أبيات مشكلة الإعراب
تحقيق د . جميل عويضة
إنَّ هندُ المليحةَ الحسناءَ ... ... وأْيَ مَن أضمرت بوعدٍ وفاءِ
إنَّ هو فعل أمر من وَئِي يَئي وأياً ، ونون التأكيد مقترنة به ، وهندُ رفع لأنه اسم منادى مفرد علَم ، ونصبت المليحة لأنه مفعول به ، والحسناء صفة للمليحة ، وأيَ مصدر الفعل ، لأنه مصدره وأي ، وهو منصوب لأنه مصدره.
... غيره :
... نزلنا القادسيةَ واستقينا ... ... ... من البئر الذي حفرَ الأميرا
تقديره : نزلنا القادسية واستقينا الأميرَ من البئرِ الذي حفرَ ، فيكون منصوبا لأنه مفعول به .
... غيره :
... من بنات الكروم ِ جاءتْ نِطافاً ... ... لم يطأها برجله العصَّارا
تقديره : من بنات الكروم جاءتْ العصَّارا نطافاً ، فلم يطأهَا ، فيكون العصَّار مفعول جاءت ، ونِطافا منصوب على الحال .
... غيره :
... على حالةٍ لو أنَّ في القومِ حاتماً ... ... على جودهِ لظنَّ بالماء حاتمِ
تقديره : على جود حاتمٍ لظنَّ بالماء ، ويكون حاتم بدل من الهاء التي في الجود .
... غيره :
... لِلّهَ أشكر في كلَِ الأمورِ على الصّنعِ ... الجميل إذا استخدمتُ أعوانُ
تقديره : لي الله ، وأُدغِمت لأنّ ألف الوصل متى تدرج تسقط ، ويكون الله منصوب ؛ لأنه مفعول أشكر ، وقُدِّم على الفاعل تقديما للاّم ، مثل [ إياك نعبد ] ، ويكون لي مبتدأ ، وخبره أعوان ، فتكون صورته : لي أعوان ، اللهَ أشكر على الصنع الجميل إذا استخدمت ، ويكون المفعول مضمر ، تقديره : إذا استخدمتهم .
... غيره :
... أطوفُ بها لا أرى غيرها ... ... كما طافَ بالبيعةِ الراهبِ
... فيا معشرَ العُزَّابِ إنْ حان شُرْبُكم ... ... فلا تشربوا ما حجَّ للهِ راكبِ
الراهب والراكب خُفضا على المجاورة ، وقوله تعالى : [ وجاءوا على قميصه بدم كذبٍ ] خُفِضّ على المجاورة .
... غيره :
إلفُ الصُّفونِ فلا يزال كأنه ... ... ... مما يقوم على الثلاث كسيرا
تقديره : مما يقوم كسيرا على الثلاث ، فيكون منصوبا على الحال .
... للمتنبي(1/1)
... الطيبُ أَنتَ إِذا أَصابَكَ طيبُهُ ... وَالماءَ أَنتَ إِذا اِغتَسَلتَ الغاسِلُ
إشكاله نصب الماء ، وإنما نُصِب لأن تقديره والغاسل الماءَ أنت إذا اغتسلتَ ؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل الفعل .
... غيره (1)
... كَأَنَّ ثبِيراً في عَرانينِ وَبْلِه ... كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
انجرَّ مزمل للمجاورة ، وإلاّ كان أصله الرفع ؛ لأنه صفة للكبير ، والبجاد : الكساء المخطط .
... غيره
... أتانا عُبيدِ الله في صحن داره ... وفارَقَنا زيدٍ وفارقَنا عمرو
أتانا تثنية أتان ، وهي الحمارة ، وعبيد الله انجرّ لأنه مضاف ، وأُسقطت نون التثنية لأنها والإضافة لا تجتمعان ، وفار قنا زيدٍ ، فارَ فعل ماضٍ بذاته ، (وقنا اسم مرفوع لأنه فاعل فار) (2) ، ولم يتبين فيه إعراب لأنه مقصور ؛ لأنه لو بان فيه الإعراب لخرج من حدِّ المقصور إلى حدِّ المهموز ، وزيد مجرور بإضافة قنا إليه ، وفار قنا عَمْرو مثله .
... غيره
... أنكرتني أنْ شاب مفرقَ رأسي ... ... وبدا لونه إلى الأحلاس
إنما انتصب مفرق رأسي لفقدان الخافض ، تقديره : أن شابَ في مفرق رأسي .
... غيره (3)
... ولَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ
تقديره : كفاني قليل من المال ، ولم أطلب .
... غيره (4)
... لا يَبعَدَن قَومي الَّذينَ هُمُ سُمُّ العُداةِ وَآفَةُ الجُزرِ
النازِلونَ بِكُلَّ مُعتَرَكٍ وَالطَيَّبونَ مَعاقِدَ الأُزرِ
إنما انتصب النازلين ، وكان الواجب رفعه ، لأن تقديره : أعني النازلين بكل معترك ، وهم الطيِّبون معاقد الأُزر .
__________
(1) من الطويل لامرئ القيس ، ديوانه .
(2) جاء ما بين القوسين هكذا : وقنا اسم مجرور بالإضافة ، وهذا خطأ ، والصواب ما أثبتناه .
(3) من الطويل ، لامرئ القيس ، ديوانه
(4) من السريع للخِرِنقِ بنت بدر ، ديوانها ، الموسوعة الشعرية(1/2)
... غيره (1)
... أَفاطم لَو شَهدت بِبَطن خبتٍ ... وَقَد لاقى الهَزبر أَخاكَ بشرا
أفاطم اسم منادى ، والهمزة حرف النداء ، والمنادى مرخم ، والميم في فاطمة مفتوحة ، فركب على أصلها ، وتقدير البيت : أفاطمة لو شهدت أخاك بشرا وقد لاقى الهزبرَ ببطن خبتٍ .
... غيره
... قال العذول أبَى وصالك مَنْ به ... كنتَ الضنينَ وشفّ كالبرحاءِ
الكاف متّصله بالبرحاء ، ليست متّصلة بشفّ ، فجرَّ البرحاء ، لأنها جارّ .
غيره (2)
هيهات قد سفهت أميةُ رأيَها فاستجهلت سفهاؤها حلماؤها
استجهلت ها هنا فعل لازم ، غير مُتعدٍ ، تقديره : استجهلت في نفسه ، وسفهاؤها حلماؤها مبتدأ وخبر .
... غيره
... حربٌ تردّد بينهم بتشاجُرٍ ... ... قد كفّرت آباؤها أبناؤها
هذا البيت كالأول .
... غيره
... قال زيدٍ سمعتُ صاحِ ببكرٍ قائلاً ... ... قد وقعتَ في اللأواء
زيد انجرّ لأنه مضاف إلى القول ، والقال بمعنى القول ، وقائلاً منصوب لأنه مفعول سمعت، وصاحب إنما انجرّ لأن صاح بذاتها هي بمعنى صاحب مرخم ، وهو منادى ، والباء متّصلة ببكر، وهو جار ومجرور ، وهو في موضع المبتدأ ، وخبره اللأواء ، وفي فعل أمر ، بمعنى ارجع ، وماضيه فاء ، فتكون صورة البيت : قولُ زيدٍ سمعتُ قائلا ببكر : اللأواء قد وقعت ، أي ارجع .
تمت
وجدت هذه المسائل مكتوبة على الورقتين ( 128 ، 129 ) في نهاية الجزء الأول من كتاب مشكل الصحيحين للعصاري .
قصيدة لأحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي
تحقيق د . جميل عويضة
__________
(1) من الوافر ، لعمرو بن معدي كرب الزبيدي ، ديوانه ، الموسوعة الشعرية ، ونسب في مقامات بديع الزمان لبشر بن عوانه ، انظر المقامة البشرية .
(2) من الكامل ، نسب لهشام بن عبد الملك ، انظر : الأغاني ، البصائر والذخائر ، طبقات فحول الشعراء / الموسوعة الشعرية(1/3)
أنشدني شيخنا الإمام العالم العلاّمة مفتي المسلمين ، تاج المحدّثين ، شهاب الدين أبو محمود أحمد بن محمد بن إبراهيم الشافعي المقدسي رحمه الله ورضي عنه ، لنفسه الكريمة بالصخرة الشريفة ،عند ختمي على قراءة صحيح البخاري ، رحمه الله ، ورضي عنه .
هذا شِفاءُ عليلِكم فتطيَّبوا ... ... يا عاشقين فذا الدَّواءُ مُجرَّبُ
هُنّيِتمُ بمواسمٍ قد أشرقتْ أنوارُها وهي التي لا تَغْرُب
شَرَفَ الزَّمانِ إلى المكانِ جمعتُمُ ... والغايةُ الشَّرفانِ فيمن يُنْسَبُ
وازددتُمُ شرفاً عريقاً ثالثاً ... وهو الذي تهوى النفوسُ وتطلبُ
سَرْدَ البخاريّ الصحيحِ مُبيّنا قد شنّفَ الأسماعَ منه المُطرِبُ
مُذ بدؤهُ الإخلاص كان ختامُهُ المسكُ المُفتَّقُ والرَّحيقُ الطَّيِّبُ
مَنْ قالَ ما في المشرقين ومغربٍ مثلُ البخاري صحَّةً لا يَكذِبُ
جمعَ المحاسنَ كلَّها تَرصيفُهُ ... فغدا على كلِّ المساندِ يُغْرِبُ
يا حُسنَ أبوابٍ وشاها رَقْمُهُ ... ... فلِذاكَ أخبارٌ لَدَيْها تُحْجَبُ
هو أوَّلُ الكُتُبِ الصِّحاحِ مُصَنَّفَا في الأرضِ وهو مُحَرَّرٌ ومُهذَّبُ
لقد اكتَسَى حُلَلَ الجمالِ بأسْرِها ما فيه إلاّ مُعْلَمٌ أومُذْهَبُ
قد قالَ ما أدخلتُ فيه سوى الّذي قد صَحَّ لا كلاَّ لِيَدْنُ المطلَبُ
قال النَّبي للمرْوزي في نومه ادْرُسْ كتابي ذا فهذا المَنْقِبُ
وعنِ البخاري إنّني صنّفتُهُ في سِتِّ عشْرَةَ حِجَّةٍ إذْ تُحْسَبُ
وجعلتُهُ بيني وبين إلهِنا لي حُجَّةً فهي التي لا تُغلَبُ
سِتُّ مئٍ ألفِ حديثٍ أصله ... لا بالمُخِلِّ أتى ولا هو مُسهِبُ
ما من حديثٍ فيه إلاّ قبلَهُ ... صلّى بغُسلٍ عند ما هو يَكتُبُ
وبِروضَةٍ من طِيبَةٍ قد حُوِّلَتْ ... هذي التراجِمُ فالروائِحُ زَرْنَبُ (1)
سِيَرَ الرّسولِ حَوى مع أحكامِهِ ... ومكارِمَ الأخلاقِ يا مُتأدِّبُ ...
__________
(1) الزرنب : ضرب من النبات طيب الرائحة ، الصحاح ( زرنب ) .(1/4)
وفضائلَ الأملاكِ (1) ثم الأنبيا ... ومناقبَ النّجباءِ ممن يَصحَبُ
ومعَ كراماتٍ وذكرِ معارفٍ ... وشِفاءِ مَنْ في غَيِّهِ يتقلَّبُ
ومَعَ ثوابِ الجزء ثُمّتْ ذكرَ إبـ ليسَ اللعين ِ وجندهِ فتجنَّبوا
ولقد حوى ذِكرَ الجحيمِ وجنَّةٍ هي من شِراكِ النَّعلِ مِنَّا أقرَبُ
مَعَ ذِكرِ بعْثٍ والصِّراطِ ونعتِ ما ... هو عن عُيونِ العالمينَ مُغيَّبُ
ولَكَمْ به من طُرْفَةٍ حسبي بها ... شَهْماً بذهْنٍ للمعاني يَثْقُبُ
حًلاَّهُ مِنْ آي الكتابِ بجُمْلَةٍ ... معَ ذكرِ تفسيرِ الذي يُسْتَغْرَبُ
فلِذا غدا أُسلوبهُ في بابهِ فرداً فسالِكُ ذي المِحَجَّةِ يُسْلَبُ
وغَدَتْ قِراءتُهُ أَماناً للورى ... مِنْ شدَّة فَجِئتْ إليها يُرْغَبُ
والسِّرُّ فيهِ ذا الّذي بَرْهَنْتُهُ ... وصلاحُ جامِعِهِ الّذي لا يَعْجَبُ
لله درُّكَ مِنْ إمامٍ أَوْحَدٍ ... يا نجلَ إسماعيلَ أنتَ مُرَجَّبُ (2)
... ما اغْتَبْتَ طولَ الدَّهرِ مِنْ أحدٍ ولمْ تَشْرِ ولم تَبْتَع وأنت مُدَرَّبُ
... وأُريتَ أنّكَ واقِفٌ عند النَّبي ... ... بيديْكَ مَرْوَحَةٌ تَذُبُّ فَتُرغِبُ
... فسألتَ عابِرها فقال تَذُبُّ عن ... خيرِ البريَّة مَنْ عليهِ يَكذِبُ
... وقد استوى المدَّاحُ عندكَ والّذي قد ذَمَّ منكَ متى نَخالُكَ تَغْضَبُ
... قال الفَرَبْري (3) قد رأيت محمداُ في النوم خاطبني إلى مَنْ تَذْهَبُ
... قلتُ البخاري القصدُ قال فأقْرِهِ منِّي السلام وذي التحيّةُ تَعْذُبُ
... ورُئِي البخاري في المنام وكلَّما ... رفعَ النبي قَدَماً برجلٍ يُعْقِبُ
... عن ألفِ شيخٍ قد روى وزيادةٍ ... جاب البلادَ فشَرْقُها والمغربُ
__________
(1) أي الملائكة
(2) مرجّب : أي مُعظّم ، ومهيب ، الصحاح ( رجب )
(3) هو محمد بن يوسف بن نصر بن صالح ، أبو عبد الله ، كان ديّنا ورعا ، وهو آخر مِنْ روى الجامع الصحيح عن البخاري ، والفربري نسبة إلى فَرَبْر : بلدة على طريق جيحون مما يلي بخارا . وفيات الأعيان .(1/5)
... مِئةً من الآلاف حِفظا قد وَعَى ... صَحَّت ومثليها ضعيفا يُجْنَبُ
... حَبْرَ الصِّناعةِ كلِّهم لك مُذْعِنٌ ولِما جمعتَ وفي ثنائِك مُطْنِبُ
فجزاك ربُّ العالمين على الذي ... أودَعْتَ فينا ما ترومُ وتطلُبُ
يا ربِّ قد قُرِئ البخاري كلُّهُ ... ... وتُلي كتابُك والمكانُ فطيِّبُ
والجمع صُوَّامٌ عُكوفٌ كلُّهم ... يرجو الرضا والعفوَ عما يَكْسِبُ
فيهم شبابٌ خُشَّعٌ ومشايخٌ ... ... لك رُكَّعٌ بجفون عينٍ تَسْكُبُ
يا ربِّ ما ذنبُ المسيئِ وجهلُهُ في جنبِ عفوكَ فالمَراحِمُ أَغْلَبُ
يا ربُّ هذا جُهدُنا فاغفر لنا ... ما قد علمتَ فليس منه مهرَبُ
هذي العبادُ تنصَّلوا وجميعهم بعضا على بعضٍ يُحيلُ ويَرْهَبُ
لا تجعلِ العبدض الحقيرَ لرَدِّهِم ... سبباً فيا رُزءَ القَنا إنْ خُيِّبوا
وبجاه أحمدَ قد تمسَّكَ كلُّنا ... ... يوما يفرُّ مِنَ القريب الأقربُ
صلّآ عليه وآله ربُّ السَّما ... ... وصِحابِه ما هبَّ ريحٌ أَزْيَبُ (1)
تمت والحمد لله رب العالمين
__________
(1) الأَزْيَبُ: الجَنُوبُ، هُذَلِيّة، أَو هي النَّكْباءُ التي تَجْري بين الصَّبا والجَنُوب. وفي الحديث: إِن للّه تعالى ريحاً، يقال لها الأَزْيَبُ، دونها بابٌ مُغْلَقٌ، ما بين مِصْراعَيْه مسيرةُ خمسمائة عام، فرياحُكم هذه ما يَتَفَصَّى من ذلك الباب، فإِذا كان يوم القيامة فُتِح ذلك البابُ، فصارت الأَرضُ وما عليها ذَرْواً. قال ابن الأَثير: وأَهلُ مكة يَستعملون هذا الاسم كثيراً. وفي رواية: اسمُها عند اللّه الأَزْيَب، وهي فيكم الجَنُوبُ. قال شمر: أَهلُ اليمن ومن يَرْكَبُ البَحر، فيما بين جُدَّة وعَدَن، يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ، لا يعرفون لها اسماً غيره، وذلك أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ، وتُثيرُ البحر حتى تُسَوِّده، وتَقْلب أَسفلَه، فتجعله أَعلاه؛ وقال ابن شميل: كلُّ ريحٍ شديدة ذاتُ أَزْيَب، فإِنما زَيَبُها شدَّتُها. والأَزْيَبُ: الماءُ الكثير، حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني . لسان العرب ( زيب )(1/6)
وجدت هذه القصيدة على الورقة ( 130 ) في نهاية الجزء الأول من كتاب مشكل الصحيحين للعصاري .(1/7)