سلسلة تزكية النفوس (18)
B
هل تريد النجاة من النار؟!
تأليف
الفقير إلى عفو ربه
أبي أنس
ماجد إسلام البنكاني
حقوق الطبع والترجمة لكل من يريد طبعه وتوزيعه مجاناً
مقدمة
أن الحمد لله نحمده ونستعينه،ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله، فلا مضل له،ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مسلمون } .آل عمران (102).
أما بعد: لقد خلق الله سبحانه وتعالى النار وخلق لها أهلها، حيث يدخلها كل من كفر بالله أو أشرك معه غيره، ويكون فيها خالداً مخلداً والعياذ بالله، أما العصاة من المؤمنين، فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أن مرتكب بعض المعاصي وخصوصاً الكبائر منها أن صاحبها مستحق للعقاب إن شاء الله عذبه على قدر ذنبه ثم يدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة ابتداءً، فإن المرجو من العبد المؤمن أن يتجنب هذه المعاصي، وأن يتوب منها لكي لا تكون سبباً لعذاب القبر ودخول النار والعياذ بالله، وتكون كذلك عائقاً له من دخول الجنة في أول الأمر، فإن التوبة من المعاصي والذنوب والرجوع إلى الله تعالى تهدم الخطيئات، وتنزل الرحمات والمكرمات، وبعكس أمورها يحصل خرابها وذهابها.
لذا فإني حرصاً وألماً لما يجري على ساحة الإسلام والمسلمين وثبْتُ إلى قلمي وأمسكته ببناني، فسطرت بخطي آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة انتقيتها ..اخترت منها ما فيه الترهيبُ، والتحذير من الوقوع في العذاب والعياذ بالله، راجياً لها أن تجد طريقاً لقلب كل مؤمن يخاف الله، وكل باحث عن سبيل النجاة من النار . فأحببنا أن نذكرها من باب التعاون على البر والتقوى،ومن تمام النصح فيما بيننا.
والله أسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعل له القبول في الأرض وأن يكون سبباً لإصلاح كثير من المسلمين.
- - -(1/1)
الشرك بالله تعالى يُدخل النار
قال الله تعالى: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } .سورة المائدة.
فالشرك هو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وتعبد معه غيره وتصرف العبادة لغيره سبحانه وتعالى من شجر، أو حجر، أو بشر، أو قمر، أو نبي، أو شيخ، أو جني، أو نجم، أو مَلَكٍ وغير ذلك.وسُئل - صلى الله عليه وسلم - : أي الذنب أعظم؟قال:"أن تجعل لله نداً وهو خلقك".أخرجه البخاري(4207)، ومسلم(86).
والند هو: المثل. قال تعالى: { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) } .الزمر .
قال ابن تيمية: فمن جعل لله نداً من خلقه فيما يستحقه عز وجل من الإلهية والربوبية فقد كفر بإجماع المسلمين. أ.هـ مجموع الفتاوى (1/88).
فالذي يموت مشركاً بالله تعالى والعياذ بالله فهو من أهل النار خالداً فيها.
ومن أنواع الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين: عبادة القبور: واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم.يقول الله عز وجل: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ َOخgح !%tوكٹ غَافِلُونَ (5) } .وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار". رواه البخاري (8/176 فتح).(1/2)
ومن أنواع الشرك: الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس. عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب".البخاري(991)،ومسلم(71).
وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.
فمن أشرك بربوبية الله فزعم أن شيئاً في الوجود يشارك الله في الخلق والتدبير، والحياة والموت والرزق، والنفع والضر، وغير ذلك من خصائص الرب الخالق، فهو كافرٌ، ومن أشرك بألوهية الله، فزعم أن أحداً غير الله يستحق أن يُعبد من دون الله، أو عَبَدَ مع الله إلهاً آخر، أو تقرب إلى غير الله عز وجل بالعبادة، فهو كافر .
- - -
الذبح لغير الله تعالى سبب لدخول النار
وكذلك من أنواع الشرك الأكبر الذبح لغير الله. قال الله تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } . الأنعام (121).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لعن الله من ذبح لغير الله". رواه مسلم برقم (1978).
وعن علي - رضي الله عنه - ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لعن الله من لعن والديه ولعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض" . رواه مسلم .
وعن عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "ملعون من ذبح لغير الله".صحيح الجامع (5891).
- - -
ترك الصلاة من أسباب دخول النار
قال الله تعالى: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) } .سورة المدثر(1/3)
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة وأن لم يكن أتمها قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته؟ ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك". صحيح الجامع رقم (2574) .
وعن ابن مسعود، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء". صحيح الجامع(2572).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". صححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (564).
وعن عبد الله بن شقيق العقيلي - رضي الله عنه - قال: "كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يَرونَ شيئاً من الأعمال تركُه كُفر، غيرَ الصلاة".صحيح الترغيب(565).
وكذلك قوله: مفتاح الجنة الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة يفتحها الطاعات، وركن الطاعات الصلاة. عون المعبود (1/60).
- - -
الرياء من الشرك الخفي وهو من النفاق
قال الله تعالى: { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) } . سورة النساء .(1/4)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أول الناس يُقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت ليقال جرئ فقد قيل ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه الله نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمة فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار". رواه مسلم في الإمارة رقم(1905) جريء أي: شجاع.
وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ به ومن يُرائي يُرائي الله به".رواه البخاري(6499) ومسلم(3986).
قوله: "سمع" معناه: من أظهر عمله للناس رياءً أظهر الله نيته الفاسدة في عمله يوم القيامة، وفضحه على رؤوس الأشهاد.وعن معاذ - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اليسير من الرياء شرك".
- - -
الكبر سبب للهلاك
قال الله تعالى: { تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) } . سورة القصص .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال ذرة من كبر"رواه مسلم (142)(1/5)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "بينما رجل يتبختر في برديه إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة". (1)
وقال عليه الصلاة والسلام: "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس". صحيح الجامع برقم (8040) .
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبر سفه الحق وغمص الناس".
وفي لفظ: "الكبر بطر الحق وغمط الناس".رواه مسلم في الإيمان (1/93) رقم (91).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "يقول الله تعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما ألقيته في النار". (2) المنازعة: المجاذبة.
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "اختصمت الجنة والنار إلى ربها فقالت الجنة: يا رب مالي يدخلني ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار أوثرت بالجبارين والمتكبرين".رواه البخاري في التفسير برقم (4850)، ومسلم برقم (2846).
ومر عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - وعلى رأسه حزمة حطب، فقيل له: ما يحملك على هذا وقد أغناك الله عز وجل؟ الله أردت أن أدفع به الكبر فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:لا يدخل الجنة عبد في قلبه مثقال ذرة من كبر.الترمذي وأبو داود وابن ماجة.
- - -
اكتساب الحرام وأكله ولُبسِه
__________
(1) رواه البخاري في كتاب اللباس برقم (5790)، ومسلم في كتاب اللباس برقم(2088).
(2) رواه مسلم في كتاب البر والصلة برقم (2620)، ورواه أبو داود في كتاباللباس برقم (4090),(1/6)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم } وقال: { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك". رواه مسلم في كتاب الزكاة برقم (1015).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ المال أمِن الحلال أم من الحرام".رواه البخاري(2059).
- - -
تحريم الغش
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على صُبرة طعامٍ، فأدخل يدهُ فيها، فنالَت أصابِعُه بَلَلاً، فقال: "ما هذا يا صاحب الطَّعام؟!"قال: أصابتْهُ السماء يا رسول الله! قال: "أفلا جَعَلْتَهُ فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منّا". وفي لفظ:"من غش فليس مني". رواه مسلم في الإيمان برقم (102).
ولفظ ابن ماجة: "ليس منا من غش".
وفي هذين اللفظين عموم سواء كان المسلمين أم الكفار فلا يجوز الغش بأي نوع من أنواعه لأنك تعامل الناس بدينك وعقيدتك وأخلاقك التي يتحلى بها كل مسلم المستمدَّة من الكتاب والسنة.
- - -
إنفاق السلعة بالحلف الكاذب
عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدق البيعان وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا فعسى أن يربحا ربحاً ويمحقا بركة بيعهما، اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب".رواه البخاري في البيوع (2114)، ومسلم (1532).
منفقة : بفتح الميم والفاء بينهما نون، وهو الرواج ضد الكساد، محقه من المحق وهو النقص والإبطال.(1/7)
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" قال: فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات فقلت: خابوا وخسروا ومن هم يا رسول الله.قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".رواه مسلم(106).
- - -
النهي عن الغناء والموسيقى
قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) } . سورة لقمان.
لهو الحديث: فسره ابن عباس بأنه الغناء، وكذا فسره ابن مسعود حيث قال: والذي لا إله إلا هو لهو الغناء.والمكاء والتصدية: هو التصفيق والصفير.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة". صحيح الجامع رقم (5194) .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر ،والحرير ، والخمر ، والمعازف". رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم .
الحِرَ: هو الفرج والزنا به. المعازف: اسم لآلات اللهو والطرب .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إن الله تعالى حرم على أمتي الخمر ، والميسر ، والكوبة ، والغبيراء ، وكل مسكر حرام".صحيح الجامع برقم(1747)و(1748).
الكوبة:هو الطبل الصغير وهو آلة من آلات الطرب.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الجرس مزمار الشيطان".رواه مسلم.
وصح عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الربيع البقل".
وقال أبو سعيد الخدري: بينما كنا نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عَرَض شاعرٌ نشيداً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان، لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً".رواه مسلم .(1/8)
وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى معلم أولاده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فقد بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء. ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/250)، وتلبيس إبليس (1/284)، ونزهة الإستماع لابن رجب (1/59).
- - -
تحريم قطع الرحم
قال الله تعالى: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) } .سورة محمد(22-23).
وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخل الجنة قاطع".
قال سفيان: يعني قاطع رحم. رواه البخاري ومسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى.
قال: فذاك لكِ" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأوا إن شئتم:"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم".رواه البخاري ومسلم .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله".رواه البخاري في الأدب(5988)، ورواه مسلم في البر والصلة (2555)
وفي لفظ:"قال الله عز وجل:أنا الله،وأنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي من وصلها وصلته ومن قطعها بتته". صحيح الترغيب (2528).
وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق، وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن عز وجل، فمن قطعها حرم الله عليه الجنة".صحيح الترغيب (2532).
- - -
عقوق الوالدين من أسباب دخول النار(1/9)
قال الله تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } .الاسراء.
العقوق مأخوذ من العق وهو القطع، ومنه سميت العقيقة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع لأنها تعق: يعني تقطع رقبتها عند الذبح.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس". أخرجه البخاري في الإيمان والنذور(6675).
واليمين الغموس التي يحلفها كاذباً عامداً سميت غموساً لأنها تغمس الحالف في الإثم.
وعنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من الكبائر شتم الرجل والديه!" قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟! قال: "نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه". رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!" قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: "يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه". أخرجه البخاري برقم(5973).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد". السلسلة الصحيحة (516).
وعن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - ،أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يدخل الجنة قاطع".قال سفيان في روايته:يعني قاطع رحم. رواه البخاري (5984)، ومسلم (2556).(1/10)
وعن أبي عيسى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعاً وهات ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". أخرجه البخاري في الأدب برقم (5975)
منعاً: منع ما وجب عليه . وهات:طلب ما ليس له.
ووأد البنات: دفنهن في أحياء .
وقيل وقال: الحديث بكل ما يسمعه فيقول: قيل كذا وقال فلان كذا مما لا يعلم صحته ولا يظنها وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.وإضاعة المال: تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا وترك حفظه مع إمكان الحفظ.
وكثرة السؤال:الإلحاح فيما لا حاجة إليه.
وعن أبي بكر: "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه". أخرجه البخاري في الأدب المفرد (67)
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". رواه البخاري. قال النووي رحمه الله تعالى:من استحل قطيعة الرحم بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها فهو كافر مخلد في النار، ومن لم يستحل قطيعتها فإنه لا يدخل الجنة في أول الأمر مع السابقين بل يعاقب بتأخره القدر الذي يريد الله سبحانه وتعالى.
- - -
حرمة أذية الجار
قال الله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ (36) } . سورة النساء .
وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". (1)
__________
(1) رواه البخاري برقم (5668)، باب الوصاءة بالجار، ومسلم برقم (141)، باب الوصية بالجار والإحسان إليه.(1/11)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه".وفي رواية: "لا يدخل الجنة من لايؤمن جاره بوائقه"رواه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت". (1)
وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكو جاره قال: "اطرح متاعك على الطريق".
فطرحه، فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! لقيت من الناس، قال: "وما لقيت منهم؟"قال: "يلعنونني" قال: "قد لعنك الله قبل الناس".
فقال: إني لا أعود، فجاء الذي شكاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ارفع متاعك فقد كُفيت.
وفي رواية أنه قال: "ضع متاعك على الطريق أو على ظهر الطريق" فوضعه، فكان كل من مر به قال: ما شأنك؟ قال: جاري يؤذيني. قال: فيدعو عليه، فجاء جاره فقال: رد متاعك، فإني لا أوذيك أبدا". (2)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله! إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: "هي في النار".
__________
(1) رواه البخاري في كتاب الأدب برقم (6018)، ومسلم في الإيمان برقم (47).
(2) رواه الطبراني والبزار، والبخاري في الأدب المفرد (125) والحاكم (4/166)، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "صحيح لغيره" الترغيب (2558).(1/12)
قال: يا رسول الله! فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: "هي في الجنة". (1)
(الأثوار) بالمثلثة: جمع (ثور) وهي القطعة من الأقط.
و(الأقط) بفتح الهمزة وكسر القاف وبضمها أيضا وبكسر الهمزة والقاف معا وبفتحهما: هي شيء يتخذ من مخيض اللبن الغنمي، وهو لبن جامد مستحجر، كما في النهاية.
- - -
ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل
قال الله تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) } . البقرة (188).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من اقتطع حق امرئٍ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار" قيل: يا رسول الله أو إن كان شيئاً يسيراً؟ قال:"وإن كان قضيباً من أراك".رواه مسلم في الإيمان برقم (137).
وفي الحديث: "وديوان لا يترك الله منه شيئاً وهو ظلم العباد" (2) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "مطل الغني ظلم" (3) .
__________
(1) رواه البخاري في الأدب المفرد برقم (119)، وأحمد والبزار، وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: "صحيح الإسناد" وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (190).
(2) أخرجه أحمد في "المسند" (6/240) والحاكم في "المستدرك" (4/575ـ576)، "فيض القدير" (3/552).
(3) رواه البخاري في كتاب "الإستقراض" برقم (2400) ومسلم في كتاب "المساقاة" (1564).(1/13)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرونَ ما المفْلِسُ؟". قالوا: المُفْلِسُ فينا مَنْ لا درهمَ له ولا مَتاعَ. فقال: "إن المفْلِسَ من أمتي مَنْ يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي وقد شتم هذا، وقَذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعطي هذا مِنْ حَسناتِه، وهذا من حَسناتِه، فإنْ فَنيتْ حسَناتُه قبْلَ أنْ يَقْضيَ ما عليه، أُخِذَ من خطاياهُمْ، فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النارِ".رواه مسلم والترمذي
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعثَ معاذاً إلى اليمن فقال: "اتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليسَ بينها وبينَ الله حِجابٌ" (1) .
- - -
النهي عن أذية المسلمين وشتمهم ولعن المعين
قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِينا } . سورة الأحزاب: (158).وقال تعالى: { وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } . الحجرات: (12).وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ } .الحجرات: (11).وقال تعالى: { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } . الهمزة: (1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يَعتَدٍ المظلوم". (2)
وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قلت: يا نبي الله! الرجل يشتمني وهو دوني، أعليَّ من بأس أن أنتصر منه؟ قال: "المستبان شيطانان يتهاتران، ويتكاذبان". (3)
__________
(1) رواه البخاري، ومسلم.
(2) رواه مسلم في كتاب البر والصلة برقم (2587).
(3) رواه ابن حبان في "صحيحه"، وصححه الألباني في الترغيب برقم (2781).(1/14)
وعن عبد الله بن عمرو رفعه قال: "سباب المسلم كالمشرف على الهلكة". (1)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن شر الناس منزلة عند الله من ودعه الناس اتقاء فحشه". (2)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله يبغض الفاحش البذيء". (3)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "كل المسلم على المسلم حرام: عرضه وماله ودمه، التقوى ها هنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم". (4)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم". (5)
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". (6)
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لعن المؤمن كقتله". (7)
__________
(1) رواه البزار، صحيح الترغيب (3/57).
(2) رواه البخاري في كتاب "الأدب" (3132) ورواه مسلم في كتاب "البر والصلة" رقم (2591).
(3) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (464) والترمذي "أبواب البر والصلة" (2002) وابن حبان ( ص 474) رقم (1920 - موارد) والبيهقي "السنن الكبرى" (10/193) وقال الترمذي: "حسن صحيح" صحيح الجامع (134).
(4) أخرجه مسلم في "البر والصلة" (2564) وأحمد "المسند" (3/491) و (22/36) والترمذي "أبواب البر والصلة" (1927) وأبو داود "الأدب" (4882) وابن ماجة كتاب "الفتن" (3933) والطبراني"الكبير" (22/183) وابن أبي الدنيا "الصمت"رقم(162)والقضاعي "مسند الشهاب" (1/36)رقم (121)مختصرا ومطولا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(5) رواه مسلم في كتاب "البر والصلة" رقم (2564).
(6) رواه البخاري في "الأدب" رقم (6044)، ورواه مسلم في "الإيمان" رقم (64).
(7) رواه البخاري في "الأدب" برقم (6047) ومسلم في كتاب "الإيمان" (110).(1/15)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة". (1)
وقال عليه الصلاة والسلام: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء". (2)
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم - : "إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن إن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها". (3)
وعن عمران بن حصين قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة".
قال عمران: فكأني أنظر إليها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. (4)
"ضجرت": أي: أصابها الضجر من علاج الناقة وصعوبتها.
__________
(1) رواه مسلم في كتاب "البر والصلة" برقم (2598).
(2) أخرجه الترمذي في أبواب "البر والصلة" (1977)، والبخاري في "الأدب المفرد"
(312)، وأحمد في "المسند" (1/405 و 416)، والحاكم في "المستدرك" (1/12)، والبزار والطبراني في "الكبير" كما في مجمع الزوائد (8/72). وصححه الألباني في سنن الترمذي برقم (1977).
(3) أخرجه أبو داود في كتاب "الأدب"(4905) والطبراني كما في "تحفة الأشراف"(11000)،"السلسلة الصحيحة"(1269)،و"صحيح الجامع"(4/78)،وصحيح الترغيب(2792).
(4) رواه مسلم في كتاب "البر والصلة" (2595).(1/16)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم". (1)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "يقول الله تعالى: من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب".
وفي لفظ: "فقد بارزني بالمحاربة". (2)
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". متفق عليه.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر يسير، فلعن رجل ناقة، فقال: "أين صاحب الناقة؟" فقال الرجلُ: أنا، فقال: "أخرها فقد أجيب فيها". (3)
وعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة". (4)
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "أن ديكاً صرخ قريباً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: اللهم العنه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "مه! كلا، إنَّه يدعوا إلى الصلاة". (5)
وعن أبي جُري جابر بن سليم - رضي الله عنه - قال: رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب "الأدب" (4877) وأحمد في "المسند" (190) وابن أبي شيبة "المصنف" (6/561) والمروزي في "السنة" (56)، وهناد في "الزهد" (2/564)، والطبراني في " الأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (4/116)، "السلسلة الصحيحة" برقم (1871 و 1433)، "الترغيب والترهيب" (3/7).
(2) رواه البخاري في كتاب "الرقاق" (6502).
(3) رواه أحمد، وقال الألباني: "حسن صحيح" الترغيب (2796).
(4) رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه" إلا أنه قال: "فإنه يدعو للصلاة" ورواه النسائي مسنداً ومرسلاً، وصححه الألباني في الترغيب (2797).
(5) صحيح الترغيب (3/63).(1/17)
قلتُ: عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت، قل: السلام عليك".
قال: قلتُ: أنت رسول الله؟ قال: "أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضرٌ فدعوته، كشف عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته، أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة، فضلّت راحلتك، فدعوته، ردها عليك".
قال: قلت: اعهد إليَّ، قال: "لا تسبَّن أحداً".
قال: فما سببت بعده حراً ولا عبداً، ولا بعيراً ولا شاةً.
قال: "ولا تحقرن شيئا من المعروف، وأن تُكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن امرؤٌ شتمك وعيَّرك بما يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبالُ ذلك عليه".
وفي رواية:وإن امرؤ عيرك بشيء يعلمه فيك، فلا تعيره بشيء تعلمه فيه، ودعه يكون وباله عليه، وأجره لك، ولا تسبَّنَ شيئاً".قال: فما سببت بعد ذلك دابة ولا إنساناً. (1)
(السّنة): هي العام المقحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئاً، سواء أنزل غيث أم لم ينزل.
(المخيلة): بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة من (الاختيال): هو الكبر واستحقار الناس.
هناك حالات يجوز فيها اللعن، كلعن من يؤذي المسلمين في طرقاتهم، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "من أذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم". (2)
والرجل الذي أخرج متاعه في الطريق لأذية جارٌ له فلعنوه.
- - -
لا يدخل الجنة نمام
قال الله تعالى: { وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } . (3)
النميمة: نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم.
وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا يدخل الجنة نمام" .
__________
(1) رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في الترغيب برقم (2782).
(2) رواه الطبراني في "الكبير" وغيره، وانظر "صحيح الترغيب" برقم (143).
(3) سورة نون (10-11).(1/18)
وفي رواية: "قتات". (1) (القتات) و (النمام) بمعنى واحد.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما احدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله". (2)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "تجد من شرار الناس ذا الوجهين هو الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ وهؤلاء بوجه". (3) وفي لفظ: "تجد شرار الناس ذا الوجهين".
وعن أبي إسحق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن عمر رضي الله عهما قال: إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "ألا أنبئكم بالعضة: هي النميمة، القالة بين الناس". (4)
وعن بشيل بن عوف رحمه الله قال: كان يقال: من سمع بفاحشةٍ فأفشاها فهو كالذي ابداها. (5)
وعن كعب قال: اتقوا النميمة فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر.
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟" قالوا: بلى. قال: "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة".
وفي رواية: "هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن أقول تحلق الدين". (6)
__________
(1) رواه البخاري في كتاب "الأدب" برقم (6056)، ورواه مسلم في كتاب "الإيمان" برقم(105).
(2) رواه البخاري في "الوضوء" برقم(216) ورواه مسلم في"االطهارة"برقم (292)
(3) رواه البخاري في كتاب "الأدب" برقم (6058)، ورواه مسلم في كتاب "البر والصلة" برقم (2526).
(4) أخرجه مسلم (2606/102).
(5) أخرجه وكيع (450)، وعنه هناد (1401) كلاهما في الزهد، والبخاري في الأدب المفرد برقم (325)، وأبو نعيم في الحلية (4/160).
(6) رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه" والترمذي وصححه، وصححه الألباني في الترغيب (3/75).(1/19)
وعن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العيب". (1)
وفي رواية: "المفسدون بين الأحبة".
وفي رواية: "ألا أخبركم بخياركم؟" قالوا: بلى. قال: "الذين إذا رؤوا ذُكر الله، أفلا أخبركم بشراركم؟" قالوا: بلى. قال: "المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون البُراء العنت". (2)
- - -
شهادة الزور
قال الله تعالى: { والذين لا يشهدون الزور } . الفرقان (72).
وذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر فقال:"الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس" وقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور" أو قال: "شهادة الزور". رواه البخاري ومسلم. الزور: الكذب والباطل والتُهمة. النهاية (2/318)
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: عَدَلَتْ شهادةُ الزور الشركَ بالله، قرأ: { واجتنبوا قول الزور } . صحيح الترغيب رقم (2301).
- - -
شرب الخمر
قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) } . سورة المائدة .
وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أتاني جبريلُ فقال: يا محمد إن الله لعن الخمرَ، وعاصرها، ومعصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها".صحيح الترغيب(2360).
__________
(1) رواه أحمد وقال الألباني: "حسن لغيره" الترغيب (2824).
(2) التعليق الرغيب (3/260، 295)، صحيح الأدب المفرد رقم (246).(1/20)
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "كلُّ مسكرٍ خمرٌ، وكل مسكرٍ حرامٌ، ومن شرب الخمرَ في الدنيا، فمات وهو يُدمنُها، لم يشربها في الآخرة".رواه البخاري في الأشربة (5575)، ومسلم في الأشربة (2203).
وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من شرب الخمرَ في الدنيا ولم يتُب، لم يشربها في الآخرة وإن دخل الجنة".صحيح الترغيب (2/599).
وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا يدخل الجنة مُدمنُ خمرٍ، ولا مؤمنٌ بسحرٍ ولا قاطع رحمٍ". سبق تخريجه.
- - -
تحريم الزنا
قال الله تعالى: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) } . سورة الإسراء.
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا يحل دمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة".رواه البخاري في الديات برقم(6876)،ومسلم في القسامة برقم(1676).
وعن عثمان بن أبي العاص، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تفتح أبوابُ السماء نصف الليل، فينادي منادٍ: هل من داعٍ فيُستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ، إلا استجاب الله عزَّ وجل له، إلا زانيةً تسعى بفرجها أو عشّارا". صحيح الترغيب برقم(2391).
وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ"، فذكر الحديث إلى أن قال: "فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاهُ ضيق، وأسفله واسع، يتوقد تحته نارٌ، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجالٌ ونساءٌ عراة".
- - -
اللواط وإيتان البهيمة والمرأة في دبرها ولو زوجته(1/21)
قال الله تعالى: { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) } . سورة الشعراء
واللواط أفحش وأقبح من الزنا.
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ، فاقتلوا الفاعل والمفعول له". وصحيح الترغيب (2422).
وقال - صلى الله عليه وسلم - :"لعن الله من عمل عمل قوم لوط -قالها ثلاثاً- في عمل قوم لوطٍ". صحيح الترغيب (5421)، والسلسلة الصحيحة (3462).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله إلى رجل أتى ذكراً أو امرأة في دبرها". صحيح الترغيب برقم(2424).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من أتى النساء في أعجازهن فقد كفر".وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدَّقه، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ".وفي رواية: "فقد برئ مما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ".صحيح الترغيب (2/626).
- - -
ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إياكم و محقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، كرجل كان بأرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل يجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا من ذلك سواداً، وأججوا ناراً فأنضجوا ما فيها".صحيح الجامع (2687).
وفي رواية عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب، كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وجاء ذا بعودٍ، حتى جملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب، متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه". صحيح الترغيب(2471)(1/22)
صنيع القوم : أي طعامهم. وسواداً : أي شخصاً يبين من بعد.
وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عائشة! إياك ومحقِّرات الذنوب، فإنّ لها من الله طالباً". صحيح الترغيب (2472).
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات. رواه البخاري في الرقاق(6492).الموبقات: المهلكات ".
وعن أبي الأحوص قال: قرأ ابن مسعود: "ولو يؤاخذُ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم" الآية، فقال: كاد الجُعل يعذَّب في جحره بذنب ابن آدم".صحيح الترغيب(2477).الجُعل:دُويبة تكاد تشبه الخنفساء تدحرج الروث.
- - -
السرقة
قال الله تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) } . سورة المائدة .
وعن عائشة،أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أتشفع في حدٍّ من حدود الله!"ثم قام فخطب فقال:"يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها". متفق عليه.
- - -
النهي عن الغيبة والبهت
قال الله تعالى: { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوه } . (1)
__________
(1) الحجرات: (12).(1/23)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغيبة ذكر أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: فإن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن ما تقول فقد بهته". (1)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : حسبك من صفية كذا وكذا يعني أنها قصيرة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". يعني لأفسدته وأنتنته.
قالت: وحكيت له إنساناً فقال: "ما أحب أني حكيت إنساناً، وأن لي كذا وكذا". (2)
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. (3)
يخمشون: أي يجرحون.
وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت". (4)
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الربا اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه". (5)
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب "البر والصلة" برقم (2589)، وأبو داود والترمذي والنسائي.
(2) أخرجه الترمذي وأبو داود والبيهقي، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في الترغيب برقم (2834).
(3) أخرجه أبو داود، وصححه الألباني في الترغيب برقم (2839).
(4) رواه البخاري في كتاب العلم برقم (67) وفي كتاب "الفتن" برقم (7078)، ومسلم في كتاب "القسامة" برقم (1679).
(5) سبق تخريجه.(1/24)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت مؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالاً بغير حق". (1)
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم، اتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته". (2)
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.
ولا يدري هؤلاء أن كلمة واحدة يمكن أن تحبط جميع أعمالهم، وتوبق دنياهم وأخراهم.
ينبغي على من حلت إليه نميمة ستة أمور. (3)
الأول: أن لا يصدقه لأن النمام فاسق.
الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له فعله.
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى.
الرابع: أن لا يظن بأخيه الغائب السوء.
الخامس: أن لا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك.
السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكي عنه فيقول: فلان حكى كذا فيصير نماماً، ويكون آتيا ما نهى عنه هذا آخر كلام أبي حامد الغزالي رحمه الله.
وبعد هذا كله عليه كذلك أن يتثبت إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأن ينصح إذا تيقن، وأن يستر والله أعلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله". (4)
__________
(1) سبق تخريجه.
(2) رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
(3) من كتاب الآداب للأخ فؤاد عبد العزيز الشلهوب.
(4) رواه مسلم في كتاب البر والصلة برقم (2564)، والترمذي.(1/25)
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر أمر الربا، وعظّم شأنه وقال: "إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أدنى الربى عرض الرجل المسلم". سبق تخريجه.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه".
وفي رواية لأبي داود أنه قال: "إن من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السُّباب بالسُّبة". (1)
ورواه ابن أبي الدنيا ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الربا تسعون حُوباً، وأيسرها كنكاح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم". (2)
(الحوب): بضم الحاء المهملة هو الإثم .
وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - : إنه مر على بغل ميت فقال لبعض أصحابه: لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملأ بطنه، خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم". (3)
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "تخلل!" فقال: ومما أتخلّل؟ ما أكلت لحماً! قال: "إنك أكلت لحم أخيك". (4)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
__________
(1) رواه البزار وأبو داود، وقال الألباني: "صحيح لغيره" الترغيب (2832).
(2) صحيح الترغيب (3/77).
(3) رواه أبو الشيخ ابن حيان وغيره، وصححه الألباني، الترغيب (2838).
(4) رواه أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني، وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2608).(1/26)
فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". (1)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال، حتى يخرج مما قال". (2)
(ردغة الخبال): هي عصارة أهل النار.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: من نصر أخاه المسلم بالغيب، نصره الله في الدنيا والآخرة". (3)
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة". (4)
- - -
الحسد
قال الله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (54) } . سورة النساء .
الحسد: هو أن يتمنى الحاسد زوال النعمة عن أخيه شفاء لحقد نفسه وغيظ قلبه.وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". متفق عليه
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه".رواه البخاري
__________
(1) رواه مسلم في كتاب البر والصلة برقم (2581)، والترمذي وغيرهما.
(2) رواه أبو داود، وصححه الألباني في الترغيب برقم (2845).
(3) رواه ابن أبي الدنيا موقوفا، ورواه بعضهم مرفوعا، الصحيحة (1217).
(4) رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"، وقال الألباني: "صحيح لغيره" الترغيب (2848).(1/27)
وعن عبد الله بن عمرو قال: قيل: يا رسول الله! أي الناس افضل؟ قال: "كل مخموم القلب، صدوق اللسان".قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد". صحيح الترغيب برقم(2889).
وعن ابن الزبير - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء هي الحالقة، أما إني لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين". سبق تخريجه
- - -
الكذب
قال الله تعالى: { إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } . غافر.وقال الله تعالى: { قتل الخراصون } . الذاريات الآية (10).الخراصون: الكذابون.وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا".رواه البخاري في الأدب(6094)، ومسلم في البر (2606و2607).وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان".رواه البخاري ومسلم
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر". رواه البخاري في الإيمان(34)، ومسلم في الإيمان (58).
- - -
السحر والكهانة والعرافة
قال الله تعالى: { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } .سورة البقرة(102).(1/28)
فالسحر كفر والساحر لا بد أن يكفر وحد الساحر القتل لأنه كفر بالله تعالى وكسبه حرام .
وأما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادَّعيا علم الغيب ولا يعلم علم الغيب إلا الله تعالى.قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد". صحيح الجامع رقم (5939).
وأما الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً عقوبة له على ما فعل .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً". رواه مسلم في صحيحه برقم (1715).وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "حد الساحر ضربة بالسيف". سبق تخريجه.
وقال بجالة بن عبدة: أتانا كتاب عمر - رضي الله عنه - قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة.رواه أحمد وابو داود وعبد الرزاق في المصنف.
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر". صحيح الترغيب (3050).
وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ".صحيح الترغيب (3041).
وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة اربعين يوما". رواه مسلم في كتاب السلام برقم (2230).
- - -
أكل مال اليتيم
قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) } . سورة النساء.(1/29)
وتقدم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :"اجتنبوا السبع الموبقات"وذكر منها أكل مال اليتيم. سبق تخريجه.قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المعراج:"فإذا أنا برجال وقد وكل بهم رجال يفكون لحاهم وآخرون يجيشون الصخور من النار فيقذفونها بأفواههم وتخرج من أدبارهم فقلت يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً".رواه مسلم .وعن أبي ذر - رضي الله عنه - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا أبا ذر! إني أراك ضعيفا، وإني أحبّ لك ما أحب لنفسي، لا تأمّرن على اثنين، ولا تولين مال اليتيم".رواه مسلم في الإمارة برقم (1826).
- - -
النياحة واللطم
قال - رضي الله عنه - : "النائحة إذا لم تتب أُلبست درعاً من جرب وسربالا من قطران يوم القيامة". رواه مسلم في كتاب الجنائز برقم (974).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اثنتان هما بالناس كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت". رواه مسلم في كتاب الإيمان (67).
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال:قال - صلى الله عليه وسلم - :"إن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه".رواه البخاري في الجنائز برقم(1292)،ورواه مسلم في الجنائزبرقم(927).
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة". رواه البخاري ومسلم.
وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته تعدد عليه فتقول: واكذا واكذا، فقال حين افاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي أنت كذا أنت كذا".أخرجه البخاري في المغازي(4267).
وزاد البخاري: "فلما مات لم تبك عليه" أي بعد هذه القصة، فإنه مات شهيداً في غزوة مؤتة كما هو معروف في كتب الحديث والسيرة. قاله الألباني(1/30)
وعن أبي موسى - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: واجبلاه، واسيداه! أو نحو ذلك، إلا وكل به ملكان يلهزانه: أهكذا أنت؟!". صحيحالترغيب برقم (3522).
اللهز: هو الدفع بجمع اليد في الصدر.وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة". صحيح الترغيب (3527).وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "النياحة من أمر الجاهلية،وإن النائحة إذا ماتت ولم تتب قطّع الله لها ثيابا من قطران، ودرعاً من لهب النار". صحيح الترغيب (3/382القطران، قال ابن عباس: "هو النحاس المذاب".وقال الحسن: "هو قطران الإبل" وقيل غير ذلك.
وعن أبي أمامة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور".صحيح الترغيب(3536).
وأخيراً هذه بعض المحرمات والتي تكون لمرتكبها عائقاً لدخول الجنة، وسبباً لدخول النار، ذكرناها للإخوة الأعزاء لعلها تكون رادعاً لهم عما هم فيه من المعاصي والذنوب.
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب، كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وجاء ذا بعودٍ، حتى جملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب، متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه". صحيح الترغيب(2471)
صنيع القوم : أي طعامهم. وسواداً : أي شخصاً يبين من بعد.
وعن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عائشة! إياك ومحقِّرات الذنوب، فإنّ لها من الله طالباً". صحيح الترغيب (2472).(1/31)
وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات. رواه البخاري في الرقاق(6492).الموبقات: المهلكات ".
وعن أبي الأحوص قال: قرأ ابن مسعود: "ولو يؤاخذُ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم" الآية، فقال: كاد الجُعل يعذَّب في جحره بذنب ابن آدم".صحيح الترغيب(2477).الجُعل:دُويبة تكاد تشبه الخنفساء تدحرج الروث.
والله الموفق. وبهذا تم الكتاب، ولله الحمد والمنَّة، فهذا هو جهدنا وهو جهد المقل، وهذه مقدرتنا، فنسأل الله العظيم أن ينفع به المسلمين، اللهم آمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وكتبه الفقير إلى عفو ربه
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي
8/3/1428هـ
27/3/2007م
- - -(1/32)