بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الأول والآخر، الظاهر والباطن، القادر القاهر، شكرًا على تفضُّله وهدايته، وفزعًا إلى توفيقه وكفايته، ووسيلة إلى حفظه ورعايته، ورغبة في المزيد من كريم آلائه، وجميل بلائه، وحمدًا على نِعمه التي عظم خطرها عن الجزاء، وجل عددها عن الإحصاء، فله الحمد بأن جعلنا مسلمين، وله الحمد حينما أرسل إلينا خير المرسلين، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على نبينا وحبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد المبعوث بخير الرسالات لخير الأمم أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى من اتبع هديه، واقتفى أثره، ونهج سنته وسلك تعاليمها إلى يوم الدين.
أما بعد: لا يغيب عن الناظر لحال الناس في هذا الزمن ما ساروا عليه من هجر لتعاليم دينهم، وزهد في فضل ربهم، وذلك بإهمال الواجبات، وتكاسل عن العمل بالمندوبات، وتساهل في الوقوع بالمحظورات والمحرمات.
فمنهم من سرح في الشركيات كعبادة القبور مثلاً، ومنهم من استغنى عن الصلاة كلية أو عن فعلها جماعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنهم من قارف الكبائر استهوانًا لمراقبة الناظر، وغيرها من أمور وأحوال يندى لها الجبين.
ظاهر أمرهم الأمن من مكر الباري، ولسان حالهم يا لذة الفاني وما أجمل الداني، حتى بلغ بهم الحال أن استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، وأجلب عليهم بخيله ورجله حتى قدموه على مرضاة الله، فإلى الله المشتكى.
فمن هذا الباب أردت أن أنطلق لإرشاد إخواني بكلام ربهم وسنة نبيهم، عنواني { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: 55]، ونبراسي «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» [رواه البخاري ومسلم]. وطريق مسلكي: «الدين النصيحة. قلنا؟ لمن؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواه مسلم].(1/1)
ولقد رأيت بعض أمور الدين مهجورة من بعض المسلمين، إما إعراضًا، وإما تهاونًا؛ فأحببت أن أوضِّح خطورة هذا المسلك بالدليل؛ ليعيها الراغب بالفوز والنجاة في دنياه وأخراه، سائلاً المولى أن يعينني على توضيحها، وأن يجنبني فيها حظ النفس، وأن يرزقني سلامة القصد، فهو المسئول، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* جعلت الرسالة متناولة لأمرين هامين:
1- حكم الصلاة وبيان ذلك بالأدلة من القرآن والسنة وأقوال أهل العلم.
2- ثم سقت المسألة الثانية وهي موضوع صلاة الجماعة وحكمها مقرونة أيضًا بالدليل من القرآن والسنة وأقوال أهل العلم وأحوالهم، وأردفت في آخر المطاف فتاوى لأهل العلم ممن ينسب إليهم الفتوى.
وعنونتها بوصايا، واستفتحتها بوصية خير الناصحين وسيد الداعين محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وبعدها وصية فاروق الأمة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، وهكذا بعدها وصايا أهل العلم سلفًا وخلفًا؛ ليتم المقصود من تلك الرسالة. والله أسأل أن يجعل لها القبول عنده ثم عند خلقه.
ولا أنسى أن أنوه إلى أنني قد استعنت ببعض كتب أهل العلم والدعاة، حيث هضم الحقوق أمر مشين، فاستفدت منهم كثيرًا، كَتب الله لهم الأجر والمثوبة، وأشير إلى مواطن الآيات من السور والأحاديث إلى مصادرها بعد ذكر الآيات والأحاديث مباشرة تجنبًا للهوامش؛ ولم أكتب إلا الأحاديث الصحيحة، من الصحيحين وغيرهم.
* أخي: الكلام في هذه الرسالة باستثناء كلام الوحيين كلام بشر، عرضة للخطأ والنقص والزلل، فتقبل منه الصواب وتجاوز عن الخلل، فكل ابن آدم خطاء، وفضلك علي بقبول الحق منه والنصح لي بما بدى لك عيبه، فأنت وأنا كلانا مرآة للآخر. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
خليفة بن عبد الله الدهلوس
الرياض 1421هـ
* * *
الصلاة(1/2)
* لا يخفى على اللبيب أن الصلاة أعظم الأركان بعد الشهادتين، وأنها فريضة واجبة على كل مسلم ومسلمة، من حافظ عليها فهو الفائز السعيد، ومن أضاعها وأهملها فهو الشقي العنيد.
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بإقامتها في أكثر من ثلاثين موضعًا من كتابه العزيز، مما يدل على وجوبها وفرضيتها، من ذلك قوله تعالى: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ } [البقرة: 238]، وقال أيضًا: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } [البقرة: 43]، وقال: { فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [النساء: 103]، وقال جل ذكره: { وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ } [هود: 114]. وغيرها من الآيات الصريحة الدالة على الأمر بإقامتها والمحافظة عليها، وأيضًا لو تتبعت السنة النبوية لوجدتها شاهدة على ذلك في أحاديث كثيرة مصرحة بأمر الصلاة ووجوب إقامتها، فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة..» الحديث [رواه البخاري ومسلم]. وما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث طلحة بن عبد الله - رضي الله عنه - أن أعرابيًا قال: يا رسول الله، ماذا فرض علي من الصلاة؟ قال: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: هل عليَّ غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطوع...» الحديث [رواه البخاري ومسلم].(1/3)
وأيضًا ثبت الإجماع على ذلك، فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال تارك الصلاة مما يدل على فرضيتها، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل» [رواه البخاري ومسلم].
فهذه دلالة واضحة على هذه العقوبة لتارك الصلاة عقوبة شرعية؛ وذلك لأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمقاتلة تارك الصلاة.
وقد توعَّد الله تاركها بوعيد عظيم يوم القيامة يدل على خطورة تركها، فقال جل ذكره: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } [المدثر: 42-44]، وقال أيضًا: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [مريم: 59].
والآيات كثيرة وعظيمة موضِّحة عقوبة تارك الصلاة ومآله، فهل يسع الإنسان بعد هذا الذكر والبيان أن يكون من تاركي الصلاة؟ خاصة إذا ازداد بيانًا بأن تارك الصلاة يعدُّ كافرًا – عياذًا بالله من ذلك – سواء كان تركه لها جحودًا – وذلك إجماعٌ بين أهل العلم ولا نزاع بينهم – أو كان تكاسلاً على أصح أقوال أهل العلم، وإن كنت يا أخي الفاضل لا تعلم بأن تارك الصلاة يعد كافرًا، أو كنت شاكًا في كفره، أو التبس عليك الأمر في هذه المسألة فهاك الأدلة من السنة النبوية ومن أقوال الصحابة، وما هو منصوص عليه عند جمهور أهل الأثر المبينة لك كفره والموضحة لك صحة ذلك ورجحانه، وأيضًا ليعيها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد:(1/4)
* فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» [رواه مسلم في صحيحه]، وهنا في هذا الحديث وضح النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تارك الصلاة وقع في الكفر الأكبر؛ وذلك لذكره - صلى الله عليه وسلم - الشرك والكفر بأل التعريف (1) .
* وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الصلاة يومًا فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وأبي بن خلف» [رواه أحمد والطبراني].
* وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» [رواه أحمد وأصحاب السنن، وقال الإمام الترمذي حديث صحيح]. وغيرها من الأحاديث.
ومما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم والأئمة من بعدهم:
* ما نقل عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: «لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة».
* وورد عن علي - رضي الله عنه - قال: «من لم يصل فهو كافر».
* وعن عبد الله بن شقيق - رضي الله عنه - قال: «لم يكن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئًا تركه كفر غير الصلاة».
* وأيضًا ثبت عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ذلك حيث قال: «تركها كفر».
* وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «أوصاني أبو القاسم ألا أترك الصلاة متعمدًا، فمن تركها متعمدًا فقد برئت منه الذمة».
* ونقل ابن حزم عن جمع من الصحابة تكفير تارك الصلاة، فقال رحمه الله: «وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة: أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدًا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد».
__________
(1) قاله شيخنا عبد الله القصير بتصرف.(1/5)
* وكفره أيضًا هو قول جابر بن عبد الله، وابن عباس، وأبي الدرداء، كما نقل عنهم ذلك الحافظ عبد الحق الأشبيلي.
* وممن ذهب من الأئمة إلى كفر تارك الصلاة: الحسن، والنخعي، والشعبي، والأوزاعي، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، ومحمد بن الحسن.
* بل مما يضاف إلى هذه الأقوال والأدلة وهو عاضد لها ومتمم لقوة رجحان هذا الاختيار – وهو كفر تارك الصلاة – ما نقله ابن القيِّم في كتابه «الصلاة وحكم تاركها»، حيث قال: وقال سفيان الثوري، ومالك، وأحمد في إحدى الروايات: يقتل بترك صلاة واحدة، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد، بل قال رحمه الله: إذا دُعي إلى فعلها في وقتها فقال: لا أصلي ولا عذر فقد ظهر إصراره، فتعين إيجاب قتله وإهدار دمه واعتبار التكرار ثلاثًا ليس عليه دليل من نص ولا إجماع ولا قول صاحب. اهـ.
فيا أخي الكريم هل بعد هذا النقل الصريح الواضح المدعم بالنصوص شك في كفر تارك الصلاة؟
فلا تغالط نفسك وتسلك مسلك الهوى فالعاقبة وخيمة، وانتبه كل الانتباه من هذه الزلة والغفلة قبل أن يأتيك هادم اللذات ومفرق الجماعات «الموت»، وأظنك يا أخي لا تجهل أنه يأتي بغتة، فأخشى عليك البحث بعد ذلك عن المخرج والفرار ولكن هيهات هيهات، فقد انتهى محاط رحلك في هذه الدنيا وسرت إلى مكان المستقر، والأمر أعظم إذا قلت: { رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } [المؤمنون: 99، 100] أعاذنا الله وإياك من الزلل.
فالله أسأل بمنِّه وكرمه أن يجعلني وإياك في سلك عباده المفلحين، وأن ينجينا من لفحات الجحيم، إنه جواد كريم.
* أخي العزيز: تلاحظ معي تغير الناس في هذا الزمن في أحوالهم الدينية تغيرًا يدهش الناظر إليهم في زمن قليل.(1/6)
فهذه الصلاة وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام قد أعرض عنها الكثير من الناس غير مبالين في ذلك؛ جهلوا ما هي الصلاة، وأي قيمة قيمتها ومنزلتها بين الطاعات، وما علموا أنها الصلة بين العبد وربه وهي التي تطهر المصلي من جميع ذنوبه إذا اجتنبت الكبائر.
فلماذا هذا التكاسل عنها؟
ولماذا هذا التضييع لها بهذه الصورة؟
هل أمن الناس من عذاب الله ومكره؟ أم هل وسعهم الخروج عن أمره.
ربنا لا تعذبنا بما فعل السفهاء منا، ولا تعاملنا بعظيم تفريطنا، إنك أرحم الراحمين.
فلننتبه من هذه الرقدة، فالله يقول في كتابه الكريم: { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [إبراهيم: 22].
صلاة الجماعة
* اعلم وفقني الله وإياك أن هذه الصلاة تجب عليَّ وعليك جماعة مع المسلمين في المسجد، ولا يجوز التخلُّف عن الجماعة إلا من عذر شرعي، فقد اتفق المسلمون على أن الصلوات الخمس في المسجد جماعة من آكد العبادات وأجل الطاعات، وأعظم القربات.(1/7)
فعجبي لحال الناس حينما ننظر لبيوت الله معطَّلة عن عمرانها من كثير من الناس، وكأنَّ الأمر لا يعنيهم، بل تلذذوا بالفرش الوافرة ومداعبة الأهل والأبناء، ونسوا يومًا تشيب منه الولدان وتتطاير فيه صحف الأعمال، بل الأمر أعظم وهو سؤال العبد عن الصغيرة والكبيرة والسائل هو الملك الديان، فليت شعري من الذي سوف يسعفك في ذاك الحين؟ هل هم الأهل والأولاد؟ كلا والله.. لأنهم يفرون منك وتفر منهم لعظيم الأمر، فهل يجدر بالإنسان بعد هذا أن يتكاسل ويهمل؟ فلا أقول بعد أن علمنا وتبين لنا الأمر إلا آهِ آهِ على ساعات مضت وأعوام انصرمت، في عدم مراقبة جبار السموات والأرض.
* فيا أخي الكريم اغتنم الفرصة وسارع في إعلان التوبة إلى الله، واجتهد في دعاء الرب أن يغفر لك ما قد سلف وكان، وحافظ بعد ذلك على الصلاة مع جماعة المسلمين، فأظن يا أخي الفاضل أنك تعلم وجوب الجماعة، وإن كنت ناسيًا فلا مانع من التذكير؛ لأننا إخوة، ومن مستلزمات تلك الأخوة التناصح.
فالصلاة واجبة جماعة مع المسلمين، وبرهان ذلك الكتاب والسنة والآثار وعمل المسلمين قرنًا بعد قرن، قال تعالى: { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ } الآية [النساء: 102]. قال ابن كثير رحمه الله: «وما أحسن ما استدل به من ذهب إلى وجوب الجماعة من هذه الآية حيث اغتفرت أفعال كثيرة لأجل الجماعة، فلولا أنها واجبة ما ساغ ذلك». اهـ. فأمر تعالى في الجماعة أولاً، ثم أمر بها ثانيًا، ولم يرخِّص حال الخوف تركها؛ فلو كانت سُنَّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى، فدلت هذه الآية على وجوبها على الأعيان.
وقال تعالى: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } [البقرة: 43].(1/8)
قال ابن كثير: قد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة.
وقال الشيخ صالح البليهي عن هذه الآية: في هذه الآية برهان ساطع وحجة قاطعة على وجوب صلاة الجماعة يؤكد ذلك قوله تعالى: { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } ، وقوله تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ } [التوبة: 18].
قال الشيخ البليهي أيضًا عن هذه الآية: فعمارة المسجد الحقيقية لا تتحقق إلا بعبادة الله فيها؛ فالقول بأن صلاة الجماعة ليست واجبة تعطيل لما أمر الله بعمارته. اهـ.
* وشاهد وجوب الجماعة من السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم في النار» [رواه البخاري ومسلم]، وفي صحيح مسلم قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل تجد لي رخصة أن أصَلِّي في بيتي؟ فرخص له، فلما ولي دعاه فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب» [رواه مسلم]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا نص في إيجاب الجماعة. اهـ.(1/9)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا لعذر» [رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي]، وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية» [رواه أحمد وأبو داود والنسائي]. ومما ينقل عن سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم ما ثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف».
وسُئل حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار ولا يحضر الجماعة، فقال: هو في النار.
وقد نقل ابن القيم رحمه الله: عن جمع من الأئمة وجوب الجماعة حيث قال: وقال بوجوبها عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، والأوزاعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال الشافعي: وأما الجماعة فلا أُرخص في تركها إلا من عذر. نص عليه في مختصر المزني.
وقد بوب البخاري في «صحيحه» في كتاب الصلاة بابًا أسماه «باب وجوب صلاة الجماعة»، والبخاري رحمه الله في كتابه «الصحيح» إذا كانت المسألة خلافية لا يرجح فيها قولاً إلا إذا جزم بترجيحه وهذه المسألة خلافية وقد جزم فيها رحمه الله دلالة على رجحان وجوب الجماعة عنده، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أصر على ترك الجماعة فهو آثم مخالف للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.
وقال ابن القيم رحمه الله: من تأمل الكتاب والسنة وما كان عليه السلف حق التأمل علم أن فعلها في المسجد فرض عين إلا لعذر، وأنه [أي صلاة الجماعة في غير المسجد] كترك الجماعة لغير عذر، وبه تتفق الأحاديث والآثار.(1/10)
* أخي الكريم: لا أظن أنه بعد ذلك البيان لم يتضح لك ذلك الاختيار وهو وجوب الجماعة، خاصة بعد أن دعم هذا القول بالأدلة الساطعة من الكتاب والسنة وأقوال السلف التي لا تبقي في قلب المتأمل لمرضاة ربه ونيل رحمته شكًّا في هذا الاختيار.
وبعد هذا كله خذ ما يزيدك يقينًا بالعناية بهذا الأمر، ويجعل قرَّة عينك بالصلاة مع جماعة المسلمين، وهو فضل الجماعة وما ترتب عليها من الأجر العظيم الدال على عظيم أمرها ومنزلتها.
فقد ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» [رواه البخاري ومسلم].
وفي مسند الإمام أحمد: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة كلها مثل صلاته» [رواه أحمد].
وفي الصحيحين أيضًا: «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجة» [رواه البخاري ومسلم].
وغيرها من الأحاديث الدالة على فضل الجماعة ليس هذا مكان بسطها، لكن ما ذكرناه فيه كفاية وغنية لمن كان الحق مركبه والجنة مطلبه ورضا الرحمن غايته، وخذ ما يزيدك سعيًا وجدية للصلاة أولاً والجماعة ثانيًا من حال السلف رضوان الله عليهم، فالله يقول في كتابه الكريم: { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ } [يوسف: 111]، ثم بعد أن تقرأ لحالهم وسعيهم لنيل العلا عند الله عليك أن تقتفي طريقتهم؛ وذلك لأن التشبه بالكرام فلاح، فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، نقل عن المسورة بن مخرمة أنه قال: إن عمر لمَّا طعن جعل يغمى عليه فقيل: إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة، فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين قد صُليت، فانتبه فقال: الصلاة حق الله، فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلَّى وإن جرحه ليثعب دمًا.
وقال ربيعة بن يزيد: ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا.(1/11)
وهذا عامر بن عبد الله عندما سمع المؤذن وكان منزله قريبًا من المسجد قال: خذوا بيدي. فقيل له: إنك عليل. قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه! فأخذوا بيده، فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات.
واسمع لحال إبراهيم بن ميمون المروزي: كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردها.
وهذا الأعمش يقول عنه وكيع الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
وإليك حال الإمام سعيد بن عبد العزيز كان إذا فاتته صلاة الجماعة بكى.
واسمع لعدي بن حاتم حين يقول: ما جاء وقت الصلاة إلا وأنا إليها بالأشواق، وما دخل وقت صلاة قط إلا وأنا لها مستعد.
وانظر لسعيد بن جعفر لم تفته تكبيرة الإحرام منذ سنين.
فهذا حال سلف هذه الأمة فهلا قارنت بين حالهم وصنيعهم واغتنام أعمارهم، وبين حالنا ووحشة بعضنا من الصلاة ومن المساجد، فإلى الله المشتكى.
إلى كم تمادى في غرور وغفلةٍ
وكم هكذا نوم إلى غير يقظةِ
لقد ضاع عمرٌ ساعةً منه تشتري
بملءِ السماء والأرض أيَّة ضيعةِ
أترضى من العيش الرغيد وعيشةٍ
مع الملأ الأعلى بعيش البهيمة
فيا درة بين المزابل ألقيت
وجوهرةً بيعت بأبخس قيمةِ
عليك بما يجدي عليك من التقى
فإنك في سهو عظيم وغفلةِ(1/12)
أخي الحبيب: قرأت هذا الكلام الذي كتبته لك ودعَّمته لك بالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وسير الرعيل الأول من صدر هذه الأمة، وهو حافل بإبراز الأدلة الدالة على عظيم هذا الأمر وأهميته، فالله الله بالبدار للصلاة، والمسارعة لإصلاح الحال مع أوامر الله قبل الفراق حيث لا ينفع الندم، وحاول أن تتدارك بقية عمرك فيما يعود عليك بصلاح المآل يوم القيامة، وسله أن يمنَّ عليك بالعفو عمَّا قد مضى وأن يتقبل منك التوبة، لعلَّه أن يرحمك إذا نُسي اسمُك واندرس ذكرك، فهو القائل في كتابه الكريم: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الفرقان: 68-70]، وقال عز من قائل: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [هود: 114]، وقال جلَّ ذكره: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [طه: 82].
اللهم ارحم عبادًا غرَّم طول إُمهالك، وأطمعهم دوام أفضالك، ومدُّوا أيديهم إلى كرم نوالك، وتيقنوا أن لا غنى لهم عن سؤالك، وجُد علينا وعليهم برحمتك وغفرانك. آمين.
* * *
وصايا
* أقول لك أخي الحبيب بعد نهاية المطاف من هذه الرسالة: استمع لهذه الوصايا الدالة على حب الموصي وشفقته علي وعليك.
وهي والله قمة في تأدية الأمانة.(1/13)
فهذا نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - يوصينا في آخر وصية أوصى بها، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في مرضه الذي مات فيه، حيث قال: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»، والله إنها وصية مشفق وناصح، ونُشهد الله أنك بلغت رسالة ربك حسب ما أمرت.
وهذا فاروق الأمة رضوان الله عليه أوصى بتلك الوصية، فقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق، أن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال: فكل مستخف في الصلاة مستهين بها، فهو مستخف بالإسلام مستهين به، وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: كل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب «الوصية الكبرى»: وعماد الدين الذي لا يقوم إلا به، وهو الصلوات الخمس المكتوبات، ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها.
وقال أيضًا: وهي أول ما يُحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله، وهي عمود الدين، فمتى ذهبت سقط الدين.
وهذا الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يقول في كتاب «الدرة المختصرة في محاسن الدين الإسلامي» عن الصلاة: وإنها من شجرة الإيمان بمنزلة الملاحظة والسقي للبستان، فلولا تكرر الصلاة في اليوم والليلة ليبست شجرة الإيمان، وذوى عوده، ولكنها تنمو وتتجدَّدُ بعبوديات الصلاة.
وختامًا لتلك الوصايا أسوق لك كلام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عندما عرضت عليه بعض الأسئلة فيما يختص بالصلاة فاقرأ وتأمل:
* تقول السائلة: إن زوجها لا يصلي وله منها ولدان لم يبلغا سن التمييز، وهي الآن في بيت أهلها، ويريد زوجها إرجاعها بشتى الطرق وهي محتارة في الرجوع إليه من أجل الأولاد، فهل ترجع إليه؟ أم تطلب الطلاق؟(1/14)
* أجاب رحمه الله قائلاً: الزوج الذي لا يصلي كافر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» [أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح]؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» [أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر - رضي الله عنه - ]. وسواء كان جاحدًا لوجوبها أم لم يجحد وجوبها لكنه إذا كان جاحدًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، أما إذا تركها تهاونًا وتكاسلاً عنها ولم يجحد وجوبها فهو كافر في أصح قولي العلماء؛ للحديثين المذكورين وما جاء في معناهما.
ولا يجوز لك أيتُّها السائلة الرجوع إلى زوجك المذكور حتى يتوب إلى الله سبحانه ويحافظ على الصلاة. هداه الله ومن عليه بالتوبة النصوح، والله ولي التوفيق.(1/15)
وأيضًا سئل سماحة الشيخ رحمه الله عن صلاة الجماعة فأجاب ما نصه: التناصح بين المسلمين وإنكار المنكر من أهم الواجبات كما قال الله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } الآية [التوبة: 71]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». وقال - صلى الله عليه وسلم - : «الدين النصيحة. قيل: لمَن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواهما مسلم في صحيحه]. ولا شك أن ترك الصلاة في الجماعة بغير عذر من المنكرات التي يجب إنكارها، ويجب أن تؤدى الصلوات الخمس في المسجد في حق الرجال لأدلة كثيرة، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - : «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر» [أخرجه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما وصححه الحاكم وإسناده جيد]، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له رجل أعمى: يا رسول الله، ليس لي قائد يلازمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» [أخرجه مسلم في صحيحه].
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والواجب على المسلم إذا أنكر عليه أخوه المنكر ألا يغضب وألا يرد عليه إلا خيرًا، بل ينبغي له أن يشكره ويدعو له بالخير؛ لكونه دعاه إلى طاعة الله وذكَّره بحقه، ولا يجوز له أن يتكبر على داعي الحق؛ لقول الله سبحانه ذامًّا من فعل ذلك ومتوعدًا له بعذاب جهنم: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } [البقرة: 206]. نسأل الله لجميع المسلمين الهداية.
* * *
الخاتمة(1/16)
بعد أن وضعت بين يديك هذه الرسالة، وجعلت أمام ناظريك هذه الكلمات المليئة بالنُصح لي ولك – أخي المسلم – في هذه المهمة العظيمة التي كلفني الله وإياك بها، فما أنت صانع عقب ما سقت لك ما فيها من هذه الأدلة الناصعة الواضحة من القرآن والسنة وحال السلف قولاً وعملاً.
هل تستمر في عنادك بهجرك لفريضة ربك؟
أم هل تستغني بملذَّاتك الزائلة عن تحقيق واجباتك؟
أم ماذا أنت صانع عن عجزك للسير إلى بيت مليكك؟
أسئلة جعلتها بين يديك، فاحرص على الإجابة عليها بالجواب الصواب الذي يقر عينيك عند أخذك للكتاب، والله الله بالعمل بعد العلم فهو وصية ربك لنبيك.
ويا أخي:
اهجر الهوى فهو عنوان الهلاك
وعليك بالتقى فهو مفتاح النجاة
وأقول لك يا أخي: هذا جهد المقل، ولا أدَّعي الكمال ولا القرب منه، والله المسئول أن يجعله لوجهه خالصًا، وينفع به مؤلفه وقارئه في الدنيا والآخرة، إنه سميع الدعاء وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الفهرس
المقدمة ... 5
* جعلت الرسالة متناولة لأمرين هامين: ... 6
الصلاة ... 6
صلاة الجماعة ... 6
وصايا ... 6
الخاتمة ... 6
الفهرس ... 6
* * *(1/17)