مَنظُومَةُ
وَسِيلَةِ الْحُصُولِ إِلَى مُهِمَّاتِ الأُصُولِ
للشَّيخِ: حَافِظِ بنِ أَحمدِ الْحَكَمِي
رَحِمَةُ اللهُ عَلَيهِ
اعتَمَدتُ على طَبعَةِ شَرحِهِ المُسَمَّى (الْجُهدُ الْمَبذُولُ فِي تَنوِيرِ العُقُولِ بِشَرحِ مَنظُومَةِ وَسِيلَةِ الحُصُولِ إِلَى مُهِمَّاتِ الأُصُولِ) للشَّيخِ: زَيدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ هادِي الْمَدخَلِي
(ط : مكتَبَة الفُرقان1421 هـ - 2001 م) فِي مُجَلَّدَينِ .
[ مَدخَلٌ ]
الْحَمدُ لِلْعَدلِ الحَكِيمِ الْبَارِي
[1]
الْمُستَعانِ الوَاحِدِ القَهَّارِ
ذِي الْحِكَمِ الْبالِغَةِ الْعَلِيَّهْ
[2]
وَالْحُجَّةِ الدَّامِغَةِ القَوِيَّهْ
قَضَى بِكَونِ مَا يَشَا فَأَبْرَمَهْ
[3]
وَشَرَعَ الشَّرعَ لَنَا وَأَحْكَمَهْ
بِأَنَّهُ الرَّبُّ بِلا مُنَازَعَهْ
[4]
وَهْوَ الإِلَهُ الْحَقُّ لا نِدَّ مَعَهْ
فَبِالْقَضَا نُؤْمِنُ وَالتَّأَلُّهُ
[5]
بِشَرعِهِ ، فَالْخَلْقُ وَالأَمْرُ لَهُ
وَكُلُّهَا تَصدُرُ عَنْ مَشِيئَتِهْ
[6]
وَعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكمَتِهْ
أَحْكَمَ كُلَّ الْخَلقِ بِالإِتْقَانِ
[7]
وَالأَمرِ بِالعَدْلِ وَبِالإِحْسَانِ
أَحْمُدُهُ وَالْحَمدُ مِن إِنْعَامِهِ
[8]
إِذْ ذِكْرُنَا إِيَّاهُ مِنْ إِلْهَامِهِ
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ الْمُسْتَمِرْ
[9]
عَلَى الَّذِي اِسْتَقَامَ مِثْلَ مَا أَمَرْ
نََبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَالآلِ
[10]
وَصَحْبِهِ ومَنْ بِخَيرٍ تَالِ
• وَبَعدُ : إِنَّ الْعِلمَ خَيرُ مُقْتَنَى
[11]
وَالفِقهُ أَولَى مَا بِهِ العَبدُ اِعتَنَى
حَضَّ عَلَيهِ اللهُ وَالرَّسُولُ
[12]
فِي جُمَلٍ شُرُوحُهَا تَطُولُ
فَدُونَهُ لا يُمكِنُ اِتِّباعُ
[13]
أَمرٍ ، وَلا بِالعِظَةِ اِنْتِفاعُ
مَنْ لَم يَكُنْ يَفْقَهُ كَيفَ يَعْمَلُ
[14]
بِمُوجِبِ الأَمرِ الَّذِي لا يُعقَلُ
• ثُمَّ أُصُولُ الْفِقهِ كُلِّيَّاتُ
[15](1/1)
ثَابِتَةُ الأَساسِ قَطْعِيَّاتُ
وَهَا أَنَا أُخرِجُ مِن مُنتَخَبِهْ
[16]
قَواعِداً نَافِعَةً لِلْمُنتَبِهْ
تَجمَعُ مِن مَقصُودِهِ أَهَمّهْ
[17]
مَعْ قِصَرِ الوَقتِ وضَعفِ الْهِمَّهْ
وَاللهُ أَرجُو مِنهُ عِلْماً نَافِعَا
[18]
إِلَى عَلِيِّ الدَّرَجاتِ رَافِعَا
[ البابُ الأَوَّلُ ] : مُقَدِّماتٌ ثَلاثٌ
الأُوُلَى : فِي تَعريفِ (الأُصُولِ) وَ(الأَحْكامِ)
• أَدِلَّةُ الفِقهِ عَلَى الإِجمالِ
[19]
وَصِفَةُ الْوُجُوهِ لاِسْتِدلالِ
تُعرَفُ ذِي : فَنَّ أُصُولِ الفِقهِ ، مَنْ
[20]
أَدْرَكَهَا فَهْوَ الأُصُولِي فَاعْلَمَنْ
وَالفِقهُ عِلمُ حُكمِ شَرعِ اللهِ مِنْ
[21]
أَدِلَّةٌ تَفصِيلُهُ فِيهَا زُكِنْ
• والحُكمُ : مُقتَضَى خِطابِ اللهِ
[22]
لِلْعَبدِ تَكْلِيفاً بِلا اِشْتِباهِ
إِنِ اِقتَضَى الْجَزْمَ بِفِعلٍ : يَجِبُ
[23]
وَغَيرُ مُقتَضٍ لِجَزمٍ : يُندَبُ
ومُقتَضَى التَّركِ : حَرَامٌ إِنْ جُزِمْ
[24]
بِهِ وَإِلاَّ مَكْرُوهٌ عُلِمْ
وَالعَفْوُ أَو مَا رَفَعَ الجُناحُ
[25]
فِي الفِعلِ وَالتَّركِ هُوَ : الْمُباحُ
وَإِنْ ذَرِيعَةً فَحُكمُهُ اِنْجَلَى
[26]
حُكمُ الَّذِي بِهِ لَهُ تَوَصَّلاَ
• وَيَلْزَمُ التَّكلِيفُ كُلَّ مُدرِكِ
[27]
بِعَقلِهِ مِن مُسلِمٍ ومُشرِكِ
لِكِنَّما الكَافِرُ سَعْيُهُ هَبَا
[28]
وََهْوَ مُؤَاخَذٌ بِجَحدٍ وَإِبَا
• وَالوَضعُ شَرطٌ مَانِعٌ والسَّبَبُ
[29]
كَذَا صَحيحٌ فَاسِدٌ قَدْ لَقَّبُوْ
فَالشَّرطُ : مَالْحُكمُ بِفَقدِهِ اِنتَفَى
[30]
فِي صِحَّةٍ أَو فِي كَمالٍ عُرِفَا
وَالسَّبَبُ : الَّذِي بِهِ الحُكمُ وُجِدْ
[31]
وَالْمَانِعُ الَّذِي بِوَجْدِهِ فُقِدْ
وَمَا بِهِ النُّفُوذُ واِعتِدادُ
[32]
هُوَ الصَّحيحُ ؛ غَيرُهُ الْفَسَادُ
والرُّخصَةُ : التَّيْسِيرُ لِلْحُكمِ لَدَى
[33]
عُذْرٍ وَإِلاَّ فَعَزِيمَةٌ بِدَا
فَصْلٌ(1/2)
وَالْفَرضُ تَعرِيفاً : رَدِيفُ مَا يَجِبْ
[34]
كَالسُّنَّةِ التَّطَوُّعِ النَّدبِ اُستُحِبْ
وَقَد يَكُونُ : عَيناً أَو كِفَائِيْ
[35]
فِي شَيءٍ أَو وَاحِدٌ مِنْ أَشْياءِ
مُرَتَّباً يَجِيءُ أَو مُخَيَّرَا
[36]
مُؤَقَّتاً وَمُطلَقاً ما قُدِّرَا
فَالأَوَّلُ : الفَرضُ عَلَى الأَعيانِ
[37]
يُفعَلُ مِنْ جَمعٍ ومِن أَعْيانِ
مِثالُهُ التَّوحيدُ وَالصَّلاةِ
[38]
وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ
وَالثَّانِي فَرضُهُ عَلَيهِمْ وَالأَدَاْ
[39]
يَكفِي إِذَا مِنْ بَعضِهِمْ قَدْ وُجِدَاْ
كَـ{وَلْتَكُنْ مِنْكُم} {فَلَوْلاَ نَفَرَا}
[40]
وَمِثلُهُ سَدُّ الثُّغُورِ قَد جَرَى
وَحَيثُ كَانَ الْفَرضُ شَيْئاً عُيِّنَا
[41]
فِفِعلُهُ لا شَكَّ قَد تَعَيَّنَا
كَـ{حَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ} وَ{كُتِبْ
[42]
عَلَيكُمُ الصِّيامُ} عَينُهُ يَجِبْ
وَمَا تَرَتَّبَ اِفْرِضْ الْمُقَدَّمَاْ
[43]
فِي حَقِّ مُستَطِيعٍ مَا تَقَدَّمَا
كَالنَّصِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ
[44]
وَتَوبَةِ القَاتِلِ خِطْئاً جَارِي
وَغَيرَهُ اِفرِضْ وَاحِداً مِنْهَا فَقَطْ
[45]
مَا كَانَ وَالْبَاقِي بِفِعلِهِ سَقَطْ
كَآيَةِ التَّكْفِيرِ فِي الإِقْسَامِ
[46]
وَحالِقٍ لِلْعُذرِ فِي الإِحْرَامِ
فِي الوَقْتِ فِي الْمُؤَقَّتِ : الأَدَاءُ
[47]
وَالْفِعلُ بَعدَ وَقتِهِ : قَضَاءُ
وَثَانِياً فِي وَقتِهِ : إِعادَهْ
[48]
لِمُوجِبٍ لِلْعَودِ فِي الْعِبادَهْ
ومُطلَقُ الفَرضِ الَّذِي مَا حَدَا
[49]
يَفعَلُهُ مَتَى وَحَيثُ أَدَّى
وَهَكَذَا الْمَسنُونُ قَد تَقَسَمَّا
[50]
وَبِالْمِثالِ تُدْرِكُ الْمُسْتَبهَمَا
الْمُقَدِّمَّةُ الثَّانِيَةُ : فِي الْوَضْعِ
وَالْوَضعُ : جَعلُ الَّلْفظِ لِلْمَعْنَى يَدُلْ
[51]
أُفْرِدَ أَو رُكِّبَ فِي جُزءٍ وكُلْ
وَلا يَجُوزُ وَضعُ لَفظٍ شَائِعِ
[52](1/3)
فِي غَيرِ مَعنَاهُ لَدَى الشَّرائِعِ
وَالَّّلفظُ وَالْمَعنَى حَيثُ اِتَّحَدَا
[53]
فَذَاكَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ بَدَا
كَنَحْوِ : زَيدٌ صَالِحٌ لِمَن سُمِي
[54]
وَيَشمَلُ الإِنْسَانُ جِنسَ الآدَمِيْ
وَالْمُتَبَاينُ الَّذِي قَد اِستَقَلْ
[55]
لِكُلِّ مَعْنَى لَفظُهُ عَلَيهِ دَلْ
وَمَا لِواحِدٍ بِهِ الْمَعنَى اِتَّحَدْ
[56]
مِن دُونِ لَفظٍ مُتَرادِفٌ يُعَدْ
وَعَكْسُهُ : مُشتَرَكٌ ثُمَّ العَلمْ
[57]
إِمَّا لِشَخص أَو لِجِنسٍ أَو لاِسِمْ
وَرَدُّهُم لَفظاً إِلَى سِواهِ
[58]
مِمَّا لَهُ نَاسَبَ فِي مَعْناهِ
وَفِي حُرُوفِهِ الأُصُولِ أَو وَقَعْ
[59]
تَغْيِيرُ بَعضٍ فَاشْتِقاقٌ اِتَّسَعْ
فَمِنهُ مُختَصٌّ وَمِنهُ مُطَّرِدْ
[60]
وَالْمَعنَوِيُّ كَمُرَادِفٍ يَرِدْ
[ وَأَيُّمَا ]لَفظٍ [ يَسْتَعْمِلْهُ ] ([1]) العَرَبْ
[61]
مِنْ غَيْرِ وَضْعِهِم هُوَ الْمُعَرَّبْ
لا عَلَماً ، وَفِي القُرآنِ الْمُمْكِنُ
[62]
مِمَّا تَوَاطَأْتْ عَلَيهِ الأَلْسُنُ
ثُمَّ اِنْتِقاءُ مَا سِواهُ اِعْتَبِرِ
[63]
كَمَا نَفَاهُ الشَّافِعِي والطَّبَرِي
وَالعُرفُ إِنْ فِي الُّلغَويِّ وَالشَّرْعِيْ
[64]
تَعَارَضَا قُدِّمَ عُرفُ الشَّرْعِ
كَعُرْفِهِ فِي الصَّومِ وَالصَّلاةِ
[65]
أَوْلَى مِنَ الدُّعاءِ وَالإِصْمَاتِ
فَصْلٌ
ثُمَّ الْكَلامُ كُلُّهُ قَد يَنقَسِمْ
[66]
لِخَبَرٍ فَاعْلَمْ وَإِنْشاءٍ وُسِمْ
مَاْ لَهُمَا مِنْ ثَالِثٍ ، فَالْخَبَرُ
[67]
فِي النَّفْيِ وَالإِثْباتِ قُلْ يَنْحَصِرُ
وَالوَعدُ وَالْوَعِيدُ فِي ذَينِ دَخَلْ
[68]
وَقَصَصٌ تَعَجُّبٌ كَذَا الْمَثَلْ
وَانْقَسَمَ الإِنْشَا إِلَى اِسْتِفهَامُ
[69]
عَلَى مَعانٍ جَاءَ فِي الكَلامِ
أَمرٌ وَنَهيٌ قَسَمٌ دُعَاءُ
[70]
شَرطٌ تَمَنٍّ وَكَذَا الرَّجَاءُ
وَقَدْ يَجِيْ الإِنْشَا بِمَعنَى الخَبَرْ
[71](1/4)
وَعَكْسُهُ تَوَسُّعاً فَاعْتَبِرِ
وَبَحثُهَا يَدرِيهُ مَنْ يُعَانِي
[72]
لِعِلْمَيِ البَيانِ الْمَعَانِي
الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ : فِي أَدَواتِ الْمَعانِي
الأَدَواتُ مِن حُرُوفٍ عُلِمَت
[73]
فَلِلْجَوابِ وَالْجَزَا (إِذَنْ) ثَبَتْ
وَ(إِنْ) لِشَرطٍ وَلِنَفْيٍ وَ صِلَهْ
[74]
تُفِيدُ قُوَّةَ الْمَعَانِي الْحاصِلَهْ
لِلَّشَّكِّ وَالتَّخْييرِ وَالإِبهامِ (أَوْ)
[75]
جَمعٌ وَتَقسِيمٌ وَإِضْرَابٌ رَأَوْ
وَقَد تَجِي مَكَانَ (حَتَّى) و(إِلَى)
[76]
لِغَايَةٍ كَذَا لِتَقريبٍ تَلا
(أَيْ) : لِتَفْسِيرٍ أَتَتْ وَلِلْنِّدَا
[77]
قَرِيبا أَوْ لِلْوِسطِ أَوْ مَن بَعُدَا ([2])
وَشُدِّدَتْ ([3]) : لِلْشَّرطِ وَاِسْتِفهامِ
[78]
كَذَا اِسمِ مَوْصُولٍ وَلِلإِعْظامِ ([4])
وَ وِصْلَةٌ إِلَى نِدَا مَا فِيهِ أَلْ
[79]
وَ(إِذْ) لِماضٍ : ظَرفٌ مَفعُولٌ بَدَلْ
لَهَا إِضَافَةُ الزَّمَانِ قَد وَضَحْ
[80]
وَقَد تَجِي مُسْتَقْبَلاً عَلَى الأَصَحْ
كَذَاكَ للتَّعلِيلِ حَرْفاً فِيهِ
[81]
وَفِي فُجاءَةٍ لِسَيبَوِيهِ
(إِذَا) أَتَتَ حَرفَ فُجاءَةٍ عَلَى
[82]
رَأْيٍ وَقَدْ أَتَتْ [ بِهِ ] مُسْتَقْبَلاَ
تَضَمَّنَتْ شَرطِيَّةً فِي الغَالِبِ
[83]
وَالحَالَ وَالْمَاضِي نُدُوراً أُجْتُبِي
وَ(البَا) لِلاِلْصَاقِ تَعَدٍّ سَبَبُ
[84]
وَالبَدَلُ الظَّرْفُ وَعَوْناً أُطلُبِ
قَابَلَ أَو جَاوَزَ وَالْمُصَاحَبَهْ
[85]
كَذَا لِلاسْتِعلاَ لَدَى مَن اِنْتَبَهْ
وَالغَايَةُ التَّوكِيدُ تَبعِيضٌ قَسَمْ
[86]
وَ(بَلْ) لِعَطفٍ ولِلاِضْرابِ اِنْقَسَمْ
إِمَّا لإِبطالٍ أَو اِنْتِقالِ
[87]
مِنْ غَرَضٍ لآخَرٍ فِي الْمَقَالِ
(بِيَدْ) بِمَعنَى غَيرٍ أَو مِن أَجلِ
[88]
كَبِيَدِ أَنِّيْ قُرَشِيّ النَّجْلِي ([5])
وَ(ثُمَّ) حَرفٌ عاطِفٌ فِي الْجُملَهْ
[89]
يَجِيءُ لِلْتَّرتِيبِ بَعدَ الْمُهلَهْ
((1/5)
حَتَّى) تَجِيءُ لانْتِهاءِ الغَائِيْ
[90]
كَذَا لِتَعلِيلٍ ولاسْتِثناءِ
وَ(رُبَّ) للتَّقليلِ والتَّكثِيرِ
[91]
دُونَ اِخْتِصاصِهِ لَدَى الكَثِيرِ
(عَلَى) تَكونُ اِسْماً وَحَرْفاً لِلْعُلُوْ
[92]
وَصَاحَبُوا وَجاوَزُوا وَعَلَّلُوا
بِهَا ولِلْظَّرفِ ولاِسْتِدْرَاكِ
[93]
فِعلِيَّةٌ عَلاَ عَلَى الأَراكِ
وَ(الفَاءُ) للتَّرتِيبِ فِي الْمَعنَى وَفِي
[94]
ذِكرٍ وَتَعقِيبٍ بِكُلِّهَا يَفِي
وَسَبَبِيَّةٌ تَجِيْ للرَّابِطَهْ
[95]
وَفِي جَوابِ الشَّرطِ تَأتِي رَابِطَهْ
فِي جَاءَ للظَّرفَينِ وَالْمُصاحَبَهْ
[96]
تَوكِيدُ تَعليلُ وَتَعويضُ هِبَهْ
مِثلُ (عَلَى) تَجِيءُ لاِسْتِعلاءِ
[97]
مَعنَى (إِلَى) وَ(مِن) وَمَعنَى (البَاءِ)
وَ(كَيْ) لِتَعليلٍ أَتَى وَمَصدَرِ
[98]
(كُلٌّ) لِلاِستِغراقِ فِي الْمُنَكَّرِ
وَفِي مُعَرَّفٌ مِنَ الْجَمعِ وَفِي
[99]
أَجزَاءِ كُلِّ الْمُفرَدِ الْمُعَرَّفِ
وَ(الَّلامُ) للتَّعليلِ وَاِسْتِحقاقِ
[100]
وَالْمِلكِ وَالتَّملِيكِ وَالوِفاقِ
عَاقِبَةٌ تَوكِيدٌ نَفْيٌ ([6]) تَعدِيَهْ
[101]
كَذَا لِتَأكِيدٍ بِأَخْبارٍ هِيَهْ
مَعنَى (إِلَى) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى)
[102]
وَ(مِنْ) وَ(عَنْ) وَ(بَعدُ) تَأتِي بَدَلاَ
(لَوْلاَ) أَتَتْ فِي الْجُمْلَةِ الإِسْمِيَّهْ
[103]
مَاض مُضارِع مِنَ الفِعْلِيَّهْ
حَرفُ اِمْتِناعٍ لِوُجودٍ أَوْ لاَ
[104]
وَالثَّانِ تَوبيخٌ وتَحضيضٌ تَلاَ
(لَو) جاءَ لاِمْتِناعِ مَا يَلِيهِ
[105]
حُكْماً مَعَ اِستِلْزَامِهِ تَالِيهِ
وَلِمُسَاواةٍ تَمَنٍّ عَرْضِ
[106]
كَذَا لِتَقْلِيلٍ أَتَتْ وَحَرضِ
وَ(لَنْ) لِنَفْيِ الفِعلِ فِي الْمُستَقبَلِ
[107]
لا تَقتَضِي التَّأبيدَ كَالمُعتَزِلِيْ
(مَنْ) لاِبْتِدَاءٍ وَعَلَى التَّبعيضِ دَلْ
[108]
كَذَا لِتَبْيِينٍ وَتَعليلٍ بَدَلْ
تَخصِيصُ مَا عَمَّ وَفَصلٌ اِنْجَلَى
[109](1/6)
كَـ(البَا)وَ(عَنْ) وَ(فِي) وَ(عِندَ) وَ(عَلَى)
(مَنِ) اِسمُ مَوصُولٍ وَتَأْتِي عَامَّهْ
[110]
نَكِرَةٍ مَوصُوفَةٍ أَو تَامَّهْ
تَجِيءُ لاِستِفهامٍ أَو شَرطِيَّهْ
[111]
وَهيَ بِكُلِّ حالَةٍ إِسْمِيَّهْ
وَ(هَلْ) أَتَتْ لِطَلَبِ التَّصدِيقِ
[112]
وَ(الوَاوُ) لِلْجَمعِ عَلَى التَّحقيقِ
فَهِذِهِ وَسِيلَةُ اِبْتِداءِ
[113]
وَلْتُطْلَبُ البَاقِي بِالاِستِقْرَاءِ
[ البَابُ الثَّانِي : كِتابُ أُصُولِ الأَدَلِّةِ ]
[ مَدْخَلُ ]
أَدِلَّةُ الشَّرعِ الشَّرِيفِ أَربَعَهْ :
[114]
مُحكَمُ آيٍ ، سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ
وَالثَّالِثُ : الإِجماعُ حَيثُ يَنجَلَي
[115]
وَالرَّابِعُ : القِياسُ ، وَاُخصُصِ الجَلِيْ
وَلا رَأيَ فِي الدِّينِ وَلا اِسْتِحْسَانَا
[116]
فَاللهُ قَد أَكمَلَهُ تِبْيَانَا
وَمَا لِغَيرِ اللهِ حُكمٌ أَبَدَا
[117]
وَلا سِوَى الشَّرعِ سَبِيلٌ لِلْهُدَى
فَالشِّركُ فِي التَّشريعِ مِنهُ يَنفَجِرْ
[118]
شِركُ العِبادِ بِالعَزِيزِ الْمُقتَدِرْ
الدَّليلُ الأَوَّلُ : الْكِتابُ
أَمَّا الكِتابُ فَهُوَ القُرآنُ
[119]
بَينَ الضَّلالُ وَالهُدَى فُرقانُ
الْمُعجِزُ الْمُفحِمُ لِلأَضْدَادِ
[120]
بِرهانُ حَقٍّ أَبَدُ الآبادِ
كَلامُ رَبِّ مُنْزَلٌ تَنْزِلاَ
[121]
لا يَقبَلُ الْخُلفَ وَلا التَّبدِيلاَ
بِهِ الإِلَهُ خَلَقَهْ تَعَبُّداَ
[122]
تِلاوَةً تَدَبُّراً ثُمَّ اِهْتِدَا
[ يَقُولُ ] جَلَّ : {اِتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا}
[123]
{لِتُرْحَمُوا} {وَاستَمسِكُوا بِهِ} ثِقُوا
فِيهِ بَيَانُ مَا مَضَى فِي الأَوَّلِ
[124]
وَنَبَأُ الْحَاصِلِ فِي الْمُستَقبَلِ
وَفَصلُ أَحكَامِ الْعُبُودِيَّاتِ
[125]
فِي القَولِ وَالأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ
وَإِنَّمَا يَأتِي عَلَى مَعلُومِهِ
[126]
مَن أَحرَزَ الْجُملَةَ مِن عُلُومِهِ
وَأَمعِنِ الفِكرَةَ فِي السِّياقِ
[127](1/7)
مَعْ حِفظِ مَا جَاءَ عَنِ السِّباقِ
مِمَّن أَتَوا فِيهِ عَلَى البَيَانِ
[128]
بِالنَّقلِ وَالإِيضَاحِ لِلْمَعَانِي
فَمِنهُ ذُو تَشابُهٍ وَالْمُحكَمُ
[129]
وَمُجمَلٌ مُفَصَّلٌ لا يُبهَمُ
وَعَامٌّ عُمُومُهُ يُرَادُ
[130]
وَمِنهُ مَا خُصُوصُهُ الْمُرادُ
وَجَامِعُ العُمُومِ وَالخُصُوصِ
[131]
وَعَامٌّ أُرِيدَ بِالْمَخصُوصِ
وَظَاهِرٌ يُعرَفُ مِن سِيَاقِهِ
[132]
إِرَادَةُ البَاطِنِ بِاسْتِحقَاقِهِ
وَحَذفُ مَا مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُذْكِرَا
[133]
وَمَا لَهُ التَّقدِيمُ ثُمَّ أُخِّرَا
إِمَّا مِنَ الْمَنطُوقِ أَو مَفهُومِهِ
[134]
فَلْتَعلَمِ الَّلازِمَ مِنْ مَلْزُومِهِ
وَلتَعلَمِ الأَمرَ كَذَا النَّهيَ وَمَا
[135]
تَجِيءُ مِنْ مُقتَضِياتٍ لَهُمَا
وَالْعِلمُ بِالنَّاسِخِ وَالْمَنسُوخِ
[136]
مِمَّا بِهِ اِعتَنَى أُلُو الرُّسُوخِ
وَسَبَبُ النُّزولِ وَالتَّأرِيخِ لَهْ
[137]
مِمَّا يُبَيِّنْ فِقهَ حُكمِ الْمَسألَهْ
وَكُلُّهُ تَوَاتُرٌ قَد وَصَلا
[138]
وَاللهُ بِالْحِفظِ لَهُ تَكَفَّلاَ
الدَّلِيلُ الثَّانِي : الْسُّنَّةُ
وَثَانِيُّ الْوَحيَينِ : سُنَّةُ النَّبِي
[139]
بَيَانُهُ عَن رَبِّ لا تُرَتِّبِ
فَإِنَّهُ قَد أُتِيَ القُرْآنَا
[140]
حَقّاً وَمِثْلَيهِ لَهُ تِبْيَانَا
وَتِلْكُمُ الْحِكمَةُ حَيثُ تُذْكَرُ
[141]
مَعَ اِقْتِرَانِ بِالْكِتابِ فَسَّرُوا
إِذْ وَضَعَ الرَّحمَانُ مِنْ كِتابِهِ
[142]
وَدِينِهِ رَسُولِهِ بِمَا بِهِ
لَنَا أَبانَ مِنهُ أَعلَى مَنْزِلَهْ
[143]
وَعَلَماً لِدِينِهِ قَد جَعَلَهْ
مُفتَرِضاً طَاعَتَهُ مَعْ طَاعَتِهْ
[144]
كَذَا بِمَا حَرَّمَ مِن مَعصِيَتِهْ
وَ قَرَنَ اٌِيمَانَ بِالإِيمَانِ بِهْ
[145]
وَفِي الشَّهَادَتَينِ ذَا لِلْمُنتَبِهْ
وَشَهَدَ اللهُ لَهُ بِالعِصمَهْ
[146]
وَبِهُداهُ لِلنَّجَاةِ الأُمَّهْ(1/8)
وَأَلْزَمَ الْخَلقَ اِتِّبَاعَ أَمرِهِ
[147]
فَلا طَريقَ لِلْهُدَى عَن غَيرِهِ
وَلَم يَدَعْ خَيراً إِلَيهِ مَا هَدَى
[148]
كَمَا نَهَى عَن كُلِّ أَسبَابِ الرَّدَى
حَتَّى أَتَمَّ دِينَهُ وَأَكمَلاَ
[149]
مُبَيَّناً مُوَضَّحاً مُفَصَّلاَ
مَحَجَّةً نَيِّرَةَ الْمَسَالِكِ
[150]
بَيضَاءَ لا يَزِيغُ إِلاَّ هَالِكِ
فَصْلٌ
وَأَوجُهُ السُّنَّةِ مِنهَا مَا تَلاَ
[151]
بِمِثلِ مَا فِيهِ الكِتابُ أُنْزِلاَ
كَالْجَلدُ لِلْقَاذِفِ فِي الرِّوايَهْ
[152]
مَا زَادَ أَنْ نَفَّذَ نَصَّ الآيَهْ
وَمِنهُ مَا فِيهِ الكِتابُ جُملَهْ ([7])
[153]
بَيَّنَتِ السُّنَّةُ مَا سِيقَتْ لَهْ
فَصَّلَهُ رَسُولُهُ وَزَادَهْ
[154]
مُبَيِّناً عَنْ رَبِّنَا مُرَادَهْ
كَفُرقَةِ الْلِّعَانِ مَعْ نَفْيِ الْوَلَدْ
[155]
وَالوَقفِ فِي خَامِسَةِ زَيدٍ وَرَدْ
وَبَانَ فِي الإِرثِ اِخْتِلافُ الْمِلَّهْ
[156]
وَالرِّقُّ وَالْقَتلُ مَوَانِعٌ لَهْ
وَأَحكَمَ اللهُ الصَّلاةَ مُجمَلَهْ
[157]
فَرضِيَّةً ثُمَّ الرَّسُولُ فَصَّلَهْ
فَبَيَّنَ الْمَفرُوضَ فِي الأَوقَاتِ
[158]
وَعَدَدَ الرُّكُوعِ وَالْهَيئَاتِ
وَهَكَذَا الزَّكَاةُ وَالصِّيامُ
[159]
وَالْحَجُّ وَالجِهادُ وَالأَحكَامُ
أَحكَمَ بِالكِتابِ فَرضِيَّتَهَا
[160]
وَبَانَ بِالسُّنَّةِ كَيْفِيَّتَها
وَثَالِثٌ قَد سَنَّهُ لا نَعْلَمُ
[161]
نَصُّ الْكِتابِ فِيهِ وَهْوَ أَعلَمُ
وَهْوَ بِحُكمِ رَبِّهِ مُتَّحِدُ
[162]
لا يَنصِبُ الخِلافَ إِلاَّ مُلحِدُ
فَكَم أُمُورٌ حُكمُهَا فِي الأَثَرِ
[163]
كَمِثلِ تَحرِيمِ لُحُومِ الْحُمرِ
أَهلِيَّةٍ وَحَضْرِهِ الْمُفتَرِسَا
[164]
طَيراً سِباعاً وكَمُتعَةِ النِّسَا
وَغَيرُ ذِي لَولا مَجِيءُ حَظْرِهَا
[165]
عَنِ الرَّسُولِ مَا اُهْتُدِي لأَمْرِهَا
فَصلٌ فِي لُزُومِ الْحُجَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الثَّبتِ(1/9)
وَالْخَبَرُ : اِعلَمْ مِنهُ ما تَوَاتَرَا
[166]
وَمِنهُ آحَادٌ إِلَينَا أُثِرَا
فَذُو تَواتُرٍ بِهِ العِلمُ حَصَلْ
[167]
وَثَابِتُ الآحادِ يُوجِبُ العَمَلْ
بَلْ يُوجِبُ العِلمَ عَلَى التَّحقِيقِ
[168]
عِندَ قِيَامِ مُوجِبِ التَّصْدِيقِ
فَالْتَزِمِ القَولَ بِهِ فَإِنَّهْ
[169]
بِهِ يَقُولُ كُلُّ أَهلِ السُّنَّهْ
كَمْ أَرْسَلَ الرَّسُولُ مِنْ آحَادِ
[170]
يَدْعُونَ فِي الآفَاقِ للرَّشَادِ
مِثلُ مُعَاذٍ وَعَلِي وَالأَشْعَرِيْ
[171]
وَرُسْلِهِ إِلَى الْمُلُوكِ اِعْتَبِرِ
وَأَلْزَمَ الْمُبَلَّغِينَ الْحُجَّهْ
[172]
بِهِمْ وَبَانَت لَهُمُ الْمَحَجَّهْ
وَخَبَرُ القِبلَةِ فِي أَهلِ قِبَا
[173]
فَانْصَرَفُوا فَوراً بِمُطلَقِ النَّبَا
وَبَادَرَ الشّرب بِنَثْرِ الْخَمرِ ([8])
[174]
حِيْنَ أَتَاهُمْ مُخبِرٌ بِالْحَظْرِ
وَأَمرُ رَبِّنَا بِنَصٍّ بَيِّنِ
[175]
فِي خَبَرِ الفَاسِقِ بَالتَّبَيُّنِ
يُشعِرُ أَنَّ خَبَر الأَثْبَاتِ
[176]
يُؤخَذُ بِالقَبُولِ وَالإِثبَاتِ
بَلْ لا سَبِيلُ لاِقْتِفَا الرَّسُولِ
[177]
إِلاَّ التَّلَقِّي عَنهُ بِالقَبُولِ
وَاشْتَرَطُوا شَرَائِطاً فِي الْمُخبِرِ
[178]
وَمُخْبَرٌ عَنهُ كَذَا فِي الْخَبَرِ
فَخَمسَةٌ فِي أَوَّلٍ : تَمَامُ
[179]
أَعَمُّهَا التَّكلِيفُ وَالإِسْلامُ
عَدَالَةٌ وَالضَّبطُ وَالأَمَانَهْ
[180]
وَتَركُ تَدليسٍ أَخُو الْخِيَانَهْ
وَبِاخْتِبَارٍ : يُعرَفُ الْعَدلُ الثِّقَهْ
[181]
أَوْ عَدَمُ الْجَرحِ وَحَبْرٌ وَثِقَهْ
أَو اِسْتَفاضَ عِلمُهُ وَاشْتَهَرَا
[182]
مِنْ غَيرِ قَادِحٍ عَلَيهِ اِعْتَبَراَ
أَو عَمَلِ القَومِ بِمَا بِهِ اِنْفَرَدْ
[183]
أَو عَنهُ رَاوٍ مَا رَوَى عَمَّنْ يَرِدْ
وَشَرطُ ثَانٍ : عَدَمُ اِسْتِحَالَتِهْ
[184]
وَنَقضُ أَقْوَى مِنهُ فِي دَلالَتِهْ
وَلا يَضُرُّ خُلفُهُ القِياسِ أَوْ
[185](1/10)
كَونُ الْجَمَاهِيرِ خِلافُهُ رَأَوْا
أَو كَونُ أَهْلِ البَيتِ خَالَفُوهُ
[186]
أَو سَاكِنُوا يَثْرِبَ لَمْ يَقْفُوهُ
أَو عَمَّتِ البَلْوَى بِهِ وَمَا اِشْتَهَرْ
[187]
أَو قَولُ رَاوِيهِ بِخُلفِهِ ظَهَرْ
أَو اِقْتَضَى كَفَّارَةً أَو حَدَّا
[188]
أَو نَقلَهُ زِيادَةً قَدْ أَدَّى
أَو خَارِجاً فِي مَخرَجِ الأَمْثَالِ
[189]
الْكُلُّ لا يَسُوغُ فِي الإِعْلالِ
وَالشَّرطُ فِي ثَالِثِهَا : التَّقَصِّي
[190]
وَحَافِظُ الَّلْفظِ يَجِيْ بِالنَّصِّ
فَإنْ يَرِدْ حَذْفاً أَوِ اِخْتِصارَا
[191]
وَأَخْذُ بَعضِ الْخَبَرِ اِقْتِصَارَا
جَازَ بِشَرطِ عَدَمِ الإِخْلالِ
[192]
وَكَونُ مَا يُحذَفُ ذَا اِسْتِقْلالِ
وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لِلْفَقِيهِ
[193]
كَيْلاَ يُحِيلُ أَيَّ مَعْنَى فِيهِ
وَمَنْ نَسِيْ الْلَّفظَ وَبِالْمَعنَى قَطَعْ
[194]
فَالحُكمُ فَلْيُؤَدِّهِ كَيْ يَتْبَعْ
وَإِنْ يَرِدْ تَفسِيرُ لَفظٍ فُصِلاَ
[195]
مَقُولُهُ مِن لَفظِ مَرْفُوعٍ عَلاَ
فَنَقلُ عَدلٍ تَامٍّ الضَّبطَ اِتَّصَلْ
[196]
عَنْ مِثْلِهِ وَلَم يُشَذّ أَو يُعَلْ
هُوَ الصَّحيحُ عِندَهُم مِنَ السُّنَنْ
[197]
فَإنْ يَخِفَّ الضَّبطُ فَالقِسمُ الْحَسَنْ
كِلاهُمَا فِي عَمَلٍ بِهِ اِشْتَرَكْ
[198]
وَهْيَ عَلَى مَراتِبٍ بِدُونِ شَكْ
فَكُلَّمَا صِفَاتُ قُوَّةٍ أَشَدْ
[199]
فِيهِ فَمن سِواهُ أَعلَى وَأَسَدْ
وَيُقبَلُ الْمُرسَلُ حَيثُ اِعْتَضَدَا
[200]
أَو عَنْ سِوَى مُرسَلِهِ قَد أُسْنِدَا
أَوْ عَمَلَ الصَّحبُ بِمُقْتَضَاهُ
[201]
أَو قَولُ جُمهُورٍ وَلا سِواهُ
وَغَيرُ مَا يُقبَلُ أَقْسَامٌ تُعَدْ
[202]
فَرُدَّ مَا شَرْطُ قَبُولٍ قَد فُقِدْ
وَلِتَفَاصِيلِ بُحُوثُ الْخَبَرِ
[203]
عِلمٌ بِهَا يُخْتَصُّ فَلْيُعْتَبَرِ
وَبَحثُ سُنَّةٍ عَلَى التَّحريرِ
[204]
فِي القَولِ وَالْفِعْلِ وَفِي التَّقْرِيرِ(1/11)
والبَحثُ فِي الأَقْوَالِ فَلْيُقَدَّمُ
[205]
مُشْتَرِكاً مَعَ الْكِتابِ الْمُحْكَمِ
إِذْ سَابِقُ الأَنْوَاعِ فِي الْكِتَابِ
[206]
فِي سُنَّةٍ تَجرِي بِلا اِرْتِيابِ
الْكَلامُ عَلَى وُجُوهِ الْخِطَابِ
وَفِيهِ فُصُولٌ
الْفَصلُ الأَوَّلُ : فِي الأَوَامِرِ
أَربَعُ أَلفَاظٍ بِهَا الأَمرُ دُرِي
[207]
إِفْعَلْ لِتَفْعَلْ اِسمُ فِعْلٍ مَصْدَرِ
وَقَدْ يُسَاقُ فِي مَساقِ الْخَبَرِ
[208]
وَبِالْجَزَا وَنَحْوِهِ فَاْعْتَبِرِ
وَأَصلُهُ الوُجُوبُ ثُمَّ قَد وَرَدْ
[209]
إِلَى مَعَانٍ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُعَدّْ
نَدبٌ إِبَاحَةٌ وَتَهدِيدٌ أَتَى
[210]
قَصدُ اِمْتِثالٍ ثُمَّ إِذْنٌ ثَبَتَا
تَأْدِيبٌ اِمْتِنانٌ الإِنْذَارُ
[211]
تَسخِيرٌ التَّكْوِينُ الاِحْتِقَارُ
تَسْوِيَةٌ إِهانَةٌ إِكْرَامُ
[212]
تَمَنٍّ الدُّعاءُ وَالإِنعَامُ
تَعجِيزُ تَفْوِيضُ تَعَجُّبٌ خَبَرْ
[213]
شُورَى وَتَكْذِيبٌ تَطَلُّبُ الْعِبَرْ
وَالأَمرُ بِالأَمرِ بِهِ أَمرٌ كَمَا
[214]
فِي آيَةِ الْحِجابِ جَاءَ مُحكَمَا
وَيَدخُلُ الْمُبَلَّغُ الْمَأمُورُ فِي
[215]
لَفظٍ بِهِ تَنَاولٌ لا يُنْتَقَى
وَيُوجِبُ الْمُطلَقُ فِعلاً مُطْلَقَا
[216]
أَدَاءُ مَأمُورٍ بِهِ تَحَقَّقَا
لا يُوجِبُ الفَورَ وَلا التِّكْرَارَا
[217]
وَالاِمْتِثالُ يَقْتَضِي البِدَارَا
وَيَقْتَضِي الأَمرُ بِشَيءٍ عُيِّنَا
[218]
نَهْياً عَنِ الضِّدِّ لَهُ تَضَمَّنَا
ويَلزَمُ الْمَأمُورُ أَمرٌ لا يَتِمْ
[219]
بِدُونِهِ كَشَرطِ صِحَّةٍ حُتِمْ
وَيَسقُطُ الْمَأمُورُ بِالأَدَا عَلَى
[220]
وَجهٍ بِهِ وِفَاقَ أَمرٍ حُصِّلاَ
وَيَقْتَضِي الْمَوقُوتُ بِالزَّمَانِ
[221]
قَضَاءَهُ أَو ذَا بِأَمرٍ ثَانِ
وَالأَمرُ بَعدَ الأَمرِ مَعْ تَمَاثُلِ
[222]
تَأكِيدُ أَوَّلاً فَتَأسِيْسٌ جَلِي
الْفَصلُ الثَّانِي : فِي النَّواهِي(1/12)
وَالنَّهيُ دَاعِي الْكَفِّ وَالصِّيغَةُ لاَ
[223]
تَفعَلْ وَتَحرِيمٌ بِهِ تَأَصَّلاَ
يَكُونُ عَنْ فَردٍ وَذِي تَعَدُّدِ
[224]
جَمْعاً وَفَرْقاً ([9]) فَافْهَمَنَّهْ تَرْشُدِ
وَيَقتَضِي الدَّوامَ لا إِنْ قُيِّدَا
[225]
ثُمَّ لِغَيرِ أَصلِهِ قَدْ وَرَدَا
كُرْهٌ وَإِرْشَادٌ وَتَعْلِيلٌ دُعَاْ
[226]
صَيْرُورَةٍ تَحْقِيْرٌ الْيَأسُ مَعَاْ
وَنَحوُ (مَا كَانَ لَهُمْ) وَ(مَا يُحِلْ)
[227]
(لا يَنبَغِي) وَبِالجَزَا النَّهْيُ عُقِلْ
وَفِيهِ مَافِي الأَمرِ مِنْ حُكمٍ سَبَقْ
[228]
مِنَ الْتِزامٍ وَمَفَاهِيمٍ وَحَقّْ
وَنَهيُ حَضْرٍ يَقْتَضِي فَسَادَهْ
[229]
كَالنَّفْيِ للأَجْزَاءِ فِي العِبَادَهْ
إِنْ كَانَ ذَا النَّهْيُ لأَمرٍ يَدخُلُهْ
[230]
أَو جُزْئِهِ أَوْ لازِماً أَو نَجْهَلُهْ
أَمَّا لأَمرٍ خَارِجِيِّ عَنهُ
[231]
فَفِي الفَسَادِ الْخُلفُ فَاعْلَمَنَّهْ
الْفَصْلُ الثَّالِثِ : فِي الْمَنطُوقِ وَالْمَفْهُومِ
مَنطُوقُهُ : مَدلُولُ لَفْظٍ فِي مَحَلْ
[232]
نَطَقَ بِهْ نَصٌّ لِغَيْرِ مَا احتُمِلْ
وَظَاهِرٌ : مَا احتَمَلَ الْمَرجُوحَ ثُمْ
[233]
الْلَّفظُ مُفرَدٌ مُرَكَّبٌ لَهُمْ
صَرِيْحُهُ مُطَابِقٌ دَلَّ عَلَى
[234]
مَعْنَاهُ ، وَالْجُزءُ تَضَمُّناً تَلاَ
ثُمَّ عَلَى لازِمِهِ اِلْتِزِامُ
[235]
ذِيْ أَوجُهٍ ثَلاثَةٍ تَمَامُ
وَاْلالْتِزامُ : حَيثُ الاِضْمَار اِقْتَضَى
[236]
صِدْقاً وَصِحَّةً دَلالَةُ اِقْتِضَا
أَوْ لا وَقَدْ دَلَّ لِمَا لَمْ يُقصَدِ
[237]
فَهْيَ إِشَارَةٌ تُسَمَّى فَاحْدُدِ
أَو دَلَّ لِلْمَقْصُودِ دُونَ مُضْمَرِ
[238]
فَذَاكَ إِيماءٌ وَتَنْبِيهٌ دُرِيْ
وَقُوبِلَ الْمَنطُوقُ بِالْمَفهُومِ
[239]
وَافَقَ أَو خَالَفَ فِي الْمَحْكُومِ
أَوَّلٌ إِنْ كَانَ أَولَى حُكْمَا
[240]
فَإِنَّهُ فَحْوَى الْخِطابِ يُسْمَى(1/13)
وَحَيثُ سَاوَى حُكمَ مَنطُوقٍ سُمِيْ
[241]
لَحنُ الْخِطَابِ عِندَ أَهلِ الْحُكمِ
وَالثَّانِ : مَفْهُومٌ مِنَ الْمُخَالَفَهْ
[242]
لا مَعَ مَخصُوصٍ ، وَذَا إِمَّا صِفَهْ
أَو عِلَّةٌ أَو ظَرفٌ أَو حَالُ عَدَدْ
[243]
أَو شَرطٌ أَو غَايَةٌ أَو حَصرٌ وَرَدْ
وَمِنهُ الاِسْتِثْنَا بِـ(إِلاَّ) بَعدَ (مَا)
[244]
كَأَنَّمَا يَخْشَى الإِلَهَ العُلَمَا
وَمِنهُ حَصرُ مُبْتَدَا فِي الْخَبَرِ
[245]
مُضَافاً اَوْ مُعَرَّفاً بِهِ اُحْصُرِ
وَالكُلُّ مِنْهَا حُجَّةٌ غَيرُ الْلَّقَبْ
[246]
وَغَيْرُ مَا خُصَّ بِذِكرٍ لِسَبَبْ
الْفَصْلُ الْرَّابِعُ : فِي الْعُمُومِ
الْعَامُّ مَا يَستَغرِقُ الَّذِي صَلُحْ
[247]
لِلَفظِهِ مِنْ دُونِ حَصْرٍ فِي الأَصَحْ
وَشَامِلُ الأَشْخَاصِ للأَحوَالِ
[248]
يَشمَلُ وَالْبِقاعِ وَالأَجْيَالِ
وَ(كُّلُّ) وَ(الَّذِي) (الَّتِي) (أَيُّ) وَ(مَا)
[249]
(مَتَى) وَ(أَينُ) (حَيثُمَا) قَدْ عُمِّمَا
وَالْجَمعُ بِالَّلامِ حَوَى تَعرِيفاَ
[250]
كَالْعَهدِ مِثلُ مَا أُضِيفَا
وَمُفرَدٌ حُلِّيَ بِالَّلامِ لَهُمْ
[251]
نَكِرَةٌ تُسَاقُ فِي النَّفْيِ تَعُمْ
ثُمَّ عُمُومُ السَّلبِ نَفيٌ بَعدَ كُلْ
[252]
وَقَبْلُهَا سَلبُ العُمُومِ أَنِ يَحُلْ
تَقُولُ : (كُلَّ بِدعَةٌ لا تُقبَلُ)
[253]
وَلَيسَ كُلُّ مَن يَقُولُ يَفعَلُ
وَقَدْ يَعُمُّ الَّلفظُ فِي الْمُعتَبَرِ
[254]
عُرْفاً وَعَقلاً عِندَ أَهلِ النَّظَرِ
مِنْ ذَلِكَ الْفَحوَى وَنَحْوُ (حُرِّمَتْ
[255]
عَلَيكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ) قَدْ عُمِّمَتْ
أَو رُتِّبَ الْحُكمُ بِهِ عَلَى الصِّفَهْ
[256]
وَمِثلُهُ مَفَاهِمُ الْمُخَالَفَهْ
وَكُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَثنَى ([10])
[257]
مِنهُ ؛ فَقَدْ عَمَّ بَحسْبِ الْمَعنَى
وَفِي الْخِطَابِ لِلْنَّبِيِّ يُدْخَلُ
[258]
أُمَّتُهُ ؛ إِلاَّ إِذَا يُفَصَّلُ(1/14)
وَ(أَيُّهَا النَّاسُ) تَنَاوَلَ الرُّسُلْ
[259]
لَوْ مَعْ قَرِينَةِ البَلاغِ نَحْوَ (قُلْ)
وَمَا لأُمَّةِ الْكِتابِ قَدْ شُرِعْ
[260]
يَنَالُنَا خِطابُهُ لا مَا رُفِعْ
وَيَدخُلُ الإِناثُ كَالذُّكُورِ
[261]
فِي لَفظِ (مَنْ) حُكْماً عَلَى الْمَشْهُورِ
لافِي خِطَابِ الْجِنسِ بِالوَصفِ الأَخَصّْ
[262]
فَلا يُنَالُ ضِدُّ إِلاَّ بِنَصّْ
وَتَركُ الاسْتِفْصَالِ فِي اِحْتِمَالِ
[263]
يَنْزُلُ كَالْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ
وَبِعُمُومِ الَّلفظِ فِي الْحُكمِ اِعْتَبِرْ
[264]
لا بِخُصُوصِ سَبَبٍ إِذَا ذُكِرْ
الْفَصْلُ الْخَامِسُ : فِي الْخُصُوصِ
تَخْصِيصُ مَا يَعُمُّ قَصْرُهُ عَلَى
[265]
بَعضٍ مِنَ الَّذِي لَهُ تَنَاوَلاَ
قَابَلَهُ الْحُكمُ الَّذِي قَد ثَبَتَا
[266]
لِمُتَعَدِّدٍ بِلاَ قَصرٍ أَتَى
ثُمَّ يُقَالُ : عَامٌّ الْخُصُوصُ قَدْ ([11])
[267]
أُرِيْدَ بِهْ إِِخْتَصَّ بِالَّذِي قَصَدْ ([12])
ثُمَّ الْعُمُومُ حُجَّةٌ فِيمَا بَقِي
[268]
مَا نَالَهُ الْمُخَصَّصُ الَّذِي بَقِيْ
ثُمَّ الْمُخَصِّصَاتُ قِسْمَانِ هُمَا
[269]
مُتَّصِلٌ مُنْفَصِلٌ قَدْ فُهِمَا
فَذُو اِتِّصَالٍ خَمسَة الاسْتِثْنَا
[270]
يُثْبِتُ لِلْممُخْرَجِ ضِدُّ الْمََعنَى
فَهْوَ مِنَ الْمَنفِيِّ إِثبَاتٌ كَمَا
[271]
يُنفَى مِنَ الْمُثبَتِ مَا قَد عُمِّمَا
وَحُكمُ الاِسْتِثناءِ بَعدَ الجُمَلِ
[272]
يَعُودُ لِلجَمِيعِ مَا لَم يُفْصَلِ
وَقِيلَ : رَاجِعٌ لِمَ يَلِيهِ
[273]
وَلِلأُصُولِيِّينَ بَحْثٌ فِيهِ
وَالشَّرطُ بِالحَدِّ الَّذِي تَقَدَّمَا
[274]
وَصِفَةٌ لَو ذِكْرُهَا مُقَدَّمَا
وَغَايَةٌ بَعدَ الَّذِي يَشمَلُهَا
[275]
لَو لَمْ تَجِيْ فِي الْحُكمِ مَا كَانَ اِنتَهَى
أَمَّا الَّتِي كَنَحْوِ (حَتَّ مَطلَعِ)
[276]
فَهْيَ لِتَحقِيقِ العُمُومِ فَاسْمَعِ
وَتِلكَ فِي حُكمِ الْمُغَيَّا تَدخُلُ
[(1/15)
277]
لا هَذِهِ فَإِنَّهَا تَنفَصِلُ
وَبَدَلُ البَعضِ مِنَ الكُلِّ وَذَا
[278]
أَهْمَلَهُ قَومٌ ، وَذُو الفَصلِ خُذَا
يُخَصَّصُ الكِتابُ بِالكِتابِ
[279]
وسُنَّةٍ صَحَّتْ بِلا اِرْتِيابِ
وَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِمِثْلِهَا
[280]
وَبِالكِتَابِ إِنْ أَتَى بِفَصْلِهَا
فَحَيثُمَا جَاءَ الكِتابُ مُجمَلاَ
[281]
فَإنَّهُ فِي مَوضِعٍ قَد فُصِّلاَ
إِمَّا بِمَنطُوقٍ أَوِ الْمَفْهُومِ
[282]
فَحْوًى وَلَحْناً لِذَوِي الْفُهُومِ
أَو خُذْ بَيَانَهُ عَنِ النَّذِيرِ
[283]
بِالقَولِ وَالفِعلِ أَوِ التَّقْرِيرِ
فَإِنَّهُ مُبَيِّنٌ للنِّاسِ مَا
[284]
أَنْزَلَهُ اللهُ لَهُمْ مُعَلِّمَا
وَالْحَقُّ أَنَّ عَطفَ مَا عَمَّ عَلَى
[285]
مَا خُصَّ أَوْ عَوْدُ كِتَابَةٍ إِلَى
بَعضٍ وَذِكْرُ البَعضِ مِنْ أَفْرَادِ مَا
[286]
عَمَّ وَمَذهَبٌ لِرَاوٍ لَوْ سَمَا
بِصُحبَةِ جَمِيعِ هَذِي قَد يُخَصّْ
[287]
بِهَا عُمُومٌ كَانَ ثَابِتاً بِنَصّْ
وَحَيثُ عَمَّ سَائِلٌ أَو خَصَّهُ
[288]
وَأُطْلِقَ الْجَوابُ نَزِّلْ نَصَّهْ
وَإِنْ تَأَخَّرَ الْخُصُوصُ عَنْ عَمَلْ
[289]
فَنَسْخُ حُكْمٍ بِعُمُومِهِ شَمَلْ
ثُمَّ العُمُومُ خُصَّ بِالأَقْوَالِ
[290]
فَافهَمْ ، وَلا عُمُومَ لِلأَفْعَالِ
الْفَصْلُ السَّادِسُ : فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ
الْمُطلَقُ : الَّلفْظُ الَّذِي دَلَّ عَلَى
[291]
حَقِيقَةِ الْجِنْسِ بِلاَ قَيدٍ تَلا
وَالْحُكمُ فِي الْمُطلَقِ مَعْ مَا قُيِّدَا
[292]
حُكمُ العُمُومِ مَعْ خُصُوصٍ وَرَدَا
وَحَيثُ كَانَا مُثْبَتَيْنِ اِتَّحَدَا
[293]
جِنْساً وَعِلَّةً وَمَا قَدْ قُيِّدَا
عَنْ عَمَلٍ بِمُطلَقٍ تَأَخَّرَا
[294]
فَنَاسِخٌ أَوَّلا حَملُهُ ([13]) يُرَى
عَلَى مُقَيَّدٍ كَذَا إِنْ نُفِيَا
[295]
قَيِّدْ بِمَفهُومٍ يُرَى مُقْتَضِيَا
أَو كَانَ إِثْبَاتاً وَنَفْياً حُقِّقَا
[296](1/16)
قَيِّدْ بِضِدِّ الوَصفِ مَا قَد أُطْلِقَا
وَفِي اِخْتِلافِ سَبَبٍ أَو حُكمِ
[297]
قَوْلانِ فِي الْحَملِ لأَهلِ الفَهْمِ
أَمَّا الَّذِي هَذَينِ فِيهِ اِخْتَلَفَا
[298]
فَالْحَملُ فِيهِ بِاتِّفاقٍ اِنْتَفَا
الفَصْلُ السَّابِعُ : فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ
الْمُجمَلُ : الَّلفظُ الَّذِي قَدْ اُحتُمِلْ
[299]
لَمْ يَتَّضِحْ تَحْدِيدُ مَا عَلَيهِ دَلْ
يَكُونُ فِي مُرَكِّبٍ وَمُفْرَدِ
[300]
تَصَرُّفاً أَو أَصْلَ وَضْعِهِ اُبْتُدِي
كَـ(قَالَ) مِنْ (قَولٍ) وَمِن (قَيلُولَهْ)
[301]
(يُضَارُّ) ([14]) لِلْمَعْلُومِ أَوْ مَجْهُولِهِ
(عَسعَسَ) للإِقْبَالِ وَالإِدْبَارِ
[302]
وَ(الْقُرْءُ) لِلْحَيضِ وَلِلأَطْهَارِ
وَكَحْتِمالِ الْحَذْفِ ([15]) مَعْنَيَيْنِ
[303]
وَنَحوِ (إِلاَّ) بَعدَ جُملَتَينِ
وَكَاخْتِلافِ مَرجِعِ الضَّمِيرِ
[304]
وَالْحَذفِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ
وَخَبَرٌ يَعْنِي بِهِ الأَمرَ اِعلَمِ ([16])
[305]
وَقِلَّةُ اِسْتِعمَالِ بَعضِ الكَلِمِ
بَيَانُهُ : إِخرَاجُهُ بِالْحَلِّ
[306]
مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ لِلتَّجَلِّي
وَهْوَ عَلَى مَراتِبٍ فَلْتَنجَلِي
[307]
أَوَّلُهَا : التَّأكِيدُ بِالنَّصِّ الجَلِي
فَمَا بِفَهمِهِ اِسْتَقَلَّ العِلْمَا
[308]
فَسُنَّةٌ تُوْضِحُ مِنهُ الْمُبْهَمَا
فَمُبْتَدَا السُّنَّةُ بِاسْتِقْلالِ
[309]
إِيْمَاؤُهُ يُدْرَكُ بِاسْتِدْلالِ
أَوْضَحُهَا : دَلالَةُ الْخِطابِ
[310]
فِعلُ إِشَارَةٍ فَبِالْكِتابِ
ثُمَّ بِتَنبِيهٍ لِوَجهِ العِلَّهْ
[311]
وَلَيسَ يَبقَى مُجمَلٌ فِي الْمِلَّهْ
فِيْمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْعَمَلِ
[312]
قِيلَ : وَقَدْ يَبقَى بِغَيرِ العَمَلِ
ثُمَّ البَيَانُ قَد أَتَى مُتَّصِلاَ
[313]
بِمُجْمَلٍ وَقَدْ أَتَى مُنْفَصِلاَ
وَلَم يَجُزْ تَأخِيرُهُ عَنْ فِعلِهِ
[314](1/17)
وَلَمْ يَقَعْ ([17]) إِلاَّ بِنَسخٍ أَوْلِهِ
الْفَصْلُ الثَّامِنُ : فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ
وَالْمُحكَمُ الْمُتَّضِحُ الْمَعنَى بِهِ
[315]
وَاسْتَأثَرَ اللهُ بِذِي التشابُهِ ([18])
أَعنِي بِذِي التَّشابُهِ : الْحَقِيقِي
[316]
لَيسَ الإِضافِيِّ على التَّحقيقِ
نَحوُ الْحُروفِ فِي أَوائِلِ السُّوَرْ
[317]
على تِلاوَةٍ لَها فَلْيُقتَصَرْ
نَقُولُ آمَنَّا بِهِ وَالكُلُّ
[318]
مِن عِندِ رَبِّنَا فَلا نَضُلُّ
مَعَ اِعتِقَادٍ إِنْ أَرادَ اللهُ
[319]
مَعنًى بِهِ لَم يَدرِهِ سِواهُ
وَعُدَّ مِنهُ الافتِتاحُ بِالقَسَمْ
[320]
كَـ(الذَّارِياتِ)(الْمُرسَلاتِ) تِلوِ (عَمّْ)
شَاهِدُهُ مَا لِصُبَيغٍ قَدْ جَرَى
[321]
مَعْ عُمَرٍ إِذْ عَاقَبَهْ وَهَجَرَا
وَلَم يَقَعْ فِي دِينِنَا الْحَنِيفِ
[322]
فِي حَقِّ مَا أُنِيطَ بِالتَّكلِيفِ
فَإِنَّهُ أَناطَهُ بِالوِسعِ
[323]
كَمَا اسْتَبَانَ بِالدَّلِيلِ القَطعِي
أَمَّا الإِضَافِيُّ : فَعِندَ العُلَمَا
[324]
بِالرَّدِّ لِلمُحكَمِ عَادَ مُحكَمَا
نَحوُ الَّذِي أَوضَحَهُ إِذْ سُئِلاَ
[325]
عَنهُ ابنُ عَبَّاسٍ فَبَانَ وَاجَلَى
كَذِكرِ خَلقِ أَرضِهِ مُقَدَّمَا
[326]
وَبَعدُهُ ثُمَّ اِستَوى إِلَى السَّمَا
مَعْ ذِكرِهِ فِي آيَةٍ سِواهَا
[327]
أَنْ بَعدَ رَفعِهِ السَّمَا دَحَاهَا
فَما يَراهُ النَّاظِرُ اِختِلافَا
[328]
فَلْيَعْزُهُ لِفَهمِهِ مُضافَا
وَكُلُّ مَنْ يَعتَقِدِ التَّنَاقُضَا
[329]
فِي مُحكَمِ النَّصَّينِ إِنْ تَعَارَضَا
فَلَيسَ تَخلُو هَذِهِ القَضِيَّهْ
[330]
مِنْ فَرطِ جَهلٍ أَو لِخُبثِ نِيَّهْ
وَلا يَجُوزُ قَطُّ فِي القُرآنِ
[331]
وُرُودُ أَلفاظٍ بِلا مَعانِ
وَصَرفُ ظَاهِرٍ بِلا دَليلِ
[332]
مِن طُرُقٍ تُفضِي إِلَى التَّضليلِ
وَلَيسَ فِي القُرآنِ بَاطِنٌ أَتَى
[333]
عَلَى خِلافِ ظَاهِرٍ قَدْ ثَبُتَا(1/18)
فَذَاكَ قَولٌ ظَاهِرُ الإِلحادِ
[334]
بِكُفرِ مِن قَالَ بِهِ يُنادِي
فَصْلٌ : فِي السُّنَّةِ فِي الأَفعالِ
الرُّسْلُ مَعصُومُونَ مِن كَبِيرَةِ
[335]
قَطعاً وَإِصرارٍ عَلى صَغيرَةِ
كَذَاكَ مَعصُومُونَ مِن إِقرارِ
[336]
عَلَى اِجتِهادٍ غَيرِ حُكمِ البَارِي
وَكُلُّ فِعلٍ ليسَ بالتَّعَبُّدِيْ
[337]
بَل كَانَ مِن جِبِلَّةٍ لِلْجَسَدِ
كَالنَّومِ وَالقُعودِ وَالقِيَامِ
[338]
لِحاجَةٍ لا قَصدَ الائْتِمامِ
فَهوَ مُباحُ الفِعلِ مِن دُونِ اِقْتِدَا
[339]
وَهْوَ الَّذِي الفَارُوقُ مِنهُ شَدَّدَا
وَمَا عَلَى كَيفِيَّةٍ قَد فَعَلاَ
[340]
مُواضِباً فَالاقتِداءُ احتُمِلاَ
وَالظَّنُّ أَنَّهُ إِلَيهِ قَد نَدَبْ
[341]
إِذْ هُوَ لا يُعدَمُ فَضلاً فِي أَدَبْ
وَما بِهِ اِختِصاصُهُ قَد عُلِمَا
[342]
فَلا اشتِراكَ فِيهِ إِلاَّ مَا سَمَا
بِأَنَّهُ فَرضٌ عَلَيهِ ، وَلَنَا
[343]
نَدبٌ ؛ وَهَذا قَد أُبِيْنَ عَلَنَا
وَكُلَّمَا أَبهَمَهُ مُنتَظِراَ
[344]
لِلوَحْيِ لا اقْتِداء حَتَّى يَظهَرَا
وَفِعلُهُ مَعْ غَيْرِهِ عِقَابَا
[345]
فَالوَقفُ حَتَّى نَعلَمَ الأَسْبَاباَ
فَنَقتَدِي أَوْ لاَ ([19]) فَوَقفٌ يُرتَضَى
[346]
إِلاَّ إِذَا مَا كَانَ مِن بَابِ القَضَا
وَمَا سِوَى ذَا إِنْ أَتَى بَيَانَا
[347]
فَليُعطَ حُكمَ مَا بِهِ اِستَبَانَا
فَمَا أَبَانَ الفَرضَ كَانَ فَرضَا
[348]
وَهَكَذَا مُبِيْنَ نَدبٍ يُقضَى
أَو لَم كَذَاكَ بَل كانَ ابْتِدَا
[349]
فَلْيَدْرِ كَيفَ للرَّسُولِ وَرَدَاْ
فَلِلْوُجُوبِ مَا عَلَيهِ وَجَبَا
[350]
وَمَا لَهُ نَدبٌ لَنَا قَدْ نُدِبَا
وَهَكَذا الْمُباحُ لا مَا خُصَّا
[351]
وَلا خُصُوص غَير ما قَد نُصَّا
وَغَيْرُ مَا فِي حَقِّهِ قَدْ وُصِفَا
[352]
إِنْ ([20]) لَم يَكُن لِقُربَةٍ قَدْ عُرِفَا
فَهْوَ عَلَى النَّدبِ أَقَلُّ حالِهِ
[353](1/19)
وَقِيلَ : لاَ تَفْصِيلُ فِي اِحتِمَالِهِ
وَمَا بِهِ هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ : فَلا
[354]
يَسُوغُ فِي اِتِّبَاعِهِ [ أَنْ ] يُفْعَلاَ
إِلاَّ إِذَا أَبَانَ أَمْراً مَنَعَهْ
[355]
فَزَالَ لا بَأْسَ عَلَى مَن صَنَعَهْ
فَصلٌ فِي التَّقْرِيرِ وَالتَّرْكِ
وَمَا بِعِلمٍ مِنهُ قِيلٌ أَو فِعِلْ
[356]
وَلَم يُغَيِّرْهُ فَكَالْفِعلِ جُعِلْ
وَقَولُ بَعضِ الصّحبِ : (كُنَّا نَفعَلُ
[357]
فَمَا نُهِيْنَا وَالقُرآنُ يَنِْزِلُ)
ظَاهِرٌ التَّقرِيرُ لَو لَم يَذكُرُوا
[358]
لِلْعِلمِ إِذْ بِالوَحْيِ قَدْ يَذَّكَّرُ
وَإِنْ يَكُنْ مِنهُ السُّرُورُ اِقْتَرَنَا
[359]
فَهْوَ عِبادَةٌ كَـ(لَوْ أَخْبَرَنَا)
وَتَركُهُ لِمُقْتَضٍ كَالفِعلِ
[360]
وَيَقْتَضِي إِبَاحَةً فِي الْجِبْلِي
وَقَدْ ([21]) يَكُونُ التَّركُ لِلْتَّنَزُّهِ
[361]
كَتَركِهِ البَقلَ لِخُبثِ رِيحِهِ
وَمَعَ تَركٍ قَدْ يَوَدُّ العَمَلاَ
[362]
خَوفاً على أُمَّتِهِ أَن تُبْتَلَى
فَهْوَ بِأَرجَحِيَّةٍ تَحَقَّقَا
[363]
إِمَّا لِعِلَّةٍ وَإِمَّا مُطلَقَا
القَولُ فِي عَوَارِضِ الأَدَلِّةِ
1- فَصلٌ فِي مُختَلفِ الْحَديثِ
وَلا تُنَافِي سُنَّةٌ قُرآنَا
[364]
وَإِنَّمَا جَاءَتْ لَهُ تِبْيَانَا
وَمَا يُرَى مِنْ سُنَّةٍ تَختَلِفُ ([22])
[365]
فَإِنَّهُ فِي ذَاتِهِ مُؤتَلِفُ
إِذْ هُوَ صَادِرٌ عَنِ الْمَعصُومِ
[366]
لا يَحمِلُ النَّقِيضَ فِي الْمَحكُومِ
إِلاَّ لِنَسْخٍ أَو لِضَعفٍ بَيِّنَا
[367]
وَغَيرُهُ الْجَمعُ بِهِ تَعَيَّنَا
فَمِنهُ تَخصيصُ عُمُومٍ وَرَدَا
[368]
وَحَملُ مُطلَقٍ على مَا قُيِّدَا
كَالعُشرِ وَالنِّصفِ يَعُمُّ مَا سُقِيْ
[369]
وَخَصَّهُ بِخَمسَةٍ مِن أَوْسُقِ
وَهَكَذَا إِطلاقُ حَظرِ الْحُمْرِ
[370]
قُيِّدَ بِالأَهْلِيِّ فِي الْمُشتَهِرِ
وَمِنهُ مَا بِحَسَبِ الحَالاتِ
[371](1/20)
مِثلُ صَلاةِ الْخَوفِ فِي الْهَيئَاتِ
وَمِنهُ مَا مَعْنَاهُ كَالْمُتَّحِدِ
[372]
نَحْوَ اِختِلافِ الَّلفظِ فِي التَّشَهُّدِ
وَمِنهُ مَا يَحتَمِلُ اِختِلافَا
[373]
فَرُدَّ لِلمُوافِقِ ائْتِلافَا
كَـ(لا رِبَا إِلاَّ نَسِيئَةٍ) حُمِلْ
[374]
على اختِلافِ الْجِنسِ لا مِثْل يقلْ
وَمِنهُ مَا لِمَعْنَيَيْنِ أُطْلِقَا
[375]
فَكَا أَوْلاَهَا بِنَصٍّ أَوفَقَا
كَـ(أَسفِرُوا بِالفَجرِ) حَيثُ حُمِلاَ
[376]
عَلَى اِنشِقَاقِهِ لِـ(حافِظُوا علَى)
وَمِنهُ مَا فِي مَحمَلَيهِ يَختَلِفْ
[377]
إِلَيهِمَا رُدَّ بِمَعنًى يَأتَلِفْ
كَـ(شَرِّقُوا وَغَرِّبُوا) تَبَيَّنَا
[378]
فِي حاجَةِ الصَّحْرَا لِرُخصَةِ البِنَا
وَمِنهُ مَنهِيٌّ أَحَلَّ الشَّارِعُ
[379]
سَبَبَهُ الْمُفْضِي لِوَجهٍ نافِعُ
كَالقَتلِ لِلنِّساءِ وَالذَّرَارِيْ
[380]
يُنْهَى سِوَى بَيَاتِ أَهلِ الدَّارِ
وَمِنهُ ظَاهِرُ الوُجوبِ بَيِّنَا
[381]
فِي مَوضِعٍ تَخفِيفُهُ وَعُيِّنَا
كَفَرضِ غُسلِ جُمعَةٍ قَد صُرِفَا
[382]
بِأَنْ كَفَى مَن بِوَضُوئِهِ اِكْتَفَى
كَذَلِكَ الْمَنهِيُّ بِالقَولِ إِذَا
[383]
بِفِعْلِهِ ([23]) دَلَّ على الرُّخْصَةِ ذَا
كَنَهْيِ شُربٍ قَائِماً قَدْ جُزِمَا
[384]
أَجَازَهُ بِشُرْبِهِ مِن زَمْزَمَا
وَمِنهُ مَا لِعِلَّةٍ قَد حُكِمَا
[385]
ثُمَّ بِضِدِّهِ لِمَن قَدْ عُدِمَا
كَقُبلَةِ الصَّائِمِ عَنهَا قَد نُهِيْ
[386]
ذُو شَهْوَةٍ ، وَرُخِّصَت لِغَيْرِهِ
وَمِنهُ مَا فِي أَصلِهِ قَد فَضُلاَ
[387]
كَالفَضلِ فِي تَضعِيفِ أَجرِ الفُضَلاَ
وَمِنهُ مَا النَّهيُ لأَمرٍ قُيِّدَا
[388]
فَظَنُّ ضِدِّ القَيدِ خُلفٌ وَرَدَا
كَنَهْيِ خِطْبَةٍ عَلَى الْخِطبَةِ فِي
[389]
قَيْدِ الرِّضَا جَائِزَةٌ إِذْ يَنْتَفِي
وَمِثلُهُ : السَّومُ عَلَى السَّومِ مَعَا
[390]
حَدِيثِ بَيعِ مَن يَزيدَ اتَّبَعَا(1/21)
وَمِنهُ مَا يُشبِهُ مَعْنًى فَارَقَهْ
[391]
مِن أَوجُهٍ فَظُنَّ خُلْفاً مُطلَقَهْ
كَنَهْيٍ عَنْ صَلاةٍ بَعدَ الفَجرِ
[392]
وَحالِ الاسْتِوا وَبَعدَ العَصرِ
مِثلُ العُمُومِ [ وَمَعَ ] ([24]) الْمَكتُوبَهْ
[393]
قَد فَارَقَتْهُ فَاعْلَمَنْ وُجُوبَهْ
لِلْذِّكْرِ فَلْتَقُم لأَيِّ وَقْتِ
[394]
إِذْ مُوجِبٌ تَأْخِيرُها لِلمَقتِ
فَمِنهُ ([25]) مَنهِيٌّ عُمُوماً خُصَّا
[395]
بِرُخصَةٍ فِي بَعضِ شَيءٍ نُصَّا
كَنَهْيِهِ عَنْ بَيعِ تَمرٍ بِرُطَبْ
[396]
كَيْلاً ، وَعَن بَيعِ الزَّبِيبِ بِالعِنَبْ
نَصُّ العَرَيَا دُونَ خَمسِ أَوسُقِ
[397]
بِخَرصِهَا كَيْلاً ، وَغَيرُهُ اُتُّقِي
وَمِنهُ ([26]) مَا فِي عِلَّةٍ قَدِ اُختُلِفْ
[398]
كَحَظْرِ بَيعِ الغَيبِ مَعْ حِلِّ السَّلَفْ
فَأَوَّلٌ جَهلٌ وَعَجزٌ وَغَرَرْ
[399]
وَالثَّانِ مَوصُوفٌ وَمَضمُونٌ فَبَرْ
وَمِنه فِعلُ مَن خَصَّصُو الْمُصطَفَى
[400]
فَظُنَّ تَشْرِيعاً بِهِ مَنِ اِقْتَفَى
كَفِعلِهِ السُّبحَةِ بَعدَ العَصْرِ
[401]
قَضَاءَ مَافَاتَ عُقَيبَ الظُّهْرِ
لَكِنَّهُ أَبَانَ حِينَ سُئِلا
[402]
عَن فِعلِهَا لِغَيْرِهِ ؛ فَقَالَ : لا
وَمِنهُ ما خُصَّ بِهِ سِواهُ
[403]
فَظُنَّ لِلعُمُومِ مَن رآهُ
مُخْتَصَراً إِطلاقُهُ فِي مَوضِعِ
[404]
نَحوُ بِهِ ضَحَّ لِمَعْزٍ جَذْعِ
لَكِنَّهُ عَلَى البَيانِ قَد وَرَدْ
[405]
ضَحِّ وَلا بَعدَكَ يُجْزِي عَن أَحَدْ
وَمِثلُهُ الْمُستَثنَياتُ تُحْذَفْ
[406]
فعمها لكن بذكرٍ تُعرَفُ
وَمِنهُ أَمرٌ فِعلُهُ تَكَرَّرَا
[407]
كُلٌّ رَوَى بِنَحوِ مَاقَدْ حَضَرَا
كَمَوضِعِ الإِهلالِ كُلٌّ عَيَّنَهْ
[408]
بِمَ رَأَى وَالْحَبرُ فَصلاً بَيَّنَهْ
وَمِنهُ ما لِلفِعلِ وَالتَّركِ جَمَعْ
[409]
كُلٌّ رَوَى مَا مِن حُضُورُهُ وَقَعْ
مِثلُ القُنُوتِ وَالضُّحَى وَالبَسمَلَهْ
[410](1/22)
فِسِرِّهَا وَالْجَهرِ ، قِسْ مَا مَاثَلَهْ
وَإِنَّمَ يَبِينُ ذَا مَنْ لازَمَهْ
[411]
وَشَهِدَ الْجَميعُ بِالْمُلازَمَهْ
وَمِنهُ حُكمٌ وَارِدٌ عَلَى سَبَبْ
[412]
فَزَالَ عَنهُ فَقدُ ذَلِكَ السَّبَبْ
كَالنَّهْيِ عَنْ كَتْبِ سِوَى القُرآنِ
[413]
خَوف اِلْتِباسِهِ بِهِ فِي الآنِ
وَعِندَ أَمنِ ذَاكَ جَاءَ الإِذْنُ بِهْ
[414]
وَانعَقَدَ الإِجماعُ إِذْ لا يَشْتَبِهْ
فَهِذِهِ عِشْرُونَ وَجْهاً فَاحْوِهَا
[415]
وَاضْمُمْ إِلَيهَا مَأَتَى مِن نَحوِهَا
وَاسْتَعْمِلَنْ كُلاًّ مِنَ النَّصَّينِ فِي
[416]
مَدلُولِهِ لَكِن بِلا تَعَسُّفِ
فَصلٌ فِي النَّسْخِ
وَالنَّسخُ رَفعُ الحُكمِ تَشريعاً جَرَى
[417]
بِنَصِّ شَرعٍ عَنهُ قَد تَأَخَّرَا
فِي العَمَلِيَّاتِ بِلا إِنكارِ
[418]
وَلا يَجُوزُ النَّسخُ فِي الأَخبارِ
يَكونُ بِالْمِثلِ وَخَيرٍ مِنْهُ
[419]
أَشَدُّ أَو أَخَفُّ فَاحْفَظَنْهُ
كَقِبلَةٍ بِقِبْلَةٍ مُتَّبَعَا
[420]
وَمِنهُ إِتمامُ الصَّلاةِ أَربَعَا
وَالْحَطُّ مِن عَشرَةِ أضعافٍ إِلَى
[421]
مِثْلَيْنِ فِي قِتَالِ كُفَّارِ الْمَلا
وَيُنْسَخُ الْكِتابُ بِالْكِتابِ
[422]
وَسُنَّةٌ بِمِثْلِهَا فِي البَابِ
فَقَولُهُ لِلْقَولِ وَالفِعلِ رَفَعْ
[423]
وَخُلْفُهُم فِي القَولِ بِالفِعْلِ اِتَّسَعْ
وَنَسْخُهُ الفِعلَ بِتَرْكِهِ ثَبَتْ
[424]
لا القَولُ إِنْ فِي مَوضِعٍ عَنهُ سَكَتْ
وَاَحْتُمِلَ النَّسخُ سُكُوتٌ اِقْتَضَى
[425]
تَقريرُ فِعلٍ حَظْرُهُ فِيهِ مَضَى
وَسُنَّةٌ نَسخُ الْكِتابِ قَد تَبِيْنْ
[426]
وَمَعَهَا نَصُّ كِتَابٍ مُسْتَبِيْنْ
[ وَ ] هَكَذَا الكِتابُ لا بُدَّ مَعَهْ
[427]
مِنْ سُنَّةٍ فِي نَسْخِهَا مُجْتَمِعَهْ
النَّسخُ فِي الكِتابِ أَنواعٌ وَقَعْ
[428]
فَمِنهُ مَتْلُوٌّ وَحُكمُهُ اُرْتَفَعْ
[ وَ ] مِنهُ مَحكومٌ بِهِ لا يُتْلَى
[429](1/23)
وَمِنهُ مَرْفوعُ الْجَميعِ أَصلاَ
[ وَ ]مِنهُ فِي السِّياقِ نَسخُهُ[ يَلِي ]([27])
[430]
كَـ(آيَةِ القِيَامِ) فِي الْمُزَّمِّلِ
فَمَا بِتَأخيرِ نُزولٍ عُلِمَا
[431]
وَإن يَكُنْ سِياقُهُ الْمُقَدَّمَا
كَـ(عِدَّةِ الوَفاةِ) فَالْمُؤَخَّرَهْ
[432]
مَنسُوخَةٌ كِلاهُمَا فِي البَقَرَهْ
وَمِنهُ تَصريحٌ مِنَ الرَّسُولِ
[433]
بِنَسخِهِ فِي سَبَبِ النُّزولِ
كَـ(الْجَلدِ للبِكرِ) سَبِيلُ الزَّانِي
[434]
مَعْ غُربَةٍ وَرَجمِ ذِي الإِحْصَانِ
كَذاكَ بِالتَّصريحِ مِن صَحابِي
[435]
مُشَاهِدٌ مَواقِعَ الكِتابِ
وَاَعْرِفهُ فِي السُّنَّةِ بِاسْتِتْمَامِ
[436]
سِيَاقِ قِصَّةٍ عَلَى التَّمَامِ
كَالنَّهْيِ عَن أَكلٍ مِنَ الأَضَاحِي
[437]
فَوقَ ثَلاثٍ جاءَ بِالإِفْصَاحِ
نَسخٌ لَهُ عَن أَنَسٍ تَحْقِيقَهْ
[438]
فِي نَقلِ عُمرَةٍ عَنِ الصِّدِّيقَهْ
وَمِنهُ مَا بِهِ الرَّسُولُ صَرَّحَا
[439]
(كُنتُ نَهَيتُ فَافعَلُوهُ) مُفْصَحَا
كَذاَ بِتَصريحٍ مِنَ الصَّحابِي
[440]
كَـ(جَمعِهِ الصَّلاةَ فِي الأَحزابِ)
قَالَ أَبُو سَعيدٍ - أَعنِي ناقِلَهْ -
[441]
قَبلَ صَلاةِ الْخَوفِ تِلكَ النَّازِلَهْ
وَمِنهُ ما حُجَّتُنَا عَلَيهِ
[442]
بِأَنَّهُ الآخِرُ مِنْ أَمْرَيهِ
كَالأَمرِ أَنْ يَجلُسَ ذُو اُئْتِمامِ
[443]
إِنْ عَجَزَ الإِمامُ عَن قِيامِ
وَجالِساً صَلَّى هُوَ الإِمامُ
[444]
فِي مَرَضِ الْمَوتِ وَهُم قِيَامُ
وَمِنهُ مَنسُوخٌ بِوَجهٍ مُحكَم
[445]
مِن آخَرٍ وَبِالْمِثالِ يُعلَم
نَسخُ حَدِيثِ الْمَا مِنَ الْمَاءِ بِمَا
[446]
فِي الْوَطْئِ لَكِنْ فِي اِحتِلامٍ أُحْكِمَا
وَلَيسَ الاِجْماعُ عَلَى تَركِ العَمَلْ
[447]
بِنَاسِخٍ لَكِن علَى النَّاسِخِ دَلْ
وَدُونَ عِلمِ مَن بِمَنسُوخٍ عَمَلْ
[448]
يُثابُ لا مع عليه فلا يُحَلْ
فَصْلٌ : فِي التَّرْجِيحِ(1/24)
وَحَيثُ لا بَينَهُما ([28]) قَد أَمكَنا
[449]
جَمعٌ وَلا النَّاسِخُ قَد تَبَيَّنَا
فَهِذِهِ مُرَجِّحاتٌ تُعلَمُ
[450]
وَمَنْ ([29]) حَوَاهَا فَهُوَ الْمُقَدَّمُ
فَبَعضُهَا يَرجِعُ لِلإِسنَادِ
[451]
وَالبَعضُ لِلمَتنِ لَدَى التَّضادِّ
وَالبَعضُ للمَدلولِ مِنْهَا يُرجَعُ
[452]
أَو خارِجٌ وَكُلُّهَا تُنَوَّعُ
فَكَثرَةُ الرُّواةِ فِيهِ قَدَّمُوا
[453]
وَالأَتقَنُ الأَحفَظُ فِيهِ الأَحْكَمُ
وَمَن على تَعدِيلِهِ قَدِ اُتُّفِقْ
[454]
أَو بَالِغاً حَالَ تَحَمُّلٍ وُفِقْ
أَو غَيْرَ سَمعٍ حَملُهُ لا يَحتَمِلْ
[455]
أَو كَونَهُ مُبَاشِراً لِمَا نُقِلْ
أَو صَاحِبُ القِصَّةِ أَو سِياقُهْ
[456]
أَحسَنُ إِذْ تَقَصِّياً قَد ساقَهْ
أَوْ أَقرَبُ الْمَكَانِ أَو هُوَ الْزَمْ
[457]
أَو مِنَ الشُّيُوخِ ([30]) بِحُلاهُم أَعلَمْ
أَو كَثُرَت مَخَارِجٌ أَو يُسنَدُ
[458]
عَنِ الْحِجَازِيِّينَ أَو هُو أَسنَدُ
أَو شَاهِدٌ شَافَهَ مَن عَنهُ نَقَلْ
[459]
أَو عُدِمَ اِختِلافُ مَن عَنهُ حَمَلْ
أَو كَونُهُ لَم تَضطَرِبْ أَلفاظُهُ
[460]
تَوَافَقُوا فِي رَفعِهِ حُفَّاظُهُ
أَو ([31]) مَا عَلَى اِتِّصَالِهِ مُتَّفِقَا
[461]
أَو كانَ مَن يَرْوِيهِ بِاللَّفظِ اِنتَقَى
أَو كانَ رَاوِيهِ فَقِيهاً يَجمَعُ
[462]
أَو ذُو كِتَابٍ إِذْ إِلَيهِ يُرجَعُ
أَو كَانَ نَصّاً أَو مَعَ اِقْتِرانِ
[463]
بِالفِعلِ أَو أَوفَقِ لِلقُرآنِ
أَو سُنَّةٍ أَوِ القِيَاسِ[ قَدْ ] ([32]) عَضَدْ
[464]
أَو عَمَلٍ لِلْخُلَفَا بِهِ اِعتَضَدْ
أَو أَكثَرِ الأُمَّةِ أَو مَنطُوقَا
[465]
وَالضِّدُّ مَفهُومٌ يُرَى مَفُوقَا
أَو كَونِهِ مَقرُونَ حُكمٍ بِصِفَهْ
[466]
أَو كَانَ بِالتَّفسِيرِ رَاوٍ عَرَفَهْ
أَو كَانَ قَولاً أَوْ بِلاَ تَخصيصَ عَمْ
[467]
أَو غَيرَ مُشعِرٍ بِقَدحٍ يُتَّهَمْ(1/25)
أَو كَانَ نَصُّهُ على الإِطلاقِ
[468]
أَو دَلَّ لِلحُكمِ بِالاِشْتِقاقِ
أَو قَد حَوَى زِيادَةً مُهِمَّهْ
[469]
أَو اِحتِياطاً أَوْ بَراءِ الذِّمَّهْ
أَو كَانَ سَاوَى وِفقَ حُكْمٍ الْمِثْلِ
[470]
أَو قَد أَتَى مُقَرِّراً لِلأَصلِ
أَو دَلَّ دَلَّ لِلحَظْرِ ؛ وَهَلْ يُرَجَّحْ
[471]
إِنْ أَسقَطَ الْحَدَّ عَلَى مَا يُفصَحْ
أَو كَان إِثْبَاتاً ، أَوِ النَّاقِلِ لَهُ
[472]
مُفَضَّلاً فِي فَنِّ تِلكَ الْمَسألَهْ
وَبَعضُهُ فِيهِ الْخِلافُ عَن فِئَهْ
ش
[473]
وَعَدَّهَا الْبَعْضُ إِلَى فَوقَ مِئَهْ
وَحَيثُ لا جَمعَ وَلا نَسخَ يَصِحْ
ش
[474]
وَلا مُرَجِّح فَقِفْ حَتَّى يَتَّضِحْ ([33])
الدَّليلُ الثَّالِثُ : الإِجْماعُ
إِجمَاعُهُم : هُوَ اِتَّفاقُ الكُلِّ
ش
[475]
مِن عُلَماءِ العَقدِ ثُمَّ الْحَلِّ
فِي حُكمِ أَمْرٍ مِن أُمُورِ الدِّينِ
ش
[476]
مِن فِعلٍ أَو مُعتَقَدٍ يَقِينِي
مَضبُوطُهُ :إِجْماعُ صَحبِ الْمُصطَفَى
ش
[477]
فَبَعدُهُ الإِجماعُ مِمَّن اِقْتَفَى
وَهْوَ لَدَيْنَا حُجَّةٌ قَطعِيَّهْ
ش
[478]
وَثَالِثُ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّه
وَبَعدُ أَفضَلِ القُرُونِ مُمكِنُ
ش
[479]
بَل حَصرُهُم يَعسُرُ أَو لا يُمكِنُ
وَمِنهُ ([34]) : قَولُ الفُضَلا لا نَعلَمُ
[480]
فِيهِ خِلافاً . هَكَذَا لَم يَجزِمُوا
كَالشَّافِعِي وَأَحمَدَ وَلَم يَرَوا
ش
[481]
إِطلاقَهُ مُصَوَّبَاً مِمَّن جَرَوا
وَمَالِكٌ بِأَهلِ دَارِ الهِجْرَهْ
ش
[482]
يَحتَجُّ إِجماعاً كَكُلِّ الأُمَّهْ
وَالحَرَمَينِ عِندَ سَحنونَ وَقَدْ
ش
[483]
أَشارَ نَحوَهُ البُخارِيْ أَو قَصَدْ
وَ الأَكثَرُونَ نَحوَهُ لَم يَجنَحُوا
ش
[484]
لَكِن بِهِ عِندَ الخِلافِ رَجَّحُوا
هَذا لَدَى أَفاضِلِ القُرُونِ
ش
[485]
لا مُطلَقُ التَّرجيحِ بِالسُّكُونِ
وَبِالسُّكُوتِيِّ مِنَ الإِجماعِ
ش
[486]
قَومٌ قَدِ احتَجُّوا على نِزاعِ(1/26)
بِأَن يَقُولَ بَعضُ أَهلِ العَصرِ
ش
[487]
وَيَسكُتُ البَاقُونَ دُونَ نُكرِ
فَإن يَكُن فِي الحُكمِ نَصٌّ يُعدَمُ
ش
[488]
فَإِنَّهُ مِن مَحضِ رَأْيٍ أَقْدَمُ
وَلَيسَ كَالصَّريحِ فِيما قَد سَبَقْ
ش
[489]
إِنْ كَانَ نَصٌّ بِخِلافِهِ نَطَقْ
وَيَخرُمُ الإِجماعَ حَبرٌ اِنفَرَدْ
ش
[490]
فِي عَصرِهِم عَنهُم مُصَرَّحاً بِرَدْ ([35])
وَسَبَقْ خُلْفٌ بَعدَهُ قَد يَتَّفِقْ
ش
[491]
وَلا يَجُوزُ خُلفُ إِجْمَاعٍ سَبَقْ
وَالْخُلفُ فِي اِنقِراضِ أَهلِ العَصْرِ
ش
[492]
وَالحَقُّ لا يُشرَطُ ؛ فَافهَم تَدرِ
وَالْحَبْرُ فِي الصَّحبِ مِنَ الأَتْبَاعِ
ش
[493]
وِفَاقَهُ يُشرَطُ فِي الإِجْماعِ
وَصَاحِبُ البِدعَةِ لا يُعتَدُّ بِهْ
ش
[494]
وَالْخُلفُ فِي الْبِدْعِ الَّذِي يُرَدُّ بِهْ
كَالْخُلفِ فِي قَواعِدِ الرِّوايَهْ
ش
[495]
رُجِّحَ نَبذُ صَاحِبِ الدِّعَايَهْ
أَوْ مَن يُخالِفْ مَا عَلَيهِ أُجْمِعَا
ش
[496]
لَو لَم يَكُنْ إِلَى اِبتِداعِهِ دَعَا
فَفِي ذَهَابِهِ إِلَى ما اِبْتَدَعَا
ش
[497]
غَيرُ سَبيلِ الْمُؤمِنِيْنَ اِتَّبَعَا
وَجَاحِدُ الْمُجْمَعِ قَطْعاً يَكفُرُ
ش
[498]
مَع عِلمِهِ لا جَاهِلاً فَيُعذَرُ
الدَّليلُ الرَّابِعُ : القِياسُ
أَمَّا القِياسُ فَلَدَى الجَمَاهِرِ
[499]
أَصلُ ؛ وَشَذَّ بَعضُ أَهلِ الظَّاهِرِ
مَع كَونِ دَاودَ بِهِ قَد قَالاَ
[500]
وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الاِسْتِدلاَلاَ
وَهُوَ : رَدُّ الفَرعِ لِلأُصُولِ
[501]
مِن حُكمِ رَبِّنَا أَوِ الرَّسُولِ
لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ فِي الْحُكمِ
[502]
بَينَهُمَا عِندَ أُهَيلِ الفَهمِ
وَالشَّرطُ فِي الأَصلِ : الثُّبُوتُ وَالْبَقَا
[503]
وَكَونُهُ مُعَلَّلاً مُتَّفَقَا
وَشَرطُ فَرعٍ : أَنْ يُسَاوِي الأَصْلاَ
[504]
فِي مُوجَبٍ أَو كَانَ مِنهُ أَوْلاَ
مَعَ اِنْتِفَا أَصلٍ بِهِ قَدْ خُصَّا
[505](1/27)
فَلا تَقِسْ فِيمَا يَرُدُّ النَّصَّ
وَالشَّرطُ فِي العِلَّةِ : جَلبُ الْحُكمِ
[506]
وَيِانْتِفَائِهَا اِنْتَفَى بِالْجَزْمِ
وَالشَّرطُ فِي مَعلُولِها أَنْ تُوجِبَهْ
[507]
تَعلِيلاً أَوْ دَلالَةً أَوِ الشَّبَهْ
1- وَقَدْ يَجِيْ مَنطُوقاً أَو مَعقُولاَ
[508]
مَسْلِكُ عِلِّيَّتِها فَالأَولَى
كَالوَصفِ أَوْ(مِن أَجْلِ) أَو بِـ(الَّلامِ)
[509]
أَو (كَيْ) وَ(فَا) عُلِّقَ بِالكَلامِ
(لَعَلَّ) وَ(البَاءُ) وَ(إِذْ) وَ(حَتَّى)
[510]
وَنَحوِها رَاجِعَهْ إِن أَرَدْتَا
مِنَ الحُرُوفِ وَالقُيُودِ السَّابِقَهْ
[511]
فِي النَّصِّ مِنْ رِوايَةِ العَدلِ الثِّقَهْ
2- وَعُدَّ مِنْهَا : مَسلِكُ الإِجْمَاعِ
[512]
لَدَى الْجَمَاهيرِ عَلَى نِزاعِ
ثَالِثُهَا : الإِيْما مَعَ التَّنْبِيهِ
[513]
يَدخُلُ أَنواعٌ كَثِيرٌ فِيهِ
وَهْوَ اِقتِرانُهُ بِوَصفٍ مِشْعِرْ
[514]
بِأَنَّهُ العِلَّةُ لَو لَم يُذْكَرْ
رَابِعُهَا : بِالسَّبرِ وَالتَّقسِيمِ
[515]
وَعَلَّلُوهُ بِانتِفَا ([36]) القَسِيمِ
خَامِسُهَا : اِستِدلالُنَا بِفِعلِهِ
[516]
مِن بَعْدِ مَا الفِعلُ يُرَى مِن أَجلِهِ
سَادِسُهَا : الْمَصلَحَةُ الْمَرعِيَّهْ
[517]
رِعايَةَ الْمَقاصِدِ الشَّرعِيَّهْ
وَهْيَ بِتَخريجِ الْمَناطِ تُعرَفُ
[518]
إِذَا بَدَا تَنَاسُبٌ لا يُصْرَفُ
ثُمَّ الْمُناسَبَاتُ فِي الْمَقَاصِدِ
[519]
ضِمْنَ ثَلاثٍ وَهِيَ القَواعِدِ
ضَرُورَةٌ حَاجِيَّةٌ تَحْسِينِي
[520]
أَوَّلُهَا : خَمسٌ بِلا تَوْهِينِ
وَهْيَ الْمُرَاعَاةُ لِحِفظِ خَمْسِ
[521]
فَرَاعِ حِفظَ الدِّيْنِ ثُمَّ النَّفسِ
وَالعَقلِ وَالنَّسلِ وَلِلْمَالِ دَرَى
[522]
وَالعِرضِ إِذْ بِالْمَالِ وَالنَّفسِ دَرَى
فَكُلُّ هَذِهِ دِفَاعاً وَقَعَتْ
[523]
عَنْهَا العُقُوبَاتُ الَّتِي قَد شُرِعَتْ
كَقَتْلِ مُرْتَدِّ جِهَادِ مَنْ كَفَرْ
[524](1/28)
وَقَطعِ سَارِقِ وَحَدِّ مَن فَجَرْ
وَلَيسَ فِي عُقُوبَةٍ تَنحَصِرُ
[525]
بَلْ ذَا مِثَالٌ مِن أُمُورٍ تَكثُرُ
فَانظُرْ لِحِفْظِ النَّفسِ عَن قَتْلٍ نُهِي
[526]
وَشُرِعَ القَصَاصُ فِي العَمدِ بِهِ
مَعْ مَا أَتَى فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ
[527]
مُقْتَرِنَاً بِالشِّركِ وَالتَّندِيدِ
وَفُرِضَت إِعَانَةُ الْمُضْطَرِّ
[528]
وَبَذْلُ مَا يُجْدِي لِدَفْعِ الضُّرِّ
كَذَا لَهُ تَنَاوُلُ الْمَحظُورِ
[529]
إِنْ هُوَ فِي بَقَائِهَا ضَرُورِيْ
وَلِلدِّفَاعِ شُرِعَ الْجِهادُ
[530]
وَنُصِبَ الْوُلاةُ وَالأَجْنَادُ
لِيَرْعَوِي العَدُوُّ بِالإِرهابِ
[531]
وَتَأمَنُ الأَنْفُسُ فِي الأَسْرَابِ
مَعْ حِفظِهِ لِلِّدينِ وَالإِيْجَادِ
[532]
لَهُ بِهِ وَالقَطعُ لِلفَسَادِ
فَهِذِهِ وَغَيْرِهَا مَرْعِيَّهْ
[533]
فِي حِفظِ نَفسٍ وَقِسِ البَقِيَّهْ
وَالأَمرُ بِالْعُرْفِ وَنَهْيُ الْمُنكَرِ
[534]
يَضْمَنُ حِفْظَهَا جَمِيعاً فَاحْصُرِ
وَمِثلُ ذِي مَا دُونَهُ لا تَكمُلُ
[535]
كَالْمَنعِ للفِتْنَةِ أَن يَقْتَتِلُوا
وَمَا بِهِ الْحَاجَةُ قَد تَرتَفِعُ
[536]
نَحوَ إِجازَةٍ بِهَا يَنتَفِعُ
فَذَلِكَ الْحَاجِيْ وَمَا سِواهُمَا
[537]
مَحَلُّ تَحْسِينٍ لَدَيهِمْ رُسِمَا
نَحْوُ كِتابَةُ العَبِيدِ ذَكَرُوا
[538]
وَفِي التُّرُوكِ : تَركُ ما يُستَقذَرِ
فَمَا تَرَى الشَّرعَ لَهُ يَعتَبِرُ
[539]
بِذَلِكَ الْمُلائِمِ الْمُؤَثِّرُ
وَهْوَ عَلَى مَرَاتِبٍ فَكُلَّمَا
[540]
يَكُونُ أَجلَى فَبِقُوَّةٍ سَمَا
نَحوُ مُثَقَّلٍ عَلَى مَا حَدَّدَا
[541]
إِنْ قِسْتَ فِي قَصَاصِ عَمدٍ وَاِعْتِدَا
وَدُونَهُ وِلايَةُ الأَقَارِبِ
[542]
قَد قِيسَ كَالإِرثِ عَلَى مَرَاتِبِ
وَدُونَهُ شَارِبُ خَمْرٍ عُزِّرَا
[543]
لِحَدِّ قَذفٍحَيثُ إِنْ يَهْذِ اِفْتَرَى
وَأَلْغِ مَا الشَّرعُ لَهُ مَا اِعْتَبَرَا
[544](1/29)
كَيَاسِرِ الْعِتقِ بِصَومٍ كُفِّرَا
سَابِعُهَا : الدَّورُ إِذَا الْحُكمُ وَقَعْ
[545]
بِوَجدِ وَصفٍ وَبِرَفعِهِ اِرتَفَعْ
كَالْخَمرِ إِنْ بِنَفْسِهَا تَخَلَّلَتْ
[546]
قَالُوا تَحِلُّ مِثلُ قَبلٍ إِنْ غَلَتْ
ثَامِنُهَا : إِلْغاءُ فَارِقٍ عُلِمْ
[547]
وَذَاكَ تَنقِيحُ الْمَناطِ قَد وُسِمْ
كَعِتقِ شركِ العَبدِ فِي البَاقِي سَرَى
[548]
وَمِثلُهُ لا فَرقَ فِي الأُنْثَى جَرَى
وَهَكَذَا التَّنصِيفُ فِي الْحُدُودِ
[549]
عَلَيهِمَمَا مِن غَيرِ مَا صُدُودِ
وَعِلَّةٌ بِالنَّصِّ أَو إِجماعِ
[550]
إِثْبَاتُهَا فِي مَورِدِ النَّزَاعِ
فَذَا بِتَحقِيقِ الْمَناطِ حُقِّقَا
[551]
كَالْحُكمِ فِي النَّبَّاشِ أَنْ قَد سَرَقَا
وَالشَّبَهُ : الفَرعُ الَّذِي تَرَدَّدَا
[552]
لأَقْرَبِ الأَصْلَينِ شَبْهاً فَارْدُدَا
كَالعَبدِ شِبهُ الحُرِّ حَيثُ كُلِّفَا
[553]
وَكَبَهِيمَةٍ بِهِ تَصَرَّفَا
فَمِلْكِهِ بِالنَّظَرِ الأَوَّلِ صَحْ
[554]
وَالثّانِ لا مِلكَ لَهُ ؛ وَهْوَ الأَصَحْ
اِسْتِصْحَاب الأَصلِ
يُستَصحَبُ الأَصلُ بِشَيْئَيْنِ هُمَا
[555]
فِعلُ مُكَلَّفٍ وَتَكلِيفٌ سُمَا
فَالثَّانِ إِنْ تَشرِيعُهُ قَد ثَبَتَا
[556]
وَفِي اِرْتِفَاعِهِ النِّزَاعُ قَد أَتَى
فَأَصلُهُ الثُّبُوتُ حَتَّى يَرفَعَهْ
[557]
مَا لا يَشِكُّ فِي بَقَائِهِ مَعَهْ
وَلْيَنفِ مَا إِثْبَاتُهُ قَد يُدعَى
[558]
حَتَّى يُرَى صِحَّةً أَنْ قَد شُرِعَا
أَوْ لاَ ([37]) فَفِي الْمَنَافِعِ الحِلِّ كَمَا
[559]
فِي مَحْضِ مَا يَضُرُّ أَنْ ([38]) قَدْ جَرُمَا
وَمَا بِهِ الأَمرانُ إِنْ نَفْعٌ رَجَحْ
[560]
قَدِّمْ ، وَإِنْ تَكَافُئاً فَالْحَضرُ صَحْ
وَهَكَذَا فِعلُ مُكَلَّفٍ جَرَى
[561]
يَقِينُهُ الأَصلُ ، وَشَكٌّ مَا طَرَا
فَالأَصْلُ فِي الْمُحْدِثِ هَلْ تَطَهَّرَا
[562]
[(1/30)
مِنْ]حَدَثِهْ وَالعَكسُ مَنْ قَدْ طَهُرَا ([39])
وَالْمِلكُ أَصلٌ لَيسَ عَنهُ يُنتَقَلْ
[563]
حَتَّى يُرَى ثُبُوتُ مَا عَنهُ نُقِلْ
وَهَكَذَا الأَصلُ : بِراءَةُ الذِّمَمْ
[564]
وَالأَصلُ : شُغلُهَا إِذَا بِهَا أَلَمْ
الاجْتِهادُ وَالْفُتْيَا
الاِجْتِهادُ : بَذلُكَ الْمَجْهُودَ فِي
[565]
مَعرِفَةُ الْحَقِّ بِبُرهانٍ يَفِي
وَإِنَّمَا يَجتَهِدُ الْمُدرِكُ مَا
[566]
قَدْ مَرَّ تَفصِيلاً بِمَا تَقَدَّمَا
مَعْ عِلمِ حُكمِ اللهِ وَالرَّسُولِ
[567]
ذُو بَصَرٍ بِطُرُقِ النُّقُولِ
إِحاطَةٍ بِمُحكَمٍ وَنَاسِخِ
[568]
فِي عِلمِ إِجماعٍ وخُلفٍ رَاسِخِ
مُضْطَلِعاً مِنَ الِّلسانِ الْعَرَبِي
[569]
وَلَو تَمَكُّناً بِحالِ الطَّلَبِ
فَلْيَعرِضَ الْفُتْيَا عَلَى : الكِتابِ
[570]
فَسُنَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي البَابِ
مَنْطُوقُ نَصٍّ كَانَ أَو مِنهُ فُهِمْ
[571]
فَفِعلٌ أَو تَقرِيرٌ مَا بِهِ عُلِمْ
مُلاحِظاً مَواقِعَ الإِجماعِ
[572]
وَمُتَحَرِّياً لَدَى النِّزَاعِ
[ فَإِنْ فُقِدْ فَلِلْقِياسِ ] ([40]) يُرجَعُ
[573]
إِمَّا لِنَصٍّ أَو عَلَى مَا أَجمَعُوا
إِذْ لَيسَ فِي البَابِ سِواهُ يَنْجَلِي
[574]
ثُمَّ عَلَى الخَفِيِّ قَدِّمِ الْجَلِي
ثُمَّ إِلَى البَرَاءَةِ الأَصْلِيَّهْ
[575]
حَتَّى يَقُومَ شَاهِدُ الشُّغْلِيَّه
هَذَا هُوَ الْمُجتَهِدُ الحَقِيقِيْ
[576]
وَلَيسَ مَرفُوعاً على التَّحقِيقِ
حَتَّى يُرِيدَ رَبُّنَا ارتِفاعَهْ
[577]
وَذَاكَ مِن قُربِ قِيَامِ السَّاعَه
أَمَّا الإِضافِيُّ فَلا يَفتَقِرُ
[578]
لِهَذِهِ الأُمُورِ بَلء يَقتَصِرُ
فِيهِ عَلَى أَهلِيَّةِ الْمُشتَغِلِ
[579]
بِهِ كَتَقْوِيمِ وَإِرشِ الْمِثلِ
وَرُبَّمَا احْتَاجَ لَهُ الْفَقِيهُ فِي
[580]
تَحقِيقِهِ مَنَاطَ حُكمٍ قَد خَفِيْ
[ مَا يَجِبُ على الجَاهِلِ ]
وَجَاهِلُ الْحُكمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ
[(1/31)
581]
عَلَيهِ أَنْ يَسأَلَ مَن يَعلَمُهُ
ثُمَّ عَلَى عالِمِهِ الإِبانَهْ
[582]
لِحُكمِ شَرعِ رَبِّنَا سُبْحَانَهْ
فَإِنْ يَكُنْ يَحفَظُ نَصَّ الَّلفظِ فِي
[583]
فُتْيَاهُ أَدَّاهُ بِلا تَصَرُّفِ
أَوْ لاَ ([41]) فَبِالْمَعنَى ، وَوَيلُ مَن كَتَمْ
[584]
عِلْماً وَأَخْذُ سَائِلٍ بِه اِنْحَتَمْ
وَإنْ يَكُ الْحَقُّ عَلَى سِواهُ
[585]
فَإِثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ
وَقَولُ (لا أَعلَمُهُ) فِيمَا خَفِيْ
[586]
أَقرَبُ مَخرَجٍ مِنَ التَّكَلُّفِ
الْفَرقُ بَينَ الاِتِّباعِ وَالتَّقليدِ
وَحَيثُ قُلْنَا فِي اتِّفاقِ السَّلَفِ
[587]
يَلزَمُ حُجَّةً لِكُلِّ مُقتَفِ
فَخُلفِهِم يُحصَرُ فِيهِ الْمَنهَجُ
[588]
وَالْحَقُّ عَن جُملَتِهِم لا يُخْرَجُ
فَيَحرُمُ اِختِراعُ قَولٍ مَا سَبَقْ
[589]
لَهُم ، ومَنْ يُحْدِثُهُ لِلْمَقتِ اِسْتَحَقّْ
بَلْ يَلزَمُ الرَّدُّ إِلَى الأَدِلَّهْ
[590]
فِي ذَا ؛ وَإِلاَّ اِخْتِيرَ قَولُ الْجِلَّهْ
وَالْخُلَفَا قَدِّم عَلَى سِواهُمْ
[591]
فَالاهْتِداءُ وَالرُّشدُ مِن حِلاهُمْ
وَقَدِّمِ الشَّيخَيْنِ إِذْ كَانَ الأَجَلْ
[592]
عَصرُهُمَا وَخُلفُهُ كَانَ أَقَلْ
وَبَعدَهُم أَئِمَّةٌ مِمَّن مَضَى
[593]
مِمَّنْ بِنُورِ هَديِهِم قَدِ اِسْتَضَا
فَاعرِفْ لَهُمْ مَنْصِبَهُم لا تَسْتَهِنْ
[594]
وَبِفُهُومِ القَومِ فِي الفِقهِ اِسْتَعِنْ
وَهَكَذَا فَاسْلُكْ سَبِيلَ الاقْتِدَا
[595]
مُقْتَفِيَ الآثَارِ لا مُقَلِّدَا
وَهْوَ الَّذِي يَأْخُذُ قَولَ الْقَائِلِ
[596]
مُسْلِماً لَوْ عَارَضَ لِلدَّلائِلِ ([42])
فَلْنَأخُذُ الدَّلِيلَ بِافْتِقَارِ
[597]
لا لِتَعَصُّبٍ وَلا اِسْتِظْهَارِ
وَغَيرُ خَافٍ طُرُقُ التَّرْجِيحِ
[598]
لِتَعلَمَ الْوَاهِيْ مِنَ الصَّحِيحِ
وَجَرِّدِ الإِخْلاصَ فِي الْمَقَاصِدِ
[599]
ثُمَّ اِستَقِمْ عَلَى السَّبِيلِ القَاصِدِ(1/32)
وَلِلرَّسُولِ جَرِّدِ الْمُتَابَعَهْ
[600]
وَالحَقَّ فَاقْبَلْ مَعَ مَن كَانَ مَعَهْ
وَلَيسَ إِلاَّ للرَّسُولِ العِصْمَهْ
[601]
فَاعْلَمْ وَإِلاَّ لاِجْتِمَاعِ الأُمَّهْ
مَوقِفُ الإِنْصَافِ فِي مَثَارَاتِ الْخِلافِ
وَحَيثُ قَد أَفضَى بِنَا القَولُ إِلَى
[602]
ذِكرِ الْخِلافِ يَنبَغِي أَنْ نَصِلاَ
بَحْثاً بِخُلفِ عُلَمَاءِ الأُمَّهْ
[603]
يَبِينُ مِنهُ الْعُذرُ لِلأَئِمَّهْ
وَالاِتِّباعِ كُلُّهُم يَرُمُوا
[604]
وَمَن يَلُومُهُم هُوَ الْمَلُومُ
وَلِلْمُصِيبِ مِنهُمُ أَجرَانِ
[605]
وَالأَجرُ إِنْ أَخْطَأَ مَعَ الغُفْرَانِ
وَلَيسَ تَركُ بَعضِهِم شَيئاً أُثِرْ
[606]
إِلاَّ لأَمْرٍ عِندَهُم بِهِ عُذِرْ
فَمِنهُ مَا يَرجِعُ لِلْمَنقُولِ
[607]
وَمَا إِلَى مُصطَلَحِ الأُصُولِ
فَالأَوَّلُ الَّذشي إِلَيهِ لَم يَصِلْ
[608]
أَو عِندَهُ بِصَحَّةٍ لَم يَتَّصِلْ
أَو شَرطُهُ فِي خَبَرِ العُدُولِ
[609]
أَثقَلُ مِن سِواهُ لِلقَبُولِ
أَوْ صَحَّ عِندَهُ وَلَكِنْ وَهَلاَ
[610]
أَو ظَنَّ نَسخَهُ بِحُكمٍ قَد تَلاَ
أَو كَانَ قَد عَارَضَ مَا لا يَقْوَى
[611]
عَلَيهِ أَو فِيهِ اِحتِمالِ الأَقوَى
وَغَيرُهُ فِي هَذِهِ الأُمُورِ
[612]
خَالَفَهُ فَكَانَ كَالْمَعذُورِ
وَلا يَسُوغُ عُذرُهُ لِمَن ظَهَرْ
[613]
لَدَيهِ فِي ذَلِكَ بُرهانٌ بَهَرْ
أَمَّا الَّذِي إِلَى الأُصُولِ يُرْجَعُ
[614]
فَهْوَ إِلَى نَوعَينِ قَد يُنَوَّعُ
تَأْصِيلُهُ الَّذِي بِهِ يَختَصُّ
[615]
وَالثَّانِ فَهمُ مَا اِقْتَضَاهُ النَّصُّ
فَأَوَّلٌ : نَحوَ الْخُصُوصِ قُدِّمَا
[616]
عَلَى العُمُومِ ، وَفَرِيقٌ عَمَّمَا
وَمِثلُهُ الْمُطْلَقُ إِذْ يُقَيَّدُ
[617]
أَطْلَقَهُ قَومٌ وَقَومٌ قَيَّدُوا
وَنَحوُ مَا قُلْنَاهُ مِن أَسْبَابِ
[618]
يُعلَمُ بِاسْتِقرَاءِ هَذَا البَابِ(1/33)
والثَّانِ : خَمسٌ فَاحْوِهَا بالْحِفْضِ
[619]
أَوَّلُهَا : تَرَدُّدٌ فِي اللَّفظِ
بَينَ العُمُومِ وَالْخُصُوصِ أَو مَا
[620]
عَمَّ خُصُوصاً وَخُصُوص عمَّا
ثَانِيهِ : الاشْتِراكُ فِي اللَّفظِ وَذَا
[621]
فِي مُفرَدٍ كَـ(القُرْءِ) طُهْراً وَأَذَى
أَو طَلَبٌ وَفِي الْمُرَكَّبِ اِحْتَمَلْ
[622]
وَمِنهُ الاِسْتِثْناءُ مِن بَعدِ الْجُمَلْ
وَمَا عَلَى الوَصفِ أَو الحَقِيقَهْ
[623]
يَحْمِلُهُ كُلٌّ عَلَى طَرِيقَهْ
وَخُلفُ إِعرابٍ وَمَا تَعَارَضَا
[624]
مِن حُجَجٍ عَلِمتُهَافِيمَا مَضَى
وَالْحَقُّ وَاحِدٌ بِكُلِّ مَسأَلَهْ
[625]
فِي مُجْمَعٍ أَو فِي خِلافٍ فَاقْبَلَهْ
وَفِي اِخْتِيارِ وَاحِدٍ قَد يَنحَصِرْ
[626]
وَرُبَّمَا أَطرَافُهُ قَدْ تَنتَشِرْ
وَجَامِعِ الأَطرافِ مِن حَقِّ مُحِقْ
[627]
وَهْوَ الَّذِي لاِسْمِ (الفَقِيهِ) يَستَحِقْ
وَكُلُّ خُلفٍ لا إِلَى بُرهانِ
[628]
وُجوُدُهُ وَنَفْيُهُ سِيَّانِ
وَلا يُعَدُّ الْخُلفُ ذُو الوِفَاقِ
[629]
كَمَا الْخِلافُ لَيسَ بِاتِّفَاقِ
وَبِالفُرُوعِ اِخْتَصَّ خُلفُ الْمُعتَبَرْ
[630]
أَي خُلفُ أَهلِ الاجْتِماعِ وَالأَثَرْ
أَمَّا أُصُولُ الدِّينِ والإِِيمَانِ
[631]
فَلَيسَ فِيهَا بَينَهُم قَولانِ
[ الْخَاتِمَةُ ]
وَتَمَّ ذَا النَّظمُ بِحَمدِ البَارِي
[632]
مُوَضَّحاً بِأَقرَبِ اِختِصَارِ
كَافٍ عَنِ البَسطِ الْمُمِلِّ وَافِ
[633]
يَجمَعُ مَا فُرِّقَ فِي أَطرافِ
فِي جُمَلٍ قَرِيبَةِ الْمَنَالِ
[634]
مَنظُومَةٌ كَالعِقْدِ مِن لآلِيْ
مَا شَانَهَا ([43]) مُقَدِّمَاتُ الْمَنطِقِ
[635]
وَلا تَعَقَّدَت بِضَعفِ الْمَنطِقِ
سَمَّيْتُهَا (وَسِيلَةَ الْحُصُولِ
[636]
إِلَى الْمُهِمَّاتِ مِنَ الأُصُولِ)
ثُمَّ اِنْتِفاءُ نَقْصِنَا مُحَالُ
[637]
وَجَلَّ وَجْهُ مَنْ لَهُ الْكَمَالُ
ثُمَّ الصَّلاةُ مِنهُ والسَّلامُ
[638](1/34)
مُتَّصِلاً مَا جَرَتِ الأَقْلامُ
عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ الأَمِينْ
[639]
وَالآلِ ؛ وَالْحَمدُ لِرَبِّ العالَمِيْنْ
جُملَتُهَا مَشْرِقُ تَارِيخٍ جَرَى
[640]
جَوَازُهَا عَونُ شَكُورٍ غَفَرَا
(مَشرق) 640
(ج) 3 (ع) 70 (ش) 300 (غ) 1000
سَنَةُ : 1373 هِجرِيَّةٌ
وَكَتَبَهُ ابنُ سَالِمٍ
غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوالِدَيهِ وأَهلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ
آمِيْن
---
([1]) فِي طَ : (وَأَيُّ لَفْظٍ اِسْتَعْمَلَتْهُ ... ) .
([2]) وقَد تَكُونُ : (قَرِيبا أَوْ لِلْوَسَطِ أَوْ بَعُدَا) .
([3]) يَعْنِي - غَفَرَ اللهُ لَهُ - : أَيٌّ المُشَدَّدَة .
([4]) أَيْ التَّعظِيمُ .
([5]) قَالَ فِي (التَّلخِيصِ الحَبِيرِ) : (1658 قولُهُ : رُوِيَ عَن النَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أنَّهُ قالَ : « أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمٍ ؛ بِيَدْ أَنِّي مِن قُرَيشٍ ... » ويُروَى : « أَنَا أَفصَحُ العَرَبِ بِيَد أَنِّي مِن قِرَيشٍ ... » . روى الطَّبَرانِيُّ في الكَبيرِ من حديثِ أَبِي سعيدٍ الخُدَرِي رَفعَهُ : « أنا النَّبِيُّ لا كَذِبْ ... » وفِي إسنادِه (مُبَشِّرُ بنُ عُبَيدٍ) وهو متروكٌ . ورَوى ابنُ أبِي الدُّنيا فِي (كِتابِ الْمَطَرِ) وأبو عُبَيدٍ فِي (الغَريبِ) والرَّامهُرمُزي في (الأمثالِ) مِن حديثِ : موسى بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيمِي عَن أَبِيهِ عَن جَدِّه قالَ : كانوا عِندَ رسولِ الله صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يومٍ [ بِلَفظٍ لَيسَ فيهِ مَحَلُّ الشَّاهِد هُنا ] ) هـ مُختَصَراً .
([6]) فِي ط : (وَفِي) .
([7]) أُجْمِلَهْ .
([8]) (وَبَادَرُ الشُّرَّبَ نَثْرَ الْخَمْرِ) .
([9]) في ط : (فُرقَاناً) .
([10]) في ط : (استثنى) .
([11]) فِي ط : (يُقَالُ عَامٌّ بِه الْخُصُوصُ قَدْ) .
([12]) فِي طِ : (أُرِيْدَ ثُمَّ اِخْتَصَّ بِالَّذِي قُصِدْ) .
([13]) فِي ط : (فَحَملُهُ) .
([(1/35)
14]) مِن قَولِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ } [ سُورَةُ البَقَرَةِ : 282 ] .
([15]) فِي ط : (الْحَرفِ) .
([16]) أَي خَبَرٌ مَعناهُ إِنْشاءٌ كَالأَمر .
([17]) أَيْ : وَلَم يَقَع جَوازُ تَأخِيرِ البَيانِ عَنْ فِعْلِهِ إلاَّ فِي النَّسخِ ؛ فَيَجُوزُ تَأخِيرُ بَيانِ النَّسخِ - دُونَ غَيرِهِ - ؛ بِحَيثُ يَتَعَيَّنُ الأَخْذُ بِالْمَنسُوخِ قَبلَ وُرُودِ النَّاسِخِ .
([18]) فِي ط : (تَشابُهِ) .
([19]) في طَ : (أَوَّلاً) .
([20]) فِي ط : (فَإنْ) بِالفَاءِ .
([21]) فِي ط : (قد) .
([22]) في ط : (يختلفُ) .
([23]) في ط : (فعله) .
([24]) بُدُونِها فِي ط .
([25]) في ط : (منهُ) .
([26]) في ط : (منهُ) .
([27]) في ط : (تلى) .
([28]) في ط : (لاينهما) .
([29]) في ط : (وما) .
([30]) في ط : (شُيوخ) .
([31]) في ط : (يو) .
([32]) في ط : (أوو) .
([33]) في ط : (يضح) .
([34]) في ط : (عَنهُ) .
([35]) لَعَلَّهُ : وَرَدْ .
([36]) في ط : (بانتفاء) .
([37]) في ط : (أوَّلاً) .
([38]) في ط : (ما يضرّان) .
([39]) أَي : الطَّاهِرُ الَّذي شَكَّ فِي الْحَدَثِ .
([40]) فِي ط : (مَا لم فَلِلقِياسِ فِيها) .
([41]) في ط : (أوَّلاً) .
([42]) في ط : الدَّلائل .
([43]) في ط : (شأنها) .(1/36)