بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فهذا مَتْنُ (منظومة التفسير) للشيخ الأديب المفسر عبدالعزيز الرئيس الزمزمي عز الدين بن علي بن عبدالعزيز بن عبدالسلام بن موسى بن أبي بكر بن أكبر بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن داود البيضاويُّ الشِّيْرازيُّ الأصلِ ، ثُمَّ المكيُّ الزمزميُّ الشافعي ، المولود بمكة عام 900هـ ، اشتغل جده الأعلى علي بن محمد عندما قدم إلى مكة بِخدمةِ بئر زمزم ، فقيل له الزمزمي.
وقد نشأ عبدالعزيز الزمزمي بمكة ، وتلقى العلم عن علمائها ، وبرع في الفنون العلمية كالتفسير واللغة والأدب ، وله منظومة التفسير ، وشرح مقامات الحريري ، وكتاب في الفتاوى ، وكتاب فيض الجود على حديث شيبتني هود ، وتنبيه ذوي الهمم على مآخذ أبي الطيب من الشعر والحكم. وقد توفي عبدالعزيز الزمزمي سنة 976هـ بِمَكة المكرمة.(1)
وهذه المنظومةُ قد عُنِيَ بِها علماءُ مكةَ المكرمة ، فشرحوها شروحاً عديدة ، وكتبوا عليها حواشٍ مفيدة ، وقد قابلتُ نسخةَ هذه المنظومة على شرحين لها هُما :
1- (نَهج التيسير شرح منظومة الزمزمي في أصول التفسير) للشيخ السيد محسن بن علي بن عبدالرحمن المساوى الحضرمي ، المولود سنة 1323هـ والمتوفى سنة 1354هـ. وهذا الشرح عليه حواشٍ متفرقة طبع منها حاشية الشيخ علوي بن عباس بن عبدالعزيز المالكي ، وحاشية الشيخ محمد ياسين الفاداني المكي.
2- (التيسير شرح منظومة التفسير) للشيخ محمد يحيى أمان المدرس بمدرسة الفلاح.
__________
(1) انظر : النور السافر للعيدروس 320 ، شذرات الذهب لابن العماد 8/381 ، الأعلام للزركلي 4/23(1/1)
وأرجو أن يفي هذا بحاجة من يريد حفظ هذه المنظومة ، مع مراجعة شروحها ، وأصلها الذي هو كتاب (النُّقَاية) للسيوطي رحمه الله وكتاب التحبير والإتقان له أيضاً ففيهما بسط لمسائل هذه المنظومة. وهناك نظم آخر لِمَتْنِ النقاية لم أطلع عليه للشيخ محمود بن عبدالحق السنباطي الشافعي رحمه الله ، سَمَّاه (روضة المفهوم في نظم نقاية العلوم) ولعله يتيسر الاطلاع عليها ، وموازنتها بمنظومة الزمزمي رحمه الله.
وقد تحريت دقة الضبط في هذه المنظومة قدر الطاقة ، وما أبرئ نفسي من الخطأ ، فمن وجد شيئاً من ذلك فليصلح مشكوراً مأجوراً. وقد ظهر لي انكسار في وزن بعض أبياتها وهي :
1- أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ ، ثُمَّ الفَتْحُ فيْ كُراعِ الغَمِيْمِ يا مَنْ يَقْتَفِيْ
ويستقيم الوزن لو قلت : كُرَيِّعِ الغَمِيمِ يا مَنْ يَقتفي بتصغير كراع.
2- صَيْفِيَّةٌ كآَيِةِ الكَلالَةِ والشِّتَائِيْ كالعَشْرِ في عَائِشَةِ
ويستقيم الوزن بقول : والشَّتَئِيْ بدل الشتائي.
3- حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْمَاً أَو أَفْعالا
ويبدو لي أن في وزنه خللاً ، وربما يصلح قول :
وحَمْزَةٌ أَمَالَ والكِسائِيْ اسْمَاً وفِعلاً أَصلُهُ بالياءِ
أو : اسْمَاً وفِعلاً مِنْ ذواتِ الياءِ
وهذا الذين صنعته استجابة لقول الناظم رحمه الله:
فَهاكَها مِنِّي لَدى قُصُورِيْ
إِلاَّ إِذا بِخَلَلٍ ظَفِرْتَا ... ولا تَكُنْ بِحَاسِدٍ مَغْرُورِ
فَأَصْلِحِ الفَاسِدَ إِنْ قَدِرْتَا
ولم أثبت في النظم تغييراً ، لأن الشروح كلها على عبارات الناظم ، فلزم التقيد بها ، ومن أراد الإصلاح فليكن في الشرح ، أو الحاشية . والله الموفق للصواب ، وأشكر أخي الكريم محمد بلقاسم البكري الذي تكرم بطباعة أصل هذه المنظومة وفقه الله.
عبدالرحمن بن معاضة الشهري
في 27/3/1426هـ(1/2)
منظومة التفسير:
للشيخ الأديب المُفَسِّر
عبد العزيز الزِّمْزِميّ (ت976هـ)
تَبارَكَ المُنْزِلُ للفُرقانِ ... على النَّبِيِّ عَطِرِ الأَرْدانِ
مُحَمَّدٍ عليهِ صَلَّى اللهُ ... معَ سَلامٍ دائماً يَغْشَاهُ
وآلِهِ وصَحْبِهِ ، وبَعْدُ ... فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ
ضَمَّنْتُها عِلماً هُوَ التَّفْسِيْرُ ... بِدايةً لِمَنْ بِهِ يَحِيْرُ
أَفْرَدْتُها نَظْمَاً مِن النُّقَايَةْ ... مُهَذِّباً نِظَامَها في غَايَةْ
واللهَ أَسْتَهدي وأَسْتَعِيْنُ ... لأنَّهُ الهادِي ومَنْ يُعِيْنُ
حَدُّ عِلْمِ التفسيرِ:
عِلْمٌ بِهِ يُبْحَثُ عَنْ أَحوالِ... كِتابِنا مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ
ونَحْوِهِ ، بالخَمْسِ والخَمْسِينا... قَدْ حُصِرَتْ أَنواعُهُ يَقينا
وقَدْ حَوَتْهُ سِتَّةٌ عُقُودُ ... وبَعدَها خاتِمَةٌ تَعُودُ
وقَبْلَها لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ ... بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ
مُقَدِّمَةٌ:
فذاكَ مَا عَلى مُحَمَّدٍ نَزَلْ... ومِنْهُ الاعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ
والسُّورَةُ الطائِفَةُ المُتَرْجَمَةْ ... ثَلاثُ آيٍ لأَقَلِّها سِمَةْ
والآيةُ الطائفةُ المَفْصُولَةْ ... مِنْ كَلِمَاتٍ مِنْهُ، والمَفْضُولَةْ
مِنْهُ على القَولِ لَهُ كَـ«تَبَّتِ» ... والفاضِلُ الَّذْ مِنْهُ فيهِ أَتَتِ
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ
كذاكَ بالمَعْنَى ، وأَنْ يُفَسَّرا ... بالرأَيِ لا تَأْوِيْلَهُ فَحَرِّرَا(1/3)
العِقْدُ الأَولُ: ما يَرجعُ إلى النُّزُولِ زَماناً ومكاناً ، وهو اثنا عَشَرَ نوعاً
الأولُ والثاني : المكيُّ والمَدنيُّ
مَكِّيُّهُ ما قَبْلَ هِجْرَةٍ نَزَلْ ... والمَدَنِيْ مَا بعدها ، وإِنْ تَسَلْ
فَالمَدَنِيْ أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ ... أَخِيْرَتَيْهِ ، وكذا الحَجُّ تَبَعْ
مائِدَةٌ ، مَعْ مَا تَلَتْ ، أَنْفَالُ ...براءَةٌ ، والرَّعْدُ ، والقِتَالُ
وتَالِيَاها ، والحَدِيْدُ ، النَّصْرُ ...قِيامَةٌ ، زَلْزَلَةٌ ، والقَدْرُ
والنُّورُ ، والأَحْزَابُ ، والمُجَادِلَةْ ...وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ وَهْيَ داخِلَةْ
وما عَدا هَذا هُوَ المَكِيُّ ... على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ
النَّوعُ الثالثُ والرابعُ : الحَضَرِيُّ والسَّفَرِيُّ
والسَّفَرِيْ كَآَيَةِ التَّيَمُّمِ ... مَائِدَةٌ بذَاتِ جَيْشٍ فَاعْلَمِ
أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ ، ثُمَّ الفَتْحُ فيْ ...كُراعِ الغَمِيْمِ يا مَنْ يَقْتَفِيْ
وبِمِنَى {اتَّقُوْا} وبعدُ {يَومَاً} ... و{ تُرْجَعونَ } أَوْلِ هذا الخَتْمَا
ويومَ فَتْحٍ{آمَنَ الرَّسُولُ } ... لآخرِ السُّورَةِ يا سَئُولُ
ويومَ بَدْرٍ سُورَةُ الأَنْفَالِ مَعْ ... { هَذَانِ خَصْمَانِ } ومَا بَعْدُ تَبَعْ
إِلى {الحَمِيدِ} ، ثُمَّ { إِنْ عَاقَبْتُمُ ... فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوْقِبْتُمُ }
بأُحُدٍ ، وعَرَفاتٍ رَسَمُوا ... {اليومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمُ}
وما ذَكَرْنَا هَا هُنَا اليَسِيْرُ ... والحَضَرِيْ وقُوعُهُ كَثِيْرُ
الخامسُ والسادسُ : الليليُّ والنَّهاريُّ
وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ ... وآيةُ القِبْلَةِ أَيْ {فَوَلِّ}
وقَولُهُ :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ } ... بَعْدُ {لأَزْوَاجِكَ} والخَتْمُ سَهُلْ
أَعْنِي الَّتِي فيها البَنَاتُ لا الَّتِيْ ... خُصَّتْ بِها أَزْواجُهُ فَأَثْبِتِ
وآَيةُ {الثَّلاثَةِ الَّذِينَ } ... أَيْ { خُلِّفُوا } بِتَوبَةٍ يَقِينَا
فَهذِهِ بَعْضٌ لِلَيْلِيٍّ عَلى ... أَنَّ الكَثِيْرَ بالنَّهارِ نَزَلا
السابعُ والثامنُ : الصَّيفيُّ والشتائِيُّ
صَيْفِيَّةٌ كآَيِةِ الكَلالَةِ ... والشِّتَائِيْ كالعَشْرِ في عَائِشَةِ
التاسع : الفِراشيُّ
كآَيَةِ الثَّلاثةِ المُقَدَّمَةْ ... في نَوْمِهِ في بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةْ
يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا ... لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا
العاشرُ : أَسبابُ النُّزُولِ
وصَنَّفَ الأَئِمَةُ الأَسْفَارا ... فِيهِ فَيَمِّمْ نَحْوَها اسْتِفْسَارَا
ما فِيهِ يُرْوَى عَنْ صَحابِيٍّ رُفِعْ ... وإِنْ بِغَيْرِ سَنَدٍ فَمُنْقَطِعْ
أَو تَابِعِيْ فَمُرْسَلٌ ، وصَحَّتِ ... أَشْيَا كَما لإِفْكِهِمْ مِنْ قِصَّةِ
والسَّعْيِ والحِجَابِ مِنْ آياتِ ... خَلْفَ المَقَامِ الأَمْرُ بالصَّلاةِ
الحادي عشر : أَولُ ما نَزَلَ
اقْرأْ عَلَى الأَصَحِّ ، فالمُدَّثِّرُ ... أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
أَوَّلُهُ التَّطْفِيفُ ، ثُمَّ البَقَرَةْ ... وقِيْلَ بالعَكْسِ بِدَارِ الهِجْرَةْ
الثاني عشر: آخرُ ما نَزَلَ
وآَيَةُ الكلالَةِ الأَخِيْرَةْ ... قِيْلَ : الرِّبا أَيضاً ، وقِيْلَ : غَيْرَهْ(1/4)
العِقْدُ الثاني : مَا يَرجعُ إلى السَّنَدِ ، وهي ستة أنواع:
النوع الأول ، والثاني ، والثالث : المتواتر ، والآحاد ، والشاذّ
والسَّبْعَةُ القُرَّاءُ مَا قَدْ نَقَلُوا ... فَمُتَواتِرٌ ، ولَيْسَ يُعْمَلُ
بِغَيْرِهِ في الحُكْمِ مَا لَمْ يَجْرِ ... مَجْرَى التَّفاسِيْرِ ، وإِلاَّ فَادْرِ
قَوْلَيْنِ : إِنْ عَارَضَهُ المَرْفُوعُ ... قَدِّمْهُ ، ذا القَولُ هُوَ المَسْمُوعُ
والثَّانِيُ : الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ ... تَتْبَعُها قِرَاءَةُ الصَّحابَةِ
والثَّالِثُ : الشَّاذُ الَّذي لَمْ يَشْتَهِرْ ... مِمَّا قَرَاهُ التَّابِعُونَ واسْتُطِرْ
ولَيْسَ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الأَوَّلِ ... وَصِحَّةُ الإِسْنَادِ شَرْطٌ يَنْجَلِيْ
لَهُ كَشُهْرَةِ الرِّجَالِ الضَّبْطِ ... وِفَاقُ لَفْظِ العَرَبِيْ والخَطِّ
النوع الرابع : قِراءَاتُ النِّبيِّ صلّى الله عليه و سلم الواردة عنه.
وعَقَدَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ ... بَابَاً لها ، حَيْثُ قَرَا بِمَلِكِ
كذَا الصِّراطُ ، رُهُنٌ ، ونُنْشِزُكذاكَ لا تَجْزِي بِتا يَا مُحْرِزُ
أَيْضاً بِفَتْحِ يَاءِ أَنْ يَغُلاَّ ... والعَيْنُ بِالعَيْنِ بِرَفْعِ الأُوْلَى
دَرَسْتَ ، تَسْتَطيعُ ، مِنْ أَنْفَسِكُمْ ... بِفَتْحِ فَا مَعنَاهُ مِنْ أَعْظَمِكُمْ
أَمَامَهُمْ قَبْلَ مَلِكْ صَالِحَةِ ... بَعْدَ سَفينةٍ وهَذِيْ شَذَّتِ
سَكْرَى ومَا هُمُ بِسَكْرَى أَيْضا ... قُرَّاتُ أَعْيُنٍ لِجَمْعٍ تُمْضَى
واتَّبَعَتْهُمْ بَعْدَ ذُرِّيَتِهِمْ ... رَفارِفَاً عَبَاقِرِيَّ جَمْعُهُمْ(1/5)
النوع الخامس والسادس: الرواةُ والحُفَّاظُ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه
عَليُّ ، عُثْمانُ ، أُبِيٌّ ، زَيْدُ ... ولابنِ مَسعُودٍ بِهذا سَعْدُ
كذا أَبُو زَيْدٍ ، أَبو الدَّرْدا كَذَا ... مُعاذٌ بنُ جَبَلٍ ، وأَخَذَا
عَنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةٍ مَعَ ابْنِ ... عَبَّاسٍ ، ابنُ سَائِبٍ ، والمَعْنِي
بِذَيْنِ عَبْدُ اللهِ ثُمَّ مَنْ شُهِرْ ... مِنْ تَابِعِيٍّ فالَّذِي مِنْهُمْ ذُكِرْ
يَزِيْدُ أَيْ مَنْ أَبُهُ القَعْقَاعُ ... والأَعْرَجُ بنُ هُرْمُزٍ قَدْ شَاعُوا
مُجَاهِدٌ ، عَطَا ، سَعِيْدٌ ، عِكْرِمَةْ ... والحَسَنُ ، الأَسْوَدُ ، زِرٌّ ، عَلْقَمَةْ
كذاكَ مَسْرُوقٌ ، كذا عَبِيْدَةْ ... رُجُوعُ سَبْعةٍ لَهُمْ لا بُدَّهْ(1/6)
العِقْدُ الثالثُ : ما يرجعُ إلى الأَداءِ وهي ستة أنواع:
النوع الأول والثاني : الوقفُ ، والابتداء
والابْتِدا بِهَمْزِ وَصْلٍ قَدْ فَشَا ... وحُكْمُهُ عِنْدَهُمُ كَمَا تَشَا
مِنْ قُبْحٍ ، أَو مِنْ حُسْنٍ ، اوْ تَمَامِ ... أَوِ اكْتِفَا بِحَسَبِ المَقَامِ
وبِالسُّكُونِ قِفْ عَلَى المُحَرَّكَةْ ... وزِيْدَ الاشْمَامُ لِضَمِّ الحَرَكَةْ
والرَّوْمُ فيهِ مِثْلُ كَسْرٍ أُصِّلاَ ... والفَتْحُ ذَانِ عَنْهُ حَتْماً حُظِلاَ
في الها الَّتِي بالتَّاءِ رَسْمَاً خُلْفُ ... وَ وَيْكَأَنَّ لِلكِسَائِيْ وَقْفُ
مِنْهَا عَلَى اليَا ، وأَبُو عَمْرٍو عَلَى ... كَافٍ لَهَا ، وبَعْضُهُمْ قَدْ حَمَلا
وَوَقَفُوا بِلامِ نَحْوِ :{ مَالِ ...هَذا الرَّسُولِ } ما عَدَا المَوَالِيْ
السَّابِقِيْنَ ، فَعَلَى مَا وَقَفُوا ... وَشِبْهِ ذَا المِثَالِ نَحْوَهُ قِفُوا
النوع الثالث : الإمالة
حَمْزَةُ والكِسَائِيْ قَدْ أَمَالاَ ... مَا الياءُ أَصْلُهُ اسْمَاً أَو أَفْعالا
أَنَّى بِمَعْنَى كيفَ مَا بِاليَا رُسِمْ ... حَتَّى إِلى لَدَى عَلَى زَكَى التُزِمْ
إِخْرَاجُها سِوَاهُما لَمْ يُمِلِ ... إِلاَّ بِبَعْضٍ لِمَحَلِّهَا اعْدِلِ
النوع الرابع : المَدُّ
نَوْعانِ مَا يُوصَلُ ، أَو مَا يُفْصَلُ ... وفِيْهِمَا حَمْزَةُ ، وَرْشٌ أَطْوَلُ
فَعَاصِمٌ ، فَبَعْدَهُ ابنُ عَامِرِ ... مَعَ الكِسَائِيْ ، فَأَبُو عَمْرٍو حَرِى
وحَرْفَ مَدٍّ مَكَّنُوا في المُتَّصِلْ ... طُرَّاً ، ولكِنْ خُلْفُهُمْ في المُنْفَصِلْ
النوع الخامس : تَخْفِيفُ الهَمْزِ
نَقْلٌ فَإِسْقَاطٌ وإِبْدالٌ بِمَدّْ ... مِنْ جِنْسِ مَا تَلَتْهُ كَيْفَمَا وَرَدْ
نَحْوُ أَئِنَّا فِيْهِ تَسْهِيْلٌ فَقَطْ ... وَرُبَّ هَمْزٍ في مَواضِعٍ سَقَطْ
وكُلُّ ذَا بِالرَّمْزِ والإِيْمَاءِ ... إِذْ بَسْطُها في كُتُبِ القُرَّاءِ
النوع السادس : الإِدْغامُ
في كِلْمَةٍ أَو كِلْمَتَيْنِ إِنْ دَخَلْ ... حَرْفٌ بِمِثْلٍ هُو الادْغَامُ يُقَلْ
لَكِنْ أَبُو عَمْرٍو بِهَا لَمْ يُدْغِمَا ... إِلاَّ بِمَوضِعَيْنِ نَصَّاً عُلِمَا(1/7)
العِقْدُ الرَّابعُ : ما يرجعُ إلى الألفاظِ ، وهي سبعةٌ :
الأول والثاني : الغَريبُ والمُعَرَّبُ
يُرْجَعُ لِلنَّقْلِ لَدى الغَرِيْبِ ... مَا جَاءَ كِالمِشْكاةِ في التَّعْرِيْبِ
أَوَّاهُ ، والسِّجِلُّ ، ثُمَّ الكِفْلُ ... كذلكَ القِسْطاسُ وهوَ العَدْلُ
وهَذهِ ونَحوَهَا قَدْ أَنْكَرَا ... جُمْهُورُهُمْ بالوِفْقِ قالوا : إِحْذَرا
النوع الثالث : المَجازُ
مِنْها اختصارُ الحَذْفِ ، تَرْكُ الخَبَرِ ... والفَرْدُ جَمْعٌ إِنْ يُجَزْ عَنْ آَخَرِ
واحدُها مِنَ المُثَنَّى والَّذِيْ ... عَقَلَ عَنْ ضِدٍّ لَهُ أَوْ عَكْسُ ذِيْ
سَبَبٌ التِفَاتٌ التَّكْرِيْرُ ... زِيادَةٌ ، تَقْدِيْمٌ ، أَوْ تَأْخِيْرُ
النوع الرابع : المشترك
قُرْءٌ وَوَيْلٌ نِدُّ والمَوْلَى جَرَى ... تَوَّابٌ الْغَيُّ مُضَارِعٌ وَرَا
النوع الخامس: المترادف
مِنْ ذَاكَ مَا قَدْ جَاءَ كالإِنْسَانِ ... وبَشَرٍ في مُحْكَمِ القُرآنِ
والبَحْرِ واليَمِّ ، كذا العَذابُ ... رِجْسٌ ورِجْزٌ جَاءَ يَا أَوَّابُ
النوع السادس : الاستعارة
وَهِيَ تَشْبِيْهٌ بِلا أَدَاةِ ... وذَاكَ كالمَوْتِ وكالحَيَاةِ
فِيْ مُهْتَدٍ وضَدِّهِ كَمِثْلِ ... هَذَيْنِ مَا جَاءَ كَسَلْخِ اللَّيْلِ
النوع السابع : التشبيه
وَما عَلَى اشتِرَاكِ أَمْرٍ دَلاَّ ... مَعْ غَيْرِهِ التَّشْبِيهُ حيثُ حَلاَّ
والشَّرْطُ هَهُنا اقْتِرانُهُ مَعَ ... أَدَاتِهِ وهُوَ كَثِيْرٌ وَقَعَا(1/8)
العِقْدُ الخامس: ما يرجعُ إلى مباحثِ المعاني المتعلقة بالأحكام وهو أربعة عشر نوعاً:
النوع الأول : العامُّ الباقي على عُمومِه
وَعَزَّ إِلاَّ قَولَهُ : { واللهٌ ... بِكُلِّ شَيءٍ } أَيْ عَلِيْمٌ ذَا هُوْ
وقَولَهُ :{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ ... واحِدَةٍ } فَخُذْهُ دُونَ لَبْسِ
النوع الثاني والثالث : العامُّ المخصوص ، والعامُّ الذي أُرِيدَ به الخُصوصُ
وَأَوَّلٌ شَاعَ لِمَنْ أَقَاسَا ... والثَّانِ نَحْوُ يَحْسُدُونَ النَّاسَا
وَأَوَّلٌ حَقِيْقَةٌ ، والثَّانِيْ ... مَجَازٌ الفَرْقُ لِمَنْ يُعَانِيْ
قَرِيْنَةُ الثَّانِيْ تُرَى عَقْلِيَّةْ ... وَأَوَّلٌ قَطْعاً تُرَى لَفْظِيَّةْ
والثَّانِ جَازَ أَنْ يُرَادَ الوَاحِدُ ... فِيْهِ وَأَوَّلٌ لِهذَا فَاقِدُ
النوع الرابع :ما خُصَّ مِنهُ بالسنَّةِ
تَخْصِيْصُهُ بِسُنَّةٍ قَدْ وَقَعَا ... فلا تَمِلْ لِقَولِ مَنْ قَدْ مَنَعَا
آحَادُهَا وغَيْرُها سَواءُ ... فَبِالْعَرَايَا خُصَّتِ الرِّبَاءُ
النوعُ الخامسُ: ما خُصَّ به مِن السنَّةِ
وعَزَّ لَمْ يُوْجَدْ سِوَى أَرْبَعَةِ ... كآَيَةِ الأَصْوَافِ أَوْ كَالجِزْيَةِ
والصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا ... والعَامِلِيْنَ ضُمَّهَا إِلَيْهَا
حَدِيثُ مَا أُبِيْنَ في أُولاهَا ... خُصَّ وأَيْضاً خَصَّ ما تَلاهَا
لِقَولِهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلا ...مَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا أَرَدْتُ قَابِلا
وخَصَّتِ البَاقِيَةُ النَّهْيَ عَنِ ... حِلِّ الصَّلاةِ ، والزَّكاةِ لِلْغَنِيْ(1/9)
النوع السادس :المُجْمَلُ
مَا لَمْ يَكُنْ بِوَاضحِ الدَّلالَةِ ... كالقُرْءِ إِذْ بَيَانُهُ بالآَيَةِ
النوعُ السابعُ : المُؤَوَّلُ
عَنْ ظَاهِرٍ مَا بِالدَّلِيلِ نُزِلا ... كاليَدِ للهِ هُوَ الَّلذْ أُوِّلا
النوع الثامن : المفهوم
مُوافِقٌ مَنْطُوقَهُ كأُفِّ ... ومِنْهُ ذُو تَخَالُفٍ في الوَصْفِ
ومِثْلُ ذَا شَرْطٌ وغَايَةٌ عَدَدْ ...نَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
والشَّرْطُ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلِ ... وغَايَةٌ جَاءَتْ بِنَفْيِ حِلِّ
لِزَوْجِهَا قَبْلَ نِكَاحِ غَيْرِهِوَ ... وَكالثَّمَانِينَ لِعَدٍّ أَجْرِهِ
التاسع والعاشر: المُطْلَقُ والمُقَيَّدُ
وَحَمْلُ مُطْلَقٍ على الضِدِّ إِذا ... أَمْكَنَ فَالحُكْمُ لَهُ قَدْ أُخِذَا
كالقَتْلِ ، والظِّهَارِ حَيْثُ قَيَّدَتْ ... أُولاهُمَا مُؤْمِنَةٌ إِذْ وَرَدَتْ
وحَيْثُ لا يُمْكِنُ كالقَضاءِ في ... شَهْرِ الصِّيَامِ حُكْمَهُ لا تَقْتَفِي
النوع الحادي عشر والثاني عشر: النَّاسِخُ والمنسوخُ
كَمْ صَنَّفُوا في ذَيْنِ مِنْ أَسْفَارِ ... واشْتَهَرَتْ في الضَّخْمِ والإِكْثَارِ
ونَاسِخٌ مِنْ بَعْدِ مَنْسُوخٍ أَتَى ... تَرْتِيْبُهُ إِلاَّ الذي قَدْ ثَبَتَا
مِنْ آَيَةِ العِدَّةِ لا يَحِلُّ ... لكَ النِّساءُ صَحَّ فيهِ النَّقْلُ
والنَّسْخُ لِلْحُكْمِ ولِلتِّلاوَةِ ... أَوْ بِهِما ، كَآَيَةِ الرِّضَاعَةِ
النوع الثالث عشر والرابع عشر: المعمولُ بهِ مُدةً معينةً ، وما عَملَ به واحدٌ
كآَيَةِ النَّجْوَى الذي لَمْ يَعْمَلِ ... مِنهُمْ بِها مُذْ نَزَلَتْ إِلاَّ عَليْ
وسَاعَةً قَدْ بَقِيَتْ تَماما ... وقِيْلَ : لا ، بَلْ عَشْرَةٌ أَيَّامَا(1/10)
العِقْدُ السادسُ: ما يرجعُ إلى المعاني المُتعَلِّقَةِ بالألفاظِ ، وهيَ سِتَّةٌ:
النوعُ الأولُ والثاني : الفَصلُ والوَصْلُ
الفَصْلُ والوَصْلُ وفي المَعَانِيْ ... بَحْثُهُما ومِنْهُ يُطْلَبانِ
مِثَالُ أَوَّلٍ إِذا خَلَوا إِلى ... آَخِرِها وذَاكَ حَيْثُ فُصِلا
مَا بَعْدَها عَنْهَا وتِلكَ اللهُ ... إِذْ فُصِلَتْ عَنهَا كَمَا تَرَاهُ
وإِنَّ الابْرَارَ لَفِي نَعِيمِ ... في الوَصْلِ والفُجَّارَ في جَحِيْمِ
النوع الثالث والرابع والخامس: الإيجازُ والإطنابُ والمُساواةُ
وَلَكُمُ الحَيَاةُ في القِصَاصِ قُلْ ... مِثالُ الايْجَازِ ولا تَخْفَى المُثُلْ
لِمَا بَقِي كـ{ لا يَحِيْقُ المَكْرُ } ... ولكَ فيْ إِكْمَالِ هَذي أَجْرُ
نَحْوُ { أَلَمْ أَقُلْ لَكَ } الإِطْنَابُ ... وهيَ لَهَا لَدَى المَعَانِيْ بَابُ
النوع السادس: القَصْرُ
وذاكَ في المَعانِ بَحْثُهُ كـ{ مَا ... مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسولٌ } عُلِمَا(1/11)
الخَاتِمَةُ
اشتملت على أربعة أنواعٍ : الأسماءُ ، والكُنَى ، والأَلقابُ ، والمُبْهَماتُ
أَسْماءُ الأنبياءِ
إِسْحاقُ ، يُوسفُ ، ولُوطٌ ، عِيْسَى ... هُوْدٌ ، وصَالِحٌ ، شُعَيْبٌ ، مُوسَى
هَارُونُ ، دَاودُ ، ابْنُهُ ، أَيَّوبُ ... ذُو الكِفْلِ ، يُونُسُ ، كَذَا يَعْقُوبُ
آَدَمُ ، إِدْرِيسُ ، ونُوحٌ ، يَحْيَى ... واليَسْعُ ، إِبْراهيمُ أَيضاً إِلْيَا
وزَكَرِيَّا أَيضاً اسْمَاعِيلُ ... وجاءَ في مُحَمَّدٍ تَكْمِيلُ
أَسْماءُ الملائكةِ
هَارُوتُ ، مَارُوتُ وجِبْرَائِيْلُ ... قَعِيْدٌ ، السِّجِلُّ ، مِيْكَائِيْلُ
أَسْماءُ غَيْرِهِمْ ، والكُنَى ، والأَلقابُ
لُقْمَانُ ، تُبَّعٌ ، كَذَا طَالُوتُ ... إِبْلِيسُ قَارُونُ كَذا جَالُوتُ
ومَرْيَمٌ ، عِمْرَانُ أَيْ أَبُوهَا ... أَيضاً كَذَا هَارونُ أَيْ أَخُوهَا
مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ مِنْ صِحَابٍ عَزَّا ... ثُمَّ الكُنَى فِيهِ كَعَبْدِ العُزَّى
كَنَّى أَبَا لَهَبٍ ، الأَلْقَابُ ... قَدْ جَاءَ ذُو القَرْنَيْنِ يا أَوَّابُ
وإِسْمُهُ إِسْكَنْدَرُ ، المَسِيْحُ ... عِيْسَى ، وذَا مِنْ أَجْلِ مَا يَسِيْحُ
فِرْعَونُ ذَا الوَلِيْدُ ، ثُمَّ المُبْهَمُ ... مِنْ آَلِ فِرْعَونَ الذي قَدْ يَكْتُمُ
إِيْمَانَهُ وإِسْمُهُ حِزْقِيْلُ ... ومَنْ عَلى يَاسِيْنَ قَدْ يُحِيْلُ
أَعْنِيْ الذي يَسْعَى اسْمُهُ حَبِيْبُ ... ويَوشَعُ بنُ نُونَ يَا لَبِيْبُ
وهُوَ فَتَى مُوسى لَدَى السَّفِيْنَةْ ... ومَنْ هُمَا في سُورَةِ المَائِدَةِ
كالبُ مَعْ يُوشَعَ أُمُّ مُوسَى ... يِوْحَانِذُ اسْمُها كُفِيْتَ البُوسَا
ومَنْ هُوَ العَبْدُ لَدى الكَهْفِ الخَضِرْ ... ومَنْ لَهُ الدَّمُ لَدَيْها قَدْ هُدِرْ
أَعْنِي الغُلامَ وهُوَ حَيْسُورُ المَلِكْ ... في قَولِهِ: ?كانَ وَراءَهُمْ مَلِكْ?
هُدَدُ ، والصَّاحِبُ لِلرَّسُولِ في ... غَارٍ هُوَ الصِّدِّيقُ أَعْنِي المُقْتَفِي
إِطْفِيْرٌ العَزِيْزُ ، أَو قِطْفِيْرُ ... ومُبْهَمٌ وُرُودُهُ كَثِيْرُ
وكادَ أَنْ يَسْتَوعِبَ التَّحْبِيْرُ ... جَمِيعَهَا فَاقْصِدْهُ يَا نِحْرِيْرُ
فَهاكَها مِنِّي لَدى قُصُورِيْ ... ولا تَكُنْ بِحَاسِدٍ مَغْرُورِ
إِلاَّ إِذا بِخَلَلٍ ظَفِرْتَا ... فَأَصْلِحِ الفَاسِدَ إِنْ قَدِرْتَا
وَوَجَبَتْ مِنْ بَعْدِ ذا صَلاتِيْ ... عَلى النَّبِيْ وآَلِهِ الهُدَاةِ
وصَحْبِهِ مُعَمِّماً أَتْبَاعَهْ ... على الهُدَى إِلى قِيامِ السَّاعَةْ(1/12)