كتاب
معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن
وجاءت بها السنن والأخبار
وتأويل ألفاظ مستعملة
تأليف
أبي بكر محمد بن عُزَيْر السجستاني
رحمه الله
تحقيق
الدكتور جميل عبد الله عويضة
1429هـ/ 2008 م
معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن
وجاءت بها السننوالأخبار
وتأويل ألفاظ مستعملة
كتاب
معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن
وجاءت بها السنن والأخبار
وتأويل ألفاظ مستعملة
تأليف
أبي بكر محمد بن عزير السجستاني العزيري
ت 330 هـ
تحقيق
الدكتور جميل عبد الله عويضة
دكتوراه في النحو والصرف
ودكتوراه دولة في الآداب
1429 هـ /2008م
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله الذي دلَّ على وُجُوده بجُوده ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد منار الحق وعموده ، وعلى آله وصحبه القائمين بالحق من بعده.
أما بعد ، فهذا كتاب " معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة " ، الذي صنفه أبو بكر محمد بن عزير السجستاني العزيري ، مصنف كتاب غريب القرآن ، الذي عرف في بعض المصنفات باسم " نزهة القلوب وفرحة المكروب في تفسير كلام علاّم الغيوب " والذي رتبه على حروف المعجم ألف بائيا , ويعتبر أول من فعل ذلك من كتب غريب القرآن ، لأن غالب من سبقه كان يرتب على ترتيب سور القرآن, ويذكر تحت كل سورة الألفاظ التي سيفسرها حسب ترتيبها في السورة, وبذا يعد بحق صاحب منهج مبتكر.(1/1)
وقد طبع كتاب غريب القرآن عدة طبعات ، كان أولها سنة 1936 م بعناية مصطفى عناني ، وآخرها وأجودها ـ فيما أعلم ـ الذي صدر عن دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، بعناية أحمد عبد القادر صلاحية، سنة 1993م ، ومنذ زمن ليس بالبعيد لم أكن أعرف لأبي بكر السجستاني غير هذا الكتاب ، وعندما حصلت على مخطوطة كتابه معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن ، شغفت به ، وبحثت علِّي أجد لهذه النسخة أختا ، فما ظفرت بنائل ، ونظرا لأن هذا الكتاب هو من الكتب التي تُعنى بخدمة القرآن العظيم ، شأن مؤلَّفِه المذكور أنفا ، رأيت أن أنتظم ـ باستحياء ـ في صفوف الدارسين الذين أحصروا في سبيل خدمة القرآن العظيم ولغته ، إرضاء لوجدانهم ، وزُلفى من أشرف هدف وأسماه ، فإن أصبت فبها ونعمت ، وإن كانت الأخرى فحسبي أنني حاولت أن أمنح عملي كل إرادة الإنسان ، وصبره وطموحه ، وكل عمل يؤخذ منه ويطرح ، وعلى الله قصد السبيل ، وفوق كل ذي علم عليم 0
جميل عويضة
القسم الأول
المؤلف والكتاب
المؤلف (1) :
هو أبو بكر محمد بن عمر بن أحمد بن عُزَير السجستاني العُزَيْري ، وذكر الدار قطني ، وابن ماكولا أنه ابن عزيز ( بزائين ) ، فالذي قال : عُزير ، قال : العُزَيري ، والذي قال : عُزَيز ، قال : العُزَيزي 0
__________
(1) وردت له ترجمة في الوافي بالوفيات 1/483 ( الموسوعة الشعرية ) ، وفي الأعلام 6/ 268 ، بغية الوعاة 1/171 ـ 172 ، نزهة الألباء ، ص 231 ـ 232 ، اللباب في تحرير الأنساب 2/135 ، سير أعلام النبلاء 15/216 ـ 217 ( المكتبة الشاملة ) ن التدوين في أخبار قزوين ، ص 1340 ( الموسوعة الشعرية ) ، نهاية الأرب ، ص 5453 ( الموسوعة الشعرية ) ، وفيات الأعيان 4/308 ، ظبقات المفسرين 2/194(1/2)
كان أديبا فاضلا متواضعا ، أخذ عن أبي بكر ابن الأنباري (1) رحمه الله ، وصنف كتاب تفسيرغريب القرآن على حروف المعجم ، والذي عُرف ب ( نزهة القلوب وفرحة المكروب في تفسير كلام علاّم الغيوب ) ، وهو كتاب مشهور ، فجوَّده , ويقال إنه صنفه في خمس عشرة سنة ، وكان يقرؤه على شيخه ابن الأنباري , ويصلح فيه مواضع ، ورواه عنه ابن حسنون وغيره ، وكانت بغداد دار إقامته ، ومات سنة 330هـ 0
__________
(1) أبو بكر ابن الأنباري : أبو بكر محمد بن أبي محمد القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعة ابن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي صاحب التصانيف في النحو والأدب؛ كان علامة وقته في الآداب وأكثر الناس حفظا لها، وكان صدوقا ثقة دينا خيرا من أهل السنة، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة وكتاب الزاهر، وكتاب الهاءات ، وكتاب الأضداد وكتاب الجاهليات ، والمذكر والمؤنث ما عمل احد أتم منه، ورسالة المشكل رد فيها على ابن قتيبة وأبي حاتم. كتب عنه وأبوه حي، وكان يملي ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى ، وكانت ولادته يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين. وتوفي ليلة عيد النحر سنة ثمان وعشرين، وقيل سنة سبع وعشرين وثلثمائة. وفيات الأعيان 4/341 ـ 343(1/3)
وقال ابن النجار في ترجمته : كان عبدا صالحا ، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطة العكبري (1) , وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الرزاز (2) ، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون (3)
__________
(1) ابن بطة :عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان. الإمام القدوة. أبو عبد الله ابن بطة العكبري. رحل في الكهولة وسمع بدمشق وكان مجاب الدعوة، أماراً بالمعروف لم يبلغه خبر منكر إلا غيره. لزم بيته بعد الرحلة أربعين سنة لا يرى مفطراً إلا يوم عيده. قال الشيخ شمس الدين: وابن بطة ضعيف. وتوفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة 0 الوافي بالوفيات ، ص 16194 / الموسوعة الشعرية
(2) عثمان بن أحمد بن سمعان أبو عمرو الرزاز البغدادي يعرف بالنجاشي مقرى متصدر معروف، أخذ القراءة عرضاً عن أبي بكر يوسف بن يعقوب الواسطي و أحمد بن سهل الاشناني و موسى ابن عبيد الله، عرض عليه عبد الباقي بن الحسن و أبو عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني و محمد بن جعفر الخزاعي، قال القاضي أسد توفي في المحرم سنة سبع وستين وثلثمائة.غاية النهاية في طبقات القراء 1/501
(3) عبد الله بن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي نزيل مصر المقرى اللغوي مسند القرآء في زمانه، ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين ، أخذ القراءة عرضاً عن محمد بن حمدون الحذاء ويموت بن المزرع و أبو بكر بن مجاهد وغيرهم كثير، مشهور ضابط ثقة مأمون غير أن أيامه طالت فاختل حفظه ولحقه الوهم وقل من ضبط عنه ممن قرأ عليه في أخريات أيامه، توفي بمصر ليلة السبت ودفن يوم السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة 0 غاية النهاية في طبقات القراء 1/415ـ417(1/4)
المقرئ وغيرهم ، قال : والصحيح في اسم أبيه عزير ، آخره راء ، هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ (1) ، وذكر أنه شاهده ، وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه ، وكانوا متقنين ، قال : وذكر لي شيخنا أبومحمد بن الأخضر (2) أنه رأى نسخه لغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها " وكتب محمد بن عزير" بالراء المهملة .
منهج المؤلف في الكتاب :
... يتمثل منهج ابن عزير في هذا الكتاب بما يلي :
1 ـ تقسيم الكتاب : لقد قسم ابن عزير كتابه على خمسة أقسام هي :
__________
(1) الحافظ ابن ناصر محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر الحافظ أبو الفضل السلامي، تفقه للشافعي وقرأ اللغة والأدب على الخطيب التبريزي، قال تلميذه أبو الفرج ابن الجوزي: كان حافظاً متقناً ضابطاً ثقة من أهل السنة لا مغمز فيه، صنف التصانيف وتوفي سنة خمسين وخمسمائة وخطه في غاية الإتقان والصحة 0 الوافي بالوفيات ، ص 3500/ الموسوعة الشعرية
(2) الحافظ ابن الأخضر الجنابذي ، عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود، الحافظ أبو محمد ابن الأخضر الجنابذي الأصل البغداذي. كتب الكثير وعني بالفن أتم عناية، وصنف تصانيف مفيدة، وكانت له حلقة بجامع القصر. وتوفي سنة إحدى عشرة وستمائة. الوافي بالوفيات ، ص 15456 / الموسوعة الشعرية(1/5)
... أ ـ المقدمة : وتكلم فيها عن اللغة العربية ، وفضلها على سائر اللغات بما تتفرد به من خصائص لا تدانيها فيها أية لغة أخرى ، وذكر بعضا من هذه الخصائص ، وحثّ على تعلُّمها ، وعرض لحروفها ، ومخارج هذه الحروف , وأحيازها ، كما عرض لضوابط اللغة من نحو وصرف وقياس وعروض ، وذكر أسماء الرواد الأوائل الذين أسّسوا لهذه العلوم ، ثم كانت له وقفة طويلة على الشعر ( ديوان العرب ) لأنه المصدر المُعتمد في صحة أصول اللغة ، وذكر الأوائل الذين مهدوا لرقيه ، ووقوفه على سوقه ، وعرض لمنزلة الشعر والشاعر عند العرب ، ومن ثَم موقف الرسول صلى الله عليه وسلم منه ، والحكام من بعده ، إلى أن تهاوت تلك المنزلة بامتطاء المتكسبين به له عند عتبات الحكام ، وذوي الجاه ، والثراء 0
... ب ـ أسماء الله : أول ما ذكره في هذا القسم هو اسم ( الله ) ، وقال : إنه الاسم الأوحد لأسمائه جلّ في علاه ، وما تبقّى من الأسماء فهي نعوت لهذا الاسم الواحد ، فهو مستولٍ على الأسماء كلها ، منسوب إليه ، وقد أورد هذه الأسماء كيفما شاء ، دون اعتماد أساس يعول عليه ، وبين اشتقاقاتها ، ومعانيها 0
... ج ـ ألفاظ وردت في القرآن الكريم ، ولها ذكر في الشريعة : وقد أورد هذه الألفاظ دونما اقتضاء ترتيب ، وبين اشتقاقها ومعانيها ، وهذا القسم هو أطول أقسام الكتاب ، إذ قارب حجمه ثلثي حجم الكتاب 0
... د ـ ألفاظ مستعملة ، وأمثال سائرة : قسم المؤلف هذا القسم على قسمين : قسم خصّ به ألفاظا مستعملة ، جرت على ألسنة الناس ، فبيّن معانيها ، والأصول التي أُخذت منها ، أمّا القسم الثاني فقد ذكر فيه بعض الأمثلة ، وأول من نطق بها ، والمناسبة التي قيلت فيها 0(1/6)
... هـ ـ أقوال من المنثور وأشعار من المنظوم : وفي هذا القسم ذكر مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة ، وأقوالا للصحابة ، والتابعين ، وفصحاء العرب وحكمائهم ، مما يمكن أن يُتمثل به في مثل الحال الذي قيل فيها ، بكلام أحلى من العسل ، وأغلى من الدرر ، من مثل : أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي ابن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري ، وشريح ، والشعبي ، والخليل بن أحمد ، وعمرو ابن العاص ، والأشعث ، وابن شبرمة ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد الملك بن مروان ، وابن سيرين ، وقس بن ساعدة ، وأكثم بن صيفي ، والأحنف بن قيس وغيرهم ، وجاء بأشعار لبعض الشعراء ، من أمثال أبي تمام ، والخريمي ، والنمر بن تولب ، وبشار ، وابن الرومي ، وغيرهم 0
2 ـ الاستشهاد :
تمثلت شواهد ابن عزير في :
... أ ـ القرآن الكريم : لقد أكثر المؤلف من الاستشهاد بآيات الذكر الحكيم ، ولا غرو في ذلك ، فالكتاب وضع في الأصل لخدمة النص القرآني ، وبيان معانيه ، فلا تجد مكانا يمكن أن يستشهد فيه بالقرآن ، إلاّ وقد جاء المؤلف بما يؤيد وجهة نظره وصحة دعواه ، حتى أنك لتجزم أنه ما من سورة من سور القرآن الكريم إلا وقد استشهد ابن عزير بأية من آيها ، إلاَ في القليل والنادر ، ونظرة في فهرس الآيات القرآنية تريك حجم الاستشهاد بآيات الذكر الحكيم 0
... ب ـ القراءات القرآنية : لقد كان للقراءات القرآنية التي لها أثر في توجيه المعنى نصيب يسير في هذا الكتاب ، بيد أنه لم يُعنَ بتخريج هذه القراءات ، ونسبتها إلى أصحابها ، وقد استشهد في موضع بقراءة شاذة ، ولكنه ضعّفها ، وأيا كان الأمر ، فإن المواضع التي استشهد فيها بالقراءات القرآنية قليلة جدا ، إذا ما قيست بغيرها من موارد الاستشهاد 0(1/7)
... ج ـ الحديث النبوي الشريف : استشهد المصنف بعدد لا بأس به من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأقوال الصحابة ، والتابعين ، ولكنها لم تصل في تعدادها إلى شواهد القرآن الكريم أوالشعر، أوأقوال العرب ، ولم يكن ابن عزير حريصا على تخريج هذه الأحاديث ، ومعرفة الصحيح من غير الصحيح ، بل إنه في بعض الأحايين نسب أقوالا من أقوال العامة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم 0
... د ـ الشعر : استشهد المصنف بكثرة كاثرة من أبيات الشعر العربي ، ومعظم ما استشهد به من الشعر معروف القائل ، إلاّ النزر اليسير ، وعلى الرغم من أن بعض الأبيات من الشهرة بمكان ، غير أنه لم ينسبها إلى قائليها ، وإن كانت السمة الغالبة عليه نسبته الأشعار إلى أصحابها 0
... هـ ـ كلام العرب : الاستشهاد بكلام العرب غالب على المصنف ، وكثير من استشهاده جاء نقلا عن الأصمعي ، والكسائي ، والفراء ، وأبي عبيدة ، والزهري ، وابن عباس ، والأخفش ، وابن قتيبة ، والمبرد ، وثعلب ، والأحمر ، والمفضل بن سلمة ، والجاحظ ، وأمثالهم من علماء اللغة ، ولم يكن نقله عنهم مباشرة ، إنما كان من خلال كتبهم ، أو كتب غيرهم التي حوت أقوالهم ، ولم يكن المصنف دقيقا في نقله ، بل تراه في مواضع كثيرة يختصر المنقول ، أو يغير فيه ، حتى ولو كان حديثا نبويا ، أو أثرا عن صحابي 0
...
3 ـ الوجوه والنظائر :(1/8)
اهتمام ابن عزيز بالوجوه والنظائر في كثير من الألفاظ القرآنية واضح بيّن ، فهو يقول : إن الأعمال التي في شريعة الإسلام كان لها أسماء تستعمل قديما ، فعندما جاء الإسلام احتملت معان أخرى ، ويقول في مقدمة كتابه : وكذلك سموا معنيين باسم واحد ، فاجتمع لهم التوسعة في الكلام ، والإيجاز في القول ، ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره في كلامه على الأمة ، وعلى الدين ، وعلى اسم الله العزيز ، فالدين في اللغة ينصرف في هذه الوجوه كلها ( الطاعة ، والعادة ، والحساب ، والجزاء ، والحال ) ، والعزيز على وجوه : عزّ إذا امتنع ، ويكون من الغلبة ، ويكون من المنعة ، أما الأمة فلها معان كثيرة ، وهو يقول إن في لسان العرب معان كثيرة للأمة ، غير التي ذكرها هو 0
... ... لقد كان نفس ابن عزير طويلا وهو يتحدث عن الوجوه والنظائر بالقياس مع مصنفي الوجوه والنظائر0
4 ـ مصادر المؤلف :
ولما كان ابن عزيز قد سُبق في هذا النوع من التأليف فإنه قد استفاد من سابقيه ، فقد أفد إفادة كبيرة من فاخر المفضل بن سلمة ، وزاهر أبي بكر محمد ابن القاسم الأنباري ، وكامل المبرد ، وغريب الحديث ، والغريب المصنف لأبي عبيدٍ القاسم بن سلام الهروي ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المُثنى ، وغريب الحديث وأدب الكاتب ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ، ومعاني القرآن ، والأيام والليالي والشهور للفراء ، ومعاني القرآن ، وإعرابه للزجاج ، والبيان والتبيين للجاحظ ، وكتاب الأمثال لمؤرج ، وأمثال العرب للضبي ، وتفسير الطبري ، وغيرها ، وقد أشرنا في الحواشي إلى كثير من المصادر التي نقل عنها ابن عزير ، ونظن ظنا مسامتا لليقين أنّ نقله ـ في الغالب ـ كان عن طريق غير مباشر 0
لقد نقل ابن عزير كثيرا من الأقوال عن النحاة واللغويين البصريين والكوفيين ، وعن المفسرين والمحدثين ، ولم يذكر كتب هؤلاء الذين أفاد منهم ، وسنذكر فيما يلي أسماء العلماء الذين أكثر الأخذ عنهم :
ـ البصريون :(1/9)
أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد الفراهيدي ، ويونس بن حبيب ، وسيبويه ، وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، وأبو زيد الأنصاري ، والأخفس ( سعيد بن مسشعدة ) ، والأصمعي ، وابن قتيبة ، والمبرد ، وأبو سعيد السكري وغيرهم 0
... ـ الكوفيون :
المفضل الضبي ، والكسائي ، والفراء ، وأبو بكر ابن الأنباري ، وثعلب ، وأبو عبيدٍ القاسم بن سلام الهروي ، وابن الأعرابي ، وابن السكِّيت ، وسلمة بن عاصم ، والمفضل بن سلمة بن عاصم ، وثابت بن أبي ثابت ، واللحياني ، وغيرهم 0
... ـ المفسرون ورواة التفسير والحديث :
ابن عباس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، وابن مسعود ، والشعبي ، وأبو موسى الأشعري ، والزهري ، وسفيان الثوري ، وابن مجاهد ، وأبو يوسف ( صاحب أبي حنيفة ) ، وابن سيرين ، وزيد بن ثابت ، وزيد بن الأرقم وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، واليمامي ، ومحمد بن الحسن الشيباني ومحمد بن إسحاق ، ومحمد بن السائب الكالبي ، وابنه هشام ، والنضر بن شميل ، وابن ذكوان ، وعمرو بن عبيد ، وغيرهم 0
لقد أفاد ابن عزير من مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى ( ت 210 هـ ) في قسمي الكتاب : الثالث والرابع ، وهذا ظاهر بالموازنة بين أقوال أبي عبيدة وأقوال ابن عزير ، وهو حريص كل الحرص على التصريح بذكر كنيته في هذين القسمين ، ونادرا ما يذكر اسمه 0
أمَّا القسم الرابع الذي خصه بالألفاظ المستعملة ، والأمثال السائرة ، وهو أطول أقسام الكتاب فقد اعتمد فيه كليا على الكتب التالية :
ـ أدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري ( ت 276 هـ ) وهذا الكتاب قسمه مؤلفه على عدة كتب ، منها كتاب المعرفه ، وكان نقل ابن عزيز من هذا القسم من أدب الكاتب ، غير أنه لم يصرح بهذا النقل ، ولم يجر لابن قتيبة في هذا القسم ذكر في كتاب ابن عزير إلاّ نادرا 0(1/10)
ـ الفاخر للمفضل بن سلمة بن عاصم ( ت 300 هـ ) ، والذي جعله في معاني ما يجري على ألسنة العامة في أمثالهم ومحاوراتهم من كلام العرب ، وهم لا يدرون معنى ما يتكلمون به من ذلك ، فبيّنه من وجوهه على اختلاف العلماء في تفسيره (1) ، وهذا هو ما جرى عليه ابن عزير في كتابه ، ولا نبالغ إذا قلنا إن كتاب الفاخر قد ضُمِّن ثُلُثُه في القسم الرابع من كتاب ابن عزير ، فقد بلغ مجموع مسائل الفاخر خمسمائة وسبعة وعشرين مسألة ، حوى القسم الرابع من كتاب ابن عزير حوالي مائة واثنتين وسبعين مسألة منها ، وبصورة أخرى ، فقد بلغ مجموع مسائل القسم الرابع من كتاب ابن عزير مائة وخمساً وسبعين مسألة ، كان منها أكثر من مائة واثنتين وسبعين مسألة من كتاب الفاخر ، واللاّفت للنظر أن ابن عزير لم يصرح بهذا النقل غير مرة واحدة ، على الرغم من أننا نجد العبارة بنصها وفصها قد أخذت من كتاب الفاخر ، وأكثر من ذلك فإنه أخذ مسائل الفاخر ـ في الغالب ـ بالترتيب نفسه الذي ورد في كتاب الفاخر ، هذا شأن نقل ابن عزير من الفاخر في القسم الرابع ، وإذا ما حققنا النظر فيما أخذه في الأقسام الأخرى من الكتاب فلا نبالغ إذا قلنا أن كتاب الفاخر هو عمدة ابن عزير في كتابه هذا ، وقد ضمَّن ابن عزير كتاب الفاخر معظمه في كتابه ، ونظرة إلى هوامش القسم الرابع تريك مدى اعتماده على فاخر المفضل ، ولا بد من الإشارة إلى أن ما أخذه عن ابن قتيبة أقل بكثير مما أخذه عن المفضل 0
ـ الزاهر في معاني كلمات الناس ، لأبي بكر ابن الأنباري ( ت 328 هـ ) الذي جعله في " معرفة الكلام الذي يستعمله الناس في صلواتهم ودعائهم وتسبيحهم وتقربهم إلى ربهم وهم غير عالمين بمعنى ما يتكلمون به من ذلك " (2) 0
__________
(1) الفاخر ، ص 1
(2) الزاهر في معاني كلمات الناس 1/95(1/11)
" قال أبو بكر : وأنا موضح في كتابي هذا ـ إن شاء الله ـ معاني ذلك كله ، ليكون المصلي إذا نظر فيه ، عالم،ا بمعنى الكلام الذي يتقرب به إلى خالقه ، ويكون الداعي فَهِماً بالشيء يسأله ربَّه ، ويكون المسبِّح عارفا بما يعظم به سيده ، ومُتْبِعٌ ذلك تبيين ما تستعمله العوام في أمثالها ومحاوراتها من كلام العرب ، وهي غير عالمة بتأويله ، باختلاف العلماء في تفسيره ، وشواهده من الشعر " (1) 0
... وبعد هذا فأين ابن عزير من كتاب شيخه ابي بكر بن الأنباري ، أليس غريبا بعد هذا كله أن يغفل ابن عزيز ذكر استاذه ، وبخاصة أن موضوع الكتابين واحد ، وأستاذه من الشهرة بمكان ، وكتابه من الشهرة بمحل ، ونقلُ ابن عزير منه غير خاف ، وإن لم يجر ذكر لابن الأنباري في هذا القسم من الكتاب 0
يبدو لي أن الاستاذ وتلميذه قد أخذا عن فاخر المفضل بن سلمة ، فوقف ابن عزير عنده ، وزاد عليه ابن الأنباري أضعافا 0
ولم يقف ابن عزيز عند هذه الثلاثة الكتب ، بل أخذ عن غيرها من الكتب التي تعالج الموضوع الذي عالجه 0
وقد اعتمد في القسم الأخير من كتابه على المبرد في كتابه الكامل ، وعلى ابن قتيبة في كتابه عيون الأخبار ، وعلى الجاحظ في كتابه البيان والتبيين ، وعلى غير ذلك من كتب الأدب العامة ، دون الإشارة إلى اسم كتاب ، ونظرة إلى هوامش القسم الأخير تريك مدى اعتماده على هذه الكتب 0
... ... وعلى العموم فقد كانت مصادر ابن عزيز مجموعة من علماء اللغة ، والمفسرين والمحدثين ، ورواة التفسير والحديث من الصحابة ، والتابعين والإخباريين ، الذين وردت أقوالهم في الكتب التي أشرنا إليها ، وفي كتب الأدب بمعناه العام ، والتي تحوي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقوال ، والحكماء والفلاسفة والشعراء 0
5 ـ ملاحظات على كتاب ابن عزير :
__________
(1) الزاهر 1/95(1/12)
ـ يلاحظ عليه أنه في نقله أقوال هؤلاء العلماء وغيرهم لا يعترض عليهم ولا يرجح بين أقوالهم عند الاختلاف بل يكتفي بحكاية الخلاف عنهم.
... ... ـ على الرغم من أنه سلك مسلكا جديدا في كتابه غريب القرآن ، وهو ترتيبه على حروف المعجم ، إلا أنه لم يستفد من هذا النظام الألفبي في ترتيب ما ورد في أقسام كتابه هذا ، فلو أنه رتبه وفق هذا النظام ، لكان كتابه أكثر نفعا ، وأيسر استعمالا للقارئ 0
ـ يلاحظ على ابن عزير التكرار ، فتراه عند الحديث عن اسم من أسماء الله الحسنى يعيد القول أكثر من مرة ، وربما ظن أن مثل هذا الأمر يرسخ المعنى لدى القارئ 0
ـ لم يكن ابن عزير على درجة من الفقه ، مما أوقعه في بعض الهفوات ، وذلك مثل حديثه عن خال الرجل ، عندما جعل خال الرجل محرما لأهله ، وهذا ما لم يجزه مذهب من مذاهب المسلمين 0
ـ ويؤخذ على ابن عزير أنه لم يكن بصيرا بقواعد النحو ، وبخاصة عند كتابته للعدد ، وقد حاولنا أن نلتمس له عذرا ، ونجعل مثل هذه الأخطاء مرجعها جهل الناسخ ، ولكن كثرتها جعلتنا نقلل من هذا الاحتمال ، وليست الأخطاء في كتابة العدد وحسب ، بل تعدته إلى أخطاء نحوية أخرى ، وقد أشرنا إلى بعضها في الحواشي 0
ـ أسلوب ابن عزير أسلوب واضح مشرق ، ولكنك تجده في النادر يتحدث بأسلوب الفلاسفة ، وأهل المنطق ، وذلك مثل كلامه على اسم الله الأعظم ( الدائم ) ولعل مرجع هذا الأمر النقل عن كتب الآخرين 0
ـ نقل ابن عزير نصوصا كثيرة لعدد كبير من العلماء دون إشارة إلى ذلك 0
ـ لم يكن ابن عزير دقيقا في نقله عن الكتب ، ولم يلتزم بما هو مكتوب في تلك الكتب ، وكثيرا ما كان يختصر القول ، وربما غير بعض ألفاظه 0
... ولكن هذه المآخذ لا تنقص من أهمية الكتاب ، فسبحان من له الكمال ، فما من مؤلف يكتب كتابا في يومه إلاّ قال في غده : لو زيد هذا لكان أحسن ، ولو حذف هذا لكان يستحسن ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر 0(1/13)
6 ـ المخطوطة المعتمدة في التحقيق :
... اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على نسخة مكتبة الإسكوريال بمدريد ، ورقمها ( 1326 ) وخطها من نوع النسخ القديم ، وعدد أوراقها 161 ، وكل ورقة من صفحتين ، وعدد الأسطر في الصفحة 19 سطرا 0
... وعند ملاحظة الترقيم وجدت أن الورقة الأخيرة تحمل الرقم 167 ، فكيف قال المفهرس أن أوراقها 161 ورقة ؟ وبعد تفحص المخطوطة وجدت أنه قد فُقد منها ثمانية أوراق ، هي ( 14 ، 15 ، 33 ، 53 ، 63 ، 89 ، 90 ، 142 ) ، فأخذت أبحث عن مخطوطة أخرى ، فما وجدت إلاّ نسخة مصورة ( ميكروفلم ) عن نسخة مكتبة الإسكوريال في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى ، ورقمها ( 52 ) وعلى الورقة الأخيرة منها الرقم ( 167 ) فظننتها كاملة ، وعند تصفحها وجدتها ناقصة أيضا الأوراق المذكورة أعلاه ، عندها أدركت أن ما لا يدرك كله ، لا يترك جله ، فعزمت على تحقيق هذه المخطوطة ، مستأنسا بخطها الواضح ، ومستعينا بالمصادر التي أخذ عنها ابن عزيز ، وبخاصة الكتب التي ذكرتها عند الحديث عن مصادره ، وكتب الأمثال التي كان أثر كتاب ابن عزير فيها واضحا ، وقد أعان على ذلك الموسوعات والمكتبات التي نسخت على أقراص الحواسيب ، فيسرت البحث ، واختصرت الوقت ، فما أن تكتب المثل ، أو الجملة التي ذكرها ابن عزير حتى تظهر لك مجموعة من المصادر التي ورد فيها هذا القول أو المثل ، فتعرف ما غمض من بعض المفردات ، وما لم تكن قراءته ميسورة ، فجزى الله العاملين في هذا المجال خير الجزاء 0
7 ـ منهج التحقيق :
دفعتني أهمية هذا الكتاب إلى إتباع منهج في التحقيق ، حاولت طاقتي أن يوصف بأنه عملي ، وذلك لاعتماده نسخة واحدة ؛ ليخرج الكتاب قريبا من الصورة التي وضعها عليه مؤلفه ، وقد توخيت من أجل ذلك الدقة في العمل ، والأمانة في المنهج ، وهو يقوم على العمد التالية :(1/14)
ـ راعيت في النسخ قواعد الرسم الإملائي المعروفة إلاّ ما كان يقتضيه رسم المصحف الشريف ، فقد جاء رسمه كما هو عليه الحال في المصحف الشريف 0
ـ لم أشر إلى ما كان من فرق بين ما جاء في كتاب ابن عزير وما جاء في المصادر التي أخذ عنها إلاّ في القليل النادر ، وبخاصة في أبيات الشعر 0
ـ ترجمت لأكثر من تسعين من الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب ، ممن كثر تكرار أسمائهم ، أو كانوا غير معروفين ، أو ربما يقع في أسمائهم لبس عند ذكرهم ، وأشرت إلى مصادر ترجمتهم 0
ـ تركت مكان الأوراق المفقودة فارغا ، ووضعت مجموعة نقاط هكذا 00000 وأشرت في الحاشية إلى رقم الورقة المفقودة 0
ـ خرجت جميع الآيات القرآنية ، وضبطها بالشكل الكامل كما وردت في القرآن الكريم من غير زيادة ولا نقص ، عن طريق أخذ نسخة عن الآية ، ولصقها في مكانها من الكتاب ، ووضعتها بين حاصرتين هكذا [ ] 0
ـ خرّجت القراءات التي ذكرها المؤلف من كتب القراءات 0
ـ خرجت أكثر الأحاديث من كتب الحديث المتضمنة في المكتبة الشاملة وكانت أرقام الأجزاء ، وأرقام الصفحات كما هو عليه الحال في المكتبة الشاملة وحصرتها بين قوسين( )، ونبهت على الأحاديث التي لم أتمكن من الوقوف عليها 0
ـ خرجت الأمثال من كتب الأمثال 0
ـ وثقت النقل من الكتب التي أخذ عنها المصنف ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، وإن كان المصنف لم يذكر أسماء الكتب التي أخذ عنها 0
ـ ضبطت الشواهد الشعرية والرجز بالشكل التام ، وأشرت إلى بحر البيت وأشرت إلى الديوان أو إلى الكتاب الذي وُجِدت فيه ، وإن كان ما أخذته عنه الموسوعة الشعرية / الإصدار الثالث ، أو المكتبة الشاملة / الإصدار الثاني كتبت أرقام الصفحات كما هي في الموسوعة ، والمكتبة ، وأشرت إلى الأبيات التي لم أقف عليها 0
ـ ضبطت بالشكل الأحاديث النبوية ، والأمثال ، وما يحتمل اللبس من الألفاظ
ـ أصلحت ما وقع من أخطاء نحوية أو إملائية ، ولم أشر في الحواشي إلى(1/15)
ذلك إلا في القليل 0
ـ أشرت بخط مائل/ عند انتهاء صفحة من الأصل المخطوط ، وابتداء صفحة جديدة ، وأثبتّ رقم صفحة المخطوطة في نهاية السطر ، ورمزت لوجه الورقة بالرمز ( أ ) ، ولظهرها بالرمز ( ب ) 0
ـ ألحقت بمقدمة الكتاب نماذج من صور المخطوطة تمثل الصفحة الأولى والأخيرة ، وصفحة من الوسط 0
ـ وضعت للكتاب فهارس متعددة ، تعين على الاستفادة منه 0
ـ ختمت الكتاب بثبت المصادر والمراجع التي اعتمدتها لتوثيق مادة الكتاب
نماذج من المخطوط
تمثل الأوراق التالية :
1 ـ صفحة العنوان
2ـ الصفحة 2أ / بداية المخطوط 0
3 ـ الصفحة 44 ب 0
4ـ الصفحة 167 ب / نهاية المخطوط 0
صفحة العنوان
الصفحة 2أ / بداية المخطوط
الصفحة 44 ب
الصفحة 167 ب / نهاية المخطوط
القسم الثاني
التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم(1/16)
... الحمد لله الأول بلا بداية ، والآخر بلا نهاية ، الواحد من غير عدد ، الباقي إلى غير غاية ولا أمد ، الذي خلق الخلق من حيوان ومَوات ، وفضَّل بعضَهم على بعضٍ درجات ، وخالف بين ألوانهم واللغات ، آيات تدلنا على وحدانيته وبيّنات ، تقودنا إلى فردانيّته ، كما قال عزّ وجل : [وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ] (1) وبعث النبيين مبشرين ومنذرين بألْسِنةٍ مُختلفةٍ ولُغاتٍ شتّى ، كلّ رسولٍ بلسان قومه كما قال تعالى : [ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ] (2) ، حتى أفْضتْ الرسالة إلى نبينا محمد عليه السلام ، فأبْرزَه في أشرف القبائل ، وأكرم المناصب ، وأرسله إلى الخلق كافة ، فضيلة اختصه بها من بينهم ، ودرجة فضَّله بها عليهم ، فأكمل به الرسالات ، وختم به النبوات ، وبعثه بأفصح اللغات ، وأعطاه كتابا سمّاه قرآنا ، ولِما قد تقدم من الكتب مُبيِّنا وفُرقانا ، فبلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، قائماً بالحق ، ناطقاً بالصدق ، حتى توفاه الله راضياً عنه مرضياً ، هادياً مهدياً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، والتابعين لهم بإحسانٍ ، وسلم تسليما 0
... أمَّا بَعدُ 000
فإنَّا وجدنا لغات الأمم أكثرَ من أنْ يُحصيها أحد ، أو يحيطَ بها محيط ، كل أمة تتكلم بلسانها ، ولا يعرفون غير / لغتهم إلاّ القليل ، ليترجم بعضهم لبعض ووجدنا 2ب أفضل لغات الأمم كلها أربعة : العربية ، والعبرانية ، والسريانية ، والفارسية ؛ لأنَّ الله أنزل كُتبه على أنبيائه بالسريانية والعبرانية ، وروينا عن عليّ عليه السلام أنه قال : كان للمجوس كتاب بالفارسية 0
__________
(1) الروم 22
(2) إبراهيم 4(1/17)
ورأينا أفضل اللغات الأربعة لغة العرب ، وهي أفصحها وأكملها ، ولم يحرص الناس على تعلُّم شيءٍ من اللغات كحرصهم على تعلُّمها ، حتى أنَّ جميع الأمم فيها راغبون ، وبالفضل لها مُقِرُّون ، وحتى أنهم نقلوا الكتب المُنزلة مثل التوراة والإنجيل والزبور ، وسائر كتب الأنبياء إلى العربية ، وكذاك نقلوا كتب الأوائل ، من الفلسفة والطب والنجوم ، وغير ذلك ، ولم يرغب أحد من أهل القرآن والكتاب العربي في نقله إلى شيء من اللغات ، فإن الملوك وأهل الشرف من كلِّ أُمة قد رَغبوا في نقل كُتبٍ لها مِقدارٌ صغير ، وخطرٌ يَسير إلى لغتهم ، فكيف بالقرآن الذي عظَّم الله شأنه ، وأعلى قَدره ، وقد حاول بعضهم نقله ؛ فعسرعليهم ، فترجموا منه شيئا مثل [ بسم الله الرحمن الرحيم] (1) ، ومثل سورة الحمد ، على استحراجٍ شديد ، ونقلٍ بعيد ، وقال بعض العلماء باللغة : لو جَهد الناس أن ينقلوا قوله تعالى: [ سَيُهْزَمُ / الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُر َ] (2) وقوله : [ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى 3أ سَوَاءٍ ] (3) لما أمكن نقله على هذا الاختصار ، حتى يُوسّع الكلام فيه ، ويُزال عن سَننه ، فلغة العرب هي اللغة التامة الحروف ، الكاملة الألفاظ ، لم يُنقص عنها شيء من الحروف ؛ فيُشينُها النُّقصان ، ولم يُزَد فيها شيء ؛ فتُعيبُها الزِّيادة ، وسائر اللغات فيها زيادة الحروف المولّدة ، وتنقص عنها حروف هي أصلية ، والحروف التامة ثمانية وعشرون حرفا ، لا زيادة فيها ولا نقصان ، فمدار لغة العرب على هذه الحروف ، لم يُزد عليها ، ولم ينقصْ عنها ، ولهذه الحروف أحياز (4) مختلفة ، ومدارج بعضها فوق بعض، فالحاء والعين والخاء والغين حيزها من الحلق ، والقاف والكاف حيزها اللّهاة ، والجيم والضاد والشين حيزها شَجْرُ (5)
__________
(1) الفاتحة 1
(2) القمر 45
(3) الانفال 58
(4) الأحياز : المخارج ، المواضع 0 لسان العرب ( حوز )
(5) الشَّجْرُ: مَفْرَحُ الفَم، وقيل: مُؤَخَّرُه، وقيل: هو الصَّامِغ، وقيل: هو ما انفتح من مُنْطَبِقِ الفَم، وقيل: هو مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْن، وقيل: هو ما بين اللَّحْيَيْن. اللسان ( شجر )(1/18)
الفم ، والصاد والسين والزاي حيزها أَسَلَة اللسان (1) إلى أطراف الثنايا ، والطاء والتاء والدال حيِّزها الحنك (2) ينطبق اللسان ، والظاء والثاء حيِّزها اللثة ، والياء واللام والنون حيِّزها ذلق اللسان (3) إلى الشفتين ، والفاء والباء والميم حيزها الشفة ، والألف والياء والواو هوائية ، ليس لها جُروس (4) ، ولا اصطكاك ؛ لأنها تنسلّ من تحت الحنك ، فهذه ثمانية وعشرون حرفا / مدارجها وأحيازها على ما ذكرنا ، 3ب
وللغة العرب مع هذا الكمال فضائل ليست لسائر اللغات ، فإن لها قانونا يُرجَع إليه ، ومعيارا تُعيَّر به ، ومقياسا يُقاس عليه ، فإذا شرد حرف عنهم ، أو اعوجّ عن سننه أو اشتبه ، رجعوا إلى قانونهم ، ووزنوه بمعيارهم ؛ فأقاموا درأَه ، وقوَّموا عِوَجه لكي لا تبطُل معاني الأسماء فتمّحق عن اللغة ، وتُدرس كما درست عن سائر اللغات ، فقد بطلت عن اللغة الفارسية أسامٍ حين غلبت عليها العرب ، مثل قولهم الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، وغير ذلك مما لا يوجد لها أسامٍ بالفارسية ، ومثل هذا الخطل قد دخل على سائر اللغات 0
__________
(1) أسلة اللسان : رأس اللسان 0 الصحاح ( اسل )
(2) تعرف هذه الحروف بالحروف النطعية ، ومخرجها من النطع ، وهو ما ظهر من غار الفم الأعلى ، وبعبارة أخرى مخرجها من بين أطراف اللسان ، وأصول الثنايا ، حيث ينطبق اللسان مع أصول الثنايا العليا 0 المفصل 396
(3) دلق اللسان : طرفه 0 الصحاح ( ذلق )
(4) مفردها جَرْس ، أي صوت 0 تاج العروس ( جرس )(1/19)
وقد كان لسان العرب فسد حين تعرَّبت العجم ، واختلط اللغتان ، ولحن أكثر الناس في كلامهم ، فاستدرك ذلك أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ، فوضع للناس رسما في النحو ، أخذه عنه أبو الأسود الدؤلي (1) من الدؤل ، وأسس العربية ، وفتح بابها ، ونهج سبيلها ، ووضع فيها قياسا 0
__________
(1) أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة ابن عدي بن الديل بن بكر الديلي، ويقال: الدؤلي، وفي اسمه ونسبه ونسبته اختلاف كثير؛ كان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وشهد معه وقعة صفين، وهو بصري، وكان من أكمل الرجال رأياً وأسدهم عقلاً. وهو أول من وضع النحو، قيل إن علياً، رضي الله عنه، وضع له: الكلام كله ثلاثة أضرب: اسم وفعل وحرف، ثم رفعه إليه وقال له: تمم على هذا. وتوفي أبو الأسود بالبصرة سنة تسع وستين في طاعون الجارف، وعمر خمس وثمانون سنة رضي الله عنه، وقيل إنه مات قبل الطاعون بعلة الفالج، وقيل إنه توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وتولى عمر الخلافة في صفر سنة تسع وتسعين للهجرة وتوفي في رجب سنة إحدى ومائة بدير سمعان، رضي الله عنه. والديلي: بكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام، والدؤلي: بضم الدال المهمة وفتح الهمزة وبعدها لام، هذه النسبة إلى الدئل بكسر الهمزة، وهي قبيلة من كنانة، وإنما فتحت الهمزة في النسبة لئلا تتوالى الكسرات، كما قالوا في النسبة إلى نمرة نمري ــ بالفتح ـــ وهي قاعدة مطردة، والدئل: اسم دابة بين ابن عرس والثعلب. وحلس: بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبعدها سين مهملة0وفيات الأعيان 2/535 ــ 539(1/20)
... حكى الأصمعي (1) قال : سمعت أبا عمرو بن العلاء (2)
__________
(1) الأصمعي ، عبد الملك بن قريب بن عبد الملك الأصمعي البصري صاحب اللغة. كان إمام زمانه في اللغة. مات سنة ست عشرة ومايتين.. وقيل انه عاش ثمانياً وثمانين سنة. ومن تصانيفه: كتاب خلق الإنسان؛ كتاب الهمز؛ كتاب المقصور والممدود؛ كتاب الفرق؛ كتاب الخيل؛ كتاب الإبل؛ كتاب الشاء؛ كتاب الأضداد؛ كتاب الألفاظ؛ كتاب السلاح؛ كتاب اللغات؛ كتاب الاشتقاق؛ كتاب معاني الشعر؛ كتاب المصادر ؛ كتاب غريب الحديث؛ كتاب نوادر الأعراب؛ وغير ذلك. الوافي بالوفيات ، ص 15795 ـ 15803 / الموسوعة الشعرية
(2) زبان بن العلاء : الإمام أبو عمرو بن العلاء التميمي المازني البصري أحد القراء السبعة. واختلف في اسمه على أحدٍ وعشرين قولاً، والصحيح أنه زبان ، ولد أبو عمروٍ بمكة سنة ثمانٍ أو خمسٍ وستين، ومات بالكوفة سنة أربعٍ وخمسين ومائةٍ، أخذ عن شيوخٍ كثر منهم أنس بن مالكٍ، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد. وأخذ النحو عن نصر بن عاصمٍ الليثي، وأخذ عنه القراءة عرضاً وسماعاً جماعة كثيرون منهم: عبد الله ابن المبارك واليزيدي، وأخذ عنه النحو الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيبٍ البصري، وأبو محمد اليزيدي، وأخذ عنه الأدب وغيره طائفة منهم: أبو عبيدة معمر ابن المثنى، والأصمعي، وغيرهم. وروى عنه الحروف سيبويه، وكان أعلم الناس بالعربية والقرآن، وأيام العرب والشعر. وكان يونس يقول: لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شئ كان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء، وقال أبو عبيدة: أبو عمروٍ أعلم الناس بالقراءات العربية وأيام العرب والشعر..معجم الأدباء 11/156 ـ 160(1/21)
يقول : جاء أعرابي إلى عليٍّ عليه السلام ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، كيف تقرأ هذا الحرف ؟ ( لا يأكله إلاّ الخاطون ) ، كلٌّ والله يخطو ، قال : فتبسم عليٌّ عليه السلام ، فقال : يا أعرابي [ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ] (1) ، قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين / ما كان الله ليظلم عباده ، ثم التفت إلى أبي الأسود4أ الدؤلي ، فقال : إن الأعاجم قد دخلت في الدين كافة ، فضع للناس شيئا يستدلُّون به على صلاح ألسنتهم ، ورسم له الرفع والنصب والخفض ؛ فأخذ عن أبي الأسود يحيى بن يَعمُر (2) ، وكان مأمونا عالما ، وميمون الأقرن (3) ، وعنبسة الفيل (4) ، ونصر بن عاصم الليثي (5) ، ثم كان بعدهم عبد الله بن إسحاق الحضرمي (6) ،
__________
(1) الحاقة 37
(2) يحيى بن يعمر : أبو سليمان العدواني من عدوان بن قيس بن عيلان، تابعي، لقى عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، روى عنه قتادة السدوسي وإسحاق بن سويد وجماعة، ووثقه النسائي وأبو حاتم وغيرهما،وكان عالماً بالقراءة والحديث والفقه والعربية ولغات العرب. أخذ عنه أبو الأسود الدؤلي، وكان فصيحاً بليغاً ، توفي سنة تسع وعشرين ومائة 0 معجم الأدباء 20/42ـ43
(3) ميمون الاقرن هو الامام المقدم في العربية بعد أبي الاسود الدؤلي،أخذعن أبي الاسود، واخذ عنه عنبسة الفيل ، وكان ميمون احد ائمة العربيةالخمسة الذين يرجع اليهم في المشكلات. معجم الأدباء 19/209 ـ 210
(4) عنبسة بن معدان الفيل أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي ، ولم يكن فيمن أخذ النحو أبرع منه. معجم الأدباء 16/133
(5) نصر بن عام الليثي النحوي، كان فقيها عالما بالعربية من فقهاء التابعين، وكان يسند إلى أبي الأسود الدؤلي في القرآن والنحو، وله كتاب في العربية ، واخذ عنه أبو عمرو بن العلاء ، مات بالبصرة سنة تسع وثمانين وقيل ستة تسعين. معجم الأدباء 19/224
(6) الحضرمي : عبد الله بن أبي إسحاق. مولى آل الحضرمي...كان قيماً بالعربية والقراءة، أخذ عن الأقرن ، وكان مائلا إلى القياس في النحو ، توفي سنة سبع عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وكان رفيقاً لأبي عمرو بن العلاء. طبقات الزبيدي ، ص 31 ـ 33(1/22)
وكان أول من شرح النحو ، ومدّ القياس ، وشرح العلل (1) ، وكان معه أبو عمرو بن العلاء ، وأخذ يونس (2) عن أبي عمرو ، ومن بعدهم الخليل ابن أحمد (3) ، وأبو زيد (4) ،
__________
(1) قال محمد بن سلام الجمحي : كان أول من بعج النحو ، ومد القياس والعلل 0 طبقات الشعراء ، ص 30
(2) يونس بن حبيب أو عبد الرحمن الضبي وقيل الليثي بالولاء، إمام نحاة البصرة في عصره ومرجع الأدباءوالنحويين في المشكلات، أخذ الأدب عن أبي عمرو ابن العلاء، وأخذ عنه سيبوية وأخذ عنه أيضاً الكسائي و الفراء وأبو عبيدة معمر بن المثني وخلف الأحمر وأبو زيد الأنصاري وغيرهم. ومن تصانيفه: كتاب معاني القرآن الكبير، كتاب معاني القرآن الصغير، كتاب اللغات، كتاب النوادر، كتاب الأمثال. وكان مولده سنة ثمانين، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة عن مائة سنة واثنتين. معجم الأدباء 20/64 ـ 67
(3) الخليل بن أحمد ابن عمر بن تميمٍ الفراهيدي، ويقال: الفرهودي نسبة إلى فراهيد بن مالك ، سيد الأدباء في علمه وزهده. كان الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله. أخذ عن أبي عمرو بن العلا ، وأخد عنه الأصمعي، وسيبويه، والنضر بن شميلٍ، وأبو فيد مؤرج السدوسي ، وغيرهم، وهو أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، توفي سنة ستين ومائةٍ وقيل سبعين ومائةٍ، وله أربع وسبعون سنةً. معجم الأدباء 11/72 ـ 77
(4) سعيد بن أوس بن ثابت ، أبو زيدٍ الأنصاري ، غلبت عليه اللغة والغريب والنوادر فانفرد بذلك. أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وأخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلامٍ وعمرو بن عبيدٍ ، وغيرهم، توفي بالبصرة سنة خمس عشرة ومائتين وقد جاوز التسعين..وله من التصانيف: كتاب الإبل والشاء، وكتاب بيوتات العرب، وكتاب تحفيف الهزة، وكتاب الجمع والتثنية ، وكتاب خلق الإنسان، وكتاب الجود والبخل، وكتاب الأمثال ، وكتاب التثليث ، وكتاب غريب الأسماء، وكتاب الفرق، وكتاب فعلت وأفعلت، وكتاب القوس والترس، وكتاب اللامات، وكتاب اللغات، وكتاب اللبن، وكتاب المطر، وكتاب المياه ، وكتاب الوحوش وغير ذلك. معجم الأدباء 11/212 ـ 218(1/23)
وسيبويه (1) ، والأخفش (2) ،
__________
(1) عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر، ويقال أبو الحسن وأبو بشر أشهر، مولى بني الحارث بن كعب، ثم مولى آل الربيع بن زياد الحراثي، وسيبويه لقب ومعناه رائحة التفاح. ، وأصله من البيضاء من أرض فارس ومنشؤه البصرة، مات فيما ذكره ابن نافع بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة. وقال المرزباني: مات بشيراز سنة ثمانين ومائة. وذكر الخطيب أن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة ويقال: إنه نيف على الأربعين سنة وهو الصحيح، لأنه قد روى عن عيسى بن عمر، وعيسى بن عمر مات سنة تسع وأربعين ومائة، فمن وفاة عيسى إلى وفاة سيبويه إحدى وثلاثين سنة، وما يكون قد أخذ عنه إلا وهو يعقل، ولا يعقل حتى يكون بالغاً والله أعلم. وله الكتاب ، الذي وصف بأنه قرآن النحو 0 معجم الأدباء 16/ 114 ـ 127
(2) أبو الحسن سعيد بن مسعدة المعروف بالأخفش الأوسط البصري مولى بني مجاشع ابن دارمٍ بطن من تميمٍ. أحد أئمة النحاة من البصريين، أخذ عن سيبويه وهو أعلم من أخذ عنه وكان أخذ عمن أخذ عن سيبويه لأنه أسن منه، ثم أخذ عن سيبويه أيضاً وهو الطريق إلى كتاب سيبوية، فإنه لم يقرأ الكتاب على سيبويه أحد ولم يقرأه سيبويه على أحدٍ، وإنما قرئ على الأخفش بعد موت سيبويه. وكان ممن قرأه عليه أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني، وكان الأخفش يستحسن كتاب سيبويه كل الاستحسان 0توفي سنة خمس عشرة ومائتين، وقيل سنة إحدى وعشرين. وله من التصانيف: كتاب الأربعة، كتاب الاشتقاق، كتاب الأصوات، كتاب الأوسط في النحو، كتاب تفسير معاني القرآن، كتاب صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها، كتاب العروض، كتاب القوافي، كتاب المسائل الكبير، كتاب المسائل الصغير، كتابمعنى الشعر، كتاب المقاييس، كتاب الملوك، كتاب وقف التمام. معجم الأدباء 11/224 ـ 230(1/24)
فهؤلاء الأئمة في هذا اللسان ، ثم بنى على ذلك مَن جاء بعدهم من العلماء باللغة ممن ثُقِّفَت له الفطن ، حتى جعلوا له ديوانا يُفْزَعُ إليه ، ويعتمد عليه ، فإذا وجدوا اللحن في كلامهم ردوه إلى ذلك المعيار ؛ فوزنوه به ، فقوَّموه ، وهذا ليس للأمم ، وهو علم جسيم ، له خطر عظيم ، ونظرنا في السمات التي وسمت العرب بها كلامها من الخفض والنصب والرفع ؛ فوجدناهم أدخلوا ذلك للإيجاز في القول ، والاكتفاء بقليله ، الدال على كثيره ، فقالوا : ضرب أخوك أخانا ، فدلوا برفع أحد الأخوين ، ونصب الآخر على الفاعل والمفعول به ، ولو كان مخرج الكلامين واحدا ، فقيل : ضرب أخوك أخونا ، أو أخاك أخانا ، لم يعلم السامع أيهما الضارب ، ومَن المضروب ، وكذلك سمّوا معنيين باسم واحد ، فاجتمع لهم التوسعة في الكلام ، والإيجاز في القول ، من ذلك الضرب / كلمة واحدة تحتها تفسير بوجوه ، فقالوا للضرب في الوجه : 4 ب لطماً ، وفي القفا : صفعاً ، وفي الرأس : شجَّا إذا دَمِي ، فكان قولهم : لطم فلانٌ فلاناً أوجز من قولهم : ضربه على وجهه ، وقولهم : صفعه أوجز من قولهم : ضربه على قفاه ، فوسموا الحرفين كلاهما بسمة ، فعبرت عن كلمتين 0
... فالنحو معيار جميع كلام العرب ، ما كان منثورا ومنظوما ، وبالنحو يُرتَّل كلام الله الذي هو القرآن ، فيعرب كل حرف منه به ، ويُقوَّم عليه ، ومعنى النحو : القصد والحذو ، ويقال : ينحو ذلك النحو ، أي يحذو ذلك الحذو ، ويقال : أخذ نحوه إذا قصد قصده ، فكأنهم يقيموه نحواً ؛ لأنهم حذوا بعضه حذو بعض 0(1/25)
... ثم لهذه اللغة العروض الذي يُقوّم به الشعر خاصة ، فيُعرف استقامته من انكساره ، ويُميّز سالمه من مُزاحفه ، ويوزن به وزنا ؛ فيبيّن تقطيعه وأفاعيله وأعاريضه وضروبه ، وقد كان الخليل بن أحمد الفرهودي أول من استخرج العروض ، فاستنبط منه ومِن عِلل النحو ما لم يستخرجه أحد ، ولم يُسبق إليه ؛ فوضع له أصولا ، وقسّم الشعر ضروبا ، وسمّاه بها ، وجعل لتلك الأقسام دوائر وأسطرا ، وبناه على الساكن والمتحرك من أحرف الكلمة ، والخفيف والثقيل ، وسمّى الشعر بأسماء ، مثل : الطويل ، والبسيط ، والمديد ، والوافر،
/ والكامل ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والسريع ، والمنسرح ، والخفيف5أ والمضارع ، والمقتضب ، والمجتث ، والمتقارب ، إلى سائر ما رسم فيه ؛ فاستتبَّ له فيه الأمر ، وانقاد عليه القياس ، فوزن به الشعر وزنا سويا ، وسماه عَروضا ، يعني أنه راضَ به الصعب من الشعر المُلتَوي عن وجهه حتى قوَّمه ، ثم إنّ للغة العرب دِيوانا ليس لسائر لغات الأمم ، وهو الشعر ، الذي قد قيدوا به المعاني الغريبة ، والألفاظ الشاردة ، فإذا احتاجوا إلى معرفة حرف مُستصعبٍ ، أو لفظٍ نادرٍ التمسوه في الشعر الذي هو ديوان لهم مُتَّفق عليه ، مَرضي بحكمه ، والشعر هو الكلام الموزون على رويٍ واحد ، المُقوّم على حذوٍ واحدٍ ، قد حُذِيَ البيت بالبيت حذوَ النعل بالنعل ، وإنما سموه شعرا لأنه الفطنة بالغوامض من الأسباب ، وسموا الشاعر شاعرا ؛ لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من معاني الكلام وأوزانه ، ومنه قولهم : ليت شعري ، أي ليتني أشعر به ، وسموا الكلمات المنظومة المؤلفة بعضها إلى بعض موزوناً قافيةً ، أي أنه الكلام الذي يقفُو بعضُه بعضا على مثالٍ واحد ، ومعنى القصيدة أنها الكلمة التي مُلِئت بالمعاني ، وكثُرت فيها الألفاظ المستحسنة ، يُقال : ناقةٌ قصيدة أي ممتلئة كثيرة الشحم سمينة 0 ...(1/26)
/ ولم يكن لأوائل العرب من الشعر إلاّ الأبيات يقولها الرجل في حاجته 5ب وإنما قصدت القصائد ، وطُوِّل الشعر على عهد عبد المطلب ، وعهد هشام بن عبد مناف ، وما روي لعادٍ وثَمودَ وحِميَرٍ وتَبَّعٍ فغير صحيح (1) ، فمن الشعر الصحيح القديم قول زهير بن جناب الكلبي (2) لبنيه (3) : ( الكامل المجزوء )
أبنيَّ إن أَهْلِكْ فقدْ أورثتكم مجداً بَنِيَّه
وَجَعَلْتُكُم أولادَ سا داتٍ زِنادُكُمُ وَرِيَّهْ
مِن كلِّ ما نالَ الفَتى قد نلتُهُ إلا التحيه (4)
والموت خيرٌ للفتى فليهلكَنْ وبهِ بقيَّه
من أن يُرَى الشيخَ البجا لَ يُقادُ يُهْدَى بالعشيه
ولمعدي كرب الحميري من آل ذي رُعين، وكان قد عُمِّر (5) : (الوافر)
__________
(1) النص في طبقات الشعراء ص 35
(2) زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله الكلبي أحد الشعراء الجاهليين المعمرين، يقال: إنه عمر خمسين ومائتي سنة ، وقيل أربعمائة ، وقيل : أربعمائة وخمسين سنة ، وهو-فيما ذكر-أحد الذين شربوا الخمر في الجاهلية حتى قتلتهم؛ وكان قد بلغ من السن الغاية ، فقال ذات يوم:ألا إن الحي ظاعن، فقالابن أخيه عبد الله بن عليم: ألا إن الحي مقيم ؛ فقال: أو هاهنا أحد ينهاه عن ذلك! قالوا: لا، فغضب وقال: لاأراني قد خولفت، ثم دعا بالخمر فشربها صرفاً بغير مزاج وعلى غير طعام حتى قتلته. الأغاني 19/15 ـ 29
(3) وردت هذه الأبيات في طبقات الشعراء ، ص 37 ، كما وردت مع أبيات أخرى في الأغاني 19 / 22 0
(4) يعني المُلك ، كما في الحاشية 0
(5) مَعدي كَرِب الحِميَري ? - 100 ق. هـ / ? - 525 م
شاعر جاهلي، معمر، مُروّج لعبادة الأصنام في قومه، إذ دفع عمرو بن لُحي إلى معدي كرب نسراً فكان بموضع من أرض سبأ يقال له بلخع تعبده حمير ومن والاها فلم يزل يعبدونه حتى هودهم ذو نواس، وقال الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء: وعاش معدي كرب الحميري مائتين وخمسين سنة ، ص 3503 / الموسوعة الشعرية(1/27)
أراني كلَّما أفنيتُ يوماً أتاني بَعْدَهُ يومٌ جديدُ (1)
يعودُ بياضُهُ في كلِّ يومٍ ويأبَى لي شبابي ما يعودُ
... ويقال : أول مَن قصّد القصائد ، وذكر الوقائع مُهلهل بن زُهيرٍ الكلبي في قتل أخيه كُليب ، قتلته بنو شيبان ، واسم مُهلهل ربيعة (2) ، وقال أبو عبيدة (3) :
__________
(1) ورد هذان البيتان في التذكرة الحمدونية ص 3597 ، الموسوعة الشعرية ، وفي محاضرات الأدباء ، ص 3611 الموسوعة الشعرية
(2) المهلهل بن ربيعة? - 94 ق. هـ / ? - 531 م
عدي بن ربيعة بن مرّة بن هبيرة من بني جشم، من تغلب، أبو ليلى، المهلهل. من أبطال العرب في الجاهلية من أهل نجد. وهو خال امرئ القيس الشاعر. قيل: لقب مهلهلاً، لأنه أول من هلهل نسج الشعر، أي رققه. وكان من أصبح الناس وجهاً ومن أفصحهم لساناً. عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء، فسماه أخوه كليب (زير النساء) أي جليسهن. ولما قتل جساس بن مرة كليباً ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو، وآلى أن يثأر لأخيه، فكانت وقائع بكر وتغلب، التي دامت أربعين سنة، وكانت للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة. أما شعره فعالي الطبقة0 طبقات ابن سلام ، ص 38
(3) أبو عبيدة معمر بن المثنى : أبو عبيدة معمر بن المثنى، التميمي بالولاء، تيم قريش، البصري النحوي العلامة؛ قال الجاحظ في حقه: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه. وقال ابن قتيبة في كتاب المعارف: كان الغريب أغلب عليه وأخبار العرب وأيامها، ولم يزل يصنف حتى مات؛ وتصانيفه تقارب مائتي تصنيف: فمنها كتاب "مجاز القرآن الكريم" وكتاب غريب القرآن وكتاب معاني القرآن وكتاب غريب الحديث وغيرها ، وأخبار أبي عبيدة كثيرة؛ وكانت ولادته في رجب سنة عشر ومائة، في الليلة التي توفي فيها
الحسن البصري، رضي الله عنه، وقد تقدم ذكره، وقيل في سنة إحدى عشرة ومائة، وقيل أربع عشرة، وقيل ثمان، وقيل تسع، والأول أصح؛ وتوفي سنة تسع ومائتين بالبصرة وقيل سنة إحدى عشرة،وقيل سنة عشر، وقيل ثلاث عشرة ومائتين وأبو عبيدة: بضم العين المهملة وإثبات الهاء في آخره، بخلاف القاسم بن سلام فإنه أبو عبيد، بغير هاء. ومعمر: بفتح الميمين بينهما عين مهملة وفي آخره الراء. والمثنى: بضم الميم وفتح الثاء المثلثة وتشديد النون المفتوحة وفي آخره ياء مثناة من تحتها. وفيات الأعيان 5/ 235 ـ 243(1/28)
اسمُه عديّ ، وسمي مهلهلا لهلهلة شعره كهلهلة الثوب ، ويقال لاختلافه واضطرابه ، ويقال لبيت قاله (1) ، وهو: ( الكامل )
لَمّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هَجيُنهُ هَلهَلتُ أَثأَرُ جابِراً أَو صُنُبلا
__________
(1) في الديوان / الموسوعة الشعرية :
لَمّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هَجيُهُم هَلهَلتُ أَثأَرُ جابِراً أَو صُنُبلا(1/29)
/ ثم كان امرؤ القيس ، وهو أول من ابتدع في الشعر أشياء كان السابق إليها6أ من استيقاف صحبه في الديار ، وذكر الطلول ، وشبَّه النساء بالظباء ، والخيل بالعقبان والعصا ، وقيَّد الأوابد ؛ فاتَّبعه الشعراء على ذلك ، واستحسنوه منه ، ولمّا أراد الله من صيانة هذه اللغة ، وادّخارها إلى الوقت الذي أنزل بها كتابه وبعث بها رسوله عليه السلام ، ألهمهم فتكلموا بالشعر الرصين المحكم ، من غير أن يعرفوا عَروضا أو نحواً ، حتى أبرزوه في ذكر الإحسان والمآثر ، ومدح الملوك والنبلاء ، وفي ذكر المثالب والسباب ، وهجاء أهل الضغائن ، وفي الوقائع والحروب ، ونشر كل شاعر محاسن أيام قبيلته ، ومفاخرها ، ومساوئ أهل الشنآن والبغضاء ، واستفتحوا كلامهم بذكر النسيب ، وبسطوه بصفات الديار والقفار ، والنُّجع والأمطار ، ونعت الخيل والإبل والوحش ، وغير ذلك مما يطول ذكره ؛ فتقيدت به الألفاظ العربية ، والمعاني اللطيفة ، وحفظه الرواة ، ودوّنوه ، فرواه السلف للخلف ، واصطلح أهل المعرفة على صحة أصول اللغة فيه ، فرغب في تعلمه أهل الهمم ، وصار ديوانا لهم في الجاهلية ، عليه يعتمدون ، وبحكمه يرتضون / وصار الشعراء فيهم بمنزلة الحكام ، يقولون ؛ فيُرضى قولهم ، 6 ب ويحكمون فيمضي حكمهم ، وكان علقمة بن علاثة (1) ، وعامر بن الطفيل (2)
__________
(1) - قال ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب هو علقمة بن علاثة بن عوف بن ربيعة ، ويقال له الأحوص لصغر عينيه، ابن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان - وكان عمر، رضي الله عنه استعمله على حوران، فامتنع من ذلك، وفيات الأعيان 5/192
(2) هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلابٍ العامري، وهو ابن عم لبيد الشاعر وكان فارس قيسٍ، وكان أعور عقيماً لا يولد له، ولم يعقب، وكان عامر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: تجعل لي نصف ثمار المدينة وتجعلني ولي الأمر من بعدك وأسلم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفني عامراً واهد بني عامر". فانصرف وهو يقول: لأملأنها عليك خيلا جرداً، ورجلاً مرداً، ولأربطن بكل خلةٍ فرساً، فطعن في طريقه، فمات وهو يقول: غدةٌ كغدة البعير، وموتٌ في بيت سلوليةٍ!!ويكنى أبا علي، وهو الذي نافر علقمة بن علاثة إلى هرم بن قطبة الفزاري، حين أهتر عمه امر بن مالكٍ ملاعب الأسنة 0 الشعر والشعراء ـ ابن قتيبة ، ص 207(1/30)
تحاكما إلى هرم بن قطبة الفزاري ؛ فاحتجر عن الحكومة بينهما ، وقد ساق كل واحد منهما معه إبلاً لينحرها عند الحكومة ، ومع عامر أعشى قيس ، ومع علقمة الحطيئة ، قد حضرا ليقول كل واحد منهم في صاحبه عند النفور ، ويذكر فضله ؛ ليخلد على الدهر ، فلمّا امتنع هرم من الحكومة ، انتُدب الأعشى ، فكان أدهى من الحطيئة ، فأنشد قصيدة نفر فيها عامرا على علقمة ، قال فيها : ( السريع )
عَلْقَمَ لا لست إلى عامرٍ الناقِضِ الأوتارَ والواتِرِ
قد حَكَّمتموهُ فَقَضى بينَكُمْ أبلجُ مثلُ القَمَر الباهرِ
لا يأخُذُ الرِّشْوةَ في حُكْمِه ولا يُبَالي غَبَنَ الخاسِرِ
فقام أصحاب عامر إلى الإبل فنحروها ، وقالوا نفّر عامر ، وطارت له على علقمة بقول الأعشى ، من غير حكومة هرم 0(1/31)
... وروى حماد بن زيد عن ابن عون (1) عن ابن سيرين (2) ، قال : قال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه : كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم غيره ، فجاء الله بالإسلام ، فلما كانت الفتوح ، واطمأنت العرب بالأمصار ، وراجعوا رواية الشعر لم يؤولوا إلى ديوان مدوَّن ، ولا كتاب مكتوب ، وألفَوْا ذلك وقد هلك مِن العرب مَن هلك بالموت والقتل ، فحفظوا بعضا ، وذهب عنهم كثير منه (3) 0
__________
(1) الحافظ المزني عبد الله بن عون أرطبان أبو عون المزني، مولاهم، البصري الحافظ. أحد الأئمة الأعلام. قال خالد بن قرة: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون. قال شعبة: شك ابن عون أحب إلي من يقين غيره! وروى حماد بن زيد عن محمد بن فضالة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: زوروا ابن عون فإنه يحب الله ورسوله. وكانت بعض أسنانه مشدودةً بالذهب، وكان يمكنه السماع من طائفةٍ من الصحابة، وكان ثقةً كثير الحديث عثمانياً. وقيل إن أمه نادته فعلا صوتها فخاف فأعتق رقبتين. وترجمته في تاريخ دمشق عشرون ورقة. ومولده سنة ستٍ وستين، وتوفي سنة إحدى وخمسين ومائة. الوافي بالوفيات 5/450 / المكتبة الشاملة
(2) أبو بكر محمد بن سيرين البصري، كان أبوه عبدا لأنس بن مالك، رضي الله عنه، كاتبه على أربعين ألف درهم، وقيل عشرين ألفا، وأدى المكاتبة. وكان من سبي ميسان، ويقال من سبي عين التمر. وكان أبوه سيرين من أهل جرجرايا، كان صاحب الحسن البصري ثم تهاجرا في آخر الأمر، فلما مات الحسن لم يشهد ابن سيرين جنازته. وكان الشعبي يقول: عليكم بذلك الرجل الأصم، يعني ابن سيرين، لأنه كان في أذنيه صمم. وكانت له اليد الطولى في تعبير الرؤيا. وكانت ولادته لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي تاسع شوال يوم الجمعة سنة عشر ومائة بالبصرة، بعد الحسن البصري بمائة يوم، رضي الله عنهما0 وفيات الأعيان 4/181 ـ183
(3) طبقات ابن سلام ، ص 34(1/32)
فكان الشعر في الجاهلية على ما روي عن / أبي عمرو بن العلاء أنه 7 أ قال : كانوا بمنزلة الأنبياء فيهم ؛ لأن العرب لم يكن في أنديتهم كتاب يرجعون إليه ، ولا حكم يأخذون به ، وكان الشعر عندهم علما لا علم فوقه ، وكان هذا أول ما نشأ الشعر ، ثم رغِب الملوك في اصطناع الشعراء ؛ لِما وجدوا في الشعر من المنافع ؛ فأعطوهم العطايا السنيّة ، فدعاهم ذلك إلى أن خلطوا الباطل بالحق ، وشابوا الكذب بالصدق ، فقالوا في الممدوح ما ليس فيه ، فنزلوا رتبةً عن تلك الدرجة ، ثم نزل القرآن بتهجين الشعر ، حين شبَّه الكفار القرآن به ، فقال عزّ وجلّ تكذيبا لقولهم : [ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ ] (1) وقال : [ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ] (2) فقيل في تفسير هذا : إنهم الشعراء الذين هجَوْا رسول الله ، مثل كعب بن الأشرف (3) ، وابن الزِّبعرَى (4) ،
__________
(1) يس 69
(2) الشعراء 224
(3) كعب بن الأشرف مختلف في نسبه، فقيل من طيء، وأمه من بني النضير، وأن أباه توفي وهو صغير، فحملته أمه إلى أخواله، فنشأ فيهم، وساد، وكبر أمره، وقيل: بل هو من بني النضير. وكان شاعراً فارساً، وله مناقضات مع حسان بن ثابت وغيره في الحروب التي كانت بين الأوس والخزرج، وهو شاعر من شعراء اليهود فحل فصيح، وكان عدواً للنبي صلى الله عليه وسلم يهجوه، ويهجو أصحابه، ويخذل منه العرب، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم نفراً من أصحابه، فقتلوه في داره. الأغاني 22/131ـ133
(4) هو عبد الله بن الزبعري بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم. وهو أحد شعراء قريش المعدودين. وكان يهجو المسلمين ويحرض عليهم كفار قريش في شعره، ثم أسلم بعد ذلك فقبل النبي صلى الله عليه وسلم إسلامه وأمنه يوم الفتح..الأغاني 15/179(1/33)
وغيرهما قبل إسلامهما ممن آذَوْا رسول الله بهجائهم ، والغاوون هم الذين اتَّبعوهم من كفار قريش ، ثم استثنى المؤمنين منهم ، فقال : [إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا] (1) يعني عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت وغيرهم ، نصروا رسول الله بلسانهم ، ودفعوا عنه بشعرهم ، فلولا ما في الشعر من النَّفع والضُّر لما استثنى الله المؤمنين ، ولا جعلهم ممن انتصروا للرسول عليه السلام ممن ظلمه بشعره ، فقال : [وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ] (2) فهجن ما تخرصوه من الكذب ، وما لفظوا به من الكفر بهجائهم رسول الله ، ولم يهجن غيره من الشعر ، ولا أسقط ما فيه من النفع ، ولا أبطل ما فيه من الحكمة ، فقد أُنشد النبي صلى الله عليه وسلم (3) : " من الطويل "
حي ذَوي الأضغان تَسْبِ قلوبَهُم ... تَحيتك (4) القُربَى فقد يُرْقع النَّعَلْ
/ وإن دَحسوا (5) بالودّ (6) فاَعفُ تكرُّمًا وإن غَيَّبوا عنك الحديثَ فلا تَسَل 7ب
فإن الذي يُؤْذيك منه سماعُه وإن الذي قالوا وراءك لم يُقل
فقال النبي عليه السلام: ( إن من الشِّعر حِكْمة، وإن من البيان سحرا ) (7) 0
__________
(1) الشعراء 227
(2) الشعراء 227
(3) الذي أنشد الرسول صلى الله عليه وسلم هو العلاء بن الحضرمي 0 العقد الفريد 2/336 ، والعمدة 1/254ـ255 ، وعيون الأخبار2/18 ، ومعجم الشعراء ، ص 296
(4) في العقد الفريد 2/336 تَحَبُّبَك
(5) دحس بين القوم : أفسد بينهم 0 اللسان ( دحس)
(6) في العقد الفريد 2/336 بالكره ، وفي اللسان ، والذي في سائر الأصول بالكفر 0
(7) النهاية في غريب الحديث والأثر ( سحر ) والذي فيه : إن من البيان لسحرا 0(1/34)
وكان النبي عليه السلام في منزلته من الله ، ومحله من النبوة ، وفضله على جميع الأنبياء يستحسن الشعر ، ويستنشده ، ويغضب من قبيل الشعر ، ويقبل عليه ، ويعفو به عن المخطئين ، ويقبل منهم التوبة ، ويعطي على قيل الشعر ، ويأمر حسان بأن يهجوَ قريشاً ، وأن يأتيَ أبا بكرٍ ليخبرَه بمعايبهم ، وكان أبو عزة الجمحي (1) قد هجاه ، فأُسر يوم بدر كافرا ، فقال : يا رسول الله إني ذو عيال وحاجة فامْنُن عليّ ، منّ الله عليك ، قال : نعم على أن لا تُعين عليّ ، يعني بشعره ، قال فعاهده وأطلقه ، ثم قال : " من الطويل"
أَلا أَبْلِغَا عَنِّي النبَّي مُحَّمداً بأَنَّك حَقٌ والمَلِيكَ شهيدُ
ولكنْ إذا ذُكِّرْتُ بَدْراً وأَهْلَها تَأَوّه مني أعظم وجلودُ (2)
وعاد في هجائه ثم أُسر يوم أحد ، فقال : يا رسول الله مُنّ عليّ ، فقال عليه السلام : ( لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين ، والله لا تمسح عارضيك بمكة ، وتقول : خدعت محمدا مرتين) (3) 0 فقتله ، وقتل هُبيرة بن أبي وهب (4) وكان شاعرا شبّب بنساء رسول الله ، وبكى قتلى بدر 0
__________
(1) هو عمرو بن عبد الله بن وهيب بن حذافة بن جمح ، أبو عزة الشاعر ، انظر أخباره في : طبقات بن سلام ، ص 99، المنمق في أخبار قريش ، ص 538/ الموسوعة الشعرية ، البرصان والعرجان ، ص 63 ـ 64 / الموسوعة الشعرية 0
(2) الأبيات في طبقات ابن سلام ، ص 99 ، وفيه : 0000000000000 بأنك حق والمليك حميد
... ... ... ... 000000000000 تأوّب ما بي حسرةٌ وتعود
(3) صحيح البخاري 19 / 297 ، 298 ، صحيح مسلم 14/277 ، 178 / المكتبة الشاملة ، وانظر طبقات ابن سلام ، ص 99
(4) هو هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ، تزوج أم هانئ ابنة أبي طالب ، وعندما أسلمت وبقي على كفره فرّق بينهم الإسلام ، انظر أخباره في : نهاية الأرب ، ص 10732 / الموسوعة الشعرية ، طبقات ابن سلام ، ص 100(1/35)
وتوعد عبد الله بن الزبعرى ، وكان قد رثى قتلى بدر ، ثم أسلم ، فمدح النبي عليه السلام ، فقبل منه ، وعفا عنه ، وأسلم فقبل إسلامه 0
... وكان كعب بن زهير هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم / فكتب إليه 8أ أخوه بُجير بن زهير أن رسول الله قد قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ، ويؤاخذه بشعره ، فأقدم عليه ، فإنه لا يقتل أحدا أتاه مستسلما ، فجاء متنكرا ، وأنشده مادحا له بقصيدته التي يقول فيها (1) : " من البسيط "
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
وهي كلمة طويلة ، وكساه النبي عليه السلام بُردة اشتراها منه بعد ذلك معاوية ، وهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد إلى اليوم 0
... فهذا ما روي عن النبي عليه السلام في شأن الشعر والشعراء ، وكان كثير من الصحابة يقولون الشعر ، وقد روي عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وغيرهم 0
... وإنما استعان النبي عليه السلام بالشعراء لأن العرب من أهل الجاهلية لم يعرفوا كتابا يفزعون إليه ، ولا حُكما يقتدون به أجلّ عندهم من الشعر والشعراء ، ففزعوا إلى الشعراء عند ظهور النبي عليه السلام ، وحملوهم على هجائه ، وذم ما جاء به من الإسلام ، فاستمالوا قلوب العرب إلى ما طُبعوا عليه ، فقابل رسول الله شعراءهم بشعراء من المسلمين ؛ فردّوا عليهم ، وثبّتوا قول رسول الله عليه السلام ، فكان ردّ الشعراء عنه نصرة له ، ومعونة عليهم ، فلما اتصل من الدين النظام ، وظهرت كلمة النبي عليه السلام ، وأجابته العرب ، وخمد الباطل ، وبطل الاقتداء بالشعراء ، واستُغني عنهم ، صاروا أتباعا بعد أن كانوا متبوعين ، فقصدوا الملوك وأولي الثروة ؛ فتملقوهم ، وتضرعوا إليهم ، وتكسبوا بالشعر ، فاستهان الناس بهم / وقلّوا في عيونهم، فجروا على ذلك في صدر الإسلام وبعده برهة 8 ب
__________
(1) شرح ديوانه ، ص 19(1/36)
من الدهر ، ونشأ فيهم شعراء مطبوعون ، ليس لهم قرائح الأولين من شعراء الجاهلية والمخضرمين ، فاعتادوا المسألة ، وجعلوها صناعة ، فلما طال ذلك ملّهم الناس ، وبرزت العطايا ، وصار الشعر ضعيفا هزلا ، بعد أن كان حكما فصلا ، فبقي النفع بالديوان الأول ، والاحتجاج به على الكلام المختلف فيه ، والقول المتنازع في تأويله ، ولولا ما بالناس من الحاجة إلى تعليم اللغة ، والاستعانة بالشعر على غريب القرآن ، وغريب الحديث ؛ لبطل الشعر وانقرض ذكر الشعراء ، ولعفا الدهر على آثارهم ، ولم يحتج أحد ممن شاهد التنزيل ، وسمع ألفاظ الرسول إلى ذلك ؛ لأنهم قوم عرب مطبوعون على الفصاحة ، ومعرفة اللغة ، واحتاج إليه مَن بعدهم ؛ لأن الإسلام انتشر ، واختلطت اللغات ، قال الزهري (1) : إنما أخطأ الناس في كثير من تأويل القرآن لجهلهم بلغة العرب 0
__________
(1) أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة الزهري أحد الفقهاء والمحدثين، والأعلام التابعين بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة رضوان الله عليهم، وروى عنه جماعة من الأئمة: منهم مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري. ، توفي ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة، وقيل ثلاث وعشرين، وقيل خمس وعشرين ومائة، وهو ابن اثنتين - وقيل ثلاث - وسبعين سنة، وقيل مولده سنة إحدى وخمسين للهجرة، والزهري: بضم الزاي وسكون الهاء وبعدها راء، هذه النسبة إلى زهرة ابن كلاب بن مرة، وهي قبيلة كبيرة من قريش 0 وفيات الأعيان 4/ 177 ـ 179(1/37)
... وقد حثّ النبي وأصحابه على تعلّم اللغة والإعراب ، فروى أبو هريرة أنّ النبي عليه السلام قال : ( أعربوا القرآن ) (1) ، وقال عمر بن الخطاب (2) : تعلموا إعراب القرآن كما تعلمون حفظه ، وقال الحسن البصري (3) : إنّ الرجل ليقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها0
فلما كان كذالك راضَ الناس أنفسهم بتعلم العربية ، ولم يجدوا إلى ذلك سبيلا أوضح من الشعر ، فحفظوا دواوين الشعراء ، فبقي الشعر الأول الصحيح المعاني / مستعملا محفوظا 0 ... ... ... ... ... 9أ
__________
(1) تفسير ابن كثير ـ المقدمة 1/96 ، وفيه : والتمسوا غرائبه ، تفسير القرطبي 1/23 ، 27 المكتبة الشاملة 0
(2) محاضرات الأدباء ، ص 3786 / الموسوعة الشعرية
(3) أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري؛ كان من سادات التابعين وكبرائهم، وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة. وأوبه مولى زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه ، ومولده لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، ويقال إنه ولد على الرق، وتوفي بالبصرة مستهل رجب سنة عشر ومائة، رضي الله عنه0 وفيات الأعيان 2/69 ـ 73(1/38)
وروى أبو عبيدة بإسناد له عن عِكْرِمَة (1) ، قال : رأيت ابن عباس وعنده نافع بن الأزرق (2) ، وهو يسأله ، ويطلب منه الاحتجاج باللغة ، فسأله عن قول الله [ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ] (3) فقال : وما جمع ، ألم تسمع إلى قول الشاعر : (الرجز)
__________
(1) أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله مولى عبد الله بن عباس، أصله من البربر من أهل المغرب، كان لحصين بن الحر العنبري، فوهبه لابن عباس ، حين ولي البصرة لعلي بن أبي طالب ، واجتهد ابن عباس في تعليمه القرآن والسنن وسماه بأسماء العرب. حدث عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري والحسن بن علي وعائشة ، وهو أحد فقهاء مكة وتابعيها ؛ وروى عن جماعة من الصحابة ، وروى عنه الزهري وعمرو بن دينار والشعبي وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم. ومات مولاه ابن عباس وعكرمة على الرق ولم يعتقه، فباعه ولده علي بن عبد الله بن عباس من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فأتى عكرمة مولاه علياً، فقال له: ما خير لك، بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار، فاستقاله وأقاله وأعتقه . وتوفي عكرمة في سنة سبع ومائة، وقيل سنة ست، وقيل سنة أربع، وقيل سنة خمس، وقيل سنة خمس عشرة، وعمره ثمانون، وقيل أربع وثمانون سنة. وفيات الأعيان 3/265 ـ 266
(2) نافع بن الأزرق الحنفي : هو الذي تنسب إليه فرقة الأزارقة من الخوارج ، وهم الذين يرون أن من أقام من المسلمين في دار الكفر فهو كافر يحل قتله ، وقتل أولاده ونسائه ، وكان نافع شجاعا مقداما ، وله مع عبد الله بن عباس ابن عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم مسائل كثيرة في أشياء من غريب القرآن ، فسرها له ابن عباس ، واستشهد عليها بأبيات من شعر العرب ، وقتل ابن الأزرق في الوقيعة بين أهل البصرة والخوارج بدولاب سنة خمس وستين من الهجرة 0 الأوائل ، ص 599 / الموسوعة الشعرية
(3) الانشقاق 17(1/39)
إنّ لنا قَلائصاً حقائقا مُسْتَوسَقاتٍ لو يجِدن سائقا (1)
وسأله عن قوله " [وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ] (2) فقال : الشدة بالشدة ، فسأله عن الشاهد فأنشده (3) : "من الطويل"
أَخو الحَربِ إِن عَضَّت بِهِ الحَربُ عَضَّها وَإِن شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ شَمَّرا
في مسائل كثيرة مشهورة عند أهل النقل (4) 0
__________
(1) ورد هذا الرجزبلا عزو ، في الكامل للمبرد 3/222
(2) القيامة 29
(3) لحاتم الطائي 0 ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) انظر الكامل 3/ 222 ـ 230(1/40)
... ونحن ذاكرون في كتابنا هذا بعون الله وتوفيقه معاني أسماء ، واشتقاقات ألفاظ وعبارات عن كلمات غريبة ، يحتاج الفقهاء إلى معرفتها ، ولا يستغني الأدباء عنها ، وفي تعلمها نفع كثير، ونبدأ بذكر أسماء الله تعالى وصفاته ، وذكر معانيها ، وما يجوز أنْ يُتأول منها ، ثم نتبع ذلك بذكر أسماء لها ذكر في الشريعة ، فنذكر معانيها واشتقاقاتها ؛ لأن أرفع درجات العلماء ، وأجلّ مراتب الأدباء ، معرفة أسماء الأشياء ، والعلم بحقائقها ، فإن الله تعالى أظهر فضيلة آدم بأن علمه [الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 0 قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ] (1) وإنما صار الفضل في معرفة أسماء الأشياء ؛ لأن كل شيء يعرف باسمه ، ويُستدل عليه بصفته ، والصفة تقوم مقام / الاسم ، وتكون خلفا منه ، والله تعالى يُعرف بأسمائه ، 9ب ويُنعت بصفاته ، ولا درك للمخلوقين إلى غير ذلك ، وصفاته أسماؤه ، كقولك : الرحمن الرحيم ، هما من صفاته ، وهما أسماؤه ، وكذلك أسماء المخلوقين وصفاتهم ، فكل شيء يعرف باسمه ، ويُستدل عليه بصفته من شاهد يُدرك ، وغائب لا يُدرك ، وربما يُدعى الشيء باسم لا يُعرف اشتقاقه من أي اسم هو ، بل يكون مصطلحا عليه ، قد خفي على الناس ما أُريد به ، ولأي شيء سُمي بذلك الاسم ، كقولك : الفرس والحمار والجمل والحجر ، وأشباه ذلك ، ومن الأسماء أسماء مشتقة من معان قد فَسّرت العلماء اشتقاقها ومعانيها ، كقولك : آدم ، قالوا : إنما سُمي بذلك لأنه أُخذ من أدم الأرض، والإنس سمي بذلك لظهوره ، والجن لاختفائه ، ويكون اسم بمنزلة الصفة ، كقولك : محمد ، مشتق من الحمد ، والحسن ، مشتق من الحُسن ، والحمد والحسن مصطلح عليهما ، وعلى هذا كل اسم مشتق من غيره ، فالأول
__________
(1) البقرة 31 ـ 32(1/41)
مصطلح عليه ، والمصطلح عليه لا يجوز أن يكون مشتقا من آخر ، ولا يَعرف معناه إلاّ الله تعالى ، ومن الأسماء ما يجر معنيين ، كقولك : الزكاة ، قالوا : هو من النمو والزيادة ، يُقال : زكا الزرع إذا طال ، ويكون من الطهارة ، قال الله : [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا] (1) أي طهّرها ، ومن الأسماء ما يجر ثلاثة معان أو أكثر ، كقولك : الدِّيْن ، يكون الطاعة ، ويكون الجزاء ، ويكون الحساب ، ويكون العادة ، ومن الأسماء ما هي قديمة في كلام العرب ، واشتقاقاتها /10 أ معروفة ، ومنها أسامٍ دلّ عليها رسول الله صلى الله عليه في هذه الشريعة ، ونزل بها القرآن ، فصارت أصولا في الدين ، وفروعا في الشريعة ، لم تكن تُعرف قبل ذلك ، وهي مشتقة من ألفاظ العرب ، وأسامٍ جاءت في القرآن ، لم تكن العرب تعرفها ، ولا غيرهم من الأمم ، مثل : تسنيم ، وسلسبيل ، وغسلين ، وسجين ، والرقيم ، وإتبرق ، سجيل ، وغير ذلك ، وزعم قوم أنّ في القرآن شيء من ألفاظ العجم ، مثل : طه ، واليم ، والطور ، والربانيون ، والزيتون ، والصراط ، والفردوس ، وغير ذلك ،وأنّ بعضها بالسريانية ، وبعضها بالرومية ، وبعضها بالفارسية ، وهذا خطأ عظيم ، والصواب في ذلك ـ والله أعلم ـ أن يُقال : هذه حروف أصلها أعجمية إلاَ أنها سقطت إلى العرب ؛ فعرّبتها بألسنتها ، وحوّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها ، فصارت عربية ، ثم نزل القرآن بها 0
__________
(1) الشمس 9(1/42)
... ومن أسماء الأنبياء في كتاب الله : إبراهيم ، وإسماعيل ، وموسى ، وعيسى ، إنما هي بالعبرانية ، أو بالسريانية : أبرَوهم ، وأشمويل ، وميشا ، وأيسوا ، فعرّبتها العرب ، فهذه الأسماء أعجمية الأصول ، عربية الألفاظ ، فمن قال : إنها أعجمية ، فقد صدق ، ومن قال : إنها عربية ، فقد صدق ، لما ذكرنا ، ومن ذلك : المؤمن ، والمسلم ، والمنافق ، والكافر ، لم تكن العرب تعرفها ؛ لأن الإسلام والكفر والنفاق ظهر على عهد رسول الله ، وإنما كانت العرب تعرف الكافر كافرَ نعمة ، وتعرف المؤمن من جهة الأمان ، والمنافق فلا ذكر له في لغة العرب ، قال الله في المسلم : / [مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ] (1) 10 ب فيجوز أن يكون سماهم بتلك اللغة باسم كان معناه الإسلام ، لأن الله أنزل صحف إبراهيم بالسريانية ، وكان إسماعيل هو الذي تكلم بالعربية ، ولم يوجد اسم الإسلام في كلام العرب ، ولا كان قبل مبعث النبي ، وإنما نزل القرآن بلغة قريش ، وهم من ولد إسماعيل ، فقد دلّ على أنّ إبراهيم لم تكن لغته العربية ، وإنّ الذين سماهم المسلمين إنما هو بلغته ، ومثل ذلك كثيرة في الشريعة ، لا تعرفها العرب على هذه الأصول ، مثل : الأذان ، والصلاة ، والركوع ، والسجود ، لأن الأفعال التي كانت هذه الأسماء لها لم تكن منهم ، وإنما سنها النبي عليه السلام ، وعلمها الله إياه ، وقد كانت الصلاة ، والصيام ، وغير ذلك في اليهود والنصارى ، وكانت اليهودية والنصرانية في العرب ، ويقال : إنّ المجوسية لم تكن فيهم ، على ما ذكره الرواة ، ورووا إنّ أول من مجس من العرب حاجب بن زرارة الدارمي (2) ،
__________
(1) الحج 78
(2) حاجب بن معازية بن زيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس ، أبو عِكرشة ، كان اسمه زيدا ، وإنما سمي حاجبا لعظم حاجبيه ، كان على دين المجوس ، تزوج ابنته دخنوس ، وقيل : بل دخنوس ابنة أخيه لقيط بن زرارة ، وفد على كسرى لما منع تميما من ريف العراق ، فضمن لكسرى إخلاص قومه ، ورهن قوسه على ذلك 0 العقد الفريد 2/ 17(1/43)
وأهل بيته ، ولم يتمجس أحد منهم قبله غيره 0
... ونقول : إن الأعمال التي في شريعة الإسلام قد كان مثلها في اليهود والنصارى ، ولكن لم يكونوا يسمونها هذه الأسماء ؛ لأن شرائعهم لم تكن بلسان العرب ، فلما جاء الله بالإسلام ، وبيّن هذه الأشياء ، اقتدوا بأهل الإسلام ، وصاروا عيالا عليهم ، وقبلوا منه صلى الله عليه ، مع تكذيبهم إياه آيات محكمات / وكلمات بينات أُتي بها في هذه الشريعة لم تعرفها الأمم ، فلما وردت 11 أ عليهم قبلوها قبولا اضطرارا ، فأول ذلك كلمة الإخلاص ، وهي قول : لا إله إلاّ الله ، هذه كلمة جعلها مركز دين الإسلام وقطبه ، ولم تكن الأمم السالفة تقولها على هذا اللفظ بهذا الاختصار ، فلما قالها ، ودعا الناس إليها ، فاستعظمت العرب ذلك ؛ لأنهم كانوا يسمون أصنامهم آلهة ، فقال الله حكاية عنهم : [ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ] (1) يعني جاءتها وهي الحق ، وإلى ذلك دعا المرسلون ، ولكن لم يؤدّوها على هذا اللفظ ، بهذا الكمال والاختصار ، وقبِلها أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ثم [ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] (2) هي آية أنزلها الله على محمد عليه السلام ، وجعلها فاتحة الكتاب ، وفاتحة كل سورة ، فصار ذلك قدوة لجميع الأمم ، قد أقرّوا بفضلها ، وجعلوها مُسَطّرة في صدر كتبهم ، ولم يكن ذلك لسائر الأمم ، ولا عرفوها إلاّ ما ذكره الله عن سليمان بن داود أنه كتب بها إلى بلقيس ، فلم يدوِّنوها هذا التدوين ، ولا عرفوا لها الفضل المبين حتى جاء الله بالإسلام ، فقبلتها (3) الأمم أحسن قبول ، هذا إلى الكلمات غيرها ، مثل قوله : [ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] (4) وقد كان
__________
(1) الصافات 35 ـ 37
(2) الفاتحة 1
(3) كتبت : فقبلها
(4) الفاتحة 2(1/44)
فيما تقدم من الكتب تحميد وتمجيد ، ولكن لم يكن على هذا الاختصار ، ومثل قول : لا حول ولا قوة إلاّ / بالله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل 11 ب وتوكلت على الله ، وروى سفيان (1) عن أبي الزناد (2) عن سعيد بن جُبير (3) ،
__________
(1) أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع ، الثَّوْري الكوفي؛ كان إماماً في علم الحديث وغيره من العلوم، وأجمع الناس على دينه وورعه وزهده وثقته، وهو أحد الأئمة المجتهدين، ومولده في سنة خمس، وقيل ست، وقيل سبع وتسعين للهجرة. وتوفي بالبصرة أول سنة إحدى وستين ومائة متوارياً من السلطان، ودفن عشاء رحمه الله تعالى؛ ولم يعقب. والثوري نسبة إلى ثور بن عبد مناة وفيات الأعيان 2/386 ـ 390
(2) أبو الزناد الفقيه أحد علماء المدينة،وهو أبو عبد الرحمن عبدالله بن ذكوان،لقي عبدالله بن جعفر وأنساً. قال الليث:رأيت أبا الزناد حلقه ثلاث مائة تابع من طالب فقه وعلم وشعر ،تم لم يلبث أن بقي وحده،وأقبلوا على ربيعه،وكذا ربيعة أقبلوا على مالك وتركوه، قال أبو حنيفة:و كان أبو الزناد أفقه من ربيعة. مرآة الجنان ، ص 554 ـ 555 / الموسوعة الشعرية
(3) سعيد بن جبير مولى بني والبة، وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة..كان من كبار العلماء الزهاد، وكان ابن عباس يعظمه، وكان خرج مع محمد بن الأشعث على الحجاج، ثم انحاز بعد قتل ابن الأشعث إلى أصبهان وكان عامل أصبهان ديناً، فأمر سعيدا بالخروج من بلده بما ألح عليه الحجاج في طلبه، فخرج إلى أذربيجان مدة ثم توجه إلى مكة مستجيراً بالله وملتجئاً إلى حرم الله، فبعث به خالد القسري إلى الحجاج فقتله سنة 94 هـ 0 وفيات الأعيان 2/371 ـ374(1/45)
قال : ما أُعطي أحد إنا لله وإنا إليه راجعون إلاّ النبي عليه السلام ، ولو أُوتيه أحد لأُوتيه يعقوب ، حيث يقول : [يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ] (1) ، فهذه الكلمات كلها ظهرت في الإسلام ، على لسان محمد عليه السلام ، باللسان العربي ، ولم يكن لسائر الأمم هذا النظم العجيب ، والاختصار الحسن ، فلما وردت عليهم اضطروا إلى قبولها وتدوينها والإقرار بفضلها ، ولفظوا بها عند وجوب الشكر ، وطلب الصبر في وقت الاتكال والتسليم لأمر الله ، وعند فاتحة كلامهم ، وخاتمته ، وعند كل حادث نعمة ، ونازل مُلمَّة ، وإن كان العلماء الماضون ، ومَن درج من الصالحين قد عرفوا معانيها ، فإنهم لم يرسموها هذا الترسيم لأممهم ، على هذا الكلام والإحكام ، وادّخرها الله لنبيه تفضيلا له وتشريفا لمنزلته 0
... وإنما حذفوا الألف من [ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] (2) ، لأنها في صدر كل سورة ، وكثُرت مع هذا على ألسنتهم ؛ فاستخفوا حذفها لأنها وقعت في موضع معروف ، لا يجهل القارئ معناه ؛ لأن من شأن العرب ألاّ تجاوز (3) الاختصار والحذف ، ألا ترى أنك تقول : بسم الله عند ابتداء كل فعل تأخذ فيه من مأكل أو مشرب أو ذبيحة ، فخف عليهم الحذف ، ولم يحذفوا الألف من قوله : [ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ] (4) وأشباهها ، لأنها لم تكثر كثرة بسم الله ، وقال / قوم إنما 12أ حذفت الألف من بسم الله لأن الأصل كان سِِم ، تقول : هذا اسم الشيء ، وسِم الشيء ، وأنشد : " من الرجز "
بسمِ الذي في كل سُورةٍ سِمُهْ (5)
__________
(1) يوسف 84
(2) الفاتحة 1
(3) كتبت يحازو
(4) الواقعة 74 ، 96 ، الحاقة 52
(5) الألف في بسم الله وصل لأن تصغيره سمي . وحكى أبو زيد في نوادره ، ص 166 أن العرب تقول: هذا اسم وهذا سِم وسُم وأنشد ، وقال رجل زعموا أنه من كلب :
بسم الذي في كل سورة سمه
ويروى سمه، وإنما ضموا السين وكسروها، لأنه سموت وسميت بمعنى ارتفعت وعلوت، فمن قال: سم فكسر فمن سميت ومن قال سم فهو من سموت. ومعنى قولك: أسميت لفلان فلاناً، وإنما هو رفعت له صفته وما يعرفه به حتى عرفه. انظر : الصاحبي ، ص 383 ، وأدب الكتاب للصولي ، ص 33 0(1/46)
قال : وإنما أدخلوا الألف عمادا له ، لأن السِم ناقص ؛ لأنها حرفان ، فضم إليهما الألف ليكون تاما ، فلما دخلت عليه الباء ردوه إلى أصله ، فقالوا : بسم ، ألا ترى أنك إذا صغرت الاسم ، قلت : سُمَي ، فأسقطت الألف ، ورددت الكلمة إلى أصلها ، فهي أيضا تذهب في الوصل والإدراج إذا أُلحقت فيه الباء ، ولو كانت أصلية ثبتت في التصغير ، ويقال : إن الاسم مأخوذ من السمو والرفعة ، وقيل هو السِمة ، وما من شيء إلاّ وقد وسمه الله باسم ، يدل على ما فيه من الجوهر ، فاحتوت الأسماء على جميع العلم بالأشياء ، فعلمها آدم ، وأبرز فضيلته في العلم على الملائكة ، فأول ما بدا من العلم أسماؤه عزّ وجل ، وأول أسمائه الله ، ثم الأسماء كلها منسوبة إليه ، فالاسم سمة الشيء ، والصفة ظهور الشيء وبروزه ، فالاسم للنطق ، والصفة للنظر ، والاسم للسان ، والصفة للعين ، وقال معمر بن المثنى : بسم الله مجازه : هذا اسم الله ، أو بسم الله أول كل شيء ، ونحو ذلك ، وقال : بسم الله إنما هو بالله (1) ، لأن اسم الشيء هو الشيء بعينه ، واحتج بقول لبيد (2) : ( من الطويل )
إِلى الحَولِ ثُمَّ اِسمُ السَلامِ عَلَيكُما وَمَن يَبكِ حَولاً كامِلاً فَقَدِ اِعتَذَر
وتابعه على ذلك أكثر الناس 0
... وقال آخرون : الاسم غير المسمى ؛ لأن الأسماء هي المنبئة عن الشخوص التي تولِّد الأفعال / فالمسمى هو الشخص ، والاسم عبارة عنه ، وهو غيره 12 ب لأن الاسم لفظ ، والشخص معنى سواه ، وقد يُسمى الشيء الواحد بأسماء كثيرة ، فيقع عليها العدد ، مثل السيف ، فإنه يُسمى : السيف ، والمشرفي ، والمُهند والقاضب ، والصمصامة ، والعَضب ، وأشباه ذلك ، فلو كان الاسم هو المسمى ، لكان المسمى بعدد أسمائه 0
اشتقاق أسماء الله ومعانيها
__________
(1) مجاز القرآن 1/16 ، 20
(2) ديوانه ، ص 75(1/47)
الله عزّ وجلّ : تفرد الله بهذا الاسم ، فلم يُسمَ به شيء من الخلق ، ولم يُوجد هذا الاسم لشيء من الأشياء : وأسماؤه كلها نعوت وصفات (1) لهذا الاسم الواحد ، فهو مستولٍ على الأسماء كلها ، منسوب إليه ، قال الله تعالى : [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا] (2) ، وهذا الاسم ليس بمشتق من النعت ، كالقادر من القدرة ، والراحم من الرحمة ، والعالِم من العِلم ، وأصله الإِلَه معرف بالألف واللام ، والألف من نسج الكلمة ، لأنه في الأصل ألَه ، والألف أُدخلت فيه مع اللام للتعريف ، فلما أُدخلت فيه ألف التعريف سقطت الألف الأصلية ، وتُركت الهمزة ، ولكثرة ما تجري على ألسنتهم ، وأُدغمت لام المعرفة في اللام التي تليها ، وفُخِّمت ، وأُشبعت حتى أطبق اللسان بالحنك لفخامة ذكره تعالى ، ثم صارت الألف واللام فيه كأنها من نسج الكلمة ، فقيل : الله ، ومن العرب من حذف الألف واللام من الله ، فيقول : لاهِ أفعل ذاك ، يريد : الله لا أفعل / ذاك على طريق القسم ، قال ذو الأصبع (3) : 13أ (من البسيط )
لاهِ اِبنُ عَمِّكَ لا أَفضَلتَ في حَسَبٍ عَنّي وَلا أَنتَ دَيّاني فَتَخزوني
ومنهم مَن يدخل في لاه الميم ، فيقول : لاهمّ ، قال الشاعر (4) : ( من الرجز )
لاهم هذا خامسٌ إن تما أتمه الله وقد أتما
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبدٍ لك لا ألما
__________
(1) كتبت : نعوتا وصفاتا 0
(2) الأعراف 180
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) لأمية بن أبي الصلت 0 جاء في خزانة الأدب أن البيت الأول لأبي خراش ، وقد ضمه إلى البيت الثاني الذي هو لأمية بن أبي الصلت وكان يقولهما، وهو يسعى بين الصفا والمروة، وقد تمثل النبي صلى الله عليه وسلم ببيت أمية ، وصار من جملة الأحاديث؛ أورده السيوطي في جامعه الصغير، ورواه عن الترمذي في تفسيره، وعن الحاكم في الإيمان والتوبة عن ابن عباس رضي الله عنهما. خزانة الأدب 2/295(1/48)
فقال في بيت : لاهمّ ، وقال في آخر اللهم ، فأدخل فيه الألف واللام (1) 00000 الميم كما يقال في الدعاء اللهم 0
... وقال الحسن البصري : اللهم مجمع الدعاء ، وقال أبو رجاء العطاردي (2) : الميم في قولك : اللهم جماعة سبعين اسماً من أسماء الله ، واللّهم هو في الأصل الله ، فضُمّ إليه أُمّ ، يريدون يا الله أُمّنا بخير ، فكثرت في الكلام فاختلطت ، ويقال أمّمت فلانا إذا قصدته في الأمر، وتقول : يا الله أُمّنا بخير : أي اقصدنا وتعمّدنا ، فاشتقاق الله في الأصل إله كما ذكرنا ، وهو مأخوذ من ألِهَ يَأْلَهُ إذا تحيّر ، كأن القلوب تأله أي تتحير عند الفكر في عظمته ، فلا يعلم أحد كيف هو تبارك وتعالى ، وقال زهير (3) في هذا : (من الطويل )
وَبَيْدَاءَ قَفرٍ تَأْلَهُ العَيْنُ وَسْطَها
__________
(1) هنا فراغ في الأصل بمقدار كلمة ، والمقصود أنه أدخل الألف واللام ( على الهاء و) الميم
(2) اسمه عمران بن تيم ، وقيل ابن ملحان ، وقيل عطارد بن ثور ، من الطبقة الأولى ، من تابعي أهل البصرة ، توفي بالبصرة سنة خمس ومائة ، وله مائة وعشرون سنة أو أقل ، اسلم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،وأخذ عن عمر رضي الله عنه وطائفة. مرآة الجنان ، ص 458/ الموسوعة الشعرية 0
(3) رواية البيت في ديوانه ، ص 247 : وَبَيداءَ تيهٍ تَحرَجُ العَينُ وَسطَها مُخَفِّقَةٍ غَبراءَ صَرماءَ سَملَقِ(1/49)
تأله العين وسطها : أي تتحير العين فيها لِسعتِها وطولها ، وقال وهب بن الورد (1) : إذا وقع العبد في إلهانية الرب ، ومهيمنية الصديقين / ورهبانية الأبرار 13 ب لم يجد أحداً يأخذُ بقلبه ، ولا تلحقه عينه (2) 0 فكأن العبد إذا فكر في الله تحير، فلا يقدر أن يجده ، أو يصفه إلاّ بما وصف به نفسه من أسمائه الحسنى 0
ومعنى قولهم : فلان يتألَّه ، فهو مشتق من الأله ، أي يتفعّل ، كما يقال : يتعبد ، أي يلزم العبادة ، فيتألَّه ، أي يلزم الأعمال التي تُقرِّبه إلى الإله 0
__________
(1) ورد له ذكر في المستطرف 1/187 ، حيث يقول : بلغنا أن الحكمة عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت ، والعاشر في عزلة الناس 0وقد روى عنه ابن المبارك 0
(2) ورد هذا القول في كتاب المجالسة وجواهر العلم لأبي بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري ، الفقرة رقم (3072) ، وقال ابن قتيبة في هذه الفقرة : إلهانية الرب مأخوذ من أله ، كأن القلوب تأله عند التفكر في عظمته ، يقول : إذا وقع العبد في عظمة الله وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية وبلغ هذه الدرجة فلم يعجبه أحد ، ولم يحب إلاّ الله عز وجل ، ومهيمنة الصديقين يعني أمانة ، قال الله عز وجل ، ومهيمنا عليه ، يعني أمينا عليه يقال وشاهدا عليه وهما متقاربان 0(1/50)
الرحمن الرحيم : قال المبرد (1) : الرحمن الرحيم هو اسم واقع على وزنين : فَعْلان وفَعِيل ، مثل : ندمان ونديم ، وأنشد : ( الوافر )
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكأسَ طِيباً (2)
وعلى فَعْلان لا يجوز أن يقال إلاّ لله تعالى ، يقال له رحمان ، ولا يقال لغيره ، ورحيم ، وسميع ، وعليم ، يجوز أن يُنعت به مخلوق ، تقول : مررت برجل سامع وسميع ، وعالم وعليم ، قال الله : [ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ] (3) ، فالرحمن هو الذي يرحم المضرور ، ويقدر على دفع الضرّ عنه برحمته ، وهو نعت لله ، أي مَلِك الرحمة إنْ شاء رحِم ، فكشف الضر ، وهو عليه قادر ، والرحيم الذي يَرِق له بالرحمة ، فإذا رقّ له بالرحمة تعطّف عليه ، وكشف الضر ، وكذا قال المفسرون أحدهما أرق من الآخر0000000000000000000000000000000000 (4)
__________
(1) أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن حسان بن سليمان بن سعد بن عبدالله بن زيد بن مالك بن الحارث بن عامر بن عبد الله بن بلال بن عوف بن أسلم، الأزدي البصري المعروف بالمبرد النحوي؛نزل بغداد، وكان إماما في النحو واللغة، وله التواليف النافعة في الأدب: منها كتاب الكامل وكتاب الروضة والمقتضب وغير ذلك. أخذ الأدب عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وغيرهم وكانت ولادة المبرد يوم الاثنين عيد الأضحى سنة عشر ومائتين، وقيل سنة سبع ومائتين وتوفي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة، وقيل ذي القعدة، سنة ست وثمانين، وقيل خمس وثمانين ومائتين ببغداد، ودفن في مقابر باب الكوفة في دار اشتريت له 0 وفيات الأعيان 4/ 313 ـ 322
(2) والبيت لعمرو بن شأس الأسدي ، وهو بتمامه :
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكأسَ طِيباً سَقَيْتُ إِذا تَغَوَّرَتِ النُّجُومُ
ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(3) يوسف 76
(4) الورقتان14 ، 15 مفقودتان(1/51)
/ لا يزال، لأن الذي لا أول له ، لا آخر له (1) ، فلما دلّ ذلك على أنه لم يزل16 أ ، ولا يزال ، دلّ على حدوث كل شيء سواه ، فلما أثبت أنّ الأشياء مُحدثة ، وأن المُبدِع لها لم يزل قبلها ، ولا يزال بعدها ، فهو الأول الذي كان قبلها أوليا ، والآخر الذي يكون بعدها أبديا ، تبارك وتعالى 0
وقال ابن عباس في ذلك يقول الله : أنا الأول ، فلم يكن لي سابق من خلقي ، وأنا الآخر ، فليس لي غاية , ولا نهاية 0
الظاهر والباطن : قيل له تعالى ظاهر؛ لظهور صنعته ، فكأن ما يُرى من آثار صنعته ، دالة أنه محدِثُها و مدبرها وصانعها ، وكانت آنيّته ظاهرة فيها واضحة كما تَرى بناءً ، فتعلم أنّ له بانِياً ، وكأن ظهورَ البناء ظهورُ الباني ، وقيل له باطن لأنه خفي عن أنْ تُظهرَه الخلائق بكيفيته ، أو تحيطَ به أوهامُهم ، أو تدركَه عقولُهم ، فلما كان هكذا قيل له الباطن 0
وقال ابن عباس في ذلك : يقول الله أنا الظاهر ، ظهرت فوق الظاهرين بقهري المتكبرين ، وأنا الباطن ، فليس من دوني إله ، ولا لي قاهر 0
__________
(1) يتحدث هنا عن اسميه سبحانه : الأول والآخر(1/52)
الدائم : قيل له تعالى دائم ؛ لأنه لم يزلْ ، ولم يَخْتَلِف (1) أحداً ، فزعم أنه مُبدَع ، إذ كان كل من أقرّ به أقرّ أنه لم يزل ، ومَن أنكرهُ زعم أنَّ العالَم لم يزل ، فأثبت الصفة للعالَم بالأزلية ، ولم ينكر الأزلية ، فلما كانت الأزلية ثابتة بلا مخالف ، فلما أقروا لنا بالأزلية ، وأنكرناها للعالَم ، وجب عليهم إثباتها للعالَم بلا مخالف ، إذ كانوا مقرين بآنية الأزلية ، فلما لم / يقدروا على إثباتها للعالَم بلا مخالف ، 16ب وكانوا مقرين بأنيّتها ثبتت لمبدع العالَم ، وكانت عندنا لله بما ثبت من الأدلة ، وكانت الأزلية توجب الإبداع ، وهما جميعا موجودان ، فقلنا : الأزلية له تعالى ، والإبداع للعالَم ، فلما ثبت أنه لم يزل ، ثبت أنه لا يزال ، وأنه الدائم الخالق للزوال والانتقال ، والزيادة والنقصان ، فهو الخالق للزمان والمكان ، والحدود والأوقات التي فيها الزيادة والنقصان 0
الخالق والخلاّق والقادر : ومن صفاته الخالق والخلاق ، وقد جاءت الصفتان جميعا في القرآن [الْخَالِقُ الْبَارِئُ ] (2) ، وقال [ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ] (3) ، وهما جميعا من خلق يخلق خلقا، فهو خالقٌ وخلاّق ، فالخالق معناه أنه ابتدأ الخلق أول مرة ، والخلاّق لأن من شأنه أن يخلق إلى آخر الدهر ، حتى يتم الخلق ، فأحدهما على وزن فَاعِل ، مثل قاتل ، وجازر ، والآخر على وزن فعّأل ، مثل قتّال وجزّار ، والخَلْق المصدر ، والخلق الاسم أيضا ، قال تعالى : [هَذَا خَلْقُ اللَّهِ] (4) ومعنى الخلق واشتقاقه القدير ، يقال خلقَ إذا قدرَ ، قال زهير يمدح رجلا (5) : ( الكامل )
فَلَأَنتَ تَفري ما خَلَقتَ وَبَعضُ القَومِ يَخلُقُ ثُمَّ لا يَفري
__________
(1) بمعنى يَخْلُف
(2) الحشر 24
(3) يسن 81
(4) لقمان 11
(5) شرح ديوان زهير ، ص 94(1/53)
يقول : تقطع ما قدرت ، وتتم ما ابتدأت ، وبعض القوم يقدر ولا يقطع ، ويبتدئ ولا يتمم ، وإنما سمّى نفسه تبارك وتعالى خالقا لأنه قدَّر الأشياء كلها ، ثم أمضاها ، فهو الخالق في ابتدائه الخلق ، الخلاّق في تتميمه إياه إلى آخر الدهر بعلم وحكمة وصلاح / والخالق هو المُقدِّر بعلم ، يقال : خلق إذا قدّره بعلم ومعرفة 17أ وخرقه إذا قدّره بغير علم ولا معرفة ، وقيل لمن لا يحسن العمل أخرق ، وللمرأة خرقاء ، قال الله تعالى : [ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ] (1) فسمى فعله خلقا إذ كان بعلم وحكمة ، وسمى فعلهم خرقا إذ كان جهلا وفسادا 0
وقال أبو عبيدة (2) : خرقوا ، اختلقوا الكذب ، افتعلوه 0 والقادر هو من قدّرتُ الشيء أقدِّره قدْرا ، بجزم الدال ، وقادر وقدير على وزن فاعل وفعيل ، هو في معنى فاعل ، يقال : قدَر الشيء وقدّره ، فهو قادر ، هذا في معنى التقدير ، ويكون في معنى الغلبة والقهر والتمكن ، ولا يجوز بالثقيل ، بل يكون مخففا ، ولا بطرح الصفة إذا أردت به معنى الغلبة ، يقال : هو قادر عليه ، وقدير عليه ، قال الله : [ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ] (3) 0
البارئ : ومن صفاته البارئ ، قال أهل اللغة : برأ الله الخلق أي خلقه ، والبرية الخلق ، والبارئ الخالق ، وأكثر العرب لا يهمزونها ، وهي فَعِيْلَة في معنى مفعولة ، وقال آخرون : هو مأخوذ من بريت العود ، وقال آخرون : هو من البَرى ، وهو التراب ، وجمع البرية البرايا ، فخلق تعالى الخلق أولا فقدره ، ثم براه أي سواه وعدّله ، ويقال : بريتُ القلم أي نحتّه وسويته ، وبرى القوس إذا نَحَتَها ، فكأن الله برى الخلق ، أي سواه على علم وحكمة ، كما يبري الباري القوس على علم وحكمة ويسويها 0
__________
(1) الأنعام 100
(2) مجاز القرآن 1/203
(3) الأحزاب 27 ، الفتح 21(1/54)
المصور : / قال بعض العلماء قال الله تعالى : [ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ] (1) 17 ب
فابتدأ بالخالق ، ثم بالبارئ ، ثم بالمصور ؛ لأنه قدّر تراكيب الخلائق ثم برأ لها النسمات ، ثم أظهر صورها ، فقامت تامة بتدبيره ، فالصورة اشتقاقها من صار يصير ، ومعناه التمام والغاية ، ومن أجل ذلك قالوا : إلى ماذا صار أمرك ، أي إلى أين انتهى ، وما غايته ، وقيل للتماثيل تصاوير ، لأنها مُثِّلتْ على مثال الصور ، فكأن كل أمر إذا انتهى إلى غايته وتمامه ، ظهرت صورته ، وبرز مثاله ، ويقال : كيف صورة هذا الأمر ، أي كيف مِثاله ، فسمّى نفسه تعالى مصوِّرا ، لأنه ابتدأ تقدير الخلائق ، وهو يتممها حتى تصير إلى غاياتها ، تبارك الله المصور 0
السلام : قال الله تعالى : [ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ ] (2) قال بعض أهل العلم : سمى الله نفسه سلاما لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء والموت والزوال والتغيير ، وقال بعض أهل اللغة : إنّ السلام بمعنى السلامة ، كما يقال الرضاع والرضاعة ، وقال الله تعالى : [ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ] (3) فالسلام هو الله ، وداره الجنة ، ويجوز أن يكون سماها دار السلام لأن الصائر إليها يسلم فيها من كل ما يكون في الدنيا من الآفات كالمرض والموت والهرم ، وغير ذلك ، فلذلك قال : [ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ] (4) ومنه يقال : السلام عليكم ، يراد اسم السلام عليكم / كما يقال اسم الله عليكم ، ويجوز أن يكون معناه السلامة عليكم ولكم ، 18 أ
__________
(1) الحشر 24
(2) الحشر 23
(3) يونس 25
(4) الأنعام 127(1/55)
وقالوا في قوله : [ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ] (1) ، سدادا من القول وصوابه ، فكأنه سمّى السداد والصواب سلاما ؛ لأنه قد سلم من الكذب والغيبة والإثم ، والله تعالى وضع هذا الاسم بين عباده ليكون أمانا لهم فيما بينهم ، فإذا سلّم أحدهم على الآخر فقد أعطاه الأمان ، كأنه يقول : سلمت منِّي أن أتناولك بقول أو فعل ، ومن ذلك قال النبي عليه السلام : ( المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) (2) ، والسلام السلامة ، قال لبيد (3) : ( مجزوء الكامل )
المَرءُ يَدعو لِلسَلامِ وَطولُ عَيشٍ قَد يَضُرُّه
يريد السلامة ، وقال تعالى : [ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ] (4) أي سلّمهم الله في الدنيا من آفاتها ، وسلموا في الآخرة من عذاب النار فسلموا في الدارين ، فلذلك كرر سلاما سلاما 0
المؤمن : ومن صفاته تعالى المؤمن ، وأصله من الأمان ، كأنه آمن عباده أن يظلمهم ، أي أعطاهم الأمان على ذلك ؛ لأنه العادل في حكمه، لا يظلم خلقه ، ولا يجور عليهم ، ويقال : آمن الأمير فلانا ، أي أعطاه الأمان ، فلا يخاف عاديته ، ولا يخشى سطوته ، فهو مؤمن له ، وهو على وزن افعلَ فهو مُفْعَل ، والمفعول به قد أمِن يأمن فهو آمِن فَعِل يَفْعَل فهو فاعل ، فالعباد آمنون أن يجور الله عليهم ، فالله يؤمنهم ، قال النابغة (5) : " من البسيط " ... ... ... ... ...
/ وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرَ تَمسَحُها رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَّنَد 18 ب
__________
(1) الفرقان 63
(2) سنن النسائي 15/182 ، مسند أحمد 14/227 ، وفيهما من سلم الناس من لسانه ويده 0 المكتبة الشاملة
(3) ديوانه/ الموسوعة الشعرية 0
(4) الواقعة 25
(5) ديوانه ، ص 35 ، وفيه : بين الغيل والسعد 0(1/56)
يعني أمّن الطير في الجو من أن يُصطاد فهو مُؤَمِّنٌ لها إذا عاذت بالحرم ، ويقال للعبد مؤمن ، وهو هاهنا من التصديق ، قال الله تعالى : [ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ] (1) معناه وما أنت بمصدِّق لنا ، فيقال للعبد : قد آمن بالله ورسله ، أي صدّق الله وصدَّق رسوله ، بما ألقى إليه من الوعد والوعيد ، وإنما قيل للصدق مؤمن ؛ لأنه لما صدقه استسلم ، وآمن من كان على مثل تصديقه ، فيكون المؤمنون بعضهم في أمان بعض ، من ذلك قول رسول الله عليه السلام : ( المؤمن من أمن جاره بوائقَه ) (2) 0
المهيمن : ومن صفاته تعالى المهيمن ، وقد اختُلف في المهيمن فقال قوم : هو الشاهد ، وقال آخرون : الأمين ، وقال آخرون : الرقيب ، فسمّى نفسه عزّ وجلّ مهيمنا ؛ لأنه شهيد على كل نفس بما كسبت ، لا يخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه شيء ، وهو الرقيب عليهم ، يعلم سرائرهم ، ويُحصي أعمالهم ، وهو الحافظ عليهم ، الدافع عنهم ، الأمين الذي لا يُنقِصهم من حسناتهم ، ولا يَلِتْهم من أعمالهم شيئا ، فتبارك الله المهيمن 0
العزيز : ومن صفاته تعالى العزيز ، والعزيز على وجوه ، يقال : عزّ إذا امتنع فلم يقدر عليه ، ومنه يقال للشيء إذا لم يوجد قد عزّ أي قلّ في أيدي الناس وامتنع من الوجود ، فقيل : عزّ الله ، وهو عزيز ، ولزمه هذا الاسم على / الحقيقة إذ لم 19 أ
__________
(1) يوسف 17
(2) جاء في الأمالي الشجرية ، ص 140/ الموسوعة الشعرية : إن الرجل لا يكون مؤمنا حتى يأمن جاره بوائقه يبيت وهو آمن من شره ، إنما المؤمن الذي نفسه منه في عناء والناس منه في راحة 0 وفي أساس البلاغة ، والصحاح ، وتاج العروس ( بوق ) : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ، وفي تهذيب اللغة ( باق ) : ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ، وفي لسان العرب (أمن ) : لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه 0(1/57)
يقدر على كيفيته ، ولم تخلص هذه الصفة إلاّ له ، إذ كان كلُّ عزيز من الأشياء يوجد على حال ما ، وهو تعالى ممتنع من أن تدركه الأوهام والصفات والخطرات ،
ويكون العز من الغلبة والقهر ، يقال : عزّ إذا قهر وغلب ، قال الله تعالى : [ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ] (1) أي غلبني ، ويكون العز المنعة ممن يناوئه ويكابده ، ويقال : فلان في عزّ ، أي في منعة ، قال أبو النجم (2) : "من الرجز"
يَدفَعُ عَنها العِزُّ جَهلَ الجُهَّلِ
وقال الله تعالى : [ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ] (3) قال : معناه الأَنَفَة والحميَّة ، ومعنى قوله : [ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ] (4) نزلت في أبي جهل ابن هشام ، لأنَّه حين أنزل الله : [ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ ] (5) الآية ، قال أبو جهل : أيوعِدُني محمد بهذا ، فوالله لأنا أعزّ مَن بين جبليها 0 تعزّز بغير عز ، وتكرّم بغير كرم ، عزة وحمية ، فالعزة من العبد الحمية والأنفة وهي مذمومة ، قال الله : [ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ] (6) وهي لله مدحة وثناء ، وفي الحديث : ( يقول الله الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، والعزة لي ، لا لغيري ، فمن نازعني في شيء منها أدخلته جهنم خالدا فيها مصغرا قمئا ) (7) ، وقيل للملك عزيز ؛ لأنه قاهر لمن ناوأه من رعيته ، ممتنع من أن تناله يد أحد بظلم ، ممتنع من البروز ، محتجب عن الناس ، فهو لا يُشاهَد إلاّ قليلا ، والله عزيز أي غالب لمن ناوأه ، قاهر له ، ممتنع من أن يكيده كائد ، ممتنع من أن يدركه أحد بصفة أو وهم ، عزّ الخلق كله بالقهر والغلبة / وامتنع عن الكل ، قدير على ذلك تعالى 0 19 ب
__________
(1) سورة ص 23
(2) ديوانه 0 الموسوعة الشعرية 0
(3) سورة ص 2
(4) الدخان 49
(5) الدخان 43 ، 44
(6) البقرة 206
(7) سنن أبي داود 11/127 ، سنن ابن ماجة 12/111 ـ 112 ، مسند أحمد 18/81 / المكتبة الشاملة 0(1/58)
الجبار : ومن صفاته تعالى الجبار ، والجبار في اللغة هو النخل الذي قد طال ، وفات اليد (1) ، ويقال : نخلة جبارة إذا طالت ، فلم يقدر المتناول أعلاها ، وناقة جبار بلا هاء إذا عظمت وسمنت والجمع جبائر ، وفرس جبار إذا كان قويا مُشرفا ، ويقال للملك جبّار إذا تكبر على الناس ، واحتجب ، فلم يوصل إليه في ظُلامة ، ولم يُكلم هيبة له ، فكأنه سمّى نفسه جبّارا ؛ لأنه ارتفع عن أن يتناوله أحد ، أو يدركه أحد بحد أو صفة ، فلا يقدر مظلوم أن يدفع إليه ظلامته ، ويتظلم من ظالم في الدنيا ، بل أخّر الحكم بين عباده إلى يوم الجزاء ، وقال قوم الجبار هو من جبر الخلق ، أي نعشهم وكفاهم ، يقال : جبر الخلق ، فهو جابر ، والجبّار الفعّال ، كما تقول غافر وغفّار ، وقال قوم : الجبّار من الإجبار ، أي أنه أجبر الخلق على ما أراد ، فلم يقدر أحد أن يخالف مشيئته ، أو يفوت قضاءه ، وهذا خطأ ؛ لأنه لا يقال : أفعل من فعّال ، وقد قُرئ شاذا:( أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَّادِ) (2) مشدد فعّال من أرشد 0
__________
(1) أي يد المتناول
(2) كتبت : اهدنا سبيل الرشاد ، وهذا غير صحيح 0 انظر غافر ، الآية 38، وهذه قراءة معاذ بن جبل 0 مختصر في شواذ القرآن ص 132 ،(1/59)
المتكبر : ومن صفاته تعالى المتكبر ، يقال : تكبّر الرجل إذا أعلى نفسه وترفع ، والتكبّر التعظُّم ، يقال : تكبَّر واستكبر ، كما يقال : تيقَّن واستيقن ، فيكون معناه تعظم ، وهو من الكِبر ، والكِبر العظمة ، ويقال لمعظم الشيء كِبره بكسر الكاف ، قال الله تعالى : [ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ ] (1) ، وهو ذم للعبد ، ومِدحة لله تعالى ، والكِبر مأخوذ من الكبر/ ، وهو الامتناع وقلة الانقياد ، والصعوبة قال 20 أ حميد (2) في صفة ناقة : " من الطويل "
عفَتْ مثلَ ما يعفو الطَّلِيحُ فأصبحَتْ بها كبرياءُ الصعْبِ وهْيَ رَكوبُ (3)
والكبرياء والكُبر واحد ، ويقال : الكبرياء المُلك ، وقال مجاهد : [وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ] (4) إنه الملك ، فالكبرياء والكبر لله ، لأنه امتنع من الانقياد لخلقه في حكمه ، فتعظم وتكبر أن يتأوله أحد بصفة ، أو يدركه مخلوق بنعت ، بل أعلى نفسه عن ذلك ، والخلق كله منعوت موصوف غير ممتنع من النعت والصفة ، تبارك الله المتكبر 0
سبُّوح : ومن صفاته تعالى سُبوح ، وهو اسم مبني على فُعُّول من قولك سبحان الله ، ومعناه براءة لله وتنزيه وتبعيد من الكذب ، أو أن يكون له ولد وزوجة ، ونحو ذلك مما يُنفى عن الله جلّ ذكره 0
__________
(1) النور 11
(2) حميد بن ثور بن عبد الله وقيل ابن حزن بن عامر بن أبي ربيعه بن نهيك بي هلال الهلالي، ويتصل نسبه بنزار بن معد أبو المثني أحد المخضرمين من الشعراء، أدرك الجاهلية والإسلام، وقيل إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن مندة لما أسلم حميد أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأنشده ، مات حميد بن ثورٍ في خلافة عثمان - رضي الله عنه -. معجم الأدباء 11/ 8 ـ 13
(3) ديوانه 0 الموسوعة الشعرية 0
(4) يونس 78(1/60)
قُدُّوس : القدوس حرف مبني على فُعُّول مثل سبوح ، والتقديس قريب من التسبيح في المعنى ، فمن قدس الله فقد نزّهه من الشرك كمن سبحه ، وقال الله حكاية عن الملائكة : [ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ] (1) قال أبو عبيدة (2) : نقدس لك : نطهِّر لك ، والتقديس التطهير ، ونُسبِّح : نُصلي ، تقول : قد فرغتُ من سُبحتي أي من صلاتي ، والقُدس الطهارة ، ومنه قيل الأرض المقدسة ، يُريد المُطهَّرة ، وحظيرة القدس ذكر قوم إنها الجَنَّة، لأنها موضع الطهارة من الأدناس
/ التي تكون في الدنيا ، مثل : الغائط ، والبول ، والحيض وأشباه ذلك ، 20 ب
ومنه روح القدس ؛ لأنه تنزل على كل طاهر من الأنبياء والرسل ، وتطهر كل من نزل عليه ، وبيت المقدس من ذلك ، كأنه البيت المقدس أي المُطهَّر 0
الحي القيوم : ومن صفاته تعالى الحي القيوم ، والحي من الحياة ، أي أنه الدائم الذي لا يفنى ، حيّ لا يموت ، والتحية مأخوذ من الحياة ، وفي التشهد : التحيات لله ، أي الحياة لله ، وتقديرها من الفعل تفعلة ، فيعني أن البقاء له والدوام 0 والقيوم القائم ، وهو الدائم الذي لا يزول ، وقال ابن عباس : معنى الحي قبل كل حي، والحي بعد كل حي، الذي لا يفنيه الدهر ، ولا يغيره انقلاب الأمور ، والقيوم القائم على العباد بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم ، تبارك الله الحي القيوم 0
__________
(1) البقرة 30
(2) مجاز القرآز 1/36(1/61)
الغفور : ومن صفاته الغفور ، يقال غفور وغفّار وغافر ، ثلاث لغات ، وهي من المغفرة ، والمغفرة الستر ، كأنه يستر ذنوب العباد إذا رضي عنهم ، فلا يكشفها للخلائق ، ويقال : غفر غفرا ، ومنه قيل : اللهم غفراً ، ويقال : لجُنة الرأس مِغفر لأنه يغطي الرأس ويستره ، فالغفور على وزن فَعُول ، يعني أن من شأنه أن يغفر الذنوب ، كما يقال فلان صدوق أي من شأنه الصدق ، والغفّار هو الذي يغفر ذنبا بعد ذنب ، كأنه يغفر ذنوبا كثيرة ، مرة بعد مرة ، وهو على وزن فعّال ، كما يقال : رجل قتّال ، والتشديد يدل على التكرير ، وأما الغافر فإنه بالإضافة / يقال: 21أ غافر الذنب ، قال الله تعالى : [ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ] (1) وهو على وزن فاعل كما تقول : قاتل الرجل ، والتخفيف يدل على التقليل ، وقال بعض أهل العلم : قيل له غفّار لأنه خلق المغفرة لرحمته لخلقه ، ولم ير أحدا أقدر على المجازاة بالذنب منه ، فغفر الذنب ، فلذلك قيل له غفّار 0
مالِك ومَلِك ومليك : ومن صفاته تعالى المَلك والمالِك والمليك ، وقد جاء بها القرآن وهي مشتقة كلها من المِلك والمُلك ، ويقال له مالك كل شيء ، ولا يقال مِلك كل شيء ، إنما يقال : مَلِك الناس ، فمالك أوسع وأجمع، فالله تعالى المَلك الحق، الذي لا يموت ، ولا يُسلب ملكه، له الملك الدائم ، لم يزل ، ولا يزال ، وكل مَلِكٍ سواه فهو جعله مَلِكا بعد أن لم يكن ، وهو يسلبه ملكه بموت أو غيره ، قال الله تعالى : [ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ] (2) الآية ، وقال أبو عبيد (3) :
__________
(1) غافر 3
(2) آل عمران 26
(3) القاسم بن سلام أبو عبيد : كان أبوه رومياً مملوكاً لرجل من أهل هراة، وكان أبو عبيد إمام أهل عصره في كل فن من العلم، ومات سنة
ثلاث وعشرين ومائتين، أو أربع وعشرين ومائتين أيام المعتصم بمكة، وكان قصدها مجاوراً في سنة أربع عشرة ومائتين، وأقام بها حتى مات عن سبع وستين سنة، وأخذ أبو عبيد عن أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي وأبي محمد اليزيدي وغيرهم من البصريين، وأخذ عن ابن الأعرابي، وأبي زياد الكلابي، ويحيى بن سعيد الأموي، وأبي عمرو الشيباني، والفراء، والكسائي من الكوفيين، وروى الناس من كتبه المصنفة نيفاً وعشرين كتاباً في القرآن والفقه واللغة والحديث 0 معجم الأدباء 16/255 ـ 261(1/62)
المالك يكون مَلِكا ، وغير مَلِك ، ولا يكون المَلِك إلاّ مالِكا 0
الحكيم : إنما سَمّى الله تعالى نفسه حكيما لأنه أحكم ما خلق ، فلم يفته شيء ، ولم يكن فيه خلل ، ولم يعجزه شيء من لطيف الخلق وجليله ، ويقال في كلام العرب : أحكمت الشيء أي استوثقت منه ، ومنعته أن يفسد، وأحكمت البناء أي بنيته بناء لا يتداعى ، فالله تعالى أحكم كل شيء خلقه ، فحجز بين المتضادات بالمتشاكلات ، وجعلها مصلحة بينها ، فحجز بين الحر والبرد بالبال واليبس، وجعلها يخصّ بعضها بعضا ، ويجمع بعضها قوى بعض، ويفرّق / بعضها أجزاء بعض ؛ قواما 21 ب
للعالم ، وصلاحا للحرث والنسل ، ولم يعجزه شيء أراده من ذلك ، فاعتدل العالم وما فيه بحكمته جلّ وتعالى 0(1/63)
الواسع الكريم : ومن صفاته الواسع ، وهو الغني ، يقال : أعطاه من سَعة ، أي من غِنى ، وقال تعالى : [لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ] (1) أي ذو غنى من غناه ، ويقال : وسّع الله على فلان أي أغناه ، والكريم هو الصفوح عن الذنوب ، هكذا قال المفسرون ، في قوله : [فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ] (2) أي صفوح ، وقال أهل اللغة : الكريم المرتفع من كل شيء ، يقال : فلان أكرم قومه أي أرفعهم منزلة ، وأعظمهم قدرا ، وكذلك يقال في كل شيء : ارتفع من منزلة نظرائه ، يقال : غرس كريم ، وناقة كريمة ، وشجرة كريمة ، قال الله : [ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ] (3) يراد بهذا كله الارتفاع والشرف والفضل ، قال الله تعالى : [ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ] (4) أي شريف ، ويقال : سُمِّي كريما لأنه كان مختوما ، وقيل لشرف صاحبه ، ويقال : الكريم الذي لا يمن إذا أعطى ، فيكدر العطية بالمن ، فقيل لله واسع كريم ؛ لأنه غني عن خلقه ، يعطي من سَعة ، ولا تنقصه العطايا 0وهو الكريم ؛ لأنه صفوح عن ذنوبهم ، مرتفع عليهم ، غالب لهم بالسلطان ، والملك لا يمن بالعطاء عزّ وجلّ 0
__________
(1) الطلاق 7
(2) النمل 40
(3) لقمان 10
(4) النمل 29(1/64)
الوهّاب والواهب والجواد والغني : ومن صفاته الوهاب والواهب ، فالواهب الذي لا يبخل على خلقه ، فوهب لكلٍ ما يحتاج إليه ، والوهّاب لأن من شأنه الهبة ، فخلق الخلق كله ، ووهب بعضه / لبعض ، ولم يبخل بشيء منه بل وهبه22 أ كله لحاجة بعضه إلى بعض ، فجاد به واستغنى عنه ، إذ لم يخلقه لحاجة منه إليه ، ولا حبسه بخلاً به ، والجواد في اللغة هو الذي يتفضل على مَن لا يستحق ، ويعطي مَن لا يسأل ، ويعطي الكثير ، ولا يخشى الفقر ، ويهب الشيء بلا تقدير ، بل يهب كثيرا حتى لا يقادر قدره ، فذاك يقال له الجواد ، ومنه قيل : مطر جواد إذا جاء كثيرا بلا مقدار ، وفرس جواد ؛ لأنه يعدو عدوا كثيرا ، فالله عطاياه لا تُحصى ، وهو يجود على من لا يسأله ، ويعطي من لا يستوجب ، وهباته لا يقادر قدرها ، تبارك الجواد 0
اللطيف الخبير : ومن صفاته اللطيف ؛ لأنه لطف في صنعته لرأفته ، فلم يدع شيئا من لطيف صنع إلاّ خلقه بحكمته ؛ رفقا بعباده، وعلما بما يصلحهم ، واللطف في معنى الرفق والعِلم بالشيء ، يقال : فلان لطيف الكف ، أي رفيق بعمله ، عالم به ، حسن التأتي له ، ويقال : ألطف لفلان في هذا الأمر : إذا أمره أن يتأتى له من وجهٍ يخلص إلى بغيته منه ، فالله تعالى لطفَ للخلائق كلهم حتى وصلوا إلى ما يصلحهم بلطفه ، والخبير العالم بالشيء ، يقال : فلان يخبُر هذا الأمر ، أي يعلمه ، فالله تعالى خبير بالأشياء ، لا يخفى عليه منها شيء ، جلّ اللطيف الخبير 0(1/65)
الجليل العلي العظيم المتعالي : تبارك وتعالى جده ، وإنما قيل جليل عظيم ؛ لأنه خلق الخلق الجليل العظيم ، فاستدللنا عليه بهذا الخلق العظيم ، وإن كان جليلا عظيما فإن الحواس قد أحاطت به / والمشاعر قد حوته ، فالخالق جلّ عن 22 ب أنْ تحيط به الحواس ، أو تبلغَه المشاعر ، أو تدركَه الأوهام ، أو تبلغَه الخطرات ، وتعالى عن ذلك ، يعجز المخلوقون عن درَكه بوجهٍ من الوجوه ، واعترفوا بالعجز على أنفسهم ؛ لأنهم لا يقدرون على حيلة ، ولا تبلغ قوتهم درك كيفيته ، ففزعوا إلى أسمائه ، والتجأوا إلى صفاته ، وأقروا أنهم لا يدركون ذاته ؛ لتعاليه ، فاستعانوا باسمه ، ثم وصفوه بالجلال والتعالي والعظمة ، فقالوا: لا حول لنا ولا قوة على درك معرفته إلاّ باسمه ، والالتجاء إليه ، وإلى صفاته باسمه الله ، وصفاته الجليل ، العظيم ، العلي ، المتعالي ، فقالوا: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ، والجلالة هي العظمة ، فكأن الخلق لما عرفوا جلاله وعظمته ، ولم يقدروا على بلوغ صفته ، واعترفوا بالعجز تذللوا بالخضوع ، فقالوا : يا ذا الجلال والعظمة ، والعلي من العُلُوّ ، وقال أهل اللغة : تبارك تفاعل من البركة ، وتعالى من العلو ، ويجوز متعالي ، ولا يجوز متبارك ، فقيل له تعالى : تبارك ؛ لأنه خلق الخلق كله ، وبارك فيه ، وقدّر لكل قُوته ، ولم يبخس شيئا حظه ، فمنه ظهرت البركة ، وقولهم : تعالى جَدُّك ، قال أهل اللغة : الجَد : عظمة الله ، من قوله : [جَدُّ رَبِّنَا] والجِد بالكسر الاجتهاد ، وانكر قوم في الدعاء تعالى جَدُّك ، وقالوا : الذي في القرآن حكاية عن الجن، وأجازه آخرون ، وذكروا بأنه مدح الجن ، وذكروا أنهم أثنوا ، وذهبوا به إلى معنى العظمة ، ومنه الحديث (1) :
__________
(1) حديث أنس رضي الله عنه : انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر ( جدد ) ، لسان العرب ( جدد )(1/66)
/ ( كان الرجل منّا إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا ) أي عظم ، والجَد سُمّي 23أ
جَدًا لأنه علا في الأبوة ، وصار معظما مبجلا ، والجدّ البخت أيضا 0
الشكور الحميد : ومن صفاته الشكور الحميد ، فالشكور بمعنى الشاكر ، وبمعنى مشكور ، وكذلك الحميد بمعنى حامد ، ومعنى محمود ، وحَمْدُ الله هو الثناء عليه بصفاته الحسنى ، وشكره الثناء عليه بنعمه ، يقال : حمدت الرجل إذا أثنيت عليه بصفاته بكرم أو حسب أو شجاعة ، وغير ذلك ، وشكرته إذا أثنيت عليه بمعروف أو لاكةٍ (1) ، أو خبر فعله بك ، ومن شكر فقد حمد ؛ لأن الشكر يجمع الحمد والشكر جميعا ، فإذا شكرت الرجل لمعروف أو لاكةٍ ، فقد وصفته بالسخاء والكرم ، وهو حمد ، وليس كل من وصف رجلا بالسخاء والكرم من غير أن يصطنع إليه يكون قد شكره ، وأصل الشكر إظهار النعمة ، والحديث بها ، قال الله تعالى : [ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ] (2) والشكور من الناس الذي يرضى بالقليل من العطاء ، يقال : فلان شكور إذا كان يقنعه القليل ، ومن ذلك يقال لمن قدر عليه الرزق: اشكر الله ، أي اقنع بالقليل ، ويقال : دابة شكور إذا كانت تسمن على القليل من العلف ، فكأن الله سمّى نفسه شكورا لأنه يرضى من عباده بالقليل من العبادة 0
__________
(1) بمعنى قدم له خدمة ، من قولهم : ألكني إلى فلان 0 تاج العروس ( لوك )
(2) الضحى 11(1/67)
/المجيد والماجد : ومن صفاته المجيد والماجد ، وهما في وزن فعيل وفاعل 23ب وهو مأخوذ من المجد ، والمجد الجلالة والعظمة والشرف ، وقد يوصف الإنسان بالمجد ، فيقال : رجل ماجد ، ولا يقال : مجيد ، لأن الماجد هو الذي يفعل المجد بالاكتساب ، والمجيد هو معدن المجيد ، ومثاله حكيم وحاكم ، فالحاكم الذي يفعل الحكم ، والحكيم هو معدن الحكمة ، ويقال : الماجد المتناهي في الشرف والسؤدد ، فقيل لله ماجد ومجيد ؛ لأنه تمجّد فكان معدنا للمجد ، والجلالة والعظمة ، ومنه قيل فلان يُمجِّد الله ، أي يعظمه ، وقيل له ماجد لأنه هو الذي يمجده عباده ، أي يعطيهم الفضل والشرف ، وقيل له مجيد ؛ لأنه معدن المجد ، تبارك الماجد المجيد 0
الودود : ومن صفاته الودود ، وهو من الود والمودة ، وهي الوصلة على محبة ، والودود فيه قولان ، أحدهما : فعول بمعنى مفعول ، مثل هيوب بمعنى مهيب ، وتكون فعول بمعنى فاعل ، مثل غفور بمعنى غافر ، ويحتمل المعنيان جميعا هاهنا ، يكون بمعنى الفعل لله تعالى ، أي يَودّ عباده الصالحين ، وبمعنى مفعول ، أي يوده عباده الصالحون ، فكأن الود بينه وبين عباده ، قال الله تعالى : [إنََّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ/الرَّحْمَنُ وُدًّا ] (1) ، يعني صلة على24أ محبة لأنهم أحبوه فوصلوا بالطاعة له ، وإخلاص العبادة ، وأحبهم فوصلهم ، بالرضا عنهم والمغفرة لهم ، والود الوتد ، سمي بذلك لأن الحبل يربط به ، ويوصل إليه 0
الباعث : ومن صفاته تعالى الباعث ، والباعث في كلام العرب المُثير المُنهِض ، يقال : بعثت البعير أي أثرته ونهضته عن مبركه، وكذلك بعثت الرجل أثرته من مكانه الذي تمكن فيه وإن اضطجع ، قال الأعشى (2) : ( البسيط )
مَهلاً بُنَيَّ فَإِنَّ المَرءَ يَبعَثُهُ هَمٌّ إِذا خالَطَ الحَيزومَ وَالضِلَعا
__________
(1) مريم 96
(2) ديوان الأعشى الكبير ، ص 137(1/68)
يعني إذا كان في صدره هَمٌّ ، أثاره ذلك الهم للأمر الذي يهتم فيه ، فقيل لله تعالى : باعث ، كأنه يبعث الخلائق بعد الموت ، أي يثيرهم من القبور ، وينهضهم من مضاجعهم ، قال الله تعالى : [ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا ] (1) ولذلك قيل ليوم القيامة : يوم البعث 0 ويكون أيضا الباعث مأخوذ من بعث الأنبياء والرسل إلى الناس، أي أثارهم من بينهم بالرسالة ، وأنهضهم كأنهم كانوا ساكنين بين الناس ، فلما أوحى إليهم ثاروا من بينهم ، فكأن الله أثارهم ، قال الله تعالى : [ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ] (2) أي أثارهم من بين القبائل والشعوب ، بعد أن لم يعرفوا قبل ذلك بشيء منه ، والمعنيان صحيحان جائزان في صفات الله عزّ وجلّ 0
__________
(1) يس 52
(2) البقرة 213(1/69)
الوارث : ومن صفاته الوارث ، قال الله تعالى : / [وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ] (1) 24 ب والوارث مشتق من الإرث ، وإرث كل شيء أصله وبقيته ، ومنه الحديث عن النبي عليه السلام ( اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم إبراهيم ) (2) ، يعني على أصله ، وبقية شرف منه ، قال الهذلي (3) : " من المتقارب "
فَيَنظُرُ في صُحُفٍ كَالرِيا طِ فيهِنَّ إِرثُ كِتابٍ مَحِيُّ (4)
__________
(1) القصص 58
(2) حديث الحج ، انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر (أرث )
(3) أبو ذُؤَيب الهذلي : ? - 27 هـ / ? - 648 م خويلد بن خالد بن محرِّث أبو ذُؤيب من بني هذيل بن مدركة المضري. شاعر فحل، مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وسكن المدينة واشترك في الغزو والفتوح، وعاش إلى أيام عثمان فخرج في جند عبد الله بن سعد ابن أبي السرح إلى إفريقية سنة (26 هـ) غازياً. فشهد فتح آفريقية وعاد مع عبد الله بن الزبير وجماعة يحملون بشرى الفتح إلى عثمان، فلما كانوا بمصر مات أبو ذؤيب فيها. وقيل مات بإفريقية. أشهر شعره عينية رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد مطلعها: "أمن المنون وريبه تتوجع". قال البغدادي: هو أشعر هذيل من غير مدافعة. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفاته، فأدركه وهو مسجّى وشهد دفنه 0 معجم الأدباء 11/84 ـ 89
(4) ديوانه 0 الموسوعة الشعرية 0(1/70)
قال : الإرث أصل الكتابة ، وبقية منها بعد أن امتحى ، وقيل للميراث ميراث أيضا ؛ لأنه بقية من سلف عن خلف قد بقي بعد موتهم ، فسمي ما تبقى بعدهم إرثا وميراثا ، وسمي من يحويه وارثا ، فقيل لله تعالى : وارث ؛ لأنه بقي بعد فناء الخلائق الذين ملكوا الممالك ، فلا يكون مالك غيره ، والخلائق وإن كانوا وما يملكون في الدنيا في ملكه ، فإنه تعالى وهب لهم ممالك الدنيا لغناه عنها ، فإذا بادوا وهلكوا ، وبقيت ممالكهم ، فلا مالك غيره ، صارت إرثا ، أي بقايا بعدهم ، ولا يكون لها من يحوزها ، فقيل له : وارث، إذ لا وارث غيره 0
الحنَّان : ومن صفاته الحنان ، وهو المتعطف عليهم بالرحمة ، قال عكرمة في قوله : [وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا] (1) أي رحمة ، وقال مجاهد (2) : وتعطف من الله ، ويقول العرب : حنانك يا رب ، وحنانيك ، وهما لغتان ، وليست بتثنية ، ومن الناس من قال : هو تثنية حنان ، وأنشد لامرئ القيس (3) بلفظ الواحد : 0( الوافر )
/ وَيَمنَعُها بَنو شَمجى بنِ جَرمٍ حنَانَكِ ربَّنا يَا ذا الحَنانِ 25 أ
وقال طرفة على (4) لفظ الاثنين : ( الطويل )
أَبا مُنذِرٍ أَفنَيتَ فَاِستَبقِ بَعضَنا حَنانَيكَ بَعضُ الشَرِّ أَهوَنَ مِن بَعضِ
__________
(1) مريم 13
(2) مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكى مولى بنى مخزوم، تابعى مفسر من أهل مكة ، كان شيخ القراء والمفسرين أخذ التفسير عن ابن عباس ، تنقل فى الأسفار واستقر فى الكوفة ، قيل إنه توفى سنة 104 هجرية وهو ساجد. معجم الأدباء 17/77ـ80
(3) ديوانه ، ص 169 ، وفيه : وَيَمنَعُها بَنو شَمجى بنِ جَرمٍ مَعيزَهُم حَنانَكَ ذا الحَنانِ
وأما البيت الذي عجزه ما ذكره المصنف فهو للطرماح وهو : وَيُؤذِنُهُم عَلَيَّ فَتاءُ سِنّي حَنانَكَ رَبَّنا ياذا الحَنانِ
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/71)
وكان ابن عباس ينكر معرفتها ، ويقول لا أدري ما الحنّان ، فكأن الله هو المتعطف على عباده بالرحمة ، وهو على وزن فَعّال ؛ لأن من شأنه التعطف بالرحمة ، والتحنن ، تبارك الحنان .
المنّان : ومن صفاته المنان ، ومعناه المعطي ، يقال : مّنَّ فلان عليّ بكذا ، أي أعطانيه ، قال الله تعالى : [ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ] (1) ، وقال : [ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ] (2) أي يعطيهم من فضله ، والمنان من المن ، والمن العطاء ، فأما المِنّة فهي الاعتداد ، يقال : امتن عليه بالعطية ، ومنّ عليه مَنّ ومّنّاً ، وأنشد : " من البسيط "
أفْسَدْتَ بالمَنِّ ما قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنٍ (3)
أي : أعتددت عليه بها، وهو مذموم ، قال الله تعالى : [قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ ] (4) ، وهو من العباد مذموم ، ومن الله تعالى محمود لأنه المتفضل بالعطايا 0
الديَّان : ومن صفاته الديان ، وأصله من الدِّيْن ، وهو الطاعة ، لأن الخلق كلهم دان له ، وتذلل بالطاعة ، فلم يفته شيء من خلقه ، ولم يستعن عليه حين كوّنه وأبدعه ، بل كان كما قال له : كن ، فكان ، فلم يخالف شيء إرادته ومشيئته ، ولا يعجزه شيء ، ولا التاث عليه / فكان قد دان له ، أي أطاعه ، ويقال دان له :25ب أي أطاعه ، قال القطامي : ( الكامل )
... من بعدِ ما كانت نوارُ تُدِينكَ الأديانا (5)
__________
(1) سورة ص 39
(2) إبراهيم 11
(3) ذكر الراغب الأصفهاني هذا البيت في محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ، ص 2001 / الموسوعة الشعرية ، ولم ينسبه ، وتمامه :
ليس الجواد إذا أسدى بمنان
(4) الحجرات 17
(5) ورد هذا الشطر في ديوان القطامي التغلبي/ الموسوعة الشعرية على النحو التالي :
رَمتِ المقاتلَ من فؤادِك بَعدَما كانت جنوبُ تُدِينكَ الأديانا(1/72)
يعني كانت تعطيك ، فالله الديان ، دان له جميع الخلائق من الحيوان والموات ، والنامي والجماد ، لأنه كان كما أراد الخالق ، ويكون الديان أيضا المجازي المحاسب ، والدين الحساب ، أي يجزي كلا بعمله إنْ خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فالله تعالى ديان الخلائق ؛ لأنه يجازيهم بأعمالهم ، فالمعنيان صحيحان في صفته تعالى 0
آمين : قالوا : آمين اسم من أسماء الله ، يقال بعد الدعاء : آمين ، معناه يا الله ، وهو مقصور وممدود (1) ، كلاهما جائزان ، وأنشد (2) بقصر الألف : " من الطويل "
تباعَدَ عَنِّي فُطْحُلٌ، وابنُ أُمِّهِ أَمينَ، فزادَ اللهُ ما بيْننا بُعْدا
وفي المد : " من البسيط "
يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً ويرْحمُ اللهُ عَبْداً قال: آمِينا (3)
معاني ألفاظ نطق القرآن بها ولها ذكر في الشريعة
__________
(1) تقصر الألف وتخفف الميم، وآمين مطولة الألف مخففة الميم، لغة بني عامر ولا تقل آمين بتشديد الميم 0 اصلاح المنطق ، ص 179
(2) ورد هذا البيت في إصلاح المنطق ، ص 179 ، وفي لسان العرب ( امن ) دون عزو
(3) نسب العبد لكاني الزوزني في كتابه حماسة الظرفاء هذا البيت للسيد الحميري 2/229 ، ونسبه صاحب لسان العرب إلى عمر بن أبي ربيعة ( أمن )(1/73)
الأمر : قد جاء الأمر في كتاب الله ، وفسره المفسرون على وجوه كثيرة ، وبالأمر كوّن الله الأشياء كلها ، فقال تعالى : [ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ] (1) وقال : [ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ] (2) فبهذه الكلمة خلق الله الخلق كله ، وهي أمره ، فقالوا في تفسير قوله : [ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر ُ] إنّ الخلق القضاء ، والأمر الدين ، وفي قوله : [ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ] (3) دين الله ، وقالوا في قوله : [ وَقَالَ الشَّيْطَانُ / لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ ] (4) أي وجب العذاب ، وقالوا في قوله : 26 أ [ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ٍ] (5) إنه القيامة ، وقالوا : الأمر : القضاء في قوله : [ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ] (6) فقد فسّروه على هذه الوجوه كلها ، وإن اختلف اللفظ به ، فإنه يرجع إلى معنى واحد ، لأن هذه الأشياء كلها مُكوّنة بأمر الله ، فسُمّيت أمرا ، لأن الأمر سببها ، وسبب الشيء يقوم مقام الشيء في لغة العرب ، ويسمى باسمه كما قالوا للمطر سماء ؛ لأنه من السماء ينزل ، ولأن السماء سبب للمطر ، وأنشد (7) : " من الوافر "
إِذا نَزَلَ السَحابُ بِأَرضِ قَومٍ رَعَيناهُ وَإِن كانوا غِضابا
__________
(1) الأعراف 54
(2) يس 82
(3) التوبة 48
(4) إبراهيم 22
(5) النحل 1
(6) السجدة 5
(7) هو مُعوِّد الحكماء : معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري. شاعر من أشراف العرب في الجاهلية، هو أخو (ملاعب الأسنة) عامر بن مالك وعم (لبيد بن ربيعة المتوفي سنة 41هـ 661م ) الشاعر. لقب بمعود الحكماء لقوله:
أعوِّد مثلها الحكماء بعدي إذا ما الأمر في الحدثان نابا
المفضليات ، ص 254/ الحاشية ، خزانة الادب 4/156 ، 9/555(1/74)
فأقام السماء مقام المطر ، وسماه باسمه ، فلما كان أمر الله سبب كل شيء ، وبأمر الله كانت الأشياء كلها ، سماها أمرا ، فيجوز أن يقال للسماء أمر الله ، والأرض أمر الله ، والدِّين أمر الله ، والقيامة أمر الله ، والعذاب أمر الله ، وكل شيء أمر الله ؛ لأنه بأمره كان 0
الخَلْق : وهو التقدير في لغة العرب ، يقال : خلق الثوب إذا قدّره ، ويقال : صخرة خلقاء : أي ملساء ، سميت بذلك كأنها مقدَّرة ، ويقال : رجل مختلِق إذا كان حسنا تاما ، فكأنه قيل لخلق الله : الخلق ، أي قدّره أحسن تقدير وأتمه ؛ لأنه تعالى أحسنُ الخالقين ، فخلق الخلق كله تامًا حسنا ، كما وجب أن يكون ، لم ينقص عن خلقته ، ولم يقبح ، بل خلقه مقدّرا ، وهو قوله : [ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ] (1) 0
القدَْر : القدر فيه لغتان ، يقول العرب : قدَرُ اللهِ ، وقَدْرُ اللهِ ، بفتح الدال وسكونها / وجميعا قد ورد القرآن به ، قال الله تع،الى : [ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ] 26 ب
وقال : [إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ] (2) وقيل لها ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأشياء كلها إلى آخر السنة ، وقيل تقدّر الأشياء كلها من السنة إلى السنة القابلة ، إنما يكون في ليلة النصف من شعبان 0 قال الفرزدق (3) : " الطويل "
وَمَا صَبَّ رِجْلي في حَدِيدِ مُجَاشِعٍ مَعَ القَدْرِ إلاَّ حَاجَةٌ لي أُرِيدُها
__________
(1) القمر 49
(2) القدر 1
(3) البيت في أدب الكاتب ، ص 423 ، وفي اصلاح المنطق ، ص 96 ، ولم أجده في المطبوع من ديوانه(1/75)
والقَدَر في كلام العرب هو التقدير ، يقال : قدرْت الثوب وقدّرته ، وثوب مقدّر ، فالقَدَر منزلة التقدير ، والقضاء منزلة التفصيل والقطع ، وفي القدَر معنى آخر ، قال الله تعالى : [وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ] (1) أي ما عظموه حق عظمته ، ويقال : قُدر عليه رزقه بالتخفيف ، أي ضُيِّق عليه ، قال الله تعالى : [فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ] (2) فمن خفف فالفاعل منه قادر ، والمقدور مفعول ، والفاعل قادر ، ومن شدّد فالفاعل مُقدِّر بالكسر ، والمفعول مُقدَّر بالفتح والتشديد ، وروى عكرمة أن ابن عباس سُئل عن القدر ، فقال : الناس فيه على ثلاث منازل : مَن جعل للعباد في الأمر مشيئة فقد ضادّ الله في أمره ، ومن أضاف إلى الله شيئا مما يُنزّه عنه ، فقد افترى على الله افتراء عظيما ، ورجل قال / إنْ رُحمت فبفضل الله فذاك الذي سَلِم له 27أ دينُه ودنياه ، ولم يُظلِّم الله في خلقه ، ولم يُجهّله في حكمه ، فالقدر من طريق اللغة من تقدير الله الأشياء أول مرة ، ثم قضاها وفصّلها 0
القضاء : القضاء على وجوه ،ويكون بمعنى الأمر ، قال الله تعالى : [ وَقَضَى رَبُّكَ ] (3) أي أمر ربك ، ويكون بمعنى الخبر ، قال : [وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ ] (4) أي أخبرناهم ، ويكون بمعنى القطع والفصل ، يقال : قضى القاضي بينهم ، أي فصل الحكم وقطعه وفرغ منه ، ومنه قوله تعالى : [ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ] (5) معناه لفرغ وقطع ، ومنه يقال للميت : قد قضى ، أي فرغ من الدنيا وفصل منها ، وقال بعض العلماء : القدر هو الكتاب الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، وهو أم الكتاب ، كما سماه الله ، وأم كل شيء قصده ومرجعه ، والعرب تسمي القدر كتاب ، قال الجعدي (6) :
__________
(1) الأنعام 91 ، الزمر 67
(2) الفجر 16
(3) الإسراء 23
(4) الإسراء 4
(5) يونس 11
(6) النّابِغَةِ الجَعدِيّ 54 ق. هـ - 50 هـ / 570 - 670 م
قيس بن عبد الله، بن عُدَس بن ربيعة، الجعدي العامري، أبو ليلى. شاعر مفلق، صحابي من المعمرين، اشتهر في الجاهلية وسمي النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثمَّ نبغ فقاله، وكان ممن هجر الأوثان، ونهى عن الخمر قبل ظهور الإسلام. ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وأدرك صفّين فشهدها مع علي كرم الله وجهه، ثم سكن الكوفة فَسَيّره معاوية إلى أصبهان مع أحد ولاتها فمات فيها وقد كُفَّ بصره وجاوز المائة. معجم الشعراء ، ص 191 ، 321(1/76)
" من البسيط "
... يا بنَةَ عَمِّي كِتابُ اللَهِ (1) أَخرَجَني عَنكُم وَهَل أَمنَعَنَّ اللَهَ ما فَعَلا
فكأن القدر هو التقدير الأول ، والقضاء هو فصل الشيء بعد التقدير ، ومن ذلك الحديث عن النبي عليه السلام : ( إنه إذا مرّ بهدف مائل أسرع المشي فقيل : يا رسول الله أتفر من قضاء الله ، قال : أفر من قضاء الله إلى قدره ) (2) أي أفرّ من الشيء قبل أن يقع ، فيصير قضاء فصلا إلى ما قدر، ولم يفصل ، فإن الله مزيله عني ويغيره ويمحوه ، /وهو قادر على ذلك تعالى 0 ... ... ... ... 27ب
__________
(1) يعني : قدر الله ، وقد كتب تحت كلمتي كتاب الله في المتن : معنى قدر الله 0
(2) النهاية في غريب الحديث والأثر ، ( هدف )(1/77)
الدنيا والآخرة : قال الله تعالى: [وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ ] (1) جعل الآخرة نعتا للدار ، وقال : [وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ] (2) فجعل الدنيا نعتا للحياة ، والآخرة نعتا للدار ، والدنيا اشتقاقها من الأدنى ، وهكذا قال تعالى : [إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا] (3) فجعل الدنيا نعتا للعدوة ، فقرر لك أن الدنيا ليس باسم إنما هو نعت ، والنعت لا بدّ أن ينعت لاسم قد تقدمه ، وربما أقيم النعت مقام الاسم إذا كان الاسم مشهورا ، وقد ذهب قوم إلى أن الدنيا هي الأرض والسماء وما بينهما ، وهو خطأ ؛ لأن الآخرة أيضا في السماء والأرض ، فإن كانت السماء والأرضون هي الدنيا فأين الآخرة ؟ وقال قوم : إنّ الآخرة لا تكون إلاّ بعد انقضاء الدنيا ، قلنا : فإن كان كذلك فمن قد مات هو في الدنيا ، لا يجوز أن يقال : مضى إلى الآخرة إذا كانت الآخرة لم تخلق ، ولكنا نقول : هما حياتان ، فمن كان في هذه الحياة ، فهو في الدنيا ، لأن الله جعل الحياة نعتا للدنيا ، والدنيا اشتقاقها من الأدنى ، أي هي أقرب الحياتين (4) ، والآخرة هي الحياة الآخرة ، وكل شيء له طرفان ، فالأدنى منهما إليك هو الدنيا ، والأبعد الآخرة ، فما دام الإنسان في هذه الحياة ، قيل : هو في الدنيا ، أي في الحياة الدنيا ، فإذا صار في الحياة الآخرة ، قيل : هو في الآخرة ، أي في الحياة الآخرة 0
__________
(1) الأعراف 169 ، الأحزاب 29
(2) آل عمران 185 ، الحديد 20
(3) الأنفال 42
(4) كتبت الحياتان(1/78)
/ القلم : روي عن النبي عليه السلام : ( أن أول ما خلق الله القلم فجرى بما 28 أ هو كائن إلى يوم القيامة ) (1) ، واشتقاق القلم في اللغة من قلّمتهُ أي قطعته وهيئته من جوانبه ، وسويته وبريته ، والقلم في كلام العرب : القدح والسهم الذي يتساهم به ، والأقلام : السهام تجال على الشيء الذي يقسم ، فالقدح والقلم والسهم كل هذه تبرى وتسوّى وتُقلّم ، والتقليم هو البري للإصلاح ، ومن ذلك قالوا : قلّم ظفره ، إذا قطع منه النابت ليصلح ، وكذلك قلمت الشجر والكرم ، وغير ذلك ، يقال لما يُبرى ويقطع ليصلح : قلم (2) ، فكأن الله سمّى ذلك القلم الأول قلما ؛ لأنه برأ الأشياء كلها به ، وسوّاها ، وكتب مقاديرها ، وخطوطها ، والله أعلم بكيفيته ، وليس لنا أن نقول فيه إلاّ ما روي 0
اللوح : قال الله تعالى : [بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ] (3) وقال : [ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ] (4) ، قيل : إنها كانت من زمرد أخضر ، كل لوح على طول موسى ، فسمي اللوح الذي يكتب فيه لوحا ؛ لأنه نحت على تلك الهيئة ، واللوح العظيم يقال عظيم الألواح إذا كان كبير عَظْمِ اليدين والرجلين ، وكل عظم يسمى لوحا ، وسميت ألواح السفينة ألواحا ؛ لأنها نحتت على هيئة الألواح التي يكتب فيها ، قال الله : [وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ] (5) واللوح البريق ، واللوح ما بين السماء والأرض من الهواء ، يقال له : لوح ، واللوح العطش ، فهذا / ما 28 ب جاء في اللغة من معنى اللوح ، والله أعلم بكيفية اللوح المحفوظ 0
الكرسي : قال قوم : كرسيه : علمه ، واستشهدوا بقول الشاعر (6) : " البسيط "
ولا يكرسي علم الله مخلوق
__________
(1) سنن أبي داود 12 /309 ، سنن الترمذي 11/138 0 المكتبة الشاملة
(2) كتبت قلما
(3) البروج 21 ، 22
(4) الأعراف 145
(5) القمر 13
(6) لم أقف على قائله 0(1/79)
ويقال : الكرسي : الرجل العالم السيد ، ورجال كراسي ، أي علماء سادة ، وأنشد (1) : " من الرجز "
بِمَعدِنِ المُلكِ القِديمِ الكِرسِ
ويقال لكُرّاسة الكتاب : كُرّاسة ، لأنه قد جُمع فيها العلم والحكمة ، وقال قوم : سميت كُرّاسة للأوراق التي جُمعت بعضها فوق بعض ، وهو مأخوذ من الكرس ، وهو ما دمّن الناس في آثار الديار من الرماد والسرجين (2) ، بعضه فوق بعض ، قال العجاج (3) : " من الرجز "
يا صاحِ هَل تَعرِفُ رَسماً مُكرَسا
العرش : قال الله تعالى : [وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ] (4) ، والعرش على معان في كلام العرب ، من ذلك : العرش : السرير الذي يتخذه الملك ، قال الله : [وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ ] (5) يعني السرير ، قال الأصمعي: العرش : المظلة بناء من قصب ، وأنشد لأبي النجم: " الرجز :
كأنَّ بالسُهبِ أو حَزْبائِهِ
عرشٌ تَحنَّ الرِّيحُ فِي قَصبائِهِ (6)
__________
(1) للعجاج يمدح الوليد بن عبد الملك ، لسان العرب ( كرس ) ، وديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(2) السَّرْجينُ والسِّرْجينُ: ما تُدْمَلُ به الأَرضُ، وقد سَرْجَنَها. الجوهري: السَّرْجين، بالكسر، معرَّب لأَنه ليس في الكلام فَعْليل، بالفتح، ويقال سِرْقين. 0 لسان العرب ( سرجن )
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) هود 7
(5) يوسف 100
(6) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/80)
والعرش السقف ، ومنه قوله تعالى : [وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ] (1) يعني يبنون ، والعرش شبه الهودج ، تقعد فيه المرأة ، وليس بالهودج / والعرش كواكب أربعة قُدَّام29أ السماك الأعزل يقال لها العرش (2) ، وعرش الملك: أركانه وعزه وسلطانه ، وعرش الرجل : قوام أمره ، ومنه حديث عمر حين رُئي في المنام فسُئل عن حاله ، فقال : ثُلّ عرشي لولا أن صادفت ربا رحيما (3) ، والعرش : الملك ، قال الشاعر (4) : " من الطويل "
... إذا ما بنُو مَرْوَانَ ثُلَّتْ عُرُوشُهُم ... ... وأوْدَوا كما أَوْدَتْ إيادٌ وحِمْيَرُ
فكل هذا قد جاء عن العرب في معنى العرش ، والله أعلم بكيفية العرش والكرسي 0
الملائكة : قال الله تعالى : [ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ ] (5) فهمزت في جميع القرآن ، والواحد ملك غير مهموز ، وقال أبو عبيدة : أصله مهموز من المألُكَة والمَلَكة ، وهي الرسالة ، وهما لغتان ، مثل جذب ، وجبذ ، وقد همز الملك بعض الشعراء فقال (6) : " من الطويل "
فَلَستَ لإِنسيٍّ وَلكِن لملأكٍ تَنَزَّلَ مِن جَوِّ السَماءِ يَصوبُ
والملك من الألوك ، وأصله الهمز ، وأنشد للبيد : " من الرمل "
وَغُلامٍ أَرسَلَتهُ أُمُّهُ بِأَلوكٍ فَبَذَلنا ما سَأَل (7)
الألوك : الرسالة ، ويقال للرسالة المألكة ، وأنشد لعدي بن زيد (8) :
__________
(1) الأعراف 137
(2) جاء في الصحاح ( عرش) : عَرْشُ السِماك: أربعةُ كواكبَ صغارٍ أسفلَ من العَوَّاءِ، يقال إنَّها عَجُزُ الأسد.
(3) في النهاية في غريب الحديث والأثر ( ثلل ) : كاد يُثّلُّ عرشي 00
(4) لم أتمكن من معرفة قائله 0
(5) الإسراء 61 ، الكهف 50 ، طه 116
(6) نسب هذا البيت لكل من : أبي وجزة السعدي ، وعلقمة الفحل ، ومتمم بن نويرة / الموسوعة الشعرية 0
(7) ديوانه ، ص 144 ، والألوك : الرسالة 0
(8) عدي بن زيد ? - 36 ق. هـ / ? - 587 م
عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي. شاعر من دهاة الجاهليين، كان قروياً من أهل الحيرة، فصيحاً، يحسن العربية والفارسية، والرمي بالنشاب. وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، الذي جعله ترجماناً بينه وبين العرب، فسكن المدائن ولما مات كسرى وولي الحكم هرمز أعلى شأنه ووجهه رسولاً إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية، فزار بلاد الشام، ثم تزوج هنداً بنت النعمان. وشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة. الموسوعة الشعرية 0(1/81)
" الرمل "
/ ... أَبلِغِ النُعمانَ عَنّي مَألَكاً إِنَّهُ قَد طالَ حَبسي وَاِنتِظاري (1) 29 ب
والملائكة يذكر ويؤنث في القرآن ، وقال الأخفش : الملائكة جمع ملك ، وحقه في الأصل ملأك بلا هاء ، ولكن الهاء تأتي لتبيين تأنيث الجمع، كقولك : المناذرة ، والكواسجة ، وكأن الملائكة هو مأخوذ من المألكة ، وهي الرسالة ؛ لأن الله أرسل الملائكة إلى الأنبياء بالرسالة ، ويكون معنى الملائكة الرسالة ، وبهذا وصفهم ، فقال الله : [ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ] (2) فالله يوحي إلى الملك ، والملك يوحي إلى النبي ، ولا يقدر النبي أن يرى ملكا ، حتى يتمثل له في صورة النسر ، وقيل : إنّ جبريل كان يأتي رسول الله في صورة دَحْيَة الكلبي (3) ،
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(2) الحج 75
(3) دحية بن خليفة الكلبي هو الذي كان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورته. وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى قيصر فأوصله إلى عظيم بصرى. وشهد اليرموك أميراً على كردوس ثم سكن دمشق بعد ذلك وكان بالمزة. قال ابن سعد: أسلم قديماً قبل بدر ولم يشهدها وشهد المشاهد بعدها. وكان يشبه جبريل عليه السلام وبقي إلى زمن معاوية. وكان دحية رجلاً جميلاً. قال رجل لعوانة بن الحكم: أجمل الناس جرير بن عبد الله. قال له عوانة: أجمل الناس من نزل جبريل على صورته، يعني دحية. وقال ابن قتيبة: في حديث ابن عباس أنه قال: كان دحية إذا قدم لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه - المعصر: الجارية إذا دنت من الحيض ويقال هي التي أدركت. وقال مجاهد: قد بعث رسول اله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود وخباباً سرية وبعث دحية سرية وحده. وروى له أبو داود. وتوفي في حدود الخمسين للهجرة..الوافي بالوفيات / الموسوعة الشعرية 0(1/82)
وقال حكاية عن قوم [وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا] (1) ، فقال : [وَلَوْ أَنْزَلْنَا (2) مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ] لأنهم لا يقدرون أن يروا الملائكة إلاّ في الآخرة ، فأما في الدنيا فلا يقدرون على ذلك ، وجبريل وميكائيل هما الملكان اللذان أُيِّد بهما رسول الله صلى الله عليه ، وبهما كان يُؤيَّد الأنبياء ، وقال ابن عباس : جبريل وميكائيل ، كما يقال عبد الله وعبد الرحمن ، قال : وهما منسوب إلى ايل ، وايل اسم من أسماء الله ، فكان ابن عباس يذهب إلى أن هذه الأسماء منسوبة إلى الله ، وكل ما / جاء على 30أ هذا فهي أسماء مضافة إليه ، مثل : إسماعيل ، وإسرافيل
__________
(1) كتبت هذه الآية هكذا : وقالوا لولا أنزل عليه ملك فيكون معه نذيرا 0 الفرقان 7
(2) كتبت ولو نزلنا 0 الأنعام 8(1/83)
وعزازيل ، وعزريائيل ، وما أشبهها مضافة إلى ايل ، وهو الله ، كما قلنا عبد الله ، ورسول الله ، ونبي الله ، وخليل الله ، وإسرافيل صاحب الصور ، وقيل : إن الصور كهيئة القرن، فيه ثُقَب بعدد أرواح الخلائق ، كذا ذُكر في الخبر ، وقال أبو عبيدة (1) : الصور : جمع صورة ، يذهب إلى أن الله يُنشئ صور الخلائق في المعاد ، ثم ينفخ فيها ، فإذا هم قيام ينظرون ، وملك الموت هو الموكل بأرواح بني آدم ، والملائكة خلق من خلق الله روحاني ، على ما رواه العلماء ، وإنما سموا ملائكة لإرسال الله إياهم إلى الأنبياء ، على ما دلت عليه اللغة من المألكة ، وهي الرسالة ، وقال بعض أهل اللغة : سموا ملائكة لأن الله خلقهم ، ووكل كل ملك بأمر من الأمور، واستحفظه ، واسترعاه ، وجعل تدبيره إليه ، وملكه منه ، فسمي ملكا ، وفتحت اللام منه فرقا بينه وبين الملِك البشري ، وقد وكل الله بالريح ملكا ، وبالشمس ملكا ، وبالقمر ملكا ، وبالمطر ملكا وبالنبات ، وملك ذلك التدبير ، وسخّر له ذلك الشيء الذي وُكِّل به ، كما قيل مَلك الموت ، سمي بذلك لأن الله ملكه أرواح العباد ، والملائكة الكرام الكاتبون قد وُكِّلوا بكتب أعمال بني آدم ، ومنهم منكر ونكير ، روي عن النبي عليه السلام / أنه قال : ( إذا وضع العبد في قبره جاءه ملكان ، 30 ب
__________
(1) مجاز القرآن 1/196(1/84)
يقال لأحدهما منكر، وللآخر نكير ، فيسألانه ، فإن كان كافرا، أو منافقا ، فيقال له : ما تقول في هذا الرجل ـ يعني محمدا ـ فيقول : لا أدري ، وسمعت الناس يقولون شيئا قلتُه ، فيقال له : لا دريت ، ولا تليت ، ولا اهتديت ) (1) ، وقال بعض أهل المعرفة : إنما سمي الملكان منكر ونكير لما يقع من إنكار العبد عند مسائلتهما إياه فهو ينكر ما يسألانه عنه ، فسؤالهما إياه مُنكر عنده ، وقوله عندهما منكر ، فمنكر في معنى مُفْعَل ، ونكير فَعِيل في معنى فاعل ؛ لأن الإنكار وقع من العبد عند المسائلة ؛ لإنكاره قولهما ، ومن الملَكين قوله فأحدهما فعيل في معنى فاعل ، والآخر مفعل في معنى مفعول ، ويصدق هذا قوله في حديث آخر : ( هما للكافر منكر ونكير ، وللمؤمن مُبَشِّر وبشير ) (2) ، يعني أن العبد استبشر بما يسألانه عنه ، فيبشراه بالجنة عند المساءلة ، فأحدهما مُبشِّر ، والآخر بشير ، ويقال لصنف من الملائكة ( كروبيين ) (3)
__________
(1) صحيح البخاري 5/113 ، 165 ، سنن أبي داود 12/367 ، سنن النسائي 7/184 ، مسند أحمد 22/122،24/369 ، المكتبة الشاملة ، النهاية في غريب الحديث والأثر ( تلا) ، وفي جميعها لا يوجد منكر ونكير ، إنما الذي جاء ، ملكان دون ذكر منكر ونكير 0
(2) لم أجده في الصحاح الستة ، ولا في النهاية في غريب الحديث والأثر
(3) الكَرُوبِيُّونَ، مُخَفّفَةُ الرّاءِ، وحُكِى التَّشْديدُ فيه، وهو مسموع جائزٌ، سادَةُ المَلاَئِكةِ، منهم: جِبْرِيلُ، ومِيكائِيلُ وإِسرافيلُ، هم المُقَرَّبُونَ؛ . وفي لسان العرب: الكَرْبُ: القُرْبُ والمَلاَئِكةُ والكَرُوبِيُّونَ: أَقربُ الملائكةِ إِلى حَمَلَةِ العرشِ، فهو من الكَرْب، بمعنى القُرْب، وقيل إِنَّه من كَرْبِ الخَلْقِ، أَي: في قُوَّتِهِ وشِدَّتِه، لقُوَّتِهِمْ وصَبْرِهم على العِبَادَة. وقيل: من الكِرْب، وهو الحُزْنُ، لِشدَّة خَوْفِهم من الله تَعَالَى وخَشْيتِهِم إِياه..وكارَبَهُ، أَي: قَارَبَهُ ودَانَاه، فهو مُكارِبٌ له مُقارِبٌ، والكاف بدل من القاف 0 التاج واللسان ( كرب )(1/85)
ولصنف روحانيين ، والملائكة في الأصل روحانية ، ولكن لما ذُكر الكروبيون ، ذُكر الروحانيون ، وهو مأخوذ من الروح والكَرب ، فمعناه : ملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ؛ لأن العبد يستروح إلى ما يُورده عليه ملايكة الرحمة من الرحمة ، وإلى ما يعرفه مما له عند الله ، والكافر يجد الكرب والغم ، مما يورده عليه ملائكة العذاب ، فقيل لملائكة الرحمة روحانيون ، ولملائكة العذاب كروبيون / ويقال للملك الموكل بالنار مالك ، كأنه الذي ملك النار كلها ، 31 أ ووكل بعذاب أهلها ، ويقال للملك الموكل بالجنة رضوان ، وهو خازن الجنة ، فكأن الله وكله بمجازاة مَن رضي عنه من عباده ، فاشتق اسمه من الرضا ، والزبانية هم الموكلون بعذاب أهل النار ، واشتق اسمهم من الزَّبن ، والزَّبن الدفع ، سموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النار في النار ، ويرمونهم فيها ، يقال : زبَنَه إذا دفعه ، وقال الله تعالى : [يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا] (1) فالدّع الدفع ، وكذلك قوله : [فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ] (2) أي يدفعه ، والزبن الدفع ، فسموا بذلك 0
الجن والإنس : الجن في اللغة مأخوذ من الاجتنان ، وهو التستر ، والاستخفاء ، يقال : جنين ومجنون ، أي مستور ، وقال الله تعالى : [وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ] (3) وسمي الجنين جنينا لاستتاره ، وقال الله تعالى : [فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ] (4) أي جعله في جُنّة من سواده ، قال لبيد : " من الكامل "
... ... حَتّى إِذا أَلقَت يَداً في كافِرٍ وَأَجَنَّ عَوراتِ الثُغورِ ظَلامُها (5)
__________
(1) الطور 13
(2) الماعون 2
(3) النجم 32
(4) الأنعام 76
(5) ديوانه ، ص 231(1/86)
والمِجَن الترس ؛ لأن المقاتل مستتر به من الرامي وغيره ، وكل شيء وقيت به نفسك ، واستترت به ، فهو جُنَّة ، والجنان القلب ، يقال : رجل رابط الجنان ، أي ثابت القلب ، فسمي بذلك لأنه مستور ، ولأن الصدر يجنه ، ويقال : لأن الهموم والفكر / والخطرات قد استترت فيه ، ، والجُنَن القبر ، سمي بذلك لأنه يستر31ب المدفون فيه ، قال الأعشى : " المتقارب "
وَهالِكِ قومٍ يَعُدُّونَه وآخَرُ في قَفرَةٍ لَم يُجَن (1)
أي لم يدفن ، فكأن الجن سميت بذلك لاستتارهم عن أعين الناس ، وكانت العرب تسمي الملائكة جنا ؛ لأنهم اجتنوا عن أبصار الناس ، كما اجتنت الجن ، وقال قوم في تفسير قوله تعالى : [إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ] (2) قال : من الملائكة ، وقال الأعشى : " من الطويل "
وسَخًّرَ من جِنّ الملائكِ تِسْعَةً قياماً لديه يَعْمَلُون بِلاَ أَجْرِ (3)
__________
(1) ديوان الأعشى الكبير ، ص 51 ، رواية الديوان : وَهالِكِ أَهلٍ يُجِنّونَهُ كَآخَرَ في قَفرَةٍ لَم يُجَن
(2) الكهف 50
(3) البيت في خزانة الأدب 6/176 ، والأضداد ـ ابن الأنباري ، ص 335 ، ولم أجده في المطبوع من ديوانه 0(1/87)
وقيل : إن الجن دون الملائكة بدرجة ، لأن الملائكة خلقوا من الماء والنور ، والجن خلقوا من الماء والنار ، فالنار والنور هما شكلان ، فمن أجل ذلك يتراءيان يعني الملائك والجن ، والإنس ليسوا من جنسهم , والإنس ضد الجن في اللغة ؛ لأن الجن سميت بذلك لاستتارها على ما ذكرنا ، والإنس سمي بذلك لظهوره ، وإدراك البصر إياه ، يقال : آنست الشيء إذا أبصرته ، قال الله تعالى : [آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا] (1) يعني أبصر ، وقيل في معنى قوله : [فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا] (2) أي رأيتم فيهم ذلك ، وإنما سمي الذي يؤنس الناس مؤنسا وأنيسا ؛ لأنهما يتراءيان ، يقال : أنست بفلان إذا ألفته ، والعرب تقول للجانب الأيسر إنسي ؛ لأنهم منه يركبون ، وينزلون ، ويسرجون ، ويحزمون ، وللجانب الأيمن وحشي ؛ لأنهم لا يأتون شيئا من هذه الأعمال من الجانب الأيمن / وقال بعضهم سمي إنسانا لأنه نسي ،32 أ قال الله تعالى : [ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ] (3) ، وأنشد (4) :" من الطويل "
وسُمِّيتَ إنْساناً لأنّكَ ناسي
وهذا قول غير مرض، وقال آخرون : سمي إنسانا من أنسْتُ بالقصر لا بالمد ، وأنشد لمهلهل (5) : " من الطويل "
... ... وَلمَّا دَنا حِينُ التَّصرُّمِ بغْتَةً أَنَسْتُ الذي مِنهُ الفؤادُ تقطَّعا
أي أظهرت ما بي من الوجد ، والإنس ضد الجن على ما قلنا ؛ لأن الجن مستورون والإنس ظاهرون 0
__________
(1) القصص 29
(2) النساء 6
(3) طه 115
(4) ذكر في تاج العروس ( انس) من غير عزو
(5) لم أجده في ديوانه 0 ولا في غيره من المصادر التي اطلعت عليها 0(1/88)
الشيطان : قال الله تعالى : [شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ] (1) فجعل الشياطين من الإنس كمثل شياطين الجن ، فأما عند العامة فإن الشياطين هم الجن بأعيانهم ، وكل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ، ويقول العرب لكل منفرد بقوته وجلده ، مستقل بنفسه ، منهمك في أمره : شيطان ، قال جرير : " من البسيط "
أيام (2) يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
كنّ يدعونه شيطانا ؛ لتفرده بأفعال الشياطين من الغزل وغيره ، وانهماكه فيه ، وتفرده بذلك ، والشيطان تقديره فَيْعَال ، والنون من نفس الكلمة ، كأنه اشتق من شَطَنَ ، أي : بَعُد ، والشَّطَن البُعد ، من ذلك : شطنت داره ، أي بعدت ، ونؤي شطون، وبئر شطون ، أي بعيدة القعر، وفي الحديث :( كلُّ هوىً شاطِنٍ في النّار) (3) فالشاطن البعيد من الحق ، وقيل : إنما سمي شيطانا لأنه شطن عن أمر / ربه ، والشَّطون : البعيد النازح ، وقال أمية بن أبي الصلت : "من الخفيف"32ب
... ... أَيُّما شاطِنٌ عَصاهُ عَكاهُ ثُمَّ يُلقى في السِجنِ وَالأَغلالِ (4)
فجاء به على فاعل من شطن أي بَعُد ، فكأن شياطين الإنس والجن هم المستبدون بقوتهم ، المنفردون بأنفسهم ، المتباعدون عن الحق ، المنتحون عن الطريق ، لا ينقادون لأحد استعلاء وترفعا وإعجابا بأنفسهم ، وقيل لكل صانع حاذق بصنعته : شيطان ؛ لأنه منفرد بعمله وحذقه ، لا يُعطي القيادة أحدا في عمله ، فمن كانت صفته هذه من الجن والإنس ، فهو شيطان ، وليس الشياطين جنس من الخلق على الانفراد مثل الجن والإنس ، إنما لزم هذا الاسم كل من كانت صفته هذه من الثقلين 0
__________
(1) الأنعام 112
(2) في الديوان : أزمان يدعونني ، ديوان جرير ، ص453
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر ( شطن )
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/89)
والشيطان حيّة خفيفة الجسم ، قبيحة المنظر ، ويقال : نبت قبيح المنظر ، قال الله تعالى : [طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ] (1) يعني به ذلك النبت القبيح 0
المارد : قال الله تعالى: [ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ] (2) فالمارد المتمرد الخارج عن الطاعة ، المنسلخ منها ، والتمرد التجرد ، ومنه قيل للأمرد أمرد ؛ لأنه أجرد من الشعر ، وقيل في الحديث : ( أهل الجنَّة جُرْدٌ مُرْد ) (3) فكأنه منسلخ من الطاعة 0
الرجيم : قال الله تعالى : [فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ] (4) ومعناه مرجوم ، وهو فعيل في معنى مفعول ، كما قالوا : قتيل في معنى مقتول ، وأصله من الرجم ، والرجم الرمي بالحجارة ، ومنه رجم الزاني 000000000000000000000 (5)
/ سمي أخيلا لأنه يتلون ألوانا كثيرة ، فربما رأيتَه أخضر ، ثم تراه بعد ذلك 34 أ أصفر ، فقيل له : أخيل ؛ لأنه لا يكون للونه حقيقة ، وفي أي لون رأيته فشخصه قائم ، واللون غيره ، فكذلك صوره ، صورة ذلك الإنسان ، والعين غيره ، وأنشد : " مجزوء الكامل "
كَأبِي بَراقِشَ كُلَّ لَوْ نٍ لَوْنُهُ يَتَخيَّلُ (6)
__________
(1) الصافات 65
(2) الصافات 7
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر ( جرد )
(4) النحل 98
(5) الورقة رقم ( 33) مفقودة ، كان يتحدث عن الرجيم ، وهنا يتحدث عن المختال
(6) لم يعز لقائل في : عيون الأخبار 2/29 ، وأدب الكاتب ، ص 162 0(1/90)
الخَبّل والعفريت : ويقال لجنس منها الخُبّل ، وهم الذين يُخَبِّلون الناس ، ويؤذونهم والخبل الجنون ، ويقال : رجل مُخَبَّل ، إذا كان به مس من الجن ، ويقال لجنس العفاريت ، واحدها عفريت ، قال الله تعالى : [قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ] (1) والعفريت هو أعظم الجن خلقا وجرأة ، وقال رسول الله صلى الله عليه : ( إن الله يبغض العِفْرِيَة النِّفْرِيَة الذي لم يُرزأ في جسمه وماله ) (2) ، فالعفرية هاهنا الموثق الخلق الشديد المصحح 0
إبليس : قال الله تعالى : [إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ] (3) قال معمر بن المثنى : إبليس اسم أعجمي ، ولذلك لم يصرفه ، وقال قوم : إنه من الملائكة ، وقال قوم : إنه من الجن ، وتقديره في الوزن : إفْعِيْل ، وهو مشتق من أَبلس الرجل إذا انقطع ولم تكن له حجة ، ويقال : هو من بَلَسَ ، وقالوا في قوله تعالى : : [فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ] (4) قال : آيسون ، وقال ابن عباس : لما لعنه الله أَبلَسَ من رحمته ، والمُبلِس المنقطع الحجة، والمبلس الحزين النادم ، والإبلاس الفضيحة في قوله :[ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ] (5) وقيل : / الإبلاس الخشوع في قوله [فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ] (6) خاشعون 34 ب وقيل : المُبلِس : المتروك المخذول ، وكل هذا لمعانٍ قد جاءت في الإبلاس ، وهي قريبة بعضها من بعض، فكأن إبليس مأخوذ من ذلك ، لأنه افتضح بعصيانه ، فيئس من رحمة الله ، وحزن وندم ، فصار مخذولا متروكا ، ذليلا ، آمنقطع الحجة ، ساكنا ، فقيل له : إبليس 0
__________
(1) النمل 39
(2) النهاية في غريب الحديث ( نفر )
(3) الكهف 50
(4) الأنعام 44
(5) الروم 12
(6) الأنعام 44(1/91)
اللعين والملعون : ومن صفاته اللعين والملعون ، وهما في وزن فَعيل ومفْعول ، وفعيل معناه مفعول ، وهو المطرود والطريد ، واللعن الطرد والإبعاد ، وقالوا سمي ملعونا لأن الله طرده من الجنة ، وأبعده عنها ، قال الله تعالى : [اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ] (1) وأنشد الشماخ : " من الوافر "
ذَعَرتُ بِهِ القَطا وَنَفَيتُ عَنهُ مَقامَ الذِئبِ كَالرَجُلِ اللَعينِ (2)
أي الطريد ، هذا قول أبي عبيدة (3) ، وقال غير أبي عبيدة : الملعون : المخزي المتروك وقال المفضل (4) : الطريق إذا عمي هداه ، قيل : لعنه الله ، ويقال له : ملعون ، لأنه تُرك حتى خفي فلم يُهتدَ فيه ، وكأن الشيطان سمي ملعونا لأنه طُرد وأُبعِد ، وتُرك فصار بمنزلة الطريق الذي قد عمي هداه ، فلا يُهتدى له 0
__________
(1) الأعراف 18
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) مجاز القرآن 1/212
(4) المفضل بن محمد بن يعلى أبو عبد الرحمن الضبي، الراوية الأديب النحوي اللغوي، كان من أكابر علماء الكوفة، عالماً بالأخبار والشعر والعربية. أخذ عنه أبو عبد الله بن الأعرابي، وأبو زيد الأنصاري، وخلف الأحمر وغيرهم وكان ثقة ثبتا. قال ابن الأعرابي: سمعت المفضل الضبي يقول: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبداً، وللمفضل من التصانيف : كتاب معاني الشعر، كتاب الأمثال، كتاب الألفاظ، كتاب العروض، المفضليات وهي أشعار مختارة جمعها للمهدي وفي بعض نسخها زيادة ونقص، وأصحها التي رواها عنه أبو عبد الله بن الأعرابي. مات في حدود سنة 178 هـ 0 معجم الأدباء 19/164 ـ 167 ، بغية الوعاة 2/297 ـ 298(1/92)
الجنة وما لها من الأسامي : يقال : إن الجنة في السماء السابعة ، قال الله تعالى : [ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ] (1) قال مكتوب [ يَشْهَدُهُ / الْمُقَرَّبُونَ] (2) ، قال : يشهد عملهم ، مقربو كل سماء ، وقال ابن 35 أ عباس : الجنان سبعة : جنة الفردوس ، دار السلام ، دار الجلال ، فالجنة في اللغة البستان ، والدليل على ذلك ما نطق به القرآن ، قال الله تعالى : [ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ] (3) ، وقال : [كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ] (4) وقال : [كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا] (5) وقال : [وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ ] (6) فهذه كلها في معنى البستان والنخل ، وإنما سمي البستان جنة لما يسترها من النخل والشجر ، وسميت الجنة التي هي الثواب جنة ؛ لأنه ثواب ادّخره الله لأوليائه ، وأهل طاعته ، وهو مستور عنهم ، وهو مأخوذ من أجنّ الشيء إذا ستره قال الله تعالى : [فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (7) فقال أُخفي لهم ، أي ستر ، وفي التوراة أنّ الله تعالى قال لموسى : ( لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي من الكرامة ؛ لذاب جسمك، وزهقت نفسك شوقا إليه ) (8) ،
__________
(1) المطففين 7 ـ 9
(2) المطففين 21
(3) القلم 17
(4) البقرة 265
(5) الكهف 33
(6) الكهف 32
(7) السجدة 17
(8) جاء هذا الخبر في كتاب ابن قتيبة ( عيون الأخبار ) 2/267 : مما أوحى الله به إلى عيسى عليه السلام000 لو رأت عيناك ما أعددتُ لأوليائي لذاب قلبك وزهِقَتْ نفسُك شوقاً إليه..(1/93)
فكأن الجنة مأخوذ من الاجتنان والستر ، وقال بعضهم : الفردوس من الجنة باللغة الرومية ، وهي أدنى الجنان من العرش ، وقال أبو أمامة الباهلي (1) في قوله : [كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا] (2) قال سُرَّة الجنة (3) ، وقال كعب (4) :
__________
(1) أبو أمامة الباهلي : صدي بن عجلان بن عمرو، أبو أمامة الباهلي؛ له صحبة ورواية، وروى أيضاً عن عمروأبي عبيدة وأبي الدرداء ومعاذ، وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فأسلموا، وسكن حمص؛ وروى عنه خالد بن معدان وأبو إدريس الخولاني ورجاء بن حيوة وغيرهم؛ توفي سنة ست وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وروى له الجماعة. وقال أبو أمامة: لما نزلت "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة" قلت: يا رسول الله أنا ممن بايعك تحت الشجرة، قال: يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك؛ ولما مات خلف ابناً يقال له المغلس، وكان آخر من بقي بالشام من الصحابة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: عليك بالصوم فإنه لا مثل له، وكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يلقون إلا صياماً. الوافي بالوفيات ، ص 12895 ـ 12896 / الموسوعة الشعرية
(2) الكهف 107
(3) انظر تفسير القرطبي 11/68 / المكتبة الشاملة 0
(4) هو كعب بن مالك بن عمرو بن القين بن كعب بن سواد. وقيل: القين بن سواد ، كان من شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم المعدودين، وهو بدري عقبي ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً كثيراً، وكل بني كعب بن مالك قد روى عنه الحديث..الأغاني 16/226 ـ 240(1/94)
الفردوس التي فيها الأعناب ، وجنة عدن معناه أي خلد ، يقول العرب : عَدنتُ الإبل فكان كذا وكذا ، إذا ألِفَته ولَزِمَتهُ ، ومنه قيل لمعدن الذهب والفضة معدن ؛ / لأن جوهر الذهب والفضة قد نبت فيه ،35 ب ويقال عدن فلانٌ بكذا وكذا ، أي أقام بعدن ، وبعدن لغتان ، فجنات عدن من ذلك ، أي مقام ، وجنة الخلد ، والخلد البقاء ، يقال : أَخلدَ بالمكان إخلاداً إذا أقام به ، وخلد يخلد خلودا إذا بقي ، قال لبيد : " من الكامل "
... وعَمَّرْتُ دَهْرَاً بعْدَ مُجرى داحِسٍ ... ... لَوأنَّ لِلنَفسِ اللَجوجِ خُلودُ (1)
أي : بقاء ، ومخلدون من الخلد ، ورجل مخلد : إذا أسنّ ولم يشب ، ودرجات الجنة هي المنازل ، قال أبو عبيدة (2) في قوله : [ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ ] (3) أي هم منازل ، ومعناه لهم درجات ، كقولك: هم طبقات 0
طُوبى : يقال : إنها شجرة في الجنة ، يسير الراكب الجواد في ظلها ألف عام ، ولا يقطعه ، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة ، وقال بعض أهل العلم : طوبى مأخوذ من طابَ يطيبُ ، كأن أهل الجنة طاب لهم أن يستظلوا فيها ، وهو على وزن فُعْلَى ، وهو على غاية الطيب ، كما قالوا عُليا ، وقصوى ، أي غاية العلو ، وأ قصى الأمور ، وكذلك طوبى ، أي : أطيب ، وقد كَثُر على ألسن الناس أن يقولوا لكل مَن طاب له أمر : طوبى لك 0
الكوثر : قال ابن عباس في قوله تعالى : [إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ] (4) قال : نهر في الجنة ، وقال بعض أهل اللغة : كوثر من الكثرة ، هو فَوْعَل ، قال لبيد : " من الطويل "
__________
(1) رواية الديوان ، ص 38 : وَغَنَيتُ سَبتاً قَبلَ مُجرى داحِسٍ لَو كانَ لِلنَفسِ اللَجوجِ خُلودُ
(2) كتبت أبو عبيد ، والصواب ما أثبتناه 0 مجاز القرآن 1/107
(3) آل عمران 163
(4) الكوثر 1(1/95)
/ وَصاحِبُ مَلحوبٍ فُجِعتُ بِيَومِهِ وَعِندَ الرِداعِ بَيتُ آخَرَ كَوثَرِ (1) 36 أ
بمعنى كثير الخير 0
النار وما لها من الأسامي : يقال : إن النار تحت الأرضين السابعة ، قال الله تعالى : [كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ] (2) قال : سجين : هي الأرض السابعة ، اسمها سجين ، والنار هو اسم العذاب الذي يُعذب الله به الكفار في الآخرة ، ويقال : إنّ أَدرَاك النار سبعة وواحد الأَدراك دَرْك ، قال الله تعالى : [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ] (3) ، وقال : [حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا] (4) قال أهل التفسير : حَلّ أهل كل درك محله من النار ، وأسماؤها سبعة : اللظى ، والسعير ، والحُطَمَة ، والجحيم ، وجهنم ، والهاوية ، وسقر ، قال الله : [كَلَّا إِنَّهَا لَظَى] (5) ، وقال : [وَيَصْلَى سَعِيرًا] (6) وقال: [وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ] (7) ، وقال : [ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ] (8) ، وقال : [ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ] (9) ، وقال : [ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ] (10) ، وقال : [ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ] (11) ، فكلها نطق القرآن به ، وذكر إن للنار سبعة أبواب ، فسميت لظى لكثرة شررها ، وشدة التهابها ، فإذا سكنت ولم يكن لها شرر ، فلا تلظي لها ، قال امرؤ القيس (12) : " من الرمل "
كَتَلَظّي الجَمرِ في شَرَرِه
__________
(1) في ديوانه ، ص 64 : فجعنا ، وصاحب ملحوب عمر بن خالد بن جعفر ، وملحوب اسم فرس ، والرداع اسم موضع 0
(2) المطففين 7
(3) النساء 145
(4) الأعراف 38
(5) المعارج 15
(6) الانشقاق 12
(7) الهمزة 5
(8) التكوير 12
(9) الحجر 43
(10) القارعة 8 ، 9
(11) المدثر 27
(12) هذا عجز بيت ، وصدره : بِرَهيشٍ مِن كِنانَتِهِ ، ديوانه ، ص 76(1/96)
ويقال : لظّى فلانا أي أغضبه حتى يكاد يلتهب ، والسعير سميت بذلك من الاستعار يقال : استعرت النار إذا التهبت /والمستعر الملتهب ، ويقال : سعّر الحرب 36 ب إذا هيجها وأشعلها حتى استعرت ، كما تستعر النار ، وكذلك الفتنة ، وأصله كله من النار ، قال الله : [كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ] (1) أي تأججا ، يقال لها : الحطمة ، والحطمة التي تدق الشيء بعضه على بعض ، وتكسره وتبلعه ، ويقال : حطَمَه إذا دقه دقا عنيفا ، ويقال للر جل النهم الشديد الأكل السريع الاستراط (2) : حطمة ، والحُطام : يبس النبت إذا تكسر ، قال الله : [ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا] (3) ، فسميت النار حطمة ؛ لأنها تحطم الكافرين ، وتسرطهم ، وتدقهم ، ويقال : دار الجحيم ، والجحمة شدة النار ، وجمعها جُحَم ، قال عمرو بن قميئة : " من المتقارب "
وَهاجِرَةٍ كَأُوارِ الجَحي مِ قَطَعتُ إِذا الجُندُبُ الجَونُ قالا (4)
الأوار : شدة الحر من النار ، ويقال لها جهنم ، ومعناها التجهم ، والتكرُّه ، ويقال : رجل جهنم الوجه ، أي كريه الوجه ، وقال أبو عبيدة : جهنم لا تصرف ؛ لأنه على أربعة أحرف ، وحكى عن رؤبة قال : : من الرجز "
رَكِيةُ جِهنامٍ بَعِيدَةُ القَعْرِ (5)
وقال يونس : جهنم اسم أعجمي ، ويقال لها : الهاوية ، وسميت بذلك لأنها تهوي بهم ، وتبلغ بهم قعرها ، يقال : هوى في البئر إذا تردى فيها ، ويقال : سميت هاوية لأنهم يهوون فيها أبدا ، معذبون لا يستقرون ، ولا يجدون فرارا ، فهم يهوون ، وهو / مأخوذ من الهواء ، الذي بين السماء والأرض ، ويقال : 37 أ
__________
(1) الإسراء 97
(2) الاستراط : البلع 0 الصحاح ( سرط )
(3) الحديد 20
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(5) كتبت : رَكِيةُ جِهنامٍ أي بَعِيدَةُ القَعْرِ ، وما أثبتناه من ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/97)
هوى الرجل يهوي : إذا وقع في هلكة ، والمهواة ما بين أسفل البئر وأعلاها ، وهوت الدلو في البئر ، أي سقطت ، فمرت في مهواة البئر ، وكل مفازة مهواة ، قال ذو الرمة (1) : " من الطويل "
وَبَيتٍ بِمَهواةٍ هتكنا سَماءَهُ إِلى خوخةٍ يَزوي لَهُ الوَجهَ شارِبُه
ويقال لها سقر ، وهو مأخوذ من سقرته الشمس ، وصقرته ، وصهرته ، أي أذابته ولوحته ، وغيرته ، والصاقور : الفأس التي تكسر بها الحجارة ، وفي سقر لغتان : سقر ، وصقر ، والصاقور حديدة تُحمى ، فيكوى بها الحمار ، فكأن سقر سميت بذلك ؛ لأنها تلوح مَن فيها ، وتغيرهم ، وتبلغ إليهم ، وتدقهم ، وتجهدهم 0
الصراط : الصراط في كلام العرب هو الطريق ، قال الله تعالى : [ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ] (2) ، قال المفسرون : هو طريق الحق والهداية ، ويقال : الصراط في الآخرة جسر على النار ، يجوز عليه الخلائق ، عليه سبع قناطر ، وهو أحدُّ من السيف ، وأدقُّ من الشعرة ، رُوي ذلك في الحديث ، والله أعلم بكيفيته ، وقال مجاهد في قوله : [هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ] (3) قال : الخلق يرجع إلى الله ، وعليه طريقهم ، والعرب تقول في الوعيد : طريقك عليّ ، أي لا بد لك من المصير إليّ ، وقال قوم سمي الصراط لأنه يسترط الناس / أي يبتلعهم وقيل للطريق 37 ب صراط ؛لأنها تسترط الناس فتذهب بهم ، ترى الجماعة تنتشر في الطريق ، فكأن الطريق قد استرطهم ، فذهب بهم 0 ...
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
و رواية الديوان : وَبَيتٍ بِمَهواةٍ خَرَقتُ سَماءَهُ إِلى كَوكَبٍ يَزوي لَهُ الوَجهَ شارِبُه
(2) الفاتحة 6
(3) الحجر 41(1/98)
الأعراف : قال الله تعالى : [وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ] (1) قال أبو عبيدة (2) : مجازه على بناء سُْوْر ، لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب أعراف ، وأنشد (3) : " من الرجز "
كَالْعَلَمِ الْمُوفِي عَلَى الأعْرَافِ
أي على نشز ، وقيل سور بين الجنة والنار ، يُحْبَسُ عليه رجال استوت حسناتهم وسيئاتهم 0
الثواب : الثواب هو ما يرجع الناس إليه من العمل الذي قدمه إلى الله ، لأنه يثوب إليه في الآخرة ، ويصير إليه ، وكل من صار إلى أمر ، أو رجع إليه ، فقد ثاب إليه وقيل لمنزل الرجل مثابة ؛ لأنه يرجع إليه ، ومنه التثويب في الآذان ، لأنه يرجع إليه ، والمُثوِّب : الذي يدعو دعاء بعد دعاء ، فالثواب مرجع عمل الرجل ، وما يعود إليه في الآخرة من اكتسابه في الدنيا ، وما يرجع إليه ، وما يصير إليه ، وهو مأخوذ من ثاب إليه أي رجع 0
العقاب والعقوبة : العقاب ما يُتَعَقَّبُ به المذنب ، أي يُؤخذ به بعد الذنب ، وأصله من العقب ، والعقب من كل شيء ما يبقى بعده / وعقب الرجل ولده الباقون 38 أ
__________
(1) الأعراف 46
(2) مجاز القرآن 1/ 215
(3) ورد هذا الرجز في : الطبري 12/450 ، ومجاز القرآن 1/215 ا، وفي اللسان ( نوف ) ولم يُعز لقائل 0(1/99)
بعده ، والعقوبة ما يلحق الإنسان من المحنة بعد ذلك ، وهو مشتق من ذلك ، وفي الحديث : ( من عقّب في صلاةٍ ) (1) أي أقام بعد ما يفرغ من الصلاة في مجلسه ، وهو من العاقبة ، وعاقبة كل شيء آخر أمره ، وما يجيء بعده ، ومن صلى بعد الفريضة تطوعا فهو مُعَقِّب ، ويقال : تعقَّبه إذا فعل مثل فعله بعده ، أو نقض فعله ، قال الله : [وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ] (2) أي ليس يقدر أن يغير ما يحكم الله به بعدما يحكم، والعُقبة في السفر أخذ من هذا ، وهو أن يتعاقب الرفيقان ، يركب أحدهما ، ثم ينزل ، ويركب الآخر بعده ، والعُقبى والعُقبة كلهن واحد ، والمعنى آخر كل شيء ومصيره ، وقيل في قوله : [ وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى] (3) أي لم يرجع ، ويقال : عقب على ما كان عليه ، أي رده ورجع به عليه ، ويقال : عاقبَه الله على فعله ، أي فعل به من الإساءة مثل فعله بعد فعله ، فالإسم منه عِقاب وعُقوبة ، فما كان في الآخرة يقال له : عقاب ، وما كان في الدنيا يقال له : عقوبة 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث ( عقب ) ، وقد كتب : من عقب في صلاته ، وما أثبتناه من النهاية ، وتمامه : فهو في صلاة 0
(2) الرعد 41
(3) النمل 10 ، القصص 31(1/100)
الإثم والوزر : قال أبو سعيد السكري (1) : سمي الآثم آثما ؛ لأن الآثِم يُبطئ عن طاعة ربه ، يقال : أثم إذا أبطأ ، والآثم المُبطئ ، ويقال أثمت الناقة إذا أبطت ، قال الشاعر (2) : " من المتقارب "
جُمالِيَّةٍ تَغتَلي بِالرِدافِ إِذا كَذَّبَ الآثِماتُ الهَجيرا
__________
(1) السكري النحوي : الحسن بن الحسين بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن العلاء بن أبي صفرة، المعروف بالسكري، أبو سعيدٍ النحوي اللغوي الراوية الثقة المكثر. مولده سنة اثنتي عشرة ومائتين ووفاته سنة خمس وسبعين ومئتين. كان ثقة صادقاً ديناً يقريء القرآن وانتشر عنه من كتب الأدب ما لم ينتشر عن أحدٍ من نظرائه ، وللسكري من الكتب كتاب أشعار هذيل. كتاب النقائض. كتاب النبات. كتاب الوحوش. وجوَّده. كتاب المناهل والقرى. كتاب الأبيات السائرة. وعمل أشعار جماعةٍ منهم شعر امرىء القيس. النابغة الذبياني. النابغة الجعدي. زهير. لبيد. تميم بن أبي مقبل. دريد بن الصِّمَّة. الأعشى. مهلهل. متمم بن نويرة. أعشى باهلة. الزبرقان بن بدرٍ. بشر بن أبي خازم، المتلمِّس. الراعي. الشمَّاخ. الكميت. ذو الرمة. الفرزدق. قيس بن الخطيم. هدبة بن خشرم. مزاحم العقيلي. وغيرهم 0 الوافي بالوفيات ، ص 9219 ـ 9223 / الموسوعة الشعرية 0
(2) البيت للأعشى ، ديوان الأعشى الكبير ، ص 133(1/101)
/والإثم ضد الأجر ، يقال : فلان مأثوم ، وفلان مأجور ؛ لأن المأجور يسعى38ب في طاعة الله ، ويعمل الأعمال التي يستوجب بها الثواب من الله ، والآثم لم يعمل ، وقصر عن الطاعة ؛ فأبطأ ، فلا أجر له ، فهو آثم ، أي مبطئ عن الطاعة ، وقال ابن قتيبة (1) :
__________
(1) ابن قتيبة : أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، النحوي اللغوي صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب؛ كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بنراهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه الزيادي وأبي حاتم السجستاني وتلك الطبقة، وروى عنه ابنه أحمد وابن دُر ستُويه الفارسي، وتصانيفه كلها مفيدة، منها ما تقدم ذكره، ومنها غريب القرآن الكريم وغريب الحديث وعيون الأخبار ومشكل القرآن ومشكل الحديث وطبقات الشعراء والأشربة وإصلاح الغلط وكتاب التقفية وكتاب الخيل وكتاب إعراب القراءات وكتاب الأنواء وكتاب المسائل والجوابات وكتاب الميسر والقداح وغير ذلك. وأقرأ كتبه ببغداد إلى حين وفاته، وقيل أن أباه مروزي، وأما هو فمولده ببغداد، وقيل بالكوفة، وأقام بالدِّينورِ مدةً قاضياً فنسب إليها..وكانت ولادته سنة ثلاث عشرة ومائتين، وتوفي في ذي القعدة سنة سبعين، وقيل سنة إحدى وسبعين، وقيل أول ليلة في رجب، وقيل منتصف رجب سنة ست وسبعين ومائتين، والأخير أصح الأقوال، وكانت وفاته فجأة، صاح صيحة سمعت من بُعد ثم أغمي عليه ومات، وقيل أكل هريسة فأصابه حرارة ثم صاح صيحة شديدة ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى وقت السحر، ثم مات 0 وفيات الأعيان 3/42 ـ 44(1/102)
الإثم العذاب ، وقال في قوله في الخمر والميسر : [ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ] (1) قال : عذاب ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( البر ما سكنت واطمأَنّت إليه النفوس ، والإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس ) (2) ، وأما الوزر فهو أن يحمل غيره على الذنب ، فيكون قد تقلد ذنبين : ذنب نفسه ، وذنب غيره ، قال الله تعالى : [لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ] (3) لمّا أضل غيره ، سماه وزرا ، وأصله من المؤازرة ، وهي المشاركة والمعاضدة ، ومن أجل ذلك سمي وزير الملك وزيرا لأنه مأخوذ من المشاركة ، كأنه يشرك الملك في سلطانه ، قال الله : [وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ] (4) سماه وزيرا لما كان شريكا له ، ومعاضدا / فسمي الوزر وزرا لأن صاحبه أشترك مع من39أ حمله على الوزر ، وعاضده عليه 0
__________
(1) البقرة 219
(2) الذي جاء في صحيح مسلم 12/403 ، 404 ، سنن الترمذي 8/401 ، مسند أحمد 36/29 ، 30 ، 31 / المكتبة الشاملة : البِرُّ حُسْنُ الخُلُق، والإثم ماحاكَ في نفسك وكَرِهْتَ أن يطلعَ عليه الناس.
(3) النحل 25
(4) طه 29 ـ 32(1/103)
القيامة : القيامة مأخوذ من قام يقوم ، المصدر منه قياماً ، ومثله : صام يصوم صياماً ، والاسم منه الصوم ، والقيامة فعل يكون من الخلائق دفعة واحدة ، ولذلك أدخل فيه الهاء ، فقيل يوم القيامة ، ولم يقل يوم القيام ، ويقال له يوم الحشر ، والحشر الجمع ، كأن الخلائق يجمع بينهم في ذلك اليوم ، قال الله تعالى : [احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ] (1) الآية ، ويقال له : يوم الجمع ، من ذلك ، ويقال له : يوم التغابن ؛ لأن المغبون مَن انكشفت سرائره في ذلك اليوم ، فيظهر ما اكتسب في الدنيا من عبادته غير الله ، وقدّر أنه قد اهتدى ، وأنه ينجو ، فيكون أمره كما قال الله : [وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا] (2) فهذا هو المغبون ، مثل المغبون في الدنيا ، الذي يشتري سلعة أو يبيعها ، فيقدر أنه قد ربح ، فإذا انكشف أمره ظهر خسرانه ، فيقال له مغبون ، فسمي يوم التغابن لذلك ، ويقال له أيضا يوم الدين ، قال أهل التفسير معناه يوم الحساب ، لأن كل أحدٍ يُحاسب / فيجازى بعمله ، ومن أجل ذلك يقال : كما تدين تُدان ، ويقال له 39ب يوم البعث ، والبعث الإثارة ؛ لأن الله تعالى يثير أهل القبور من قبورهم ، قال الله تعالى : [مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا] (3) أي من آثارنا ، ويقال له يوم النشور ، وذلك أن أعمال العباد تظهر في الصحف ، فيُعطى كل أحد كتابه منشورا ، قال الله تعالى : [وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ] (4) فسُمِّي يوم النشور لنشور الصحف ، ويكون أيضا من نشور الموتى ، يقال : نشر الله الميت ، وقال الأعشى : " من السريع "
حَتّى يَقولُ النَّاسُ مِمّا رَأوْا يا عَجَبا لِلمَيِّتِ النَّاشِرِ (5)
__________
(1) الصافات 22
(2) الفرقان 23
(3) يس 52
(4) التكوير 10
(5) ديوان الأعشى الكبير ، ص 177(1/104)
فكأن الميت يكون مطويا في الأكفان والقبر ، ثم ينشر بعد ذلك الطي ، يقال : نشر الله الميت فنُشِر ، ويقال له : يوم الحسرة ، لأن الناجي والهالك يومئذ في حسرة ، يتمنى الناجي أن يكون قد زاد من أعمال الخير والاجتهاد في العبادة ، ويكون تقصيرة حسرة عليه ، ويتمنى الهالك أن يكون من الناجين ، فالخلائق كلهم في حسرة ، فمن ذلك قيل : يوم الحسرة ، ومعنى الحسرة أي يُحسر عن الغائب الذي لم يكن قبل ذلك ، فتكشف السرائر ، وينكشف للناس مَن الناجي ، ومَن الهالك ، يقال: حسر عن ذراعيه إذا كشف عنهما 0
/ السماء والأرض : العرب تسمي كل ما علا وارتفع سماء ، وكلما سفل أرضا 40أ وأصل السماء من السمو ، وهو الارتفاع ، يقال : سما بصره إلى الشيء أي ارتفع وشخص ، وسما له الشيء أي ارتفع له ، قال امرؤ القيس : " من الطويل "
سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَرا وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ طيّ فَعَرعَرا (1)
معناه : ارتفع لك الشوق ، فكل شيء علاك وأظلك سماء ، والسحاب : سماء ، قال الله تعالى : [وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا] (2) ، وسماء البيت سقفه وأعلاه ، وقيل في تفسير قوله : [فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ] (3) إنه سقف البيت ، قال سلامة بن جندل : " من الطويل "
هُوَ المُدخِلُ النُعمانَ بَيتاً سَماؤُهُ نُحورُ الفِيولِ بَعدَ بَيتٍ مُسَردَقِ (4)
سماؤه : سقفه ، فجعل نحور الفيول سماء لها لأنها عَلَتْهُ ؛ فتوطأته ، وسماوة الشيء شخصه ، قال العجاج : " من الرجز "
سَماوَةَ الهِلالِ حَتّى اِحقَوقَفا (5)
__________
(1) رواية الديوان : بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا ، ويروى : سما بك ، ديوانه ص 59
(2) الفرقان 48
(3) الحج 15
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(5) ديوانه ، ص 496(1/105)
يعني شخصه ، وقالوا سماء الفرس وأرضه ، يعنون بسمائه ظهره ، وبالأرض حوافره ؛ لأن ظهره أعلاه ، وحوافره أسفله ، قال حميد الأرقط (1) : " من الرجز "
ولمْ يُقلِّبْ أرْضَها بِيطَارُ (2)
والعرب تسمي السماء : رقيع ، وكَحْل ، وجرباء ، وسقف ، وبناء ، وفي حديث سعد بن معاذ / أن النبي عليه السلام قال : ( لقد حكمت فيهم بحكم الله من 40ب فوق سبعة أرقعة ) (3) ، والأرض السفل كما بيّنّا ، والروضة مشتقة من الأرض ، وهي كل أرض معشبة ، والرِّعدة يقال لها أرض ، والأرض القدم ، وقيل في تفسير قوله : [وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ] (4) بأي قدم ، والأرض الركام ، والأرضة سميت بذلك ؛ لأنها تتولد من الأرض ، ويقال لها : دابة الأرض ، قال الله تعالى : [إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ] (5) 0
الهواء : والهواء في كلام العرب هو الخلاء ، يقال لما بين السماء والأرض : هواء ، لأنه ليس بجرم كثيف ، فكأنه لا شيء ، يقول العرب لكل جوف خال : هواء ، يعنون لا شيء فيه ، قال الله تعالى : [ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ] (6) ، قال أهل التفسير : خالية ، لا تعي شيئا ، وقال زهير (7) : " من الوافر "
كَأَنَّ الرَحلَ مِنها فَوقَ صَعلٍ مِنَ الظِلمانِ جُؤجُؤُهُ هَواءُ
__________
(1) حميد بن مالكٍ الأرقط ، ولقب بالأرقط لآثار كانت بوجهه، وهو شاعر إسلامي مجيد وكان بخيلاً. قال أبو عبيدة: بخلاء العرب أربعة: الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الأسود الدؤلي، وخالد بن صفوان. معجم الأدباء 11/13 ـ 15
(2) يذكر فرسا ، وأرضها أي قوائمها 0 اصلاح المنطق ، ص 73
(3) النهاية في غريب الحديث ( رقع ) 0
(4) لقمان 34
(5) سبأ 14
(6) إبراهيم 43
(7) شرح ديوان زهير ، ص 63(1/106)
يعني الظليم ، أي صدره خال من العقل ؛ لأنه يضرب به المثل في الحمق ، ويقال : الهواء السعة ، وإنما قيل لما بين السماء والأرض هواء ؛ لسعة ما بينهما ، والهواء ضد الكبس ، وكل شيء ممتلئ كبيس ، وكل شيء خال هواء ، وإنما سمي ما بين السماء والأرض هواء ؛ لأنه في رأي العين خال ، وليس بخال ؛ لأن الهواء الذي بين السماء والأرض ريح ساكنة إذا حُرِّك ظهر حَومه ، ودفع بعضه بعضا 0
/الفلك : والفلك مجرى النجم ، قال الله تعالى : [وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ] (1) 41أ وسمي فلكا لاستدارته ، ومنه فلك المغزل ، سميت بذلك لاستدارتها ، ويقال : تفلك ثدي المرأة إذا استدار ، وكذلك ما استدار من الرمل ، يقال له فلك ، قال الكميت : " من الوافر "
... فلا تبكِ العراصَ ودمنتيها بناظرةٍ ولا فَلْكَ الأميلِ (2)
البروج : البروج حدود الفلك ، وهي اثنا عشر بُرجا عند العرب ، وعند جميع الأمم، وأسماؤها مشهورة ، وقال الله تعالى : [ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ] (3) ، والبرج في كلام العرب هو القصر والحصن ، قال الله تعالى : [ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ] (4) والمُشيَّد : المطوَّل 0
النجوم والكواكب : الكوكب والنجم عند العامة شيء واحد ، والفرق بينها أنّ النجوم هي السبعة السيارة ، والتي يدور عليها الحساب ، وتُعدُّ منها : الشمس والقمر ، والخمسة الخُنَّس وهي : زُحل ، والمشتري ، والمريخ ، وعطارد ، والزهرة ، هذه يقال لها نجوم ، ويقال فلان يعرف حساب النجوم ، ولا يقال : يعرف حساب الكواكب ، ويقال : مُنجِّم ، ولا يقال : مُكوكب ، فكأن النجوم هو اسم للسبعة السيارة / والكوكب اسم للكواكب الثابتة ، ألا ترى أنّ الشمس والقمر هما من النجوم 41 ب
__________
(1) يس 40
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) البروج 1
(4) النساء 78(1/107)
ولا يقال لهما كوكبان إلاّ على المجاز ، وقد أجاز بعضهم أن يقال لهما كوكبان ، وقال : لأن الكواكب هو نور مجتمع ، سمي كوكبا بذلك ، وكذلك يقال للجماعة من الناس ، أو الخيل كوكبية ، وكبكبة ، وكوكب الشيء : مُعظمه ، وكذلك الكواكب ، إتما هي أنوار مجتمعة مستديرة ، مثل استدارة الشمس والقمر ، ويقال للخمسة خُنَّس ، قال الله تعالى : [فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ] (1) ، قال المفسرون : هي الكواكب الخمسة ؛ لأنها تبدو بالليل ، وتخنس بالنهار ، ويقال لها كُنَّس ، لأنها تُكْنَس أي تُستر ، كما تكنس الظباء في كناسها ، وقيل سميت خنَّسا لأنها تستمر في الفلك ، ثم ترجع ، بينا ترى أحدها في آخر البرج ، كرَّ راجعا إلى أوله ، وكل شيء استمر ثم انقبض فقد خنس ، قال البعيث (2) : " من الطويل "
إذا خَنَسًتْ منهُ عًن الرَّكْبِ قُنَّة ... ... بَدا عَلمٌ يأتَمُّه الرَّكبُ خاشِعُ
ومنه سمي الشيطان خنَّاسا ، وقيل لها نجوم ، واحدها نجم ؛ لأنه ينجم أي يطلع ، يقال : نجم علينا فلان أي طلع ، وكل طالع ناجم ، وإنما قيل لها نجوم لأن بعضها يطلع / على إثر بعض ، ويقال : نجم عليه المال ، فهو يؤديه نجما نجما ، 42 أ
أي شيئا على إثر شيء ، فكأنه كلما حلّ عليه نجم ، يكون قد طلع عليه ، وقيل في تفسير قوله : [وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى] (3) ، قالوا : القرآن إذا نزل ، لأنه كان ينزل على رسول الله عليه السلام نجوما ، بعضه على إثر بعض ، ويقال لكل نبت ليس له ساق نجم ، وما كان له ساق : شجر ، قال الله تعالى : [وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ] (4) وسمي نجما ؛ لأنه طلع على وجه الأرض 0
__________
(1) التكوير 15 ، 16
(2) لم أجده في المطبوع من ديوانه
(3) النجم 1
(4) الرحمن 6(1/108)
الشمس : إنما سميت شمسا لأنها تخفى وتشمس ، ثم تطلع ، وهي مؤنثة في اللفظ والشموس : المرأة التي تطالع الرجال ولا تُطمِعُهم ، ودابة شموس أي نافرة ، تنزو عند الإسراج والإلجام ، فلا تقر ، ويقال شَمَس إذا ارتفع ، ويقال للهضب العالية شُموس ، ويقول العرب للشمس ذُكاء ، وللصبح ابن ذُكاء ، لأنه من ضوئها ، قال الراجز :
وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في كَفْرِ (1)
أي مستتر بسواد الليل ، وإنما سميت ذُكاء لأنها تذكو كما يذكو النار ، ويقال لها الجونة لبياضها ، ويقال للأبيض جون ، وللأسود جون ، وهو من الأضداد 0
القمر : لا يقال له قمر حتى يمتلئ ، فإذا كان كذلك فهو قمر ، وإلاّ فهو هلال ، وليلة / قمراء ، ولا يقال نهار أقمر ؛ لأن ضوء القمر يبدو بالليل ، وسمي 42ب قمرا لبياضه ، ويقال : حِمار أقمر ، أي أبيض ، وقال بعض أهل اللغة : سمي قمرا لأنه لا يزال يزيد وينقص ، بمنزلة القاصر الذي يزيد ماله مرة ، وينقص مرة ، والقمر الذي تراه في السماء ، والقمر الذي تراه على الأرض وغيرها من ضوء القمر ، وسمي هلالا لضيائه وحُسنه ، ومنه تهلل وجه الرجل إذا أضاء ، ويقال : تهلل ، وتهلهل ، كما يقال : تحلل وتحلحل ، ومنه سمي مُهلهل الشاعر ، لأنه أول مَن حسّن الشعر ، وليلة البدر ليلة أربعة عشر ، قالوا وسمي بدرا في تلك الليلة لأنه يبدُر قبل وجود الشمس ، ويقال لأنه يُبادر غيبوبة الشمس بالطلوع بالعشي ، ويبادر طلوع الشمس بالغداة بالغروب ، ويقال سُمي بدرا لتمامه ، وكل شيء تم فهو بدر ، وقيل لعشرة آلاف درهم بدرة ؛ لتمام العدد ، ويقال : أبدرنا أي طلع لنا البدر ، ويقال : هلّ الهلال بغير إلف ، والسِّرار إذا استسر القمر تحت شعاع الشمس فلا يظهر ، وكذلك يقال له سِرّ 0
__________
(1) من الرجز وهو لحميد الأرقط ، انظر :اصلاح المنطق، ص 340 ، الحيوا ن5/131 ، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ، ص 264(1/109)
العَالم : قال الله تعالى : [ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] (1) فجمع العالم على هجائين ، وهكذا جاء في القرآن مجموعا على هجائين ، ويجوز في غير القرآن عَالم ، وعَوالِم ، كما قالوا : شارب وشوارب / ولامع ولوامع ، وقيل في قوله 43 أ تعالى: [رَبِّ الْعَالَمِينَ] ، قيل المخلوقين ،وأنشد بيت لبيد (2) : " مجزوء الكامل "
ما إِن رَأَيتُ وَلا سَمِع تُ بِمِثلِهِم في العالَمينا
وواحدهم عالم ، قال العجاج (3) : " الرجز "
فَخِندِفٌ هامَةُ هَذا العَألَمِ
ويقال للسماء والأرض وما بينهما : عالم على الجملة ، ثم يفصل ، فيقال للإنس عالم ، وللجن عالم ، وللملائكة عالم ، وللطير عالم ، وللبهائم عالم ، ولكل ما خلقه من حيوان وموات وشجر ونبات لكل جنس منها عالم ، وأصل العالم جنس يشتمل على جماعة ، ثم يتنوع الجنس ، يقال للعرب عالم ، وللعجم عالم ، ثم يقسم العرب إلى القبائل ، فيقول : مضر عالم ، وربيعة عالم ، فعلى هذا الباب كله ، وقياسه ، وقال بعض الحكماء من المتقدمين : العوالم ثلاثة : عالم علوي ، وعالم وسط ، وعالم سفلي ، فالعالم العلوي عالم العقل ، والعالم الأوسط الفلك وما فيه ، والعالم السفلي ما دون الفلك إلى مركز الأرض 0
__________
(1) الفاتحة 2
(2) ديوانه ، ص 199
(3) ديوانه ، ص 299(1/110)
الأقاليم والجزائر : يقال : إن الأرض سبعة أقاليم ، واثنتا عشرة (1) جزيرة ، وواحد الأقاليم إقليم ، وواحد الجزائر جزيرة ، والإقليم مشتق من القلم، والقلم في كلام العرب السهم والقسم والنصيب ، فكأن قولهم سبعة / أقاليم ، أي سبعة 43 ب أقسام ، فإقليم إفْعِيْل من القلم ، والجزيرة مأخوذ من جزر يجزر إذا قطع ، والجزّار مأخوذ من ذلك ؛ لأنه يقطع اللحم ، ويجزره ، ويُفصّله ، والجزور مشتق منه لأنه يُنحر ، ثم يُفصّل ويقطع ، والمد والجزر الذي بالبصرة سمي بذلك ؛ لأن الماء يرتفع فيسمى مدّا ، ثم تنقطع مادته وتتراجع ، فيسمى جزرا ، وكل بقعة في وسط البحر لا يكون فيها الماء ولا يعلوها يقال لها جزيرة ، فهي فعيلة في معنى مفعولة ، كأنها بقعة قد جُزرت ، أي فصلت عن تخوم الأرضين ، فصارت منقطعة في البحر ، وقسمة الجزائر اثنا عشر على الأقاليم السبعة ، فخمسة لكل واحد نصيبان ، واثنان لكل واحد نصيب واحد ، كالكواكب السبعة ، والبروج الاثني عشر ، يقال لخمسة كواكب لكل واحد بيتان ، ولكوكبين لكل واحد بيت ، فهكذا قسمة الأقاليم والجزائر ، والجزيرة المعروفة التي هي ديار ربيعة ومضر ، سميت بذلك لأنها بين النهرين : دجلة والفرات ، فدجلة عن يمين الصاعد من العراق إلى الشام ، والفرات عن يساره وسميت جزيرة لأنها انقطعت عن تخوم الأرضين ، فصارت بين نهرين ، وجزيرة العرب قد اختلفوا فيها ، فقال قوم آخر حدود /جزيرة العرب حفر أبي 44أ موسى الأشعري (2)
__________
(1) كتبت : اثنا عشر
(2) حفَرُ أبي موسى الأشعري. قال أبو منصور الأحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة. حفر أبي موسى وهي ركايا أحفرها أبو موسى الأشعري على جادة البصرة إلى مكة وقد نزلتُ بها واستقيتُ من ركاياها وهي بين ماوية والمنجشانية بعيدة الأرشية يستقى منها بالسانية وماؤها عذب وركايا الحفر مستوية. والبئر إذا وسعت فوق قدرها سميت حفيراً وحَفَراً وحفيرة..معجم البلدان 2/275(1/111)
فيما يلي العراق ، وهو على خمس مراحل من البصرة إلى أقصى اليمن في الطول ، وفيما بين رمل يبرين (1) إلى منقطع السماوة (2) في العرض ، وقال آخرون : آخر حدوده العراق ، والحد الثاني يلي ضواحي الشام ، والحد الثالث سيف البحر (3) مما يلي المشرق ، والحد الرابع بحر اليمن المحيط بها ، ونجد وتهامة من جزيرة البحر ، وأما نجد فهو من العذيب (4)
__________
(1) يبريِنُ: بالفتح ثم السكون وكسر الراء وياة ثم نون وأبرين لغة فيه قال ابن جني فيه : إنه واحد على بناء الجمع وحكمه يكون في الرفع بالواو وفي الجر والنصب بالياء وربما أعربوه، وقيل هو رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة، وقال السكري يبرين بأعلى بلاد بني سعد، وفي كتاب نصريَبرين من أصقاع البحرين به منبران وهناك الرمل الموصوف بالكثرة بينه وبين الفلج ثلاث مراحل وبينه وبين الأحساء وهجر مرحلتان وهو فيما بينهما وبين مطله سهيل 0معجم البلدان 5/427
(2) السَمَاوَةُ: بفتح أوله وبعد الألف واو والسماوة الشخص. قال أبو المنذر إنما سميت السماوة لأنها أرض مستوية لا حجر بها والسماوة. ماءَة بالبادية وكانت أمُ النعمان سميت بها فكان اسمها ماء فسمتها العرب ماء السماء، وبادية السماوة التي هي بين الكوفة والشام قَفرَى أظنها مسماة بهذا الماء، وقال السكري السماوة ماء لكلب 0 معجم البلدان 3/245
(3) سيف البحر : ساحله 0 اللسان ( سيف )
(4) العذَيبُ: تصغير العذب وهو الماء الطيب. وهو ماء بين القادسية والمغيثة بينه وبين القادسية أربعة أميال وإلى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا. وقيل: هو واد لبني تميم وهو من منازل حاج الكوفة وقيل هو حد السواد. وقال أبو عبد اللَه السكوني العذيب يخرج من قادسية الكوفة إليه وكانت مسلحة للفرس بينها وبين القادسية حائطان متصلان بينهما نخل وهي ستة أميال فإذا خرجت منه دخلت البادية ثم المغيثة..وقد أكثر الشعراءُ في ذكرها 0معجم البلدان4/92(1/112)
إلى أقصى حَجر (1) باليمن ، ثم إلى ضواحي الشام وأفواهه ، ثم إلى البحر مشرقا ، وحد نجد ، الذي هو حدّ نجد ينقطع عند الستار ، وهو طريق العرب إلى هجر (2) ،
__________
(1) حَجر: بالفتح مدينة اليمامة وأم قراها وبها كان ينزل الوالي وهي شركة إلا أن الأصل لحنيفة وهي بمنزلة البصرة والكوفة لكل قوم منها خطة إلا أن العدد فيه لبني عبند من بني حنيفة. معجم البلدان 2/221
(2) هَجَرُ: بفتح أوله وثانيه. وفي اشتقاقه وجوة يجوز أن يكون من هجر إذا هذَى ، ويجوز أن يكون منقولاً من الفعل الماضي ، ويجوز أن يكون من الهجرة ، ويجوز أن يكون أصله الهجران كأنهم هجروا ديارهم وانتقلوا عنها ويجوز أن يكون من هجرتُ البعيرُ أهجره هجراً إذا ربطتَ حبلاً في ذراعه إلى حقوه وقصرته لئلا يقدر على العدو ، فشبه الداخل إلى هذا الموضع بالبعير الذي فعل به ذلك ، ثم غلب على اسم الموضع ، ويجوز أن يكون من التهجير ، وهو التبكير إلى الحاجة ، أو من الهاجرة وهي شدة الحر وسط النهار كأنها شبهت لشدة الحر بها بالهاجرة. وقال ابن الحائك الهجر بلُغةِ حميرَ والعرب العاربة القرية فمنها هجر البحرين وهجر نجران وهجر جازان ، وهجرُ مدينة وهي قاعدة البحرين وربما قيل الهجر بالألف واللام ، وقيل ناحية البحرين كلها هجرُ وهو الصواب. معجم البلدان 5/393(1/113)
وهجر أحد البحرين ، وتهامة تساير نجدا معها ، وإنما تهامة خط يساير نجدا ليس بالعرض ، وحد الجزر أولها القاع (1) ، ثم تمضي مصعدا حتى ينقطع عند اللوى ، لوى الرمل الذي هو بزَرُود (2) ، فهذا عرض الجزر ، ثم يذهب طولا حتى ينقطع في ضواحى الشام مغربا في ناحية البحرين مشرقا ، فهذا طوله 0
الأمصار : معنى المصر الحد بين الشيئين ، والعلامة بينهما ، وإنما قيل لها أمصار ؛ لأنها أماكن محدودة ، عليها علامات معروفة ، تعرف بها بقاع الأرض ، وحدود البلدان ، قال عدي بن زيد : " من البسيط "
__________
(1) القاعُ: هو ما انبسط من الأرض الحرة السهلة الطين التي لا يخالطها رمل فيشرب ماءَها وهي مستوية ليس فيها تَطامُن ولا ارتفاعٌ وقاع: في المدينة يقال له: أطمُ البلَويين وعنده بئر تعرف ببئر غدق، وقاع: منزل بطريق مكة بعد العقبة لمن يتوجه إلى مكة تدَعيه أسد وطيءٌ ومنه يُرحل إلى زُبالة0 معجم البلدان 4/298
(2) زَرُود " بفتح أوله، وبالدال المهملة في آخره. قال أبن دريد زرود: جبل رمل، وهو محدد في رسم عالج، وفي رسم الوقيظ، وهو بين ديار بني عبس وديار بني يربوع، متصل بجدود 0 معجم ما استعجم 1/194
وقال ياقوت : زَرُودُ: يجوز أن يكون من قولهم جمل زرور أي بَلوغ والزرد البَلْع ولعلها سميت بذلك لابتلاعها المياه التي تمطرها السحائب لأنها رمال بين الثعلبية والخزَيمية بطريق الحاج من الكوفة وقال ابن الكلبي: عن الشرقي زرود والشُقْرَة والزَبَذَة بنات يثرب بن قانية بن مهليل بن رخام بن عبيل أخي عوض بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام وتسمى زرود العتيقة وهي دون الخزيمية بميل وفي زرود بركة وقصر وحوض قالوا أول الرمال الشيحة ثم رمل الشقيق وهي خمسة أجبل جبلا زرود وجبل الغر ومُربخ وهو أشدها وجبل الطريدة وهو أهوَنها حتى تبلغ جبال الحجاز، ويوم زرود من أيام العرب مشهور بين بني تغلب وبني يربوع 0 معجم البلدان 2/294(1/114)
/ وَجاعِلُ الشَمسِ مِصراً لا خَفاءَ بِهِ بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ قَد فَصَلا 44ب
يعني أنها حد بين الليل والنهار ، بها يعرف الليل من النهار ، وقيل معناه أي حاجز بين الليل والنهار ، وهو ذلك المعنى ، وقيل إن معناه مأخوذ من شاةِ مَصور : إذا ولّى لبنها ، وقيل : المَصْر : ضم الأصبعين بالناقة والشاة إذا حُلبت ، والمصر : اللبن القليل ، ورجل مُمَصّر : بخيل :انه يقطع العطية قليلا ، فكأن معنى المصر من ذلك ، أي يسير إليه الناس ويثوبون أولا أولا ، كالحلب ، ويكون من انضمام الناس بعضهم إلى بعض ، وروي عن الحسن إنه قال : الأمصار سبعة : المدينة ، البصرة الكوفة ، مصر ، الجزيرة ، الشام ، البحرين ، وقال قتادة (1)
__________
(1) أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة بن عمرو بن الحارث ابن سدوس،السَّدُوْسِي البصري الأكمه، كان تابعيا وعالما كبيرا، قال أبو عبيدة: ما كنا نفقد في كل يوم راكبا من ناحية بني أمية ينيخ على باب قتادة فيسأله عن خبر أو نسب أو شعر، وكان قتادة أجمع الناس. وقال معمر: سألت أبا عمرو بن العلاء عن قوله تعالى: (وما كنا له مقرنين)، فلم يجبني، فقلت: إني سمعت قتادة يقول: مطيقين، فسكت، فقلت له: ما تقول يا أبا عمرو؟ فقال: حسبك قتادة، وقال أبو عمرو: كان قتادة من أنسب الناس، وكان يدور البصرة أعلاها وأسفلها بغير قائد، فدخل مسجد البصرة، فإذا بعمرو بن عبيد ونفر معه قد اعتزلوا من حلقة الحسن البصري وحلقوا وارتفعت أصواتهم، فأمهم وهو يظن أنها حلقة الحسن، فلما صار معهم عرف أنها ليست هي، فقال: إنما هؤلاء المعتزلة، ثم قام عنهم، فمذ يومئذ سموا المعتزلة. وكانت ولادته سنة ستين للهجرة. وتوفي سنة سبع عشرة ومائة بواسط، وقيل ثماني عشرة، رضي الله عنه. والسدوسي: بقتح السين المهملة وضم الدال المهملة وسكون الواو وبعدها سين ثانية، هذه النسبة إلى سدوس بن شيبان، وهي قبيلة كبيرة كثيرة العلماء..وفيات الأعيان 4/85 ـ 86(1/115)
هي عشرة : المدينة ، ومكة ، والكوفة ، والبصرة ، والجزيرة ، ودمشق ، وحمص ، والأردن ، وقنسرين (1) وفلسطين ، فالمدينة معناها مأخوذ من دان يدين على وزن مفعولة ، ويقال لكل مصر مدينة ، وإنما سميت بذلك لأن السلطان يسكنها من بين القرى ، ويقام له بالطاعة ، وهو أمير مطاع ، قال الله تعالى : [ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ
/ مَدِينِينَ ] (2) ومنها قيل لكل قرية يسكنها أمير القرى التي حولها مدينة ، 45 أ
__________
(1) قنسرِين: بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده، وقد كسره قوم ثم سين مهملة كورة بالشام وكان فتح قنسرين على يد أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في سنة 17 وكانت حمص وقنسرين شيئاً واحداً قال أحمد بن يحيى: سار أبو عبيدة بن الجراح بعد فراغه من اليرموك إلى حمص، فاستقراها ثم أتى قنسرين، وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فقاتله أهل مدينة قنسرين ثم لجؤوا إلى حصنهم، وطلبوا الصلح فصالحهم، وغلب المسلمون علىِ أرضها وقُراها، وقال أبو بكر بن الأنباري: أخذت من قول العرب قنسري أي مُسِن0معجم البلدان 4/403
(2) الواقعة 86(1/116)
وهو اسم نكرة ، مدينة من المدن ، فإذا أردت يثرب قلت : المدينة ، لا يقال إلاّ بالتعريف ، وخصت بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنها ، وله دانت الأمم ، ولأمته من بعده ، فخرج اسمها معرفة ، واسم غيرها نكرة ، ومدينة النبي عليه السلام في ناحية يثرب ، ويثرب اسم أرض ، ويقال لكل مصر كورة ، وهي من كُوِّر يُكَوَّر كورة لشيء يدار ويجمع، ومنه يقال كوَّر العمامة إذا أدارها على رأسه ، وجمعها كلها ، فالكورة البُقعة التي يجتمع فيها الناس ، ويجمعون دورهم فيها ، ويقال للمصر أيضا بلدة ، والبلدة المصر ، كأن كل مدينة صدر القرى ، كما يقال لأعلى المجلس وأرفعه صدر المجلس ، فمن ذلك قيل لكل مصر بلدة ، وأنشد (1) : " من الطويل "
أُنيخَت فَأَلقَت بَلدَةً فَوقَ بَلدَةٍ قَليلٍ بِها الأَصواتُ إِلّا بُغامُها
__________
(1) لذي الرمة ، وهومن شواهد سيبويه ، وهو الشاهد التاسع والثلاثون بعد المائتين في خزانة الأدب ، انظر خزانة الأدب 3/418(1/117)
فكثر ذلك عندهم حتى قالوا لكل صقع بلدة ، ويقال لمجمع البيوت دار ، ودارة ، وإنما قيل لها دارة ؛ لأنهم كانوا يتخذون حول خيمهم دارة ، وهو النؤي الذي كانوا يعملونه حول خيمهم للمطر ، فإذا رحلوا بقيت تلك الآثار دارة فقالوا: / هذه 45ب دارة فلان ، ثم كثر ذلك حتى قالوا لمحل كل إنسان دار، وأما القرية فإن أصله مشددة الياء قريَّة ، والقرى الحوض الذي يجتمع فيه الماء ، ثم قالوا لكل بقعة يجري إليها الماء ، ويجتمع فيها قرية ، ثم كثر ذلك في كلامهم ، فخففوه ، فقالوا : قرية ، لأن الناس يجتمعون فيه ، وينزلون حيث يجري إليه الماء ، ويجتمع ، فقالوا لكل بقعة يجري إليها الماء ، ويجتمع فيها قرية ، وأما مصر التي هي الفسطاط (1) سميت بذلك لأنها آخر حدود الشرق ، وأول حدود الغرب ، وهي حد بينهما ، فسميت مصر بذلك لأنها مدينة بنيت على الحدين ، أرض المشرق ، وأرض المغرب فإذا أردت مصر بعينها لم تصرفه ، وإذا أردت مصرا من الأمصار صرفته ، وأما مكة قال قوم : يكون فعلة من مككت المخّ تمكيكا ، مثل مححته إذا أكلت مُحّه ، ومكاكته ، قال بعض العرب في تلبيته : "
__________
(1) الفُسْطاطُ: وفيه لغات وله تفسير واشتقاق ،وللعرب ست لغات في الفسطاط يقال: فُسطاط بضم أوله وفِسطاط بكسره وفُسطاط بضم أوله واسقاط الطاء الأولى وفسَاط بإسقاطها وكسر أوله وفُسْتاط وفستاط بدل الطاء تاء ويضمون ويفتحون ويجمع فساطيط وقال الفراء في نوادره: ينبغي أن يجمع فساتيط ولم أسمعها فساسيط، وأما معناه فإن الفسطاط الذي كان لعمرو بن العاص فهو بيت من أدَم أو شَعْر، وقال صاحب العين: الفسطاط ضرب من الأبنية قال: والفُسطاط أيضاً مجتمع أهل الكورة حَوَالي مسجد جماعتهم يقال: هؤلاء أهل الفسطاط وفي الحديث عليكم بالجماعة فإن يد اللَه على الفسطاط يريد المدينة التي يجتمع فيها الناس وكل مدينة فسطاط قال: ومنه قيل لمدينة مصر التي بناها عمرو بن العاص الفسطاط 0 معجم البلدان 4/261 ـ 264(1/118)
من الرجز "
يا مكةَ الفاجرِ مُكّيْ مَكّا ... ... ولا تَمكي مَذْحَجًا وعكا (1)
مكة الفاجر أي تمك الفاجر ، وتخرجه منها ، وبكة مأخوذ من شيئين : من قولك بككت الرحل أبكه إذا وضعتَ منه ورددت نخوته ، كأنما سميت بكة لأن كل ذي نخوة يتواضع فيها ، ويتضع ، وقال الحسن : هو من يتباكون فيها من كل وجه ، وهو التدافع / ، والبصرة هو من الأرض الغليظة ، وأرض بَصِرة : ذات أحجار46أ بيض رخوة ، والبَصر : الحجر الواحد منها ، ويقال إنها أرض غليظة ، تنبت حجارة الجص ، ويقال للأرض الصُلبة البَصَرة ، والبِصَر، والبُصَر ، ثلاث لغات ، ويكون أيضا فَعْلَة ، من أبصَر يُبصِر ، وأما الكوفة فمن تكوف الرمل ، إذا ركب بعضه بعضا ، والكُوفان : ما استدار من الرمل ، ويقال : كفّت من جلده أكفت كفتا : إذا قطعت وأعطيته كِفْتَة ، أي قطعة ، فيجوز أن تكون الكوفة من ذلك ، وأما اليمامة ، فيكون فعالة من اليَميْمَة ، واليمامة طائر ، قال أبو النجم (2) : " من الرجز "
تجاوبا هُدهُده ويَمْيمه
__________
(1) ورد هذا الرجز في معجم البلدان ( باب الميم والكاف وما يليهما ) دون عزو 0
(2) لم أجده في المطبوع من ديوانه(1/119)
وتكون اليمامة فَعالة من الأمام ، فقلبت الهمزة إلى الياء ، وتكون اليمامة من يممت فلانا ، تريد أمّمته وقصدته ، قال الله تعالى : [فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ] (1) ، والجزيرة من جزرت النخل إذا قطعته ، وجزرت الشاة قطعتها ، والعراق مأخوذ من العراق وهو الخرز في أسفل الدلو ، وأسفل السقاء ، ويكون من العَرْقَة ، وهي جماعة من الطير ، وجمعها عِراق ، وقال قوم : هي فارسية معربة ، ويكون العراق أيضا جمع العرْق ، وإنما هي مواضع سميت عراقا ؛ لقربها من البحر ، وفيها سِباخ وشجر ، يقال : استعرقت الإبل إذا أبت ذلك المكان ، وأهل الحجاز يسمون ما قرب من البحر عِراقا / كما قالوا أسياف البحر ، واحدها سيف ، وهو ما قرب من البحر46ب والحجاز معناه من حَجَز بعيره يَحْجُزه حجازا لضررمن شدة ، وذلك الحبل يقال له الحجاز ، يُشدّ به البعير إلى رسغه ، كالقيد له ، ويكون الحجاز سمي بذلك لأنه احتجز بالجبال ، ويقال : احتجزت المرأة شدّت ثيابها على وسطها واتّزرت ، وهي الحجزة والحزّة خطأ ، وهي من كلام العامة ، والبحرين من بحرت أذن الشاة تبحيرا شققتها وبحرتها أيضا أبحرها بحرا من ذلك المعنى ، ويكون أيضا من بحر البعير يبحر بحرا إذا أولغ بالماء فأصابه منه داء ، ويقال : أبحرت الروضة إذا كثر مناقع الماء فيها ؛ فأنبتت الروض ، وأما الشام فيكون من اليد الشومى ، وهي اليسرى ، وشامت القوم : ذهب عن شمالهم ، والشام عن شمال القبلة ، واليمن عن يمين القبلة ، فسميت الشام واليمن لذلك ، وأما نجد فيكون من النجد ، وهي الأرض المرتفعة ، والنجد : الطريق في الجبل ، قال الأعشى (2) : " من الطويل "
نَبِيٌّ يَرى ما لا تَرَونَ وَذِكرُهُ أَغارَ لَعَمري في البِلادِ وَأَنجَدا
__________
(1) النساء 43 ، المائدة 6
(2) ديوان الأعشى الكبير ، ص 171(1/120)
وأما حمص فيكون من قولهم : حمصَ الجُرح ، وحمُص حمُوصا ، وانحمص انحماصا : ذهب ورمه ، والأردن من النعاس ، وهو الأرَدُنّ بالتثقيل ، وقنسرين من قولهم : رجل قنسري كبير ، قال العجاج : " الرجز "
... ... ... ... أَطَرباً وَأَنتَ قِنسرِيُّ
/ وفلسطين اسم أعجمي 0 47أ
الحيوان : قال الله تعالى : [وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ] (1) قال أبو عبيدة (2) : الحيوان والحياة واحد ، والحيوان والحياة اسمان لمعنى ، ويقال لكل شيء يسمع ويتنفس ويأكل حيوان ، لأنه معدن للحياة ؛ ولأن فيه جوهر يعقل الحياة ، والموات كل جماد لا نمو فيه ، ولا حياة ، مثل الحجار والحديد والذهب والفضة ، وغير ذلك ، وقيل له موات ؛ لأن الحياة لا تكون فيه أبدا ، وليس فيه جوهر يقبل الحياة ، وكل حيّ إذا فارق الحياة لا يقال له موات ، ولكن يقال له ميت لأن الميت ضد الحي ، والحيوان يكون حيا ، ويصير ميتا ، فقيل له ميت ، لأنه كان مرة حيا ، والموات لم يكن قط حيا ، فلا يقال له ميت ، وقيل للآخرة حيوان ؛ لأنه لا يكون فيها الموت ، فهي الحياة أبدا ، والحياة على وجهين : أحدهما ما يتعارفه الناس ، وهو الجوهر الذي يكون في جميع الحيوان به يسعى ، ويعيش ، وبذلك الجوهر فُرِّق بينه وبين الموات ، وإذا فارقها صار ميتا لا حياة فيه ، والحياة الأخرى نطق القرآن به في قوله : [ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ] (3) الآية ، فسمى الإيمان حياة ونورا ، وقالوا في تفسير / قوله تعالى : [ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ] (4) أي لما يصلحكم ، ويحييكم ،47ب ويهديكم ، وهو مشهور عند أهل الألباب والعقول ، إنهم يدعون كل من كان من كان في عمى وضلال ميتا ، ومن كان في علم وهداية حيا ، قال الشاعر (5) :
__________
(1) العنكبوت 64
(2) مجاز القرآن 2/117
(3) الأنعام 122
(4) الأنفال 24
(5) نسب هذا البيت لعدد كبير من الشعراء منهم : بشار بن برد ، ودريد بن الصمة ، وعمرو بن معدي كرب ، وكثير عزة ، ومهيار الديلمي وغيرهم 0 انظر الموسوعة الشعرية(1/121)
" من الوافر
... ... لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
ويقال : حيّ وميّت ، وحيّ وميْت ، فإذا قلت بتخفيف الياء في الميت فإنما هو الذي فارق الحياة ، قال الله تعالى : [أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ] (1) أراد الميت الذي لا حياة فيه ، وإذا ثقَّلتَ الياء فقلت : ميّت ، تُريد الذي هو حي ، تُريد أن يموت يوما ، لم ترد أنه ميت في ذلك الوقت 0
الروح والنفس والريح والنفس : قال الله تعالى : [ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ] (2) الآية ، وقال النبي عليه السلام : (تحابُّوا بذكرِ اللّهِ ورُوحِه) (3) فقيل في تفسير الروح في هذا الخبر : إنه القرآن ، واحتجوا بقوله : [ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ] (4) ، وقال ابن عباس : الروح خلق من خلق الله على صورة بني آدم ، ما نزل من السماء ملَك إلاّ ومعه واحد منهم ، وقيل : إنه مَلَك عظيم الخلق ، والروح التي يُسكنها اللهُ/ أجسادَ البشر، لم يجعل لها حياة إلاّ بها ، 48أ والروح الرحمة ، وقرأ الحسن : [فَرُوْحٌ وَرَيْحَانٌ] (5) قال : هو الرحمة ، والروح النفس هاهنا ، وأنشد لذي الرمة (6) : " من الطويل "
فَقُلتُ لَهُ اِرفَعها إِلَيكَ وَأَحيِها بِروحِكَ
__________
(1) الأنعام 122
(2) الإسراء 85
(3) النهاية في غريب الحديث ( روح )
(4) الشورى 52
(5) القراءة المشهورة بفتح الراء من روح ، انظر النشر في القراءات العشر 2/383 0 الواقعة 89
(6) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و تتمة هذا البيت : وَاِقتَتهُ لَها قيتَة قَدرا(1/122)
يصف نارا قدحها له صاحبه ، فالروح النفس هاهنا ، يقول : ارفق بالنار إذا نفختها لا تنطفئ ، وقد نسب الروح في القرآن إلى نفسه ، وذكرها بالقدس والطهارة ، فقال : [فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي] (1) وقال للمسيح : روح الله ، وقال : [أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا] (2) وذكر النفس في القرآن ، وجعلها مضافة إلى بني آدم ، وجعلها المثابة المُعاقبة ، فقال : [ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ] (3) وقال : [يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ] (4) وقال : [أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ] (5) وقال :[ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا] (6) ، فأعلمنا أن الثواب والعقاب على النفس ، ولم يخاطب الروح بشيء من ذلك ، بل ذكرها بالشرف والقدس والطهارة ، ولم ينسب النفس إلى ذاته كما نسب الروح ، وكلام الناس المتفق عليه أن الإنسان خصوصيته وذاته هي النفس ، يقولون : جئت بنفسي / وذهبت بنفسي ، ونصحت فلانا بنفسي ، ولم يقولوا: جئت بروحي 48 ب ولا ذهبت بروحي ، فصارت النفس ذاتا للإنسان ، والروح منسوب إلى الله ، فالفرق بين الروح والنفس واضح ، وأن الروح أعلى وأشرف من النفس ، وروي عن النبي عليه السلام إنه قال : ( إني أجِدُ نَفَسَ ربِّكُم من قِبَلِ اليَمنِ) (7) ، وهذا معناه أن الأنصار من اليمن ، وأن الله نفّس عن نبيه الكرب بهم ، وكما يقال في الدعاء : اللهم نفِّس عني كربي ، ونحوه الحديث (لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنها من نَفَس الرحمن ) (8) يريد : إنه يفرج بها الكرب ، ويذهب
__________
(1) الحجر 29 ، سورة ص 72
(2) الأنبياء 91 ، التحريم 12
(3) المدثر 38
(4) الفجر 27
(5) الزمر 56
(6) الشمس 7 ، 8
(7) مسند أحمد 22 /99 0 المكتبة الشاملة ، النهاية في غريب الحديث ( نفس )
(8) النهاية في غريب الحديث ( نفس ) ، غريب الحديث ـ ابن قتيبة 1/5 ، 84 / المكتبة الشاملة(1/123)
بها الجدب ، وقد نصر الله نبيه بالصَّبا ، ونفَّس عنه يوم الأحزاب بالريح ، فقال : [فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا] (1) وقال النبي عليه السلام لعمر بن الخطاب : (الرِّيحُ مِن رَوحِ اللهِ تأتي بالرَّحمةِ والعذابِ فلا تَسُبُّوها ) (2) ، وقال قوم : الريح الدولة ، في تفسير قوله : [وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ] (3) قال : دولتكم ، والعرب تسمي الدم نفسا ؛ لأن الإنسان إذا مات ذهب دمه ، وأما الحكماء من الأوائل فإنهم جعلوا النفس ثلاث جواهر ، فقالوا : نفس نامية ، وسموها نباتية ، وسموها حسية ، والنفس الأخرى النفس البهيمية ، والنفس الثالثة المنطقية / وهي أعلاها وأشرفها عندهم ، فحياة الإنسان 49 أ عندهم لهذه الأنفس الثلاثة 0
__________
(1) الأحزاب 9
(2) النهاية في غريب الحديث ( روح ) ، غريب الحديث ـ ابن قتيبة 1/84 / المكتبة الشاملة
(3) الأنفال 46(1/124)
العقل : روي في الحديث عن النبي عليه السلام أنه قال : ( أوَّل ما خلقَ اللهُ العقلَ فقال له أقْبِلْ ، فأقبَلَ ، ثم قال له أدبِرْ ، فأدبرَ ، فقال : بك آخُذ ، وبك أُعطِي ، وبك أُثِيب ، وبك أُعاقِب ) (1) ، واختلفوا في مسكنه ، فقال قوم : مسكنه القلب ، واستدلوا بقوله : [ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ] (2) فذكر هاهنا القلب ، لأن العقل مسكنه ، وقال : [فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا] (3) وقال قوم : مسكنه الدماغ ، ورووا عن علي عليه السلام أنه قال : تطهير الفم لأنه سبيل القرآن ، وتطهير الأنف لأنه سبيل تنفس الروح ليلا ، يرتد إلى الدماغ راجعا ، فيزاحم العقل في مكانه فيشغله عما قيض له ، فإن العقل مسكنه في الدماغ ، وتدبيره في القلب ، وعلى هذا دلت اللغة ؛ لأن الدماغ في أعلى الجسد ، وفي الرأس ، ويقال لرؤوس الجبال معاقل وللحصون معاقل ، وكل موضع ارتفع عن مسيل الماء معقل ، قال النابغة : " من الطويل "
وَقَد خِفتُ حَتّى ما تَزيدُ مَخافَتي عَلى وَعِلٍ في ذي المَطارَةِ عاقِلِ (4)
عاقل : أي متحرز متحصن في رأس جبل ، فكأن العقل مشتق من ذلك ، لأنه صار في أعلى الجسد بمنزلة الذي صار في أعلى الجبل / الذي يقال له معقل 49 ب ، والعقيل الشريف من الرجال ، والعقيلة كذاك ، ونساء عقائل ، وعقيلة المال : خياره قال طرفة : " من الطويل"
... أَرى المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي عَقيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ (5)
__________
(1) كشف الخفاء 1/263 / المكتبة الشاملة
(2) سورة ق 37
(3) الحج 46
(4) ديوانه ، ص 94 ، أراد خوفي شديد كخوف الوعل النافر في قلل الجبال، وذو المطارة : جبل ، وعاقل : بدل منه 0
(5) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/125)
والعقل الدية ، وسُمي الدية عقلا لأن الذي يؤدي الدية قد احترز من القتل ، وحصّن دمه ، فيكون بمنزلة من قد احتصن في رأس جبل ، وقيل : سميت الدية عقلا ؛ لأنهم كانوا يسوقون الإبل عن القرية ، فيعقلونها بفناء بيته ، فكثر ذلك حتى سموا الدية وإن كانت دراهم ودنانير عقلا ، والعقل الصدقة ، وسميت بذلك لأنه إذا أدّاها فقد أحرز ماله ، وحصّنه ، وليس للسلطان عليه سبيل ، ومنه قيل للزكاة حرز المال ، والعقل الحبس ، يقال : اعتقل الدواء بطنه أي حبسه ، واعتقلت فلانا أي حبسته ، فكأن العقل يمنع الإنسان عما لا يجوز ، ويحبسه ، سمي أيضا عقلا بذلك ، والعقال السير الذي يعقل به رِجل البعير لمحبسه ، فإذا عقل كان العقل حرزًا له ، وقال أبو بكر رحمه الله : لو منعوني عقالا مما أدوه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه (1) ، فقيل : إنه الخيط الذي يعقل به ، وقيل إنه الصدقة نفسها والعاقل من / الرجال50 أ الذي يحترز من كل ما يوبقه ، ويرديه ، فكأنه في حصن وحرز ، وضد العقل الحمق ، والأحمق لا يحترز من المهالك ، وليس له عقل يمنعه منها ، وسمي عقلا لأنه نور يعقل النفس عن الجهالات ، فهو بمنزلة العقال للنفس ، وسمي القلب قلبا لأنه أفضل الأعضاء في الجسد ، والقلب الخالص من كل شيء وأفضله ، فالعقل يدفع التدبير إلى القلب ، لأنه أفضل الأعضاء وأشرفها 0
__________
(1) الخبر في : خزانة الأدب 7/582 ، مجالس ثعلب ، ص 142 ، وفيات الأعيان 3/67(1/126)
العلم والجهل والجاهلية : قيل : إن العقل غريزة في الإنسان، والعلم بالتعلم ، ومن أجل ذلك قالوا : عالِم ومُتعلِم ، ومُعلِّم ، ولم يقولوا : عاقل ومتعقل ومُعقل ، لأن العقل هبة من الله ، والعلم بالاكتساب ، وروي عن علي أنه قال لكميل بن زياد (1) :
__________
(1) كميل بن زياد النخعي الصهباني الكوفي: حدث عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي هريرة. وكان شريفاً مطاعاً ثقة عابداً على تشيعه قليل الحديث. قتله الحجاج في حدود التسعين للهجرة..الوافي بالوفيات ، ص 18973/ الموسوعة الشعرية 0(1/127)
الناس ثلاثة : عالِم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، لكل ناعق أتباع (1) ، فقسم الناس ثلاثة أقسام ، وجعل للعالِم والمتعلم حظا في العِلم ، وألغى الثالث وسماه همجا ، ولو أن هذا الهمج تعلَّم لصار في طبقة المتعلمين ، ولما كان العِلم محظورا عليه ، لأن العِلم بالاكتساب ، قال : وسمي العلم علما لأنه علامة يهتدي بها العالِم إلى ما قد جهله الناس ، وهو بمنزلة العَلَم المنصوب على الطريق ، والمنار المضروب على الحدود ، والعِلم والعَلم والعلامة مخرجها واشتقاقها من لفظ واحد ، لأن كل علم من العلوم في فن من الفنون هو علامة تدل العالِم إلى ذلك الفن ، حتى يعرفه ويعلمه / ويصير إلى حقيقته ، بمنزلة 50 ب السِّمة والعلامة التي يوسم بها الشيء ، ويُعلَّم بها عليه ، يقال : علَّمتُ على الثوب علامة ، وعلَّمتُ الرجلَ علما ، فصار العلم للإنسان بمنزلة العلامة ، ففرق بينه وبين الجاهل ، قُرئ [وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ] (2) بفتح العين وكسرها ، وهما بمعنى واحد ، إذا كان عِلما لها ، فهو عَلَم لنا ، والجهل ضد العلم ، وقال الخليل : الجهل نقيض العلم ، يقال : جهل فلان حق فلان ، وجهل عليّ فلان ، وجهل بهذا الأمر ، والجهالة أن يَفعل فِعلاً بغير علم ، والجاهلية الجهلاء زمن الفترة ، إذ لا نبي ، ولا إسلام ، وسُئل بعض العلماء فقيل له : متى يكون الإنسان خارجًا عن حد الجهل إلى حد العلم ، قال : إذا علم أنه لا يعلم ، ألا ترى أن اللفظ قد أخرجه من حد الجهل حين علم أنه لا يعلم ، وإذا جَهِل أنه لا يعلم ، فهو في حد الجهل ، لأنه لا يعلم أنه لا يعلم ، فنفى عن نفسه
__________
(1) انظر الخبر بتمامه في الكشكول ، ص 992 / الموسوعة الشعرية 0
(2) قراءة الجمهور بكسر العين ، مصدر عَلِمَ ، وقرأ أبو هريرة ، وابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، بفتح العين واللام ، وقرأ أبو نصرة : لَلعَلَم للساعة 0 مختصر في شواذ القراءات ، ص 135 ـ 136 0 الزخرف 61(1/128)
العلم وثبت على الجهل ، والجاهلية هو نعت للخصلة والفعلة التي اجتمعت عليها أمة من الناس ، كما قالوا : المجوسية ، واليهودية ، والنصرانية ، وكما قالوا : الحنيفية ، لأن أمة من الناس اجتمعوا على هذه الخصلة والسُّنة والفعلة ، وصاروا لها أهلا ، وقولهم الجاهلية الجهلاء ، فهو على الغاية والمبالغة ، كما قالوا السوءَة السوءَاء ، أي / أنها غاية الجاهلية التي 51 أ ليس وراءها منتهى ، والفرق بين الجاهلية والجهل أن الجاهلية تكون بأمة من الناس ، يقال : هم أهل جاهلية ، والجهل ينفرد به الرجل الواحد ، يقال : رجل جاهلي من أهل الجاهلية ، ورجل جاهل إذا جهل أمرا ، وربما علِم شيئا وجهِل شيئا ، ويكون جاهلا بذلك الشيء ، عالما بغيره ، فأما الجاهلية فهو نعت لأُمة قد جهِلت الحق كله ، فلم تعرف منه شيئا 0(1/129)
المعرفة والإنكار : يقال : رجل عارف بالشيء ، وله معرفة بالأمر ، إذا كان يميزه من ضده ، وخلافه بالمشاهدة والمعاينة ، ويقال : إن المعرفة جبلة في الخلق ، والعِلم بالاكتساب والتعلُّم ، ومن أجل ذلك اشتركت البهائم ، وسائر الحيوان مع الناس في المعرفة ، وخُصّ الناس بالعلم دون البهائم ، ويقال : سميت بهائم لأنها أُبهِمت عن كل شيء ، إلاّ عن معرفة الله ، فالإنسان يعرف ويعلم ، والبهيمة تعرف ولا تعلم ، لأن الإنسان يكتسب العلم ، والبهيمة لا اكتساب لها ، والبهيمة معرفتها تميز بين الضار والنافع لها في أمر معاشها ، وتتقي المهالك ، وتألف من ينفعها ، وتفرّ ممن يؤذيها ويضرها ، كالشاة تألف / الكلب ، وتفر من الذئب ، وتميز51ب بينهما ، وكالطير يفر من الجوارح ، ويألف اللواقط والبغاث ، فهذا من جهة المعرفة وضد المعرفة الإنكار ، كما أن ضد العلم الجهل، يقال : عرف الشيء وأنكره ، والمعرفة بالشيء هي المشاهدة التي تزيل الشك والمرية ، وهو التمييز بين الشيئين ثم اشتقوا من المعرفة المعروف ، ومن النكرة المُنكر ، فقالوا : يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، فالأمر بالمعروف هو الأخذ بما لا مِرية فيه ، ولا شكّ من أمر الدين ، فهو معرفة لا يحتاج إلى علامة تعرِّف به ، والنهي عن المنكر هو النهي عن التقحّم في الجهالات والشبهات ، التي لا يُعرف حقها من باطلها ، فكل مشتبه المعنى مُنكر ، وكل واضح المعنى معروف ، والمعروف والعُرف لغتان ، وكذلك النُّكر والمُنكر لغتان ، قال النابغة : " من الطويل "
أَبَى اللَهُ إِلّا عَدلَهُ وَوَفاءَهُ فَلا النُّكرُ مَعْروفٌ وَلا العُرْفُ ضائِعُ (1)
__________
(1) ديوانه ، ص 82(1/130)
فإذا قلت معروف فضده المنكر ، وإذا قلت عُرف فضده النُّكر ، وإذا قلت معرِفة فضده النَّكِرة ، ويقال : نُكُر ونُكْر ، قال الله تعالى : [يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ] (1) معناه مُنكر ، ويقال : أنكرت الشيء ونَكِرْتَه ، قال الله تعالى : [ فَلَمَّا / رَأَى 52 أ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ ] (2) ويقال : أنكرت الشيء فهو منكر ونكير ، ويقال : عرفت الشيء معرفة وعرفاناً ، والعُرف المعروف ، والعَرف بفتح العين الريح الطيب ، قال الله تعالى : [عَرَّفَهَا لَهُمْ] (3) أي طيبها لهم ، والعارف الصابر ، وعَروف صَبور ، وفي المثل : النفس عَروف ما حمّلتها احتملت ، فكأن المعرفة أخذت من الطيب والصبر ، لأن الذي يميز الشيء ويعرفه ، يطيب له التمييز ، فيختار الخير ويستطيبه ، ويقبله ، ويصبر عليه ، ومن الناس من يجعل الإنكار ضد الإقرار ، وهو خطأ ؛ لأن الإقرار ضد الجحد ، يقال : أقر فلان بحقي ، وجحدني حقي ، كما يقال : اعترف به وأنكره ، والفرق بين الإنكار والجحود أن الإنكار يكون للشيء يشتبه عليه ، فلا يعرف حقه من باطله ، يقال : أنكر إذا دفعه لاشتباهه عليه ، وقلة توجهه إليه ، ومعرفته به ، والجحود يكون دفع الشيء على بصيرة وعلم عنادا ، قال الله تعالى : [وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا] (4) فجعل الجاحد على معرفة ويقين 0
__________
(1) القمر 6
(2) هود 70
(3) محمد 6
(4) النمل 14(1/131)
الأدب والمأدبة : الأدب مأخوذ من المأدبة ، والمأدبة طعام يتخذ فيدعى / إليه الناس ، روي عن عبد الله بن مسعود (1) أنه قال : كل مؤدِّبٍ يحب أن52 ب يؤتى أدبه ، وإن أدب الله القرآن ، وسئل ثعلب (2)
__________
(1) عبد الله بن مسعود بن الحارث بن غافل بن حبيب ، أبو عبد الرحمن الهذلي المكي أحد السابقين والبدريين والعلماء الكبار من الصحابة، أسلم قبل عمر، عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم،وهو أول من أفشى القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يقول حفظت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة وسبعين سورة، وكان آدم خفيف اللحم لطيف القد أحمش الساقين حسن البزة طيب الرائحة موصوفا بالذكاء والفطنة وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ويلزمه ويحمل نعله ويتولى فراشه ووساده وسواكه وطهوره وكان صلى الله عليه وسلم يطلعه على أسراره ونجواه وكانوا لا يفضلون عليه أحداً في العلم، هو الذي احتز رأس أبي جهل وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم تمسكوا بعهد ابن أم عبد، وكان مع ذلك هو الإمام في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيلهأ ، وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والاعمش، وفد من الكوفة إلى المدينة فمات بها آخر سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع وله بضع وستون سنة ولما جاء نعيه إلى أبي الدرداء قال ما ترك بعده مثله 0 غاية النهاية في طبقات القراء 1/458 ـ 459
(2) أحمد ابن يحيى، ابن يسار، أبو العباس ثعلب الشيباني، مولاهم النحوي اللغوي، إمام الكوفيين في النحو واللغة، والثقة، والديانة..ولد فيما ذكره المرزباني عن مشايخه، سنة مائتين، ومات لثلاث عشرة ليلة بقيت من جماد الأولى، سنة إحدى وتسعين ومائتين، في خلافة المكتفي ابن المعتضد، وقد بلغ تسعين سنة ، وكان رأى أحد عشر خليفة، أولهم المأمون وأخرهم المكتفى وكان قد ثقل سمعه قبل موته، ودفن في مقابر باب الشام، ومن مصنفاته : كتاب المصون في النحو جعله حدودا، كتاب اختلاف النحويين، كتاب معاني القرآن، كتاب مختصر في النحو سماه الموفقي، كتاب القراءات، كتاب معانى الشعر، كتاب التصغير، كتاب ما ينصرف وما لاينصرف، كتاب مايجزى وما لايجزى، كتاب الشواذ، كتاب الوقف والابتداء، كتاب الهجاء، كتاب استخراج الألفاظ من الأخبار، كتاب الأوسط، كتاب غريب القرآن لطيف، كتاب المسائل، كتاب حد النحو، كتاب تفسير كلام ابنة الخس كتاب الفصيح وذكر أن الفصيح تصنيف بن داود الرقي، وادعاه ثعلب وهذا له ترجمة قال: ولأبي العباس مجالسات وأمال أملاها على أصحابه في مجالسه، تحتوى على قطعة من النحو، واللغة، والأخبار، ومعاني القرآن، والشعر، رواها عنه جماعة وعمل أبو العباس قطعة من داووين العرب، وفسر غريبها كالأعشى والنابغتين وغيرهم. معجم الأدباء 5/102 ـ 146(1/132)
عن المأدبة ، فقال مأدُبة ، ومَأدَبة ، من ذلك قول ابن مسعود : هذا القرآن مأدبة الله (1) ، أي أدب الله ، والمأدبة ما دُعي إليه من طعام ، هكذا قال ثعلب ، فكأن الله جعل القرآن أدبا للناس يتأدبون به ، وسماه مأدبة ، لأنه دعا الناس إليه ، فهي دعوته التي دعا الناس إليها ، يقال : أدِب فلان الناس يأدِبهم إذا دعاهم إلى الطعام ، وجمعهم عليه ، والداعي إليه آدِب ، قال طرفة : " من الرمل "
نَحنُ في المَشتاةِ نَدعو الجَفَلى لا تَرى الآدِبَ فينا يَنتَقِر (2)
والأدب اسم من أدَب يأدُب أدَبا ، كما تقول:جًلًب يجلُب جَلَبا ، والجلب الاسم ، والمأدُبة الدعوة ، والأدب معناه الدعاء ، والآدِب الداعي ، وآدَبَه معناه دعاه ، ويقال : أدّب فلان ولده وأدّبه المؤدب ، معناه أعاد القول عليه بالدعاء إلى الرياضة 00000000000000000000000000000000000000000000000 (3)
/ شرط لقمان فابتُلي غير مرة ، وكان لقمان يأتي مجلس داود ، فيقول له داود54أ مَن مثلك ! أوتيت الحكمة ، وصُرفت عنك البلية ، وابتُلي بها أخوك داود ، فأتاه يوما وهو متخذ درعا ، فأراد لقمان أن يسأله عن ذلك ، فسكت حتى فرغ منها ، فقال داود :نِعم آلة الحرب هي ، فآتاه الله علم ذلك من غير سؤال ، فعند ذلك قال لقمان : الصمت حُكْم وقليل فاعله (4) 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر ( أدب ) ، وفيه : القرآن مأدبة الله في الأرض ، الفائق في غريب الحديث 1/7 / المكتبة الشاملة ، وفيه : إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ، ويروى : مأدبة الله فمن دخل فيها فهو آمن 0
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، والجفلى : أن يعم بدعائه ، وينتقر : يخص قوما دون قوم 0 انظر الزاهر 1/211
(3) الورقة رقم ( 53 ) مفقودة
(4) مجمع الأمثال ، المثل رقم 2119 ، //505(1/133)
الهُدى والضَّلال : الهُدى التقدم ، يقال : هداه يهديه إذا تقدمه ، والهادي المتقدم ، ومنه قيل لقائد الأعمى الهادي ، قال الأعشى (1) : " من المتقارب "
إِذا كانَ هادي الفَتى في البِلا دِ صَدرَ القَناةِ أَطاعَ الأَميرا
وَخافَ العِثارَ إِذا ما مَشى وَخالَ السُهولَةَ وَعثاً وَعورا
ويقال للعُنُق الهادي لأنه يتقدم البدن ، فكأن الهادي في الدين هو الذي يتقدم الناس ويقودهم إلى الرشد من العمى ، كما يتقدم القائد يقود الأعمى ، ثم صار الهُدى اسما للاستنابة والرشد والمعرفة بالشيء الذي قد خفي أثره ، فيقال : هداه إذا دلّه على الرشد ، والطريق الذي خفي على الناس أَثرُه والتبس ، وقيل في تفسير قوله : [أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى] (2) يعني مَن يرشدني ، ويقال : هديت فلانا إلى الدين هِدايةً ، وهُدىً ، وهَداهُ يهديهِ هِدايةً / إذا دلّه على الطريق والضلال أصله الضياع 54 ب
والهلاك ، يقال : ضلّ الشيء إذا ضاع وهلك ، ويقال للبهيمة إذا انقطعت عن صاحبها ضالة إذا بقيت بلا راع ، ولا حافظ، والضال الذي لا راعي له ، ولا حافظ ، وقيل في تفسير قوله : [أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ] (3) أي بطلنا ولحقنا بالتراب ، فلم يوجد لنا أثر ، وضل الشيء إذا غاب عن عينك ، ولم يوجد له أثر ، وأضلّ القوم ميتهم إذا دفنوه ، وغيَّبوه في التراب ، والضلال الضياع والهلكة ، والضال الهالك الضائع الذي لا راعي له ، ولا حافظ ،وقد غاب عن عين صاحبه 0
__________
(1) ديوان الأعشى الكبير ، ص 131
(2) طه 10
(3) السجدة 10(1/134)
الإسلام والإيمان : اختلف أهل العلم في الإسلام والإيمان ، فقال قوم هما اسمان لمعنى واحد ، ولا فرق بينهما ، واحتجوا بقوله : [فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ] (1) ، فقالوا: هؤلاء (المؤمنين) هم أهل ذلك البيت الذين وصفهم بالإسلام ، فدل على أن الإسلام والإيمان اسمان لمعنى ، ومن ذلك قول إبراهيم لبنيه : [فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] (2) وغير ذلك من (الآيات) (3) ، وقال آخرون : الإسلام غير الإيمان ، واحتجوا في ذلك بأن الله تعالى ذكر الإسلام والإيمان في كتابه ، ففرق بينهما ، فقال : [ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ / وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ] (4) فلو كان المعنى واحدا لما فرق بينهما في الاسم55 أ والصفة ، فإن جاز أن يفرق بينهما في الاسم والصفة ، ويكون المعنى واحدا فكذلك [ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ ] (5) فإذًا لا فرق بين هذه كلها ، والمعنى واحد إذ كانت في صفات المؤمنين ، وروي أن جبريل جاء إلى النبي عليه السلام في صورة أعرابي ، فسأله عن الاسلام ، ومعناه ، فقال النبي عليه السلام : (هو أن تسلم وجهك لله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحج البيت ، فذكر عُرى الإسلام ، فقال : فإذا فعلت هذا فأنا مسلم ، قال : نعم ، وسأله عن الإيمان ، فقال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وبالموت وبالبعث بعد الموت ، وبالجنة والنار ، والقدر كله) (6) ، ففرق النبي عليه السلام بين الصفتين ، وروي عنه عليه السلام أنه قال : (المؤمن من أمن جاره
__________
(1) الذاريات 35 ، 36
(2) البقرة 132
(3) هنا فراغ بمقدار كلمة ، والسياق لا يستبعد كامة الآيات 0
(4) الأحزاب 35
(5) آل عمران 17
(6) الحديث في صحيح البخاري 14/452 ، صحيح مسلم 1/87 / المكتبة الشاملة(1/135)
بوائقه) (1) ، و(المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) (2) ، وقال الله تعالى : [قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا] (3) فقال قوم معناه استسلمنا ، وذهبوا إلى أن الإسلام هاهنا هو الانقياد للطاعة ، دون الدخول في دين الاسلام ، والاسلام هو الانقياد بالطاعة ، والاستسلام كما قالوا ، ولكنه الانقياد بالدخول في دين الاسلام ، ولأنّ / النبي عليه السلام لم يقبل من هؤلاء الأعراب الذين 55ب خاطبهم بهذه الآية الاستسلام إلاّ مع قبول شرائط الاسلام ، ولم يقرّهم على ما كانوا عليه من أمر الجاهلية ، ولا قبِل منهم الجزية ، فمن زعم أن الاسلام هاهنا هو الاستسلام ، دون الدخول في شريعة الاسلام فقد أخطأ خطأ بيّنا ، لأن الله تعالى قد بين ذلك ، حيث يقول : [قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ] (4) فحكى عنهم أنهم قالوا آمنا ، فقال لهم لم (5) تؤمنوا ، فلو كان هذا الاستسلام دون الدخول في الملة لما قالوا آمنا ، وإن كان قولهم آمنا هو الدخول في الملة ، وقبول الشريعة ، فهو الدخول في الاسلام ، فإذاً قد بين أن الاسلام غير الإيمان ، حيث يقول : [لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا] فأخرجهم من الإيمان ، وأقرهم في الإسلام ، وأما من احتج بأن الإسلام والإيمان واحد بقوله : [ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ] (6) الآية ، فليس على ما ذهبوا إليه ، لأن الله خصّ هذا البيت ، وسمّى أهله مسلمين ؛ لأنهم كانوا منقادين لله من بين جميع المؤمنين ، قد استسلموا له ، وسلموا
__________
(1) النهاية في غريب الحديث ( بوق ) ، وفيه : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه
(2) صحيح البخاري 1/15 ، صحيح مسلم 1/148 / المكتبة الشاملة ، وفيهما : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
(3) الحجرات 14
(4) الحجرات 14
(5) كتبت لن
(6) الذاريات 35(1/136)
أنفسهم إليه بإخلاص العبودية/ وانقطعوا إليه دون غيرهم من56 أ المؤمنين ، الذين لم يبلغوا مرتبتهم ، فوصفهم بالإيمان ، وذكر أنه لم يجد في هؤلاء المؤمنين إلاّ هذا البيت من المسلمين ، وقد قيل إن الإسلام في كتاب الله على وجهين : محمود ومذموم ، فالمذموم هو مثل إسلام الأعراب الذين ذكر الله ، ولم يرتضه لهم ، ولا قبله منهم قبول مُجازاة ، فقال الله لهم : [وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا] (1) فاشترط عليهم إنْ آمنوا جازاهم على أعمالهم ، وهو الاستسلام والدخول في جملة المسلمين فرارا من الإسلام طوعا وكرها ، فمن كان إسلامه على هذا الوجه فهو مسلم ليس مؤمنا (2) ، وهو حرام الدم والمال ، وسائر أحكام المسلمين قد شركهم فيها على ظاهر أمره ، وحسابه على الله ، وهو إسلام الأعراب ، لأنهم قبلوه على جهالة منهم به كارهين ، فهم مسلمون غير مؤمنين ، وأسلم هاهنا معناه دخل في السِّلم ، والسلم والصلح ، كما قالوا : أرْبَعَ دخل في الربيع ، وأشتى : دخل في الشتاء ، وقال الله تعالى : [ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ] (3) فهو الإسلام بمنزلة الاستسلام ، وهو هذا الإسلام ، إسلام الأعراب ، وأما الإسلام المحمود ، فالاستسلام لله ورسوله بالطاعة / وقبول شرائط الإسلام ، وتسليم النفس بالعبودية ، والانقطاع إلى 56 ب الله تعالى ، مثل إسلام إبراهيم الخليل ، وما وصفه الله به ، حيث يقول : [ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ] (4) فإنما أَمَره بإسلام نفسه إليه بإخلاص العبودية ، وأن لا يدعي لنفسه ملكاً على نفسه ، وأن ينقطع إليه من بين جميع خلقه ، ولذلك أمر الله نبيه عليه السلام ، حيث يقول : [ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ] (5)
__________
(1) الحجرات 14
(2) كتبت مؤمن
(3) البقرة 208
(4) البقرة 131
(5) المزمل 8(1/137)
قال المفسرون : انقطع إليه انقطاعا ، والتبتُّل في كلام العرب الانقطاع ، قال امرؤ القيس : " من الطويل "
مَنارَةُ مَمسى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ (1)
يعني به الراهب المنقطع إلى الله بإخلاص العبادة له ، وقيل لمريم : البتول ، لأنها كانت منقطعة إلى الله بإخلاص العبادة له 0والإسلام في اللغة على وجهين : أحدهما الانقياد بالطاعة ، والاستسلام ، قال الشاعر : " من المتقارب "
وَأَسلَمتُ وَجهي لِمَن أَسلَمَت لَهُ المُزنُ تَحمِلُ عَذباً زُلالا (2)
المزن : السحاب ، وإسلامه انقياده لأمر الله ، فهو يجري بأمره ، كما شاء لا يخالف مشيئته ، فكذلك المسلم المنقاد له بالطاعة ، لا يخالف ما أمره إخلاصا له ، قال : أسلمت له المزن ، والإسلام في الوجه الآخر هو الانقطاع ، يقال : أسلمه إذا قطعه ، قال الأعشى (3) : " من المتقارب :
/ وََفاضَت دُموعي فَظَلَّ الشؤون إِمّا وَكَيفاً وَإِمّا اِنحِدارا 57أ
كَما أَسلَمَ السِلكُ مِن نَظمِهِ لَآلِئَ مُنحَدِراتٍ صِغارا
السلك : خيط اللؤلؤ ، يعني انقطع باللؤلؤ ، فانحدرت ، فشبه دموعه بذلك ، فكأن المسلم هو المنقطع إلى الله ، وهو الإسلام المحمود 0
__________
(1) ديوانه ، ص 116 ، وهذا عجز بيت من معلقته ، وصدره : تُضيءُ الظَلامَ بِالعِشاءِ كَأَنَّها
(2) البيت لزيد بن عمرو بن نفيل ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) ديوان الأعشى الكبير ، ص 81 ، وقد جاءت رواية البيت الأول في الديوان :
فَفاضَت دُموعي كَفَيضِ الغُرو بِ إِمّا وَكَيفاً وَإِمّا اِنحِدارا(1/138)
والإيمان على وجهين : محمود ومذموم ، فالمذموم إيمان الذين آمنوا بالله و رسوله ، ودخلوا على جملة أهل الشريعة ، وجهلوا عِلم الدين ، وإقامة التوحيد ، فآمنوا على الجملة ، وأشركوا من حيث لا يعلمون ، قال الله تعالى : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ] (1) ، وقال النبي عليه السلام : ( الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا ) (2) ، وأما الإيمان المحمود فهو الإيمان بالله ورسله ، وكتبه وملائكته ، والقرآن ، وجميع ما جاء به محمد عليه السلام ، وقبوله مع إخلاص التوحيد ، ونفي الشرك بالله ، وقد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل مؤمن ، فقال : إن لكل حق حقيقة ، فما حقيقة إيمانك بعلم ومعرفة ، والإيمان أصله من الأمان ، فكأن المؤمن إذا صدّق بما جاء / محمد عليه 57 ب السلام ، وأقرّ به تورع عن أموال المؤمنين ودمائهم ، فأمّنوه ، فهو مشتق من الأمان ، والمؤمن المحمود المصدق للذي قد آمن من كان على مثل إيمانه ، وصدّق بما وعد الله المؤمنين ، فأمِن من عذاب الله ، فكان الأمان بينه وبين الله ، والإيمان بينه وبين المؤمنين ، وقد قال لرسول الله رجل : إني مؤمن ، فقال :( إنّ لكل حق حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟) (3)
__________
(1) يوسف 106
(2) حديث أبي موسى الأشعري ، مسند أحمد 40 / 98 / الموسوعة الشاملة 0 والصفا جمع صفاة ، وهي الحجر الصلد الضخم ، اللسان ( صفا )
(3) الحديث في الأمالي الشجرية ، ص 107 / الموسوعة الشعرية ، وفيها : عن الحارث بن مالك الأنصاري، أنه مر برسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فقال له: "كيف أصبحت يا حارث؟ فقال أصبحت مؤمناً حقاً، فقال انظر ما تقول، فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ قال: فد عزفت نفسي عن الدنيا وأسهرت لذلك ليلي وأظمأت نهاري، فكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال يا حارث: قد عرفت فالزم ثلاثاً.(1/139)
0
الدين : وهو في كلام العرب ينصرف على معان : أولها الطاعة ، يقال : هو في دين فلان ، أي في طاعته ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : [وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ] (1) مجازه ولا يطيعون الله طاعة حق ، وكل مَن أطاع ملِكا ، فقد دان له ، وقيل : فلان على دين الإسلام ، يعني أنه مقيم على ما أمر به محمد عليه السلام من الأمر ، والنهي ، والحلال ، والحرام ، والحدود ، والأحكام ، ثابت على الملة ألتي أقامها عليه السلام طاعة له ، فإذا قلت مضافا ، فإنما تضيفه إلى الملة التي يضاف إليها ، وإذا قلت مُعرفا بالألف واللام ، فقلت : الدين ، فإنما تعني به الدين الصحيح الحق / قال الله تعالى : [إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ] (2) والدين في وجه آخر العادة 58أ والدأب ، قال الشاعر : " من الوافر "
تَقولُ إِذا دَرَأتُ لَها وَضيني أَهَذا دِينُهُ أَبَداً وَديني (3)
__________
(1) التوبة 29
(2) آل عمران 19
(3) البيت للمثقب العبدي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/140)
أي هذا دأبه ودأبي ، والدين الحساب ، وقالوا في تفسير قوله تعالى : [إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ] (1) قالوا : الحساب المُستوي ، وكذلك في قوله : [مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ] (2) قالوا : يوم الحساب ، والدين الجزاء في قوله تعالى : [فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ] (3) أي مجزيين ، والدين الحال ، فالدين في اللغة ينصرف في هذه الوجوه كلها ، وإنما قيل لمن أقام على ملة الإسلام ، وعلى دين الإسلام ، لأنه أقام الطاعة لله ولرسوله بإقامة الشرائع التي شرعها الله في الإسلام ، وثبت عليها واعتادها ، وكان دأبه إقامتها ، فهو يدين لله أي يعمل له ليجازيه عليه ، وصارت أعماله محسوبة على الله ، فوفاه حسابه على أعماله ، وكانت هذه حاله فكأن دينه طاعة وعادة ودأبا وطلبا للمجازاة ، وحسابا له عند الله جل ذكره0
/ الشريعة والمنهاج : الشريعة في كلام العرب مورد الماء ، حيث يشرع 58 ب
__________
(1) التوبة 36
(2) الفاتحة 4
(3) الواقعة 86(1/141)
لناس والدواب منه إلى الماء ، يقال لذلك المورد شريعة ، ومشرعة ، وجمع الشريعة شرائع ، وجمع المشرعة مشارع ، ويقال : دار شارع ، ومنزل شارع ، إذا كان على طريق نافذ ، ويقال : شرع في هذا الأمر إذا خاض فيه ومضى نحوه ، ويقال لمعظم الطريق شارع ، لكثرة اختلاف الناس فيه بالمجيء والذهاب ، وقال الفراء (1) في قوله : [ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا] (2) أي على ملة ومنهاج وقال ابن عباس في قوله : [شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا] (3) سبيلا وسُنّة ، فالشرعة هي الشريعة وجمعها شرائع ، وبها سميت شرائع الأنبياء ، وكل شيء شرعت فيه فهو شريعة ، ويقال للقوم إذا كانوا متساوين في الشيء هم شرع سواء ، وأما المنهاج فأصله الطريق البين الواضح ، وهو النهج والمنهج ، وأنشد (4) : "من الرجز "
__________
(1) أبو زكريا الفراء : أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء، الديلمي الكوفي مولى بن أسد، وقيل مولى بني منقر، كان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب؛ ومولد الفراء بالكوفة، وانتقل إلى بغداد وجعل أكثر مقامه بها. وله من التصانيف : الحدود و معاني القرآن وكتابان في المشكل أحدهما أكبر من الآخر، وكتاب " البهي " وله كتاب " اللغات "، وكتاب " المصادر في القرآن "، وكتاب " الجمع والتثنية في القرآن "، وكتاب " الوقف والابتداء "، وكتاب " آلة الكاتب "، وكتاب " النوادر "، وكتاب " الواو " وغير ذلك من الكتب. وتوفي الفراء سنة سبع ومائتين في طريق مكة، وعمره ثلاث وستون سنة، رحمه الله تعالى. والفراء: بفتح الفاء وتشديد الراء وبعدها ألف ممدودة، وإنما قيل له فراء ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها، لأنه كان يفري الكلام0وفيات الأعيان 6/176 ـ182
(2) الجاثية 18
(3) المائدة 48
(4) أنشده ابن بري ، ولم ينسبه ، انظر المقتضب 3/359 ، اللسان ( روى ) ، الجمهرة ( راوي )/ الموسوعة الشعرية(1/142)
مَنْ يَكُ في شَكّ فهذا فَلْجُ ماءٌ رَواءٌ وطَرِيقٌ نَهْجُ
وشريعة الإسلام ما شرع الله للعباد من أمر الدين وأمرهم / بالتمسك به مثل 59أ الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، وسائر الفرائض ، فإنما سميت شريعة ، وكذلك شرائع الأنبياء لأنهم سوَّوْا للناس الطرق إلى الحلال والحرام وأوضحوا المنهاج إليه ، فسلكها الناس ، وشرعوا فيها ، وصاروا كلهم فيه شرعا سواء ، لم يفصّل ، ولم يُخص أحد بها دون غيره ، فكانت تلك الطرق بمنزلة الموارد إلى النهر ، أو إلى الحوض قادتهم تلك الشرائع إلى حياضهم ، فمن أقام هذه الشرائع بمعرفة ويقين ونية خالصة ، وطريقة مستقيمة أدّته شرائعهم إلى حياضهم في المعاد يوم الظمأ ، فشرب وارتوى ، ومن ترك إقامة الشرائع على ما وصفنا من الطريقة إذا وَرَد ذِيد عنه وبقي حيران 0
الملة : سألت شخصا من العلماء باللغة عن اشتقاق الملة ، فقال : هو من قولك لبست الثوب وتمليته ، وأنشد بيت ابن أحمر (1) : " من الطويل "
لَبِستُ أَبي حَتّى تَمَلَّيتُ عَيْشَهُ وَبَلَّيتُ إخْوانِي وَبَلَّيتُ خالِيا
قال الباهلي : معناه أي عشت مع أبي مِلاوةً من الدهر حتى بلي ، وبلي أخوالي ، أي بادوا وبلوا ، والملاوة مأخوذ من / الملوان ، وهما الليل والنهار قال ابن 59 ب مقبل (2) : من الطويل "
... ... أَلاَ يَا دِيَارَ الحَيِّ بِالسَّبُعَانِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بِالبِلَى المَلَوَانِ
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وقد كتبت بن أبي حمر ، والصواب ما أثبتناه ، وهو عمر بن أحمر الباهلي ، ورواية الديوان :
... لَبِستُ أَبي حَتّى تَمَلَّيتُ عُمرَهُ وَبَلَّيتُ أَعمامي وَبَلَّيتُ خالِيا
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وقد نسب هذا البيت لكل من تميم بن أبي مقبل ، وعمرو بن أحمر الباهلي ، وهو في ديوانيهما 0(1/143)
أملّ عليها أي رجع عليها حتى أبلاها أي طال عليها ، ومضى ، تمليت الثوب أي لبسته مُلاوة (1) من الدهر ، أي مدة ، لأن المدة من الدهر إنما هي الأيام والليالي ، وهما الملوان ، ويقال : تملّى إذا تمتع ، ومنه تمليت حينا ، وقيل في تفسير قوله تعالى : [وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا] (2) أي حينا ، وقيل : دهرا ، ويقال : أقمت بالمكان مليا وملوة ومَلاوة ومُلاوة بمعنى واحد ، يراد به الحين والدهر ، وهي لغات ، ومنه قوله : [ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ] (3) أي عمّرهم حينا ، وقال أبو عبيدة في تأويل قوله : [حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ] (4) أي دينهم (5) ، والملل الأديان ، وقال : [مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ] (6) أي دينه ، ويقال : من أي ملة أنت ، وإنما قيل للدين ملة ، لأن كل أمة تقيم دينها مُلاوة من الدهر ، يعني مدة تأتي عليهم فيها الأيام والليالي، وهما الملوان ، فسميت الملة بذلك 0
الأمة : الأمة أصلها الجماعة من الناس والدواب ، وغير ذلك ، إذا كانوا صنفا واحدا يقال : هذه أمة من الناس ، وأمة من الدواب ، وأمة من الطير ، أي أصنافا ، وقيل في تأويل قوله تعالى : [ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ / إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ] (7) أي أصنافا ، كل صنف من الدواب والطير مثل بني آدم 60أ
__________
(1) الميم من ملاوة مثلثة بالحركات الثلاث ، انظر اللسان ( ملا ) ومعناها مدة العيش 0
(2) مريم 46
(3) محمد 25
(4) البقرة 120
(5) مجاز القرآن 1/53
(6) الحج 78
(7) الأنعام 38(1/144)
في طلب الرزق والغذاء ، وتوقي المهالك ، والتماس النسل، وقيل أمم أمثالكم في الدين ، يعبد ويسبِّح ، وذهبوا إلى قوله : [ وإن من شيء إلاّ يسبح بحمده ] (1) إلى قوله : [وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ] (2) وقال أبو عبيدة (3) في قوله : [وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ] (4) أي بعد حين ، وقيل : بعد سبع سنين ، وقرئ [ بَعْدَ أَمَهٍ ] (5) أي بعد نسيان ، وقيل الأمة القرن بعد القرن ، وقيل في تفسير قوله : [وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ] (6) يعني لسنين معدودة ، وفي قوله : [كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً] (7) قال آدم وحده ، في قولنا : [إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ] (8) أي على دين ، والأمة تنصرف على معان ، فالأمة الجماعة ، والأمة القدوة ، والإمام والأمة القرن ، والأمة الحين ، والأمة الدين والحال الحسنة ، والأمة الملة ، وكل ذلك قد جاء عن العلماء ، وأصله اجتماع على الشيء على حال واحدة ، وإنما قيل أمة محمد ، وأمة عيسى ، وأمة موسى لأنهم قوم اجتمعوا على ملته ودينه على حال واحدة ، وملة واحدة ، وكان اجتماعهم في قرنه ، وعلى عهده ، وفي دهره ، فقيل للجماعة أمة ، وللحال أمة ، وللملة أمة وللقرن أمة ، وقيل للرجل الواحد أمة / لاجتماع الناس إليه في حال الدين ، 60 ب وسمي بذلك لما يجتمع فيه من الخصال المتفرقة ، في كثير من الناس من العلم والعقل والدين والخوف والشجاعة ، وغير ذلك ، فلما اجتمعت فيه قيل له أمة لأنه قام مقام جماعة من الناس 0
__________
(1) الإسراء 44
(2) النحل 49
(3) مجاز القران 1/313
(4) يوسف 45
(5) بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهاء مكسورة 0 يقال : أَمِهَ يأْمَهُ أمَهاً إذا نسي ، وهذه قراءة الحسن 0 انظر القراءات الشاذة ، ص57
(6) هود 8
(7) البقرة 213
(8) الزخرف 22(1/145)
الفطرة : قال الله تعالى : [فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا] (1) والفطرة في لغة العرب هو الابتداء ، يقال : فطر ناب البعير إذا بدا أو ظهر وانشق عنه اللحم ، وقال ابن عباس : كنت لا أدري ما فاطر السموات حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها (2) ، يعني أنا ابتدأتها ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبوه يهودانه وينصرانه ) (3) ، فقيل في تفسير الفطرة هاهنا الإقرار بالله ، وهو الميثاق الذي أُخذ عليهم حين أخرجهم من ظهر آدم أمثال الذر ، [ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ] (4) ، فالناس جميعا وإن اختلفوا في أديانهم ونحلهم عالمون بأن الله خلقهم ، والفطرة إبداء الخلق ، ومنه قوله : [الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ] (5) أي مبتدئها ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( عشر من الفطرة : المضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب ، وإعفاء اللحية ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وحلق العانة ، وغسل البراجم ، والختان ) (6) وقيل في / خبر آخر: ( فُطِر عليهن إبراهيم وهو لنا سُنة ) وروي61 أ عن النبي عليه السلام أنه وقَّت في هذه الأشياء أربعين يوما في أخذ الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط ، وحلق العانة (7) ، فهذا الوقت غاية لهذه الأشياء ، لا ينبغي لمسلم أن يجاوزه ، فإن طهرها قبل الأربعين جاز،
__________
(1) الروم 30
(2) كتب : حتى اختصم إلي أعرابيين ، وما أثبتناه هو الصحييح ، النهاية في غريب الحديث والأثر ( فطر ) وفيه : ما كنت أدري 000 ، وفي غريب الحديث ـ الهروي : كنت لا أدري 4/373
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر ( فطر ) ، غريب الحديث ـ الهروي 2/21
(4) الأعراف 172
(5) فاطر 1
(6) النهاية في غريب الحديث والأثر ( فطر ) ، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ( فطر )
(7) سنن الترمذي 9/420 / المكتبة الشاملة(1/146)
وقيل لهذه الخصال فطرة ، لأن الإنسان يخرج من بطن أمه طاهرا من هذه الأشياء على الفطرة التي فُطر عليها ، وفطوره ظهوره من بطن أمه حين يخرج ، والإنسان مفطور ليس عليه شارب ، ولا لحية ، ولا ظفر ، ولا وسخ في البراجم ، ولا شعر في الإبط والعانة ، ولا أسنان ، فيظهر منه شيء بعد شيء ، حتى يغلظ ويقوى ، فهو يجمع الأوساخ ، والأدناس ، فأمر بالتطهر ؛ ليكون على الفطرة ، أي على الخلقة التي خُلق عليها طاهرا من الأدناس 0
الصبغة : قال الله تعالى : [صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً] (1) أي دين الله فطرته التي فطر الناس عليها ، ونُصِبت على الأمر : أي الزموا صبغة الله يعني دينه وسنته ، وقيل : طُهرة الله ، وقيل : صبغة الله : الإسلام 0
العزيمة : قال الله تعالى : [فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ] (2) وقيل : إنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى / ومحمد عليهم السلام ، والعزيمة في اللغة 61 ب هي الصريمة ، والقطيعة ، والأمر الواجب ، والعزم الوجوب والحتم ، يقال : عزمت عليك أن تفعل كذا ، أي حتمت وأوجبت ، قال كثير : " من الطويل "
... ... عَزَمتُ عَلَيها أَمرَها فَصَرَمتُهُ وَخَيرُ عَزيْماتِ الأُمورِ صريمها (3)
قالوا : العزم هم أصحاب العزائم ، الذين أوتوا الشرائع ، فعزموا على الناس الأخذ بها ، والانقطاع من غيرها ، وكل شريعة عزيمة ؛ لأنه الأمر الحتم الواجب على الناس الأخذ به ، والانقطاع عن غيره 0
الكفر : الكفر في اللغة هو الغطاء والستر ، يقال : كفرت الشيء إذا غطيته وسترته ويقال : الليل كافر لأنه يستر كل شيء بظلمته ، وقال الشاعر : " من الكامل "
__________
(1) البقرة 138
(2) الأحقاف 35
(3) ديوانه ، ص 207 ، رواية الديوان : عَزَمتُ عَلَيها أَمرَها فَصَرَمتُهُ وَخَيرُ بَديعاتِ الأُمورِ عَزيمُها(1/147)
في لَيلَةٍ كَفَرَ النُجومَ غَمامُها (1)
وقيل في تفسير قوله : [كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ] (2) يعني الزرَّاع ؛ لأنهم يغطون البذر بالتراب ، ويقال : كُفِّر فلان في السلاح إذا لبسه ؛ لأنه يتغطى به ، وقيل في تأويل حديث النبي عليه السلام : ( لا ترجِعوا بعدي كُفارًا يضربْ بعضُكم رِقابَ بعضٍ ) (3) أنّ معناه متكفرين في السلاح ، تنزيها للصحابة من الكفر بعد الإسلام 0
__________
(1) عجز بيت للبيد بن ربيعة العامري ، ديوانه، 223 ، والبيت بتمامه : يَعلو طَريقَةَ مَتنِها مُتَواتِرٌ في لَيلَةٍ كَفَرَ النُجومَ غَمامُها
(2) الحديد 20
(3) صحيح البخاري 6/226 ، صحيح مسلم 1/203 ، غريب الحديث ـ ابن قتيبة 1/58 / المكتبة الشاملة(1/148)
المنافق :/ هو مشتق من النافقاء ، وهو جحر اليربوع ، يكون له بابان ، فإذا62أ أُخذ عليه باب خرج ( من ) الباب الآخر ، وهو قريب من معنى النفاق ، لأنه يظهر الإسلام ، فإذا أحس الخوف من العدو ، أظهر الكفر ، وخرج عن الإسلام ، قال الله تعالى : [فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا ] (1) ، وقيل : سمي منافقا ؛ لأنه يدخل في الإسلام بقوله ، ويخرج منه بعقده ، وقيل : شُبِّه المنافق باليربوع الذي هو في نافقائه الذي له بابان ، يدخل من واحد ، ويخرج من آخر ، وكذلك المنافق ، يدخل في الإسلام عند المسلمين ، ويخرج منه عند الكافرين، قال الله تعالى : [ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ] (2) الآية ، والنفق هو الثقب تحت الأرض ، من قوله : [فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ ] (3) والمنافق على وزن مُفاعل ، والمفاعل لا يكون إلاّ من اثنين ، إلاّ في أحرف ، مثل قوله تعالى : [ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ] (4) أي قتلهم الله ، وعافاك الله ، معناه : أَعْفاك الله ، ومثل قولهم : شارفت : أي أشرفت ، وباعدت : يعني أبعدت ، وجاوزت : بمعنى جُزت ، حُكي هذه الأحرف في فاعلت بمعنى فعلت ، وإنما سمي / منافقا : مفاعِلا لأنه قال بلسانه ، ولم يؤمن قلبه ، فكانت 62ب سبيلهم مع رسول الله هذه السبيل ، فقبلهم عليه السلام على ذلك ، وقد دله الله على ما في قلوبهم في قوله له : [إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ] (5) إلى قوله : [لَكَاذِبُونَ] (6)
__________
(1) الأحزاب 19
(2) البقرة 14
(3) الأنعام 35
(4) التوبة 30 ، المنافقون 4
(5) المنافقون 1
(6) الآية بتمامها : [إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ] المنافقون 1(1/149)
فكان الفعل منهم قولٌ باللسان ، خلاف ما في قلوبهم ، وقابلهم رسول الله بمثل فعلهم ، لأنه قَبِلَ ما قالوه ، ولم يكشف أمرهم ، وعلم بقلبه أن الأمر خلاف ما قالوه ، فسُمُّوا منافقين ، أي مفاعلين ، وكذلك معنى قوله تعالى : [يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ] (1) ، [ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ] (2) والله لا يخدع أحدا ، ولا يمكر به ، ولكن لما كان الفعل منهم نفاقا وخديعة ومكرا ، سمى مقابلتهم لفعلهم مثل ذلك الاسم ، وسماه مُفاعلة ، ومثله قوله : [نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ] (3) ، ولم يكن العرب في الجاهلية يعرفون اسم النفاق 0
الشرك : الشرك في اللغة مأخوذ من شركته في الأمر شركةً ، أي عادلته وساويته ، والشركة في التجارة على وجوه : منه شركة عِنان ، هو أن يشترك الرجلان في مال معلوم ، فيكون الربح بينهما نصفان ، ومعناه من عنّ يعنّ إذا عرض كأنه عنّ لهما شيء فاشتركا فيه ، وقيل : هو مأخوذ من 0000000000000000000 (4)
/ لَحد أو ألحَدْتُ الرجل إلحادا ، وهو مأخوذ من العدو والانحراف ،64أ فكأن المُلحد عدل عن التوحيد إلى الشرك ، وعن الإثبات إلى التعطيل ، وتحرّف عن الإسلام ، ومال عن الحق إلى الباطل 0
الظلم : قال الأصمعي : الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، يقال في المثل : مَن أشبه أباه فما ظلم (5) ، أي ما وضع الشبه في غير موضعه ، وأرض مظلومة أي حفر فيها حفر لم يحفر قبل ذلك ، وأول من قال أرض مظلومة النابغة ، حيث يقول : " من البسيط "
وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ (6)
__________
(1) النساء 142
(2) آل عمران 54
(3) التوبة 67
(4) الورقة (63) مفقودة
(5) مجمع الأمثال 2/355
(6) ديوانه ، ص 30 ، وهذا عجز بيت ، وصدره : إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها(1/150)
وظلمت السقاء إذا شربته قبل أن يروب ، وظلمت البعير إذا نحرته من غير علة ، أو اعتبطته ، وكانوا لا ينحرون إبلهم إلاّ لعلة تكون بها ، والظلم المنع ، قال الله تعالى : [وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا] (1) أي لم يمنع ، وقيل : النقصان ، وقيل في تفسير هذه الآية : لم ينقص منه شيئا ، وقيل : الجحود ، في قوله : [كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ] (2) ، وقيل : الظلم : الشرك ، في قوله : [إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ] (3) وقال النبي عليه السلام : ( ليُّ الواجِد ظلم ) (4) لأنه منعه حقه ، وصرفه عنه ، ويقال : ظلمه إذا منعه حقه ، وصرفه إلى غير وجهه ، وأزاله عن وجهه ، ووضعه في غير / موضعه ، ونقصه ، فلزمه جميع هذه الوجوه 0 64 ب
الفسق : قال الفراء (5) : الفاسق الخارج عن الطاعة ، يقال : فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرتها ، وفي قوله تعالى : [ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ] (6) أي خرج عن طاعته ، وقيل في تأويل قوله : [وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ] (7) قال : الفسوق المعصية ، وهذه كلمة لم نسمعها في أشعار الجاهلية، وإنما تكلمت به العرب بعد نزول القرآن ، فسمي الذي يرتكب المحارم فاسقا ، لأنه خرج عن الأمر والنهي ، وعن طاعة الله ، وطاعة رسوله ، وقد سمّى الله المنافق فاسقا ، فقال : [ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ] (8) ، فالفسق الخروج عن الطاعة ، والجور عن الطريق ، والفاسق مأخوذ من ذلك 0
__________
(1) الكهف 33
(2) الأعراف 9
(3) لقمان 13
(4) في غريب الحديث ـ الهروي 2/173: ليّ الواجد يحل عقوبته ، وفي النهاية في غريب الحديث ( وجد ) : لي الواجد يُحل عقوبته وعرضه ، وكذا في كتب الصحاح ، أما الذي ورد في كتب الصحاح و فيه لفظ ظلم فهو : مطل الغني ظلم 0
(5) معاني القرآن 2/147
(6) الكهف 50
(7) الحجرات 7
(8) التوبة 67(1/151)
الفجور : هو في اللغة الميل عن الشيء ، والعدول عنه ، يقال : فجر إذا مال وعدل ، والفاجر المائل ، وهو العدول عن الحق ، والميل إلى الباطل ، وفي دعاء القنوت : ( ونخلع ونترك من يفجرك ) (1) أي يتباعد منك ، ويميل إلى غيرك ، وروي أن أعرابيا جاء إلى عمر بن الخطاب رحمه الله فشكا نقب إبله ، فاستحمله فلم يحمله ، ولم يصدقه ، فأنشأ الأعرابي يقول : " من الرجز "
أقسمَ باللّهِ أبو حفصٍ عُمرْ ما إنْ بِها من نقبٍ ولا دبر
اغفرْ له اللهمّ إنْ كانَ فَجَرْ (2)
يعني إن كان كذب وجار 0/ ويقال : فجر في يمينه إذا حنث فيه ، ومنه قيل 65 أ يمين فاجرة ، أي كاذبة ، والكاذب فاجر ؛ لأنه مال عن الحق والصدق إلى الكذب ، والبَر ضد الفاجر ، والبر هو الصادق ، ويقال : كذب وفجر ، وصدق وبرّ ، وقيل في قوله تعالى : [بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ] (3) قال المفسرون : يقدم الذنب ، ويؤخر التوبة ، وقال آخرون : يتمنى الخَطيئة ، وهذا كله ميل عن الحق ، وعدول عنه إلى الباطل 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث ( فجر )
(2) الأبيات في : المفصل ، ص 122 ، وخزانة الأدب 5/154
(3) القيامة 5(1/152)
اليهود : قال الله تعالى : [إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى] (1) ، قيل معنى هود اليهود ، فحذفت الياء ؛ لأنها زائدة ، وأصلها من يهود الرجل ، ويكون هود جمع هايد ، والهايد التائب ، وقيل في تفسير قوله : [إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ] (2) أي تبنا إليك ، من التهويد في السير برفق ومكث ، ويقال : التهويد السكون ، يقال : ما بيني وبينه هوادة ، أي لا يسكن إليّ ، ولا أسكن إليه ، فكأنه سمى التائب هايدا لأنه يمشي برفق وسكون وتواضع وخشوع ، فإن كان اليهود أُخذ من ذلك فلأنهم في أول أمرهم كانوا تائبين إلى الله ، فبقي الاسم عليهم ، وإن كانوا خارجين عن الصفة ، وأرى أن الكلمة عبرانية ، وقيل إنما سُمُّوا يهود لأنهم نُسبوا إلى يهوذا ، وهذا ليس بشيء 0
النصارى : سموا بذلك لأنهم أتباع المسيح ، وكان المسيح من قرية يقال لها ناصرة (3) / وكانت اليهود تسميه أشوع الناصراني ، ومعناه بالعربية عيسى 65ب فسمي من تبعه ناصراني ، ثم حذفت الألف ، فقالوا نصراني ، وقالوا في الجمع نصارى ، وقيل هو اسم مأخوذ من النصرة في قوله : [قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ] (4) فهو مأخوذ من ذلك ؛ لأنهم كانوا أنصار المسيح ، ويقال : ناصر وأنصار ، وناصر ونصارى 0
__________
(1) البقرة 111
(2) الأعراف 156
(3) مدينة في فلسطين ، بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلا ، فيها كان مولد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ، ومنها اشتق اسم النصارى ، وأهل بيت المقدس يأبون ذلك ، ويزعمون أن المسيح إنما ولد في بيت لحم ، وأن آثار ذلك عندهم ظاهرة ، وإنما انتقلت به أمه إلى هذه المدينة 0معجم البلدان 5/251
(4) آل عمران 52 ، الصف 14(1/153)
الصابئون : قال ثعلب : يقال : صبا الرجل إذا خرج من شيء إلى شيء ، والصابئون منه ، وصبوت إلى فلان منه ، وقيل : إن الصابئين قوم مالوا من النصرانية إلى المجوسية ، فخرجوا من ملة إلى ملة ، فإن كان أُخذ من ذلك ، فهو من صبا يصبو إذا اشتاق إليه وتبعه ومال إليه ، قال الشاعر (1) : " الوافر "
صَبَوْت إلى سلامَةَ والرَّبابِ وما لاحَ المَشِيْبُ ولا التَّصابِي
وأصله مأخوذ من الصبا ، كأن الذي شاب وأسن إذا حنَ إلى اللهو والغزل ، يقال له : صبا ، أي حنّ ، فهو يفعلُ فِعل الصبا ، ثم صار اسما لكل من اشتاق إلى شيء وحنّ إليه ، وكان المشركون يسمون النبي عليه السلام الصابئ ، يعنون أنه صبا عن أصنامهم إلى دين الإسلام ، وكذلك كانوا يقولون لمن استجاب لرسول الله قد صبا إلى دين محمد ، يعنون أنه مال إلى دين رسول الله ، ورغب عن عبادة الأصنام 0
/ المجوس : كلمة فارسية معربة ، وأصله مُوكوس ، وذلك أنهم نسبوا إلى66أ رئيس لهم كان كثير شعر الأذن ، فقالوا بالفارسية : موكوس ، ثم عربت الكلمة ، فقالوا : موجوس ، ثم أسقطوا الواو الأولى ؛ لكثرة ما تجري على ألسنتهم ، فقالوا : مجوس ، وقالوا في النسبة : مجوسي ، وأصل الكلمة في لغة العرب أن مجوس معناه مقتول أو مطلوب ، وقيل في قوله تعالى : [فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ] (2) أي قتلوا وقال آخرون : [فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ] طلبوا من فيها ، كما يجوس الرجل الأخبار ، وسمي الجاسوس بذلك ؛ لأنه متطلب للأخبار 0
__________
(1) لم أعثر له على قائل
(2) الإسراء 5(1/154)
أهل الأهواء والمذاهب : قال الله تعالى : [وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ ] (1) وقال الشعبي (2) : ما ذكر الله هوى في القرآن إلاّ ذمه ، ولم يجد الهوى يوضع إلاّ موضع الشر ، لا يقال : يهوى الخير ، إنما يقال : يريد الخير ، وينويه ، ويهوى الشر ، وسُميت أهل البدع أهل الأهواء لأنه ليس فيها مذهب خير ، إنما هي شهوات ، وقال ميمون بن مهران (3) :
__________
(1) المائدة 77
(2) الشعبي : أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار، وذو كبار قيلٌ من أقيال اليمن، الشعبي، وهو من حمير وعداده في همدان؛ وهو كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم، روي أن ابن عمر رضي الله عنه مر به يوماً وهو يحدث بالمغازي فقال: شهدت القوم وإنه أعلم بها مني. وقال الزهري: العلماء أربعة: ابن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام. ويقال إنه أدرك خمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ولادته لست سنين خلت من خلافة عثمان رضي الله عنه، وقيل سنة عشرين للهجرة، وقيل إحدى وثلاثين، وروي عنه أنه قال: ولدت سنة جلولاء وهي سنة تسع عشرة. وقال قتادة: ولد الشعبي لأربع سنين بقين من خلافة عمر رضي الله عنه، وقال خليفة بن خياط: ولد الشعبي والحسن البصري في سنة إحدى وعشرين، وقال الأصمعي: في سنة سبع عشرة بالكوفة. وتوفي بالكوفة سنةأربع، وقيل ثلاث، وقيل ست، وقيل سبع، وقيل خمس ومائة، وكانت وفاته فجأة. وكانت أمه من سبي جلولاء، رضي الله عنه. وفيات الأعيان 3/12 ـ 16
(3) قاضي الجزيرة ميمون بن مهران،كان من العلماء العاملين،روى عن عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما..توفي سنة 117 هـ 0 مرآة الجنان ، ص 509 / الموسوعة الشعرية(1/155)
إياكم وكل هوى سمي بغير الإسلام ، وقال رجل لابن عباس : الحمد لله الذي جعل هواي / على هواك ، فقال ابن 66ب عباس : كل هوى ضلالة ، وقال بعض العلماء : الهوى إله معبود ، وذكر الآية [أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ] (1) لأن عبادته لا تغني عنه شيئا ، وقيل : سمي هوى ؛ لأنه يهوي بصاحبه في النار ، وقيل : لأن صاحبه يجيل فكره فيه ، فلا يستقر على شيء ، ولا يعتمد على أصل ثابت ، فهو ينقلب أبدا ، فإذا وجد الحق استقر وثبت ، والهوى ضد الرأي ، لأن صاحب الهوى لا رأي له ، فإذا قلت في الدين فإن الهوى ضد السنة ، لأنه تبع الهوى ، ولم يعتمد على سنة تقدمت من رسول الله ، ولا استقر على أصل ثابت ، فهو يهوي في الضلالات ، ويتردد في الشبهات ، وأمأ أهل المذاهب فواحد المذاهب مذهب ، وهو مشتق من ذهب يذهب ، إذا أخذ في وجه من الوجوه ، وذهب فيه ، والمذهب الوجه الذي يذهب فيه ويمضي ، ويتجنب سواه ، قال الشاعر (2) : " من الرجز"
قَالَ الغَوانِي مَا ذَهَبْتَ مَذْهَبا
فمن اختار شيئا هواه ، وشذ عن الجماعة ، فقد أخذ في مذهب ، والمذاهب الفرق ، والمذهب مذموم ، والفرقة / مذمومة ، ولا يجوز أن يقال : لي مذهب كذا ،67 أ وأنا من فرقة كذا إلاّ على المجاز 0
__________
(1) الجاثية 23
(2) لم أتمكن من معرفة قائله 0(1/156)
البدع : البِدَع ابتداء أحداث لم يكن لها ذكر ، ولا جرت بها سنة ، وأبدعت الشيء إذا أحدثته من غير مثال ، ومنه قوله : [بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] (1) معناه مبتدعها ، فهو فعيل في معنى فاعل ، لأنه تعالى ابتدع الخلق على غير مثال سبقه وتقدمه ، وكل من أبدع شيئا لم يتقدمه فيه إمام ، فهو مُبدِع ، ومُبتدع ، قال لله تعالى : [ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ] (2) يعني لست بأول من بعثه الله من الأنبياء ، بلى قد خلت من قبلي أنبياء ورسل ، فالبدعة في الدين : كل أمر أُحدث بعد رسول الله مما ليس في كتاب الله ، ولا سنة رسول الله عليه السلام ، فكل أمر من أمور الدين تقدمت به سنة وإمام ومثال يقال له سنة ، وما أخذ الناس به من غير إمام ولا مثال بعد رسول الله فهو بدعة ، وفي حديث النبي عليه السلام :
( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) (3) وقال صلى الله عليه / ( أدنى الشرك أن يبتدع الرجل الرأي ، فيحب عليه ويبغض) وقال :67 ب ( من رد على صاحب بدعة بدعته فهو في سبيل الله ) ، فالمبتدع في الدين ضال هالك ، قد استوجب اسم الشرك ، لقول رسول الله ؛ لأنه ضاد الله في فعله ، وتحلى بصفته ، فالله مبدع ؛ لأنه أبدع الخلق من غير مثال ، فمن ابتدع في الدين أمرا بغير مثال ، فقد ضادّ الله وناوأه ، وضل عن سنة رسول الله ، فهو مشرك ضال هالك في النار 0
__________
(1) البقرة 177 ، الأنعام 101
(2) الأحقاف 9
(3) سنن أبي داود 12/211 ، مسند أحمد 35/9 ، 10 / المكتبة الشاملة ، و ليس فيهما ( كل ضلالة في النار) 0(1/157)
السنة والجماعة : الجماعة مأخوذ من الاجتماع والمجامعة ، والاتفاق على أمر واحد ، ورأي واحد ، وهو شكل للسنة ، وقرين لها ، ويقال رجل من أهل السنة والجماعة إذا كان متمسكا بسنة رسول الله ، تاركا لما ابتدعه المبتدعون، ثابت مع الجماعة ، وقال النبي عليه السلام : ( افترقت بنو إسرائيل على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية ، وسائرها هالكة ، قيل يا رسول الله : مَن الفرقة الناجية / قال أهل السنة والجماعة 68 أ قيل : فمن أهل السنة والجماعة : قال ما أنا عليه وأصحابي ) (1) ، وضد الجماعة الفرقة ؛ لأن الجماعة نعت قوم (مجتمعين) (2) على العمل بكتاب الله ، وسنة رسوله ، وأهل الفرقة متفرقون في أهواء شتى ، وآراء مختلفة متبددون متلاعنون ، يتبرأ بعضهم من بعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، والفرقة نعت لهم 0
المُناصب : يقال : مناصب وناصب ، وهم الذين ينتقصون أهل بيت رسول الله ، ويعادونهم ، والمناصَبة العداوة ، يقال : ناصبه في العداوة ، ونصب له العداوة ، وهي بلفظ المفاعلة ؛ لأن أحدهما ينتصب لصاحبه بالخصومة ، والمنازعة ، يقال : نصب لي فلان نفسه ، إذا برز له ، وانتصب لخصومته ، قال الكميت (3) : " من الطويل
وأحمِلُ أحقَادَ الأَقَارِبِ فِيكُمُ وَيُنصَبُ لِي في الأبعَدِينَ فَأنصُبُ
__________
(1) سنن الترمذي 9/235 / المكتبة الشاملة
(2) هنا فراغ بمقدار كلمة ، ويظهر من السياق أنها كلمة مجتمعين أو مجمعين
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/158)
الشيعة : هو لقب لقوم ينتمون إلى علي / بن أبي طالب عليه السلام ، 68 ب ويقال : إنه اسم لمن كان مع علي عليه السلام معاونا له على أمره ، وحارب معه يوم صِفِّين (1) ، وقال ألكسائي (2) :
__________
(1) صفين : مكان قرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي ، وقعتعلى أرضها معركة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في سنة 37 من الهجرة 0 معجم البلدان 3/414
(2) هو أبو الحسن على بن حمزة بن عبد الله بن عثمان من ولد بهمن بن فيروز مولى بني أسد النحوي. أحد الأئمة في القراءة والنحو واللغة، وأحد السبعة القراء المشهورين، وهو من أهل الكوفة، ، مات بالري سنة اثنتين وثمانين ومائة أو ثلاث وثمانين ومائة، وقيل بعد ذلك في سنة تسع وثمانين، وقيل: في سنة اثنتين وتسعين ومائة ، قال الخطيب: إن عمر الكسائي بلغ سبعين سنه. وكان الكسائي مؤدباً لولد الرشيد، وكان أثيراً عند الخليفة حتى أخرجه من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين، وكان الكسائي قد قرأ على حمزة الزيات ثم اختار لنفسه قراءةً . وله من التصانيف : كتاب معاني القران ، كتاب مختصر في النحو ، كتاب القراءات ، كتاب النوادر الأوسط
كتاب النوادر الأصغر، كتاب اختلاف العدد، كتاب الهجاء، كتاب مقطوع القران وموصوله، كتاب المصادر، كتاب الحروف، كتاب أشعار المعاياة وطرائقها، كتاب الهاءات المكنى بها في القران 0 معجم الأدباء13/167ـ208(1/159)
التشايع التعاون ، وقال في قوله تعالى : [ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ ] (1) أي من كل متشايعين تشايعوا وتعاونوا ، وقال مجاهد : [مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ ] أي من كل أمة ، وقال أبو عبيدة (2) في قوله تعالى : [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ] (3) أي في أمم الأولين ، ويقال : الشيعة الفرقة ، قال الله تعالى : [ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ] (4) قال أبو عبيدة (5) معناه فرقا وأحزابا ، فكأن الذين سموا شيعة عليّ هم الفرقة التي بايعته ، وعاونته ، وكانت أمة معه 0
__________
(1) مريم 69
(2) مجاز القرآن 1/347
(3) الحجر 10
(4) الأنعام 159
(5) مجاز القرآن 2/122(1/160)
المُرجئة : اختلف الناس في تأويل هذا اللقب ؛ لأنه في الأصل مذموم ، فكل فريق يتنصل منه ، ويلزمه غيره ، ويتأول فيه تأويلات ينهى بها عنه ، قال قوم : هو لقب يلزم كل مَن يقول : الإيمان قول بلا عمل ، ويزعمون أن من شهد الشهادتين فهو مؤمن حقا وإن ارتكب /الكبائر، وترك الصلاة والصيام وسائر الفرائض، 69 أ، فقدموا القول ، وأخروا العمل ، فلذلك استحقوا هذا اللقب ، والإرجاء التأخير ، من قوله تعالى : [أَرْجِهْ وَأَخَاهُ] (1) ، وقال أهل هذا المذهب الذي ذكرناه : المرجئ هو الذي يزعم أن الإيمان قول وعمل ، فلا يبقون الشهادة على من شهد الشهادتين أنه مؤمن حقا ، ويشكون في أمره ، ويقولون : نرجو أن يكون مؤمنا ، فاستوجبوا هذا اللقب من أجل قولهم : نرجو أن يكون مؤمنا ، وهذا الكلام جهل باللغة ، وبتصريف كلام العرب ، لأن المُرجئ هو من أرجأ يُرجِئ فهو مُرجِئ ، وهو من باب أفعل ، ونرجو من رجا يرجو فهو راج ، وهو من باي فَعَل ، وقال قوم من أهل الكلام : إن المرجئة هم الذين تركوا القطع على أهل الكبائر إذا ماتوا غير تائبين بعذاب أو مغفرة ، وأرجأوا أمرهم إلى الله ، وقالوا : إن الله إن غفر لواحد ، غفر لكل مَن هو على مثل حاله ، وأنه لا يُدخل النارَ أحداً بارتكاب الكبائر ، ويغفر ما دون الكفر ، وهو رأي أبي حنيفة ، وأبي يوسف (2) ، ومحمد (3) ،
__________
(1) الأعراف 111 ، الشعراء 36
(2) القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري ، من أهل الكوفة ، وهو صاحب أبي حنيفة ، كان الغالب عليه مذهب أبي حنيفة ، وخالفه في مواضع كثيرة ، وكان سكن بغداد ، وتولّى القضاء بها لثلاثة من الخلفاء : المهدي ، والهادي ، وهارون الرشيد ، وكان الرشيد يكرمه ويجله 0 كانت ولادته سنة ثلاث عشرة ومائة ، وتوفي سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد 0 وفيات الأعيان 6/378 ـ 390
(3) محمد بن الحسن الحنفي ، أبو عبد الله محمد بن فرقد، الشيباني بالولاء الفقيه الحنفي، نشأ بالكوفة، وطلب الحديث، ولقي جماعة من أعلام الأئمة، وحضر مجلس أبي حنيفة سنتين، ثم تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة. وصنف الكتب الكثيرة النادرة، منها الجامع الكبير والجمع الصغير وغيرهما. وله في مصنفاته المسائل المشكلة خصوصا المتعلقة بالعربية. ونشر علم أبي حنيفة، وكان من أفصح الناس ولم يزل محمد بن الحسن ملازما للرشيد حتى خرج إلى الري ، فخرج معه، ومات برنبويه قرية من قرى الري في سنة تسع وثمانين ومائة. ومولده سنة خمس وثلاثين، وقيل إحدى وثلاثين، وقيل اثنتين وثلاثين ومائة. وقال السمعاني: مات محمد بن الحسن والكسائي في يوم واحد بالري، رحمها الله تعالى، وقيل إن الرشيد كان يقول: دفنت الفقه والعربية بالري. وفيات الأعيان 4/184ـ185(1/161)
وزفر (1) ، وغيرهم ، واستحقوا اسم الإرجاء / لقولهم : نُرجِئ أمرهم إلى الله 0 ... ... ... ... ... 69ب
الرافضة : قال الأصمعي : سموا الرافضة لأنهم رفضوا زيد بن علي ، وتركوه ، ثم لزم هذا الاسم كل مَن غلا منهم في مذهبه ، وتنقص السلف ، والرفض في لغة العرب الترك ، يقال رفض فلان موضع كذا إذا تركه ، والرفض أيضا التفرق ، ويقال : ارفضّ القوم إذا تفرقوا ؛ قال الحطيئة (2) : " من الطويل "
تَذَكَّرْتُها فارْفَضَّ دَمْعِي صَبابَةً
أي تفرق ، وروي عن علي عليه السلام أنه قال : يخرج في آخر الزمان قوم يقال لهم الرافضة ، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم ، فإنهم مشركون ، والرافضة لا تنكر هذا اللقب ، ويزعمون أنهم رفضوا الباطل ، واتبعوا الحق ، ويريدون أن ينفوا عن أنفسهم ذم اللقب ، قال السيد الحميري يهجو سوَّارا العاصي في أمر كان بينهما :
"من المتقارب":
أَبوكَ ابنُ سارقُ عَنزِ النَّبيِّ وأُمُّك بنتُ أَبي حَجدرِ (3)
"ونحن على رغمكَ الرَّافضو ن لأَهل الضلالةِ والمنكرِ"
__________
(1) .أبو الهذيل زفر بن الهذيل بن قيس بن سليم العنبري الفقيه الحنفي؛ كان قد جمع بين العلم والعبادة، وكان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأي، وهو قياس أصحاب أبي حنفية رضي الله عنه، وكان أبوه الهذيل على أصبهان. ومولده سنة عشر ومائة وتوفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى. وزفر: بضم الزاي وفتح الفاء وبعدها راء. والهذيل: بضم الهاء وفتح الذال المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام. وفيات الأعيان 2/317 ـ 319
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و رواية الديوان : تَذَكَّرتُها فَاِرفَضَّ دَمعي كَأَنَّهُ نَثيرُ جُمانٍ بَينَهُنَّ فَريدُ
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/162)
القدرية : روي عن النبي عليه السلام أنه قال : القدرية مجوس هذه الأمة ، قال أصحاب الحديث : إنما شُبِّهوا بالمجوس لأنهم ضاهوهم في قولهم : إن الله خلق الخير ، ولم يخلق الشر / ولم يُرِدْهُ ، وإن الشيطان خلق الشر ، تعالى الله خالق70أ كل شيء ، وقالوا : سموا قدرية لأنهم قالوا : إن العباد يفعلون ما لا يريده الله ، ولم يُقدِّره من أفعال الشر ، مثل : القتل ، والزنا ، وغير ذلك ، فقالوا : قد قدر العباد على ما لا يريده الله من هذه الأعمال ، فسموا بذلك ، وهم ينتفون من ذم هذا اللقب ، ويضيفونه إلى أصحاب الحديث ، وذلك أنهم قالوا لهم : أنتم تقولون أنَّ الخير والشر بقدر من الله ، وقلنا إن الشر ليس بقدر من الله ، فنفينا أن يكون الشر بقدر ، فمن أثبت أولى بالاسم ممن نفى 0
المعتزلة : يقال إن أول اسم الاعتزال أيام علي بن أبي طالب ، حين اعتزل عنه جماعة منهم سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمرو ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، وأسامة بن زيد ، فسموا معتزلة ؛ لاعتزالهم عن بيعته ، ولم يكونوا ممن يعرف بالقدر ، ويقال : بل أول من لقب بهذا اللقب ، ممن كان يقول بالقدر عمرو بن عُبيد (1) ، وكان السبب فيه أنه كان يجالس الحسن البصري ، ويغشى مجلسه ، فلما مات الحسن اعتزل عن تلك الحلقة ، وعن أصحاب الحسن ، واتخذ لنفسه مجلسا ، فقيل : صار عمرو معتزليا ، وكان عمرو مشهورا بالقول بالقدر ، فلُقِّب بعد ذلك كل من قال بالاعتزال ، ولزمهم / هذا اللقب دون غيرهم 0 ... ... ... ... 70 ب
__________
(1) عمرو بن عبيد البصري الزاهد العابد المعتزلي القدري،صحب الحسن ثم خالفه واعتزل خلقته،فلذا قيل المعتزلة ، توفي سنة 142هـ 0 مرآة الجنان ، ص 595 / الموسوعة الشعرية 0(1/163)
المارقة : لهم خمسة ألقاب ، يقال لهم : المارِقة ، والشُّراة ، والخوارج ، والحرورية ، والمُحكِّمة ، وروي عن النبي عليه السلام أنه كان يقسم غنائم هوازن يوم حنين للمؤلفة قلوبهم ، يتألفهم ؛ ليدخلوا في الإسلام ، فقال رجل من بني تميم ، يقال له ذو الخويصرة (1) ،
__________
(1) قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل ، ص 109 : ذو الخويصرة ، وكذا ابن هشام في السيرة النبوية ، ص 2139، وقال الزمخشري في ربيع الأبرار، ص 1249 : ذو الثدية وقيل ذو الخويصرة، حرقوص بن زهير باب الخوارج وكبيرهم الذي علمهم الضلالة. وجد يوم النهروان بين القتلى، فقال علي رضي الله عنه: ائتوني بيده المخدجة، فأتى بها فأمر بنصبها وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم شيئاً، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئاً ولا صيامكم إلى صيامهم شيئاً، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وأية ذلك أن فيهم رجل له عضد وليست له ذراع، على عضده مثله حلمة الثدي، عليه شعيرات بيض" ، وجاء في كامل المبرد: ذو الخويصرة ، أو الخنيصرة ، ص 1494 ..الموسوعة الشعرية 0(1/164)
أو ذو الخُنيصرة : إنّ هذه القسمة ما يراد بها الله ، فبلغ ذلك النبي عليه السلام ، فقال : ( مَن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله )، فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبي عليه السلام ) إنه يكون له عقب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، لا يعودون إليه أبدا ) (1) ، والرميَّة هي المرمية ، أنّثها لذلك ، وهي فعيلة في معنى مفعولة ، وهي بمنزلة الضحية ، ويقال : مرق السهم إذا أصاب الرميَّة ، وخرج إلى الجانب الآخر؛ لحدَّة نصله نفوذا سريعا ، فلم يعلق به دم ، ولا فرث ، يعني : إنهم دخلوا في الدين ثم خرجوا منه خروجا سريعا ، كسرعة نفوذ السهم من الرميّة ، وقيل لهم الحرورية ؛ لأنهم نزلوا بحروراء ، (2) وهو موضع بالنهروان (3) ، واجتمعوا هناك ، فناظرهم أمير المؤمنين / فرجع منهم ألفان ، فقال لهم علي عليه 71أ السلام : بما أسميكم ، أنتم الحرورية ؛ لاجتماعكم بحروراء ، وقيل لهم المحكمة لأنه لما جرى أمر الحكمين بصفين ، اجتمع قوم من جملة أصحاب أمير المؤمنين ، وقالوا : لا حكم إلاّ لله ، فسمع ذلك علي بن أبي طالب ، فقال : كلمة عدل يراد بها جَوْر ، إنما تقولون لا إمارة ، ولا بدّ من إمارة برّة أو فاجرة ، فسموا المحكمة ؛
__________
(1) صحيح مسلم 5/299 ، صحيح البخاري 11/442 ، مسند أحمد 14/279
(2) حروراء: قرية من قرى الكوفة، بينها وبين الكوفة نصف فرسخ بها اجتمع الخوارج على علي رضي الله عنه فسماهم بالحرورية، ولقي جمعهم هناك فأوقع بهم في سنة تسع وثلاثين0 الروض المعطار في خبر الأقطار ، ص 190
(3) النهروان: بالعراق، مدينة صغيرة من بغداد إليها مشرقاً أربعة فراسخ، ويقال بضم الراء وفتحها وكسرها مع النون، ويقال بضم النون والراء معاً أربع لغات، ولها نهر جليل تجري فيه المراكب العظام ينبعث من جبال أرمينية ويستمد من القواطل، فإذا صار بباب كسرى سمي النهروان 0 الروض المعطار في خبر الأقطار ، ص 582(1/165)
لقولهم ذلك ، وقيل لهم شُراة ، لأنهم قالوا شرينا أنفسنا من الله ، نقاتل في سبيله ، فنقتُل أو نُقتَل ، وذهبوا إلى قوله : [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ] (1) وقوله : : [إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ] (2) الآية ، وواحد الشراة شاري ، ومعنى شرى نفسه من الله أي باعها ، يقال : شريت بمعنى بعت ، وشريت بمعنى اشتريت ، وكذلك بعت الشيء بمعنى اشتريت ، ومعنى بعت ، قال ابن مفرغ (3) : " من مجزوء الكامل :
وَشَرَيتُ بُرداً لَيتَني مِن بَعدِ بُردٍ كُنتُ هامَه
يعني بعت ، وبردٌ غُلامُهُ ، وقيل لهم الخوارج ؛ لأنهم خرجوا على كل إمام ، واعتقدوا أن ذلك فريضة عليهم ، لا يسعهم المقام في طاعته ، حتى يخرجوا ، ويتخذوا لأنفسهم / دار هجرة ، حتى يكونوا منابذين لمن خالفهم من 71ب المسلمين ، حربا لهم ، والمسلمون عندهم كفار مشركون إلاّ مَن وافقهم وبايعهم ، واستجارهم حتى يسمع كلام الله ، فهذه خمسة ألقاب ، تجمع فرق المارقة ، وأصل مقالتهم البراءة من عثمان وعلي ، وإكفارهما ، وإكفار كل إمام بعد أبي بكر وعمر ، والبراءة منهم ، وإجماعهم على إمام يختارونه من أي الناس كان قائما بالكتاب والسنة 0
__________
(1) البقرة 207
(2) التوبة 111
(3) يزيد بن مفرغ الحميري : ? - 69 هـ / ? - 689 م
يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري. من أصل يمني من قبيلة يحصب، كانت أسرته في حلف مع قريش. ولد في البصرة، ونشأ بها، كان يعرف العربية والفارسية، بدأ اتصاله بالبلاط نديماً لسعيد بن عثمان بن عفان، وأصبح بعد ذلك من شعراء البلاط. اشتهر بشعره الساخر من عبّاد وعبيد الله بن زياد بن أبيه. وله شعر في المدح والغزل. والبيت في ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/166)
معنى النبي : قال أبو عبيدة : أصل الحرف مهموز من نبأت وأنبأت ، ولكن العرب تركت الهمز فيه ، وفي أحرف غيره ، مثل البرية من برأت ، والذرية من ذرأ الله الخلق وغيره ، وقال الكسائي والفراء : النبي والنبوة غير مهموز ، ويقال : إن أصل النبي الطريق ، قال الكسائي : إنما سمي الطريق نبيا ؛ لأنه ظاهر مستنير ، وهو من النَّبْوَة ، مثل النجوم ، وهو المكان المرتفع ، فكأن الله رفع النبي في الرتبة والمنزلة ، فكان فوق الناس في الفضيلة ، كما ارتفعت النبوَة فوق ما يليها من الأرض ، وإن كان مأخوذا من الطريق ، فإن الأنبياء عليهم السلام قدوة للناس ، بهم يهتدون ، فالنبي بمنزلة / الطريق يهتدون به ، وإن كان من نبأت وأنبأت ،72أ فهو الذي أنبأ الناس ، ونبأهم أي أخبرهم عن الله ، وعرَّفهم ما أراد الله منهم من الطاعة ، وما أمر ، وما نهى ، قال الله تعالى : [مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ] (1) فأتى باللغتين جميعا ، والمُرسَل المحلول المطلق ، والإرسال : الحل ، ويقال : أرسل كلبه إذا حله ، فأطلقه ، وكذلك يقال في الجوارح ، يقال : أرسل الصقر والبازي إذا فعل به ذلك ، وكأن النبي المُرسَل هو الذي أطلق الله له أن يقيم السنن والأحكام ، وأن يُحرّم ، ويحلل ، فيكون بمنزلة المطلق ، ويكون المُرسل من الرسالة ، أي بعثوا بالرسالة ، قال لبيد (2) : " من الرمل "
وَغُلامٍ أَرسَلَتهُ أُمُّهُ بِأَلوكٍ فَبَذَلنا ما سَأَل
__________
(1) التحريم 3
(2) ديوانه ، ص 144(1/167)
وكل الأنبياء عليهم السلام قد بعثهم الله إلى خلقه بالرسالات ، فمنهم أنبياء مرسلون ، وأنبياء غير مرسلين ، فالذي هو ليس بمرسل هو الذي ليس له أن يُحل ويُحرِّم ، بل يقتدي بمن تقدمه من الأنبياء في شرائعهم ، والنبي المرسل هو الذي قد أطلق الله له أن يُحل ويحرم ، كما أطلق لمحمد عليه السلام ، ولغيره من النبيين المرسلين ، مثل عيسى وموسى وغيرهم أن ينسخوا ما شاءوا ، ويُحلوا ويُحرموا ، /وكل ذلك يفعلونه بأمر الله تعالى ، فالرسول والمُرسَل أفضل72ب من النبي الذي هو غير مرسل بدرجة ، ويكون من الرسالة ، قال الله تعالى : [فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ] (1) 0
__________
(1) طه 47(1/168)
البشير والنذير : قال الله في صفة نبيه محمد عليه السلام : [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ] (1) ، ووصف الأنبياء وسماهم مبشرين ومنذرين ، أي أنهم كانوا يبشرون بالجنة ، وينذرون بالنار ، قال الله تعالى : [وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ] (2) وقال : [فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى] (3) والمبشر والبشير مأخوذ من البُشرى ، والبشرى هو الخبر السار ، وإنما قيل له بُشرى لأنه أخذ من البِشارة ، وهو الجَمال والنُّضْرة ، يقال : بشَّر الله وجهه ، ورجل بشير الوجه ، أي حسنه ومضيئة ، فالمُبشِّر والبشير أُخذ من ذلك ؛ لأنه يبشر بالخير ، فيفرح به الإنسان ؛ فكأنه سُمي مبشرا وبشيرا لأنه علم من أمور الآخرة ، وما أعد الله لأوليائه من الكرامة في الجنة بما لم يفعله المؤمنون ، فيبشرهم به ، فصار بمنزلة البشير ، الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ ، فإذا صادف ذلك ، علا نشزاً من الأرض (4) ، وأشار بثوبه ليروه أصحابه ، فيستبشرون / أي يفرحون وتنضَّر وجوههم من الفرح ، 73 أ والنذير والمنذر الذي ينذر بالنار ، وينذر معناه يُحذِّر ويتقدم في تحذيرهم ، قبل أن يقعوا فيه ، ويُبصِّرهم ما خفي عليهم من ذلك ، وقيل في تفسير قوله : [وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ] (5) أي الشيب نذيرا ، ينذر بالموت ، أو الهرم ، وقد جاء في البشير بالعذاب ، ولم يجئ في النذير بالجنة ، قال الله تعالى : [فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ] (6) ليست هاهنا بشرى ولكنه على طريق الوعيد ، كما يقال : أبشر بالذل ، وأبشر بالخزي 0
__________
(1) الأحزاب 45 ، الفتح 8
(2) فصلت 30
(3) الليل 14
(4) كتبت : على نشز
(5) فاطر 37
(6) آل عمران 21 ، البقرة 34 ، الانشقاق 24(1/169)
الخليل : قال الله تعالى : [وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا] (1) ، والخليل في كلام العرب على معان ، يقال : الخليل الصاحب ، ويقال : الخليل الصديق ، ويقال : خليل بيّن الخُلة بضم الخاء ، وهي الصداقة ، والخلان الندماء والأصحاب ، واحدهم خليل ، والخليل الفقير ، والخَلة بفتح الخاء الفقر ، والخلل الماء يجري بين الشجر ، وتخلل القوم إذا دخل بينهم ، وتوسطهم ، وقال بعض أهل العلم : [واتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا] (2) أي أفقره إليه ، قال : وهو معنى قوله لنبيه ، [وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا] (3) أي انقطع إليه عن الخلائق ، ولا تتصل بأحد من المخلوقين ملتجئا إليه ، بل تكون ملتجئا إلى الله ، فكأن إبراهيم خليل الله لانقطاعه إليه ، وتسليمه إليه ، فكذلك نبينا محمد عليه السلام ، كان متبتلا إليه ، مسلما له 0
/ الإمام : معناه الذي يُؤتم به ، ويُقتدى بقوله وفعله ، وقال أبو عبيدة (4) في 73ب قوله تعالى : [يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ] (5) أي بالذي اقتدوا به ، وجعلوه إماما ويجوز أن يكون بكتابهم ، والإمامة تكون في الخير والشر ، قال الله تعالى : [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ] (6) ، وقيل إمام مأخوذ من أمّه يؤمه إذا قصده ، والأَمُّ والأمَم القصد ، قال الله تعالى : [وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ] (7) أي قاصدين البيت والمأموم المقصود 0
__________
(1) النساء 125
(2) النساء 125
(3) المزمل 8
(4) مجاز القرآن 1/386
(5) الإسراء 70
(6) القصص 41
(7) المائدة 2(1/170)
النقيب : : يقال : نقيب ونُقباء ، والنُّقباء الأمناء والكفلاء على قولهم ، قال الله تعالى : [وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا] (1) يعني كل رجل كفيلا وأمينا على سبطه ، ويقال : نَقّب فلان في البلاد إذا طاف وتباعد ، قال الله : [فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ] (2) أي طافوا ، وتباعدوا ، ويقال : نَقّب فلان إذا استخرج الأسرار والعيوب ، فلا يخطئ ، كأنه بعيد النظر في الأمور حتى يدرك غايتها ، ويروى عن عمر أنه قال : لا يصيب برأي مَن لم يُصب بظن ، وقيل : إن عمر كان نَقَّاباً ، يعني إنه كان يفطن للأمور ، ويبحث عنها فلا يخطئ ، والمَناقب الفضائل 0
الحواري : قال الله تعالى : [كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ] (3) / قيل في التفسير : هم صفوة الأنبياء ، وحواريو الرجل خاصته 74أ وبطانته وخيرته ، وحواريو (4) عيسى صفوته وخاصته ، وكانوا اثني عشر رجلا ، ويقال : الحواريون أنصار الأنبياء ، وقيل سموا حواريي (5) المسيح لبياض ثيابهم ، وكانوا صيادي سمك (6) ، وقيل : إنهم كانوا قصارين ، فسموا بذلك ؛ لتبيضهم الثياب ، وكل شيء بيضته فقد حوّرته ، والحواريات النساء البيض ، وأنشد (7) : " من الطويل "
... ... فَقُلْ للحَوارِياتِ يَبْكِينَ غيرَنا وَلا تَبْكِنا إلّا الكِلابُ النَّوابِحُ
__________
(1) المائدة 12
(2) سورة ق 36
(3) الصف 14
(4) كتبت : وحواريين عيسى ، والتي تحتها خط في السطر السابق واللاحق كتبت بالياء
(5) كتبت حواريين المسيح
(6) كتبت صيادين السمك
(7) لأبي جلدة اليشكري ، ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/171)
وقيل الحواريات النساء اللواتي ينزلن الأمصار ، ولا ينزلن البوادي ، وقال أبو عمرو : الحَور شدة بياض بياض العين ، وشدة سواد سوادها ، وقال آخرون : الحواري المتنظف في دينه ، من حوّرت الثوب إذا غسلته ، والحَوراء البيضاء ، والحُور العين من ذلك ، والعِين جمع عيناء أي ناصعة البياض ، واسعة العينين ، حسنتهما ، فمعنى الحور على ما ذكرنا يدور على الصفاء والبياض والحُسن والنقاء وإنما قيل لهم : حواريون ؛ لأنهم صفوة عيسى الذين قد تنزهوا عن الأدناس ، وصاروا مُصَفين من الذنوب والآثام ، والله أعلم 0
/ الصّديق والفاروق : قال الله تعالى : [ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ] (1) وقال 74 ب : [ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ] (2) والصديق من الفعل فِعِّيل ، يقال : إذا فعل مرة بعد مرة حتى يكثر، كما قالوا : سكِّير وخمِّير وشِرِّيب ، قال الشاعر (3) : " من الكامل "
شِرِّيْب خمرٍ مُسعرٍ لحربِ
وكذلك كل شيء على فعول مثل : قتول وضروب ، وكذلك فعّال ، نحو : قتّال ، ولهذا سمي أبو بكر الصديق ، والفاروق الذي يفرق بين الشيئين المختلفين ؛ حتى يميز أحدهما من الآخر ، مثل الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والحلال والحرام ، فإذا اشتبه الأمر في ذلك أبانه وميزه ؛ حتى يظهر الفرق بينهما ، والصديق دون النبي ، وفوق الشهيد ، قال الله تعالى : [ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ] (4) 0
__________
(1) المائدة 75
(2) الحديد 19
(3) لحسان بن ثابت ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، ورواية الديوان : لا تَنفُري يا ناقَ مِنهُ فَإِنَّهُ شَرّابُ خَمرٍ مِسعَرٌ لِحُروبِ
(4) النساء 69(1/172)
الشهيد : قال الله تعالى : [وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ] (1) قيل في / تفسيره علماء ، والشهادة 75 أ في كلام العرب الحضور ، يقال : شهدت هذا الأمر، وشهدت فلانا يصنع هذا الأمر ، قال الله تعالى : [وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ] (2) وإنما قيل لمن يشهد شاهد لأنه يؤدي ما يحضره ، ويخبر بما علمه ورآه ، قال الله : [وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا] (3) والشهود ضد الغيبة ، يقال : شهدنا هذا الأمر ، وغاب عنه فلان ، والغيب ما غاب عنك ، وقيل لمن قتل في سبيل الله شهداء ؛ لأنهم حضروا فصدقوا البأس ، وكانوا شهداء الله على مَن حضرهم ، ليس كمن ولّى الدبر ، والشاهد العدل الذي يشهد بعلم ، قال الله تعالى : [ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (4) ومن شهد بالجهل فهو شاهد زور ، وقال النبي عليه السلام : ( شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار ) (5) والزور مأخوذ من الازورار ، فكأنه انحرف عن الصدق إلى الكذب ، قال الشاعر (6) : " من الكامل "
فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ
__________
(1) آل عمران 99
(2) يونس 61
(3) يوسف 81
(4) الزخرف 86
(5) كتاب الكبائر 1/127/ المكتبة الشاملة
(6) البيت لعنترة بن شداد العبسي من معلقته المشهورة ، ديوانه ، ص 126(1/173)
/ المُحْدِث والمروِّع : روي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( إن في كل أمة 75ب مُحْدِثين ومُرَوِّعين ، فإن يكن في هذه الأمة أحد فإنه عمر ) (1) ، وقيل المحدث هو الذي تلقي الملائكة على لسانه ، وقال بعض العلماء : المحدث الذي يصيب برأيه ، ويصدق ظنه إذا توهم ، فكأنه حُدِّث بذلك ، وقال علي بن أبي طالب في ابن عباس : إنه لينظر إلى الغيب من وراء سِتْر رقيق ، وقيل : مَن لم ينفعك ظنه ، لم ينفعك يقينه ، وقال النبي عليه السلام : ( إنّ روح القدس نفث في رُوعي إن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ) (2) ، والرُوع النفْس ، يقال : وقع في رُوعي أي في خلدي ، فالمحدث والمروع هما اللذان يتكلمان بالحكمة ، ويُلهمان ذلك ، كأن الملَك يلقي ذلك في روعهما 0
الحنفاء : جمع حنيف ، والحنيف المسلم ، وقال النبي عليه السلام : ( بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ) (3) وكانت العرب/ في الجاهلية تقول : كل من حج 76أ البيت واختتن حنيف ، وكان ابن عباس يقول : الحنيف الحاج ، وأصل الحنف الميل كأنه من مال إلى الإسلام سمي حنيغا ، وكذلك في الجاهلية ، من ترك عبادة الأوثان ، ومال إلى دين إبراهيم قيل له حنيف ، وأصله من الميل ، فكأن الحنيف هو المسلم المخلص الذي قد مال إلى الله بالعبادة ، وتخلّى إليه 0
التواب والأواه والمنيب : قال الله تعالى : [ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ] (4) ، قال : الأواه المتأوّه شفقا وفرقا ولزوما للطاعة ، وأنشد أبو عبيدة (5) : " من الوافر "
__________
(1) صحيح البخاري 11/288 ، مسند أحمد 17/156 / المكتبة الشاملة ، ومروعين غير موجودة فيهما 0
(2) النهاية في غريب الحديث ( روع ) ، وانظر : سنن ابن ماجة 6/262 / المكتبة الشاملة
(3) النهاية في غريب الحديث ( حنف )
(4) هود 75
(5) مجاز القرآن 1/270(1/174)
... ... إِذا ما قُمتُ أَرحَلُها بِلَيلٍ تَأَوَّهُ آهَةَ الرَجُلِ الحَزينِ (1)
فالتأوه هو شبه التنفس من الغم والكرب ، وهو أيضا أن يقول عند أمر يوجعه : آوّاه ، فالأواه أبدا يتوجع حذارا من المعاقبة على الذنوب ، وقيل في تفسير قوله : [مُنِيبِينَ إِلَيْهِ] (2) راجعين تائبين ، وأنشد: " الوافر"
وكُلّ قدْ أنابَ إلى ابْتِهال (3)
/ والأوّاب الرجّاع ، وهو التوّاب ، ومخرجه من آب يؤوب إذا رجع ،76ب ومعناه الرجوع إلى الله بالتوبة من الذنوب ، والتأوه منها 0
المهاجرون (4) والأنصار : واحدهم مهاجر ، وهو الذي هاجر إلى النبي عليه السلام ، والهجرة من هجرت الرجل هجرانا وهجرا إذا قطعته ، وتركت كلامه ، فكأن الرجل إذا أسلم بين قومه وهم مشركون ، هجروه وهجرهم ، والمُهاجر المُفاعل ، ولا يكون إلا من اثنين ، فكأن المسلم إذا هجر قومه ، وهجروه ، خاف أن يفر من دينه ، ففر إلى رسول الله ، فسُمي مسيره إليه هجرة ، وسمي هو مهاجرا ، لأنه كان على هجران قومه له ، وهجرانه لهم ، فلما أعزّ الله الإسلام وأفشاه ، وفتح عليهم مكة أمرهم بالاستقرار في مواضعهم ، وقال : قد انقطعت الهجرة ، ومن رجع بعد الهجرة إلى موضعه ، كان بمنزلة المرتد ، قال النبي عليه السلام : ( لا تعرُّب بعدَ/ الهِجْرة ) (5) ويقال : تعرّب الرجل إذا صار أعرابيا ، والأعرابي الذي (6) 77أ يسكن البادية ، وإن كان أعجمي اللسان ، أعجمي النسب ، والأعرابي ضد المهاجر ، قال الشاعر (7) :
__________
(1) البيت للمثقب العبدي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(2) الروم 31 ، 33
(3) لذي الكلب الهذلي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، ورواية الديوان : أَسَرَّكِ لَو قُتِلتُ بِأَرضِ فَهمٍ وَكُلٌّ قَد أَبَأتُ إِلى اِبتِهالِ
(4) كتبت : المهاجرين
(5) النهاية في غريب الحديث ( عرب ) ، وفيه [ ثلاثٌ من الكَبَائر منها التَّعرُّب بعدَ الهِجْرة ]
(6) كتبت : أن
(7) أورد هذاالشطر أبوعبيد في الغريب المصنّف مع بيتين بعده ، وهي:
قد حشّها اللّيل بعصلبيّ مهاجر ليس بأعرابيّ
أروع خرّاج من الدّوّيّ عمرّسٍ كالمرس الملويّ
لا هيثم اللّيلة للمطيّ ولا فتّى مثل ابن خيبريّ
انظر : خزانة الأدب 4/59(1/175)
" من الرجز "
مهاجر ليس بأعرابيّ
فأصحاب رسول الله كانوا طائعين مهاجرين وأنصارا ، لأن النبي عليه السلام هاجر من مكة إلى المدينة ، وهجر قومه وداره ، فمن لحق به سمي مهاجرا ، والأنصار كانوا مقيمين بالمدينة في ديارهم وأهاليهم ، فلم يكن لهم هجرة ، وسموا أنصارا ، واحدهم ناصر ؛ لأنهم نصروا رسول الله بأنفسهم وأموالهم ، والمهاجرون أفضل من الأنصار ؛ لأنهم هاجروا ونصروا ، فاجتمعت لهم الهجرة والنصرة ، لأنهم هجروا آباءهم وأبناءهم وجيرانهم وأموالهم وديارهم ، فأخذوا فضيلة الهجرة ، والأنصار فهم الأوس والخزرج ، مدحهم الله فقال : [وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا] (1) فسماهم / بهذا الاسم ، وأثنى عليهم النبي عليهم السلام ، فقال : (الأنصار كرشي77 ب وعيبتي ومعدن سري ، لو سلك الناس شعبا وواديا ، وسلكت الأنصار شعبا ؛ لسلكت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار )0 (2)
وآخى النبي عليه السلام بين المهاجرين والأنصار ، وقرن بين كل مهاجر وأنصاري ، وجعلهم إخوانا ، بعضهم لبعض ، وجمع الله بينهم ، فقال : [وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ] (3) ثم ذكر التابعين ، فقال : [وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ] (4) فالتابعون هم الذين لحقوا الصحابة ، ولم يلحقوا رسول الله ، ولم يشاهدوه ، فكانوا على أمرهم ، واهتدوا بهداهم في النصرة والمجاهدة 0
__________
(1) الأنفال 72 ، 74
(2) النهاية في غريب الحديث ( كرش )
(3) التوبة 100
(4) التوبة 100(1/176)
الربانيون والأحبار : قال الحسن البصري في قوله : [كُونُوا رَبَّانِيِّينَ] (1) قال : فقهاء علماء ، وقال محمد بن الحنفية يوم مات ابن عباس : اليوم مات رباني هذه الأمة ، وقال أبو عبيد : سمعت رجلا عالما بالكتب يقول : الربانيون العلماء بالحلال والحرام والأمر والنهي / والأحبار أهل المعرفة بأنباء الأمم ، وقال الأخفش : 78 أ الربانيون الذين يعبدون الرب ، وقال الفراء : الألوف ، والربانيون العلماء ، وأصل الربيون من الربّة وهي الجماعة ، قال سيبويه : الذين قالوا : لحياني وشعراني إنما زادوا الألف والنون علامة لهذا المعنى ، أي طويل اللحية ، وغليظ الرقبة ، وكثير الشعر ، فزيادة الألف والنون مرادان هاهنا لمعنى الاسم الذي بسبب الألف والنون دون غيره ، لأن قوله : لحياني خُصّ به دون غيره ، لأنه مخصوص بطول اللحية ، وغلظ الرقبة دون غيره ، وكذلك الرباني هو المخصوص بعلم الرب دون غيره ، معناه صاحب علم الرب دون غيره ، الذي قد اختصه الرب بعلم دون سائر الناس ، واختصه بالولاية ، والنسبة إلى نفسه دون غيره ، فقيل رباني لذلك ، وأما الحَبر فإن أبا عبيدة زعم إن قيل : كعب الحِبر ، مضافا إلى الحِبر الذي يكتب به على وصفه بالعلم ، وهو لا يرويه عن أحد ، وسمي الحِبر الذي يكتب به حِبرا لأنه أُخِذ من الحُسن / والعرب تقول للعالِم حَبر وحِبر ، وهو معروف عندهم ، كما 78 ب قالوا : رَطل ورِطل ، وجَسر وجِسر ، ويقال : حَبَر الرجل حَبْرا أي فرح ، وقال الله عز وجل : [فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ] (2) أي يفرحون ، وفي الحديث : (يَخْرُج من النار رَجُل قد ذهب حِبْرُه وسِبْرُه ) (3) ، فالحبر والسبر الهيئة واللون ، فكأن العالم سمي حبرا إذا
__________
(1) آل عمران 79
(2) الروم 15
(3) النهاية في غريب الحديث ( حبر ) ، الفائق 1/85 / المكتبة الشاملة ، غريب الحديث ـ لأبي عبيد1/85 / المكتبة الشاملة ، و الحِبْر بالكسر وقد يُفتح : أثر الجَمَال والهَيئة الحسَنة(1/177)
تناهى في العلم ، فأورد على المتعلم أحسن العلم ، ويحسُن بيانه حتى يفرح قلبه فيكون قلبه محبورا به ، مسرورا ، فسمي حبرا بذلك 0
القسيسون والرهبان : واحد القسيسين قَسّ وقُسّ ، ويجمع قسوس ، والقَسّ عندهم العظيم العالم ، أعظم من الراهب ، والراهب الذي قد تخلى بالعبادة ، وجمعه رُهبان ويقال : ترهّبَ رهبا ورهبانية ورُهبانا ، وهو من الرهبة ، والرهبة الخوف والخشية كأنه أُخذ من أنهم يرهبون الله 0(1/178)
الأولياء والموالاة والولي والولاية : الأولياء جمع الولي ، قال الله : [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا] (1) وقيل في الحديث / (مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعليٌّ مَوْلاه) (2) ، 79 أ فقيل : إن الولي والمولى في كلام العرب واحد ، وكذلك هو في التنزيل ، وقال الله : [اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ] (3) ، فقال هاهنا : وَلِيّ ، وقال في موضع آخر : [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ] (4) فليس معناهما واحد ، وإنما وجه الحديث الولاية في الدين ، وهي أشرف الولايات ، والوليّ في غير هذا الموضع من النسب في قوله : [وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا] (5) فقال هاهنا : ولِيّ ، وقال : [يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا] (6) أفليس معناهما واحد ، وكذلك قوله : [وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي] (7) فقيل في التفسير : هم العصبة ، فهؤلاء أولياء النسب ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أيُّما امْرأةٍ نَكَحَت بغير إذن وليِّها فنكاحُها باطِل) (8) والولاية السلطان ، والولاية في الدين ، والمولى ينصرف على وجوه ، يكون المعتَق، ويكون المعتِق ، ويكون ابن العم ، ويكون الولي ضد العدو ، يقال : هذا وليه ، وهذا عدوه ، والولي الجار / والولي الحليف 0 ... ... ... ... 79ب
__________
(1) المائدة 55
(2) سنن الترمذي 12/175 ، سنن ابن ماجة 1/134 ، مسند أحمد 2/112 / المكتبة الشاملة ، النهاية في غريب الحديث ( ولي )
(3) البقرة 257
(4) محمد 11
(5) الإسراء 33
(6) الدخان 41
(7) مريم 5
(8) سنن أبي داود 5/477 ، سنن الترمذي 4/288 ، سنن ابن ماجة 5/486 ، مسند أحمد 49/230 ، الفائق 1/481 ، غريب الحديث ـ لأبي عبيد 3/142 / المكتبة الشاملة(1/179)
الآل والأهل وأهل البيت : قال الله تعالى : [آَلِ فِرْعَوْنَ] (1) فقال أبو عبيدة (2) : معناه أهل بيته وقومه ، وأهل دينه وملته ، وقال في قوله : [وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ] (3) أي على أهل يعقوب ، وقيل : آل فرعون أتباعه في دينه ، واحتجوا بقوله : [أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ] (4) وقال بعض أهل اللغة : الآل ولد الرجل ونسله ، وآل الرجل أهل بيته ، قال الله : [وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ] (5) معناه يكتم إيمانه من آل فرعون ، فالصفة فيه ليكتم ، وقال بعض العلماء : كان ابن عمه ، من أهل بيته ، وكان اسمه خربيل ، وهو الذي قال لموسى : [إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ] (6) 0
العِترة : عند الناس ولد الرجل ونسله وذريته ، وفي الحديث : إن أبا بكر رحمه الله قال يوم السقيفة : (إنا معاشِر هذا الحي من قريش أكرمُ النَّاسِ أحسابا وأنسابا ، ثم نحن عِترة رسول اللّه التي خرج منها وعصبتُه التي تَفقَّأتْ عنه) (7) ، فقال ابن قتيبة (8) : قول أبي بكر : نحن عترة رسول الله يريد رهطه ، والعترة عند كثير من الناس النسل والذرية دون السلف ، ويذهب الناس / إلى أن عترة النبي عليه 80 أ السلام فاطمة ، وليس كذلك ، إنما عترة الرجل ذريته الأدنون من حضر ومن غبر ، وهو يجمع المعنيين 0
__________
(1) البقرة 49 ، 50 ، آل عمران 11 ، الأعراف 130 ، 141 ، الأنفال 52 ، 54 ، إبراهيم 6 ، القصص 8 ، غافر 28 ، 46 ، القمر 41
(2) مجاز القرآن 1/40
(3) يوسف 6
(4) غافر 46
(5) غافر 28
(6) القصص 20
(7) النهاية في غريب الحديث والأثر ( عتر ) ، وفيه :نحن عِتْرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبَيْضَتُه التي تَفقَّأتْ عنهم
(8) أدب الكاتب ، ص 28(1/180)
الذرية : قال أبو عبيدة في قوله تعالى : [ذُرِّيَّتَهُمْ] (1) قال : تأويل الذريات عندنا إذا كانت بالألف الأعقاب والنسل ، فأما الذين في حجورهم خاصة فإنها الذرية ، مثل التي في القرآن : [هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا] (2) وقوله تعالى : [ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ] (3) فذرية الرجل خلق الله منه ومن نسله ، ومن أنشأه الله من صلبه 0
السُّلالة : السلالة الصفوة من كل شيء ، يقال : سُلالة وسليل ، وفي الحديث ، قال النبي عليه السلام : (اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سليل الجنة) (4) فقيل السليل صافي شرابها ، وإنما قيل له سليل ؛ لأنه سُلّ حتى خلص ، فَعيل في معنى مفعول ، وقالوا في تفسير قوله : [خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ] (5) سُلّ من صنوف طين الأرض ، ثم خلق منه آدم ، والسلالة النتاج ، سُلّ من أُمه أي نتج ، وقيل للحسن والحسين سبطان من هذه الأمة 0
الأسباط : الأسباط قبائل بني إسرائيل ، قال الله تعالى : [وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ] (6) وقيل : إن السبط دون القبيلة ، وقيل : الأسباط ولد يعقوب ، وكانوا / اثني عشر رجلا ، وقيل : هم أولاد الأنبياء ، وقال النبي عليه 80ب السلام : (الحسنُ والحُسينُ سِبطايَ مِن هذهِ الأمة) (7) 0
__________
(1) الأعراف 172 ، يس 41 ، الطور 21
(2) الفرقان 74
(3) الإسراء 3
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر ( سلسل ) ، وفيه : من سلسل الجنة ، والسلسل هو الماء البارد، ويروى : من سلسبيل الجنة ، وهو اسم عين في الجنة 0
(5) المؤمنون 12
(6) الأعراف 160
(7) النهاية في غريب الحديث ( سبط )(1/181)
القبيلة والشعب والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة والعشيرة : قال الله تعالى : [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ] (1) قال ابن عباس في رواية الكلبي (2) عن أبي صالح (3) عنه : الشعوب من اليمن ، والقبائل ربيعة ومضر ، وقال هشام (4)
__________
(1) الحجرات 13
(2) الكلبي ، أبو النضر محمد بن السائب بن بشر، الكلبي الكوفي، صاحب التفسير وعلم النسب؛ كان أماما في هذين العلمين. توفي سنة ست وأربعين ومائة بالكوفة،.والكلبي نسبة الى قبيلة إ كلب بن وبرة، وهي قبيلة كبيرة من قضاعة، ينسب إليها خلق كثير. وفيات الأعيان 4/309 ـ 311
(3) أبو صالح : هو باذام مولى أم هاني بنت أبى طالب، كوفي ، روى عن مولاته وعن علي ، وابن عباس ، وعنه سماك بن حرب ، وعاصم ، وقدضعفه البخاري وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن معين: ليس به بأس وقال أيضا : إذا روى عنه الكلبى فليس بشئ، واختلفت أقوال العلماء فيه على هذا النحو، وكان الشعبى يمر به ويأخذ بأذنه فيهزها ويقول: ويلك تفسر القرآن وأنت لاتحفظ القرآن، وكان من علماء النسب ، أخذه عن عقيل بن أبي طالب ، وعنه أخذ محمد بن السائب الكلبي 0 لسان الميزان 1/ 296 / المكتبة الشاملة، والطبقات الكبرى 5/222 / المكتبة الشاملة ، طبقات النسابين 1/6/ المكتبة الشاملة 0
(4) أبو المنذر هشام بن أبي النضر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو، الكلبي النسابة الكوفي، ، حدث هشام عن أبيه وروى عن ابنه العباس، وخليفة بن خياط، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وغيرهم. وكان من أعلم الناس في علم الأنساب، وله كتاب " الجمهرة " في النسب وهو من محاسن الكتب في هذا الفن، وكان من الحفاظ المشاهير..وله من التصانيف شيء كثير، فمن ذلك كتاب " حلف عبد المطلب وخرزاعة " وكتاب " حلف الفضول " وكتاب " حلف تميم وكلب " وكتاب " المنافرات " وكتاب " بيوتات قريش " وكتاب " فضائل قيس عيلان " وكتاب " الموءودات " وكتاب " بيوتات ربيعة " وكتاب " الكنى " وكتاب " شرف قصي وولده الجاهلية والإسلام "، وكتاب " ألقاب قريش " وغيرها ، وتوفي سنة أربع ومائتين، وقيل سنة ست، والأول أصح 0 وفيات الأعيات 6/82 ـ 84(1/182)
عن أبيه : إنما وضعت الشعوب والقبائل والعمائر والبطون والأفخاذ والعشيرة على خلق الإنسان ، قال : والإنسان سمي شعوبا ، وهو الشعب ، لأن الجسد شعب منه القبيل ، وهو رأسه من قبائل الناس ، وهي الأطباق ، ثم العمائر الصدر ، وفيه القلب ، ثم البطن وفيه ما استبطن الكبد والرئة والطحال والأمعاء ، فصار مسكنا لهن ، ثم الأفخاذ ، والفخذ أسفل من البطن ، ثم الفصائل الركبة ؛ لأنها انفصلت من الفخذ ، ثم العشيرة الساقان والقدمان ؛ لأنهما حملتا / ما فوقهما بحسن المعاشرة ، ولم يثقل عليهما حمله ، قال : وسمت 81أ العرب الشعوب لأنهم قيل لهم ذلك حين تفرقوا من إسماعيل بن إبراهيم ، ومن قحطان بن عابر ، فتشعبوا ، ثم القبائل حين تقابلوا ، ونظر بعضهم إلى بعض في محلة واحدة ، وكانوا مثل قبائل الرأس ، ثم العمائر حين عمروا الأرض ، وسكنوها ، ثم البطون ، حين استبطنوا الأودية ، ونزلوا البيوت ، ثم الأفخاذ ، والفخذ أصغر من البطن ، ثم الفصائل ، حين انفصلوا من الأفخاذ ، قال الله : [وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ] (1) ، ثم العشائر ، حين انضم كل بني أب إلى بني أبيهم دون بني أعمامهم ، فحسنت معاشرتهم ، وليس بعد العشيرة شيء ينسب إليه ، فالعشيرة مثل عبد مناف 0
الكتاب : يقال : كتبت الكتاب إذا جمعت الحروف بعضها إلى بعض ، ويقال : تكتّب بنو فلان إذا اجتمعوا ، وقيل لجماعة الخيل كتيبة ، فكأن الكتاب سمي كتابا لما جمع فيه من المعاني بالخط / والحروف ، ويقال لما يجمع من الحروف بعضها 81 ب إلى بعض كتاب 0
__________
(1) المعارج 13(1/183)
القرآن : سماه الله كتابا ، فقال : [الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ] (1) وسماه الله قرآنا ؛ لأنه جمع السور ، وضمها ، وتفسير ذلك في آية أخرى وهو قوله تعالى : [إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ] (2) معناه إذا ألّفنا منه شيئا وضممناه إليك ، فاعمل به ، وخذه وضمه إليك ، قال : وقيل للتي لم تلد من النوق ما قرأت شيئا ، أي ما ضمت في رحمها ولدا ، وكذلك ما قرأت جنينا ، قال الشاعر (3) : " من الوافر "
ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ هَجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا
أي لم يضمم رحمها على ولد ، وفي رواية أخرى : فإذا قرأت القرآن ، مجازه إذا تلوت بعضه في إثر بعض حتى يجتمع ، وينضم بعضه إلى بعض ، ومعناه يصير إلى بعض التأليف والجمع ، وإنما سمي قرآنا لما جمع الله فيه من الحلال والحرام ، والأمر والنهي ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك ، قال الله : [مَا فَرَّطْنَا/ فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] (4) ، وقيل سمي قرآنا لأنه قرنت آية إلى آية ، 82 أ وسورة إلى سورة ، فكأنه قرن بعضه إلى بعض 0
الفرقان : سمي فرقانا لأنه فرق بين الحق والباطل ، وبين المؤمن والكافر ، وخرج تقديره على تقدير رجل قنعان ، والمعنى أنه يرضى به الخصمان المختلفان في الأمر يحكم به بينهما ، وقال تعالى : [وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً] (5) لأن سبيله في تلك الأمة سبيل القرآن في هذه الأمة ، منه خرج الضياء ، وبه فرق بين الحق ، والباطل ، والمؤمن ، والكافر، والفرقان مصدر فرقت بين الشيء والشيء ، أفرق بينهما إفراقا وفرقانا 0
__________
(1) البقرة 1 ، 2
(2) القيامة 17 ، 18
(3) القائل هو أمية بن أبي الصلت ، ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(4) الأنعام 38
(5) الأنبياء 48(1/184)
الوحي : الوحي اسم من أسماء القرآن ، وصفة من صفاته ، يقال له : وحي ، كما يقال له : قرآن ، قال الله تعالى : [قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ] (1) ، وقال : [وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا] (2) ، وفي الوحي معان جليلة ، حيث صار الوحي الإشارة إلى الشيء دون الايضاح بالكلام والإيماء إليه ، كأن الموحي يريد أن يُفهم قوما دون قوم ، والوحي على وجوه منها :
__________
(1) الأنبياء 45
(2) الشورى 51(1/185)
/وحي النبوة ، ومنها الإشارة ، ومنها الكناية ، في كل ذلك شواهد من 82ب الكتاب والشعر والكلام ، فأما الوحي في النبوة فإرسال الله الملائكة إلى الأنبياء ، كقوله : [وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا] الآية ، وفي الإلهام : [وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ] (1) ، [وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى] (2) ، والإشارة قوله : [فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا] (3) قال مجاهد : أشار إليهم ، وقيل : الوحي الكتابة في قوله : [فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ] ، قال الضحاك : كتب لهم ، والوحي الإشارة في قوله : [شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ] (4) وقال ابن عباس : لا وحي إلاّ القرآن ، وإنما أراد ابن عباس بهذا أن القرآن هو الوحي الذي نزل به جبريل على محمد عليه السلام ، وأن ما سوى ذلك من فعل النبي وأمره ونهيه سنن ، سنها هو عليه السلام بقوله ، والسنة سوى الوحي ، فهما اثنان : الكتاب وهو الوحي ، والسنة وهو ما سنّ النبي عليه السلام ، والوحي على تسعة أوجه : الإشارة ، والرمز والعقد والخط ، وضرب الأمثال ، والإلهام ، والرؤية ، والنصبة / وزجر الطير ، وكل شيء من هذه83 أ الأوجه دللت به على شيء فهو وحي تريد أن تفهم به قوما دون قوم ، ويفهم من يختصه بمراده دون غيره ، فأما الإشارة فالإيماء باليد والعين والحاجب والمنكب وبالرأس ، فإذا تباعد الشخصان فبالثوب أو السيف ، يشير بذلك من موضع لا يلحقه الصوت ، فيعلم صاحبه ما يريد ، ويقال لمن فعل ذلك البشير ، وقال الشاعر (5) في الإيماء : " من الطويل "
أَشارَت بِطَرفِ خِيْفَةَ خَشيَةَ أَهلِها إِشارَةَ مَذْعُورٍ وَلَم تَتَكَلَّمِ
__________
(1) النحل 68
(2) القصص 7
(3) مريم 11
(4) الأنعام 112
(5) هو عمر بن أبي ربيعة ، ديوانه ، ص 103 ، ورواية الديوان : أَشارَت بِطَرفِ العَينِ خَشيَةَ أَهلِها إِشارَةَ مَحزونٍ وَلَم تَتَكَلَّمِ(1/186)
وأما الرمز بالشفتين ، فقول الله : [فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ ] (1) قيل في التفسير : رمز لهم ، وقال في الآية الأخرى : [ إلاّ رمزا ] (2) قال ابن جريج (3) :
__________
(1) مريم 11
(2) آل عمران 41
(3) ابن جريج : عبد الملك بن عبد العزيز جريج الرومي. مولى بني أمية. كان أحد أوعية العلم، عالم مكة. وهو أول من صنف التصانيف في الحديث. روى عن أبيه ومجاهد وعطاء ابن أبي رباح، وطاوس، وعمرو بن شعيب، ونافع، والزهري، وعبدة ابن أبي لبابة، وابن أبي مليكة، وخلق كثير من التابعين..الوافي بالوفيات ، ص 15778 / الموسوعة الشعرية(1/187)
الرمز تومية بالشفتين ، وأما العقد بالأصابع ، كما أن الرجل يومئ إلى صاحبه بيده ، ويعقد عشرة أو غير ذلك من العدد ، فقد أوحى إليه ، والخط والكتابة أبعد الإشارات ؛ لأن الكتابة تُقرأ في أبعد المواضع ، ويُعرف بها مراد الكاتب ، والخط يُعرف به الشاهد / والغائب ، واللسان محصور على الحاضر وضرب 83 ب الأمثال هو الوحي باللفظ ، وهو أن يضرب الرجل لصاحبه مثلا فيعرِّفه أمرا بينهما ، ويستره من غيره ، قال الله تعالى : [إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ] (1) ، فضرب الملكان بذلك مثلا لداود عليه السلام ، وقد ضرب الله الأمثال في القرآن ، فقال : [وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ] (2) ، وأما الإلهام فقوله : [وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى] (3) وقوله : [وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ] (4) معناه ألهمتهم ، وقيل : ألقى في أنفسهم الصدق ، وأما الرؤيا فملَك الرؤيا يوحي إلى صاحبه بما يضرب له من الأمثال في منامه ، ولا يبين له ما يريد أن يعرف ، حتى يعبر تلك الرؤيا ، ومن أجل ذلك قالوا : إن الرؤيا الصادقة جزء من ثمانية وأربعين جزءاً من النبوة ، وأما النصبة ، فقال بعض الحكماء : هي الحال الدالة ، التي تقوم مقام هذه الأصناف .
__________
(1) سورة ص 23
(2) العنكبوت 43
(3) القصص 7
(4) المائدة 111(1/188)
ولا تقصر عن تلك الدلالات ، وهي الدلالة / على الموات الجماد مثل الدلالة في الحيوان الناطق وقالت الحكماء : كل 84 أ صامت ناطق ، وكل عجماء معربة من جهة البرهان ، وكل شيء دلّ على معنى اعتبرت بالنظر إليه ، واستدللت به ، فقد أوحى إليك ، وإن كان صامتا ، وأشار إليك ، وإن كان ساكتا وكلمك ، وإن كان غير ناطق ، ويعرف ذلك الحكيم العالم الثّبت ، ويخفى على البليد الجاهل الغبي ، قال الله : [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا] (1) الآية، فالاستدلال بهذه الأشياء وحي أيضا ؛ لمعرفة بعض الناس به دون بعض ، كما قال الحكيم الأول : سَلْ الأرض فقل لها مَن حفر أنهارك ، وغرس أشجارك ، وأخرج ثمارك ، فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا ، وللعرب مذهب ، وقد أكثرت العرب في ذلك ، وقالت فيه أشعارا كثيرة ، يستنطقون رسوم الديار ، ويستدلون بالموات ، ويكلمون البهائم على جهة الاعتبار ، وقال ذو الرمة : " من الطويل "
وَقَفتُ عَلى رَبع لِمَيَّةَ ناقَتي فَما زِلتُ أَبكي بَعْدَهُ وَأُخاطِبُه (2)
وَأَسقيهِ حَتّى كادَ مِمّا أَبُثُّهُ تُكَلِّمُني أَحجارُهُ وَمَلاعِبُُه
/ وقال ابن أحمر (3) : " من أحذ الكامل " ... ... ... ... ... ... 84ب
وَعَرَفتُ مِن شُرُفاتِ مَسجِدِها حَجَرَينِ طالَ عَلَيهِما الدَهرُ
بَكَيا الخَلاءَ فَقُلتُ إِذ بَكَيا ما بَعدَ مِثلِ بُكاكُما صَبرُ
__________
(1) الحج 46
(2) ديوانه ، ص 12 ، ودرواية الديوان : أبكي عنده
(3) هو عمرو بن أحمر الباهلي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/189)
فذكر أنه وقف على دار مضمحلة دارسة ، لا يبين منهما إلاّ هذان (1) الحجران من شرفات المسجد ، وجعلهما باكيين مستوحشين ، فذكر أنه بكى لبكاهما ، والحجر لا يبكي على الحقيقة ، ولكنه على سبيل الاعتبار ، ووجه الاستدلال ، ومثل هذا كثير في كلامهم ، وربما كلموا البهائم ، واستنطقوها على هذا المعنى ، وجعلوها متكلمة ، قال غيره (2) : " من الكامل "
فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ
لما كانت حمحمته وازوراره بسبب ما أصابه من الطعن والجهد ، جعله بمنزلة الشاكي إليه ، والمكلم له ، وقال آخر (3) : " من الرجز "
شكا إلى جملى طُولَ السُرى
__________
(1) كتبت هذين
(2) لعنترة ، وهو من معلقته 0 ديوانه ، ص 126 0
(3) هو حازم القرطاجني ، وبعده : صَبرٌ جميلٌ فكلانا مبتلى 0 ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و رواية الديوان : يشكو(1/190)
وأما زجر الطير فإن الزاجر يستدل بما يرى من الزجر على الخير والشر من الطيرة وغيرها مما يكون من باب الفال والزجر ، فيكون له بمنزلة الوحي ، ويسمونه وحيا وكل شيء عبّر عن شيء ، ودلّ عليه / فقد كلمك، وأخبرك ، وأجابك، وأوحى 85 أ إليك ، وإن لم تكن دلالته إياك كلاما باللسان ، إنما هو وحي وإشارة من الدليل على المدلول ، واعتبار من الناظر ، واستدلال منه على حقيقة المدلول عليه ، كما يستدل بالكلام على مراد المتكلم ، فهذا ما جاء في الوحي ، وأصله كله الإلهام بهذه الأسباب ، دون التصريح بالكلام ، وسئل بعض العلماء عن الوحي ، فقال : قذف في القلوب ، وقرع في الأسماع ، وحركة كحركة السلسلة ، وروت عائشة أن الحارث ابن هشام (1) سأل رسول الله عن الوحي ، فقال له : كيف يأتيك الوحي ، فقال عليه السلام : ( أحيانا يأتينِي في مثلِ صلصَلةِ الجَرَسِ ، وهو أشدُّ عليَّ ، فينفَصِمُ عني وقد وعِيتُ ، وأحيانا يتمثلُ في الملَك ، فيكلمُني ، فأعِي ما يَقول) (2) ، وقالت عائشة : ( لقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد ، فينفَصِمُ عنه ، وإنّ جبينه ليرفَضُّ عرقا ) (3) 0
__________
(1) الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، يكنى أبا المغيرة، وقيل أبا عبد الرحمن ، كان شريفاً مذكوراً أسلم يوم الفتح. استأمنت له أمّ هانىء بنت أبي طالب فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم وخرج إلى الشام فقتل باليرموك سنة خمس عشرة، وقيل مات بالشام في طاعون عمواس المؤلفة قلوبهم وكان منهم. ثم إنه حسن إسلامه وخرج إلى الشام زمن عمر بن الخطاب راغباً في الجهاد، فخرج أهل مكة يبكون لفراقه فقال: إنها النقلة إلى الله وما كنت لأوثر عليكم أحداً فلم يزل بالشام إلى أن مات. الوافي بالوفيات ، ص 8867 / الموسوعة الشعرية
(2) النهاية في غريب الحديث ( فصم )
(3) نفسه ( فصم(1/191)
التنزيل : والتنزيل اسم من أسماء القرآن ، يقال : تنزيل ، كما يقال : قرآن ، وهو مأخوذ من قول الله تعالى: [ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ] (1) ، وقال : [ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ] (2) فهو / مشتق من نزل ، وأصله الانحدار من موضع رفيع ، والانحطاط منه ، 85ب ويدل على أن الله نزّله من عنده ، والله لا يوصف بالفوق والتحت ، ولكن على حسب ما وصف به نفسه في قوله : [اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ] (3) ، وقوله : [ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ] (4) ، والقرآن يدل على أن مسكن الملائكة في السماء ، قال الله : [لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا] (5) ، فهذا معنى التنزيل 0
__________
(1) الزمر 23
(2) الإسراء 106
(3) البقرة 29 ، فصلت 11
(4) السجدة 5
(5) الإسراء 95(1/192)
المثاني : وسماه الله مثاني في قوله : [كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ] (1) وإنما سمي مثاني لأن الأنباء والقصص ثُنِّيت فيه ، وقال آخرون : المثاني مشتقة من ذلك ، ثنيت الشيء إذا كررته ، وقال أبو عبيدة في قوله : [سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي] (2) مجازها سبع آيات من المثاني ، والمثاني هي الآيات ، فكأن معناها آتيناك سبع آيات من القرآن مثاني ؛ لأنه يتلو بعضها بعضا ، ثنيت الآخيرة على الأولى ، والمقاطع تفصل الآية بعد الآية ، حتى تنقضي السورة ، وهي كذا وكذا آية (3) ، وقيل : إنها فاتحة الكتاب ، سميت مثاني لأنها تثنى في كل ركعة ، قرئ في قوله [آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ ] (4) فنصب القرآن على الإعمال (5) ، كأنه قال : وآتيناك القرآن العظيم ، آتيناك الكتاب / وآتيناك سائر القرآن أيضا مع أم الكتاب ، ومن قرأ86أ بجر القرآن العظيم قوله : من المثاني ومن القرآن سبعَ آيات من المثاني ، وروي عن النبي عليه السلام ، وقُرئ عليه فاتحة الكتاب ، فقال : ( والذي نفسي بيده ما أنزلَ اللهُ في التوراةِ والإنجيلِ ، ولا في الزَّبُورِ والقرآنِ مثلَها ، إنها لَلسبعُ المثاني ، والقرآنُ الذي أوتيتُ ) (6) 0
المفصل : سمي مفصلا لأنه نظم نظما بالآيات ، فآية في الحلال ، وآية في الحرام ، وآية في القصص ، وآية في الناسخ ، ففصل بأنواع الأحكام والحدود ، يقال نظم مُفصل ، وقيل سمي مفصلا لأن الأحكام والسنن بُيِّنت فيه ، ففُصِّلت ، وقيل للسُبع الأخير المفصل ؛ لكثرة ما فيه من فصول السور ببسم الله الرحمن الرحيم 0
__________
(1) الزمر 23
(2) الحجر 87
(3) مجاز القرآن 1/354
(4) الحجر 87
(5) قراءة النصب هي قراءة الجمهور ، وقال أبو حيان في البحر المحيط ، ص 266: وقرأت طائفة بالخفض عطفا على المثاني ، ولم يذكر هذه الطائفة المكتبة الشاملة
(6) تفسير الطبري 17/138 / المكتبة الشاملة(1/193)
معنى المحكم والمتشابه والراسخين في العلم : قال الله تعالى : [كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ] (1) وقال : [كِتَابًا مُتَشَابِهًا] (2) وقال : [مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ] (3) فجعل بعضه محكما ، وبعضه متشابها ، وقال ابن عباس : المتشابه حروف المعجم ، وقال / أبو عبيدة : متشابها يشبه بعضه بعضا (4) ، ويصدق86ب بعضه بعضا ، وليس من الاشتباه ، وقال غيره هو من الاشتباه ، يقال : اشتبه عليّ الأمر إذا أشبه غيره ، ولم يكن يفرق بينهما ، ومنه قوله : [إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ] (5) ويقال شبهت عليّ التبست ، وشبهت الحق بالباطل ، ويقال لكل ما دق وغمض : متشابه لاشتباهه ، وإنما قيل لحروف القرآن متشابهة لالتباس معناها ، واشتباهه على الناس ، والمحكم معناه الواضح من الدين ، وأصله من الحكمة ، وقيل إنها العمل مع العلم ، فكأن المحكم من الآيات هي التي فيها الأمر والنهي واضحة المعاني ، قد علمها الناس ، وعلموا ما فيها ، كما أن الحكمة هو العلم مع العمل ، فأما في الآية الأخرى ، التي جعله الله محكما ، يعني أن القرآن كله محكم عند الله ، ألا ترى إلى قوله : [أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ] (6) أي أحكمها عنده ، وفصلها أي بينها لمن أراد ، فما هو معلوم عند الأمة معمول به ، فهو محكم ، وما اشتبه على الناس معناه مثل الحروف التي في أوائل السور ، / وغير ذلك فهو متشابه ، واختلفوا في الراسخين في العلم ، هل يعلمون87 أ المتشابه ؟ فقال قوم : يعلمونه ، وقال آخرون : لا يعلمونه ، فقال مجاهد في تفسير قوله : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ] (7) يعلمون تأويله ، ويقولون آمنا به ، وقال ثعلب : لا يعلم تأويله
__________
(1) هود 1
(2) الزمر 23
(3) آل عمران 7
(4) مجاز القرآن 1/86
(5) البقرة 70
(6) هود 1
(7) آل عمران 7(1/194)
إلاّ الله حسب ، والراسخون في العلم على الابتداء ، وروي عن علي عليه السلام أنه قال : ألا إن الراسخين في العلم الذين اعناهم الاقتحام على السرر ، المصرون دون العيوب الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : آمنا به ، كل من عند ربنا ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تأول ما لم يحيطوا به علما ، وسمى تركهم التَّعميق فيما لم يكلفهم البحث عنه رسوخا ، والراسخون في العلم واحدهم راسخ ، الثابت ، يقال : رسخ إذا ثبت ثبوتا لا يزول من مكانه ، مثل ثبوت الشجر النابت ، الذي لا يزول من مكانه ، يعني أن الراسخ في العلم ، هو الذي قد ثبت على مقدار ما يعلم ، ولا يتكلف ما لا يطيقه ، ولا يشك فيه ، إنه من عند الله ، وهو معنى الآية 0
الناسخ والمنسوخ : أصل النسخ في اللغة هو النقل ، / يقال : نسخ الكتاب 87 ب أي نقل ما فيه إلى كتاب آخر ، فكأن المنسوخ من القرآن هو نقل حُكمه من آية إلى آية ناقلة للحكم إلى نفسها ، وقيل : إنه على ضربين : منسوخ ومفسوخ ، فالمفسوخ ما كان عليه أهل الجاهلية ، مثل الجمع بين الأختين ، ونكاح نساء الآباء ، وغير ذلك مما نزل القرآن بتحريمه ونسخه ، فهذا هو مفسوخ ، ومنسوخ على جهة التخفيف ، مثل قوله : [اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ] (1) هو منسوخ بقوله : [فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ] (2) ، ومثله كثير 0
__________
(1) آل عمران 102
(2) التغابن 16(1/195)
التأويل : اختلف الناس في معنى التأويل ، فقال قوم : هو التفسير بعينه ، وقال آخرون : بل هو غير التفسير ، وسئل ثعلب عن التأويل ، فحكى عن ابن الأعرابي (1)
__________
(1) ابن الأعرابي : أبو عبد الله محمد بن زياد، المعروف بابن الأعرابي الكوفي صاحب اللغة؛ وهو من موالي بني هاشم، وقيل إنه من موالي بني شيبان، وقيل غيرذلك، والأول أصح، وكان أحول، راوية لأشعار القبائل ناسبا، وكان أحد العالمين باللغة المشهورين بمعرفتها، يقال لم يكن في الكوفيين أشبه برواية البصريين منه، وهو ربيب المفضل بن محمد الضبي صاحب المفضليات كانت امه تحته. وأخذ الأدب عن أبي معاوية الضرير والمفضل الضبي والقاسم بن معن ، والكسائي، وأخذ عنه إبراهيم الحربي وأبو العباس ثعلب وابن السكيت وغيرهم، وكان رأسا في كلام العرب، وكان يزعم أن أبا عبيدة والأصمعي لايحسنان شيئا، وكان يحضر مجلسه خلق كثير من المستفيدين ويملي عليهم؛ قال أبو العباس ثعلب: شاهدت مجلس ابن الأعرابي، وكان يحضره زهاء مائة إنسان، وكان يسأل ويقرأ عليه فيجيب من غير كتاب، ولزمته بضع عشرة سنة ما رأيت بيده كتابا قط، ولم ير أحد في علم الشعر أغزر منه. ومن تصانيفه كتاب النوادر وهو كبير، وكتاب الأنواء وكتاب صفة النخل وكتاب صفة الزرع وكتاب النبات وكتاب الخيل وكتاب تاريخ القبائل وكتاب معاني الشعر وكتاب تفسير الأمثال وكتاب الألفاظ وكتاب نسب الخيل وكتاب نوادر الزبيرين وكتاب نوادر بني فقعس وكتاب الذباب وغير ذلك، وأخباره ونوادره وأماليه كثيرة. وقال ثعلب: سمعت ابن الأعرابي يقول: ولدت في الليلة التي مات فيها الإمام أبو حنيفة وذلك في رجب سنة خمسين ومائة على الصحيح..وتوفي لأربع عشرة ليلة خلت من شعبان وقال الطبري في تاريخه: توفي يوم الأربعاء ثالث عشر الشهر المذكور سنة إحدى وثلاثين ومائتين بسر من رأى، وقيل سنة ثلاثين ومائتين، والأول أصح 0وفيات الأعيان 4/306 ـ 308(1/196)
أنه قال : التأويل والتفسير بمعنى واحد ، وهو معرفة الحقائق ، وهو العين والحقيقة والعاقبة ، وقال مَن فرق بينهما : التفسير هو ما روي عن المفسرين ، وللتأويل معان لطيفة لا يعلمها إلاّ العلماء المتفقهون ، وتأويل كل شيء ما يبدو في آخر أمره ، وما يكون من عواقبه ، هكذا في اللغة ، وتأويل الرؤيا هو الشيء الذي تؤول إليه / وأنشد لحميد بن ثور (1) : " من الطويل " 88 أ
فَقُلتُ علَيَّ اللَّه لا تَذعرنَِّها وَقَد أوَّلَتْ أَنَّ اللِّقاءَ قَريبُ
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و رواية الديوان :
فَقُلتُ علَيَّ اللَّه لا تَذعرانِها وَقَد بَشَّرَت أَنَّ اللِّقاءَ قَريبُ(1/197)
يصف ظبيتين مرّتا به تيمَّن بهما ، فنهى صاحبه عن رميهما ، وقوله : أولت فسّرت لنا بالعيافة ، وإنما مرتا به ، فزجرهما ، فصار عاقبة العيافة ، تدل على لقاء قريب ، والفرق بين التأويل والتفسير بيّن ، وهو أن يرى رجل رؤيا ، ويكون أعجميا ، لا يفصح ، فيجئ إلى معبر ، والمعبر فصيح اللسان عربي لا يفهم غيره ، فيترجم له مترجم ، فكلام الأول هو الرؤيا ، وكلام المترجم تفسير الرؤيا ، وكلام المعبر تأويل الرؤيا ، فصار بين كلام المعبر ، وكلام المترجم فرق ؛ لأن كلام المترجم هو التفسير ، وكلام المعبر هو التأويل ، والموئل الموضع الذي يأوي إليه صاحبه ، وهو الملجأ ، فيتحول من شيء يحذره إلى موضع يأمنه ، فكأن التأويل هو الشيء الذي يؤول إليه الإنسان من معنى التنزيل ، فيكون نجاة من الشك ، والشبهة ، والضلال ، فصار موئلا له وملجأ قد آل إليه عاقبة أمره وحقيقته ، والتأويل تفعيل من الأول ، يقال تأوّل تفعّل في الأول ، كأن الناظر في الشيء /والمتأوَّل له تعبير فيعرف حقيقته كيف كان أوله ، وإلى ما يؤول آخره ، قال88ب الله جل ذكره : [هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ] (1) أي أوّله إلى ما خلق وعوده إلى مأمنه بدأ ، لأن العواقب تعود إلى الأوائل ، قال الله : [كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ] (2) ، وقال : [كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ] (3) الآية 0
السورة : السورة همز ولا همز ، فمن همزها جعلها من أسأرت أي أفصلت فصلة ، ومجاز سورة مجاز قطعة من القرآن على حدة ، وفصلة منه ؛ لأنه جعلها من قولهم : أسأرت سورة أي أبقيت مما فضلت منه فضلة ، ومن لم يهمز جعلها من سور البناء ، أي منزلة بعد منزلة ، قال النابغة : " من الطويل "
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ (4)
__________
(1) الأعراف 53
(2) الأعراف 29
(3) الأنبياء 104
(4) ديوانه ، ص 18(1/198)
أعطاك سورة أي منزلة وفضيلة ورِفعة لا يلحقها أحد من الملوك ، وسور البناء مأخوذ من ذلك ؛ لأنه يُبنى ويرتفع ، ويقال : سُرت إليه : أي ارتفعت إليه ، وأنشد (1) : " من الرجز "
سُرتُ إِلَيهِ في أَعالي السورِ
00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000 (2)
/ فيه العلم والحكمة ، فهو ينز وينبع الماء من النجل 0 ... ... ... 91 أ
الزبور : كل كتاب يقال له زبور ، وهو مأخوذ من زبرت الكتاب أزبره إذا كتبته ، قال الله تعالى : [وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ] (3) ، والزُبُر جمع زَبُور ، وهو الكتاب ، قال الشاعر (4) : " من الطويل "
لمنْ طللٌ أبصَرْتُهُ فشَجَانِي كَخَطِّ زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي
يقال : زبرت الكتاب أزبره إذا كتبته 0
المدارسة : يقال : فلان يدرس الكتاب يقرأه ، قال الله : [وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ] (5) ، وقال أبو عبيدة (6) : مجازه من دراسة الكتب ، يقال : درست ودارست ، وقال الأخفش : المُدارس المذنب ، كأنه يدرس كتابه ، كأن الدرس أصله الإمحاء والطمس ، ومنه قيل : ربْع دارس ، وهو الذي قد انمحى أثره وذهب ، والكتاب الدارس الذي قد انمحى ، لأن الذي يدرس من الكتاب لا يزال يلزمه بالقراءة ، وإعادة النظر فيه ، ومسه بيده ، حتى ينمحي ما فيه ، ويندرس 0
__________
(1) للعجاج ، ديوانه ، ص 224
(2) الورقتان ( 89 ) ، ( 90 ) مفقودتان
(3) الشعراء 196
(4) البيت لامرئ القيس ، ديوانه ، ص 165 ، ورواية الديوان : كخط الزبور في العسيب اليماني
(5) الأعراف 169
(6) مجاز القرآن 1/232(1/199)
القراءة والتلاوة : / يقال : هو يُقرئ القرآن ، وكذلك يقرئ الكتاب ، لكل 91ب كتاب غير القرآن ، ويقرئ التوراة والإنجيل ، وغير ذلك ، وقال تعالى : [فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ ] (1) ، قال أبو عبيدة : مجازه تلوت بعضه في إثر بعض ، حتى يجتمع وينضم بعضه إلى بعض، ومعناه يصير إلى مثل التأليف (2) ، وأما التلاوة فهي الإتباع ، يقال : هو يتلو كتاب الله ، إذا قرأه واتّبعه ، قال الله : [ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ] (3) والتلاوة أخص من القراءة ، يقال : هو يُقرئ القرآن ، وغير القرآن ، ولا يقال يتلو إلاّ للقرآن ، فكأن الذي يتلو القرآن هو الذي يقرأه ويعمل بما فيه ، فيكون تابعا له ، والقرآن يكون سائقا له ، وقائدا ، فقوله : [يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ] أي يقرؤونه ويعملون بما فيه ، فيكونون (4) أتباعا للقرآن ، فالقرآن لهم بمنزلة إمام يقتدون به 0
الأساطير : قال الله تعالى : [أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ] (5) وواحد الأساطير سطرٌ ، ثم أسطر وسطور ، ثم الأساطير جمع الجمع ، والأساطير معناه الكتب ، قال الله : [وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ] (6) أي مكتوب 0
/ الفريضة : الفرض ما فرضه الله على خلقه ، أي أوجبه عليهم ، وهو92 أ في كلام العرب الحزّ ، يقال : لِحزِّ القدح فرض ، وكل حزٍّ فرض ، ويقال : فرض مسواكه يفرضه : إذا فرضه بأسنانه ، فأثّر فيه ، وفرض في القدح والسهم إذا حزّ فيه حزا يُعرف به الحد والمقدار ، فالفرض الحزُّ والعلامة والحد ، وسميت الفرائض فرائض ؛ لأنها أعلام وحدود بينت بمنزلة هذا الحز ، الذي جُعل حدا في القدح ، والفريضة الحد ، قال الجعدي : " الطويل "
__________
(1) النحل 98
(2) مجاز القرآن 1/3 ، وفيه : يصير إلى معنى التأليف ، وليس إلى مثل التأليف 0
(3) البقرة 121
(4) كتبت : فيكونوا
(5) الأنفال 25 ، 31 ، النمل 24 ، المؤمنون 83 ، الفرقان 5 ، النمل 68 ، الأحقاف 17 ، القلم 15 ، المطففين 13
(6) القمر 53(1/200)
... كانَت فَرِيضَةَ ما تقولُ كَما كانَ الزِناءُ فَرِيضَةَ الرَجمِ (1)
معناه : كما كان الرجم فريضة الزنا ، يعني الرجم حدّ الزنا ، ومنها الفُرض التي تُرقأ فيها السفن ، واحدتها فُرضة ، ومنه يقال : فرض له في العطاء يفرض فرضا وفريضة إذا بيّن له حدا ومقدارا من عطائه ، وقيل في معنى قوله :[ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ ٍ ] (2) إن الفارض المُسِنَّة ، سُمِّيَت بذلك لأنها انتهت إلى آخر الحدود ، فقيل لها فارض ، لأنه لا سنّ بعد/ ذلك ، والبكر أولها ، والفارض آخرها 0 92 ب
السُّنة : السنة السيرة ، والرسم الذي يرسمه الإنسان ، فيقتدي به مَن بعده ، وعلامة وطريقة ومثال بمثله يقتدى به ، وهي مأخوذة من سنن الطريق ، وهي المحجة الذي رسمها سالكو (3) الطريق ، فصارت عَلَما لمن بعدهم ، يهتدون بها ، وقال أبو ذؤيب : " الطويل "
فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها (4)
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وفيه: ما أتيت ، بدل ما تقول 0
(2) البقرة 68
(3) كتبت : سالكي
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/201)
وقال أبو عبيدة (1) في قوله : [ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ] (2) أي مضت من قبلكم أعلام ، وفي الحديث ( لتركبُنّ سنن مَن كان قبلكم ) (3) ، وقال عليه السلام : ( مَن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن يُنقص من أجرهم شيء ) (4) ، وتكون السنة الجري على العادة ، يقال : استن الفرس إذا جرى ، وكذاك استن البعير ، وإنما قيل للسنة في الدين سنة لأنها طريقة ، ومثال ، وسيرة وجهة / وعلامة ، ورسم من الأنبياء يهتدى به من بعدهم ، ومن أجل ذلك93 أ قال رسول الله : ( تارك سنتي ملعون ) ، أي مَن ترك طريقي ، وسيرتي ، وجعل السنة مقرونة بالكتاب ، لأن الكتاب فيه فرائض الله ، والسنة ما رسمه رسول الله صلى الله عليه 0
التطوع والنافلة : التطوع ما يتبرع به العبد من ذات نفسه مما لم يوجب الله عليه في الفرائض ، ولا رسول الله في السنن ، وهو دون السنة ، يفعله العبد تقربا إلى الله ، ويقال : تطوّع تكلّف استطاعته ، ومعناه الزيادة ، قال الله : [فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا] (5) ، ويقال : التَّطَوع مأخوذ من الطاعة ، وهو تَفَعُّلٌ منه ، والتطوع لا يثنى ، ولا يجمع ؛ لأنه مصدر ، والنافلة التفضل ، قال الله : [وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً] (6) ، يقال : إنه دعا بإسحاق ، واستُجيب له ، وزيد يعقوب ؛ كأنه تفضُّل من الله بلا دعاء ، وإن كان كلٌّ بتفضله ، ويقال : تنفلت إذا ابتدأت العطية من غير أن تجب عليك ، وقال لبيد : " من الرمل "
إِنَّ تَقوى رَبِّنا خَيرُ نَفَل (7)
__________
(1) مجاز القرآن 1/103
(2) آل عمران 137
(3) سنن الترمذي 8/92 ، مسند أحمد 44/268 / المكتبة الشاملة
(4) صحيح مسلم 13/162 ، سنن ابن ماجة 1/235 ، مسند أحمد 39/203 / المكتبة الشاملة
(5) البقرة 184
(6) الأنبياء 72
(7) ديوانه ، ص 142 وهو صدر بيت وعجزه : وَبِإِذنِ اللَهِ رَيثي وَعَجَل(1/202)
ويقال : النفل الفضل ، وجمع النافلة نوافل ، والنفل الذي / يؤخذ بعد الغنيمة 93 ب ومنه قيل لصلاة التطوع نافلة ، وقال أبو عبيدة (1) في قوله : [وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ] (2) أي نفلا وغنيمة ، فكأن النافلة صلاة يصليها العبد ابتداء من غير أن تكون فريضة عليه من الله ، ولا سنة من رسوله ، فهي غنيمة له ، وكذلك سائر الأعمال من البر إذا فعله العبد ابتداء فهو تطوع ونافلة ، وهوتفعُّل من الطاعة ، وهو غنيمة له عند الله تعالى 0
الطهارة والاغتسال والجنابة والوضوء : الإطهار الاغتسال ، قال الله تعالى : [ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا] (3) وقال : [ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ] (4) قال أهل التفسير : هو الاستنجاء بالماء ، والتطهر أصله التنزه عن الاثم ، وعما لا يحل ، ولا يجمل ، ويقال : فلان طاهر الثياب ، أي لا دنس في أخلاقه ، وأنشد (5) : " من الطويل "
ثِيابُ بَني عَوفٍ طَهارى نَقِيَّةٌ وَأَوجُهُهُم عِندَ المُشاهِدِ غِرّانِ
__________
(1) مجاز القران 1/389
(2) الإسراء 79
(3) المائدة 6
(4) التوبة 108
(5) لامرئ القيس ، ديوانه ، ص 167(1/203)
وقال المفسرون في قوله : [وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ] (1) يعني قلبك ، والطهور اسم الماء ، وكل ما ينظف طهور ، والتوبة / طهور المذنب ، ويقال : طهرت المرأة من 94 أ حيضها ، وطهرت إذا انقطع عنها الحيض ، وتطهرت إذا اغتسلت ، والرجل الطاهر المتبرئ من الذنوب ، والأمور التي تدنسه ، قال الله تعالى : [إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ] (2) الآية ، والجنابة ، تقول : هو جنب ، وهي جنب ، وهما جنب ، وهم جُنب ، الواحد والاثنان والجمع ، والذكر والأنثى ، لفظ واحد ، وقد يجوز أن تجمع في غير القراءة ، وقيل في قوله : [ وَالْجَارِ الْجُنُبِ ] (3) يعني الغريب ، تقول : لا تأتينا إلاّ عن جنابة ، أي عن بُعد ، قال الأعشى : " من الطويل "
... أَتَيتُ حُرَيثاً زائِراً عَن جَنابَةٍ وَكانَ حُرَيثٌ عَن عَطائِيَ جامِدا (4)
وفي قوله : [ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ ] (5) أي عن بُعد ، وإنما قيل له جنب إذا لم يكن طاهرا ، لأن النجس بعيد من الله ، فسمي جنبا لذلك ، والوضوء معناه النظافة والحُسن ، يقال : فلان وضيء الوجه أي حسنه ، ونظيفه ، وإذا كان/ لوجهه 94ب بريق من الحسن ، قيل : فلان ظاهر الوضاءة ،أي الحسن ، وكان النبي عليه السلام ظاهر الوضاءة ، فإذا غسل الرجل أطرافه ، ذهب الدنس واستنارت ، فيقال : توضأ ، والوُضوء بضم الواو مثل الوُقود ، وهو ايقاد النار ، والوضوء هو الماء الذي يُتوضأ به ، مثل الوَقود ، وهو الحطب الذي تتوقد به النار 0
__________
(1) المدثر 4
(2) الأحزاب 33
(3) النساء 36
(4) ديوان الأعشى الكبير ، ص 101
(5) القصص 11(1/204)
الاستنجاء والمضمضة والاستنشاق : الاستنجاء أصله التمسح بالأحجار ، ثم سمي غسل الأسافل استنجاء ، وهو مشتق من النجوة ، والنجوة ما ارتفع من الارض ، كان أحدهم إذا أراد أن يقضي حاجته استتر بنجوة ، أي موضع مرتفع ، فقالوا : ذهب ينجو ، كما قالوا ذهب يتغوط ، أي أتى الغائط ، وهو ما اطمأن من الأرض ، فمن مسح الحدث بالحجارة دون الماء، وأخذ من الجمار ، والجمار الحجارة ، وهكذا السنة فيه 0
والاستنشاق والاستنثار ، هو أن يجعل الماء في أنفه ، وأصل الاستنشاق الشمّ ، كأنه إذا جعله في أنفه ، فقد شمه ، قال جرير (1) : " من الكامل "
/ قالتْ فدتكَ مجاشع واستنشقتْ منْ منخريهِ عصارةَ الكافور 95أ
استنشقت معناه شمت ، وهو من النشوق ، وهو أن يجذب الدهن بالريح والنَّفَس ،
والاستنثار، قال ثعلب : أُخذ من النثرة ، وهي الأنف ، والمضمضة هو أن يحرك الماء في فيه ، ويضغطه ضغوطا ، وأصله من المضّ ، يقال : مضّه هذا الأمر ، ومضمضه إذا ضغطه 0
التيمم : قال الله : [فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا] (2) ، والصعيد التراب الطيب ، والتيمم أن يمسح التراب ، ثم يمرّ يديه على وجهه وذراعيه ، وهو مأخوذ من أمّ يؤمّ بمعنى قصد يقصد ، يقال : أمه إذا قصده ، والأمم القصد ، وقال الكسائي : تيمموا معناه تعمدوا ، والتيمم : التعمد 0
الأذان : معناه الإعلام ، يقال : أذنتك بهذا الأمر : أي أعلمتك ، قال الله تعالى : [فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ] (3) ، واعلموا واستيقنوا ، قال الحارث بن حلزة : " من الخفيف "
آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ (4)
__________
(1) ديوانه ، ص 148 ، ورواية الديوان : 0000 فاستنشقت من منخريه عصارة القفور 0
والقفور : الكافور
(2) النساء 43 ، المائدة 6
(3) البقرة 279
(4) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/205)
/ وقال أبو عبيدة (1) في قوله : [وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ] (2) مجازه : وعلم من الله 95 ب ورسوله ، أي كونوا على إذن أي علم منهما ، ولهذا سمي الأذان ، وهو الإعلام بالصلاة ، ويقال : استأذنته : استعلمته ، وهو مأخوذ من الأذن ، كأنه قال قولا فسمعه بأُذنه ، فالمؤذن ينادي بنداء ، فيقع في آذان الناس ، يعلمهم به ، أي وقت الصلاة قد حان ، وأن الصلاة قد حضرت ، والإقامة هو الأذان الثاني ، إلاّ أنه سمي بذلك ؛ لأنه في الأذان الأول يعلِمهم بالصلاة ، وفي الأذان الثاني ينهضهم ، ويقيمهم للاصطفاف للصلاة ، بقول قد قامت الصلاة ، كأن هذا الفعل من المؤذن يقيمهم إقامة ، فهو مصدر أقامة يقيمه إقامة ، كما أن الأذان مصدرأذّن يؤذِّن أذانا ، وفي الأذان حيَّ على الصلاة ، حَيَّ هو حثّ وتحريض ، يقال : حَيَّ إلى كذا وكذا أي أعجل ، وحي هلا أي أسرع وأعجل ، قال لبيد : " من الرمل "
يَتَمارى في الَّذي قُلتُ لَهُ وَلَقَد يَسمَعُ قَولي حَيَّ هَل (3)
معناه : حي هلا ، أي أعجل وأسرع ، وقول : حيَّ على الفلاح ، الفلاح البقاء
/ أي أعجلوا إلى الفلاح ، يعني المصلين ، أي يدخلون الجنة ، فيبقون فيها 96 أ مخلدين ، قال الله : [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ] (4) يعني أنهم يصيرون إلى دار البقاء خالدين ، والفلاح البقاء ، قال الشاعر (5) : " من الطويل "
وَإِنَّ اِمرَأً يَرجو الفَلاحَ وَقَد رَأى هُدى الحي قد ماتوا وفاتوا لعَاجزُ
ويقال أيضا : الفلاح الرشد والخير ، ومنه قيل لمن طلب الخسارة : لا يفلح ، أي لا يطلب الرشد ، قال لبيد : " من الرمل "
__________
(1) مجاز القرآن 1/ 252
(2) التوبة 3
(3) ديوانه ، ص147
(4) المؤمنون 1
(5) صدر هذا البيت ورد في ديوان لبيد ، ص134 ، ولكن العجز غير العجز ، وبيت لبيد هو :
فَإِنَّ اِمرَأً يَرجو الفَلاحَ وَقَد رَأى سَواماً وَحَيّاً بِالأُفاقَةِ جاهِلُ(1/206)
وَلَقَد أَفلَحَ مَن كانَ عَقَل (1)
أي صاحب خيرا ورُشدا ، والفلاح السحور ، والفلاّح الأكّار ؛ لأنه يفلح الأرض ، أي يشقها ، والفلاّح المكاري ، والتثويب إعادة القول مرتين ، والمثوب الذي يدعو دعاء بعد دعاء 0
أوقات الصلاة : الفجر مأخوذ من انفجار الصبح إذا بدأ وامتد وظهر ، وانفجر الجرح إذا بدا منه الدم والمِدَّة ، وهما فجران ، يقال لأحدهما : الفجر الكاذب ، وهو الأول ، الذي يبدو مثل ذنب السرحان ، والسرحان الذئب / يشبه بذلك لأنه 96 ب يبدو وهو مستطيل ، وليس طلوع هذا الفجر بوقت الصلاة ، ولا يحرم عند طلوعه السحور للصائم ، لأن الليل يعود في الظلام ، ثم يطلع الفجر الصادق ، وإنما سمي صادقا لأنه يلزم بالبياض ، ثم لا تعود الظلمة ، وسمي بذلك لأنه يصدق عن البياض ، ويكشف الظلمة ، وقال الله تعالى : [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ] (2) قال أهل التفسير : سواد الليل ، وبياض النهار ، وبيّن أبو دؤاد الإيادي ذلك في قوله : " من المتقارب "
فَلَمّا أَضاءَت لَنا سُدفَةٌ وَلاحَ مِنَ الصُبحِ خَيطٌ أَنارا (3)
__________
(1) ديوانه ، ص 144 ، وهو عجز بيت ، وصدره : اِعقِلي إِن كُنتُ لَمّا تَعقِلي
(2) البقرة 187
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/207)
وقال عدي بن حاتم (1) : لما نزلت هذه الآية ، عمدت إلى عقالين : أحدهما أبيض ، والآخر أسود ، فجعلت أنظر إليهما ، ولأبينن لي الأبيض من الأسود ، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله عليه السلام ، فأخبرته بالذي صنعت ، فقال لي : (إن كان وسادُكَ لعريضًا إنما ذاك سوادُ الليل من بياضِ النهار) (2) 0
__________
(1) عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد. أبو طريف الطائي. ولد حاتم الجود. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكرمه، في شعبان سنة عشرة. ثم قدم على أبي بكر الصديق بصدقات قومه في حين الردة؛ ومنع قومه وطائفة معهم من الردة بثبوته على الإسلام، وحسن رأيه. وكان سرياً شريفاً تفي قومه، خطيباً حاضر الجواب، فاضلاً كريماً. قال: ما دخل وقت صلاة قط إلا وأنا اشتاق إليها! وقال: ما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قط إلا وسع لي أو تحرك! ودخلت يوماً عليه في بيته وقد امتلأ من أصحابه فوسع لي حتى جلست إلى جنبه. وتوفي رحمه الله سنة سبع وستين للهجرة وهو ابن ماية وعشرين سنة. وروى له الجماعة. وسكن الكوفة وبها توفي. وشهد الجمل مع علي وصفين والنهروان، وفقئت عينه يوم الجمل. وروى عنه جماعة كثيرون من البصرة والكوفة. الوافي بالوفيات ، ص 16410 ـ 16411
(2) الوِساد والوِسادَةُ: المِخَدَّةُ، والجمع وسائِدُ وَوُسُدٌ. ابن سيده وغيره: الوِسادُ المِتَّكَأُ وقد تَوَسَّد ووَسَّدَه إِياه فَتَوسَّد إذا جعَله تحت رأْسه ، وفي الحديث: قال لعدِيّ بن حاتم: إِنَّ وِسادَكَ إِذَنْ لَعَرِيضٌ؛ كَنى بالوِسادِ عن النوم لأَنه مَظِنَّته، أَراد أَن نومك إِذَنْ كثير، وكَنى بذلك عن عِرَضِ قفاه وعِظَمِ رأْسه0 اللسان ( وسد ) ، النهاية في غريب الحديث ( وسد ) 0(1/208)
... والظهر : مأخوذ من الظهيرة ، والظهيرة شدة الحر ، ويقال : قام قائم الظهيرة ، إذا انتصف النهار ، واشتد الحر / وذلك عند زوال الشمس ، وهو97أ أول صلاة الظهر، قال الله تعالى : [وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ] (1) ، ويقال لها الصلاة الأولى ، لأنها أول صلاة صلاّها النبي عليه السلام ، وأما الزوال فإن الشمس ترتفع حتى تبلغ خط وسط السماء من خط المشرق ثم تميل بشخطة إلى خط المغرب ، فيسمى انحطاطها زوال الشمس ؛ لأنها زالت عن حال الارتفاع إلى الانحطاط ، وزعم بعض الناس أن لها في الجو وقفة ، وهو قول غير صحيح ، ومن أجل ذلك قالوا : قام قائم الظهيرة ، وقالوا : صام النهار معناه قام ، يعنون وقفة الشمس ، وأنشد (2) : " من الطويل "
إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا
وقال آخر (3) : " من البسيط "
وَالشَّمْسُ حَيْرَى لَها في الجَوِّ تَدْوِيمُ
وهذا مستحيل ؛ لأن الشمس دائمة الجري في فلكها ، والفلك دائم الجري بها ، ولا وقفة هنالك ، ولكنهم قاسوا بالظل ، والفيء والظل ما نسخت الشمس ، وهي بالغداة إلى وقت الزوال ، والفيء يكون بعد الزوال ؛ لأنه فاء من جانب إلى جانب ، أي رجع ، قال حميد بن ثور (4) : " من الطويل "
/ ... فَلا الظِلّ مِنها بِالضُّحى تَستَطيعَهُ وَلا الفيءَ مِنها بِالعشي تَذوقُ 97 ب
__________
(1) النور 58
(2) لامرئ القيس ،ديوانه ، ص 63 ، والبيت بتمامه : فَدَع ذا وَسَل لا هُمَّ عَنكَ بِجِسرَةٍ ذُمولٍ إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا
(3) هذا هجز بيت لذي الرمة ، وصدره : مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْرَاضِ يَرْكُضُهُ
ديوانه/ الموسوعة الشاملة
(4) ديوانه / الموسوعة الشاملة(1/209)
فالظل من وقت طلوع الشمس إلى وقت الزوال ينقص ، فإذا زالت الشمس عن خط وسط السماء أخذ الظل في الزيادة إلى وقت غروبها ، وكأن الظل بين الزيادة والنقصان وقوفا قليلا ، فحكموا بوقفة الشمس ، وهذا خطأ ؛ لأن الشمس دائمة الجري ، والفلك يتحرك بها حركة مستديرة ، فهي وإن كانت عندنا في وقت هابطة ، وفي وقت صاعدة ، فهي في ذاتها على حال واحدة ، لا صعود هنالك ، ولا هبوط ، لأنها في كل بقعة من بقاع الأرض في الجو ، وربما كانت في إقليمنا طالعة ، وفي إقليم آخر غاربة ، وفي إقليم آخر في وسط السماء ، فهي لا تغيب عن قوم إلاّ وهي طالعة على آخرين ، وقرئ : [ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا] (1) وقُرِئ [ لا مستقر لها ] (2) ، فهي لا مستقر لها ، دائمة الجري لمستقر لها عند انقضاء أمر الدنيا ، فيبطل جريها حينئذ ، فتكون قد استقرت 0
والعصر من الأوقات هو آخر النهار إذا ذهبت الشمس بالاصفرار ، ودنت للغروب وقت الإمساء ،/ قال الحارث (3) : " من الخفيف " ... ... ... ... 98أ
آَنَسَت نَبأةً وَأَفزَعَها القَ نّاصُ عَصراً وَقَد دَنا الإِمساءُ
فقيل لها صلاة العصر ؛ لأنها تُصلى في آخر النهار ، ويقال للغداة والعشي : العصران ، وفي الحديث عن فضالة الزهري (4)
__________
(1) يس 38
(2) نسب ابن خالويه هذه القراءة للنبي عليه السلام ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعكرمة 0 مختصر في شواذ القرآن ، ص 126
(3) هو الحارث بن حلزة 0 ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(4) هذا الحديث رواه فضالة الليثي ، وقال فيه ابن عبد البر: اختلف في اسم أبيه فقيل: فضالة بن عبد الله، وقيل: فضالة بن وهب بن بحرة بن يحيى بن مالك الأكبر الليثي، وقال بعضهم: الزهراني فأخطأ، والزهراني غير الليثي؛ الزهراني تابعي. يعد فضالة الليثي في أهل البصرة، حديثه عن النبي عليه السلام أنه قال: حافظ على العصرين؛ يعني الصبح والعصر. انظر الوافي بالوفيات / الموسوعة الشعرية 0
وأظن أن المؤلف أراد الزهراني ، وليس الزهري 0(1/210)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حافظ على العصرين ) (1) ، قال فضالة : ولم يكن ذلك من العشاء ، فقلت : يا رسول الله وما العصران؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها ، وإنما قيل لها عصران ، سميت بأعرف الاسمين ، كما قالوا العمران ، والصلاة الوسطى هي العصر ، وقال آخرون : الظهر ، وهو زيد بن ثابت (2) ، وقيل : الفجر ، وقيل : المغرب 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث ( عصر )
(2) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد أبو سعيد، ويقال أبو حارثة، الأنصاري الخزرجي النجاري المدني الفرضي، أحد كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتمد عليه أبو بكر وعمر وعثمان في جمع القرآن وكتبة المصاحف، وتحاكم إليه عمر وأبيّ بن كعب في منزله، وكان مع عمر لما خطب بالجابية، وتولّي قسمة الغنائم باليرموك، وشهد الدار مع عثمان وكان يذبّ عنه، والقراءة، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: الناس، على قراءة زيد وفرض زيد. وتوفّي بالمدينة سنة إحدى أو اثنتين أو أربع أو خمس أو ستّ وخمسين، وقيل سنة خمسة أو ثمان وأربعين، وصَلى عليه مروان، وارتجّت المدينة لموته 0 الوافي بالوفيات ، ص 11520 / الموسوعة الشعرية(1/211)
والهاجرة وقت الزوال ، ومن بعده الإبراد ، ثم بعد ذلك الأصيل ، ثم بعد ذلك العصر ، إلى أن تطفل الشمس ، ثم الطفول ، والطفول إذا طفلت الشمس للمغيب ، والجنوح إذا جنحت الشمس للمغيب ، وقال أبو عبيدة (1) في قوله : [بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ] (2) / واحدها أصل ، والأصل جمع الآصال ، وهو ما بين العصر إلى 98ب المغرب ، وقال أبو قلابة (3) ، وسعيد بن جبير : سميت العصر لكي تعصر ، ذهبا في ذلك إلى تأخيره ، والعصر في وجه آخر الدهر ، يقال : في عصر كذا ، وكان ذلك في ألأعصار الخالية ، قال امرؤ القيس : " من الطويل "
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي (4)
ويقال : عصرت الشيء : حبسته ومنعته ، ويقال : العصر أيضا المنجاة ، في قوله : [وَفِيهِ يَعْصِرُونَ] (5) أي ينجون ، ويقال للصلاة بعد غروب الشمس صلاة المغرب ، لأنها تقام عند غروب الشمس ، ويقال لها أيضا صلاة عشاء الأولى ، والتي بعدها العشاء الآخرة ، والعِشاء بكسر العين ممدودة ، وهو اسم للوقت ، والعَشاء بالمد والفتح اسم للطعام الذي يؤكل في ذلك الوقت ، وقيل للذي لا يبصر بالليل أعشى ، وللمرأة عشواء ، وفي عينه عشوة أي ظلمة ، ويقال : أوطأه عشوة ، والعامة تقول : أعطاه عشوة ، وهو خطأ ، إنما هو / أوطأه إذا 99أ حمله على أمر مظلم ملبس عليه ، ثم ينكشف له من بعد عن خلاف ما قدره ، ورأى في عواقبه ما يكره بمنزلة الأعشى الذي يطأ كل ما مرّ به ، فربما وطئ الهوام فلسعته ، والشوكة فشاكته ، قال زهير : " الطويل "
__________
(1) مجاز القرآن 1/239
(2) الأعراف 205 ، الرعد 15 ، النور 36
(3) أبو قلابة الجرمي ؛ واسمه عبد الله بن زيد، من الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة ؛ وكان فقيهاً عابداً طلب إلى القضاء فهرب إلى الشأم وأقام به. توفي سنة 104 هـ 0 النجوم الزاهرة ، ص 257 / الموسوعة الشعرية
(4) ديوانه ، ص 122 ، وهو عجز بيت ، وصدره : أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي
(5) يوسف 49(1/212)
... رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر وَيَهرَمِ (1)
العشواء : التي تخبط بقوائمها كل شيء لا يتوقى منه ؛ لأنها لا تبصره ، ويقال للعشاء الآخرة : العتمة ، ومعنى العتمة الإبطاء ، كأنّ العشاء الأولى عُجِّل بها ، والعشاء الآخرة أُبطئ بها ، والعاتم المُبطئ ، والمُعتم أيضا ، ويقال : قد عتم قِراه أي أبطأ وأعتم إذا أخّره ، قال الشاعر (2) : " من الطويل "
فلما رأينا أنَّه عاتمُ القِرى بخيلٌ ذَكرنا ليلةَ الهَضْبِ كَرْدَما
ويقال : ضربه فما أعتم ، أي ما احتبس ، وقعد فلان قدر عتمة الإبل ، أي قدر احتباسها في عشائها ، وكره قوم أن يقولوا العتمة ، وقالوا : أول مَن سماها العِتمة الشيطان / وروي عن النبي صلى الله عليه أنه قال : ( لا تغلبنكم الأعراب 99 ب عن اسم صلاتكم ، فإنّ اسمها العشاء ، وإنما تعتم لحلاب الإبل ) (3) ، قوله تُعتم لحلاب الإبل ، يعني أنه من عتمة الليل ، وعتمة الليل ظلامة ، وأعتموا إذا دخلوا في ظلمة الليل ، مثل أشملوا إذا دخلوا في الشمال ، وأجنبوا إذا دخلوا في الجنوب ، وكانوا يلبون الليل ، ويسمون تلك الحلبة العتمة ، وسموها باسم عتمة الليل ، وهو ظلامه ، والاسم لحلاب الابل ، لا للصلاة 0
__________
(1) شرح ديوان زهير ، ص 29
(2) البيت لسماعة بن أشول ، انظر : عيون الأخبار 3/261 ، وله ترجمة في الأغاني
(3) صحيح البخاري 2/401 ، صحيح مسلم 3/355 / المكتبة الشاملة(1/213)
الصلاة : الصلاة في كلام العرب الدعاء ، والصلاة الرحمة ، والصلاة الاستغفار ، ولذلك وجوه ، أمّا الدعاء فيقول الله تعالى : [وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ] (1) قيل في التفسير ادع لهم ، ومنه الصلاة على الجنازة ، وهو دعاء للميت ، ومنه الحديث : ( إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان مفطرا فليطعم ، وإن كان صائما فليُصل ) (2) ، معناه فليدع بالبركة والخير ، قال الأعشى : " من البسيط "
/ ... تَقولُ بِنتي وَقَد قَرَّبتُ مُرتَحَلاً يا رَبِّ جَنِّب أَبي الأَوصابَ وَالوَجَعا 100أ
... عَلَيكِ مِثلُ الَّذي صَلَّيتِ فَاِغتَمِضي يَوماً فَإِنَّ لِجَنبِ المَرءِ مُضطَجَعا (3)
__________
(1) التوبة 103
(2) السلسلة الصحيحة ـ الألباني 3/417 ، صحيح وضعيف الجامع ـ الألباني 2/ 38 ، 39 ، 40 ، 41 / المكتبة الشاملة
(3) ديوان الأعشى الكبير ، ص 137(1/214)
يعني عليك مثل الذي دعوت لي ، وقال أبو عبيدة (1) في قوله تعالى : [أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ] (2) قال : ترحّم من ربهم ، وقال : [ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ] (3) ، قال أهل التفسير : إنّ الصلاة من الله رحمة ، ومن الملائكة استغفار ، ومن المؤمن دعاء ، وفي الصلاة معنى آخر من جهة اللغة ، تكون الصلاة من التصلية ، يقال : صليت العود إذا ليّنته بالنار ، وهو أن يدني العود اليابس من النار ، فإذا أصابه حرّ النار جرى فيه الماء ولان ، فسهل تقويمه ، وتسويته ، فالصلاة التي يصليها العبد مأخوذة من هذا ؛ لأن العبد إذا قام بين يدي الله تعالى أصابه من / معروفه ورحمته وخشيته ، 100 ب فيلين ويستقيم اعوجاجه ، ويخشع ويتواضع له جلّ ذكره ، ويقال في معنى آخر : فرس سابق ، وفرس مُصَلّ ، فالسابق المتقدم ، والمُصلي الذي يجيء على إثر السايق ، وإنما قيل له مصلي ؛ لأنه يجيء ورأسه عند صلى السابق ، فسميت صلاة ، لأن المصلي يتبع فعل مَن تقدمه ، فالنبي عليه السلام سبق الناس في هذا الفعل ، وهو أول مَن صلّى ، وأمر المسلمين بالصلاة ، وتقدم فصلى بهم ، فكان هو السابق ، وهم المصلون 0
الركوع : معناه الانحناء ، يقال إذا انحنى ظهره فقد ركع ، قال لبيد : " من الطويل " ...
أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت أَدِبُّ كَأَنّي كُلَّما قُمتُ راكِعُ (4)
والركوع معناه التطامن والتواضع ، وقال آخر (5) : " المنسرح "
لا تهين الفقيرَ علَّكَ أنْ تركعَ يوماً والدهرُ قدْ رَفَعَه
__________
(1) مجاز القرآن 1/61
(2) البقرة 157
(3) الأحزاب 56
(4) ديوانه ، ص 82
(5) البيت للأضبط بن قريع ، انظر : المفصل، ص 332 ، خزانة الأدب 11/450(1/215)
تركع معناه تخشع وتتواضع ، فقيل لمن حنى ظهره في الصلاة : ركع ، لأنه يريد بذلك التذلل والتواضع لله ، ويجوز أن يسمى الراكع ساجدا إلاّ أنه لا يستعمل في الصلاة ، لأن الركوع هو التطامن /والسجود هو التذلل ، والركعة الفعْلَة0 101 أ
السجود : السجود التطامن ، والسجود الإسلام ، تقول العرب : سجدت النخلة إذا مالت وانحنت ، ويقال : سجد البعير : إذا طأطأ رأسه ، ووضح جِرانه على الأرض ، ويقال : سجد له ، أي طأطأ رأسه وانحنى ، وسجد إذا وضع جبهته بالأرض ، والسجود أشدّ تطامنا وانحناء من الركوع ، وأصله التواضع ، قال زيد الخيل : " من الطويل "
... بِجَيشٍ تَضِلُّ البُلقُ في حَجَراتِهِ تَرى الأُكمَ فيه سُجَّداً لِلحَوافِرِ (1)
يقول : تخشع الأكم وتهبط لمّا تعفرها الخيل بحوافرها 0
التشهد والتحيات : التشهد أتخذ من الشهادتين ، كأنه يفعل به ؛ لأن الجالس في التشهد يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، والتشهد مصدر تشهد يتشهد تشهدا ، كما تقول : تعلم يتعلم تعلما ، فالتشهد فعل المُتشهِّد ، كما أن التَّعلم فعل المُتعلم ، ويقال في التشهد : التحيات لله ، وواحد التحيات تحية ، والتحية المُلك ، قال الشاعر (2) : " مجزوء الكامل "
مِن كُلّ ما نال الفتى قد نلتُه إلا التحيّة
فالتحية : البقاء ، وقيل : المُلْك ، قال الشاعر (3) : " الوافر "
/ ... أَسيرُ بهِ إلى النعمانَ حتَّى أنيخَ على تحيتهِ بجند 101 ب
وإنما قيل للملك تحية ، لأن الملك كان يُحيا ، فيقال له : أنعم صباحا ، وأبيت اللعن ، ولا يقال أبيت اللعن لغيره ، فقولهم : التحيات لله معنها الممالك لله ، وعلى المعنى الآخر : البقاء لله 0
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و رواية الديوان : ترى الاكم منه
(2) البيت لزهير بن جناب الكلبي ، انظر : الأغاني 19/ 22 0 ،خزانة الأدب 5/299 ، وفيهما : ولكل ما نال 00
(3) البيت لعمرو بن معديكرب ، ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/216)
القنوت : القنوت أصله القيام ، ويقال لمن يدعو في الصلاة وهو قائم : قانت ، وقيل للدعاء قنوت ، وسئل النبي عليه السلام عن أفضل الصلاة ، فقال : (طول القنوت ) (1) يعني طول القيام ، والدعاء بعد الركوع في الصلاة يسمى قنوتا ، كأنه سمي باسم القيام ، كما سمي الشيء باسم غيره إذا كان منه بسبب ، وقيل للإمساك في الصلاة قنوت ؛ لأن الإمساك عن الكلام يكون في الصلاة ، لا يجوز لأحد أن يأتي فيها بغير القرآن ، قال زيد ابن أرقم (2) :
__________
(1) صحيح مسلم 4/131 ، سنن الترمذي 2/143
(2) زيد بن أرقم أبو عمرو، ويقال أبو عامر، ويقال أبو سعيد، ويقال أبو سعد، ويقال أبو أُنيسة،الأنصاري الخزرجي ، غزا مع الرسول سبعة عشرة غزوةً، وكان يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة، فخرج به ابن رواحة إلى غزوة مؤتة يردفه على رحله، وشهد مع عليّ المشاهد، وسكن الكوفة، وهو أحد الذين استصغرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحُد فردَهم، وعاد النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم من رمدٍ به وأخبره أنّه يعمى بعده فعمي، ثم ردّ الله عليه بصره، وهو الذي أنكر على يزيد نَكْتَهُ بالقضيب ثنايا الحسين، وتوفي سنة ست أو ثمان وستّين..الوافي بالوفيات ،ص 11517 /الموسوعة الشعرية(1/217)
كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : [وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ] (1) فأُمرنا بالسكوت ، ونُهينا عن الكلام ، والقنوت الإقرار بالعبودية ، كقوله : [كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ] (2) أي مقرون بالعبودية ، والقنوت الطاعة ، قال الله تعالى : [الْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ] (3) يعني المطيعين / والمطيعات،وقال: [إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ 102 أ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ] (4) أي مطيعا له ، وقيل القنوت هو الإخلاص لله ، وإنما قيل له قنوت ؛ لأن المخلص لله يدعوه بالنية الصادقة ، ويترك الاشتغال بغيره ، وإظهار الخشوع له ، والرغبة إليه ، ويدل على ذلك قول النبي عليه السلام حين سئل عن أفضل الصلاة ، فقال : (طول القنوت ) (5) ، لم يرد به القيام دون الدعاء والقراءة ، لأن القانت قد يكون قانتا وهو غير قائم ، قال الله تعالى : [أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا ] (6) سماه قانتا في حال سجوده ، كما سماه قانتا في حال قيامه ، والإخلاص يشتمل على كل ما ذكرناه من معنى القنوت 0
الوِتر : الوتر الفرد ، وهو ضد الشفع ، قال الله تعالى : [وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ] (7) وقال بعض أهل التفسير : الشفع يوم النحر ، والوتر عرفة ، والوِتر يكون ثلاثة ، والشفع أربعة ، وصلاة الوتر ثلاثة أجود من الركعة الواحدة ، لأنها منفردة ليس معها غيرها ، فتكون شفعا ، وقيل : إنّ الواحدة أفضل بانفرادها عن الركعتين ، ويقال : أوتر الرجل إذا صلّى الوتر 0
__________
(1) البقرة 238
(2) البقرة 116 ، الروم 26
(3) الأحزاب 35
(4) النحل 120
(5) صحيح مسلم 4/131 ، سنن الترمذي 2/143/ المكتبة الشاملة 0
(6) الزمر 9
(7) الفجر 3(1/218)
التكبير والتسبيح والتهليل والتهجد : والتكبير هو التفعيل من قولك : الله أكبر ، الله أكبر ، قال أهل العربية : الله أكبر معناه كبير ، والتسبيح تفعيل من سبّح يسبِّح تسبيحا ، ومعنى سبّحه أي نزهه عما قاله / المشركون فيه ، والتهليل 102 ب المصدر من هلل يهلل تهليلا ، وهو أن تقول : لا إله إلاّ الله ، وكبر إذا قال : الله أكبر ، والتهجد روي عن علقمة (1) والأسود (2)
__________
(1) علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك، أبو شبل النخعي الكوفي، الفقيه المشهور، خال إبراهيم النخعي؛ قال الذهبي: أدرك الجاهلية وسمع عمر وعثمان وعلياً وابن مسعود وأبا الدرداء وسعد بن أبي وقاص وعائشة وجماعة أخر. وقد ألقاه الأسود الكذاب في النار فلم تضره. قاله إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم. قلت: الأسود الذي كان ادعى النبوة. توفي سنة اثنتين وستين هجرية0 النجوم الزاهرة ، ص 319 / الموسوعة الشعرية 0
(2) هو إبراهيم النخعي أبو عمران، وأبو عمار، إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن سعد بن مالك بن النخع، الفقيه، الكوفي، النخعي؛ أحد الأئمة المشاهير، تابعي رأي عائشة رضي الله عنها ودخل عليها، ولم يثبت له منها سماع ، توفي سنة ست وقيل خمس وتسعين للهجرة، وله تسع وأربعون سنة، وقيل: ثمان وخمسون سنة، والأول أصح. ولما حضرته الوفاة جزع جزعاً شديداً، فقيل له في ذلك، فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه؟ إنما أتوقع رسولاً يأتي علي من ربي إما بالجنة، وإما بالنار، والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة. وأمه مليكة بنت يزيد بن قيس النخعية، أخت الأسود بن يزيد النخعي، فهو خاله رضي الله عنه. ونسبته إلى النخع - بفتح النون والخاء المعجمة وبعدها عين مهملة - وهي قبيلة كبيرة من مذحج باليمن..وفيات الأعيان 1/25 ـ 26(1/219)
أنهما قالا : التهجد بعد النوم ، وعن الحسن البصري قال : التهجد ما كان بعد عشاء الآخرة ، وقال أبو عبيد التهجد في كلام العرب التيقظ للصلاة والسهر ، والهجود النوم ، ويقال : تهجّدت أي سهرت ، وهجدت نمت ، وهو الهجود ، فكأن التهجد مشتق من الهجود ، وهو النوم ، أي العبادة بعد النوم ، والناس نيام 0
الخشوع والتضرع والخشية والخضوع : يقال : خشع إذا تواضع وتطامن ، وخشع لله ، إذا تواضع له وتطامن وتضاءل ، وقال أبو عبيدة : الخاشعون المخبتون المتواضعون ، وكذلك التضرع ، وهو أن يتضرع ويتصغّر لله ، وأصله من قولك : فلان ضريع الجسم ، وضارع الجسم ، أي صغيره ، فكأن التضرع تفعّل من ذلك ، والخشية التهيب والاستحياء ، يقال : خشيه يخشاه إذا تهيبه ، فالذي يخشى ربه ، يتهيب أن يرتكب الذنوب ، ويستحي من ربه ، قال الله تعالى : [الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ] (1) / يعني من هيبته ، والاستحياء منه ، والخضوع ، يقال 103 أ للقوم إذا نكّسوا رؤوسهم خُضع 0
الإبتهال والمباهلة : الابتهال هو الاجتهاد في الدعاء ، والاستغاثة بالله جلّ ذكره ممن يُتّقى ، والتضرع إليه أن يصرف الشر والعذاب إلى أهل الشر ، والابتهال مأخوذ من الانقطاع إلى الله ، والثقة بوعده ، قال الله تعالى : [فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ] إلى قوله : [فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ] (2) ، ويقال : باهلت فلانا : إذا دعوت الله على الظالم منكما 0
__________
(1) المؤمنون 57
(2) الآية 61 من سورة آل عمران ، وهي : فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ](1/220)
المسجد والمصلى : يقال للبيت الي يُصلى فيه مسجد ومُصلى ، واشتقوا له أسماء من الصلاة والسجود ، ولم يشتقوا له اسما من الدعاء أو الركوع ، ولا من التسبيح وغيره ؛ لأن السجود غاية العبادة والنهاية ، ولما أُتى عليّ بن أبي طالب بذي الثُدَيَّة قتيلا يوم النهر سجد لله شكرا ، وقال : لو علمت شيئا أفضل من السجود لفعلت ، فالسجود أفضل حدود الصلاة ، ولذلك اشتقوا اسم المسجد منه دون غيره من حدود الصلاة ، فسماه الله مسجدا في كتابه في غير موضع 0
المحراب والقبلة : قال أبو عبيدة (1) في قول الله : [ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ] (2) قال :/ المحراب سيد المجالس وأشرفها وأكرمها ومقدمها وكذلك هو من103 ب المساجد (3) ، وقال المفسرون : في قوله : [كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ] (4) قال : الغرفة ، وأنشد (5) : : من السريع "
ورُبَّ مِحْرَابٍ إذا جئتُها لمْ أرْضََ حتَّى أرتقِي سُلَّما
وكأن محراب المسجد سمي بذلك لأنه صدر المسجد ، وأعلى مجالسه الذي يقوم فيه الإمام 0
__________
(1) مجاز القرآن 1/91 ، وجاء فول أبي عبيدة هذا في شرحه لقوله تعالى : [ كلما دخل عليها زكريا المحراب ] الاية 37 من سورة آل عمران ، وليس لشرحه لهذه الآية 0
(2) آل عمران 39
(3) مجاز القرآن 1/91
(4) آل عمران 37
(5) لوضاح اليمن ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وروايته في الديوان :
رَبَّة مِحرَابٍ إذَا جِئتُها لَم أَلقَها أو أَرتَقِي سُلَّما(1/221)
والقبلة مأخوذ من القُبَالة ، وهي المحاذاة والمقابلة ، يقال : منزل فلان قُبالة كذا وكذا ، أي بحذائه ، واستقبل فلان القبلة إذا وقف بحذائها ، فكأن القبلة في كل بقعة سميت بذلك ؛ لأنها قبلة أهل الأرض ، وسميت بذلك لأن مَن استقبلها فهو متوجه إلى الله ، قال الله تعالى : [فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا] (1) فسماها قبلة ، وقال بعضهم : سميت قبلة لأن الله تعالى يتقبل صلاة من يتوجه إليها ، فكأنها فعيلة من قَبِلَ قبلةً وقبولا ، كما يقال : جلس جِلسة وجلوسا 0
الصوم : الصوم الإمساك عن الشيء ، وقيل للصائم صائما لأنه قد أمسك عن الطعام والشراب والنكاح والغيبة وغير ذلك من المآثم ، وفي تفسير قوله تعالى : [ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا] (2) ، قال صمتا ، ثم نُسِخ / في الإسلام ، فقيل : لا صمت104 أ يوم إلى الليل ، ويقال لكل ممسك عن الطعام والشراب والكلام في أعراض الناس : صائم ، وأنشد النابغة : " من البسيط "
... خَيلٌ صِيامٌ وَخَيلٌ غَيرُ صائِمَةٍ تَحتَ العَجاجِ وَأُخرى تَعلُكُ اللُجُما (3)
يعني قياما من غير اعتلاف ، ممسكة عن الجري ، وعن علك اللجم ، وعن الصهيل ، وقال الأعشى : " من المتقارب "
قُعُوْدَاًً بِما كانَ مِن لَأمَةٍ وَخَيْلٌَ صِيامٌ يَلُكنَ اللُجُم (4)
__________
(1) البقرة 144
(2) مريم 26
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(4) ديوان الأعشى الكبير ، ص 73 ، و رواية الديوان : وُقوفاً بِما كانَ مِن لَأمَةٍ وَهُنَّ صِيامٌ يَلُكنَ اللُجُم(1/222)
صيام قيام ، وكل قائم صائم ، وهو الرافع رأسه ، لا يرعى ، ولا يعتلف ، ويقال : صام أيام البيض ، فالأيام مضافة إلى البيض، والبيض نعت الاسم المضمر ، ليس هو نعت للأيام ، ولو كان كذلك لسقطت الألف واللام من البيض ، فكان يقال : أيامٌ بيض ، وإنما معناه أيام الليالي البيض ، وهي ليلة ثلاثة عشر ، وأربعة عشر ، وخمسة عشر ، وسميت بيضا لأنها مقمرة من أول الليل إلى آخره ، ويقال لها : الغُرّ ، كما يقال لها البيض ، قال أعرابي للنبي عليه السلام :( إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، قال : إن كنت صائما فصم الغُرّ ) (1) ، قال ابن قتيبة : الغر البيض ، جمع غراء ، وقيل لها غرّ لبياضها بطلوع القمر ، وإنما أمر / بصيام104ب البيض لأن الكسوف إنما يكون في ليلة أربع عشرة ، وليلة خمس عشرة ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال لعلي عليه السلام : (هل صُمْت من سِرَار هذا الشَّهْر) (2) ، وهي ثلاثة أيام في آخر الشهر ، وسميت بالسِّرار لأن الهلال يستسر فيها ، والمحاق محاق الهلال 0
الاعتكاف : هو أن يحبس الرجل نفسه في المسجد ، ويصوم في مدة احتباسه فيه ، وهكذا هي في سنة رسول الله عليه السلام ، وهو مأخوذ من الإقامة ، وقال أبو عبيدة (3) في قوله تعالى : [ يَعْكُفُونَ ] (4) أي يقيمون ، وفي قوله : [ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا ] (5) أي مقيما ، والعرب تقول : عكف على الشيء إذا أقام عليه ولزمه منعطفا حَدِبا ، ولم يشتغل بشيء سواه ، كأنه يعبده ، قال الله تعالى : [ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ] (6) يعني مقيما عليه ، طائعا له ، قال الطرماح : " من الطويل "
__________
(1) سنن النسائي 8/134 / المكتبة الشاملة
(2) النهاية في غريب الحديث ( سرر ) ، وفيه : هل صُمْت من سِرَار هذا الشَّهْر شيئاً ، الفائق 1/208 ، غريب الحديث ـ لأبي عبيد 2/79 / المكتبة الشاملة
(3) مجاز القرآن 1/227
(4) الأعراف 138
(5) الفتح 25
(6) طه 97(1/223)
فَباتَت بَناتُ اللَيلِ حَولِيَ عُكَّفاً عَكوفَ البَواكي بَينَهُنَّ صَريعُ (1)
عكفا أي تقيم حولي ، والاعتكاف لزوم المسجد بالعبادة / وإقباله عليها دون 105 أ غيرها من الأعمال 0
الفطر والأضحى والعيد : أصل الإفطار الابتداء في الأكل والشرب ، ويقال للطعام الذي يبتدئ به الصائم : فطور ، ويوم الفطر هو اليوم الذي يبتدئ فيه الناس لأكل الطعام ، بعد ما كانوا صائمين لا يطعمون ، وقيل للزكاة التي يخرجها الإنسان يوم الفطر : فِطرة ، لأنه ابتدأ بإخراجها قبل أن يفطر ، وقيل : خبز فطير ، لأنه خُبزَ قبل أن يخمر ، وأصل اللفظ من فطرَ إذا ابتدأ ، فكأن الإفطار يدور على الابتداء 0
والأضحى مأخوذ من ضحوة النهار ، وذلك إذا بزغت الشمس ، وقيل للقربان ضحية ، لأنهم ذهبوا إلى أنها تذبح في ذلك الوقت ، يقال : ضحّى بكذا ، للذي ذبحه في ذلك اليوم وقت الضحى ، ثم سمي بذلك كل ما ذبح في سائر ذلك النهار وبعده للزوم هذا الاسم إياه ، قال الشاعر في عثمان رحمه الله ، وقًتل يوم أضحى : " من البسيط "
ضَحَّوا بِأَشمَطَ عُنوانُ السُجودِ بِهِ يُقَطِّعُ اللَيلَ تَسبيحاً وَقُرآنا (2)
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(2) لحسان بن ثابت ، ديوانه ، ص 248(1/224)
ويقال له يوم النحر ؛ لما ينحر فيه ، ويقال لليوم الذي يليه : يوم القرّ ؛ لأن الناس يستقرون فيه ، ويوم النفر بعده ؛ لأن الناس / ينفرون مستعجلين ، ويقال 105 ب يوم عيد الفطر والأضحى جميعا ، والعيد كل مجمع ، واشتقاقه من عادَ يعودُ ، كأنه يوم كانوا اجتمعوا فيه ، ثم عاد عليهم ذلك اليوم ، فعادوا في الاجتماع ، وقيل : سمي عيد لأنهم اعتادوا أن يجتمعوا فيه ، وتقول : عوّدته كذا وكذا ، وعودته العطية إذا رسمت له أن تعطيه في وقت معلوم 0 وقال أبو عبيدة (1) في قول الله تعالى : [تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا ] (2) قال : العيد هاهنا عائدة من الله وحجة وبرهان ، يقال : فلان تعتاده الحمى ، إذا كانت تعود عليه ، وتأتيه في وقت معلوم 0
__________
(1) مجاز القرآن 1/183
(2) المائدة 114(1/225)
الزكاة والصدقة : الزكاة النماء والزيادة ، ومنه يقال زكا الزرع إذا نما وطال ، وزكت القرية إذا كثُر خيرها ، فالزكاة النماء والفضل ، قال الله تعالى : [وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ] (1) فقيل في التفسير : يعني أن الربا وإن كان زائدا في الدنيا ، فلا يزيد في الآخرة عند الله ، والزكاة يضاعف الله للمزكي الواحد عشرة ، قال الله تعالى : [مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ] (2) ، والزكاة الطهارة ، قال الله تعالى: /[ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ] (3) وزكية يقرأ بهما ، 106أ ومعناهما الطهارة ، ويقال للزكاة المفروضة صدقة ، قال الله تعالى : [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ] (4) إلى قوله [فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ] (5) ، وهما اسمان لما أخرجه الناس من أموالهم في وجه الله لما فرضه عليهم ، وما كان تطوعا من غير فريضة ، فيقال لمن أدّى الفرض : تصدق وزكّى ، ولا يقال لمن تطوع زكّى ، ويقال له : تصدق ، وابن مخاض للذي يؤخذ في الصدقة إذا أتم حوله ، ودخل في الثانية ، وذلك أن أمه ضربها الفحل ، فحملت ، فهو ابن مخاض ، والأنثى بنت
__________
(1) الروم 39
(2) الأنعام 160
(3) الكهف 74 ، قراءة زاكية هي قراءة ابن كثير ونافع وأبو عمر بن العلاء ، وأما قراءة زكية فهي قراءة عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي 0 السبعة في القراءات ، ص 395
(4) التوبة 60
(5) 60 التوبة ، والآية بتمامها : [ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ](1/226)
مخاض ، وابن لبون إذا استكمل السنة الثانية ، ودخل في الثالثة ، وذلك أن أمه وضعت ، فصار بها لبن ، فهي لبون ، وابنها ابن لبون ، والأنثى بنت لبون ، فإذا دخلت في الرابعة ، فالذكر حق ، والأنثى حِقَّة ، وذلك أنه قد استحق أن يحمل عليه ، ويُركب ، والأنثى طروقة الفحل ، لأنه قد حان أن يطرقها الفحل ، فإذا أتم الرابعة ، ودخل في الخامسة فهو جذع ، والأنثى جذعة ، وليست الجذوع تؤخذ في الصدقة ، فإذا دخل في السادسة فهو رباع ، والأنثى رباعية ، فإذا دخل في / سن التاسعة فهو بازل ، والأنثى بازلة وليس من هذه الأسنان ما يؤخذ 106ب في الصدقة بعد الحقة 0
الحج : قال الله تعالى : [ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ] (1) قال المفسرون : إتيان الحج ، والحج مأخوذ من حجّ يحجُّ إذا أتى مرة بعد مرة ، وتارة بعد تارة ، وعظّمه وقصده ، ويقال : حج موضع كذا إذا أدام الاختلاف إليه ولزمه ، قال المخبل : " من الطويل "
... وَأَشهَدُ مِن عَوفٍ حُلولاً كَثيرَةً يَحُجّونَ سَبَّ الزَبرَقانِ المُزَعفَرا (2)
__________
(1) آل عمران 97
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0(1/227)
والسِّب العمامة ، يعني أنهم يديمون الاختلاف إليه ، ولزومه ، وكان الزبرقان (1) سيد عوف ، وكان عريف النبي عليه السلام على صدقاتهم ، وكانوا يزورونه ويعظمونه ويصدونه ، وقال الخليل بن أحمد : الحج كلمة جامعة تنتظم أمور الحج ، والحج في كل مذهب أيما هو ، الوقوف بعرفة ، فمن فاته فقد فاته الحج ، والحاج الحجاج ، والدّاج الذين يريدون البيت الحرام بغير نية ، وقيل : إنهم الذين يخرجون للتجارة ، وقيل لمعظم الطريق محجة ، وهو مأخوذ من كثرة اختلاف الناس بالمجيء والذهاب ، ولزومهم إياه ، ويقال للسَّنَة : حِجة ، قال الله تعالى : [عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ] (2) ، وقيل للسنة حِجة ؛ لأن الناس يحجون في كل سنة مرة ، ويقال : احتج إليه فحجّه ، وهو الظفر منه به عند الغلبة ، أي كرر القول عليه / وأعاده حتى ألزمه الحجة ، وهو مأخوذ من الإعادة والإلزام ، فكأن الحج 107 أ مأخوذ من لزوم الناس إياه ، واختلافهم إليه مرة بعد مرة ، وإقبالهم عليه 0
__________
(1) الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم البهدلي التميمي السعدي يكنى أبا عياش وقيل أبا شذرة. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وكان أحد سادتهم فأسلموا في سنة تسع. فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه وأقره أبو بكر وعمر على ذلك. الوافي بالوفيات ، ص11341 / الموسوعة الشعرية 0
(2) القصص 27(1/228)
العمرة : مأخوذ من اعتمر إذا زار ، والعمرة الزيارة ، يقال : اعتمر فلان فلانا ، وجاء معتمرا ، أي زائرا ، ومن أجل ذلك قالوا : دار معمورة ؛ لأنها مأهولة بمن فيها ، ومكان معمور أي مزور ، إذا قصده الناس ، وقيل : البيت المعمور في السماء ؛ لأنه يزوره كل يوم سبعون ألف ملك ، وقيل لمن اعتمر إلى مكة : معتمر ؛ لأنه زائر للبيت ، قال أعشى باهلة (1) : " من البسيط "
... فَجَاشَتِ النّفْسُ لَمّا جَاءَ جَمْعُهُمُ وَرَاكبٌ جَاءَ مِنْ تَثْلِيثَ مُعْتَمِرُ (2)
أي زائرا ، فكأن العمرة مأخوذة من زيارة البيت ، لأن الحج الأكبر الوقوف بعرفة ، والمعتمر إذا رأى البيت ، وطاف ، وسعى أحلّ من إحرامه ، وقد فرغ من عمرته 0
مكة وبكة : يقال لها : مكة وبكة ، قال الله تعالى : [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ] (3) وقال : [بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ] (4) وقال أبو عبيدة (5) : بكة اسم مكة ، وذلك أنهم يتباكون فيها ، ويزدحمون ، وقال غيره : بكة موضع المسجد ، وما حوله مكة ، ويقال : أبكت الإبل إذا ازدحمت على الحوض ، وقيل : إن بكة من بككت الرجل أبكُه إذا وضعت منه / ورددت 107 ب نخوته ، وإنما سميت بكة لأن كل ذي عزة يتواضع فيها 0
__________
(1) أعشى باهلة : أبو قحفان عامر بن الحَرث بن رياح بن أبي خالد بن ربيعة بن زيد بن عمرو بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن. ومعن بن أعصر أبو باهلة وهي امرآة من همدان نسب إليها أولاد معن. شاعر جاهلي مجيد، أشهر شعره رائية له في رثاء أخيه لأمه (المنتشر بن وهب) أوردها البغدادي برمتها. ومن غرائب أخطاء الأصفهاني: أنه ذكر قصة مجلس فيه بشار بن برد ( المتوفى سنة 167 هـ 783م) وعقبة بن سلم وحماد عجرد وأعشى باهلة المتوفى في الجاهلية. وله شعر في الأصمعيات. الموسوعة الشعرية 0
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية 0
(3) آل عمران 96
(4) الفتح 24
(5) مجاز القرآن 1/97(1/229)
الكعبة : قال الله تعالى : [ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ] (1) فسمى البيت كعبة لتربيعه ، وكل بناء منفرد يقال له كعبة ، وجمعه كعاب ، وقال الأعشى : " من المتقارب "
فَكَعبَةُ نَجرانَ حَتمٌ عَلَيـ كِ حَتّى تُناخي بِأَبوابِها (2)
متعة الحاج : والحج على ثلاثة أوجه : حج مفرد ، وحج قارن ، وحج متمتع ، فالمفرد سمي مفردا لأنه يخرج غير قارن ، ولا متمتع بالعمرة ، وأما القارن فهو الذي يقرن بين الحج والعمرة بإحرام واحد ، وأما المتمتع فإنه يخرج متمتعا بالعمرة ، محرما بها ، فإذا دخل مكة ، وطاف بالبيت ، وسعى ، حلّ من إحرامه ، ثم ينوي الإحرام بالحج ، وأصل المتعة في كلام العرب المنفعة ، قال الله تعالى : [نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ] (3) ، قال أهل التفسير : منفعة ، فمتعة الحج هو انتفاع الإنسان بالشيء بمسه بعد أن كان حراما عليه في وقت إحرامه ، من لبس الثياب ، ومس الطيب ، وغير ذلك 0
الإحرام : يقال : أحرم الرجل ، فهو مُحرِم إذا دخل في الإحرام ، كما يقال أشتى ، فهو مشتٍ ، إذا دخل في الشتاء ، والإحرام هو أن يحرِّم على نفسه مسَّ الطيب ، ومسَّ النساء ، والصيد ، وغير ذلك مما لا يحل له حتى يخرج من إحرامه ، ويقال : / أحلّ الرجل إذا قضى مناسكه ، وخرج من إحرامه ، ويقال رجل 108 أ حرام إذا كان محرما ، ورجل حلال ، إذا خرج من إحرامه ، وإذا قلت : رجل محرم ، وامرأة محرمة ، فالإحرام هو الدخول في الشهر الحرام ، يقال : أحرمنا أي دخلنا في الشهر الحرام ، فيقال رجل محرم إذا كان في الشهر الحرام ، وإن لم يكن داخلا في الإحرام لِحج ، قال الشاعر (4) :
__________
(1) المائدة 97
(2) ديوان الأعشى الكبير ، ص 209
(3) الواقعة 73
(4) البيت للراعي النميري ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، ورواية الديوان :
... ... قَتَلوا اِبنَ عَفّانَ الخَليفَةَ مُحرِماً وَدَعا فَلَم أَرَ مِثلَهُ مَخذولا(1/230)
" من الكامل "
قَتَلوا اِبنَ عَفّانَ الخَليفَةَ مُحرِماً فَمَضَى وَلَمْ أَرَ مِثلَهُ مَقْتُولا
ويقال : محرما مسلما ، ويقال للمسلم : محرم ، أي له حرمة الإسلام ، وقال النبي عليه السلام : ( إني حرّمت المدينةَ كما حرّم اللهُ مكةَ ، فحرامٌ ما بين لابَتَيها) (1) ، يقال للبلد حرام وحريم ، وسمي الرجل المحرم حراما ، وكذلك البيت الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، مأخوذ كله من الحُرمة ، والحرمة العقد والجوار ، وكل مُحرم فهو في جوار الله ، أي في عقده وذمته 0
التلبية والإهلال : التلبية تفعلة من لبيك ، يقال : لبّى فلان إذا قال لبيك ، ومنه يقال : لبّى فوك ، يدعو (2) له أن يلبي بالحج ، ولبيك مشتق من ألبّ فلان ، فكان كذا وكذا ، إذا أقام فيه ولزمه ، ومنه الحديث : ( نعوذ بالله من فقر مُلبّ ) / يعني لازم لا ينقطع ، فقول القائل : لبيك أي أنا مقيم على طاعتك وأمرك 108ب ونهيك ، لا أزول عنه ، وقال الفراء : لبيك إجابة لك ، ومنه التلبية بالحج ، إنما هو إجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام ، وقال ابن قتيبة : لبيك أرادوا به إقامة بعد إقامة ، وطاعة بعد طاعة ، كما قالوا : حنانيك ربنا ، أي هب لنا رحمة بعد رحمة ، وكما قالوا سعديك ، أي سعدا مقرونا بسعد ، وهذا أحسن ، وأحسن منه أن يكون لبيك معناه أنا مطيع لك عند أمرك ونهيك ، ومقيم على الطاعة في الحالين ، وكذلك سعديك ، أي أرجو السعادة على الحالين جميعا ، أي سعِدَ مَن أطاع أمرك ونهيك 0
__________
(1) صحيح وضعيف الجامع الصغير 6/348 / المكتبة الشاملة ، وفيه : إن إبراهيم حرم بيت الله وأمنه ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها
(2) كتبت يدعي(1/231)
ومعنى أهلّ فلان بالتلبية إذا رفع صوته بها ، وأظهرها ، ومنه استهل الصبي إذا صاح وبكى حتى يسقط إلى الأرض ، وأصل الإهلال من التكبير ، والتكبير هو أن يقول الرجل : لا إله إلاّ الله والله أكبر ، فإذا قال ذلك فقد هلّل وكبر ، ويفعل الناس ذلك في كثير من أمورهم إذا اجتمعوا فيها عند بشارة ووليمة ، وغير ذلك ، فيرفعون / الصوت به ، فقيل لكل من رفع صوته : قد أهل ، وهلّل ، وإن لم 109أ يقل لا إله إلاّ الله ، ويقال : أهلّ مأخوذ من الهلال ، لأنهم كانوا يحرمون ، ويلبون إذا رأوا الهلال ، وكذلك يهلّ يُكبّر إذا نظر إلى الهلال 0(1/232)
المناسك والمشاهد والمواسم : المناسك واحدها منسك ، ويقال لها : مشاهد ؛ لأنها يشهدها الناس ، ويحضرونها ، ويجتمعون فيها ، وواحد المشاهد مشهد ، أي مجمع للناس ، وسمي الرجل ناسكا لعبادته ، وتقربه إلى الله بأعماله الصالحة ، وسمي الموضع الذي يُنحر فيه منسك ، قال الله تعالى : [ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ] (1) أي يفعلون ذلك عبادة لله ، وقربة إليه ، ويقال : نسك ينسك بالكسر ، والموضع المنسِك بالكسر مثل مسجد ، وقال معمر بن المثنى (2) في قوله : [ نُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي ] (3) هو مصدر نسكت ، وقربت إلى الله ، وهي النسيكة ، والنسك ، ومواسم جماعات ، وكل مجتمع موسم ، ومنه سمي يوم الموسم لاجتماع الناس فيه ، كأنه أخذ من السِّمة ، لأن كل شيء قد وسم فقد عُرف ، فكأنه /يوم معروف بالاجتماع فيه ، والقربان ما ذبح لوجه الله ؛ لأنه يتقرب به109ب إليه ، وكذلك يقال لكل ما يتقرب به العبد إلى الله قربانا ، وسمي الهدي لأنه يُهدى إلى الله تعالى ذكره ، قال الله تعالى : [لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ] (4) ، وكان أهل الجاهلية يهدون إلى أصنامهم ، فسموه هديا ، ثم قيل لما يذبح لله هدي، قال الله تعالى : [حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ] (5) ، قال ثعلب في قوله : [هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ] (6) إن كان قيمته ما يُهدى إلى البيت ، فهو هدي ، وإن كان قيمته درهما (7) أو درهمين فهو صدقة ، والبدنة هي الناقة ، ولا يقال ذلك للبقرة ، ولا للشاة ، وسميت بدنة لسِمنِها ، وعِظَم جسمها ، لأنه لا يجوز أن يساق منها الصغار ، وإنما يساق منها الثنيان فما فوق ، وجمع البدنة بُدْن ، قال الله تعالى : [ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ
__________
(1) الحج 67
(2) مجاز القرآن 1/209
(3) الأنعام 162
(4) الحج 37
(5) البقرة 196
(6) المائدة 95
(7) كتبت درهم(1/233)
اللَّهِ ] (1) ، ولا يقال لها بدنة إلاّ إذا كانت للهدي ، وشعائر الله واحدها شعيرة ، وأصلها من الإشعار ، وقال معمر بن المثنى : الشعائر في كلام العرب الهدايا المشعرة / وهو أن تُقلّد ، وتُجلّل وتُطعن في شقِّ 110أ سنامها الأيمن بحديدة حتى يخرج الدم ، فإذا أُشعِرت لم تركب ، ويُعلِّمُها بذلك ليُعلَم أنها هدي ، وأنشد (2) : " من الطويل "
نُقَتِّلُهم جِيلاً فجِيلاً نَرَاهُمُ شَعَائِرَ قُربانٍ بِهِم يُتقَرَّبُ
ويقال : أشعرت الرجل إذا أوهمته بشيء يضمره ، والإشعار الإعلام ، والمشعر الحرام هو العلم الذي بني بين الحدين بالمزدلفة ، وإنما قيل له مشعر أي معْلَم يعرف به الحد ، والميقات الذي قد وُقِّت للناس ، ويقال : شعرت بالشيء علمته ، وقال أهل التفسير : شعائر الله معناه معالم دينه ، وحدوده ، وقال أبو عمرو : المشعر الحرام هو الجبل وما حوله ، وجمع اسم ذلك المكان سمي جمعا ؛ لأن الناس يجتمعون فيه قبل الإفاضة من جمع ، وبعد الإفاضة من عرفات ، ويقال لذلك المكان المزدلفة ، سمي بذلك لأن الناس يزدلفون فيه ، فيقرب بعضهم من بعض ، ويقال : لأنهم يقربُون من منى ، وأصل ازدلف أي قرب ، قال العجاج: " من الرجز "
ناجٍ طَواهُ الأَينُ مِمّا وَجَفا
طَيَّ اللَيالي زُلَفاً فَزُلفا
سَماوَةَ الهِلالِ حَتّى اِحقَوقَفا (3)
__________
(1) الحج 36
(2) للكميت بن زيد الأسدي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وقد كتبت : شعائر قربانا ، وما أثبتناه من الديوان
(3) ديوانه ، ص 495 ، 496(1/234)
/ وفي تفسير قوله : [وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ] (1) أي ساعة بعد ساعة ، ومنه 110 ب سميت المزدلفة ، فذهب أبو عبيدة (2) إلى أنها منزلة بعد عرفة ، والإفاضة الدفع في السير ، قال الله تعالى : [ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ] (3) لأنهم يدفعون في السير دفعة واحدة ، كأنهم ينصبون ويجرون جريا سهلا ، ويقال : فاض الماء إذا جرى جريا سهلا ، وأفاض عليه الماء إذا صبه عليه صبا سهلا ، فالإفاضة مأخوذ من الدفع والتقدم دفعة واحدة بأجمعهم ، يقال أفاض القوم : إذا دفعوا بأجمعهم دفعة واحدة ، ورمي الجمار معناه رمي الحجارة ، والجِمار الحجارة الصغار ، ومنه يقال : استجمر الرجل إذا تناول حجرا صغيرا ، فاستطاب به ، وجمرة العقبة سميت بذلك لأن الجمار ترى هناك ، واستلام الحجر الأسود يعني مسه ، يقال : استلمه إذا لمسه بيده ، وهو مأخوذ من السلمة ، وهو الحجر، قال الشاعر (4) : " من المنسرح "
يَنصُرُنِي مِنكَ غيرَ مُعتذِرٍ يَرمِي ورائِي بالسَّهْمِ والسَّلمَة
__________
(1) هود 114
(2) مجاز القرآن 1/300
(3) البقرة 199
(4) لبجير بن عنمة الطائي أحد بني بولان بن عمرو بن الغوث بن طيء. انظر المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء ، ص 58 ـ 59(1/235)
فاستلم معناه افتعل من السلمة ، مثل استجمر من الجمار / والسعي بين 111أ الصفا والمروة قيل له سعي ؛ لأنه مشي سريع ، يقال : سعى يسعى إذا أسرع ، والرَّمَل مشي واسع ، والرمل الذي يوسع الخطو ، والصفا الحجر الصلب الأملس ، وسمي ذلك الموضع الصفا لأنه حجر يقوم عليه الناس ، والمروة الحجارة الرخوة ، وهي سريعة الانكسار إذا وطئتها الدواب تكسرت وتفتت ، وإنما قيل للمروة التي يصعدها الناس بمكة للدعاء مروة ؛ لأنها حجارة رخوة ، دون الصفا في الصلابة ، وقيل : إن آدم نزل على الصفا ، وحواء على المروة ، فسمي صفا باسم آدم المصطفى ، وسميت مروة باسم المرأة ، والمقام الموضع الذي يقوم عليه الناس ، قال الله : [وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ] (1) وهو الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل لإبراهيم حتى ثنى رجله عليه فغسلته ؛ لأنه كان آل أن لا ينزل عند إسماعيل لمكان سارة ، فبقي أثر رجله في الحجر إلى اليوم ، وسميت منى لأن النحر مُني فيها ، أي قُدِّر فيها ، يقال : منى له الماني ، أي قدّر له المقدر ، وسمي المَنيّ مَنيّا لأنه يقدر منه الولد ، وسميت الأماني ؛ لأن الإنسان يقدر في نفسه أشياء ، ولعله / لا يبلغها ، وسميت عرفة لخضوع الناس فيها وصبرهم على111ب القيام والدعاء ، وتذللهم ، والعارف : الصابر ، الخاضع ، المتذلل ، قال النابغة : " من الطويل "
عَلى عارِفاتٍ لِلطِعانِ عَوابِسٍ (2)
__________
(1) البقرة 125
(2) ديوانه ، ص 11 ، وهذا صدر بيت وعجزه : بِهِنَّ كُلومٌ بَينَ دامٍ وَجالِبِ(1/236)
أي صابرة ، ويقال : سميت بذلك لأن الناس يعترفون فيها بذنوبهم ، ويسألون المغفرة ، وقيل : سميت عرفة لأن آدم أهبطه الله بالهند ، وحواء بجدة ، فالتقيا بعرفة ، فعرف أحدهما صاحبه ، فسميت عرفة ، وسمي الموقف ؛ لأن الناس يقفون للدعاء ، لا يقعدون ، بل يدعون قياما لله ، ويوم التروية ، هو اليوم الذي يخرج الناس فيه من مكة إلى منى ، وسمي تروية ؛ لأنهم يرتوون من الماء ، وتروية تَفْعِلَة من ارتوى إذا استقى فشرب ، واغتسل ، فالناس يستقون من بئر زمزم في ذلك اليوم عند خروجهم ، فيغتسلون ويشربون ، وأصل الإرتواء الإستقاء ، ومنه قيل للمزادة راوية ، لأنه يُستقى فيها ، وقيل للجمل الذي يُستقى عليه راوية ، ونحر البدن سمي نحرا لأن الناحر يتلقى نحر البدنة بالشفرة ، ويقال : نحره إذا حاذاه ، فهو يتلقى نحر الهدي ثم يطعن فيه ، ويقال : ذبح إذا شقّ / موضع الذبح 112 أ
فالمذبوح المشقوق ، وكلما شقّ فقد ذبح ، وأيام التشريق بعد يوم النحر ، سميت بذلك لأن الناس يبرزون فيها للشمس ، ويشرقون لحوم الأضاحي ، وتشريق اللحم تشريحه ، وتشريره في الشمس ، وبئر زمزم سميت بذلك لأنها ركضة جبريل ، قال مجاهد : سميت زمزم لأنها مشتقة من الهزمة ، يعني هزمة جبريل بعقبه ، وخطأه ابن قتيبة ، وقال : ليس زمزم على طريق اللغة من الهزمة في شيء ، لأن الهزمة الكسرة في الأرض حتى يصير فيه كالنقرة ، والتهزم التكسر ، يقال : هزمت البئر إذا حفرتها ، وقال : سميت زمزم لصوت الماء حين ظهر ، والزمزمة الصوت ، وأنشد الأعشى (1) : " السريع "
ظل له زمزم كالمغني
الفرائض والميراث والعصبة والكلالة وذوو الأرحام : يقال لسهام المواريث : الفرائض ؛ لأن الله فرض لكل ذي سهم سهمه ، وبينه في كتابه ، فصار حد المحدود ، والميراث مِفْعال من الإرث ، والإرث ما يبقى بعد صاحبه ، فقيل لمال الميت : الإرث ، والميراث لأنه يخلفه بعده 0
__________
(1) لم أجده في المطبوع من ديوانه(1/237)
/ والعصبة هم أقرباء الرجل وورثته من قِبَل أبيه الذين ليس لهم سهم معلوم112ب في كتاب الله ، وهم يرثون ماله كله إذا لم يكن له وارث ذو سهم ، وإذا فضل شيء من ميراثه بعد أن يأخذ صاحب السهم سهمه ، وهو مثل الأخ ، وابن الأخ ، والعم ، وابن العم الأقرب منهم ، وإنما قيل لهم عصبة ؛ لأنهم أنصاره ، يتعصبون له عند حرب أو خصومة ، والعصبة مأخوذ من التعصب ، والتعصب مأخوذ من العِصابة ، وهو الذي يتعصب بها الرجل عند الحرب ، أو العمل ، وكذلك كانوا يفعلون إذا اجتمعوا ، وتقاربوا لأمر شدّوا نواصيهم بالعصائِب ، فقيل : تعصَّبوا لفلان ، أي شدّوا نواصيهم لنُصرته ، ثم قيل لكل ناصر باليد واللسان متعصب 0
والكلالة النسب ، ليس صلب الرجل ، وهم الذين يرثون الرجل إذا لم يدعْ والدا ولا ولدا ، وسئل أبو بكر رضي الله عنه عن الكلالة ، فقال : أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله ، هو ما / دون الوالد والولد ، وسئل عن ذلك عمر بن113 أ الخطاب ، فقال : إني لأستحي أن أَردَّ شيئا قاله أبو بكر ، وكلاله أي تكلله النسب ، أي تعطف عليه ، كأنه نسب في الطول ، مثل فلان بن فلان ، وهو في العرض : فلان أخو فلان ، فكأنه معطوف عليه ، والإزراء مأخوذ من أزوى عنه الميراث إذا قبضه عنه ، ونحاه ، والانزواء الانقباض ، قال الشاعر (1) : " من الطويل "
... يَزيدُ يَغُضُّ الطَرفَ دوني كَأَنَّما زَوى بَينَ عَينَيهِ عَلَيَّ المَحاجِمُ
والزاوية الناحية ، فكأن الإزواء سمي بذلك ؛ لأنه مال يُقبض دون الميراث ، ويقبضه من لا يرثه وينحيِّه عن الورثة 0
وذوو الأرحام : مأخوذ من الرحم ، وهم القرابات الذين لا سهم لهم في كتاب الله ، وليسوا بعصبة ، ولا كلالة ، وهم الأبعدون في النسب ، وأصل الرحم مأخوذ من رحم المرأة ؛ لأن النسب يجمعهم حتى يلتقوا في أمٍّ ولدتهم ، وخرجوا من رحمها 0
__________
(1) هو الأعشى ، ديوان الأعشى الكبير ، ص 115(1/238)
النكاح وأحكامه وما يتصل به : النكاح التزوج الحلال ، يقال : نَكحتُ المرأة إذا تزوجت بها حلالا ، فإذا لم يكن حلالا فهو سفاح ، والنكاح والسفاح ضدان ، فالتزوج والنكاح اسمان لمجامعة / الحلال ، والمخادنة ، والزنا، والسفاح 113ب أسامٍ لمجامعة الحرام ، والجماع اسم لكلا المعنيين ، حلالاً كان أو حراماً ، وعقدة النكاح إبرامه ، وكذلك عقد كل شيء إبرامه ، والسِّر اسم يشتمل على النكاح والسفاح جميعا ، قال الله : [وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ] (1) ، هذا في النكاح الحلال ، وقال الحطيئة : " من الوافر "
وَيَحرُمُ سِرُّ جارَتِهِم عَلَيهِم (2)
__________
(1) البقرة 235
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وهذا صدر بيت وعجزه : وَيَأكُلُ جارُهُم أُنُفَ القِصاعِ(1/239)
فالسر هاهنا السفاح ، أي لا يزنون بجارتهم ، والإحصان يقال لكل ذي زوجة من الرجال محصِن بكسر الصاد ، ولكل ذات زوج من النساء محصَنة بفتح الصاد ، قال الله تعالى : [ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ] (1) وقال : [ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ ] (2) ، والمحصنات هن ذوات الأزواج من النساء من الحرائر والإماء ، ويقال للحرة محصنة وإن لم تكن متزوجة ، والإحصان المنع ، والحفظ الصيانة والحماية ، يقال لكل شيء صنته ، ومنعته ، وحفظته ، وحميته : أحصنته أحصّنه إحصانا ، والفاعل محصِن ، والمفعول مُحصَن ، وقيل : رجل محصِن ، ورجال محصِنون بكسر الصاد ، لأنهم أحصنوا فروجهم / وحفظوها ، وقيل : امرأة محصَنة ، 114 أ ونساء محصَنات بفتح الصاد ، يعني ذوات الأزواج ؛ لأنهن أحصنّ في بيوتهن من الامتهان ، وكشف الشعر ، والزينة ، والأمة إذا لم تكن ذات زوج لا يقال لها محصنة ، لأنها تمتهن ، فإذا كانت ذات زوج ، فهي محصنة ، قال الله تعالى في الإماء : [ فَإِذَا أُحْصِنَّ ] (3) يعني تزوجن ، والمحصنة العفيفة ، سميت بذلك ، لأنها أحصنت فرجها ، وفرس حصان : إذا كان كريما ، وأصله من الإحصان والصيانة ، ويقال : سمي حصانا لأنه يمنع راكبه من ركوبه ، ويقال للخيل : حصون ، وأصله من الحصن ، وسمي الحصن حصنا ، لأنه منعةٌ من العدو 0
__________
(1) النساء 24 ، المائدة 5
(2) النساء 25
(3) النساء 25(1/240)
والطلاق مشتق من قولك أطلقت البعير إذا أرسلته من وثاقه ، فالمرأة ما دامت مع زوجها فهي في وثاقة ، فإذا فارقها فقد أطلقها من وثاقه ، وقيل : طلّق امرأته فهي طالق ، ولم يقل أطلق لأنها لا تبين منه إلاّ بعد ثلاث تطليقات ، فقيل : طلّق إذا أعاد الطلاق ثلاث مرات ، وأطلق وطلّق معنى واحد ، إلاّ أن طلّق مرادفة لمعنى التكرير ، كما يقال : أغلق الباب ، وغلّق ، وقيل : فلان يملك الرَّجعة ، لرجعة المرأة / بفتح الراء إذا طلقها واحدة ، أو اثنتين ، فهو يملك رجعتها ، وأصله114 ب الرجوع ، أي يراجعها بالنكاح ، ومعناه أن يرجع عن الطلاق رَجعة بالفتح ، وهي الفَعلة 0
والإيلاء من قوله : [لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ] (1) وهي من القسم ، وهي اليمين ، فالإيلاء مصدر من آلى يؤلي إيلاء ، وهو مأخوذ من الألِيَّة ، والألية اليمين والحلف ، ويقال : آلى الرجل إذا حلف إيلاء ، وقوله : [فَإِنْ فَاءُوا ] (2) أي رجعوا ، يقال : فاء يفيء فيئة إذا رجع ، والفيء الرجوع ، والإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يجامع امرأته ، فإذا رفعته إلى الإمام أوقفه أربعة أشهر ، فإذا مضت المدة خيّره بين أن يفي ، أو يطلق 0
والظهار في قوله: [وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ] (3) والظهار هو أن يقول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمي ، وهو مأخوذ من الظهر ، ويقع به التحريم ، وهو ممنوع من أن يطأ امرأته حتى يُكفِّر 0
__________
(1) البقرة 226
(2) البقرة 226
(3) المجادلة 3(1/241)
والخُلع : أن تريد المرأة فراق زوجها ، والزوج كاره لذلك ، فيحكم الإمام بالفدية ، ويفرق بينهما ، وهو أن تقول المرأة للرجل : لا أقيم فيك حدود الله ، ولا أطيع لك أمرا / ولا أبرّ لك قسما ، ولأُوطئن فراشك غيرك ، إن قالت مُفسرا أو غير 115 أ مُفسّر ، إذا كان هذا معناه ، فإذا كان كذلك ، حلّ له أن يأخذ منها ما أعطاها ، ثم تُخلع منه ، والمُبارأة هو أن تُكرهه على الفرقة ، ويكون لها عليه حق ، فتبرئه من ذلك ، ثم يُفرَّق بينهما بالطلاق ، لا بالخُلع 0
التخيير : أن يقول لامرأته : اختاري نفسك ، فإن اختارت نفسها في الحال ، فقد بانت منه ، والخُلع معناه من خَلع يخلََع ، كأن المرأة كانت بمنزلة القميص ، أو الثوب الذي لبسته ، فإذا فُرِّق بينهما ، فقد خُلع ذلك الثوب ، والمبارأة فهو مأخوذ من البراءة ، وهو أن يتفرق أحدهما عن صاحبه عن تراض منهما ، ومنه اشتقت اسم البراءة التي يكتبها الناس بينهم ، لأنه كتاب متفق عليه 0
والناشز : من نَشزَت تنشز إذا علت عليه ، وغلبته ، والمرأة اذا استعلت على زوجها قيل لها ناشز؛ لأنها علته بالعصيان ، والغلبة، والنشز ما ارتفع من الأرض0
واللِّعان : مأخوذ من اللعن ، يقال : لاعن الإمام بين الزوج والمرأة ، وذلك إذا قذف الرجل زوجته ، ولم يكن له على ذلك شهود / أتى بهما الحاكم ، فتلاعنا ، 115 ب فأيهما نَكَل حُدّ 0
العتاق : قال ثعلب : يقال : أعتقت الغلام ، فهو مُعْتَقٌ ، وعَتْقٌ هو ، ويقال أعتق فلان رقبة ، وعليه عَتق رقبة ، وخُصت الرقبة بذلك ؛ لأنها تملك الجسد كله ، ويقال : سمي بذلك لأنه مِلك المولى للعبد كالحبل في رقبته ، فإذا أعتقه فكأنه قد حلّ الحبل من رقبته ، وقالوا : معنى أعتقه جعله عتيقا ، والعتيق الكريم ، فكأن العبد ليس بكريم ، فإذا صار حرا صار كريما ، والعتيق من كل شيء الكريم ، يقال : فرس عتيق أي كريم ، والحُرّ الكريم أيضا عند العرب 0(1/242)
الحد والرجم والجَلْد والخسف : الحد أن يُضرب الرجل والمرأة إذا زنيا ، يُقال حُدّ الرجل ، فهو محدود إذا أقيم عليه الحد ، وإنما سمي حدا لأنه شيء قد حدّه الله ، فأمر عباده أن لا يتعدوه ، فإذا تعداه العبد ، فقد أتى حدا من حدود الله ، ويجوز أن يكون سمي حدا ؛ لأنه قد بُيّن ، كما حُدّ في الزاني إذا لم يكن محصنا مائة سوط ، وفي القاذف ثمانين ، فسمي حدا لذلك ، والجلد سمي بذلك ، لأنه يكشف عن بدنه ، فيُجلد ، أي يُضرب على / جلده ، والرَّجم مأخوذ من الحجارة ، والرَّجم 116أ الرمي بالحجارة ، والرِجام الحجارة ، واحدها رُجْمة ، ورُجم ورِجام ، وهي حجارة يجمع بعضها إلى بعض ، فكأن رجم المحصن إذا زنا هو الضرب بالحجارة 0
والخسف : شدة السير ، والخسف أن تُقلب الأرض حتى يصير أعلاها أسفلها ، والخسف البئر التي قد كسر حبلها حتى صار إلى ماء لا ينزح ، فقيل لها : بئر خسيف ، لأنه لا يُرى قعرها ، وقيل : لشدة السير خسف ؛ لأنه يسترخي لا يرى 0
الصرف والعدل والوسط والعفو : العفو في كلام العرب الابتداء والدفعة الأولى ، يقال : أعطاني عفوا صفوا من غير مسألة ، بل ابتدأ منه ، وعفا إذا كَثُر ، فكأن العفو هو السعة ، والتفضل ، والتبرع من غير إلحاح ، ويقال : خذ العفو : أي الطاقة ، وقيل : آخر الوقت عفو الله ، أي سعة منه ، ورخصة ، والعفو من العباد تفضل وابتداء من بعض على بعض ، ويقع العفو أيضا على المذنب في أول ذنبه ، ولذلك سمي عفوا ؛ لأنه الذنب الأول ، الذي يستوجب التفضل عليه ، والصفح عنه / فإذا عاد عوقب ، فلذلك سمي عفوا 0 ... ... ... ... ... 116 ب ...
والصرف التوبة ، والعدل الفدية ، وقيل : الصرف الفريضة ، والعدل التطوع ، وقال أبو عبيدة في قوله : [وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ] (1) إنما هو الفدية ، لأن الشيء إنما يعدل مثله ، وقيل الصرف الحيلة ، واستدلوا بقوله : [ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ] (2) 0
__________
(1) البقرة 48
(2) الفرقان 19(1/243)
الصبر : أصله الحبس ، يقال : صبرت الشيء حبسته ، ونهى النبي عليه السلام عن صبر الروح ، يعني أن يُحبس شيء من الحيوان فيُرمى ، يقال : شاة مصبورة إذا حُبست ، فرُميت بالسهام ، أو بالحجارة ، فكأن أصل الصبر هو الحبس ؛ لأن الصابر حبسَ نفسه عن الخفة والهلع عند نزول الحادثة والمكروه ، ويقال : صبَر نفسه ، قال الله تعالى : [ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ] (1) الاية 0
السكينة : قال ابن عباس : السكينة ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان ، وقال ابن إسحاق (2) :
__________
(1) الكهف 28
(2) أبو بكر، وقيل أبو عبد الله، محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وقيل يسار بن كوتان المطلبي بالولاء المديني صاحب المغازي والسير كان جده يسار مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشي، سباه خالد بن الوليد من عين التمر، وكان محمد المذكور ثبتا في الحديث عند أكثر العلماء، وأما في المغازي والسير فلاتجهل إمامته فيها، قال ابن شهاب الزهري: من أراد المغازي فعليه بابن إسحاق وذكره البخاري في تاريخه؛ وروي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: من اراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق. وقال سفيان بن عيينة: ما أدركت أحدا يتهم ابن إسحاق في حديثه. وقال شعبة بن الحجاج: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين، يعنى في الحديث.
وتوفي محمد بن إسحاق ببغداد سنة إحدى وخمسين ومائة، وقيل سنة خمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين، وقال خليفة بن خياط: سنة ثلاث وخمسين، وقيل أربع وأربعين ، والأول أصح ومن كتبه أخذ عبد الملك بن هشام سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمطلبي: نسبة إلى المطلب بن عبد مناف 0 وفيات الأعيان 4/276 ـ 277(1/244)
إن التابوت في بني إسرائيل كان فيه السكينة ، إنما كان فيه شيء مثل رأس الهرة ، فكانوا إذا دهمهم أمر أخرجوا التابوت بين أيديهم فإذا هو مثل هرير السنور ، أيقنوا بالنصر ، وقيل ريح / هفافة ، وقيل في قول الله تعالى : 117أ [فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ ] (1) مجازه فعيلة من السكون ، فكأن السكينة مأخوذة من السكون ، لأنه عليه السلام كان يسكن إلى ما ينزل عليه ، وكذلك السكينة التي كانت في بني إسرائيل ؛ لأنهم كانوا يسكنون إليها ، وإلى ما يرون فيها من الآيات 0
اليقين والملكوت : قال الله تعالى في قصة إبراهيم : [وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ] (2) وإنما صار من الموقنين بعد أن رأى الملكوت ، وعاين ؛ لأن اليقين مع المعاينة ، وليس في المعاينة ارتياب ، وضد اليقين الريب والشك ، والفرق بين الإيمان واليقين ، أن الإيمان ما غاب عنك ، واليقين ما تشاهده ، قال الله : [الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ] (3) لأنهم آمنوا بما غاب عنهم من أمور الآخرة ، وصدّقوا بما قالت الأنبياء والرسل ، والإيمان ربما شابه الشبهة والشك ، فإذا جاء اليقين زال الشك ؛ لأنه لا شك بعد المعاينة ، وملكوت كل شيء خزائن كل شيء / وهو فَعَلُوْت ، وقال مجاهد : فرجت له السماوات السبع ،117ب فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى إلى العرش ، وفرجت له الأرضين السبع حتى نظر إلى ما فيهن ، وقال الكسائي وغيره : الملكوت والجبروت أصلها من الملك والجبرية ، فزيدت التاء فيها 0
__________
(1) الفتح 26
(2) الأنعام 75
(3) البقرة 3(1/245)
الفتنة والبلاء والبلية : قال أبو عبيدة (1) في قول الله تعالى : [وَلَا تَفْتِنِّي ] (2) مجازه لا تؤثمني ، وقال في قوله [يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ] (3) هو من الفتنة في الدين (4) ، وفي قوله : [وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ] (5) أي ابتليناك (6) ، ويقال : رجل مفتون في دينه ، أي كافر ، وفي قوله : [يَفْتِنُوكَ ] (7) أي يضلونك ، ويستزلونك (8) ، والفتون يكون معناه شيئين : أحدهما الابتلاء ، وهو الاختبار ، ومنه فتنت الذهبَ النارُ ، إنما هو اختبارك إياه ؛ ليعرف خالصه من غير خالصه ، والفتون في غير هذا أن تصرف صاحبك عن الحق إلى الباطل ، وكل من أُميل عن القصد فقد فُتن ، ومنه قوله : [وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ] (9) وبهذا سميت الفتنة ، ومعنى الفتنة كله يرجع إلى / الامتحان ، وتمييز المؤمن من الكافر ، فيكون بمنزلة الذهب والفضة ، 118 أ الذي يُفتن بالنار ؛ فيعرف جيده من رديئه ، وخالصه من مشوبه ، والبلاء الاختبار ، وقال الأحنف لزياد : البلاء ثم الثناء ، وقال الله : [ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ] (10) أي ليختبرنكم ، وقال عز وجل : [وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ] (11) فجعل الفتنة مصدرا من البلاء ، وهما متقاربان في المعنى ، والله يمتحن عباده بالشر ، ليعرف كيف صبرهم ، ويمتحنهم بالخير ليعرف كيف شكرهم ، فالبلاء والفتنة متقاربان في المعنى ، وهما بمعنى الامتحان ، إلاّ أن البلاء يكون في الخير والشر ، والفتنة لا تكون إلاّ في الشر ، وأما البلية فإن أصله ما كان عليه أهل الجاهلية ، كانوا إذا مات منهم ميت يعقلون عند قبره ناقة ، فلا تُعلف ، ولا تُسقى حتى تموت ،
__________
(1) مجاز القرآن 1/261
(2) التوبة 49
(3) التوبة 126
(4) مجاز القرآن 1/271
(5) طه 40
(6) مجاز القرآن 2/19
(7) كتبت يفتنونك خطأ 0 المائدة 49
(8) مجاز القرآن 1/168
(9) الإسراء 73
(10) المائدة 94
(11) الأنبياء 35(1/246)
ويزعمون أن صاحبها يحشر عليها ، قال أبو دؤاد (1) : " مجزوء الوافر "
رذايا كالبلايا أو كعيدانٍ من القضب
/ الرذايا الإبل المهازيل ، شبهه بالبلايا ، واحدتها بلية ، لأنها إذا تُركت على118أ هذه الحال هزلت ، فهذا أصل البلية ، ثم قيل لكل شر بلية 0
الفرَج : أصل الفرج الإنفتاح والانكشاف ، يقال : انفرج أي انفتح وانكشف ، وفرج فاه إذا فتحه ، وأنشد للبيد : " من الكامل "
... فَغَدَت كِلا الفَرجَينِ تَحسَبُ أَنَّهُ مَولى المَخافَةِ خَلفُها وَأَمامُها (2)
الفَرَجان ، قال : انفرج أمامها ووراءها ، وكل هواء بين شيئين يقال له فَرْج وفُرجة ، ويقال بفتح الفاء ، فكأن الفرج الذي يطلبه المكروب هو أن يكشف ، ويفتح ؛ لأن المكروب كأنه في ظلمة ، وغطاء من أمره ، فإذا بان صلاح حاله ، انكشفت تلك الظلمة عنه ، وانفتحت 0
__________
(1) أبو دؤاد الإيادي ، ولم أجده في المطبوع من ديوانه ، وهو موجود في : الجليس الصالح الكافي ،ص2275 / الموسوعة الشعرية
(2) ديوانه ، ص 226(1/247)
المثل والمعنى : المثل كلام بعترض به الإنسان صاحبه ، ويبلغ به ما يحاول من حاجته بلا تصريح ، ويفهم صاحبه عنه مراده باختصار وإيجاز ، تعريضا من غير إفصاح ، والأمثال حكمة / العرب في الجاهلية والإسلام ، وضرب الله الأمثال119أ في القرآن ، وقال : [وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ] (1) وإنما قيل له مثل لأنه كلام مثل الكلام الآخر ، وليس هو ذاك بعينه ، والأول مثل ، والثاني معنى ، يقال هذا مثل الشيء ومثله ، ويقال مثلت لك هذا الأمر أي صورته ، والمثل صورة للكلمة المتمثل بها ، والمعنى هو المراد والمقصد ، وقال المفسرون في قوله تعالى : [مَثَلُ الْجَنَّةِ ] (2) أي صفة الجنة ، وقال : [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ] (3) إلى قوله : [ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ] (4) ، أي ذلك صفتهم ، لأنه لن يضرب لهم الأمثال في أول الكلام ، فيكون ذلك مثلهم ، وإنما وصفهم وحلاّهم ، ثم قال ذلك مثلهم ، أي صفتهم ، وقال : [مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ] (5) وقال :
__________
(1) العنكبوت 43
(2) الرعد 35 ، محمد 15
(3) الفتح 29
(4) الفتح 29: [مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ]
(5) العنكبوت 41(1/248)
[مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ ] (1) قال أهل اللغة : يعني شبه الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، والمثل العبرة ، قال الله : [ وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ ٍ] (2) أي عبرة ، والمثل ينصرف على هذه المعاني ، وهي كلها قريبة / بعضها من بعض ؛ لأن 119 ب صورة الأمر هو شبهه وصفته ، وهو مثاله الذي يُعتبر به ، ويُستدل به على معناه ، والمراد فيه ، ومن أجل ذلك سموا الصور التي تنقش على الحيطان تماثيل ، جمع تمثال ، وهي تِفْعَال من المثل ، ومما يحفظ من أمثال النبي عليه السلام المثل الذي ضربه للإسلام والقرآن ، وهو قوله : (ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي السراط سور فيه أبواب مفتحة ، وعلى تلك الأبواب ستور مُرخاة ، وعلى رأس الصراط داع يقول : ادخلوا الصراط ، ولا تُعرِّجوا ) (3) ، فالسراط الإسلام ، والستور حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي القرآن ، وأمثالا كثيرة ، منها قوله : (لا ترفع عصاك عن أهلك) (4) ، لم يُرد الضرب ، إنما أراد الموعظة ، وقوله : (للعاهر الحجر) (5) ، إنما عنى به أن لا حقّ له في النسب به ، وروي أنّ البراء بن عازب (6)
__________
(1) الجمعة 5
(2) الزخرف 56
(3) مسند أحمد 36 /32/ المكتبة الشاملة ، وفيه : ولا تتفرَّجوا
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر ( عصا)
(5) النهاية في غريب الحديث والأثر ( عهر )
(6) البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري الحارثي المدني؛ نزيل الكوفة. صحب النبي صلى لله عليه وسلم فاستصغر يوم بدر، وشهد غير غزوة، وقال: كنت أنا وابن عمر لدة. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وتوفي سنة إحدى وسبعين للهجرة..الوافي بالوفيات ، ص 7632 ـ 7633 / الموسوعة الشعرية(1/249)
حدا للنبي في بعض أسفاره ، فلما قارب النساء ، قال له عليه السلام : (إياك والقوارير) (1) ، يعني بالقوارير النساء ، كره أن يسمعن رجز الحادي وحُسن صوته ، فجعل القوارير مثلا للنساء ، وقال ) لا تستضيئوا بنار المشركين ) / وقال :( إن الكاسيات العاريات لا يدخلن 120أ الجنة) (2) ، وقال : ( إني أجد نفَس ربكم من قبل اليمن ) (3) ، ولو كان القرآن ، وألفاظ الرسول مكشوفة محمولة على ظاهرها لا معاني لها ، ولا تأويل حتى يستوي في معرفتها العالم والجاهل ؛ لبطل التفاضل ، وسقطت المحنة ، وماتت الخواطر ، وكل باب من أبواب العلم منه ما يجل ، ومنه ما يدق ، وسبيل المتعلم أن يرتقي فيه رتبة رتبة ، حتى يبلغ منتهاه ، ويدرك أقصاه ، ولو كان كل فن من العلوم شيئا واحدا لم يكن عالم ولا متعلم ، ولا خفي ، ولا جلي ؛ لأن فضائل الأشياء تُعرف بأضدادها ، فالعالم يُعرف بالجاهل ، والخير بالشر ، والنفع بالضر ، والحلو بالمر ، وقال بعض العلماء : إنّ القرآن نزل بلغة العرب ، ومذاهبها ، فمن جهل لغة العرب ، ومذاهبها وقع في البدع ، والضلالات ، وكانوا يتَوَقَّوْن تأويل القرآن ، والكلام فيه ، وفي الحديث : مَن قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ، وقال النبي عليه السلام ( رحم الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأدَّاها كما سمعها ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه ) (4) 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر ( قرر ) وفيه : رويدك رفقا بالقوارير
(2) مسند أحمد 19/ 346 ، صحيح مسلم 11/59
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر ( نفس )
(4) مسند أحمد 34/94 / المكتبة الشاملة(1/250)
والفرق بين المثل والمعنى هو مثل الرؤيا / التي يراها الإنسان في منامه ، 120 ب فالرؤيا مثل يضربه الملَك الموكل بالرؤيا ، والمعنى ما يكون من تأويلها ، وعبارة الرؤيا مأخوذة من عبر النهر إذا جاز من أحد جانبيه إلى الآخر إمّا بجسر أو قنطرة ، أو معبر أو سباحة ، ويقال : عبّر الرؤيا إذا بيّن تأويلها ، فكأنه عبر من المثل إلى المعنى كما يعبر العابر من أحد جانبي النهر إلى الجانب الآخر ، فكذلك عابر الرؤيا يجوزها من مثلها إلى معناها ، فيكون قد عبرها ، ومن لم يحسن أن يعبرها غرق في معناها ؛ لأنه جهله بمنزلة مَن يغرق ، وإذا لم يجد معبرا ، ولا قنطرة ، ولا يحسن سباحة ، والذي يعبرها يعرف تأويلها ، فيكون قد جاز المثل إلى المعنى ، وكذلك المعتبر بالشيء ينظر إليه فيعرف ما تعقب ، واعتبر افتعل من العبارة ، قال الله : [ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ] (1) أي اعرفوا عواقب الأمور ، التي جعلها الله عبرة لكم ، فتكونوا قد عبرتموه ، ونجوتم من الغرق فيها ، وقال النبي عليه السلام في الرؤيا : إنه ( جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) (2) ، والرؤيا وحي من الملك ، يضرب الأمثال ما يعاين من الملكوت ، وقال عليه السلام / في عبارتها : (الأول عابر) (3) ، ولم يرد كل من عبّر الرؤيا من عالم 121 أ وجاهل وبر وفاجر ، وقعت الرؤيا على ما يعبره ؛ لأن الرؤيا لاتتغير عن أصولها بعبارة معبر لها ، وكيف يعبر مخلوق ما نسخته جاءت من الملكوت مع ملَك الرؤيا ، وفي أم الكتاب ، ولكنه أراد أن الرؤيا إذا عبرها الصادق البَر العالم بأُصولها وفروعها باختلاف الأسباب ، وأجهد نفسه ، وفقه الله للصواب ، فوقعت عليه دون غيره ممن يفسرها بعده ، وإن كان مثله ، وقال عليه السلام : ( الرؤيا على رجل طائر ما لم
__________
(1) الحشر 2
(2) صحيح البخاري 21/331 ، صحيح مسلم 11/353 / المكتبة الشاملة
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر ( عبر ) ، وفيه : الرؤيا لأول عابر(1/251)
تُعبَّر ، فإذا عُبِّرت وقعت ) (1) ، وقال ابن سيرين : أنا أعبر الرؤيا على الحديث ، وأجعله اعتبارا ، وقال النبي عليه السلام : ( إنّ الرؤيا كُنى وأسامي فكنُّوها بكناها ، وعبّروا بأساميها) (2) ، فكنى الرؤيا هي الأمثال التي يضربها ملك الرؤيا للرجل في منامه ، يكني بها عن اعتبار الأمور ، فقوله : كنّوها بكناها ، أي مثلوا لها أمثالا إذا عبرتم 0
العربي والعجمي : العربي منسوب / إلى العرب ، وإن لم يكن بدويا ، 121 ب والأَعْرابي من سكن البادية ، وإن لم يكن من العرب ، وكان عبدا أو مولى ، والعجمي المنسوب إلى العجم بالنسب ، وإن كان فصيحا عربي اللسان ، والأعجمي الذي هو أعجمي اللسان الذي لا يفصح ، وإن كان عربي النسب ، وإن سكن البادية ، يقال : رجل أعجم إذا كان في لسانه عجمة ، ورجل عجمي ، وليس في اللسان ، والدواب كلها عجم ؛ لأنها لا تتكلم ، وجاء في الحديث : العجماء جبار ، ويقال : تعرّب الأعجمي إذا تكلم بلسان العرب ، ودخل في جملتهم ، كما يقال : تنزَّر إذا دخل في جملة نزار ، وتقيَّس إذا دخل في جملة قيس ، والعرب المُتعربة يقال لهم ولد إسماعيل بن إبراهيم ، لأن إسماعيل عليه السلام أخذ اللسان عن يعرب ابن قحطان ، فقيل : تكلم بالعربية ، معناه بلسان معرب ، وكان حقه أن يقال باليعربية ، إلاّ أنهم أسقطوا الياء لأنها من نفس الكلمة ، ويقال لليمن العرب العاربة ؛ لأن اللسان كان لهم ، والمُعرب هو المُبيّن ، يقال : أعرب إذا بدا ما / في ضميره بأي لسان كان ، قال النبي عليه السلام : الثيب يُعرِب عنها122 أ لسانها ، ولإعراب في الكلام الإفصاح والإبانة 0
__________
(1) سنن أبي داود 13/208 ، سنن ابن ماجة 11/393، مسند أحمد 32/408 / المكتبة الشاملة
(2) النهاية في غريب الحديث ( كنا )(1/252)
اللحن : اللحن الخطأ في الكلام ، يقال : فلان يلحن في الكلام ، إذا لم يعربه ، فرفع ما سبيله أن يُنصَب ، فهذا يقال له اللحن ، وإنما قيل لذلك لحن لأنه كلام يلتبس ، فلا يكون مميزا ، بل معدولا عن جهته ، وأصل اللحن الرمز ، يقال : لحن له لحنا إذا رمز بكلام يخفيه عن غيره ، وقال الله تعالى : [ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ] (1) أي في قصده ، فسمي اللحن في العرب بذلك ؛ لأنه ملبس ، وليس بمعرب ، ويقال لنوع من القراءة لحن ، ويقال هو يقرئ بالألحان ، وهو بين القراءة والنشيد ، يُضجع ويمد الصوت ، ويُحس حتى كأنه رمز ، وقل ما يفطن لذلك النشيد ، وذلك القراءة ، فسمي ذلك لحنا ؛ لأنه يخفيه إخفاء لشدة تصحيفه إياه وتنغيمه ، ومدّ الصوت به ، ويقال : إن كلام الملائكة يشبه الألحان ، ويقال : رجل لحن إذا كان فطنا ، ومنه الحديث : لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، أي أقوم به وأحسنه أداء ، والإعراب أيضا يسمى لحنا ؛ لأنه يبيّن عن اللحن والخطأ ، ويدل على موضع / اللحن ، وإنما قيل للفطن لَحِن ؛ لأنه يفطن لما يلتبس122ب على غيره 0
الرفع والنصب والخفض والجزم : قال الخليل : إنما سمي الرفع رفعا لأنه أول شيء يرفع لك ، وسمي النصب نصبا لأنه منتصب بين يديك ، وسمي الخفض خفضا ؛ لأنه فضل من كلام ، فالرفع ما ارتفع من أسفل إلى أعلى ، والنصب يخرج مستويا من الرفع ، والخفض أساس النصب والرفع، والنصب الانتصاب ، والمنصوب العائم ، والمخفوض المصروع ، والجزم القطع ، ومنه يقال : جزمت على فلان ، أي قطعت عليه ، وأجزم أي أقطع ، ويقال : الفعل مجزوم إذا لم يلحقه الإعراب ؛ كأنه مقطوع عن الإعراب ، وقال إبراهيم النخعي ، قال : التكبير جزم ، والقراءة جزم ، والتسليم جزم 0
__________
(1) محمد 30(1/253)
الهمز والإضافة والترخيم والإدغام : كره قوم الهمز في القرآن ، وحج الكسائي مع الرشيد ، فقدم المدينة ، فصلى بالناس ، فهمز ، فأنكر أهل المدينة ، وقالوا : تهمز في مسجد رسول الله ، وأصل الهمز الكسر والدفع ، يقال : همز رأسه ، وهمزت الجوز بكفي ، وسميت الهمزة في الحرف لأنها تهمز فتقصر عن مخرجها ، وقيل للذي يغتاب الناس : هُمزة وهمّاز ، لأنه يعيب الناس ، ويقصر بهم ، ويدفعهم عن فضلهم 0
/ والإضافة الإمالة ، يقال : هو مضاف إليه أي مُمال إليه ، وسمي الضيف 123أ ضيفا لأنه ضاف أي مال وعدل ، وقيل الإضافة أن ينسب الشيء إلى مألفه وربه وصاحبه ، أي يلجأ إليه 0
والترخيم هو أن يحذف المتكلم حرفا من آخر الكلمة ، إذا أراد أن يقول : يا مالك ، قال : يا مال ، وأصل الترخيم الترقيق ؛ كأنه يرقق القول به إذا رخمه 0
والإدغام : أن يُدخَل حرفٌ في حرف آخر من جنسه فيصيران حرفا واحدا ، وأصل الإدغام أن يُدخَل واحدٌ في الآخر ، يقال : أدغمته فيه ، إذا أدخلته فيه 0(1/254)
الأب والأم والابن والابنة والأخ والأخت والعم والخال واليتيم: يقال : هذا أب الشيء وأمه ، أي صاحبه القائم به العالم ، قال مجاهد في قول الله : [هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ] (1) قال النساء ، وكل نبي هو أبو أمته ، وقال أبو عبيد : وهذا شبيه بما يروى في قراءة أُبي : [ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (2) وهو أب لهم ] ويقال : هو أبو عمدتها ، أي أول من مسها واقتضّها ، والأبوة والأخوة الولاء أيضا ، والأبوة والأخوة تعني أنه صاحب منزل الأضياف ، ويقال : أنا أبو هذا الأمر وأمه ، أي صاحبه والعارف به ، ويُقال لأهل الرجل : أم مثواه ، ومثواه منزله الذي يأوي / إليه ، والثَّواء الإقامة ، وسميت أم مثوى لأنها صاحبة منزله123ب ويكون قصده ورجوعه إليها ، ويقال للجلدة التي تضم الدماغ أمّ ، فإذا شُجّ الرجل ، وبلغت الشجة تلك الجلدة ، فهو رجل مأموم ، وأمم ، وإنما سميت الأم أمَّا لأن الولد يؤمها ، أي يقصدها ، ويتبعها ، يقال : أَمّ الشيء يؤمه إذا تبعه وقصده ، وابن الشيء صاحبه المهتدي لأسبابه ، وتقول العرب للعالم بالبلد : هو ابن نجدتها ، أي العالم بها ، أي العالم بها ، المقيم فيها ، يعني بالبلدة ، والنجدة التراب ، وكل شيء عُرف بشيء ، ونسب إليه فهو ابنه ، ويقال : القلوب بنات الخوف ، ويقال : هو أخو كذا وكذا ، أي صاحبه ، وأخو بني فلان ، أي صاحبه المنسوب إليهم ، يقال : أخو قيس ، وأخو عبس المنسوب إليهم ، وأخو الحرب ، وأخو الجهد ، والعم من العموم ، والخال من الخصوص ؛ لأن عم الرجل ليس محرما لأهله ، والخال محرم لها (3) ، والعم سبيله في بيت الرجل سبيل العامة ، والخال سبيله سبيل الخاصة ، واليتيم المنقطع عن أبيه وأمه ، المفارق لهما ، وكل من فارق شيئا فقد يتم منه ، وتنحت المرأة عن زوجها
__________
(1) هود 78
(2) الأحزاب 6
(3) هذا ليس صحيحا ، فخال الرجل ليس محرما لأهله 0(1/255)
إذا مال عنها ، ويقال يتم من أبيه / وأخيه وأمه ، ومن صاحبه ، فكأنه يكون مقرونا به ، فإذا فارقه فقد يتم 124أ منه ، ومنه درّة اليتيمة ، لأنه لا شبه لها ، ولا قرين ، فكأنها منقطعة عن قرين وشبيه 0
الخمر والميسر : أجمع الفقهاء أن ما غلى وقذف بالزبد من عصير العنب من غير أن تمسه النار خمر ، وأنه لا يزال خمرا حتى يصير خلاً ، واختلفوا في الحال التي يخرج فيها من منزلة الخمر إلى منزلة الخل ، فقال بعضهم : هو أن يتناهى في الحموضة حتى يفارق النشوة ، وقال آخرون : إذا خللت حتى تنقلب عينها كان مباحا ، والخمر يتخذ من أشياء كثيرة ، قال أبو موسى (1) :
__________
(1) أبو موسى الأشعري : عبد الله بن قيس بن حضار. هو أبو موسى الأشعري اليماني، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدم عليه مسلماً مع أصحاب السفينتين من الحبشة. استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على زبيد وعدن. وولي الكوفة والبصرة لعمر وحفظ الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من أجلاء الصحابة. توفي سنة أربع وأربعين على الصحيح ..الوافي بالوفيات ، ص 14044 / الموسوعة الشعرية(1/256)
خمر المدينة من البُسر والتمر ، وخمر أهل اليمن من التبغ ، وهو نبيذ العسل الذي يتخذه أهل مصر ، ولأهل اليمن المزّ وهو من الشعير ، والسكركة من الذرة ، وهي العشرة التي نهى رسول الله عنها ، وهي خمر العالم (1) ، وقال عمر (2) : الخمر من خمسة أشياء : من اللبن والشعير والتمر والزبيب والعسل ، وأسماؤها : الخمر ، والراح ، والكأس ، والرحيق ، والسلافة ، والطلا ، والشمول ، والقهوة ، والمدام ، والمزاء ، والقرقف ، والصرخد ، والمشعشعة / والخرطوم ، وسميت خمرا لأنها 124ب تُخمّر ، أي تُغطى حتى تنبذ ، والمسكر يخمر ، وهو خمر مثله ، وقال قوم سميت خمرا لأنها خامرت العقل ؛ فكأنه لا يرى رشده ، قد حيل بينه وبين عقله بغطاء ، ومنه سمي خِمار المرأة ، لأنه يغطي شعرها حتى لا يُرى ، وسميت راحا لأنها ختلت الروح ، فاشتق لها اسم من ذلك ، وأصل الراح والروح من موضع واحد ، فخالفوا بينهما في البناء ، ليدل كل واحد منهما على معناه ، وقيل : أصل الراح الروح ، فقلبت واوه ألفا ، ثم انفتحت ، وانفتح ما قبلها ، ثم اشتقوا الريحان من ذلك والرَوح طِيب النسيم ، فقيل ريحان ؛ لطِيب رائحته ، وقيل للخمر راح ؛ لطيب رائحتها ، وسميت عقار ، لأنها من عاقَرتْ الدن ، أي بقيت فيه زمانا ، والمعاقرة إدمان الشراب ، ويقال لها : الرحيق ، ويقال لها : الكأس كناية عنها بالكأس الذي شرب به ، ويقال لها : السلافة ، ويقال لها : الطلا ، وقال قوم الطلا ليس بخمر ، إنما هو ما طُبخ من عصير العنب ، فيرد عليها المنبذ ، وسميت شمولا لأنها تشتمل على عقل صاحبها ، وسمي النبيذ نبيذا لأنه يُتخذ ويُنبذ ، أي يُترك ويُعرض عنه حتى يبلغ ، وقال آخرون : بل سمي نبيذا لأنهم /كانوا يأخذون القبضة من 125 أ الزبيب أو التمر ، فينبذونها في السقاء ، أي
__________
(1) الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها ـ ابن قتيبة ، ص 115 / الموسوعة الشعرية
(2) الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها ، ص 116/ الموسوعة الشعرية(1/257)
يلقونها فيه 0
والميسر : الجزور نفسه ، ويقال للمقامرين بالقداح : ياسرون ؛ لأنهم جازرون إذا كانوا سببا ، وللضارب بالقدح يَسر ، والجمع أيسار ، فالميسر الذي حرمه الله في كتابه هو الضرب بالقداح على أجزاء الجزور قمارا ، كما قالوا للنرد ميسرا ، وهو يشبه ذلك الميسر ؛ لأن اللاعب به مقامر ، كما أن الضارب بالقداح مقامر ، ويقال أول من وضع المئزر ، وأجال القداح على الجزور لقمان بن عاد ، والقداح التي كانوا يتقامرون بها عشرة : سبعة منها ذوات خطوط ، وعليها الفرض ، أولها الفذ ، وعليه فرض واحد ، وله نصيب واحد ، والثاني التوأم وعليه فرضان ، وله نصيبان ، والثالث الرقيب ، وعليه ثلاثة (1) فروض ، وله ثلاثة أنصباء ، والرابع الحِلس ، وعليه أربعة (2) فروض ، وله أربعة خطوط (3) ، والخامس النافس ، وعليه خمسة (4) فروض ، وله خمسة أنصباء ، والسادس المُسبل ، وعليه ستة فروض ، وله ستة أنصباء ، والسابع المُعلّى ، وعليه سبعة (5) فروض ، وله سبعة أنصباء /والثلاثة هي أغفال ، غير موسومة ، ولا فروض عليها ولا حظوظ لها 125ب ، ويقال لها : السفيح ، والمنيح ، والوغد (6) ،
__________
(1) كتبت ثلاث
(2) كتبت أربع
(3) كتبت أربع ، وهنا يريد أربعة أنصباء
(4) كتبت خمس
(5) كتبت : سبع
(6) جمع الصاحب بن عباد هذه الأسماء ونظمها في أبيات فقال:
إن القداح أمرها عجيب الفذ والتوأم والرقيب
والحلس ثم النافس المصيب والمصفح المشتهر النجيب
ثم المعلى حظه الترغيب هاك فقد جاء بها الترتيب
نهاية الأرب ، الموسوعة الشعرية ، ص 1737(1/258)
وإنما تكثّر بها ، ويكون عدد الأيسار سبعة أنفس ، يأخذ كل رجل قد حاور بها نقص عدد الرجال عن السبعة ، فيأخذ الرجل منهم قدحين ، حتى يتم الإنسان ، وكانوا يتبايعون الجزور ، ويضمنون لصاحبه ثمنه ، حتى يضربوا بالقداح عليه ، ثم ينحرونه ، ويقسمونه عشرة أجزاء ، قال الأصمعي : ثم يجيلون عليه القداح ، فإن خرج المعلى (1) ، أخذ صاحبه سبعة أنصباء ، ونجا من الثمن ، ونفذت أجزاء الجزور ، وغرم الباقون ثمن الجزور ، على ثمانية وعشرين جزءا ، للفذ جزء ، وجزءان للتوأم : وثلاثة أجزاء للرقيب على هذا حتى تبلغ ثمانية وعشرين جزءا ، وخالفه في ذلك أكثر العلماء ، وخطئوه ، وقالوا إذا كان كذلك ، وأخذ كل قدح نصيبه ، لم يكن هناك غرم ، ولا يكون قامر ولا مقمور ، وذكر ذلك ابن قتيبة على غير ذلك ( فقال ) (2) : كانوا إذا أرادوا أن يلعبوا (3) بالقداح أحضروها ، وأحضروا رجلا يضرب بها بينهم يدعونه الحرضة (4) ، فشدوا عينه ، وألقوا على يده ثوبا /أبيض0000000000 (5) القداح ، وتكون القداح في سُلُفَة تُدعى الرِّبابة 126 وهي كالخريطة واسعة ، تستدير فيها القداح ، وتستعرض ، ولها مخرج ضيق عن أن يخرج منه قدحان أو ثلاثة ، والقدح كفصوص النرد ، غير أنها مستديرة ، فتجعل في تلك الخريطة ، وتعصب الخريطة على يدي ذلك الرجل ، ويؤتى برجل ، فيقعد أمينا ، ويسمونه الرقيب ، ينظر كيف يقبض الضارب بالقداح ، فيقال له جلجل ، فيجلجل القداح في تلك الخريطة مرتين أو ثلاث ، حتى تختلط بعضها ببعض ، ثم يفيضها ، أي يدفعها دفعة واحدة إلى قداح ، ومنه الإفاضة من عرفات ، إنما هو الدفع إلى جمع ، فإذا بدر من مخرجها قدح واحد ، قام الرقيب ، ونظر إليه ،
__________
(1) كتبت : المصلى ، وهو خطأ
(2) فراغ في الأصل ، وربما كان مكان الفراغ كلمة فقال :
(3) كتبت : يتبعوا
(4) هو رجل يتأله عندهم لم يأكل لحما قط بثمن، انظر نهاية الأرب / الموسوعة الشاملة
(5) فراغ بقدر ثلاث كلمات ، وهذه الورقة صفحة واحدة(1/259)
كان من الأغفال التي لا حظوظ لها 0
/ الأصنام والأزلام والأوثان: الصنم يقال : من الحجارة على صورة الإنسان 127 أ، كانت العرب تعبده ، فإذا كان من خشب فهو وثن ، والنُّصب أيضا يكون أيضا من الحجارة ، يقال : نُصُب وأنصاب ، وقال أبو عبيدة في قوله : [وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ] (1) جمعه أنصاب ، والأزلام القداح ، واحدها زُلم ، والزُلم القِدح لا ريش عليه ، ولا نصل ، فإذا كان مريشا فهو سهم ، وكانوا يضربون القداح لكل سفر وغزو وتجارة ، وإنما سمي استقساما ؛ لأنهم كانوا يطلبون قسم الرزق ، وطلب الحوائج بها ، وكانوا يسألونها أن تقسم لهم ، وكان بعض أهل الجاهلية يتحرج منها ، ويفتخر بتركها ، وكانت عندهم سبعة قداح ، مسوّمة مرسوحة ، وكانت في بيت السادن ، مكتوب عليها : نعم ، لا ، منكم ، من غيركم ، ملصق ، العقل ، فعل الفعل (2) ، فكانوا إذا اختلفوا في نسب رجل ، جاؤوا إلى السادن ، وقالوا للصنم : يا إلهنا قد تمارينا في نسب فلان ، فأخرج علينا / الحق فيه ، فتجال القداح 127 ب فإن خرج منكم ، كان أوسطهم نسبا ، وإن خرج من غيركم كان حليفا ، وإن خرج ملصق كان على منزلته ، لا نسب له ، ولا حلف ، وكانوا إذا أرادوا سفرا ، فعلوا مثل ذلك ، فإن خرج لا ، لم يفعلوا ، وكانوا إذا جنى أحدهم جناية ، فاختلفوا فيمن يحمل العقل ، فعلوا مثل ذلك ، وإن خرج العقل على الذي ضُرب عليه ، لزمه العقل ، وبرئ الآخرون ، وإن خرج على غيره ، كان على الآخرين العقل ، فهذا هو الاستقسام بالأزلام ، الذي حرمه الله ، وسماه فسقا 0
الرجز والرجس والنجس والسحر وهاروت وماروت ويأجوج ومأجوج والدجال والكاهن والقائف والعائف والراجز والجبت والطاغوت والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام :
__________
(1) المائدة 3
(2) لم يطهر منها إلاّ : فعل الف(1/260)
الرجز : العذاب ، والرجس النتن ، وقال الكسائي : الرجز والرجس لغتان بمعنى واحد ، وقال : الرجس المعصية والكفر والنفاق ، والمعاصي رجس ، قال الله تعالى : [فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ] (1) أي نفاقا إلى نفاقهم ، وإنما قيل للخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ، والرجس النتن ، والخمر ليست نتنة ، بل هي / طيبة الريح ، والميسر والأنصاب والأزلام ليست لها رائحة ، فمعناه أن 128 أ شارب الخمر ، ومن يدين باستعمال الميسر ، وعبادة الأصنام هو رجس ، أي منتن ، والرجس والنجس هما النتن والقذارة ، قال الله : [ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ] (2) أي أقذار مناتين ، وأما السحر فهو التعليل بشيء لا حاصل له، قال لبيد : " من الطويل "
فَإِن تَسأَلينا فيمَ نَحنُ فَإِنَّنا عَصافيرُ مِن هَذا الأَنامِ المُسَحَّرِ (3)
يعني المعلل ، والسحر مأخوذ من قلب الأمر عن جهته ، قال رؤبة (4) : " من الوافر "
وساحرة السراب من البراري
يصف المفازة بسحر الأبصار ، لا تدري أين وجهها ، فكأن السحر هو الذي يعلل الشيء بشيء يشتبه عليه حتى لا يدري أين يتوجه ، وقلب عن وجهه ، فالسحرة يعللون الناس بالأباطيل التي يوردونها عليهم ، ويشبهون الباطل بصورة الحق ، ويقلبونه (5) عن جهته ، والسحر على أوجه كثيرة ، منه الأخذ بالأعين ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، ومنه ما يسنح (6) به الإنسان ، وهو على ضروب كثيرة ، وأصله مأخوذ من التعلل بالباطل 0
وهاروت وماروت ، قيل : إنهما ملَكان ، وإنهما افتتنا بامرأة ، وإنهما معلقان ببابل وإن السحرة / يأخذون عنهما السحر، وقُرئ : ... ... 128ب ...
__________
(1) التوبة 125
(2) التوبة 28
(3) ديوانه ، ص 66
(4) لم أجده في المطبوع من ديوانه ، وقد وجدت بيتا لذي الرمة ، يقول فيه :
وساحرة السراب من الموامي ترقص في عساقلها الأروم
العساقل: السراب، والأروم: الأعلام.
(5) كتبت : يقلبوه 0
(6) أي ما يعرض به الإنسان ، الصحاح ( سنح )(1/261)
[ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ] (1) والملكين بفتح اللام وكسرها ، فمن قرأ بالفتح أراد بهما ملكان من الملائكة ، ومن قرأ بالكسر ذهب إلى أنهما داود وسليمان ، وقيل : إنهما علجان من أهل بابل (2) ، ومن جهة اللغة هاروت فاعول من الهرت ، والهرت الفصاحة والبلاغة في الكلام ، وماروت فاعول من المرت ، والمرت المفازة التي لا ماء فيها ، فكأن هاروت وماروت اشتق لهما هذان الاسمان من الفصاحة والبيان ، فلما غضب عليهما قلّ الخير عندهما حتى صارا بمنزلة المفازة التي لا خير فيها ، ولا عشب ، ولا ماء ، وصارت بلاغتهما لا تجذب نفعا ولا خيرا 0
__________
(1) البقرة 102
(2) بابل: بالعراق، كانت بابل من عظمها واستبشاع أمرها لا تكاد تجعل من عمل الآدميين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "وما أنزل على الملكين ببابل" ويقال إن الضحاك أول من بناها، وسكنها العمالقة ودخلها إبراهيم عليه السلام، ويقال إن بها مولده، وقيل بل ولد بالسوس من أرض الأهواز، وقيل بكوثى من أرض السواد، وينسب إليها السحر والخمر، ويقال إن بها هاروت وماروت يعذبان إذ اختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة وأنهما معلقان في سرب تحت الأرض كالحبلين، وأن بعض الناس رآهما كذلك، فجادله يهودي بها لرغبته في ذلك، فلما رأى منظرهما رأى منظراً عظيما وأمراً هائلاً أفزعه، و هذا مروي عن الفقيه ابن البراء يحكيه عن مجاهد صاحب التفسير ولا يدري أهو الرائي لهما أو غيره فالله أعلم. الروض المعطار ، ص 73(1/262)
ويأجوج ومأجوج ، لا ينصرفان ، وبعضهم يهمزهما ، وبعضهم لا يهمزهما ، فكأن يأجوج من أجّ النار إذا أوقدها ، وكذلك أجج الفتنة إذا أثارها ، ومأجوج مأخوذ من ماج يموج إذا اضطرب ، يقال : ماج بهم الأمر إذا اضطرب ، ومنه موج البحر اضطرابه ، فكأن يأجوج ومأجوج إذا فتحوا السدّ أججوا نار الفتنة ، وماج الناس بعضهم في بعض / وبهذا وصفهم الله ، فقال : [ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ129أ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ] (1) وذكرهم النبي عليه السلام ، فقال ( صغار الأعين ، عراض الوجوه ، صهب الشعور ، من كل حدب ينسلون ) (2) 0
والدجال يروى عن النبي عليه السلام فيه أخبار كثيرة ، منها أنه قال في صفته : ( أعور هجان أشبه الناس بعبد العزى بن قطن ، ولكن الْهُلَّكُ أن ربكم ليس بأعور) (3) وفي رواية أخرى ( أجلى الجبهة ، ممسوح العين اليمنى ، عريض النحر ، فيلق الهجان الأبيض) (4) ، والفيلق الكتيبة العظيمة ، شبهه بالفيلق في عظمه ، والأجلى الذي قد انحسر الشعر عن مقدم رأسه قليلا ، واسمه المسيح ؛ لأنه ممسوح العين ، كما قالوا للمجروح جريح ، وللمقتول قتيل ، والدّجال مأخوذ من الدجل والدجن جميعا ، وهو إلباس الظلمة والغيم ، فكأنه يلبس على الناس ، ويظلم عليهم ، حتى لا يعرفون رشدهم ، فوصفه النبي عليه السلام بصفاته ، وأنذر به أمته لكيلا يفتنوا به ، وبما يورده من مخاريقه / التي يظلم عليهم دينهم ويلبسه 0 129 ب
__________
(1) الكهف 98 ، 99
(2) مسند أحمد 45/305 / المكتبة الشاملة 0
(3) مسند أحمد 5/73 ( المكتبة الشاملة )
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر ( فلق )(1/263)
والكاهن : والكهان كانوا في العرب ، وكانوا يتحاكمون اليهم فيما يختلفون فيه من أمورهم الغائبة عنهم وعن أفهامهم اذا اختلفوا في نسب رجل ، أو ارتابوا في غائب أو أمر يحذرونه ، فكان الكاهن يسجع لهم ، ويخبرهم به فيما يزعمون ، قال بعض المفسرين في قول الله تعالى : [وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ] (1) قال الطاغوت الكاهن والكاهنة ، وقال النبي عليه السلام ( إياكم والنجوم فإنه يدعو إلى الكهانة) ، والكاهن بالعبرانية عالم ، وهم يقولون للعالم كهنان ، معناه عالم الرب ، وإنما كان الكاهن في الجاهلية يعلم ، وما يعلم ؛ لأن الشياطين كانوا يسترقون السمع من موضع التدبير ، ويلقونه على ألسن الكهنة ، فلما بعث الله نبيه عليه السلام ، بطل أمر الكهانة ، ومنع الشياطين من ذلك 0
والعائف والقائف والزاجر نوع من ذلك إلاّ أنه أحمد من الكهانة ، وذلك أن الكاهن كان بمنزلة الحاكم ، وقد كان من الكهان مَن يعبد الأصنام ، فأما العائف فهو الذي يعيف الطير ويزجرها ، ويعتبر بأساميها ، وأصواتها ، ومساقطها ومجاريها ، فإذا / سمع صوت طير ، أو جرى عن يمينه إلى شماله ، أو عن شماله إلى يمينه130أ قضى في ذلك بخير أو شر في الأمر الذي يريد أن يفعله فاجتنبه ، يقال : عاف يعيف إذا فعل ذلك ، ومعنى عاف أي امتنع ، وتجنب ، يقال : عافت الإبل الماء إذا لم تشربه ، وكانوا إذا رأوا غرابا قضوا بالغربة ، وإذا رأوا عقابا ، قالوا : عقوبة ، وقالوا للغراب غراب البين ؛ لأنهم كانوا يتطيرون من اسمه ، ويقضون به للبين ، والبين الغربة ، وقال قوم سمي غراب البين ؛ لأنه يقع في الديار إثر الظاعنين ، وكانوا يسمونه خاتما ؛ لأنه يختم بالشر ، وقيل سمي غراب البين لبينه عن نوح حين أرسله ليأتيه بخبر الطوفان 0
__________
(1) الزمر 17(1/264)
والزاجر مثل العائف ، فإذا رأى شيئا كرهه ، رجع عن أمر يريد أن يسرع فيه ، أو حاجة ، والزاجر معناه الناهي ، وكأن الطير قد زجره عن ذلك الفعل ، ويكون الزاجر معناه إذا رأى شيئا كرهه صاح بها وطردها ، فكان طرده إياها زجرا لها ، وتنسب الطيرة إلى الطير من ذلك ، فقالوا تطيّر ويتطير ، أي استدلّ بالطير ، والفأل هو أن يكون مريضا فيسمع : يا سالم ، أو باغيا ، فيسمع : يا واجد ، وكان / ابن سيرين يكره الطيرة ، ويحب الفأل ، يقال : فلان يتفاءل ، كما يقال : 130 ب يتطير ، إلاّ أنهم صرفوا معنى الفأل إلى الخير ، والطيرة إلى الشر ، فهو يتطير من شر يكرهه ، ويتفاءل بشيء يحبه ، والفأل مأخوذ من الفيال ، والفيال لعبة كانت العرب تلعبها ، يتقامرون بها ، كانوا يأخذون الدراهم ، فيخلطونها بالتراب ، ثم يجمعونه طويلا ، ويقسمونه نصفين ، ويتقارعون عليه ، فمن أصابته القرعة اختار من القسمين قسما ، فيقال هو يلعب بالفأل ، قال الشاعر (1) : " من الطويل "
كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ
والقائف الذي يتبع الآثار ، ويعرفها ، ويعرف شبه الرجل في ولده ، وسمي قائفا لأنه يقفو الأثر ، وروي عن ابن عباس أنه كان يعيف ، فإذا سمع صوت طائر مرتين قال : شر ؛ لأن الشر حرفان ، وإذا سمعه ثلاثا ، قال : خير ؛ لأن الخير ثلاثة أحرف ، وإذا سمع خمسة قال : خير وشر ، لأن الخير والشر خمسة أحرف ، فإذا زاد على ذلك قال : لاخير ولا شر ، هكذا روي عنه 0
__________
(1) لطرفة بن العبد ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وهوعجز بيت من معلقته ، وصدره : يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها(1/265)
والجبت كل معبود من حجر ومدر ، وصورة أو شيطان ، فهو جبت وطاغوت /والجبت مأخوذ من اجتبى ، كأنهم اختاروا عبادة الجبت على عبادة الله ، 131 أ والطاغوت فاعول من طغى ، والطاغية مثله ، وأصله الاستكبار والأنفة ؛ لأن الذين عبدوها استكبروا عن عبادته ، وأنفوا من الانقياد لرسله وأنبيائه ، وكذلك الطاغوت في نفسها ، أنفت وطغت على الأنبياء ، وكفروا برسول الله ، فسموا طواغيت 0
والبحيرة كان أهل الجاهلية يحرمونها ، وكانوا يحرمون وبرها ولحمها وظهرها ولبنها ، ويحرمونها للرجال ، وما ولدت البحيرة عندهم من ذكر أو أنثى فهو عندهم حام ، وهو اسم له ، والبحيرة إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن ، وكان آخرها سقبا ذكرا شقوا أذن الناقة ، وخلوا عنها ، فلا تحمى عن ماء ولا كلأ ، ولا ينتفع بها 0
والسائبة كان الرجل إذا مرض ، أو قدم من سفر ، أو نذر نذرا ، سيّب بعيرا ، فكان بمنزلة البحيرة ، وإذا قال الرجل لغلامه : أنت سائبة ، فقد عتق ، وليس بينهم عقل ، ولا ميراث 0
والوصيلة من الغنم ، كانت العرب إذا ولدت الشاة ذكرا قالوا : هذا لإلهنا ، فإذا ولذت أنثى ، قالوا هذه لنا / خاصة ، دون إلهنا ، فإذا ولدت ذكرا أو أنثى 131 ب
قالت : وصلت أخاها ، فلم يذبحوهما ، قالوا والحام إذا نتج من صلبه عشرة أبطن ، قالوا : قد حمى ظهره ووبره وكل شيء منه ، فلم يمس ، ولم يركب ، ولم يطرق ، فهذا ما جاء في البحيرة والسائبة والوصيلة والحام 0
اشتقاقات ألفاظ مستعملة وأمثال سائرة :(1/266)
معنى قوله : حياك الله وبياك (1) : أما حياك الله فإنه مشتق من التحية ، وهي تنصرف على ثلاثة معان (2) : فالتحية السلام ، فيكون معناه سلام الله عليك ، والتحية المُلك ، فيكون معناه : ملكك الله ، والتحية البقاء ، فيكون معناه : أبقاك الله ، وأما بياك فزعم الأصمعي أنه أضحكك ، وروي أن آدم عليه السلام لما قتل أحد ابنيه أخاه مكث سنة لا يضحك ، ثم قيل له : حياك الله وبياك ، أي أضحكك ، وقال الأحمر (3) : معناه بوّأك منزلا ؛ لازدواج الكلام ؛ ليكون تابعا لحياك ، وقال ابن الأعرابي : بياك قصدك بالتحية 0
وقولهم: مرحبا وأهلا (4) : قال الفراء : معناه رحّب الله بك وأهلك على الدعاء له ، فأخرجه مخرج المصدر ، فنصبه ، ومعنى رحّب وسّع ، وقال الأصمعي : معناه أتيت رحبا ، أي سعة ، ومن / ذلك سميت الرحبة لسعتها 0 ... ... ... 132أ
وقولهم : أقرّ الله عينه (5) : قال الأصمعي : معناه أبرد الله دمعته ؛ لأن دمعة السرور باردة ، ودمعة الحزن حارة ، وأقرّ مشتق من القرور ، وهو الماء البارد ، وقال غيره : معناه صادفت ما يرضيك ، فتقرّ عينك من النظر إلى غيره ، وقال أبو عمرو: أقرّ الله عينه : أنام الله عينه ، والمعنى صادف سرورا أذهب سهره فنام 0
وقولهم : أسخن الله عينه (6) : أي بكت بدموع حارة من الحزن ، مشتق من السخون ، وهو الماء الحار ، ويقال : هو من سخنة العين ، وهو كل ما أبكاها ، وأوجعها 0
__________
(1) الفاخر ، ص 1 ، الزاهر 1/ 155 ـ 158 ، أدب الكاتب ، ص 38
(2) كتبت : ثلاث معاني
(3) هو علي بن المبارك الأحمر ، صاحب الكسائي ،كان مؤدب الأمين، وهو أحد من اشتهروا بالنحو ، واتساع الحفظ ، قيل إنه كان يحفظ أربعين ألف بيت شاهد في النحو 0 ت 194 0 تاريخ بغداد 12/104 ، إنباه الرواة على أنباه النحاة 2/313 ، بغية الوعاة 2/158
(4) الفاخر ، ص 3 ، الزاهر 1/335 ، أدب الكاتب ، ص 42
(5) الفاخر ، ص 5 ، الزاهر 1/300 ـ 302
(6) الفاخر ، ص 5(1/267)
وقولهم : ما به قَلَبَة (1) : قال الأصمعي : أي ما به داء ، وهو القلاب داء يأخذ الإبل في رؤوسها ، فيقلبها إلى فوق ، وقال الفراء : معناه ما به علة يخشى عليه منها ، وهو من قولهم : قلب الرجل : إذا أصابه وجع في قلبه ، فلا يفلت منه ، وقال ابن الأعرابي : أصله في الدواب ، أي ما به داء يقلب حافره ، وأنشد (2) : " من الرجز "
ولم يقلبْ أرضَها بيطارُ
وقال الطائي (3) : ما به قلبة ، أي شيء يقلقه فينقلب من أجله على فراشه 0
__________
(1) الفاخر ، ص 6 ، الزاهر 1/334 ، أدب الكاتب ً 43 ، مجمع الأمثال 2/321 ، المستقصى 2/318
(2) دكره ابن السكيت في إصلاح المنطق ، ص 318 ، ولم ينسبه ، وبعده : ولا لحبليه بها حبار
(3) أبو زبيد الطائي : حرملة بن المنذر بن معد يكرب بن حنظلة بن النُّعمان بن حيَّة بن سعنة، هو أبو زبيد الطائي. كان نصرانياً. وهو أحد المعمَّرين يقال إنه عاش مئة وخمسين سنة وأدرك الإسلام ولم يسلم واستعمله عمر بن الخطاب على صدقه قومه، ولم يستعمل عمر نصرانياً غيره. وبقي إلى أيام معاوية ورثى علي بن أبي طالب. وكان أبو زبيد من زوّار الملوك، خاصّة ملوك العجم، وكان عالماً بسيرتهم فكان عثمان بن عفان رضي الله عونه يقرِّبه ويدني مجلسه فيتذاكران مآثر العرب وأشعارها. معجم الأدباء 10/191ـ209(1/268)
وقولهم : أرغم الله أنفه (1) : قال الأصمعي : الرغم كل ما أصاب الأنف مما يؤذيه ويذله ، وقال أبو عمرو الشيباني (2) / وابن الأعرابي : أرغم الله أنفه : أي 132ب عفّره بالرغام ، وهو تراب يخلط فيه رمل دقيق ، فمعنى أرغم الله أنفه أي أهانه ، وأما قولهم : أفعله على رغمه ، أي على غضبه ومساءته ، يقال : أرغمته إذا أغضبته ، والرَّغم والرُّغم المذلة والهوان 0
وقولهم : أخزاه الله (3) : أي كسره وأهانه وأذله ، وأصل الخزي (4) أن يفعل الرجل فعلة يستحي منها ، وينكسر لها ، فيقال من الاستحياء خزي يخزى خزاية ، والخزي الهلاك والذل ، يقال منه : خزي يخزى خزيا 0
وقولهم : ما يساوي طلية (5) : الطلية قطعة حبل تشد في رجل الجمل ، أو الجدي ، وقال بعضهم حبل يشد في طليته ، وهي عنقه ، وقال الكسائي : يقال للعُنق طُلّة ، وجمعها طُلى ، وقال ابن الأعرابي : يراد بذلك ما يساوي طلية من هناء يُطلى به البعير 0
وقولهم لا تَلوسُهُ (6) : أي لا تناله، وهو من قولهم: ما ذقت لواسا ، أي ما ذقت ذواقا0
__________
(1) الفاخر ، ص 6 ، الزاهر 1/330 ، أدب الكاتب ، ص 40
(2) أبو عمرو الشيباني : هو إسحاق بن مراد الكوفي ، وهو ليس من شيبان ، بل أدّب أولادا منهم فنسب إليهم ، كان راوية أهل بغداد ، واسع العلم باللغة والشعر ، ثقة في الحديث ، كثير السماع ، عالما بكلام العرب ، حافظا للغاتها ، عمّر طويلا ، صنف كتاب الجيم ، والنوادر ، والخيل ، وغريب المصنف ، وغريب الحديث ، والنوادر الكبير ، وأشعار القبائل ، وخلق الإنسان ، وتوفي سنة ست ـ أو خمس ـ ومائتين ، وقد بلغ مائة وعشر سنين 0 بغية الوعاة 1/439 ـ 440
(3) الفاخر ، ص 7 ، الزاهر 1/374
(4) كتبت : الحزن
(5) الفاخر ، ص 7 ، الزاهر 1/365
(6) الفاخر ، ص 8 ، الزاهر 1/492(1/269)
وقولهم ما يؤاسيه (1) : أي لا يعوضه من قرابته أو مودته بشيء ، والأوس العوض ، وكان يجب أن يقول : ما يؤاوسه ، ولكن قلبت الواو فجُعِلت لام الفعل ، وقال المفضل : يؤاسيه بالهمز ، أي يشاركه ، وهي / المؤاساة ، يقال : 133أ آساه بنفسه ، أي شاركه فيما هو فيه 0
وقولهم : بينهم ممالحة (2) : والملح اللبن ، ومنه قولهم : لم يحفظ الملح ، وعناه الرضاع ، ومنه قول السعدي (3) للنبي عليه السلام يوم خيبر : إنا لو ملحنا للحارث بن أبي شمر لحفظ لنا ، وأنت خير المكفولين (4) ، فرق له رسول الله ، ويقال للرجل إذا كان من الخلق يغضب من كل شيء : ملحة على ركبته 0
__________
(1) الفاخر ، ص 8 ، الزاهر 1/398
(2) الفاخر ، ص 9 ، الزاهر 1/323
(3) أبو وجزة السعدي : هو يزيد بن عبيد، من بني سعد بن بكر بن هوازن، أظآر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان شاعراً مجيداً، راويةً للحديث، وهو روى عن أبيه الحديث في استسقاء عمر بن الخطاب قال خرج عمر يستسقي، فلم يزد على الاستغفار، فقلدتنا السماء قلداً كل خمس عشرة ليلةً. حتى رأيت الأرنبة يأكلها صغار الإبل من وراء حقاق العرفط. وتوفى أبو وجزة بالمدينة ، الشعر والشعراء ـ ابن قتيبة ، ص 469
(4) انظر الاشتقاق ـ ابن دريد ، ص 452 ، وفيه : وقالت هوازن للنبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين : إنا لو مَلَحْنا للمُنذر أو للحارث بن أبي شمر لنفعنا ذلك عنده ، وأنت خير المكفولين ، درة الغواص ، ص 107(1/270)
وقولهم : أمر لا ينادي وليده (1) : قال الأصمعي : أصله في الشدة ، ويصيب القوم حتى تذهل الأم عن ولدها ، فلا تناديه لما هي فيه ، ثم صار لكل شدة ، ولكل أمر عظيم ، وقال أبو عبيدة : أي هو أمر عظيم ، لا ينادى فيه الصغار ، إنما يُنادى فيه الجلة الكبار ، وقال ابن الأعرابي : أمر لا ينادى وليده إلى ما فيه مستزاد ، قد استغنى بالكبار عن الصغار 0
وقولهم للرجل عند التزوج : بالرفاء والبنين (2) : الرفأ الاتفاق والالتئام ، وهو مأخوذ من رفأت الثوب أرفؤه إذا لأمت بينه ، وضممت بعضه إلى بعض ، وقال الأصمعي : يكون الرفأ من الهدوِّ والسكون ، من قولهم رفوت الرجل إذا أسكنته ، وأنشد (3) : " من الطويل "
رَفَوني وَقالوا يا خُوَيلِدُ لا تُرَع فَقُلتُ وَأَنكَرتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ
/ وقيل : الرفأ المال 0 ... ... ... ... ... ... ... 133 ب
وقولهم : النقد عند الحافرة (4) : أي عند أول كلمة ، ويقال : التقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة ، أي عند أول كلمة ، ويقال : رجع على حافرته ، أي طريقه الأول ، وقال الله تعالى : [ أََئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ] (5) أي في الخلقة الأولى ، أي نحيا بعد موتنا ، قال الشاعر (6) : ، من الوافر "
أحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ مَعاذَ الله منْ سَفَهٍ وعارِ
__________
(1) الفاخر ، ص 10 ، الزاهر 1/426 ، أدب الكاتب ، ص 46 ، وفيه : هو في أمر لا ينادي وليده ، مجمع الأمثال 2/461
(2) الفاخر ، ص 11 ، الزاهر 1/401 ، أدب الكاتب ، ص 41 ، مجمع الأمثال 1/143 ، المستقصى 2/6
(3) لأبي خراش الهذلي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) الفاخر ، ص 12 ، الزاهر 1/465 ، أمثال أبي عبيد ، ص 424 / الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 792 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/397 ، المستقصى 1/81
(5) النازعات 10
(6) ورد في أدب الكاتب ، ص 320، وإصلاح المنطق ، ص 296 ، والفاخر ، ص 12(1/271)
أي أرجع إلى الصبا وأول أمري بعد أن كبرت ! وقال بعضهم : معناه النقد عند التقليب والرضا ، وهو مأخوذ من حفر الأرض ، لأن الحافر يخبر الأرض ، ويعلم أطيبة هي أم لا 0
وقولهم : جمع الله شملك (1) : الشمل الاجتماع ، فيراد بذلك لا فرق الله شملك ، ومنه قولهم : قد شملهم الأمر أي عمهم ، حتى اجتمعوا فيه 0
وقولهم : أحمق من رِجلة (2) : قال الأصمعي : الرِّجلة التي يسميها العامة البقلة الحمقاء ، وإنما سميت حمقاء ؛ لأنها تنبت في مجاري السيل ، وأفواه الأودية ، فإذا جاء السيل اقتلعها 0
وقولهم : تبلّد الرجل (3) : والتبلد / أن يضرب براحة على راحة من الغم عند 134أ المصيبة ، وأنشد (4) : " من الطويل "
ألا لا تَلُمْهُ اليومَ أن يتبلَّدا فقَدْ غُلِبَ المَحْزونُ أنْ يَتَجَلَّدا
والراحة يقال لها البلدة ، وقال أبو عمرو : تبلد إذا تحيّر ، فلم يدر أين يتوجه 0
وقولهم : وجب البيع (5) : قال الأصمعي معناه وقع ، وكذلك وجبت الشمس إذا سقطت في المغيب ، يجب البيع والشمس وجوبا ، ومنه سمعت وجبة الشيء ، أي سقطته ، فأما وجبَ قلبه ، معناه خفق 0
وقولهم : لا تُبَلَّم عليه (6) : قال الأصمعي : لا يقبّح فعله ويفسده ، وهو مأخوذ من قولك : أبلمت الناقة إذا وَرِم حياؤها ، وقال بعضهم : لا تُبلم أي لا تجمع عليه أنواع المكروه ، وهو مأخوذ من الأبلمة ، وهي خوصة المقل ، فيقول : لا تجمع عليه أنواع المكروه كجمع الأبلمة أنواع المقل 0
__________
(1) الفاخر ، ص 13
(2) الفاخر ، ص 13 ، الزاهر 1/601 ، أمثال أبي عبيد ، ص 553 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/291 ، المستقصى 1/81
(3) الفاخر ، ص 13 ، الزاهر 1/217 ، وفيه : رجل بليد
(4) للأحوص الأنصاري ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وفي الديوان : فقد منع المحزون
(5) الفاخر ، ص 14 ، الزاهر 1/397
(6) الفاخر ، ص 14 ، الزاهر 1/444 ، أدب الكاتب ، ص 44(1/272)
وقولهم : لا تجلح (1) : معناه لا تكاشف ، وهو مأخوذ من الجلح ، وهو انحسار الشعر عن مقدم الرأس ، وانكشافه 0
وقولهم : لا تُبَسِّق (2) : معناه لا تطول ، من البسوق ، وهو الطول ، قال الله تعالى : [وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ] (3) ويقال : بسق الرجل والنخلة إذا طالا 0
وقولهم : وقع في ورطة (4) : / قال أبو عمرو أو غيره هي الهلكة ، وقال 134 ب بعضهم : الورطة الوحل والردغة يقع فيها الغنم ، فلا تقدر على التخلص ، يقال : تورطت الغنم إذا وقعت في الورطة ، ثم ضرب مثلا لكل شدة وقع فيها الإنسان 0
وقولهم : ما يدري ما طحاها (5) : قال الأصمعي : طحاها مدّها ، يعنون الأرض ، قال الله تعالى : [وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ] (6) ويقال : طحا قلبه في كذا إذا تطاول وتمادى ، قال الشاعر (7) : " من الطويل " ...
طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ
وقولهم : ما يعرف قبيلا من دبير (8) : قال أبو عمرو : معناه ما يعرف الإقبال من الإدبار ، والقبيل : ما أقبل به من القبل على الصدر ، والدبير : ما أدبر به عنه ، وقال الأصمعي : هو مأخوذ من الناقة المقابلة والمدابرة ، فالمقابلة التي تشق أذنها إلى قُدام ، والمدابرة التي تشق أذنها إلى الخلف 0
__________
(1) الفاخر ، ص 15 ، وفيه : لا تجلح علينا ، الزاهر 1/373
(2) الفاخر ، ص 15 ، الزاهر 1/368
(3) سورة ق 10
(4) الفاخر ، ص 15 ، الزاهر 1/377 ، مجمع الأمثال 2/431
(5) الفاخر ، ص 16 ، الزاهر 1/293
(6) الشمس 6
(7) صدر بيت لعلقمة الفحل ، ديوانه / الموسوعة الشعرية ، وعجزه : بُعَيدَ الشَبابِ عَصرَ حانَ مَشيبُ
(8) الفاخر ، ص 16 ، الزاهر 1/280 ، أدب الكاتب ، ص 39 ، جمهرة الأمثال ، ص 1389 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/318 ، المستصفى 2/337(1/273)
وقولهم : شيخٌ كأنة قُفَّة (1) : قال الأصمعي : القفة ما يبس من الشجرة ، فالمعنى أنه قد بلي ونخر كالبالي من أصول الشجر 0
وقولهم : ويله وعَوله (2) : فويله كان أصلهت وَي وصلت بله ، ومعنى وي حُزن ، وأما عوله فإن أبا عمرو قال : العول / ، والعويل البكاء ، وقال الأصمعي : 135 أ
العول والعويل الاستغاثة ، ومنه قولهم : مُعوّلي على فلان ، أي اتكالي عليه ، واستغاثتي به 0
وقولهم : عيل صبره (3) : فمعناه غُلِب ، يقال : عاله الأمر أي غلبه ، وقد يكون عيل صبره رفع وغُيّر ما كان عليه من قولهم : عالت الفريضة إذا ارتفعت وزادت 0
وقولهم : ما له ثاغية ولا راغية (4) : فالثاغية النعجة ، والثغاء صوتها ، والراغية الناقة ، ورغاؤها صوتها ، وما له سَبَد ولا لَبَد ، فالسبد شعر المعز ، واللبد وبر الإبل 0
وقولهم : أنت في حرج (5) : قال الأصمعي : معناه في ضيق (6) ، قال الله تعالى :
[وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ] (7) 0
وقولهم : الصادر والوارد (8) : فالصادر المنصرف عن الماء ، والوارد الذي يأتيه ، معناه الذاهب والجائي 0
وقولهم : الضِّحِّ والرِّيْح (9) : فالضح ما ضحا للشمس ، والرّيْح ما نالته الريح ، وقال الأصمعي : الضح الشمس بعينها 0
__________
(1) الفاخر ، ص 16 ، الزاهر 1/354 ، أدب الكاتب ، ص 49 ، وفيه : كبُر حتى صار كأنه قفّة
(2) الفاخر ، ص 17 ، الزاهر 1/235
(3) الفاخر ، ص 17 ، الزاهر 1/238
(4) الفاخر ، ص 17 ، أدب الكاتب ، ص 40 ، مجمع الأمثال 2/337 ، المستصفى 2/330
(5) الفاخر ، ص 18 ، الزاهر 1/337
(6) كتبت طبق
(7) الأنعام 125
(8) الفاخر ، ص 18 ، وفيه : رآه الصادر والوارد ، مجمع الأمثال 1/380
(9) الفاخر ، ص 19 ، وفيه : جاء بالضح والريح ، الزاهر 1/360 ، أدب الكاتب ، ص 37 ، مجمع الأمثال 1/214 ، المستصفى 2/39(1/274)
وقولهم : الطِّم (1) والرِّم (2) : اي بالكثير والقليل ، والطم الماء الكثير وغيره ، والرم ما كان باليا مثل العظم وما أشبهه 0
وقولهم : جاء القوم على بكرة أبيهم (3) : قال الأصمعي : جاءوا / على 135 ب طريقة واحدة ، وقال أبو عبيدة : جاءوا بعضهم في إثر بعض 0
وقولهم : ما يدري أي طرفيه أطول (4) : قال سلمة بن عاصم (5) : ما يدري أي والديه أشرف 0
وقولهم : ما يفقه ولا ينقه (6) : معناه لا يعلم ، ولا يفهم ، والفقه الفطنة والعلم ، ونقهت الحديث مثل فهمت 0
وقولهم : فلان شاطر (7) : قال الأصمعي : الشاطر الذي شطر عن الخير ، أي بعُد عنه ، قال امرؤ القيس : من المتقارب "
وشاقكَ بين الخليطِ الشُطُر (8)
وقال أبو عبيدة : الشاطر الذي شطر إلى الشر ، أي عدل بوجهه نحوه ، ومنه قول الله تعالى : [ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ] (9) أي ناحيته 0
__________
(1) كتبت : الطح ، وما أثبتناه من أدب الكاتب ، ص 37، وهو الصواب
(2) الفاخر ، ص 20 ، الزاهر 1/440 ، مجمع الأمثال 1/214 ، المستصفى 2/39
(3) الفاخر ، ص 20 ، وفيه : جاءوا على 000 ، مجمع الأمثال 1/232 ، المستصفى 2/46
(4) الفاخر ، ص 21 ، الزاهر 1/317 ، مجمع الأمثال 2/253
(5) سلمة بن عاصمٍ : أبو محمدٍ النحوي، أخذ عن الفراء وروى عنه كتبه، وأخذ عن خلفٍ الأحمر وسمع منه كتاب العدد، وأخذ عن ثعلب وله من التصانيف: كتاب معاني القرآن، وكتاب المسلوك في العربية، وكتاب غريب الحديث وغير ذلك. معجم الأدباء 11/242 ـ 243
(6) الفاخر ، ص 22
(7) الفاخر ، ص 23 ، وفيه : فلان ينشطر وهو شاطر ، الزاهر 1/223
(8) غير موجود في المطبوع من ديوانه ، وهو في العمدة 1/174 صدر بيت ، وعجزه : وفيمن أقام من الحي هر
(9) البقرة 144 ، 149 ، 150(1/275)
وقولهم : أحمق مائق (1) : قال الأصمعي : المئق السيء الخلق ، قال ، ويقال في مثل : أنا تئق ، وصاحبي مئق ، فكيف نتفق (2) ، أي أنا ممتلئ غضبا ، وصاحبي سيء الخلق ، فلا اتفاق بيننا ، وقال غيره : مائق أحمق ، فقيل ذلك للتكرير والتوكيد 0
وقولهم : لا تبرقل علينا (3) : معناه الكلام بلا فعل ، وهو مأخوذ من البرق بلا مطر 0
وقولهم : فلان مغث (4) : أي شرير خبيث ، والمغث الشر 0
وقولهم : هو ابن عمه لحا (5) : أي ملتصق به ، وهو مأخوذ من قولهم : لححت عينه أي التصقت به 0
وقولهم / هلمّ جرا (6) : أي تعالوا على هيئتكم ، أي كما يسهل عليكم 136 أ من غير شدة وصعوبة 0
وقولهم : أخذه أخذ سَبُعة (7) : قال الأصمعي ، أراد سبعة أي اللبوة فخفف ، وقال ابن الأعرابي : أراد سبعة من العدد 0
وقولهم : السَّحَر والسمر (8) : الظلمة ، وإنما سمي سمرا لأنهم كانوا يجتمعون في الظلمة فيسمرون ، أي يتحدثون ، ثم كثر ذلك حتى سميت سمرا 0
__________
(1) الفاخر ، ص 24 وفيه : مئق ، الزاهر 1/231
(2) انظر : مجمع الأمثال 1/81 ، والمستصفى 1/379
(3) الفاخر ، ص 25 ، وفيه : لا تبرقل علينا ، وأَخذَنا في البرقلة 0 ، مجمع الأمثال 2/278
(4) الفاخر ، ص 26 ، الزاهر1/226
(5) الفاخر ، ص 26 ، الزاهر 1/480 ، أدب الكاتب ، ص 44 ، وفيه : ابن عمي
(6) الفاخر ، ص 26 ، الزاهر 1/476، مجمع الأمثال 2/476
(7) الفاخر ، ص 26 ، الزاهر 1/ 463 ، جمهرة الأمثال ، ص 13 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/57 ، المستصفى 1/97
(8) الفاخر ، ص 27 ، وفيه : حلف بالسّمر والقمر 0 الزاهر 1467 ، وفيه : السمر والقمر ، وكذا في : مجمع الأمثال 1/270 ، 2/269 المستصفى 2/243(1/276)
وقولهم : القوم في هياط ومياط (1) : قال الفراء : الهياط أشد السَّوْق في الوِرد ، والمياط أشد السَّوْق في الصَّدَر ، ومعنى ذلك بالمجيء والذهاب ، وقال اللحياني (2) : الهيط الإقبال ، والمياط الإدبار ، وقيل : الهياط اجتماع الناس للصلح ، والمياط التفرق عن ذلك 0
وقولهم : برح الخفاء (3) : قال الأصمعي : معناه ظهر المكتوم ، وهو من البراح ، كأنه صار في براح من الأرض ، وهو ما ظهر منها ، وقال غيره : برح الخفاء أي زال الخفاء ، فصار الأمر ظاهرا 0
وقولهم : عبدٌ قِن (4) : قال الأصمعي : القِن الذي كان أبوه مملوكا لمواليه ، فإذا لم يكن كذلك فهو عبد مملكة ، وكأن القِن مأخوذ من القينة ، وهي المِلك 0
وقولهم : نادم سادم (5) : فالسادم / المتغير العقل ، وأصله من الماء السَّدم ،136ب وهو المتغير ، وقيل : السادم المتحير ، الذي لا يطيق ذهابا ولا مجيئا ، كأنه ممنوع من ذلك ، وهو مأخوذ من قولهم : بعير مُسدم إذا مُنع من الضِّراب 0
__________
(1) الفاخر ، ص 28 ، وفيه : ما زلنا بالهِياط والمِياط ، أدب الكاتب ، ص 38 ، مجمع الأمثال 1/146
(2) أبو الحسن اللحياني : علي بن المبارك وقيل: علي بن حازم أبو الحسن اللحياني . أخذ عن الكسائي وأبي زيد وأبي عمرو وأبي عبيدة والأصمعي، وعمدته على الكسائي، له كتاب النوادر. سمي اللحياني لعظم لحيته، وقيل: بل لأنه من بني لحيان بن هذيل بن مدركة بن إلياس. الوافي بالوفيات ، 17177 / الموسوعة الشعرية
(3) الفاخر ، ص 28 ، الزاهر1/ 542 ، أدب الكاتب ، ص 44 ، مجمع الأمثال 1/137 ، المستصفى 2/7
(4) الفاخر ، ص 29 ، الزاهر 1/260
(5) الفاخر ، ص 29 ، الزاهر 1/228(1/277)
وقولهم : لا دريتَ ولا ائْتليتْ (1) : قال الفراء : ائتليت افتعلت من ألوت إذا قصرت ، فتقول : لا دريت ولا قصرت في الطلب ؛ ليكون أشفى لك ، وقال الأصمعي : ائتليت افتعلت من ألوت الشيء إذا استطعته ، فتقول : لا دريت ولا استطعت أن تدري 0
وقولهم : بقي متلدِّدا (2) : أي متحيرا ينظر يمينا وشمالا ، وهما من اللديدين ، وهما صفحتا العنق ، كأن المعنى يحول عنقه مرة إلى ذا اللديد ، ومرة إلى ذا 0
وقولهم : لا يقوم بطُنِّ نفسه (3) : قال الأصمعي : الطن الجسم ، والمعنى أنه لا يقوم بقوت نفسه جسمه ، ومؤونة نفسه 0
وقولهم : ما أُنكرك من سوء (4) : أي ليس إنكاري إياك من سوئك ، ولكن لا أشك ، والسوء البرص 0
وقولهم : لا أرقأ الله دمعته (5) : أي لا رفعها الله ، ومنه رقأت على / الدرجة ،137 أ ومن هذا سميت المرقاة ، وقولهم أرقأ الله دمه : أي قطعه 0
وقولهم : نسيج وحده (6) : أي ليس له ثانٍ ، كأنه ثوب نُسج على حِدته 0
وقولهم : يا لُكع (7) : قال أبو عمرو : هو اللئيم ، وقال خالد : هو العبد ، ويقال للأنثى لكاع ، وقال الأصمعي : هو العييَ بأمره ، الذي لا يتجه لمنطق ، ولا غيره 0
وقولهم : دبّ ودرج (8) : فدب مشى ، ودرج مات 0
__________
(1) الفاخر ، ص 30 ، الزاهر 1/268 ، مجمع الأمثال 2/278
(2) الفاخر ، ص 31 ، الزاهر 1/407 ، أدب الكاتب ، ص 48
(3) الفاخر ، ص 31 ، الزاهر 1/504
(4) الفاخر ، ص 31 ، الزاهر 469 ، مجمع الأمثال 2/337
(5) الفاخر ، ص 32 ، الزاهر 1/485
(6) الفاخر ، ص 32 ، الزاهر 1/332 ، أدب الكاتب ً 43 ، مجمع الأمثال 1/73
(7) الفاخر ، ص 32 ، الزاهر1/243
(8) الفاخر ، ص 34 ، وفيه : أحسن من دبّ ودرج ، الزاهر 1/313 ، مجمع الأمثال 2/199 ، المستصفى 1/292(1/278)
وقولهم : لئيم راضِع (1) : قيل : هو الذي يأخذ الخلالة من الخلال ، فيأكلها من اللؤم لئلا يفوته شيء ، وقال أبو عمرو : الراضع الذي يرضع الشاة أو الناقة قبل أن يحلبها من جشعه ، وقال آخرون : هو الراعي الذي لا يُمسك معه محلبا ، فإذا سأله أحد القِرى اعتل بأنه ليس معه محلب ، وإذا أراد هو الشرب رضع من الناقة أو الشاة ، وقيل : الراضع الذي رضع اللؤم من ثدي أمه ، أي ولد في اللؤم 0
وقولهم : لايعرف هرا من بر (2) : فالهر السنور، والبر الجرذ ، وقال / 137 ب أبو عبيدة : معناه : ما يعرف الهَرْهّرَة من البَرْبَرة : والهرهرة صوت الضأن ، والبربرة صوت المعز ، وقيل : البر اللطف ، والهر العقوق ، وهو من الهرير 0
وقولهم : آهةً وميهة (3) : قال الأصمعي وغيره : الآهة التأوه ، وهو التوجع ، وقيل : الآهة الحصبة ، والميهة جدري الغنم 0
وقولهم : وافق شنٌّ طبقة (4) : قال ابن الكلبي : طبقة من إياد ، كانت لا تطاق ، فوقَّعت بها شن ، وهو شن بن أقصى بن عبد القيس بن أقصى بن دُعمى بن جديلة ابن أسد بن ربيعة بن نزار ، فانتصفت منها ، وأصابت فيها فضربتا مثلا للمتفقين في الشدة وغيرها 0
وقولهم : أف وتف (5) : قال الأصمعي : الأف وسخ الأذن ، والتف وسخ الأظفار ، وكان ذلك يقال عند الشيء يستقذر ، ثم كثر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يتأذون به ، وقال غيره : أف معناه قِلَّة لك ، وتف إتباع مأخوذ من الأفف ، وهو الشيء القليل 0
__________
(1) الفاخر ، ص 34 ، الزاهر 1/273 ، أدب الكاتب ، ص 43
(2) الفاخر ، ص 35 ، الزاهر 1/351 ، أدب الكاتب، ص 38 ، جمهرة الأمثال ، ص 1507 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/318 ، المستصفى 2/337
(3) الفاخر ، ص 35 ، الزاهر 1/355 ، مجمع الأمثال 1/81 ، المستصفى 1/9
(4) الفاخر ، ص 38 ، جمهرة الأمثال ، ص 1453 ، مجمع الأمثال 2/423 ، المستصفى 2/371
(5) الفاخر ، ص 39 ، الزاهر 1/280(1/279)
وقولهم : مُبْرِم (1) : قال الأصمعي : هو الذي لا خير عنده ، إنما هو كل ما لا ينتفع به ، وهو مأخوذ من البرم ، وهو الرجل الذي لا يحضر مع القوم الميسر ، ولا يقامر ، فإذا نُحِرت الجزور ، وقامروا عليها أكل من لحمها ، قال الشاعر (2) : " من الطويل "
/ ولا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ، إذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا 138أ
ثم جعلوا كل مضجر مُبْرما ، وسموا الضجر البرم ، قال نصيب : : من الطويل "
وَما زالَ بي ما يحدث الدهر بيننا من الهجر حَتّى كِدت بِالعَيشِ ابرم (3)
وقال أبو عبيدة : المبرم الذي يأتي القوم بما لا يوافقهم من الحديث ، وغير ذلك ، وقال بعضهم : المبرم الثقيل الذي كأنه يقتطع مَن يجالسه شيئا ، من استثقالهم إياه ، بمنزلة المبرم الذي تقتطع به حجارة البرام من جبلها0 وسمي المخنث مخنثا لتكسره ، والتخنث التكسر 0
وقولهم : أمر مُبهم (4) : هو الذي لا يدري كيف يتجه له ، ولا أين سبيله ، وهو مأخوذ من قولهم : حائط مُبهم ، إذا لم يكن فيه باب ، ولا كوة ، والبهيم الذي ليس فيه بياض ، ومنه ليل بهيم ، أي لا قمر فيه 0
وقولهم للرجل : مأبون (5) : أي معيب ، والأبنة العيب ، يقال : أبنه يأبنه أبناً إذا عابه
__________
(1) الفاخر ، ص 40 ، الزاهر 1/232
(2) لمتمم بن نويرة اليربوعي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية ، و رواية الديوان : وَما زالَ بي ما يحدث النَأي وَالَّذي اعالج حَتّى كِدت بِالعَيشِ ابرم
(4) الفاخر ، ص 41 ، الزاهر 1/438
(5) الفاخر ، ص 43 ، الزاهر 1/512 ، أدب الكاتب ، ص67(1/280)
وقولهم : أباد الله خضراءهم (1) : قال الأصمعي : أي أذهب الله نعيمهم ، وخصبهم ، ومنهم من يقول : أباد الله غضراءهم أي خصبعم وخيرهم ، ويقال انبط في غضراء ، أي في أرض سهلة طيبة التربة ، عذبة الماء / وقال بعضهم 138 ب أباد الله غضراءهم : أي بهجتهم ، وحُسنهم ، وهو مأخوذ من الغضارة ، وهي الحُسن والبهجة ، وقال ابن الأعرابي : معنى أباد الله خضراءهم ، أي سوادهم ، والخضرة عند العرب السواد 0
وقولهم : رجل أنوك (2) : النوك العجز والجهل ، وقيل العيّ 0
وقولهم : كيّس (3) : قال الفراء : معناه عاقل ، والكيس العقل 0
وقولهم : أرعن (4) : الرعونة الاسترخاء والتفلك 0
وقولهم : لله دره (5) : قال الأصمعي وغيره : بمنزلة درّ الناقة والشاة ، ثم كثر في كلامهم حتى جعلوه لكل ما يُتعجب منه 0
وقولهم : هو ينجش عليه (6) : قال الأصمعي : النجش مدح الرجل وإطراؤه ، وقال ابن الأعرابي : النجش أن ينفر الناس عن الشيء إلى غيره 0
وقولهم : زكن عليه (7) : قال الأصمعي : التزكين التشبيه ، يقال : قد زكن عليه ، وزكّح إذا شبه ، وكذلك الظن ، وما يضمره الإنسان يجري هذا المجرى ، وقال الفراء : زكنت من أمره شيئا أي علمته 0
وقولهم : الحديث شجون (8) :
__________
(1) الفاخر ، ص 43 ، الزاهر 1/291 ، أدب الكاتب ، ص 41 ، جمهرة الأمثال ، ص 290 ، مجمع الأمثال 1/147 ، المستصفى 1/10
(2) الفاخر ، ص 44 ، الزاهر 1/234
(3) الفاخر ، ص 44 ، الزاهر 1/209
(4) الفاخر ، ص 44 ، الزاهر 1/213
(5) الفاخر ، ص 45 ، الزاهر 1/496 ، مجمع الأمثال 2/227
(6) الفاخر ، ص 45 ، الزاهر 1/506
(7) الفاخر ، 47 ، الزاهر 1/513 أ أدب الكاتب ، ص 19
(8) الفاخر، ص 47ـ 48 ، الزاهر 1/511 ، أمثال أبي عبيد ، ص 48 / الموسوعة الشعرية ، أمثال الضبي ، ص 2 / الموسوعة الشعرية
جمهرة الأمثال ، ص 557 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/258 ، المستصفى 1/310(1/281)
أي ذو فنون وتشبث بعضه ببعض ، وأول من تكلم به ضبة بن أد بن / طابخة بن إلياس بن مضر ، وكان له ابنان ، يقال لأحدهما 139 أ سعد ، وللآخر سعيد ، فنفرت إبل ضبة تحت الليل ، وهما معها ، فخرجا يطلبانها ، وتفرقا ، فوجدها سعد ، وأما سعيد فذهب ولم يرجع ، فجعل ضبة يقول بعد ذلك إذا رأى سوادا تحت الليل : أسعدٌ أم سعيد (1) ، فأرسل ذلك مثلا ، ثم أتى على ذلك ما شاء الله ، لا يعلم لسعيد خبرا ، ثم إنّ ضبة بينا هو يسير والحارث بن كعب في الأشهر الحرم ، وهما يتحدثان إذ مرّا على سرحة بمكان ، فقال الحارث : أترى هذا المكان ، قال : لقيت فيه شابا من هيئته كذا وكذا ، فوصف له صفة سعيد ، فقتلته ، وأخذت بردا كان عليه ، من صفته كذا ، وسيفا كان عليه ، فقال له ضبة : ما صفة السيف ؟ قال : هو ذا عليّ (2) ، فعرفه ضبة ، قال : فأرنيه ، فأراه ، فضربه به حتى قتله ، ثم قال : إنّ الحديث ذو شجون ، فأرسلها مثلا ، فلامه الناس ، فقالوا : قتلت رجلا في أشهر الحرم ، فقال ضبة : سبق السيف العذل (3) ، فأرسلها مثلا ، وقال الفرزدق : " من الطويل "
وَلا تَأمَنَنَّ الحَربَ إِنَّ اِشتِغارُها كَضَبَّةَ إِذ قالَ الحَديثُ شُجونُ (4)
/وقولهم : أنجز حرٌّ ما وعد (5) : أول من قالها الحارث بن عمرو بن آكل139ب المرار الكندي لصخر بن نهشل ، وذلك أن الحارث قال لصخر : هل أدلك على غنيمة على أنّ لي خمسها ، فقال له صخر : نعم ، فدله على ناس من أهل اليمن ، فأغار عليهم ، فظفر وغنم ، فلما انصرف قال له الحارث : أنجز حرٌّ ما وعد ، فأرسلها مثلا 0
__________
(1) الفاخر ، ص 48 ، مجمع الأمثال 1/418 ، المستصفى 2/168
(2) كتبت : قال هو أهو ذا عليّ
(3) الفاخر ، ص 48 ، مجمع الأمثال 1/417 ، المستصفى 2/115
(4) ديوانه ، ص 632
(5) الفاخر ، ص 49 ، الزاهر 2/284 ، أمثال أبي عبيد ، ص 69 ، أمثال الضيس ، ص 41 ، جمهرة الأمثال ، ص 8/ الموسوعة الشعرية مجمع الأمثال 2/392 ، المستصفى 1/384(1/282)
وقولهم : رمتني بدائها وانسلَّتْ (1) : كان سبب هذا المثل أنّ سعد بن زيد مناه كان تزوج رهم ابنة الخزرج بن تيم الله ، وكانت من أجمل النساء ، فولدت له مالك بن سعد ، وكنّ ضرائرها إذا ساببنها يقلن لها يا عفلاء (2) ، فشكت ذلك إلى أمها ، فقالت لها : إذا ساببنك فابدئيهن ، فساببنها ، فقالت لهن (3) رُهم : يا عُفل ، فقالت (4) ضرائرها : رمتنا بدائها وانسلت 0
وقولهم: " من الرجز "
البس لكلِ حَالةٍ لبوسَها إمَّا نعيمُها وإمَّا بوسُها (5)
أول من قال ذلك بيهس : وهو رجل من بني غراب بن فزارة، وكان سابع سبعة إخوة ، وكان يلقب بنعامة ، فأغار عليهم أناس من بني أشجع ، وهم في إبلهم فقتلوا منهم ستة ، وبقي بيهس ، وكان يحمق ، وكان أصغرهم ، فأرادوا قتله ، / ثم بدا لهم ، فقال لهم دعوني أتوصل إلى أهلي ، لا تأكلني السباع 140 أ ففعلوا ، فأقبل معهم، فلما كان من الغد ، نزلوا فنحروا جزورا في يوم شديد الحر،
فقالوا: أظلوا لحمكم لا يفسد ، فقال بيهس: لكن بالأثلاث لحم لا يظلل، فهموا بقتله ،
ثم تركوه ، ففارقهم وأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت: ما جاءني بك من بين إخوتك
__________
(1) الفاخر ، ص 50 ، أمثال أبي عبيد ، ص 74 ، أمثال المفضل ، ص 56 ، جمهرة الأمثال ، ص 770 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/367 ، المستصفى 2/103
(2) والعَفَلُ والعَفَلَةُ، بالتحريك فيهما: شيء يخرج من قُبُلِ النساء وحياءِ الناقة شبيهٌ بالأُدْرة التي للرجال؛ والمرأةُ عَفْلاءُ. الصحاح ( عفل )
(3) كتبت : لهم
(4) كتبت : فقالوا
(5) الفاخر ، ص 50 ، أمثال الضبي ، ص 117/ الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 15 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/204 ، المستقصى 1/304(1/283)
فقال: لو خيرك القوم لاخترت (1) ، فأرسلها مثلا، ثم عطفت عليه ، ورقت له ، وجعلت تعطيه ثياب إخوته يلبسها ، ومتاعهم ، فقال: يا حبذا التراث لولا الذلة (2) ، فأرسلها مثلا، ثم إنه مر بنسوة من قومه يصلحن امرأة منهن يردن أن يهدينها لبعض القوم الذين قتلوا إخوته ، فكشف ثوبه عن استه وغطى رأسه، فقلن ويحك ، أي شيء تصنع ؟ فقال:
البس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بوسها
فأرسلها مثلا ، ثم جعل يتبع قتلة إخوته حتى قتل منهم ناسا ، ثم أخبر أن ناسا من أشجع في غار يشربون فيه ، فانطلق بخال له يكنى أبا حَشر، حتى إذا قام على باب الغار دفع أبا حشر في الغار ، فقال : ضربا أبا حشر ، فقال بعضهم إنّ أبا حشر لبطل / فقال أبو حشر : مكره أخوك لا بطل (3) ، فأرسلها مثلا 0 ... ... 140ب
وقولهم : إذا عزّ أخوك فهن (4) : أول من قال ذلك هذيل بن هبيرة أخو بني تغلب (5) ، وكان أغار على ناس من بني ضبة ، فغنم ثم انصرف ، فخاف الطلب ، وأسرع السير ، فقال له أصحابه : اقسم بيننا غنيمتنا ، فقال : إني أخاف أن تشغلكم القسمة ، فيدرككم الطلب ، فتهلكوا ، فأعادوا ذلك عليه مرارا ، فلما رآهم لا يفعلون ، قال : إذا عزّ أخوك فهن ، فأرسلها مثلا ، وتابعهم على القسمة 0
__________
(1) مجمع الأمثال2/207 ، وفيه : لو خُيِّرت لاخترتِ ، المستصفى 2/297
(2) مجمع الأمثال 2/496
(3) مجمع الأمثال 2/374 ، المستصفى 2/347
(4) الفاخر ، ص 52 ، أمثال أبي عبيد ، ص 217 / الموسوعة الشعرية ، أمثال المفضل ، ص / الموسوعة الشعرية 165 ، جمهرة الأمثال ص 9/ الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/53 ، المستقصى 1/125
(5) كتبت : الهذيل بن هبيرة أخو بني ثعلبة ، والصواب ما أثبتناه ، فهو من بني تغلب ، انظر : جمهرة الأمثال ، ومجمع الأمثال ، وجاء في التذكرة الحمدونية بدل التغلبي : الثعلبي 0(1/284)
وقولهم : صار كأن كانونا (1) : قال الفراء : هو الثقيل ، ومن كلامهم : قد كونت علينا أي ثقلت ، قال الحطيئة : " من الوافر "
... ... أَغِربالاً إِذا اِستودِعتِ سِرّاً وَكانوناً عَلى المُتَحَدِّثينا (2)
وقال الأصمعي : هو الذي إذا دخل على القوم وهم في حديثهم كنوا عنه من أجله ، وقال أبو عبيدة أو غيره : هو فاعول من كننت الشيء إذا سترته وأخفيته ، فمعناه أن القوم يكنون أحاديثهم عنه 0
وقولهم : في سين (3) : معناه في زُعْمِة ، وهذه الكلمة رومية ، وإنما تُحكى عن عرب الشام ؛ لأنهم أخذوها من الروم ؛ لمجاورتهم إياهم 0
وقولهم : / أعرابي جلف (4) : قال الأصمعي : الجلف جلد الشاة والبعير، فكأن 141أ المعنى أنه أعرابي ببدويّته وجفائه ، أي هو أعرابي بجلده ، لم يتزي بزي أهل الحضر وأخلاقهم ، وقال اليمامي (5) : جلف كل شيء قشره ، فكأن المعنى أنه متزي بزي العرب ، متشبه بهم ، وليس منهم 0
وقولهم : أعرابي قحّ (6) : قال الأصمعي : القح الخالص ، وهو مأخوذ من قحاح الأرض ، وهو ما ظهر منها ، ولم يكن فيه بيت 0
__________
(1) الفاخر ، ص 63 ، وفيه هو الكانون
(2) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) الفاخر ، ص 64
(4) الفاخر ، ص 65 ، أدب الكاتب ، ص 47 ، وفيه : هو جلف
(5) هو أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، وقيل: أحمد بن إبراهيم الشيباني، ولعل أبا هاشم كنية إبراهيم، مات في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال أبو علي المحسن بن علي التنوخي: ومن رواة الأدب الذين شاهدناهم أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، وكان يقال: إنه يحفظ خمسة آلاف ورقة لغة، وعشرين ألف بيت شعر، وجاء في كتاب نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي، كان أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي اليمامي رجلاً من حفاظ اللغة، وكان جندياً في أول أمره ، ثم انقطع إلى العلم والشعر ، وكان يتعصب على أبي تمام الطائي . معجم الأدباء 2/123 ـ 131
(6) الفاخر ، ص 65(1/285)
وقولهم : رجل محدرد (1) : أي ممنوع من الرزق ، قد حُبس عنه ، ومنه قيل للسجّان حدّاد ، وكل مَن منع شيئا فقد حدّه 0
وقولهم : أخذ برمّته (2) : قال الأصمعي : الرمة قطعة حبل تُشدّ في رجل الجمل ، أو في عنقه ، فكأن المعنى أخذه تاما وافيا ، لم يُنتقص ، ولا غُيِّر منه شيء 0
وقولهم : عُرَّة (3) : قال الأصمعي : العرّة الجرب ، فمعنى إنه يعُرّ أهله أي يلصق بهم من العيب والدنس كالجرب ، ويقال : قد عرّه بكذا إذا رماه به ودنّسه ، / وزعموا أن العُرّ بثر تخرج بالإبل ، تزعم العرب أنه إذا خرج بالبعير يُعمد 141ب بعير يبرك إلى جانبه ، فيُكوى ، فإذا فُعِل ذلك به برأ هذا ، وقال غيره : العُرّ العذرة ، فيراد به أنه قدر دنس يلحق بأهله من القذر كذلك 0
وقولهم : أشغل من ذات النحيين (4) : هي امرأة من بني تيم الله ، كانت تبيع السمن في الجاهلية ، فأتاها خوات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا ، فلم ير عندها أحدا ، فطمع فيها ، فساومها ، فحلت نحيا مملوءا ، فنظر إليه ، ثم قال أمسكيه حتى أنظر إلى غيره ، ثم حلّ نحيا آخر ، ففعل ونظر إليه ، فقال أريد غير هذا ، فأمسكي هذا ، ففعلت ، فلما شغل يديها ساورها ، فلم تقدر على دفعه حتى قضى ما أراد ، وهرب ، وذلك قبل إسلامه ، والنحي ما كان فيه السمن ، فإذا كان فيه اللبن فهو وطب ، فإذا كان فيه الماء فهو سقاء ، وإذا كان فيه الخمر فهو زق 000000000 (5)
/ هناك 0 ... ... ... ... ... ... ... ... ... 143 أ
وقولهم : عرقل عليه (6) : والعرقلة التعوج 0
__________
(1) الفاخر ، ص 65 ، الزاهر 1/587
(2) الفاخر ، ص 66 ، الزاهر 1/466 ، أدب الكاتب ، ص 42 ، مجمع الأمثال 1/66
(3) الفاخر ، ص 66 ، الزاهر 1/245
(4) الفاخر ، ص 70 ، جمهرة الأمثال ، ص 879 / الموسوعة الشعرية ،مجمع الأمثال 1/475 ، المستصفى 1/196
(5) الورقة رقم ( 142 ) مفقودة
(6) الفاخر ، ص 86 ، الزاهر 1/548(1/286)
وقولهم : على يَدَيْ عَدْلٍ (1) ، قال ابن الكلبي: هو عَدْل بن جَزْء بن سَعْد العشيرة، وكان على شُرطة (2) تُبّع ، وكان إذا أراد قتل رجلٍ دفعه إليه، فضُرب المثل به في كل شيء خُشي عليه 0
وقولهم : ضرب عليه ساية (3) : قال اليمامي : أصله الهمز ، يقال : سؤته سُئاية ، ومعناه أنه فعل به ما يؤدي إلى مكروه ، والإساءة به 0
وقولهم : أخذه بحذافيره (4) ، معناه بأجمعه ، والواحد حذفار ، وقال الأصمعي أو غيره ، وهو الجانب من الشيء والناحية ، وقال أبو عمرو وأبو عبيدة : الحدّ 0
وقولهم : تعاير فلان (5) ، أصل ذلك في السباب ، يقال : تعاير بنو فلان إذا تذاكروا العار بينهم ، وقال غيره : تعاير من العيارة ، وأصلها الانفلات ، وتخلية الإنسان لا يردع عن الشيء ، ومنه فلان عيّار ، وهو مأخوذ من عارت الدابة تعير إذا انفلتت0
وقولهم : لا ينتطح فيها عنزان (6) ، أول من قال ذلك رسول الله / صلى 143ب الله عليه وسلم ، وذلك أن عمير بن عدي أسرى إلى عصماء ابنة مروان من بني أمية بن زيد ، وكانت تعيب الإسلام ، وتؤذي رسول الله ، فجاءها عمير في جوف الليل حتى دخل عليها ، وحولها نفر من ولدها نيام ، فجسّها بيده ، وكان ضرير البصر ، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها ، ثم صلّى الصبح بالمدينة ، فقال له رسول الله عليه السلام : أقتلت ابنة مروان ؟ قال : نعم ، فهل عليّ في ذلك شيء ؟ فقال : ( لا ينتطح فيها عنزان ) ، وسمي عُمير البصير 0
__________
(1) الفاخر ، ص 86 ، الزاهر 2/52 ، أدب الكاتب ، ص 43 ، مجمع الأمثال 2/11
(2) كتبت : على شرط ، وما أثبتناه من أدب الكاتب
(3) الفاخر ، ص 86 ، الزاهر 1/341
(4) الفاخر ، ص 86 ، الزاهر 1/382
(5) الفاخر ، ص 88
(6) الفاخر ، ص 253 ، جمهرة الأمثال ، ص 1507 / الموسوعة الشعرية ، المستصفى 2/277(1/287)
وقولهم : اليوم تقضي أم عمرو دينها (1) ، أول من قال ذلك فيما ذُكر أبو اليقظان ، أم عمرو امرأة زبان بن يَثْرِبي بن الحارث ، وهو أول من قاد بني تغلب في الجاهلية ، وكان غزا بني تغلب ، ودليله رجل من بني غُفيلة ، فذهب الدليل فأخبر بني تغلب بغزوته ، فغدروا به ، وقتلوا سبعة من ولده ، وانتقلوا، فآلى زبّان ألاّ يمس رأسه غسل ، ولا يرى غُفيليا إلاّ قتله ، فأتاه الغُفيلي متنكرا ، فاستاء منه / ودله 144 أ على بني تغلب ، فسار إليهم فقتل منهم جماعة كثيرة ، وحمل الأسلاب والغنائم إلى امرأته أم عمرو ، فلما رأت ذلك قالت : اليوم تقضي أم عمرو دينها 0
وقولهم : ضيق العطن (2) ، قال بعضهم معناه ضيق الصدر ، وهو الموضع الذي تجتمع فيه الأمور ، وأصل العطن الموضع الذي تبرك فيه الإبل حول الماء إذا شربت ، فإذا كان الرجل كثير المال عزيزا ، كان عَطَنُه واسعا ، وإذا كان قليل المال ذليلا ، كان عطنه ضيقا ، ثم ضرب مثلا للضيِّق الصدر ، والواسع النفس 0
وقولهم : قد طَبِنَ له (3) ، أي فطن ، والطَبَن الفطنة 0
وقولهم : دامجته (4) ، أي أريته أني موافق له فيما يريد ، مجامع له عليه ، وأصل المدامجة الاجتماع ، ومنه قولهم : مدمج الخلق ، أي مجتمع 0
__________
(1) الفاخر ، ص 253
(2) الفاخر ، ص 254 ، الزاهر 2/406
(3) الفاخر ، ص 255
(4) الفاخر ، ص 255(1/288)
وقولهم : هذا أطمّ (1) ، معناه أعظم بلية مما كان قبله ، والطامة البلية والداهية ، وهذا من قولهم : في قلبه البلابل ، ومعناه الهموم ، وما يقلقه ، والواحدة بلبال وقولهم : أحسن الحديث أصدقه ، أول من قال ذلك العباس بن عبد المطلب حين حضر مع رسول الله بيعة العقبة ، فأخذ له البيعة على / السبعين من 144 ب الأنصار، فقال لهم العباس بعد أن اجتمعوا بأسفل العقبة من منى ، وذلك بعد هدأة من الليل في كلام جرى : إن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب ، واستقلال بعداوة العرب ، فروا (2) رأيكم ، وأتمروا ، ولا تفترقوا إلاّ عن ملأ منكم واجتماع ، فإن أحسن الحديث أصدقه 0
وقولهم : ذئابٌ عليها ثياب (3) ، أول من قال ذلك رسول الله ، ذلك أنه دخل على أسماء ابنة أبي بكر الصديق ، وقد ولدت عبد الله بن الزبير (4) ، فقال ، هو هو ! فتركت أسماء رضاع عبد الله لما سمعت النبي عليه السلام يقول هو هو ، فقال : (أرضعيه ولو ماء عينيك ، كبش بين ذئاب عليها ثياب ، ليمنعن الحرم ، وليُقتلن) 0
__________
(1) الفاخر ، ص 260
(2) في نهاية الأرب : فارتؤا
(3) كنز العمال 13/471/ المكتبة الشاملة ، وفيه : أهو هو ( في الموضعين ) ، وفيه : ولو بماء عينيك ، كبش من ذئاب ، ذئاب عليها ثياب ، وهذه المسألة من المسائل النادرة التي لم ترد في كتاب الفاخر 0
(4) أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم ذات النطاقين ؛ وهو أول مولود ولد بالمدينة من المسلمين بعد الهجرة. بويع له بمكة سنة أربع وستين بعد أن أقام الناس بغير خليفة مدة، وبايعه أهل العراق، وولّى أخاه مصعباً البصرة، وبنى ابن الزبير الكعبة وادخل فيها الحجر وجعل لها بابين مع الأرض يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر، قتله الحجاج ، وثل بجثته 0 وفيات الأعيان 3/71(1/289)
وقولهم : هو يتملقه (1) ، قال الأصمعي وغيره : معناه يخضع له ، ويتذلل في مسألته0
وقولهم : أشأم من البسوس (2) ، وهي البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة ، قاتل كليب ، وكان من حديث ذلك أنه كان للبسوس جار من جرم ، يقال له سعد ، وكانت له ناقة ، يقال لها سراب ، وكان كليب بن سعد قد حمى أرضا من أرض العالية في أنف الربيع ، فلم يكن يرعاه أحد إلاّ إبل جساس ، بسبب الصهر بينهما ؛ لأن أخت / جساس كانت تحت كليب ، فخرجت سراب ناقة الجرمي 145 أ في إبل جساس ، ترعى في حمى كليب ، ونظر إليها كليب فأنكرها ، فرماها بسهم فاختل ضرعها ، فولت تشخب دما ولبنا حتى بركت بفناء صاحبها ، فلما نظر إليها صرخ بالذل ، فخرجت جارية البسوس وأقبلت حتى نظرت إلى الناقة ، فلما رأت ما بها ضربت يدها على رأسها ، ونادت بالذل ، وجساس يسمع ، وأنشأت تقول (3) : " من الطويل "
لَعمرك لَو أصبحتُ في دارِ منقذٍ لَما ضيمَ سعدٌ وهو جارٌ لأبياتي
وَلَكنّني أَصبحتُ في دارِ غربةٍ مَتى يعدُ فيها الذئبُ يعدُ عَلى شاتي
فَيا سعدُ لا تغرر بِنَفسك واِرتَحل فَإنّك في قومٍ عنِ الجارِ أمواتِ
وَدونك أَذوادي فإنّي عنهمُ لَراحلةٌ لا يَفقدوني بنيّاتي
__________
(1) وهذه من المسائل النادرة التي لم ترد في الفاخر 0
(2) الفاخر ، ص 76 ، أمثال أبي عبيد ، ص 564 / الموسوعة الشعرية ، أمثال المفضل ، ص 152 / الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ص 877 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/473 ، المستصفى 1/176
(3) ديوانها / الموسوعة الشعرية(1/290)
فلما سمع جساس قولها أسكتها ، وقال : أيتها المرأة ليقتلن غدا جمل (1) هو أعظم عقرا من ناقة جارك ، ولم يزل جساس يتوقع غِرة كليب حتى تباعد يوما من الحي / فخرج جساس على فرسه ، وأخذ رمحه ، وتبعه (2) عمرو بن الحارث فلم 145 ب يدركه حتى طعن كليبا ، فدق صلبه ، ثم وقف عليه ، فقال له كليب : يا جساس أغثني بشربة ماء ، فقال جساس : تركت الماء ورائي ، وانصرف عنه ، ولحقه عمرو ، فقال له يا عمرو أغثني بشربة ماء ، فنزل إليه ، فأجهز عليه ، فقيل في ذلك (3) :" من البسيط "
المُستَجيرُ بِعَمرٍ عِندَ كُربَتِهِ كَالمُستَجيرِ مِنَ الرَمضاءِ بِالنارِ
ففي ذلك يقول الشاعر (4) : " من الطويل "
... كُليبُ لَعَمرِي كانَ أَكثَرَ ناصِراً وَأَيسَرَ دُنياً (5) مِنكَ ضُرِّجَ بِالدَمِ ...
رَمى ضَرعَ نابٍ فَاِستَمرَّ بِطَعنَةٍ كَحاشِيَةِ البُردِ اليَماني المُسَهَّمِ
فنشب الشر بسبب ذلك بين تغلب وبكر أربعين سنة 0
وقولهم : لكل ساقطة لاقطة (6) ، قال الأصمعي وغيره : الساقطة الكلمة التي يسقط بها الإنسان ، أي لكل كلمة يخطئ / بها الإنسان مَن يتحفظها ؛ فيحملها عنه 146أ ويقال تكلم فلان فما سقط بحرف ، وما أسقط حرفا ، أي لم يخطئ فيه ، واللاقطة أراد لاقطا أي آخذا ، حاملا لذلك 0
وقولهم : عيل صبره (7) ، قال الأصمعي غُلب ، ويقال : عالني الأمر إذا غلبني ، وقال غيره : عيل صبر رُفع ، ويقال : عالت الفريضة إذا ارتفعت 0
__________
(1) كتبت جملاً
(2) كتبت : وأتبعه
(3) القائل هو البحتري ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) للنابغة الجعدي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(5) رواية الديوان جرما
(6) الفاخر 88 ، الزاهر 1/350 ، أدب الكاتب ، ص 47 ، مجمع الأمثال 2/229 ، المستصفى 2/292
(7) الفاخر، ص 91 ، الزاهر 1/238 ، مكرر ، وقد سبق في ص 192 ، وهذا دليل على أخذه عن الفاخر ، فقد تكررت هذه المسألة في الفاخر أيضا ، انظر ص 17 ، ص 91(1/291)
وقولهم : ما فعلته أصلا (1) : معناه أي تجنبته على علم ومعرفة ، من الأصالة ، وهي جودة الرأي والعقل 0
وقولهم : لأرينك الكواكب بالنهار (2) ، معناه لألقينك في شدة يظلم عليك النهار لها ، حتى ترى الكواكب ، وإنما هذا مثل في الشدة 0
وقولهم : من حبّ طبّ (3) ، يقال : حبّ وأحبّ بمعنى واحد ، وطبّ فطن واحتال ، والطبّ الفطنة ، والحذق ، ومنه سمي الطبيب ؛ لعلمه وحذقه ، فمعنى الكلام : من أحب أحسن أن يحتال لأمره ، وكان فطنا لمن يحب 0
وقولهم : خطر ببالي (4) ، قال الأصمعي : خطر ضرب ، وهو من خطر البعير بذنبه، والبال الفكرة ، وقال غيره : البال الهمّ ، أي من كان / من همي ، وأما 146ب قولهم : ناعمة البال (5) ، قال الأصمعي : البال الحال ، وقال غيره : البال المعيشة 0
وقولهم : استأصل الله شأفته (6) ، قال الفراء : الشأفة الأصل ، وقيل : الشأفة بثر يكون في العقب أيضا ، وقال الأصمعي : النماء والارتفاع ، أي قلع الله نماءه وارتفاعه 0
وقولهم : فعلت ذاك عمدا (7) ، معناه قصدا ، يقال : عمدت للشيء أعمِد له ، إذا قصدته ، ومنه قتل العمد 0
__________
(1) الفاخر ، ص 92
(2) الفاخر ، ص 92 ، الزاهر 1/386 ، مجمع الأمثال 1/385 ، المستصفى 2/92
(3) الفاخر ، ص 93 ، الزاهر 1/434 ، أمثال أبي عبيد ، ص 346 / الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 10 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/357 ، المستصفى 2/354
(4) الفاخر ، ص 93
(5) هذه من المسائل النادرة التي لم ترد في الفاخر 0
(6) الفاخر ، ص 93 ، الزاهر 2/54 ، أدب الكاتب ، ص 40
(7) الفاخر ، ص 94(1/292)
وقولهم : خرجنا نتنزه (1) ، قال الأصمعي : النزهة التباعد عن المياه والبساتين ، ومنه قيل : فلان ينزه نفسه عن كذا وكذا ، أي يباعدها عنه ، قال : وهذا مما غلطوا فيه فوضعوه في غير موضعه ، وقال غيره : معنى النزهة التباعد عن البيوت ، والخروج عنها إلى مواضع المياه والنبات 0
وقولهم : رجل فقير (2) ، قال الأصمعي : الفقير الذي له بلغة من عيش ، والمسكين الذي لا بلغة له ، وقال آخرون : بل الفقير الذي لا بلغة له ، والمسكين الذي له بعض الشيء 0
وقولهم : ليست له طلالة (3) ، قال الأصمعي : الطلالة الحُسن والماء ، وقال أبو عمرو : الطلالة : / الفرح والسرور 0 ... ... ... ... ... 147أ
وقولهم : خجل الرجل (4) ، قال أبو عمرو : الخجل الكسل والتواني ، وترك الحركة عن طلب الرزق وغيره ، ثم جعل ذلك عن الانقطاع عن الكلام ، والحصر ، وقال غيره : الخجل أن يبقى الإنسان باهتا مُتحيرا داهشا ، وأنشد (5) :" المتقارب "
ولم يدقعوا عندما نابهم لوقع الحروب ولم يخجلوا
أي لم يخضعوا ، ولم يبقوا باهتين في الحرب ، وقال أبو عبيدة : خجِل بَطِر ، ومن ذلك حديث النبي عليه السلام ، وقوله للنساء : ( إنكنّ إذا جعتن دقعتن ، وإذا شبعتن خجلتن ) معناه بطرتن ، قال ابن الأعرابي : الدقع سوء احتمال الفقر ، والخجل سوء احتمال الغنى 0
وقولهم : احتشم الرجل (6) ، قال الأصمعي : احتشم انقبض ، والاحتشام الانقباض 0
__________
(1) الفاخر ، ص 94 ، الزاهر 1/326 ، وفيه : خرج القوم يتنزهزن ، أدب الكاتب ، ص 34
(2) الفاخر ، ص 96
(3) الفاخر ، ص 97 ، الزاهر 1/580
(4) الفاخر ، ص 97 ، الزاهر 1/350
(5) للكميت بن زيد الأسدي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(6) الفاخر ، ص 99(1/293)
وقولهم : رجل باسل (1) ، الباسل المُرّ ، والبسالة المرارة ، وقد بسل الرجل أي صار مُرّا ، والرجل البازل هو الكامل القوة الشديد (2) ، وهو مأخوذ من بزول البعير ، وهو خروج / نابه ، وذلك بعد ما يمضي له تسع سنين 0 ... ... ... 147ب
وقولهم : رجل شهم (3) ، قال الأصمعي : هو الذكي الحاد ، الذي كأنه مروّع من حدة نفسه 0
وقولهم : في أي حزة نحن (4) ، قال الأصمعي : الحزة الوقت والحين 0
وقولهم : إني لأربأ بك عن كذا (5) ، معناه لأرفعك عنه ، ويقال : أربأ إلى السَبُع (6) أي أشرف ، فأما قولهم : أَربا عليّ ، فمعناه أشرف عليّ وزاد ، ومنه الربا في المعاملة لأنه يزيد على ماله ، وهو مأخوذ من الربا في المعاملة ، ومن ذلك قولهم : ربا السويق ، إذا ارتفع وانتفخ 0
وقولهم : عظيم المؤونه (7) ، قال الفراء : المؤونة من الأين وهو التعب والشدة ، فكأن المعنى أنه عظيم التعب والمشقة في الإنفاق على من يعول ، وقيل : هو مفْعَلَة من الأون ، وهو الدعة والسكون ، فكأن المعنى أن قيامه يُسكّن عياله ، ويُودعهم ، وقيل : هو فعُولَة من مُنْتُ القوم إذا قمت بإمورهم 0
وقولهم : صاحت عصافير بطنه (8) ، إذا جاع ، والعصافير الأمعاء 0
وقولهم : قد حلب الدهر أشطره (9) ، قال الأصمعي : أي أتت عليه كل حال من شدة ورخاء ، كأنه استخرج درة الدهر في كل حالاته 0
__________
(1) الفاخر ، ص 100 ، الزاهر 1/452
(2) وردت هذه العبارة على النحو التالي : والرجل البازل فهو الكامل والقوة الشديد
(3) الفاخر ، ص 100 ، الزاهر 1/211
(4) الفاخر ، ص 101 ، الزاهر 1/ 446
(5) الفاخر ، ص 101 ، الزاهر 1/ 447
(6) في الفاخر ، ص 101 : أربأ لي السبع
(7) الفاخر ، ص 104 ، الزاهر 1/356
(8) الفاخر ، ص 105
(9) الفاخر ، ص 105 ، الزاهر 1/590 ، أدب الكاتب ، ص 42 ، أمثال أبي عبيد ، ص 127/ الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ،ص 556 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/256 ، المستصفى 2/64(1/294)
/ وقولهم : نعشه الله (1) ، قال الأصمعي معناه رفعه الله ، ومنه سمي النعش 148أ نعشا ؛ لأنه يُرفع عليه الميت 0
وقولهم : للشيء غاية (2) ، معناه منتهى ذلك الجنس ، وهو مأخوذ من غاية السبق ، وهي قصبة أو غيرها ، توضع في الموضع الذي تكون المسابقة إليه ؛ ليأخذها السابق ، فمعنى غاية ، أي قد بلغ أقصى منتهاه 0
وقولهم : شيء طريف (3) ، أي محدث ، مأخوذ من الطريف والطارف ، وهو ما استطرفه الرجل ، واستحدثه من مال يكتسبه ، والتليد والتالد ما كان عند الرجل إرثا عن آبائه 0
وقولهم : لا يزايل سوادي بياضك (4) ، فالسواد الشخص ، والبياض الشخص ، فمعناه لا يزايل شخصي شخصك 0
وقولهم : فلان ظريف (5) ، قال الأصمعي وابن الأعرابي : لا يكون الظرف إلاّ في اللسان ، أي هو بليغ جيد المنطق ، وقال غيرهما : الظرف حسن الوجه والهيئة 0
وقولهم : غفر الله له (6) ، قال الأصمعي : معناه ستر الله عليه ذنوبه ، ومحاها ، ومحّص الله ذنوبه أي أذهبها عنه ، وكشفها 0
وقولهم : أشفى قرمي (7) ، القرم شدة شهوة اللحم ، ويقال : قَرِمٌ إلى اللحم ، وجائع إلى الخبز ، وعطشان إلى الماء ، وعثمان / إلى اللبن ، وقَطِرٌ إلى النكاح ، 148 ب وظمآن إلى الماء والسراب 0
__________
(1) الفاخر ، ص 106 ، الزاهر 1/594
(2) الفاخر ، ص 106 ، الزاهر 1/534
(3) الفاخر ، ص 107 ، وفيه : جاءنا بطَرْفَةٍ وبشيء طريف ، الزاهر 1/256
(4) الفاخر ، ص 107 ، الزاهر 1/343
(5) الفاخر ، ص 108 ، الزاهر 1/209
(6) الفاخر ، ص 108 ، الزاهر 1/109
(7) الفاخر ، ص 109 ، الزاهر 1/595(1/295)
وقولهم : نام نومة عبود (1) ، روي أن رسول الله عليه السلام قال : ( إن أول الناس دخولا الجنة لعبدٌ أسود ) يعني عبودا ، وذلك أن الله بعث نبيا إلى أهل قريته ، فلم يؤمن به منهم أحد إلاّ ذلك الأسود ، وأن قومه احتفروا له بئرا فصيروه فيها ، وأطبقوا عليه صخرة ، وكان ذلك الأسود يخرج فيحتطب ، ويبيع الحطب ، ويشتري به طعاما وشراباً، ثم يأتي تلك الحفرة ، فيعينه الله على تلك الصخرة ، فيرفعها ، ويُدلّى إليه ذلك الطعام والشراب ، وأن ذلك الأسود احتطب يوما ، ثم جلس يستريح فضرب بنفسه شقه الأيسر ، فنام تسع سنين ، ثم هبّ من نومته ، فقام وضرب بنفسه شقه الأيمن ، فنام سبع سنين ، ثم هبّ من نومه ، وهو لا يرى أنه نائم إلاّ ساعة من نهار ، فاحتمل حزمته ، فأتى القرية ، فباع حطبه ، ثم أتى الحفرة فلم يجد الفتى فيها ، وكان قد بدا لقومه فيه ، فأخرجوه فكان يسأل عن الأسود ، فيقولون لا ندري أين هو ، فضرب به المثل لمن نام نوما طويلا0
وقولهم : هو ينتغر ويتناغر (2) ، قال الأصمعي : معناه يغلي جوفه/ غيظا وغما149أ
وهو مأخوذ من نغر القِدْر ، وهو فورانها ، وغليانها ، نغرت القدر تنغر نغرا 0
وقولهم : عدا طوره (3) ، قال الأصمعي : جاوز قدره ، ويقال : عدا كذا إذا جازه 0
وقولهم : هو الموت الأحمر (4) ، قال الأصمعي : فيه قولان ، قال : يقال الموت الأحمر والأسود ، يشبه بلون الأسُود ، هو لأنه : كأنه أسد ، يهوي إلى صاحبه ، وقال أبو عبيدة : معنى قولهم الموت الأحمر هو أن يسمدرّ (5) الرجل من الهول فيرى الدنيا في عينه حمراء أو سوداء.
__________
(1) الفاخر ، ص 109 ، مجمع الأمثال 2/397 ، المستصفى 1/426
(2) الفاخر ، ص 110 ، الزاهر 1/558
(3) الفاخر ، ص 111 ، الزاهر 1/561 ، أدب الكاتب ، ص 46
(4) الفاخر ، ص 111 ، الزاهر 1/ 607 ، مجمع الأمثال 2/358
(5) أي يضعف بصره 0 لسان العرب ( سمدر )(1/296)
وقولهم : حسن السمت (1) ، قال الفراء ، وأبو عمرو : السمت القصد ، يقال : أسمت لكذا ، أي أقصد له ، وقال الأصمعي : السمت الهيئة ، والسمت الطريقة ، كأن المعنى هو حسن الهيئة والطريقة 0
وقولهم : حمي الوطيس (2) ، قال الأصمعي وغيره : الوطيس حجارة مدورة ، فإذا حميت لم يمكن أحد أن يطأ عليها ، فيضرب ذلك مثلا للأمر إذا اشتد ، ويروى أن رسول الله عليه السلام رُفعت له الأرض يوم مؤتة ، فرأى معترك القوم ، فقال : ( حمي الوطيس ) وقال أبو عمرو : الوطيس مثل التنور ، يُخبز فيه ، يشبه حر الحرب به 0
وقولهم : قد أنصف القارة من راماها (3) / القارة قبيلة من كنانة ، هم أرمى 149 ب العرب ، فدعتهم قبيلة إلى المراماه ، فقيل : قد أنصف القارة من راماها 0
وقولهم : شاط بدمه (4) ، معناه ذهب به باطلا ، أي قد عرضه للهلكة ، ويقال : شاط بدمه ، وأشاط دمه ، أي ذهب به باطلا ، وشاط الدم نفسه 0
__________
(1) الفاخر ، ص 111
(2) الفاخر ، ص 112 ، الزاهر 2/102 ، مجمع الأمثال 2/126 ، المستصفى 1/297
(3) الفاخر ، ص 112 ، أمثال أبي عبيد ، ص 183 / الموسوعة الشعرية ، أمثال المفضل ، ص 146 / الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 85 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/ 121 ، المستصفى 2/189
(4) الفاخر ، ص 113 ، الزاهر 1/569(1/297)
وقولهم : أذكرتني الطعن وكنت ناسيا (1) ، أول من قاله رهيم (2) بن حزن الهلالي ، وكان انتقل بأهله ، وما له من بلدة ، يريد بلدا آخر ، فاعترضه قوم من بني تغلب ، فعرفوه ، وهو لا يعرفهم ، فقالوا له حلّ ما معك وانج ، فقال لهم : دونكم المال ، ولا تعرضوا للحرم ، فقال (3) له بعضهم : إن أردت أن نفعل ذلك ، فألق رمحك ، فقال : وإن معي لرمحا ! ، فشد عليهم واحدا واحدا ، وهو يرتجز :
ردوا على أقربها الأقاصيا إن لها بالمشرفي حاديا
وذكرتني الطعن وكنت ناسياً
وقولهم : إياك أعني واسمعي يا جارة (4) ، أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ، وذلك أنه خرج يريد النعمان ، فمر ببعض أحياء طيء ، فسأل عن سيد الحي ، فقيل له : حارثة بن لام ، فأمّ رحله ، فلم يصبه شاهدا ، / فقالت له أخته: أنزل150أ في الرحب والسعة. فنزل فأكرمته ولاطفته، ثم خرجت من خباء إلى خباء ، فرأى أجمل أهل دهرها وأكملهم، وكانت عقيلة قومها، وسيدة نسائها، فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ، ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء يوماً، وهي تسمع كلامه، فجعل ينشد : : من الرجز "
يا أخت خير البدو والحضاره كيف ترين في فتى فزار
أصبح يهوى حرة معطاره إياك أعني واسمعي يا جاره
فلما سمعت قوله عرفت أنه أياها يعني، فقالت: ماذا بقول ذي عقل أريب، ولا رأي
__________
(1) الفاخر ، ص 114 ، أمثال أبي عبيد ، ص 49 / الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 748 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/356 ، المستصفى 2/85
(2) كتبت رهم ، وما أثبتناه في مجمع الأمثال
(3) كتبت : فقالوا
(4) الفاخر ، ص 129 ، جمهرة الأمثال ، ص 41 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 1/83 ، المستصفى 1/450(1/298)
مصيب، ولا أنف نجيب، فأقم ما قمت مكرماً، ثم ارتحل متى شئت مسلَماً ، فاستحى الفتى وقال: ما أردت منكراً، واسوأتاه! قالت: صدقت، فكأنها استحيت من تهمتها إياه ، فأتى النعمان فحياه وأكرمه ، فلما رجع نزل على أخيها ، فخطبها ، وتزوجها ، وسار بها إلى قومه 0
وقولهم : قطع الله دابره (1) ، قال الأصمعي : الدابر الأصل ، أي أذهب الله أصله 0
وقولهم : حابيت فلانا (2) ، / معناه خصصته بالميل ، وأظنه مأخوذ من الحبوة 150ب وهو ما خصّ به الإنسان من العطية ، ويقال : معنى حابيت أي ملت إلى الرجل ، واتصلت به ، مأخوذ من حبيّ السحاب ، وهو ما دنا بعضه إلى بعض 0
وقولهم : أخذته الأخذة (3) ، قال الفراء : الأخذة السحر ، ومنه قولهم : في يده أخذة ، أي حيلة يسحر بها 0
وقولهم : ما عنده طائل ولا نائل (4) : قال الأصمعي أو غيره : الطائل من الطول ، وهو الفضل ، والنائل من النوال ، وهو العطية ، والمعنى ما عنده فضل ولا جود 0
وقولهم : ما كان نَوْلُك أن تفعل ذلك (5) ، فالنول والنوال الصلاح 0وقال الأخفش : النول والنوال الحظ والعطية 0
وقولهم : حسبك الله (6) ، أي محاسبك على ما تفعل ، والحسيب الذي يتولى الحساب0
وقولهم : قام على طاقة (7) ، أي على أقصى ما يمكنه من الهيئة ، والطاقة القوة على الشيء ، وهو الطوق أيضا ، ومنه قولهم : ما لي به طاقة ، أي قوة 0
وقولهم : جزل (8) ، معناه قوي على ما يكلفه ، وأصل ذلك في الحطب الجزل ، وهو الغليظ القوي 0
__________
(1) الفاخر ، ص 130 ، الزاهر 1/573
(2) الفاخر ، ص 130 ، الزاهر 2/59
(3) الفاخر ، ص 134
(4) الفاخر ، ص 143 ، الزاهر 2/103 ، مجمع الأمثال 2/337
(5) الفاخر ، ص 148 ، الزاهر 1/564
(6) الفاخر ، ص 148 ، الزاهر 1/97
(7) الفاخر ، ص 149 ، الزاهر 1/585
(8) الفاخر ، ص 149 ، الزاهر 2/109(1/299)
وقولهم : اعتذر (1) ، الاعتذار قطع الرجل عن حاجته ، أو قطعه عما قد أمسك في قلبه وأصله / من قولهم : اعتذرت إليه إذا انقطعت ، ويقال : الاعتذار محو151أ أثر الطلب ، ومحو أثر الموجدة ، من قولهم : قد اعتذرت المنازل إذا درست 0
وقولهم : عندما يتهاون به بَعْرَة (2) ، الأصل في ذلك أن نساء الجاهلية كانت إحداهن إذا مات عنها زوجها اعتدت عليه سنة ، لا تخرج من بيتها ، فإذا تم الحول ، فمرّ كلب رمته ببعرة ، ثم خرجت من الخباء الذي تكون فيه ، وإنما تفعل ذلك ليرى الناس أنّ إقامتها حولا بعد زوجها أهون عليها من بعرة ، ويرمى بها كلب ، فصار مثلا لكل ما يتهاون به 0
وقولهم : ميمون النقيبة (3) ، وأصل النقيبة اللون والصوت ، يقال : هو حسن النقيبة والنقاب أي الصورة واللون ، وإنما سمي النقاب الذي تلبسه المرأة بذلك ؛ لأنه يستر نقابها ، أي لونها بلونه ، ويقال : النقيبة المُختبر ، يقال : نقبت عن خبره ، ونقِبت ، قال الله تعالى : [فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ] (4) ، أي بحثوا عن ذلك 0
وقولهم : بيضة العُقْر (5) ، العقر هاهنا / استعقام الرحم ، فلا يحمل ، وقال151ب قوم : بيضة العقر ، بيضة الديك ، وذلك أن الديك يبيض بيضة واحدة ، فتضرب لذلك مثلا لكل من فعل فعلة واحدة ، لم يضف إليها شيئا 0
وقولهم : قصيرة من طويلة (6) ، قال ابن الأعرابي ، يعني بذلك تمرة من نخلة ، والقصيرة التمرة ، والطويلة النخلة 0
__________
(1) الفاخر ، ص 150 ، وفيه : اعتذرت إلى فلان
(2) الفاخر ، ص 153 ، وفيه : بَعْرَةٌ عند الشيء يُتهاون به
(3) الفاخر ، ص 154
(4) سورة ق 36
(5) الفاخر ، ص 154 ، الزاهر 1/582 ، مجمع الأمثال 1/138 ، المستصفى 2/211
(6) الفاخر ، ص 159 ، مجمع الأمثال 2/128(1/300)
وقولهم : عنقاء مغرب (1) : قال ابن الكلبي : كان لأهل الرس نبي ، يقال له حنظلة بن صفوان ، وكان بأرضهم جبل مصعدة في السماء ميل ، فكانت تأتيه طائرة كأعظم ما يكون ، لها عنق طويلة من أحسن الطير، فيها من كل لون ، وكانت تقع منتصبة ، فكانت تكون على ذلك الجبل ، تنقض على الطير ، تأكلها ، فجاعت ذات يوم ، وأعوزها الطير ، فانقضت على جارية حين ترعرعت ، فأخذتها ، فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى جناحيها الكبيرين ، وطارت بها ، فشكوا ذلك إلى نبيهم فقال : اللهم خذها ، واقطع نسلها ، وسلط عليها آفة / فأصابتها 152أ صاعقة ، فاحترقت ، وسموها مغرب بأنها كانت تغرّب بكل ما أخذته 0
وقولهم : قمقم الله عصبه (2) ، قال ابن الأعرابي أو غيره : معناه قبضه الله ، وجمع بعضه إلى بعض 0
وقولهم :يَسْبَع فلانا (3) ، أي يرميه بالقول الرديء ، مأخوذ من قولهم : شنعت الذئب وغيره ، إذا رميته بسهمك 0
وقولهم ظلوم غشوم (4) ، فالظلوم الذي يأخذ ما ليس له ، وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، والغشوم الذي يخبط الناس ، ويأخذ كل شيء ، قال الفراء : وهو مأخوذ من غشم الحاطب ، وهو أن يحتطب بالليل ، فيقتطع كل ما قدر عليه من الشجر بغير روية 0
وقولهم : ظِلف النفس (5) ، أي يمتنع من أن يأتي عيبا يتدنس به ، ويبقى أثره عليه 0
وقولهم : هو ضجر (6) ، قال الأصمعي وغيره : الضجر ضيق النفس ، وهو مأخوذ من قولهم : مكان ضجر ، إذا كان ضيقا 0
وقولهم : جيد القريحة (7) ، أي الاستخراج ، وهو مأخوذ من قولهم : قرحت نهرا ، واقترحت إذا حفرت في موضع لا يوجد فيه الماء 0
__________
(1) الفاخر ، ص 161 ، مجمع الأمثال 1/263
(2) الفاخر ، ص 163 ، الزاهر 1/440
(3) الفاخر ، ص 163 ، الزاهر 1/611
(4) الفاخر ، ص 173 ، الزاهر 2/36
(5) الفاخر ، ص 175 ، الزاهر 2/17
(6) الفاخر ، ص 175 ، الزاهر 2/12
(7) الفاخر ، ص 175 ، الزاهر 2/12(1/301)
وقولهم : فتّ في عضده (1) ، العضد القوة ، والفتّ الكسر ، من قولك : /فتّتّت الشيء إذا كسّرته صغارا ، ويقال : العضد الأعوان ، وحكى النضر 152ب ابن شميل (2) : رجل عضد إذا كان له إخوان يعضدونه ، فكأن المعنى فتّ فيهم خذلانه 0
__________
(1) الفاخر ، ص 177 ، الزاهر 2/35
(2) النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم التميمي المازني النحوي اللغوي الأديب، ولد بمرو ونشأ بالبصرة وأخذ عن الخليل بن أحمد، وأقام بالبادية زمناً طويلاً فأخذ عن فصحاء العرب كأبي خيرة الاعرابي وأبي الدقيش وغيرهما. وسمع من هشام بن عروة وحميد الطويل واسماعيل بن أبي خالد وعبد الله بن عون وهشام ابن حسان وغيرهم من صغار التابعين. وروى عنه يحيى بن معين وابن المديني، وهوثقة حجة احتجوا به في الصحاح ولما ضاقت عليه الأسباب في البصرة عزم على الخروج إلى خراسان فشيعه من أهل البصرة نحو ثلاثة آلاف من المحدثين والفقهاء واللغويين والنحاة والادباء فجلس لوداعهم بالمربد وقال: ياأهل البصرة، يعز علي والله فراقكم، ولو وجدت عندكم كل يوم كيلجة من الباقلاء ما فارقتكم، فلم يكن يهم واحد يتكلف له ذلك، فسار إلى مرو واقام بها فاثرى وافاديها مالا عظيما، ذكر ذلك أبو عبيدة في كتاب المثالب، وكان النضر من أهل السنة وهو اول من اظهرها بخراسان ومرو، وولى القضاء بمرو فاقام العدل وحمدت سيرته، وكان متقللا متقشفا ،. توفي النضر بن شميل في ذي الحجة سنة اربع ومائتين. وله من التصانيف: كتاب الصفات في اللغة خمسة اجزاء، والمدخل إلى كتاب العين، وكتاب غريب الحديث، وكتاب المعاني، وكتاب السلاح، وكتاب المصادر، وكتاب الانواء، وكتاب خلق الفرس، وكتاب الجيم، وكتاب الشمس والقمر وغير ذلك. معجم الأدباء 19/238 ـ243(1/302)
وقولهم : ما عنده خير ولا مير (1) ، الخير على وجوه ، الخير المال ، والخير الخيل ، والخير كل ما رُزِقه الناس من متاع الدنيا ، وهو الذي يراد في المثل ، والمير ما جُلِب من الميرة ، وهو ما يتقوت ويُتزوّد ، فيراد أنه ليس عنده خير عاجل ، ولا يُرجى منه أن يأتي بخير ، ويقال : خرج يمير أهله ، وخرج يمتار لهم إذا خرج يجلب لهم ما يحتاجون إليه 0
وقولهم : دعه يخيس (2) ، معناه يفسد ، وهو مأخوذ من قولهم : خاست الجيفة إذا بدأت تُرْوِح وتُنتن 0
وقولهم : أقاموا على فلان مأتما (3) ، أصل المأتم مجتمع النساء على كل حُزن أو فرح ثم كثر حتى صيروه في الموت خاصة 0
وقولهم : لا جَرَم (4) ، قال الفراء : هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ، ولا محال ، فجرت على ذلك ، وكثر استعمالهم إياها ، حتى صارت بمنزلة حقا لأفعلن ، وقال المفسرون في قوله تعالى : / [ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ 153أ الْأَخْسَرُونَ ] (5) ، أي حقا 0
وقولهم : دمدم عليه (6) ، معناه أن يتكلم وهو مغضب ، وأصل الدمدمة الغضب ، ومنه قوله تعالى : [فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ] (7) أي غضب عليهم 0
وقولهم : مالي في هذا الأمر درك (8) ، أي منزلة ومُرتقى ، والدرك المرقاة 0
وقولهم : تجشمت كذا (9) ، أي تكلفته على مشقة 0
__________
(1) الفاخر ، ص 183 ، الزاهر 1/619 ، أمثال أبي عبيد ، ص 465/ الموسوعة الشعرية ، جمهرة الأمثال ، ص 1362 / الموسوعة الشعرية ، مجمع الأمثال 2/337 ، المستصفى 2/326
(2) الفاخر ، ص 183 ، الزاهر 2/44
(3) الفاخر ، ص 185 ، الزاهر 1/262
(4) الفاخر ، ص 199 ، الزاهر 1/375 ، أدب الكاتب ، ص 50
(5) هود 22
(6) الفاخر ، ص 205 ، الزاهر 1/289
(7) الشمس 14
(8) الفاخر ، ص 209 ، الزاهر 1/630 ، مجمع الأمثال 2/337
(9) الفاخر ، ص 209 ، الزاهر 2/ 38(1/303)
وقولهم : نظر إلىّ شزرا (1) ، أي في جانب ، وإنما يكون ذلك من البغضاء ، ومن العداوة ، وربما كان من الفرق 0
وقولهم : يجود بنفسه (2) ، قال ابن الأعرابي : معناه هو يسوق بنفسه ، من قولهم : إنه ليُجاد إلى فلان ، وإنه ليُجاد إلى الحرب ، أي يُساق إليها 0
وقولهم : يأتيك بالأمر من فصه (3) ، أي من مفصله ، وهو مأخوذ من فصوص العظام ، وهو مفاصلها ، واحدها فصّ 0
وقولهم : زند متين (4) ، الزند الضيق الخلق ، والمتين الشديد البخيل 0
وقولهم : لايأبى الكرامة إلاّ حمار (5) ، أول من قال ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام ، ودخل عليه رجلان / فرمى لهما بوسادتين ، فقعد أحدهما على 153 ب الوسادة ، ولم يقعد الآخر على وسادته ، فقال له عليّ : اقعد على الوسادة ، ولا يأبى الكرامة إلاّ حمار فقعد عليها 0
وقولهم : باقعة (6) ، أصل الباقعة الطائر الحذر الذي يشرب الماء من البقاع ، وهي المواضع التي يُستنقع فيها الماء ، ولا ترد المشارع فتُصاد ، فضرب مثلا لكل حَذِر مُحتال 0
وقولهم : نغصت عليَ (7) ، قال الأصمعي : التنغيص قطع الشيء قبل الفراغ منه ، فيقال لكل مَن منع إنسانا أوغيره شيئا ، قبل أن يفرغ مما هو عليه : قد نغّص عليه 0
وقولهم : فلان ركيك (8) ، أي ضعيف العقل ، والركاكة في الأصل الضعف 0
وقولهم : نَوِك (9) ، أي جاهل ، والنوك الجهل 0
وقولهم : لبق (10) ، معناه رفيق لطيف فيما يعمل 0
__________
(1) الفاخر ، ص 211 ، الزاهر 2/44
(2) الفاخر ، ص 222 ، الزاهر 2/11
(3) الفاخر ، ص 223 ، الزاهر 1/322 ، مجمع الأمثال 2/496
(4) الفاخر ، ص 234 ، الزاهر 1/625 ، مجمع الأمثال 1/409
(5) الفاخر 226 ، مجمع الأمثال 2/265 ، المستصفى 2/267
(6) الفاخر ، ص 236 ، الزاهر 2/100
(7) الفاخر ، ص 239 ، الزاهر 2/42
(8) الفاخر ، ص 241 ، الزاهر 1/284
(9) الفاخر ، ص 44 ، الزاهر 1/234
(10) الفاخر ، ص 244 ، الزاهر 1/260(1/304)
وقولهم : هو بوٌّ (1) ، أصل البوّ أن يذبح فصيل الناقة ، فيسلخ برأسه وقوائمه ، ثم يُحشى تبنا ؛ لتراه أمه ، فلا تنكره ، وتشم ريحه ، فتدرّ عليه ، ولا ينقطع لبنها ، فجُعِل من لا يفهم ، ولا ينتفع به بمنزلته ، أي هو كالجلد المحشو 0
وقولهم : إنما هو همج (2) ، فالهمج ذُباب صغير ، يقع في وجوه الغنم والحمير / وأعينها ، ويقال : هو ضرب من البعوض ، وهو واحد وجمع 0 154أ
باب يجمع ألفاظا نفيسة من منثور الكلام ومنظومه 0
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المرء كثير بأخيه ، ولا خير في صحبة مَن لا يرى لكل مثل ما يرى لنفسه (3) 0
وقال عليه السلام : رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس ، ولن يهلك امرؤ بعد مشورة (4) 0
وقال عليه السلام : عليك بالأمر ذي الحجة 0
وقال عليه السلام : مَن التمس رضا الناس بما يسخط الله عاد حامده ذاما (5) 0
وقال عليه السلام : ما قلّ وكفى خير مما كثُر وألهى (6) 0
وقال رجل : يا رسول الله أوصني بشيء ينفعني الله به ، قال : أكثر ذكر الموت ، يُسلِك عن الدنيا ، وعليك بالشكر ، فإن الشكر يزيدك في النعمة ، وأكثر الدعاء فإنك لا تدري متى يستجاب لك ، وإياك والبغي ، فإن الله قد قضى أنه من بُغي عليه لينصرنه الله ، وقال : [إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ] (7) ، وإياك والمكر ، فإن الله قد / قضى أنه [ لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (8) ] (9) 0 ... 154 ب
__________
(1) الفاخر ، ص 249 ، الزاهر 1/306
(2) الفاخر ، ص 249 ، الزاهر 1/278
(3) تذكرة الموضوعات 1/204 / المكتبة الشاملة
(4) النهاية في غريب الحديث والأثر ( درى )
(5) التذكرة الحمدونية ، ص 10 / الموسوعة الشعرية
(6) كشف الخفاء 2/140 / المكتبة الشاملة
(7) يونس 23
(8) فاطر 43
(9) التذكرة الحمدونية ، ص 23 / الموسوعة الشعرية(1/305)
وقال عليه السلام : مَن لم يقبل من متنصل صادقا كان أوكاذبا ، لم يرد عليّ الحوض (1) 0
قال أكثم بن صيفي : الكرم حُسن الفطنة ، واللؤم سوء التغافل (2) 0
كتب إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي إلى المهدي يُعزيه عن ابنته : أمّا بعد فإن أحق من عرف حق الله عليه فيما أخذ منه من عظم حق الله عليه فيما أبقى ، واعلم أن الماضي قبلك ، الباقي بعدك ، وأن أجر الصابرين فيما يصابون به أعظم عليهم من النعمة فيما يعافون منه (3) 0
وعزّى صالح المري رجلا في ابنه ، فقال : إن كانت مصيبتك في ابنك أحدثت لك عِظة في نفسك فنعم المصيبة مصيبتك وإلاّ يكن أحدثت لك عِظة في نفسك فمصيبتك في نفسك أعظم من مصيبتك في ميّتك ، والسلام (4) 0
قال عمرو بن العاص لمعاوية : مَن أصبر الناس ؟ قال : مَن رأيه رادّ لهواه (5) 0
عزّى بعض العلماء رجلا عن أبيه ، فقال له : لا أراك الله بعد مصيبتك ما يُنسيكها (6) 0
وقال الأحنف : إياك والقعود في صدر المجلس ، فإنه قُلَعة (7) 0
/ وقال : لأن أدعى من بعيد خير مِن أن أقصى من قريب (8) 0 ... 155 أ
وكان يقول : ما جلست مجلسا قط خفت أن أقام منه لغيري (9) 0
__________
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر ( ضيح )
(2) البيان والتبيين ، ص 247 ، وفيه : واللؤم سوء الفطنة 0
(3) البيان والتبيين ، ص 249 ، وفيه : واعلم أن الماضي قبلك ، هو الباقي لك ، وأن الباقي بعدك هو المأجور فيك وأن أجر000
(4) البيان والتبيين ، ص 472 ، وفيه : إن تكن مصيبتك في أخيك أحدثت لك خشية ، فنعم المصيبة مصيبتك ، وإن تكن مصيبتك بأخيك أحدثت لك جزعا فبئس المصيبة مصيبتك 0
(5) البيان والتبيين ، ص 463 ، وفيه : من كان رأيه رادا لهواه 0
(6) البيان والتبيين ، ص 313
(7) البيان والتبيين ، ص 315 ، وفيه : إياك وصدر المجلس وإن صدّرك صاحبه ، فإ نه مجلس قُلْعة 0
(8) البيان والتبيين ، ص 315
(9) محاضرات الأدباء ، ص 837/ الموسوعة الشعرية(1/306)
وقال رجل للربيع بن خُثيم وقد رآه صلى ليلة أجمع حتى أصبح : أتعبت نفسك ، قال : راحتها أطلب (1) ، وأنشد (2) : " من الكامل "
يا مَنْ لِشَيْخٍ قَدْ تَخَدَّدَ لحْمُهُ أفنى ثلاثَ عمائمٍ ألوانا
سوداءِ حالكةً وسحق مفوفٍ وأجدَّ لوناً بعد ذاك هجانا
قصرالحوادث خطوة فتدانى وحَنَونَ قائم صُلبهِ فتحانَى
صَحِبَ الزمانُ على اختلافِ فنونِهِ فأراهُ مِنْهُ شِدّةً وليانا
والموتُ يأتِي بعدَ ذلك كلِّهِ فكأنَّه يعني بذاكَ سِوانا
وقال رسول الله عليه السلام : (أمرني ربي بتسع : الإخلاص في السرّ والعلانية ، والعدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وأن أعفو عمن ظلمني ، وأصل من قطعني ، وأعطي من حرمني ، وأن يكون نطقي ذكرا ، وصمتي فكرا ، ونظري عبرة ) (3) 0
وقيل لعمر بن عبد العزيز : أي الجهاد أفضل ؟ قال : جهادك هواك (4) 0
وكان يقال : إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم 0 (5)
__________
(1) الكامل 1/204 ، وفيه بعد راحتها أطلب : إنّ أفره العبيد أكيسهم 0
(2) وردت هذه الأبيات في كامل المبرد دون عزو 1/204
(3) ورد بألفاظ مختلفة في كشف الخفاء 1/323 ، 2/127 ، 289 / المكتبة الشاملة
(4) الكامل ، ص 241 / الموسوعة الشعرية
(5) البيان والتبيين ، ص 643 / الموسوعة الشعرية(1/307)
قال الحسن البصري لمطرف (1) : عظ أصحابك ، قال مطرف : إني أخاف أن أقول ما لا أفعل ، فقال / الحسن : رحمك الله ، وأينا يفعل ما يقول لودّ الشيطان أنه قد155ب ظفر بهذه منكم ، فلا يأمر أحد بمعروف ، ولا ينهى عن منكر (2) 0
وقيل : المؤمن مَن ساءته سيئته ، وسرته حسنته (3) 0
وقال أبو الدرداء : من هوان الدنيا على الله ألاّ يُعصى إلاّ فيها ، ولا يُنال ما عنده إلاّ بتركها (4) 0
وقال شريح : الحدة كنية الجهل (5) 0
وقال بعض الحكماء : عوّد نفسك الصبر على جليس السوء ، فإنه لا يكاد يُخطئك0 (6)
دخل الحسن بن وهب على الحسن بن سهل ، فقال : كيف أصبح الأمير ، قال : أسلفنا الدهر شيئا أساء بنا في اقتضائه 0
أتى رجل مطيع بن إياس ، فقال : جئتك خاطبا مودتك ، قال : قد أنكحتكها على أن تجعل مهرها ألاّ تسمع فيّ قولاً (7) 0
__________
(1) أبو عبد الله مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب ، الحرشي، كان فقيهاً، وكان لوالده عبد الله صحبة، وكان مطرف من أعبد الناس وأنسكهم، فذكروا أنه وقع بينه وبين رجل منازعة، فرفع يديه، وكان ذلك في مسجد البصرة، وقال: اللهم إني أسألك ألا يقوم من مجلسه حتى تكفيني إياه، فلم يفرغ مطرف من كلامه حتى صرع الرجل فمات، وأخذ مطرف وقدموه إلى القاضي، فقال القاضي: لم يقتله، وإنما دعا عليه فأجاب الله دعوته، فكان بعد ذلك تتقى دعوته، ومات في سنة سبع وثمانين للهجرة وقيل غير ذلك وقال ابن قانع: سنة خمس وتسعين . وفيات الأعيان 0 5/211
(2) الكامل ، ص 394 / الموسوعة الشعرية
(3) البيان والتبيين ، ص 140 / الموسوعة الشعرية
(4) البيان والتبيين ، ص 364 ـ 365 / الموسوعة الشعرية
(5) البيان والتبيين ، ص 365 / الموسوعة الشعرية ، وفيه : كنية عن الجهل
(6) البيان والتبيين ، ص 545 / الموسوعة الشعرية ، والقائل عبيد الله بن زياد السفياني
(7) الصداقة والصديق ، ص 30 /الموسوعة الشعرية ، وفيه : وجعلت الصداق ألاّ تقبل في مقالة قائل(1/308)
قال أكثم بن صيفي : مَن سرّه بنوه ساءته نفسه (1) 0
وقال جعفر بن محمد عليه السلام : إذا أقبلت الدنيا على المرء كسته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه (2) 0
وأنشد (3) : " من الطويل "
/ ... جَزى اللَهُ عَنّا جَعفَراً حينَ أَزلَقَت بِنا نَعلُنا في الواطِئينَ فَزَلَّتِ 156أ
أَبَوا أَن يَمَلّونا وَلَو أَنَّ أُمَّنا تُلاقي الَّذي لاقَوهُ مِنّا لَمَلَّتِ
وأنشد للمنتصر (4) : " من الطويل "
متى ترفع الأيام من قد وضعنه وينقاد لي دهر علي جموح
أعلل نفسي بالرجاء وإنني لأغدو على ما ساءني وأروح
استأذن رجل مروان الجعدي في تقبيل يده فأبى ، وقال : إنها من العربي ذلة ، ومن العجمي خدعة ، ولا حاجة لي في أن تذل لي أو تخدعني (5) 0
وسئل الشعبي عن شيء فقال : لا علم لي ، فقيل : ألا يستحي مثلك من قول هذا ، قال : الملائكة لم تستحِ من قولهم لا علم لنا ، أستحي أنا (6) !
لأبي تمام (7) : " من الكامل "
... ... مَن ساوَرَ (8) الأَيّامَ ثُمَّ عَبا لَها غَيرَ القَناعَةِ لَم يَزَل مَفلولا
... ... مَن كانَ مَرعى عَزمِهِ وَهُمومِهِ رَوضُ الأَماني لَم يَزَل مَهزولا
__________
(1) البيان والتبيين ، ص 272 / الموسوعة الشعرية ، وفيه أن القائل ضرار بن عمرو
(2) خلاصة الأثر ، ص 615 / الموسوعة الشعرية ، وقد نظم أحدهم هذه الحكمة فقال :
وإذا أقبلت دنياك يوما على امرىء كسته ولم يشعر محاسن غيره
وأن أدبرت تسلب محاسن وجهه ويلقي شرورا في تضاعيف خيره
(3) لطفيل الغنوي ، ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) هو المنتصر بالله محمد بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد يكنى أبا جعفر. مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. معجم الشعراء ، ص 446
(5) ديوان المعاني ، ص 1481 / الموسوعة الشعرية
(6) ربيع الأبرار ، ص 657 / الموسوعة الشعرية
(7) ديوانه ، ص 229
(8) في الديوان : من زاحف(1/309)
قالت عائشة رضي الله عنها : إنما النكاح رقّ ، فلينظر امرؤ مَن يرق كريمته (1) 0
/ اعتذر رجل إلى سلم بن قتيبة في أمر بلغه ، فعذره ، ثم قال : يا هذا 156 ب لا يحملنك الخروج من أمر تخلصت منه ، على الدخول في أمر ، لعلك لا تتخلص منه (2) 0
وقال عمر بن عبد العزيز : العبادة أداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، وللمؤمنين فيما بين ذلك همزات يمحوها الاستغفار ، وقلة الإصرار ، وفضل الذكر ، ونوافل الصدقة ، وتنزر الصوم 0
وقال الخليل بن أحمد : كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ ما في كتبك (3) 0
قال أسماء بن خارجة الفزاري : لا أشاتم رجلا ، ولا أردّ سائلا ، إنما هو كريم أسُدّ خلته ، أو لئيم فأشتري عرضي منه 0 (4)
قال أويس القرني : إنّ حقوق الله لم تدع عند مسلم درهما (5) 0
لأبي تمام الطائي : " من الطويل "
... عَجِبتُ لِصَبري بَعدَهُ وَهوَ مَيِّتٌ وقد َكُنتُ أَبكيه دَماً وَهوَ غائِبُ (6)
... عَلى أَنَّها الأَيّامُ قَد صِرنَ كُلَّها عَجائِبَ حَتّى لَيسَ فيها عَجائِبُ
وقال رجل من الحكماء : إنما الجزع والإشفاق قبل / وقوع الأمر ، فإذا 157 أ وقع فالرضا والتسليم (7) 0
وقال عمرو بن عبد العزيز : إذا استأثر الله بشيء فالهُ عنه (8) 0
وقال جعفر بن محمد عليه السلام : إني لأسارع إلى حاجة عدوي خوفا من أن أردّه فيستغني عني (9) 0
__________
(1) ورد في السنن الكبرى للبيهقي 7/82 عن أسماء بنت أبي بكر ، وليس عن عائشة ، وفيه : فلينظر أحدكم أين يرق عتيقته 0
(2) البصائر والذخائر ، ص 1639 / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 492 / الموسوعة الشعرية
(4) الكامل ، ص 399 / الموسوعة الشعرية
(5) الكامل ، ص 397 / الموسوعة الشعرية
(6) ديوانه ، ص 337 ، وجاء عجز هذا البيت في الديوان : وَكُنتُ اِمرِءاً أَبكي دَماً وَهوَ غائِبُ
(7) الكامل ، ص 1847 / الموسوعة الشاملة
(8) الكامل ، ص 1848/ الموسوعة الشعرية ، أي أعرض عنه 0
(9) الكامل ، 0ص 875 / الموسوعة الشعرية(1/310)
عزّى رجل رجلا أفرط عليه الجزع على ابنه ، فقال : يا هذا سررت به وهو حزن وفتنة ، وجزعت عليه وهو صلاة ورحمة (1) 0
وقال عمرو بن العاص : إذا أفشيت سري إلى صديقي فأذاعه فهو في حِلّ ، فقيل له : كيف ؟ قال : أنا كنت أحق بصيانته (2) 0
كان الحسن يقول : الحمد لله الذي كلفنا ما لو كلفناغيره لصرنا فيه إلى معصيته، وآجرنا على ما لا بدّ لنا منه ، يقول : كلفنا الصبر ، ولو كلفنا الجزع لم يمكنا أن نقيم عليه ، وآجرنا على الصبر ولا بدّ لنا منه (3) 0
وكان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول عند التعزية : عليكم بالصبر ، فإن به يأخذ الحازم ، وإليه يعود الجازع 0 (4)
وقال الأشعث : إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور ، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور (5) 0
وقال الخريمي (6) : " من الطويل "
__________
(1) الكامل ، 1936 / الموسوعة الشعرية
(2) الكامل ، ص 1156 / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 1788 / الموسوعة الشعرية
(4) الكامل ، ص 1788 / الموسوعة الشعرية
(5) الكامل ، ص 1788 / الموسوعة الشعرية
(6) كتبت الحرمي ، وهو إسحاق بن حسان بن قوهي الصفدي أبو يعقوب الخريمي. أبو يعقوب الصفدي أصلاً التركي جنساً الخريمي ولاءً ، ( 166 - 212 هـ / 782 - 827 م ) والصفد كورة قصبتها سمرقند وقيل هما صفدان صفد سمرقند وصفد بخارى. شاعر مطبوع وصفه أبو حاتم السجستاني بأشعر المولدين. خرساني الأصل من أبناء الصفد ولد في الجزيرة الفراتية وسكن بغداد واتصل بخريم الناعم فنسب إليه أو كان اتصاله بابنه عثمان بن خريم. ثم اتصل بمحمد بن منصور بن زياد كاتب البرامكة ومدحه ورثاه بعد موته وأدركه الجاحظ وسمع منه. وعمي قبل وفاته وهو صاحب الرائية في وصف الفتنة بين الأمين والمأمون يقول فيها:
يا بؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
وهي من 135 بيتاً أوردها الطبري في التاريخ كلها 0 تاريخ بغداد 6/326 ، طبقات الشعراء ـ ابن قتيبة ، ص 579(1/311)
فَلَو شئت أَن أَبكي دَماً لبكيته عليك وَلَكِن ساحةُ الصَبر أَوسَع (1)
/ وَإِنّي وان أَظهرت صَبراً وَحِسبةً وَصانعت أَعدائي عليك لموجع 157 ب
وَأعددتُه ذُخراً لِكُلِّ ملمّة وَسَهمُ المَنايا بِالذَخائر مولع
وكان ابن شبرمة إذا نزلت به نازلة قال : سحابة ثم تنقشع (2) 0
وكان يقال : أربع من كنوز الجنة : كتمان المصيبة ، وكتمان الصدقة ، وكتمان الفاقة ، وكتمان الوجع (3) 0
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لو كان الصبر والشكر بعيرين ، ما باليت أيهما ركبت (4) 0
وقال أبو تمام : (5) " من الطويل "
... دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ تَوَصَّلُ مِنّا عَن قُلوبٍ تَقَطَّعُ
... وَقَد كانَ يُدعى لابِسُ الصَبرِ حازِماً فأصْبَحَ يُدعى حازِماً حينَ يَجزَعُ
قال رجل للشعبي كلاما أقذع له فيه ، فقال الشعبي : إن كنت صادقا فغفر الله لي ، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك (6) 0
أتى رجل إلى النبي عليه السلام ، فقال : يا رسول الله / إني أجد من 158 أ
الذنوب بما ظهر، وأنا أستسر بخلال أربع : الزنا والسرق ، وشرب الخمر والكذب، فأيهن أحببت تركت لك سرا ، فقال عليه السلام ( دع الكذب) ، فلما تولّى من عند النبي عليه السلام ، همّ بالزنا ، فقال : يسألني رسول الله ، فإن جحدت نقضت ما جعلت له ، وإن أقررت حُددت ، فلم يزنِ ، ثم همّ بالسرقة ، ثم شرب الخمر، ففكر في مثل ذلك ، فرجع إلى النبي عليه السلام ، فقال يا رسول الله قد تركتهن كلهن (7) 0
قال أبو الدرداء : إني لأستجمّ نفسي بالشيء من الباطل ، ليكون أقوى لها على الحق (8) 0
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(2) الكامل ، ص 720 / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 720 / الموسوعة الشاملة
(4) الكامل ، ص 720 / الموسوعة الشاملة
(5) ديوانه ، ص 359 َ
(6) الكامل ، ص653 / الموسوعة الشعرية
(7) الكامل ، ص 993/ الموسوعة الشعرية
(8) الكامل ، ص 1119 / الموسوعة الشعرية(1/312)
وأنشد للنمر بن تولب (1) : " من الطويل "
... أعاذِلُ أَن يُصبِح صَدايَ بِقَفرَةٍ بَعيداً نَآني صاحِبي وَقَريبي
... تَرَي أَنَّ ما أَبقَيتُ لَم أَكُ رَبَّهُ وَأَنَّ الَّذي أَنفقتُ كانَ نَصيبي
... وَذي إِبِلٍ يسعى وَيَحسِبها لَهُ أَخي نَصَبٍ في رعيها وَدَؤوب
غَدَت وَغَدا رَبٌّ سِواهُ يَقُودُهاا وَبَدَّلَ أَحجاراً وَحالَ قَليب
/ قال رجل للصديق رحمه الله : والله لأشتمنك شتما ، يدخل معك في قبرك 158ب فقال : معك والله يدخل ، لا معي (2) 0
وقال ابن مسعود : إنّ الرجل ليظلمني فأرحمه (3) 0
وقال المهلب بن أبي صفرة : العجب لمن يشتري المماليك بماله ، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه (4) 0
قال أبو موسى الأشعري : لمجلس كنت أجالس عبد الله بن مسعود أوثر في قلبي من عمل سنة 0
وقال مسروق (5) : ما غبطت شيئا كمؤمن في لحده قد أمن من عذاب الله ، واستراح من الدنيا 0
قيل لابن عون : ما تتمنى من الرزق ، قال : إني لأستحي من أن أتمنى على الله ما ضمنه لي (6) 0
لبشار (7) : " من الطويل "
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
إِذا كُنتَ في كُلِّ الأمورِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
__________
(1) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(2) الكامل ، ص 652 / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 652 / الموسوعة الشعرية
(4) البيان والتبيين ، ص 1264 / الموسوعة الشعرية
(5) مسروق بن الأجدع الهمداني الفقيه العابد المشهور المحمود صاحب عبدالله بن مسعود،وكان يصلي حتى تورم قدماه،وحج فما نام إلا ساجداً.وعن الشعبي قال ما رأيت أطلب للعلم منه،كان أعلم بالفتوى من شريح. توفي سنة 63هـ 0 مرآة الجنان ، ص 281 / الموسوعة الشعرية
(6) محاضرات الأدباء ، ص 1685 / الموسوعة الشعرية
(7) ديوانه / الموسوعة الشعرية(1/313)
/ إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه 159أ
وقال الأحنف : شيئان لا يجتمعان : الكذب والمروءة 0
وقال رجل لبعض الحكماء : علمني ما يقربني من الله ، ومن الناس ، قال : أما ما يقربك من الله فمسألته ، وأما ما يقربك من الناس فترك مسألتهم (1) 0
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : سمي المزاح لأنه زاح عن الحق (2) ، وأنشد (3) : " من مجزوء الكامل "
المرء يخلق وحده ويموت يوم يموت وحده
والناس بعدك إن هلكت كمن رأيت الناس بعده
وأنشد (4) : " من المتقارب :
إذا الحادثات بلغن المدى وكادت تضيق بهنّ المهج
وجلّ البلاء وبان العزاء فعند التناهي يكون الفرج
قيل لبعض الحكماء : أي الناس أصبر على الأذى ؟ قال : فقير محتاج ، وحريص طامع ، قيل : فأي الأذى ألزم ؟ قال : ولد السوء ، قيل : فأي الناس أحق أن يُرحم؟ قال : كريم سُلِّط عليه لئيم ، وعاقل تمكن منه جاهل 0
قال دوقنس (5) الفيلسوف : شر مالك ما لزمك إثم مكتسبه / وحرمت 159ب
أجر إنفاقه (6) 0
قال رجل لرجل في مجلس الحسن : ليهنك الفارس ، فقال الحسن : فلعله حجام ، إذا وهب الله لرجل ولدا ، فقل له : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ أشده ، ورزقت بِرَّه (7) 0
__________
(1) طبقات الأولياء : ص 133 / الموسوعة الشعرية
(2) روضة العقلاء ونزه الفضلاء ، ص 142 / الموسوعة الشعرية
(3) ورد البيتان في معجم الأدباء 8/99 دون عزو ، وجاءت رواية البيت الثاني هكذا :
والناس بعد هالك هل من رأيت الناس بعده
(4) لمنصور الفقيه ، بهجة المجالس 1/180
(5) ذكره الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ، ص 285/ الموسوعة الشعرية ، وأسقط الواو من اسمه ( دقنس )
(6) محاضرات الأدباء ، ص 1716 / الموسوعة الشعرية ، ونسب فيه هذا القول لجعفر بن يحيى
(7) عيون الأخبار ، ص 1909 / الموسوعة الشعرية ، وفيه : لعله يكون بغالا(1/314)
ويقال : العجز عجزان : التقصير في طلب الأمر ، وقد أمكن ، والجد في طلبه ، وقد فات (1) 0
وقال عمارة (2) : " من الطويل "
... تبحثتم سخطي فغير بحثكم نخيلة نفس كان نصحاً ضميرها
ولن يلبث التخشين نفساً كريمة عريكتها ان يستمر مريرها
وما النفس الا نطفة بقرارة اذا لم تكدر كان صفواً غديرها
قال عمرو بن العاص لمعاوية ، ووصف له عبد الملك بن مروان : آخذ بثلث ، تارك لثلث ، آخذ بقلوب الرجال إذا حدّث ، ويحسن الاستماع إذا حُدِّث ، وبأيسر الأمرين إذا خُولِف ، تارك للمراء ، تارك لمقاربة اللئيم ، تارك لما يعتذر منه (3) 0
وقال الأحنف بن قيس : كثرة الضحك تذهب الهيبة ، وكثرة / المزح تذهب 160 أ
المروءة ، ومن لزم شيئا عُرف به (4) 0
وقيل لمعاوية : ما المروءة ؟ قال : الحلم عند الغضب ، والعفو عند القدرة (5) 0
وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : مَن لانت كلمته ، وجبت محبته ، وقيمة كل امرئ ما يُحسن (6) 0
وقال بعض الحكماء : مَن أدّب ولده صغيرا سُرّ به كبيرا (7) 0
وقال رجل لعبد الملك بن مروان : إني أريد أن أُسرّ إليك شيئا ، فقال عبد الملك لأصحابه : إذا شئتم ، فنهضوا ، فأراد الرجل الكلام ، فقال له عبد الملك : قف ، لا تمدحني ، فإني أعلم بنفسي منك ، ولا تكذبني فإنه لا رأي لكذوب ، ولا تغتب عندي أحدا ، قال : يا أمير المؤمنين أفتأذن في الانصراف ، قال : إذا شئت (8) 0
__________
(1) محاضرات الأدباء ، ص 32 / الموسوعة الشعرية
(2) هو عمارة بن عقيل 0 ديوانه / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 71 / الموسوعة الشعرية
(4) الكامل ، ص 75 / الموسوعة الشعرية
(5) الكامل ، ص 76 / الموسوعة الشعرية
(6) الكامل ، ص 105 ـ 106 / الموسوعة الشعرية
(7) الكامل ، ص 120 / الموسوعة الشعرية
(8) الكامل ، ص 120 ـ 121 / الموسوعة الشعرية(1/315)
وكان يقال : عليكم بالأدب ، فإنه صاحب في السفر ، ومؤنس في الوحدة ، وجمال في المحفل ، وسبب إلى طلب الحاجة (1) 0
نظر الحسن البصري إلى الناس في مُصلّى البصرة يضحكون ، ويلعبون في يوم عيد فقال الحسن : إنّ الله جعل الصوم مضمارا لعباده ؛ ليستبقوا إلى طاعته / ولعمري لو كُشف الغطاء ؛ لشُغِل محسن بإحسانه ، ومُسيء بإساءته 160 أ عن تجديد ثوب ، أو ترجيل شعر (2) 0
وكان يقول إذا مات له جار : أولى بي ، كدت والله أكون السواد المُخترم (3) 0
قال عمر بن عبد العزيز : ثلاث مَن كنّ فيه كَمُل : مَن لم يخرجه غضبه عن طاعة الله ، ومن لم يستنزله رضاه إلى معصية الله ، وإذا قدر عفّ وكفّ (4) 0
وروي عن قنبر (5) قال : دخلت مع مولاي عليّ عليه السلام على عثمان ، فأحبّا الخلوة ، فأومأ إلىّ عليّ فتنحيت منه غير بعيد ، فجعل عثمان يعاتب عليا ، وعليّ ساكت ، فأقبل عليه عثمان ، فقال : مالك لا تقول ، قال : إن قلت لم أقل إلاّ ما تكره وليس لك عندي إلاّ ما تحب 0 تأويله إن قلت اعتذرت عليك بمثل ما اعتذرت به علّيَّ ، فلدغك عتابي كما لدغني عتابك ، وعقدي لا أفعل ، وإن كنت عاتبا إلاّ ما تحب (6) 0
قال الأحنف : ثلاث فيّ ما أقولهن إلاّ ليعتبر معتبر : ما دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما ، ولا أتيت باب أحد من هؤلاء ما لم أدع إليه ، يعني السلطان ، ولا
/ حللت حبوتي إلى ما يقوم له الناس (7) 0 ... ... ... ... ... ... 161أ
قال ابن عباس : لا يزهدنك في المعروف كفر مَن كفره ، فإنه يشكرك عليه من لم تصطنعه إليه (8) 0
__________
(1) الكامل ، ص 122/ الموسوعة الشعرية
(2) الكامل ، ص 160 / الموسوعة الشعرية
(3) الكامل ، ص 166 / الموسوعة الشعرية
(4) الكامل ، ص 187 / الموسوعة الشعرية
(5) هو خادم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 0
(6) الكامل ، ص 28 ـ 29 / الموسوعة الشعرية
(7) الكامل ، ص 206 / الموسوعة الشعرية
(8) الكامل ، ص 222 / الموسوعة الشعرية(1/316)
ومرّ يزيد بن المهلب بأعرابية في خروجه من سجن عمر بن عبد العزيز ، يريد البصرة ، فقرته عنزا لها ، فقبلها ، وقال لابنه معاوية : ما معك من النفقة ، قال : ثمانمائة دينار ، قال : فادفعها إليها ، قال له ابنه : إنك تريد الرجال ، ولا تكون الرجال إلاّ بالمال ، وهذه يرضيها اليسير ، وهي بعد لا تعرفك ، قال : إن كانت ترضى باليسير فإنِّي لا أرضى إلاّ بالكثير ، وإن كانت لا تعرفني ، فأنا أعرف نفسي ادفعها إليها 0 (1)
قال رجل لعلي بن أبي طالب عليه السلام : صف لنا الدنيا ، فقال : ما أصف من دار أولها عناء ، وآخرها فناء ، في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب ، مَن صحّ فيها أمن ، ومن مرض فيها ندم ، ومن استغنى فيها فُتن ، ومن افتقر فيها حزن (2) !
لابن الرومي (3) : " من الكامل "
... قد قلت إذ مدحوا الحياة فأكثروا للموت ألف فضيلة لا تعرفُ
/ ... فيه أمان لقائه بلقائه وفراق كل معاشر لا ينصفُ 161 ب
كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يعزيه عن ابنه ، فكتب إليه عمر ، أما بعد 00 فإنا أناس أُسكنّا الدنيا أمواتٌ أبناء أموات ، آباء أموات ، فالعجب لميت يكتب إلى ميت يعزيه عن ميت ، والسلام (4) 0
ودخل محمد بن كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز ، وعنده رجل يثني عليه ، فقال له : يا أمير المؤمنين إنّ في الناس أناسا فتنهم الستر ، وغرهم الثناء ، فلا يغلبن جهل الجاهل بك على علمك بنفسك ، ثم قال (5) : " من البسيط "
... يا جاهِلاً غَرّهُ تَفْرِيْطُ ما دِحِهِ ... ... لا يَغْلِبَنَّ جَهْلُ مَنْ أَغْرَاكَ عِلْمُكَ بِك
... أَثْنَى وقالَ بِلا قَوْلٍ أَحَاطَ بِهِ ... ... وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْمَحْصُولِ مِن رَيْبِك
__________
(1) الكامل ، ص 223 ـ 224 / الموسوعة الشعرية
(2) الكامل ، ص 245/ الموسوعة الشعرية
(3) ديوانه / الموسوعة الشعرية
(4) البصائر والذخائر ، ص 1582 / الموسوعة الشعرية
(5) لم أتمكن من معرفة قائله(1/317)
قال عمر بن عبد العزيز : ما من شيء سألت عنه إلاّ وقد علمته إلاّ أشياء كنت أستحي أن يُرى مثلي يَسأل عنها ، فبقيت في جهالتها حتى الساعة 0
وقال عمر بن عبد العزيز لرجل : مَنْ سيد قومك ، قال : أنا ، قال : لو كنت كذلك لم تقله (1) 0
قيل لخالد بن صفوان : كيف سادكم الأحنف ، قال : كان لا يحسد / ولا يبغي 162 أ ولا يحرص ، وكان يُلقّى الخير ، ويُوقّى الشر ، وما أعطى أحد من السلطان على نفسه ما أعطى (2) 0
قال ابن السماك للفضل بن يحيى ، وقد سأل رجل حاجة : إنّ هذا لم يصن وجهه عن مسألته إياك ، فصن وجهك عن ردك إياه ، فقضى حاجته 0 (3)
أنشد (4) :" من الوافر"
أظن الدهر أقسم ثم برا بأن لا يكسب الأموال حراً
لقد قعد الزمان بكل حر ونقض من قواه المستمرا
وكان يقال : أعيا ما يكون الحليم إذا خاطب سفيهاً 0
قال الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول : الزهادة في الدنيا مفتاح الرغبة في الآخرة (5) 0
خطب عمر بن عبد العزيز فقال : ما من عبد أنعم الله عليه بنعمة ، ثم انتزعها منه ، فعاضه منها الصبر إلاّ كان ما عاضه أعظم مما انتزع منه (6) 0
__________
(1) البيان والتبيين ، ص 297 / الموسوعة الشعرية
(2) غرر الخصائص الواضحة ، ص 41/ الموسوعة الشعرية
(3) أمالي القالي ، ص 1133/ الموسوعة الشعرية
(4) لعبد الله بن أبي الشيص ، وقد وردت في : البصائر والذخائر، ص 1317/ الموسوعة الشعرية ، والجليس الصالح ، ص 61/ الموسوعة الشعرية ، وربيع الأبرار ، ص 516 ـ 517 / الموسوعة الشعرية ، وطبقات ابن المعتز، ص 636/ الموسوعة الشعرية ، ومحاضرات الأدباء ، ص 1668 / الموسوعة الشعرية، ورواية الأبيات :
أظن الدهر قد آلى فبرا بأن لا يكسب الأموال حراً
لقد قعد الزمان بكل حر ونقض من عراه المستمرا
(5) البصائر والذخائر ، ص 1470/ الموسوعة الشعرية
(6) التعازي والمراثي ، ص 82 / الموسوعة الشعرية(1/318)
قال محمد بن علي عليه السلام : مَن لم يجد مس نقص الجهل في عقله ، وذل المعصية في قلبه ، وموضع الضعة في نفسه عند كلال لسانه عن لسان خصمه ، فليس مَن ينزع عن معصية ، ولا يرغب على حال منغصة (1) 0
العتبي قال : سمعت أبي يقول : عجبا للحسود المُعذب نفسه بإحسان الله إلى خلقه ، يرى أن النقمة عليهم نعمة عليه ، فهو عند مَن جَهِلَه مظلوم ، وعند مَن خبره ظالم من حزن دائم ، ونَفسٍ متتابع ، فيا لها نفسا ما أشقاها / وطبيعة ما آذاها 162 ب وأنشد (2) : " من الوافر "
... أراني في اِنتِقاص كُلّ يَوم وَلا يَبقى مَعَ النُقصانِ شَيُّ
... طَوى العَصرانِ ما نَشَراهُ مِنّي فَأَخلَقَ جِدَّتي نَشرٌ وَطَيُّ
الأصمعي قال : قال بعض حكماء العرب : لا شيء أضيع من أربع : مودةٍ يمنحها مَن لا وفاء له ، وبلاء تصطنعه عند من لا شكر له ، وأدب تؤدب به من لا ينتفع ، وسر تستودعه من لا صيانة له (3) 0
الأصمعي قال : قال بعض العرب : صحبت الناس منذ خمسين سنة ، فما وجدت فيهم مَن يقيلني عثرة ، ولا يستر لي عورة ، ولا يسدّ لي خلّة ، ولا آمنه إذا غضب (4) وأنشد (5) : " من الطويل " ...
لعمرك ما المعروف في غير أهله وفي أهله إِلا كبعض الودائع
فمستودع ضاع الذي كان عنده ومستودع ما عندَه غير ضائع
وما الناس في شكر الصنائع بينهم وفي كفرها إلا كبعض المزارع
فمزرعةٌ طابت وأضعف نبتها ومزرعة أكدت على كل زارع
__________
(1) البيان والتبيين ، ص 120 / الموسوعة الشعرية ، ونسب فيه إلى علي بن عبد الله بن عباس
(2) لمحمود الوراق 0 ديوانه ، الموسوعة الشعرية
(3) الجليس الصالح الكافي ، والأنيس الناصح الشافي /2038 / الموسوعة الشعرية
(4) غرر الخصائص الواضحة ، ص 1287 / الموسوعة الشعرية ، وفيه أنه لوهيب بن الورد 0
(5) لعبد الله بن همام السلولي 0 ديوانه 0 الموسوعة الشعرية(1/319)
قال عمر بن عبد العزيز يوما لمحمد بن كعب القرظي : أي شيء أشد عليك ، قال : تجربة الصديق ، والطلب إلى اللئام ، وردك مَن سألك ، قال : فأي أخلاق الرجال أوضع ، قال : إضاعة الأسرار ، وإكثار الكلام ، والثقة بكل أحد 0
قال جعفر بن محمد : عجبت لمن بلي بأربعة كيف يغفل عن أربعة ، عجبت لمن بُلي بالغم ، كيف لا يقول : لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، والله تعالى يقول : [وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ] (1) / وعجبت لمن بُلي 163أ بالخوف كيف لا يقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، والله يقول : [فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ] (2) ، وعجبت لمن مُكِر به كيف لا يقول : أفوض أمري إلى الله ، والله يقول : [فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ] (3) ، وعجبت لمن يرغب في شيء كيف لا يقول : ما شاء الله لا قوة إلاّ بالله ، والله يقول : [وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ] (4) 0
ذكر هشام بن الكلبي عن أبيه قال : كان قس بن ساعدة يفد على قيصر ، ويزوره ، فقال له ذات يوم : ما أفضل العقل ، قال : معرفة المرء بنفسه ، قال : فما أفضل العلم ، قال : وقوف المرء عند علمه ، قال : فما أفضل المروءة ، قال : استبقاء الرجل ماء وجهه ، قال : فما أفضل المال ، قال : ما قضي به الحقوق (5) 0" من الطويل "
... إذا جَدَّ عندَ الجدِّ أرضاكَ جدُّهُ وذو باطِلٍ إن شِئتَ أرضاكَ باطِلُه
... يسرُّكَ مَظلوماً وَيُرضيكَ ظالماً وكلَّ الذي حمَّلتَه فَهوَ حامِلُه (6)
قال عون بن عبد الله بن مسعود : أستغفر الله من ذمي ما لا أدع ، ومدحي مالا آتي 0
__________
(1) الأنبياء 88
(2) آل عمران 174
(3) غافر 45
(4) الكهف 39
(5) أمالي القالي ، ص 796 ـ 797 / الموسوعة الشعرية
(6) وردت في ديوان العجير السلولي ، وفي ديوان زينب بنت الطثرية 0 الموسوعة الشعرية(1/320)
قال عمر بن الخطاب : أيها الناس إنّ اليأس هو الغنى ، مَن أيس من الشيء فقد استغنى عنه 0
وقال النبي عليه السلام : ( اخبر تقله ) (1) 0
الأصمعي قال : سُئل أعرابي عن القدر ، قال : ذاك علم اختصمت فيه الظنون ، وغلا فيه المختصون ، والواجب علينا أن نردّ ما أشكل من حُكمه إلى ما سبق من علمه (2) 0
قال / داود الطائي : فرّ من الناس فرارك من الأسد ، وارض باليسير مع163ب سلامة الدين ، وصم عن الدنيا ، وافطر على الآخرة (3) 0
أنشد لابن دريد (4) : " من الطويل "
... سَأُلزِمُ نَفسي الصَفحَ عَن كُلِّ مُذنِب وَإِن كَثُرَت مِنهُ إلَيَّ الجَرائِمُ
... فََما الناسُ إِلّا واحِدٌ مِن ثَلاثَة شَريفٌ وَمَشروفٌ وَمِثلي مُقاوِمُ
... فَأَمّا الَّذي فَوقي فَأَعرِفُ قَدْرَهُ وَألزمُ فيهِ الحَقَّ وَالحَقُّ لازِمُ
... وَأَمّا الَّذي دوني فَإِن قالَ صُنتُ عَن مَقالَتِهِ نَفسي وَإِن لامَ لائِمُ
... وَأَمّا الَّذي مِثلي فإِن قَال َأَو طَغَى تَجاوزتُ إِنَّ العقلَ بالحكمِ حاكِمُ
كلم الأحنف بن قيس مصعبا في قوم حبسهم ، فقال : أيها الأمير إن كانوا حُبِسوا بباطل، فالحق يخرجهم ، وإن كانوا حبسوا بغير حق ، فالعافية تسعهم (5) 0
وقال الأحنف : العقل خير قرين ، والأدب خير ميراث ، والتوفيق خير قائد (6) 0
وأنشد أبو العباس النحوي (7) : " من الكامل "
الموهبات منائحٌ مردودةٌ ... ... والنائبات كأنها أوهام
فالماضيات كأنها ما لم تكن ... والكائنات كأنها أحلام
فإذا مضت هذي وتلك تساويا ... فتكافأ التنعيم والإيلام
__________
(1) مجمع الزوائد 3/408 ، كنز العمال 9/30 / المكتبة الشاملة
(2) العقد الفريد ، ص 1203 ، محاضرات الأدباء ، ص 3750 / الموسوعة الشعرية
(3) التدوين في أخبار قزوين ، ص 514 / الموسوعة الشعرية
(4) نسبت هذه الأبيات لمحمود الوراق 0 ديوانه 0 الموسوعة الشعرية 0
(5) ربيع الأبرار ، ص 1381 / الموسوعة الشعرية
(6) أمالي القالي ، ص 1121/ الموسوعة الشعرية
(7) لم أتمكن من معرفة قائلها(1/321)
لم يبق من لذات تلك ومن شقا ... هاتيك إلاّ الأجر والآثام
فإذا غنيت فلا تكن فرحا ... ... وإذا افتقرت فلا يضعك غرام
حضر الحسن رجلا يجود بنفسه فقال : إن أمراً هذا آخره لجدير أن يُزهد
/ في أوله ، وإن أمرا هذا أوله لجدير أن يخاف آخره (1) ... 0 ... ... ... 164أ ...
قال الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول : من عرف الدنيا لم يفرح فيها برخاء ، ولم يجزع فيها من شدة (2) 0
قال الأحنف : ثلاثة (3) مجالس ليس على المرء عيب إذا جلسها : انتظار الجنازة ، وانتظار إذن السلطان ، وطلب العلم ، وثلاث لا عيب على الرجل فيهن : أن يخدم أباه ، وضيفه ، وفرسه0 (4)
وأنشد (5) : " من الطويل "
... ... إذا كنتَ ذا فضْلٍ ولم تَكُ مُفْضِلاً ... فأنتَ إذاً والمُقْتِرُونَ سَواءُ
... ... على أنّ في الأموالِ يوماً تَباعَةً ... على أهلِها والمُقْتِرُون بَرَاءُ
قال أبو الدرداء : ما كل ما نأمركم نفعله ، ولا كل ما ننهاكم عنه نجتنبه ، ولكنه لا بدّ أن نضع حقوق الله مواضعها 0
أوحى الله عزّ وجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل : قل لأمتك ما بالهم يسترون الذنوب من عبادي ، ويظهرونها لي ، إن كانوا لا يظنون أني لا أراهم فهم مشركون ، وإن كانوا يظنون أني أراهم ، فلم جعلوني أهون الناظرين عليهم 0
وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : التوبة على أربع (6) دعائم : استغفار باللسان ، ونية بالقلب ، وترك بالجوارح ، وإضمار ألاّ يعود (7) 0
__________
(1) البيان والتبيين ، ص 1163 / الموسوعة الشعرية
(2) البصائر والذخائر ، ص 1878 / الموسوعة الشعرية
(3) كتبت : ثلاث
(4) المصون في الأدب ، ص 210 / الموسوعة الشعرية
(5) لم أتمكن من معرفة قائلها
(6) جاءت هذه العبارة هكذا : التوبة على أربعة دعائم : استغفاراً باللسان ونذرا بالقلب 0000، و هي في محاضرات الأدباء ، هكذا : التوبة على أربعة دعائم : استغفار باللسان ، ونية بالقلب 0000 الموسوعة الشعرية 0
(7) محاضرات الأدباء ، ص 2679 / الموسوعة الشعرية(1/322)
قال عمر بن عبد العزيز : مَن جعل دينه عرضا للخصومات ، أكثر التنقل (1) 0
قال لقمان الحكيم : ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع (2) 0
وكان يقال : أبلغ الكلام ما سبق معناه لفظه (3) 0
وقال أبو الدرداء : أنصف أذنيك من فيك ، فإنما جُعِل لك أذنان ، وفم واحد ؛ لتسمع أكثر مما تقول (4) 0
/ قال زُبَيْد الياميّ : أسكتتني كلمةُ ابن مسعود عشرين سنة: مَنْ كان كلامه 164ب لا يوافق فعلَه فإنما يُوَبخ نفسه (5) .
كان إبراهيم بن أدهم يطيل السكوت ، ويقول : الكلام أربعة وجوه : منه كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته، فالفضل فيه السلامة ، ومنه كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته ، فأقل ما لك في تركه خفة المؤونة على بدنك ولسانك ، ومنه كلام لا ترجو منفعته وتخشى عاقبته، فهذا هو الداء العضال، ومنه كلام ترجو منفعته، وتأمن عاقبته، فهذا الذي يجب عليك نشره (6) 0
قال معاوية : لا أضع سيفي حيث يكفي سوطي ، ولا أضع سوطي حيث يكفي لساني ، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ، قيل : وكيف ذاك ؟ قال : كنت إذا مدُّوها خليتها ، وإذا خلوها مددتها (7) 0
قال عبد الله بن عباس : قال لي أبي : يا بني إني أرى أمير المؤمنين عمر يستخليك ويستشيرك ويقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه ، وإني أوصيك بخلال ثلاث: لا تفشين له سراً، ولا يُجربنّ عليك كذباً، ولا تغتاب عنده أحداً (8) 0
__________
(1) البيان والتبيين ، ص 645/ الموسوعة الشعرية
(2) البصائر والذخائر ، ص 1018/ الموسوعة الشعرية
(3) لباب الآداب ، ص 529/ الموسوعة الشعرية
(4) ربيع الأبرار ، ص 731/ الموسوعة الشعرية
(5) عيون الأخبار ، ص 1337/ الموسوعة الشعرية
(6) عيون الأخبار ، ص 1340/ الموسوعة الشعرية
(7) عيون الأخبار ، ص 21 / الموسوعة الشعرية
(8) عيون الأخبار ، ص 44 ـ 45 / الموسوعة الشعرية(1/323)
وكان يقال : مَن أُعطي أربعا ، لم يُحرم أربعا ، من أُعطي الشكر ، لم يُحرم المزيد ، ومن أُعطي التوبة لم يُمنع القبول ، ومن أُعطي /الاستخارة لم يمنع الخِيَرَة 165أ
ومن أعطي المشورة ، لم يمنع الصواب (1) 0
وكان يقال : من لم ينفعه ظنه ، لم ينفعك يقينه (2) 0
وكان يقال : الرأي نائم والهوى يقظان (3) 0
وقال بزرجمهر : إذا اشتبه عليك أمران ، فلم تدر في أيهما الصواب ، فانظر أقربهما إلى هواك ، فاجتنبه (4) 0
وكان يقال : إذا كانت [ لك ] إلى كريم حاجة ، فليكن رسولك إليه الطمع (5) 0
قال أبو بكر رضي الله عنه لخالد بن الوليد : إحرص على الموت توهب لك الحياة (6) 0
وقال الطائي (7) : " من الطويل :
... يَنالُ الفَتى مِن عَيشِهِ وَهوَ جاهِلٌ وَيُكوي الفَتى في دَهرِهِ وَهوَ عالِمُ
... وَلَو كانَتِ الأَقْسَامُ تَجري عَلى الحِجا هَلَكنَ إِذَن مِن جَهلِهِنَّ البَهائِمُ
وأنشد (8) : " مجزوء الكامل "
أحذر مودة مائق شاب المرارة بالحلاوة
يحصى الذنوب عليك أيـ ام الصداقة للعداوة
قيل لأفلاطون : بماذا ينتقم الإنسان من عدوه ، قال : بأن يزداد فضلا في نفسه (9) 0
__________
(1) التذكرة الحمدونية ، ص 56 ـ 57 / الموسوعة الشعرية
(2) العقد الفريد ، ص 933 / الموسوعة الشعرية
(3) البيان والتبيين ، ص 367 / الموسوعة الشعرية
(4) عيون الأخبار ، ص 94 ـ 95/ الموسوعة الشعرية
(5) عيون الأخبار ، ص 118 ، ربيع الأبرار ، ص 3009/ الموسوعة الشعرية ، وفيهما : إلى كاتب حاجة ، و [ لك ] زيددة منهما
(6) البيان والتبيين ، ص 1218 / الموسوعة الشعرية
(7) هو أبو تمام 0 ديوانه ، ص 269
(8) ورد البيتان دون عزو في عيون الأخبار 3/107 وفيه : احذر مودة ماذق ، والماذق الذي يشوب الود بكدر ولا يخلصه0
(9) عيون الأخبار ، ص 2002 / الموسوعة الشعرية(1/324)
قيل ليونس بن عُبيد : تعلم أحدا يعمل بعمل الحسن ، قال : والله ما أعرف أحدا يقول بقوله ، فكيف يعمل بعمله (1) 0
قال أبو الدرداء : أضحكني ثلاث ، وأبكاني ثلاث ، أضحكني مؤمل دنيا ، والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول / عنه ، وضاحك ملء فيه لا يدري أراضٍ الله 165ب عنه أم ساخط عليه ، وأبكاني فراق الأحبة محمد وحزبه ، وهول المطلع ، والوقوف بين يدي الله ، يوم تبدو السرائر ، ثم لا أدري إلى جنة أو إلى نار (2) 0
قال الطائي (3) : " من الوافر "
... ... وكيفَ يَجورُ عَن قَصدٍ لِساني وَقَلبي رائِحٌ بِرِضاكَ غادِ
... ... وَمِمّا كانَتِ الحُكَماءُ قالَت لِسانُ المَرءِ مِن خَدَمِ الفُؤادِ
وروي عن علي عليه السلام أنه قال : ( مَن ترك معونة أخيه والسّعي معه في حاجته قضيت أو لم تقض كلف أن يسعى في حاجة من لا يؤجر في حاجته. ومن ترك الحجّ لحاجةٍ عرضت له لم تقض حاجته حتى يرى رؤوس المحلّقين )0 (4)
قال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي : إنك لمتلاف ، قال : يا أمير المؤمنين : منع الموجود سوء ظن بالله (5) ، لأن الله يقول : [ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ] (6) 0
وقال ابن عباس : ثلاثة لا أكافئهم : رجل بدأني بالسلام ، ورجل أوسع لي في المجلس ، ورجل غُبِّرت قدماه في المشي إليّ للسلام علَيّ ، والرابع فلا يكافئه عني إلاّ الله ، قيل : ومّن هو؟ قال : رجل نزل به أمر ، فبات ليلته يفكر بمن ينزله ، ثم رآني أهلا لحاجته ، فأنزلها بي (7) 0
__________
(1) عيون الأخبار ، 1701/ الموسوعة الشعرية
(2) البيان والتبيين 1196/ الموسوعة الشعرية
(3) ديوانه ، ص 81
(4) عيون الأخبار ، ص 2148/ الموسوعة الشعرية
(5) محاضرات الأدباء ، ص 1874 / الموسوعة الشعرية ، وفيه أنه حديث نبوي : ( نتع الموجوج سوء الظن بالمعبود )
(6) سبأ 39
(7) عيون الأخبار ، ص 2153/ الموسوعة الشعرية(1/325)
وقال جعفر بن محمد : ما توسّل إليّ / أحد بوسيلة هي أقرب به إلى ما يحب 166 أ من يد سلفت مني إليه أتبعها أختها لأحسن ربها ، وحفظها ؛ لأن منع الأواخر ، يقطع شكر الأوائل (1) 0
وقال سعيد بن العاص : مَن رزقه الله رزقا حسنا فليكن أسعد الناس به ، فإنه إنما يترك لأحد رجلين. إمّا مصلحٍ فلا يقلّ عليه شيءٌ، وإمّا مفسدٍ فلا يبقى له شيء (2) .
وقال رسول الله عليه السلام :( تنزل المعونة على قدر المؤونة) 0 (3)
قال رجل لأبي الدرداء : فلان يُقرئك السلام ، قال : هدية حسنة ، وعمل خفيف (4) 0
وقال الشعبي : عيادة النوكى أشدّ على المريض من مرضه ؛ لأنهم يجيئون في غير أوان العبادة ، ويطيلون الجلوس (5) 0
قيل لأيوب عليه السلام : أي شيء كان أشد عليك من بلائك ، قال : شماتة الأعداء (6) 0
لزم بعض الحكماء بعض الملوك ، فأقام على بابه أياما ، لا يصل إليه ، فتلطف للحاجب في إيصال رقعة ، ففعل ، وكان فيها أربعة أسطر ، أحدها : الضرورة والأمل أقدماني عليك ، والثاني : العدم لا يكون معه صبر على المماطلة ، والثالث : الانصراف بلا فائدة شماتة الأعداء ، والرابع : إمّا نعم مُثمرة ، أو لا مُريحة ، فوقع تحت كل سطر زه (7) ، فأُعطي أربع جوائز (8) 0
اعتذر رجل إلى جعفر بن يحيى / البرمكي ، فقال له جعفر : قد أغناك الله 166 ب بالعذر منا عن الاعتذار ، وأغنانا بالمودة لك عن سوء الظن بك (9) 0
__________
(1) عيون الأخبار ، ص 2154/ الموسوعة الشعرية
(2) عيون الأخبار ، ص 2165/ الموسوعة الشعرية
(3) عيون الأخبار ، ص 2166/ الموسوعة الشعرية
(4) البيان والتبيين ، ص 678/ الموسوعة الشعرية
(5) غرر الخصائص الواضحة ، ص 604 / الموسوعة الشعرية
(6) عيون الأخبار ، ص 2017 / الموسوعة الشعرية
(7) كلمة فارسية تعني أربع
(8) المستطرف في كل فن مستظرف ً 1370 / الموسوعة الشعرية : وفيه المطالبة بدلا من المماطلة 0
(9) وفيات الأعيان ، ص 582 ، الوافي بالوفيات ، ص 8671 / الموسوعة الشعرية(1/326)
وكان يقال : الصداقة بين الآباء قرابة بين الأبناء 0
قال أبو إدريس الخولاني : المساجد مجالس الكرام (1) 0
قال سليمان بن عبد الملك : كل لذات الدنيا قد بلغت ، فلم يبق لي إلاّ جليس يُسقط عني مؤونة التحفظ (2) 0
وقال رسول الله عليه السلام : ( ما عال مُقتصد ) (3) 0
قال عمرو بن العاص : ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ، ولكنه الذي يعرف خير الشرين (4) 0
قال لقمان لابنه : إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه ، فإن أنصفك في غضبه وإلاّ فدعه (5) 0
وقال عمر بن عبد العزيز : متى أشفي غيظي ؟ أحين أقدر ، فيقال لي : لو غفرت ، أو حين أعجز ، فيقال لي : لو صبرت 0 (6)
وقال أكثم بن صيفي : الانقباض من الناس مكسبةٌ للعداوة ، وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السوء (7) 0
وكان يقال : مَن سرّه أن يعيش مسرورا فليقنع ، ومن أراد الذكر فليجهد (8) 0
وقيل لبعض الحكماء : مَن أسوء الناس حالا ؟ قال : مَن اتسعت معرفته ، وضاقت / مقدرته ، وبعدت همته (9) 0 ... ... ... ... ... ... 167 أ
وكان يقال : ليس بينك وبين البلدان نسب ، فخيرالبلدان ما حملك (10) 0
قيل لبعض الحكماء : تمنّى ، قال : محادثة الإخوان ، والرجوع إلى كفاية (11) 0
وقال الأحنف : الصدق أحيانا مُعجزة (12) 0
__________
(1) الكامل ، ص 281 / الموسوعة الشعرية
(2) جاء في العقد الفريد ، ص 4984 / الموسوعة الشعرية : قال هشام بن عبد الملك: الذ الأشياء كلها جليس مساعد، يسقط عني مؤونة التحفظ.
(3) بهجة المجالس ، ص 275 / الموسوعة الشعرية
(4) عيون الأخبار ، ص 761/ الموسوعة الشعرية
(5) روضة العقلاء ، ص 167/ الموسوعة الشعرية
(6) عيون الأخبار ، ص 791/ الموسوعة الشعرية
(7) عيون الأخبار ، ص 895/ الموسوعة الشعرية
(8) عيون الأخبار ، ص 612 / الموسوعة الشعرية
(9) عيون الأخبار ، ص 613/ الموسوعة الشعرية
(10) عيون الأخبار ، ص 616 / الموسوعة الشعرية
(11) المحاسن والمساوئ ، ص 580 / الموسوعة الشعرية
(12) عيون الأخبار ، ص 193 / الموسوعة الشعرية(1/327)
وقال الحسن : إذا أردتم أن تعلموا من حيث أصاب الرجل المال ، فانظروا فيم ينفقه فإن الخبيث يُنفق سرفا0 (1)
ذمّ رجل الدنيا عند علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال عليّ عليه السلام : الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار نجاة لمن فهم عنها ، ودار غنىً لمن تزود منها ، مهبط وحي الله ، ومُصلى ملائكته ، ومسجد أنبيائه ، ومتجر أوليائه ، ربحوا فيها الرحمة ، واكتسبوا فيها الجنة ، فمن ذا يذمها ، وقد آذنت ببينها ، ونادت بفراقها ، وشبهت بسرورها السرور، وببلائها البلاء، ترغيبا وترهيبا. فيا أيها المُعلّل بالدنيا متى خدعتك الدنيا ؟ أم متى استذمت إليك ابمصارع آبائك في البلى، أم بمضاجع أمهاتك في الثرى؟ كم مرضتَ بيديك ، وعَلِلت بكفيك ، تطلب له الشفاء ، وتستوصف له الأطباء غداة لا يغني عنه دواؤك ، ولا ينفع بكاؤك 0 (2)
قال الخليل : منزلة الجهل بين الحياء والأنفة (3) 0
قيل لابن سيرين : ما أشد الورع ، قال : ما أيسره ، إذا شككت في شيء فدعة (4) 0
قال أيوب السختياني : إذا بلغني موت أخ لي / فكأنما سقط 167ب عضو مني (5) 0
قال الحسن البصري : المؤمن لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب (6) 0
قال زيد بن علي لابنه يحيى : إن الله لم يرضك لي ، فأوصاك بي ، ورضيني لك ، فلم يوصني بك (7) 0
__________
(1) عيون الأخبار ، ص 646 ـ 647/ الموسوعة الشعرية
(2) البيان والتبيين ، ص 312
(3) عيون الأخبار ، ص 1223/ الموسوعة الشعرية
(4) عيون الأخبار ، ص 1746/ الموسوعة الشعرية
(5) عيون الأخبار ، ص 1754/ الموسوعة الشعرية
(6) عيون الأخبار ، ص 1773/ الموسوعة الشعرية
(7) العقد الفريد ، ص 1300/ الموسوعة الشعرية(1/328)
ولد للحسن البصري غلام ، فقال له بعض جلسائه : بارك الله لك في هبته ، وزادك من إحسانه ، فقال الحسن : الحمد لله على كل حسنة ، ونسأل الله الزيادة في كل نعمة ، ولا مرحبا بمن إن كنتُ عائلاً أنصبني ، أو غنيا أذهلني ، لا أرضى له بسعيي سعيا ، ولا بكدي في الحياة كدا حتى أشفق له من الفاقة بعد وفاتي ، وأنا في حال لا يصل إليّ من غمه حزن ، ولا من فرحه سرور (1) 0
وقال أبو الدرداء : ليس من يوم أصبحُ فيه وأمسي ، لا ترميني الناس فيه بداهية إلاّ كان نعمٌ من الله عليّ 0
وقال الحسن : لا غيبة لثلاث : فاسق مجاهر بالفسق ، وذو بدعة ، وإمام جائر (2) 0
تم الكتاب ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي ، وآله وسلم تسليما ، والحمد لله أولا وآخرا 0
الفهارس العامة
( 1 ) فهرس القرآن الكريم (3)
السورة ... ... ... رقم الآية ... ... ... الصفحات
الفاتحة ... ... ... 1 ... ... ... ... 26 ، 40، 41 ...
= ... ... ... 2 ... ... ... ... 40 ، 84
= ... ... 4 ... ... ... ... 102
= ... ... ... 6 ... ... ... ... 76
البقرة ... ... ... 1 ، 2 ... ... ... ... 130
= ... ... ... 3 ... ... ... ... 170
= ... ... ... 14 ... ... ... ... 108
= 29 ... ... ... ... 134
= ... ... 30 ... ... ... ... 51
= ... ... ... 31 ،32 ... ... ... 37
= ... ... 34 ... ... ... ... 120
= ... ... ... 48 ... ... ... ... 169
= ... ... ... 49 ، 50 ... ... ... 127
= ... ... ... 68 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 70 ... ... ... ... 136
= ... ... 102 ... ... ... ... 182
= ... ... 111 ... ... ... ... 110
= ... ... ... 116 ... ... ... ... 151
= ... ... ... 120 ... ... ... ... 104
= ... ... ... 121 ... ... ... ... 140
البقرة ... ... ... 125 ... ... ... ... 163
= ... ... ... 131 ... ... ... ... 100
= ... ... ... 132 ... ... ... ... 98
= ... ... ... 138 ... ... ... ... 106
= ... ... ... 144 ... ... ... ... 154، 192
= ... ... 149 ... ... ... ... 192
= ... ... ... 150 ... ... ... ... 192
= ... ... ... 157 ... ... ... ... 149
= ... ... 177 ... ... ... ... 113
= ... ... 184 ... ... ... ... 141
= ... ... ... 187 ... ... ... ... 145
= ... ... ... 196 ... ... ... ... 161
= ... ... ... 199 ... ... ... ... 162 ...
= ... ... ... 206 ... ... ... ... 50
= ... ... ... 207 ... ... ... ... 118
= ... ... ... 208 ... ... ... ... 100
= ... ... ... 213 ... ... ... ... 57 ، 105
= ... ... ... 219 ... ... ... ... 78
= ... ... ... 226 ... ... ... ... 166 ، 167
= ... ... ... 235 ... ... ... ... 165
= ... ... ... 238 ... ... ... ... 151
__________
(1) عيون الأخبار ، ص 1965/ الموسوعة الشعرية
(2) العقد الفريد ، ص 1120 / الموسوعة الشعرية ، وفيه : وقال الحسنُ البَصْرِي: لا غِيبةَ في ثَلاثة: فاسقٍ مُجاهر " بالفِسْقِ "، وإمام جائر، وصاحب بِدْعة لم يَدَع بِدْعته.
(3) ترتيب السور بحسب ترتيبها في القرآن الكريم(1/329)
= ... ... ... 257 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 265 ... ... ... ... 72
= ... ... ... 279 ... ... ... ... 144
آل عمران ... ... 7 ... ... ... ... 136
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 98
= ... ... ... 19 ... ... ... ... 102
= ... ... ... 21 ... ... ... ... 120
= ... ... ... 26 ... ... ... ... 53
= ... ... ... 37 ... ... ... ... 153
= ... ... ... 39 ... ... ... ... 153
= ... ... ... 41 ... ... ... ... 132
= ... ... ... 52 ... ... ... ... 111
= ... ... ... 54 ... ... ... ... 108
= ... ... ... 61 ... ... ... ... 153
= ... ... ... 79 ... ... ... ... 125
= ... ... ... 96 ... ... ... ... 158
= ... ... ... 97 ... ... ... ... 157
= ... ... ... 99 ... ... ... ... 122
= ... ... ... 102 ... ... ... ... 137
= ... ... ... 137 ... ... ... ... 141
= ... ... ... 163 ... ... ... ... 73
= ... ... ... 174 ... ... ... ... 228
= ... ... ... 185 ... ... ... ... 62
النساء ... ... ... 6 ... ... ... ... 69
= ... ... ... 24 ، 25 ... ... ... 166
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 142
= ... ... ... 43 ... ... ... ... 88 ، 143
النساء ... ... ... 69 ... ... ... ... 122
= ... ... ... 78 ... ... ... ... 81
= ... ... ... 125 ... ... ... ... 120
= ... ... ... 142 ... ... ... ... 108
= ... ... ... 145 ... ... ... ... 74
المائدة ... ... ... 2 ... ... ... ... 121
= ... ... ... 3 ... ... ... ... 180
= ... ... ... 5 ... ... ... ... 166
= ... ... ... 6 ... ... ... ... 88 ، 142، 143
= ... ... ... 12 ... ... ... ... 121
= ... ... ... 48 ... ... ... ... 103
= ... ... ... 55 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 75 ... ... ... ... 122
= ... ... ... 77 ... ... ... ... 112
= ... ... ... 94 ... ... ... ... 170-171
= ... ... ... 95 ... ... ... ... 161
= ... ... ... 97 ... ... ... ... 159
= ... ... ... 111 ... ... ... ... 132
= ... ... ... 114 ... ... ... ... 156
الأنعام ... ... ... 8 ... ... ... ... 66
= ... ... ... 35 ... ... ... ... 108
= ... ... ... 38 ... ... ... ... 104، 130
الأنعام ... ... ... 44 ... ... ... ... 71
= ... ... ... 75 ... ... ... ... 169
= ... ... ... 76 ... ... ... ... 68
= ... ... ... 91 ... ... ... ... 61
= ... ... ... 100 ... ... ... ... 46
= ... ... ... 101 ... ... ... ... 113
= ... ... ... 112 ... ... ... ... 69 ، 131
= ... ... ... 122 ... ... ... ... 90
= ... ... ... 125 ... ... ... ... 191
= ... ... ... 127 ... ... ... ... 48
= ... ... ... 159 ... ... ... ... 115
= ... ... ... 160 ... ... ... ... 156
= ... ... ... 162 ... ... ... ... 161
الأعراف ... ... 9 ... ... ... ... 109
= ... ... ... 18 ... ... ... ... 71
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 138
= ... ... ... 38 ... ... ... ... 74
= ... ... ... 46 ... ... ... ... 76
= ... ... ... 53 ... ... ... ... 138
= ... ... ... 54 ... ... ... ... 60
= ... ... ... 111 ... ... ... ... 115
= ... ... ... 131 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 137 ... ... ... ... 64
= ... ... ... 138 ... ... ... ... 155
= ... ... ... 141 ... ... ... ... 127
الأعراف ... ... 145 ... ... ... ... 63
= ... ... ... 156 ... ... ... ... 110
= ... ... ... 160 ... ... ... ... 129
= ... ... ... 169 ... ... ... ... 62 ، 139
= ... ... ... 172 ... ... ... ... 106، 128
= ... ... ... 180 ... ... ... ... 43
= ... ... ... 205 ... ... ... ... 148
الأنفال ... ... ... 24 ... ... ... ... 90
= ... ... ... 25 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 31 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 42 ... ... ... ... 62
= ... ... ... 46 ... ... ... ... 92
= ... ... ... 52 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 54 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 58 ... ... ... ... 26
= ... ... ... 72 ... ... ... ... 125
= ... ... ... 74 ... ... ... ... 125
التوبة ... ... ... 3 ... ... ... ... 144
= ... ... ... 28 ... ... ... ... 181
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 102
= ... ... ... 30 ... ... ... ... 108
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 102
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 170
التوبة ... ... ... 60 ... ... ... ... 157
= ... ... ... 67 ... ... ... ... 108 ، 110
= ... ... ... 100 ... ... ... ... 125
= ... ... ... 103 ... ... ... ... 149
= ... ... ... 108 ... ... ... ... 142
= ... ... ... 111 ... ... ... ... 118
= ... ... ... 125 ... ... ... ... 181(1/330)
= ... ... ... 126 ... ... ... ... 170
يونس ... ... ... 11 ... ... ... ... 62
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 216
= ... ... ... 25 ... ... ... ... 48
= ... ... ... 78 ... ... ... ... 51
هود ... ... ... 1 ... ... ... ... 136
= ... ... ... 7 ... ... ... ... 64
= ... ... ... 8 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 22 ... ... ... ... 214
= ... ... ... 70 ... ... ... ... 95
= ... ... ... 75 ... ... ... ... 124
= ... ... ... 78 ... ... ... ... 176
= ... ... ... 114 ... ... ... ... 162
يوسف ... ... ... 6 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 49
يوسف ... ... ... 45 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 148
= ... ... ... 76 ... ... ... ... 45
= ... ... ... 81 ... ... ... ... 122
= ... ... ... 84 ... ... ... ... 40
= ... ... ... 100 ... ... ... ... 64
= ... ... ... 106 ... ... ... ... 101
الرعد ... ... ... 15 ... ... ... ... 148
الرعد ... ... ... 35 ... ... ... ... 172
الرعد ... ... ... 41 ... ... ... ... 77
إبراهيم ... ... ... 4 ... ... ... ... 25
= ... ... ... 6 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 58
= ... ... ... 22 ... ... ... ... 60
= ... ... ... 43 ... ... ... ... 81
الحجر ... ... ... 10 ... ... ... ... 114
الحجر ... ... ... 26 ... ... ... ... 91
الحجر ... ... ... 41 ... ... ... ... 76
الحجر ... ... ... 43 ... ... ... ... 74
الحجر ... ... ... 87 ... ... ... ... 135
النحل ... ... ... 1 ... ... ... ... 60
= ... ... ... 25 ... ... ... ... 78
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 68 ... ... ... ... 131
= ... ... ... 98 ... ... ... ... 70 ، 139
= ... ... ... 120 ... ... ... ... 151
الإسراء ... ... ... 3 ... ... ... ... 128
= ... ... ... 4 ... ... ... ... 61-62
= ... ... ... 5 ... ... ... ... 112
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 61
= ... ... ... 33 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 44 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 61 ... ... ... ... 65
= ... ... ... 70 ... ... ... ... 121
= ... ... ... 73 ... ... ... ... 170
= ... ... ... 79 ... ... ... ... 142
= ... ... ... 85 ... ... ... ... 90
= ... ... ... 95 ... ... ... ... 135
= ... ... ... 97 ... ... ... ... 75
= ... ... ... 106 ... ... ... ... 134
الكهف ... ... ... 28 ... ... ... ... 169
= ... ... ... 32 ... ... ... ... 72
= ... ... ... 33 ... ... ... ... 72، 109
الكهف ... ... ... 39 ... ... ... ... 229
= ... ... ... 50 ... ... ... ... 65،68،71 ،109
= ... ... ... 74 ... ... ... ... 156
= ... ... ... 98 ، 99 ... ... ... 182
= ... ... ... 107 ... ... ... ... 73
مريم ... ... ... 5 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 131،132
= ... ... ... 13 ... ... ... ... 58
= ... ... ... 26 ... ... ... ... 154
= ... ... ... 46 ... ... ... ... 104
= ... ... ... 69 ... ... ... ... 114
= ... ... ... 96 ... ... ... ... 56
طه ... ... ... 10 ... ... ... ... 97
= ... ... ... 29، 30 ،31 ، 32 ... ... 78
= ... ... ... 40 ... ... ... ... 170
= ... ... ... 47 ... ... ... ... 119
= ... ... ... 97 ... ... ... ... 155
= ... ... ... 115 ... ... ... ... 69
= ... ... ... 116 ... ... ... ... 65
الأنبياء ... ... ... 35 ... ... ... ... 171
= ... ... ... 45 ... ... ... ... 131
= ... ... ... 48 ... ... ... ... 131
= ... ... ... 72 ... ... ... ... 141
الأنبياء ... ... ... 88 ... ... ... ... 228
= ... ... ... 91 ... ... ... ... 91
= ... ... ... 104 ... ... ... ... 138
الحج ... ... ... 15 ... ... ... ... 80
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 161
= ... ... ... 37 ... ... ... ... 161
= ... ... ... 46 ... ... ... ... 92 ، 133 ...
= ... ... ... 67 ... ... ... ... 161
= ... ... ... 75 ... ... ... ... 65
= ... ... ... 78 ... ... ... ... 39 ، 104
المؤمنون ... ... 1 ... ... ... ... 144
= ... ... ... 12 ... ... ... ... 128
= ... ... ... 57 ... ... ... ... 153
= ... ... ... 83 ... ... ... ... 140
النور ... ... ... 11 ... ... ... ... 51
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 148
= ... ... ... 58 ... ... ... ... 146
الفرقان ... ... 5 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 7 ... ... ... ... 66
= ... ... ... 19 ... ... ... ... 169
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 79
الفرقان ... ... 48 ... ... ... ... 80
= ... ... ... 63 ... ... ... ... 48(1/331)
الشعراء ... ... ... 31 ... ... ... ... 115
= ... ... ... 196 ... ... ... ... 139
= ... ... ... 224 ... ... ... ... 33
= ... ... ... 227 ... ... ... ... 33 ،34
النمل ... ... ... 10 ... ... ... ... 77
= ... ... ... 14 ... ... ... ... 96
= ... ... ... 24 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 53
= ... ... ... 39 ... ... ... ... 71
= ... ... ... 40 ... ... ... ... 53
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 68 ... ... ... ... 140
القصص ... ... ... 7 ... ... ... ... 131
= ... ... ... 8 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 143
= ... ... ... 20 ... ... ... ... 128
= ... ... ... 27 ... ... ... ... 158
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 69
= ... ... ... 31 ... ... ... ... 77
= ... ... ... 41 ... ... ... ... 121
= ... ... ... 58 ... ... ... ... 57
العنكبوت ... ... 41 ... ... ... ... 172
العنكبوت ... ... 43 ... ... ... ... 132 ، 171
العنكبوت ... ... 64 ... ... ... ... 89
الروم ... ... ... 12 ... ... ... ... 71
= ... ... ... 15 ... ... ... ... 126
= ... ... ... 22 ... ... ... ... 25
= ... ... ... 26 ... ... ... ... 151
= ... ... ... 30 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 31 ... ... ... ... 124
= ... ... ... 33 ... ... ... ... 124
= ... ... ... 39 ... ... ... ... 156
لقمان ... ... ... 10 ... ... ... ... 53
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 46
= ... ... ... 13 ... ... ... ... 109
= ... ... ... 34 ... ... ... ... 80
السجدة ... ... ... 5 ... ... ... ... 60 ،134-135
= ... ... ... 10 ... ... ... ... 98
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 72
الأحزاب ... ... ... 6 ... ... ... ... 176
= ... ... ... 9 ... ... ... ... 92
= ... ... ... 19 ... ... ... ... 107
الأحزاب ... ... ... 27 ... ... ... ... 47
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 62
= ... ... ... 33 ... ... ... ... 142 ...
= ... ... ... 35 ... ... ... ... 98، 151
= ... ... ... 45 ... ... ... ... 119
= ... ... ... 56 ... ... ... ... 149
سبأ ... ... ... 14 ... ... ... ... 81
= ... ... ... 39 ... ... ... ... 233
فاطر ... ... ... 1 ... ... ... ... 106
= ... ... ... 37 ... ... ... ... 120
= ... ... ... 43 ... ... ... ... 216
يس ... ... ... 38 ... ... ... ... 147
= ... ... ... 40 ... ... ... ... 81
= ... ... ... 41 ... ... ... ... 128
= ... ... ... 52 ... ... ... ... 57 ، 79
= ... ... ... 69 ... ... ... ... 33
= ... ... ... 81 ... ... ... ... 46
= ... ... ... 82 ... ... ... ... 60
الصافات ... ... ... 7 ... ... ... ... 70
= ... ... ... 22 ... ... ... ... 79
= ... ... ... 35 ،36 ، 37 ... ... 40
= ... ... ... 65 ... ... ... ... 70
ص ... ... ... 2 ... ... ... ... 50
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 49 ، 132
= ... ... ... 39 ... ... ... ... 58
= ... ... ... 72 ... ... ... ... 91
الزمر ... ... ... 9 ... ... ... ... 152
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 183
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 134،135، 136
= ... ... ... 56 ... ... ... ... 91
= ... ... ... 67 ... ... ... ... 61
غافر ... ... ... 3 ... ... ... ... 52
= ... ... ... 28 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 38 ... ... ... ... 51
= ... ... ... 45 ... ... ... ... 229
= ... ... ... 46 ... ... ... ... 127
فصلت ... ... ... 11 ... ... ... ... 134
= ... ... ... 30 ... ... ... ... 119
الشورى ... ... 52 ... ... ... ... 90
= ... ... 51 ... ... ... ... 131
الزخرف ... ... 22 ... ... ... ... 105
= ... ... ... 56 ... ... ... ... 172
الزخرف ... ... 61 ... ... ... ... 94
= ... ... ... 86 ... ... ... ... 122
الدخان ... ... ... 41 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 43،44 ... ... ... 50
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 50
الجاثية ... ... ... 18 ... ... ... ... 103
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 112
الأحقاف ... ... 9 ... ... ... ... 113
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 35 ... ... ... ... 107
محمد ... ... ... 6 ... ... ... ... 96
= ... ... ... 11 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 15 ... ... ... ... 172
= ... ... ... 25 ... ... ... ... 104
= ... ... ... 30 ... ... ... ... 175
الفتح ... ... ... 8 ... ... ... ... 119
= ... ... ... 21 ... ... ... ... 47
= ... ... ... 24 ... ... ... ... 158
= ... ... ... 25 ... ... ... ... 155
الفتح ... ... ... 26 ... ... ... ... 169(1/332)
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 172
الحجرات ... ... 7 ... ... ... ... 109
= ... ... ... 13 ... ... ... ... 129
= ... ... ... 14 ... ... ... ... 99 -100
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 59
ق ... ... ... 10 ... ... ... ... 190
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 121 ، 211
= ... ... ... 37 ... ... ... ... 92
الذاريات ... ... 35 ... ... ... ... 98 ، 99
= ... ... ... 36 ... ... ... ... 98
الطور ... ... ... 13 ... ... ... ... 68
= ... ... ... 21 ... ... ... ... 128
النجم ... ... ... 1 ... ... ... ... 82
= ... ... ... 32 ... ... ... ... 68
القمر ... ... ... 6 ... ... ... ... 95
= ... ... 13 ... ... ... ... 63
= ... ... ... 41 ... ... ... ... 127
= ... ... ... 45 ... ... ... ... 26
= ... ... ... 49 ... ... ... ... 61
القمر ... ... ... 53 ... ... ... ... 140
الرحمن ... ... 6 ... ... ... ... 83
الواقعة ... ... ... 25 ... ... ... ... 48
= ... ... ... 73 ... ... ... ... 159
= ... ... ... 74، ... 96 ... ... 41
= ... ... ... 86 ... ... ... ... 87 ، 102
= ... ... ... 89 ... ... ... ... 91
الحديد ... ... ... 19 ... ... ... ... 122
= ... ... ... 20 ... ... ... ... 62 ، 75 ، 107
المجادلة ... ... 3 ... ... ... ... 167
الحشر ... ... ... 2 ... ... ... ... 174
= ... ... ... 23 ... ... ... ... 47
= ... ... ... 24 ... ... ... ... 46 ، 47
الصف ... ... ... 14 ... ... ... ... 111 ، 121
الجمعة ... ... ... 5 ... ... ... ... 172
المنافقون ... ... 1 ... ... ... ... 108
= ... ... ... 4 ... ... ... ... 108
التغابن ... ... ... 16 ... ... ... ... 137
الطلاق ... ... ... 7 ... ... ... ... 53
التحريم ... ... 3 ... ... ... ... 119
= ... ... ... 12 ... ... ... ... 91
القلم ... ... ... 15 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 72
الحاقة ... ... ... 37 ... ... ... ... 28
= ... ... ... 53 ... ... ... ... 41
المعارج ... ... 13 ... ... ... ... 130
= ... ... ... 15 ... ... ... ... 74
المزمل ... ... ... 8 ... ... ... ... 100 ، 120
المدثر ... ... ... 4 ... ... ... ... 142
= ... ... ... 27 ... ... ... ... 74
= ... ... ... 38 ... ... ... ... 91
القيامة ... ... ... 5 ... ... ... ... 110
= ... ... ... 17 ، 18 ... ... ... 130
= ... ... ... 29 ... ... ... ... 37
النازعات ... ... 10 ... ... ... ... 189
التكوير ... ... ... 10 ... ... ... ... 79
= ... ... ... 12 ... ... ... ... 74
= ... ... ... 15 ، 16 ... ... ... 82
المطففين ... 7 ... ... ... ... 74
= ... ... ... 7 ،8 ، 9 ... ... ... 72
= ... ... ... 13 ... ... ... ... 140
= ... ... ... 21 ... ... ... ... 72
الانشقاق ... ... 12 ... ... ... ... 74
= ... ... ... 17 ... ... ... ... 36
= ... ... ... 24 ... ... ... ... 120
البروج ... ... ... 1 ... ... ... ... 81
= ... ... ... 21 ،22 ... ... ... 63
الفجر ... ... ... 3 ... ... ... ... 152
= ... ... ... 16 ... ... ... ... 61
= ... ... ... 27 ... ... ... ... 91
الشمس ... ... ... 6 ... ... ... ... 190
= ... ... ... 7 ، 8 ... ... ... 91
= ... ... ... 9 ... ... ... ... 38
= ... ... ... 14 ... ... ... ... 214
الليل ... ... ... 14 ... ... ... ... 119
الضحى ... ... ... 11 ... ... ... ... 56
القدر ... ... ... 1 ... ... ... ... 61
القارعة ... ... 8 ، 9 ... ... ... ... 74
الهمزة ... ... ... 5 ... ... ... ... 74
الماعون ... ... 2 ... ... ... ... 68
الكوثر ... ... ... 1 ... ... ... ... 74
( 2 ) فهرس الحديث
أ
ـ اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم إبراهيم0 ... ... ... 57
ـ أجلى الجبهة ، ممسوح العين اليمنى ، عريض النحر ،
فيلق الهجان الأبيض0 ... ... ... ... ... ... 182 ـ 183
ـ أحيانا يأتينِي في مثلِ صلصَلةِ الجَرَسِ ، وهو أشدُّ عليَّ ،(1/333)
فينفَصِمُ عني وقد وعِيتُ ، وأحيانا يتمثلُ في الملَك ،
فيكلمُني ، فأعِي ما يَقول0 ... ... ... ... ... ... 134
ـ اخبر تقله ... 0 ... ... ... ... ... ... ... ... 229
ـ أدنى الشرك أن يبتدع الرجل الرأي ، فيحب عليه ويبغض 0 ... ... 113
ـ إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان مفطرا فليطعم ،
وإن كان صائما فليُصل ... 0 ... ... ... ... ... 149
ـ إذا وضع العبد في قبره جاءه ملكان ، يقال لأحدهما منكر،
وللآخر نكير ، فيسألانه ، فإن كان كافرا، أو منافقا ، فيقال له :
ما تقول في هذا الرجل ـ يعني محمدا ـ فيقول : لا أدري ،
وسمعت الناس يقولون شيئا قلتُه ، فيقال له : لا دريت ، ولا
تليت ، ولا اهتديت ... 0 ... ... ... ... ... ... 67
ـ أرضعيه ولو ماء عينيك ، كبش بين ذئاب عليها ثياب ، ليمنعن
الحرم ، وليُقتلن ... ... ... ... ... ... ... 203
ـ أعربوا القرآن ... ... ... ... ... ... ... ... 36
ـ أعور هجان أشبه الناس بعبد العزى بن قطن ، ولكن الْهُلَّكُ أن
ربكم ليس بأعور0 ... ... ... ... ... ... 182
ـ افترقت بنو إسرائيل على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي
على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية ، وسائرها هالكة،
قيل يا رسول الله : مَن الفرقة الناجية قال أهل السنة والجماعة
قيل : فمن أهل السنة والجماعة : قال ما أنا عليه وأصحابي 0 113ـ114
ـ أكثر ذكر الموت ، يُسلِك عن الدنيا ، وعليك بالشكر ، فإن الشكر
يزيدك في النعمة، وأكثر الدعاء فإنك لا تدري متى يستجاب لك ،
وإياك والبغي ، فإن الله قد قضى أنه من بُغي عليه لينصرنه الله ،
وقال : [إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ] ، وإياك والمكر ، فإن الله
قد قضى أنه [ لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ] 0 ... 216
ـ أمرني ربي بتسع : الإخلاص في السرّ والعلانية ، والعدل في
الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى ، وأن أعفو عمن ظلمني
وأصل من قطعني ، وأعطي من حرمني ، وأن يكون نطقي ذكرا ،
وصمتي فكرا ، ونظري عبرة 0 ... ... 217
ـ إن الله يبغض العِفْرِيَة النِّفْرِيَة الذي لم يُرزأ في جسمه وماله 0 ... ... 71(1/334)
ـ إنا معاشِر هذا الحي من قريش أكرمُ النَّاسِ أحسابا وأنسابا ، ثم
نحن عِتْرة رسول اللّه التي خرج منها وعصبتُه التي تَفقَّأتْ عنه 0 ... 128
ـ أن أول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة 0 ... 63
ـ إن أول الناس دخولا الجنة لعبدٌ أسود 208
ـ إنّ روح القدس نفث في رُوعي إن نفسا لن تموت حتى تستوفي
رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب 0 123
ـ إنّ الرؤيا كُنى وأسامي فكنُّوها بكناها ، وعبّروا بأساميها 0 174
ـ الأنصار كرشي وعيبتي ،ومعدن سري ، لو سلك الناس شعبا
وواديا ، وسلكت الأنصار شعبا ؛ لسلكت شعب الأنصار ، ولولا
الهجرة لكنت امرأ من الأنصار 0 125
ـ إن في كل أمة مُحْدِثين ومُرَوِّعين ، فإن يكن في هذه الأمة
أحد فإنه عمر0 123
ـ إن الكاسيات العاريات لا يدخلن الجنة 0 173
ـ إن كان وسادُكَ لعريضًا إنما ذاك سوادُ الليل من بياضِ النهار 0 146
ـ إنكنّ إذا جعتن دقعتن ، وإذا شبعتن خجلتن 0 206
ـ إنّ لكل حق حقيقة ، فما حقيقة إيمانك 0 101
ـ إن من الشِّعر حِكْمة، وإن من البيان سحرا 0 34
ـ إنه إذا مرّ بهدف مائل أسرع المشي فقيل : يا رسول الله أتفر
من قضاء الله ، قال : أفر من قضاء الله إلى قدره 0 62
ـ إنه يكون له عقب يمرقون من الدين كما يمرق السهم من
الرمية ، لا يعودون إليه أبدا 0 117
ـ إني أجِدُ نَفَسَ ربِّكُم من قِبَلِ اليَمنِ 0 91 ، 173
ـ إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، قال : إن كنت صائما فصم الغُرّ0 155
ـ إني حرّمت المدينةَ كما حرّم اللهُ مكةَ ، فحرامٌ ما بين لابَتَيها0 160
ـ أهل الجنَّة جُرْدٌ مُرْد0 70
ـ الأول عابر 0 174
ـ أوَّل ما خلقَ اللهُ العقلَ فقال له أقْبِلْ ، فأقبَلَ ، ثم قال له أدبِرْ ،
فأدبرَ ، فقال : بك آخُذ ، وبك أُعطِي ، وبك أُثِيب ، وبك أُعاقِب 0 92
ـ إياك والقوارير0 173
ـ إياكم والنجوم فإنه يدعو إلى الكهانة 0 183(1/335)
ـ أيُّما امْرأةٍ نَكَحَت بغير إذن وليِّها فنكاحُها باطِل 0 127
ب
ـ البر ما سكنت واطمأَنّت إليه النفوس ، والإثم ما حاك
في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس 0 78
ـ بعثت بالحنيفية السمحة السهلة 0 123
ت
ـ تارك سنتي ملعون 0 141
ـ تحابُّوا بذكرِ اللّهِ ورُوحِه 0 90
ـ تنزل المعونة على قدر المؤونة 0 234
ج
ـ جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة 0 164
ح
ـ حافظ على العصرين 0 147
ـ الحسنُ والحُسينُ سِبطايَ مِن هذهِ الأمة 0 129
ـ حمي الوطيس 0 209
د
ـ دع الكذب 0 222
ر
ـ رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس ، ولن يهلك امرؤ
بعد مشورة 0 216
ـ رحم الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأدَّاها كما سمعها ،
فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى مَن هو
أفقه منه 0 173
ـ الرؤيا على رجل طائر ما لم تُعبَّر ، فإذا عُبِّرت وقعت 0 174
ـ الرِّيحُ مِن رَوحِ اللهِ تأتي بالرَّحمةِ والعذابِ فلا تَسُبُّوها 0 92
ش
ـ شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار 0 123
ـ الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا 0 101
ص
ـ صغار الأعين ، عراض الوجوه ، صهب الشعور ، من كل حدب
ينسلون 0 182
ض
ـ ضرب الله مثلا صراطتا مستقيما ، وعلى جنبتي السراط سور
فيه أبواب مفتحة وعلى تلك الأبواب ستور مُرخاة ، وعلى رأس
الصراط داع يقول : ادخلوا الصراط ، ولا تُعرِّجوا 0 172
ط
ـ طول القنوت 0 151 ، 152
ع
ـ عشر من الفطرة : المضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص
الشارب ، وإعفاء اللحية ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وحلق
العانة ، وغسل البراجم ، والختان 106
ـ عليك بالأمر ذي الحجة 0 216
ف
ـ فُطِر عليهن إبراهيم وهو لنا سُنة 0 106
ك
ـ كان الرجل منّا إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا 0 55
ـ كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار0 113
ـ كل مولود يولد على الفطرة ، فأبوه يهودانه وينصرانه 0 106
ـ كلُّ هوىً شاطِنٍ في النّار 0 69
ل(1/336)
ـ لا ترجِعوا بعدي كُفارًا يضربْ بعضُكم رِقابَ بعضٍ 0 107
ـ لا ترفع عصاك عن أهلك 0 172
ـ لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنها من نَفَس الرحمن 0 ... ... ... ... ... ... 91
ـ لا تستضيئوا بنار المشركين ... 0 ... ... ... ... ... 173
ـ لا تعرُّب بعدَ الهِجْرة 0 ... ... ... ... ... ... 124
ـ لا تغلبنكم الأعراب عن اسم صلاتكم ، فإنّ اسمها العشاء ، وإنما
تعتم لحلاب الإبل 0 ... ... ... ... ... 149
ـ لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين ، والله لا تمسح عارضيك بمكة ،
وتقول : خدعت محمدا مرتين 0 34ـ35
ـ لا ينتطح فيها عنزان 0 201
ـ لتركبُنّ سنن مَن كان قبلكم0 141
ـ لقد حكمت فيهم بحكم الله من 40ب فوق سبعة أرقعة 0 80
ـ للعاهر الحجر 0 127
ـ اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سليل الجنة 0 128
ـ ليُّ الواجِد ظلم 0 109
م
ـ ما عال مُقتصد 0 235
ـ ما قلّ وكفى خير مما كثُر وألهى 0 216
ـ المرء كثير بأخيه ، ولا خير في صحبة مَن لا يرى لكلٍ مثل
ما يرى لنفسه 0 216
ـ المسلم من سلم الناس من يده ولسانه 0 48
ـ مَن التمس رضا الناس بما يسخط الله عاد حامده ذاما 0 216
ـ من رد على صاحب بدعة بدعته فهو في سبيل الله 0 113
ـ مَن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من
غير أن يُنقص من أجرهم شيء 0 141
ـ من عقّب في صلاةٍ 0 77
ـ مَن كُنْتُ مَوْلاهُ فَعليٌّ مَوْلاه 0 127
ـ مَن لم يقبل من متنصل صادقا كان أوكاذبا ، لم يرد عليّ الحوض 0 216
ـ مَن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله 0 117
ـ المؤمن من أمن جاره بوائقَه 0 49 ، 99
ـ مَن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله 0 ... ... ... ... ... ... 117
ن
ـ نعوذ بالله من فقر مُلبّ 0 160
هـ
ـ هل صُمْت من سِرَار هذا الشَّهْر 155
ـ هما للكافر منكر ونكير ، وللمؤمن مُبَشِّر وبشير 67
ـ هو أن تسلم وجهك لله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم
شهر رمضان ، وتحج البيت ، فذكر عُرى الإسلام ، فقال : فإذا
فعلت هذا فأنا مسلم ، قال : نعم ، وسأله عن الإيمان ، فقال :(1/337)
أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وبالموت وبالبعث بعد
الموت ، وبالجنة والنار ، والقدر كله 0 ... ... ... ... ... 98
و
ـ والذي نفسي بيده ما أنزلَ اللهُ في التوراةِ والإنجيلِ ، ولا في
الزَّبُورِ والقرآنِ مثلَها ، إنها لَلسبعُ المثاني ، والقرآنُ الذي أوتيتُ 0 135
ـ ونخلع ونترك من يفجرك 0 110
ي
ـ يَخْرُج من النار رَجُل قد ذهب حِبْرُه وسِبْرُه 0 126
ـ يقول الله الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، والعزة لي ، لا لغيري ،
فمن نازعني في شيء منها أدخلته جهنم خالدا فيها مصغرا قمئا 0 50
( 3 ) فهرس الشعر (1)
أول البيت ... القافية ... البحر ... القائل ... ... الصفحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهمزة
كأنَّ ... ... هواءُ ... ... الوافر ... ... زهير بن أبي سلمى ... ... 81
آذنتنا ... ... الثواءُ ... ... الخفيف ... ... الحارث بن حلزة ... ... 144
أنَسَتْ ... ... الإمساءُ ... ... الخفيف ... ... الحارث بن حلزة ... ... 147
إذا ... ... سواءُ ... ... الطويل ... ... 0000000 ... ... ... 230
على ... ... بَراءُ ... ... = ... ... 0000000 ... ... ... 231
حرف الباء
إذا ... ... غِضابا ... ... الوافر ... ... معوذ الحكماء ... ... ... 60
ـــــ
عفَتْ ... ... ركوبُ ... ... الطويل ... ... جميد بن ثور ... ... ... 51
فلستُ ... ... يَصوبُ ... ... = ... ... أبو وجرة السعدي (2) ... ... 65
وأحملُ ... ... فأنصبُ ... ... = ... ... الكميت ... ... ... ... 114
فقلتُ ... ... قريبُ ... ... = ... ... حميد بن ثور ... ... ... 138
ألم ... ... يتذبذبُ ... ... = ... ... النابغة الذبياني ... ... ... 138
نُقتِّلُهم ... ... يتقرَّبُ ... ... = ... ... الكميت بن زيد الأسدي ... ... 162
عجبتُ ... ... غائبُ ... ... = ... ... أبو تمام ... ... ... ... 220
على ... ... عجائبُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... 220
وبيتٍ ... ... شارِبُهْ ... ... = ... ... ذو الرمة ... ... ... 75
وقفتُ ... ... وأخاطِبُهْ ... = ... ... = ... ... ... ... 133
وأسقيه ... ... وملاعِبُهْ ... = ... ... = ... ... ... ... =
أخوك ... ... جانبُه ... ... = ... ... بشار بن برد ... ... ... 223
إذا ... ... تُعاتبُهْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فعش ... ... ومُجانبُْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
إذا ... ... مشاربُهْ ... ... الطويل ... ... بشار بن برد ... ... ... 223
ـــــ
رذايا ... ... القضبِ ... ... م / الوافر ... أبو دؤاد الإيادي ... ... ... 171
أعاذل ... ... وقريبي ... ... الطويل ... ... النمر بن تولب ... ... ... 222
__________
(1) رتبت القوافي بحسب الترتيب الهجائي الساكن فالمفتوح فالمضموم فالمكسور
(2) وهو أيضا في ديوان كل من : علقمة الفحل ، ومتمم بن نويرة(1/338)
ترى ... ... نصيبي ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وذي ... ... ودؤوبِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
غدت ... ... قليبِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فكعبةُ ... ... بأبوابها ... ... المتقارب ... الأعشى ... ... ... 159
حرف التاء
لعمرك ... ... لأبياتي ... ... الطويل ... ... البسوس بنت منقذ ... ... 203
ولكنني ... ... شاتي ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فيا ... ... أمواتِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
ودونك ... ... بُنيّاتي ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
جزى ... ... فزلّتِ ... ... = ... ... طفيل الغنوي ... ... ... 219
أَبَوْا ... ... لملَّتِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف الجيم
إذا ... ... المُهج ... ... المتقارب ... منصور الفقيه ... ... ... 223
وجلّ ... ... الفرج ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف الحاء
فقلْ ... ... النوابِحُ ... ... الطويل ... ... أبو جلدة اليشكري ... ... 122
متى ... ... جموحُ ... ... = ... ... المنتصر بالله ... ... ... 219
أعللُ ... ... وأَروحُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف الدال
تباعد ... ... بُعدا ... ... الطويل ... ... 0000000 ... ... ... 59
نَبيٌّ ... ... وأنجدا ... ... = ... ... الأعشى ... ... ... ... 89
أتيتُ ... ... جامِدا ... ... = ... ... = ... ... ... ... 142
ألا ... ... يتجلَّدا ... ... الطويل ... ... الأحوص الأنصاري ... ... 189
المرء ... ... وحدَه ... ... م / الكامل ... 0000000 ... ... ... 223
والناس ... ... بعدًه ... ... = ... ... 0000000 ... ... ... 223
ـــــ
أراني ... ... جديدُ ... ... الوافر ... ... معدي كرب الحميري ... ... 31
يعود ... ... يعودُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
ألا ... ... شهيدُ ... ... = ... ... أبو عزة الجمحي ... ... 34
ولكن ... ... جلودُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وعمَّرتُ ... ... خلودُ ... ... الكامل ... ... لبيد بن ربيعة ... ... ... 73
وما ... ... أُريدُها ... ... الطويل ... ... الفرزدق ... ... ... 61
ـــــ
والمؤمنِ ... السَّنَدْ ... ... البسيط ... ... النابغة الذبياني ... ... ... 49
أرى ... ... المتشدَّدِ ... ... = ... ... طرفة بن العبد ... ... ... 93
أسيرُ ... ... بجندِ ... ... الوافر ... ... عمرو بن معديكرب ... ... 151
وكيف ... ... غادِ ... ... = ... ... أبو تمام ... ... ... ... 233
ومما ... ... الفؤادِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف الراء
إلى ... ... اعتذرْ ... ... الطويل ... ... لبيد بن ربيعة ... ... ... 42
نحن ... ... ينتَقِرْ ... ... الرمل ... ... طرفة بن العبد ... ذ ... ... 97
ـــــ
أخو ... ... شَمَّرا ... ... الطويل ... ... حاتم الطائي ... ... ... 37
سما ... ... فعرعرا ... ... = ... ... امرؤ القيس ... ... ... 80
وأشهدُ ... ... المُزعفرا ... = ... ... المخبل السعدي ... ... ... 157
جماليةٍ ... ... الهَجيرا ... ... المتقارب ... الأعشى ... ... ... ... 77
إذا ... ... الأميرا ... ... = ... ... = ... ... ... ... 97
وخافَ ... ... وعورا ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وفاضت ... ... انحدارا ... ... = ... ... = ... ... ... ... 101
كما ... ... صِغارا ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فلمَّا ... ... أنارا ... ... = ... ... أبو دؤاد اإيادي ... ... ... 145
أظنُّ ... ... حُرّا ... ... الوافر ... ... عبد الله بن أبي الشيص ... ... 227
لقد ... ... المستمرا ... = ... ... = ... ... ... ... =(1/339)
إذا ... ... حِميَرُ ... ... الطويل ... ... 0000000 ... ... ... 65
وعرفْتُ ... ... الدَّهرُ ... ... الكامل ... ... عمرو بن أحمر الباهلي ... ... 133
بكيا ... ... صبْرُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... 133
فجاشتِ ... ... مُعْتَمِرُ ... ... البسيط ... ... أعشى باهلة ... ... ... 158
المرء ... ... يضرُّه ... ... م/ الكامل ... لبيد بن ربيعة ... ... ... 48
فلا ... ... يسيرُها ... ... الطويل ... ... أبو ذؤيب الهذلي ... ... 141
تبحثتم ... ... ضميرُها ... = ... ... عمارة بن عقيل ... ... ... 224
ولن ... ... مريرُها ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وما ... ... غديرُها ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
ـــــ
فإنْ ... ... المُسحَّرِ ... ... الطويل ... ... لبيد بن ربيعة ... ... ... 181
وصاحِبُ ... كوثَرِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... 74
بجيشٍ ... ... للحوافرِ ... ... = ... ... زيد الخيل ... ... ... 150
وسخَّرَ ... ... أجرِ ... ... = ... ... الأعشى ... ... ... ... 68
أحافرة ... ... وعارِ ... ... الوافر ... ... 0000000 ... ... ... 189
المُستجير ... بالنارِ ... ... البسيط ... ... البحتري ... ... ... 204
أبلِغِ ... ... وانتظاري ... الرمل ... ... عدي بن زيد ... ... ... 65
حتى ... ... النَّاشِرِ ... ... السريع ... ... الأعشى ... ... ... ... 79
علقمَ ... ... الواترِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... 32
قد ... ... الباهرِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
لا يأخذ ... ... الخاسرِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
أبوكَ ... ... جحدرِ ... ... المتقارب ... السيد الحميري ... ... ... 116
ونحن ... ... المنكرِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
قالتْ ... ... الكافورِ ... ... الكامل ... ... جرير ... ... ... ... 143
حرف الزاي
وإنْ ... ... لعاجِزُ ... ... الطويل ... ... 0000000 ... ... ... 144
حرف الضاد
منذرٍ ... ... بعضِ ... ... الطويل ... ... طرفة بن العبد ... ... ... 58
حرف العين
مهلاً ... ... الضِّلَعا ... ... البسيط ... ... الأعشى ... ... ... ... 57
ولمّا ... ... تقطَّعا ... ... الطويل ... ... المهلهل ... ... ... ... 69
ولا ... ... تقعقعا ... ... = ... ... متمم بن نويرة ... ... ... 195
تقولُ ... ... والوجعا ... ... البسيط ... ... الأعشى ... ... ... ... 149
عليك ... ... مُضطجعا ... = ... ... = ... ... ... ... =
لا ... ... رَفَعَهْ ... ... المنسرح ... الأضبط بن قريع ... ... 150
ـــــ
إذا ... ... خاشعُ ... ... الطويل ... ... البعيث ... ... ... ... 82
أبَى ... ... ضائِعُ ... ... = ... ... النابغة الذبياني ... ... ... 95
أُخَبِّرُ ... ... راكِعُ ... ... = ... ... لبيد ... ... ... ... 150
فباتتْ ... ... صريعُ ... ... = ... ... الطرماح ... ... ... 155
فلو ... ... أًوسعُ ... ... = ... ... الخريمي ... ... ... 221
وإني ... ... لموجعُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وأعددتُه ... مولعُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
دموع ... ... تقطَّعُ ... ... = ... ... أبو تمام ... ... ... ... =
وقد ... ... يجزعُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
ـــــ
لعمرك ... ... الودائعِ ... ... = ... ... عبد الله بن همام السلولي ... 228
فمستودع ... ضائعِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وما ... ... المزارعِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فمزرعة ... ... زارعِ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف الفاء
قد ... ... تعرفُ ... ... الكامل ... ... ابن الرومي ... ... ... 226(1/340)
فيه ... ... ينصفُ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
حرف القاف
فلا ... ... تذوقُ ... ... الطويل ... ... حميد بن ثور ... ... ... 146
ـــــ
هو ... ... مُسردَقِ ... ... = ... ... سلامة بن جندل ... ... ... 80
حرف الكاف
يا جاهلا ... ... علمُكَ بك ... البسيط ... ... 0000000 ... ... 226
أثنى ... ... ... من ريبك ... = ... ... = ... ... ... =
حرف اللام
حي ... ... النَّعَلْ ... ... الطويل ... ... العلاء بن الحضرمي ... ... 34
وإنْ ... ... تَسَلْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
فإنْ ... ... يُقَلْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
وغلامٍ ... ... سألْ ... ... الرمل ... ... لبيد بن ربيعة ... ... ... 65،119
يتمارى ... حيَّ هَلْ ... = ... ... = ... ... ... ... 144
ـــــ
لمَّا ... ... صُنُبلا ... ... الكامل ... ... المهلهل ... ... ... 31
مَن ... ... مفلولا ... ... = ... ... أبو تمام ... ... ... 219
مَن ... ... مهزولا ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
قتلوا ... ... مقتولا ... ... = ... ... الراعي النميري ... ... 159
يابنةَ ... ... فعلا ... ... البسيط ... ... النابغة الجعدي ... ... 62
وجاعلُ ... ... فَصَلا ... ... = ... ... عدي بن زيد ... ... ... 86
وهاجِرةٍ ... قالا ... ... المتقارب ... عمرو بن قميئة ... ... 75
وأسلمتُ ... زُلالا ... ... = ... زيد بن عمروبن نفيل ... ... 100
ـــــ
أُنبئتُ ... ... مأمولُ ... ... البسيط ... ... كعب بن زهير ... ... ... 35
كأبي ... ... يتخيَّلُ ... ... م / الكامل ... 000000000 ... ... 70
ولم ... ... يخجلوا ... ... المتقارب ... الكميت بن زيد الأسدي ... 206
إذا ... ... باطلُه ... ... الطويل ... ... العجير السلولي (1) ... ... 229
يسرك ... ... حاملُه ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
ـــــ
أيُّما ... ... الأغلالِ ... ... الخفيف ... أمية بن أبي الصلت ... ... 70
فلا ... ... الأميلِ ... ... الوافر ... ... الكميت ... ... ... ... 81
وقد ... ... عاقلِ ... ... الطويل ... ... النابغة الذبياني ... ... 92 ...
حرف الميم
قُعودا ... ... اللُّجُمْ ... ... ... المتقارب ... الأعشى ... ... ... 154
ـــــ
فلمّأ ... ... كَرْدَما ... ... ... الطويل ... ... سماعة بن أشول ... 148
ورُبَّ ... ... سُلَّما ... ... ... السريع ... ... وضاح اليمن ... ... 154
خيلٌ ... ... اللُّجُما ... ... ... البسيط ... ... النابغة الذبياني ... ... 154
ـــــ
يزيدُ ... ... المحاجِمُ ... ... ... الطويل ... ... الأعشى ... ... ... 165
رفَوني ... ... هُمُ ... ... ... = ... ... أبو خراش الهذلي ... 188
وما ... ... أبرمُ ... ... ... = ... ... نصيب ... ... ... 195
سألزم ... ... الجرائمُ ... ... ... = ... ... محمود الوراق (2) ... 229
فما ... ... مقاومُ ... ... ... = ... ... = ... ... ... 230
فأمّا ... ... لازمُ ... ... ... = ... ... = ... ... ... =
وأمّا ... ... لائمُ ... ... ... = ... ... = ... ... ... =
وأمّا ... ... حاكمُ ... ... ... = ... ... = ... ... ... =
__________
(1) ونسب هذا البيت والذي يليه لزينب بنت الطثرية أيضا ، وهما في ديوانها
(2) كما نسب هذا البيت والأربعة الأبيات التي تليه لابن دريد ، وهي في ديوانه أيضا 0(1/341)
ينال ... ... عالمُ ... ... ... = ... ... أبو تمام ... ... ... 232
ولو ... ... البهائمُ ... ... ... = ... ... = ... ... ... =
الموهبات ... أوهامُ ... ... ... الكامل ... ... 00000 ... ... 230
فالماضيات ... أحلامُ ... ... ... = ... ... 00000 ... ... =
فإذا ... ... والإيلامُ ... ... ... = ... ... 00000 ... ... =
لم يبق ... ... والآثامُ ... ... ... = ... ... 00000 ... ... =
فإذا ... ... غرامُ ... ... ... = ... ... 00000 ... ... =
حتى ... ... ظلامُها ... ... ... = ... ... لبيد بن ربيعة ... ... 68
فغدَتْ ... ... وأَمامها ... ... ... = ... ... = ... ... ... 171
أُنيخت ... ... بغامُها ... ... ... الطويل ... ... ذو الرمة ... ... 87
عَزمْتُ ... ... صريمُها ... ... = ... ... كُثير عزة ... ... 107
ـــــ
فازورَّ ... ... وتحمحمِ ... ... ... = ... ... عنترة العبسي ... ... 123،133
أشارَتْ ... ... تتكلَّمِ ... ... ... الطويل ... ... عمر بن أبي ربيعة ... 132
كانتْ ... ... الرَّجمِ ... ... ... = ... ... النابغة الجعدي ... ... 140
رأيْتُ ... ... ويهرَمِ ... ... ... = ... ... زهير بن أبي سلمى ... 148
كُليبُ ... ... بالدَّمِ ... ... ... الطويل ... ... النابغة الجعدي ... ... 204
رمى ... ... المُسهَّمِ ... ... ... = ... ... = ... ... ... 204
حرف النون
وهنالك ... ... يُجَنْ ... ... ... المتقارب ... الأعشى ... ... ... 68
ـــــ
يا ربِّ ... ... آمينا ... ... ... البسيط ... ... عمر بن أبي ربيعة (1) ... 59
أيام ... ... شيطانا ... ... ... = ... ... جرير ... ... ... 69
ضحَّوا ... ... وقُرآنا ... ... ... = ... حسان بن ثابت ... ... ... 156
ما ... ... العالمينا ... ... ... م / الكامل ... لبيد بن ربيعة ... ... 84
ذراعي ... ... جنينا ... ... ... الوافر ... ... أمية بن أبي الصلت ... 130
أغربالاً ... ... المُتحدثينا ... ... = ... ... الحطيئة ... ... ... 199
يا مَن ... ... ألوانا ... ... ... الكامل ... ... 00000000 ... ... 217
سوداءَ ... ... هجانا ... ... ... = ... ... 00000000 ... ... =
قصر ... ... فتحانَى ... ... ... = ... ... 00000000 ... ... =
صحب ... ... وليانا ... ... ... = ... ... 00000000 ... ... =
والموت ... ... سِوانا ... ... ... = ... ... 00000000 ... ... =
ـــــ
ولا ... ... شجونُ ... ... ... الطويل ... ... الفرزدق ... ... 197
ـــــ
لاهِ ... ... فتخزوني ... ... البسيط ... ... ذو الأصبع العدواني ... 43
ويمنعها ... ... الحنانِ ... ... ... = ... ... امرؤ القيس ... ... 58
ذَعَرتُ ... ... اللعينِ ... ... ... البسيط ... ... الشماخ ... ... ... 72
تقولُ ... ... وديني ... ... ... = ... ... المثقب العبدي ... ... 102
إذا ... ... الحزينِ ... ... ... = ... ... = ... ... ... 124
ألا ... ... المَلَوانِ ... ... ... الطويل ... ... تميم بن أبي مقبل ... 104
لِمَن ... ... يماني ... ... ... = ... ... امرؤ القيس ... ... 139
ثيابُ ... ... غِرّانِ ... ... ... = ... ... = ... ... ... 142
حرف الهاء
أبنيَّ ... ... بنيَّهْ ... ... م/الكامل ... زهير بن جناب الكلبي ... ... 30
وجعلتكم ... ... وريَّهْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
من كل ... ... التحيَّهْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... = ، 151
والموت ... ... بقيَّهْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
__________
(1) وهو أيضا في ديوان السيد الحميري(1/342)
من أنْ ... ... بالعشيَّةْ ... ... = ... ... = ... ... ... ... 31
وشربتُ ... ... هامه ... ... = ... ... يز بن مفرغ ... ... ... 118
ينصُرني ... والسَّلمه ... المنسرح ... بجير بن عنمة الطائي ... ... 162
احذرْ ... ... بالحلاوة ... م / الكامل ... 00000 ... ... ... 233
يحصي ... ... للعداوة ... ... = ... ... 00000 ... ... ... =
... حرف الياء
صبوتُ ... ... التصابي ... الوافر ... ... 0000000000 ... ... 111
لقد ... ... تنادي ... ... = ... ... كثير عزة (1) ... ... ... 90
فلأنت ... ... يفري ... ... الكامل ... ... زهير بن أبي سلمى ... ... 46
ـــــ
لَبِستُ ... ... خاليا ... ... الطويل ... ... عمرو بن أحمر الباهلي ... 104
ـــــ
فينظرُ ... ... مَحِيُّ ... ... المتقارب ... أبو ذؤيب الهذلي ... ... 57
أراني ... ... شيُّ ... ... الوافر ... ... محمود الوراق ... ... 228
طوى ... ... وطيُّ ... ... = ... ... = ... ... ... ... =
( 4 ) فهرس أجزاء الأبيات (2)
جزء البيت ... ... ... البحر ... القائل الصفحة
أفْسَدْتَ بالمَنِّ ما قَدَّمْتَ مِنْ حَسَن ... ... البسيط ... ... 0000000 58
إِنَّ تَقوى رَبِّنا خَيرُ نَفَل ... ... ... ... الرمل ... ... لبيد بن ربيعة 141
إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا ... ... ... ... الطويل ... ... امرؤ القيس 146
تَذَكَّرْتُها فارْفَضَّ دَمْعِي صَبابَةً الطويل ... الحطيئة 116
شِرِّيْب خمرٍ مُسعرٍ لحربِ ... ... ... الكامل ... حسان بن ثابت 122
طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ ... ... الطويل ... علقمة الفحل 190
ظل له زمزم كالمغني ... ... ... ... السريع ... الأعشى 164
عَلى عارِفاتٍ لِلطِعانِ عَوابِسٍ ... ... ... الطويل ... النابغة الذبياني 163
فَقُلتُ لَهُ اِرفَعها إِلَيكَ وَأَحيِها ــ بِروحِكَ الطويل ... ... ذو الرمة 91
في لَيلَةٍ كَفَرَ النُجومَ غَمامُها ... ... ... الكامل ... ... لبيد بن ربيعة 107
كَتَلَظّي الجَمرِ في شَرَرِه ... ... ... ... الرمل ... امروؤ القيس 74
كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ ... ... الطويل ... طرفة بن العبد 184
من بعدِ ما كانت نوارُ تُدِينكَ الأديانا ... ... الكامل ... ... القطامي 59
__________
(1) وجاء في ديوان كل من : بشار بن برد ، ودريد بن الصمة ، وعمرو بن معدي كرب ، ومهيار الديلمي ، وغيرهم
(2) معظم هذه الأنصاف قد أكملت بالتحقيق ، وذكرت تكملتها بهوامش الصفحات الموجودة فيها ، وقد رتبناها هنا بحسب الترتيب الهجائي لأول كلمة فيها(1/343)
مَنارَةُ مَمسى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ ... ... ... الطويل ... امرؤ القيس 100
وَبَيْدَاءَ قَفرٍ تَأْلَهُ العَيْنُ وَسْطَها ... ... ... الطويل زهيربن أبي سلمى 44
ونَدْمانٍ يَزيدُ الكأسَ طِيباً ... ... ... الوافر ... عمرو بن شأس الأسدي 44
ولا يكرسي علم الله مخلوق البسيط ... ... 000000000 64
وسُمِّيتَ إنْساناً لأنّكَ ناسي ... ... ... الطويل ... 000000000 69
وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ ... ... البسيط النابغة الذبياني 109
وكُلّ قدْ أنابَ إلى ابْتِهال ... ... ... ... الوافر ... ... ذو الكلب الهذلي 124
وَلَقَد أَفلَحَ مَن كانَ عَقَل ... ... ... الرمل ... ... لبيد بن ربيعة 145
وَالشَّمْسُ حَيْرَى لَها في الجَوِّ تَدْوِيم البسيط ... ... ذو الرمة 146
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي ... ... الطويل ... ... امرؤ القيس 148
وَيَحرُمُ سِرُّ جارَتِهِم عَلَيهِم ... ... ... الوافر ... ... الحطيئة 165
وساحرة السراب من البراري ... ... الوافر ... ... رؤبة بن العجاج 181
وشاقكَ بين الخليطِ الشُطُر المتقارب ... امرؤ القيس 192
( 5 )فهرس الرجز (1)
القافية ... ... ... ... ... لشاعر ... ... ... الصفحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنَّ بالسُهبِ أو حَزْبائِهِ ... أبو النجم العجلي ... ... 64
عرشٌ تَحنَّ الرِّيحُ فِي قَصبائِهِ ... =
ـــــ
قَالَ الغَوانِي مَا ذَهَبْتَ مَذْهَبا ... ... 000000000 ... ... ... 113 ...
ـــــ
مَنْ يَكُ في شَكّ فهذا فَلْجُ ... ... 000000000 ... ... ... 103
ماءٌ رَواءٌ وطَرِيقٌ نَهْجُ ... ... 000000000
ـــــ
أقسمَ باللّهِ أبو حفصٍ عُمرْ ... أعرابي ... ... ... ... 110
ما إنْ بِها من نقبٍ ولا دبر ... ... =
اغفرْ له اللهمّ إنْ كانَ فَجَرْ ... ... =
----------
ولمْ يُقلِّبْ أرْضَها بِيطَارُ ... ... حميد الأرقط 0 8 ، 187
----------
رَكِيةُ جِهنامٍ بَعِيدَةُ القَعْرِ ... ... رؤبة بن العجاج ... ... ... 75
----------
__________
(1) رتبت الأرجاز بحسب الترتيب الهجائي للقوافي الساكن فالمفتوح فالمضموم فالمكسور ، وقد وضعت بين كل قافية وأخرى خطا غامقا ، وبين كل ارجوزة وأخرى خطا مقطعا 0(1/344)
وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في كَفْرِ ... ... حميد الأرقط ... ... ... 83 ...
----------
سُرتُ إِلَيهِ في أَعالي السورِ ... ... العجاج ... ... ... 139 ...
ـــــ
يا صاحِ هَل تَعرِفُ رَسماً مُكرَسا العجاج ... ... ... 64 ...
بِمَعدِنِ المُلكِ القِديمِ الكِرسِ العجاج ... ... ... 64 ...
------------
البس لكلِ حَالةٍ لبوسَها ... ... بيهس الفزاري ... ... ... 198
إمَّا نعيمُها وإمَّا بوسُها ... ... =
ـــــ
ناجٍ طَواهُ الأَينُ مِمّا وَجَفا ... ... العجاج ... ... ... ... 162
طَيَّ اللَيالي زُلَفاً فَزُلفا ... ... =
سَماوَةَ الهِلالِ حَتّى اِحقَوقَفا ... ... = ... ... ... ... 80 ، 162
--------
كَالْعَلَمِ الْمُوفِي عَلَى الأعْرَافِ ... ... 000000000 ... ... ... 76
ـــــ
إنّ لنا قَلائصاً حقائقا ... ... ... 000000000 ... ... ... 37
مُسْتَوسَقاتٍ لو يجِدن سائقا ... ... 000000000
ـــــ
يا مكةَ الفاجرِ مُكّيْ مَكّا ... ... 000000000 ... ... ... 88
ولا تَمكي مَذْحَجًا وعكا ... 000000000
ـــــ
يَدفَعُ عَنها العِزُّ جَهلَ الجُهَّلِ ... أبو النجم العجلي ... ... 50 ...
ـــــ
لاهم هذا خامسٌ إن تما ... امية بن أبي الصلت ... ... 43 ...
أتمه الله وقد أتما ... ... ... =
إن تغفر اللهم تغفر جما ... ... ... =
وأي عبدٍ لك لا ألما ... ... ... ... =
---------
فَخِندِفٌ هامَةُ هَذا العَألَمِ العجاج ... ... ... 84 ...
بسمِ الذي في كل سُورةٍ سِمُهْ ... لرجل من كلب ... ... ... 41
-----------
تجاوبا هُدهُده ويَمْيمه أبو النجم العجلي ... ... 88
ـــــ
يا أخت خير البدو والحضاره ... سهل بن مالك الفزاري ... ... 210
كيف ترين في فتى فزاره ... ... ... =
أصبح يهوى حرة معطاره ... ... ... =
إياك أعني واسمعي يا جاره ... ... =
ـــــ
شكا إلى جملى طُولَ السُرى ... حازم القرطاجني ... ... 134
---------
ردوا على أقربها الأقاصيا ... ... رهيم بن حزن الهلالي ... ... 209
إن لها بالمشرفي حاديا ... ... =
وذكرتني الطعن وكنت ناسياً ... ... =
---------
أَطَرباً وَأَنتَ قِنسرِيُّ العجاج ... ... ... ... 89
---------
مهاجر ليس بأعرابيّ ... ... ... 000000000 125(1/345)
( 6 ) فهرس الأعلام (1)
... ... ... ... ( حرف الهمزة )
آدم عليه السلام ... :38، 66، 67،90، 104،105،106 ... ... 163، 186 ...
إبراهيم عليه السلام ... ... ... : 38، 39، 98، 100، 107، 120 ... ... ... ... ... ... 124، 160، 163، 169
إبراهيم بن أدهم ... ... ... ... : 231
إبراهيم النخعي ... ... ... ... : 152، 176
إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي : 216
أُبي بن كعب ... ... ... ... : 176
أحمد بن أبي هاشم القيسي ، اليمامي : 200، 201
أحمد بن يحيى ، ثعلب : 96، 111، 136، 143، 161، 168
الأحمر ... ... ... ... ... = علي بن المبارك
ابن أحمر الباهلي ... ... ... = عمر بن أحمد
الأحنف بن قيس ... ... ... : 170، 217 ، 223 ، 224، 225، 227
... ... ... ... ... 230 ، 235
الأخفش ... ... ... ... ... = سعيد بن مسعدة
أبو إدريس الخولاني ... ... ... = عائذ الله بن عبد الله
أسامة بن زيد ... ... ... ... : 116 ، 186
إسحاق عليه السلام ... ... ... : 141
إسحاق بن حسان ، أبو يعقوب الخريمي : 221
إسحاق بن محمد بن بكار ، السيد الحميري : 116
إسحاق بن مرار ، أبو عمرو الشيباني : 187
ابن إسحاق ... ... ... ... = محمد بن إسحاق بن يسار
أسماء بنت أبي بكر : 203
أسماء بن خارجة الفزاري : 220
إسماعيل عليه السلام : 38، 39، 66، 129، 163، 175
أبو الأسود الدؤلي ... ... = ظالم بن عمرو
الأشعث بن قيس ... ... ... : 221
الأصمعي ... ... ... = عبد الملك بن قريب
ابن الأعرابي ... ... ... ... = محمد بن زياد
الأعشى ... ... ... ... = ميمون بن قيس
أعشى باهلة ... ... ... = عامر بن الحارث
أفلاطون : 233
أكثم بن صيفي :216، 218، 235
أبو أمامة الباهلي ... ... ... = صدي بن عجلان
__________
(1) هذا الفهرس للأعلام الذين ورد ذكرهم في متن الكتاب ، وهو مرتب على حروف المعجم ؛ بعد حذف كلمة أب ، وابن ، وأداة التعريف ؛ وأدخل فيه الكنى والأنساب والألقاب ، ولم أضم إليه اسم ( الله ) سبحانه وتعالى ، ولا اسم النبي ( محمد ) صلى الله عليه وسلم ؛ نظرا لتكرارهما في كل صفحة من صفحات الكتاب تقريبا ، كما لم أُضمن الفهرس أسماء الملائكة ، واسم إبليس ، نظرا لورودها عرضا ، وبهدف معرفة الاشتقاق 0(1/346)
امرؤ القيس بن حجر الكندي : 31، 58، 74، 80، 100، 148، 192
أمية بن أبي الصلت ... ... ... : 70
أويس القرني ... ... ... ... : 220
أيوب عليه السلام ... ... ... : 234
( حرف الباء )
باذام ، أبو صالح ... ... ... : 129
بجير بن زهير ... ... ... ... : 35
البراء بن عازب ... ... ... : 172
بزرجمهر ... ... ... ... : 232
البسوس ... ... ... ... : 203
بشار بن برد ... ... ... ... : 223
البُعيث ... ... ... ... ... = خداش بن بشر
أبو بكر الصديق ... ... ... ... = عبد الله بن أبي قحافة
بلقيس ... ... ... ... ... : 40
بُهيس الفزاري ... ... ... ... : 198
( حرف التاء )
أبو تمام ... ... ... ... ... = حبيب بن أوس الطائي
تميم بن أبي مقبل ، ابن مقبل ... ... : 104
( حرف الثاء )
ثعلب ... ... ... ... ... = أحمد بن يحيى
( حرف الجيم )
جارية بن الحجاج ، أبو دؤاد الإيادي ... : 145 ، 171
جرول بن أوس العبسي ، الحطيئة ... : 32 ، 116، 165 ، 199
ابن جريج ... ... ... ... = عبد الملك بن عبد العزيز
جرير بن عبد الله الخطفي ... ... : 69 ، 143
جساس بن مرة ... ... ... ... : 203 ، 204
الجعدي ، النابغة ... ... ... = حبان بن قيس
جعفر بن محمد ... ... ... ... : 218 ، 220 ، 228 ، 234
جعفر بن يحيى البرمكي ... ... ... : 234
أبو جهل ... ... ... ... = عمرو بن هشام بن المغيرة
( حرف الحاء )
حاجب بن زرارة ... ... ... : 39
الحارث بن حلّزة ... ... ... : 144 ، 147
الحارث بن أبي شمر ... ... ... : 188
الحارث بن عمرو بن آكل المرار ... : 197
الحارث بن كعب ... ... ... ... : 197
الحارث بن هشام ... ... ... : 133
حارثة بن لام ... ... ... ... : 210
حبان بن قيس ، النابغة الجعدي ... ... : 62 ، 140
حبيب بن أوس الطائي ... ، أبو تمام ... : 219 ، 220 ، 221 ، 232 ، 233
حبيش بن عبد الله ، أبو قلابة ... ... : 148
حرثان بن حارثة ، ذو الأصبع العدواني : 43
حرقوص بن زهير ، ذو الثدية ... ... : 153
حرملة بن المنذر ، أبو زبيد الطائي ... : 187
الحسن البصري ... ... ... ... : 36 ، 44 ، 88 ، 91 ، 117 ، 125 ، 152
218 ، 220، 225 ، 230 ، 235 ، 236 ،
... ... ... ... ... 237
حسان بن ثابت ... ... ... ... : 33 ، 34
الحسن بن سهل ... ... ... ... : 218
الحسن بن علي ... ... ... ... : 128
الحسن بن وهب ... ... ... ... : 218
الحسين بن علي ... ... ... : 128
أبو حشر ... ... ... ... : 199
حصين بن بدر ، الزبرقان ... ... : 157
الحطيئة ... ... ... ... ... = جرول بن أوس(1/347)
حماد بن زيد ... ... ... ... : 32
حميد الأرقط ... ... ... ... : 80
حميد بن ثور ... ... ... ... : 51 ، 137 ، 146
حنظلة بن صفوان ... ... ... : 212
أبو حنيفة ... ... ... ... = النعمان بن ثابت
( حرف الخاء )
خالد ( ؟ ) ... ... ... ... : 194
خالد بن صفوان ... ... ... ... : 227
خالد بن الوليد ... ... ... ... : 232
خداش بن بشر ، البُعيث ... ... ... : 82
خربيل ( مسلم آل فرعون ) ... ... : 128
الخريمي ... ... ... ... = اسحاق بن حسان ، أبو يعقوب
الخليل بن أحمد الفراهيدي ... ... : 28 ، 29 ، 94 ، 157 ، 175 ، 220 ، 236
خوات بن جبير الأنصاري ... ... : 200
خويلد بن خالد ، أبو ذؤيب الهذلي ... : 57 ، 141
( حرف الدال )
داود عليه السلام ... ... ... : 97 ، 182
داود الطائي ... ... ... ... : 229
الدّجال ... ... ... ... ... : 182
دحية الكلبي ... ... ... ... : 66
أبو الدرداء ... ... ... ... : عويمر بن زيد
ابن دريد ... ... ... ... : محمد بن الحسن
أبو دؤاد الإيادي ... ... ... ... = جارية بن الحجاج
دوقنس الفيلسوف ... ... ... : 223
( حرف الذال )
أبو ذؤيب الهذلي ... ... ... = خويلد بن خالد
ذو الأصبع العدواني ... ... ... = حرثان بن جارثة
ذو الثدية ... ... ... ... = حرقوص بن زهير
ذو الرمة ... ... ... ... = غيلان بن عقبة
( حرف الراء )
رؤبة بن العجاج ... ... ... : 75 ، 181
الربيع بن خُثيم ... ... ... ... : 217
ربيع بن مالك ، المخبل السعدي ... : 157
أبو رجاء العطاردي ... ... ... = عمران بن تيم
رُهيم بن حزن الهلالي ... ... ... : 209
رهم ابنة الخزرج ... ... ... : 198
ابن الرومي ... ... ... ... = علي بن العباس
( حرف الزاي )
زبان بن العلاء ، أبو عمر بن العلاء ... : 27، 28، 33، 122، 162، 186، 189،
... ... ... ... ... 190، 191، 194، 201، 206، 209
زبان بن يثربي بن الحارث ... ... : 202
الزبرقان ... ... ... ... = حُصين بن بدر
ابن الزبعرى ... ... ... ... = عبد الله بن الزبعرى السهمي
زبيد اليامي ... ... ... ... : 231
زُفر بن الهُذيل ... ... ... ... : 115
أبو الزناد ... ... ... ... = عبد الله بن ذكوان
الزهري ... ... ... ... ... = محمد بن شهاب
زهير بن جناب الكلبي ... ... ... : 30
زهير بن أبي سُلمى ... ... ... : 44، 46، 81، 148
زياد بن أبيه ... ... ... ... : 170
زياد بن معاوية ، النابغة الذبياني ... : 48، 92، 95، 105، 107 109، 138،154، ... 163 ...
أبو زيد ... ... ... ... ... = سعيد بن أوس بن ثابت
زيد بن أرقم ... ... ... ... :151(1/348)
زيد بن ثابت ... ... ... ... : 147
زيد الخيل ، زيد بن مهلهل بن يزيد ... : 150
زيد بن علي ... ... ... ... : 116، 236
( حرف السين )
سارة عليها السلام ... ... ... : 163
سحيم بن حفص العجيفي ، أبو اليقظان : 202
سعد الجرمي ... ... ... ... : 203
سعد بن زيد مناه ... ... ... : 198
سعد بن ضبّة ... ... ... ... : 197
سعد بن مالك ... ... ... ... : 116
سعد بن معاذ ... ... ... ... : 80
السعدي ... ... ... ... ... : يزيد بن عبيد
سعيد بن أوس بن ثابت ، أبو زيد ... : 28
سعيد بن جبير ... ... ... ... : 40 ، 148
سعيد بن ضبّة ... ... ... ... : 197
سعيد بن العاص ... ... ... ... : 234
سعيد بن مسعدة ، الأخفش ... ... : 28، 56، 65، 126، 139، 210
سفيان الثوري ... ... ... ... : 40
سلامة بن جندل ... ... ... ... : 80
سلم بن قتيبة ... ... ... ... : 219
سلمة بن عاصم ... ... ... ... : 192
سليمان بن داود عليه السلام ... ... : 40، 182
سليمان بن عبد الملك ... ... ... : 235
ابن السماك ... ... ... ... = محمد بن صبيح
سهل بن مالك الفزاري ... ... ... : 209
سيبويه ... ... ... ... ... = عمرو بن عثمان بن قنبر
السيد الحميري ... ... ... ... = إسماعيل بن محمد بن بكار
( حرف الشين )
ابن شبرمة ... ... ... ... : عبد الله
شريح بن الحارث بن قيس ... ... : 218
الشعبي ... ... ... ... ... = عامر بن شراحيل
الشماخ بن ضرار الغطفاني ... ... : 71
شن بن أقصى ... ... ... ... : 195
( حرف الصاد )
أبو صالح ... ... ... ... = باذام
صالح المري ... ... ... ... : 217
صخر بن نهشل ... ... ... ... : 197
صدي بن عجلان ، أبو أمامة الباهلي : 73
( حرف الضاد )
ضبة بن أد ... ... ... ... : 197
( حرف الطاء )
طرفة بن العبد ... ... ... ... : 58، 93، 97
الطرماح بن حكيم الطائي ... ... : 155
الطائي ، أبو زبيد ... ... ... = حرملة بن المنذر
( حرف الظاء )
ظالم بن عمرو ، أبو الأسود الدؤلي ... : 27، 28
( حرف العين )
عائذ الله بن عبد الله ، أبو إدريس الخولاني : 234
عائشة ( رض ) ... ... ... : 133، 219
عامر بن الحارث ، أعشى باهلة ... ... : 158
عامر بن شراحيل ، الشعبي ... ... : 112، 219، 221، 234
عامر بن الطفيل ... ... ... ... : 32
ابن عباس ، عبد الله ... ... ... : 36، 45، 52، 58، 61، 66 ، 71، 72،
... ... ... ... ... 74 ، 90، 103، 105، 112، 123،125 ...
... ... ... 129، 131، 136، 169، 184، 225،
... ... ... ... ... 232 ، 233
العباس بن عبد المطلب ... ... ... : 202(1/349)
عبد الرحمن بن صخر ، أبو هريرة ... : 36
عبد الله بن إسحاق الحضرمي ... ... : 28
عبد الله بن ذكوان ، أبو الزناد ... ... : 40
عبد الله بن رواحة ... ... ... : 33
عبد الله بن الزبعرى السهمي القرشي ... : 33، 35
عبد الله بن الزبير ... ... ... : 203
عبد الله بن شبرمة ... ... ... : 221
عبد الله بن عمرو ... ... ... : 116
عبد الله بن أبي قحافة ، أبو بكر ... ... : 34، 35، 93، 118، 122، 128، 165،
... ... ... ... ... ... 222، 232
عبد الله بن قيس ، أبو موسى الأشعري : 85، 177، 222
عبد الله بن مسعود ... ... ... : 96، 222، 231
عبد الله بن مسلم ، ابن قتيبة الدينوري : 78، 128، 155، 164، 190179 ...
عبد المطلب بن عبد مناف ... ... : 30
عبد الملك بن عبد العزيز ، ابن جريج ... : 132
عبد الملك بن قريب ، الأصمعي ... ... : 27،64، 109، 116، 179، 187، 188
... ... ... ... ... ... 189، 190، 191، 192،193، 194
... ... ... ... ... ... 195، 196، 199،200، 201، 203
... ... ... ... ... ... 204، 205، 206، 207، 208، 209
... ... ... ... ... 210، 212، 215، 227، 228، 229
... ... ... ... ... 230
عبد الملك بن مروان ... ... : ... 224
عبد مناف ... ... ... ... : 130
عبود ... ... ... ... : 208
أبو عُبيد ... ... ... = القاسم بن سلام
أبو عبيدة ... ... ... ... = معمر بن المثنى
العتبي ... ... ... ... = محمد بن عبيد الله
عثمان بن عفان ... ... ... : 118، 156، 225
العجاج ، عبد الله بن رؤبة ... : 64، 80، 84، 89، 162
عدل بن جزء بن سعد العشيرة ... ... : 201
عدي بن حاتم ... ... ... ... : 145
عدي بن ربيعة ، المهلهل ... : 31، 69
عدي بن زيد ... ... ... ... : 65
أبو عزة الجمحي ، عمرو بن عبد الله ... : 34
عصماء بنت مروان ... ... ... : 201
عكرمة بن عبد الله ... ... ... : 36، 58، 61
علقمة بن علاثة ... ... ... : 32
علقمة بن قيس ... ... ... ... : 152
علي بن حمزة ، الكسائي ... ... : 114، 118، 144، 176، 187
علي بن أبي طالب ... ... ... : 25، 27، 35، 92، 114، 116، 117، 118،
... ... ... ... ... 123، 153، 155، 214، 221، 224، 225
... ... ... ... ... 226، 231، 233، 236
علي بن العباس ، ابن الرومي ... ... : 226
علي بن المبارك ، اللحياني ... ... : 193
علي بن المبارك ، الأحمر ... ... : 186
عمارة بن عقيل ... ... ... ... : 224
عمر بن أحمد ، ابن أحمر الباهلي ... : 104 ، 133(1/350)
عمر بن الخطاب ... ... ... : 32، 35، 36، 64، 92، 110، 118، 165 ... ... ... ... ... 177، 221، 223، 229، 232
عمر بن عبد العزيز ... ... ... : 218، 219، 220، 225، 226، 227، 228
... ... ... ... ... 231، 235
عمران بن تيم ، أبو رجاء العطاردي ... : 44
عمرو بن الحارث ... ... ... : 204
عمرو بن شُييم ، القطامي ... ... : 59
عمرو بن العاص ... ... ... : 217 ، 220، 224، 235
عمرو بن عبيد ... ... ... ... : 117
عمرو بن عثمان بن قنبر ، سيبويه ... : 28، 126
عمرو بن قميئة ... ... ... ... : 75
عمرو بن هشام ، أبو جهل ... ... : 50
أبو عمرو الشيباني ... ... ... = إسحاق بن مرار
أبو عمرو بن العلاء ... ... ... = زبان بن العلاء
أم عمرو ... ... ... ... : 202
عمير بن عدي ... ... ... ... : 201
عنبسة الفيل ... ... ... ... : 28
عون بن عبد الله بن مسعود ... ... : 229
ابن عون ، عبد الله ... ... ... : 32 ، 223
عويمر بن زيد ، أبو الدرداء ... ... : 218، 222، 231، 233، 234،236
عيسى عليه السلام ... ... ... : 38، 105، 107 ، 111، 119، 121، 122
( حرف الغين )
غيلان بن عقبة ، ذو الرمة ... ... : 75، 91، 133
( حرف الفاء )
فاطمة ( رض ) ... ... ... ... : 128
الفراء ... ... ... ... ... = يحيى بن زياد
الفرزدق ... ... ... ... = همام بن غالب
فرعون ... ... ... ... ... : 127
فضالة الزهري ... ... ... ... : 147
الفضل بن قدامة ، ابو النجم العجلي ... : 49، 64، 88
الفضل بن يحيى ... ... ... ... : 227
( حرف القاف )
القاسم بن سلام ، أبو عُبيد ... ... : 126، 152، 176
ابن قتيبة ... ... ... ... = عبد الله بن مسلم
قحطان بن عابر ... ... ... ... : 129
قس بن ساعدة الإيادي ... ... ... : 228
القطامي ... ... ... ... ... = عمرو بن شُييم
أبو قلابة ... ... ... ... = حُبيش بن عبد الله
قنبر ( خادم الإمام علي ... ) ... ... : 225
قيصر الروم ... ... ... ... : 228
حرف الكاف
كُثيِّر عزة ... ... ... ... : 107
الكسائي ... ... ... ... ... = علي بن حمزة
كعب بن الأشرف ... ... ... : 33
كعب بن زهير ... ... ... ... : 35
كعب بن مالك ... ... ... ... : 73
الكلبي ... ... ... ... ... = محمد بن السائب
كُليب بن ربيعة بن عامر ... ... : 31، 203، 204
الكُميت بن زيد ... ... ... ... : 81، 114
كُميل بن زياد ... ... ... ... : 93
حرف اللام
لبيد بن ربيعة العامري ... ... ... : 42، 48، 65، 68، 73، 74، 84، 119
... ... ... ... ... 141، 144، 145، 150، 171،181
اللحياني ... ... ... ... ... = علي بن المبارك(1/351)
لقمان الحكيم ... ... ... ... : 97، 231، 235
لقمان بن عاد ... ... ... ... : 178
حرف الميم
المأمون بن هارون الرشيد ... ... : 233
مالك بن سعد ... ... ... ... : 198
المبرد ... ، محمد بن يزيد ... ... ... : 44 ، 230 ...
مجاهد بن جبر ، أبو الحجاج ... ... : 51، 58، 76، 114، 131، 136، 164،
... ... ... ... ... 170، 176
محمد بن اسحاق بن يسار ، ابن إسحاق: 169
محمد بن الحسن الحنفي ... ... : 115
محمد بن الحسن ، ابن دريد ... ... : 229
محمد بن الحنفية ... ... ... : 125
محمد بن زياد ، ابن الأعرابي : 137، 186، 187، 188، 193، 196 207
... ... ... ... ... 212، 214
محمد بن السائب الكلبي ... ... ... : 129، 195، 201، 212
محمد بن سيرين ... ... ... : 32، 174، 184، 236
محمد بن شهاب الزهري ... ... : 36
محمد بن صبيح ، ابن السمّاك ... ... : 227
محمد بن عباد المهلبي ... ... ... : 233
محمد بن عبد الله بن عمرو ، العتبي ... : 227
محمد بن علي ... ... ... ... : 227
محمد بن كعب القرظي ... ... ... : 226، 228
محمد بن مسلمة الأنصاري ... ... : 116
المخبل السعدي ... ... ... ... = ربيع بن مالك
مروان الجعدي ... ... ... ... : 219
مريم عليها السلام ... ... ... : 100
مسروق بن الأجدع الهمداني ... : 222
ابن مسعود ... ... ... ... = عبد الله
مصعب بن الزبير ... ... ... : 230
مطرف بن عبد الله بن الشخير ... ... : 218
مطيع بن إياس ... ... ... ... : 218
معاوية بن أبي سفيان ... ... ... : 35، 217، 224، 232
معاوية بن يزيد بن المهلب ... ... : 226
معدي كرب الحميري ... ... ... : 31
معمرو بن المثنى ، أبو عُبيدة ... ... : 31، 36، 42، 47، 51، 53، 65، 66، 71
... ... ... ... ... 72، 73، 75، 76، 89، 102، 104، 105
... ... ... ... ... 114، 115، 118، 121، 124، 126، 127 ... ... ... ... ... 128، 135، 136، 139، 141، 142، 144
... ... ... ... 148، 149، 152، 153، 155، 156، 158
... ... ... ... ... 161، 162، 169، 170، 180، 188، 192
... ... ... ... ... 195، 199، 201، 206
ابن مفرغ ... ... ... ... = يزيد بن مفرغ الحميري
المفضل الضبي ... ... ... ... : 72، 188
ابن مقبل ... ... ... ... = تميم بن أُبي بن مقبل
المنتصر بالله محمد ... ... ... : 219
المهدي ( الخليفة ) ... ... ... : 216
المهلب بن أبي صفرة ... ... ... : 222
المهلهل ... ... ... ... ... = عدي بن ربيعة
موسى عليه السلام ... ... ... : 38، 63، 72، 119، 128(1/352)
أبو موسى الأشعري ... ... ... = عبد الله بن قيس
ميمون الأقرن ... ... ... ... : 28
ميمون بن قيس ، الأعشى ... ... : 32،56، 68 ، 79، 89، 97، 101، 142
... ... ... ... ... 149 ، 154، 159، 164،
ميمون بن مهران ... ... ... : 112
حرف النون
النابغة الذبياني ... ... ... ... = زياد بن معاوية
نافع بن الأزرق ... ... ... ... : 36
أبو النجم ... ... ... ... = الفضل بن قدامة العجلي
نصر بن عاصم ... ... ... ... : 28
نصيب بن رباح ... ... ... ... : 195
النضر بن شُميل ... ... ... ... : 213
النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة ... ... : 115
النعمان بن المنذر ... ... ... : 209 ، 210
النمر بن تولب ... ... ... ... : 222
نوح عليه السلام ... ... ... : 107، 184
حرف الهاء
هارون الرشيد ... ... ... ... : 176
هبيرة بن أبي وهب ... ... ... : 35
هذيل بن هُبيرة ... ... ... ... : 199
هرم بن قحطبة الفزاري ... ... ... : 32
أبو هريرة ... ... ... ... = عبد الرحمن بن صخر الدوسي
هشام بن عبد مناف ... ... ... : 30
هشام بن الكلبي ... ... ... ... : 129، 229
همام بن غالب ، الفرزدق ... ... : 61، 197
حرف الواو
وهب بن الورد ... ... ... ... : 44
حرف الياء
يحيى بن زياد ، الفراء ... ... ... : 103، 109، 118، 126، 160، 186، 193
... ... ... ... ... 194، 196، 199، 205، 207، 209، 210
... ... ... ... ... 212، 213
يحيى بن زيد بن علي ... ... ... : 236
يحيى بن يعمر ... ... ... ... : 28
يزيد بن عبيد ، أبو وجزة السعدي ... : 188
يزيد بن مفرغ الحميري ، ابن مفرغ ... : 118 ... ...
يزيد بن المهلب ... ... ... ... : 226
يعرب بن قحطان ... ... ... : 175
يعقوب عليه السلام ... ... ... : 40، 127، 129، 141
أبو اليقظان ... ... ... ... = سُحيم بن حفص العُجيفي
اليمامي ... ... ... ... ... = أحمد بن أبي هاشم القيسي
أبو يوسف ، يعقوب بن إبراهيم ... ... : 115
يونس بن حبيب ... ... ... ... : 28، 75
يونس بن عُبيد ... ... ... ... : 233
( 7 ) فهرس الأعلام المترجم لها في الحاشية
1ـ إبراهيم النخعي ... ... ... ... ... ... ... ... 152
2 ـ أحمد بن إبراهيم = اليمامي ... ... ... ... ... ... 200
3 ـ أحمد بن موسى بن العباس = ابن مجاهد ... ... ... ... 58
4 ـ أحمد بن يحيى = ثعلب ... ... ... ... ... ... ... 96
5 ـ إسحاق بن حسان = أبو يعقوب الخريمي ... ... ... ... 221
6 ـ إسحاق بن مرار = أبو عمرو الشيباني ... ... ... ... ... 187
7 ـ البراء بن عازب ... ... ... ... ... ... ... ... 172
8 ـ حاجب بن زرارة ... ... ... ... ... ... ... ... 39
9 ـ الحارث بن هشام ... ... ... ... ... ... ... ... 134(1/353)
10 ـ حبيش بن عبد الرحمن = أبو قلابة الجرمي ... ... ... ... 148
11 ـ الحسن البصري ... ... ... ... ... ... ... 36
12 ـ الحسن بن الحسيب بن عبيد الله = أبو سعيد السكري ... ... 77
13 ـ حرقوص بن زهير = ذو الخويصرة ، ذو الثديّة ... ... ... 117
14 ـ حميد الأرقط ... ... ... ... ... ... ... ... 80
15ـ حميد بن ثور بن عبد الله ... ... ... ... ... ... 51
16 ـ الخليل بن أحمد الفراهيدي ... ... ... ... ... ... 28
17 ـ خويلد بن خالد = أبو ذؤيب الهذلي ... ... ... ... ... 57
18 ـ دحية الكلبي ... ... ... ... ... ... ... ... 66
19 ـ الزبرقان بن بدر ... ... ... ... ... ... ... 157
20 ـ أبو زبيد الطائي ... ... ... ... ... ... ... ... 187
21 ـ زُفَر بن الهذيل ... ... ... ... ... ... ... ... 115
22 ـ زهير بن جناب الكلبي ... ... ... ... ... ... ... 30
23 ـ زيد بن أرقم ... ... ... ... ... ... ... ... 151
24 ـ زيد بن ثابت ... ... ... ... ... ... ... ... 147
25 ـ السعدي = أبو وجزة يزيد بن عبيد ... ... ... ... ... 188
26 ـ سعيد بن أوس بن ثابت = أبو زيد الأنصاري ... ... ... 28
27 ـ سعيد بن جبير ... ... ... ... ... ... ... ... 40
28 ـ سعيد بن مسعدة المجاشعي = أبو الحسن ، الأخفش الأوسط ... 28
29 ـ سفيان الثوري ... ... ... ... ... ... ... ... 40
30 ـ سلمة بن عاصم ... ... ... ... ... ... ... ... 192
31 ـ أبو صالح = باذام ... ... ... ... ... ... ... 129
32 ـ صدي بن عجلان بن عمرو = أبو أمامة الباهلي ... ... ... 73
33 ـ ظالم بن عمرو بن ظالم = أبو الأسود الدؤلي ... ... ... ... 27
34 ـ عامر بن الحارث = أعشى باهلة ... ... ... ... ... 158
35 ـ عامر بن شراحيل = الشعبي ... ... ... ... ... ... 112
36 ـ عامر بن الطفيل ... ... ... ... ... ... ... 32
37ـ عبد العزيز بن محمود = الحافظ ابن الأخضر الجنابذي ... ... 8
38 ـ عبد الله بن إسحاق الحضرمي ... ... ... ... ... ... 28
39 ـ عبد الله بن حسنون ... ... ... ... ... ... ... 7
40 ـ عبد الله بن ذكوان = أبو الزناد ... ... ... ... ... 40
41 ـ عبد الله ابن الزِّبعَرى ... ... ... ... ... ... ... 33
42 ـ عبد الله بن الزبير ... ... ... ... ... ... ... 203
43 ـ عبد الله بن عون ... ... ... ... ... ... ... 32
44 ـ عبد الله بن قيس = أبو موسى الأشعري ... ... ... ... 177
45 ـ عبد الله بن مسعود ... ... ... ... ... ... ... 96
46 ـ عبد الله بن مسلم = ابن قتيبة الدينوري ... ... ... ... 78
47 ـ عبيد الله بن محمد = ابن بطة ... ... ... ... ... ... 7
48 ـ عبد الملك بن عبد العزيز = ابن جريج ... ... ... ... 132
49 ـ عبد الملك بن قريب = الأصمعي ... ... ... ... ... 27
50 ـ عثمان بن أحمد بن سمعان ... ... ... ... ... ... 7(1/354)
51 ـ عدي بن حاتم ... ... ... ... ... ... ... ... 145
52 ـ عدي بن ربيعة = المهلهل ... ... ... ... ... ... 31
53 ـ عدي بن زيد ... ... ... ... ... ... ... ... 65
54 ـ عكرمة بن عبد الله ... ... ... ... ... ... ... 36
55 ـ علقمة بن علاثة ... ... ... ... ... ... ... 32
56 ـ علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك ... ... ... ... ... 152
57 ـ علي بن حمزة = الكسائي ... ... ... ... ... ... 114
58 ـ علي بن المبارك = الأحمر ... ... ... ... ... ... 186
59 ـ علي بن المبارك = اللحياني ... ... ... ... ... ... 193
60 ـ عمرو بن عبد الله = أبو عزة الجمحي ... ... ... ... 34
61 ـ عمرو بن عبيد ... ... ... ... ... ... ... ... 117
62 ـ عمر بن عثمان بن قنبر = سيبويه ... ... ... ... ... 28
63 ـ أبو عمرو بن العلاء ... ... ... ... ... ... ... 27
64 ـ عمران بن تيم = أبو رجاء العطاردي ... ... ... ... 44
65 ـ عنبسة الفيل ... ... ... ... ... ... ... ... 28
66 ـ فضالة الزهري ... ... ... ... ... ... ... ... 147
67 ـ القاسم بن سلام = أبو عبيد ... ... ... ... ... ... 53
68 ـ قتادة بن دعامة السدوسي ... ... ... ... ... ... 86
69 ـ قيس بن عبد الله = النابغة الجعدي ... ... ... ... ... 62
70 ـ كعب بن الأشرف ... ... ... ... ... ... ... 33
71 ـ كعب بن مالك الأنصاري ... ... ... ... ... ... 73
72 ـ كميل بن زياد ... ... ... ... ... ... ... ... 93
73 ـ محمد بن اسحاق ... ... ... ... ... ... ... 169
74 ـ محمد بن جعفر = المنتصر بالله ... ... ... ... ... 219
75ـ محمد بن الحسن الشيباني ... ... ... ... ... ... 115
76ـ محمد بن زياد = ابن الأعرابي ... ... ... ... ... ... 137
77 ـ محمد بن السائب الكلبي ... ... ... ... ... ... 129
78 ـ محمد بن سيرين ... ... ... ... ... ... ... 33
79 ـ محمد بن شهاب الزهري ... ... ... ... ... ... 36
80 ـ محمد بن القاسم = أبو بكر ابن الأنباري ... ... ... ... 7
81 ـ محمد بن ناصر = الحافظ ابن ناصر ... ... ... ... ... 8
82 ـ محمد بن يزيد = أبو العباس المبرد ... ... ... ... ... 44
83 ـ مسروق بن الأجدع ... ... ... ... ... ... ... 222
84 ـ مطرف بن عبد الله بن الشخير ... ... ... ... ... ... 218
85 ـ معاوية بن مالك = معود الحكماء ... ... ... ... ... 60
86 ـ معدي كرب الحميري ... ... ... ... ... ... ... 31
87 ـ معمر بن المثنى = أبو عبيدة ... ... ... ... ... ... 31
88 ـ المفضل الضبي ... ... ... ... ... ... ... 72
89 ـ ميمون الأقرن ... ... ... ... ... ... ... ... 28
90 ـ ميمون بن مهران ... ... ... ... ... ... ... 112
91 ـ نافع بن الأزرق ... ... ... ... ... ... ... ... 73
92 ـ نصر بن عاصم الليثي ... ... ... ... ... ... ... 28
93 ـ النضر بن شميل ... ... ... ... ... ... ... 213
94 ـ هبيرة بن أبي وهب ... ... ... ... ... ... ... 35
95 ـ هشام بن محمد بن السائب الكلبي ... ... ... ... ... 129(1/355)
96 ـ يحيى بن زياد = الفراء ... ... ... ... ... ... 103
97 ـ يحيى بن يعمر العدواني ... ... ... ... ... ... 28
98 ـ يزيد بن مفرغ الحميري ... ... ... ... ... ... 118
99 ـ يعقوب بن إسحاق = أبو يوسف ـ صاحب أبي حنيفة ... ... 115
100 ـ يونس بن حبيب ... ... ... ... ... ... ... 28
... ...
...
( 8 ) فهرس القبائل (1)
بنو إسرائيل ... ... ... ... ... ... 129، 169
بنو أشجع ... ... ... ... ... ... 198 ، 199
بنو أمية بن زيد ... ... ... ... ... ... 201
الأوس ... ... ... ... ... ... ... 125 ... ...
إياد ... ... ... ... ... ... ... 195
بكر ... ... ... ... ... ... ... 204
تُبّع ... ... ... ... ... ... ... 30 ، 201
بنو تغلب ... ... ... ... ... ... 199، 202 ، 204، 209
بنو تميم ... ... ... ... ... ... 200
ثمود ... ... ... ... ... ... ... 30
جرم ... ... ... ... ... ... ... 203
حميَر ... ... ... ... ... ... ... 30
الخزرج ... ... ... ... ... ... ... 125
الدؤل ... ... ... ... ... ... ... 27
آل ذي رُعين ... ... ... ... ... ... 31 ...
ربيعة ... ... ... ... ... ... ... 84 ، 85 ، 129
بنو شيبان ... ... ... ... ... ... 31
بنو ضبة ... ... ... ... ... ... 199
طيء ... ... ... ... ... ... ... 209
عاد ... ... ... ... ... ... ... 30
عبس ... ... ... ... ... ... ... 177
عوف ... ... ... ... ... ... ... 159
بنو غراب بن فزارة ... ... ... ... ... 198
بنو غُفيلة ... ... ... ... ... ... 202 ...
قريش ... ... ... ... ... ... ... 33 ، 34 ، 39
قيس ... ... ... ... ... ... ... 177
كنانة ... ... ... ... ... ... ... 209
مُضر ... ... ... ... ... ... ... 84 ، 85 ، 129
( 9 ) فهرس الأماكن (2)
الأردن ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 89
أنف الربيع ... ... ... ... ... ... 203
بئر زمزم ... ... ... ... ... ... 163 ، 164
بابل * ... ... ... ... ... ... ... 182 ...
البحرين ... ... ... ... ... ... ... 85 ، 86 ، 89
بدر ... ... ... ... ... ... ... 35 ...
بزرود ... ... ... ... ... ... ... 86
البصرة ... ... ... ... ... ... ... 85 ، 86 ، 88 ، 226
بكة ... ... ... ... ... ... ... 88 ، 158
بيت المقدس ... ... ... ... ... ... 52
تهامة ... ... ... ... ... ... ... 85 ، 86
جدة ... ... ... ... ... ... ... 163
الجزر ... ... ... ... ... ... ... 86
الجزيرة ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 88
جزيرة البحر ... ... ... ... ... ... 85
جزيرة العرب ... ... ... ... ... ... 85
الحجاز ... ... ... ... ... ... ... 89
حجر* ... ... ... ... ... ... ... 85 ... ...
حروراء ... * ... ... ... ... ... ... 117 ...
حفر أبي موسى الأشعري* ... ... ... ... 85
حمص ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 89
خيبر ... ... ... ... ... ... ... 188
دمشق ... ... ... ... ... ... ... 86
زرود* ... ... ... ... ... ... ... 86
الرّس ... ... ... ... ... ... ... 212
الستار ... ... ... ... ... ... ... 85
السماوة ... * ... ... ... ... ... ... 85
الشام 85 ، 86 ، 89 ، 199
الصفا ... ... ... ... ... ... ... 163
صفين * ... ... ... ... ... ... ... 114 ، 118
العذيب ... * ... ... ... ... ... ... 85
العراق ... ... ... ... ... ... ... 85 ، 88
__________
(1) لم يتضمن هذا الفهرس لفظ العرب ، نظراً لكثرة تكراره ، ولا اعتبار لكلمة آل ، ولا بنو 0
(2) وضعنا علامة * على أسماء الأماكن التي لها ترجمة في الحواشي(1/356)
عرفة ، عرفات ... ... ... ... ... ... 162 ، 163 ، 180
العقبة ... ... ... ... ... ... ... 162 ، 202
الفسطاط * ... ... ... ... ... ... 87
فلسطين ... ... ... ... ... ... ... 87 ، 89
القاع * ... ... ... ... ... ... ... 86 ...
قنسرين ... * ... ... ... ... ... ... 87 ، 89
الكعبة ... ... ... ... ... ... ... 159
الكوفان ... ... ... ... ... ... 88
الكوفة ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 88
اللوى ... ... ... ... ... ... ... 86
المدينة ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 87 ، 125 ، 176 ، 177
المروة ... ... ... ... ... ... ... 163 ...
المزدلفة ... ... ... ... ... ... 162
مسجد الرسول ( ص ) ... ... ... ... ... 176
المشعر الحرام ... ... ... ... ... ... 162 ... ...
مصر ... ... ... ... ... ... ... 86 ، 87 ، 88 ، 177
مكة ... ... ... ... ... ... ... 35 ،86 ، 88 ، 124 ، 125 ، ... ... ... ... ... ... ... 158، 159 ، 163
منى ... ... ... ... ... ... ... 162 ، 163 ، 202
الناصرة * ... ... ... ... ... ... 111
نجد ... ... ... ... ... ... ... 85 ، 86 ، 89
النهروان * ... ... ... ... ... ... 117
هجر* ... ... ... ... ... ... ... 85
الهند ... ... ... ... ... ... ... 163
يبرين * ... ... ... ... ... ... ... 85
يثرب ... ... ... ... ... ... ... 87
اليمامة ... ... ... ... ... ... ... 88
اليمن ... ... ... ... ... ... 85 ، 89 ، 91 ، 129 ، 175 ، ... ... ... ... ... ... ... 177، 197
( 10 ) فهرس المصادر والمراجع
1ـ القرآن الكريم
2 ـ أدب الكاتب ، ابن قتيبة الدينوري ، أبو محمد عبد الله بن مسلم ، تح0 محمد محيى الدين عبد الحميد ، المكتبة التجارية الكبرى ـ القاهرة 1963م 0
3ـ أدب الكتاب ، الصولي ، أبو بكرمحمد بن يحيى ـ تح 0 محمد بهجة الأثري ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، لا 0 ت (1) 0
4ـ الاشتقاق ـ ابن دريد ، أبو بكر محمد بن الحسن ، تح0 عبد السلام محمد هارون ، دار الجيل ـ بيروت 1991م 0
5ـ إصلاح المنطق ، ابن السكّيت ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ، تح0 أحمد محمد شاكر ، وعبد السلام محمد هارون ، دار المعارف ـ القاهرة 1956م0
6ـ الأضداد ـ ابن الأنباري ، محمد بن القاسم ، تح0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دائرة المطبوعات والنشر ، الكويت 1960م0
7ـ الأغاني ، الأصبهاني ، أبو بكر علي بن الحسين ، مصورة عن طبعة دار الكتب ، مؤسسة جمال للطباعة والنشر ـ بيروت ، لا 0 ت 0
8ـ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، أبو الحسن علي بن يوسف ، تح0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الفكر العربي ـ بيروت 1986م0
__________
(1) تعني لا تاريخ(1/357)
9ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن ، تح 0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، البابي الحلبي ـ القاهرة 1964م0
10ـ بهجة المجالس وأنس المجالس وشحن الذاهن والهاجس ، ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد النمري القرطبي ، تح 0 محمد مرسى الخولي ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1981م0
11ـ البيان والتبيين ، الجاحظ ، أبو عثمان عمرو بن بحر ، تح 0 فوزي عطوي ، دار صعب ـ بيروت 1968م0
12ـ تاج العروس من جواهر القاموس ، الزبيدي ، محمد مرتضى الحسيني ، تح 0 عبد الستار أحمد فراج وآخرون ، طبعة الكويت 1965 وما بعدها
13ـ تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ، أبو بكر أحمد بن علي ، المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة ، لا 0 ت 0
14ـ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ، الثعالبي ، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري ، تح 0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ـ القاهرة 1965م0
15ـ حماسة الظرفاء من أشعار المحدثين والقدماء ، الزوزني ، أبو محمد عبد الله بن محمد العبدلكاني ، تح 0 محمد جبار المعيبد ، وزارة الثقافة والفنون ـ بغداد 1978م0
16ـ الحيوان ، الجاحظ ، أبو عثمان عمرو بن بحر ، تح0 عبد السلام محمد هارون ، دار الفكر ـ بيروت 1988 م
17ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ، البغدادي ، عبد القادر بن عمر ، تح 0 عبد السلام محمد هارون ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة 1979م0
18ـ درة الغواص في أوهام الخواص ، الحريري ، القاسم بن علي ، تح 0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر ـ القاهرة 1975م0
19ـ ديوان أبي تمام ، تح0 شاهين عطية ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1987م0
20ـ ديوان الأعشى الكبير ، ميمون بن قيس ، تح 0 محمد محمد حسين ، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع ـ بيروت ، 1968م0
21ـ ديوان امرئ القيس ، تح 0 مصطفى عبد الشافي ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1983م0(1/358)
22ـ ديوان جرير ، تح0 مهدي محمد ناصر الدين ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1986م0
23ـ ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، دار صادر ـ بيروت ، لا 0 ت 0
24ـ ديوان ذي الرمة ، تح 0 سيف الدين الكاتب ، وأحمد عصام الكاتب ، دار مكتبة الحياة ـ بيروت ، لا 0 ت 0
25ـ ديوان العجاج ، رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي وشرحه ، تح 0 عزة حسن ، مكتبة دار الشرق ـ بيروت ، لا 0 ت 0
26ـ ديوان عمر بن أبي ربيعة ، تح 0 علي مكي ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت لا0ت0
27ـ ديوان عنترة ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، 1985م0
28ـ ديوان الفرزدق ، تح 0 علي فاعور ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1987م 0
29ـ ديوان كثير عزة ، تح 0مجيد طراد ، دار الكتاب العربي ـ بيروت 1995م0
30ـ ديوان لبيد ، تح 0إبراهيم جزيني ، دار القاموس الحديث ـ بيروت ، لا ت 0
31ـ ديوان النابغة الذبياني ، تح 0 كرم البستاني ، دار صادر ـ بيروت لا 0 ت 0
32ـ الروض المعطار في خبر الأقطار ، الحميري ، محمد بن عبد المنعم ، تح 0 إحسان عباس ، مكتبة لبنان ـ بيروت 1984م0
33ـ الزاهر في معاني كلمات الناس ، الأنباري ، أبو بكر محمد بن القاسم ، تح0 حاتم صالح الضامن ، دار الرشيد للنشر ـ بغداد 1979م 0
34ـ السبعة في القراءات ، ابن مجاهد ، أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس ، تح 0 شوقي ضيف ، دار المعارف ـ القاهرة 1400هـ 0
35ـ شرح ديوان زهير بن أبي سلمى ، صنعة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب ، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب لسنة 1944 ، الدار القومية للطباعة والنشر ـ القاهرة 1964م0
36ـ شرح ديوان كعب بن زهير ، صنعة أبي سعيد الحسن بن الحسين بن عبيد الله السكري ، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب لسنة 1950 ، الدار القومية للطباعة والنشر ـ القاهرة 1965م0
37ـ الشعر والشعراء ـ ابن قتيبة الدينوري ، أبو محمد عبد الله بن مسلم ، تح0 مفيد قميحة ، ونعيم زرزور ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1985م0(1/359)
38ـ الصاحبي ، ابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ، تح0 السيد أحمد صقر ، عيسى البابي الحابي ـ القاهرة ، لا 0 ت 0
39ـ الصحاح ـ تاج اللغة وصحاح العربية ، الجوهري ، إسماعيل بن حماد ، تح 0 أحمد عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين ـ بيروت1979م0
40ـ طبقات الشعراء ، الجمحي ، محمد بن سلام ، تح 0 جوزف هل ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1982م0
41ـ طبقات النحويين واللغويين ، الزبيدي ، أبو بكر محمد بن الحسن الأندلسي ، تح0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ـ القاهرة 1973م0
42ـ العقد الفريد ، ابن عبد ربه ، أبو عمر أحمد بن محمد الأندلسي ، تح 0 أحمد أمين ، وأحمد الزين ، وإبراهيم الأبياري ، لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ القاهرة 1965م0
43ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ، ابن رشيق ، أبو علي الحسنبن رشيق القيرواني الأزدي ، تح 0 محمد محيى الدين عبد الحميد ، دار الجيل ـ بيروت1972م0
44ـ عيون الأخبار ، ابن قتيبة الدينوري ، أبو محمد عبد الله بن مسلم ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ، طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية لسنة 1925م0
45ـ غاية النهاية في طبقات القراء ، ابن الجزري ، أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي ، تح0 ج 0 برجشتر اسر ، دار الكتب العلمية 1980م0
46ـ غريب الحديث ، الهروي ، أبو عبيد القاسم بن سلام ، دار الكتاب العربي ـ بيروت 1976م 0
47ـ الفاخر ، أبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم الكوفي ، تح 0 شالس أنبروس استورى ، دار الفرجاني ـ القاهرة 1982م0
48ـ الكامل في اللغة والأدب ، المبرد ، أبو العباس محمد بن يزيد ، تح 0 محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الفكر العربي ـ القاهرة لا 0 ت 0
49ـ لسان العرب ، ابن منظور ، أبو الفضل محمد بن مكرم الأفريقي ، دار صادر ـ بيروت ، لا 0 ت 0
50ـ مجاز القرآن ، أبو عبيدة ، معمر بن المثنى التيمي ، تح 0 محمد فؤاد سزكين ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت 1981م0(1/360)
51ـ مجالس ثعلب ، ثعلب ، أبو العباس أحمد بن يحيى ، تح 0 عبد السلام محمد هارون دار المعارف ـ القاهرة 1948م0
52ـ مجمع الأمثال ، الميداني ، أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد النيسابوري ، تح 0 نعيم حسن زرزور ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1988م0
53ـ المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ، المديني ، أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني ، تح 0 عبد الكريم العزباوي ، دار المدني ـ جدة 1986م 0
54ـ مختصر في شواذ القرآن ( القراءات الشاذة ) ، ابن خالويه ، أبو عبد الله الحسين بن أحمد تح0 ج 0برجشتر اسر ، دار الهجرة ـ بيروت ، لا 0 ت 0
55ـ المستصفى في أمثال العرب ، الزمخشري ، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1977م0
56ـ المستطرف في كل فن مستطرف ، الإبشيهي ، شهاب الدين محمد بن أحمد ، تح 0 مفيد محمد قميحة ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1983م0
57ـ معاني القرآن ـ الفراء ، يحيى بن زياد ، تح 0 محمد علي النجار ، وأحمد يوسف نجاتي ، عالم الكتب ـ بيروت 1980م0
58ـ معجم الأدباء ـ ياقوت الحموي ، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي ، تح 0 دافيد صمويل مرجليوث ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، لا 0 ت 0
59ـ معجم البلدان ، ياقوت الحموي ، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي ، دار صادر ـ بيروت 1977م 0
60ـ معجم الشعراء ، المرزباني ، أبو عبد الله محمد بن عمران ، تح 0 فريتس كرنكو ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1982م0
61ـ معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ، البكري ، عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي، تح 0 مصطفى السقا ، عالم الكتب ـ بيروت 1983م0
62ـ المفصل في علم العربية ، الزمخشري ، أبو القاسم محمود بن عمر ، دار الجيل ـ بيروت ، لا 0 ت 0
63ـ المفضليات ، المفضل الضبي ، المفضل بن محمد بن يعلى ، تح 0أحمد محمد شاكر ، وعبد السلام محمد هارون ، بيروت 1963م(1/361)
64ـ المقتضب ـ المبرد ، أبو العباس محمد بن يزيد ، تح 0 محمد عبد الخالق عضيمة ، عالم الكتب ـ بيروت 1963م0
65ـ المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم وألقابهم وأنسابهم وبعض شعرهم ، الآمدي ، أبو القاسم الحسن بن بشر ، تح 0 فريتس كرنكو ، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1982م0
66ـ الموسوعة الشعرية = موسوعة الشعر العربي ( قرص ) ، نسخة المجمع الثقافي ، أبو ظبي ، الإصدار الثالث 2003م0
67ـ الموسوعة الشاملة = المكتبة الشاملة ( قرصان ) ، الإصدار الثاني 0
68ـ النشر في القراءات العشر ، ابن الجزري ، أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي ، تح 0 علي محمد الضباع ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ، لا 0 ت 0 ... ...
69ـ النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير الجزري ، أبو السعادات المبارك بن محمد ، تح 0 محمود محمد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي ، أنصار السنة المحمدية ـ لاهور ـ باكستان ، 1963م 0
70ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، ابن خلكان ، أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر ، تح 0 إحسان عباس ، دار صادر ـ بيروت 1978م0
( 11 ) فهرس المحتويات
تقديم ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 5
القسم الأول : المؤلف والكتاب
المؤلف ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 7
منهج المؤلف في الكتاب ... ... ... ... ... ... ... ... 8
1 ـ تقسيم الكتاب ... ... ... ... ... ... ... ... ... 8
2 ـ الاستشهاد ... ... ... ... ... ... ... ... ... 9
3 ـ الوجوه والنظائر ... ... ... ... ... ... ... ... 11
4 ـ مصادر المؤلف ... ... ... ... ... ... ... ... ... 11
5 ـ ملاحظات على الكتاب ... ... ... ... ... ... ... ... 15
6 ـ المخطوطة المعتمدة في التحقيق ... ... ... ... ... ... 16
7 ـ منهج التحقيق 17
8 ـ نماذج من المخطوط 19 ـ 23
القسم الثاني : التحقيق
ـ مقدمة المؤلف : 25 ـ 42
اشتقاق أسماء الله ومعانيها 43 ـ 59
... الله 43
... الرحمن الرحيم 44
... الظاهر والباطن 45
... الدائم 45
... الخالق والخلاّق والقادر 46
... البارئ 47
... المصور 47
... السلام 47
... المؤمن 48
... المهيمن 49
... العزيز 49
... الجبار 50
... المتكبر 51
سُبُّوح 51
قدُّوس 51
الحيّ القيوم 52
الغفور 52
مالك وملك ومليك 52
الحكيم 53(1/362)
الواسع الكريم 53
الوهاب والواهب والجواد والغني 54
اللطيف الخبير 54
الجليل العلي العظيم المتعالي 54
الشكور الحميد 55
المجيد والماجد 56
الودود 56
الباعث 56
الوارث 57
الحنان 58
المنان 58
الديان 59
آمين 59
معاني ألفاظ نطق القرآن بها ولها ذكر في الشريعة 60 ـ 185
... الأمر 60
... الخلْق 60
... القدر 61
... القضاء 61
... الدنيا والآخرة 62
القلم 63
اللوح 63
الكرسي 64
العرش 64
الملائكة 65
الجن والإنس 68
الشيطان 69
المارد 70
الرجيم 70
الخبَل والعفريت 71
إبليس 71
اللعين والملعون 71
طوبى 73
الكوثر 74
النار وما لها من الأسامي 74
الصراط 76
الأعراف 76
الثواب 76
العقاب والعقوبة 77
الإثم والوزر 77
القيامة 78
السماء والأرض 80
الهواء 81
الفلك 81
البروج 81
النجوم والكواكب 82
الشمس 83
القمر 83
العالَم 84
الأقاليم والجزائر 84
الأمصار 86
الحيوان 89
الروح والنَّفْس والريح والنَّفَس 90
العقل 92
العِلْم والجهل والجاهلية 93
المعرفة والإنكار 95
الأدب والمأدبة 96
الهدى والضلال 97
الإسلام والإيمان 98
الدين 102
الشريعة والمنهاج 102
الملّة 104
الأمَّة 104
الفطرة 105
الصِّبغة 106
العزيمة 107
الكفر 107
المنافق 107
الشرك 108
الظلم 109
الفسق 109
الفجور 110
اليهود 110
النصارى 111
الصابئون 111
المجوس 111
أهل الأهواء والمذاهب 112
البدع 113
السنَّة والجماعة 113
المُناصب 114
الشيعة 114
المرجئة ... ... ... ... ... ... ... ... 115
الرافضة ... ... ... ... ... ... ... ... 116
القدرية ... ... ... ... ... ... ... ... ... 116
المعتزلة ... ... ... ... ... ... ... ... 116
المارقة ... ... ... ... ... ... ... ... 117
معنى النبي ... ... ... ... ... ... ... ... 118 ...
البشير والنذير ... ... ... ... ... ... ... ... 119
الخليل ... ... ... ... ... ... ... ... ... 120
الإمام ... ... ... ... ... ... ... ... ... 121
النقيب ... ... ... ... ... ... ... ... ... 121
الحواري ... ... ... ... ... ... ... ... 121 ...
الصدَّيق والفاروق ... ... ... ... ... ... ... 122
الشهيد ... ... ... ... ... ... ... ... ... 122
المُحدِث والمروِّع ... ... ... ... ... ... ... 123
الحنفاء ... ... ... ... ... ... ... ... ... 123
التواب والأواه والمُنيب ... ... ... ... ... ... ... 124 ...
المهاجرون والأنصار ... ... ... ... ... ... ... 124
الربانيون والأحبار ... ... ... ... ... ... ... 125(1/363)
القسيسون والرهبان ... ... ... ... ... ... ... 126
الأولياء والموالاة والولي والولاية ... ... ... ... ... 127
الآل والأهل وأهل البيت ... ... ... ... ... ... 127
العترة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 128
الذريّة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 128 ...
السُّلالة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 128
الأسباط ... ... ... ... ... ... ... ... 129
القبيلة والشَّعب والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة والعشيرة ... ... 129 ...
الكتاب ... ... ... ... ... ... ... ... ... 130
القرآن ... ... ... ... ... ... ... ... ... 130
الفرقان ... ... ... ... ... ... ... ... ... 130
الوحي ... ... ... ... ... ... ... ... ... 131
التنزيل ... ... ... ... ... ... ... ... ... 134 ...
المثاني ... ... ... ... ... ... ... ... ... 135 ...
المفصل ... ... ... ... ... ... ... ... ... 135
الناسخ والمنسوخ ... ... ... ... ... ... ... 137
التأويل ... ... ... ... ... ... ... ... ... 137 ...
السورة ... ... ... ... ... ... ... ... 138
الزبور ... ... ... ... ... ... ... ... ... 139
المُدارسة ... ... ... ... ... ... ... ... 139
القراءة والتلاوة ... ... ... ... ... ... ... 139
الأساطير ... ... ... ... ... ... ... ... 140 ...
الفريضة ... ... ... ... ... ... ... ... 140
السُّنة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 140
التظوع والنافلة ... ... ... ... ... ... ... 141
الطهارة والاغتسال والجنابة والوضوء ... ... ... ... ... 142
الاستنجاء والمضمضة والاستنشاق ... ... ... ... ... 143
التيمم ... ... ... ... ... ... ... ... ... 143
الأذان ... ... ... ... ... ... ... ... ... 144
أوقات الصلاة ... ... ... ... ... ... ... ... 145 ...
الصلاة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 149
الركوع ... ... ... ... ... ... ... ... ... 150
السجود ... ... ... ... ... ... ... ... ... 150
التشهد والتحيات ... ... ... ... ... ... ... 150
القنوت ... ... ... ... ... ... ... ... ... 151
الوتر ... ... ... ... ... ... ... ... ... 152
التكبير والتسبيح والتهليل والتهجد ... ... ... ... ... 152
الخشوع والتضرع والخشية والخضوع ... ... ... ... ... 152
الابتهال والمباهلة ... ... ... ... ... ... ... 153
المسجد والمُصلّى ... ... ... ... ... ... ... 153
المحراب والقبلة ... ... ... ... ... ... ... 153
الصوم ... ... ... ... ... ... ... ... ... 154
الاعتكاف ... ... ... ... ... ... ... ... 155
الفطر والأضحى والعيد ... ... ... ... ... ... ... 155
الزكاة والصدقة ... ... ... ... ... ... ... ... 156
الحج ... ... ... ... ... ... ... ... ... 157
العمرة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 158
مكة وبكة ... ... ... ... ... ... ... ... 158 ...
الكعبة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 159
متعة الحج ... ... ... ... ... ... ... ... 159
الإحرام ... ... ... ... ... ... ... ... ... 159 ...
التلبية والإهلال ... ... ... ... ... ... ... ... 160
المناسك والمشاهد والمواسم ... ... ... ... ... ... 160
الفرائض والميراث والعصبة والكلالة وذوو الأرحام 164 ...
النكاح وأحكامه وما يتصل به ... ... ... ... ... ... 165
الحدّ والرجم والجلد والخسف ... ... ... ... ... ... 168
الصرف والعدل والوسط والعفو ... ... ... ... ... ... 168
اليقين والملكوت ... ... ... ... ... ... ... 169
الفتنة والبلاء والبلية ... ... ... ... ... ... ... 170
الفرَج ... ... ... ... ... ... ... ... ... 171 ...(1/364)
المثل والمعنى ... ... ... ... ... ... ... ... 171
العربي والعجمي ... ... ... ... ... ... ... 174
اللحن ... ... ... ... ... ... ... ... ... 175
الرفع والنصب والخفض والجزم ... ... ... ... ... 175
الهمز والإضافة والترخيم والإدغام ... ... ... ... ... 176
الأب والأم والابن والابنة والأخ والأخت والعم والخال واليتيم ... ... 176
الخمر والميسر ... ... ... ... ... ... ... ... 177
الأصنام والأزلام والأوثان ... ... ... ... ... ... 180
الرجز والرجس والنجس والسحر وهاروت وماروت ويأجوج ومأجوج والدجال والكاهن والقائف والعائف والراجز والجبت والطاغوت والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام ... ... ... ... ... ... ... 181ـ 185
اشتقاقات ألفاظ مستعملة وأمثال سائرة ... ... ... ... ... 186 ـ 215
حياك الله وبياك ... ... ... ... ... ... ... 186
مرحبا وأهلاً ... ... ... ... ... ... ... 186
أقرّ الله عينه 186
أسخن الله عينه 186
ما به قلبة 186
أرغم الله أنفه 187
أخزاه الله 187
ما يساوي طلية ... ... ... ... ... ... 187
لا تلوسه 187
ما يؤاسيه 188
بينهم ممالحة 188
أمر لا ينادي وليده 188
بالرفاء والبنين 188
النقد على الحافرة 189
جمع الله شملك 189
أحمق من رجلة 189
تبلد الرجل 189
وجب البيع 189
لا تبلم عليه 190
لا تجلح 190
لا تبسق 190
وقع في ورطة 190
ما يدري ما طحاها 190
ما يعرف قبيلا من دبير 190
شيخ كأنه قغّة 191
ويله وعوله 191
عيل صبره 191
ما له ثاغية ولا راغية 191
أنت في حرج ... ... ... ... ... ... ... 191
الصادر والوارد ... ... ... ... ... ... ... 191
الضِّح والرِّيح ... ... ... ... ... ... ... 191
الطِّم والرِّم 191
جاء القوم على بكرة أبيهم ... ... ... ... ... 192
ما يدري أي طرفيه أطول ... ... ... ... ... ... 192
ما يفقه ولا ينقه ... ... ... ... ... ... ... 192
فلان شاطر ... ... ... ... ... ... ... 192
أحمق مائق 192
لا تبرقل علينا 192
فلان مغث 192
هو ابن عمه لحا ... ... ... ... ... 192
هلم جرا 193
أخذه أخذ سبعة 193
السَّحر والسمر 193
القوم في هياط ومياط 193
برح الخفاء 193
عبد قن 193
نادم سادم 193
لا دريت ولاائتليت 194
بقي متلددا 194
لا يقوم بطن نفسه 194
ما أثنكرك من سوء 194
لا أرقأ الله دمعته 194
نسيج وحده 194
يا لكع 194
دب ودرج 194
لئيم راضع 194
لا يعرف هرا من بر 195
آهة وميهة 195(1/365)
وافق شن طبقة 195
أف وتف 195
مبرم 195
أمر مُبهم 196
مأبون 196
أباد الله خضراءهم 196
رجل أنوك 196
كيِّس 196
أرعن 196
لله دره 196
هو ينجش عليه 196
زكن علي 196
الحديث شجون 197
أنجز حر ما وعد 197
رمتني بدائها وانسلّت 198
البس لكل حالة لبوسها ... ... إما نعيمها وإما بوسها 198
إذا عزّ أخوك فهن 199
صار كأن كانونا 199
في سين 199
أعرابي جلف 199
أعرابي قح 200
رجل محدود 200
أخذ برمته 200
عُرّة 200
أشغل من ذات النحيين 200
عرقل عليه 201
على يدي عدل 201
ضرب عليه ساية 201
أخذه بحذافيره 201
تعاير فلان 201
لا ينتطح فيها عنزان 201
اليوم تقضي أم عمرو دينها 202
ضيق العطن 202
قد طبن له 202
دامجته 202
هذا أطم 202
ذئاب عليها ثياب 203
هو يتملقه 203
أشأم من البسوس 203
لكل ساقطة لاقطة 204
عيل صبره 204
ما فعلته أصلاً 204
لأرينك الكواكب بالنهار 205
من حبّ طبّ 205
خطر ببالي 205
ناعمة البال 205
استأصل الله شأفته 205
فعلت ذلك عمدا 205
خرجنا نتنزه 205
رجل فقير 205
ليست له طلالة 206
خجل الرجل 206
احتشم الرجل 206
رجل باسل 206
رجل شهم 206
في أي حزة نحن 206
إني لأربأ يك عن كذا 206
عظيم المؤونة 207
صاحت عصافير بطنه 207
قد حلب الدهر أشطره 207
نعشه الله 207
للشيء غاية 207
شيء طريف 207
لا يزايل سوادي بياضك 207
فلان ظريف 207
غفر الله له 207
أشفى قرمي 208
نام نومة عبود 208
هو ينتغر ويتناغر 208
عدا طوره 208
هو الموت الأحمر 208
حسن السمت 209
حمي الوطيس 209
قد أنصف القارة من راماها 209
شاط بدمه 209
أذكرتني الطعن وكنت ناسيا ... ... ... ... ... 209
إياك أعني واسمعي يا جارة 209
قطع الله دابره 210
حابيت فلانا 210
أخذته الأخذة 210
ما عنده طائل ولا نائل 210
ما كان نولك أن تفعل ذلك 210
حسبك الله 211
قام على طاقة ... ... ... ... ... ... ... 211
جزل 211
اعتذر 211
عندما يتهاون به بعره 211
ميمون النقيبة 211
بيضة العقر 211
قصيرة من طويلة 212
عنقاء مغرب ... ... ... ... ... ... ... 212(1/366)
قمقم الله عصبه 212
يسبع فلانا 212
ظلوم غشوم 212
ظلف النفس 212
هو ضجر 212
جيد القريحة 213
فت في عضده 213
ما عنده خير ولا مير 213
دعه يخيس ... ... ... ... ... ... ... 213
أقاموا على فلان مأتماً ... ... ... ... ... ... 213
لا جرم ... ... ... ... ... ... ... ... 213 ...
دمدم عليه ... ... ... ... ... ... ... 214 ...
مالي في هذا الأمر درك 214
تجشمت كذا 214
نظر إليّ شزرا ... ... ... ... ... ... ... 214
يجود بنفسه ... ... ... ... ... ... ... ... 214
يأتيك بالأمر من فصه 214
زند متين ... ... ... ... ... ... ... ... 214
لا يأبى الكرامة إلاّ حمار 214
باقعة ... ... ... ... ... ... ... 214
نغصت عليّ ... ... ... ... ... ... ... ... 215
فلان ركيك 215
نوك ... ... ... ... ... ... ... ... 215
لبق ... ... ... ... ... ... ... ... ... 215
هو بوّ ... ... ... ... ... ... ... ... ... 215
إنما هو همج 215
باب يجمع ألفاظا نفيسة من منثور الكلام ومنظومه 216 ـ 237
الفهارس العامة
... (1) فهرس القرآن الكريم
... (2) فهرس الحديث
... (3) فهرس الشِّعر
... (4) فهرس أجزاء الأبيات
... (5) فهرس الرَّجز
... (6) فهرس الأعلام
... (7) فهرس الأعلام المترجم لها في الحواشي
(8) فهرس القبائل
... (9) فهرس الأماكن
... (10) فهرس المصادر
... (11) فهرس الموضوغات(1/367)