حقوق الطبع والنشر
حقّ لكل مسلم
فيما عدا الأغراض الربحية
المؤلف: رولا أحمد ممتاز دعدوش
هاتف: ... 3333887
0932255887
roulad@maktoob.com
قال الله تعالى:
{...وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ...}
البقرة 165
دُعاء
(اللهُمَّ اجْعَل ْ حُبَّك أحَبَّ الأشْياء إليَّ, واجْعَل خَشْيَتَكَ أَخْوَفَ الأشْياء عِندِي، واقْطَعْ عَنّي حاجاتِ الدُّنيَا بالشَّوْقِ إلى لِقَائِكَ، وإذا أقْرَرْتَ أَعْيُنَ أهْلِ الدُّنيا منْ دُنْيَاهُم فَأَقْرِرْ عَيْني منْ عِبَادَتِكَ) أخرجه أبو نعيم في الحلية 8/282 عن الهيثم بن مالك الطائي رضي الله عنه.
(اللهمَّ ارزُقني حُبَّك وحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللهُمَّ ما رَزَقْتَني مِمَّا أُحبُّ فاجْعَلْهُ قُوَّةً لي فيما تُحبُّ، اللهُمَّ وما زَوَيْتَ عَنّي ممَّا أُحبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغاً لي فيما تُحبُّ)
رواه الترمذي 3491عن عبد الله بن زيد الخطمي.
إهداء
إن كان المرء يهدي من يحبّ لأهديته
لله
لكنّه هو الغني وأنا الفقيرة لمحبته
وبعد أن عشت مع الصفات التي يحبّها الله
آليت على نفسي، أن أقدّمه هدية
إلى كلّ من ظلمني، أو ظلم أي إنسان
فأبادره بالإحسان بعد أن أساء
عسى الله أن يجعلني من المحسنين.
شكر
قال عليه الصّلاة والسلام
(مَن لَمْ يَشكُر النّاسَ لَمْ يَشكُر الله)(1)
وإن كانت كلمة الشكر تقف عاجزة على أن تفي من ساعدني في هذا العمل المتواضع حقّه، فإنّي لا أملك إلا الدُّعاء
جزى الله عنّي كلّ خير
أمّي وأبي وإخوتي وأولادهم
وأصحاب الحقوق عليّ
وأحبتي في الله
وجمعنا في فردوسه الأعلى مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين... آمين.
(1) الترمذي برقم 1955
مقدّمة
بسمِ الله الرّحمن الرّحيم.(1/1)
إنّ الحمد لله نحمده، ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.
في مجتمع اندثرت فيه القيم ولاحت بالزوال، وانحدرت فيه الأخلاق، وكثر فيه الفساد وسوء المعاملات...
وفي غمرة هذه الدنيا ومشاغلها وملهياتها...
قد يغيب عن الإنسان هدفه الأساسي من هذه الحياة...
ولما كان علينا تحديد هدفنا؛ فلنحاول أن نسموَ به، ونسعى
لحبّ خالقنا ليس فقط عبادته طاعةً له وخوفاً من عقابه وناره، بل الأرقى والأجمل من ذلك عبادته حباً له وطمعاً في جنته ورؤيته في الآخرة.
وهذا ما يحقق سعادتنا في الحياتين (الباقية والفانية).
أتوجه بدعوة من القلب لكلّ إنسان بالعودة إلى الله تعالى وما ارتضاه لنا من دين مليء بالقيم والأخلاق النبيلة، والتمسّك بالقرآن الكريم والتخلّق بأخلاقه.
جعل الله هذا الكتيب تذكرة ونفعنا به إن شاء الله.
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} الذّاريات 55
إنّه جهد المُقِلّ أضعه بين أيديكم، لم يكن اتجاهي فيه ذكر من يجب أن نحبّ وكيف يكون حبّنا لله وأمثال من أحبّ الله وجاهد في سبيله فهذا أصبح معروفاً لدى الكثير أمّا
الاتّجاه الرئيسي فيه هو: تبيان من هم
الذين فازوا بمحبّة الله
سوف نتكلم إن شاء الله عن أقلية في المجتمع لكنّهم حازوا على درجة رفيعة وهي محبة الله.
هم السّابقون إلى كل ما يرضي خالقهم وحبيبهم.
يقول تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَائِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ}
الواقعة 10- 14
نعم هم قلّة، صفاتهم على درجة عالية، لكنّها ليست بالمستحيلة فما داموا وصلوا إليها لماذا نكون آخر الركب إلى الله بينما في أكثر أمور دنيانا نريد النّجاح لنكون الأفضل.(1/2)
ألا يجدر بنا أن نغار منهم ونسعى للحصول على ما نالوه من محبّة.
هم لا يخفون على من يقرأ ويفهم القرآن، لقد ذكرهم الله في كتابه وذكر حبّه لهم لكريم خلقهم وسموّ نفوسهم فكانوا جديرين بحبّه.
سوف أتكلم عنهم؟ أقوالهم؟ أفعالهم؟ أقربهم وأحبّهم لله؟
لعل الله يحقق هدفي من هذا الكتيب
(الشعور بغيرة منهم والسعي للتحلّي بصفاتهم)
وهذا لا يتحقق بين يوم وليلة إنما علينا أن نضعه نصب أعيننا خلال مسيرة حياتنا، فما الفائدة إذا وصلنا إلى نهاية المطاف ولم نكن قد حظينا بالقبول وحبّ خالقنا لنا؟!
كما أنّه لا يتعارض مع أعمال الإنسان اليومية وممارساته (في كسبه ودراسته وتربيته لأولاده... )، بل من خلالها يستطيع الإنسان أن يحقق هذا الهدف فيسعد بالدنيا والآخرة.
لنحاول ولنكرّر المحاولة فالحلم بالتحلّم والصّبر بالتصبّر،
والنّاس درجات والجنّة درجات، وعلينا أن نسعى لنيل أعلى الدّرجات إن شاء الله، حتى عندما نقابل ربنا نقول:
يا ربّ عبادك الضعفاء سعوا لمحبّتك فلا تجعلهم أشقى عبيدك.
.....فَسَوْفَ يَأتِي اللهُ بقَوْمٍ يُحِبُّهُم ويُحِبُّونَه.....
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لا?ئِمٍ ذالِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة 54
لا أحد يستطيع أن يعيش في الدنيا من غير حبّ، فالحياة من غير حبّ حياة باهتة لا قيمة لها والإنسان الذي يفقد عاطفة الحبّ يصاب بالاكتئاب ويكره الحياة.
فالمرء كلما ارتبط بحبّ كبير ازداد نبض الحياة فيه وكانت حياته أفضل وقدرته على العطاء أكبر.(1/3)
فمثلاً عندما يعطيك أهلك كلّ حبّهم ويسهرون على راحتك فإنّ ذلك يزيد من قوتك ويشعرك بقدرة أكبر على العطاء وعندما تكبر ويحبّك أصدقاؤك فيساندوك في أعمالك ويقفوا إلى جانبك يقوّي قدرتك على العطاء أيضاً..
فكيف إذا أحبك الله وما هو شعورك وقتها وما هي سعادتك وكيف سيكون عطاؤك؟؟؟؟
حبّ الله للعبد:
- حبّ لا يزول، حبّ لا ينقطع، لا يُخشى أن ينتهي بقسوة أو جحود أو خيانة أو انكسار.
- حبّ يعني رضاه عنه وثناءه عليه وجزاءه على عمله الصالح وإنعامه عليه بالغفران.
- هو أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من عرف الله بأسمائه وصفاته وكماله، لا يقدّر حقيقة العطاء إلا من عرف حقيقة المُعطي، المعطي الوهاب المتفضل صانع هذا الكون الهائل.
- حبّ لم يمنحه إلا لذوي الصفات العظيمة التي تحبّ الخير للإنسان وللمجتمع، والآيات القرآنية التي أثبتت حب الله لعباده تصف هؤلاء العباد المحبوبين بأوصاف هي أمهات الأخلاق ومنابع الفضائل الإنسانية، ونفى الله حبه عن الذين يتصفون بصفات هي مصدر شقاء للجنس البشري.
- حبّ الله للعبد هو مصدر سعادته، لأنها تتبعها ولاية الله له ونصرته ودفاعه عنه وبالعكس فإن بغض الله لإنسان سبب في شقائه وهذا ما بيّنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
( إذا أحبّ الله عبداً نادى جبريل فيقول إنّي أحبّ فلاناً فأحبّه. فيحبّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّوه، فيحبّه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء، إنّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه، ثمّ توضع له البغضاء في الأرض) أخرجه البخاري (1175/3، رقم 3037) ومسلم (2030/4، رقم2637 ).
حبّ العبد لله:
إن المحبّة قد يدّعيها أي إنسان، فما أسهل الادّعاء، لكن أين الدليل؟(1/4)
- إن المحبّ الحقيقي هو الذي عرف الله بأسمائه وصفاته وأدرك جمال الله وجلاله واستشعر جميل لطفه وإحسانه وعلم علم اليقين أنه هو المنعم عليه ثم تأثر بهذا الإدراك فأحبّه، فأصبح قلبه مشغولاً به وعمله موجهاً إليه، ولذّته وارتياحه في طاعته وعدم مخالفة أوامره، يتحمّل في ذلك ما يتحمّل راضياً مغتبطاً، قرير العين مطمئنّ القلب.
- لا يُؤثِر أحد على محبّة خالقه، فهو يحبّ والديه ويحسن إليهما ويبرّهما طاعة لله، يحبّ أولاده لكنّه يتقرّب بهم وبحسن تربيتهم إلى الله ويعلّمهم حبّه، وكذلك حبّه لإخوانه وأزواجه وعشيرته... قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي...) أخرجه الترمذي برقم 3895
لكن إذا أمره أيّ منهم بما لا يرضي الله فينبذ محبته حبّاً لله.
- ولا يؤثر شيء على محبته، فله حاجات في الدنيا من مال، وتجارة، ومساكن،...
لكن إن وُضعت عنده جميع هذه الرغائب في كفّة ووضع في الكفّة الأخرى حبّ الله ورسوله والجهاد في سبيله وخُيّر بينهما، لرجحت كفّة الله ورسوله والجهاد في سبيله.
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} التوبة 24
فحبّ الإنسان لله هو الإيمان الحقّ، الذي يُؤثِرُه على النّفس، وتبدو آثار حبّه إياه في جميع أقواله وأفعاله. أمّا الذي يدّعي الإيمان بالله ثمّ لا تظهر آثار إيمانه على أقواله وأعماله فلا ريب أنّ إيمانه ناقص.
نماذج المحبّين كثيرة كالأنبياء والصحابة وقصص أخرى
لم نوردها.
يحبّهم ويحبّونه(1/5)
إذن هو حبّ متبادل بين الله والمؤمنين وإن كان حبّ الله ليس كحبّ البشر، أما الطّريق للوصول إلى حبّ الله فهو مفتوح باتباع سنّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم.
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران 31
وصفهم
ويصف الله المؤمنين الصّادقين الذين أحبّهم كما أحبّوه
- برفيع الخلق، فيكون أحدهم متواضعاً لأخيه المؤمن رؤوف به لكنّه هو نفسه يكون عزيزاً على خصمه غليظاً عليه، فهو يوالي أولياء الله يعادي أعداء الله.
- يبذلون أموالهم وأنفسهم في سبيل الله وما أمرهم به من الجهاد في طريق الحقّ والخير باليد واللسان والقلب.
- لا يردّهم رادّ عمّا هم فيه من طاعة لله وإقامة حدوده وقتال أعدائه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
- من حظي بهذه المحبّة فإن الفضل كلّه لله فله الحمد وهو العليم بمن يستحق.
- وللإنسان مع ربّه مراتب يرتقي الإيمان عبرها (ذكرها الغزالي) الأولى: الصّبر، فهو يُكرِه نفسه على بعض أوامر الله.
الثانية: مرحلة الرّضا، فلا يشعر بمعاناة عند تطبيق أمر الله. والثالثة: الحبّ، وعندها يجد راحته وسعادته في تطبيق أمر الله ولو كان في ذلك مشقة.
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُو?اْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} البقرة 165
إنّ شدّة محبّتهم تنبع من معرفتهم القويَّة بالله سبحانه وتعالى وابتعادهم عن ما لا يرضيه، هذه الصفات قد تشعرك بمثاليات مفقودة في هذا العصر، لكن اكتسابها لا يصعب على أي إنسان وضع أمامه هدفاً عظيماً كرّس حياته من أجله, وهو الوصول إلى محبّة الله.(1/6)
لقد ذكر الله تعالى في كتابه: لفظ ( يحبُّ) لثمان صفات يتّصف بها المؤمن، منها ذكرت مرة واحدة، ومنها تكرّرت ثلاثاً، أو خمس مرات، ألا يدلّ كثرة ذكره لصنف معين شدّة حبّه تعالى لهم، والله أعلم.
لقد قمت بترتيب هذه الصفات تدرّجاً من الأقلّ ذكراً حتى الأكثر. ليسهل علينا التدرّج في تطبيقها...
من هم الذين يحبّهم الله؟
إنّ اللهَ يحبُّ:
1- التوّابين في سورة البقرة 222
2- المتطهرين في سورة البقرة 222
وبلفظ آخر أتت مرة واحدة (المطّهرين) في سورة التوبة 108
3- الصّابرين في سورة آل عمران 146
4- المتوكلّين في سورة آل عمران 159
5- الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيان مرصوص
سورة الصف 4
6- المقسطين 3 مرات
السور: المائدة 42، الحجرات 9، الممتحنة 8
7- المتّقين 3 مرات
السور: آل عمران 76، التوبة 4، التوبة 7
8- المحسنين 5 مرات
السور: البقرة 195, آل عمران 134، آل عمران 148،
المائدة 13، المائدة 93
1- إنًّ اللهَ يُحِبٌّ التوّابين
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
البقرة 222
من هم؟
- هم العائدون إلى الله علموا أنّ لهم ربّ توّاب كثير التوبة على عباده، يتوب عليهم مهما كَبُرَت ذنوبهم كمّاً أو نوعاً، أي يعود عليهم بالرّّحمة، والغُفران، والإحسان، وبالخيرات من عطاءات أو ابتلاءات ليعودوا إليه.
- هم العائدون إلى الله علموا أنّ التوبة هي أول مراحل الطّريق المفضي إلى تأهيل الإنسان إلى محبّة الله تعالى له، ومبدأ طريق السّالكين إليه. ولأهمّية التوبة أولاها الله سورة كاملة بالقرآن.
- فاستجابوا لأمر ربهم لمّا أمرهم بالتّوبة فهرعوا لها(1/7)
{..وَتُوبُو?اْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور31
- فهم الرّاجعون إلى الله علموا بذنوبهم، خافوا مقام ربهم، حاسبوا أنفسهم، فندموا على كل فعل وتقصير تجاه حبيبهم فتركوا ذنوبهم وعادوا إليه.
- علموا أن ذنوبهم حجاب لهم عن المحبوب، والانصراف عما يبعد عن المحبوب واجب. وإنّما يتمّ ذلك:
1- النّدم: هو ندم القلب وتحسره على تفريطه وتقصيره تجاه خالقه وحبيبه فيعبّر التّائب عن ذلك بدمعة في العين واستغفار باللسان وبفعل يرضي الله كصدقة، وسجود، وعمل صالح يرجو به عفو ربه.
2- الإقلاع عن الذنب: التوقف عنه نهائياً.
3- العزم على عدم العودة إليه: أما الذي يتوقف وهو ينوي العودة للذنب فهو كالمستهزئ بربه.
قد يتوب الإنسان وهو لا يريد العودة للذنب لكنّ نفسه الأمّارة بالسّوء تزيّن له الشهوات فتتغلّب عليه فيعود للذنب وهو مواظب على الطّاعات ثم يندم ويتوب فالله يقبل ولو عاد..
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أذنب عبدٌ ذنباً، فقال: يا ربّ أذنبت ذنباً فاغفره لي. فقال الله عز وجلّ: علم عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي.. ثم عاد فأذنب ذنباً فقال: يا ربّ أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال الله عز وجلّ: عَلِمَ عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي، ثم عاد فأذنب ذنباً، فقال: يا ربّ اغفره لي، فقال الله: عَلِمَ عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، فقد غفرت لعبدي فليفعل ما يشاء). سنن ابن ماجه / باب ذكر التوبة رقم 4251.
- هم الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم واشتدّ ألمهم لما بدر منهم من تفريط في حقّ خالقهم كالثلاثة الذين تخلّفوا عن الرّسول في غزوة تبوك، فهم في خوف ألا تقبل توبتهم، ورجاء أن تقبل، وإدمان على الطّاعات.(1/8)
{وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّو?اْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُو?اْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة 118
- هم العائدون إلى الله على جميع أصنافهم ومهما كانت معاصيهم، سواء كانت مع خالقهم (كالشرك، والكفر...)، أو مع الخلق (الاعتداء على الأنفس، الظّلم بالأموال كالغصب والسّرقة والرّبا، الجناية على الأعراض ورمي المحصنات، إتيان النّساء في المحيض...وإيذاء القلوب..، إطلاق البصر، إظهار مفاتن المرأة..الغيبة والنميمة...)
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُو?اْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات 11
لكنّهم تابوا، وقاموا بإصلاح ما بدر منهم فأعادوا الحقوق المادّية إلى أهلها أما المعنوية فلا يملكون إلا التلطّف والإحسان لمن تسبّبوا لهم بإساءة، أو الحصول على عفو صادق منهم، وإن بقي لأحد مظلمة فتُجبر بحسناتهم يوم القيامة، فما عليهم إلا الزيادة في الأعمال الصالحة.
{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذالِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النور 5
- هم العائدون إليه حتى ولو كانوا من الطّائعين
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ( كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التّوابون) أخرجه أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن ماجه، والدرامى، والحاكم، والبيهقي في شعب الايمان عن أنس.(1/9)
يتوبوا من صغائر اقترفوها، همّ بالذنب، هفوات اللسان، غفلات عن نعم لم يؤدوا شكرها، تقصيرهم في العلم بالله.
- هم الملازمون للتسبيح والاستغفار عن كلّ صغيرة وكبيرة قاموا بها مستجيبين لأمره تعالى
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا} النّصر3
- وكان لهم في الأنبياء أسوة حسنة، فهذا هو النّبي صلوات الله عليه وسلامه الذي قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر يقول:
(يا أيّها النّاس توبوا إلى الله واستغفروه فإنّي أتوب في اليوم مائة مرّة) رواه مسلم (2702/42) عن الأغرّ بن يسار المُزَنيّ.
{لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} التوبة 117
- هم الرّاجعون إلى الله على الدّوام، التوابون دائماً حتى الممات، متذلّلين بين يديه خاضعين له راجين قربه ورضاه ومحبته.
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُو?اْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً....} التحريم 8
قيل التوبة النصوح: هي توبة عقدها العبد لله لا يريد بها إلا وجهه، وهي توبة عامة شاملة لجميع الذنوب، يستمر بها حتى الممات.
إرادة الله
{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً} النساء 26-27
إنّ الله تعالى يريد أن يتوب على عباده ويتجاوز عن سيئاتهم ويغفر لهم ويرحمهم حتى ينقذهم من عذابه يوم القيامة ثم يتابع تعالى بيانه مؤكداً إرادته لخلقه هي أن يتوب عليهم.(1/10)
فهو يقول لنا بكامل العطف والحنان إنّه يريد أن يتوب علينا ليخرجنا من الظلمات إلى النور من المعصية إلى الطاعة من الحجاب إلى القرب، يريد أن يتوب علينا من أهوائنا وشهواتنا من غفلاتنا و خطراتنا، يريد للمحجوبين وللمعرضين الإقبال إلى حبيبهم وإلى طبيبهم وإلى من هو أرحم بهم من أمهاتهم وآبائهم بل من أنفسهم، ينادي العصاة، الزناة، السارقون، القتلة، أصحاب الربا، أصحاب الرشوة، أصحاب الاحتيال... ربكم يريد أن تصطلحوا معه يريدكم أن تعودوا إليه مع استغنائه عنكم واحتياجكم إليه.
اشتراط التوبة:
أن يعمل السوء بجهالة معناه باندفاع وطغيان وشهوة، وأن تجيء التوبة عقبه في وقت قريب منه.
قال تعالى {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّو?ءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُو?اْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} النحل 119
والإنسان الكيِّس لا يتهاون في الرجوع إلى ربّه والنّدم على ذنبه وقد حضّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسراع في التوبة، فإن العمر قصير والموت يأتي بغتة حينها لا تنفع نفس إيمانها.
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّو?ءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَائِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَائِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} النساء 17- 18
جزاء التوّابين
وبعد أن جثا التائب في ساحة الرحمن الفسيحة نادماً عائداً مستغفراً معاهداً على عدم العودة، يمدّ يديه سائلاً متضرعاً أن يمنّ عليه بالعفو والصفح.(1/11)
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} التوبة 102
فلا شك أن الله يستجيب ويعفو ويتكرّم عليه بمزيد من الامتنان والفضل بـ...
1- قبول توبة عبده
{أَلَمْ يَعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة 104
2- دعوة الملائكة لهم بالمغفرة
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} غافر 7
3- مغفرته تعالى لمن صحت توبته وحاول تصحيح مسار حياته، فيستر عليه أعماله السيئة ولا يفضحه بها.
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى} طه 82
{وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُو?اْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} الأعراف 153
4- عفوه عن السيئات فيمحوها، ويمحو أثرها من العيوب، وما اقتضته من العقوبات. فيعود التائب عند الله كريماً، كأنه لم يعمل سوءاً قط.
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} الشورى 25
5- تبديله السيئات بحسنات: فلا يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة عبده أن يضع مكان كل سيئة حسنة فيوفقه لما يقرّبه إليه من فعل للحسنات.
{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} الفرقان 70
6- الرزق والخير من السماء(1/12)
{وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُو?اْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} هود 52
7- النّجاح والفلاح في الآخرة لمن اتّصف بالتوبة عن الشرك والمعاصي، وآمن بالله فعبده، وآمن برسله فصدّقهم، وعمل صالحاً متّبعاً فيه للمنهج الذي وضعه الله.
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} القصص 67
8- وبعد أن كفَّر الله عنهم سيئاتهم، يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويسألون الله، أن يتم لهم نورهم فيستجيب دعوتهم، ويوصلهم بما معهم من النّور واليقين، إلى جنّات النعيم، وجوار الربّ الكريم، وكل هاذا من آثار التوبة النّصوح.
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُو?اْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} التحريم 8
9- وفي الختام يجعلهم ممن اصطفاهم لمحبّته
{...إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ..} البقرة 222(1/13)
وفي الصحيحين، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لله أشدُّ فرحاً بتوبةِ عبده المؤمن من رجل في أرض دوِّيَّة مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشدُّ فرحاً بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته).
أدعية قرآنية في التّوبة
- {...رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأعراف 23
- {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة 128
- {...سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} الأعراف 143
- {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي? أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي? أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي? إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الأحقاف 15
- {رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ}
آل عمران193
{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
الأنبياء 87
وبعد كل ما ذكرناه نرى الله تعالى يخاطبنا فيقول:
{...وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات 11(1/14)
وفي آية أخرى {...وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران 57
ممكن أن نستخلص مما ذكرنا الآتي:
أمر الله عباده بالتوبة
يريد الله أن يتوب على عباده
يقبل توبتهم
يحبُّ التّوابين
من لم يتب
ظالم
والله لا يحب الظّالمين
2- إنًّ اللهَ يُحبُّ المتطهرين
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222
وفي لفظ آخر
إنًّ اللهَ يُحبُّ المطّهرين
{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة108
من هم؟
- علموا أنّها الخطوة التي تدخلهم في الطاعة، ومفتاحهم للعبادات بعد أن تابوا من ذنوبهم، فسارعوا لها ولم يهملوها حتى يقفوا بين يدي الله كما يحبّ الله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى? أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَاكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة 6
وَلاكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ: أي من الأحداث والذنوب(1/15)
- قاموا بتطهير ظاهرهم من الأنجاس بالاستنجاء، والأحداث بالغسل والوضوء والتيمم، وفضلات البدن من أوساخ وشعر وأظافر ورطوبات مترشحة فتعهدوها بالتنظيف والحلق والقص... وتعهدوا بيوتهم بالنّظافة، وثيابهم....امتثالاً لأمره تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} المدثر 4
- علموا أن طهارة الظاهر هي القشرة الظاهرة لكن لن يصلوا للباطن دونها ففعلوها ولم يضيعوا وقتهم في وساوس تشغلهم بالظاهر تلهيهم عن مرتبة أعلى.
- فانتقلوا لتطهير جوارحهم من الذنوب والآثام،
فطهروا أرجلهم من أن تمشي لأماكن لا ترضي خالقهم...،
وطهروا أيديهم من أن تبطش بأحد أو تسبب أذى لإنسان من ضرب أو سرقة أو اغتصاب للحقوق أو الأعراض....،
وطهروا آذانهم من الاستماع للغيبة وأغاني لا ترضي الله..، وطهروا أعينهم من كل نظرة حرام... بأي وسيلة أنترنت، تلفاز، شارع.... لعلمهم أن الله ناظرهم خبير بنياتهم وأفعالهم.
طهروا ألسنتهم من الاستهزاء بالآخرين، الغيبة، النميمة، الكذب،الفحش، السب، بذاءة اللسان، اللعن، الوعد الكاذب، الحلف الكاذب، تشدق بالكلام،....
وطهروا فروجهم من الفواحش...
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُو?اْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} الأعراف 82 يتنزهون عن فعل الفاحشة.
- انتقلوا لمرتبة أعلى هي تطهير القلب من الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة كالنفاق، الرياء، الحسد، الحقد، البخل...... لأن بالقلب يعرف الإنسان ربّه لا بجوارحه، والقلب هو المقبول عند الله إن سلم من غير الله.
وقد وجّه الإسلام اهتماماً كبيراً بشأن الطّهارة المعنوية لأنها أهمّ بكثير من طهارة الظاهر لأنها هي الأصل فمتى طَهُرَ الباطن من الأخلاق المذمومة ظهرت آثاره على الأعضاء وصلح الجسم كله.. فالقلب هو محلّ نظر الله.(1/16)
قال صلّى الله عليه وسلّم (إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صُوَرِكُم ولا إلى أموالكم، ولكن يَنظُر إلى قلوبِكُم وأعمَالِكُم)
أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة رقم 34
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة 103
أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة.
- حاولوا الوصول إلى أعلى المراتب وهي تطهير السرّ عما سوى الله تعالى، وهي طهارة الأنبياء والصدّيقين..، ولا يصل إلى ذلك إلا من فرغ من طهارة الجوارح وطهارة القلب من جميع الصفات المذمومة وعَمَرَ نفسه بالصفات المحمودة.
- يسعون للطهارة على الدوام وحتى الممات، يطهّرون أبدانهم وجوارحهم وقلوبهم ليحصلوا على رضا ربّهم وقربه ومحبّته.
جزاؤهم
طهّروا أنفسهم طوعاً لأوامر خالقهم وحبيبهم، فحازوا على أعلى المقامات، محبّة الله تعالى لهم.
{..وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222
{..وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة108
3- إنًّ اللهَ يُحِبُّ الصَّابِرين
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
آل عمران 146
من هم؟
- علموا أن الله هو الصّبور الذي لا يُعجّل بالعقوبة لِمَنْ عصاه فهو يُمهل ولا يُهمل، لأن رحمته سبقت غضبه، فهو الذي خلق الخلق ليرحمهم، وتأخير إنزال العقوبات الحاسمة هو رحمة منه، كأن الله عزّ وجل يُعطي الناس فرصةً ليتوبوا ويعودوا إليه.(1/17)
- علموا أن الصّبر من الأمور العظيمة والفضائل الخلقية التي يتحلّى بها الإنسان ولفضيلة الصّبر ذكرها تعالى أكثر من سبعين مرة بالقرآن، وهو النفحة الروحية التي يعتصم بها المؤمن فتخفف من بأسائه، وتدخل إلى قلبه السكينة والاطمئنان وتكون بلسماً لجراحاته، فتلقوا المكاره بالقبول والتمسوا فيها وجوه الخير
{... وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النساء25
- استجابوا لأمر ربهم لمّا أمرهم بالصّبر فصبروا له لا لغيره
{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} المدثر 7
وعلموا أن صبرهم لا يكون إلا بعون من الله
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} النحل 127
- جاهدوا أنفسهم لتزكية ملكات الخير عندهم
فالشجاعة هي الصّبر على مكاره الجهاد.
والعفاف هو الصّبر على الشهوات.
والحلم هو الصّبر على المثيرات.
والكتمان هو الصّبر على إذاعة الأسرار.
- صبروا على ما يوافق هواهم كالصحة والسلامة والمال والجاه وكثرة العشيرة والأتباع وجميع ملاذ الدنيا، فالعبد محتاج إلى الصّبر في جميع هذه الأمور، بأن لا يركن إليها، ولا ينهمك في التلذذ بها، ويراعي حقّ الله في ماله بالإنفاق وفي بدنه بالمعونة بالحق...
{وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَائِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} الرعد22
- صبروا على ما يخالف هواهم
1- صبروا على الطاعات من صلاة وصيام وزكاة وحج
{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} طه 132
(اصطبر: تعني زيادة في الصّبر)، حتى يعتاد الإنسان على العبادة ويتعلق بها.(1/18)
وصبروا على الجهاد في سبيل الله بجميع أنواعه من جهاد النفس لحملها على طاعة ربّها...إلى الجهاد الحقيقي وهو القتال لإعلاء كلمة لا إله إلا الله
{.. وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَائِكَ الَّذِينَ صَدَقُوآ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} البقرة 177
صبروا:
قبل العبادة بتصحيح النية والإخلاص والبعد عن الرياء.
وفي نفس العبادة أن لا يغفلوا عن الله خلالها ولا يتكاسلوا.
بعد فراغهم من العبادة: الصّبر عن إفشائه والتظاهر به لأجل الرياء والسمعة، كالمنّ بالصدقة يفسدها..
2- ثم صبروا على بعدهم عن الطاعات و العبادات والذي يكون خارج إرادتهم، كتوقف المرأة عن الصّلاة والصيام عند الحيض والنّفاس وطول فترة البعد عن تلاوة كلام الله.
3- صبروا عن المعاصي كمعاصي اللسان، الأذن، العين، اليد، الرجل، الفرج....
لأن النّفس تزين للإنسان المعصية فيهواها (كحبّ فتاة، إطلاق البصر...)، ثم الشيطان يغريه بشتى الوسائل ليعصي ربه، وكذلك رفاق السّوء.
4- صبروا ليكونوا مع أهل الله الذين يحبّونه، وصبروا ليبتعدوا عن أهل الدّنيا الذين يغرونهم بملهياتها فينسوهم ذكر الله.
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} الكهف 28
5- صبروا في ما لا يدخل تحت الاختيار من موت الأحبة،هلاك الأموال، زوال الصحة..(1/19)
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} البقرة 155-157
6- صبروا على أذى الناس من قول وافتراءات
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} المزمل10
وكثيراً ما نرى في حياتنا أنّه كلما لَمَعَ إنسان في مجال ما (سواء في مجال الدّعوة كما حصل مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء والدعاة، أو في فعل الخير، أو أي مشروع ناجح...) كلما زادت الافتراءات عليه، وهذا ما نعزوه إلى ضعف النّفوس البشرية وسيطرة الأنا (أنا خير منه..قالها إبليس)، إنه الكبر والحسد عند الناس، وهو رأس كل خطيئة في الوجود.
ويصف تعالى الصّبر على أذى الناس بأنواعه بأنه من عزم الأمور فهو من أشدّ الأمور وأصعبها على النفس ويحتاج لقوة وعزيمة.
{لَتُبْلَوُنَّ فِي? أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُو?اْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذالِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} آل عمران 186
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} الشورى 43
ذلك لأن للإنسان غريم يستطيع الانتقام منه، فتأتي الآيات لتسمح لمن لا يستطيع كبت غضبه، ونفسه تتعذب لدرجة أنسته مهامه في الدنيا؛ بعقوبة غريمه بشرط أن تعتدي عليه بالمثل.
(كمن صفعك بكفّ على وجهك هل تستطيع رده بنفس درجة الألم أم سيكون أقوى لشدة غضبك؟؟)(1/20)
والله تعالى يقول: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} النحل 126
بما أن الغضب لا يقيس الاعتداء بمثله فلا يتحقق العدل المطلوب لهذا يكون الصّبر خير.
فبالصّبر يترك الإنسان الانتقام ممن أذاه لله تعالى، فالإنسان إن اقتص من الظالم يكون اقتصاصه على قدر قوته أما إن تركه إلى قدرة الله فيكون تركه إلى أقوى قوة في الوجود.
وبالصّبر يرتفع لدرجة أعلى وهي كظم الغيظ ثم العفو فيكون الإنسان من المحسنين فيحصل على محبة الله وعفوه وإحسانه.
- علموا أن ما يتعرضون له هو امتحان لهم يجب أن يجتازوه بجهاد وقوة وتسليم وحمد ورباطة جأش ليفوزوا بمحبة خالقهم لا باسترخاء وتضجّر وسخط.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران 142
فاتّعظوا بمصاب الآخرين، وتحلّوا بالصّبر الجميل بأن كتموا مصابهم ولم يظهروه ولم يضجروا أو يشتكوا لأحد.
{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً} المعارج5
- أضافوا إلى الصّبر:
المصابرة فأعانوا إخوانهم على الصّبر، لذلك قيل لا تكن عونا للشيطان على أخيك وكُن عونا لأخيك على الشيطان ؛ أي أنت إذا أعنته وبيّنت له وخففت عنه مصابه، وواسيتَه بكل ما تملك فلعلّ في ذلك عوناً له
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران 200
والتوصية بالصّبر
{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} العصر3
- استعانوا على الصّبر
بالتسبيح ولعل ملازمة المؤمن للتسبيح من أنجح الوسائل المساعدة له في جميع المصاب والهموم.(1/21)
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ
لَعَلَّكَ تَرْضَى} طه 130
والصلاة وفيها يجد المؤمن راحته
{يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة 153
وكثرة السجود وفيه قرب المؤمن من ربه
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ} الحجر 97-98
- كان لهم في الأنبياء كافة الأسوة الحسنة، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صبر على اليتم والفقر والجوع والتعب وعلى الطرد من الوطن والإبعاد عن الأهل وعلى تكالب الأعداء ومكر اليهود وخبث المنافقين وموت الأحباب، رميت زوجته فصبر، قالوا له كاهن ساحر...فصبر، أخرجوه آذوه شتموه حاربوه...فصبر،..
فالصّبر ملكة الثبات والاحتمال التي تهون على صاحبها ما يلاقيه في سبيل تأييد الحق وإزالة الباطل وما يلاقيه من مصاعب...
{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُو?اْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} الأحقاف 35
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أيُّ النّاس أشدُّ بلاء؟ قال: (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتدّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقّه ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة) صحيح مسلم.
- هم الصّابرون على الدوام حتى يحكم الله فالأمر كله بيده والحكم له وهو خير الحاكمين.(1/22)
{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} يونس109
جزاء الصّابرين
1- تكفير الله لذنوبهم
عن أبي هريرة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (ما يصيبُ المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر الله بها من خطاياه)
أخرجه البخاري برقم 5318
2- ثناء الله ورحمته عليهم
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} البقرة 155-156-157
3- جزاء الله لهم بأحسن أعمالهم، وتجاوزه عن سيئها.
{مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُو?اْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل 96
4- مضاعفة الأجر لهم
{أُوْلَائِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} القصص54
وقد ورد في الصحيح من حديث عامر الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة، فأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها).
5- توفيتهم أجورهم بغير حساب فلا ينصب لهم ميزان ولا يُنشر لهم ديوان وما ذاك إلا لفضيلة الصّبر ومحله عند الله.
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر 10
6- التمكين لهم في الأرض، وجعلهم قادة وقدوة يقتدى بهم في دينهم.(1/23)
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة 24
7- الفوز يوم القيامة بالسعادة والسلامة والجنّة والنّجاة من النار.
{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُو?اْ أَنَّهُمْ هُمُ الْفَآئِزُونَ}المؤمنون 111
8- الجنّة وما أعد الله لهم فيها من نعيم، يصفها لهم..
{وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً * مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ *......} الإنسان 12-15
9- دخول الملائكة عليهم يهنئونهم بالسلامة، وكرامة الله لهم بسبب صبرهم، الذي أوصلهم إلى هذه المنازل العالية.
{سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} الرعد 24
10- معية الله (إنَّ اللهَ مع الصَّابِرين)
هي معيّة خاصّة، تعني التأييد والنصر والتوفيق و الحِفظ، فهو مع من كان الصّبر لهم خلقاً وصفة، لأنهم قَبِلوا معالجته واستسلموا لقضائه فهانت عليهم المشاق والمكاره وسهل عليهم كل عظيم، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهاذه المعية من الله لكفى بها فضلاً وشرفاً.
لقد كرر تعالى معيته للصابرين في 4 مواضع
- {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة 153
- {... قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة 249
- {وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُو?اْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}الأنفال46(1/24)
- {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُو?اْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال 66
10- محبة الله تعالى لهم وهي من أعلى المقامات وهذه المحبة التي صبروا ليحظوا بها {..وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}آل عمران 146
أدعية قرآنية في الصّبر
- {.. رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} البقرة 250
- {.. رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} الأعراف 126
4- إنًّ اللهَ يُحبُّ المتوكّلين
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
آل عمران 159
من هم؟
- علموا أن الله من أسمائه الوكيل فهو الذي يتولّى بإحسانه شؤون عباده كلها، فلا يضيعهم ولا يسلّمهم للشر أبداً، لكن يأخذ بأيديهم لما فيه مصلحتهم.
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} النساء81
- علموا أن التوكل على الله معناه الثقة به والاعتماد عليه، والإيقان بأنّ قضاءه ماض، لكن يجب السعي فيما لا بدّ منه
من الأسباب.(1/25)
من معاني التوكل أن تأخذ بالأسباب (بجوارحك) ثم تقطع الأسباب عن القلب. أي هو عبادة قلبية محضة، يعني أنك بجوارحك يديك رجليك لسانك... تأخذ بالأسباب كأن ليس هناك توكل، والقلب كأن ليس هناك جوارح منقطع عن الأسباب متصل بالله وحده..
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} الطلاق 3
- استجابوا لأمر ربّهم بالتوكّل، فتوكلوا عليه وحده.
فهم من إيمانهم يقولون: إن الله ما منعك إلا ليعطيك وما ابتلاك إلا ليعافيك وما امتحنك الا ليصفيك وما أخرجك من الدنيا إلا ليجتبيك في الجنة.... فكانت المرتبة التي تلي الصّبر.
{رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ اله إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً}المزمل 9
- فهم في توكلهم سعداء يعيشون في سكينة بعيدين عن الخوف من المستقبل لأنهم وكلوا أمورهم لله الذي لا إله غيره.
{اللَّهُ لاَ اله إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} التغابن 13
لخالق الكون
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} الزمر62
لمالك السموات والأرض
{وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً}
النساء 132
للعزيز الذي لا يذل من استجار به، ولا يضيع من لاذ بجنابه والتجأ بحماه.
الرحيم.. الذي لا يغيب عليه شيء..
{وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الشعراء 217..220
للحكيم في تدبير شؤون عباده لما فيه مصلحتهم
{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هؤلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال 49
للحي الذي لا يموت(1/26)
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً} الفرقان 58
لمن له الأمر
{وَللَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} هود 123
لمن له الحكم
{وَقَالَ يابَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} يوسف 67
فهو يكفيهم
{وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} الأحزاب 48
- فوكلوه جميع أمورهم فهو الوكيل المطلق
في كل الأحوال وفي كل الظروف، والمُتَوَكِّل في كل حياتهم.
{... وَمَا تَوْفِيقِي? إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} هود88
- توكلوا على الله ولازموا تسبيحه وتنزيهه عما لا يليق به
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً} الفرقان 58
- فهم في توكلهم يسلكون نهج الأنبياء يقول تعالى مخاطباً نبيه صلّى الله عليه وسلّم {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}
النمل 79
أي: ففوِّض إلى الله يا محمد أمورك وثق به، فإنه كافيك.
- متوكلون على الدّوام، يزدادون إيمانا عند سماعهم كلام الله
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} الأنفال 2
فهم في قوة توكلهم يرتقون إلى درجات (ذكرها الغزالي في الإحياء): 1- الثقة بكفالته.(1/27)
2- أن يكون حاله مع الله كحال الطفل مع أمه لا يفزع لسواها ولا يعتمد إلا إياها.
3- والأعلى أن يكون بين يدي الله مثل الميّت بين يدي الغاسل وهو الذي قوي يقينه وانكشفت بصيرته أن لا فاعل سوى الله ولم ينظر إلى غيره بل يكون منه الخوف وله الرجاء وبه الثقة وعليه التوكل، فهو الفاعل والكل حوله مسخرون له.
جزاء المتوكلين
الله يبشر المتوكلين عليه ويعدهم في الدنيا
1- حفظهم وحمايتهم من الشيطان، فلا قوة ولا سلطان له عليهم.
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً}
الإسراء 65
2- لا يمسهم سوء وأذى والناس..
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُو?ءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} آل عمران 173
3- وفي الآخرة يبيّن لنا تعالى أنّ لهم الأجر الجليل والثواب الجزيل والنّعيم المقيم الذي هو خير من لذات الدنيا...
{وأبقى} لأنه نعيم لا منغص فيه، ولا كدر، ولا انتقال.
{فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} الشورى 36
لكن نلاحظ بأن الله تعالى أخفى لنا ما أعدّ لهم في الآخرة من ألوان النعيم...لكنه لم يخفِ
4- محبته لهم
{.. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران 159
أدعية قرآنية في التوكل
- {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا? اله إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} التوبة 129
- {.... رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} الممتحنة 4(1/28)
- {...عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
يونس 85
- {... وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} الأعراف 89
دعاء الاستخارة
الذي علّمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للصحابة ونصحهم بالتزامه في كل الأمور فقال:
(إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنّي أستخيرك بعلمك وأستقدِرُكَ بقُدرَتِك وأسألك من فضلك العظيم فإنّك تقدِر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر (وتسميه باسمه) خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره ويسّره لي ثم بارك لي فيه. اللهمّ وإن كنت تعلمه شرّاً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفني عنه واصرفه عني واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به ولا حول ولا قوّة إلا بالله).
رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه.
5- يُحِبّ الذينَ يُقَاتِلونَ في سَبِيلِهِ صفّاً
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} الصف 4
من هم؟
- هم الذين استجابوا لأمر ربهم لما فُرِضَ عليهم الجهاد، فهرعوا لقتال أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به، وبذلوا نفوسهم رخيصة في سبيله.
- هم كتلة قويّة متماسكة صامدة كالبنيان المرصوص الذي ضمت لبناته بعضها إلى بعض ورصّت، تؤدي رسالتها وتندفع بإقدام في سبيل إعلاء كلمة الله، صامدين أمام الزلازل والعواصف والمحن ليستحقوا نصر الله وتأييده وبالتالي محبّته.
كما كان المسلمون الأوائل في وحدة العقيدة (في سبيل الله) والمبدأ فتآخى المهاجرون والأنصار وانطوت مكائد اليهود من المدينة.
- هم الذين يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وكل ما يملكون.(1/29)
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}
الحجرات 15
- هم الذين يقاتلون في سبيل الله على الدّوام بالرغم من تغير وسائل القتال في كل عصر...، ففي عصر العلم يتسلّحون بالعلم والمعرفة...ويقدموا ما يملكون من عقل وفكر وخبرات، ليقفوا بوجه عدوهم متماسكين.
{وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} الأنفال60
- هم الذين يتّبعون في جهادهم نهج الأنبياء عليهم السلام فكلّهم جاهدوا أقوامهم لإعلاء كلمة الحق.
جزاؤهم:
ذكر تعالى الجهاد في كتابه كثيراً وذكر ثواب المجاهدين وما أعده لهم لكن نلاحظ في هذه الآية بأن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنّهم بنيان مرصوص فالمحبة فيها ليست فقط للمجاهدين بل خصّ المجاهدون الذين توحدت كلمتهم وقوي بنيانهم في سبيل الله..
وهذا ما تعاني منه الأمّة الإسلامية هو التفكك فيما بينها وعدم اتحادها على كلمة واحدة، وسرّ هذا الافتراق الواسع والتفكك الذي نلحظه ونأسف له، ما هو إلا اتّباع الهوى والبعد عنه سبحانه.
والقضاء على هذا التفكك يحتاج لجهاد الأمم حتى تحصل على محبة الله تعالى.
6- إنًّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِين
1- {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} المائدة 42(1/30)
2- {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي?ءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو?اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات 9
3- {لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُو?اْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة 8
من هم؟
- علموا أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه المُقسط أي العدل، فهو ينتصر للمظلوم من الظالم.
ومن كماله تعالى؛ أنه بعد إرضاء المظلوم، فهو يرضي الظالم ويكرمه بعد تأديبه ورجوعه إلى الحقّ.
يقول الإمام الغزالي: المقسط هو الذي ينتصف للمظلوم من الظالم، وكماله في أن يضيف إلى إرضاءِ المظلوم إرضاءَ الظالم.
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} يونس 54
- خافوا مقام ربهم لعلمهم بقدرته عليهم، وأن مرجعهم إليه فينبئهم بأعمالهم ويجزيهم بها سواء كانت سيئة أو حسنة.
{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} يونس 4
وقد ورد هذا في نصِّ الحديث عن أبي مسعود الأنصاريّ رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاماً لي، فسمعت من خلفي صوتاً:(1/31)
(اعلم - أبا مسعود - لله أقدر عليك منك عليه) فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا رسول الله، هو حرّ لوجه الله. فقال: ( أما لو لم تفعل للَفَحَتْكَ النار، أو: لمَسّتْكَ النار) صحيح مسلم
وقال بعضهم :
إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس تذكَّر قدرة الله عليك.
- استجابوا لأمر ربهم حين أمرهم بالقسط
{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}الأعراف29
{يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى? أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المائدة 8
القوَّام: هو المبالغ في القيام بالشيء كأحسن ما يكون. فالأمر هنا يذكِّر الإنسان بمسؤوليته، ودوره في خلافة الأرض الذي خلق له وأن عليه أن يقوم بالأمانة التي حملها وأن يكون قيامه لله وحده بمنجاة من كل المؤثرات فلا يتدخل الهوى ولا البغض ولا الرغبة في الظهور.. بل خالصاً لله.
شهداء بالقسط: دون محاباة لأحد ودون أن يدفع البغض إلى الاعتداء.
لا يكيلون إلا بمكيال العدل سواء كان الموزون شيء مادي أو معنوي.
{وَأَقِيمُواْ الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ} الرحمن9
- فهم المقسطون لأنهم أرادوا التخلق بالأخلاق التي يحبها الله ليفوزوا بمحبته.
1- مقسطون مع الكفار ومحسنون لهم أيضاً (كالأم المشركة..) ويوالوهم ما داموا لم يقاتلوهم، لكن إن قاتلوهم فينهاهم الله عن موالاتهم فينتهوا(1/32)
{لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُو?اْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة 8
2- مقسطون مع المنافقين واليهود رغم كيدهم وتلاعبهم.. {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} المائدة 42
إن هذا التعقيب بقوته السحرية (يحبُّ..) يزيح كلّ العقبات النفسية التي تخلّفها في القلب مكائدهم وافتراؤهم...
كثير من النّاس يرى أن معاملتك للكفار، المنافقين، الفجّار، الفاسقين، الملحدين لا غبار عليها مهما أسأت إليهم، فلا عليك مثلاً أن تأخذ من أموالهم بغير حقّ، أو أن تضطهدهم، أو تظلمهم، أو تغُشَّهم، هذا من الجهل والظلم، لأن هؤلاء إن عدلتم معهم حبّبتم الإسلام والمسلمين إلى قلوبهم، وإن ظلمتموهم ملكتموهم سلاحاً ضد الإسلام والمسلمين.
فالمسلم إن ظلمته أبغضك لذاتك، أما إذا ظلمت غير مسلم فإن المظلوم يبغض دينك، ويقول : الإسلام ظلمني..
3- مقسطون مع المسلمين بالإصلاح بين الفئات المتخاصمة بالعدل.
{وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي?ءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُو?اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات 9(1/33)
الآية متضمنة نهي المؤمنين على أن يبغي بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضاً، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين، فإن على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هاذا الشر الكبير، بالإِصلاح بينهم، والتوسط على أكمل وجه يقع به الصلح، ويسلكوا الطرق الموصلة إلى ذالك.
- يسعون ليقيموا العدل في الأرض، فإن كان زوجاً فلا يظلم زوجته وأولاده، وإن كان بوظيفة ما لا يؤذ الناس من خلالها، بل يسعى لحفظ مصالح الأمة من الجَور على حقوق الناس بالرشاوى،....... وقيل:
"فويلٌ ثم ويلٌ ثم ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السماءِ".
فما أكثر أنواع الظلم، والظلم ظلماتٌ يوم القيامة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للَّهِ وَلَوْ عَلَى? أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} النساء 135
- ينصفون في معاملاتهم فلا يغرّهم ربح عاجل فيحملهم على ظلم الآخرين ليقينهم أن الربح سينقلب إلى خسارة وبلاء.. ففي الدَّين يقوموا بتسجيله كما وصاهم الله تعالى لأنّ سلامة التعامل بين المسلمين هي التي تؤدي للتضامن والتآلف فيما بينهم، وبقدر ما يشيع بينهم من مظاهر العدل في المعاملات والمبايعات اليومية الدائرة بينهم يشيع بينهم في أعقاب ذلك معنى التماسك والتآلف والاتحاد.
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو?اْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ.....ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُو?اْ..} البقرة 282
- ينصفون المظلوم ولو على أنفسهم، ولو كان الظالم ابنه أو ابنته..أو قريبه...(1/34)
لكن أكثر الناس اليوم مع قريبه وعشيرته سواء كان على حقٍ أو على باطل؟؟ إنّ الذي يميِّز المؤمن من الكافر هو العدل..
ساعة عدل، كلمة عدل خير من الدنيا وما فيها..
النبيُّ عليه الصلاة والسلام استعرض أسرى بدر فإذا صهره بين الأسرى... أُلقي عليه القبض وأسر لأنَّه كان في عِداد المحاربين يريد أن يقتل المسلمين، فلما استعرض الأسرى قال عليه الصلاة والسلام: والله ما ذممناه صهراً، فهو صهر ممتاز.. لكنه الآن مشرك وجاء ليقاتل وقد وقع أسيراً، هذه الكلمة التي أنصفه بها فعلت فيه فِعل السحر وانتهت به إلى الإيمان.
من السهل جداً أن تُحبَّ إنساناً محبَّةً عمياء.. ومن السهل جداً أن تبغضه بغضاً أعمى، ولكنَّ الإنصاف يفرض عليك أن تحبَّه وأن تبغِضه بالعدل، أن تحبَّه منصفاً، وأن تبغضه منصفاً، معظم الناس إذا أحبّوا إنساناً ستروا كلَّ عيوبه، وإذا أبغضوا إنساناً ستَروا كلَّ فضائله، فهذا ظلم.
- ينصفون اليتيم لما أولاه تعالى من عناية خاصة به لضعفه، فيحافظوا على ماله...
{... وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً} النساء 127
ويحافظون على نسبه بدعوته لأبيه لأن الإسلام حرّم التبني ونسب الولد لغير أبيه
{ادْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُو?اْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَاكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}الأحزاب 5
- سلكوا بذلك نهج الأنبياء الذين يأمرون بالقسط وبذلوا الجهود للتحلي بهذه الصفة وإقامة العدل في الأرض.(1/35)
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحديد25
- مقسطون على الدّوام ومع الجميع حتى انتصفوا من أنفسهم، فإذا أخطؤوا أو ظلموا فسرعان ما ينتصفون من أنفسهم وينتصرون لمن أخطؤوا بحقه ويعتذرون منه..ويعلنون خطأهم وهذا ما يرفعهم عند الله عزَّ وجلَّ.
الإمام الغزالي يقول ( إن أوفر الناس حظاً من هذا الاسم من ينتصف أولاً من نفسه ثم ينتصف من غيره).
وقال بعض العارفين: (متى أكثر العبد من ذكر اسم المقسط أشرق عليه نوره، فسرى في جوارحه، فعدل فيها).
إن حكموا فبالقسط وإن شهدوا فبالقسط وإن تولوا أمراً من أمور المسلمين فبالقسط.
الذين يأمرون بالقِسطِ محارَبون على الدّوام
ظاهرة معروفة على مرّ الأزمان يبينها الله تعالى في القرآن بقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَائِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ}
آل عمران 21-22
إنّ قول كلمة الحقّ وإقامة العدل أمرٌ صعبٌ، لكنّ الذين يأمرون بالعدل لا يخافون أحداً ما داموا يطيعون الله، مع أنّ عملهم هذا يثير الكثير من النّاس الذين يشيعون الفساد في الأرض وممن لا يرضيهم ذهاب مصالحهم (من مال أو جاه أو منصب..) فهم يقدّمون الرشاوي في سبيل الانتصار لحقوقهم ولو فيها اغتصاب لأموال الآخرين وظلمهم...فلهم البشارة من الله بالعذاب الأليم وبطلان العمل وفقدان النّصرة...
جزاء المقسطين(1/36)
لم أجد في القرآن الكريم آيات تتكلّم عن جزاء المقسطين سوى تكرار حبّ الله تعالى لهم ثلاث مرات.
هل لصعوبتها وقلّة العاملين بها وعِظَم قدرها؟؟؟
هل ادّخر الله جزاءهم ليوم القيامة لأنه يفوق التصور؟؟؟
والله أعلم.
أمّا بالسنّة: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(إنَّ المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عزّ وجلّ، وكلتا يديه يمين: الذين يَعدِلون في حُكمِهم وأهليهم وما وَلُوا) رواه مسلم.
بينما نجد في القرآن الكريم عقاب القاسطين أي الجائرين الظالمين الذين حادوا عن طريق الحقّ، فيبين الله تعالى بأنّهم حطب جهنّم..
{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً} الجنّ 15
7- إنًّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِين
1- {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}
آل عمران 76
2- {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّو?اْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} التوبة 4
3- {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} التوبة 7
من هم؟
- علموا أن التقيّ هو الذي يتجنّب بكل أعماله ودعائه كلّ ما يُغضب ربه ويستوجب عذابه، فيمتنع عن كل ما نهاه عنه وحرّمه عليه ويطيعه فيما أمر به.
وقيل في تعريف التقوى: هي أن يجدك حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} آل عمران 102(1/37)
- جعلوا أنفسهم في وقاية أي في حاجز، ولا تجعل النفس في وقاية إلا مما تخاف، فخوف الله أصلها، والخوف يستدعي العلم بالمخوف، ومن هنا كان الذي يعلم الله هو الذي يخشاه لأنه أهل لذلك
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} المدثر 56
فهو الله..
خالقهم، والرقيب عليهم
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} النساء1
بيده تدبير كل أمورهم
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} يونس 31
عليم بهم وبتقواهم وما تكنّه صدورهم
{وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}
آل عمران 115
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} المائدة 7
خبير بأعمالهم ونواياهم
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} الحشر 18
شديد العقاب
{... وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} البقرة196
بصير
{.. وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}البقرة 233
تواب رحيم(1/38)
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} الحجرات 12
لقاؤه حق
{...وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُو?اْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} البقرة 223
له المحشر
{... وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} البقرة 203
سريع الحساب
{.. وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} المائدة 4
- علموا من هو الله وخافوا مما خوفهم منه،
فاتقوا ناره
{لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} الزمر 16
واتقوا أهوال يوم القيامة
{ياأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} الحج1
{ياأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَاخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} لقمان 33
واتقوا الفتن
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} الأنفال 25
وابتعدوا عن الشبهات قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(لا يَبلغ العبدَ أن يكونَ مع المتّقين حتى يدعَ ما لا بأسَ بهِ حذراً مما به بأس) رواه الترمذي برقم 2451
- استجابوا لأمر ربهم حين أمرهم، فقد كرر لهم أمره بتقواه حوالي سبعين مرة في كتابه.(1/39)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُو?اْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة 35
قيل الوسيلة أعلى منزلة بالجنة
- فاتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وجعلوا خشيته نصب أعينهم في جميع معاملاتهم مع الناس فقاموا بتأدية حق الله فيها.. من:
1- وفائهم بالعهود مع جميع الخلق (الآيات ذكرت في البداية)
2- في الصّدق
فأقوالهم مستقيمة لا اعوجاج فيها ولا انحراف
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} الأحزاب 70-71
وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقاً سالمة من المقاصد السيئة مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة، فإن الصدق يهدي إلى البرّ وإنّ البرّ يهدي إلى الجنّة.
{يَـ?أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة119
3- في العفو الذي يقربهم من التقوى فتخلقوا باسمه تعالى العفو
{.. وَأَن تَعْفُو?اْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} البقرة 237
4- وبالنّجوى أي حديثهم الخاص في كل خير، وهذا حال المؤمن فلا تجده مناجياً ومتحدثاً، إلا بما يقربه إلى الله، ويباعده من سخطه.
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو?اْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي? إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} المجادلة 9
5- اتقوه بإصلاح البين وإزالة الشحناء والمقاطعة والتدابر والاستعاضة عنها بالتوادد والتحابب والتواصل، واتقوه بطاعته وامتثال أمره وطاعة رسوله.(1/40)
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} الأنفال 1
7- بالعدل بين الناس (اعدلوا هو أقرب للتقوى) ذكرت في قسم المقسطين.
8- في الطلاق لما أولاه الله من عناية فائقة (في قسم التقوى والإحسان في الطّلاق).
9- بالابتعاد عن الربا
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} البقرة 278
10- بالابتعاد عن الشح
{فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} تغابن 16
- اتقوه في تحرّي كلّ ما يرضي الله سبحانه وتعالى
باللباس الذي يرتضيه
{يَا بَنِي? آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذالِكَ خَيْرٌ ذالِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} الأعراف 26
بتعظيم شعائر الله
{ذالِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج32
بترك وصية مكتوبة قبل الموت
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة180
- علموا أن في التقوى جماع الخير كله، وقد عني القرآن بالتقوى عناية كبرى ووصفها القرآن بأنها صيانة النفس عن كل ما يضر ويؤذي، والابتعاد عن كل ما يحول بين الإنسان والغايات النبيلة التي بها كماله لهذا وصفهم بأنهم تحلوا بالفضائل الإنسانية الحقّة.(1/41)
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلا?ئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَآءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَائِكَ الَّذِينَ صَدَقُوآ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} البقرة 177
- فكان أساس أي بنيان عندهم طاعة الله وذلك بالنية الصالحة، والإخلاص في العمل والصواب فيه بأن يكون موافقاً لأمره.
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} التوبة109 الآية خاصة بمسجد قباء
- تعاونوا على تقوى الله وهذا حال الأخلاء الصالحين يعينوا بعضهم ليسيروا في مرضاة الله فيكونوا خير معين لبعضهم في الدنيا ويوم القيامة.
{... وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ} المائدة2
{الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} الزخرف67
- علموا أن العبادات من حجّ، وصلاة، وصيام، وزكاة... قد فرضها الله عليهم لتزيدهم تقوى(1/42)
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ}
البقرة 197
{ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة 183
{وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي? إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} الأنعام 72
{وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} الليل 17
- هم الذين ينتفعون بالقرآن الكريم ويهتدون بهديه ويتبّعون أوامره ويتمثلون أخلاقه في كل أمور حياتهم.
{ال?م? * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَائِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} البقرة 5-1
- علموا أنها سبيل الأنبياء جميعهم ودعواهم لقومهم فلسانهم جميعاً ينطق {...فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}الشعراء 126
فصدّقوهم وصدّقوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم خاتم النبيّين واتّبعوا سنته.
{وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الزمر 33(1/43)
- هم المتّقون على الدوام سلكوا جميع الطرق والوسائل لتحقيقها ليسمو بأنفسهم فيصلوا لرضا الله ومحبته، وعلموا أنّها الميزان عند الله تعالى: {ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُو?اْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات 13
جزاء المتقين
إنّ في القرآن ثلّة من الآيات تفوق الحصر تكلّمنا عن جزاء المتقين، اخترنا منها
1- القبول من الله لأعمالهم لما فيها من إخلاص لله، وصواب في إتباع سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{.. إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة 27
2- تفريج الأزمات وحل المشكلات
{... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ.... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}الطلاق 2-3-4
3- النّصر والتأييد والتمكين لهم في الأرض
{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُو?اْ إِنَّ الأَرْضَ للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} الأعراف 128
4- تنوير البصيرة فيتبين للتقيّ ما التبس من الأمور فيفرق بين الأشياء المشتبهة، فثمرة التقوى هي نور البصيرة لاختيار طريق النجاة.
5- تكفير السيئات قيل: هي الصغائر
6- مغفرة الذنوب الماضية فيوفقهم تعالى للأعمال الصالحة قيل: المغفرة للكبائر.
{يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو?اْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الأنفال 29
7- الأجر العظيم، والثواب الجزيل لمن اتقاه وآثر رضاه على هوى نفسه.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} البقرة 103(1/44)
8- الفلاح والفوز بالمطلوب
{... وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} البقرة 189
9- جعل الإنسان في أمن من الخوف والحزن في الدنيا والآخرة
{أَلا? إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذالِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} يونس 62... 64
10- ولاية الله لهم فيخرجهم من الظلمات إلى النور بسبب تقواهم وعملهم بطاعته.
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} الجاثية19
وفي الحديث القدسي
(من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه)
أخرجه البخاري 6502 عن أبي هريرة رضي الله عنه.
11- رحمة الله
{... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} الأعراف 156
12- النجاة من النار ومن العذاب، لا يحزنهم الفزع الأكبر بل هم آمنون من كل خوف مزحزحون عن كل شر مؤمَلون كل خير.
{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّو?ءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}الزمر61(1/45)
13- الفوز بالجنة ونعيمها لأنهم عملوا لله وأقبلوا على طاعته ورفضوا لذات الدنيا وشهواتها.
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً} النبأ 31..35
14- المقام الأمين في الجنة
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} الدخان 51..55
15- دخول الجنة بحفاوة وسلام من الملائكة
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} الزمر73
16- وراثة الجنّة
{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً}مريم 63
أما عن وصف نعيم المتقين في الجنّة والتي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فالآيات في هذا الباب كثيرة كقوله تعالى:
{مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ} محمد15
17- الدّرجات العليا
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
البقرة 212(1/46)
18- معية الله (إنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقين)
مع المتقين الذين لا يتجاوزوا العدل في القصاص، ومثل هذه الإشارات والتعقيبات كانت تكبح جماح الغضب وحب الانتقام عند المسلمين وهم في موقف يصل بهم الغضب إلى الأوج وقد ذكر الله تعالى في كتابه معيته للمتقين في 4 مواضع:
-{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} البقرة 194
- {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذالِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة 36
- {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة 123
- {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}النحل 128
19- محبة الله
{..إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}
أدعية قرآنية في التّقوى
- {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُريَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}الفرقان 74
- {.. رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} البقرة201
{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} آل عمران 16(1/47)
- {.. رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
آل عمران 191- 192
8- إنًّ اللهَ يحبُّ المُحسِنين
1- {وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُو?اْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة 195
2- {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}آل عمران 134
3- {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي? أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
آل عمران 147-148
4- {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} المائدة 13
5- {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُو?اْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} المائدة 93
هذه الآية نزلت فيمن مات قبل تحريم الخمر والميسر، إشارة إلى أن الله قد عفا عن ما مضى من أعمالكم وما أكلتم وما شربتم طالما أنكم تجتهدون في طريق الإيمان والتقوى وتبذلون جهدكم للارتقاء..والله أعلم.
من هم؟(1/48)
- علموا أن الله من صفاته المحسن أي المنعم و المتفضل على خلقه بكل أنواع الكرم والخير والعطاء، وحاولوا أن يتخلقوا بأخلاق الله تعالى بالإحسان مع خلقه.
{وَابْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} القصص77
وعلموا أنّ الله محسن في عطائه ومحسن في منعه.
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلا?ءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
الأنفال17
- علموا أن المؤمن عليه أن يراقب نفسه ويتعهد إيمانه بالرعاية كي تزداد التقوى التي بيناها ويزداد الإيمان (ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ) فإن محاسبة الذات وتنمية الإيمان ستوصلهم إلى أعلى المراتب عند الله (ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ) وهي الإحسان
- استجابوا لأمره تعالى عندما أمرهم بالإحسان ورغبهم به لأنّ فيه جماع البرّ كله.
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل90
- علموا أن الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وعندها يصبح العبد محبوباً عند الله.
وجواب النّبي صلّى الله عليه وسلّم حين سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان (..أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك..) من حديث طويل أخرجه مسلم 1/157
- شعروا بمراقبة الله تعالى لهم ونظره إليهم فاستحيوا منه
عز وجل، على قدر عظمته وجلاله، فلم يجعلوه أهون الناظرين إليهم وتلك درجة عليا من درجات الإحسان.(1/49)
هذا الشعور جعل حالهم أكمل الأحوال قلباً وقالباً، مستسلمين لله مخلصين له، فاستحقوا محبته تعالى لهم، فهم مع الله في كل وقت وحين.
{وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} النساء 125
أي ليس أحد أحسن ديناً ممن أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له لا تعرف ربّاً ومعبوداً سواه وهو محسن أي عامل للحسنات تارك للسيئات.
- رأوا الله في كل قول من أقوالهم فانتقوا من كلامهم أحسنه فكانوا محسنين قولاً
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} الإسراء53
وكان من أحسن القول لديهم الدعوة إلى الله
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}
فصلت 33-34
إن كانوا واعظين وعظوا بالحسنى وإن جادلهم أحد جادلوا بأحسن القول وبالحجج الواضحة لإزالة أي شك، لا يؤثر فيهم مدح الناس ولا لومهم، ولا يكفّون عمّا هم فيه لأن هدفهم مرضاة الله تعالى.
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} النحل 125
يتدخلون ليشفعوا الشفاعة الحسنة ويتوسطوا للمظلوم وللمغلوب فلا يدافعوا عن مجرم أو سارق ليقلبوا الموازين من حق لباطل(1/50)
{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً} النساء85
يردون التحية بأحسن منها
{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} النساء86
- رأوا الله في سكناتهم وحركاتهم وفي كلّ عمل من أعمالهم سواء ديني أو دنيوي فأتقنوه وقدموا أحسن ما عندهم فكانوا محسنين عملاً
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إنّ الله تعالى يحبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقِنهُ) رواه البيهقي.
- سارعوا بالقيام بواجبهم بالإحسان لأقرب النّاس كما وصاهم خالقهم ثم الأولى فالأولى فكان أحقّ النّاس بالإحسان: الوالدين كرّر تعالى عدة مرات حسن معاملتهم، ثم ذي القربى، المساكين، الجار ذي القربى، الجار الجنب، الصاحب بالجنب، ابن السبيل..
قال تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُو?اْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} الإسراء 23
- حاولوا القيام بأي عمل من شأنه رفع الإنسانية وتهذيب نفسية المرء وتقريبه من خالقه... فكانوا:
1- يقومون بالليل للتهجد وطلب المغفرة من ربهم
{...آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً من اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي? أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ } الذاريات 19-16
2- ينفقون في سبيل الله
من مال الله الذي رزقهم للفقراء والمحتاجين، وهو أحد الأبواب وقد يخطئ الكثير عندما يظنوا أن الإحسان هو فقط هذا الباب.(1/51)
وينفقون في سبيله العلم والنفس ولا يتركوا البذل في سبيله لكي لا يهلكوا بترك الإنفاق.
{.. وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}النحل 75
وينفقون في السراء والضراء وفي كل الأوقات والأحوال.
لا يتركون الإحسان للناس إن لم يقدروا لهم عملهم لأنهم يعملون لله ولينالوا الأجر منه لا من النّاس.
إنّ معاملة الناس تكون على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب، وهو أخذ الواجب وإعطاء الواجب، وإما فضل وإحسان، وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق والغض مما في النفس. فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة خصوصاً مع من يعامل ويخالط لأنّه الإحسان الذي يحبّه الله.
3- يقرضون النّاس قرضاً حسناً
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} البقرة245
4- يتبعون ما جاء به الرسول
{وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ} الزمر 33-34
5- كاظمين للغيظ: هو الإمساك على ما في النفس من الغضب حتى لا يظهر له أثر مع القدرة على إنفاذ الغضب.
6- عافين عن النّاس: العفو من الصفات التي يتحلّى بها المحسن ويكون عفوه عن قدرة وعزة، ولا يصدر العفو إلا عن نفس كبيرة راجحة العقل.
{وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} الشورى40(1/52)
أما اعتداء الغير لا يكون إلا من نفس مريضة حجب الشر صوابها فأجدر بنا أن نغفر لها وإن لم نغفر لمن أساء إلينا فلا يُغفر لنا وإن أردنا الانتقام من المعتدي فلربما نعتدي عليه بأكثر مما فعل فنظلمه والله لا يحبّ الظالمين، فلننتقمن بالإحسان إليه لأن مقابلة الإساءة بالإحسان تنزع من المعتدي البغضاء وتتركه مندهشاً وتنقلب بغضاؤه إلى مودة، وهذا الخلق لصعوبته أحبّ الله من تخلّق به.
{...فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} المائدة13
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا ينتقم لنفسه أبداً إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم لله.
لا يكون العفو عفواً إلا إن كان عن قدرة على الانتقام.. أما الامتناع عن الانتقام لعجز..فيمكن أن يسمى صبراً إذا ابتغى وجه الله.
الإحسان دواء العداوة..فيه علاج للنفوس وإعطاء فرصة للمراجعة والندم حيث يخجل المعتدي من ذنبه وكرم الطرف الآخر معه..بينما المقابلة بالمثل تغذي العداوة والبغضاء.. ويبقى الحقد في تأجج متبادل..
استمدوا خلقهم من اسمه تعالى العفو فهم يرجون عفوه تعالى فلذلك يعفون عن خلقِه.
7- يصبرون على أذى الناس وافتراءاتهم ويصبرون في كل ما يوافق هواهم ويخالفه (ورد في قسم يحبّ الصابرين)
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} هود 115
8- يستمعون لأحسن القول الذي يستفيدون منه ويزيدهم هدى وقرباً من الله، ويبتعدون عن سماع الحرام، وعن سماع الغيبة والنميمة وسوء القول واللغو...
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَائِكَ هُمْ أُوْلُو الأَلْبَابِ} الزمر18
9- يحافظون على مال اليتيم ولا يأكلون ماله فيظلموه بل يسعون لتنميته والعمل لمصلحته حتى يكبر اليتيم ويسلموه ماله(1/53)
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ..} الأنعام 152
10- الطلاق بإحسان (في قسم التقوى والإحسان في الطّلاق)
- هم المنتفعون بآيات الله تعالى
{هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} لقمان3 -4
فكلامه تعالى هداية لهم ورحمة فيزداوا بفهمه تطبيقاً له (من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة...)، فيزيدهم تعالى اصطفاءً وقرباً منه حتى يصطفيهم لمحبته.
{..إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} الأعراف 56
- هم الذين يسعون لنيل ما ناله السابقون من الأنبياء ومن تبعهم فهم قدوتهم الحسنة.
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}التوبة 100
- هم المحسنون على الدّوام، يسعون لذلك في حياتهم من المهد إلى اللحد، في كلّ أقوالهم وأفعالهم...
فالمحسن هو الذي اتّصف بهذه المزايا العليا والذي جاهد نفسه حتى أخلص في عمله لخالقه وأبرز هذا العمل بنيّة خالصة مع الإحسان والإتقان.
وإن لم يستطع فعليه أن يسير في طريق الإخلاص والإحسان حتى يُوفق إلى ذلك وكل من سار على الدرب وصل
أما كثير من الناس يفتقدون الإخلاص فيكون إحسانهم ليُقال عنهم محسنين فأولئك هم الأخسرون أعمالاً
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} الكهف 103- 104
جزاؤهم(1/54)
لقد رغّب الله تعالى بالإحسان ووعد المحسنين بأرفع ما تصبو إليه النفس، وذلك لأن المحسنين ذوو إحساس مرهف وضمير حيّ فربما يصيبهم الجحود من قومهم أو يجوروا عليهم فتأتيهم المواساة من الله لتخفف ما بهم وتواسيهم وتبشرهم برضوان الله، فتمدهم بقوة روحية تثبت أقدامهم وتطمئن قلوبهم.
ويكفيهم ما يشعرون به من طمأنينة لا يشعر بها غيرهم، سواء كان بالمقابل الود والمحبة والتقدير ممن أحسنوا إليهم فأدخل السعادة لنفوسهم أو الجحود والنكران...
لذلك فإن الإحسان يحتاج إلى تضحية ومجاهدة للنفس من المحسن وعدم الانقياد للنفس الأمارة بالسوء، لهذا رغب الله به وبين ثوابه..
فأولاً صاحب الإحسان هو المنتفع من إحسانه
{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً}الإسراء7
(الآيات في جزاء المحسنين كثيرة تم انتقاء بعضها)
1- القبول من الله
{.. أُوْلَائِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي? أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} الأحقاف16 وهذه الآية للذي أحسن مع والديه
2- التكفير عن السيئات والتجاوز عنها والجزاء بأحسن الأعمال.
{لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ}الزمر35
3- الحسنة في الدنيا من رزق واسع وعيشة هنية وطمأنينة قلب وأمن وسرور، والثواب الجزيل في الآخرة.
{.. لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هاذِهِ الْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}النحل30(1/55)
4- الأجر عن كل صغيرة وكبيرة كانت لله من حسنة أو تعب أو جهاد...فلا يضيع الله لهم أجورهم
{.. ذالِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}
التوبة 120
5- الزيادة في الفضل من الله فيعطيهم من الأجر ما لا يبلغه عملهم، بل ولا تبلغه أمنيتهم، ويعطيهم من الأجر بلا عَدَ ولا كيل وهذا كناية عن كثرته جداً.
{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} النور 38
{... نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} البقرة 58
6- المضاعفة في الحسنات إلى عشرة أمثالها أو أكثر، بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها إخلاصاً ومحبة وكمالاً.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} النساء40
7- البشارة من الله
{.. وَهَاذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} الأحقاف12
8- الرحمة من الله للمحسنين والمصلحين لا للمفسدين
{وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} الأعراف 56
9- الأمن من الخوف والفزع والحزن يوم القيامة
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة 112
10- الحسنى وهي الجنة وما أعد الله لهم فيها من النعيم المقيم(1/56)
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى} النجم 31
{فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذالِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ} المائدة 84
11- رضا الله التوبة100 ذكرت سابقاً
12- معية الله (إنّ اللهَ مع المُحسنين)
ذكر تعالى معيته للمحسنين في موضعين:
- {..إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}النحل 128
- {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} العنكبوت 69
فهو معهم لأنّهم جاهدوا في سبيل الله
بأنفسهم ليحولوها من نفس أمّارة بالسوء لنفس لوامة ثم مطمئنة.
جاهدوا في دفع الشهوات، تعلّم العلم، والعمل بما علموا
في دعوة الناس إلى العمل، والصّبر على مشاق الدعوة..
جاهدوا الشيطان وما يزينه لهم من شهوات وشبهات..
جاهدوا العصاة والكفار فلم يتشبهوا بهم و ينبهروا بأعمالهم..
جاهدوا بالمال لمساعدة المسلمين وتقوية شوكتهم، وبالنفس تجود في سبيله، وباللسان لنصرة الحقّ..
جاهدوا بكل ما يملكون من وسائل وطاقات ليفوزوا بمعية الله.
13- الإحسان ممن منه الإحسان
{هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} الرحمن60
هل ثواب من خاف مقام الله عزّ وجلّ فأحسن في الدنيا عمله، وأطاع ربه، إلا أن يحسن إليه في الآخرة ربُّهُ.
14- النّظر إلى وجه الله تعالى وهذا معنى الزيادة كما قال المفسرون في قوله:
{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يونس 26
15- محبّة الله وهو أعلى المقامات ونختم به جميع الصفات
{إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
أدعية قرآنية(1/57)
- {.. رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} البقرة201
- {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَاذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ..} الأعراف 156
علاقة الصفات مع بعضها البعض
إنّ التّرابط هو الذي يجمع بين هذه الصفات، فهي كالبنيان الواحد متماسكة مع بعضها لتوصلنا جميعها إلى محبة الله تعالى.
إنّ هذه الصّفات تنقلنا بالتدريج من صفة إلى أخرى لنرتقي بالتقرّب من الله تعالى.
فهل يُعقل مثلاً أن يتوب الإنسان من ذنب ويعتقد أنّه حصل على محبّة الله، لكنّه يظلم الناس ولا يقسط في معاملاته معهم.
وهل ممكن أن يتوب الإنسان ثم لا يصبر على ما يصيبه فتراه ساخطاً في كل الأحوال يفتقد للتوكل ولا يقدّم الخير لأحد....
فيأتي الجواب في القرآن الكريم
فنجد آية تجمع بين التوبة والصّبر
{اصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}غافر55
وأخرى تجمع بين التوبة والتوكل
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} الشورى 10
وآيات تجمع بين الصّبر والتوكل
فالصّبر يقتضي بذل الجهد والطاقة.. والتوكل يقتضي شدة الاعتماد على الله وحسن الظنّ به.
فنجد التوكل داخلاً في الصّبر لأنه يحتاج إليه في كل فعل وترك (مأمور به)، ولا يتم إلا به.
{الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} العنكبوت 59
كما يدخل التوكل مع التقوى
{يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} المائدة11
ونجد آيات كثيرة تجمع بين الصّبر والتقوى(1/58)
فالصفتان معاً سبب في تقوية المؤمن فلا يضره كيد الكائدين ولا مكر الماكرين.
{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ
مُحِيطٌ} آل عمران 120
ونجد آيات تجمع بين التقوى والصّبر والإحسان
ليتبين لنا أنه من يتق فعل ما حرّم الله، ويصبر على الآلام والمصائب وعلى امتثال أوامر الله فإن هذا من الإحسان.
{... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} يوسف 90
ثلاثون حديثاً
مختارة من السنّة فيما يحبّ خالقنا عزّ وجلّ
-1 حقّت محبّتي...
روى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الله عز وجلّ
( حقّت محبتي للذين يتحابّون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وقد حقّت محبتي للذين يتصادقون من أجلي) أحمد والطبراني.
2- أحبّ الكلام إلى الله...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللهً عليه وسلّم (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) متفق عليه.
وقال النبي صلّى اللهً عليه وسلّم (أحبّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرّك بأيهمّ بدأت) رواه أحمد ومسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
3- أحبّ الدعاء إلى الله...
(ما من دعاء أحبّ إلى الله من أن يقول العبد: اللهمّ ارحم أمّة محمّد رحمة عامة) رواه الخطيب عن أبي هريرة رضي الله عنه.
4- أحبّ الأعمال إلى الله...
(يا أيّها النّاس خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإنّ الله تعالى لا يملّ حتى تملّوا، وإنّ أحبّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قلّ) رواه البخاري ومسلم.(1/59)
5- عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي ص: أيّ العمل أحبّ إلى الله تعالى؟ قال: (الصّلاة على وقتها)، قلت: ثمّ أيّ؟ قال: (برّ الوالدين)، قلت: ثمّ أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) متفق عليه
6- أحبّ البلاد إلى الله...
(أحبّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) رواه مسلم عن أبي هريرة
7- أحبّ الصدقات إلى الله...
(أحبّ الصدقات أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تحبّ الغنى وتخشى الفقر) رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوع
8- أحبّ الأسماء إلى الله...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إنّ أحبّ أسمائكم إلى الله، عبد الله وعبد الرحمن) (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم عن ابن عمر)
-9إنّ الله يحبّ...
عن زيد بن ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله تعالى يحبُّ أن يُقرأ القرآن كما أُنزل)
كنز العمال ج2 حديث رقم 3069
10- عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلّى اللهً عليه وسلّم: (لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر! فقال رجل: إنّ الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، فقال: (إنّ الله جميل يحبّ الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم
11- وعن عائشة قال رسول الله صلّى اللهً عليه وسلّم (إنّ الله رفيق يُحبّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه) رواه مسلم
12- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأشجّ عَبْدِ القَيْس: (إن فيك خصلتين يحبّهما الله: الحِلْمُ والأناة) رواه مسلم
13- (من اصطنعَ إليكم معروفاً فجازوه، فإن عجزتم عن مجازاته فادعوا له حتى تعلموا أنّكم قد شكرتم، فإن الله شاكرٌ يحبّ الشاكرين) الطبراني(1/60)
14- جاء رجل إلى النّبي صلّى اللهً عليه وسلّم فقال: يا رسول الله دلّني على عمل إذا عملته أحبّني الله، وأحبّني النّاس، فقال: (ازهد في الدنيا يُحبّك الله، وازهد فيما عند الناس يُحبّك النّاس) رواه ابن ماجه عن أبي العبّاس سهل بن سعد الساعديّ رضي الله عنه.
15- (إنّ عِظَمَ الجزاء مع عِطَمِ البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحبّ قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرّضا ومن سخط فله السّخط) رواه الترمذي
16- عن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إنَّ اللهَ يُحِبُّ العبدَ التّقي الغَنيّ الخَفيّ) رواه مسلم
وفي حديث (اليسير من الرياء شرك. ومن عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة. إنّ الله يحبّ الأبرار الأتقياء الأخفياء. الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى. يخرجون من كل غبراء مظلمة) الحاكم
17- (إن الله يحبّ معالي الأمور ويكره سفاسفها) كتاب الدعوات 3494 / الطبراني
18- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحبّ إغاثة اللهفان)
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 116/6 رقم 7657
19- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إنّ اللهَ يُحبّ أن يُرى أَثَرُ نِعمتِه على عبده) رواه الترمذي
20- (سلوا الله من فضله، فإنّ الله يحبّ أن يُسأَل، وأفضل العبادة انتظار الفرج) رواه الترمذي
21- وذكر الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ الله يحبّ الملحين في الدّعاء)
22- (المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلّ خير....) رواه مسلم
23- عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (الخلق كلّهم عيال الله فأحبّهم إلى الله أنفعهم لعياله)
رواه الطبراني(1/61)
24- عن أسامة بن شريك قال: كنّا جلوساً عند النبي صلّى اللهً عليه وسلّم كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم. إذ جاءه أناس فقالوا: من أحبّ عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: (أحسنهم خلقاً) رواه الطبراني
25- صلاة الجماعة
(.. صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وكلما كثر فهو أحب إلى الله عز وجلّ) رواه أحمد
26- صلاة الوتر: عن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحَتمٍ كصلاة المكتوبة، ولكن سنّ رسول الله صلّى اللهً عليه وسلّم قال: ( إنّ الله وِترٌ يُحبّ الوِتر، فأوتروا يا أهل القرآن) رواه أبو داود والترمذي
27- الحبّ في الله
)ما من رجلين تحابّا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبّاً لصاحبه) الطبراني
28- (ليس شيء أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين: قطرة دموع من خشية الله وقطرة دم تهرق في سبيل الله. وأما الأثران فأثر في سبيل الله تعالى وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى) الترمذي أبي أمامة كتاب فضائل الجهاد 1592
29- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (إنّ الله يُحبّ العُطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عَطَسَ أحدكم وحَمِدَ الله تعالى كان حقّاً على كلّ مُسلم سَمِعَهُ أن يقول له: يرحمك الله،....) رواه البخاري
30- ونختم بحديث عائشة رضي الله عنها: عن النّبي صلّى اللهً عليه وسلّم (من أحبَّ لقاءَ الله أحبَّ اللهُ لقاءه، ومن كرهَ لقاءَ الله كَرِهَ اللهُ لقاءَه) فقلت: يا رسول الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت! قال: (ليس كذلك ولكنّ المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله و رِضوانِه وجنّتِه أحبَّ لقاءَ اللهِ فأحبَّ اللهُ لقاءه، وإنَّ الكافِرَ إذا بُشِّرَ بعذاب اللهِ وسخطِه، كَرِهَ لقاءَ اللهِ وكرِه اللهُ لقاءَه) رواه مسلم
ساعدت بجمع الأحاديث
الأخت هلا خلدون خلف
التقوى والإحسان في الطّلاق(1/62)
يكاد يصبح الطّلاق كالطّوفان يجتاح مجمعاتنا العربية، ويقضي على أسرنا التي هي دعامة بناء المجتمع الإسلامي وقوته.
لقد صار سهلاً مريئاً أن يتنازل أحد الزوجين عن مسؤوليات وأمانات سيُسأل عنها يوم القيامة، لكنّه لا يتنازل عن أنانيته. هل نسي المسلمون ما يتركه الطّلاق من تفكك في حياة الأسرة وحياة الأولاد...
لقد أباحه الله تعالى في حال تعذر استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين لأسباب جوهرية (ليست موضوع بحثنا)، عندها ممكن حلّ عقد النكاح بين الزوجين والذي أطلق الله تعالى عليه اسم الميثاق الغليظ، على أن يقيم كلّ من الطرفين حدود الله ولا يتجاوزوها.
وبما أنّ موضوع الكتيب تناول من يحبّهم الله، أفردنا هذا البحث الموجز لبيان المتقين والمحسنين الذين يحبهم الله في حال الطلاق.
التقوى في الطّلاق
- فوصى الله تعالى الزوج بطلاق زوجته في طهر لم يجامعها فيه لكي لا يضرها بإطالة فترة العدّة عليها، ووصاه بعدم إخراجها من بيت الزوجية حتى تنقضي عدّتها.
{ياأيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} الطلاق1- 2(1/63)
- ووصاه في حال طلقها طلاقاً رجعياً بواحدة أو اثنتين، وقاربت الزوجة انقضاء عدتها، إما أن يُرجعها على أن تكون نيته القيام بحقّها أو يتركها بلا رجعة ولا إضرار. ويبين تعالى بأنّ هذا حدّ من حدوده لم ينزله عبثاً، بل أنزله بالحق والصدق والجد، نهى عن اتخاذه هزواً مثل استعمال المضارة في الإمساك، أو الفراق، أو كثرة الطلاق
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُو?اْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُو?اْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} البقرة 231
- كما وصاه بأن يمتعها ويعطيها ما يناسب حاله وحالها، وأنه حقّ، إنما يقوم به المتّقون، فإن كانت المرأة لم يسم لها صداق، وطلقها قبل الدخول فيعطيها حسب يساره. وإن كان مسمى لها فمتاعها نصف المسمى (إلا إن عفت الزوجة وسامحته بحقّها لتتقرّب من التقوى, الخلُق الذي يحبّه الله).
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُو?اْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} البقرة 237
- وإن كانت مدخولاً بها، صارت المتعة مستحبة، في قول جمهور العلماء. ومن العلماء من أوجب ذالك استدلالاً بقوله:
{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة 241(1/64)
أمّا حرمانها منه أو إضرارها كما يفعل الكثير اليوم لحملها عن التنازل عن مهرها فهذه ليست من الأخلاق التي يحبّها الله.
- ووصّاه بالعدل بين النساء في حال تعدد الزوجات, وعدم ترك المرأة كالمعلقة لأن الزوج إن ترك ما يجب للمرأة من حقوق كالنفقة عليها وكسوتها والوطء..، صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح وتستعد للزواج، ولا ذات زوج يقوم بحقوقها.
{وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} النساء129
- كما وصّى تعالى النّساء بالعدّة في حال الطلاق، وهو أمر من أوامر الله، على النّساء أن تتقي الله وتأتمر بأوامره ولا تستهتر في عدّة الطلاق.
{وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} الطلاق 4
الإحسان في الطلاق
- ففي الطلاق كسر للمرأة، يُجبر هذا الكسر بالمتعة بأن يعطي الزوج زوجته شيئاً من المال حسب يسره، وهو حق واجب على المحسنين.
ليس لهم أن يبخسوهن، فكما تسببوا لاشتياقهن وتعلق قلوبهن، ثم لم يعطوهن ما رغبن فيه، فعليهم في مقابلة ذالك بالمتعة.
هاذا الحكم الإلهي ورحمته، وهاذا حكم المطلقات قبل المسيس، وقبل فرض المهر.
{لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ}البقرة 236
- وفي موضع آخر من القرآن جاء التسريح بإحسان(1/65)
فمن الإحسان، أن لا يأخذ الزوج على فراقه للزوجة شيئاً من المال الذي كتبه لها، لأنه ظلم، إلا في حال المخالعة المعروفة حال كرهت الزوجة زوجها، لخلقه أو خُلقه أو نقص دينه، وخافت أن لا تطيع الله فيه فتنازلت له عن حقها.
وهذا حد من حدود الله لا يتعداه إلا ظالم كمن يعامل المرأة معاملة سيئة ليجبرها على طلب الطلاق والتنازل عن حقوقها لكي يكسب المال مثلاً وهذه إحدى الحالات الموجودة بكثرة في المجتمع...
{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة 229
- أمّا إن خشيت المرأة الطلاق بسبب نشوز زوجها، أي ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها، فالأحسن بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها، على وجه تبقى معه. إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن أو القسم، بأن تسقط حقها منه أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرّتها.
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} النساء 128
فعلى الرجال والنساء الإحسان في معاملة كلّ منهما للآخر، وأن يتقوا الله ويقيموا حدوده كما أمر، وأن يخافوا يوماً يعرضون فيه على الله فيخبرهم بأعمالهم ويجازيهم كلّ حسب عمله.
من هم الذين لا يحبّهم الله؟(1/66)
كلامنا في هذا الكتيب كان عن فئة قليلة من الناس نحن بحاجة ماسّة إلى أمثالهم، أمّا الذين لا يحبّهم الله فهم فئة كثيرة في هذا الزمان صفاتهم لا تخفى على أحد لن نقوم بشرحها أعاذنا الله أن نكون منهم، نذكر فقط على سبيل التعداد (الصفات التي وردت في القرآن) مع تعريف بسيط بدءاً من الأكثر ذكراً وحتى الأقلّ.
1- لا يحبُّ كل مختال فخور 3 مرات
المختال هو المعجب بنفسه، المتكبر على الخلق. وقيل: هو الذي ينظر لنفسه بعين الافتخار وهو نوع من الشرك الخفي.
الفخور هو الذي يثني على نفسه ويمدحها على وجه الفخر والبطر على عباد الله. وقيل: هو الذي ينظر إلى غيره بعين الاحتقار وهو نوع من الشرك الخفي.
فالاختيال والفخر يمنعهم من القيام بالحقوق لهذا ذمهم الله.
- {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} النساء 36-37
- {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} لقمان 18
- {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}الحديد 23
2- لا يُحبُّ الظالمين 3 مرات
الظالم هو الذي يظلم غيره حقاً له، وذلك بتغطية الحقائق، أو يضع شيئا في غير موضعه، والظالم يظلم نفسه بداية بابتعاده عن منهج الله تعالى. والظلم ظلمات يوم القيامة.(1/67)
- {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}آل عمران 57
- {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران 140
- {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} الشورى 40
3- لا يُحبُّ المعتدين 3 مرات
أي المتجاوزين للحد في كل الأمور.
ومن الاعتداء: كون العبد يسأل الله مسائل لا تصلح له أو ينقطع في السؤال أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.
- {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
الأعراف 55
- {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُو?اْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} المائدة 87
- {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُو?اْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة 190
4- لا يُحبُّ المفسدين مرتين والفساد مرة
هم الذين ينشرون المعاصي في الأرض والظلم وكل وعمل لا يرضي الله ويجتهدون في ذلك.
- {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} البقرة 205(1/68)
- {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} المائدة 64
- {وَابْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} القصص77
5- لا يُحبُّ المسرفين مرتين
الإسراف هو مجاوزة الحد والعادة، كالإسراف في إخراج حق الزرع فيضر نفسه أو عائلته أو غرمائه، والإسراف بزيادة الترف وزيادة القدر في المآكل، والمشارب، واللباس، فيتجاوز الحلال إلى الحرام.
- {وَهُوَ الَّذِي? أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُو?اْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الأنعام 141
- {يَا بَنِي? آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُو?اْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الأعراف 31
6- لا يُحبُّ الكافرين مرتين
الذين قاموا بتغطية الحق من الله ورسوله وكذبوا به ولم يمتثلوا للإيمان بالله.
- {قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران 32(1/69)
- {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} الروم 45
7- لا يُحبُّ كلّ كفّار أثيم
هو المصرّ على كفره بربه، مستحلّ لأكل الربا وإطعامه، أما الأثيم هو المتمادي في الإثم فيما نهاه عنه من أكل الربا والحرام وغير ذلك من معاصيه، لا ينزجر عن ذلك ولا يتعظ بموعظة ربه التي وعظه بها في تنزيله.
{يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} البقرة 276
8- لا يُحبُّ الخائنين
هم الذين ينقضون العهد
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَآءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} الأنفال 58
9- لا يُحبُّ من كان خوّاناً أثيماً
الخوّان من كان من صفته خيانة الناس في معاملاتهم وأموالهم.. الأثيم وهو كثير الآثام لما حرّمه الله عليه.
{وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً} النساء 107
10- لا يُحبُّ كلّ خوانٍ كفور (سبق تعريفه)
{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُو?اْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} الحج 38
11- الجهر بالسّوء من القول إلا من ظلم
لا يحبّ الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً فقد رخّص الله له.
{لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّو?ءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} النساء 148
12- لا يُحبُّ المستكبرين
هم المتعالون عن قبول الحق.
{لاَ جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} النحل 23
13- لا يُحبُّ الفرحين
أي الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، ويفرحون ببغيهم في الأرض وبمعاصيهم.(1/70)
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} القصص 76
اللهم اجعلنا ممن تُحِبّ
والله وليّ التوفيق
المصادر والمراجع
كتاب الله أولاً ثم السنّة النبوية الشريفة مستأنسة بالكتب التالية:
التفسير: لابن كثير، القرطبي، السّعدي، الطبري، الشعراوي.
إحياء علوم الدين- الإمام أبي حامد محمّد بن محمّد الغزالي.
روح الدين الإسلامي- أ.عفيف عبد الفتاح طبّارة.
أسماء الله الحسنى- د.محمّد راتب النابلسي.
الحبّ بين العبد والرب- أ.أحمد نصيب المحاميد.
الصّبر- د.يوسف القرضاوي.
إصلاح القلوب - أ.عمرو خالد.
هدي سورة البقرة والمائدة- أ.حنان لحام.
مرادات الله في القرآن- أ.عبد الحكيم حج عثمان.
الفهرس ... ... ... ... ... الصفحة
دعاء...................................................................... 6
إهداء...................................................................... 7
شكر...................................................................... 8 ...
مقدمة.......................................................................9
فسوف يأتي الله يقوم يحبّهم ويحبّونه................................. 13
من هم الذين يُحبّهم الله؟.................................................20
إنّ اللهَ يُحبُّ التوّابين.....................................................21
إنّ اللهَ يُحبُّ المتطهرين ................................................35
إنّ اللهَ يُحبُّ الصابرين .................................................40
إنّ اللهَ يُحبُّ المتوكلين ..................................................55(1/71)
إنّ اللهَ يُحبُّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً ............................63
إنّ اللهَ يُحبُّ المقسطين ................................................. 66
إنّ اللهَ يُحبُّ المتقين ..................................................... 78 ...
إنّ اللهَ يُحبُّ المحسنين....................................................97
ارتباط الصفات ببعضها.................................................115
ثلاثون حديثاً مختارة من السنّة.........................................118 ...
التقوى والإحسان في الطّلاق...........................................126
من هم الذين لا يحبّهم الله؟..............................................134
المصادر والمراجع......................................................141(1/72)