قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال ولم أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ وَرَدَّ ما قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاسْتَشْهَدَ لِلرَّدِّ بِكَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ
الثَّالِثَةُ الثَّمَنُ الذي ليس في الذِّمَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَنِ فَأَمَّا إنْ كان في الذِّمَّةِ فَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِاسْتِقْرَارِهِ
قال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ فِيمَنْ اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ فَبَلَعَتْهُ إنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الدِّينَارُ بِالتَّعْيِينِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قبل قَبْضِهِ انْفَسَخَ هُنَا وَإِنْ لم نَقُلْ بِأَحَدِهِمَا لم يَنْفَسِخْ
الرَّابِعَةُ حُكْمُ كل مُعَيَّنٍ مُلِكَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قبل قَبْضِهِ كَالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْعِوَضِ في الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ الْعِوَضِ في الْبَيْعِ في جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَمَنْعِهِ كما سَبَقَ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَيْعَ فيه وَغَيْرَهُ لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ انْتَهَى
وَحُكْمُ ما لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قبل قَبْضِهِ كَالْعِوَضِ في الْخُلْعِ وَالْعِوَضِ في الْعِتْقِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ عن دَمِ الْعَمْدِ قِيلَ حُكْمُ الْبَيْعِ كما تَقَدَّمَ في الذي قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أو قِيمَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا فَسْخَ على الصَّحِيحِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ لِفَوْتِ بَعْضِ الْمَقْصُودِ كَعَيْبِ مَبِيعٍ انْتَهَى
وَقِيلَ له التَّصَرُّفُ قبل قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ فَيَضْمَنُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وفي التَّلْخِيصِ بَلْ ضَمَانُهُ كَبَيْعٍ
وَحُكْمُ الْمَهْرِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(4/468)
وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم يَكُنْ مُتَعَيِّنًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
الْخَامِسَةُ لو تَعَيَّنَ مِلْكُهُ في مَوْرُوثٍ أو وَصِيَّةٍ أو غَنِيمَةٍ لم يُعْتَبَرْ قَبْضُهُ في صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فيه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِلَا خِلَافٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ وَكَوَدِيعَةٍ وَكَمَالِهِ في يَدِ وَكِيلِهِ وَنَحْوِ ذلك
وَقِيلَ وَصِيَّةٌ كَبَيْعٍ وَقِيلَ وَإِرْثٌ أَيْضًا كَبَيْعٍ
وفي الْإِفْصَاحِ عن أَحْمَدَ مُنِعَ بَيْعُ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ في إرْثٍ وَغَيْرِهِ
وفي الِانْتِصَارِ مُنِعَ تَصَرُّفُهُ في غَنِيمَةٍ قبل قَبْضِهَا إجْمَاعًا وَعَارِيَّةٍ كَوَدِيعَةٍ في جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَيَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ
وَيَأْتِي حُكْمُ الْقَرْضِ في أَوَّلِ بَابِهِ
قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيمَا بِيعَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِكَيْلِهِ أو وَزْنِهِ
وَكَذَا الْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ بِعَدِّهِ وَذَرْعِهِ على ما تَقَدَّمَ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ في ذلك كُلِّهِ حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّ أو نَائِبِهِ
وَعَنْهُ إنْ قَبَضَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَإِنْ تَقَابَضَاهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ جَازَ إلَّا في الْمَكِيلِ فإنه على رِوَايَتَيْنِ
وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ السَّلَمِ هل يكتفي بِعِلْمِ كَيْلِهِ أو وَزْنِهِ وَنَحْوِ ذلك عن الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ لَا
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على كَرَاهَةِ زَلْزَلَةِ الْكَيْلِ
الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِنَابَةِ من عليه الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ في الْقَبْضِ
____________________
(4/469)
قال في التَّلْخِيصِ صَحَّ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
الثَّالِثَةُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ طَرَفُهُ كَيَدِهِ بِدَلِيلِ تَنَازُعِهِمَا ما فيه وَقِيلَ لَا
الرَّابِعَةُ نَصَّ الْإِمَامُ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا على صِحَّةِ قَبْضِ وَكِيلٍ من نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال في التَّلْخِيصِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
وَلَوْ قال له اكْتَلْ من هذه الصُّبْرَةِ قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ صَحَّ وَقِيلَ لَا وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ بَابِ السَّلَمِ
قَوْلُهُ وفي الصُّبْرَةِ وما يُنْقَلُ بِالنَّقْلِ وَفِيمَا يُتَنَاوَلُ بِالتَّنَاوُلِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ أن قَبَضَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْقَبْضُ في الْمَشَاعِ بِتَسْلِيمِ الْكُلِّ إلَيْهِ فَإِنْ أَبَى الشَّرِيكُ أَنْ يُسْلِمَ نَصِيبَهُ قِيلَ لِلْمُتَّهِبِ وَكِّلْ الشَّرِيكَ في قَبْضِهِ وَنَقْلِهِ فَإِنْ أَبَى نَصَبَ الْحَاكِمُ من يَكُونُ في يَدِهِ لَهُمَا فَيَنْقُلُهُ لِيَحْصُلَ الْقَبْضُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ على الشَّرِيكِ في ذلك وَيَتِمُّ بِهِ عَقْدُ شَرِيكِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ اتَّهَبَ مُبْهَمًا أو مَشَاعًا من مَنْقُولٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَنْقَسِمُ أو غَيْرِهِ فَأَذِنَ له شَرِيكُهُ في الْقَبْضِ كان سَهْمُهُ أَمَانَةً مع الْمُتَّهَبِ أو يُوَكِّلُ الْمُتَّهَبُ شَرِيكَهُ في قَبْضِ سَهْمِهِ منه وَيَكُونُ أَمَانَةً وَإِنْ تَنَازَعَا قَبَضَ لَهُمَا وَكِيلُهُمَا أو أَمِينُ الْحَاكِمِ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْهِبَةِ قال في الْمُجَرَّدِ يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذَنْ
____________________
(4/470)
الشَّرِيكُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً وقال في الْعُيُونِ بَلْ عَارِيَّةٌ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ وَمَنْ بَاعَ حَقَّهُ الْمَشَاعَ من عَيْنٍ وسلم الْكُلَّ إلَى الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ حَقَّ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَدَمَ إذْنِهِ في قَبْضِ حَقِّهِ فَتَلِفَ ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَالْقَرَارُ على الْمُشْتَرِي وَكَذَا إنْ جَهِلَ الشَّرِكَةَ أو وُجُوبَ الْإِذْنِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ لَكِنَّ الْقَرَارَ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي
قَوْلُهُ وَفِيمَا عَدَا ذلك بِالتَّخْلِيَةِ
كَاَلَّذِي لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ مع عَدَمِ الْمَانِعِ
قُلْت وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا أُجْرَةُ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ على بَاذِلِهِ مِنْهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال في النِّهَايَةِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ له عليه انْتَهَى
وَأُجْرَةُ الْمَنْقُولَاتِ على الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قُلْنَا كَمَقْبُوضٍ أو لَا جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أُجْرَةُ الْمَنْقُولَاتِ على الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قُلْنَا كَمَقْبُوضٍ أو لَا
قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لم يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ نَصُّ عليه
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُؤْنَةُ تَوْفِيَةِ كل وَاحِدٍ من الْعِوَضَيْنِ من أُجْرَةِ وَزْنِهِ وَكَيْلِهِ وَذَرْعِهِ وَعَدِّهِ وَغَيْرِ ذلك على بَاذِلِهِ ومؤنة قَبْضِ ما بِيعَ جُزَافًا وهو مُتَمَيِّزٌ على من صَارَ له إنْ قُلْنَا هو في حُكْمِ الْمَقْبُوضِ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(4/471)
وما بِيعَ بِصِفَةٍ أو رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَهُوَ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَنَحْوِهِمَا في حَقِّ التَّوْفِيَةِ وَغَيْرِهَا
وَقِيلَ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ على الْبَائِعِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْوَزَّانِ وَالنَّقْلِ وَقِيلَ بَلْ على الْمُشْتَرِي
ثُمَّ قال من عِنْدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عليه أُجْرَةَ النَّقَّادِ وَزِنَةَ الْوَزَّانِ انْتَهَى
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَأُجْرَةُ النَّقَّادِ فَإِنْ كان قبل أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَهِيَ على الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عليه تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إلَيْهِ صَحِيحًا وَإِنْ كان قد قُبِضَ فَهِيَ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قد قَبَضَهُ منه وَمَلَكَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ شيئا منه مَعِيبًا يَجِبُ رَدُّهُ
الثَّانِيَةُ يَتَمَيَّزُ الثَّمَنُ عن الْمُثَمَّنِ بِدُخُولِ بَاءِ الْبَدَلِيَّةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وقال وهو أَوْلَى
قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وهو أَظْهَرُ
وَقِيلَ إنْ اشْتَمَلَتْ الصَّفْقَةُ على أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَهُوَ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَهُوَ ما دَخَلَتْهُ بَاءُ الْبَدَلِيَّةِ نَحْوُ لو قال بِعْتُك هذا بهذا فقال الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أو قال اشْتَرَيْت هذا بهذا فقال الْبَائِعُ بِعْتُك
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وَجْهًا ثَالِثًا وهو أَنَّ الثَّمَنَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَوْضُوعَةُ للثمينة ( ( ( للثمنية ) ) ) اصْطِلَاحًا فَيَخْتَصُّ بها فَقَطْ
قُلْت وهو قَرِيبٌ من الذي قَبْلَهُ
فَوَائِدُ
منها لَا يَضْمَنُ النُّقَّادُ ما أخطأوا ( ( ( أخطئوا ) ) ) على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه
زَادَ في الرِّعَايَةِ إذَا عُرِفَ حَذَقُهُ وَأَمَانَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ
وَقِيلَ يَضْمَنُونَ وَمِنْهَا إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْضٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(4/472)
وَقِيلَ إنْ كان عَمْدًا فَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا
وَغَصْبُهُ ليس بِقَبْضٍ
وفي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ إنْ قَبِلَهُ هل يَصِيرُ قَابِضًا أَمْ يُفْسَخُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ
وَكَذَا مُتَّهِبٌ بِإِذْنِهِ هل يَصِيرُ قَابِضًا فيه وفي غَصْبِ عَقَارٍ لو اسْتَوْلَى عليه وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِهِ صَارَ قَابِضًا
وَمِنْهَا يَصِحُّ قَبْضُهُ من غَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ في غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ
وَمِنْهَا لو غَصَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أو أَخَذَهُ بِلَا إذْنِهِ لم يَكُنْ قَبْضًا إلَّا مع الْمُقَاصَّةِ
فَائِدَةٌ يَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا عَقْدًا فَاسِدًا فَلَوْ فَعَلَا لم يُمْلَكْ بِهِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فيه من الطَّلَاقِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ
وَاعْتَرَضَهُ أَحْمَدُ الْحَرْبِيُّ في تَعْلِيقِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا
وَأَبْدَى بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ احْتِمَالًا بِنُفُوذِ الْإِقَالَةِ في الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَالطَّلَاقِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قال وَيُفِيدُ ذلك أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ لَا يُؤَثِّرُ انْتَهَى
قال في الْفَائِقِ قال شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ في الضَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ هذا الْمَعْرُوفُ من الْمَذْهَبِ
____________________
(4/473)
وقال بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ وَمِنْهُ خَرَّجَ بن الزَّاغُونِيِّ لَا يَضْمَنُهُ
وَيَأْتِي حُكْمُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في بَابِ الضَّمَانِ وَإِنْ كان هذا مَحَلَّهُ لِمَعْنًى ما
وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ على الصَّحِيحِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَأَبِي طَالِبٍ
وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى لَا الْقِيمَةِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي في الْكِتَابَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
وقال في الْفُصُولِ يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ وَالْأَصَحُّ بِقِيمَتِهِ كَمَغْصُوبٍ
وفي الْفُصُولِ أَيْضًا في أُجْرَةِ الْمِثْلِ في مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّهُ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا لم يَسْتَحِقَّ فيه الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ وهو الْقِيمَةُ كَذَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ انْتَهَى
وقال في الْمُغْنِي في تَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ أو يَضْمَنُ مثله يوم تَلَفِهِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فيه وفي عَارِيَّةٍ كَمَغْصُوبٍ وَقَالَهُ في الْوَسِيلَةِ
وَقِيلَ له حَبْسُ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ على قَبْضِ ثَمَنِهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُ زِيَادَتَهُ على الصَّحِيحِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَهُ مُطْلَقًا نَمَاؤُهُ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ قَبْضِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرْشُ نَقْصِهِ
وَقِيلَ هل أُجْرَتُهُ وَزِيَادَتُهُ مَضْمُونَةٌ أو أَمَانَةٌ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وقال في الصُّغْرَى وَنَمَاؤُهُ وَأُجْرَتُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِمَالِكِهِ
وَقِيلَ عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَنْفَعَةٍ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ بِقِيمَتِهِ وَزِيَادَتُهُ أَمَانَةٌ انْتَهَى
وَقَدَّمَ الضَّمَانَ أَيْضًا في الزِّيَادَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وقال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وفي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ
____________________
(4/474)
وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا إنْ سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَعِنْدَ أبي الْوَفَاءِ يَضْمَنُهُ انْتَهَى
وَيَضْمَنُهُ ضَارِبُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَحُكْمُهُ في الْوَطْءِ حُكْمُ الْغَاصِبِ إلَّا أَنَّهُ لَا حَدَّ عليه وَوَلَدُهُ حُرٌّ
قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ
قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَيُشْرَعُ إقَالَةُ النَّادِمِ وَهِيَ فَسْخٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا عن أبي بَكْرٍ
وَعَنْهُ إنَّهَا بَيْعٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
تَنْبِيهٌ يَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا بن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ وَغَيْرِهِ
منها إذَا تَقَايَلَا قبل الْقَبْضِ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قبل قَبْضِهِ فَيَصِحُّ على الْمَذْهَبِ وَلَا يَصِحُّ على الثَّانِيَةِ إلَّا على رِوَايَةٍ حَكَاهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ من بَائِعِهِ خَاصَّةً قبل الْقَبْضِ وقد تَقَدَّمَتْ وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ
ومنها ( ( ( ومنهما ) ) ) جَوَازُهَا في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَوَزْنٍ على الْمَذْهَبِ وَلَا يَصِحُّ على الثَّانِيَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بها ( ( ( به ) ) ) في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وحكي عن أبي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فيها من كَيْلٍ أو وَزْنٍ ثَانٍ على الرِّوَايَتَيْنِ جميعا وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن أبي بَكْرٍ
____________________
(4/475)
وَمِنْهَا إذَا تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ على الثَّمَنِ أو بِنَقْصٍ منه أو بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ لم تَصِحَّ الْإِقَالَةُ وَالْمِلْكُ بَاقٍ لِلْمُشْتَرِي على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَيْضًا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ قال في الْقَوَاعِدِ وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ على الثَّمَنِ وَنَقْصٍ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال وَعَنْهُ بِيعَ فَيَنْعَكِسُ ذلك إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ في وَجْهٍ وَيَكُونُ هذا الْمَذْهَبَ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
وَمِنْهَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ والمصالحة على الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَنْعَقِدُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وقال ما يَصْلُحُ لِلْحَلِّ لَا يَصْلُحُ لِلْعَقْدِ وما يَصْلُحُ لِلْعَقْدِ لَا يَصْلُحُ لِلْحَلِّ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ انْعِقَادُهَا بِذَلِكَ وَتَكُونُ مُعَاطَاةً قَالَهُ في الْفَوَائِدِ
وَمِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ شُرُوطِ الْبَيْعِ من مَعْرِفَةِ الْمُقَالِ فيه وَالْقُدْرَةِ على تَسْلِيمِهِ وَتَمْيِيزِهِ عن غَيْرِهِ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ذلك ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي في التَّفْلِيسِ
قال في الْقَوَاعِدِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي ما يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَصِحُّ مع غَيْبَةِ الْآخَرِ على الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ قال أَقِلْنِي ثُمَّ غَابَ فَأَقَالَهُ لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ يَصِحُّ على الْفَوْرِ
____________________
(4/476)
وقال بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْإِقَالَةُ لَمَّا افْتَقَرَتْ إلَى الرِّضَا وَقَفَتْ على الْعِلْمِ
وَمِنْهَا لو تَلِفَتْ السِّلْعَةُ فَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ على الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي
وَقِيلَ إنْ قِيلَ هِيَ فَسْخٌ صَحَّتْ وَإِلَّا لم تَصِحَّ
قال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وفي التَّلْخِيصِ وَجْهَانِ وقال أَصْلُهُمَا الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقَالَا وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ مَرْدُودًا
وَمِنْهَا صِحَّتُهَا بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا
وَمِنْهَا نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يُتَّبَعُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْقَاضِي هو لِلْمُشْتَرِي
قال بن رَجَبٍ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ على الْوَجْهَيْنِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ لِلْمُفْلِسِ
وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِرَدِّهِ مع أَصْلِهِ حَكَاهُ الْمَجْدُ عنه في شَرْحِهِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ النَّمَاءُ لِلْبَائِعِ على الْمَذْهَبِ مع ذِكْرِهِمَا أَنَّ نَمَاءَ الْعَيْبِ للمشترى
وَمِنْهَا لو بَاعَهُ نَخْلًا حَامِلًا ثُمَّ تَقَايَلَا وقد أَطْلَعَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَّبَعُ الْأَصْلُ سَوَاءٌ كانت مُؤَبَّرَةً أو لَا
وَعَلَى الثَّانِيَةِ إنْ كانت مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لم تَكُنْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ
وَمِنْهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يَثْبُتُ فيها على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ قال في التَّلْخِيصِ يَثْبُتُ فيها كَسَائِرِ الْعُقُودِ قال وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي لايثبت
____________________
(4/477)
وَمِنْهَا هل يُرَدُّ بِالْعَيْبِ فَعَلَى الثَّانِيَةِ له الرَّدُّ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَدَّ بِهِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَمِنْهَا الْإِقَالَةُ في الْمُسْلَمِ فيه قبل قَبْضِهِ فَقِيلَ يَجُوزُ الْإِقَالَةُ فيه على الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ على ذلك
وَقِيلَ يَجُوزُ على الْمَذْهَبِ لَا الثَّانِيَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في روايتيهما ( ( ( روايتهما ) ) ) وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وبن الزَّاغُونِيِّ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ السَّلَمِ
وَمِنْهَا لو بَاعَهُ جُزْءًا مَشَاعًا من أَرْضِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي وَلَا من حَدَثَ له شَرِكَةٌ في الْأَرْضِ قبل الْمُقَايَلَةِ شيئا من الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَثْبُتُ لهم
وَكَذَا لو بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ ثُمَّ عَفَا الْآخَرُ عن شُفْعَتِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَأَرَادَ الْعَافِي أَنْ يَعُودَ إلَى الطَّلَبِ فَلَيْسَ له ذلك على الْمَذْهَبِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ له ذلك
وَمِنْهَا لو اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا ثُمَّ تَقَايَلَاهُ قبل الطَّلَبِ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَسْقُطُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَسْقُطُ أَيْضًا وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ
وَقِيلَ يَسْقُطُ وهو الْمَنْصُوصُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي حَفْصٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ
وَمِنْهَا هل يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ أو الشَّرِيكُ الْإِقَالَةَ فِيمَا اشْتَرَيَاهُ فَالْأَكْثَرُونَ على أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِهَا عَلَيْهِمَا من الْمَصْلَحَةِ
وقال بن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من فُصُولِهِ على الْمَذْهَبِ لَا يَمْلِكُهَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَمْلِكُهَا
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الشَّرِكَةِ وَمِنْهَا هل يَمْلِكُ الْمُفْلِسُ بَعْدَ الْحَجْرِ الْمُقَايَلَةَ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَمْلِكُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَظْهَرُ يَمْلِكُهَا قَالَهُ بن رَجَبٍ
____________________
(4/478)
وَمِنْهَا لو وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ شيئا فَبَاعَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَمْتَنِعُ رُجُوعُ الْأَبِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ فيه وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا في الْفَوَائِدِ
وَيَأْتِي هذا هُنَاكَ
وَكَذَا حُكْمُ الْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ وَوَجَدَهَا بَائِعُهَا عِنْدَهُ وَيَأْتِي هذا في بَابِ الْحَجْرِ
وَمِنْهَا لو بَاعَ امة ثُمَّ أَقَالَهُ فيها قبل الْقَبْضِ فقال أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا على الثَّانِيَةِ وَلَا يَجِبُ على الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ فيها رِوَايَتَانِ من غَيْرِ بِنَاءٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ وبن بُخْتَانَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ قبل الْقَبْضِ وهو مُخْتَارُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ إنَاطَةً بِالْمِلْكِ وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ
وَنَصَّ في رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْإِقَالَةَ إنْ كانت بَعْدَ الْقَبْضِ والتصرف ( ( ( والتعرف ) ) ) وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِلَّا لم يَجِبْ
وكذلك حَكَى الرِّوَايَةَ الْقَاضِي وأبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي
وَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لم يَنْظُرْ إلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ إنَّمَا نَظَرَ لِلِاحْتِيَاطِ
قال وَالْعَجَبُ من الْمَجْدِ حَيْثُ لم يذكر قَيْدَ التَّفَرُّقِ مع وُجُودِهِ وَتَصْرِيحِ الْإِمَامِ بِهِ لَكِنَّهُ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِقَيْدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وهو بِنَاؤُهَا على الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ أَمَّا لو كانت الْإِقَالَةُ في بَيْعِ خِيَارٍ وَقُلْنَا لم يَنْتَقِلْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَجِبُ وَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ
ولم يَعْتَبِرْ الْمَجْدُ أَيْضًا الْقَبْضَ فِيمَا إذَا كان الْمُشْتَرِي لها امْرَأَةً بَلْ حَكَى فيه الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ وَخَالَفَ أَبَا مُحَمَّدٍ في تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَالرَّجُلِ
____________________
(4/479)
وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الذي فَرَّقَ فيه بين التَّفَرُّقِ وَعَدَمِهِ وَقَعَ في الرَّجُلِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ
وقال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ يَنْبَنِي على انْتِقَالِ الضَّمَانِ عن الْبَائِع وَعَدَمِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بن عَقِيلٍ
وَقِيلَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ مع تَحَقُّقِ الْبَرَاءَةِ من الْحَمْلِ هل يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ أَمْ لَا قال وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى
وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ أو لَأَبِيعَنَّ أو عَلَّقَ في الْبَيْعِ طَلَاقًا أو عِتْقًا ثُمَّ قال فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ تَرَتَّبَ عليه أَحْكَامُهُ من الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَإِلَّا فَلَا
قال بن رَجَبٍ وقد يُقَالُ الأثمان ( ( ( الأيمان ) ) ) تَنْبَنِي على الْعُرْفِ وَلَيْسَ في الْعُرْفِ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ
وَمِنْهَا لو بَاعَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا خَمْرًا وَقُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَقُلْنَا يَجِبُ له الثَّمَنُ فَأَقَالَ الْمُشْتَرِي فيها فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَوَائِدِ
وَمِنْهَا هل تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ أَنَّ خِيَارَ الْإِقَالَةِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ صَحَّتْ من الْوَرَثَةِ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَوَجْهَانِ
وَبَنَى في الْفُرُوعِ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ من الْوَرَثَةِ على الْخِلَافِ إن قُلْنَا فَسْخٌ لم تَصِحَّ منهم وَإِلَّا صَحَّتْ
وَمِنْهَا لو تَقَايَلَا في بَيْعٍ فَاسِدٍ ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَنُفُوذِهِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ حُكْمُهُ إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ فَحُكْمُهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ صَحِيحٌ
وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ لم يَنْفُذْ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَفَعَ بِالْإِقَالَةِ
____________________
(4/480)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفُذَ وَتُلْغَى الْإِقَالَةِ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ
وَمِنْهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ فقال في الِانْتِصَارِ لَا تَلْزَمُ مُشْتَرِيًا وَتَبْقَى بيده أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ وفي التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي يَضْمَنُهُ
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في مَعِيبٍ وفي ضَمَانِهِ النَّقْصَ خِلَافٌ في الْمُغْنِي
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ تَوَجَّهَ على مُشْتَرٍ
فَائِدَةٌ إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ بِإِقَالَةٍ أو خِيَارِ شَرْطٍ أو عَيْبٍ أو غَيْرِ ذلك فَهَلْ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ من حِينِهِ أو من أَصْلِهِ
قال الْقَاضِي في الْإِقَالَةِ في النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ إذَا قِيلَ إنَّهَا فَسْخٌ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَيُحْكَمُ بِأَنَّهَا فَسْخٌ من حِينِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في آخِرِ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَخَامِسُهَا أَنْ يَنْفَسِخَ مِلْكُ الْمُؤَجِّرِ وَيَعُودَ إلَى من انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ منه فَالْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ لآن فَسْخَ الْعَقْدِ رَفْعٌ له من حِينِهِ لَا من أَصْلِهِ انْتَهَى
وقال أبو الْحُسَيْنِ في تَعْلِيقِهِ وَالْفَسْخُ عِنْدَنَا رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وقال أبو حَنِيفَةَ من أَصْلِهِ انْتَهَى قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ من حِينِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَائِرِ الْفُسُوخِ
وقال في الْفُرُوعِ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى
وَاَلَّذِي رَأَيْنَا في الْمُغْنِي الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَرَفْعٌ له من أَصْلِهِ ذَكَرَهُ في الْإِقَالَةِ في السَّلَمِ
فَلَعَلَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ اطَّلَعَ على مَكَان غَيْرِ هذا أو هو كما قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ إنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ من حِينِهِ يَرْجِعُ إلَى الْعَقْدِ لَا إلَى الْفَسْخِ
____________________
(4/481)
قُلْت وهو بَعِيدٌ
وَصَرَّحَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ لو نَكَحَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ بِنَاءً على أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ من أَصْلِهِ انْتَهَى
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في خِلَافَيْهِمَا الْفَسْخُ بِالْعَيْبِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وَالْفَسْخُ بِالْخِيَارِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من أَصْلِهِ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ اللُّزُومَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِهَذَا يَمْنَعُ من التَّصَرُّفِ في الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْمَعِيبِ انْتَهَيَا
وَتَلَخَّصَ لنا في الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
ثَالِثُهَا فَرْقٌ بين الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ
____________________
(4/482)
بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ
قَوْلُهُ فَأَمَّا رِبَا الْفَضْلِ فَيَحْرُمُ في الْجِنْسِ الْوَاحِدِ من كل مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال هذا الْمَذْهَبُ
قال الشَّارِحُ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وبن أبي مُوسَى وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْقَاضِي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَشُيُوخُ أَصْحَابِنَا قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الاشهر عنه وَمُخْتَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ قال في الْفَائِقِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ فَعَلَيْهَا عِلَّةُ الرِّبَا في الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَوْنُهُمَا مَوْزُونَ جِنْسٍ وَعِلَّةُ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ الْمَنْصُوصِ عليها في الحديث كَوْنُهُنَّ مَكِيلَاتِ جِنْسٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْكَيْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِلَّةٌ وَالْجِنْسُ شَرْطٌ وقال أو اتِّصَافُهُ بِكَوْنِهِ مَكِيلَ جِنْسٍ هو الْعِلَّةُ وَفِعْلُ الْكَيَّالِ شَرْطٌ أو نَقُولُ الْكَيْلُ أَمَارَةٌ فَالْحُكْمُ على الْمَذْهَبِ إيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ مع ان الْأَصْلَ إبَاحَةُ بَيْعِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُطْلَقًا وَالتَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجُوزُ إسْلَامُ النقدى في الْمَوْزُونِ وَبِهِ بَطَلَتْ الْعِلَّةُ لِأَنَّ
____________________
(5/11)
كُلَّ شَيْئَيْنِ شَمِلَهُمَا إحْدَى عِلَّتَيْ رِبَا الْفَضْلِ يَحْرُمُ النَّسَاءُ فِيهِمَا وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَحْرُمُ سَلَمُهُمَا فيه وَلَا يَصِحُّ وَإِنْ صَحَّ فَلِلْحَاجَةِ تَنْبِيهٌ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يجرى الرِّبَا في كل مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ مَطْعُومًا كان أو غير مَطْعُومٍ كَالْحُبُوبِ وَالْأُشْنَانِ وَالنُّورَةِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالْحِنَّاءِ وَالْكَتَّانِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِ ذلك وَلَا يجرى في مَطْعُومٍ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَالْمَعْدُودَاتِ وَنَحْوِهَا وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا في الْجِنْسِ الْوَاحِدِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكُلُّ مَطْعُومٍ مُرَادُهُ مَطْعُومٌ لِلْآدَمِيِّ وهو وَاضِحٌ قال أبو بَكْرٍ رَوَى ذلك عن أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ في الْأَثْمَانِ الثَّمَنِيَّةُ وَفِيمَا عَدَاهَا كَوْنُهُ مَطْعُومَ جِنْسٍ فَتَخْتَصُّ بِالْمَطْعُومَاتِ وَيَخْرُجُ ما عَدَاهَا وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا في ذلك إذَا كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوَّاهَا الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ في الْأَثْمَانِ الثَّمَنِيَّةَ وفي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ كَوْنُهُنَّ مَطْعُومَ جِنْسٍ إذَا كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا فَلَا يَجْرِي الرِّبَا في مَطْعُومٍ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَنَحْوِهِ وَلَا فِيمَا ليس بِمَطْعُومٍ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْأُشْنَانِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ على الْمَذْهَبِ
فَوَائِدُ الْأُولَى قَوْلُنَا في الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ الْعِلَّةُ في الْأَثْمَانِ الثَّمَنِيَّةُ هِيَ عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ قال في الْفُرُوعِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بها في اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ وَنُقِضَتْ طَرْدًا بِالْفُلُوسِ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ وَعَكْسًا بالحلى وَأُجِيبَ بِعَدَمِ النَّقْدِيَّةِ الْغَالِبَةِ قال في الِانْتِصَارِ ثُمَّ يَجِبُ أَنْ يَقُولُوا إذَا نَفَقَتْ حتى لَا يُتَعَامَلَ إلَّا بها إن فيها الرِّبَا لِكَوْنِهَا ثَمَنًا غَالِبًا
____________________
(5/12)
قال في التَّمْهِيدِ من فَوَائِدِهَا رُبَّمَا حَدَثَ جِنْسٌ آخَرُ يُجْعَلُ ثَمَنًا فَتَكُونُ تِلْكَ عِلَّةً الثَّانِيَةُ رَجَّحَ بن عَقِيلٍ أَخِيرًا في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ الْأَعْيَانَ السِّتَّةَ الْمَنْصُوصَ عليها لَا تُعْرَفُ عِلَّتُهَا لِخَفَائِهَا فَاقْتَصَرَ عليها ولم يَتَعَدَّاهَا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُ في المغنى وهو مَذْهَبُ طَاوُسٍ وَقَتَادَةَ وَدَاوُد وَجَمَاعَةٍ الثَّالِثَةُ الْقَاعِدَةُ على غَيْرِ قَوْلِ بن عَقِيلٍ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اجْتَمَعَ فيه الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالطَّعْمُ من جِنْسٍ وَاحِدٍ فيه الرِّبَا رِوَايَةً وَاحِدَةً كَالْأَرُزِّ وَالدَّخَنِ وَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِيَّاتِ وَالدُّهْنِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِ ذلك وما عُدِمَ فيه الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَالطَّعْمُ أو اخْتَلَفَ جِنْسُهُ فَلَا رِبَا فيه رِوَايَةً وَاحِدَةً كَالتِّينِ وَالنَّوَى وَالْقَتِّ وَالطِّينِ إلَّا الأرمنى فإنه يُؤْكَلُ دَوَاءً فَيَكُونُ مَوْزُونًا مَأْكُولًا فَهُوَ من الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وما وُجِدَ فيه الطَّعْمُ وَحْدَهُ أو الْكَيْلُ أو الْوَزْنُ من جِنْسٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ قال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حِلُّهُ الرَّابِعَةُ لَا رِبَا في الْمَاءِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وعدم تموله عادة وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به منهم القاضي والمصنف وبن الْجَوْزِيِّ وَالسَّامِرِيُّ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ فَعَلَيْهَا قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ ليس بِمَكِيلٍ فَلَا يجرى فيه الرِّبَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَكِيلٌ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى من عُمُومِ كَلَامِهِمْ ويعايى ( ( ( ويعايا ) ) ) بها وَقِيلَ يجرى فيه الرِّبَا إنْ قِيلَ إنَّهُ مَكِيلٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْيَسُ جَرَيَانُ الرِّبَا فيه على رِوَايَةِ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا الطَّعْمُ قال وهو ظَاهِرُ ما في خِلَافِ أبي الْخَطَّابِ الصَّغِيرِ
____________________
(5/13)
وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ يَنْتَقِضُ بِلَحْمِ الطَّيْرِ وَبِالطِّينِ الأرمنى وَنَحْوِهِمَا وَبِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَمَوَّلُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا لَيْسَتْ الْمَالِيَّةَ الْخَامِسَةُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ دَاخِلَانِ على الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِيهِمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَّزَ بَيْعَ الْمَصُوغِ الْمُبَاحِ بِقِيمَتِهِ حَالًّا قُلْت وَعَمَلُ الناس عليه وَكَذَا جَوَّزَهُ نَسَاءً ما لم يَقْصِدْ كَوْنَهَا ثَمَنًا قال وَإِنَّمَا خَرَجَ عن الْقُرْبِ بِالصَّنْعَةِ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَإِلَّا فَجِنْسٌ بِنَفْسِهِ فَيُبَاحُ خُبْزٌ بِهَرِيسَةٍ وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا بَيْعَ مَوْزُونٍ ربوى بالتحرى لِلْحَاجَةِ السَّادِسَةُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ هل يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا يُوزَنُ بِصِنَاعَةٍ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ وَذَلِكَ كَالْمَعْمُولِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ وَكَالْمَعْمُولِ من الْمَوْزُونَاتِ كَالْخَوَاتِمِ وَالْأَسْطَالِ وَالْإِبَرِ وَالسَّكَاكِينِ وَالثِّيَابِ وَالْأَكْيِسَةِ وَنَحْوِ ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ فِيمَا لَا يَقْصِدُ وَزْنَهُ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ منهم بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ بِثَوْبَيْنِ وَكِسَاءٍ بِكِسَاءَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَأَصْلُ ذلك الْوَزْنُ ولم يُرَاعَ أَصْلُهُ
____________________
(5/14)
وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالتَّعْلِيقِ إنْ قَصَدَ وَزْنَهُ كالاسطال وَالْإِبْرَيْسَمِ وَنَحْوِهِمَا لم يَجُزْ التَّفَاضُلُ وَإِنْ لم يَقْصِدْ وَزْنَهُ كَالصُّوفِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِمَا جَازَ التَّفَاضُلُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ وهو أَوْجَهُ وَقَالَهُ في الْكَافِي في الْمَوْزُونِ وَقَطَعَ في الْمَنْسُوجِ من الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ أَنَّهُ لَا رِبَا فيه قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى هذه الْمَسْأَلَةِ يَخْرُجُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ قَدَّمَهُ في الحاوى الْكَبِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لو كانت نَافِقَةً هل يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فيها على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الحاوى الْكَبِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والوجة الثَّانِي يَجُوزُ قال الزَّرْكَشِيُّ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ كانت نَافِقَةً أو كَاسِدَةً بِيعَتْ بِأَعْيَانِهَا أو بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا وَجَزَمَ ابو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا مع نِفَاقِهَا لَا تُبَاعُ بِمِثْلِهَا إلَّا مُمَاثَلَةً مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا أَثْمَانٌ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ في مَعْمُولِ الْحَدِيدِ قال وَتُلَخَّصُ من ذلك في الْفُلُوسِ النَّافِقَةِ هل تجرى مَجْرَى الْأَثْمَانِ فيجرى الرِّبَا فيها إنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ في النَّقْدَيْنِ
____________________
(5/15)
الثَّمَنِيَّةُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما حَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ في جامعة الصَّغِيرِ أو لَا يجرى مَجْرَاهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ ما هو ثَمَنٌ غَالِبًا وَذَلِكَ يَخْتَصُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وهو قَوْلُ أبى الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الْكَبِيرِ على الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يجرى الرِّبَا فيها إلَّا إذَا اعْتَبَرْنَا أَصْلَهَا وَقُلْنَا الْعِلَّةُ في النَّقْدَيْنِ الْوَزْنُ كَالْكَاسِدَةِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ
قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ ما أَصْلُهُ الْكَيْلُ بِشَيْءٍ من جِنْسِهِ وَزْنًا وَلَا ما أَصْلُهُ الْوَزْنُ أَيْ بِشَيْءٍ من جِنْسِهِ كَيْلًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفَائِقِ وقال شَيْخُنَا يعنى بِهِ الشَّيْخَ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّ بَيْعَ الْمَكِيلِ بِجِنْسِهِ وَزْنًا شَاعَ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ من جَوَازِ بَيْعِ حَبٍّ بِدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ جَوَازُ بَيْعِ مَكِيلٍ وَزْنًا وَمُوزِنٍ كَيْلًا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بَاعَ مَكِيلًا بِمَوْزُونٍ أو مَوْزُونًا بِمَكِيلٍ فَهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ قَوْلًا وَاحِدًا وَنَصَّ عليه لَكِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَ الْمُجَازَفَةَ في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ الثَّانِيَةُ بَاعَ مَكِيلًا بِمَكِيلٍ أو مَوْزُونًا بِمَوْزُونٍ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وبن منجا في شَرْحِهِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(5/16)
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذلك جُزَافًا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وبن أبى مُوسَى والقاضى في الْمُجَرَّدِ والخلاف وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَحْرُمُ وهو أَظْهَرُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها قال بن أبى مُوسَى لَا خَيْرَ فِيمَا يُكَالُ بِمَا يُكَالُ جُزَافًا وَلَا فِيمَا يُوزَنُ بِمَا يُوزَنُ جُزَافًا اتَّفَقَتْ الْأَجْنَاسُ أو اخْتَلَفَتْ وَقَالَهُ الْقَاضِي وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْحَسَنِ بن ثَوَابٍ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ لَا يَجُوزُ قُلْت هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لَكِنْ لم يُنْقَلْ عن صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
قَوْلُهُ وَالْجِنْسُ ماله اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ نَصَّ عليه قال في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْأَبَازِيرُ جِنْسٌ تَنْبِيهٌ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ جِنْسَانِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ
قَوْلُهُ وَفُرُوعُ الْأَجْنَاسِ أَجْنَاسٌ كَالْأَدِقَّةِ وَالْأَخْبَازِ وَالْأَدْهَانِ وَكَذَا الْخُلُولُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ أَنَّ خَلَّ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(5/17)
وقال في التَّلْخِيصِ وفي الْخُلُولِ وَجْهَانِ قال الزَّرْكَشِيُّ وفي التَّلْخِيصِ الْخُلُولُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَا مُعَوَّلَ عليه انْتَهَى قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ الثَّانِي الذي في التَّلْخِيصِ مُوَافِقًا لِلرِّوَايَةِ وَخَرَجَ في النِّهَايَةِ من هذه الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأَدْهَانَ الْمَائِعَةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْفَاكِهَةَ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ جِنْسٌ فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِالْمَاءِ قُلْت فبعاني ( ( ( فيعايا ) ) ) بها وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ وَاللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وأبو الْحُسَيْنِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال بن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ اللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاعْتِبَارِ أُصُولِهِ على الْأَظْهَرِ وَعَنْهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي كَوْنَ هذه الرِّوَايَةِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ يَعْنِي أَنَّ فيه رِوَايَتَيْنِ هل هو أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ وهو الْمَذْهَبُ كَاللَّحْمِ أو جِنْسٌ وَاحِدٌ كَاللَّحْمِ سَوَاءٌ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
____________________
(5/18)
وقال بن عَقِيلٍ لَبَنُ الْبَقَرِ الْأَهْلِيَّةِ وَالْوَحْشِيَّةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ على الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا لِأَنَّ اسْمَ الْبَقَرِ يَشْمَلُهَا وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَنْهُ في اللَّبَنِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ أَيْضًا كَاللَّحْمِ ذكرها ( ( ( ذكرنا ) ) ) في الْمَذْهَبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ في اللَّحْمِ أَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ لَحْمُ الْأَنْعَامِ وَلَحْمُ الْوَحْشِ وَلَحْمُ الطَّيْرِ وَلَحْمُ دَوَابِّ الْمَاءِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي في روايتيه ( ( ( روايته ) ) ) وَحُمِلَ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ عليه وَضَعَّفَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وقال بن أبي مُوسَى لَا خِلَافَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ لَحْمَ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ جِنْسَانِ انْتَهَى وَعَنْهُ في اللَّحْمِ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ لَحْمُ الْأَنْعَامِ وَلَحْمُ الطَّيْرِ وَلَحْمُ دَوَابِّ الْمَاءِ قُلْت وهو ضَعِيفٌ فإن لَحْمَ الْوَحْشِ على هذه الرِّوَايَةِ لم يُذْكَرْ له حُكْمٌ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَحْمُ الْغَنَمِ جِنْسٌ وَاحِدٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ جِنْسَانِ ضَأْنٌ وَمَعْزٌ لِتَفْرِيقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَهُمَا وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الثَّانِيَةُ الشُّحُومُ وَالْأَكْبِدَةُ وَالْأَطْحِلَةُ وَالرِّئَاتُ وَالْجُلُودُ وَالْأَصْوَافُ وَالْعِظَامُ والرؤوس ( ( ( والرءوس ) ) ) وَالْأَكَارِعُ وَنَحْوُ ذلك مِمَّا اشْتَمَلَ عليه اللَّحْمُ يجرى فِيهِنَّ من الْخِلَافِ ما يجرى في اللَّحْمِ هل ذلك جِنْسٌ أو أَجْنَاسٌ أو أَرْبَعَةٌ أو ثَلَاثَةٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ وَاللَّحْمُ وَالشَّحْمُ وَالْكَبِدُ أَجْنَاسٌ
____________________
(5/19)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّحْمِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا أَعْلَمُ له وَجْهًا قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عنه وَلِهَذَا لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا حَنِثَ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ مَنَعَ الْقَاضِي منه لِكَوْنِ اللَّحْمِ لَا يَخْلُو عن شَحْمٍ لم يَصِحَّ لِأَنَّ الشَّحْمَ لَا يَظْهَرُ وَإِنْ كان فيه شَيْءٌ فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَلَا يُمْنَعُ الْبَيْعُ وَلَوْ مُنِعَ لِذَلِكَ لم يَجُزْ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ لِاشْتِمَالِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا على ما ليس من جِنْسِهِ ثُمَّ لَا يَصِحُّ هذا عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ السَّمِينَ الذي يَكُونُ مع اللَّحْمِ عِنْدَهُ لَحْمٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ اشْتِمَالُ اللَّحْمِ على الشَّحْمِ انتهيا ( ( ( انتهى ) ) )
فَوَائِدُ منها الْقُلُوبُ والرؤوس ( ( ( والرءوس ) ) ) وَالْأَطْحِلَةُ وَالرِّئَاتُ وَالْجُلُودُ وَالْأَصْوَافُ وَالْعِظَامُ وَالْأَكَارِعُ كَاللَّحْمِ والشحم وَالْكَبِدِ يَعْنِي كُلُّ وَاحِدٍ من ذلك جِنْسٌ غير اللَّحْمِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ الرُّءُوسُ من جِنْسِ اللَّحْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا وَمِنْهَا الْأَلْيَةُ وَالشَّحْمُ جِنْسَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/20)
وَقِيلَ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ كُلَّ ما هو أَبْيَضُ الْحَيَوَانِ يَذُوبُ بِالْإِذَابَةِ وَيَصِيرُ دُهْنًا فَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ قال وهو الصَّحِيحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمِنْهَا اللَّحْمُ الْأَبْيَضُ كَسَمِينِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبَيْنِ وَنَحْوِهِ هو وَاللَّحْمُ الْأَحْمَرُ الْخَالِصُ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْقَاضِي وبن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ جِنْسٌ وَاحِدٌ على الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ وَمِنْهَا حَكَى بن الْبَنَّا وبن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في جَوَازِ بَيْعِ اللِّبَأِ بِاللَّبَنِ وَجْهَيْنِ وَخَصَّهُمَا الْقَاضِي بِمَا مَسَّتْ النَّارُ أَحَدُهُمَا وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعِنْدَهُمَا مع صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَمَاثِلًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا وَلَا يَجُوزُ إنْ مَسَّتْ النَّارُ أَحَدَهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَجْهَ مَنْعِ بن الْبَنَّا على ما إذَا مَسَّتْ النَّارُ أَحَدَهُمَا وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقِيلَ يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ قال في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي أَنَّهُ جَائِزٌ وَاقْتَصَرَ عليه وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
____________________
(5/21)
وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال ذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ وَذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَمِنْهَا يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ أو السَّمْنِ بِالْمَخِيضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ يَجُوزَانِ بِهِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مُتَمَاثِلًا وَمُتَفَاضِلًا وَجَزَمَ به في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه في الزُّبْدِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ في بَيْعِ السَّمْنِ بِالْمَخِيضِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِشَيْءٍ منه من فُرُوعِ اللَّبَنِ كَاللِّبَأِ وَنَحْوِهِ وَسَوَاءٌ كان فيه شَيْءٌ من غَيْرِهِ أولا قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وقال هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالزُّبْدِ إذَا كان الزُّبْدُ الْمُنْفَرِدُ أَكْثَرَ من الزُّبْدِ الذي في اللَّبَنِ وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهِ مُتَفَاضِلًا وَمَنْعَ جَوَازِهِ مُتَمَاثِلًا قال الْقَاضِي وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَخْرُجُ على الْمَذْهَبِ قُلْت هذه الرِّوَايَةُ شَبِيهَةٌ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الذى في مُدِّ عَجْوَةٍ على ما يأتى قَرِيبًا وقد صَرَّحَ بِذَلِكَ في الْمُذْهَبِ وَالْحُكْمُ في السَّمْنِ كَالْحُكْمِ في الزُّبْدِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِسَمْنٍ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ بِزُبْدٍ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْمَخِيضِ نَصَّ عليه وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ من التي قَبْلَهَا قُلْت صَرَّحَ في الْمَذْهَبِ بها مِثْلَهَا وحكى الْخِلَافُ في الْكُلِّ وَمِنْهَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ سَوَاءٌ كان رَائِبًا أو
____________________
(5/22)
حَلِيبًا بِلَبَنٍ جَامِدٍ أو مَصْلٍ أو جُبْنٍ أو أَقِطٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ في غَيْرِ الْمَصْلِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ من جِنْسِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في ذلك وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَحْرُمُ إذَا كان الْحَيَوَانُ مَقْصُودَ اللَّحْمِ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وفي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خلافة الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ والوجة الثَّانِي يَجُوزُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَشَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو الْمَذْهَبُ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ ينبنى الْقَوْلَيْنِ على الْخِلَافِ في اللَّحْمِ هل هو جِنْسٌ أو أَجْنَاسٌ وَصَرَّحَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُمَا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجْنَاسٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ انْتَهَى
____________________
(5/23)
قُلْت قال في الْكَافِي وَإِنْ بَاعَ اللَّحْمَ بِحَيَوَانٍ مَأْكُولٍ غَيْرِ أَصْلِهِ وَقُلْنَا هُمَا أَصْلٌ وَاحِدٌ لم يَجُزْ وإلا ( ( ( إلا ) ) ) جَازَ وقال في المغنى احْتَجَّ من مَنَعَهُ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَبِأَنَّ اللَّحْمَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَنْ أجازة قال مَالُ الرِّبَا بَيْعٌ بِغَيْرِ أَصْلِهِ وَلَا جِنْسِهِ فَجَازَ كما لو بَاعَهُ بِالْأَثْمَانِ وقال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَعَنْهُ اللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ من جِنْسِهِ وفي غَيْرِهِ وَجْهٌ فبنى الْخِلَافُ على الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّحْمَ أَجْنَاسٌ وقال الشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الإختلاف مبنى على الِاخْتِلَافِ في اللَّحْمِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لم يَجُزْ وَإِنْ قُلْنَا أَجْنَاسٌ جَازَ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَوَائِدُ
الْأَوْلَى يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ جَازَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ جَازَ في ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَكَأَنَّهُمَا لم يَطَّلِعَا على نَقْلٍ فيه خَاصٍّ قال أبو الْخَطَّابِ وَلَا رِوَايَةَ فيه فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
وَصَرَّحَ بِالْجَوَازِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وبن الزَّاغُونِيِّ وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقِيلَ هو كَالْمَأْكُولِ جَزَمَ بِهِ بن عَقِيلٍ في التذكره وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُسْتَوْعِبِ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بمثله بِشَرْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَاب
____________________
(5/24)
قال الزَّرْكَشِيُّ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ إلَى الْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ إذَا كان رُطَبًا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَأْتِي قَرِيبًا بَيْعُ رَطْبَةٍ بِرَطْبَةٍ وهو شَامِلٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ نَزْعُ عَظْمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ اشترط ( ( ( اشتراط ) ) ) الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ في بَيْعِ اللَّحْمِ نَزْعَ الْعَظْمِ قال في الْفُرُوعِ وَيُعْتَبَرُ نَزْعُ عَظْمِهِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْإِيضَاحِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الحاوى الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ من غَيْرِ نَزْعِ عِظَامِهِ وَمَالُوا إلَى ذلك وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ الثَّالِثَةُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَسَلِ بِالْعَسَلِ تَصْفِيَتُهُ من ( ( ( مع ) ) ) الشَّمْعِ فَإِنْ لم يَصِفْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُدِّ عَجْوَةٍ على ما يأتى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ حَبٍّ بِدَقِيقٍ وَلَا بِسَوِيقِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ فَيُبَاعُ وَزْنًا اخْتَارَهَا في الْفَائِقِ وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَنْعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْكَيْلُ
فَوَائِدُ إحداها يَحْرُمُ بَيْعُ دَقِيقٍ بِسَوِيقِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/25)
قال في الرِّعَايَتَيْنِ يَجُوزُ على الْأَضْعَفِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَزْنًا قال في الْحَاوِيَيْنِ يَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقٍ بِسَوِيقِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خُبْزٍ بِحَبِّهِ وَلَا بدقيقة نَصَّ عليه مِرَارًا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا نَقَلَ بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ لِأَنَّ فيه مَاءً وَعَلَّلَهُ بن شِهَابٍ بِأَنَّهُمَا إذَا صَارَا خُبْزًا كان أَكْثَرَ من هذا وفي الْفُرُوعِ هُنَا كَلَامٌ مُحْتَمَلٌ فلم نَذْكُرْهُ الثَّالِثَةُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ حَبٍّ جَيِّدٍ بِمُسَوِّسٍ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ جَيِّدٍ بِحَبٍّ خَفِيفٍ قال بن عَقِيلٍ وَبَيْعُ عَفَنِهِ بِسَلِيمِهِ يُحْتَمَلُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَا أَصْلُهُ بِعَصِيرِهِ يعنى لَا يَجُوزُ كَزَيْتُونٍ بِزَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ مُهَنَّا في الزَّيْتُونِ يُكْرَهُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ قَوْلُهُ وَلَا خالصة بمشوبة وَكَذَا لَا يَجُوز مَشُوبُهُ بِمَشُوبِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَجُوزُ بَيْعُ ذلك والذى قَبْلَهُ على الرِّوَايَةِ التي في مد ( ( ( مدد ) ) ) عَجْوَةٍ وَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْخُلَاصَةِ جَوَازُ بَيْعِ خَالِصِهِ بِمَشُوبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَرُبَّمَا كان سَهْوًا قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ دقيقة بدقيقة إذَا اسْتَوَيَا في النُّعُومَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَ في التَّبْصِرَةِ عَدَمَ الْجَوَازِ
____________________
(5/26)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُبَاعُ بِالْكَيْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ أو وَزْنًا قَوْلُهُ ومطبوخة بمطبوخة يَعْنِي يَجُوزُ كاللبأ بمثله وَالْأَقْطِ بمثله وَالسَّمْنِ بمثله وما أَشْبَهَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ إنْ اسْتَوَيَا في عَمِلَ النَّارِ صَحَّ وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ
قَوْلُهُ وَخُبْزُهُ بِخُبْزِهِ هذا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ قال وفي الْمُبْهِجِ لَا يَجُوزُ فَطَيْرٌ بِخَمِيرٍ قَوْلُهُ إذَا اسْتَوَيَا في النِّشَافِ أو الرُّطُوبَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْحَاوِيَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَخُبْزُهُ بِخُبْزِهِ وَأَطْلَقَ وقال اسْتَوَيَا جَفَافًا وقال في الْفُرُوعِ وَخُبْزُهُ بِخُبْزِهِ ولم يَحْكِ خِلَافًا وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ قال في الْمَذْهَبِ يَجُوزُ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ وَإِنْ تَفَاوَتَا في الرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَلَعَلَّ هذا الْمَذْهَبَ
____________________
(5/27)
قَوْلُهُ وَعَصِيرُهُ بِعَصِيرِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَوْلُهُ وَرُطَبُهُ بِرُطَبِهِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وأبى الْخَطَّابِ وَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنَعَ منه بن شِهَابٍ وأبو حَفْصٍ العكبرى وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَالَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ في اللَّحْمِ بمثله قال في الْمُحَرَّرِ ولم يُجِزْهُ الْخِرَقِيُّ في اللَّحْمِ رُطَبًا وقال الْمُصَنِّفُ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ إبَاحَتُهُ هُنَا لِقَوْلِهِ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ من الرُّطَبِ بِيَابِسٍ من جِنْسِهِ فإن مَفْهُومَهُ جَوَازُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَتَقَدَّمَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ عِنْدَ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ وهو بَيْعُ الْحَبِّ في سنبلة بِجِنْسِهِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ الْحَبُّ في سُنْبُلِهِ وَأَطْلَقَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بَيْعَ الْمُحَاقَلَةِ هو ببيع ( ( ( بيع ) ) ) الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ في سُنْبُلِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُشْتَدًّا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ولم يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ
____________________
(5/28)
قَوْلُهُ وفي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَجَزَمَ في المغنى في بَابِ الرِّبَا عِنْدَ مَسْأَلَةِ والبر ( ( ( البر ) ) ) وَالشَّعِيرِ جِنْسَانِ الوجة الثَّانِي لَا يَصِحُّ تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وفي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ قال في الْفُرُوعِ وفي بَيْعِهِ بِمَكِيلٍ غَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ قال وَيَصِحُّ بِغَيْرِ مَكِيلٍ فَخَصَّ الْخِلَافَ بِالْمَكِيلِ وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَثَّلَ في الحاوى الصَّغِيرِ بِالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمَا بِالشَّعِيرِ وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ بِالْحَبِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَالْأَوَّلُ أَعَمُّ من الثَّانِي لِأَنَّ كُلَّ حَبٍّ مَكِيلٌ وَلَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ بِحَبٍّ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ في الْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِ فإنه دَاخِلٌ في الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي لِأَنَّهُ ليس بِحَبٍّ قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ الْمُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ في رؤوس النَّخْلِ بِالتَّمْرِ إلَّا في الْعَرَايَا وهو بَيْعُ الرُّطَبِ في رؤوس النَّخْلِ خَرْصًا بمثله من التَّمْرِ كَيْلًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِمَنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ وَلَا ثَمَنَ معه الْعَرَايَا التي يَجُوزُ بَيْعُهَا هِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ في رؤوس النَّخْلِ سَوَاءٌ كان
____________________
(5/29)
مَوْهُوبًا أو غَيْرُ مَوْهُوبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ التَّلْخِيصِ تَخْصِيصُ الْعَرَايَا بِالْهِبَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في رِوَايَةٍ سِنْدِيٍّ وبن الْقَاسِمِ الْعَرِيَّةُ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِلْجَارِ أو بن الْعَمِّ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ ما لَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَلِلْمَوْهُوبِ له أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا لِلرِّفْقِ قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ ذلك أَنْ يَكُونَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَجُوزُ في خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْأَوْسُقُ أَصْلًا فِيمَا إذَا كان المشترى هو الْوَاهِبَ إذَا كان يَشُقُّ عليه دُخُولُ الْمَوْهُوبِ له وَخُرُوجُهُ في بُسْتَانِهِ أو يَكْرَهُ الْمَوْهُوبُ له دُخُولَ بُسْتَانِ غَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَغْرَبَ بن الزَّاغُونِيِّ في ذلك وَلَا نَظِيرَ له قَوْلُهُ لِمَنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ وَلَا نِزَاعَ في ذلك وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ لو احْتَاجَ إلَى أَكْلِ التَّمْرِ وَلَا تَمْرَ معه إلَّا الرُّطَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له ذلك وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجُوزُ ذلك وَعَلَّلُوهُ فَقَالُوا جَوَازُ ذلك بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ
____________________
(5/30)
مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ لِحَاجَةِ التَّفَكُّهِ فَلِحَاجَةِ الِاقْتِيَاتِ أَوْلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَعَلَ بن عَقِيلٍ من صُوَرِ الْحَاجَةِ إذَا كانت مَوْهُوبَةً وَيَشُقُّ على الْوَاهِبِ دُخُولُ الْمَوْهُوبِ له وَخُرُوجُهُ أو يَكْرَهُ الْوَاهِبُ دُخُولَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ إذًا تَنْبِيهٌ يكتفى بِالْحَاجَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ من جِهَةِ الْبَائِعِ أو المشترى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن أبى بَكْرٍ وَالْقَاضِي اشْتِرَاطُ الْحَاجَةِ من جَانِبَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وهو الْمُقَدَّمُ عِنْدَ بن عَقِيلٍ قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ ما في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مع حَاجَةِ المشترى الْمُتَقَدِّمَةِ أَنْ يَشُقَّ على الْمَوْهُوبِ له الْقِيَامُ عليها فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو اشْتِرَاطُ حَاجَةِ المشترى وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ حَاجَةِ الْبَائِعِ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ أَكْثَرَ من مِائَةِ وَسْقٍ في عُقُودٍ متعدده بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ من الْبَائِعِ أو المشترى لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَرِيقَيْنِ من رَجُلَيْنِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قَوْلُهُ وَيُعْطِيهِ من التَّمْرِ مِثْلَ ما يؤول ( ( ( يئول ) ) ) إلَيْهِ ما في النَّخْلِ عِنْدَ الْجَفَافِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ رُطَبِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ
____________________
(5/31)
وقيل ( ( ( قيل ) ) ) إنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالزَّرْكَشِيِّ تَنْبِيهٌ تَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا شُرُوطٌ بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عليه وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فيه فَمِنْهَا كَوْنُهُ رُطَبًا على رؤوس النَّخْلِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ الذى على الْأَرْضِ بِتَمْرٍ وَمِنْهَا كَوْنُهَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ على الْمَذْهَبِ وَمِنْهَا كَوْنُهَا خَرْصًا لَا جُزَافًا وَمِنْهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ بِتَمْرٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا رُطَبًا وَمِنْهَا كَوْنُ التَّمْرِ الْمُشْتَرَى بِهِ كَيْلًا لَا جُزَافًا وَمِنْهَا كَوْنُ التَّمْرِ مِثْلَ ما حَصَلَ بِهِ الْخَرْصُ لَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ وَمِنْهَا الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ من الطَّرَفَيْنِ في مَجْلِسِ الْعَقْدِ نَصَّ عليه وَقَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَسَبِهِ ففي ( ( ( فقيد ) ) ) النَّخْلَةِ بِالتَّخْلِيَةِ وفي التَّمْرِ بِكَيْلِهِ فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَشَى إلَى الْآخَرِ فَسَلَّمَهُ جَازَ التَّبَايُعُ وَيَأْتِي إذَا تَرَكَ الرُّطَبَ حتى أَثْمَرَ في الْبَابِ الذي يَلِيهِ وَمِنْهَا الْحَاجَةُ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ أو التَّمْرِ على ما تَقَدَّمَ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مع المشترى نَقْدٌ يشترى بِهِ فَهَذِهِ تِسْعَةُ شُرُوطٍ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ في سَائِرِ الثِّمَارِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وتذكره بن عَبْدُوسٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ والوجة الثَّانِي يَجُوزُ قَالَهُ الْقَاضِي وهو مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قُلْت وهو الصَّوَابُ عِنْدَ من يتعاده ( ( ( يتعداه ) ) ) وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا
____________________
(5/32)
في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَجُوزُ في الْعِنَبِ وَحْدَهُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ في الْقِيَاسِ تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ في غَيْرِ التَّمْرِ قَوْلًا وَاحِدًا وهو كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَّزَ ذلك في الزَّرْعِ وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ بَيْعِ الْخُبْزِ الطرى بِالْيَابِسِ في بَرِّيَّةِ الْحِجَازِ وَنَحْوِهَا ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وزاد بَيْعُ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ نَظَرًا لِلْحَاجَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ جِنْسٍ فيه الرِّبَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَمَعَ أحدهما ( ( ( أحدها ) ) ) أو مَعَهُمَا من غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أو بِدِرْهَمَيْنِ أو بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمُوهُ وَنَصَرُوهُ وَيَأْتِي إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُدَّيْنِ من شَجَرَةٍ أو زَرْعٍ وَاحِدٍ أو الدِّرْهَمَيْنِ من نَقْدٍ وَاحِدٍ وَعَنْهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ من الذي معه غَيْرُهُ أو يَكُونُ مع كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا من غَيْرِ جِنْسِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في مَوَاضِعَ من كَلَامِهِ فَعَلَيْهَا يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ بِمُدٍّ وَدِرْهَمَيْنِ وَمُدَّيْنِ بِدِرْهَمٍ وَمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَمُدٍّ بِدِرْهَمٍ وَمُدٍّ وَمُدَّيْنِ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَعَكْسُهُ وَلَا يَجُوزُ دِرْهَمٌ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَلَا مُدٌّ بِدِرْهَمٍ وَمُدٍّ وَنَحْوِ ذلك وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ من يَشْتَرِطُ فِيمَا إذَا كان مع كل وَاحِدٍ من غَيْرِ جِنْسِهِ من الْجَانِبَيْنِ التساوى وَجَعَلَ كُلَّ جِنْسٍ في مُقَابَلَةِ جِنْسِهِ وهو أَوْلَى من جَعْلِ الْجِنْسِ في مُقَابَلَةِ غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا مع اخْتِلَافِهِمَا في الْقِيمَةِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ حِيلَةً على الرِّبَا
____________________
(5/33)
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على هذا الشَّرْطِ في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَلَا بُدَّ منه وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَجُوزُ إنْ لم يَكُنْ الذى معه مَقْصُودًا كَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ في فوائدة
فَأَمَّا إنْ كانت الْحِيلَةُ من غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ فإنه يَجُوزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ قال الْإِرْشَادِ وَهِيَ أَظْهَرُهُمَا لِأَنَّهُ لو اسْتَحَقَّ وَتَلِفَ لم يَدْرِ بِمَ يَرْجِعُ قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ لِلْأَصْحَابِ في الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُحَلَّى بِجِنْسِ حِلْيَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وفي بَيْعِهِ بِنَقْدٍ آخَرَ رِوَايَتَانِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِعَرَضٍ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وبن أبى مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وأبى مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ وأبى عبد اللَّهِ الْحُسَيْنِ الْهَمْدَانِيِّ في كِتَابِهِ الْمُقْتَدَى وَمِنْ هَؤُلَاءِ من جَزَمَ بِالْمَنْعِ من بَيْعِهِ بِنَقْدٍ من جِنْسِهِ وَغَيْرِ جِنْسِهِ كأبى بَكْرٍ وقال الشِّيرَازِيُّ الْأَظْهَرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُمْ من جَزَمَ بِالْجَوَازِ في بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كالتميمى وَمِنْهُمْ من حَكَى الْخِلَافَ كَابْنِ أبي مُوسَى
وَنَقَلَ البرزاطى ( ( ( البزراطي ) ) ) عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَشْهَدُ لِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ في حلى صُنِعَ من مِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ وَمِائَةٍ نُحَاسٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كُلِّهِ بِالْفِضَّةِ وَلَا بِالذَّهَبِ وَلَا بِوَزْنِهِ من الْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حتى تَخْلُصَ الْفِضَّةُ من النُّحَاسِ وَيَبِيعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ تَنْبِيهٌ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ من بَابِ تَوْزِيعِ الْأَفْرَادِ على الْجُمَلِ وَتَوْزِيعِ الْجُمَلِ على الْجُمَلِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ من بَابِ تَوْزِيعِ الْأَفْرَادِ على الْأَفْرَادِ فَائِدَتَانِ
____________________
(5/34)
إحْدَاهُمَا لِلْأَصْحَابِ في تَوْجِيهِ الْمَذْهَبِ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا وهو ما أَخَذَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ على شَيْئَيْنِ مختلفى الْقِيمَةِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ على قِيمَتِهِمَا وَهَذَا يُؤَدِّي هُنَا إمَّا إلَى تَعْيِينِ التَّفَاضُلِ وَإِمَّا إلَى الْجَهْلِ بالتساوى وَكِلَاهُمَا مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ في بَابِ الرِّبَا وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي أَنَّ ذلك مَمْنُوعٌ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الرِّبَا فإن اتِّخَاذَ ذلك حِيلَةٌ على الرِّبَا الصَّرِيحِ وَاقِعٌ كَبَيْعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ في كِيسٍ بِمِائَتَيْنِ جُعِلَا لِلْمِائَةِ في مُقَابَلَةِ الْكِيسِ وقد لَا يساوى دِرْهَمًا فَمُنِعَ من ذلك وَإِنْ كَانَا مَقْصُودَيْنِ حَسْمًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وفي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إيمَاءٌ إلَى هذا الْمَأْخَذِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَدِينَ من شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ أو من زَرْعٍ وَاحِدٍ وَأَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ من نَقْدٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ احْتِمَالَيْنِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ لِتَحَقُّقِ التساوى وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِجَوَازِ أَنْ يَغْلِبَ أَحَدُهُمَا قبل الْعَقْدِ فَيَقْبِضُ قِيمَتَهُ وَحْدَهُ وَصَحَّحَهُ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ قُلْت وهو الْمَذْهَبُ وَدَاخِلٌ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْقِيَاسَ الْأَوَّلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ الثَّانِيَةُ لو دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا وقال أعطنى بِنِصْفِ هذا الدِّرْهَمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَبِنِصْفِهِ فُلُوسًا أو حَاجَةً أُخْرَى جَازَ كما لو دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ وقال أعطنى بهذا الدِّرْهَمِ فُلُوسًا وَبِالْآخَرِ نِصْفَيْنِ وَكَذَا لو قال أعطنى بهذا الدِّرْهَمِ نِصْفًا وَفُلُوسًا جَازَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ منه كَدِينَارٍ قِرَاضَةً
____________________
(5/35)
وهو قَطْعُ الذَّهَبِ وَصَحِيحٌ بِصَحِيحَيْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ جَازَ وَكَذَا لو بَاعَ حِنْطَةً حَمْرَاءَ وَسَمْرَاءَ بِبَيْضَاءَ أو تَمْرًا بِرْنِيًّا وَمَعْقِلِيًّا بابراهيمى وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِب التَّرْغِيبِ قال في التَّلْخِيصِ وهو الْأَقْوَى عندى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَعِنْدَ الْقَاضِي هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا قال في الْقَوَاعِدِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَنَقَلَ بن الْقَاسِمِ إنْ كان نَقْدًا فَكَمُدِّ عَجْوَةٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَائِدَةٌ هذه الْمَسْأَلَةُ وَمَسْأَلَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَفُرُوعُهَا الرِّبَا فيها مَقْصُودٌ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِمَا أَمَّا إذَا كان الرِّبَا غير مَقْصُودٍ بالإصالة وَإِنَّمَا هو تَابِعٌ لِغَيْرِهِ فَهُوَ على ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا ما لَا يُقْصَدُ عَادَةً وَلَا يُبَاعُ مُفْرَدًا كَتَزْوِيقِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا ثَوْبٌ طِرَازُهُ ذَهَبٌ فَلَا يُمْنَعُ من الْبَيْعِ بِجِنْسِهِ بِالِاتِّفَاقِ الثَّانِي ما يُقْصَدُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ أَصْلًا لِمَالِ الرِّبَا كَبَيْعِ الْعَبْدِ ذِي الْمَالِ بِمَالٍ من جِنْسِهِ فَهَذَا له حُكْمٌ يأتى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الثَّالِثُ ما لَا يُقْصَدُ وهو تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وهو أَصْلٌ لِمَالِ الرِّبَا إذَا بِيعَ بِمَا فيه منه وهو ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُمْكِنَ إفْرَادُ التَّابِعِ بِالْبَيْعِ كَبَيْعِ نَخْلَةٍ عليها رُطَبٌ بِرُطَبٍ فَفِيهِ طَرِيقَانِ
____________________
(5/36)
أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ الثَّانِي الْجَوَازُ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ وبن بَطَّةَ وَالْقَاضِي في الْخِلَافِ
الضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ التَّابِعُ مِمَّا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ كَبَيْعِ شَاةٍ لَبُونٍ بِلَبَنٍ أو ذَاتِ صُوفٍ بِصُوفٍ وَبَيْعِ التَّمْرِ بِالنَّوَى وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ في بَيْعِ النَّوَى بِتَمْرٍ فيه نَوًى وَاللَّبَنِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ وَالصُّوفِ بِنَعْجَةٍ عليها صُوفٌ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ
إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمَذْهَبُ يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن أبى مُوسَى وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في خلافة وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أو صُوفٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَوًى بِتَمْرٍ بِنَوَاهُ
قال الشَّارِحُ على الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا على الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ يَنْزِلُ على ما إذَا كان الرِّبَوِيُّ مَقْصُودًا فَالْجَوَازُ على عَدَمِ الْقَصْدِ وقد صَرَّحَ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْقَصْدِ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَشَهِدَ له تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ بَيْعِ تَمْرٍ بِلَا نَوًى بِتَمْرٍ فيه النَّوَى وَإِنْ أَبَحْنَاهُ في عَكْسِهَا
____________________
(5/37)
وَقِيلَ يُبَاحُ كَالْعَكْسِ الثَّانِيَةُ قال بن رَجَبٍ وَاعْلَمْ أَنَّ هذه الْمَسَائِلَ مُنْقَطِعَةٌ عن مُدِّ عَجْوَةٍ فإن الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ فيها لَا يَتَقَيَّدُ بِزِيَادَةِ الْمُفْرَدِ على ما معه وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في بَيْعِ الْعَبْدِ الذى له مَالٌ بِمَالٍ دُونَ الذي معه وقال الْقَاضِي في خِلَافِهِ في مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَالنَّوَى بِالتَّمْرِ وَكَذَلِكَ الْمَنْعُ فيها عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من خَرَّجَهَا أو بَعْضَهَا على مَسَائِلِ مُدِّ عَجْوَةٍ فَفَرَّقَ بين أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ من الذي معه غَيْرُهُ أو لَا وقد صَرَّحَ بِهِ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ في مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ ذِي الْمَالِ
وَكَذَلِكَ حَكَى أبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً في بَيْعِ الشَّاةِ ذَاتِ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ بِالصُّوفِ وَاللَّبَنِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أَكْثَرَ مِمَّا في الشَّاةِ من جِنْسِهِ قال بن رَجَبٍ وَلَعَلَّ هذا مع قَصْدِ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِالْأَصَالَةِ وَالْجَوَازُ مع عَدَمِ الْقَصْدِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَإِنْ حُمِلَ على إطْلَاقِهِ فَهُوَ مُنَزَّلٌ على أَنَّ التَّبَعِيَّةَ هُنَا لَا عِبْرَةَ بها وَأَنَّ الرَّاوِيَ التَّابِعَ كَغَيْرِهِ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ
قَوْلُهُ وَالْمَرْجِعُ في الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ إلَى عُرْفِ أَهْلِ الْحِجَازِ في زَمَنِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الْمُجَرَّدِ وَمَرَدُّ الْكَيْلِ عُرْفُ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنِ عُرْفُ مَكَّةَ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/38)
قُلْت لو قِيلَ إنَّ عِبَارَاتِ الْأَوَّلِينَ مُطْلَقَةٌ وَهَذِهِ مُبَيِّنَةٌ لها وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا لَكَانَ مُتَّجَهًا ويقوى ذلك أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ جَزَمَ بِذَلِكَ مع كَثْرَةِ اطلاعه وقد اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ فَدَلَّ أَنَّ مُرَادَهُمْ ما قُلْنَاهُ وهو وَاضِحٌ لَكِنْ قال في الْفَائِقِ وَمَرْجِعُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ إلَى عُرْفِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَرَدَ في الْمُحَرَّرِ الْكَيْلُ إلَى الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ إلَى مَكَّةَ زَمَنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَحَكَى في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْخِلَافَ فَظَاهِرُهُمَا التَّغَايُرُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُمَا حَكَيَا عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ قَوْلُهُ وما لَا عُرْفَ لهم بِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي في التَّعْلِيقِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ عُرْفُهُ في مَوْضِعِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وتذكره بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَقَدِمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ بِالْحِجَازِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَقِيلَ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ بِالْحِجَازِ في الْوَزْنِ لَا غير فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اخْتَلَفَ عُرْفُ الْبِلَادِ فَالِاعْتِبَارُ بِالْغَالِبِ فَإِنْ لم يَكُنْ غَالِبٌ تَعَيَّنَ الْوَجْهُ الثَّانِي
____________________
(5/39)
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي إنْ تَعَذَّرَ رَجَعَ إلَى عُرْفِ بَلَدِهِ قَالَهُ في الحاوى وَغَيْرِهِ فَوَائِدُ
إحْدَاهَا الْمَائِعُ كُلُّهُ مَكِيلٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالْأَدْهَانُ وَالزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ وَالْعَسَلُ وَالدِّبْسُ وَالْخَلُّ وَاللَّبَنُ وَنَحْوُهُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الظَّاهِرُ أنها مَكِيلَةٌ قال الْقَاضِي الْأَدْهَانُ مَكِيلَةٌ وفي اللَّبَنِ يَصِحُّ السَّلَمُ فيه كَيْلًا
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إلَّا في اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ فإنه أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَقَدَّمَ في مَوْضِعٍ أَنَّ اللَّبَنَ مَكِيلٌ وقال الزُّبْدُ مَكِيلٌ وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن السَّلَفِ في اللَّبَنِ فقال نعم كَيْلًا أو وَزْنًا وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَنَّ الدُّهْنَ وَاللَّبَنَ مَكِيلٌ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُبَاعُ السَّمْنُ بِالْوَزْنِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُبَاعَ بِالْكَيْلِ وَجَزَمَا بِأَنَّ الزُّبْدَ مَوْزُونٌ وَجَعَلَ في الرَّوْضَةِ الْعَسَلَ مَوْزُونًا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْخُبْزُ إذَا يَبِسَ وَدُقَّ وَصَارَ فَتِيتًا بِيعَ كَيْلًا وقال بن عَقِيلٍ فيه وَجْهٌ يُبَاعُ بِالْوَزْنِ انْتَهَى وَالدَّقِيقُ مَكِيلٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَزْنًا وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا وَأَصْلُهُ مَكِيلٌ كَالْخُبْزِ وَتَقَدَّمَ ذلك عِنْدَ جَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ الثَّانِيَةُ من جُمْلَةِ الْمَوْزُونِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ الْأَصْفَرُ وَالرَّصَاصُ وَالزِّئْبَقُ وَالْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالْحَرِيرُ وَالْقَزُّ وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالْوَبَرُ وَالْغَزْلُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالزُّجَاجُ وَاللَّحْمُ وَالشَّحْمُ وَالشَّمْعُ وَالزَّعْفَرَانُ وَالْعُصْفُرُ وَالْوَرْسُ وَالْخُبْزُ وَالْجُبْنُ وما أَشْبَهَهُ وَمِنْ ذلك الْبُقُولُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالتُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى وَالْخَوْخُ وَالْإِجَّاصُ وَكُلُّ فَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
____________________
(5/40)
وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَكِيلِ كُلُّ حَبٍّ وَبِزْرٍ وَأَبَازِيرَ وَجَصٍّ وَنَوْرَةٍ وَأُشْنَانَ وما أَشْبَهَهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ ثَمَرِ النَّخْلِ من الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ وَغَيْرِهِمَا وَسَائِرِ ما فيه الزَّكَاةُ من الثِّمَارِ كَالزَّبِيبِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَاللَّوْزِ وَالْعُنَّابِ وَالْمِشْمِشِ وَالزَّيْتُونِ وَالْبُطْمِ وَالْبَلَحِ وما أَشْبَهَهُ الثَّالِثَةُ قال في النِّهَايَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ يَجُوزُ التَّعَامُلُ بِكَيْلٍ لم يَعْهَدْ
قَوْلُهُ وَأَمَّا رِبَا النَّسِيئَةِ فَكُلُّ شَيْئَيْنِ ليس أَحَدُهُمَا ثَمَنًا عِلَّةُ رِبَا الْفَضْلِ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ كَالْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ لَا يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا وَإِنْ تَفَرَّقَا قبل الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فَيُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ في الْمَجْلِسِ في ذلك نَصَّ عليه فَيَحْرُمُ مُدَبَّرٌ بِجِنْسِهِ أو بِشَعِيرٍ وَنَحْوِهِمَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ فَائِدَةٌ لو صَرَفَ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ بِذَهَبٍ أو فِضَّةٍ لم يَجُزْ النَّسَاءُ فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ الْجَوَازَ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ وَذَكَرَهُ رِوَايَةً قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ قُلْنَا هِيَ عُرُوضٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا قال في الْمَذْهَبِ يَجُوزُ إسْلَامُ الدَّرَاهِمِ في الْفُلُوسِ إذَا لم تَكُنْ ثَمَنًا وَلَا يَجُوزُ إذَا كانت ثَمَنًا
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ مَكِيلًا بِمَوْزُونٍ جَازَ التَّفَرُّقُ قبل الْقَبْضِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا جَازَ رِوَايَةً وَاحِدَةً
____________________
(5/41)
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَعْرُوفُ عِنْدَ كَثِيرٍ من الْمُتَأَخِّرِينَ قال في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ جَازَ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ فإنه قال وما كان من جِنْسَيْنِ فَجَائِزٌ التَّفَاضُلُ فيه يَدًا بِيَدٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قَوْلُهُ وفي النَّسَاءِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبُ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي والمغنى وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا في الْعِلَّةِ أو كان أَحَدُهُمَا غير ربوى وَأَطْلَقَ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ فِيمَا إذَا كان أَحَدُ الْمَبِيعِينَ غير رِبَوِيٍّ كَالْمَكِيلِ أو الْمَوْزُونِ بِالْمَعْدُودِ رِوَايَتَيْنِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ هُنَا الصِّحَّةُ
قَوْلُهُ وما لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ بِيعَ بِجِنْسِهِ أو بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا أو مُتَفَاضِلًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُصَنِّفُ
____________________
(5/42)
وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي إنْ كان مَطْعُومًا حَرَّمَ النَّسَاءَ وَإِنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا وهو مبنى على أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّعْمُ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ لَا يَجُوزُ النَّسَاءُ في كل مَالٍ بِيعَ بِآخَرَ سَوَاءٌ كان من جِنْسِهِ أو لَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبى مُوسَى قال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ فعليها ( ( ( فعليهما ) ) ) عِلَّةُ النَّسَاءِ الْمَالِيَّةُ وَضَعَّفَ الْمُصَنِّفُ هذه الرِّوَايَةَ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لو ( ( ( ولو ) ) ) بَاعَ عَرَضًا بِعَرَضٍ وَمَعَ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَالْعُرُوضُ نَقْدًا وَالدَّرَاهِمُ نَسِيئَةً جَازَ وَإِنْ كان بِالْعَكْسِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ يفضى إلَى النَّسِيئَةِ في الْعُرُوضِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا يَجُوزُ في الْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ وَيَجُوزُ في الْجِنْسَيْنِ كَالثِّيَابِ بِالْحَيَوَانِ فَالْجِنْسُ أَحَدُ صفتى الْعِلَّةِ فَأَثَرَ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ يَجُوزُ النَّسَاءُ إلَّا فِيمَا بِيعَ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالزَّرْكَشِيِّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْجِنْسُ شَرْطٌ مَحْضٌ فلم يُؤَثِّرْ قِيَاسًا على كل شَرْطٍ كَالْإِحْصَانِ مع الزنى
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يَحْرُمُ فَإِنْ كان مع أَحَدِهِمَا نَقْدٌ فَإِنْ كان وَحْدَهُ نَسِيئَةً جَازَ وَإِنْ كان نَقْدًا وَالْعِوَضَانِ أو أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً لم يَجُزْ نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/43)
وفي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَحْرُمُ بِأَفْضَلَ من جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وهو بَيْع الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قال في التَّلْخِيصِ له صُوَرٌ منها بَيْعُ ما في الذِّمَّةِ حَالًّا من عُرُوضٍ أو أَثْمَانٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ مِمَّنْ هو عليه وَمِنْهَا جَعْلُ رَأْسِ مَالِ السهم ( ( ( السلم ) ) ) دَيْنًا وَمِنْهَا لو كان لِكُلِّ وَاحِدٍ من اثْنَيْنِ دَيْنٌ على صَاحِبِهِ من غَيْرِ جِنْسِهِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَصَادَقَا ولم يَحْضُرَا شيئا فإنه لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَا حَالَيْنِ أو مُؤَجَّلَيْنِ نَصَّ عليه فِيمَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ الْجَوَازَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا جَازَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وكان الْعَيْنُ بِالدَّيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عن ذلك وَذَكَرَ الْقَاضِي فيه وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الرِّعَايَةِ الْأَظْهَرُ لَا يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ
والوجة الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَهِيَ من مَسَائِلِ الْمُقَاصَّةِ وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَذْكُرْهَا هُنَا وقد ذَكَرَ في كِتَابِ الصَّدَاقِ ما يَدُلُّ عليها في قَوْلِهِ وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا أو نِصْفُهُ إنْ كان قبل الدُّخُولِ إلَى ثَمَنِهِ فَنَذْكُرُهَا في آخِرِ السَّلَمِ وَالْخِلَافُ فيها كما ذَكَرَهَا كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ هُنَاكَ
____________________
(5/44)
قَوْلُهُ في الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ في الْجَمِيعِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في الصَّرْفِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وفي الْآخَرِ يَبْطُلُ فِيمَا لم يَقْبِضْ وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُمَا مبنيان ( ( ( مبينان ) ) ) عِنْدَ الْأَصْحَابِ على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وقد عَلِمْت فِيمَا مَضَى الْمَذْهَبُ في ذلك
قَوْلُهُ وَإِنْ تَصَارَفَا ثُمَّ افْتَرَقَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا ما قَبَضَهُ رَدِيئًا فَرَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وفي الْأُخْرَى إنْ قَبَضَ عِوَضَهُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ لم يَبْطُلْ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَصَارَفَا وَوَجَدَا أو أَحَدُهُمَا بِمَا قَبَضَهُ عَيْبًا أو غَصْبًا فَتَارَةً يَكُونُ الْعَقْدُ قد وَقَعَ على عَيْنَيْنِ وَتَارَةً يَكُونُ في الذِّمَّةِ فَإِنْ كان قد وَقَعَ على عَيْنَيْنِ فَتَارَةً يَكُونُ الْعَيْبُ من جِنْسِهِ وَتَارَةً يَكُونُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كان من غَيْرِ جِنْسِهِ فَتَارَةً يَكُونُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ وَإِنْ كان من جِنْسِهِ فَتَارَةً أَيْضًا يَكُونُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ قد وَقَعَ في الذِّمَّةِ فَتَارَةً يَكُونُ الْعَيْبُ من غَيْرِ جِنْسِهِ وَتَارَةً يَكُونُ من جِنْسِهِ فَإِنْ كان من غَيْرِ جِنْسِهِ فَتَارَةً يَكُونُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ وَإِنْ كان من جِنْسِهِ فَتَارَةً أَيْضًا يَكُونُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ كما قُلْنَا فِيمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ على عَيْنَيْنِ فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ على عَيْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا كان في الذِّمَّةِ
____________________
(5/45)
وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ تَارَةً تَكُونُ الْمُصَارَفَةُ فيها من جِنْسٍ وَاحِدٍ وَتَارَةً تَكُونُ من جِنْسَيْنِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ مَسْأَلَةً فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ على عَيْنَيْنِ من جِنْسَيْنِ وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ يَعْلَمَانِهِ أو إخْبَارِ صَاحِبِهِ وكان الْعَيْبُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كان قبل التَّفَرُّقِ أو بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الْمُصَنِّفُ كَقَوْلِهِ بِعْتُك هذا الْبَغْلَ فإذا هو حِمَارٌ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيَقَعُ لَازِمًا قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا مُعَوَّلَ عليها وَعَنْهُ له رَدُّهُ وَأَخْذُ الْبَدَلِ وقال في الْقَوَاعِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ بِمَا في الدِّينَارِ من الذَّهَبِ بِقِسْطِهِ من الْبَيْعِ وَيَبْطُلُ في الْبَاقِي وللمشترى الْخِيَارُ لِتَبْعِيضِ الْمَبِيعِ عليه قُلْت وهو قوى في النَّظَرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ ظاهرة سَوَاءٌ كان الْعَيْبُ كَثِيرًا أو يَسِيرًا وهو كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْحُسَيْنِ التَّمِيمِيِّ في خِصَالِهِ إنْ كان الْعَيْبُ يَسِيرًا من غَيْرِ جِنْسِهِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ بن رَجَبٍ وما هو بِبَعِيدٍ وَإِنْ وَقَعَ على عَيْنَيْنِ من جِنْسَيْنِ وَالْعَيْبُ من جِنْسِهِ وَقُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَتَارَةً يَكُونُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ فَإِنْ كان قبل التَّفَرُّقِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمَا قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وقال في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ يَبْطُلُ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٍ وبن الْحَكَمِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ له قَبُولُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ من غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ وَهَذَا الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَيْضًا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو في بَعْضِ نُسَخِ الحرقي ( ( ( الخرقي ) ) )
____________________
(5/46)
وقال في الْقَوَاعِدِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ ما أَوْرَدَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ مَذْهَبًا وَإِحْدَى نُسَخِ الْخِرَقِيِّ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مُطْلَقًا وَإِنْ كان بَعْدَ التَّفَرُّقِ عن مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ ما لو كان قبل التَّفَرُّقِ على ما تَقَدَّمَ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ لَا فَرْقَ بين الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ وَقَيَّدَهُ في الْوَجِيزِ بِالْمَجْلِسِ وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَظُنُّهُ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وفي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ يَبْطُلُ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٍ وبن الْحَكَمِ كما تَقَدَّمَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ له قَبُولُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ وَيَكُونُ من غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ كَبَيْعِ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَيَجِدُ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ دِرْهَمًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ من جِنْسِ الثَّمَنِ كما تَقَدَّمَ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ له رَدَّهُ سَوَاءٌ ظَهَرَ على الْعَيْبِ في الْمَجْلِسِ أو بَعْدَهُ وَلَا بَدَلَ له لِأَنَّهُ يَأْخُذُ ما لم يَشْتَرِهِ إلَّا على رِوَايَةِ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ عن أَحْمَدَ أَنَّ له رَدَّهُ وَبَدَلَهُ ولم يُفَرِّقْ في الْعَيْبِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ في الذِّمَّةِ على جِنْسَيْنِ وكان الْعَيْبُ من جِنْسِهِ فَتَارَةً يَجِدُهُ قبل التَّفَرُّقِ وَتَارَةً بَعْدَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ قبل التَّفَرُّقِ فَالصَّرْفُ صَحِيحٌ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَدَلِ وَلَهُ الْإِمْسَاكُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ في الْجِنْسَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِأَنَّ له الْمُطَالَبَةَ بِالْبَدَلِ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَالصَّرْفُ أَيْضًا صَحِيحٌ ثُمَّ هو مُخَيَّرٌ بين الرَّدِّ
____________________
(5/47)
وَالْإِمْسَاكِ فَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَعَنْهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ وَلَهُ الْبَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْخَلَّالِ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّارِحُ وبن منجا في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى رِوَايَةً ثَالِثَةً أَنَّ الْبَيْعَ قد لَزِمَ قال وَهِيَ بَعِيدَةٌ فَعَلَى الْأُولَى إنْ وَجَدَ الْبَعْضُ رَدِيئًا فَرَدَّهُ بَطَلَ فيه وفي الْبَقِيَّةِ روايتا ( ( ( روايتان ) ) ) تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالْمُصَنِّفِ أَطْلَقَ هُنَا الْوَجْهَيْنِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ له بَدَلُ الْمَرْدُودِ في مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَلَهُ ذلك بِلَا رَيْبٍ لَكِنْ إنْ طَلَبَ معه الْأَرْشَ فَلَهُ ذلك في الْجِنْسَيْنِ على الرِّوَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمُحَقَّقُ وقال أَيْضًا وقال أبو مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ له الْأَرْشُ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى انْتَهَى وإن كان الْعَيْبُ من غَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا إذَا كَانَا جِنْسَيْنِ فَإِنْ كان قبل التَّفَرُّقِ رَدَّهُ وَأَخَذَ بَدَلَهُ وَالصَّرْفُ صَحِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبى الْخَطَّابِ وقال صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ الصَّرْفُ فَاسِدٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو وُجِدَ الْعَيْبُ في الْبَعْضِ فَبَعْدَ التَّفَرُّقِ يَبْطُلُ فيه وفي غَيْرِ الْمَعِيبِ روايتا ( ( ( روايتان ) ) ) تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ بِبَدَلِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فُسِخَ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(5/48)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمُحَقَّقُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ عِنْدِي انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَأَجْرَى الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ فيه قال في الْفُرُوعِ وَجَمَاعَةٌ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا كان الْعَيْبُ من الْجِنْسِ إحْدَاهُمَا بُطْلَانُ الْعَقْدِ بِرَدِّهِ وَالثَّانِيَةُ لَا يَبْطُلُ وَبَدَلُهُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَهُ فَمُجَرَّدُ وُجُودِ الْعَيْبِ من غَيْرِ الْجِنْسِ عِنْدَهُمَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ لَا يَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا عَكْسُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ
تَنْبِيهٌ هذه الْأَحْكَامُ التي ذُكِرَتْ فِيمَا إذَا كانت الْمُصَارَفَةُ في جِنْسَيْنِ وَحُكْمُ ما إذَا كانت من جِنْسٍ وَاحِدٍ حُكْمُ ما إذَا كانت من جِنْسَيْنِ إلَّا في أَخْذِ الْأَرْشِ فإنه لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ من جِنْسِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كما تَقَدَّمَ وَقِيلَ يَجُوزُ قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَلَا وَجْهَ له ويأتى ذلك قَرِيبًا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السَّلَمِ التى ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا فيأتى حُكْمُهَا في بَابِ السَّلَمِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ السَّادِسِ
فَوَائِدُ إحْدَاهَا يَجُوزُ اقْتِضَاءُ نَقْدٍ من آخَرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وبن مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَيُؤْخَذُ ذلك من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ في آخِرِ الْإِجَارَةِ وإذا اكْتَرَى بِدَرَاهِمَ وَأَعْطَاهُ عنها دَنَانِيرَ
____________________
(5/49)
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْضُرَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ في الذِّمَّةِ مُسْتَقِرٌّ يسعر ( ( ( بسعر ) ) ) يَوْمِهِ نَصَّ عليه وَيَكُونُ صَرْفًا بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وقال تَوَقَّفَ أَحْمَدُ
أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ قال في الْوَجِيزِ حَالًّا الثَّانِيَةُ لو كان له عِنْدَ رَجُلٍ ذَهَبٌ فَقَبَضَ منه دَرَاهِمَ مِرَارًا فَإِنْ كان يُعْطِيهِ كُلَّ دِرْهَمٍ بِحِسَابِهِ من الدِّينَارِ صَحَّ نَصَّ عليه وَإِنْ لم يَفْعَلْ ذلك ثُمَّ تَحَاسَبَا بَعْدُ فَصَارَفَهُ بها وَقْتَ الْمُحَاسَبَةِ لم يَجُزْ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وإن كان في ذِمَّتَيْهِمَا فَاصْطَرَفَا فَنَصُّهُ لَا يَصِحُّ وَخَالَفَ شَيْخُنَا انْتَهَى الثَّالِثَةُ مَتَى صَارَفَهُ وَتَقَابَضَا جَازَ له الشِّرَاءُ منه من جِنْسِ ما أَخَذَ منه بِلَا مُوَاطَأَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُكْرَهُ في الْمَجْلِسِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنَعَهُ بن أبى مُوسَى إلَّا أَنْ يمضى لِيُصَارَفَ غَيْرَهُ فلم يَسْتَقِمْ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ ما يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يمضى فلم يَجِدْ وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ من غَيْرِهِ أَعْجَبَ إلى قَوْلُهُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ في الْعَقْدِ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ حتى أَنَّ الْقَاضِيَ في تَعْلِيقِهِ أَنْكَرَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ في ذلك في الْمَذْهَبِ وَالْأَكْثَرُونَ أَثْبَتُوهُ
____________________
(5/50)
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ عن احمد في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْمُعَوَّلُ عليه عِنْدَ الْأَصْحَابِ كَافَّةً انْتَهَى وَعَنْهُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا قَوْلُهُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ في الْعَقْدِ يعنى في جَمِيعِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وهو وَاضِحٌ الثَّانِي لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بَعْضَهَا منها على الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَإِنْ خَرَجَتْ مَغْصُوبَةً بَطَلَ الْعَقْدُ وَيُحْكَمُ بِمِلْكِهَا للمشترى بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ فَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيها وَإِنْ تَلْفِت فَمِنْ ضَمَانِهِ وَإِنْ وَجَدَهَا مَعِيبَةً من غَيْرِ جِنْسِهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ كان الْعَيْبُ من جِنْسِهَا وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا خُيِّرَ بين الْفَسْخِ وَالْإِمْسَاكِ بِلَا أَرْشٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وإذا وَقَعَ الْعَقْدُ على مِثْلَيْنِ كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِجَوَازِ أَخْذِ الْأَرْشِ في الْمَجْلِسِ قال الْمُصَنِّفُ وَلَا وَجْهَ له قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ وَإِنْ كان الْعَقْدُ وَقَعَ على غَيْرِ مِثْلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ في الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَلَا وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَغَيْرِهِ قال بن منجا فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا على ما إذَا كان الْعَقْدُ مُشْتَمِلًا على الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ من الطَّرَفَيْنِ انْتَهَى
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ في هذا التَّفْرِيعِ فَإِنْ أَمْسَكَ فَلَهُ الْأَرْشُ إلَّا في صَرْفِهَا بِجِنْسِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ أَجْرَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ في الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/51)
وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُمْسِكَ وَيُطَالِبَ بِالْأَرْشِ وهو لأبى الْخَطَّابِ قال الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقَ التَّخْرِيجَ فَدَخَلَ في كَلَامِهِ الْجِنْسُ وَالْجِنْسَانِ وفي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ انْتَهَى وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ له إبْدَالُهَا مع عَيْبٍ وَغَصْبٍ وَلَا يَمْلِكُهَا المشترى إلَّا بِقَبْضِهَا وَهِيَ قَبْلَهُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَإِنْ تَلِفَتْ فَمِنْ ضَمَانِهِ وَمِنْهَا لو بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ وَتَشَاحَّا في التَّسْلِيمِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ إلَيْهِمَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ هو كما لو بَاعَهُ بِنَقْدٍ في الذِّمَّةِ يعنى أَنَّهُ يُجْبَرُ الْبَائِعُ على التَّسْلِيمِ أَوَّلًا ثُمَّ يُجْبَرُ المشترى على تَسْلِيمِ الثَّمَنِ على ما تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْبَابِ قَبْلَهُ في آخِرِ فَصْلِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُحَرَّرًا وَمِنْهَا لو بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ حَالَةَ الْعَقْدِ وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَبِهِ عَيْبٌ وَادَّعَى أَنَّهُ الذى دَفَعَهُ إلَيْهِ المشترى وَأَنْكَرَ المشترى فَفِيهِ طَرِيقَانِ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في الْعَيْبِ هل كان عِنْدَ الْبَائِعِ أو حَدَثَ عِنْدَ المشترى فَلْيُعَاوَدْ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الرِّبَا بين الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ في دَارِ الْحَرْبِ كما يَحْرُمُ بين الْمُسْلِمِينَ في دَارِ الْإِسْلَامِ
يَحْرُمُ الرِّبَا بين الْمُسْلِمِينَ في دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ بِلَا نِزَاعٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرِّبَا مُحَرَّمٌ بين الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْلِمِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في بَابِ الْجِهَادِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ يَجُوزُ الرِّبَا بين الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ الذي لَا أَمَانَ بَيْنَهُمَا وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَقَدَّمَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ قال وَمَنْ دخل إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ بِأَمَانٍ لم يَخُنْهُمْ في مَالِهِمْ وَلَا يُعَامِلُهُمْ بِالرِّبَا
____________________
(5/52)
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ ولم يُقَيِّدْ هذه الرِّوَايَةَ في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا بِعَدَمِ الْأَمَانِ وفي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ لَا يَحْرُمُ الرِّبَا في دَارِ الْحَرْبِ وَأَقَرَّهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ على ظَاهِرِهَا
قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُفَرِّقَ بين الرِّوَايَةِ التي في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ التي في الْمُوجَزِ وَحَمَلَهَا على ظَاهِرِهَا بِأَنَّ الرِّوَايَةَ التى في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا لم يُقَيِّدْهَا بِعَدَمِ الْأَمَانِ فَيَدْخُلُ فيها لو كَانُوا بِدَارِنَا أو دَارِهِمْ بِأَمَانٍ أو غَيْرِهِ فَرِوَايَةُ التَّبْصِرَةِ أَعَمُّ لِشُمُولِهَا دَارَ الْحَرْبِ وَدَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ أو غَيْرِهِ وَرِوَايَةُ الْمُوجَزِ أَخَصُّ لِقُصُورِهَا على دَارِ الْحَرْبِ وَحَمْلِهَا على ظَاهِرِهَا سَوَاءٌ كان بَيْنَهُمْ أَمَانٌ أو لَا وَلَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ ظَاهِرَهَا يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ فإن هذا بِلَا نِزَاعٍ فيه وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُرِيدَ ذلك الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضى اللَّهُ عنه وقال في الِانْتِصَارِ مَالُ كَافِرٍ مُصَالِحٍ مُبَاحٌ بِطِيبِ نَفْسِهِ وَالْحَرْبِيُّ مُبَاحٌ أَخْذُهُ على أى وَجْهٍ كان
فَائِدَةٌ لَا رِبَا بين عَبْدٍ أو مُدَبَّرٍ أو ام وَلَدٍ وَنَحْوِهِمْ وَبَيْنَ سَيِّدِهِمْ هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وَالْتَزَمَ الْمَجْدُ في مَوْضِعِ جَرَيَانِ الرِّبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ إذَا قُلْنَا بِمِلْكِهِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الرِّبَا بين السَّيِّدِ وَمُكَاتَبِهِ كالاجنبي وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا رِبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ كَعَبْدِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبى مُوسَى وَيُسْتَثْنَى من ذلك مَالُ الْكِتَابَةِ فإنه لَا يجرى الرِّبَا فيه قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرُهُمْ هُنَاكَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَادَ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ جَازَ في احْتِمَالٍ ويأتى ذلك في أَوَّلِ الْكِتَابَةِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي
____________________
(5/53)
بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ دَارًا تَنَاوَلَ الْبَيْعُ أَرْضَهَا وَبِنَاءَهَا بِلَا نِزَاعٍ وَشَمِلَ قَوْلُهُ أَرْضَهَا الْمَعْدِنَ الْجَامِدَ وهو صَحِيحٌ وَلَا يَشْمَلُ الْمَعَادِنَ الْجَارِيَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَدْخُلُ في الْمَبِيعِ فَيَمْلِكُهُ المشترى ويأتى في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إذَا ظَهَرَ فِيمَا أَحْيَاهُ مَعْدِنٌ جَارٍ هل يَمْلِكُهُ أو لَا وَيَدْخُلُ أَيْضًا الشَّجَرُ وَالنَّخْلُ الْمَغْرُوسُ في الدَّارِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ فيه احْتِمَالَانِ
فَائِدَةٌ مرافق ( ( ( مرفق ) ) ) الْأَمْلَاكِ كَالطُّرُقِ وَالْأَفْنِيَةِ وَمَسِيلُ المياة وَنَحْوِهَا هل هِيَ مَمْلُوكَةٌ أو يَثْبُتُ فيها حَقُّ الِاخْتِصَاصِ فيه وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا ثُبُوتُ حَقِّ الِاخْتِصَاصِ فيها من غَيْرِ مِلْكٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالْغَصْبِ وَدَلَّ عليه نُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَطَرَدَ الْقَاضِي ذلك حتى في حَرِيمِ الْبِئْرِ وَرَتَّبَ عليه أَنَّهُ لو بَاعَهُ أَرْضًا بِفِنَائِهَا لم يَصِحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْفِنَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ إذْ اسْتِطْرَاقُهُ عَامٌّ بِخِلَافِ ما لو بَاعَهَا بِطَرِيقِهَا وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ احْتِمَالًا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْفِنَاءِ لِأَنَّهُ من الْحُقُوقِ كَمَسِيلِ المياة والوجة الثَّانِي الْمِلْكُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ في الطُّرُقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكُلِّ صَاحِبُ المغنى وَأَخَذَهُ من نَصِّ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ على مِلْكِ حَرِيمِ الْبِئْرِ ذَكَرَ ذلك في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ
قَوْلُهُ إلَّا ما كان من مَصَالِحِهَا كَالْمِفْتَاحِ وَحَجَرِ الرَّحَا الْفَوْقَانِيِّ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْهَادِي
____________________
(5/54)
وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا أَحَدُهُمَا لَا يَدْخُلُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والوجة الثَّانِي يَدْخُلُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقِيلَ يَدْخُلُ في الْمَبِيعِ الْمِفْتَاحُ وَلَا يَدْخُلُ الْحَجَرُ الْفَوْقَانِيُّ جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لو بَاعَ الدَّارَ وَأَطْلَقَ ولم يَقُلْ بِحُقُوقِهَا فَهَلْ يَدْخُلُ فيه مَاءُ الْبِئْرِ التى في الدَّارِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَأَصْلُهُمَا هل يَمْلِكُ الْمَاءَ أو لَا قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الثَّانِيَةُ لو كان في الدَّارِ مَتَاعٌ وَطَالَتْ مُدَّةُ نَقْلِهِ وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِفَوْقِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهُوَ عَيْبٌ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَثْبُتُ الْيَدُ عليها وَقِيلَ لَا وَكَذَا الْحُكْمُ في أَرْضٍ بها زَرْعٌ لِلْبَائِعِ فَلَوْ تَرَكَهُ له وَلَا ضَرَرَ فَلَا خِيَارَ له وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ لو قال تَرَكْته لَك فَفِي كَوْنِهِ تَمْلِيكًا وَجْهَانِ وَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ نَقْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مع الْعِلْمِ وَقِيلَ له الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَنْقُلُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَلَا يَلْزَمُ لَيْلًا وَلَا جَمْعُ الْحَمَّالِينَ وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ وَإِنْ لم يَنُصَّ مُشْتَرٍ بِبَقَائِهِ فَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت الْأُولَى أَنَّ له إجْبَارَهُ
____________________
(5/55)
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ ارضا بِحُقُوقِهَا دخل غِرَاسُهَا وَبِنَاؤُهَا في الْبَيْعِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَقُلْ بِحُقُوقِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ والهادى وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والوجة الثَّانِي لَا يَدْخُلُ وللبائع ( ( ( والبائع ) ) ) تَبْقِيَتُهُ
فَوَائِدُ الْأُولَى حُكْمُ الْأَرْضِ إذَا رَهَنَهَا حُكْمُهَا إذَا بَاعَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَتَفْصِيلًا على ما تَقَدَّمَ وَصَرَّحَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ هل يَتَّبِعُهُمَا في الرَّهْنِ كَالْبَيْعِ إذَا قُلْنَا يَدْخُلُ أَوَّلًا فيه وَجْهَانِ لِضَعْفِ الرَّهْنِ عن الْبَيْعِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ لو باعه ( ( ( باعها ) ) ) بُسْتَانًا بِحُقُوقِهِ دخل الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالنَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَعَرِيشُهُ الذى يَحْمِلُهُ وَإِنْ لم يَقُلْ بِحُقُوقِهِ فَفِي دُخُولِ الْبِنَاءِ غَيْرُ الْحَائِطِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ حُكْمًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ وَفِيمَا فيه من بِنَاءِ غَيْرِ الْحِيطَانِ وَجْهَانِ وظاهرة أَنَّهُ سَوَاءٌ قال بِحُقُوقِهِ أو لَا وَهِيَ طَرِيقَةٌ في الْمَذْهَبِ الثَّالِثَةُ لو بَاعَهُ شَجَرَةً فَلَهُ بَيْعُهَا في أَرْضِ الْبَائِعِ كَالثَّمَرِ على الشَّجَرِ قال أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَيَثْبُتُ له حَقُّ الِاجْتِيَازِ وَلَهُ الدُّخُولُ لِمَصَالِحِهَا الرَّابِعَةُ لو بَاعَ قَرْيَةً لم تَدْخُلْ مَزَارِعُهَا إلَّا بِذِكْرِهَا
____________________
(5/56)
وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أو قَرِينَةٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى قُلْت وهو الصَّوَابُ الْخَامِسَةُ لو كان في الْقَرْيَةِ شَجَرٌ بين بُنْيَانِهَا ولم يَقُلْ بِحُقُوقِهَا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ نَقْلًا وَمَذْهَبًا وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ هُنَا بِدُخُولِهِ السَّادِسَةُ لو بَاعَ شَجَرَةً فَهَلْ يَدْخُلُ مَنْبَتَهَا في الْبَيْعِ على وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَحَكَى عن بن شَاقِلَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الدُّخُولُ حَيْثُ قال فِيمَنْ أَقَرَّ بِشَجَرَةٍ لِرَجُلٍ هِيَ له بِأَصْلِهَا وَعَلَى هذا لو انْقَلَعَتْ فَلَهُ إعَادَةُ غَيْرِهَا مَكَانَهَا وَلَا يَجُوزُ ذلك على قَوْلِ بن شَاقِلَا كَالزَّرْعِ إذَا حُصِدَ فَلَا يَكُونُ له في الْأَرْضِ سِوَى حَقِّ الِانْتِفَاعِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فيها زَرْعٌ يَجُزْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ أو تَكُونُ ثَمَرَتُهُ كَالْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ فَالْأُصُولُ للمشترى وَالْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ وَاللُّقَطَةُ الظَّاهِرَةُ من الْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَان لِلْبَائِعِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَأَصْلُهُ للمشترى في الْأَصَحِّ وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ إنْ كان الْبَائِعُ قال بِعْتُك هذه الْأَرْضَ بِحُقُوقِهَا دخل فيها ذلك وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ هل هذه الْأَشْيَاءُ كَالشَّجَرِ أو كَالزَّرْعِ فيه وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا كَالشَّجَرِ انْبَنَى على أَنَّ الشَّجَرَ هل يَدْخُلُ في بَيْعِ الْأَرْضِ مع الْإِطْلَاقِ أَمْ لَا وَفِيهِ وَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ كَالزَّرْعِ لم يَدْخُلْ في الْبَيْعِ وَجْهًا وَاحِدًا
____________________
(5/57)
وَقِيلَ حُكْمُهَا حُكْمُ الشَّجَرِ في تَبَعِيَّةِ الْأَرْضِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن عَقِيلٍ وَالْمَجْدِ وَقِيلَ يَتَّبِعُ وَجْهًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ المغنى
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو كان مِمَّا يُؤْخَذُ زَهْرُهُ وَيَبْقَى في الْأَرْضِ كَالْبَنَفْسَجِ وَالنَّرْجِسِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَاللِّينُوفَرِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ تَفَتَّحَ زهرة فَهُوَ لِلْبَائِعِ وما لم يَتَفَتَّحْ فَهُوَ للمشترى على الصَّحِيحِ ويأتى على قَوْلِ بن عَقِيلٍ التَّفْصِيلُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فيها زَرْعٌ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ مبقي إلَى الْحَصَادِ وَكَذَلِكَ الْقُطْنِيَّاتُ وَنَحْوُهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في المغنى لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وقال في الْمُبْهِجِ إنْ كان الزَّرْعُ بَدَا صَلَاحُهُ لم يَتَّبِعْ الْأَرْضَ وَإِنْ لم يَبْدُ صَلَاحُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتْبَعْ أَخْذَ الْبَائِعِ بِقَطْعِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ قال في الْقَوَاعِدِ وهو غَرِيبٌ جِدًّا مُخَالِفٌ لِمَا عليه الْأَصْحَابُ انْتَهَى كَذَا ما الْمَقْصُودُ منه مُسْتَتِرٌ كَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْقَتِّ وَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَأَشْبَاهِ ذلك وَكَذَا الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ إلَّا أَنَّ الْعُرُوقَ للمشترى فَأَمَّا قَصَبُ السُّكَّرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالزَّرْعِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ هو كَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْجَوْزُ تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ مُبْقًى إلَى الْحَصَادِ يعنى بِلَا أُجْرَةٍ ويأخذه ( ( ( ويأخذ ) ) ) أَوَّلَ وَقْتِ أَخْذِهِ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَلَوْ كان بَقَاؤُهُ خَيْرًا له
____________________
(5/58)
وَقِيلَ يَأْخُذُهُ في عَادَةِ أَخْذِهِ إنْ لم يَشْتَرِطْهُ المشترى
فَوَائِدُ الْأُولَى لو اشْتَرَى أَرْضًا فيها زَرْعٌ لِلْبَائِعِ أو شَجَرًا فيه ثَمَرٌ لِلْبَائِعِ وَظَنَّ دُخُولَهُ في الْبَيْعِ أو ادَّعَى الْجَهْلَ بِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ فَلَهُ الْفَسْخُ الثَّانِيَةُ لو كان في الْأَرْضِ بَذْرٌ فَإِنْ كان أَصْلُهُ يَبْقَى في الْأَرْضِ كَالنَّوَى وَبَذْرِ الرَّطْبَةِ وَنَحْوِهِمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّجَرِ على ما تَقَدَّمَ وَإِنْ كان لَا يَبْقَى أَصْلُهُ كَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ الْبَادِي هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا جميعا لِأَنَّهُ عَيْنٌ مُودَعَةٌ في الْأَرْضِ فَكَانَتْ في حُكْمِ الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الْمَدْفُونَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ قال في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْبَذْرُ إنْ بقى أَصْلُهُ فَكَشَجَرٍ وَإِلَّا كَزَرْعٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ لَا يَدْخُلُ وَأَطْلَقَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْبَذْرَ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ مُودَعٌ وقال في الْمُبْهِجِ في بَذْرٍ وَزَرْعٍ لم يَبْدُ صَلَاحُهُ قِيلَ يَتْبَعُ الْأَرْضَ وَقِيلَ لَا وَيُؤْخَذُ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ إنْ لم يَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ الثَّالِثَةُ لو بَاعَ الْأَرْضَ بِمَا فيها من الْبَذْرِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ دخل تَبَعًا وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ إنْ ذَكَرَ قَدْرَهُ وَوَصْفَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/59)
قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا وهو ما تَشَقَّقَ طَلْعُهُ التَّأْبِيرُ هو التَّلْقِيحُ وهو وَضْعُ الذَّكَرِ في الْأُنْثَى وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَسَّرَهُ بِالتَّشَقُّقِ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَهُ مَنُوطٌ بِهِ وَإِنْ لم يُلَقِّحْ لِصَيْرُورَتِهِ في حُكْمِ عَيْنٍ أُخْرَى وَعَلَى هذا إنَّمَا نِيطَ الْحُكْمُ بِالتَّأْبِيرِ في الحديث لِمُلَازَمَتِهِ لِلتَّشَقُّقِ غَالِبًا إذَا عَلِمْت هذا فالذى قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ فقال لَا خِلَافَ فيه بين الْعُلَمَاءِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالتَّأْبِيرِ وهو التَّلْقِيحُ لَا بِالتَّشَقُّقِ ذَكَرَهَا بن أبى مُوسَى وَغَيْرُهُ فَعَلَيْهَا لو تَشَقَّقَ ولم يُؤَبِّرْ يَكُونُ للمشترى وَنَصَرَ هذه الرِّوَايَةَ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا في الْفَائِقِ وقال قُلْت وَعَلَى قِيَاسِهِ كُلٌّ مُفْتَقِرٌ إلَى صُنْعٍ كَثِيرٍ لَا يَكُونُ ظُهُورُهُ الْفَصْلُ بَلْ إيقَاعُ الْفِعْلِ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَتَلَخَّصَ أَنَّ ما لم يَكُنْ تَشَقَّقَ طَلْعُهُ فَغَيْرُ مُؤَبَّرٍ وما تَشَقَّقَ وَلُقِّحَ فَمُؤَبَّرٌ وما تَشَقَّقَ ولم يُلَقَّحْ فَمَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ طَلْعُ الْفِحَالِ يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ كَطَلْعِ الْإِنَاثِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ احْتِمَالَ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ بِكُلِّ حَالٍ
قَوْلُهُ فَالتَّمْرُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكًا في رؤوس النَّخْلِ إلَى الْجُذَاذِ وَهَذَا إذَا لم يُشْتَرَطْ عليه قَطْعُهُ
فَائِدَةٌ حُكْمُ سَائِرِ الْعُقُودِ في ذلك كَالْبَيْعِ في أَنَّ ما لم يُؤَبَّرْ يَلْحَقُ بِأَصْلِهِ وما
____________________
(5/60)
أَبَرَّ لَا يَلْحَقُ وَذَلِكَ مِثْلُ الصُّلْحِ وَالصَّدَاقِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالْأَجْرِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّ في الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَتْبَعُ فيه الْمُؤَبِّرَ إذَا كان في حَالَةِ الْبَيْعِ غير مُؤَبَّرٍ وَأَمَّا الْفُسُوخُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أحدها يَتْبَعُ الطَّلْعَ مُطْلَقًا بِنَاءً على أَنَّهُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ او على أَنَّ الْفَسْخَ رُفِعَ لِلْعَقْدِ من أَصْلِهِ
وَالثَّانِي لَا يَتْبَعُ بِحَالٍ بِنَاءً على أَنَّهُ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَإِنْ لم يُؤَبَّرْ
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ كَالْعُقُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ هذا كُلُّهُ على الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ لَا يَتْبَعُ في الْفُسُوخِ أَمَّا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتْبَعُ فَيَتْبَعُ الطَّلْعَ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ وَصَرَّحَ في الْكَافِي بِالثَّالِثِ وَصَرَّحَ في الْمُغْنِي بِالثَّانِي وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ في الْإِفْلَاسِ وَالرُّجُوعِ في الْهِبَةِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ تَدْخُلُ فِيهِمَا الثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ يوم الْوَصِيَّةِ إذَا بَقِيَتْ إلَى يَوْمِ الْمَوْتِ سَوَاءٌ أُبِّرَتْ أو لم تُؤَبَّرْ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ قَوْلِهِ مَتْرُوكًا في رؤوس النَّخْلِ إلَى الْجُذَاذِ إذَا لم تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ بُسْرًا أو يَكُونُ بُسْرُهُ خَيْرًا من رُطَبِهِ فَإِنْ كان كَذَلِكَ فإنه يَجُذُّهُ حين اسْتِحْكَامِ حَلَاوَةِ بُسْرِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أنها تَبْقَى إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ وَلَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ بِحَيْثُ أنه لَا يَبْقَى في بَقَائِهَا فَائِدَةٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَهَذَا أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَالْآخَرُ يُقْطَعُ في الْحَالِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أنها لَا تُقْطَعُ قبل الْجُذَاذِ وَلَوْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ بِذَلِكَ ضَرَرًا كَبِيرًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(5/61)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْبَرُ على قَطْعِهَا وَالْحَالَةُ هذه وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قوله وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ إذَا كان فيه ثَمَرٌ بَادٍ كَالْعِنَبِ وَالتِّينِ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ يعنى يَكُونُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكًا في شَجَرِهِ إلَى اسْتِوَائِهِ ما لم يَظْهَرْ للمشترى وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان ما يَحْمِلُ الشَّجَرُ يَظْهَرُ بَارِزًا لَا قِشْرَ عليه كَالْعِنَبِ وَالتِّينِ وَالتُّوتِ وَالْجُمَّيْزِ وَاللَّيْمُونِ وَالْأُتْرُنْجِ وَنَحْوِهِ أو كان عليه قِشْرٌ يَبْقَى فيه إلَى أَكْلِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْمَوْزِ وَنَحْوِهِمَا أوله قِشْرَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال الْقَاضِي ماله قِشْرَانِ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِتَشَقُّقِ قشرة الْأَعْلَى وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وقال لَا يَلْزَمُ الْمَوْزُ وَالرُّمَّانُ وَالْحِنْطَةُ في سُنْبُلِهَا وَالْبَاقِلَّاءُ في قشره لَا يَتْبَعُ الْأَصْلَ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِظُهُورِهِ وَرَدَّ ما قَالَهُ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وقال في الْمُبْهِجِ الِاعْتِبَارُ بِانْعِقَادِ لُبِّهِ فَإِنْ لم يَنْعَقِدْ تَبِعَ أَصْلُهُ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وما ظَهَرَ من نُورِهِ كَالْمِشْمِشِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ لِلْبَائِعِ وما لم يَظْهَرْ للمشترى أَنَاطَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحُكْمَ بِالظُّهُورِ من النُّورِ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَنَاثَرَ أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو أَصَحُّ وَقِيلَ إنْ تَنَاثَرَ نُورُهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ
____________________
(5/62)
لِأَنَّ ظُهُورَ ثَمَرِهِ يَتَوَقَّفُ على تَنَاثُرِ نُورِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ النُّورِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي احْتِمَالًا جَعْلًا لِلنُّورِ كما في الطَّلْعِ
فَائِدَةٌ
قَوْلُهُ وما خَرَجَ من أَكْمَامِهِ كَالْوَرْدِ وَالْقُطْنِ لِلْبَائِعِ بِلَا نِزَاعٍ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا الْيَاسَمِينُ وَالْبَنَفْسَجُ وَالنَّرْجِسُ وَنَحْوِهِ وقال الْأَصْحَابُ الْقُطْنُ كَالطَّلْعِ وَأَلْحَقُوا بِهِ هذه الزُّهُورَ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فإن هذا الْمُنَظِّمَ هو نَفْسُ الثَّمَرَةِ أو قِشْرُهَا الْمُلَازِمُ لها كَقِشْرِ الرُّمَّانِ فَظُهُورُهُ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِ الطَّلْعِ فإنه وِعَاءٌ لِلثَّمَرَةِ وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عليه حَيْثُ قال وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشَّجَرِ إذَا كان فيه ثَمَرٌ بَادٍ وَبُدُوُّ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ ظُهُورُهُ من شَجَرِهِ وَإِنَّمَا كان مُنَظَّمًا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَالْوَرَقُ لِلْمُشْتَرِي بِكُلِّ حَالٍ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيُحْتَمَلُ في وَرَقِ التُّوتِ الْمَقْصُودُ أَخْذُهُ إنْ تَفَتَّحَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كان حَبًّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وهو وَجْهٌ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وما لم يَظْهَرْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ ما أُبِّرَ بَعْضُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَإِنْ كان نَوْعًا وَاحِدًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وبن منجا وقال هذا الْمَذْهَبُ وَغَيْرُهُمْ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ الْمَنْقُولُ عن احمد في النَّخْلِ أَنَّ ما أَبَرَّ لِلْبَائِعِ
____________________
(5/63)
وما لم يُؤَبَّرْ للمشترى وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ في الْوَرْدُ وَنَحْوُهُ وَكَذَا قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ وقال بن حَامِدٍ الْكُلُّ لِلْبَائِعِ وهو رِوَايَةٌ في الِانْتِصَارِ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ بن حَامِدٍ كَشَجَرَةٍ وقال في الْوَاضِحِ فِيمَا لم يَبْدُ من شَجَرِهِ للمشترى وَذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ وَلَوْ أُبِّرَ بَعْضُهُ فَبَاعَ ما لم يُؤَبَّرْ وَحْدَهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقِيلَ لِلْبَائِعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ في بُدُوِّ الثَّمَرَةِ بِلَا نِزَاعٍ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ من وَاهِبٍ ادَّعَى شَرْطَ ثَوَابٍ واما إنْ كان جِنْسًا فلم يُفَرِّقْ أبو الْخَطَّابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوْعِ وهو وَجْهٌ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْفَرْقُ بين الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْأَوَّلَ وَقَالَا الْأَشْبَهُ الْفَرْقُ بين النَّوْعِ وَالنَّوْعَيْنِ فما أُبِّرَ من نَوْعٍ أو ظَهَرَ بَعْضُ ثمره لَا يَتْبَعُهُ النَّوْعُ الْآخَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ
تَنْبِيهٌ ظاهر ( ( ( وظاهر ) ) ) كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَإِنْ احْتَاجَ الزَّرْعُ أو الثَّمَرَةُ إلَى سقى لم يَلْزَمْ المشترى ولم يَمْلِكْ مَنْعَ الْبَائِعِ منه أَنَّهُ لَا يَسْقِيهِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا والوجة الثَّانِي له سَقْيُهُ لِلْمَصْلَحَةِ سَوَاءٌ كان ثَمَّ حَاجَةٌ أولا وَلَوْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/64)
وَكَذَا الْحُكْمُ لو احْتَاجَتْ الْأَرْضُ إلَى سقى
فَائِدَةٌ حَيْثُ حَكَمْنَا أَنَّ الثَّمَرَ لِلْبَائِعِ فإنه يَأْخُذُهُ أَوَّلَ وَقْتِ أَخْذِهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ كان بَقَاؤُهُ خَيْرًا له وَقِيلَ يُؤَخِّرُهُ إلَى وَقْتِ أَخْذِهِ في الْعَادَةِ إنْ لم يَشْتَرِطْهُ المشترى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قَطْعُ الثَّمَرَةِ لِتَضَرُّرِ الْأَصْلِ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ تَضَرُّرًا كَثِيرًا وَأَطْلَقَاهُمَا وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ يَبْقَى إلَى الْحَصَادِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَلَا الزَّرْعُ قبل اشْتِدَادِ حَبِّهِ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ في الْحَالِ نَصَّ عليه لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِعًا بِهِ في الْحَالِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ في تَعْلِيقِهِ على الْمُحَرَّرِ قُلْت وهو مُرَادُ غَيْرِهِمَا وقد دخل في كَلَامِ الْأَصْحَابِ في شُرُوطِ الْبَيْعِ حَيْثُ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ فيه مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ
فَوَائِدُ الْأُولَى يُسْتَثْنَى من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ من عَدَمِ الْجَوَازِ لو بَاعَ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِأَصْلِهَا فإنه يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ دخل تَبَعًا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَمَاعَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا لو بَاعَ الْأَرْضَ بِمَا فيها من زَرْعٍ قبل اشْتِدَادِ حَبِّهِ فإنه يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
____________________
(5/65)
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِك الشَّجَرِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لو شَرَطَ الْقَطْعَ صَحَّ قال الْمُصَنِّفُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ له قال الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى هذا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَطْعِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هو حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ قبل اشْتِدَادِهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ جزم ( ( ( وجزم ) ) ) بِهِ في تذكره بن عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ الثَّالِثَةُ لو بَاعَ بَعْضٌ ما لم يَبْدُ صَلَاحُهُ مُشَاعًا لم يَصِحَّ وَلَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قُلْت فَيُعَايَى بها
قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ وَاللِّقَاطُ على المشترى بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا الْجُذَاذُ لَكِنْ لو شَرَطَهُ على الْبَائِعِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ في هذا الْبَابِ وهو الذي أَوْرَدَهُ بن أبي مُوسَى مَذْهَبًا وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالسَّبْعِينَ
____________________
(5/66)
قال الْقَاضِي لم أَجِدْ بِقَوْلِ الْخِرَقِيِّ رِوَايَةً قال في الرَّوْضَةِ ليس له وَجْهٌ قال في الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وقد اسْتَشْكَلَ مَسْأَلَةَ الْخِرَقِيِّ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في بَابِ الشُّرُوطِ في الْبَيْعِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لم يَصِحَّ يعنى إذَا بَاعَهُ ولم يَشْتَرِطْ الْقَطْعَ وَلَا التَّبْقِيَةَ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لم يَصِحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَالْأَكْثَرُونَ وَعَنْهُ يَصِحُّ إنْ قَصَدَ الْقَطْعَ وَيَلْزَمُ بِهِ في الْحَالِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَقَدَّمَ في الرَّوْضَةِ أَنَّ إطْلَاقَهُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ رِوَايَةً بِالصِّحَّةِ من غَيْرِ قَصْدِ الْقَطْعِ وما حَكَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ عن بن عَقِيلٍ في التذكره أَنَّهُ ذَكَرَهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ ليس بِسَدِيدٍ إنَّمَا حَكَى ذلك على ما اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْقَطْعَ ثُمَّ تَرَكَهُ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ إلَّا بِشَرْطِ جَزِّهِ حُكْمُ بَيْعِ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ حُكْمُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ فَلَا يُبَاعُ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهِ إلَّا مع أَصْلِهِ أو لِرَبِّهِ أو مع أَرْضِهِ كما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَلَا يُبَاعُ مُفْرَدًا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إلَّا جِزَّةً جِزَّةً بِشَرْطِهِ
قَوْلُهُ وَلَا الْقِثَّاءُ وَنَحْوُهُ إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً إلَّا أَنْ يَبِيعَ أَصْلَهُ إنْ بَاعَهُ بِأَصْلِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في التَّلْخِيصِ وَيُحْتَمَلُ عندى عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ مع أَصْلِهِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ مع أَرْضِهِ
____________________
(5/67)
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ وَرَجَّحَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّ المقائى ( ( ( المقاثي ) ) ) وَنَحْوَهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وبن أبي مُوسَى انْتَهَى وَإِنْ بَاعَهُ في غَيْرِ أَصْلِهِ فَإِنْ لم يَبْدُ صَلَاحُهُ لم يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ في الْحَالِ إنْ كان يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ لم يَجُزْ بَيْعُهُ إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُبَاعُ قِثَّاءٌ وَنَحْوُهُ إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً نَصَّ عليه إلَّا مع أَصْلِهِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْبَيْعِ في الشَّرْطِ الْخَامِسِ وقال هُنَا وما له أَصْلٌ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ كَقِثَّاءٍ وَكَالشَّجَرِ وَثَمَرِهِ كَثَمَرَةٍ فِيمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ الْبَائِعُ اللُّقَطَةَ الظَّاهِرَةَ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ تَعَيَّبَ فَالْفَسْخُ أو الْأَرْشُ وَقِيلَ لَا يُبَاعُ إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً كَثَمَرٍ لم يَبْدُ صَلَاحُهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى وَقِيلَ لَا يُبَاعُ بِطِّيخٌ قبل نُضْجِهِ وَلَا قِثَّاءٌ وَخِيَارٌ قبل أَوَانِ أَخْذِهِ عُرْفًا إلَّا بِشَرْطِ قطعة في الْحَالِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ اللُّقَطَةِ الْمَوْجُودَةِ وَالْمَعْدُومَةِ إلَى أَنْ تَيْبَسَ الْمَقْتَاةُ وقال أَيْضًا يَجُوزُ بَيْعُ المقائى ( ( ( المقاثي ) ) ) دُونَ أُصُولِهَا وقال قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِقَصْدِ الظَّاهِرِ غَالِبًا
فَائِدَةٌ الْقُطْنُ إنْ كان له أَصْلٌ يَبْقَى في الْأَرْضِ أَعْوَامًا كَقُطْنِ الْحِجَازِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّجَرِ في جوار ( ( ( جواز ) ) ) إفْرَادِهِ بِالْبَيْعِ وإذا بِيعَتْ الْأَرْضُ بِحُقُوقِهَا دخل في الْبَيْعِ وَثَمَرُهُ كَالطَّلْعِ إنْ تَفَتَّحَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَهُوَ للمشترى وَإِنْ كان يَتَكَرَّرُ زَرْعُهُ كُلَّ عَامٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ وَمَتَى كان جَوْزُهُ ضَعِيفًا رُطَبًا لم يَقْوَ ما فيه لم يَصِحَّ بَيْعُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَإِنْ قوى حَبُّهُ وَاشْتَدَّ جَازَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ كَالزَّرْعِ إذَا اشْتَدَّ حَبُّهُ
____________________
(5/68)
وإذا بِيعَتْ الْأَرْضُ لم يَدْخُلْ في الْبَيْعِ إلَّا بِشَرْطِهِ وَالْبَاذِنْجَانُ الذى تَبْقَى أُصُولُهُ وَتَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ كَالشَّجَرِ وما يَتَكَرَّرُ زَرْعُهُ كُلَّ عَامٍ كَالزَّرْعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ ثُمَّ تَرَكَهُ حتى بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَطَالَتْ الْجِزَّةُ وَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى فلم تَتَمَيَّزْ أو اشْتَرَى ثَمَرَتُهُ لِيَأْكُلَهَا رُطَبًا فَأَثْمَرَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ شَمِلَ كَلَامُهُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا إذَا حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى قبل الْقَطْعِ ولم تَتَمَيَّزْ من الْمَبِيعِ الثَّانِي ما عَدَا ذلك فَإِنْ كان ما عَدَا حُدُوثِ ثَمَرَةٍ أُخْرَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الاصحاب وَنَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ فَسَدَ الْعَقْدُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذه أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ قال الْقَاضِي هذه أَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وبن أبى مُوسَى والقاضى وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وقال اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فَعَلَيْهَا الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ بن أبى مُوسَى وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهَا أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/69)
وَعَنْهُ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ والمشترى فَتَقُومُ الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ذَكَرَهَا في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَى بن الزاغوني وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَةً أَنَّ الْبَائِعَ يَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ على الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ قال في التَّلْخِيصِ وَعَنْهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَتَصَدَّقُ بِالزِّيَادَةِ اسْتِحْبَابًا لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ انْتَهَى وَحَكَى الْقَاضِي رِوَايَةً يَتَصَدَّقَانِ بها قال الْمَجْدُ وهو سَهْوٌ من الْقَاضِي وَإِنَّمَا ذلك على الصِّحَّةِ فَأَمَّا مع الْفَسَادِ فَلَا وَجْهَ لِهَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَشْتَرِكَانِ في الزِّيَادَةِ قال في الْحَاوِيَيْنِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي وَاخْتَارَهُ أبو جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيُّ وقال الْقَاضِي الزِّيَادَةُ للمشترى وَجَزَمَ بِهِ في كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْحَاوِي كما لو أَخَّرَهُ لِمَرَضٍ وَرَدَّهُ في الْقَوَاعِدِ وقال هو مُخَالِفٌ نُصُوصَ أَحْمَدَ ثُمَّ قال لو قال مع ذلك بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ الْقَطْعِ لَكَانَ أَقْرَبَ قال الْمَجْدُ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إنَّ زِيَادَةَ الثَّمَرَةِ في صِفَتِهَا للمشترى وما طَالَ من الْجِزَّةِ لِلْبَائِعِ انْتَهَى وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بها قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بها على الرِّوَايَتَيْنِ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا وَكَذَلِكَ قال في الرِّعَايَةِ فَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في التَّلْخِيصِ وقال بن الزَّاغُونِيِّ على الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا تَدْخُلُ الزِّيَادَةُ في مِلْكٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَتَصَدَّقُ بها المشترى
____________________
(5/70)
وَعَنْهُ الزِّيَادَةُ كُلُّهَا لِلْبَائِعِ نَقَلَهَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ في مَسْأَلَةِ زَرْعِ الْغَاصِبِ وَنَصَّ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ اشْتَرَى قَصِيلًا وَتَرَكَهُ حتى سَنْبَلَ يَكُونُ للمشترى منه بِقَدْرِ ما اشْتَرَى يوم اشْتَرَى فَإِنْ كان فيه فَضْلٌ كان لِلْبَائِعِ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَعَنْهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ أَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ وَعَنْهُ يَبْطُلُ بِقَصْدِ حِيلَةٍ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ منهم بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْفَخْرُ في التَّلْخِيصِ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ مَتَى تَعَمَّدَ الْحِيلَةَ فَسَدَ الْبَيْعُ من أَصْلِهِ ولم يَنْعَقِدْ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ عَرِيَّةً فَأَثْمَرَتْ إنْ سَاوَى الثَّمَرَ الْمُشْتَرَى بِهِ صَحَّ وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لِيَفْسَخَ وَعَنْهُ إذَا تَرَكَ الرَّطْبَةَ حتى طَالَتْ لم يَبْطُلْ الْمَبِيعُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَنْبِيهٌ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ ان حُكْمَ الْعَرِيَّةِ إذَا تَرَكَهَا حتى أَثْمَرَتْ حُكْمُ الثَّمَرَةِ إذَا تَرَكَهَا حتى بَدَا صَلَاحُهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْبُطْلَانِ في الْعَرَايَا وحكى الْخِلَافُ في غَيْرِهَا منهم الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا
فَائِدَتَانِ الْأُولَى لِلْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ تَأْخِيرَهُ مُحَرَّمٌ لِحَقِّ اللَّهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَتَأْخِيرِ الْقَبْضِ في الرِّبَوِيَّاتِ وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ وَبَيْعِهَا قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا وهو مُحَرَّمٌ وَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمِ مَمْنُوعَةٌ الْمَأْخَذُ الثَّانِي أَنَّ مَالَ المشترى اخْتَلَطَ بِمَالِ الْبَائِعِ قبل التَّسْلِيمِ على وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ منه فَبَطَلَ بِهِ الْبَيْعُ كما لو تَلِفَ
____________________
(5/71)
فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا بِالتَّأْخِيرِ إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَيَكُونُ تَأْخِيرُهُ إلَى ما قبل ذلك جَائِزًا وَلَوْ كان الْمُشْتَرِي رَطْبَةً أو ما أَشْبَهَهَا من النَّعْنَاعِ وَالْهُنْدُبَا أو صُوفًا على ظَهْرٍ فَتَرَكَهَا حتى طَالَتْ لم يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا نهى في بَيْعِ هذه الْأَشْيَاءِ وَهَذِهِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَعَلَى الثَّانِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ وَاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُعْفَى عن الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا فَرْقَ بين الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَغَيْرِهِمَا من الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ وَالصُّوفِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى بَكْرٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ وَمَتَى تَلِفَ بِجَائِحَةٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ من قَطْعِهِ فَهُوَ من ضَمَانِ المشترى وهو مُصَرَّحٌ بِهِ في الْمُجَرَّدِ ولمغنى ( ( ( والمغني ) ) ) وَغَيْرِهِمَا وَتَكُونُ الزَّكَاةُ على الْبَائِعِ على هذا الْمَأْخَذِ بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَأَمَّا على الْأَوَّلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ على المشترى لِأَنَّ مِلْكَهُ إنَّمَا يَنْفَسِخُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون ( ( ( تكون ) ) ) على الْبَائِعِ ولم يذكر الْأَصْحَابُ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ عليه وهو تَأْخِيرُ الْقَطْعِ قال ذلك في الْقَوَاعِدِ وقال وقد يُقَالُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ يَتَبَيَّنُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ من حِينِ التَّأْخِيرِ انْتَهَى الثَّانِيَةُ تَقَدَّمَ هل تَكُونُ الزَّكَاةُ على الْبَائِعِ أو على المشترى إذَا قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَإِنْ اتَّفَقَا على التَّبْقِيَةِ جَازَ وَزَكَاةُ المشترى وَإِنْ قُلْنَا الزِّيَادَةُ لَهُمَا فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَ نَصِيبُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا وَإِلَّا انْبَنَى على الْخِلْطَةِ في غَيْرِ الْمَاشِيَةِ على ما تَقَدَّمَ
تَنْبِيهٌ واما إذَا حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ ولم تَتَمَيَّزْ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسَائِلِ الْأُولَى وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي
____________________
(5/72)
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ الذي اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهِمَا كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ ثَمَرَتِهِ فَإِنْ لم يَعْلَمَا قَدْرَهَا اصْطَلَحَا وَلَا يَبْطُلْ الْعَقْدُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قال الْقَاضِي إنْ كانت الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ فَحَدَثَتْ أُخْرَى قِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْمَحْ بِنَصِيبِك فَإِنْ فَعَلَ أُجْبِرَ الْآخَرُ على الْقَبُولِ وَإِلَّا فُسِخَ الْعَقْدُ وَإِنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً فَحَدَثَتْ أُخْرَى وَقِيلَ لِلْبَائِعِ ذلك لَا غَيْرُ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو اشْتَرَى خَشَبًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَأَخَّرَ قَطْعَهُ فَزَادَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ فقال لو اشْتَرَى خَشَبًا لِيَقْطَعَهُ فَتَرَكَهُ فَنَمَا وَغَلُظَ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ الزِّيَادَةَ لَهُمَا وَاخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ وَقَالَهُ في الْقَوَاعِدِ أَيْضًا فَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عن الْبَرْمَكِيِّ في الزِّيَادَةِ وَقِيلَ الْبَيْعُ لَازِمٌ وَالْكُلُّ للمشترى وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ اخْتَارَهُ بن بَطَّةَ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ قال الْجَوْزِيُّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ قال في الْفَائِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْجَوْزِيِّ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ الإشتراك فَوَافَقَ الْمَنْصُوصَ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَخَّرَ قَطْعَ خَشَبٍ مع شَرْطِهِ فَزَادَ فَقِيلَ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ لِلْكُلِّ وَقِيلَ للمشترى وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ الزِّيَادَةُ لَهُمَا اخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيّ انْتَهَى
____________________
(5/73)
قَوْلُهُ وإذا بَدَا الصَّلَاحُ في الثَّمَرَةِ وَاشْتَدَّ الْحَبُّ جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَيُشْتَرَطُ التَّبْقِيَةُ وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وإذا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جَازَ بَيْعُهُ وفي التَّرْغِيبِ بِظُهُورِ مَبَادِئِ الْحَلَاوَةِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ أَنْ يَبِيعَهُ قبل جَدِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ وَجَدَ من الْقَبْضِ ما يُمْكِنُ فَكَفَى لِلْحَاجَةِ الْمُبِيحَةِ لِبَيْعِ الثَّمَرِ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حتى يَجِدَهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةِ من السَّمَاءِ رَجَّعَ على الْبَائِعِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ أَتَلِفَتْ قَدْرَ الثُّلُثِ أو أَكْثَرَ أو أَقَلَّ إلَّا أَنَّهُ يُتَسَامَحُ في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الذي لَا يَنْضَبِطُ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ أَتْلَفَتْ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا ضَمِنَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا جَائِحَةَ في غَيْرِ النَّخْلِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ذَكَرَهُ في الْفَائِقِ
____________________
(5/74)
اختار ( ( ( واختار ) ) ) الزَّرْكَشِيُّ في شَرْحِهِ إسْقَاطَ الْجَوَائِحِ مَجَّانًا وَحَمَلَ أَحَادِيثَهَا على أَنَّهُمْ كَانُوا يَبِيعُونَهَا قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا
تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهَا قَيَّدَ بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةٌ الرِّوَايَتَيْنِ بِمَا بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وظاهرة أَنَّ قبل التَّخْلِيَةِ يَكُونُ من ضَمَانِ الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ في الْفُرُوعِ أَنَّ مَحَلَّ الْجَائِحَةِ بَعْدَ قَبْضِ المشترى وَتَسْلِيمِهِ وهو مُوَافِقٌ لِلْأَوَّلِ وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ لِأَنَّهُ قبل التَّحْلِيَةِ ما حَصَلَ قَبْضٌ الثَّانِي أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ رَجَعَ على الْبَائِعِ صحه الْبَيْعِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا صَاحِبَ النِّهَايَةِ فإنه أَبْطَلَ الْعَقْدَ كما لو تَلِفَ الْكُلُّ الثَّالِثُ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ التي قُلْنَا فيها لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَتْلَفَتْ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا قِيلَ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقَبْلُ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِالْقِيمَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَائِقُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِالثَّمَنِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ الرَّابِعُ على الْمَذْهَبِ يُوضَعُ من الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ التَّالِفِ نَقَلَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ الْخَامِسُ لو تَعَيَّبَتْ بِذَلِكَ ولم تَتْلَفُ خُيِّرَ المشترى بين الْإِمْضَاءِ وَالْأَرْشِ وَبَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ كَامِلًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ
____________________
(5/75)
فَائِدَةٌ تَخْتَصُّ الْجَائِحَةُ بِالثَّمَنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَكَذَا ماله أَصْلٌ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ كَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَنَحْوِهَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ لو اشْتَرَى لُقَطَةً ظَاهِرَةً من هذه الْأُصُولِ فَتَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ قبل الْقَطْعِ فَإِنْ قُلْنَا حُكْمُهَا حُكْمُ ثَمَنِ الشَّجَرِ فَمِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَإِنْ قِيلَ هِيَ كَالزَّرْعِ خَرَجَتْ على الْوَجْهَيْنِ في جَائِحَةِ الزَّرْعِ وقال الْقَاضِي من شَرْطِ الثَّمَنِ الذي تَثْبُتُ فيه الْجَائِحَةُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُسْتَبْقَى بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إلَى وَقْتٍ كَالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ وما أَشْبَهَهَا وَإِنْ كان مِمَّا لَا تُسْتَبْقَى ثَمَرَتُهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ كَالتِّينِ وَالْخَوْخِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا جَائِحَةَ فيه قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهَذَا أَلْيَقُ بِالْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا جَائِحَةَ في غَيْرِ النَّخْلِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ كما تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الزَّرْكَشِيّ وقال في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَتَثْبُتُ أَيْضًا في الزَّرْعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فيه احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إذَا تَلِفَتْ الْبَاقِلَا أو الْحِنْطَةُ في سُنْبُلِهَا فلنا ( ( ( قلنا ) ) ) وَجْهَانِ الْأَقْوَى يَرْجِعُ بِذَلِكَ على الْبَائِعِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُبُوتَ الْجَائِحَةِ في زَرْعٍ مُسْتَأْجَرٍ وَحَانُوتٍ نَقَصَ نَفْعُهُ عن الْعَادَةِ وَحَكَمَ بِهِ أبو الْفَضْلِ بن حَمْزَةَ في حَمَّامٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا قِيَاسُ نُصُوصِهِ وَأُصُولِهِ إذَا تَعَطَّلَ نَفْعُ الْأَرْضِ بِآفَةٍ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ كَانْهِدَامِ الدَّارِ وَأَنَّهُ لَا جَائِحَةَ فِيمَا تَلِفَ من زَرْعِهِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ لم يَبِعْهُ إيَّاهُ وَلَا يُنَازِعُ في هذا من فَهِمَهُ
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ بِجَائِحَةٍ من السَّمَاءِ ضَابِطُهَا أَنْ لَا يَكُونَ فيها صَنَعَ
____________________
(5/76)
لِآدَمِيٍّ كَالرِّيحِ وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْجَلِيدِ وَالصَّاعِقَةِ وَالْحَرِّ وَالْعَطَشِ وَنَحْوِهَا وكذا الْجَرَادُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ الثَّانِي يُسْتَثْنَى من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو ( ( ( ولو ) ) ) اشْتَرَى الثَّمَرَةَ مع أَصْلِهَا فإنه لَا جَائِحَةَ فيها إذَا تَلِفَتْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا ما إذَا أخر أَخَذَهَا عن وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فإنه لَا يَضْمَنُهَا الْبَائِعُ وَالْحَالَةُ هذه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَضْعُهَا عَمَّنْ أَخَّرَ الْأَخْذَ عن وَقْتِهِ وَاخْتَارَهُ وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ يُفَرَّقُ بين حَالَةِ الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ لو بَاعَ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ فَتَارَةً يَتَمَكَّنُ من قَطْعِهَا قبل تَلَفِهَا وَتَارَةً لَا يَتَمَكَّنُ فَإِنْ تَمَكَّنَ من قَطْعِهَا ولم يَقْطَعْهَا حتى تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ على الْبَائِعِ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمَجْدِ وهو احْتِمَالٌ في التَّعْلِيقِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو مُصَرَّحٌ بِهِ في المغنى وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ عن الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ من ضَمَانِ الْبَائِعِ اعْتِمَادًا على إطْلَاقِهِ وَنَظَرًا إلَى أَنَّ الْقَبْضَ لم يَحْصُلْ قال في الْحَاوِي يَقْوَى عِنْدِي وُجُوبُ الضَّمَانِ على الْبَائِعِ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ ما شُرِطَ فيه الْقَطْعُ فَقَبَضَهُ يَكُونُ بِالْقَطْعِ وَالنَّقْلِ فإذا تَلِفَ قَبْلَهُ يَكُونُ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قبل الْقَبْضِ انْتَهَى وَأَمَّا إذَا لم يَتَمَكَّنْ من قَطْعِهَا حتى تَلِفَتْ فَإِنَّهَا من ضَمَانِ الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بين الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ وَمُطَالَبَةِ الْمُتْلِفِ
____________________
(5/77)
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فَهُوَ كَإِتْلَافِ الْمَبِيعِ الْمَكِيلِ أو الْمَوْزُونِ قبل قَبْضِهِ على ما تَقَدَّمَ لَكِنْ جَزَمَ في الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ من مَالِ الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ قال الزَّرْكَشِيُّ قال نَاظِمُ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وهو الْقِيَاسُ وَقِيلَ إنْ كان تَلَفُهُ بِعَسْكَرٍ أو لُصُوصٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْجَائِحَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
قَوْلُهُ وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ صَلَاحٌ لِجَمِيعِهَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وهو أَنْ يَبْدُوَ الصَّلَاحُ في بَعْضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا غَلَبَ الصَّلَاحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في النَّوْعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وأبو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِيمَا إذَا غَلَبَ الصَّلَاحُ في شَجَرَةٍ قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي إذَا بَدَا الصَّلَاحُ في بَعْضِ النَّوْعِ جَازَ بَيْعُ بَعْضِ ذلك النَّوْعِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ غَلَبَ جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ نَصَّ عليه
قَوْلُهُ وَهَلْ يَكُونُ صَلَاحًا لِسَائِرِ النَّوْعِ الذي في الْبُسْتَانِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ إحْدَاهُمَا يَكُونُ صَلَاحًا لِسَائِرِ النَّوْعِ الذي في الْبُسْتَانِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ
____________________
(5/78)
عليه وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَظْهَرُهُمَا يَكُونُ صَلَاحًا وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَكُونُ صَلَاحًا له فَلَا يُبَاعُ إلَّا ما بَدَا صَلَاحُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُهُمَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي وبن شَاقِلَا في تَعْلِيقِهِ
تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَلَاحًا لِلْجِنْسِ من ذلك الْبُسْتَانِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَكُونُ صَلَاحًا لِمَا في الْبُسْتَانِ من ذلك الْجِنْسِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هذا ظَاهِرُ النَّصِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ صَلَاحَ بَعْضِ نَوْعٍ من بُسْتَانٍ لَا يَكُونُ حَاصِلًا لِذَلِكَ النَّوْعِ من بُسْتَانٍ آخَرَ وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفَائِقِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/79)
وَعَنْهُ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ في شَجَرَةٍ من الْقَرَاحِ يَكُونُ صَلَاحًا له وَلَمَّا قَارَبَهُ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ في الْبَسَاتِينِ رِوَايَتَيْنِ
الثَّالِثُ ليس صَلَاحُ بَعْضِ الْجِنْسِ صَلَاحًا لِجِنْسٍ آخَرَ بِطَرِيقٍ أَوْلَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صَلَاحُ جِنْسٍ في الْحَائِطِ صَلَاحٌ لِسَائِرِ أَجْنَاسِهِ فَيَتْبَعُ الْجَوْزُ التُّوتَ وَالْعِلَّةُ عَدَمُ اخْتِلَافِ الْأَيْدِي على الثَّمَرِ قَالَهُ في الْفَائِقِ قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا بَقِيَّةَ الاجناس التي تُبَاعُ عَادَةً كَالنَّوْعِ
فَائِدَةٌ لو أَفْرَدَ ما لم يَبْدُ صَلَاحُهُ مِمَّا بَدَا صَلَاحُهُ وَبَاعَهُ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمُجَرَّدِ
قَوْلُهُ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ في ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَنْ يَحْمَرَّ أو يَصْفَرَّ وفي الْعِنَبِ أَنْ يَتَمَوَّهَ وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا حُكْمُ ما يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ عِنْدَ صَلَاحِهِ كَالْإِجَّاصِ وَالْعِنَبِ الْأَسْوَدِ حُكْمُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ بِأَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وفي سَائِرِ الثَّمَرِ أَنْ يَبْدُوَ فيه النُّضْجُ وَيَطِيبُ أَكْلُهُ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَجَمَاعَةٌ بُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ أَنْ يَطِيبَ أَكْلُهُ وَيَظْهَرُ نُضْجُهُ وَهَذَا الضَّابِطُ أَوْلَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِمْ وما ذَكَرُوهُ عَلَامَةٌ على هذا هذا حُكْمُ ما يَظْهَرُ من الثِّمَارِ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فَأَمَّا ما يَظْهَرُ فما بَعْدَ فَمٍ كَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبِطِّيخِ وَالْيَقْطِينِ وَنَحْوِهَا
____________________
(5/80)
فَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فيه أَنْ يُؤْكَلَ عَادَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ صَلَاحُهُ تَنَاهِي عِظَمِهِ وقال في التَّلْخِيصِ صَلَاحُهُ الْتِقَاطُهُ عُرْفًا وَإِنْ طَابَ أَكْلُهُ قبل ذلك
فَائِدَةٌ صَلَاحُ الْحَبِّ أَنْ يَشْتَدَّ أو يَبْيَضَّ
قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا له مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ في مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ أو بِقَرِينَةٍ يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في شِرَاءِ الْأَمَةِ من الْغَنِيمَةِ يَتَّبِعُهَا ما عليها مع عِلْمِهَا بِهِ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ لَا يَتَّبِعُهَا وهو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان قَصْدُهُ الْمَالَ اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِنْ لم يَكُنْ قَصْدُهُ الْمَالَ لم يُشْتَرَطْ فَظَاهِرُ ذلك أَنَّهُ سَوَاءٌ قُلْنَا الْعَبْدُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أولا وهو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَهُ نَصَّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَالتَّلْخِيصِ عن أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ نَقَلَ صَالِحٌ وأبو الْحَارِثِ إذَا كان إنَّمَا قَصَدَ الْعَبْدُ كان الْمَالُ تَبَعًا له قَلَّ أو كَثُرَ وَاقْتَصَرَ عليه أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وقال الْقَاضِي إنْ قِيلَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ لم تُشْتَرَطْ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُجَرَّدِ وزاد إلَّا إذَا كان قَصْدُهُ الْعَبْدَ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاعْلَمْ ان مَذْهَبَ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ فَكَلَامُهُ خَرَجَ على ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في التَّعْلِيقِ وَتَبِعَهُمَا أبو الْبَرَكَاتِ
____________________
(5/81)
أَمَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ فَصَرَّحَ أبو الْبَرَكَاتِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ شَرْطُهُ وَإِنْ كان مَجْهُولًا ولم يَعْتَبِرْ أبو مُحَمَّدٍ الْمِلْكَ بَلْ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَزَعَمَ أَنَّ هذا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وفي نسبة هذا إلَيْهِمَا نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ بِنَائِهِمَا على الْمِلْكِ كما تَقَدَّمَ وهو أَوْفَقُ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَلِمَشْهُورِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَحَكَى أبو مُحَمَّدٍ عن الْقَاضِي أَنَّهُ رَتَّبَ الْحُكْمَ على الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ لم يُشْتَرَطْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ اُشْتُرِطَ وَحَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ عن الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ رَتَّبُوا الْحُكْمَ على الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ كما يَقُولُهُ أبو مُحَمَّدٍ ثُمَّ قال وَهَذَا على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَمَّا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فَيَسْقُطُ حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ وَيَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَمَالًا وَهَذَا عَكْسُ طَرِيقَةِ أبي الْبَرَكَاتِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ التَّفْرِيعُ على الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ وَيَتَلَخَّصُ في الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وقال بن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ إذَا بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَفِيهِ لِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ أَحَدُهَا الْبِنَاءُ على الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ لم يَشْتَرِطْ مَعْرِفَةَ الْمَالِ وَلَا سَائِرَ شَرَائِطِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ في الْعَقْدِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ على مِلْكِ الْعَبْدِ لِيَكُونَ عَبْدًا ذَا مَالٍ وَذَلِكَ صِفَةٌ في الْعَبْدِ لَا تُفْرَدُ بِالْمُعَاوَضَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُكَاتَبِ الذي له مَالٌ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ اشترط ( ( ( اشتراط ) ) ) مَعْرِفَةِ الْمَالِ وَإِنْ تَبِعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ أو بِجِنْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ على رِوَايَةٍ وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ لِأَنَّ الْمَالَ دَاخِلٌ في عَقْدِ الْبَيْعِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وَغَيْرِهِمْ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ اعْتِبَارُ قَصْدِ الْمَالِ أو عَدَمِهِ لَا غَيْرُ فَإِنْ كان الْمَالُ مَقْصُودًا
____________________
(5/82)
لِلْمُشْتَرِي اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِنْ كان غير مَقْصُودٍ بَلْ قَصَدَ الْمُشْتَرِي تَرْكَهُ لِلْعَبْدِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ وَحْدَهُ لم يَشْتَرِطْ ذلك لِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ كَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي في خلافة وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ في الصِّحَّةِ وَإِنْ قُلْنَا الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَتَرْجِعُ الْمَسْأَلَةُ على هذه الطَّرِيقَةِ إلَى بَيْعٍ رِبَوِيٍّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَمَعَهُ من جِنْسِهِ ما هو غَيْرُ مَقْصُودٍ وَرَجَّحَ صَاحِبُ المغنى هذه الطَّرِيقَةَ وقال في الْقَوَاعِدِ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ وَعَدَمُهُ مُعْتَبَرًا في صِحَّةِ الْعَقْدِ في الظَّاهِرِ وهو عُدُولٌ عن قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَأُصُولِهِ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ الْجَمْعُ بين الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَمَضْمُونُهَا أَنَّا إنْ قُلْنَا الْعَبْدُ يَمْلِكُ لم يُشْتَرَطْ لِمَالِهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ بِحَالٍ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ فَإِنْ كان الْمَالُ مَقْصُودًا للمشترى اُشْتُرِطَ له شَرَائِطُ الْبَيْعِ وَإِنْ كان غير مَقْصُودٍ لم يُشْتَرَطْ له ذلك انْتَهَى وَذَكَرَهَا أَيْضًا في الْقَوَاعِدِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَرْبَعُ طُرُقٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ كانت عليه ثِيَابٌ فقال أَحْمَدُ ما كان لِلْجَمَالِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وما كان لِلُّبْسِ الْمُعْتَادِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً من الْمَغْنَمِ وإذا كان هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ على أَنَّ مُرَادَهُ جَمِيعُ الثِّيَابِ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا عَذَارِ الْفَرَسِ وَمِقْوَدُ الدَّابَّةِ كَثِيَابِ الْعَبْدِ وَيَدْخُلُ نَعْلُهَا في بَيْعِهَا كَلُبْسِ الْعَبْدِ قال في التَّرْغِيبِ وَأُولَى الثَّانِيَةُ لو بَاعَ الْعَبْدُ وَلَهُ سُرِّيَّةٌ لم يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا كَامْرَأَتِهِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ نَقَلَهُ حَرْبٌ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/83)
بَابُ السَّلَمِ
فَائِدَةٌ قال في الْمُسْتَوْعِبِ هو أَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ مَالًا في عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ هو أَنْ يُسْلِمَ عَيْنًا حَاضِرَةً في عِوَضٍ مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ وقال في الْمَطْلَعِ هو عَقْدٌ على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ مُؤَجَّلٌ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ في مَجْلِسِ الْعَقْدِ وهو مَعْنَى الْأَوَّلِ وهو حَسَنٌ وقال في الْوَجِيزِ هو بَيْعٌ مَعْدُومٌ خَاصٌّ ليس نَفْعًا إلَى أَجَلٍ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ في مَجْلِسِ الْعَقْدِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهَا هو بَيْعُ عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ مَعْدُومَةٍ في الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَقْدُورٍ عليه عِنْدَ الْأَجَلِ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هو بَيْعُ مَعْدُومٍ خَاصٍّ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ بِشُرُوطٍ تُذْكَرُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ سِتَّةً وَذَكَرَ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا خَمْسَةً وَذَكَرَ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا اربعة مع ذِكْرِهِمْ كُلِّهِمْ جَمِيعَ الشُّرُوطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذي لم يُكْمِلْ عَدَدَ ذلك جَعَلَ الْبَاقِيَ من تَتِمَّةِ الشُّرُوطِ لَا شُرُوطًا لِنَفْسِ السَّلَمِ
قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَذْرُوعِ أَمَّا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا الْمَذْرُوعُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ فيه كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(5/84)
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه ذَكَرَهَا إسْمَاعِيلُ في الطَّرِيقَةِ قَوْلُهُ فَأَمَّا الْمَعْدُودُ الْمُخْتَلِفُ كَالْحَيَوَانِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ والرؤوس ( ( ( والرءوس ) ) ) وَالْجُلُودِ وَنَحْوِهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الرِّوَايَتَيْنِ سَوَاءٌ كان آدَمِيًّا أو غَيْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ في المغنى هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الشَّارِحُ الْمَشْهُورُ صِحَّةُ السَّلَمِ في الْحَيَوَانِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ قال في الْكَافِي هذا الْأَظْهَرُ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ صَحَّ على الْأَظْهَرِ قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ يَصِحُّ على الْأَصَحِّ قال في الْفَائِقِ يَصِحُّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ فيه وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَوَائِدُ منها يَصِحُّ السَّلَمُ في اللَّحْمِ النِّيءِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُعْتَبَرُ نَزْعُ عَظْمِهِ لِأَنَّهُ كَالنَّوَى في التَّمْرِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ بَقَرٌ أو غَنَمٌ ضَأْنٌ أو مَعْزٌ جَذَعٌ أو ثنى ذَكَرٌ أو أُنْثَى خصى أو غَيْرُهُ رَضِيعٌ أو فَطِيمٌ مَعْلُوفَةٌ أو رَاعِيَةٌ من الْفَخِذِ أو الْجَنْبِ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ سَمِينٌ أو هَزِيلٌ
____________________
(5/85)
وَمِنْهَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَمِنْهَا يَصِحُّ السَّلَمُ في الشَّحْمِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ يَخْتَلِفُ قال كُلُّ سَلَفٍ يَخْتَلِفُ وَأَمَّا الْفَوَاكِهُ وَالْبُقُولُ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ السَّلَمِ فيها رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ بن الْبِنَاءِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَصِحُّ في مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ على الْأَصَحِّ قال أبو الْخَطَّابِ لَا أَرَى السَّلَمَ في الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَمَّا الْجُلُودُ والرؤوس ( ( ( والرءوس ) ) ) وَنَحْوُهَا كَالْأَكَارِعِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ السَّلَمِ فيها رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ السَّلَمُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال
____________________
(5/86)
النَّاظِمُ وهو أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ في مَكَان آخَرَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي يَعْقُوبُ في التَّبْصِرَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ قُلْت وهو الصَّوَابُ فِيمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كُلُّهُ حَيْثُ امكن ضَبْطُهُ
قَوْلُهُ وفي الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ وَالْأَوْسَاطِ كَالْقَمَاقِمِ وَالْأَسْطَالِ الضَّيِّقَةِ الرُّءُوسِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْهَادِي وَشَرْحِ بن منجا وَالزَّرْكَشِيِّ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
والوجة الثَّانِي يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ فَيُضْبَطُ بِارْتِفَاعِ حَائِطِهِ وَدُورٌ أَسْفَلَهُ أو أَعْلَاهُ
قَوْلُهُ وَفِيمَا يُجْمَعُ أَخْلَاطًا مُتَمَيِّزَةً كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ من نَوْعَيْنِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
والوجة الثَّانِي لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ النُّشَّابِ الْمُرَيَّشِ وَالنَّبْلِ الْمُرَيَّشِ وَالْخِفَافِ وَالرِّمَاحِ حُكْمُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ من نَوْعَيْنِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا
____________________
(5/87)
وَقَدَّمَ في المغنى وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا وَأَمَّا الْقَسِّيُّ فَجَعَلَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ من نَوْعَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَيْسَتْ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ من نَوْعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فيها لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ على خَشَبٍ وَقَرْنٍ وَعَصَبٍ وَوِتْرٍ إذْ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ مَقَادِيرِ ذلك وَتَمْيِيزُ ما فيها بِخِلَافِ الثِّيَابِ وما أَشْبَهَهَا قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْهَادِي
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ السَّلَمِ في الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ من نَوْعٍ وَاحِدٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقد دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ في قَوْلِهِ وَالْمَذْرُوعُ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في الْمَذْرُوعِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ كُلِّهَا هذا الْمَذْهَبُ في الْجَوَاهِرِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَقَلَ أبو دَاوُد السَّلَمُ فيها لَا بَأْسَ بِهِ وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في اللُّؤْلُؤِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في الْعَقِيقِ وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فيه
قَوْلُهُ وَالْحَوَامِلِ من الْحَيَوَانِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في الْحَوَامِلِ من الْحَيَوَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
____________________
(5/88)
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يَصِحُّ وفي طَرِيقِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في الْخِلْفَاتِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
فَوَائِدُ إحْدَاهَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في شَاةِ لَبُونٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في أَمَةٍ وَوَلَدِهَا أو وَأَخِيهَا أو عَمَّتِهَا أو خَالَتِهَا لِنُدْرَةِ جَمْعِهِمَا الصِّفَةَ الثَّالِثَةُ يَصِحُّ السَّلَمُ في الشَّهْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ وَمَثَّلَ من جُمْلَةِ ذلك الْمَغْشُوشُ من الْأَثْمَانِ أَنَّ السَّلَمَ يَصِحُّ في الْأَثْمَانِ نَفْسِهَا إذَا كانت غير مَغْشُوشَةٍ وهو صَحِيحٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ فَيَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ عَرْضَا في ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ إسْلَامُ عَرْضٍ في عَرْضٍ أو في ثَمَنٍ على الْأَصَحِّ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِنْ أَسْلَمَ في نَقْدٍ أو عَرْضٍ عَرْضًا مَقْبُوضًا جَازَ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَنَصَرَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرَهُمَا فَيُجْعَلُ عَرْضًا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وقال أبو الْخَطَّابِ وَالْمَنَافِعُ أَيْضًا كَمَسْأَلَتِنَا
____________________
(5/89)
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ إسْلَامُ عَرْضٍ في عَرْضٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وبن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوين ( ( ( والحاويين ) ) ) وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا بِعَيْنٍ أو وَرِقٍ خَاصَّةً ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى قال بن عَقِيلٍ لَا يَجُوزُ جَعْلُ رَأْسِ الْمَالِ غير الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَعَلَيْهَا لَا يُسْلِمُ الْعُرُوضَ بَعْضَهَا في بَعْضٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَصِحُّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو جَاءَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ صَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وقال فَإِنْ اتَّحَدَ صِفَةً فَجَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ بِمَا أَخَذَهُ منه لَزِمَهُ أَخْذُهُ وَقِيلَ لَا وَإِنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً في كَبِيرَةٍ فَصَارَتْ عِنْدَ الْمَحْمَلِ كما شَرَطَ فَفِي جَوَازِ أَخْذِهَا وَجْهَانِ وَإِنْ كان حِيلَةً حُرِّمَ انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ عَيْنِهِ إذَا جَاءَهُ بِهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ وَرَدَّهُ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي الثَّانِيَةُ في جَوَازِ السَّلَمِ في الْفُلُوسِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ نَقَلَ أبو طَالِبٍ وبن مَنْصُورٍ في مَسَائِلِهِ عن الثَّوْرِيِّ وَالْإِمَامِ احمد وَإِسْحَاقَ الْجَوَازَ وَنَقَلَ عن بن سَعِيدٍ الْمَنْعَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الْكَرَاهَةَ وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وبن أبي حَرْبٍ الْفُلُوسُ بِالدَّرَاهِمِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً وَإِنْ أَرَادَ فَضْلًا لَا يَجُوزُ فَهَذِهِ نُصُوصُهُ في ذلك قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ قُلْت هذا إنْ قُلْنَا هِيَ سِلْعَةٌ انْتَهَى
____________________
(5/90)
اخْتَارَ بن عَقِيلٍ في بَابِ الشَّرِكَةِ من الْفُصُولِ أَنَّ الْفُلُوسَ عُرُوضٌ بِكُلِّ حَالٍ وَاخْتَارَهُ على بن ثَابِتٍ الطَّالِبَانِيُّ من الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ عنه بن رَجَبٍ في الطَّبَقَاتِ في تَرْجَمَتِهِ وَهِيَ قبل تَرْجَمَةِ الْمُصَنِّفِ بِيَسِيرٍ فَعَلَيْهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فيها وَصَرَّحَ بِهِ بن الطَّالِبَانِيِّ وَاخْتَارَهُ وَتَأَوَّلَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ وقال أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ أَثْمَانٌ وهو قَوْلُ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قَالَهُ بن رَجَبٍ وَاخْتَارَ الشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ أنها أَثْمَانٌ بِكُلِّ حَالٍ فَعَلَيْهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَثْمَانِ في جَوَازِ السَّلَمِ فيها وَعَدَمِهِ على ما تَقَدَّمَ وَتَوَقَّفَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِ السَّلَمِ فيها فقال أنا مُتَوَقِّفٌ عن الْفُتْيَا في هذه الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَهُ عنه بن رَجَبٍ في تَرْجَمَةِ بن الطَّالِبَانِيِّ انْتَهَى قُلْت الصَّحِيحُ السَّلَمُ فيها لِأَنَّهَا إمَّا عَرْضٌ أو ثَمَنٌ لَا يَخْرُجُ عن ذلك وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ السَّلَمِ في ذلك على ما تَقَدَّمَ وَأَمَّا أَنَّا نَقُولُ بِصِحَّةِ السَّلَمِ في الْأَثْمَانِ وَالْعُرُوضِ وَلَا نُصَحِّحُ السَّلَمَ فيها فَهَذَا لَا يَقُولُهُ احد فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ في الْأَثْمَانِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا يَجْمَعُ أَخْلَاطًا غير مُتَمَيِّزَةٍ كَالْغَالِيَةِ وَالنَّدِّ وَالْمَعَاجِينِ وَنَحْوِهَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَيَصِحُّ فِيمَا يُتْرَكُ فيه شَيْءٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِمَصْلَحَتِهِ كَالْجُبْنِ تُوضَعُ فيه الأنفحة وَالْعَجِينُ يُوضَعُ فيه الْمِلْحُ وَكَذَا الْخُبْزُ وَخَلُّ التَّمْرِ يُوضَعُ فيه الْمَاءُ والسكنجيين ( ( ( والسكنجبين ) ) ) يُوضَعُ فيه الْخَلُّ وَنَحْوُهَا بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَصِفَهُ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ ظَاهِرًا فَيَذْكُرُ
____________________
(5/91)
جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَقَدْرَهُ وَبَلَدَهُ وَحَدَاثَتَهُ وَقِدَمَهُ وَجَوْدَتَهُ وَرَدَاءَتَهُ قال في التَّلْخِيصِ وَأَصْحَابُنَا يَعْتَبِرُونَ ذِكْرَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مع بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ قال وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذلك لِأَنَّهُ إذَا أتى بِجَمِيعِ الصِّفَاتِ التي يَزِيدُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا جَيِّدًا أو بِالْعَكْسِ انْتَهَى وَيَذْكُرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ما يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَ النَّوْعِ وَسِنَّ الْحَيَوَانِ وَذُكُورَتَهُ وَأُنُوثَتَهُ وَهُزَالَهُ وَرَاعِيًا أو مَعْلُوفًا على ما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَذْكُرُ آلَةَ الصَّيْدِ أُحْبُولَةً أو صَيْدَ كَلْبٍ أو فَهْدٍ أو صَقْرٍ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ لَا يُشْتَرَطُ ذلك لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فيه يَسِيرٌ قَالَا وإذا لم يُعْتَبَرْ في الرَّقِيقِ ذِكْرُ السِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَتَبَايَنُ بِهِ الثَّمَنُ فَهَذَا أَوْلَى انْتَهَيَا وَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الطُّولِ بِالشِّبْرِ في الرَّقِيقِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لَكِنْ يَذْكُرُ طَوِيلًا أو قَصِيرًا أو رَبْعًا وَيُعْتَبَرُ في الرَّقِيقِ ذِكْرُ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَتَكَلْثُمِ الوجة وَكَوْنُ الْجَارِيَةِ خَمِيصَةً ثَقِيلَةَ الْأَرْدَافِ سَمِينَةً بِكْرًا أو ثَيِّبًا وَنَحْوُ ذلك مِمَّا يُقْصَدُ وَلَا يُطَوَّلُ وَلَا ينتهى إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قال في التَّلْخِيصِ قَالَهُ غَيْرُ الْقَاضِي في الْمُسْتَوْعِبِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْخِصَالِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَثِقَلِ الْأَرْدَافِ ووضاءه الْوَجْهِ وَكَوْنِ الْحَاجِبَيْنِ مَقْرُونَيْنِ وَالشَّعْرِ سَبْطًا أو جَعْدًا وَأَشْقَرَ أو أَسْوَدَ وَالْعَيْنِ زَرْقَاءَ وَالْأَنْفِ أَقْنَى في صِحَّةِ السَّلَمِ وَجْهَانِ انْتَهَى
____________________
(5/92)
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَذْكُرُ الثُّيُوبَةَ وَالْبَكَارَةَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ انْتَهَى وَإِنْ اسلم في الطَّيْرِ ذَكَرَ النَّوْعَ وَاللَّوْنَ وَالْكِبَرَ وَالصِّغَرَ وَالْجَوْدَةَ والرداءه وَلَا يُعَرِّفُ سِنَّهَا أَصْلًا وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْوَزْنِ في الطَّيْرِ كَالْكُرْكِيِّ وَالْبَطِّ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَحْمُهُ وَيُنْزِلُ الْوَصْفَ على أَقَلِّ دَرَجَةٍ وقال في التَّلْخِيصِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَيَذْكُرُ في الْعَسَلِ الْمَكَانَ بَلَدِيٌّ أو جَبَلِيٌّ رَبِيعِيٌّ أو خَرِيفِيٌّ وَاللَّوْنَ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَتِيقٍ أو حَدِيثٍ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ في الْمُسْلَمِ فيه خَمْسَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ ما يُضْبَطُ كُلُّ وَاحِدٍ منه بِثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ إنْ حَفِظَ أَوْصَافَهُ كَاللَّبَنِ وَحِجَارَةِ الْبِنَاءِ الثَّانِي ما يُضْبَطُ كُلُّ وَاحِدٍ منه بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وهو أَرْبَعَةَ عَشَرَ شيئا الرَّصَاصُ وَالصُّفْرُ وَالنُّحَاسُ وَحِجَارَةُ الْآنِيَةِ كَالْبِرَامِ وَالرِّجْسُ الطَّاهِرُ وَالشَّوْكُ وَلَحْمُ الطَّيْرِ وَالسَّمَكُ وَالْإِبْرَيْسَمُ وَالْآجُرُّ والرؤوس ( ( ( والرءوس ) ) ) وَالسَّمْنُ والجبن ( ( ( والجبلي ) ) ) وَالْعَسَلُ الثَّالِثُ ما يُضْبَطُ كُلُّ وَاحِدٍ منه بِخَمْسَةِ أَوْصَافٍ وهو ثَلَاثَةَ عَشَرَ شيئا الْجُلُودُ وَحِجَارَةُ الْأَرْحَاءِ وَالصُّوفُ وَالْقُطْنُ وَالْغَزْلُ وَخَشَبُ الْوَقُودِ وَالْبِنَاءِ وَالْخُبْزُ وَالزُّبْدُ وَاللِّبَأُ وَالرُّطَبُ وَالطَّعَامُ وَالنِّعَمُ وَالْخَيْلُ الرَّابِعُ ما يُضْبَطُ كُلُّ وَاحِدٍ منه بِسِتَّةِ أَوْصَافٍ وهو ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ السَّمَرُ في الْعَبِيدِ وَخَشَبُ القسى الْخَامِسُ ما يُضْبَطُ كُلُّ وَاحِدٍ منه بِسَبْعَةِ أَوْصَافٍ وهو شَيْئَانِ الثِّيَابُ وَلَحْمُ الصَّيْدِ وَغَيْرُهُ انْتَهَى قُلْت جَزَمَ بهذا في الْمُسْتَوْعِبِ وَمِنْ الْأَوْصَافِ الْمَضْبُوطَةِ بِذَلِكَ كُلِّهِ
____________________
(5/93)
وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وَغَيْرُهُ غَيْرُ ما تَقَدَّمَ وَيَذْكُرُ أَيْضًا ما يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ غَالِبًا كَالْعَرْضِ وَالسُّمْكِ وَالتَّدْوِيرِ وَالسِّنِّ وَاللَّوْنِ وَاللِّينِ وَالنُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ وَالدِّقَّةِ وَالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَجَلْبِ يَوْمِهِ وَزُبْدِ يَوْمِهِ وَالْحَلَاوَةِ والحموضه وَالْمَرْعَى وَالْعَلَفِ وَكَوْنِ الْمَبِيعِ حَدِيثًا أو عَتِيقًا رَطْبًا أو يَابِسًا رَبِيعِيًّا أو خَرِيفِيًّا وَغَيْرِ ذلك كُلُّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ من ذلك وَغَيْرِهِ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك وَذِكْرُ أَوْصَافِ كل وَاحِدٍ مِمَّا يَجُوزُ السَّلَمُ فيه يَطُولُ وقد ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ فَلْيُرَاجَعُوا
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ الْأَرْدَأَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْحَاوِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّى وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
والوجة الثَّانِي يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ قال في التَّلْخِيصِ لِأَنَّ طَلَبَ الْأَرْدَأِ من الْأَرْدَأِ عِنَادٌ فَلَا يَثُورُ فيه نِزَاعٌ
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ جَيِّدًا أو رَدِيئًا صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وإذا جَاءَهُ بِدُونِ ما وَصَفَهُ له أو نَوْعٍ آخَرَ فَلَهُ أَخْذُهُ إذَا جَاءَهُ بِدُونِ ما وَصَفَ من نَوْعِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ في أَخْذِهِ وَإِنْ جَاءَهُ بِنَوْعٍ آخَرَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ أَيْضًا في أَخْذِهِ وَعَدَمِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ
____________________
(5/94)
في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْكَافِي وقال هو أَصَحُّ وَغَيْرُهُمْ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ إذَا لم يَكُنْ أَدْنَى من النَّوْعِ الْمُشْتَرَطِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ أَخْذُهُ كَأَخْذِ غَيْرِ جِنْسِهِ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ في التَّلْخِيصِ في الْأَخْذِ وَعَدَمِهِ رِوَايَتَيْنِ وقال بِنَاءً على كَوْنِ النَّوْعِيَّةِ تجرى مَجْرَى الصِّفَةِ أو الْجِنْسِ
قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ لم يَجُزْ له أَخْذُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن أَحْمَدَ جَوَازَ الْأَخْذِ لِلْأَرْدَأِ عن الْأَعْلَى كَشَعِيرٍ عن بُرٍّ بِقَدْرِ كَيْلِهِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيُّ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ على رِوَايَةِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ قال في التَّلْخِيصِ جَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هذا رِوَايَةً في جَوَازِ الْأَخْذِ من غَيْرِ الْجِنْسِ بِقَدْرِهِ إذَا كان دُونَ الْمُسْلَمِ فيه قال وَلَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدِي كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هذا يختص ( ( ( يخص ) ) ) الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ مُطَابِقًا لِنَصِّهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عنه أَنَّ الضَّمَّ في الزَّكَاةِ يَخْتَصُّهُمَا دُونَ الْقُطْنِيَّاتِ وَغَيْرِهَا بِنَاءً على كَوْنِهِمَا جِنْسًا وَاحِدًا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عنه وَإِنْ تَنَوَّعَ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أبو يَعْلَى وَغَيْرُهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَهُ بِأَجْوَدَ منه من نَوْعِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وحكى رِوَايَةً نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ لَا يَأْخُذُ فَوْقَ صِفَتِهِ بَلْ دُونَهَا
فَائِدَةٌ لو وَجَدَهُ مَعِيبًا كان له رَدُّهُ أو أَرْشُهُ
____________________
(5/95)
قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ في الْمَكِيلِ وَزْنًا وفي الْمَوْزُونِ كَيْلًا لم يَصِحَّ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو المشهور ( ( ( المشهود ) ) ) وَالْمُخْتَارُ لِلْعَامَّةِ قُلْت منهم الْقَاضِي وبن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَالْخُلَاصَةُ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبُ الْأَحْمَدُ وَالْبُلْغَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَهِيَ من زَوَائِدِ الشَّارِحِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَهُمَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ في الْمَذْرُوعِ إلَّا بِالذَّرْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَخَرَجَ الْجَوَازُ وَزْنًا
قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مَعْلُومًا فَإِنْ شَرَطَ مَكِيلًا بِعَيْنِهِ أو صَنْجَةً بِعَيْنِهَا غير مَعْلُومَةٍ لم يَصِحَّ وَكَذَا الْمِيزَانُ وَالذِّرَاعُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فيه لَكِنْ لو عَيَّنَ مِكْيَالَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أو مِيزَانَهُ صَحَّ ولم يَتَعَيَّنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ لم يَتَعَيَّنْ في الْأَصَحِّ قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ الْعَقْدُ ولم يَتَعَيَّنَا في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في فَسَادِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
____________________
(5/96)
وَأَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ الْعَقْدِ يَتَعَيَّنُ مِكْيَالٌ انْتَهَى أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ
قَوْلُهُ وفي الْمَعْدُودِ الْمُخْتَلِفِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ رِوَايَتَانِ يعنى على الْقَوْلِ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فيه كما تَقَدَّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَشَرْحِ بن منجا وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ إحْدَاهُمَا يُسْلِمُ فيه عَدَدًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْأُخْرَى يُسْلِمُ فيه وَزْنًا قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ يُسْلِمُ في الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا وفي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ وَزْنًا قال الشَّارِحُ يُسْلِمُ في الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا في أَظْهَرِ الرِّوَايَةِ وَأَطْلَقَ في الْفَوَاكِهِ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ صِحَّةَ السَّلَمِ في مَعْدُودٍ غَيْرِ حَيَوَانٍ يَتَقَارَبُ عَدَدًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْكَافِي فَأَمَّا الْمَعْدُودُ فَيُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنْ كان يَتَفَاوَتُ كَثِيرًا كَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْبُقُولِ قَدَّرَهُ بِالْوَزْنِ وقال في المغنى يُسْلِمُ في الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَنَحْوِهِمَا عَدَدًا وَفِيمَا يَتَفَاوَتُ كَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْقِثَّاءِ وَجْهَانِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّارِحِ فَالصَّحِيحُ إذَنْ من الْمَذْهَبِ أَنَّ ما يَتَقَارَبُ السَّلَمُ فيه عَدَدًا فيه وما يَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا كَثِيرًا يُسْلِمُ فيه وَزْنًا
قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا له وَقَعَ في الثَّمَنِ يعنى في الْعَادَةِ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(5/97)
قال في الرِّعَايَةِ وَيَتَغَيَّرُ فيه الثَّمَنُ غَالِبًا بِحَسَبِ الْبُلْدَانِ وَالْأَزْمَانِ وَالسِّلَعِ قال في الْكَافِي كَالشَّهْرِ وَنِصْفِهِ وَنَحْوِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ يُمَثِّلُ بِالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَمِنْ ثَمَّ قال بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ شَهْرٌ انْتَهَى قُلْت قال في الْخُلَاصَةِ وَيَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ الْأَجَلِ فَيَكُونُ شَهْرًا فَصَاعِدًا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ أَقَلُّهُ شَهْرٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَيْسَ هذا في كَلَامِ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ وَلَوْ كان أَجَلًا قَرِيبًا وَمَالَ إلَيْهِ وقال هو أَظْهَرُ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ حَالًّا أو إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لم يَصِحَّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةً يَصِحُّ حَالًّا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كان في مِلْكِهِ قال وهو الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِحَكِيمِ بن حِزَامٍ رضي اللَّهُ عنه لَا تَبِعْ ما ليس عِنْدَك أَيْ ما ليس في مِلْكِك فَلَوْ لم يَجُزْ السَّلَمُ حَالًّا لَقَالَ لَا تَبِعْ هذا سَوَاءٌ كان عِنْدَك أولا وَتَكَلَّمَ على ما ليس عِنْدَهُ ذَكَرَهُ عنه صَاحِبُ الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْبَيْعِ في الشَّرْطِ الْخَامِسِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ قال في النَّظْمِ وما هو بِبَعِيدٍ وَحَمَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هذه الرِّوَايَةَ على الْمَذْهَبِ ولم يَرْتَضِهِ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ إذَا أَسْلَمَهُ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كما تَقَدَّمَ وَرَدَّ ما احْتَجَّ بِهِ الْأَصْحَابُ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ لنا وَجْهٌ قَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْخِلَافِ بِصِحَّةِ السَّلَمِ حَالًّا وَيَكُونُ بَيْعًا انْتَهَى
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ في شَيْءٍ يَأْخُذُ منه كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً
____________________
(5/98)
كَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَنَحْوِهِمَا فَيَصِحُّ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ إنْ بَيَّنَ قِسْطَ كل أَجَلٍ وَثَمَنَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ في جِنْسٍ إلَى أَجَلَيْنِ أو في جِنْسَيْنِ إلَى أَجَلٍ صَحَّ إذَا أَسْلَمَ في جِنْسَيْنِ أو جِنْسٍ وَاحِدٍ إلَى أَجَلَيْنِ صَحَّ بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ قِسْطَ كل أَجَلٍ وَثَمَنَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَإِنْ أَسْلَمَ في جِنْسَيْنِ إلَى أَجَلٍ صَحَّ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَ كل جِنْسَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَإِنْ لم يُبَيِّنْ ويأتى هذا قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ حَيْثُ قال وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا في جِنْسَيْنِ لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كل جِنْسٍ وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ يَصِحُّ في الْكُلِّ قبل الْبَيَانِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لو أَسْلَمَ ثَمَنَيْنِ في جِنْسٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبى مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أَسْلَمَ إلَى الْحَصَادِ والجداد ( ( ( والجذاذ ) ) ) فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/99)
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ قال في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ لم يَصِحَّ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ هُمَا وَغَيْرُهُمَا
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْحَصَادِ إذَا جَعَلَهُ إلَى زَمَنِهِ أَمَّا إلَى فِعْلِهِ فَلَا يَصِحُّ قُلْت جَزَمَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في مسالة خِيَارِ الشَّرْطِ
فَائِدَةٌ لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْأَجَلِ أو مُضِيِّهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدِينِ مع يَمِينِهِ في قَدْرِ الْأَجَلِ على الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ حَرْبٌ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَكَذَا في مُضِيِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وهو الْمَدِينُ في مَكَانِ تَسْلِيمِهِ نَقَلَهُ حَرْبٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ أو شَرَطَ الْخِيَارَ إلَيْهِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ قد تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرِّوَايَتَيْنِ في خِيَارِ الشَّرْطِ وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ هُنَاكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ
فَوَائِدُ منها لو جَعَلَ الْأَجَلَ مُقَدَّرًا بِأَشْهُرِ الرُّومِ كَشُبَاطَ وَنَحْوِهِ وَعِيدٍ لهم لَا يَخْتَلِفُ كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/100)
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ كَالشَّعَانِينِ وَعِيدِ الْفَطِيرِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَجْهَلُهُ الْمُسْلِمُونَ غَالِبًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وبن أبى مُوسَى وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ حَيْثُ قالوا بِالْأَهِلَّةِ وَمِنْهَا لو قال مَحَلُّهُ شَهْرُ كَذَا صَحَّ وَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَمِنْهَا لو قال مَحَلُّهُ أَوَّلُ شَهْرِ كَذَا أو آخِرُهُ صَحَّ وَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ منه أو آخِرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ يُعَبَّرُ بِهِ عن النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْآخِرُ وهو احْتِمَالٌ في التَّلْخِيصِ وَمِنْهَا لو قال مَثَلًا إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ حَلَّ بِأَوَّلِهِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيَتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِانْقِضَائِهِ وَمِنْهَا لو جَعَلَ الْأَجَلَ مَثَلًا إلَى جمادي أو رَبِيعٍ أو يَوْمِ النَّفْرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَشْتَرِك فيه شَيْئَانِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِهِمَا جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ إلَى الشَّهْرِ وكان في أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَيَأْتِي حُكْمُهُ في أَثْنَاءِ بَابِ الْإِجَارَةِ
قَوْلُهُ وإذا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قبل مَحَلِّهِ وَلَا ضَرَرَ في قَبْضِهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ وَإِلَّا فَلَا هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(5/101)
وَالْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرَّوْضَةِ إنْ كان مِمَّا يَتْلَفُ أو يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أو حَدِيثُهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَطَعَ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إنْ كان مِمَّا يَتْلَفُ أو يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أو حَدِيثُهُ لَا يَلْزَمُ قَبْضُهُ لِلضَّرَرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
تَنْبِيهٌ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالسَّلَمِ عن الْمُسْلَمِ فيه كما يُعَبِّرُ بِالسَّرِقَةِ عن الْمَسْرُوقِ وَبِالرَّهْنِ عن الْمَرْهُونِ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَامْتَنَعَ منه قِيلَ له إمَّا أَنْ تَقْبِضَ حَقَّك أو تُبْرِئَ منه فَإِنْ أَبَى رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيَقْبِضُهُ له قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ هُنَا وَكَذَلِكَ في الْكَافِي وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَيْضًا إنْ أَبَى قَبْضَهُ بريء ذَكَرَاهُ في الْمَكْفُولِ بِهِ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لو أَتَاهُ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ الذي يَجِبُ عليه قَبْضُهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبِضَهُ قال في المغنى يَقْبِضُهُ الْحَاكِمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ بِوِلَايَتِهِ الثَّانِيَةُ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل دَيْنٍ لم يَحِلَّ إذَا أتى بِهِ قبل مَحِلِّهِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ ويأتى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْكِتَابَةِ إذَا عَجَّلَهَا قبل مَحِلِّهَا
قَوْلُهُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فيه عَامَّ الوجود ( ( ( الوجوه ) ) ) في مَحِلِّهِ فَإِنْ
____________________
(5/102)
كان لَا يُوجَدُ فيه أو لَا يُوجَدُ فيه إلَّا نَادِرًا كَالسَّلَمِ في الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ إلَى غَيْرِ وَقْتِهِ لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ في ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ أو قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لم يَصِحَّ وَكَذَا لو أَسْلَمَ في مِثْلِ هذا الثَّوْبِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ يَصِحُّ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ أو اُسْتُحْصِدَ وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ إنْ أَمِنَ عليها الْجَائِحَةَ قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وهو قَوْلٌ حَسَنٌ إنْ لم يَحْصُلْ إجْمَاعٌ وقال في الرَّوْضَةِ إنْ كانت الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً فَعَنْهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فيها وَعَنْهُ لَا وَعَلَيْهَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ
تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فيه عَامُ الْوُجُودِ في مَحِلِّهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ وهو كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ على الصَّحِيحِ من الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ بن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ فيه عَامًّا فَانْقَطَعَ خُيِّرَ بين الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِرَأْسِ مَالِهِ أو عِوَضِهِ إنْ كان مَعْدُومًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ كُلُّ الْمُسْلَمِ فيه عِنْدَ مَحِلِّهِ أو بَعْضُهُ إمَّا لِغَيْبَةِ الْمُسْلَمِ فيه أو لِعَجْزٍ عن التَّسْلِيمِ أو لِعَدَمِ حَمْلِ الثِّمَارِ تِلْكَ السَّنَةَ وما أَشْبَهَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بين الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ في الْكُلِّ أو الْبَعْضِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/103)
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ في الْبَعْضِ الْمُتَعَذِّرِ وَلَهُ الْخِيَارُ في الْبَاقِي قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ الْبَعْضُ وَقِيلَ ليس له الْفَسْخُ إلَّا في الْكُلِّ أو يَصْبِرُ
تَنْبِيهٌ قال في الْفُرُوعِ في نَقْلِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ أو بَعْضُهُ وَقِيلَ أو انْقَطَعَ وَتَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ فذكر أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ وَتَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ يَلْزَمُ بِتَحْصِيلِهِ على الْمُقَدَّمِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِتَحْصِيلِهِ إذَا انْقَطَعَ بِلَا خِلَافٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ على ظَاهِرِهِ فَيَكُونَ مُوَافِقًا لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الِانْقِطَاعُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ على التَّعَذُّرِ فَيَكُونَ مُوَافِقًا لِلصَّحِيحِ وهو أَوْلَى
قَوْلُهُ السَّادِسُ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ في مَجْلِسِ الْعَقْدِ نَصَّ عليه وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ وَقَعَ في كَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ الْيَوْمَيْنِ أو الثَّلَاثَةَ لم يَصِحَّ
فَوَائِدُ الْأُولَى لو قَبَضَ الْبَعْضَ ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ فِيمَا لم يَقْبِضْ وَلَا يَبْطُلُ فِيمَا قَبَضَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِمَا قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ قال النَّاظِمُ هذا الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
____________________
(5/104)
وَعَنْهُ يَبْطُلُ في الْجَمِيعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وأبى بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ في بَابِ الصَّرْفِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَجْهَيْنِ في بَابِ الصَّرْفِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا هُنَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ الثَّانِيَةُ لو قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَتَارَةً يَكُونُ الْعَقْدُ قد وَقَعَ على عَيْنٍ وَتَارَةً يَكُونُ قد وَقَعَ على مَالٍ في الذِّمَّةِ ثُمَّ قَبَضَهُ
فَإِنْ كان وَقَعَ على عَيْنٍ وَقُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وكان الْعَيْبُ من غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ فَلَهُ الْبَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ
وَإِنْ كان الْعَيْبُ من جِنْسِهِ فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ عَيْبِهِ أو رَدَّهُ وَأَخَذَ بَدَلَهُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ كان الْعَقْدُ وَقَعَ على مَالٍ في الذِّمَّةِ ثُمَّ قَبَضَهُ فَتَارَةً يَكُونُ الْعَيْبُ من جِنْسِهِ وَتَارَةً يَكُونُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كان من جِنْسِهِ لم يَبْطُلْ السَّلَمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَهُ الْبَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَبْطُلُ إنْ اخْتَارَ الرَّدَّ وَإِنْ كان الْعَيْبُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَأَجْرَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فيه رِوَايَةً بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَلَهُ الْبَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ على ما تَقَدَّمَ في الصَّرْفِ فَلْيُعَاوَدْ الثَّالِثَةُ لو ظَهَرَ رَأْسُ مَالِ السلم ( ( ( المسلم ) ) ) مُسْتَحَقًّا بِغَصْبٍ أو غَيْرِهِ وهو مُعَيَّنٌ وَقُلْنَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ بِالتَّعْيِينِ لم يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ كان له الْبَدَلُ في مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ كان الْعَقْدُ وَقَعَ في الذِّمَّةِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ ببدله ( ( ( بيد ) ) ) في الْمَجْلِسِ وَإِنْ تَفَرَّقَا بَطَلَ الْعَقْدُ إلَّا على رِوَايَةِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ أو أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ
____________________
(5/105)
وَتَقَدَّمَ في الصَّرْفِ أَحْكَامٌ كَهَذِهِ الْأَحْكَامِ وَاسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ بِأَتَمَّ من هذا فَلْيُعَاوَدْ فإن أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمَوْضِعَيْنِ على حَدٍّ سَوَاءٌ
قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ كَالْمُسْلَمِ فيه على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ والوجة الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَيَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ لم يَذْكُرْهُ في شُرُوطِ السَّلَمِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فيه مالا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَةِ كَالْجَوَاهِرِ وَسَائِرِ ما لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فيه فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ الْعَقْدُ وَتَقَدَّمَ هل يَصِحُّ السَّلَمُ في أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَالْعُرُوضِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَغْشُوشِ من الْأَثْمَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا في جِنْسَيْنِ لم يَجُزْ حتى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كل جِنْسٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَصِحُّ قبل الْبَيَانِ وَهِيَ تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ من الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وقال الْجَوَازُ هُنَا أَوْلَى قال الزَّرْكَشِيُّ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتٌ إلَى مَعْرِفَةِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَصِفَتِهِ وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ ثَمَّ من الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا انْتَهَى
____________________
(5/106)
وقد شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هذه الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ قال وَإِنْ أَسْلَمَ في جِنْسَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ
قَوْلُهُ السَّابِعُ أَنْ يُسْلِمَ في الذِّمَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ في عَيْنٍ لم يَصِحَّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال في الْوَاضِحِ إنْ كانت الْعَيْنُ حَاضِرَةً صَحَّ وَيَكُونُ بَيْعًا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَيُقْبَضُ ثَمَنُهُ فيه
فَائِدَةٌ هذه الشُّرُوطُ السَّبْعَةُ هِيَ الْمُشْتَرَطَةُ في صِحَّةِ السَّلَمِ لَا غَيْرُ لَكِنْ هذه زَائِدَةٌ على شُرُوطِ الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ في كِتَابِ الْبَيْعِ
وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ من شُرُوطِ السَّلَمِ أَيْضًا
قُلْت هُمَا من أَرْكَانِ السَّلَمِ كما هُمَا من أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ هُمَا من شُرُوطِهِ قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فيه كَالْبَرِّيَّةِ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ
إذَا كان مَوْضِعُ الْعَقْدِ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فيه لم يُشْتَرَطْ ذِكْرُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَيَكُونُ الْوَفَاءُ في مَوْضِعِ الْعَقْدِ على ما يَأْتِي وَإِنْ كان لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فيه كَالْبَرِّيَّةِ وَالْبَحْرِ وَدَارِ الْحَرْبِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مَكَانِ الْوَفَاءِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ والكافى والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
وقال الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَيُوَفَّى بِأَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ
قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ ولم أَجِدْهُ في كُتُبِ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال قُلْت إذَا كان مَكَانُ الْعَقْدِ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أو
____________________
(5/107)
يَصْلُحُ لَكِنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ ذِكْرُ مَوْضِعِ الْوَفَاءِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
ولم يذكر الْمُقَدَّمَ في الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْوَفَاءُ في مَكَانِ الْعَقْدِ
يعنى إذَا عَقَدَاهُ في مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ فيه فَإِنْ شَرَطَ الْوَفَاءَ فيه كان تَأْكِيدًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ هذا الشَّرْطُ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَهُ في غَيْرِهِ صَحَّ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ أَيْضًا في التَّنْبِيهِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالسَّبْعِينَ وَالْمَنْصُوصُ فَسَادُهُ في رِوَايَةٍ منها وَأَطْلَقَهُمَا في الكافى وَالْقَوَاعِدِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ له أَخْذُهُ في غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقْدِ في غَيْرِ شَرْطِ إنْ رَضِيَا بِهِ لَا مع أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ قال الْقَاضِي كَأَخْذِ بَدَلِ السَّلَمِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فيه قبل قَبْضِهِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وفي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ بِأَنَّ بَيْعَهُ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال هو قَوْلُ بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما لَكِنْ يَكُونُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لم يَضْمَنْ
قال وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في بَدَلِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في جَوَازِ بَيْعِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِيهِمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في دَيْنِ الْكِتَابَةِ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/108)
وَأَمَّا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ الْجَوَازَ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
وَأَمَّا بَيْعُ مَالِ الْكِتَابَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ من الْبُيُوعِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَوَافَقَهُ في شَرْحِهَا عليه ولم يَزِدْ انْتَهَى
وَقِيلَ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قَوْلُهُ وَلَا هِبَتُهُ
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان لِمَنْ هو في ذِمَّتِهِ أو لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَا لِغَيْرِ من هو في ذِمَّتِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الاصحاب وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ نَقَلَهَا حَرْبٌ وَاخْتَارَهَا في الْفَائِقِ وهو مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَإِنْ كان لِمَنْ هو في ذِمَّتِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَكَان
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ذلك وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقد نَبَّهَ عليه الْمُصَنِّفُ في كَلَامِهِ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْهِبَةِ حَيْثُ قال وَإِنْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ من دَيْنِهِ أو وَهَبَهُ له أو أَحَلَّهُ منه بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ
فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ دَيْنِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِ وهو كَذَلِكَ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَصِحُّ هِبَةُ دَيْنٍ لِغَيْرِ غَرِيمٍ ويأتى الْكَلَامُ هُنَاكَ بِأَتَمَّ من هذا وَأَعَمَّ
قَوْلُهُ وَلَا أَخْذُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
____________________
(5/109)
وَعَنْهُ يَجُوزُ أَخْذُ الشَّعِيرِ عن الْبُرِّ ذَكَرَهَا بن ابى مُوسَى وَجَمَاعَةٌ وحمل ( ( ( وحملا ) ) ) على أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ
وَتَقَدَّمَ ذلك عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ جَاءَهُ بِجِنْسٍ آخَرَ لم يَجُزْ له أَخْذُهُ
قَوْلُهُ وَلَا الْحَوَالَةُ بِهِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَصِحُّ
وفي طريقه بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ على دَيْنِ السَّلَمِ وَبِدَيْنِ السَّلَمِ ويأتى ذلك في بَابِ الْحَوَالَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في صِحَّةِ الْحَوَالَةِ على رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَبِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ في الْبَيْعِ وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ مع الْمَدْيُونِ وَغَيْرِهِ بِحَالٍ في دَيْنٍ غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ قبل قَبْضِهِ وَكَذَا راس مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ مع اسْتِقْرَارِهِ إذَنْ
وَقِيلَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ على ما يَظْهَرُ لى
وَمُسْتَنَدُ عُمُومِ عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ أو جُمْهُورِهِمْ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ اشْتَرَطَ فى الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا وَبَعْضُهُمْ يقول يَصِحُّ فى كل دَيْنٍ عَدَا كَذَا ولم يُذْكَرْ هذا في الْمُسْتَثْنَى وَهَذَا دَيْنٌ فَصَحَّتْ الْحَوَالَةُ عليه على الْعِبَارَتَيْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ
من عَيْنٍ وَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا وَفَرَغَتْ مُدَّتُهَا وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِ ذلك
____________________
(5/110)
لِمَنْ هو في ذِمَّتِهِ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ والحاوى الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَطَعَ بِهِ بن منجا وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمَا
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَذَكَرَهَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ عن صَاحِبِهِ أبى بَكْرٍ كَدَيْنِ السَّلَمِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ
وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في جَوَازِ بَيْعِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَرِيبًا
تَنْبِيه يُسْتَثْنَى على الْمَذْهَبِ إذَا كان عليه دَرَاهِمُ من ثَمَنِ مَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ بَاعَهُ منه بِالنَّسِيئَةِ فإنه لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَمَّا في الذِّمَّةِ بِمَا يُشَارِكُهُ الْمَبِيعُ في عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ نَصَّ عليه حَسْمًا لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ كما تَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ
وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا ما في الذِّمَّةِ من رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ فإنه لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عنه وَإِنْ كان مُسْتَقِرًّا على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَقِيلَ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ في جَوَازِ رَهْنِهِ عِنْدَ من عليه الْحَقُّ له رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا في الِانْتِصَارِ في الْمَشَاعِ
قُلْت الْأَوْلَى الْجَوَازُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ قالوا يَجُوزُ رَهْنُ ما يَصِحُّ بَيْعُهُ
قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ في الْمَجْلِسِ
إذَا بَاعَ دَيْنًا في الذِّمَّةِ مُسْتَقِرًّا لِمَنْ هو في ذِمَّتِهِ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَإِنْ كان مِمَّا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً أو بِمَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ اُشْتُرِطَ قَبْضُ عِوَضِهِ في الْمَجْلِسِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان بِغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ مِثْلُ مالو قال بِعْتُك الشَّعِيرَ الذى في ذِمَّتِك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أو بهذا الْعَبْدِ أو الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ
____________________
(5/111)
بِاشْتِرَاطِ قَبْضِ الْعِوَضِ في الْمَجْلِسِ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ بن منجا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ
قال في التَّلْخِيصِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ قَبْضُ الْعِوَضِ في الْمَجْلِسِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ
يعنى لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ لِغَيْرِ من هو في ذِمَّتِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَصِحُّ قَالَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ نَصَّ عليه
وقد شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةَ بَيْعِ الصِّكَاكِ وهى الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ على الناس تُكْتَبُ في صِكَاكٍ وهو الْوَرَقُ وَنَحْوُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ كان الدَّيْنُ نَقْدًا أو بِيعَ بِنَقْدٍ لم يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ صَرْفٌ بِنَسِيئَةٍ
وَإِنْ بِيعَ بِعَرْضٍ وَقَبَضَهُ في الْمَجْلِسِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَدَمُ الْجَوَازِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو غَرَرٌ وَالْجَوَازُ نَصَّ عليها في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَحَنْبَلٍ وَمُحَمَّدٍ بن الْحَكَمِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْإِقَالَةُ في السَّلَمِ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهَا بن عَقِيلٍ وبن الزَّاغُونِيِّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ في الْمُسْلَمِ فيه سَوَاءٌ قُلْنَا الْإِقَالَةُ فَسْخٌ أو بَيْعٌ وهو صَحِيحٌ
____________________
(5/112)
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ قِيلَ يَجُوزُ الْإِقَالَةُ فيه على الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ على ذلك
وَقِيلَ إنْ قِيلَ هِيَ فَسْخٌ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فيه وَإِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ لم يَصِحَّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وبن الزَّاغُونِيِّ انْتَهَى
قُلْت جَزَمَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَقَدَّمَ ذلك في فَوَائِدِ الْإِقَالَةِ
فَائِدَةٌ لو قال في دَيْنِ السَّلَمِ صَالِحْنِي منه على مِثْلِ الثَّمَنِ فقال الْقَاضِي يَصِحُّ وَيَكُونُ إقَالَةً
وقال هو وبن عَقِيلٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ من الْغَرِيمِ بمثله لِأَنَّهُ نَفْسُ حَقِّهِ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ فَيَخْرُجُ في الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ إلتفاتا إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ في بَعْضِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن منجا
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وَيَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْعُمْدَةِ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَوْلُهُ إذَا قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أو عِوَضَهُ
يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ ذلك في مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ يَعْنِي يُشْتَرَطُ ذلك في الصِّحَّةِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ بن منجا في شَرْحِهِ
____________________
(5/113)
وقال صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَلَا عِوَضِهِ إنْ تَعَذَّرَ في مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
قال في الْفُرُوعِ وفي الْمُغْنِي لَا يُشْتَرَطُ في ثَمَنٍ لِأَنَّهُ ليس بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَوْجُودِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا وهو ثَمَنٌ فَصَرْفٌ وَإِلَّا فَبَيْعٌ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبل الْقَبْضِ
قَوْلُهُ وإذا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِإِقَالَةٍ أو غَيْرِهَا لم يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ عن الثَّمَنِ عِوَضًا من غَيْرِ جِنْسِهِ
قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ بن منجا في شَرْحِهِ
وَقِيلَ يَجُوزُ من غَيْرِ جِنْسِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ
وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إذَا أَقَالَهُ رَدَّ الثَّمَنَ إنْ كان بَاقِيًا أو مثله إنْ كان مِثْلِيًّا أو قِيمَتَهُ إنْ لم يَكُنْ مِثْلِيًّا
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ عِوَضًا عنه فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ ليس له صَرْفُ ذلك الثَّمَنِ في عَقْدٍ آخَرَ حتى يَقْبِضَهُ
وقال الْقَاضِي أبو يَعْلَى يَجُوزُ له أَخْذُ الْعِوَضِ عنه انْتَهَيَا
وقال في الْفَائِقِ يَرْجِعُ بِرَأْسِ الْمَالِ أو عِوَضِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ فَإِنْ كان من غَيْرِ جِنْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا تَقَايَلَا السَّلَمَ لم يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِرَأْسِ الْمَالِ شيئا قبل قَبْضِهِ نَصَّ عليه وَلَا جَعْلَهُ في سَلَمٍ آخَرَ وقال في الْمُجَرَّدِ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ حَالًّا عنه قبل قَبْضِهِ انْتَهَى
____________________
(5/114)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْإِقَالَةِ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ أو عِوَضَهُ من غَيْرِ جِنْسِهِ في مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ وَقِيلَ مَتَى شَاءَ
وَقِيلَ مَتَى انْفَسَخَ بِإِقَالَةٍ أو غَيْرِهَا أَخَذَ ثَمَنَهُ الْمَوْجُودَ
وَقِيلَ أو بَدَلَهُ من جِنْسِهِ وَقِيلَ أو غَيْرَهُ قبل التَّفَرُّقِ إنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ
وَإِنْ كان الثَّمَنُ مَعْدُومًا أَخَذَ قبل التَّفَرُّقِ مِثْلَ المثلى وَقِيلَ أو بَدَلَهُ كَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ قبل قَبْضِهِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضِهِ ولم يَجُزْ قَبْلَهُ سَلَمًا في شَيْءٍ آخَرَ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِرَجُلٍ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ من جِنْسِهِ فقال لِغَرِيمِهِ اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِك فَفَعَلَهُ لم يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ
لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ حَوَالَةٌ بِهِ وَالْحَوَالَةُ بِالسَّلَمِ لَا تَجُوزُ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَقَعُ قَبْضُهُ لِلْآمِرِ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّى وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ قَبْضُهُ لِلْآمِرِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَقَعُ قَبْضُهُ لِلْآمِرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَبْقَى الْمَقْبُوضُ على مِلْكِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ
فَائِدَةٌ لو قال الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَحْضِرْ اكْتِيَالِي منه لِأَقْبِضَهُ لَك فَفَعَلَ لم يَصِحَّ قَبْضُهُ لِلثَّانِي وَيَكُونُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ على أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/115)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال اقْبِضْهُ لى ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك صَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فى الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قال في التَّلْخِيصِ صَارَ لِلْآمِرِ وَهَلْ يَصِيرُ مَقْبُوضًا له من نَفْسِهِ على وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أنا أَقْبِضُهُ لنفسى وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الذى تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وبن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ والزركشى في الرَّهْنِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وَيَصِحُّ وَيَكُونُ قَبْضًا لِنَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فى التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ قَبْضًا لِنَفْسِهِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ والقاضى
قال في الْفُرُوعِ في بَابِ التَّصَرُّفِ في الْمَبِيعِ وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ وفي الْمَكِيلِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قبل شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ في شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ
وَخَصَّهُمَا في التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ وَإِلَّا لم يَجُزْ وَأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ
وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ إنْ لم يُحْضِرْ هذا المشترى الْمَكِيلَ فَلَا إلَّا بِكَيْلٍ
وقال في الِانْتِصَارِ وَيُفَرِّغُهُ في الْمِكْيَالِ ثُمَّ يَكِيلُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وان اكْتَالَهُ وَتَرَكَهُ في الْمِكْيَالِ وَسَلَّمَهُ إلَى غَرِيمِهِ فَقَبَضَهُ صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا
____________________
(5/116)
وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَوَائِدُ
منها لو دَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا وقال له اسْتَوْفِ منه قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على قَبْضِ الْمُوَكِّلِ من نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ
وَالْمَنْصُوصُ الصِّحَّةُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وهو الْمَذْهَبُ وَيَكُونُ الْبَاقِي في يَدِهِ وَدِيعَةً
وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ قَدْرُ حَقِّهِ كَالْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ والباقى أَمَانَةً ذَكَرَهُ فى التَّلْخِيصِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في احكام الْقَبْضِ في آخِرِ بَابِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ
وَمِنْهَا لو أَذِنَ لِغَرِيمِهِ في الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ الذى عليه عنه أو في صَرْفِهِ أو الْمُضَارَبَةِ بِهِ لم يَصِحَّ ولم يَبْرَأْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ بَنَاهُ الْقَاضِي على شِرَائِهِ من نَفْسِهِ
وَبَنَاهُ في النِّهَايَةِ على قَبْضِهِ من نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا في أَحْكَامِ الْقَبْضِ من نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ وتأتى الْمُضَارَبَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الشَّرِكَةِ
وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال اعْزِلْهُ وَضَارِبْ بِهِ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ لَا يَجْعَلُهُ مُضَارَبَةً إلَّا ان يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْك
وَمِنْهَا لو قال تَصَدَّقْ عنى بِكَذَا ولم يَقُلْ من دَيْنِي صَحَّ وكان إقْرَاضًا كما لو قال ذلك لِغَيْرِ غَرِيمِهِ وَيَسْقُطُ من الدَّيْنِ بِمِقْدَارِهِ لِلْمُقَاصَّةِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا
وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الْمُقَاصَّةِ وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِينَ بَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا هُنَا وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا في أَوَاخِرِ بَابِ الْحَوَالَةِ
____________________
(5/117)
وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَذْكُرْهَا رَأْسًا وَلَكِنْ ذَكَرَ ما يَدُلُّ عليها في كِتَابِ الصَّدَاقِ وهو قَوْلُهُ وإذا زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ تَحَوَّلَ صَدَاقُهَا أو نِصْفُهُ إنْ كان قبل الدُّخُولِ إلَى ثَمَنِهِ
فَنَقُولُ من ثَبَتَ له على غَرِيمِهِ مِثْلُ ما له عليه قَدْرًا وَصِفَةً وَحَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ أو يَسْقُطُ من الْأَكْثَرِ قَدْرُ الْأَقَلِّ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ عليه الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا يَتَسَاقَطَانِ إلَّا بِرِضَاهُمَا
قال في الْفَائِقِ وَتَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ بِتَرَاضِيهَا وهو الْمُخْتَارُ
وَعَنْهُ يَتَسَاقَطَانِ برضى أَحَدِهِمَا
وَعَنْهُ لَا يَتَسَاقَطَانِ مُطْلَقًا
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ أَمَّا إنْ كان الدَّيْنَانِ أو أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ امْتَنَعَتْ الْمُقَاصَّةُ قَوْلًا وَاحِدًا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ وَكَذَلِكَ لو كان الدَّيْنَانِ من غَيْرِ الْأَثْمَانِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ من عليها دَيْنٌ من جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لم تُحْتَسَبْ بِهِ مع عُسْرَتِهَا لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ فِيمَا فَضَلَ
وَمِنْهَا لو كان أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا لم يَتَسَاقَطْ ذَكَرَهُ الشيرازى في الْمُنْتَخَبِ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ في وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا وَالشَّارِحُ في مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ
وَمِنْهَا لو قال لِغَرِيمِهِ اسْتَلِفْ أَلْفًا في ذِمَّتِك في طَعَامٍ فَفَعَلَ ثُمَّ أَذِنَ له في
____________________
(5/118)
قَضَائِهِ بِالثَّمَنِ الذي له عليه فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ ذلك الْغَيْرِ وَوَكَّلَهُ في قَضَاءِ دَيْنِهِ بِمَا له عليه من الدَّيْنِ
وَمِنْهَا لو قال أَعْطِ فُلَانًا كَذَا صَحَّ وكان قَرْضًا وَذَكَرَ في الْمَجْمُوعِ وَالْوَسِيلَةِ فيه رِوَايَتَيْ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَظَاهِرُ التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ إنْ قال عنى فَقَطْ وَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ صَحَّ إنْ قال عنى وَإِلَّا فَلَا وَنَصَرَ الشَّرِيفُ الصِّحَّةَ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْهَا لو دَفَعَ لِغَرِيمِهِ نَقْدًا ثُمَّ قال اشْتَرِ بِهِ مالك على ثُمَّ اقْبِضْهُ لَك صَحَّا نَصَّ عليه قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قال اشْتَرِهِ لي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك صَحَّ الشِّرَاءُ ثُمَّ إنْ قال اقْبِضْهُ لِنَفْسِك لم يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ وفي صِحَّةِ قَبْضِهِ لِلْمُوَكِّلِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ الشِّرَاءُ دُونَ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ قال اقْبِضْهُ لي ثُمَّ اقْبِضْهُ لَك صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ قال اشْتَرِ بِهِ مِثْلَ مالك عَلَيَّ لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ قال وَيُتَوَجَّهُ في صِحَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ في التي قَبْلَهَا وَمِنْهَا لو أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عن غَيْرِهِ فلم يَقْبَلْهُ رَبُّهُ أو أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لم يُجْبَرَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ كَتَوْكِيلِهِ وَكَتَمْلِيكِهِ لِلزَّوْجِ وَالْمَدْيُونِ وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءَ دَيْنٍ بريء وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ وَإِنْ وَفَّاهُ حَاكِمٌ قَهْرًا كَفَتْ نِيَّتُهُ إنْ قَضَاهُ من مَدْيُونٍ
____________________
(5/119)
وفي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَإِنْ رَدَّ بَدَلَ عَيْنٍ فَلَا بُدَّ من النِّيَّةِ ذَكَرَهُ في الْفُنُونِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ تَنْبِيهٌ عَادَةُ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ ذِكْرُ مَسْأَلَةِ قَبْضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ من الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ في التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَهَا في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ في أخر بَابِ الْحَوَالَةِ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في بَابِ الشَّرِكَةِ فَنَذْكُرُهَا هُنَاكَ وَنَذْكُرُ ما يَتَعَلَّقُ بها من الْفُرُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِينَ أَيْضًا ذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ من الدَّيْنِ وَالْبَرَاءَةِ من الْمَجْهُولِ هُنَا ولم يَذْكُرْهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَ الْبَرَاءَةَ من الدَّيْنِ في بَابِ الْهِبَةِ فَنَذْكُرُهَا هُنَاكَ وما يَتَعَلَّقُ بها من الْفُرُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فيه جُزَافًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ في قَدْرِهِ مَتَى قَبَضَهُ جُزَافًا أو ما هو في حُكْمِ الْمَقْبُوضِ جُزَافًا أَخَذَ منه قَدْرَ حَقِّهِ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ إنْ كان وَيُطَالِبُ بِالْبَعْضِ إنْ كان وَهَلْ له أَنْ يَتَصَرَّفَ في قَدْرِ حَقِّهِ بِالْكَيْلِ قبل أَنْ يَعْتَبِرَهُ كُلَّهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ في قَدْرِ حَقِّهِ منه قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في الصُّبْرَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَلَوْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ ما قَبَضَهُ جُزَافًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل يَدُهُ يَدُ أَمَانَةٍ أو يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ على أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا له فيه قَوْلَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/120)
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ ثُمَّ إنَّهُ في الْكَافِي عَلَّلَ الْقَوْلَ بِجَوَازِ التَّصَرُّفِ في قَدْرِ حَقِّهِ بِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وقد أَخَذَهُ وَدَخَلَ في ضَمَانِهِ
وقال في التَّلْخِيصِ لو دَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا وقال اتَّزِنْ منه قَدْرَ حَقِّك لم يَكُنْ قَابِضًا قَدْرَ حَقِّهِ قبل الْوَزْنِ وَبَعْدَهُ فيه الْوَجْهَانِ وَعَلَى انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ يَكُونُ في حُكْمِ الْمَقْبُوضِ لِلسَّوْمِ وَالْكِيسُ وَبَقِيَّةُ ما في يَدِهِ أَمَانَةٌ كَالْوَكِيلِ وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في ضَمَانِ الرَّهْنِ لو دَفَعَ إلَيْهِ عَيْنًا وقال خُذْ حَقَّك منها تَعَلَّقَ حَقُّهُ بها وَلَا يَضْمَنُهَا إذَا تَلِفَتْ قال وَمَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ له ضَمِنَهُ قال وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ له بَطَلَ الْبَيْعُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ كَيْلًا أو وَزْنًا ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي والمغنى وَالْكَافِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في الْخُلَاصَةِ لم يُقْبَلْ في الْأَصَحِّ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ
____________________
(5/121)
قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك مع صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا حُكْمُ ما قَبَضَهُ من مَبِيعِ غَيْرِهِ أو دَيْنِ آخَرَ كَقَرْضٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ بِالْمُسْلَمِ فيه على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في الرَّهْنِ وفي الْكَفِيلِ في بَابِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في الْكَفِيلِ في بَابِهِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وبن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ قال في الْخُلَاصَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ وَإِلَّا كُفِلَ بِهِ على الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وبن عَبْدُوسٍ تِلْمِيذُ الْقَاضِي وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في هذا الْبَابِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ عن أبي بَكْرٍ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ قال وفي تَعْلِيلِهِمْ على الْمَذْهَبِ نَظَرٌ قال النَّاظِمُ هذا الْأَوْلَى قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَيَصِحُّ الرَّهْنُ في السَّلَمِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
____________________
(5/122)
وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَزَاهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ إلَى اخْتِيَارِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في أَوَّلِ الرَّهْنِ نَقَلَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في أخر بَابِ السَّلَمِ وقال في بَابِ الرَّهْنِ وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ على الْأَصَحِّ قال في الْوَجِيزِ وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينُ في السَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَحَكَى في الْفُرُوعِ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عليه بَابُ الْقَرْضِ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهَا يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الْقَرْضِ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِقَدْرٍ مَعْرُوفٍ وَوَصْفِهِ وَيَأْتِي قَرْضُ الْمَاءِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَيَأْتِي هل لِلْوَلِيِّ أَنْ يُقْرِضَ من مَالِ الْمُوَلَّى عليه
الثَّانِيَةُ الْقَرْضُ عِبَارَةٌ عن دَفْعِ مَالٍ إلَى الْغَيْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ وَيَرُدَّ بَدَلَهُ قَالَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ في كل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بَنِي آدَمَ وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يَصِحُّ السلم فيه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا أَمَّا قَرْضُ بَنِي آدَمَ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في صِحَّةِ قَرْضِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَصِحُّ قَرْضُ آدَمِيٍّ في الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
____________________
(5/123)
وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَصِحُّ في الْعَبْدِ دُونَ الْأَمَةِ وهو ضَعِيفٌ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَصِحُّ في الْأَمَةِ إذَا كانت غير مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَصِحُّ قَرْضُ الْأَمَةِ لِمَحْرَمِهَا وَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ مَحْرَمِهَا وَأَمَّا قَرْضُ الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في صِحَّتِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهِبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ فَعَلَيْهِ يَرُدُّ الْمُقْتَرِضُ الْقِيمَةَ على ما يَأْتِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ
قال في التَّلْخِيصِ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ في الْمُتَقَوِّمَاتِ الْقِيمَةُ أو الْمِثْلُ على رِوَايَتَيْنِ يَأْتِيَانِ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَمِنْ شَأْنِ الْقَرْضِ أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً لَا على ما يَحْدُثُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
____________________
(5/124)
وفي الْمُوجَزِ يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ لأحد ( ( ( ولآحاد ) ) ) الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ كَالْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا ذِمَّةَ له
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَصِحُّ في كل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا أَنَّهُ يَصِحُّ قَرْضُ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَعْيَانٍ قال في الِانْتِصَارِ لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ قالوا ما صَحَّ السَّلَمُ فيه صَحَّ قَرْضُهُ إلَّا ما استثنى وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ مِثْلُ أَنْ يَحْصُدَ معه يوم ( ( ( يوما ) ) ) وَيَحْصُدَ معه الْآخَرُ يَوْمًا أو يُسْكِنَهُ الْآخَرُ دَارًا لِيُسْكِنَهُ الْآخَرُ بَدَلَهَا الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فيه بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فيه قبل قَبْضِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن المنجا ( ( ( المنجى ) ) ) قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَيَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِقَبْضِهِ انْتَهُوا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُتِمُّ بِقَبُولِهِ وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتِمُّ بِقَبُولِهِ قال جَمَاعَةٌ وَيَمْلِكُ وَقِيلَ يَثْبُتُ مِلْكُهُ بِقَبْضَةِ كَهِبَةٍ وَلَهُ الشِّرَاءُ من مُقْتَرِضِهِ نَقَلَهُ مُهَنَّا انْتَهَى قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَيَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ
وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ الْقَرْضُ وَالصَّدَقَةُ وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهَا فيه طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُبْهِجِ وَنَصَّ عليه في مَوَاضِعَ وَالثَّانِيَةُ
____________________
(5/125)
لَا يُمْلَكُ الْمُبْهَمُ بِدُونِ الْقَبْضِ وَيَمْلِكُ المعين ( ( ( العين ) ) ) بِالْقَبْضِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وبن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا في الْمُعَيَّنِ رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
وَأَمَّا اللُّزُومُ فَإِنْ كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا فَبِكَيْلِهِ أو وَزْنِهِ وَإِنْ كان غير ذلك فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت حُكْمُ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه إذَا كان مُعَيَّنًا وَكَذَا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ اسْتِرْجَاعَهُ وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ بِلَا نِزَاعٍ قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ المقترض ( ( ( المقرض ) ) ) عليه لَزِمَهُ قَبُولُهُ إنْ كان مِثْلِيًّا لَزِمَهُ قَبُولُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان غير مثلى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ أَيْضًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ الرَّدَّ قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ وَأَصْحَابُنَا لم يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّ الْقَرْضَ فيه يُوجِبُ رَدَّ الْقِيمَةِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فإذا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لم يَرُدَّ الْوَاجِبَ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ ولم أَجِدْ ما قال في كِتَابٍ آخَرَ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
____________________
(5/126)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ له رَدَّهُ سَوَاءٌ رَخُصَ السِّعْرُ أو غَلَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إذَا رَخُصَ السِّعْرُ
قَوْلُهُ ما لم يَتَعَيَّبْ أو يَكُنْ فُلُوسًا أو مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمُهَا السُّلْطَانُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْقِيمَةَ أَيْضًا سَوَاءٌ اتَّفَقَ الناس على تَرْكِهَا أو لَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال الْقَاضِي إنْ اتَّفَقَ الناس على تَرْكِهَا فَلَهُ الْقِيمَةُ وَإِنْ تَعَامَلُوا بها مع تَحْرِيمِ السُّلْطَانِ لها لَزِمَهُ أَحَدُهَا
قَوْلُهُ فَيَكُونُ له الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ له الْقِيمَةُ وَقْتَ تَحْرِيمِهَا قَالَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كانت ثَمَنًا وَقِيلَ له الْقِيمَةُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَيَكُونُ له الْقِيمَةُ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان مِمَّا يَجْرِي فيه رِبَا الْفَضْلِ
____________________
(5/127)
فإنه يُعْطِي مِمَّا لَا يَجْرِي فيه الرِّبَا فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ اعطى قِيمَتَهَا ذَهَبًا وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ صَرَّحَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وهو وَاضِحٌ قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ الْقِيمَةُ من غَيْرِ جِنْسِهِ
الثَّانِيَةُ ذَكَرَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هُنَا مَسَائِلَ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْقَرْضِ فَأَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَهَا هُنَا لِعِظَمِ نَفْعِهَا وَحَاجَةِ الناس إلَيْهَا فقال % وَالنَّقْدُ في الْمَبِيعِ حَيْثُ عُيِّنَا % وَبَعْدَ ذَا كَسَادُهُ تَبَيَّنَا % % نَحْوُ الْفُلُوسِ ثُمَّ لَا يُعَامَلُ % بها فَمِنْهُ عِنْدَنَا لَا يُقْبَلُ % % بَلْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ يوم الْعَقْدِ % وَالْقَرْضُ أَيْضًا هَكَذَا في الرَّدِّ % % وَمِثْلُهُ من رَامَ عَوْدَ الثَّمَنِ % بِرَدِّهِ الْمَبِيعَ خُذْ بِالْأَحْسَنِ % % قد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ ذَا في ذِي الصُّوَرْ % وَالنَّصُّ في الْقَرْضِ عِيَانًا قد ظَهَرْ % % وَالنَّصُّ في الْقِيمَةِ في بُطْلَانِهَا % لَا في ازْدِيَادِ الْقَدْرِ أو نُقْصَانِهَا % % بَلْ إنْ غَلَتْ فَالْمِثْلُ فيها أَحْرَى % كَدَانَقٍ عِشْرِينَ صَارَ عَشْرَا % % وَالشَّيْخُ في زِيَادَةٍ أو نَقْصِ % مِثْلًا كَقَرْضٍ في الْغَلَا وَالرُّخْصِ % % وَشَيْخُ الْإِسْلَام فَتَى تَيْمِيَّةِ % قال قِيَاسُ الْقَرْضِ عن جَلِيَّةِ % % الطَّرْدُ في الدُّيُونِ كَالصَّدَاقِ % وَعِوَضٌ في الْخُلْعِ وَالْإِعْتَاقِ % % وَالْغَصْبُ وَالصُّلْحُ عن الْقِصَاصِ % وَنَحْوُ ذَا طُرًّا بِلَا اخْتِصَاصِ % % قال وَفِيهِ جاء في الدَّيْنِ نَصٌّ مُطْلَقُ % حَرَّرَهُ الْأَثْرَمُ إذْ يُحَقِّقُ % % وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْكَسَادَ نَقْصَا % فَذَاكَ نَقْصُ النَّوْعِ عَابَتْ رُخْصَا % % قال وَنَقْصُ النَّوْعِ ليس يُعْقَلُ % فِيمَا سِوَى الْقِيمَةِ ذَا لَا يُجْهَلُ % % وَخَرَّجَ الْقِيمَةَ في المثلى % بِنَقْصِ نَوْعٍ ليس بالخفى % % وَاخْتَارَهُ وقال عَدْلٌ مَاضِي % خَوْفَ انْتِظَارِ الْعُسْرِ بِالتَّقَاضِي % % لِحَاجَةِ الناس إلَى ذِي المسألة % نَظَمْتهَا مَبْسُوطَةً مطولة
____________________
(5/128)
قَوْلُهُ وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْقِيمَةِ في الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا يَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو أَعْوَزَ الْمِثْلَ فِيهِمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يوم إعْوَازِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَوْ اقْتَرَضَ حِنْطَةً فلم تَكُنْ عِنْدَهُ وَقْتَ الطَّلَبِ فرضى بِمِثْلِ كَيْلِهَا شَعِيرًا جَازَ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا فَيَجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ يوم قَبْضِهِ
وَقِيلَ يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ جِنْسًا وَصِفَةً وقيمه
قَوْلُهُ وَفِيمَا سِوَى ذلك يَعْنِي في الْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
أَحَدُهُمَا يُرَدُّ بِالْقِيمَةِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالتَّسْهِيلِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ من جِنْسِهِ بِصِفَاتِهِ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَرُدُّ الْقِيمَةَ يوم الْقَرْضِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ في الصِّفَاتِ تَقْرِيبًا فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يوم التَّعَذُّرِ
____________________
(5/129)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو اقْتَرَضَ خُبْزًا أو خَمِيرًا عَدَدًا وَرَدَّ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَنْهُ بَلْ مِثْلُهُ وَزْنًا وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَرُدُّ مثله عَدَدًا مع تَحَرِّي التَّسَاوِي والتمائل ( ( ( والتماثل ) ) ) بِلَا وَزْنٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ
الثَّانِيَةُ يَصِحُّ قَرْضُ الْمَاءِ كَيْلًا وَيَصِحُّ قَرْضُهُ لِلسَّقْيِ إذَا قُدِّرَ بابنوبة ( ( ( بأنبوبة ) ) ) وَنَحْوِهَا قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَسَأَلَهُ أبو الصَّقْرِ عن عَيْنٍ بين أَقْوَامٍ لهم نَوَائِبُ في أَيَّامٍ يَقْتَرِضُ الْمَاءَ من صَاحِبِ نَوْبَةِ الْخَمِيسِ لِلسَّقْيِ بِهِ وَيَرُدُّ عليه يوم السَّبْتِ قال إذَا كان مَحْدُودًا يَعْرِفُ كَمْ يَخْرُجُ منه فَلَا بَأْسَ وَإِلَّا أَكْرَهَهُ
قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ الْقَرْضُ في الذِّمَّةِ حَالًّا وَإِنْ أَجَّلَهُ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ يُوسُفَ بن مُوسَى وَأَخِيهِ الْحُسَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ تَأْجِيلِهِ وَلُزُومَهُ إلَى أَجَلِهِ سَوَاءٌ كان قَرْضًا أو غَيْرَهُ وَذَكَرَهُ وَجْهًا قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو مَذْهَبُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ عن بَعْضِ السَّلَفِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ كان دَيْنُهُ من قَرْضٍ أو غَصْبٍ جَازَ تَأْجِيلُهُ إنْ رضى
____________________
(5/130)
وَخَرَّجَ رِوَايَةً من تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَمِنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ إلْحَاقِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل دَيْنٍ حَلَّ أَجَلُهُ لم يَصِرْ مُؤَجَّلًا بِتَأْجِيلِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَحْرُمُ التَّأْجِيلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَرْضُ حَالٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ
وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ وهو الصَّوَابُ
وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وُجُوبُ أَدَاءِ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ على الْفَوْرِ في الْجُمْلَةِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ ما يَجُرُّ نَفْعًا نَحْوُ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ أو يَقْضِيَهُ خَيْرًا منه أو في بَلَدٍ آخَرَ أَمَّا شَرْطُ ما يَجُرُّ نَفْعًا أو أَنْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا منه فَلَا خِلَافَ في أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا إذَا شَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ بِبَلَدٍ أخر فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هذا الشَّرْطِ وهو عَائِدٌ إلَى هذه الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لم يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَعَدَمَهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفُرُوعِ وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ إنْ كان لِبَيْعٍ وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِهِ على وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَعَلَى الْأَوَّلِ في فَسَادِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ
____________________
(5/131)
وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِالْفَسَادِ قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ الْفَسَادِ
فَائِدَةٌ لو اراد إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى أَهْلِهِ فَأَقْرَضَهَا رَجُلًا لِيُوَفِّيَهَا لهم جَازَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ أو قَضَى خَيْرًا منه يَعْنِي بِغَيْرِ مُوَاطَأَةٍ نَصَّ عليه أو أَهْدَى له هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ جَازَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ صَحَّ على الْأَصَحِّ وَكَذَا قال في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ في الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ فِيمَا إذَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَقَدَّمَهُ في الْجَمِيعِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا أَهْدَى له هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ أو زَادَهُ وَجَزَمَ الْحَلْوَانِيُّ أَنْ يَأْخُذَ أَجْوَدَ مع الْعَادَةِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو عَلِمَ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شيئا على قَرْضِهِ فَهُوَ كَشَرْطِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وفي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَالُوا لِأَنَّهُ عليه افضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كان مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْوَفَاءِ فَهَلْ يُسَوِّغُ لأحد أَنْ يَقُولَ إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ وَعَلَّلُوهُ بِتَعْلِيلٍ جَيِّدٍ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ زاد ( ( ( زاده ) ) ) مَرَّةً في الْوَفَاءِ فَزِيَادَةُ مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ مُحَرَّمَةٌ ذَكَرَهُ في النَّظْمِ
____________________
(5/132)
الثَّانِيَةُ شَرْطُ النَّقْصِ كَشَرْطِ الزِّيَادَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ يَجُوزُ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ فِيمَا لَا رِبَا فيه قُلْت قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ شَرَطَ في الْقَرْضِ أَنْ يُوَفِّيَهُ أَنْقَصَ وكان مِمَّا يَجْرِي فيه الرِّبَا لم يَجُزْ وَإِنْ كان في غَيْرِهِ لم يَجُزْ أَيْضًا
وقال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ أَنْقَصَ وهو مِمَّا يَجْرِي فيه الرِّبَا لم يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ
فَائِدَةٌ لو أَقْرَضَ غَرِيمَهُ لِيَرْهَنَهُ على ماله عليه وَعَلَى الْمُقْرِضِ فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ لو قال صَاحِبُ الْحَقِّ اعْطِنِي رَهْنًا وَأُعْطِيك مَالًا تَعْمَلُ فيه وَتَقْضِينِي جَازَ وَكَذَا قال أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في مَوْضِعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ قبل الْوَفَاءِ لم يَجُزْ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا قبل الْقَرْضِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَجُوزُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لم يَجُزْ يَعْنِي لم يَجُزْ أَخْذُهُ مَجَّانًا فَأَمَّا إذَا نَوَى احْتِسَابَهُ من دَيْنِهِ أو مُكَافَأَتَهُ جَازَ نَصَّ عليه وَكَذَلِكَ الْغَرِيمُ فَلَوْ اسْتَضَافَهُ حُسِبَ له ما أَكَلَهُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ لَا يُحْسَبُ له قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كان له عَادَةٌ بِإِطْعَامٍ من أضافه لم يُحْسَبْ له وَإِلَّا حُسِبَ
قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ في الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ
____________________
(5/133)
فَوَائِدُ
منها لو أَقْرَضَ لِمَنْ له عليه دَيْنٌ لِيُوَفِّيَهُ كُلَّ وَقْتٍ شيئا جَازَ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَمِنْهَا لو أَقْرَضَ فَلَّاحَهُ في شِرَاءٍ بَقَرًا وبذر ( ( ( وبذرا ) ) ) بِلَا شَرْطٍ حُرِّمَ عِنْدَ الأمام أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَجَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ وَأَنَّهُ في ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ في فِعْلِ الناس فَفَاسِدٌ له تَسْمِيَةُ الْمِثْلِ وَلَوْ تَلِفَ لم يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْهَا لو أَقْرَضَ من عليه بُرٌّ يَشْتَرِيه بِهِ وَيُوَفِّيهِ إيَّاهُ فقال سُفْيَانُ مَكْرُوهٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَّدَ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ يَجُوزُ وَمِنْهَا لو جَعَلَ له جُعْلًا على اقْتِرَاضِهِ له لِجَاهِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ في مُقَابَلَةِ ما بَذَلَهُ من جَاهِهِ فَقَطْ وَلَوْ جَعَلَ له جُعْلًا على ضَمَانِهِ له لم يَجُزْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَيَكُونُ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَمَنَعَ الْأَزَجِيُّ في الْأُولَى أَيْضًا قَوْلُهُ وَإِنْ أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا وَكَذَا لو غَصَبَهُ أَثْمَانًا فَطَالَبَهُ بها بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَتْهُ
مُرَادُهُ إذَا لم يَكُنْ لِحَمْلِهَا على الْمُقْتَرِضِ مُؤْنَةٌ فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا كَثِيرَةً وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ على الْمُقْتَرِضِ وَقِيمَتُهَا في بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ لم يَلْزَمْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ إذَنْ قِيمَتُهُ فيه فَقَطْ وَقَوْلِي وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لُزُومَ الرَّدِّ في الْأَثْمَانِ كَالْمُصَنِّفِ هُنَا
____________________
(5/134)
وَصَرَّحَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الْأَثْمَانَ لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهَا
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا في الْغَالِبِ وَالتَّحْقِيقُ ما قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرُهَا لم تَلْزَمْهُ فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أو لَا أَمَّا إنْ كان لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ
وَإِنْ كان ليس لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَثْمَانِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَلَامُهُ جَارٍ على الْغَالِبِ
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَجَمَاعَةٌ ما لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ بَذْلُهُ بَلْ قِيمَتُهُ وما ليس له مُؤْنَةٌ يَلْزَمُهُ
وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ لو طَلَبَ الْمُقْرِضُ من الْمُقْتَرِضِ بَدَلَهُ في بَلَدٍ آخَرَ لَزِمَهُ إلَّا إذَا كان لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ إذَا كان بِبَلَدِ الْمُقْرِضِ أَنْقَصَ قِيمَةً فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى قِيمَتِهِ فيه قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ إنْ لم يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وهو في بَلَدِ الْقَرْضِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أو أَعْلَى منه في ذلك الْبَلَدِ لَزِمَهُ رَدُّ بَدَلِهِ وَإِنْ كان لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَإِنْ كان في بَلَدِ الْقَرْضِ أَقَلُّ قِيمَةً لم يَجِبْ رَدُّ الْبَدَلِ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ وَإِنْ كان في بَلَدِ الْقَرْضِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أو أَكْثَرَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ في بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ مِثْلَهَا وَيَرُدَّهَا عليه
فَوَائِدُ أَحَدُهَا أَدَاءُ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَاجِبٌ على الْفَوْرِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَبِدُونِ الْمُطَالَبَةِ لَا يَجِبُ على الْفَوْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في أَوَّلِ الْفَلَسِ
____________________
(5/135)
قال الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بن رَجَبٍ مَحَلُّ هذا إذَا لم يَكُنْ عَيَّنَ له وَقْتًا لِلْوَفَاءِ فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ له وَقْتًا لِلْوَفَاءِ كَيَوْمِ كَذَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْوَفَاءِ فيه كالمطالبه قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إذَا كان صَاحِبُ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ في ذِمَّتِهِ الدَّيْنَ وَأَمَّا إذَا لم يَكُنْ يَعْلَمْ فَيَجِبُ إعْلَامُهُ انْتَهَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ على الْفَوْرِ من غَيْرِ مُطَالَبَةٍ قَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى في قَسْمِ الزَّوْجَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ على الْفَوْرِ ذَكَرَاهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ
الثَّانِيَةُ لو بَذَلَ الْمُقْتَرِضُ للمقرض ما عليه من الدَّيْنِ في بَلَدٍ آخَرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَمْلِهِ على الْمُقْرِضِ مُؤْنَةٌ أو لَا فَإِنْ كان لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لم يَلْزَمْ الْمُقْرِضَ أَخْذُهَا وَإِنْ لم يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ وَالطَّرِيقُ آمِنَانِ أولا فَإِنْ كَانَا آمِنَيْنِ لَزِمَهُ أَخْذُهُ بِلَا نِزَاعٍ قُلْت لو قِيلَ بِعَدَمِ اللُّزُومِ لم يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ قد يَتَجَدَّدُ عَدَمُ الْأَمْنِ وَإِنْ كَانَا غير آمِنَيْنِ لم يَلْزَمْهُ أَخْذُهُ
الثَّالِثَةُ لو بَذَلَ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ في غَيْرِ بَلَدِ الْمَغْصُوبِ منه فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَذْلِ الْمُقْتَرِضِ لِلْمُقْرِضِ في بَلَدِهِ على ما تَقَدَّمَ وَإِنْ كان غير تَالِفٍ لم يُجْبَرْ على قَبْضِهِ مُطْلَقًا
____________________
(5/136)
بَابُ الرَّهْنِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا الرَّهْنُ عِبَارَةٌ عن تَوْثِقَةِ دَيْنٍ بِعَيْنٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ من ثَمَنِهَا إنْ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ من غَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ تَوْثِقَةُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ أو بِدَيْنٍ على قَوْلٍ
الثَّانِيَةُ الْمَرْهُونُ عِبَارَةٌ عن كل عَيْنٍ جُعِلَتْ وَثِيقَةً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ منها الثَّالِثَةُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِدُونِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أو ما يَدُلُّ عَلَيْهِمَا
قال في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ وَتَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ
الرَّابِعَةُ لَا بُدَّ من مَعْرِفَةِ الرَّهْنِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَجِنْسِهِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
الْخَامِسَةُ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ على كل دَيْنٍ وَاجِبٍ في الْجُمْلَةِ وَهُنَا مَسَائِلُ فيها خِلَافٌ منها دَيْنُ السَّلَمِ وقد تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فيه وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَمِنْهَا الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ كَالْغُصُوبِ والعوارى وَالْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ أو في بَيْعٍ فَاسِدٍ وفي صِحَّةِ أَخْذِ الرَّهْنِ عليها وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ قال في الْكَافِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْفَائِقِ قُلْت وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ الرَّهْنُ على عوارى الْكُتُبِ لِلْوَقْفِ وَنَحْوِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ بِذَلِكَ قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قُلْت وهو أَوْلَى وَأَمَّا رَهْنُ هذه الْأَشْيَاءِ فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(5/137)
وَمِنْهَا الدِّيَةُ التي على الْعَاقِلَةِ قبل الْحَوْلِ فَفِي صِحَّةِ أَخْذِ الرَّهْنِ عنها وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ قبل وُجُوبِهِ انْتَهَى وَأَمَّا بَعْدَ الْحَوْلِ فَيَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَمِنْهَا دَيْنُ الْكِتَابَةِ وَفِيهِ وَجْهَانِ وفي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَالزُّبْدَةِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالْبُلْغَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْإِيضَاحِ وَتَذْكِرَةِ بن رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وَقِيلَ إنْ جَازَ أَنْ يُعْجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ لم يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَمِنْهَا هل يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ على الْجَعْلِ في الْجَعَالَةِ قبل الْعَمَلِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَقَالَا هذا أَوْلَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يصح وهو احْتِمَالُ الْقَاضِي وَأَمَّا بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ قَوْلًا وَاحِدًا
____________________
(5/138)
وَمِنْهَا هل يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ على عِوَضِ الْمُسَابَقَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ ولم يُعْلَمْ إفْضَاؤُهَا إلَى الْوُجُوبِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ فيها وَجْهَانِ هل هِيَ إجَارَةٌ أو جَعَالَةٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إجَارَةٌ صَحَّ أَخْذُ الرَّهْنِ بِعِوَضِهَا وقال الْقَاضِي إنْ لم يَكُنْ فيها مُحَلَّلٌ فَهِيَ جَعَالَةٌ وَإِنْ كان فيها مُحَلَّلٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا كُلُّهُ بَعِيدٌ ذَكَرُوهُ في آخِرِ السَّلَمِ السَّادِسَةُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ وَلَا بِعِوَضٍ غَيْرِ ثَابِتٍ في الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَالْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ في الْإِجَارَةِ وَالْمَعْقُودِ عليه في الْإِجَارَةِ إذَا كان مَنَافِعَ مُعَيَّنَةً مِثْلُ إجَارَةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ وَالْجَمَلِ الْمُعَيَّنِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أو لِحَمْلِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ دَارٍ وَنَحْوِ ذلك صَحَّ أَخْذُ الرَّهْنِ عليه السَّابِعَةُ يَصِحُّ عَقْدُ الرَّهْنِ من كل من يَصِحُّ بَيْعُهُ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّ تَبَرُّعُهُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لِوَلِيٍّ رَهْنُهُ عِنْدَ أَمِينٍ لِمَصْلَحَةٍ كَحَلِّ دَيْنٍ عليه قال في الرِّعَايَةِ يَصِحُّ مِمَّنْ له بَيْعُ مَالِهِ وَالتَّبَرُّعُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ من سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ وَمُكَاتَبٍ وَعَبْدٍ وَلَوْ كان مَأْذُونًا لهم في تِجَارَةٍ وَنَحْوِهِمْ قَوْلُهُ يَجُوزُ عَقْدُهُ مع الْحَقِّ وَبَعْدَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو الْخَطَّابِ يَجُوزُ قَبْلَهُ وقال وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ
____________________
(5/139)
فَائِدَةٌ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ في الرَّهْنِ وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ دَيْنِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ رَهْنُ مَرْهُونٍ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَالزِّيَادَةِ في الثَّمَنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرَّوْضَةِ لَا يَجُوزُ تَقْوِيَةُ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ أخر بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ في الدَّيْنِ على الرَّهْنِ الْأَوَّلِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لو فدا ( ( ( فدى ) ) ) الرَّهْنَ الْجَانِيَ وَشَرَطَ جَعْلَهُ رَهْنًا بِالْفِدَاءِ مع الدَّيْنِ الْأَوَّلِ هل يَصِحُّ أَمْ لَا فَعَلَى الصِّحَّةِ يَكُونُ كَالْمُسْتَثْنَى من هذه الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ رَهْنُ كل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا الْمُكَاتَبَ إذَا قُلْنَا اسْتِدَامَةُ الْقَبْضِ شَرْطٌ لم يَجُزْ رَهْنُهُ يَصِحُّ رَهْنُ كل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا في الْجُمْلَةِ وَهُنَا مَسَائِلُ فيها خِلَافٌ منها الْمُكَاتَبُ وَيَصِحُّ رَهْنُهُ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ بَيْعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ رَهْنِهِ قال في الرِّعَايَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ إذَا اشْتَرَطْنَا اسْتِدَامَةَ الْقَبْضِ في الرَّهْنِ وهو الذي جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَحَّحَهُ في المغنى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ ولم يَلْزَمْ بَقَاءُ الْقَبْضِ
____________________
(5/140)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُمَكَّنُ من الْكَسْبِ كما قبل الرَّهْنِ وَأَمَّا أَدَاؤُهُ فَهُوَ رَهْنٌ معه فان عَجَزَ ثَبَتَ الرَّهْنُ فيه وفي أَكْسَابِهِ وَإِنْ عَتَقَ كان ما أَدَّاهُ من نُجُومِهِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ رَهْنًا وَمِنْهَا الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ وَيَصِحُّ رَهْنُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَمِنْهَا ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وهو قَوْلُهُ وَيَجُوزُ رَهْنُ ما يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَيُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَوْلُهُ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَخَرَجَ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَائِدَةٌ يَجُوزُ رَهْنُ حِصَّتِهِ من مُعَيَّنٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ له نِصْفُ دَارٍ فَيَرْهَنُ نَصِيبَهُ من بَيْتٍ منها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ رَهْنُ حِصَّتِهِ من مُعَيَّنٍ من شَيْءٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ حَقِّهِ من بَيْتٍ مُعَيَّنٍ من دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ تَنْقَسِمُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَاحْتِمَالَانِ وَإِنْ لم تَنْقَسِمْ صَحَّ وَقِيلَ إنْ لَزِمَ الرَّهْنُ بِالْعَقْدِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ في بَيْعِهِ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال في الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ نَصَّ عليه
____________________
(5/141)
وَقَطَعَ في المغنى وَالشَّرْحِ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ وهو الْمَذْهَبُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اقْتَسَمَا فَوَقَعَ الْمَرْهُونُ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَدَلُهُ أو رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ إلْزَامُهُ بِبَدَلِهِ أو رَهْنِهِ لِشَرِيكِهِ وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِأَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ من الْقِيمَةِ في هذه الصُّورَةِ قُلْت فَيُعَايَى بها فَائِدَةٌ
قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ الشَّرِيكُ وَالْمُرْتَهِنُ في كَوْنِهِ في يَدِ أَحَدِهِمَا أو غَيْرِهِمَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ في يَدِ أَمِينٍ أَمَانَةً أو بِأُجْرَةٍ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل لِلْحَاكِمِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا له إجَارَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ له وهو الصَّوَابُ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قبل قَبْضِهِ إلَّا على ثَمَنِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إذَا أَرَادَ رَهْنَ الْمَبِيعِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قبل قَبْضِهِ أو بَعْدَهُ فَإِنْ كان بَعْدَ قَبْضِهِ جَازَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان قبل قَبْضِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا وما يَلْحَقُ بِهِمَا من الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ أو غَيْرِ ذلك
فَإِنْ كان غير هذه الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرْهَنَهُ على ثَمَنِهِ أو على غَيْرِ ثَمَنِهِ فَإِنْ رَهَنَهُ على غَيْرِ ثَمَنِهِ صَحَّ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا
____________________
(5/142)
وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ سَوَاءٌ قَبَضَ ثَمَنَهُ أو لَا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قبل نَقْدِ ثَمَنِهِ وَإِنْ رَهَنَهُ على ثَمَنِهِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في صِحَّتِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَمَّا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وما يَلْحَقُ بِهِمَا من الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ قبل قَبْضِهِ فذكر الْقَاضِي جَوَازَ رَهْنِهِ وَحَكَاهُ هو وبن عَقِيلٍ عن الْأَصْحَابِ
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ يَصِحُّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَعَلَهَا كَغَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا وقال في الشَّرْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ في أَحْكَامِ الْقَبْضِ وقال في التَّلْخِيصِ ذَكَرَ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ كان الثَّمَنُ قد قُبِضَ صَحَّ رَهْنُهُ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في بَابِ التَّصَرُّفِ في الْمَبِيعِ وتقبض ( ( ( وتلفه ) ) ) لَكِنَّ مَحَلَّهُمَا عِنْدَهُ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ
____________________
(5/143)
تَنْبِيهٌ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ على الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِنَاءٌ منه على أَنَّ غَيْرَهُمَا ليس مِثْلَهُمَا في الْحُكْمِ وهو رِوَايَةٌ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَالْمُصَنِّفُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ قال بن منجا في شَرْحِهِ وَأَمَّا كَوْنُ رَهْنِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قبل قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ فَمَبْنِيٌّ على الرِّوَايَةِ التي اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ أَنَّ الْمَنْعَ من بَيْعِ الْمَبِيعِ قبل قَبْضِهِ مُخْتَصٌّ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَتَقَدَّمَ في ذلك أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ هذه وَالثَّانِيَةُ مُخْتَصٌّ بِالْمَبِيعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ فَعَلَيْهَا لَا يَجُوزُ رَهْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قبل قَبْضِهِ وَيَجُوزُ رَهْنُ ما عَدَاهُ على غَيْرِ ثَمَنِهِ وفي رَهْنِهِ على ثَمَنِهِ الْخِلَافُ وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ مُخْتَصٌّ بِالْمَطْعُومِ فَعَلَيْهَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ قبل قَبْضِهِ وَيَجُوزُ رَهْنُ ما عَدَاهُ على غَيْرِ ثَمَنِهِ وفي رَهْنِهِ على ثَمَنِهِ الْخِلَافُ وَالرَّابِعَةُ الْمَنْعُ يَعُمُّ كُلَّ مَبِيعٍ فَعَلَيْهَا لَا يَجُوزُ رَهْنُ كل مَبِيعٍ قبل قَبْضِهِ على غَيْرِ ثَمَنِهِ وفي رَهْنِهِ على ثَمَنِهِ الْخِلَافُ انْتَهَى فَعَلَى الْأَوَّلِ يَزُولُ الضَّمَانُ بِالرَّهْنِ على قِيَاسِ ما إذَا رَهَنَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ غَاصِبِهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ وقد تَقَدَّمَ ما يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ في آخِرِ بَابِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الْأَخِيرِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ شُرُوطِ الْبَيْعِ لو بَاعَهُ بِشَرْطِ رَهْنِهِ على ثَمَنِهِ قَوْلُهُ وما لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ إلَّا الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا من غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَكَذَا الزَّرْعُ الْأَخْضَرُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا
____________________
(5/144)
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ يَعْنِي يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ يَعْنِي لَا يَصِحُّ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ رَهَنَهَا قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ إنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَا التَّرْكَ وَكَذَا الْخِلَافُ إنْ أَطْلَقَا فَتُبَاعُ إذَنْ على الْقَطْعِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ وَبَاعَ كَذَلِكَ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو رَهَنَهُ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَهْنُ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَعَكْسُهُ فإنه يَصِحُّ ويباعا ( ( ( ويباعان ) ) ) حَيْثُ حَرُمَ التَّفْرِيقُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ فَائِدَةٌ مَتَى بِيعَا كان مُتَعَلِّقُ الْمُرْتَهِنِ ما يَخْتَصُّ الْمَرْهُونَ مِنْهُمَا من الثَّمَنِ وفي قَدْرِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُقَالَ إذَا كانت الْأُمُّ الْمَرْهُونَةُ كَمْ قِيمَتُهَا مُفْرَدَةً فَيُقَالُ مِائَةٌ وَمَعَ الْوَلَدِ مِائَةٌ وَخَمْسِينَ فَلَهُ ثُلُثَا الثَّمَنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقَوَّمَ الْوَلَدُ أَيْضًا مُفْرَدًا فَيُقَالُ كَمْ قِيمَتُهُ بِدُونِ أُمِّهِ فَيُقَالُ عِشْرُونَ فَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ
____________________
(5/145)
الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ تُقَوَّمَ الْأُمُّ وَلَهَا وَلَدٌ وَيُقَوَّمَ الْوَلَدُ وهو مع أُمِّهِ فإن التَّفْرِيقَ مُمْتَنِعٌ قال في التَّلْخِيصِ وَهَذَا الصَّحِيحُ عِنْدِي إذَا كان الْمُرْتَهِنُ يَعْلَمُ أَنَّ لها وَلَدًا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ رَهْنِ الْمُصْحَفِ إذَا قُلْنَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمُسْلِمٍ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَصَّ عليه صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على جَوَازِ بَيْعِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا حُكْمَ رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ وَقَدَّمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ وَقَالَا وَكَذَا الْمُصْحَفُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَ مُصْحَفٍ من مُسْلِمٍ صَحَّ رَهْنُهُ منه على الْأَصَحِّ فَظَاهِرُهُمْ أَنَّ لنا رِوَايَةً بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِهِ وَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَهُ وَأَمَّا رَهْنُهُ على دَيْنٍ كَافِرًا إذَا كان بِيَدِ مُسْلِمٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ وَإِنْ صَحَّحْنَا رَهْنَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالْكَافِي وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/146)
فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأُلْحِقَتْ بِالْمُصْحَفِ كُتُبُ الحديث يَعْنِي في جَوَازِ رَهْنِهَا بِدَيْنِ كَافِرٍ قال في الْكَافِي وَإِنْ رَهَنَ الْمُصْحَفَ أو كُتُبَ الحديث لِكَافِرٍ لم يَصِحَّ انْتَهَى الثَّانِيَةُ في جَوَازِ الْقِرَاءَةِ في الْمُصْحَفِ لِغَيْرِ رَبِّهِ بِلَا إذْنٍ وَلَا ضَرَرٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في هذا الْبَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَعَنْهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا رَهَنَ مُصْحَفًا لَا يَقْرَأُ فيه إلَّا بِإِذْنِهِ انْتَهَى الثَّانِي يَجُوزُ اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَوَّزَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقِرَاءَةَ لِلْمُرْتَهِنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ لَا يُعْجِبُنِي بِلَا إذْنِهِ الثَّالِثَةُ يَلْزَمُ رَبَّهُ بَذْلُهُ لِحَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَلْزَمُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ذَكَرَ ذلك في الْفُرُوعِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْمُصْحَفِ هُنَاكَ وَأَكْثَرُهَا في أخر نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهَادِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ إذَا شَرَطَهُ في يَدِ عَدْلٍ مُسْلِمٍ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
____________________
(5/147)
وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال اخْتَارَهُ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْمُحَرَّرِ وَيَصِحُّ في كل عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَكَذَا في التَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ وَإِنْ كان مُخَالِفًا لِمَا أَطْلَقْنَاهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شيئا لِيَرْهَنَهُ وَأَنْ يَسْتَعِيرَهُ لِيَرْهَنَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فِيهِمَا سَوَاءٌ بَيَّنَ قَدْرَ الدَّيْنِ لَهُمَا أولا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ الدَّيْنَ وَيَجُوزُ لَهُمَا الرُّجُوعُ قبل إقْبَاضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قبل الْعَقْدِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ ليس لَهُمَا الرُّجُوعُ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ قال في الْقَوَاعِدِ في الْعَارِيَّةِ قال الْأَصْحَابُ هو لَازِمٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمَالِكِ
وَأَمَّا بَعْدَ إقْبَاضِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الرُّجُوعُ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِيمَا قَبْلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في الِانْتِصَارِ يَجُوزُ لَهُمَا الرُّجُوعُ أَيْضًا فَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَبِيعَ رَجَعَ الْمُعِيرُ أو الْمُؤَجِّرُ بِقِيمَتِهِ أو بمثله إنْ كان مِثْلِيًّا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا بَاعَهُ بِهِ سَوَاءٌ زَادَ على الْقِيمَةِ أو نَقَصَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ يَرْجِعُ بِأَكْثَرِهِمَا اخْتَارَهُ في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ في بَابِ الْعَارِيَّةِ
____________________
(5/148)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ بِيعَ بِأَكْثَرَ منها رَجَعَ بِالزِّيَادَةِ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ قال بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وهو الصَّوَابُ قَطْعًا انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ الثَّانِيَةُ لو تَلِفَ الْمَرْهُونُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ في مُسْتَأْجِرٍ من مُسْتَعِيرٍ الثَّالِثَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ الْإِنْسَانُ مَالَ نَفْسِهِ على دَيْنِ غَيْرِهِ كما يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَأَوْلَى وهو نَظِيرُ إعَارَتِهِ لِلرَّهْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِالْقَبْضِ يَعْنِي لِلْمُرْتَهِنِ أو لِمَنْ اتَّفَقَا عليه فَلَوْ اسْتَنَابَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ في الْقَبْضِ لم يَصِحَّ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ فَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَوْصُوفًا غير مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كما يَجُوزُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَعَلَى هذا يَكُونُ قبل الْقَبْضِ جَائِزًا وَيَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وبن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وبن عَبْدُوسٍ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ في صِحَّةِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ قبل الْقَبْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَأْتِي ذلك وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ وبن الزَّاغُونِيِّ وَالْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على الْأَوَّلِ
____________________
(5/149)
الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَنَحْوِهِمَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَغَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ قال في الْكَافِي وبن منجا وَغَيْرُهُمَا هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وبن أبي مُوسَى وَنَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمَا قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ أَنَّ الْقَبْضَ ليس بِشَرْطٍ في الْمُتَعَيَّنِ فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ نَصَّ عليه قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ هذا قَوْلُ أَصْحَابِنَا قال في التَّلْخِيصِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَعَلَيْهِمَا مَتَى امْتَنَعَ الرَّاهِنُ من تَقْبِيضِهِ أُجْبِرَ عليه كَالْبَيْعِ وَإِنْ رَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ على الرَّاهِنِ بِعَارِيَّةٍ أو غَيْرِهَا ثُمَّ طَلَبَهُ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ على رَدِّهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا سَوَاءٌ كان مُعَيَّنًا أو لَا ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَصَرَّحَ أبو بَكْرٍ بِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ بِزَوَالِهِ وَكَذَلِكَ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا انْتَهَى وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ صِفَةُ قَبْضِ الرَّهْنِ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ على ما تَقَدَّمَ لَكِنْ لو كان في يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَارِيَّةٌ أو وَدِيعَةٌ أو غصبا ( ( ( غصب ) ) ) أو نَحْوُهُ صَحَّ الرَّهْنُ وَالْمُذْهَبِ لُزُومُ الرَّهْنِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ من غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى أَمْرٍ زَائِدٍ وَالْيَدُ
____________________
(5/150)
ثَابِتَةٌ وَالْقَبْضُ حَاصِلٌ وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ لَا غَيْرُ وَهَذَا على الْأَكْثَرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضى اللَّهُ عنه وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لَا يَصِيرُ رَهْنًا حتى تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فيها فَإِنْ كان مَنْقُولًا فَبِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهُ فيها وَإِنْ كان مَكِيلًا فَبِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ اكْتِيَالُهُ فيها وَإِنْ كان غير مَنْقُولٍ فَبِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كان غَائِبًا عن الْمُرْتَهِنِ لم يَصِرْ مَقْبُوضًا حتى يُوَافِيَهُ هو أو وَكِيلَهُ ثُمَّ تَمْضِي مُدَّةٌ يُمْكِنُ قَبْضُهُ فيها لِأَنَّ الْعَقْدَ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ أو بِإِمْكَانِهِ وَيَكْفِي ذلك وَلَا يَحْتَاجُ إلَى وُجُودِ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ حَقِيقَةً فَإِنْ تَلِفَ قبل مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فيها فَهُوَ كَتَلَفِ الرَّهْنِ قبل قَبْضِهِ وَكَذَا الْهِبَةُ على الْخِلَافِ وَالْمُذْهَبُ على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ إلَى الرَّاهِنِ زَالَ لُزُومُهُ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِهِ نِيَابَةً أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا أَنَّهُ لَا يَزُولُ لُزُومُهُ إذَا أَخَذَهُ الرَّاهِنُ منه بِإِذْنِهِ نِيَابَةً فَائِدَةٌ لو أَجَّرَهُ أو أَعَارَهُ لِلْمُرْتَهِنِ أو غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْمَجْدِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا قال في الِانْتِصَارِ هو الْمَذْهَبُ كَالْمُرْتَهِنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَعَنْهُ يَزُولُ لُزُومُهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِحَالٍ انْتَهَى
____________________
(5/151)
فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ اللُّزُومُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ سَكَّنَهُ بِأُجْرَتِهِ بِلَا إذْنٍ فَلَا رَهْنَ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إنْ أَكْرَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أو له فإذا رَجَعَ صَارَ رَهْنًا وَالْكِرَاءُ لِلرَّاهِنِ وَقِيلَ إنْ أَعَارَهُ لِلْمُرْتَهِنِ لم يَزُلْ اللُّزُومُ وَإِلَّا زَالَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في المغنى وقال الزَّرْكَشِيُّ وفي الْمُذْهَبِ قَوْلُ إنْ أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لم يَزُلْ اللُّزُومُ وَإِنْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ زَالَ اللُّزُومُ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ على أَجَلِ الدَّيْنِ لم يَصِحَّ بِحَالٍّ
فَائِدَةٌ لو رَهَنَهُ شيئا ثُمَّ أَذِنَ له في الِانْتِفَاعِ بِهِ فَهَلْ يَصِيرُ عَارِيَّةً حَالَةَ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا قال الْقَاضِي في خِلَافِهِ وبن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ يَصِيرُ مَضْمُونًا بِالِانْتِفَاعِ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَصِيرُ مَضْمُونًا بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ إذَا قَبَضَهُ على هذا الشَّرْطِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اتَّفَقَا على ذلك فَإِنْ اخْتَلَفَا تَعَطَّلَ الرَّهْنُ على الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ لَا يَتَعَطَّلُ وَيُجْبَرُ من أَبَى مِنْهُمَا الْإِيجَارَ انْتَهَى قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ يَتَعَطَّلُ الْإِيجَارُ وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ لم يَتَعَطَّلْ قَوْلُهُ وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ في اللُّزُومِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَعَنْهُ أَنَّ اسْتِدَامَتَهُ في الْمُتَعَيَّنِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ
____________________
(5/152)
فَائِدَةٌ لو رَهَنَهُ ما هو في يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَمَضْمُونٍ عليه كَالْغُصُوبِ والموارى ( ( ( والعواري ) ) ) وَالْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ حَيْثُ قُلْنَا يَضْمَنُ وَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ صَحَّ الرَّهْنُ وَزَالَ الضَّمَانُ كما لو كان غير مَضْمُونٍ عليه كَالْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لُزُومُ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَمْرٍ زَائِدٍ على ذلك وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَهِيَ شَبِيهَةُ الْهِبَةِ قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ رَهَنَهُ ما في يَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا فَكَهِبَتِهِ إيَّاهُ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لَا يَصِيرُ رَهْنًا حتى تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَتَأَتَّى قَبْضُهُ فيها وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ فَعَلَى الثَّانِي إنْ كان مَنْقُولًا فَبِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهُ فيها وَإِنْ كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا فَبِمُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ اكْتِيَالُهُ وَاتِّزَانُهُ فيها وَإِنْ كان غير مَنْقُولٍ فَبِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كان غَائِبًا لم يَصِرْ مَقْبُوضًا حتى يُوَافِيَهُ بِهِ هو أو وَكِيلَهُ ثُمَّ تَمْضِي مُدَّةٌ يُمْكِنُ قَبْضُهُ فيها فَهُوَ كَتَلَفِ الرَّهْنِ قبل قَبْضِهِ ثُمَّ هل يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الرَّاهِنِ في قَبْضِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ رَهَنَهُ ما في يَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا فَكَهِبَتِهِ إيَّاهُ وَيَزُولُ ضَمَانُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ على الْمَذْهَبِ وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ إلَّا بِإِذْنِهِ على الْمَذْهَبِ كما في الْهِبَةِ على ما يَأْتِي في بَابِ الْهِبَةِ
قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ في الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْعِتْقِ فإنه يَنْفُذُ وَتُؤْخَذُ منه قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ إذَا تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ في الرَّهْنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْعِتْقِ أو بِغَيْرِهِ فَإِنْ كان بِالْعِتْقِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَسَوَاءٌ كان مُوسِرًا أو مُعْسِرًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في الْمُعْسِرِ
____________________
(5/153)
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ من الرِّوَايَاتِ لِلْأَكْثَرِينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَنْفُذَ عِتْقُ الْمُعْسِرِ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ تَخْرِيجًا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ كَذَلِكَ اخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ قُلْت وهو قوى في النَّظَرِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ إنْ كان الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمُوسِرِ أَيْضًا وَذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَغَيْرُهُ رِوَايَةٌ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ
وقال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُوسِرِ بِغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْمُوسِرِ يُؤْخَذُ منه قِيمَتُهُ رَهْنًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَيَّرَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ بين الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ عَبْدٍ مِثْلِهِ وَعَلَى المذهب في الموسر يؤخذ منه قيمته رهنا على الصحيح من المذهب ة على الْمَذْهَبِ في الْمُعْسِرِ مَتَى أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ قبل حُلُولِ الدَّيْنِ أُخِذَتْ وَجُعِلَتْ رَهْنًا وَأَمَّا بَعْدَ الْحُلُولِ فَلَا فَائِدَةَ في أَخْذِهَا رَهْنًا بَلْ يُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يَأْخُذُ الْقِيمَةَ فَإِنَّهَا تَكُونُ وَقْتَ الْعِتْقِ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ فقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَعْدَ زَوَالِ الرَّهْنِ وفي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ بِالنُّفُوذِ الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ على الرَّاهِنِ عِتْقُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ وَيَأْتِي إذَا أَقَرَّ بِعِتْقِهِ أو بَيْعِهِ أو غَيْرِهِمَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا وَإِنْ كان تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ لم يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/154)
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وقال الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ من وَطْئِهَا وَمَهْرُهَا رَهْنٌ مَعَهَا وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يَصِحُّ بَيْعُ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ وَيَلْزَمُهُ وَيَقِفُ لُزُومُهُ في حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ حُكْمُ إخْرَاجِهَا من الْمَرْهُونِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء الْجَارِيَةَ فَأَوْلَدَهَا خَرَجَتْ من الرَّهْنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ يَجْزِمُونَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْفِعْلَ أَوْلَى من الْقَوْلِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ إيلَادِ الْمَجْنُونِ دُونَ عِتْقِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في التَّلْخِيصِ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فيه فإنه قال وَالِاسْتِيلَادُ مُرَتَّبٌ على الْعِتْقِ وَأَوْلَى بِالنُّفُوذِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لِلرَّاهِنِ الْوَطْءُ بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ في الْكِتَابَةِ قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ منه قِيمَتُهَا فَجُعِلَتْ رَهْنًا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قالوا كما قال الْمُصَنِّفُ وقال بَعْضُهُمْ يَتَأَخَّرُ الضَّمَانُ حتى تَضَعَ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يوم أَحْبَلَهَا قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ فَائِدَةٌ له غَرْسُ الْأَرْضِ إذَا كان الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا في أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/155)
وَلَا يُمْنَعُ من سقى شَجَرٍ وَتَلْقِيحٍ وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ على إنَاثٍ مَرْهُونَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ من مُدَاوَاةٍ وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِ بَلْ من قَطْعِ سِلْعَةٍ فيها خَطَرٌ وَيُمْنَعُ من ختانة إلَّا مع دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ يَبْرَأُ قبل حَلِّهِ وَلِلْمُرْتَهِنِ مُدَاوَاةُ ما فيه لِلْمَصْلَحَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ له في بَيْعِ الرَّهْنِ أو هِبَتِهِ وَنَحْوَ ذلك فَفَعَلَ صَحَّ وَبَطَلَ الرَّهْنُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ له في بَيْعِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا فَهَذَا الشَّرْطُ صَحِيحٌ وَيَصِيرُ رَهْنًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ صَحَّ وَصَارَ ثَمَنُهُ رَهْنًا في الْأَصَحِّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّةَ الشَّرْطِ وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ وَأَنَّ الثَّوَابَ في الْهِبَةِ كَذَلِكَ انْتَهَى وَقِيلَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ
فَوَائِدُ
الْأُولَى يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ في كل تَصَرُّفٍ أَذِنَ فيه بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قبل الْبَيْعِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قُلْت وهو الصَّوَابُ الثَّانِيَةُ لو ثَبَتَ رُجُوعُهُ وَتَصَرَّفَ الرَّاهِنُ جَاهِلًا رُجُوعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ
____________________
(5/156)
على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَقَالَا بِنَاءً على تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ قبل عِلْمِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ هُنَاكَ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ كما يَأْتِي فَكَذَا هُنَا وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ هُنَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أَيْضًا الثَّالِثَةُ لو بَاعَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ الدَّيْنُ صَحَّ الْبَيْعُ وَصَارَ ثَمَنُهُ رَهْنًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْخُذُ الدَّيْنَ منه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ صَحَّ وَصَارَ رَهْنًا في الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَبْقَى ثَمَنُهُ رَهْنًا لو كان الدَّيْنُ غير حَالٍّ ولم يَشْتَرِطْ جَعْلَ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ بَلْ فيه الْأَمْرَانِ فَهَلْ يَبْقَى ثَمَنُهُ رَهْنًا أو يَبْطُلُ الرَّهْنُ فيه وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ أَحَدُهُمَا يَبْقَى ثَمَنُهُ رَهْنًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالثَّانِي يَبْطُلُ الرَّهْنُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ قُلْت وهو الْمَذْهَبُ
قَوْلُهُ أو بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ دَيْنَهُ من ثَمَنِهِ إذَا بَاعَهُ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ له دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ من ثَمَنِهِ صَحَّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
____________________
(5/157)
وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَعَزَاهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ إلَى الْقَاضِي في رؤوس الْمَسَائِلِ قال وَنَصَرَهُ قال وهو أَصَحُّ عِنْدِي قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ ولم أَجِدْ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ وَافَقَ الْمُصَنِّفَ على ما حَكَاهُ هُنَا قال في الْفُرُوعِ وَكُلُّ شَرْطٍ لم يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ فَهُوَ فَاسِدٌ وفي الْعَقْدِ رِوَايَتَا الْبَيْعِ انْتَهَى
وَأَمَّا شَرْطُ التَّعْجِيلِ فَيَلْغُو قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا فيه وَجْهَانِ واطلقهما في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ رَهْنًا قُلْت وهو أَوْلَى ثُمَّ وَجَدْته صَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال قال الْمُصَنِّفُ في شَرْحِهِ يعنى بِهِ الْمَجْدَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَلْغُو شَرْطُ التَّعْجِيلِ لَكِنَّهُ يُفِيدُ بَقَاءَ كَوْنِهِ رَهْنًا وَعَلَى هذا يُحْمَلُ كَلَامُ أبي الْخَطَّابِ انْتَهَى وَالثَّانِي لَا يَكُونُ رَهْنًا قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ الْوَجْهَانِ هُنَا كَالْوَجْهَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ انْتَهَى فَيَكُونُ الصَّحِيحُ لَا يَكُونُ رَهْنًا قَوْلُهُ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ وَكَسْبُهُ من الرَّهْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وحزم ( ( ( وجزم ) ) ) بِهِ كَثِيرٌ منهم وفي الصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ الْمَقْصُودِ وَجْهٌ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ أَنَّهُ ليس من الرَّهْنِ قال في الْقَوَاعِدِ وهو جَيِّدٌ
____________________
(5/158)
وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ كَسْبِ الرَّهْنِ وَنَمَائِهِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عليه انْتَهَى وَكَوْنُ الْكَسْبِ من الرَّهْنِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عليه من الرَّهْنِ سَوَاءٌ كانت الْجِنَايَةُ عليه عَمْدًا أو خَطَأً لَكِنْ إنْ كانت عَمْدًا فَهَلْ لِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ أَمْ لَا وإذا قَبَضَ فَهَلْ عليه الْقِيمَةُ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ يَأْتِي ذلك كُلُّهُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ
فَوَائِدُ أَحَدُهَا قَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ على الرَّاهِنِ وَكَفَنُهُ إنْ مَاتَ وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ إنْ كان مَخْزُونًا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ من الرَّاهِنِ بِيعَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِنْ خِيفَ اسْتِغْرَاقُهُ بِيعَ كُلُّهُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وهو أَمَانَةٌ في يَدِ الْمُرْتَهِنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ قيل ( ( ( قبل ) ) ) الْعَقْدِ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ كَبَعْدِ الْوَفَاءِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَهُ وَظَاهِرُهُ لُزُومُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على التَّعَدِّي وهو الصَّوَابُ وأبي ذلك بن عَقِيلٍ جَرْيًا على الظَّاهِرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ تَعَدَّى فيه فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ على ما يَأْتِي لَكِنْ في بَقَاءِ الرَّهْنِيَّةِ وَجْهَانِ لِأَنَّهَا لَا تَجْمَعُ أَمَانَةً وَاسْتِيثَاقًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ بَقَاءُ الرَّهْنِيَّةِ
____________________
(5/159)
وهو الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْته قال في الْقَوَاعِدِ لو تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فيه زَالَ ائْتِمَانُهُ وَبَقِيَ مَضْمُونًا عليه ولم تَبْطُلْ تَوْثِقَتُهُ وَحَكَى بن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ احْتِمَالًا يُبْطِلَانِ الرَّهْنَ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ على الرَّاهِنِ انْتَهَى
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تعدي ( ( ( تعد ) ) ) منه فَلَا شَيْءَ عليه بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو تَلِفَ عِنْدَ الْعَدْلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَادِثٍ ظَاهِرٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَادِثِ قبل قَوْلِهِ فيه أَيْضًا الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ شَيْءٌ من الدَّيْنِ بِلَا نِزَاعٍ نَصَّ عليه كَدَفْعِ عَبْدٍ يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ من ثَمَنِهِ فَيَتْلَفُ وَكَحَبْسِ عَيْنٍ مَوْجُودَةٍ بَعْدَ الْفَسْخِ على الْأُجْرَةِ فَتَتْلَفُ فَلَا يَسْقُطُ ما عليه بِسَبَبِ ذلك بِخِلَافِ حَبْسِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ الْمُتَمَيِّزَ على ثَمَنِهِ فإنه يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ وَالرَّهْنُ ليس بِعِوَضِ الدَّيْنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ لَكِنْ لو رَهَنَ شَيْئَيْنِ بِحَقٍّ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا فالأخر رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ بَلْ يُقَسِّطُهُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى سَوَاءٌ اتَّحَدَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ أو تَعَدَّدَ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ من الرَّهْنِ حتى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ بِلَا نِزَاعٍ حتى لو قَضَى أَحَدُ الْوَارِثِينَ ما يَخُصُّهُ من دَيْنٍ بِرَهْنٍ قَوْلُهُ وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا انْفَكَّ في نَصِيبِهِ
____________________
(5/160)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَنْفَكُّ قال أبو الْخَطَّابِ فِيمَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ عِنْدَ رَجُلَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا يَبْقَى جَمِيعُهُ رَهْنًا عِنْدَ الأخر قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ على أَنَّهُ ليس لِلرَّاهِنِ مُقَاسَمَةُ الْمُرْتَهِنِ لِمَا عليه من الضَّرَرِ لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْعَيْنَ كُلَّهَا تَكُونُ رَهْنًا إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ رَهَنَ نِصْفَ الْعَبْدِ عِنْدَ رَجُلٍ فَصَارَ جَمِيعُهُ رَهْنًا انْتَهَى
وَالْمَسْأَلَةُ التي ذَكَرَهَا وَهِيَ ما إذَا رَهَنَ جُزْءًا مُشَاعًا وكان في الْمُقَاسَمَةِ ضَرَرٌ على الْمُرْتَهِنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَةَ الثَّانِي فإنه يَمْنَعُ الرَّاهِنَ من قِسْمَتِهِ وَيُقِرُّ جَمِيعَهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ الْبَعْضُ رَهْنٌ وَالْبَعْضُ أَمَانَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ رَهَنَهُ رَجُلَانِ شيئا فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا انْفَكَّ في نَصِيبِهِ هذا الْمَذْهَبُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَنْفَكُّ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا رَهَنَ اثْنَانِ عَيْنَيْنِ أو عَيْنًا لَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً على دَيْنٍ له عَلَيْهِمَا مِثْلُ أَنْ يَرْهَنَاهُ دَارًا لَهُمَا على أَلْفِ دِرْهَمٍ له عَلَيْهِمَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا على أَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا قَضَى ما عليه ولم يَقْضِ الْآخَرُ أَنَّ الدَّارَ رَهْنٌ على ما بَقِيَ وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ جَعَلَ نَصِيبَ كل وَاحِدٍ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْحَقِّ تَوْزِيعًا لِلْمُفْرَدِ على الْجُمْلَةِ لَا على الْمُفْرَدِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وبن أبي مُوسَى وأبو الْخَطَّابِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ
____________________
(5/161)
قال الْقَاضِي هذا بِنَاءً على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ إنَّ عَقْدَ الِاثْنَيْنِ مع الْوَاحِدِ في حُكْمِ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ إنَّهَا في حُكْمِ عَقْدَيْنِ كان نَصِيبُ كل وَاحِدٍ مَرْهُونًا بِنِصْفِ الدَّيْنِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ لو قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أو أُبْرِئَ منه وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أو كَفِيلٌ كان عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أو الْمُشْتَرِي من الْقِسْمَيْنِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ في النِّيَّةِ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ أَطْلَقَ ولم يَنْوِ شيئا صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ يُوَزِّعُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُحَرَّرِ قَوْلُهُ وإذا حَلَّ الدَّيْنُ وَامْتَنَعَ من وَفَائِهِ فَإِنْ كان الرَّاهِنُ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ أو لِلْعَدْلِ في بَيْعِهِ بَاعَهُ وَوَفَّى الدَّيْنَ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو بَاعَهُ الْعَدْلُ اشْتَرَطَ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ إذْنِ الرَّاهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى
فَائِدَةٌ يَجُوزُ إذْنُ الْعَدْلِ أو الْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ قِيمَةِ الرَّهْنِ كَأَصْلِهِ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا بأذن مُتَجَدِّدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قَوْلُهُ وَإِلَّا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ الرَّاهِنُ من وَفَاءِ الدَّيْنِ ولم يَكُنْ أَذِنَ في بَيْعِهِ أو كان أَذِنَ فيه ثُمَّ عَزَلَهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ عَزْلُهُ وهو الصَّحِيحُ على ما يَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فإن الْأَمْرَ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهُ على وَفَاءِ دَيْنِهِ أو بَيْعِ الرَّهْنِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/162)
وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال الْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَجْبَرَهُ على الْبَيْعِ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ عليه وَقَضَى دَيْنَهُ قال الْأَصْحَابُ فَإِنْ امْتَنَعَ من الْوَفَاءِ أو من الْإِذْنِ في الْبَيْعِ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ أو عَزَّرَهُ فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ في الرَّهْنِ جَعْلَهُ على يَدِ عَدْلٍ صَحَّ وَقَامَ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا نِزَاعٍ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ اسْتِنَابَةُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ في الْقَبْضِ وهو كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَعَبْدُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ كَهُوَ لَكِنْ يَصِحُّ اسْتِنَابَةُ مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ له في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وفي الْآخَرِ لَا يَصِحُّ إلَّا أن يكون عليه دين وفي الآخر لا يصح إلا أَنْ يَكُونَ عليه دَيْنٌ قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَا له في الْبَيْعِ لم يَبِعْ إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كان فيه نُقُودٌ بَاعَ بِجِنْسِ الدَّيْنِ فَإِنْ لم يَكُنْ فيها جِنْسُ الدَّيْنِ بَاعَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَصْلَحُ إذَا أَذِنَا لِلْعَدْلِ أو أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ في الْبَيْعِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعَيِّنَ نَقْدًا أو يُطْلِقَ فَإِنْ عَيَّنَ نَقْدًا لم يَجُزْ بَيْعُهُ بِمَا يُخَالِفُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ في الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ أو أَكْثَرُ فَإِنْ كان في الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ بَاعَ بِهِ وَإِنْ كان فيه أَكْثَرُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَتَسَاوَى أولا فَإِنْ لم تَتَسَاوَ بَاعَ بِأَغْلَبِ نُقُودِ الْبَلَدِ بِلَا نِزَاعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ها هنا أَنَّهُ يَبِيعُ بِجِنْسِ الدَّيْنِ مع عَدَمِ التَّسَاوِي
____________________
(5/163)
قال بن منجا في شَرْحِهِ فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ على ما إذَا كانت النُّقُودُ مُتَسَاوِيَةً انْتَهَى وَإِنْ تَسَاوَتْ النُّقُودُ بَاعَ بِجِنْسِ الدَّيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو الذي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عبدس ( ( ( عبدوس ) ) ) وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَبِيعُ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَحَظُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم يَكُنْ فيها جِنْسُ الدَّيْنِ بَاعَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَصْلَحُ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ تَسَاوَتْ عِنْدَهُ في ذلك عَيَّنَ الْحَاكِمُ له ما يَبِيعُهُ بِهِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ على الْعَدْلِ في تَعْيِينِ النَّقْدِ لم يُسْمَعْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَأْمُرُهُ بِبَيْعِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كان من جِنْسِ الْحَقِّ أو لم يَكُنْ وَافَقَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا أولا
قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِمَا يَرَى الْحَظَّ فيه قُلْت وهو الصَّوَابُ الثَّانِيَةُ لَا يَبِيعُ الْوَكِيلُ هُنَا نِسَاءً قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً يَجُوزُ بِنَاءً على الْمُوَكِّلِ وَرُدَّ الثَّالِثَةُ إذَا بَاعَ الْعَدْلُ بِدُونِ الْمِثْلِ عَالِمًا بِذَلِكَ فقال الْمُصَنِّفُ في المغنى لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَكِنَّهُ عَلَّلَهُ بِمُخَالَفَتِهِ وهو مُنْتَقَضٌ بِالْوَكِيلِ وَلِهَذَا أَلْحَقَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ بِبَيْعِ الْوَكِيلِ فَصَحَّحَاهُ وَضَمَّنَاهُ النَّقْصَ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ
____________________
(5/164)
قال الشَّارِحُ قال شَيْخُنَا لم يَصِحَّ وقال أَصْحَابُنَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ لِلنَّقْصِ كُلِّهِ وهو الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في الْوَكَالَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَأَنْكَرَ ولم يَكُنْ قَضَاهُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ إذَا ادَّعَى الْعَدْلُ دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَأَنْكَرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ بِبَيِّنَةٍ أو بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ أولا فَإِنْ دَفَعَهُ بِبَيِّنَةٍ وَسَوَاءٌ كانت حَاضِرَةً أو غَائِبَةً حَيَّةً أو مَيِّتَةً قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا لو كان بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَنْبَغِي الضَّمَانُ إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ اعْتِمَادًا على أَنَّ السَّاكِتَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ قَوْلٌ عَلَيْهِمَا في تَسْلِيمِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقِيلَ يُصَدَّقُ الْعَدْلُ مع يَمِينِهِ على رَاهِنِهِ وَلَا يُصَدَّقُ على الْمُرْتَهِنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ عَلَيْهِمَا في حَقِّ نَفْسِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهَا قَالَهُ في المغنى قال في الشَّرْحِ ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَ الأخر في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَيَرْجِعُ على أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ رَجَعَ على الْعَدْلِ لم يَرْجِعْ الْعَدْلُ على الرَّاهِنِ وَإِنْ رَجَعَ على الرَّاهِنِ رَجَعَ على الْعَدْلِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ فَيَرْجِعُ على رَاهِنِهِ وَعَلَى الْعَدْلِ
____________________
(5/165)
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ يَرْجِعُ على الرَّاهِنِ وَالرَّاهِنُ يَرْجِعُ على الْعَدْلِ انْتَهَوْا
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي إذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ على من شَاءَ مِنْهُمَا فَإِنْ رَجَعَ على الْعَدْلِ لم يَرْجِعْ على الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ يقول ظَلَمَنِي وَأَخَذَ مِنِّي بِغَيْرِ حَقٍّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَإِنْ رَجَعَ على الرَّاهِنِ فَعَنْهُ يَرْجِعُ على الْعَدْلِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ عليه لِأَنَّهُ امين في حَقِّهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ أو كَذَّبَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ فلم يُشْهِدْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَلَى الثَّالِثِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ على الْمُرْتَهِنِ في إسْقَاطِ الضَّمَانِ عن نَفْسِهِ وَلَا يُقْبَلُ في نَفْيِ الضَّمَانِ عن غَيْرِهِ فَيَرْجِعُ على الرَّاهِنِ وَحْدَهُ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ يَأْتِي حُكْمُ الْوَكِيلِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْوَكَالَةِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ في قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ ولم يُشْهِدْ قَوْلُهُ فَإِنْ عَزَلَهُمَا صَحَّ عَزْلُهُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو تَوْجِيهٌ لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْحِيلَةِ لِأَنَّ فيه تَغْرِيرًا بِالْمُرْتَهِنِ فيعايي بها على هذا الْقَوْلِ قال في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ بِالْفَرْقِ بين أَنْ يُوجَدَ حَاكِمٌ يَأْمُرُ بِالْبَيْعِ اولا من مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ أو إنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ في مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ له لم يَصِحَّ الشَّرْطُ بِلَا نِزَاعٍ وفي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ
____________________
(5/166)
اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذَا وُجِدَ لم يُؤَثِّرْ في الْعَقْدِ وَإِنْ لم يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ كَالْمُحَرَّمِ وَالْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ وما لَا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِهِ وَنَحْوَهُ أو نافي الْعَقْدَ كَعَدَمِ بَيْعِهِ عِنْدَ الْحُلُولِ أو إنْ جاء بِحَقِّهِ في مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَالرَّهْنُ له فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ وفي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ كَالْبَيْعِ إذَا اقْتَرَنَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا شَرَطَ ما يُنَافِيهِ وَنَصَرَاهُ وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ فِيمَا إذَا شَرَطَ ما يُنَافِيهِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لم يُؤَثِّرْ وَإِنْ لم يَقْتَضِهِ أو نَافَاهُ نحو كَوْنِ مَنَافِعِهِ له وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ في مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ له أو لَا يَقْتَضِيهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وفي الْعَقْدِ رِوَايَةُ الْبَيْعِ وقد تَقَدَّمَ في شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لو شَرَطَ ما يُنَافِي مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فَيَكُونُ هذا كُلُّهُ كَذَلِكَ وَقِيلَ ما يَنْقُصُ بِفَسَادِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وما لَا يَنْقُصُ بِهِ فيه الرِّوَايَتَانِ وَقِيلَ إنْ سَقَطَ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ إلَّا جَعْلَ الْأَمَةِ في يَدِ أَجْنَبِيٍّ عَزَبٍ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ وفي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ يَبْطُلُ فيه أَيْضًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وقال في الْفَائِقِ وقال شَيْخُنَا لَا يَفْسُدُ الثَّانِي وَإِنْ لم يَأْتِهِ صَارَ له وَفَعَلَهُ الْإِمَامُ
____________________
(5/167)
قُلْت فَعَلَيْهِ غَلَقَ الرَّهْنُ اسْتِحْقَاقُ الْمُرْتَهِنِ له بِوَضْعِ الْعَقْدِ لَا بِالشَّرْطِ كما لو بَاعَهُ منه انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ كَلَامَهُ في الْفُصُولِ ثُمَّ إذَا بَطَلَ وكان في بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا من الثَّمَنِ أَمْ لَا لِانْفِرَادِهِ عنه كَمَهْرٍ في نِكَاحٍ احْتِمَالَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وإذا اخْتَلَفَا في قَدْرِ الدَّيْنِ أو الرَّهْنِ أو رَدِّهِ أو قال أَقَبَضْتُك عَصِيرًا قال بَلْ خَمْرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا في قَدْرِ الدَّيْنِ الذي وَقَعَ الرَّهْنُ بِهِ نحو أَنْ يَقُولَ رَهَنْتُك عَبْدِي بِأَلْفٍ فيقول الْمُرْتَهِنُ بَلْ بِأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ ما لم يَدَّعِ أَكْثَرَ من قِيمَةِ الرَّهْنِ وهو قَوْلُ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ في قَدْرِ ما رَهَنَهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَا على أَنَّهُ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ أو اخْتَلَفَا فَلَوْ اتَّفَقَا على قَدْرِ الدَّيْنِ فقال الرَّاهِنُ رَهَنْتُك بِبَعْضِهِ فقال الْمُرْتَهِنُ بَلْ بِكُلِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَلَوْ اتَّفَقَا على أَنَّهُ رَهْنٌ بِأَحَدِ الْأَلْفَيْنِ فقال الرَّاهِنُ بَلْ بِالْمُؤَجَّلِ مِنْهُمَا وقال الْمُرْتَهِنُ بَلْ بِالْحَالِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَيْضًا
وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا في قَدْرِ الرَّهْنِ نحو قَوْلِهِ رَهَنْتُك هذا فقال الْمُرْتَهِنُ وَهَذَا أَيْضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَتَحَالَفَانِ في الْمَشْرُوطِ وَذَكَرَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا
____________________
(5/168)
فَائِدَةٌ لو قال رَهَنْتُك على هذا قال بَلْ هذا قُبِلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا في رَدِّ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ يُخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ بِقَبُولِ قَوْلِ الْمُرْتَهِنِ بِنَاءً على الْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ بِجُعْلٍ فإن فِيهِمَا وَجْهَيْنِ وَخَرَّجَ هذا الْوَجْهَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْوَكَالَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في رَدِّهِ إلَى الْمُوَكِّلِ حَيْثُ قال وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ في الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَأَطْلَقَهُمَا في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
فَوَائِدُ الْأُولَى لو ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ قَبَضَهُ منه قُبِلَ قَوْلُهُ إنْ كان بيده فَلَوْ قال رَهَنْته فقال الرَّاهِنُ بَلْ غَصَبْته أو هو وَدِيعَةٌ عِنْدَك أو عَارِيَّةٌ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أو الرَّاهِنِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ في الْغَصْبِ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَدَّمَهُ في الْغَصْبِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ في الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ في الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ قال في التَّلْخِيصِ الْأَقْوَى قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ في أَنَّهُ رَهْنٌ وَلَيْسَ بِغَصْبٍ الثَّانِيَةُ لو قال أَرْسَلْت وَكِيلَك فَرَهَنَ عِنْدِي هذا على أَلْفَيْنِ قَبَضْتهمَا مِنِّي فقال ما أَذِنْت له إلَّا في رَهْنِهِ بِأَلْفٍ فَإِنْ صَدَّقَ الرَّسُولُ الرَّاهِنَ حَلَفَ ما رَهَنَهُ
____________________
(5/169)
إلَّا بِأَلْفٍ وَلَا قَبَضَ غَيْرَهُ وَلَا يَمِينَ على الرَّاهِنِ وَإِنْ صَدَّقَ الْمُرْتَهِنَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَعَلَى الرَّسُولِ أَلْفٌ وَيَبْقَى الرَّهْنُ بِأَلْفٍ الثَّالِثَةُ لو قال رَهَنْتُك عَبْدِي الذي بِيَدَيَّ بِأَلْفٍ فقال بَلْ بِعْتنِي هو بها أو قال بِعْتُك هو بها فقال بَلْ رَهَنَنِي هو بها حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا على نَفْيِ ما ادَّعَى عليه وَيَسْقُطُ وَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ رَهْنَهُ وَتَبْقَى الْأَلْفُ بِلَا رَهْنٍ الرَّابِعَةُ لو قال رَهَنْته عِنْدَك بِأَلْفٍ قَبَضْتهَا مِنْك وقال من هو بيده بَلْ بِعْتنِي هو بها صُدِّقَ رَبُّهُ مع عَدَمِ بَيِّنَةٍ يقول خَصْمُهُ فَلَا رَهْنَ وَتَبْقَى الْأَلْفُ بِلَا رَهْنٍ الْخَامِسَةُ من طَلَبَ منه الرَّدَّ وَقَبِلَ قَوْلَهُ فَهَلْ له تَأْخِيرُهُ لِيَشْهَدَ فيه وَجْهَانِ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا وفي الْحَلِفِ احْتِمَالٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْوَكَالَةِ وَكُلُّ أَمِينٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الرَّدِّ وَطَلَبَ منه فَهَلْ له تَأْخِيرُهُ حتى يَشْهَدَ عليه فيه وَجْهَانِ إن قُلْنَا يَحْلِفُ وَإِلَّا لم يُؤَخِّرْهُ لِذَلِكَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ انْتَهَى
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ليس له التَّأْخِيرُ ذَكَرَاهُ في آخِرِ الْوَكَالَةِ وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَنَحْوُهُ لَا حُجَّةَ عليه وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ ثُمَّ قال قُلْت بَلَى وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ كان عليه حُجَّةٌ أُخْرَى كَدَيْنٍ بِحُجَّةٍ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُ الْوَثِيقَةِ بَلْ الْإِشْهَادُ بِأَخْذِهِ قال في التَّرْغِيبِ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ ما قَبَضَهُ مُسْتَحَقًّا فَيَحْتَاجُ إلَى حُجَّةٍ بِحَقِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ في تَسْلِيمِ بَائِعٍ كِتَابَ ابْتِيَاعِهِ إلَى مُشْتَرٍ
____________________
(5/170)
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ حتى يُزِيلَ الْوَثِيقَةَ وَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْحَقِّ الِاحْتِيَاطُ بالاشهاد وَعَنْهُ في الْوَدِيعَةِ يَدْفَعُهَا بِبَيِّنَةٍ إذَا قَبَضَهَا ببينه قال الْقَاضِي ليس هذا لِلْوُجُوبِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ وَالْإِشْهَادِ في الْبَيْعِ قال بن عَقِيلٍ حَمْلُهُ على ظَاهِرِهِ لِلْوُجُوبِ أَشْبَهُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ذَكَرُوا هذه الْمَسْأَلَةَ في أَوَاخِرِ الْوَكَالَةِ وَأَمَّا إذَا قال الرَّاهِنُ أَقَبَضْتُك عَصِيرًا قال الْمُرْتَهِنُ بَلْ خَمْرًا وَمُرَادُهُ إذَا شَرَطَ الرَّهْنَ في الْبَيْعِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَجَعَلَهَا الْقَاضِي كَالْحَلِفِ في حُدُوثِ الْعَيْبِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ قبل رَهْنِهِ عَتَقَ وَأُخِذَتْ منه قِيمَتُهُ رَهْنًا اعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِعِتْقِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ حُكْمُ مُبَاشَرَتِهِ لِعِتْقِهِ حَالَةَ الرَّهْنِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا كما تَقَدَّمَ فَلْيُرَاجَعْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ بَطَلَ الرَّهْنُ مَجَّانًا وَيَحْلِفُ على الْبَتِّ
وقال بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَتَبِعَهُ نَاظِمُهَا وَإِنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِعِتْقِهِ قبل رَهْنِهِ قُبِلَ على نَفْسِهِ لَا الْمُرْتَهِنِ وَقِيلَ يُقْبَلُ من الْمُوسِرِ عليه قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كان جَنَى قُبِلَ على نَفْسِهِ ولم يُقْبَلْ على الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ
____________________
(5/171)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّاهِنِ على الْمُرْتَهِنِ ايضا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَيَحْلِفُ له فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الْيَمِينُ أَنَّهُ ما يَعْلَمُ ذلك فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عليه قَوْلُهُ أو أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ أو غَصَبَهُ قُبِلَ على نَفْسِهِ ولم يُقْبَلْ على الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ على ما تَقَدَّمَ فَيَأْتِي هُنَا وَجْهٌ أَنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ مَجَّانًا وقال بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَاظِمُهَا هُنَا كما قال في الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ وَجَعَلَا الْحُكْمَ وَاحِدًا
فَائِدَةٌ لو أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ قُبِلَ في حَقِّهِ ولم يُقْبَلْ في حَقِّ الْمُرْتَهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ في حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا قَوْلُهُ وإذا كان الرَّهْنُ مَرْكُوبًا أو مَحْلُوبًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْكَبَ وَيَحْلِبَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ في ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ وَأَحْمَدَ بن الْقَاسِمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال النَّاظِمُ وهو أَوْلَى قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الْمَشْهُورَةُ وَالْمَعْمُولُ بها في الْمَذْهَبِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ
____________________
(5/172)
نَقَلَ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ ارْتَهَنَ دَابَّةً فَعَلَفَهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَالْعَلَفُ على الْمُرْتَهِنِ من أَمَرَهُ أَنْ يَعْلِفَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُ ما أَوْرَدَهُ بن أبي مُوسَى
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين حُضُورِ الرَّاهِنِ وَغَيْبَتِهِ وَامْتِنَاعِهِ وَعَدَمِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابي الْخَطَّابِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَجُوزُ ذلك مع غَيْبَةِ الرَّاهِنِ فَقَطْ منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ أو مَنَعَهَا وَشَرَطَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ امْتِنَاعَ الرَّاهِنِ من النَّفَقَةِ وَحَمَلَ بن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على ذلك وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ إذَا لم يَتْرُكْ رَاهِنُهُ نَفَقَتَهُ فَعَلَ ذلك
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا قد يُقَالُ دخل في قَوْلِهِ أو مَحْلُوبًا الْأَمَةُ الْمُرْضِعَةُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَشَارَ إلَيْهِ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَقِيلَ لَا تَدْخُلُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ في غَيْرِ الْمَرْكُوبِ وَالْمَحْلُوبِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ليس لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُنْفِقَ على الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَيَسْتَخْدِمَهُمَا بِقَدْرِ النَّفَقَةِ على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
____________________
(5/173)
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ له أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَكِنْ قال أبو بَكْرٍ خَالَفَ حَنْبَلٌ الْجَمَاعَةَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا إنْ فَضَلَ من اللَّبَنِ فَضْلَةٌ باعة إنْ كان مَأْذُونًا له فيه وَإِلَّا بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَإِنْ فَضَلَ من النَّفَقَةِ شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ على الرَّاهِنِ قَالَهُ ابو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الرُّجُوعُ هُنَا وَإِنَّمَا لم يَرْجِعْ إذَا أَنْفَقَ على الرَّهْنِ في غَيْرِ هذه الصُّورَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ مُتَطَوِّعًا لَا يَرْجِعُ بِلَا رَيْبٍ وهو كما قال الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له فِعْلُ ذلك كُلِّهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ إنْ كان عِنْدَهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا
وقال في الْمُنْتَخَبِ أو جُهِلَتْ الْمَنْفَعَةُ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْلَ الثَّمَرَةِ بِإِذْنِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُسَكِّنُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْفَقَ على الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ مع إمْكَانِهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ إذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ على الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ مع إمْكَانِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ أو لَا فَإِنْ لم يَنْوِ الرُّجُوعَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
____________________
(5/174)
وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَحَكَى جَمَاعَةٌ رِوَايَةً أَنَّهُ كَإِذْنِهِ أو إذْنِ حَاكِمٍ قال الْمُصَنِّفُ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً على ما إذَا قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَقْيَسُ إذْ لَا يُعْتَبَرُ في قَضَاءِ الدَّيْنِ الْعَجْزُ عن اسْتِئْذَانِ الْغَرِيمِ وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ هذا
قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ عن اسْتِئْذَانِهِ ولم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فَإِنْ لم يَسْتَأْذِنْهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ إذْنُ الْحَاكِمِ كَإِذْنِ الرَّاهِنِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إذْنُ الْحَاكِمِ مع الْقُدْرَةِ عليه وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ وَيَرْجِعُ على الرَّاهِنِ بِمَا أَنْفَقَ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ قال في الْقَوَاعِدِ إذَا أَنْفَقَ على عَبْدٍ أو حَيَوَانٍ مَرْهُونٍ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّ فيه الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عن غَيْرِهِ كَذَلِكَ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الرُّجُوعُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً انْتَهَى فَكَلَامُهُ عَامٌّ فَائِدَةٌ لو تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ أو بِنَفَقَةِ مِثْلِهِ إنْ
____________________
(5/175)
أَشْهَدَ وَإِنْ لم يُشْهِدْ فَهَلْ له الرُّجُوعُ إذَا نَوَاهُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَتَى نَوَى الرُّجُوعَ مع التَّعَذُّرِ فَلَهُ ذلك وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَغَيْرِهِ وفي الْقَوَاعِدِ هُنَا كَلَامٌ حَسَنٌ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في الْوَدِيعَةِ وفي نَفَقَةِ الْجِمَالِ إذَا هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا في يَدِ المكترى قال في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا حُكْمُ كل حَيَوَانٍ مُؤَجَّرٍ وَمُودَعٍ وَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وزاد وإذا أَنْفَقَ على الْآبِقِ حَالَةَ رَدِّهِ وَيَأْتِي ذلك في الْجَعَالَةِ
وقال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ فَكَفَّنَهُ أَمَّا إذَا أَنْفَقَ على الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ فقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ إذَا أَنْفَقَ عليه نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُ مَالِكِهِ رَجَعَ وَإِنْ لم يَتَعَذَّرْ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ على الرِّوَايَتَيْنِ في قَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَوْلَى وَالْمَذْهَبُ في قَضَاءِ الدَّيْنِ الرُّجُوعُ كما يَأْتِي في بَابِ الضَّمَانِ قال وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في المغنى وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ مُتَابِعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ انْتَهَى
قُلْت وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَيَأْتِي الْكَلَامُ في هذا في الْوَدِيعَةِ بِأَتَمَّ من هذا وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ على الْجِمَالِ إذَا هَرَبَ الْجَمَّالُ فقال في الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذَا أَنْفَقَ على الْجِمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ قال وَمُقْتَضَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً
____________________
(5/176)
ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ ما ذَكَرُوهُ في الرَّهْنِ وَاعْتَبَرُوهُ في الْمُودَعِ وَاللُّقَطَةِ وفي المغنى إشَارَةٌ إلَى التَّسْوِيَةِ بين الْكُلِّ في عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَأَنَّ الْإِنْفَاقَ بِدُونِ إذْنِهِ يُخَرَّجُ على الْخِلَافِ في قَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ اعْتَبَرُوا الاشهاد على نِيَّةِ الرُّجُوعِ وفي المغنى وَغَيْرِهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وهو الصَّحِيحُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ فَعَمَّرَهَا الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لم يَرْجِعْ بِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَعَلَى هذا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِأَعْيَانِ آلَتِهِ
وَجَزَمَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ ما عَمَّرَ في الدَّارِ لِأَنَّهُ من مَصْلَحَةِ الرَّهْنِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّوَادِرِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ عَمَّرَ وَقْفًا بِالْمَعْرُوفِ ليأخذ ( ( ( ليأخذه ) ) ) عرضه ( ( ( عوضه ) ) ) فَيَأْخُذُهُ من مُغِلِّهِ وقال بن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي انه يَرْجِعُ بِمَا يَحْفَظُ أَصْلَ مَالِيَّةِ الدَّارِ لِحِفْظِ وَثِيقَتِهِ وقال بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ وَلَوْ قِيلَ إنْ كانت الدَّارُ بَعْدَ ما خَرِبَ منها تَحَرَّزَ قِيمَةَ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ لم يَرْجِعْ وَإِنْ كان دُونَ حَقِّهِ أو فَوْقَ حَقِّهِ وَيَخْشَى من تَدَاعِيهَا لِلْخَرَابِ شيئا فَشَيْئًا حتى تَنْقُصَ عن مِقْدَارِ الْحَقِّ فَلَهُ أَنْ يُعَمِّرَ وَيَرْجِعَ لَكَانَ مُتَّجَهًا انْتَهَى قُلْت وهو قَوِيٌّ
____________________
(5/177)
قَوْلُهُ وإذا جَنَى الرَّهْنُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ تَعَلَّقَ أَرْشُهُ بِرَقَبَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ فِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ أو بَيْعُهُ في الْجِنَايَةِ أو تَسْلِيمُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيَمْلِكُهُ يَعْنِي إذَا كانت الْجِنَايَةُ تَسْتَغْرِقُهُ إذَا اخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ قال الشَّارِحُ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال بن منجا وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ إنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَرْشِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْكَافِي
تَنْبِيهٌ خَيَّرَ الْمُصَنِّفُ السَّيِّدَ بين الْفِدَاءِ وَالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وهو الْمَذْهَبُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ والمغنى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بين فِدَائِهِ وَبَيْنَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَيْعِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا
وَأَمَّا الزَّرْكَشِيُّ فقال الْخِيَرَةُ بين الثَّلَاثَةِ إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُخَيَّرُ بين فِدَائِهِ وَبَيْعِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُخَيَّرُ بين فِدَائِهِ أو دَفْعِهِ بِالْجِنَايَةِ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ ذَكَرَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا في مَقَادِيرِ الدِّيَاتِ وَيَأْتِي ذلك في بَابِ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَأْتِي هُنَاكَ إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَمْدًا وَأَحْكَامُهُ
____________________
(5/178)
ولم نَرَ من ذَكَرَهُنَّ هُنَا إلَّا الزَّرْكَشِيَّ وهو قِيَاسُ ما في مَقَادِيرِ الدِّيَاتِ بَلْ هذه الْمَسْأَلَةُ هُنَا فَرْدٌ من أَفْرَادِهِ هُنَاكَ لَكِنَّ اقْتِصَارَهُمْ هُنَا على الْخِيَرَةِ بين الثَّلَاثَةِ وَهُنَا بين شَيْئَيْنِ على الصَّحِيحِ على ما يَأْتِي يَدُلُّ على الْفَرْقِ وَلَا نَعْلَمُهُ لَكِنْ ذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ بَعْدَ أَنْ قَطَعُوا بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ غير الْمَرْهُونِ كَالْمَرْهُونِ وهو أَظْهَرُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ بن منجا في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَالثَّانِيَةُ يُخَيَّرُ بين الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالثَّالِثَةُ يُخَيَّرُ بين التَّسْلِيمِ وَالْفِدَاءِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ وَيَأْتِي ذلك في بَابِ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَأْتِي هُنَاكَ إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَمْدًا وَأَحْكَامُهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَسْتَغْرِقْ الْأَرْشُ قِيمَتَهُ بِيعَ منه بِقَدْرِهِ وَبَاقِيهِ رَهْنٌ هذا الْمَذْهَبُ قال بن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَقِيلَ يُبَاعُ جَمِيعُهُ وَيَكُونُ بَاقِي ثَمَنِهِ رَهْنًا وهو احْتِمَالٌ في الْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في المنوز ( ( ( المنور ) ) ) وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيُبَاعُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالتَّشْقِيصِ بِيعَ كُلُّهُ
____________________
(5/179)
قُلْت وهو الصَّوَابُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ إذَا لم يَتَعَذَّرْ بَيْعُ بَعْضِهِ أَمَّا إنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ فإنه يُبَاعُ جَمِيعُهُ قَوْلًا واحد ( ( ( واحدا ) ) )
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُرْتَهِنُ فِدَاءَهُ فَفَدَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ رَجَعَ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي قَرِيبًا لو شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ جَعْلَهُ رَهْنًا بِالْفِدَاءِ مع الدَّيْنِ الْأَوَّلِ هل يصح ( ( ( يصلح ) ) ) أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ وَتَحْرِيرُ ذلك أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَفَدَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أولا فَإِنْ فَدَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ رَجَعَ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ هل يَفْدِيهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَتِهِ أو أَرْشِ جِنَايَتِهِ أو يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ فيه الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ أولا فَإِنْ لم يَنْوِ الرُّجُوعَ لم يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ على ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِنَاءً على من قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَأْتِي في بَابِ الضَّمَانِ أَنَّهُ يَرْجِعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَكَذَا هُنَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ إحْدَاهُمَا لَا يَرْجِعُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
____________________
(5/180)
قُلْت وهو أَصَحُّ لِأَنَّ الْفِدَاءَ ليس بِوَاجِبٍ على الرَّاهِنِ قال في الْقَوَاعِدِ قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وأبي ( ( ( وأبو ) ) ) الْخَطَّابِ إنْ لم يَتَعَذَّرْ اسْتِئْذَانُهُ فَلَا رُجُوعَ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ هُنَا وَإِنْ رَجَعَ من أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عن غَيْرِهِ اخْتَارَهُ أبو الْبَرَكَاتِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَرْجِعُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ من بَنَاهُ على قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
فَوَائِدُ إحْدَاهَا لو تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ فقال بن رَجَبٍ خَرَجَ على الْخِلَافِ في نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ على ما تَقَدَّمَ وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لم يَجِبْ عليه الِافْتِدَاءُ هُنَا وَكَذَلِكَ لو سَلَّمَهُ لم يَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ لِيَكُونَ رَهْنًا وقد وَافَقَ الْأَصْحَابُ على ذلك وَإِنَّمَا خَالَفَ فيه بن أبي مُوسَى انْتَهَى الثَّانِيَةُ لو شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ كَوْنَهُ رَهْنًا بِفِدَائِهِ مع دَيْنِهِ الْأَوَّلِ لم يَصِحَّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الْفَائِقِ جَازَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قُلْت فَيُعَايَى بها وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في مَقَادِيرِ الدِّيَاتِ الثَّالِثَةُ لو سَلَّمَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَرَدَّهُ وقال بِعْهُ وَأَحْضِرْ الثَّمَنَ لَزِمَ السَّيِّدَ ذلك على إحْدَى الرِّوَايَاتِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/181)
وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ وَقِيلَ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالتَّصْحِيحِ
قال في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ هذا إذَا لم يَفْدِهِ الْمُرْتَهِنُ
وَتَأْتِي هذه الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ مُحَرَّرَةً مُسْتَوْفَاةً
قَوْلُهُ وَإِنْ جُنِيَ عليه جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ فَلِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ بن منجا في شَرْحِهِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهِمَا
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ الْقِصَاصِ
وَقِيلَ ليس له الْقِصَاصُ بِغَيْرِ رِضَى الْمُرْتَهِنِ وَحَكَاهُ بن رَزِينٍ رِوَايَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَلِسَيِّدِهِ الْقَوَدُ في العمد ( ( ( العبد ) ) ) بِرِضَى الْمُرْتَهِنِ وَإِلَّا جَعَلَ قِيمَةَ أَقَلِّهِمَا قيمة ( ( ( قيمته ) ) ) رَهْنًا نَصَّ عليه
قال في التَّلْخِيصِ وَلَا يُقْتَصُّ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أو إعْطَائِهِ قِيمَتَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ
قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَقَلِّهِمَا قِيمَةً تُجْعَلُ مَكَانَهُ
يَعْنِي يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن زين ( ( ( رزين ) ) ) وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/182)
وقال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي وَقَطَعَ بِهِ بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَجِيزِ وحكى عن الْقَاضِي قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَاهُمَا في الْكَافِي وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَقَلِّهِمَا قِيمَةً هَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قال في الْقَوَاعِدِ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْقَوَاعِدِ وهو الْمَنْصُوصُ قال بن منجا قال في الْمُغْنِي إنْ اقْتَصَّ أُخِذَتْ منه قِيمَتُهُ فَجُعِلَتْ مَكَانَهُ رَهْنًا قال فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ على الرَّاهِنِ جَمِيعُ قِيمَةِ الْجَانِي قال وهو مُتَّجَهٌ انْتَهَى قُلْت الذي وَجَدْنَاهُ في المغنى في الرَّهْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وإذا جُرِحَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ أو قُتِلَ فَالْخَصْمُ في ذلك السَّيِّدُ أَنَّهُ قال فإذا اقْتَصَّ أُخِذَتْ منه قِيمَةُ أَقَلِّهِمَا قِيمَةً فَجُعِلَتْ مَكَانَهُ رَهْنًا نَصَّ عليه هذا لَفْظُهُ فَلَعَلَّ بن منجا رَأَى ما قال في غَيْرِ هذا الْمَكَانِ
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ مَعْنَى قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَقَلِّهِمَا قِيمَةً لو كان الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ يُسَاوِي عَشَرَةً وَقَاتِلُهُ يُسَاوِي خَمْسَةً أو عَكْسُهُ لم يَلْزَمْ الرَّاهِنَ إلَّا خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ في الْأُولَى
____________________
(5/183)
لم يُفَوِّتْ على الْمُرْتَهِنِ إلَّا ذلك الْقَدْرَ وفي الثَّانِيَةِ لم يَكُنْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقًا إلَّا بِذَلِكَ الْقَدْرِ الثَّانِي مَحَلُّ الْوُجُوبِ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ في الْقِصَاصِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فإذا عَيَّنَهُ بِالْقِصَاصِ فَقَدْ فَوَّتَ الْمَالَ الْوَاجِبَ على الْمُرْتَهِنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي أَنَّ الْخِلَافَ على قَوْلِنَا مُوجِبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا فَأَمَّا إنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَجَبَ الضَّمَانُ قال في الْقَوَاعِدِ وهو بَعِيدٌ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فإنه لَا يَضْمَنُ قَطْعًا وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا الْخِلَافَ من غَيْرِ بِنَاءٍ قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَعَيَّنُ بِنَاؤُهُ على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ قال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ عَفَا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ أُخِذَتْ منه الْقِيمَةُ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ فَلَا قِيمَةَ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى على سَيِّدِهِ فَاقْتُصَّ منه هو أو وَرَثَتُهُ وَكَذَا قال الْأَصْحَابُ يَعْنِي حُكْمُهُ حُكْمُ ما إذَا كانت الْجِنَايَةُ على الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ من أَجْنَبِيٍّ وَاقْتَصَّ السَّيِّدُ من الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ على ما مَرَّ قال الْمُصَنِّفُ وبن رَزِينٍ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كانت الْجِنَايَةُ على سَيِّدِ الْعَبْدِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ أو غير مُوجِبَةٍ له كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ أو إتْلَافِ الْمَالِ فَإِنْ كانت خَطَأً أو مُوجِبَةً لِلْمَالِ فَهَدَرٌ وَإِنْ كانت مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ على النَّفْسِ أو على ما دُونَهَا فَإِنْ كانت على ما دُونَهَا بِأَنْ عَفَا على مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ ولم يَجِبْ الْمَالُ وَكَذَلِكَ إنْ عَفَا على غَيْرِ مَالٍ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ فَلَهُ ذلك فَإِنْ اقْتَصَّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ تَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ أو قَضَاءً عن الدَّيْنِ
____________________
(5/184)
قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عليه شَيْءٌ وَكَذَلِكَ إنْ كانت الْجِنَايَةُ على النَّفْسِ فَاقْتَصَّ الْوَرَثَةُ فَهَلْ تَجِبُ عليهم الْقِيمَةُ يُخَرَّجُ على ما ذَكَرْنَا وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْعَفْوُ على مَالٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا لهم ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَهَلْ يَثْبُتُ لِغَيْرِ الْعَافِي نَصِيبُهُ من الدِّيَةِ على الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى كَلَامُهُمَا قَوْلُهُ فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ على مَالٍ أو كانت مُوجِبَةً لِلْمَالِ فما قَبَضَ منه جُعِلَ مَكَانَهُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا
فَائِدَةٌ لو عَفَا السَّيِّدُ على غَيْرِ مَالٍ أو مُطْلَقًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا كان كما لو اقْتَصَّ فيه الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ على السَّيِّدِ هُنَا مع أَنَّهُ قَطَعَ هُنَاكَ بِالْوُجُوبِ كما هو الْمَنْصُوصُ قَوْلُهُ فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ عن الْمَالِ صَحَّ في حَقِّهِ ولم يَصِحَّ في حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فإذا انْفَكَّ الرَّهْنُ رُدَّ إلَى الْجَانِي يَعْنِي إذَا عَفَا السَّيِّدُ عن الْمَالِ الذي وَجَبَ على الْجَانِي بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ صَحَّ في حَقِّ الرَّاهِنِ ولم يَصِحَّ في حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ من الْجَانِي الْأَرْشُ فَيُدْفَعُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فإذا انْفَكَّ الرَّهْنُ رُدَّ ما أُخِذَ من الْجَانِي إلَيْهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وبن رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال أبو الْخَطَّابِ يَصِحُّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَعْنِي على الرَّاهِنِ قِيمَتُهُ تُجْعَلُ رَهْنًا مَكَانَهُ
____________________
(5/185)
جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ انْتَهَى وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وقال هو أَصَحُّ في النَّظَرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا شَيْءَ على الْمُرْتَهِنِ كما تَقَدَّمَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ من الرَّاهِنِ رُدَّ ما أُخِذَ من الْجَانِي كما قال الْمُصَنِّفُ وَإِنْ اسْتَوْفَاهُ من الْأَرْشِ فَقِيلَ يَرْجِعُ الْجَانِي على الْعَافِي وهو الرَّاهِنُ لِأَنَّ مَالَهُ ذَهَبَ في قَضَاءِ دَيْنِ الْعَافِي قُلْت وهو الصَّوَابُ ثُمَّ رَأَيْت بن رَزِينٍ قَدَّمَهُ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ عليه لِأَنَّهُ لم يُوجَدْ منه في حَقِّ الْجَانِي ما يَقْتَضِي وُجُوبَ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا اسْتَوْفَى بِسَبَبٍ كان منه حَالَ مِلْكِهِ له فَأَشْبَهَ ما لو جَنَى إنْسَانٌ على عَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ لِغَيْرِهِ فَتَلِفَ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ
فَائِدَةٌ لو أَتْلَفَ الرَّهْنَ مُتْلِفٌ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أنها تَكُونُ رَهْنًا بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَفَرَّعَ الْقَاضِي على ذلك أَنَّ الْوَكِيلَ في بَيْعِ الْمُتْلَفِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَدَلِ الْمَأْخُوذِ بِغَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ وَخَالَفَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ
____________________
(5/186)
وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ في مَسْأَلَةِ إبْدَالِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ رَهْنًا إلَّا بِجَعْلِ الرَّاهِنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وطىء الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ من غَيْرِ شُبْهَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا حَدَّ قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَادَّعَى الْجَهَالَةَ وكان مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذلك فَلَا حَدَّ عليه بِلَا نِزَاعٍ وَلَا مَهْرَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ يَجِبُ الْمَهْرُ لِلْمُكْرَهَةِ قَوْلُهُ وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَعْنِي إذَا وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وهو يَجْهَلُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ هذا الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وقال بن عَقِيلٍ لَا تَسْقُطُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حَالَ بين الْوَلَدِ وَمَالِكِهِ بِاعْتِقَادِهِ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ كَالْمَغْرُورِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وَطِئَهَا من غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وهو يَجْهَلُ التَّحْرِيمَ فَلَا حَدَّ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ وَالْمَهْرُ
الثَّانِيَةُ لو كان عِنْدَهُ رُهُونٌ لَا يَعْلَمُ أَرْبَابَهَا جَازَ له بَيْعُهَا إنْ أَيِسَ من مَعْرِفَتِهِمْ وَيَجُوزُ له الصَّدَقَةُ بها بِشَرْطِ ضَمَانِهَا نَصَّ عليه
____________________
(5/187)
وفي إذْنِ الْحَاكِمِ في بَيْعِهِ مع الْقُدْرَةِ عليه وَأَخْذِ حَقِّهِ من ثَمَنِهِ مع عَدَمِهِ رِوَايَتَانِ كَشِرَاءِ وَكِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ الشَّرْحِ والمغنى قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسْعِينَ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على جَوَازِ الصَّدَقَةِ بها في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وأبى الْحَارِثِ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ على أَنَّهُ تَعَذَّرَ إذْنُ الْحَاكِمِ وَأَنْكَرَ ذلك الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَأَقَرُّوا النُّصُوصَ على ظَاهِرِهَا وقال في الْفَائِقِ وَلَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ من الثَّمَنِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ بَلَى وَلَوْ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّاهُ جَازَ انْتَهَى وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ليس له بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَيَأْتِي في أخر الْغَصْبِ إذَا بَقِيَتْ في يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَأْتِي في بَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ بِثَمَنِ الرَّهْنِ في حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَمَوْتِهِ مع الْإِفْلَاسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَابُ الضَّمَانِ
فَائِدَةٌ اخْتَلَفُوا في اشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ هو مُشْتَقٌّ من الِانْضِمَامِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَنْضَمُّ إلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عنه قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَالرِّعَايَتَيْنِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قال بن عَقِيلٍ وَلَيْسَ هذا بِالْجَيِّدِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَرَدَّ بِأَنَّ لَامَ الْكَلِمَةِ في الضَّمِّ مِيمٌ وفي الضَّمَانِ نُونٌ وَشَرْطُ صِحَّةِ الِاشْتِقَاقِ وُجُودُ حُرُوفِ الْأَصْلِ في الْفَرْعِ
____________________
(5/188)
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ من الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ وهو الْمُشَارَكَةُ في اكثر الْأُصُولِ مع مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى انْتَهَى وَقِيلَ مُشْتَقٌّ من التَّضَمُّنِ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَوَّبَهُ في الْمَطْلَعِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ قال في التَّلْخِيصِ وَمَعْنَاهُ تَضْمِينُ الدَّيْنِ في ذِمَّةِ الضَّامِنِ وَقِيلَ هو مُشْتَقٌّ من الضِّمْنِ قال في الْفَائِقِ وهو أَرْجَحُ قال بن عَقِيلٍ وَاَلَّذِي يَتَلَوَّحُ لي أَنَّهُ مَأْخُوذٌ من الضِّمْنِ فَتَصِيرُ ذِمَّةُ الضَّامِنِ في ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عنه فَهُوَ زِيَادَةٌ وَثِيقَةٌ انْتَهَى هذا الْخِلَافُ في الِاشْتِقَاقِ وَأَمَّا الْمَعْنَى فَوَاحِدٌ
قَوْلُهُ وهو ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عنه في الْتِزَامِ الْحَقِّ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال في الْوَجِيزِ هو الْتِزَامُ الرَّشِيدِ مَضْمُونًا في يَدِ غَيْرِهِ أو ذِمَّتِهِ حَالًا أو مَآلًا وقال في الْفُرُوعِ هو الْتِزَامُ من يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ أو مُفْلِسٍ ما وَجَبَ على غَيْرِهِ مع بَقَائِهِ وقد لَا يَبْقَى وقال في الْمُحَرَّرِ هو الْتِزَامُ الْإِنْسَانِ في ذِمَّتِهِ دَيْنَ الْمَدْيُونِ مع بَقَائِهِ عليه وَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ من لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَلَا جَامِعَ لِخُرُوجِ ما قد يَجِبُ وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ وَدَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ بريء بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ على رِوَايَةٍ تَأْتِي
قال في الْفَائِقِ وَلَيْسَ شَامِلًا ما قد يَجِبُ وقال في التَّلْخِيصِ مَعْنَاهُ تَضْمِينُ للدين ( ( ( الدين ) ) ) في ذِمَّةِ الضَّامِنِ حتى يَصِيرَ مُطَالَبًا بِهِ مع بَقَائِهِ في ذِمَّةِ الْأَصِيلِ
____________________
(5/189)
فَائِدَةٌ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِلَفْظِ ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ وَقَبِيلٌ وَحَمِيلٌ وَصَبِيرٌ وَزَعِيمٌ أو يقول ضَمِنْت دَيْنَك أو تَحَمَّلْته وَنَحْوُ ذلك فَإِنْ قال أنا أُؤَدِّي أو أَحْضُرُ لم يَكُنْ من أَلْفَاظِ الضَّمَانِ ولم يَصِرْ ضَامِنًا بِهِ
وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ الصِّحَّةَ بِالْتِزَامِهِ قال هو وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ في مَسَائِلَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ بِكُلِّ لَفْظٍ فَهِمَ منه الضمان ( ( ( الضامن ) ) ) عُرْفًا مِثْلُ
قَوْلِهِ زَوِّجْهُ وأنا أُؤَدِّي الصَّدَاقَ أو بِعْهُ وأنا أُعْطِيك الثَّمَنَ أو اُتْرُكْهُ وَلَا تُطَالِبْهُ وأنا أُعْطِيك وَنَحْوُ ذلك
قَوْلُهُ وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ من شَاءَ مِنْهُمَا بِلَا نِزَاعٍ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا مَعًا أَيْضًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ
في الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَمِنْ التَّرِكَةِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ حَيَاةً وَمَوْتًا وَعَنْهُ يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ إنْ كان مَيِّتًا مُفْلِسًا نَصَّ عليه على ما يَأْتِي
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ يُسْتَثْنَى من ذلك الْمُفْلِسُ الْمَحْجُورُ عليه فإنه يَصِحُّ ضَمَانُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ الْحَجْرِ حَيْثُ قال وَإِنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أو ضَمَانٍ أو إقْرَارٍ صَحَّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ
____________________
(5/190)
الْمُصَنِّفِ هُنَا أو يَكُونُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصًا بِمَا صَرَّحَ بِهِ هُنَاكَ وهو أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ على هذه الرِّوَايَةِ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ في ذِمَّتِهِ
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ ضَمَانُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَقِيلَ يَصِحُّ ضَمَانُ من حُجِرَ عليه لِسَفَهٍ وَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ كَالْمُفْلِسِ وَصَرَّحُوا بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ وَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ فَيَكُونُ عُمُومُ كَلَامِهِمْ أولا مَخْصُوصَ بِغَيْرِ الْمَحْجُورِ عليه لِلْمُفْلِسِ الثَّانِي دخل في عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ ضَمَانِ الْمَرِيضِ وهو صَحِيحٌ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ مَاتَ في مَرَضِهِ حَسَبَ ما ضَمِنَهُ من ثُلُثِهِ
فَائِدَةٌ في صِحَّةِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ لِغَيْرِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من جَائِزٍ تَبَرُّعُهُ سِوَى الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عليه قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَتَبَرُّعُهُ بِمَالِهِ صَحَّ ضَمَانُهُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قال بن رَزِينٍ وَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْقِنِّ وَقِيلَ يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ عَدَمَ الصِّحَّةِ إذَا كان بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ إذَا كان بِإِذْنِهِ
____________________
(5/191)
قَوْلُهُ فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عنه بريء الضَّامِنُ وَإِنْ بريء الضَّامِنُ أو أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ لم يَبْرَأْ الْمَضْمُونُ عنه بِلَا نِزَاعٍ وَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَضْمُونُ له بِالْقَضَاءِ لو قال بَرِئْت إلَى أو أَبْرَأْتُك
قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عن ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ له أو الْمَضْمُونُ عنه بريء هو وَالضَّامِنُ مَعًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ نَصَّ عليه وَعَنْهُ إنْ لم يُسْلِمْ الْمَضْمُونُ له فَلَهُ قِيمَتُهَا وَقِيلَ أو يُوَكِّلَا ذِمِّيًّا يَشْتَرِيهَا وَلَوْ اسلم ضَامِنُهَا بريء وَحْدَهُ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَلَا يَصِحُّ من مَجْنُونٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا سَفِيهٍ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَكَذَا الْمُمَيِّزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ خَرَّجَ أَصْحَابُنَا صِحَّةَ ضَمَانِهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ إقْرَارِهِ وَيَأْتِي حُكْمُ إقْرَارِهِ في بَابِهِ وقال بن رَزِينٍ وَقِيلَ يَصِحُّ بِنَاءً على تَصَرُّفَاتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/192)
وقال في الْكَافِي وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا صِحَّةَ ضَمَانِ الصَّبِيِّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ على الرِّوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ بَيْعِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو ضَمِنَ وقال كان قبل بُلُوغِي وقال خَصْمُهُ بَلْ بَعْدَهُ فقال الْقَاضِي قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَضْمُونِ له وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ قُلْت وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الصِّغَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ على ما تَقَدَّمَ في الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في أَجَلٍ أو شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ وَالْمَذْهَبُ هُنَاكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَكَذَا هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَمَّا السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عليه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال الشَّارِحُ هذا أَوْلَى وَقِيلَ يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو وَجْهٌ في الْمَذْهَبِ قال في الْكَافِي وقال الْقَاضِي يَصِحُّ ضَمَانُ السَّفِيهِ وَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عنه قال وهو بَعِيدٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَلَا من عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ
____________________
(5/193)
وَيَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ قال في التَّلْخِيصِ وَالْمَنْصُوصُ يَصِحُّ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الصِّحَّةُ أَظْهَرُ
قَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَى بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَجْهًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو ذِمَّةِ سَيِّدِهِ على رِوَايَتَيْنِ وَقِيلَ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
إحْدَاهُمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في أخر الْحَجْرِ قال بن عَقِيلٍ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَالَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ قال بن منجا في شَرْحِهِ مَنْشَؤُهُمَا أَنَّ دُيُونَ الْمَأْذُونِ له في التِّجَارَةِ هل تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا الصَّحِيحُ هُنَاكَ التَّعَلُّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وقال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَقِيلَ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ كَاسْتِدَانَتِهِ وَيَأْتِي ذلك في أخر الْحَجْرِ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنْ يَكُونَ في كَسْبِهِ فَإِنْ عَدِمَ فَفِي رَقَبَتِهِ
____________________
(5/194)
فَائِدَةٌ يَصِحُّ ضَمَانُ الْأَخْرَسِ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ لَهُمَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ وقال الْقَاضِي يُعْتَبَرُ مَعْرِفَتُهُمَا وَاخْتَارَهُ بن الْبَنَّا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا أخر يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ له دُونَ مَعْرِفَةِ الْمَضْمُونِ عنه قَوْلُهُ وَلَا كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا يَعْنِي إذَا كان مَآلُهُ إلَى الْعِلْمِ وَلَا وَاجِبًا إذَا كان مَآلُهُ إلَى الْوُجُوبِ فَلَوْ قال ضَمِنْت لَك ما على فُلَانٍ أو ما تُدَايِنُهُ بِهِ صَحَّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وفي المغنى احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ ما سَيَجِبُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجُوزُ له إبْطَالُ الضَّمَانِ قبل وُجُوبِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ له إبْطَالُهُ قبل وُجُوبِهِ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ ليس له إبْطَالُهُ
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُ بَعْضِ الدَّيْنِ مُبْهَمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/195)
وقال أبو الْخَطَّابِ يَصِحُّ وَيُفَسِّرُهُ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا تُعْرَفُ الرِّوَايَةُ عن إمَامِنَا فَيَمْنَعُ وقد سَلَّمَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا وَلَوْ ضَمِنَ أَحَدَ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ لم يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ ضَمَانِ الْحَارِسِ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ الْحَرْبِ ما يَذْهَبُ من الْبَلَدِ أو الْبَحْرِ وَأَنَّ غَايَتَهُ ضَمَانُ ما لم يَجِبْ وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ كَضَمَانِ السُّوقِ وهو أَنْ يَضْمَنَ ما يَجِبُ على التُّجَّارِ لِلنَّاسِ من الدُّيُونِ وهو جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ لو قال ما أَعْطَيْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا يُعْطِيهِ في الْمُسْتَقْبَلِ أو لِمَا أَعْطَاهُ في الْمَاضِي ما لم تَصْرِفْهُ قَرِينَةٌ عن أَحَدِهِمَا فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهَا في الْإِرْشَادِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ لِلْمَاضِي قال الزَّرْكَشِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذلك مُرَادَ الْخِرَقِيِّ وَيُرَجِّحُهُ إعْمَالُ الْحَقِيقَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَصَحَّحَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عليه فَيَكُونُ اخْتِيَارَ الْخِرَقِيِّ قال في الْفُرُوعِ وما أَعْطَيْت فُلَانًا عَلَيَّ وَنَحْوُهُ وَلَا قَرِينَةَ قُبِلَ منه وَقِيلَ لِلْوَاجِبِ انْتَهَى وقد ذَكَرَ النُّحَاةُ الْوَجْهَيْنِ وقد وَرَدَ لِلْمَاضِي في قَوْله تعالي 3 173 الَّذِينَ قال لهم الناس وَوَرَدَ لِلْمُسْتَقْبَلِ في قَوْله تَعَالَى 2 160 إلَّا الَّذِينَ تَابُوا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(5/196)
قُلْت قد يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَحَدِهِمَا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الضَّامِنِ أَيْ الدَّيْنِ الذي ضَمِنَهُ الضَّامِنُ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ في ذِمَمِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّيْنِ الذي كَفَلَهُ الْكَفِيلُ فَيَبْرَأُ الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا عَكْسَ وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ على الْمَضْمُونِ عنه وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ على الضَّامِنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَوَّلُ على الْمَضْمُونِ عنه إذَا كان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قد أَذِنَ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ لم يَكُنْ إذن فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قُلْت الْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ على ما يَأْتِي فِيمَا إذَا قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ وقال في الرِّعَايَةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ ولم يَرْجِعْ الْأَوَّلُ على أَحَدٍ على الْأَظْهَرِ وَيَأْتِي بَعْضُ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالضَّامِنِ إذَا تَعَدَّدَ وَغَيْرِهِ في الْكَفَالَةِ فَلْيُعْلَمْ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُفْلِسِ يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ بِلَا نِزَاعٍ وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قبل الْقَضَاءِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ نَصَّ عليها وَتَقَدَّمَتْ
____________________
(5/197)
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ عهده الْمَبِيعِ عن الْبَائِعِ للمشترى وَعَنْ المشترى لِلْبَائِعِ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَحَكَى النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ فيه خِلَافًا فَضَمَانُهُ عن المشترى لِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ الْوَاجِبَ قبل تَسْلِيمِهِ أو إنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أو اسْتَحَقَّ وَضَمَانُهُ عن الْبَائِعِ للمشترى أَنْ يَضْمَنَ عن الْبَائِعِ الثَّمَنَ مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أو رُدَّ بِعَيْبٍ أو أَرْشِ الْعَيْبِ فَضَمَانُ الْعُهْدَةِ في الْمَوْضِعَيْنِ هو ضَمَانُ الثَّمَنِ أو بَعْضِهِ عن أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَأَصْلُ الْعُهْدَةِ هو الْكِتَابُ الذي تُكْتَبُ فيه الْوَثِيقَةُ لِلْبَيْعِ وَيُذْكَرُ فيه الثَّمَنُ ثُمَّ عَبَّرَ بِهِ عن الثَّمَنِ الذي يَضْمَنُهُ وَأَلْفَاظُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ ضَمِنْت عُهْدَتَهُ أو ثَمَنَهُ أو دَرَكَهُ أو يقول لِلْمُشْتَرِي ضَمِنْت خَلَاصَك منه أو مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَقَدْ ضَمِنْت لَك الثَّمَنَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَالشَّافِي لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَرَادَ أبو بَكْرٍ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ وَرُدَّ فقال الْقَاضِي لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِثَمَنِ الْمَبِيعِ يَصِحُّ وَإِنَّمَا الذي لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ لِعَيْنِ الْمَبِيعِ وقد بَيَّنَهُ أبو بَكْرٍ فقال إنَّمَا ضَمِنَهُ يُرِيدُ الثَّمَنَ لَا الْخَلَاصَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ مالا يَمْلِكُ فَهُوَ بَاطِلٌ أَوْمَأَ إلَى هذا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَوَائِدُ الْأُولَى لو بَنَى الْمُشْتَرِي وَنَقَضَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَالْأَنْقَاضُ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ
____________________
(5/198)
بِقِيمَةِ التَّالِفِ على الْبَائِعِ وَهَلْ يَدْخُلُ في ضَمَانِ الْعُهْدَةِ في حَقِّ ضَامِنِهَا على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ في ضَمَانِ الْعُهْدَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ فَإِنَّهُمَا ما ضَمِنَاهُ إلَّا إذَا ضَمِنَ ما يَحْدُثُ في الْمَبِيعِ من بِنَاءٍ أو غِرَاسٍ الثَّانِيَةُ لو خَافَ الْمُشْتَرِي فَسَادَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ أو كَوْنِ الْعِوَضِ مَعِيبًا أو شَكَّ في كَمَالِ الصَّنْجَةِ وَجَوْدَةِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَضَمِنَ ذلك صَرِيحًا صَحَّ كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ وَإِنْ لم يُصَرِّحْ فَهَلْ يَدْخُلُ في مُطْلَقِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الثَّالِثَةُ يَصِحُّ ضَمَانُ نَقْصِ الصَّنْجَةِ وَنَحْوِهَا وَيَرْجِعُ بِقَوْلِهِ مع يَمِينِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ في حَقِّ الضَّامِنِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْكِتَابَةِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وقال هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ بن منجا في شَرْحِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ سَوَاءٌ كان الضَّامِنُ حُرًّا أو غَيْرَهُ وَحَكَاهَا في الْخُلَاصَةِ وَجْهًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وقال الْقَاضِي يَصِحُّ ضَمَانُهُ إذَا كان حُرًّا لِسَعَةِ تَصَرُّفِهِ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَتَقَدَّمَ هل يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ ضَامِنًا أولا وَيَأْتِي في بَابِ الْكِتَابَةِ إذَا ضَمِنَ أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ الْآخَرَ هل يَصِحُّ أَمْ لَا
____________________
(5/199)
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْأَمَانَاتِ كَالْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَحُمِلَ على التَّعَدِّي كَتَصْرِيحِهِ بِهِ فإنه يَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ فَأَمَّا الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ كالعوارى وَالْغُصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ على وَجْهِ السَّوْمِ من ضَمَانِ الْقَابِضِ وَأَنَّ ضَمَانَهُ يَصِحُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُنْكِرُونَ مَسْأَلَةَ ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في فَصْلِ من بَاعَ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا وَيَذْكُرُونَهَا أَيْضًا في أَحْكَامِ الْقَبْضِ وَيَذْكُرُونَ مَسْأَلَةَ الضَّامِنِ هُنَا وَمَسْأَلَةُ صِحَّةِ ضَمَانِ الضَّامِنِ لِلْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ مُتَرَتِّبَةٌ على ضَمَانِهِ بِقَبْضِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قد وَرَدَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ نُصُوصٌ فَنَقَلَ حَرْبٌ وأبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا ضَمَانَ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ من ضَمَانِ الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وما يَقْبِضُهُ الْأَجِيرُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا ضَاعَ من الْمُشْتَرِي ولم يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أو قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ قال بِعْنِي هذا فقال خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بيده 0 قال هو من مَالِ بَائِعِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ حتى يَقْطَعَ ثَمَنَهُ وَنَقَلَ بن مُشَيْشٍ فِيمَنْ قال بِعْنِيهِ فقال خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بيده يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هذا بَعْدُ لم يَمْلِكْهُ
____________________
(5/200)
قال الْمَجْدِ هذا يَدُلُّ على أَنَّهُ أَمَانَةٌ وانه يُخَرَّجُ مِثْلُهُ في بَيْعِ خِيَارٍ على قَوْلِنَا لَا يَمْلِكُهُ وقال تَضْمِينُهُ مَنَافِعَهُ كَزِيَادَةٍ وَأَوْلَى انْتَهَى فَهَذِهِ نُصُوصُهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ في ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ فَمِنْ الْأَصْحَابِ من حَكَى في ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ سَوَاءٌ أَخَذَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ أو بِدُونِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَصَحَّحَ الضَّمَانَ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ على وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ فَهُوَ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ انْتَهَى قُلْت ذَكَرَ الْأَصْحَابُ في الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ ثَلَاثَ صُوَرٍ الْأُولَى أَنْ يُسَاوِمَ إنْسَانًا في ثَوْبٍ أو نَحْوِهِ وَيَقْطَعَ ثَمَنَهُ ثُمَّ يَقْبِضَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ فَإِنْ رَضَوْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَيَتْلَفُ فَفِي هذه الصُّورَةِ يَضْمَنُ إنْ صَحَّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال بن أبي مُوسَى يَضْمَنُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ يَجْرِي فيه الْخِلَافُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لم يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وفي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إيمام ( ( ( إيماء ) ) ) إلَى ذلك انْتَهَى الثَّانِيَةُ لو سَاوَمَهُ وَأَخَذَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضَوْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ من غَيْرِ قَطْعِ ثَمَنِهِ فَيَتْلَفُ فَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إحْدَاهُمَا يَضْمَنُهُ الْقَابِضُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في هذا الْبَابِ قال بن أبي مُوسَى فَهُوَ مَضْمُونٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ هو من ضَمَانِ قَابِضِهِ كَالْعَارِيَّةِ
____________________
(5/201)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَضْمَنُهُ قال في الْحَاوِيَيْنِ نَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ هو من ضَمَانِ الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وما يَقْبِضُهُ الْأَجِيرُ الثَّالِثَةُ لو أَخَذَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضَوْهُ اشْتَرَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَتَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ قال بن أبي مُوسَى هذا أَظْهَرُ عنه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال في الْفَائِقِ فَلَا ضَمَانَ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ
فَائِدَةٌ الْمَقْبُوضُ في الْإِجَارَةِ على وَجْهِ السَّوْمِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في الْبَيْعِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال وَوَلَدُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ كَهُوَ لَا وَلَدُ جَانِيَةٍ وَضَامِنَةٍ وَشَاهِدَةٍ وَمُوصًى بها وَحَقٍّ جايز ( ( ( جائز ) ) ) وَضَمَانِهِ وَفِيهِ في الِانْتِصَارِ إنْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فيه سَرَى وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَلَدُ مُوصًى بِعِتْقِهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بها وَإِنَّمَا الْمُخَاطَبُ الموصي إلَيْهِ انْتَهَى وفي ذلك بَعْضُ مَسَائِلَ ما أَعْلَمُ صُورَتَهَا منها
قَوْلُهُ وَحَقٍّ جَائِزٍ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ منها الشَّاهِدَةُ وَالضَّامِنَةُ وَالْكَفِيلَةُ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهِنَّ شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ واختار ( ( ( واختاره ) ) ) الْقَاضِي في خِلَافِهِ أَنَّ وَلَدَ الضَّامِنَةِ يَتْبَعُهَا وَيُبَاعُ مَعَهَا كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ وَضَعَّفَهُ بن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ وقال في الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهَا وَأَكْسَابِهَا شَيْءٌ
____________________
(5/202)
وقال في الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا وَلَدَتْ الْمَقْبُوضَةُ على وَجْهِ السَّوْمِ في يَدِ الْقَابِضِ فقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ حُكْمُهُ حُكْمُ أَصْلِهِ قال بن رَجَبٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ فيه وَجْهٌ أخر أَنَّهُ ليس بِمَضْمُونٍ كَوَلَدِ الْعَارِيَّةِ وَيَأْتِي في أخر بَابِ الْعَارِيَّةِ حُكْمُ وَلَدِ الْمُعَارَةِ وَالْمُؤَجَّرَةِ وَوَلَدِ الْوَدِيعَةِ وَيَأْتِي حُكْمُ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ في بَابَيْهِمَا فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا طُولِبَ الضَّامِنُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ عنه أو لَا فَإِنْ كان ضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ له ذلك في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقِيلَ ليس لِلضَّامِنِ مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ حتى يُؤَدِّيَ وَإِنْ لم يُطَالِبْ الضَّامِنَ لم يَكُنْ له مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ من الْمَضْمُونِ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالتَّلْخِيصِ وَإِنْ كان ضَمِنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لم يَكُنْ له مُطَالَبَتُهُ بِتَخْلِيصِهِ قبل الْأَدَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ له ذلك إذَا طَالَبَهُ
الثَّانِيَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو تَغَيَّبَ مَضْمُونٌ عنه أَطْلَقَهُ في مَوْضِعٍ وَقَيَّدَهُ في آخَرَ بِقَادِرٍ على الْوَفَاءِ فَأَمْسَكَ الضَّامِنُ وَغَرِمَ شيئا بِسَبَبِ ذلك وَأَنْفَقَهُ في حَبْسٍ رَجَعَ بِهِ على الْمَضْمُونِ عنه وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
____________________
(5/203)
قُلْت وهو الصَّوَابُ الذي لَا يُعْدَلُ عنه وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْحَجْرِ أَيْضًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ مُتَبَرِّعًا لم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ وكان الضَّمَانُ وَالْقَضَاءُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَضْمُونِ عنه فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ أَذِنَ في أَحَدِهِمَا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا قَضَى أو قَدْرِ الدَّيْنِ إنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْضِيَهُ مُتَبَرِّعًا أو لَا فَإِنْ قَضَاهُ مُتَبَرِّعًا لم يَرْجِعْ بِلَا نِزَاعٍ قال في الرِّعَايَةِ هذه هِبَةٌ تَحْتَاجُ قَبُولًا وَقَبْضًا وَرِضًى وَالْحَوَالَةُ بِمَا وَجَبَ قَضَاءٌ وَإِنْ قَضَاهُ غير مُتَبَرِّعٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ أو يَذْهَلَ عن ذلك فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ فَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ شَمَلَهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَضْمَنَ بِإِذْنِهِ وَيَقْضِيَ بِإِذْنِهِ فَيَرْجِعُ بِلَا نِزَاعٍ الثَّانِيَةُ أَنْ يَضْمَنَ بِإِذْنِهِ وَيَقْضِيَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَرْجِعُ أَيْضًا بِلَا نِزَاعٍ الثَّالِثَةُ أَنْ يَضْمَنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَقْضِيَ بِإِذْنِهِ فَيَرْجِعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ
الرَّابِعَةُ أَنْ يَضْمَنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَقْضِيَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَذِهِ فيها الرِّوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ إحْدَاهُمَا يَرْجِعُ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ
____________________
(5/204)
عليه
قال بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالتِّسْعِينَ يَرْجِعُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفِ وبن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ قال في الْفَائِقِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ انْتَهَى قال في الْقَوَاعِدِ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي أَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ وَيُشْهِدَ على نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلَوْ نَوَى التَّبَرُّعَ أو أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَلَا رُجُوعَ له وَاشْتَرَطَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَدْيُونُ مُمْتَنِعًا من الْأَدَاءِ وهو يَرْجِعُ إلَى أَنْ لَا رُجُوعَ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إذْنِهِ وَخَالَفَ في ذلك صَاحِبُ المغنى وَالْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْأَكْثَرِينَ انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال بن عَقِيلٍ يَظْهَرُ فيها كَذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ في مَنْعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا إبْرَاءٌ كَتَحْصِيلِ الْأَجْرِ بِالذَّبْحِ انْتَهَى وَإِنْ قَضَاهُ ولم يَنْوِ الرُّجُوعَ وَلَا التَّبَرُّعَ بَلْ ذَهِلَ عن قَصْدِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي كما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ فإنه جَعَلَ النِّيَّةَ في قَضَاءِ الدَّيْنِ أَصْلًا لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَسِيرًا حُرًّا مُسْلِمًا وَقِيلَ يَرْجِعُ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ بن مَنْصُورٍ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(5/205)
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل من أَدَّى عن غَيْرِهِ دَيْنًا وَاجِبًا بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ على ما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ في ذلك وَالْخِلَافِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَضْمُونُ له الْقَضَاءَ وَحَلَفَ لم يَرْجِعْ الضَّامِنُ على الْمَضْمُونِ عنه سَوَاءٌ صدقة أو كذبة إذَا ادَّعَى الضَّامِنُ الْقَضَاءَ وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ له فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَضْمُونُ عنه أو يُكَذِّبَهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ لم يَرْجِعْ عليه إلَّا ببينه تَشْهَدُ له بِالْقَضَاءِ فَإِنْ لم يَكُنْ له بَيِّنَةٌ فَلِلْمَضْمُونِ الرُّجُوعُ على الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ فَإِنْ أَخَذَ منه الضَّامِنُ ثَانِيًا فَهَلْ يَرْجِعُ الضَّامِنُ بِالْأَوَّلِ لِلْبَرَاءَةِ بِهِ بَاطِنًا أو بِالثَّانِي فيه احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ بِمَا قَضَاهُ ثَانِيًا قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَالَا هو أَرْجَحُ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِمَا قَضَاهُ أَوَّلًا وَهُمَا طَرِيقَةٌ مُوجَزَةٌ في الرِّعَايَةِ وَالثَّانِي قَدَّمَهُ فيها أَنَّهُ يَرْجِعُ عليه مَرَّةً وَاحِدَةً بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَلَا مُنَافَاةَ بين الطَّرِيقَتَيْنِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَضَاهُ بِإِشْهَادٍ أو غَيْرِهِ فَإِنْ قَضَاهُ بِإِشْهَادٍ صَحِيحٍ رَجَعَ عليه وَلَوْ كانت الْبَيِّنَةُ غَائِبَةً أو مَيِّتَةً وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في الرَّهْنِ وَيَأْتِي في الْوَكَالَةِ لَكِنْ لو رُدَّتْ الشَّهَادَةُ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كَالْفِسْقِ بَاطِنًا أو كانت الشَّهَادَةُ مُخْتَلَفًا فيها كَشَهَادَةِ الْعَبِيدِ أو شَاهِدٍ وَاحِدٍ أو كان مَيِّتًا أو غَائِبًا فَهَلْ يَرْجِعُ فيه احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قَطَعَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وقال في الْكُبْرَى قُلْت بَلَى وَيَحْلِفُ معه فَلَوْ ادَّعَى الْإِشْهَادَ وَأَنْكَرَهُ الْمَضْمُونُ عنه فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/206)
وَإِنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ عنه او في غَيْبَتِهِ فَإِنْ كان بِحَضْرَتِهِ رَجَعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ ليس له الرُّجُوعُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ كان الْقَضَاءُ في غَيْبَةِ الْمَضْمُونِ عنه لم يَرْجِعْ عليه قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْقَضَاءِ أَيْ الْمَضْمُونُ له فَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ عنه لم يُسْمَعْ إنْكَارُهُ وَيَرْجِعُ عليه هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِق وَغَيْرِهِمْ قال في التَّلْخِيصِ رَجَعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الشَّارِحُ هذا الْأَصَحُّ قال في الْفُرُوعِ رَجَعَ في الْأَصَحِّ وَفِيهِ وَجْهٌ أخر لَا يَرْجِعُ وهو احْتِمَالُ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ فَائِدَتَانِ الْأُولَى لو قال الْمَضْمُونُ له بَرِئْت إلَيَّ من الدَّيْنِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِقَبْضِهِ وَلَوْ قال بَرِئْت ولم يَقُلْ إلى لم يَكُنْ مقرى بِالْقَبْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ وَقِيلَ يَكُونُ مقرى بِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ قال في الْمُنَوِّرِ وَإِنْ قال رَبُّ الْحَقِّ لِلضَّامِنِ بَرِئْت إلى من الدَّيْنِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِقَبْضِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/207)
وَلَوْ قال أَبْرَأْتُك لم يَكُنْ مقرى بِالْقَبْضِ قَوْلًا وَاحِدًا الثَّانِيَةُ لو قال وَهَبْتُك الْحَقَّ فَهُوَ تَمْلِيكٌ فَيَرْجِعُ على الْمَضْمُونِ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلْ هو إبْرَاءٌ فَلَا رُجُوعَ
قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عنه أو الضَّامِنُ فَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا إحْدَاهُمَا لَا يَحِلُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ وقال بن أبي مُوسَى إذَا مَاتَ الْمَضْمُونُ عنه قبل مَحِلِّ الدَّيْنِ مُفْلِسًا بِهِ لم يَكُنْ لِلْمَضْمُونِ له مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ قبل مَحِلِّهِ وَإِنْ خَلَفَ وَفَاءً بِالْحَقِّ فَهَلْ يَحِلُّ على رِوَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا يَحِلُّ وَالْأُخْرَى لَا يَحِلُّ إذَا وَثِقَ الْوَرَثَةُ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن منجا وَقِيلَ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ فَجَزَمُوا بِعَدَمِ الْحُلُولِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَطْلَقُوا الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَقِيلَ أو الْمَدْيُونُ وَحْدَهُ حَلَّ فَجَزَمَ بِالْحُلُولِ إذَا مَاتَا مَعًا
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا بِلَا نِزَاعٍ نَصَّ عليه فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ عنه في الْحَالِّ دُونَ الضَّامِنِ
____________________
(5/208)
قَوْلُهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا لم يَلْزَمْهُ قبل أَجَلِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الأخر يَلْزَمُهُ قبل أَجَلِهِ تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ في الْكَفَالَةِ وَهِيَ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ أنه سَوَاءٌ كان الْمَكْفُولُ بِهِ حَاضِرًا أو غَائِبًا بِإِذْنِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ على خِلَافٍ يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا وَقِيلَ لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَدْيُونِ إلَّا بِإِذْنِهِ الثَّانِي قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِبَدَنِ من عليه دَيْنٌ يَعْنِي بِبَدَنِ كل من يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِدَيْنٍ لَازِمٍ مُطْلَقًا يَصِحُّ ضَمَانُهُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَبِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ يَعْنِي يَصِحُّ أَنْ يَكْفُلَهَا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا يَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ تَتْلَفَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى على ما يَأْتِي وقال الزَّرْكَشِيُّ في صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ وَجْهَانِ ولم أَرَ الْخِلَافَ لِغَيْرِهِ
____________________
(5/209)
فَائِدَةٌ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِأَلْفَاظِ الضَّمَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ كُلِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ حَمِيلٌ وَقَبِيلٌ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ من عليه حَدٌّ أو قِصَاصٌ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَصِحُّ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ من عليه حَدٌّ أو قِصَاصٌ شَمَلَ سَوَاءٌ كان حَقًّا لِلَّهِ كَحَدِّ الزنى وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا أو لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَكَوْنُ من عليه حَدٌّ أو قِصَاصٌ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لِأَخْذِ مَالٍ كَالدِّيَةِ وَغُرْمِ السَّرِقَةِ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِزَوْجٍ وَشَاهِدٍ قَوْلُهُ وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ تصبح ( ( ( تصح ) ) ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَهُوَ كَالْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ من إنْسَانٍ كَثُلُثِهِ أو رُبُعِهِ صَحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
____________________
(5/210)
وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ قَوْلُهُ أو عُضْوٍ صَحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَكَفَّلَ بِعُضْوٍ من إنْسَانٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِوَجْهِهِ أو بِغَيْرِهِ فَإِنْ كان بِوَجْهِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قال بن منجا في شَرْحِهِ وهو الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عليه وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ بِبَعْضِ الْبَدَنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قُلْت لم أَرَ من صَرَّحَ بهذا الْقَوْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتَحَبُّوا الْخِلَافَ فيه وَإِنْ كانت الْكَفَالَةُ بِعُضْوٍ غَيْرِ وَجْهِهِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا تَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي كما تَقَدَّمَ عنه وَقِيلَ إنْ كانت الْحَيَاةُ تَبْقَى معه كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا لم تَصِحَّ وَإِنْ
____________________
(5/211)
كانت لَا تبقي معه كَرَأْسِهِ وَكَبِدِهِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وهو الصَّوَابُ قال في الْكَافِي قال غَيْرُ الْقَاضِي إنْ كَفَلَ بِعُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ وَالظَّهْرِ صَحَّ وَإِنْ كان بِغَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَوَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَلَ بِإِنْسَانٍ على أَنَّهُ إنْ جاء بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَفِيلٌ بأخر أو ضَامِنٌ ما عليه صَحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَظَاهِرُ المغنى وَالشَّرْحِ الْإِطْلَاقُ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَقَلَ مُهَنَّا الصِّحَّةَ في كَفِيلٍ بِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ فَوَائِدُ منها لو قال كَفَلْت بِبَدَنِ فُلَانٍ على أَنْ تُبْرِئَ فُلَانًا الْكَفِيلَ فَسَدَ الشَّرْطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَفْسُدُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ لَا يَفْسُدُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال ضَمِنْت لَك هذا الدَّيْنَ على أَنْ تُبْرِئَنِي من الدَّيْنِ الْآخَرِ
قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَمِنْهَا لو قال إنْ جِئْت بِهِ في وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَأَنَا كَفِيلٌ بِبَدَنِ فُلَانٍ أو وَإِلَّا فَأَنَا ضَامِنٌ مالك على فُلَانٍ أو قال إنْ جاء زَيْدٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك ما عليه
____________________
(5/212)
أو إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ شَهْرًا فقال الْقَاضِي لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَقْيَسُ وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ تَصِحُّ وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ هذه الْمَسَائِلِ وما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَنْزِعُ إلَى تَعْلِيقِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ وَتَوْقِيتِهَا بَلْ هِيَ من جُمْلَتِهَا قال في الْفُرُوعِ وفي صِحَّةِ تَعْلِيقِ ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ وَتَوْقِيتِهَا وَجْهَانِ فَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ على أَنَّهُ إنْ لم يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِغَيْرِهِ أو كَفِيلٌ بِهِ أو كَفَلَهُ شَهْرًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ صِحَّةَ تَعْلِيقِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ الْمُسْتَقْبَلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ وَتَقَدَّمَ ذلك في مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ عَلَّقَ الضَّمَانَ على شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ صَحَّ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِسَبَبِ الْحَقِّ كَالْعُهْدَةِ وَالدَّرَكِ وما لم يَجِبْ ولم يُوجَدْ بِسَبَبِهِ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ قال وَيَحْتَمِلُ عَدَمُهُ وهو أَقْيَسُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ انْتَهَى
فَائِدَةٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ كَفَلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ لم تَصِحَّ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ ليس له وَقْتٌ يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ فيه وَهَكَذَا الضَّمَانُ وَإِنْ جَعَلَهُ إلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَالْعَطَاءِ وَخُرِّجَ على الْوَجْهَيْنِ في الْأَجَلِ في الْبَيْعِ وَالْأَوْلَى صِحَّتُهُ هُنَا انْتَهَيَا
قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِرِضَى الْكَفِيلِ بِلَا نِزَاعٍ وفي رضي الْمَكْفُولِ بِهِ وهو الْمَكْفُولُ عنه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا
____________________
(5/213)
في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال بن منجا هذا أَوْلَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ
قَوْلُهُ وَمَتَى أَحْضَرَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَسَلَّمَهُ بريء إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ قبل الْأَجَلِ وفي قَبْضِهِ ضَرَرٌ إذَا أَحْضَرَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَسَلَّمَهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ بريء على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ يَدٌ حَائِلَةٌ ظَالِمَةٌ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ منه قال بن أبي مُوسَى لَا يَبْرَأُ حتى يَقُولَ قد بَرِئْت إلَيْك منه أو قد سَلَّمْته إلَيْك أو قد أَخْرَجْت نَفْسِي من كَفَالَتِهِ انْتَهَى وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا امْتَنَعَ من تَسَلُّمِهِ أَشْهَدَ على امْتِنَاعِهِ رَجُلَيْنِ وَبَرِئَ وقال الْقَاضِي يَرْفَعُهُ إلَى الْحَاكِمِ فَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ فَإِنْ لم يَجِدْ حَاكِمًا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ على إحْضَارِهِ وَامْتِنَاعِ الْمَكْفُولِ له من قَبُولِهِ تَنْبِيهٌ حُكْمُ ما إذَا أَحْضَرَهُ قبل حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا ضَرَرَ في قَبْضِهِ حُكْمُ ما إذَا أَحْضَرَهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا على ما تَقَدَّمَ
____________________
(5/214)
فَائِدَةٌ يَتَعَيَّنُ إحْضَارُهُ في مَكَانِ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ فيه إنْ حَصَلَ ضَرَرٌ في غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ يَبْرَأُ بِبَقِيَّةِ الْبَلَدِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ إذَا كان فيه سُلْطَانٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كان الْمَكْفُولُ في حَبْسِ الشَّرْعِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فيه بريء وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ منه إلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ من الْأَئِمَّةِ وَيُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ من الْإِخْرَاجِ لِيُحَاكِمَ غَرِيمَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ هذا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ قِيلَ دَلَالَتُهُ عليه وَإِعْلَامُهُ بِمَكَانِهِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا قُلْنَا بَلْ يُعَدُّ وَلِهَذَا إذَا دَلَّ على الصَّيْدِ مُحْرِمًا كَفَّرَ قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ أو تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أو سَلَّمَ نَفْسَهُ بريء الْكَفِيلُ إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بريء الْكَفِيلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ تَوَانَى الْكَفِيلُ في تَسْلِيمِهِ حتى مَاتَ أولا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا فَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ وَقِيلَ إنْ تَوَانَى في تَسْلِيمِهِ حتى مَاتَ لم يَبْرَأْ وَإِلَّا بريء تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَشْتَرِطْ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه
____________________
(5/215)
إنْ مَاتَ بريء بِمَوْتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَشْتَرِطْ أَنْ لَا مَالَ عليه بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَكْفُولِ بها فَإِنْ اشْتَرَطَ بريء قَوْلًا وَاحِدًا كما تَقَدَّمَ في الْمَوْتِ الثَّانِي مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أو تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تعالي قبل الْمُطَالَبَةِ صَرَّحَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا واما اذا سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ فى مَحِلِّهِ فإن الْكَفِيلَ يَبْرَأُ قَوْلًا وَاحِدًا قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مع بَقَائِهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ أو عِوَضُ الْعَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وفي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبَرَاءَةُ منه وقال بن عَقِيلٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ إنْ امْتَنَعَ بِسُلْطَانٍ وَأَلْحَقَ بِهِ مُعْسِرًا أو مَحْبُوسًا وَنَحْوَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْمَعْنَى وَكَوْنُ الْكَفِيلِ يَضْمَنُ ما على الْمَكْفُولِ بِهِ إذَا لم يُسَلِّمْهُ من الْمُفْرَدَاتِ فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ السَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ أُمْهِلَ الْكَفِيلُ بِقَدْرِ ما يَمْضِي فَيُحْضِرُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ ضَمِنَ
____________________
(5/216)
إذَا مَضَى الْكَفِيلُ لِيُحْضِرَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ما إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مع بَقَائِهِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا
قَوْلُهُ وإذا طَالَبَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ بِالْحُضُورِ مُدَّةً لزمة ذلك إذَا كانت الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ أو طَالَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِإِحْضَارِهِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَّا إذَا كانت الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ وَطَالَبَهُ الْمَكْفُولُ له بِحُضُورِهِ فَائِدَةٌ حَيْثُ أَدَّى الْكَفِيلُ ما لَزِمَهُ ثُمَّ قَدَرَ على الْمَكْفُولِ بِهِ فقال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ في رُجُوعِهِ عليه كَالضَّامِنِ وَأَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ له ثُمَّ يَسْتَرِدُّ ما أَدَّاهُ بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مع بَقَائِهِ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ
قَوْلُهُ وإذا كَفَلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لم يَبْرَأْ الْآخَرُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ اشهر الْوَجْهَيْنِ لَا يَبْرَأُ وَقِيلَ يَبْرَأُ الْآخَرُ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وَنَصَرَهُ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ السَّامِرِيِّ في فُرُوقِهِ قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وقال وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا إنْ كَفَلَا كَفَالَةَ اشْتِرَاكٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَا كَفَلْنَا لَك زَيْدًا نُسَلِّمُهُ إلَيْك فإذا سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بريء الْآخَرُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُلْتَزَمَ وَاحِدٌ فَهُوَ كَأَدَاءِ أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ لِلْمَالِ
____________________
(5/217)
وَإِنْ كَفَلَا كَفَالَةَ انْفِرَادٍ وَاشْتِرَاكٍ بِأَنْ قَالَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا كَفِيلٌ لَك بِزَيْدٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْتَزِمٌ له إحْضَارَهُ فَلَا يَبْرَأُ بِدُونِهِ ما دَامَ الْحَقُّ بَاقِيًا على الْمَكْفُولِ بِهِ فَهُوَ كما لو كَفَلَا في عَقْدَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي في ضَمَانِ الرَّجُلَيْنِ الدَّيْنَ انْتَهَى فَائِدَةٌ لو سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ بريء الِاثْنَانِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ما إذَا سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَلَ وَاحِدٌ لِاثْنَيْنِ فَأَبْرَأهُ أَحَدُهُمَا لم يَبْرَأْ الأخر بِلَا نِزَاعٍ فَوَائِدُ إحْدَاهَا يَصِحُّ أَنْ يَكْفُلَ الْكَفِيلُ كَفِيلًا آخَرَ فَإِنْ بريء الْأَوَّلُ بريء الثَّانِي وَلَا عَكْسَ وَإِنْ كَفَلَ الثَّانِيَ ثَالِثٌ بريء بِبَرَاءَةِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ وَلَا عَكْسَ فَلَوْ كَفَلَ اثْنَانِ وَاحِدًا وَكَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ آخَرُ فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا بريء هو وَمَنْ تَكَفَّلَ بِهِ وَبَقِيَ الأخر وَمَنْ كَفَلَ بِهِ الثَّانِيَةُ لو ضَمِنَ اثْنَانِ دَيْنَ رَجُلٍ لِغَرِيمِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنا ضَامِنٌ لَك الْأَلْفَ أو يُطْلِقَ فَإِنْ قَالَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ لَك الْأَلْفَ فَهُوَ ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ في انْفِرَادٍ فَلَهُ مُطَالَبَةُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ إنْ شَاءَ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا وَإِنْ قَضَاهُ أَحَدُهُمَا لم يَرْجِعْ إلَّا على الْمَضْمُونِ عنه وَإِنْ أَطْلَقَا الضَّمَانَ بِأَنْ قَالَا ضَمِنَّا لَك الْأَلْفَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِحِصَّتِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ وَالْمُصَنِّفِ وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ وَقِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِلْجَمِيعِ كَالْأَوَّلِ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَكَذَا قال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ
____________________
(5/218)
وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ فيها احْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْقَوَاعِدِ وَبَنَاهُ الْقَاضِي على أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الضَّامِنَيْنِ فَيَصِيرُ الضَّمَانُ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمَا وَعَلَى هذا لو كان الْمَضْمُونُ دَيْنًا مُتَسَاوِيًا على رَجُلَيْنِ فَهَلْ يُقَالُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِنِصْفِ الدَّيْنَيْنِ أو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِأَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ إذَا قُلْنَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُبْهَمِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قَالَهُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ
الثَّالِثَةُ لو كان على اثْنَيْنِ مِائَةٌ لأخر فَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْمِائَةِ أو أَبْرَأهُ منه وَلَا نِيَّةَ فَقِيلَ إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الذي عليه بِالْأَصَالَةِ وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الذي عليه بِطَرِيقِ الضَّمَانِ قُلْت وهو أَوْلَى وقد تَقَدَّمَ ما يُشْبِهُ ذلك في الرَّهْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ رَهَنَهُ رَجُلَانِ شيئا فَوَفَّاهُ أَحَدُهُمَا وَقِيلَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ الرَّابِعَةُ لو أَحَالَ عَلَيْهِمَا لِيَقْبِضَ من أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ بن الْجَوْزِيِّ وَجْهًا لَا يَصِحُّ كَحَوَالَتِهِ على اثْنَيْنِ له على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ
الْخَامِسَةُ لو أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا من الْمِائَةِ بَقِيَ على الْآخَرِ خَمْسُونَ أَصَالَةً
السَّادِسَةُ لو ضَمِنَ ثَالِثٌ عن أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا رَجَعَ على الْمَضْمُونِ عنه بها وَهَلْ له أَنْ يَرْجِعَ بها على الأخر فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ له الرُّجُوعَ عليه لِأَنَّهُ كَضَامِنِ الضَّامِنِ
____________________
(5/219)
السَّابِعَةُ لو ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أُخِذَ بِهِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ
الثَّامِنَةُ لو أَحَالَ رَبُّ الْحَقِّ أو أُحِيلَ أو زَالَ الْعَقْدُ بريء الْكَفِيلُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَيَثْبُتُ لِوَارِثِهِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالَ وَجْهَيْنِ في بَقَاءِ الضَّمَانِ وَنَقَلَ مُهَنَّا فيها يَبْرَأُ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ رَقَّ وَسَقَطَ الضَّمَانُ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لو أَقَالَهُ في سَلَمٍ بِهِ رَهْنٌ حَبَسَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ جَعَلَهُ أَصْلًا كَحَبْسِ رَهْنٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِالْمُتْعَةِ
التَّاسِعَةُ لو خِيفَ من غَرَقِ السَّفِينَةِ فَأَلْقَى بَعْضُ من فيها مَتَاعَهُ في الْبَحْرِ لِتَخِفَّ لم يَرْجِعْ بِهِ على أَحَدٍ سَوَاءٌ نَوَى الرُّجُوعَ أو لَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من عِنْدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ وما هو بِبَعِيدٍ انْتَهَى وَيَجِبُ الْإِلْقَاءُ إنْ خِيفَ تَلَفُ الرُّكَّابِ بِالْغَرَقِ وَلَوْ قال بَعْضُ أَهْلِ السَّفِينَةِ الق مَتَاعَك فَأَلْقَاهُ فَلَا ضَمَانَ على الْآمِرِ وَإِنْ قال أَلْقِهِ وأنا ضَامِنُهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ قَالَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُمَا وَإِنْ قال وأنا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ وَأَطْلَقَ ضَمِنَ وَحْدَهُ بِالْحِصَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ولم يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا الشَّارِحُ وَلَا الْحَارِثِيُّ وقال أبو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ الْقَائِلُ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَقِيَّتُهُمْ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وقال الْقَاضِي إنْ كان ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ فَلَيْسَ عليه إلَّا ضَمَانُ حِصَّتِهِ وَإِنْ كان ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ وَانْفِرَادٍ بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ لَك مَتَاعَك
____________________
(5/220)
أو قِيمَتَهُ ضَمِنَ الْقَائِلُ ضَمَانَ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ كَانُوا يَسْمَعُونَ قَوْلَهُ فَسَكَتُوا أو لم يَسْمَعُوا انْتَهَى قال الْحَارِثِيُّ في أخر الْغَصْبِ وهو الْحَقُّ وَإِنْ رَضُوا بِمَا قال لَزِمَهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ وَإِنْ قالوا ضَمِنَّاهُ لَك ضَمِنُوا بِالْحِصَّةِ وَإِنْ قالوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنُهُ ضَمِنَ الْجَمِيعُ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ في ضَمَانِهِمْ ما عليه من الدَّيْنِ وَيَأْتِي في أخر الْغَصْبِ بَعْضُ هذا وَمَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بهذا فَلْيُرَاجَعْ الْعَاشِرَةُ لو قال لِزَيْدٍ طَلِّقْ زَوْجَتَك وَعَلَيَّ أَلْفٌ أو مَهْرُهَا لَزِمَهُ ذلك بِالطَّلَاقِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وقال أَيْضًا لو قال بِعْ عَبْدَك من زَيْدٍ بِمِائَةٍ وَعَلَيَّ مِائَةٌ أُخْرَى لم يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/221)
بَابُ الْحَوَالَةِ فَوَائِدُ إحْدَاهَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هِيَ مُشْتَقَّةٌ من تَحْوِيلِ الْحَقِّ من ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ من التَّحَوُّلِ لِأَنَّهَا تُحَوِّلُ الْحَقَّ وَتَنْقُلُهُ من ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ فإن التَّحَوُّلَ مُطَاوِعٌ لِلتَّحْوِيلِ يُقَالُ حَوَّلْته فَتَحَوَّلَ الثَّانِيَةُ الْحَوَالَةُ عَقْدُ إرْفَاقٍ تَنْقُلُ الْحَقَّ من ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عليه وَلَيْسَتْ بَيْعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لِجَوَازِهَا بين الدَّيْنَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً وَالتَّفَرُّقِ قبل الْقَبْضِ واختصاصها ( ( ( اختصاصها ) ) ) بِجِنْسٍ وَاحِدٍ وَاسْمٍ خَاصٍّ وَلُزُومِهَا وَلَا هِيَ في مَعْنَى الْمَبِيعِ لِعَدَمِ الْعَيْنِ فيها وَهَذَا الصَّوَابُ قال الْمُصَنِّفُ وهو أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ الْحَوَالَةُ هل هِيَ نَقْلٌ لِلْحَقِّ أو تَقْبِيضٌ فيه خِلَافٌ وقد قِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ فإن الْمُحِيلَ يَشْتَرِي ما في ذِمَّتِهِ بِمَا في ذِمَّةِ الْمُحَالِ عليه وَجَازَ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ رُخْصَةً لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ على الرِّفْقِ فَيَدْخُلُهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَوَالَةَ تُشْبِهُ الْمُعَاوَضَةَ من حَيْثُ إنَّهَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَتُشْبِهُ الِاسْتِيفَاءَ من حَيْثُ إنَّهُ يُبْرِئُ الْمُحِيلَ وَيَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إذَا أَحَالَ بِالثَّمَنِ وَلِتَرَدُّدِهَا بين ذلك أَلْحَقَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْمُعَاوَضَةِ كما تَقَدَّمَ وَأَلْحَقَهَا بَعْضُهُمْ بِالِاسْتِيفَاءِ
____________________
(5/222)
الثَّالِثَةُ نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى رَجُلٍ له عِنْدَهُ مَالٌ فقال له خُذْ منه دِينَارًا فَأَخَذَ منه أَكْثَرَ قال الضَّمَانُ على الْمُرْسِلِ لِتَغْرِيرِهِ وَيَرْجِعُ هو على الرَّسُولِ ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ
قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يُحِيلَ على دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ فَإِنْ أَحَالَ على مَالِ الْكِتَابَةِ أو السَّلَمِ أو الصَّدَاقِ قبل الدُّخُولِ وَكَذَا لو أَحَالَ على الْأُجْرَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ لم تَصِحَّ وَإِنْ أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ أو الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ صَحَّ وَكَذَا لو أَحَالَ بِالْأُجْرَةِ اعْلَمْ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَارَةً تَكُونُ على مَالٍ وَتَارَةً تَكُونُ بِمَالٍ فَإِنْ كانت الْحَوَالَةُ على مَالٍ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُحَالُ عليه مُسْتَقِرًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ على مَالِ الْكِتَابَةِ بَعْدَ حُلُولِهِ وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فيه مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ منه وَالْحَوَالَةِ عليه وَبِهِ وقال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَظْهَرُ لي مَنْعُ الْحَوَالَةِ بِالْمُسْلَمِ فيه وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ على الْمَهْرِ قبل الدُّخُولِ وَعَلَى الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ كانت الْحَوَالَةُ بِمَالٍ لم يُشْتَرَطْ اسْتِقْرَارُهُ وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الزَّرْكَشِيّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في مَالِ الْكِتَابَةِ وَقَدَّمَهُ في غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في مَالِ الْكِتَابَةِ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ على ما يَأْتِي
____________________
(5/223)
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُحَالِ بِهِ مُسْتَقِرًّا كَالْمُحَالِ عليه اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَنْ تَكُونَ بِدَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ وَعَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ قال في الْحَاوِيَيْنِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فيه مُسْتَقِرًّا على مُسْتَقِرٍّ قال في الرِّعَايَتَيْنِ إنَّمَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فيه مُسْتَقِرًّا في الْأَشْهَرِ على دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ قال في الْفَائِقِ وَتَخْتَصُّ صحتها بِدَيْنٍ يَصِحُّ فيه السَّلَمُ وَيُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ علي مُسْتَقِرٍّ قال في التَّلْخِيصِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ مُسْتَقِرٍّ وَلَا على غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ فَلَا تَصِحُّ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَا في الْأُجْرَةِ قبل اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلَا في الصَّدَاقِ قبل الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ دَيْنُ الْكِتَابَةِ على ظَاهِرِ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ على من له عليه دَيْنٌ وَيَبْرَأُ الْعَبْدُ وَيُعْتَقُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ في ذِمَّةِ الْمُحَالِ عليه لِلسَّيِّدِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ الْوَجْهَيْنِ في الْحَوَالَةِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ في الْحَوَالَةِ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ وَالْمَهْرِ وقال الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ الدُّيُونُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ دَيْنُ سَلَمٍ وَدَيْنُ كِتَابَةٍ وما عَدَاهُمَا وهو قِسْمَانِ مُسْتَقِرٌّ وَغَيْرُ مُسْتَقِرٍّ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَلَا عليه وَتَصِحُّ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ على الصَّحِيحِ دُونَ الْحَوَالَةِ عليه وَيَصِحَّانِ في سَائِرِ الدُّيُونِ مُسْتَقِرِّهَا وَغَيْرِ مُسْتَقِرِّهَا وَقِيلَ لَا تَصِحُّ على غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ بِحَالٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أبو مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ
____________________
(5/224)
وَقِيلَ وَلَا بِمَا ليس بِمُسْتَقِرٍّ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَتَبِعَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالسَّامِرِيُّ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من مَحَلِّ الْخِلَافِ من الْمَالِ الْمُحَالِ عليه وَالْمُحَالِ بِهِ دَيْنُ السَّلَمِ فإنه لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عليه وَلَا بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ما تَقَدَّمَ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ في طَرِيقَتِهِ وَكَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فَائِدَةٌ في صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ من الْبُيُوعِ فقال لَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ في رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ بِحَوَالَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَقِيلَ يَصِحُّ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ السَّلَمِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنْبِيهٌ خَرَجَ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو أَحَالَ من لَا دَيْنَ عليه على من عليه دَيْنٌ فإنه لَا يُسَمَّى حَوَالَةً بَلْ هو وَكَالَةٌ في الْقَبْضِ وَلَوْ أَحَالَ من لَا دَيْنَ عليه على من لَا دَيْنَ عليه فَهُوَ وَكَالَةٌ في اقْتِرَاضٍ لَا حَوَالَةٌ وَلَوْ أَحَالَ من عليه دَيْنٌ على من لَا دَيْنَ عليه فَهُوَ وَكَالَةٌ في اقْتِرَاضٍ أَيْضًا فَلَا يُصَارِفُهُ نَصَّ عليه قال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ إنْ رضي الْمُحَالُ عليه بِالْحَوَالَةِ صَارَ ضَامِنًا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ فَائِدَةٌ
قَوْلُهُ الثَّانِي اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ في الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عِلْمُ الْمَالِ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَصِحُّ فيه السَّلَمُ من الْمِثْلِيَّاتِ
____________________
(5/225)
وفي غَيْرِ المثلى كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فيه وَأَطْلَقَا في إبِلِ الدِّيَةِ الْوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا تَصِحُّ في الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِكُلِّ ما صَحَّ السَّلَمُ فيه وهو ما يُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ سَوَاءٌ كان له مِثْلٌ كَالْأَدْهَانِ وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ أولا مِثْلَ له كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال النَّاظِمُ تَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ قال الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَرَّجَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ على الْخِلَافِ فِيمَا يقضي بِهِ قَرْضُ هذه الْأَمْوَالِ انْتَهَى وَأَمَّا الأبل فقال الشَّارِحُ لو كان عليه إبِلٌ من الدِّيَةِ وَلَهُ على آخَرَ مِثْلُهَا في السِّنِّ فقال الْقَاضِي تَصِحُّ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَقَلَّ ما يَقَعُ عليه الِاسْمُ في السِّنِّ وَالْقِيمَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ وقال أبو الْخَطَّابِ لَا تَصِحُّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَإِنْ كان عليه إبِلٌ من دِيَةٍ وَلَهُ على آخَرَ مِثْلُهَا قَرْضًا فَأَحَالَهُ فَإِنْ قُلْنَا يُرَدُّ في الْقَرْضِ قِيمَتُهَا لم تَصِحَّ الْحَوَالَةُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَإِنْ قُلْنَا يُرَدُّ مِثْلُهَا اقْتَضَى قَوْلُ الْقَاضِي صِحَّةَ الْحَوَالَةِ وَإِنْ كانت بِالْعَكْسِ فَأَحَالَ الْمُقْرِضُ بِإِبِلٍ لم يَصِحَّ انْتَهَى تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ في الْجِنْسِ كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَالصِّفَةِ كَالصِّحَاحِ بِالصِّحَاحِ وَعَكْسِهِ
____________________
(5/226)
فَلَوْ أَحَالَ من عليه دَرَاهِمُ دِمَشْقِيَّةٌ بِدَرَاهِمَ عُثْمَانِيَّةٍ لم تَصِحَّ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ عِنْدَ من أَلْحَقَهَا بِالْمُعَاوَضَةِ إذْ اشْتِرَاطُ التَّفَاوُتِ فِيهِمَا مُمْتَنِعٌ كَالْقَرْضِ وَأَمَّا من أَلْحَقَهَا بِالِاسْتِيفَاءِ فقال إنْ كان تلفوتا ( ( ( تفاوتا ) ) ) يُجْبَرُ على أَخْذِهِ عِنْدَ بَذْلِهِ كَالْجَيِّدِ عن الردئ ( ( ( الرديء ) ) ) صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ أَنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمُحَالِ عليه وَلَا رِضَى الْمُحْتَالِ إذَا كان الْمُحَالُ عليه مَلِيئًا لَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمُحْتَالِ إذَا كان الْمُحَالُ عليه مَلِيئًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَيُجْبَرُ على قَبُولِهَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ ذَكَرَهَا بن هُبَيْرَةَ وَمَنْ بَعْدَهُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا فَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه الْمَلِيءَ فقال هو أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ زَادَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ أو فِعْلِهِ وزاد في الْكُبْرَى عَلَيْهِمَا وَتَمَكُّنِهِ من الْأَدَاءِ وَقِيلَ هو الْمَلِيءُ بِالْقَوْلِ وَالْأَمَانَةِ وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ قال الزَّرْكَشِيُّ عن تَفْسِيرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الذي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَلِيءَ بِالْمَالِ أَنْ يَقْدِرَ على الْوَفَاءِ وَالْقَوْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا وَالْبَدَنِ أَنْ يُمْكِنَ حُضُورُهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ
الثَّانِيَةُ يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عليه أو جَحَدَ أو مَاتَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ
____________________
(5/227)
قال النَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والنظم ( ( ( والناظم ) ) ) وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِرِضَى الْمُحْتَالِ فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ لَكِنْ تَنْقَطِعُ الْمُطَالَبَةُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وقال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتُفِيدُ الْإِلْزَامَ فَقَطْ ذَكَرَهَا في النُّكَتِ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى فَهَذِهِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ قَلَّ من ذَكَرَهَا وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ وَمَبْنَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْحَوَالَةَ هل هِيَ نَقْلٌ لِلْحَقِّ أو تَقْبِيضٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ نَقْلٌ لِلْحَقِّ لم يُعْتَبَرْ لها قَبُولٌ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ تَقْبِيضٌ فَلَا بُدَّ من الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ وهو قَبُولُهَا فَيُجْبَرُ الْمُحْتَالُ عليه انْتَهَى فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ لِلْمُحْتَالِ مُطَالَبَةَ الْمُحِيلِ قبل إجْبَارِ الْحَاكِمِ وَذَكَرَ أبو حَازِمٍ وَابْنُهُ أبو يَعْلَى ليس له الْمُطَالَبَةُ كَتَعْيِينِهِ كِيسًا فَيُرِيدُ غَيْرَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا فَبَانَ مُفْلِسًا ولم يَكُنْ رضى بِالْحَوَالَةِ رَجَعَ عليه وَإِلَّا فَلَا هُنَا مَسَائِلُ الْأُولَى لو رضى الْمُحْتَالُ بِالْحَوَالَةِ مُطْلَقًا بريء الْمُحِيلُ الثَّانِيَةُ لو ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ من غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا رِضًى من الْمُحْتَالِ وَهِيَ إحْدَى مَسْأَلَتَيْ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ بِلَا نِزَاعٍ الثَّالِثَةُ لو رضى بِالْحَوَالَةِ ولم يَشْتَرِطْ الْيَسَارَ وَجَهِلَهُ أو ظَنَّهُ مَلِيئًا فَبَانَ مُفْلِسًا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةُ بريء الْمُحِيلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
____________________
(5/228)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ في المغنى وقال وَبِهِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَجْهًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ الْخِلَافُ وَجْهَانِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ طَرِيقَةُ بن الْبَنَّا الرَّابِعَةُ لو شَرَطَ الْمُحِيلُ أَنَّ الْمُحَالَ عليه مَلِيءٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ عُسْرَتُهُ رَجَعَ الْمُحْتَالُ على الْمُحِيلِ بِلَا نِزَاعٍ وَتَقَدَّمَ إذَا أَحَالَهُ على مَلِيءٍ
قَوْلُهُ وإذا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ أو أَحَالَ الْبَائِعُ عليه بِهِ فَبَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ بِلَا نِزَاعٍ قَوْلُهُ وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أو إقَالَةٍ لم تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ أو إقَالَةٍ أو خِيَارٍ أو انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بين الزَّوْجَيْنِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ مَالَ الْحَوَالَةِ أو قَبْلَهُ فَإِنْ كان بَعْدَ الْقَبْضِ لم تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ بن منجا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُمْ فَعَلَى هذا لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ على الْبَائِعِ في مَسْأَلَتَيْ حَوَالَتِهِ وَالْحَوَالَةِ عليه لَا على من كان عليه الدَّيْنُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا على من أُحِيلَ عليه في الثَّانِيَةِ وَإِنْ كان قبل الْقَبْضِ لم تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ أُحِيلَ على الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أو أَحَالَ بِهِ كما لو أَعْطَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَرْضًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأمي ( ( ( الأدمي ) ) ) وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْحُكْمُ على هذا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا كان بَعْدَ الْقَبْضِ على ما تَقَدَّمَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ على من أَحَالَهُ المشترى عليه في الصُّورَةِ الْأُولَى وللمشترى أَنْ يُحِيلَ الْمُحْتَالَ عليه على الْبَائِعِ في الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ
____________________
(5/229)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ وهو وَجْهٌ كما لو بَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا بِبَيِّنَةٍ أو اتِّفَاقِهِمَا وَلَا تَفْرِيعَ عليه وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وقال الْقَاضِي تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهِ لَا عليه لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ على الْمُشْتَرِي وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ في بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا في الْكَافِي فإنه قَدَّمَ بُطْلَانَ الْحَوَالَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي هل يَبْطُلُ إذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ واطلقهما في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ قال في التَّلْخِيصِ فَعَلَى وَجْهِ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ لَا يَجُوزُ له الْقَبْضُ فَإِنْ فَعَلَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَقَعَ عن الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْحَوَالَةَ انْفَسَخَتْ فَبَطَلَ الْإِذْنُ الذي كان ضِمْنَهَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عنه لِأَنَّ الْفَسْخَ وَرَدَ على خُصُوصِ جِهَةِ الْحَوَالَةِ دُونَ ما تَضَمَّنَّهُ الْإِذْنُ فَيُضَاهِي تَرَدُّدَ الْفُقَهَاءِ في الْأَمْرِ إذَا نُسِخَ الْوُجُوبُ هل يَبْقَى الْجَوَازُ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بَقَاؤُهُ وإذا صلى الْفَرْضَ قبل وَقْتِهِ انْعَقَدَ نَفْلًا انْتَهَى قال شَيْخُنَا في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ ما إذَا بَطَلَ الْوَصْفُ هل يَبْطُلُ الْأَصْلُ أو يَبْطُلُ الْوَصْفُ فَقَطْ
____________________
(5/230)
وَيَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هل يَبْطُلُ الْعُمُومُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ بين الْعُلَمَاءِ ذَكَرَهَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَحَلْتُك قال بَلْ وَكَّلْتنِي أو قال وَكَّلْتُك قال بَلْ أَحَلْتنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ هذا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ قَوْله وَإِنْ اتَّفَقَا على أَنَّهُ قال أَحَلْتُك وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بها الْوَكَالَةُ وَأَنْكَرَ الأخر فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي والمغنى وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْوَجِيزِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو قال أَحَلْتُك بِدَيْنِي وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بها الْوَكَالَةُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/231)
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في هذه أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ الثَّانِيَةُ لو اتَّفَقَا على أَنَّهُ قال أَحَلْتُك بِالْمَالِ الذي قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فقال الْمُحِيلُ إنَّمَا وَكَّلْتُك في الْقَبْضِ لي وقال الأخر بَلْ أَحَلْتنِي بِدَيْنِي فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ معه وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَيَأْتِي عَكْسُهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْلِفُ الْمُحِيلُ وَيَبْقَى حَقُّهُ في ذِمَّةِ الْمُحَالِ عليه قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ لَا يَقْبِضُ الْمُحْتَالُ من الْمُحَالِ عليه لِعَزْلِهِ بِالْإِنْكَارِ وفي طَلَبِ دَيْنِهِ من الْمُحِيلِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وقال لِأَنَّ دَعْوَاهُ الْحَوَالَةَ بَرَاءَةٌ
أَحَدُهُمَا له طَلَبُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الْمُحْتَالُ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ في ذِمَّةِ الْمُحَالِ عليه وَيَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ وَيَسْقُطُ عن الْمُحِيلِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ إنْ كان الْمُحْتَالُ قد قَبَضَ الْحَقَّ من الْمُحَالِ عليه وَتَلِفَ في يَدِهِ فَقَدْ بريء كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا من صَاحِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عليه سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أو غَيْرِهِ وَإِنْ لم يَتْلَفْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْمُحِيلُ طَلَبَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْلِكَ أَخْذَهُ منه وَيَمْلِكَ مُطَالَبَتَهُ بِدَيْنِهِ وهو الصَّحِيحُ قال في الْفُرُوعِ تَفْرِيعًا على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وما قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ ولم يَتْلَفْ فَلِلْمُحِيلِ أَخْذُهُ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ
____________________
(5/232)
وَقِيلَ يَمْلِكُ الْمُحِيلُ أَخْذَهُ منه وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الْمُطَالَبَةَ بِدَيْنِهِ لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ منه بِالْحَوَالَةِ وقد تَقَدَّمَ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ انْتَهَيَا وَإِنْ كانت الْمَسْأَلَةُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ قال الْمُحِيلُ أَحَلْتُك بِدَيْنِك فقال بَلْ وَكَّلْتنِي فَفِيهَا الْوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ فَإِنْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ فَحَلَفَ بريء من حَقِّ الْمُحْتَالِ وَلِلْمُحْتَالِ قَبْضُ الْمَالِ من الْمُحَالِ عليه لِنَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ فَحَلَفَ كان له مُطَالَبَةُ الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ وَمُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عليه فَإِنْ قَبَضَ منه قبل أَخْذِهِ من الْمُحِيلِ فَلَهُ اخذ ما قَبَضَ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَوْفَى من الْمُحِيلِ دُونَ الْمُحَالِ عليه رَجَعَ الْمُحِيلُ على الْمُحَالِ عليه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قال الْقَاضِي وَهَذَا أَصَحُّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِنْ كان قَبَضَ الْحَوَالَةَ فَتَلِفَتْ في يَدِهِ بِتَفْرِيطٍ أو أَتْلَفَهَا سَقَطَ حَقُّهُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَسْقُطُ حَقُّهُ أَيْضًا وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي له أَنْ يَرْجِعَ على الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ وَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ الرُّجُوعُ على الْمُحَالِ عليه قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَحَلْتُك بِدَيْنِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَجْهًا وَاحِدًا
____________________
(5/233)
يَعْنِي إذَا اتَّفَقَا على ذلك وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْوَكَالَةُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فَائِدَةٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحَوَالَةُ على مَالِهِ في الدِّيوَانِ إذْنٌ في الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ وَلِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ وَمُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ تَنْبِيهٌ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ مَسْأَلَةَ الْمُقَاصَّةِ هُنَا وَذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ في آخِرِ السَّلَمِ ولم يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ ما يَدُلُّ عليها في كِتَابِ الصَّدَاقِ وقد ذَكَرْنَاهَا في أخر بَابِ السَّلَمِ فَلْيُعَاوَدْ بَابُ الصُّلْحِ فَائِدَةٌ الصُّلْحُ عِبَارَةٌ عن مُعَاقَدَةٍ يُتَوَصَّلُ بها إلَى إصْلَاحٍ بين مُخْتَلِفَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هو الْمُوَافَقَةُ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ انْتَهَى والصلح أَنْوَاعٌ صُلْحٌ بين الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ وَتَقَدَّمَ في الْجِهَادِ وَصُلْحٌ بين أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْعَدْلِ وَيَأْتِي وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا خِيفَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا أو خَافَتْ الزَّوْجَةُ إعْرَاضَ زَوْجِهَا عنها وَيَأْتِي أَيْضًا وَبَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ في غَيْرِ الْمَالِ أو في الْمَالِ وهو الْمُرَادُ هُنَا وهو قِسْمَانِ صُلْحٌ على الْإِقْرَارِ وَصُلْحٌ على الْإِنْكَارِ وَقِسْمٌ بِالْمَالِ وهو الصُّلْحُ مع السُّكُوتِ عنه قَوْلُهُ في صُلْحِ الْإِقْرَارِ أَحَدُهُمَا الصُّلْحُ على جِنْسِ الْحَقِّ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ له بِدَيْنٍ فَيَضَعَ عنه بَعْضَهُ أو بِعَيْنٍ فَيَهَبُ له بَعْضَهَا
____________________
(5/234)
وَيَأْخُذَ الْبَاقِي فَيَصِحُّ إنْ لم يَكُنْ بِشَرْطٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ على أَنْ تُعْطِيَنِي الْبَاقِيَ أو يَمْنَعَهُ حَقَّهُ بِدُونِهِ إذَا أَقَرَّ له بِدَيْنٍ او بِعَيْنٍ فَوَضَعَ عنه بَعْضَهُ أو وَهَبَ له بَعْضَهَا من ( ( ( ومن ) ) ) غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إبْرَاءٌ وَالثَّانِيَ هِبَةٌ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ قال في الْفَرْعِ لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ على الْأَصَحِّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وهو مُخْتَارُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا قال الْقَاضِي وهو مُقْتَضَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ اعْتَرَفَ بِحَقٍّ فَصَالَحَ على بَعْضِهِ لم يَكُنْ صُلْحًا لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وبن أبي مُوسَى انْتَهَى وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وهو ظَاهِرُ ما في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَاخْتَارَهُ بن الْبَنَّا في خِصَالِهِ
فَائِدَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الصُّلْحَ على الْإِقْرَارِ لَا يُسَمَّى صُلْحًا وَقَالَهُ بن أبي مُوسَى وَسَمَّاهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ صُلْحًا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْخِلَافُ في التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمُتَّفَقٌ عليه قال الزَّرْكَشِيُّ وَصُورَتُهُ الصَّحِيحَةُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَعْتَرِفَ له بِعَيْنٍ فَيُعَاوِضُهُ عنها أو يَهَبَهُ بَعْضَهَا أو بِدَيْنٍ فَيُبْرِئَهُ من بَعْضِهِ وَنَحْوِ ذلك فَيَصِحُّ إنْ لم يَكُنْ بِشَرْطٍ وَلَا امْتِنَاعَ من أَدَاءِ الْحَقِّ بِدُونِهِ انْتَهَى وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لم يَكُنْ بِشَرْطٍ له صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَمْنَعَهُ حَقَّهُ بِدُونِهِ فَالصُّلْحُ في هذه الصُّورَةِ بَاطِلٌ قَوْلًا وَاحِدًا
____________________
(5/235)
وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ على أَنْ تُعْطِيَنِي الْبَاقِيَ أو كَذَا وما أَشْبَهَهُ فَالصُّلْحُ ايضا في هذه الصُّورَةِ بَاطِلٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ يَصِحُّ الصُّلْحُ وَالْحَالَةُ هذه قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ ذلك مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ له وَنَحْوِهِمَا إلَّا في حَالِ الْإِنْكَارِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا
وَقَوْلُهُ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ إلَّا في حَالِ الْإِنْكَارِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ أَيْضًا قَطَعَ بِهِ في التَّرْغِيبِ فَائِدَةٌ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا ادَّعَى على مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ وَلَوْ صَالَحَ عن الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا لم يَصِحَّ هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وفي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ هُنَا وَكَدَيْنِ الْكِتَابَةِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ في دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الْحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْإِسْقَاطُ دُونَ التَّأْجِيلِ
____________________
(5/236)
أَمَّا الْإِسْقَاطُ فَيَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ وَأَمَّا التَّأْجِيلُ فَلَا يَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً بِتَأْجِيلِ الْحَالِّ في الْمُعَاوَضَةِ لَا التَّبَرُّعِ قال في الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ أنها هذه الرِّوَايَةُ وَأَطْلَقَ في التَّلْخِيصِ الرِّوَايَتَيْنِ في صِحَّةِ الصُّلْحِ ثُمَّ قال وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْبَرَاءَةِ وهو الْإِسْقَاطُ فَأَمَّا الْأَجَلُ في الْبَاقِي فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ لِأَنَّهُ وَعْدٌ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ قالوا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ فقال % وَالدَّيْنُ إنْ يُوصَفْ بِالْحُلُولِ % % فَالصُّلْحُ لَا يَصِحُّ في الْمَنْقُولِ % عليه بِالْبَعْضِ مع التاجيل % % رَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ بِالدَّلِيلِ % % وقال بِالْجَزْمِ بِهِ في الْكَافِي % % وَفَصَّلَ الْمُقْنِعُ لِلْخِلَافِ % % فَصَحِّحْ الْإِسْقَاطَ دُونَ الآجل % % وَذَاكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ يَنْجَلِي انْتَهَى فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو صَالَحَهُ عن مِائَةِ صِحَاحٍ بِخَمْسِينَ مُكَسَّرَةً هل هو إبْرَاءٌ من الْخَمْسِينَ أو وَعْدٌ في الْأُخْرَى قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ عن الْحَقِّ بِأَكْثَرَ منه من جِنْسِهِ مِثْلُ أَنْ يُصَالِحَ عن دِيَةِ الخطأ أو عن قِيمَةِ مُتْلَفٍ بِأَكْثَرَ منها من جِنْسِهَا لم يَصِحَّ
____________________
(5/237)
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الصِّحَّةَ في ذلك وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَعِوَضٍ وكالمثلى قال في الْفُرُوعِ وَيُخَرَّجُ على ذلك تَأْجِيلُ الْقِيمَةِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا رِوَايَةً بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا صَالَحَ عن الْمِائَةِ الثَّابِتَةِ بالإتلاف ( ( ( الإتلاف ) ) ) بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَهُ بِعَرَضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ منها صَحَّ فِيهِمَا بِلَا نِزَاعٍ فَائِدَةٌ لو كان في ذِمَّتِهِ مِثْلِيًّا من قَرْضٍ أو غَيْرِهِ لم يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عنه بِأَكْثَرَ منه من جِنْسِهِ وَإِنْ صَالَحَ عن قِيمَةِ ذلك بِأَكْثَرَ منها جَازَ قَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إنْسَانًا لِيُقِرَّ له بِالْعُبُودِيَّةِ أو امْرَأَةً لِتُقِرَّ له بِالزَّوْجِيَّةِ لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَمَفْهُومُ
قَوْلِهِ وَإِنْ دَفَعَ المدعي عليه الْعُبُودِيَّةَ إلَى المدعى مَالًا صُلْحًا عن دَعْوَاهُ صَحَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ لو دَفَعَتْ مَالًا صُلْحًا عن دَعْوَاهُ عليها الزَّوْجِيَّةَ لم يَصِحَّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَكَلَامُهُمْ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/238)
وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والعائق ( ( ( والفائق ) ) ) قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَمَتَى صَالَحَتْهُ على ذلك ثُمَّ ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِإِقْرَارِهَا أو بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قُلْنَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَإِنْ قُلْنَا هو صَحِيحٌ احْتَمَلَ ذلك أَيْضًا قُلْت وهو الصَّوَابُ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَبِينَ منه بِأَخْذِ الْعِوَضِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ من نِكَاحِهَا فَكَانَ خُلْعًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
فَائِدَةٌ لو طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أو أَقَلَّ فَصَالَحَهَا على مَالٍ لِتَتْرُكَ دَعْوَاهَا لم يَجُزْ وَإِنْ دَفَعَتْ إلَيْهِ مَالًا لِيُقِرَّ بِطَلَاقِهَا لم يَجُزْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قُلْت هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وفي الْآخَرِ يَجُوزُ كما لو بَذَلَتْهُ لِيُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا قُلْت يَجُوزُ لها أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ وَيَحْرُمَ عليه أَنْ يَأْخُذَ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ النَّوْعُ الثَّانِي أَنْ يُصَالِحَهُ عن الْحَقِّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَهُوَ معاوضه فَإِنْ كان بِأَثْمَانٍ عن أَثْمَانٍ فَهُوَ صَرْفٌ يُشْتَرَطُ فيه ما يُشْتَرَطُ في الصَّرْفِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ كان بِغَيْرِ الْأَثْمَانِ فَهُوَ بَيْعٌ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ وقال في التَّلْخِيصِ وفي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ تَرَدُّدٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَعَلَّلَهُمَا وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الْبَيْعِ
____________________
(5/239)
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عن دَيْنٍ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ أو أَقَلَّ على سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبٌ من ذلك الثَّانِيَةُ لو صَالَحَ بِشَيْءٍ في الذِّمَّةِ حَرُمَ التَّفَرُّقُ قبل الْقَبْضِ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَهُ بِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارٍ فَهُوَ إجَارَةٌ تَبْطُلُ بِتَلَفِ الدَّارِ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ وَالْمُحَرَّرِ لو صَالَحَ الْوَرَثَةُ من وُصِّيَ له بِخِدْمَةٍ أو سُكْنَى أو حَمْلِ أَمَةٍ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ لَا بَيْعًا قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهَا صَحَّ فَإِنْ كان الصُّلْحُ عن عَيْبٍ في مَبِيعِهَا فَبَانَ أَنَّهُ ليس بِعَيْبٍ رَجَعَتْ بِأَرْشِهِ لَا بِمَهْرِهَا وَهَكَذَا رَأَيْت في نُسْخَةٍ قُرِئَتْ على الْمُصَنِّفِ وَالْمُصَنِّفُ مُمْسِكٌ لِلْأَصْلِ وَعَلَيْهَا خَطُّهُ وَكَذَا قال في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ فَبَانَ صَحِيحًا وفي مُنَوَّرِ الآدمي وَمُنْتَخَبِهِ فَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ وفي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ فَمَفْهُومُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ لو كان بِهِ عَيْبٌ حَقِيقَةً ثُمَّ زَالَ عِنْدَ المشترى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ قال بن نَصْرِ اللَّهِ فى حواشى الْوَجِيزِ بِلَا خِلَافٍ وَوُجِدَ فى نُسَخٍ فَزَالَ أى الْعَيْبُ وَكَذَا فى الكافى وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ إنْ كان بِهِ عَيْبٌ حَقِيقَةً ثُمَّ زَالَ كَالْحُمَّى مَثَلًا وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِمَا
____________________
(5/240)
لَكِنْ أَوَّلَهُ بن منجا في شَرْحِهِ وقال مَعْنَى زَالَ تَبَيَّنَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ من أُذِنَ له في إصْلَاحِهِ كَالنُّسْخَةِ الْأُولَى وَمَثَّلَهُ بِمَا إذَا كان الْمَبِيعُ أَمَةً ظَنَّهَا حَامِلًا لِانْتِفَاخِ بَطْنِهَا ثُمَّ زَالَ
وقال صَرَّحَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ ثُمَّ قال فَعَلَى هذا إنْ كان مَوْجُودًا أَيْ الْعَيْبُ عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ زَالَ كَمَبِيعِ طَيْرٍ مَرِيضًا فَتَعَافَى لَا شَيْءَ لها وَزَوَالُ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ حَالَ الْعَقْدِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَرْشِ لَكِنَّ تَأْوِيلَهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وهو مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصُّورَتَيْنِ وَجَعَلُوا حُكْمَهُمَا وَاحِدًا إذَا تَحَقَّقَ ذلك فَهُنَا صُورَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ ليس بِعَيْبٍ فَهَذِهِ لَا نِزَاعَ فيها في رَدِّ الْأَرْشِ
الثَّانِيَةُ إذَا كان الْعَيْبُ مَوْجُودًا ثُمَّ زَالَ فَهَذِهِ مَحَلُّ الْكَلَامِ وَالْخِلَافِ فَحَكَى في الرِّعَايَتَيْنِ فيها وَجْهَيْنِ وزاد في الْكُبْرَى قَوْلًا ثَالِثًا
أَحَدُهَا أَنَّهُ حَيْثُ زَالَ يُرَدُّ الْأَرْشُ وهو الذي قَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ قَوْلِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ لِاقْتِصَارِهِمْ على قَوْلِهِمْ فَزَالَ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْأَرْشَ قد اسْتَقَرَّ لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ زَالَ الْعَيْبُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَهَذَا ظَاهِرُ ما في الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ في نُسْخَةٍ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لِاقْتِصَارِهِمْ على قَوْلِهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ليس بِعَيْبٍ اخْتَارَهُ بن منجا
وقال بن نَصْرِ اللَّهِ لَا خِلَافَ فيه وَكَأَنَّهُ ما اطَّلَعَ على كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَلَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ في الْمَسْأَلَةِ اخْتَارَهُ بن حَمْدَانَ في الْكُبْرَى
____________________
(5/241)
فقال قُلْت إنْ زَالَ الْعَيْبُ وَالْعَقْدُ جَائِزٌ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى قُلْت وهو أَقْرَبُ من الْقَوْلَيْنِ وَيُزَادُ إذَا زَالَ سَرِيعًا عُرْفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبَعْدَهُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الرَّدِّ وَالْقَوْلُ بِالرَّدِّ مُطْلَقًا إذَا زَالَ الْعَيْبُ بَعِيدٌ إذْ لَا بُدَّ من حَدٍّ يُرَدُّ فيه ثُمَّ وَجَدْته في النَّظْمِ قال إذَا زَالَ سَرِيعًا فَحَمِدْت اللَّهَ على مُوَافَقَةِ ذلك قَوْلُهُ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْمَجْهُولِ بِمَعْلُومٍ إذَا كان مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لِلْحَاجَةِ سَوَاءٌ كان عَيْنًا أو دَيْنًا أو كان الْجَهْلُ من الْجَانِبَيْنِ أو مِمَّنْ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَخَرَّجَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ في صُلْحِ الْمَجْهُولِ وَالْإِنْكَارَ من الْبَرَاءَةِ من الْمَجْهُولِ وَخَرَّجَهُ في التَّبْصِرَةِ من الْإِبْرَاءِ من عَيْبٍ لم يَعْلَمَاهُ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ عن أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ لِكَوْنِهِ إبْرَاءً وَهِيَ لَا تَقْبَلُهُ وقال في التَّرْغِيبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَاخْتَارَهُ في التَّلْخِيصِ وقال قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عنه وهو صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ كَالْبَيْعِ
قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ نُصُوصِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ كَبَرَاءَةٍ من مَجْهُولٍ
قال في التَّلْخِيصِ وقد نَزَّلَ أَصْحَابُنَا الصُّلْحَ عن الْمَجْهُولِ الْمُقَرِّ بِهِ بِمَعْلُومٍ مَنْزِلَةَ
____________________
(5/242)
الْإِبْرَاءِ من الْمَجْهُولِ فَيَصِحُّ على الْمَشْهُورِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ من الْمَجْهُولِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عنه فَائِدَةٌ حَيْثُ قُلْنَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْمَجْهُولِ فإنه يَصِحُّ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ عليه عَيْنًا أو دَيْنًا فَيُنْكِرَهُ أو يَسْكُتَ ثُمَّ يُصَالِحَهُ على مَالٍ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ بَيْعًا في حَقِّ الْمُدَّعِي حتى إنْ وَجَدَ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَفَسْخُ الصُّلْحِ وَإِنْ كان شِقْصًا مَشْفُوعًا ثَبَتَتْ فيه الشُّفْعَةُ وَإِنْ صَالَحَ بِبَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بها فَهُوَ فيه كَالْمُنْكِرِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ خِلَافٌ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهُوَ كَالْمُنْكِرِ وفي صِحَّتِهِ احْتِمَالَانِ وَيَكُونُ إبْرَاءً في حَقِّ الْآخَرِ فَلَا يُرَدُّ ما صَالَحَ عنه بِعَيْبٍ وَلَا يُؤْخَذُ بِشُفْعَةٍ اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الصُّلْحِ على الْإِنْكَارِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْإِنْكَارِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَثْبُتُ فيه ما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ قال في الْإِرْشَادِ يَصِحُّ هذا الصُّلْحُ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ لِأَنَّ المدعى ملجا إلَى التَّأْخِيرِ بِتَأْخِيرِ خَصْمِهِ
قال في التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى أَنَّ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ لَا تَثْبُتُ في هذا الصُّلْحِ إلَّا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ من شُفْعَةٍ عليه وَأَخْذِ زِيَادَةٍ مع اتِّحَادِ جِنْسِ الْمُصَالَحِ عنه وَالْمُصَالَحِ بِهِ لِأَنَّهُ قد أَمْكَنَهُ أَخْذُ حَقِّهِ بِدُونِهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ
____________________
(5/243)
وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ على قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا صَالَحَهُ على بَعْضِ حَقِّهِ بِتَأْخِيرٍ جَازَ وَعَلَى قَوْلِ بن أبي مُوسَى الصُّلْحُ جَائِزٌ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَمَعْنَاهُ ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ فإنه قال الصُّلْحُ بِالنَّسِيئَةِ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ مُهَنَّا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ صُلْحًا بِتَأْخِيرٍ فإذا أَخَذَهُ منه لم يُطَالِبْهُ بِالْبَقِيَّةِ انْتَهَى قُلْت مِمَّنْ قَطَعَ بِصِحَّةِ صُلْحِ الْإِنْكَارِ بِنَقْدٍ وسيئة ( ( ( ونسيئة ) ) ) بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ عن بن أبي مُوسَى وَاقْتَصَرُوا عليه
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ عن الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ إذَا صَالَحَ عن الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ فَتَارَةً يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَتَارَةً يَكُونُ عَيْنًا فَإِنْ كان الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا صَحَّ الصُّلْحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ كان عَيْنًا ولم يذكر أَنَّ الْمُنْكِرَ وَكَّلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا صِحَّةُ الصُّلْحِ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إنْ لم يَدَّعِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قَوْلُهُ ولم يَرْجِعْ عليه في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال في الْخُلَاصَةِ لَا يَصِحُّ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ بن منجا في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَظْهَرُهُمَا لَا يَرْجِعُ وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ
____________________
(5/244)
وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فإنه قال وَرَجَعَ إنْ كان أَذِنَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجْهُ
الثَّانِي يَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَإِلَّا فَلَا قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا قَضَى دَيْنَهُ الثَّابِتَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَصِحُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قال في الْفَائِقِ وَالتَّخْرِيجُ بَاطِلٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِنَفْسِهِ لِتَكُونَ الْمُطَالَبَةُ له غير مُعْتَرِفٍ بِصِحَّةِ الدَّعْوَى أو مُعْتَرِفًا بها عَالِمًا بِعَجْزِهِ عن اسْتِنْقَاذِهَا لم يَصِحَّ إذَا لم يَعْتَرِفْ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي بِصِحَّةِ دَعْوَاهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ اعْتَرَفَ له بِصِحَّةِ الدَّعْوَى وكان الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا لم يَصِحَّ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال يَصِحُّ قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ قال بن منجا في شَرْحِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ كان الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فقال الْأَجْنَبِيُّ للمدعى أنا أَعْلَمُ أَنَّك صَادِقٌ فَصَالِحْنِي عنها فَإِنِّي قَادِرٌ على اسْتِنْقَاذِهَا من الْمُنْكِرِ صَحَّ الصُّلْحُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَإِنْ عَجَزَ عن انْتِزَاعِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا قال في المغنى وَيُحْكَى أَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الصُّلْحَ كان فَاسِدًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا في هذه الْمَسْأَلَةِ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِيَكُونَ الْحَقُّ له مع تَصْدِيقِهِ المدعى فَهُوَ شِرَاءُ دَيْنٍ أو مَغْصُوبٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو الصَّوَابُ
____________________
(5/245)
وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ هو في آخِرِ بَابِ السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ لِمَنْ هو في ذِمَّتِهِ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ وَبِكُلِّ ما يُثْبِتُ مَهْرًا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِمُبْهَمٍ من أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ صِحَّةِ الصُّلْحِ بِأَكْثَرَ منها قال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ بِالْعَفْوِ وَالْمُصَالَحَةِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ من الْوَاجِبِ من الْجِنْسِ
وقال في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ يَصِحُّ بِمَا يَزِيدُ على قَدْرِ الدِّيَةِ إذَا قُلْنَا يَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا أو اخْتَارَهُ الْوَلِيُّ على الْقَوْلِ بِوُجُوبِ أَحَدِ شَيْئَيْنِ
وَقِيلَ الِاخْتِيَارُ يَصِحُّ على غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ وَلَا يَصِحُّ على جِنْسِهَا إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْجِنْسِ من إبِلٍ أو غَنَمٍ حَذَرًا من رِبَا النَّسِيئَةِ وَرِبَا الْفَضْلِ انْتَهَى وَتَابَعَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَجَمَاعَةٌ وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ على ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْعَفْوِ عن الْقِصَاصِ وَتَقَدَّمَ الصُّلْحُ عن دِيَةِ الْخَطَأِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِأَكْثَرَ منها من جِنْسِهَا فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قُلْت قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْقَوَدِ بِمَا يُثْبِتُ مَهْرًا وَيَكُونُ حَالًّا في مال ( ( ( حال ) ) ) الْقَاتِلِ
الثَّانِيَةُ لو صَالَحَ عن الْقِصَاصِ بِعَبْدٍ أو غَيْرِهِ فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا أو حُرًّا رَجَعَ
____________________
(5/246)
بِقِيمَتِهِ وَلَوْ عَلِمَا كَوْنَهُ مُسْتَحَقًّا أو حُرًّا أو كان مَجْهُولًا كَدَارٍ وَشَجَرَةٍ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ أو أَرْشُ الْجُرْحِ وَإِنْ صَالَحَ على حَيَوَانٍ مُطْلَقٍ من آدَمِيٍّ أو غَيْرِهِ صَحَّ وَوَجَبَ الْوَسَطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَرَجَ بُطْلَانُهُ
الثَّالِثَةُ لو صَالَحَ عن دَارٍ وَنَحْوِهَا بِعِوَضٍ فَبَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ بِالدَّارِ وَنَحْوِهَا أو بِقِيمَتِهِ إنْ كان تَالِفًا لِأَنَّ الصُّلْحَ هُنَا بَيْعٌ حَقِيقَةً إذَا كان الصُّلْحُ عن إقْرَارٍ وَإِنْ كان عن إنْكَارٍ رَجَعَ بِالدَّعْوَى قال في الرِّعَايَةِ قُلْت أو قِيمَتِهِ مع الْإِنْكَارِ وَحَكَاهُ في الْفُرُوعِ قَوْلًا لِأَنَّهُ فيه بَيْعٌ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ سَارِقًا وَكَذَا شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ أو شَاهِدًا لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ أو لِئَلَّا يَشْهَدَ عليه أو لِيَشْهَدَ بِالزُّورِ أو شَفِيعًا عن شُفْعَتِهِ أو مَقْذُوفًا عن حَدِّهِ لم يَصِحَّ الصُّلْحُ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو صَالَحَهُ بِعِوَضٍ عن خِيَارٍ قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ في الْأَصَحِّ قال في الْحَاوِيَيْنِ وَتَسْقُطُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَتَسْقُطُ في وَجْهٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الشُّفْعَةِ في الشَّرْطِ الثَّالِثِ
____________________
(5/247)
وَأَمَّا سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ على أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ هل هو حَقٌّ لِلَّهِ أو لِلْآدَمِيِّ فيه رِوَايَتَانِ يَأْتِيَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَائِلِ بَابِ الْقَذْفِ فَإِنْ قُلْنَا هو حَقٌّ لِلَّهِ لم يَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ هُنَا على الصَّحِيحِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ في الْأَصَحِّ وَكَذَا الْخِلَافُ في سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَقِيلَ إنْ جُعِلَ حَقَّ آدَمِيٍّ سَقَطَ وَإِلَّا وَجَبَ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَهُ على أَنْ يُجْرِيَ على أَرْضِهِ أو سَطْحِهِ مَاءً مَعْلُومًا صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ إنْ صَالَحَهُ بِعِوَضٍ فَإِنْ كان مع بَقَاءِ مِلْكِهِ فَهِيَ إجَارَةٌ وَإِلَّا بَيْعٌ وَإِنْ صَالَحَهُ على مَوْضِعِ قَنَاةٍ من أَرْضِهِ يَجْرِي فيها مَاءٌ وَبِبِنَاءِ مَوْضِعِهَا وَعَرْضِهَا وَطُولِهَا جَازَ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ عُمْقِهِ وَيُعْلَمُ قَدْرُ الْمَاءِ بِتَقْدِيرِ السَّاقِيَةِ وَمَاءُ مَطَرٍ بِرُؤْيَةِ ما يَزُولُ عنه الْمَاءُ وَمِسَاحَتُهُ وَيُعْتَبَرُ فيه تَقْدِيرُ ما يَجْرِي فيه الْمَاءُ لَا قَدْرُ الْمُدَّةِ لِلْحَاجَةِ كَالنِّكَاحِ فَوَائِدُ
الْأُولَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ مَاءً في أَرْضِ غَيْرِهِ من غَيْرِ ضَرَرٍ عليه وَلَا على أَرْضِهِ لم يَجُزْ له ذلك إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا إنْ لم تَكُنْ حَاجَةٌ وَلَا ضَرُورَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان مَضْرُورًا إلَى ذلك لم يَجُزْ أَيْضًا إلَّا بِإِذْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(5/248)
قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالشَّارِحُ هذا أَقْيَسُ وَأَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَلَوْ مع حَفْرٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ فِعْلُ ذلك إلَّا لِلضَّرُورَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إنَّمَا حَكَوْا الرِّوَايَتَيْنِ في الْحَاجَةِ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا بن عَقِيلٍ في حَفْرِ بِئْرٍ أو إجْرَاءِ نَهْرٍ أو قَنَاةٍ
نَقَلَ أبو الصَّقْرِ إذَا أَسَاحَ عَيْنًا تَحْتَ أَرْضٍ فَانْتَهَى حَفْرُهُ إلَى أَرْضٍ لِرَجُلٍ أو دَارٍ فَلَيْسَ له مَنْعُهُ من ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَا بَطْنِهَا إذَا لم يَكُنْ عليه مَضَرَّةٌ الثَّانِيَةُ لو كانت الْأَرْضُ في يَدِهِ بِإِجَارَةٍ جَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُصَالِحَ على إجْرَاءِ الْمَاءِ فيها في سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ مدة لَا تُجَاوِزُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَإِنْ لم تَكُنْ السَّاقِيَةُ مَحْفُورَةً لم تَجُزْ الْمُصَالَحَةُ على ذلك وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الصُّلْحُ على إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ على سَطْحٍ وَفِيهِ على أَرْضٍ بِلَا ضَرَرٍ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ ثُمَّ رَأَيْت بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قَدَّمَهُ وَإِنْ كانت الْأَرْضُ التي في يَدِهِ وَقْفًا
فقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ هو كَالْمُسْتَأْجِرِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
(5/249)
وقال الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ له حَفْرُ السَّاقِيَةِ لِأَنَّ الْأَرْضَ له وَلَهُ التَّصَرُّفُ فيها كَيْفَ شَاءَ ما لم يَنْقُلْ الْمِلْكَ فيها إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ الْبَابَ وَالْخَوْخَةَ وَالْكُوَّةَ وَنَحْوَ ذلك لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ في دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ وفي مَوْقُوفَةٍ الْخِلَافُ أو يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا وهو أَوْلَى لِأَنَّ تَعْلِيلَ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ لو لم يَكُنْ مُسَلَّمًا لم يُفِدْ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ وَإِذْنُ الْحَاكِمِ بَلْ عَدَمُ الضَّرَرِ وَأَنَّ إذْنَهُ يُعْتَبَرُ لِرَفْعِ الْخِلَافِ وَيَأْتِي كَلَامُ بن عَقِيلٍ في الْوَقْفِ وَفِيهِ إذْنُهُ فيه لِمَصْلَحَةِ الْمَأْذُونِ الْمُمْتَازِ بِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ فَلِمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ أو الْمَوْقُوفِ عليه أَوْلَى وهو مَعْنَى نَصِّهِ في تَجْدِيدِهِ لِمَصْلَحَةٍ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ في تَغْيِيرِ صِفَاتِ الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ كَالْحَكُّورَةِ وَعَمِلَهُ حُكَّامُ الشَّامِ حتى صَاحِبُ الشَّرْحِ في الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ وقد زَادَ عُمَرُ وَعُثْمَانَ رضي اللَّهُ عنهما في مسجد ( ( ( مسجده ) ) ) النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَغَيَّرَا بِنَاءَهُ ثُمَّ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ رضي اللَّهُ عنه وزاد فيه أَبْوَابًا ثُمَّ الْمَهْدِيُّ ثُمَّ الْمَأْمُونُ
الثَّالِثَةُ لو صَالَحَ رَجُلًا على أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ من نَهْرٍ لِرَجُلٍ يَوْمًا أو يَوْمَيْنِ أو من عَيْنِهِ وَقَدَّرَهُ بِشَيْءٍ يُعْلَمُ بِهِ لم يَجُزْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَاءَ ليس بِمَمْلُوكٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عليه أختاره الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَجُوزُ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَمَالَا إلَيْهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعَمَلُ الناس عليه قَدِيمًا وَحَدِيثًا
الرَّابِعَةُ إذَا صَالَحَهُ على سَهْمٍ من الْعَيْنِ أو النَّهْرِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِهِمَا جَازَ وكان بَيْعًا لِلْقَرَارِ وَالْمَاءُ تَابِعٌ له وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(5/250)
وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَمَرًّا في دَارٍ وَمَوْضِعًا في حَائِطِهِ يَفْتَحُهُ بَابًا وَبُقْعَةً يَحْفِرُهَا بِئْرًا وَعُلُوَّ بَيْتٍ يَبْنِي عليه بُنْيَانًا مَوْصُوفًا بِلَا نِزَاعٍ وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ في وَضْعِ خَشَبٍ أو بِنَاءٍ يَجُوزُ إجَارَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً وَيَجُوزُ صُلْحًا أَبَدًا قَوْلُهُ فَإِنْ كان الْبَيْتُ غير مَبْنِيٍّ لم يَجُزْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَيْ يَصِحُّ إذَا وَصَفَ الْعُلْوَ وَالسُّفْلَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ يَصِحُّ إذَا كان مَعْلُومًا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك كُلِّهِ في كِتَابِ الْبَيْعِ في الشَّرْطِ الثَّالِثِ فإنه دَاخِلٌ في كَلَامِهِ هُنَاكَ على وَجْهِ الْعُمُومِ وَهُنَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هُنَاكَ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَهَا هُنَا وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالصُّلْحِ عن ذلك وهو كَالْبَيْعِ هُنَا فَالنَّقْلُ فيها من الْمَكَانَيْنِ
تَنْبِيهٌ حَيْثُ صَحَّحْنَا ذلك فَمَتَى زَالَ فَلَهُ إعَادَتُهُ مُطْلَقًا وَيَرْجِعُ بِأُجْرَةٍ مُدَّةَ زَوَالِهِ عنه وفي الصُّلْحِ على زَوَالِهِ وَعَدَمِ عَوْدِهِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْمُصَالَحَةِ في ذلك كُلِّهِ حُكْمُ الْبَيْعِ لَكِنْ قال في الْفُنُونِ فإذا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ ليس لِرَبِّ الْجِدَارِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِ خَشَبِهِ قال وهو الْأَشْبَهُ كَإِعَارَتِهِ لِذَلِكَ لِمَا فيه من الْخُرُوجِ عن حُكْمِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَضْعُهَا لِلْأَبَدِ فَهُوَ كَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ
____________________
(5/251)
ثُمَّ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إلَى حِينِ نَفَادِ الْخَشَبِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فيه كَالزَّرْعِ إلَى حَصَادِهِ لِلْعُرْفِ فيه أو يُجَدِّدُ أُجْرَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالدَّوَامِ بِلَا عَقْدٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ في هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ فَطَالَبَهُ بِإِزَالَتِهَا لَزِمَهُ فَإِنْ أَبَى فَلَهُ قَطْعُهَا قال الْأَصْحَابُ له إزَالَتُهَا بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ قال في الْوَجِيزِ فَإِنْ أَبَى لَوَاهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهُ وَكَذَا قال غَيْرُهُ وقيل لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقْطَعُهُ هو قال لَا يقول لِصَاحِبِهِ حتى يَقْطَعَهُ
فَائِدَةٌ إذَا حَصَلَ في مِلْكِهِ أو هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ لَزِمَ الْمَالِكَ إزَالَتُهُ إذَا طَالَبَهُ بِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو امْتَنَعَ من إزَالَتِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ عليه وَيَضْمَنُ ما تَلِفَ بِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ وَلَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِهِ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ في عَدَمِ الْإِجْبَارِ وَالثَّانِي يُجْبَرُ على إزَالَتِهِ وَيَضْمَنُ ما تَلِفَ بِهِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وقال بن رَزِينٍ وَيَضْمَنُ ما تَلِفَ بِهِ إنْ أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ ولم يَفْعَلْ وَكَذَا قال في المغنى وَالشَّرْحِ قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَهُ عن ذلك بِعِوَضٍ لم يَجُزْ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَجُوزُ قال الْمُصَنِّفُ في المغنى اللَّائِقُ بِمَذْهَبِنَا صِحَّتُهُ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن
____________________
(5/252)
عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ صَالَحَهُ عن رطبه لم يَجُزْ وَإِنْ كان يَابِسًا جَازَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَ في التَّلْخِيصِ عَدَمَ الْجَوَازِ في الرَّطْبَةِ لِأَنَّهَا تَتَغَيَّرُ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْيَابِسَةِ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ صَالَحَهُ عن رَطْبَةٍ لم يَجُزْ وَقِيلَ في الصُّلْحِ عن غُصْنِ الشَّجَرَةِ وَجْهَانِ انْتَهَيَا وَأَطْلَقَ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي لِلصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ الْغُصْنُ مُعْتَمِدًا على نَفْسِ الْحَائِطِ وَمُنِعَ إذَا كان في نَفْسِ الْهَوَاءِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ وقال في التَّبْصِرَةِ يَجُوزُ مع مَعْرِفَةِ قَدْرِ الزِّيَادَةِ بِالْأَذْرُعِ قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا على أَنَّ الثَّمَرَةَ له أو بَيْنَهُمَا جَازَ ولم يَلْزَمْ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى جَازَ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في جَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا لَا ادري وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَاَلَّذِي يقوي عِنْدِي أَنَّ ذلك إبَاحَةً لَا صُلْحَ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا حُكْمُ عُرُوقِ الشَّجَرَةِ في غَيْرِ أَرْضِ مَالِكِهَا حُكْمُ الْأَغْصَانِ على
____________________
(5/253)
الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ عنه حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَغْصَانِ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَلَا الثَّانِيَةُ صُلْحُ من مَالَ حَائِطُهُ أو زَلَقَ من خَشَبِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ كَالْأَغْصَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ وفي الْمُبْهِجِ في بَابِ الْأَطْعِمَةِ ثَمَرَةُ غُصْنٍ في هَوَاءِ طَرِيقٍ عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا وَلَا سَابَاطًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ دِكَّةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وبن مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُهُ بِلَا ضَرَرٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اللَّهُ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَاخْتَارَهُ هو وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا وفي الْمِيزَابِ الْآتِي حُكْمُهُ يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِهِمْ وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أخر بَابِ الْغَصْبِ وفي سُقُوطِ نِصْفِ الضَّمَانِ بِنَاءً على أَصْلِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ لرعاية ( ( ( والرعاية ) ) ) في بَابِ الْغَصْبِ قُلْت الصَّوَابُ ضَمَانُ الْجَمِيعِ ثُمَّ وَجَدْت الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ في كِتَابِ الْغَصْبِ قَالَا لِمَنْ قال من أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يَضْمَنُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ يَضْمَنُ بِهِ الْبَعْضَ فَضَمِنَ بِهِ الْكُلَّ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ في الضَّمَانِ وقال الْحَارِثِيُّ وقال الْأَصْحَابُ وَبِأَنَّ النِّصْفَ عُدْوَانٌ فَأَوْجَبَ كُلَّ الضَّمَانِ فَظَاهِرُ ما قالوا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ
____________________
(5/254)
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمِيزَابِ إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ وَلَا إلَى دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هو كَإِشْرَاعِ الْأَجْنِحَةِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وهو كما قال وهو من الْمُفْرَدَاتِ وفي المغنى وَالشَّرْحِ احْتِمَالٌ بِالْجَوَازِ مع انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وحكى رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ كما تَقَدَّمَ قُلْت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في كل عَصْرٍ وَمِصْرٍ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اخْتَارَهُ طَائِفَةٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى الدَّرْبِ هو السُّنَّةُ وَاخْتَارَهُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ فَعَلَى هذا لَا ضَمَانَ تَنْبِيهٌ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ وَالضَّمَانِ في الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ وَالْمَيَازِيبِ إذَا لم يَأْذَنْ فيه الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ فَأَمَّا إنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فيه جَازَ ذلك إنْ لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَجَوَّزَ ذلك الْأَكْثَرُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَقَالَهُ في الْقَوَاعِدِ عن الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ قال الْحَارِثِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ فيه قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
(5/255)
وقال الْحَارِثِيُّ في بَابِ الْغَصْبِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَدَمُ الْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا كما تَقَدَّمَ في بَابِ الصُّلْحِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّمَانِينَ وقال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وبن مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قُلْت بَلْ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في كِتَابِ الصَّلَاةِ إنْ كان لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ جَازَ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ على رِوَايَتَيْنِ الثَّانِيَةُ لم يذكر الْأَصْحَابُ مِقْدَارَ طُولِ الْجِدَارِ الذي يُشْرَعُ عليه الْجَنَاحُ وَالْمِيزَابُ وَالسَّابَاطُ إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ لَكِنْ حَيْثُ انْتَفَى الضَّرَرُ جَازَ وقال في التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ يَكُونُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ عُبُورُ مَحْمَلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَكُونُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُرُورُ رُمْحٍ قَائِمًا بِيَدِ فَارِسٍ قَوْلُهُ وَلَا دُكَّانًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ دُكَّانًا في طَرِيقٍ نَافِذٍ سَوَاءً أَذِنَ فيه الْإِمَامُ أو لَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَنَاحِ وَنَحْوِهِ قال في الْفُرُوعِ مع أَنَّ الْأَصْحَابَ لم يُجَوِّزُوا حَفْرَ الْبِئْرِ وَالْبِنَاءَ في ذلك لِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ لِمَا فيه من الدَّوَامِ قال وَيَتَوَجَّهُ من هذا الْوَجْهِ تَخْرِيجٌ يَعْنِي في جَوَازِ حَفْرِ الْبِئْرِ وَالْبِنَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى جَوَازُ إخْرَاجِ الدُّكَّانِ وَإِنْ مَنَعْنَا من غَيْرِهِ على الْمُقَدَّمِ
____________________
(5/256)
فإنه قال وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَ إلَى دَرْبٍ نَافِذٍ من مِلْكِهِ رَوْشَنًا وَلَا كَذَا وَلَا كَذَا وَقِيلَ وَلَا دُكَّانًا وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ إنْ لم يَكُنْ في النُّسْخَةِ غَلَطٌ تَنْبِيهٌ مِمَّنْ ذَكَرَ الدُّكَّانَ كَالْمُصَنِّفِ وَاقْتَصَرَ عليه أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الدَّكَّةَ وَاقْتَصَرَ عليها ولم يذكر الدُّكَّانَ جَمَاعَةٌ منهم بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وقد فَسَّرَ بن منجا الدُّكَّانَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالدَّكَّةِ قال في الْمَطْلَعِ قال ل أبو السَّعَادَاتِ الدُّكَّانُ الدَّكَّةُ الْمَبْنِيَّةُ لِلْجُلُوسِ عليها وقال في الْبَدْرِ الْمُنِيرِ الدَّكَّةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ يَجْلِسُ عليه وهو الْمِصْطَبَةُ وَجَمَعَ بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَيْنَهُمَا فقال وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَ إلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ دِكَّةً وَقِيلَ وَلَا دُكَّانًا انْتَهَى فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وقد قال الْجَوْهَرِيُّ الدُّكَّانُ الْحَانُوتُ انْتَهَى فَهُوَ غَيْرُ الدَّكَّةِ عِنْدَهُ وقال في الْبَدْرِ الْمُنِيرِ والدكان يُطْلَقُ على الْحَانُوتِ وَعَلَى الدَّكَّةِ التي يَقْعُدُ عليها انْتَهَى وقال في الْقَامُوسِ الدَّكَّةُ بِالْفَتْحِ والدكان بِالضَّمِّ بِنَاءٌ يُسَطَّحُ أَعْلَاهُ لِلْمُقْعَدِ انْتَهَى 1 قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَفْعَلَ ذلك في دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لَا يَجُوزُ له أَنْ يَفْعَلَ ذلك في هَوَاءِ جَارِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ صَالَحَ عن ذلك بِعِوَضٍ جَازَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ
____________________
(5/257)
صُلْحُهُ عن مَعْلُومِهِ بِعِوَضٍ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ كان ظَهْرُ دَارِهِ في دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَفَتَحَ فيه بَابًا لِغَيْرِ الِاسْتِطْرَاقِ جَازَ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وهو لِابْنِ عَقِيلٍ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَوْلُهُ وَإِنْ فَتَحَهُ لِلِاسْتِطْرَاقِ لم يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفَائِقِ لم يَجُزْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ بَابَهُ في آخِرِ الدَّرْبِ مَلَكَ نَقْلَهُ إلَى أَوَّلِهِ يَعْنِي إذَا لم يَحْصُلْ ضَرَرٌ من فَتْحِهِ مُحَاذِيًا لِبَابِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وقال في التَّرْغِيبِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ مُحَاذِيًا لِبَابِ غَيْرِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَدَّمَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وهو ضَعِيفٌ
____________________
(5/258)
قَوْلُهُ ولم يَمْلِكْ نَقْلَهُ إلَى دَاخِلٍ منه في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ المغنى لَكِنْ لَا يَفْتَحُهُ قُبَالَةَ بَابِ غَيْرِهِ نَصَّ عليه وقال بن أبي مُوسَى يَجُوزُ إنْ سَدَّ الْبَابَ الْأَوَّلَ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ يَعْقُوبُ تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَأْذَنْ له من فَوْقَهُ فَأَمَّا إنْ أَذِنُوا ارْتَفَعَ الْخِلَافُ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا بُدَّ أَيْضًا من إذْنِ من هو أَسْفَلُ منه وهو بَعِيدٌ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِذْنِ وَأَذِنُوا فَيَكُونُ إعَارَةً قال في الْفُرُوعِ وَيَكُونُ إعَارَةً في الْأَشْبَهِ وَكَذَا قال قَبْلَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَوَائِدُ إحْدَاهُمَا لو كان لِرَجُلٍ دَارَانِ ظَهْرُ كل واحدة ( ( ( واحد ) ) ) مِنْهُمَا إلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى وَبَابُ كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً جَازَ فَإِنْ فَتَحَ من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَابًا إلَى الْأُخْرَى لِيَتَمَكَّنَ من التَّطَرُّقِ من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى كِلَا الدَّارَيْنِ فقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لم يَجُزْ في الْأَصَحِّ قال في الصُّغْرَى جَازَ في وَجْهٍ وَقِيلَ يَجُوزُ قال الْمُصَنِّفُ الْأَشْبَهُ الْجَوَازُ قُلْت وهو الصَّوَابُ
____________________
(5/259)
قال في النَّظْمِ وهو الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَارَ يُمْنَعُ من التَّصَرُّفِ في مِلْكِهِ بِمَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَحَفْرِ كَنِيفٍ إلَى جَنْبِ حَائِطِ جَارِهِ وَبِنَاءِ حَمَّامٍ إلَى جَنْبِ دَارِهِ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ وَنَصْبِ تَنُّورٍ يَتَأَذَّى بِاسْتِدَامَةِ دُخَانِهِ وَعَمَلِ دُكَّانِ قِصَارَةٍ أو حِدَادَةٍ يَتَأَذَّى بِكَثْرَةِ دقة أو رَحًى أو حَفْرِ بِئْرٍ يَنْقَطِعُ بِهِ مَاءُ بئرا ( ( ( بئر ) ) ) جَارِهِ وَنَحْوِ ذلك وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا في مِلْكِهِ فَانْقَطَعَ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ أُمِرَ بِسَدِّهَا لِيَعُودَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأَوَّلَةِ على الصَّحِيحِ فَإِنْ لم يَعُدْ كُلِّفَ صَاحِبُ الْبِئْرِ الْأَوَّلَةِ حَفْرَ الْبِئْرِ التي سُدَّتْ لِأَجْلِهِ من مَالِهِ وَعَنْهُ لَا يُكَلَّفُ سَدُّ بِئْرِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ قال الْقَاضِي فَيَخْرُجُ في الْمَسَائِلِ التي قَبْلَهَا من الْحَمَّامِ وَالتَّنُّورِ وَدُكَّانِ الْقِصَارَةِ وَالْحِدَادَةِ وَنَحْوِهَا رِوَايَتَيْنِ قال بن رَزِينٍ رِوَايَةُ عَدَمِ الْمَنْعِ في الجميع ( ( ( الجمع ) ) ) أَقْيَسُ وقال في التَّلْخِيصِ في بَابِ أحياء الْمَوَاتِ يُمْنَعُ من ذلك ثُمَّ قال وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يُمْنَعُ من ذلك اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ ذَكَرَهُ أبو إِسْحَاقَ في تَعَالِيقِهِ عنه وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْجَمِيعِ في الْفَائِقِ الثَّالِثَةُ لو ادَّعَى أَنَّ بِئْرَهُ فَسَدَتْ من خَلَاءِ جَارِهِ أو بَالُوعَتِهِ طُرِحَ في الْخَلَاءِ أو الْبَالُوعَةِ نِفْطٌ فَإِنْ لم يَظْهَرْ طَعْمُ النِّفْطِ وَلَا رَائِحَتُهُ في الْبِئْرِ عُلِمَ أَنَّ فَسَادَهَا بِغَيْرِ ذلك وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ أو رَائِحَتُهُ فيها كُلِّفَ صَاحِبُ الْخَلَاءِ وَالْبَالُوعَةِ نَقْلَ ذلك إنْ لم يُمْكِنْ إصْلَاحُهَا
____________________
(5/260)
هذا إذَا كانت الْبِئْرُ أَقْدَمَ مِنْهُمَا وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الْخَلَاءِ وَالْبَالُوعَةِ تَغْيِيرُ ما عَمِلَهُ في مِلْكِهِ بِحَالٍ قَالَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِ الرَّابِعَةُ ليس له مَنْعُهُ من تَعْلِيَةِ دَارِهِ في ظَاهِرِ ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَلَوْ أَفْضَى إلَى سَدِّ الْفَضَاءِ عن جَارِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ من ( ( ( عن ) ) ) قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ مَنْعُهُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس له مَنْعُهُ خَوْفًا من نَقْصِ أُجْرَةِ مِلْكِهِ بِلَا نِزَاعٍ وقد قال في الْفُنُونِ من أَحْدَثَ في دَارِهِ دِبَاغَ الْجُلُودِ أو عَمَلَ الصَّحْنَاءِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وقال بن عَقِيلٍ أَيْضًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ في مِلْكِهِ قَنَاةً تَنِزُّ إلَى حِيطَانِ الناس انْتَهَى قَوْلُهُ وَلَيْسَ له أَنْ يَفْتَحَ في حَائِطِ جَارِهِ وَلَا الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ رَوْزَنَةً وَلَا طَاقًا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ يَحْرُمُ عليه التَّصَرُّفُ في ذلك حتى بِضَرْبِ وَتَدٍ وَلَا يُحْدِثُ سُتْرَةً قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ النَّفَقَةُ مع شَرِيكِهِ على السُّتْرَةِ على سُتْرَةٍ قديمه انْهَدَمَتْ وَاخْتَارَ في الْمُسْتَوْعِبِ وُجُوبَهَا مُطْلَقًا على نَصِّهِ فقال وَعِنْدِي أَنَّ السُّتْرَةَ وَاجِبَةٌ على كل حَالٍ على ما نَصَّ عليه من وُجُوبِهَا فَائِدَةٌ يَلْزَمُ لِلْأَعْلَى بِنَاءُ سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الْأَسْفَلِ على الصَّحِيحِ من
____________________
(5/261)
الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُشَارِكُهُ الْأَسْفَلُ وَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فإن الْمُمْتَنِعَ يُلْزَمُ بِالْمُشَارَكَةِ قَوْلُهُ وَلَيْسَ له وَضْعُ خَشَبِهِ عليه يَعْنِي على حَائِطِ جَارِهِ أو الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ لَا يُمْكِنَهُ التَّسْقِيفُ إلَّا بِهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَضَعَ خشبة على جِدَارِ جَارِهِ أو الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ الْحَائِطُ بِذَلِكَ أولا فَإِنْ تَضَرَّرَ بِذَلِكَ مُنِعَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَتَضَرَّرْ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْخَشَبِ مُسْتَغْنِيًا عن ذلك لِإِمْكَانِهِ وَضْعَهُ على غَيْرِهِ أولا فَإِنْ كان مُسْتَغْنِيًا عن وَضْعِهِ وَأَرَادَ وَضْعَهُ عليه مُنِعَ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وقال بن عَقِيلٍ يَجُوزُ واطلق الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْجَوَازَ وَكَذَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْنِيًا وَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى ذلك عِنْدَ الْأَكْثَرِ وفي المغنى وَالشَّرْحِ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ له وَضْعُهُ عليه نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ فَعَلَى هذا لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْجِدَارِ مَنْعُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ
____________________
(5/262)
وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على عَدَمِ اعْتِبَارِ إذْنِهِ في الْوَضْعِ وَلَوْ صَالَحَهُ عنه بِشَيْءٍ جَازَ قال في الرِّعَايَةِ جَازَ في الْأَصَحِّ انْتَهَى وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له وَضْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَخَرَّجَهُ أبو الْخَطَّابِ من رِوَايَةِ الْمَنْعِ من وَضْعِهِ على جِدَارِ الْمَسْجِدِ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا تَنْبِيهٌ على أَنَّهُ لَا يَضَعُهُ على جِدَارِ جَارِهِ لِأَنَّ له في الْمَسْجِدِ حَقًّا وَحَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ على الْمُسَاهَلَةِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ فَائِدَةٌ ذَكَرَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الضَّرُورَةَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِلْجَارِ ثَلَاثَةَ جُدُرٍ وَلَهُ جِدَارٌ وَاحِدٌ منهم الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَلَيْسَ هذا في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا قال في رِوَايَةِ أبي دَاوُد لَا يَمْنَعُهُ إذَا لم يَكُنْ ضَرَرٌ وكان الْحَائِطُ يَبْقَى وَلِأَنَّهُ قد يَمْتَنِعُ التَّسْقِيفُ على حَائِطَيْنِ إذَا كَانَا غير مُتَقَابِلَيْنِ أو كان الْبَيْتُ وَاسِعًا يَحْتَاجُ أَنْ يَجْعَلَ فيه جِسْرًا ثُمَّ يَضَعُ الْخَشَبَ على ذلك الْجِسْرِ قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُهُ بِمَا ذَكَرْنَا من امْتِنَاعِ التَّسْقِيفِ بِدُونِهِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بين الْبَالِغِ وَالْيَتِيمِ وَالْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَعَنْهُ ليس له وَضْعُ خَشَبِهِ على جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ جَوَازُ وَضْعِهِ عليه وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أو الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ بن منجا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وهو احْتِمَالٌ في الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى ليس له وَضْعُهُ على جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ جَازَ وَضْعُهُ على جِدَارِ غَيْرِهِ وَهِيَ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ
____________________
(5/263)
وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي فَوَائِدُ إحْدَاهَا لو كان له حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي على سَطْحِ جَارِهِ لم يَجُزْ له تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ الْمَاءَ ذَكَرَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ له تَعْلِيَتُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِهِ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له الِاسْتِنَادُ إلَى حَائِطِ جَارِهِ وَإِسْنَادُ قُمَاشِهِ إلَيْهِ وَذَكَرَ في النِّهَايَةِ في مَنْعِهِ احْتِمَالَيْنِ وَلَهُ الْجُلُوسُ في ظِلِّهِ وَنَظَرُهُ في ضَوْءِ سِرَاجِهِ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَسْتَأْذِنُهُ أَعْجَبُ إلى فَإِنْ مَنَعَهُ حَاكَمَهُ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ قِيلَ له أَيَضَعُهُ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُ قال نعم إيشْ يَسْتَأْذِنُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعَيْنُ وَالْمَنْفَعَةُ التي لَا قِيمَةَ لها عَادَةً لَا يَصِحُّ أَنْ يَرِدَ عليها عَقْدُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ اتِّفَاقًا كَمَسْأَلَتِنَا الثَّالِثَةُ لو مَلَكَ وَضْعَ خَشَبِهِ على حَائِطٍ فَزَالَ لِسُقُوطِهِ أو قَلْعِهِ أو سُقُوطِ الْحَائِطِ ثُمَّ أُعِيدَ فَلَهُ إعَادَةُ خشبة إنْ حَصَلَ له ضَرَرٌ بِتَرْكِهِ ولم يُخْشَ على الْحَائِطِ من وَضْعِهِ عليه وَإِنْ خِيفَ سُقُوطُ الْحَائِطِ بَعْدَ وَضْعِهِ عليه لَزِمَهُ إزَالَتُهُ الرَّابِعَةُ لو كان له وَضْعُ خَشَبِهِ على جِدَارِ غَيْرِهِ لم يَمْلِكْ إجَارَتَهُ وَلَا إعَارَتَهُ وَلَا يَمْلِكُ أَيْضًا بَيْعَهُ وَلَا الْمُصَالَحَةَ عنه لِلْمَالِكِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ إعَارَتَهُ أو إجَارَتَهُ على وَجْهٍ يَمْنَعُ هذا الْمُسْتَحِقَّ من وَضْعِ خَشَبِهِ لم يَمْلِكْ ذلك فيعايي بها وَلَوْ أَرَادَ هَدْمَ الْحَائِطِ من غَيْرِ حَاجَةٍ لم يَمْلِكْ ذلك الْخَامِسَةُ لو أَذِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِجَارِهِ في الْبِنَاءِ على حَائِطِهِ أو وَضْعِ سُتْرَةٍ عليه أو وَضْعِ خَشَبِهِ عليه في الْمَوْضِعِ الذي يَسْتَحِقُّ وَضْعَهُ جَازَ وَصَارَتْ عَارِيَّةً لَازِمَةً يَأْتِي حُكْمُهَا في بَابِ الْعَارِيَّةِ
____________________
(5/264)
وَإِنْ أَذِنَ في ذلك بِأُجْرَةٍ جَازَ سَوَاءٌ كانت إجَارَةً أو صُلْحًا على وَضْعِهِ على التَّأْبِيدِ وَمَتَى زَالَ فَلَهُ إعَادَتُهُ وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْبِنَاءِ وَالْعَرْضِ وَالطُّولِ وَالسُّمْكِ وَالْآلَاتِ السَّادِسَةُ لو وَجَدَ بِنَاءَهُ أو خَشَبَهُ على حَائِطٍ مُشْتَرَكِ أو حَائِطِ جَارِهِ ولم يَعْلَمْ سَبَبَهُ فَمَتَى زَالَ فَلَهُ أعادته وَكَذَا لو وَجَدَ مَسِيلَ مَاءٍ يَجْرِي في أَرْضِ غَيْرِهِ أو مَجْرَى مَاءِ سَطْحِهِ على سَطْحِ غَيْرِهِ وما أَشْبَهَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْخَشَبِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا حَائِطٌ فَانْهَدَمَ فَطَالَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِبِنَائِهِ معه أُجْبِرَ عليه هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ وَحَرْبٍ وَسِنْدِيٍّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا قال بن عَقِيلٍ عليه أَصْحَابُنَا قال الْقَاضِي هذا أَصَحُّ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَزِمَ الأخر على الْأَصَحِّ قال في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أُجْبِرَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال بن رَزِينٍ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ لَا يُجْبَرُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا هو أَقْوَى في النَّظَرِ
____________________
(5/265)
وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَيْضًا قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو اظهر كَبِنَاءِ حَائِطٍ بين مِلْكَيْهِمَا فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لو بَنَاهُ ثُمَّ اراد نَقْضَهُ فَإِنْ كان بَنَاهُ بِآلَتِهِ لم يَكُنْ له ذلك وَإِنْ كان بَنَاهُ من عِنْدِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ فَإِنْ قال الشَّرِيكُ أنا أَدْفَعُ إلَيْك نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَا تَنْقُضْهُ لم يُجْبَرْ على ذلك وَإِنْ أَرَادَ غَيْرُ الْبَانِي نَقْضَهُ أو إجْبَارَ بَانِيهِ على نَقْضِهِ لم يَكُنْ له ذلك على كِلَا روايتين ( ( ( الروايتين ) ) ) انْتَهَيَا وَيَأْتِي الْحُكْمُ إذَا قُلْنَا يُجْبَرُ في أخر الْمَسْأَلَةِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا ليس له مَنْعُهُ من بِنَائِهِ لَكِنْ إنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ له مَنْعُهُ من الِانْتِفَاعِ بِهِ قبل أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِهِ على الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ ليس له مَنْعُهُ من الِانْتِفَاعِ في الْأَشْهَرِ كما ليس له نَقْضُهُ قال في الْكَافِي عَادَ بَيْنَهُمَا كما كان بِرُسُومِهِ وَحُقُوقِهِ لِأَنَّهُ عَادَ بِعَيْنِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ هو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرِينَ وَقَدَّمَهُ في النِّهَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ له مَنْعُهُ من الِانْتِفَاعِ حتى يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَمَلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَحَكَاهُ في التَّلْخِيصِ عن بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ قال بن منجا في شَرْحِهِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ من عَدَمِ مَنْعِهِ من الِانْتِفَاعِ بِهِ قبل أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الثَّانِيَ يَمْلِكُ مَنْعَ شَرِيكِهِ
____________________
(5/266)
من التَّصَرُّفِ فيه حتى يُؤَدِّيَ ما يَخُصُّهُ من الْغَرَامَةِ الْوَاقِعَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لو لم يَكُنْ كَذَلِكَ لَأَدَّى إلَى ضَيَاعِ حَقِّ الشَّرِيكِ انْتَهَى قُلْت وهو الصَّوَابُ قال في الْوَجِيزِ وإذا بَنَى أَحَدُهُمَا الْحَائِطَ بِأَنْقَاضِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا إنْ أَدَّى الْآخَرُ نِصْفَ قِيمَةِ التَّالِفِ قَوْلُهُ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ من عِنْدِهِ فَهُوَ له وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ حَاكِمٍ في بِنَائِهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ وَاعْتَبَرَ في الْمُجَرَّدِ إذْنَ الْحَاكِمِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّهُ يُشْهِدُ على ذلك وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ من الِانْتِفَاعِ بِهِ وَمِنْ وَضْعِ خَشَبِهِ وَرُسُومِهِ حتى يَدْفَعَ ما يَجِبُ عليه صَرَّحَ بِذَلِكَ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ قال في الْفَائِقِ اخْتَصَّ بِهِ وَبِنَفْعِهِ دُونَ أَرْضِهِ قال في الْحَاوِيَيْنِ مَلَكَهُ الْبَانِي خَاصَّةً وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَإِنْ كان لِغَيْرِ الْبَانِي عليه رَسْمُ طَرْحِ أَخْشَابٍ فَالْبَانِي مُخَيَّرٌ بين أَنْ يُمَكِّنَهُ من وَضْعِ أَخْشَابِهِ وَيَأْخُذَ منه نِصْفَ قِيمَةِ الْحَائِطِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاءَهُ لِيُعِيدَ الْبِنَاءَ بَيْنَهُمَا أو يَشْتَرِكَانِ في الطَّرْحِ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ بَنَاهُ بِغَيْرِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ من غَيْرِ رَسْمِ طَرْحِ خَشَبٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْمَنْعِ من الرُّسُومِ وقد صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِالْجَوَازِ إذَا كان له حَقٌّ في ذلك وَأَرَادَ الِانْتِفَاعَ بَعْدَ بِنَائِهِ وقد صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بَعْدَ كَلَامِهِمَا الْأَوَّلِ بِقَرِيبٍ من ذلك
____________________
(5/267)
فَقَالَا فَإِنْ كان على الْحَائِطِ رَسْمُ انْتِفَاعٍ أو وَضْعِ خَشَبٍ قال له إمَّا أَنْ تَأْخُذَ مِنِّي نِصْفَ قِيمَتِهِ أو تُمَكِّنَنِي من انْتِفَاعِي وَإِمَّا أَنْ تُقْلِعَ حَائِطَك لِنُعِيدَ الْبِنَاءَ بَيْنَنَا فَيَلْزَمُ الْآخَرَ إجَابَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ رُسُومِهِ وَانْتِفَاعَهُ بِبِنَائِهِ انْتَهَيَا وَكَذَا قال غَيْرُهُمَا فَائِدَةٌ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالسَّبْعِينَ فَإِنْ قِيلَ فَعِنْدَكُمْ لَا يَجُوزُ لِلْجَارِ مَنْعُ جَارِهِ من الِانْتِفَاعِ بِوَضْعِ خَشَبِهِ على جِدَارِهِ فَكَيْفَ مَنَعْتُمْ هُنَا قُلْنَا إنَّمَا مَنَعْنَا هُنَا من عَوْدِ الْحَقِّ الْقَدِيمِ الْمُتَضَمِّنِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ قَهْرًا سَوَاءً كان مُحْتَاجًا إلَيْهِ أو لم يَكُنْ وَأَمَّا التَّمْكِينُ من الْوَضْعِ للإرتفاق فَذَلِكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَشْتَرِطُونَ فيها الْحَاجَةَ أو الضَّرُورَةَ على ما تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَبَ ذلك يَعْنِي الشَّرِيكُ الذي لم يَبْنِ الِانْتِفَاعَ خُيِّرَ الْبَانِي بين أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ منه وَبَيْنَ أَخْذِ آلَتِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اخْتَارَ الْأَخْذَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ قِيمَةِ بِنَائِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَدْفَعُ ما يَخُصُّهُ كَغَرَامَةٍ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ مَعْنًى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَوَائِدُ إحْدَاهَا إذَا قُلْنَا يُجْبَرُ على بِنَائِهِ معه وهو الْمَذْهَبُ وَامْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ على ذلك فَإِنْ لم يَفْعَلْ أَخَذَ الْحَاكِمُ من مَالِهِ وَأَنْفَقَ عليه فَإِنْ لم يَكُنْ له عَيْنُ مَالٍ بَاعَ من عُرُوضِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اقْتَرَضَ عليه وَإِنْ عَمَّرَهُ شَرِيكُهُ بِإِذْنِهِ أو إذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ عليه وَإِنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ لم يَمْلِكْ الشَّرِيكُ مَنْعَهُ وما أَنْفَقَ إنْ تَبَرَّعَ بِهِ لم يَكُنْ له الرُّجُوعُ
____________________
(5/268)
وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ فَهَلْ له الرُّجُوعُ قال في الشَّرْحِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ بِنَاءً على ما إذَا قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ على الْأَوَّلِ الْخِلَافُ وَإِنْ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ بِآلَتِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ من عِنْدِهِ فَهُوَ له خَاصَّةً فَإِنْ أَرَادَ نَقْضَهُ فَلَهُ ذلك إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَلَا يَكُونُ له نَقْضُهُ الثَّانِيَةُ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ على الْعِمَارَةِ مع شَرِيكِهِ في الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ لَا يُجْبَرُ الثَّالِثَةُ لو اسْتُهْدِمَ جِدَارُهُمَا أو خِيفَ ضَرَرُهُ نَقَضَاهُ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ تَعَذَّرَ ضَمِنَ ما تَلِفَ بِهِ إذَا أَشْهَدَ على شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ بَلَى إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِنَقْضِهِ وَأَيُّهُمَا هَدَمَهُ إذَنْ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهَدَرٌ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ على صِفَتِهِ كما لو هَدَمَهُ من غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى هَدْمِهِ وَاخْتَارَهُ بن الْبَنَّا وَيَأْتِي ذلك في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَنُبَيِّنُ الرَّاجِحَ في الْمَذْهَبِ هُنَاكَ الرَّابِعَةُ لو أَرَادَ بِنَاءَ حَائِطٍ بين مِلْكَيْهِمَا لم يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَيَبْنِي الطَّالِبُ في مِلْكِهِ إنْ شَاءَ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ وقال في الْفَائِقِ ولم يُفَرِّقْ بَعْضُ الْأَصْحَابِ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخَامِسَةُ لو اتَّفَقَا على بِنَاءِ حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ على أَنَّ ثُلُثَهُ لِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْهِ لِآخَرَ لم يَصِحَّ وَإِنْ اتَّفَقَا على أَنْ يَحْمِلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ما شَاءَ لم يَصِحَّ لِجَهَالَتِهِ وَإِنْ
____________________
(5/269)
وَصَفَا الْحَمْلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَإِنْ اتَّفَقَا على أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ صَحَّ قَوْلُهُ وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أو بِئْرٌ أو دُولَابٌ أو نَاعُورَةٌ أو قَنَاةٌ وَاحْتَاجَ إلَى عِمَارَةٍ فَفِي إجْبَارِ الْمُمْتَنِعِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُجْبَرُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ الثَّانِيَةُ لَا يُجْبَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا وَالْخِلَافَ كَالْخِلَافِ في الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ على ما تَقَدَّمَ نَقْلًا وَمَذْهَبًا وَتَفْصِيلًا قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال بن أبي مُوسَى يُجْبَرُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا وَحَكَى الرِّوَايَتَيْنِ في الْحَائِطِ قال في الْقَوَاعِدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَائِطَ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ بِخِلَافِ الْقَنَاةِ وَالْبِئْرِ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ صَاحِبِهِ من عِمَارَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ قَوْلُهُ فإذا عَمَّرَهُ فَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا على الشَّرِكَةِ هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الْمَاءَ بَاقٍ على ما كان عليه من الْمِلْكِ وَالْإِبَاحَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وفي الْخِلَافِ الْكَبِيرِ لِلْقَاضِي وَالتَّمَامِ لِأَبِي الْحُسَيْنِ له الْمَنْعُ من الِانْتِفَاعِ بِالْقَنَاةِ قال في الْقَوَاعِدِ وَيَشْهَدُ له نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالْمَنْعِ من سُكْنَى السُّفْلِ
____________________
(5/270)
إذَا بَنَاهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَمَنْعُ الشَّرِيكِ من الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ إذَا أُعِيدَ بِآلَتِهِ الْعَتِيقَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ فَوَائِدُ الْأُولَى لو اتَّفَقَا على بِنَاءِ حَائِطِ بُسْتَانٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فما تَلِفَ من الثَّمَرَةِ بِسَبَبِ إهْمَالِ الْآخَرِ يَضْمَنُهُ الذي أَهْمَلَ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الثَّانِيَةُ لو كان السُّفْلُ لِوَاحِدٍ وَالْعُلْوُ لِآخَرَ فَالسَّقْفُ بَيْنَهُمَا لَا لِصَاحِبِ الْعُلْوِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالْإِجْبَارُ إذَا انْهَدَمَ السَّقْفُ كما تَقَدَّمَ في الْحَائِطِ الذي بَيْنَهُمَا إذَا انْهَدَمَ وَلَوْ انْهَدَمَ الْجَمِيعُ فَلِرَبِّ الْعُلْوِ إجْبَارُ صَاحِبِ السُّفْلِ على بِنَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْبُلْغَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ أُجْبِرَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وَالْقَوَاعِدِ وَعَنْهُ لَا يُجْبَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَنْفَرِدُ صَاحِبُ السُّفْلِ بِبِنَاءِ السُّفْلِ أو يُشْرِكُهُ فيه صَاحِبُ الْعُلْوِ وَيُجْبَرُ عليه إذَا طَلَبَهُ صَاحِبُ السُّفْلِ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ إحْدَاهُمَا يَنْفَرِدُ صَاحِبُ السُّفْلِ بِالْبِنَاءِ إلَى حَدِّهِ وَيَنْفَرِدُ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِبِنَائِهِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالثَّانِيَةُ يُشْرِكُهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ فِيمَا يَحْمِلُهُ منه وَيُجْبَرُ عليه إذَا امْتَنَعَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءُ السُّفْلِ وفي مَنْعِهِ السُّكْنَى ما سَلَفَ من الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كان بَيْنَهُمَا حَائِطٌ
____________________
(5/271)
2 الثَّالِثَةُ لو كان بَيْنَهُمَا طَبَقَةٌ ثَالِثَةٌ فَهَلْ يَشْتَرِكُ الثَّلَاثَةُ في بِنَاءِ السُّفْلِ وَالِاثْنَانِ في بِنَاءِ الْوَسَطِ فيه الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ حُكْمًا وَمَذْهَبًا وَكَذَا الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ فَأَكْثَرُ وَصَاحِبُ الْوَسَطِ مع من فَوْقَهُ كَمَنْ تَحْتَهُ معه قال في الْفُرُوعِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَ طِبَاقٍ فَإِنْ بَنَى رَبُّ الْعُلْوِ فَفِي مَنْعِ رَبِّ السُّفْلِ الِانْتِفَاعَ بِالْعَرْصَةِ قبل أَخْذِ الْقِيمَةِ احْتِمَالَانِ قُلْت الْأَوْلَى الْمَنْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كِتَابُ الْحَجْرِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا حَجْرُ الْفَلَسِ عِبَارَةٌ عن مَنْعِ الْحَاكِمِ من عليه دَيْنٌ حَالٌّ يَعْجِزُ عنه مَالُهُ الْمَوْجُودُ مُدَّةَ الْحَجْرِ من التَّصَرُّفِ فيه الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وهو على ضَرْبَيْنِ حَجْرٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَحَجْرٌ لِحَظِّ نَفْسِهِ فَالْحَجْرُ لِحَقِّ الْغَيْرِ كَالْحَجْرِ على الْمُفْلِسِ وَالْمَرِيضِ بِمَا زَادَ على الثُّلُثِ وَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُشْتَرِي إذَا كان الثَّمَنُ في الْبَلَدِ على ما تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ فَصْلِ خِيَارِ التَّوْلِيَةِ والمشترى بَعْدَ طَلَبِ شَفِيعٍ وَالْمُرْتَدِّ يُحْجَرُ عليه لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّاهِنِ وَالزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ على الثُّلُثِ في التَّبَرُّعِ على ما يَأْتِي في الْبَابِ وَالْحَجْرُ لِحَظِّ نَفْسِهِ كَالْحَجْرِ على الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْبَابٍ لِلْحَجْرِ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يَحْجُرُ حَاكِمٌ على مُقَتِّرٍ على نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَاخْتَارَ الْأَزَجِيُّ بَلَى فَيَكُونُ هذا سَبَبًا أخر على قَوْلِهِ
____________________
(5/272)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا يَحِلُّ الدَّيْنُ قبل مُدَّتِهِ فَلِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يُوَثِّقَهُ بِرَهْنٍ أو كَفِيلٍ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ من شَرْطِ الْكَفِيلِ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وهو وَاضِحٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كان لَا يَحِلُّ قَبْلَهُ فَفِي مَنْعِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا له مَنْعُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ مَنْعُهُ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ قال في الْمُذْهَبِ مُنِعَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِيَةُ ليس له مَنْعُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في السَّفَرِ سَوَاءٌ كان مَخُوفًا أو غير مَخُوفٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ إذَا كان السَّفَرُ مَخُوفًا كَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِ وَحَكَى في السَّفَرِ غَيْرِ الْمَخُوفِ وَجْهَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا مُدَّةً قبل أَجَلِ الدَّيْنِ جَازَ كَالْجِهَادِ وَأَدْخَلَ صَاحِبُ الْوَاضِحِ في السَّفَرِ الْمَخُوفِ الْحَجَّ وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ في المغنى وبن الْبَنَّا وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ
____________________
(5/273)
وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ في غَيْرِ الْجِهَادِ فَأَمَّا في الْجِهَادِ فَيُمْنَعُ حتى يُوَثِّقَهُ بِرَهْنٍ أو ضَمِينٍ على رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ في غَيْرِ الْجِهَادِ وَأَنَّ الْجِهَادَ لَا يَمْنَعُ منه قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قال وَمَنْ عليه دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَلَهُ السَّفَرُ دُونَ أَجَلِهِ وَعَنْهُ لَا يُسَافِرُ غير مُجَاهِدٍ حتى يَأْتِيَ بِرَهْنٍ أو ضَمِينٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فإن ظَاهِرَهُ كَذَلِكَ فَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا إذَا تَعَيَّنَ عليه وَإِلَّا فَبَعِيدٌ وقد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّهُ لَا يُجَاهِدُ من عليه دَيْنٌ لَا وَفَاءَ له إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ على الصَّحِيحِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْخِلَافَ وَأَنَّ لنا قَوْلًا لَا يستاذنه في الْجِهَادِ إذَا كان الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَقَوْلًا إذَا كان الْمَدْيُونُ جُنْدِيًّا مَوْثُوقًا بِهِ لَا يَسْتَأْذِنُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ غَيْرُهُ وَمَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَالشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ إذَا كان السَّفَرُ طَوِيلًا لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا رِوَايَةَ عَدَمِ الْمَنْعِ فَقَالُوا لِأَنَّ هذا السَّفَرَ ليس بِأَمَارَةٍ على مَنْعِ الْحَقِّ في مَحَلِّهِ فلم يَمْلِكْ مَنْعَهُ منه كَالسَّفَرِ الْقَصِيرِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى فَهَذِهِ سِتُّ طُرُقٍ في مَحَلِّ الْخِلَافِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ من أَرَادَ سَفَرًا وهو عَاجِزٌ عن وَفَاءِ دَيْنِهِ أَنَّ لِغَرِيمِهِ مَنْعَهُ حتى يُقِيمَ كَفِيلًا بِبَدَنِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ قُلْت من قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَاجِزَ عن وَفَاءِ دَيْنِهِ إذَا كان له حِرْفَةٌ يُلْزَمُ بِإِيجَارِ نَفْسِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُمْنَعَ لِيَعْمَلَ
____________________
(5/274)
الثَّانِيَةُ لو طُلِبَ منه دَيْنٌ حَالٌّ يَقْدِرُ على وَفَائِهِ فَسَافَرَ قبل وَفَائِهِ لم يَجُزْ له أَنْ يَتَرَخَّصَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ لم يُطْلَبْ منه الدَّيْنُ الْحَالُّ أو يَحِلُّ في سَفَرِهِ فَقِيلَ له الْقَصْرُ وَالتَّرَخُّصُ لِئَلَّا يُحْبَسَ قبل ظلمه ( ( ( طلبه ) ) ) كَحَبْسِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له ذلك إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ في قَضَائِهِ لِئَلَّا يَمْنَعَ به وَاجِبًا ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ بن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ في بَابِ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَكَذَا بن حَمْدَانَ وَقِيلَ إنْ سَافَرَ وَكِيلٌ في الْقَضَاءِ لم يَتَرَخَّصْ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يبني ( ( ( ينبني ) ) ) الْخِلَافُ هُنَا على الْخِلَافِ في وُجُوبِ الدَّفْعِ قبل الطَّلَبِ وَعَدَمِهِ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَجِبُ قبل الطَّلَبِ فَلَهُ الْقَصْرُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ قَوْلُهُ وَإِنْ كان حَالًّا وَلَهُ مَالٌ يَفِي بِهِ لم يُحْجَرْ عليه وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِوَفَائِهِ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ الْقَوْلُ بِالْحَبْسِ اخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وهو الصَّوَابُ وَلَا تَخْلُصُ الْحُقُوقُ في هذه الْأَزْمِنَةِ غَالِبًا إلَّا بِهِ وَبِمَا هو أَشَدُّ منه وقال بن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ أَوَّلُ من حَبَسَ على الدَّيْنِ شُرَيْحٌ الْقَاضِي وَمَضَتْ السُّنَّةُ في عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ على الدُّيُونِ لَكِنْ يَتَلَازَمُ الْخَصْمَانِ وَأَمَّا الْحَبْسُ الْآنَ على الدَّيْنِ فَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ من الْمُسْلِمِينَ وَتَكَلَّمَ على ذلك وَأَطَالَ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَالطَّبَقَاتِ فَائِدَةٌ إذَا حُبِسَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ إخْرَاجُهُ حتى يَتَبَيَّنَ له أَمْرُهُ أو يُبْرِئَهُ غَرِيمُهُ أو يَرْضَى بِإِخْرَاجِهِ
____________________
(5/275)
فإذا تَبَيَّنَ أَمْرُهُ لم يَسَعْ الْحَاكِمَ حَبْسُهُ وَلَوْ لم يَرْضَ غَرِيمُهُ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ مَحْضٌ قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَ مَالَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ إذَا أَصَرَّ على الْحَبْسِ فقال الْمُصَنِّفُ هُنَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَيَقْضِي دَيْنَهُ من غَيْرِ ضَرْبٍ قال في الْفَائِقِ أَبَى الضَّرْبَ الْأَكْثَرُونَ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إذَا أَصَرَّ على الْحَبْسِ وَصَبَرَ عليه ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ذَكَرَهُ عنه في الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ يَحْبِسُهُ فَإِنْ أَبَى عَزَّرَهُ قال وَيُكَرِّرُ حَبْسَهُ وَتَعْزِيرَهُ حتى يَقْضِيَهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه الْأَئِمَّةُ من أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِمْ وَلَا أَعْلَمُ فيه نِزَاعًا لَكِنْ لَا يُزَادُ في كل يَوْمٍ على أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ إنْ قِيلَ بِتَقْدِيرِهِ انْتَهَى فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا مَتَى بَاعَ الْحَاكِمُ عليه فقال في الْفُرُوعِ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ لم يقضه ( ( ( يقض ) ) ) بَاعَ الْحَاكِمُ وَقَضَاهُ فَظَاهِرُهُ يَجِبُ على الْحَاكِمِ بَيْعُهُ نَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا تَقَاعَدَ بِحُقُوقِ الناس يُبَاعُ عليه وَيَقْضِي وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَ عليه وقال أَيْضًا من طُولِبَ بِأَدَاءِ حَقٍّ عليه فَطَلَبَ إمْهَالًا أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذلك اتِّفَاقًا لَكِنْ إنْ خَافَ غَرِيمُهُ منه احْتَاطَ عليه بِمُلَازَمَةٍ أو كَفِيلٍ أو تَرْسِيمٍ عليه الثَّانِيَةُ لو مَطَلَ غَرِيمُهُ حتى أَحْوَجَهُ إلَى الشِّكَايَةِ فما غَرِمَهُ بِسَبَبِ ذلك يَلْزَمُ الْمُمَاطِلَ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا
____________________
(5/276)
قُلْت وَنَظِيرُ ذلك ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ في بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ في أَثْنَاءِ فَصْلِ وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ ثُمَّ قال وَإِلَّا أُمِرَ بِالتَّوْكِيلِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي وَكَذَا أُجْرَةُ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ على السَّارِقِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابٍ من الدَّعَاوَى وَإِنْ أَحْضَرَ الْمُدَّعَى بِهِ ولم يَثْبُتْ للمدعى لَزِمَهُ مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَرَدِّهِ وَإِلَّا لَزِمَا الْمُنْكِرَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الضَّمَانِ إذَا تَغَيَّبَ الْمَضْمُونُ عنه حتى غَرِمَ الضَّامِنُ شيئا بِسَبَبِهِ أو أَنْفَقَهُ في الْحَبْسِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ على الْمَضْمُونِ عنه وقال ايضا لو غَرِمَ بِسَبَبِ كَذِبٍ عليه عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ رَجَعَ بِهِ على الْكَاذِبِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في أَوَائِلِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ من كِتَابِ الْغَصْبِ قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وكان دَيْنُهُ عن عِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ أو عُرِفَ له مَالٌ سَابِقٌ حُبِسَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ على نَفَادِ مَالِهِ أو إعْسَارِهِ وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا على وَجْهَيْنِ إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ عن عِوَضٍ أو يُعْرَفُ له مَالٌ سَابِقٌ أو غَيْرُ ذلك فَإِنْ كان دَيْنُهُ عن عِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَنَحْوِهِمَا وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ أو عن غَيْرِ مَالٍ كَالضَّمَانِ وَنَحْوِهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ أو عُرِفَ له مَالٌ سَابِقٌ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ إنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَشْهَدَ بِنَفَادِ مَالِهِ أو إعْسَارِهِ فَإِنْ شَهِدَتْ بِنَفَادِ مَالِهِ أو تَلَفِهِ حَلَفَ مَعَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أَنْ لَا مَالَ له في الْبَاطِنِ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَحْلِفُ مَعَهَا على الْأَصَحِّ قال في الْفَائِقِ حَلَفَ مَعَهَا في ( ( ( وفي ) ) ) أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
____________________
(5/277)
وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْلِفُ مع بَيِّنَةٍ هُنَا وَإِنْ شَهِدَتْ بِإِعْسَارِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يَخْبَرُ بَاطِنَ حَالِهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ على نَفْيٍ قُبِلَتْ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ ولم يَحْلِفْ مَعَهَا على الْأَصَحِّ لِئَلَّا يَكُونَ مُكَذِّبًا لِبَيِّنَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْلِفُ مَعَهَا وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى عن بَعْضِ الاصحاب أَنَّهُ يَحْلِفُ مع بَيِّنَتِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِالظَّاهِرِ فَوَائِدُ إحْدَاهَا يكتفي في الْبَيِّنَةِ أَنْ تَشْهَدَ بِالتَّلَفِ أو بِالْإِعْسَارِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمُحَقَّقُ وِفَاقًا لِلْمَجْدِ وَغَيْرِهِ قُلْت وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يكتفي في الشَّهَادَةِ بِالْإِعْسَارِ بَلْ لَا بُدَّ من الشَّهَادَةِ بِالتَّلَفِ وَالْإِعْسَارِ مَعًا وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَإِنَّهُمْ قالوا نَشْهَدُ بِذَهَابِهِ وَإِعْسَارِهِ لَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شيئا الثَّانِيَةُ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ إعْسَارِهِ وَنَحْوِهَا قبل حَبْسِهِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(5/278)
الثَّالِثَةُ إذَا لم يَكُنْ لِمُدَّعِي الْإِعْسَارِ بَيِّنَةٌ وَالْحَالَةُ ما تَقَدَّمَ كان الْقَوْلُ قَوْلَ غَرِيمِهِ مع يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ بِدَيْنِهِ وكان له حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ قَالَهُ في الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ قَادِرٌ حَبَسَهُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَيْهِمَا وخلى وَنَقَلَ حَنْبَلٍ يُحْبَسُ إنْ عُلِمَ له ما يَقْضِي وفي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ عُرِفَ بِمَالٍ أو أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ وَحَلَفَ غَرِيمُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ حُبِسَ وفي الرِّعَايَةِ يَحْلِفُ أَنَّهُ مُوسِرٌ بِدَيْنِهِ وَلَا يَعْلَمُ إعْسَارَهُ بِهِ وفي المغنى وَالشَّرْحِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ ذُو مَالٍ حُبِسَ وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جماعة ( ( ( الجماعة ) ) ) أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا إن يدعى الْمَدْيُونُ تَلَفًا أو إعْسَارًا أو يَسْأَلَ سُؤَالَهُ فَتَكُونُ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةً فَإِنْ كان له بِبَقَاءِ مَالِهِ أو قُدْرَتِهِ بَيِّنَةٌ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَيَمِينُ صَاحِبِ الْحَقِّ بِحَسَبِ جَوَابِ الْمَدْيُونِ كَسَائِرِ الدعاوي قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ وهو مُرَادُهُمْ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وانه يَعْلَمُ ذلك وَأَنْكَرَهُ انْتَهَى وَحَيْثُ قُلْنَا يَحْلِفُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَأَبَى حَلَفَ الْآخَرُ وخلى سَبِيلُهُ الرَّابِعَةُ يكتفي في الْبَيِّنَةِ هُنَا بِاثْنَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَكْفِي أَقَلُّ من ثَلَاثَةٍ كَمَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الزَّكَاةِ وكان مَعْرُوفًا بالغني وَادَّعَى الْفَقْرَ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكُنْ كَذَلِكَ حَلَفَ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ أَيْ وَإِنْ ادَّعَى الْإِعْسَارَ ولم يُعْرَفْ له مَالٌ سَابِقٌ وَدَيْنُهُ عن غَيْرِ عِوَضٍ لم يُقِرَّ
____________________
(5/279)
بِالْمَلَاءَةِ بِهِ أو عُرِفَ له مَالٌ سَابِقٌ وَالْغَالِبُ ذَهَابُهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في التَّرْغِيبِ يُحْبَسُ إلَى ظُهُورِ إعْسَارِهِ وقال في الْبُلْغَةِ يُحْبَسُ إلَى ان يَثْبُتَ إعْسَارُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ من عُرِفَ بِمَالٍ أو كان دَيْنُهُ عن عِوَضٍ كما تَقَدَّمَ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لو قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمُفْلِسِ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ فَأَنْكَرَ ولم يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ أو قال هو لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ زَيْدٌ قضى دَيْنُ الْمُفْلِسِ منه وَإِنْ صَدَّقَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يقضي دَيْنُ الْمُفْلِسِ منه على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أحدهما لَا يقضي منه وَيَكُونُ لِزَيْدٍ مع يَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ وَالنَّظْمِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِزَيْدٍ مُضَارَبَةً قُبِلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ إنْ صَدَّقَهُ زَيْدٌ أو كان غَائِبًا وَالثَّانِي يقضي منه دَيْنُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُ هذا أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا لَا يُعْتَبَرُ لها تَقَدُّمُ دَعْوَى وَإِنْ كان لِلْمُقَرِّ له للصدق ( ( ( المصدق ) ) ) بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ لِإِقْرَارِ رَبِّ الْيَدِ وفي الْمُنْتَخَبِ بَيِّنَةُ المدعى لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ
____________________
(5/280)
الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ على الْمُعْسِرِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ عليه وَيَتَأَوَّلَ نَصَّ عليه جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قُلْت لو قِيلَ بِجَوَازِهِ إذَا تَحَقَّقَ ظُلْمُ رَبِّ الْحَقِّ له وَحَبْسُهُ وَمَنْعُهُ من الْقِيَامِ على عِيَالِهِ لَكَانَ له وَجْهٌ قَوْلُهُ وَإِنْ كان له مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ وسال غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عليه لَزِمَهُ إجَابَتُهُمْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ ضَاقَ مَالُهُ عن دُيُونِهِ صَارَ مَحْجُورًا عليه بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك قَرِيبًا تَنْبِيهَاتٌ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَإِنْ كان له مَالٌ لَا يَفِي بِدَيْنِهِ هَكَذَا عِبَارَةُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ له دُونَ ما عليه من دَيْنٍ حَالٍّ أو قَدْرِهِ وَلَا كَسْبَ له وَلَا ما يُنْفِقُ منه غَيْرُهُ أو خِيفَ تَصَرُّفُهُ فيه الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَجْرَ أَنَّهُ لو سَأَلَهُ الْبَعْضُ الْحَجْرَ عليه لم يَلْزَمْهُ أجابتهم وهو ظَاهِرُ المغنى وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَجَمَاعَةٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ الْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ لَزِمَ الْحَجْرُ عليه بِطَلَبِ غُرَمَائِهِ وَالْأَصَحُّ أو بَعْضُهُمْ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وهو الصَّوَابُ
____________________
(5/281)
الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُعْسِرَ لو طَلَبَ الْحَجْرَ على نَفْسِهِ من الْحَاكِمِ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ إلَى ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ زَادَ دَيْنُهُ على الْمَالِ وَقِيلَ أو طَلَبَ الْمُفْلِسُ الْحَجْرَ من الْحَاكِمِ لَزِمَهُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ طَلَبَهُ الْمُفْلِسُ وَحْدَهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وبسؤاله ( ( ( بسؤاله ) ) ) في وَجْهِهِ قَوْلُهُ وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عليه أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ أَحَدُهَا تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عليه وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فيه إلَّا بِالْعِتْقِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان عليه دَيْنٌ اكثر من مَالِهِ وَتَصَرَّفَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ قبل الْحَجْرِ عليه أو بَعْدَهُ فَإِنْ كان قبل الْحَجْرِ عليه صَحَّ تَصَرُّفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ مَالِهِ حتى قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في ذلك وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَحَكَاهُ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ من عليه دَيْنٌ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ قال الشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَقَضَاءُ دَيْنِهِ أَوْجَبُ عليه قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ هو الصَّوَابُ خُصُوصًا وقد كَثُرَتْ حِيَلُ الناس وَجَزَمَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ وقال الْمُفْلِسُ إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ منه سِلْعَتَهُ التي يَرْجِعُ بها قبل الْحَجْرِ لم يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ نَصَّ عليه وَذَكَرَ في ذلك ثَلَاثَ نُصُوصٍ لَكِنَّ ذلك مَخْصُوصٌ بمطالبه الْبَائِعِ
____________________
(5/282)
وَعَنْهُ له مَنْعُ ابْنِهِ من التَّصَرُّفِ في مَالِهِ بِمَا يَضُرُّهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ تَصَدَّقَ وَأَبَوَاهُ فَقِيرَانِ رُدَّ عَلَيْهِمَا لَا لِمَنْ دُونَهُمَا وَنَصَّ في رِوَايَةٍ على ان من أَوْصَى لِأَجَانِبَ وَلَهُ أَقَارِبُ مُحْتَاجُونَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُرَدُّ عليهم قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَ فَيَخْرُجُ من ذلك أَنَّ من تَبَرَّعَ وَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ لِوَارِثٍ أو دَيْنٌ وَلَيْسَ له وَفَاءٌ أَنَّهُ يُرَدُّ وَلِهَذَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ في الدَّيْنِ خَاصَّةً على رِوَايَةٍ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ قال هذا مَرْدُودٌ وَلَوْ كان في حَيَاتِهِ لم أُجَوِّزْ إذَا كان له وَلَدٌ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ عليه التَّصَرُّفُ إنْ أَضَرَّ بِغَرِيمِهِ ذَكَرَهُ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وهو حَسَنٌ وَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْحَجْرِ عليه فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْعِتْقِ أو بِغَيْرِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِالْعِتْقِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في صِحَّةِ عِتْقِهِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ في كِتَابِ الْعِتْقِ هذا أَصَحُّ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(5/283)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَصِحُّ عِتْقُهُ على الْأَقْيَسِ وَإِنْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ الْعِتْقِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَدْبِيرِ رَقِيقِهِ أو غَيْرِهِ فَإِنْ كان بِالتَّدْبِيرِ صَحَّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ كان بِغَيْرِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ أو غَيْرِهِ فَإِنْ كان الشَّيْءَ الْيَسِيرَ لم يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالصَّدَقَةِ في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ زَادَ في الرِّعَايَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ قُلْت إذَا كانت الْعَادَةُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ وَيُتَسَامَحُ بمثله فَيَبْغِي أَنْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فيه بِلَا خِلَافٍ وفي الرِّعَايَةِ وغيرها ( ( ( وغيرهما ) ) ) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِمَالِهِ انْتَهَى وَإِنْ كان تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ الْيَسِيرِ لم يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وَنَقَلَ مُوسَى بن سَعِيدٍ إنْ تَصَرَّفَ قبل طَلَبِ رَبِّ الْعَيْنِ لها جَازَ لَا بَعْدُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لو بَاعَ مَالَهُ لِغَرِيمٍ بِكُلِّ الدَّيْنِ الذي عليه فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِرِضَاهُمَا بِهِ وهو ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامْ أَحْمَدْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحّ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ قُلْت وهو الصَّوَابُ الثَّانِيَةُ يَمْلِكُ رَدَّ مَعِيبٍ اشْتَرَاهُ قبل الْحَجْرِ وَيَمْلِكُ الرَّدَّ بِخِيَارٍ غَيْرِ مُتَقَيِّدٍ
____________________
(5/284)
بِالْأَحَظِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في التَّلْخِيصِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَحَظِّ على الْأَظْهَرِ قال في الْفَائِقِ هذا اصح الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَإِنَّهُمَا قَالَا وَلَهُ رَدُّ ما اشْتَرَاهُ قبل الْحَجْرِ بِعَيْبٍ أو خِيَارٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ في الثَّانِيَةِ وَقِيلَ إنْ كان فيه حَظٌّ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِلَّا فَلَا قال في التَّلْخِيصِ وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قُلْت وهو الصَّوَابُ قَوْلُهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أو ضَمَانٍ أو إقْرَارٍ صَحَّ وَيُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الحجر ( ( ( حجر ) ) ) عنه هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَا يُشَارِكُونَ من كان دَيْنُهُ قبل الْحَجْرِ وفي الْمُبْهِجِ في جَاهِلٍ بِهِ وَجْهَانِ وَعَنْهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ إنْ أَضَافَهُ إلَى ما قبل الْحَجْرِ أو ادانه عَامِلٌ قبل قِرَاضِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ من اقر له بِدَيْنٍ لَزِمَهُ قبل الْحَجْرِ وقال أَيْضًا وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ أو عَيْنٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ مُوسَى بن سَعِيدٍ وَتَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ صَاحِبَ التَّبْصِرَةِ حَكَى رِوَايَةً بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ عليها عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ في ذِمَّتِهِ انْتَهَى تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ من عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَرْجِعُ بِعَيْنِ مَالِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/285)
وَقِيلَ يَرْجِعُ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَقِيلَ يَرْجِعُ مع جَهْلِهِ الْحَجْرَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ وَهَذَا الْأَخِيرُ الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ الثَّانِي أَنَّ من وَجَدَ عِنْدَهُ عَيْنًا بَاعَهَا إيَّاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بها بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ حَيًّا ولم يَنْقُدْ من ثَمَنِهَا شيئا وَالسِّلْعَةُ بِحَالِهَا لم يَتْلَفْ بَعْضُهَا ولم تَتَغَيَّرْ صِفَتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ ولم يَتَعَلَّقْ بها حَقٌّ من شُفْعَةٍ أو جِنَايَةٍ أو رَهْنٍ وَنَحْوِهِ ولم تَزِدْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِاخْتِصَاصِ رَبِّ الْعَيْنِ الْمُبَاعَةِ الْمَوْجُودَةِ بَعْدَ الْحَجْرِ في الْمَحْجُورِ عليه شُرُوطًا منها أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ حَيًّا فَلَوْ مَاتَ كان صَاحِبُهَا اسوة الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ ذلك إذَا مَاتَ قبل الْحَجْرِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رَبَّ الْعَيْنِ لو مَاتَ كان لِوَرَثَتِهِ أَخْذُ السِّلْعَةِ كما لو كان صَاحِبُهَا حَيًّا وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ لِعَدَمِ إشتراطهم ذلك وقال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَلِرَبِّهِ دُونَ وَرَثَتِهِ على الْأَصَحِّ أَخْذُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ
____________________
(5/286)
وقال في التَّلْخِيصِ من الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ حَيًّا إذْ لَا رُجُوعَ لِلْوَرَثَةِ لِلْحَدِيثِ وَحَكَى أبو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ انْتَهَى وَمِنْهَا ان لَا يَكُونَ نَقَدَ من ثَمَنِهَا شيئا فَإِنْ كان نَقَدَ منه شيئا كان أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ بِحَالِهَا لم يَتْلَفْ بَعْضُهَا وَكَذَا لم يُزَلْ مِلْكُهُ عن بَعْضِهَا بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ أو وَقْفٍ أو غَيْرِ ذلك إنْ كان عَيْنًا وَاحِدَةً وَإِنْ كان الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ كَعَبْدَيْنِ أو ثَوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا أو نَقَصَ وَنَحْوُهُ رَجَعَ في الْعَيْنِ الْأُخْرَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ له أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَمَاعَةٍ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وقال وَلَعَلَّ مَبْنَاهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ هل يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا وَحُكْمُ انْتِقَالِ الْبَعْضِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ حُكْمُ التَّلَفِ انْتَهَى قُلْت تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ بَعْدَ قَوْلِهِ وإذا جَمَعَ بين كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَبِيعِ على الصَّحِيحِ تَنْبِيهٌ من جُمْلَةِ صُوَرِ تَلَفِ الْبَعْضِ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَأَفْلَسَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ ومضى بَعْضِهَا بِمَنْزِلَةِ تَلَفِ بَعْضِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وقال الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ له الرُّجُوعُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ تَبْقِيَةُ زَرْعِ الْمُفْلِسِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
____________________
(5/287)
ثُمَّ هل يُضْرَبُ بها له مع الْغُرَمَاءِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أو يُقَدَّمُ بها عليهم قَالَهُ في التَّلْخِيصِ فَوَائِدُ إحداها لو وطىء الْبِكْرَ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ لَا يَمْتَنِعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا جُرِحَ الْعَبْدُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَرْجِعُ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَرْجِعُ فَإِنْ كان مِمَّا لَا أَرْشَ له كَالْحَاصِلِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أو فِعْلِ بَهِيمَةٍ أو جِنَايَةِ الْمُفْلِسِ او عَبْدِهِ أو جِنَايَةِ الْعَبْدِ على نَفْسِهِ فَلَا أَرْشَ له مع الرُّجُوعِ وَإِنْ كان الْجِرَاحُ مُوجِبًا لِلْأَرْشِ كَجِنَايَةِ الاجنبي فَلِلْبَائِعِ إذَا رَجَعَ أَنْ يَضْرِبَ مع الْغُرَمَاءِ بحصه ما نَقَصَ من الثَّمَنِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو وطىء الثَّيِّبَ كان له الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَلَهُ الرُّجُوعُ في الْأَصَحِّ إذَا لم تَحْمِلْ وَفِيهِ وَجْهٌ أخر يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ ذَكَرَهُ بن أبي مُوسَى وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ الثَّانِيَةُ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذُ تزويج ( ( ( تزوج ) ) ) الْأَمَةِ فإذا أَخَذَهَا الْبَائِعُ بَطَلَ النِّكَاحُ في الْأَقْيَسِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ
____________________
(5/288)
الثَّالِثَةُ لو خَرَجَتْ السِّلْعَةُ عن مِلْكِهِ قبل الْحَجْرِ وَرَجَعَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَقِيلَ له الرُّجُوعُ قال النَّاظِمُ عَادَ الرُّجُوعُ على الْقَوِيِّ قال في التَّلْخِيصِ هِيَ كَعَوْدِ الْمَوْهُوبِ إلَى الِابْنِ بَعْدَ زَوَالِهِ هل لِلْأَبِ الرُّجُوعُ أَمْ لَا قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الرُّجُوعَ على ما يَأْتِي وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ ليس له الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ لم يَرْجِعْ وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْخِيَارِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَيَأْتِي في الْهِبَةِ نَظِيرُ ذلك في رُجُوعِ الْأَبِ إذَا رَجَعَ إلَى الإبن بَعْدَ وَفَاتِهِ وَالصَّحِيحِ من ذلك وَأَطْلَقَهُنَّ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ في الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَحَيْثُ قُلْنَا له الرُّجُوعُ لو اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَقِيلَ يَخْتَصُّ بها الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ الثَّانِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمِنْهَا بَقَاءُ صِفَةِ السِّلْعَةِ فَلَوْ تَغَيَّرَتْ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ وَطَحْنِ الحنطه وَعَمَلِ الزَّيْتِ صَابُونًا او قَطْعِ الثَّوْبِ قَمِيصًا أو نَجْرِ الْخَشَبِ أَبْوَابًا أو عَمَلِ الشَّرِيطِ أُبَرًا أو نحو ذلك امْتَنَعَ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/289)
وقال في الْمُوجَزِ إنْ أَحْدَثَ صَنْعَةً كَنَسْجِ غَزْلٍ وَعَمَلِ الدُّهْنِ صَابُونًا فَرِوَايَتَانِ وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَأْخُذُهُ وَعَنْهُ بَلَى وَيُشَارِكُهُ الْمُفْلِسُ في الزِّيَادَةِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من عِنْدِهِ إنْ لم تَزِدْ قِيمَةُ الْحَبِّ بِطَحْنِهِ وَالدَّقِيقِ بِخَبْزِهِ وَالْغَزْلِ بِنَسْجِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لو كان حَبًّا فَصَارَ زَرْعًا أو بِالْعَكْسِ أو نَوَى فَنَبَتَ شَجَرًا او بَيْضًا فَصَارَ فَرْخًا سَقَطَ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي لَا يَمْنَعُ ذلك الرُّجُوعَ وَاخْتَارَهُ في التَّلْخِيصِ وَرَدَّهُ في المغنى وَالشَّرْحِ الثَّانِيَةُ لو خُلِطَ الْمَبِيعُ أو بَعْضُهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ منه فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ من الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ لم يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ يَنْبَنِي على الْوَجْهَيْنِ في أَنَّ الْخَلْطَ هل هو بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ أَمْ لَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لم يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ بَلْ وَجَدَهُ حُكْمًا انْتَهَى قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَلْطَ ليس بِإِتْلَافٍ وَإِنَّمَا هو اشْتِرَاكٌ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْغَصْبِ في قَوْلِهِ وَإِنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ على وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بها حَقُّ شُفْعَةٍ فَإِنْ تَعَلَّقَ بها حَقُّ شُفْعَةٍ أمتنع الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ في مَوْضِعٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ
____________________
(5/290)
قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وقال في الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ أخر وَإِنْ اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا فَلِبَائِعِهِ الرُّجُوعُ وَقِيلَ الشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهِ وَقِيلَ إنْ طَالَبَ الشَّفِيعُ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بها حَقُّ رَهْنٍ فَإِنْ تَعَلَّقَ بها حَقُّ رَهْنٍ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا لَكِنْ إذَا كان الرَّهْنُ أَكْثَرَ من الدَّيْنِ فما فَضَلَ منه رُدَّ على الْمَالِ وَلَيْسَ لِبَائِعِهِ الرُّجُوعُ في الْفَاضِلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجْزُومًا بِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي له الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وما ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يُخَرَّجُ على الْمَذْهَبِ لان تَلَفَ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فَكَذَلِكَ ذَهَابُ بَعْضِهِ بِالْبَيْعِ انْتَهَى فَلَوْ كان الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ فَرَهَنَ أَحَدَهُمَا فَهَلْ يَمْلِكُ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ في الْأُخْرَى على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْعَيْنَيْنِ على ما تَقَدَّمَ وقد عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ له الرُّجُوعُ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا فَائِدَةٌ لو مَاتَ الرَّاهِنُ وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عن الدُّيُونِ قُدِّمَ الْمُرْتَهِنُ بِرَهْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ هو أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ نَصَّ عليه أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ آخِرَ الرَّهْنِ
____________________
(5/291)
وَمِنْهَا ان لَا يَتَعَلَّقَ بها حَقُّ جِنَايَةٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا ثُمَّ يُفْلِسَ بَعْدَ تَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالْكَافِي وَقِيلَ له الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فيه بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ وَعَلَى الثَّانِي هو مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فيه نَاقِصًا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَ بِثَمَنِهِ مع الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَبْرَأَ الْغَرِيمَ من الْجِنَايَةِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَ لو تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ حَقُّ شُفْعَةٍ أو جِنَايَةٍ أو رَهْنٍ ثُمَّ أَفْلَسَ ثُمَّ أَسْقَطَ الْمُرْتَهِنُ أو الشَّفِيعُ أو الْمَجْنِيُّ عليه حَقَّهُ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بها من الْغُرَمَاءِ لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ على ظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَيَتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ انْتَهَى وَمِنْهَا أَنْ لَا تَزِيدَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً فَإِنْ زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ كَالْكِتَابَةِ وَالْقُرْآنِ وَنَحْوِهِمَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشِّيرَازِيُّ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَرَدَّا غَيْرَهُ قال الْقَاضِي في كِتَابِ الْهِبَةِ من خِلَافِهِ هو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَنْهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وبن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ
____________________
(5/292)
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وقال وهو الْقِيَاسُ قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَعَلَيْهَا يَأْخُذُهَا بِزِيَادَتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا بن الْبَنَّا في الْخِصَالِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ قَوْلُهُ فَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِغَيْرِ خِلَافٍ بين أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُوجَزِ في مَنْعِ الْمُنْفَصِلَةِ من الرُّجُوعِ رِوَايَتَيْنِ وَعِنْدَ أبي مُوسَى يَمْنَعُ الْوَلَدُ الرُّجُوعَ في أُمِّهِ فَائِدَةٌ لو كان حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ أو عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنْ كان حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ لم يَمْنَعْ الرُّجُوعَ كَالسِّمَنِ وَإِنْ كان حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَعَ الرُّجُوعِ لَا ارش على الْأَظْهَرِ وَإِنْ كانت حَائِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فقال في الْكُبْرَى فَوَجْهَانِ وقال في التَّلْخِيصِ هو كَالسِّمَنِ وَالْأَظْهَرُ يُتَّبَعُ في الرُّجُوعِ كَالْبَيْعِ انْتَهَى وقال الْمُصَنِّفُ قال الْقَاضِي إنْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَأَفْلَسَ بَعْدَ وَضْعِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا مُطْلَقًا
____________________
(5/293)
4 قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّا إذَا قُلْنَا لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ فَهُوَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَإِنْ قُلْنَا له حُكْمٌ وهو الصَّحِيحُ فَإِنْ كان هو وَالْأُمُّ قد زادا ( ( ( زاد ) ) ) بِالْوَضْعِ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَإِنْ لم يَزِيدَا جَازَ الرُّجُوعُ فِيهِمَا وَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كان الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ تَلِفَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا على ما تَقَدَّمَ وَإِنْ كانت عِنْدَ الْبَيْعِ حَائِلًا وَحَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ وَزَادَتْ قِيمَتُهَا فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ الْوَضْعِ فَزِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ
وقال الْقَاضِي إنْ وَجَدَهَا حَامِلًا انْبَنَى على أَنَّ الْحَمْلَ هل له حُكْمٌ فَيَكُونَ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً يُتَرَبَّصُ بِهِ حتى تَضَعَ أو لَا حُكْمَ له كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُلَخَّصًا
قَوْلُهُ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في رِوَايَتَيْهِ وَالْمُجَرَّدِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفِ
وقال لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فيه خِلَافٌ قال في الْكَافِي هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الشَّارِحُ هذا أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَعَنْهُ أنها لِلْبَائِعِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في الْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كانت الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ وَلَدًا صَغِيرًا أُجْبِرَ الْبَائِعُ على بَذْلِ
____________________
(5/294)
5 قِيمَتِهِ وَكَذَا إنْ كان كَبِيرًا وَقُلْنَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فَإِنْ أَبَى بَطَلَ الرُّجُوعُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْوَجْهِ الأخر يُبَاعَانِ وَيُصْرَفُ إلَيْهِ ما خَصَّ الْأُمَّ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَلَوْ كانت الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ وَلَدَ أَمَةٍ فَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أو بَيْعُ الْأُمِّ معه وَلَهُ قِيمَتُهَا ذَاتَ وَلَدٍ بِغَيْرِ وَلَدٍ زَادَ في الْفَائِقِ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ الرُّجُوعِ في الْأُمِّ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ لم يَدْفَعْ قِيمَتَهُ فَلَا رُجُوعَ
قَوْلُهُ وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ أو قَصَرَهُ لم يَمْنَعْ الرُّجُوعَ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ أو لَتَّ السَّوِيقَ بِزَيْتٍ فقال أَصْحَابُنَا لِبَائِعِ الثَّوْبِ وَالسَّوِيقِ الرُّجُوعُ في أَعْيَانِ أَمْوَالِهِمَا قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ له الرُّجُوعُ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ كسمن ( ( ( كثمن ) ) ) الْعَبْدِ
وَقَالَا وَإِنْ قَصَرَ الثَّوْبَ فَإِنْ لم تَزِدْ قِيمَتُهُ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فيه وَإِنْ زَادَتْ فَلَيْسَ له الرُّجُوعُ في قِيَاسِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ له الرُّجُوعُ انْتَهَيَا
وقال بن أبي مُوسَى إذَا زَادَتْ الْعَيْنُ بِقِصَارَةٍ أو صِنَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا أمتنع الرُّجُوعُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
____________________
(5/295)
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ صَبَغَهُ أو قَصَرَهُ فَلَهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ في وَجْهٍ فِيهِمَا كَنَقْصِهِ بِهِمَا في الْأَصَحِّ قال في الْفَائِقِ وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ أو قَصَرَهُ لم يَمْنَعْ وَيُشَارِكُهُ الْمُفْلِسُ في الزِّيَادَةِ وَقِيلَ لَا رُجُوعَ إنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَإِنْ كانت ثِيَابًا فَصَبَغَهَا أو قَصَرَهَا فذكر بن أبي مُوسَى أَنَّهُ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ
وقال الْقَاضِي لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنْ قَصَرَ الثَّوْبَ وَقُلْنَا يَرْجِعُ في الْأَقْيَسِ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ رَجَعَ فيه رَبُّهُ في الْأَصَحِّ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ في الْأَقْيَسِ فَلَهُ من الثَّوْبِ بِنِسْبَةِ ما زاد ( ( ( زادت ) ) ) من قِيمَتِهِ وَقِيلَ بَلْ أُجْرَةُ الْقِصَارَةِ إلَّا أَنْ يَتْلَفَ بيده فَيَسْقُطُ وَقِيلَ الْقِصَارَةُ كالسمن ( ( ( كالثمن ) ) ) وفي أُجْرَتِهَا وَجْهَانِ وَإِنْ لم تَزِدْ ولم تَنْقُصْ فَلَهُ الرُّجُوعُ أو مُشَارَكَةُ الْغُرَمَاءِ
وقال في صَبْغِ الثَّوْبِ وَإِنْ صَبَغَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّبْغِ رَجَعَ الْبَائِعُ في الْأَصَحِّ وَشَارَكَ الْمُفْلِسَ فيه بِقِيمَةِ صَبْغِهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا الْبَائِعُ فَإِنْ أَبَى دَفْعَهَا أُجْبِرَ على بَيْعِ حَقِّهِ وَإِنْ نَقَصَتْ عن قِيمَةِ الصَّبْغِ فَالنَّقْصُ من الْمُفْلِسِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَالزِّيَادَةُ مع قِيمَةِ الصَّبْغِ له وَقِيلَ يَشْتَرِكَانِ منه بِالنِّسْبَةِ وَإِنْ لم تَزِدْ قِيمَتُهُ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا أو يَكُونُ كَالْغُرَمَاءِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ لم يَرْجِعْ في الْأَقْيَسِ انْتَهَى
____________________
(5/296)
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا لو كانت السِّلْعَةُ صَبْغًا فَصَبَغَ بِهِ أو زَيْتًا فَلَتّ بِهِ فَلَا رُجُوعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ فَلَا رُجُوعَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
قال الْقَاضِي له الرُّجُوعُ وَجَزَمَ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ إذَا خَلَطَهُ بمثله على وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ كَخَلْطِ الزَّيْتِ وَالْقَمْحِ وَنَحْوِهِمَا بمثله
الثَّانِيَةُ لو كان الثَّوْبُ وَالصَّبْغُ من وَاحِدٍ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أَصْحَابُنَا هو كما لو كان الصَّبْغُ من غَيْرِ بَائِعِ الثَّوْبِ فَعَلَى قَوْلِهِمْ يَرْجِعُ في الثَّوْبِ وَحْدَهُ وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِزِيَادَةِ الصَّبْغِ وَيَضْرِبُ مع الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِ الصَّبْغِ قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِمَا ها هنا كما لو اشْتَرَى دُفُوفًا وَمَسَامِيرَ من وَاحِدٍ فَسَمَّرَهَا بِهِ فإنه يَرْجِعُ فِيهِمَا
قَوْلُهُ فَإِنْ غَرَسَ الْأَرْضَ أو بَنَى فيها فَلَهُ الرُّجُوعُ وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَيَمْلِكُهُ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ إذَا اتَّفَقَا على قَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَلَهُمْ ذلك فإذا فَعَلُوهُ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ في أَرْضِهِ فإذا أَرَادَ الرُّجُوعَ قبل الْقَلْعِ فَلَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ له الرُّجُوعُ قبل قَلْعِ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ
____________________
(5/297)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُمْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وارش نَقْصِهَا الْحَاصِلِ بِهِ وَيَضْرِبُ بِالنَّقْصِ مع الْغُرَمَاءِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمْ ذلك فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ من الْقَلْعِ لم يُجْبَرُوا عليه وَإِنْ أَبَى الْمُفْلِسُ الْقَلْعَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَخْذَهُ وَقَلْعَهُ وَضَمَانَ نَقْصِهِ وَقِيلَ ليس له ذلك وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بَذَلَ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَمْلِكَهُ أو قال أنا أَقْلَعُ وَأَضْمَنُ النَّقْصَ فَلَهُ ذلك وَعَلَى الثَّانِي ليس له ذلك
قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَوْا الْقَلْعَ وَأَبَى دَفْعَ الْقِيمَةِ سَقَطَ الرُّجُوعُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وقال الْقَاضِي له الرُّجُوعُ في الْأَرْضِ وَيَكُونُ ما فيها لِلْمُفْلِسِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تَفْرِيعَ وَعَلَى الثَّانِي إنْ اتَّفَقَا على الْبَيْعِ بِيعَا لَهُمَا وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجْبَرَ فَيُبَاعُ الْجَمِيعُ وَاحْتَمَلَ لَا فَيَبِيعُ الْمُفْلِسُ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ مُفْرَدًا
قال في الْفُرُوعِ وَهَلْ يُبَاعُ الغرس ( ( ( الفرس ) ) ) مُفْرَدًا أو الْجَمِيعُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ على الْقِيمَةِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/298)
أَحَدُهُمَا يُبَاعُ الْجَمِيعُ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُبَاعُ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ مُفْرَدًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو كان الْمَبِيعُ شَجَرًا أو نَخْلًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَفْلَسَ وَهِيَ بِحَالِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ الثَّانِي كان فيها وَقْتَ الْبَيْعِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ أو طَلْعٌ مُؤَبَّرٌ وَاشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي فَأَكَلَهُ أو تَصَرَّفَ فيه أو تَلِفَ بِجَائِحَةٍ ثُمَّ أَفْلَسَ فَهَذَا في حُكْمِ ما لو اشْتَرَى عَيْنَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا على ما تَقَدَّمَ الثَّالِثُ أَطْلَعَ ولم يُؤَبَّرْ أو كان فيه ثَمَرٌ لم يَظْهَرْ وَقْتَ الْبَيْعِ فَيَدْخُلُ في الْبَيْعِ فَلَوْ أَفْلَسَ بَعْدَ تَلَفِهِ او بَعْضِهِ او زَادَ أو بَدَا صَلَاحُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ على ما تَقَدَّمَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَهُوَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ في الْأَصَحِّ الرَّابِعُ بَاعَهُ نَخْلًا حَائِلًا فَأَطْلَعَتْ أو شَجَرًا فَأَثْمَرَتْ فَهُوَ على أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ
الْأَوَّلُ أَفْلَسَ قبل تَأْبِيرِهَا فَالطَّلْعُ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ
الثَّانِي أَفْلَسَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ وَظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَالطَّلْعُ لِلْمُشْتَرِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَوْ بَاعَهُ أَرْضًا فَارِغَةً فَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَفْلَسَ رَجَعَ في الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ وَجْهًا وَاحِدًا
الثَّالِثُ أَفْلَسَ وَالطَّلْعُ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ فلم يَرْجِعْ حتى أُبِّرَ فَلَيْسَ له الرُّجُوعُ فيه كما لو أَفْلَسَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ فَلَوْ ادَّعَى الرُّجُوعَ قبل التَّأْبِيرِ وَأَنْكَرَ الْمُفْلِسُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
____________________
(5/299)
وَإِنْ قال الْبَائِعُ بِعْت بَعْدَ التابير وقال الْمُفْلِسُ بَلْ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ الرَّابِعُ أَفْلَسَ بَعْدَ أَخْذِ الثَّمَرَةِ أو ذَهَابِهَا بِجَائِحَةٍ أو غَيْرِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ في الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةُ للمشترى إلَّا على قَوْلِ أبي بَكْرٍ الثَّانِيَةُ كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَتْبَعُ الثَّمَرُ الشَّجَرَ إذَا رَجَعَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ له مُطَالَبَةُ الْمُفْلِسِ بِقَطْعِ الثَّمَرَةِ قبل أَوَانِ الْجِدَادِ وَكَذَا إذَا رَجَعَ في الْأَرْضِ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْمُفْلِسِ وَلَيْسَ على صَاحِبِ الزَّرْعِ أُجْرَةٌ إذَا ثَبَتَ هذا فَإِنْ اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ على التَّبْقِيَةِ أو الْقَطْعِ فَلَهُمْ ذلك وَإِنْ اخْتَلَفُوا وكان مِمَّا لَا قِيمَةَ له أو قِيمَتُهُ يَسِيرَةٌ لم يُقْطَعْ وَإِنْ كانت قِيمَتُهُ كَثِيرَةً قُدِّمَ قَوْلُ من طَلَبَ الْقَطْعَ في أَحَدِ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالثَّانِي يُنْظَرُ ما فيه الْأَحَظُّ فَيُعْمَلُ بِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَالثَّالِثُ إنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ الْقَطْعَ وَجَبَ وَإِنْ كان الْمُفْلِسُ فَكَانَ التَّأْخِيرُ أَحَظَّ له لم يُقْطَعْ الثَّالِثَةُ إذَا كَمُلَتْ الشُّرُوطُ فَلَهُ أَخْذُهُ من غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِتَعَيُّنِهَا كَوَدِيعَةٍ وَسَوَاءٌ زَادَتْ قِيمَتُهَا أو نَقَصَتْ وَلَوْ بَذَلَ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهَا كُلَّهُ وهو يُسَاوِي الْمَبِيعَ أو دُونَهُ أو فَوْقَهُ وَقِيلَ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِنَاءً على تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ
الرَّابِعَةُ لو حَكَمَ حَاكِمٌ بِكَوْنِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ نُقِضَ حُكْمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يُنْقَضُ
الْخَامِسَةُ يَكُونُ الِاسْتِرْجَاعُ في السِّلْعَةِ بِالْقَوْلِ فَلَوْ أَقْدَمَ على التَّصَرُّفِ فيها
____________________
(5/300)
ابْتِدَاءً لم يَنْعَقِدْ ولم يَكُنْ اسْتِرْجَاعًا وَكَذَا الْوَطْءُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ لِتَمَامِ مِلْكِ الْمُفْلِسِ
وفي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ يَكُونُ الْوَطْءُ اسْتِرْجَاعًا وَأَنَّ فيه احْتِمَالًا آخَرَ بِعَدَمِهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ
السَّادِسَةُ يُسْتَثْنَى من جَوَازِ الْأَخْذِ بَعْدَ كَمَالِ الشُّرُوطِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ ما إذَا كان الْمَبِيعُ صَيْدًا وَالْبَائِعُ مُحْرِمًا فإنه ليس له الرُّجُوعُ فيه لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ لِلصَّيْدِ لَا يَجُوزُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَقَطَعُوا بِهِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ على الْفَوْرِ في تِلْكَ الْحَالَةِ وهو الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ له
السَّابِعَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ على التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْعَيْبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ على الْفَوْرِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَخَذَهُ على الْفَوْرِ في الْأَقْيَسِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْوَجْهَانِ هُنَا مَبْنِيَّانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في خِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ
الثَّامِنَةُ حَيْثُ أَخَذَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فَرُجُوعُهُ فَسْخٌ لِلْعَيْبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَلَا إلَى الْقُدْرَةِ على تَسْلِيمِهِ
فَلَوْ رَجَعَ فِيمَنْ أَبَقَ صَحَّ وَصَارَ له فَإِنْ قَدَرَ عليه أَخَذَهُ وَإِنْ تَلِفَ فَمِنْ مَالِهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كان تَالِفًا حين اسْتِرْجَاعِهِ بَطَلَ رُجُوعُهُ
وَإِنْ رَجَعَ في مَبِيعٍ اشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ قُدِّمَ تَعْيِينُ الْمُفْلِسِ لِإِنْكَارِهِ دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(5/301)
التَّاسِعَةُ مَتَى قُلْنَا له الرُّجُوعُ فَلَوْ كان ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ مُؤَجَّلًا على الْمُفْلِسِ وَقُلْنَا لَا يَحِلُّ بِالْفَلَسِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ عِنْدَ الْأَجَلِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا هو أَوْلَى
قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْجُمْهُورُ
وَقِيلَ يَأْخُذُهُ في الْحَالِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى
وَقِيلَ يُبَاعُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ إنْ لم تَزِدْ قِيمَتُهُ رَجَعَ فيه مَجَّانًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
الْعَاشِرَةُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا حُكْمَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ إذَا وَجَدَهَا وَكَذَا حُكْمُ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ إذَا وَجَدَ عَيْنَهُ
قال في الرِّعَايَةِ لو كان دَيْنُهُ سَلَمًا فَأَدْرَكَ الثَّمَنَ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ
قال في التَّلْخِيصِ الرُّجُوعُ ثَابِتٌ في كل ما هو في مَعْنَى الْبَيْعِ من عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالصُّلْحُ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ كَأَنْ يَصْدُقَ امْرَأَةً عَيْنًا وَتَحْصُلَ الْفُرْقَةُ من جِهَتِهَا وقد أَفْلَسَتْ
وَكَذَا لو وَجَدَ عَيْنًا مُؤَجَّرَةً لم يَمْضِ من الْمُدَّةِ شَيْءٌ فَلَوْ مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ فَلَهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَخْتَصُّ بها
الْحَادِيَةَ عَشْرَ لو كان لِلْمُفْلِسِ عَيْنٌ مُؤَجَّرَةٌ كان الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقَّ بِمَنَافِعِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ تَعَطَّلَتْ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ضُرِبَ له بِمَا بَقِيَ مع الْغُرَمَاءِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ الْحُكْمُ الثَّالِثُ بَيْعُ الْحَاكِمِ مَالَهُ
يَعْنِي إنْ كان من غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَسْمُ ثَمَنِهِ
____________________
(5/302)
يَعْنِي يَجِبُ ذلك على الْحَاكِمِ وَيَكُونُ على الْفَوْرِ
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَهُ وَيَحْضُرَ الْغُرَمَاءُ
يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَيَبِيعُ كُلُّ شَيْءٍ في سُوقِهِ
بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُسْتَقِرِّ في وَقْتِهِ أو أَكْثَرَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ له من مَالِهِ ما تَدْعُو إلَيْهِ حَاجَتُهُ من مَسْكَنٍ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ كان وَاسِعًا يَفْضُلُ عن سُكْنَى مِثْلِهِ بَيْعَ واشترى له مَسْكَنُ مِثْلِهِ
وَلِابْنِ حَمْدَانَ احْتِمَالٌ أَنَّ من ادَّانَ ما اشْتَرَى بِهِ مَسْكَنًا أَنَّهُ يُبَاعُ وَلَا يُتْرَكُ له انْتَهَى
وَلَوْ كان الْمَسْكَنُ عَيْنَ مَالِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ أَخَذَهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ
قَوْلُهُ وَخَادِمٍ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ نَفِيسًا وَكَذَا الْمَسْكَنُ نَصَّ عَلَيْهِمَا
فَائِدَةٌ يُتْرَكُ له أَيْضًا آلَةُ حِرْفَةٍ فَإِنْ لم يَكُنْ صَاحِبُ حِرْفَةٍ تُرِكَ له ما يَتَّجِرُ بِهِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُ وهو منها
وقال في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَيُتْرَكُ له أَيْضًا فَرَسٌ يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِهَا
وقال في الرَّوْضَةِ يُتْرَكُ له دَابَّةٌ يَحْتَاجُهَا
وَنَقَلَ عبد اللَّهِ يُبَاعُ الْكُلُّ إلَّا الْمَسْكَنُ وما يُوَازِيهِ من ثِيَابٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهُ
تَنْبِيهٌ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِتَرْكِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ وَغَيْرِهِمَا إذَا لم يَكُنْ عَيَّنَ مَالَ الْغُرَمَاءِ
____________________
(5/303)
وَأَمَّا إنْ كان عَيَّنَ مالهم فإنه لَا يُتْرَكُ له منه شَيْءٌ وَلَوْ كان مُحْتَاجًا إلَيْهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وهو وَاضِحٌ
فَكَلَامُهُمْ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ عليه بِالْمَعْرُوفِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ من قَسْمِهِ بين غُرَمَائِهِ
يَعْنِي عليه وَعَلَى عِيَالِهِ وَمِنْ النَّفَقَةِ كِسْوَتُهُ وَكِسْوَةُ عِيَالِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مَحَلُّ هذا إذَا لم يَكُنْ له كَسْبٌ وَأَمَّا إنْ كان يَقْدِرُ على التَّكَسُّبِ لم يُتْرَكْ له ( ( ( لهم ) ) ) شَيْءٌ من النَّفَقَةِ وَقَطَعَا بِهِ وهو قَوِيٌّ
فَائِدَةٌ لو مَاتَ جُهِّزَ من مَالِهِ كَنَفَقَةٍ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ويعطى الْمُنَادِي يَعْنِي وَنَحْوَهُ أُجْرَتَهُ من الْمَالِ
وَالْمُرَادُ إذَا لم يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم بن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ إنَّمَا يعطى من بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ من الْمَصَالِحِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْحَاوِيَيْنِ وَحَقُّ الْمُنَادِي من الثَّمَنِ إنْ فُقِدَ من يَتَطَوَّعُ بِالنِّدَاءِ وَتَعَذَّرَ من بَيْتِ الْمَالِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال في الْفَائِقِ وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي من الثَّمَنِ إنْ فُقِدَ متطوع ( ( ( المتطوع ) ) ) وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ إنْ تَعَذَّرَ
وقال بن عَقِيلٍ هِيَ من مَالِ الْمُفْلِسِ ابْتِدَاءً انْتَهَى
____________________
(5/304)
وفي الْقَوْلِ الثَّانِي نَظَرٌ وَلَعَلَّ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَيَبْدَأُ بِالْمَجْنِيِّ عليه إذَا كان الْجَانِي عبد ( ( ( عبدا ) ) ) المفلس ( ( ( لمفلس ) ) ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْأَقَلَّ من الْأَرْشِ أو ثَمَنِ الْجَانِي
سَوَاءٌ كانت الْجِنَايَةُ عليه قبل الْحَجْرِ أو بَعْدَهُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَأَمَّا إنْ كان الْجَانِي هو الْمُفْلِسُ فَالْمَجْنِيُّ عليه أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ
قَوْلُهُ ثُمَّ بِمَنْ له رَهْنٌ فَيَخْتَصُّ بِثَمَنِهِ
ظَاهِرُهُ أنه سَوَاءٌ كان الرَّهْنُ لَازِمًا أو لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ ولم يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ بِاللُّزُومِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِثَمَنِهِ إلَّا إذَا كان لَازِمًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ أو أَفْلَسَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ ولم يُعْتَبَرْ وُجُودُ قَبْضِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أو قَبْلَهُ
وقال في الْفَائِقِ ثُمَّ يَخْتَصُّ من له رَهْنٌ بِثَمَنِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى يَخْتَصُّ بِثَمَنِ الرَّهْنِ على الْأَصَحِّ فَحَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ
وَذَكَرَهُمَا بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ في صُورَةِ الْمَوْتِ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِ بَائِعٍ وَجَدَ مَتَاعَهُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْمَذْهَبَ وَعَنْهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ فَإِنْ فَضَلَ له فَضْلٌ ضَرَبَ بِهِ مع الْغُرَمَاءِ وَإِنْ فَضَلَ منه فَضْلٌ رُدَّ على الْمَالِ
____________________
(5/305)
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْفَاضِلَ يُرَدُّ على الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ هُنَا وَأَنَّ الْقَاضِيَ اخْتَارَ أَنَّ بَائِعَهُ أَحَقُّ بِالْفَاضِلِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فيه
قَوْلُهُ ثُمَّ بِمَنْ له عَيْنُ مَالٍ يَأْخُذُهَا
يَعْنِي بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَكَلَامُهُ هُنَا أَعَمُّ
فَيَدْخُلُ عَيْنُ الْقَرْضِ وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِمَا كما تَقَدَّمَ
وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ من الْمُفْلِسِ أَحَقُّ بِالْمَنَافِعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ من بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
قَوْلُهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بين بَاقِي الْغُرَمَاءِ على قَدْرِ دُيُونِهِمْ فَإِنْ كان فِيهِمْ من له دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لم يَحِلَّ
هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ وهو الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
قال بن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ
قال الْقَاضِي لَا يَحِلُّ الدَّيْنُ بِالْفَلَسِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
قال في التَّلْخِيصِ لَا يَحِلُّ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ بِالْفَلَسِ على الْأَصَحِّ
قال في الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كان له دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لم يُشَارِكْ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَحِلُّ ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ
قال بن رَزِينٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ إذَا وُثِّقَ بِرَهْنٍ أو كَفِيلٍ مَلِيءٍ وَإِلَّا حَلَّ نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ فَمَتَى قُلْنَا يَحِلُّ فَهُوَ كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ
وَمَتَى قُلْنَا لَا يَحِلُّ لم يُوقَفْ لِرَبِّهِ شَيْءٌ وَلَا يَرْجِعُ على الْغُرَمَاءِ بِهِ إذَا حَلَّ
____________________
(5/306)
لَكِنْ إنْ حَلَّ قبل الْقِسْمَةِ شَارَكَ الْغُرَمَاءَ وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ قِسْمَةِ الْبَعْضِ شَارَكَهُمْ أَيْضًا وَضُرِبَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَبَاقِي الْغُرَمَاءِ بِبَقِيَّةِ دُيُونِهِمْ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لم يَحِلَّ إذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ
يَعْنِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ من قِيمَةِ التَّرِكَةِ أو الدَّيْنِ هذا الْمَذْهَبُ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ من الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَحِلُّ هُنَا مُطْلَقًا وَلَوْ قَتَلَهُ رَبُّهُ وَلَوْ قُلْنَا لَا يَحِلُّ بِالْفَلَسِ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَمَالَ إلَيْهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تَعَذَّرَ التَّوَثُّقُ حَلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا يَحِلُّ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَلَا يَحِلُّ على الْمَدْيُونِ بِمَوْتِهِ من آجل الدُّيُونِ
وقال في الِانْتِصَارِ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِمْ وَذَكَرَهُ عن أَصْحَابِنَا في الْحَوَالَةِ فَإِنْ كانت مَلِيئَةً وَإِلَّا وَثَّقُوا
وقال أَيْضًا الصَّحِيحُ أَنَّ الدَّيْنَ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَخْتَصُّ أَرْبَابُ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ بِالْمَالِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُشَارَكُونَ بِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَدَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وقلنا ( ( ( قلنا ) ) ) لَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَمَالِهِ بِقَدْرِ الْحَالِ فَهَلْ يُتْرَكُ له بِقَدْرِ ما يَخُصُّهُ لِيَأْخُذَهُ إذَا حَلَّ دَيْنُهُ أو يُوَفَّى
____________________
(5/307)
الْحَالُّ وَيَرْجِعُ على رَبِّهِ صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ إذَا حَلَّ بِحِصَّتِهِ أو لَا يَرْجِعُ يُحْتَمَلُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فَوَائِدُ
الْأُولَى إذَا لم يَكُنْ له وَارِثٌ فقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي يَحِلُّ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ وقد عُدِمَ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ احْتِمَالَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ احْتَمَلَ انْتِقَالُهُ وَيَضْمَنُ الْإِمَامُ لِلْغُرَمَاءِ وَاحْتَمَلَ حَوْلَهُ وَذَكَرَهُمَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ
وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ لِعَدَمِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ وَأَطْلَقَ في الْفَائِقِ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا لم يَكُنْ له وَارِثٌ
الثَّانِيَةُ قال في التَّلْخِيصِ حُكْمُ من طَرَأَ عليه جُنُونٌ حُكْمُ الْمُفْلِسِ وَالْمَيِّتِ في حُلُولِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ
الثَّالِثَةُ مَتَى قُلْنَا بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فإنه يَأْخُذُهُ كُلَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال وَالْمُخْتَارُ سُقُوطُ جُزْءٍ من رِبْحِهِ مُقَابِلِ الْأَجْلِ بِقِسْطِهِ وهو مَأْخُوذٌ من الْوَضْعِ وَالتَّأْجِيلِ انْتَهَى
قُلْت وهو حَسَنٌ
الرَّابِعَةُ هل يَمْنَعُ الدَّيْنُ انْتِقَالَ التَّرِكَةِ إلَى الْوَرَثَةِ أَمْ لَا يَمْنَعُ فيه رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَمْنَعُ بَلْ تَنْتَقِلُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قال بن عَقِيلٍ هِيَ الْمَذْهَبُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ
وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا مَاتَ سَقَطَ حَقُّ الْبَائِعِ من غَيْرِ مَالِهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ
____________________
(5/308)
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الإنتقال
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَنْتَقِلُ نَقَلَهَا بن مَنْصُورٍ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَنَصَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ الْقِسْمَةِ بِأَتَمَّ من هذا
وَلِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ يَأْتِي بَيَانُهَا قَرِيبًا
وَلَا فَرْقَ في ذلك بين دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى وَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَلَا بين الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ في الْحَيَاةِ وَالْمُتَجَدِّدَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي
وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ أَمْ لَا
قال في الْقَوَاعِدِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ التَّرْغِيبِ في التَّفْلِيسِ
وقال في الْفَوَائِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ اعْتِبَارُهُ حَيْثُ فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ في الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ
وَمِنْهُمْ من صَرَّحَ بِالْمَنْعِ من الِانْتِقَالِ وَإِنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا ذَكَرَهُ في مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِانْتِقَالِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بهما ( ( ( بها ) ) ) جميعها ( ( ( جميعا ) ) ) وإن ( ( ( وإلا ) ) ) لم يَسْتَغْرِقْهَا الدَّيْنُ صَرَّحَ بِهِ في التَّرْغِيبِ
وَهَلْ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بها تَعَلُّقَ رَهْنٍ أو جِنَايَةٍ فيه خِلَافٌ
قال في الْقَوَاعِدِ صَرَّحَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَيُفَسَّرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وقال في الْفَوَائِدِ يَتَحَرَّرُ الْخِلَافُ بِتَحْرِيرِ مَسَائِلَ
إحْدَاهَا هل يَتَعَلَّقُ جَمِيعُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ من أَجْزَائِهَا أَمْ يَتَقَسَّطُ
صَرَّحَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ بِالْأَوَّلِ إنْ كان الْوَارِثُ وَاحِدًا وَإِنْ كان مُتَعَدِّدًا انْقَسَمَ على قَدْرِ حُقُوقِهِمْ وَتَعَلَّقَ بِحِصَّةِ كل وَارِثٍ منهم قِسْطُهَا من الدَّيْنِ وَبِكُلِّ
____________________
(5/309)
جُزْءٍ منها كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا رَهَنَهُ الشَّرِيكَانِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا
وَالثَّانِيَةُ هل يَمْنَعُ هذا التَّعَلُّقُ من نُفُوذِ التَّصَرُّفِ سَيَأْتِي ذلك في فوائد ( ( ( الفوائد ) ) ) الرِّوَايَتَيْنِ
وَالثَّالِثَةُ هل يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ مع الذِّمَّةِ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ هل الدَّيْنُ بَاقٍ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أو انْتَقَلَ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ أو هو مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غير فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهَا يَنْتَقِلُ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وبن عَقِيلٍ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ بِالْمُؤَجَّلِ
قال في الْفُرُوعِ وفي الِانْتِصَارِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ في التَّرِكَةِ انْتَهَى وَمِنْهُمْ من خَصَّهُ بِالْقَوْلِ بِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ إلَيْهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو بَاقٍ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالْآمِدِيُّ وبن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ في ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ فَقَطْ قَالَهُ بن أبي مُوسَى
وَرُدَّ بِلُزُومِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فيها بِالتَّلَفِ
وَيَأْتِي هذا أَيْضًا في بَابِ الْقِسْمَةِ
إذَا عُرِفَ هذا فَلِلْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو كَوْنُ الدَّيْنِ يَمْنَعُ الِانْتِقَالَ أَمْ لَا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا بن رَجَبٍ في الْفَوَائِدِ من قَوَاعِدِهِ
منها نُفُوذُ تَصَرُّفِ الْوَرَثَةِ فيها بِبَيْعٍ أو غَيْرِهِ من الْعُقُودِ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا إشْكَالَ في عَدَمِ النُّفُوذِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ لَا يَنْفُذُ قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في بَابِ الشَّرِكَةِ من كِتَابَيْهِمَا
____________________
(5/310)
وَحَمَلَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ رِوَايَةَ بن منصور ( ( ( المنصور ) ) ) على هذا
وَقِيلَ يَنْفُذُ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في الرَّهْنِ وَالْقِسْمَةِ وَجَعَلَاهُ الْمَذْهَبَ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِمْ انْتَهَى
وَإِنَّمَا يَجُوزُ لهم التَّصَرُّفُ بِشَرْطِ الضَّمَانِ قَالَهُ الْقَاضِي
قال وَمَتَى خَلَّى الْوَرَثَةُ بين التَّرِكَةِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُمْ بِالدُّيُونِ
وَنَصَّبَ الْحَاكِمُ من يُوفِيهِمْ منها ولم يَمْلِكْهَا الْغُرَمَاءُ بِذَلِكَ
وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُمْ إذَا تَصَرَّفُوا فيها طُولِبُوا بِالدُّيُونِ كُلِّهَا
وفي الْكَافِي إنَّمَا يَضْمَنُونَ الْأَقَلَّ من قِيمَةِ التَّرِكَةِ أو الدَّيْنِ
وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ خَاصَّةً كَعِتْقِ الرَّاهِنِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ
وَحَكَى الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في بَابِ الْعِتْقِ في نُفُوذِ الْعِتْقِ مع عَدَمِ الْعِلْمِ وَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مع الْعِلْمِ
وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي مَأْخَذَهُمَا أَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ هل يَمْلِكُ الْوَرَثَةُ إسْقَاطَهَا بِالْتِزَامِهِمْ الْأَدَاءَ من عِنْدِهِمْ أَمْ لَا
وفي النَّظَرِيَّاتِ لِابْنِ عَقِيلٍ عِتْقُ الْوَرَثَةِ يَنْفُذُ مع يَسَارِهِمْ دُونَ إعْسَارِهِمْ اعْتِبَارًا بِعِتْقِ مَوْرُوثِهِمْ في مَرَضِهِ
وَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُ التَّرِكَةِ عِنْدَ الْغُرَمَاءِ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَا يَصِحُّ
وَمِنْهَا نَمَاءُ التَّرِكَةِ
فَعَلَى الثَّانِيَةِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِهِ أَيْضًا
وَعَلَى الْمَذْهَبِ فيه وَجْهَانِ هل يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بالنماء أَمْ لَا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ إنْ قِيلَ إنَّ التَّرِكَةَ بَاقِيَةٌ على حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ كَالْمَرْهُونِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فيه
____________________
(5/311)
فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقَ جِنَايَةٍ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّمَاءِ
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ لم تَتَعَلَّقْ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
وَخَرَّجَ الآمدي ( ( ( الأدمي ) ) ) وَصَاحِبُ الْمُغْنِي تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِالنَّمَاءِ مع الِانْتِقَالِ أَيْضًا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ
وقد يَنْبَنِي ذلك من أَصْلٍ آخَرَ وهو أَنَّ الدَّيْنَ هل هو بَاقٍ في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أو انْتَقَلَ إلَى ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ أو هو مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وقد تَقَدَّمَتْ قَبْلُ الفوائد ( ( ( فوائد ) ) )
قال فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ الْحُقُوقُ بِالنَّمَاءِ إذْ هو كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ
وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يَتَوَجَّهُ تَعَلُّقُهَا بِالنَّمَاءِ كَالرَّهْنِ
وَمِنْهَا لو مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ مَالٌ زَكَوِيٌّ فَهَلْ تَبْتَدِئُ الْوَرَثَةُ حَوْلَ الزَّكَاةِ من حِينِ الْمَوْتِ أَمْ لَا
فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا إشْكَالَ في أَنَّهُ لَا تَجْرِي في حَوْلِهِ حتى تَنْتَقِلَ إلَيْهِ
وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَنْبَنِي على أَنَّ الدَّيْنَ هل هو مَضْمُونٌ في ذِمَّةِ الْوَارِثِ أَمْ هو في ذِمَّةِ الْمَيِّتِ خَاصَّةً
فَإِنْ قُلْنَا هو في ذِمَّةِ الْوَارِثِ وكان مِمَّا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ انْبَنَى على الدَّيْنِ الْمَانِعِ هل يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ في ابْتِدَائِهِ أو يَمْنَعُ الْوُجُوبَ في انْتِهَائِهِ خَاصَّةً فيه رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَيَمْتَنِعُ انْعِقَادُ الْحَوْلِ على مِقْدَارِ الدَّيْنِ من الْمَالِ
وَإِنْ قُلْنَا إنَّمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ في آخِرِ الْحَوْلِ مَنْعُ الْوُجُوبِ هُنَا آخِرَ الْحَوْلِ في قَدْرِهِ أَيْضًا
وَإِنْ قُلْنَا ليس في ذِمَّةِ الْوَارِثِ شَيْءٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَالِ مَانِعٌ
____________________
(5/312)
وَمِنْهَا لو كان له شَجَرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ فَهُنَا صُورَتَانِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَمُوتَ قبل أَنْ يُثْمِرَ ثُمَّ يُثْمِرُ قبل الْوَفَاءِ فَيَنْبَنِي على أَنَّ الدَّيْنَ هل يَتَعَلَّقُ بِالنَّمَاءِ
فَإِنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خَرَجَ على الْخِلَافِ في مَنْعِ الدَّيْنِ الزَّكَاةَ في الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ على ما تَقَدَّمَ
وَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَالزَّكَاةُ على الْوَارِثِ
وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً على الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ
أَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فَلَا زَكَاةَ عليه إلَّا أَنْ يَنْفَكَّ التَّعَلُّقُ قبل بُدُوِّ الصَّلَاحِ
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَمُوتَ بعد ما أَثْمَرَتْ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالثَّمَرَةِ
ثُمَّ إنْ كان مَوْتُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَقَدْ وَجَبَتْ عليه الزَّكَاةُ إلَّا أَنْ نَقُولَ إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ في الْمَالِ الظَّاهِرِ
وَإِنْ كان قبل الْوُجُوبِ فَإِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ مع الدَّيْنِ
فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ
وَإِنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ فَلَا زَكَاةَ عليهم
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ على أَنَّ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِلَا خِلَافٍ
وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَثْمَرَتْ تَعَلَّقَ بها الدَّيْنُ ثُمَّ إنْ كان بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِي الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا إنْ كان قَبْلَهُ وَقُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مع الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ انْتَهَى
وَكَذَا قال بن تَمِيمٍ وبن حَمْدَانَ في بَابِ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ
وَمِنْهَا لو مَاتَ وَلَهُ عَبِيدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَهَلَّ هِلَالُ الْفِطْرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِطْرَتُهُمْ على الْوَرَثَةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا فِطْرَةَ لهم على أَحَدٍ
____________________
(5/313)
وَمِنْهَا لو كانت التَّرِكَةُ حَيَوَانًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ النَّفَقَةُ عليهم
وَعَلَى الثَّانِيَةِ من التَّرِكَةِ كَمُؤْنَةٍ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْمَخْزَنِ وَنَحْوِهِ
وَمِنْهَا لو مَاتَ الْمَدِينُ وَلَهُ شِقْصٌ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ قبل الْوَفَاءِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لهم الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا
وَلَوْ كان الْوَارِثُ شَرِيكَ الْمَوْرُوثِ وَبِيعَ نَصِيبُ الْمَوْرُوثِ في دَيْنِهِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ له الشُّفْعَةُ
وَمِنْهَا لو وطىء الْوَارِثُ الْجَارِيَةَ الْمَوْرُوثَةَ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ فَأَوْلَدَهَا فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا حَدَّ عليه وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا حَدَّ أَيْضًا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَمَهْرُهَا ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ فَفَائِدَةُ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ في الْمَهْرِ
وَمِنْهَا لو تَزَوَّجَ الِابْنُ أَمَةَ أبيه ثُمَّ قال إنْ مَاتَ أبي فَأَنْتِ طَالِقٌ وقال أَبُوهُ إنْ مِتّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ البركة ( ( ( التركة ) ) ) لم تُعْتَقْ
وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ يَقَعُ وقال بن عَقِيلٍ لَا يَقَعُ
فَقَوْلُ بن عَقِيلٍ مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ
وَقَوْلُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ على الثَّانِيَةِ
وَكَذَلِكَ إذَا لم يُدَبِّرْهَا الْأَبُ سَوَاءً
وَقِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ على الْمَذْهَبِ أَيْضًا
وَمِنْهَا لو أَقَرَّ لِشَخْصٍ فقال له في مِيرَاثِهِ أَلْفٌ
فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ في إقْرَارِهِ
وقال في التَّلْخِيصِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ إذْ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ
____________________
(5/314)
الْمِيرَاثَ فَهُوَ كما لو قال له في هذه التَّرِكَةِ أَلْفٌ فإنه إقْرَارٌ صَحِيحٌ
وَعَلَى هذا إذَا قُلْنَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الْمِيرَاثَ كان مُنَاقِضًا بِغَيْرِ خِلَافٍ
وَمِنْهَا لو مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْوَرَثَةَ
فذكر الْقَاضِي أَنَّ بن الِابْنِ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ التَّرِكَةِ بِمِيرَاثِهِ عن أبيه
وَذَكَرَهُ في مَوْضِعٍ إجْمَاعًا وَعَلَّلَهُ في مَوْضِعٍ بِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ مع الدَّيْنِ فَانْتَقَلَ مِيرَاثُ الِابْنِ إلَى ابْنِهِ
وَيُفْهَمُ من هذا أَنَّهُ على الثَّانِيَةِ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَدُ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ هو الْبَاقِي من الْوَرَثَةِ
وَمِنْهَا رُجُوعُ بَائِعِ الْمُفْلِسِ في عَيْنِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُفْلِسِ وَيُحْتَمَلُ بِنَاؤُهُ على هذا الْخِلَافِ
فَإِنْ قُلْنَا يَنْتَقِلُ امْتَنَعَ رُجُوعُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ رَجَعَ وَلَا سِيَّمَا وَالْحَقُّ هُنَا مُتَعَلِّقٌ في الْحَيَاةِ تَعَلُّقًا مُتَأَكِّدًا
وَمِنْهَا ما نُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سُئِلَ عن رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَلَيْسَ له وَارِثٌ غَيْرُ ابْنِهِ فقال ابْنُهُ لِغُرَمَائِهِ اُتْرُكُوا هذه الْأَلْفَ بِيَدِي وَأَخِّرُونِي في حُقُوقِكُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ حتى أُوفِيَكُمْ جَمِيعَ حُقُوقِكُمْ قال إذَا كَانُوا اسْتَحَقُّوا قَبْضَ هذه الْأَلْفِ وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُونَهُ لِيُوفِيَهُمْ لِأَجَلٍ فَتَرَكُوهَا في يَدَيْهِ فَهَذَا لَا خَيْرَ فيه إلَّا أَنْ يَقْبِضُوا الْأَلْفَ منه وَيُؤَخِّرُوهُ في الْبَاقِي ما شاؤوا
قال في الْقَوَاعِدِ قال بَعْضُ شُيُوخِنَا تُخَرَّجُ هذه الرِّوَايَةُ على الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ لَا تَنْتَقِلُ قال وَإِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ جَازَ وهو أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ عَلَّلَهُ في الْقَوَاعِدِ
وَمِنْهَا وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّرِكَةِ إذَا كانت دَيْنًا وَنَحْوَهُ
____________________
(5/315)
فَنَصَّ الامام أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في وَدِيعَةٍ لَا يَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ جميعا
وهو يَدُلُّ على أَنَّ لِلْغُرَمَاءِ وِلَايَةَ الْمُطَالَبَةِ وَالرُّجُوعَ على الْمُودَعِ إذَا سَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْوَرَثَةِ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على الِاحْتِيَاطِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إنْ قُلْنَا التَّرِكَةُ مِلْكٌ لهم فَلَهُمْ وِلَايَةُ الطَّلَبِ وَالْقَبْضِ وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ مِلْكًا لهم فَلَيْسَ لهم الِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ
وقال الْمَجْدُ عِنْدِي أَنَّ النَّصَّ على ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ وَالْغُرَمَاءَ تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُمْ بِالتَّرِكَةِ كَالرَّهْنِ وَالْجَانِي فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى بَعْضِهِمْ انْتَهَى الْكَلَامُ على الْفَوَائِدِ مُلَخَّصًا قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ رَجَعَ على الْغُرَمَاءِ بِقِسْطِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذه قِسْمَةٌ بان الْخَطَأَ فيها فاشبه ما لو قَسَمَ أَرْضًا أو مِيرَاثًا بين شُرَكَاءَ ثُمَّ ظَهَرَ شَرِيكٌ آخَرُ أو وَارِثٌ آخَرُ قال الْأَزَجِيُّ فَلَوْ كان له أَلْفٌ اقْتَسَمَهَا غَرِيمَاهُ نِصْفَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ ثَالِثٌ دَيْنُهُ كَدَيْنِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ على كل وَاحِدٍ بِثُلُثِ ما قَبَضَهُ من غَيْرِ زِيَادَةٍ
واصل هذا ما لو أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثِينَ بِوَارِثٍ فإنه يَأْخُذُ ما في يَدِهِ إذَا كان بنا ( ( ( ابنا ) ) ) وَهُمَا ابْنَانِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو كما قال في الثَّانِيَةِ بَلْ هو خَطَأٌ فيها
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَرْجِعُ على من أَتْلَفَ ما قَبَضَهُ بِحِصَّتِهِ
ثُمَّ قال وَيَتَوَجَّهُ كَمَفْقُودٍ رَجَعَ بَعْدَ قِسْمَةٍ وَتَلَفٍ
وفي فتاوي الْمُصَنِّفِ لو وَصَلَ مَالُ الْغَائِبِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ له عليه دَيْنًا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ له عليه دَيْنًا أَيْضًا فقال إنْ طَالَبَا جميعا اشْتَرَكَا وَإِنْ طَالَبَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَعَدَمُ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ ولم يُطَالِبْ أَصْلًا وَإِلَّا شَارَكَهُ ما لم يَقْبِضْهُ
____________________
(5/316)
قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ على الْمُفْلِسِ بَقِيَّةٌ وَلَهُ صنعه فَهَلْ يُجْبَرُ على إيجَارِ نَفْسِهِ لِقَضَائِهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ
إحْدَاهُمَا يُجْبَرُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ والحلويين ( ( ( والحاويين ) ) ) وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْبَرُ قَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ بن رزين ( ( ( الرزين ) ) ) كما لَا يُجْبَرُ على قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْخُلْعِ وَالتَّزْوِيجِ حتى أُمِّ وَلَدِهِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ على قَوَدٍ
وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ بِعَفْوِهِ على غَيْرِ مَالٍ أو مُطْلَقًا إنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ على رَدِّ مَبِيعٍ إذَا كان فيه الْأَحَظُّ
قال في التَّلْخِيصِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَبْقَى الْحَجْرُ عليه بِبَقَاءِ دَيْنِهِ إلَى الْوَفَاءِ
فَائِدَةٌ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْبَرُ على ايجار مَوْقُوفٍ عليه وَإِيجَارِ أُمِّ وَلَدِهِ إذَا اسْتَغْنَى عنها
قال في الْفُرُوعِ وَيُجْبَرُ على إيجَارِ ذلك في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ في أُمِّ الْوَلَدِ
وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ عنه الْحَجْرُ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/317)
قال في الْفُرُوعِ وَيَفْتَقِرُ زَوَالُهُ إلَى حُكْمٍ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يَزُولُ الْحَجْرُ بِقَسْمِ مَالِهِ
تَنْبِيهٌ يُؤْخَذُ من قَوْلِهِ وَإِنْ كان لِلْمُفْلِسِ حَقٌّ له بِهِ شَاهِدٌ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ معه لم يَكُنْ لِغُرَمَائِهِ أَنْ يَحْلِفُوا
عَدَمُ وُجُودِ الْيَمِينِ عليه وهو كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ شُبْهَةٍ قَوْلُهُ الْحُكْمُ الرَّابِعُ انْقِطَاعُ الْمُطَالَبَةِ عن الْمُفْلِسِ فَمَنْ أَقْرَضَهُ شيئا أو بَاعَهُ لم يَمْلِكْ مطالبته ( ( ( مطالبة ) ) ) حتى يَفُكَّ الْحَجْرَ عنه
هذا الْمَذْهَبُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُبْهِجِ في الْجَاهِلِ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ بِصِحَّةِ إقْرَارِهِ إذَا أَضَافَهُ إلَى ما قبل الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أو ضَمَانٍ أو إقْرَارٍ صَحَّ وَيُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عنه
قَوْلُهُ ( الضَّرْبُ الثَّانِي الْمَحْجُورُ عليه لِحَظِّهِ وهو الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ قبل الْإِذْنِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَظَاهِرُهُ أن هِبَةَ الصَّبِيِّ لَا تَصِحُّ وَلَوْ كان مُمَيِّزًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَتَى تصج ( ( ( تصح ) ) ) هِبَةُ الْغُلَامِ قال ليس فيه اخْتِلَافٌ إذَا احْتَلَمَ أو يَصِيرُ بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً
وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ رِوَايَةً في صِحَّةِ إبْرَائِهِ فَالْهِبَةُ مِثْلُهُ
وَيَأْتِي هل تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَغَيْرُهَا أَمْ لَا
____________________
(5/318)
قَوْلُهُ وَمَنْ دَفَعَ إلَيْهِمْ يَعْنِي إلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ مَالَهُ بِبَيْعٍ أو قَرْضٍ رَجَعَ فيه ما كان بَاقِيًا وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ من ضَمَانِ مَالِكِهِ عَلِمَ بِالْحَجْرِ أو لم يَعْلَمْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْمَجْنُونُ
وَقِيلَ يَضْمَنُ السَّفِيهُ إذَا جَهِلَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عليه
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الضَّمَانَ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وهو الصَّوَابُ كَتَصَرُّفِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْفَرْقُ على الْمَذْهَبِ عَسِرٌ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا إذَا كان صَاحِبُ الْمَالِ قد سَلَّطَهُ عليه كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَنَحْوِهِمَا كما قال الْمُصَنِّفُ فَأَمَّا إنْ حَصَلَ في أَيْدِيهِمْ بِاخْتِيَارِ صَاحِبِهِ من غَيْرِ تَسْلِيطٍ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ مَالًا فَأَتْلَفُوهُ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُونَ ذلك وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في بَابِ الْوَدِيعَةِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ يَضْمَنُونَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَحْدَهُ
وقد قَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ بِضَمَانِ الْعَبْدِ إذَا أَتْلَفَ الْوَدِيعَةَ
وَأَطْلَقَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ الْخِلَافَ في ضَمَانِ الصَّبِيِّ الْوَدِيعَةَ إذَا أَتْلَفَهَا وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(5/319)
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَحْدَهُ
وَقِيلَ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَالسَّفِيهُ
وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَأَطْلَقَهُنَّ الْمُحَرَّرُ في بَابِ الْوَدِيعَةِ
وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ بِأَتَمَّ من هذا مُحَرَّرًا
قَوْلُهُ فَإِنْ جَنَوْا فَعَلَيْهِمْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَيَضْمَنُونَ أَيْضًا إذَا أَتْلَفُوا شيئا لم يُدْفَعْ إلَيْهِمْ قَوْلُهُ وَمَتَى عَقَلَ الْمَجْنُونُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَرَشَدَا انْفَكَّ الْحَجْرُ عنهما بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
وَقِيلَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَقِيلَ لَا يَنْفَكُّ في الصَّبِيِّ الا بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَيَنْفَكُّ في غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ قَوْلُهُ ( وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِالِاحْتِلَامِ ) بِلَا نِزَاعٍ ( أو بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أو نَبَاتِ الشَّعْرِ الْخَشِنِ حَوْلَ الْقُبُلِ ) هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَكَى عنه رِوَايَةً لَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ بالانبات وقال في الْفَائِقِ وَيَحْصُلُ الْبُلُوغُ باكمال خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَنْهُ الذَّكَرُ وَحْدَهُ قَوْلُهُ وَتَزِيدُ الْجَارِيَةُ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ بِلَا نِزَاعٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَحَمْلُهَا دَلِيلُ إنْزَالِهَا وَقَدْرُهُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَكَذَا قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(5/320)
وَعَنْهُ لَا يَحْصُلُ بُلُوغُهَا بِغَيْرِ الْحَيْضِ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ قال أبو بَكْرٍ هذا قَوْلٌ أَوَّلُ فَائِدَةٌ لو وُجِدَ منى من ذَكَرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَهُوَ عَلَمٌ على بُلُوغِهِ وَكَوْنِهِ رَجُلًا وَإِنْ خَرَجَ من فَرْجِهِ أو حَاضَ كان عَلَمًا على بُلُوغِهِ وَكَوْنِهِ امْرَأَةً هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ قال في الرِّعَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الانزال عَلَامَةُ الْبُلُوغِ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال الْقَاضِي ليس وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَمًا على الْبُلُوغِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ حَاضَ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ أو احْتَلَمَ منه أو أَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ لم يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلْقَةً زَائِدَةً وَإِنْ حَاضَ من فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ فَبَالِغٌ بِلَا إشْكَالٍ انْتَهَى وَإِنْ خَرَجَ المنى من ذَكَرِهِ وَالْحَيْضُ من فَرْجِهِ فَمُشْكِلٌ وَيَثْبُتُ الْبُلُوغُ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْقَاضِي يَثْبُتُ الْبُلُوغُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْفُرُوعِ وَذَكَرَهُ في بَابِ مِيرَاثِ الْخُنْثَى وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْبُلُوغُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَإِنْ خَرَجَ المنى وَالْحَيْضُ من مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَمُشْكِلٌ بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ يَثْبُتُ الْبُلُوغُ بِذَلِكَ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ أَحَدُهُمَا لَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ بِذَلِكَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالثَّانِي يَحْصُلُ بِهِ
____________________
(5/321)
قُلْت وهو أَوْلَى لِأَنَّهُ إنْ كان ذَكَرًا فَقَدْ أَمْنَى وَإِنْ كان أُنْثَى فَقَدْ أَمْنَتْ وَحَاضَتْ وَكِلَاهُمَا يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ ثُمَّ وَجَدْتُ صَاحِبَ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قَطَعَ بِذَلِكَ وَعَلَّلَهُ بِمَا قُلْنَا قَوْلُهُ وَالرُّشْدُ الصَّلَاحُ في الْمَالِ يَعْنِي لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال بن عَقِيلٍ الرُّشْدُ الصَّلَاحُ في الْمَالِ وَالدِّينِ
قال وهو الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا قال في التَّلْخِيصِ وَنَصَّ عليه
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ حتى يُخْتَبَرَ يَعْنِي بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيُؤْنَسُ رُشْدُهُ فَإِنْ كان من أَوْلَادِ التُّجَّارِ فَبِأَنْ يَتَكَرَّرَ منه الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَلَا يُغْبَنُ يَعْنِي لَا يُغْبَنُ في الْغَالِبِ وَلَا يُفْحَشُ قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْفَظَ ما في يَدَيْهِ عن صَرْفِهِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فيه كَالْقِمَارِ وَالْغِنَاءِ وَشِرَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ وَنَحْوِهِ
قال بن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ التَّبْذِيرَ وَالْإِسْرَافَ ما أَخْرَجَهُ في الْحَرَامِ قال في النِّهَايَةِ أو يَصْرِفُهُ في صَدَقَةٍ تَضُرُّ بِعِيَالِهِ أو كان وَحْدَهُ ولم يَثِقْ بِإِيمَانِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا أَخْرَجَ في مُبَاحٍ قَدْرًا زَائِدًا على الْمَصْلَحَةِ انْتَهَى وهو الصَّوَابُ تَنْبِيهٌ دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ وَرَشَدَتْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالَهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَالْغُلَامِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَدْفَعُ إلَى الْجَارِيَةِ مَالَهَا وَلَوْ بَعْدَ رُشْدِهَا حتى تَتَزَوَّجَ وَتَلِدَ أو تُقِيمَ في بَيْتِ الزَّوْجِ سَنَةً اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ في الايضاح
____________________
(5/322)
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ إذَا لم تَتَزَوَّجْ فَقِيلَ يَبْقَى الْحَجْرُ عليها وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَبْقَى ما لم تُعَنِّسْ قال الْقَاضِي عِنْدِي أنها إذَا لم تَتَزَوَّجْ يَدْفَعُ إلَيْهَا مَالَهَا إذَا عَنَّسَتْ وَبَرَزَتْ لِلرِّجَالِ وهو الصَّوَابُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قَوْلُهُ وَوَقْتُ الِاخْتِبَارِ قبل الْبُلُوغِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَقِيلَ بَعْدَهُ لِلْجَارِيَةِ لِنَقْصِ خِبْرَتِهَا وَقَبْلَهُ لِلْغُلَامِ
فَائِدَةٌ لَا يُخْتَبَرُ إلَّا الْمُمَيِّزُ وَالْمُرَاهِقُ الذي يَعْرِفُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالْمَصْلَحَةَ وَالْمَفْسَدَةَ وَبَيْعُ الِاخْتِبَارِ وَشِرَاؤُهُ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ التَّنْبِيهُ على ذلك وَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ
قَوْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ على الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إلَّا لِلْأَبِ
يَسْتَحِقُّ الْأَبُ الْوِلَايَةَ على الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا ويكفى كَوْنُهُ مَسْتُورَ الْحَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَلِيُّهُمَا الْأَبُ ما لم يُعْلَمْ فِسْقُهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
قال في الْمُنَوِّرِ وولى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْأَبُ ثُمَّ الْوَصِيُّ الْعَدْلَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/323)
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ لوصية ثُمَّ لِلْحَاكِمِ
أَنَّ الْجَدَّ وَالْأُمَّ وَسَائِرَ الْعَصَبَاتِ ليس لهم وِلَايَةٌ وهو الْمَذْهَبُ الذي عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ لِلْجَدِّ وِلَايَةٌ فَعَلَيْهَا يُقَدَّمُ على الْحَاكِمِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُقَدَّمُ على الْوَصِيِّ على الصَّحِيحِ قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الزُّبْدَةِ
وَقِيلَ يُقَدَّمُ الوصى عليه وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ لِلْأُمِّ وِلَايَةً
وَقِيلَ لِسَائِرِ الْعَصَبَةِ وِلَايَةٌ أَيْضًا بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ ثُمَّ قال قُلْت وَيَشْهَدُ له حَجْرُ الِابْنِ على أبيه عِنْدَ خَرَفِهِ انْتَهَى
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا لِلْأُمِّ وَالْعَصَبَةِ وِلَايَةٌ أَنَّهُمْ كَالْجَدِّ في التَّقْدِيمِ على الْحَاكِمِ وَعَلَى الوصى على الصَّحِيحِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ في الْحَاكِمِ ما يُشْتَرَطُ في الْأَبِ فَإِنْ لم يَكُنْ كَذَلِكَ أو لم يُوجَدْ حَاكِمٌ فَأَمِينٌ يَقُومُ بِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال الْحَاكِمُ الْعَاجِزُ كَالْعَدَمِ
الثَّانِيَةُ يَلِي كَافِرٌ عَدْلٌ مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ
____________________
(5/324)
قال في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَيَلِي الْكَافِرُ الْعَدْلُ في دِينِهِ مَالَ وَلَدِهِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَقِيلَ لَا يَلِيهِ وَإِنَّمَا يَلِيهِ الْحَاكِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ
وَيَأْتِي هل يَلِي مَالَ الذِّمِّيَّةِ التي يلى نِكَاحَهَا من مُسْلِمٍ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَلِي الذِّمِّيُّ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ مع ان الْحُكْمَ هُنَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ في مَالِهِمَا إلَّا على وَجْهِ الْحَظِّ لَهُمَا
بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ تَبَرَّعَ أو حَابَى أو زَادَ على النَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا أو على من يَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ ضَمِنَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ ضَمِنَ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ
قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِهِمَا شيئا لِنَفْسِهِ وَلَا يَبِيعُهُمَا إلَّا الْأَبُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَجُوزُ للوصى الشِّرَاءُ من مَالِهِمَا إنْ وَكَّلَ من يَبِيعُهُ هو وَيُسْتَقْصَى في الثَّمَنِ بِالنِّدَاءِ في الْأَسْوَاقِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ وَلِوَلِيِّهِمَا مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِمَا
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
إلَّا أَنَّهُ قال في التَّرْغِيبِ يَجُوزُ ذلك لِغَيْرِ الْحَاكِمِ تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَعِتْقُهُ على مَالٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ مَجَّانًا مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/325)
وَعَنْهُ يَجُوزُ مَجَّانًا لِمَصْلَحَةٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ بأن تساوى أَمَةٌ وَوَلَدُهَا مِائَةً وَيُسَاوِي أَحَدُهُمَا مِائَةً
قُلْت وَلَعَلَّ هذا كَالْمُتَّفَقِ عليه
فَائِدَةٌ من شَرْطِ صِحَّةِ مُكَاتَبَةِ رَقِيقِهِمَا وَعِتْقِهِ على مَالٍ أَنْ يَكُونَ فيه حَظٌّ لَهُمَا مِثْلُ أَنْ يُسَاوِيَ أَلْفًا فَيُكَاتِبَهُ على أَلْفَيْنِ أو يُعْتِقَهُ عَلَيْهِمَا وَنَحْوُ ذلك فَإِنْ لم يَكُنْ فيه حَظٌّ لَهُمَا لم يَصِحَّ
قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ إمَائِهِمَا
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَلَهُ تَزْوِيجُ إمَائِهِمَا إذَا وَجَبَ تَزْوِيجُهُنَّ بِأَنْ يَطْلُبْنَ ذلك أو يَرَى الْمَصْلَحَةَ فيه وَقَطَعَا بِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى له ذلك على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في ( ( ( فيه ) ) ) الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذلك
وَعَنْهُ يَجُوزُ لِخَوْفِ فَسَادِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ
فَائِدَةٌ الْعَبِيدُ في ذلك كالاماء خِلَافًا وَمَذْهَبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يُزَوِّجُ الْأَمَةَ وَإِنْ جَازَ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ لِتَأَكُّدِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا
قُلْت يَحْتَمِلُ الْعَكْسَ لِرَفْعِ مُؤْنَتِهَا وَحُصُولِ صَدَاقِهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ قَوْلُهُ وَالسَّفَرُ بِمَالِهِمَا
إذَا أَرَادَ الولي ( ( ( الوالي ) ) ) السَّفَرَ بِمَالِهِمَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسَافِرَ بِهِ لِتِجَارَةٍ أو غَيْرِهَا فَإِنْ سَافَرَ بِهِ لِتِجَارَةٍ جَازَ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لَا يَتَّجِرُ إلَّا في الْمَوَاضِعِ الْآمِنَةِ
____________________
(5/326)
وَحَمَلَ الشَّارِحُ وبن منجا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه
وَإِنْ سَافَرَ بِهِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ مِثْلُ أَنْ يَعْرِضَ له سَفَرٌ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَلَا يُسَافِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ إجْرَاءُ الْخِلَافِ في ذلك فإنه قال وَلَهُ السَّفَرُ بِمَالِهِ خِلَافًا لِلْمُجَرَّدِ والمغنى وَالْكَافِي
وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّهُ قَطَعَ في الْكَافِي والمغنى بِجَوَازِ السَّفَرِ بِهِ لِلتِّجَارَةِ وَمُنِعَ من السَّفَرِ لِغَيْرِهَا
قَوْلُهُ والمضاربه بِهِ
يعنى أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ في مَالِ الْمَوْلَى عليه بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بَلْ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِلْمَوْلَى عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ اتَّجَرَ بِنَفْسِهِ فَلَا أجره له في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وهو تَخْرِيجٌ في المغنى وَغَيْرِهِ من الْأَجْنَبِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ عنه في الْفَائِقِ
قُلْت وهو قوى
قَوْلُهُ وَلَهُ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ
____________________
(5/327)
قَوْلُهُ بِجُزْءٍ من الرِّبْحِ
هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَقِيلَ بِأَقَلِّهِمَا أختاره بن عَقِيلٍ
قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ نَسَاءً
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فيه مَصْلَحَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ بَيْعُهُ نَسَاءً على الْأَصَحِّ
قال في الْوَجِيزِ وَبَيْعُهُ نَسَاءً مَلِيئًا بِرَهْنٍ يَحْفَظُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ ليس له ذلك قَوْلُهُ وَقَرْضُهُ
يَجُوزُ قَرْضُهُ لِمَصْلَحَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وهو من الْمُفْرَدَاتِ
قال في الْوَجِيزِ وَلِمَصْلَحَةٍ يُقْرِضُهُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ قَرْضُهُ على الْأَصَحِّ لِمَصْلَحَةٍ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَهُ قَرْضُهُ على الْأَصَحِّ مَلِيئًا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ يُقْرِضُهُ لِحَاجَةِ سَفَرٍ أو خَوْفٍ عليه أو غَيْرِهِمَا
وَعَنْهُ لَا يُقْرِضُهُ مُطْلَقًا
قَوْلُهُ بِرَهْنٍ
____________________
(5/328)
هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فقال يُقْرِضُهُ بِرَهْنٍ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ قَطَعَ بِهِ في المغنى
قال في الْفُرُوعِ وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ لِحَظِّهِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وفي قَرْضِهِ بِرَهْنٍ وَإِشْهَادٍ رِوَايَتَانِ
وقال في التَّرْغِيبِ وفي قَرْضِهِ بِرَهْنٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ قَرْضِهِ لِلْمَصْلَحَةِ سَوَاءٌ كان بِرَهْنٍ أولا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَيَمْلِكُ قَرْضَهُ
قال في الْكَافِي فَإِنْ لم يَأْخُذْ رَهْنًا جَازَ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَاقْتَصَرَ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في المغنى وَالشَّرْحِ فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُ الرَّهْنِ فَالْأَوْلَى له أَخْذُهُ احْتِيَاطًا فَإِنْ تَرَكَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَضْمَنَ إنْ ضَاعَ الْمَالُ لِتَفْرِيطِهِ وَاحْتَمَلَ ان لَا يَضْمَنَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ سَلَامَتُهُ
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِكَوْنِهِ لم يذكر الرَّهْنَ
قُلْت إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَأَقْرَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ لم يَضْمَنْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ إيدَاعُهُ مع إمْكَانِ قَرْضِهِ ذَكَرَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ مَتَى جَازَ قَرْضُهُ جَازَ إيدَاعُهُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَجُوزُ إيدَاعُهُ لِقَوْلِهِمْ يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ وقد يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَلِهَذَا جَازَ مع إمْكَانِ قَرْضِهِ إن يَمْلِكَهُ الشَّرِيكُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ دُونَ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ والوديعة ( ( ( الوديعة ) ) ) اسْتِنَابَةٌ في حِفْظٍ وَلَا سِيَّمَا ان جَازَ
____________________
(5/329)
لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ وَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ في الْمُودَعِ رِوَايَةٌ وَيَتَوَجَّهُ أَيْضًا في قَرْضِ الشَّرِيكِ رِوَايَةٌ قال وقال في الْكَافِي لَا يُودِعُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ وَيُقْرِضُهُ لِحَظِّهِ بِلَا رَهْنٍ وأنه لو سَافَرَ أَوْدَعَهُ وَقَرْضُهُ أَوْلَى انْتَهَى
الثَّالِثَةُ حَيْثُ قُلْنَا يُقْرِضُهُ فَلَا يُقْرِضُهُ لِمَوَدَّةٍ وَمُكَافَأَةٍ نَصَّ عليه
الرَّابِعَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَلَا يَقْتَرِضُ وصى وَلَا حَاكِمٌ منه شيئا وَيَأْتِي في بَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ إذَا كان ذلك أَحَظَّ
الْخَامِسَةُ يَجُوزُ رَهْنُ مَالِهِمَا لِلْحَاجَةِ عِنْدَ ثِقَةٍ وَلِلْأَبِ أَنْ يَرْتَهِنَ مَالَهُمَا من نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ على الْمَذْهَبِ
وفي المغنى رِوَايَةٌ بِالْجَوَازِ لِغَيْرِهِ
قال الزركشى وَفِيهَا نَظَرٌ
قَوْلُهُ وَشِرَاءُ الْعَقَارِ لَهُمَا وَلَهُ بِنَاؤُهُ بِمَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بلدة بِهِ
هَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال أَصْحَابُنَا يَبْنِيهِ بِالْآجُرِّ وَالطِّينِ وَلَا يَبْنِيهِ بِاللَّبِنِ وَحَمَلَا كَلَامَهُمْ على من عَادَتُهُمْ ذلك وهو أَوْلَى
وَأَجْرَاهُ في الْفَائِقِ على ظَاهِرِهِ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ اخْتِيَارَ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَلَهُ شِرَاءُ الْأُضْحِيَّةِ لِلْيَتِيمِ الْمُوسِرِ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ يعنى يُسْتَحَبُّ له شِرَاؤُهَا
قال في الْفُرُوعِ وَالتَّضْحِيَةُ له على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ له ذلك
____________________
(5/330)
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الرِّوَايَتَيْنِ على حَالَيْنِ
فَالْمَوْضِعُ الذي مُنِعَ منه إذَا كان الطِّفْلُ لَا يَعْقِلُ التَّضْحِيَةَ وَلَا يَفْرَحُ بها وَلَا يَنْكَسِرُ قَلْبُهُ بِتَرْكِهَا
وَالْمَوْضِعُ الذي أَجَازَهَا عَكْسُ ذلك انْتَهَى
وَذَكَرَهُ في النَّظْمِ قَوْلًا وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ في بَابِ الْأُضْحِيَّةِ
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ عن الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ عن الْيَتِيمِ الْمُوسِرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ عليه الصَّدَقَةُ منها بِشَيْءٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ فَيُعَايَى بها
قُلْت وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ التَّصَدُّقِ منها بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ لَكَانَ مُتَّجَهًا على ما تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عليه في بَابِهِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا له تَعْلِيمُهُ ما يَنْفَعُهُ وَمُدَاوَاتُهُ بِأُجْرَةٍ لِمَصْلَحَةٍ في ذلك وَحَمْلُهُ بِأَجْرٍ لِيَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ قَالَهُ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَاقْتَصَرَ عليه أَيْضًا في الْفُرُوعِ
قال في الْمُذْهَبِ له أَنْ يَأْذَنَ له بِالصَّدَقَةِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَاقْتَصَرَ عليه أَيْضًا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرَةِ أَنْ تَلْعَبَ بِاللُّعَبِ إذَا كانت غير مُصَوَّرَةٍ وَشِرَاؤُهَا لها بِمَالِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ من مَالِهِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ في آدَابِهِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في التَّلْخِيصِ في بَابِ اللِّبَاسِ
قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُمْ إلَّا لضروره أو غِبْطَةٍ وهو أَنْ يُزَادَ في ثَمَنِهِ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا
____________________
(5/331)
اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لِجَوَازِ بَيْعِ عَقَارِهِمْ وُجُودَ أَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا الضَّرُورَةُ وَإِمَّا الْغِبْطَةُ
فَأَمَّا الضَّرُورَةُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لها بِلَا نِزَاعٍ وَلَكِنْ خَصَّ الْقَاضِي الضَّرُورَةَ بِاحْتِيَاجِهِمْ إلَى كِسْوَةٍ أو نَفَقَةٍ أو قَضَاءِ دَيْنٍ أو مالا بُدَّ منه
وقال غَيْرُهُ أو يُخَافُ عليه الْهَلَاكُ بِغَرَقٍ أو خَرَابٍ أو نَحْوِهِ
وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا لم تكن ( ( ( يكن ) ) ) ضَرُورَةً وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَكَلَامُهُمْ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهِ إذَا كان فيه مَصْلَحَةٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في غَيْرِ هذا الْكِتَابِ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ وَالْفَائِقِ وَمَالَ إلَيْهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا الْغِبْطَةُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لها بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يُزَادَ في ثَمَنِهِ الثُّلُثُ فَصَاعِدًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْحَاوِيَيْنِ
وقال الْقَاضِي بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ ظَاهِرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِهِ ولم يُقَيِّدْهُ بِالثُّلُثِ وَلَا غَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهِ إذَا كان فيه مَصْلَحَةٌ نَصَّ عليه كما تَقَدَّمَ سَوَاءٌ حَصَلَ زِيَادَةٌ أولا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالنَّاظِمُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هذا نَصُّهُ وَمَالَ إلَيْهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/332)
قَوْلُهُ وَمَنْ فُكَّ عنه الْحَجْرُ فَعَاوَدَ السَّفَهَ أُعِيدَ عليه الْحَجْرُ
بِلَا نِزَاعٍ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْظُرُ في مَالِهِ إلَّا الْحَاكِمُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَنْظُرُ فيه الْحَاكِمُ أو أَبُوهُ
قال بن أبي مُوسَى حَجْرُ الْأَبِ على ابْنِهِ الْبَالِغِ السَّفِيهِ وَاجِبٌ على أُصُولِهِ حَاكِمًا كان أو غير حَاكِمٍ
وَقِيلَ يَنْظُرُ فيه وَلِيُّهُ الْأَوَّلُ كما لو بَلَغَ سَفِيهًا
وَقِيلَ إنْ زَالَ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ بِلَا حُكْمٍ عَادَ بِالسَّفَهِ
فَائِدَةٌ لو جُنَّ بَعْدَ رُشْدِهِ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ الْحَاكِمُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الِانْتِصَارِ يلى على أَبَوَيْهِ الْمَجْنُونَيْنِ
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ على الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ أو كان يَضَعُ مَالَهُ في الْفَسَادِ أو شِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ إلَّا بِحُكْمٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ في الْأَصَحِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/333)
وَقِيلَ يَنْفَكُّ عنه الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَقِيلَ يَنْفَكُّ عنه بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ في غَيْرِ السَّفِيهِ فَأَمَّا في السَّفِيهِ فَلَا بُدَّ من الْحُكْمِ بِفَكِّهِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ حَالَتَانِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى الزَّوَاجِ فَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ يَصِحُّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ قالوا يَصِحُّ بِإِذْنِهِ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَزَوُّجُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قال في الْوَجِيزِ وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ وَأَطْلَقَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ السَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا كان مُحْتَاجًا إلَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(5/334)
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ تَزْوِيجُ سَفِيهٍ بِلَا إذْنِهِ في الْأَصَحِّ
قال الشَّارِحُ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ قال أَصْحَابُنَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ من غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَمِلْكُهُ أَوْلَى كَالْبَيْعِ وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ في المغنى
وَقِيلَ ليس له ذلك اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمَنْعُ أَقْيَسُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ في بَابِ النِّكَاحِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في إجْبَارِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في النِّكَاحِ
قُلْت الْأَوْلَى الأجبار إذَا كان أَصْلَحَ له
وقال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في النِّكَاحِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فيه
وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ أَنَّ الْأَصْحَابَ قالوا له اجباره
الثَّانِيَةُ لو اذن له فَفِي لزوم تَعْيِينِ الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ بِالتَّعْيِينِ بَلْ هو مُخَيَّرٌ وهو الصَّحِيحُ
قال في المغنى والشرح ( ( ( والشارح ) ) ) الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بين أَنْ يُعَيِّنَ له الْمَرْأَةَ أو يَأْذَنَ له مُطْلَقًا وَنَصَرَاهُ وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ له وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ لُزُومُهُ زِيَادَةً اذن فيها كَتَزْوِيجِهِ بها في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّانِي تَبْطُلُ هِيَ لِلنَّهْيِ عنها فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا
قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنْ تلزم ( ( ( يلزم ) ) ) الْوَلِيَّ
وَإِنْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ اسْتَقَلَّ بِالزَّوَاجِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ
____________________
(5/335)
الثَّالِثَةُ لو عُلِمَ من السَّفِيهِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ إذَا زُوِّجَ اشْتَرَى له أَمَةً
الرَّابِعَةُ يَصِحُّ خُلْعُهُ كَطَلَاقِهِ وَظِهَارِهِ وَلِعَانِهِ وَإِيلَائِهِ لَكِنْ لَا يَقْبِضُ الْعِوَضَ فَإِنْ قَبَضَهُ لم يَصِحَّ قَبْضُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَتْلَفَهُ لم يَضْمَنْ وَلَا تَبْرَأُ الْمَرْأَةُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ
الْخَامِسَةُ لو وَجَبَ على السَّفِيهِ كَفَّارَةٌ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْمُفْلِسِ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَقِيلَ يُكَفِّرُ بِهِ إنْ لم يَصِحَّ عِتْقُهُ على ما يَأْتِي قَرِيبًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو فُكَّ عنه الْحَجْرُ قبل التَّكْفِيرِ وَقَدَرَ على الْعِتْقِ أَعْتَقَ
السَّادِسَةُ يُنْفِقُ عليه بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ افسدها دَفَعَ إلَيْهِ يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَوْ أَفْسَدَهَا أَطْعَمَهُ بِحُضُورِهِ
وَإِنْ أَفْسَدَ كِسْوَتَهُ سَتَرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ في الْبَيْتِ إنْ لم يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ وَلَوْ بِتَهْدِيدٍ وإذا رَآهُ الناس أَلْبَسَهُ فإذا عَادَ نَزَعَ عنه
السَّابِعَةُ يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ وَوَصِيَّتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
وَيَأْتِي وَصِيَّتُهُ في كِتَابِ الْوَصَايَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال الزَّرْكَشِيُّ في كِتَابِ الْعِتْقِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
____________________
(5/336)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَصِحُّ عِتْقُهُ على الْأَضْعَفِ
قال في الْفَائِقِ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَيَصِحُّ عِتْقُهُ الْمُنَجَّزُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وَتَقَدَّمَ هل يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَا أَذِنَ له الْوَلِيُّ في كِتَابِ الْبَيْعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أو قِصَاصٍ صَحَّ وَأُخِذَ بِهِ
إذَا أَقَرَّ بِحَدٍّ استوفى منه بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِقِصَاصٍ فَطَلَبَ إقَامَتَهُ كان لِرَبِّهِ اسْتِيفَاءُ ذلك بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو عَفَا على مَالٍ احْتَمَلَ أَنْ يَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَجِبَ لِئَلَّا يَتَّخِذَ ذلك وَسِيلَةً إلَى الاقرار بِالْمَالِ وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ سَدُّ الذَّرَائِعِ وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ لَا يُفَرِّقُ السَّفِيهُ زَكَاةَ مَالِهِ بِنَفْسِهِ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُ وَلَا حَوَالَتُهُ وَلَا الْحَوَالَةُ عليه وَلَا ضَمَانُهُ وَلَا كَفَالَتُهُ وَيَصِحُّ منه نَذْرُ كل عِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ من حَجٍّ وَغَيْرِهِ
وَلَا يَصِحُّ منه نَذْرُ عِبَادَةٍ مَالِيَّةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ نَذْرُهَا وَتُفْعَلُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ
قال في الْكَافِي قِيَاسُ قَوْلِ اصحابنا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ عِنْدَ فَكِّ حَجْرِهِ كالاقرار
وَتَقَدَّمَ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ ( إذَا أَحْرَمَ السَّفِيهُ نَفْلًا )
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لم يَلْزَمْهُ في حَالِ حَجْرِهِ
____________________
(5/337)
يَعْنِي يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ في حَالِ حَجْرِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِمَالٍ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارٍ أو لَا
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أو بِمَا يُوجِبُ مَالًا لَزِمَهُ بَعْدَ حَجْرِهِ إنْ عُلِمَ اسْتِحْقَاقُهُ في ذِمَّتِهِ حَالَ حَجْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ مُطْلَقًا
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
فَعَلَى هذا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَالٍ
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ السَّفِيهِ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْبَيْعِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْكُلَ من مَالِ الْمَوْلَى عليه
وَلَوْ لم يُقَدِّرْهُ الْحَاكِمُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِشَرْطِهِ الْآتِي وقال في الايضاح يَأْكُلُ إذَا قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ آخَرُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَأْكُلُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ
جَوَازُ أَكْلِهِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَلَوْ كان فَوْقَ كِفَايَتِهِ وَعَلَى ذلك شَرْحُ بن منجا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ إلَّا الْأَقَلَّ من أجره مِثْلِهِ أو قَدْرَ كِفَايَتِهِ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
قُلْت وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هذا الظَّاهِرُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ قَدْرَ عَمَلِهِ وكان أَكْثَرَ من كِفَايَتِهِ لم يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَى الْفَاضِلِ عن كِفَايَتِهِ فلم يَجُزْ له أَخْذُهُ وهو وَاضِحٌ
____________________
(5/338)
أو يُقَالُ هل الِاعْتِبَارُ بحاله الْأَخْذِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أو حَيْثُ اسْتَغْنَى امْتَنَعَ الْأَخْذُ
قَوْلُهُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ
الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ من مَالِ الْمُوَلَّى عليه الا مع فقرة وَحَاجَتِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قال في الْوَجِيزِ وَيَأْكُلُ الْفَقِيرُ من مَالِ مُوَلِّيهِ الْأَقَلَّ من كِفَايَتِهِ أو أُجْرَتِهِ مَجَّانًا إنْ شَغَلَهُ عن كَسْبِ ما يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكَذَا قال غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
وقال بن عَقِيلٍ يَأْكُلُ وَإِنْ كان غَنِيًّا قِيَاسًا على الْعَامِلِ في الزَّكَاةِ وقال الْآيَةُ مَحْمُولَةٌ على الِاسْتِحْبَابِ وَحَكَاهُ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال بن رَزِينٍ يَأْكُلُ فَقِيرٌ وَمَنْ يَمْنَعُهُ من مَعَاشِهِ بِالْمَعْرُوفِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذلك في غَيْرِ الْأَبِ فَأَمَّا الْأَبُ فَيَجُوزُ له الْأَكْلُ مع الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا في الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ على ما يَأْتِي في بَابِ الْهِبَةِ
قال الْقَاضِي ليس له الْأَكْلُ لِأَجْلِ عَمَلِهِ لِغِنَاهُ عنه بالنفقه الواجبه في مَالِهِ وَلَكِنْ له الْأَكْلُ بِجِهَةِ التَّمَلُّكِ عِنْدَنَا
وَضَعَّفَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا إذَا لم يَفْرِضْ له الْحَاكِمُ فَإِنْ فَرَضَ له الْحَاكِمُ شيئا جَازَ له أَخْذُهُ مَجَّانًا مع غِنَاهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ وقال هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي
وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ البرزاطي ( ( ( البزراطي ) ) ) في الْأُمِّ الْحَاضِنَةِ
قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُ ذلك إذَا أَيْسَرَ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الفقهيه
____________________
(5/339)
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ إذَا أَيْسَرَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِيَسَارِهِ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ إذَا أَيْسَرَ
قال في الْخُلَاصَةِ وَيَلْزَمُهُ عِوَضُهُ إذَا أَيْسَرَ على الْأَصَحِّ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ في النَّاظِرِ في الْوَقْفِ
خَرَّجَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَحَرْبٍ جَوَازُ الْأَكْلِ منه بِالْمَعْرُوفِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفَائِقِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّخْرِيجِ قُلْت وَإِلْحَاقُهُ بِعَامِلِ الزَّكَاةِ في الْأَكْلِ مع الْغِنَى أَوْلَى كَيْفَ وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ على أَكْلِهِ منه بِالْمَعْرُوفِ ولم يَشْتَرِطْ فَقْرًا ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ في الْوَقْفِ
قال في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَإِنْ أَكَلَ منه بِالْمَعْرُوفِ فَلَا بَأْسَ قُلْت فَيَقْضِي دَيْنَهُ قال ما سَمِعْت فيه شيئا انْتَهَى
وَعَنْهُ يَأْكُلُ إذَا اشْتَرَطَ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُقَدَّمُ بمعلومة بِلَا شَرْطٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ أجره عَمَلِهِ مع فَقْرِهِ كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ
وَفَرَّقَ الْقَاضِي بين الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ مُوَافَقَتُهُ على الْأُجْرَةِ وَالْوَكِيلُ يُمْكِنُهُ
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ يَقُومَانِ بِأَمْرِهِ يَأْكُلَانِ بِالْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُمَا كَالْأَجِيرِ وَالْوَكِيلِ
وَظَاهِرُ هذا النَّفَقَةُ لِلْوَكِيلِ
____________________
(5/340)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا الْحَاكِمُ أو أَمِينُهُ إذَا نَظَرَ في مَالِ الْيَتِيمِ فقال الْقَاضِي مَرَّةً لَا يَأْكُلُ وَإِنْ أَكَلَ الْوَصِيُّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ
وقال مَرَّةً له الْأَكْلُ كوصى الْأَبِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو دَاخِلٌ في عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ
الثَّانِيَةُ الْوَكِيلُ في الصَّدَقَةِ لَا يَأْكُلُ منها شيئا لِأَجْلِ الْعَمَلِ نَصَّ عليه
وقد صَرَّحَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ بِأَنَّ من أَوْصَى إلَيْهِ بِتَفْرِقَةِ مَالٍ على الْمَسَاكِينِ أو دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ في حَيَاتِهِ مَالًا لِيُفَرِّقَهُ صَدَقَةً لم يَجُزْ له أَنْ يَأْكُلَ منه شيئا بِحَقِّ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ وَلَيْسَ بِعَامِلٍ مُنَمٍّ مُثْمِرٍ
قَوْلُهُ وَمَتَى زَالَ الْحَجْرُ فَادَّعَى على الْوَلِيِّ تَعَدِّيًا أو ما يُوجِبُ ضَمَانًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ بِلَا نِزَاعٍ
جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ وقال ما لم تُخَالِفْهُ عَادَةٌ وَعُرْفٌ وَيَحْلِفُ غَيْرُ الْحَاكِمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَحْلِفُ غَيْرُ الْحَاكِمِ على الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرُ الْحَاكِمِ يَحْلِفُ على الْمَذْهَبِ إنْ اُتُّهِمَ
وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ من غَيْرِ يَمِينٍ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ في دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ
وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قوله إلَّا ببينه
____________________
(5/341)
قُلْت وهو قوى
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَخَرَجَ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ في وصى الْيَتِيمِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الرَّدِّ بِدُونِ بَيِّنَةٍ وَعَزَاهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ إلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ
وهو مُتَوَجِّهٌ على هذا الْمَأْخَذِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ بِالدَّفْعِ مَأْمُورٌ بِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ
وقد صَرَّحَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ بِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ عليه كَالنِّكَاحِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا إنْ كان مُتَبَرِّعًا
فَأَمَّا إنْ كان بِجُعْلٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ في الرَّهْنِ
وقيل ( ( ( قيل ) ) ) يُقْبَلُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ
فَائِدَةٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ وَحَاضِنِ الطِّفْلِ وَقَيِّمِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَبَعْدَهُ في النَّفَقَةِ وَقَدْرِهَا وَجَوَازِهَا وَوُجُودِ الضَّرُورَةِ وَالْغِبْطَةِ وَالْمَصْلَحَةِ في الْبَيْعِ وَالتَّلَفِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَّا في الْأَحَظِّيَّةِ في الْبَيْعِ إلَّا ببينه فَلَوْ قال مَاتَ أبي من سَنَةٍ أو قال أَنْفَقْت عَلَيَّ من سَنَةٍ فقال الْوَصِيُّ بَلْ من سَنَتَيْنِ قُدِّمَ قَوْلُ الصَّبِيِّ قَوْلُهُ وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْجُرَ على أمرأته في التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ على الثُّلُثِ من مَالِهَا على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
أحداهما ليس له مَنْعُهَا من ذلك وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في آخِرِ بَابِ الْهِبَةِ
____________________
(5/342)
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَتَتَصَدَّقُ من مَالِهَا بِمَا شَاءَتْ على الْأَظْهَرِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ له مَنْعُهَا من الزِّيَادَةِ على الثُّلُثِ فَلَا يَجُوزُ لها ذلك إلَّا بِإِذْنِهِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كانت رَشِيدَةً فَأَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدَةِ فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مُطْلَقًا
الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَا زَادَ على الثُّلُثِ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عليها في التَّبَرُّعِ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْكَافِي وهو قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ اكثر الْأَصْحَابِ
وَعَنْهُ له ذلك صَحَّحَهَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ إذَا تَبَرَّعَتْ من مَالِ زَوْجِهَا
قَوْلُهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَأْذَنَ له في التِّجَارَةِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ ذلك لِسَيِّدِ الْعَبْدِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ عنهما الْحَجْرُ إلَّا فِيمَا أُذِنَ لَهُمَا فيه
يَنْفَكُّ عنهما الْحَجْرُ فِيمَا أُذِنَ لَهُمَا فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَنَصَّ عليه
____________________
(5/343)
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عنهما لِأَنَّهُ لو انْفَكَّ لَمَا تُصُوِّرَ عودة وَلَمَا اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَبْدِ بِإِذْنِهِ
قَوْلُهُ وفي النَّوْعِ الذي أُمِرَا بِهِ
يَعْنِي يَنْفَكُّ عنهما الْحَجْرُ في النَّوْعِ الذي أُمِرَا بِهِ فَقَطْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَذُكِرَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ في نَوْعٍ ولم يَنْهَهُ عن غَيْرِهِ مَلَكَهُ
فَائِدَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انه كَمُضَارِبٍ في الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَغَيْرَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ له في جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ لم يَجُزْ له أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَلَا أَنْ يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ في جَوَازِ إجَارَةِ عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ خِلَافٌ في الإنتصار
قَوْلُهُ وَإِنْ رَآهُ سَيِّدُهُ أو وَلِيُّهُ يَتَّجِرُ فلم يَنْهَهُ لم يَصِرْ مَأْذُونًا له
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الذي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ فلم يَنْهَهُ وفي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إذْنًا وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ وَلَكِنْ يَكُونُ تَغْرِيرًا فَيَكُونُ ضَامِنًا بِحَيْثُ إنَّهُ ليس له أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالضَّمَانِ فإن تَرْكَ الْوَاجِبِ عِنْدَنَا كَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ كما نَقُولُ فِيمَنْ قَدَرَ على إنْجَاءِ إنْسَانِ من هَلَكَةٍ بَلْ الضَّمَانُ هُنَا أَقْوَى
قَوْلُهُ وَهَلْ له أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله بِنَفْسِهِ على وَجْهَيْنِ
وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على الْخِلَافِ في جَوَازِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ على ما يَأْتِي في بَابِهِ
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ
____________________
(5/344)
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وبن منجا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَيْضًا في هذا الْبَابِ
وقال في التَّلْخِيصِ في بَابِ الْوَكَالَةِ ليس له أَنْ يُوَكِّلَ بِدُونِ إذْنٍ أو عُرْفٍ جَعَلَهُ أَصْلًا في عَدَمِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ
فَائِدَةٌ هل لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ له أَنْ يُوَكِّلَ قال في الْكَافِي هو كَالْوَكِيلِ
قُلْت لو قِيلَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ مُطْلَقًا لَكَانَ مُتَّجَهًا
قَوْلُهُ وما اسْتَدَانَ الْعَبْدُ فَهُوَ في رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أو يُسَلِّمُهُ وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ إلَّا الْمَأْذُونُ له هل يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو ذمه سيدة على رِوَايَتَيْنِ
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِلْعَبْدِ إذَا اسْتَدَانَ حَالَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ غير مَأْذُونٍ له فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَكِنْ إنْ تَصَرَّفَ في عَيْنِ الْمَالِ إمَّا لِنَفْسِهِ أو لِلْغَيْرِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ أو كَالْفُضُولِيِّ على ما هو مُقَرَّرٌ في مَوَاضِعِهِ
وَإِنْ تَصَرَّفَ في ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أو قَرْضٍ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْبَيْعِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَصَاحِبُ الشَّرْحِ وَغَيْرُهُمَا احْتِمَالَيْنِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجْهَيْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ وَجَدَ ما أَخَذَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ منه وَمِنْ السَّيِّدِ إنْ كان بيده فَإِنْ تَلِفَ من الْعَبْدِ في يَدِ السَّيِّدِ رَجَعَ عليه بِذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ كان متعلقا ( ( ( متعلقه ) ) ) بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَإِنْ أَهْلَكَهُ الْعَبْدُ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أو يُسَلِّمُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ الجماعه عن الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
____________________
(5/345)
منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ
وَعَنْهُ إنْ فَدَاهُ فَدَاهُ بِكُلِّ الْحَقِّ بَالِغًا ما بَلَغَ ذَكَرَهَا في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ رَبُّ الْعَيْنِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَلَا شَيْءَ له نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ كما تَقَدَّمَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَعَلَى السَّيِّدِ الذي عليه نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ إذَا تَلِفَ ضَمِنَهُ بِالْمُسَمَّى وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ بمثله إنْ كان مِثْلِيًّا وَإِلَّا بِقِيمَتِهِ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَيْضًا إنْ وَجَدَهُ في يَدِ الْعَبْدِ انْتَزَعَهُ صَاحِبُهُ منه لِتَحَقُّقِ إعْسَارِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ
وَإِنْ كان في يَدِ السَّيِّدِ لم يُنْتَزَعْ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ
وَاخْتَارَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ جَوَازَ الِانْتِزَاعِ منه انْتَهَى
وَإِنْ تَلِفَ في يَدِ السَّيِّدِ لم يَضْمَنْهُ وَهَلْ يَتَعَلَّقُ ثَمَنُهُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أو بِذِمَّتِهِ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَا إنْ تَلِفَ في يَدِ الْعَبْدِ الْمُسَمَّى فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَجْدِ أَنَّهُ لَا يتبرع ( ( ( ينتزع ) ) ) وَإِنْ كان بِيَدِ الْعَبْدِ وإن الثَّمَنَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
____________________
(5/346)
قال وَيَظْهَرُ قَوْلُ الْمَجْدِ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أو الْمُقْرِضُ بِالْحَالِ وَإِنْ لم يَعْلَمْ فَيَتَوَجَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا له وَيَسْتَدِينَ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لِغَيْرِهِ وَلِهَذَا له الْحَجْرُ عليه وَتَصَرُّفٌ في بَيْعِ خِيَارٍ بِفَسْخٍ أو إمْضَاءٍ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِعَزْلِ سَيِّدِهِ لِلْمُوَكِّلِ فَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَبَنَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّوَايَتَيْنِ على أَنَّ تَصَرُّفَهُ مع الْإِذْنِ هل هو لِسَيِّدِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ كَوَكِيلِهِ أو لِنَفْسِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى
وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ وَبِرَقَبَتِهِ
وذكر ( ( ( وذكره ) ) ) في الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ يُؤْخَذُ السَّيِّدُ بِمَا اسْتَدَانَ لِمَا أَذِنَ له فيه فَقَطْ
وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ إذَا أدان فَعَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ جَنَى فَعَلَى سَيِّدِهِ
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا لَزِمَهُ كُلُّ ما ادَّانَ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِنَوْعٍ لم يذكر فيه استدانه فَبِرَقَبَتِهِ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ يَكُونُ التَّعَلُّقُ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن
____________________
(5/347)
الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
وفي الْوَسِيلَةِ يَتَعَلَّقُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا
الثَّانِي مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ في الْحَالَتَيْنِ إنَّمَا هو في الدُّيُونِ
أَمَّا اروش جِنَايَتِهِ وَقِيَمُ مُتْلَفَاتِهِ فَتَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً قاله الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةُ بن مَنْصُورٍ إنْ جَنَى فَعَلَى سَيِّدِهِ
الثَّالِثُ عُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ يقتضى جَرَيَانَ الْخِلَافِ وَإِنْ كان في يَدِهِ مَالٌ وهو صَحِيحٌ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَجَعَلَ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا عَجَزَ ما في يَدِهِ عن الدَّيْنِ
فَائِدَتَانِ
أحداهما حُكْمُ ما اسْتَدَانَهُ أو اقْتَرَضَهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ حُكْمُ ما اسْتَدَانَهُ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَقَطَعَ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ بِلُزُومِهِ لِلسَّيِّدِ وَكَذَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ
الثَّانِيَةُ لَا فَرْقَ فِيمَا اسْتَدَانَهُ بين أَنْ يَكُونَ فِيمَا أُذِنَ له فيه أو في الذي لم يُؤْذَنْ له فيه كما لو أُذِنَ له في التِّجَارَةِ في الْبُرِّ فَيَتَّجِرُ في غَيْرِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وهو كما قال
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ له شيئا لم يَصِحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ
____________________
(5/348)
بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ في الْآخَرِ إذَا كان عليه دَيْنٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ
وهو رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا ذكره ( ( ( وذكره ) ) ) في الْفُرُوعِ
وَأَمَّا شِرَاءُ السَّيِّدِ من عَبْدِهِ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُضَارَبَةِ في قَوْلِهِ وَكَذَا شِرَاءُ السَّيِّدِ من عَبْدِهِ
فَائِدَةٌ لو ثَبَتَ على عَبْدٍ دَيْنٌ زَادَ في الرِّعَايَةِ أو أَرْشُ جِنَايَةٍ ثُمَّ مَلَكَهُ من له الدَّيْنُ أو الْأَرْشُ سَقَطَ عنه ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ ذكروه ( ( ( ذكره ) ) ) في كِتَابِ الصَّدَاقِ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ اقرار الْمَأْذُونِ في قَدْرِ ما أُذِنَ له فيه
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى إنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ فِيمَا أُذِنَ له فيه من التِّجَارَةِ إنْ كان يَسِيرًا
وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ الْمُمَيِّزِ
وَذَكَرَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أو قَوَدٍ أو نَسَبٍ أو طَلَاقٍ لَزِمَ وَإِنْ أَقَرَّا بِمَالٍ أُخِذَ بَعْدَ الْحَجْرِ
قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَإِنَّمَا ذلك في السَّفِيهِ وهو كما قال
وَيَأْتِي ذلك في كِتَابِ الاقرار بِأَتَمَّ من هذا
____________________
(5/349)
وَيَأْتِي هُنَاكَ إقْرَارُ الْعَبْدِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ له في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
قَوْلُهُ وَإِنْ حُجِرَ عليه وفي يَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أُذِنَ له فاقر بِهِ صَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ إنَّمَا ذلك في الصَّبِيِّ في الشَّيْءِ الْيَسِيرِ
وَمُنِعَ في الِانْتِصَارِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ثُمَّ سَلَّمَ ذلك
فَائِدَةٌ لو اشْتَرَى من يُعْتَقُ على سَيِّدِهِ بِلَا إذْنِهِ صَحَّ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ له
واقره في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في بَابِ الْمُضَارَبَةِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَشَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قاله الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ في بَابِ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وزاد لو اشْتَرَى من يُعْتَقُ على امْرَأَتِهِ وَزَوْجِ صَاحِبَةِ الْمَالِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَةَ سَيِّدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَكَذَا الْحُكْمُ لو اشْتَرَى امْرَأَةَ سَيِّدِهِ أو صَاحِبَةَ الْمَالِ قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ في بَابِ الْمُضَارَبَةِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ لو كان عليه دَيْنٌ فَقِيلَ يُبَاعُ فيه قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يُعْتَقُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/350)
وَيَأْتِي نَظِيرُهَا ( لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ من يُعْتَقُ على رَبِّ الْمَالِ في الْمُضَارَبَةِ
وقد تَقَدَّمَ في اول كِتَابِ الزَّكَاةِ هل يَمْلِكُ الْعَبْدُ بِالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا وَذَكَرْنَا هُنَاكَ فَوَائِدَ جَمَّةً ذَكَرَهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُنَا فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ
قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْإِذْنُ بالاباق
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَبْطُلُ اذنه بإباقة في الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ
وَقِيلَ يَبْطُلُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ
فَائِدَةٌ لو دَبَّرَهُ أو اسْتَوْلَدَهَا لم يَبْطُلْ إذْنُهُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وفي بُطْلَانِ إذْنِهِ بِكِتَابَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَأَسْرٍ خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ
وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ يَزُولُ مِلْكُهُ بِحُرِّيَّةٍ وَغَيْرِهَا كَحَجْرٍ على سَيِّدِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُسْتَوْعِبِ يَبْطُلُ إذْنُهُ بِخُرُوجِهِ عن مِلْكِهِ بِبَيْعٍ او هِبَةٍ أو صَدَقَةٍ أو سبى وَجَزَمَا بِأَنَّهُ يَبْطُلُ إذْنُهُ بِإِيلَادِهَا وهو بَعِيدٌ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُ الْمَأْذُونِ له بِهِبَةِ الدَّرَاهِمِ وَكِسْوَةِ الثِّيَابِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ يَعْنِي لِلْعَبْدِ هَدِيَّتُهُ لِلْمَأْكُولِ وَإِعَارَةُ دَابَّتِهِ
وَكَذَا عَمَلُ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ من غَيْرِ إسْرَافٍ في الْكُلِّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْح وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/351)
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ الْأَزَجِيُّ
قَوْلُهُ وَهَلْ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ له الصَّدَقَةُ من قُوتِهِ بِالرَّغِيفِ إذَا لم يَضُرَّ بِهِ على رِوَايَتَيْنِ
يَعْنِي لِلْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ له ذلك وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ
فَائِدَةٌ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ
قَوْلُهُ وَهَلْ للمراة الصَّدَقَةُ من بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ بِنَحْوِ ذلك على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ
أحداهما يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ
قال النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ لها ذلك ما لم يَمْنَعْهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ
وقال وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ الْعُرْفُ وَيَشُكُّ في رِضَاهُ أو يَكُونُ بَخِيلًا وَتَشُكُّ في رِضَاهُ فَلَا يَصِحُّ
____________________
(5/352)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ كَصَدَقَةِ الرَّجُلِ من طَعَامِ الْمَرْأَةِ وَكَمَنْ يُطْعِمُهَا بِفَرْضٍ ولم يَعْلَمْ رِضَاهُ
قال في الْفُرُوعِ ولم يُفَرِّقْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ
بَابُ الْوَكَالَةِ
فَائِدَةٌ الْوَكَالَةُ عِبَارَةٌ عن إذْنٍ في تَصَرُّفٍ يَمْلِكُهُ الْآذِنُ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وقال في الْوَجِيزِ هِيَ عِبَارَةٌ عن اسْتِنَابَةِ الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ مثله فِيمَا له فِعْلُهُ حَالَ الْحَيَاةِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ في الِاصْطِلَاحِ التَّفْوِيضُ في شَيْءٍ خَاصٍّ في الْحَيَاةِ وَلَيْسَ بِجَامِعٍ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هِيَ عِبَارَةٌ عن اسْتِنَابَةِ الْغَيْرِ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ
قَوْلُهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ على الأذن
كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُك في كَذَا أو فَوَّضْته إلَيْك أو أَذِنْت لَك فيه أو بِعْهُ أو أَعْتِقْهُ أو كَاتِبْهُ وَنَحْوَ ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ إذَا قال بِعْ هذا ليس بِشَيْءٍ حتى يَقُولَ قد وَكَّلْتُك
قال في المغنى وَمَنْ تَبِعَهُ قبل قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وإذا وَكَّلَهُ في طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِسَطْرَيْنِ هذا سَهْوٌ من النَّاسِخِ
وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُ الدَّلِيلِ على جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ لَفْظِ التَّوْكِيلِ وهو الذي نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ انْتَهَى
وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على التَّأْكِيدِ لِنَصِّهِ على انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِاللَّفْظِ وَالْمُعَاطَاةِ فَكَذَا الْوَكَالَةُ
____________________
(5/353)
قال بن عَقِيلٍ هذا دَأْبُ شَيْخِنَا أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَظْهَرِهِ وَيَصْرِفَهُ عن ظَاهِرِهِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ لَفْظٍ رِوَايَةٌ وَيُصَحِّحُ الصَّحِيحَ
قال الْأَزَجِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ في الْمَذْهَبِ على هذا حتى لَا يَصِيرَ الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وقال النَّاظِمُ % وَكُلُّ مَقَالٍ يُفْهَمُ منه الْإِذْنُ صَحَحْنَ % % بِهِ عَقْدَهَا من مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدِ % % وَعَنْهُ سِوَى فَوَّضْت أَمْرَ كَذَا له % % وَوَكَّلْته فيه اُرْدُدْنَهُ فنقد ( ( ( فنفد ) ) ) % تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عليها من الْمُوَكِّلِ وهو صَحِيحٌ
وقال في الْفُرُوعِ دَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمُ على انْعِقَادِ الْوَكَالَةِ بِالْفِعْلِ من الْمُوَكِّلِ الدَّالِّ عليها كَالْبَيْعِ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أو خَيَّاطٍ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَكُلُّ قَوْلٍ أو فِعْلٍ يَدُلُّ على الْقَبُولِ
يَصِحُّ الْقَبُولُ بِكُلِّ قَوْلٍ من الْوَكِيلِ يَدُلُّ عليه بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يَدُلُّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْقَوَاعِدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى مِثْلُ ذلك سَائِرُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ في أَنَّ الْقَبُولَ يَصِحُّ بِالْفِعْلِ
قال في الْقَوَاعِدِ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ أو صريحة أَنَّ هذه الْعُقُودَ مِثْلُ الْوَكَالَةِ
____________________
(5/354)
الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ تَعْيِينُ الْوَكِيلِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ في مَسْأَلَةِ تَصَدَّقْ بِالدَّيْنِ الذي عَلَيْك
وقال ابو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ لو وَكَّلَ زَيْدًا وهو لَا يَعْرِفُهُ أو لم يَعْرِفْ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ لم تَصِحَّ
الثَّالِثَةُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مُؤَقَّتَةً بِلَا نِزَاعٍ ومعلقه بِشَرْطٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ كَوَصِيَّةٍ وَإِبَاحَةِ أَكْلٍ وَقَضَاءٍ وَإِمَارَةٍ وَكَتَعْلِيقِ تَصَرُّفٍ كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُك الْآنَ ان تَبِيعَ بَعْدَ شَهْرٍ أو تَعْتِقَهُ إذَا جاء الْمَطَرُ أو تُطَلِّقَ هذه إذَا جاء زَيْدٌ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في تَعْلِيقِ وَقْفٍ بِشَرْطٍ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ تَوْكِيلٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ تَصَرُّفٍ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ
الرَّابِعَةُ لو أَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْوَكَالَةَ قَوْلًا أو فِعْلًا فَهُوَ كعزلة نَفْسَهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قُلْت وَيَحْتَمِلُ لَا
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ في شَيْءٍ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فيه
هذا الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ
فَعَلَى هذا لوكله ( ( ( لو ) ) ) في بَيْعِ ما سَيَمْلِكُهُ أو في طَلَاقِ من يَتَزَوَّجُهَا لم يَصِحَّ إذْ الْبَيْعُ وَالطَّلَاقُ لم يَمْلِكْهُ في الْحَالِ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو قال إنْ تَزَوَّجْت هذه
____________________
(5/355)
فَقَدْ وَكَّلْتُك في طَلَاقِهَا وَإِنْ اشْتَرَيْت هذا الْعَبْدَ فَقَدْ وَكَّلْتُك في عِتْقِهِ صَحَّ إنْ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا على مِلْكَيْهِمَا وَإِلَّا فَلَا
وقال في التَّلْخِيصِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ما إذَا قال إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَقَدْ وَكَّلْتُك في طَلَاقِهَا
قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ لَا يَصِحُّ
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من هذه الْقَاعِدَةِ صِحَّةُ تَوْكِيلِ الْحُرِّ الْوَاجِدِ الطَّوْلَ في قَبُولِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِمَنْ تُبَاحُ له وَصِحَّةُ تَوْكِيلِ الغنى في قَبْضِ الزَّكَاةِ لِفَقِيرٍ لِأَنَّ سَلْبَهُمَا الْقُدْرَةَ تَنْزِيهًا لِمَعْنًى يقتضى مَنْعَ الْوَكَالَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَيَجُوزُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا بِالْوَكَالَةِ وَامْرَأَةً غَيْرَهَا وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ نِكَاحَ أُخْتِهِ من أبيه لِأَجْنَبِيٍّ وَنَحْوِ ذلك قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ صِحَّةُ وَكَالَةِ الْمُمَيِّزِ في الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مبنى على صِحَّتِهِ منه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وفي الرِّعَايَةِ فيه لِنَفْسِهِ أو غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ بِلَا إذْنٍ وَفِيهِ في الْمُذْهَبِ لِنَفْسِهِ رِوَايَتَانِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو وَكَّلَ الْعَبْدَ في شِرَاءِ نَفْسِهِ من سَيِّدِهِ وَأَحْكَامًا أُخَرَ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ في حَقِّ كل آدَمِيٍّ من الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ
يَشْمَلُ كَلَامَهُ الْحَوَالَةَ وَالرَّهْنَ وَالضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ وَالشَّرِكَةَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْمُضَارَبَةَ وَالْجِعَالَةَ وَالْمُسَاقَاةَ والاجارة وَالْقَرْضَ وَالصُّلْحَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَالْإِبْرَاءَ وَنَحْوَ ذلك لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْإِنْفَاقُ وَالْقِسْمَةُ وَالْحُكُومَةُ وَكَذَا الْوَكَالَةُ في الْوَقْفِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وبن رَزِينٍ وَحَكَاهُ في الْجَمِيعِ إجْمَاعًا
____________________
(5/356)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ
يَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو وَكَّلَ عَبْدَهُ أو غَرِيمَهُ أو امْرَأَتَهُ في إعْتَاقِ عَبِيدِهِ وَإِبْرَاءِ غُرَمَائِهِ وَطَلَاقِ نِسَائِهِ لم يَمْلِكْ عِتْقَ نَفْسِهِ وَلَا طَلَاقَهَا وَلَا إبْرَاءَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَمْلِكُ ذلك وَجَزَمَ بِهِ الأزجى في الْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَذِنَ له أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالٍ لم يَجُزْ له أَنْ ياخذ منه لِنَفْسِهِ إذَا كان من أَهْلِ الصَّدَقَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن بُخْتَانَ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا
وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على إرَادَةِ أَخْذِهِ منه ذَكَرَهُمَا في الْمُغْنِي
وَيَأْتِي في أَرْكَانِ النِّكَاحِ هل لِلْوَكِيلِ في النِّكَاحِ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ أَمْ لَا
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الْإِقْرَارِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ فيه إقْرَارٌ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفَخْرِ في طَرِيقَتِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالتَّوْكِيلُ في الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ في الْأَصَحِّ
وقال في الْكُبْرَى وفي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ في الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَجْهَانِ
وَقِيلَ التَّوْكِيلُ في الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ
وَقِيلَ بقول ( ( ( يقول ) ) ) جَعَلْته مقرى انْتَهَى
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ ليس بِإِقْرَارٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْأَزَجِيُّ لَا بُدَّ من تَعْيِينِ ما يُقِرُّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ في تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ
قَوْلُهُ وَتُمْلَكُ الْمُبَاحَاتُ من الصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ
____________________
(5/357)
كَإِحْيَاءٍ لِلْمَوَاتِ وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ في تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّهُ تَمَلُّكُ مَالٍ بِسَبَبٍ لَا يَتَعَيَّنُ عليه فَجَازَ كَالِابْتِيَاعِ وَالِاتِّهَابِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ في تَمَلُّكِ مُبَاحٍ في الْأَصَحِّ كَالِاسْتِئْجَارِ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْوَكَالَةِ هو من الْمُبَاحَاتِ فَمَنْ اسْتَوْلَى عليه مَلَكَهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ من وُكِّلَ في احْتِشَاشٍ وَاحْتِطَابٍ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ ما أَخَذَهُ أو مُوَكِّلُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قَوْلُهُ إلَّا الظِّهَارَ وَاللِّعَانَ وَالْأَيْمَانَ
وَكَذَا الايلاء وَالْقَسَامَةُ وَالشَّهَادَةُ وَالْمَعْصِيَةُ
وَيَأْتِي حُكْمُ الْوَكَالَةِ في الْعِبَادَاتِ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ من يُقْبَلُ له النِّكَاحُ وَمَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ
هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ تَسْمِيَةُ الموكل ( ( ( الموكلة ) ) ) في صُلْبِ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ والمغنى وَالشَّرْحِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال قَبِلْت هذا النِّكَاحَ وَنَوَى أَنَّهُ قَبِلَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَيَذْكُرُهُ صَحَّ
قُلْت وَيَحْتَمِلُ ضِدَّهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ انْتَهَى
قال في التَّرْغِيبِ لو قال الْوَكِيلُ قَبِلْت نِكَاحَهَا ولم يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
____________________
(5/358)
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَكِيلُ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كان حَاضِرًا بِأَتَمَّ من هذا
قَوْلُهُ وَإِنْ كان مِمَّنْ يَصِحُّ منه ذلك لِنَفْسِهِ وَمُوَلِّيَتِهِ
فَعَلَى هذا لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ في إيجَابِ النِّكَاحِ إلَّا على رِوَايَةِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الْوَلِيِّ على ما يَأْتِي في بَابِ اركان النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا قَبُولُ النِّكَاحِ منه فَيَصِحُّ لِنَفْسِهِ فَكَذَا يَصِحُّ لِغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وفي قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا التَّوَكُّلُ في شَيْءٍ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فيه
وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الْقِيَاسُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَصَحَّحَهُ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ لِغَيْرِهِ قال في التَّلْخِيصِ اخْتَارَهُ اصحابنا الا بن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال في الْوَجِيزِ وَلَا يُوَكَّلُ فَاسِقٌ في نِكَاحٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في أَرْكَانِ النِّكَاحِ
وَأَمَّا السَّفِيهُ فَقِيلَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا في الايجاب وَالْقَبُولِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
____________________
(5/359)
وَقِيلَ يَصِحُّ في قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ قُلْنَا يَتَزَوَّجُ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ في إيجَابِهِ وَقَبُولِهِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
وهو الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وقد تَقَدَّمَ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ هل لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ أَمْ لَا
وَيَأْتِي في أَرْكَانِ النِّكَاحِ هل لِلْوَكِيلِ الْمُطَلِّقِ في النِّكَاحِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَا
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ في كل حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ النيابه من الْعِبَادَاتِ
كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالطَّهَارَةِ من الْحَدَثِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فيها إلَّا الصَّوْمَ الْمَنْذُورَ يُفْعَلُ عن الْمَيِّتِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِهِ وَلَيْسَ ذلك بِوَكَالَةٍ
وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ في الْحَجِّ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فيه تَدْخُلُ تَبَعًا له قَوْلُهُ وَالْحُدُودُ في إثْبَاتِهَا وإستيفائها
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ وَقَدَّمَهُ بن مُنَجَّى في شَرْحِهِ
وقال أبو الْخَطَّابِ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ في إثْبَاتِهِ وَتَصِحُّ في اسْتِيفَائِهِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/360)
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ في حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتِهِ إلَّا الْقِصَاصُ وَحَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ في غَيْبَتِهِ
منهم بن بَطَّةَ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ
قال بن رَزِينٍ عن هذا الْقَوْلِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ اسْتِيفَائِهِمَا في غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال بن منجا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو استوفى الْقِصَاصُ بَعْدَ عَزْلِهِ ولم يَعْلَمْ فَفِي ضَمَانِ الْمُوَكِّلِ وَجْهَانِ
قال أبو بَكْرٍ لَا ضَمَانَ على الْوَكِيلِ
فَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ
وَمِنْهُمْ من قال لِأَنَّ عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لم يَصِحَّ حَيْثُ حَصَلَ على وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ فَهُوَ كما لو عَفَا بَعْدَ الرَّمْيِ
قال أبو بَكْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ على قَوْلَيْنِ
وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ الْبِنَاءُ على انْعِزَالِهِ قبل الْعِلْمِ
فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ لم يَصِحَّ الْعَفْوُ وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ صَحَّ الْعَفْوُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ وَهَلْ يَرْجِعُ على الْمُوَكِّلِ على وَجْهَيْنِ
أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ لِتَغْرِيرِهِ وَالثَّانِي لَا
فَعَلَى هذا فَالدِّيَةُ على عَاقِلَةِ الْوَكِيلِ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَعِنْدَ الْقَاضِي في مَالِهِ وهو بَعِيدٌ وقد يُقَالُ هو شِبْهُ عَمْدٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ
____________________
(5/361)
وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ لم يَضْمَنْ الْوَكِيلُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَامِّيُّ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على صِحَّةِ عَفْوِهِ وَتَرَدُّدًا بين تَغْرِيرِهِ وَإِحْسَانِهِ
وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ
وَهَلْ تَكُونُ في مَالِهِ أو على عَاقِلَتِهِ فيه وَجْهَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وزاد وإذا قُلْنَا في مَالِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بها على الْمُوَكِّلِ على وَجْهَيْنِ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله بِنَفْسِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ وَغَيْرُهُمْ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَيْهِمْ في شَيْءٍ هل له أَنْ يُوَكِّلَ من يَعْمَلُهُ وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْوَصِيَّ في جَوَازِ التَّوْكِيلِ وَعَدَمِهِ كَالْوَكِيلِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وهو إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وبن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ التَّوْكِيلُ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ في الْوَكِيلِ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوِلَايَةِ وَلَيْسَ وكيلا ( ( ( توكيلا ) ) ) مَحْضًا فإنه مُتَصَرِّفٌ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ وَأَمَانَتُهُ
وإما إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ من الْوَصِيِّ إلَى غَيْرِهِ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ
____________________
(5/362)
وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ ايضا أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ في جَوَازِ اسْتِنَابَةِ غَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ وهو إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَيْضًا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له الِاسْتِنَابَةُ وَالِاسْتِخْلَافُ وَإِنْ مَنَعْنَا الْوَكِيلَ منها وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وبن عَقِيلٍ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ بِنَاءً على أَنَّ الْقَاضِيَ ليس بِنَائِبٍ للامام بَلْ هو نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا عن وِلَايَةٍ وَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ في وِلَايَتِهِ حُكْمَ الامام بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يُضَيِّقُ عليه تولى جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِنَفْسِهِ وَيُؤَدِّي ذلك إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِ الناس الْعَامَّةِ فَأَشْبَهَ من وُكِّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ مُبَاشَرَتُهُ عَادَةً لِكَثْرَتِهِ انْتَهَى
وَأُلْحِقَ بِالْحَاكِمِ أَمِينُهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
فَوَائِدُ
تُشْبِهُ ما تَقَدَّمَ
منها الشَّرِيكُ وَالْمُضَارِبُ هل لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا أَمْ لَا وَيَأْتِي ذلك في شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَنَتَكَلَّمُ عليها هُنَاكَ
وَمِنْهَا الْوَلِيُّ في النِّكَاحِ هل يَجُوزُ له أَنْ يُوَكِّلَ أو لَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا أو لَا فَإِنْ كان مُجْبِرًا فَلَا إشْكَالَ في جَوَازِ تَوْكِيلِهِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ شَرْعًا من غَيْرِ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ معه إذْنُهَا وَقَطَعَ بهذا الْجُمْهُورُ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَإِنْ كان غير مُجْبِرٍ فَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ له التَّوْكِيلُ وَإِنْ مَنَعْنَا الْوَكِيلَ من التَّوْكِيلِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثابته
____________________
(5/363)
بِالشَّرْعِ من غَيْرِ جِهَةِ الْمَرْأَةِ فَلَا تَتَوَقَّفُ اسْتِنَابَتُهُ على إذْنِهَا كَالْمُجْبِرِ وَإِنَّمَا افْتَرَقَا على اعْتِبَارِ إذْنِهَا في صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَا أَثَرَ له هُنَا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
قُلْت وهو أَقْوَى دَلِيلًا وهو الْمَذْهَبُ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَكِيلِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَا وَقَدَّمَ في بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَنَاقَضَ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ عن هذه الطَّرِيقَةِ فيها ضَعْفٌ
وَأَطْلَقَ في التَّلْخِيصِ في إذْنِهَا وَعَدَمِهِ رِوَايَتَيْنِ
وَيَأْتِي ذلك في أَرْكَانِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَكِيلُ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ كان حَاضِرًا بِأَتَمَّ من هذا
وَمِنْهَا الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُمَا هل لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مثله بِنَفْسِهِ أو يَعْجِزُ عنه لِكَثْرَتِهِ
بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل يُسَوَّغُ له التَّوْكِيلُ في الْجَمِيعِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ
وفي الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عنه خَاصَّةً اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الفقهيه وَالزَّرْكَشِيُّ
فَوَائِدُ
الْأُولَى حَيْثُ جَوَّزْنَا له التَّوْكِيلَ فَمِنْ شَرْطِ الْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَمِينًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ
الثَّانِيَةُ لو قال الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ وَكِّلْ عَنْك صَحَّ وكان وَكِيلَ وَكِيلِهِ جَزَمَ
____________________
(5/364)
بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَإِنْ قال وَكِّلْ عَنِّي صَحَّ أَيْضًا وكان وَكِيلَ مُوَكِّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَكُونُ وَكِيلَ وَكِيلِهِ أَيْضًا كَالْأُولَى هذا نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّلْخِيصِ فِيمَا إذَا قال وَكِّلْ عَنِّي أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ وَقَطَعَ بِهِ
وقال فِيمَا إذَا قال وَكِّلْ عَنْكَ هل يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ أو وَكِيلَ الْوَكِيلِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فَتَعَاكَسَا في مَحَلِّ الْخِلَافِ
فَلَعَلَّ ما في التَّلْخِيصِ غَلَطٌ من النَّاسِخِ فإن الطَّرِيقَةَ الْأُولَى أَصْوَبُ وَأَوْفَقُ لِلْأُصُولِ أو يَكُونُ طَرِيقَةً وهو بَعِيدٌ
وَإِنْ قال وَكِّلْ ولم يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك فَهَلْ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ كَالْأُولَى أو وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ كَالثَّانِيَةِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا يَكُونُ وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وبن رَجَبٍ في آخِرِ الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ
وَالثَّانِي يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ
وَأَمَّا إذَا وَكَّلَ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مثله بِنَفْسِهِ أو يَعْجِزَ عنه لِكَثْرَتِهِ أو قُلْنَا يَجُوزُ له التَّوْكِيلُ من غَيْرِ إذْنٍ وَوَكَّلَ فإن الْوَكِيل الثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
الثَّالِثَةُ حَيْثُ حَكَمْنَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ فإنه يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ وَنَحْوِهِ وَيَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ
وَحَيْثُ قُلْنَا هو وَكِيلُ الْوَكِيلِ فإنه يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ
____________________
(5/365)
الْمُوَكِّلِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ له عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ له عَزْلُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ ليس له عَزْلُهُ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ عبد غَيْرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وفي صِحَّةِ تَوْكِيلِهِ في نِكَاحٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ في صِحَّةِ قَبُولِهِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ في الايجاب وَلَا الْقَبُولِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ
قال في الشَّرْحِ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحَّانِ منه اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقِيلَ يَصِحُّ في الْقَبُولِ دُونَ الايجاب وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى
فَائِدَةٌ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ سَيِّدِهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَحْدَهُ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ في الطَّلَاقِ من غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كما يَجُوزُ له الطَّلَاقُ من غَيْرِ إذْنِهِ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِإِذْنِهِ في شِرَاءِ نَفْسِهِ من سَيِّدِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
وَكَذَا حَكَاهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ
وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
____________________
(5/366)
وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَحَّ في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ وَقَدَّمَهُ في الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قال اشْتَرَيْت نَفْسِي لِزَيْدٍ وَصَدَّقَاهُ صَحَّ وَلَوْ قال السَّيِّدُ ما اشْتَرَيْت نَفْسَك إلَّا لِنَفْسِك عَتَقَ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ
وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ في الْأُولَى وَكَذَّبَهُ زَيْدٌ نَظَرْت في تَكْذِيبِهِ فَإِنْ كَذَّبَهُ في الْوَكَالَةِ حَلَفَ وَبَرِئَ وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْبَيْعِ
وَإِنْ صَدَّقَهُ في الْوَكَالَةِ وقال ما اشْتَرَيْت نَفْسَك لي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو قال ما اشْتَرَيْت نَفْسَك مِنِّي إلَّا لَك فقال بَلْ لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ زَيْدٌ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ صَدَّقَهُ لم يَعْتِقْ قُلْت بَلَى انْتَهَى
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ وَكَّلَهُ بِإِذْنِهِ في شِرَاءِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وكيله ( ( ( توكيله ) ) ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ في شِرَاءِ نَفْسِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ
فَائِدَةٌ لو وَكَّلَ عَبْدٌ غَيْرَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ في شِرَاءِ عَبْدٍ غَيْرِهِ من سَيِّدِهِ فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
قال في الْوَجِيزِ وَمَنْ كل ( ( ( وكل ) ) ) عَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَقَدَّمَهُ في المغنى
____________________
(5/367)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
قَوْلُهُ الْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ من الطَّرَفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ
بِلَا نِزَاعٍ
فَلَوْ قال وَكَّلْتُك وَكُلَّمَا عَزَلْتُك فَقَدْ وَكَّلْتُك انْعَزَلَ بِقَوْلِهِ عَزَلْتُك وَكُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك
وَتُسَمَّى الْوَكَالَةَ الدَّوْرِيَّةَ وهو فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ
قال في التَّلْخِيصِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ بِنَاءً على أَنَّ الْوَكَالَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّعْلِيقِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ فَسْخُهَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَصِيرَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ لَازِمَةً وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُعَلَّقِ إيقَاعَ الْفَسْخِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الِامْتِنَاعُ من التَّوْكِيلِ وَحَلُّهُ قبل وُقُوعِهِ وَالْعُقُودُ لَا تُفْسَخُ قبل انْعِقَادِهَا ذَكَرَهُ بن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عشر ( ( ( عشرة ) ) ) بَعْدَ الْمِائَةِ
قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ
تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ أو الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لَكِنْ لو وُكِّلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ أو عَقَدَ عَقْدًا جَائِزًا غَيْرَهَا كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ على غَيْرِهِ قَطَعَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ
وَتَبْطُلُ بِالْجُنُونِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ تَبْطُلُ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/368)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي جُنُونِهِ وَقِيلَ الْمُطْبِقِ وَجْهَانِ قال النَّاظِمُ
وَفِسْقٌ مُنَافٍ لِلْوَكَالَةِ مُبْطِلِ كَذَا بِجُنُونٍ مُطْبِقٍ متأطد ( ( ( متأكد ) ) ) وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَطْلَقَ الْجُنُونَ
قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ يعنى من الطَّرَفَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
وَكَذَا الْجَعَالَةُ وَالسَّبْقُ وَالرَّمْيُ وَنَحْوُهُمَا
قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِالسُّكْرِ والاغماء
أَمَّا السُّكْرُ فَحَيْثُ قُلْنَا يَفْسُقُ فإن الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ فِيمَا يُنَافِي الْفِسْقَ كالايجاب في عَقْدِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا
وَأَمَّا الاغماء فَلَا تَبْطُلُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا
قال في الْفُصُولِ لَا تَبْطُلُ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ وَاقْتَصَرَ عليه
قَوْلُهُ وَالتَّعَدِّي
يعنى لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بالتعدى كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِمَا
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمَشْهُورُ أنها لَا تَنْفَسِخُ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى تَفْسُدُ في الْأَصَحِّ انْتَهَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ في التَّصَرُّفِ مع اسْتِئْمَانٍ فَإِنْ زَالَ أَحَدُهُمَا لم يَزُلْ الْآخَرُ
وَقِيلَ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِهِ حَكَاهُ بن عَقِيلٍ في نَظَرِيَّاتِهِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ
____________________
(5/369)
الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ تَابَعَهُ أَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ الْقَوْلَ أنها لَا تَبْطُلُ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِيمَا وُكِّلَ فيه
وَهَذَا فيه تَفْصِيلٌ
وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إنْ أُتْلِفَ بِتَعَدِّيهِ عَيْنَ ما وَكَّلَهُ فيه بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَإِنْ كانت عَيْنَ ما تَعَدَّى فيه بَاقِيَةٌ لم تَبْطُلْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وهو مُرَادُ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ من الْوَكِيلِ تقتضى فَسَادَ الْوَكَالَةِ لَا بُطْلَانَهَا فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَعَدَّى زَالَتْ الْوَكَالَةُ وَصَارَ ضَامِنًا فَإِذْ تَصَرَّفَ كما قال مُوَكِّلُهُ بريء بِقَبْضِهِ الْعِوَضَ فَإِنْ رُدَّ عليه بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنَّمَا يَضْمَنُ ما فيه التعدى خَاصَّةً حتى لو بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ لم يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لم يَتَعَدَّ في عَيْنِهِ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ
وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عن عَيْنِ ما وَقَعَ فيه التعدى بِحَالٍ إلَّا على طَرِيقَةِ بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَدِيعَةِ
قَوْلُهُ وَهَلْ تَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ على وَجْهَيْنِ
أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِالرِّدَّةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا تَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ
____________________
(5/370)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ
وَقِيلَ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهَلْ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ على وَجْهَيْنِ أَصْلُهُمَا هل يَزُولُ مِلْكُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ أو يَكُونُ مَوْقُوفًا على ما يَأْتِي في بَابِ الرِّدَّةِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عشر ( ( ( عشرة ) ) ) إنْ قُلْنَا يَزُولُ مِلْكُهُ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا في بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ والفروع وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن منجا
أَحَدُهُمَا لَا تَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ تَبْطُلُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو بَاعَ عَبْدَهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت أو وهبة أو كَاتَبَهُ انْتَهَى
وَكَذَا لو وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَبَاعَهُ الْغَيْرُ
وَأَمَّا إذَا وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَأَعْتَقَهُ ذلك الْغَيْرُ لم تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
فَوَائِدُ
منها لو وَكَّلَ امراته ثُمَّ طَلَّقَهَا لم تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ
وَمِنْهَا لو جَحَدَ أَحَدُهُمَا الْوَكَالَةَ فَهَلْ تَبْطُلُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فِيمَا إذَا جَحَدَ التَّوْكِيلَ
____________________
(5/371)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ تَبْطُلُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا
وَمِنْهَا لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بالاباق على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ تَبْطُلُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في أَحْكَامِ الْعَبْدِ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ
وَمِنْهَا لو وَكَّلَهُ في طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في بُطْلَانِهَا بقبله وَنَحْوِهَا خِلَافٌ بِنَاءً على الْخِلَافِ في حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ على ما يَأْتِي في بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمِنْهَا لو وَكَّلَهُ في عِتْقِ عَبْدٍ فَكَاتَبَهُ أو دَبَّرَهُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ صِحَّةَ عِتْقِهِ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْمَوْتِ وَالْعَزْلُ قبل عِلْمِهِ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا يَنْعَزِلُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ انْعَزَلَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وبن عَقِيلٍ
قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا أَشْهَرُ
قال الْقَاضِي هذا أَشْبَهُ بِأُصُولِ الْمَذْهَبِ وَقِيَاسٌ لِقَوْلِنَا إذَا كان الْخِيَارُ لَهُمَا كان لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ من غَيْرِ حُضُورِ الْآخَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ
____________________
(5/372)
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَنْعَزِلُ نَصَّ عليها في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْحَارِثِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ لَا بِالْعَزْلِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
وقال الْقَاضِي مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كان الْمُوَكَّلُ فيه بَاقِيًا في مِلْكِ الْمُوَكِّلِ أَمَّا إنْ أَخْرَجَهُ من مِلْكِهِ بِعِتْقٍ أو بَيْعٍ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ
وَفَرَّقَ الْقَاضِي بين مَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ على رِوَايَةٍ وَبَيْنَ إخْرَاجِ الْمُوَكَّلِ فيه من مِلْكِ الْمُوَكِّلِ بِعِتْقٍ أو بَيْعٍ بانه يَنْعَزِلُ جَزْمًا بِأَنَّ حُكْمَ الْمِلْكِ في الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ قد زَالَ وفي مَوْتِ الْمُوَكِّلِ السِّلْعَةُ بَاقِيَةٌ على حُكْمِ مِلْكِهِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فإن الِانْتِقَالَ بِالْمَوْتِ أَقْوَى منه بِالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فإن هذا يُمْكِنُ الْمُوَكِّلَ الِاحْتِرَازُ منه فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ عَزْلِهِ بِالْقَوْلِ وَذَاكَ زَالَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فيه
فَوَائِدُ
منها يَنْبَنِي على الْخِلَافِ وَتَضْمِينُهُ وَعَدَمُهُ
فَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لم يُفَرِّطْ
وَمِنْهَا جَعَلَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ مَحَلَّ الْخِلَافِ في نَفْسِ انْفِسَاخِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ قبل الْعِلْمِ وَجَعَلَ الْمَجْدُ وَالنَّاظِمُ وَجَمَاعَةٌ مَحَلَّ الْخِلَافِ في نُفُوذِ التَّصَرُّفِ لَا في نَفْسِ الِانْفِسَاخِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا أَوْفَقُ لِلنُّصُوصِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ
____________________
(5/373)
وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ إذَا ادَّعَى الْمُوَكِّلُ عَزْلَ الْوَكِيلِ هل يُقْبَلُ بِلَا بينه أَمْ لَا
وَمِنْهَا لَا يَنْعَزِلُ مُودَعٌ قبل عِلْمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ فما بيده أَمَانَةٌ وقال مِثْلُهُ الْمُضَارِبُ
وَمِنْهَا لو قال شَخْصٌ لِآخَرَ اشْتَرِ كَذَا بَيْنَنَا فقال نعم ثُمَّ قال لِآخَرَ نعم فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ من وَكَالَةِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ ذلك له وَلِلثَّانِي
وَمِنْهَا عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَنْفَسِخُ قبل الْعِلْمِ كَالْوَكَالَةِ
وقال بن عَقِيلٍ الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا في الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ لَا تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُضَارِبِ حتى يَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ وَالشَّرِيكُ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى عَامَّةِ الاضرار وهو تَعْطِيلُ الْمَالِ عن الْفَوَائِدِ وَالْأَرْبَاحِ
فَائِدَةٌ لو عُزِلَ الْوَكِيلُ كان ما في يَدِهِ أَمَانَةٌ وَكَذَلِكَ عُقُودُ الْأَمَانَاتِ كُلُّهَا كَالْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالرَّهْنِ إذا ( ( ( وإذا ) ) ) انْتَهَتْ أو انْفَسَخَتْ وَالْهِبَةُ إذَا رَجَعَ فيها الْأَبُ وهو الْمَذْهَبُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في الرَّهْنِ
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا في بَقِيَّةِ الْعُقُودِ وَأَنَّهَا تَبْقَى أَمَانَةً
وَقِيلَ تَبْقَى مَضْمُونَةً إنْ لم يُبَادِرْ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَالِكِ كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ في الْوَدِيعَةِ وَالْوَكَالَةِ
وَكَلَامُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ بين الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ فَلَا يَضْمَنُ في الرَّهْنِ وَيَضْمَنُ في الْوَدِيعَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ لم يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذلك إلَيْهِ
____________________
(5/374)
وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لاحدهما الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا في الْخُصُومَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ إنْ وَكَّلَهُمَا في خُصُومَةٍ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا لِلْعُرْفِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَائِدَةٌ حُقُوقُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُوَكِّلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ قَرِيبُ وَكِيلٍ عليه وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيَضْمَنُ الْعُهْدَةَ وَغَيْرَ ذلك
قال الْمُصَنِّفُ وَإِنْ اشْتَرَى وَكِيلٌ في شِرَاءٍ في الذِّمَّةِ فَكَضَامِنٍ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ وُكِّلَ في بَيْعٍ أو اسْتِئْجَارٍ فَإِنْ لم يُسَمِّ مُوَكِّلَهُ في الْعَقْدِ فَضَامِنٌ والا فَرِوَايَتَانِ
وقال ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ قال وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ في الِاقْتِرَاضِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ في الْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وبن عَقِيلٍ وَالْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ يَجُوزُ كما لو أَذِنَ له على الصَّحِيحِ إذَا زَادَ على مَبْلَغِ ثَمَنِهِ في النِّدَاءِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أو وَكَّلَ من يَبِيعُ حَيْثُ جَازَ التَّوْكِيلُ وكان هو أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ له الْبَيْعُ من نَفْسِهِ إذَا زَادَ على ثَمَنِهِ في النِّدَاءِ
____________________
(5/375)
وقال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ من نَفْسِهِ إذَا زَادَ على ثَمَنِهِ في النِّدَاءِ
وَقِيلَ أو وَكَّلَ بَائِعًا وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ حَنْبَلٌ
وَقِيلَ هُمَا انْتَهَى
وَحَكَى الزَّرْكَشِيُّ إذَا زَادَ على مَبْلَغِ ثَمَنِهِ في النِّدَاءِ رِوَايَةً وإذا وَكَّلَ في الْبَيْعِ وكان هو أَحَدُ الْمُشْتَرِينَ رِوَايَةٌ أُخْرَى
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّبْعِينَ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْجَوَازِ فَاخْتُلِفَ في حِكَايَةِ شُرُوطِهَا على طُرُقٍ
أَحَدُهَا اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ على الثَّمَنِ الذي تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ في النِّدَاءِ وفي اشْتِرَاطِ أَنْ يَتَوَلَّى النِّدَاءَ غَيْرُهُ وَجْهَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ
وَالثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرَطَ التَّوْكِيلُ الْمُجَرَّدِ كما هِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ
وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ أَحَدُ امرين إمَّا أَنْ يُوَكِّلَ من يَبِيعُهُ على قَوْلِنَا يَجُوزُ ذلك وَإِمَّا الزِّيَادَةُ على ثَمَنِهِ في النِّدَاءِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا أَنَّهُمَا لَا يُعْتَبَرَانِ لِأَنَّ دَيْنَهُ وَأَمَانَتَهُ تَحْمِلُهُ على عَمَلِ الْحَقِّ وَرُبَّمَا زَادَ خَيْرًا
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَهُ فيه لَا أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهَا أبو الْحَارِثِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَأْذَنْ له فَإِنْ اذن له في الشِّرَاءِ من نَفْسِهِ جَازَ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ بِالْجَوَازِ فيها وَيُوَكَّلُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ من الْأُخْرَى
____________________
(5/376)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ في شِرَاءِ الْوَكِيلِ من نَفْسِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ وَالْوَصِيُّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمُضَارِبُ كَالْوَكِيلِ
ولم يذكر بن أبي مُوسَى في الوصى سِوَى الْمَنْعِ
وقال في الْقَاعِدَةِ السَّبْعِينَ يَتَوَجَّهُ التَّفْرِيقُ بين الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فإن الْحَاكِمَ وِلَايَتُهُ غَيْرُ مستنده إلَى إذْنٍ فَتَكُونُ عَامَّةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ
الثَّانِيَةُ حَيْثُ صَحَّحْنَا ذلك صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ على الْأَقْيَسِ وقيل ( ( ( وقبل ) ) ) لَا يَصِحُّ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو ( ( ( ولو ) ) ) وُكِّلَ في بَيْعِ عَبْدٍ أو غَيْرِهِ وَوَكَّلَهُ آخَرُ في شِرَائِهِ من نَفْسِهِ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَالَا وَمِثْلُهُ لو وَكَّلَهُ الْمُتَدَاعِيَانِ في الدَّعْوَى عنهما لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الدَّعْوَى عن أَحَدِهِمَا وَالْجَوَابُ عن الْآخَرِ وإقامه حُجَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْأَزَجِيُّ لَا يَصِحُّ في الدَّعْوَى من وَاحِدٍ لِلتَّضَادِّ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ لِوَلَدِهِ أو وَالِدِهِ أو مُكَاتَبِهِ على وَجْهَيْنِ )
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا
أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَصِحُّ كَنَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرُهُمْ
____________________
(5/377)
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ
قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ
قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّارِحُ الْوَجْهَانِ هُنَا مَبْنِيَّانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ
قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مبنى على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ هُنَاكَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ أَيْ يَصِحُّ وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ في شِرَاءِ الْوَكِيلِ من نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ وفي التي قَبْلَهَا إذَا لم يَأْذَنْ له الْمُوَكِّلُ في ذلك فَأَمَّا إنْ أَذِنَ له فإنه يَجُوزُ وَيَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا حَكَاهُ الْمَجْدُ
قُلْت وهو بَعِيدٌ في غَيْرِ الْوَكِيلِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِهِ جَوَازُ بَيْعِهِ لاخوته وَسَائِرِ أَقَارِبِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيهِمْ وَجْهَيْنِ
قُلْت حَيْثُ حَصَلَتْ تُهْمَةٌ في ذلك لَا يَصِحُّ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَجُوزُ ) أَيْ لَا يَصِحُّ ( أَنْ يَبِيعَ نَسَاءً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ )
وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ بِغَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ كان فيه نُقُودٌ
وَمُرَادُهُ إذَا أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وقال وهو أَوْلَى
____________________
(5/378)
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ كَالْمُضَارِبِ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وهو تَخْرِيجٌ في الْفَائِقِ وهو رِوَايَةٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَبِيعُ حَالًّا بِنَقْدِ بَلَدِهِ وَبِغَيْرِهِ لانساء
وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ النَّقْدُ أو ما نَقَصَ
تَنْبِيهٌ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَوَازَ بَيْعِ الْمُضَارِبِ نَسَاءً لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ هُنَا أَصْلًا لِلْجَوَازِ وهو صَحِيحٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في بَابِ الشَّرِكَةِ
لَكِنْ أَطْلَقَ هُنَاكَ الْخِلَافَ في شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَالْمُضَارَبَةُ مِثْلُهَا
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ في الْوَكَالَةِ عَدَمُ الْجَوَازِ وفي الْمُضَارَبَةِ الْجَوَازُ
وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ من الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ وهو في النَّسَاءِ أَكْثَرُ وَلَا يَتَعَيَّنُ في الْوَكَالَةِ ذلك بَلْ رُبَّمَا كان الْمَقْصُودُ تَحْصِيلَ الثَّمَنِ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ في الْمُضَارَبَةِ على الْمُضَارِبِ فَيَعُودُ ضَرَرُ التاخير في التَّقَاضِي عليه بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَيَعُودُ ضَرَرُ الطَّلَبِ على الْمُوَكِّلِ
فَائِدَةٌ إذَا أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ لم يَصِحَّ أَنْ يَبِيعَ بِمَنْفَعَةٍ وَلَا بِعَرْضٍ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وفي الْعَرْضِ احْتِمَالٌ بِالصِّحَّةِ وهو رِوَايَةٌ في الْمُوجَزِ
وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال لِلْوَكِيلِ أَذِنْتَ لي في الْبَيْعِ نَسَاءً وفي الشِّرَاءِ بِخَمْسَةٍ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أو بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ صَحَّ وَضَمِنَ النَّقْصَ )
وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/379)
قال بن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وقال قَالَهُ الْأَكْثَرُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ
وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ قال إنَّهُ الذي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ في المغنى وَجَزَمَ بِهِ وبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ
قال في الْفُرُوعِ قِيلَ إنَّهُ كَفُضُولِيٍّ نَصَّ عليه فَإِنْ تَلِفَ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ على مُشْتَرٍ التلفة ( ( ( لتلفه ) ) ) عِنْدَهُ
وَقِيلَ يَصِحُّ نَصَّ عليه انْتَهَى
وَيَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ من ثَمَنِ الْمِثْلِ
تَنْبِيهٌ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بين ما إذَا وَكَّلَهُ في الْبَيْعِ وَأَطْلَقَ وَبَيْنَ ما إذَا قَدَّرَهُ له فَجَعَلَ الْحُكْمَ وَاحِدًا وهو أَصَحُّ الطَّرِيقَتَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وبن مَنْصُورٍ
وَقِيلَ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مع مُخَالَفَةِ التَّسْمِيَةِ وَلَا يَبْطُلُ مع الاطلاق
وَمِمَّنْ قال ذلك الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في فُصُولِهِ قَالَهُ في الْقَاعِدَة الْعِشْرِينَ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ
مِمَّا يَتَغَابَنُ الناس بمثله عَادَةً فَأَمَّا ما لَا يَتَغَابَنُ الناس بمثله كَالدِّرْهَمِ في الْعَشَرَةِ فإن ذلك مَعْفُوٌّ عنه إذَا لم يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قد قَدَّرَ الثَّمَنَ
____________________
(5/380)
وَقَوْلُهُ ( وَضَمِنَ النَّقْصَ )
في قَدْرِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي
أحدهما ( ( ( أحداهما ) ) ) هو ما بين ما بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ
قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَقْيَسُ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وَذَكَرَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ الفقهيه وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي هو ما بين ما يَتَغَابَنُ بِهِ الناس وما لَا يَتَغَابَنُونَ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَضْمَنُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ وَلَا صَبِيٌّ لِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَفِيهِ احْتِمَالٌ أنه يبطل قال في الفروع وهو أظهر
قلت فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَايَى بها في الصَّبِيِّ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لو وَكَّلَهُ في بَيْعِ شَيْءٍ إلَى أَجَلٍ فَزَادَهُ أو نَقَصَهُ وَلَا حَظَّ فيه لم يَصِحَّ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أُمِرَ بِشِرَاءٍ بِكَذَا حَالًّا أو بِبَيْعٍ بِكَذَا نَسَاءً فَخَالَفَ في حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ إنْ لم يَتَضَرَّرْ انْتَهَى
الثَّانِيَةُ لو حَضَرَ من يَزِيدُ على ثَمَنِ الْمِثْلِ لم يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
قُلْت فَيُعَايَى بها
وَهِيَ مَخْصُوصَةٌ من مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ
وَلَوْ بَاعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَزَادَ عليه آخَرُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ لم يَلْزَمْهُ الْفَسْخُ
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ على بَيْعِ أَخِيهِ انْتَهَى
____________________
(5/381)
قال في المغنى وَالشَّرْحِ وَيُحْتَمَلُ ان يَلْزَمَهُ ذلك
وقال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَجْهٌ يَلْزَمُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ منه صَحَّ سَوَاءٌ كانت الزِّيَادَةُ من جِنْسِ الثَّمَنِ الذي أَمَرَهُ بِهِ أو لم تَكُنْ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قال في التَّلْخِيصِ فَأَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ الصِّحَّةُ
قال الْقَاضِي وهو الْمَذْهَبُ
وَقِيلَ إنْ كانت الزِّيَادَةُ من جِنْسِ الثَّمَنِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
قال في التَّلْخِيصِ قال الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ في الزِّيَادَةِ من غَيْرِ الْجِنْسِ بِحِصَّتِهِ من الثَّمَنِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْهُ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِدِينَارٍ صَحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في المغنى وَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْكَافِي
فَائِدَةٌ لو قال اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ صَحَّ شِرَاؤُهُ بِمَا بَيْنَهُمَا وَكَذَا بِدُونِ الْخَمْسِينَ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْخَمْسِينَ كَالْخَمْسِينَ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْهُ بِأَلْفٍ نَسَاءً فَبَاعَهُ بالف حَالَّةً صَحَّ إنْ كان لَا يَسْتَضِرُّ بِحِفْظِ الثَّمَنِ في الْحَالِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
____________________
(5/382)
صَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا ما لم يَنْهَهُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
قال بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ صَحَّ في الْأَظْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَيَأْتِي عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ في الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ من ثَمَنِ الْمِثْلِ أو بِأَكْثَرَ مِمَّا قَدَّرَهُ له لم يَصِحَّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ )
اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالشَّارِحُ وقال هو كَتَصَرُّفِ الْأَجْنَبِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هو الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ انْتَهَى
وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ ما لو بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أو بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ له ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ الْمَذْهَبَ صحه الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ في الموضعين ( ( ( الوضعين ) ) ) الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ هُنَاكَ الصِّحَّةَ وَقَدَّمَ هُنَا عَدَمَهَا فَلِذَلِكَ قال بن منجا الْفَرْقُ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ على ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَسِرٌ انْتَهَى
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَاكَ إنَّمَا قَدَّمَ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ وَإِنْ كان اخْتِيَارُهُ
____________________
(5/383)
مُخَالِفًا له وَهَذَا يَقَعُ له كَثِيرًا وَقَدَّمَ هُنَا نَظَرًا إلَى ما اخْتَارَهُ لَا إلَى الْفَرْقِ بين الْمَسْأَلَتَيْنِ فإن اخْتِيَارَهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَالْحُكْمُ عِنْدَهُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ في الْفُرُوعِ
وَظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَتَيْنِ التَّسَاوِي وهو الصَّحِيحُ وَالصِّحَّةُ هُنَاكَ وَعَدَمُهَا هُنَا وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وبن رَزِينٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِمَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ وهو ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ
قَوْلُهُ أو وَكَّلَهُ في بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْكُلِّ لم يَصِحَّ
إذَا وَكَّلَهُ في بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبِيعَ الْبَعْضَ بِثَمَنِ الْكُلِّ أولا فَإِنْ بَاعَهُ بِثَمَنِهِ كُلِّهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجُوزُ له بَيْعُ الْبَاقِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ
وَإِنْ بَاعَ الْبَعْضَ بِدُونِ ثَمَنِ الْكُلِّ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبِيعَ الْبَاقِيَ أو لَا فَإِنْ بَاعَ الْبَاقِيَ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وقال نَصَّ عليه
____________________
(5/384)
قال في التَّلْخِيصِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ في ذلك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إذَا لم يَبِعْ الْبَاقِيَ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ بِمَا بَقِيَ
وَقَوْلُهُمْ إذَا لم يَبِعْ الْبَاقِيَ يَدُلُّ على أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى من مَحَلِّ الْخِلَافِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبِيدٍ أو صُبْرَةٍ وَنَحْوِهِمَا فإنه يَجُوزُ له بَيْعُ كل عَبْدٍ مُنْفَرِدًا وَبَيْعُ الْجَمِيعِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَبَيْعُ بَعْضِ الصُّبْرَةِ مُنْفَرِدَةً وَبَيْعُهَا كُلِّهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً قَالَهُ الْأَصْحَابُ إنْ لم يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً
تَنْبِيهٌ قولى عن كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِدُونِ ثَمَنِ الْكُلِّ هو في بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ
وفي بَعْضِهَا بِإِسْقَاطِهَا تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٍ وَعَلَيْهَا شَرْحُ بن منجا لَكِنْ قَيَّدَهَا بِذَلِكَ من كَلَامِهِ في المغنى
قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمَا قَدَّرَهُ له مُؤَجَّلًا
صَحَّ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
قال في الْفُرُوعِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في شَرْحِ بن منجا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إنْ حَصَلَ ضَرَرٌ وَإِلَّا صَحَّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
____________________
(5/385)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال اشْتَرِ لي شَاةً بِدِينَارٍ فإشترى له شَاتَيْنِ تُسَاوِي إحْدَاهُمَا دِينَارًا أو اشْتَرَى شاه تُسَاوِي دِينَارًا بِأَقَلَّ منه صَحَّ وكان لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا لم يَصِحَّ
يَعْنِي وَإِنْ لم تُسَاوِ إحْدَاهُمَا دِينَارًا لم يَصِحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الاصحاب
وفي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ كَفُضُولِيٍّ
وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ سَاوَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دِينَارٍ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ وَإِنْ كانت كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ فَرِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَقِفُ على إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ الزَّائِدُ على الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ الْمُقَدَّرَيْنِ لِلْوَكِيلِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بَاعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَقِيلَ يَصِحُّ إنْ كانت الْبَاقِيَةُ تُسَاوِي دِينَارًا لِحَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ رضي اللَّهُ عنه
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وقال في الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ لو بَاعَ إحْدَاهُمَا بِدُونِ إذْنِهِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا يَخْرُجُ على تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ
____________________
(5/386)
وَالثَّانِي أَنَّهُ صَحِيحٌ وَجْهًا وَاحِدًا وهو الْمَنْصُوصُ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ له شِرَاءُ مَعِيبٍ
بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا أو عَالِمًا فَإِنْ كان جَاهِلًا بِهِ فَيَأْتِي
وَإِنْ كان عَالِمًا لَزِمَ الْوَكِيلَ ما لم يَرْضَ الْمُوَكِّلُ وَلَيْسَ له وَلَا لِمُوَكِّلِهِ رَدُّهُ
وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَكَشِرَاءِ فُضُولِيٍّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال الأزجى إنْ اشْتَرَاهُ مع عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ يَقَعُ عن الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْعَيْبَ إنَّمَا يُخَافُ منه نَقْصُ الْمَالِيَّةِ فإذا كان مُسَاوِيًا لِلثَّمَنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْضَى بِهِ أَمْ لَا يَقَعُ عن الْمُوَكِّلِ فيه وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَى عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ولم يَضْمَنْهُ
وقال الأزجى إنْ جَهِلَ عَيْبَهُ وقد اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَهَلْ يَقَعُ عن الْمُوَكِّلِ فيه خِلَافٌ انْتَهَى
وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ سَلِيمٍ بَدَلَهُ إذَا لم يُعَيِّنْهُ الْمُوَكِّلُ على ما يَأْتِي قَرِيبًا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَسْقَطَ الْوَكِيلُ خِيَارَهُ فَحَضَرَ مُوَكِّلُهُ فرضى به ( ( ( له ) ) ) لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في المغنى وَلَهُ رَدُّهُ على وَجْهٍ
الثَّانِيَةُ لو ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ لَزِمَ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ له رَدُّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/387)
وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَلَهُ أَرْشُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ من الْبَائِعِ لَزِمَ الْوَكِيلَ
قَوْلُهُ فَإِنْ قال الْبَائِعُ مُوَكِّلُك قد رضي بِالْعَيْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مع يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذلك
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَقِفُ الْأَمْرُ على حَلِفِ مُوَكِّلِهِ وَلِلْحَاكِمِ إلْزَامُهُ حتى يَحْضُرَ مُوَكِّلُهُ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَوْلُ غَرِيمٍ لِوَكِيلٍ غَائِبٍ في قَبْضِ حَقِّهِ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك أو قَبَضَهُ وَيُحْكَمُ عليه بِبَيِّنَةٍ إنْ حَكَمَ على غَائِبٍ
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَزَلَ الْوَكِيلَ في قَضَاءِ الدَّيْنِ أو ادَّعَى مَوْتَ الْمُوَكِّلِ حَلَفَ الْوَكِيلُ على نَفْيِ الْعِلْمِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ من غَيْرِ يَمِينٍ
قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ فَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ الْبَائِعَ في الرِّضَى بِالْعَيْبِ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ الرَّدُّ وهو بَاقٍ لِلْمُوَكِّلِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والمغنى
وَالثَّانِي يَصِحُّ فَيُجَدِّدُ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَصِحُّ الرَّدُّ بِنَاءً على أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قبل عِلْمِهِ وقال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ يَطَّرِدُ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ في اسْتِيفَاءِ حَدٍّ وَقَوَدٍ
____________________
(5/388)
وَغَيْرِهِمَا من الْحُقُوقِ مع غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَحُضُورِ وَكِيلِهِ وَحَكَاهُمَا غَيْرُهُ في حَدٍّ وَقَوَدٍ على ما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ رِضَى الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ بِالْمَعِيبِ عَزْلٌ لِوَكِيلِهِ عن رَدِّهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ في شِرَاءِ مُعَيَّنٍ فَاشْتَرَاهُ وَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَهَلْ له الرَّدُّ قبل إعْلَامِ الْمُوَكِّلِ على وَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ
أَحَدُهُمَا له الرَّدُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له الرَّدُّ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ هذا اولى
وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَلَوْ عَلِمَ عَيْبَهُ قبل شِرَائِهِ فَهَلْ له شِرَاؤُهُ فيه وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُمَا
فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الرَّدَّ في الْأُولَى فَلَيْسَ له هُنَا شِرَاؤُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ هُنَاكَ فَلَهُ الشِّرَاءُ هُنَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ مَلَكَهُ فَلَهُ شِرَاؤُهُ إنْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَهُ وهو مُخَالِفٌ لِمَا قَالَاهُ وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ مُعَيَّنًا أَنَّ له الرَّدَّ وَأَخْذَ بَدَلِهِ من غَيْرِ إعْلَامِ الْمُوَكِّلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال له اشْتَرِ لي بِعَيْنِ هذا الثَّمَنِ فَاشْتَرَى له في ذِمَّتِهِ لم يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ
____________________
(5/389)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ إنْ أَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا
وَعَلَى كل قَوْلٍ الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَحَيْثُ لم يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ لَزِمَ الْوَكِيلَ
فَائِدَةٌ لو قال اشْتَرِ لي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ كَذَا ولم يَقُلْ بِعَيْنِهَا جَازَ له أَنْ يَشْتَرِيَ له في ذِمَّتِهِ وَبِعَيْنِهَا جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَلَيْسَ له الْعَقْدُ مع فَقِيرٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ إلَّا بِأَمْرِهِ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال اشْتَرِ لي في ذِمَّتِك وَانْقُدْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ صَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ
وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال إنْ لم يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَمَالَا إلَيْهِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ رضى بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ وهو أَوْلَى
فَائِدَةٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرُهُمْ ذَكَرُوهُ في الشَّرِكَةِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ لَا يُقْبَلُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا يُرَدُّ على مُوَكِّلِهِ وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ فَفِي رَدِّهِ على مُوَكِّلِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ رَدُّهُ على الْمُوَكِّلِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ في سُوقٍ بِثَمَنٍ فَبَاعَهُ بِهِ في آخَرَ صَحَّ
____________________
(5/390)
إنْ لم يَنْهَهُ عنه ولم يَكُنْ له فيه غَرَضٌ بِلَا نِزَاعٍ قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ في بَيْعِ شَيْءٍ مَلَكَ تَسْلِيمَهُ
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ولم يَمْلِكْ قَبْضَ ثَمَنِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ
هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ على ما يَأْتِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو الصَّوَابُ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَمْلِكُ قَبْضَ ثَمَنِهِ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ كَالْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وفي قَبْضِهِ ثَمَنَهُ بِلَا قرينه وَجْهَانِ
وقال بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ له قَبْضُ الثَّمَنِ إنْ فُقِدَتْ قَرِينَةُ الْمَنْعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تَعَذَّرَ قَبْضُ الثَّمَنِ من المشترى لم يَلْزَمْ الْوَكِيلَ شَيْءٌ كما لو ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أو مَعِيبًا
وَعَلَى الثَّالِثِ ليس له تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إلَّا بِقَبْضِ الثَّمَنِ أو حُضُورِهِ فَإِنْ سَلَّمَهُ قبل قَبْضِ ثَمَنِهِ ضَمِنَهُ
وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ على قَبْضِهِ ولم يَقْبِضْهُ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ لو وَكَّلَ في شِرَاءِ سِلْعَةٍ هل يَقْبِضُهَا أَمْ لَا أَمْ يَقْبِضُهَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عليه
____________________
(5/391)
وَإِنْ أَخَّرَ تَسْلِيمَ ثَمَنِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ
الثَّانِيَةُ هل لِلْوَكِيلِ في الْبَيْعِ أو الشِّرَاءِ فِعْلُ ذلك بِشَرْطِ الْخِيَارِ له وَقِيلَ مُطْلَقًا أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ وُكِّلَ في شِرَاءٍ لم يُشْرَطْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَهَلْ له شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ أو لِمُوَكِّلِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْبَيْعِ صِحَّةُ ذلك وَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ
فإذا شُرِطَ الْخِيَارُ فَهُوَ لِمُوَكِّلِهِ وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُمَا وَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ له وَحْدَهُ
وَيَخْتَصُّ الْوَكِيلُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَيَخْتَصُّ بِهِ الْمُوَكِّلُ إنْ حَضَرَهُ وَحُجِرَ عليه جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ في الْمَجْلِسِ وَحُجِرَ على الْوَكِيلِ في الْخِيَارِ رَجَعَتْ حَقِيقَةُ الْخِيَارِ إلَى الْمُوَكِّلِ في أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ
وَتَقَدَّمَ ذلك في خِيَارِ الشَّرْطِ وَمَسَائِلَ أُخَرَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ جَازَ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ في بَيْعٍ فَاسِدٍ أو في كل قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لم يَصِحَّ
إذَا وَكَّلَهُ في بَيْعٍ فَاسِدٍ فَبَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا لم يَصِحَّ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ
وَإِنْ وَكَّلَهُ في كل قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ لم يَصِحَّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَصِحُّ كما لو وَكَّلَهُ في بَيْعِ مَالِهِ كُلِّهِ أو الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ كُلِّهَا أو الْإِبْرَاءِ منها أو بِمَا شَاءَ منها
____________________
(5/392)
قَوْلُهُ وَإِنْ قال اشْتَرِ لي ما شِئْت أو عَبْدًا بِمَا شِئْت لم يَصِحَّ حتى يَذْكُرَ النَّوْعَ وَقَدْرَ الثَّمَنِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
قال بن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ
قال أبو الْخَطَّابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ على ما قَالَهُ الامام أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَجُلَيْنِ قال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ( ما اشْتَرَيْت من شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك ) إنَّهُ جَائِزٌ وَأَعْجَبَهُ وقال هذا تَوْكِيلٌ في كل شَيْءٍ
وَكَذَا قال بن أبي مُوسَى إذَا أَطْلَقَ وَكَالَتَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ في سَائِرِ حُقُوقِهِ وَجَازَ بَيْعُهُ عليه وَابْتِيَاعُهُ له وكان خَصْمًا فِيمَا يَدَّعِيهِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَدَّعِي عليه بَعْدَ ثُبُوتِ وَكَالَتِهِ منه انْتَهَى
وَقِيلَ يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ عنه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَطَعَ بِهِ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ أو قَدْرُ الثَّمَنِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ في الْخُصُومَةِ لم يَكُنْ وَكِيلًا في الْقَبْضِ )
وَلَا الْإِقْرَارِ عليه مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
وَقَطَعَ بن الْبَنَّا في تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا في الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِهِ انْتَهَى
قُلْت الذي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا في الْقَبْضِ إنْ دَلَّتْ عليه قَرِينَةٌ
____________________
(5/393)
كما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ في بَيْعِ شَيْءٍ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ ثَمَنِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ فى الْقَبْضِ كان وَكِيلًا في الْخُصُومَةِ فى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فى التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ فى الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَالْوَجْهُ الثانى لَا يَكُونُ وَكِيلًا فى الْخُصُومَةِ وَأَطْلَقَهُمَا فى الكافى وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال فى المغنى وَالشَّرْحِ وَيُحْتَمَلُ إنْ كان الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِجَحْدِ من عليه الْحَقُّ أو مَطْلِهِ كان تَوْكِيلًا فى تَثْبِيتِهِ وَالْخُصُومَةِ فيه لِعِلْمِهِ بِتَوَقُّفِ الْقَبْضِ عليه وَإِلَّا فَلَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ فى الْخُصُومَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
لَكِنْ قال فى الْفُنُونِ لَا يَصِحُّ مِمَّنْ عَلِمَ ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ فى الْخُصُومَةِ وَاقْتَصَرَ عليه فى الْفُرُوعِ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه
قال فى الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ يَصِحُّ إذَا لم يَعْلَمْ ظُلْمَهُ فَلَوْ ظَنَّ ظُلْمَهُ جَازَ وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال وَمَعَ الشَّكِّ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ وَلَعَلَّ الْجَوَازَ أَوْلَى كَالظَّنِّ فى عَدَمِ ظُلْمِهِ فإن الْجَوَازَ فيه ظَاهِرٌ وَإِنْ لم يَجُزْ الْحُكْمُ مع الرِّيبَةِ فى الْبَيِّنَةِ
____________________
(5/394)
وقال الْقَاضِيَ فى قَوْله تَعَالَى 4 : 105 وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ عن غَيْرِهِ فى إثْبَاتِ حَقٍّ أو نَفْيِهِ وهو غَيْرُ عَالِمٍ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ
وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ فى المغنى وَالشَّارِحُ فى الصُّلْحِ عن الْمُنْكَرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ صِدْقَ المدعى فَلَا تَحِلُّ دَعْوَى ما لم يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ
الثَّانِيَةُ له إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ مع غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ ليس له ذلك
ويأتى فى بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ ما تَثْبُتُ بِهِ الْوَكَالَةُ وَالْخِلَافُ فيه
وَإِنْ قال أَجِبْ عنى خصمى احْتَمَلَ أنها كَالْخُصُومَةِ وَاحْتَمَلَ بُطْلَانَهَا وَأَطْلَقَهُمَا فى الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الرُّجُوعُ فى ذلك إلَى الْقَرَائِنِ فَإِنْ لم تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَهُوَ إلَى الْخُصُومَةِ اقرب
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ فى الْإِيدَاعِ فَأَوْدَعَ ولم يُشْهِدْ لم يَضْمَنْ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا
قال فى الْفُرُوعِ لم يَصِحَّ فى الْأَصَحِّ
وَقِيلَ يَضْمَنُ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً
قَوْلُهُ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ فى قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ ولم يُشْهِدْ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ضَمِنَ )
هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كما لو أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ فلم يَفْعَلْ
قال فى التَّلْخِيصِ ضَمِنَ فى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ
____________________
(5/395)
والخرقى وَجَزَمَ بِهِ فى الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ والمغنى وَالشَّرْحِ والزركشى وقال هذا الْمَذْهَبُ
وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ أو كَذَّبَهُ
وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ أولا اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ ولم يُشْهِدْ وَإِلَّا فَلَا
وقال فى الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَضْمَنُهُ إنْ كَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا
قال الزركشى وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى
قَوْلُهُ ( إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ )
يعنى أَنَّهُ إذَا قَضَاهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ من غَيْرِ إشْهَادٍ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ
قال فى الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ لم يَضْمَنْ فى الْأَصَحِّ
قال الزركشى هذا الصَّحِيحُ
وَقِيلَ يَضْمَنُ اعْتِمَادًا على أَنَّ السَّاكِتَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ قَوْلٌ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هذه الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ إذَا أَشْهَدَ وَمَاتَ الشُّهُودُ وَنَحْوُ ذلك وَالْحُكْمُ هُنَا كَذَلِكَ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فى الرَّهْنِ فِيمَا إذَا قَضَى الْعَدْلُ الْمُرْتَهِنَ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فى الرَّهْنِ من طُلِبَ منه الرَّدُّ وقبل ( ( ( وقيل ) ) ) قَوْلُهُ هل له التَّأْخِيرُ لِيَشْهَدَ أَمْ لَا وما يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفَا فى رَدِّ الرَّهْنِ وَالْأَصْحَابُ يَذْكُرُونَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا
قَوْلُهُ ( وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عليه فِيمَا يَتْلَفُ فى يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ فى الْهَلَاكِ ونفى التَّفْرِيطِ )
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الإصحاب فى الْجُمْلَةِ
____________________
(5/396)
قال الْقَاضِي إلَّا أَنْ يدعى تَلَفًا بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَالنَّهْبِ وَنَحْوِهِمَا فَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ على وُجُودِ ذلك فى تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثُمَّ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فى تَلَفِهَا بِهِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ والزركشى وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
قال فى الْفُرُوعِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فى التَّلَفِ وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ بِحَادِثٍ ظَاهِرٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَادِثِ قبل قَوْلِهِ مع يَمِينِهِ
وفي الْيَمِينِ رِوَايَةٌ إذَا أَثْبَتَ الْحَادِثَ الظَّاهِرَ وَلَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ ويأتى نَظِيرُ ذلك فى الرَّدِّ بِعَيْبِهِ
قَوْلُهُ ( وَلَوْ قال بِعْت الثَّوْبَ وَقَبَضْت الثَّمَنَ فَتَلِفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ )
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ
قال فى الْفَائِقِ قبل قَوْلِهِ فى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ فى النَّظْمِ قال فى الرِّعَايَتَيْنِ قبل قَوْلِ الْوَكِيلِ فى الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فى المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وهو احْتِمَالٌ فى المغنى وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا فى الكافى
فَائِدَةٌ لو وَكَّلَهُ فى شِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَاهُ وَاخْتَلَفَا فى قَدْرِ الثَّمَنِ فقال اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ فقال الْمُوَكِّلُ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فى المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
قال الْقَاضِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيَّنَ له الشِّرَاءَ بِمَا ادَّعَاهُ الْوَكِيلُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا فى رَدِّهِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ كان مُتَطَوِّعًا )
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ
____________________
(5/397)
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ذَكَرَهُ فى الرِّعَايَةِ
وَإِنْ كان بِجُعْلٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ كالوصى نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ فى التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فى الرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فى خِلَافِهِ وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ فى خلافة وَغَيْرُهُمْ وَسَوَاءٌ أختلفا فى رَدِّ الْعَيْنِ أو رَدِّ ثَمَنِهَا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وبن أبى مُوسَى والقاضى فى الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ فى إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ فى الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فى الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ )
وَكَذَا قال فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ
قال فى الْفَائِقِ وَالْوَجْهَانِ فى الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ انْتَهَى
وَكَذَا الْمُسْتَأْجِرُ وَالشَّرِيكُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُودَعُ وَنَحْوُهُمْ قَالَهُ فى الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وَتَقَدَّمَ فى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّهُ وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ
وَتَقَدَّمَ فى الْبَابِ الذى قَبْلَهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الولى فى دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُوَلَّى عليه على الصَّحِيحِ
ويأتى فى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فى الْمُضَارَبَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فى رَدِّ الْمَالِ إلَيْهِ ويأتى الْخِلَافُ فيه
____________________
(5/398)
ويأتى فى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فى بَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُودَعِ فى الرَّدِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ لو ادَّعَى الرَّدَّ إلَى غَيْرِ من ائْتَمَنَهُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ قبل قَوْلِ الْوَكِيلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال فى الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ لو قال دَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ بِأَمْرِك قبل قَوْلِهِ فِيهِمَا نَصَّ عليه اخْتَارَهُ أبو الْحُسَيْنِ التميمى قَالَهُ فى الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ
وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
فَقِيلَ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ على الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَلَوْ صَدَّقَهُ الْآمِرُ على الدَّفْعِ لم يَسْقُطْ الضَّمَانُ
وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّهُ ليس امينا لِلْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فى الرَّدِّ إلَيْهِ كالأجنبى
وَكُلٌّ من الْأَقْوَال الثَّلَاثَةِ قد نُسِبَ إلَى الخرقى هذا كَلَامُهُ فى الْقَوَاعِدِ
وقال فى الْفُرُوعِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فى دَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ وَإِطْلَاقِهِمْ وَلَا في صَرْفِهِ فى وُجُوهٍ عُيِّنَتْ له من أُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ وَذَكَرَهُ الأدمى البغدادى انْتَهَى
وَجَزَمَ فى الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فى مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ كل من أدعى الرَّدَّ إلَى غَيْرِ من ائْتَمَنَهُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال أَذِنْت لى فى الْبَيْعِ نَسَاءً وفى الشِّرَاءِ بِخَمْسَةٍ فَأَنْكَرَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا فى الْمُذْهَبِ
أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه فى الْمُضَارِبِ
قال فى الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صُدِّقَ الْوَكِيلُ فى الْأَشْهَرِ إنْ خلف ( ( ( حلف ) ) ) وَقَدَّمَهُ
____________________
(5/399)
فى الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والحاوى الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فى الْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال أَذِنْت لى فى الْبَيْعِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أو اخْتَلَفَا فى صِفَةِ الْإِذْنِ وَكَذَا حُكْمُ الْمُضَارِبِ فى ذلك كُلِّهِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ
فَعَلَى الْوَجْهِ الثانى إذَا حَلَفَ الْمَالِكُ بريء من الشِّرَاءِ
فَلَوْ كان الْمُشْتَرَى جَارِيَةً فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ الْمَالِ أو فى الذِّمَّةِ
فَإِنْ كان بِعَيْنِ الْمَالِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَتُرَدُّ الْجَارِيَةُ على الْبَائِعِ إنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ فى الشِّرَاءِ لِغَيْرِهِ أو بِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ
فَلَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ عِلْمَهُ بِذَلِكَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِ مُوَكِّلِهِ فإذا حَلَفَ مَضَى الْبَيْعُ وَعَلَى الْوَكِيلِ غَرَامَةُ الثَّمَنِ لِمُوَكِّلِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَتَبْقَى الْجَارِيَةُ فى يَدِهِ لَا تَحِلُّ له فَإِنْ أَرَادَ اسْتِحْلَالَهَا اشْتَرَاهَا مِمَّنْ هِيَ له فى الْبَاطِنِ لِتَحِلَّ له ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
فَلَوْ قال بِعْتُكهَا إنْ كانت لى أو إنْ كُنْت إذنت لَك فى شِرَائِهَا بِكَذَا فَقَدْ بِعْتُكهَا ففى صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فى المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَلَّقٌ على شَرْطٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فى الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثانى يَصِحُّ لِأَنَّ هذا وَاقِعٌ يَعْلَمَانِ وُجُودَهُ فَلَا يَضُرُّ جَعْلُهُ شَرْطًا كما لو قال بِعْتُك هذه الْأَمَةَ إنْ كانت أَمَةً
____________________
(5/400)
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو احْتِمَالٌ فى الكافى وَمَالَ إلَيْهِ هو وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ
وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ عَلِمَا وُجُودَهُ فإنه لَا يُوجِبُ وُقُوفَ الْبَيْعِ وَلَا يُؤَثِّرُ فيه شَكًّا أَصْلًا
وقد ذَكَرَ بن عَقِيلٍ فى الْفُصُولِ أَنَّ أَصْلَ هذا قَوْلُهُمْ فى الصَّوْمِ إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَهُوَ فرضى وَإِلَّا فَنَفْلٌ
وَذَكَرَ فى التَّبْصِرَةِ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ نَسَاءً انْتَهَى
تَنْبِيهٌ لو امْتَنَعَ من بَيْعِهَا من هِيَ له فى الْبَاطِنِ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَرْفُقَ بِهِ لِيَبِيعَهُ إيَّاهَا لِيَثْبُتَ له الْمِلْكُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَإِنْ امْتَنَعَ لم يُجْبَرْ عليه وَلَهُ بَيْعُهَا له وَلِغَيْرِهِ
قال فى الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَلَا يَسْتَوْفِيهِ من تَحْتِ يَدِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ قال الأزجى وَقِيلَ يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ ما غَرِمَهُ من ثَمَنِهِ
وقال فى التَّرْغِيبِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَهَلْ تُقِرُّ بيده أو يَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ كَمَالٍ ضَائِعٍ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى
وَإِنْ اشْتَرَاهَا فى الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ فى الظَّاهِرِ
فَأَمَّا فى الْبَاطِنِ فَإِنْ كان كَاذِبًا فى دَعْوَاهُ فَالْجَارِيَةُ له وَإِنْ كان صَادِقًا فَالْجَارِيَةُ لِمُوَكِّلِهِ فَإِنْ أَرَادَ إحْلَالَهَا تَوَصَّلَ إلَى شِرَائِهَا منه كما ذَكَرْنَا أَوَّلًا
وَكُلُّ مَوْضِعٍ كانت لِلْمُوَكِّلِ فى الْبَاطِنِ وَامْتَنَعَ من بَيْعِهَا لِلْوَكِيلِ فَقَدْ حَصَلَتْ فى يَدِ الْوَكِيلِ وهى لِلْمُوَكِّلِ وفى ذِمَّتِهِ ثَمَنُهَا لِلْوَكِيلِ
فَأَقْرَبُ الْوُجُوهِ أَنْ يَأْذَنَ الْحَاكِمُ فى بَيْعِهَا وَيُوفِيَهُ حَقَّهُ من ثَمَنِهَا فَإِنْ كانت لِلْوَكِيلِ فَقَدْ بِيعَتْ بِإِذْنِهِ وَإِنْ كانت لِلْمُوَكِّلِ فَقَدْ بَاعَهَا الْحَاكِمُ فى إيفَاءِ دَيْنٍ امْتَنَعَ الْمَدِينُ من وَفَائِهِ
____________________
(5/401)
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقد قِيلَ غَيْرُ ذلك وَهَذَا أَقْرَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَإِنْ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ من الْحَاكِمِ بِمَا له على الْمُوَكِّلِ جَازَ
وقال الأزجى إنْ كان الشِّرَاءُ فى الذِّمَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ يَبْتَاعُ بِمَالِ الْوَكَالَةِ فصدقة الْبَائِعُ أو كَذَّبَهُ فَقِيلَ يَبْطُلُ كما لو كان الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَكَقَوْلِهِ قَبِلْت النِّكَاحَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيُنْكِرُ الْوَكَالَةَ
وَقِيلَ يَصِحُّ فإذا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ ما أَذِنَ له لَزِمَ الْوَكِيلَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال وكلتنى أَنْ أَتَزَوَّجَ لَك فُلَانَةَ فَفَعَلْت وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ )
نَصَّ عليه بِغَيْرِ يَمِينٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ
قال الْقَاضِي لِأَنَّ الْوَكِيلَ يدعى حَقًّا لِغَيْرِهِ فَأَمَّا إنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ فينبغى أَنْ يُسْتَحْلَفَ لِأَنَّهَا تدعى الصَّدَاقَ فى ذِمَّتِهِ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ بَعْدَهُ وهو صَحِيحٌ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا فى الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى والهادى وَشَرْحِ بن منجا وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ
إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فى التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فى الكافى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ وَقَدَّمَهُ فى الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ فى نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَصَحَّحَهُ فى النَّظْمِ
فَوَائِدُ
الْأُولَى يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَطْلِيقُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فى النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فى المغنى وَالشَّرْحِ
____________________
(5/402)
الثَّانِيَةُ لو اتَّفَقَ على أَنَّهُ وَكَّلَهُ فى النِّكَاحِ فقال الْوَكِيلُ تَزَوَّجْت لَك وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فى المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ لِاشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فى الحاوى الصَّغِيرِ
قال فى الرِّعَايَتَيْنِ قبل قَوْلِ الْمُوَكِّلِ فى الْأَقْيَسِ وَذَكَرَهُ فى التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ عن أَصْحَابِنَا كَأَصْلِ الْوَكَالَةِ
فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ طَلَاقُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه كَالْأُولَى وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَّا بِشَرْطٍ
الثَّالِثَةُ لو قال وكلتنى فى بَيْعِ كَذَا فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ لَزِمَ وَكِيلَهُ فى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ فى الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ كَمَهْرٍ أو لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ قال وهو أَظْهَرُ
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ فَلَوْ قال بِعْ ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ فما زَادَ فَلَكَ صَحَّ نَصَّ عليه
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ هل هذا إلَّا كَالْمُضَارَبَةِ وَاحْتَجَّ له بِقَوْلِ بن عَبَّاسٍ يعنى أَنَّهُ أَجَازَ ذلك وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
لَكِنْ لو بَاعَهُ نَسِيئَةً بِزِيَادَةٍ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ اسْتَحَقَّ الزِّيَادَةَ جَزَمَ بِهِ فى الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
الْخَامِسَةُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ قبل قَبْضِ الثَّمَنِ ما لم يَشْتَرِطْ عليه الْمُوَكِّلُ جَزَمَ بِهِ فى المغنى وَالشَّرْحِ
وقال فى الْفُرُوعِ وَهَلْ يُسْتَحَقُّ الْجُعْلُ قبل تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ يَتَوَجَّهُ فيه خِلَافٌ
____________________
(5/403)
السَّادِسَةُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ بِجُعْلٍ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً أو يُعْطِيهِ من الْأَلْفِ شيئا مَعْلُومًا لَا من كل ثَوْبٍ كَذَا لم يَصِفْهُ ولم يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ
وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ في بَيْعٍ أو شِرَاءٍ من مُعَيَّنٍ فَفِي الصِّحَّةِ خِلَافٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ
السَّابِعَةُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ مَجْهُولٍ وَلَكِنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْإِذْنِ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ
قَوْلُهُ فَإِنْ كان عليه حَقٌّ لِإِنْسَانٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِهِ في قَبْضِهِ فَصَدَّقَهُ لم يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ إليه ( ( ( إلي ) ) ) وَإِنْ كَذَّبَهُ لم يُسْتَحْلَفْ
بِلَا نِزَاعٍ كَدَعْوَى وَصِيَّةٍ
فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْوَكَالَةَ حَلَفَ وَرَجَعَ على الدَّافِعِ وَحْدَهُ
فَإِنْ كان الْمَدْفُوعُ وَدِيعَةً فَوَجَدَهَا أَخَذَهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَهُ تَضْمِينُ من شَاءَ مِنْهُمَا وَلَا يَرْجِعُ من ضَمَّنَهُ على الْآخَرِ
وقال في الْفُرُوعِ وَمَتَى أَنْكَرَ رَبُّ الْحَقِّ الْوَكَالَةَ حَلَفَ وَرَجَعَ على الدَّافِعِ وَإِنْ كان دَيْنًا وهو على الْوَكِيلِ مع بَقَائِهِ أو تَعَدِّيهِ وَإِنْ لم يَتَعَدَّ فيه مع تَلَفِهِ لم يَرْجِعْ على الدَّافِعِ وَإِنْ كان عَيْنًا أَخَذَهَا وَلَا يَرْجِعُ من ضَمَّنَهُ على الْآخَرِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ مَتَى لم يُصَدِّقْ الدَّافِعُ الْوَكِيلَ رَجَعَ عليه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وِفَاقًا وقال مُجَرَّدُ التَّسْلِيمِ ليس تَصْدِيقًا
وقال وَإِنْ صَدَّقَهُ ضَمِنَ أَيْضًا في أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بَلْ نَصُّهُ لِأَنَّهُ إنْ لم يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فَقَدْ غَرَّهُ
____________________
(5/404)
وَلَوْ أُخْبِرَ بِتَوْكِيلٍ فَظَنَّ صِدْقَهُ تَصَرَّفَ وَضَمِنَ في ظَاهِرِ قَوْلِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الأزجى إذَا تَصَرَّفَ بِنَاءً على هذا الْخَبَرِ فَهَلْ يَضْمَنُ فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في الْخِلَافِ بِنَاءً على صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَعَدَمِهَا وَإِسْقَاطِ التُّهْمَةِ في شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ
وَالْأَصْلُ في هذا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ وَإِذْنُ الْغُلَامِ في دُخُولِهِ بِنَاءً على ظَنِّهِ
وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ اثْنَانِ ثُمَّ قال أَحَدُهُمَا قد عَزَلَهُ لم تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ بَلَى كَقَوْلِهِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهَا وَكَقَوْلِ وَاحِدٍ غَيْرِهِمَا
وَلَوْ أَقَامَا الشَّهَادَةَ حُسِبَ بِلَا ذعوى ( ( ( دعوى ) ) ) الْوَكِيلِ فَشَهِدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ هذا الرَّجُلَ في كَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَ أو قال ما عَلِمْت هذا وأنا أَتَصَرَّفُ عنه ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ وَعَكْسُهُ ما أَعْلَمُ صِدْقَهُمَا فَإِنْ أَطْلَقَ قِيلَ فَسَّرَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ أَحَالَهُ بِهِ فَفِي وُجُوبِ الدَّفْعِ إلَيْهِ مع التَّصْدِيقِ وَالْيَمِينِ مع الْإِنْكَارِ وَجْهَانِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ بن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ
أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مع التَّصْدِيقِ وَلَا الْيَمِينُ مع الْإِنْكَارِ كَالْوَكَالَةِ قال في الْفُرُوعِ هذا أَوْلَى
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَشْبَهُ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ في جَوَازِ مَنْعِ الْوَكِيلِ كَوْنُ الدَّافِعِ لَا يَبْرَأُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَالْعِلَّةُ في وُجُودِ الدَّفْعِ إلَى الْوَارِثِ كَوْنُهُ
____________________
(5/405)
مُسْتَحَقًّا وَالدَّفْعُ إلَيْهِ يُبْرِئُ وهو مُتَخَلِّفٌ هُنَا فَإِلْحَاقُهُ بِالْوَكِيلِ أَوْلَى انْتَهَيَا
وَجَزَمَ بِهِ الأدمى في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما أصطلحناه في الْخُطْبَةِ
قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ بن مُصَنِّفِ الْمُحَرَّرِ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِوَالِدِهِ أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الدَّفْعِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مع التَّصْدِيقِ وَالْيَمِينُ مع الْإِنْكَارِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ لَزِمَهُ ذلك في الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
فَائِدَةٌ تُقْبَلُ بينه الْمُحَالِ عليه على الْمُحِيلِ فَلَا يُطَالِبُهُ وَتُعَادُ لِغَائِبٍ مُحْتَالٍ بَعْدَ دَعْوَاهُ فيقضى بها له إذَنْ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ ادعي أَنَّهُ مَاتَ وأنا وَارِثُهُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مع التَّصْدِيقِ وَالْيَمِينُ مع الْإِنْكَارِ )
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ كان دَيْنًا أو عَيْنًا وَدِيعَةً أو غَيْرَهَا
وقد تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بين هذه الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/406)
كِتَابُ الشَّرِكَةِ فَوَائِدُ
الْأُولَى الشَّرِكَةُ عِبَارَةٌ عن اجْتِمَاعٍ في اسْتِحْقَاقٍ أو تَصَرُّفٍ فَالْأَوَّلُ شَرِكَةُ مِلْكٍ أو اسْتِحْقَاقٍ وَالثَّانِي شَرِكَةُ عُقُودٍ وَهِيَ الْمُرَادُ هُنَا
الثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ الْكِتَابِيِّ إذَا ولى الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَكَرِهَهَا الْأَزَجِيُّ
وَقِيلَ تُكْرَهُ مُشَارَكَتُهُ إذَا كان غير ذِمِّيٍّ
الثَّالِثَةُ تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ الْمَجُوسِيِّ نَصَّ عليه
قُلْت وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَثَنِيُّ وَمَنْ في مَعْنَاهُ
الرَّابِعَةُ تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ من في مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ تَحْرُمُ جرم بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَجَعَلَهُ الْأَزَجِيُّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ
وَنَقَلَ : جَمَاعَةٌ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ
وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ الْحَرَامُ الثُّلُثَ حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ
الْخَامِسَةُ قِيلَ الْعِنَانُ مُشْتَقٌّ من عَنَّ إذَا عَرَضَ فَكُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ عَنَّ له أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ قَالَهُ الْفَرَّاءُ وبن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ هو مَصْدَرٌ من الْمُعَارَضَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ مُعَارِضٌ لِصَاحِبِهِ بِمَالِهِ وَفِعَالِهِ
وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ في الْمَالِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْفَارِسَيْنِ إذَا سَوَّيَا بين فَرَسَيْهِمَا وَتَسَاوَيَا في السَّيْرِ فإن عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً قَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/407)
قَوْلُهُ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ ( وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَالَيْهِمَا )
يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَا من جِنْسٍ أو جِنْسَيْنِ
من شَرْطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ مَعْلُومَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَكَا في مُخْتَلَطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا صَحَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ ما لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَيْضًا حُضُورُ الْمَالَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِتَقْدِيرِ الْعَمَلِ وَتَحْقِيقِ الشَّرِكَةِ إذَنْ كَالْمُضَارَبَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ أو حُضُورُ مَالِ أَحَدِهِمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَحَمَلَهُ في التَّلْخِيصِ على شَرْطِ إحْضَارِهِ
وَقَوْلُهُ ( لِيَعْمَلَا فيه بِبَدَنَيْهِمَا ) بِلَا نِزَاعٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أو يَعْمَلَ فيه أَحَدُهُمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ له أَكْثَرُ من رِبْحِ مَالِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَأَحَدُهُمَا بهذا الشَّرْطِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أو يَعْمَلُ فيه أَحَدُهُمَا في الْأَصَحِّ فيه انْتَهَى
وقال في التَّلْخِيصِ فَإِنْ اشْتَرَكَا على أَنَّ الْعَمَلَ من أَحَدِهِمَا في الْمَالَيْنِ صَحَّ وَيَكُونُ عِنَانًا وَمُضَارَبَةً
وقال في الْمُغْنِي هذا شَرِكَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَقَالَهُ في الْكَافِي وَالشَّارِحُ
وقال الزَّرْكَشِيُّ هذه الشَّرِكَةُ تَجْمَعُ شَرِكَةً وَمُضَارَبَةً فَمِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجْمَعُ الْمَالَ تُشْبِهُ شَرِكَةَ الْعِنَانِ وَمِنْ حَيْثُ أن أَحَدَهُمَا يَعْمَلُ في مَالِ صَاحِبِهِ في جُزْءٍ من الرِّبْحِ هِيَ مُضَارَبَةٌ انْتَهَى
وَهِيَ شَرِكَةُ عِنَانٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مُضَارَبَةٌ
فَإِنْ شَرَطَ له رِبْحًا قَدْرَ مَالِهِ فَهُوَ إبْضَاعٌ
وَإِنْ شَرَطَ له رِبْحًا أَقَلَّ من مَالِهِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
____________________
(5/408)
وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْعَارِيَّةِ في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ
قَوْلُهُ ( فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ في نَصِيبِهِ وَالْوَكَالَةِ في نَصِيبِ شَرِيكِهِ ) بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الفروع ( ( ( الفروج ) ) ) وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مع صَاحِبِهِ فيه خِلَافٌ
فَإِنْ كان أَجِيرًا مع صَاحِبِهِ فما ادَّعَى تَلَفَهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ خَرَجَ على رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَإِنْ كان بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ قبل قَوْلِهِ
وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْيَدِ أَنَّ ما بيده له
وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ قبل قَوْلِ مُنْكِرِهَا
قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ
هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال بن مُنَجَّى في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وَجَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْجَامِعِ وَالْمُبْهِجِ وَالْوَجِيزِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ
____________________
(5/409)
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَعَنْهُ تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُجْعَلُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ بِقِيمَةِ مَالِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ كما جَعَلْنَا نِصَابَهَا قِيمَتَهَا وَسَوَاءٌ كانت مِثْلِيَّةً أو غير مِثْلِيَّةٍ
[ وقال في الْفُرُوعِ عِنْدَ الْعَقْدِ كما جَعَلْنَا نِصَابَهَا قِيمَتَهَا وَسَوَاءٌ كانت مِثْلِيَّةً أو غير مِثْلِيَّةٍ ]
وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ في الْأَظْهَرِ تَصِحُّ بِمِثْلِيٍّ
وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تَصِحُّ بِكُلِّ عَرْضٍ مُتَقَوِّمٍ
وَقِيلَ مِثْلِيٍّ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مثله وقيمه غَيْرِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَهَلْ تَصِحُّ بِالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ على وَجْهَيْنِ
يَعْنِي إذَا لم تَصِحَّ بِالْعُرُوضِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ذَكَرُوهُ في الْمُضَارَبَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن منجا وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ في الْمَغْشُوشِ
أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ في الْفُلُوسِ وَقَالَا حُكْمُ الْمَغْشُوشِ حُكْمُ الْعُرُوضِ وَكَذَا قال في الْكَافِي
____________________
(5/410)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ إذَا كانت نَافِقَةً
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ عَلِمَ قَدْرَ الْغِشِّ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَإِلَّا فَلَا
وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ مَوْزُونَةٌ كَأَصْلِهَا أو أَثْمَانٍ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى
وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ اشْتَرَطَ النِّفَاقَ في الْمَغْشُوشِ كَالْفُلُوسِ وَذَكَرَ وَجْهًا فيها بِالصِّحَّةِ وَإِنْ لم تَكُنْ نَافِقَةً كَالْفُلُوسِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْفُلُوسِ أنها سَوَاءٌ كانت نَافِقَةً أولا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كانت نَافِقَةً وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي التَّرْغِيبِ في الْفُلُوسِ النَّافِقَةِ رِوَايَتَانِ
فَائِدَةٌ إذَا كانت الْفُلُوسُ كَاسِدَةً فَرَأْسُ الْمَالِ قِيمَتُهَا كَالْعُرُوضِ وَإِنْ كانت نَافِقَةً كان رَأْسُ الْمَالِ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْأَثْمَانُ الْمَغْشُوشَةُ إذَا كانت نَافِقَةً
وَقِيلَ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتُهَا وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ كَنَقْدٍ فَمِثْلُهَا وَإِنْ قُلْنَا كَعَرْضٍ فَقِيمَتُهَا وَكَذَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ فَوَائِدُ
إحداها حُكْمُ النُّقْرَةِ وَهِيَ التي لم تُضْرَبْ حُكْمُ الْفُلُوسِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ في اخْتِصَاصِ النَّقْدَيْنِ بها وَالْعُرُوضِ وَالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
الثَّالِثَةُ لَا أَثَرَ لِغِشٍّ يَسِيرٍ في ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إذَا كان لِلْمَصْلَحَةِ كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا
____________________
(5/411)
في دِينَارٍ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالرِّبَا وَغَيْرِ ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا من الرِّبْحِ مُشَاعًا مَعْلُومًا فَإِنْ قَالَا الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ لم يَذْكُرَا الرِّبْحَ أو شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مَجْهُولًا أو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً أو رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ لم يَصِحَّ ) بِلَا نِزَاعٍ في ذلك
قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ
بَلْ يَكْفِي النِّيَّةُ إذَا عَيَّنَاهُمَا وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا لِأَنَّهُ مَوْرِدُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَمَحَلُّهُ الْعَمَلُ وَالْمَالُ تَابِعٌ لَا الْعَكْسُ وَالرِّبْحُ نَتِيجَةُ مَوْرِدِ الْعَقْدِ
فَائِدَةٌ لَفْظُ الشَّرِكَةِ يغنى عن إذْنٍ صَرِيحٍ بِالتَّصَرُّفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُصُولِ
قال في الْفُرُوعِ ويغنى لَفْظُ الشَّرِكَةِ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ لَا بُدَّ من لَفْظٍ يَدُلُّ على الْإِذْنِ نَصَّ عليه وهو قَوْلٌ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فَهُوَ من ضَمَانِهِمَا )
يعنى إذَا تَلِفَ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَشَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا إذَا كَانَا مُخْتَلِطَيْنِ فَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ من ضَمَانِهِمَا
الثَّانِيَةُ إذَا تَلِفَ قبل الإختلاط فَهُوَ من ضَمَانِهِمَا أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/412)
وَعَنْهُ من ضَمَانِ صَاحِبِهِ فَقَطْ ذَكَرَهَا في التَّمَامِ
قَوْلُهُ ( وَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ )
يعنى وَلَوْ رضي شَرِيكُهُ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ
قال في التَّبْصِرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فَسْخِهَا
قَوْلُهُ ( وَأَنْ يُقَايِلَ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَيُقَايِلُ في الْأَصَحِّ
وقال في المغنى الْأَوْلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهَا إذَا كانت بَيْعًا فَهُوَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَإِنْ كانت فَسْخًا فَهُوَ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فيه فَكَذَلِكَ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ إذَا كان فيه حَظٌّ فإنه يَشْتَرِي ما يَرَى أَنَّهُ قد غُبِنَ فيه انْتَهَى
قال في الْقَوَاعِدِ الْأَكْثَرُونَ على أَنَّ الْمُضَارِبَ وَالشَّرِيكَ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ لِلْمَصْلَحَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ أو فَسْخٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ ليس له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ مع الْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا
وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ
قال بن منجا في شَرْحِهِ قال في المغنى إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ لم يَمْلِكْهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ ليس من التِّجَارَةِ
ثُمَّ قال في المغنى وقد ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أنها فَسْخٌ فَلَا يَمْلِكُهَا انْتَهَى
وَلَعَلَّهُ رَأَى ذلك في غَيْرِ هذا الْمَحَلِّ
____________________
(5/413)
وقال في الْفُصُولِ على الْمُذْهَبِ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ يَمْلِكُهَا وَتَقَدَّمَ ذلك في فَوَائِدِ الْإِقَالَةِ
قَوْلُهُ وَلَيْسَ له أَنْ يُكَاتِبَ الرَّقِيقَ وَلَا يُعْتِقَهُ بِمَالٍ وَلَا يُزَوِّجَهُ
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ له ذلك
قُلْت حَيْثُ كان في عِتْقِهِ بِمَالٍ مَصْلَحَةٌ جَازَ قَوْلُهُ ( وَلَا يُقْرِضَ ) هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَحْوُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال بن عَقِيلٍ يَجُوزُ لِلْمَصْلَحَةِ
[ يَعْنِي على سَبِيلِ الْقَرْضِ صَرَّحَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ]
قَوْلُهُ ( وَلَا يُضَارِبَ بِالْمَالِ )
هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَفِيهِ تَخْرِيجٌ من جَوَازِ تَوْكِيلِهِ وَيَأْتِي ذلك في الْمُضَارَبَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُضَارِبَ الْآخَرَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ
____________________
(5/414)
فَائِدَةٌ حُكْمُ الْمُشَارَكَةِ في الْمَالِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ
قَوْلُهُ ( وَلَا يَأْخُذُ بِهِ سَفْتَجَةً )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَجُوزُ أَخْذُهَا
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فيها
قُلْت وهو الصَّوَابُ إذَا كان فيه مَصْلَحَةٌ
وَأَمَّا إعْطَاءُ السَّفْتَجَةِ فَلَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَأْخُذُ سَفْتَجَةً أَنْ يَدْفَعَ إلَى إنْسَانٍ شيئا من مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَأْخُذَ منه كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ منه ذلك الْمَالَ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُعْطِيهَا أَنْ يَأْخُذَ من إنْسَانٍ بِضَاعَةً وَيُعْطِيَهُ بِثَمَنِ ذلك كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ ليستوفى منه ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ فيه خَطَرًا
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُؤَجِّرَ وَيَسْتَأْجِرَ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ له أَنْ يُودِعَ أو يَبِيعَ نَسَاءً أو يُبْضِعَ أو يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله أو يَرْهَنَ أو يَرْتَهِنَ على وَجْهَيْنِ )
أَمَّا جَوَازُ الْإِيدَاعِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ
____________________
(5/415)
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِيدَاعَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ
قال النَّاظِمُ وهو أَوْلَى جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ
قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ
وَأَمَّا جَوَازُ الْبَيْعِ نَسَاءً فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ في ضَمَانِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ
أَحَدُهُمَا له ذلك وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ
وقال في الْفَائِقِ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ نَسَاءً في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ في بَابِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ على جَوَازِ بَيْعِ الْوَكِيلِ نَسَاءً وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ هُنَاكَ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْوَكَالَةِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ نَسَاءً لِلْمُضَارِبِ وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ
وَالثَّانِي ليس له ذلك جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَالْعُمْدَةِ
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ قال الْمُصَنِّفُ هو من تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ
وقال الزَّرْكَشِيُّ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ
قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ انْتَهَى
____________________
(5/416)
وَأَمَّا جَوَازُ الْإِبْضَاعِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يعطى من مَالِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فيه وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ له ذلك وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُبْضِعُ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى
وَأَمَّا جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وأعلم أَنَّ جَوَازِ التَّوْكِيلِ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ طَرِيقَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله وَهِيَ طَرِيقَةُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وهو كما قال
وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله إذَا لم يَعْجِزْ عنه فَكَذَلِكَ هُنَا
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَجُوزُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا في الْوَكِيلِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَرَجَّحَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَذَلِكَ لِعُمُومِ تَصَرُّفِهِمَا وَكَثْرَتِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ غَالِبًا وَهَذِهِ قَرَائِنُ تَدُلُّ على الْإِذْنِ في التَّوْكِيلِ في الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ
قال بن رَجَبٍ وَكَلَامُ بن عَقِيلٍ يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ بين الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ
فَيَجُوزُ لِلشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ لِأَنَّهُ عُلِّلَ بِأَنَّ الشَّرِيكَ اسْتَفَادَ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ ما هو
____________________
(5/417)
دُونَهُ وهو الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا أَخَصُّ وَالشَّرِكَةُ أَعَمُّ فَكَانَ له الِاسْتِنَابَةُ في الْأَخَصِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فإنه اسْتَفَادَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ مِثْلَ الْعَقْدِ وَهَذَا يَدُلُّ على إلْحَاقِهِ الْمُضَارِبَ بِالْوَكِيلِ انْتَهَى
وَيَأْتِي في الْمُضَارَبَةِ هل لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ لِيُضَارِبَ بِهِ أَمْ لَا
وَأَمَّا جَوَازُ رَهْنِهِ وَارْتِهَانِهِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ له ذلك عِنْدَ الْحَاجَةِ
قال في الْفُرُوعِ له أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ في الْأَصَحِّ
قال في النَّظْمِ هذا الْأَقْوَى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأزجى
قال في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَيَفْعَلُ الْمَصْلَحَةَ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ من ذلك
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ له السَّفَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مع الْإِطْلَاقِ جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأزجى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ
قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ
وَعَنْهُ لَا يُسَوَّغُ له السَّفَرُ بِلَا إذْنٍ نَصَرَهَا الأزجى وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
الثَّانِيَةُ لو سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ
____________________
(5/418)
أبو الْفَرَجِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَفِيمَا ليس الْغَالِبُ السَّلَامَةَ يَضْمَنُ أَيْضًا انْتَهَى
قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ سَافَرَ سَفَرًا ظَنَّهُ آمِنًا لم يَضْمَنْ انْتَهَى
وَكَذَا حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ له أَنْ يَسْتَدِينَ )
بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ من رَأْسِ الْمَالِ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ يَجُوزُ له ذلك
قال الْقَاضِي إذَا اسْتَقْرَضَ شيئا لَزِمَهُمَا وَرِبْحُهُ لَهُمَا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ له الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ ليس معه من جِنْسِهِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ كما يَجُوزُ بِفِضَّةٍ وَمَعَهُ ذَهَبٌ وَعَكْسُهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ
الثَّانِيَةُ لو قال له اعْمَلْ بِرَأْيِك جَازَ له فِعْلُ كل ما هو مَمْنُوعٌ منه مِمَّا تَقَدَّمَ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وقال الْقَاضِي في الْخِصَالِ ليس له أَنْ يُقْرِضَ وَلَا يَأْخُذَ سَفْتَجَةً على سَبِيلِ الْقَرْضِ وَلَا يَسْتَدِينَ عليه وَخَالَفَهُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْمُضَارَبَةِ وَقَدَّمَ ما قَالَهُ الْقَاضِي في التَّلْخِيصِ
____________________
(5/419)
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ( وَإِنْ أَخَّرَ حَقَّهُ من الدَّيْنِ جَازَ )
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ حَقِّ شَرِيكِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَيْضًا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ لم يَصِحَّ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ
قال في المغنى هذا الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُقْسَمُ على الْأَشْهَرِ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لَا يَجُوزُ في الْأَظْهَرِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ في الذِّمَّةِ الْجِنْسُ
فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان في ذِمَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
أَمَّا إذَا كان في ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُقَاسَمَةُ فيها قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا ذَكَرَهُ عنه في الِاخْتِيَارَاتِ وَذَكَرَهُ بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً في أعلام الْمُوَقِّعِينَ
فَائِدَةٌ لو تَكَافَأَتْ الذِّمَمُ فقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ من الْحَوَالَةِ على مَلِيءٍ وُجُوبُهُ
____________________
(5/420)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَبْرَأَ من الدَّيْنِ لَزِمَ في حَقِّهِ دُونَ حَقِّ صَاحِبِهِ )
بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِمَالٍ )
يَعْنِي لَا يُقْبَلُ في حَقِّ شَرِيكِهِ وَيَلْزَمُ في حَقِّهِ وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان بِعَيْنٍ أو بِدَيْنٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى
وقال إنْ أَقَرَّ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أو بِجَمِيعِهِ أو بِأَجْرِ المنادى أو الْحَمَّالِ وَنَحْوِهِ وَأَشْبَاهِ هذا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّهُ من تَوَابِعِ التِّجَارَةِ
وقال الْقَاضِي في الْخِصَالِ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ على مَالِ الشَّرِكَةِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ من مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَإِرْثٍ أو إتْلَافٍ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أو ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ من الْغَرِيمِ وَلَهُ الْأَخْذُ من الْآخِذِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ له ذلك على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَحَرْبٍ
وقال أبو بَكْرٍ الْعَمَلُ عليه
وَعَنْهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا أَخَذَ كما لو تَلِفَ الْمَقْبُوضُ في يَدِ قَابِضِهِ فإنه يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فيه وَلَا يَرْجِعُ على الْغَرِيمِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا مع أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا لو أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أو قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ من يَدِهِ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ
____________________
(5/421)
قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه تَعَدِّيهِ في التي قَبْلَهَا وَيَضْمَنُهُ وهو وَجْهٌ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَيَتَوَجَّهُ من عَدَمِ تَعَدِّيهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ وفي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ انْتَهَى
فَإِنْ كان الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أو بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ أو كان الدَّيْنُ بِعَقْدٍ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِيمَا إذَا كان الدَّيْنُ بِعَقْدٍ
وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ كَالْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ كما تَقَدَّمَ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا كان بِعَقْدٍ
وَقَالَا فِيمَا إذَا أَجَّلَ حَقَّهُ ما قَبَضَهُ الْآخَرُ لم يَكُنْ لِشَرِيكِهِ الرُّجُوعُ عليه ذَكَرَهُ الْقَاضِي
قال وَالْأَوْلَى أَنَّ له الرُّجُوعَ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا مخاصمه في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ
وقال في الفائق فإن كان بعقد فلشريكه حصته على الأصح الروايتين
قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ في شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ وفي دَيْنٍ من ثَمَنٍ مَبِيعٍ أو قَرْضٍ أو غَيْرِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ الذي بِعَقْدٍ بَلْ هو من جُمْلَتِهِ
فَأَمَّا في الْمِيرَاثِ فَيُشَارِكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلُهُ وَلَوْ أَبْرَأَ منه صَحَّ في نَصِيبِهِ وَلَوْ صَالَحَ بِعَرْضٍ أَخَذَ نَصِيبَهُ من دَيْنِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَلِلْغَرِيمِ التَّخْصِيصُ مع تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ ليس لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ على تَقْدِيمِهِ
تَنْبِيهٌ ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ في التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ
وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا في هذا الْبَابِ
____________________
(5/422)
وَذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ في آخِرِ بَابِ الْحَوَالَةِ وَلِكُلٍّ منها وَجْهٌ
قَوْلُهُ ( وما جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فيه فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ من يَفْعَلُهُ ) بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ فيه كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ أو غُلَامِهِ أو دَابَّتِهِ جَازَ كَدَارِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ
وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ ذَكَرَاهُ في الْمُضَارَبَةِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فيه لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهِمَا اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فَهَلْ له ذلك على وَجْهَيْنِ )
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا
أَحَدُهُمَا ليس له أَخْذُ أُجْرَةٍ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قال في الْفُرُوعِ ليس له فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ بِلَا شَرْطٍ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ له الْأَخْذُ
قَوْلُهُ ( وَالشُّرُوطُ في الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ فَالْفَاسِدُ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ ما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ أو ضَمَانِ الْمَالِ أو أَنَّ عليه من الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ من قَدْرِ مَالِهِ أو أَنْ يُوَلِّيَهُ ما يَخْتَارُ من السِّلَعِ أو يَرْتَفِقَ بها أو لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا وَنَحْوَ ذلك )
فما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُضَارِبُ جُزْءًا من
____________________
(5/423)
الرِّبْحِ مَجْهُولًا أو رِبْحَ أَحَدِ الْكِيسَيْنِ أو أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ أو أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أو إحْدَى السُّفْرَتَيْنِ أو ما يَرْبَحُ في هذا الشَّهْرِ وَنَحْوَ ذلك فَهَذَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ بِلَا نِزَاعٍ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ شَرَطَ تَوْقِيتَهَا أو ما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
وَيَخْرُجُ في سَائِرِهَا رِوَايَتَانِ وَشَمِلَ قِسْمَيْنِ
أَحَدُهُمَا ما يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ نحو أَنْ يَشْتَرِطَ لُزُومَ الْمُضَارَبَةِ أو لَا يَعْزِلُهُ مُدَّةً بِعَيْنِهَا أو لَا يَبِيعُ إلَّا بِرَأْسِ الْمَالِ أو أَقَلَّ أو أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِمَّنْ اشْتَرَى منه أو شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَ أو لَا يَشْتَرِي أو أَنْ يُوَلِّيَهُ ما يَخْتَارُهُ من السِّلَعِ وَنَحْوِ ذلك
وَالثَّانِي كَاشْتِرَاطِ ما ليس من مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مُقْتَضَاهُ نَحْوُ أَنْ يَشْتَرِطَ على الْمُضَارِبِ الْمُضَارَبَةَ له في مَالٍ آخَرَ أو يَأْخُذَهُ بِضَاعَةً أو قَرْضًا أو أَنْ يَخْدُمَهُ في شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أو أَنْ يَرْتَفِقَ بِبَعْضِ السِّلَعِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ أو أَنْ يَشْتَرِطَ على الْمُضَارِبِ ضَمَانَ الْمَالِ أو سَهْمًا من الْوَضِيعَةِ أو أَنَّهُ مَتَى بَاعَ السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ بها بِالثَّمَنِ وَنَحْوِ ذلك
إحْدَاهُمَا لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في المغنى وَالشَّرْحِ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ
قال في الْفُرُوعِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَقْدِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ
وَذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ تَخْرِيجًا من الْبَيْعِ وَالْمُزَارَعَةِ
قَوْلُهُ ( وإذا فَسَدَ الْعَقْدُ قُسِمَ الرِّبْحُ على قَدْرِ الْمَالَيْنِ )
هذا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي
____________________
(5/424)
الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ والمغنى وقال هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ إنْ فَسَدَ بِغَيْرِ جَهَالَةِ الرِّبْحِ وَجَبَ الْمُسَمَّى
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في المغنى وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ أَنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ على ما شَرَطَاهُ وَأَجْرَاهَا مَجْرَى الصَّحِيحَةِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ
وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الْفَاسِدِ نَصِيبَ الْمِثْلِ فَيَجِبُ من الرِّبْحِ جُزْءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ في مِثْلِهِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مُشَارَكَةٌ لَا من بَابِ الْإِجَارَةِ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ على وَجْهَيْنِ )
هُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا له الرُّجُوعُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ يَرْجِعُ بها على الْأَصَحِّ
وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ في التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَأَجْرَاهَا كَالصَّحِيحَةِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو تَعَدَّى الشَّرِيكُ مُطْلَقًا ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وهو المذهب عِنْدَ أبى بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/425)
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَهُوَ كَفُضُولِيٍّ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد
قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ نَقَدَهُ وَرَبِحَ ثُمَّ أَجَازَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ في رِوَايَةٍ وَإِنْ كان الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ فَلَا
وَعَنْهُ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في تعدى الْمُضَارِبِ
وقال في المغنى وَالشَّرْحِ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ ما لم يَحُطَّ بِالرِّبْحِ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كان يَذْهَبُ إلَى ان الرِّبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ هذا بَعْدُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ
وَعَنْهُ له الْأَقَلُّ مِنْهُمَا أو ما شَرَطَ من الرِّبْحِ
وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
وفي بَعْضِ كَلَامِهِ إنْ أَجَازَهُ بِقَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ انْتَهَى
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ
% وَإِنْ تَعَدَّى عَامِلٌ ما أَمَرَا % بِهِ الشَّرِيكَ ثُمَّ رِبْحٌ ظَهَرَا %
% وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ له وعنه لَا % وَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ نَصٌّ نُقِلَا %
% وعنه بَلْ صَدِّقْهُ ذَا يَحْسُنُ % لِأَنَّ ذَاكَ رِبْحُ ما لَا يُضْمَنُ %
ذَكَرَهَا في الْمُضَارَبَةِ
الثَّانِيَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ من مَالٍ لم يَأْذَنْ مَالِكُهُ في التِّجَارَةِ به قِيلَ لِلْمَالِكِ وَقِيلَ لِلْعَامِلِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا على قَدْرِ النَّفْعَيْنِ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ قال وهو أَصَحُّهَا إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ على غَيْرِ وَجْهِ الْعُدْوَانِ مِثْلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَالُ نَفْسِهِ فَيَبِينُ مَالَ غَيْرِهِ فَهُنَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بِلَا رَيْبٍ
____________________
(5/426)
وقال في الْمُوجَزِ فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ مع الرِّبْحِ فيه له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إنْ كان عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ من لَا يُعْطِيهِ شيئا فإذا تَابَ أُبِيحَ له بِالْقِسْمَةِ فإذا لم يَتُبْ فَفِي حِلِّهِ نَظَرٌ
قال وَكَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ شيئا كَفَرَسٍ وَكَسَبَ بِهِ مَالًا يُجْعَلُ الْكَسْبُ بين الْغَاصِبِ وَمَالِكِ الدَّابَّةِ على قَدْرِ نَفْعِهِمَا بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الرَّاكِبِ وَمَنْفَعَةُ الْفَرَسِ ثُمَّ يُقْسَمَ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا
وَأَمَّا إذَا كَسَبَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُغَطِّيَ الْمَالِكُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ من كَسْبِهِ أو قِيمَةِ نَفْعِهِ انْتَهَى
فَائِدَةٌ الْمُضَارَبَةُ هِيَ دَفْعُ مَالِهِ إلَى آخَرَ يَتَّجِرُ بِهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كما قال الْمُصَنِّفُ وَتُسَمَّى قِرَاضًا أَيْضًا
وَاخْتُلِفَ في اشْتِقَاقِهَا وَالصَّحِيحُ أنها مُشْتَقَّةٌ من الضَّرْبِ في الْأَرْضِ وهو السَّفَرُ فيها لِلتِّجَارَةِ غَالِبًا
وَقِيلَ من ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ في الرِّبْحِ
والقراض مُشْتَقٌّ من الْقَطْعِ على الصَّحِيحِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ من مَالِهِ قِطْعَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْعَامِلِ وَاقْتَطَعَ له قِطْعَةً من الرِّبْحِ
وَقِيلَ مُشْتَقٌّ من الْمُسَاوَاةِ وَالْمُوَازَنَةِ فَمِنْ الْعَامِلِ الْعَمَلُ وَمِنْ الْآخَرِ الْمَالُ فَتَوَازَنَا
وَمَبْنَى الْمُضَارَبَةِ على الْأَمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ فإذا ظَهَرَ رِبْحٌ صَارَ شَرِيكًا فيه
فَإِنْ فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً وَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ
فَإِنْ خَالَفَ الْعَامِلُ صَارَ غَاصِبًا
____________________
(5/427)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك أو لي لم يَصِحَّ )
يَعْنِي إذَا قال إحْدَاهُمَا مع قَوْلِهِ مُضَارَبَةً لم يَصِحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ
قال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ هِيَ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فيها أُجْرَةَ الْمِثْلِ
وَكَذَا قال في المغنى لَكِنَّهُ قال لَا يَسْتَحِقُّ شيئا في الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ دخل على أَنْ لَا شَيْءَ له ورضى بِهِ
وَقَالَهُ بن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ من الْمُسَاقَاةِ
وقال في المغنى في مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ إبْضَاعٌ صَحِيحٌ
فَرَاعَى الْحُكْمَ دُونَ اللَّفْظِ
وَعَلَى هذا يَكُونُ في الصُّورَةِ الْأُولَى قَرْضًا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال وَلِي ثُلُثُ الرِّبْحِ )
يَعْنِي ولم يذكر نَصِيبَ الْعَامِلِ
( فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَالْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَقَالَا اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ ذَكَرَهُ في التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ
____________________
(5/428)
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أتى معه بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَيَكُونُ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ نَصَّ عليه
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو قال لَك الثُّلُثُ وَلِي النِّصْفُ صَحَّ وكان السُّدُسُ الْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهَا
الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ ( وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ حُكْمُ الشَّرِكَةِ فِيمَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ أو لَا يَفْعَلَهُ وما يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ )
وَفِيمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ من الْعُرُوضِ وَالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ وَالنُّقْرَةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَهَكَذَا قال جَمَاعَةٌ
أَعْنِي أَنَّهُمْ جَعَلُوا شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَصْلًا وَأَلْحَقُوا بها الْمُضَارَبَةَ
وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قالوا حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا له وَعَلَيْهِ وما يُمْنَعُ منه فَجَعَلُوا الْمُضَارَبَةَ أَصْلًا
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ في أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذَكَرُوا
قَوْلُهُ ( وفي الشُّرُوطِ وَإِنْ فَسَدَتْ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ ) خَسِرَ أو كَسَبَ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ
____________________
(5/429)
وقال وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بِالرِّبْحِ انْتَهَى وَعَنْهُ له الْأَقَلُّ من أُجْرَةِ الْمِثْلِ أو ما شَرَطَهُ له من الرِّبْحِ وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا على ما شَرْطَاهُ كما قال في شَرِكَةِ الْعِنَانِ على ما تَقَدَّمَ
فَائِدَةٌ لو لم يَعْمَلْ الْمُضَارِبُ شيئا إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَارْتَفَعَ الصَّرْفُ اسْتَحَقَّ لِمَا صَرَفَهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ تَفْسُدُ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ
إحْدَاهُمَا لَا تَفْسُدُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال نَصَّ عليه
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَفْسُدُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال ضَارَبْتُك سَنَةً أو شَهْرًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَعَنْهُ وَالْعَقْدُ قُلْت وَإِنْ قال لَا تَبِعْ بَعْدَ سَنَةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ قال لَا تُتْبَعُ بَعْدَهَا صَحَّ كما لو قال لَا تَتَصَرَّفُ بَعْدَهَا وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُهُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قال مَتَى مَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ قَرْضٌ فَمَضَى وهو مَتَاعٌ فَلَا بَأْسَ إذَا بَاعَهُ أَنْ يَكُونَ قَرْضًا نَقَلَهُ مُهَنَّا وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ وَمَنْ بَعْدَهُ
____________________
(5/430)
وَيَصِحُّ قَوْلُهُ إذَا انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا تَشْتَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يَصِحُّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال بِعْ هذا الْعَرْضَ وَضَارِبْ بِثَمَنِهِ صَحَّ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال ضَارِبْ بِالدَّيْنِ الذي عَلَيْك لم يَصِحَّ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في بَابِ التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ بِالْحَوَالَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في آخِرِ بَابِ السَّلَمِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَاحْتِمَالٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ
وَبَنَاهُ الْقَاضِي على شِرَائِهِ من نَفْسِهِ وَبَنَاهُ في النِّهَايَةِ على قَبْضِهِ من نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ فَوَائِدُ
منها لو قال إذَا قَبَضْت الدَّيْنَ الذي على زَيْدٍ فَقَدْ ضَارَبْتُك بِهِ لم يَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ تَصَرُّفِهِ
قال في الرِّعَايَةِ قُلْت يُحْتَمَلُ صِحَّةُ الْمُضَارَبَةِ إذْ يَصِحُّ عِنْدَنَا تَعْلِيقُهَا على شَرْطٍ وَمِنْهَا لو كان في يَدِهِ عَيْنٌ مَغْصُوبَةٌ فقال الْمَالِكُ ضَارِبْ بها صَحَّ
وَيَزُولُ ضَمَانُ الْغَصْبِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(5/431)
وقال الْقَاضِي لَا يَزُولُ ضَمَانُ الْغَصْبِ بِعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ
وَمِنْهَا لو قال هو قَرْضٌ عَلَيْك شَهْرًا ثُمَّ هو مُضَارَبَةٌ لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ الْفَائِقُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَصِحُّ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَخْرَجَ مَالًا لِيَعْمَلَ فيه هو وَآخَرُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَيَكُونُ مُضَارَبَةً )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه
قال في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ والشرح ( ( ( الشرح ) ) ) وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
وقال الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَعْمَلَ معه رَبُّ الْمَالِ لم يَصِحَّ وَاخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى والهادى
وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ على أَنَّ رَبَّ الْمَالِ عَمِلَ فيه من غَيْرِ شَرْطٍ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ غُلَامِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ كما يَصِحُّ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ بَهِيمَةً يحمل عليها وهو الْمَذْهَبُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يَصِحُّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وقال هو أَوْلَى بِالْجَوَازِ
____________________
(5/432)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في التَّلْخِيصِ الْأَظْهَرُ الْمَنْعُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْخِلَافَ في الْغُلَامِ على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ من رَبِّ الْمَالِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ عَمَلِهِ وَأَنْ يَكُونَ دُونَ النِّصْفِ وَالْمَذْهَبُ لَا
فَائِدَةٌ وَكَذَا حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ فَوَائِدُ
منها لَا يَضُرُّ عَمَلُ الْمَالِكِ بِلَا شَرْطٍ نَصَّ عليه
وَمِنْهَا لو قال رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ في الْمَالِ فما كان من رِبْحٍ فَبَيْنَنَا صَحَّ نَقَلَهُ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ
وَمِنْهَا ما نَقَلَ أبو طَالِبٍ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا مُضَارَبَةً على أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَوْصِلِ فَيُوَجَّهُ إلَيْهِ بِطَعَامٍ فَيَبِيعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَيُوَجَّهُ إلَيْهِ إلَى الْمَوْصِلِ قال لَا بَأْسَ إذَا كَانُوا تَرَاضَوْا على الرِّبْحِ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِيَعْمَلَا فيه لو اشْتَرَكَا في مَالَيْنِ وَبَدَنِ أَحَدِهِمَا
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ من يَعْتِقُ على رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَعَتَقَ وَضَمِنَ ثَمَنَهُ )
لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ من يَعْتِقُ على رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا صِحَّةَ الشِّرَاءِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ
____________________
(5/433)
وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ
قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الشِّرَاءُ وهو تَخْرِيجٌ في الْكَافِي وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ وَشِرَاءَهُ من حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ
يعنى كما لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ من نَذَرَ رَبُّ الْمَالِ عِتْقَهُ أو حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ ذَكَرَهُ في أَوَاخِرِ الْحَجْرِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ وَقَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ هُنَا
وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ إذَا كان الثَّمَنُ عَيْنًا وَإِنْ كان اشْتَرَاهُ في الذِّمَّةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْعَاقِدِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةُ لشراء ( ( ( الشراء ) ) ) قَالَهُ الْقَاضِي انْتَهَيَا
وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى في الذِّمَّةِ فَلِلْعَاقِدِ وَإِنْ كان بِالْعَيْنِ فَبَاطِلٌ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ مُطْلَقًا
أعنى سَوَاءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَيَضْمَنُ في الْأَصَحِّ
قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ إنْ لم يَعْلَمْ لم يَضْمَنْ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ
وقال لِأَنَّ الْأُصُولَ قد فَرَّقَتْ بين الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ في بَابِ الضَّمَانِ كَالْمَعْذُورِ وَكَمَنْ رمى إلَى صَفِّ الْمُشْرِكِينَ انْتَهَى
____________________
(5/434)
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وقال هذا الصَّحِيحُ عِنْدِي انْتَهَى
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كان عَالِمًا أَيْضًا وهو تَوْجِيهٌ لِأَبِي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ
فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في الْحَجْرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْقَوَاعِدِ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَسْقُطُ عن الْعَامِلِ قِسْطُهُ منها على الصَّحِيحِ
قال في التَّلْخِيصِ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَسْقُطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو بَكْرٍ
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك فِيمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ له من يَعْتِقُ على سَيِّدِهِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ في أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ ) يعنى امْرَأَةَ رَبِّ الْمَالِ ( صَحَّ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ )
وَكَذَا لو كان رَبُّ الْمَالِ امْرَأَةً وَاشْتَرَى الْعَامِلُ زَوْجَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الشِّرَاءُ في الذِّمَّةِ أو بِالْعَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فيه أَيْضًا
قُلْت وما هو بِبَعِيدٍ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى من يَعْتِقُ على نَفْسِهِ ولم يَظْهَرْ رِبْحٌ لم يَعْتِقْ
____________________
(5/435)
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَعْتِقُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فَهَلْ يُعْتَقُ على وَجْهَيْنِ )
وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على مِلْكِ الْمُضَارِبِ لِلرِّبْحِ بَعْدَ الظُّهُورِ وَعَدَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهَا كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ
قال بن رَجَبٍ وهو أَصَحُّ
وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لم يَعْتِقْ عليه
قال في الْكَافِي إنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لم يَعْتِقْ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عليه قَدْرُ حِصَّتِهِ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كان مُوسِرًا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كان مُعْسِرًا لم يَعْتِقْ عليه إلَّا ما مَلَكَ انْتَهَى
وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ لَا يَعْتِقُ عليه وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَصَحَّحَهُ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ
وَأَطْلَقَ الْعِتْقَ وَعَدَمَهُ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في التَّلْخِيصِ وَلَوْ ظَهَرَ رِبْحٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ وَقُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ نَصِيبُهُ ولم يَسْرِ إذْ لَا اخْتِيَارَ له في ارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ
فَائِدَةٌ ليس لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ من رَأْسِ الْمَالِ
فَلَوْ كان رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا فَاشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا أخر بِعَيْنِ
____________________
(5/436)
الْأَلْفِ فَالشِّرَاءُ فَاسِدٌ نَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قال وَلَيْسَ له أَنْ يَسْتَدِينَ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ( وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ إذَا كان فيه ضَرَرٌ على الْأَوَّلِ )
أَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ على الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ وهو صَحِيحٌ
وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ لِتَقْيِيدِهِمْ الْمَنْعَ بِالضَّرَرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ مَتَى اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ على رَبِّ الْمَالِ فَقَدْ صَارَ أَجِيرًا له فَلَا يُضَارِبُ لِغَيْرِهِ قِيلَ فَإِنْ كانت لَا تَشْغَلُهُ قال لَا يُعْجِبُنِي لَا بُدَّ من شُغْلٍ
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ لم يَأْخُذْ لِغَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَإِنْ لم يَتَضَرَّرْ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على الِاسْتِحْبَابِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ نَصِيبَهُ من الرِّبْحِ في شَرِكَةِ الْأَوَّلِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الْمُصَنِّفُ النَّظَرُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ رَبُّ الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى من رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ شيئا
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَبَّ الْأُولَى ليس له شَيْءٌ من رِبْحِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ فيها ( ( ( له ) ) ) وَلَا مَالَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
____________________
(5/437)
قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس لِلْمُضَارِبِ دَفْعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ مُضَارَبَةً من غَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِجَوَازِهِ بِنَاءً على توكيل ( ( ( توكل ) ) ) الْوَكِيلِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَحَكَى رِوَايَةً بِالْجَوَازِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَصِحُّ هذا التَّخْرِيجُ انْتَهَى
وَلَا أُجْرَةَ لِلثَّانِي على رَبِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ بَلَى
وَقِيلَ على الْأَوَّلِ مع جَهْلِهِ كَدَفْعِ الْغَاصِبِ مَالَ الْغَصْبِ مُضَارَبَةً وَأَنَّ مع الْعِلْمِ لَا شَيْءَ له وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إنْ كان شِرَاءَهُ بِعَيْنِ الْمَالِ
وَذَكَرُوا وَجْهًا وَإِنْ كان في ذِمَّتِهِ كان الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي
وقال في التَّلْخِيصِ إنْ اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ فَعِنْدِي أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بين الْعَامِلِينَ نِصْفَيْنِ
الثَّانِيَةُ ليس له أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِغَيْرِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ بِمَالِ نَفْسِهِ نَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فَيَدْخُلُ فِيمَا أَذِنَ فيه ذَكَرَهُ الْقَاضِي
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شيئا لِنَفْسِهِ
____________________
(5/438)
هذا الْمَذْهَبُ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا يَشْتَرِي الْمَالِكُ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شيئا على الْأَصَحِّ
قال في الْفَائِقِ ليس له ذلك على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ صَحَّحَهَا الأزجى
فعليها ( ( ( فعليهما ) ) ) يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت ن ظَهَرَ فيه رِبْحٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ شِرَاءُ السَّيِّدِ من عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ له )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وَعَنْهُ يَصِحُّ صَحَّحَهَا الازجي كَمُكَاتَبِهِ
فَعَلَيْهَا يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ من عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا اسْتَغْرَقَتْهُ الدُّيُونُ
وَأَمَّا شِرَاءُ الْعَبْدِ من سَيِّدِهِ فَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْحَجْرِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ
فَائِدَةٌ ليس لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَنَقَلَهُ عن الْقَاضِي
وَإِنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ صَحَّ الشِّرَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
____________________
(5/439)
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ صَحَّ
( وَإِنْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ بَطَلَ في نَصِيبِهِ وفي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَجْهَانِ )
قال الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وقد عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
( وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ في الْجَمِيعِ )
بِنَاءً على شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِ
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ نَفَقَةٌ إلَّا بِشَرْطٍ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ليس له نَفَقَةٌ إلَّا بِشَرْطٍ أو إعَادَةٍ فَيَعْمَلُ بها
وَكَأَنَّهُ أَقَامَ الْعَادَةَ مَقَامَ الشَّرْطِ وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ شَرَطَهَا له وَأَطْلَقَ فَلَهُ جَمِيعُ نَفَقَتِهِ من الْمَأْكُولِ وَالْمَلْبُوسِ بِالْمَعْرُوفِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ليس له نَفَقَةٌ إلَّا من الْمَأْكُولِ خَاصَّةً قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ
____________________
(5/440)
رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان سَفَرُهُ طَوِيلًا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ كِسْوَةٍ جَوَازُهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُنْفِقُ على مَعْنَى ما كان يُنْفِقُ على نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَلَا مُضِرٍّ بِالْمَالِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ كَطَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَأَقَلُّ مَلْبُوسٍ مِثْلُهُ
وَقِيلَ هذا التَّقْدِيرُ مع التَّنَازُعِ
فَائِدَةٌ لو لَقِيَهُ بِبَلَدٍ أَذِنَ في سَفَرِهِ إلَيْهِ وقد نَصَّ الْمَالُ فَأَخَذَهُ رَبُّهُ فَلِلْعَامِلِ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ في وَجْهٍ
وفي وَجْهٍ آخَرَ لَا نَفَقَةَ له قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ في وَجْهٍ وَاقْتَصَرَ عليه
قَوْلُهُ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا رَجَعَ في الْقُوتِ إلَى الْإِطْعَامِ في الْكَفَّارَةِ وفي الْمَلْبُوسِ إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ )
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَاقْتَصَرَ عليه في الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ قال بن منجا في شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا تَحَكُّمٌ
وَقِيلَ له نَفَقَةُ مِثْلِهِ عُرْفًا من الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
فَائِدَةٌ لو كان معه مَالٌ لِنَفْسِهِ يَبِيعُ فيه وَيَشْتَرِي أو مُضَارَبَةٌ أُخْرَى أو بِضَاعَةٌ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ على قَدْرِ الْمَالَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قد شَرَطَ له النَّفَقَةَ من مَالِهِ مع عِلْمِهِ بِذَلِكَ
____________________
(5/441)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ أَذِنَ له في التَّسَرِّي فَاشْتَرَى جَارِيَةً مَلَكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا نَصَّ عليه
في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وقال في الْفُصُولِ فَإِنْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَتَسَرَّى من مَالِ الْمُضَارَبَةِ فقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُضَارِبُ جَارِيَةً من الْمَالِ إذَا أُذِنَ له
وقال في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ يَجُوزُ ذلك وَيَكُونُ دَيْنًا عليه
فَأَجَازَ له ذلك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ في ذِمَّتِهِ
قال أبو بَكْرٍ اخْتِيَارِيٌّ ما نَقَلَهُ يَعْقُوبُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ هذه
قال شَيْخُنَا وَعِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّسَرِّي من مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ في ذِمَّتِهِ وَعَلَى هذا يُحْمَلُ قَوْلُهُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لِأَنَّهُ لو كان له ذلك لَاسْتَبَاحَ الْبُضْعَ بِغَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ وَلَا عَقْدِ نِكَاحٍ انْتَهَى كَلَامُهُ في الْفُصُولِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ في رِوَايَةٍ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثَمَنِهَا
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ قال الْأَصْحَابُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُضَارِبُ التَّسَرِّيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى أَمَةً منه مَلَكَهَا وَيَكُونُ ثَمَنُهَا قَرْضًا عليه لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِدُونِ الملك ( ( ( المالك ) ) )
وَأَشَارَ أبو بَكْرٍ إلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْأَمَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ انْتَهَى فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس له أَنْ يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ عُزِّرَ
____________________
(5/442)
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُحَدُّ إنْ كان قبل ظُهُورِ رِبْحٍ ذَكَرَهُ بن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ بِشَرْطِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ
وَذَكَرَ غَيْرُ بن رَزِينٍ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ عُزِّرَ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَقِيمَتُهَا إنْ أَوْلَدَهَا وَإِلَّا حُدَّ عَالِمٌ وَنَصَّهُ يُعَزَّرُ كما تَقَدَّمَ وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ إنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ حُدَّ وَمَلَكَ رَبُّ الْمَالِ وَلَدَهُ ولم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ له وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ من الْمَهْرِ وَالْقِيمَةِ قَدْرُ حَقِّ الْعَامِلِ ولم يُحَدَّ نَصَّ عليه
الثَّانِيَةُ لَا يَطَأُ رَبُّ الْمَالِ وَلَوْ عُدِمَ الرِّبْحُ رَأْسًا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ فَعَلَ فَلَا حَدَّ عليه لَكِنْ إنْ كان فيه رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ منه
قَوْلُهُ ( وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حتى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ
بِلَا نِزَاعٍ
وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ فَرَبِحَ في إحْدَاهُمَا وَخَسِرَ في الْأُخْرَى بِسَبَبِ مَرَضٍ أو عَيْبٍ محدث ( ( ( حدث ) ) ) أو نُزُولِ سِعْرٍ أو فَقْدِ صِفَةٍ وَنَحْوِهِ أو تَلِفَتْ أو بَعْضُهَا جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ من الرِّبْحِ )
وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ
قال في الْفُرُوعِ إذَا حَصَلَ ذلك بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَقَبْلَهُ جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ من رِبْحِ باقية قبل قِسْمَتِهَا نَاضًّا أو تَنْضِيضِهِ مع مُحَاسَبَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ جُبِرَ من الرِّبْحِ قبل قِسْمَتِهِ
وَقِيلَ وَبَعْدَهَا مع بَقَاءِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ
____________________
(5/443)
قَوْلُهُ ( وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قبل التَّصَرُّفِ فيه انْفَسَخَتْ فيه الْمُضَارَبَةُ )
بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وكان رَأْسُ الْمَالِ الْبَاقِي خَاصَّةً
قَوْلُهُ ( وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ له وَثَمَنُهَا عليه إلَّا أَنْ يُجْبِرَهُ رَبُّ الْمَالِ )
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ هو كَفُضُولِيٍّ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ لِآخَرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ مَلَكَهُ في كِتَابِ الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا
وَعَنْهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ لُزُومًا صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ذلك مُضَارَبَةً على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وقال وَعَنْهُ أَنْ يُجِيزَهُ مَالِكٌ صَارَ مِلْكُهُ مُضَارَبَةً لَا غَيْرَهَا في الْمُجَرَّدِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا وَالثَّمَنُ على رَبِّ الْمَالِ )
إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنِ دُونَ التَّالِفِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هذا الثَّمَنُ وَالتَّالِفُ أَيْضًا وَكَذَا إنْ كان التَّلَفُ في هذه الْمَسْأَلَةِ قبل التَّصَرُّفِ
قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَحَكَاهُ في الْكُبْرَى قَوْلًا
فَعَلَيْهِ تَبْقَى الْمُضَارَبَةُ في قَدْرِ الثَّمَنِ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(5/444)
وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً في الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ قبل نَقْدِ ثَمَنِهَا أو تَلِفَ هو وَالسِّلْعَةُ فَالثَّمَنُ على رَبِّ الْمَالِ وَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْعَامِلِ
وَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ من مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ لم يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عليه بِشَيْءٍ
وهو على الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ لم يَتَعَدَّ فيه ذَكَرَهُ الأزجى وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وإذا ظَهَرَ رِبْحٌ لم يَكُنْ له أَخْذُ شَيْءٍ منه إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ )
بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ على رِوَايَتَيْنِ )
وفي بَعْضِ النُّسَخِ مَكَانُ قبل الْقِسْمَةِ بِالظُّهُورِ
إحْدَاهُمَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ وهو الْمَذْهَبُ
قال أبو الْخَطَّابِ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ رِوَايَةً وَاحِدَةً
قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ منه بِظُهُورِهِ كَالْمِلْكِ وَكَمُسَاقَاةٍ في الْأَصَحِّ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ
قال في المغنى هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْكَافِي هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لو اشْتَرَى بِالْمَالِ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِيهِ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَا ولم يَضْمَنْ لِلْعَامِلِ شيئا ذَكَرَهُ الأزجى
____________________
(5/445)
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَمْلِكُهَا بِالْمُحَاسَبَةِ وَالتَّنْضِيضِ وَالْفَسْخِ قبل الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ وَنَصَّ عليها وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فيها بِالْمُقَاسَمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِدُونِهَا وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال يَسْتَقِرُّ بِالْمُحَاسَبَةِ التَّامَّةِ كأبن أبى مُوسَى وَغَيْرِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أبو بَكْرٍ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو الْمَنْصُوصُ صَرِيحًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ إتْلَافُ الْمَالِكِ كَالْقِسْمَةِ فَيَغْرَمُ نَصِيبَهُ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ
تَنْبِيهٌ لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ وَغَيْرِهَا نَذْكُرُهَا هُنَا مُلَخَّصَةً
منها انْعِقَادُ الْحَوْلِ على حِصَّةِ الْمُضَارِبِ بِالظُّهُورِ قبل الْقِسْمَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ من يُعْتَقُ عليه بِالْمِلْكِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا
وَمِنْهَا لو وطىء الْمُضَارِبُ أَمَةً من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا
وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذلك فى هذا الْبَابِ
وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ شِقْصًا لِلْمُضَارَبَةِ وَلَهُ فيه شَرِكَةٌ فَهَلْ له الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فيه طَرِيقَانِ
أَحَدُهُمَا ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ إنْ لم يَكُنْ في الْمَالِ رِبْحٌ
____________________
(5/446)
أو كان وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَلَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَذَا الْأَخْذُ منه وَإِنْ كان فيه رِبْحٌ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على شِرَاءِ الْمُضَارِبِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ مِلْكِهِ من الرِّبْحِ
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ وَاخْتَارَهُ في رؤوس الْمَسَائِلِ
وَالثَّانِي له الْأَخْذُ وَخَرَّجَهُ من وُجُوبِ الزَّكَاةِ عليه في حِصَّتِهِ فإنه يَصِيرُ حِينَئِذٍ شَرِيكًا يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ وَمَعَ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ تَزُولُ التُّهْمَةُ وَعَلَى هذا فَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَلَا بُدَّ
وَمِنْهَا لو أَسْقَطَ الْمُضَارِبُ حَقَّهُ من الرِّبْحِ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ لم يَسْقُطْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ فَوَجْهَانِ
وَمِنْهَا لو قَارَضَ الْمَرِيضُ وسمي لِلْعَامِلِ فَوْقَ تَسْمِيَةِ الْمِثْلِ
فقال الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ يَجُوزُ وَلَا يُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ لِأَنَّ ذلك لَا يُؤْخَذُ من مَالِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِعَمَلِهِ من الرِّبْحِ الْحَادِثِ وَيَحْدُثُ على مِلْكِ الْمُضَارِبِ دُونَ الْمَالِكِ
قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَوَجَّهُ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ احْتَمَلَ أَنْ يُحْتَسَبَ من الثُّلُثِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ حِينَئِذٍ عن مِلْكِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ منه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيَأْتِي هذا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
فَائِدَةٌ من جُمْلَةِ الرِّبْحِ الْمَهْرُ والثمرة ( ( ( والثمر ) ) ) وَالْأُجْرَةُ وَالْأَرْشُ وَكَذَا النِّتَاجُ على الصَّحِيحِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ إنْ كان فيه رِبْحٌ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَإِلَّا فَلَا
____________________
(5/447)
يَعْنِي وَإِنْ لم يَكُنْ فيه رِبْحٌ لم يُجْبَرْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْبَرُ
قال في الْفُرُوعِ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْخَسَارَةِ يُتَّجَهُ مَنْعُهُ من ذلك ذَكَرَهُ الأزجى قُلْت وهو الصَّوَابُ
قَوْلُهُ ( وإذا انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَالُ عَرْضٌ فرضى رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ عَرْضًا أو طَلَبَ الْبَيْعَ فَلَهُ ذلك )
إذَا انْفَسَخَ الْقِرَاضُ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرْضٌ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ عَرْضًا بِأَنْ يَقُومَ عليه نَصَّ عليه وإذا ارْتَفَعَ السِّعْرُ بَعْدَ ذلك لم يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُطَالِبَ بِقِسْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ له ذلك
قال بن عَقِيلٍ وَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بِأَنْ كان الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا في الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ في الشِّتَاءِ أو يَرْجُوَ دُخُولَ مَوْسِمٍ أو قَفْلٍ فإن حَقَّهُ يَبْقَى من الرِّبْحِ
قُلْت هذا هو الصَّوَابُ وَلَا أَظُنُّ أَنَّ الْأَصْحَابَ يُخَالِفُونَ ذلك
قال الأزجى أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لها انْتَهَى
وإذا لم يَرْضَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ عَرْضًا وَطَلَبَ الْبَيْعَ أو طَلَبَهُ ابْتِدَاءً فَلَهُ ذلك وَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ إذَا لم يَكُنْ في الْمَالِ رِبْحٌ أو كان فيه رِبْحٌ وَأَسْقَطَ الْعَامِلُ حَقَّهُ منه وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ في مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ في الْجَمِيعِ
____________________
(5/448)
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي في اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ قُلْت الْأَوْلَى الِاسْتِقْرَارُ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو فَسَخَ الْمَالِكُ الْمُضَارَبَةَ وَالْمَالُ عَرْضٌ انْفَسَخَتْ وَلِلْمُضَارِبِ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرِبْحِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَنْعَزِلُ ما دَامَ عَرْضًا بَلْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ حتى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ عَزْلُهُ وَأَنَّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ
وَذَكَرَ في الْمُضَارَبَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ
وَحَمَلَ صَاحِبُ المغنى مُطْلَقَ كَلَامِهِمَا في الشَّرِكَةِ على هذا التَّقْيِيدِ
وَلَكِنْ صَرَّحَ بن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ حتى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَالِكِهِ
وقال في بَابِ الْجِعَالَةِ الْمُضَارَبَةُ كَالْجِعَالَةِ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ فَسْخَهَا بَعْدَ تَلَبُّسِ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ وَأَطْلَقَ ذلك
وقال في مُفْرَدَاتِهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْفَسْخَ بَعْدَ أَنْ يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ وَيَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَسْخَ
قال وهو الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ في الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَاتِ الْفَسْخُ مع كَتْمِ شَرِيكِهِ
____________________
(5/449)
قال في الْقَوَاعِدِ وهو حَسَنٌ جَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ في اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ وَسَدِّ الذَّرَائِعِ
الثَّانِيَةُ لو كان رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَصَارَ دَنَانِيرَ أو عَكْسُهُ فَهُوَ كَالْعَرْضِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وقال الأزجى إنْ قُلْنَا هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وهو قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ لم يَلْزَمْ وَلَا فَرْقَ لِقِيَامِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ قال فَعَلَى هذا يَدُورُ الْكَلَامُ
وقال أَيْضًا وَلَوْ كان صِحَاحًا فَنَضَّ قُرَاضَةً أو مُكَسَّرَةً لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهُ إلَى الصِّحَاحِ فَلْيَبِعْهَا بِصِحَاحٍ أو بِعَرْضٍ ثُمَّ يشترى بها
قَوْلُهُ ( وَإِنْ كان دَيْنًا لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ ) يَعْنِي كُلَّهُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَقَاضِيهِ في قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لَا غَيْرُ
فَائِدَةٌ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ تَقَاضِي الدَّيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ على حَالِهِ إنْ فَسَخَ الْوَكَالَةَ بِلَا إذْنِهِ وَكَذَا حُكْمُ الشَّرِيكِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قَارَضَ في الْمَرَضِ فَالرِّبْحُ من رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ زَادَ على أُجْرَةِ الْمِثْلِ )
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في الْفَوَائِدِ قَرِيبًا فَلْيُعَاوَدْ وَيُقَدَّمُ بِهِ على سَائِرِ الْغُرَمَاءِ
فَائِدَةٌ لو سَاقَى أو زَارَعَ في مَرَضِ مَوْتِهِ يُحْتَسَبُ من الثُّلُثِ على الصَّحِيحِ
____________________
(5/450)
من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْبُلْغَةِ
قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُعْتَبَرَ من الثُّلُثِ
وَقِيلَ هو كَالْمُضَارَبَةِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ ولم يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ ) يَعْنِي لِكَوْنِهِ لم يُعَيِّنْهُ الْمُضَارِبُ ( فَهُوَ دَيْنٌ في تَرِكَتِهِ )
لِصَاحِبِهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ مَاتَ فَجْأَةً أولا وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَخْفَاهُ ولم يُعَيِّنْهُ فَكَأَنَّهُ غَاصِبٌ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ
وَعَنْهُ لَا يَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ إلَّا إذَا مَاتَ غير فَجْأَةٍ
وَقِيلَ يَكُونُ كَالْوَدِيعَةِ على ما يَأْتِي في الْمَسْأَلَةِ التي بَعْدَهَا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ تَقْرِيرَ وَارِثِ الْمُضَارِبِ جَازَ وَيَكُونُ مُضَارَبَةً مُبْتَدَأَةً يُشْتَرَطُ لها ما يُشْتَرَطُ لِلْمُضَارَبَةِ
الثَّانِيَةُ لو مَاتَ أَحَدُ الْمُتَقَارِضَيْنِ أو جُنَّ أو وَسْوَسَ أو حُجِرَ عليه لِسَفَهٍ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَيَقُومُ وَارِثُ رَبِّ الْمَالِ مَقَامَهُ فَيُقَرَّرُ ما لِلْمُضَارِبِ وَيُقَدَّمُ على غَرِيمٍ وَلَا يشترى من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وهو في بَيْعٍ واقتضاء ( ( ( واقتضاه ) ) ) دَيْنٌ كَفَسْخِهَا وَالْمَالِكُ حَيٌّ على ما تَقَدَّمَ
قال في التَّلْخِيصِ إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ تَقْرِيرَهُ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ على الْأَصَحِّ وَقِيلَ هِيَ اسْتِدَامَةٌ انْتَهَى
فَإِنْ كان الْمَالُ عَرْضًا وَأَرَادَ إتْمَامَهُ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/451)
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُهُ
قال الْمُصَنِّفُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَحْمُولٌ على أَنَّهُ يَبِيعُ ويشترى بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْقِرَاضِ
قَوْلُهُ ( وَكَذَا الْوَدِيعَةُ )
يَعْنِي أنها تَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ إذَا مَاتَ ولم يُعَيِّنْهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ هِيَ في تَرِكَتِهِ في الْأَصَحِّ
وَقِيلَ لَا تَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
وقال في التَّرْغِيبِ هِيَ في تَرِكَتِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فَجْأَةً
زَادَ في التَّلْخِيصِ أو يوصى إلَى عَدْلٍ وَيَذْكُرُ جِنْسَهَا كَقَوْلِهِ قَمِيصٌ فلم يُوجَدْ
فَوَائِدُ
إحداها لو مَاتَ وصى وَجُهِلَ بَقَاءُ مَالِ مُوَلِّيهِ
قال فى الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ والوديعة ( ( ( الوديعة ) ) )
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو في تَرِكَتِهِ
الثَّانِيَةُ لو دَفَعَ عَبْدَهُ أو دَابَّتَهُ إلَى من يَعْمَلُ بِهِمَا بِجُزْءٍ من الْأُجْرَةِ أو ثَوْبًا يَخِيطُهُ أو غَزْلًا يَنْسِجُهُ بِجُزْءٍ من رِبْحِهِ أو بِجُزْءٍ منه جَازَ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها
وَجَزَمَ بِهِ في الْأُولَيَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْعِشْرِينَ يَجُوزُ فِيهِمَا على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ فِيهِمَا
قال في الْفَائِقِ خَرَّجَ الْقَاضِي بُطْلَانَهُ
____________________
(5/452)
وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في الْجَمِيعِ وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ اخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُهُ حَصَادُ زَرْعِهِ وَطَحْنُ قَمْحِهِ وَرَضَاعُ رَقِيقِهِ
قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في الإجاره
قال في الصُّغْرَى وفي اسْتِئْجَارِهِ لِنَسْجِ غَزْلِهِ ثَوْبًا أو حَصَادِ زَرْعِهِ أو طَحْنِ قَفِيزِهِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ رِوَايَتَانِ
وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ من يَجِدُّ نَخْلَهُ أو يَحْصُدُ زَرْعَهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ منه جَازَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ
وَأَطْلَقَ في نَسْجِ الْغَزْلِ وَطَحْنِ الْقَفِيزِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَ في الْفَائِقِ في نَسْجِ الْغَزْلِ وَحَصَادِ الزَّرْعِ وَإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ بِجُزْءٍ الرِّوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ في الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في الْإِجَازَةِ وَكَذَا غَزْوُهُ بِدَابَّةٍ بِجُزْءٍ من السَّهْمِ وَنَحْوِهِ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ وأبو دَاوُد يَجُوزُ
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَأَرْضٍ بِبَعْضِ الْخَرَاجِ
وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا في الإجاره
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ أو خَشَبًا لِيَنْجُرَهُ صَحَّ إنْ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بِالْعُرُوضِ
وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مسألة ( ( ( مسائل ) ) ) الدَّابَّةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ على رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهُ ليس شَرِكَةٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن أبى حَرْبٍ وَأَنَّ مثله الْفَرَسُ بِجُزْءٍ من الْغَنِيمَةِ
____________________
(5/453)
وَنَقَلَ مُهَنَّا في الْحَصَادِ هو أَحَبُّ إلَيَّ من الْمُقَاطَعَةِ
قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ دَفْعُ الشَّبَكَةِ لِلصَّيَّادِ
قال في الْفَائِقِ قُلْت وَالنَّحْلُ وَالدَّجَاجُ وَالْحَمَامُ وَنَحْوُ ذلك
وَقِيلَ الْكُلُّ لِلصَّيَّادِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلشَّبَكَةِ
وَعَنْهُ وَلَهُ معه جُعْلُ نَقْدٍ مَعْلُومٍ كَعَامِلٍ
وَعَنْهُ له دَفْعُ دَابَّتِهِ أو نَحْلِهِ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ بِجُزْءٍ من نَمَائِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَالْمُذْهَبُ لَا لِحُصُولِ نَمَائِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ منه مُدَّةً مَعْلُومَةً وَنَمَاؤُهُ مِلْكٌ لَهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْإِجَارَةِ وفي الطَّحْنِ بِالنُّخَالَةِ وَعَمَلُ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا بِالْكَسْبِ وَالسَّلْخِ بِالْجِلْدِ وَالْحَلْجِ بِالْحَبِّ وَجْهَانِ
وَكَذَا قال فى الصُّغْرَى فى الطَّحْنِ وَعَمَلُ السِّمْسِمِ وَالْحَلْجِ
وَحَكَى في الطَّحْنِ بِالنُّخَالَةِ رِوَايَتَيْنِ
وَكَذَا قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في الْإِجَارَةِ
الثَّالِثَةُ لو أَخَذَ مَاشِيَةً لِيَقُومَ عليها برعى وَعَلَفٍ وسقى وَحَلْبٍ وَغَيْرِ ذلك بِجُزْءٍ من دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ
وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه ذَكَرَهُ في آخِرِ الْمُضَارَبَةِ
____________________
(5/454)
وقال في بَابِ الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ راعى غَنَمٍ مَعْلُومَةٍ يَرْعَاهَا بِثُلُثِ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا نَصَّ عليه وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ
وَقِيلَ في صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ راعى الْغَنَمِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى
وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال النَّاظِمُ
% وَالْأَوْكَدُ مَنْعُ إعْطَاءِ مَاشِيَةٍ لِمَنْ % يَعُودُ بِثُلُثِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ أَسْنَدَ % % وَإِنْ يَرْعَهَا حَوْلًا كميلا ( ( ( كاملا ) ) ) بِثُلُثِهَا % له الثُّلُثُ بالنامى يَصِحُّ بِأَوْطَدَ %
وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَالْعَامِلُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ من هَلَاكٍ )
حُكْمُ الْعَامِلِ في دَعْوَى التَّلَفِ حُكْمُ الْوَكِيلِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْوَكَالَةِ
قَوْلُهُ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ في رَدِّهِ إلَيْهِ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم بن حَامِدٍ وبن أبى مُوسَى وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وهو تَخْرِيجٌ في المغنى وَالشَّرْحِ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَجَدْت ذلك مَنْصُوصًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَيْضًا في رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً فَجَاءَ بِأَلْفٍ فقال هذا رِبْحٌ وقد دَفَعْت إلَيْك أَلْفًا رَأْسَ مَالِكَ فقال هو مُصَدَّقٌ فِيمَا قال
قال وَوَجَدْت في مَسَائِلِ أبى دَاوُد عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نحو هذا أَيْضًا
____________________
(5/455)
وَكَذَلِكَ نَقَلَ عنه مُهَنَّا في مُضَارِبٍ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ شيئا ثُمَّ قال من رَأْسِ الْمَالِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ
قَوْلُهُ ( وَالْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ )
يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا شَرَطَ لِلْعَامِلِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وسندى ( ( ( وسند ) ) ) وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ جَاوَزَ أجره الْمِثْلِ رَجَعَ إلَيْهَا نَقَلَهَا حَنْبَلٌ
وقال بن عَقِيلٍ إلَّا فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ الناس بها عُرْفًا وَجَزَمَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ في الرِّوَايَةِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي
فَائِدَةٌ لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا قَالَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ
وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قال دَفَعْته مُضَارَبَةً قال بَلْ قَرْضًا وَلَهُمَا بَيِّنَتَانِ قال الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وهو مَعْنَى كَلَامِ الأزجى
قال الأزجى وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في مِثْلِ هذا فِيمَنْ ادَّعَى ما في كِيسٍ وَادَّعَى آخَرُ نِصْفَهُ رِوَايَتَانِ
إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وَالثَّانِيَةُ لِأَحَدِهِمَا رُبُعُهُ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ
____________________
(5/456)
قَوْلُهُ ( وفي الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً أو الشِّرَاءِ بِكَذَا )
يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ في عَدَمِ الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً أو الشِّرَاءِ بِكَذَا وَكَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَالِكِ في الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ
قال بن أبى مُوسَى يَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَحَكَاهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ قَوْلًا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ في ذلك نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى
قال بن منجا في شَرْحِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِق وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ قال بن منجا في شَرْحِهِ ولم أَجِدْ بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا رِوَايَةً وَلَا وَجْهًا عن أَحَدٍ من الْمُتَقَدِّمِينَ غير أَنَّ صَاحِبَ الْمُسْتَوْعِبِ حَكَى بَعْدَ قَوْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَنَّ بن أبى مُوسَى قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ
وَرُبَّمَا حَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ في ذلك وَجْهًا وَأَظُنُّهُ أَخَذَهُ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أو ظَنَّ قَوْلَ بن أبى مُوسَى يَقْتَضِي ذلك
وفي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ وَجْهٌ من الدَّلِيلِ لو وَافَقَ رِوَايَةً أو وَجْهًا وَذَكَرَهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال الْعَامِلُ رَبِحْت أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتهَا أو هَلَكَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ ) بِلَا نِزَاعٍ
( وَإِنْ قال غَلِطْت لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ )
وَكَذَا لو قال نَسِيت أو كَذَبْت وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ لم يُقْبَلْ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ
____________________
(5/457)
نَقَلَ أبو دَاوُد وَمُهَنَّا إذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قال إنَّمَا كُنْت أَعْطَيْتُك من رَأْسِ مَالِكَ يُصَدَّقُ
قال أبو بَكْرٍ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَخَرَجَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ
فَائِدَةٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ في أَنَّهُ رَبِحَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في قَدْرِ الرِّبْحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ بن مَنْصُورٍ
وَنَقَلَ الْحَلْوَانِيُّ فيه رِوَايَاتٍ كَعِوَضِ كِتَابَةٍ الْقَبُولُ وَعَدَمُهُ وَالثَّالِثَةُ يَتَحَالَفَانِ
وَجَزَمَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ
قلت وهو بَعِيدٌ
قَوْلُهُ ( الثَّالِثُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ ) أَيْ الشَّرِكَةُ بِالْوُجُوهِ
( وهو أَنْ يَشْتَرِكَا على أَنْ يَشْتَرِيَا بِجَاهِهِمَا دَيْنًا )
أَيْ شيئا إلَى أَجَلٍ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ عَيَّنَا جِنْسَ الذي يَشْتَرُونَهُ أو قَدْرَهُ أو وَقْتَهُ أولا
فَلَوْ قال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ما اشْتَرَيْت من شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا صَحَّ
وقال الخرقى هِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَالِ غَيْرِهِمَا
فقال الْقَاضِي مُرَادُ الخرقى أَنْ يَدْفَعَ وَاحِدٌ مَالَهُ إلَى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً فَيَكُونُ الْمُضَارِبَانِ شَرِيكَيْنِ في الرِّبْحِ بِمَالِ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهُمَا إذَا أَخَذَا الْمَالَ بِجَاهِهِمَا لم يَكُونَا مُشْتَرِكَيْنِ بِمَالِ غَيْرِهِمَا
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ
وَحَمَلَ غَيْرُ الْقَاضِي كَلَامَ الخرقى على الْأَوَّلِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَقَالَا وَاخْتَرْنَا هذا التَّفْسِيرَ لِأَنَّ كَلَامَ الخرقى بهذا التَّفْسِيرِ يَكُونُ جَامِعًا
____________________
(5/458)
لِأَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَى تَفْسِيرِ الْقَاضِي يَكُونُ مُخِلًّا بِنَوْعٍ منها وَهِيَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هو ظَاهِرُ اللَّفْظِ وهو كما قال
وَعَلَى هذا يَكُونُ هذا نوع ( ( ( نوعا ) ) ) من أَنْوَاعِ الْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ قد ذَكَرَ لِلْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ
قَوْلُهُ ( وَالْمِلْكُ بَيْنَهُمَا على ما شَرَطَاهُ )
فَهُمَا كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَكِنْ هل ما يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا أو لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ فيه وَجْهًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وقال وَيَتَوَجَّهُ في شَرِكَةِ عِنَانٍ مِثْلُهُ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِالنِّيَّةِ انْتَهَى
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُمَا في كل التَّصَرُّفِ وما لَهُمَا وما عليهما كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ
وقال في شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ
وَإِنْ قال لِمَا بيده هذا لي أو لنا أو اشْتَرَيْته منها لي أو لنا صُدِّقَ مع يَمِينِهِ سَوَاءٌ رَبِحَ أو خَسِرَ انْتَهَى
فَدَلَّ كَلَامُهُ على أَنَّهُ لَا بُدَّ من النِّيَّةِ
وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهُمَا في كل التَّصَرُّفِ كَشَرِيكَيْ عِنَانٍ وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ ( وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَاهُ )
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
( وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ على قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا )
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ لِئَلَّا يَأْخُذَ رِبْحَ ما لم يَضْمَنْ
____________________
(5/459)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ ( الرَّابِعُ شركه الْأَبْدَانِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا )
قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَقَبَّلَانِ في ذِمَّتِهِمَا من عَمَلٍ وَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وما يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا من الْعَمَلِ يَصِيرُ في ضَمَانِهِمَا يُطَالَبَانِ بِهِ وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عن الْقَاضِي احْتِمَالًا لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا ما يَلْزَمُ صَاحِبَهُ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ يَصِحُّ مع اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ مع اخْتِلَافِ الصِّنَاعَةِ في الْأَصَحِّ
قال النَّاظِمُ هذا أَجْوَدُ
وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالنِّهَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ قال في الْهِدَايَةِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي
قَوْلُهُ ( وَيَصِحُّ في الِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالتَّلَصُّصِ على دَارِ الْحَرْبِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ )
وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ في الْأَصَحِّ
____________________
(5/460)
كَالِاسْتِئْجَارِ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ ( وَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا )
أَنَّهُ لو تَرَكَ الْعَمَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَكَا لِيَحْمِلَا على دَابَّتَيْهِمَا وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا صَحَّ فَإِنْ تَقَبَّلَا حَمْلَ شَيْءٍ فَحَمَلَاهُ عَلَيْهِمَا صَحَّتْ الشَّرِكَة وَالْأُجْرَةُ على ما شَرَطَاهُ )
على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ بَلْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كما لو أَطْلَقَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَوَائِدُ
الْأُولَى تَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ إنْ كان على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ وَإِنْ كان الْجُعْلُ على شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ
قال وَلِلْحَاكِمِ اكراههم لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ نَظَرًا في الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا
____________________
(5/461)
وقال أَيْضًا إنْ اشْتَرَكُوا على أَنَّ كُلَّ ما حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لم يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ تَجُوزُ حَيْثُ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ
وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهَا وَجْهَانِ كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ
الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
قال في التَّلْخِيصِ لَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ فِيمَا يَحْصُلُ له ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَاقْتَصَرَ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فيها من وَكَالَةٍ وَهِيَ على هذا الْوَجْهِ لَا تَصِحُّ كَأَجِّرْ دَابَّتَك وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَخْرُجُ عن الضَّمَانِ وَالْوَكَالَةِ وَلَا وَكَالَةَ هُنَا فإنه لَا يُمْكِنُ تَوْكِيلُ أَحَدِهِمَا على بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَلَا ضَمَانَ فإنه لَا دَيْنَ يَصِيرُ بِذَلِكَ في ذِمَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا تَقَبُّلَ عَمَلٍ
وقال في الْمُوجَزِ تَصِحُّ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على جَوَازِهَا
فقال في رِوَايَةِ أبى دَاوُد وقد سُئِلَ عن الرَّجُلِ يَأْخُذُ الثَّوْبَ لِيَبِيعَهُ فَيَدْفَعَهُ إلَى آخَرَ لِيَبِيعَهُ وَيُنَاصِفَهُ ما يَأْخُذُ من الْكِرَاءِ قال الْكِرَاءُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا يَشْتَرِكَانِ فِيمَا أَصَابَا انْتَهَى
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ جَوَازُهَا
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ يَجُوزُ إنْ قِيلَ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ حَكَى الْقَوْلَ الثَّانِي قُلْت هذا إذَا أَذِنَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو في النِّدَاءِ على شَيْءٍ أو وَكَّلَهُ في بَيْعِهِ ولم يَقُلْ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا أنت
فَفَعَلَهُ بَكْرٌ بِإِذْنِ عَمْرٍو فَإِنْ صَحَّ فَالْأُجْرَةُ لَهُمَا على ما شَرَطَاهُ وَإِنْ لم تَصِحَّ فَلِبَكْرٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ على عَمْرٍو
____________________
(5/462)
وَإِنْ اشْتَرَكَا ابْتِدَاءً في النِّدَاءِ على شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أو على ما يَأْخُذَانِهِ أو على ما يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا من مَتَاعِ الناس أو في بَيْعِهِ صَحَّ وَالْأُجْرَةُ لَهُمَا على ما شَرَطَاهُ وَإِلَّا اسْتَوَيَا فيها وَبِالْجُعْلِ جَعَالَةٌ انْتَهَى
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ مع الْعِلْمِ بِالشَّرِكَةِ إذْنٌ لهم
قال وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ ما أَخَذَ ولم يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا في الْكَسْبِ جَازَ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ كَالْمُبَاحِ وَلِئَلَّا تَقَعَ مُنَازَعَةٌ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا نَقَلْت من خَطِّ بن الصَّيْرَفِيِّ مِمَّا عَلَّقَهُ على عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قال ذَهَبَ الْقَاضِي إلَى أَنَّ شَرِكَةَ الدَّلَّالِينَ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ في مَالِ الْغَيْرِ
وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وبن عَقِيلٍ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ على ما قَالَهُ في مَنَافِعِ الْبَهَائِمِ انْتَهَى
وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ إذَا قال أنا أَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَتَعْمَلُ أنت وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا جَازَ جَعْلًا لِضَمَانِ الْمُتَقَبِّلِ كَالْمَالِ
الثَّالِثَةُ لو اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِآخَرَ راويه وَالثَّالِثُ يَعْمَلُ صَحَّ فى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فإنه نَصَّ فى الدَّابَّةِ يَدْفَعُهَا إلَى آخَرَ يَعْمَل عليها على أَنَّ لَهُمَا الْأُجْرَةَ على صِحَّةِ ذلك وَهَذَا مِثْلُهُ
فَعَلَى هذا يَكُونُ ما رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ على ما اتَّفَقُوا عليه
وَكَذَا لو اشْتَرَكَ أَرْبَعَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِآخَرَ رَحًا وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ وَالرَّابِعُ يَعْمَلُ وَهَذَا الصَّحِيحُ فِيهِمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ
وَقِيلَ الْعَقْدُ فَاسِدٌ في الْمَسْأَلَتَيْنِ
قال الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ فَاسِدَتَانِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ
____________________
(5/463)
فَعَلَى الثَّانِي لِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ وَعَلَيْهِ لِرُفْقَتِهِ أُجْرَةُ آلَاتِهِمْ
وَقِيلَ إنْ قَصَدَ السَّقَّاءُ أَخْذَ الْمَاءِ فَلَهُمْ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ الْمَاءُ لِلْعَامِلِ بِغَرْفِهِ له من مَوْضِعٍ مُبَاحٍ لِلنَّاسِ
وَقِيلَ الْمَاءُ لهم على قَدْرِ أُجْرَتِهِمْ
وَقِيلَ بَلْ إثلاثا انْتَهَى
الرَّابِعَةُ لو اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ من الْأَرْبَعَةِ ما ذُكِرَ صَحَّ
وَهَلْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ أو أَرْبَاعًا على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على ما إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا بِمَهْرٍ وَاحِدٍ أو كَاتَبَ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ على ما يَأْتِي في مَوَاضِعِهِ
وَإِنْ تَقَبَّلَ الْأَرْبَعَةُ الطَّحْنَ في ذممهم ( ( ( ذمتهم ) ) ) صَحَّ وَالْأُجْرَةُ أَرْبَاعًا وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ على رُفْقَتِهِ لِتَفَاوُتِ قَدْرِ الْعَمَلِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَجْرِ الْمِثْلِ
الْخَامِسَةُ لو قال أَجِّرْ عبدى وَأُجْرَتُهُ بَيْنَنَا فَالْأُجْرَةُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ
قَوْلُهُ ( الْخَامِسُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَهِيَ أَنْ يُدْخِلَا في الشَّرِكَةِ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ كَوِجْدَانِ لُقَطَةٍ أو رِكَازٍ أو ما يَحْصُلُ لَهُمَا من مِيرَاثٍ وما يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا من ضَمَانِ غَصْبٍ أو أَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِ ذلك )
كما يَحْصُلُ لهما من هِبَةٍ أو وَصِيَّةٍ تفريط ( ( ( وتفريض ) ) ) وَتَعَدٍّ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ
( فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ )
اعْلَمْ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ على ضَرْبَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنْ يُفَوِّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ الشِّرَاءَ أو الْبَيْعَ وَالْمُضَارَبَةَ وَالتَّوْكِيلَ وَالِابْتِيَاعَ في الذِّمَّةِ وَالْمُسَافَرَةَ بِالْمَالِ وَالِارْتِهَانَ وَضَمَانَ ما يُرَى من الْأَعْمَالِ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عن شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْوُجُوهِ
____________________
(5/464)
وَالْأَبْدَانِ وَجَمِيعُهَا مَنْصُوصٌ على صِحَّتِهَا وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَاهُ وَالْوَضِيعَةُ على قَدْرِ الْمَالِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ اشْتَرَكَا في كل ما يَثْبُتُ لَهُمَا أو عَلَيْهِمَا ولم يُدْخِلَا فيها كَسْبًا نَادِرًا أو غَرَامَةً كَلُقَطَةٍ وَضَمَانِ مَالٍ صَحَّ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ والمفاوضة أَنْ يُفَوِّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ وَبَدَنِيٍّ من أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ في كل وَقْتٍ وَمَكَانٍ على ما يُرَى وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَتَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ أو وُجُوهٍ أو أَبْدَانٍ وَمُضَارَبَةٍ انْتَهَوْا
الضَّرْبُ الثَّانِي ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهِيَ أَنْ يُدْخِلَا فيها الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ وَنَحْوَهَا فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ
وقال في الْمُحَرَّرِ إنْ اشْتَرَكَا في كل ما يَثْبُتُ لَهُمَا أو عَلَيْهِمَا صَحَّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَقُولَ أنت شَرِيكٌ لي في كل ما يَحْصُلُ لي بِأَيِّ جِهَةٍ كانت من إرْثٍ وَغَيْرِهِ لنا فيه رِوَايَتَانِ الْمَنْصُورُ لَا تَصِحُّ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا رِبْحُ مَالِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وما يَسْتَفِيدُهُ له وَيَخْتَصُّ بِضَمَانِ ما غَصَبَهُ أو جَنَاهُ أو ضَمِنَهُ عن الْغَيْرِ بَابُ الْمُسَاقَاةِ
____________________
(5/465)
فَائِدَةٌ الْمُسَاقَاةُ مُفَاعَلَةٌ من السقى وَهِيَ دَفْعُ شَجَرٍ إلَى من يَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ من ثَمَرَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن منجا في شَرْحِهِ
قال السَّامِرِيُّ في مُسْتَوْعَبِهِ هِيَ أَنْ يُسَلِّمَ نَخْلَهُ أو كَرْمَهُ أو شَجَرًا له ثَمَرٌ مَأْكُولٌ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ ما يُدْفَعُ إلَيْهِ لِيَغْرِسَهُ وَيَعْمَلَ عليه وَلَا بِمَانِعٍ لِدُخُولِ ماله ثَمَرُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالصَّنَوْبَرِ
قَوْلُهُ ( تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ في النَّخْلِ وَكُلِّ شَجَرٍ له ثَمَرٌ مَأْكُولٌ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ )
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ تَصِحُّ على كل ثَمَرٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَصِحُّ في الصَّنَوْبَرِ
وَقَالَا تَصِحُّ على ما يُقْصَدُ وَرَقُهُ أو زَهْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَنَحْوِهِ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى
قُلْت وهو الصَّوَابُ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ إلَّا في النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لَا غَيْرُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ ما تَقَدَّمَ وَلَا تَصِحُّ على شَجَرٍ بِثَمَرٍ بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ وَقِيلَ تَصِحُّ انْتَهَى
قُلْت وهو مُشْكِلٌ فإن النَّخْلَ وَبَعْضَ الْأَشْجَارِ لَا تُثْمِرُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عليه
فَائِدَةٌ لو سَاقَاهُ على ما يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ من أُصُولِ الْبُقُولِ والخضروات ( ( ( والخضراوات ) ) ) كَالْقُطْنِ وَالْمَقَاثِي وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِ لم تَصِحَّ
____________________
(5/466)
قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ على ما لَا سَاقَ له
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ إنْ قِيلَ هِيَ كَالشَّجَرِ صَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِنْ قِيلَ هِيَ كَالزَّرْعِ فَهِيَ مُزَارَعَةٌ وَفِيهِ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُعَامَلَةِ وما في مَعْنَاهُمَا ) نَحْوُ فَالَحْتُك أو أعمل بُسْتَانِي هذا قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَبِقَوْلِهِ تَعَهَّدْ نَخْلِي أو أَبِّرْهُ أو اسْقِهِ وَلَك كَذَا أو أَسْلَمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ بِكَذَا من ثَمَرِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ ( وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَهُمَا في الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
أَحَدُهُمَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَقَالُوا هو أَقْيَسُ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ
وَقِيلَ إنْ صَحَّتْ بِلَفْظِهَا كانت إجَارَةً ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ
قَوْلُهُ ( وقد نَصَّ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فِيمَنْ قال أَجَّرْتُك هذه الْأَرْضَ بِثُلُثِ ما يَخْرُجُ منها أَنَّهُ يَصِحُّ وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ
____________________
(5/467)
وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ في الْمُسَاقَاةِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وأبو الْخَطَّابِ وبن عَقِيلٍ أَنَّ هذه مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ
قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
فَعَلَى هذا يَكُونُ ذلك على قَوْلِنَا لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ من رَبِّ الْأَرْضِ كما هو مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ من الْعَامِلِ على ما يَأْتِي في الْمُزَارَعَةِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه إجَارَةٌ وان الْإِجَارَةَ تَجُوزُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ من الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ منها وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى
وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ من الْأَرْضِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ
قال الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ
وقال هِيَ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ
وَعَنْهُ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ في الْمُسْتَوْعِبِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ لها شُرُوطُ الْإِجَارَةِ من تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهِ فَوَائِدُ
الْأُولَى لو صَحَّ فِيمَا تَقَدَّمَ إجَارَةٌ أو مُزَارَعَةٌ فلم يَزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ
____________________
(5/468)
فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فيه فَإِنْ فَسَدَتْ وَسُمِّيَتْ إجَارَةً فأجره الْمِثْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْفَائِقِ جَعَلَ من صَحَّحَهَا إجَارَةً الْعِوَضَ غير مَضْمُونٍ
وَقِيلَ قِسْطُ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
الثَّانِيَةُ تَجُوزُ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ من جِنْسِ الْخَارِجِ على الصَّحِيحِ نَصَرَهَا أبو الْخَطَّابِ
قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ
قال بن رَزِينٍ لَا تَصِحُّ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَحَمَلَ الْقَاضِي الْجَوَازَ على الذِّمَّةِ وَالْمَنْعَ على أَنَّهُ منه
الثَّالِثَةُ إجَارَتُهَا بِطَعَامٍ من غَيْرِ جِنْسِ الْخَارِجِ تَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْحَسَنِ بن ثَوَابٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ رُبَّمَا قال نَهَيْته
قال الْقَاضِي هذا من الْإِمَامِ أَحْمَدَ على سَبِيلِ الْوَرَعِ
قَوْلُهُ ( وَهَلْ تَصِحُّ على ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ ) يَعْنِي إذَا لم تَكْمُلْ ( على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ
____________________
(5/469)
إحْدَاهُمَا تَصِحُّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ
قال في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ تَصِحُّ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ تَصِحُّ على الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو زَارَعَهُ على زَرْعٍ نَابِتٍ يَنْمُو بِالْعَمَلِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَمَّا إنْ زَارَعَهُ على الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ في أَوَّلِ فَصْلِ الْمُزَارَعَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ سَاقَاهُ على شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عليه حتى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ من الثَّمَرَةِ صَحَّ )
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ
قال الْقَاضِي الْمُعَامَلَةُ بَاطِلَةٌ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْغَرْسُ من رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ شَرَطَهُ على الْعَامِلِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ إذَا شُرِطَ الْبَذْرُ من الْعَامِلِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
____________________
(5/470)
فَوَائِدُ
الْأُولَى قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ الْمُسَاقَاةِ على شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عليه بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ من الشَّجَرِ أو بِجُزْءٍ من الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ كَالْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ وَالْمُنَاصَبَةُ
وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ في كِتَابِهِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَخِيرًا وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ
وقال وَلَوْ كان مَغْرُوسًا وَلَوْ كان نَاظِرَ وَقْفٍ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ من الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَأَنَّ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا في مَحَلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ انْتَهَى
وَهَذَا احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
الثَّانِيَةُ لو كان الِاشْتِرَاكُ في الْغِرَاسِ وَالْأَرْضِ فَسَدَتْ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا
قال في الْفَائِقِ قُلْت وَصَحَّحَ الْمَالِكِيُّونَ الْمُغَارَسَةَ في الْأَرْضِ الْمِلْكِ لَا الْوَقْفِ بِشَرْطِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ جُزْءًا من الْأَرْضِ مع الْقِسْطِ من الشَّجَرِ انْتَهَى الثَّالِثَةُ لو عَمَلَا في شَجَرٍ لَهُمَا وهو بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ في ثَمَرِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِنِصْفِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
____________________
(5/471)
فَعَلَى هذا الْوَجْهِ في أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
قُلْت الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ له الْأُجْرَةُ على الْآخَرِ قِيَاسًا على نَظَائِرِهَا
قَوْلُهُ ( وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ )
في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وقد سُئِلَ عن الْأَكَّارِ يَخْرُجُ من غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ فلم يَمْنَعْهُ من ذلك
وَكَذَا حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ
قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
واختاره ( ( ( واختار ) ) ) في التَّبْصِرَةِ أنها جَائِزَةٌ من جِهَةِ الْعَامِلِ بَلْ لَازِمَةٌ من جِهَةِ الْمَالِكِ مَأْخُوذٌ من الْإِجَارَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُبْطِلُهَا ما يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا
فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قبل ظُهُورِهَا فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ قال في الرِّعَايَةِ أو أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِمَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ
وَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ في مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ فَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا تَكْمُلُ فيها لم تَصِحَّ
وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
____________________
(5/472)
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وهو الصَّحِيحُ
قال في التَّصْحِيحِ أَحَدُهُمَا إنْ عَمِلَ فيها وَظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ أجره مِثْلِهِ وهو الصَّحِيحُ وَإِنْ لم تَظْهَرْ فَلَا شَيْءَ له
وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَاهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا أُجْرَةَ له وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ
وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ جَهِلَ ذلك فَلَهُ أجره وَإِلَّا فَلَا
تَنْبِيهٌ عَكَسَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ بِنَاءً على الْوَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ من الْكَاتِبِ حين التَّبْيِيضِ أو سبقه قَلَمٍ
فَائِدَةٌ لو كان الْبَذْرُ من رَبِّ الْأَرْضِ وَفَسَخَ قبل ظُهُورِ الزَّرْعِ أو قبل الْبَذْرِ وَبَعْدَ الْحَرْثِ فقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْعِمَارَةِ التي هِيَ الْآبَارُ وَيَكُونُ شَرِيكًا في الْأَرْضِ بِعِمَارَتِهِ
وَاخْتَارَ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ تَجِبُ له أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِبَدَنِهِ وما أَنْفَقَ على الْأَرْضِ من مَالِهِ وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمة اللَّهُ عليه
وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ زَارَعَ رَجُلًا على مَزْرَعَةِ بُسْتَانٍ ثُمَّ أَجَّرَهَا هل تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ
فقال إنْ زَارَعَهُ مُزَارَعَةً لَازِمَةً لم تَبْطُلْ بِالْإِجَارَةِ وَإِنْ لم تَكُنْ لَازِمَةً أعطى الْفَلَّاحُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ
وَأَفْتَى أَيْضًا في رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضًا وَكَانَتْ بُورًا وَحَرَثَهَا فَهَلْ له إذَا خَرَجَ منها فَلَاحُهُ إنْ كان له في الْأَرْضِ فلاحه لم يَنْتَفِعْ بها فَلَهُ قِيمَتُهَا على من انْتَفَعَ بها فَإِنْ كان الْمَالِكُ انْتَفَعَ بها أو أَخَذَ عِوَضًا عنها الْمُسْتَأْجِرُ فَضَمَانُهَا عليه وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عن الْأَرْضِ وَحْدَهَا فَضَمَانُ الْفِلَاحَةِ على الْمُسْتَأْجِرِ الْمُنْتَفِعِ بها
قال في الْقَوَاعِدِ وَنَصَّ الأمام أَحْمَدُ في ( ( ( وفي ) ) ) رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا
____________________
(5/473)
مَفْلُوحَةً وَشَرَطَ عليه أَنْ يَرُدَّهَا مَفْلُوحَةً فما أَخَذَهَا أَنَّ له أَنْ يَرُدَّهَا عليه كما شَرَطَ قال وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ ذلك في الْمُزَارَعَةِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً قد تَكْمُلُ وقد لَا تَكْمُلُ فَهَلْ تَصِحُّ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا تَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ
قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو جَعَلَاهَا إلَى الْجِدَادِ أو إلَى إدْرَاكِهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوَجْهَيْنِ هُنَا
قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ وَإِنْ مَنَعْنَا في التي قَبْلَهَا
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قُلْنَا لَا تَصِحُّ فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
أَحَدُهُمَا له الْأُجْرَةُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَطَعَ بِهِ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وبن رَزِينٍ وَمَالَ إلَيْهِ بن منجا في شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له أُجْرَةٌ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ تَمَّمَ الْوَارِثُ فَإِنْ أَبَى اُسْتُؤْجِرَ على
____________________
(5/474)
الْعَمَلِ ) يَعْنِي اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ ( من تَرِكَتِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ ) بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا )
يَعْنِي إذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْعَمَلَ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ عليه وَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كان بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَا أَنَّ في اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ خِلَافًا مُطْلَقًا فإنه قال فَإِنْ لم يَصْلُحْ فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَجْهَانِ
وَالْعُرْفُ بين الْأَصْحَابِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لم يَظْهَرْ لَا إذَا لم يَصْلُحْ فَلْيُعْلَمْ ذلك
قَوْلُهُ ( وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَهُ ) يَعْنِي قبل الظُّهُورِ فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ
أَحَدُهُمَا له الْأُجْرَةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأدمى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له أجره وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
فَائِدَةٌ إذَا فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْعَامِلِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كان قد بَدَا صَلَاحُهُ خُيِّرَ الْمَالِكُ بين الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ الْعَامِلِ جَازَ وَإِنْ اخْتَارَ بَيْعَ نَصِيبِهِ بَاعَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْعَامِلِ
وَأَمَّا إذَا لم يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَحْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ
وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ شِرَاؤُهُ على وَجْهَيْنِ
____________________
(5/475)
وَكَذَا الْحُكْمُ في بَيْعِ الزَّرْعِ فإنه إنْ بَاعَهُ قبل ظُهُورِهِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ صَحَّ
وَفِيمَا بَيْنَهُمَا لِغَيْرِ رَبِّ الْأَرْضِ بَاطِلٌ وَفِيهِ له وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْفُصُولِ
وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى عَدَمَ الصِّحَّةِ
قلت قد تَقَدَّمَ في بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ الْخِلَافُ هُنَاكَ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ إنْ هَرَبَ الْعَامِلُ فلم يُوجَدْ له ما يُنْفِقُ منه عليها )
يَعْنِي حُكْمُهُ حُكْمُ ما لو مَاتَ كما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجا
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْهَارِبَ ليس له أَجْرُهُ قبل الظُّهُورِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوْلَى في هذه الصُّورَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
فَائِدَةٌ لو ظَهَرَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ على غَاصِبِهِ وَلَا شَيْءَ على رَبِّهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ عَمِلَ فيها رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أو إشْهَادٍ رَجَعَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا )
إذَا عَمِلَ فيها رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا أَشْهَدَ
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ في الرُّجُوعِ إذَا نَوَاهُ ولم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمُ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ
وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ على ما تَقَدَّمَ
____________________
(5/476)
ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ
وَكَذَلِكَ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ الاشهاد على نِيَّةِ الرُّجُوعِ
وفي المغنى وَغَيْرِهِ وَجْهٌ لَا يُعْتَبَرُ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ
وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ ولم يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
أَمَّا إذَا لم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ عَجْزًا عنه أولا
فَإِنْ تَرَكَ اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ عَجْزًا فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَإِنْ لم يَنْوِ الرُّجُوعَ لم يَرْجِعْ
وَإِنْ قَدَرَ على الِاسْتِئْذَانِ ولم يَسْتَأْذِنْهُ وَنَوَى الرُّجُوعَ فَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَمْكَنَ إذْنُ الْعَامِلِ أو الْحَاكِمِ ولم يَسْتَأْذِنْهُ بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ أو أَشْهَدَ مع النِّيَّةِ فَوَجْهَانِ
قَوْلُهُ ( وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ ما فيه صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَزِيَادَتُهَا من السقى وَالْحَرْثِ وَالْإِبَارِ وَالتَّلْقِيحِ وَالتَّشْمِيسِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَمَوْضِعِ التَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ )
وَيَلْزَمُ أَيْضًا قَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ وَآلَةُ الْحِرَاثَةِ وَبَقَرُ الْحَرْثِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال بن رَزِينٍ في بَقَرِ الْحَرْثِ رِوَايَتَانِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْفَأْسُ النُّحَاسُ التي تَقْطَعُ الدَّغَلَ فَلَا يَنْبُتُ وهو مَعْنَى ما في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(5/477)
قلت قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ قَطْعُ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ
قَوْلُهُ ( وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ ما فيه حِفْظُ الْأَصْلِ من سَدِّ الْحِيطَانِ وَإِجْرَاءِ الْأَنْهَارِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَالدُّولَابِ وما يُدِيرُهُ )
وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا شِرَاءُ الْمَاءِ وما يُلَقِّحُ بِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الْأَصْحَابُ بَقَرُ الدُّولَابِ على رَبِّ الْمَالِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ
وقال بن أبى مُوسَى وَالْمُصَنِّفِ يَلْزَمُ الْعَامِلَ بَقَرُ الدُّولَابِ كَبَقَرِ الْحَرْثِ
وَقِيلَ ما يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَهُوَ على الْعَامِلِ وما لَا فَلَا
قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَصَحُّ إلَّا ما يُلَقِّحُ بِهِ فإنه على رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ تَكَرَّرَ كُلَّ سَنَةٍ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في بَقَرِ الْحَرْثِ وَالسَّانِيَةِ وَهِيَ الْبَكَرَةُ وما يُلَقِّحُ بِهِ رِوَايَتَيْنِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السِّبَاخُ على الْمَالِكِ وَكَذَلِكَ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِالزِّبْلِ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَلَكِنْ تَفْرِيقُهُ في الْأَرْضِ على الْعَامِلِ
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ على أَحَدِهِمَا ما يَلْزَمُ الْآخَرَ لم يَجُزْ وَفَسَدَ الشَّرْطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا في الْجِدَادِ على ما يَأْتِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَسَدَ الشَّرْطُ في الْأَقْيَسِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ يَفْسُدُ شَرْطُ خَرَاجٍ أو بَعْضِهِ على عَامِلٍ
____________________
(5/478)
وَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ من الرِّوَايَةِ التي في الْجِدَادِ إذَا شَرَطَهُ على الْعَامِلِ وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ هُنَا لَكِنْ قال بِشَرْطِ أَنْ يعمل ( ( ( يصل ) ) ) الْعَامِلُ أَكْثَرَ الْعَمَلِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ في بُطْلَانِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَفْسُدُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قَوْلُهُ ( وَحُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه وما يُرَدُّ )
وما يُبْطِلُ الْعَقْدَ وفي الْجُزْءِ الْمَقْسُومِ كما تَقَدَّمَ في الْمُضَارِبِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُوجَزِ إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا شُرِطَ له صُدِّقَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُصَدَّقُ رَبُّ الْأَرْضِ في قَدْرِ ما شَرَطَهُ له وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَقِيلَ بَلْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وهو أَصَحُّ
فَائِدَةٌ ليس للمساقى أَنْ يساقى على الشَّجَرِ الذي سَاقَى عليه وَكَذَا الْمُزَارِعُ كَالْمُضَارِبِ قَالَهُ في المغنى وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ ضُمَّ إلَيْهِ من يُشَارِفُهُ فَإِنْ لم يُمْكِنْ حِفْظُهُ اُسْتُؤْجِرَ من مَالِهِ من يَعْمَلُ الْعَمَلَ )
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ اُتُّهِمَ بِالْخِيَانَةِ ولم تَثْبُتْ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ فى شَرْحِهِ يَحْلِفُ كَالْمُضَارِبِ
قلت وهو الصَّوَابُ
____________________
(5/479)
وقال غَيْرُهُمْ لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ من نَفْسِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَمُرَادُ غَيْرِهِ في أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَلَا تنافى بَيْنَهُمَا
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ لم تَثْبُتْ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ فَمِنْ الْمَالِكِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ
قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ لم يَقَعْ النَّفْعُ بِهِ لِعَدَمِ بَطْشِهِ أُقِيمَ مَقَامَهُ أو ضُمَّ إلَيْهِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ شَرَطَ إنْ سَقَى سَيْحًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ سقي بكلفه فَلَهُ النِّصْفُ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَلَهُ النِّصْفُ لم يَصِحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ )
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْأُولَى وفي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال نَصَّ عليه
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِنَاءً على قَوْلِهِ في الْإِجَارَةِ إنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فإنه يَصِحُّ على الْمَنْصُوصِ على ما يَأْتِي وَهَذَا مِثْلُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا
وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الثَّانِيَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ
فَائِدَتَانِ
احداهما لو قال لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَلَك الرُّبْعُ إنْ لم تَلْزَمْك
____________________
(5/480)
خَسَارَةٌ لم تَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وقال هذا شَرْطَانِ في شَرْطٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْمُصَنِّفُ يَخْرُجُ فيها مِثْلُ ما إذَا قال إن ( ( ( إذا ) ) ) سَقَى سَيْحًا فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَقَى بكلفة فَلَهُ كَذَا
الثَّانِيَةُ لو قال ما زَرَعْت من شَيْءٍ فلى نِصْفُهُ صَحَّ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ ( وَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ )
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ أَحَلُّ من الإجاره لِاشْتِرَاكِهِمَا في الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ
وَحَكَى أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ ذَكَرَهَا في مَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ
قَوْلُهُ ( فَإِنْ كان في الْأَرْضِ شَجَرٌ فَزَارَعَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ صَحَّ )
بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه
فَائِدَةٌ إذَا أَجَّرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذلك حِيلَةً أولا فَإِنْ كان غير حِيلَةٍ فقال في الْفُرُوعِ فَكَجَمْعٍ بين بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا وهو الْمَذْهَبُ
قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ أَيْضًا في أَوَاخِرِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالشَّارِحُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَغَيْرِهِ
وَإِنْ كان حِيلَةً فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ
____________________
(5/481)
قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ في هذا الْبَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ في بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لم تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إنْ جَمَعَهُمَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ
وَذَكَرَ الْقَاضِي في إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ
قلت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في بِلَادِ الشَّامِ
قال في الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كانت الْمُسَاقَاةُ في عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ أو تَفْسُدُ هِيَ والإجاره فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَفْسُدَانِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ
وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الاجاره وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَوَاءٌ صَحَّتْ أولا فما ذَهَبَ من الشَّجَرِ ذَهَبَ ما يُقَابَلُ من الْعِوَضِ
فَائِدَةٌ لَا تَجُوزُ إجازة ( ( ( إجارة ) ) ) أَرْضٍ وَشَجَرٍ لِحَمْلِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَاهُ أبو عُبَيْدٍ إجْمَاعًا
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لم يُثْمِرْ وجوره ( ( ( وجوزه ) ) ) بن عَقِيلٍ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَلَوْ كان الشَّجَرُ أَكْثَرَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ
وقال في الْفُرُوعِ وَجَوَّزَ شَيْخُنَا إجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا وَيَقُومُ عليها الْمُسْتَأْجِرُ كَإِجَارَةِ أَرْضٍ لِلزَّرْعِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّنِينَ
____________________
(5/482)
فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا أُجْرَةَ وَإِنْ نَقَصَتْ عن الْعَادَةِ فَالْفَسْخُ أو الْأَرْشُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ وَهِيَ كَجَائِحَةٍ انْتَهَى
وإما إجَارَتُهَا لِنَشْرِ الثِّيَابِ عليها وَنَحْوِهِ فَتَصِحُّ
قَوْلُهُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ من رَبِّ الْأَرْضِ )
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا
قلت وهو أَقْوَى دَلِيلًا
( وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ )
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه
قال الشَّارِحُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان الْبَذْرُ كُلُّهُ من الْعَامِلِ فَالزَّرْعُ له وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ
وَقِيلَ الْمُخَابَرَةُ أَنْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَا على جَدْوَلٍ أو سَاقِيَةٍ أو غَيْرِهِمَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ
وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا في الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ أنها تمتلك ( ( ( تتملك ) ) ) بِالنَّفَقَةِ من زَرْعِ الْغَاصِبِ
قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالسَّبْعِينَ وقد رأيت كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدُلُّ عليه لَا على خِلَافِهِ
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذلك الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ
____________________
(5/483)
تَنْبِيهٌ دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما لو كان الْبَذْرُ من الْعَامِلِ أو غَيْرِهِ وَالْأَرْضُ هما ( ( ( لهما ) ) ) أو بَيْنَهُمَا وهو صَحِيحٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ كان من الْعَامِلِ أو مِنْهُمَا او من الْعَامِلِ والارض بَيْنَهُمَا ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ
وقال الْأَصْحَابُ لو كان الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ
فَائِدَتَانِ
الأولي لو رُدَّ على عَامِلٍ كبذرة فَرِوَايَتَانِ في الْوَاضِحِ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ
قلت أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَطَعُوا بِفَسَادِهَا حَيْثُ شَرَطَ ذلك
الثَّانِيَةُ لو كان الْبَذْرُ من ثَالِثٍ أو من أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ من آخَرَ أو الْبَقَرُ من رَابِعٍ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَذَكَرَ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ تَخْرِيجًا بِالصِّحَّةِ
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ
وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ
وَلَوْ كانت الْبَقَرُ من وَاحِدٍ وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَسَائِرُ الْعَمَلِ من آخَرَ جَازَ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ
وَإِنْ كان من أَحَدِهِمَا الْمَاءُ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ تَأْتِيَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قلت ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ واكثر الْأَصْحَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ثُمَّ وَجَدْت الشَّارِحَ صَحَّحَهُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِي فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ
____________________
(5/484)
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من الْمُضَارَبَةِ
وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَخْذَ الْبَذْرِ أو بَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ وقال يَلْزَمُ من اعْتَبَرَ الْبَذْرَ من رَبِّ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فَاسِدٌ
وقال أَيْضًا تَجُوزُ كَالْمُضَارَبَةِ وَكَاقْتِسَامِهِمَا ما يَبْقَى بَعْدَ الْكُلْفِ
وقال أَيْضًا وَيُتْبَعُ في الْكُلْفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفُ ما لم يَكُنْ شَرْطٌ وَاشْتِرَاطُ عَمَلِ الْآخَرِ حتى يُثْمِرَ بِبَعْضِهِ
قال وما طُلِبَ من قَرْيَةٍ من وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَإِنْ وُضِعَتْ على الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ أو على الْعَقَارِ فَعَلَى رَبِّهِ ما لم يَشْتَرِطْهُ على مُسْتَأْجِرٍ وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا رَجَعَ إلَى الْعَادَةِ
فَائِدَةٌ لو شَرَطَ أَحَدُهُمَا اخْتِصَاصًا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ من غَلَّةٍ أو دَرَاهِمَ أو زَرْعِ جَانِبٍ من الْأَرْضِ أو زِيَادَةِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ فَسَدَتْ
قَوْلُهُ ( وَالْحَصَادُ على الْعَامِلِ )
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا
وَقِيلَ عَلَيْهِمَا وهو رِوَايَةٌ عِنْدَ بن رَزِينٍ وَاحْتِمَالٌ لأبى الْخَطَّابِ وَتَخْرِيجٌ لِجَمَاعَةٍ
وقال في الْمُوجَزِ في الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَحَفِظَهُ بِبَذْرِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ في الْجِدَادِ
فَائِدَةٌ اللِّقَاطُ كَالْحَصَادِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وقال في الْمُوجَزِ هل هو كَحَصَادٍ فيه رِوَايَتَانِ
____________________
(5/485)
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قلت وَاللِّقَاطُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ
قَوْلُهُ ( وَكَذَلِكَ الْجِدَادُ )
يَعْنِي أَنَّهُ على الْعَامِلِ كَالْحَصَادِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَتَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيَاسٌ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ بن رَزِينٍ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَعَنْهُ أَنَّ الْجِدَادَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا إلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ على الْعَامِلِ نَصَّ عليه وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ يُكْرَهُ الْحَصَادُ وَالْجِدَادُ لَيْلًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ قال أنا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي وَتَسْقِيهَا بِمَائِك وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ )
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا
إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
قَوْلُهُ ( وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ في نَصِيبِهِ صَحَّ )
هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ بن منجا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(5/486)
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرُ من نَصِيبِهِ وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ما سَقَطَ من الْحَبِّ وَقْتَ الْحَصَادِ إذَا نَبَتَ في الْعَامِ الْقَابِلِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه
وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ وَجْهًا أَنَّهُ لَهُمَا
وقال في الرِّعَايَةِ هو لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا أو مُسْتَأْجِرًا أو مُسْتَعِيرًا
وَقِيلَ له حُكْمُ الْعَارِيَّةِ
وَقِيلَ حُكْمُ الْغَصْبِ
قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ
وَيَأْتِي في الْعَارِيَّةِ إذَا حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرَ إنْسَانٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَنَبَتَ
وَكَذَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرًا فَصَارَ سُنْبُلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْمُسْتَوْعِبِ لو أَعَارَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَجْعَلَ فيها شَوْكًا أو دوابا ( ( ( دواب ) ) ) فَتَنَاثَرَ فيها حَبٌّ أو نَوًى فَهُوَ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلِلْمُعِيرِ إجْبَارُهُ على قَلْعِهِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ذلك في الْغَاصِبِ
الثَّانِيَةُ لو أَجَّرَ أَرْضَهُ سَنَةً لِمَنْ يَزْرَعُهَا فَزَرَعَهَا فلم يَنْبُتْ الزَّرْعُ في تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ نَبَتَ في السَّنَةِ الْأُخْرَى فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ قبل إدْرَاكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
____________________
(5/487)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بَابُ الْإِجَارَةِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا في حَدِّهَا قال في الرِّعَايَةِ قلت وَتَحْرِيرُهُ بَذْلُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ في مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ من عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أو مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ أو في عَمَلٍ مَعْلُومٍ وَتَبِعَهُ في الْوَجِيزِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الْمَمَرِّ وَعُلْوِ بَيْتٍ وَالْمَنَافِعُ الْمُحَرَّمَةُ انْتَهَى يَعْنِي إذَا بِيعَ الْمَمَرُّ وَعُلْوُ بَيْتٍ فَإِنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ
قلت لو زِيدَ فيه مُبَاحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَسَلِمَ
الثَّانِيَةُ قِيلَ الْإِجَارَةُ وَارِدَةٌ على خِلَافِ الْقِيَاسِ
قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّ من لم يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ عِنْدَهُ إذَا كان الْمَعْنَى المقتضى لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فيه وَيَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عنه انْتَهَى
قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في اخر الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ من الرُّخَصِ ما هو مُبَاحٌ كَالْعَرَايَا وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِ ذلك من الْعُقُودِ الثَّابِتَةِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا على خِلَافِ الْقِيَاسِ هَكَذَا يَذْكُرُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس شَيْءٌ من الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا الثَّابِتَةِ الْمُسْتَقَرِّ حُكْمُهَا على خِلَافِ الْقِيَاسِ وَقَرَّرَ ذلك بِأَحْسَنِ تَقْرِيرٍ وَبَيَّنَهُ بِأَحْسَنِ بَيَانٍ
____________________
(6/3)
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وما في مَعْنَاهُمَا
كَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ وما في مَعْنَاهُمَا إذَا أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ وَكَذَا إذَا أَضَافَهُ إلَى النَّفْعِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَتَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وما في مَعْنَاهُمَا على الصَّحِيحِ انْتَهَى وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ آجَرَ عَيْنًا مَرْئِيَّةً أو مَوْصُوفَةً في الذِّمَّةِ قال أَجَرْتُكهَا أو أَكْرَيْتُكَهَا أو مَلَّكْتُك نَفْعَهَا سَنَةً بِكَذَا وَإِنْ قال أَجَّرْتُك أو أَكْرَيْتُكَ نَفْعَهَا فَاحْتِمَالَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وفي لَفْظِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ
بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك نَفْعَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ( ( ( الحاوي ) ) ) الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالطُّوفِيِّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ
قال في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَأَمَّا لَفْظُ الْبَيْعِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الدَّارِ لم يَصِحَّ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَوَجْهَانِ انْتَهَيَا
أَحَدُهُمَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فقال في قَاعِدَةٍ له في تَقْرِيرِ الْقِيَاسِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كان من الْأَلْفَاظِ التي عَرَفَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ في جَمِيعِ الْعُقُودِ فإن الشَّارِعَ لم يَحُدَّ حَدًّا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً انْتَهَى
وَكَذَا قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ
قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ في وَجْهٍ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
(6/4)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً على أَنَّ هذه الْمُعَاوَضَةَ نَوْعٌ من الْبَيْعِ أو شَبِيهَةٌ بِهِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا قَوْلُهُ أَحَدُهَا مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ إمَّا بِالْعُرْفِ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَهَا لِلسُّكْنَى لم يَعْمَلْ فيها ( ( ( فيما ) ) ) حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً وَلَا يُسْكِنُهَا دَابَّةً وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهَا مَخْزَنًا لِلطَّعَامِ
قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ له ذلك
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِيئُهُ زُوَّارٌ عليه أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَ الْبَيْتِ قال رُبَّمَا كَثُرُوا وَأَرَى أَنْ يُخْبِرَهُ
وقال أَيْضًا إذَا كان يَجِيئُهُ الْفَرْدُ ليس عليه أَنْ يُخْبِرَهُ
وقال الْأَصْحَابُ له إسْكَانُ ضَيْفٍ وَزَائِرٍ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ يَجِبُ ذِكْرُ السُّكْنَى وَصِفَتِهَا وَعَدَدِ من يَسْكُنُهَا وَصِفَتُهُمْ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأُجْرَةُ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ سَنَةً
فَتَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ تَكُونُ الْخِدْمَةُ عُرْفًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
قلت وهو الصَّوَابُ
وقال في النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا انْتَهَيَا
وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ فإنه يَسْتَحِقُّهُ لَيْلًا
____________________
(6/5)
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِمَّا بِالْوَصْفِ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ كِتَابٍ فَحَمَلَهُ فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَلَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ
وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وما يَصْنَعُ بِالْكِتَابِ
وقال الشَّيْخُ أبو حَكِيمٍ شَيْخِ السَّامِرِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْكِتَابِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فَوَجَبَ رَدُّهُ انْتَهَى
لَكِنَّ الذي يَظْهَرُ أَنَّ لَفْظَةَ لَا في قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ
نَقْلَ حَرْبٍ إنْ أستأجر دَابَّةً أو وَكِيلًا لِيَحْمِلَ له شيئا من الْكُوفَةِ فلما وَصَلَهَا لم يَبْعَثْ وَكِيلُهُ بِمَا أَرَادَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ من هُنَا إلَى ثَمَّ
قال أبو بَكْرٍ هذا جَوَابٌ على أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ له الْأُجْرَةُ في ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فإذا جاء وَالْوَقْتُ لم يَبْلُغْهُ فَالْأُجْرَةُ له وَيَسْتَخْدِمُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَبِنَاءُ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ والته
فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لو أستأجره لِحَفْرِ بِئْرٍ طُولُهُ عَشَرَةٌ وَعَرْضُهُ عَشَرَةٌ وَعُمْقُهُ عَشَرَةٌ فَحَفَرَ طُولَ خَمْسَةٍ في عَرْضِ خَمْسَةٍ في عُمْقِ خَمْسَةٍ فَاضْرِبْ عَشَرَةً في عَشْرَةٍ فما بَلَغَ فَاضْرِبْهُ في عَشَرَةٍ تَبْلُغُ أَلْفًا وَاضْرِبْ خَمْسَةً في خَمْسَةٍ فما بَلَغَ فَاضْرِبْهُ في خَمْسَةٍ يَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ ثَمَنُ الْأَلْفِ فَلَهُ ثَمَنُ الْأُجْرَةِ أن وَجَبَ له شَيْءٌ قَالَهُ في الرِّعَايَة وهو وَاضِحٌ وهو من التَّمْرِينِ
____________________
(6/6)
قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِزَرْعِ كَذَا أو غَرْسِ كَذَا أو بِنَاءٍ مَعْلُومٍ
اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِصِحَّةِ إجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ أو الْغَرْسِ أو الْبِنَاءِ مَعْرِفَةَ ما يَزْرَعُهُ أو يَغْرِسُهُ أو يَبْنِيهِ
وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
فَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِ ما شَاءَ أو غَرْسِ ما شَاءَ أو لِزَرْعِ وَغَرْسِ ما شَاءَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ قال في الْفُرُوعِ عن ذلك صَحَّ في الْأَصَحِّ كَزَرْعِ ما شِئْت أَيْ كَقَوْلِهِ أَجَّرْتُك لِتَزْرَعَ ما شِئْت بِلَا نِزَاعٍ
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لو قال لِلزَّرْعِ أو لِلْغَرْسِ وَسَكَتَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ اكْتَرَى لِزَرْعٍ وَأَطْلَقَ زَرَعَ ما شَاءَ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ انه لو أَجَّرَهُ الْأَرْضَ وَأَطْلَقَ وَهِيَ تَصْلُحُ لِلزَّرْعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا
قال في التَّلْخِيصِ وَلَوْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ سَنَةً ولم يذكر الْمَنْفَعَةَ من زَرْعٍ أو غَيْرِهِ مع تَهَيُّئِهَا لِلْجَمِيعِ لم يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال في الْفُرُوعِ عن ذلك صَحَّ في الْأَصَحِّ
____________________
(6/7)
قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ في الْأَقْيَسِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعُمُّ إنْ أَطْلَقَ
وَإِنْ قال انْتَفِعْ بها بِمَا شِئْت فَلَهُ زَرْعٌ وَغَرْسٌ وَبِنَاءٌ
وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك وَغَيْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يستوفى الْمَنْفَعَةَ وما ( ( ( ودونها ) ) ) دونها
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ ذَكَرَ الْمَرْكُوبَ فَرَسًا أو بَعِيرًا أو نَحْوَهُ
بِلَا نِزَاعٍ وَيَذْكُرُ أَيْضًا ما يَرْكَبُ بِهِ من سَرْجٍ وَغَيْرِهِ
وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ سَيْرِهِ من هِمْلَاجٍ وَغَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ وَيَجِبُ ذِكْرُ سَيْرِهَا في الْأَصَحِّ
وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ سَيْرِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أُنُوثَةِ الدَّابَّةِ وَلَا ذُكُورَتِهَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ
قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انه لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ نَوْعِهِ وهو الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وفي الْمُوجَزِ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
____________________
(6/8)
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قلت بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ في الْمَرْكُوبِ وَالْحَمْلِ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَتَبِعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ
وقال الْمُصَنِّفُ مَتَى كان الْكِرَاءُ إلَى مَكَّةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجِنْسِ وَلَا النَّوْعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ إن الذي يُحْمَلُ عليه في طَرِيقِ مَكَّةَ الْجِمَالُ الْعِرَابُ دُونَ الْبَخَاتِيِّ
فَائِدَةٌ لَا بُدَّ من مَعْرِفَةِ الرَّاكِبِ إمَّا بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْمَبِيعِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وقال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ لَا يُجْزِئُ فيه إلَّا الرُّؤْيَةُ فَلَا تَكْفِي الصِّفَةُ من غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ تَوَابِعِ الرَّاكِبِ الْعُرْفِيَّةِ كَالزَّادِ والأثاث من الْأَغْطِيَةِ وَالْأَوْطِئَةِ إمَّا بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ أو وَزْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ لَا بُدَّ من الرُّؤْيَةِ فَلَا تَكْفِي الصِّفَةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا
وقال الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غِطَاءِ الْمَحْمَلِ بَلْ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ لآنه لَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُتَبَايِنًا
____________________
(6/9)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَحْمَلِ بِرُؤْيَةٍ أو وَصْفٍ
وَقِيلَ أو بِوَزْنِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِلْحَمْلِ لم يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْحَمْلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ تَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ أو لَا فَإِنْ كان لَا تَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ لم يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ
وَإِنْ كان يَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ كَالزُّجَاجِ وَالْخَزَفِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ حَامِلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ ما يُدِيرُ دُولَابًا وَرَحًى وَاعْتَبَرَهُ في التَّبْصِرَةِ
فَائِدَةٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ وَذِكْرُ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ بِالْكَيْلِ أو بِالْوَزْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وَاكْتَفَى بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمَا بِذِكْرِ وَزْنِ الْمَحْمُولِ وَإِنْ لم يَعْرِفْ عَيْنَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ في الْمَحْمَلِ
فَائِدَةٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَرْضِ الْحَرْثِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ
____________________
(6/10)
هذا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ إلَّا ما استثنى من الْأَجِيرِ وَالظِّئْرِ وَنَحْوِهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كانت في الذِّمَّةِ فَكَثَمَنٍ وَالْمُعَيَّنَةُ كَمَبِيعٍ
وَعَنْهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا
وَتَأْتِي هذه الرِّوَايَةُ وَمَنْ اخْتَارَهَا بَعْدَ أَحْكَامِ الظِّئْرِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو جَعَلَ الْأُجْرَةَ صُبْرَةَ دَرَاهِمَ أو غَيْرِهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ كما يَصِحُّ الْبَيْعُ بها على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا تَصِحُّ
وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وهو كَالْبَيْعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ في الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ( ( ( الحاوي ) ) ) الصَّغِيرِ
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ قال في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ في الذِّمَّةِ ظَهْرًا يَرْكَبُهُ أو يَحْمِلُ عليه إلَى مَكَّةَ بِلَفْظِ السَّلَمِ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الأجرة ( ( ( الأجر ) ) ) في الْمَجْلِسِ وَتَأْجِيلُ السَّفَرِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً
زَادَ في الرِّعَايَةِ وَإِنْ كان بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ جَازَ التَّفَرُّقُ قبل الْقَبْضِ وَهَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ الْمُسَاقَاةِ هل تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِجِنْسِ ما يَخْرُجُ منها أو بِغَيْرِهِ فَلْيُعَاوَدْ
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَثْنَاءِ الْمُضَارَبَةِ لو أَخَذَ مَاشِيَةً لِيَقُومَ عليها بِجُزْءٍ من دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَبَعْضُ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
____________________
(6/11)
قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال في الْقَوَاعِدِ من الْأَصْحَابِ من لم يَحْكِ فيه خِلَافًا
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجَمَاعَةٍ
قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ
قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَصَحُّ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ فِيهِمَا حتى يَصِفَ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ في الْأَجِيرِ وَيَصِحُّ في الظِّئْرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ أَظُنُّهُ في الْمُجَرَّدِ
وَقَدَّمَ في التَّلْخِيصِ الصِّحَّةَ في الظِّئْرِ وَأَطْلَقَ في الْأَجِيرِ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ قُدِّرَ لِلظِّئْرِ حَالَةَ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَلَهَا الْوَسَطُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَنَازَعَا في قَدْرِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ رَجَعَ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَكُونُ لها طَعَامُ مِثْلِهَا أو مِثْلُهُ وَكِسْوَةُ مِثْلِهَا أو مِثْلُهُ كَالزَّوْجَةِ مع زَوْجِهَا نَصّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بمثله في الْمُحَرَّرِ في الْمُضَارِبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ كَالْمِسْكِينِ في الْكَفَّارَةِ في الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَقَدَّمَهُ الطوفى في شَرْحِهِ وزاد أو يَرْجِعُ إلَى كِسْوَةِ الزَّوْجَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
وَقِيلَ يَرْجِعُ في الْإِطْعَامِ إلَى إطْعَامِ الْمِسْكِينِ في الْكَفَّارَةِ وفي الْمَلْبُوسِ
____________________
(6/12)
إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسٍ مِثْلِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو تَحَكُّمٌ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَهُ الْوَسَطُ مع النِّزَاعِ كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ
وَهَذَا الْقَوْلُ نَظِيرُ ما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ مع التَّنَازُعِ
قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يعطى عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أو وَلِيدَةً إذَا كان الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَعَلَّ هذا في الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعِ انْتَهَى وقال أبو بَكْرٍ يَجِبُ
فَوَائِدُ
منها قال في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا لو كانت الْمُرْضِعَةُ أَمَةً اُسْتُحِبَّ إعْتَاقُهَا
وَمِنْهَا لو اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ مَعًا فَلَا إشْكَالَ في ذلك
وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا في الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ من هذا الْبَابِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ قَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ
وَقِيلَ الْحَضَانَةُ تَتْبَعُ الرَّضَاعَ لِلْعُرْفِ
____________________
(6/13)
قلت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ عَكْسُهُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ
يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَتْبَعُ الْحَضَانَةَ لِلْعُرْفِ في ذلك ولم أَفْهَمْ مَعْنَاهُ على الْحَقِيقَةِ
فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي ليس على الْمُرْضِعَةِ إلَّا وَضْعُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ في فَمِ الطِّفْلِ وَحَمْلُهُ وَوَضْعُهُ في حِجْرِهَا وَبَاقِي الْأَعْمَالِ في تَعَهُّدِهِ على الْحَاضِنَةِ وَدُخُولُ اللَّبَنِ تَبَعًا كَنَقْعِ الْبِئْرِ على ما يَأْتِي
قال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى عن هذا الْقَوْلِ اللَّهُ يَعْلَمُ وَالْعُقَلَاءُ قَاطِبَةً أَنَّ الْأَمْرَ ليس كَذَلِكَ وَأَنَّ وَضْعَ الطِّفْلِ في حِجْرِهَا ليس مَقْصُودًا أَصْلًا وَلَا وَرَدَ عليه عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَا عُرْفًا وَلَا حَقِيقَةً وَلَا شَرْعًا وَلَوْ أَرْضَعَتْ الطِّفْلَ وهو في حِجْرِ غَيْرِهَا أو في مَهْدِهِ لَاسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَلَوْ كان الْمَقْصُودُ إلْقَامَ الثَّدْيِ الْمُجَرَّدِ لَاسْتُؤْجِرَ له كُلُّ امْرَأَةٍ لها ثَدْيٌ وَلَوْ لم يَكُنْ لها لَبَنٌ فَهَذَا هو الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ حَقًّا وَالْفِقْهُ الْبَارِدُ انْتَهَى
وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَانَةِ واطلق لم يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
قال في التَّلْخِيصِ لم يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا
وَقِيلَ يَلْزَمُهَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ
وَمِنْهَا الْمَعْقُودُ عليه في الرَّضَاعِ خِدْمَةُ الصَّبِيِّ وَحَمْلُهُ وَوَضْعُ الثَّدْيِ في فَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا
قال في الرِّعَايَةِ الْعَقْدُ وَقَعَ على الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إبْلَاغَهُ بِالرَّضَاعِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ
قال في الْفُصُولِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ على الْمَنْفَعَةِ وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا
قال الْقَاضِي في الْخِصَالِ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ في عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كان يَهْلِكُ بِالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ على طَرِيقِ التَّبَعِ
____________________
(6/14)
قلت وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في هذا الْبَابِ حَيْثُ قالوا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ على نَفْعٍ فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَفْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ على أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ على ما يَأْتِي
وَقِيلَ الْعَقْدُ وَقَعَ على اللَّبَنِ
قال الْقَاضِي وهو الْأَشْبَهُ
قال بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } انْتَهَى
قال بن الْقَيِّمِ في الهدى وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هو اللَّبَنُ
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ لِمَنْ قال الْعَقْدُ وَقَعَ على وَضْعِهَا الطِّفْلَ في حِجْرِهَا وَإِلْقَامِهِ ثَدْيَهَا وَاللَّبَنُ يَدْخُلُ تَبَعًا
قال النَّاظِمُ
% وفي الْأَجْوَدِ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ دَرُّهَا % وَالْإِرْضَاعُ لَا حَضْنٌ وَمَبْدَأُ مَقْصِدٍ %
وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَمِنْهَا لو وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ على الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ وَانْقَطَعَ اللَّبَنُ بَطَلَ الْعَقْدُ في الرَّضَاعِ وفي بُطْلَانِهِ في الْحَضَانَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قلت الْأَوْلَى الْبُطْلَانُ لآنها في الْغَالِبِ تَبَعٌ وإذا لم تَلْزَمْهَا الْحَضَانَةُ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا ثَبَتَ الْفَسْخُ وَإِنْ قُلْنَا تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ على الصَّحِيحِ
قال في الرِّعَايَةِ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ في الْأَصَحِّ فَيَسْقُطُ من الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ
وَقِيلَ يَثْبُتُ الْفَسْخُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ
وَمِنْهَا يَجِبُ على الْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ ما يَدِرُّ بِهِ لَبَنُهَا وَيَصْلُحُ بِهِ وَلِلْمُكْتَرِي مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ
____________________
(6/15)
وَلَوْ سَقَتْهُ لَبَنًا أو أَطْعَمَتْهُ فَلَا أُجْرَةَ لها وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ خَادِمَهَا فَكَذَلِكَ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَمِنْهَا لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ بَلْ تَكْفِي صِفَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ
قلت وهو الصَّوَابُ
وَقِيلَ تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَمِنْهَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَمَكَانِهِ هل هو عِنْدَ الْمُرْضِعَةِ أو عِنْدَ أَبَوَيْهِ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ
وَيَأْتِي هل تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عليها
وَمِنْهَا رَخَّصَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه في مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ لَا لِمَجُوسِيٍّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَسَوَّى أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ
فَائِدَةٌ لَا يَصِحُّ أَنْ تُسْتَأْجَرَ الدَّابَّةُ بِعَلَفِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال نَصُّ عليه في رِوَايَةِ الْكَحَّالِ
وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ في اسْتِئْجَارِ غَيْرِ الظِّئْرِ من الْأَجْرِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ كَالظِّئْرِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أو خَيَّاطٍ لِيَعْمَلَاهُ وَلَهُمَا عَادَةٌ بِأُجْرَةٍ صَحَّ وَلَهُمَا ذلك وَإِنْ لم يَعْقِدَا عَقْدَ إجَارَةٍ وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَالرُّكُوبُ في سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ
____________________
(6/16)
قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا لو اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أو شَاهِدًا وَنَحْوَهُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَكَالْمُكَارِي وَالْحَجَّامِ وَالدَّلَّالِ وَنَحْوِهِمْ
اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ له عَادَةٌ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ وهو أَحَدُ الْأَقْوَالِ كَتَعْرِيضِهِ بها
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في التَّعْلِيقِ وَالْفُصُولِ وَالْمُبْهِجِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ
قال في التَّلْخِيصِ إذَا كان مِثْلُهُ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ دخل حَمَّامًا أو سَفِينَةً أو أَعْطَى ثَوْبَهُ قَصَّارًا أو خَيَّاطًا بِلَا عَقْدٍ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْعَادَةِ انْتَهَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ له مُطْلَقًا
وَحَيْثُ قُلْنَا له الْأُجْرَةُ فَتَكُونُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لم يَعْقِدْ معه عَقْدَ إجَارَةٍ
فَائِدَةٌ قال في التَّلْخِيصِ ليس على الْحَمَّامِيِّ ضَمَانُ الثِّيَابِ إلَّا أَنْ يَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهَا صَرِيحًا بِالْقَوْلِ
وقال أَيْضًا وما يُعْطَاهُ الْحَمَّامِيُّ فَهُوَ أُجْرَةُ الْمَكَانِ وَالسَّطْلِ وَالْمِئْزَرِ لَا ثَمَنُ الْمَاءِ فإنه يَدْخُلُ تَبَعًا انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ وَإِنْ فَرَّطَ في حِفْظِ ثِيَابٍ في حَمَّامٍ وَأَعْدَالٍ وَغَزْلٍ في سُوقٍ أو خَانٍ وما كان مُشْتَرَكًا في الدُّخُولِ إلَيْهِ بِحَافِظٍ فَنَامَ أو اشْتَغَلَ ضَمِنَ
وقال في التَّرْغِيبِ يَضْمَنُ إنْ اسْتَحْفَظَهُ رَبُّهُ صَرِيحًا كما قال في التَّلْخِيصِ
____________________
(6/17)
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ بِأُجْرَةٍ من جِنْسِهِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ منهم الْقَاضِي
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ
وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَأَمَّا إذَا كانت الْأُجْرَةُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خِطْت هذا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ
قال في النَّظْمِ الْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ
تَنْبِيهٌ قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خِطْته رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ
____________________
(6/18)
وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوي ( ( ( الحاوي ) ) ) الصَّغِيرِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَهِيَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَبِكَذَا وَإِنْ خِطْته غَدًا فَبِكَذَا
أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ
قال في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَائِدَةٌ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهَانِ في قَوْلِهِ إنْ فَتَحْت خَيَّاطًا فَبِكَذَا وَإِنْ فَتَحْت حَدَّادًا فَبِكَذَا
قال في الْفَائِقِ وَلَوْ قال ما حَمَلْت من هذه الصُّبْرَةِ فَكُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لم يَصِحَّ قَالَهُ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ ثُمَّ قال قلت وَتَخْرُجُ الصِّحَّةُ من بَيْعِهِ منها
وَفِيهِ وَجْهَانِ وَيَشْهَدُ له ما سَبَقَ من النَّصِّ انْتَهَى
وَإِنْ قال إنْ زَرَعْتهَا قَمْحًا فَبِخَمْسَةٍ وَإِنْ زَرَعْتهَا ذُرَةً فَبِعَشَرَةٍ لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً وقال إنْ رَدَدْتهَا الْيَوْمَ فَكِرَاؤُهَا خَمْسَةٌ وَإِنْ رَدَدْتهَا غَدًا فَكِرَاؤُهَا عَشَرَةٌ فقال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ
____________________
(6/19)
قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ في الْيَوْمِ الْأَوَّلِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي اللَّهُ عنه فِيمَا ذَكَرْنَا فَسَادُ الْعَقْدِ على بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ وَقِيَاسُ حديث عَلِيٍّ وَالْأَنْصَارِيِّ صِحَّتُهُ
وَصَحَّحَ النَّاظِمُ فَسَادَ الْعَقْدِ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وما زَادَ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ فقال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ هو جَائِزٌ
وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ والحاوي ( ( ( الحاوي ) ) ) الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وقال الْقَاضِي يَصِحُّ في الْعَشَرَةِ وَحْدَهَا
وَتَأَوَّلَ نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّ قَوْلَهُ لَا بَأْسَ وَجَائِزٌ في الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ في الثَّانِي
قال الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافُ ذلك
قال في الْهِدَايَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي رَجَعَ إلَى ما فيه الْإِشْكَالُ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ ما إذَا أَجَّرَهُ عَيْنًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا انْتَهَى وَهِيَ الْآتِيَةُ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غُزَاتِهِ وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شيئا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَتَخَرَّجُ الْمَنْعُ وهو رِوَايَةٌ في الْفُرُوعِ
____________________
(6/20)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أو كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ فَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ يَصِحُّ
وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ انْتَهَى
قال النَّاظِمُ يَجُوزُ في الْأُولَى وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وقال أبو بَكْرٍ وبن حَامِدٍ لَا يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ
قال في الْكَافِي وقال أبو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا بِالْبُطْلَانِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
قال الشَّارِحُ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الْأَشْهُرِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ
وَقِيلَ يَصِحُّ في الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ
قَوْلُهُ وَكُلَّمَا دخل شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ
هذا تفريع ( ( ( تفريغ ) ) ) على الذي قَدَّمَهُ وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُ الْأَوَّلُ بِالْعَقْدِ وَسَائِرُهَا بِالتَّلَبُّسِ بِهِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَقَضِّي كل شَهْرٍ
أَنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ قبل دُخُولِ الشَّهْرِ الثَّانِي وهو اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وبن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَرَّحَ بِهِ بن
____________________
(6/21)
الزَّاغُونِيِّ فقال يَلْزَمُ بَقِيَّةَ الشُّهُورِ إذَا شَرَعَ في أَوَّلِ الْجُزْءِ من ذلك الشَّهْرِ انْتَهَى
فَعَلَى هذا لو أَرَادَ الْفَسْخَ يقول فَسَخْت الْإِجَارَةَ في الشَّهْرِ الْمُسْتَقْبَلِ وَنَحْوُ ذلك
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الشَّهْرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا له الْفَسْخُ بَعْدَ دُخُولِ الشَّهْرِ الثَّانِي وَقَبْلَهُ أَيْضًا
وقال أَيْضًا تَرْكُ التَّلَبُّسِ بِهِ فَسْخٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ
وقال في الرَّوْضَةِ إنْ لم يَفْسَخْ حتى دخل الثَّانِي فَهَلْ له الْفَسْخُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْفَسْخُ في أَوَّلِ كل شَهْرٍ في الْحَالِ على الصَّحِيحِ
قال في الْفُرُوعِ يَفْسَخُ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وقال الْقَاضِي وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ له الْفَسْخُ إلَى تَمَامِ يَوْمٍ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إلَّا أَنْ يَفْسَخَهَا أَحَدُهُمَا في أَوَّلِ يَوْمٍ منه
وَقِيلَ أو يَوْمَيْنِ وَقِيلَ بَلْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ منه وَقِيلَ عِنْدَ فَرَاغِ ما قَبْلَهُ
وَقُلْتُ أو يقول إذَا مَضَى هذا الشَّهْرُ فَقَدْ فَسَخْتهَا انْتَهَى
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَجَّرَهُ شَهْرًا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَكَثِيرُونَ
وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْتِدَاؤُهُ من حِينِ الْعَقْدِ
وَخَرَّجَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ من كل شَهْرٍ بِكَذَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بَيْنَهُمَا
الثَّانِيَةُ لو قال أَجَّرْتُكَهَا هذا الشَّهْرَ بِكَذَا وما زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ في الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ في كل شَهْرٍ تَلَبَّسَ بِهِ
____________________
(6/22)
قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ اكْتَرَاهَا شَهْرًا مُعَيَّنًا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ شَهْرٍ بَعْدَهُ بِدِرْهَمٍ أو بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ في الْأَوَّلِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّاظِمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قلت الْأَوْلَى الصِّحَّةُ
وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِرَقِيِّ الْمُتَقَدِّمَةِ
ثُمَّ وَجَدْته قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ وَقَالَا نَصَّ عليه
وقال في الْحَاوِي عنه الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ على حَمْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ
هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال هذا الْمَذْهَبُ
وَعَنْهُ يَصِحُّ لَكِنْ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا أُجْرَةَ له قَالَهُ في التَّلْخِيصِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ
يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التي تَقُولُ يَصِحُّ الْإِجَارَةُ على ذلك وَهَذَا الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهَلْ يَطِيبُ له أَكْلُ أُجْرَتِهِ فيه وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَطِيبُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ
وقال في التَّلْخِيصِ وَهَلْ يَأْكُلُ الْأُجْرَةَ أو يَتَصَدَّقُ بها فيه وَجْهَانِ
تَنْبِيهٌ مُرَادُهُ بِحَمْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ هُنَا الْحَمْلُ لِأَجْلِ أَكْلِهَا لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ أو شُرْبِهَا
____________________
(6/23)
فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِأَجْلِ إلْقَائِهَا أو إرَاقَتِهَا فَيَجُوزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ
وَإِنْ كان كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ مُوهِمًا
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَكَاهُ النَّاظِمُ فقال
% وَجَوَّزَ على الْمَشْهُورِ حَمْلَ إرَاقَةٍ % وَنَبْذٍ لِمَيْتَاتٍ وَكَسْحَ الْأَذَى الرَّدِيء %
وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَهِيَ مُرَادُ غَيْرِ الْمَشْهُورِ في النَّظْمِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لَا يُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ
الثَّانِيَةُ لو اسْتَأْجَرَهُ على سَلْخِ الْبَهِيمَةِ بِجِلْدِهَا لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ
وَقِيلَ يَصِحُّ
وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وهو الصَّوَابُ قال النَّاظِمُ
% وَلَوْ جَوَّزُوهُ مِثْلَ تَجْوِيزِ بَيْعِهِ % بَعِيرًا وَثَنِيًّا جِلْدَهُ لم أُبْعِدْ %
وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك وَعَلَى نَظَائِرِهِ في أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ
فَعَلَى الْأَوَّلِ له أُجْرَةُ الْمِثْلِ
الثَّالِثَةُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ إذَا كانت الْإِجَارَةُ في الذِّمَّةِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ
قال بن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ يَجُوزُ على الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وفي جَوَازِ إجَارَتِهِ له لِعَمَلٍ غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ
____________________
(6/24)
إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا
قال في الْمُغْنِي في الْمُصَرَّاةِ هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ
وَأَمَّا إجَارَتُهُ لِخِدْمَتِهِ فَلَا تَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ
قال في الْفُرُوعِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِخِدْمَتِهِ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَعَنْهُ يَجُوزُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرَةِ
وَكَذَا حُكْمُ إعَارَتِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ حُكْمُ إعَارَتِهِ حُكْمُ إجَارَتِهِ لِلْخِدْمَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي ذلك في الْعَارِيَّةِ
قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ على ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا إجَارَةُ عَيْنٍ فَتَجُوزُ إجَارَةُ كل عَيْنٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ منها مع بَقَائِهَا وَحَيَوَانٍ لِيَصِيدَ بِهِ إلَّا الْكَلْبَ
لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْكَلْبِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وَقِيلَ يَجُوزُ إجَارَةُ كَلْبٍ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ
وَيَجِيء على ما اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ في جَوَازِ بَيْعِهِ صِحَّةُ إجَارَتِهِ أَيْضًا
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ حَكَى الْحَلْوَانِيُّ فيه وَجْهَيْنِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وَجْهًا في الْجَوَازِ
____________________
(6/25)
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَيَوَانٌ لِيَصِيدَ أَنَّهُ إذَا لم يَصْلُحْ لِلصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ وهو صَحِيحٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
الثَّانِي صِحَّةُ إجَارَةِ حَيَوَانٍ لِيَصِيدَ بِهِ مَبْنِيَّةٌ على صِحَّةِ بَيْعِهِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ
لَكِنْ جَزَمَ في التَّبْصِرَةِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ هِرٍّ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمٍ لِلصَّيْدِ وَحَكَى في بَيْعِهَا الْخِلَافَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ
قلت وَكَذَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ فما في اخْتِصَاصِ صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ بهذا الْحُكْمِ مَزِيَّةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ ذلك بِنَاءً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
فَائِدَةٌ تَحْرُمُ إجَارَةُ فَحْلٍ لِلنُّزُوِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ وَقِيلَ تَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ بِنَاءً على إجَارَةِ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ وَاحْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَكَرِهَهُ الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ زَادَ حَرْبٌ جِدًّا
قِيلَ فَاَلَّذِي يُعْطِي وَلَا يَجِدُ منه بُدًّا فَكَرِهَهُ
وَنَقَلَ بن الْقَاسِمِ قِيلَ له يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطِي وَإِنْ كان مَنْهِيًّا عنه فقال لم يَبْلُغْنَا أَنَّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْطَى في مِثْلِ هذا كما بَلَغَنَا في الْحَجَّامِ
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على ظَاهِرِهِ وقال هذا مُقْتَضَى النَّظَرِ تَرَكَ في الْحَجَّامِ
وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ على الْوَرَعِ لَا التَّحْرِيمِ
وقال إنْ احْتَاجَ ولم يَجِدْ من يَطْرُقُ له جَازَ أَنْ يَبْذُلَ الْكِرَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُطْرِقِ أَخْذُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ
____________________
(6/26)
قال الْمُصَنِّفُ فَإِنْ أَطْرَقَ بِغَيْرِ إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ فَأُهْدِيَتْ له هَدِيَّةٌ أو أُكْرِمَ بِكَرَامَةٍ فَلَا بَأْسَ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ أَنَزَاهُ على فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كِتَابٍ لِيَقْرَأَ فيه إلَّا الْمُصْحَفَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
في جَوَازِ إجَارَةِ الْمُصْحَفِ لِيَقْرَأَ فيه ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ
وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في بَيْعِهِ
أَحَدُهَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
الثَّانِي يَجُوزُ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يُبَاحُ
فَائِدَةٌ يَصِحُّ نسخة بِأُجْرَةٍ نَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ في نَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ هل يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ نَسْخُهُ
فَائِدَةٌ ما حَرُمَ بَيْعُهُ حَرُمَ إجَارَتُهُ إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ عن النَّظَرِ نَصَّ عليه وَالْوَقْفُ وَأُمُّ الْوَلَدِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارُ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ لَا غَيْرُ
جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قال في الْمُحَرَّرِ يَجُوزُ إجَارَةُ النَّقْدِ لِلْوَزْنِ وَنَحْوِهِ
____________________
(6/27)
وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجُوزُ إجَارَةُ نَقْدٍ لِلْوَزْنِ وَاقْتَصَرُوا عليه
قال في الْفُرُوعِ وَمَنَعَ في الْمُغْنِي إجَارَةَ نَقْدٍ او شَمْعٍ لِلتَّجَمُّلِ وَثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ وما يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَرَيَاحِينَ
قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَنَفَاحَةٌ لِلشَّمِّ بَلْ عَنْبَرٌ وَشَبَهُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُ ذلك انْتَهَى
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلتَّحَلِّي لِاقْتِصَارِهِمْ على الْوَزْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَرَجَ كَلَامُهُمْ على الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ في الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَنْ لَا يُتَحَلَّى بها
وَقَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ لِلتَّجَمُّلِ ليس الْمُرَادُ التَّحَلِّيَ بِهِ لِأَنَّ التَّجَمُّلَ غَيْرُ التَّحَلِّي
وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في إجَارَةِ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ الْوَجْهَيْنِ في كِتَابِ الْوَقْفِ
قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْلَقَ يَعْنِي الْإِجَارَةَ في النَّقْدِ وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ في التي قَبْلَهَا لم يَصِحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْوَقْفِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ
وَيُنْتَفَعُ بها في ذلك يَعْنِي في التَّحَلِّي وَالْوَزْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ وَعِنْدَ الْقَاضِي يَكُونُ قَرْضًا أَيْضًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ قَرْضًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْفُلُوسِ
____________________
(6/28)
قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ وَامْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ
يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
قلت وفي النَّفْسِ منه شَيْءٌ بَلْ الذي يَنْبَغِي أنها لَا تَصِحُّ وَيَجِبُ عليه خِدْمَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ
وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ امْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ
قال الْمُصَنِّفُ والشارح ( ( ( والشرح ) ) ) هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ وَتَأَوَّلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على أنها في حِبَالِ زَوْجٍ آخَرَ
قال الشِّيرَازِيُّ في الْمُنْتَخَبِ إنْ اسْتَأْجَرَهَا من هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أُجْرَةَ لها مُطْلَقًا
وَيَأْتِي في بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِأَتَمَّ من هذا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوَجَدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَهِيَ أَحَقُّ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بين أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ منها أو من غَيْرِهَا وَلَا أَنْ تكون ( ( ( يكون ) ) ) في حِبَالِهِ أو لَا
وَيَأْتِي قَرِيبٌ من ذلك في آخِرِ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ
فَائِدَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ لِلْخِدْمَةِ لَكِنْ يُكْرَهُ ذلك
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعْقِدَ على نَفْعِ
____________________
(6/29)
الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ وَلَا الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ
لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس هذا بِإِجَارَةٍ بَلْ هو إذْنٌ في الْإِتْلَافِ وهو سَائِغٌ كَقَوْلِهِ من أَلْقَى مَتَاعَهُ
قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ ثُمَّ قال قُلْت وهو مُشَابِهٌ لِبَيْعِهِ من الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا وَلَوْ أَذِنَ في الطَّعَامِ بِعِوَضٍ كَالشَّمْعِ فَمِثْلُهُ انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي إجَارَةَ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ مِثْلَ كل شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَمِثْلُهُ في الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هذه الْمَسْأَلَةِ في الْمَنَافِعِ وَمِثْلُهُ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا من عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فإنه يَصِحُّ وَإِنْ لم يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ وهو إذْنٌ في الِانْتِفَاعِ بِعِوَضٍ وَاخْتَارَ جَوَازَهُ وَأَنَّهُ ليس بِلَازِمٍ بَلْ جَائِزٌ كَجَعَالَةٍ وَكَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك في الْبَحْرِ وعلى ضَمَانُهُ فإنه جَائِزٌ وَمَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ فَصْلِ الْمُزَارَعَةِ هل يَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرَةِ بِثَمَرِهَا
قَوْلُهُ وَلَا حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا فَتَقَدَّمَ في الظِّئْرِ هل وَقَعَ الْعَقْدُ على اللَّبَنِ وَدَخَلَتْ الْحَضَانَةُ تَبَعًا أو عَكْسُهُ في أَوَّلِ الْبَابِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ إجَارَةِ قَنَاةِ مَاءٍ مُدَّةً وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَجْلِ لَبَنِهِ قام بِهِ هو أو رَبُّهُ فَإِنْ قام عليها الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفَهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا
____________________
(6/30)
فَبَيْعٌ مَحْضٌ وَإِنْ كان يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا وَلَيْسَ هذا بِغَرَرٍ وَلِأَنَّ هذا يَحْدُثُ شيئا فَشَيْئًا فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ فَإِلْحَاقُهُ بها أَوْلَى وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ على زَرْعِ الْأَرْضِ هو عَيْنٌ من أَعْيَانٍ وهو ما يُحْدِثُهُ اللَّهُ من الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مقصودة ما يُحْدِثُهُ اللَّهُ من لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عليها فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ التي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ من آفَاتِ اللَّبَنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ في الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ قال وَكَظِئْرٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وقال في الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ
وقال في الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِحِيَازَتِهِ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لم يَجُزْ مَجْهُولًا وَإِلَّا جَازَ وَيَكُونُ على أَصْلِ الْإِبَاحَةِ
وقال في الِانْتِصَارِ قال أَصْحَابُنَا وَلَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ في الْإِجَارَةِ
وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَقْعَ الْبِئْرِ في مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ وَلَبَنِ ظِئْرٍ يَدْخُلَانِ تَبَعًا
تَنْبِيهٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَدْخُلُ تَبَعًا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى نَقْعِ الْبِئْرِ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُهُ قال إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا انْتَهَى
قُلْت مِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ فإنه قال وَلَا يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَيْنٌ إلَّا في مَوْضِعَيْنِ لَبَنِ الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا انْتَهَى
وَكَذَا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ انْتَهَى
____________________
(6/31)
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَعَ الْعَقْدُ على الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالرَّضَاعِ
وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَصَحَّحَهُ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ كما تَقَدَّمَ في الظِّئْرِ
فَعَلَى الِاحْتِمَالِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَقَعَتْ على اللَّبَنِ وَعَلَى الثَّانِي يَدْخُلُ اللَّبَنُ تَبَعًا وَهُمَا قَوْلَانِ تَقَدَّمَا
فَائِدَةٌ وَمِمَّا يَدْخُلُ تَبَعًا حِبْرُ النَّاسِخِ وَخُيُوطُ الْخَيَّاطِ وَكُحْلُ الْكَحَّالِ وَمَرْهَمُ الطَّبِيبِ وَصِبْغُ الصَّبَّاغِ وَنَحْوُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِير في الْحِبْرِ وَالْخُيُوطِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الصِّبْغِ
قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ اكتري لِنَسْخٍ أو خِيَاطَةٍ أو كُحْلٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ حِبْرٌ وَخُيُوطٌ وَكُحْلٌ
وَقِيلَ يَلْزَمُ ذلك الْمُسْتَأْجِرَ
وَقِيلَ يَتْبَعُ في ذلك الْعُرْفَ
قال الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْكُحْلِ من الطَّبِيبِ على الْأَصَحِّ لَا الدَّوَاءِ اعْتِمَادًا على الْعُرْفِ وَقَطَعَ بهذا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا
وفي الْآخَرِ يَجُوزُ بِدُونِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ
____________________
(6/32)
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في الْبَيْعِ على ما تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مُفْرَدًا لِغَيْرِ شَرِيكِهِ
هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال أَصْحَابُنَا وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَ الشَّرِيكَانِ مَعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْفَائِقِ وَلَا يَصِحُّ إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدًا لِغَيْرِ شَرِيكٍ أو معه إلَّا بِإِذْنٍ
قال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا لِشَرِيكِهِ بِالْبَاقِي أو معه لِثَالِثٍ انْتَهَى
وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على جَوَازِهِ
اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَافِظُ بن عبد الْهَادِي في حَوَاشِيهِ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وهو الصَّوَابُ
وفي طريقه بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَيَتَخَرَّجُ لنا من عَدَمِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ وَكَذَا هِبَتُهُ وَيَتَوَجَّهُ وَقْفُهُ قال وَالصَّحِيحُ هُنَا صِحَّةُ رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَهِبَتِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ خِلَافُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ سِنْدِي يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ وَرَهْنُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجَّرَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلْمَنَافِعِ وَلَا يَقْدِرُ على الِانْتِفَاعِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا هل إجَارَةُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ مِثْلُ إجَارَةِ الْمُشَاعِ أو يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا في الْمُشَاعِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا مثله وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
____________________
(6/33)
وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ في الْمُشَاعِ
الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ لِلْحَمْلِ وَلَا أَرْضٍ لَا تُنْبِتُ لِلزَّرْعِ
قال في الْمُوجَزِ وَلَا حَمَامٍ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لِتَعْذِيبِهِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ يَصِحُّ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ
قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى
قَوْلُهُ الْخَامِسُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤَجِّرِ أو مَأْذُونًا له فيها
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الْمَالِكِ بِنَاءً على جَوَازِ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ على ما تَقَدَّمَ في تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ في كِتَابِ الْبَيْعِ
قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ وَغَيْرِهِ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ وَزِيَادَةٍ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا ذَكَرَهَا الْقَاضِي
وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ
وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ بِزِيَادَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ
وَعَنْهُ إنْ جَدَّدَ فيها عِمَارَةً جَازَتْ الزيادة ( ( ( للزيادة ) ) ) وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بها قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
فَائِدَةٌ قال في التَّلْخِيصِ في أَوَّلِ الْغَصْبِ ليس لِمُسْتَأْجِرِ الْحُرِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ
____________________
(6/34)
من آخَرَ إذَا قُلْنَا لَا تَثْبُتُ يَدُ غَيْرِهِ عليه وَإِنَّمَا هو يُسَلِّمُ نَفْسَهُ وَإِنْ قُلْنَا تَثْبُتُ صَحَّ انْتَهَى
قُلْت فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَايَى بها وَيُسْتَثْنَى من كَلَامِ من أَطْلَقَ
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا الذي يَنْبَغِي أَنْ تَقَيَّدَ هذه الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهَا لِمُؤَجِّرِهَا بِمَا إذَا لم يَكُنْ حِيلَةٌ فَإِنْ كان حِيلَةٌ لم يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْعِينَةِ وَعَكْسِهَا
الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ إجَارَتِهَا سَوَاءٌ كان قَبَضَهَا أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ ليس له ذلك قبل قَبْضِهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
وَقِيلَ تَجُوزُ إجَارَتُهَا لِلْمُؤَجِّرِ دُونَ غَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَصَحَّحُوا في غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ بَيْعُ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ هل يَصِحُّ من بَائِعِهِ أَمْ لَا على ما تَقَدَّمَ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا فَيَكُونُ ما قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ عَدَمُ الْبِنَاءِ وَالصَّوَابُ الْبِنَاءُ وهو أَظْهَرُ وَلَيْسَتْ شَبِيهَةً بِبَيْعِ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ بِبَيْعِ الْعَقَارِ قبل قَبْضِهِ
قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَعِيرِ إجَارَتُهَا إذَا أَذِنَ له الْمُعِيرُ مُدَّةً بِعَيْنِهَا
يَعْنِي أَذِنَ له في إجَارَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَصِحُّ إيجَارُ مُعَارٍ
وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ رَبُّهُ في مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ
____________________
(6/35)
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ فَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَانْتَقَلَ إلَى من بَعْدَهُ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ
أَحَدُهُمَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ
كما لو عُزِلَ الْوَلِيُّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَكَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَنْفَسِخُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْحُسَيْنِ أَيْضًا وَحَكَيَاهُ عن أبي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا وَاخْتَارَهُ بن عَقِيلٍ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ
قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كلام الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ
قال بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وهو الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لآن الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ تَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِمَنَافِعِهَا تَلَقِّيًا عن الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ قال النَّاظِمُ
% وَلَوْ قِيلَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ ذُو نَظَرٍ من الْمُحَبِّسِ % لم يُفْسَخْ فَقَطْ لم أُبْعِدَ %
وَقِيلَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي من تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ لَكِنَّ الْأُجْرَةَ إنْ كانت مُقَسَّطَةً على
____________________
(6/36)
أَشْهُرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أو أَعْوَامِهَا فَهِيَ صَفَقَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَلَا تَبْطُلُ جَمِيعُهَا بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا وَإِنْ لم تَكُنْ مُقَسَّطَةً فَهِيَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَطَّرِدُ فيها الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ انْتَهَى
وقال في الْفَائِقِ قُلْت وَتَخْرُجُ الصِّحَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ مَوْقُوفَةً لَا لَازِمَةً وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ
الثَّانِي قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ اعْلَمْ أَنَّ في ثُبُوتِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ نَظَرًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا فَرَضَهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ عليه لِكَوْنِ النَّظَرِ له مَشْرُوطًا وَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ أَعْنِي إذَا أَجَّرَ بِمُقْتَضَى النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ له هل يَلْحَقُ بِالنَّاظِرِ الْعَامِّ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا فإن من أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ من أَلْحَقَهُ بِالنَّاظِرِ الْعَامِّ انْتَهَى
الثَّالِثُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كان الْمُؤَجِّرُ هو الْمَوْقُوفَ عليه بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ
فَأَمَّا إنْ كان الْمُؤَجِّرُ هو النَّاظِرَ الْعَامَّ وَمَنْ شَرَطَ له وكان أَجْنَبِيًّا لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بن رَجَبٍ وَغَيْرُهُمْ
وقال بن رَجَبٍ أَمَّا إذَا شَرَطَهُ لِلْمَوْقُوفِ عليه أو أتى بِلَفْظٍ يَدُلُّ على ذلك فَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِإِلْحَاقِهِ بِالْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ وأنه لَا يَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَدْخَلَهُ بن حَمْدَانَ في الْخِلَافِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْأَشْبَهُ
الرَّابِعُ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا عِنْدَ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَغَيْرِهِ إذَا أَجَّرَهُ
____________________
(6/37)
مُدَّةً يَعِيشُ فيها غَالِبًا فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَعِيشُ فيها غَالِبًا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا وما هو بِبَعِيدٍ
فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ من أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي حِصَّتَهُ من الْأُجْرَةِ من تركه الْمُؤَجِّرِ إنْ كان قَبَضَهَا وَإِنْ لم يُمْكِنْ قَبْضُهَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ
وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ على وَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ الْقَابِضِ
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كان قَبَضَهَا الْمُؤَجِّرُ رَجَعَ بِذَلِكَ في تَرِكَتِهِ فَإِنْ لم تكن ( ( ( يكن ) ) ) تَرِكَةٌ فَأَفْتَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّهُ إذَا كان الْمَوْقُوفُ عليه هو النَّاظِرَ فَمَاتَ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ على من هو في يَدِهِ انْتَهَى
وقال أَيْضًا وَاَلَّذِي يُتَوَجَّهُ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَفُ الْأُجْرَةِ لِلْمَوْقُوفِ عليه لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَلَا الْأُجْرَةَ عليها فَالتَّسْلِيفُ لهم قَبْضُ ما لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَلَى هذا فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبُوا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَأْجِرَ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ له التَّسْلِيفُ وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا النَّاظِرَ انْتَهَى
فَائِدَةٌ قال بن رَجَبٍ بَعْدَ ذِكْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ وَهَكَذَا حُكْمُ الْمُقْطِعِ إذَا أَجَّرَ إقْطَاعَهُ ثُمَّ انْتَقَلَتْ عنه إلَى غَيْرِهِ بِإِقْطَاعٍ آخَرَ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الْيَتِيمَ أو أَجَّرَ مَالَهُ أو السَّيِّدُ الْعَبْدَ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في بَابِ الْحَجْرِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفَسِخَ وهو وَجْهٌ في الصَّبِيِّ وَتَخْرِيجٌ في الْعَبْدِ من الصَّبِيِّ
قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا في الْعِتْقِ فإن له اسْتِثْنَاءَ مَنَافِعِهِ بِالشُّرُوطِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ أَقْوَى بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ فإن الْوَلِيَّ تَنْقَطِعُ وِلَايَتُهُ عنه بِالْكُلِّيَّةِ
____________________
(6/38)
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَرْجِعُ الْعَتِيقُ على سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ من الْأُجْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِحَقِّ ما بَقِيَ كما تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ لم يَشْتَرِطْهَا على مُسْتَأْجِرِهِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لم يَعْلَمْ بُلُوغَهُ عِنْدَ فَرَاغِهَا فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً يَعْلَمُ بُلُوغَهُ فيها فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا
وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وقال هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ
قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ
قُلْت وَيَلْحَقُ بِهِ الْعَبْدُ إذَا عَلِمَ عِتْقَهُ في الْمُدَّةِ التي وَقَعَتْ عليها الْإِجَارَةُ
وَيُتَصَوَّرُ ذلك بِأَنْ يُعَلَّقَ عِتْقُهُ على صِفَةٍ تُوجَدُ في مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ولم ( ( ( لم ) ) ) أَرَهُ لِلْأَصْحَابِ وهو وَاضِحٌ ثُمَّ رَأَيْته في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَرَّحَ بِذَلِكَ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو وُرِثَ الْمَأْجُورُ أو اشترى أو اُتُّهِبَ أو وصى له بِالْعَيْنِ أو أَخَذَ صَدَاقًا أو أَخَذَهُ الزَّوْجُ عِوَضًا عن خُلْعٍ أو صُلْحًا أو غَيْرُ ذلك فَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا قَطَعَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ
قُلْت وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ قالوا وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ كَالْوَقْفِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال لم يَزَلْ يُؤَجَّرُ من زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ قال وما عَلِمْت أَحَدًا من عُلَمَاءِ
____________________
(6/39)
الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ قال إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ حتى حَدَثَ في زَمَانِنَا فَابْتَدَعَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ
وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ
وقال بن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وَأَمَّا إجَارَةُ إقْطَاعِ الِاسْتِغْلَالِ التي مَوْرِدُهَا مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ دُونَ رَقَبَتِهَا فَلَا نَقْلَ فيها نَعْلَمُهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي يُشْعِرُ بِالْمَنْعِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَنَاطَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلْمَنَافِعِ لُزُومَ الْعَقْدِ وَهَذَا مُنْتَفٍ في الْإِقْطَاعِ انْتَهَى
فَعَلَى ما قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو أَجَّرَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْإِقْطَاعُ لِآخَرَ فذكر في الْقَوَاعِدِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَقْفِ إذَا انْتَقَلَ إلَى بَطْنٍ ثَانٍ وَأَنَّ الصَّحِيحَ تَنْفَسِخُ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً
بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
لَكِنْ لو عَلَّقَهَا على ما يَقَعُ اسْمُهُ على شَيْئَيْنِ كَالْعِيدِ وَجُمَادَى وَرَبِيعٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إلَى الْأَوَّلِ أو لَا يَصِحُّ حتى يُعَيِّنَ فيه وَجْهَانِ
الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ
الثَّانِي اخْتِيَارُ الْقَاضِي
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في السَّلَمِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ
قَوْلُهُ يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فيها وَإِنْ طَالَتْ
هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ من سَنَةٍ قَالَهُ بن حَامِدٍ وَاخْتَارَهُ
وَقِيلَ تَصِحُّ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا غَيْرُ
وَقِيلَ ثَلَاثِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي قال في الرِّعَايَةِ نَصَّ عليه
____________________
(6/40)
وَقِيلَ لَا تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ سَنَةً
فَائِدَةٌ ليس لِوَكِيلٍ مُطْلَقٍ إيجَارُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بَلْ الْعُرْفُ كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ رَأَى في ذلك مَصْلَحَةً وَتُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ لَا يَمْنَعُ
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ هذه الْأَقْوَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ وَلَوْ مُدَّةً لَا يُظَنُّ فِنَاءُ الدُّنْيَا فيها
وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في السَّلَمِ الشَّرْعُ يُرَاعِي الظَّاهِرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو اشْتَرَطَ أَجَلًا تَفِي بِهِ مُدَّتُهُ صَحَّ وَلَوْ اشْتَرَطَ مِائَتَيْنِ أو أَكْثَرَ لم يَصِحَّ
الثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْعَقْدَ فَلَوْ أَجَّرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ في سَنَةِ أَرْبَعٍ صَحَّ سَوَاءٌ كانت الْعَيْنُ مَشْغُولَةً وَقْتَ الْعَقْدِ أو لم تَكُنْ
وَسَوَاءٌ كانت مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أو غَيْرِهَا
وَيَأْتِي كَلَامُ بن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ قَرِيبًا وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لو كانت مَرْهُونَةً فَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي بَيَانُهُ وَتَصْحِيحُهُ بَعْدَ ذلك
إذَا عَلِمْت ذلك فقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ إذَا أَجَّرَهُ وَكَانَتْ الْعَيْنُ مَشْغُولَةً صَحَّ إنْ ظَنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَحَّ إنْ أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ في أَوَّلَهَا
وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في أَثْنَاءِ بَحْثٍ لهم تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ على التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَلَا فَرْقَ بين كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أو لَا كَالسَّلَمِ فإنه لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عليه حَالَ الْعَقْدِ
____________________
(6/41)
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أو الْفُنُونِ لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ في الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عليه بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ ما لم تَنْقَضِ الْمُدَّةُ له حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ في مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ انْتَهَى
قال في الْفُرُوعِ فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفَقٌ وهو أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجَّرِ وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ انْتَهَى
الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ إذَا كانت مَشْغُولَةً
وقد قال في الْفَائِقِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وقال شَيْخُنَا يَجُوزُ في أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى
وقد قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا من جُنْدِيٍّ وَغَرَسَهَا قَصَبًا ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عن الْجُنْدِيِّ إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ له فيها الْقَصَبُ أو لِغَيْرِهِ انْتَهَى
قُلْت قال شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَعْلِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ صِحَّةُ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكٍ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ من إطْلَاقِهِمْ جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ فإن عُمُومَ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُ الْمَشْغُولَةَ وَقْتَ الْفَرَاغِ بِغِرَاسٍ أو بِنَاءٍ أو غَيْرِهِمَا انْتَهَى
وقال في الْفُرُوعِ لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمَشْغُولَةِ بِغِرَاسِ الْغَيْرِ أو بِنَائِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ
وقال أَيْضًا لَا يَجُوزُ إجَارَةٌ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كما يَفْعَلُهُ بَعْضُ الناس
قال وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ في هذا الزَّمَانِ أَنَّ هذا لَا يَصِحُّ وهو وَاضِحٌ ولم أَجِدْ في كَلَامِهِمْ ما يُخَالِفُ هذا
قال وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ في هذا الزَّمَانِ الذي يَخْطِرُ بِبَالِهِ من كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ هذه الْإِجَارَةَ تَصِحُّ كَذَا قال انْتَهَى
____________________
(6/42)
وقد قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا حكى عنه في الِاخْتِيَارَاتِ وَيَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ من غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ في مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَقُومُ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي مَقَامَ الْمَالِكِ في اسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ من الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَغَلِطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَأَفْتَى في نَحْوِ ذلك بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ ظَنًّا منه أَنَّ هذا كَبَيْعِ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هو تَصَرُّفٌ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ على الْمُسْتَأْجِرِ
وَأَمَّا إنْ كانت مَرْهُونَةً وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدِ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ في أَوَّلِهَا
ثُمَّ قال قُلْت فَإِنْ كان ما أَجَّرَهُ مَرْهُونًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْأُجْرَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى
قُلْت إنْ غَلَبَ على الظَّنِّ الْقُدْرَةُ على التَّسْلِيمِ وَقْتَ وُجُوبِهِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا
وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَدَاخِلٌ في عُمُومِ كَلَامِهِمْ
وَتَقَدَّمَ في الرَّهْنِ أَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ إذَا اتَّفَقَا على إيجَارِ الْمَرْهُونِ جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفَا تَعَطَّلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال في الْكَافِي وإذا اتَّفَقَا على إجَارَتِهِ أو إعَارَتِهِ جَازَ في قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ
وقال أبو بَكْرٍ يَجُوزُ إجَارَتُهُ
وقال بن أبي مُوسَى إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ في إعَارَتِهِ أو إجَارَتِهِ جَازَ وَالْأُجْرَةُ رَهْنٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ خَرَجَ من الرَّهْنِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ لَا يَخْرُجُ
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ إذَا كان الرَّهْنُ لَازِمًا أَمَّا إنْ كان غير لَازِمٍ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا
وَتَقَدَّمَ في الرَّهْنِ هل يَدُومُ لُزُومُهُ بِإِجَارَتِهِ أَمْ لَا
____________________
(6/43)
قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَّرَهُ في أَثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً اسْتَوْفَى شَهْرًا بِالْعَدَدِ وَسَائِرَهَا بالأهلة ( ( ( بالأهلية ) ) ) وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في كل ما يُعْتَبَرُ فيه الْأَشْهُرُ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَشَهْرَيْ صِيَامِ الْكَفَّارَةِ
وَكَذَا النَّذْرُ وَكَذَا مُدَّةُ الْخِيَارِ وَغَيْرُ ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في النَّذْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ بِالْعَدَدِ
وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ اسْتَوْفَى شَهْرًا بِالْعَدَدِ
يَعْنِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال نَصَّ عليه في نَذْرٍ وَصَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وَغَيْرِهِمَا
وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ بِحَسَبِ تَمَامِهِ وَنُقْصَانِهِ فَإِنْ كان تَامًّا كَمُلَ تَامًّا وَإِنْ كان نَاقِصًا كَمُلَ نَاقِصًا
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قال إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَيُكْمِلُ الشَّهْرَ الذي حَلَفَ في أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ الضَّرْبُ الثَّانِي عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ مَضْبُوطَةٍ بِصِفَاتٍ كَالسَّلَمِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ دَارٍ وَحَمْلٍ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ
هذا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ وَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فيه عَقِبَ الْعَقْدِ فَلَوْ تَرَكَ ما يَلْزَمُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ ضَمِنَ بِسَبَبِهِ وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فَإِنْ مَرِضَ أو هَرَبَ اكْتَرَى من يَعْمَلُ عليه فَإِنْ شَرَطَ مُبَاشَرَتَهُ له بِنَفْسِهِ فَلَا وَلَا استنابه إذَنْ
____________________
(6/44)
نَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ فَقَطَعَهُ وَدَفَعَهُ إلَى خَيَّاطٍ آخَرَ قال لَا إنْ فَعَلَ ضَمِنَ
قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَصْدُ كَنَسْخِ كِتَابٍ لم يَلْزَمْ الْأَجِيرَ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ وَلَوْ أَقَامَ مَقَامَهُ لم يَلْزَمْ المكترى قَبُولُهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْأَجِيرِ بِمَرَضٍ أو غَيْرِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ
وَيَأْتِي ذلك في قَوْلِهِ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بين تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخِيطَ لي هذا الثَّوْبَ في هذا الْيَوْمِ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمُوهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ وهو رِوَايَةٌ كَالْجِعَالَةِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيها
قال في التَّبْصِرَةِ وَإِنْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعَمَلِ في أَقْصَى مُمْكِنٍ فَلَهُ شَرْطُهُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ
فَعَلَى الصِّحَّةِ لو أَتَمَّهُ قبل فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ عليه وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَهُ فَلَهُ الْفَسْخُ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْإِجَارَةُ على عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْقُرْبَةِ
يَعْنِي بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَلَا يَقَعُ إلَّا قربه لِفَاعِلِهِ كَالْحَجِّ أَيْ النِّيَابَةِ فيه وَالْعُمْرَةِ وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهِمَا كَالْإِقَامَةِ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ
قال في الرِّعَايَةِ وَالْقَضَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
قال بن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَصِحُّ كَأَخْذِهِ بِلَا شَرْطٍ نَصَّ عليه
____________________
(6/45)
وقال في الرِّعَايَةِ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَيُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ على الْإِمَامَةِ بِالنَّاسِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ انْتَهَى
وَاخْتَارَ بن شَاقِلَا الصِّحَّةَ في الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ على أَجِيرٍ بِخِلَافِ أَذَانٍ وَنَحْوِهِ
وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ الصِّحَّةَ عنه وَعَنْ الْخِرَقِيِّ لَكِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنَعَ الْإِمَامَةَ بِلَا شَرْطٍ أَيْضًا
وَقِيلَ يَصِحُّ لِلْحَاجَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ
وقال لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ على الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ لآنه لم يُنْقَلْ عن أَحَدٍ من الْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ في ذلك
وقد قال الْعُلَمَاءُ إنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَلَا ثَوَابَ له فَأَيُّ شَيْءٍ يهدي إلَى الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالِاسْتِئْجَارُ على مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لم يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ من الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا في الِاسْتِئْجَارِ على التَّعْلِيمِ
وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاجُّ عن غَيْرِهِ لِيَحُجَّ لَا أَنْ يَحُجَّ لِيَأْخُذَ فَمَنْ أَحَبَّ إبْرَاءَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أو رُؤْيَةَ الْمَشَاعِرِ يَأْخُذُ لِيَحُجَّ وَمِثْلُهُ كُلُّ رِزْقٍ أُخِذَ على عَمَلٍ صَالِحٍ يُفَرَّقُ بين من يَقْصِدُ الدِّينَ فَقَطْ وَالدُّنْيَا وَسِيلَةٌ وَعَكْسِهِ فَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَكْسَهُ ليس له في الْآخِرَةِ من خَلَاقٍ
قال وَحَجُّهُ عن غَيْرِهِ لِيَسْتَفْضِلَ ما يُوَفِّي دَيْنَهُ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لم يَفْعَلْهُ السَّلَفِ وَيَتَوَجَّهُ فِعْلُهُ لِحَاجَةٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ بِأَدِلَّةٍ
وَنَقَلَ بن هَانِئٍ فِيمَنْ عليه دَيْنٌ وَلَيْسَ له ما يَحُجُّ أَيَحُجُّ عن غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ قال نعم
فَوَائِدُ
الآولى تَعْلِيمُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ مُلْحَقٌ بِمَا تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
____________________
(6/46)
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الْمَذْهَبُ على الْمُصْطَلَحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ أُجْرَةٍ على الرُّقْيَةِ نَصَّ عليه قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ
الثَّالِثَةُ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِعَالَةِ على ذلك كُلِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَانِ وهو ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُنْتَخَبِ الْجُعْلُ في الْحَجِّ كَالْأُجْرَةِ
الرَّابِعَةُ يَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ وجعاله على ما لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ وَنَحْوِهِمَا
الْخَامِسَةُ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ على ما يَتَعَدَّى نَفْعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
وقال بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ على الْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ
وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَذَكَرَهُ في التَّعْلِيقِ
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ ما يَحُجُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ أَخَذَ لِيَحُجَّ قَرِيبًا
قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجِمَهُ صَحَّ
هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ
وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ
____________________
(6/47)
قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ
قال في التَّلْخِيصِ وهو الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ
يَعْنِي على الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عليه إلَّا إذَا أعطى من غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إجَارَةٍ
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ على سَيِّدِهِ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ أَخْذُ ما أَعْطَاهُ بِلَا شَرْطٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُطْعِمُهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ
وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَجَوَّزَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِغَيْرِ حُرٍّ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
قال الْقَاضِي لو أعطى شيئا من غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شَرْطٍ كان له أَخْذُهُ وَيَصْرِفُهُ في عَلَفِ دَوَابِّهِ وَمُؤْنَةِ صِنَاعَتِهِ وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ
قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ الْقَاضِي وَطَائِفَةٌ من أَصْحَابِهِ وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ
فَعَلَى رِوَايَةِ تَحْرِيمِ أَكْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ
____________________
(6/48)
تَحْرِيمُهُ على كل الْأَحْرَارِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ على غَيْرِ الْحَاجِمِ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ استئجارة لِغَيْرِ الْحِجَامَةِ كَالْفَصْدِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَتَقْصِيرِهِ وَالْخِتَانِ وَقَطْعِ شَيْءٍ من جَسَدِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
قُلْت لو خَرَجَ في الْفَصْدِ من الْحِجَامَةِ لَمَا كان بَعِيدًا وَكَذَلِكَ التَّشْرِيطُ كَالصَّوْمِ
قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ
يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إعَارَةُ الْمَأْجُورِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ من دَارٍ وَحَانُوتٍ وَمَرْكُوبٍ وَغَيْرِ ذلك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّاكِبُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ في الطُّولِ وَالْقِصَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذلك اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمَعْرِفَةُ بِالْمَرْكُوبِ
قال في الْفُرُوعِ لَا تُعْتَبَرُ الْمَعْرِفَةُ بِالْمَرْكُوبِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ
وَقِيلَ تُشْتَرَطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وبمثله ( ( ( ويمثله ) ) ) جَوَازُ إعَارَةِ الْمَأْجُورِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عليه اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا صِحَّةَ الْعَقْدِ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ
وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ أَيْضًا وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَعَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمَأْجُورَةَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ
____________________
(6/49)
قال في التَّلْخِيصِ وَلَا ضَمَانَ على الْمُسْتَعِيرِ من الْمُسْتَأْجِرِ في الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْعَارِيَّةِ
قُلْت فَيُعَايَى بها وَقِيلَ يَضْمَنُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لو اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أو يَحْمِلَ عليها إلَيْهِ فَأَرَادَ الْعُدُولَ إلَى مِثْلِهَا في الْمَسَافَةِ وَالْحُزُونَةِ وَالْأَمْنِ أو التي يَعْدِلُ إلَيْهَا أَقَلُّ ضَرَرًا جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى جَازَ في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال الْمُصَنِّفُ لَا يَجُوزُ
وَإِنْ سَلَكَ أَبْعَدَ منه أو أَشَقَّ فأجره الْمِثْلِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الزَّائِدِ والمشقة ( ( ( والشقة ) ) )
قال الشَّارِحُ وهو قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ
قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هو أَكْبَرُ ضَرَرًا منه وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ
بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ وما دُونَهَا في الضَّرَرِ من جِنْسِهَا فإذا اكْتَرَى لزرع حِنْطَةً فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ له زَرْعُ الدَّخَنِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ
فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ اكتراها لِأَحَدِهِمَا لم يَمْلِكْ الْآخَرُ وَإِنْ اكتراها لِلْغَرْسِ مَلَكَ الزَّرْعَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِغَرْسٍ أو بِنَاءٍ لم يَمْلِكْ الْآخَرُ فَإِنْ فَعَلَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَهُ الزَّرْعُ بِالْمُسَمَّى
____________________
(6/50)
وَقِيلَ لَا زَرْعَ له مع الْبِنَاءِ
فَائِدَةٌ لو قال أَجَرْتُكَهَا لِتَزْرَعَهَا أو تَغْرِسَهَا لم يَصِحَّ قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ لم يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِتَزْرَعَ أو تَغْرِسَ ما شِئْت زَرَعَ أو غَرَسَ ما شَاءَ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِلتَّرَدُّدِ انْتَهَى
وَإِنْ قال لِتَزْرَعَهَا ما شِئْت وَتَغْرِسَهَا ما شِئْت صَحَّ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَالَا له أَنْ يَزْرَعَهَا كُلَّهَا وَأَنْ يَغْرِسَهَا كُلَّهَا
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِتَزْرَعَ وَتَغْرِسَ ما شِئْت ولم يُبَيِّنْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا لم يَصِحَّ
وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَهُ ما شَاءَ مِنْهُمَا انْتَهَى
وَإِنْ قال لِتَنْتَفِعَ بها ما شِئْت فَلَهُ الزَّرْعُ وَالْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ كَيْفَ شَاءَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كما تَقَدَّمَ
وَتَقَدَّمَ إذَا قال إنْ زَرَعْتهَا كَذَا فَبِكَذَا وَإِنْ زَرَعْتهَا كَذَا فَبِكَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ خِطْته رُومِيًّا فَبِكَذَا وَإِنْ خِطْته فَارِسِيًّا فَبِكَذَا
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ في الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِجَارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِزَرْعِ كَذَا أو غَرْسٍ أو بِنَاءٍ مَعْلُومٍ فَلْيُعَاوِدْ فإن عَادَةَ الْمُصَنِّفِينَ ذِكْرُهُ هُنَا
قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
يَعْنِي إذَا فَعَلَ ما لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ من زَرْعٍ وَبِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَرُكُوبٍ وَحَمْلٍ وَنَحْوُهُ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عليه أُجْرَةَ الْمِثْلِ يَعْنِي لِلْجَمِيعِ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ قَالَهُ الْقَاضِي
____________________
(6/51)
وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى مع تَفَاوُتِهِمَا في أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا
وَكَلَامُ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ مُوَافِقٌ لِهَذَا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَجَّرَهَا لِلزَّرْعِ فَغَرَسَ أو بَنَى لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَّرَهَا لِغَرْسٍ أو بِنَاءٍ لم يَمْلِكْ الْآخَرَ فَإِنْ فَعَلَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ
وَإِنْ أَجَّرَهَا لِزَرْعِ شَعِيرٍ لم يَزْرَعْ دَخَنًا فَإِنْ فَعَلَ غَرِمَ أجره الْمِثْلِ لِلْكُلِّ
وَقِيلَ بَلْ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِزِيَادَةِ ضَرَرِ الْأَرْضِ
وَقِيلَ هو كَغَاصِبٍ وكذا لو أَجَّرَهَا لِزَرْعِ قَمْحٍ فَزَرَعَ ذُرَةً وَدَخَنًا انْتَهَى ذَكَرَهُ مُتَفَرِّقًا
وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ من مَحَلِّ الْخِلَافِ لو اكْتَرَى لِحَمْلِ حَدِيدٍ فَحَمَلَ قُطْنًا أو عَكْسَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ اكتراها لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه أو إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ
ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْعُمْدَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ في الثَّانِيَةِ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وقال أبو بَكْرٍ عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي إذَا اكتراها لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه أو إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ
____________________
(6/52)
وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْقَاضِي عن أبي بَكْرٍ وَنَقَلَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هو في مَسْأَلَةِ من اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه فَقَطْ
فَلِذَلِكَ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ أبي مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ من وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ فِيمَا إذَا اكْتَرَى لِمَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ وَلَا ما اقْتَضَاهُ كَلَامُ بن حَمْدَانَ من وُجُوبِ ما بين الْقِيمَتَيْنِ على قَوْلٍ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ على قَوْلٍ آخَرَ فإن الْقَاضِيَ قال لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا في ذلك وقد نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ انْتَهَى
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ فإنه ذَكَرَ كَلَامَ أبي بَكْرٍ بَعْدَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ في الْهِدَايَةِ أَوْضَحُ فإنه ذَكَرَ مَسْأَلَةَ أبي بَكْرٍ أَخِيرًا وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا أَوَّلًا فَحَصَلَ الْإِيهَامُ
وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّ قَوْلَ أبي بَكْرٍ في مَسْأَلَةِ من اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ في الْجَمِيعِ وَأَخَذَهُ من قَوْلِهِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً فقال عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّهُ عَدَلَ عن الْمَعْقُودِ عليه إلَى غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أَرْضًا زَرَعَ أُخْرَى
قَالَا فَجَمَعَ الْقَاضِي بين مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ وَمَسْأَلَةِ أبي بَكْرٍ
وَقَالَا يَنْقُلُ قَوْلَ كل وَاحِدٍ من إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لِتَسَاوِيهِمَا في أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَتَمَيَّزُ فَيَكُونُ في الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ
قَالَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فإن بين الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقًا ظَاهِرًا وَذَكَرَاهُ انْتَهَيَا
قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا
قال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ قِيمَتِهَا إذَا تَلِفَتْ بِهِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ في الزِّيَادَةِ أو بَعْدَ رَدِّهَا إلَى الْمَسَافَةِ وَسَوَاءٌ كان صَاحِبُهَا مع الْمُكْتَرِي أو لم يَكُنْ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(6/53)
قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ
قال الزَّرْكَشِيُّ لَمَّا قال الْخِرَقِيُّ وَإِنْ تَلِفَتْ فَعَلَيْهِ أَيْضًا ضَمَانُهَا يَعْنِي إذَا تَلِفَتْ في مدة ( ( ( حدة ) ) ) الْمُجَاوَزَةِ
قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا بَعْدَ تَجَاوُزِ الْمَسَافَةِ
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ تَلِفَتْ في حَالِ زِيَادَةِ الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ قِيمَتِهَا
وقال الْقَاضِي ان كان الْمُكْتَرِي نَزَلَ عنها وَسَلَّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا لِيُمْسِكَهَا أو يَسْقِيَهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ على الْمُكْتَرِي
وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا إذَا تَلِفَتْ في حَالِ التَّعَدِّي ولم يَكُنْ صَاحِبُهَا مع رَاكِبِهَا فَلَا خِلَافَ في ضَمَانِهَا بِكَمَالِ قِيمَتِهَا وَكَذَا إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ الرَّاكِبِ أو تَحْتَ حَمْلِهِ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا
فَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ في يَدِ صَاحِبِهَا بَعْدَ نُزُولِ الرَّاكِبِ عنها فَإِنْ كان بِسَبَبِ تَعَبِهَا بِالْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَهُوَ كما لو تَلِفَتْ تَحْتَ الْحَمْلِ وَالرَّاكِبِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا ضَمَانَ فيها وَقَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ ضَمِنَهَا بِكَمَالِ الْقِيمَةِ وَنَصَّ عليه في الزِّيَادَةِ على الْمُدَّةِ
وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ وَجْهًا بِضَمَانِ النِّصْفِ من مَسْأَلَةِ الْحَدِّ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ في يَدِ صَاحِبِهَا فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا كُلَّهَا وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ
____________________
(6/54)
وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وبن الْبَنَّا وَالْمَجْدِ
وقال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا فَقَطْ
وقال في التَّلْخِيصِ إنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ لم يَضْمَنْ وَإِنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ فَفِي تَكْمِيلِ الضَّمَانِ وَتَنْصِيفِهِ وَجْهَانِ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ إنْ زَادَ في الْحَمْلِ ضَمِنَ نِصْفَهَا مُطْلَقًا وَإِنْ زَادَ في الْمَسَافَةِ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ تَلِفَتْ حَالَ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا هَدَرٌ
وَعَنْ الْقَاضِي في الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا ضَمَانَ عليه أَلْبَتَّةَ
وقال الْقَاضِي أَيْضًا إنْ كان الْمُكْتَرِي نَزَلَ عنها وَسَلَّمَهَا لِصَاحِبِهَا لِيُمْسِكَهَا أو يَسْقِيَهَا فَتَلِفَتْ لم يَضْمَنْ وَإِنْ هَلَكَتْ وَالْمُكْتَرِي رَاكِبُهَا أو حَمَلَهُ عليها ضَمِنَهَا
وَوَافَقَهُ في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ على ذلك إلَّا أَنَّهُمَا اسْتَثْنَيَا ما إذَا تَلِفَتْ في يَدِ مَالِكِهَا بِسَبَبِ تَعَبِهَا من الْحَمْلِ وَالسَّيْرِ كما تَقَدَّمَ
قال في التَّصْحِيحِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وهو الصَّحِيحُ إذَا تَلِفَتْ بِسَبَبِ تَعَبِهَا بِالْحَمْلِ وَالسَّيْرِ
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك إذَا زَادَ سَوْطًا على الْحَدِّ وَمَسَائِلُ أُخْرَى هُنَاكَ فليراجع ( ( ( فيراجع ) ) ) في أَوَائِلِ كِتَابِ الْحُدُودِ
تَنْبِيهٌ دخل في قَوْلِهِ إذَا اكْتَرَاهَا لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه
لو اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا وَحْدَهُ فَرَكِبَهَا معه آخَرُ فَتَلِفَتْ وَصَرَّحَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ
قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كُلُّ ما يَتَمَكَّنُ بِهِ من النَّفْعِ كَزِمَامِ الْجَمَلِ
____________________
(6/55)
وَرَحْلِهِ وَحِزَامِهِ وَالشَّدِّ عليه وَشَدِّ الْأَحْمَالِ وَالْمَحَامِلِ وَالرَّفْعِ وَالْحَطِّ
وَكَذَلِكَ كُلُّ ما يَتَوَقَّفُ النَّفْعُ عليه كَتَوْطِئَةِ مَرْكُوبٍ عَادَةً وَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَهَذَا كُلُّهُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ
وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ الْمَحْمِلُ وَالْمِظَلَّةُ وَالْوِطَاءُ فَوْقَ الرَّحْلِ وَحَبْلُ قِرَانٍ بين الْمَحْمِلَيْنِ
قال في التَّرْغِيبِ وَعَدْلٌ لِقُمَاشٍ على مكري ( ( ( مكر ) ) ) إن ( ( ( لمن ) ) ) كانت في الذِّمَّةِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إذَا كان الْكِرَاءُ على أَنْ يَذْهَبَ معه الْمُكْتَرِي فَأَمَّا إنْ كان على أَنْ يَتَسَلَّمَ الرَّاكِبُ الْبَهِيمَةَ لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَكُلُّ ذلك عليه انْتَهَيَا
قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ
فَائِدَةٌ أُجْرَةُ الدَّلِيلِ على الْمُكْتَرِي على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَقِيلَ إنْ كان اكْتَرَى منه بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ على الْمُكْتَرِي وَإِنْ كانت الْإِجَارَةُ على حَمْلِهِ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ في الذِّمَّةِ فَهِيَ على الْمُكْرِي وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يُوَصِّلَهُ
وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا
قُلْت يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلُزُومُ الْبَعِيرِ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ
أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذلك لِيَنْزِلَ لِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا
فَوَائِدُ
الْأُولَى يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَيْضًا لُزُومُ الْبَعِيرِ إذَا عَرَضَتْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَاجَةٌ
____________________
(6/56)
لِنُزُولِهِ وَتَبْرِيكِ الْبَعِيرِ لِلشَّيْخِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالسَّمِينِ وَشَبَهِهِمْ لِرُكُوبِهِمْ وَنُزُولِهِمْ وَيَلْزَمُهُ ذلك أَيْضًا لِمَرَضٍ طَالَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُ الرَّاكِبَ الضَّعِيفَ وَالْمَرْأَةَ الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ عِنْدَ قُرْبِ الْمَنْزِلِ
وَهَلْ يَلْزَمُ غَيْرَهُمَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الصَّوَابُ لَكِنَّ الْمُرُوءَةَ تَقْتَضِي فِعْلَ ذلك
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فيه وَالْمَشْيِ لَزِمَ الرَّاكِبَ الْقَوِيَّ في الْأَقْيَسِ
قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ
الثَّالِثَةُ لو اكْتَرَى جَمَلًا لِيَحُجَّ عليه فَلَهُ الرُّكُوبُ إلَى مَكَّةَ وَمِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ وَالْخُرُوجُ عليه إلَى مِنًى لَيَالِيَ مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقدماه ( ( ( وقدماء ) ) ) وَقَالَا الْأَوْلَى أَنَّ له ذلك وَقَدَّمَهُ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ ليس له الرُّكُوبُ إلَى مِنًى لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ من الْحَجِّ وَأَطْلَقَهَا في الرِّعَايَةِ
وَأَمَّا إنْ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ فَقَطْ فَلَيْسَ له الرُّكُوبُ إلَى الْحَجِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِمَا قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ
وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الْمَرْكُوبِ وَالرَّاكِبِ وَالْمَحْمُولِ وَأَحْكَامُ ذلك فَلْيُرَاجَعْ
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ فَأَمَّا تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَالْكَنِيفِ فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(6/57)
قُلْت يُتَوَجَّهُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ
وَكَذَا تَفْرِيغُ الدَّارِ من الْقُمَامَةِ وَالزِّبْلِ وَنَحْوِهِمَا وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَسْلِيمُهَا منظفة ( ( ( منطقة ) ) ) وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ وهو أَمَانَةٌ مع الْمُسْتَأْجِرِ
وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْبَكَرَةُ وَالْحَبْلُ وَالدَّلْوُ
قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ من الطَّرَفَيْنِ ليس لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا وَإِنْ بَدَا له قبل تَقَضِّي الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ
الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ وَالْمُسْتَأْجِرِ الْمَنَافِعَ فإذا فَسَخَهَا الْمُسْتَأْجِرُ قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لم تَنْفَسِخْ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ التَّصَرُّفُ فيها في حَالِ كَوْنِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عليها
فَإِنْ تَصَرَّفَ فيها قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مِثْلَ أَنْ يَسْكُنَ الْمَالِكُ الدَّارَ أو يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَلَهُ على الْمَالِكِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا سَكَنَ أو تَصَرَّفَ فيه
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
فَعَلَى هذا إنْ كانت أُجْرَةُ الْمِثْلِ الْوَاجِبَةُ على الْمَالِكِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ في الْعَقْدِ لم يَجِبْ على الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ وَإِنْ فَضَلَتْ منه فَضْلَةٌ لَزِمَتْ الْمَالِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ الْمَالِكُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ
وَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمَالِكُ قبل تَسْلِيمِهَا أو امْتَنَعَ منه حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فإن الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ
وَإِنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِيمَا مَضَى وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْبَاقِي بِالْحِصَّةِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَبَى الْمُؤَجِّرُ تَسْلِيمَ ما أَجَّرَهُ أو امْتَنَعَ مُسْتَأْجِرٌ الِانْتِفَاعَ بِهِ كُلَّ الْمُدَّةِ فَلَهُ الْفَسْخُ مَجَّانًا
وَقِيلَ بَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَجَّانًا
____________________
(6/58)
وَقِيلَ إنْ كانت الْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً بَطَلَ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ مَجَّانًا
قَوْلُهُ وَإِنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قبل تَقَضِّيهَا لم يَكُنْ له أُجْرَةٌ لِمَا سَكَنَ نَصَّ عليه
وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له من الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ
وَيَأْتِي إذَا غَصَبَهَا مَالِكُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لو امْتَنَعَ الْأَجِيرُ من تَكْمِيلِ الْعَمَلِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ
قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحُكْمُ فِيمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فَامْتَنَعَ الْمُكْرِي من تَسْلِيمِهَا في بَعْضِ الْمُدَّةِ أو أَجَّرَهُ نَفْسَهُ أو عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً وَامْتَنَعَ من إتْمَامِهَا أو أَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ أو خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أو حَفْرِ بِئْرٍ أو حَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَكَان وَامْتَنَعَ من إتْمَامِ الْعَمَلِ مع الْقُدْرَةِ عليه كَالْحُكْمِ في الْعَقَارِ يُمْنَعُ من تَسْلِيمِهِ انْتَهَيَا
قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ إنْ أَبَى الْأَجِيرُ الْخَاصُّ الْعَمَلَ أو بَعْضَهُ كَالْمُدَّةِ أو بَعْضِهَا أو أَبَى مُسْتَأْجِرُ الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْجِمَالِ الِانْتِفَاعَ بِهِمْ كَذَلِكَ وَلَا مَانِعَ من الْأَجِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ انْتَهَى
وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ شَيْءٍ مُدَّةً فَحَفِظَهُ في بَعْضِهَا ثُمَّ تَرَكَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فيه وَجْهَانِ
قال بن الْمُنَى أَصَحُّهُمَا لَا تَبْطُلُ بَلْ يَزُولُ الِاسْتِئْمَانُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا
وفي مَسَائِلِ بن مَنْصُورٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا مَعْلُومًا فَجَاءَ إلَيْهِ في نِصْفِ ذلك الشَّهْرِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارَ
____________________
(6/59)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شيئا من الْأُجْرَةِ بِنَاءً على أَصْلِنَا فِيمَنْ امْتَنَعَ من تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بِذَلِكَ أَفْتَى بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ وَإِنْ هَرَبَ الْأَجِيرُ حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كان على عَمَلٍ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بين الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ
إذَا هَرَبَ الْأَجِيرُ أو شَرَدَتْ الدَّابَّةُ أو أَخَذَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ وَهَرَبَ بها أو مَنَعَهُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ منها من غَيْرِ هَرَبٍ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَثْبُتُ له خِيَارُ الْفَسْخِ
فَإِنْ فَسَخَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لم يَفْسَخْ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ على مُدَّةٍ انْفَسَخَتْ بِمُضِيِّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا فَإِنْ عَادَتْ الْعَيْنُ في أَثْنَائِهَا اسْتَوْفَى ما بَقِيَ وَإِنْ انْقَضَتْ انْفَسَخَتْ
وَإِنْ كانت على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ أو حَمْلٍ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ اُسْتُؤْجِرَ من مَالِهِ من يَعْمَلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ لم يَفْسَخْ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْعَمَلِ
وَإِنْ هَرَبَ قبل إكْمَالِ عَمَلِهِ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْفَسْخَ وَالصَّبْرَ كَمَرَضِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ يكتري عليه من يَقُومُ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ فَسْخُهَا
وَإِنْ فَرَغَتْ مُدَّتُهُ في هَرَبِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَقِيلَ تَنْفَسِخُ هِيَ وهو الذي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
قَوْلُهُ وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أو مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عليها الْحَاكِمُ من مَالِ الْجِمَالِ أو أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ في النَّفَقَةِ فإذا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّى الْمُنْفَقَ وَحَفِظَ بَاقِيَ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِهِ
____________________
(6/60)
إذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ على الْجِمَالِ وَالْحَالَةُ ما تَقَدَّمَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَسْتَأْذِنْهُ وَنَوَى الرُّجُوعَ فَفِيهِ الروايتان ( ( ( الرويتان ) ) ) اللَّتَانِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ
قال في الْقَوَاعِدِ وَمُقْتَضَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً
ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا الْإِشْهَادَ على نِيَّةِ الرُّجُوعِ
وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ
قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ انْتَهَى
وَحُكْمُ مَوْتِ الْجَمَّالِ حُكْمُ هَرَبِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ
وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَوْتَ لَا يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا يُسْرِفَ في عَلَفِهَا وَلَا يُقَصِّرَ وَيَرْجِعَ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عليها
سَوَاءٌ تَلِفَتْ ابْتِدَاءً أو في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فإذا تَلِفَتْ في ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ وَإِنْ تَلِفَتْ في أَثْنَائِهَا انْفَسَخَتْ أَيْضًا فِيمَا بَقِيَ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ تَنْفَسِخُ أَيْضًا فِيمَا مَضَى وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى على قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ
نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ أو انْهَدَمَتْ الدَّارُ فَهُوَ عُذْرٌ يُعْطِيهِ بِحِسَابِ ما رَكِبَ
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ من الْمُسَمَّى
وَقِيلَ لَا فَسْخَ بِهَدْمِ دَارٍ فَيُخَيَّرُ
وَيَأْتِي حُكْمُ الدَّارِ إذَا انْهَدَمَتْ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هذا وَكَلَامُهُ هُنَا أَعَمُّ
وَعَنْهُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ وَيَجِبُ في مَالِهَا أُجْرَةُ من يُرْضِعُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ
____________________
(6/61)
وَأَمَّا مَوْتُ الْمُرْتَضِعِ فَتَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ قَوْلًا وَاحِدًا كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا
قَوْلُهُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ إذَا لم يَكُنْ له من يَقُومُ مَقَامَهُ في اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ
هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَبَا مُحَمَّدٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ من الْمُدَّةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وبن الْبَنَّاءِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْفَسِخُ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي
قال في التَّلْخِيصِ لم تَنْفَسِخْ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
وَقِيلَ تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ وَفِيمَا مَضَى ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قَوْلُهُ أو أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ من الْمُدَّةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ
وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
____________________
(6/62)
وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْفَسِخُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ في مَوْضِعٍ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ لم تَنْفَسِخْ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَائِدَةٌ لو أَجَّرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صح فَإِنْ أَجَّرَهَا وَأَطْلَقَ فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ إذَا كان الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِحَالِهَا وَعَدَمِ مَائِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
وَإِنْ ظَنَّ الْمُسْتَأْجِرُ إمْكَانَ تَحْصِيلِ الْمَاءِ وَأَطْلَقَ الْإِجَارَةَ لم تَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ بِالْأَمْطَارِ أو زِيَادَةِ الْأَنْهَارِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْعِلْمِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَجْهَانِ
وَمَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ أو تَلِفَ أو لم يَنْبُتْ فَلَا خِيَارَ له وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ نَصَّ عليه
وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُهَا لِغَرَقِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ
وَكَذَا له الْخِيَارُ لِقِلَّةِ مَاءٍ قبل زَرْعِهَا أو بَعْدَهُ أو عَابَتْ بِغَرَقٍ يَعِيبُ بِهِ بَعْضُ الزَّرْعِ
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أو بَرْدٍ أو فَأْرٍ أو عُذْرٍ
قال فَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ فَلَهُ الْأَرْشُ كَعَيْبِ الْأَعْيَانِ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ الْقِسْطُ قبل الْقَبْضِ ثُمَّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَى كَمَالِهِ
قال وما لم يَرْوِ من الْأَرْضِ فَلَا أُجْرَةَ له اتِّفَاقًا وَإِنْ قال في الْإِجَارَةِ مَقِيلًا وَمَرَاعِيَ أو أَطْلَقَ لِأَنَّهُ لَا يَرِدُ على عَقْدٍ كَأَرْضِ الْبَرِّيَّةِ
____________________
(6/63)
قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ أنها تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ
وَتَقَدَّمَ رِوَايَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ
تَنْبِيهٌ قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ الْجَمْعُ بين قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي قِيلَ يَجِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْتَرِي على أَنَّهُ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ وَهُنَاكَ صَرَّحَ بِأَنَّهَا تَنْفَسِخُ إذَا لم يَكُنْ له من يَقُومُ مَقَامَهُ
قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قال هذا مُتَابَعَةً لِلْأَصْحَابِ وقال ذلك لِأَجْلِ اخْتِيَارِهِ
قَوْلُهُ وَإِنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بين الْفَسْخِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ ما مَضَى
إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ إجَارَتُهَا لِعَمَلٍ أو لِمُدَّةٍ فَإِنْ كانت لِعَمَلٍ فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ على عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ أو تَكُونَ على عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ
فَإِنْ كانت على عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ وَغُصِبَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ كان له الْفَسْخُ
وَإِنْ كانت على عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ خُيِّرَ بين الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ على الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَيُسْتَوْفَى منها
____________________
(6/64)
وَإِنْ كانت إلَى مُدَّةٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بين الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ وَأَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا من غَاصِبِهَا إنْ ضُمِنَتْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ وَإِنْ لم تُضْمَنْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ
وقال في الِانْتِصَارِ تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ على مِلْكِهِ وَأَنَّ مثله وطء مُزَوَّجَةً وَيَكُونُ الْفَسْخُ مُتَرَاخِيًا
فإذا لم يَفْسَخْ حتى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كان له الْخِيَارُ بين الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى وَبَيْنَ الْبَقَاءِ على الْعَقْدِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ
فَإِنْ رُدَّتْ الْعَيْنُ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ولم يَكُنْ فَسْخٌ اسْتَوْفَى ما بَقِيَ منها وَيَكُونُ فِيمَا مَضَى من الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا كما ذَكَرْنَا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو كان الْغَاصِبُ هو الْمُؤَجِّرَ لم يَكُنْ له أُجْرَةٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ الْأَجْنَبِيِّ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ
وقال الزَّرْكَشِيُّ لو أَتْلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ ثَبَتَ ما تَقَدَّمَ من الْفَسْخِ أو الِانْفِسَاخِ مع تَضْمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ ما أَتْلَفَ
وَمِثْلُهُ جَبُّ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا تَضْمَنُ وَلَهَا الْفَسْخُ انْتَهَى
قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ لَا فَسْخَ لها
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قبل تَقَضِّي الْمُدَّةِ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من بَعْضِ صُوَرِ تِلْكَ
الثَّانِيَةُ لو حَدَثَ خَوْفٌ عَامٌّ يَمْنَعُ من سُكْنَى الْمَكَانِ الذي فيه الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أو حُصِرَ الْبَلَدُ فَامْتَنَعَ خُرُوجُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْأَرْضِ ثَبَتَ له خِيَارُ الْفَسْخِ
قال الْخِرَقِيُّ وإذا جاء أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عن مَنْفَعَةِ ما وَقَعَ عليه الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ من الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ
____________________
(6/65)
فَكَلَامُهُ أَعَمُّ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّهُ شَمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ فَلِذَلِكَ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
فَإِنْ كان الْخَوْفُ خَاصًّا بِالْمُسْتَأْجِرِ كَمَنْ خَافَ وَحْدَهُ لِقُرْبِ أَعْدَائِهِ من الْمَوْضِعِ الْمَأْجُورِ أو حُلُولِهِمْ في طَرِيقِهِ لم يَمْلِكْ الْفَسْخَ وَكَذَا الْحُكْمُ لو حُبِسَ أو مَرِضَ
قَوْلُهُ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ من يَعْمَلُهُ وَالْأُجْرَةُ على الْمَرِيضِ
مُرَادُهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَنَحْوِهِمَا وَمُرَادُهُ إذَا لم يَشْتَرِطْ عليه مُبَاشَرَتَهُ فَإِنْ شَرَطَ عليه مُبَاشَرَتَهُ لم يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ
وَكَذَا لو كانت الْإِجَارَةُ على عَيْنِهِ في مُدَّةٍ أو غَيْرِهَا فَمَرِضَ لم يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ على عَمَلِهِ بِعَيْنِهِ لَا على شَيْءٍ في ذِمَّتِهِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو كان الْعَمَلُ في الذِّمَّةِ وَاخْتَلَفَ الْقَصْدُ كَاسْتِئْجَارِهِ لِنَسْخِ كِتَابٍ لم يُكَلَّفْ الْأَجِيرُ إقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ قَبُولُ ذلك إنْ بَذَلَهُ الْأَجِيرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ
فَإِنْ تَعَذَّرَ عَمَلُ الْأَجِيرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ
وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ الضَّرْبُ الثَّانِي عقد على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ
قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ مَعِيبَةً أو حَدَثَ بها عَيْبٌ فَلَهُ الْفَسْخُ
مُرَادُهُ وَمُرَادُ غَيْرِهِ إنْ لم يَزُلْ الْعَيْبُ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَإِنْ زَالَ سَرِيعًا بِلَا ضَرَرٍ فَلَا فَسْخَ
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ ليس له إلَّا الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحَ بِهِ بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا
وَقِيلَ يَمْلِكُ الْإِمْسَاكَ مع الْأَرْشِ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ
____________________
(6/66)
وقال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ له الْفَسْخُ أو الأمساك مع الْأَرْشِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ
قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ بِالْخِيرَةِ
% كَذَاكَ مَأْجُورٌ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ % قد قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَافْهَمْ مَطْلَبِي %
فَهَذَا من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ لم نَقُلْ بِالْأَرْشِ فَوُرُودُ ضَعْفِهِ على أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيِّنٌ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على هذا في الْخِيَارِ في الْعَيْبِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبًا لم يَعْلَمْ عَيْبَهُ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا الْعَيْبُ هُنَا ما يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ
الثَّانِيَةُ لو لم يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حتى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ لُزُومَ الْأَرْشِ
قُلْت وهو الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا إذَا كان دَلَّسَهُ
الثَّالِثَةُ قال في التَّرْغِيبِ لو احْتَاجَتْ الدَّارُ تَجْدِيدًا فَإِنْ جَدَّدَ الْمُؤَجِّرُ وَإِلَّا كان لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ وَلَوْ عَمَّرَ فيها الْمُسْتَأْجِرُ بِدُونِ إذْنِهِ لم يَرْجِعْ بِهِ نَصَّ عليه في غَلْقِ الدَّارِ إذَا عَمِلَهُ السَّاكِنُ وَيَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ بِنَاءً على مِثْلِهِ في الرَّهْنِ
قُلْت بَلْ أَوْلَى وَحَكَى في التَّلْخِيصِ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُجْبَرُ على التَّرْمِيمِ بِإِصْلَاحِ مُكَسَّرٍ وَإِقَامَةِ مَائِلٍ
قُلْت وهو الصَّوَابُ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعِمَارَةِ التي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَكَانُ الْمَأْجُورُ فَإِنْ كان وَقْفًا فَالْعِمَارَةُ وَاجِبَةٌ من وَجْهَيْنِ من جِهَةِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمِنْ جِهَةِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى
____________________
(6/67)
وَلَيْسَ له إجْبَارُهُ على التَّجْدِيدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى
الرَّابِعَةُ لو شَرَطَ عليه مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا أو أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ بَعْدَ الْمُدَّةِ أو شَرَطَ عليه الْعِمَارَةَ أو جَعَلَهَا أُجْرَةً لم يَصِحَّ وَمَتَى أَنْفَقَ بِإِذْنٍ على الشَّرْطِ أو بِنَاءً رَجَعَ بِمَا قال الْمُؤَجِّرُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في الْإِذْنِ يَرْجِعُ بِمَا قال الْمُسْتَأْجِرُ كما لو أَذِنَ له حَاكِمٌ في نَفَقَتِهِ على جِمَالٍ هَرَبَ مُؤَجِّرُهَا
قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قال في الرِّعَايَةِ وَخَرَجَ مَنْعُ الْبَيْعِ
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ ولم يُبَيِّنْ أنها مُسْتَأْجَرَةٌ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لم يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ له الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مع الْأَرْشِ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ هو عَيْبٌ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ
وقال قُلْت فَلَوْ كانت الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِبِنَاءِ غَيْرِهِ أو زَرْعِهِ وَغِرَاسِهِ فقال شَيْخُنَا يَصِحُّ الْعَقْدُ حَالًّا وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى
____________________
(6/68)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو كانت مَرْهُونَةً وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِهِ
الثَّانِيَةُ لو بَاعَ الدَّارَ التي تَسْتَحِقُّ الْمُعْتَدَّةُ لِلْوَفَاةِ سُكْنَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ فقال الْمُصَنِّفُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لِأَنَّ الْمُدَّةَ الْبَاقِيَةَ إلَى حِينِ وَضْعِ الْحَمْلِ مَجْهُولَةٌ
قُلْت فَيُعَايَى بها وقال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في عِدَّةِ الْوَفَاةِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَنْفَسِخَ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
إحداهما ( ( ( إحداها ) ) ) لَا تَنْفَسِخُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ
قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَنْفَسِخُ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ على الْأَصَحِّ قال في الْخُلَاصَةِ انْفَسَخَتْ في الْأَصَحِّ
قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالشِّرَاءِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ ما بَقِيَ من الْمُدَّةِ إنْ كان الْمُؤَجِّرُ أَخَذَهُ وَإِلَّا سَقَطَ من الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ بشرطه ( ( ( بشرط ) ) ) انْتَهَى
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَجَّرَهَا لِمُؤَجِّرِهَا صَحَّ
وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ
فَعَلَى الْأُولَى تَكُونُ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً على الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَجْتَمِعَانِ لِلْبَائِعِ كما لو كان الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ
____________________
(6/69)
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا حُكْمُ ما وَرِثَهُ الْمُسْتَأْجِرُ حُكْمُ ما اشْتَرَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ
قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ هذا الْمَذْهَبُ
وقال في الْمُجَرَّدِ تَنْفَسِخُ لآن الْمِلْكَ بِالْإِرْثِ قَهْرِيٌّ وَأَيْضًا فَقَدْ يَنْبَنِي على أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَأْجَرَةَ هل تَحْدُثُ على مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ
فَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِحُدُوثِهَا على ملكه ( ( ( ملك ) ) ) وَانْتِقَالِهَا إلَيْهِ
هذا إذَا كان ثَمَّ وَارِثٌ سِوَاهُ فَأَمَّا إذَا لم يَكُنْ له وَارِثٌ سِوَاهُ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ على نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ على أبيه دَيْنٌ لِغَيْرِهِ وقد مَاتَ مُفْلِسًا بَعْدَ أَنْ أَسْلَفَهُ الْأُجْرَةَ
الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ بِهِبَةٍ فَهُوَ كما لو مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في مُسْوَدَّتِهِ على الْهِدَايَةِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ
الثَّالِثَةُ لو وُهِبَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ
قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وهو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ
يَعْنِي لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ مُبَاحٍ فِيمَا يَتْلَفُ بيده
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ في حَدِّهِ هو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ هو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ هو الذي يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْعَهَا في جَمِيعِهَا سَوَاءٌ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أو لَا جَزَمَ بِهِ في
____________________
(6/70)
الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى رَأَى بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ فَظَنَّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ
وَالْعُذْرُ لِمَنْ قال هو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى المستاجر أَنَّهُ الْوَاقِعُ في الْغَالِبِ فَأَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْغَالِبِ لَا أَنَّ الذي يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مُدَّةً ولم يُسَلِّمْهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُسَمَّى أَجِيرًا خَاصًّا فإن الْمَعْنَى الذي سمى بِهِ يَشْمَلُهُ
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْثُرَ على أَحَدٍ من الْأَصْحَابِ بَيَّنَ ذلك وَذَكَرَ عِلَّةَ كل قَوْلٍ
إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بيده بِشَرْطِهِ نَصَّ عليه
قال في الْفُرُوعِ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ
وَقِيلَ يَضْمَنُ اخْتَارَهُ بن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَحَكَى فيه عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةً بِتَضْمِينِهِ ما تَلِفَ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ لَا يُعْلَمُ إلَّا من جِهَتِهِ كما يَأْتِي في الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وقال فيه لَا يَضْمَنُ ما هَلَكَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كانت في بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ
وقال لَا فَرْقَ بين الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى
قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ
وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ أو يُفَرِّطَا
____________________
(6/71)
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا ليس له أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيمَا يَعْمَلُهُ وَلَهُ فِعْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ في أَوْقَاتِهَا بِسُنَنِهَا وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ
الثَّانِيَةُ ليس له أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ في مُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ عَمِلَ وَأَضَرَّ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ قِيمَةُ ما فَوَّتَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ ما عَمِلَهُ لِغَيْرِهِ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ
وقال الْقَاضِي يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ التي أَخَذَهَا من غَيْرِ مستأجرة
قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ ما جَنَتْ يَدُهُ من تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ في تَفْصِيلِهِ
الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هو الذي يَقَعُ الْعَقْدُ معه على عَمَلٍ مُعَيَّنٍ فَيَضْمَنُ ما جَنَتْ يَدُهُ من تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ في تَفْصِيلِهِ وَزَلَقِ الْحَمَّالِ وَالسُّقُوطِ عن دَابَّتِهِ وَكَذَا الطَّبَّاخُ وَالْخَبَّازُ وَالْحَائِكُ وَمَلَّاحُ السَّفِينَةِ وَنَحْوُهُمْ
وَيَضْمَنُ أَيْضًا ما تَلِفَ بِفِعْلِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ وبن عَقِيلٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ ما لم يَتَعَدَّ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ
قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ
وَقِيلَ إنْ كان عَمِلَهُ في بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أو يَدُهُ عليه لم يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْكَافِي وَنَقَلَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ عن الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه
____________________
(6/72)
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا في تَضْمِينِهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ الضَّمَانَ وَعَدَمَهُ وَالثَّالِثَةَ لَا يَضْمَنُ إذَا كان غير مُسْتَطَاعٍ كَزَلَقٍ وَنَحْوِهِ
قُلْت وَهَذَا قوى
قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عليه فِيمَا تَلِفَ من حِرْزِهِ أو بِغَيْرِ فِعْلِهِ
مُرَادُهُ إذَا لم يَتَعَدَّ وما قَالَهُ هو الْمَذْهَبُ
قال في الْفَائِقِ وَلَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلٍ وَلَوْ عَدِمَ من حِرْزِهِ فَلَا ضَمَانَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قال في الْفُرُوعِ وما تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ لَا يَضْمَنُهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ
قال بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمَنْصُوصُ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ يَضْمَنُ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ كان التَّلَفُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَاللُّصُوصِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كان بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كَالضَّيَاعِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ
قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ مَحَلُّ الرِّوَايَاتِ إذَا لم تَكُنْ يَدُ الْمَالِكِ على الْمَالِ أَمَّا إنْ كانت يَدُهُ على الْمَالِ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ
قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ له فِيمَا عَمِلَ فيه
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(6/73)
وقال في الْمُحَرَّرِ وَلَا أُجْرَةَ له فِيمَا عَمِلَ فيه إلَّا ما عَمِلَهُ في بَيْتِ رَبِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ
وَعَنْهُ له أُجْرَةُ الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
وَعَنْهُ له أُجْرَةُ الْبِنَاءِ وَالْمَنْقُولُ إذَا عَمِلَهُ في بَيْتِ رَبِّهِ
وقال بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ له الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا
قُلْت وهو قَوِيٌّ
فَائِدَةٌ لو اسْتَأْجَرَ أَجِيرُ مُشْتَرَكٍ أَجِيرًا خَاصًّا كَالْخَيَّاطِ في دُكَّانٍ يَسْتَأْجِرُ أَجِيرًا خَاصًّا فَيَسْتَقْبِلُ الْمُشْتَرَكُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَخَرَقَهُ أو أَفْسَدَهُ لم يَضْمَنْهُ الْخَاصُّ وَيَضْمَنُهُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لِرَبِّهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَإِنْ اسْتَعَانَ بِهِ ولم يَعْمَلْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ في شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ
قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على حَجَّامٍ وَلَا خَتَّانٍ وَلَا بَزَّاعٍ وهو الْبَيْطَارُ وَلَا طَبِيبٍ إذَا عُرِفَ منهم حِذْقُ الصَّنْعَةِ ولم تَجْنِ أَيْدِيهِمْ
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم
وقال في الرِّعَايَةِ وَقُلْت ان كان أَحَدُهُمْ أَجِيرًا خَاصًّا أو مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا قال في الرَّاعِي
وقال بن أبي مُوسَى إنْ مَاتَتْ طِفْلَةٌ من الْخِتَانِ فَدِيَتُهَا على عَاقِلَةِ خَاتِنِهَا قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عليه سَوَاءٌ كان أَجِيرًا خَاصًّا أو مُشْتَرَكًا وهو صَحِيحٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ عَدَمَ الضَّمَانِ في الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا غَيْرُ وقال
____________________
(6/74)
لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من هَؤُلَاءِ وَأَنَّهُ لو اُسْتُؤْجِرَ لِحَلْقِ رؤوس يَوْمًا فَجَنَى عليها بِجِرَاحِهِ لَا يَضْمَنُ كَجِنَايَتِهِ في قِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَنِجَارَةٍ
وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّ كُلًّا من هَؤُلَاءِ له حُكْمُهُ وان كان خَاصًّا فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ كان مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا قال في الرَّاعِي
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ في ذلك أَيْضًا وفي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهِ إذْنُ الْمُكَلَّفِ أو الْوَلِيِّ فَإِنْ لم يَأْذَنَا ضَمِنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَاخْتَارَ في الهدى عَدَمَ الضَّمَانِ قال لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وقال هذا مَوْضِعُ نَظَرٍ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا وَيُقَدِّرُ ذلك بِالْمُدَّةِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَيُبَيِّنُ قَدْرَ ما يَأْتِي له هل هو مَرَّةٌ أو أَكْثَرُ وَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ بِالْبُرْءِ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَوَّزَهُ بن أبي مُوسَى وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال لَكِنْ يَكُونُ جِعَالَةً لَا إجَارَةً انْتَهَى
فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً يُكَحِّلُهُ أو يُعَالِجُهُ فيها فلم يَبْرَأْ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ وَإِنْ برأ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَكَذَا لو مَاتَ
فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ من ذلك مع بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ
فَأَمَّا إنْ شَارَطَهُ على الْبُرْءِ فَهِيَ جَعَالَةٌ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا حتى يُوجَدَ الْبُرْءُ وَلَهُ أَحْكَامُ الْجَعَالَةِ
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْكُحْلِ على الطَّبِيبِ وَيَدْخُلُ تَبَعًا كَنَقْعِ الْبِئْرِ
قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على الرَّاعِي إذَا لم يَتَعَدَّ بِلَا نِزَاعٍ
____________________
(6/75)
فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ مِثْلَ أَنْ يَنَامَ أو يَغْفُلَ عنها أو يَتْرُكَهَا تَتَبَاعَدُ عنه أو تَغِيبُ عن نَظَرِهِ وَحِفْظِهِ أو يُسْرِفَ في ضَرْبِهَا أو يَضْرِبَهَا في غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ أو من غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ أو يَسْلُكُ بها مَوْضِعًا تَتَعَرَّضُ فيه لِلتَّلَفِ وما أَشْبَهَ ذلك
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا لو أَحْضَرَ الْجِلْدَ وَنَحْوَهُ مُدَّعِيًا لِلْمَوْتِ قُبِلَ قَوْلُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ
وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِمَوْتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ
وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا ادَّعَى مَوْتَ الْعَبْدِ الْمَأْجُورِ أو غَيْرِهِ أو مَرَضَهُ
الثَّانِيَةُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ على مَاشِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعَلَى جِنْسٍ في الذِّمَّةِ
فَإِنْ كانت الْإِجَارَةُ على مُعَيَّنَةٍ تَعَلَّقَتْ الْإِجَارَةُ بِأَعْيَانِهَا فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ منها وَالنَّمَاءُ في يَدِهِ أَمَانَةٌ كَأَصْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رعى سِخَالِهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ الْإِجَارَةُ بِأَعْيَانِهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ
وَإِنْ عَقَدَ على مَوْصُوفِ الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَعَدَدِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا
وقال الْقَاضِي إنْ أَطْلَقَ ولم يذكر عَدَدًا صَحَّ وَيُحْمَلُ على ما جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْمِائَةِ من الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ لو وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ على رَعْيِ غَنْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كان عليه رَعْيُ سِخَالِهَا لِأَنَّ عليه أَنْ يَرْعَى ما يَجْرِي الْعُرْفُ بِهِ مع الْإِطْلَاقِ
ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَاقْتَصَرَ عليه
وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ هل يَجُوزُ رَعْيُهَا بِجُزْءٍ من صُوفِهَا وَغَيْرِهِ
____________________
(6/76)
قَوْلُهُ وَإِذْ حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ على أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ
هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ إنْ كان صَبَغَهُ منه فَلَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ كان من رَبِّهِ أو قَصْرِهِ فَوَجْهَانِ
وقال في الْمَنْثُورِ إنْ خَاطَهُ أو قَصَرَهُ وَعَزَلَهُ فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ أو نَارٍ فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ له لآن الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ
وَإِنْ أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جاء بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَ الثَّوْبَ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ مَالِكُهُ بين تَضْمِينِهِ إيَّاهُ غير مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ له وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهُ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ أُجْرَتَهُ
وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ وَيُقَدَّمُ قَوْلُ رَبِّهِ في صِفَتِهِ مَعْمُولًا ذَكَرَهُ بن رَزِينٍ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو وَجَبَ عليه ضَمَانُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ بين تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ في الْمَوْضِعِ الذي سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ له وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهُ في الْمَوْضِعِ الذي أَفْسَدَهُ وَيُعْطِيهِ الْأَجْرَ إلَى ذلك الْمَكَانِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال أبو الْخَطَّابِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ
الثَّانِيَةُ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ أَيْضًا لو عَمِلَهُ على غَيْرِ صِفَةِ ما شَرَطَهُ عليه مِثْلُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا لِيَنْسِجَ له عَشْرَةَ أَذْرُعٍ في عَرْضِ ذِرَاعٍ فَيَنْسِجُهُ زَائِدًا في الطُّولِ وَالْعَرْضِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
____________________
(6/77)
وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ له الْمُسَمَّى إنْ زَادَ الطُّولُ وَحْدَهُ ولم يَضُرَّ الْأَصْلُ
وَإِنْ جاء بِهِ زَائِدًا في الْعَرْضِ وَحْدَهُ أو فِيهِمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ
وَأَمَّا إذَا جاء بِهِ نَاقِصًا في الطُّولِ وَالْعَرْضِ أو في أَحَدِهِمَا فَقِيلَ لَا أُجْرَةَ له وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِ الْغَزْلِ
وَقِيلَ له حِصَّتُهُ من الْمُسَمَّى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
وقال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ إنْ جاء بِهِ نَاقِصًا في الْعَرْضِ فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ جاء بِهِ نَاقِصًا في الطُّولِ فَلَهُ بِحِصَّتِهِ من الْمُسَمَّى
الثَّالِثَةُ لو دَفَعَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إلَى غَيْرِ مَالِكِهِ خَطَأً ضَمِنَهُ
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَضْمَنُ الْقَصَّارُ وَلَا يَسَعُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ لُبْسُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ ليس له وَيَرُدُّهُ إلَى الْقَصَّارِ وَيُطَالِبُهُ بِثَوْبِهِ فَإِنْ لم يَعْلَمْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حتى قَطَعَهُ غَرِمَ أَرْشَ الْقَطْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وبن حَمْدَانَ وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَمَالَ إلَيْهِ
قال وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ حَمَلَ رِوَايَةَ ضَمَانِ الْقَصَّارِ على انه كان أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَرِوَايَةَ عَدَمِ ضَمَانِهِ على أَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ وَأَشَارَ إلَى ذلك الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى
وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ ضَمِنَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهُ كَعَجْزِهِ عن دَفْعِهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
قَوْلُهُ وإذا ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ أو كَبَحَهَا أَيْ جَذَبَهَا لِتَقِفَ أو الرَّائِضُ الدَّابَّةَ وهو الذي يُعَلِّمُهَا السَّيْرَ لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ بِهِ
____________________
(6/78)
هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وَقِيلَ يَضْمَنُ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ لو أَدَّبَ وَلَدَهُ أو امْرَأَتَهُ في النُّشُوزِ أو الْمُعَلِّمُ صَبِيَّهُ أو السُّلْطَانُ رَعِيَّتَهُ ولم يُسْرِفْ فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ
وَتَأْدِيبُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ مَذْكُورٌ هُنَا في بَعْضِ النُّسَخِ
قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَذِنْت لي في تَفْصِيلِهِ قَبَاءً قال بَلْ قَمِيصًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ نَصَّ عليه
لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ
قال في التَّلْخِيصِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ من يَشْهَدُ له الْحَالُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ لَا يَلْبَسُهُ الْمَالِكُ أو يَلْبَسُهُ
قُلْت وهو قَوِيٌّ
وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا أُجْرَةَ له
فَوَائِدُ
الْأُولَى لو قال إنْ كان الثَّوْبُ يَكْفِينِي فَاقْطَعْهُ وَفَصِّلْهُ فقال يَكْفِيك فَفَصَّلَهُ فلم يَكْفِهِ ضَمِنَهُ
____________________
(6/79)
وَلَوْ قال اُنْظُرْ هل يَكْفِينِي قَمِيصًا فقال نعم فقال اقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فلم يَكْفِهِ لم يَضْمَنْهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي
الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى مَرَضَ الْعَبْدِ أو إبَاقَهُ أو شُرُودَ الدَّابَّةِ أو مَوْتَهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أو فيها أو تَلِفَ الْمَحْمُولُ قبل قَوْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في إبَاقِ الْعَبْدِ
وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ
وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي فِيمَا إذَا ادَّعَى مَرَضَ الْعَبْدِ وَجَاءَ بِهِ صَحِيحًا وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وفي التَّرْغِيبِ في دَعْوَاهُ التَّلَفَ في الْمُدَّةِ رِوَايَتَانِ من دَعْوَى رَاعٍ تَلَفَ الشَّاةِ
وَاخْتَارَ في الْمُبْهِجِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى هَرَبِ الْعَبْدِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ
وفي التَّرْغِيبِ تُقْبَلُ وَأَنَّ فيه بَعْدَهَا رِوَايَتَيْنِ
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا لو أَحْضَرَ الْجِلْدَ مُدَّعِيًا الْمَوْتَ
الثَّالِثَةُ يَسْتَحِقُّ في الْمَحْمُولِ أُجْرَةَ حَمْلِهِ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ
الرَّابِعَةُ لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْأُجْرَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اخْتِلَافِهِمْ في قَدْرِ الثَّمَنِ في الْبَيْعِ نَصَّ عليه
وَكَذَا لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ كَقَوْلِهِ أَجَّرْتُك سَنَةً بِدِينَارٍ وقال بَلْ سَنَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ إنْ كان بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ الْمَنْفَعَةَ وفي أَثْنَائِهَا بِالْقِسْطِ
قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ
هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كانت إجَارَةَ عَيْنٍ أو في الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ له الْوَطْءُ إذَا كانت الْأُجْرَةُ أَمَةً
قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه قبل الْقَبْضِ رِوَايَةٌ يَعْنِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ
____________________
(6/80)
فَائِدَةٌ تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ أو بِفَرَاغِ الْعَمَلِ الذي بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أو بِبَذْلِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا
وَعَنْهُ تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ ما سَكَنَ
وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على تَرْكِهَا لِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ تَرْكُهُ تَتِمَّةَ عَمَلِهِ وَفِيهِ في الِانْتِصَارِ كَقَوْلِ الْقَاضِي انْتَهَى
وَلَهُ الطَّلَبُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ
وَلَوْ بَذَلَ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ فقال الْأَصْحَابُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فيها اسْتَقَرَّتْ عليه الْأُجْرَةُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَا أُجْرَةَ عليه فقال في الْمُغْنِي هذا أَصَحُّ عِنْدِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا على تَأْخِيرِهَا
يَجُوزُ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ
وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إذَا لم تَكُنْ نَفْعًا في الذِّمَّةِ
وَقِيلَ يَجُوزُ قَبْضُهَا في الْمَجْلِسِ أَيْضًا
فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ في الذِّمَّةِ غير مُؤَجَّلَةٍ بَلْ ثَابِتَةً في الْحَالِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بها صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ في الْجِنَايَاتِ فقال الدَّيْنُ في الذِّمَّةِ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ بَلْ ثَابِتٌ في الْحَالِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ
وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ في الْإِجَارَةِ عليه وَقَدَّرَ له تَقْدِيرًا
قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ خِلَافُ ذلك كَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمْ
____________________
(6/81)
وَلَا يَلْزَمُ من كَوْنِ الْقَاضِي ذَكَرَ ذلك أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عليه بين الْأَصْحَابِ فإن الْمَسْأَلَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلِمَا هو ظاهركلام غَيْرِهِ
فَنَقُولُ السَّبَبُ وُجِدَ وَالْوُجُوبُ مَحَلُّهُ انْتِهَاءُ الْأَجَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَائِدَةٌ لو أَجَّلَهَا فَمَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ لم تَحِلَّ الْأُجْرَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِحُلُولِ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ حِلَّهَا مع تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ
وقال أَيْضًا ليس لِنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تَعْجِيلُهَا كُلِّهَا إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَوْ شَرَطَهُ لم يَجُزْ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عليه يَأْخُذُ ما لَا يَسْتَحِقُّهُ الْآنَ كما يُفَرِّقُونَ في الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا بِيعَتْ وَوُرِثَتْ فإن الْحِكْرَ من الِانْتِقَالِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْوَارِثَ وَلَيْسَ لهم أَخْذُهُ من الْبَائِعِ وَتَرْكُهُ في أَصَحِّ قَوْلِهِمْ
قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ في الذِّمَّةِ حتى يَتَسَلَّمَهُ
إذَا اُسْتُؤْجِرَ على عَمَلٍ مُلِكَتْ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَتَسْلِيمُهُ لِمَالِكِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا
وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وقال الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ يَجِبُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ إلَى الْأَجِيرِ إذَا شَرَعَ في الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قد سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَتَسْلِيمِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ
قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَلَعَلَّهُ يَخُصُّ ذلك بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تَتْلَفُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ
وقال بن أبي مُوسَى من اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عِنْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ في كل يَوْمٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَلَهُ أَجْرُ كل يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ
وَحَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ على الْعُرْفِ وَكَذَا قال في الْقَوَاعِدِ
وقال وقد يُحْمَلُ على ما إذَا كانت الْمُدَّةُ مُطْلَقَةً غير مُعَيَّنَةٍ كَاسْتِئْجَارِهِ كُلَّ
____________________
(6/82)
يَوْمٍ بِكَذَا فإنه يَصِحُّ وَيَثْبُتُ له الْخِيَارُ في أَجْرِ كل يَوْمٍ فَتَجِبُ له الْأُجْرَةُ فيه لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ بِالْعَمَلِ فِيمَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَنْتَهِي فَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ إعْطَائِهِ إلَى تَمَامِهَا أو على أَنَّ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا عَيَّنَ لِكُلِّ يَوْمٍ فيها قِسْطًا من الْأُجْرَةِ فَهِيَ إجَارَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ انْتَهَى
وقال الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِهِ على الْعُرْفِ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ما فيه خِلَافٌ بين الْأَصْحَابِ انْتَهَى
وقال أبو الْخَطَّابِ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَحِقُّ التَّسْلِيمَ وَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ
فَائِدَةٌ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ عن الْمَأْجُورِ ولم يَلْزَمْهُ الرَّدُّ على الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ من رَدِّهِ لم يَضْمَنْهُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ في بَابِ الْوَدِيعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْإِذْنَ في الِانْتِفَاعِ انْتَهَى دُونَ الْإِذْنِ في الْحِفْظِ وَمُؤْنَتُهُ كَمُودَعٍ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالطَّلَبِ كَعَارِيَّةٍ لَا مُؤْنَةِ الْعَيْنِ وقال أَوْمَأَ إلَيْهِ
وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ مع الْقُدْرَةِ بِطَلَبِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا وَيَضْمَنُهُ مع إمْكَانِهِ قال وَمُؤْنَتُهُ على رَبِّهِ وَقِيلَ عليه
قال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ مُؤْنَةُ الْبَهِيمَةِ عَادَةً مُدَّةَ كَوْنِهَا في يَدِهِ
وَيَأْتِي حُكْمُ مُؤْنَةِ رَدِّهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْعَارِيَّةِ
قَوْلُهُ وإذا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ وفي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أو بِنَاءٌ لم يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا خُيِّرَ الْمَالِكُ بين أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ أو تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ أو قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ
____________________
(6/83)
هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ
قال في التَّلْخِيصِ إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ الْقَلْعَ وَضَمَانَ النَّقْصِ فَالْقَلْعُ على الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عليه تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ دخل على ذلك
ولم يذكر جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَخْذَهُ بِالْقِيمَةِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وزاد كما في عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ
وقال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ كانت الْأَرْضُ وَقْفًا لم يَجُزْ التَّمَلُّكُ إلَّا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أو رِضَى مُسْتَحِقِّ الريع ( ( ( الربع ) ) )
وقال في الْفُرُوعِ ولم يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بين كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ ما بَنَاهُ أو لَا مع أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْتِئْجَارَ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا فَإِنْ لم تُتْرَكْ بِالْأُجْرَةِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَبْطُلَ الْوَقْفُ مُطْلَقًا
قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فيها مَسْجِدًا أو بِنَاءً وَقَفَهُ عليه مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بها وما دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فيها فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَوَقْفِ عُلْوِ رَبْعٍ أو دَارٍ مَسْجِدًا فَإِنْ وَقَفَ عُلْوَ ذلك لَا يَسْقُطُ حَقُّ مُلَّاكِ السُّفْلِ كَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ وَذَكَرَ في الْفُنُونِ مَعْنَاهُ
قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَا يَسَعُ الناس إلَّا ذلك
تَنْبِيهَانِ
أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا لم يَقْلَعْهُ الْمَالِكُ على الصَّحِيحِ ولم يَشْتَرِطْ أبو الْخَطَّابِ ذلك
قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ فَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ دُونَ مَالِكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فإذا اخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ كان له ذلك وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا
____________________
(6/84)
الثَّانِي يَأْتِي في بَابِ الشُّفْعَةِ كَيْفَ يُقَوَّمُ الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ إذَا أُخِذَ من رَبِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيلَ الشَّفِيعِ
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا لو شَرَطَ في الْإِجَارَةِ بَقَاءَ الْغِرَاسِ فَهُوَ كَإِطْلَاقِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ
وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ يَبْطُلُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
وقال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ حَكَمَ بِبَقَائِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَسْرًا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لم يُصَادِفْ مَحَلًّا
الثَّانِيَةُ لو غَرَسَ أو بَنَى مُشْتَرٍ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ كان لِرَبِّ الْأَرْضِ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعُ وَضَمَانُ النَّقْصِ وَتَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ له أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أو قَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ
وقال الْحَلْوَانِيُّ ليس له قَلْعُهُ
وَقِيلَ ليس له قَلْعُهُ وَلَا أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ
وَتَقَدَّمَ إذَا غَرَسَ الْمَحْجُورُ عليه أو بَنَى ثُمَّ أُخِذَتْ الْأَرْضُ وَحُكْمُهُ في بَابِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
وَأَمَّا الْبَيْعُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ إذَا غَرَسَ فيه الْمُشْتَرِي أو بَنَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ إذَا غَرَسَ أو بَنَى على ما يَأْتِي في بَابِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وبن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في الشُّرُوطِ في الرَّهْنِ لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ
وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا أُجْرَةَ
____________________
(6/85)
وَيَأْتِي في بَابِ الْغَصْبِ إذَا غَرَسَ الْمُشْتَرِي من الْغَاصِبِ وهو لَا يَعْلَمُ بَعْضَ أَحْكَامِ غَرْسِ الْغَاصِبِ
وَيَأْتِي أَيْضًا بَعْدَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فيها ثُمَّ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً مستوفى ( ( ( مستوف ) ) ) في الْمَكَانَيْنِ
وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لو غَارَسَهُ على إن الْأَرْضَ وَالْغِرَاسَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَيْضًا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ
قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ في الْفَاسِدِ وَجْهٌ كَغَصْبٍ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ في الضَّمَانِ
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذلك بِلَا نِزَاعٍ
لَكِنْ لَا يَجِبُ على صَاحِبِ الْأَرْضِ غَرَامَةُ نَقْصِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَلَا على الْمُسْتَأْجِرِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَلَا إصْلَاحُ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطٍ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان فيها زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ
قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بِنَفَقَتِهِ أو تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ
وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ
وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَقَلْعُهُ مَجَّانًا انْتَهَى
فَهُوَ كَزَرْعِ الْغَاصِبِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ نقله ( ( ( قله ) ) ) في الْقَوَاعِدِ
لَكِنْ لو أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَ زَرْعِهِ في الْحَالِ وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ فَلَهُ ذلك من غَيْرِ إلْزَامٍ له بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ
وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ ذلك
قال في الْقَوَاعِدِ وَلَيْسَ بِجَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ
قَوْلُهُ وَإِنْ كان بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَزِمَهُ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ
____________________
(6/86)
يَعْنِي له أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِمَا زَادَ بِلَا نِزَاعٍ
فَائِدَةٌ لو اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعٍ مُدَّةً لَا يَكْمُلُ فيها وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُدْرِكَ فَسَدَتْ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا
وَإِنْ سَكَتَ فَسَدَتْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَنْتَفِعَ بها في زَرْعٍ ضَرَرُهُ كَضَرَرِ الزَّرْعِ الْمَشْرُوطِ أو دُونَهُ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وهو في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَرَعَ فِيمَا شُرِطَ بَقَاؤُهُ لِيُدْرِكَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا سَكَتَ لو انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ زَرْعٍ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ على ما تَقَدَّمَ
وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال وَقِيلَ إنْ سَكَتَ صَحَّ الْعَقْدُ فإذا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَهُوَ كَمُفَرِّطٍ وَقِيلَ لَا انْتَهَى
وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ زَرْعٍ بَقَاؤُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ على ما تَقَدَّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ وإذا تَسَلَّمَ الْعَيْنَ في الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سَكَنَ أو لم يَسْكُنْ
هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ
وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ عليه إنْ لم يَنْتَفِعْ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ
وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَجِبُ الْمُسَمَّى في نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَيَجِبُ أَنْ نَقُولَ مثله في الْإِجَارَةِ وَعَلَى أَنَّ الْقَصْدَ فيها الْعِوَضُ فَاعْتِبَارُهَا في الْأَعْيَانِ أَوْلَى
____________________
(6/87)