ملحة البيان
لزين المرصفي
( 1200 هـ )
* * * * * * *(1/1)
بسم الله الرجمن الرحيم
قالَ الْفَقِيرُ المَرْصَفِيُّ زَيْنُ ... قَرَّتْ بِنَيْلِ القَصْدِ مِنْهُ الْعَيْنُ
حَمْداً لِمَنْ عَلَّمَنَا الْبَيَانَا ... …وَعَنْ مَجازِ الحَقِّ قدْ أَبَانَا
وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ ... …عَلَى النَّبِيِّ المُرْسَلِ التِّهَامِي
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِيَنَا شَادُوا ... بِصِدْقِ الْعَزْمِ هَذَا الدِّينَا
وَبَعْدُ فَالْبَيَانُ جَلَّ وَقَعَا ... …وَعَمَّ فِي كُلِّ الْعُلومِ نَفْعَا
وَهَذِهِ أُرْجُوزَةٌ وَجِيزَهْ ... …فِيهِ حَوَتْ أُصُولَهُ الْعَزِيزَهْ
سَمَّيْتُهَا بِمُلْحَةِ الْبيانِ ... …أَرْجُو بهَا انْتِفَاعَ كُلِّ عَانِ
مُقَدِّمَةٌ
عِلمُ الْبيانِ حَدُّهُ لِلْقَاصِدِ ... …عِلمٌ بِهِ إِيَرادُ مَعْنىً وَاحِدِ
بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَهْ ... …فِي وَاضِحِ الدِّلالَةِ المُؤْتَلِفَهْ
وَذَاك فِي الدِّلالَةِ الْعَقْلِيَّهْ ... …إِيرَادُهُ يَكُونُ لاَ الْوَضْعِيَّهْ
لأَنَّهُ لَدَى انْفِهَامِ الْوَضْعِ ... …لَمْ يَتَخَلَّفْ فَهْمُ مَعْنىً وَضْعِي
وَعِنْدَ فَقْدِ عِلْمِهِ لاَ يُعْنَى ... …بِهِ إِفادَةٌ لِهَذَا المَعْنَى
ثُمَّ المَبَادِي بَيْنَهُمْ مَشْهُورَهْ ... وَفى صُدُورِ كُتْبِهِمْ مَنْثُورَهْ
بَابُ الحَقِيقةِ وَالمَجَازِ
حَقِيقةٌ لفْظٌ بِهِ المُرَادُ ... …يُعْنَى لاَ عَلاَقَةٍ تُرَادُ
وَقُلْ مَجَازٌ إذْ بِهَا يُفَادُ مَعْ ... قَرِينةٍ بِنَصْبِهَا الأَصْلُ امْتَنعْ
وَقَسَّمُوا كُلاًّ إِلَى الشَّرعِيِّ ... وَاللُغوِيِّ ثُمَّتَ الْعُرْفِي
وَرَجَّحُوا اشْتِرَاطَ سَمْعِ النَّوْعِ فِي …عَلاَقَةٍ كَمَا بِوَضعٍ يَقْتَفِي
وَاْلأَصْلُ نَقْلُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقي ... وَعَنْ مَجَازٍ جَازَ فِي التَحْقِيقِ
وَيَنْبَني أَيْضاً عَلَى الْكِنَايَهِ ... وَقاسَهَا عَلَيْهِ فِي الْعِنَايهْ(1/1)
وَقدْ أَتَى كُلٌّ بِلَحْظِ وَاسِطَه ... تَكُونُ بَيْنَ المَعْنييْنِ رَابِطَهْ
كَيَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزلْنَاْ ... …فبيْنَ ذَا وَذاكَ وَفَرْقٌ يُعْنَى
وَقَدْ رَأَى أُسْتَاذُنَا امْتِنَاعَهْ ... وَالْبَعْضُ مِنْهُمْ حَاوَلَ انْدِفاعَهْ
وَاستْظَهَرَ الْفَقِيرُ فِي الأَغْصَانِ ... تَفْصِيلَهُ بِأَجْمَلِ الْبَيَانِ
وَفَرَّقُوا بَيْنَ المَجَازِ وَالْكَذِبْ ... بِمَا مِن التَّأْوِيلِ فِيهِ قَدْ نُصِبْ
وَلاِسْتِعَارَةٍ وَمُرْسَلٍ قُسِمْ ... …وَالْكُلُّ مِنْهُمَا بِبَابٍ قَدْ عُلِمْ
بَابُ المَجَازِ المُرْسَلِ
وَمُرْسَلٌ لَهُ عَلاقَاتٌ أَتتْ ... …تِسْعاً وَعَشْراً فى أصَحِّ مَا ثَبَتْ
وَرَجَّحُوا اعْتِبَارَهَا مِنْ أَصْلِ ... لاَ مِنْ مَحَازٍ بَلْ وَلاَ مِنْ كُلِّ
فَلاَزِميَّةٌ كَقَصْدِ الشَّمْسِ ... …مِن ضَوْئهَا وَالْعَكْسُ مِثْلُ الْعَكْسِ
آلِيَّةِ كَأَلْسُن فِي الأَثْنِيَهْ ... …وَمُبْدَلٌ كَالدَّمُ فِي مَعْنَى الدِّيّهْ
وَبَدَلٌ نَحْوُ الْقَضَاءِ فِي الأَدَا ... لَكِنْ بِغَيْرِ مَا بِآيٍ وَرَدَا
وسَبَبِيَّةٌ مُسبَبِيَّةُ ... ... كَالْغَيْثِ فِي نَبْتٍ وَعَكْسٌ يَثْبُتُ
جُزْئِيَّةٌ كُلِّيةٌ كَالْعَيْنِ فِي ... …رَبِيئَةٍ وَإِصْبَعٍ فِي طَرَفِ
ثُمَّ اعْتِبَارُ ما مَضىَ كَاليُتُم ... لِمَنْ تَبَدَّى بَالِغاً للْحُلُمِ
وَاْلأَوَّلُ نَحْوُ الْخَمْرِ فِي معْنَى الْعِنَبْ …وَقيلَ بَلْ ذَا لُغَةٌ كمَا وَجَبْ
حَاليَّةٌ كَرَحْمَةٍ فِى الجَنَّةِ ... …وَعَكْسُها نَحْوُ سُؤَالِ الْقَرْيَةِ
كَذَا عُمُومٌ نَحْوُ لَفْظِ النِّاسِ فِي ... أَمْ يَحْسُدونَ النَّاسَ فِي الْقَوْلِ الْوَفِي
وَالعَكْسُ كَالضَّاحِكِ للإِنْسَانِ ... بِالْفِعْلِ لاَ بِقُوَّةٍ وَثَانِ
وَمُطْلقٌ كَعَالمٍ فِي عَامِلِ ... …وَعَكْسُهُ كَعَالِمٍ مِن عَاقِلِ(1/2)
تَجَاوُرٌ فِي العِلمِ جَافى الظَّنِّ ... لأَنَّهُ مُجَاوِرٌ فِي الذِّهْنِ
كَذَا التَّعَلُّقُ الَّذِي تَحَقَّقَا ... …فِي مَصْدَرٍ مَعَ الصِّفَاتِ مُطْلَقاً
وَمَا أَتَى فِي بَعْضِهَا مَعْ بَعْضِ ... وَدَرْجِهَا فِي غَيْرِهَا ذُو نَقْضِ
وَاعْتَبَروا المَلْحُوظَ فِي عَلاَئِقِ ... وَعِنْدَ جَهْلٍ فَاعْتَبِرْ لِلاَّئِقِ
مُرَشَّحاً مُجَرَّداً وَمُطْلَقَا ... …يَأْتِي وَفِي الأَعْلاَمِ قَدْ تَحَقَّقَا
عَلَى الأَصَحِّ وَهْوَ أَيْضاً أَصْلِي ... وَتَبَعي حَسَبَ نَصِّ النَّقْلِ
بَابُ الاِسْتِعَارَةِ
وَمَا بِهِ لُوحِظتِ المُشابَهَهْ ... علاَقَةً كَالسَّبْعِ فِيمَن شَابَهَهْ
فَهْوَ استِعَارَةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى ... تَنَاسِ تَشْبِيهٍ بِهَا قَدِ انْجَلَى
لِذَاكَ ما يُنْبي عَنِ التَّشْبِيهِ ... يُمْنَعُ مِنْ قَوْلٍ تَكُونُ فِيهِ
وَالشَّرْطُ أَنَّ المُسْتَعَارَ كُلِّي ... يَشْمَلُ مَا شُبِّهَ عِنْدَ الجُلِّ
وَقيلَ بَلْ يَكْفِي ادِّعَا الْعَيْنِيَّهْ ... فِيهَا فَيُسْتَعَارُ ذُو الجُزْئِيَّهْ
كالْعَلمِ الشَّخْصِيِّ وَالجُمْهُورُ قَدْ ... قالُوا بِهَا فِيما لَهُ وَصْفٌ يُرَدْ
وَجَوَّزُوا تَعَدُّدَ الْقَرِينهْ ... …إِنْ تَكُ عَنْ تَجَوُّزٍ مُبِينَهْ
وَرُبَمَا تَكُونُ مِنْ مَعَانِي ... …مَجْمُوعُهَا مُحَقَّقُ الْبَيَانِ
وَقَسَّمُوا تِلْك لِتَصْريِحيَّهْ ... …وَمَا تُسَمَّى عِنْدَهُمْ مَكْنِيَّهْ
فالْمُسَتَعارُ إِنْ يَكُنْ مَذْكُورَا ... فِي نَظْمِهَا أَيْ لَفْظاً أوْ تَقْدِيرَا
فَسَمِّهِ بِالأُولَى أَمَّا الثَّانِيَهْ ... …فَعَكْسُهَا وَمَا تَرَاهَا تَالِيَه
كِلاَهُمَا مُنْقَسمٌ لهَ لأَصْلِي ... وَتَبَعِيٍّ فِي صَرِيحِ النَّقْلِ
فَالْمُسَتَعَارُ إِنْ حَوَى الكُلِّيّهْ ... وَلَيْسَ مُشْتَقاً فَذِي أَصْلِيَّهْ
كَالسَّبْعِ مَعْ أُسَامَةٍ وَالْقَتْلِ ... وَحَاتِمٍ عَلَى أَصَحِّ قَوْلِ(1/3)
وَتَبَعيَّةٌ تَلِي المُشْتَقّا ... …ثُمَّ اسْمُ فِعْلٍ حُكْمَهَا اسْتَحَقّا
وَمِثْلُهُ المَنْصُوبُ وَالمُصَغَّرُ ... وَاسْمُ زَمَانٍ وَمَكانٍ يُؤْثَرُ
وَالمُبْهَمَاتُ كُلّهَا وَالحَرْفَا ... وَبَعْضُ ذَاك الخُلْفُ فِيهِ يُلْفى
فتِلْك فِي المُثْتَقِّ تَجْرِي بَعْدَ أَنْ ... بِمَصْدَرٍ تَجْرِي وَلَوْ بِقَرْنِ أَنْ
كَمَا بِمُطْلَقٍ لِمَعْنَى الحَرْفِ قَدْ ... جَرَتْ وَتَسْرِي فِيهِ حَسْبَما اطْرَدْ
فَقَدِّر التَشْبيهَ ثُمَّ اعْتبِرِ ... …لِمُطْلَقٍ فِي الحَرْفِ أَوْ لِمَصْدَرِ
وَخُذْ مِنَ المَصْدَرِ مَا اشْتَقَقْتَا ... وَاسْتَعِرِ الحَرْفَ الَّذي أَرَدْتا
وَخَالفَ الْعِصَامُ هَذَا الْقَوْلاَ ... وَقالَ بِالتَّشْبِيهِ لَيْسَ إِلاَّ
بَابُ الاستِعَارَةِ المَكْنيّةِ
مَكنيَّةٌ تَشْبِيهُهَا نَفْسِيٌّ ... …فَلَيسَ مِنْ أرْكَانِهَا لَفْظِيٌّ
سِوَى مُشَبَّهٍ وَمَا قَدْ خُصَّا ... بِمُسْتَّعَار إِذْ عَلَيْهِ نُصَّا
فَقِيلَ إِنَّما الَّذِي اسْتُعِيرَا ... …ولَمْ يَكُنْ فِي نَظْمِهَا مَذْكُورَا
وَذِكرُ مَا يَخُصُّهُ قَرِينَهْ ... …عَنْهُ لَدَى انْحِذَافِهِ مُبِينَهْ
وَاَخْتَارَ هَذَا المَذْهَبَ الجُمْهُورُ ... وَرَأيُهُمْ فِيهَا هُوَ المَنْصُورُ
وَقِيلَ وَهْوَ مَذْهَبُ الخَطِيبِ ... وَلَيْسَ فِيما قَالَ بِالْمُصِيبِ
بِأَنَّهَا التَّشبِيهُ أَعْنِي المُضْمَرَا ... وَوَسمُهُ بِالإِسْمِ عَنْ وَجْهٍ عَرَا
وَقِيْلَ إِنَّهَا هِيَ المُشَبَّهُ ... …مُتَّحِداً مَعْ مَا بِهِ يُشَبَّهُ
مُسْتَعْمَلاً فِيهِ بِالإِدِّعاءِ ... …وَذَا إِلَى السَّكَّاك ذُو انْتِماءِ
وَتَبَعِيَّةٌ يَرُدُّهَا إِلَى ... …قَرِينَةٍ لَهَا وَكُلٌّ عُلِّلاَ
وَجَازَ كَوْنُ لَفْظِ مَا قَدْ شُبِّهَا ... مُسْتَعْملاً فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ بِهَا
فَاجْتَمَعَتْ بِلَفْظِهَا المُصَرَّحَهْ ... جَرْياً عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَدْ رَجَّحَهْ(1/4)
فِي مَذْهَبِ السَّكَّاكِ هَذَا يَظهَرُ ... وَالجَمْعُ فِي سِوَاهُ لَيْسَ يُؤْثَرُ
وَجَوَّزُوا فِي مُفْرَدٍ أَنْ يَجْتَمِعْ ... مَكْنِيَّتَانِ وَهْوَ عَنْهُ قَدْ سُمِعْ
بَابُ قَرِينَتِها
هِيَ الَّذِي أُثْبِتَ لِلْمَذْكُورِ ... …مِنْ لاَزِمِ المَحْذُوفِ للِتَذْكِيرِ
وَلَفْظُهَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الأَصْلِ ... وَإِنَّمَا المَجَازُ فِيهِ عَقْلِي
وَسُمِّيَتْ إذَنْ بِتَخْيِيليَّهْ ... …وَمَا أَتتْ إِلاَّ مَعَ المَكْنِيَّهْ
كَذَا لَدَى الجُمْهُورِ وَالخَطِيبِ ... وَإِنْ أَبَى مَا مَرَّ عَنْ قَرِيبِ
وَصَاحِبُ الْكَشَّافِ قَدْ أَجَازَا ... إِفْرَادَهَا وَجَعْلَهَا مَجَازَا
فِيما لِمَا شَبَّهْتُهُ يُجَامِعُ ... …وَفِيهِ الاسْتِعْمَالُ أَيْضاً شَائِعُ
كَنَقْضِ عَهْدٍ فَهْيَ تَحْقِيقِيَّهْ ... وَوَافَقَ الجُمْهُورَ فِي الْبَقِيَّهْ
أَيْ عِنْدَ نَفْي كَوْنِهِ مُلاَئمَا ... أَوْ لَمْ يَكُنْ وَصْفُ الشُّيُوعِ قَائِمَا
وَالسَّمْرَقَنْدِي اخْتَارَ ذَا التَّفْصِيلاَ ... وَلمْ يَكُنْ يَرْضىَ الشُّيُوعَ قِيلاَ
وَجَوَّزَ السَّكَّاكُ أَنْ تُسْتَعْمَلاَ ... فِي مَحْضِ وَهْمِيّ بَدَا مُخيَّلاَ
وَأُفْرِدَتْ لَدَيْهِ عَنْ مَكْنِيَّهْ ... …معَ كَوْنِهَا تُدْعى تَخْيِيليَّهْ
وَاعْتَبِرِ الأَسْبَقَ إِنْ تَعَدَّدَا ... قرِينَةً وَالثَّانِ تَرْشيْحٌ بَدَا
لِذَاتِ تَخْيِيلٍ أَوِ المَكْنِيَّهْ ... …وَفِيهِ بَحْثٌ رُدَّ بِالْكُلِّيّهْ
وَجَوَّزَ الصَبَّانُ فِي المُصَرَّحَهْ ... إِلْحَاقَهَا بِهَذِهِ المُوَضَّحَهْ
بَابُ تَقْسِيمِ الاسْتِعَارَةِ بِاعْتِبَارَات مُخْتَلِفَةٍ
وَمذْهَبُّ السَّكَّاكِ أَنَّ مَا أَتَى ... مِنْ مُشْبهٍ حِساً وَعَقلاً ثَابِتاً
فَمَا بِهَا تُدْعَى بتَحْقِيقيَّهْ ... …وَإِنْ أَتَى وَهْماً فَتَخْييلِيَّهْ
وَمَا اجْتماعُ الطّرَفَيْنِ مُمْكِنُ ... بِهَا فَبِالْوِفاقِ وَصْفاً تُعْلِنُ(1/5)
وَهْيَ الْعِنَادِيَّةُ إِنْ وَصْفاً حَوَتَ ... بِالضًدِّ وَالنَّقِضِ أَيٌّ قَدْ ثَبَتْ
وَسُمِّيَتْ بِمُقْتضَى المَزِيَّهْ ... تَهَكُّمِيَّةً وَتْملِيحيَّهْ
وَسُمِّيَتْ عامِّيَّةً إِذْ يَظْهَرُ ... …جامعٌ أوْ خَاصِيَّةً إذْ يُسْتَرُ
وَقَدْ يكُونُ دَاخِلاً فِيما فُهِمْ ... منْ طَرَفَيْهَا وَسِوَاهُ قَدْ عُلِمْ
بَابُ تَقْسِيمِهَا بِاعْتِبَارِ المُلاَئمِ
إذَا غَدَتْ لِلْمُسْتَعَارِ مُفْصِحَهْ ... عَمَّا لَهُ لاَيمَ فَالْمُرَشَّحَهْ
وَجَرِّدَنْهَا عِنْدَ عَكْسٍ وَاطلِقَا ... لَهَا إِذَا عَنْ ذَيْنِ تَخْلُو مُطْلَقَا
وَإِن حَوَتْ لِلأَوَّلَيْنِ فَهْيَ فِي ... مَرْتَبَة الإِطْلاَقِ عِنْدَ المُقْتَفِي
وَقِيلَ بَلْ يُقْضَى لِسَابِقٍ وَمَا ... قَدْ زَادَ بِالتَّرْجِيحِ عَنْهُمْ وُسِمَا
وَالأَبْلَغُ التَّرْشِيحُ فالإِطْلاَقُ ... إِذْ مَا لَهُ بِضَعْفِهَا اعْتِلاَقُ
وَيُلْحَظُ التَّرْشيحُ وَالتَّجْرِيدُ ... بَعْدَ قَريِنَةٍ بِهَا ترْدِيدُ
فَمَا لِمكْنِيَّةٍ أوْ تَصْرِيحِ ... …لَيْسَتْ مِنَ التَجْرِيدِ وَالتَرْشِيحِ
وَمَيِّزَنَّهَا لَدَى التَّفَاوُتِ ... …عَنْهُ بِوَصْفِ قُوَّة الْعِّلاَقةِ
وَجَازَ أَنْ يَبْقَى عَلَى أَصْلٍ كَمَا ... جَوَّزُوا بِهِ بِمَا قَدْ لاَيَما
وَاعْتبرُوا طُرّاً لَهُ المَكْنِيَّهْ ... …قَرِينَةً إِنْ لَمْ تَكُنْ حَاليَّهْ
كَمَا بِتَصْرِيحيَّةٍ لَهُ تُعَدْ ... …قَرِينةً لَهَا إِذَا لَفْظاً تُرَدْ
بَابُ المَجَازِ المُرَكَّبِ
مُرَكَّبُ المَجَازِ مِثْلُ المُفْرَدِ ... بِكُلِّ مَا لَهُ اعْتبرْتَ يَقْتَدِي
وَسَمِّهِ اسْتِعَارَةً إِنْ كَانَتْ ... …عَلاَقَةُ التَشْبيِه فيهِ بَانَتْ
وَتِلْك تَمثِيلَّيةٌ وَالسَّيِّدُ ... …لَمْ يَرَ أَنَّ اللَّفْظَ فِيهَا مُفْرَدُ
وَقَالَ سَعْدُ الدِّينِ يَأتِي مُفْرَدَا ... مُسْتَشهِداً بِقَوْلِهِ عَلَى هُدَى(1/6)
وَاتَّفْقَا عَلَى اعتْبَارِ الجَامِعِ ... وَالطَّرَفَيْنِ هَيْئَةٌ فِي الْوَاقِعِ
ذَاتَ انْتِزَاعٍ مِنْ أُمورٍ ثُمَّ ذَا ... لِبَعْضِ أَقْسَامٍ مَضَتْ قَدْ يُحْتَذَى
أَجْزَاؤهَا تَبْقى عَلَى حَالَتِهَا ... قَبْلَ المَجاز الآتِ فِي جُمْلَتِهَا
وَإِنْ نَسَبْنَا اسْتِعَمَالهَا تُسَمَّى ... بِمَثَلٍ وَلاَ يَحُولُ عَمَّا
وَإنْ يَكُنْ يَحْوِي سِوَى مَا مَرَّ مِنْ …عَلاَقَةٍ فَمَا لهُ اسْمُ قَدْ زُكِنْ
وَالبَعْضُ سَمَّاهُ المَجَازَ المُرْسَلا ... فَلَمْ يَكُنْ اسْماً وَرَسْماً مُهمْلا
خَاتِمَةٌ
وَأَفْضَلُ المَجازِ تَمْثِيليَّهْ ... …مَكْنِيَّةٌ تَلْي فَتَصْرِيحيَّهْ
وَبَعْدَهَا المُرْسَلُ مِن مَجَازِ ... وَهْوَ لِمَا عَداهُ ذُو امْتِيَازِ
وَهَاكَ مَا قَصَدْتُهُ مِنْ مُلْحَتِي ... فَادْفَعْ إِذَا صَادَفْتَ سَهْواً بِالّتِي
وَقَدْ نَظَمْتُهَا وَقلْبِي فِي قَلَقْ ... وَالْعَيْنُ بِالْغُرْبَةِ مِنِّي فِي أَرَقْ
بِمَوْطِنِ الخِلاَفَةِ الأُستَانَهْ ... …دَارِ العُلاَ وَالمَجْدِ وَالمَكانَهْ
مَعْ أنَّني نَظَمْتُها فْي يَوْمِ ... …مَعْ بَعْضِ لَيْلَةٍ بجِمعِ الْقَوْمِ
أَبْوَابُهَا عَدَّا كَبَابِ الجَنَهْ ... …أَرْجُو بِهَا يُمناً تَمَامَ المِنَّهْ
فالحَمْدُ للّهِ عَلى التَّمامِ ... …وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ
عَلَى النَّبِي المُصْطفَى وَالآلِ ... وَصَحْبِهِ أَهِلَّةِ الْكَمَالِ
* * *
تمَّتْ هَذِهِ المُلْحَةُ نَظْماً بالْقسْطَنْطينَّيِة سنة 1280هجرية .(1/7)