْدٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا نَظَرُ وَجْهِ سَيِّدَتِهِ وَكَفَّيْهَا
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُنَّ جَمِيعِهِنَّ النَّظَرُ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى ذلك بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بين رِجَالٍ ليس لِأَحَدٍ منهم النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهَا
قَوْلُهُ وَلِغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ من الرِّجَالِ كَالْكَبِيرِ وَالْعِنِّينِ وَنَحْوِهِمَا النَّظَرُ إلَى ذلك
يَعْنِي إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْعَبْدِ مع سَيِّدَتِهِ في النَّظَرِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْكَافِي وَالْمُغْنِي حُكْمُهُمْ حُكْمُ ذِي الْمَحَارِمِ في النَّظَرِ وَقَطَعَ بِهِ
وَقِيلَ لَا يُبَاحُ لهم النَّظَرُ مُطْلَقًا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الخصى وَالْمَجْبُوبَ لَا يَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْأَثْرَمُ اسْتَعْظَمَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إدْخَالَ الْخُصْيَانِ على النِّسَاءِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
____________________
(8/21)
قال بن عَقِيلٍ لَا تُبَاحُ خَلْوَةُ النِّسَاءِ بِالْخُصْيَانِ وَلَا بِالْمَجْبُوبِينَ لِأَنَّ الْعُضْوَ وَإِنْ تَعَطَّلَ أو عُدِمَ فَشَهْوَةُ الرِّجَالِ لَا تَزُولُ من قُلُوبِهِمْ وَلَا يُؤْمَنُ التَّمَتُّعُ بِالْقُبَلِ وَغَيْرِهَا وكذلك لَا يُبَاحُ خَلْوَةُ الْفَحْلِ بِالرَّتْقَاءِ من النِّسَاءِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ انْتَهَى
وَقِيلَ هُمَا كذى مَحْرَمٍ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ لَا
وقال في الِانْتِصَارِ الخصى يَكْسِرُ النَّشَاطَ وَلِهَذَا يُؤْمَنُ على الْحَرَمِ
قَوْلُهُ وَلِلشَّاهِدِ وَالْمُبْتَاعِ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْمَشْهُودِ عليها وَمَنْ تُعَامِلُهُ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إذَا كانت تُعَامِلُهُ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمُبْتَاعَ يَنْظُرَانِ إلَى ما يَظْهَرُ غَالِبًا
فَائِدَةٌ أَلْحَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْمُسْتَأْجِرَ بِالشَّاهِدِ وَالْمُبْتَاعِ
زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُؤَجِّرِ وَالْبَائِعِ
وَنَقَلَ حَرْبٌ وَمُحَمَّدُ بن أبي حَرْبٍ في الْبَائِعِ يَنْظُرُ كَفَّهَا وَوَجْهَهَا إنْ كانت عَجُوزًا رَجَوْت وَإِنْ كانت شَابَّةً تشتهي أَكْرَهُ ذلك
تَنْبِيهٌ إبَاحَةُ نَظَرِ هَؤُلَاءِ مُقَيَّدٌ بِحَاجَتِهِمَا
فَائِدَةٌ من ابتلى بِخِدْمَةِ مَرِيضٍ أو مَرِيضَةٍ في وُضُوءٍ أو اسْتِنْجَاءٍ أو غَيْرِهِمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّبِيبِ في النَّظَرِ وَالْمَسِّ نَصَّ عليه
وكذا لو حَلَقَ عَانَةَ من لَا يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ نَصَّ عليه وَقَالَهُ أبو الْوَفَاءِ وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ
____________________
(8/22)
قَوْلُهُ وَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ غَيْرِ ذِي الشَّهْوَةِ النَّظَرُ إلَى ما فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ هو كَالْمَحْرَمِ وَأَطْلَقَ في الْكَافِي في الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان ذَا شَهْوَةٍ فَهُوَ كذى الْمَحْرَمِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقِيلَ كَالطِّفْلِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَهُوَ كذى مَحْرَمٍ
وَعَنْهُ كَأَجْنَبِيٍّ بَالِغٍ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حُكْمُ بِنْتِ تِسْعٍ حُكْمُ الْمُمَيِّزِ ذِي الشَّهْوَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ رِوَايَةً عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ فَلَا تَكْشِفْ إلَّا وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ في الرَّجُلِ عِنْدَهُ الْأَرْمَلَةُ وَالْيَتِيمَةُ لَا يَنْظُرُ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَظَرِ الْوَجْهِ بِلَا شَهْوَةٍ
الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ الطِّفْلِ وَالطِّفْلَةِ قبل السَّبْعِ وَلَا لَمْسُهَا نَصَّ عليه
____________________
(8/23)
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ في الرَّجُلِ يَضَعُ الصَّغِيرَةَ في حِجْرِهِ وَيُقَبِّلُهَا إنْ لم يَجِدْ شَهْوَةً فَلَا بَأْسَ
وَلَا يَجِبُ سَتْرُهُمَا مع أَمْنِ الشَّهْوَةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الْفَائِقِ وَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى طِفْلَةٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ لِلنِّكَاحِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ
وَهَلْ هو مَحْدُودٌ بِدُونِ السَّبْعِ أو بِدُونِ ما تَشْتَهِي غَالِبًا على وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَلِلْمَرْأَةِ مع الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ مع الرَّجُلِ النَّظَرُ إلَى ما عَدَا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ
يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ النَّظَرُ من الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ إلَى ما عَدَا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَنْظُرُ منها إلَّا إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ
وَلَعَلَّ من قَطَعَ أَوَّلًا أَرَادَ هذا
لَكِنْ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ غَايَرَ بين الْقَوْلَيْنِ وهو الظَّاهِرُ
وَمُرَادُهُمْ بِعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ هُنَا كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ على الْخِلَافِ صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْوَجِيزِ
وَأَمَّا الْكَافِرَةُ مع الْمُسْلِمَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُسْلِمَةِ مع الْمُسْلِمَةِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا تنظر ( ( ( ينظر ) ) ) الْكَافِرَةُ من الْمُسْلِمَةِ ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا
____________________
(8/24)
وَعَنْهُ هِيَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالُوا نَصَّ عليه
وَقَطَعَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ
وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أبو يَعْلَى على هذه الرِّوَايَةِ الْكَافِرَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِمُسْلِمَةٍ فإنه يَجُوزُ أَنْ تَظْهَرَ على مَوْلَاتِهَا كَالْمُسْلِمَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافِرَةُ قَابِلَةً لِلْمُسْلِمَةِ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَلَا نَصَّ عليه
وَأَمَّا الرَّجُلُ مع الرَّجُلِ وَلَوْ كان أَمْرَدَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ منه إلَّا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال وَقِيلَ يَنْظُرُ غير الْعَوْرَةِ
فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ عِنْدَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّهُ أَعَمُّ من الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ من الرَّجُلِ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ
وقال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ يُبَاح لها النَّظَرُ منه إلَى ما يَظْهَرُ غَالِبًا
وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَطَعَ بِهِ بن الْبَنَّا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ
____________________
(8/25)
وقال بن عَقِيلٍ أَيْضًا يَحْرُمُ النَّظَرُ
وَنَقَلَ الْقَاضِي أَيْضًا عن أبي بَكْرٍ الْكَرَاهَةَ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقَاضِي كَرَاهَةُ نَظَرِهَا إلَى وَجْهِهِ وَبَدَنِهِ وَقَدَمَيْهِ وَاخْتَارَ الْكَرَاهَةَ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى ما يَظْهَرُ غَالِبًا وَقْتَ مِهْنَةٍ وَغَفْلَةٍ
تَنْبِيهٌ قال في الْفُرُوعِ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ إبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْمَرْأَةِ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ من الرَّجُلِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يَحْرُمُ النَّظَرُ على أَزْوَاجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
قال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ قال أبو بَكْرٍ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ
قال في الْفُرُوعِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَجِبْ بِالتَّخْصِيصِ في الْأَخْبَارِ التي في الْمَسْأَلَةِ
وقال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ يَجُوزُ لَهُنَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُنَّ في حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ في الْحُرْمَةِ وَالتَّحْرِيمِ فَجَازَ مُفَارَقَتُهُنَّ في هذا الْقَدْرِ بَقِيَّةُ النِّسَاءِ
قُلْت وَهَذَا أَوْلَى فَوَائِدُ
منها يَجُوزُ النَّظَرُ من الْأَمَةِ وَمِمَّنْ لَا تُشْتَهَى كَالْعَجُوزِ وَالْبَرْزَةِ وَالْقَبِيحَةِ وَنَحْوِهِمْ إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ جَوَازَ النَّظَرِ من ذلك إلَى ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُبَاحُ نَظَرُ وَجْهِ كل عَجُوزٍ بَرْزَةٍ هِمَّةٍ وَمَنْ لَا يشتهي مِثْلُهَا غَالِبًا وما ليس بِعَوْرَةٍ منها وَلَمْسُهُ وَمُصَافَحَتُهَا وَالسَّلَامُ عليها إنْ أَمِنَ على نَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ لم تَخْتَمِرُ الْأَمَةُ فَلَا بَأْسَ
وَقِيلَ الْأَمَةُ القبيحة ( ( ( والقبيحة ) ) ) كَالْحُرَّةِ وَالْجَمِيلَةِ
____________________
(8/26)
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ كَمْ من نَظْرَةٍ أَلْقَتْ في قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا تَنْتَقِبُ الْأَمَةُ وَنَقَلَ أَيْضًا تَنْتَقِبُ الْجَمِيلَةُ
وَكَذَا نَقَلَ أبو حَامِدٍ الْخَفَّافُ
قال الْقَاضِي لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ ما أَطْلَقَهُ على ما قَيَّدَهُ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ الْجَمِيلَةَ تَنْتَقِبُ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا كما يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا يُبَاحُ فَفِي تَحْرِيمِ تَكْرَارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ
وَمِنْهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ في النَّظَرِ إلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَخْرُجُ وَجْهُ من سَتَرَ الْعَوْرَةَ في الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَالرَّجُلِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ تَشَبَّهَ خُنْثَى مُشْكِلٌ بِذَكَرٍ أو أُنْثَى أو مَالَ إلَى أَحَدِهِمَا فَلَهُ حُكْمُهُ في ذلك
وقال قُلْت لَا يُزَوَّجُ بِحَالٍ فَإِنْ خَافَ الزنى صَامَ أو اسْتَمْنَى وَإِلَّا فَهُوَ مع امْرَأَةٍ كَالرَّجُلِ وَمَعَ رَجُلٍ كَامْرَأَةٍ
وَمِنْهَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَلَا يَجُوزُ له النَّظَرُ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ قَصْدًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ نَظَرَ الرَّجُلِ من الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَى ما ليس بِعَوْرَةِ صَلَاةٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في آدَابِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً
____________________
(8/27)
قال الْقَاضِي الْمُحَرَّمُ ما عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ
وَصَرَّحَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ
ثُمَّ قال النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ مُحَرَّمٌ وَإِلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ مَكْرُوهٌ
وَهَكَذَا ذَكَرَ بن عَقِيلٍ وأبو الْحُسَيْنِ
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِغَيْرِ من ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ أَطْلَقَ هذه الْعِبَارَةَ وَحَكَى الْكَرَاهَةَ في غَيْرِ الْعَوْرَةِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هل يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ
وقال بن عَقِيلٍ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا أَمِنَ الْفِتْنَةَ انْتَهَى
قُلْت وَهَذَا الذي لَا يَسَعُ الناس غَيْرُهُ خُصُوصًا لِلْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ الَّذِينَ نَشَأَ بَيْنَهُمْ وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ
وَيَأْتِي في آخِرِ الْعِدَدِ هل يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ بِمُطَلَّقَتِهِ أو أَجْنَبِيَّةٍ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلي الْغُلَامِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ
النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ على قِسْمَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْمَنَ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ
فَهَذَا يَجُوزُ له النَّظَرُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ أبو حَكِيمٍ وَغَيْرُهُ وَلَكِنْ تَرْكُهُ أَوْلَى صَرَّحَ بِهِ بن عَقِيلٍ
قال ( ( ( قيل ) ) ) وَأَمَّا تَكْرَارُ النَّظَرِ فَمَكْرُوهٌ
وقال أَيْضًا في كِتَابِ الْقَضَاءِ تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ
____________________
(8/28)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ أو دَاوَمَهُ وقال إنِّي لَا أَنْظُرُ بِشَهْوَةٍ فَقَدْ كَذَبَ في ذلك
وقال الْقَاضِي نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ مَكْرُوهٌ
وقال بن الْبَنَّا النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ مَكْرُوهٌ نَصَّ عليه وَكَذَا قال أبو الْحُسَيْنِ
الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَخَافَ من النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ
فقال الْحَلْوَانِيُّ يُكْرَهُ وَهَلْ يَحْرُمُ على وَجْهَيْنِ
وَحَكَى صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ثلاثة أَوْجُهٍ التَّحْرِيمُ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ فإنه قال يَجُوزُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا أَمِنَ ثَوَرَانَهَا
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فقال أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ كما أَنَّ الرَّاجِحَ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ من غَيْرِ حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كانت الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةً لَكِنْ يَخَافُ ثَوَرَانَهَا
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي إذَا كان الْأَمْرَدُ جَمِيلًا يَخَافُ الْفِتْنَةَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لم يَجُزْ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَيْهِ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ خَوْفَ الشَّهْوَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْكَرَاهَةُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ الْإِبَاحَةُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَالْمَنْقُولُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرَاهَةُ مُجَالَسَةِ الْغُلَامِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِشَهْوَةٍ وَيَجُوزُ بِدُونِهَا مع منها
وَقِيلَ وَخَوْفُهَا
____________________
(8/29)
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ خَافَ ثَوَرَانَهَا فَوَجْهَانِ
فَائِدَةٌ قال بن عَقِيلٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ مع شَهْوَةِ تَخْنِيثٍ وَسِحَاقٍ وَإِلَى دَابَّةٍ يَشْتَهِيهَا وَلَا يَعِفُّ عنه وَكَذَا الْخَلْوَةُ بها
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ فَوَائِدُ
منها قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلي أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لِشَهْوَةٍ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ إجْمَاعًا
وكذا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إذَا خَافَ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
وَمِنْهَا مَعْنَى الشَّهْوَةِ التَّلَذُّذُ بِالنَّظَرِ
وَمِنْهَا لَمْسُ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ كَالنَّظَرِ إلَيْهِ على قَوْلٍ
وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ هو أَوْلَى بِالْمَنْعِ من النَّظَرِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَمِنْهَا صَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ ليس بِعَوْرَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ ليس بِعَوْرَةٍ على الْأَصَحِّ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ قال الْقَاضِي الزَّرِيرَانِيُّ الْحَنْبَلِيُّ في حَوَاشِيهِ على الْمُغْنِي هل صَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ عَوْرَةٌ فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ليس بِعَوْرَةٍ انْتَهَى
وَعَنْهُ أَنَّهُ عَوْرَةٌ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ فقال يَجِبُ تَجَنُّبُ الْأَجَانِبِ الِاسْتِمَاعَ من صَوْتِ النِّسَاءِ زِيَادَةً على ما تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ انْتَهَى
____________________
(8/30)
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ يُسَلِّمُ على الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ فَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلَا تَنْطِقُ
قال الْقَاضِي إنَّمَا قال ذلك من خوف ( ( ( خوفه ) ) ) الِافْتِتَانَ بِصَوْتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِسَمَاعِهِ وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي يُمْنَعُ من سَمَاعِ صَوْتِهَا
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ يُكْرَهُ سَمَاعُ صَوْتِهَا بِلَا حَاجَةٍ
قال بن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ النِّسَاءِ له سَمَاعُ صَوْتِ الْمَرْأَةِ مَكْرُوهٌ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْفِضَ من صَوْتِهَا إذَا كانت في قِرَاءَتِهَا إذَا قَرَأَتْ بِاللَّيْلِ
وَمِنْهَا إذَا مَنَعْنَا الْمَرْأَةَ من النَّظَرِ إلَى الرَّجُلِ فَهَلْ تُمْنَعُ من سَمَاعِ صَوْتِهِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَمَاعِ صَوْتِهَا
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ في بَيْتِهِ يَؤُمُّ أَهْلَهُ أَكْرَهُ أَنْ تَسْمَعَ الْمَرْأَةُ صَوْتَ الرَّجُلِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الصَّوْتَ يَتْبَعُ الصُّورَةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ من النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مَنَعَ من سَمَاعِ صَوْتِهَا
كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَمَّا مُنِعَتْ من النَّظَرِ إلَى الرَّجُلِ مُنِعَتْ من سَمَاعِ صَوْتِهِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكْتَةِ لم تَزَلْ النِّسَاءُ تَسْمَعُ أَصْوَاتَ الرِّجَالِ وَالْفَرْقُ بين النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ ظَاهِرٌ
وَمِنْهَا تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْكُلِّ مُطْلَقًا وَلَوْ بِحَيَوَانٍ يَشْتَهِي الْمَرْأَةَ وَتَشْتَهِيهِ هِيَ كَالْقِرْدِ وَنَحْوِهِ
____________________
(8/31)
ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وبن الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال الْخَلْوَةُ بِأَمْرَدَ حَسَنٍ وَمُضَاجَعَتُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَوْ كان لِمَصْلَحَةِ تَعْلِيمٍ وَتَأْدِيبٍ وَمَنْ يُقِرُّ مُوَلِّيهِ عِنْدَ من يُعَاشِرُهُ كَذَلِكَ مَلْعُونٌ دَيُّوثٌ وَمَنْ عُرِفَ بِمَحَبَّتِهِمْ أو مُعَاشَرَةٍ بَيْنَهُمْ مُنِعَ من تَعْلِيمِهِمْ
وقال بن الْجَوْزِيِّ كان السَّلَفُ يَقُولُونَ الْأَمْرَدُ أَشَدُّ فِتْنَةً من الْعَذَارَى
قال بن عَقِيلٍ الْأَمْرَدُ يَنْفُقُ على الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ شَبَكَةُ الشَّيْطَانِ في حَقِّ النَّوْعَيْنِ
وَمِنْهَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ وَشَدَّدَ أَيْضًا حتى لِمَحْرَمٍ وَجَوَّزَهُ لِوَالِدٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَلِمَحْرَمٍ
وَجَوَّزَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْذَ يَدِ عَجُوزٍ وفي الرِّعَايَةِ وَشَوْهَاءَ
وَسَأَلَهُ بن مَنْصُورٍ يُقَبِّلُ ذَاتَ الْمَحَارِمِ منه قال إذَا قَدِمَ من سَفَرٍ ولم يَخَفْ على نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ على الْفَمِ أَبَدًا الْجَبْهَةِ وَالرَّأْسِ
وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ تَضَعُ يَدَهَا على بَطْنِ رَجُلٍ لَا تَحِلُّ له قال لَا يَنْبَغِي إلَّا لِضَرُورَةٍ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَتَضَعُ يَدَهَا على صَدْرِهِ قال ضَرُورَةً
قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ الْآخَرِ وَلَمْسُهُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا حتى الْفَرْجُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُكْرَهُ لَهُمَا نَظَرُ الْفَرْجِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(8/32)
وقال الْآمِدِيُّ في فُصُولِهِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَقَلَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ لَهُمَا عِنْدَ الْجِمَاعِ خَاصَّةً
وَجَزَمَ في الْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا حَالَ الطَّمْثِ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وزاد في الْكُبْرَى وَحَالَ الْوَطْءِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ يَجُوزُ تَقْبِيلُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ قبل الْجِمَاعِ وَيُكْرَهُ بَعْدَهُ وَذَكَرَهُ عن عَطَاءٍ
الثَّانِيَةُ ليس لها اسْتِدْخَالُ ذَكَرِ زَوْجِهَا وهو نَائِمٌ بِلَا إذْنِهِ وَلَهَا لَمْسُهُ وَتَقْبِيلُهُ بِشَهْوَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَصَرَّحَ بِهِ بن عَقِيلٍ
وقال لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْعَقْدَ وَحَبْسَهَا ذَكَرَاهُ في عِشْرَةِ النِّسَاءِ
وَمَرَّ بِي في بَعْضِ التَّعَالِيقِ قَوْلُ إنَّ لها ذلك ولم أَسْتَحْضِرْ الْآنَ في أَيِّ كِتَابٍ هو
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مع أَمَتِهِ
حُكْمُ السَّيِّدِ مع أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ له حُكْمُ الرَّجُلِ مع زَوْجَتِهِ في النَّظَرِ وَاللَّمْسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
تَنْبِيهٌ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مع أَمَتِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ في عُمُومِهِ أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالْوَثَنِيَّةُ وَنَحْوُهُنَّ وَلَيْسَ له النَّظَرُ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا لَمْسُهَا لِمَا سَيُذْكَرُ في مَوْضِعِهِ
وَجَعَلَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ مَكَانَ أَمَتِهِ سُرِّيَّتُهُ
قال بن مُنَجَّا وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عليه أَمَتُهُ التي لَيْسَتْ سُرِّيَّةً وَالْحَالُ أَنَّ له النَّظَرَ إلَيْهَا وَلَمْسَهَا فَلِذَلِكَ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ
____________________
(8/33)
في الْكَافِي وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ وهو أَجْوَدُ مِمَّا تَقَدَّمَ انْتَهَى
قُلْت وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو زَوَّجَ أَمَتَهُ جَازَ له النَّظَرُ منها إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال في التَّرْغِيبِ هو كَمَحْرَمٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ كَأَمَةِ غَيْرِهِ
الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ نَفْسِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُدِيمَهُ
وقال الأزجى في نِهَايَتِهِ يَعْرِضُ بِبَصَرِهِ عنها لِأَنَّهُ يَدُلُّ على الدَّنَاءَةِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ هل يُكْرَهُ مَسُّ فَرْجِهِ مُطْلَقًا أو في حَالِ التَّخَلِّي
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ
وهو ما لَا يَحْتَمِلُ غير النِّكَاحِ
بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ وَلَا التَّعْرِيضُ
وهو ما يُفْهَمُ منه النِّكَاحُ مع احْتِمَالِ غَيْرِهِ
بِخِطْبَةِ الرَّجْعِيَّةِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ في عِدَّةِ الْوَفَاةِ يَعْنِي التَّعْرِيضَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ إنْ دَلَّتْ على اقْتِرَانِهِمَا كَمُتَحَابَّيْنِ قبل مَوْتِ الزَّوْجِ مَنَعْنَا من تَعْرِيضِهِ في الْعِدَّةِ
____________________
(8/34)
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ في عِدَّةِ الْبَائِنِ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ بِلَا نِزَاعٍ
وَهَلْ يَجُوزُ في عِدَّةِ الْبَائِنِ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
الثَّانِي يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كان الْمُعْرِضُ أَجْنَبِيًّا
فَأَمَّا من كانت في عِصْمَتِهِ فإنه يُبَاحُ له التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ على خِطْبَةِ أَخِيهِ إنْ أُجِيبَ
هذا الْمَذْهَبُ يَعْنِي يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِحُّ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ قال أبو بَكْرٍ الْبَيْعُ على بَيْعِ أَخِيهِ بَاطِلٌ نَصَّ عليه
____________________
(8/35)
فَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ للنهى
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ على خِطْبَةِ أَخِيهِ إنْ أُجِيبَ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُجِيبَ تَصْرِيحًا فَلَا كَلَامَ
وَإِنْ أُجِيبَ تَعْرِيضًا فظاهر ( ( ( ظاهر ) ) ) كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ له أَيْضًا كَالتَّصْرِيحِ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إبَاحَةُ خِطْبَتِهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ له أَنْ يَخْطُبَ على خِطْبَةِ الذِّمِّيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ ليس بِأَخِيهِ وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ حَلَّ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا إنْ تَرَكَ الْخِطْبَةَ أو أَذِنَ له
وَكَذَا إنْ سَكَتَ عنه عِنْدَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْ الْقَاضِي سُكُوتُ الْبِكْرِ رضى ( ( ( رضا ) ) )
قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَعْلَمْ بِالْحَالِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ
____________________
(8/36)
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ
فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ خَطَبَتْ الْمَرْأَةُ أو وَلِيُّهَا لِرَجُلٍ ابْتِدَاءً فَأَجَابَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ لِرَجُلٍ آخَرَ خِطْبَتُهَا إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ من أَنْ يَكُونَ هو الْخَاطِبُ
وَنَظِيرُ الْأُولَى أَنْ تَخْطُبَهُ امْرَأَةٌ أو وَلِيُّهَا بَعْدَ أَنْ يَخْطُبَ هو امْرَأَةً فإن هذا إيذَاءٌ لِلْمَخْطُوبِ في الْمَوْضِعَيْنِ كما أَنَّ ذَاكَ إيذَاءٌ لِلْخَاطِبِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ على بَيْعِ أَخِيهِ قبل انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَذَلِكَ كُلُّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا
فَائِدَةٌ أُخْرَى لو أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا من رَجُلٍ بِعَيْنِهِ احْتَمَلَ أَنْ يَحْرُمَ على غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا كما لو خَطَبَ فَأَجَابَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْرُمَ لِأَنَّهُ لم يَخْطُبْهَا أَحَدٌ قال ذلك الْقَاضِي أبو يَعْلَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا دَلِيلٌ من الْقَاضِي على أَنَّ سُكُوتَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ ليس بِإِجَابَةٍ بِحَالٍ
قَوْلُهُ وَالتَّعْوِيلُ في الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ عليها إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً
بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كانت مُجْبَرَةً فَعَلَى الْوَلِيِّ
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ رَضِيَتْ أو كَرِهَتْ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو أَجَابَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَكَرِهَتْ الْمُجَابَ وَاخْتَارَتْ
____________________
(8/37)
غَيْرَهُ سَقَطَ حُكْمُ إجَابَةِ وَلِيِّهَا وَإِنْ كَرِهَتْهُ ولم تَخْتَرْ سِوَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ وَإِنْ أَجَابَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ زَالَ حُكْمُ الْإِجَابَةِ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يُسْتَحَبُّ عَقْدُهُ يوم الْجُمُعَةِ أو الْخَمِيسِ وَالْمَسَاءُ أَوْلَى
قَوْلُهُ وَأَنْ يَخْطُبَ قبل الْعَقْدِ بِخُطْبَةِ بن مَسْعُودٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَالْعَمَلُ عليه قَدِيمًا وَحَدِيثًا
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ إنْ أَخَّرَ الْخُطْبَةَ عن الْعَقْدِ جَازَ انْتَهَى
قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مع النِّسْيَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ على خُطْبَةِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَهُ في الْعُمْدَةِ وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَذَكَرَهَا
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَأْتِي بِخُطْبَةِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه بِالْآيَاتِ الثَّلَاثِ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالنِّكَاحِ وَنَهَى عن السِّفَاحِ فقال مُخْبِرًا وَآمِرًا { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ من عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ من فَضْلِهِ وَاَللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ هذه الْآيَةَ أَيْضًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا كان الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ ولم يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ انْصَرَفَ
وَالْمُجْزِئُ منها أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّيَ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
الثَّانِيَةُ قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ على الْمُحَرَّرِ وَقَعَ في كَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ ما يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ في شَوَّالٍ
____________________
(8/38)
فَائِدَةٌ في خَصَائِصِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
كان له صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى { يا أَيُّهَا النبي إنَّا أَحْلَلْنَا لَك } نَاسِخًا لِقَوْلِهِ { لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ من بَعْدُ } قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ كان له أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ إلَى أَنْ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ من بَعْدُ } فَتَكُونُ هذه الْآيَةُ نَاسِخَةً لِلْآيَةِ الْأُولَى
وقال الْقَاضِي الْآيَةُ الْأُولَى تَدُلُّ على أَنَّ من لم تُهَاجِرْ معه من النِّسَاءِ لم تَحِلَّ له
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُ شَرْطٌ في قَرَابَاتِهِ في الْآيَةِ لَا الْأَجْنَبِيَّاتِ انْتَهَى
وكان له صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وفي زَمَنِ الْإِحْرَامِ أَيْضًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ جَوَازُ النِّكَاحِ له بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وفي زَمَنِ الْإِحْرَامِ
وَأَطْلَقَ أبو الْحُسَيْنِ وَوَالِدُهُ وَغَيْرُهُمَا وَجْهَيْنِ
وقال بن حَامِدٍ لم يَكُنْ له النِّكَاحُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَلَا زَمَنِ الْإِحْرَامِ مُبَاحًا
وكان له صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقد جَزَمَ بن الْجَوْزِيِّ بِجَوَازِهِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَنْهُ الْوَقْفُ
وكان له صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ بن الْجَوْزِيِّ عن الْعُلَمَاءِ
وكان صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاجِبًا عليه السِّوَاكُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْوِتْرُ على الصَّحِيحِ
____________________
(8/39)
من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْعُدَّةِ لِلشَّيْخِ عبد اللَّهِ كَتِيلَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبُ السِّوَاكِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَقِيلَ ليس بِوَاجِبٍ عليه ذلك اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ ذَكَرَهُ عنه في الْفُصُولِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في السِّوَاكِ في بَابِهِ
وقال في الْفُصُولِ وكان وَاجِبًا عليه صلى اللَّهُ عليه وسلم رَكْعَتَا الْفَجْرِ
وقال في الرِّعَايَةِ وكان وَاجِبًا عليه الضُّحَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا غَلَطٌ ولم يَكُنْ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُوَاظِبُ على الضُّحَى بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِسُنَّتِهِ
وكان صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاجِبًا عليه قِيَامُ اللَّيْلِ ولم يُنْسَخْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وقال الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ نُسِخَ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَمِنْ خَصَائِصِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ لو ادعى عليه كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ من غَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ ادَّعَى هو بِحَقٍّ كان الْقَوْلُ قَوْلَهُ من غَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ أبو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ نَقَلَهُ عنه بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ على الْمُحَرَّرِ
وَأَوْجَبَ عليه صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ بين فِرَاقِهِ وَالْإِقَامَةِ معه
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم في وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ في الْقَسْمِ كَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُنُونِ وَالْفُصُولِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ بن الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ
وفي الْمُنْتَقَى احْتِمَالَانِ
قال أَصْحَابُنَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَفُرِضَ عليه صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْكَارُ الْمُنْكَرِ إذَا رَآهُ على كل حَالٍ
____________________
(8/40)
قال في الرِّعَايَةِ فُرِضَ عليه إنْكَارُ الْمُنْكَرِ إذَا رَآهُ على كل حَالٍ وَغَيْرِهِ في حَالٍ دُونَ حَالٍ
قُلْت حَكَى ذلك قَوْلًا بن البناء ( ( ( البنا ) ) ) في خِصَالِهِ وَاقْتَصَرَ عليه
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَقِيلَ فُرِضَ عليه إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَاقْتُصِرَ عليه
وَمُنِعَ صلى اللَّهُ عليه وسلم من الرَّمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْإِشَارَةِ بها وإذا لَبِسَ لَأَمَةَ الْحَرْبِ أَنْ لَا يَنْزِعَهَا حتى يَلْقَى الْعَدُوَّ
وَمُنِعَ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيْضًا من الشِّعْرِ وَالْخَطِّ وَتَعَلُّمِهِمَا
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ انه صُرِفَ عن الشِّعْرِ كما أُعْجِزَ عن الْكِتَابَةِ قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْتَمِعَ الصَّرْفُ وَالْمَنْعُ
وَمُنِعَ صلى اللَّهُ عليه وسلم من نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ كَالْأَمَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ بن شَاقِلَا وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُصُولِ
وَعَنْهُ لم يُمْنَعْ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُبَاحُ له صلى اللَّهُ عليه وسلم مِلْكُ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كانت أو مُشْرِكَةً
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ حُكْمُ الصَّدَقَةِ
وَأُبِيحَ له صلى اللَّهُ عليه وسلم الْوِصَالُ وَخُمُسُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لم يَحْضُرْ
وَأُبِيحَ له صلى اللَّهُ عليه وسلم الصَّفِيُّ من الْغَنَمِ وَدُخُولُ مَكَّةَ مُحِلًّا سَاعَةً
وَجُعِلَتْ تَرِكَتُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَدَقَةً
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُمْنَعُ من الْإِرْثِ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَرِثُ وَلَا يَعْقِلُ بِالْإِجْمَاعِ
____________________
(8/41)
وَلَهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخْذُ الْمَاءِ من الْعَطْشَانِ
وَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَهُ طَلَبُ ذلك
وَحَرُمَ على غَيْرِهِ نِكَاحُ زَوْجَاتِهِ فَقَطْ
وَجَوَّزَ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ نِكَاحَ من فَارَقَهَا في حَيَاتِهِ
وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي في تَحْرِيمِ النِّكَاحِ
وَالنَّجِسُ مِنَّا طَاهِرٌ منه ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي النِّهَايَةِ لِأَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهَا ليس بِطَاهِرٍ
وهو صلى اللَّهُ عليه وسلم طَاهِرٌ بَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا نِزَاعٍ بين الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فإن فيه خِلَافًا على ما تَقَدَّمَ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ
ولم يذكر الْأَصْحَابُ هذه الْمَسْأَلَةَ هُنَا
____________________
(8/42)
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُ لم يَكُنْ له فيئ ( ( ( فيء ) ) ) في شَمْسٍ وَلَا قَمَرٍ لِأَنَّهُ نُورَانِيٌّ وَالظِّلُّ نَوْعُ ظُلْمَةٍ
وَكَانَتْ تَجْتَذِبُ الْأَرْضُ أَثَفَالَهُ انْتَهَى
وَسَاوَى الْأَنْبِيَاءَ في مُعْجِزَاتِهِمْ وَانْفَرَدَ بِالْقُرْآنِ وَالْغَنَائِمِ وَجُعِلَتْ له الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا وَالنَّصْرُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ
وَبُعِثَ إلَى الناس كَافَّةً وَكُلُّ نَبِيٍّ إلَى قَوْمِهِ
وَمُعْجِزَاتُهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَانْقَطَعَتْ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ بِمَوْتِهِمْ
وَتَنَامُ عينه ( ( ( عينيه ) ) ) وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ فَلَا نَقْضَ بِنَوْمِهِ مُضْطَجِعًا
وَتَقَدَّمَ ذلك في نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ
وَيَرَى من خَلْفِهِ كما يَرَى من أَمَامِهِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هذه الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ حَقِيقَةً
ولم يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْتُلَ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ وكان له ذلك صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَالدَّفْنُ بِالْبُنْيَانِ مُخْتَصٌّ بِهِ قالت عَائِشَةُ لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا
وقال جَمَاعَةٌ لِوَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَيُدْفَنُ الْأَنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالثَّانِي لِئَلَّا تَمَسَّهُ أَيْدِي الْعُصَاةِ وَالْمُنَافِقِينَ
وقال أبو الْمَعَالِي وَزِيَارَةُ قَبْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ
____________________
(8/43)
قُلْت فَيُعَايَى بها
وقال بن الْجَوْزِيِّ على قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ في قَوْلِهِ { وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } لَا تُهْدِ لِتُعْطَى أَكْثَرَ هذا الْأَدَبُ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً وَأَنَّهُ لَا إثْمَ على أُمَّتِهِ في ذلك
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ خُصَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِوَاجِبَاتٍ وَمَحْظُورَاتٍ وَمُبَاحَاتٍ وَكَرَامَاتٍ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ خُصَّ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
قال بن بَطَّةَ كان خَاصًّا بِهِ وكذا أَجَابَ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ صَلَاتَهُ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ كَصَلَاتِهِ قَائِمًا خَاصٌّ بِهِ
قال وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو كان لِنَبِيٍّ مَالٌ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ
وَقِيلُ للقاضي ( ( ( القاضي ) ) ) الزَّكَاةُ طُهْرَةٌ وَالنَّبِيُّ مُطَهِّرٌ قال بَاطِلٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ ثُمَّ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليهم بِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ وَلَوْ كان لهم مَالٌ لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ
____________________
(8/44)
بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ إلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ والتزويج
وَالْقَبُولُ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت هذا النِّكَاحَ أو هذا التَّزْوِيجَ
وَمِنْ أَلْفَاظِ صِيَغِ الْقَبُولِ تَزَوَّجْتهَا
قال في الْفُرُوعِ أو رَضِيت هذا النِّكَاحَ
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا غَيْرُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ بالكناية ( ( ( بالكتابة ) ) ) أَيْضًا
وَخَرَّجَهُ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ من جَعْلِهِ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا
وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ من قَوْلِ الْخَاطِبِ وَالْوَلِيِّ نعم فإنه لم يَقَعْ من الْمُتَخَاطِبِينَ لَفْظٌ صَرِيحٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ الناس نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كان قال وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ
وقال الشَّرْطُ بين الناس ما عَدُّوهُ شَرْطًا فَالْأَسْمَاءُ تُعْرَفُ حُدُودُهَا تَارَةً بِالشَّرْعِ وَتَارَةً بِاللُّغَةِ وَتَارَةً بِالْعُرْفِ وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ انْتَهَى نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ
وقال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ على الْمُحَرَّرِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت الذي عليه أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ والتزويج قال وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيَاسُ مَذْهَبِهِ وَعَلَيْهِ قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ فإن الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ في غَيْرِ مَوْضِعٍ على أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك وَلَيْسَ في هذا اللَّفْظِ
____________________
(8/45)
إنْكَاحٌ ولا تَزْوِيجٌ ولم يُنْقَلْ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ خَصَّهُ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَأَوَّلُ من قال من أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ والتزويج بن ( ( ( التزويج ) ) ) حَامِدٍ وَتَبِعَهُ على ذلك الْقَاضِي وَمَنْ جاء بَعْدَهُ لِسَبَبِ انْتِشَارِ كُتُبِهِ وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ انْتَهَى
وقال في الْفَائِقِ وقال شَيْخُنَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ بِمَا تَعَارَفَاهُ نِكَاحًا من هِبَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَنَحْوِهِمَا أَخْذًا من قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْتَقْتُك وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك
قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ
ثُمَّ قال قُلْت ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَخْصِيصُ ما ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إلَّا قَوْلَهُ إذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ
ثُمَّ قال وَالْأَظْهَرُ أَنَّ في صِحَّتِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا رِوَايَتَيْنِ أَخْذًا من قَوْلِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ في الْخَصَائِصِ من كِتَابِ النِّكَاحِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ هل النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ من خَصَائِصِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفَائِقِ
وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن رَجُلٍ لم يَقْدِرْ أَنْ يَقُولَ إلَّا قَبِلْت تَجْوِيزَهَا بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ جَوْزَتِي طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ انْتَهَى
قُلْت يكتفي منه بِقَوْلِهِ قَبِلْت على ما يَأْتِي وَيَكُونُ هذا قَوْلُ الْأَصْحَابِ وهو الْمَذْهَبُ
فَائِدَةٌ لو قال الْوَلِيُّ لِلزَّوْجِ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ بِفَتْحِ التَّاءِ هل يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ
تَوَقَّفَ فيها نَاصِحُ الْإِسْلَامِ بن أبي الْفَهْمِ
وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ فَرَّقَ بين الْعَارِفِ بِاللُّغَةِ وَالْجَاهِلِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ
____________________
(8/46)
إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا منهم الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ يُوسُفُ بن الْجَوْزِيِّ وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا
وقال في الرِّعَايَةِ يَصِحُّ جَهْلًا أو عَجْزًا وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ
وقال في الْفُرُوعِ في أَوَائِلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ يُتَوَجَّهُ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ كَمِثْلِ ما لو قال لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا قُلْت لي شيئا ولم أَقُلْ لَك مثله فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا على ما يَأْتِي في أَوَائِلِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ
وَيَأْتِي هُنَاكَ لو قال لها أنت طَالِقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ
وَهَذِهِ حَادِثَةٌ وَقَعَتْ بِحَرَّانَ زَمَنَ بن الصَّيْرَفِيِّ فَسَأَلَ عنها الْعُلَمَاءَ ذَكَرَهَا في النَّوَادِرِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ إذَا وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ سَوَاءٌ وَقَعَ من هَازِلٍ أو مُلْجَأٍ أو غَيْرِهِمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ النِّكَاحِ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الشُّرُوطِ في النِّكَاحِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ على شَرْطٍ
قال بن رَجَبٍ إنَّمَا قال الْأَصْحَابُ ذلك لِيُخْرِجُوا الشُّرُوطَ الْحَاضِرَةَ وَالْمَاضِيَةَ مِثْلَ قَوْلِهِ زَوَّجْتُك هذا الْمَوْلُودَ إنْ كان أُنْثَى أو زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ كانت عِدَّتُهَا قد انْقَضَتْ أو إنْ كُنْت وَلِيَّهَا وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذلك فإنه يَصِحُّ وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فإنه يَصِحُّ
قال بن شَاقِلَا لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَوْجُودٌ إذَا اللَّهُ شَاءَهُ حَيْثُ اسْتَجْمَعْت أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ
وَكَذَلِكَ لو قال زَوَّجْتُك ابْنَتِي إنْ شِئْت فقال قد شِئْت وَقَبِلْت
____________________
(8/47)
فإنه يَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطُ مُوجَبِ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ إذَا صَدَرَ كان الْقَبُولُ إلَى مَشِيئَةِ الْقَابِلِ مُقَارَنَةً لِلْقَبُولِ وَلَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ انْعِقَادَهُ بِغَيْرِهَا
وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وقال هو أَقْيَسُ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَرَ على تَعَلُّمِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ لم يَلْزَمْهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهُمَا وَيَنْعَقِدُ بِلِسَانِهِ بِمَعْنَاهُمَا الْخَاصِّ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ذلك بِالْعَرَبِيَّةِ لَزِمَهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ على قَوْلِ قَبِلْت أو قال الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ
____________________
(8/48)
أَزَوَّجْت قال نعم وَلِلْمُتَزَوِّجِ أَقَبِلْت قال نعم صَحَّ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَرَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِمَا
قال بن عَقِيلٍ وهو الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ لِعَدَمِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ والتزويج
وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ في اقْتِصَارِهِ على قَوْلِ قَبِلْت دُونَ اقْتِصَارِهِ على قَوْلِهِ نعم في الْإِيجَابِ أو الْقَبُولِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَوْجَبَ النِّكَاحَ ثُمَّ جُنَّ قبل الْقَبُولِ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَوْتِهِ نَصَّ عليه
وَلَوْ أَوْجَبَهُ ثُمَّ أغمى عليه قبل الْقَبُولِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَبْطُلُ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قُلْت وَيُتَوَجَّهُ الصِّحَّةُ إذَا قال في الْمَجْلِسِ
الثَّانِيَةُ يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ نَصَّ عليه وَكَذَا بِكِتَابَةٍ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/49)
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لم يذكر الْمَسْأَلَةَ وَأَطْلَقَ في قَوْلِهِمْ لَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ إلَّا بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ مُرَادُهُمْ الْقَادِرُ على النُّطْقِ فَأَمَّا مع الْعَجْزِ الْمُطْلَقِ فَيَصِحُّ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ في حَقِّ الْقَادِرِ على النُّطْقِ فَلَا يَنْعَقِدُ بها النِّكَاحُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَنْعَقِدُ ذَكَرَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَظْهَرُ الْمَنْعُ مع حُضُورِهِ وَالصِّحَّةُ مع غَيْبَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ لم يَصِحَّ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُحَرَّرِ وقال رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ رِوَايَةً بِالصِّحَّةِ منهم صَاحِبُ الْفَائِقِ إذَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الْمَاضِي أو الْأَمْرِ قال النَّاظِمُ % وَإِنْ يَتَقَدَّمْ لم نُصَحِّحْهُ بَتَّةً % % وَلَوْ صَحَّحُوا تَقْدِيمَهُ لم أُبْعِدْ %
وقال في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ لو قال زَوِّجْنِي فقال زَوَّجْتُك أو قال له الْوَلِيُّ تَزَوَّجْت فقال تَزَوَّجْت صَحَّ
وقال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ إذَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَاخَى عنه صَحَّ ما دَامَا في الْمَجْلِسِ ولم يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ يَعْنِي في الْعُرْفِ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْإِيجَابُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/50)
وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ مع غَيْبَةِ الزَّوْجِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخَذْت هذه الرِّوَايَةَ من قَوْلِهِ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ في رَجُلٍ مَشَى إلَيْهِ قَوْمٌ فَقَالُوا زَوِّجْ فُلَانًا فقال قد زَوَّجْته على أَلْفٍ فَرَجَعُوا إلَى الزَّوْجِ فَأَخْبَرُوهُ فقال قد قَبِلْت هل يَكُونُ هذا نِكَاحًا قال نعم فَأَشْكَلَ هذا النَّصُّ على الْأَصْحَابِ
فقال الْقَاضِي هذا حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ عن مَجْلِسِ الْعَقْدِ
قال وهو مَحْمُولٌ على أَنَّهُ قد كان وَكَّلَ من قِبَلِ الْعَقْدِ عنه ثُمَّ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَأَمْضَاهُ
وَرَدَّهُ بن عَقِيلٍ وقال رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ تعطى أَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ صَحِيحٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قد أَحْسَنَ بن عَقِيلٍ وهو طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ فإن هذا ليس تَرَاخِيًا لِلْقَبُولِ وَإِنَّمَا هو تَرَاخٍ لِلْإِجَازَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ
لو خَطَبَ امْرَأَةً فَأَوْجَبَ له النِّكَاحَ في غَيْرِهَا فَقَبِلَ يَظُنُّهَا مَخْطُوبَتَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ فإذا قال زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ لم يَصِحَّ حتى يُشِيرَ إلَيْهَا أو يُسَمِّيَهَا أو يَصِفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ وَإِنْ لم يَكُنْ له إلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ صَحَّ
بِلَا نِزَاعٍ في ذلك في الْجُمْلَةِ لَكِنْ لو عَيَّنَا في الْبَاطِنِ وَاحِدَةً وَعَقَدَا عليها الْعَقْدَ بِاسْمٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزٍ نحو أَنْ يَقُولَ بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ أو يُسَمِّيهَا بِاسْمٍ وَيَنْوِيهَا في الْبَاطِنِ غير مُسَمَّاةٍ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ اخْتَارَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ الصِّحَّةَ
وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ الْبُطْلَانَ
وَمَأْخَذُهُ أَنَّ النِّكَاحَ يُشْتَرَطُ له الشَّهَادَةُ وَيَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ على النِّيَّةِ
____________________
(8/51)
وَعَنْ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ إنْ كانت الْمُسَمَّاةُ غَلَطًا لم يَحِلَّ نِكَاحُهَا لِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أو غير ذلك صَحَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا
ذَكَرَ ذلك في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ الثَّانِي رِضَا الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ لم يَرْضَيَا أو أَحَدُهُمَا لم يَصِحَّ إلَّا الْأَبُ له تَزْوِيجُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَبَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ
اعْلَمْ أَنَّ في تَزْوِيجِ الْأَبِ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ عَشْرَ مَسَائِلَ
إحْدَاهَا أَوْلَادُهُ الذُّكُورُ الْعُقَلَاءُ الَّذِينَ هُمْ دُونَ الْبُلُوغِ وَالْكِبَارُ الْمَجَانِينُ فَلَهُ تَزْوِيجُهُمْ سَوَاءٌ أَذِنُوا أو لَا وَسَوَاءٌ رَضُوا أَمْ لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أو بِزِيَادَةٍ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في إجْبَارِ مُرَاهِقٍ عَاقِلٍ نَظَرٌ
قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ إجْبَارِهِ
وَقِيلَ له تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَحَمَلَهُ بن عَقِيلٍ على الْمُرَاهِقِ وَالْأَكْثَرُ على الْحَاجَةِ مُطْلَقًا على ما يَأْتِي قَرِيبًا
وقال في الِانْتِصَارِ يُحْتَمَلُ في بن تِسْعٍ يُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ كان أَبُوهُ أو ولى غَيْرِهِ
وقال صَاحِبُ الْفُرُوعِ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَأُنْثَى أو كَعَبْدٍ
وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَثَيِّبٍ وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَلَا مَصْلَحَةَ له وَإِذْنُهُ ضَيِّقٌ لَا يَكْفِي صَمْتُهُ
وَقِيلَ لَا يُزَوِّجُ لَهُمَا بِأَكْثَرَ من مَهْرِ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الصَّدَاقِ
وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ الْمَجْنُونُ الْبَالِغُ بِحَالٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
____________________
(8/52)
وَقِيلَ يُجْبِرُهُ مع الشَّهْوَةِ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قُلْت تَقْدِيمُ الْحَاكِمِ على الْأَبِ قَوْلٌ سَاقِطٌ
وَيَأْتِي هل لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ الْإِجْبَارُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَصِيُّهُ في النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ فَوَائِدُ
منها ما قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إنَّ تَزْوِيجَ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ ليس بِإِجْبَارٍ إنَّمَا الْإِجْبَارُ في حَقِّ من له إذْنٌ وَاخْتِيَارٌ انْتَهَى
وَمِنْهَا لو كان يُخْنَقُ في الْأَحْيَانِ لم يَجُزْ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ
وَمِنْهَا ليس لِلِابْنِ الصَّغِيرِ إذَا زَوَّجَهُ الْأَبُ خِيَارٌ إذَا بَلَغَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ له الْخِيَارَ
وَمِنْهَا لِلْأَبِ قَبُولُ النِّكَاحِ لِلْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَى الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ وَطَلَاقُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَيَصِحُّ قَبُولُ الْمُمَيِّزِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ نَصَّ عليه
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ كان الْغُلَامُ بن عَشْرٍ وهو مُمَيِّزٌ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَفْوِيضِ الْقَبُولِ إلَيْهِ
وَمِنْهَا حَيْثُ قُلْنَا يُزَوَّجُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ فَيَكُونُ بِوَاحِدَةٍ وفي أَرْبَعٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الْإِطْلَاقُ
قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجْهُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ
____________________
(8/53)
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ له تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِأَرْبَعٍ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وهو أَظْهَرُ
وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال إذَا رَأَى فيه مَصْلَحَةً
وهو مُرَادُ من أَطْلَقَ وَيَأْتِي حُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ في تَزْوِيجِهِمْ لَهُمَا
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَوْلَادُهُ الذُّكُورُ العاقلين ( ( ( العاقلون ) ) ) البالغين ( ( ( البالغون ) ) ) ليس له تَزْوِيجُهُمْ
يَعْنِي بِغَيْرِ إذْنِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا فَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في هذا الْبَابِ
قُلْت الْأَوْلَى الْإِجْبَارُ إنْ كان أَصْلَحَ له
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في بَابِ الْحَجْرِ بِأَتَمَّ من هذا فَلْيُرَاجَعْ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ابْنَتُهُ الْبِكْرُ التي لها دُونَ تِسْعِ سِنِينَ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَرِضَاهَا بِلَا نِزَاعٍ وَحَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْبِكْرُ التي لها تِسْعُ سِنِينَ فَأَزْيَدُ إلَى ما قبل الْبُلُوغِ له تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا هذا الْمَشْهُورُ
وَقَدَّمَهُ أَيْضًا في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ إلَّا بِإِذْنِهَا
قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ هو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَظْهَرُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/54)
وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَدَمَ إجْبَارِ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ بِكْرًا كانت أو ثَيِّبًا
قال في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَلَا يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا غَيْرُهُ إلَّا بِإِذْنِهَا
قال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ من الْأَصْحَابِ وهو الْأَقْوَى
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ له إجْبَارُهَا أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَيْثُ قال وَبَنَاتُهُ الْأَبْكَارُ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَالشَّرِيفُ وبن الْبَنَّا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ
قال في الْإِفْصَاحِ هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
وقال وَتُجْبَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ بِكْرٌ بَالِغَةٌ
وَعَنْهُ لَا يُجْبِرُهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْفَائِقِ وهو الْأَصَحُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَظْهَرُ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ إذْنُهَا وَكَذَا إذْنُ أُمِّهَا قَالَهُ في النَّظْمِ غيره ( ( ( وغيره ) ) )
السَّادِسَةُ الْبِكْرُ الْمَجْنُونَةُ له إجْبَارُهَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ له إجْبَارُهَا إنْ كان يَمْلِكُ إجْبَارَهَا وَهِيَ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَلَا وهو ظَاهِرُ الْخِلَافِ لِأَبِي بَكْرٍ
____________________
(8/55)
فَائِدَةٌ لو كان وَلِيُّهَا الْحَاكِمَ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا في وَجْهٍ إذَا اشْتَهَتْهُ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وقال وَإِنْ كان وَلِيُّهَا غير الْحَاكِمِ وَالْأَبِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ
وَقِيلَ بَلْ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقد قال الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ إذَا ظَهَرَ منها الْمَيْلُ إلَى الرِّجَالِ
السَّابِعَةُ الثَّيِّبُ الْمَجْنُونَةُ الْكَبِيرَةُ له إجْبَارُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ له إجْبَارُهَا في الْأَصَحِّ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ
وَقِيلَ لَا تُجْبَرُ أَلْبَتَّةَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
الثَّامِنَةُ الثَّيِّبُ الْعَاقِلَةُ التي لها دُونَ تِسْعِ سِنِينَ له إجْبَارُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الِانْتِصَارِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس له إجْبَارُهَا
قُلْت فَعَلَى هذا لَا تُزَوَّجُ أَلْبَتَّةَ حتى تَبْلُغَ تِسْعَ سِنِينَ فَيَثْبُتُ لها إذْنُ مُعْتَبَرَةٍ
التَّاسِعَةُ الثَّيِّبُ الْعَاقِلَةُ التي لها تِسْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرَ ولم تَبْلُغْ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ إجْبَارِهَا وَجْهَيْنِ وَهُمَا كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَالْمَجْدِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
أَحَدُهُمَا ليس له إجْبَارُهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(8/56)
منهم بن بَطَّةَ وَصَاحِبُهُ أبو جَعْفَرِ بن الْمُسْلِمِ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ له إجْبَارُهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ
الْعَاشِرَةُ الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ ليس له إجْبَارُهَا بِلَا نِزَاعٍ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في قَوْلِهِ فَإِنْ لم يَرْضَيَا أو أَحَدُهُمَا لم يَصِحَّ إلَّا الْأَبُ له تَزْوِيجُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ وَبَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ أَنَّ الْجَدَّ ليس له الْإِجْبَارُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةَ أَنَّ الْجَدَّ يُجْبِرُ كَالْأَبِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لِلصَّغِيرَةِ بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ إذْنُ صَحِيحَةٍ مُعْتَبَرَةٍ حَيْثُ قُلْنَا لَا تُجْبَرُ أو تُجْبَرُ لِأَجْلِ اسْتِحْبَابِ إذْنِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ وبن مَنْصُورٍ وأبو طَالِبٍ وأبو الْحَارِثِ وبن هَانِئٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ وَمُجَرَّدِهِ وبن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ وَتَذْكِرَتِهِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن الْبَنَّا وَنَصَبَهُمَا الشِّيرَازِيُّ لِلْخِلَافِ
____________________
(8/57)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الذي ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي ولم يَذْكُرُوا فيه خِلَافًا
وَكَذَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْقَاضِي انْتَهَى
وَاخْتَارَهُ بن شِهَابٍ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وبن بَكْرُوسٍ وبن الْجَوْزِيِّ في التَّحْقِيقِ
نَقَلَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ عن جَدِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ
قال في التَّسْهِيلِ وَإِذْنُ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ مُعْتَبَرٌ في الْأَظْهَرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ لَا إذْنَ لها وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهَا قَبْلَهُ مع أَنَّهُ لم يَذْكُرْهَا في رؤوس الْمَسَائِلِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِإِجْبَارِ الْمَرْأَةِ وَلَهَا إذْنٌ أُخِذَ بِتَعَيُّنِهَا كُفُؤًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا يُعْدَلُ عنه
نَقَلَ أبو طَالِبٍ إنْ أَرَادَتْ الْجَارِيَةُ رَجُلًا وَأَرَادَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ اتَّبَعَ هَوَاهَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنْ كانت رَشِيدَةً غير مُجْبَرَةٍ
____________________
(8/58)
وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ الْوَلِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ ما يُشَابِهُ ذلك في أَوَاخِرِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالتَّعْوِيلُ في الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ عليها إنْ لم تَكُنْ مُجْبَرَةً
قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ له تَزْوِيجُ إمَائِهِ الْأَبْكَارِ وَالثَّيِّبِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ
وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا تُجْبَرُ الْأَمَةُ الْكَبِيرَةُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظَاهِرُ هذا أَنَّهُ لَا تُجْبَرُ الْأَمَةُ الْكَبِيرَةُ بِنَاءً على أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ ليس بِمَالٍ
لَكِنْ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ هُنَا غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ فإنه ليس له إجْبَارُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي مُخْتَصَرِ بن رَزِينٍ وَجْهٌ له إجْبَارُهَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كان نِصْفُ الْأَمَةِ حُرًّا وَنِصْفُهَا رَقِيقًا لم يَمْلِكْ مَالِكُ الرِّقِّ إجْبَارَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إجْبَارَهَا وَتَبِعَهُ بن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ
وهو ضَعِيفٌ جِدًّا قال بَعْضُهُمْ وهو وَهْمٌ
الثَّانِيَةُ لو كان بَعْضُهَا مُعْتَقًا اُعْتُبِرَ إذْنُهَا وَإِذْنُ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ كما لو كانت لِاثْنَيْنِ وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوَّجْتُكهَا وَلَا يقول زَوَّجْتُك بَعْضَهَا
قَالَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وبن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَالْفَخْرُ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ والتجزيئ ( ( ( والتجزؤ ) ) ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ
____________________
(8/59)
قَوْلُهُ وَعَبِيدُهُ الصِّغَارُ يَعْنِي له تَزْوِيجُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ إجْبَارَهُمْ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
وَحَكَاهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ رِوَايَةً وهو في الِانْتِصَارِ وَجْهٌ
وَالْحُكْمُ في الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ الْكَبِيرِ كَذَلِكَ
قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ
يَعْنِي الْعَاقِلَ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَمْلِكُهُ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تزويج ( ( ( تزويجهم ) ) ) كَبِيرَةً إلَّا بِإِذْنِهَا إلَّا الْمَجْنُونَةَ لهم تَزْوِيجُهَا إذَا ظَهَرَ منها الْمَيْلُ إلَى الرِّجَالِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ ليس لهم ذلك مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وقال الْقَاضِي لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجْهًا يُجْبِرُهَا الْحَاكِمُ
وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ في الرِّعَايَةِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو لم يَكُنْ لها وَلِيٌّ إلَّا الْحَاكِمَ زَوَّجَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ
قال في الْفُرُوعِ يُجْبِرُ حَاكِمٌ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ ليس له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
____________________
(8/60)
وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ تَزْوِيجَهَا إنْ قال أَهْلُ الطِّبِّ إنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا لِأَنَّ ذلك من أَعْظَمِ مَصَالِحِهَا
الثَّانِيَةُ تُعْرَفُ شَهْوَتُهَا من كَلَامِهَا وَمِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالِهَا كَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ وَأَشْبَاهِ ذلك
الثَّالِثَةُ إنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ وَالْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ الْبَالِغُ إلَى النِّكَاحِ زَوَّجَهُمَا الْحَاكِمُ بَعْدَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فِيهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في الْمَجْنُونِ
وَظَاهِرُ الْإِيضَاحِ لَا يُزَوِّجُهُمَا أَيْضًا وَإِنْ لم يَحْتَاجَا إلَيْهِ فَلَيْسَ له تَزْوِيجُهُمَا على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال في الرِّعَايَةِ عن الْمَجْنُونِ وهو الْأَظْهَرُ
وَقِيلَ يُزَوِّجُهُمَا الْحَاكِمُ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ في الْمَجْنُونِ تنبيهان ( ( ( تنبيهات ) ) )
أَحَدُهُمَا أَلْحَقَ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ جَمِيعَ الْأَوْلِيَاءِ غير الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِالْحَاكِمِ في جَوَازِ تَزْوِيجِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْخِلَافُ مع عَدَمِهَا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه الْأَحْكَامَ مَخْصُوصَةٌ بِالْحَاكِمِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَزْوِيجُهُ إذَا قال أَهْلُ الطِّبِّ إنَّ في ذلك ذَهَابَ عِلَّتِهِ لِأَنَّهُ من أَعْظَمِ مَصَالِحِهِ
الثَّانِي الْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْحَاجَةِ سَوَاءٌ كانت الْحَاجَةُ لِلنِّكَاحِ أو غَيْرِهِ
وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ الْحَاجَةَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
____________________
(8/61)
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ الْحَاجَةُ هُنَا هِيَ الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لهم تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَالَهُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ لهم ذلك وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ وَلَوْ كان قبل تِسْعِ سِنِينَ
فَعَلَيْهَا يُفِيدُ الْحِلَّ وَالْإِرْثَ وَبَقِيَّةَ أَحْكَامِ النِّكَاحِ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْفُصُولِ لَا يُفِيدُ الْإِرْثَ
وقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى لَا يُفِيدُهُمَا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا
وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لهم تَزْوِيجُ ابْنَةِ تِسْعِ سِنِينَ بِإِذْنِهَا
اعْلَمْ أَنَّ هذه الرِّوَايَةَ مُفَرَّعَةٌ على ما تَقَدَّمَ من كَوْنِ ابْنَةِ تِسْعٍ هل لها إذْنُ مُعْتَبَرَةٍ أَمْ لَا
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الذي عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ لها إذْنَ مُعْتَبَرَةٍ فَتَكُونُ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ وهو كَذَلِكَ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ
____________________
(8/62)
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلِغَيْرِهِمَا تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ هذا هو الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ
وقد بنى في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ هذا الْخِلَافُ هُنَا على الْخِلَافِ في ابْنَةِ تِسْعٍ هل لها إذْنُ مُعْتَبَرَةٍ أَمْ لَا كما تَقَدَّمَ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ عَدَمُ البناء ( ( ( البقاء ) ) ) حَيْثُ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ هُنَاكَ وَقَدَّمُوا هُنَا عَدَمَ تَزْوِيجِهِمْ مُطْلَقًا
تَنْبِيهٌ قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لهم تَزْوِيجُهَا كَالْحَاكِمِ
فَظَاهِرُ هذا أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ وَإِنْ مَنَعْنَا غَيْرَهُ من الْأَوْلِيَاءِ بِلَا خِلَافٍ
وَلَا أَعْلَمُ له على ذلك مُوَافِقًا بَلْ صَرَّحَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ ذلك وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمَعَ ذلك له وَجْهٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَصَالِحِ من غَيْرِهِ من الْأَوْلِيَاءِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى مُوَافِقٍ وَلَعَلَّهُ كَالْأَبِ فَسَبَقَ الْقَلَمُ
وَكَذَا قال شَيْخُنَا نَصْرُ اللَّهِ في حَوَاشِيهِمَا
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
تَنْبِيهٌ آخَرُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ في الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ الْبُلُوغَ الْمُعْتَادَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ
وَقِيلَ إنَّهُ بُلُوغُ تِسْعِ سِنِينَ قَطَعَ بِهِ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ
____________________
(8/63)
قَوْلُهُ وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وَإِذْنُ الْبِكْرِ الصُّمَاتُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَلَكِنْ نُطْقُهَا أَبْلَغُ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ النُّطْقُ في غَيْرِ الْأَبِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في مَسْأَلَةِ إجْبَارِ الْبَالِغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يُعْتَبَرُ في الِاسْتِئْذَانِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ على وَجْهٍ تَقَعُ الْمَعْرِفَةُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ على الصَّحِيحِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ
الثَّانِيَةُ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ على إذْنِهَا
وَكَذَا قال بن الْمُنَى في تَعْلِيقِهِ لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ على رِضَى الْمَرْأَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وفي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ شَاذٌّ يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ على إذْنِهَا انْتَهَى
وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِذْنَ فَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ صُدِّقَتْ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا عن الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ وَاقْتُصِرَ عليه
قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بين الثُّيُوبَةِ بِوَطْءٍ مُبَاحٍ أو مُحَرَّمٍ
أَمَّا الْوَطْءُ الْمُبَاحُ فَلَا خِلَافَ في أنها ثَيِّبٌ بِهِ
وَأَمَّا الْوَطْءُ بالزنى وَذَهَابِ الْبَكَارَةِ بِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْوَطْءِ الْمُبَاحِ في اعْتِبَارِ الْكَلَامِ في إذْنِهَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
قُلْت بَلْ أَوْلَى إنْ كانت مُطَاوِعَةً
____________________
(8/64)
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِزِنًا
وَقِيلَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ
قُلْت لَعَلَّ صَاحِبَ هذا الْقَوْلِ أَرَادَ إذَا كانت مُكْرَهَةً وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ له
قَوْلُهُ فَأَمَّا زَوَالُ الْبَكَارَةِ بِإِصْبَعٍ أو وَثْبَةٍ فَلَا تُغَيِّرُ صِفَةَ الْإِذْنِ
وَكَذَا الْوَطْءُ في الدُّبُرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ تُغَيِّرُ صِفَةَ الْإِذْنِ فَيُعْتَبَرُ النُّطْقُ في الْكُلِّ
قُلْت لو قِيلَ بِالْفَرْقِ بين من ذَهَبَتْ بَكَارَتُهَا بِإِصْبَعٍ أو وَثْبَةٍ وَبَيْنَ من وُطِئَتْ في دُبُرِهَا مُطَاوِعَةً فيكفى الصَّمْتُ في الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لَكَانَ له وَجْهٌ قَوِيٌّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ حَكَمْنَا بِالثُّيُوبَةِ لو عَادَتْ الْبَكَارَةُ لم يُزَلْ حُكْمُ الثُّيُوبَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْحَاكِمِ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ من الثُّيُوبَةِ حَاصِلٌ لها وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ مَحَلُّ وِفَاقٍ
الثَّانِيَةُ لو ضَحِكَتْ الْبِكْرُ أو بَكَتْ كان كَسُكُوتِهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت فَإِنْ بَكَتْ كَارِهَةً فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ فإن الْبُكَاءَ تَارَةً يَكُونُ من شِدَّةِ الْفَرَحِ وَتَارَةً يَكُونُ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ وَعَدَمِ الرِّضَى بِالْوَاقِعِ
فَإِنْ اشْتَبَهَ في ذلك نَظَرْنَا إلَى دَمْعِهَا فَإِنْ كان من السُّرُورِ كان بَارِدًا وَإِنْ كان من الْحُزْنِ كان حَارًّا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ عن بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ في تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى في مَرْيَمَ { وَقَرِّي عَيْنًا }
فَإِنْ قِيلَ كان يُمْكِنُهَا النُّطْقُ إذَا كَرِهَتْ
____________________
(8/65)
قُلْنَا وكان يُمْكِنُهَا النُّطْقُ بِالْإِذْنِ إذَا رَضِيَتْ وَلَكِنَّهَا لَمَّا كانت مَطْبُوعَةً على الْحَيَاءِ في النُّطْقِ عَمَّ الرِّضَى وَالْكَرَاهَةَ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ الْوَلِيُّ فَلَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ
هذا الْمَذْهَبُ أعنى الْوَلِيُّ شَرْطٌ في صِحَّةِ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَخْتَلِفُ الْأَصْحَابُ في ذلك
وَعَنْهُ ليس الْوَلِيُّ بِشَرْطٍ مُطْلَقًا
وَخَصَّهَا الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ بِالْعُذْرِ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا أو غَيْرَهَا لم يَصِحَّ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَجُوزُ لها تَزْوِيجُ نَفْسِهَا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ أَنَّ لها أَنْ تَأْمُرَ رَجُلًا يُزَوِّجُهَا
وَعَنْهُ لها تَزْوِيجُ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لم يُثْبِتْهَا الْقَاضِي وَمَنَعَهَا
وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ لَفْظَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك ثُمَّ قال وفي أَخْذِ رِوَايَةٍ من هذا نَظَرٌ لَكِنْ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ على إثْبَاتِهَا
قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ منه صِحَّةُ تَزْوِيجِ نَفْسِهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا وَتَزْوِيجِ غَيْرِهَا بِالْوَكَالَةِ
يَعْنِي على رِوَايَةِ أَنَّ لها تَزْوِيجَ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا
وَخَرَّجَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمَجْدِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا التَّخْرِيجُ غَلَطٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ عن هذا التَّخْرِيجِ ليس بِشَيْءٍ
وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ على رِوَايَةِ تَزْوِيجِ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا بين تَزْوِيجِ
____________________
(8/66)
أَمَتِهَا وَتَزْوِيجِ نَفْسِهَا وَغَيْرِهَا بِأَنَّ التَّزْوِيجَ على الْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ بِدَلِيلِ تَزْوِيجِ الْفَاسِقِ مَمْلُوكَتَهُ
تَنْبِيهٌ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُزَوِّجُ أَمَتَهَا بِإِذْنِهَا من يُزَوِّجُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُزَوِّجُهَا أَيْ رَجُلٌ أَذِنَتْ له هذا إذَا كانت رَشِيدَةً
فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عليها فَيُزَوِّجُ أَمَتَهَا وَلِيُّهَا في مَالِهَا خَاصَّةً قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعُوا بِهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا فَلَا بُدَّ من نُطْقِهَا بِالْإِذْنِ ثَيِّبًا كانت أو بِكْرًا
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو زَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَهُوَ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ وَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا فيه الْخِلَافُ الذي في تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الْبُطْلَانُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِبُطْلَانِهِ
وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على التَّفْرِيقِ بين الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وهو الْمَذْهَبُ لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ فيه وَعَلَيْهِ فِرَاقُهَا فَإِنْ أَبَى فَسَخَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ وطىء فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(8/67)
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ وحكى عن بن حَامِدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ
فَائِدَةٌ لو حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ لم يُنْقَضْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ يُنْقَضُ خَرَّجَهُ الْقَاضِي
وهو قَوْلُ الاصطخري من الشَّافِعِيَّةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ فقال وَهَلْ يَثْبُتُ بِنَصٍّ فَيُنْتَقَضُ حُكْمُ من حَكَمَ بِصِحَّتِهِ فيه وَجْهَانِ وفي الْوَسِيلَةِ رِوَايَتَانِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَعَنْهُ لها تَزْوِيجُ أَمَتِهَا وَمُعْتَقَتِهَا أَنَّ الْمُعْتَقَةَ كَالْأَمَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَصَحُّ وَاخْتَارَهُ بن أبي الْحَجَرِ من أَصْحَابِنَا وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَعَنْهُ لَا تَلِي نِكَاحَ الْمُعْتَقَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْأَوْلَى إنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ زَوَّجَتْهَا فَلَوْ عَضَلَتْ زَوَّجَ وَلِيُّهَا
لَكِنْ في إذْنِ السُّلْطَانِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ إذْنِهِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُزَوِّجُهَا بِدُونِ إذْنِهَا أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا ثُمَّ السُّلْطَانُ وَيُجْبِرُهَا من يُجْبِرُ سَيِّدَتَهَا
قُلْت الْأَوْلَى على هذه الرِّوَايَةِ أَنْ لَا تُجْبَرَ الْمُعْتَقَةُ الْكَبِيرَةُ
وقال في التَّرْغِيبِ الْمُعْتَقَةُ في الْمَرَضِ هل يُزَوِّجُهَا قَرِيبُهَا فيه وَجْهَانِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يَمْلِكُ إجْبَارَهَا من يَمْلِكُ إجبار ( ( ( إحبار ) ) ) سَيِّدَتِهَا التي أَعْتَقَتْهَا
قال وهو بَعِيدٌ وهو كما قال في الْكَبِيرَةِ
____________________
(8/68)
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ ليس له وِلَايَةُ إجْبَارٍ في تَزْوِيجِ الْمُعْتَقَةِ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ وَأَحَقُّ الناس بِنِكَاحِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ أَبُوهَا ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ وَابْنُهُ على الْأَبِ وَالْجَدِّ
ذَكَرَهُ بن الْمُنَى في تَعْلِيقِهِ وَأَخَذَهُ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ من قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ الْعَصَبَةُ فيه من أَحْرَزَ الْمَالَ
وَخَرَّجَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من رِوَايَةِ تَقْدِيمِ الْأَخِ على الْجَدِّ لِاشْتِرَاكِهِمَا في الْمَعْنَى
وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ على الْجَدِّ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ
قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ عليها تَقْدِيمُ الْأَخِ على الْجَدِّ
وَعَنْهُ سَوَاءٌ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ رِوَايَةً ثَالِثَةً بِتَقْدِيمِ الْجَدِّ على الْأَخِ على هذه الرِّوَايَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا بِتَسَاوِي الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وبن الِابْنِ
وَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ من رِوَايَةِ اسْتِوَاءِ الْأَخِ وَالْجَدِّ
قَوْلُهُ ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا ثُمَّ لِأَبِيهَا
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/69)
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْخِرَقِيُّ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ في أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ من الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ وَالْأَعْمَامِ من الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ وَأَوْلَادِهِمْ وَهَلُمَّ جَرًّا
الثَّانِيَةُ لو كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْأَخِ من الْأَبَوَيْنِ وَالْأَخِ من الْأَبِ على ما تَقَدَّمَ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُمَا سَوَاءٌ وَلَا مَزِيَّةَ للأخوة من الْأُمِّ لِانْفِرَادِهَا بِالْإِرْثِ
وزاد قَوْلُ الْقَاضِي وهو كما قَالَا
قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ أبو الْمُعْتِقَةِ على ابْنِهَا في تَزْوِيجِ أَمَتِهَا وَعَتِيقَتِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قَوْلُهُ ثُمَّ السُّلْطَانُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ من أَسْلَمَتْ على يَدِ إنْسَانٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِتَزْوِيجِهَا من السُّلْطَانِ
____________________
(8/70)
فَوَائِدُ
منها السُّلْطَانُ هُنَا هو الْإِمَامُ أو الْحَاكِمُ أو من فُوِّضَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وإذا اسْتَوْلَى أَهْلُ الْبَغْيِ على بَلَدٍ جَرَى حُكْمُ سُلْطَانِهِمْ وَقَاضِيهِمْ في ذلك مَجْرَى الْإِمَامِ وَقَاضِيهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَمِنْهَا قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ وَالِي الْبَلَدِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ يُزَوِّجُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَاضِي
لَكِنْ الْقَاضِي أبو يَعْلَى حَمَلَ هذه الرِّوَايَةَ على أَنَّهُ إذَا أُذِنَ له في التَّزْوِيجِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَمَلَهَا على ظَاهِرِهَا
وَمِنْهَا قال الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا إذَا لم يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ وَلِيٌّ فَعَنْهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا بُدَّ من الْوَلِيِّ مُطْلَقًا
حتى قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ في سَفَرٍ ليس مَعَهُمَا وَلِيٌّ وَلَا شُهُودٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بها وَإِنْ خَافَ الزنى بها
قُلْت وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ مع خَوْفِ الزنى
وَعَنْهُ وَالِي الْبَلَدِ أو كَبِيرُهُ يُزَوِّجُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
قال في الْفُرُوعِ وَالصَّحِيحُ ما نُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ يُزَوِّجُهَا ذُو السُّلْطَانِ في ذلك الْمَكَانِ كَالْعَضِلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَكَّلَتْ
وَعَنْهُ ثُمَّ عَدْلٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَأَمَّا الْأَمَةُ فَوَلِيُّهَا سَيِّدُهَا
هذا بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ كان فَاسِقًا أو مُكَاتَبًا
____________________
(8/71)
وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُجْبِرَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُكَاتَبَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت لِامْرَأَةٍ فَوَلِيُّهَا وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا
هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا عِبَارَةَ لها في النِّكَاحِ
وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ في الْوَلِيِّ الْحُرِّيَّةُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَالِحٍ وَإِسْحَاقَ بن هَانِئٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الِانْتِصَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلِيَ على ابْنَتِهِ ثُمَّ جَوَّزَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
وَذَكَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ احْتِمَالًا بِالصِّحَّةِ
وقال في الرَّوْضَةِ هل لِلْعَبْدِ وِلَايَةٌ على قَرَابَتِهِ فيه رِوَايَتَانِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَكُونُ وَلِيًّا
قَوْلُهُ وَالذُّكُورِيَّةُ
وهو أَيْضًا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْفَصْلِ هل لها تَزْوِيجُ نَفْسِهَا أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَاتِّفَاقُ الدِّينِ
يَأْتِي بَيَانُ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ بِحَالٍ وَعَكْسُهُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَعَدَالَتُهُ على رِوَايَتَيْنِ
أَمَّا اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي
____________________
(8/72)
إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَالْأَثْرَمِ وعلى بن سَعِيدٍ وَحَرْبٍ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْمُذْهَبِ يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ نَقْلًا وَاخْتِيَارًا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْكَافِي وهو أَوْلَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ
فَعَلَيْهَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ بن عَشْرٍ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا بَلَغَ عَشْرًا زَوَّجَ وَتَزَوَّجَ قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَعَنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيها رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُذْهَبِ يُشْتَرَطُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ بن أبي مُوسَى وَالْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/73)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الْفَاسِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الطِّفْلَ وَالْعَبْدَ وَالْكَافِرَ ولم يذكر الْفَاسِقَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَحَمَلَ صَاحِبُ التَّصْحِيحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ في اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ في غَيْرِ السُّلْطَانِ
أَمَّا السُّلْطَانُ فَلَا يُشْتَرَطُ في تَزْوِيجِهِ الْعَدَالَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَجْرَى أبو الْخَطَّابِ الْخِلَافَ فيه أَيْضًا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا اُشْتُرِطَ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ الرُّشْدُ في الْوَلِيِّ
وَاشْتُرِطَ في الْوَاضِحِ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْمَصَالِحِ لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرُّشْدُ هُنَا هو الْمَعْرِفَةُ بِالْكُفْءِ وَمَصَالِحِ النِّكَاحِ ليس هو حِفْظَ الْمَالِ فإن رُشْدَ كل مَقَامٍ بِحَسْبِهِ
وَاشْتَرَطَ في الرِّعَايَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُفَرِّطًا فيها وَلَا مُقَصِّرًا وَمَعْنَاهُ في الْفُصُولِ فإنه جَعَلَ الْعَضْلَ مَانِعًا وَإِنْ لم يَفْسُقْ لِعَدَمِ الشَّفَقَةِ وَشَرْطُ الْوَلِيِّ الْإِشْفَاقُ
____________________
(8/74)
الثَّانِيَةُ لَا تَزُولُ الْوِلَايَةُ بِالْإِغْمَاءِ وَالْعَمَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الْعَمَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ تَزُولُ بِذَلِكَ
وَلَا تَزُولُ بِالسَّفَهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
وَإِنْ جُنَّ أَحْيَانًا أو أغمى عليه أو نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أو أَحْرَمَ انْتَظَرَ زَوَالَ ذلك نَقَلَهُ بن الْحَكَمِ في الْمَجْنُونِ
وَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُمْ بِطَرَيَانِ ذلك
وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ وَكِيلٌ ثُمَّ حَلَّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ أغمى عليه ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أو جُنَّ مُتَفَرِّقًا أو نَقَصَ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ أو غَيْرِهِ أو أَحْرَمَ فَهَلْ الْأَبْعَدُ أَوْلَى أو الْحَاكِمُ أو هو فَيُنْتَظَرُ فَيَبْقَى وَكِيلُهُ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا وَكَذَا يَخْرُجُ لو تَوَكَّلَ الْمُحِلُّ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ حَلَّ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
فَائِدَةٌ الْعَضْلُ مَنْعُ الْمَرْأَةِ التَّزَوُّجَ بكفؤها ( ( ( بكفئها ) ) ) إذَا طَلَبَتْ ذلك وَرَغِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا في صَاحِبِهِ سَوَاءٌ طَلَبَتْ ذلك بِمَهْرِ مِثْلِهَا أو دُونَهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ إذَا اخْتَارَتْ كُفُؤًا وَاخْتَارَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الذي اخْتَارَتْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ من تَزْوِيجِهِ كان عَاضِلًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ إمَائِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من صُوَرِ الْعَضْلِ إذَا امْتَنَعَ الْخُطَّابُ من خِطْبَتِهَا لِشِدَّةِ الْوَلِيِّ
____________________
(8/75)
قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً زَوَّجَ الْأَبْعَدُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَخَرَّجَهَا أبو الْخَطَّابِ من عَضْلِ الْوَلِيِّ وَتَابَعَهُ في الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كانت الْمَرْأَةُ حُرَّةً
فَأَمَّا إنْ كانت أَمَةً فإن الْحَاكِمَ هو الذي يُزَوِّجُهَا
قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ حَيْثُ قال زَوَّجَهَا من هو أَبْعَدُ منه من عَصَبَتِهَا
قَوْلُهُ وَهِيَ ما لَا يُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْخِرَقِيُّ ما لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ أو يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عنه كَمَنْ هو في أَقْصَى الْهِنْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّامِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا يُحْتَمَلُ لِبُعْدِهِ وهو الظَّاهِرُ
وَيُحْتَمَلُ وَإِنْ كان قَرِيبًا فَيَكُونُ في مَعْنَى الْعَاضِلِ
وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ أَوْمَأَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى هذا في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ انْتَهَى
وقال الْقَاضِي ما لَا تَقْطَعُهُ الْقَافِلَةُ في السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَسَفَرِ الْحِجَازِ
وَتَبِعَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَجَزَمَ بِهِ بن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ
وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان الْأَبُ بَعِيدَ السَّفَرِ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ
____________________
(8/76)
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَدَّهَا أبو الْخَطَّابِ بِمَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ بَعِيدًا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ إذَا كان الْأَبُ بَعِيدَ السَّفَرِ زَوَّجَ الْأَخُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يكتفي بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اعْتَبَرَ الْبُعْدَ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَأَطْلَقَ انْتَهَى
وَقِيلَ ما تَسْتَضِرُّ بِهِ الزَّوْجَةُ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ ما يَفُوتُ بِهِ كُفْءٌ رَاغِبٌ
قُلْت وهو قَوِيٌّ أَيْضًا
فَائِدَةٌ من تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَالْمَأْسُورِ وَالْمَحْبُوسِ أو لم يُعْلَمْ مَكَانُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَعِيدِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْكَافِي إنْ لم يُعْلَمْ وُجُودُ الْأَقْرَبِ بِالْكُلِّيَّةِ حتى زَوَّجَ الْأَبْعَدُ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْنِ من انْعِزَالِ الْوَكِيلِ قبل عِلْمِهِ
قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَكِيلَ تَثْبُتُ له وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ قبل الْعَزْلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِخِلَافِ هذا
وقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ شَرْطَ تَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ الْغَيْبَةُ الْمَذْكُورَةُ فَلَوْ لم يُعْلَمْ أَقَرِيبٌ هو أَمْ بَعِيدٌ لم يُزَوِّجْ الْأَبْعَدُ وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ
وقال أبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ وَالْحَالُ هذه
وكذلك إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَرِيبٌ وَلَكِنْ لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ وهو حَسَنٌ مع أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ لَا يَأْبَاهُ انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ لو كان الْوَلِيُّ مَجْهُولًا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَصَبَةٌ ثُمَّ عَرَفَ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَكَذَا قال بن رَجَبٍ لو زُوِّجَتْ بِنْتُ الْمُلَاعَنَةِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا الْأَبُ
____________________
(8/77)
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لو لم يُعْلَمْ وُجُودُ الْأَقْرَبِ حتى زَوَّجَ الْأَبْعَدُ خَرَّجَهَا في الْكَافِي على رِوَايَتَيْ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ قبل عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ
وَرَجَّحَ أبو الْعَبَّاسِ وَشَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ بن رَجَبٍ الصِّحَّةَ هُنَا
وقد يُقَالُ كَلَامُ صَاحِبِ الْكَافِي ليس في هذه الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لم يذكر الْخِلَافَ إلَّا فِيمَا إذَا كان الْأَقْرَبُ فَاسِقًا أو مَجْنُونًا وَعَادَتْ وِلَايَتُهُ بِزَوَالِ الْمَانِعِ
فَزَوَّجَ الْأَبْعَدُ من غَيْرِ عِلْمٍ بِعَوْدِ وِلَايَةِ الْأَقْرَبِ
وإذا لم يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِالْأَقْرَبِ بِالْكُلِّيَّةِ لم يَتَعَرَّضْ لها
وقد يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّسِيبَ الْأَقْرَبَ إذَا لم يَعْلَمْ لم يُنْسَبْ الْأَبْعَدُ إلَى تَفْرِيطٍ فَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ على اسْتِئْذَانِهِ فَسَقَطَ الِاسْتِئْذَانُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ
فَالْأَبْعَدُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى تَفْرِيطٍ بِخِلَافِ ما إذَا كان الْأَقْرَبُ فيه مَانِعٌ وَزَالَ فإن الْأَبْعَدَ يُنْسَبُ إلَى تَفْرِيطٍ إذَا كان يُمْكِنُهُ حَالَ الْعَقْدِ مَعْرِفَةُ حَالِ الْأَقْرَبِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ بِحَالٍ
يَعْنِي لَا يَكُونُ وَلِيًّا لها إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ في وَجْهٍ
وَهَذَا الْوَجْهُ هو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وبن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ فإنه قال وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ غير نَحْوِ أُمِّ وَلَدٍ
وَقِيلَ لَا يَلِيهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وَغَيْرُهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(8/78)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في ذلك أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَلِي نِكَاحَ مُكَاتَبَتِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَالْخِلَافُ هُنَا كَالْخِلَافِ في أُمِّ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بين أُمِّ الْوَلَدِ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لم أَرَ قَوْلًا صَرِيحًا بِالْفَرْقِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أو صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في وِلَايَةِ فَاسِقٍ يَلِيهِ عليها وَذَكَرَهُ بن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَلِيهِ فَهَلْ يُبَاشِرُهُ وَيَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ أو يُبَاشِرُهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ أو يُبَاشِرُهُ حَاكِمٌ بِإِذْنِهِ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُنَّ يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ وهو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
الثَّانِي يَعْقِدُهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ
وَالثَّالِثُ يَعْقِدُهُ الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى
نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَعْقِدُ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ عَقْدَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ
وَقِيلَ يَعْقِدُهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
____________________
(8/79)
قَوْلُهُ وَيَلِي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الذِّمِّيَّةِ من الذِّمِّيِّ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ولم يُفَرِّقُوا بين اتِّحَادٍ دينهم ( ( ( بينهم ) ) ) أو تَبَايُنِهِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في جَوَازِ كَوْنِ النَّصْرَانِيِّ يَلِي نِكَاحَ الْيَهُودِيَّةِ وَعَكْسِهِ وَجْهَيْنِ من تَوَارُثِهِمَا وَقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ بِنَاءً على ان الْكُفْرَ هل هو مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ أو مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ فيه الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ في بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَلِيهِ من مُسْلِمٍ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
أَحَدُهُمَا يَلِيهِ أعنى يَكُونُ وَلِيًّا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلِيهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ بَلْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هذا الْمَذْهَبُ لِلنَّصِّ عن الْإِمَامِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ له أَنْ يُبَاشِرَ التَّزْوِيجَ وَيَعْقِدَ النِّكَاحَ بِنَفْسِهِ على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ
وهو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يُبَاشِرُهُ وَيَعْقِدُهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ
____________________
(8/80)
وَقِيلَ يُبَاشِرُهُ الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَعْقِدُهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كما تَقَدَّمَ في التي قَبْلَهَا فَإِنَّهُمَا في الْحُكْمِ سَوَاءٌ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَلِي مَالَهَا على قِيَاسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي
وقال في الِانْتِصَارِ في شَهَادَتِهِمْ يَلِي مَالَهَا على قِيَاسِهِ
وفي تَعْلِيقِ بن الْمُنَى في وِلَايَةِ الْفَاسِقِ لَا يَلِي على مَالِهَا كَافِرٌ إلَّا عَدْلٌ في دِينِهِ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ فَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْقَدْحِ في نَسَبِ نَبِيٍّ أو وَلِيٍّ وَيَدُلُّ عليه وِلَايَةُ الْمَالِ
فَائِدَةٌ يُشْتَرَطُ في الذِّمِّيِّ إذَا كان وَلِيًّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ في الْمُسْلِمِ
قَوْلُهُ وإذا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ من غَيْرِ عُذْرٍ لِلْأَقْرَبِ أو زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ لم يَصِحَّ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَلَا نَظَرَ لِلْحَاكِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ إنْ كان الزَّوْجُ كُفُؤًا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْوَلِيَّ بِالْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَهُ وَإِلَّا صَارَ عَاضِلًا فَيُجِيزُهُ الْحَاكِمُ
أَجَابَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَشْبَاهَهُمَا حُكْمُهُمَا حُكْمُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْبَيْعِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو تَزَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقِيلَ هو كَفُضُولِيٍّ فيه الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ
____________________
(8/81)
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا كَذِمَّتِهِ
قُلْت وَهِيَ بِمَسْأَلَةِ الفضولى أَقْرَبُ فَتَلْحَقُ بها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ
وَعَلَى كِلَا الطَّرِيقَيْنِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ على الصَّحِيحِ
الثَّانِيَةُ لو زَوَّجَ الْوَلِيُّ مُوَلِّيَتَهُ التي يُعْتَبَرُ إذْنُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَهُوَ كَزَوَاجِ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَوَكِيلُ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كان حَاضِرًا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْوَكَالَةِ في النِّكَاحِ وَجَوَازُ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ سَوَاءٌ كان مُجْبِرًا أو غير مُجْبِرٍ أَبًا كان أو غَيْرَهُ بِإِذْنِ الزَّوْجَةِ وَبِغَيْرِ إذْنِهَا وهو ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ في هذا الْبَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ الْوَكَالَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ لَا يُوَكَّلُ غَيْرُ مُجْبِرٍ بِلَا إذْنِهَا إلَّا الْحَاكِمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْوَكَالَةِ فَتَنَاقَضَ
وَخَرَّجَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ هذه على الرِّوَايَتَيْنِ في تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ من غَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ وَقَالَا من لَا يَجُوزُ له الْإِجْبَارُ يَكُونُ كَالْوَكِيلِ في التَّوْكِيلِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في التَّرْغِيبِ لو مَنَعْت الْوَلِيَّ من التَّوْكِيلِ امْتَنَعَ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَغَيْرُهُ
____________________
(8/82)
وَقِيلَ لَا يُوَكَّلُ مُجْبِرٌ أَيْضًا بِلَا إذْنِهَا إن كان لها إذْنُ مُعْتَبَرَةٍ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ فَوَائِدُ
الْأُولَى يَجُوزُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا
فَالْمُطَلَّقُ مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَهُ في تَزْوِيجِ من يَرْضَاهُ أو من يَشَاءُ وَنَحْوِهِمَا
وَالْمُقَيَّدُ مِثْلُ أَنْ يُوَكِّلَهُ في تَزْوِيجِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَنَحْوِهِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ لِغَيْرِ الْمُجْبِرِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ لِلْمُجْبِرِ وَغَيْرِهِ
الثَّانِيَةُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ مِثْلُ ما يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ كان له الْإِجْبَارُ ثَبَتَ لِوَكِيلِهِ وَإِنْ كانت وِلَايَتُهُ وِلَايَةَ مُرَاجَعَةٍ احْتَاجَ الْوَكِيلُ إلَى إذْنِهَا وَمُرَاجَعَتِهَا في زَوَاجِهَا لِأَنَّهُ نَائِبٌ عنه فَيَثْبُتُ له مِثْلُ ما يَثْبُتُ لِمَنْ يَنُوبُ عنه
وَكَذَا الْحُكْمُ في السُّلْطَانِ وَالْحَاكِمِ يَأْذَنُ لِغَيْرِهِ في التَّزْوِيجِ فَيَكُونُ الْمَأْذُونُ له قَائِمًا مَقَامَهُ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في بَابِ الْوَكَالَةِ وَاَلَّذِي يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فيه لِلْوَكِيلِ هو غَيْرُ ما يُوَكِّلُ فيه الْمُوَكِّلُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَسْتَغْنِي عن إذْنِهَا في التَّزْوِيجِ فَهُوَ كَالْمُوَكِّلِ في ذلك
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في بَابِ الْوَكَالَةِ
الثَّالِثَةُ يُشْتَرَطُ في وَكِيلِ الْوَلِيِّ ما يُشْتَرَطُ في الْوَلِيِّ نَفْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فَاسِقًا وَنَحْوَهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(8/83)
وَقِيلَ يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ
وَلَا يُشْتَرَطُ في وَكِيلِ الزَّوْجِ عَدَالَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا هو أَوْلَى وهو الْقِيَاسُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَقِيلَ تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في التَّلْخِيصِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا إلَّا بن عَقِيلٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقد تَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْوَكَالَةِ
الرَّابِعَةُ يَتَقَيَّدُ الْوَلِيُّ وَوَكِيلُهُ الْمُطْلَقُ بِالْكُفْءِ إنْ اُشْتُرِطَتْ الْكَفَاءَةُ
ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ
الْخَامِسَةُ ليس لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ كَتَزْوِيجِ الْفُضُولِيِّ على ما تَقَدَّمَ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّبْعِينَ ليس له ذلك على الْمَعْرُوفِ من الْمَذْهَبِ
وَحَكَى بن أبي مُوسَى أَنَّهُ إنْ أَذِنَ له الْوَلِيُّ في التَّوَكُّلِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ فَزَوَّجَهُ صَحَّ وَكَذَا إنْ لم يَأْذَنْ له وَقُلْنَا لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ مُطْلَقًا
وَأَمَّا من وِلَايَتُهُ بِالشَّرْعِ كَالْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ وَلَوْ قُلْنَا ليس لهم أَنْ يَشْتَرُوا من الْمَالِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأَلْحَقَ الْوَصِيَّ بِذَلِكَ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فإن الْوَصِيَّ يُشْبِهُ الْوَكِيلَ لِتَصَرُّفِهِ بِالْإِذْنِ
____________________
(8/84)
قال وَسَوَاءٌ في ذلك الْيَتِيمَةُ وَغَيْرُهَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في ذلك وَذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ لها إذْنٌ مُعْتَبَرٌ انْتَهَى
وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْوَكِيلِ لِوَلَدِهِ
السَّادِسَةُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ أو وَكِيلُهُ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت فُلَانَةَ لِفُلَانٍ أو زَوَّجْت مُوَكِّلَك فُلَانًا فُلَانَةَ وَلَا يقول زَوَّجْتهَا مِنْك وَيَقُولُ الْوَلِيُّ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أو نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ فَإِنْ لم يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ إنْ قال قَبِلْت هذا النِّكَاحَ وَنَوَى أَنَّهُ قَبِلَهُ لِمُوَكِّلِهِ ولم يَذْكُرْهُ صَحَّ
قُلْت يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَائِلِ بَابِ الْوَكَالَةِ
قَوْلُهُ وَوَصِيُّهُ في النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ
فَتُسْتَفَادُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ إذَا نَصَّ على التَّزْوِيجِ كَالْأَبِ صَرَّحَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَيُجْبِرُ من يُجْبِرُهُ الموصى وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا
وَقِيلَ ليس له أَنْ يُجْبِرَ فَلَا يُزَوِّجُ من لَا إذْنَ لها اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(8/85)
وَعَنْهُ لَا تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْحَضَانَةِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي
وَمَالَ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ إلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْحَضَانَةِ
وَأَخَذَ من تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا
وَعَنْهُ لَا تُسْتَفَادُ بِالْوَصِيَّةِ إذَا كان للموصى عَصَبَةٌ حَكَاهَا الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في أَثْنَاءِ بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا هل يَسُوغُ للموصى الْوَصِيَّةُ بِهِ أو يُوَكِّلُ فيه
قال في التَّرْغِيبِ فيه الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ
وقال في النَّوَادِرِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ هل لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ أَمْ لَا وفي بَابِ الْوَكَالَةِ هل له أَنْ يُوَكِّلَ أَمْ لَا
الثَّانِيَةُ حُكْمُ تَزْوِيجِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ بِالْوَصِيَّةِ حُكْمُ تَزْوِيجِ الْأُنْثَى بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في النَّوَادِرِ وَقَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
أَعْنِي إذَا أَوْصَى إلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ هل له أَنْ يُجْبِرَهُ
قال الْخِرَقِيُّ وَمَنْ زَوَّجَ غُلَامًا غير بَالِغٍ أو مَعْتُوهًا لم يَجُزْ إلَّا أَنْ يُزَوِّجَهُ وَالِدُهُ أو وصى نَاظِرٌ له في التَّزْوِيجِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ لِلْوَصِيِّ مُطْلَقًا تَزْوِيجُهُ
يَعْنِي سَوَاءٌ كان وَصِيًّا في التَّزْوِيجِ أو في غَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ قَوْلُهُمَا أَنَّ وَصِيَّ الْمَالِ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كما لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ
____________________
(8/86)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُزَوِّجُهُ وَيُجْبِرُهُ بَعْدَ أبيه وَصِيُّهُ
وَقِيلَ ثُمَّ الْحَاكِمُ
قُلْت بَلْ بَعْدَ الْأَبِ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ هل لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُهُ أَمْ لَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْوِيجُ كَبِيرَةٍ إلَّا بِإِذْنِهَا
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وهو كَذَلِكَ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابِ
وقال الْقَاضِي وَجَدْت في رُقْعَةٍ بِخَطِّ أبي عبد اللَّهِ جَوَابَ مَسْأَلَةٍ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ وَصِيُّهُ ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَتَوَارَثَا فَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْخِيَارُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإذا اسْتَوَى الْأَوْلِيَاءُ في الدَّرَجَةِ صَحَّ التَّزْوِيجُ من كل وَاحِدٍ منهم بِلَا نِزَاعٍ
وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلِهِمْ ثُمَّ أَسَنِّهِمْ ثُمَّ يُقْرَعُ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَةِ قُدِّمَ الْأَفْضَلُ في الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْخِبْرَةِ بِذَلِكَ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ من قَرَعَ انْتَهَى
وقال بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَفْضَلُ ثُمَّ الْقُرْعَةُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلسِّنِّ هُنَا وَأَصْحَابُنَا قد اعْتَبَرُوهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ من وَقَعَتْ له الْقُرْعَةُ فَزَوَّجَ صَحَّ في أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ
____________________
(8/87)
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ صَحَّ في الْأَصَحِّ
قال النَّاظِمُ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَذِنَتْ لهم
فَأَمَّا إنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ منهم تَعَيَّنَ ولم يَصِحَّ نِكَاحُ غَيْرِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ إنْ أَجَازَهُ من عَيَّنَتْهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
فَائِدَةٌ قال الأزجى في النِّهَايَةِ وإذا اسْتَوَتْ دَرَجَةُ الْأَوْلِيَاءِ فَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم على الْكَمَالِ وَالِاسْتِقْلَالِ
فَعَلَى هذا لو عَضَلَ الْكُلُّ أَثِمُوا وَلَوْ عَضَلَ وَاحِدٌ منهم دعى إلَى النِّكَاحِ فَإِنْ لم يُجِبْ فَهَلْ يعصى يَنْبَنِي هذا على الشَّاهِدِ الذي لم يَتَعَيَّنْ هل يعصى بِالِامْتِنَاعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالْعِصْيَانِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ لَا تَأْثِيرَ له في تَوَقُّفِ النِّكَاحِ بِحَالٍ إذْ غَيْرُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ زَوَّجَ اثْنَانِ ولم يُعْلَمْ السَّابِقُ فُسِخَ النِّكَاحَانِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/88)
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في خِلَافِهِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي
فَعَلَى هذا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن الزَّاغُونِيِّ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ هذا الْمَشْهُورُ
وقال الْقَاضِي أَيْضًا في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ يَفْسَخُهُ كُلُّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ أو من جِهَةِ الْحَاكِمِ
وهو صَرِيحٌ في أَنَّ لِلزَّوْجَيْنِ الْفَسْخَ بِأَنْفُسِهِمَا
وَقَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ
وَعَنْ أبي بَكْرٍ يُطَلِّقَانِهَا حَكَاهُ عنه بن شَاقِلَا
قُلْت هذا أَحْوَطُ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ فَعَلَى هذا هل يُنْقِصُ هذا الطَّلَاقُ الْعَدَدَ لو تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذلك يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ
وَعَنْهُ النِّكَاحُ مَفْسُوخٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَاسِخٍ ذَكَرَهُ في النَّوَادِرِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ ما أَرَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نِكَاحًا وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ
وقال بن أبي مُوسَى يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ وهو أَظْهَرُ وَأَصَحُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ من أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا اختارها النَّجَّادُ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالزَّرْكَشِيُّ
____________________
(8/89)
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ من قَرَعَ مِنْهُمَا جَدَّدَ نِكَاحَهُ بِإِذْنِهَا كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الصَّحِيحُ
جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ قال أبو بَكْرِ أَحْمَدُ بن سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ من خَرَجَتْ له الْقُرْعَةُ جَدَّدَ نِكَاحَهُ
وَعَنْهُ هِيَ لِلْقَارِعِ من غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وبن عَقِيلٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَالَ إلَيْهِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
لَكِنْ اخْتَلَفَ نَقْلُ الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ عن أبي بَكْرٍ النَّجَّادِ كما تَرَى
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجَدِّدُ نِكَاحَهُ قال الْمُصَنِّفُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ على نِكَاحِ من خَرَجَتْ له الْقُرْعَةُ بَلْ لها أَنْ تَتَزَوَّجَ من شَاءَتْ مِنْهُمَا وَمِنْ غَيْرِهِمَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ هذا بِالْجَيِّدِ فَإِنَّا على هذا الْقَوْلِ إذَا أَمَرْنَا الْمَقْرُوعَ بِالْفُرْقَةِ وَقُلْنَا لها أَنْ لَا تُزَوَّجَ الْقَارِعَ خَلَتْ مِنْهُمَا فَلَا يَبْقَى بين الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌ وَلَا يَبْقَى لِلْقُرْعَةِ أَثَرٌ أَصْلًا بَلْ تَكُونُ لَغْوًا وَهَذَا تَخْلِيطٌ
وَإِنَّمَا على هذا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ هِيَ زَوْجَةُ الْقَارِعِ بِحَيْثُ يَجِبُ عليه نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا وَلَوْ مَاتَ وَرِثَتْهُ لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا حتى يُجَدِّدَ الْعَقْدَ فَيَكُونُ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَقَطْ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
أو يُقَالُ إنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالزَّوْجِيَّةِ إلَّا بِالتَّجْدِيدِ وَيَكُونُ التَّجْدِيدُ وَاجِبًا عليه وَعَلَيْهَا كما كان الطَّلَاقُ وَاجِبًا على الْآخَرِ وَلَيْسَ في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(8/90)
تَعَرُّضٌ لِلطَّلَاقِ وَلَا لِتَجْدِيدِ الْآخَرِ النِّكَاحَ فإن الْقُرْعَةَ جَعَلَهَا الشَّارِعُ حُجَّةً وَبَيِّنَةً تُفِيدُ الْحِلَّ ظَاهِرًا كَالشَّهَادَةِ وَالنُّكُولِ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى
وَعَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا يُعْتَبَرُ طَلَاقُ صَاحِبِهِ على الصَّحِيحِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ الْحَاكِمُ عليه
قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَيُعْتَبَرُ طَلَاقُ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ
وَاخْتَارَهُ النَّجَّادُ وَالْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وَالْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ
قال في الْقَوَاعِدِ وفي هذا ضَعْفٌ
فَإِنْ طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ يَجِبُ لها نِصْفُ الْمَهْرِ على أَحَدِهِمَا وَيُعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ أَمْ لَا يَجِبُ لها شَيْءٌ على وَجْهَيْنِ
وحكى عن أبي بَكْرٍ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لها وَبِهِ أَفْتَى أبو عَلِيٍّ النَّجَّادُ ذَكَرَهُ في آخِرِ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَعَنْهُ لَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ حَكَاهَا بن البناء ( ( ( البنا ) ) ) وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ وقال هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وبن مَنْصُورٍ انْتَهَى
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ من قَرَعَ فَهُوَ الزَّوْجُ وفي اعْتِبَارِ طَلَاقِ الْآخَرِ وَجْهَانِ
وَقِيلَ رِوَايَتَانِ
____________________
(8/91)
وَقِيلَ من قَرَعَ جَدَّدَ عَقْدًا بِإِذْنِهَا وَطَلَّقَ الْآخَرُ مَجَّانًا فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عليه الْحَاكِمُ قال في الْكُبْرَى في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ قال طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ يُجَدِّدُ الذي خَرَّجَتْ له الْقُرْعَةُ النِّكَاحَ لِتَحِلَّ له بِيَقِينٍ
وَحَكَاهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ عن أبي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن سُلَيْمَانَ النَّجَّادِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى حِينَئِذٍ مَعْنًى لِلْقُرْعَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى إذَا جُهِلَ أَسْبَقُ الْعَقْدَيْنِ فَفِيهِ مَسَائِلُ
منها إذَا عُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ ثُمَّ جُهِلَ فَهَذِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ السَّابِقِ
ومنها ( ( ( منها ) ) ) لو عُلِمَ السَّبْقُ ونسى السَّابِقُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فيها كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا إشْكَالَ في جَرَيَانِ الرِّوَايَتَيْنِ في هذه الصُّورَةِ
وَكَذَلِكَ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَتَبَيَّنَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَرْعٌ لو أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ لِأَحَدِهِمَا لم يُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ لم يُقْبَلْ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُقْبَلُ وَمِنْهَا لو جَهِلَ كَيْفَ وَقَعَا
فَقِيلَ هِيَ على الرِّوَايَتَيْنِ وهو الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/92)
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِيمَا أَظُنُّ
وَعِنْدَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ يَبْطُلَانِ على كل حَالٍ
وَكَذَا قال بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ حَكَى في الْكُبْرَى قَوْلًا بِالْبُطْلَانِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
ومنها ( ( ( منها ) ) ) لو جُهِلَ وُقُوعُهُمَا مَعًا فَهِيَ على الرِّوَايَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَبْطُلَانِ
وَمِنْهَا لو عُلِمَ وُقُوعُهُمَا مَعًا بَطَلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وبن البناء ( ( ( البنا ) ) ) وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وبن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا على رِوَايَةِ الْإِقْرَاعِ وَذَكَرَهُ في خِلَافِهِ احْتِمَالًا
قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَلَا أَظُنُّ هذا الِاحْتِمَالَ إلَّا خِلَافَ الْإِجْمَاعِ انْتَهَى
قال بن بِرَدْسٍ شَيْخُ شَيْخِنَا قال شَيْخُنَا أبو الْفَرَجِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ في عَقْدٍ يَخْتَارُ إحْدَاهُمَا وَهَذَا يَعْضُدُ ما قَالَهُ الْقَاضِي انْتَهَى
الثَّانِيَةُ إذَا أَمَرَ غَيْرُ الْقَارِعِ بِالطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فَلَا صَدَاقَ عليه جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
الثَّالِثَةُ لو فَسَخَ النِّكَاحَ أو طَلَّقَهَا فقال أبو بَكْرٍ لَا مَهْرَ لها عَلَيْهِمَا حَكَاهَا عنه بن شَاقِلَا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
وَأَفْتَى بِهِ النَّجَّادُ حَكَاهُ عنه أبو الْحَسَنِ الْخَرَزِيُّ
وَحَكَاهُ رِوَايَةً في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَنَقَلَ مُهَنَّا لها نِصْفُ الصَّدَاقِ يَقْتَرِعَانِ عليه وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
____________________
(8/93)
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فقال وَنَصُّهُ لها نِصْفُ الْمَهْرِ يَقْتَرِعَانِ عليه
وَعَنْهُ لَا انْتَهَى
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الرِّوَايَتَيْنِ
وَحَكَى في الْقَوَاعِدِ في وُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ على من خَرَجَتْ له الْقُرْعَةُ وَجْهَيْنِ
الرَّابِعَةُ لو مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قبل الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ فَلِأَحَدِهِمَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا فَيُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَصْطَلِحَا قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَوَرِثَ
قُلْت هذا أَقْرَبُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْمُغْنِي
لَكِنْ ذَكَرَ على الثَّانِي أَنَّهُ يَحْلِفُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يُخَرَّجُ على الْمَذْهَبِ
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا لَا نَقِفُ الْخُصُومَاتِ قَطُّ
وَأَمَّا الثَّانِي فَكَيْفَ يَحْلِفُ من قال لَا أَعْرِفُ الحلل ( ( ( الحال ) ) )
وَإِنَّمَا الْمَذْهَبُ على رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ أَيُّهُمَا قَرَعَ فَلَهُ الْمِيرَاثُ بِلَا يَمِينٍ
وَأَمَّا على قَوْلِنَا لَا يُقْرَعُ فإذا قُلْنَا إنَّهَا تَأْخُذُ من أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْمَهْرِ بِالْقُرْعَةِ فَكَذَلِكَ يَرِثُهَا أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا مَهْرَ لها فَهُنَا قد يُقَالُ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا انْتَهَى
الْخَامِسَةُ لو مَاتَ الزَّوْجَانِ كان لها رُبُعُ مِيرَاثِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كانت قد أَقَرَّتْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا فَلَا مِيرَاثَ لها من الْآخَرِ وَهِيَ تدعى رُبُعَ مِيرَاثِ من أَقَرَّتْ له
فَإِنْ كان قد ادَّعَى ذلك أَيْضًا دَفَعَ إلَيْهَا رُبُعَ مِيرَاثِهَا
وَإِنْ لم يَكُنْ ادَّعَى ذلك وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مع أَيْمَانِهِمْ فَإِنْ نَكَلُوا قضى عليهم
وَإِنْ لم تَكُنْ أَقَرَّتْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا اُحْتُمِلَ ان يَحْلِفَ وَرَثَةُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا
____________________
(8/94)
وَتَبْرَأُ وَاحْتُمِلَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلَهَا رُبُعُ مِيرَاثِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في رَجُلٍ له ثَلَاثُ بَنَاتٍ زَوَّجَ إحْدَاهُنَّ من رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ولم يُعْلَمْ أَيَّتَهُنَّ زَوَّجَ يُقْرَعُ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ كانت هِيَ الْوَارِثَةُ
قال في الْقَوَاعِدِ عن الْوَجْهِ بِالْقُرْعَةِ يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الْعِلْمَ بِالْحَالِ وَيَشْهَدُ له نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ
السَّادِسَةُ لو ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ السَّابِقُ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَهْرِ وَجَبَ على الْمُقَرِّ له دُونَ صَاحِبِهِ لِإِقْرَارِهِ لها بِهِ وَإِقْرَارِهَا بِبَرَاءَةِ صَاحِبِهِ
وَإِنْ مَاتَا وَرِثَتْ الْمُقَرَّ له دُونَ صَاحِبِهِ لِذَلِكَ
وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَهُمَا اُحْتُمِلَ ان يَرِثَهَا الْمُقَرُّ له كما تَرِثُهُ وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَقْبَلَ إقْرَارَهَا له كما لم تَقْبَلْهُ في نَفْسِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَإِنْ لم تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ كما لو أَقَرَّتْ له في حَيَاتِهِ وليس ( ( ( ليس ) ) ) لِوَرَثَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْإِنْكَارُ لِاسْتِحْقَاقِهَا
وَإِنْ لم تُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وكان لها مِيرَاثُ من تَقَعُ الْقُرْعَةُ عليه
وَإِنْ كان أَحَدُهُمَا قد أَصَابَهَا وكان هو الْمُقَرُّ له أو كانت لم تُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهَا الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لها بِهِ وَهِيَ لَا تدعى سِوَاهُ
وَإِنْ كانت مُقِرَّةً لِآخَرَ فَهِيَ تدعى مَهْرَ الْمِثْلِ وهو يُقِرُّ لها بِالْمُسَمَّى فَإِنْ اسْتَوَيَا أو اصْطَلَحَا فَلَا كَلَامَ
وَإِنْ كان مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ حَلَفَ على الزَّائِدِ وَسَقَطَ
وَإِنْ كان الْمُسَمَّى لها أَكْثَرَ فَهُوَ مُقِرٌّ لها بِالزِّيَادَةِ وَهِيَ تُنْكِرُهَا فَلَا تَسْتَحِقُّهَا
____________________
(8/95)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وإذا زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ من أَمَتِهِ جَازَ له أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِلَا نِزَاعٍ
وَكَذَا أَيْضًا لو زَوَّجَ بِنْتَهُ الْمُجْبَرَةَ بِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ وَقُلْنَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ عَبْدِهِ بِابْنَتِهِ
وَكَذَا لو زَوَّجَ وصى في نِكَاحِ صَغِيرٍ بِصَغِيرَةٍ تَحْتَ حِجْرِهِ
وَقِيلَ يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمَا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ مِثْلُ بن الْعَمِّ وَالْمَوْلَى وَالْحَاكِمِ إذَا أَذِنَتْ له في نِكَاحِهَا
يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ له أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ والرعايتين ( ( ( والرعاية ) ) ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ حتى يُوَكِّلَ غَيْرَهُ في أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِإِذْنِهَا قَالَهُ في الْمُنَوِّرِ
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
قال في الْمُذْهَبِ لم يَصِحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ أَشْهَرُهُمَا وَأَنَصُّهُمَا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ ثَمَانِيَةٍ من أَصْحَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
وَقِيلَ يَجُوزُ تَوَلِّي طَرَفَيْهِ لِغَيْرِ زَوْجٍ
____________________
(8/96)
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كان الْوَلِيُّ هو الْإِمَامُ ذَكَرَهُ أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ
قال بن عَقِيلٍ مَتَى قُلْنَا لَا يَصِحُّ من الْوَلِيِّ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ لم يَصِحَّ عَقْدُ وَكِيلِهِ له إلَّا الْإِمَامَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ليس لها وَلِيٌّ فإنه يَتَزَوَّجُهَا بِوِلَايَةِ أَحَدِ نُوَّابِهِ لِأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عن الْمُسْلِمِينَ لَا عنه انْتَهَى
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ في تَوَلِّي طَرَفَيْهِ ثُمَّ قال وَقِيلَ تَوَلِّي طَرَفَيْهِ يَخْتَصُّ بِالْمُجْبِرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا من صُوَرِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لو وَكَّلَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ أو الْوَلِيُّ الزَّوْجَ أو وَكَّلَا وَاحِدًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو جَوَازُ تولى الطَّرَفَيْنِ يَكْفِي قَوْلُهُ زَوَّجْت فُلَانًا فُلَانَةَ أو تَزَوَّجْتهَا إنْ كان هو الزَّوْجُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال هو الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ يُعْتَبَرُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ فيقول زَوَّجْت نَفْسِي فُلَانَةَ وقبلت هذا النِّكَاحَ وَنَحْوَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمُجْبَرَةِ كَبِنْتِ عَمِّهِ الْمَجْنُونَةِ وَعَتِيقَتِهِ الْمَجْنُونَةِ نِكَاحُهَا بِلَا وَلِيٍّ غَيْرِهِ أو حَاكِمٍ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَجُوزُ بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الرِّعَايَةِ كَبِنْتِ عَمِّهِ الْمَجْنُونَةِ
وَقِيلَ وَعَتِيقَتِهِ الْمَجْنُونَةِ
قَوْلُهُ وإذا قال السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك صَحَّ
____________________
(8/97)
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمَشْهُورُ عنه رَوَاهُ عنه اثني ( ( ( اثنا ) ) ) عَشَرَ رَجُلًا من أَصْحَابِهِ منهم ابْنَاهُ عبد اللَّهِ وَصَالِحٌ وَمِنْهُمْ الْمَيْمُونِيُّ وَالْمَرُّوذِيُّ وبن الْقَاسِمِ وَحَرْبٌ
وهو الْمُخْتَارُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالْقَاضِي في مَوْضِعٍ
قال في التَّعْلِيقِ هو الْمَشْهُورُ من قَوْلِ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ حتى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهَا بِإِذْنِهَا فَإِنْ أَبَتْ ذلك فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا
اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وأبو الْخَطَّابِ في كُتُبِهِ الثَّلَاثَةِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وقال إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ فَمِنْهُمْ من مَأْخَذِهِ انْتِفَاءُ لَفْظِ النِّكَاحِ الصَّرِيحِ وهو بن حَامِدٍ وَمِنْهُمْ من مَأْخَذِهِ انْتِفَاءُ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ مَهْرُهَا الْعِتْقَ
وَقِيلَ بَلْ مَهْرَ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ منه وَحْدَهُ
وقال بن أبي مُوسَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ عليها بِإِذْنِهِ دُونَ
____________________
(8/98)
إذْنِهَا وَرِضَاهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ على هذا الشَّرْطِ فَيُوَكِّلُ من يَعْقِدُ له النِّكَاحَ بِأَمْرِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو حَسَنٌ
وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ يَدُلُّ عليه لِمَنْ تَأَمَّلَهُ فَوَائِدُ
الْأُولَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صُوَرٌ
منها ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ
وَمِنْهَا لو قال جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا أو جَعَلْت صَدَاقَ أَمَتِي عِتْقَهَا أو قد أَعْتَقْتهَا وَجَعَلْت عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أو أَعْتَقْتهَا على أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا أو أَعْتَقْتُك على أَنْ أَتَزَوَّجَك وَعِتْقُك صَدَاقُك نَصَّ عَلَيْهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِذَلِكَ نَصَّ عليه وَأَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ إنْ اشْتَرَطْنَاهُمَا
وقال بن حَامِدٍ لَا يَصِحُّ ذلك إلَّا مع قَوْلِهِ أَيْضًا وَتَزَوَّجْتهَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْعِتْقُ إذَا قال جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك فلم تَقْبَلْ لِأَنَّ الْعِتْقَ لم يَصِرْ صَدَاقًا وهو لم يُوقِعْ غير ذلك
وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَإِنْ قَبِلَتْ لِأَنَّ هذا الْقَبُولَ لَا يَصِيرُ بِهِ الْعِتْقُ صَدَاقًا فلم يَتَحَقَّقْ ما قال
وَيَتَوَجَّهُ في قَوْلِهِ قد أَعْتَقْتهَا وَجَعَلْت عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أنها إنْ قَبِلَتْ صَارَتْ زَوْجَةً وَإِلَّا عَتَقَتْ مَجَّانًا أو لم تُعْتَقْ بِحَالٍ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ بها رَجَعَ عليها بِنِصْفِ قِيمَتِهَا بِلَا نِزَاعٍ
وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لَكِنْ إذَا لم تَكُنْ قَادِرَةً فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أو يستسعى فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ
____________________
(8/99)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ أَصْلُهُمَا الْمُفْلِسُ إذَا كان له حِرْفَةٌ هل يُجْبَرُ على الِاكْتِسَابِ على الرِّوَايَتَيْنِ فيه
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْبَرُ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا أنها تُسْتَسْعَى
الثَّالِثَةُ لو أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا على أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِسُؤَالِهِ أَوَّلًا عَتَقَ مَجَّانًا
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْفَصْلِ الْأَوَّلِ من كِتَابِ الصَّدَاقِ
وَإِنْ قال أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي على أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي أو أَمَتِي فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا يُسْتَحَقُّ الْعَقْدُ عليها بِالشَّرْطِ
قال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ في نِكَاحٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَوَجَّهُ صِحَّةُ السَّلَفِ في الْعُقُودِ كما يَصِحُّ في غَيْرِهِ وَيَصِيرُ الْعَقْدُ مُسْتَحَقًّا على الْمُسْتَسْلِفِ إنْ فَعَلَ وَإِلَّا قام الْحَاكِمُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّ هذا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فيها الثَّوَابُ
الرَّابِعَةُ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ في جَعْلِ عِتْقِهِنَّ صَدَاقَهُنَّ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ ثَابِتَةٌ فِيهِنَّ كَالْقِنِّ
وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا في الْمُكَاتَبَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِهَا
قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ وهو الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ أنها لَا تُجْبَرُ على النِّكَاحِ
وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا فَصَرَّحَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ بِأَنَّهَا كَالْقِنِّ في ذلك وَتَبِعَهُ بن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ
____________________
(8/100)
وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطَعَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ أنها كَالْقِنِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فإنه قال في رَجُلٍ يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا فقال نعم يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا لِأَنَّ أحكامها ( ( ( أحكامهم ) ) ) أَحْكَامُ الْإِمَاءِ
وَهَذَا الْعِتْقُ الْمُعَجَّلُ ليس هو الْمُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ
وَلِهَذَا يَصِحُّ كِتَابَتُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ جَعْلُ عِتْقِهَا صَدَاقَهَا
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي على ظَهْرِ خِلَافِهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ عليه فَيَكُونُ الصَّدَاقُ هو تَعْجِيلُهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا
قال الْخَلَّالُ قال هَارُونُ الْمُسْتَمْلِي لِأَحْمَدَ أُمُّ وَلَدٍ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا وَأَشْهَدَ على تَزْوِيجِهَا ولم يُعْلِمْهَا قال لَا حتى يُعْلِمَهَا قُلْت فَإِنْ كان قد فَعَلَ قال يَسْتَأْنِفُ التَّزْوِيجَ الْآنَ وَإِلَّا فإنه لَا تَحِلُّ له حتى يُعْلِمَهَا فَلَعَلَّهَا لَا تُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَهِيَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا فَيُحْتَمَلُ ذلك وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُنَجِّزًا ثُمَّ عَقَدَ عليها النِّكَاحَ وهو ظَاهِرُ لَفْظِهِ
الْخَامِسَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذلك مَخْصُوصًا بِالسَّيِّدِ
السَّادِسَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو قال أَعْتَقْت أَمَتِي وَزَوَّجْتُكَهَا على أَلْفٍ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ فإنه مِثْلُ قَوْلِهِ أَعْتَقْتهَا وَأَكْرَيْتُهَا مِنْك سَنَةً بِأَلْفٍ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ
السَّابِعَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قال أَعْتَقْتُك وَتَزَوَّجْتُك على أَلْفٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ هُنَا إذَا قِيلَ بِهِ في إصْدَاقِ الْعِتْقِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَعَلَّلَهُ
____________________
(8/101)
الثَّامِنَةُ قال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ إذَا قال السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك على أَنْ تَتَزَوَّجِي بِي فقالت رَضِيت بِذَلِكَ نَفَذَ الْعِتْقُ ولم يَلْزَمْهَا الشَّرْطُ بَلْ هِيَ بِالْخِيَارِ في الزَّوَاجِ وَعَدَمِهِ
وقال بن عَقِيلٍ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَلْزَمَهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ
التَّاسِعَةُ قال الْقَاضِي لو قال الْأَبُ ابْتِدَاءً زَوَّجْتُك ابْنَتِي على عِتْقِ أَمَتِك فقال قَبِلْت لم يَمْتَنِعْ أَنْ يَصِحَّ
قَوْلُهُ الرَّابِعُ الشَّهَادَةُ فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ
احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ خَوْفَ الْإِنْكَارِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ من شُرُوطِ النِّكَاحِ ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ في الْمُقْنِعِ وَجَمَاعَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا أَكْثَرُهُمْ
وَقَيَّدَ الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ بِمَا إذَا لم يَكْتُمُوهُ فَمَعَ الْكَتْمِ تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا
وقال الزَّرْكَشِيُّ وهو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ من تَصَرُّفِ الْمَجْدِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ بن حَمْدَانَ قَوْلًا انْتَهَى
قَوْلُهُ عَدْلَيْنِ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ وَإِنْ كَانَا ضَرِيرَيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ فَاسِقَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَمُرَاهِقَيْنِ عَاقِلَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَأَسْقَطَ رِوَايَةَ الْفِسْقِ أَكْثَرُهُمْ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَأَخَذَهَا في الِانْتِصَارِ من رِوَايَةِ مُثَنَّى
____________________
(8/102)
وقد سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ يَفْسُدُ من النِّكَاحِ شَيْءٌ فلم يَرَ أَنَّهُ يَفْسُدُ من النِّكَاحِ شَيْءٌ
وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ كَافِرَيْنِ مع كُفْرِ الزَّوْجَةِ وَقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ وَيَأْتِي نَحْوُهُ قَرِيبًا
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الشَّرْحِ
تَنْبِيهٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عَدْلَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وهو أُحُدُ الْوَجْهَيْنِ وَاحْتِمَالٌ في التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عَدْلَيْنِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَيَصِحُّ بِحُضُورِ مَسْتُورَيْ الْحَالِ وَإِنْ لم نَقْبَلْهُمَا في الْأَمْوَالِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ من الْوَجْهَيْنِ
قال بن رَزِينٍ وَيَصِحُّ من مَسْتُورَيْ الْحَالِ رِوَايَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ في الرَّجْعَةِ منه وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وبن عَقِيلٍ حَاكِيًا له عن الْأَصْحَابِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يَكْفِي مَسْتُورَيْ الْحَالِ إنْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِهِمَا
وقال في الْمُنْتَخَبِ يَثْبُتُ بِهِمَا مع اعْتِرَافٍ مُتَقَدِّمٍ
وقال في التَّرْغِيبِ لو تَابَ في مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَكَمَسْتُورِ الْحَالِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عُقِدَ بِمَسْتُورَيْ الْحَالِ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ حَالَةَ الْعَقْدِ فقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ تَبَيَّنَ أَنَّ النِّكَاحَ لم يَنْعَقِدْ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَنْعَقِدُ لِوُجُودِ شَرْطِ النِّكَاحِ ظَاهِرًا
____________________
(8/103)
قال بن الْبَنَّا وَلَا يَكْفِي في إثْبَاتِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا من عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا انْتَهَى
وهو صَحِيحٌ بِنَاءً على اشْتِرَاطِ ذلك في الشَّهَادَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُهُمْ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْعَقِدَ إذَا كانت الْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ
وهو مُخَرَّجٌ من رِوَايَةِ قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ على ما يَأْتِي
قال بن رَزِينٍ وَإِنْ قُلْنَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ صَحَّ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ إذَا كانت الْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً
قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْنِ أو ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أو أَحَدِهِمَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وبن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
أَحَدُهُمَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن بَطَّةَ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَنْعَقِدُ في رِوَايَةٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْنِ
____________________
(8/104)
وَأَمَّا عَدَمُ انْعِقَادِهِ بِحُضُورِ ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أو أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ هُنَاكَ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْعَقِدُ بِهِمَا وَبِأَحَدِهِمَا اخْتَارَهُ بن بَطَّةَ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْأَدَمِيُّ في مُنْتَخَبِهِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَنْعَقِدُ في رِوَايَةٍ
قال في الْفُرُوعِ وفي شَهَادَةِ عدوى الزَّوْجَيْنِ أو أَحَدِهِمَا أو الْوَلِيِّ وَجْهَانِ وفي مُتَّهَمٍ لِرَحِمٍ رِوَايَتَانِ
وقال في الرِّعَايَةِ وفي عدوى الزَّوْجِ أو الزَّوْجَةِ أو عَدُوِّهِمَا أو عدوى الْوَلِيِّ أو بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أو ابْنَيْ أَحَدِهِمَا أو أَبَوَيْهِمَا أو أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا أو عَدُوِّهِمَا وَأَجْنَبِيٍّ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ من أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أو من الْوَلِيِّ
وَقِيلَ في الْعَدُوَّيْنِ وَابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أو أَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ الْخَامِسُ كَوْنُ الرَّجُلِ كُفُؤًا لها في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا هِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
____________________
(8/105)
وَعَنْهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ يَعْنِي لِلصِّحَّةِ بَلْ شَرْطٌ في اللُّزُومِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهِيَ أَصَحُّ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَالْمُصَنِّفُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَهِيَ أَوْلَى لِلْآثَارِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا يُعْدَلُ عنه
فَعَلَى الْأُولَى الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ حتى من يَحْدُثُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَقَطْ
قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ لم تَرْضَ الْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ جَمِيعُهُمْ فَلِمَنْ لم يَرْضَ الْفَسْخُ فَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا فَلِلْإِخْوَةِ الْفَسْخُ
هذا كُلُّهُ مُفَرَّعٌ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وهو الصَّحِيحُ نَصَّ عليه
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ الْفَسْخِ مع رِضَى الْمَرْأَةِ وَالْأَقْرَبِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ له الْفَسْخُ في الْحَالِ وَمُتَرَاخِيًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
____________________
(8/106)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ على التَّرَاخِي في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِنَقْصٍ في الْمَعْقُودِ عليه
فَعَلَى هذا يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِمَا يَدُلُّ على الرِّضَى من قَوْلٍ أو فِعْلٍ وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَوْلِ
فَائِدَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ لو عَقَدَهُ بَعْضُهُمْ ولم يَرْضَ الْبَاقُونَ فَهَلْ يَقَعُ الْعَقْدُ بَاطِلًا من أَصْلِهِ أو صَحِيحًا على رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَشْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا من قَوْلِهِ فَلِمَنْ لم يَرْضَ الْفَسْخُ وَلَا يَكُونُ الْفَسْخُ إلَّا بَعْدَ الِانْعِقَادِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا
وقال الزَّرْكَشِيُّ في مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا زَوَّجَهَا الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَقُلْنَا الْكُفْءُ ليس بِشَرْطٍ فَفِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ رِوَايَتَانِ الْبُطْلَانُ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالصِّحَّةُ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ
وَقِيلَ إنْ عُلِمَ بِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ لم يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ
وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ كانت الزَّوْجَةُ كَبِيرَةً لِاسْتِدْرَاكِ الضَّرَرِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ طَرِيقَةُ الْمَجْدِ في الْمُحَرَّرِ أَنَّ الصِّفَاتِ الْخَمْسَ مُعْتَبَرَةٌ في الْكَفَاءَةِ قَوْلًا وَاحِدًا ثُمَّ هل يُبْطِلُ النِّكَاحَ فَقْدُهَا أو لَا يُبْطِلُهُ لَكِنْ يَثْبُتُ الْفَسْخُ أو يُبْطِلُهُ فَقْدُ الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ وَيُثْبِتُ الْفَسْخُ فَقْدُ الثَّلَاثَةِ على ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ
يَعْنِي لَا غَيْرُ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/107)
وَعَنْهُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالصِّنَاعَةَ وَالْيَسَارَ من شُرُوطِ الْكِفَاءِ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنَّ فَقْدَ الثَّلَاثَةِ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ قَوْلًا وَاحِدًا
وَأَمَّا فَقْدُ الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ فَقِيلَ يُبْطِلُ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ وَقِيلَ الْمُبْطِلُ فَقْدُ الْمَنْصِبِ ذَكَرَهُ بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ
قال بن عَقِيلٍ الذي يقوي عِنْدِي وهو الصَّحِيحُ أَنَّ فَقْدَ شَرْطٍ وَاحِدٍ مُبْطِلٌ وهو النَّسَبُ وما عَدَا ذلك لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ من شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ
وَاخْتَارَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ الْيَسَارَ من شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لم أَجِدْ نَصًّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ لِفَقْرٍ أو رِقٍّ ولم أَجِدْ أَيْضًا عنه نَصًّا بِإِقْرَارِ النِّكَاحِ مع عَدَمِ الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ خِلَافًا وَاخْتَارَ أَنَّ النَّسَبَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ في الْكَفَاءَةِ
وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ عليه
وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { يا أَيُّهَا الناس إنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }
وَقِيلَ الْكَفَاءَةُ النَّسَبُ فَقَطْ وهو تَوْجِيهٌ لِلْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وقال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ من الْأَصْحَابِ إذَا قُلْنَا الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى اُعْتُبِرَ الدِّينُ فَقَطْ قال وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فيه تَسَاهُلٌ وَعَدَمُ تَحْقِيقٍ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
____________________
(8/108)
قُلْت هذا كَلَامٌ سَاقِطٌ ولم يُفْهَمْ مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الْمَنْصِبُ هو النَّسَبُ وَأَمَّا الْيَسَارُ فَهُوَ بِحَسَبِ ما يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ
وَقِيلَ تَسَاوِيهِمَا فيه
قال الزَّرْكَشِيُّ مَعْنَى الْكَفَاءَةِ في الْمَالِ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ
قال الْقَاضِي وأبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي لِأَنَّهُ الذي يُحْتَاجُ إلَيْهِ في النِّكَاحِ
ولم يَعْتَبِرْ في الْكَافِي إلَّا النَّفَقَةَ فَقَطْ
وَاعْتَبَرَ بن عَقِيلٍ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يُغَيِّرُ عليها عَادَتَهَا عِنْدَ أَبِيهَا في بَيْتِهِ
الثَّانِيَةُ لَا تُعْتَبَرُ هذه الصِّفَاتُ في الْمَرْأَةِ وَلَيْسَتْ الْكَفَاءَةُ شرط ( ( ( شرطا ) ) ) في حَقِّهَا لِلرَّجُلِ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يُخَيَّرُ مُعْتِقٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ
وفي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِعِتْقِ الزَّوْجِ الذي تَحْتَهُ أَمَةٌ بِنَاءً على الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا اسْتَغْنَى عن نِكَاحِ الْأَمَةِ بِحُرَّةٍ فإنه يَبْطُلُ
وَيَأْتِي ذلك في أَوَائِلِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ من بَابِ الشُّرُوطِ في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ لَا تُزَوَّجُ قُرَشِيَّةٌ بِغَيْرِ قُرَشِيٍّ وَلَا هَاشِمِيَّةٌ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ
قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْفُرُوعِ هذه الرِّوَايَةُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي اللَّهُ عنه
وَرَدَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذه الرِّوَايَةَ وقال ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ
____________________
(8/109)
أَحْمَدَ رضي اللَّهُ عنه ما يَدُلُّ عليها وَإِنَّمَا الْمَنْصُوصُ عنه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ قُرَيْشًا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ قال وَذَكَرَ ذلك بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وَصَحَّحَهَا فيه
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَمَنْ قال إنَّ الْهَاشِمِيَّةَ لَا تُزَوَّجُ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذلك فَهَذَا مَارِقٌ من دِينِ الْإِسْلَامِ إذْ قِصَّةُ تَزْوِيجِ الْهَاشِمِيَّاتِ من بَنَاتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَغَيْرِهِنَّ بِغَيْرِ الْهَاشِمِيِّينَ ثَابِتٌ في السُّنَّةِ ثُبُوتًا لَا يَخْفَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَى هذا خِلَافًا في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي اللَّهُ عنه وَلَيْسَ في لَفْظِهِ ما يَدُلُّ عليه انْتَهَى
وَعَنْهُ ليس وَلَدُ الزنى كُفُؤًا لِذَاتِ نَسَبٍ كَعَرَبِيَّةٍ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ وَأَضَافَهُ إلَى الْمُصَنِّفِ
فَائِدَةٌ ليس مولى الْقَوْمِ كُفُؤًا لهم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ كُفْءٌ لهم وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ على رِوَايَةِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ من شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ لَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ بِعَبْدٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَلَا لِمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ انْتَهَى
فَلَوْ وَجَدَتْ الْكَفَاءَةَ في النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَعْدَ إيجَابِ النِّكَاحِ له قَبِلْت له هذا النِّكَاحَ وَأَعْتَقْته فقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ
قال وَيَتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ بِمَنْعِهَا
وَيَأْتِي ما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ
أَمَّا إنْ كان قد مَسَّهُ رِقٌّ أو أَبَاهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَزْوِيجِهِ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/110)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ فَلَا تُزَوَّجُ بِهِ في رِوَايَةٍ انْتَهَى
وَعَنْهُ لَا تُزَوَّجُ بِهِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
فَائِدَةٌ التَّانِئُ في قَوْلِهِ وَلَا بِنْتُ تَانِئٍ
هو صَاحِبُ الْعَقَارِ
وَقِيلَ الْكَثِيرُ الْمَالُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ والبزاز بَيَّاعُ الْبَزِّ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ على رِوَايَةِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالصِّنَاعَةَ وَالْيَسَارَ من شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ بِعَبْدٍ وَلَا بِنْتُ بَزَّازٍ بِحَجَّامٍ وَلَا بِنْتُ تَانِئٍ بِحَائِكٍ وَلَا مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ
أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ صِنَاعَةٍ رَدِيئَةٍ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ
وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ على هذه الثَّلَاثَةِ
وَقِيلَ نَسَّاجٌ كَحَائِكٍ
فَائِدَةٌ لو زَالَتْ الْبَكَارَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهَا الْفَسْخُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ
____________________
(8/111)
وَقِيلَ ليس لها الْفَسْخُ كَطَوْلِ حُرَّةٍ من نِكَاحِ أَمَةٍ وَكَوَلِيِّهَا
وَفِيهِ خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ
قال ( ( ( قاله ) ) ) الزَّرْكَشِيُّ يُعْزَى لِأَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْفَسْخَ أَيْضًا
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ شَيْخِهِ في التَّعْلِيقِ
وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ أَنَّ مِثْلَ الْوَلِيِّ من وُلِدَ من الْأَوْلِيَاءِ في ذلك وَأَنَّهُ إنْ طَرَأَ نَسَبٌ فَاسْتَلْحَقَ شَرِيفٌ مَجْهُولَةً أو طَرَأَ صَلَاحٌ فَاحْتِمَالَانِ
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ على إذْنِهَا وَلَا الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا من الْمَوَانِعِ
____________________
(8/112)
بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَالْبَنَاتُ من حَلَالٍ أو حَرَامٍ
وَكَذَا ابْنَتُهُ الْمَنْفِيَّةُ بِلِعَانٍ وَمِنْ شُبْهَةٍ
وَيَكْفِي في التَّحْرِيمِ أَنْ يَعْلَمَ أنها بِنْتُهُ ظَاهِرًا وَإِنْ كان النَّسَبُ لِغَيْرِهِ قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في اسْتِدْلَالِهِ أَنَّ الشَّبَهَ كَافٍ في ذلك قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ شَمِلَ قَوْلُهُ وَالْعَمَّاتُ
عَمَّةَ أبيه وَأُمِّهِ لِدُخُولِهَا في عَمَّاتِهِ وَعَمَّةَ الْعَمِّ لِأَبٍ لِأَنَّهَا عَمَّةُ أبيه لَا عَمَّةَ الْعَمِّ لِأُمٍّ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ منه
وَتَحْرُمُ خَالَةُ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ وَلَا تَحْرُمُ خَالَةُ الْعَمَّةِ لِأَبٍ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ
وَتَحْرُمُ عَمَّةُ الخالة ( ( ( الخال ) ) ) لِأَبٍ لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْأُمِّ وَلَا تَحْرُمُ عَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ
الثَّانِي قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ وَيَحْرُمُ ما يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ سَوَاءٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال بن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمَا إلَّا أُمَّ أَخِيهِ وَأُخْتَ ابْنِهِ فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ من النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمَانِ بِالرَّضَاعِ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ
لَكِنْ أُمُّ أَخِيهِ إنَّمَا حَرُمَتْ من غَيْرِ الرَّضَاعِ من جِهَةٍ أُخْرَى لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ أبيه وَذَلِكَ من جِهَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ لَا من جِهَةِ تَحْرِيمِ النَّسَبِ
____________________
(8/113)
وَكَذَلِكَ أُخْتُ ابْنِهِ إنَّمَا حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا رَبِيبَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِمَا
وقد قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَالصَّوَابُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَدَمُ اسْتِثْنَائِهِمَا
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَلَا يَحْرُمُ على الرَّجُلِ نِكَاحُ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهَا من الرَّضَاعِ وَلَا على الْمَرْأَةِ نِكَاحُ أبي زَوْجِهَا وَابْنِهِ من الرَّضَاعِ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن بَدِينَا في حَلِيلَةِ الِابْنِ من الرَّضَاعِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَزَوَّجَهَا يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ
وَلَيْسَ على هذا الضَّابِطِ إيرَادٌ صَحِيحٌ سِوَى الْمُرْتَضِعَةِ بِلَبَنِ الزنى
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ ابْنِهِ عبد اللَّهِ أنها مُحَرَّمَةٌ كَالْبِنْتِ من الزنى فَلَا إيرَادَ إذَنْ انْتَهَى
الثَّالِثُ قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ على الْبِنْتِ
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وَعَنْهُ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ كَالرَّبَائِبِ لَا يَحْرُمْنَ إلَّا بِالدُّخُولِ بِبَنَاتِهِنَّ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ
الرَّابِعُ دخل في قَوْلِهِ وَحَلَائِلُ آبَائِهِ
كُلُّ من تَزَوَّجَهَا أَبُوهُ أو جَدُّهُ لِأَبِيهِ أو لِأُمِّهِ من نَسَبٍ أو رَضَاعٍ وَإِنْ عَلَا سَوَاءٌ دخل بها أو لم يَدْخُلْ طَلَّقَهَا أو مَاتَ عنها أو افْتَرَقَا بِغَيْرِ ذلك
وَدَخَلَ في قَوْلِهِ وَأَبْنَائِهِ يَعْنِي وَحَلَائِلُ أَبْنَائِهِ كُلُّ من تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ من
____________________
(8/114)
أَوْلَادِهِ أو أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ نَزَلُوا سَوَاءٌ كَانُوا من أَوْلَادِ الْبَنِينَ أو الْبَنَاتِ من نَسَبٍ أو رَضَاعٍ
الْخَامِسُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالرَّبَائِبُ وَهُنَّ بَنَاتُ نِسَائِهِ اللَّاتِي دخل بِهِنَّ
أَنَّهُ سَوَاءٌ كانت الرَّبِيبَةُ في حِجْرِهِ أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ إلَّا إذَا كانت في حِجْرِهِ
اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وهو ظَاهِرُ الْقُرْآنِ
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ عليه بِنْتُ بن زَوْجَتِهِ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فيه نِزَاعًا
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَلَا تَحْرُمُ زَوْجَةُ رَبِيبِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مُشَيْشٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُ فيه نِزَاعًا
وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ بن زَوْجَةِ ابنها ( ( ( أبيها ) ) ) وبن زَوْجِ ابْنَتِهَا وبن زَوْجِ أُمِّهَا وَزَوْجُ زَوْجَةِ أَبِيهَا وَزَوْجُ زَوْجَةِ أَبِيهَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ
قَوْلُهُ فَإِنْ مُتْنَ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ تَحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي إذَا مَاتَتْ الْمَعْقُودُ عليها قبل الدُّخُولِ وَلَهَا بِنْتٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
إحْدَاهُمَا لَا يَحْرُمْنَ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/115)
وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَحَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَحْرُمْنَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْمُقْنِعِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَبَانَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَرِوَايَتَانِ أَنَصُّهُمَا وهو الذي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وفي مَوْضِعٍ في الْخِصَالِ وبن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ ثُبُوتُ حُكْمِ الرَّبِيبَةِ
وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ اخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ وبن عَقِيلٍ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وفي الْجَامِعِ في مَوْضِعٍ لَا يَثْبُتُ
وَقَدَّمَ في الْمُغْنِي أنها لَا تَحْرُمُ وَصَحَّحَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ
قُلْت وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ في كِتَابِ الصَّدَاقِ وهو الْمَذْهَبُ
الثَّانِيَةُ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ في الْمُبَاشَرَةِ وَنَظَرِ الْفَرْجِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِنَاءً على تَقَرُّرِ الصَّدَاقِ
وَيَأْتِي أَيْضًا التَّنْبِيهُ على الْخَلْوَةِ فِيمَا يقرر ( ( ( تقرر ) ) ) الصَّدَاقُ في بَابِهِ
وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِاسْتِدْخَالِ مَاءِ الرَّجُلِ نَصَّ عليه في التَّعْلِيقِ في اللِّعَانِ
قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
أَمَّا ثُبُوتُ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ فَإِجْمَاعٌ
____________________
(8/116)
وَيَثْبُتُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وحكاها ( ( ( وحكاه ) ) ) بن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ
وَحِكَايَةُ هذا الْوَجْهِ منه عَجِيبٌ فإنه جَزَمَ بِأَنَّ الْوَطْءَ في الزنى كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ فَائِدَةٌ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ ليس بِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ فقال وَطْءُ الْحَرَامِ مُحَرِّمٌ كما يُحَرِّمُ وَطْءُ الْحَلَالِ وَالشُّبْهَةِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَمَّا ثُبُوتُهُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ الدُّبُرِ بِالِاتِّفَاقِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُذْهَبِ إذَا وطىء امْرَأَةً بِزِنًا كان كَالْوَطْءِ في النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ الدُّبُرِ وَنَقَلَ بِشْرُ بن مُحَمَّدٍ لَا يعجبنى وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ بِالْحَلَالِ على ظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْوَطْءُ الْحَرَامُ لَا يَنْشُرُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ وَاعْتَبَرَ في مَوْضِعٍ آخَرَ التَّوْبَةَ حتى في اللِّوَاطِ وَحَرَّمَ بِنْتَهُ من الزنى وقال إنَّ وَطْءَ بِنْتِهِ غَلَطًا لَا يَنْشُرُ لِكَوْنِهِ لم يَتَّخِذْهَا زَوْجَةً ولم يُعْلِنْ نِكَاحًا
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ الْحَرَامِ الْوَطْءَ في قُبُلِهَا وَدُبُرِهَا وهو كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ كما تَقَدَّمَ
____________________
(8/117)
فَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرُمَتْ على أبيه وَابْنِهِ وَحَرُمَتْ عليه أُمُّهَا وَابْنَتُهَا كَوَطْءِ الْحَلَالِ وَالشُّبْهَةِ
وَلَوْ وطىء أُمَّ امْرَأَتِهِ أو بِنْتَهَا حَرُمَتْ عليه امْرَأَتُهُ نَصَّ عليه وَلَكِنْ لَا تَثْبُتُ مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا إبَاحَةُ النَّظَرِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كانت الموطوأة ( ( ( الموطوءة ) ) ) مَيِّتَةً أو صَغِيرَةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في وَطْءِ الصَّغِيرَةِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ في الصَّغِيرَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ في الصَّغِيرَةِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ فيها
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِالصَّغِيرَةِ الصَّغِيرَةُ التي لا يُوطَأُ مِثْلُهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاشَرَ امْرَأَةً أو نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا أو خَلَا بها بِشَهْوَةٍ
يَعْنِي في الْحَرَامِ أو لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/118)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا بَاشَرَ الْأَمَةَ بِشَهْوَةٍ أو نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي في الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ
وَقَطَعَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيمَا إذَا بَاشَرَ حُرَّةً
وَقَالَا وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا في جَمِيعِ الصُّوَرِ الرِّوَايَتَيْنِ من غَيْرِ تَفْصِيلٍ
وَالتَّفْصِيلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
إحْدَاهُمَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لم يَنْشُرْ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ بِذَلِكَ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا أَنَّهُ لو نَظَرَ إلي غَيْرِهِ من بَدَنِهَا لِشَهْوَةٍ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَنْشُرُ ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وبن هَانِئٍ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا فَرْقَ بين النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ لِشَهْوَةٍ
وَالصَّحِيحُ خِلَافُ ذلك ثُمَّ قَالَا لَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ في ان النَّظَرَ إلَى الْوَجْهِ لَا يُثْبِتُ الْحُرْمَةَ
فَائِدَةٌ حُكْمُ مُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ أو نَظَرِهَا إلَى فَرْجِهِ أو خَلْوَتِهَا بِهِ لِشَهْوَةٍ حُكْمُ الرَّجُلِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ حَرُمَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمُّ الْآخَرِ وَبِنْتُهُ
____________________
(8/119)
يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ بِاللِّوَاطِ ما يَحْرُمُ بِوَطْءِ الْمَرْأَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ هو كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ يَعْنِي كالمباشرة ( ( ( كالمباشر ) ) ) دُونَ الْفَرْجِ على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَسْأَلَةِ التَّلَوُّطِ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ الْمَفْعُولِ فيه وَلَا أُمَّهُ
قال وهو قِيَاسٌ جَيِّدٌ
قال فَأَمَّا تَزَوُّجُ الْمَفْعُولِ فيه بِأُمِّ الْفَاعِلِ فَفِيهِ نَظَرٌ ولم يَنُصَّ عليه
4 قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ البتة وهو أَشْبَهُ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ دَوَاعِيَ اللِّوَاطِ لَيْسَتْ كَاللِّوَاطِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا أَنَّهُ كَاللِّوَاطِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
فَائِدَةٌ السِّحَاقُ بين النِّسَاءِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ ذكره بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ مَحَلَّ وِفَاقٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ في اللِّوَاطِ أَنَّهُ يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ في مُبَاشَرَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِشَهْوَةٍ
____________________
(8/120)
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُلَاعِنَةُ تَحْرُمُ على الْمُلَاعِنِ على التَّأْبِيدِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَهَلْ تَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
إحْدَاهُمَا لَا تَحِلُّ بَلْ تَحْرُمُ على التَّأْبِيدِ وهو الْمَذْهَبُ
نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ اللِّعَانِ
قال الشَّارِحُ الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أنها بَاقِيَةٌ على التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَالْعَمَلُ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في بَابِ اللِّعَانِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَيْضًا
والرواية ( ( ( الرواية ) ) ) الثَّانِيَةُ تُبَاحُ له قاله بن رَزِينٍ وهو أَظْهَرُ
قال الشَّارِحُ وَهُنَا في بَابِ اللِّعَانِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَذَّ بها حَنْبَلٌ عن أَصْحَابِهِ
قال أبو بَكْرٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا غَيْرَهُ
قال الْمُصَنِّفُ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هذه الرِّوَايَةُ على ما إذَا لم يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا
فَأَمَّا إنْ فَرَّقَ بينهما ( ( ( بينها ) ) ) فَلَا وَجْهَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِحَالِهِ انْتَهَى
وَعَنْهُ تُبَاحُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أو مِلْكِ يَمِينٍ إنْ كانت أَمَةً
وَيَأْتِي هذا في اللِّعَانِ أَيْضًا مُسْتَوْفًى فَلْيُرَاجَعْ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو وَقَعَ اللِّعَانُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أو في نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَهَلْ يُفِيدُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في اللِّعَانِ
أحدهما تَحْرُمُ أَيْضًا على التَّأْبِيدِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْكَافِي
____________________
(8/121)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَائِدَةٌ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتَابِ التَّحْلِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَتَلَ رَجُلًا لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ أنها لَا تَحِلُّ له أَبَدًا
وَسُئِلَ عن رَجُلٍ خَبَثَ امْرَأَةً على زَوْجِهَا حتى طَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا
أَجَابَ يُعَاقَبُ مِثْلُ هذا عُقُوبَةً بَلِيغَةً وَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ في أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا رحمهم الله وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ فيه فَوَائِدُ
إحْدَاهَا إذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُ لِعُنَّةٍ أو عَيْبٍ فيه يُوجِبُ الْفَسْخَ لم تَحْرُمْ على التَّأْبِيدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ الْعُيُوبِ
وَعَنْهُ تَحْرُمُ على التَّأْبِيدِ كَاللِّعَانِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بين الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أو خَالَتِهَا
بِلَا نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ كانت الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ حَقِيقَةً أو مَجَازًا كَعَمَّاتِ آبَائِهَا وَخَالَاتِهِمْ وَعَمَّاتِ أُمَّهَاتِهَا وَخَالَاتِهِنَّ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُنَّ وَلَوْ رَضِيَتَا من نَسَبٍ أو رَضَاعٍ
وَخَالَفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الرَّضَاعِ فلم يُحَرِّمْ الْجَمْعَ مع الرَّضَاعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ كُلُّ شَخْصَيْنِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ الْآخَرَ لو كان أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ خَالُ ابْنِهَا بِمَنْزِلَةِ خَالِهَا
وَكَذَا يَحْرُمُ عليه الْجَمْعُ بين عَمَّةٍ وَخَالَةٍ بِأَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَيَنْكِحَ ابْنَةَ أُمِّهَا فَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ
____________________
(8/122)
وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْجَمْعُ بين خَالَتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَتُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ
وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْجَمْعُ بين عَمَّتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ
الثَّالِثَةُ لَا يُكْرَهُ الْجَمْعُ بين بِنْتَيْ عَمَّيْهِ أو عَمَّتَيْهِ أو ابْنَتَيْ خَالَيْهِ أو خَالَتَيْهِ أو بِنْتِ عَمِّهِ وَبِنْتِ عَمَّتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
كما لَا يُكْرَهُ جَمْعُهُ بين من كانت زَوْجَةَ رَجُلٍ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا
وَعَنْهُ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي فَيَكُونُ هذا الْمَذْهَبَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَحَرَّمَهُ في الرَّوْضَةِ قال لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فيه وَلَكِنْ يُكْرَهُ قِيَاسًا
يَعْنِي على الْأُخْتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
الرَّابِعَةُ لو تَزَوَّجَ أُخْتَ زَيْدٍ من أبيه وَأُخْتَه من أُمِّهِ في عَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
الْخَامِسَةُ لو كان لِكُلِّ رَجُلٍ بِنْتٌ وَوَطِئَا أَمَةً فَأَلْحَقَ وَلَدَهَا بِهِمَا فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ بِالْأَمَةِ وَبِالْبِنْتَيْنِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ رَجُلٍ وَأُخْتَيْهِ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت فيعايي بها وقد نَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ لُغْزًا
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا في عَقْدٍ لم يَصِحَّ
وَكَذَا لو تَزَوَّجَ خَمْسًا في عَقْدٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي الْحَارِثِ
____________________
(8/123)
وَلَكِنْ نَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ في عَقْدٍ يَخْتَارُ إحْدَاهُمَا
وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على أَنَّهُ يَخْتَارُهَا بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ
وقال في آخِرِ الْقَوَاعِدِ وهو بَعِيدٌ وَخَرَّجَ قَوْلًا بِالِاقْتِرَاعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا في عَقْدَيْنِ أو تَزَوَّجَ إحْدَاهُمَا في عِدَّةِ الْأُخْرَى سَوَاءٌ كانت بَائِنًا أو رَجْعِيَّةً فَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ
يَعْنِي إذَا كان يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو جُهِلَتْ الْأُولَى فَسَخَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَالَا بَطَلَا
قال بن أبي مُوسَى الصَّحِيحُ بُطْلَانُ النِّكَاحَيْنِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لها الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْأُولَى
قال في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ قُلْت فَمَنْ قَرَعَتْ جَدَّدَ عَقْدَهَا بِإِذْنِهَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ يَقْتَرِعَانِ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فقال اخْتِيَارِي أَنْ يَسْقُطَ الْمَهْرُ إذَا كان مُجْبَرًا على الطَّلَاقِ قبل الدُّخُولِ
قُلْت فَعَلَى الْأَوَّلِ يعايي بها إذَا أُجْبِرَ على الطَّلَاقِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ
يَعْنِي لو اشْتَرَى أُخْتَيْنِ أو امْرَأَةً وَعَمَّتَهَا أو خَالَتَهَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ
قَوْلُهُ فَإِنْ وطىء إحْدَاهُمَا لم تَحِلَّ له الْأُخْرَى حتى يُحَرِّمَ على نَفْسِهِ الْأُولَى
____________________
(8/124)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ ليس بِحَرَامٍ وَلَكِنْ يُنْهَى عنه
أَثْبَتَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وبن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَمَنَعَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةً بِالْكَرَاهَةِ وقال من قال عن أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ قال لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ فَقَدْ غَلِطَ عليه وَمَأْخَذُهُ الْغَفْلَةُ عن دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ وَمَرَاتِبِ الْكَلَامِ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا قال لَا أَقُولُ إنَّهُ حَرَامٌ وَلَكِنْ يُنْهَى عنه وكان يَهَابُ قَوْلَ الْحَرَامِ إلَّا فِيمَا فيه نَصٌّ وقد بَيَّنَ ذلك الْقَاضِي في الْعِدَّةِ
فَائِدَةٌ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْجَمْعُ بين الْمَمْلُوكَتَيْنِ في الِاسْتِمْتَاعِ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ قال بن عَقِيلٍ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْرُمَ
أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةِ كالوطء ( ( ( الوطء ) ) ) في تَحْرِيمِ الْأُخْتَيْنِ حتى تَحْرُمَ الْأُولَى فَلَا إشْكَالَ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ في قَوْلِهِ فَإِنْ وطىء إحْدَاهُمَا لم تَحِلَّ له الْأُخْرَى إشْعَارٌ بِجَوَازِ وَطْءِ إحْدَاهُمَا ابْتِدَاءً قبل تَحْرِيمِ الْأُخْرَى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ بل وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا ( ( ( لهذا ) ) ) الْمَشْهُورِ وهو أَصَحُّ وَمَنَعَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ من وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قبل تَحْرِيمِ الْأُخْرَى
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَنَقَلَ بن هَانِئٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ عليه وهو رَاجِعٌ إلَى تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً
____________________
(8/125)
وَقِيلَ يُكْرَهُ ذلك
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْمُبَاشَرَةِ من الْإِمَاءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَحْرِيمِ أُخْتِهَا كَحُكْمِهِ في تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ على ما تَقَدَّمَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال وَالصَّحِيحُ أنها لَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحِلَّ ثَابِتٌ فلا يُحَرِّمُ إلَّا الْوَطْءُ فَقَطْ تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ فَإِنْ وطىء إحْدَاهُمَا لم تَحِلَّ له الْأُخْرَى فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ الْأُخْرَى لَزِمَهُ أَنْ يُمْسِكَ عنهما حتى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْأَظْهَرُ فَيَكُونُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُمَا وَاحِدَةً مُبْهَمَةً
وَأَبَاحَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَطْءَ الْأُولَى بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ عليه
الثَّانِي قَوْلُهُ لم تَحِلَّ له حتى يُحَرِّمَ على نَفْسِهِ الْأُولَى بِإِخْرَاجٍ عن مِلْكِهِ أو تَزْوِيجٍ وَيَعْلَمَ أنها لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وقال بن عَقِيلٍ لَا يَكْفِي في إبَاحَةِ الثَّانِيَةِ مُجَرَّدُ إزَالَةِ مِلْكِهِ عنها بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً وَتَنْقَضِيَ فَتَكُونُ الْحَيْضَةُ كَالْعِدَّةِ
وَتَبِعَهُ على ذلك صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس هذا الْقَيْدُ في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى
____________________
(8/126)
وَلَا يَكْفِي اسْتِبْرَاؤُهَا بِدُونِ زَوَالِ الْمِلْكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وقال بن عَقِيلٍ يَنْبَغِي أَنْ يكتفي بِذَلِكَ إذْ بِهِ يَزُولُ الْفِرَاشُ الْمُحَرِّمُ لِلْجَمْعِ
ثُمَّ في الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بِكِتَابَةٍ أو رَهْنٍ أو بَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في الْكِتَابَةِ
قَطَعَ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ الْأُخْتَ لَا تُبَاحُ إذَا رَهَنَهَا أو كَاتَبَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ في الرَّهْنِ
وقال ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِرْجَاعُ كَهِبَتِهَا لِوَلَدِهِ أو بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ
وَجَزَمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَهَا أو كَاتَبَهَا أو دَبَّرَهَا لَا تُبَاحُ أُخْتُهَا
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَكْفِي كِتَابَتُهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وبن عَقِيلٍ في الْجَمِيعِ حَيْثُ قال فَإِنْ وطىء إحْدَاهُمَا لم تَحِلَّ الْأُخْرَى حتى يُحَرِّمَ الموطوأة ( ( ( الموطوءة ) ) ) بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْفَعَهُ وَحْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَهُ عن بَعْضِهَا فقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَفَاهُ ذلك وهو قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا
الثَّالِثَةُ شَمِلَ قَوْلُهُ بِإِخْرَاجٍ عن مِلْكِهِ
الْإِخْرَاجَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وقد صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هذا منهم مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ على ما مَرَّ في كِتَابِ الْجِهَادِ
____________________
(8/127)
لَكِنْ يعكر ( ( ( ينكر ) ) ) على ذلك ما قبل الْبُلُوغِ فإنه ليس فيه نِزَاعٌ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ الْبَيْعُ هُنَا لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ في غَيْرِهِ
قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابُ تَحْرِيمَ الثَّانِيَةِ حتى يُخْرِجَ الْأُولَى عن مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أو غَيْرِهِ
فَإِنْ بَنَيْت هذه الْمَسْأَلَةَ على ما ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ في التَّفْرِيقِ لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ الْعِتْقِ فِيمَا دُونَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ على رِوَايَتَيْنِ
ولم يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِشَيْءٍ من ذلك
وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنًى من التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا لَزِمَ تَحْرِيمُ هذه الْأَمَةِ بِلَا مُوجِبٍ انْتَهَى
وَسَبَقَهُ إلَى ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
قُلْت فيعايي بها
قَوْلُهُ فَإِنْ عَادَتْ إلَى مِلْكِهِ لم يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حتى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى
سَوَاءٌ كان وطىء الثَّانِيَةَ أو لَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
قال في الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ هذا الْأَشْهَرُ وهو الْمَنْصُوصُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ عَادَتْ بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ اجْتِنَابُهُمَا حتى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا
وَإِنْ عَادَتْ قبل وَطْءِ الْأُخْرَى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْخِرَقِيِّ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ
____________________
(8/128)
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ أنها إنْ عَادَتْ قبل وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ دُونَ أُخْتِهَا
وَاخْتَارَ الْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ أنها إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ وطىء الْبَاقِيَةَ أَنَّهُ يُقِيمُ على وَطْئِهَا وَيَجْتَنِبُ الرَّاجِعَةَ وَإِنْ رَجَعَتْ قبل وَطْءِ الْبَاقِيَةِ وطىء أَيَّتَهُمَا شَاءَ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ هذا إذَا عَادَتْ إلَيْهِ على وَجْهٍ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عليه أَمَّا إنْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لم يَلْزَمْهُ تَرْكُ أُخْتِهَا حتى يَسْتَبْرِئَهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا لم يَصِحَّ عِنْدَ أبي بَكْرٍ
وهو الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَحَكَاهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَصِحُّ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
وَحَكَاهُمَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً وَنَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا في مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا
قَوْلُهُ وَلَا يَطَأُ حتى يُحَرِّمَ الموطوأة ( ( ( الموطوءة ) ) )
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ والموطوأة ( ( ( والموطوءة ) ) ) هِيَ أَمَتُهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَحْرُمَانِ مَعًا حتى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا
____________________
(8/129)
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا مِثْلُ هذا الْحُكْمِ لو تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَتِهِ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ الْأَمَةُ إلَيْهِ لَكِنْ النِّكَاحُ بِحَالِهِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقَدَّمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ حِلَّ وَطْءِ الزَّوْجَةِ بَاقٍ
وإن ( ( ( ولمن ) ) ) أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا في مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وبن الْمُنَى
وَنَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ كما قبل الْعِتْقِ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْتَزَمَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في مَوْضِعٍ قِيَاسًا على الْمَنْعِ من تَزَوُّجِ أُخْتِهَا
قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا
الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ أُخْتَيْنِ مُسْلِمَةً ومجوسيه فَلَهُ وَطْءُ الْمُسْلِمَةِ
ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
الثَّالِثَةُ لو اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ صَحَّ وَلَا يَطَؤُهَا في عِدَّةِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ
وَهَلْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فيه الْوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ إبَاحَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا تَقَدَّمَ في آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ إذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ
____________________
(8/130)
الثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بين اكثر من أَرْبَعٍ وَلَا لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ لم يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى حتى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
أنها لو مَاتَتْ جَازَ تَزَوُّجُ غَيْرِهَا في الْحَالِ وهو صَحِيحٌ نَصَّ عليه
فَلَوْ قال أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَكَذَّبَتْهُ فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَبَدَلُهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ ليس له ذلك
فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَسْقُطُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَنَسَبُ الْوَلَدِ بَلْ الرَّجْعَةُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ
بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ منهم صَالِحٌ وبن مَنْصُورٍ وَيَعْقُوبُ بن بُخْتَانَ
لَكِنْ لو كان نِصْفُهُ فَأَكْثَرَ حُرًّا جَازَ له أَنْ يَتَزَوَّجَ ثَلَاثًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَقِيلَ هو كَالْعَبْدِ
وَيَأْتِي في آخِرِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ هل لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا
الثَّانِيَةُ اُخْتُلِفَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في جَوَازِ تَسَرِّي الْعَبْدِ بِأَكْثَرَ من اثْنَتَيْنِ فَنَقَلَ عنه الْمَيْمُونِيُّ الْجَوَازَ
____________________
(8/131)
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ في آخِرِ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ الْمَنْعَ كَالنِّكَاحِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ولم يُخْتَلَفْ عنه في أَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ وَسُرِّيَّتَهُ يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عليه
وَاخْتُلِفَ عنه في عِتْقِ الْعَبْدِ وَزَوْجَتِهِ هل يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ على ما يَأْتِي مُحَرَّرًا في آخِرِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَهُ
قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حتى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال في الِانْتِصَارِ ظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ في التَّوْبَةِ لَا يَحْرُمُ تَزَوُّجُهَا قبل التَّوْبَةِ
قال بن رَجَبٍ وَأَمَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ فلم أَرَ من صَرَّحَ بِالْبُطْلَانِ فيه وَكَلَامُ بن عَقِيلٍ يَدُلُّ على الصِّحَّةِ حَيْثُ خَصَّ الْبُطْلَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ انْتَهَى
وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا يَحْرُمُ تَزَوُّجُهَا قبل التَّوْبَةِ إنْ نَكَحَهَا غَيْرُ الزَّانِي ذَكَرَهُ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَوْبَةُ الزَّانِي بها إذَا نَكَحَهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ تَوْبَتُهُ ذَكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ عن أَصْحَابِنَا فَوَائِدُ
____________________
(8/132)
الْأُولَى تَوْبَةُ الزَّانِيَةِ أَنْ تُرَاوَدَ على الزنى فَتَمْتَنِعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وروى عن عُمَرَ وبن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما وَنَصَرَهُ بن رَجَبٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ تَوْبَتُهَا كَتَوْبَةِ غَيْرِهَا من النَّدَمِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالْعَزْمِ على أَنْ لَا تَعُودَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو وطىء بِشُبْهَةٍ أو زِنًا لم يَجُزْ في الْعِدَّةِ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كانت زَوْجَتَهُ نَصَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وفي جَوَازِ وَطْءِ أَرْبَعٍ غَيْرِهَا وَالْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وهو صَحِيحٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وبن عَقِيلٍ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في مَكَان آخَرَ
وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يُمْنَعُ من وَطْءِ الْأَرْبَعِ حتى يُسْتَظْهَرَ بِالزَّانِيَةِ حَمْلٌ وَاسْتَبْعَدَهُ الْمَجْدُ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وهو كما قال الْمَجْدُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هُنَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بين خَمْسٍ فَيَكْفِي فيه أَنْ يُمْسِكَ عن وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حتى يَسْتَبْرِئَ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ
____________________
(8/133)
وَيَأْتِي في نِكَاحِ الْكُفَّارِ لو أَسْلَمَ على أَكْثَرَ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَاخْتَارَ أَرْبَعًا هل يَعْتَزِلُ الْمُخْتَارَاتِ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ أَمْ لَا
الثَّالِثَةُ يَجُوزُ في مُدَّةِ اسْتِبْرَاءِ الْعَتِيقَةِ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وبن الْمُنَى
وَنَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ كما قبل الْعِتْقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وزاد الْأَمَةَ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْتَزَمَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في مَوْضِعٍ قِيَاسًا على الْمَنْعِ من تَزَوُّجِ أُخْتِهَا
الرَّابِعَةُ لو وُطِئَتْ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ حَرُمَ نِكَاحُهَا في الْعِدَّةِ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ بِلَا نِزَاعٍ
فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ لم يَصِحَّ وَيُبَاحُ له بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ إنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً من زَوْجٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطِئَ حَرُمَتْ عليه أَبَدًا
وَأَمَّا لِلْوَاطِئِ فَعَنْهُ تَحْرُمُ عليه إنْ كانت قد لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ من غَيْرِهِ وَإِلَّا أُبِيحَتْ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو أَصَحُّ
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ في الْعُدَدِ وَعَلَى هذا الْأَصْحَابُ كَافَّةً ما عَدَا أَبَا مُحَمَّدٍ
وَعَنْهُ تُبَاحُ له مُطْلَقًا ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ هو وَالْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
فَيَكُونُ هذا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخِطْبَةِ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ على خِلَافِهِ
____________________
(8/134)
وَعَنْهُ لَا تُبَاحُ له مُطْلَقًا حتى تَفْرُغَ عِدَّتُهَا ذَكَرَهَا في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ
قال في الْكَافِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا على الْوَاطِئِ
قال الْمُصَنِّفُ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وفي هذا الْقِيَاسِ نَظَرٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في الْعِدَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَصَابَهَا بِشُبْهَةٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ كَافِرَةٍ إلَّا حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ
يَشْمَلُ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا 2 حَرَائِرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمَا قِسْمَانِ ذِمِّيَّاتٌ وَحَرْبِيَّاتٌ
فَالذِّمِّيَّاتُ يَبُحْنَ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وَأَمَّا الْحَرْبِيَّاتُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ حِلُّ نِكَاحِهِنَّ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَحْرُمُ نِكَاحُ الْحَرْبِيَّةِ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يَجُوزُ في دَارِ الْإِسْلَامِ لَا في دَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ اُضْطُرَّ وهو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في غَيْرِ رِوَايَةٍ وَاخْتِيَارُ بن عَقِيلٍ
وَقِيلَ بِالْجَوَازِ في دَارِ الْحَرْبِ مع الضَّرُورَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا
وقال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْأَسِيرِ الْمَنْعُ
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ هل يَتَزَوَّجُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا
وقال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ إذَا كانت الْكَافِرَةُ أُمُّهَا حَرْبِيَّةٌ لم يُبَحْ نِكَاحُهَا
____________________
(8/135)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوْلَى تَرْكُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَذَبَائِحِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ حَرَائِرُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّ من دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَيُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ كَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان أَحَدُ أَبَوَيْهَا غير كِتَابِيٍّ فَهَلْ تَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا لَا تَحِلُّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ في الشَّافِي وَالْمُقْنِعِ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وأبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّا وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ تَحْرِيمُ مُنَاكَحَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَحِلُّ ذَكَرَهَا كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَحَكَاهَا في الْمُغْنِي احْتِمَالًا
قال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِذَلِكَ نَصًّا
قُلْت لَا يَلْزَمُ من عَدَمِ رُؤْيَتِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فيها نصا ( ( ( نص ) ) ) فَقَدْ أَثْبَتَهَا الثِّقَاتُ
____________________
(8/136)
وَحَكَى بن رَزِينٍ رِوَايَةً ثَالِثَةً إنْ كان أَبُوهَا كِتَابِيًّا أُبِيحَتْ وَإِلَّا فَلَا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو خَطَأٌ
تَنْبِيهَانِ
أحدهما مَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إنْ كان أَحَدُ أَبَوَيْهَا غير كِتَابِيٍّ إذَا اخْتَارَتْ هِيَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ
أَمَّا إنْ اخْتَارَتْ غَيْرَهُ فَلَا تُبَاحُ قَوْلًا وَاحِدًا
الثَّانِي فَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو كان أَبَوَيْهَا غير كِتَابِيَّيْنِ وَاخْتَارَتْ هِيَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا التَّحْرِيمُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ عنه لَا تَحْرُمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اعْتِبَارًا بِنَفْسِهِ وقال هو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَنْكِحُ مَجُوسِيٌّ كِتَابِيَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى
وَيَنْكِحُ كِتَابِيٌّ مَجُوسِيَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَنْكِحُهَا اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ كِتَابِيٌّ مَجُوسِيَّةً فَلَهُ وَطْؤُهَا على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له ذلك
قَوْلُهُ أو كانت من نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ فَهَلْ تَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
____________________
(8/137)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخِرَقِيِّ
ذَكَرَهُ أَكْثَرُهُمْ في بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ
إحْدَاهُمَا تَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ
قال الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ هذه الرِّوَايَةُ آخِرُ قَوْلَيْهِ
وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَحِلُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ نِسَاءَ الْعَرَبِ من الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى غير بَنِي تَغْلِبَ يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ حُكْمُهُنَّ حُكْمُ نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا من ذلك في بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كان عَبْدًا نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَكْثَرَ من عِشْرِينَ نَفْسًا قَالَهُ أبو بَكْرٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ
وَرَدَّهَا الْخَلَّالُ وقال إنَّمَا تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها ولم يَنْفُذْ له قَوْلٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَاف الْعَنَتَ وَلَا يَجِدَ طَوْلًا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَا ثَمَنَ أَمَةٍ
____________________
(8/138)
لَا يُبَاحُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَحْرُمُ على الْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْإِمَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَلَوْ عُدِمَ الشَّرْطَانِ أو أَحَدُهُمَا
ولم يذكر الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ غير خَوْفِ الْعَنَتِ
وَحَمَلَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ رِوَايَةَ مُهَنَّا على أَنَّ خَوْفَ الْعَنَتِ ليس بِشَرْطٍ في صِحَّةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَإِنَّمَا هو على سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ
وَيَأْتِي في الْبَابِ الذي يَلِي هذا بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً هل يَكُونُ أَوْلَادُ الْحُرِّ من الْأَمَةِ أَرِقَّاءَ أَمْ لَا
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ من الشَّرْطَيْنِ أَنْ لَا يَجِدَ ثَمَنَ أَمَةٍ
وَقَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ
وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَطَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وقال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ لو كان قَادِرًا على شِرَاءِ أَمَةٍ فَفِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَجْهَانِ
فَائِدَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ فَسَّرَ الْعَنَتَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وأبو الْحُسَيْنِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ بالزنى
____________________
(8/139)
وَكَذَا صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ
وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وقال فَلَوْ كان يَقْدِرُ على الصَّبْرِ لَكِنْ يُؤَدِّي صَبْرَهُ إلَى مَرَضٍ جَازَ له نِكَاحُ الْأَمَةِ
وَفَسَّرَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ بِعَنَتِ الْعُزُوبَةِ إمَّا لِحَاجَةِ الْمُتْعَةِ وَإِمَّا لِلْحَاجَةِ إلَى خِدْمَةِ الْمَرْأَةِ لِكِبَرٍ أو سَقَمٍ أو غَيْرِهِمَا وَقَالُوا نَصَّ عليه
وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ولم يذكر جَمَاعَةٌ الْخِدْمَةَ
وَأَدْخَلَ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ إذَا كان له شَهْوَةٌ يَخَافُ مَعَهَا من التَّلَذُّذِ بِالْمُبَاشَرَةِ حَرَامًا وهو عَادِمٌ لِلطَّوْلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا
وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ حُرٍّ مُسْلِمٍ غَيْرِ مَجْبُوبٍ أَمَةً مُسْلِمَةً إلَّا بِشَرْطَيْنِ
تَنْبِيهٌ عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَا يَجِدُ طَوْلًا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ
يَشْمَلُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ وهو كَذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحُرَّةَ
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالُ حُرَّةٍ مُؤْمِنَةٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ
وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ
وقال في التَّرْغِيبِ في حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ وَجْهَانِ
وَيَشْمَلُ قَوْلُهُ وَلَا ثَمَنَ أَمَةٍ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ
وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وقد أَطْلَقَ الأمة ( ( ( للأمة ) ) ) أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
____________________
(8/140)
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ
وَقَيَّدَ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ الْأَمَةَ بِالْإِسْلَامِ
فَوَائِدُ
الْأَوْلَى وُجُودُ الطَّوْلِ هو أَنْ لَا يَمْلِكَ مَالًا حَاضِرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّوْلَ بِالسَّعَةِ
قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ عَدَمُ الطَّوْلِ أَنْ لَا يَجِدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ
زَادَ بن عَقِيلٍ وَلَا نَفَقَتَهَا وهو أَوْلَى إذَا عَلِمَ ذلك ولم يَمْلِكْ مَالًا حَاضِرًا وَوَجَدَ من يُقْرِضُهُ أو رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أو بِدُونِ مَهْرِهَا لم يَلْزَمْهُ وَجَازَ له نِكَاحُ الْأَمَةِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْأَزَجِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنْ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أو بِدُونِ مَهْرِهَا لَزِمَهُ
وَقِيلَ إنْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا
وَلَوْ وُهِبَ له الصَّدَاقُ لم يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ
الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجْحِفَ بِمَالِهِ فَإِنْ أَجْحَفَ بِمَالِهِ جَازَ له نِكَاحُ الْأَمَةِ وَلَوْ كان قَادِرًا على نِكَاحِ الْحُرَّةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ ما لَا يُعَدُّ سَرَفًا
الثَّالِثَةُ لو وَجَدَ حُرَّةً لَا تُوطَأُ لِصِغَرِهَا أو كانت زَوْجَتُهُ غَائِبَةً جَازَ له نِكَاحُ الْأَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في الزَّوْجَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
____________________
(8/141)
قال بن أبي مُوسَى ليس لِحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ عليها أَمَةً لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَلِلْعَبْدِ الذي تَحْتَهُ حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ عليها أَمَةً قَوْلًا وَاحِدًا
وَلَوْ كانت زَوْجَتُهُ مَرِيضَةً جَازَ له أَيْضًا نِكَاحُ الْأَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ
الرَّابِعَةُ قال في التَّرْغِيبِ نِكَاحُ من بَعْضُهَا حُرٌّ أَوْلَى من نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَوْلَى من إرْقَاقِ جَمِيعِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَفِيهِ الشَّرْطَانِ ثُمَّ أَيْسَرَ أو نَكَحَ حُرَّةً فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا فِيهِمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الْأَخِيرَةِ
إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَفِيهِ الشَّرْطَانِ ثُمَّ أَيْسَرَ لم يَبْطُلْ نِكَاحُ الْأَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْطُلُ
وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ من رِوَايَةِ صِحَّةِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ على الْأَمَةِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وإذا نَكَحَ حُرَّةً على الْأَمَةِ لم يَبْطُلْ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من
____________________
(8/142)
الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وبن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْطُلُ
قَدَّمَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وقال في الْمُنْتَخَبِ يَكُونُ ذلك طَلَاقًا فِيهِمَا لَا فَسْخًا
وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً على أَمَةٍ يَكُونُ طَلَاقًا لِلْأَمَةِ لِقَوْلِ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لو زَالَ خَوْفُ الْعَنَتِ لَا يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ ما إذَا أَيْسَرَ وَنَكَحَ حُرَّةً على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً أو أَمَةً فلم تُعِفَّهُ ولم يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ أُخْرَى فَهَلْ له نِكَاحُ أَمَةٍ أُخْرَى على رِوَايَتَيْنِ
إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً فلم تُعِفَّهُ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ عليها الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ له ذلك إذَا كان فيه الشَّرْطَانِ قَائِمَيْنِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ قَطَعَ بِهِ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو جَمَعَ بَيْنَهُمَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ
____________________
(8/143)
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عليها
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَحَرَّرَ لِأَصْحَابِنَا في تَزْوِيجِ الْأَمَةِ على الْحُرَّةِ ثَلَاثُ طُرُقٍ
أَحَدُهَا الْمَنْعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً ذَكَرَهَا بن ابي مُوسَى وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ
قال الْقَاضِي هذا إذَا كان يُمْكِنُهُ وَطْءُ الْحُرَّةِ فَإِنْ لم يُمْكِنْهُ جَازَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ هِيَ عِنْدِي مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهَا يَدُلُّ كَلَامُهُ
الطَّرِيقُ الثَّانِي إذَا لم تُعِفَّهُ فيه رِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُ
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ في الْجَمْعِ رِوَايَتَانِ كما ذَكَرَ الْمَجْدُ انْتَهَى
وقال في الْفَائِدَةِ الْأَخِيرَةِ من الْقَوَاعِدِ لو تَزَوَّجَ حُرٌّ خَائِفُ الْعَنَتِ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلطَّوْلِ حُرَّةً تُعِفُّهُ بِانْفِرَادِهَا وَأَمَةً في عَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وهو أَصَحُّ
وَقِيلَ يَصِحُّ جَمْعُهُمَا قَالَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا انْتَهَى
وإذا تَزَوَّجَ أَمَةً فلم تُعِفَّهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ نِكَاحِ ثَانِيَةٍ بِشَرْطِهِ ثُمَّ ثَالِثَةٍ كَذَلِكَ ثُمَّ رَابِعَةٍ كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/144)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ له ذلك
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا قُلْنَا له نِكَاحُ أَرْبَعٍ جَازَ له أَنْ يَنْكِحَهُنَّ دَفْعَةً وَاحِدَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُعِفُّهُ إلَّا ذلك صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِيهِ
وقال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ لم تُعِفَّهُ وَاحِدَةٌ فَثَانِيَةٌ ثُمَّ ثَالِثَةٌ ثُمَّ رَابِعَةٌ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَلَخَّصَ لِأَصْحَابِنَا في تَزَوُّجِ الْإِمَاءِ ثَلَاثُ طُرُقٍ
أَحَدُهَا طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ من وَاحِدَةٍ إلَّا إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ بِأَنْ لَا يُمْكِنَهُ وَطْءُ التي تَحْتَهُ وَمَتَى أَمْكَنَهُ وَطْؤُهَا لم يَجُزْ
قال بن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فَهَلْ يُجْعَلُ وُجُودُ زَوْجَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَمْنًا من الْعَنَتِ وَالْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إذَا كان تَحْتَهُ حُرَّةٌ سَوَاءً
الطَّرِيقُ الثَّانِي إذَا كان فيه الشَّرْطَانِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَإِنْ كان مُتَمَكِّنًا من وَطْءِ الْأُولَى وَهَذَا مَعْنَى خَوْفِ الْعَنَتِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي مُحَمَّدٍ ولم يذكر الْخِرَقِيُّ إلَّا ذلك
وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقْتَضِي الْحِلَّ وَإِنْ كان قَادِرًا على الْوَطْءِ
____________________
(8/145)
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ الْمَسْأَلَةُ في مِثْلِ هذا على رِوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى انْتَهَى
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلِلْعَبْدِ نِكَاحُ الْأَمَةِ
وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ مع أَنَّ الشَّيْخَ وَغَيْرَهُ عَلَّلَ مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ بِالْمُسَاوَاةِ فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيهِمَا وفي الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ
قَوْلُهُ وَهَلْ له يَعْنِي الْعَبْدَ أَنْ يَنْكِحَهَا على حُرَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في الْعَقْدِ جَازَ
يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأُولَى قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَحَمَلَ بن مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ النِّكَاحَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَحْدَهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(8/146)
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ يَصِحُّ في الْحُرَّةِ
وفي الْمُوجَزِ في الْعَبْدِ رِوَايَةَ يَصِحُّ في الْأَمَةِ وَكَذَا في التَّبْصِرَةِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ
وقال إنْ لم تُعْتَبَرْ الْكَفَاءَةُ صَحَّ فِيهِمَا وهو رِوَايَةٌ في الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَيَتَخَرَّج أَنْ لَا يَجُوزَ
قال الشَّارِحُ بِنَاءً على قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ على حُرَّةٍ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لو تَزَوَّجَ الْحُرُّ أَمَةً على حُرَّةٍ بِشَرْطِهِ هل يَجُوزُ أَمْ لَا
وَلَكِنْ لو طَلَّقَ الْحُرَّةَ طَلَاقًا بَائِنًا جَازَ له نِكَاحُ الْأَمَةِ في عِدَّتِهَا مع وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
وَخَرَّجَ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَجْهًا بِالْمَنْعِ إذَا مَنَعْنَا من الْجَمْعِ في صُلْبِ النِّكَاحِ مع الْغَيْبَةِ وَنَحْوِهَا
فَائِدَةٌ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ في نِكَاحِ الْأَمَةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
لَكِنْ قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمَا إنْ اعْتَبَرْنَا إسْلَامَ الْأَمَةِ في حَقِّ الْمُسْلِمِ اعْتَبَرْنَا كَوْنَهَا كِتَابِيَّةً في حَقِّ الْكِتَابِيِّ
وقال في الْوَسِيلَةِ الْمَجُوسِيُّ كَالْكِتَابِيِّ في نِكَاحِ الْأَمَةِ
وقال في الْمَجْمُوعِ وَكُلُّ كَافِرٍ كَمُسْلِمٍ في نِكَاحِ الْأَمَةِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا مَلَكَ كِتَابِيٌّ مَجُوسِيَّةً هل له وَطْؤُهَا أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَلَا لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ وَلَا أَمَةَ ابْنِهِ
لَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ نِكَاحُ أَمَتِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا لو كان له بَعْضُهَا صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَلَيْسَ له نِكَاحُ أَمَةِ ابْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(8/147)
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ
تَنْبِيهٌ قال بن رَجَبٍ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ الْحُرِّ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَذَكَرُوا أَصْلَهُ في الْمَذْهَبِ وهو وُجُوبُ إعْفَافِ الِابْنِ أَبَاهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ إلَى النِّكَاحِ
وإذا وَجَبَ عليه إعْفَافُهُ كان وَاجِدًا لِلطَّوْلِ
قال وَعَلَى هذا الْمَأْخَذِ لَا فَرْقَ بين أَنْ يُزَوِّجَهُ بِأَمَتِهِ أو أَمَةِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بين الْأَبِ وَالْجَدِّ من الطَّرَفَيْنِ
وكذلك يَلْزَمُ في سَائِرِ من يَلْزَمُ إعْفَافُهُ من الْأَقَارِبِ على الْخِلَافِ فيه وَصَرَّحَ بِهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وَلَوْ كان الِابْنُ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ على إعْفَافِ أبيه فَهَلْ لِلْأَبِ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَتِهِ
ذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ احْتِمَالَيْنِ الْجَوَازُ لِانْتِفَاءِ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَالْمَنْعُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ
وَخَرَّجَ أَيْضًا رِوَايَةً بِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ مُطْلَقًا من رِوَايَةِ عَدَمِ وُجُوبِ إعْفَافِهِ
وَلِلْأَصْحَابِ في الْمَنْعِ مَأْخَذٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالْأَصْحَابُ
وهو أَنَّ الْأَبَ له شُبْهَةُ الْمِلْكِ في مَالِ وَلَدِهِ وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ تَمْنَعُ من النِّكَاحِ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ الْمُكَاتَبِ
وَعَلَى هذا الْمَأْخَذِ يَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِأَمَةِ الِابْنِ وَهَلْ يَدْخُلُ فيه الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا من الطَّرَفَيْنِ فيه نَظَرٌ
قال وَلِلْمَنْعِ مَأْخَذٌ ثَالِثٌ وهو أَنَّ الْأَبَ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ وَلَدِهِ فَأَوْلَدَهَا فَهَلْ تَصِيرُ بِذَلِكَ مُسْتَوْلَدَةً وَيَنْعَقِدُ وَلَدُهُ حُرًّا أَمْ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً وَيَنْعَقِدُ رَقِيقًا
____________________
(8/148)
ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا لِأَنَّ وَطْأَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ ليس تَصَرُّفًا في مَالِ وَلَدِهِ بِحُكْمِ الْأُبُوَّةِ بَلْ هو تَصَرُّفٌ بِعَقْدٍ يُشَارِكُهُ فيه الْأَجَانِبُ فَيَنْعَقِدُ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً
قال وَهَذَا مع الْقَوْلِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا مع ظَنِّ صِحَّتِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ
وَأَمَّا مع الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ فَبَعِيدٌ جِدًّا
وَتَرَدَّدَ بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ في ثُبُوتِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَاسْتِيلَادِهِ كَتَرَدُّدِهِ في حُكْمِ النِّكَاحِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ مع رِقِّ الْوَلَدِ وَعَدَمِ الِاسْتِيلَادِ وكان أَوَّلًا أَفْتَى بِالرِّقِّ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ مُسْتَنِدًا إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ
قال بن رَجَبٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لَزِمَ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَاسْتِيلَادُ أُمِّهِ
قال وهو أَظْهَرُ كما لو نَكَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَأْخَذُ الْمَنْعِ من النِّكَاحِ مُعَرَّضًا لِلِانْفِسَاخِ بِحُصُولِ الْوَلَدِ الذي هو مَقْصُودُ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ جَوَازُ تَزْوِيجِ الِابْنِ بِأَمَةِ وَالِدِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قال لها إذَا مَاتَ أبي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فيه وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يَقَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وبن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وأبو الْخَطَّابِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَتَرَتَّبُ عليه وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْمِلْكُ سَبَقَ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَقَدْ سَبَقَ نُفُوذُ الطَّلَاقِ الْفَسْخَ فَنَفَذَ
____________________
(8/149)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَارَنَ الْمَانِعَ وهو الْمِلْكُ فلم يَنْفُذْ
وَقَدَّمَهُ المصنف ( ( ( للمصنف ) ) ) في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَيَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُحَرَّرًا
وَمِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو تَزَوَّجَ أَمَةً وقال إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فيه الْوَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْتَقِلُ الْمَلِكُ مع الْخِيَارِ وهو الصَّحِيحُ لم يَقَعْ الطَّلَاقُ
وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَجْهًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ
فَائِدَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ نِكَاحُ عبد وَلَدِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَجُوزُ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ ابْنِهِ
جَوَازُ تَزَوُّجِ الْأَبِ بِأَمَةِ وَلَدِهِ إنْ كان رَقِيقًا وهو صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ فيه
وَكَذَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ نِكَاحُ عبد وَلَدِهَا إذَا كانت رَقِيقَةً
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْحُرُّ زَوْجَتَهُ وَكَذَا بَعْضَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا ابْنُهُ وَكَذَا بَعْضُهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا يَنْفَسِخُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْفُرُوعِ يَنْفَسِخُ على الْأَصَحِّ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْفَسِخُ فَائِدَتَانِ
____________________
(8/150)
إحْدَاهُمَا كَذَا الْحُكْمُ لو اشْتَرَاهَا أو بَعْضَهَا مُكَاتَبَةً خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا وَجْهَانِ
الثَّانِيَةُ حُكْمُ شِرَاءِ الزَّوْجَةِ أو وَلَدِهَا أو مُكَاتَبِهَا لِلزَّوْجِ حُكْمُ شِرَاءِ الزَّوْجِ أو وَلَدِهِ أو مُكَاتَبِهِ لِلزَّوْجَةِ
فَلَوْ بَعَثَتْ إلَى زَوْجِهَا تُخْبِرُهُ أَنِّي قد حَرُمْت عَلَيْك وَنَكَحْت غَيْرَك وَعَلَيْك نَفَقَتِي وَنَفَقَةِ زَوْجِي فَهَذِهِ امْرَأَةٌ مَلَكَتْ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بن عَمِّهَا فيعايي بها
وَتَقَدَّمَ جَوَازُ تَزْوِيجِ بِنْتِهِ بِعَبْدِهِ عِنْدَ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ
وَيَأْتِي ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ بِأَتَمَّ من هذا
قَوْلُهُ وَمَنْ جَمْع بين مُحَرَّمَةٍ وَمُحَلَّلَةٍ في عَقْدٍ وَاحِدٍ فَهَلْ يَصِحُّ فِيمَنْ تَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ فِيمَنْ تَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَنْصُوصُ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
فَائِدَةٌ لو تَزَوَّجَ أُمًّا وَبِنْتًا في عَقْدٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ
____________________
(8/151)
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ مَعًا وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَحْدَهَا ذَكَرَهُ في الْكَافِي
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَصَحَّحَهُ في الْفَائِدَةِ الْأَخِيرَةِ من الْقَوَاعِدِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إلَّا إمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ وَطْءِ إمَاءِ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَذَكَرَهُ بن أبي شَيْبَةَ في كِتَابِهِ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَمْرِو بن دِينَارٍ فَلَا يَصِحُّ ادِّعَاءُ الْإِجْمَاعِ مع مُخَالَفَةِ هَؤُلَاءِ
قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحِلُّ نِكَاحُهُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وقال الْخِرَقِيُّ إذَا قال أنا رَجُلٌ لم يُمْنَعْ من نِكَاحِ النِّسَاءِ ولم يَكُنْ له أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ ذلك بَعْدُ وَإِنْ قال أنا امْرَأَةٌ لم تَنْكِحْ إلَّا رَجُلًا
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ
فَعَلَى هذا لو قال أنا رَجُلٌ وَقَبِلْنَا قَوْلَهُ في ذلك في النِّكَاحِ فَهَلْ يَثْبُتُ
____________________
(8/152)
في حَقِّهِ سَائِرُ أَحْكَامِ الرِّجَالِ تَبَعًا لِلنِّكَاحِ وَيَزُولُ بِذَلِكَ إشْكَالُهُ أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيمَا عليه من حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ دُونَ ماله منها لِئَلَّا يَلْزَمَ قَبُولُ قَوْلِهِ في اسْتِحْقَاقِهِ بِمِيرَاثِ ذَكَرٍ وَدِيَتِهِ فيه وَجْهَانِ
ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قال أنا امْرَأَةٌ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ
هذا تَفْرِيعٌ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في ذلك
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أنا امْرَأَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ أنا رَجُلٌ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ عنه مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وفي نِكَاحِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ الْوَجْهَانِ الْآتِيَانِ بَعْدُ
فَوَائِدُ
الْأُولَى على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ لو لم يَكُنْ مُتَزَوِّجًا وَرَجَعَ عن قَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِأَنْ قال أنا رَجُلٌ ثُمَّ قال أنا امْرَأَةٌ أو عَكْسُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ له نِكَاحَ ما عَادَ إلَيْهِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو الصَّحِيحُ
قال في الْفُرُوعِ فَلَوْ عَادَ عن قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِكَاحُ ما عَادَ إلَيْهِ في الْأَصَحِّ
وقال في الْمُحَرَّرِ يُمْنَعُ من نِكَاحِ الصِّنْفَيْنِ عِنْدِي
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ في الْكَافِي
الثَّانِيَةُ قال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ في الْفَرْجِ الزَّائِدِ
قُلْت إذَا زَوَّجْنَاهُ على أَنَّهُ أُنْثَى لم يُسْتَبْعَدْ جَوَازُ وَطْئِهِ فيه كما يَجُوزُ مُبَاشَرَتُهُ في سَائِرِ بَدَنِهِ غير دُبُرِهِ
الثَّالِثَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحْرُمُ في الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَلَا الْجَمْعُ بين الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(8/153)
بَابُ الشُّرُوطِ في النِّكَاحِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ في النِّكَاحِ في هذا الْبَابِ مَحَلُّ ذِكْرِهَا صُلْبُ الْعَقْدِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالنَّظْمِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وكذا لو اتَّفَقَا عليه قبل الْعَقْدِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وقال على هذا جَوَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَسَائِلِ الْحِيَلِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذلك تَنَاوُلًا وَاحِدًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ
قال وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في فَتَاوِيهِ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَمَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَمُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه
الثَّانِيَةُ لو وَقَعَ الشَّرْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلُزُومِهِ فَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ
قال بن رَجَبٍ وَيُتَوَجَّهُ صِحَّةُ الشَّرْطِ فيه بِنَاءً على صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْفَصِلًا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا سِيَّمَا وَالنِّكَاحُ تَصِحُّ الزِّيَادَةُ فيه في الْمَهْرِ بَعْدَ عَقْدِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ وَهِيَ قِسْمَانِ صَحِيحٌ مِثْلَ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ في الْمَهْرِ أو نَقْدٍ
____________________
(8/154)
مُعَيَّنٍ أو لَا يُخْرِجُهَا من دَارِهَا أو بَلَدِهَا أو أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ وَلَا يَتَسَرَّى عليها
فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ إنْ وَفَى بِهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ الْأَثَرِ وَالْقِيَاسِ يَقْتَضِي مَنْعَهُ من فِعْلِ ذلك الشَّرْطِ الصَّحِيحِ
وَحَكَى الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ عن شَيْخِهِ أبي جَعْفَرٍ رِوَايَةَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بها وَلَا يَتَزَوَّجَ وَلَا يَتَسَرَّى عليها
وَيَأْتِي في الصَّدَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ وإذا تَزَوَّجَهَا على صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ لُحُوقُ الزِّيَادَةِ في الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ شَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عليها أو إنْ تَزَوَّجَ عليها فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا
الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ صِحَّةُ دَفْعِ كل وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ إلَى الْآخَرِ مَالًا على أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَمَّا الزَّوْجُ فَمُطْلَقًا وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَبَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَمَنْ لم يَفِ بِالشَّرْطِ لم يَسْتَحِقَّ الْعِوَضَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطٍ فَتَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ
وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لو شَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ على الْآخَرِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بَعْدَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ
وَوَجْهُهُ أَنَّهُ ليس في ذلك غَرَضٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ وَاقْتَصَرَ في الْفُرُوعِ على ذِكْرِ رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْمُوصَى له لو أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ على أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ
____________________
(8/155)
الثَّالِثَةُ قال الشيخ ( ( ( للشيخ ) ) ) تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو خَدَعَهَا فَسَافَرَ بها ثُمَّ كَرِهَتْهُ لم يَكُنْ له أَنْ يُكْرِهَهَا بَعْدَ ذلك
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ هذا إذَا لم تُسْقِطْ حَقَّهَا وَاضِحٌ أَمَّا لو أَسْقَطَتْ حَقَّهَا من الشَّرْطِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لها الرُّجُوعُ فيه كَهِبَةِ حَقِّهَا من الْقَسْمِ وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَكُونَ لها الْعَوْدَةُ فيه كما لو أَسْقَطَتْ حَقَّهَا من بَعْضِ مَهْرِهَا الْمُسَمَّى وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ فَذَكَرَهُ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ أنها إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا يَسْقُطُ مُطْلَقًا
وقال أَيْضًا لو شَرَطَ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا من مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَمَاتَ الْأَبُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ يَبْطُلُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا من مَنْزِلِ أُمِّهَا إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ الْأُمُّ
وَلَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَى الْمَنْزِلِ لِخَرَابٍ أو غَيْرِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا من الْفَسْخِ بِنَقْلِهَا عنه أَفْتَيْت بِأَنَّهُ إنْ نَقَلَهَا إلَى مَنْزِلٍ تَرْتَضِيهِ هِيَ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ نَقَلَهَا إلَى مَنْزِلٍ لَا تَرْتَضِيه فَلَهَا الْفَسْخُ ولم أَقِفْ فيه على نَقْلٍ انْتَهَى
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ له أَنْ يَسْكُنَ بها حَيْثُ أَرَادَ سَوَاءٌ رَضِيَتْ أو لَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالشَّرْطُ عَارِضٌ وقد زَالَ فَرَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ وهو مَحْضُ حَقِّهِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ شَرَطَ لها أَنْ يُسْكِنَهَا بِمَنْزِلِ أبيه فَسَكَنَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ سُكْنَى مُنْفَرِدَةً وهو عَاجِزٌ لَا يَلْزَمُهُ ما عَجَزَ عنه بَلْ لو كان قَادِرًا ليس لها على قَوْلٍ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ غَيْرُ ما شَرَطَتْ لها
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قال وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ في الْجُمْلَةِ بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لها بِعَدَمِهِ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهَا لَا لِحَقِّهِ لِمَصْلَحَتِهِ حتى يَلْزَمَ في حَقِّهَا وَلِهَذَا لو سَلَّمَتْ نَفْسَهَا من شَرَطَتْ دَارَهَا فيها أو في دَارِهِ لَزِمَ انْتَهَى
____________________
(8/156)
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى الشَّرْطُ الْعُرْفِيُّ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا وَأَطَالَ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ لها طَلَاقَ ضَرَّتِهَا فقال أبو الْخَطَّابِ هو صَحِيحٌ
جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إذَا شَرَطَ لها طَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَقُلْنَا يَصِحُّ في رِوَايَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ من الحديث
قال الْمُصَنِّفُ وهو الصَّحِيحُ
وقال لم أَرَ ما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ لِغَيْرِهِ
قُلْت قد حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ
وَصَحَّحَ ما صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في النَّظْمِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فإنه قال وَيَصِحُّ شَرْطُ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا في رِوَايَةٍ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ بَاطِلٌ فَوَائِدُ
الْأُولَى حُكْمُ شَرْطِ بَيْعِ أَمَتِهِ حُكْمُ شَرْطِ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ وَمِثْلُهُ بَيْعُ أَمَتِهِ
الثَّانِيَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِصِحَّةِ شَرْطِ سُكْنَى الدَّارِ أو الْبَلَدِ وَنَحْوِ ذلك لم يَجِبْ
____________________
(8/157)
الْوَفَاءُ بِهِ على الزَّوْجِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ
وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ على ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَصَرَّحَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ مُخَالَفَةُ ما شَرَطَ عليه
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لها أَنْ لَا يُخْرِجَهَا من قَرْيَتِهَا ثُمَّ بَدَا له أَنْ يُخْرِجَهَا قال ليس له أَنْ يُخْرِجَهَا
وقد ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا شَرَطَتْ دَارَهَا أو بَلَدَهَا وَجْهًا بِأَنَّهُ يُجْبَرُ على الْمَقَامِ مَعَهَا
وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى إلَّا بِإِذْنِهَا في وَجْهٍ إذَا شَرَطَتْهُ
إذَا عَلِمَتْ ذلك فَلَهَا الْفَسْخُ بِالنَّقْلَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّسَرِّي كما قال الْمُصَنِّفِ
فَأَمَّا إنْ أَرَادَ نَقْلَهَا وَطَلَبَ منها ذلك فقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ لها الْفَسْخُ بِالْعَزْمِ على الْإِخْرَاجِ وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
وقال الْعَزْمُ الْمُجَرَّدُ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ إذْ لَا ضَرَرَ فيه وهو صَحِيحٌ ما لم يَقْتَرِنْ بِالْهَمِّ طَلَبُ نَقْلَةٍ
الثَّالِثَةُ لو شَرَطَتْ أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ كَاشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ في الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَكَمَا لو اشْتَرَطَتْ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا من دَارِهَا
الرَّابِعَةُ ذَكَرَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ من الشُّرُوطِ اللَّازِمَةِ إذَا شُرِطَ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بينها ( ( ( بينهما ) ) ) وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا وَأَوْلَادِهَا أو ابْنِهَا الصَّغِيرِ وَأَنْ تُرْضِعَهُ
وَكَذَا ذَكَرَ بن أبي مُوسَى أنها إذَا شَرَطَتْ أَنَّ لها وَلَدًا تُرْضِعُهُ فَلَهَا شَرْطُهَا
____________________
(8/158)
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ وَلَوْ شَرَطَتْ عليه نَفَقَةَ وَلَدِهَا وَكِسْوَتِهِ صَحَّ وكان من الْمَهْرِ
قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وَظَاهِرُهُ لَا يُشْتَرَطُ مع ذلك تَعْيِينُ مُدَّةٍ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكِسْوَتِهَا فإنه ذَكَرَهَا بَعْدَهَا انْتَهَى
قُلْت ليس كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضِحٌ
الْخَامِسَةُ هذه الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ إنَّمَا تَلْزَمُ في النِّكَاحِ الذي شُرِطَتْ فيه
فَأَمَّا إنْ بَانَتْ منه ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لم تَعُدْ هذه الشُّرُوطُ في هذا الْعَقْدِ الثَّانِي بَلْ يَبْطُلُ حُكْمُهَا إذَا لم يَذْكُرْهَا فيه ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قال بن رَجَبٍ وَيَتَخَرَّجُ عَوْدُهَا في النِّكَاحِ الثَّانِي إذَا لم يَكُنْ اسْتَوْفَى عَدَدَ الطَّلَاقِ لَزِمَ فيه كُلُّ ما كان مُلْتَزَمًا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ
السَّادِسَةُ خِيَارُ الشَّرْطِ على التراخى لَا يَسْقُطُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ على الرِّضَى من قَوْلٍ أو تَمْكِينٍ منها مع الْعِلْمِ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في بَابِ الْعُيُوبِ في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي فَاسِدٌ وهو ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا ما يُبْطِلُ النِّكَاحَ وهو ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا نِكَاحُ الشِّغَارِ وهو أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ على أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَالَا وَبُضْعُ كل وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْأُخْرَى أولا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ وهو تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ
____________________
(8/159)
فَعَلَيْهِ لها مَهْرُ الْمِثْلِ
قَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا صَحَّ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَصِحُّ
وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وبن عَقِيلٍ رِوَايَةً
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إنْ قال مع ذلك وَبُضْعُ كل وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْأُخْرَى وَإِنْ لم يَقُلْ ذلك صَحَّ
وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن الْجَوْزِيِّ يَصِحُّ معه بِتَسْمِيَةٍ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا وَاخْتَارَهُ أَنَّ بُطْلَانَهُ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ
قال وهو الذي عليه قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ كَالْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مُسْتَقِلًّا غير قَلِيلٍ وَلَا حِيلَةَ نَصَّ عليه
وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ كان مَهْرَ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(8/160)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو سمى لِإِحْدَاهُمَا مَهْرٌ ولم يُسَمَّ لِلْأُخْرَى شَيْءٌ فَسَدَ نِكَاحُ من لم يُسَمَّ لها صَدَاقٌ لَا غَيْرُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا أَوْلَى
وقال أبو بَكْرٍ يَفْسُدُ النِّكَاحُ فِيهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى
فَائِدَةٌ لو جَعَلَا بُضْعَ كل وَاحِدَةٍ وَدَرَاهِمَ مَعْلُومَةً صَدَاقَ الْأُخْرَى لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ
وَقِيلَ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَحْدَهُ
قَوْلُهُ الثَّانِي نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وهو أَنْ يَتَزَوَّجَهَا على أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا طَلَّقَهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ مع شَرْطِهِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَخَرَّجَ الْقَاضِي أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْعَقْدِ من اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ
وَخَرَّجَهَا بن عَقِيلٍ من الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى ذلك من غَيْرِ شَرْطٍ لم يَصِحَّ أَيْضًا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو كما قال
وَقِيلَ يُكْرَهُ وَيَصِحُّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَحَكَاهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا رِوَايَةً
وَمَنَعَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَيُؤْخَذُ من الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ في الْعَقْدِ
____________________
(8/161)
فَلَوْ نَوَى قبل الْعَقْدِ ولم يَرْجِعْ عنها فَهُوَ نِكَاحُ مُحَلِّلٍ وَإِنْ رَجَعَ عنها وَنَوَى عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ صَحَّ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَوَتْ ذلك لَا يُؤَثِّرُ في الْعَقْدِ وهو الصَّحِيحُ
وقال في الْوَاضِحِ نِيَّتُهَا كَنِيَّتِهِ
وقال في الرَّوْضَةِ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ إذَا اتَّفَقَا
فَإِنْ اعْتَقَدَتْ ذلك بَاطِنًا ولم تُظْهِرْهُ صَحَّ في الْحُكْمِ وَبَطَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى
وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إلَى الْمَمَاتِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ لو اشْتَرَى عَبْدًا وَزَوَّجَهُ بِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ وَهَبَهَا الْعَبْدَ أو بَعْضَهُ لِيَفْسَخَ نِكَاحَهَا لم يَصِحَّ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَاشْتَرَى عَبْدًا وَزَوَّجَهُ بها فَهَذَا الذي نهى عنه عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه يُؤَدَّبَانِ جميعا وَهَذَا فَاسِدٌ ليس بِكُفْءٍ وهو شِبْهُ الْمُحَلِّلِ
قال في الْفُرُوعِ وَتَزْوِيجُهُ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لِعَبْدِهِ بِنِيَّةِ هِبَتِهِ أو بَيْعِهِ منها لِيَفْسَخَ النِّكَاحَ كَنِيَّةِ الزَّوْجِ وَمَنْ لَا فُرْقَةَ بيده وَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِتَأَسُّفِهِ على طَلَاقِهَا حِلُّهَا بِعَبْدٍ في مَذْهَبِنَا لِأَنَّهُ يَقِفُ على زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ وَمَتَى زَوَّجَهَا مع ما ظَهَرَ من تَأَسُّفِهِ عليها لم يَكُنْ قَصْدُهُ بِالنِّكَاحِ إلَّا التَّحْلِيلَ وَالْقَصْدُ عِنْدَنَا يُؤَثِّرُ في النِّكَاحِ بِدَلِيلِ ما ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا إذَا تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ من الْبَلَدِ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ إذَا لم يَقْصِدْ الْعَبْدُ التَّحْلِيلَ
____________________
(8/162)
وقال الْعَلَّامَةُ بن الْقَيِّمِ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ لو أَخْرَجَتْ من مَالِهَا ثَمَنَ مَمْلُوكٍ فَوَهَبَتْهُ لِبَعْضِ من تَثِقُ بِهِ فَاشْتَرَى بِهِ مَمْلُوكًا ثُمَّ خَطَبَهَا على مملوكه ( ( ( مملوك ) ) ) فَزَوَّجَهَا منه فَدَخَلَ بها الْمَمْلُوكُ ثُمَّ وَهَبَهَا إيَّاهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ولم يَكُنْ هُنَاكَ تَحْلِيلٌ مَشْرُوطٌ وَلَا منوى مِمَّنْ تُؤَثِّرُ نِيَّتُهُ وَشَرْطُهُ وهو الزَّوْجُ فإنه لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ وَلَا الْوَلِيِّ
قال وقد صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ ذلك يُحِلُّهَا
فقال في المغنى فَإِنْ تَزَوَّجَهَا مَمْلُوكٌ وَوَطِئَهَا أَحَلَّهَا انْتَهَى
وَهَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرُ التي مَنَعَ منها الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه مَنَعَ من حِلِّهَا إذَا كان الْمُطَلِّقُ الزَّوْجَ وَاشْتَرَى الْعَبْدَ وَزَوَّجَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا لِيُحِلَّهَا انْتَهَى
قَوْلُهُ الثَّالِثُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وهو أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلي مُدَّةٍ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَيَصِحُّ ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وقال رَجَعَ عنها الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن لَفْظِ الْحَرَامِ ولم يَنْفِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُ أبي بَكْرٍ يَمْنَعُ هذا وَيَقُولُ الْمَسْأَلَةُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ وَيَلْغُوَ التَّوْقِيتُ
فَائِدَةٌ لو نَوَى بِقَلْبِهِ فَهُوَ كما لو شَرَطَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ الشَّيْخُ فيها بِصِحَّتِهِ مع النِّيَّةِ وَنَصَّهُ وَالْأَصْحَابُ على خِلَافِهِ انْتَهَى
وَقِيلَ يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَالَا هذا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ كما لو نَوَى إنْ وَافَقَتْهُ وَإِلَّا طَلَّقَهَا
____________________
(8/163)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لم أَرَ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ قال لَا بَأْسَ بِهِ
وما قَاسَ عليه لَا رَيْبَ أَنَّهُ مُوجَبُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ ما تَقَدَّمَ فإنه يُنَافِيهِ لِقَصْدِهِ التَّوْقِيتَ
قَوْلُهُ وَنِكَاحٌ شَرَطَ فيه طَلَاقَهَا في وَقْتٍ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ في النِّكَاحِ طَلَاقَهَا في وَقْتٍ حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلَ الشَّرْطُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قَوْلُهُ أو عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ على شَرْطٍ كَقَوْلِهِ زَوَّجْتُك إذَا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ أو إنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ في ذلك وَشَبَهِهِ
قال في الْفُرُوعِ إذَا عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ على شَرْطٍ فَسَدَ الْعَقْدُ على الْأَصَحِّ كَالشَّرْطِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَبَعَّدَهَا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ وَالْأَنَصُّ من كَلَامِهِ جَوَازُهُ
قال بن رَجَبٍ وَرِوَايَةُ الصِّحَّةِ أَقْوَى
قال في الْفَائِقِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ
وَعَنْهُ يَصِحُّ نَصَرَهُ شَيْخُنَا وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ في الْمُحَرَّرِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ أَظُنُّ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازَ عن تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَدَخَلَ في
____________________
(8/164)
ذلك قَوْلُهُ إذَا قال زَوَّجْتُك هذا الْمَوْلُودَ إنْ كان أُنْثَى أو زَوَّجْتُك بِنْتِي إنْ كانت انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أو إنْ لم تَكُنْ زُوِّجَتْ وَنَحْوَ ذلك من الشُّرُوطِ الْحَاضِرَةِ وَالْمَاضِيَةِ
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْجَدَّ الْأَعْلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ ولم أَرَهَا لِغَيْرِهِمَا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ في أَوَّلِ بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ النَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ لها وَلَا نَفَقَةَ أو أَنْ يَقْسِمَ لها أَكْثَرَ من امْرَأَتِهِ الْأُخْرَى أو أَقَلَّ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ
وَكَذَا لو شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الْوَطْءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِمَا
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ يَبْطُلُ النِّكَاحُ أَيْضًا
وَقِيلَ يَبْطُلُ إذَا شَرَطَتْ عليه أَنْ لَا يَطَأَهَا
قال بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ ذَكَرَ أبو بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أو أَنْ لَا يُنْفِقَ أو إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ رِوَايَتَيْنِ يَعْنِي في صِحَّةِ الْعَقْدِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ شَرْطِ عَدَمِ النَّفَقَةِ
قال لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ إذَا أُعْسِرَ الزَّوْجُ وَرَضِيَتْ بِهِ أنها لَا تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّفَقَةِ بَعْدُ
وَاخْتَارَ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا مَهْرَ فَسَادَ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ
____________________
(8/165)
وَاخْتَارَ أَيْضًا الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ كَشَرْطِ تَرْكِ ما تَسْتَحِقُّهُ
وقال أَيْضًا لو شَرَطَتْ مَقَامَ وَلَدِهَا عِنْدَهَا وَنَفَقَتَهُ على الزَّوْجِ كان مِثْلَ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ في الصَّدَاقِ وَيُرْجَعُ في ذلك إلَى الْعُرْفِ كَالْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ
قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ أو إنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ في وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ صِحَّةُ الشَّرْطِ نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ وَبَعَّدَهَا الْقَاضِي
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ
قَوْلُهُ وفي صِحَّةِ النِّكَاحِ رِوَايَتَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى في الثَّانِيَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ كما تَقَدَّمَ عنه
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في المغنى في الْأُولَى
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ الْخِيَارَ في الصَّدَاقِ فَقِيلَ هو كَشَرْطِ الْخِيَارِ في النِّكَاحِ على ما تَقَدَّمَ
وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(8/166)
2
وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ على ما تَقَدَّمَ وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَا في الصَّدَاقِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ
صِحَّةُ الصَّدَاقِ مع بُطْلَانِ الْخِيَارِ وَصِحَّةُ الصَّدَاقِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فيه وَبُطْلَانُ الصَّدَاقِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً فَلَا خِيَارَ له
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي
وقال أبو بَكْرٍ له الْخِيَارُ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ
قال النَّاظِمُ وهو بَعِيدٌ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو تَزَوَّجَهَا يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً ولم تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كَافِرَةً قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَأَطْلَقُوا الْخِلَافَ هُنَا كما أَطْلَقُوهُ في التي قَبْلَهَا في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ هُنَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ له الْخِيَارَ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً فَلَا خِيَارَ له
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُور
قال في الْفُرُوعِ فَلَا فَسْخَ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ له الْخِيَارُ
____________________
(8/167)
فَائِدَةٌ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في كل صِفَةٍ شَرَطَهَا فَبَانَتْ أعلا ( ( ( أعلى ) ) ) منها عِنْدَ الْجُمْهُورِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا فَلَهُ الْفَسْخُ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا أو جَمِيلَةً أو نَسِيبَةً أو شَرَطَ نفى الْعُيُوبِ التي لَا يَنْفَسِخُ بها النِّكَاحُ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَهَلْ له الْخِيَارُ علي وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وبن رَزِينٍ في غَيْرِ الْبِكْرِ
إحْدَاهُمَا له الْخِيَارُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّاظِمُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِي ليس له الْخِيَارُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في الْبِكْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في النَّسِيبَةِ
وَقِيلَ له الْخِيَارُ في شَرْطِ النَّسَبِ خَاصَّةً إذَا فُقِدَ
وقال في الْفُنُونِ فِيمَا إذَا شَرَطَهَا بِكْرًا فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ يُحْتَمَلُ فَسَادُ الْعَقْدِ لِأَنَّ لنا قَوْلًا إذَا تَزَوَّجَهَا على صِفَةٍ فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَرْجِعُ على الْغَارِّ
فَائِدَةٌ إذَا شَرَطَهَا بِكْرًا وَقُلْنَا ليس له خِيَارٌ فَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَالَهُ في الْإِيضَاحِ إنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بين الْمَهْرَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مثله بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ في الْجَمِيعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً
____________________
(8/168)
وَكَذَا لو شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً
فَأَصَابَهَا وَوَلَدَتْ منه فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَيَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ يوم وِلَادَتِهِمْ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ على من غَرَّهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ لم يَكُنْ مِمَّنْ يَجُوزُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَإِنْ كان ممن يَجُوزُ له ذلك فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ رضي بِالْمُقَامِ مَعَهَا فما وَلَدَتْ بَعْدَ ذلك فَهُوَ رَقِيقٌ
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً أو شَرَطَهَا حُرَّةً وَاعْتَبَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ مُقَارَنَةَ الشَّرْطِ لِلْعَقْدِ وَاخْتَارَهُ قَبْلَهُ الْقَاضِي فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَجُوزُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ أولا
فَإِنْ كان مِمَّنْ لَا يَجُوزُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ كما لو عَلِمَ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ يَصِحُّ فَلَا خِيَارَ
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ أبي بَكْرٍ إنَّمَا حكى عنه فِيمَا إذَا شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً كما تَقَدَّمَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ أَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا
فَاَلَّذِي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّ نَقْلَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَا عن أبي بَكْرٍ إمَّا سَهْوٌ أو يَكُونُ هُنَا نَقْصٌ وهو أَوْلَى
وَيَدُلُّ على ذلك أَنَّهُ قال بَعْدَهُ وَبَنَاهُ في الْوَاضِحِ على الْخِلَافِ في الْكَفَاءَةِ فَهَذَا لَا يُلَائِمُ الْمَسْأَلَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَإِنْ كان مِمَّنْ يَجُوزُ له نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَلَهُ الْخِيَارُ كما قال الْمُصَنِّفُ
وَظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ إطْلَاقُ الظَّنِّ فَيَدْخُلُ فيه ظَنُّهُ أنها حُرَّةُ الْأَصْلِ أو عَتِيقَةٌ
____________________
(8/169)
وَقَطَعَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ له إذَا ظَنَّهَا عَتِيقَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ التَّنَافِي بين الْعِبَارَتَيْنِ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لو ظَنَّهَا حُرَّةً لَا خِيَارَ له
وَقِيلَ لَا خِيَارَ لِعَبْدٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا فَسْخَ مُطْلَقًا حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
فإذا اخْتَارَ الْمُقَامَ تَقَرَّرَ عليه الْمَهْرُ الْمُسَمَّى كَامِلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُنْسَبُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا فَيَكُونُ له بِقَدْرِ نِسْبَتِهِ من الْمُسَمَّى يَرْجِعُ بِهِ على من غَرَّهُ
فَائِدَةٌ لو أُبِيحَ لِلْحُرِّ نِكَاحُ أَمَةٍ فَنَكَحَهَا ولم يَشْتَرِطْ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهِ فَهُمْ أَرِقَّاءُ لِسَيِّدِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أَنَّ وَلَدَ الْعَرَبِيِّ يَكُونُ حُرًّا وَعَلَى أبيه فِدَاؤُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ في آخِرِ كِتَابِ النَّفَقَاتِ على الْأَقَارِبِ
وَإِنْ شَرَطَ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ فقال في الرَّوْضَةِ في إرْثِ غُرَّةِ الْجَنِينِ إنْ شَرَطَ زَوْجُ الْأَمَةِ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ كان حُرًّا وَإِنْ لم يَشْرِطْ فَهُوَ عَبْدٌ انْتَهَى
ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في أَوَاخِرِ بَابِ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ في الْجُزْءِ الثَّالِثِ في الْحِيَلِ الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ على السَّيِّدِ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهِ صَحَّ وما وَلَدَتْهُ فَهُمْ أَحْرَارٌ
قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال يَنْعَقِدُ حُرًّا بِاعْتِقَادِهِ
قال بن عَقِيلٍ يَنْعَقِدُ حُرًّا كما يُعَدُّ وَلَدُ الْقُرَشِيِّ قُرَشِيًّا
وَعَنْهُ الْوَلَدُ بِدُونِ الْفِدَاءِ رَقِيقٌ
____________________
(8/170)
قَوْلُهُ وَيَفْدِيهِمْ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ
قال الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ نَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا فِدَاءَ عليه لِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقَالُ له افْتَدِ أَوْلَادَك وَإِلَّا فَهُمْ يَتْبَعُونَ الْأُمَّ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ خَيَّرَهُ بين فِدَائِهِمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ رَقِيقًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَفْدِيهِمْ بِقِيمَتِهِمْ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وبن مُنَجَّا
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ أَحَالَهُ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَعَنْهُ يَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ في الْقِيمَةِ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَعَنْهُ يَضْمَنُهُمْ بِأَيِّهِمَا شَاءَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْمُقْنِعِ
وَعَنْهُ يَفْدِيهِمْ بِمِثْلِهِمْ في صِفَاتِهِمْ تَقْرِيبًا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَالْخِلَافُ هُنَا كَالْخِلَافِ الْمَذْكُورِ في بَابِ الْغَصْبِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ من الْغَاصِبِ أو وَهَبَهَا له وَوَطِئَهَا وهو غَيْرُ عَالِمٍ فإن الْأَصْحَابَ أَحَالُوهُ عليه
قَوْلُهُ يوم وِلَادَتِهِمْ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ
____________________
(8/171)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَضْمَنُ منهم إلَّا من وُلِدَ حَيًّا في وَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ سَوَاءٌ عَاشَ أو مَاتَ بَعْدَ ذلك
الثَّانِيَةُ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ مُكَاتَبٌ وَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ على الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا يَجِبُ لها الْبَعْضُ فَيَسْقُطُ وَوَلَدُهَا يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَبَانَتْ أَمَةً
يَعْنِي بِالْبَيِّنَةِ لَا غَيْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ وَبِإِقْرَارِهَا أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان عَبْدًا فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ وَيَفْدِيهِمْ إذَا عَتَقَ
فَيَكُونُ الْفِدَاءُ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وهو رِوَايَةٌ في التَّرْغِيبِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا هو الْمُتَوَجَّهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ مَحْضَةٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ سَيِّدُهُ في الْحَالِ
قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ على من غَرَّهُ
بِلَا نِزَاعٍ كَأَمْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ له فلم يَكُنْ له ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ
لَكِنْ من شرط ( ( ( شروط ) ) ) رُجُوعِهِ على من غَرَّهُ أَنْ يَكُونَ قد شَرَطَ له أنها حُرَّةٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
____________________
(8/172)
وَقِيلَ إنْ كان الشَّرْطُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ فقال الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ حُرِّيَّتَهَا في نَفْسِ الْعَقْدِ فَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَ ذلك على الْعَقْدِ فَهُوَ كما لو تَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا من غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَثْبُتُ له خِيَارُ الْفَسْخِ انْتَهَى
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِذَلِكَ على من غَرَّهُ مع إيهَامِهِ بِقَرِينَةِ حُرِّيَّتِهَا
وفي الْمُغْنِي أَيْضًا وَلَوْ كان الْغَارُّ أَجْنَبِيًّا كَوَكِيلِهَا
قال في الْفُرُوعِ وما ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي هو إطْلَاقُ نُصُوصِهِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَقَالَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَلَّسَ غَيْرُ الْبَائِعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ مع الظَّنِّ وهو اخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْعَبَّاسِ إذْ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَضَوْا بِالرُّجُوعِ لم يَسْتَفْصِلُوا
وَيُحَقِّقُ ذلك أَنَّ الْأَصْحَابَ لم يَشْتَرِطُوا ذلك في الرُّجُوعِ في الْعَيْبِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لِمُسْتَحِقِّ الْفِدَاءِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ ابْتِدَاءً نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت كما لو مَاتَ عَبْدًا أو عَتِيقًا أو مُفْلِسًا
وَجَعَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ
قال بن رَجَبٍ وَكَذَلِكَ أَشَارَ إلَيْهِ جَدُّهُ في تَعْلِيقِهِ على الْهِدَايَةِ
قال بن رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْأَظْهَرُ
وَيَرْجِعُ هذا إلَى أَنَّ الْمَغْرُورَ هل يُطَالَبُ إبتداء بِمَا يَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ على الْغَارِّ أَمْ لَا يُطَالَبُ بِهِ سِوَى الْغَارُّ كما نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ هُنَا
وَمَتَى قُلْنَا يُخَيَّرُ بين مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ وَالْغَارِّ فَلَا فَرْقَ بين أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا أو يَكُونَا مُوسِرَيْنِ
____________________
(8/173)
وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ سِوَى مُطَالَبَةِ الْغَارِّ ابْتِدَاءً وكان الْغَارُّ مُعْسِرًا وَالْآخَرُ مُوسِرًا فَهَلْ يُطَالَبُ هُنَا فيه تَرَدُّدٌ
وقد تُشْبِهُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كانت عَاقِلَةَ الْقَاتِلِ خَطَأً مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَقْلَ فَهَلْ يَحْمِلُ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ أَمْ لَا انْتَهَى تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عن ذِكْرِ الْمَهْرِ يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال الْقَاضِي الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال كُنْت أَذْهَبُ إلَى حديث على رضى اللَّهُ عنه ثُمَّ هِبَتُهُ وَكَأَنِّي أَمِيلُ إلَى حديث عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه فَحَدِيثُ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه بِالرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ وَحَدِيثُ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه بِعَدَمِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو الْمَذْهَبُ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ
الثَّانِي قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ على من غَرَّهُ
إنْ كان الْغَارُّ السَّيِّدَ عَتَقَتْ إذَا أتى بِلَفْظِ الْحُرِّيَّةِ وَزَالَتْ الْمَسْأَلَةُ
وَإِنْ كان بِغَيْرِ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ لم تُعْتَقْ ولم يَجِبْ له شَيْءٌ إذْ لَا فَائِدَةَ في وُجُوبِ شَيْءٍ له وَيَرْجِعُ بِهِ عليه
____________________
(8/174)
لَكِنْ إنْ قُلْنَا إنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ وَجَبَ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كان الْغَارَّ لِلْأَمَةِ رَجَعَ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ عليها وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
نَقَلَ بن الْحَكَمِ لَا يَرْجِعُ عليها
قال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَرْجِعُ عليها
قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ لَا يَرْجِعُ عليها
فَعَلَى الْأَوَّلِ هل يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهَا أو بِرَقَبَتِهَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ هل يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا أو بِذِمَّتِهَا على وَجْهَيْ اسْتِدَانَةِ الْعَبْدِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ
وقال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهَا لِأَنَّهُ قال في الْأَمَةِ إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتْبَعُهَا بِهِ إذَا عَتَقَتْ فَكَذَا هُنَا
وَإِنْ كانت الْغَارَّةُ مُكَاتَبَةً فَلَا مَهْرَ لها في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَإِنْ كان الْغَارُّ أَجْنَبِيًّا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عليه
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَالِحٍ
وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي عَدَمُ الرُّجُوعِ عليه فإنه قال الْغَارُّ وَكِيلُهَا أو هِيَ نَفْسُهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَإِنْ كان الْغَارُّ الْوَكِيلُ رُجِعَ عليه في الْحَالِ
____________________
(8/175)
وَإِنْ كان الْغَرَرُ منها وَمِنْ وَكِيلِهَا فَالضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَيَأْتِي نَظِيرُهَا في الْغَرَرِ بِالْعَيْبِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا على أَنَّهُ حُرٌّ أو تَظُنُّهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ
بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه
وَلَكِنْ لو شَرَطَتْ صِفَةً غير ذلك فَبَانَ أَقَلُّ منها فَلَا خِيَارَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لو شَرَطَتْهُ نَسِيبًا لم يُخِلَّ بِكَفَاءَةٍ فلم تَكُنْ فَلَا فَسْخَ لها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ في النَّسَبِ وَلَوْ كان مُمَاثِلًا لها
وفي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَرَّهُ شَرْطُ حُرِّيَّةٍ وَنَسَبٍ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَشُرُوطِهِ وَأَوْلَى لِمِلْكِهِ طَلَاقُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ فَلَا خِيَارَ لها في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/176)
وَعَنْهُ لها الْخِيَارُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْخُلَاصَةِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ أَنَّ لها الْخِيَارَ في الْفَسْخِ تَحْتَ حُرٍّ وَإِنْ كان زَوَّجَ بَرِيرَةَ عَبْدًا لِأَنَّهَا مَلَكَتْ رَقَبَتَهَا فَلَا يَمْلِكُ عليها إلَّا بِاخْتِيَارِهَا
وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا عَتَقَ بَعْضُهَا أو بَعْضُهُ هل يَثْبُتُ لها الْخِيَارُ أَمْ لَا
فَائِدَةٌ لو عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ بِأَنَّ له الْخِيَارَ وَحَكَاهُ عن الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
وفي الْوَاضِحِ احْتِمَالُ يَنْفَسِخُ بِنَاءً على غِنَاهُ عن أَمَةٍ بِحُرَّةٍ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ وَجْهَيْنِ إنْ وَجَدَ طَوْلًا
وفي الْوَاضِحِ أَيْضًا احْتِمَالُ يَبْطُلُ بِنَاءً على الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا اسْتَغْنَى عن نِكَاحِ الْأَمَةِ بِحُرَّةٍ فإنه يَبْطُلُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في الْكَفَاءَةِ قبل قَوْلِهِ وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا خِيَارَ له لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فيه لَا فيها فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطْلَقًا فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ له وَلَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا مُطْلَقًا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ فَكَذَلِكَ في الِاسْتِدَامَةِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
قَوْلُهُ وَإِنْ كان عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ
بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ
وَحَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ وبن عبد الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا إجْمَاعًا
فَلَهَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَ قبل فَسْخِهَا أو مَكَّنَتْهُ من وَطْئِهَا بَطَلَ
____________________
(8/177)
خِيَارُهَا فَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وهو مِمَّا يَجُوزُ جَهْلُهُ أو الْجَهْلَ بِمِلْكِ الْفَسْخِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
إذَا عَتَقَ قبل فَسْخِهَا سَقَطَ خِيَارُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ وَقَعَ لِلْقَاضِي وبن عَقِيلٍ ما يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ
وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا عَتَقَا مَعًا
وَأَمَّا إذَا مَكَّنَتْهُ من وَطْئِهَا مُخْتَارَةً وَادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وَهِيَ مِمَّنْ يَجُوزُ خَفَاءُ ذلك عليها مِثْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا وهو في بَلَدٍ آخَرَ وَنَحْوِهِ أو ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِمِلْكِ الْفَسْخِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَبُولَ قَوْلِهَا وَلَكِنْ مع يَمِينِهَا وَلَهَا الْخِيَارُ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي عن الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وَحَكَاهُ في الْكَافِي عن الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ
وَحَكَاهُ في الشَّرْحِ عن الْقَاضِي وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَلَهَا الْفَسْخُ في الْأَصَحِّ
وقال الْخِرَقِيُّ يَبْطُلُ خِيَارُهَا عَلِمَتْ أو لم تَعْلَمْ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا نَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا وَطْءُ الصَّغِيرَةِ الْمَجْنُونَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا على الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(8/178)
وَقِيلَ إنْ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ
فَإِنْ ادَّعَتْ جَهْلًا بِمِلْكِ الْفَسْخِ فَلَيْسَ لها الْفَسْخُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في الْأُولَى وَأَطْلَقَ في الثَّانِيَةِ الرِّوَايَتَيْنِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ تُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ فِيمَا إذَا وَطِئَهَا وَالْخِيَارُ بِحَالِهِ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ
وَعَنْ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ يَبْطُلُ خِيَارُهَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ لم تَخْتَرْ حتى عَتَقَ أو وطىء طَوْعًا مع عِلْمِهَا بِالْخِيَارِ فَلَا خِيَارَ لها وكذا مع جَهْلِهَا بِهِ
وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فَإِنْ لم تَعْلَمْ هِيَ عِتْقَهَا حتى وَطِئَهَا فَوَجْهَانِ
فَإِنْ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ أو بِعِتْقِهَا أو بِطَلَبِ الْفَسْخِ وَمِثْلُهَا يَجْهَلُهُ فَلَهَا الْفَسْخُ إنْ حَلَفَتْ
وَعَنْهُ لَا فَسْخَ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وهو مِمَّا يَجُوزُ جَهْلُهُ
هذا الصَّحِيحُ
وَقِيلَ ما لم يُخَالِفْهَا ظَاهِرٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا حُكْمُ مُبَاشَرَتِهِ لها حُكْمُ وَطْئِهَا وكذا تَقْبِيلُهَا إذ ( ( ( إذا ) ) ) مَنَاطُهَا ما يَدُلُّ على الرِّضَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو صَحِيحٌ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْإِقْدَامُ على الْوَطْءِ إذَا كانت غير عَالِمَةٍ
قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قِيَاسُ مَذْهَبِنَا جَوَازُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ على الْخِلَافِ
____________________
(8/179)
يَعْنِي الذي ذَكَرَهُ في أَصْلِ الْقَاعِدَةِ فإنه لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عليه
الثَّالِثَةُ لو بَذَلَ الزَّوْجُ لها عِوَضًا على أنها تَخْتَارهُ جَازَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا ذكره أبو بَكْرٍ في الشَّافِي
قال بن رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو رَاجِعٌ إلَى صِحَّةِ إسْقَاطِ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ
وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِجَوَازِهِ في خِيَارِ الْبَيْعِ
الرَّابِعَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو شَرَطَ الْمُعْتِقُ عليها دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ حُرٍّ أو عَبْدٍ إذَا أَعْتَقَهَا فَرَضِيَتْ لَزِمَهَا ذلك
قال وَيَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فإنه يَجُوزُ الْعِتْقُ بِشَرْطٍ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ لم تَمْلِكْ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ إنَّمَا يَثْبُتُ لها الْخِيَارُ تَحْتَ الْعَبْدِ
قال وَمَنْ قال بِسِرَايَةِ الْعِتْقِ قال قد مَلَكْت بُضْعَهَا فلم يَبْقَ لِأَحَدٍ عليها مِلْكٌ فَصَارَ الْخِيَارُ لها في الْمَقَامِ وَعَدَمِهِ حُرًّا كان أو عَبْدًا
قال وَعَلَى هذا لو اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا لِلزَّوْجِ صَحَّ ولم تَمْلِكْ الْخِيَارَ حُرًّا كان أو عَبْدًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ
قال وهو مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ انْتَهَى
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّيْخِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ أو سَقَطَ ذِكْرُهُ في الْكِتَابَةِ
قَوْلُهُ وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ على التَّرَاخِي ما لم يُوجَدْ منها ما يَدُلُّ على الرِّضَى
بِلَا خِلَافٍ في ذلك
وَيَأْتِي خِيَارُ الْعَيْبِ هل هو على التَّرَاخِي أو على الْفَوْرِ في أَوَاخِرِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هذا
____________________
(8/180)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ كانت صَغِيرَةً أو مَجْنُونَةً فَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ وَعَقَلَتْ
أَنَّهُ ليس لها خِيَارٌ قبل الْبُلُوغِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لها الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ تِسْعًا وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ إذَا بَلَغَتْ سِنًّا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فيه خُيِّرَتْ
وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَرَّحَ بِأَنَّهَا بِنْتُ تِسْعٍ
وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ بن الْبَنَّا في الْعُقُودِ فقال إذَا كانت صَغِيرَةً فَعَتَقَتْ فَهِيَ على الزَّوْجِيَّةِ إلَى أَنْ تَبْلُغَ حَدًّا يَصِحُّ إذْنُهَا وَهِيَ التِّسْعُ سِنِينَ فَصَاعِدًا انْتَهَى
وقال بن عَقِيلٍ إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا بِتَقْدِيمِ السِّينِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اعْتِبَارُ صِحَّةِ إذْنِهَا بِالتِّسْعِ أو السَّبْعِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ هذا وِلَايَةَ اسْتِقْلَالٍ وَوِلَايَةُ الِاسْتِقْلَالِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْبُلُوغِ كَالْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ وَالشُّفْعَةِ وَكَالْبَيْعِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فإنه يَتَوَلَّاهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهَا فَتَجْتَمِعُ الْوِلَايَتَانِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ فَإِنْ طَلُقَتْ قبل اخْتِيَارِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَبَطَلَ خِيَارُهَا
يَعْنِي إذَا كان طَلَاقًا بَائِنًا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي طَلَاقُهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ لم يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ
وَقِيلَ هذا إنْ جَهِلَتْ عِتْقَهَا
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ في وُقُوعِهِ وَجْهَيْنِ
____________________
(8/181)
قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَتْ الْمُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ
بِلَا نِزَاعٍ سَوَاءٌ عَتَقَتْ ثُمَّ طَلُقَتْ أو طَلُقَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ في عِدَّتِهَا فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُذْهَبِ فقال سَقَطَ خِيَارُهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال النَّاظِمُ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا
قَوْلُهُ وَمَتَى اخْتَارَتْ الْمُعْتَقَةُ الْفُرْقَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ
بِلَا نِزَاعٍ سَوَاءٌ كان مُسَمَّى الْمَهْرِ أو مَهْرَ الْمِثْلِ إنْ لم يَكُنْ مُسَمًّى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان قَبْلَهُ فَلَا مَهْرَ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال أبو بَكْرٍ لِسَيِّدِهَا نِصْفُ الْمَهْرِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا مُهَنَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ
فَعَلَيْهَا إنْ لم يَكُنْ فَرَضَ وَجَبَتْ الْمُتْعَةُ حَيْثُ يَجِبُ لِوُجُوبِهِ له فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وهو مُعْسِرٌ فَلَا خِيَارَ لها
____________________
(8/182)
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ
قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ لم يَثْبُتْ لها خِيَارٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الْمُخْتَارَةُ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ 3
وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ عِتْقِهَا كُلِّهَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَوَّجَ مُدَبَّرَةً له لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا قِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ على مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ وَلَا فَسْخَ لها قبل الدُّخُولِ لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ أو يَتَنَصَّفَ فَلَا تَخْرُجُ من الثُّلُثِ فَيُرَقُّ بَعْضُهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ
ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت فيعايي بها
وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ
فَائِدَةٌ لو عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا بَعْضُهُ حُرٌّ مُعْتَقٌ فَلَا خِيَارَ لها قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لها الْخِيَارُ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا وَالزَّوْجُ بَعْضُهُ مُعْتَقٌ فَلَا خِيَارَ لها على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لها الْخِيَارُ
وَعَنْهُ لها الْخِيَارُ إنْ كانت حُرِّيَّتُهَا أَكْثَرَ
وَصَحَّحَ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى عَدَمَ الْخِيَارِ إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ في الْحُرِّيَّةِ
____________________
(8/183)
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَأَطْلَقَ فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا في الْعِتْقِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَلَا خِيَارَ لها
يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا خِيَارَ لِلْمُعْتَقَةِ تَحْتَ حُرٍّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْحَاوِي
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لها الْخِيَارُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا
وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ
وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لِعَبْدِهِ سُرِّيَّةً وَأَذِنَ له في التَّسَرِّي بها ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا جميعا صَارَا حُرَّيْنِ وَخَرَجَتْ عن مِلْكِ الْعَبْدِ فلم يَكُنْ له إصَابَتُهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ
هَكَذَا رَوَى جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِهِ فِيمَنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ سُرِّيَّةً أو اشْتَرَى له سُرِّيَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا يُقِرُّ بها إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ
وَأَمَّا إذَا كانت امْرَأَتَهُ فَعَتَقَا لم يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لم يَنْفَسِخْ باعتاقها وَحْدَهَا فَلِئَلَّا يَنْفَسِخَ باعتاقهما مَعًا أَوْلَى
____________________
(8/184)
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا أَنَّ لَهُمَا فَسْخَ النِّكَاحِ
وَهَذَا يُخَرَّجُ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ بِأَنَّ لها الْفَسْخَ إذَا كان زَوْجُهَا حُرًّا قبل الْعِتْقِ انْتَهَى
قال الْعَلَّامَةُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ جِدًّا من لَفْظِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فإن كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ وَحَرْبٍ وَيَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ من أَمَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَا حتى يُجَدِّدَا النِّكَاحَ
فَرَوَاهُ الثَّلَاثَةُ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وهو أَنَّهُ زَوَّجَ عَبْدَهُ من أَمَتِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ حتى يُجَدِّدَ النِّكَاحَ مع قَوْلِهِ زَوَّجَ صَرِيحٌ في أَنَّهُ نِكَاحٌ لَا تَسَرٍّ
قال وَلِلْبُطْلَانِ وَجْهٌ دَقِيقٌ وهو أَنَّهُ إنَّمَا زَوَّجَهَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَهُمَا وقد زَالَ مِلْكُهُ عنهما بِخِلَافِ تَزْوِيجِهَا لِعَبْدِ غَيْرِهِ
وَلِهَذَا كان في وُجُوبِ الْمَهْرِ في هذه الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ
فَقِيلَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِحَالٍ
وَقِيلَ يَجِبُ وَيَسْقُطُ
وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَجِبُ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِهَا لِعَبْدِ غَيْرِهِ انْتَهَى
____________________
(8/185)
بَابُ حُكْمِ الْعُيُوبِ في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا في إمْكَانِ الْجِمَاعِ بِالْبَاقِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ قُبِلَ قَوْلُهَا في الْأَصَحِّ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ
وَمَحِلُّهُ ما لم تَكُنْ بِكْرًا صَرَّحَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ
الْعِنِّينُ هو الذي لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هو الذي له ذَكَرٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَنْتَشِرُ
قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أُجِّلَ سَنَةً مُنْذُ تَرَافُعِهِ فَإِنْ وطىء فيها وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ
إذَا اعْتَرَفَ بِالْعُنَّةِ أو أَقَامَتْ هِيَ بَيِّنَةٌ بها أُجِّلَ سَنَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ
____________________
(8/186)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ لها الْفَسْخَ في الْحَالِ منهم أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أُجِّلَ أَنَّهُ لو أَنْكَرَ لَا يُؤَجَّلُ ما لم تَقُمْ بَيِّنَةٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يُؤَجَّلُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يُؤَجَّلُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ
وَعَنْهُ يُؤَجَّلُ لِلْبِكْرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْلِفُ في الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ يَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على دَعْوَى الطَّلَاقِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَكَلَ أُجِّلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/187)
وَقِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ فَيَحْلِفُ وَيُؤَجَّلُ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الْمُرَادُ بِالسَّنَةِ هُنَا السَّنَةُ الْهِلَالِيَّةُ اثنى عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِيًّا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا هو الْمَفْهُومُ من كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا السَّنَةَ أَرَادُوا بها الْهِلَالِيَّةَ
قال وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ بِالْفُصُولِ يُوهِمُ خِلَافَ ذلك
قال بن رَجَبٍ وَقَرَأْت بِخَطِّ وَلَدِ أبي الْمَعَالِي بن مُنَجَّا يَحْكِي عن وَالِدِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّنَةِ هُنَا هِيَ الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ وَأَنَّهَا هِيَ الْجَامِعَةُ لِلْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ التي تَخْتَلِفُ الطِّبَاعُ بِاخْتِلَافِهَا بِخِلَافِ الْهِلَالِيَّةِ
قال وما أَظُنُّهُ أَخَذَ ذلك إلَّا من تَعْلِيلِ الْأَصْحَابِ لَا من تَصْرِيحِهِمْ بِهِ انْتَهَى
قُلْت الْخَطْبُ في ذلك يَسِيرٌ وَالْمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ فإن زِيَادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ على السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ أو خُمُسُ يَوْمٍ
الثَّانِيَةُ لو اعْتَزَلَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لم تُحْتَسَبْ عليه من الْمُدَّةِ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ أو سَافَرَ اُحْتُسِبَ عليه ذلك ذكره في الْبُلْغَةِ
وَذَكَرَ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ احْتِمَالَيْنِ هل يُحْتَسَبُ عليه في مُدَّةِ نُشُوزِهَا أَمْ لَا
وَوَقَعَ لِلْقَاضِي في خِلَافِهِ تَرَدُّدٌ
وَذَكَرَ فيه أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ عليه بِمُدَّةِ الرَّجْعَةِ
تَنْبِيهٌ شَمِلَ قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا مَرَّةً بَطَلَ كَوْنُهُ عِنِّينًا
الْوَطْءُ في الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ كَوْنُهُ عِنِّينًا بِوَطْئِهِ في الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ
____________________
(8/188)
قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قُلْت هذا ضَعِيفٌ جِدًّا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَكْفِي في زَوَالِ الْعُنَّةِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَاجُهُ جَمِيعُهُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَنَقَلَهُ عنه بن عَقِيلٍ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ من الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَاجُ بَقِيَّتِهِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُجَرَّدِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو وَطِئَهَا في الرِّدَّةِ لم تُزَلْ بِهِ الْعُنَّةُ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ مع الشَّافِعِيَّةِ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ زَوَالُهَا بِذَلِكَ وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا في الدُّبُرِ أو وطىء غَيْرَهَا لم تُزَلْ الْعُنَّةُ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَزُولَ وهو وَجْهٌ
قال في الْهِدَايَةِ وَيَخْرُجُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أنها تَزُولُ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ لم تُزَلْ الْعُنَّةُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
____________________
(8/189)
وهو مُقْتَضَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فإنه قال وَتَزُولُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ في فَرْجٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ
وقال لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا في إمْكَانِ طَرَيَان الْعُنَّةِ على ما في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَعَلَى ما في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ لو عَجَزَ لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال في الْبُلْغَةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هل يُمْكِنُ طَرَيَانُهَا على وَجْهَيْنِ
وَيَنْبَنِي عليها لو تَعَذَّرَ الْوَطْءُ في إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أو كان يُمْكِنُ في الدُّبُرِ دُونَ غَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ وطىء غَيْرَهَا أو وَطِئَهَا في الدُّبُرِ أو في نِكَاحٍ آخَرَ لم تُزَلْ عُنَّتُهُ لِأَنَّهَا قد تَطْرَأُ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ تَزُولُ كَمَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا في هذا النِّكَاحِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ على تَصَوُّرِ طَرَيَان الْعُنَّةِ
وقد وَقَعَ لِلْقَاضِي وبن عَقِيلٍ أنها لَا تَطْرَأُ وَكَلَامُهُمَا هُنَا يَدُلُّ على طَرَيَانِهِمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَقَالَتْ إنَّهَا عَذْرَاءَ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِي شَهَادَةُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ كَالرَّضَاعِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/190)
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَلَوْ قال أَزَلْت بَكَارَتَهَا ثُمَّ عَادَتْ وَأَنْكَرَتْ هِيَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَحْلِفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وبن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وأبو الْمَعَالِي في الْخُلَاصَةِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ لَا يَمِينَ عليها وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وبن أبي مُوسَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
فَائِدَةٌ لو تَزَوَّجَ بِكْرًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ عِنِّينٌ فَكَذَّبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا وَظَهَرَتْ ثَيِّبًا فَادَّعَتْ أَنَّ ثُيُوبَتَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ وَيَتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْخِرَقِيُّ يُخَلَّى مَعَهَا في بَيْتٍ وَيُقَالُ له أَخْرِجْ مَاءَك على شَيْءٍ فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ ليس بمنى جُعِلَ على النَّارِ فَإِنْ ذَابَ فَهُوَ منى وَبَطَلَ قَوْلُهَا
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا مُهَنَّا وأبو دَاوُد وأبو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
____________________
(8/191)
فَعَلَى هذا لو ادَّعَتْ أَنَّهُ منى غَيْرِهِ فقال في الْمُبْهِجِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ يُزَوَّجُ امْرَأَةٌ من بَيْتِ الْمَالِ
قال الْقَاضِي لها دِينٌ
وقال الْمُصَنِّفُ لها حَظٌّ من الْجَمَالِ
فَإِنْ ذَكَرَتْ أَنَّهُ قَرِبَهَا كَذَبَتْ الْأُولَى وَخُيِّرَتْ الثَّانِيَةُ في الْإِقَامَةِ وَالْفِرَاقِ وَيَكُونُ الصَّدَاقُ من بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى وكان الصَّدَاقُ عليه من مَالِهِ
وَاعْتَمَدَ في ذلك على أَثَرٍ رَوَاهُ عن سَمُرَةَ وَضَعَّفَهُ الْأَصْحَابُ وَرَدُّوهُ منهم الْمُصَنِّفُ
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَابَعَهُ خَصَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ بعد ما ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَأُجِّلَ لِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وُجُودُ ما يَقْتَضِي الْفَسْخَ
وَجَعَلُوا على هذه الرِّوَايَةِ إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ ابْتِدَاءً وَأَنْكَرَ الْعُنَّةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ هذه الرِّوَايَةَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَلَفْظُهَا يَشْهَدُ لهم فإنه قال إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يَصِلُ إلَيْهَا اُسْتُحْلِفَتْ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضُرِبَتْ له مُدَّةٌ عِنْدَ بن عَقِيلٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا تُضْرَبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَهَلْ تَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ فيه الْوَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي يَخْتَصُّ النِّسَاءَ وهو شَيْئَانِ الرَّتَقُ وهو
____________________
(8/192)
كَوْنُ الْفَرْجِ مَسْدُودًا مُلْتَصِقًا لَا مَسْلَكَ لِلذَّكَرِ فيه وَكَذَلِكَ الْقَرَنُ وَالْعَفَلُ وهو لَحْمٌ يَحْدُثُ فيه يَسُدُّهُ
فَجَعَلَ الرَّتَقَ السَّدَّ وَجَعَلَ الْقَرَنَ وَالْعَفَلَ لَحْمًا يَحْدُثُ في الْفَرْجِ فَهُمَا في مَعْنَى الرَّتَقِ إلَّا أَنَّهُمَا نَوْعٌ آخَرُ
وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَتَبِعَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَعَلَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ الثَّلَاثَةَ لَحْمًا يَنْبُتُ في الْفَرْجِ
وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال أبو حَفْصٍ الْعَفَلُ رَغْوَةٌ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ وهو بَعْضُ الْقَوْلِ الذي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ
قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ هذا الْقَوْلِ فَإِذَنْ لَا فَسْخَ له في وَجْهٍ
وقال الزَّرْكَشِيُّ وَإِذَنْ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَيْضًا
قُلْت الصَّوَابُ ثُبُوتُهُ بِذَلِكَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ الْقَرَنُ عَظْمٌ وهو من تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال صَاحِبُ الْمَطْلَعِ وَالزَّرْكَشِيُّ هو عَظْمٌ أو غُدَّةٌ تَمْنَعُ من وُلُوجِ الذَّكَرِ
وَقَالَا الْعَفَلُ شَيْءٌ يَخْرُجُ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَحَيَا النَّاقَةِ شَبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ التي لِلرِّجَالِ في الْخُصْيَةِ وَعَلَى كِلَا الْأَقْوَالِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ على الصَّحِيحِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِذَنْ لَا فَسْخَ له في وَجْهٍ كما قال في الْعَفَلِ
قَوْلُهُ وَالثَّانِي الْفَتْقُ وهو انْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ وَقِيلَ انْخِرَاقُ ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى
____________________
(8/193)
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْخُلَاصَةِ هو انْخِرَاقُ ما بين الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ أو ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى
وَجَزَمَ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ أَنَّ الْفَتْقَ انْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ
وَقَدَّمَ في الْكَافِي أَنَّ الْفَتْقَ انْخِرَاقُ ما بين مَخْرَجِ الْبَوْلِ والمنى
وَثُبُوتُ الْخِيَارِ في الْفَتْقِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
إذَا عَلِمْت ذلك فَانْخِرَاقُ ما بين السَّبِيلَيْنِ يُثْبِتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ
قال في الرَّوْضَةِ أو وَجَدَ اخْتِلَاطَهُمَا لِعِلَّةٍ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ أَكْثَرَ
وَأَمَّا انْخِرَاقُ ما بين الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ فَالصَّحِيحُ أَيْضًا من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْكَافِي
وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْمُصَنِّفِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا وهو الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ سَوَاءٌ كان مُطْبَقًا أو يَخْنُقُ في الْأَحْيَانِ
وقال في الْوَاضِحِ جُنُونٌ غَالِبٌ
وقال في الْمُغْنِي أو إغْمَاءٌ لَا إغْمَاءُ مَرِيضٍ لم يَدُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ زَالَ الْعَقْلُ بِمَرَضٍ فَهُوَ إغْمَاءٌ لَا يُثْبِتُ خِيَارًا
____________________
(8/194)
فَإِنْ دَامَ بَعْدَ الْمَرَضِ فَهُوَ جُنُونٌ
قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ في الْفَرْجِ وَالنَّاسُورِ وَالْبَاسُورِ والخصى وهو قَطْعُ الْخَصِيَتَيْنِ وَالسَّلِّ وهو سَلُّ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْوَجْءِ وهو رَضُّهُمَا وفي كَوْنِهِ خُنْثَى وَفِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله أو حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ هل يَثْبُتُ الْخِيَارُ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا سِوَى الخصى وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ في الْجَمِيعِ إلَّا فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله
وَأَطْلَقَ في الْمُذْهَبِ الْخِلَافَ في الْخَصِيِّ وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ
وإذا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ
أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ في ذلك كُلِّهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن الْقَيِّمِ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في غَيْرِ ما إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله أو حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَاخْتَارَهُ أبو الْبَقَاءِ في الْجَمِيعِ وزاد وَكُلُّ عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو غَرِيبٌ
____________________
(8/195)
وقال أبو بَكْرٍ وأبو حَفْصٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيمَا إذَا كان أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ وَلَا نَحْوُهُ
قال أبو الْخَطَّابِ فَيَخْرُجُ على ذلك من بِهِ بَاسُورٌ وَنَاسُورٌ وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ في الْفَرْجِ
قال أبو حَفْصٍ وَالْخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ
وقال أَيْضًا أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إذَا وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى فَلَهُ الْخِيَارُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ الْجَدِيدِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْمُجَرَّدِ قَالَهُ النَّاظِمُ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فيه
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بالخصى وَالسَّلِّ وَالْوَجْءِ وَصَحَّحَ في الْمُذْهَبِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ في الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ وَالْبَخَرِ وَالنَّاسُورِ وَالْبَاسُورِ وَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ في الْفَرْجِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَحُدُوثِ هذه الْعُيُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعُيُوبَ التي يَثْبُتُ بها الْخِيَارُ في فَسْخِ النِّكَاحِ ولم يذكر شيئا من هذه
وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ غير ما تَقَدَّمَ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فيه
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في غَيْرِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي حَفْصٍ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ مع كَوْنِهِ عَيْبًا
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لو حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو مُنَاقِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ عنه فيه
____________________
(8/196)
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا في التَّعْلِيقِ الْقَدِيمِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وبن حَامِدٍ وبن الْبَنَّا وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا قَوْلُهُ في الْبَخَرِ وهو نَتْنُ الْفَمِ هو الصَّحِيحُ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقال بن حَامِدٍ نَتْنٌ في الْفَرْجِ يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُسَمَّى بَخَرًا وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى له لِأَنَّ نَتْنَ الْفَمِ يَمْنَعُ مُقَارَبَةَ صَاحِبِهِ إلَّا على كُرْهٍ
وقال في الْفُرُوعِ الْبَخَرُ يَشْمَلُهُمَا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ في كُلٍّ مِنْهُمَا وَجْهَانِ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ
وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِمَا
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ بين أبي بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ وبن حَامِدٍ يَثْبُتُ الْخِيَارُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ عَيْبٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وفي كَوْنِهِ خُنْثَى أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مُشْكِلًا وَقُلْنَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ أو غير مُشْكِلٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال قَالَهُ جَمَاعَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَخَصَّهُ في الْمُغْنِي بِالْمُشْكِلِ وفي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي يُخَالِفُ ما قال فإنه قال وفي الْبَخَرِ وَكَوْنُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى وَجْهَانِ وَأَطْلَقَ الْخُنْثَى
____________________
(8/197)
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وبكون ( ( ( ويكون ) ) ) أَحَدُهُمَا خُنْثَى غير مُشْكِلٍ أو مُشْكِلًا وَصَحَّ نِكَاحُهُ في وَجْهٍ انْتَهَى
فما نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عنهما مُخَالِفٌ لِمَا هو مَوْجُودٌ في كِتَابَيْهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خُنْثَى غير مُشْكِلٍ فَخَصُّوا الْخُنْثَى بِكَوْنِهِ غير مُشْكِلٍ وَخَصَّهُ في الْمَذْهَبِ بِكَوْنِهِ مُشْكِلًا
الثَّالِثُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ حَكَوْا الْخِلَافَ في ذلك كُلِّهِ وَجْهَيْنِ
وَحَكَى بن عَقِيلٍ في الْبَخَرِ رِوَايَتَيْنِ
وَحَكَى في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مثله رِوَايَتَيْنِ
الرَّابِعُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان ما عَدَا ما ذَكَرَهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ
وَكَذَا قال الشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ
وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقَرَعِ في الرَّأْسِ إذَا كان له رِيحٌ مُنْكَرَةٌ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الِاسْتِحَاضَةِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَثْبُتُ بِالِاسْتِحَاضَةِ الْفَسْخُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ
قُلْت الصَّوَابُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِذَلِكَ
وَأَلْحَقَ بن رَجَبٍ بِالْقَرَعِ رَوَائِحَ الْإِبِطِ الْمُنْكَرَةِ التي تَثُورُ عِنْدَ الْجِمَاعِ
وَأَجْرَى في الْمُوجَزِ الْخِلَافَ في بَوْلِ الْكَبِيرِ في الْفِرَاشِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِنَضْوِ الْخَلْقِ كَالرَّتَقِ
وَاخْتَارَ بن حَمْدَانَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا كان الذَّكَرُ كَبِيرًا وَالْفَرْجُ صَغِيرًا
وَعَنْ أبي الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيِّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِكُلِّ عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
____________________
(8/198)
وقال أبو الْبَقَاءِ أَيْضًا لو ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الشَّيْخُوخَةَ في أَحَدِهِمَا يُفْسَخُ بها لم يَبْعُدْ
وقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى فِيمَنْ بِهِ عَيْبٌ كَقَطْعٍ يَدٍ أو رِجْلٍ أو عَمًى أو خَرَسٍ أو طَرَشٍ وَكُلُّ عَيْبٍ يَفِرُّ الزَّوْجُ الْآخَرُ منه وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ من الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ يُوجِبُ الْخِيَارَ وَأَنَّهُ أَوْلَى من الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلَامَةِ فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عُرْفًا انْتَهَى
قُلْت وما هو بِبَعِيدٍ وما في مَعْنَاهُ إنْ لم يَكُنْ دخل في كَلَامِهِ من عُرِفَ بِالسَّرِقَةِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا كان عَقِيمًا أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ لها
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا كان بِهِ جُنُونٌ أو وَسْوَاسٌ أو تَغَيُّرٌ في عَقْلٍ وكان يَعْبَثُ ويؤذى رَأَيْت أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقِيمُ على هذا
الْخَامِسُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ من غَيْرِ جِنْسِهِ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهُ إنْ تَغَايَرَتْ ولم يَسْتَثْنِ شيئا
وَيُسْتَثْنَى من ذلك إذَا وَجَدَ الْمَجْبُوبُ الْمَرْأَةَ رَتْقَاءَ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُمَا الْخِيَارُ
وَقِيلَ حُكْمُهُ كَالْمُمَاثِلِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْعَقْدِ أو قال قد رَضِيت بِهِ مَعِيبًا أو وُجِدَ منه دَلَالَةٌ على الرِّضَى من وَطْءٍ أو تَمْكِينٍ مع الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ له
بِلَا خِلَافٍ في الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أو الرِّضَى بِهِ وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَأْتِي
____________________
(8/199)
فَائِدَةٌ خِيَارُ الْعُيُوبِ على التَّرَاخِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
قال في الْبُلْغَةِ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ
قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ هو على الْفَوْرِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وبن الْبَنَّا في الْخِصَالِ
قال بن عَقِيلٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِحَقِّ الْفَسْخِ تَكُونُ على الْفَوْرِ فَمَتَى أَخَّرَ ما لم تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ بَطَلَ لِأَنَّ الْفَسْخَ على الْفَوْرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ على الرِّضَى من الْوَطْءِ وَالتَّمْكِينِ مع الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أو يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ
قال الْمَجْدُ لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْعُنَّةِ إلَّا بِالْقَوْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّمْكِينِ من الِاسْتِمْتَاعِ وَنَحْوِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لم نَجِدْ هذه التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِ الْجَدِّ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ
فَيَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ أو يَرُدُّهُ إلَى من له الْخِيَارُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُوجَزِ يَتَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس هو الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ وَيَحْكُمُ بِهِ فَمَتَى أَذِنَ أو حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أو فَسْخٍ فَعَقَدَ أو فَسَخَ لم يَحْتَجْ بَعْدَ ذلك إلَى حُكْمٍ
____________________
(8/200)
بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو عَقَدَ هو أو فَسَخَ فَهُوَ كَفِعْلِهِ فيه الْخِلَافُ وَإِنْ عَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ أو فَسَخَ بِلَا حُكْمٍ فَأَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فيه فَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ الْفَسْخِ بِلَا حُكْمٍ في الرِّضَى بِعَاجِزٍ عن الْوَطْءِ كَعَاجِزٍ عن النَّفَقَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالسِّتِّينَ وَرَجَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ جَمِيعَ الفسوخ ( ( ( الفسخ ) ) ) لَا تَتَوَقَّفُ على حُكْمِ حَاكِمٍ
فَائِدَةٌ لو فَسَخَ مع غَيْبَتِهِ فَفِي الِانْتِصَارِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا
وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُطَلَّقُ على عِنِّينٍ كَمُولٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَخَ قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ وَإِنْ فَسَخَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ عنه مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَبَنَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ على الرِّوَايَتَيْنِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ هل الْوَاجِبُ فيه الْمُسَمَّى أو مَهْرُ الْمِثْلِ على ما يَأْتِي في آخِرِ الصَّدَاقِ
وَقِيلَ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ في فَسْخِ النِّكَاحِ بِشَرْطٍ أو عَيْبٍ قَدِيمٍ لَا بِمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ
قُلْت وهو قَوِيٌّ وَقَيَّدَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ بهذا
وَقِيلَ في فَسْخِ الزَّوْجِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أو بِشَرْطٍ يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذلك إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا فَيَسْقُطُ من الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ فَسَخَ أو أَمْضَى
____________________
(8/201)
وَقَاسَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ على الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ
وَحَكَاهُ بن شَاقِلَا في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ عن أبي بَكْرٍ
وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الشِّيرَازِيِّ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
قُلْت وَفِيهِ قُوَّةٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَكَذَلِكَ إنْ ظَهَرَ الزَّوْجُ مَعِيبًا فَلِلزَّوْجَةِ الرُّجُوعُ عليه بِنَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا في فَوَاتِ شَرْطِهَا
قال بن رَجَبٍ وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ مثله في الْغَبْنِ في الْبَيْعِ في بَابِ الشُّفْعَةِ
فَائِدَةٌ الْخَلْوَةُ هُنَا كَالْخَلْوَةِ في النِّكَاحِ الذي لَا خِيَارَ فيه
قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ على من غَرَّهُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَيَرْجِعُ على الْغَارِّ على الْأَصَحِّ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
قال الشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ من الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وهو قَوْلُ عَلِيٍّ رضى اللَّهُ عنه
وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ رَجَعَ عن هذه الرِّوَايَةِ
قال في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ كُنْت أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه ثُمَّ هِبْته فَمِلْت إلَى قَوْلِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ على من غَرَّهُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ
____________________
(8/202)
وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
فَعَلَى هذا أَيُّهُمْ انْفَرَدَ بِالتَّغْرِيرِ ضَمِنَ
فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ قُبِلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَارُّ عِلْمَهُ بِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَحَلَفَ بريء
واستثنى من ذلك إذَا كان الْعَيْبُ جُنُونًا
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا في عُيُوبِ الْفَرْجِ
وَقِيلَ إنْ كان الْوَلِيُّ مِمَّا يَخْفَى عليه أَمْرُهَا كَأَبَاعِدِ الْعَصَبَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ إلَّا أَنَّهُ فَصَلَ بين عُيُوبِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهَا فَسَوَّى بين الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ في عُيُوبِ الْفَرْجِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ
وقال في الْفُرُوعِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ في عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كان مِمَّنْ له رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ
وَأَمَّا الْوَكِيلُ إذَا أَنْكَرَ الْعِلْمَ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مع يَمِينِهِ بِلَا خِلَافٍ
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَضْمَنُ إذَا غَرَّتْهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِتَضْمِينِهَا أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً قَالَهُ بن عَقِيلٍ وَشَرَطَ مع ذلك أبو عبد اللَّهِ بن تَيْمِيَّةَ بُلُوغَهَا
فَعَلَى هذا حُكْمُهَا إذَا ادَّعَتْ عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَيْبِ نَفْسِهَا وَاحْتُمِلَ ذلك حُكْمُ الْوَلِيِّ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وُجِدَ التَّغْرِيرُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ على الْوَلِيِّ على قَوْلِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ
____________________
(8/203)
وقال الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كان الْغَرَرُ من الْمَرْأَةِ وَالْوَكِيلِ الضَّمَانُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيَكُونُ في كُلٍّ من الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ قَوْلَانِ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في الْغَرَرِ بِالْأَمَةِ على أنها حُرَّةٌ
الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا في الرُّجُوعِ على الْغَارِّ لو زَوَّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عليه غَيْرَهَا وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيُجَهِّزُ زَوْجَتَهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ نَصَّ على ذلك
قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ أو مجنونة أو سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْوِيجُهَا مَعِيبًا وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْوِيجُهَا بِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا
بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَكِنْ لو خَالَفَ وَفَعَلَ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا الصِّحَّةُ مع جَهْلِهِ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وهو ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَالثَّالِثُ يَصِحُّ مُطْلَقًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل له الْفَسْخُ إذْنٌ أو يَنْتَظِرُهَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا له الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَنْتَظِرُهَا
وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الْخِلَافَ إنْ أَجْبَرَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَصَحَّحَهُ في الْإِيضَاحِ مع جَهْلِهِ وَتَخَيَّرَ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ في تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ أو مَجْنُونَةٍ بمثله وَمَلَكَ الْوَلِيُّ الْفَسْخَ وَجْهَيْنِ
____________________
(8/204)
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكَبِيرَةُ نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أو عِنِّينٍ لم يَمْلِكْ مَنْعَهَا
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ له مَنْعُهَا قال الْمُصَنِّفُ هذا أَوْلَى
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ أو مَجْذُومٍ أو أَبْرَصَ فَلَهُ مَنْعُهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ فَلَهُ مَنْعُهَا في الْأَصَحِّ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هذا أَظْهَرُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ مَنْعَهَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الذي يَمْلِكُ مَنْعَهَا وَلِيُّهَا الْعَاقِدُ لِلنِّكَاحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِبَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمَنْعُ كما قُلْنَا في الْكَفَاءَةِ
قُلْت وهو أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَتْ الْعَيْبَ بَعْدَ الْعَقْدِ أو حَدَثَ بِهِ لم يَمْلِكْ إجْبَارَهَا على الْفَسْخِ
بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ في ابْتِدَائِهِ لَا في دَوَامِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/205)
بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ
قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ وَتَحْرِيمُ الْمُحَرَّمَاتِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في التَّرْغِيبِ حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَيُقَرُّونَ على الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ ما اعْتَقَدُوا حِلَّهَا ولم يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا
هذا الْمَذْهَبُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ في مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أو اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً يَحُولُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا
فَيَخْرُجُ من هذا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ على نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ
وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يُقَرُّونَ على مالا مَسَاغَ له في الْإِسْلَامِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْمَحَارِمِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ الْكِتَابِيَّةَ وَنَحْوِهِ
وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ هل يَجُوزُ لِلْمَجُوسِيِّ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ الْمُحَرَّمَةَ في دِينِ الْإِسْلَامِ حَرَامٌ مُطْلَقًا فإذا لم يُسْلِمُوا عُوقِبُوا عليها وَإِنْ أَسْلَمُوا عفى لهم عنها لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا
وأما ( ( ( أما ) ) ) الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ فَالصَّوَابُ أنها صَحِيحَةٌ من وَجْهٍ فَاسِدَةٌ من وَجْهٍ فَإِنْ أُرِيدَ بِالصِّحَّةِ إبَاحَةُ التَّصَرُّفِ فَإِنَّمَا يُبَاحُ لهم بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أُرِيدَ نُفُوذُهُ وترتب ( ( ( وترتيب ) ) ) أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ عليه من حُصُولِ الْحِلِّ بِهِ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فيه وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ بِهِ فَصَحِيحٌ
____________________
(8/206)
وَهَذَا مِمَّا يقوى طَرِيقَةَ من فَرَّقَ بين أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ لِعَيْنِ الْمَرْأَةِ أو لِوَصْفٍ لِأَنَّ تَرَتُّبَ هذه الْأَحْكَامِ على نِكَاحِ الْمَحَارِمِ بَعِيدٌ جِدًّا
وقد أَطْلَقَ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُمَا صِحَّةَ أَنْكِحَتِهِمْ مع تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا رَأَيْت لِأَصْحَابِنَا في أَنْكِحَتِهِمْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ
أَحَدُهَا هِيَ صَحِيحَةٌ وقد يُقَالُ هِيَ في حُكْمِ الصِّحَّةِ
وَالثَّانِي ما أُقِرُّوا عليه فَهُوَ صَحِيحٌ وما لم يُقَرُّوا عليه فَهُوَ فَاسِدٌ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وبن عَقِيلٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ
وَالثَّالِثُ ما أَمْكَنَ إقْرَارُهُمْ عليه فَهُوَ صَحِيحٌ وما لَا فَلَا
وَالرَّابِعُ أَنَّ كُلَّ ما فَسَدَ من مَنَاكِحِ الْمُسْلِمِينَ فَسَدَ من نِكَاحِهِمْ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان في أَثْنَائِهِ يَعْنِي إذَا أَسْلَمُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا في أَثْنَاءِ الْعَقْدِ لم نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ بَلْ إنْ كانت الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا كَذَاتِ مَحْرَمِهِ وَمَنْ هِيَ في عِدَّتِهَا أو شُرِطَ الْخِيَارُ في نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أو مُدَّةً هُمَا فيها أو مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا أُقِرَّا على النِّكَاحِ
إذَا أَسْلَمُوا أو تَرَافَعُوا إلَيْنَا في أَثْنَاء الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يُفْسَخُ إلَّا مع مُفْسِدٍ مُؤَبَّدٍ أو مُجْمَعٍ عليه
فَلَوْ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ في عِدَّتِهَا وَأَسْلَمَا أو تَرَافَعَا إلَيْنَا فَإِنْ كان تَزَوَّجَهَا في عِدَّةِ مُسْلِمٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(8/207)
وَإِنْ كان في عِدَّةِ كَافِرٍ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عليه صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ شَمَلَ كَلَامُهُ وَلَوْ كانت حُبْلَى من زِنًا قبل الْعَقْدِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أو الرِّوَايَتَيْنِ
أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِي لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ في نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أو مُدَّةً هُمَا فيها فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ في الْأُولَى
وَقِيلَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وأما ( ( ( أما ) ) ) إذَا اسْتَدَامَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثَةً وهو مُعْتَقِدٌ حِلَّهُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ لم يُقَرَّ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/208)
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَا
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا أو طَاوَعَتْهُ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا وَإِلَّا فَلَا
أَنَّهُ لو فَعَلَ ذلك أَهْلُ الذِّمَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْغَةُ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ أَنَّهُمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الْمَهْرُ مُسَمًّى صَحِيحًا أو فَاسِدًا قَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِهِ
وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ مثلى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فَاسِدًا لم تَقْبِضْهُ فَرَضَ لها مَهْرَ الْمِثْلِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لا ( ( ( لو ) ) ) شيء ( ( ( كانت ) ) ) لها في خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ خَرَّجَهَا الْقَاضِي
فَائِدَةٌ لو كانت قبضت ( ( ( قبل ) ) ) بَعْضِ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ وَجَبَ لها حِصَّةُ ما بَقِيَ من مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْحِصَّةِ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَفِيمَا يَدْخُلُهُ الْعَدُّ بَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(8/209)
وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ
قال الْمُصَنِّفُ الشَّارِحُ لو أَصْدَقَهَا عَشْرَ زُقَاقِ خَمْرٍ مُتَسَاوِيَةً فَقَبَضَتْ نِصْفَهَا وَجَبَ لها نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَإِنْ كانت مُخْتَلِفَةً اُعْتُبِرَ ذلك بِالْكَيْلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّانِي يُقْسَمُ على عَدَدِهَا
وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ خَنَازِيرَ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يُقْسَمُ على عَدَدِهَا
وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا
وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ وَثَلَاثَ زُقَاقِ خَمْرٍ فثلاثة أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا يُقْسَمُ على قَدْرِ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ
وَالثَّانِي يُقْسَمُ على عَدَدِ الْأَجْنَاسِ فيجعل ( ( ( فيحمل ) ) ) لِكُلِّ جَزْءِ ثُلُثُ الْمَهْرِ 2
وَالثَّالِثُ يُقْسَمُ على الْمَعْدُودِ كُلِّهِ فيجعل ( ( ( فيحمل ) ) ) لِكُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ الْمَهْرِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وإذا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا
أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْخُلُ في الْمَعِيَّةِ لو شُرِعَ الثَّانِي قبل أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ
وَقِيلَ هُمَا على نِكَاحِهِمَا إنْ أَسْلَمَا في الْمَجْلِسِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ تَلَفُّظَهُمَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فيه عُسْرٌ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ أو أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غير الْكِتَابِيَّيْنِ قبل الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(8/210)
فَإِنْ كانت هِيَ الْمُسْلِمَةَ فَلَا مَهْرَ لها
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بهذا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لها نِصْفُ الْمَهْرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قُلْت وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى أبو مُحَمَّدٍ رِوَايَةً بِأَنَّ لها نِصْفَ الْمَهْرِ وَأَنَّهَا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ من قِبَلِ الزَّوْجِ بِتَأَخُّرِهِ عن الْإِسْلَامِ
وَالْمَنْقُولُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ التَّوَقُّفُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَيْضًا
قال ( ( ( قاله ) ) ) في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال في الْهِدَايَةِ وَهِيَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَهَذَا من غَيْرِ الْأَكْثَرِ الذي ذَكَرْنَاهُ عن الْفُرُوعِ في الْخُطْبَة
وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لها جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(8/211)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الصَّدَاقِ فِيمَا يُنَصِّفُ الْمَهْرَ
فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَسْلَمَا وَقَالَتْ سَبَقْتَنِي وقال أَنْتِ سَبَقْتِنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَإِنْ قَالَا سَبَقَ أَحَدُنَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ فَلَهَا أَيْضًا نِصْفُ الْمَهْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي إنْ لم تَكُنْ قَبَضَتْهُ لم تُطَالِبْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كانت قَبَضَتْهُ لم يَرْجِعْ عليها بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ على النِّكَاحِ وَأَنْكَرَتْهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ
وَظَاهِرِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْخُلَاصَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(8/212)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قبل الدُّخُولِ وَقَفَ الْأَمْرُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ
وهو المذهب ( ( ( للمذهب ) ) ) وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ
قال أبو بَكْرٍ رَوَاهُ عنه نَحْوٌ من خَمْسِينَ رَجُلًا وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هذا أَظْهَرُ وَأَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَتَعَجَّلُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا كما قبل الدُّخُولِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ الْوَقْفُ بِإِسْلَامِ الْكِتَابِيَّةِ وَالِانْفِسَاخُ بِغَيْرِهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ بِالْوَقْفِ وقال أَحَبُّ إلَيَّ الْوَقْفُ عِنْدَهَا
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بَقَاءَ نِكَاحِهِ قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ما لم تَنْكِحْ غَيْرَهُ وَالْأَمْرُ إلَيْهَا وَلَا حُكْمَ له عليها وَلَا حَقَّ لها عليه وكذا لو أَسْلَمَ قَبْلَهَا وَلَيْسَ له حَبْسُهَا وَأَنَّهَا مَتَى أَسْلَمَتْ وَلَوْ قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ اخْتَارَ انْتَهَى
قَوْلُهُ مُفَرَّعًا على الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قبل انْقِضَائِهَا فَهُمَا على نِكَاحِهِمَا وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ حين أَسْلَمَ الْأَوَّلُ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(8/213)
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَفَ الْأَمْرُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ ليس له عليها سَبِيلٌ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ عنه ما يَدُلُّ على رِوَايَةٍ وَهِيَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ حديث زَيْنَبَ بِنْتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَنَّهَا تُرَدُّ له وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ
قَوْلُهُ فَعَلَى هذا يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةُ
لو وَطِئَهَا في عِدَّتِهَا ولم يُسْلِمْ الثَّانِي فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا شَيْءَ لها
بِلَا نِزَاعٍ على هذا الْبِنَاءِ
وَقَوْلُهُ وإذا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كان هو الْمُسْلِمُ فَلَا نَفَقَةَ لها
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لها النَّفَقَةُ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ في الْعِدَّةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ في الْعِدَّةِ وَهِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ فَهَلْ لها النَّفَقَةُ فِيمَا بين إسْلَامِهِمَا على وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(8/214)
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو اتَّفَقَا على أنها أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَقَالَتْ أَسْلَمَتْ في الْعِدَّةِ وقال بَلْ بَعْدَهَا كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا
الثَّانِيَةُ لو لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ وَإِلَّا فَسَدَ فَفِي الْحَدِّ إذَنْ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال هُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحِهِ فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قبل الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ لها إنْ كانت هِيَ الْمُرْتَدَّةَ وَإِنْ كان هو الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو ارْتَدَّا معا فَهَلْ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ أو يَسْقُطُ فيه وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ أَنَّهُ يَسْقُطُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كَفَرَا أو أَحَدُهُمَا قبل الدُّخُولِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ سَبَقَهَا وَحْدَهُ أو كَفَرَ وَحْدَهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وإلا يَسْقُطْ
وَقِيلَ إنْ كَفَرَا مَعًا وَجَبَ
وَقِيلَ فيه وَجْهَانِ
فَقُدِّمَ السُّقُوطُ وكذا قُدِّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
____________________
(8/215)
قال الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْوَجِيزِ وَالْأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ أو تَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
إحْدَاهُمَا تَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ
وقال الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِ الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ
وَالثَّانِي تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا مِثْلَ اخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
قَوْلُهُ فَإِنْ كان هو الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ
هذا مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَقِفُ على انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ لو وَطِئَهَا أو طَلَّقَهَا وَقُلْنَا لَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
قُلْت جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِوُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لم يُسْلِمَا حتى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ
قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّيْنِ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عليه فَهُوَ كَرِدَّتِهِ
____________________
(8/216)
إنْ انْتَقَلَ الزَّوْجَانِ أو أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عليه أو تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَكَالرِّدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ تَمَجَّسَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ كِتَابِيٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَالرِّدَّةِ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنَوِّرِ
وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عليه وَإِنْ كانت تُبَاحُ لِلْكِتَابِيِّ على الصَّحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ النِّكَاحُ بِحَالِهِ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قُلْت قد تَقَدَّمَ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَجُوزُ له نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَهَذَا في مَعْنَاهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ معه اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ
إنْ كان مُكَلَّفًا اخْتَارَ وَإِنْ كان صَغِيرًا لم يَصِحَّ اخْتِيَارُهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا يَخْتَارُ له الْوَلِيُّ وَيَقِفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الشَّهْوَةِ وَالْإِرَادَةِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ وَلِيَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ في التَّعْيِينِ وَضَعَّفَ الْوَقْفِ
وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ صِحَّةَ اخْتِيَارِ الْأَبِ مِنْهُنَّ وَفَسْخَهُ على صِحَّةِ طَلَاقِهِ عليه
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ طَلَاقُ وَالِدِهِ عليه صَحَّ اخْتِيَارُهُ له وَإِلَّا فَلَا
____________________
(8/217)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ فَيَخْتَارَ على الصَّحِيحِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يَبْلُغَ عَشْرَ سِنِينَ فَيَخْتَارَ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال قُلْت إنْ صَحَّ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ اخْتِيَارُهُ وَإِلَّا فَلَا
وقال بن عَقِيلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حتى يُرَاهِقَ وَيَبْلُغَ أَرْبَعَ عَشَرَ سَنَةً فَيَخْتَارَ
فَائِدَةٌ لو ( ( ( أو ) ) ) أَسْلَمَ على أَكْثَرَ من أَرْبَعٍ أو على أُخْتَيْنِ فَاخْتَارَ أَرْبَعًا أو إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَعْتَزِلُ الْمُخْتَارَاتِ وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ
فَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ فَلَهُ وَطْءٌ ثَلَاثًا من الْمُخْتَارَاتِ وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حتى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ وَعَلَى ذلك فَقِسْ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وفي هذا نَظَرٌ فإن ظَاهِرَ السُّنَّةِ يُخَالِفُ ذلك
قال وقد تَأَمَّلْت كَلَامَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا فَوَجَدْتهمْ قد ذَكَرُوا أَنَّهُ يُمْسِكُ أَرْبَعًا ولم يَشْتَرِطُوا في جَوَازِ وَطْئِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا في جَمْعِ الْعَدَدِ وَلَا في جَمْعِ الرَّحِمِ
وَلَوْ كان لِهَذَا أَصْلٌ عِنْدَهُمْ لم يُغْفِلُوهُ فَإِنَّهُمْ دَائِمًا يُنَبِّهُونَ في مِثْلِ هذا على اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ كما ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا وطىء أُخْتَ امْرَأَتِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أو زِنًا بها وقال هذا هو الصَّوَابُ فإن هذه الْعِدَّةَ تَابِعَةٌ لِنِكَاحِهَا وقد عَفَا اللَّهُ عن جَمِيعِ نِكَاحِهَا فَكَذَلِكَ يَعْفُو عن تَوَابِعِ ذلك النِّكَاحِ وَهَذَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ لم يَجْمَعْ عَقْدًا وَلَا وَطْئًا انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ إذَا زَنَا بِامْرَأَةٍ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ هل يَعْتَزِلُ الْأَرْبَعُ حتى يَسْتَبْرِئَ الرابعة ( ( ( للرابعة ) ) ) أو وَاحِدَةً
____________________
(8/218)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ جَوَازُ الِاخْتِيَارِ في حَالِ إحْرَامِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ
وقال الْقَاضِي لَا يَخْتَارُ وَالْحَالَةُ هذه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فَوَائِدُ
إحداها مَوْتُ الزَّوْجَاتِ لَا يَمْنَعُ اخْتِيَارَهُنَّ فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ أَسْلَمَ معه أربع ( ( ( أربعة ) ) ) مِنْهُنَّ ثُمَّ مُتْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي في الْعِدَّةِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَحْيَاءَ وَيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتَى بِاخْتِلَافِ الدِّينِ فَلَا يَرِثُهُنَّ
وَلَهُ ان يَخْتَارَ الْمَوْتَى فَيَرِثُهُنَّ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْأَحْيَاءَ بِنَّ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَعِدَّتُهُنَّ من ذلك الْوَقْتِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ليس بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ في الْحَالِ وَإِنَّمَا تَبِينُ بِهِ من كانت زَوْجَتُهُ وَالتَّبَيُّنُ يَصِحُّ في الْمَوْتَى كما يَصِحُّ في الْأَحْيَاءِ
وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعٍ أو من لَا يَجُوزُ جَمْعُهُ في الْإِسْلَامِ فَاخْتَارَ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْعَدَدِ الزَّائِدِ قبل الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهُنَّ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ
الثَّالِثَةُ صِفَةُ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَقُولَ اخْتَرْت نِكَاحَ هَؤُلَاءِ أو أَمْسَكْتهنَّ أو اخْتَرْت حَبْسَهُنَّ أو إمْسَاكَهُنَّ أو نِكَاحَهُنَّ وَنَحْوَهُ أو يَقُولَ تَرَكْت هَؤُلَاءِ أو فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ أو اخْتَرْت مُفَارَقَتَهُنَّ وَنَحْوَهُ فَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُخَرِ وَإِنْ لم يَخْتَرْ أُجْبِرَ عليه بِحَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ
____________________
(8/219)
وَعِدَّةُ ذَوَاتِ الْفَسْخِ مُنْذُ اخْتَارَ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَشْهُورُ
وَقِيلَ مُنْذُ أَسْلَمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَيَأْتِي إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا قد أَسْلَمْنَ أَنَّ عِدَّةَ الْبَوَاقِي إنْ لم يُسْلِمْنَ من وَقْتِ إسْلَامِهِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمْنَ على الصَّحِيحِ
قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ أو وَطِئَهَا كان اخْتِيَارًا لها
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ في الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهُ في الْوَطْءِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ وطىء كان اخْتِيَارًا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس اخْتِيَارًا فِيهِمَا
وفي الْوَاضِحِ وَجْهٌ أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا كَالْوَطْءِ في الرَّجْعَةِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في بَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ لو أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ أو كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ له وَطْءَ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَكُونُ اخْتِيَارًا منه لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ على الْأَرْبَعِ
وَكَلَامُ الْقَاضِي قد يَدُلُّ على هذا
وقد يَدُلُّ على تَحْرِيمِ الْجَمِيعِ قبل الِاخْتِيَارِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الطَّلَاقِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أو السَّرَاحِ أو الْفِرَاقِ وهو صَحِيحٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِلَفْظِ السَّرَاحِ أو
____________________
(8/220)
الْفِرَاقِ الطَّلَاقَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي في الْفِرَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمُفَارَقَاتِ لِأَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ في الطَّلَاقِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى
وقال في الْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي لَفْظِ الْفِرَاقِ والسراح وَجْهَانِ يَعْنُونَ هل يَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ أو اخْتِيَارًا له
وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ هُنَا ليس طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا لِلْخَبَرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَخْرَجَ بِالْقُرْعَةِ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي
يَعْنِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا قُرْعَةَ وَيَحْرُمْنَ عليه وَلَا يَبُحْنَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ
قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ في كِتَابِ الْبَيْعِ يُطَلِّقُ الْجَمِيعَ ثَلَاثًا
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ
وَلَكِنْ يَلْزَمُ منه أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ في الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ من أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِنَّ بِخَصَائِصِ مِلْكِ النِّكَاحِ من الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وهو بَعِيدٌ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ان الطَّلَاقَ هُنَا فَسْخٌ وَلَا يَحْتَسِبُ بِهِ من الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ
____________________
(8/221)
فَائِدَةٌ لو وطىء الْكُلَّ تَعَيَّنَ له الْأَوَّلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَاهَرَ أو آلَى من إحْدَاهُنَّ فَهَلْ يَكُونُ اخْتِيَارًا لها على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال في الْبُلْغَةِ لم يَكُنْ اخْتِيَارًا على الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ اخْتِيَارًا وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي
قال في الْمُنَوِّرِ لو ظَاهَرَ منها فَمُخْتَارَةٌ
وقال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَطَلَاقُهُ وَوَطْؤُهُ اخْتِيَارٌ لاظهاره وَإِيلَاؤُهُ في وَجْهٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
____________________
(8/222)
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُنَّ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ من ذلك أو ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَحِضْنَ أو إنْ كانت حَامِلًا فَبِوَضْعِهِ وَالْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُنَّ الْأَطْوَلُ من عِدَّةِ الْوَفَاةِ أو عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ لَزِمَهُنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ
وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمَدْخُولَ بها الْأَطْوَلُ من عِدَّةِ الْوَفَاةِ أو عِدَّةِ طَلَاقٍ من حِينِ الْإِسْلَامِ
وَقِيلَ هذا إنْ كُنَّ ذَوَاتِ أَقْرَاءٍ وَإِلَّا فَعِدَّةُ وَفَاةٍ كَمَنْ لم يَدْخُلْ بها انْتَهَى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو أَسْلَمَ معه الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ وَلَسْنَ بِكِتَابِيَّاتٍ لم يُخَيَّرْ في غَيْرِ مُسْلِمَةٍ وَلَهُ إمْسَاكُ من شَاءَ عَاجِلًا وَتَأْخِيرُهُ حتى يُسْلِمَ من بقى أو تَفْرُغَ عِدَّتُهُنَّ هذا الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ مَتَى نَقَصَ الْكَوَافِرُ عن أَرْبَعٍ لَزِمَهُ تَعْجِيلُهُ بِقَدْرِ النَّقْصِ
____________________
(8/223)
وإذا عَجَّلَ اخْتِيَارَ أَرْبَعٍ قد أَسْلَمْنَ فَعِدَّةُ الْبَوَاقِي إنْ لم يُسْلِمْنَ من وَقْتِ إسْلَامِهِ وكذا إنْ أَسْلَمْنَ على الصَّحِيحِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تَعْتَدُّ من وَقْتِ اخْتِيَارِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَوْلَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وإذا انْقَضَتْ عِدَّةُ الْبَوَاقِي ولم يُسْلِمْ إلَّا أَرْبَعٌ أو أَقَلُّ فَقَدْ لَزِمَ نِكَاحُهُنَّ
وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِلَّا لم يَصِحَّ بِحَالٍ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يُوقَفُ فَإِنْ نَكَلَ بَعْدَ إسْلَامِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا ثَبَتَ الْفَسْخُ فيها وَإِلَّا بَطَلَ
الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا زَوْجَانِ أو أَكْثَرُ تَزَوَّجَاهَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ لم يَكُنْ لها أن تَخْتَارُ أَحَدَهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ كان دخل بِالْأُمِّ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنَّ الْمَهْرَ يَكُونُ لِلْأُمِّ
قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ معه وكان في حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ على الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَحِلُّ له ( ( ( والإماء ) ) ) الإماء فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ وَإِلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/224)
وقال أبو بَكْرٍ إنْ كان قد دخل بِهِنَّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ في عِدَّتِهِنَّ لَا يَجُوزُ له الِاخْتِيَارُ هُنَا بَلْ يَبِنُّ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وهو مُوسِرٌ فلم يُسْلِمْنَ حتى أَعْسَرَ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ
قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ اخْتَارَ إنْ جَازَ له نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ وَإِلَّا فَسَدَ
وَإِنْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ اُعْتُبِرَ عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَقْتَ إسْلَامِهِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمْنَ لم يَكُنْ له الِاخْتِيَارُ من الْبَوَاقِي
أنها لو عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بعد ( ( ( بحد ) ) ) إسْلَامِهِنَّ كان له الِاخْتِيَارُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له الِاخْتِيَارُ بَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَى إنْ كانت تُعِفُّهُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ في عِدَّتِهَا قَبْلَهُنَّ أو بَعْدَهُنَّ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ
وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ إنْ كانت تُعِفَّهُ
هذا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم تُعْتَقْ الْإِمَاءُ ثُمَّ يُسْلِمْنَ في الْعِدَّةِ فَأَمَّا إنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ في الْعِدَّةِ فإن حُكْمَهُنَّ كَالْحَرَائِرِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ عبدة ( ( ( عبد ) ) ) وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ معه ثُمَّ عَتَقَ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ
____________________
(8/225)
هذا صَحِيحٌ لَكِنْ لو أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ إمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ اثنتان ثُمَّ عَتَقْنَ فَأَسْلَمَتْ الثِّنْتَانِ الْبَاقِيَتَانِ كان له أَنْ يَخْتَارَ من الْجَمِيعِ أَيْضًا على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَعَيَّنُ الْأُولَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحُرِّ لَا يَجُوزُ له أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فيه
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
فَائِدَةٌ لو كان تَحْتَهُ أَحْرَارٌ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ معه لم يَكُنْ لِلْحُرَّةِ خِيَارُ الْفَسْخِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هو كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ
____________________
(8/226)
كِتَابُ الصَّدَاقِ
فَائِدَةٌ لِلْمُسَمَّى في الْعَقْدِ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ الصَّدَاقُ وَالصَّدُقَةُ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَمِنْهُ { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } والطول وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } أَيْ مَهْرَ حُرَّةٍ والنحلة وَالْأَجْرُ وَالْفَرِيضَةُ وَالْمَهْرُ وَالنِّكَاحُ وَمِنْهُ { وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا } والعلائق والعقر ( ( ( العلائق ) ) ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ والحباء مَمْدُودًا مع كَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عن تَسْمِيَتِهِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ في الْعَقْدِ مُسْتَحَبَّةٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ رحمهم الله
وقال في التَّبْصِرَةِ يُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ فيه وَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عن تَسْمِيَتِهِ
هذا مَبْنِيٌّ على أَصْلٍ وهو أَنَّ الصَّدَاقَ هل هو حَقٌّ لِلَّهِ أو لِلْآدَمِيِّ
قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ من أَصْحَابِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ هو حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْعَفْوَ عنه
وَتَرَدَّدَ بن عَقِيلٍ فقال مَرَّةً كَذَلِكَ وقال أُخْرَى هو حَقٌّ لِلَّهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَعْرَى عنه ثُبُوتًا وَلُزُومًا فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ وَقَالَهُ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ في وُجُوبِ الْمَهْرِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ من أَمَتِهِ
فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ وهو كَوْنُهُ حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَالْحِلُّ مُسْتَفَادٌ من الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِهِ وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ فيه وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَهَلْ هو عِوَضٌ حَقِيقِيٌّ أَمْ لَا
____________________
(8/227)
لِلْأَصْحَابِ فيه تَرَدُّدٌ وَمِنْهُمْ من ذَكَرَ احْتِمَالَيْنِ
وَيَنْبَنِي على ذلك لو أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ وَغَيْرُ ذلك
وَإِنْ قِيلَ هو حَقٌّ لِلَّهِ فَالْحِلُّ مُرَتَّبٌ عليه مع الْعَقْدِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ هل الْمَعْقُودُ عليه الْمَنْفَعَةُ أو الْحِلُّ
قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ على صَدَاقِ أَزْوَاجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبَنَاتِهِ وهو خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ يُسَنُّ أَنْ لَا يَعْبُرَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من أَرْبَعِمِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرْبَعِمِائَةٍ يَعْنِي من الدَّرَاهِمِ التي وَزْنُ الدِّرْهَمِ منها مِثْقَالٌ فتكون ( ( ( فيكون ) ) ) الْأَرْبَعُمِائَةِ خَمْسَمِائَةٍ أو قَرِيبًا منها بِضَرْبِ الْإِسْلَامِ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يَزِيدَ على مَهْرِ بَنَاتِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو أَرْبَعُمِائَةٍ
قال في الْبُلْغَةِ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ على مَهْرِ بَنَاتٍ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ
وَقِيلَ على مَهْرِ نِسَائِهِ وهو خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ خَفِيفًا أَرْبَعَمِائَةٍ كَصَدَاقِ بَنَاتِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَإِلَى خَمْسِمِائَةٍ كَصَدَاقِ زَوْجَاتِهِ
وَقِيلَ بَنَاتُهُ انْتَهَى
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قال الذي نُحِبُّهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ على فِعْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في بَنَاتِهِ
____________________
(8/228)
قال الْقَاضِي وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما أَصْدَقَ بَنَاتِهِ غير ما أَصْدَقَهُ زَوْجَاتِهِ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ انه أَصْدَقَ نِسَاءَهُ اثنتي ( ( ( اثنتا ) ) ) عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا وَالنَّشُّ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ وهو عِشْرُونَ دِرْهَمًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وهو الصَّوَابُ مع الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلَا يُزَادُ عليه
قال وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يَكُونُ بُلُوغُهُ مُبَاحًا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ بَلْ كُلُّ ما جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أو أُجْرَةً جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيُّ أَنْ يَكُونَ له نِصْفٌ يَحْصُلُ فَلَا يَجُوزُ على فَلْسٍ وَنَحْوِهِ
وَتَبِعَهُ على ذلك بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَفَسَّرُوهُ بِنِصْفٍ يتمول ( ( ( يتحول ) ) ) عَادَةً
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هذا الشَّرْطُ وَكَذَا كَثِيرٌ من أَصْحَابِهِ حتى بَالَغَ بن عَقِيلٍ في ضِمْنِ كَلَامٍ له فَجَوَّزَ الصَّدَاقَ بِالْحَبَّةِ وَالتَّمْرَةِ التي يُنْتَبَذُ مِثْلُهَا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُعْرَفُ ذلك
فَائِدَةٌ ذَكَرَ الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أن لَا يَنْقُصُ الْمَهْرُ عن عَشَرَةِ دَرَاهِمَ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا يَعْنِي الْحُرَّ على مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
____________________
(8/229)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ يَخْتَصُّ بِالْخِدْمَةِ لِمَا فيه من الْمِهْنَةِ وَالْمُنَافَاةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وإذا لم تَصِحَّ الْخِدْمَةُ صَدَاقًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمَشْرُوطَةِ إلَّا إذَا عَلِمَا أَنَّ هذه الْمَنْفَعَةَ لَا تَكُونُ صَدَاقًا فَيُشْبِهُ ما لو أَصْدَقَهَا مَالًا مَغْصُوبًا في أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ الرِّوَايَتَيْنِ في مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَأَطْلَقُوا الْمَنْفَعَةَ ولم يُقَيِّدُوهَا بِالْعِلْمِ لَكِنْ قَيَّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ ثُمَّ قالوا بَعْدَ ذلك وقال أبو بَكْرٍ يَصِحُّ في خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ
وَلَا يَصِحُّ إنْ كانت مَجْهُولَةً كَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أو خِدْمَتِهَا في أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَتْهُ سَنَةً فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعِلْمِ ولم يذكر الْمُدَّةَ وهو الصَّوَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وفي مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً رِوَايَتَانِ
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ من نَقَلَ عن أبي بَكْرٍ فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُدَّةَ بِالْعِلْمِ
وقال في الرِّعَايَةِ وفي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ الْمُقَدَّرَةُ رِوَايَتَانِ
____________________
(8/230)
وَقِيلَ إنْ عَيَّنَا الْعَمَلَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو تَزَوَّجَهَا على مَنَافِعِ حُرِّ غَيْرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ هِيَ كَالْأُولَى وَقَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وبن عَقِيلٍ
الثَّانِيَةُ لَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ وَلَا غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَضُرُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَزَوَّجَهَا على أَنْ يَشْتَرِيَ لها عَبْدَ زَيْدٍ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
فَعَلَى الْمَنْصُوصِ لو تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ
الثَّالِثَةُ يَصِحُّ عَقْدُهُ أَيْضًا على دَيْنِ سَلَمٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَى غَيْرِ مَقْدُورٍ له كَآبِقٍ وَمُغْتَصِبٍ يُحَصِّلُهُ وَعَلَى مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ ولم يَقْبِضْهُ نَصَّ على ذلك كُلِّهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ في الْجَمِيعِ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ وَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كان وَخِدْمَتِهَا سَنَةً فِيمَا شَاءَتْ كما تَقَدَّمَ وما يُثْمِرُ شَجَرُهُ وَمَتَاعِ بَيْتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابٍ من الْفِقْهِ أو الحديث أو قَصِيدَةٍ من الشِّعْرِ الْمُبَاحِ صَحَّ
وَكَذَا لو أَصْدَقَهَا تعليم ( ( ( تعلم ) ) ) شَيْءٍ من الْأَدَبِ أو صَنْعَةٍ أو كِتَابَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وأطلقه ( ( ( أطلقه ) ) ) كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ هُنَا
____________________
(8/231)
قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ في الْقَصِيدَةِ يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيَصِحُّ على تَعْلِيمِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَشِعْرٍ مُبَاحٍ وَقَطَعَا بِهِ
وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ بِمَا إذَا قُلْنَا بجواز ( ( ( يجوز ) ) ) أَخْذُ الْأُجْرَةِ على تَعْلِيمِهَا
وَجَزَمَ في الْمُنَوِّرِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ في الْفِقْهِ
وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْإِجَارَةِ في جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ على تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ الْوَجْهَيْنِ كما تَقَدَّمَ هُنَاكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لَا يَحْفَظُهَا لم يَصِحَّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال الشَّارِحُ يُنْظَرُ في قَوْلِهِ فَإِنْ قال أُحَصِّلُ لَك تَعْلِيمَ هذه السُّورَةِ صَحَّ لِأَنَّ هذا مَنْفَعَةٌ في ذِمَّتِهِ لَا يَخْتَصُّ بها فَجَازَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عليها من يُحْسِنُهَا
وَإِنْ قال على أَنْ أُعَلِّمَك فذكر الْقَاضِي في الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ
وَذَكَرَ في الْمُجَرَّدِ احْتِمَالًا بِالصِّحَّةِ أَشْبَهَ ما لو أَصْدَقهَا مَالًا في ذِمَّتِهِ وَلَوْ كان مُعْسِرًا بِهِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَيَصِحُّ على قَصِيدَةٍ لَا يُحْسِنُهَا فَيَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ في الْقِرَاءَةِ لو شَرَطَ سُورَةً لَا يَعْرِفُهَا تَعَلَّمَ وَعَلَّمَ كَمَنْ شَرَطَ تَعْلِيمَهَا
وَقِيلَ يَبْطُلُ
وقال بَعْدَ ذلك وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ فِقْهٍ أو حَدِيثٍ أو أَدَبٍ أو شِعْرٍ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ أو صَنْعَةٍ أو كِتَابَةٍ صَحَّ وَفُرُوعُهُ كَفُرُوعِ الْقِرَاءَةِ انْتَهَى
____________________
(8/232)
قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَيَتَعَلَّمَهَا ثُمَّ يُعَلِّمَهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو الذي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يَصِحُّ وَلَوْ لم يَحْفَظْهُ نَصًّا
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَلَّمَتْهَا من غَيْرِهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعَلُّمِهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا بِشَرْطِ أَمْنِ الْفِتْنَةِ
وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَجْهٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ يُعَلِّمُهَا من وَرَاءِ حِجَابٍ من غَيْرِ خَلْوَةٍ بها فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً
____________________
(8/233)
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُهَا كَامِلَةً لها قِيَاسًا على ما تَقَدَّمَ قَبْلَهُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَعْدَ تَعْلِيمِهَا رَجَعَ عليها بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ
بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ من جِهَتِهَا رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ كَامِلَةً عليها
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ من الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ لم يَصِحَّ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن مُنَجَّا وَغَيْرُهُمْ
وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ هذا الْمَشْهُورُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ
قال بن رَزِينٍ هذا الْأَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ
وَأَطْلَقَهُمَا في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا
وَقِيلَ بَلْ يَصِحُّ إنْ جَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عليه ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا مُرَادُ من قال لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَ وَأَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ على جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ على ذلك على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْإِجَارَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِرَاءَةٍ من
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ قِرَاءَةَ شَخْصٍ من الْقُرَّاءِ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(8/234)
وقال أبو الْخَطَّابِ يَحْتَاجُ إلَى ذلك
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى هل يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِقَبْضِ السُّورَةِ على تَلْقِينِ جَمِيعِهَا أو تَلْقِينِ كل آيَةٍ قَبَضَ لها فيه احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَزَجِيُّ
قُلْت الصَّوَابُ الذي لَا شَكَّ فيه أَنَّ تَلْقِينَ كل آيَةٍ قَبَضَ لها لِأَنَّ تَعْلِيمَ كل آيَةٍ يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ كَامِلٌ فَهُوَ كَقَبْضِ بَعْضِ الصَّدَاقِ إذَا كان عَيْنًا
الثَّانِيَةُ أَجْرَى في الْوَاضِحِ الرِّوَايَتَيْنِ في بَقِيَّةِ الْقُرَبِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا
الثَّالِثَةُ لَا يَصِحُّ إصْدَاقُ الذِّمِّيَّةِ شيئا من الْقُرْآنِ وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ في حَقِّ الْمُسْلِمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَصِحُّ
قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ يَصِحُّ بِقَصْدِهَا الِاهْتِدَاءَ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ
وَتَقَدَّمَ في أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ من قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
الرَّابِعَةُ لو طَلَّقَهَا وَوُجِدَتْ حَافِظَةً لِمَا أَصْدَقَهَا وَتَنَازَعَا هل عَلَّمَهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا فَأَيُّهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه وَجْهَانِ
أَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَ
قُلْت الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(8/235)
قَوْلُهُ وإذا تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ وَخَالَعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وفي الْآخَرِ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ
اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ بن رَزِينٍ رِوَايَةً
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقِيلَ في الْخُلْعِ يُقْسَمُ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ وفي الصَّدَاقِ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ
وقال الصَّدَاقُ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ على عَدَدِهِنَّ
وفي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا في الْخُلْعِ أَنَّ الْعِوَضَ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ الْمُسَمَّاةِ لَهُنَّ
وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ فِيهِمَا على قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ أو على عَدَدِهِنَّ بِالتَّسْوِيَةِ كَالْقَوْلَيْنِ في الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ
فَائِدَةٌ لو كان عَقْدُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدًا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لِلَّتِي عَقْدُهَا فَاسِدٌ مَهْرُ الْمِثْلِ وهو احْتِمَالٌ في التَّرْغِيبِ من صِحَّةِ الْعُقُودِ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَالثَّمَنِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غير مُعَيَّنَةٍ أو دَابَّةً لم يَصِحَّ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/236)
وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّا في شرحه وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ مَجْهُولًا ما لم تَزِدْ جَهَالَتُهُ على مَهْرِ الْمِثْلِ
فَعَلَيْهِ لو تَزَوَّجَهَا على عَبْدٍ أو أَمَةٍ أو فَرَسٍ أو بَغْلٍ أو حَيَوَانٍ من جِنْسٍ مَعْلُومٍ أو ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أو مَرْوِيٍّ وما أَشْبَهَهُ مِمَّا يُذْكَرُ جِنْسُهُ صَحَّ وَلَهَا الْوَسَطُ
وَكَذَا لو أَصْدَقَهَا قَفِيزَ حِنْطَةٍ أو عَشْرَةَ أَرْطَالِ زَيْتٍ وما أَشْبَهَهُ
فَإِنْ كانت الْجَهَالَةُ تَزِيدُ على جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَثَوْبٍ أو دَابَّةٍ أو حَيَوَانٍ من غَيْرِ ذِكْرِ الْجِنْسِ أو على حُكْمِهَا أو حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ أو على حِنْطَةٍ أو زَبِيبٍ أو على ما اكْتَسَبَهُ في الْعَامِّ لم يَصِحَّ
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَيَأْتِي مَعْنَى هذا قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ إذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً من دَوَابِّهِ وَنَحْوِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا لم يَصِحَّ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَنَصَرَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي
قال بن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ وَلَهَا الْوَسَطُ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ
وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وقال نَصَّ عليه وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ
____________________
(8/237)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وهو السِّنْدِيُّ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ لها في الْمُطْلَقِ وَسَطُ رَقِيقِ الْبَلَدِ نَوْعًا وَقِيمَةً كَالسِّنْدِيِّ بِالْعِرَاقِ
زَادَ في الْفُرُوعِ فقال لِأَنَّ أَعْلَى الْعَبِيدِ التُّرْكِيُّ وَالرُّومِيُّ وَأَدْنَاهُمْ الزِّنْجِيُّ وَالْحَبَشِيُّ وَالْوَسَطُ السِّنْدِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ جَعْفَرٍ النَّسَائِيّ أَنَّ لها وَسَطًا يَعْنِي فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا من عَبِيدِهِ على قَدْرِ ما يُخْدَمُ مِثْلُهَا
وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْوَسَطِ بِأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُخْدَمُ مِثْلُهَا انْتَهَى
وقال أَيْضًا وَاَلَّذِي يَنْبَغِي في سَائِرِ أَصْنَافِ الْمَالِ كَالْعَبْدِ وَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا شيئا من ذلك أَنَّهُ يَرْجِعُ فيه إلَى مُسَمَّى ذلك اللَّفْظِ في عُرْفِهَا وَإِنْ كان بَعْضُ ذلك غَالِبًا أَخَذَتْهُ كَالْبَيْعِ أو كان من عَادَتِهَا اقْتِنَاؤُهُ أو لُبْسُهُ فَهُوَ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ انْتَهَى
وَيَأْتِي إذَا أَصْدَقَهَا ثَوْبًا هَرَوِيًّا أو مَرْوِيًّا أو ثَوْبًا مُطْلَقًا قَرِيبًا
وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا من عَبِيدِهِ لم يَصِحَّ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ
وَاخْتَارَهُ هو وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَنَصَرَهُ
وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وقال نَصَّ عليه وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(8/238)
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا أَصْدَقَهَا مُبْهَمًا من أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ انْتَهَى
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ فإنه قال فيها وفي التي قَبْلَهَا لم يَصِحَّ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ انْتَهَى
فَتَلَخَّصَ في المسالتين أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفَ وَجَمَاعَةً قالوا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا وَأَنَّ الْقَاضِيَ وَجَمَاعَةً قالوا بِالصِّحَّةِ فِيهِمَا وَأَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةً قالوا لَا يَصِحُّ في الْأُولَى وَيَصِحُّ في الثَّانِيَةِ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لها أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لها الْوَسَطُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَقِيلَ لها ما اخْتَارَتْ منهم
وَقِيلَ هو كَنَذْرِهِ عِتْقَ أَحَدِهِمْ ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ
وَقِيلَ لها ما اخْتَارَ الزَّوْجُ
وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ وَالْأَخِيرَ في الْبُلْغَةِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ أَنَّهُمْ إنْ تَسَاوَوْا فَلَهَا وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ وَإِلَّا فَلَهَا الْوَسَطُ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ إذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً من دَوَابِّهِ أو قَمِيصًا من قُمْصَانِهِ
وَكَذَا لو أَصْدَقَهَا عِمَامَةً من عَمَائِمِهِ أو خِمَارًا من خُمُرِهِ وَنَحْوِ ذلك
____________________
(8/239)
وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ من الْأَصْحَابِ
وَقَطَعَ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَثَوْبٌ مَرْوِيٌّ وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ لِأَنَّ أَعْلَى الْأَجْنَاسِ وَأَدْنَاهَا من الثِّيَابِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَثَوْبٌ من ثِيَابِهِ وَنَحْوُهُ كَقَفِيزِ حِنْطَةٍ وَقِنْطَارِ زَيْتٍ وَنَحْوِهِ كَعَبْدٍ من عَبِيدِهِ
وَجَزَمَ بِالصِّحَّةِ في ذلك في الْوَجِيزِ
وَمَنَعَ في الْوَاضِحِ في غَيْرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ
وَمَنَعَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ عَدَمَ الصِّحَّةِ في قَوْسٍ أو ثَوْبٍ
وقال كُلُّ ما جُهِلَ دُونَ جَهَالَةِ الْمِثْلِ صَحَّ
وَتَقَدَّمَ ذلك عن الْقَاضِي أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مَوْصُوفًا صَحَّ
قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَجْهٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ بَعْضُهُمْ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ أو أَصْدَقَهَا عَبْدًا وَسَطًا أو جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ أو خَالَعَتْهُ على ذلك فَجَاءَتْهُ بِقِيمَتِهِ لم يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ
وقال الْقَاضِي يَلْزَمُهَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقَطَعَ بِهِ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
____________________
(8/240)
وأطلقهما في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ له أُخْرَى لم يَصِحَّ
يَعْنِي لم يَصِحَّ جَعْلُ الطَّلَاقِ صَدَاقًا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ ولم أَرَ من اخْتَارَهُ غَيْرَهُ مع أَنَّ له قُوَّةً
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ قِيلَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ لم يَبْعُدْ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فَاسِدٌ لَا بَدَلَ له فَهُوَ كَالْخَمْرِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لها مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ
وَحَكَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ عن أبي بَكْرٍ أنها تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الضَّرَّةِ وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو أَجْوَدُ ذَكَرَهُ في الِاخْتِيَارَاتِ
قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ طَلَاقُهَا بِمَوْتِهَا فَلَهَا مَهْرُهَا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ
وَهَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وهو الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفَرَضَا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا لم يُطَلِّقْهَا
____________________
(8/241)
وَقِيلَ لها مَهْرُ مِثْلِهَا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَوَجْهٌ في الْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو جَعَلَ صَدَاقَهَا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا إلَى سَنَةٍ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ يَسْقُطُ حَقُّهَا من الْمَهْرِ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ ولم تَطْلُقْ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
الثَّانِيَةُ لو أَصْدَقَهَا عِتْقَ أَمَتِهِ صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا على أَلْفٍ إنْ كان أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ إنْ كان مَيِّتًا لم يَصِحَّ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَوْلَى
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ لَا يَصِحُّ
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ بَطَلَ في الْمَشْهُورِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَصِحُّ وَهِيَ مُخَرَّجَةٌ خَرَّجَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ من التي بَعْدَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا على أَلْفٍ إنْ لم تَكُنْ له زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ إنْ كان له زَوْجَةٌ لم يَصِحَّ في قِيَاسِ التي قَبْلَهَا
____________________
(8/242)
وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْخُلَاصَةِ لم يَصِحَّ على الْأَصَحِّ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ
وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال في الْمُذْهَبِ صَحَّ في الْمَشْهُورِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْأُولَى على وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ وفي الثَّانِيَةِ على صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ فَيَخْرُجُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ قال أَصْحَابُنَا تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ على رِوَايَتَيْنِ
وَقَدَّمَ في الْبُلْغَةِ عَدَمَ التَّخْرِيجِ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ قال وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ على الْأُخْرَى
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو تَزَوَّجَهَا على أَلْفٍ إنْ لم يُخْرِجْهَا من دَارِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا وَنَحْوُهُ
قَوْلُهُ وإذا قال الْعَبْدُ لِسَيِّدَتِهِ أَعْتِقِينِي على أَنْ أَتَزَوَّجَك فَأَعْتَقَتْهُ على ذلك عَتَقَ ولم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وكذا لو قالت أَعْتَقْتُك على أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي لم يَلْزَمْهُ ذلك وَيُعْتَقُ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا قال أعتقتك ( ( ( أعتقك ) ) ) وَجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ
____________________
(8/243)
قَوْلُهُ وإذا فَرَضَ الصَّدَاقَ مُؤَجَّلًا ولم يذكر مَحَلَّ الْأَجَلِ صَحَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَمَحَلُّهُ الفرقة ( ( ( الفرق ) ) ) عِنْدَ أَصْحَابِنَا
اعْلَمْ أَنَّ الصَّدَاقَ يَجُوزُ فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا أو مُعَجَّلًا بطريق ( ( ( بطرق ) ) ) أُولَى وَيَجُوزُ بَعْضُهُ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا
وَمَتَى فَرَضَ الصَّدَاقَ وَأَطْلَقَ اقْتَضَى الْحُلُولَ
وَإِنْ شرطه ( ( ( شرط ) ) ) مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتٍ فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ
وَإِنْ شَرَطَهُ مُؤَجَّلًا ولم يذكر مَحَلَّ الْأَجَلِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ
يَعْنِي لَا يَصِحُّ فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا من غَيْرِ ذِكْرِ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ
وقال عن الْأَوَّلِ فيه نَظَرٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا منهم الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَكُونُ حَالًّا وَذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى احْتِمَالًا
وقال بن عَقِيلٍ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ إلَى حِينِ الْفُرْقَةِ أو حين الْخَلْوَةِ وَالدُّخُولِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْفُرْقَةِ الْبَيْنُونَةَ
____________________
(8/244)
فَعَلَى هذا الرَّجْعِيَّةُ لَا يَحِلُّ مَهْرُهَا إلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا أو خِنْزِيرًا أو مَالًا مَغْصُوبًا صَحَّ النِّكَاحُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ اسْتِقْبَالُ النِّكَاحِ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا شَيْخُهُ الْخَلَّالُ وَالْجُوزَجَانِيُّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا يَعْلَمَانِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَنَّهُ خَمْرٌ أو خِنْزِيرٌ أو مَغْصُوبٌ
وَحَمَلَهَا الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ على الِاسْتِحْبَابِ
تَنْبِيهٌ إلْحَاقُ الْمَغْصُوبِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا هو مُحَرَّمٌ لِحَقِّ اللَّهِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَنَحْوِ ذلك وَلَا يَدْخُلُ الْمَغْصُوبُ فَيَصِحُّ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ حتى بَالَغَ أبو مُحَمَّدٍ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عليه
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي
____________________
(8/245)
قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعِنْدَ بن أبي مُوسَى يَجِبُ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ أو قِيمَتُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ أبو الْعَبَّاسِ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ صَاحِبُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ
وَعَنْهُ يَجِبُ مِثْلُ الْخَمْرِ خَلًّا
فَائِدَةٌ يَجِبُ الْمَهْرُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَعَنْهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ
قَوْلُهُ و 4 إن تَزَوَّجَهَا على عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أو مَغْصُوبًا أو عَصِيرًا فَبَانَ خَمْرًا فَلَهَا قِيمَتُهُ
يَعْنِي يوم التَّزْوِيجِ
قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ إنْ خَرَجَ حُرًّا فَلَهَا قِيمَتُهُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَإِنْ بَانَ الْعَصِيرُ خَمْرًا فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ لها قِيمَتَهُ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَا رِوَايَةً وَاحِدَةً وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ
وَقِيلَ لها مِثْلُ الْعَصِيرِ وهو الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَرَدَّا قَوْلَ الْقَاضِي
____________________
(8/246)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لها مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدَّمَهُ في الْإِيضَاحِ
قال في الْبُلْغَةِ يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ في المثلى وَبِالْقِيمَةِ في غَيْرِهِ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَلْزَمُهُ في هذه الْمَسَائِلِ شَيْءٌ
وَكَذَا قال في مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَذَّرَ حُصُولُهُ
فَائِدَةٌ لو تَزَوَّجَ على عَبْدَيْنِ فَبَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها قِيمَةَ الْحُرِّ فَقَطْ وَتَأْخُذُ الرَّقِيقَ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ أَنَّ لها قِيمَتَهُمَا
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا على عَبْدٍ فَبَانَ نِصْفُهُ مُسْتَحَقًّا أو أَصْدَقَهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ فَبَانَتْ تِسْعَمِائَةٍ خُيِّرَتْ بين أَخْذِهِ وَقِيمَةِ التَّالِفِ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْكُلِّ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وقال هو مَعْنَى الْمَنْقُولِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَلَهَا الْخِيَارُ بين أَخْذِ أَرْشِهِ أو رَدِّهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ
وَكَذَا لو بَانَ نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَتْهَا
فَأَمَّا الذي بِالذِّمَّةِ إذَا قَبَضَ مثله عنه ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا وَنَحْوَهُ فإنه يَجِبُ بَدَلُهُ لَا أَرْشُهُ وَلَا قِيمَتُهُ كما قد صَرَّحَ بِهِ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ
وَحُكْمُ ذلك كُلِّهِ كَالْبَيْعِ كما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في الْفُرُوعِ
وقال النَّاظِمُ لها أخذا ( ( ( أخذ ) ) ) الْأَرْشِ في الْأَصَحِّ
____________________
(8/247)
وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا أَرْشَ لها مع إمْسَاكِهِ
فَائِدَةٌ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ عن الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ذَكَرَ في بَعْضِ قَوَاعِدِهِ جَوَازَ فَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ إذَا ظَهَرَ الْمَعْقُودُ عليه حُرًّا أو مَغْصُوبًا أو مَعِيبًا
وَالْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ على خِلَافِ ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا على أَلْفٍ لها وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا صَحَّ وَكَانَا جميعا مَهْرَهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهِمَا رَجَعَ عليها بِأَلْفٍ ولم يَكُنْ على الْأَبِ شَيْءٌ مِمَّا أَخَذَهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
لَكِنْ يُشْتَرَطُ في الْأَبِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةً أَنَّ الْمُسَمَّى كُلَّهُ لها وَيَرْجِعُ بِهِ على الْأَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى أبو عبد اللَّهِ بن تَيْمِيَّةَ رِوَايَةً بِبُطْلَانِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ
وَقِيلَ يَبْطُلَانِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَهْرِ له صَحَّ كَشُعَيْبٍ صلى اللَّهُ عليه وسلم
فَلَوْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ عليها وَلَا شَيْءَ على الْأَبِ وَهَذَا الصَّحِيحُ
وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَرْجِعُ عليه بِنِصْفِ ما أَخَذَ وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ
قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك
فَعَلَى هذا لو كان ما شَرَطَهُ الْأَبُ أَكْثَرَ من النِّصْفِ رَجَعَ على الْأَبِ بِمَا زَادَ على النِّصْفِ وَبِبَقِيَّةِ النِّصْفِ على الزَّوْجَةِ
____________________
(8/248)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَجْحَفَ الْأَخْذُ بِمَالِ الْبِنْتِ أولا
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَطَائِفَةٍ
وَشَرَطَ عَدَمَ الْإِجْحَافِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِجْحَافُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا له
فَائِدَةٌ يَمْلِكُ الْأَبُ ما شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كما تَمْلِكُهُ هِيَ حتى لو مَاتَ قبل الْقَبْضِ وَرِثَ عنه لَكِنْ يُقَدَّرُ فيه الِانْتِقَالُ إلَى الزَّوْجَةِ أَوَّلًا ثُمَّ إلَيْهِ كأعتق ( ( ( كعتق ) ) ) عَبْدِك عن كَفَّارَتِي ذَكَرَ ذلك بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وقال الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ مع النِّيَّةِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَضَعُفَ هذا بِأَنَّهُ يَلْزَمُ منه بُطْلَانُ خِصِّيصَةِ هذه الْمَسْأَلَةِ
قال وَيَتَفَرَّعُ من هذا على قَوْلِ أبي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لو وَجَدَ الطَّلَاقَ قبل الْقَبْضِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ من الْأَلْفِ التي اسْتَقَرَّتْ لِلْبِنْتِ ما شَاءَ وَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَجُمْلَةِ الصَّدَاقِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذلك غَيْرُ الْأَبِ فَالْكُلُّ لها
صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ لها مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
____________________
(8/249)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ اخْتِصَاصُ هذا الْحُكْمِ بِالْأَبِ الْمُجْبَرِ
وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
وَقِيلَ يَخْتَصُّ ذلك بِالْمَحْجُورِ عليها في الْمَالِ ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى في الصَّغِيرَةِ وفي مَعْنَاهَا السَّفِيهَةُ
وفي التَّعْلِيقِ احْتِمَالٌ أَنَّ حُكْمَ الْأَبِ مع الثَّيِّبِ حُكْمُ غَيْرِهِ من الْأَوْلِيَاءِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا لِلْأَبِ ذلك فَلَيْسَ لها إلَّا ما وَقَعَ عليه الْعَقْدُ فَلَا يُتَمِّمُهُ الْأَبُ وَلَا الزَّوْجُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يُتَمِّمُهُ الْأَبُ كَبَيْعِهِ بَعْضَ مَالِهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ لِسُلْطَانٍ يَظُنُّ بِهِ حِفْظَ الْبَاقِي ذكره في الِانْتِصَارِ
وَقِيلَ يُتَمِّمُهُ لِثَيِّبٍ كَبِيرَةٍ
وفي الرَّوْضَةِ بِمَا وَقَعَ عليه الْعَقْدُ قبل لُزُومِ الْعَقْدِ
وَقِيلَ على الزَّوْجِ بَقِيَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كَرِهَتْ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُسْتَشْكَلُ من لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا إذَا قالت أَذِنْت لَك أَنْ تُزَوِّجَنِي على مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا أَقَلَّ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَهَا على أَقَلَّ من ذلك
وقد يُقَالُ إذْنُهَا في الْمَهْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَيُلْغَى وَيَبْقَى أَصْلُ إذْنِهَا في النِّكَاحِ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذلك غيره ( ( ( غير ) ) ) بِإِذْنِهَا صَحَّ ولم يَكُنْ لِغَيْرِهِ الِاعْتِرَاضُ
____________________
(8/250)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ على الزَّوْجِ بَقِيَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ
قُلْت وهو مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا إنْ كانت رَشِيدَةً فَكَيْفَ يَلْزَمُ الزَّوْجَ ذلك مع رِضَاهَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ كانت غير رَشِيدَةٍ وَلَهَا إذْنٌ وَأَذِنَتْ في ذلك فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجُ التَّتِمَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ الْوَلِيَّ لَكِنَّ الْأَوْلَى هُنَا لُزُومُ التَّتِمَّةِ إمَّا على الزَّوْجِ أو الْوَلِيِّ هذا ما يَظْهَرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ
فَيُكْمِلُهُ الزَّوْجُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَّا الْمُسَمَّى وَالْبَاقِي على الْوَلِيِّ كَالْوَكِيلِ في الْبَيْعِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وقد نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ في الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ وقال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ
قال في الْفُرُوعِ وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ وَيَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ
وَعَنْهُ تَتِمَّتُهُ عليه كَمَنْ زَوَّجَ بِدُونِ ما عَيَّنَتْهُ له قال وَيَتَوَجَّهُ كَخُلْعٍ
وفي الْكَافِي لِلْأَبِ تَعْوِيضُهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ من مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَلَزِمَ ذِمَّةَ الِابْنِ هذا الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/251)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ على الْأَبِ ضَمَانًا
وَعَنْهُ أَصَالَةً ذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ يَلْزَمُ ذِمَّةَ الِابْنِ مع رِضَاهُ
وَقِيلَ لَا يَتَزَوَّجُ له بِأَكْثَرَ من مَهْرِ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَتَقَدَّمَ ذلك بِأَبْسَطَ من هذا في أَرْكَانِ النِّكَاحِ بَعْدَ قَوْلِهِ الثَّانِي رضي الزَّوْجَيْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَضَاهُ عنه أَبُوهُ ثُمَّ طَلَّقَ ابْنُهُ قبل الدُّخُولِ وَقِيلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَنِصْفُ الصَّدَاقِ لِلِابْنِ دُونَ الْأَبِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان مُعْسِرًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْأَبُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُهُ الْأَبُ كَثَمَنِ مَبِيعِهِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْقَاضِي هذا أَصَحُّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالثَّانِي يَضْمَنُهُ لِلْعُرْفِ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ أَصَالَةً ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْأَبُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ
وقال في النَّوَادِرِ نَقَلَ صَالِحٌ كَالنَّفَقَةِ فَلَا شَيْءَ على الِابْنِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيَتَحَرَّرُ لِأَصْحَابِنَا فِيمَا إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أو أَزْيَدَ رِوَايَاتٌ
____________________
(8/252)
إحْدَاهُنَّ هو على الِابْنِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الْأَبُ فَيَكُونَ عَلَيْهِمَا
الثَّانِيَةُ هو على الِابْنِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الْأَبُ فَيَكُونَ عليه وَحْدَهُ
الثَّالِثَةُ على الْأَبِ ضَمَانًا
الرَّابِعَةُ على الْأَبِ أَصَالَةً
الْخَامِسَةُ إنْ كان الِابْنُ مقرى فَهُوَ على الْأَبِ أَصَالَةً
السَّادِسَةُ فَرَّقَ بين رِضَى الِابْنِ وَعَدَمِ رِضَاهُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ قَبْضُ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وَلَا يَقْبِضُ صَدَاقَ الثَّيِّبِ الْكَبِيرَةِ إلَّا بِإِذْنِهَا
يَعْنِي إذَا كانت رَشِيدَةً
فَأَمَّا إنْ كانت مَحْجُورًا عليها فَلَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا وهو وَاضِحٌ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الْحَجْرِ
قَوْلُهُ وفي الْبِكْرِ الْبَالِغِ رِوَايَتَانِ
يَعْنِي الرَّشِيدَةَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
إحْدَاهُمَا لَا يَقْبِضُهُ إلَّا بِإِذْنِهَا إذَا كانت رَشِيدَةً وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيُّ في بَابِ الْهِبَةِ
وَالثَّانِيَةُ يَقْبِضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا مُطْلَقًا زَادَ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ ما لم يَمْنَعْهُ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِقَبْضِ الْأَبِ وَتَرْجِعُ على أَبِيهَا بِمَا بَقِيَ لَا بِمَا أَنْفَقَ منه
____________________
(8/253)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ على صَدَاقٍ مُسَمًّى صَحَّ
بِلَا نِزَاعٍ وَيَجُوزُ له نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ قَدَرَ على نِكَاحِ حُرَّةٍ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وهو مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ مَتَى أَذِنَ له وَأَطْلَقَ لم يَنْكِحْ إلَّا وَاحِدَةً نَصَّ عليه
وَزِيَادَتُهُ على مَهْرِ الْمِثْلِ في رَقَبَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ بِذِمَّتِهِ
وفي تَنَاوُلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
إحْدَاهُمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في تجريد الْعِنَايَةِ وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ على الْأَسَدِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
وَالثَّانِيَةُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِمَا ذِمَّةِ الْعَبْدِ أَصَالَةً وَذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمَانًا
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
____________________
(8/254)
فَإِنْ قِيلَ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ عَيْنُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى لِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ كَسْبَهُ فَهُوَ في ذِمَّتِهِ
قِيلَ لَيْسَتْ هِيَ بَلْ غَيْرَهَا
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّا إذَا قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ تَجِبُ النَّفَقَةُ عليه وَإِنْ لم يَكُنْ لِلْعَبْدِ كَسْبٌ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ لِعَدَمِ كَسْبِهِ وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْعُهُ من التَّكَسُّبِ
وَإِنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ فَلِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إذَا لم يَكُنْ له كَسْبٌ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ من الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَيَأْتِي في آخِرِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ هل له أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا
تَنْبِيهٌ إذَا قُلْنَا يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ ضَمَانًا فَقَضَاهُ عن عَبْدِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عليه إذَا عَتَقَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ هُنَا على الْخِلَافِ في مَهْرِ زَوْجَتِهِ إذَا كانت أَمَةً لِلسَّيِّدِ فَحَيْثُ رَجَعَ هُنَاكَ رَجَعَ هُنَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حُكْمُ النَّفَقَةِ حُكْمُ الصَّدَاقِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ % وَزَوْجَةُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ % % عَلَيْهِمَا يُنْفِقُ في الْمُجَوَّدِ %
الثَّانِيَةُ لو طَلَّقَ الْعَبْدُ فَإِنْ كان الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَهُ الرَّجْعَةُ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ بَعْدُ
وَإِنْ كان الطَّلَاقُ بَائِنًا لم يَمْلِكْ إعَادَتَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ وَالْإِذْنُ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ من مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ
____________________
(8/255)
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لم يَصِحَّ النِّكَاحُ
هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ النِّكَاحُ مَوْقُوفٌ
قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وقال أَصْحَابُنَا كَفُضُولِيٍّ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَإِنْ وطىء فيه فَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ على إجَازَةِ السَّيِّدِ لو أَعْتَقَهُ عَقِبَ النِّكَاحِ فقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ صَحَّ نِكَاحُهُ وَنَفَذَ بِخِلَافِ ما لو اشْتَرَى شيئا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَقِبَ الشِّرَاءِ لم يَنْفُذْ شِرَاؤُهُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وما قَالَهُ فيه نَظَرٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ دخل بها وَجَبَ في رَقَبَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قال في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَقِيلَ في ذِمَّتِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ
وَعَنْهُ الْوَاجِبُ هو الْمُسَمَّى وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ
وَقِيلَ الْوَاجِبُ خُمُسَا مَهْرُ الْمِثْلِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي أَيْضًا وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ الْوَاجِبُ خُمُسَا الْمُسَمَّى نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(8/256)
وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ
وقال الزَّرْكَشِيُّ هذه أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
وَعَنْهُ إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَلَهَا خُمُسَا الْمُسَمَّى وَإِنْ لم تَعْلَمْ فَلَهَا الْمَهْرُ في رَقَبَتِهِ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا مَهْرَ لها مُطْلَقًا
قال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ إنْ عَلِمَا فَلَا مَهْرَ لها بِحَالٍ فَقَيَّدَهَا بِمَا إذَا عَلِمَا التَّحْرِيمَ وكذا حَمَلَهَا الْقَاضِي أَيْضًا وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ
وزاد قُلْت إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أو عَلِمَتْهُ هِيَ يَعْنِي وَحْدَهَا
قال وَالْإِخْلَالُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ سَهْوٌ انْتَهَى
وقال الْمُصَنِّفُ يَحْتَمِلُ ما نَقَلَ حَنْبَلٌ أَنْ يُحْمَلَ على إطْلَاقِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ على ما قبل الدُّخُولِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ على أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَجِبُ في الْحَالِ بَلْ يَجِبُ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَأُوِّلَتْ هذه الرِّوَايَةُ بِتَأْوِيلَاتٍ فيها نَظَرٌ
وَعَنْهُ تعطي شيئا نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ قال قُلْت أَتَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ قال أَذْهَبُ إلَى أَنْ تعطى شيئا
قال أبو بَكْرٍ وهو الْقِيَاسُ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ خُمُسَا الْمُسَمَّى تَجِبُ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقَالُوا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا قال على سَيِّدِهِ خُمُسَا الْمَهْرِ
____________________
(8/257)
وَالْجَوَابُ عن ذلك أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ هو على السَّيِّدِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ خَصَّصُوهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالْخِرَقِيُّ جَعَلَهُ على السَّيِّدِ وَلَا يَنْفَكُّ ذلك عن مَالِ السَّيِّدِ
الثَّانِي مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالدُّخُولِ في قَوْلِهِ فَإِنْ دخل بها الْوَطْءُ وقد صَرَّحَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
فَعَلَى هذا لَا يَجِبُ بِالْخَلْوَةِ إذَا لم يَطَأْ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا من الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ يعطي حُكْمَهَا في الْخَلْوَةِ على ما يَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ وَالْخِلَافُ فيه فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا صَارَ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ خُمُسَا الْمُسَمَّى تَوْقِيفًا لِأَنَّهُ نَقَلَ عن عُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنه
وَوَجَّهَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فقال الْمَهْرُ في نِكَاحِ الْعَبْدِ يَجِبُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ النِّكَاحُ وَعَقْدُ الصَّدَاقِ وَإِذْنُ السَّيِّدِ في النِّكَاحِ وَإِذْنُهُ في الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ فإذا نَكَحَ بِلَا إذْنِهِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ ولم يُوجَدْ إلَّا التَّسْمِيَةُ من الْعَبْدِ وَالدُّخُولُ فَيَجِبُ الْخُمُسَانِ
الثَّانِيَةُ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو الْمَهْرِ الْوَاجِبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ زَوَّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ لم يَجِبْ مَهْرٌ
ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ هو وَجَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي
وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَقِيلَ يَجِبُ وَيَسْقُطُ وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
____________________
(8/258)
وَعَنْهُ يَجِبُ الْمَهْرُ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ نَقَلَهُ سِنْدِيٌّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وهو الْمَنْصُوصُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا أو نِصْفُهُ إنْ كان قبل الدُّخُولِ إلَى ثَمَنِهِ
يَعْنِي إذَا قُلْنَا يتعلق ( ( ( وتعلق ) ) ) الْمَهْرُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَأَمَّا إنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ فَإِنْ كان الْمَهْرُ وَثَمَنُ الْعَبْدِ من جِنْسٍ وَاحِدٍ وَاتَّفَقَا في الْحُلُولِ أو التَّأْجِيلِ تَقَاصَّا
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْهِمَا فإنه يَسْقُطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لِمِلْكِهَا الْعَبْدَ وَالْمَالِكُ لَا يَجِبُ له شَيْءٌ على مَمْلُوكِهِ وَالسَّيِّدُ تَبَعٌ له لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَيَبْقَى الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ عليها لِسُقُوطِ مَهْرِهَا
وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِثُبُوتِهِ لها عَلَيْهِمَا قبل أَنْ تَمْلِكَهُ
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً على من ثَبَتَ له دَيْنٌ على عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ فإن في سُقُوطِهِ وَجْهَيْنِ
قال في الْمُحَرَّرِ أَصْلُهُمَا من ثَبَتَ له دَيْنٌ على عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ هل يَسْقُطُ على وَجْهَيْنِ
وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ السُّقُوطَ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِثُبُوتِهِ لها قبل شِرَائِهِ
فَمَنْ ثَبَتَ له على عَبْدٍ دَيْنٌ أو أَرْشُ جناية ( ( ( جنابة ) ) ) ثُمَّ مَلَكَهُ سَقَطَ
وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ
وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ
____________________
(8/259)
تَنْبِيهٌ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا أو نِصْفُهُ أَنَّ شِرَاءَهَا له قبل الدُّخُولِ لَا يُسْقِطُ نِصْفَ مَهْرِهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا تَمَّ بِشِرَائِهَا فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَيَأْتِي هذا مُحَرَّرًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ من جِهَتِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهَا إيَّاهُ بِالصَّدَاقِ صَحَّ قبل الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ قبل الدُّخُولِ
وهو رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال لِأَنَّهَا مَتَى مَلَكَتْهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ قال فَعَلَى هذا يَجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ شِرَاؤُهَا لِزَوْجِهَا قبل الدُّخُولِ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ مَهْرَهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبٍ من جِهَتِهَا وإذا بَطَلَ الْمَهْرُ بَطَلَ الشِّرَاءُ قال وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الدَّوْرِ
قال وَعَلَى الْأَوَّلَةِ السَّيِّدُ قَائِمٌ مَقَامَ الزَّوْجِ في تَوْفِيَةِ الْمَهْرِ فَصَارَتْ الْفُرْقَةُ مُشْتَرَكَةً بين الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وإذا كان كَذَلِكَ غَلَبَ فيها حُكْمُ الزَّوْجِ كَالْخُلْعِ
وإذا ثَبَتَ أَنَّ الْفَسْخَ من جِهَةِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَغْرَمُ النِّصْفَ الْآخَرَ كما لو قَبَضَتْ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ طَلُقَتْ قبل الدُّخُولِ فَإِنَّهَا تَرُدُّ نِصْفَهُ انْتَهَى
____________________
(8/260)
قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ وَلَدُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ أو ذِمَّتِهِ وَسَقَطَ ما في الذِّمَّةِ بِمِلْكٍ طَارِئٍ بَرِئَتْ ذِمَّةُ السَّيِّدِ
فَعَلَى هذا يَلْزَمُ الدَّوْرُ فَيَكُونُ في الصِّحَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ قَبْلَهُ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو الصِّحَّةُ في رُجُوعِهِ قبل الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ أو بِجَمِيعِهِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ
فَائِدَةٌ لو جَعَلَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ مَهْرَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ على رَقَبَةِ من يُعْتَقُ على الِابْنِ لو مَلَكَهُ إذْ نُقَدِّرُهُ له قَبْلَهَا فَيُقَدَّرُ الْمِلْكُ فِيمَنْ يُعْتَقُ على الِابْنِ لِلِابْنِ قبل الزَّوْجَةِ
وَقِيلَ عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ إذَا دخل في مِلْكِهِ هو قَبْلَهَا عَتَقَ عليه دُونَهَا
قَوْلُهُ وَتَمْلِكُ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ انْتَهَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا تَمْلِكُ إلَّا نِصْفَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان مُعَيَّنًا كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ فَلَهَا التَّصَرُّفُ فيه وَنَمَاؤُهُ لها وَزَكَاتُهُ وَنَقْصُهُ وَضَمَانُهُ عليها إلَّا أَنْ يَمْنَعَهَا قَبْضَهُ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عليه
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وقال هذا الْمَذْهَبُ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ على عَبْدٍ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ إنْ كانت قد قَبَضَتْهُ فَهُوَ لها وَإِلَّا فَهُوَ لِلزَّوْجِ
فَعَلَى هذا لَا يَدْخُلُ في ضَمَانِهَا إلَّا بِقَبْضِهِ
____________________
(8/261)
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ شُرِطَ تَصَرُّفُهَا فيه وَدُخُولُهُ في ضَمَانِهِ قَبَضَهُ إلَّا الْمُتَمَيِّزُ فإنه على رِوَايَتَيْنِ كما بَيَّنَّاهُ في الْبَيْعِ
وقال في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ الضَّمَانُ وَالتَّصَرُّفُ في الْبَيْعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان غير مُعَيَّنٍ كَقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ لم يَدْخُلْ في ضَمَانِهَا ولم تَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فيه إلَّا بِقَبْضِهِ كَالْمَبِيعِ
قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وما يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ في آخِرِ بَابِ خِيَارِ الْبَيْعِ فإن هذا مثله عِنْدَ الْأَصْحَابِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ أَنَّ ما لم يُنْتَقَضْ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ كَالْمَهْرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبل قَبْضِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَتْ صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ إنْ كان بَاقِيًا وَيَدْخُلُ في مِلْكِهِ حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ حتى يُطَالَبَ بِهِ وَيَخْتَارَ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ
قال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ أَصْلُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الِاخْتِلَافُ فِيمَنْ بيده عُقْدَةُ النِّكَاحِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ من طَلَبِ الْعَفْوِ من الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ هو الْمَالِكَ فإن الْعَفْوَ يَصِحُّ عَمَّا يَثْبُتُ فيه حَقُّ التَّمَلُّكِ
____________________
(8/262)
كَالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ في قَوْلِنَا إنَّ الذي بيده عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الْأَبُ ما يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الزَّوْجَ لم يَمْلِكْ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْفُو عن النِّصْفِ الْمُخْتَصِّ بِابْنَتِهِ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ ما حَصَلَ من النَّمَاءِ قبل ذلك فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ لها
وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو طَلَّقَهَا على أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لها لم يَصِحَّ الشَّرْطُ
وَعَلَى الثَّانِي فيه وَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ على الثَّانِي وَلَا يَتَصَرَّفُ
وفي التَّرْغِيبِ على الثَّانِي وَجْهَانِ لِتَرَدُّدِهِ بين خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ
وَيَأْتِي إذَا طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ وكان الصَّدَاقُ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ هل يَجِبُ رَدُّهُ أَمْ لَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ بِيَدِهَا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان الصَّدَاقُ زَائِدًا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً رَجَعَ في نِصْفِ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ لها
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَصَالِحٍ
وقال في الْفُرُوعِ لَا يَرْجِعُ في نِصْفِ زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ على الْأَصَحِّ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ له نِصْفُ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ رَجَعَ في نِصْفِ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ
____________________
(8/263)
أَنَّ الْأَصْلَ لو كان أَمَةً وَوَلَدَتْ عِنْدَهَا أَنَّ الْوَلَدَ لها وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ فإن الْوَلَدَ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ على الصَّحِيحِ على ما تَقَدَّمَ وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِهِ في التَّعْلِيقِ
وقال في الْمُجَرَّدِ لِلزَّوْجِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ
وقال في الْخِلَافِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَمَةِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَاسْتَثْنَى أبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ من النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ وَلَدُ الْأَمَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ في نِصْفِ الْأَمَةِ حَذَرًا من التَّفْرِيقِ في بَعْضِ الزَّمَانِ
قُلْت وفي هذا نَظَرٌ ظَاهِرٌ فإن ذلك كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا وَلَدَتْ
وَخَرَّجَ بن أبي مُوسَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْمَرْأَةِ وَلَهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأُمِّ
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا وهو كما قال
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت مُتَّصِلَةً فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ بين دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يوم الْعَقْدِ
اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لِلزَّوْجَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فيها وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّمَانِينَ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ ولم يُعْلَمْ عن أَحَدٍ من الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ حتى جَعَلَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَخَرَّجَ الْمَجْدُ وَمَنْ تَبِعَهُ رِوَايَةً بِوُجُوبِ دَفْعِ النِّصْفِ بِزِيَادَتِهِ من الرِّوَايَةِ التي في الْمُنْفَصِلَةِ
وَهَذَا التَّخْرِيجُ رِوَايَةٌ في التَّرْغِيبِ وَأَطْلَقَ في الْمُوجَزِ وَالرِّوَايَتَيْنِ في النَّمَاءِ
وقال في التَّبْصِرَةِ لها نَمَاؤُهُ بِتَعْيِينِهِ وَعَنْهُ يقبضه ( ( ( بقبضه ) ) )
وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ وَجْهًا آخَرَ بِالرُّجُوعِ في النِّصْفِ بِزِيَادَتِهِ وَبِرَدِّ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ كما في الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ
____________________
(8/264)
قال وَهَذَا الْحُكْمُ إذَا كانت الْعَيْنُ يُمْكِنُ فَصْلُهَا وَقِسْمَتُهَا وَأَمَّا إنْ لم يُمْكِنْ فَهُوَ شَرِيكٌ بِقِيمَةِ النِّصْفِ يوم الأصداق تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِيرَةِ لِلزَّوْجَةِ إذَا كانت غير مَحْجُورٍ عليها
فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عليها فَلَيْسَ لها أَنْ تُعْطِيَهُ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وهو وَاضِحٌ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يوم الْعَقْدِ
أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مُتَمَيِّزًا أو لَا وكذا قال الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَغَيْرُهُمْ
وَحَرَّرَ في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ فَقَالَا إنْ كان الْمَهْرُ الْمُتَمَيِّزُ يُضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يوم الْعَقْدِ وَإِنْ كان غير مُتَمَيِّزٍ فَلَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يوم الْفُرْقَةِ على أَدْنَى صِفَةٍ من وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ
وفي الْكَافِي إلَى وَقْتِ التَّمْكِينِ منه قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا على ذلك قال إذْ الزِّيَادَةُ في غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ صُورَةٌ نَادِرَةٌ
وَلِذَلِكَ عَلَّلَ أبو مُحَمَّدٍ بِأَنَّ ضَمَانَ النَّقْصِ عليها فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ في الْمُتَمَيِّزِ انْتَهَى
وقال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ الْمَهْرُ الْمُعَيَّنُ قبل قَبْضِهِ هل هو بيده أَمَانَةٌ أو مَضْمُونٌ فَيَكُونُ مُؤْنَةُ دَفْنِ الْعَبْدِ عليه فيه رِوَايَتَانِ وَبَنَى عَلَيْهِمَا التَّصَرُّفَ وَالنَّمَاءَ وَتَلَفِهِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ هل هو ضَمَانُ عَقْدٍ بِحَيْثُ يَنْفَسِخُ في الْمُعَيَّنِ وَيَبْقَى في تَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ يوم الْإِصْدَاقِ أو ضَمَانَ يَدٍ بِحَيْثُ تَجِبُ الْقِيمَةُ يوم تَلَفِهِ كَعَارِيَّةٍ فيه وَجْهَانِ
____________________
(8/265)
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ وَجَمَاعَةً قالوا ما نَفْتَقِرُ تَوْفِيَتَهُ إلَى مِعْيَارٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا كَبَيْعٍ انْتَهَى وَالْوَجْهَانِ في الْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان نَاقِصًا خُيِّرَ الزَّوْجُ بين أَخْذِهِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ له غَيْرَهُ وَبَيْنَ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ
قال في الْبُلْغَةِ وَلَا أَرْشَ على الْأَصَحِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى شَيْخُنَا في شَرْحِهِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ نَاقِصًا وَيَرْجِعَ عليها بِنِصْفِ النُّقْصَانِ فَلَهُ ذلك وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْأَرْشِ مع نِصْفِهِ
قال الشَّارِحُ قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنَّ له ذلك كَالْمَبِيعِ يُمْسِكْهُ وَيُطَالِبُ بِالْأَرْشِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وفي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً ثَالِثَةً وَقَدَّمَهَا له نِصْفُهُ بِأَرْشِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذلك إذَا حَدَثَ ذلك عِنْدَ الزَّوْجَةِ فَأَمَّا إنْ كان بِجِنَايَةِ جَانٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّ له مع ذلك نِصْفَ الْأَرْشِ قَالَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ وهو وَاضِحٌ وَعِبَارَتُهَا وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَإِنْ تَعَيَّبَ في يَدِهَا تَخَيَّرَ هو فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ سَلِيمًا وَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ مَعِيبًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحِيَازَتِهِ جَازَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ له مع ذلك نِصْفَ الْأَرْشِ
____________________
(8/266)
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ هذا أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ
وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي أَخْذَ الْقِيمَةِ بِيَوْمِ الْقَبْضِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا له نِصْفُ قِيمَتِهِ يوم الْفُرْقَةِ على أَدْنَى صِفَاتِهِ من يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ إلَّا الْمُتَمَيِّزَ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْعَقْدِ فَتُعْتَبَرُ صِفَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ كما تَقَدَّمَ في الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان تَالِفًا أو مُسْتَحَقًّا بِدَيْنٍ أو شُفْعَةٍ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يوم الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا فَيَرْجِعَ بِنِصْفِ مِثْلِهِ
إذَا فَاتَ ما قَبَضَتْهُ بِتَلَفٍ أو انْتِقَالٍ أو غَيْرِ ذلك فَإِنْ كان مِثْلِيًّا فَلَهُ نِصْفُ مِثْلِهِ وَإِنْ كان غير مثلى فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ له نِصْفَ قِيمَتِهِ يوم الْعَقْدِ وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا إنْ كان مُتَمَيِّزًا وَقُلْنَا يَضْمَنُهُ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ اُعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ كان غير مُتَمَيِّزٍ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ يوم الْفُرْقَةِ على أَدْنَى صِفَاتِهِ من يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ كما تَقَدَّمَ في نَظَائِرِهِ فَإِنَّهُمْ قد قَطَعُوا في الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِذَلِكَ
وقال الْقَاضِي له الْقِيمَةُ أَقَلَّ ما كانت يوم الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا مَبْنِيٌّ على أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَدْخُلُ في ضَمَانِ الْمَرْأَةِ إلَّا بِقَبْضِهِ وَإِنْ كان مُعَيَّنًا كَالْمَبِيعِ في رِوَايَةٍ
فَائِدَةٌ لو طَلَّقَ قبل أَخْذِ الشَّفِيعِ فَقِيلَ يُقَدَّمُ الشَّفِيعُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ لِأَنَّ حَقَّهُ آكَدُ لِثُبُوتِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(8/267)
قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ في يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَهَلْ تَضْمَنُ نَقْصَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
فإذا كانت مَنَعَتْهُ منه بَعْدَ طَلَبِهِ منها حتى نَقَصَ أو تَلِفَ فَعَلَيْهَا الضَّمَانُ لِأَنَّهَا غَاصِبَةٌ
وَإِنْ تَلِفَ أو نَقَصَ قبل الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ فقال الْمُصَنِّفُ هُنَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
أَحَدُهُمَا تَضْمَنُهُ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَالثَّانِي لَا تَضْمَنُهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
قال في الْخُلَاصَةِ لم تَضْمَنْ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا تَضْمَنُ الْمُتَمَيِّزَ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ هو كَتَلَفِهِ في يَدِهِ قبل طَلَبِهَا فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو زَادَ الصَّدَاقُ من وَجْهٍ وَنَقَصَ من وَجْهٍ كَعَبْدٍ صَغِيرٍ كَبُرَ وَمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ على صِيَاغَةٍ أُخْرَى وَحَمْلِ الْأَمَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ قَالَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا حَمْلُ الْبَهِيمَةِ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ ما لم يَفْسُدْ اللَّحْمُ
وَالزَّرْعُ وَالْغَرْسُ نَقْصٌ لِلْأَرْضِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ نَقْصٌ
وَلَا أَثَرَ لِمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ كما كان أو أَمَةٍ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(8/268)
وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجْهَانِ
وَلَا أَثَرَ أَيْضًا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فيه ثُمَّ طَلَّقَ وهو بِيَدِهَا
وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْخِيَارِ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بَلْ ما فيه غَرَضٌ مَقْصُودٌ قَالَهُ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ
الثَّانِيَةُ إنْ كان النَّخْلُ حَائِلًا ثُمَّ أَطْلَعَتْ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَكَذَا ما أَبَرَّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وقال في الْبُلْغَةِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ على الْمَشْهُورِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ
الثَّالِثَةُ لو أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ لم يَرْجِعْ في نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ من الثَّمَنِ وَإِنْ قُلْنَا يُقَابِلُهُ فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ فَفِي لُزُومِهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ وَلُزُومِهِ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وفي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في الْأَوْلَى
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ
قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
الرَّابِعَةُ مِمَّا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ الْمَقْبُوضَةُ وَالْعِتْقُ وكذا الرَّهْنُ وَالْكِتَابَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى نِصْفِ الْمُكَاتَبِ إنْ اخْتَارَ وَيَكُونُ على كِتَابَتِهِ
وَلَوْ قال في الرَّهْنِ أنا أَصْبِرُ إلَى فِكَاكِهِ فَصَبَرَ لم يَلْزَمْهَا دَفْعُ الْعَيْنِ كما لو رَجَعَتْ بِالِابْتِيَاعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ
وَهَلْ يَمْنَعُ التَّدْبِيرُ الرُّجُوعَ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
____________________
(8/269)
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ أو تَعْلِيقُ نِصْفِهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ
قال في الْفُرُوعِ له الرُّجُوعُ في الْمُدَبَّرِ إنْ رَجَعَ فيه بِقَوْلٍ
وفي لُزُومِ الْمَرْأَةِ رَدُّ نِصْفِهِ قبل تَقْبِيضِ هِبَةٍ وَرَهْنٍ وفي مُدَّةِ خِيَارِ بَيْعٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهَا ذلك قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالثَّانِي يَلْزَمُهَا
الْخَامِسَةُ لو أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ طَلَّقَ وهو مُحْرِمٌ فَإِنْ لم يَمْلِكْهُ بِإِرْثٍ في الْإِحْرَامِ فَلَهُ هُنَا نِصْفُ قِيمَتِهِ وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لها قِيمَةُ النِّصْفِ أو يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ وَيَبْقَى مِلْكُ الْمُحَرَّمِ ضَرُورَةً أَمْ هُمَا سَوَاءٌ فَيُخَيَّرَانِ فيه الْأَوْجُهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ لو أَرْسَلَهُ بِرِضَاهَا غَرِمَ لها وَإِلَّا بَقِيَا مُشْتَرَكَيْنِ
قال في التَّرْغِيبِ يَنْبَنِي على حُكْمِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بين مُحَلٍّ وَمُحَرَّمٍ
السَّادِسَةُ لو أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أو أَرْضًا فَبَنَتْهَا فَبَذَلَ الزَّوْجُ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ فَلَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْخِرَقِيُّ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ ذلك عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ
وقال الْقَاضِي ليس له إلَّا الْقِيمَةُ انْتَهَى
فَلَوْ بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ النِّصْفَ بِزِيَادَتِهِ لَزِمَ الزَّوْجَ قَبُولُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ عَدَمُ اللُّزُومِ مِمَّا إذَا وَهَبَ الْعَامِرُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوَهَا لِلْمَغْصُوبِ منه وهو أَظْهَرُ في الْبِنَاءِ انْتَهَى
____________________
(8/270)
السَّابِعَةُ لو فَاتَ نِصْفُ الصَّدَاقِ مُشَاعًا فَلَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي وَكَذَا لو فَاتَ النِّصْفُ مُعَيَّنًا من الْمُتَنَصِّفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَأْخُذُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ
قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ له نِصْفُ الْبَقِيَّةِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْفَائِتِ أو مِثْلُهُ
الثَّامِنَةُ إنْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى في الذِّمَّةِ فَهُوَ كَالْمُعَيَّنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ مُطْلَقًا
وَيُعْتَبَرُ في تَقْوِيمِهِ صِفَةُ يَوْمِ قَبْضِهِ وفي وُجُوبِ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ ذلك
قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ هو الذي بيده عُقْدَةُ النِّكَاحِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وهو الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
حتى قال أبو حَفْصٍ رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْأَبُ
وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ أَنَّهُ الْأَبُ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ عَفْوَهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ بيده عُقْدَةَ النِّكَاحِ بَلْ لِأَنَّ له أَنْ يَأْخُذَ من مَالِهَا ما شَاءَ
وَتَعْلِيلُهُ بِالْأَخْذِ من مَالِهَا ما شَاءَ يَقْتَضِي جَوَازَ الْعَفْوِ بَعْدَ الدُّخُولِ عن الصَّدَاقِ كُلِّهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الدُّيُونِ
____________________
(8/271)
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
وَقِيلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ كَالْأَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ فَأَيُّهُمَا عَفَى لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ له من الْمَهْرِ وهو جَائِزُ الْأَمْرِ في مَالِهِ بريء منه صَاحِبُهُ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ عن نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ إذَا طَلُقَتْ قبل الدُّخُولِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا
وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ الصَّغِيرَتَيْنِ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وَعِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ليس لِلْأَبِ ذلك إذَا كانت بِكْرًا صَغِيرَةً
وَاشْتَرَطَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ الْبَكَارَةَ لَا غَيْرُ
فَائِدَةٌ الْمَجْنُونَةُ كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ابْنَتُهُ الصَّغِيرَةُ أَنَّ الْأَبَ ليس له أَنْ يَعْفُوَ عن مَهْرِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن الْبِنَاءِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ أنها كَالصَّغِيرَةِ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
____________________
(8/272)
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ أَيْضًا أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هل يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ أَمْ لَا ولم يُقَيِّدْ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ أَنَّ غَيْرَهُ من الْأَوْلِيَاءِ ليس له أَنْ يَعْفُوَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً في عَفْوِ الْوَلِيِّ في حَقِّ الصَّغِيرَةِ
قُلْت إذَا رَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ في ذلك فَلَا بَأْسَ بِهِ
الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَعْفُوَّ عنه من الصَّدَاقِ سَوَاءٌ كان دَيْنًا أو عَيْنًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْبُلْغَةِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْجُمْهُورِ
وَقِيلَ من شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا قَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ
فَلَيْسَ له أَنْ يَعْفُوَ عن عَيْنٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ نعم يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْبُوضًا وهو مَفْهُومٌ من كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُ يَكُونُ هِبَةً لَا عَفْوًا
الرَّابِعُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إذْ طَلُقَتْ قبل الدُّخُولِ
أنها إذَا طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ ليس لِلْأَبِ الْعَفْوُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْبُلْغَةِ لَا يَمْلِكُهُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ له ذلك ما لم تَلِدْ أو يَمْضِي لها سَنَةٌ في بَيْتِ الزَّوْجِ
____________________
(8/273)
وهو مَبْنِيٌّ أَيْضًا على أَنَّهُ هل يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عنها بِالْبُلُوغِ أَمْ لَا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وقال فيه وفي الْبُلْغَةِ وَعَلَى هذا الْوَجْهِ يَنْبَنِي مِلْكُ الْأَبِ لِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ
فَائِدَةٌ إنْ كان الْعَفْوُ عن دَيْنٍ سَقَطَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ والتمليك والإسقاط ( ( ( التمليك ) ) ) والإبراء والعفو ( ( ( الإسقاط ) ) ) والصدقة والترك ( ( ( الإبراء ) ) ) وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَفْتَقِرُ
وَإِنْ كان الْعَفْوُ عن عَيْنٍ صَحَّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ والتمليك وَغَيْرِهِمَا كَعَفَوْت على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بها اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْإِبْرَاءِ وَاقْتَصَرَ في التَّرْغِيبِ على وَهَبْت وملكت
وقال في الْقَوَاعِدِ وَإِنْ كان عَيْنًا وَقُلْنَا لم يَمْلِكْهُ الزَّوْجُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ له حَقُّ التَّمْلِيكِ فَكَذَلِكَ
يَعْنِي هو كَالْعَفْوِ عنه إذَا كان دَيْنًا
وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْقَوَاعِدِ قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ يُشْتَرَطُ هُنَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ والقبض ( ( ( القبض ) ) )
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَبْضَ لَا يُشْتَرَطُ في الْفُسُوخِ كَالْإِقَالَةِ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وقد تَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ في الْعَيْنِ وَبَعْدَهُ بيسير ( ( ( بيسيره ) ) ) في الدَّيْنِ في إبْرَاءِ الْغَرِيمِ وَسَوَاءٌ في ذلك عَفْوُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ
____________________
(8/274)
قَوْلُهُ وإذا أَبْرَأَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا من صَدَاقِهَا أو وَهَبَتْهُ له ثُمَّ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ رَجَعَ عليها بِنِصْفِهِ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَقْتَضِي ضَمَانًا
وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ مع الْهِبَةِ وَيَرْجِعُ مع الْإِبْرَاءِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وهو الْأَصَحُّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هل يَرْجِعُ عليها بِبَدَلِ نِصْفِهَا على رِوَايَتَيْنِ
فَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ فَهَلْ يَرْجِعُ إذَا كان الصَّدَاقُ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ منه على وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لم يَزُلْ عنه انْتَهَى
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَلَوْ وَهَبَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ ثُمَّ طَلَّقَ قبل مَسٍّ رَجَعَ بِنِصْفِهِ لَا إنْ أَبْرَأَتْهُ على الْأَظْهَرِ فِيهِمَا وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كان الصَّدَاقُ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ منه فَإِنْ قُلْنَا لَا يَرْجِعُ في الْمُعَيَّنِ فَهُنَا أَوْلَى
وَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ هُنَاكَ خَرَجَ هُنَا وَجْهَانِ الرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ وَكَذَا قال في الْبُلْغَةِ
وقال فيها وفي التَّرْغِيبِ أَصْلُ الْخِلَافِ في الْإِبْرَاءِ هل زَكَاتُهُ إذَا مَضَى عليه أَحْوَالٌ وهو دَيْنٌ على الزَّوْجَةِ أو على الزَّوْجِ فيه رِوَايَتَانِ
قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُهُ في الْمُغْنِي على أَنَّهُ إسْقَاطٌ أو تَمْلِيكٌ فَوَائِدُ
إحداها ( ( ( أحدها ) ) ) لو وَهَبَتْهُ أو أبرته ( ( ( أبرأته ) ) ) من نِصْفِهِ أو بَعْضِهِ فِيهِمَا ثُمَّ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِالْبَاقِي على الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَبِنِصْفِهِ أو بِبَاقِيهِ على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى
____________________
(8/275)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَهِيَ أَصَحُّ
وَقِيلَ له نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ الْكُلِّ أو نِصْفُ بَدَلِ الْكُلِّ فَقَطْ
وَقِيلَ يَرْجِعُ في الْإِبْرَاءِ من الْمُعَيَّنِ دُونَ الدَّيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ وَهَبَتْهُ بَعْضَهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِنِصْفِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ
وَنِصْفُ الْمَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكًا له فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَنِصْفُهُ الذي لم يَسْتَقِرَّ يَرْجِعُ بِهِ على الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ
وفي الْمُنْتَخَبِ عليها احْتِمَالٌ
الثَّانِيَةُ لو وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ فَظَهَرَ الْمُشْتَرِي على عَيْبٍ فَهَلْ بَعْدَ الرَّدِّ لها الْأَرْشُ أَمْ تَرُدُّهُ وَلَهُ ثَمَنُهُ
وقال في التَّرْغِيبِ الْقِيمَةُ فيه الْخِلَافُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْقَوَاعِدِ فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا تَخْرِيجُهُ على الْخِلَافِ في رَدِّهِ
وَالْأُخْرَى تَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ هُنَا وَجْهًا وَاحِدًا وهو اخْتِيَارُ بن عَقِيلٍ
قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْأَرْشَ على ما تَقَدَّمَ في خِيَارِ الْعَيْبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَاكَ في هذه الْمَسْأَلَةِ
الثَّالِثَةُ لو قَضَى الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ مُتَبَرِّعًا ثُمَّ سَقَطَ أو تَنَصَّفَ فَالرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ الرَّاجِعُ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُتَبَرِّعِ
وَمِثْلُهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا حُكْمًا لَا صُورَةً لو بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ وَهَبَ ثَمَنَهَا لِلْمُشْتَرِي أو ابرأه منه ثُمَّ بَانَ بها عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ
____________________
(8/276)
وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِيهِمَا لو تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عن الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ثُمَّ فُسِخَ بِعَيْبٍ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قال في الْفُرُوعِ وَمِثْلُهُ أَدَاءُ ثَمَنٍ ثُمَّ يُفْسَخُ بِعَيْبٍ انْتَهَى
وَكَذَا لو أَبْرَأَهُ من بَعْضِ الثَّمَنِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ عليه مِمَّا أَبْرَأَهُ منه
وَكَذَا الْحُكْمُ لو كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَبْرَأَهُ من دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُكَاتَبُ الرُّجُوعَ عليه بِمَا كان له عليه من الْإِيتَاءِ الْوَاجِبِ أَمْ لَا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَضَعَّفَ الْمُصَنِّفُ ذلك وقال لَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُكَاتَبُ
ذَكَرَ هذا وَغَيْرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ
قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّتْ قبل الدُّخُولِ فَهَلْ يَرْجِعُ عليها بِجَمِيعِهِ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي إذَا أَبْرَأَتْهُ أو وَهَبَتْهُ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِهِ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن مُنَجَّا أَنَّ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِنِصْفِهِ
وَعَنْهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِهِ مع الْهِبَةِ وَبِنِصْفِهِ مع الْإِبْرَاءِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ على الْأَظْهَرِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَصَحُّ
قَوْلُهُ وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ من قِبَلِ الزَّوْجِ كَطَلَاقِهِ وَخُلْعِهِ
____________________
(8/277)
وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ أو من أَجْنَبِيٍّ كَالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ قبل الدُّخُولِ يَتَنَصَّفُ بها الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا
وَكَذَا تَعْلِيقُ طَلَاقِهَا على فِعْلِهَا وَتَوْكِيلِهَا فيه فَفَعَلَتْهُ فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو عَلَّقَ طَلَاقَهَا على صِفَةٍ وَكَانَتْ الصِّفَةُ من فِعْلِهَا الذي لها منه بُدٌّ وَفَعَلَتْهُ فَلَا مَهْرَ لها
وَقَوَّاهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ
أَمَّا إذَا خَالَعَهَا فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِهِ لِأَنَّهُ من قِبَلِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ لها نِصْفَ الصَّدَاقِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَسْقُطُ الْجَمِيعُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ إنْ كان الْخُلْعُ مع غَيْرِ الزَّوْجَةِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قِيلَ هو فَسْخٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ أو طَلَاقٌ أَيْضًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من خَرَّجَهُ على أَنَّهُ فَسْخٌ فَيَكُونُ كَسَائِرِ الْفُسُوخِ من الزَّوْجِ
وَمِنْهُمْ من جَعَلَهُ مِمَّا يَشْتَرِكُ فيه الزَّوْجَانِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ فَتَكُونُ الْفُرْقَةُ فيه من قِبَلِهَا
وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ أَرْشُهَا في الْخُلْعِ في الْمَرَضِ وَهَذَا على قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ مع الْأَجْنَبِيِّ أَظْهَرُ
____________________
(8/278)
أَمَّا إنْ وَقَعَ مع الْأَجْنَبِيِّ وَصَحَّحْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَصَّفَ وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى
وَأَمَّا إذَا اسلم أو ارْتَدَّ قبل الدُّخُولِ فَتَقَدَّمَ ذلك مُحَرَّرًا في بَابِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ
وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ من الْأَجْنَبِيِّ كَالرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فإنه يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ على من فَعَلَ ذلك
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في كِتَابِ الرَّضَاعِ حَيْثُ قال وَكُلُّ من أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قبل الدُّخُولِ فإن الزَّوْجَ يَرْجِعُ عليها بِنِصْفِ مَهْرِهَا الذي يَلْزَمُهُ لها
فَائِدَةٌ لو أَقَرَّ الزَّوْجُ بِنَسَبٍ أو رَضَاعٍ أو غَيْرِ ذلك من الْمُفْسِدَاتِ قُبِلَ منه في انْفِسَاخِ النِّكَاحِ دُونَ سُقُوطِ النِّصْفِ
وَلَوْ وطىء أُمَّ زَوْجَتِهِ أو ابْنَتَهَا بِشُبْهَةٍ أو زِنًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ
قَوْلُهُ وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ من قِبَلِهَا كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا وَإِرْضَاعِهَا من يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا وَارْتِضَاعُهَا منه بِنَفْسِهَا وَفَسْخُهَا لِعَيْبِهِ وَإِعْسَارِهِ وَفَسْخُهُ لِعَيْبِهَا يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا وَمُتْعَتُهَا
أَمَّا إذَا اسلمت أو ارْتَدَّتْ قبل الدُّخُولِ فَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ بَابِ نِكَاحِ الْكُفَّارِ مستوفي فَلْيُعَاوَدْ
وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْفُرْقَةُ من قِبَلِهَا بِرَضَاعِهَا أو ارْتِضَاعِهَا مِمَّنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا فَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كِتَابِ الرَّضَاعِ حَيْثُ قال فإذا أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى يَرْجِعُ بِهِ على الْكُبْرَى وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى
____________________
(8/279)
وَأَمَّا فَسْخُهَا لِعَيْبِهِ وَفَسْخُهُ لِعَيْبِهَا فإن ذلك يُسْقِطُ مَهْرَهَا بِلَا خِلَافٍ في الْمَذْهَبِ إلَّا تَوْجِيهٌ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ يَأْتِي في الْفَائِدَةِ الْآتِيَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا جَعَلْتُمْ فَسْخَهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ منه لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ
قُلْنَا الْعِوَضُ من الزَّوْجِ في مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فإذا اخْتَارَتْ فَسْخَ الْعَقْدِ مع سَلَامَةِ ما عَقَدَ عليه وهو نَفْعُ بُضْعِهَا رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مَعَهَا وَلَيْسَ من جِهَتِهَا عِوَضٌ في مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لها لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا لَا لِتَعَذُّرِ ما اسْتَحَقَّتْ عليه في مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا فَافْتَرَقَا
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا الْفَرْقُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عليه في النِّكَاحِ وَفِيهِ خِلَافٌ
وَالْأَظْهَرُ في الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ الْفُسُوخُ الشَّرْعِيَّةُ التي يَمْلِكُهَا كُلٌّ من الزَّوْجَيْنِ على الْآخَرِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِزَالَةِ ضَرَرٍ حَاصِلٍ
فإذا وَقَعَتْ قبل الدُّخُولِ فَقَدْ رَجَعَ كُلٌّ من الزَّوْجَيْنِ إلَى ما بَذَلَهُ سَلِيمًا كما خَرَجَ منه فَلَا حَقَّ له في غَيْرِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وما في مَعْنَاهُ كَالْخُلْعِ وَنَحْوِهِمَا لَا كالانفساخات الْقَهْرِيَّةِ بِأَسْبَابِهَا كَالرَّضَاعِ وَاللِّعَانِ وَالرِّدَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَنَحْوِهَا بِشُرُوطِهَا وَكَثُبُوتِ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا من مُوجِبَاتِ الْفُرْقَةِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ ظَاهِرٍ فإنه يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ بِهِ انْكِسَارٌ وَضَرَرٌ فَجَبَرَهُ الشَّارِعُ بِإِعْطَائِهَا نِصْفَ الْمَهْرِ وَبِالْمُتْعَةِ عِنْدَ فَقْدِ التَّسْمِيَةِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو شُرِطَ عليه شَرْطٌ صَحِيحٌ حَالَةَ الْعَقْدِ فلم يَفِ بِهِ وَفَسَخَتْ سَقَطَ بِهِ مَهْرُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ
وَعَنْهُ يَتَنَصَّفُ بِفَسْخِهَا قبل الدُّخُولِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
قال في الْفُرُوعِ فَتَتَوَجَّهُ هذه الرِّوَايَةُ في فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ
____________________
(8/280)
وَلَوْ فَسَخَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ إنْ لم يُسَمِّ لها مَهْرًا
وَأَمَّا فَسْخُهَا لِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أو بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذلك فَهُوَ من جِهَتِهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ شيئا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
قَوْلُهُ وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَسْقُطُ بها الْمَهْرُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَنْتَصِفُ بها الْمَهْرُ
وَخَرَّجَ الْقَاضِي إنْ لَاعَنَهَا في مَرَضِهِ تَكُونُ الْفُرْقَةُ منه لَا منها
قَوْلُهُ وفي فُرْقَةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ من الزَّوْجِ وَشِرَائِهَا له وَجْهَانِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الثَّانِيَةِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَتَنَصَّفُ بها الْمَهْرُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ الزَّوْجَ
وَالثَّانِي يَسْقُطُ بها كُلُّهُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ
____________________
(8/281)
وَقِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَاهَا من مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْمُحَرَّرِ
وقال أبو بَكْرٍ إنْ اشْتَرَاهَا سَقَطَ الْمَهْرُ وَإِنْ اشْتَرَتْهُ هِيَ تَنَصَّفَ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ إنْ طَلَبَ الزَّوْجُ شِرَاءَ زَوْجَتِهِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَإِنْ طَلَبَهُ سَيِّدُهَا فَلَا
فَائِدَةٌ لو جَعَلَ لها الْخِيَارَ بِسُؤَالِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لها قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَقِيلَ يَتَنَصَّفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ جَعَلَ لها الْخِيَارَ من غَيْرِ سُؤَالٍ منها فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لم يَسْقُطْ مَهْرُهَا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا لَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا كَامِلًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ سِوَى النِّصْفِ
وقال في الْوَجِيزِ يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أو قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ لَا يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قال وهو مُتَوَجِّهٌ إنْ قَتَلَتْهُ هِيَ
فَوَائِدُ جَمَّةٌ
اعْلَمْ أَنَّ الْمَهْرَ يَتَقَرَّرُ كَامِلًا سَوَاءٌ كانت الزَّوْجَةُ حُرَّةً أو أَمَةً بِأَشْيَاءَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا فذكر الْمَوْتَ وهو بِلَا خِلَافٍ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَقَرَّرُ الْمُسَمَّى لِحُرَّةٍ أو أَمَةٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا انْتَهَى
وَذَكَرَ الْقَتْلَ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فيه
____________________
(8/282)
وَمِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا وَطْؤُهُ في فَرْجِ حَيَّةٍ لَا مَيِّتَةٍ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَلَوْ بِوَطْئِهَا في الدُّبُرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يُقَرِّرُهُ الْوَطْءُ في الدُّبُرِ
وَمِنْهَا الْخَلْوَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وعليه الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ أولا اخْتَارَهُ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ بِزِيَادَةٍ أو قَبَّلَ لَا
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أنها سَهْوٌ
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ من الْأَصْحَابِ من حَكَى رِوَايَةً بان الْمَهْرَ لَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ بِمُجَرَّدِهَا بِدُونِ الْوَطْءِ
وَأَنْكَرَ الْأَكْثَرُونَ هذه الرِّوَايَةَ وَحَمَلُوهَا على وَجْهٍ آخَرَ وَذَكَرَهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَتَقَرَّرُ كَامِلًا إنْ لم تَمْنَعْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَتَقَرَّرُ وَإِنْ لم يَعْلَمْ بها
وَيُشْتَرَطُ في الْخَلْوَةِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُمَا مُمَيَّزٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ مُمَيَّزٌ مُسْلِمٌ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ
وَلَا تَقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ بها
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ كان أَعْمَى نَصَّ عليه لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عليه ذلك
وَقِيلَ تَقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ إذَا كان أَعْمَى
وقال في الْمَذْهَبِ إنْ صَدَّقَتْهُ لم تَثْبُتْ الْخَلْوَةُ وإن كَذَّبَتْهُ فَهِيَ خَلْوَةٌ
فَعَلَى الْمَنْصُوصِ قَدَّمَ الْأَصْحَابُ هُنَا الْعَادَةَ على الْأَصْلِ
____________________
(8/283)
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَذَا دَعْوَى إنْفَاقِهِ فإن الْعَادَةَ هُنَاكَ أَقْوَى انْتَهَى
وَالنَّائِمُ في الْخَلْوَةِ كَالْأَعْمَى
وَيُقْبَلُ قَوْلُ مدعى الْوَطْءِ يَعْنِي في الْخَلْوَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ فيه الْمَهْرُ من جُمْلَةِ الْوَطْءِ بِلَا خَلْوَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وفي الْوَاضِحِ يُقْبَلُ قَوْلُ مُنْكِرَةٍ كَعَدَمِهَا قَالَهُ بن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ
فَلَا يَرْجِعُ هو بِمَهْرٍ لَا يَدَّعِيهِ وَلَا لها ما لَا تَدَّعِيهِ
وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ هو دُونَهَا فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ وَمِنْهُ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ بِلَا خَلْوَةٍ
قال في الِانْتِصَارِ والتسليم ( ( ( والتسلم ) ) ) بالتسلم ( ( ( بالتسليم ) ) ) وَلِهَذَا لو دَخَلَتْ الْبَيْتَ فَخَرَجَ لم تُكْمِلْ قَالَهُ قُبَيْلَ الْمَسْأَلَةِ
وفي الِانْتِصَارِ أَيْضًا يَسْتَقِرُّ بِهِ وَإِنْ لم يَتَسَلَّمْ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ
وفي الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ بِالْخَلْوَةِ الْخِلَافُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَيَأْتِي في أَوَّلِ بَابِ الْعَدَدِ حُكْمُ الْخَلْوَةِ من جِهَةِ الْعِدَّةِ
وَتَقَدَّمَ أَحْكَامُ الرَّبِيبَةِ إذَا خَلَا بِأُمِّهَا في الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ
وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ لها ( ( ( له ) ) ) عليها إذَا خَلَا بها في عِدَّتِهَا
قال في الْمُسْتَوْعِبِ الْخَلْوَةُ تَقُومُ مَقَام الدُّخُولِ في أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ تَكْمِيلُ الصَّدَاقِ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ وَمِلْكُ الرَّجْعَةِ إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ إنْ كانت مُطَلَّقَةً بَعْدَ الدُّخُولِ
وَقِيلَ هذه الْخَلْوَةُ دُونَ الثَّلَاثِ انْتَهَى
____________________
(8/284)
وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْوَةِ بَقِيَّةُ حُكْمِ الْوَطْءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ كَمَدْخُولٍ بها إلَّا في حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِحْصَانٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ هِيَ كَمَدْخُولٍ بها وَيُجْلَدَانِ إذَا زَنَيَا انْتَهَى
وَأَمَّا لُحُوقُ النَّسَبِ فقال بن أبي مُوسَى رَوَى عن الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في صَائِمٍ خَلَا بِزَوْجَتِهِ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قبل الْمَسِيسِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُمْكِنٍ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ لِثُبُوتِ الْفِرَاشِ وَهِيَ أَصَحُّ
وَالْأُخْرَى قال لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَطْءِ انْتَهَى
وَلَوْ اتَّفَقَا على أَنَّهُ لم يَطَأْ في الْخَلْوَةِ لَزِمَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ نَصَّ عليه لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِمَا يَلْزَمُهُ
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ في تَنْصِيفِ الْمَهْرِ هُنَا رِوَايَتَيْنِ
إذَا عُلِمَ ذلك فَالْخَلْوَةُ مُقَرِّرَةٌ لِلْمَهْرِ لِمَظِنَّةِ الْوَطْءِ
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال إنَّمَا قَرَّرْت الْمَهْرَ لِحُصُولِ التَّمْكِينِ بها وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي
وَرَدَّهَا بن عَقِيلٍ وقال إنَّمَا قُرِّرْت لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وهو حُجَّةٌ وَإِمَّا لِأَنَّ طَلَاقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ بها وَرَدَّهَا زُهْدًا منه فيها فيه ابتدال ( ( ( ابتذال ) ) ) لها وَكَسْرٌ فَوَجَبَ جَبْرُهُ بِالْمَهْرِ
وَقِيلَ بَلْ الْمُقَرَّرُ هو اسْتِبَاحَةُ ما لَا يُبَاحُ إلَّا بِالنِّكَاحِ من الْمَرْأَةِ فَدَخَلَ في ذلك الْخَلْوَةُ وَاللَّمْسُ بِمُجَرَّدِهِمَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ
فَلَوْ خَلَا بها وَلَكِنْ بِهِمَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ وَحَيْضٍ وَصَوْمٍ أو حِسِّيٌّ كَجَبٍّ وَرَتَقٍ وَنُضَاوَةٍ تَقَرَّرَ الْمَهْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/285)
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وقال اتَّفَقُوا فِيمَا عَلِمْت أَنَّ هذا هو الْمَذْهَبُ انْتَهَى
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ لَا يُقَرِّرُهُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يُقَرِّرُهُ إنْ كان الْمَانِعُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ خَلَا بها وهو مُدْنِفٌ أو صَائِمٌ أو مُحْرِمٌ أو مَجْبُوبٌ اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ خَلَا بها وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أو صَائِمَةٌ أو رَتْقَاءُ أو حَائِضٌ كَمَّلَ الصَّدَاقَ في أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يُكْمِلُ مع ما لَا يَمْنَعُ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَالْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ بِنُسُكٍ وَنَحْوِهَا
قال الْقَاضِي إنْ كان الْمَانِعُ لَا يَمْنَعُ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالرَّتَقِ وَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَإِنْ كان يَمْنَعُ دَوَاعِيهِ كَالْإِحْرَامِ وَصِيَامِ الْفَرْضِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ إنْ كَانَا صَائِمَيْنِ صَوْمَ رَمَضَانَ لم يُكْمِلْ الصَّدَاقَ وَإِنْ كان غَيْرَهُ كَمُلَ انْتَهَى
وَقِيلَ إنْ خَلَا بها وهو مُرْتَدٌّ أو صَائِمٌ أو مُحْرِمٌ أو مَجْبُوبٌ اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ وَإِنْ كانت صَائِمَةً أو مُحْرِمَةً أو رَتْقَاءَ أو حَائِضًا كَمُلَ الصَّدَاقُ على الْأَصَحِّ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
تَنْبِيهٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ الْأَصْحَابِ في هذه الْمَسْأَلَةِ فقال أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَالْمَجْدُ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ فِيمَا نَقَلَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَانِعِ سَوَاءٌ كان من جِهَتِهِ أو من
____________________
(8/286)
جِهَتِهَا شَرْعِيًّا كان كَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ أو حِسِّيًّا كَالْجَبِّ وَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِمَا
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ في خِلَافِهِ مَحَلُّهُمَا إنْ كان الْمَانِعُ من جِهَتِهَا أَمَّا إنْ كان من جِهَتِهِ فإن الصَّدَاقَ يَتَقَرَّرُ بِلَا خِلَافٍ
وَنَسَبَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْقَوَاعِدِ إلَى الْقَاضِي في خِلَافِهِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ فِيمَا أَظُنُّ وبن الْبَنَّاءِ مَحَلُّهُمَا إذَا امْتَنَعَ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ
فَأَمَّا إنْ كان لَا يَمْنَعُ الدَّوَاعِيَ كَالْحَيْضِ وَالْجَبِّ وَالرَّتَقِ فَيَسْتَقِرُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً
وَنَسَبَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْقَوَاعِدِ إلَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وقال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ مَحَلُّهُمَا في الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ أَمَّا الْمَانِعُ الْحِسِّيُّ فَيَتَقَرَّرُ معه الصَّدَاقُ وَهِيَ قَرِيبَةٌ من التي قَبْلَهَا
وَيَقْرُبُ منها طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ على ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ
الثَّالِثَةُ إنْ كان الْمَانِعُ مُتَأَكِّدًا كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ لم يُكْمِلْ وَإِلَّا كَمُلَ انْتَهَى
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لم يُصَرِّحْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها بِالْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا قَاسَهُ الْمُصَنِّفُ على الصَّوْمِ الذي صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ
وَمِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ أَيْضًا اللَّمْسُ وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا وَنَحْوِهِ لِشَهْوَةٍ حتى تَقْبِيلَهَا بِحَضْرَةِ الناس نَصَّ عليه وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَخَرَّجَهُ بن عَقِيلٍ على الْمُصَاهَرَةِ وَقَالَهُ الْقَاضِي مع الْخَلْوَةِ وقال إنْ كان ذلك عَادَتُهُ تَقَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت قال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إنْ كان مِمَّنْ يُقَبِّلُ أو يُعَانِقُ بِحَضْرَةِ الناس عَادَةً كانت خَلْوَةً منه وَإِلَّا فَلَا
وَنَقَلَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْقَوَاعِدِ
____________________
(8/287)
فَلَعَلَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وقال إنْ كان ذلك عَادَتَهُ تَقَرَّرَ عَائِدٌ إلَى بن عَقِيلٍ لَا إلَى الْقَاضِي أو يَكُونُ بن عَقِيلٍ وَافَقَ الْقَاضِيَ وَيَكُونُ لِابْنِ عَقِيلٍ فيها قَوْلَانِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ تَغْتَسِلُ وَجَبَ لها الْمَهْرُ
وَلَا يُقَرِّرُهُ النَّظَرُ إلَيْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ بَلَى إذَا كانت غير عُرْيَانَةٍ فَأَمَّا إنْ كانت عُرْيَانَةً وَتَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهَا فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَجِبُ لها الْمَهْرُ
قال في الرِّعَايَةِ وَيُقَرِّرُهُ النَّظَرُ إلَيْهَا عُرْيَانَةً
وَقَطَعَ نَاظِمُ المفردات ( ( ( القواعد ) ) ) أَنَّ النَّظَرَ إلَى فَرْجِهَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ
قال في الْقَوَاعِدِ أَمَّا مُقَدَّمَاتُ الْجِمَاعِ كَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ أو إلَى جَسَدِهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ فَمِنْ الْأَصْحَابِ من أَلْحَقَهُ بِالْوَطْءِ وهو الْمَذْهَبُ وَمِنْهُمْ من خَرَّجَهُ على وَجْهَيْنِ أو رِوَايَتَيْنِ من الْخِلَافِ في تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ ولم يُقَيِّدْهُ فِيهِمَا بِالشَّهْوَةِ لِأَنَّ قَصْدَ النَّظَرِ إلَى الْفَرَجِ أو إلَى جَسَدِهَا وَهِيَ عُرْيَانَةٌ لَا يَكُونُ إلَّا لِشَهْوَةٍ بِخِلَافِ اللَّمْسِ إذْ الْغَالِبُ فيه عَدَمُ اقْتِرَانِهِ بِالشَّهْوَةِ فَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ فيه بها انْتَهَى
فَإِنْ تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ الزَّوْجِ فَفِي تَقْرِيرِ الصَّدَاقِ بِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُهُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أو أَجْنَبِيٍّ بِشَهْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ وَالْمُصَاهَرَةُ وَلَا تَثْبُتُ رَجْعَةٌ وَلَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُقَرَّرُ الْمُسَمَّى انْتَهَى
____________________
(8/288)
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ في قَدْرِ الصَّدَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مع يَمِينِهِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ من يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ منهم الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا
وَعَنْهُ يَتَحَالَفَانِ حَكَاهَا الشِّيرَازِيُّ في المبهج ( ( ( المنهج ) ) )
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَخَرَّجُ لنا قَوْلٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كان الِاخْتِلَافُ قبل الدُّخُولِ تَحَالَفَا وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وهو أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ من يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْهُمَا لو ادَّعَى أَقَلَّ منه وَادَّعَتْ أَكْثَرَ منه رَدَّتْ إلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ الْقَاضِي في الْأَحْوَالِ كُلِّهَا
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
وَقِيلَ يَجِبُ الْيَمِينُ في الْأَحْوَالِ كُلِّهَا
____________________
(8/289)
اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَقَطَعَ بِهِ هو وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ إذَا ادَّعَى أَقَلَّ من مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَتْ أَكْثَرَ منه رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ولم يذكر الْأَصْحَابُ يَمِينًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَحَالَفَا فإن ما يَقُولُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلصِّحَّةِ فَلَا يُعْدَلُ عنه إلَّا بِيَمِينٍ من صَاحِبِهِ كَالْمُنْكِرِ في سَائِرِ الدعاوي وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا في عَدَمِ الظُّهُورِ فَشُرِعَ التَّحَالُفُ كما لو اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ انْتَهَيَا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ ولم يذكر الْيَمِينَ فَيَخْرُجُ وُجُوبُهَا على وَجْهَيْنِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ من يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِنْ ادَّعَى هو دُونَهُ وَادَّعَتْ هِيَ زِيَادَةً رُدَّ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ يَمِينٌ في الْأَحْوَالِ كُلِّهَا على قَوْلِ شَيْخِنَا
وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ فيها كُلِّهَا يَمِينٌ لِإِسْقَاطِ الدعاوي
وفي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَتَبِعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
لَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ حَكَى الْخِلَافَ فِيمَا إذَا ادَّعَى مَهْرَ الْمِثْلِ من غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ولم يَذْكُرَا يَمِينًا في غَيْرِهَا
وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي قد حَكَيَا الْخِلَافَ كَذَلِكَ وَأَطْلَقَاهُ أَيْضًا وَحَكَيَاهُ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا ادَّعَى هو نَقْصًا وَادَّعَتْ هِيَ زِيَادَةً وَقَدَّمَا عَدَمَ الْيَمِينِ
وأبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالسَّامِرِيِّ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا أَجْرَوْا الْخِلَافَ في جَمِيعِ الصُّوَرِ وَحَكَوْهُ أَيْضًا عن الْقَاضِي أبي يعلي الْكَبِيرِ
____________________
(8/290)
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ وَالشَّارِحَ حَالَةَ التَّصْنِيفِ لم يَطَّلِعَا على الْخِلَافِ أو ما اسْتَحْضَرَاهُ
لَكِنَّ الْمَجْدَ لم يُصَرِّحْ في كَلَامِهِ في حُكْمِ الْيَمِينِ نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا في الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ
نعم حَيْثُ رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فإنه يَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا على الْخِلَافِ
وَأَيْضًا فإنه لم يَنْفِ ذِكْرَ الْيَمِينِ إلَّا عن الرِّوَايَةِ ولم يَتَعَرَّضْ لِثُبُوتِهِ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَا لِنَفْيِهِ وَكَيْفَ يَنْفِيهِ عَنْهُمْ وهو ثَابِتٌ في الْمُقْنِعِ وَقَبْلَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا جَزَمَ الشَّيْخُ في الْمُقْنِعِ بِوُجُوبِ الْيَمِينِ في الْأَحْوَالِ أو بِعَدَمِهِ فيها اخْتِيَارًا منه لِإِطْلَاقِ الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِالْأَحْوَالِ الْأَوَّلَةِ وَهِيَ ما يُؤْخَذُ من قَوْلِهِ مدعى مَهْرِ الْمِثْلِ في وُجُوبِ الْيَمِينِ أو عَدَمِهِ وَأَنَّ ذلك هو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي من أَنَّ الْأَصْحَابَ لم يَذْكُرُوا يَمِينًا لَا يُنَافِي صَنِيعَهُ في الْمُقْنِعِ حِينَئِذٍ فإن ذلك مُخْتَصٌّ بِالْحَالِ الْأَخِيرِ فَقَطْ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو اخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا في قَدْرِ الصَّدَاقِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَكَذَا لو اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وولى الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ في قَدْرِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ على فِعْلِ نَفْسِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال تَزَوَّجْتُك على هذا الْعَبْدِ فقالت بَلْ على هذه الْأَمَةِ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ
يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا في قَدْرِ الصَّدَاقِ
____________________
(8/291)
وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو اخْتَلَفَا في جِنْسِهِ أو صِفَتِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ
لَكِنْ على رِوَايَةِ من يدعى مَهْرَ الْمِثْلِ لو كانت الْأَمَةُ تُسَاوِي مَهْرَ الْمِثْلِ لم تَدْفَعْ إلَيْهَا بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهَا الْقِيمَةَ لِئَلَّا يُمَلِّكَهَا ما يُنْكِرُهُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ لَا شَيْءَ من الْمُعَيَّنَيْنِ
وَقِيلَ إنْ كان مُعَيَّنُ الْمَرْأَةِ أَعْلَى قِيمَةً وهو كَمَهْرِ الْمِثْلِ أو أَقَلَّ وَأَخَذْنَا بِقَوْلِهَا أَعْطَيْته بِعَيْنِهِ وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ إنْ عَيَّنَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّهَا وَعَيَّنَ الزَّوْجُ أَبَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتِقَ أَبُوهَا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِمِلْكِهَا له وَإِعْتَاقِهِ عليها ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ وَلَهَا الْأَقَلُّ من قِيمَةِ أُمِّهَا أو مَهْرِ مِثْلِهَا انْتَهَى
وفي الْوَاضِحِ يَتَحَالَفَانِ كَبَيْعٍ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أو مَهْرُ مِثْلِهَا
وفي التَّرْغِيبِ يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي جِنْسِ مَهْرِ الْمِثْلِ في أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَالثَّانِيَةُ قِيمَةُ ما يَدَّعِيهِ هو
وَقَدَّمَ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ ما قال في التَّرْغِيبِ إنَّهُ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَتْ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ وَأَنْكَرَ كان الْقَوْلُ قَوْلَهَا في تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ إذَا طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ في تَنَصُّفِهِ أو الْمُتْعَةِ فَقَطْ الْخِلَافُ الْآتِي
____________________
(8/292)
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في قَبْضِ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِنَاءً على ما إذَا قال كان له عَلَيَّ كَذَا وَقَضِيَّتُهُ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في بَابِ طَرِيقِ الْحَاكِمِ وَصِفَتِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا على صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ أَخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ وَإِنْ كان قد انْعَقَدَ بِالسِّرِّ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ
وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وهو مَنْصُوصٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ قد أَقَرَّ بِهِ
نَقَلَ أبو الْحَارِثِ يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ في الْخُلَاصَةِ
فَإِنْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِمَهْرِ السِّرِّ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَلَانِيَةُ
وقال الْقَاضِي وَإِنْ تَصَادَقَا على السِّرِّ لم يَكُنْ لها غَيْرُهُ
وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ على أَنَّ الْمَرْأَةَ لم تُقِرَّ بِنِكَاحِ السِّرِّ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
فَائِدَةٌ ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْبَيْعَ مِثْلُ النِّكَاحِ في ذلك
وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الْبَيْعِ بِأَتَمَّ من هذا
تَنْبِيهٌ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ من الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ وَجْهُ قَوْلِ
____________________
(8/293)
الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ في الظَّاهِرِ عَقْدًا بَعْدَ عَقْدِ السِّرِّ فَقَدْ وُجِدَ منه بَذْلُ الزَّائِدِ على مَهْرِ السِّرِّ فَيَجِبُ ذلك عليه كما لو زَادَهَا على صَدَاقِهَا
قالوا وَمُقْتَضَى ما ذَكَرْنَاهُ من التَّعْلِيلِ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ إنْ كان مَهْرُ السِّرِّ أَكْثَرَ من الْعَلَانِيَةِ وَجَبَ مَهْرُ السِّرِّ لِأَنَّهُ وَجَبَ عليه بِعَقْدِهِ ولم تُسْقِطْهُ الْعَلَانِيَةُ فَبَقِيَ وُجُوبُهُ انْتَهَوْا
قال الزَّرْكَشِيُّ قد حَمَلْنَا كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على ما إذَا كان مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ أَزْيَدَ وهو مُتَأَخِّرٌ بِنَاءً على الْغَالِبِ انْتَهَى
قلت بَلْ هذا هو الْوَاقِعُ وَلَا يَتَأَتَّى في الْعَادَةِ غَيْرُهُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وإذا كُرِّرَ الْعَقْدُ بِمَهْرَيْنِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً أُخِذَ بِالْمَهْرِ الزَّائِدِ وهو الْعَلَانِيَةُ وَإِنْ انْعَقَدَ بِغَيْرِهِ نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ
قال شَارِحُهُ فَقَوْلُهُ أَخَذَ بِالْمَهْرِ الزَّائِدِ وهو الْعَلَانِيَةُ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ انْتَهَى
وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ فَجَعَلَ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ قَوْلًا غير الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ
فقال وَمَنْ تَزَوَّجَ سِرًّا بِمَهْرٍ وَعَلَانِيَةً بِغَيْرِهِ أَخَذَ بِأَزْيَدِهِمَا
وَقِيلَ بِأَوَّلِهِمَا
وفي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ
وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مُطْلَقًا انْتَهَى
قُلْت أَمَّا على تَقْدِيرِ وُقُوعِ أَنَّ مَهْرَ السِّرِّ أَكْثَرُ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الزَّائِدَ وَإِنْ كان أَنْقَصَ فَيَأْتِي كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي
فَوَائِدُ
الْأُولَى لو اتَّفَقَا قبل الْعَقْدِ على مَهْرٍ وَعَقَدَاهُ بِأَكْثَرَ منه تَجَمُّلًا مِثْلَ أَنْ
____________________
(8/294)
يَتَّفِقَا على أَنَّ الْمَهْرَ أَلْفٌ وَيَعْقِدَاهُ على أَلْفَيْنِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَلْفَيْنِ هِيَ الْمَهْرُ
جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ الْمَهْرُ ما اتَّفَقَا عليه أَوَّلًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَفِي بِمَا وَعَدَتْ بِهِ وَشَرَطَتْهُ من أنها لَا تَأْخُذُ إلَّا مَهْرَ السِّرِّ
قال الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ هذا على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ
وقال أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ يَجِبُ عليها الْوَفَاءُ بِذَلِكَ
قلت وهو الصَّوَابُ
الثَّانِيَةُ لو وَقَعَ مِثْلُ ذلك في الْبَيْعِ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِمَا اتَّفَقَا عليه أو بِمَا وَقَعَ عليه الْعَقْدُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ بِمَا اتَّفَقَا عليه قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ عن الْقَاضِي وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَالثَّانِي يُؤْخَذُ بِمَا وَقَعَ عليه الْعَقْدُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك في كِتَابِ الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ كان أَحَدُهُمَا مُكْرَهًا
الثَّالِثَةُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا على صَدَاقَيْنِ سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ أَخَذَ بِالْعَلَانِيَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ في الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِهِ وَيَبْقَى حُكْمُهَا حُكْمَ الْأَصْلِ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُنْصِفُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تَلْحَقُ بِهِ وَإِنَّمَا هِيَ هِبَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ هِبَتِهَا لم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ من الزِّيَادَةِ
وَخَرَّجَ على الْمَذْهَبِ سُقُوطَهُ بِمَا يُنَصِّفُهُ من وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِمُفَوَّضَةٍ مُطَلَّقَةٍ قبل الدُّخُولِ بَعْدَ فَرْضِهِ
____________________
(8/295)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَمْلِكُ الزِّيَادَةَ من حِينِهَا نَقَلَهُ مُهَنَّا في أَمَةٍ عَتَقَتْ فَزِيدَ مَهْرُهَا
وَجَعَلَهَا الْقَاضِي لِمَنْ أَصْلُ الزِّيَادَةِ له
قال في الْمُحَرَّرِ وإذا أُلْحِقَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةٌ أُلْحِقَتْ بِهِ وَلَزِمَتْهُ وَكَانَتْ كَأَصْلٍ فِيمَا يُقَرِّرُهُ وَيُنَصِّفُهُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَيَتَخَرَّجُ أَنْ تَسْقُطَ هِيَ بِمَا يُنَصِّفُهُ وَنَحْوُهُ انْتَهَى بِمَا معه
الرَّابِعَةُ هَدِيَّةُ الزَّوْجَةِ لَيْسَتْ من الْمَهْرِ نَصَّ عليه فَإِنْ كانت قبل الْعَقْدِ وقد وَعَدُوهُ بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ فَزَوَّجُوا غَيْرَهُ رَجَعَ بها قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قُلْت وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا ما قُبِضَ بِسَبَبِ النِّكَاحِ فَكَمَهْرٍ
وقال أَيْضًا ما كُتِبَ فيه الْمَهْرُ لَا يَخْرُجُ منها بِطَلَاقِهَا
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ حَكَى الْأَثْرَمُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْمَوْلَى يَتَزَوَّجُ الْعَرَبِيَّةَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كان دَفَعَ إلَيْهَا بَعْضَ الْمَهْرِ ولم يَدْخُلْ بها يَرُدُّوهُ وَإِنْ كان أَهْدَى هَدِيَّةً يَرُدُّونَهَا عليه
قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ لِأَنَّ في هذه الْحَالِ يَدُلُّ على أَنَّهُ وَهَبَ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ فإذا زَالَ مَلَكَ الرُّجُوعَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ انْتَهَى
وَهَذَا في الْفُرْقَةِ الْقَهْرِيَّةِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ وَنَحْوِهَا ظَاهِرٌ
وَكَذَا الْفُرْقَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْمَهْرِ
فَأَمَّا الْفَسْخُ الْمُقَرِّرُ لِلْمَهْرِ أو لِنِصْفِهِ فَتَثْبُتُ معه الْهَدِيَّةُ
وَإِنْ كانت الْعَطِيَّةُ لِغَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْخَاطِبِ وَنَحْوِهِمَا فَفِي النَّظَرِيَّاتِ لِابْنِ عَقِيلٍ إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِإِقَالَةٍ وَنَحْوِهَا لم يَقِفْ على التَّرَاضِي فَلَا تَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَإِنْ فُسِخَ بِخِيَارٍ أو عَيْبٍ رَدَّتْ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بين اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ
____________________
(8/296)
وَقِيَاسُهُ في النِّكَاحِ أَنَّهُ إنْ فُسِخَ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ أو لِعَيْبِهِ رَدَّتْ وَإِنْ فُسِخَ لِرِدَّةٍ أو رَضَاعٍ أو مُخَالَعَةٍ لم تَرُدَّ انْتَهَى نَقَلَهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَالتَّفْوِيضُ على ضَرْبَيْنِ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ وهو أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ
مُرَادُهُ إذَا كانت مُجْبَرَةً وَكَذَلِكَ الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ إذَا قُلْنَا يُجْبِرُهَا
وَأَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُجْبِرُهَا فلابد من الْإِذْنِ في تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ حتى يَكُونَ تَفْوِيضَ بُضْعٍ
الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ
أنها ليس لها الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ قبل الْفَرْضِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لم يَسْتَقِرَّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لها الْمُطَالَبَةُ بِهِ منهم الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كما أَنَّ لها الْمُطَالَبَةَ بِفَرْضِهِ لِأَنَّهُ لم يَسْتَقِرَّ
فَائِدَةٌ حَيْثُ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ كان لها الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِ مَهْرِ الْمِثْلِ كما أَنَّ لها ذلك هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قبل الْإِصَابَةِ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو الصَّحِيحُ
____________________
(8/297)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ فما قُرِّرَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ هُنَا
وَقِيلَ عنه لَا مَهْرَ لها حَكَاهَا بن أبي مُوسَى
وَقِيلَ إنَّهُ يَنْتَصِفُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قد فَرَضَهُ لها
قال بن عَقِيلٍ لَا وَجْهَ لِلتَّنْصِيفِ عِنْدِي
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الْقَلْبِ حَزَازَةٌ من هذه الرِّوَايَةِ وَالْمَنْصُوصُ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ لها مَهْرَ الْمِثْلِ على حديث بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ وَصَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ وَالْمَيْمُونِيِّ وبن مَنْصُورٍ وَحَمْدَانَ بن عَلِيٍّ وَحَنْبَلٍ
قال وَنُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ بَلْ الْأُمَّةَ
فإن الْقَائِلَ قَائِلَانِ قَائِلٌ بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَائِلٌ بِسُقُوطِهِ
فَعَلِمْنَا أَنَّ نَاقِلَ ذلك غَالَطَ عليه وَالْغَلَطُ إمَّا في النَّقْلِ أو مِمَّنْ دُونَهُ في السَّمْعِ أو في الْحِفْظِ أو في الْكِتَابِ
إذْ من أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الذي لَا خِلَافَ عنه فيه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عن أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الحديث الصَّحِيحِ من غَيْرِ مُعَارِضٍ له من جِنْسِهِ وكان رَحِمَهُ اللَّهُ شَدِيدَ الْإِنْكَارِ على من يُخَالِفُ ذلك فَكَيْفَ يَفْعَلُهُ هو مع إمَامَتِهِ من غَيْرِ مُوَافَقَةٍ لِأَحَدٍ وَمَعَ أَنَّ هذا الْقَوْلَ لاحظ له في الْآيَةِ وَلَا له نَظِيرٌ هذا مِمَّا يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ بَاطِلٌ انْتَهَى
____________________
(8/298)
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ بها لم يَكُنْ لها عليه إلَّا الْمُتْعَةَ
إذَا طَلَّقَ الْمُفَوَّضَةَ قبل الدُّخُولِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قد فَرَضَ لها صَدَاقًا أولا
فَإِنْ كان ما فَرَضَ لها صَدَاقًا وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَفْوِيضَ بُضْعٍ أو تَفْوِيضَ مَهْرٍ
فَإِنْ كان تَفْوِيضَ بُضْعٍ فَلَيْسَ لها إلَّا الْمُتْعَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال في الْبُلْغَةِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَظْهَرُ
وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وقال هذا الْمَذْهَبُ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ يَجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذه أَضْعَفُهُمَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَإِنْ كان تَفْوِيضَ مَهْرٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ ليس لها إلَّا الْمُتْعَةَ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا قَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هذا الْمَذْهَبُ
وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَظْهَرُ
____________________
(8/299)
وَعَنْهُ يَجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْمُنَوِّرِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعُ
وَإِنْ كان فَرَضَ لها صَدَاقًا صَحِيحًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ نِصْفِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ يَسْقُطُ وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ
فَائِدَةٌ لو سَمَّى لها صَدَاقًا فَاسِدًا وَطَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ لم يَجِبْ عليه سِوَى الْمُتْعَةِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ
وَعَنْهُ يَجِبُ عليه نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وهو الْمَذْهَبُ
جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ
فما نَصَّفَ الْمُسَمَّى نَصَّفَهُ هُنَا إلَّا في هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ على الْخِلَافِ فِيهِمَا
قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ لم يَكُنْ لها عليه إلَّا الْمُتْعَة على الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا في صَلَاتِهَا
اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بِحَالِ الزَّوْجِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/300)
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ
وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِحَالِهِمَا
وَعَنْهُ يَرْجِعُ في تَقْدِيرِهَا إلَى الْحَاكِمِ
وَعَنْهُ يَجِبُ لها نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَضْعُفُ لِوَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا مُخَالَفَةُ نَصِّ الْكِتَابِ لِأَنَّ نَصَّ الْكِتَابِ يَقْتَضِي تَقْدِيرَهَا بِحَالِ الزَّوْجِ وَتَقْدِيرُهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهَا بِحَالِ الْمَرْأَةِ
الثَّانِي أَنَّا لو قَدَّرْنَاهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَكَانَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ إذْ ليس الهر ( ( ( المهر ) ) ) مُعَيَّنًا في شَيْءٍ انْتَهَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَخَذَهَا الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ من رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَسَأَلَهُ كَمْ الْمَتَاعُ فقال على قَدْرِ الْجَدَّةِ وَعَلَى من قال تَمَتَّعْ بِنِصْفِ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لو كان فَرَضَ لها صَدَاقًا كان لها نِصْفُهُ
قال الْقَاضِي وَظَاهِرُ هذا أنها غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ وَأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ
وقد حَكَى قَوْلَ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَدَّرَهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ولم يُنْكِرْهُ
فَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ مَذْهَبٌ له انْتَهَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا في غَايَةِ التَّهَافُتِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَى مَذْهَبَ غَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَى مَذْهَبَهُ
قال وَإِنَّمَا تَكُونُ هذه الرِّوَايَةُ مَذْهَبًا مُعْتَمَدًا له إذَا لم يَكُنْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قد ذَكَرَ مَذْهَبَهُ مَعَهَا مع أَنَّهُ قد ذَكَرَهُ هُنَا مَعَهَا
قال وَلَا تَلِيقُ هذه الرِّوَايَةُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تنفى
____________________
(8/301)
فَائِدَةَ اعْتِبَارِ الْمُوسِعِ وَالْمُقْتِرِ وَلَا تَبْقَى فَائِدَةٌ في إيجَابِ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ أو الْمُتْعَةِ إلَّا أَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ ثَمَّ الْوَاجِبَ من النَّقْدَيْنِ وَهُنَا الْوَاجِبُ مَتَاعٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ دخل بها اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذلك فَهَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ على رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا تَجِبُ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا وهو كما قالوا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحُوهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ لها الْمُتْعَةُ نَقَلَ حَنْبَلٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ
وقد تَقَدَّمَ لنا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لم يَفْرِضْ لها صَدَاقًا الرِّوَايَةُ لَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ كما يَدُلُّ عليه سِيَاقُ كَلَامِهِ بَلْ هِيَ مُطْلَقَةٌ فيه وفي جَمِيعِ الْمُطَلَّقَاتِ كما هو ظَاهِرُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ وَالْعَمَلُ عِنْدِي عليه التواتر ( ( ( لتواتر ) ) ) الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي بَكْرٍ لِذَلِكَ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا دخل بها وكان قد سَمَّى لها صَدَاقًا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَا مُتْعَةَ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لها الْمُتْعَةُ
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا خَرَّجَهُ في مَحْبِسِهِ قال بن عُمَرَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ إلَّا التي لم يَدْخُلْ بها وقد فَرَضَ لها وَاخْتَارَ هذه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ على التي قَبْلَهَا
____________________
(8/302)
قال في الْمُحَرَّرِ لَا مُتْعَةَ إلَّا لِهَذِهِ الْمُفَارِقَةِ قبل الْفَرْضِ وَالدُّخُولِ
وَعَنْهُ تَجِبُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ
وَعَنْهُ تَجِبُ لِلْكُلِّ إلَّا لِمَنْ دخل بها وَسَمَّى مَهْرَهَا انْتَهَى
وَتَابَعَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذه الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ صَوَابُهُ إلَّا من سَمَّى مَهْرَهَا ولم يَدْخُلْ بها
قال وَإِنَّمَا هذا زَيْغٌ حَصَلَ من قَلَمِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ انْتَهَى
قُلْت رَأَيْت في كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قال رَأَيْت ما يَدُلُّ على كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِخَطِّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الزَّرِيرَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ في سقوطه ( ( ( سقوط ) ) ) الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ قبل الْفُرْقَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا تَسْقُطُ بها صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ
وَالثَّانِي تَسْقُطُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ احْتِمَالًا
قَوْلُهُ وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا من نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَبِنْتِ أَخِيهَا وَعَمِّهَا
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ جَمِيعُ أَقَارِبِهَا كَأُمِّهَا وَخَالَتِهَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(8/303)
وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالزَّرْكَشِيِّ
فَائِدَةٌ يُعْتَبَرُ في ذلك الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ من النِّسَاءِ على كلا الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان عَادَتُهُمْ التَّأْجِيلَ فُرِضَ مُؤَجَّلًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْرَضُ حَالًّا كما لو اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمْ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو اخْتَلَفَتْ مُهُورُهُنَّ أَخَذَ بِالْوَسَطِ الْحَالِّ
قَوْلُهُ فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ فإذا افْتَرَقَا قبل الدُّخُولِ بِطَلَاقٍ أو غَيْرِهِ فَلَا مَهْرَ فيه
إذَا افْتَرَقَا في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قبل الدُّخُولِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ لم يَكُنْ لها مَهْرٌ بِلَا نِزَاعٍ
وَإِنْ كان بِطَلَاقٍ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لها وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لها نِصْفُ الْمَهْرِ وَحَكَاهُ بن عَقِيلٍ وَجْهًا
وَإِنْ افْتَرَقَا بِمَوْتٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا مَهْرَ لها وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(8/304)
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ على الْخِلَافِ في وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ دخل بها اسْتَقَرَّ الْمُسَمَّى
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهِيَ أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُفَرَّقُ بين النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ في الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا تَلِفَ يَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ على الْمَنْصُوصِ وَبِأَنَّ النِّكَاحَ مع فَسَادِهِ مُنْعَقِدٌ وَيَتَرَتَّبُ عليه أَكْثَرُ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ من وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلُزُومِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالِاعْتِدَادِ منه بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ في الْحَيَاةِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ فيه بِالْعَقْدِ وَتَقَرُّرِهِ بِالْخَلْوَةِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى فيه كَالصَّحِيحِ
يُوَضِّحُهُ أَنَّ ضَمَانَ الْمَهْرِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ضَمَانُ عَقْدٍ كَضَمَانِهِ في الصَّحِيحِ وَضَمَانُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ضَمَانُ تَلَفٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فإن ضَمَانَهُ ضَمَانُ عَقْدٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ
هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْمُذْهَبِ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن رَزِينٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وهو قَوْلُ الْجُمْهُورِ
وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
____________________
(8/305)
وقال أَصْحَابُنَا يَسْتَقِرُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ
لَكِنْ هل يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أو الْمُسَمَّى مَبْنِيٌّ على الذي قَبْلَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يَجِبُ لها شَيْءٌ وَلَا يَكْمُلُ الْمَهْرُ
فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ من نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قبل طَلَاقٍ أو فَسْخٍ فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَوَّجَهَا قبل فَسْخِهِ لم يَصِحَّ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ
وقال بن رَزِينٍ لَا يَفْتَقِرُ إلَى فُرْقَةٍ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ كَالنِّكَاحِ الْبَاطِلِ انْتَهَى
وقال في الْإِرْشَادِ لو زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ فَفِي تَزْوِيجِهَا قبل الْفُرْقَةِ رِوَايَتَانِ وَهُمَا في الرِّعَايَةِ إذَا زُوِّجَتْ بِلَا وَلِيٍّ أو بِدُونِ الشُّهُودِ
وفي تَعْلِيقِ بن الْمُنَى في انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عليها عَقْدًا فَاسِدًا لَا يَجُوزُ صَحِيحٌ حتى يَقْضِيَ بِفَسْخِ الْأَوَّلِ وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ في حُكْمِ الْعَدَمِ
قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لها مَهْرٌ لِأَنَّهُ قال الْبُضْعُ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ على زَوْجٍ أو شِبْهِهِ فَيَمْلِكُهُ
قَوْلُهُ وَالْمُكْرَهَةِ على الزنى
يَعْنِي يَجِبُ لها مَهْرُ الْمِثْلِ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
____________________
(8/306)
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَجِبُ لِلْبِكْرِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا ذَكَرَهَا وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال هو خَبِيثٌ
فَائِدَةٌ لو أَكْرَهَهَا وَوَطِئَهَا في الدُّبُرِ فَلَا مَهْرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَطْءِ في الْقُبُلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ في عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَجْنَبِيَّةُ وَذَوَاتُ مَحَارِمِهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَعَنْهُ لَا مَهْرَ لِذَاتِ مَحْرَمِهِ كَاللِّوَاطِ بِالْأَمْرَدِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ أَصْلٍ وَفَارَقَ من حُرِّمَتْ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ فإن تَحْرِيمَهَا طَارِئٌ
قال وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَنْ حُرِّمَتْ بِالرَّضَاعِ لِأَنَّهُ طَارِئٌ أَيْضًا انْتَهَيَا
وَعَنْهُ أَنَّ من تَحْرُمُ ابْنَتُهَا لَا مَهْرَ لها كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَمَنْ تَحِلُّ ابْنَتُهَا كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لها الْمَهْرُ
قال بَعْضُهُمْ عن رِوَايَةِ من تَحْرُمُ ابْنَتُهَا بِخِلَافِ الْمُصَاهَرَةِ لِأَنَّهُ طَارِئٌ
____________________
(8/307)
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِلْمُطَاوِعَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الِانْتِصَارِ يَجِبُ الْمَهْرُ لِلْمُطَاوِعَةِ وَيَسْقُطُ
وَيُسْتَثْنَى من ذلك الْأَمَةُ إذَا وُطِئَتْ مُطَاوَعَةً فإن الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ
وَقِيلَ لَا مَهْرَ لها وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فقال وفي أَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا كان نِكَاحُهَا بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ وَوَطِئَ فيه فَهِيَ كَمُكْرَهَةٍ في وُجُوبِ الْمَهْرِ وَعَدَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وفي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى
الثَّانِيَةُ لو وطىء مَيْتَةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ
قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ الْمَهْرُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وهو مُتَّجَهٌ
وقال الْقَاضِي في جَوَابِ مَسْأَلَةٍ وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ فيه
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ معه أَرْشُ الْبَكَارَةِ
يَعْنِي مع وُجُوبِ الْمَهْرِ للموطوأة ( ( ( للموطوءة ) ) ) بِشُبْهَةٍ أو زِنًا هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ
وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَقَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(8/308)
فَائِدَةٌ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الزنى لَا بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ في الشُّبْهَةِ لَا في نِكَاحٍ فَاسِدٍ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ
وفي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمْ في الْكِتَابَةِ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ
وَقَالُوا إنْ اسْتَوْفَتْ الْمُكَاتَبَةُ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمَهْرَ عن الْوَطْءِ الْأَوَّلِ فَلَهَا مَهْرٌ ثَانٍ وَثَالِثٌ وَإِلَّا فَلَا
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هُنَا لَا يَتَعَدَّدُ في نِكَاحٍ فَاسِدٍ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ كَدُخُولِهَا على أَنْ لَا تَسْتَحِقَّ مَهْرًا
وفي التَّعْلِيقِ أَيْضًا بِكُلِّ وَطْءٍ في عَقْدٍ فَاسِدٍ مَهْرٌ إنْ عُلِمَ فَسَادُهُ وَإِلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ
وفي التَّعْلِيقِ أَيْضًا في الْمُكْرَهَةِ لَا يَتَعَدَّدُ لِعَدَمِ التَّنْقِيصِ كَنِكَاحٍ وَكَاسْتِوَاءِ مُوضِحَةٍ
وفي التَّعْلِيقِ أَيْضًا لو أَقَرَّ بِشُبْهَةٍ فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ سَكَتَتْ
قَوْلُهُ وإذا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال هو الْقِيَاسُ لَوْلَا ما رُوِيَ عن الصَّحَابَةِ
وقال الْقَاضِي يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
____________________
(8/309)
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَ ذلك الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ لم يَكُنْ عليه إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَخَرَجَ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَامِلًا من الرِّوَايَةِ التي قال بها الْقَاضِي قَبْلُ
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ لو مَاتَ أو طَلَّقَ من دخل بها فَوَضَعَتْ في يَوْمِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فيه وَطَلَّقَ قبل دُخُولِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ في يَوْمِهَا من دخل بها فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ في يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا فيعايي بها
قُلْت وَيُتَصَوَّرُ أَنْ تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ من ذلك بِأَنْ تَطْلُقَ من الثَّالِثِ قبل الدُّخُولِ وَكَذَا رَابِعٌ وَخَامِسٌ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حتى تَقْبِضَ مَهْرَهَا
مُرَادُهُ الْمَهْرُ الْحَالُّ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ
وَنَقَلَهُ بن الْمُنْذِرِ اتِّفَاقًا وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عليها تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فإذا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ عليها لم يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ
الثَّانِي هذا إذَا كانت تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ
فَأَمَّا إنْ كانت لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لها الْمُطَالَبَةَ بِهِ أَيْضًا اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغَنِّي خِلَافَهُ
وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ مِمَّا حَكَى الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ بَلْ بِعَدْلٍ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ
____________________
(8/310)