مَتنُ الجوهر المكنون
في الثلاثة فنون
(البيان والمعاني و البديع)
للعلاّمَةِ
عَبْدِ الرَّحمنِ الأَخْضَرِي(1/1)
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
خطبة الكتاب
1 ... الحَمْدُ لله البديع الهادي ... إلى بيان مهيع الرشاد
2 ... أمدَّ أرباب النهى ورسما ... شمس البيان في صدور العُلَما
3 ... فأبصروا معجزة القرآن ... واضحة بساطع البرهان
4 ... وشاهدوا مطالعَ الأنوارِ ... وما احتوت عليه مِنْ أسرارِ
5 ... فنَزَّهوا القلوب في رياضِهِ ... وأوردوا الفِكْر على حياضهِ
6 ... ثم صلاة الله ما ترنَّما ... حادٍ يسوق العيس في أرض الحمى
7 ... على نبينا الحبيب الهادي ... أجلِّ كلِّ ناطقٍ بالضاد
8 ... محمدٍ سيدِ خلقِ اللهِ ... العربيِّ الطاهرِ الأوّاهِ
9 ... ثم على صاحبه الصدّيقِ ... حبيبِه وعمرَ الفاروقِ
10 ... ثم أبي عمرو إمام العابدينْ ... وسطوةِ الله إمامِ الزاهدينْ
11 ... ثم على بقية الصحابةْ ... ذوي التقى والفضل والإنابةْ
12 ... والمجدِ والفُرصةِ والبراعةْ ... والحزمِ والنجدةِ والشجاعةْ
13 ... ما عكف القلب على القرآنِ ... مرتقياً لحضرة العرفانِ
14 ... هذا وإنَّ درر البيانِ ... وغررَ البديع والمعاني
15 ... تهدي إلى مواردٍ شريفةْ ... ونُبذةٍ بديعةٍ لطيفةْ
16 ... من علم أسرار اللسان العربي ... ودَرْكِ ما خُصَّ به مِنْ عَجَب(1/2)
17 ... لأنه كالروح للإعرابِ ... وهو لعلم النحوِ كاللُّبابِ
18 ... وقد دعا بعضٌ من الطلابِ ... لِرَجَزٍ يهدي إلى الصوابِ
19 ... فجئته بِرَجَزٍ مُفيدِ ... مُهَذّبٍ مُنَقَّحٍ سديدِ
20 ... ملتَقِطاً مِنْ دُرَرِ التلخيصِ ... جواهراً بديعةَ التخليصِ
21 ... سلكتُ ما أَبْدى مِنَ الترتيبِ ... وما أَلَوْتُ الجهدَ في التهذيبِ
22 ... سَمَّيتُهُ بالجوهرِ المَكْنونِ ... في صَدَفِ الثلاثةِ الفنونِ
23 ... واللَّهَ أرجو أن يكونَ نافعا ... لكلِّ مَنْ يقرَؤُهُ ورافعا
24 ... وأن يكون فاتحاً للبابِ ... لجملة الإخوان والأصحابِ
{ المقدمة }
25 ... فصاحةُ المفرد أَنْ يَخْلُصَ مِنْ ... تنافرٍ غرابةٍ خُلْفٍ زُكِنْ
26 ... وفي الكلام مِنْ تنافُرِ الكَلِمْ ... وضَعْفِ تأليفٍ وتعقيد سَلِمْ
27 ... وذي الكلام صفةٌ بها يُطيْقْ ... تأديةَ المقصودِ باللَّفظِ الأنيقْ
28 ... وجعلوا بلاغةَ الكلامِ ... طِباقَهُ لِمُقتضى المَقامِ
29 ... وحافظٌ تأديةَ المعاني ... عَنْ خَطَأٍ يُعْرَفُ بالمعاني
30 ... وما مِنَ التعقيدِ في المعنى يَقِي ... لَهُ البيانُ عِنْدَهُمْ قَدِ انْتُقي
31 ... وما به وجوهُ تحسين الكَلامْ ... تَعْرِفُ يُدْعى بالبَديعِ والسَّلامْ
{ الفن الأول: علم المعاني }
32... عِلْمٌ به لمقتضى الحالِ يُرى ... لفظٌ مطابقاً وفيه ذُكرا
33... إسنادُ مُسنَدٌ إِلَيْهِ مُسْنَدُ ... وَمُتَعَلَّقاتُ فِعلٍ تُورَدُ
34 ... قَصْرٌ وَإِنْشاءٌ وَفَصْلٌ وَصْلٌ اْوْ ... إيجازٌ اطنابٌ مُساواةٌ رأَوْا
{ الباب الأول: أحوال الإسناد الخبري }
35 ... الحُكْمُ بالسلبِ أوِ الإيجابِ ... إِسْنادُهمْ. وَقَصْدُ ذي الخِطابِ
36 ... إفادةُ السامعِ نَفْسَ الحكْمِ ... أوْ كَوْنَ مُخْبِرٍ به ذا عِلْم
37 ... فأولٌ فائدةٌ والثاني ... لازِمُها عِنْدَ ذوي الأذهانِ
38 ... وربما أُجْرِيَ مُجْرَى الجاهِلِ ... مُخاطَبٌ إِنْ كانَ غيرَ عاملِ
39 ... كقولنا لعالمٍ ذي غفلةِ ... الذكرُ مفتاحٌ لبابِ الحضرةِ
40 ... فينبغي اقتصارُ ذي الإِخبارِ ... على المفيد خَشْيةَ الإكثارِ
41 ... فيُخْبِرُ الخالي بلا توكيدِ ... ما لَمْ يَكُنْ في الحُكْمِ ذا تَرْديدِ
42 ... فَحَسَنٌ ومُنْكِرُ الأَخبارِ ... حَتِّمْ له بِحَسَبِ الإنكارِ
43 ... كقوله: (إنّا إليكم مُرْسَلونْ) ... فزاد بعدَ ما اقتضاهُ المنكِرونْ
44 ... لِلَّفظِ الابتداءِ ثمَّ الطلبِ ... ثُمَّتَ الاْنكارِ الثلاثةَ اْنسُبِ
45 ... واسْتَحْسِنِ التَّوْكيدَ إِنْ لَوَّحْتَ لَهْ ... بِخَبَرٍ كَسائِلٍ في الْمَنْزِلَةْ
46 ... وألحقوا أَمارةَ الإِنكار بِهْ ... كَعَكْسِهِ لِنُكْتَةٍ لَمْ تَشْتَبِهْ
47 ... بِقَسَمٍ قَدْ إِنَّ لامِ الاْبْتِدا ... ونُونَيِ الْتَّوْكيدِ وَاْسْمٍ أَكِّدا
48 ... والنَّفْيُ كالإثباتِ في ذا الْبابِ ... يَجْري على الثلاثةِ الأَلْقابِ
49 ... بِإِنْ وَكانَ لامٍ أَوْ بَاءٍ يَمينْ ... كَـ "ما جليسُ الفاسقين بالأمين"(1/3)
)فصل: في الإسناد العقلي(
50 ولحقيقةٍ مجازٍ وردا
للعقلِ منسوبين أمّا المُبتدا
51 إسنادُ فِعْلٍ أو مُضاهيهِ إلى
صاحِبِهِ كَـ "فاز من تَبَتَّلا"
52 أقسامُه مِنْ حيثُ الاعتقادُ
وواقعٌ أربعةٌ تفادُ
53 والثانِ أَنْ يُسْنَد للملابَسِ
ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ"ثوبٍ لابِسِ"
54 أقسامُه بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فيْ
جُزْأيهِ أَرْبَعٌ بلا تَكَلُّفِ
55 وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ
أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ
)الباب الثاني: في المسند إليه(
56 يُحْذَفُ لِلْعِلْمِ وَلاخْتِبارِ
مُسْتَمِعٍ وَصَحَّةِ الإِنْكارِ
57 سَتْرٍ وَضِيقِ فُرْصَةٍ إِجْلالِ
وعَكْسِهِ وَنَظْمٍ اسْتِعْمالِ
58 كَـ"حبذا طريقةُ الصوفيَّةْ
تهدي إلى المرتَبَةِ العليَّةْ"
59 واذكُرْهُ لِلأَصْلِ والاحْتِياطِ
غَباوَةٍ إِيضاحٍ انْبِساطِ
60 تلذُّذٍ تَبَرُّكٍ إِعْظامِ
إِهانَةٍ تَشَوُّقٍ نِظامِ
61 تَعَبُّدٍ تَعَجُّبٍ تَهْويلِ
تَقْريرٍ اْو إِشْهادٍ اْوْ تَسْجيلِ
62 وَكَوْنِهِ مُعَرَّفاً بِمُضْمَرِ
بِحَسَب المقام في النحوِ دُري
63 والأَصْلُ في المخاطَبِ التَّعْيينُ
والتَّرْكُ لِلشُّمولِ مُسْتَبينُ
34 وكونُهُ بِعَلَمٍ لِيَحْصُلا
بِذِهْنِ سامِعٍ بِشَخْصٍ أوَّلا
65 تَبَرُّكٌ تَلَذُّذٌ عِنايَةْ
إِجْلالٌ او إِهانَةٌ كِنايَةْ
66 وكونُهُ بِالوَصْلِ لِلتَّفْخيمِ
تَقْريرٍ اوْ هُجْنَةٍ اوْ تَوْهيمِ
67 إيماءٍ او توجُّهِ السامِعِ لَهْ
أوْ فَقْدِ عِلْمِ سامِعٍ غَيْرِ الصِّلةْ
68 وَبِإِشارَةٍ لِكَشْفِ الحالِ
مِنْ قُرْبٍ اوْ بُعْدٍ أَوِ اسْتِجْهالِ
69 أوْ غايةِ التّمْييزِ والتعظيمِ
والحَطِّ والتنبيهِ والتفخيمِ
70 وكونُهُ باللاّمِ في النّحوِ عُلِمْ
لكِنَّ الاسْتِغْراقَ فِيهِ يَنْقَسِمْ
71 إلى حقيقيٍّ وَعُرْفيٍّ وَفي
فَردٍ مِنَ الجَمْعِ أَعَمَّ فَاقْتَفي
72 وَبِإضافَةٍ لِحَصْرٍ وَاخْتِصارْ
تَشْريفِ أَوَّلٍ وَثانٍ وَاحْتِقارْ(1/4)
73 تَكافؤٍ سآمةٍ إِخْفاءِ
وَحَثٌٍّ اوْ مَجَازٍ اسْتِهْزاءِ
74 وَنَكّروا إِفراداً اوْ تَكْثيرا
تَنْويعاً اوْ تعظيماً او تَحْقيرا
75 كَجَهْلٍ اوْ تجاهُلٍ تَهْويلِ
تَهْوينٍ اوْ تَلْبيسٍ اوْ تَقْليلِ
76 وَوَصْفِهِ لِكَشْفٍ اوْ تَخْصِيصِ
ذَمٍ ثَنا تَوكيدٍ اوْ تَنْصيصِ
77 وأكدوا تقريراً اوْ قصدَ الخُلوصْ
مِنْ ظنِّ سَهْوٍ اوْ مجازٍ اوْ خُصوصْ
78 وَعَطفوا عَلَيْهِ بالبَيانِ
بِاسْمٍ بِهِ يَخْتَصُّ للبيانِ
79 وأبدَلوا تقريراً أو تحصيلا
وعطفوا بِنَسَقٍ تفصيلا
80 لأَحَدِ الجُزْأينِ أَوْ رَدٍّ إِلى
حَقٍ وَصَرْفِ الحُكْمِ لِلّذي تَلا
81 والشكِ والتشكيكِ والإِبهامِ
وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ الأَحْكامِ
82 وَفَصْلُه يُفيدُ قَصْرَ المُسْنَدِ
عَليه كـ"الصوفيُّ هُوَ المهتدي"
83 وقدَّموا للأصلِ أوْ تشويفِ
لخبرٍ تلذذٍ تشريفِ
84 وَحَطٍ اهْتِمامٍ اوْ تنظيمِ
تفاؤلٍ تخصيصٍ اوْ تعميمِ
85 إِنْ صاحَبَ المُسْندَ حَرْفُ السَّلبِ
إِذْ ذاكَ يَقتضي عُمومَ السَّلْبِ
)فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر(
86 وخرجوا عن مقتضى الظواهرِ
كَوَضْعِ مُضْمَرٍ مَكانَ ظاهِرِ
87 لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمالِ
تَمْييزٍ اوْ سُخْرِيَةٍ إِجْهالِ
88 أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعوى الظّهورِ وَالمَدَدْ
لِنُكْتَةِ التّمكينِ كَـ"اللهُ الصَّمَدْ"
89 وقصدِ الاستعطافِ والإرهابِ
نحوُ "الأَميرُ واقِفٌ بالبابِ"
90 وَمِنْ خِلافِ المُقتَضى صَرْفُ مُرادْ
ذي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ ما أَرادْ
91 لِكَوْنِهِ أَوْلى بِهِ وَأَجْدَرا
كَقِصَّةِ الحَجَّاجِ وَالقَبَعْثَرى
92 والالتفاتُ وَهْوَ الانْتِقالُ مِنْ
بَعْضِ الأساليبِ إِلى بَعْضٍ قُمِنْ
93 والوَجْهُ الاسْتِجلابُ لِلْخِطابِ
وَنُكْتَةٍ تَخُصُّ بَعْضَ البابِ
94 وَصيغةُ الماضي لآتٍ أَوْردوا
وَقَلَبوا لِنُكْتَةٍ وَأَنْشَدوا
95 وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجاؤهُ
كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَماؤهُ
(1/5)
)البابُ الثالِثُ: المُسْنَدُ(
96 يحذف مسندٌ لما تقدما
والتزموا قرينةً لِيُعْلَما
97 وذِكْرُه لِمَا مَضى أَوْ لِيُرى
فِعْلاً أَوِ اسْماً فَيُفيدُ المُخْبَرا
98 وأفردوهُ لانعدامِ التقوِيَةْ
وَسَبَبٍ كَـ"الزهدُ رأسُ التزكيةْ"
99 وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتقييدِ
بِالوَقْتِ مَعْ إِفادَةِ التَّجْديدِ
100 وَكَوْنُهُ اسْماً لِلثّبوتِ والدَّوامْ
وَقَيَّدوا كَالفِعْلِ رَعْياً لِلتَّمامْ
101 وَتَركوا تَقييدَهُ لِنُكْتَةِ
كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتهازِ فُرْصَةِ
102 وَخَصّصوا بالوَصْفِ وَالإِضافَةْ
وَتَركوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
103 وَكَوْنَهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ
فَلِمعاني أَدَواتِ الشَّرْطِ
104 وَنَكَّروا اتّباعاً اوْ تفخيما
حَطّاً وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تعميما
105 وَعَرَّفوا إِفادَةً لِلْعِلْمِ
بِنِسْبَةٍ أَوْ لازمٍ لِلْحُكْمِ
106 وَقَصَروا تحقيقاً اوْ مُبالَغَةْ
بِعَرْفِ جِنْسِهِ كَـ"هِنْدٌ بالغةْ"
107 وجملة لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَةْ
كـ"الذكرُ يهدي لطريقِ التصفيةْ"
108 واسمية الجملة والفعلية
وشرطها لنكتة جلية
109 وأخروا أصالة وقدموا
لقصْر ما به عليه يُحْكَمُ
110 تنبيهٍ اوْ تفاؤلٍ تشوُّفِ
كَـ"فازَ بالحضرةِ ذو تصوُّفِ"
)الباب الرابع: في متعلقات الفعل(
111 والفعلُ مَعْ مفعولهِ كَالفِعْلِ مَعْ
فاعِلِهِ فيما لَهُ مَعْهُ اجْتَمَعْ
112 وَالغَرَضُ الإِشْعارُ بِالتَّلَبُّسِ
بواحدٍ مِنْ صاحبيهِ فَائْتَسِ
113 وغيرُ قاصرٍ كقاصِرٍ يُعَدْ
مَهْما يَكُ المَقْصودُ نِسْبَةً فَقَدْ
114 ويُحذفُ المفعولُ بالتعميمِ
وهُجْنةٍ فاصِلَةٍ تَفْهيمِ
115 من بعد إبهامٍ ولاختصارِ
كـ"بلِّغِ المولعَ بالأذكارِ"
116 وجاء للتخصيص قبل الفِعْلِ
تَهَمُّمٍ تبرّكٍ وفَصْلِ
117 واحكم لمعلولاتِهِ بما ذُكِرْ
والسُّر في الترتيبِ فيها مُشْتَهِرْ
(الباب الخامس: القصر)
118 تخصيص أمر مطلقاً بأمرِ
هو الذي يدعونه بالقَصْرِ
(1/6)
119 يكون في الموصوف والأصافِ
وَهْوَ حقيقيٌّ كما إضافي
120 لقلبٍ او تعيينٍ اوْ إفرادِ
كـ "إنما ترقى بالاستعدادِ"
121 وأدواتُ القصرِ إلا إنما
عطفٌ وتقديمٌ كما تقدّما
(الباب السادس: في الإنشاء)
122 ما لم يكن محتملاً للصدقِ
والكِذْبِ الإنشا كَـ "كن بالحقِّ"
123 والطلبُ استدعاءُ ما لم يحصلِ
أقسامُهُ كثيرةُ ستنجلي
124 أمرٌ ونهيٌ ودعاءٌ وندا
تمنٍّ استفهامٌ اعطيتَ الهدى
125 واستعملوا كليتَ لَوْ وَهَلْ لَعَلْ
وحرفَ تحضيضٍ والاستفهامَ هَلْ
126 أيُّ متى أيّانَ أينَ مَنْ وما
وَكَيْفَ أنّى كَمْ وهَمزٌ عُلِما
127 والهمزُ للتصديقِ والتصورِ
3 وبالذي يليهِ معناهُ حَرِي
128 وَهَلْ لتصديقٍ بعكسِ ما غَبَرْ
ولفظُ الاستفهام ربّما عَبَرْ
129 لأمرٍ استبطاءٍ اوْ تقريرِ
تعجّبٍ تهكّمٍ تحقيرِ
130 تنبيهٍ استبعادٍ او ترهيبِ
إنكارِ ذي توبيخٍ اوْ تكذيبِ
131 وقد يَجيْ أمرٌ ونهيٌ ونِدا
في غيرِ معناهُ لأمرٍ قُصِدا
132 وصيغةُ الإخبارِ تأتي للطَّلَبْ
لِفَأْلٍ اوْ حِرْصٍ وَحَمْلٍ وَأَدَبْ
(الباب السابع: الفصل والوصل)
133 الفصل ترك عطف جملةٍ أَتَتْ
مِنْ بعدِ أُخرى عَكْسُ وصلٍ قَدْ ثَبَتْ
134 فافْصِلْ لَدى التَّوكيدِ وَالإبْدالِ
لِنُكْتَةٍ وَنيَّةِ السؤالِ
135 وعدمِ التشريكِ في حُكْمٍ جَرى
أَوْ اخْتِلافٍ طَلَباً وَخَبَرا
136 وَفَقْدِ جامعٍ وَمَعْ إِيهامِ
عَطْفٍ سِوى المقصودِ في الكلامِ
137 وصِلْ لدى التشريكِ في الإعرابِ
وقَصْدِ رَفْعِ اللَّبْسِ في الجوابِ
138 وَفِي اتِّفاقٍ مَعَ الاتِّصالِ
في عَقْلٍ اوْ في وَهْمٍ او خيالِ
139 والوصل مع تناسبٍ في اسمٍ وفي
فِعْلٍ وَفَقْدِ مانِعٍ قَدِ اصْطُفي
(الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة)
140 تأديةُ المعنى بلفظٍ قَدْرِهِ
هِيَ المساواةُ كَـ "سِرْ بِذِكرِه"
141 وبِأقلَّ مِنْهُ إِيجازٌ عُلِمْ
وَهْوَ إلى قَصْرٍ وَحَذفٍ ينْقَسِمْ
(1/7)
142 كَ "عَن مَجالِسِ الفُسوقِ بُعْدا"
ولا تُصاحب فاسقاً فتردى
143 وعكسه يُعرَفُ بالإطنابِ
كَ"الزمْ رعاكَ اللَّهُ قَرْعَ البابِ"
144 يجيءُ بالإيضاحِ بَعْدَ اللَّبسِ
لِشوْقٍ اوْ تَمَكُّنٍ في النّفسِ
145 وجاءَ بالإيغالِ والتذييلِ
تكريرٍ اعتراضٍ اوْ تكميلِ
146 يُدعى بالاحتراسِ والتّتميمِ
وَقَفْوِ ذي التخصيصِ ذا التعميمِ
147 وَوَصْمةُ الإخلالِ والتطويلِ
والحَشوِ مردودٌ بلا تفصيلِ
(الفن الثاني: علم البيان)
148 فنُّ البيانِ عِلْمُ ما بهِ عُرِفْ
تأدية المعنى بِطُرْقٍ مختَلِفْ
149 وضوحُها واحصره في ثلاثةِ
تبشبيهٍ او مجازٍ او كنايةِ
(فصلٌ: في الدلالة الوضعيّة)
150 والقصدُ بالدلالة الوضعيَّةْ
على الأصحِّ الفهمُ لا الحيثيّةْ
151 أقاسمها ثلاثةٌ مطابقةْ
تضمّنُ التزامٌ امّا السابقةْ
152 فهي الحقيقهْ ليسَ في البيانِ
بحثٌ لها وعَكسها العقليّتانْ
(البابُ الأوّل: التشبيه)
153 تشبيهنا دلالةٌ على اشتراكْ
أمرينِ في معنىً بآلةٍ أتاكْ
154 أركانهُ أربعةٌ وجْهٌ أداةْ
وَطَرَفاهُ فاتّبِعْ سُبْلَ النَّجاةْ
155 فَصِلْ، وحِسِّيانِ مِنْهُ الطَّرَفانْ
أيضاً وعقليّانِ أو مُختلِفانْ
156 والوَجهُ ما يشْتَرِكانِ فيهِ
وداخِلاً وخارجاً تُلْفيهِ
157 وخارجٌ وَصْفٌ حقيقيٌّ جَلا
بِحِسٍّ او عَقلٍ ونِسبيٍّ تلا
158 وواحداً يكونُ أوْ مؤلَّفا
أوْ مُتَعَدِّداً وكلٌّ عُرِفا
159 بِحِسٍّ اوْ عَقْلٍ وَتشبيهٍ نُمي
في الضدِّ للتلميحِ والتَّهكُّمِ
(فصلٌ: في أداةِ التشبيه وغايته وأقسامه)
160 أداتُهُ كافٌ كأنَّ مِثْلُ
وكُلُّ ما ضاهاهَاْ ثُمَّ الاْصلُ
161 إيلاءُ ما كالكافِ ما شُبِّهَ بِهْ
بِعَكسِ ما سِواهُ فاعْلَمْ وانتَبِهْ
162 وَغايَةُ التّشبيهِ كشْفُ الحالِ
مِقدارٍ اوْ إمكانٍ اوْ إيصالِ
163 تزيينٍ او تشويهٍ اهتِمامِ
تنويهٍ استطرافٍ او إيهامِ
164 رُجحانُهُ في الوًجهِ بالمقلوبِ
(1/8)
كاللّيثِ مِثْلُ الفاسِقِ المَصْحوبِ
165 وباعتبارِ طَرَفَيْهِ يَنقَسِمْ
أربعةً تركيباً افراداً عُلِمْ
166 وباعتبارِ عَدَدٍ ملفوفٌ اوْ
مَفروقٌ اوْ تَسوِيَةٌ جَمْعٌ رَأَوْا
167 وباعتبارِ الوجهِ تمثيلٌ إذا
مِنْ مُتَعَدِّدٍ تراهُ أُخِذا
168 وباعتبارِ الوَجْهِ أيْضاً مُجْمَلُ
خَفِيٌّ اوْ جَلِيٌّ اوْ مُفَصَّلُ
169 ومِنْهُ باعتبارِهِ أيضاً قريبْ
وَهْوَ جَلِيُّ الوَجْهِ عَكسُهُ الغَريبْ
170 لِكَثْرَةِ التّفصيلِ أوْ لِنُدَرةِ
في الذّهْنِ كالتّركيبِ في كـ"نُهْيَةِ"
171 وباعتبارِ آلَةٍ مُؤكَّدُ
بِحَذفِها ومُرْسَلٌ إذْ تُوجَدُ
172 وَمِنْهُ مَقْبولٌ بغايةٍ تَفيْ
وَعَكْسُهُ المَرْدودُ ذو التَّعسُّفِ
173 وأبلَغُ التّشبيهِ ما مِنْهُ حُذِفْ
وَجْهٌ وآلَةٌ يَليهِ ما عُرِفْ
(البابُ الثاني: في الحقيقةُ والمجاز)
174 حقيقةٌ مستعملٌ فيما وُضِعْ
لَهُ بِعُرْفِ ذي الخِطابِ فاتَّبِعْ
175 ثمَّ المجازُ قَدْ يجيءُ مُفرَدا
وَقَدْ يَجِيْ مُرَكَّباً فالمُبتَدا
176 كَلِمَةٌ غابَرَتِ الموضوعَ مَعْ
قَرينةٍ لِعَلْقَةٍ نِلْتَ الوَرَعْ
177 كاخلَعْ نِعالَ الكونِ كَيْ تراهُ
وَغُضَّ طَرْفَ الْقَلْبِ عَنْ سِواهُ
178 كِلاهُما شَرْعِيٌّ اوْ عُرْفِيُّ
نَحْوُ "ارْتقَى للحَضْرَةِ الصُّوفِيُّ"
179 أو لُغَوِيٌّ والمجازُ مُرْسَلُ
أوِ استعارَةٌ فأمّا الأوَّلُ
180 فما سِوى تَشابُهٍ علاقَتُهْ
جُزءٌ وكلٌّ اوْ مَحلٌّ آلَتُهْ
181 ظَرْفٌ وَمَظروفٌ مُسَبَّبٌ سَبَبْ
وَصْفٌ لماضٍ أوْ مآلٍ مُرْتَقَبْ
(فصل: في الاستعارة)
182 والاستعارةُ مجازٌ عَلْقَتُهْ
تشابُهٌ كَأَسَدٍ شَجاعَتُهْ
183 وَهْيَ مجازٌ لُغَةً على الأصَحْ
وَمُنِعَتْ في عَلَمٍ لِما اتّضَحْ
184 وَفَرْداً أوْ مَعدوداً او مُؤَلّفا
مِنْهُ قرينَةٌ لَها قَدْ ألَّفا
185 ومَعْ تنافي طَرَفَيْها تَنتَمي
إلى العنادِ لا الوِفاقِ فاعْلَمِ
(1/9)
186 ثمَّ العنادِيَّةُ تَلْميحيَّةْ
تُلْفى كما تُلْفى تَهَكُّمِيَّة
187 وباعتبارِ جامِعٍ قريبَةْ
كَـ"قَمَرٍ يَقرَأُ" أوْ غريبةْ
188 وباعتبارِ جامِعٍ وطَرَفَيْنْ
عَقْلاً وحِسّاً سِتَّةٌ بِغَيْرِ مَيْنْ
189 واللّفظُ إن جِنْساً فَقُلْ أَصْلِيَّةْ
وَتَبَعِيَّةً لَدى الوَصْفِيَّةْ
190 والفعلِ والحرفِ كـ"حالِ الصّوفيْ
يَنطِقُ أنَّهُ المنيبُ المُوفيْ"
191 وأطلِقَتْ وَهْيَ التي لم تقتَرِنْ
بِوَصْفٍ اوْ تَفريعِ أمْرٍ فاستَبِنْ
192 وجُرَِدَتْ بلائقٍ بالفَصْلِ
ورُشّحَتْ بلائِقٍ بالأَصْلِ
193 نَحْوُ "ارْتَقى إلى سماء القُدْسِ
ففاقَ مَنْ خلّفَ أرضَ الحسِّ"
194 أبْلَغُها التّرشيحُ لابتنائِهِ
على تناسي الشَّبْهِ وانتِفائِهِ
(فصل: في التحقيقيّة والعقليّة)
195 وذاتُ معنىً ثابِتٍ بِحِسٍّ اوْ
عَقْلٍ فَتَحْقيقِيَّةٌ كّذا رَأَوْا
196 كـ"أشْرَقَتْ بَصائِرُ الصُّوفِيّةْ
بنورِ شَمْسِ الحَضْرَةِ القُدْسِيّةْ"
(فصل: في المكنيّة)
197 وحيثُ تشبيهٌ بِنَفسٍ أضْمَرا
وما سِوى مُشَبَّهٍ لَمْ يُذكَرا
198 ودَلَّ لازِمٌ لِما شَبَّهَ بِهْ
فذلكَ التشبيهُ عِنْدَ المُنْتَبِهْ
199 يُعْرَفُ باسْتِعارَةِ الكِنايةِ
وذِكْرُ لازِمٍ بتخييليَّةِ
200 كـ"أَنْشَبَتْ مَنِيَّةٌ أظْفارَها
وأَشْرَقَتْ حَضْرَتُنا أنوارَها"
(فصل: في تحسينِ الكناية)
201 مُحَسِّنُ استعارةٍ تَدريهِ
بِرَعْيِ وَجْهِ الحُسْنِ للتّشبيهِ
202 والبُعْدِ عَنْ رائحَةِ التّشبيهِ في
لَفظٍ وليسَ الوَجهُ ألغازاً قُفي
(فصل: في تركيب المجاز)
203 مُرَكَّبُ المجازِ ما تَحَصَّلا
في نِسبَةٍ أَوْ مِثْلِ تمثيلٍ جلا
204 وإنْ أتى استعارةً مرَكَّبُ
فَمَثَلاً يُدعى ولا يُنَكَّبُ
(فصل: في تغييرِ الإعراب)
205 ومنهُ ما إعرابُهُ تَغَيَّرا
بِحَذفِ لَفظٍ أَوْ زيادَةٍ تُرى
(البابُ الثالث: في الكناية)
206 لفظٌ به لازمُ معناهُ قُصِدْ
(1/10)
مَعَ جَوازِ قَصدِهِ مَعْهُ يَرِدْ
207 إلى اختصاصِ الوَصْفِ بالموصوفِ
كـ"الخيرُ في العزلةِ يا ذا الصّوفي"
208 ونَفسِ موصوفٍ ووَصْفٍ والغَرَضْ
إيضاحٍ اختصارٍ اوْ صَوْنٍ عَرَضْ
209 أوِ انتفاءِ اللّفظِ لاستهجانِ
ونَحْوِهِ كاللّمسِ والإتيانِ
(فصل: في مراتب الكناية)
210 ثمَّ المجازُ والكُنى أبْلَغُ مِنْ
تَصْريحٍ اوْ حقيقةٍ كَذا زُكِنْ
211 في الفَنِّ تَقديمُ استعارةٍ على
تشبيهٍ ايضاً باتفاقِ العُقلا
(الفنُّ الثالث: البديع)
212 عِلْمٌ بِهِ وجوهُ تَحسينِ الكلامْ
تُعْرَفُ بَعْدَ رَعْيِ سابِقِ المرامْ
213 ثمَّ وجوهُ حُسنِهِ ضَرْبانِ
بِحَسَبِ الألفاظِ والمعاني
(الضّربُ الأوّل: المعنويّ)
214 وَعُدَّ مِنْ ألقابِهِ المطابقةْ
تشابُهُ الأطرافِ والموافَقَةْ
215 والعكسُ والتسهيمُ والمشاكلةْ
تزاوُجٌ رجوعٌ او مقابلةْ
216 تورِيةٌ تُدعى بإيهامٍ لِما
أُريدَ معناهُ البعيدُ مِنْهُما
217 ورُشِّحَتْ بما يلائمُ القريبْ
وجُرِّدَتْ بِفَقْدِهِ فَكُنْ مُنيبْ
218 جمعٌ وتفريقٌ وتقسيمٌ ومَعْ
كليهما أوْ واحِدٍ جمعٌ يَقَعْ
219 واللّفُ والنّشرُ والاستخدامُ
أيضاً وتجريدٌ لهُ أقسامُ
220 ثمّ المبالَغَةُ وصْفٌ يُدّعى
بُلوغُهُ قَدْراً يُرى ممتَنِعا
221 أوْ نائياً وَهْوَ على أنْحاءِ
تبليغٍ اغراقٍ غُلُوٍّ جاءِ
222 مقبولاً او مردوداً التّفريعُ
وحُسْنُ تعليلٍ لَهُ تنْويعُ
223 وقد أتوا في المذهبِ الكلامي
بحُجَجٍ كَمَهْيَعِ الكلامِ
224 وأكّدوا مَدْحاً بِشِبْهِ الذّمِّ
كالعَكْسِ والإدماجِ مِنْ ذا العِلْمِ
225 وجاء الاستتباعُ والتوجيهُ ما
يَحْتَمِلُ الوجْهينِ عِنْدَ العُلَما
226 وَمِنهُ قَصْدُ الجِدِّ بالهَزْلِ كَما
يُثْنَى على الفخورِ ضِدَّ ما اعْتَمى
227 وَسَوْقُ معلومٍ مساقَ ما جهلْ
لنكتةٍ تجاهُلٍ عنهمْ نُقِلْ
228 والقولُ بالموجِبِ قُلْ ضربانِ
كلاهُما في الفَنِّ معلومانِ
(1/11)
229 والاطرادُ العطفُ بالآباءِ
للشخصِ مطلقاً على الولاءِ
(الضّربُ الثاني: اللفظيّ)
230 منه الجناسُ وَهْوَ ذو تمامِ
مَعَ اتحادِ الحرفِ والنّظامِ
231 وَمُتَماثلاً دُعيْ إنِ ائْتَلَفْ
نوعاً ومُستوفىً إذا النوعُ اختَلَفْ
232 "لنْ يعْرِفَ الواحِدَ إلا واحدا"
فاخرج عنِ الكونِ تكنْ مشاهِدا
233 ومِنْهُ ذو التركيبِ ذو تشابُهِ
خطّاً ومفروقٌ بلا تشابُهِ
234 وإنْ بهيئةِ الحُروفِ اخْتَلَفا
فَهْوَ الذي يدعونَهُ المحرَّفا
235 وناقِصٌ معَ اختلافٍ في العددْ
وشَرْطُ خُلفِ النّوعِ واحِدٌ فَقَدْ
236 وَمَعْ تقارُبٍ مضارِعاً أُلِفْ
وَمَعْ تباعُدٍ بلا حقٍّ وصِفْ
237 وهوَ جناس القَلْب حيثُ يَخْتَلِفْ
ترتيبها للكلِّ والبعضَ أَضِفْ
238 مُجَنَّحاً يُدعى إذا تقاسَما
بيتاً فكان فاتحاً وخاتِما
239 ومعْ توالي الطَّرَفيْنِ عُرِفا
مُزدَوجاً كلُّ جِناسٍ أُلِفا
240 تناسُبُ اللّفْظَيْنِ في اشتقاقِ
وشِبْهِه فذاكَ ذو التحاقِ
241 ويَرِدُ التجنيسُ بالإشارةْ
مِنْ غَيْرِ أنْ يُذكَرَ بالعبارةْ
242 ومِنْهُ ردُّ عَجُزِ اللّفظِ على
صَدْرٍ فَفي نَثْرٍ بِفَقْرَةٍ جَلا
243 مكتنفاً والنّظمُ الاوّلْ أوّلا
آخِرُ مِصْراعٍ فَما قَبْلُ تلا
244 مُكَرّراً مجانِساً وما التَحَقْ
يأتي كـ" تخشى النّاسَ والله أحَقّْ"
(فصل: في السجع)
245 والسجْعُ في فواصلٍ في النّثرِ
مُشْبِهةٍ قافيةً في الشِّعْرِ
246 ضُروبُهُ ثلاثةٌ في الفَنِّ
مطرَّفٌ معَ اختِلافِ الوَزْنِ
247 مُرَصَّعٌ إن كانَ ما في الثانِيةْ
أو جُلُّهُ على وِفاقِ الماضِيَةْ
248 وما سِواهُ المُتَوازِ فَادْرِ
كَـ "سُرُرٍ مرفوعَةٍ" في الذّكْرِ
249 أبْلَغُ ذاكَ مُسْتَوٍ فما تَرى
أُخرى القرينَتَيْنِ فيهِ أَكْثِرا
250 والعَكْسُ إن يَكْثُرْ فَلَيْسَ يَحْسُنُ
ومُطلَقاً أعجازُها تُسَكَّنُ
251 وَجَعْلُ سَجْعِ كلٍّ غيرَ ما
في الآخَرِ التشطيرُ عِنْدَ العُلَما
(1/12)
(فصل: في الموازنة)
252 ثمّ الموازَنَةُ وهْوَ التسْوِيَةْ
لفاصِلٍ في الوَزْنِ لا في القافيةْ
253 وهْيَ المماثَلَةُ حيثُ يتّفِقْ
في الوَزْنِ لَفظُ فقرَتيها فاسْتَفِقْ
254 والقلبُ والتّشريعُ والتِزامُ ما
قَبْلَ الرَوِيِّ ذّكرُهُ لَنْ يَلْزَما
(السّرقاتُ)
255 وأخذُ شاعِرٍ كلاماً سَبَقَهْ
هُوَ الذي يَدْعونَهُ بالسَّرِقَةْ
256 وكُلُّ ما قُرِّرَ في الألبابِ
أوْ عادَةٍ فَلَيْسَ مِنْ ذا البابِ
257 والسّرِقاتُ عِنْدَهُمْ قِسْمانِ
خَفِيَّةٌ جَلِيَّةٌ فالثّاني
258 تَضَمُّنُ المَعنى جَميعاَ مُسْجَلا
أَرْدَؤهُ انْتِحالُ ما قَدْ نُقِلا
259 بِحالِهِ وألحقوا المرادِفا
بِهِ ويُدْعى ما أَتى مخالِفا
260 لِنَظْمِهِ إغارَةً وحُمِدا
حَيْثُ مِنَ السّابِقِ كانَ أجْوَدا
261 وأخذُهُ المعنى مُجرَّداً دُعيْ
سَلْخاً وإلْماماً وتَقسيماً فَعِ
(السّرقاتُ الخفيّة)
262 وما سِوى الظّاهِرِ أنْ يُغَيِّرا
معنىً بِوَجْهٍ ما ومحموداً يُرى
263 لِنَقْلِ أوْ خَلْطِ شمولِ الثاني
وقَلبِ أو تشابُهِ المعاني
264 أحوالُهُ بِحَسَبِ الخَفاءِ
تفاضَلَتْ في الحُسْنِ والثّناءِ
(الاقتباس)
265 الاقتباسُ أنْ يُضمَّنَ الكلامْ
قُرآناً او حديثَ سَيِّدِ الأنامْ
266 والاقتباسُ عِنْدَهُمْ ضَرْبانِ
مُحَوَّلٌ وثابِتُ المعاني
267 وجائزٌ لِوَزْنٍ او سِواهُ
تَغييرُ نَزْرِ اللّفظِ لا مَعْناهُ
(التّضمين والحَلُّ والعَقدُ)
268 والأخذُ من شِعْرٍ بِعَزْوِ ما خَفي
تَضمينُهُمْ وما على الأَصْلِ يفي
269 لنكتةٍ أجمَلُهُ واغتُفِرا
يسير تغييرٍ وما مِنْهُ يُرى
270 بيتاً فأعلى باستِعانَةٍ عُرِفْ
وشَطْراً او أدنى بإبداعٍ أُلِفْ
271 والعقدُ نظم النّثرِ لا بالاقتباسْ
والحَلُّ نثرُ النّظمِ فاعِرفِ القياسْ
272 واشترطوا الشُّهرةَ في الكلامِ
والمَنْعُ أصلُ مَذهَبِ الإمامِ
(التّلميح)
273 إشارةٌ لِقِصّةٍ شِعْرٍ مَثَلْ
(1/13)
مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ فَتَلْميحٌ كَمُلْ
(تذنيبٌ في ألقابٍ مِنَ الفَنِّ)
274 مِنْ ذلكَ التوشيعُ والترديدُ
ترتيبٌ اختراعٌ او تعديدُ
275 كـ"التائبون العابدون الحامدون"
"السائحون الرّاكعونَ الساجدون"
276 تطريزٌ اوْ تدبيجٌ استشهادُ
إيضاحٌ ائتلافٌ استطرادُ
277 إحالةٌ تلويحٌ اوْ تخييلُ
وفُرصَةٌ تسميطٌ اوْ تعليلُ
278 تحلِيةٌ ونَقْلٌ اوْ تَخَتُّمُ
تجريدٌ استقلالٌ اوْ تهَكُّمُ
279 تعريضٌ اوْ إلغازٌ ارْتقاءُ
تنزيلٌ اوْ تأنيسٌ اوْ إيماءُ
280 حُسْنُ البيانِ رَصْفٌ اوْ مراجَعةْ
حُسْنُ تَخَلُّصٍ بلا مُنازَعةْ
(فصلٌ: فيما لا يعدُّ كذباً)
281 وليسَ في الإيهامِ والتّهَكُّمِ
ولا التغالي بسوى المُحَرَّمِ
282 مِنْ كَذِبٍ وفي المِزاحِ قَدْ لَزِبْ
بحيثُ لا مندوحةٌ عنِ الكذبْ
(خاتمة)
283 وينبغي لصاحبِ الكلامِ
تأنُّقٌ في البدءِ والخِتامِ
284 بِمَطْلَعٍ حَسَنْ وحُسْنُ القالِ
وسَبكٌ اوْ براعَةُ استهلالِ
285 والحُسنُ في تَخَلُّصٍ اوِ اقْتضابْ
وفي الذي يدعونه فَصْلَ الخِطابْ
286 ومِنْ سِماتِ الحُسْنِ في الخِتامِ
إردافُهُ بِمُشْعِرِ التّمامِ
287 هذا تمام الجُملةِ المقصودةْ
مِنْ صَنْعَةِ البلاغَةِ المحمودةْ
288 ثمَّ صلاةُ اللهِ طولَ الأمَدِ
على النّبيّ المصطفى مُحَمَّدِ
289 وآلِه وصحبهِ الأخيارِ
ما غرَّدَ المشتاقُ بالأسحارِ
290 وخَرَّ ساجِداً إلى الأذقانِ
يبغي وسيلةً إلى الرّحمنِ
291 تَمَّ بِشَهْرِ الحِجَّةِ الميمونِ
متمّ نصفِ عاشِرِ القُرونِ
تم ولله الحمد نسخ هذا النظم الشريف في فنون البلاغة وضبط أهمّ مواضعه المشكلة في السادس من ربيع الأول سنة 1425 هجرية. سألت الله تعالى أن ينفعني به وإخواني، وأن يجعله فاتحاً لنا باب هذا العلم الجليل على مصراعيه.(1/14)
)فصل: في الإسناد العقلي(
50 ولحقيقةٍ مجازٍ وردا
للعقلِ منسوبين أمّا المُبتدا
51 إسنادُ فِعْلٍ أو مُضاهيهِ إلى
صاحِبِهِ كَـ "فاز من تَبَتَّلا"
52 أقسامُه مِنْ حيثُ الاعتقادُ
وواقعٌ أربعةٌ تفادُ
53 والثانِ أَنْ يُسْنَد للملابَسِ
ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ"ثوبٍ لابِسِ"
54 أقسامُه بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فيْ
جُزْأيهِ أَرْبَعٌ بلا تَكَلُّفِ
55 وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ
أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ
)الباب الثاني: في المسند إليه(
56 يُحْذَفُ لِلْعِلْمِ وَلاخْتِبارِ
مُسْتَمِعٍ وَصَحَّةِ الإِنْكارِ
57 سَتْرٍ وَضِيقِ فُرْصَةٍ إِجْلالِ
وعَكْسِهِ وَنَظْمٍ اسْتِعْمالِ
58 كَـ"حبذا طريقةُ الصوفيَّةْ
تهدي إلى المرتَبَةِ العليَّةْ"
59 واذكُرْهُ لِلأَصْلِ والاحْتِياطِ
غَباوَةٍ إِيضاحٍ انْبِساطِ
60 تلذُّذٍ تَبَرُّكٍ إِعْظامِ
إِهانَةٍ تَشَوُّقٍ نِظامِ
61 تَعَبُّدٍ تَعَجُّبٍ تَهْويلِ
تَقْريرٍ اْو إِشْهادٍ اْوْ تَسْجيلِ
62 وَكَوْنِهِ مُعَرَّفاً بِمُضْمَرِ
بِحَسَب المقام في النحوِ دُري
63 والأَصْلُ في المخاطَبِ التَّعْيينُ
والتَّرْكُ لِلشُّمولِ مُسْتَبينُ
34 وكونُهُ بِعَلَمٍ لِيَحْصُلا
بِذِهْنِ سامِعٍ بِشَخْصٍ أوَّلا
65 تَبَرُّكٌ تَلَذُّذٌ عِنايَةْ
إِجْلالٌ او إِهانَةٌ كِنايَةْ
66 وكونُهُ بِالوَصْلِ لِلتَّفْخيمِ
تَقْريرٍ اوْ هُجْنَةٍ اوْ تَوْهيمِ
67 إيماءٍ او توجُّهِ السامِعِ لَهْ
أوْ فَقْدِ عِلْمِ سامِعٍ غَيْرِ الصِّلةْ
68 وَبِإِشارَةٍ لِكَشْفِ الحالِ
مِنْ قُرْبٍ اوْ بُعْدٍ أَوِ اسْتِجْهالِ
69 أوْ غايةِ التّمْييزِ والتعظيمِ
والحَطِّ والتنبيهِ والتفخيمِ
70 وكونُهُ باللاّمِ في النّحوِ عُلِمْ
لكِنَّ الاسْتِغْراقَ فِيهِ يَنْقَسِمْ
71 إلى حقيقيٍّ وَعُرْفيٍّ وَفي
فَردٍ مِنَ الجَمْعِ أَعَمَّ فَاقْتَفي
72 وَبِإضافَةٍ لِحَصْرٍ وَاخْتِصارْ
تَشْريفِ أَوَّلٍ وَثانٍ وَاحْتِقارْ(1/15)
73 تَكافؤٍ سآمةٍ إِخْفاءِ
وَحَثٌٍّ اوْ مَجَازٍ اسْتِهْزاءِ
74 وَنَكّروا إِفراداً اوْ تَكْثيرا
تَنْويعاً اوْ تعظيماً او تَحْقيرا
75 كَجَهْلٍ اوْ تجاهُلٍ تَهْويلِ
تَهْوينٍ اوْ تَلْبيسٍ اوْ تَقْليلِ
76 وَوَصْفِهِ لِكَشْفٍ اوْ تَخْصِيصِ
ذَمٍ ثَنا تَوكيدٍ اوْ تَنْصيصِ
77 وأكدوا تقريراً اوْ قصدَ الخُلوصْ
مِنْ ظنِّ سَهْوٍ اوْ مجازٍ اوْ خُصوصْ
78 وَعَطفوا عَلَيْهِ بالبَيانِ
بِاسْمٍ بِهِ يَخْتَصُّ للبيانِ
79 وأبدَلوا تقريراً أو تحصيلا
وعطفوا بِنَسَقٍ تفصيلا
80 لأَحَدِ الجُزْأينِ أَوْ رَدٍّ إِلى
حَقٍ وَصَرْفِ الحُكْمِ لِلّذي تَلا
81 والشكِ والتشكيكِ والإِبهامِ
وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ الأَحْكامِ
82 وَفَصْلُه يُفيدُ قَصْرَ المُسْنَدِ
عَليه كـ"الصوفيُّ هُوَ المهتدي"
83 وقدَّموا للأصلِ أوْ تشويفِ
لخبرٍ تلذذٍ تشريفِ
84 وَحَطٍ اهْتِمامٍ اوْ تنظيمِ
تفاؤلٍ تخصيصٍ اوْ تعميمِ
85 إِنْ صاحَبَ المُسْندَ حَرْفُ السَّلبِ
إِذْ ذاكَ يَقتضي عُمومَ السَّلْبِ
)فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر(
86 وخرجوا عن مقتضى الظواهرِ
كَوَضْعِ مُضْمَرٍ مَكانَ ظاهِرِ
87 لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمالِ
تَمْييزٍ اوْ سُخْرِيَةٍ إِجْهالِ
88 أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعوى الظّهورِ وَالمَدَدْ
لِنُكْتَةِ التّمكينِ كَـ"اللهُ الصَّمَدْ"
89 وقصدِ الاستعطافِ والإرهابِ
نحوُ "الأَميرُ واقِفٌ بالبابِ"
90 وَمِنْ خِلافِ المُقتَضى صَرْفُ مُرادْ
ذي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ ما أَرادْ
91 لِكَوْنِهِ أَوْلى بِهِ وَأَجْدَرا
كَقِصَّةِ الحَجَّاجِ وَالقَبَعْثَرى
92 والالتفاتُ وَهْوَ الانْتِقالُ مِنْ
بَعْضِ الأساليبِ إِلى بَعْضٍ قُمِنْ
93 والوَجْهُ الاسْتِجلابُ لِلْخِطابِ
وَنُكْتَةٍ تَخُصُّ بَعْضَ البابِ
94 وَصيغةُ الماضي لآتٍ أَوْردوا
وَقَلَبوا لِنُكْتَةٍ وَأَنْشَدوا
95 وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجاؤهُ
كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَماؤهُ(1/16)
)البابُ الثالِثُ: المُسْنَدُ(
96 يحذف مسندٌ لما تقدما
والتزموا قرينةً لِيُعْلَما
97 وذِكْرُه لِمَا مَضى أَوْ لِيُرى
فِعْلاً أَوِ اسْماً فَيُفيدُ المُخْبَرا
98 وأفردوهُ لانعدامِ التقوِيَةْ
وَسَبَبٍ كَـ"الزهدُ رأسُ التزكيةْ"
99 وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتقييدِ
بِالوَقْتِ مَعْ إِفادَةِ التَّجْديدِ
100 وَكَوْنُهُ اسْماً لِلثّبوتِ والدَّوامْ
وَقَيَّدوا كَالفِعْلِ رَعْياً لِلتَّمامْ
101 وَتَركوا تَقييدَهُ لِنُكْتَةِ
كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتهازِ فُرْصَةِ
102 وَخَصّصوا بالوَصْفِ وَالإِضافَةْ
وَتَركوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
103 وَكَوْنَهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ
فَلِمعاني أَدَواتِ الشَّرْطِ
104 وَنَكَّروا اتّباعاً اوْ تفخيما
حَطّاً وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تعميما
105 وَعَرَّفوا إِفادَةً لِلْعِلْمِ
بِنِسْبَةٍ أَوْ لازمٍ لِلْحُكْمِ
106 وَقَصَروا تحقيقاً اوْ مُبالَغَةْ
بِعَرْفِ جِنْسِهِ كَـ"هِنْدٌ بالغةْ"
107 وجملة لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَةْ
كـ"الذكرُ يهدي لطريقِ التصفيةْ"
108 واسمية الجملة والفعلية
وشرطها لنكتة جلية
109 وأخروا أصالة وقدموا
لقصْر ما به عليه يُحْكَمُ
110 تنبيهٍ اوْ تفاؤلٍ تشوُّفِ
كَـ"فازَ بالحضرةِ ذو تصوُّفِ"
)الباب الرابع: في متعلقات الفعل(
111 والفعلُ مَعْ مفعولهِ كَالفِعْلِ مَعْ
فاعِلِهِ فيما لَهُ مَعْهُ اجْتَمَعْ
112 وَالغَرَضُ الإِشْعارُ بِالتَّلَبُّسِ
بواحدٍ مِنْ صاحبيهِ فَائْتَسِ
113 وغيرُ قاصرٍ كقاصِرٍ يُعَدْ
مَهْما يَكُ المَقْصودُ نِسْبَةً فَقَدْ
114 ويُحذفُ المفعولُ بالتعميمِ
وهُجْنةٍ فاصِلَةٍ تَفْهيمِ
115 من بعد إبهامٍ ولاختصارِ
كـ"بلِّغِ المولعَ بالأذكارِ"
116 وجاء للتخصيص قبل الفِعْلِ
تَهَمُّمٍ تبرّكٍ وفَصْلِ
117 واحكم لمعلولاتِهِ بما ذُكِرْ
والسُّر في الترتيبِ فيها مُشْتَهِرْ
(الباب الخامس: القصر)
118 تخصيص أمر مطلقاً بأمرِ
هو الذي يدعونه بالقَصْرِ(1/17)
119 يكون في الموصوف والأصافِ
وَهْوَ حقيقيٌّ كما إضافي
120 لقلبٍ او تعيينٍ اوْ إفرادِ
كـ "إنما ترقى بالاستعدادِ"
121 وأدواتُ القصرِ إلا إنما
عطفٌ وتقديمٌ كما تقدّما
(الباب السادس: في الإنشاء)
122 ما لم يكن محتملاً للصدقِ
والكِذْبِ الإنشا كَـ "كن بالحقِّ"
123 والطلبُ استدعاءُ ما لم يحصلِ
أقسامُهُ كثيرةُ ستنجلي
124 أمرٌ ونهيٌ ودعاءٌ وندا
تمنٍّ استفهامٌ اعطيتَ الهدى
125 واستعملوا كليتَ لَوْ وَهَلْ لَعَلْ
وحرفَ تحضيضٍ والاستفهامَ هَلْ
126 أيُّ متى أيّانَ أينَ مَنْ وما
وَكَيْفَ أنّى كَمْ وهَمزٌ عُلِما
127 والهمزُ للتصديقِ والتصورِ
3 وبالذي يليهِ معناهُ حَرِي
128 وَهَلْ لتصديقٍ بعكسِ ما غَبَرْ
ولفظُ الاستفهام ربّما عَبَرْ
129 لأمرٍ استبطاءٍ اوْ تقريرِ
تعجّبٍ تهكّمٍ تحقيرِ
130 تنبيهٍ استبعادٍ او ترهيبِ
إنكارِ ذي توبيخٍ اوْ تكذيبِ
131 وقد يَجيْ أمرٌ ونهيٌ ونِدا
في غيرِ معناهُ لأمرٍ قُصِدا
132 وصيغةُ الإخبارِ تأتي للطَّلَبْ
لِفَأْلٍ اوْ حِرْصٍ وَحَمْلٍ وَأَدَبْ
(الباب السابع: الفصل والوصل)
133 الفصل ترك عطف جملةٍ أَتَتْ
مِنْ بعدِ أُخرى عَكْسُ وصلٍ قَدْ ثَبَتْ
134 فافْصِلْ لَدى التَّوكيدِ وَالإبْدالِ
لِنُكْتَةٍ وَنيَّةِ السؤالِ
135 وعدمِ التشريكِ في حُكْمٍ جَرى
أَوْ اخْتِلافٍ طَلَباً وَخَبَرا
136 وَفَقْدِ جامعٍ وَمَعْ إِيهامِ
عَطْفٍ سِوى المقصودِ في الكلامِ
137 وصِلْ لدى التشريكِ في الإعرابِ
وقَصْدِ رَفْعِ اللَّبْسِ في الجوابِ
138 وَفِي اتِّفاقٍ مَعَ الاتِّصالِ
في عَقْلٍ اوْ في وَهْمٍ او خيالِ
139 والوصل مع تناسبٍ في اسمٍ وفي
فِعْلٍ وَفَقْدِ مانِعٍ قَدِ اصْطُفي
(الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة)
140 تأديةُ المعنى بلفظٍ قَدْرِهِ
هِيَ المساواةُ كَـ "سِرْ بِذِكرِه"
141 وبِأقلَّ مِنْهُ إِيجازٌ عُلِمْ
وَهْوَ إلى قَصْرٍ وَحَذفٍ ينْقَسِمْ(1/18)
142 كَ "عَن مَجالِسِ الفُسوقِ بُعْدا"
ولا تُصاحب فاسقاً فتردى
143 وعكسه يُعرَفُ بالإطنابِ
كَ"الزمْ رعاكَ اللَّهُ قَرْعَ البابِ"
144 يجيءُ بالإيضاحِ بَعْدَ اللَّبسِ
لِشوْقٍ اوْ تَمَكُّنٍ في النّفسِ
145 وجاءَ بالإيغالِ والتذييلِ
تكريرٍ اعتراضٍ اوْ تكميلِ
146 يُدعى بالاحتراسِ والتّتميمِ
وَقَفْوِ ذي التخصيصِ ذا التعميمِ
147 وَوَصْمةُ الإخلالِ والتطويلِ
والحَشوِ مردودٌ بلا تفصيلِ
(الفن الثاني: علم البيان)
148 فنُّ البيانِ عِلْمُ ما بهِ عُرِفْ
تأدية المعنى بِطُرْقٍ مختَلِفْ
149 وضوحُها واحصره في ثلاثةِ
تبشبيهٍ او مجازٍ او كنايةِ
(فصلٌ: في الدلالة الوضعيّة)
150 والقصدُ بالدلالة الوضعيَّةْ
على الأصحِّ الفهمُ لا الحيثيّةْ
151 أقاسمها ثلاثةٌ مطابقةْ
تضمّنُ التزامٌ امّا السابقةْ
152 فهي الحقيقهْ ليسَ في البيانِ
بحثٌ لها وعَكسها العقليّتانْ
(البابُ الأوّل: التشبيه)
153 تشبيهنا دلالةٌ على اشتراكْ
أمرينِ في معنىً بآلةٍ أتاكْ
154 أركانهُ أربعةٌ وجْهٌ أداةْ
وَطَرَفاهُ فاتّبِعْ سُبْلَ النَّجاةْ
155 فَصِلْ، وحِسِّيانِ مِنْهُ الطَّرَفانْ
أيضاً وعقليّانِ أو مُختلِفانْ
156 والوَجهُ ما يشْتَرِكانِ فيهِ
وداخِلاً وخارجاً تُلْفيهِ
157 وخارجٌ وَصْفٌ حقيقيٌّ جَلا
بِحِسٍّ او عَقلٍ ونِسبيٍّ تلا
158 وواحداً يكونُ أوْ مؤلَّفا
أوْ مُتَعَدِّداً وكلٌّ عُرِفا
159 بِحِسٍّ اوْ عَقْلٍ وَتشبيهٍ نُمي
في الضدِّ للتلميحِ والتَّهكُّمِ
(فصلٌ: في أداةِ التشبيه وغايته وأقسامه)
160 أداتُهُ كافٌ كأنَّ مِثْلُ
وكُلُّ ما ضاهاهَاْ ثُمَّ الاْصلُ
161 إيلاءُ ما كالكافِ ما شُبِّهَ بِهْ
بِعَكسِ ما سِواهُ فاعْلَمْ وانتَبِهْ
162 وَغايَةُ التّشبيهِ كشْفُ الحالِ
مِقدارٍ اوْ إمكانٍ اوْ إيصالِ
163 تزيينٍ او تشويهٍ اهتِمامِ
تنويهٍ استطرافٍ او إيهامِ
164 رُجحانُهُ في الوًجهِ بالمقلوبِ(1/19)
كاللّيثِ مِثْلُ الفاسِقِ المَصْحوبِ
165 وباعتبارِ طَرَفَيْهِ يَنقَسِمْ
أربعةً تركيباً افراداً عُلِمْ
166 وباعتبارِ عَدَدٍ ملفوفٌ اوْ
مَفروقٌ اوْ تَسوِيَةٌ جَمْعٌ رَأَوْا
167 وباعتبارِ الوجهِ تمثيلٌ إذا
مِنْ مُتَعَدِّدٍ تراهُ أُخِذا
168 وباعتبارِ الوَجْهِ أيْضاً مُجْمَلُ
خَفِيٌّ اوْ جَلِيٌّ اوْ مُفَصَّلُ
169 ومِنْهُ باعتبارِهِ أيضاً قريبْ
وَهْوَ جَلِيُّ الوَجْهِ عَكسُهُ الغَريبْ
170 لِكَثْرَةِ التّفصيلِ أوْ لِنُدَرةِ
في الذّهْنِ كالتّركيبِ في كـ"نُهْيَةِ"
171 وباعتبارِ آلَةٍ مُؤكَّدُ
بِحَذفِها ومُرْسَلٌ إذْ تُوجَدُ
172 وَمِنْهُ مَقْبولٌ بغايةٍ تَفيْ
وَعَكْسُهُ المَرْدودُ ذو التَّعسُّفِ
173 وأبلَغُ التّشبيهِ ما مِنْهُ حُذِفْ
وَجْهٌ وآلَةٌ يَليهِ ما عُرِفْ
(البابُ الثاني: في الحقيقةُ والمجاز)
174 حقيقةٌ مستعملٌ فيما وُضِعْ
لَهُ بِعُرْفِ ذي الخِطابِ فاتَّبِعْ
175 ثمَّ المجازُ قَدْ يجيءُ مُفرَدا
وَقَدْ يَجِيْ مُرَكَّباً فالمُبتَدا
176 كَلِمَةٌ غابَرَتِ الموضوعَ مَعْ
قَرينةٍ لِعَلْقَةٍ نِلْتَ الوَرَعْ
177 كاخلَعْ نِعالَ الكونِ كَيْ تراهُ
وَغُضَّ طَرْفَ الْقَلْبِ عَنْ سِواهُ
178 كِلاهُما شَرْعِيٌّ اوْ عُرْفِيُّ
نَحْوُ "ارْتقَى للحَضْرَةِ الصُّوفِيُّ"
179 أو لُغَوِيٌّ والمجازُ مُرْسَلُ
أوِ استعارَةٌ فأمّا الأوَّلُ
180 فما سِوى تَشابُهٍ علاقَتُهْ
جُزءٌ وكلٌّ اوْ مَحلٌّ آلَتُهْ
181 ظَرْفٌ وَمَظروفٌ مُسَبَّبٌ سَبَبْ
وَصْفٌ لماضٍ أوْ مآلٍ مُرْتَقَبْ
(فصل: في الاستعارة)
182 والاستعارةُ مجازٌ عَلْقَتُهْ
تشابُهٌ كَأَسَدٍ شَجاعَتُهْ
183 وَهْيَ مجازٌ لُغَةً على الأصَحْ
وَمُنِعَتْ في عَلَمٍ لِما اتّضَحْ
184 وَفَرْداً أوْ مَعدوداً او مُؤَلّفا
مِنْهُ قرينَةٌ لَها قَدْ ألَّفا
185 ومَعْ تنافي طَرَفَيْها تَنتَمي
إلى العنادِ لا الوِفاقِ فاعْلَمِ(1/20)
186 ثمَّ العنادِيَّةُ تَلْميحيَّةْ
تُلْفى كما تُلْفى تَهَكُّمِيَّة
187 وباعتبارِ جامِعٍ قريبَةْ
كَـ"قَمَرٍ يَقرَأُ" أوْ غريبةْ
188 وباعتبارِ جامِعٍ وطَرَفَيْنْ
عَقْلاً وحِسّاً سِتَّةٌ بِغَيْرِ مَيْنْ
189 واللّفظُ إن جِنْساً فَقُلْ أَصْلِيَّةْ
وَتَبَعِيَّةً لَدى الوَصْفِيَّةْ
190 والفعلِ والحرفِ كـ"حالِ الصّوفيْ
يَنطِقُ أنَّهُ المنيبُ المُوفيْ"
191 وأطلِقَتْ وَهْيَ التي لم تقتَرِنْ
بِوَصْفٍ اوْ تَفريعِ أمْرٍ فاستَبِنْ
192 وجُرَِدَتْ بلائقٍ بالفَصْلِ
ورُشّحَتْ بلائِقٍ بالأَصْلِ
193 نَحْوُ "ارْتَقى إلى سماء القُدْسِ
ففاقَ مَنْ خلّفَ أرضَ الحسِّ"
194 أبْلَغُها التّرشيحُ لابتنائِهِ
على تناسي الشَّبْهِ وانتِفائِهِ
(فصل: في التحقيقيّة والعقليّة)
195 وذاتُ معنىً ثابِتٍ بِحِسٍّ اوْ
عَقْلٍ فَتَحْقيقِيَّةٌ كّذا رَأَوْا
196 كـ"أشْرَقَتْ بَصائِرُ الصُّوفِيّةْ
بنورِ شَمْسِ الحَضْرَةِ القُدْسِيّةْ"
(فصل: في المكنيّة)
197 وحيثُ تشبيهٌ بِنَفسٍ أضْمَرا
وما سِوى مُشَبَّهٍ لَمْ يُذكَرا
198 ودَلَّ لازِمٌ لِما شَبَّهَ بِهْ
فذلكَ التشبيهُ عِنْدَ المُنْتَبِهْ
199 يُعْرَفُ باسْتِعارَةِ الكِنايةِ
وذِكْرُ لازِمٍ بتخييليَّةِ
200 كـ"أَنْشَبَتْ مَنِيَّةٌ أظْفارَها
وأَشْرَقَتْ حَضْرَتُنا أنوارَها"
(فصل: في تحسينِ الكناية)
201 مُحَسِّنُ استعارةٍ تَدريهِ
بِرَعْيِ وَجْهِ الحُسْنِ للتّشبيهِ
202 والبُعْدِ عَنْ رائحَةِ التّشبيهِ في
لَفظٍ وليسَ الوَجهُ ألغازاً قُفي
(فصل: في تركيب المجاز)
203 مُرَكَّبُ المجازِ ما تَحَصَّلا
في نِسبَةٍ أَوْ مِثْلِ تمثيلٍ جلا
204 وإنْ أتى استعارةً مرَكَّبُ
فَمَثَلاً يُدعى ولا يُنَكَّبُ
(فصل: في تغييرِ الإعراب)
205 ومنهُ ما إعرابُهُ تَغَيَّرا
بِحَذفِ لَفظٍ أَوْ زيادَةٍ تُرى
(البابُ الثالث: في الكناية)
206 لفظٌ به لازمُ معناهُ قُصِدْ(1/21)
مَعَ جَوازِ قَصدِهِ مَعْهُ يَرِدْ
207 إلى اختصاصِ الوَصْفِ بالموصوفِ
كـ"الخيرُ في العزلةِ يا ذا الصّوفي"
208 ونَفسِ موصوفٍ ووَصْفٍ والغَرَضْ
إيضاحٍ اختصارٍ اوْ صَوْنٍ عَرَضْ
209 أوِ انتفاءِ اللّفظِ لاستهجانِ
ونَحْوِهِ كاللّمسِ والإتيانِ
(فصل: في مراتب الكناية)
210 ثمَّ المجازُ والكُنى أبْلَغُ مِنْ
تَصْريحٍ اوْ حقيقةٍ كَذا زُكِنْ
211 في الفَنِّ تَقديمُ استعارةٍ على
تشبيهٍ ايضاً باتفاقِ العُقلا
(الفنُّ الثالث: البديع)
212 عِلْمٌ بِهِ وجوهُ تَحسينِ الكلامْ
تُعْرَفُ بَعْدَ رَعْيِ سابِقِ المرامْ
213 ثمَّ وجوهُ حُسنِهِ ضَرْبانِ
بِحَسَبِ الألفاظِ والمعاني
(الضّربُ الأوّل: المعنويّ)
214 وَعُدَّ مِنْ ألقابِهِ المطابقةْ
تشابُهُ الأطرافِ والموافَقَةْ
215 والعكسُ والتسهيمُ والمشاكلةْ
تزاوُجٌ رجوعٌ او مقابلةْ
216 تورِيةٌ تُدعى بإيهامٍ لِما
أُريدَ معناهُ البعيدُ مِنْهُما
217 ورُشِّحَتْ بما يلائمُ القريبْ
وجُرِّدَتْ بِفَقْدِهِ فَكُنْ مُنيبْ
218 جمعٌ وتفريقٌ وتقسيمٌ ومَعْ
كليهما أوْ واحِدٍ جمعٌ يَقَعْ
219 واللّفُ والنّشرُ والاستخدامُ
أيضاً وتجريدٌ لهُ أقسامُ
220 ثمّ المبالَغَةُ وصْفٌ يُدّعى
بُلوغُهُ قَدْراً يُرى ممتَنِعا
221 أوْ نائياً وَهْوَ على أنْحاءِ
تبليغٍ اغراقٍ غُلُوٍّ جاءِ
222 مقبولاً او مردوداً التّفريعُ
وحُسْنُ تعليلٍ لَهُ تنْويعُ
223 وقد أتوا في المذهبِ الكلامي
بحُجَجٍ كَمَهْيَعِ الكلامِ
224 وأكّدوا مَدْحاً بِشِبْهِ الذّمِّ
كالعَكْسِ والإدماجِ مِنْ ذا العِلْمِ
225 وجاء الاستتباعُ والتوجيهُ ما
يَحْتَمِلُ الوجْهينِ عِنْدَ العُلَما
226 وَمِنهُ قَصْدُ الجِدِّ بالهَزْلِ كَما
يُثْنَى على الفخورِ ضِدَّ ما اعْتَمى
227 وَسَوْقُ معلومٍ مساقَ ما جهلْ
لنكتةٍ تجاهُلٍ عنهمْ نُقِلْ
228 والقولُ بالموجِبِ قُلْ ضربانِ
كلاهُما في الفَنِّ معلومانِ(1/22)
229 والاطرادُ العطفُ بالآباءِ
للشخصِ مطلقاً على الولاءِ
(الضّربُ الثاني: اللفظيّ)
230 منه الجناسُ وَهْوَ ذو تمامِ
مَعَ اتحادِ الحرفِ والنّظامِ
231 وَمُتَماثلاً دُعيْ إنِ ائْتَلَفْ
نوعاً ومُستوفىً إذا النوعُ اختَلَفْ
232 "لنْ يعْرِفَ الواحِدَ إلا واحدا"
فاخرج عنِ الكونِ تكنْ مشاهِدا
233 ومِنْهُ ذو التركيبِ ذو تشابُهِ
خطّاً ومفروقٌ بلا تشابُهِ
234 وإنْ بهيئةِ الحُروفِ اخْتَلَفا
فَهْوَ الذي يدعونَهُ المحرَّفا
235 وناقِصٌ معَ اختلافٍ في العددْ
وشَرْطُ خُلفِ النّوعِ واحِدٌ فَقَدْ
236 وَمَعْ تقارُبٍ مضارِعاً أُلِفْ
وَمَعْ تباعُدٍ بلا حقٍّ وصِفْ
237 وهوَ جناس القَلْب حيثُ يَخْتَلِفْ
ترتيبها للكلِّ والبعضَ أَضِفْ
238 مُجَنَّحاً يُدعى إذا تقاسَما
بيتاً فكان فاتحاً وخاتِما
239 ومعْ توالي الطَّرَفيْنِ عُرِفا
مُزدَوجاً كلُّ جِناسٍ أُلِفا
240 تناسُبُ اللّفْظَيْنِ في اشتقاقِ
وشِبْهِه فذاكَ ذو التحاقِ
241 ويَرِدُ التجنيسُ بالإشارةْ
مِنْ غَيْرِ أنْ يُذكَرَ بالعبارةْ
242 ومِنْهُ ردُّ عَجُزِ اللّفظِ على
صَدْرٍ فَفي نَثْرٍ بِفَقْرَةٍ جَلا
243 مكتنفاً والنّظمُ الاوّلْ أوّلا
آخِرُ مِصْراعٍ فَما قَبْلُ تلا
244 مُكَرّراً مجانِساً وما التَحَقْ
يأتي كـ" تخشى النّاسَ والله أحَقّْ"
(فصل: في السجع)
245 والسجْعُ في فواصلٍ في النّثرِ
مُشْبِهةٍ قافيةً في الشِّعْرِ
246 ضُروبُهُ ثلاثةٌ في الفَنِّ
مطرَّفٌ معَ اختِلافِ الوَزْنِ
247 مُرَصَّعٌ إن كانَ ما في الثانِيةْ
أو جُلُّهُ على وِفاقِ الماضِيَةْ
248 وما سِواهُ المُتَوازِ فَادْرِ
كَـ "سُرُرٍ مرفوعَةٍ" في الذّكْرِ
249 أبْلَغُ ذاكَ مُسْتَوٍ فما تَرى
أُخرى القرينَتَيْنِ فيهِ أَكْثِرا
250 والعَكْسُ إن يَكْثُرْ فَلَيْسَ يَحْسُنُ
ومُطلَقاً أعجازُها تُسَكَّنُ
251 وَجَعْلُ سَجْعِ كلٍّ غيرَ ما
في الآخَرِ التشطيرُ عِنْدَ العُلَما(1/23)
(فصل: في الموازنة)
252 ثمّ الموازَنَةُ وهْوَ التسْوِيَةْ
لفاصِلٍ في الوَزْنِ لا في القافيةْ
253 وهْيَ المماثَلَةُ حيثُ يتّفِقْ
في الوَزْنِ لَفظُ فقرَتيها فاسْتَفِقْ
254 والقلبُ والتّشريعُ والتِزامُ ما
قَبْلَ الرَوِيِّ ذّكرُهُ لَنْ يَلْزَما
(السّرقاتُ)
255 وأخذُ شاعِرٍ كلاماً سَبَقَهْ
هُوَ الذي يَدْعونَهُ بالسَّرِقَةْ
256 وكُلُّ ما قُرِّرَ في الألبابِ
أوْ عادَةٍ فَلَيْسَ مِنْ ذا البابِ
257 والسّرِقاتُ عِنْدَهُمْ قِسْمانِ
خَفِيَّةٌ جَلِيَّةٌ فالثّاني
258 تَضَمُّنُ المَعنى جَميعاَ مُسْجَلا
أَرْدَؤهُ انْتِحالُ ما قَدْ نُقِلا
259 بِحالِهِ وألحقوا المرادِفا
بِهِ ويُدْعى ما أَتى مخالِفا
260 لِنَظْمِهِ إغارَةً وحُمِدا
حَيْثُ مِنَ السّابِقِ كانَ أجْوَدا
261 وأخذُهُ المعنى مُجرَّداً دُعيْ
سَلْخاً وإلْماماً وتَقسيماً فَعِ
(السّرقاتُ الخفيّة)
262 وما سِوى الظّاهِرِ أنْ يُغَيِّرا
معنىً بِوَجْهٍ ما ومحموداً يُرى
263 لِنَقْلِ أوْ خَلْطِ شمولِ الثاني
وقَلبِ أو تشابُهِ المعاني
264 أحوالُهُ بِحَسَبِ الخَفاءِ
تفاضَلَتْ في الحُسْنِ والثّناءِ
(الاقتباس)
265 الاقتباسُ أنْ يُضمَّنَ الكلامْ
قُرآناً او حديثَ سَيِّدِ الأنامْ
266 والاقتباسُ عِنْدَهُمْ ضَرْبانِ
مُحَوَّلٌ وثابِتُ المعاني
267 وجائزٌ لِوَزْنٍ او سِواهُ
تَغييرُ نَزْرِ اللّفظِ لا مَعْناهُ
(التّضمين والحَلُّ والعَقدُ)
268 والأخذُ من شِعْرٍ بِعَزْوِ ما خَفي
تَضمينُهُمْ وما على الأَصْلِ يفي
269 لنكتةٍ أجمَلُهُ واغتُفِرا
يسير تغييرٍ وما مِنْهُ يُرى
270 بيتاً فأعلى باستِعانَةٍ عُرِفْ
وشَطْراً او أدنى بإبداعٍ أُلِفْ
271 والعقدُ نظم النّثرِ لا بالاقتباسْ
والحَلُّ نثرُ النّظمِ فاعِرفِ القياسْ
272 واشترطوا الشُّهرةَ في الكلامِ
والمَنْعُ أصلُ مَذهَبِ الإمامِ
(التّلميح)
273 إشارةٌ لِقِصّةٍ شِعْرٍ مَثَلْ(1/24)
مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ فَتَلْميحٌ كَمُلْ
(تذنيبٌ في ألقابٍ مِنَ الفَنِّ)
274 مِنْ ذلكَ التوشيعُ والترديدُ
ترتيبٌ اختراعٌ او تعديدُ
275 كـ"التائبون العابدون الحامدون"
"السائحون الرّاكعونَ الساجدون"
276 تطريزٌ اوْ تدبيجٌ استشهادُ
إيضاحٌ ائتلافٌ استطرادُ
277 إحالةٌ تلويحٌ اوْ تخييلُ
وفُرصَةٌ تسميطٌ اوْ تعليلُ
278 تحلِيةٌ ونَقْلٌ اوْ تَخَتُّمُ
تجريدٌ استقلالٌ اوْ تهَكُّمُ
279 تعريضٌ اوْ إلغازٌ ارْتقاءُ
تنزيلٌ اوْ تأنيسٌ اوْ إيماءُ
280 حُسْنُ البيانِ رَصْفٌ اوْ مراجَعةْ
حُسْنُ تَخَلُّصٍ بلا مُنازَعةْ
(فصلٌ: فيما لا يعدُّ كذباً)
281 وليسَ في الإيهامِ والتّهَكُّمِ
ولا التغالي بسوى المُحَرَّمِ
282 مِنْ كَذِبٍ وفي المِزاحِ قَدْ لَزِبْ
بحيثُ لا مندوحةٌ عنِ الكذبْ
(خاتمة)
283 وينبغي لصاحبِ الكلامِ
تأنُّقٌ في البدءِ والخِتامِ
284 بِمَطْلَعٍ حَسَنْ وحُسْنُ القالِ
وسَبكٌ اوْ براعَةُ استهلالِ
285 والحُسنُ في تَخَلُّصٍ اوِ اقْتضابْ
وفي الذي يدعونه فَصْلَ الخِطابْ
286 ومِنْ سِماتِ الحُسْنِ في الخِتامِ
إردافُهُ بِمُشْعِرِ التّمامِ
287 هذا تمام الجُملةِ المقصودةْ
مِنْ صَنْعَةِ البلاغَةِ المحمودةْ
288 ثمَّ صلاةُ اللهِ طولَ الأمَدِ
على النّبيّ المصطفى مُحَمَّدِ
289 وآلِه وصحبهِ الأخيارِ
ما غرَّدَ المشتاقُ بالأسحارِ
290 وخَرَّ ساجِداً إلى الأذقانِ
يبغي وسيلةً إلى الرّحمنِ
291 تَمَّ بِشَهْرِ الحِجَّةِ الميمونِ
متمّ نصفِ عاشِرِ القُرونِ
تم ولله الحمد نسخ هذا النظم الشريف في فنون البلاغة وضبط أهمّ مواضعه المشكلة في السادس من ربيع الأول سنة 1425 هجرية. سألت الله تعالى أن ينفعني به وإخواني، وأن يجعله فاتحاً لنا باب هذا العلم الجليل على مصراعيه.(1/25)