آيات الله في خلق الإنسان
في نهاية القرن السابع عشر عندما اكتشف الميكرسكوب المكبر .. المجهر .. تصوروا بعد أن شاهدوا الحيوانات المنوية .. مع أن المجهر كان صغيرا في ذلك الوقت .. تصوروا أن الإنسان بذرة مثل الشجرة الصغيرة .. فتصوروا أن الإنسان مختزل في الحبة المنوية فرسم له العلماء صورة وتخيلوا الإنسان يوجد كاملا في النطفة المنوية غير أنه ينمو ..(1/1)
ومنذ 60 عاما تأكدوا من أن الإنسان لا يوجد إنسان دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل منذ 60 عاما وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية يقول الشيخ الزنداني التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه بروفيسور مارشال جونسون فقلنا له : ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارا فلما سمع هذا كان قاعدا فوقف وقال : أطوارا ؟! قلنا له : وكان ذلك في القرن السابع الميلادى ! جاء هذا الكتاب ليقول : الإنسان خلق أطوارا !! فقال : هذا غير ممكن .. غير ممكن .. قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا ؟ هذا الكتاب يقول : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) الزمر ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) نوح فقعد على الكرسى وهو يقول : بعد أن تأمل : أنا عندى الجواب : ليس هناك إلا ثلاث احتمالات : الأول : أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة .. تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام ! الثاني : أن تكون وقعت صدفة .. وهذه جاءت صدفة الثالث : أنه رسول من عند الله قلنا : نأخذ الأول : أما القول بأنه كان عنده ميكرسكوب وآلات أنت تعرف أن الميكرسكوب يحتاج إلى عدسات وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية وتحتاج إلى آلات وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلا بالميكرسكوبات الألكترونية وتحتاج كهرباء والكهرباء تحتاج إلى علم وهذه العلوم لا تأتي إلا من جيل سابق ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة فلا بد أن للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا ...أما أن يكون ليس هناك غير واحد فقط ..(1/2)
لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك ! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كل هذه الأجهزة وعنده كل هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده .. هذا كلام ما هو معقول ! قال : هذا صحيح صعب نقول : صدفة ..ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية بل ذكرها في آيات ولم يذكرها في آية(1/3)
وآيات إجمالا بل أخذ يفصل كل طور : قال : الطور الأول يحدث فيه وفيه والطور الثاني كذا وكذا والطور الثالث .. أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كل طور قال : الصدفة كلام غلط !! هذا علم مقصود قلنا : ما في تفسير عندك : قال : لا تفسير إلا وحي من فوق !! هذه النطفة هذا المنى .. منى الرجل ومنى المرأة .. هذا كله فيه ماء المرأة وماء الرجل ومن بين هذا المنى هذه النطفة قطرة كبيرة .. في داخل النطفة بويضة المرأة أغلقت الأبواب ! ممنوع دخول حيوان منوى ثان قضى الأمر فإذا انتهى .. بدأت تتخلق وهذا أول طور من أطوار الإنسان ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ) المؤمنون هذه النطفة في لغة العرب معناها القطرة .. نطف الإناء يعنى قطر الإناء إحداها نطفة .. يعنى قطرة من سائل هذاالسائل وهذه القطرة .. هذه النطفةيتقرر فيها كل شيء بالنسبة للإنسان .. كل صفات الإنسان تتقرر وهو نطفة وتتقدر وهو نطفة ولذلك قال تعالى : ( قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ) عبس من قال لسيدنا محمد : إن الإنسان مقدر في داخل النطفة بكل تفاصيله التي سيكون عليها ثم من ضمن ما سيقدر به هذا الإنسان كونه ذكرا أم أنثى ؟ فهمنا أن في هذه النطفة يتقرر ما إذا كان هذا المخلوق ذكرا أم أنثى .. هل تصور أحد من البشر أن نطفة الماء حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكرا وأنثى ؟! هل يخطر هذا بالبال ؟! لكن القرآن يقول : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىِ * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ) النجم 45 46 حال إمنائة إذا تمنى .. وقد قدر ما سيكون عليه ذكرا أو أنثى قد تحددت !! من أخبر محمدا بذلك صلى الله عليه وسلم إلا الله هذه حاملات الوراثة داخل النطفة تلك ..(1/4)
هذه لم تعرف إلا بعد إكتشاف الميكروسكوب الألكتروني والميكروسكوب الألكتروني من الأربعينيات .. يعني له نصف قرن تقريبا منذ أن عرف .. عرفوا أن الذكورة والأنوثة تتقرر في النطفة .. ي عني كنا في أوائل القرن العشرين وكانت البشرية بأجمعها لا تعلم أن الذكورة والأنوثة مقررة في النطفة لكن الكتاب الذي نزل قبل أربعة عشر قرنا يقرر هذا في غاية الوضوح وارجعوا إلى كتب التفاسير كلها تقرر هذا إيمانا بما جاء في هذا الكتاب هناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن النطفة أين تستقر ؟ وكيف يكون حالها قبل الاستقرار ؟ قال عليه الصلاة والسلام :( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم ) - أخرجه أحمد في المسند - أي أن النطفة هذه تستقر في الرحم معناه أنهاكانت قبل الاستقرار .. أنها كانت متحركة .. صحيح كانت متحركة .. هذه البويضة خرجت من الأنثى وهذه الحيوانات جاءت من الرجل من هنا .. فحيوانات الرجل جاءت من هنا وتركت إلى هنا وكان هذا مكان اللقاء ونطفة المرأة جاءت من هنا وتم اللقاء هنا وتم التلقيح وتركت هذا المكان وتحركت حتى وصلت إلى الرحم فاستقرت يعنى ما كانت في حالة غير مستقرة ثم استقرت قال عليه الصلاة والسلام : ( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمس وأربعين ) فمن أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم : أن النطفة تأتي عليها فترة لا تكون فيها مستقرة ثم تستقر ؟! هذه النطفة .. وهذا جدار الرحم .. هذه النطفة شقت جدار الرحم من هنا ودخلت كما تشق التربة وتوضع البذرة وتدفن بالضبط هذه النطفة شقت الرحم وبعد ذلك دفنت فغارت في لحم الرحم وغطى عليها ولذلك نجد جميع كتب الطب والتشريح والأجنة تذكر هذه المرحلة وتسميها مرحلة الغرس ..(1/5)
ويشبهون الرحم بالتربة التي وضعت فيه البذرة وهم بتشبيههم هذا يظنون أنهم يأتون بالوصف الدقيق المتلائم مع الواقع ولكنهم سيفاجئون عندما يرون آية تصف المرأة وتقول ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) البقرة 223 أي أنها موضع الحرث ويكون فيها حرث لاحظوا أيها الإخوة هذه النطفة وهي تدخل إلى هنا أول علاقة لها بالرحم قالوا : ماذا يحدث ؟ قلنا : تغور .. تدخل .. يحدث هنا شيئان : الشئ الأول : أن الرحم يأخذ من النطفة غلافها .. الغلاف يؤخذ منها والجنين ينفذ من هذا الغلاف وهذه المكونات ثم المسألة الثانية : أنها تغور إلى الداخل فهناك شيئان : نقص للنطفة وغور لها هناك لفظ عربي لا يوجد لفظ مثل هذا اللفظ يحقق المعنيين .. هذا للفظ ذكره الله في كتابه واصفا لعلاقة الإنسان برحم أمة ولكنى سأذكر معناه .. هذا اللفظ هو غاض .. الغيض .. قال تعالى : ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء ) هود 44 فغاض تأتي بمعنيين تأتي بمعنى غار وتأتى بمعنى نقص أو تأتى بالمعنيين معا : وغيض الماء أو غار وتأتي بمعنى نقص أو تأتي بالمعنيين معا : وغيض الماء أو غار الماء ونقص .. فغاضت النطفة هنا تأتي بالمعنيين غار في جدار الرحم ونقص منه جداره وجزء منه لتتكون منه المشيمة في الرحم ويبقى شئ آخر الله يقول : ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ) الرعد 8 وغيض الرحم هنا مفتاح من مفاتيح الغيب وهنا افتحوا أذهانكم هذه النقطة ميدان معركة ما بين طلاب المدارس الدينية وطلاب المدارس العلمية حول معرفة أنه ذكر أو أنثى .. أنتم لا تؤمنون أن العلم اكتشف أنه ذكرا أو أنثى .. لا نؤمن خذ بطاقة الرجعيين ..(1/6)
وهذا يأخذ بطاقة الكفر هذا العلم السطحى يوصل إلى هذه النتائج لكن التعمق في العلم يوصل إلى غير هذا وما أقوله لكم - سبحان الله - كنت أحسب أنى قد وصلت إلى هذا بعد طول عناء فإذا بابن كثير رحمه الله يسبقنا إليه ويقرر المعنى الأمر الأول تقول : ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ) لقمان 34 فهمها الناس على عمومها فلا يمكن لأحدأن يعلم أن في الرحم شيئا ومن قال إنه عليم شيئا فقد كفر كل ما في الرحم ((ابن كثير )) جمع النصوص فكر فيها تأمل .. كيف يكون هناك مفتاح للغيب لا يعلمه إلا الله وقد ورد في الأحاديث الصحيحة : ( أن الملائكة تعلم ما سيكون عليه المخلوق في بطن أمه تعلم رزقه وأجله شقيا أو سعيدا ذكرا أو أنثى ) تعلم عنه كل هذه التفاصيل بل ما سيكون فكيف يقال بعد ذلك : إن هذا العلم لا يعلمه إلا الله هذا ابن كثير شيخ السادة المتكلمين .. هذا ابن كثير المرجع في التفسير يقول : كيف نجمع بين النصوص هل يكذب نص نصا ؟ هل النبي صلى الله عليه وسلم يكذب نفسه بنفسه يقول : ( لا يعلم إلا الله ) ثم يقول : ( الملائكة تعلم ) .. لا والله إنه الجهل بفهم النصوص نعم . الجهل فقرر ابن كثير وجمع بين النصوص وهذا منهج العلماء قال : لا يعلم أحد من أمرالجنين شيئا من العلم إلى ما قبل علم الملك فإذا علم الملك علمنا أن غير الله قد علم وهو الملك ومن شاء الله من خلقه ..(1/7)
وإذا هذه النصوص الخاصة خصصت العموم وهذه الألفاظ المقيدة قيدت الإطلاق فعلمنا الأمر المحجوب عن علم غير الله إنما هو في مرحة من مراحل الجنين وتجلى الأمر بوضوح لا بكلام ابن كثير بل بكلام سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه سلم حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذى رواه البخارىعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال : ( مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله - ( ما تغيض لا ما تزداد ) ففرق بين أمرين : الآية قالت ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ) الرعد 8 فالأرحام لها حالتان حالة تعلق بالجنين والله يعلم الحالتين بالتمام والكمال والمحجوب عن علم غير الله هو الغيض الذى يعلمه هو وحده ( مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام ) فهذا قيد لنا المرحلة من العلم هذا الأمر الأول أما الأمر الثاني : أن ما تغيض الأرحام يسميه الرسول صلى الله عليه سلم مفتاحا من مفاتيح الغيب يفتح على أبواب علم قادمة .. على أحوال قادمة فالذين ذهبوا إلى أن الغيض هو دم الحيض هو فهم في الحقيقة لا يكون بهذا مفتاحا للغيب دم الحيض ما هو مفتاح للغيب فالرسول صلى الله عليه سلم يقول مفتاح الغيب : ما تغيض الأرحام - دم الحيض ليس مفتاحا للغيب لأنه لن ينشأ منه جنين أو إنسان أو مخلوق وبإجماع علماء المسلمين مفتاح الغيب متعلق بالأجنة وبالإنسان الذى سيخلق فإذا مفتاح الغيب هذا متعلق بالأجنة التي ستخلق ومعلوم أن دم الحيض لا يخلق منه إنسان ومن ذهب إلى هذا التفسير غير المقصود فهذا لا يستقيم مع المعنى أنه مفتاح من مفاتيح الغيب والله أعلم ..(1/8)
إذا ما تغيض الأرحام هذه مرحلة الغيض تأتي بعد هذا مرحلة الازدياد .. في مرحلة الغيض هذه يستحيل على إنسان أن يعرف صفات الجنين . في هذه المرحلة مستحيل .. أتدرون لماذا ؟ لأنه إذا صففنا صفين .. لوجئت بصفين من الأحجار ووضعت الصفين بجوار بعض وقلت لإنسان : أنا سأصنع من هذا بناء هل سيعلم أيكون من الصفين مدرسة أم مستشفى ؟ هل سيعلم أيكن منها فيلا أم عمارة ؟ صفين فقط هكذا الإنسان في هذه المرحلة فلو أراد الإنسان أن يمتحن شيئا من صفات هذا الجنين وأخذ خلية واحدة فلو نزع الجهاز التنفسى لأن الجهاز التنفسى يكون هنا ممثلا بخلية واحدة فلا يستطيع الإنسان أن يكتشف ما يكون أمر هذا المخلوق في مرحلة الغيض بينما هو مقدر تقديرا كاملا ما سيكون عليه هذا الإنسان والتقيت بأحدهم فهذا المرشال جونسون الذى قام وقعد وهو من كبار المختصين بعلم الوراثة والدارسين لعلم ( الكروموزمات ) في أمريكا ..(1/9)
قلت له : هل حاولتم أن تعرفوا صفات الإنسان التي ستكون في المستقبل في مرحلة الغيض هذه ؟ قال : نعم حاولت لقد قمت بتجربة على بعض كروموزمات بعنى حاملات الوراثة واستمر بحثى عليها عشر سنوات وأنا أحاول أن أفهم كيف سينشأ مخلوق من هذا ؟! وماذا سينشأ من هذا الجزء الذى بين يدى في المستقبل ؟! وقلت له : ماذا كانت النتيجة ؟ قال : بكيت !! قلت : لماذا ؟ قال : لأني فشلت ولم أستطع أن أعرف شيئا قلت له : أحسنت !! هذا عندنا موجود إنك لن تستطيع أن تعرف وإن هذه المرحلة لا تستطيع أن تعلم عنها شيئا ولا تستطيع أن تفهم عنها شيئا إذا أيها الإخوة نقول : معرفة ما في الجنين ( أحوال وصفات الجنين ) كما قال ابن كثير من قبل هي في فترة زمنية محددة يكون الجهل أما إذا علم الملك انتهى أما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يفيد هذه المرحلة مرحلة الغيض ويجعلها هي مفتاح الغيب فإذا نقول : إن مرحلة الازدياد مرحلة مفتوحة ممكن للإنسان أن يعلم وإذا رأينا متى علم الملك جاء في مرحلة الازدياد والله أعلم .. مفهوم هذا يا إخوان هذه صورة الجنين بعد أن يتحول من نطفة يتحول إلى هذه الصورة .. هذا الجنين وهذه صورة للعلق الذى يوجد في الماء .. الذي يتعلق في أفواه الأغنام والأبقار فيمتص منها الدماء ..هذه صورة العلق الذى في الماء وهذه صورة الجنين في مرحلة ما بعد النطفة هذه الصورة لم أعدها وإنما أعدها أستاذ من كبار أساتذة علم الأجنة والتشريح في العالم بعد أن اقتنع بهذه الأبحاث وقال : سأغير في كتابي وأجعل هذا الفصل من حياة الجنين بعنوان العلقة ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ) المؤمنون : 14(1/10)
هذا الجنين وهذه العلقة .. لا إله إلا الله !! من أخبر محمدا صلى الله عليه سلم بهذا ؟ الله !! هذا هو الطور الثاني وهذه هي العلقة وهذا هو الجنين يكون محاطا بالماء والعلقة تكون محاطة بالماء العلقة هذه تتعلق لتمص الدماء الجنين أيضا يتعلق ليمص الدماء وهذه الصورة أخرى للجنين وسترون تفصيلها هذه صورة للجنين بعد العلقة انظروا كيف تظهر فيه العلامات والآثار وكأنها مكان مضغ الأسنان كأنها وضعت أسنانك هنا كيب مور هذا العالم الذي قلت لكم عنه من كبار علماء الأجنة .. أخذ قطعة من الطين ومضغها بأسنانه ووضع هذه بجوار هذه وقال : هذه مضغة جنين وهذه مضغة بأسنان وهذه مرحلة ما بعد العلقة ولذلك قال تعال : ( فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ) هذه بعض صور تفصيلية للجنين .. انظر الجنين .. المضغة من صفاتها .. أول ما تأخذ المضغة تمضغها تستطيل .. ثم تمضغها ثانية فيتغير شكلها ثم تمضغها ثالثة فتأخذ شكلا ثالثا وتمضغها مرة أخرى فتأخذ شكلا آخر ومع كل مضغة هي تدور الجنين في هذه المرحلة بالضبط هكذا الجنين في هذه المرحلة تظهر فيه نقاط وكأنها أمكان المضغ ثم يدور .. انظر لهذه الصورة .. هذه كأنها أماكن المضغ .. هذه صورة لمراحل المضغة كاملة .. في أولها كيف تكون مستطيلة وكأنك شققتها نصفين .. تظهر هذه الأماكن وكأنها المضغ ثم بعد ذلك تتحول إلى هذا الشكل ثم تستدير وهذه قطع وبقايا زيادات ولكن في كل مرحلة أماكن وكأنها أماكن مضغ الأسنان تظهر في كل طور من الأطوار ثم تستدير في النهاية وفي هذه المرحلة بعدها تنشأ العظام هذه المضغة يا إخواني التي رأيناها قبل قليل كأنها تشريح .. هذه صورة الأجهزة قد تخلقت ولكن ليس في صورتها النهائية نحن نجد في هذه المنطقة شيئين : نجد بقعة واسعة هذه لم تتخلق كل هذه خلايا لم تتخلق ..(1/11)
وخلايا أخرى قد تخلقت وتخلقت منها جميع الأجهزة التي سيتكون منها جسم الإنسان فالمضغة هنا في الحقيقة أصدق وصف لها أن فيها شيئا قد تخلق وفيها جزء لم يتخلق فأصدق وصف لها أنها مخلقة وغير مخلقة ولذلك جاء وصفها في القرآن بهذا الوصف ( ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ) من قال لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل كان عنده أجهزة تشريح وقياسات ؟! هذه عبارة عما وصل الجنين في هذه المرحلة واحد سم .. يعنى قريب من واحد سم .. انظروا واخد سم يعنى ماذا ؟ .. هذا الكلام داخل واحد سم . الآن العظام تبدأ في الزحف على الجمجمة .. هذه العين . هذه الجمجمة ( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ) المؤمنون 14 وفي كثير من النقاش مع الدكاترة كنا نسألهم : أيهما الأول العظام أم اللحم ؟ فكانوا يقولون لنا : هما معا في وقت واحد .. فلما كنا نطلب منهم مراجعة كتبهم فيعودون فيقولون : لا العظام ثم بسرعة يأتي بعده اللحم وفي ذلك قوله تعالى : ( فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ) فكسونا العظام لحما . هذه صورة للعظام وهذا اللحم انظروا كيف يكسو ربنا سبحانه العظام لحما ؟ ! هذا عندما ينتهى كساء العظام باللحم تبدأ مرحلة من المراحل .. أهم ما في هذه المرحلة أن الجنين ينمو ... ينشأ ... يترعرع جسمة وبدنه ويكون أهلا لكي تسكن الروح هذه المرحلة .. فإذا توقفنا عن قوله سبحانه : أنشأناه وجدنا أن ينشأ بمعنى أسكنت فيه الروح وينشأ بمعنى نما الجسد وترعرع وإذا بحثت في لغة العرب عن لفظ يدل على المعنيين : يدل على النمو ويدل على النشأة المحدثة لا تجد لفظا غير ينشأ فإن نشأ يدل على النمو ( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ) الواقعة ويدل على الخلق وعلى الإيجاد من العدم وفي هذه المرحلة يحدث شيئان : أما البدن فينمو ويترعرع وأما الروح فتنفخ وبهذا تتم النشأة الكاملة للإنسان ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ) المؤمنون(1/12)
14 بعد خلق هذه المرحلة لا يوجد مخلوق في الوجود يشابه هذا الإنسان لا يوجد حيوان ولا نبات ولا ملاك ولا جنى ولا أرض ولاسماء ولاشهب ولاشيء في الكون مثل هذا الإنسان المكون من مادة وروح ثم لا توجد صورة من بنى آدم تشبه هذه الصورة لهذا المخلوق صورة خلق آخر ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ) المؤمنون 14 خلقا آخر متميزا عن جميع أنواع الخلق من أبناء جنسه ومن غير أبناء جنسه ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) أرأيتم الأطورا ؟! أرأيتم المضغة ؟! أرأيتم العظام ؟! أرأيتم كساء اللحم للعظام ؟! أرأيتم الإنشاء ليصبح خلقا آخر ؟! أرأيتم هذه الأطوار التي كانت محجوبة . اقرءوا معي بقية الأطوار في نفس الأية ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ) المؤمنون .. صحيح ستموتون خذ 100 سنة إذا لم يأتك الموت في الطريق كيف ؟! إن وصلت إلى الـ 100 سنة ؟ لا تصل إلى المئة سنة إلا إذا أخذت جزءا جزءا هات الأسنان 60 سنة خلعت له أسنانه لماذا ؟ خلقت له أسنان ليأكل .. يكفيك ما أكلت يا شيخ استعد توقف عن الأكل هات العيون ما أرى ؟ أصلا خلقت لترى وتمشى وتروح أنت مشيت كثيرا ورحت وجئت .. الآن اقعد اقعد قد علم سعيك ويروح ويجئ .. فيميل ويضعف .. فإذا به لا يستطيع أن يمشى ولا يروح لماذا ؟ ليس مطلوبامنك أنك تتحرك اقعد .. تهيأ للدار القادمة .. سمعي .. ارفع صوتك يا ولد ما أسمع .. أعطيت هذا السمع لتسمع الكلام ..(1/13)
وتتكلم الكلام والآن كفى انتهى الوقت المعطى لك ! قد تكلمت كثيرا وسمعت كثيرا يكفى ما حصل ! لم يعد لك مكان في الدنيا ( ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) المؤمنون المتكلم واحد المخبر واحد .. سياق واحد .. آية بعد آية في سورة واحدة ويوم ذاك سنرى بقية القصة كما رأينا مقدمة القصة .. سنرى بقية الأطوار كما رأينا بقية الأطوار فما هي الأطوار القادمة : حساب .. عرض .. جنة . نعم تريد أن تعرف أين ستكون ؟ من الآن تستطيع أن تضع الجواب وتختار الجواب فنسأل الله التوفيق والسلام انظروا يا إخوة هذه صورتي وصورتك في الأسبوع الخامس .. صورة ابن آدم في الأسبوع الخامس .. أماهذه ففى الأسبوع السادس .. هذه الصورة جانبية في الأسبوع السادس .. الأسبوع السادس وهذه الصورة 42 يوما وصورة الإنسان هكذا نراها بعد في الأسبوع السابع تأمل وقل : لا إله إلا الله .. ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران 6 هذا في الأسبوع الخامس وهذا في الأسبوع السابع نرى الفرق الآن .. أرأيتم العينين .. والأنف والشفتين والرأس قد فصل عن الجذع والأطراف تميزت عن سائر الجسد .. والأصابع بدأت الصورة .. بدأ التصوير في الأسبوع السابع .. وفي السادس بعد 42 يوما يقول الرسول صلى الله عليه سلم : ( إذا مر بالنطفة اثنان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها - بدأ التصوير - وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ) .. ثم قال يارب أذكر أم أنثى بعد ذلك - إلى الآن ما في أعضاء تناسلية بعد ذلك الأعضاء التناسلية
المصدر " العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزندانى(1/14)
أخفض منطقة على سطح الأرض
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
أدنى: دنا من الشيء دنواً ودناوة: قَرُبَ.
وهناك رواية لقراءة أخرى عن الكلبي "في أداني الأرض" ذكرها الألوسي وأبو السعود في تفسيريهما.
وأدنى: أخفض.
فهم المفسرين:
أشار المفسرون كالرازي والقرطبي والطبري وابن كثير إلى المعنى الأول لكلمة "أدنى" وهو أقرب، وذكروا بأن أدنى الأرض أي أقربها.
وقد روي عن ابن عباس والسدي أن الحرب بين الروم وفارس وقعت بين الأردن وفلسطين، وحدد الإمام علي بن حجر العسقلاني مكان المعركة بأنه بين أذرعات بالأردن وبصرى الشام.
حقائق علمية:
- توضح المصورات الجغرافية مستوى المنخفضات الأرضية في العالم أن أخفض منطقة على سطح الأرض هي تلك المنطقة التي بقرب البحر الميت في فلسطين حيث تنخفض عن سطح البحر بعمق (392) متراً. وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار الاصطناعية.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5].
إن سبب نزول هذه الآيات هو وقوع معركة بين مملكتي فارس والروم في منطقة بين أذرعات وبصرى قرب البحر الميت حيث انتصر فيها الفرس، وكان ذلك سنة 619م.(1/1)
ولقد أصاب المسلمين الحزن نتيجة لانهزام الروم لأنهم أهل كتاب وديانة سماوية بينما الفرس مجوس وعبّاد للنار، فوعد الله تعالى المسلمين بأن الفرس ستُغلب في المعركة الثانية بعد بضع سنوات وأن نصر الروم سيتزامن مع نصر المسلمين على المشركين. وبضع سنوات هو رقم بين الخمسة والسبعة أو بين الواحد والتسعة كما يقول علماء اللغة العربية، وقد تحقق ما وعد به القرآن الكريم بعد سبع سنوات أي ضمن المدة التي حددها من قبل، حيث وقعت معركة أخرى بين الفرس والروم سنة 626م وانتصر فيها الروم وتزامن ذلك مع انتصار المسلمين على مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى.
إن المتأمل في الآية القرآنية يلاحظ أنها قد وصفت ميدان المعركة الأولى بين الفرس والروم بأنه أدنى الأرض وكلمة أدنى عند العرب تأتي بمعنيين أقرب وأخفض، فهي من جهة أقرب منطقة لشبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى هي أخفض منطقة على سطح الأرض، إذ إنها تنخفض عن مستوى سطح البحر بـ 392 متراً وهي أخفض نقطة سجلتها الأقمار الاصطناعية على اليابسة، كما ذكرت ذلك الموسوعة البريطانية، وهذا تصديق للآية القرآنية الكريمة فسبحان الله القائل: {وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}.
المراجع العلمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية ما ترجمته: "البحر الميت، بقعة مائية مالحة مغلقة بين (إسرائيل) والأردن، وأخفض جسم مائي على الأرض فانخفاضه يصل إلى نحو 1312 قدم (حوالي 400 متر) من سطح البحر، القسم الشمالي منه يقع في الأردن، وقسمه الجنوبي مقسّم بين الأردن وإسرائيل، ولكن بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ظل الجيش الإسرائيلي في كل الضفة الغربية. البحر الميت يقع بين تلال جُدَيّة غرباً وهضاب الأردن شرقا ً".
وجه الإعجاز:(1/2)
يتجلى وجه الإعجاز في قوله تعالى: {أدنى الأرض} حيث تعني كلمة "أدنى" في اللغة أقرب وأخفض، فأخفض منطقة هي منطقة أغوار البحر الميت بفلسطين. تماماً كما سجلته الأقمار الاصطناعية بعد أربعة عشر قرناً.(1/3)
إشارات قرآنية إلى علوم الأرض
يشير القرآن الكريم في عدد من آياته إلى الكون وإلى الأرض ، التي جاء ذكرها في أربعمائة وإحدى وستين آية كريمة ، منها ما يشير إلى الأرض ككل ، ومنها ما يشير إلى سطحها الخارجي الذي نحيا عليه أي إلى غلافها الصخري ، وهذه الآيات التي تضم عددا من حقائق علوم الأرض يمكن تبويبها في المجموعات التالية:
? آيات تأمر الإنسان بالسير في الأرض ، والنظر في كيفية بدء الخلق ، وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض
? آيات عديدة تشير إلى شكل وحركات وأصل الأرض ، منها ما يصف كروية الأرض ، ومنها ما يشير إلى دورانها ،
ومنها ما يؤكد على عظم مواقع النجوم ، أو على حقيقة اتساع
الكون ، أو على بدء الكون بجرم واحد( مرحلة الرتق) ، ثم انفجار ذلك الجرم الأولي (مرحلة الفتق) أو على بدء السماء في مراحل خلقها الأول بغلالة دخانية (مرحلة السديم) ، أو على انتشار المادة بين السماء والأرض (المادة بين النجوم) أو على تطابق كل السماوات والأرض (أي تطابق الكون)
? آية قرآنية واحدة تؤكد على أن كل الحديد في كوكب الأرض قد أنزل إليها من السماء.
? آية قرآنية تؤكد على حقيقة أن الأرض ذات صدع ، وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا .
? آيات قرآنية تتحدث عن عدد من الظواهر البحرية الهامة من مثل ظلمات البحار والمحيطات (ودور الأمواج الداخلية والخارجية في تكوينها) ، وتسجير بعض هذه القيعان بنيران حامية
، وتمايز المياه فيها إلى كتل متجاورة لا تختلط اختلاطا كاملا ، نظرا لوجود حواجز غير مرئية تفصل بينها ، ويتأكد هذا الفصل بين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار ، مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين البحار المتصلة ببعضها البعض
?(1/1)
آيات قرآنية تتحدث عن الجبال ، منها ما يصفها بأنها أوتاد ، وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي( الذي على ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل) والامتداد الداخلي (الذي يشكل غالبية
جسم الجبل) ، كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض ، وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخرى ، أو دورها في شق الأودية والفجاج أو في سقوط الأمطار وجريان الأنهار والسيول ، أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة
? آيات قرآنية تشير إلى نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض ، وذلك بإخراج مكوناتها من باطن الأرض ، أو تصف الطبيعة الرجعية الوقائية لغلافها الغازي ، أو تؤكد على حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي ، أو على تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض ، أو على أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها.
? آيات تشير إلى رقة الغلاف الصخري للأرض ، وإلى تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه ، وإلى تناقص الأرض من أطرافها .
? آيات تؤكد على إسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلى دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخورها ، أو تؤكد على علاقة الحياة بالماء ، أو تلمح إلى إمكانية تصنيف الكائنات الحية
? آيات تؤكد على أن عملية الخلق قد تمت على مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة.
? آيات قرآنية تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما (أي الكون كله) بعملية معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد ، أرضا غير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة(1/2)
هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن ، بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة الماضية عبر جهود مضنية وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العملية في مختلف جنبات الجزء المدرك من الكون ، وإن السبق القرآني في الإشارة إلى مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهى الدقة العلمية واللغوية في التعبير ، والإحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد على جانب هام من جوانب الإعجاز في كتاب الله ، وهو جانب الإعجاز العلمي ، ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره، إلا أن الإعجاز العلمي يبقى من أنجع أساليب الدعوة إلى الله في عصر العلم ، ذلك العصر الذي لم يبق فيه من وحي السماء إلا القرآن الكريم ، بينما تعرضت كل الكتب السابقة على نزوله إما للضياع التام ؛ أو لضياع الأصول التي نقلت عنها إلى لغات غير تلك التي نزل الوحي السماوي بها ، فتعرضت لقدر هائل من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني على الرغم من إيماننا بأصولها السماوية ، وتسليمنا بصدق تلك الأصول .ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلى الهداية الربانية كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية ، وذلك لأن إثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية مثل إشاراته إلى عدد من حقائق علوم الأرض ، وهي من الأمور المادية الملموسة التي يمكن للعلماء التجريبين إثباتها لأدعى إلى التسليم بحقائق القرآن الأخرى خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية (من مثل قضايا العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات ) والتي لا سبيل للإنسان في الوصول إلى قواعد سليمة لها وإلى ضوابط صحيحة فيها إلا عن طريق بيان رباني خالص لا يداخله أدنى قدر من التصور البشري.(1/3)
إتساع الكون
أهم اكتشاف في سنة 1929 كان وقعه كالقنبلة عندما نشر في الأوساط العلمية , حتى اللحظة كان الاعتقاد السائد أن المجرات تسير في حركة عشوائية تشابه حركة جزئيات الغازات بعضها في تقارب والبعض الآخر في تباعد ولكن هذا الاكتشاف قلب ذلك الاعتقاد رأسا على عقب , لقد اكتشف هابل أن كل هذه الملايين المؤلفة من المجرات في ابتعاد مستمر عن بعضها بسرعات هائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى كسور من سرعة الضوء وكذلك بالنسبة لنا فكل المجرات التى نراها حولنا - ما عدا الأندروميدا وبعض المجرات الأخرى القريبة - في ابتعاد مستمر عنا .(1/1)
ولنا الآن أن نتساءل عن معنى هذا الاكتشاف . إذا كانت وحدات الكون كلها في ابتعاد مستمر عن بعضها فإن ذلك لا يعنى إلا شيئا واحدا وهو أن الكون في تمدد حجمي أو اتساع مستمر قال تعالى : ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) الضوء كما نعلم مركب من سبع ألوان وكل لون منهم له موجة ذات طول وذبذبة معينة وأقصر موجة أعلى ذبذبة هي موجة اللون الأزرق وأطولها أوطاها ذبذبة هي موجة اللون الأحمر وعندما حلل هابل الضوء الصادر من المجرات التي درسها وجد أنه في جميع الحالات - ماعدا في حالة الأندروميدا وبعض المجرات الأخرى القريبة يحدث إنزياح تجاه اللون الأحمر وكلما زاد مقدار الإنزياح الأحمر زادت بُعدا المجرات عنا وبعد اكتشاف هذا الأمر ظهرت دلائل كميات كبيرة من الفجوات المظلمة وخلف هذه الفجوات جاذب هائل يؤدي بنا إلى الانزياح الأحمر يتمدد الكون ويتسع من نقطة البداية إلى الإشعاع الأحمر .. قد تبدو الآن معاني الآية الكريمة قريبة إلى أذهاننا بعد توصل العلم الى حقيقة أن الكون له بداية يتسع منها ويتمدد ( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) يقول سبحانه إنا بنينا السماوات وإنا لموسعون قول لا يحتمل التأويل , وهذا ما يحدث للكون الآن بل ومنذ بلايين السنين إتساع وتمدد مستمر السماوات تتسع والكون يتمدد وكما لاحظنا أن هذه الحقيقة ليست قائمة على نظرية أو إفتراض أو نموذج فحسب ولكن المشاهدات قد أثبتت هذه النظرية وإتفاق التجارب التي قام بها الكثير من الفلكيون في أزمان وأماكن مختلفة قد جعلت من هذه النظرية حقيقة علمية , إذ لم يظهر حتى الآن ما قد يعارضها أو ينال من صحتها فأصبحت حقيقة اتساع الكون كحقيقة دوران الأرض حول الشمس أو كروية الأرض
المصدر " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د . يحيى المحجري(1/2)
احتلام المرأة
عن أم سلمة أم المؤمنين أنها قالت : جاءت أم سُليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غُسل إذا هي احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم إذا رأت الماء". صحيح البخاري في الغسل 282
المراد بالماء في هذا الحديث الشريف ما يكون نتيجة التهيج الجنسي _ كالذي يحصل في الاحتلام _ يؤدي إلى إفراز مفرط من غدتين جنسيتين نسميهما بغدتي بارتولان ، نسبة إلى العالم الذي وصفهما ، و تقع كل منهما في أحد الشفرين الأيمن و الأيسر على جانبي الفرج ، و تفرزان سائلاً مخاطياً حال التهيج الجنسي يندلق في فوهة المهبل للتزليق ، و هذا هو الماء الذي تراه المرأة في الاحتلام ، و ربما رفدته إفرازات أخرى من عنق الرحم أو المهبل ، و لكنها لا تحمل عناصر الإخصاب ، و هي سوائل جنسية تناسلية على أي حال [ القرار المكين ، ص 143 ] .
و لهذا ذكر الإمام مسلم في روايته أن أم سلمة قالت لها : يا أم سليم فًضَحت النساء!.. لأن كتمان مثل ذلك من عادتهن ، لأنه يدل على شدة شهوتهن للرجال [ فتح الباري: 1 / 389 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
الإشارات الكونية في القرآن الكريم
الدكتور زغلول النجار
يشير القران الكريم في عدد من آياته إلى الكون وإلى العديد من مكوناته (السماوات والأرض، وما بكل منهما من صور الأحياء والجمادات والظواهر الكونية المختلفة) وتأتى هذه الآيات في مقام الاستبدال علي طلاقة القدرة الإلهية التي أبدعت هذا الكون بجميع ما فيه ومن فيه وفي مقام الاستدلال كذلك علي أن الإله الخالق الذي أبدع هذا الكون قادر علي إفنائه، وقادر على إعادة خلقه من جديد، وذلك في معرض محاجة الكافرين والمشركين والمتشككين، وفي إثبات الألوهية لرب العالمين بغير شريك ولا شبيه ولا منازع.
وكانت دعوى الكفرين منذ الأزل، والى يوم الدين، هي محاولة إنكار قضيتي الخلقي والبعث بعد الإفناء،وهما من القضايا التي لا تقع تحت الإدراك المباشر للعلماء، على الرغم من أن الله تعالى قد أبقى لنا في أديم الأرض، وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية الملموسة ما يمكن أن يعين المتفكرين المتدبرين من بني الإنسان على إدراك حقيقة الخلق، وحتمية الإفناء والبعث، ويبقى فهم تفاصيل ذلك في غيبة من الهداية الربانية شيئاً من الضرب في الظلام، وفى ذلك يقول الحق (تبارك وتعالى) رداً على الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس: { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً } (الكهف 51).
وفى تشجيع الإنسان على التفكر والتدبر في خلق السماوات والأرض يقول ربنا (تبارك وتعالى) في محكم كتابه: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار } (آل عمران 190-191).(1/1)
وكان لنزول هاتين الآيتين الكريمتين وما تلاهما من آيات في السورة نفسها وقع شديد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، الذي يروى عنه أنه قال عقب الوحي بها: "ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها".
وواضح الأمر في ذلك أن التفكر في خلق السماوات والأرض فريضة إسلامية لابد من قيام نفر من المسلمين بها، لأنها عبادة من أجل وأعظم العبادات لله الخالق، ووسيلة من أعظم الوسائل للتعرف على كل من حقيقة الخلق، وحتمية الإفناء وضرورة البعث، وللتأكيد على عظمة الخالق (سبحانه وتعالى)، وعلى تفرده بالألوهية، والربوبية، والوحدانية، فالكون الذي نحيا فيه شاسع الاتساع، دقيق البناء، محكم الحركة، منضبط في كل أمر من أموره، مبني على وتيرة واحدة من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته، وكون هذا شانه لا يمكن لعاقل أن يتصور أنه قد وجد بمحض المصادفة أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه، بل لا بد له من موجد عظيم له من طلاقة القدرة، وكمال الحكمة، وشمول العلم ما أبدع به هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه، وهذا الخالق العظيم لا ينازعه أحد في ملكه، ولا يشاركه أحد في سلطانه، لأنه رب هذا الكون ومليكه، ولا يشبهه أحد من خلقه، لأنه (تعالى) خالق كل شيء، وهو بالقطع فوق كل خلقه، لا يحده المكان، ولا الزمان لأنه (سبحانه) خالقهما، ولا يشكله أي من المادة أو الطاقة، لأنه (تعالى) مبدعهما، ولا نعرف عن ذاته العلية إلا ما عرف به نفسه بقوله (عز من قائل): "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (الشورى: 11).
وقوله (سبحانه) مخاطباً خاتم أنبيائه ورسله (صلى الله عليه وسلم): { قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد } (الإخلاص 1-4).
من هنا كان التفكر في خلق السماوات والأرض مدخلاً عظيماً من مداخل الإيمان بالله، ولذا حض عليه القرآن الكريم، كما حضت عليه السنة النبوية المطهرة حضاً كثيراً.(1/2)
تأكيد القرآن الكريم على ما في السماوات والأرض من أدلة الخلق والإفناء والبعث يؤكد القرآن الكريم على ما في السماوات والأرض من الأدلة التي تنطق بطلاقة القدرة الإلهية في خلقهما وإبداعهما، كما تنطق بحتمية إفنائهما، وإعادة خلقهما من جديد في هيئة غير التي نراهما فيها اليوم، وذلك في عدد غير قليل من الآيات التي منها قوله (تعالى): { وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ... } (الأنعام: 73).
وقوله (سبحانه): { خلق الله السماوات والأرض بالحق، إن في ذلك لآية للمؤمنين } (العنكبوت: 44).
وقوله (عز من قائل): { ... ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى، وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون } (الروم: 8).
وقوله (تعالى): { ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآيات للعالمين } (الروم: 22).
وقوله (سبحانه): { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } (الروم: 27).
وقوله (سبحانه وتعالى): { خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير } (التغابن: 3).
وقوله (عز من قائل): { خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار } (الزمر: 5)
وقوله (سبحانه): { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } (غافر: 57).
وقوله (تعالى): { ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير } (الشورى: 29).
وقوله (سبحانه وتعالى): { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون } (الدخان: 38 و39).(1/3)
تأكيد القرآن الكريم على أن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض وخالق كل شيء جاءت مادة "خلق" بمشتقاتها في القرآن الكريم مائتين وإحدى وستين (261) مرة، لتأكيد أن عملية الخلق هي عملية خاصة بالله (تعالى) وحده، لا يشاركه فيها أحد، ولا ينازعه عليها أحد، ولا يقدر عليها أحد غيره (سبحانه وتعالى) إلا بإذنه، كذلك وردت لفظة السماء في القرآن الكريم بالإفراد والجمع في ثلاثمائة وعشر (310) مواضع، منها مائة وعشرون (120) مرة بصيغة الإفراد (السماء)، ومائة وتسعون (190) مرة بصيغة الجمع (السماوات) معرفة وغير معرفة، كما وردت لفظة الأرض بمشتقاتها في أربعمائة وواحد وستين (461) موضعاً، وذلك في مقامات كثيرة تؤكد أن الله (تعالى) هو خالق السماوات والأرض، وخالق كل شيء، من مثل قوله (عز من قائل): { ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل } (الأنعام: 102).
وقوله (سبحانه): { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } (الأعراف: 54).
وقوله (تعالى): { إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ... } (يونس: 41).
وقوله (سبحانه وتعالى): { ...قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار } (الرعد: 16).
وقوله (تبارك وتعالى): { ... وخلق كل شيء فقدره تقديراً } (الفرقان: 2).
وقوله (عز من قائل): { الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل } (الزمر: 62).
وقوله (سبحانه): { ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون } (غافر: 62).
وقوله (تعالى): { إنا كل شيء خلقناه بقدر } (القمر: 49).
وقوله (سبحانه وتعالى): { هو الله الخالق البارئ المصور ...} (الحشر: 24).(1/4)
هذا ، وقد أفاض القرآن الكريم في حسم قضيتي الخلق والبعث بنستهما إلى الله (تعالى) وحده، وذلك لأن هاتين القضيتين كانتا من أصعب القضايا التي خاض فيها الجاحدون والمتشككون بغير علم ولا هدى عبر التاريخ، ولا يزالون يستخدمون هذا الجحود والإنكار في معارضة قضية الإيمان بالله الخالق البارئ المصور، ويرد عليهم القرآن الكريم بقول الحق (تبارك وتعالى): { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } (النحل: 17).
وقوله (تعالى) في السورة نفسها: { والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون } (النحل: 20).
وقوله (سبحانه وتعالى): { واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون } (الفرقان: 3).
وقوله (تبارك وتعالى): { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون، أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون } (الطور: 35 و36).
وقوله (عز من قائل): { قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون } (يونس: 34).
وقوله (تعالى): { أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير، قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير } (العنكبوت: 19-20).
موقف الحضارة الإسلامية من قضية الخلق :(1/5)
بعد بعثة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) انطلق المسلمون من الإيمان بحقيقة الخلق، وحتمية البعث، ليقيموا (على أساس من تلك العقيدة الربانية الخالصة) أعظم حضارة في التاريخ، لأنها كانت الحضارة الوحيدة التي جمعت بين الدنيا والآخرة في معادلة واحدة، واستمرت لأكثر من عشرة قرون كاملة، تدعو إلى عبادة الله (تعالى) بما أمر (على التوحيد الخالص لذاته العلية، والتنزيه الكامل لأسمائه وصفاته عن الشبيه والشريك والمنازع)، وإلى حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض، وإقامة عدل الله فيها، على أساس من شرعه المنزل على خاتم أنبيائه ورسله، والذي تعهد (سبحانه وتعالى) بحفظه بنفس اللغة التي أنزل بها (كلمة كلمة وحرفاً حرفاً) فحفظ حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد نزول هذا الوحي الخاتم، وتعهد الله (تعالى) بحفظه من الضياع أو التحريف.
وبهذا الجمع المتزن بين وحي السماء والاجتهاد في كسب المعارف النافعة، حملت حضارة الإسلام مشاعل المعرفة في كل مناشط الحياة الدينية والعمرانية، وأقامت قاعدة صلبة للدين والعلم والتقنية، وآمنت بوحدة المعرفة، وبأن "الحكمة هي ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى الناس بها"، فجمعت المعارف من مختلف مصادرها مهما تباعدت أماكنها، واختلفت الحضارات التي انبثقت عنها، ومعتقدات أصحابها، ولكنها لم تقبل تلك المعارف قبول التسليم، فقامت بغربلة تراث الإنسانية المتاح لها، بمعيار الإسلام العظيم القائم على أساس من التوحيد الخالص لله، وذلك لتطهير هذا التراث من أدران الشرك والكفر والجحود بالله، وأضافت إليه إضافات أصيلة عديدة في كل المجالات، مما مثل القاعدة التي انطلقت منها النهضة العلمية والتقنية المعاصرة، كما يعترف بذلك عدد غير قليل من العلماء المعاصرين غربيين وشرقيين.(1/6)
ولم يحل الإيمان بالغيب دون التقدم العلمي والتقني في الحضارة الإسلامية، بل حض عليه الإسلام حضاً، واعتبره نمطاً من أنماط عبادة الله (تعالى) والتفكر في خلقه ووسيلة منهجية لاستقراء سنن الله في الكون وتوظيفها في عمارة الأرض، وهي من واجبات الاستخلاف في الأرض، والوجه الثاني للعبادة التي يمثل وجهها الأول عبادة الله (اعالى) بما أمر، واتباع سنة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم).
موقف الحضارة المادية المعاصرة من قضية الخلق :
انطلقت الحضارة المادية المعاصرة في الأصل من بوتقة الحضارة الإسلامية، ولكن على مغايرة من حضارة المسلمين، فإن الغرب بنى حضارته على أساس من المادية البحتة، فنبذ الدين، ووقف موقف المنكر لقضية الإيمان بالله، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، الرافض لكل أمر غيبي، في عداء صريح، واستهجان أوضح، فتنكب الطريق، وضل ضلالاً بعيداً – على الرغم من القدر الهائل من الكشوف العلمية، والإنجازات التقنية المذهلة التي حققها، والتي يمكن أن تكون سبباً في دماره في غيبة الالتزام الديني والروحي والأخلاقي، وصدق الله العظيم الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } (الأنعام 44-45).
وبنبذ الإيمان بالله، وصلت المجتمعات الغربية إلى مستوى متدن من التحلل الأخلاقي، والانهيار الاجتماعي، ومجافاة الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، في وقت فيه ملكت من أسباب الغلبة المادية ما يمكن أن يعينها على الاستعلاء في الأرض، والتجبر على الخلق، ونشر المظالم بغير مراعاة لرب أو مخافة من حساب، مما يمكن أن يهدد البشرية بالفناء...!!(1/7)
ولا تزال المعارف الإنسانية بصفة عامة والعلمية منها بصفة خاصة، تكتب إلى يومنا هذا، من منطلقات مادية صرفة، لا تؤمن إلا بالمدرك المحسوس، وتتنكر لكل ما هو فوق ذلك، فدارت بالمجتمعات الإنسانية في متاهات من الضياع، ضلت وأضلت، على الرغم من الكم الهائل من المعلومات التي تحتويها، وروعة التقنيات التي أنجزتها.
وكان ضلال الحضارة المادية المعاصرة أبلغ ما يكون في القضايا التي لا يمكن إخضاعها لإدراك الإنسان المباشر، من مثل قضايا الخلق والإفناء والبعث (خلق الكون، خلق الحياة، خلق الإنسان، ثم إفناء كل ذلك وإعادة خلقه من جديد)، وهي من القضايا التي إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل ضلالاً بعيداً، وصدق الله العظيم إذ يقول في الرد على هؤلاء الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس: { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً } (الكهف: 51).
وعلى الرغم من تأكيد القرآن الكريم أن أحداً من الجن والإنس، لم يشهد خلق السماوات والأرض، ولا خلق نفسه، فإنه يؤكد ضرورة التفكر في خلق السماوات والأرض وخلق الحياة لأن ذلك من أعظم الدلائل على طلاقة القدرة الإلهية، وكمال الصنعة الربانية، وعلى كل من حتمية الآخرة وضرورة البعث والحساب والجنة والنار، وذلك لأن الخالق (سبحانه وتعالى) قد ترك لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء ما يمكن أن يعين الإنسان على فهم قضيتي الخلق والبعث، بالرغم من محدودية قدراته الذهنية والحسية، واتساع الكون وضخامة أبعاده وتعقيد بنائه، وكذلك تعقيد بناء الجسد الإنساني وبناء خلاياه، وهي صور رائعة لتسخير الكون للإنسان، وجعله في متناول إدراكه وحسه.
المصدر : جريدة الأهرام المصرية(1/8)
الاختلاط
قال صلى الله عليه سلم : ( لا يخلوّنّ أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم ) متفق عليه
لقد أثبتت التجارب والمشاهدات الواقعية , أن اختلاط الرجال بالنساء يثير في النفس الغريزة الجنسية بصورة تهدد كيان المجتمع ... كما ذكر أحد العلماء الأمريكيين جورج بالوشي في كتاب الثورة الجنسية .. وقال بأن الرئيس الأمريكى الراحل كنيدى قد صرح عام 1962 بأن مستقبل أمريكا في خطر لأن شبابها ما ئع منحل غارق في الشهوات لا يقدر المسئولية الملقاة على عاتقه وأن من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين لأن الشهوات التي أغرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية ... ونتيجة للاختلاط الكائن بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات ذكرت جريدة لبنانية : أن الطالبة في المدرسة والجامعة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة .. وأن أكثر من ستين في المائة من الطالبات سقطن في الامتحانات , وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في الجنس أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن .. وهذا مصداق لما يذهب إليه الدكتور ألكس كارليل إذ يقول : عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تفرز نوعا من المادة التي تتسرب في الدم إلى دماغه وتخدره فلا يعود قادرا على التفكير الصافي .. ولذا فدعاة الاختلاط لا تسوقهم عقولهم , وإنما تسوقهم شهواتهم , وهم يبتعدون عن الاعتبار بما وصلت إليه الشعوب التي تبيح الاختلاط والتحرر في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة .. من ذلك ما أورده تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية عن تحقيق جرائم الأحداث , من أن أهم أسبابها الاختلاط بين الشباب من الجنسين بصورة كبيرة .. وغير ذلك من شواهد يومية تقرر الحكمة العلمية والعملية للحديث الشريف , مما يعد إطارا منهجيا في تحديد مجالات العلاقات الاجتماعية بوجه عام , وبين الرجل والمرأة بوجه خاص ..(1/1)
ثم إن الاختلاط من أعظم آثاره تلاشى الحياء الذى يعتبر سياجا لصيانة وعصمة المرأة بوجه خاص , ويؤدى إلى انحرافات سلوكية تبيح تقليد الغير تحت شعار الحضرية والتحرر , ولقد ثبت من خلال فحص كثير من الجرائم الخلقية أن الاختلاط المباح هو المسئول الأول عنها .. وماذا يقول أنصار الاختلاط عن فضيحة وزير الصناعة في إنجلترا مع سكرتيرته التي أشارت إحدى الصحف إليها بأنها تنتظر مولودا منه , الغريب أن صحيفة التايمز البريطانية قد أشارت إلى أن مارجريت تاتشر , قد لعبت دورا رئيسيا في إقناع وزير الصناعة باركتسون بعدم الزواج من سكرتيرته والاستمرار مع زوجته على أمل ألا يحط زواجه من السكرتيرة من قدره ... وهذا الخبر يحمل في مضمونه أثر الاختلاط بين وزير وسكرتيرته بدون محرم ... هذا من ناحية , من ناحية أخرى يحمل عدم الاعتراف بما نجم عن هذا الاختلاط , وهذا يعنى بصورة غير مباشرة عدم الاعتراف بالاختلاط والاستمرار فيه فالاختلاط في عمومه يحمل من الآثار السيئة ما يجعل كثيرا من الدعاة المخلصين يدعون إلى تنظيمة في إطار محدد يمنع شروره ... مما يعد رجوعا إلى الهدى النبوى الشريف منذ أربعة عشر قرنا ..
المصدر " الإعجاز العلمي في الإسلام السنة النبوية " لمحمد كامل عبد الصمد(1/2)
الإنفجار العظيم
قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30]
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
رتْقاً: الرَّتْقُ ضدّ الفتْقُ.
وقال ابن سيده: الرَّتْقُ إلحام الفتْقِ وإصلاحه، رتَقَه يرتُقُه ويرتِقُه رتقاً فارتتق أي التَأَم.
ففتقناهما: الفتقُ خلاف الرتق، فتقه يفتقُّه فتقاً: شقه.
الفتق: انفلاق الصبح.
فهم المفسرين:
قال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}.
اختلف المفسرون في المراد بالرتق والفتق على أقوال:
أحدها: وهو قول الحسن وقتادة وسعيد بن جبير ورواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم أن المعنى كانتا شيئاً واحداً ملتصقتين ففصل الله بينهما ورفع السماء إلى حيث هي، وأقرّ الأرض، وهذا القول يوجب أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء لأنه تعالى لما فصل بينهما ترك الأرض حيث هي وأصعد الأجزاء السماوية، قال كعب: "خلق الله السموات والأرض ملتصقتين ثم خلق ريحاً توسطتهما ففتقهما بها".
وثانيها: وهو قول أبي صالح ومجاهد أن المعنى: كانت السموات مرتفعة فجُعلت سبع سموات وكذلك الأرضون.
وثالثها: وهو قول ابن عباس والحسن وأكثر المفسرين أن السموات والأرض كانتا رتقاً بالاستواء والصلابة، ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات والشجر، ونظيرهقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}. ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجوه بقوله بعد ذلك: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا.(1/1)
ورابعها: قول أبي مسلم الأصفهاني: يجوز أن يراد بالفتق: الإيجاد والإظهار كقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وكقوله: {قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ}، فأخبر عن الإيجاد بلفظ الفتق، وعن الحال قبل الإيجاد بلفظ الرتق.
أقول )أي الرازي): وتحقيقه أن العدم نفي محض، فليس فيه ذوات مميزة وأعيان متباينة، بل كأنه أمر واحد متصل متشابه فإذا وجدت الحقائق، فعند الوجود والتكون يتميز بعضها عن بعض، وينفصل بعضها عن بعض فبهذا الطريق حَسُنَ جعل الرتق مجازاً عن العدم والفتق عن الوجود".
قال الطبري في تفسير الآية أيضاً:
"وقوله: "ففتقناهما" يقول: فصدعناهما وفرجناهما ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله السموات والأرض بالرتق، وكيف كان الرتق وبأي معنى فتق؟
فقال بعضهم: عنى بذلك أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ففصل الله بينهما بالهواء وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أن السموات كانت مرتتقة طبقة ففتقها الله فجعلها سبع سموات وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقة ففتقها فجعلها سبع أرضين. وهو مروي عن مجاهد وأبي صالح والسدّي.
وقال آخرون: بل عُني بذلك أن السموات كانتا رتقاً لا تمطر، والأرض كذلك رتقاً لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات، وهو مروي عن عكرمة وعطية وابن زيد.
قال أبو جعفر "الطبري": وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معنى ذلك: ألم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً من المطر والنبات ففتقنا السماء بالغيث والأرض بالنبات، وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك لدلالة قوله: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" على ذلك".
ورجّح هذا القول القرطبي في تفسيره أيضاً.
مقدمة تاريخية:(1/2)
يمكن العودة بأولى تصورات الإنسان لنشأة الكون إلى العصر الحجري أي قبل مئات الآلاف من السنين، حيث سيطرت الخرافة على خيال الإنسان وتطور العقل البشري عند المصريين القدامى والبابليين الذي تجلى عندهم الربط بين أزلية الكون والآلهة المتعددة المسيطرة عليه، وقد حاول فلاسفة الإغريق والرومان وضع نظريات للظواهر الكونية بينما ساد علم التنجيم الحضارتين الهندية والصينية.
إن الخاصية العامة التي طبعت تصورات الكون عند الحضارات القديمة هي ارتباطها بعالم الآلهة واعتقادها الراسخ بوجود اختلاف أساسي بين الأرض والسماء، مما لم يسمح بوضع نظريات عن الكون وكيفية نشأته، لكن بعد التطورات الهامة التي شهدتها الإنسانية في بداية القرن العشرين في المجال الفلكي (Cosmology) على الصعيد النظري، مع نظرية النسبية العامة التي وضعت الإطار الرياضي الصحيح لدراسة الكون، وكذلك على الصعيد الرصدي مع الاكتشافات الرائعة لأسرار الفضاء، كان لا بد من وضع نظرية عامة تقوم بإدماج تلك المعطيات مقدمة تصوراً موحداً ومتجانساً قصد تفسير أهم الظواهر الكونية ومنها نشأة الكون.
لقد اقترح القس البلجيكي "جورج لو ميتر" (George Le Maitre) سنة 1927 صورة جديدة لنشأة الكون وتطوره وقد وافقه على ذلك جورج غاموف (George Gamov) الفيزيائي الأمريكي (من أصل روسي) الذي قدّم أفكاراً طورت نظرية (لو ميتر).
حقائق علمية:
- في عام 1927 عرض العالم البلجيكي: "جورج لو ميتر" (George Le Maitre) نظرية الانفجار العظيم والتي تقول بأن الكون كان في بدء نشأته كتلة غازية عظيمة الكثافة واللمعان والحرارة، ثم بتأثير الضغط الهائل المتآتي من شدة حرارتها حدث انفجار عظيم فتق الكتلة الغازية وقذف بأجزائها في كل اتجاه، فتكونت مع مرور الوقت الكواكب والنجوم والمجرّات.(1/3)
- في عام 1964 اكتشف العالمان "بانزياس" Penziaz و"ويلسون" Wilson موجات راديو منبعثة من جميع أرجاء الكون لها نفس الميزات الفيزيائية في أي مكان سجلت فيه، سُمّيت بالنور المتحجّر وهو النور الآتي من الأزمنة السحيقة ومن بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني التي تلت نشأة الكون.
- في سنة 1989 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية "نازا" (NASA) قمرها الاصطناعي Cobe explorer والذي أرسل بعد ثلاث سنوات معلومات دقيقة تؤكد نظرية الانفجار العظيم وما التقطه كل من بنزياس وويلسن.
- وفي سنة 1986 أرسلت المحطات الفضائية السوفياتية معلومات تؤيد نظرية الانفجار العظيم.
التفسير العلمي:
إن مسألة نشأة الكون من القضايا التي تكلّم فيها الفلاسفة والعلماء ولكنها كانت خبط عشواء، فلقد تعددت النظريات والتصورات إلى أن تحدث عالم الفلك البلجيكي "جورج لو ميتر" (George Le Maitre) سنة 1927 عن أن الكون كان في بدء نشأته كتلة غازية عظيمة الكثافة واللمعان والحرارة أسماها البيضة الكونية.
ثم حصل في هذه الكتلة، بتأثير الضغط الهائل المنبثق من شدة حرارتها، انفجار عظيم فتتها وقذفها مع أجزائها في كل اتجاه فتكونت مع مرور الوقت الكواكب والنجوم والمجرات.
ولقد سمى بعض العلماء هذه النظرية بالانفجار العظيم “Big Bang” وبحسب علماء الفيزياء الفلكية اليوم فإن الكون بعد جزء من المليارات المليارات من الثانية (10 -43)، ومنذ حوالي خمسة عشر مليار سنة تقريباً كان كتلة هائلة شديدة الحرارة بحجم كرة لا يبلغ قطرها جزءاً من الألف من السنتيمتر.(1/4)
وفي عام 1840 أيد عالم الفلك الأمريكي (من أصل روسي) جورج غاموف (George Gamov) نظرية الانفجار العظيم: “Big Bang”، مما مهد الطريق لكل من العالمين "بانزياس" Penziaz و"ويلسون" Wilson سنة 1964 اللذين التقطا موجات راديو منبعثة من جميع أرجاء الكون لها نفس الخصائص الفيزيائية في أي مكان سجلت فيه، لا تتغير مع الزمن أو الاتجاه، فسميت "النور المتحجّر" أي النور الآتي من الأزمنة السحيقة وهو من بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني التي تلت نشأة الكون.
وفي سنة 1989 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية “NASA” قمرها الاصطناعي “Cobe explorer” والذي قام بعد ثلاث سنوات بإرسال معلومات دقيقة إلى الأرض تؤكد نظرية الانفجار العظيم، وسمّي هذا الاكتشاف باكتشاف القرن العشرين. هذه الحقائق العلمية ذكرها كتاب المسلمين "القرآن" منذ أربعة عشر قرناً، حيث تقول الآية الثلاثون من سورة الأنبياء: {أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}.
ومعنى الآية أن الأرض والسموات بما تحويه من مجرات وكواكب ونجوم والتي تشكل بجموعها الكون الذي نعيش فيه كانت في الأصل عبارة عن كتلة واحدة ملتصقة وقوله تعالى {رتقاً} أي ملتصقتين، إذ الرتق هو الالتصاق ثم حدث لهذه الكتلة الواحدة "فتق" أي انفصال وانفجار تكونت بعده المجرات والكواكب والنجوم، وهذا ما كشف عنه علماء الفلك في نهاية القرن العشرين.
أو ليس هذا التوافق مدهشاً للعقول، يدعوها للبحث عن خالق هذا الكون، مسبب الأسباب؟
{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.
مراجع علمية:(1/5)
قد ذكرت الموسوعة البريطانية انه في عام 1963، كلفت مختبرات “Bell” العالِمان أرنو بنزياس و روبرت ويلسون باتباع أثر موجات الراديو التي تشوش على تقدم اتصالات الأقمار الاصطناعية. اكتشف العالِمان "بنزياس" و "ويلسون" أنه كيفما كان اتجاه محطة البث فإنه يلتقط دائماً موجات ذات طاقة مشوشة خفيفة، حتى ولو كانت السماء صافية، أسهل حل كان إعادة النظر في تصميم اللاقطات لتصفي الموجات من التشويش، ولكنهما ظلوا يتتبعون أثر هذه الموجات المشوشة، فكان اكتشافهم المهم للموجات الفضائية التي أثبتت نظرية الانفجار العظيم.
بنزياس و ويلسون ربحوا جائزة نوبل في الفيزياء على هذا الاكتشاف سنة 1978.
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو تقريرها بأن نشأة الكون بدأت إثر الانفجار العظيم بعد أن كان كتلة واحدة متصلة، وهذا ما أوضحته وأكدته دراسات الفلكيين وصور الأقمار الاصطناعية في نهاية القرن العشرين.(1/6)
البصمات وشخصية الإنسان
آيات الإعجاز:
قال الله جل ثناؤه: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 1-4].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
البنان: أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، البنانة: الإصبع كلها، وتقال للعقدة من الإصبع.
فهم المفسرين:
قال القرطبي في تفسير الآية:
البنان عند العرب: الأصابع: واحدها بنانة.
قال القرطبي والزجاج: "وزعموا أن الله لا يبعث الموتى ولا يقدر على جمع العظام فقال الله تعالى: بلى قادرين على أن نعيد السّلاميات على صغرها، وتؤلف بينها حتى تستوي، ومن قدر على هذا فهو على جمع الكبار أقدر".
ويجدر بنا أن نلفت النظر إلى أن العلماء لم يكن بين أيديهم من وسائل طبية حديثة توصلهم إلى ما اكتشفه علماء التشريح بعد ذلك بقرون.
مقدمة تاريخية:
في عام 1823 اكتشف عالم التشريح التشيكي "بركنجي" (Purkinje) حقيقة البصمات ووجد أن الخطوط الدقيقة الموجودة في رؤوس الأصابع (البنان) تختلف من شخص لآخر، ووجد ثلاثة أنواع من هذه الخطوط: أقواس أو دوائر أو عقد أو على شكل رابع يدعى المركبات، لتركيبها من أشكال متعددة.
وفي عام 1858 أي بعد 35 عاماً، أشار العالم الإنكليزي "وليم هرشل" (William Herschel) إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها، مما جعلها دليلاً مميزاً لكل شخص.
وفي عام 1877 اخترع الدكتور "هنري فولدز" (Henry Faulds) طريقة وضع البصمة على الورق باستخدام حبر المطابع.
وفي عام 1892 أثبت الدكتور "فرانسيس غالتون" (Francis Galton) أن صورة البصمة لأي إصبع تعيش مع صاحبها طوال حياته فلا تتغير رغم كل الطوارىء التي قد تصيبه، وقد وجد العلماء أن إحدى المومياء المصرية المحنّطة احتفظت ببصماتها واضحة جلية.(1/1)
وأثبت جالتون أنه لا يوجد شخصان في العالم كله لهما نفس التعرجات الدقيقة وقد أكد أن هذه التعرّجات تظهر على أصابع الجنين وهو في بطن أمه عندما يكون عمره بين 100 و 120 يوماً.
وفي عام 1893 أسس مفوّض اسكتلند يارد، "إدوارد هنري" (Edward Henry) نظاماً سهلاً لتصنيف وتجميع البصمات، لقد اعتبر أن بصمة أي إصبع يمكن تصنيفها إلى واحدة من ثمانية أنواع رئيسية، واعتبر أن أصابع اليدين العشرة هي وحدة كاملة في تصنيف هوية الشخص. وأدخلت في نفس العام البصمات كدليل قوي في دوائر الشرطة في اسكتلند يارد. كما جاء في الموسوعة البريطانية.
ثم أخذ العلماء منذ اكتشاف البصمات بإجراء دراسات على أعداد كبيرة من الناس من مختلف الأجناس فلم يعثر على مجموعتين متطابقتين أبداً.
حقائق علمية:
- يتم تكوين بصمات البنان عند الجنين في الشهر الرابع، وتظل ثابتة ومميزة طوال حياته.
- البصمات هي تسجيل للتعرّجات التي تنشأ من التحام طبقة الأدمة مع البشرة.
- تختلف هذه التعرجات من شخص لآخر، فلا تتوافق ولا تتطابق أبداً بين شخصين.
- أصبحت بصمات الأصابع الوسيلة المثلى لتحديد هوية الأشخاص.
التفسير العلمي:(1/2)
يقول الله تعالى ذكره في سورة القيامة آية [1-4]: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}، لقد أثارت الإشارة في الآيات الكريمة من سورة القيامة انتباه المفسرين ودهشتهم حيث أقسم الله تعالى باليوم الآخر وبالنفس الباقية على فطرتها التي تلوم صاحبها على كل معصية أو تقصير، لقد أقسم الله تعالى بهما على شيء عظيم يعدّ الركن الثاني من أركان العقيدة الإسلامية ألا وهو الإيمان ببعث الإنسان بعد موته وجمع عظامه استعداداً للحساب والجزاء، ثم بعد أن أقسم الله تعالى على ذلك بين أن ذلك ليس مستحيلاً عليه لأن من كان قادراً على تسوية بنان الإنسان هو قادر أيضاً على جمع عظامه وإعادة الحياة إليها.
ولكن الشيء المستغرب لأول نظرة تأمل في هذا القسم هو القدرة على تسوية البنان، والبنان جزء صغير من تكوين الإنسان، لا يدل بالضرورة على القدرة على إحياء العظام وهي رميم، لأن القدرة على خلق الجزء لا تستلزم بالضرورة القدرة على خلق الكل.
وبالرغم من محاولات المفسرين إلقاء الضوء على البنان وإبراز جوانب الحكمة والإبداع في تكوين رؤوس الأصابع من عظام دقيقة وتركيب الأظافر فيها ووجود الأعصاب الحساسة وغير ذلك، إلا أن الإشارة الدقيقة لم تُدرك إلا في القرن التاسع عشر الميلادي، عندما اكتشف عالم التشريح التشيكي "بركنجي" أن الخطوط الدقيقة الموجودة على البشرة في رؤوس الأصابع تختلف من شخص لآخر، حيث وجد ثلاثة أنواع من هذه الخطوط فهي تكون إما على شكل أقواس أو دوائر أو عقد، أو على شكل رابع يدعى المركبّات وذلك لتركيبها من أشكال متعددة.
وفي سنة 1858 أشار العالم الإنكليزي "وليم هرشل" إلى اختلاف البصمات باختلاف أصحابها، مما يجعلها دليلاً مميزاً لكل شخص.(1/3)
والمدهش أن هذه الخطوط تظهر في جلد الجنين وهو في بطن أمه عندما يكون عمره 100 أو 120 يوماً، ثم تتكامل تماماً عند ولادته ولا تتغير مدى الحياة مهما تعرّض الإنسان للإصابات والحروق والأمراض، وهذا ما أكّدته البحوث والدراسات التي قام بها الطبيب "فرانسيس غالتون" سنة 1892 ومن جاء بعده، حيث قررت ثبات البصمات الموجودة على أطراف الأصابع رغم كل الطوارىء كما جاء في الموسوعة البريطانية.
ولقد حدث أن بعض المجرمين بمدينة شيكاغو الأمريكية تصوروا أنهم قادرون على تغيير بصماتهم فقاموا بنزع جلد أصابعهم واستبداله بقطع لحمية جديدة من مواضع أخرى من أجسامهم، إلا أنهم أصيبوا بخيبة الأمل عندما اكتشفوا أن قِطَع الجلد المزروعة قد نمت واكتسبت نفس البصمات الخاصة بكل شخص منهم.
كما وجد علماء التشريح أن إحدى المومياء المصرية المحنّطة قد احتفظت ببصماتها جلية.
ولقد قام الأطباء بدراسات تشريحية عميقة على أعداد كثيرة من الناس من مختلف الأجناس والأعمار، حتى وقفوا أمام الحقيقة العلمية ورؤوسهم منحنية ولسان حالهم يقول: لا أحد قادر على التسوية بين البصمات المنتشرة على كامل الكرة الأرضية ولو بين شخصين فقط.
وهذا ما حدا بالشرطة البريطانية إلى استعمالها كدليل قاطع للتعرّف على الأشخاص، ولا تزال إلى اليوم أمضى سلاح يُشهر في وجه المجرمين.
فخلال تسعين عاماً من تصنيف بصمات الأصابع لم يُعثر على مجموعتين متطابقتين منها، وحسب نظام "هنري" الذي قام بتطويره مفوض اسكتلند يارد "إدوارد هنري" سنة 1893م، فإن بصمة أي إصبع يمكن تصنيفها إلى واحدة من ثمانية أنواع رئيسية، بحيث تُعتبر أصابع اليدين العشرة وحدة كاملة في تصنيف بطاقة الشخص.(1/4)
وهنا نلاحظ أن الآية في سورة العلق تتحدث أيضاً عن إعادة خلق بصمات الأصابع جميعها لا بصمة إصبع واحدة، إذ إن لفظ "البنان" يُطلق على الجمع أي مجموع أصابع اليد، وأما مفرده فهو البنانة، ويلاحظ أيضاً التوافق والتناغم التام بين القرآن والعلم الحديث في تبيان حقيقة البنان، كما أن لفظة "البنان" تُطلق كذلك على أصابع القدم، علماً أن بصمات القدم تعد أيضاً علامة على هوية الإنسان.
ولهذا فلا غرابة أن يكون البنان إحدى آيات الله تعالى التي وضع فيها أسرار خلقه، والتي تشهد على الشخص بدون التباس فتصبح أصدق دليل وشاهد في الدنيا والآخرة، كما تبرز معها عظمة الخالق جل ثناؤه في تشكيل هذه الخطوط على مسافة ضيقة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات مربعة.
ترى أليس هذا إعجازاً علمياً رائعاً، تتجلى فيه قدرة الخالق سبحانه، القائل في كتابه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
المراجع العلمية:
جاء في الموسوعة البريطانية ما ترجمته: "قام المشرّحون الأوائل بشرح ظاهرة الأثلام في الأصابع، ولكن لم يكن تعريف البصمات معتبراً حتى عام 1880 عندما قامت المجلة العلمية البريطانية (الطبيعة: Nature) بنشر مقالات للإنكليزيّيْن "هنري فولدز" و "وليم جايمس هرشل" يشرحان فيها وحدانية وثبوت البصمات، ثم أثبتت ملاحظاتهم على يد العالم الإنكليزي "فرانسيس غالتون". الذي قدم بدوره النظام البدائي الأول لتصنيف البصمات معتمداً فيه على تبويب النماذج إلى أقواس، أو دوائر، أو عقد. لقد قدم نظام "غالتون" خدمة لمن جاء بعده، إذ كان الأساس الذي بني عليه نظام تصنيف البصمات الذي طوره "إدوارد هنري"، والذي أصبح "هنري" فيما بعد المفوّض الحكومي الرئيسي في رئاسة الشرطة في لندن".(1/5)
وذكرت الموسوعة البريطانية أيضا:" أن البصمات تحمل معنى العصمة –عن الخطأ- في تحديد هوية الشخص، لأن ترتيب الأثلام أو الحزوز في كل إصبع عند كل إنسان وحيداً ليس له مثيل ولا يتغير مع النمو وتقدم السن.
إن البصمات تخدم في إظهار هوية الشخص الحقيقية بالرغم من الإنكار الشخصي أو افتراض الأسماء، أو حتى تغير الهيئة الشخصية من خلال تقدم العمر أو المرض أو العمليات الجراحية أو الحوادث".
وجه الإعجاز:
بعد أن أنكر كفار قريش البعث يوم القيامة وأنه كيف لله أن يجمع عظام الميت، رد عليهم رب العزة بأنه ليس قادر على جمع عظامه فقط بل حتى على خلق وتسوية بنانه، هذا الجزء الدقيق الذي يعرّف عن صاحبه والذي يميز كل إنسان عن الآخر مهما حصل له من الحوادث. وهذا ما دلت عليه الكشوف والتجارب العلمية منذ أواخر القرن التاسع عشر.(1/6)
التداوي
عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز و جل". صحيح مسلم في السلام 2204
دلَّ الحديث على مشروعية التداوي واستحبابه ، و أن الله جعل لكل داء دواء ، و في هذا تشجيع للبحث و التفتيش عن الأدوية المناسبة لمعالجة الأمراض ، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القواعد الأساسية في علاج الأمراض و هي تشخيص الداء أولاً و معرفة حقيقته بواسطة الطبيب المختص ، ثم وصف الدواء المناسب لهذا الداء .
قال ابن حجر رحمه الله : فيه الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله ، وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية او الكمية فلا ينجع ، بل ربما أحدث داء آخر إذا قدر الله ذلك ، و إليه الإشارة بقوله : " بإذن الله " فمدار ذلك كله على تقدير الله و إرادته . و التداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع و العطش للأكل والشرب ، و كذلك تجنب المهلكات و الدعاء بطلب العافية و دفع المضار و غير ذلك [ انظر فتح الباري : 10 / 135 ] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء " . صحيح البخاري في الطب 5678
جعل الإمام البخاري في صحيحه هذا الحديث عنوان باب من أبواب كتاب الطب في صحيحه . قال ابن حجر رحمه الله في شرحه للحديث : قوله " إلا أنزل له شفاء " في رواية طلحة بن عمرو الزيادة في أول الحديث : " يا أيها الناس تداووا " ووقع في رواية طارق بن شهاب عن ابن مسعود رفعه : " إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا "(1/1)
وفي حديث أسامة بن شريك : " تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داءً واحداً الهرم " .أخرجه أحمد و البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة و صححه الترمذي وقع في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود نحو حديث الباب و زاد في آخره " عَلِمَهُ مَن علمه و جَهِلًهُ مَن جهله " . أخرجه النسائي و ابن ماجة وصححه ابن حبان و الحاكم
ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه : " إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا و لا تداووا بحرام " .
وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالإنزال في حديث الباب و هو إنزال علم ذلك على لسان المَلَك للنبي صلى الله عليه و سلم مثلاً ، أو عبَّر بالإنزال عن التقدير . و فيها التقييد بالحلال . فلا يجوز التداوي بالحرام [ فتح الباري : 10 / 135 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/2)
الحجامة
قال صلى الله عليه وسلم : ( نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو عن البصر ) رواه الترمذي وقد روي أيضا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرة ) البخاري ومسلم
لقد أثبت العلم الحديث أن الحجامة قد تكون شفاء لبعض أمراض القلب وبعض امراض الدم وبعض أمراض الكبد .. ففي حالة شدة احتقان الرئتين نتيجة هبوط القلب وعندما تفشل جميع الوسائل العلاجية من مدرات البول وربط الأيدي والقدمين لتقليل اندفاع الدم إلى القلب فقد يكون إخراج الدم بفصده عاملا جوهريا هاما لسرعة شفاء هبوط القلب كما أن الارتفاع المفاجئ لضغط الدم المصحوب بشبه الغيبوبة وفقد التمييز للزمان والمكان أو المصاحب للغيبوبة نتيجة تأثير هذا الارتفاع الشديد المفاجئ لضغط الدم - قد يكون إخراج الدم بفصده علاجا لمثل هذه الحالة كما أن بعض أمراض الكبد مثل التليف الكبدي لا يوجد علاج ناجح لها سوى إخراج الدم بفصده فضلا عن بعض أمراض الدم التي تتميز بكثرة كرات الدم الحمراء وزيادة نسبة الهيموجلوبين في الدم تلك التي تتطلب إخراج الدم بفصده حيث يكون هو العلاج الناجح لمثل هذه الحالات منعا لحدوث مضاعفات جديدة ومما هو جدير بالذكر أن زيادة كرات الدم الحمراء قد تكون نتيجة الحياة في الجبال المرتفعة ونقص نسبة الأوكسجين في الجو وقد تكون نتيجة الحرارة الشديدة بما لها من تأثير واضح في زيادة إفرازات الغدد العرقية مما ينتج عنها زيادة عدد كرات الدم الحمراء .. ومن ثم كان إخراج الدم بفصده هو العلاج المناسب لمثل هذه الحلات ومن هنا جاء قوله صلى الله عليه وسلم : ( خيرما تداويتم به الحجامة ) ورد في الطب النبوي : ابن قيم الجوزية . وهو قول اجتمعت فيه الحكمة العلمية التي كشفتها البحوث العلمية مؤخرا
المصدر " الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية " لمحمد كامل عبد الصمد(1/1)
الحجر الصحي
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ _ مكان قرب تبوك على طريق الشام _ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح و أصحابه ، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام ، قال : ابن عباس : فقال عمر : ادعُ لي المهاجرين الأوَّلين ، فدعاهم فاستشارهم و أخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ، فاختلفوا فقال بعضهم : قد خرجنا لأمر و لا نرى أن ترجع عنه ، و قال بعضهم : معك بقية الناس و أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا نرى أن تَقدَمهم على هذا الوباء ؛ فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادعُ لي الأنصار ، فدعوتهم فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين و اختلفوا كاختلافهم . فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادع لي من كان ههنا من مشيخة قريش من مهاجِرة الفتح _ أي الذين أسلموا بعد فتح مكة _ فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان ، فقالوا : نرى أن ترجع بالناس و لا تقدمهم على هذا الوباء . فنادى عمر في الناس : إني مُصبح على ظَهر فأصبحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح : أفراراً من قدر الله ، فقال عمر : لو غَيرك قالها يا أبا عُبيدة ، نعم نفر من قَدَر الله إلى قدر الله ، أرأيت إن كانت لك إبل هبطت وادياً له عَدوتان : إحداهما خَصيبة و الأخرى جَدبة ، أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله ، و إن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف و كان متغيَّباً في بعض حاجته ، فقال : إن عندي في هذا علماً سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا سمعتُم به بأرض فلا تَقدَموا عليه ، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه " قال : فحمد الله عمر ثم انصرف .
وعن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها " صحيح البخاري في الطب 5729 - 5728(1/1)
الطاعون مرض إنتاني وبائي ، عامله جرثومة بشكل العصية اكتشفها العالم ( ييرسين ) سنة 1849 م فسميت باسمه ( عصية يير سين ) ، وكان يأتي بشكل جائحات تجتاح البلاد و العباد و تحصد في طريقها الألوف من الناس ، و هو يصيب الفئران عادة ثم تنتقل جراثيمه منها إلى الإنسان بواسطة البراغيث ، فتصيب العقد البلغمية في الآباط و المغابن و المراق ، فتتورم ثم تتقرح فتصبح كالدمامل ، و قد يصيب الرئتين مع العقد البلغمية أو بدونها فيصبح خطراً جداً .
وقع وباء منه في بلاد الشام سنة 18 هـ سمي طاعون عمواس نسبة إلى بلدة صغيرة يقال لها عمواس بين القدس و الرملة أول ما نجم الداء بها ثم انتشر في بلاد الشام منها فنسب إليها .
قال الواقدي : توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة و عشرين ألفاً ، و قال غيره : ثلاثون ألفاً ، كما ذكر ابن كثير في البداية و النهاية .
وهذا الحديث الشريف هو أساس الحَجر الصحي الذي لم يُعرف إلا في القرن العشرين ، فإذا وقع وباء مُعدٍ في بلدٍ ما يُضرب عليه حجر صحي ، فلا يدخل إليه أحد خوفاً من أن يرمي بنفسه إلى التهلكة فيصاب بالوباء ، و لا يسمح لأحد من داخله بالخروج خوفاً من أن يكون مصاباً بالمرض و لا يزال في دور الحضانة فينقل الوباء إلى خارج البلد و يعم انتشاره في الأرض ، لذلك لا يسمح بخروج أي شخص إلا بعد أن يلقح ضد جراثيم هذا الوباء ، و أن يوضع في مكان منعزل ( الكرنتينا ) ليمضي فيها مدة حضانة هذا الوباء ، و لكل وباء مدة حضانة خاصة به تختلف عن غيره ، ، فإذا لم يظهر الداء على الشخص فهو سليم و يسمح له عند ذلك بالخروج إلى بلد آخر [ الحقائق الطبية في الإسلام ، ص 100 ] .
وقد ورد في عدد من الأحاديث أنه صلى الله عليه و سلم وصف الطاعون منها :(1/2)
حديث أبي موسى رفعه " فناء أمتي بالطعن و الطاعون ، قيل : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن ، و في كُلٍّ شهادة " أخرجه أحمد من رواية زياد بن علاقة عن رجل عن أبي موسى ، و في رواية له عن زياد ... و أخرجه البزار و الطبراني من وجهين آخرين فسميا المبهم يزيد بن الحارث ، و رجاله رجال الصحيحين إلا المبهم ... فالحديث صحيح بهذا الاعتبار و قد صحَّحه ابن خزيمة و الحاكم و أخرجاه ، و أحمد و الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر ابن أبي موسى الأشعري قال : سألت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " هو وخز أعدائكم من الجن وهو لكم شهادة " و رجاله رجال الصحيح إلا واحداً وثقه أبو نعيم و النسائي و جماعة ، و ضعفه جماعة بسبب التشيع ... و للحديث طريق ثالثة أخرجها الطبراني عن كريب بن الحارث ابن أبي موسى عن أبيه عن جده و رجاله رجال الصحيح إلا كريباً ..
قال ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر هذه الأحاديث : والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه [ فتح الباري : 10 / 182 ] .(1/3)
والعجيب أن أحد الكتاب المعاصرين أخطأ فهم الحديث النبوي الشريف " هو وخز أعدائكم من الجن " فزعم أن الجراثيم يمكن أن تكون نوعاً من أنواع الجن فقال : لم تكن الجراثيم قد عرفت بعد في زمن النبي صلى الله عليه و سلم فهل قصد عليه الصلاة و السلام " هو وخز أعدائكم من الجن " المعنى الشرعي لكلمة الجن ، أي المخلوقات التي خلقها الله تعالى من النار و ترى الإنس و لا يرونهم ، أم قصد المعنى اللغوي بمعنى كل ما استتر و خفي ؟ الله تعالى أعلم . و لكن لو كان يريد المعنى الأول أما كان الأولى أن يقول : هو وخز الشياطين ، فيكتفي بكلمة واحدة بدلاً من ثلاث كلمات : " أعدائكم من الجن " ؛ لأن الشياطين كلهم أعداء للإنس . و أما كان الأولى بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدخل على الطاعون في بلاد الشام لكي تهرب الشياطين منه و ينقذ المسلمين من ذلك الوباء اللعين ، بدلاً من أن يعود إلى المدينة المنورة و هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم : " ما سلك عمر بن الخطاب فجَّاً إلا و سلك الشيطان فجَّاً غيره " [ متفق عليه ] .
وهو كلام خطير يؤدي إلى تأييد رأي المستغربين الماديين الذين أنكروا المغيبات التي أخبر الله تبارك و تعالى عنها كالملائكة و الجن ، و الذي اتهم المسلمين بأن فكرهم ليس فكراً علمياً بل هو فكر غيبي يؤمن بالأساطير و الخرافات .
فالفكر الإسلامي فكر علمي يقوم على النظر و التفكير . و الإيمان بالغيب أساسه الخبر الصادق في كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحقيقة لا تعرف كلها بالإنسان نظراً لمحدوديته ، ثمة مصدر آخر للحقيقة و هو الله سبحانه و تعالى القائل : { أَلاّ يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] و الذي وسع كل شيء علماً .(1/4)
والقول بأن الجراثيم نوع من الجن ترده النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب و السنة، فالجن الذين كانوا يسترقون أخبار السماء و الذين رموا بالشهب و الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه و سلم و انطلقوا إلى قومهم منذرين : لا يصح أبداً و لا يعقل أن تكون الجراثيم نوعاً منهم . قال تعالى في سورة الجن : { قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ منَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعنَا قُرءاناً عَجَباً ( 1 ) يَهدِي إِلَى الرُّشدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَن نُشرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ( 2 ) ... } [ الجن : 1 - 2 وما بعدها ] ، و تأمل كلمة رجال في قوله تعالى في هذه السورة : { وَ أَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجاَلٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُم رَهَقاً } و قال أيضاً : { وَ إِذا صَرَفنَا إِليكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَستَّمِعُونَ القُرءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوا إِلَى قَومِهِم مُنذَرِينَ ( 29 ) قَالُوا يَا قَومَنَا إِنَّا سَمِعنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسَى مُصَدِقاً لِمَّا بَينَ يَدَيهِ يَهدي إِلَى الحَقِّ وَ إِلَى طَرِيقٍ مُستَقِيمٍ } [ الأحقاف : 29 - 30 ] .
كيف تجرأ هذا الكاتب على مثل هذا القول و الله تعالى يقول في الجن الذين سخرهم لنبيه سليمان : { يَعمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَحَّارِيبَ وَ تَمَاثِيلَ وَ جِفَانٍ كَالجَوَابِ وَ قُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكراً وَ قَلِيلٌ مِن عِبَادِيَ الشَّكُورُ ( 13 ) فَلَمَّا قَضَينَا عَلَيهِ المَوتَ مَا دَلَّهُم عَلَى مَوتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرضِ تَأكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّو كَانُوا يُعَلَمُونَ الغَيبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ ( 14 ) } .(1/5)
الجن عالم مغيب عنا و مسؤول ومكلف يوم القيامة يحشرهم الله سبحانه و تعالى و يسألهم ، فقد أخبر عن ذلك بقوله : { يَا مَعشَرَ الجِنِّ و َ الإِنسِ إِنِ استَطعتُم أَن تَنفُذُوا مِن أَقطَارِ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلطَانٍ } [ الرحمن : 23 ] ، فكيف يصح أن تكون الجراثيم نوعاً منهم ؟!
وقوله : لو كان لو كان يريد المعنى الأول أما كان الأولى أن يقول : هو وخز الشياطين ، و غفل الكاتب في هذا عن حقيقة معنى الشيطان ، فهي كلمة تطلق على كل عاتٍ متمرد من الجن و الإنس ، قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلنَا لِكُلِّ نَبِيٍ عَدُوَّاً شَيَاطِينَ الإِنِس وَ الجِنِّ يُوحِي بَعضُهُم إِلَى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرُوراً وَ لَو شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرهُم وَ مَا يَفتَرُونَ } [ الأنعام : 112 ] .(1/6)
وقوله بعد ذلك بلهجة التهكم : أما كان الأولى بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدخل على الطاعون في بلاد الشام لكي تهرب الشياطين منه و ينقذ المسلمين من ذلك الوباء اللعين ، بدلاً من أن يعود إلى المدينة المنورة . وغفل الكاتب عن أن عمر رضي الله عنه عاد تطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الشريف " و إذا كنتم خارجها فلا تقدموا عليه " و عمر رضي الله عنه لم يرجع لتسلم له نفسه إنما كان معه وجوه الأمة الذين لا بقاء للأمة بهلاكهم كما جاء في مناسبة الحديث ، و إذا كان الشيطان يهرب من عمر فهل يهرب من بقية الناس ، و هل يكلف عمر رضي الله عنه ليحمي الأمة من كيد الشياطين أن يتجول مع كل فرد من أفرادها و يوجد بجانب كل واحد منهم ؟! إني لأعجب كيف انحدر الكاتب إلى مثل هذا المستوى من التفكير الساذج و كيف غفل الكاتب عن الحديث النبوي الشريف . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن عفريتاً من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا و تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان : { رَبِّ اغفِر لِي وَ هَب لِي مُلكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعدِي إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ } فرده الله خاسئاً [ صحيح البخاري في التفسير ، 4808 ] .(1/7)
وغفل عن الحديث الشريف الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنه قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، و قد حيل بين الشياطين و بين خبر السماء و أرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا و بين خبر السماء و أرسلت علينا الشهب . قال : ما حال بينكم و بين خبر السماء إلا ما حدث ، فاضربوا مشارق الأرض و مغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث ؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض و مغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم و بين خبر السماء . فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بنخلة و هو عامد إلى سوق عكاظ و هو ويصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا : هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، وهناك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به و لن نشرك بربنا أحداً . و أنزل الله عز و جل على نبيه صلى الله عليه و سلم { قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنَّ } وإنما أوحي إليه قول الجن [ صحيح البخاري في التفسير 4921 ] .
فالنصوص القطعية صريحة في بيان خطأ من يقول إن الجراثيم من أنواع الجن و هو ردٌّ على قائله كائناً من كان .
ممرض على مصح
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يُورِدَن مُمرضٌ على مُصِحٍّ " . صحيح البخاري في الطب 5771
قال ابن حجر رحمه الله و هو خبر بمعنى النهي و المُمرِض _ بضم أوله وسكون ثانيه و كسر الراء _ هو الذي له إبل مرضى ، و المُصِحُّ _ بضم الميم و كسر الصاد _ من له إبل صحاح ، نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة .
وهويتفق مع الحديث السابق فالعدوى بتقدير الله تعالى يمكن أن تحدث للحيوانات أيضاً كما تحدث في الإنسان .(1/8)
والجدير بالذكر أن هذا لا يتعارض كما سبق معنا في قول النبي صلى الله عليه و سلم : " لا عدوى و لا صفر و لا هامَّة " فقال أعرابي : يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فمن أعدى الأول ؟ [ صحيح البخاري في الطب ، ( 5770 ) ] وهو جواب من النبي عليه الصلاة والسلام في غاية البلاغة و الرشاقة ، و حاصله : من أين جاء الجرب للذي أعدى الأول بزعمهم ؟ فإن أجيب : من بعير آخر لزم التسلسل ، أو سبب آخر فَليُفصِح به ، فإن أجيب بأن الذي فعله في الأول هو الذي فعله في الثاني ثبت المدعى ، و هو أن الذي فعل في الجميع ذلك هو الخالق القادر على كل شيء و هو الله سبحانه و تعالى [ صحيحي البخاري في الطب ، ( 5770 ) ] .
ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة التي مرت معنا أنه " لا عدوى " ، و في نفس الوقت
قال صلى الله عليه و سلم : " فِرَّ من المجزوم فراركَ من الأسد " وقال كما في الحديث هنا : " لا يوردن ممرض على مصح " و هذه الأحاديث الشريفة ترد الناس إلى كمال التوحيد ، و تردهم إلى بارئهم الذي خلق الأسباب و المسببات .
قال أحد الأطباء المختصين : و مما سبق أن شرحناه في موضوع الأمراض المعدية يتبين لنا إعجاز أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم ، فالأحاديث النبوية الشريفة توضح بجلاء أن دخول الميكروب بذاته إلى جسم الإنسان ليس كافياً لحدوث المرض ، و أن هناك عوامل أخرى غير ظاهرة لنا هي المسؤولة في النهاية عن حدوث المرض ...(1/9)
ومنذ أن عرف الأتراك تلقيح الأبقار بالجدري ، ثم تلقيح الأطفال ، و تبعهم ( جينير) الطبيب الإنجليزي ، ظهرت فائدة التلقيح و التطعيم ضد مختلف الميكروبات ، و فكرة التطعيم و التلقيح تتلخص في أن يدخل الإنسان الميكروب ميتاً أو مضعفاً إلى الجسم السليم ، فتتعرف عليه أجهزة المناعة و تصنع المضادات ضده ، حتى إذا دخل الميكروب الحقيقي وجد أجهزة الدفاع على أتم استعداد لمقاومته ...
وهكذا تتضح الرؤية و يعلم أن الميكروب وحده ليس سبباً للمرض ، و بذلك لا عدوى بذاتها وإنما العدوى ناتجة بقدر الله تعالى ، و مع هذا فنحن لا ننفي الأسباب بل نأخذ بالأسباب في عالم الأسباب مع الاعتقاد التام بأنها لا تضر و لا تنفع بذاتها و إنما الأمر كله بيد خالق الأسباب . و بهذا يتبين أن أحاديث المصطفى صلى الله عليه و سلم تحمل في طياتها إعجازاً علمياً لم يكشف اللثام عنه إلا في القرن العشرين بعد أن تطورت علوم البشر عن أسباب المرض و جهاز المناعة [ انظر : هل هناك طب نبوي ، باختصار ، ص 73 - 75 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/10)
معدن الحديد مُنَزّلٌ من الفضاء الخارجي
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25].
فهم المفسرين:
نقل عن علماء التفسير في تفسير هذه الآية قولهم بأن الحديد منزل من السماء، واستدلوا كذلك بالحديث المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنزل الله أربع بركات من السماء: الحديد، والنار، والماء، والملح". أما منافع الحديد فقد أفاض المفسرون في الحديث عنها.
حقائق علمية:
- كشف علماء الجيولوجيا أن 35% من مكونات الأرض من الحديد.
- الحديد أكثر المعادن ثباتاً وتصل كثافته إلى 7874 كم3، وبذلك يحفظ توازن الأرض.
- يتميز الحديد بأعلى الخصائص المغناطيسية وذلك للمحافظة على جاذبية الأرض.
- أصل الحديد من مخلفات الشهب والنيازك التي تتساقط من الفضاء الخارجي على كوكب الأرض، حيث تتساقط آلاف النيازك التي قد يزن البعض منها عشرات الأطنان وقد تم اكتشاف بعضها في أستراليا وأميركا.
- لا تتكوّن ذرّة واحدة من معدن الحديد إلا بطاقة هائلة تفوق مجموع الطاقة الشمسية.
التفسير العلمي:
قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25].(1/1)
إن القرآن يقدّر في هذه الآية الكريمة أن معدن الحديد قد تم إنزاله من السماء ولم يكن موجوداً على كوكب الأرض.
وقد ذكر هذه الحقيقة علماء التفسير، كما أفاضوا في الكلام عن بأس الحديد ومنافعه. أما العلم فإنه لم يتوصل إليها إلا في أوائل الستينات حيث وجد علماء الفضاء أن أصل معدن الحديد ليس من كوكب الأرض بل من الفضاء الخارجي، وأنه من مُخلّفات الشهب والنيازك، إذ يحول الغلاف الجوي بعضاً منها إلى رماد عندما تدخل نطاق الأرض، ويسقط البعض الآخر على أشكال وأحجام مختلفة.
كشف علماء الفضاء مؤخراً أن عنصر الحديد لا يمكن له أن يتكون داخل المجموعة الشمسية، فالشمس نجم ذو حرارة وطاقة غير كافية لدمج عنصر الحديد، وهذا ما دفع بالعلماء إلى القول بأن معدن الحديد قد تم دمجه خارج مجموعتنا الشمسية، ثم نزل إلى الأرض عن طريق النيازك والشهب.
ويعتقد علماء الفلك حالياً أن النيازك والشهب ما هي إلا مقذوفات فلكية من ذرات مختلفة الأحجام، وتتألف من معدن الحديد وغيره، ولذلك كان معدن الحديد من أول المعادن التي عُرِفتْ للإنسانية على وجه الأرض، لأنه يتساقط بصورة نقية من السماء على شكل نيازك.
قال "أرثر بيرز" في كتابه "الأرض": "قُسّمت النيازك إلى ثلاثة أقسام عامة:
1- النيازك الحديدية: ومتكونة من أكثر من 98% من الحديد والنيكل.
2- النيازك الحديدية الحجرية: نصفها مكوّن تقريباً من الحديد والنيكل والنصف الآخر من نوع الصخر المعروف باسم الـ "أوليفين".
3- النيازك الحجرية: التي تشمل على حجارة، وتقسم حجارتها إلى عدة أنواع.(1/2)
يتساقط في كل عام آلاف النيازك والشهب على كوكب الأرض، التي قد يزن بعضها أحياناً عشرات الأطنان. ففي سنة 1902 عثر على نيزك في الولايات المتحدة بلغ (62 طناً) مكوّن من سبائك الحديد والنيكل. أما في ولاية "أريزونا" فقد أحدث شهاب فوهةً ضخمةً عمقها (600 قدم) وقطرها (4000 قدم) وقد بلغت كميات الحديد المستخرجة من شظاياه الممزوجة بالنيكل عشرات الأطنان.
ومن هذا الشرح العلمي تتبين لنا دقة الوصف القرآني "أنزلنا الحديد". ولكن ما هو البأس الشديد وما هي المنافع التي أشار إليها القرآن بقوله: {فيه بأس شديد و منافع للناس}؟
لقد وجد علماء الكيمياء أن معدن الحديد هو أكثر المعادن ثباتاً ولم يتوصل العلم إلى الآن من اكتشاف معدن له خواص الحديد في بأسه وقوته ومرونته وشدة تحمله للضغط. وهو أيضاً أكثر المعادن كثافةً حيث تصل كثافته إلى 7874 كم3، وهذا يفيد الأرض في حفظ توازنها. كما يعتبر معدن الحديد الذي يشكل 35% من مكونات الأرض، أكثر العناصر مغناطيسية وذلك لحفظ جاذبيتها.
في واقع الأمر لم تعرف البشرية أهمية الحديد الصناعية إلا في القرن الثامن عشر أي بعد نزول القرآن باثني عشر قرناً، حيث اتجه العالم فجأة إلى صناعة الحديد واكتشفوا أيسر الوسائل لاستخراجه. وقد دخل الحديد الآن في كل المجالات الصناعية كأساس لها، بل أصبح حجر الزاوية في جميع استعمالات البشر، فهو يستخدم كأنسب معدن في صناعة الأسلحة وأساساً لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة.
ولا بد أن نذكر أيضاً أن الحديد عنصر أساسي في كثير من الكائنات الحية، كما في بناء النباتات التي تمتص مركباته من التربة، والهيموغلوبين في خلايا الدم عند الإنسان والحيوان.(1/3)
ونختم كلامنا عن الحديد بالإشارة إلى توافق عددي عجيب ذكره الدكتور زغلول النجار وهو من كبار علماء الجيولوجيا في العالم حيث نبهّه أحد أساتذة الكيمياء في أستراليا إلى أن رقم سورة الحديد يوافق الرقم الذرّي لمعدن الحديد وهو (56) بينما يوافق رقم آية الحديد العدد الذرّي لمعدن الحديد وهو (26)، ويأتي شرح ذلك مفصلاً في قسم الموافقات العددية. فسبحان من علّم محمداً صلى الله عليه وسلم كل هذه الحقائق العلمية. إنه رب العالمين خالق الأكوان القائل في كتابه العزيز {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
مراجع علمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية:(1/4)
"... على أية حال، إن أصل تكوّن الأرض عن طريق النمو التراكمي للكويكبات هي فرضية موثقة، والنيازك هي الأمثلة المحتملة للكويكبات التي عاشت في مرحلة ما قبل التكوكب من النظام الشمسي. هو هكذا يظهر أن الأرض قد تشكلت بتراكم الأجسام الصلبة مع التركيب المتوسط للنيازك الحجرية. على أية حال، عملية النمو التراكمي تقود إلى التفرقة الهائلة من العناصر. إن الكثير من الحديد قد أُرجع إلى الحالة المعدنية وغاص نحو المركز ليكوّن اللب، حاملاً معه القسم الأكبر من عناصر (السيدروفيل)*. أما عناصر (الليثوفيل)*، تلك ذات الألفة الأكثر للأكسجين من الحديد، فهي تتحد على شكل أكاسيد، في الغالب السيليكات، وتؤمن المادة المكونة للدٍّثار –(غلاف اللب الأرضي)- والقشرة. كما تميل عناصر (التشالكوفيل)* إلى تكوين الكبريتيدات، على أية حال، بعض الكبريتيدات تستقر على درجات حرارة عالية داخل الأرض، إذ أن مصير عناصر (التشالكوفيل)* خلال التاريخ المبكر للأرض غير مؤكدة نوعاً ما.
يمكن لهذا التمايز الجيوكيميائي الابتدائي للأرض أن يُترجم في تعابير النظام: حديد – مغنيزيوم – سيليكون – أكسجين – كبريت، لأن هذه العناصر الخمسة تكون حوالي 95 بالمائة من الأرض. لم تكن هناك كمية كافية من الأكسجين لتتحد مع أكثر العناصر معدنية الحديد، والمغنيزيوم والسيليكون. وبما أن المغنيزيوم والسيليكون لديهم ائتلاف مع الأكسجين أكثر من الحديد، فإنها تتّحد مع الأكسجين بالكامل. يتّحد الأكسجين الباقي مع قسم من الحديد مخلفاً البقية على شكل حديد معدني وكبريتيد الحديد. كما أشرنا سابقاً، يغوص المعدن في العمق ليشكّل اللب، صاحباً معه القسم الأكبر من عناصر (السيدروفيل)*..."
*- التشالكوفيل: أليف الكبريت.
- السيدروفيل: أليف النيزك الحديدي.
- الليثوفيل: أليف الصخر.(1/5)
"...إن احتراقاً إضافياً للمواد يؤدي إلى مجموعة من التفاعلات النووية المعقدة عن طريق العناصر التي نتجت من احتراق الكربون والأكسجين و التي تُحوّل بشكل تدريجي إلى عناصر ذات طاقة ترابطية كسرية قصوى، على سبيل المثال، الكروم والمنغنيز والحديد والكوبالت والنيكل. أعطت هذه التفاعلات جماعياً اسم احتراق السيليكون لأن قسماً مهماً من العملية هو تحطيم لنوى السيليكون إلى نوى الهيليوم، والتي تضاف تباعاً إلى نوى سيليكون أخرى لإنتاج العناصر المذكورة سابقاً.
أخيراً على درجات الحرارة تقريباً 4 × 910 ك، هناك إمكانية لبلوغ تقريبي إلى الموازنة الإحصائية النووية. في هذه المرحلة، بالرغم من أن التفاعلات النووية تتابع عملها، فإن كل تفاعل نووي ومعكوسه قد حدث بشكل سريع على حدٍّ سواء. وليس هناك تغير إجمالي آخر للتركيبة الكيميائية. وهكذا، فإن الإنتاج التدريجي للعناصر الثقيلة من خلال تفاعلات الاندماج النووي تُوازن بالتفكك وتتوقف عملية التعزيز فعلياً حينما تسود المادة على شكل الحديد والعناصر المجاورة له في الجدول الدوري. حقيقةً، إذا حدث تسخين آخر، فإن تحويلاًُ للنوى الثقيلة إلى نوى أخف سيتبع ذلك وبنفس الطريقة تقريباً التي يحصل فيها تأين (تشرّد) للذرات عندما تسخّن وتحمّى..."
"... إن الكثافة في لب الشمس تعادل تقريباً 100 ضعف كثافة الماء (تقريباً ستة أضعاف الكثافة في مركز الأرض)، لكن درجة الحرارة فهي على الأقل 15.000.000 كلفن، بحيث أن الضغط المركزي يساوي على الأقل 10.000 ضعف أكثر من ذلك في مركز الأرض والذي يعادل 3500 كيلوبار.
... تنخفض درجة حرارة الشمس من 15.000.000 كلفن في المركز إلى 5.800 كلفن على سطحها النيِّر، ..."(1/6)
" يحتمل للنجوم ذات الكتلة المنخفضة أن تكون درجة الحرارة القصوى متدنية جداً لأية تفاعلات نووية مهمة يمكن لها أن تحدث، ولكن للنجوم الهائلة مثل الشمس وأعظم منها، فإنه يمكن أن تحدث أغلب تسلسلات تفاعلات الاندماج النووي الموصوفة سابقاً. علاوة على ذلك، فإن ميزان الوقت للتطور النجمي يُشتق من نظريات التطور النجمي التي تبرهن أن النجوم الأكثر كتلة جوهرياً من الشمس يمكن أن تكون أكملت تاريخ حياتها النشيط في وقت قصير مقارنةً بعمر اشتقاق الكون من نظرية الانفجار العظيم الكونية.
هذه النتيجة تعني أن النجوم الأكثر كتلةً من الشمس والتي تكونت باكراً جداً في تاريخ حياة المجرة، من المحتمل أنها أنتجت بعض العناصر الثقيلة التي تشاهد اليوم، وأما النجوم الأقل كتلة من الشمس فهي لم يكن لها أن تلعب أي دور في هذا الإنتاج ".
"إن الحديد، الذي هو أساس تكوين لب الأرض، هو أكثر العناصر انتشاراً في الأرض بشكل كلي (35 بالمائة) ...".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو دلالة لفظ "أنزلنا الحديد" الذي يفيد هبوط الحديد من السماء، وهذا ما كشفت عنه الدراسات الفضائية والجيولوجية في النصف الثاني من القرن العشرين.(1/7)
الحمل ومنع الحمل
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن العزل فقال : " ما من كل الماء يكون الولد ، و إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء " . صحيح البخاري في النكاح 1438
و هذا الحديث _ كما يقول المختصون من الأطباء _ إعجاز كامل ، و لم يكن أحد يعلم أن جزءاً يسيراً من المني هو الذي يُخلق منه الولد ، فلم يكن أحدٌ يتصور أن في القذفة الواحدة من المني ما بين مئة إلى ثمانمئة مليون حيوان منوي ، و أن حيواناً منوياً فقط هو الذي يقوم بتلقيح البويضة .
فالحديث صريح بأنه ليس من كل الماء يكون الولد ، و إنما من جزءٍ يسير منه ، و أنى لمن عاش قبل أربعة عشر قرناً أن يعلم هذه الحقيقة التي لم تُعرف إلا في القرن العشرين إذا لم يكن علمه قد جاء من لدن العليم الخبير [ انظر كتاب : خلق الإنسان بين الطب و القرآن ] .
و قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث : " و إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء " إعجاز كامل أيضاً لا يتصوره إلا من دَرَسَ وسائل مَنعِ الحمل و نسبة النجاح فيها ، فبرغم هذه الموانع الكثيرة يحصل الحمل أحياناً إذا قدر الله ذلك . يقول أحد المختصين في أمراض النساء : جاءتني إحدى المريضات و أخبرتني أنه أجرت عملية تعقيم بقطع قناتي الرحم و ربطهما في لندن ، ثم لم تلبث بعد بضعة أشهر إلا و هي حامل ؛ و ذلك مقرر في الكتب و المجلات الطبية ، فإن نسبة فشل هذه العملية 55 % إذا كانت عن طريق المهبل ، و لكنها تهبط إلى 1 % فقط إذا أُجريت العملية عن طريق فتح البطن و بواسطة جراح ماهر ، و سجل كثير من الباحثين نسبة فشل تصل إلى 37 % مع جراحين مهرة ، بل لقد سجلت حوادث حمل بعد عملية استئصال للرحم . و عليه فإن الحديث النبوي الشريف إعجاز كامل في تقرير هذه الحقيقة العلمية [ انظر كتاب : هل هناك طب نبوي ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
الخسوف والكسوف
عن المغيرة بن شعبة قال : كُسِفَت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم مات إبراهيم فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنَّ الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم فصَلُّوا و ادعوا الله " . و في رواية عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الشمس و القمر لا يُخسفان لموت أحد و لا لحياته ، و لكنهما آيتان من آيات الله ، فإذا رأيتموهما فصلوا " . صحيح البخاري في الكسوف 1042 - 1043
قوله : " لموت أحد " في رواية : سبب هذا القول و لفظه و ذلك أن ابناً للنبي صلى الله عليه و سلم يقال له إبراهيم مات فقال الناس في ذلك .
و لأحمد و النسائي و ابن ماجة عن النعمان بن بشير قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج فزعاً يجر ثوبه حتى أتى المسجد ، فلم يزل يصلي حتى انجلت ، فلما انجلت قال : " إن الناس يزعمون أن الشمس و القمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء و ليس كذلك " .
و في هذا الحديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدون من تأثير الكواكب في الأرض ، قال الخطابي : كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض من موت أو ضرر ، فأعلم النبي صلى الله عليه و سلم أنه اعتقاد باطل ، و أن الشمس و القمر خَلقان مُسخَّران لله ليس لهما سلطان في غيرهما و لا قدرة على الدفع عن أنفسهما [ فتح الباري : 2 / 528 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
الرضاع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) متفق عليه
أثبتت الأبحاث العلمية التي أجريت حديثا وجود أجسام في لبن الأم المرضعة الذي يترتب على تعاطيه تكوين أجسام مناعية في جسم الرضيع بعد جرعات تتراوح من ثلاث إلى خمس جرعات .... وهذه هي الجرعات المطلوبة لتكوين الأجسام المناعية في جسم الإنسان , حتى في حيوانات التجارب المولودة حديثا والتي لم يكتمل نمو الجهاز المناعي عندها .... فعندما ترضع اللبن تكتسب بعض الصفات الوراثية الخاصة بالمناعة من اللبن الذي ترضعه , وبالتالي تكون مشابهة لأخيها أو لأختها من الرضاع في هذه الصفات الوراثية . ولقد وجد أن تكون هذه الجسيمات المناعية يمكن أن يؤدي إلى أعراض مرضية عند الإخوة في حالة الزواج . ومن هنا نجد الحكمة في هذا الحديث الشريف الذي نحن بصدده في تحريمة زواج الإخوة من الرضاع والذي حدد الرضعات بخمس رضعات مشبعات إن القرابة من الرضاعة تثبت وتنتقل في النسل . والسبب الوراثة ونقل الجينات , أي أن قرابة الرضاعة سببها انتقال جينات ( عوامل وراثية ) من حليب الأم واختراقها لخلايا الرضيع واندماجها مع سلسلة الجينات عند الرضيع يساعد على هذه النظرية أن حليب الأم يحتوي على أكثر من نوع الخلايا ومعلوم أن المصدر الطبيعي للجينات البشرية هو نواة الخلايا
DNA
كما يحتمل أن الجهاز الوراثي عند الرضيع يتقبل الجينات الغريبة لأنه غير ناضج , حاله حال عدة أجهزة في الجسم , لا يتم نضجها إلا بعد أشهر وسنوات من الولادة وإذا صح تفسير قرابة الرضاعة بهذه النظرية فإن لها تطبيقات في غاية الأهمية والخطورة
المصدر " الإعجاز العلمي في الإسلام السنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد
المصدر " العلوم في القرآن " د : محمد جميل الحبّال د : مقداد مرعي الجواري(1/1)
السماء ذات الرجع
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11].
التفسير اللغوي:
الرَّجْع: رجع يرجعُ رجْعاً ورجوعاً: انصَرفَ.
وقيل: الرجْعُ: محْبِسُ الماء.
والرَّجْعُ: المطر لأنه يرجع مرة بعد مرة، وفي التنزيل: {والسماء ذات الرَّجع} ويُقال: ذات النفع.
قال ثعلب: ترجع بالمطر سنة بعد سنة.
وقال اللحياني: لأنها ترجع بالغيث.
وقال الفراء: تبتدىء بالمطر ثم ترجع به كل عام.
وقال غيره: ذات الرَّجع: ذات المطر، لأنه يجيء ويرجع ويتكرر.
فهم المفسرين:
قال الرازي في تفسيره للآية: قال الزجاج: الرجع المطر لأنه يجيء ويتكرر، واعلم أن كلام الزجاج وسائر أئمة اللغة صريح في أن الرجع ليس اسماً موضوعاً للمطر بل سُمّي رجعاً على سبيل المجاز ولحسن هذا المجاز وجوه:
أحدها: قال القفال: كأنه من ترجيع الصوت وهو إعادته ووصل الحروف به، فكذا المطر لكونه عائداً مرة بعد أخرى سُمّي رجعاً.
وثانيها: أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض.
وثالثها: أنهم أرادوا التفاؤل فسموه رجعاً ليرجع.
ورابعها: أن المطر يرجع في كل عام، إذا عرفت هذا فسنقول للمفسرين أقوال:
أحدها: قال ابن عباس: "والسماء ذات الرجع" أي ذات المطر يرجع المطر بعد مطر".
وثانيها: رجع السماء: إعطاء الخير الذي يكون من جهتها حالاً بعد حال على مرور الأزمان، ترجعه رجعاً أي تعطيه مرة بعد مرة.
وثالثها: قال ابن زيد: هو أنها ترد وترجع شمسها وقمرها بعد مغيبها، والقول الصواب هو الأول.
قال القرطبي: قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} أي ذات المطر ترجع كل سنة بمطر بعد مطر، كذا قال عامة المفسرين.
حقائق علمية:
1- تقوم الطبقة الأولى من الغلاف الجوي "التروبوسفير" (Troposphere) بإرجاع بخار الماء إلى الأرض على شكل أمطار، وبإرجاع الحرارة إليها أيضاً في الليل على شكل غاز ثاني أكسيد الكربون CO2.(1/1)
2- يعتبر الغلاف الجوي للأرض درعاً واقياً عظيماً يحمي كوكب الأرض من الشهب والنيازك والإشعاعات القاتلة للأحياء، وذلك بفضل الطبقة الخامسة من طبقاته وهي الستراتوسفير (Stratosphere) .
3- تعتبر الطبقة الرابعة من طبقات الغلاف الجوي وهي الثيرموسفير (Thermosphere) ذات رجع فهي تعكس موجات الراديو القصيرة والمتوسطة إلى الأرض.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11].
تشير الآية القرآنية الكريمة إلى أن أهم صفة للسماء هي أنها ذات رجع فما معنى الرجع؟
الرجع في اللغة كما يقول ابن منظور في لسان العرب: هو محبس الماء وقال اللحياني: سميت السماء بذات الرجع لأنها ترجع بالغيث وكلمة الرجع مشتقة من الرجوع وهو العودة والعكس، ومعنى الآية أن السماء تقوم بوظيفة الإرجاع والعكس.
وقد جاء العلم ليؤكد هذا التفسير فقد كشف علماء الفلك أن طبقة التروبوسفير التي هي إحدى طبقات الغلاف الجوي للأرض تقوم بإرجاع ما تبخر من الماء على شكل أمطار إلى الأرض من خلال دورة دائمة سميت بدورة تبخر الماء.
كما اكتشف علماء الفلك أيضاً أن طبقة الستراتوسفير وهي التي تضم طبقة الأوزون تقوم بإرجاع وعكس الإشعاعات الضارة الما فوق بنفسجية إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي فهي تحمي الأرض من الإشعاعات الكونية القاتلة، فهي تعتبر حاجزاً منيعاً يحول دون وصول كميات كبيرة من ضوء الشمس وحرارتها إلى الأرض، كما نصت على ذلك الموسوعة البريطانية.
أما طبقة الثيرموسفير فإنها تقوم بعكس وإرجاع موجات الراديو القصيرة والمتوسطة التردد AM و SW الصادرة من الأرض وهذا ما يفسر إمكانية استقبال هذه الموجات من مسافات بعيدة جداً. وقد ذكرت ذلك بالتفصيل الموسوعة البريطانية.
يتضح مما تقدم أن أهم صفة للسماء كشف عنها العلماء في القرن العشرين هي أنها ذات رجع.(1/2)
فسبحان الله الذي قال في كتابه المعجز: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ}.
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو دلالتها الواضحة على أن أهم صفة للسماء هي أنها ذات رجع، وهذا ما كشفه العلم في القرن العشرين.(1/3)
السماء والأرض
يقول ربنا سبحانه : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة : 29 والآية الأخرى تقول : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان )بينما الأرض كانت متقدمة وقد تطورت ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ ) أي أن هناك مرحلة من مراحل السماء كانت دخانا هذا كلام الله وهذا ما يقول به العلم أخيرا ! يقولون : تريدون الأدلة ؟(1/1)
اذهبوا إلى أي مرصد من المراصد وانظروا بأعينكم إلى السماء فستجدون الدخان في السماء .. بقايا الدخان تتكون منه نجوم وكواكب إلى يومنا هذا !! لو قلت لأعرابي أو لمثقف : هل الدخان ينتج عن النار أم النار تنتج عن الدخان ؟ فسيقول : الدخان نتيجة للنار . قلت : النجوم والكواكب هل كان يتصور إنسان أنها كانت دخانا ؟! إن النار هذه كانت دخانا ؟ لا يخطر على بال أحد لكن هذا هو الذي يقرره القرآن ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) فصلت : 11 عندما بدأت الأرض تتكون - وهذه أيضا من نفس الكتاب - يدرسون الأرض فيقولون : تكونت الجبال عن طريق خروجها من باطن الأرض في صورة براكين .. انظروا تكون جبل . وتكون جبل .. وهكذا .. فالجبال ألقى بها من باطن الأرض ( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ) الانشقاق : 3-4 ألقت ما فيها هذا في النهاية أما في البدابة أي أن الرواسى التى جاء ذكرها في قوله تعالى : (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) النازعات : 32 تتكون عن طريق الإلقاء فألقى بالجبال ثم ماذا ؟ ثم خرجت المياه من باطن الأرض جميع البحار والأنهار كانت كلها في باطن الأرض وخرجت من باطن الأرض إلى أعلى . كذلك النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون الهواء الذي تتكون منه أجسام النباتات إلى جانب التربة كلها كانت في باطن الأرض ثم خرجت الأصلية خرجت أيضا من باطن الأرض اسمعوا إلى قول المولى جل وعلا : ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ) للكلام عن بداية الخلق (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) النازعات : 31 - 33(1/2)
ألم يقولوا أخيرا ماقاله الله أولا هذا كلامهم يلتقى مع قوله سبحانه : ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) النازعات : 31 - 33 لكن أتدرون ما بعد هذه الآية ؟ ( فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ) النازعات : 34 - 36 انظروا هذه الآية عندنا منذ 1400 سنة والآن يقولون : شاهدنا هذا والله ودرسنا الأرض ودرسنا تاريخها فوجدنا هذا قد خلق هكذا فكما أن الجزء الأول يتكلم عن بداية الخلق فإن الثاني يتكلم عن نهاية الخلق وكما رأينا الجزء الأول حقا فسنرى الجزء الثاني حقا ( فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى ) .. الإنسان أنا وأنت .. في هذا الوقت سنتذكر سعينا .. يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى أما من طغى - تجاوز الحد - وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى إي وربى إنه لحق لأنه كله من عنده ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) النازعات اختر لنفسك ما تريد .. هذا كلام رب العالمين درسوا باطن الأرض , وأرضنا هذه درسوا باطنها فماذا وجدوا ؟ وجدوا باطنها في حالة التهاب ثم تخرج منه تيارات حرارية هكذا في دوامة وتيارات أخرى تمثل دوامة وتيارات أخرى تمثل دوامة مثل براد الشاى حين يفور يصعد الماء وينزل ويعمل دوامة .. هكذا باطن الأرض يفور من هنا .. فرن كبير جدا .. هذا الفرن يحمى باطن الأرض .. باطن الأرض في حالة دوامات متحركة .. تصوروا لو أنهم قطعوا الأرض نصفين فقالوا : هذه مادة الأرض التي تحتنا وهذه القشرة الأرضية التي نحن عليها التى من أعلى هذه القشرة الأرضية وهذه المادة التى تحتها ..(1/3)
ومن هنا إلى هنا مادة في غاية الحرارة هي التي فيها الدوامات وهذا سائل .. مادة منصهرة سائلة .. وهذه مادة صلبة .. أظن هذا أيضا من القشرة القلب وهذه المادة التي تحدث فيها الدوامات وهذه القشرة التي نحن عليها انظروا هذا وجدوا أنها سبع قطع تحتها هنا مادة صلبة بعض الشئ وفوقها هذه القطع مقطعة .. هنا تبدأ قطعة وهنا تبدأ قطعة .. الأرض .. مالون هذا ؟ .. الفراش الذى نحن عليه .. لماذا نجعله الفراش ؟ ما فائدة الفراش ؟ لنتقى به أذى ما تحتنا .. أليس كذلك ؟ .. الذي تحتنا هنا نار .. قدور .. .. وصخور هائلة تقذف من قاع الأرض .. وفوقها قشرة ساخنة جدا لو كنا عليها نموت ما يبقى شئ .. ففرشها الله بفرش سمكه 70 كيلو مترا .. هذه القشرة التي ترونها أنتم سمكها 70 كيلو مترا .. لنتقى بهذا الفرش ما تحتنا وهو قطعة واحدة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً ) البقرة : 21 - 22 فرشها تحتنا حتى لا نضار بما يوجد في باطن الأرض .. لم يعرف العلماء هذه الحقائق الا في عشر السنوات الأخيرة
..... المصدر " العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني(1/4)
الضغط الجوي
آيات الإعجاز:
قال الله عز وجل: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125].
التفسير اللغوي:
الحرج: المتحرّج: الكافّ عن الإثم.
الحرج: أضيق الضيق.
قال ابن الأثير: الحرج في الأصل: الضيق.
رجل حرج وحرِجٌ: ضيّق الصدر.
وحِرجَ صدرُه يحرج حرجاً، ضاق فلم ينشرح لخير.
حقائق علمية:
كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس.
التفسير العلمي:
يقول الله عز وجل في كتابه المبين :{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}. [ الأنعام: 125].
آية محكمة تشير بكل وضوح وصراحة إلى حقيقتين كشف عنهما العلم.
الأولى: أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً.
الثانية: أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض ضغط الهواء وقلت بالتالي كمية الأوكسجين، مما يؤدي إلى ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس.
ففي عام 1648 م أثبت العالم المشهور بليز باسكال ( Blaise Pascal ) أن ضغط الهواء يقل كلما ارتفعنا عن مستوى سطح البحر.
جاء في الموسوعة العالمية ما ترجمته : إن الكتلة العظيمة للجو غير موزعة بشكل متساوٍ بالاتجاه العامودي، بحيث تتجمع خمسون بالمئة من كتلة الجو (50 %) ما بين سطح الأرض وارتفاع عشرين ألف قدم (20.000 ft) فوق مستوى البحر، وتسعون بالمئة (90 %) ما بين سطح الأرض وارتفاع خمسين ألف قدم (50,000 ft) عن سطح الأرض.(1/1)
وعليه: فإن الكثافة ( Density ) تتناقص بسرعة شديدة كلما ارتفعنا بشكل عامودي، حتى إذا بلغنا ارتفاعات جد عالية، وصلت كثافة الهواء إلى حد قليل جداً.
كما جاء في المرجع نفسه ما ترجمته: جميع المخلوقات الحية تحتاج إلى الأوكسجين، ما عدا المخلوقات البسيطة المكونة من خلية واحدة (one celled organism).
وعلى سبيل المثال الإنسان -عادة- لا بد أن يتنفس الأوكسجين، ليبقى حياً ومحافظاً على مستوى معين من الضغط. فوجود الإنسان على ارتفاع دون عشرة آلاف قدم (10,000 ft) فوق مستوى البحر لا يسبب له أية مشكلة جدية بالنسبة للتنفس. ولكن إذا وجد على ارتفاع ما بين عشرة آلاف وخمس وعشرين ألف قدم (10,000 - 25,000 ft) سيكون التنفس في مثل هذا الارتفاع ممكناً، حيث يستطيع الجهاز التنفسي للإنسان (respiratory system) أن يتأقلم بصعوبة وبكثير من الضيق. وعلى ارتفاع أعلى لن يستطيع الإنسان أن يتنفس مطلقاً مما يؤدي -في العادة- إلى الموت بسبب قلة الأوكسجين ((Oxygen Starvation.
وجاء في الموسوعة الأميركية ما ترجمته : " يجب على الطائرة إذا كانت على علو شديد الارتفاع، أن تحافظ على مستوى معين من الضغط الداخلي لحماية الركاب، فإن الضغط الجوي في تلك الارتفاعات يكون أدنى بكثير من الحد المطلوب لتأمين الأوكسجين الكافي لبقاء الركاب على قيد الحياة. كما أن التغير السريع في الضغط الجوي الناتج عن تغير الارتفاع يؤدي إلى انزعاج جسدي حاد. هذه الحالة سببها ارتفاع نسبة النيتروجين في الدم عند الانخفاض السريع في الضغط ".
هذا، ومن المسلم به أن الإنسان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على أية معرفة بتغير الضغط وقلته كلما ارتفع في الفضاء، وأن ذلك يؤدي إلى ضيق في التنفس، بل إلى تفجير الشرايين عند ارتفاعات شاهقة.(1/2)
ومع ذلك، فإن الآية الكريمة : {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}. [الأنعام: 125] تشير صراحة إلى أن صدر الإنسان يضيق إذا تصاعد في السماء وأن هذا الضيق يشتد كلما ازداد الإنسان في الارتفاع إلى أن يصل إلى أشد الضيق، وهو معنى " الحرج " في الآية، كما فسره علماء اللغة.
ولقد عبّرت الآية عن هذا المعنى بأبلغ تعبير في قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ} إذ إن أصلها "يتصعدُ " قلبت التاء صادا ثم أدغمت في الصاد، فصارت يْصّعدْ ومعناه أنه يفعل صعودا بعد صعود.
فالآية لم تتكلم عن مجرد الضيق الذي يلاقيه في الجو، المتصاعد في السماء فقط، وإنما تكلمت أيضاً عن ازدياد هذا الضيق إلى أن يبلغ أشده.
فسبحان من جعل سماع آياته لقوم سبب تحيرهم، ولآخرين موجب تبصرهم. وسبحان من أعجز بفصاحة كتابه البلغاء، وأعيى بدقائق خطابه الحكماء، وأدهش بلطائف إشاراته الألباء.
وسبحان من أنزل على عبده الأُمِّيّ : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
مراجع علمية:
جاء في الموسوعة العالمية ما ترجمته : إن الكتلة العظيمة للجو غير موزعة بشكل متساو بالاتجاه العامودي، بحيث تتجمع خمسون بالمئة من كتلة الجو ( %50 ) ما بين سطح الأرض وارتفاع عشرين ألف قدم (20.000 ft) فوق مستوى البحر، وتسعون بالمئة (90%) ما بين سطح الأرض وارتفاع خمسين ألف قدم (50.000 ft) عن سطح الأرض.
وعليه: فإن الكثافة (Density) تتناقص بسرعة شديدة كلما ارتفعنا بشكل عامودي، حتى إذا بلغنا ارتفاعات جد عالية، وصلت كثافة الهواء إلى حد قليل جداً.
كما جاء في المرجع نفسه ما ترجمته: جميع المخلوقات الحية تحتاج إلى الأوكسجين، ما عدا المخلوقات البسيطة المكونة من خلية واحدة (one celled organism).(1/3)
وعلى سبيل المثال : الإنسان - عادة - لا بد أن يتنفس الأوكسجين، ليبقى حياً ومحافظاً على مستوى معين من الضغط. فوجود الإنسان على ارتفاع دون العشرة آلاف قدم (10.000 ft) فوق مستوى البحر لا يسبب له أية مشكلة جدية بالنسبة للتنفس.ولكن إذا وجد على ارتفاع ما بين عشرة آلاف وخمس وعشرين ألف قدم (10.000 - 25.000 ft) سيكون التنفس في هكذا ارتفاع ممكنا، حيث يستطيع الجهاز التنفسي للإنسان (respiratory system) أن يتأقلم بصعوبة وبكثير من الضيق. وعلى ارتفاع أكثر لن يستطيع الإنسان أن يتنفس مطلقاً مما يؤدي - في العادة - إلى الموت بسبب قلة الأوكسجين (Oxygen starvation).
وجاء في الموسوعة الأميركية ما ترجمته : " يجب على الطائرة إذا كانت على علو شديد الارتفاع، أن تحافظ على مستوى معين من الضغط الداخلي لحماية الركاب، فإن الضغط الجوي في تلك الارتفاعات يكون أدنى بكثير من الحد المطلوب لتأمين الأوكسجين الكافي لبقاء الركاب على قيد الحياة. كما أن التغير السريع في الضغط الجوي الناتج عن تغير الإرتفاع يؤدي إلى انزعاج جسدي حاد. هذه الحالة سببها ارتفاع نسبة النيتروجين في الدم عند الانخفاض السريع في الضغط ".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو دلالة لفظ "يصّعّد" على أن الارتفاع في السماء يسبب ضيقاً في التنفس وهو ما كشفت عنه دراسات علم الفلك في عصرنا.(1/4)
الظلمات الثلاث
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
الظُلمة: الظلمة بضم اللام: ذهاب النور، وهي بخلاف النور. وجمع الظُلمة ظُلَمٌ وظُلُمات وظُلْماتٌ.
فهم المفسرين:
قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسير الظلمات الثلاث: "يعني: في ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة"، وهو قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك، وورد ذلك أيضاً عن الألوسي والقرطبي في تفسيريهما.
حقائق علمية:
تمر عملية تخلّق الجنين في بطن الأم عبر ظلمات ثلاث هي:
الظلمة الأولى: ظلمة جدار البطن.
الظلمة الثانية: ظلمة جدار الرحم.
الظلمة الثالثة: ظلمة المشيمة بأغشيتها.
التفسير العلمي:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
تشير الآية القرآنية الكريمة إلى أن الجنين يمر تخلقه عبر ظلمات ثلاث في بطن أمه، ولقد ذكر علماء التفسير قديماً بأن الظلمات الثلاث هي: "ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة"، وهو قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك.
تأخذ البويضة الملقّحة المعروفة بالـ "زيجوت" (Zygot) بعد عملية الإخصاب مدة ثلاثة أسابيع لتكوّن أول كتلة بدنية تُعرف بالحميل، ثم ينمو هذا الحميل ليتحول إلى جنين مع مطلع الأسبوع التاسع، بعدها ينتقل الجنين في نموه من مرحلة إلى أخرى داخل ظلمات ثلاث.(1/1)
ولم يتوصل العلم إلى الكشف عن هذه الظلمات إلا مؤخراً في القرن العشرين، حيث قامت الثورة التكنولوجية وبواسطة آلات التنظير الجوفي (endoscopies) بالكشف عنها ورؤيتها. من بين هؤلاء العلماء الدكتور "كيث مور" صاحب الكتاب الشهير (The Developing Human) - تُرجِم إلى (الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والألمانية والإيطالية واليابانية)- حيث ذكر: "أن الجنين ينتقل في تخلّقه من مرحلة إلى مرحلة داخل ثلاثة أغطية وهي:
أ) جدار البطن.
ب) جدار الرحم.
جـ) المشيمة مع أغشيتها".
إن الآية الكريمة تدل كما فسرها علماء التفسير على أن (الظلمات الثلاث) هي تلك الأغطية المحاطة بالجنين خلال مراحل تخلقه (ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة).
فجدار البطن يحتوي الرحم وجدار الرحم يحتوي المشيمة والتي بدورها تحيط الجنين بأغشيتها. هذه الظلمات التي تحيط بالجنين ترافقه خلال نموه (خلقاً من بعد خلق) وتتأقلم مع حاجاته ريثما يخرج إلى النور، إذ يزداد حجم البطن والرحم وكذلك المشيمة مع ازدياد حجم الجنين، فهي تحيط به وتحفظه من الصدمات. كما تقوم بنقل الغذاء والأكسجين له من الأم ونقل ثاني أكسيد الكربون والفضلات (البولينا) منه إلى الأم.
في أية كتب طبية عند الأقدمين توجد معلومات عن ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمية؟
كل هذه الحقائق العلمية الجنينية تتطلب وجود مجهر وآلات تنظير جوفي وهو ما لم يكن متوفراً للإنسان قبل القرن العشرين.
فمن علّم النبي محمد صلى الله عليه وسلم العربي الأمي علم التشريح وعلم الأجنة؟ وأي أجهزة متطورة كانت عنده لكشف هذه الحقائق؟
فلندع لبقية آية الظلمات الإجابة على ذلك: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
مراجع علمية:
ذكر الدكتور كيث مور في كتابه الشهير "The Developing Human" ما ترجمته:(1/2)
ينتقل الجنين من مرحلة تطور إلى أخرى داخل ثلاثة أغطية التي كانت قد ذكرت في القرآن الكريم بـ: "الظلمات الثلاث"، هذه الظلمات هي مرادفة للمعاني التالية:
أ) جدار البطن.
ب) جدار الرحم.
جـ) المشيمة بأغشيتها الكوريونو - أمنيونية.
وجه الإعجاز:
ووجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو إشارة القرآن الكريم إلى أن عملية تخلّق الجنين تتم في بطون الأمهات عبر ظلمات ثلاث فقال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ}، وهذا ما كشف عنه علم الأجنة الوضعي.(1/3)
العطاس والتثاؤب
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله يحب العُطاس و يكره التثاؤب ، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمِّته ، و أما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليردّه ما استطاع ، فإذا قال : ها ، ضحك منه الشيطان. صحيح البخاري في الأدب 6223
قال ابن حجر رحمه الله : قال الخطابي : معنى المحبة و الكراهة فيهما منصرف إلى سببهما ، و ذلك أن العُطاس يكون من خِفَّة البدن و انفتاح المسامّ و عدم الغاية في الشبع ، و هو بخلاف التثاؤب فإنه يكون من علَّة امتلاء البدن و ثقله من ما يكون ناشئاً عن كثرة الأكل و التخليط فيه ، و الأول يستدعي النشاط للعبادة و الثاني على عكسه [ فتح الباري : 10 / 6077 ] .
وبيَّن النبي صلى الله عليه و سلم كيف يُشَمَّت العاطس في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبس صلى الله عليه و سلم قال : " إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ، و ليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له يرحمك الله فليقل : يهديكم الله و يصلح بالكم " . صحيح البخاري في الأدب 6224
والأطباء في العصر الحاضر يقولون : التثاؤب دليل على حاجة الدماغ و الجسم إلى الأوكسجين و الغذاء ، و على تقصير جهاز التنفس في تقديم ما يحتاجه الدماغ و الجسم من الأوكسجين ، و هذا ما يحدث عند النعاس و الإغماء و قبيل الوفاة . و التثاؤب : هو شهيق عميق يجري عن طريق الفم ، و ليس الفم بالطريق الطبيعي للشهيق لأنه ليس مجهزاً بجهاز لتصفية الهواء كما هو في الأنف ، فإذا بقي الفم مفتوحاً أثناء التثاؤب تسرَّب مع هواء الشهيق إلى داخل الجسم مختلف أنواع الجراثيم و الغبار و الهَبَاء و الهَوام ، لذلك جاء الهَدي النبوي الكريم برد التثاؤب على قدر الاستطاعة ، أو سد الفم براحة اليد اليمنى أو بظهر اليسرى .(1/1)
والعُطاس هو عكس التثاؤب ، فهو قوي و مفاجئ يخرج معه الهواء بقوة من الرئتين عن طريقي الأنف و الفم ، فيجرف معه ما في طريقه من الغبار و الهباء و الهوام و الجراثيم التي تسربت إلى جهاز التنفس لذلك كان من الطبيعي أن يكون العطاس من الرحمن لأن فيه فائدة للجسم ، و أن يكون التثاؤب من الشيطان لأن فيه ضرراً للجسم ، و حق على المرء أن يحمد الله سبحانه و تعالى على العُطاس ، و أن يستعيذ به من الشيطان الرجيم في حالة التثاؤب [ الحقائق الطبية في الإسلام ، ص 155 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/2)
الغضب وعلاجه
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ليس الشديد بالصُّرَعة ، إنما الشديد الذي يَملك نفسه عند الغضب " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أوصني ، قال : لا تغضب . فردد مراراً ، قال : لا تغضب . صحيح البخاري في الأدب 6114 - 6116
قوله " ليس الشديد بالصرعة " بضم الصاد و فتح الراء : الذي يصرع الناس كثيراً بقوته و الهاء للمبالغة بالصفة . قوله " فردَّد مراراً " أي ردَّد السؤال يلتمس أنفع من ذلك أو أبلغ أو أعم ، فلم يزده على ذلك و زاد أحمد و ابن حبان في رواية عن رجل لم يُسَمَّ قال : تفكرت فيما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله .
قال الخطابي : معنى قوله " لا تغضب " اجتنب أسباب الغضب و لا تتعرض لما يجلبه .
وقال ابن بطَّال في الحديث أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأنه صلى الله عليه و سلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة ، و لعل السائل كان غضوباً ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يأمر كل أحد بما هو أولى به ، فلهذا اقتصر في وصيته له على ترك الغضب ، فللغضب مفاسد كبيرة ، و من عرف هذه المفاسد عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه و سلم " لا تغضب " من الحكمة و استجلاب المصلحة في درء المفاسد [ انظر فتح الباري : 10 / 520 ] .
و كما وف صلى الله عليه و سلم الداء وصف الدواء ففي حديث رواه أحمد و أبو داود و ابن حِبَّان أنه عليه الصلاة و السلام قال : " إذا غضب أحدكم و ه وقائم فليَجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فَليضطَجِع " .
فما هي تأثيرات الغضب على جسم الإنسان ؟ و لماذا وصف لنا النبي عليه السلام هذا العلاج ؟ و كيف يؤثر الوقوف و الاضطجاع على الغضب ؟(1/1)
هذه ثلاثة أسئلة للإجابة عليها لابّد أن نتوقف عند الغُدَّة الكظرية التي تقع فوق الكليتين ، و من وظائف هذه الغدة إفراز هرمون الأدرينالين و المودرينالين . فإن كان لديك اضطراب في نظم القلب فلا تغضب ، فهرمون الأدرينالين يمارس تأثيره على القلب فيسرع القلب في دقاته ، و قد يضطرب نظم القلب و يحيد عن طريقه السوي ، و لهذا فإن الانفعال و الغضب يسببان اضطراباً في ضربات القلب و كثيراً ما نشاهد من يشكو من الخفقان في القلب حينما يغضب أو ينفعل .
وإن كنت تشكو من ارتفاع في ضغط الدم فلا تغضب : فإن الغضب يرفع مستوى هذين الهرمونين في الدم ممل يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ، و الرسول صلى الله عليه و سلم يكررها ثلاثاً : " لا تغضب " و الأطباء ينصحون المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم أن يتجنبوا الانفعالات و الغضب . و إن كنت مصاباً بمرض في شرايين القلب فلا تغضب : لأنه يزيد من تقلُّص القلب و حركته ، و قد يهيئ ذلك لحدوث أزمة في القلب . و إن كنت مصاباً بالسكَّري فلا تغضب : فإن الأدرينالين يزيد من سُكّر الدم .
وقد ثبت علمياً أن هذه الهرمونات تنخفض بالاستلقاء كما قال صلى الله عليه و سلم : " إذا غضب أحدكم و هو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع [ قبسات من الطب النبوي ، باختصار ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/2)
موقف المفسرين من الآيات الكونية في القرآن الكريم - 2
القرآن يحض علي تدبر آياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضرورة
بقلم الدكتور : زغلول النجار
حرص كثير من علماء المسلمين , علي ألا يتم تأويل الاشارات العلمية , الواردة في القرآن الكريم إلا في ضوء الحقائق العلمية المؤكدة من القوانين والقواعد الثابتة , أما الفروض والنظريات فلا يجوز تخديمها في فهم ذلك وحتي هذا الموقف نعتبره تحفظا مبالغا فيه , فكما يختلف دارسو القرآن الكريم في فهم بعض الدلالات اللفظية , والصور البيانية , وغيرها من القضايا اللغوية ولا يجدون حرجا في ذلك العمل الذي يقومون به في غيبة نص ثابت مأثور , فاننا نري أنه لا حرج علي الإطلاق في فهم الاشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم علي ضوء المعارف العلمية المتاحة , حتي ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت إلي مستوي الحقائق الثابتة , وذلك لأن التفسير يبقي جهدا بشريا خالصا ـ بكل ما للبشر من صفات القصور , والنقص , وحدود القدرة , ثم ان العلماء التجريبيين قد يجمعون علي نظرية ما .(1/1)
لها من الشواهد ما يؤيدها , وان لم ترق بعد الي مرتبة القاعدة أو القانون , وقد لا يكون أمام العلماء من مخرج للوصول بها الي ذلك المستوي أبدا , فمن أمور الكون العديدة مالا سبيل للعلماء التجريبيين من الوصول فيها الي حقيقة أبدا , ولكن قد يتجمع لديهم من الشواهد مايمكن أن يعين علي بلورة نظرية من النظريات , ويبقي العلم التجريبي مسلما بأنه لا يستطيع أن يتعدي تلك المرحلة في ذلك المجال بعينه أبدا , والأمثلة علي ذلك كثيرة منها النظريات المفسرة لأصل الكون وأصل الحياة وأصل الإنسان , وقد مرت بمراحل متعددة من الفروض العلمية حتي وصلت اليوم الي عدد محدود من النظريات المقبولة , ولا يتخيل العلماء أنهم سيصلون في يوم من الأيام الي أكثر من تفضيل لنظرية علي أخري , أو تطوير لنظرية عن أخري , أو وضع لنظرية جديدة , دون الادعاء بالوصول الي قانون قطعي , أو قاعدة ثابتة لذلك , فهذه مجالات إذا دخلها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل فيها ضلالا بعيدا , وصدق الله العظيم اذ يقول :
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا .( الكهف 51)
وذلك لأنه علي الرغم من أن العلماء التجريبيين يستقرئون حقائق الكون بالمشاهدة والاستنتاج , أو بالتجربة والملاحظة والاستنتاج , في عمليات قابلة للتكرار والاعادة , إلا أن من أمور الكون مالا يمكن إخضاعه لذلك من مثل قضايا الخلق : خلق الكون , وخلق الحياة وخلق الانسان . وهي قضايا لا يمكن للإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح أبدا بغير هداية ربانية , ولولا الثبات في سنن الله التي تحكم الكون ومافيه ما تمكن الانسان من اكتشافها ,... ولا يظن عاقل أن البشر مطالبون بما هو فوق طاقاتهم ـ خاصة في فهم كتاب الله ـ الذي أنزل لهم , ويسر لتذكرهم لقول الحق تبارك وتعالي :
( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )( القمر : الآيات 40,32,22,17)(1/2)
ففي الوقت الذي يقرر القرآن الكريم فيه أن الله لم يشهد الناس خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم , نجده في آيات أخر يأمرهم بالنظر في كيفية بداية الخلق , وهي من أصعب قضايا العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية قاطبة اذ يقول ( عز من قائل :
( أو لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده ان ذلك علي الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الأخرة ان الله علي كل شيء قدير )( العنكبوت :20,19)
مما يشير الي أن بالأرض سجلا حافلا بالحقائق التي يمكن أن يستدل منها علي كيفية الخلق الأول , وعلي امكانية النشأة الآخرة , والأمر في الآية من الله تعالي الي رسوله الكريم ليدع الناس كافة الي السير في الأرض , واستخلاص العبرة من فهم كيفية ا لخلق الأول , وهي قضية تقع من العلوم الكونية ( البحتة والتطبيقية ) في الصميم , ان لم تكن تشكل أصعب قضية علمية عالجها الانسان .
وهذه القضايا : قضايا الخلق وإفنائه وإعادة خلقه لها في كتاب الله وفي سنة رسوله ( صلي الله عليه وسلم ) من الإشارات اللطيفة مايمكن الإنسان المسلم من تفضيل نظرية من النظريات أو فرض من الفروض والارتقاء بها أو به إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود ذكر لها أو له في كتاب الله أو في سنة رسوله ( صلي الله عليه وسلم ) ونكون بذلك قد انتصرنا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة للعلم وليس العكس .(1/3)
وعلي ذلك فاني أري جواز فهم الاشارات العلمية الواردة بالقرآن الكريم علي أساس من الحقائق العلمية الثابتة أولا , فان لم تتوافر فبالنظرية السائدة , فان لم تتوافر فبالفرض العلمي المنطقي المقبول , حتي لو أدي التطور العلمي في المستقبل الي تغيير تلك النظرية , أو ذلك الفرض أو تطويرهما أو تعديلهما , لأن التفسير ـ كما سبق أن أشرت يبقي اجتهادا بشريا خالصا من أجل حسن فهم دلالة الآية القرآنية إن أصاب فيه المرء فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد , ويبقي هذا الاجتهاد , قابلا للزيادة والنقصان , وللنقد والتعديل والتبديل .
الرد علي القائلين بعدم جواز رؤية كلام الله في إطار محاولات البشر
ان في كون القرآن الكريم بيانا من الله تعالي إلي الناس كافة , يفرض علي المتخصصين من أبناء المسلمين أن يفهموه ـ كل في حقل تخصصه ـ علي ضوء ماتجمع له من معارف بتوظيف مناهج الاستقراء الدقيقة , فالقرآن نزل للناس ليفهموه وليتدبروا آياته . ثم ان تأويل آيات الكونيات علي ضوء من معطيات العلوم التجريبية لا يشكل احتجاجا علي القرآن بالمعارف المكتسبة , ولا انتصارا له بها , فالقرآن بالقطع ـ فوق ذلك كله , ولأن التأويل علي أساس من المعطيات العلمية الحديثة يبقي محاولة بشرية للفهم في اطار لم يكن متوفرا للناس من قبل , ولا يمكن أن تكون محاولات البشر لفهم القرآن الكريم حجة علي كتاب الله , سواء اصابت أم أخطأت تلك المحاولات , والا لما حفل القرآن الكريم بهذا الحشد الهائل , من الآيات التي تحض علي استخدام كل الحواس البشرية للنظر في مختلف جنبات الكون بمنهج علمي استقرائي دقيق . وذلك لأن الله تعالي قد جعل السنن الكونية علي قدر من الثبات والاطراد يمكن حواس الإنسان المتأمل لها , المتفكر فيها , المتدبر لتفاصيلها من إدراك أسرارها ( علي الرغم من حدود قدرات تلك الحواس ), ويعين عقله علي فهمها ( علي الرغم من حدود قدرات ذلك العقل ),(1/4)
وربما كان هذا هو المقصود من آيات التسخير التي يزخر بها القرآن الكريم , ويمن علينا ربنا تبارك وتعالي ـ وهو صاحب الفضل والمنة ـ بهذا التسخير الذي هو من أعظم نعمه علينا نحن العباد .
ومن أروع مايدركه الإنسان المتأمل في الكون كثرة الأدلة المادية الملموسة علي كل حدث وقع في الكون صغر أم كبر , أدلة مدونة في صفحة الكون وفي صخور الأرض بصورة يمكن لحواس الإنسان ولعقله إدراكها لو اتبع المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح , فما من انفجار حدث في صفحة الكون إلا وهو مدون , ومامن نجم توهج أو خمد إلا وله أثر , وما من هزة أرضية أو ثورة بركانية أو حركة بانية للجبال إلا وهي مسجلة في صخور القشرة الأرضية , وما من تغير في تركيب الغلاف الغازي أو المائي للأرض إلا وهو مدون في صخور الأرض , ومامن تقدم للبحار أو انحسار لها , ولا تغير في المناخ إلا وهو مدون كذلك في صخور الأرض , ومامن هبوط نيازك أو أشعة كونية علي الأرض إلا وهو مسجل . في صخورها . ومن هنا فإن الدعوة القرآنية للتأمل في الكون واستخلاص سنن الله فيه وتوظيف تلك السنن في عمارة الأرض والقيام بواجب الاستخلاف فيها هي دعوة للناس في كل زمان ومكان , وهي دعوة لا تتوقف ولا تتخلف ولا تتعطل انطلاقا من الحقيقة الواقعة أنه مهما اتسعت دائرة المعرفة الإنسانية فإن القرآن الكريم يبقي ـ دوما ـ مهيمنا عليها , محيطا بها لأنه كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وقدرته وحكمته , والذي هو أدري بصنعته من كل من هم سواه .(1/5)
وعلي ذلك فإن مقابلة كلام الله بمحاولة البشر لتفسيره وإثبات جوانب الإعجاز فيه لا تنتقص من جلال الربوبية الذي يتلألأ بين كلمات هذا البيان الرباني الخالص , وإنما تزيد المؤمنين ثباتا علي إيمانهم , وتقيم الحجة علي الجاحدين من الكفار والمشركين , وحتي لو أخطأ المفسر في فهم دلالة أية من آيات القرآن الكريم فإن هذا الخطأ يعد علي المفسر نفسه ولا ينسحب علي جلال كلام الله أبدا , والذين فسروا باللغة أصابوا وأخطأوا , وكذلك الذين فسروا بالتاريخ , فليحاول العلماء التجريبيون تفسير الآيات الكونية بما تجمع لديهم من معارف لأن تلك الآيات لا يمكن فهم دلالاتها فهما كاملا , ولا استقراء جوانب الإعجاز فيها في حدود أطرها اللغوية وحدها .
الرد علي المدعين
بكفر الكتابات العلمية المعاصرة(1/6)
إن الاحتجاج بأن العلوم التجريبية ـ في ظل الحضارة المادية المعاصرة ـ تنطلق في معظمها من منطلقات مادية بحتة , تنكر أو تتجاهل الغيب , ولا تؤمن بالله , وأن للكثيرين من المشتغلين بالعلوم مواقف عدائية واضحة من قضية الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , فمرده بعيد عن طبيعة العلوم الكونية , وانما يرجع ذلك الي العقائد الفاسدة التي أفرزتها الحضارة المادية المعاصرة , والتي تحاول فرضها علي كل استنتاج علمي كلي , وعلي كل رؤية شاملة للكون والحياة , في وقت حققت فيه قفزات . هائلة في مجال العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية , بينما تخلف المسلمون في كل أمر من أمور الحياة بصفة عامة , وفي مجال العلوم والتقنية بصفة خاصة , مما أدي الي انتقال القيادة الفكرية في هذه المجالات علي وجه الخصوص إلي أمم سبق للعلماء فيها أن عانوا معاناة شديدة من تسلط الكنيسة عليهم , واضطهادها لهم , ورفضها للمنهج العلمي ولكل معطياته ووقوفها حجر عثرة في وجه أي تقدم علمي , كما حدث في أوروبا في أوائل عصر النهضة .(1/7)
فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوة للكنيسة أولا ثم لقضية الايمان بالتبعية , وداروا بالعلوم الكونية ومعطياتها في اطارها المادي فقط , وبرعوا في ذلك براعة ملحوظة , ولكنهم ضلوا السبيل وتنكبوه حينما حبسوا أنفسهم في اطار المادة , ولم يتمكنوا من أدراك ما فوقها , أو منعوا أنفسهم من التفكير فيه , فأصبحت الغالبية العظمي من العلوم تكتب من مفهوم مادي صرف , وأنتقلت عدوي ذلك الي عالمنا المسلم أثناء مرحلة اللهث وراء اللحاق بالركب التي نعيشها وما صاحب ذلك من مركبات الشعور بالنقص , أو نتيجة لدس الأعداء , وانبهار البلهاء بما حققته الحضارة المادية المعاصرة من انتصارات في مجال العلوم البحتة والتطبيقية , وما وصلت اليه من أسباب القوة والغلبة , وما حملته معها حركة الترجمة من غث وسمين , فأصبحت العلوم تكتب اليوم في عالمنا المعاصر من نفس المنطلق لأنها عادة ماتدرس وتكتب وتنشر بلغات أجنبية علي نفس النمط الذي ارست قواعده الحضارة المادية , وحتي ماينشر منها باللغة العربية , أو بغيرها من اللغات المحلية , لا يكاد يخرج في مجموعه عن كونه ترجمة مباشرة أو غير مباشرة للفكر الغريب الوافد بكل مافيه من تعارض واضح أحيانا مع نصوص الدين , وهنا تقتضي الأمانة اثبات ان ذلك الموقف غريب علي العلم وحقائقه ومن هنا أيضا كان من واجب المسلمين اعادة التأصيل الاسلامي للمعارف العلمية أي اعادة كتابة العلوم بل والمعارف المكتسبة كلها من منطلق اسلامي صحيح خاصة أن المعطيات الكلية للعلوم البحتة والتطبيقية ـ بعد وصولها الي قدر من التكامل في هذا العصر ـ اصبحت من أقوي الأدلة علي وجود الله وعلي تفرده بالألوهية والربوبية وبكامل الأسماء و , الصفات , وأنصع الشواهد علي حقيقة الخلق وحتمية البعث وضرورة الحساب وأن العلوم الكونية كانت ولا تزال النافذة الرئيسية التي تتصل منها الحضارة المعاصرة بالفطرة الربانية وأن المنهج العلمي ونجاحه في(1/8)
الكشف عن عدد من حقائق هذا الكون متوقف علي اتساق تلك الفطرة واتصاف سننها بالاطراد والثبات .
الرد علي الادعاء بالتعارض
بين معطيات العلم والدين
إن القول بأن عددا من المعطيات الكلية للعلوم التجريبية ـ كما تصاغ في الحضارة المادية المعاصرة ـ قد تتباين مع الأصول الاسلامية الثابتة ـ قول علي اطلاقه غير صحيح لانه اذا جاز ذلك في بعض الاستنتاجات الجزئية الخاطئة , أو في بعض الأوقات كما كان الحال في مطلع هذا القرن , والمعرفة بالكون جزئية متناثرة , ساذجة بسيطة , أو في الجزء المتأخر منه عندما أدت المبالغة في التخصص الي حصر العلماء في دوائر ضيقة للغاية حجبت عنهم الرؤية الكلية لمعطيات العلوم , فإنه لا يجوز : اليوم حين بلغت المعارف بأشياء هذا الكون حدا لم تبلغه البشرية من قبل وقد أصبحت الاستنتاجات الكلية لتلك المعارف تؤكد ضرورة الإيمان بالخالق الباريء المصور الذي ليس كمثله شيء , وعلي ضرورة التسليم بالغيب وبالوحي وبالبعث وبالحساب , فمن المعطيات الكلية للعلوم الكونية المعاصرة ما يمكن إيجازه فيما يلي : ـ
أن هذا الكون الذي نحيا فيه متناه في أبعاده مذهل في دقة بنائه , مذهل في إحكام ترابطه وانتظام حركاته .
ـ أن هذا الكون مبني علي نفس النظام من أدق دقائقه إلي أكبر وحداته .
أن هذا الكون دائم الاتساع إلي نهاية لا يستطيع العلم المكتسب إدراكها .
ـ أن هذا الكون ـ علي قدمه ـ مستحدث مخلوق , كانت له في الماضي السحيق بداية حاول العلم التجريبي قياسها , ووصل فيها الي دلالات تكاد تكون ثابتة ـ لو استبعدنا الأخطاء التجريبية .
ـ ان هذا الكون عارض أي أنه لابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية تشير إليها كل الظواهر الكونية من حولنا .
ـ ان هذا الكون المادي لا يمكن أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه ولا يمكن لأي من مكوناته المادية أن تكون قد أوجدته .(1/9)
ـ ان هذا الكون المتناهي الأبعاد . الدائم الاتساع , المحكم البناء , الدقيق الحركة والنظام الذي يدور كل ما فيه في مدارات محددة وبسرعات مذهلة متفاوتة وثابتة لا يمكن أن يكون قد وجد بمحض المصادفة .
ـ هذه المعطيات السابقة تفضي الي حقيقة منطقية واحدة مؤداها أنه اذا كان هذا الكون الحادث لا يمكن أن يكون قد وجد بمحض المصادفة . فلابد له من موجد عظيم له من العلم والقدرة والحكمة وغير ذلك من صفات الكمال والتنزيه ما لا يتوافر لشيء من خلقه بل ما يغاير صفات المخلوقات جميعا فلا تحده . حدود المكان ولا الزمان ولا قوالب المادة أو الطاقة , ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ولا ينسحب عليه ما يحكم خلقه من سنن وقوانين , لأنه ( سبحانه وتعالي )
( ليس كمثله شيء )( الشوري :11)
ـ هذا الخالق العظيم الذي أوجد الكون بما فيه ومن فيه هو وحده الذي يملك القدرة علي ازالته وافنائه ثم اعادة خلقه وقتما شاء وكيفما شاء :
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب , كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين .( الأنبياء : آية 104)
إنما قولنا لشيء اذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( النحل :40)
ـ ان الوحدة في هذا الكون تشير الي وحدانية هذا الخالق العظيم , وحدة بناء كل من الذرة والخلية الحية والمجموعة الشمسية والمجرة وغيرها , ووحدة تأصيل العناصر كلها وردها الي أبسطها وهو غاز الايدروجين , ووحدة تواصل كل صور الطاقة , وتواصل المادة والطاقة , وتواصل المخلوقات , هذا التواصل وتلك الوحدة التي يميزها التنوع في أزواج , وتلك الزوجية التي تنتظم كل صور المخلوقات من الأحياء والجمادات تشهد بتفرد الخالق الباريء المصور بالوحدانية , واستعلاء هذا الخالق الواحد الأحد الفرد الصمد فوق خلقه بمقام الألوهية والربوبية الذي لا يشاركه فيه أحد ولا ينازعه علي سلطانه منازع ولا يشبهه من خلقه شيء(1/10)
ـ ان العلوم التجريبية في تعاملها مع المدرك المحسوس فقط , قد استطاعت أن تتوصل الي أن بالكون غيبا قد لا يستطيع الانسان أن يشق حجبه , ولولا ذلك الغيب ما استمرت تلك العلوم في التطور والنماء , لأن أكبر الاكتشافات العلمية قد نمت نتيجة للبحث الدءوب عن هذا الغيب .
ـ تؤكد العلوم التجريبية أن بالأحياء سرا لا نعرف كنهه , لأننا نعلم مكونات الخلية الحية , والتركيب المادي لجسد الانسان , ومع ذلك لم يستطع هذا العلم أن يصنع لنا خلية حية واحدة , أو أن يوجد لنا انسانا عن غير الطريق الفطري لا يجاده .
ـ ان النظر في أي من زوايا هذا الكون ليؤكد حاجته ـ بمن فيه وما فيه ـ الي رعاية خالقه العظيم في كل لحظة من لحظات وجوده(1/11)
ـ ان العلوم الكونية اذ تقدر أن الكون والإنسان في شكليهما الحاليين ليسا أبديين , فانها ـ وعلي غير قصد منها ـ لتؤكد حقيقة الآخرة , بل وعلي حتميتها , والموت يتراءي في مختلف جنبات هذا الكون في كل لحظة من لحظات وجوده , شاملا الانسان والحيوان والنبات والجماد وأجرام السماء علي تباين هيئاتها , وتكفي في ذلك الاشارة الي ما أثبتته المشاهدة من أن الشمس تفقد من كتلتها بالاشعاع ما يقدر بحوالي 4,6 مليون طن في كل ثانية وانها اذ تستمر في ذلك فلابد من أن يأتي الوقت الذي تخبو فيه جذوتها , وينطفيء أوراها , وتنتهي الحياة علي الأرض قبل ذلك , لاعتمادها في ممارسة انشطتها الحيوية علي آشعة الشمس وأن الطاقة تنتقل من الأجسام الحارة الي الأجسام الأقل حرارة بطريقة مستمرة في محاولة لتساوي درجات حرارة الأجرام المختلفة في الكون ولابد أن تنتهي بذلك أو قبله كل صور الحياة المعروفة لنا , وليس معني ذلك أنه يمكن معرفة متي تكون نهاية هذا الوجود , لأن الآخرة قرار الهي لا يرتبط بسنن الدنيا , وإن أبقي الله تعالي لنا في الدنيا من الظواهر والسنن ما يؤكد امكانية وقوع الآخرة , بل حتميتها انصياعا للأمر الإلهي كن فيكون وأن الإنسان الذي يحوي جسده في المتوسط ألف مليون مليون خلية يفقد فيها في كل ثانية ما يقدر بحوالي 125 مليون خلية تموت ويتخلق غيرها بحيث تتبدل جميع خلايا جسد الفرد من بني البشر مرة كل عشر سنوات تقريبا , فيما عدا الخلايا العصبية التي إذا ماتت لا تتجدد , وتكفي في ذلك أيضا الإشارة إلي أن انتقال الاليكترون من مدار إلي آخر حول نواة الذرة يتم بسرعة مذهلة دفعت بعدد من العلماء إلي الاعتقاد بأنه فناء في مدار وخلق جديد في مدار آخر , كما تكفي الإشارة إلي ظاهرة اتساع الكون عن طريق تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة تقترب من سرعة الضوء ( أي حوالي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية ) وتخلق المادة في المسافات الجديدة(1/12)
الناتجة عن هذا التباعد المستمد بطريقة لايعلمها إلا الله , وتباطؤ هذا التباعد الناتج عن ظاهرة الانفجار العظيم مع الزمن مما يشير إلي حتمية تغلب الجاذبية علي عملية الدفع إلي الخارج مما يؤدي إلي إعادة جمع مادة الكون ومختلف صور الطاقة فيه في جرم واحد ذي كثافة بالغة مما يجعله في حالة من عدم الاستقرار تؤدي إلي انفجاره علي هيئة شبيهة بالانفجار الأول الذي تم به خلق الكون , فيتحول هذا الجرم إلي غلالة من دخان كما تحول الجرم الأول , وتتخلق من هذا الدخان أرض غير الأرض , وسماوات غير السماوات .
كما وعد ربنا تبارك وتعالي بقوله ( عز من قائل ):
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ( الأنبياء : آية 104)
وقوله ( سبحانه ):
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ( إبراهيم :48).
وتكفي في ذلك أيضا الإشارة إلي أن الذرات في جميع الأحماض الأمينية والجزيئات البروتينية تترتب ترتيبا يساريا في أجساد كافة الكائنات الحية علي اختلاف مراتبها , فإذا مامات الكائن الحي أعادت تلك الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة محددة يمكن باستخدامها تحديد لحظة وفاة الكائن الحي اذا بقيت من جسده بقية بعد مماته , ويتعجب العلماء من القدرة التي مكنت الذرات من تلك الحركات المنضبطة بعد وفاة صاحبها وتحلل جسده !!
فهل يمكن لعاقل بعد ذلك أن يتصور أن العلوم الكونية ومعطياتها في أزهي عصور ازدهارها ـــ تتصادم مع قضية الايمان بالله , وهذه هي معطياتها الكلية , وهي في جملتها تكاد تتطابق مع تعاليم السماء , وفي ذلك كتب المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ محمد فريد وجدي ( يرحمه الله ) في خاتمة كتابه المستقبل للإسلام ما نصه :
إن كل خطوة يخطوها البشر في سبيل الرقي العلمي , هي تقرب إلي ديننا الفطري , حتي ينتهي الأمر إلي الإقرار الإجماعي بأنه الدين الحق .(1/13)
ثم يضيف :.. نعم إن العالم بفضل تحرره من الوراثات والتقاليد , وإمعانه في النقد والتمحيص , يتمشي علي غير قصد منه نحو الإسلام , بخطوات متزنة ثابتة , لاتوجد قوة في الأرض ترده . عنه إلا إذا انحل عصام المدنية , وارتكست الجماعات الإنسانية عن وجهتها العلمية .
وقد بدأت بوادر هذا التحول الفكري تظهر جلية اليوم , وفي مختلف جنبات الأرض , بإقبال أعداد كبيرة من العلماء والمتخصصين وكبار المثقفين والمفكرين علي الاسلام , إقبالا لم تعرف له الانسانية مثيلا من قبل , وأعداد هؤلاء العلماء الذين توصلوا الي الايمان بالله عن طريق النظر المباشر في الكون , واستدلوا علي صدق خاتم رسله وأنبيائه ( صلي الله عليه وسلم ) بالوقوف علي عدد من الإشارات العلمية البارقة الصادقة في كتاب الله , هم في تزايد مستمر , وهذا واحد منهمموريس بوكاي الطبيب والباحث الفرنسي يسجل في كتابه الإنجيل والقرآن والعلم مانصه :.. لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية , فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير ـ إلي هذا الحد ــ من الدعاوي الخاصة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقة تماما للمعارف العلمية الحديثة , وذلك في نص دون منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا .
الأهرام 7/5/2001(1/14)
القلب مركز التعقل
س : هل مركز الإيمان والتصبر في الإنسان هو القلب ؟ وإذا كان كذلك فكيف الحال في عمليات نقل القلوب والقلوب الصناعية ؟ وهل القلب في القرآن والسنة هو هذا القلب ؟
ج : اليوم فقط في الفجر وجدت جوابا جديدا كنت أبحث عنه , فمنذ مدة ونحن نتتبع هذا فأرسلنا واحدا من إخواننا إلى مركز إجراء العمليات الصناعية لتغيير القلوب الصناعية إلى أمريكا قال : لو تسمحون لي أن أقابل المرضى ؟ قالوا : لا نسمح لك ! لماذا ؟ أريد أن أقابلهم وأن أسألهم . فماذا حدث ؟ انزعجوا انزعاجا شديدا من طلبي ! فما السبب ؟ قالوا لي : أي معلومة تريدها نحن سنقدمها لك . قلنا : إن شاء الله ربنا سيكشف وسيجعل من هذا إعجازا علميا نتكلم عنه في الأعوام القادمة والأيام القادمة - إن شاء الله - هكذا وسترون وستذكرون . فأخذنا نتتبع فإذا بأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز قال لي : أما سمعت الخبر ؟! قلت ما هو ؟ قال نشر في الجريدة منذ ثلاث سنوات ونصف . تقول الجريدة : إنهم اكتشفوا أن القلب ليس مضخة للدماء , بل هو مركز عقل وتعقل . الله أكبر أرني الجريدة سلمني الجريدة فأحضرها لي وهي موجودة عندي وهذا أول باب . مرت الأيام وإذا بمركز لتبديل القلوب بالأردن , فقلت هذه بلاد عربية لعلنا إن شاء الله يتيسر لنا معلومة , وأن نرى ذلك بأعيننا فأحد الأخوة من المتتبعين لهذا الموضوع قال : هل سمعت المؤتمر الصحفي لأول شخص بدل قلبه ؟ قلت : لا قال : عقد مؤتمر صحفي وقالوا : لو أنكم معنا في البيت تشاهدون سلوك هذا ما غبطتمونى على هذا . يبقى هناك شيء ولكنه ليس محل تركيز وأبحاث .(1/1)
اليوم في الفجر اتصل بي أحد الإخوة من الأطباء السعوديين يشتغل في عملية تغيير القلوب ويريد أن يعد بحثا عن هذا الموضوع , فأخذت أسأله : أنا أريد أن تركز على التغييرات العقلية التي تحدث والنفسية , والقدرة على الاختيار ماذا يحدث ؟ قال : أولا أريد أن أقول لك شيئا معلوما الآن عند العاملين في هذا الحقل وهو أن القلب الجديد لا تكون فيه أي عواطف ولا انفعالات .. كيف هذا الكلام ؟ قال : هذا القلب إذا قربت إليه خطرا بدا وكأنه لا شيء يهدده ! بينما الثاني يرعش وإذا قربت شيئا يحبه بدا وكأنك لم تقدم إليه شيئا . قلب بارد غير متفاعل مع سائر الجسد . فأقول : هذا إن شاء الله سيكشف عن كثير من أوجه الإعجاز وسيبين ما نبحث عنه واصبروا قليلا , فإن المسألة في بدايتها وهاهم يقولون : أكتشفوا في القلب هرمونات عاقلة , وهرمونات عاقلة ترسل رسائل عاقلة إلى الجسم كله وإن القلب مركز عقل وتعقل , وليس مجرد مضخة والله أعلم وإن موعدنا قريب بإذن الله
المصدر " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " للشيخ عبد المجيد الزنداني
قال تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) (الإسراء-36)(1/2)
القمر والشمس
وجدوا أن القمر يسير بسرعة 18 كيلو مترا في الثانية والواحدة والأرض 15 كيلومترا في الثانية والشمس 12 كيلومترا في الثانية .. الشمس تجري والأرض تجري
والقمر يجري قال الله تعالى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) عليّ يجري ومحمد يسير بمنازل وعليّ لا يدرك محمدا ما معنى هذا ؟ معناه أن عليّا يجري ومحمد يجري ولكن عليّا لا يدرك محمدا الذي يجري الله يقول : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ) ثم قال : ( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) يكون القمر قبلها أم لا ؟ ..(1/1)
القمر قبلها وهي تجري ولا تدركه وتجري ولا تدركه لأن سرعة القمر 18 كيلومترا والأرض 15 كيلو مترا والشمس 12 كيلومترا فمهما جرت الشمس فإنها لا تدرك القمر ولكن ما الذي يجعل القمر يحافظ على منازله ؟ وكان من الممكن أن يمشي ويتركها ؟وجدوا أن القمر يجري في تعرج يلف ولا يجري في خط مستقيم هكذا ولكنه جري بهذا الشكل حتى يبقى محافظا على منازله ومواقعه تأملوا فقط في هذه الحركة القمر , الشمس , الأرض , النجوم تجري لو اختلف تقدير سرعاتها.. كان اليوم الثاني يأتي فنقول : أين الشمس ؟ نقول والله تأخرت عنا عشرين مرحلة ! ويجئ بعد سنة من يقول : أين الشمس ؟ نقول : والله ضاعت ..! من أجرى كل كوكب ؟ ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يسبح ويحافظ على مداره ويحافظ على سرعته ويحافظ على موقعه صنع من ؟ ذلك تقدير العزيز العليم ! هل هذا تقدير أم لا ؟ وهل يكون التقدير صدفة ؟ .. لا إن التقدير يكون من إرادة مريد .. هذا التقدير من قويّ .. من قادر سبحانه وتعالى وضع كل شئ في مكانه وأجراه في مكانه
المصدر " وغدا عصر الأيمان " للشيخ عبد المجيد الزندانى(1/2)
القمر كان مشتعلاً ثم انطفأ
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
- آية: الآية: العلامة، وقال ابن حمزة، الآية من القرآن كأنها العلامة التي يُفضى منها إلى غيرها.
فهم المفسرين:
لقد استنبط الصحابة الكرام منذ أربعة عشر قرناً أن كوكب القمر كان يشعّ نوراً ثم أذهب الله ضوءه وأزاله، وذلك من خلال تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الإسراء: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}، فقد روى الإمام ابن كثير في تفسيره أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال في تأويله للآية: "كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، وهو آية الليل، فمحي، فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو" )روح المعاني للألوسي(: [15/26].
حقائق علمية:
- اكتشف علماء الفلك بعد صعود الإنسان إلى القمر وبواسطة الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية أن كوكب القمر كان في القديم كوكباً مشتعلاً لكنه انطفأ وذهب ضوؤه.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة} [الإسراء: 12].
تشير الآية القرآنية الكريمة إلى حقيقة علمية لم تظهر إلا في القرن العشرين، وهي أن القمر كان في القديم كوكباً مشتعلاً ثم أطفأ الله تعالى نوره، ودلالة القرآن على هذا واضحة كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، وهو آية الليل، فمحي، فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو".
هذا القول هو لصحابي جليل استنبطه من القرآن الكريم منذ ألف وأربعمائة سنة، فماذا يقول علماء الفلك في هذا الموضوع؟
لقد كشف علم الفلك أخيراً أن القمر كان مشتعلاً في القديم ثم مُحيَ ضوءه وانطفأ.(1/1)
فقد أظهرت المراصد المتطورة والأقمار الاصطناعية الأولى صوراً تفصيلية للقمر، وتبيّن من خلالها وجود فوهات لبراكين ومرتفعات وأحواض منخفضة.
ولم يتيسّر للعلماء معرفة طبيعة هذا القمر تماماً حتى وطىء رائد الفضاء الأميركي "نيل آرمسترونغ" سطحه عام 1969 م. ثم بواسطة وسائل النظر الفلكية الدقيقة، والدراسات الجيولوجية على سطحه، وبعد أن تم تحليل تربته استطاع علماء الفضاء القول كما جاء في وكالة الفضاء الأميركية “Nasa”:
بأن القمر قد تشكل منذ 4.6 مليون سنة وخلال تشكله تعرض لاصطدامات كبيرة وهائلة مع الشهب والنيازك، وبفعل درجات الحرارة الهائلة تم انصهار حاد في طبقاته مما أدى إلى تشكيل الأحواض التي تدعى ماريا “Maria” وقمم وفوهات تدعى كرايترز “Craters” والتي قامت بدورها بإطلاق الحمم البركانية الهائلة فملأت أحواضه في تلك الفترة. ثم برد القمر، فتوقفت براكينه وانطفأت حممه، وبذلك انطفأ القمر وطمس بعد أن كان مشتعلاً.
وإذا عدنا إلى الآية القرآنية فإننا نلاحظ استعمال لفظ "محونا" والمحوُ عند اللغويين هو الطمس والإزالة، والمعنى أن الله تعالى أزال وطمس ضوء القمر، والمحْوُ المقصود ليس إزالة كوكب القمر، فهو لا يزال موجوداً ولكن إزالة نوره وضوئه، وهذا واضح من العبارة القرآنية "آية الليل" وهي القمر و"آية النهار" وهي الشمس. والطمس يكون للنور ولذلك قال تعالى: {وجعلنا آية النهار مبصرة}، فجاء بكلمة مبصرة وهي وجه المقارنة لتدل على أن المقارنة هي بين نور آية الليل (القمر) ونور آية النهار (الشمس)، فالأول انطفأ والأخرى بقيت مضيئة نبصر من خلالها.
فيا ترى من بلّغ محمداً صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة والتي تحتاج للمركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية والتحاليل الجيولوجية والتي لم يمضِ على اكتشافها سوى عشرات السنين؟
فسبحان العليم الحكيم الذي قال: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.(1/2)
المراجع العلمية:
ذكرت وكالة الفضاء الأميركية:
"إن القمر حالياً لديه نشاط زلزالي طفيف وتدفق قليل للحرارة مما يوحي أن معظم النشاط الداخلي للقمر قد انقطع منذ زمن بعيد.
ومن المعلوم أن القمر منذ بلايين السنين خضع لتوقد شديد، نتج عنه تمايز القشرة، تبع ذلك خضوعه لتدفقات من الحمم البركانية.
وما إن تقلص هيجان الحمم في الأحواض العظيمة، حتى توقفت بوضوح مصادر الاتقاء عند القمر.
ومن بلايين السنين القليلة والأخيرة من تاريخه أمضى القمر هادئاً وبشكل أساسي غير نشط جيولوجياً باستثناء تتابع انهمار الصدمات عليه (من الشهب والنيازك).
يعتقد العلماء الآن أن القمر هو نتيجةً للتصادم بين الأرض القديمة وبين كوكب أصغر سبقها قدماً، منذ 4.6 بليون سنة مضت، والتصادم العظيم نشر مواد متبخرة على شكل قرص أخذت تدور حول الأرض، لاحقاً برد هذا البخار وتقلّص إلى قطرات، والتي تخثرت بدورها نحو القمر.
كما ذكرت:
منذ حوالي 4 بليون سنة، سلسلة من الاصطدامات الرئيسية حصلت وكوّنت فجوات ضخمة، هذه الفجوات الآن هي أماكن الأحواض التي تدعى "ماريا" (مثل حوض "إمبريوم" و "سيرينيتاتس")، وفي فترة بين أربعة إلى 2.5 بليون سنة مضت، كان النشاط البركاني قد ملأ هذه الأحواض بالحمم البركانية السوداء والتي تدعى "بازلت". بعد فترة الهيجان البركاني برد القمر وأصبح غير نشط نسبياً باستثناء بعض المناسبات من الضربات النيزكية والمذنبية".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو إشارتها إلى أن القمر كان له نور وضوء ثم انمحى وطمس فصار مظلماً، فقال تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} أي القمر، وهو ما كشفت عنه صور الأقمار الصناعية والدراسات والتحاليل الجيولوجية لسطح القمر في القرن العشرين.(1/3)
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ...
بقلم الدكتور : زغلول النجار
يستهل ربنا ( تبارك وتعالي ) سورة الرعد بقوله ( عز من قائل ): المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لايؤمنون . الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوي علي العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون
[ الرعد :1 و 2]
وفي هاتين الآيتين الكريمتين يؤكد ربنا ( تبارك وتعالي ) أن الوحي بالقرآن الكريم إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ( صلي الله عليه وسلم ) هو الحق المطلق , المنزل من الله ( تعالي ), والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وإن كان أكثر الناس لايؤمنون به .
والإيمان بالوحي من ركائز الإيمان بالله , ودعائم الإسلام ( أي التسليم له تعالي بالطاعة في العبادة ) لأن الذي يؤمن بأن الوحي هو كلام الله الخالق يسلم بمحتوي هذا الوحي من أمور الغيب وضوابط السلوك من مثل قواعد العقيدة , وتفاصيل العبادة , ودستور الأخلاق وفقه المعاملات , ومايصاحب ذلك من قصص الأمم السابقة ( الذي جاء للعظة والاعتبار ), وخطاب للنفس الإنسانية من خالقها وبارئها يهزها من الأعماق هزا , ويرقي بها إلي معارج الله العليا ...!! وأول أسس العقيدة الصحيحة هو التوحيد الخالص لله تعالي بغير شريك ولاشبيه ولامنازع , والإيمان بما أنزل من غيب [ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ( بغير تفريق ولاتمييز ), وبالقدر خيره وشره ( بكل الرضي والتسليم ), وبالبعث والحساب والجنة والنار , وبالخلود في حياة قادمة ( بغير أدني شك أو ريبة ].(1/1)
وهذا الإيمان الصحيح يستتبع الخضوع الكامل لله ( تعالي ) بالعبادة والطاعة , وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض في غير استعلاء ولاتجبر , والسعي الحثيث لإقامة عدل الله ( تعالي ) فيها , وكل ذلك من صميم رسالة الإنسان في هذه الحياة , ومن ضرورات تحقيق النجاح فيها :
والقرآن الكريم الذي أوحاه ربنا ( تبارك وتعالي ) إلي خاتم أنبيائه ورسله ( صلي الله عليه وسلم ), وتعهد بحفظه كلمة كلمة , وحرفا حرفا , فحفظ علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد , وإلي أن يرث الله ( تعالي ) الأرض ومن عليها يستدل علي صفائه الرباني , وعلي وحدانية الخالق العظيم , وطلاقة قدرته , وكمال علمه وحكمته بآياته الكريمة ذاتها , ومالها من جمال , وكمال , وصدق , كما يستدل علي ذلك أيضا بعدد من آيات الله الكونية الكبري وفي مقدمتها رفع السماوات بغير عمد يراها الناس ...!!! وهو من الأمور الظاهرة للعيان , والشاهدة علي أن للكون إلها خالقا , قادرا , حكيما , عليما , أبدع هذا الكون بعلمه , وحكمته وقدرته , وهو قادر علي إفنائه , وعلي إعادة خلقه من جديد .
وعلي الرغم من ذلك فإن أكثر الناس غافلون عن كل هذه الحقائق , ومضيعون أعمارهم في شقاق , ونفاق , وعناد , من أجل الخروج علي منهج الله , واتباع الشهوات المحرمة , والمتع الخاطئة المدمرة , والاستعلاء الكاذب في الأرض , والولوغ في الظلم , وإفساد الحياة ..!!!
وأغلب المنكرين لدين الله الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين ( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ) ينطلقون من غفلتهم هذه لينكروا البعث , والحساب , والجنة , والنار , والخلود في حياة قادمة انطلاقا من كفرهم بالله الخالق , وبملائكته , وكتبه , ورسله , ولايجدون في رفع السماء بغير عمد يرونها آية من الآيات المادية الملموسة التي نشهد له ( تعالي ) بطلاقة القدرة , وكمال الحكمة , ودقة التدبير ..!!!(1/2)
وتستمر الآيات القرآنية في نفس السورة باستعراض عدد غير قليل من آيات الله في الكون لعلها توقظ أصحاب العقول الغافلة , والضمائر الميتة إن كانت لديهم بقية من القدرة علي التفكير السليم , أو التعقل الراجح . فإن أصروا علي كفرهم بالله , وإنكارهم لرسالته الخاتمة , وماتضمنته من أمور غيبية , وفي مقدمتها قضية البعث , فليس من جزاء لهم أقل من الخلود في النار , والاغلال في أعناقهم , إمعانا في إذلالهم جزاء كفرهم وإنكارهم لآيات الله الخالق المقروءة في رسالته الخاتمة والمنظورة في كونه البديع ..!!!
ورفع السماوات بغير عمد يراها الناس مع ضخامة أبعادها , وتعاظم أجرامها عددا وحجما وكتلة , هو من أوضح الأدلة علي أن هذا الكون الشاسع الاتساع , الدقيق البناء , المحكم الحركة والمنضبط في كل أمر من أموره لايمكن أن يكون نتاج المصادفة المحضة , أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه , بل لابد له من موجد عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال والقدرة مايغاير صفات خلقه قاطبة :
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
[ الشوري :11]
من أجل ذلك يؤكد القرآن الكريم حقيقة رفع السماوات بغير عمد يراها الناس , وإبقاءها سقفا مرفوعا , وحفظها من الوقوع علي الأرض ومن الزوال إلا بإذن الله , وذلك في عدد من آيات أخري من كتابه العزيز يقول فيها ربنا ( تبارك وتعالي ):
[1] خلق السماوات بغير عمد ترونها ..
( لقمان :10)
[2] وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون .
( الأنبياء :32)
[3] ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم
( الحج :65)
[4] ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره .
( الروم :25)
[5] إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا
( فاطر :41)
[6] والسقف المرفوع
( الطور :5)
[7] والسماء رفعها ووضع الميزان
( الرحمن :7)
[(1/3)
8] ءأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها
( النازعات :28,27)
[9] أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت
( الغاشية :18,17)
[10] والسماء ومابناها
( الشمس :5)
فكيف رفعت السماوات بغير عمد يراها الناس؟ وهل معني الآية الكريمة ان السماء لها عمد غير مرئية أم ليس لها عمد علي الإطلاق؟ هذا ماسوف نفصله في السطور التالية بإذن الله ( تعالي ) وقبل الدخول في ذلك لابد لنا من شرح لفظ ( عمد ) في اللغة العربية وفي القرآن الكريم .
لفظة ( العمد ) في اللغة العربية
ثبات كواكب المجموعة الشمسية بالتعادل بين قوة الجاذبية والقوة الطاردة المركزية
يقال :( عمد ) للشيء بمعني قصد له أي ( تعمده ), و ( العمد ) و ( التعمد ) هو قصد الشيء بالنية وهو ضد كل من السهو والخطأ , و ( العمد ) علي الشيء الاستناد إليه , ويقال :( عمد ) الشيء ( فانعمد ) أي أقامه ( بعماد )( يعتمد ) عليه , و ( عمدت ) الشيء إذا أسندته , و ( عمدت ) الحائط مثله , و ( العمود ) ماتقام أو تعتمد عليه الخيمة من خشب أو نحوه ويعرف باسم ( عمود البيت ), وجمعه في القلة ( أعمدة ), وفي الكثرة ( عمد ) بفتحتين و ( عمد ) بضمتين , و ( عمود ) القوم و ( عميدهم ) السيد الذي ( يعمده ) الناس , و ( العمدة ) بالضم ما ( يعتمد ) عليه وجمعه ( عمد ), و ( العماد ) بالكسر ما ( يعتمد ) أو هو الأبنية الرفيعة ( تذكر وتؤنت ) والواحدة ( عمادة ) ويقال :( اعتمد ) علي الشيء بمعني اتكأ عليه , و ( اعتمد ) عليه في كذا اتكل عليه , وفلان رفيع ( العماد ) أي هو رفيع عند الاعتماد عليه , ويقال : سطع ( عمود ) الصبح أي ابتدأ طلوع نوره تشبيها ( للعمود ) والقلب ( العميد ) الذي يعمده الحزن , والجسد ( العميد ) الذي يعمده السقم , وقد ( عمد ) توجع من حزن أو غضب أو سقم , و ( عمد ) البعير توجع من عقر ظهره .
لفظة ( العمد ) في القرآن الكريم(1/4)
وردت لفظة ( عمد ) في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي :
[1] الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
( الرعد :2)
[2] خلق السماوات بغير عمد ترونها ..
( لقمان :10)
[3] نار الله الموقدة . التي تطلع علي الأفئدة . إنها عليهم مؤصدة . في عمد ممدة
( الهمزة :6 ــ 9)
ووردت لفظة ( عماد ) في موضع واحد يقول فيه ربنا ( تبارك وتعالي ):
ألم تر كيف فعل ربك بعاد . إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد .
( الفجر :6 ـ 8)
وجاء الفعل ( تعمد ) ومشتقاتها في كتاب الله الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي :
[1] وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما
( الأحزاب :5)
[2] ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما
( النساء :93)
[3] ومن قتله منكم متعمدا ..
( المائدة :95)
آراء المفسرين
تعددت آراء المفسرين في شرح قوله ( تعالي ):
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ..( الرعد :2)
وقوله ( عز من قائل ):
خلق السماوات بغير عمد ترونها ..
( لقمان :10)
فقال ابن كثير ( يرحمه الله ): السماء علي الأرض مثل القبة , يعني بلا عمد , وهذا هو اللائق بالسياق , والظاهر من قوله تعالي ( ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه ) فعلي ذلك يكون قوله :( ترونها ) تأكيدا لنفي ذلك , أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها , وهذا هو الأكمل في القدرة .
كذلك روي ابن كثير عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) وعن كل من مجاهد والحسن ( عليهما رضوان الله ) أنهم قالوا : لها عمد ولكن لاتري , فتكون ( ترونها ) صفة ( عمد ) أي بغير عمد مرئية ( أبو بعمد غير مرئية ), وأضاف أن هذا التأويل خلاف الظاهر المتبادر ولذلك ضعفه ابن كثير .(1/5)
وذكر صاحبا تفسير الجلالين ( يرحمهما الله ): أن ( العمد ) جمع ( عماد ) وهو الاسطوانة [ أي أن العمد موجودة ولكنكم لاترونها ], وهو صادق أن لا عمد أصلا .
وفي تعليقه علي هذا التفسير ذكر كنعان ( أمد الله في عمره ): قوله : وهو صادق بأن لاعمد لها أصلا هو إشارة إلي الوجه الثاني علي القول بأن ( ترونها ) صفة لـ ( عمد ), والضمير عائد إليها والمعني : رفعها خالية عن عمد مرئية , وانتفاء العمد المرئية يحتمل انتفاء الرؤية فقط أي : لها عمد ولكنها غير مرئية , ويحتمل انتفاء العمد والرؤية جميعا أي : لاعمد أصلا كما ذكر الجلال السيوطي ( يرحمه الله ), وفي قول آخر :( ترونها ) مستأنفة , وضميرها يعود لـ ( السماوات ), والمعني : رفعها بلا عمد أصلا وأنتم ترونها كذلك ..
وذكر محمد عبده ( رحمه الله ) في تفسير قوله ( تعالي ): والسماء ومابناها مانصه : السماء اسم لما علاك وارتفع فوق رأسك وأنت إنما تتصور عند سماعك لفظ السماء هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها , وتتحرك في مداراتها , هذا هو السماء . وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة أو جدران تحيط بك , وشد هذه الكواكب بعضها إلي بعض برباط الجاذبية العامة , كما تربط أجزاء البناء الواحد بما يوضع بينها مما تتماسك به .
وقال صاحب الظلال ( يرحمه الله ): والسماوات ــ أيا كان مدلولها , وأيا كان مايدركه الناس من لفظها في شتي العصور ــ معروضة علي أنظار , هائلة ــ ولاشك ــ حين يخلو الناس إلي تأملها لحظة , وهي هكذا لاتستند إلي شيء , مرفوعة ( بغير عمد ) مكشوفة ( ترونها ).. ما من أحد يقدر علي رفعها بلا عمد ــ أو حتي بعمد ــ إلا الله ..(1/6)
وذكر الغمراوي ( يرحمه الله ) واعجب معي من إعجاز الأسلوب والمعني معا في قوله تعالي :( بغير عمد ترونها ) في كل من خلق السماء ورفعها . فلو قيل ( بغير عمد ) فحسب لكان ذلك نفيا مطلقا للعمد , مرئية وغير مرئية , والنفي المطلق يخالف الواقع الذي علم الله أنه سيهدي إليه عباده بعد نحو ألف وخمسين عاما من اختتام القرآن , فكأن من الإعجاز المزدوج أن يقيد الله نفي العمد في الخلق والرفع بقوله ( ترونها ), والضمير المنصوب في ( ترونها ) يرجع أولا إلي أقرب مذكور وهو ( عمد ) فيكون المعني : بغير عمد مرئية , أي بعمد من شأنها وفطرتها ألا تري , والفعل المضارع في اللغة يشمل الحال والاستقبال أو هو حال مستمر , لأن القرآن مخاطب به الناس في كل عصر .
وإذا أعيد الضمير إلي السماء كان المعني : أن السماء ترونها مخلوقة مرفوعة بغير عمد , وتكون العمد مايعهده الناس في أبنية الأرض , ونفيها بهذا المعني عن السماء المرفوعة أيضا أمر عجيب لايقدر عليه إلا الله وكلا الوجهين مفهوم من التعبير القرآني طبق اللغة , وإن كان الأولي في اللغة هو الوجه الأول الذي يحوي الإعجاز العلمي , وإذن فالوجهان كلاهما مرادان بالتعبير الكريم إذ لامانع من أحدهما والزمخشري فهم المعنيين علي التخيير , وإن أعطي الأولوية للمعني المستفاد من جعل ( ترونها ) صفة للعمد , أي بغير عمد مرئية , يعني أن عمدها لاتري , وهي إمساكها بقدرته .
أما الفخر الرازي فلم يرصد إلا هذا المعني الثاني إذ يقول : إنه رفع السماء بغير عمد ترونها , أي لاعمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي قدرة الله تعالي وحفظه وتدبيره وإبقاؤه إياها في الحيز الحالي , وإنهم ( أي الناس ) لايرون ذلك التدبير ولايعرفون كيفية ذلك الإمساك .(1/7)
وأضاف الغمراوي ( يرحمه الله ) وقد عرف علماء الفلك الحديث كيفية ذلك عن طريق تلك السنة الكونية العجيبة المذهلة : سنة الجاذبية العامة , التي قامت وتقوم بها السماوات والأرض بأمر الله كما قال سبحانه : ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره
( الروم :25)
وقد بقي من صور التعبير صورة , وهي أن يقال :( بعمد لاترونها ) بدلا من ( بغير عمد ترونها ) في الآيتين الكريمتين , وقد تجنبها القرآن لحكمة بالغة , فلو أنها جاءت فيه هكذا لاتجهت الافكار باديء ذي بدء إلي إثبات عمد في السماء أو للسماء , كالتي يعرفونها فيما يعلون من بنيان , ولأثبت العلم بطلان ذلك , وإن جاز علي أهل العصور قبل , وجل وعز وجه الله أن يلم خطأ مابكتابه من قريب أو بعيد .
وذكر الصابوني ( أمد الله في عمره ) في تفسير قوله تعالي :
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
مانصه : أي خلقها مرتفعة البناء , قائمة بقدرته لاتستند علي شيء حال كونكم تشاهدونها وتنظرونها بغير دعائم , وذلك دليل علي وجود الخالق المبدع الحكيم
العمد غير المرئية في العلوم الكونية
تشير الدراسات الكونية إلي وجود قوي مستترة , في اللبنات الأولية للمادة وفي كل من الذرات والجزيئات وفي كافة أجرام السماء , تحكم بناء الكون وتمسك بأطرافه إلي أن يشاء الله تعالي فيدمره ويعيد خلق غيره من جديد .
ومن القوي التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور , يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمي واحدة تسري في مختلف جنبات الكون لتربطه برباط وثيق وإلا لانفرط عقده وهذه القوي هي :
(1) القوة النووية الشديدة
وهي القوة التي تقوم بربط الجزيئات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة برباط متين من مثل البروتونات , والنيوترونات ولبناتهما الأولية المسماة بالكواركات
(QUARKS)
بأنواعها المختلفة وأضدادها
((Anti-Quarks
كما تقوم بدمج والتحام نوي الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي
((1/8)
nuclearfusion)
التي تتم في داخل النجوم , كما تتم في العديد من التجارب المختبرية , وهي أشد أنواع القوي الطبيعية المعروفة لنا في الجزء المدرك من الكون ولذا تعرف باسم القوة الشديدة ولكن هذه الشدة البالغة في داخل نواة الذرة تتضاءل عبر المسافات الأكبر ولذلك يكاد دورها يكون محصورا في داخل نوي الذرات , وبين تلك النوي ومثيلاتها , وهذه القوي تحمل علي جسيمات غير مرئية تسمي باسم اللاحمة أو جليون
(gluon)
لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين , وفكرة القنبلة النووية قائمة علي اطلاق هذه القوة التي تربط بين لبنات نواة الذرة , وهذه القوة لازمة لبناء الكون لأنها لو انعدمت لعاد الكون إلي حالته الأولي لحظة الانفجار العظيم حين تحول الجرم الابتدائي الأولي الذي نشأ عن انفجاره كل الكون إلي سحابة من اللبنات الأولية للمادة التي لايربطها رابط , ومن ثم لايمكنها بناء أي من أجرام السماء .
(2) القوة النووية الضعيفة :
وهي قوة ضعيفة وذات مدي ضعيف للغاية لا يتعدي حدود الذرة وتساوي 10 ــ 13 من شدة القوة النووية الشديدة , وتقوم بتنظيم عملية تفكك وتحلل بعض الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة كما يحدث في تحلل العناصر المشعة , وعلي ذلك فهي تتحكم في عملية فناء العناصر حيث إن لكل عنصر أجلا مسمي , وتحمل هذه القوة علي جسيمات إما سالبة أو عديمة الشحنة تسمي البوزونات
(bosons).
(3) القوة الكهربائية المغناطيسية ( الكهرومغناطيسية ):
وهي القوة التي تربط الذرات بعضها ببعض في داخل جزيئات المادة مما يعطي للمواد المختلفة صفاتها الطبيعية والكيميائية , ولولا هذه القوة لكان الكون مليئا بذرات العناصر فقط ولما كانت هناك جزيئات أو مركبات , ومن ثم ما كانت هناك حياة علي الاطلاق .
وهذه القوة هي التي تؤدي إلي حدوث الاشعاع الكهرومغناطيسي علي هيئة فوتونات الضوء أو مايعرف باسم الكم الضوئي .
(PhotonsorphotonQuantum)(1/9)
وتنطلق الفوتونات بسرعة الضوء لتؤثر في جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية وفي العديد من العمليات الفيزيائية وتبلغ قوتها 137/1 من القوة النووية الشديدة .
(4) قوة الجاذبية :
وهي علي المدي القصير تعتبر أضعف القوي المعروفة لنا , وتساوي 10 ــ 39 من القوة النووية الشديدة , ولكن علي المدي الطويل تصبح القوة العظمي في الكون , نظرا لطبيعتها التراكمية فتمسك بكافة أجرام السماء , وبمختلف تجمعاتها , ولولا هذا الرباط الحاكم الذي أودعه الله ( تعالي ) في الأرض وفي أجرام السماء ما كانت الأرض ولا كانت السماء ولو زال هذا الرباط لانفرط عقد الكون وانهارت مكوناته .
ولايزال أهل العلم يبحثون عن موجات الجاذبية المنتشرة في أرجاء الكون كله , منطلقة بسرعة الضوء دون أن تري , ويفترض وجود هذه القوة علي هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد يطلق عليها اسم الجسيم الجاذب أو ( الجرافيتون )
(Graviton)
وعلي ذلك فإن الجاذبية هي أربطة الكون .
والجاذبية مرتبطة بكتل الأجرام وبمواقعها بالنسبة لبعضها البعض , فكلما تقاربت أجرام السماء , وزادت كتلها , زادت قوي الجذب بينها , والعكس صحيح , ولذلك يبدو أثر الجاذبية أوضح مايكون بين أجرام السماء التي يمسك الأكبر فيها بالأصغر بواسطة قوي الجاذبية , ومع دوران الأجرام حول نفسها تنشأ القوة الطاردة ( النابذة ) المركزية التي تدفع بالاجرام الصغيرة بعيدا عن الأجرام الأكبر التي تجذبها حتي تتساوي القوتان المتضادتان : قوة الجذب إلي الداخل , وقوة الطرد إلي الخارج فتتحدد بذلك مدارات كافة أجرام السماء التي يسبح فيها كل جرم سماوي دون أدني تعارض أو اصطدام .
هذه القوي الأربع هي الدعائم الخفية التي يقوم عليها بناء السماوات والأرض , وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة .(1/10)
توحيد القوي المعروفة في الكون المدرك
كما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في شكل قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية , يحاول العلماء جمع تلك القوة مع القوة النووية الضعيفة باسم القوة الكهربائية الضعيفة
(TheElectroweakForce)
حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا التي بدأ بها الكون , كذلك يحاول العلماء جمع القوة الكهربائية الضعيفة والقوة النووية الشديدة في قوة واحدة وذلك في عدد من النظريات التي تعرف باسم نظريات المجال الواحد أو النظريات الموحدة الكبر
ي TheGrandUnifiedTheorie))
ثم جمع كل ذلك مع قوة الجاذبية فيما يسمي باسم الجاذبية العظمي
(Supergravity)
التي يعتقد العلماء بأنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء خلق الكون , ثم تمايزت إلي القوي الأربع المعروفة لنا اليوم , والتي ينظر إليها علي أنها أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه , فالكون يبدو كنسيج شديد التلاحم والترابط , ورباطه هذه القوة العظمي الواحدة التي تنتشر في كافة أرجائه , وفي جميع مكوناته وأجزائه وجزيئاته , وهذه القوة الواحدة تظهر لنا في هيئة العديد من صور الطاقة , والطاقة هي الوحدة الأساسية في الكون , والمادة مظهر من مظاهرها , وهي من غير الطاقة لا وجود لها , فالكون عبارة عن المادة والطاقة ينتشران في كل من المكان والزمان بنسب وتركيزات متفاوتة فينتج عنها ذلك النسيج المحكم المحبوك في كل جزئية من جزئياته .
الجاذبية العامة(1/11)
من الثوابت العلمية أن الجاذبية العامة هي سنة من سنن الله في الكون أودعها ربنا تبارك وتعالي كافة أجزاء الكون ليربط تلك الاجزاء بها , وينص قانون هذه السنة الكونية بأن قوة التجاذب بين أي كتلتين في الوجود تتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما , وعكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما , ومعني ذلك أن قوة الجاذبية تزداد بازدياد كل من الكتلتين المتجاذبتين , وتنقص بنقصهما , بينما تزداد هذه القوة بنقص المسافة الفاصلة بين الكتلتين , وتتناقص بتزايدها , ولما كان لأغلب أجرام السماء كتل مذهلة في ضخامتها فإن الجاذبية العامة هي الرباط الحقيقي لتلك الكتل علي الرغم من ضخامة المسافات الفاصلة بينها , وهذه القوة الخفية ( غير المرئية ) تمثل النسيج الحقيقي الذي يربط كافة أجزاء الكون كما هو الحال بين الأرض والسماء وهي القوة الرافعة للسماوات باذن الله بغير عمد مرئية .
وهي نفس القوة التي تحكم تكور الأرض وتكور كافة أجرام السماء وتكور الكون كله , كما تحكم عملية تخلق النجوم بتكدس أجزاء من الدخان الكوني علي بعضها البعض , بكتلات محسوبة بدقة فائقة , وتخلق كافة أجرام السماء الأخري , كما تحكم دوران الأجرام السماوية كل حول محوره , وتحكم جرية في مداره , بل في أكثر من مدار واحد له , وهذه المدارات العديدة لاتصطدم فيها أجرام السماء رغم تداخلاتها وتعارضاتها الكثيرة , ويبقي الجرم السماوي في مداره المحدد بتعادل دقيق بين كل من قوي الجذب إلي الداخل بفعل الجاذبية وبين قوي الطرد إلي الخارج بفعل القوة الطاردة ( النابذة ) المركزية .
وقوة الجاذبية العامة تعمل علي تحدب الكون أي تكوره وتجبر كافة صور المادة والطاقة علي التحرك في السماء في خطوط منحنية ( العروج ), وتمسك بالأغلفة الغازية والمائية والحياتية للأرض , وتحدد سرعة الإفلات من سطحها , وبتحديد تلك السرعة يمكن إطلاق كل من الصواريخ والأقمار الصناعية .
والجاذبية الكمية
((1/12)
QuantumGravity)
تجمع كافة القوانين المتعلقة بالجاذبية , مع الأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الكمية علي اعتبار أن إحداثيات الكون تتبع نموذجا مشابها للاحداثيات الأرضية , وأن ابعاد الكون تتبع نموذجا مشابها للأرض بأبعادها الثلاثة بالاضافة إلي كل من الزمان والمكان كبعد رابع . وعلي الرغم من كونها القوة السائدة في الكون ( بإذن الله ) فإنها لاتزال سرا من أسرار الكون , وكل النظريات التي وضعت من أجل تفسيرها قد وقفت دون ذلك لعجزها عن تفسير كيفية نشأة هذه القوة , وكيفية عملها , وإن كانت هناك فروض تنادي بأن جاذبية الأرض ناتجة عن دورانها حول محورها , وأن مجالها المغناطيسي ناتج عن دوران لب الأرض السائل والذي يتكون أساسا من الحديد والنيكل المنصهرين حول لبها الصلب والذي له نفس التركيب الكيميائي تقريبا , وكذلك الحال بالنسبة لبقية أجرام السماء .
موجات الجاذبية(1/13)
منذ العقدين الأولين من القرن العشرين تنادي العلماء بوجود موجات للجاذبية من الإشعاع التجاذبي تسري في كافة أجزاء الكون , وذلك علي أساس أنه بتحرك جسيمات مشحونة بالكهرباء مثل الإليكترونات والبروتونات الموجودة في ذرات العناصر والمركبات فإن هذه الجسيمات تكون مصحوبة في حركتها باشعاعات من الموجات الكهرومغناطيسية , وقياسا علي ذلك فإن الجسيمات غير المشحونة ( مثل النيوترونات ) تكون مصحوبة في حركتها بموجات الجاذبية , ويعكف علماء الفيزياء اليوم علي محاولة قياس تلك الأمواج , والبحث عن حاملها من جسيمات أولية في بناء المادة يحتمل وجوده في داخل ذرات العناصر والمركبات , واقترحوا له اسم الجاذب أو الجرافيتون وتوقعوا أنه يتحرك بسرعة الضوء , وانطلاقا من ذلك تصوروا أن موجات الجاذبية تسبح في الكون لتربط كافة أجزائه برباط وثيق من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها إلي كل الكون , وأن هذه الموجات التجاذبية هي من السنن الأولي التي أودعها الله تعالي مادة الكون وكل المكان والزمان !!
وهنا تجب التفرقة بين قوة الجاذبية
(TheGravitationalForce)
وموجات الجاذبية
(TheGravitationalWaves),
فبينما الأولي تمثل قوة الجذب للمادة الداخلة في تركيب جسم ماحين تتبادل الجذب مع جسم آخر , فإن الثانية هي أثر لقوة الجاذبية , وقد أشارت نظرية النسبية العامة إلي موجات الجاذبية الكونية علي أنها رابط بين المكان والزمان علي هيئة موجات تؤثر في حقول الجاذبية في الكون كما تؤثر علي الأجرام السماوية التي تقابلها وقد بذلت محاولات كثيرة لاستكشاف موجات الجاذبية القادمة إلينا من خارج مجموعتنا الشمسية ولكنها لم تكلل بعد بالنجاح .(1/14)
والجاذبية وموجاتها التي قامت بها السماوات والأرض منذ بدء خلقهما , ستكون سببا في هدم هذا البناء عندما يأذن الله ( تعالي ) بتوقف عملية توسع الكون فتبدأ الجاذبية وموجاتها في العمل علي انكماش الكون وإعادة جمع كافة مكوناته علي هيئة جرم واحد شبيه بالجرم الابتدائي الذي بدأ به خلق الكون وسبحان القائل :
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين
( الأنبياء :104)
نظرية الخيوط العظمي وتماسك الكون
في محاولة لجمع القوي الأربع المعروفة في الكون ( القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة , والقوة الكهرومغناطيسية , وقوة الجاذبية ) في صورة واحدة للقوة اقترح علماء الفيزياء مايعرف باسم نظرية الخيوط العظمي
(TheTheoryOfSuperstrings)
والتي تفترض أن الوحدات البانية للبنات الأولية للمادة من مثل الكواركات والفوتونات , والإليكترونات وغيرها ) تتكون من خيوط طولية في حدود 10 ــ 35 من المتر , تلتف حول ذواتها علي هيئة الزنبرك المتناهي في ضآلة الحجم , فتبدو كما لو كانت نقاطا أو جسيمات , وهي ليست كذلك , وتفيد النظرية في التغلب علي الصعوبات التي تواجهها الدراسات النظرية في التعامل مع مثل تلك الأبعاد شديدة التضاؤل حيث تتضح الحاجة إلي فيزياء كمية غير موجودة حاليا , ويمكن تمثيل حركة الجسيمات في هذه الحالة بموجات تتحرك بطول الخيط , كذلك يمكن تمثيل انشطار تلك الجسيمات واندماجها مع بعضها البعض بانقسام تلك الخيوط والتحامها .
وتقترح النظرية وجود مادة خفية
(ShadowMatter)
يمكنها أن تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية لتجعل من كل شيء في الكون ( من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها المختلفة إلي كل السماء ) بناء شديد الإحكام , قوي الترابط , وقد تكون هذه المادة الخفية هي مايسمي باسم المادة الداكنة
(DarkMatter)(1/15)
والتي يمكن أن تعوض الكتل الناقصة في حسابات الجزء المدرك من الكون , وقد تكون من القوي الرابطة له .
وتفسر النظرية جميع العلاقات المعروفة بين اللبنات الأولية للمادة , وبين كافة القوي المعروفة في الجزء المدرك من الكون .
وتفترض النظرية أن اللبنات الأولية للمادة ماهي إلا طرق مختلفة لتذبذب تلك الخيوط العظمي في كون ذي أحد عشربعدا , ومن ثم واذا كانت النظرية النسبية قد تحدثت عن كون منحن , منحنية فيه الابعاد المكانية الثلاثة ( الطول , العرض , والارتفاع ) في بعد رابع هو الزمن , فإن نظرية الخيوط العظمي تتعامل مع كون ذي أحد عشر بعدا منها سبعة أبعاد مطوية علي هيئة لفائف الخيوط العظمي التي لم يتمكن العلماء بعد من إدراكها وسبحان القائل : الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
والله قد أنزل هذه الحقيقة الكونية علي خاتم أنبيائه ورسله ( صلي الله عليه وسلم ) من قبل أربعة عشر قرنا , ولا يمكن لعاقل أن ينسبها إلي مصدر غير الله الخالق .
الأهرام 2001/09/17(1/16)
المادة وقرين المادة
نحن نعلم أن العزيز الحكيم خلق الإنسان وجعل منه زوجين ذكرا وأنثى قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) حتى يكون للإنسان رفيق وحتى ليزداد التعارف والمودة بين خلقه . ولم يقتصر هذا النظام على الإنسان فقط بل تعداه ليشمل مملكة الحيوان فقد جاء فيهما قال تعالى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) وقول الله تعالى : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وكذلك مملكة النبات قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) فالإنسان والشطر الأكبر من فصائل الحيوان والنبات خلقوا جميعا في صورة الذكر والأنثى , هذا ما يخبرنا به القرآن وهو ما تعلمناه في علوم الأحياء .
وبالإضافة إلى ذلك نرى في الآية التالية شمولا أكبر وأعم قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فكلمة " شيء " هنا فهمها من قبلنا ويفهمها أكثرنا على أنها تشمل الإنسان والحيوان والنبات فقد جميع القرآن ذكرهم في هذه الآية وأخبرنا بأنه جعل من كل المخلوقات الحية زوجين . وقد يكون الأمر كذلك , ولكنا إذا أمعنا النظر لوجدنا أن كلمة " شيء " فيها شمول أكثر من النبات والحيوان والإنسان , أنها تشمل الجماد أيضا . فهل في الجماد زوجان ؟ من أجل الإجابة على هذا السؤال نحتاج لنزهة قصيرة في فيزياء الجسيمات .(1/1)
في النصف الأول من القرن العشرين كان أحد الفيزيائين الإنجليز – واسمه ديراك Dirak - يقوم بأبحاث على معادلات الالكترونات , والالكترونات كما نعلم هي الجسيمات السالبة الشحنة التي تدور حول نواه الذرة , وفي أثناء قيامه بهذه الأبحاث اكتشف أن المعادلات لها حلين وليس حل واحد . وأي واحد منا تعامل مع معادلات الدرجة الثانية يستطيع أن يدرك بسهوله هذا الموقف . فمعادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة , والكمية المربعة دائما موجبة , فحاصل ضرب 2x2 يعطى 4 كذلك حاصل ضرب -2 x -2 يعطى أيضا نفس النتيجة . ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لـ 4 هو أما 2 أو - 2 . وقد كانت معادلات ديراك أكثر تعقيدا من هذا المثال ولكن المبدأ هو نفسه , فقد حصل على مجموعتين من المعادلات إحداهما للاكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة . وقد قام ديراك ببعض المحاولات الغير ناجحة لتفسير سر هذا الجسيم المجهول , فقد كان يؤمن بوجوده , ولكن الفيزيائيون تجاهلوا بعد ذلك فكرة وجود جسيم موجب الشحنة ممكن أن يكون قرينا للالكترونات تماما كما يتجاهل المهندس الذي يتعامل مع معادلات الدرجة الثانية الحلول التي تعطى أطوالا أو كتلا سالبة .(1/2)
وبعد عدة سنوات من أعمال ديراك النظرية وفي أوائل الثلاثينات اكتشف أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب ( cloud chambre ) , وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الالكترون وانه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الالكترون وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الالكترون ( Antielectron ) أو بالبوزترون ( Positron ) ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى فمعنى وجود قرين للالكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى , وفعلا بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد يلي الآخر وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم .
حصل العالم باول ديفيز في عام 1995 على) جائزة عالمية قدرها مليون دولار لبحوثه التي تدعم العلاقة ما بين العلم والدين وقد أصدر العديد من المؤلفات وأبرزها : الله والفيزياء الحديثة .. إن حقائق علم الفيزياء الحديثة تعمق في النفس البشرية الإيمان بالله واليوم الأخر والغيب ) .(1/3)
وإكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة . أي هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة ؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه , فالأرض تتكون أساسا من مادة وليس من قرائن المادة , أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية ( cosmic rays ) أو في معجلات الجسيمات ( Particle accelerator ) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية , فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها المؤلم الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض . فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الإنفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما .(1/4)
وأحد الألغاز التي حيرت الفيزيائيين هو مقدار القرائن الداخلة في بناء هذا الكون فهل تعتبر الأرض نموذجا مصغرا لبقية الكون ؟ أي هل تزيد نسبة المادة في الكون كله عن نسبة قرائنها كما هو الحال في الأرض ؟ قد نستطيع الجزم بأن نسبة قرائن المادة في مجرتها نسبة ضئيلة وإلا تبددت أكثر المواد الموجودة بين النجوم ولسجلت مراصدنا كميات أكبر بكثير من أشعة جاما .(1/5)
ولكن من يدرينا أن الأمر لا يختلف عن ذلك في المجرات الأخرى النائية التي تقع في أطراف الكون النائية , فربما وجدت مجرات بأكملها تسمى بقرائن المجرات وتتكون من قرائن النجوم وإذا سلمنا بوجود قرينا للمجرة وجدنا أنفسنا أمام سؤال آخر محير وهو : ما الذي يمنع المجرة وقرينها من الاقتراب من بعضها ومن ثم التبدد والزوال ؟ هل هو الفراغ الكوني الهائل والمسافات الشاسعة التي أوجدها العلي القدير لتفصل بين المجرات وقرائنها ؟ وهل تقدم لنا هذه النظرية تفسيرا جديدا لقوله العزيز الحكيم : ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فتبدد المجرات وقرائنها وزوالها بهذه الطريقة قد يتم في لحظات ويكون نتيجته كمية هائلة من الطاقة فتبدو السماء وكأنها وردة كالدهان قال تعالى : (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) ونحن لا نستطيع تصور انشقاق السماء كيف ستنشق ؟ وأي جزء منها سيبدو منشقا ؟ ولكن إذا حدث وتبددت مجرتنا مع قرينتها فذلك يعني تبدد كل مستوى المجرة الذي نراه نحن من داخلها وكأنه يقسم الكون إلى قسمين فتبدوا المساء منشقة وعندئذ تنكر النجوم وتنطمس فكل نجم يتبدد عندنا يقترب من قرين النجم قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ) وإذا تبددت النجوم بهده الطريقة وتحولت كتلتها إلى طاقة فعندئذ تتلاشى تلك القوى التي تجذب الكواكب إلى النجوم في مساراتها فتتعثر الكواكب وتنتثر قال تعالى : ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ) ونتج عن ذلك اضطرابات هائلة على كوكبنا الأرض قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) .. سورة الإنفطار(1/6)
إنها علامات الساعة التي أخبرنا الخالق البارئ بها وقد يقدم لنا موضوع فيزياء الجسيمات وقرائنها تفسيرا لها فزوال المادة وقرينها أصبح حقيقة علمية تحدث يوميا في معجلات الجسيمات التي تحول الطاقة إلى مادة . وإذا عدنا إلى الآية الكريمة : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) لوجدنا أن إجابتنا ستكون بالإيجاب على سؤال وجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها , فالخلاق الكريم لم يخلق الإنسان والحيوان والنبات فقط في صورة زوجين بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذريات .
ومما يذكر أن الفيزيائي المسلم - محمد عبد السلام الباكستاني الجنسية الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 والذي قام بأبحاث هامة في موضوع الجسيمات وقرائنها وكان له الفضل في وضع النظرية التي جمعت بين قوتين رئيسيتين من القوى الأربع المؤثرة في هذا الكون وهما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة صرح بعد حصوله على الجائزة أن الآية القرآنية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) كانت بمثابة إحساس خفي وإلهام قوي له وذلك أثناء أبحاثه على قرائن الجسيمات المادية . فقد فهم هذه الآية فهما شاملا يطوي بني كلماتها حقيقة وجود قرائن للمادة كحقيقة وجود أزواج أو قرائن في مملكة النبات والحيوان الإنسان .
من كتاب " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د : يحيى المحجري(1/7)
المشارق والمغارب
ظاهرة يومية عرفت منذ تكونت الشمس والأرض وهي ظاهرة الشروق والغروب .. جاءت في كتاب الله بصور وصيغ ثلاث قال تعالى : ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) وقال تعالى : ( فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ) وقال تعالى : ( فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) ففي الاية الأولى جاء ذكر المشرق والمغرب في صيغة المفرد وفي الثانية في صيغة المثنى وفي الثالثة في صيغة الجمع فما هو السبب في إختلاف الصيغ ؟(1/1)
وأين كل هذه المشارق والمغارب ؟ لا يبدو وجود صعوبة في فهم صيغة المفرد فأينما كنا وحيثما وجدنا رأينا للشمس مشرقا ومغربا . أما المشرقان والمغربان فقد فسرهما المفسرون بمشرقى ومغربى الشمس في الشتاء والصيف . فالأرض كما نعرف تتم دورتها حول الشمس في 365 يوما وربع يوم كذلك نعلم أن ميل محور دورانها عن المحور الرأسي يسبب إختلاف الفصول ومن ثم إختلاف مكان ووقت الشروق والغروب على الأرض على مر السنة . فالواقع أن المشرق والمغرب على الأرض - أي مكان الشروق والغروب - يتغيران كل يوم تغيرا طفيفا , أي أن الشمس تشرق وتغرب كل يوم من مكان مختلف على مر السنة وهذا بدوره يعني وجود مشارق ومغارب بعدد أيام السنة وليس مشرقين ومغربين إثنين فقط , وإن بدأ الاختلاف بين مشرقى الشمس ومغربيها أكثر وضوحا في الشتاء والصيف . فقد يكونا إذن مشرقى الشمس ومغربيها في الشتاء والصيف هما المقصودان في الآية الكريمة : ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) كذلك قد تكون هذه المشارق والمغارب المتعددة التي نراها على مر السنة هي المقصودة في الآية الثالثة : ( بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ) وقد يكون المقصود بها أيضا مشارق الأرض ومغاربها في بقاعها المختلفة فشروق الشمس وغروبها عملية مستمرة ففي كل لحظة تشرق الشمس على بقعة ما وتغرب عن بقعة أخرى . وقد يكون المقصود بها مشارق الأرض ومغاربها على كواكب المجموعة الشمسية المختلفة , فكل كوكب - مثله في ذلك مثل الأرض - تشرق عليه الشمس وتغرب كانت هذه تفسيرات مختلفة لمعنى المشارق والمغارب والمشرقين والمغربين .(1/2)
بقى لنا أن نعرف السبب في ذكر المشرق والمغرب في صيغة المختلفة , والسبب يبدو أكثر وضوحا إذا تلونا الآيات مع سوابقها وبتدبر وإمعان فالآية الأولى تبدأ ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) وكما نلاحظ أن ذكر رب المشرق والمغرب هنا كان مقرونا بإسم الجلالة فالله سبحانه وتعالى يأمر رسوله بأن يذكر إسم ربه وأن يتبتل إليه , والتبتل هو الاتجاه الكلي لله وحده بالعبادة والإخلاص فيها بالخشوع والذكر , فليس للرحمن من شريكة ولا ولد ويأتي ذلك مؤكدا في المقطع الثاني من الآية ( لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) ففي هذا المقام الذي يؤكد الله فيه وحدانيته لعبده ويدعوه لعبادته وحده عبادة خالصة مخلصة نجد أن صيغة المفرد هنا هي أنسب الصيغ وذكر المشرق والمغرب في صيغة المفرد يكمل جو الوحدانية الذي نعيش فيه مع هذه الآية الكريمة ..(1/3)
أما في الآية الثانية فالوضع يختلف ولنبدأ ببعض الآيات التي تسبق الآية الثانية قال تعالى : ( خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) الحديث في هذه الايات كلها في صيغة المثنى يذكرنا فيها الرحمن بأنه هوالذي خلق الإنس والجان وأنه هو رب المشرقين والمغربين وأنه هو الذي مرج البحرين ليلتقيا ولكن بدون أن يبغي أحدهما على الآخر ومهما يخرج اللؤلؤ والمرجان فصيغة المثنى هي الغالبة في هذه الآيات وكذلك فقد يبدو من الأنسب أن يذكرا المشرقين والمغربين أيضا في صيغة المثنى . وبالمثل في الآية الثالثة فإذا كتبناها مع سوابقها ولواحقها من الآيات الكريمة عرفنا سبب ذكر المشرق والمغرب في صيغة الجمع قال تعالى : ( فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ * فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) فالحديث هنا كما يلاحظ القارئ منصب على الذين كفروا ولذلك ذكرت المشارق والمغارب على نفس النمط في صيغة الجمع أيضا حتى يتأتى التوافق في الصيغ الذي وجدناه في الآيتين السابقتين .(1/4)
ومن ناحية آخرى يدعونا العلي القدير للتعمق والتفكير في معانى الصيغ المختلفة فقد يكون المقصود بالمشارق والمغارب هنا على كفار جدد في أماكن جديدة وكأن العلي القدير يخاطبهم ويقول ( فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ) هذه التي عرفتموها ورأيتموها في كل مكان وزمان على الأرض إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منكم وما نحن بمغلوبين ..
لا شك في أن التوافق الذي رأيناه في صيغ الآيات الثلاث السابقة هو مثل حي من بلاغة الأسلوب القرآني وجمال تعبيره ودقة معانية وإلى جانب ذلك نجد أن ذكر المشرق والمغرب مرة في صيغة المفرد ومرة في صيغة المثنى ومرة في صيغة الجمع يعطي باعثا للبحث والتفكير وحافزا للتعمق والتأمل . فالمعاني والكلمات والتعبيرات بل والصيغ لا تأتي منقادة بهذه السهولة واليسر إلا للعزيز الحكيم وإذا تعمقنا مرة أخرى في معنى رب المشارق والمغارب لوجدنا في هذا التعبير أيضا هذه الزاوية الجديدة التي لا عهد للانسان بها فشروق الشمس وغروبها في كل لحظة على بلد جديد وعلى بقعة مختلفة من بقاع الأرض في أبعد ما يكون عن التصور الانساني
المصدر " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د. يحيى المحجري(1/5)
النجم الثاقب
يقسم الخالق بأحداث كونية عظيمة يقول سبحانه عز من قال : ( وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) يقسم بالسماء والطارق , ومن يستمع إلى هذا القسم لن يعرف لأول وهلة من هو ؟ أو ما هو المقصود بالطارق ؟ ولذلك عرفنا العليّ القدير بأنه نجم ثاقب . فكيف يكون النجم طارق وثاقب ؟ وهل هناك تفسير علمي لذلك ؟ لقد درج المفسرون على تفسير أشعة النجم بأنها ثاقبة نافذة أما صفة الطرق فقلما تعرض لها أحد .(1/1)
والقسم الثاني يخص بظاهرة فلكية أخرى وهي ظاهرة النجم الهوي . وهنا لا بد أن نفرق بين هذه الظاهرة وظاهرة الشهاب ( Meteor ) الساقط التي تعد ظاهرة يومية لكثرة حدوثها . فالشهب تدخل يوميا في الغلاف الجوي ثم تحترق عندما ترتفع درجة حرارتها لاحتكاكها بالهواء الجوي وبعضها يسقط على الأرض . ولو أراد الخالق أن يقسم بها لأقسم إلا ان جاء ذكر الشهب في أكثر من مكان في القرآن ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ) فلم يقسم سبحانه بظاهرة الشهاب الساقط وأقسم بظاهرة النجم الهاوى لماذا ؟؟. النجوم النيوترونية تزداد كتلتها عن كتلة الشمس بما يقارب 4 , 1 . بداية عندما يبدأ النجم بالأنهيار على نفسه ينكمش بسرعه ويزيد الضغط على ذرات موادة فتتحطم الذرات ويتكون المائع الألكتروني ويزداد سمكه فيبقى عاجزا عن تحمل الضغط الناتج من ثقل النجم وجاذبيته وتكون النتيجة أن تسحق جاذبية النجم "المائع الألكتروني " كما سحقت من قبل قشرة الذرة ويستمر إنهيار العملاق الأحمر على نفسه .. فتلتصق الألكترونات بالبروتينات ثم تتحد معها مكونة نيوترونات جديدة , وتبدأ طبقات النجم وهي تنهار في التطلع إلى منقذ ينقذها من براثن هذا الوحش المسمى بقوة ثقل النجم والذي يسحق كل ما يجده أمامه وفي النهاية تتحد كل الألكترونات بالبروتينات فيصبح النجم عبارة عن نيوترونات منضغطة على بعضها بدون وجود أي فراغ فتصل كثافة النجم إلى رقم قياسي يصعب تصوره ويتقلص العملاق الأحمر إلى ما يسمى بالنجم النيوتروني
( Pulsars )(1/2)
فكرة من المادة النيوترونية في حجم كرة القدم يبلغ وزنها خمسين ألف بليون من الأطنان فإذا وضعت هذه الكرة على الأرض أو على أي جرم سماوي آخر فلن يتحمل سطحه هذا الوزن الهائل فتسقط الكرة خلال الأرض أو خلال الجرم السماوي تاركا وراءه ثقبا يتناسب مع حجمه . وقصة إكتشاف النجم النيوتروني قصة طريفة ففي سنة 1968 التقطت طالبة أمريكية إشارات لاسلكية من خارج الأرض بواسطة جهاز جديد يسمى بالتلسكوب للاسلكي أو المذياعي ( Radio telescope ) وهو جهاز يلتقط الإشارات اللاسلكية من أعماق السماء ومن مسافات تقدر بملايين السنين فقد تمكن الفلكيون في أوائل السبعينات من رصد عدة نجوم كلها تشترك في خاصية إرسال إشارات لاسلكية منتظمة وعلى درجة كبيرة من الدقة فالإشارات تصل على صورة متقطعة : بيب ... بيب ... بيب وتستمر كل إشارة منها كسورا من الثانية وتتكرر كل ثانية أو أكثر ومن أطلق على النجوم التي تصدر هذه الإشارات اسم النجوم النابضة النجم الطارق الثاقب آية من آيات الله العظيمة يقسم سبحانه بها ( وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) فالطارق هو جرم سماوي له صفتان أخرى وهما النجم والثاقب ولو قارنا بين تلك الخواص واي جرم سماوي لوجدنا أن النجم النيوتروني يستوفي هذه الخواص نجم و طارق و ثاقب .. له نبضات وطرقات منتظمة فالطارق يصدر طرقات منتظمة متقطعة تك .. تك ..(1/3)
تك تشابه تما تلك البيبات التي نقلها لنا اللاسلكي والتي كان مصدرها النجم النيوتروني وقد تصل العلماء ان النجم النيوتروني عقب مولد له نبضات سريعة لسرعة دورانه وسرعة طاقته وان النجم النيوتروني العجوز له إشارات بطيئة على فترات أطول وذلك عندما تقل طاقته وتنقص سرعة دورانه فسبحان لله العظيم حين خص هذا النجم بالثاقب وأقسم به فمن عظمة القسم ندرك عظمة المقسوم به فكثافة النجم الثاقب النيوتروني أعلى كثافة معروفة للمادة ووزنه يزيد عن وزن الكرة الأرضية برغم صغير حجمة فهو ثاقب والآن فالنتصور ماذا يحدث للأرض او لأي جرم سماوي آخر إذا وضع هذا النجم عليه او اصطدم به فلن تصمد أمامه أي الاجرام كانت ولا حتى الشمس والسبب انه ذو كثافة مهولة .. وقد قدر عدد النجوم النيوترونية في مجرتنا بمائة ألف نجم ومن الطبيعي أن تحتوي بلايين المجرات الأخرى على مئات الآلاف من النجوم النيوترونية الطارقة الثاقبة فالسماء إذن تمتلئ بها ومن هنا جاء القسم ليؤكد سبحانه بهذا القسم ( إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) فكل نفس موكل أمرها لحافظ يراقبها ويحصي عليها ويحفظ عنها .. فسبحان الله هناك أوجه التشابه بين الحافظ وبين الطارق نجد صورة حية جديدة من الاعجاز القرآني فوصف النجم النيوتروني الذي لم يكتشف إلا حديثا بهذه الدقة بكلمات قليلة تعد على الاصابع اليد الواحدة انه نجم طارق ثاقب لا يمكن ان تصدر إلا من خالق هذا الكون فلو حاول الانسان مهما بلغ علمه وإدراكه وصف أو حتى تعريف ظاهرة النجم النيوتروني لا حتاج لأسطر وصفحات لتعريف هذا المخلوق ..(1/4)
وبعد ان يخبرنا المولى سبحانه عن هذا النجم ويقسم به يعود بنا الى النفس البشرية ويذكرنا بالحافظ الذي وكله الحفيظ الرقيب على كل نفس يحصي مالها وما عليها حتى نبضها فالتشابه بين الحافظ الذي يحصى كل صغيرة وكبيرة في دقة متناهية وبين الطارق الذي تطوى دقاته أقطار السماء لتصل إلينا في دقة متناهية , والتشابه بين الحافظ الرقيب الذي لا تخفى عليه خافية من خبايا النفس البشرية ولا سر من أسرارها وبين الثاقب الذي لا تستطيع أي مادة أو أي نجمة مهما بلغ حجمها والسماء وطارقها إنما هو الواحد القهار الذي لا تخفى عليه خافية والذي يحيط علمه بكل صغيرة وكبيرة ... فسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
المصدر " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د . يحيى المحجري(1/5)
النطفة الأمشاج وتحديد جنس الجنين
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 1-2].
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [سورة الحجرات: 13].
أحاديث الإعجاز:
أخرج الإمام أحمد في مسنده أن يهودياً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت له قريش: يا يهودي، إن هذا يزعم أنه نبي فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، فقال: يا محمد، مِمَّ يُخلق الإنسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا يهودي، من كلٍّ يخلق: من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فقال اليهودي: هكذا كان يقول مَن قبلك" (أي من الأنبياء).
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
"نطفة: النطفة هي صغار اللؤلؤ والواحدة نَطَفةُ ونُطَفَةٌ شبهت بقطرة الماء".
وقال الزبيدي في تاج العروس: "ونطفت آذان الماشية، وتنطفت: ابتلّت بالماء فقطرت.
أمشاج: جمع مشج وهي الأخلاط، يقال: مشجت هذا بهذا إذا خلطته وهو مشوج به ومشيج أي مخلوط".
فهم المفسرين:
قال ابن جرير الطبري المتوفي سنة (310 هـ) في تفسير قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 1-2].(1/1)
قال: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج: إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة يعني: من ماء الرجل وماء المرأة، والنطفة كل ماء قليل في وعاء، وقوله أمشاج: يعني أخلاط واحدها مشج ومشيج يقال منه إذا مشجت هذا بهذا، خلطته، وهو مشوجٌ به، ومشيج أي مخلوط، وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة".
وقال الحسن البصري: "مشج (أي) خلط ماء الرجل مع ماء المرأة".
وقال مجاهد: "خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى}".
وقال ابن كثير المتوفى سنة (774 هـ) في تفسير آية سورة الإنسان: "يقول الله تعالى مخبراً عن الإنسان أنه وجد بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً لضعفه وحقارته، فقال تعالى: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً" ثم بيّن ذلك فقال جل جلاله: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} أي أخلاط والمشج والمشيج، الشيء المختلط بعضه في بعض".
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: من نطفة أمشاج: "يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، ومن حال إلى حال، ومن لون إلى لون"، وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن البصري والربيع: "الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة".
وقال سيد قطب في ظلال القرآن في تفسيره للآية أيضاً: "الأمشاج الأخلاط، وربما كانت هذه إشارة إلى تكوّن النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح، وربما كانت هذه الأخلاط تعني المورثات الكامنة في النطفة، والتي يمثلها ما يسمونه علمياً "الجينات"، وهي وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولاً ولصفات الجنين العائلية أخيراً، وإليها يُعزى سَير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكوين جنين إنسان لا جنين أي حيوان آخر كما تُعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة، ولعلها هي هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى".(1/2)
وهكذا نرى أن أغلب المفسرين من قدامى ومعاصرين متفقون على أن النطفة الأمشاج هي النطفة المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة.
أما آية سورة الحجرات وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، فقد قال ابن جرير الطبري في تفسيره لها: "يقول الله تعالى: يا أيها الناس إنا أنشأنا خلقكم من ماء ذكر من الرجال، وماء أنثى من النساء".
وقال ابن كثير في تفسيره لها أيضاً: "يقول تعالى أنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وهما آدم وحواء".
فهم علماء الحديث:
قال الإمام ابن حجر العسقلاني المتوفي سنة (852 هـ) في فتح الباري -كتاب القدر- "والمراد بالنطفة المنيّ وأصله الماء الصافي القليل، والأصل في ذلك أن ماء الرجل إذا لاقى ماء المرأة بالجماع وأراد الله أن يخلق من ذلك جنيناً هيّأ أسباب ذلك". ثم قال: "وزعم كثير من أهل التشريح أن منيّ الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب (أي الموضوع) تُبطِل ذلك".
قال الإمام ابن قيّم الجوزية المتوفى سنة (751 هـ) في كتابه "التبيان في أقسام القرآن": "ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى".
وقال أيضاً: "إن الأعضاء والأجزاء والصورة تكوّنت من مجموع الماءين، وهذا هو الصواب".
يتبيّن لنا مما ذكرناه أن ما اكتشفته البشرية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قد تحدّث عنه القرآن الكريم والسنة النبوية، واعتقده الصحابة والتابعون وسائر علماء التفسير والحديث تماماً كما نفهم نحن اليوم ما تذكره الاكتشافات العلمية.
المقدمة التاريخية:(1/3)
لم تكن البشرية تعرف عن النطفة الأمشاج شيئاً فقد كان الاعتقاد السائد لدى الفلاسفة والأطباء أن الجنين إنما يتكون من ماء الرجل، وفي القرن الرابع قبل الميلاد، كان أرسطو أول من أفرد علم الأجنة ببحث خاص بناه على ملاحظاته على كثير من أجنة الطيور والحيوانات، وقد لخّص أرسطو في بحثه عن معتقدات أهل زمانه، وحصرها في نظريتين:
الأولى: وهي أن الجنين يكون جاهزاً في ماء الرجل، فإذا وصل ماء الرجل إلى الرحم، نما كما تنمو البذرة في الأرض آخذاً غذاءه من الرحم.
الثانية: أن الجنين يتخلق من دم الحيض حيث يقوم المني بعقده مثلما تفعل الأنفحة باللبن، فتعقده وتحوله إلى جبن.. وليس للمني في إيجاد الولد دور وإنما له دور مساعد مثل دور الأنفحة في إيجاد اللبن.
وقد أيد أرسطو هذه النظرية الأخيرة ومال إليها.
ومنذ أن لخص أرسطو النظريات السائدة في عصره بالنسبة لتخلق الجنين، استمر الجدل بين أنصار نظرية الجنين الكامل المصغّر الموجود في ماء الرجل، وأنصار الجنين الكامل المصغر في بويضة المرأة ولم يتنبّه أحد من الفريقين إلى أن كلاً من الذكر والأنثى يساهمان بالتساوي في تكوين الجنين.
وبعد اختراع الميكروسكوب، قال العالم "ليفين هوك" (Leeuwen Hoek) وزميله "هام" (Hamm) باكتشاف الحيوان المنوي في مني الإنسان عام 1677، كما قام العالم "جراف" (Graaf) بوصف حويصلة البويضة التي سُمّيت باسمه إلى اليوم "حويصلة جراف" وذلك عام 1672.
وفي سنة 1839 وصف "شوان" (Schwann) و "شليدن" (Schleiden) خلايا الإنسان وقالا بأنها الأساس لجسم الكائن البشري.
وفي عام 1859 عرف العلماء أن الحيوان المنوي ليس إلا خلية حية وكذلك البويضة.
وفي عام 1875 استطاع "هيرتويج" (Hertwig) ملاحظة كيفية تلقيح الحيوان المنوي للبويضة، وأثبت بذلك أنهما يساهمان في تكوين البويضة الملقحة، وكان بذلك أول إنسان يشاهد عملية التلقيح ويصفها.(1/4)
وفي عام 1883 تمكن "فان بندن" (Van Beneden) من إثبات أن كلاً من البويضة والحيوان المنوي يساهمان بالتساوي في تكوين البويضة الملقحة، كما أثبت "بوفري" (Boveri) بين عامي 1888 و 1909 بأن الكروموسومات تنقسم وتحمل خصائص وراثية مختلفة، واستطاع "مورجان" (Morgan) عام 1912 أن يحدد دور الجينات في الوراثة وأنها موجودة في مناطق خاصة من الكروموسومات.
وهكذا يتجلى لنا أن الإنسانية لم تعرف أن الجنين يتكون بامتشاج واختلاط نطفة الذكر ونطفة الأنثى إلا في القرن التاسع عشر، ولم يتأكد لها ذلك إلا في بداية القرن العشرين.
بينما نجد القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد أكدا بصورة علمية دقيقة أن الإنسان إنما خُلق من نطفة مختلطة سماها "النطفة الأمشاج" فقال تعالى في سورة الإنسان: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
وقوله صلى الله عليه وسلم لليهودي: "يا يهودي، من كلٍّ يُخلق من نطفة الرجل ونطفة المرأة" أخرجه الإمام أحمد في مسنده.
وقد أجمع أهل التفسير على أن الأمشاج هي الأخلاط، وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.
حقائق علمية:
- يحوي السائل المنوي ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي، واحد منها هو المسؤول عن تلقيح البويضة.
- البويضة الملقحة أو النطفة الأمشاج هي نتيجة تلقيح الحوين المنوي لبويضة المرأة.
- إذا لقح البويضة حوين منوي ذكر (Y) فإن الجنين يكون ذكراً، أما إذا لقح البويضة حوين منوي أنثى (X) فإن الجنين سيكون أنثى.
مراجع علمية:
جاء في الموسوعة البريطانية ما نصه:
" النطفة الأمشاج
Gamete = مشيج(1/5)
خلية جنسية تناسلية تحتوي وحدة واحدة مختلفة من الكروموسومات أو نصف المادة الجينية اللازمة لتكوين كائن كامل (haploid) خلال عملية الإخصاب، تندمج أمشاج الذكر والأنثى لتؤلف خلية واحدة تحتوي على عدد مزدوج من الكروموزومات تسمى اللاقحة. الأمشاج يمكن أن تكون متشابهة بالشكل، مثل القالب الأسود (Rhizopus) أو يمكن أن يكون هناك أكثر من شكل مورفولوجي (Heterogamy).
أمشاج الحيوانات تظهر أشكالاً متطورة (Heterogamy) تُسمى (Oogamy).
والأمشاج الذكرية صغيرة وحَرِكة ويطلق عليها الحيوان المنوي، والأمشاج الأنثوية كبيرة وغير متحركة ويطلق عليها اسم البويضة."
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية هو تقريرها بأن النطفة الأمشاج هي نتيجة تلقيح الحيوان المنوي لبويضة المرأة، وأن تحديد جنس الجنين يعود إلى نوعية الحوين المنوي ذكراً أو أنثى، وهذا ما كشف عنه الطب الحديث.(1/6)
النقاهة من المرض
عن أم المنذر بنت قيس الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم و معه عليٌّ رضي الله عنه ، وعليٌّ ناقه ، و لنا دوال معلقة ، قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم يأكل ، و قام علي رضي الله عنه أيضاً يأكل ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مَهلاً يا علي إنك ناقه " فجلس علي و أكل منها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جعلت لهم سِلقاً و شعيراً ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم لعلي : " مِن هذا فأصِب فإنه أوفق لك " رواه أحمد و أبو داود و ابن ماجة في المستدرك و الترمذي و حسنه
والناقه : المريض المتماثل للشفاء .
هكذا أرشد رسول الله صلى الله عليه و سلم علياً رضي الله عنه إلى وجوب اتباع الحِمية و التدرج في الطعام عند المريض الذي يتماثل للشفاء ، فاختار له الحساء المناسب للحالة التي هو فيها ، فسنَّ صلى الله عليه و سلم وجوب اتباع الحِمية و مراعاة الحالة التي يكون فيها الإنسان في الطعام الذي يتناوله ، و هو مبدأ من المبادئ المجمع عليها عند الأطباء ، فالمعدة بيت الداء و الحِمية أصل كل دواء .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
الوضوء وقاية من الأمراض الجلدية
قال صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم : وقال : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه
أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي للمزرعة الميكروبية التي علمت للمنتظمين في الوضوء .. ولغير المنتظمين : أن الذين يتوضئون باستمرار .. قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفا طاهرا خاليا من الميكروبات ولذلك جاءت المزارع الميكروبية التي أجريت لهم خالية تماما من أي نوع من الميكروبات في حين أعطت أنوف من لا يتوضئون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة من الميكروبات الكروية العنقوديةالشديدة العدوى .. والكروية السبحية السريعة الانتشار.. والميكروبات العضوية التي تسبب العديد من الأمراض وقد ثبت أن التسمم الذاتي يحدث من جراء نمو الميكروبات الضارة في تجويفى الأنف ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء ولإحداث الالتهابات والأمراض المتعددة ولا سيما عندما تدخل الدورة الدموية .(1/1)
لذلك شرع الاستنشاق بصورة متكررة ثلاث مرات في كل وضوء أما بالنسبة للمضمضة فقد ثبت أنها تحفظ الفهم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة وتقى الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها فقد ثبت علميا أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسمنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسرى إلى الدم .. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضا كثيرة وأن المضمضة تنمى بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديرا .. وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم ولغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فائدة إزالة الغبار وما يحتوى عليه من الجراثيم فضلا عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق وقد ثبت علميا أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته .. فإن الإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثه حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر .. التي غالبا ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد . كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتريا كي تتكاثر وتنمو لهذا فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته التي تتمثل في الوضوء والغسل ومع استمرار الفحوص والدراسات .. أعطت التجارب حقائق علمية أخرى .. فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما .. ولذلك يجب غسل اليدين جيدا عند البدء في الوضوء .. وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا استيقظ أحدكم من نومة ..(1/2)
فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ) كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته . ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام
قال الدكتور أحمد شوقي ابراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الامراض الباطنية والقلب .. توصل العلماء الى ان سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي الى انطلاق أيونات سالبة ويقلل الايونات الموجبة مما يؤدي الى استرخاء الاعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والالام العضلية وحالات القلق والأرق ..ويؤكد ذلك أحد العلماء الامريكيين في قوله : إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزلة التوتر ... فسبحان الله العظيم
المصدر : مجلة الإصلاح العدد 296 سنة 1994 " من ندوات جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة
المصدر " الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد(1/3)
الوقاية من الأمراض
قال صلى الله عليه وسلم : (( غطوا الإناء وأوكئوا السقاء , فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء , لا يمر بإناء ليس عليه غطاء , أو سقاء ليس عليه وكاء , إلا نزل فيه من ذلك الوباء )) رواه مسلم
لقد أثبت الطب الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الواضع الأول لقواعد حفظ الصحة بالاحتراز من عدوى الأوبئة والأمراض المعدية , فقد تبين أن الأمراض المعدية تسرى في مواسم معينة من السنة , بل إن بعضها يظهر كل عدد معين من السنوات , وحسب نظام دقيق لا يعرف تعليله حتى الآن .. من أمثلة ذلك : أن الحصبة , وشلل الأطفال , تكثر في سبتمبر وأكتوبر , والتيفود يكثر في الصيف أما الكوليرا فإنها تأخذ دورة كل سبع سنوات .. والجدري كل ثلاث سنين
وهذا يفسر لنا الإعجاز العلمي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن في السنة ليلة ينزل فيها وباء )) .. أي أوبئة موسمية ولها أوقات معينة . كما أنه صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أهم الطرق للوقاية من الأمراض في حديثه : (( اتقوا الذر ( هو الغبار ) فإن فيه النسمة ( أي الميكروبات ) )) فمن الحقائق العلمية التي لم تكن معروفة إلا بعد اكتشاف الميكروسكوب , أن بعض الأمراض المعدية تنتقل بالرذاذ عن طريق الجو المحمل بالغبار , والمشار إليه في الحديث بالذر .. وأن الميكروب يتعلق بذرات الغبار عندما تحملها الريح وتصل بذلك من المريض إلى السليم .. وهذه التسمية للميكروب بالنسمة هي أصح تسمية , فقد بين - الفيروز ابادي – في قاموسه أن النسمة تطلق على أصغر حيوان , ولا يخفى أن الميكروب متصف بالحركة والحياة .. أما تسمية الميكروب بالجرثوم فتسمية لا تنطبق على المسمى لأن جرثومة كل شيء أصله حتى ذرة الخشب وهذا من المعجزات الطبية التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
من كتاب " الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد(1/1)
تصوير الجنين
عن حُذيفة بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا مر بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصوَّرها و خلق سَمعها و بصرها و جلدها و عظامها ، ثم قال : يا رب أذكرٌ أم أُنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء و يكتب المَلَك ، ثم يقول : يا ربّ رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء و يكتب الملك . ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أُمر و لا يُقص ". صحيح مسلم في القدر 2645
وصف النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث الشريف مرحلة بدء تخليق الأعضاء في الجنين ، و هو يتفق تماماً مع ما يقرره العلماء المختصون ، فهم يقولون : في نهاية الأسبوع السادس ( 42 يوماً ) تكون النطفة قد بلغت أوج نشاطها في تكوين الأعضاء ، و هي قمة المرحلة الحرجة الممتدة من الأسبوع الرابع حتى الثامن ، فيكون دخول المَلك في هذه الفترة تنويهاً بأهميتها ، و إلا فللملك ملازمة و مراعاة بالنطفة الإنسانية في كافة مراحلها : نطفة و علقة و مضغة و دخوله لتقسيمها و شق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها ... ثم بعد ذلك يحدد جنس الجنين ذكر أو أنثى حسب ما يؤمر به ، فيحول الغدة إلى خصية أو مبيض ، والدليل على ذلك ما يشاهد في السقط الذي تطرحه المرأة قبل الولادة حيث لا يمكن تمييز الغدة التناسلية قبل انتهاء الأسبوع السابع و بداية الثامن [ خلق الإنسان بين الطب و القرآن ] .(1/1)
والجدير بالذكر أن الفقيه الحنفي ابن عابدين رجح بهذا الحديث رأي صاحب البحر من فقهاء المذهب الحنفي الذي خالف القائلين بأن ظهور الخلق لا يكون إلا بعد أربعة أشهر ، فقد قال رحمه الله : لكن يشكل على ذلك قول البحر : إن المشاهد ظهور خلقه قبل هذه المدة _ أربعة أشهر _ و هو موافق لما في بعض روايات الصحيح : " إذا مر بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصوَّرها و خلق سمعها و بصرها و جلدها " ؛ و أيضاً هو موافق لما ذكره الأطباء ، فقد ذكر الشيخ داود في تذكرته أنه يتحول عظاماً مخططة في اثنين وثلاثين يوماً إلى خمسين ، ثم يجتذب الغذاء و يكتسي اللحم إلى خمس وسبعين ، ثم تظهر فيه الغاذية و النامية و يكون كالنبات إلى نحو المئة ، ثم يكون كالحيوان إلى عشرين بعدها فتنفخ فيه الروح الحقيقية الإنسانية .
نعم نقل بعضهم أنه اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر ، أي عقبها ، كما صرح به جماعة ، و عن ابن عباس أنه بعد أربعة أشهر و عشرة أيام و به أخذ أحمد ، و لا ينافي ذلك ظهور الخلق قبل ذلك لأن نفخ الروح إنما يكون بعد الخلق ، هذا ما قرره الفقيه الحنفي ابن عابدين .(1/2)
وقد سألت طبيباً عن رأي الطب في هذا الموضوع فأجابني _ بعد أن استمهلني عدة أيام _ بقوله : إن التخلق يبدأ بعد انتهاء الأسبوع الرابع من ابتداء الحمل ، و إن السمع و البصر يكتمل تخلقهما بعد ثمان و ثلاثين يوماً تقريباً من ابتداء الحمل و الأحاديث الشريفة الصحيحة تؤكد هذه الحقائق تأكيداً كاملاً ، و لما قلت له : إن هناك فرقاً بين ما ذكره الحديث الشريف و بين ما يقرره الطب الحديث أن التخلق يبدأ بعد اثنتين و أربعين ليلة من بداية الحمل في الحديث بينما هو بعد ثمان وثلاثين يوماً تقريباً ، قال : هذا الإشكال يرتفع إذا علمنا أن المدة الزمنية التي يحددها الطب الحديث تقريبية و لا يمكن تحديدها بدقة، فإن الوقت الذي يتم فيه التلقيح في داخل بطن المرأة لا يمكن تحديده بدقة كما سبق معنا في التعليق على الحديث الشريف قبله [ انظر إرشاد الناس إلى أحكام الحيض والنفاس، للمؤلف ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/3)
توسع الكون
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
أيد: الأيْدُ والآدُ جميعاً: القوة.
ومنه قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ}.
أي ذا القوة.
وآدَ يئيد أيداً. إذا اشتدَّ وقوِي.
والتأييد مصدر أيّدته أي قوّيتُه.
قال الله تعالى: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} أي قوّيتُكَ.
قال أبو الهيثم: آد يئيد إذا قوِيَ، وأيَدَ يُؤيدُ إياداً إذا صار ذا أيدٍ، ورجل أيِّدٌ بالتشديد أي قويٌّ.
موسعون: السَّعَة نقيض الضيق.
وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} أراد جعلنا بينها وبين الأرض سعَة.
فهم المفسرين:
إنه من دواعي الفخر أن نعلم أن علماء التفسير والعقيدة الإسلامية قد أدركوا ضرورة وجود إمكانية لتوسع الكون، حيث نجد في كتاب تهافت التهافت لابن رشد الحفيد مناظرة بين طروحات أبي حامد الغزالي الذي يتكلم بلسان علماء العقيدة المتكلمين، وردود أبي الوليد ابن رشد الذي يتكلم بلسان الفلاسفة.
لقد طرح أبو حامد الغزالي السؤال: "هل كان الله قادراً على أن يخلق العالم أكبر مما هو عليه؟ فإن أجيب بالنفي فهو تعجيز لله وإن أجيب بالإثبات ففيه اعتراف بوجود خلاء خارج العالم كان يمكن أن تقع فيه الزيادة لو أراد الله أن يزيد في حجم العالم عما هو عليه"، أما ابن رشد الذي يلتزم موقف الفلاسفة اليونانيين، فإنه يرى أن "زيادة حجم العالم أو نقصه عما هو عليه مستحيل لأن هذا التجويز إذا قام فلا مبرر لإيقافه عند حد، وإذن فيلزم تجويز زيادات لا نهاية لها".(1/1)
إنه من الواضح في هذه المناظرة أنه رغم عدم توفر المعلومات التفصيلية عن فيزياء الكون والقوى العاملة فيه إلا أن المتكلمين المسلمين حين اشتدوا إلى أصول العقيدة الإسلامية المستنبطة بشكل صحيح من القرآن فإنهم توصّلوا إلى فهم مسائل عويصة منها مسألة توسع الكون والتي هي قضية مستحدثة في الاستنباط العلمي في القرن العشرين الميلادي، بينما هذه المناظرة تمت في القرن السادس الميلادي.
وقال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: أي: "قد وسّعنا أرجاءها، فرفعناها بغير عمد حتى استقلّت كما هي".
حقائق علمية:
· في عام 1929 شاهد عالم الفلك الأمريكي "إدوين هابل" بواسطة التلسكوب أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعات هائلة.
· إن حركة ابتعاد المجرات ناتجة عن توسع الفضاء (الكون) وامتداده.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47].
تشير الآية القرآنية الكريمة إلى أن الكون المعبّر عنه بلفظ السماء هو في حالة توسع دائم، يدل على ذلك لفظ "موسعون" فهو اسم فاعل بصيغة الجمع لفعل أوسع وهو يفيد الاستمرار، لكن القرآن لم يبين تفاصيل الاتساع وإنما أورده مجملاً، وإذا عدنا إلى علماء التفسير الأقدمين نجدهم قد تعرضوا لهذه القضية، فالإمام أبو حامد الغزالي طرح هذه القضية في كتابه تهافت الفلاسفة حيث قال: "هل كان الله قادراً على أن يخلق العالم أكبر مما هو عليه؟ فإن أجيب بالنفي فهو تعجيز لله، وإن أجيب بالإثبات ففيه اعتراف بوجود خلاء خارج العالم كان يمكن أن تقع فيه الزيادة لو أراد الله أن يزيد في حجم العالم عما هو عليه".
ولكن ماذا يقول علم الفلك الحديث في هذا الموضوع؟(1/2)
في عام 1929 أكد العالمان الفلكيان "همسن" و "هابل" نظرية توسع الكون بالمشاهدة، حيث وضع هابل القاعدة المعروفة باسمه وهي قانون تزايد بُعد المجرات بالنسبة لمجراتنا، وبالنسبة لبعضها البعض، وبفضل هذا القانون أمكن حساب عمر الكون التقريبي، وقد قام "هابل" باستدعاء "آينشتين" من ألمانيا إلى أميركا حتى يُرِيَه تباعد المجرات والكواكب بواسطة التلسكوب.
وتفسير ظاهرة ابتعاد المجرات يتمثل في أنه إذا كان هناك مصدر ضوئي من الفضاء الخارجي يبتعد عنا فإن تردد الأمواج الضوئية ينخفض وبالتالي ينزاح نحو اللون الأحمر. أما إذا كان المصدر الضوئي يقترب منا فإن الانزياح الذي يسجله المشاهد سيكون نحو اللون الأزرق. ويكون الانزياح الطيفي ملموساً عندما تكون سرعات المصدر الضوئي معتبرة بالنسبة لسرعة الضوء، بينما لا يمكن مشاهدته بالنسبة للمصادر الضوئية العادية ذات السرعات الضئيلة مقارنة مع سرعة الضوء، وهذا ما أكده العالم الفيزيائي دوبلر (Doppler).
إن حركة ابتعاد المجرات ناتجة عن توسع الفضاء نفسه حيث تنساق معه المجرات كلها.
وبصورة عامة فإن المجرات وتجمعات المجرات وأكداس المجرات هي أشبه ما تكون بكتل غازية هائلة من الدخان ما تزال تتوسع وينتشر ويتوسع معها الكون منذ حصل الانفجار العظيم في الكتلة الغازية الأولى، وقد أشارت الموسوعة الفضائية إلى هذه الظاهرة.
وختاماً نقول: إن اتفاق الفلكيين في النصف الثاني من القرن العشرين على حقيقة توسع الكون أسقطت فرضية أزلية الكون وقدمه، وثبت علمياً أن للكون بداية ونهاية، فسبحان الذي صدقنا وعده عندما قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
وجه الإعجاز:(1/3)
وجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو دلالة لفظ "موسعون" الذي يفيد الماضي والحال والاستقبال، على أن الكون في حالة توسُّع مستمر، وهذا ما كشفت عنه المشاهدات الفلكية للعالم "هابل" عام 1929م.(1/4)
ثبات الشخصية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم وعن المبتلي حتى يبرأ وعن الصبي حتي يكبر ) صحيح الجامع
ثبت في الطب الحديث أن خلايا الإنسان في الجلد والعضلات والعظام والعيون كلها تتجدد كل سبع سنوات مرة واحدة ما عدا الخلايا العصبية فإنها تتوقف عن النمو للإنسان عن السنة السابعة تقريبا حيث إن 9 / 10 من المخ ينمو في تلك الفترة . وإلاّ فلو تغيرت الخلايا العصبية لتغيرت شخصية الإنسان ولكان له عدة تصرفات في يوم واحد . وهذا من بديع صنع الله ورحمته إذ إن الله سبحانه رفع التكليف عن غير المكلف وهو الذي لم يكتمل نموه بعد .. فإذا كبر الصبي ثبتت شخصيته من خلال ثبات خلاياه العصبية التي لا تزيد ولا تنقص بسبب تلف أو مرض وإلاّ لتعطلت وظائفه عن الحركة .. فسبحان الله جلّت قدرته قال تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) , ألا يستحق ذلك سجودا لله وشكرا ؟
المصدر " وفي انفسكم أفلا تبصرون " أنس بن عبد الحميد القوز(1/1)
حالة الصدر في الطبقات العليا
في المؤتمر العلمي الأول عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في إسلام آباد تقدم الدكتور صلاح الدين المغربي وهو عضو في الجمعية الأمريكية لطب الفضاء وهو أستاذ لطب الفضاء بمعهد طب الفضاء بلندن ببحث عن حالة الصدر في طبقات الجو العليا فقال : لنا حويصلات هوائية . والأوكسجين إذا دخل في الهواء ينفخ هذه الحويصلات الهوائية فنراها منتفخة , لكن إذا صعدنا إلى طبقات الجو العليا ينقص الهواء , وينقص الأكسجين فيقل ضغطه فتنكمش هذه الحويصلات ويقل الأكسجين فإذا انكمشت هذه الحويصلات ضاق الصدر .. يضيق .. ويتحرج التنفس ويصبح صعبا . قال من سطح البحر إلى 000 و10 قدم لايحدث تغير . من 000و10 قدم إلى 000و16 قدم في هذه المنطقة يبدأ الجسم في تكييف نفسه ليعدل النقص الذي حدث والتغيير الذي حدث ومن 000و16 قدم إلى 000و25 قدم يبدأ الضيق الشديد في الصدر فيضيق الصدر , ويصاب صاحبة بالإغماء , ويميل إلى أن يقذف وتأخذه دوخة , ويكون التنفس حادا جدا وهذه الحالة تقع للطيار الذي تتعطل أجهزة التكييف في كابينة الطائرة فكلما صعد الإنسان إلى أعلى نقص الأكسجين فيتعذر التنفس وتتحرج العمليات الحيوية , ويضيق الصدر لعدم وجود هواء يضغط على هذه الحويصلات الهوائية بل بعد 000و25 قدم تتمدد الغازات في المعدة فتضغط على الحجاب الحاجز فيضغط على الرئتين ويضيق الصدر قال : كل هذا يشير إليه المولى في قوله تعالى : ( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) سورة الأنعام : 125 يضرب مثلا بحال من يصعد في السماء ..(1/1)
هل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عنده من الطيران ما يمكنه من معرفة تلك الحقائق ؟! لقد كان عنده أكثر من ذلك عنده الوحي يأتيه الوحي من الله هذا البحث تقدم به أربعة من علماء الأرصاد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة اشتركوا معه فيه
المصدر "العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني(1/2)
حركة الشمس وجريانها ونهايتها
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38].
وقال عز وجل: {كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2].
وقال سبحانه: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
التفسير اللغوي:
"والشمس تجري لمستقر لها" أي لمكان لا تجاوزه وقتاً ومحلاً.
وقيل لأجلٍ قُدِّر لها.
فهم المفسرين:
أشار علماء التفسير كالرازي والطبري والقرطبي استنباطاً من الآيات القرآنية أن الشمس كالأرض وغيرها من الكواكب، هي في حالة حركة وسَبْحٍ دائمة في مدار خاص بها.
مقدمة تاريخية:
استطاع الصينيون والبابليون أن يتنبؤوا بالكسوف والخسوف ثم ازداد الاهتمام بعلم الفلك في عهد اليونان، فقرر طالس وأرسطو وبطليموس أن الأرض ثابتة، وهي مركز الكون، والشمس وكل الكواكب تدور حولها في كون كروي مغلق.
وفي بداية القرن الثالث قبل الميلاد جاء "أريستاركوس" (Aristarchus) بنظرية أخرى، فقد قال بدوران الأرض حول الشمس، ولكنه اعتبر الشمس جرماً ثابتاً في الفضاء، ورفض الناس هذه النظرية وحكموا على مؤيديها بالزندقة وأنزلوا بهم أشد العقاب وبقي الأمر على تلك الحال حتى انتهت العصور الوسطى.
في عام 1543 نشر العالم البولوني "كوبرنيكوس" (Copernicus) كتابه عن الفلك والكواكب وأرسى في كتابه نظرية دوران الأرض حول الشمس، ولكنه اعتبر أيضاً أن الشمس ثابتة كسلفه أريستاركوس.(1/1)
ثم بدأت تتحول هذه النظرية إلى حقيقة بعد اختراع التلسكوب وبدأ العلماء يميلون إلى هذه النظرية تدريجياً إلى أن استطاع العالم الفلكي الإيطالي "غاليليو" (Galileo) أن يصل إلى هذه الحقيقة عبر مشاهداته الدائمة وتعقّبه لحركة الكواكب والنجوم وكان ذلك في القرن السابع عشر، وفي القرن نفسه توصّل "كابلر" (Kepler) العالم الفلكي الألماني إلى أن الكواكب لا تدور حول الأرض فحسب بل تسبح في مدارات خاصة بها إهليجية الشكل حول مركز هو الشمس.
وبقي الأمر على ما هو عليه إلى أن كشف العالم الإنكليزي "ريتشارد كارينغتون" (Richard Carrington) في منتصف القرن التاسع عشر أن الشمس تدور حول نفسها خلال فترة زمنية قدرها بثمانية وعشرين يوماً وست ساعات وثلاث وأربعين دقيقة وذلك من خلال تتبّعه للبقع السوداء التي اكتشفها في الشمس كما جاء في وكالة الفضاء الأميركية . ويعتقد العلماء الآن أن الشمس قد قطعت نصف مدة حياتها، وأنها ستتحول تدريجياً إلى نجم منطفىء بعد خمس مليارات سنة، بعد أن تبرد طاقتها وتتكثف الغازات فيها.
حقائق علمية:
- كشف العالم الفلكي "كابلر" أن الشمس وتوابعها من الكواكب تسبح في مدارات خاصة بها وفق نظام دقيق.
- كشف العالم الفلكي "ريتشارد كارينغتون" أن الشمس تدور حول نفسها.
- أن الشمس سينطفىء نورها عندما ينتهي وقودها وطاقتها حيث تدخل حينئذ عالم النجوم الأقزام ثم تموت.
التفسير العلمي:
يقول المولى عز وجل في كتابه المجيد: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38].(1/2)
تشير الآية القرآنية الكريمة إلى أن الشمس في حالة جريان مستمر حتى تصل إلى مستقرها المقدّر لها، وهذه الحقيقة القرآنية لم يصل إليها العلم الحديث إلا في القرن التاسع عشر الميلادي حيث كشف العالم الفلكي "ريتشارد كارينغتون" أن الشمس والكواكب التي تتبعها تدور كلها في مسارات خاصة بها وفق نظام ومعادلات خاصة وهذا مصداق قوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2]، فما هو التفسير العلمي لحركة الشمس؟
إن الشمس نجم عادي يقع في الثلث الخارجي لشعاع قرص المجرّة اللبنية وكما جاء في الموسوعة الأميركية فهي تجري بسرعة 220 مليون كلم في الثانية حول مركز المجرة اللبنية التي تبعد عنه 2.7 × 10 17 كلم ساحبة معها الكواكب السيارة التي تتبعها بحيث تكمل دورة كاملة حول مجرتها كل مائتين وخمسين مليون سنة.
فمنذ ولادتها التي ترجع إلى 4.6 مليار سنة، أكملت الشمس وتوابعها 18 دورة حول المجرة اللبنية التي تجري بدورها نحو تجمع من المجرات، وهذا التجمع يجري نحو تجمع أكبر هو كدس المجرات، وكدس المجرات يجري نحو تجمع هو كدس المجرات العملاق، فكل جرم في الكون يجري ويدور ويسبح ونجد هذه المعاني العلمية في قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
ولكن أين هو مستقر الشمس الذي تحدث عنه القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}؟(1/3)
إن علماء الفلك يقدّرون بأن الشمس تسبح إلى الوقت الذي ينفد فيه وقودها فتنطفىء، هذا هو المعنى العلمي الذي أعطاه العلماء لمستقر الشمس، هذا بالإضافة إلى ما تم كشفه في القرن العشرين من أن النجوم كسائر المخلوقات تنمو وتشيخ ثم تموت، فقد ذكر علماء الفلك في وكالة الفضاء الأميركية (NASA) أن الشمس عندما تستنفذ طاقتها تدخل في فئة النجوم الأقزام ثم تموت وبموتها تضمحل إمكانية الحياة في كوكب الأرض - إلا أن موعد حدوث ذلك لا يعلمه إلا الله تعالى الذي قال في كتابه المجيد: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ} [الأعراف: 187].
المراجع العلمية:
ذكرت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن الشمس تدور بنفس اتجاه دوران الأرض و"دوران كارنغتون" سمي نسبة للعالِم "ريتشارد كارنغتون"، العالم الفلكي الذي كان أول من لاحظ دوران البقع الشمسية مرة كل 27.28 يوماً.
وتقول الموسوعة الأميركية أن مجرتنا -مجرة درب التبانة- تحتوي حوالي 100 بليون نجم، ;كل هذه النجوم تدور مع الغاز والغبار الكوني الذي بينها حول مركز المجرة، تبعد الشمس عن مركز المجرة مليارات الكيلومترات 2.7×10 17 (1.7×10 17) وتجري حوله بسرعة 220كلم/ثانية (140 ميل/الثانية)، وتستغرق حوالي 250 مليون سنة لتكمل دورة كاملة، وقد أكملت 18 دورة فقط خلال عمرها البالغ 4.6 مليارات سنة.
وذكرت أيضا وكالة الفضاء الأميركية (ناسا): " الذي يظهر أن الشمس قد كانت نشطة منذ 4.6 بليون سنة وأنه عندها الطاقة الكافية لتكمل خمسة بليون سنة أخرى من الآن".
وأيضا تقول : "يقدر للشمس انتهاؤها كنجم قزم".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآيات القرآنية الكريمة هو تقريرها بأن الشمس في حالة جريان وسَبْحٍ في الكون، هذا ما كشف عنه علم الفلك الحديث بعد قرون من نزول القرآن الكريم.(1/4)
خلق الجنين في أطوار
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
أحاديث الإعجاز:
عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى، فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك" رواه مسلم في كتاب القدر.
فهم المفسرين:
قال ابن كثير في تفسيره: "قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}: يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ومن حال إلى حال ومن لون إلى لون".
فهم علماء الحديث:
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه "طريق الهجرتين": "إن للملك ملازمة ومراعاة بحال النطفة، وإنه يقول: يا رب، هذه نطفة.. هذه علقة.. هذه مضغة، في أوقاتها، فكل وقت يقول فيه ما صارت إليه بأمر الله.. وهو أعلم بها، وبكلام الملك، فتعرُّفُه (أي الملَك) في أوقات، أحدها حين يخلقها الله نطفة ثم ينقلها علقة، وهو أول أوقات علم الملك بأنه ولد".
مقدمة تاريخية:
منذ أن لخص أرسطو النظريات السائدة في عصره والمتعلقة بتخلق الجنين، استمر الجدل بين أنصار نظرية الجنين الكامل القزم الموجود في ماء الرجل وبين أنصار نظرية الجنين الكامل القزم الموجود في بويضة المرأة، ولم يتنبّه أحد من الفريقين إلى أن كلاً من حوين الرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوين الجنين، وهو ما قال به العالم "سبالانزاني" (Spallanzani) سنة 1775م.
وفي عام 1783 تمكن "فان بندن" (Van Beneden) من إثبات هذه المقولة وهكذا تخلت البشرية عن فكرة الجنين القزم.
حقائق علمية:(1/1)
في عام 1775م قدّم "سبالانزاني" (Spallanzani) نظريته التي تقول بأن كلاً من الحوين المنوي للرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوين الجنين البشري حيث يقوم الحوين بتخصيب البويضة التي تبدأ بعدها بالانقسام لتتكون الخلايا الأولى للجنين.
التفسير العلمي:
يقول الله تعالى في الآية السادسة من سورة الزمر: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}.
لقد جاء القرآن الكريم بحقائق عن خلق الإنسان لم تكن البشرية قد عرفتها بعد، ومن أهم هذه الحقائق تقرير أن خلق الإنسان لم يكن دفعة واحدة وإنما مر بمراحل مختلفة تدرج فيها الجنين البشري من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى تكوّن العظام ثم كساء العظام باللحم ثم اكتمال الخلق.
ورغم بداهة هذه الحقيقة العلمية عند علماء الأجنة اليوم إلا أنها ظلت مندرسة عبر قرون متطاولة من عهد الفراعنة واليونان القدماء، مروراً بالحضارة العربية الإسلامية وانتهاء بعصر النهضة واكتشاف الميكروسكوب.
فقد تعددت التصورات والنظريات، فـ أرسطو قال بأن الإنسان يتكون من دم الحيض وقد سيطرت هذه النظرية على العقل البشري زماناً طويلاً، ثم جاء الاعتقاد بأن الإنسان يكون مخلوقاً خلقاً تاماً في حوين الرجل، بينما اعتقد فريق آخر من العلماء أنه يُخلق في صورة قزم في بويضة المرأة.
ولقد كان انعدام الوسائل العلمية التقنية عائقاً حال دون تقدم العقل البشري في هذا الموضوع.
واستمر الجدل العلمي قائماً حتى سنة 1775م حينما اعتبر "سبالانزاني" بأن كلاً من حوين الرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوين الجنين البشري حيث يقوم الحوين بتخصيب البويضة التي تبدأ بعدها بالانقسام لتتكون الخلايا الأولى للجنين.(1/2)
وهكذا لم يتخلّ العلم التجريبي عن فكرة القزم البشري حتى أواخر القرن الثامن عشر، في حين أن القرآن الكريم قد أشار إلى ذلك صراحة قبل أحد عشر قرناً فقال سبحانه وتعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون} [الزمر: 6].
وقد قال علماء التفسير بأن عبارة "خلقاً من بعد خلق" تعني أن الإنسان يمر خلال عملية تخلقه بمراحل متتابعة فصلها القرآن في سورة المؤمنون (12-14) حيث قال عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.
كما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: من نطفة أمشاج قوله: "يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ومن حال إلى حال ومن لون إلى لون".
وهذا ما كشف عنه علم الأجنة الحديث في القرن الثامن عشر، تصديقاً لقوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}.
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآيات القرآنية هو تقريرها صراحة بأن الإنسان يمر خلال تخلقه بمراحل متتابعة، وأنه لا يُخلق دفعة واحدة في صورة قزم، وهذا ما كشفت عنه دراسات علم الأجنة الحديث.(1/3)
دوران الأرض
آيات الإعجاز:
قال الله عز وجل: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88].
مقدمة تاريخية:
لاحظ الناس منذ القديم أن الأرض ساكنة تحت أقدامهم فظنوا بأن الأرض هي مركز الكون وأنها لا تتحرك، بينما دأبت الأجرام في السماوات التي ترصعها النجوم على الدوران من حولها، وقد قال بذلك العالم "بطليموس" وأيده كثيرون.
كما لاحظ بعض العلماء حركة الأرض حول الشمس فقال "أريستاركوس" (310-330 ق.م.) أن النجوم ثابتة وأن ما نراه من حركتها هو مجرد حركات ظاهرية ناجمة عن دوران الأرض ومركزية الشمس، ولكنه لم يؤيده في فكرته أحد، بل عارضوه.
كما قال الفيلسوف اليوناني "فيتاغورس" بدوران الأرض لكنه لم يتمكن أيضاً من إثبات نظريته، إلى أن جاء العالم الفلكي الإيطالي "غاليليو" في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر والذي صنع منظاراً فلكياً ليشاهد به حركة الأرض، ثم جاء الفلكي "كبلر" في القرن السابع عشر الميلادي وقدّم الأدلة العلمية على دوران الأرض وسائر الأجرام السماوية.
حقائق علمية:
- للأرض حركتان: واحدة حول نفسها (محورها الوهمي) وأخرى حول الشمس.
- تدور الأرض حول نفسها في مدة: 23 ساعة و56 دقيقة و4.096 ثانية، في حركة من الغرب إلى الشرق.
- تبلغ سرعة دوران الأرض في المنطقة الاستوائية 1670 كم في الساعة أي حوالي 465 متراً في الثانية، ثم تتباطأ مع خطوط العرض العليا حيث تصل إلى 312 متراً في الثانية عند درجة العرض 50، وتنعدم السرعة تماماً في القطبين.
- ينتج عن حركة الأرض المحورية (أي دورانها حول نفسها) ثلاثة ظواهر فلكية:
1- حودث الليل والنهار وتعاقبهما.
2- اختلاف التوقيت على سطح الأرض حسب شروق الشمس وغروبها.(1/1)
3- نشوء القوة النابذة المركزية التي أدت إلى انتفاخ الأرض في المنطقة الاستوائية.
التفسير العلمي:
إن النظام الشمسي الذي نعيش فيه يؤلف وحدة محكمة البناء تضم الشمس وتسعة كواكب - وهي المعروفة حتى الآن - تسبح في مدارات مختلفة.
ويعتبر كوكب الأرض ثالث الكواكب بعداً عن الشمس وهو يتم دورته حولها في ثلاثمائة وستين يوماً وربع اليوم ( 365. 2564). جاء في الموسوعة الأكاديمية الأميركية: "إن الأرض تدور حول محورها ( Spinaxis ) في مدة يوم واحد، وتدور حول الشمس في مدة سنة واحدة..... ويبلغ متوسط سرعة دورانها حول الشمس 30 كلم/ث.
وتدور حول كواكب المجموعة الشمسية أقمار عدة عرف منها تسعة وأربعون (49) قمراً حتى الآن، إلا أنه يرجح وجود أقمار أخرى غير مكتشفة خاصة حول أورانس (Uranus) ونبتون (Neptune) اللذان هما من أكثر الكواكب بعداً عن الشمس. أما قمر الأرض فيتم دورته حولها في 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة متدرجاً في أطواره أو - منازله - المختلفة.
هذا، وإن النظام الشمسي يشكل أيضاً مع أنظمة مشابهة وحدة أكبر تعرف بمجرة درب التبانة (Milky way) وتتخذ هذه الأذرع تجمعات ضخمة لملايين النجوم والأنظمة الشمسية والتي تدور أيضاً في مدارات مختلفة حول مركز المجرة بسرعات مختلفة، فالشمس -ومعها النظام الشمسي- تدور مع أذرع المجرة.
تقول الموسوعة العالمية للفلك: "تتم الشمس دورتها حول مركز المجرة في 200 مليون سنة".(1/2)
إن دوران الأرض في مدارها حول الشمس مما لم يعرفه علم الفلك حتى القرن السادس عشر، فيما وضع الفلكي البولوني نيقولاس كوبرنيكوس (Nicolas Copernicus) تصوره لكونٍ مركزه الشمس وتدور حولها الأرض والكواكب المعروفة آنذاك كما ذكرت الموسوعة البريطانية الجديدة. "حيث كان السائد قبلاً أن الأرض ثابتة في مركز الكون". ففي الموسوعة البريطانية الجديدة: " "في القرن الثاني بعد الميلاد وضع "كلوديوس بطليموس" (Claudius Ptolemaus) أحد أشهر الفلكيين الإغريق تصوره للأرض كمركز للكون، وقد ساد هذا التصور التفكير الفلكي أكثر من 1300 سنة".
وانتظر العالم حتى جاء "كبلر" في القرن السابع عشر الميلادي وأثبت الحقيقة العلمية وهي أن كل ما في الكون من نجوم وكواكب تابعة لها تدور في مسارات خاصة.
وإذا رجعنا إلى القرآن الكريم فإننا نجد أن قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} فيه إشارة صريحة إلى أن الجبال تدور دوراناً سريعاً كالسحاب لكن الإنسان يراها ثابتة مستقرة. وها هو العلم يثبت أن الأرض تدور بمن عليها من مخلوقات جامدة وحية بنفس السرعة، فلذلك نحسب أن الجبال ثابتة، بينما هي في حقيقتها تدور مع الأرض، وقد ضرب العلماء مثلاً تقريبياً لذلك فإننا إذا تصورنا قطارين انطلقا في نفس الوقت والاتجاه والسرعة، فإن الراكب في أحدهما إذا نظر إلى الراكب الموازي له في القطار الآخر، يظنه جامداً لا يتحرك، وهكذا حركة الجبال مع الأرض.
فسبحان الله القائل: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}.
مراجع علمية:
جاء في الموسوعة الأكاديمية الأميركية: "إن الأرض تدور حول محورها ( Spinaxis ) في مدة يوم واحد، وتدور حول الشمس في مدة سنة واحدة..... ويبلغ متوسط سرعة دورانها حول الشمس 30 كلم/ث".(1/3)
"وتدور حول كواكب المجموعة الشمسية أقمار عدة عرف منها تسعة وأربعون (49) قمراً حتى الان ; إلا أنه يرجح وجود أقمار أخرى غير مكتشفة خاصة حول أورانس ( Uranus ) ونبتون ( Neptune ) اللذان هما من أكثر الكواكب بعداً عن الشمس. أما قمر الأرض فيتم دورته حولها في 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة متدرجاً في أطواره أو - منازله - المختلفة.
هذا، وإن النظام الشمسي يشكل أيضاً مع أنظمة مشابهة وحدة أكبر تعرف بمجرة درب التبانة ( Milky way ) وتتخذ هذه الأذرع تجمعات ضخمة لملايين النجوم والأنظمة الشمسية والتي تدور - أيضاً في مدارات مختلفة حول مركز المجرة بسرعات مختلفة، فالشمس- ومعها النظام الشمسي - تدور مع أذرع المجرة".
تقول الموسوعة العالمية للفلك: "تتم الشمس دورتها حول مركز المجرة في 200 مليون سنة".
وعليه: فإن كلاً من الشمس والقمر والأرض يسبح في مدار خاص أو فلك - على ما في التعبير القرآني – خاص.
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو أنها أشارت لدوران الأرض من خلال دلالة قوله تعالى {وهي تمر مر السحاب} على ذلك، وهو ما كشف عنه العلم في القرن السابع عشر الميلادي.(1/4)
شكل الأرض
آيات الإعجاز:
قال الله عز وجل: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54].
وقال تعالى: {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
وقال سبحانه: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الشعراء: 28]
وقال تعالى أيضاً: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40].
وقال جل جلاله: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [النور: 44].
وقال تعالى أيضاً: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: 5].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
- في مادة كوّر: والتكوير معناه لفُّ شيءٍ على آخر في اتجاه مستدير.
فهم المفسرين:
لقد قرر القرآن الكريم أن الأرض كروية في أكثر من موضع وأعطانا أكثر من دليل. وقد نقل الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى- عن الضحاك في معنى التكوير: أي يلقي هذا وهذا على هذا، قال وهذا على معنى التكوير في اللغة وهو طرح الشيء بعضه على بعض. وقال الفخر الرازي -رحمه الله تعالى- في تفسيره: "ثبت بالدلائل أن الأرض كرة، فكيف يمكن المكابرة فيه؟!"، كما قال ابن حزم -رحمه الله تعالى-: "إن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله تعالى عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة". وقد قرر ذلك أيضاً الإمام الألوسي وابن القيم وابن تيمية رحمهم الله.
مقدمة تاريخية:(1/1)
لقد قال الأقدمون بكروية الأرض، وعلى رأسهم علماء اليونان كـ "إيراتوستين" (276 ق.م.) و"أرسطو" (384 ق.م.) و"فيتاغورس" (569 ق.م.). فقد تمكن "إيراتوستين" من قياس تقريبي لمحيط الأرض الكروي واعتقد نتيجة ذلك بأن هناك أرضاً مسكونة تقابل أرضه، وقد وصف العلماء المسلمون الأرض بأنها كروية كما جاء في كتاب "المقدسي" (375 هـ) (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) قوله: "فأما الأرض فإنها كالكرة موضوعة في جوف الفلك، كالمحّة في جوف البيضة". وقال قبله مثل ذلك أيضاً ابن خرداذية (232 هـ) في كتابه (المسالك والممالك)، وقال بذلك الاصطخري والبيروني والإدريسي والحَمْوي وغيرهم كثير.
أما في أوروبا فلم يعتقد الأوروبيون بفكرة كروية الأرض، وكانوا يرون بأن نهاية البحر الذي يلي القارة الأوروبية هو نهاية لامتداد الأرض، إلا أن بعضاً من علماءهم وبعد اطلاعهم على علوم السابقين من المسلمين وغيرهم، رجحت عندهم فكرة كروية الأرض، وتكرس هذا الاعتقاد بعد قيام "كولومبوس" (1451 م) برحلته وقيام "ماجلان" (1480 م) بدورته حول الأرض وكان ذلك بين عام (1518 و 1522 م).
ثم جاء الفيزيائي "اسحق نيوتن" ليقول بأن الأرض شبه كروية، وأثبت ذلك حسابياً حيث وجد بعد تجارب فيزيائية قام بها على البندول أن قطر الأرض عند خط الاستواء يزيد بنسبة (231/1) عن قطرها بين القطبين الشمالي والجنوبي.
ثم جاء القرن العشرون واستطاعت ثورة علم الفلك والمركبات الفضائية في منتصف هذا القرن من الإجابة عن معظم التساؤلات حول كروية الأرض وموقعها في هذا الكون، وأصبح معلوماً أن الأرض شبه كروية تدور حول نفسها ونتيجة ذلك يحصل تتابع الليل والنهار على وجه الأرض.
حقائق علمية:
1- سبقت الرحلات البحرية التي قام بها "كولومبوس" و"ماجلان" بين عام (1519 م) و (1521 م) صور الأقمار الاصطناعية في تحديد كروية الأرض.(1/2)
2- أظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية منذ عام (1957 م) أن الأرض شبه كروية مفلطحة عند القطبين (Oblate Spheroid).
3- يؤدي دوران الكرة الأرضية حول مركزها إلى تقلب وتعاقب الليل والنهار عليها.
التفسير العلمي:
لم يشاهد الإنسان الأرض في شكلها الكروي وهي تسبح في الفضاء إلا عندما أطلق العلماء الروس القمر الاصطناعي الأول "سبوتنيك" عام 1957م، حيث استطاعوا الحصول على صور كاملة لكوكب الأرض بواسطة آلات التصوير المرتبطة بالقمر الاصطناعي. وكما ورد في الموسوعة البريطانية أن الأرض شبه كروية مفلطحة عند القطبين (Oblate Spheroid) إذ أن الأرض تنتفخ بصورة بطيئة جداً عند خط الاستواء وتتسطح في منطقة القطبين بفعل دورانها حول نفسها، فطول شعاع الأرض عند خط الاستواء يساوي (6378 كلم) وشعاعها بين القطبين يساوي (6357 كلم)، والفارق الضئيل بين شعاعي الأرض (21 كلم) جعلها تبدو كروية الشكل.(1/3)
لكن علماء التفسير استنبطوا كروية الأرض من آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وفي قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، ومن هاتين الآيتين يُعرف أن الليل والنهار يجريان في تتابع لا يسبق أحدهما الآخر، وعليه فإما أن يكون التتابع في خط مستقيم أو في خط دائري، ولكن لو كان التتابع في خط مستقيم على وجه الأرض فإنه لن يحدث إلا ليل واحد أو نهار واحد، إذن فلا بد أن يكون على شكل دائري. وقد أخبر تعالى بأن الليل لا يسبق النهار، وهذا المعنى القرآني لا يتحقق إلا إذا كان الليل والنهار يوجدان معاً في وقت واحد على الأرض، وهذا لا يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية وكذلك قال علماء التفسير في قوله تعالى: : {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} بأن كور العمامة هو إدارتها واستدارتها حول الرأس، والتكوير لا يكون إلا على سطح كروي والتكوير في اللغة هو طرح الشيء بعضه على بعض، ولعل هذا يوضح الحكمة في قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} حيث لم يقل يكور الليل ثم يكور النهار، فإن الليل والنهار موجودان معاً على الأرض الكروية نصفها ليل ونصفها نهار، فالليل والنهار يكوران على بعضهما على سطح كروي هو الأرض.
وفي قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إشارة أخرى إلى أن الليل والنهار يقلبان والتقليب يعني الدورة بشكل دائري فلزم أن تكون الأرض كروية.
ومما يؤكد كل ذلك قول الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} فالآيتان تدلان على كروية الأرض، وكيف ذلك؟(1/4)
· أولاً: إنه سبحانه وتعالى قرن المشرق بالمغرب أو المشارق بالمغارب مباشرة ولم يقل (رب المشرق ورب المغرب) أو (رب المشارق ورب المغارب) وذلك لأن الشروق والغروب يتمان في وقت واحد وهذا لا يمكن أن يكون إلا على سطح كروي.
· ثانياً: تشير الآية الثانية إلى أن كل بلد له مشرق ومغرب ولا يوجد مشرق واحد ومغرب واحد لأية دولة في العالم وإنما هي مشارق ومغارب وهذا يطابق تماماً مع ما اكتشفه علم الفلك الحديث، حيث وجد العلماء أن في كل جزء من الثانية نجد مشرقاً تشرق فيه الشمس على مدينة ما وتغيب عن أخرى، حيث أن زاوية الشروق تتغير من موقع لآخر وكذلك زاوية الغروب، وهذا ما يدل على كروية الأرض.
وهنا لا بد لنا من تسليط الضوء على أمر مهم، وهو قول الله تعالى في الآيات التالية: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} وقوله تعالى: {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} و{ وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} و {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} و {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} و {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا}، التي قد يعترض أحد ما أن المعاني المستفادة من هذه الآيات لا تدل على معنى الكروية وأن هناك تعارض في آيات القرآن.
إن هذه المعاني لا تناقض دعوى أن الأرض كروية، بل إنها تشير بوضوح جلي إلى ثبوتها، فقد نص أئمة التفسير على أنه لا منافاة بين الآيات الآنفة الذكر وما هو ثابت في قضية كروية الأرض.(1/5)
قال الإمام فخر الدين الرازي (606 هـ) -رحمه الله تعالى- مجيباً على الاعتراض بنحو قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ} [الرعد: 3]: "الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كأن كل قطعة منها تشاهد كالسطح". (التفسير الكبير 19/3 و 170) وقال في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} [طه: 53]: "المراد من كون الأرض مهداً أنه تعالى جعلها بحيث يتصرف العباد وغيرهم عليها بالقعود والقيام والنوم والزراعة وجميع وجوه المنافع". (22/68).
وقال العلامة القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر الشهير بالبيضاوي (685 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا}: "أي مهيّأة لأن يقعدوا ويناموا عليها، كالفراش المبسوط. وذلك لا يستدعي كونها مسطحة، لأن كروية شكلها مع عظم حجمها لا يأبى الافتراش عليها". من (أنوار التنزيل 1/16). وقال الإمام الأصولي أحمد بن جُزّيّ الكلْبي (741 هـ) –رحمه الله تعالى- مبيناً عدم المنافات بين المد والتكوير: "وقد يترتب لفظ البسط والمد مع التكوير، لأن كل قطعة من الأرض ممدودة على حدتها وإنما التكوير لجملة الأرض" من (التسهل لعلوم التنزيل 2/130). وقال العلامة محمد بن محمد المولى أبو السعود العمادي (982 هـ) –رحمه الله تعالى- موضحاً أن الفراش لا ينافي التكوير: "وليس من ضرورة ذلك –أي: وصف الأرض بالفراش- كونها مسطحاً حقيقياً، فإن كرية شكلها مع عظم جرمها مصطحة لافتراشها" من (إرشاد العقل السليم 1/61).(1/6)
وقال العلامة شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي (1270 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: 22]: "ولا ينافي كرويتها كونها فراشاً، لأن الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه كما لا يخفى" من (روح المعاني 187/1) ومثله في (25/67). وقال في تفسير قوله تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}: "المراد بسطها وتوسعتها ليحصل بها الانتفاع لمن حلّها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها، لما أن الكرة العظيمة لعظمتها ترى كالسطح المستوي" (14/28) ومثله في (53/17) و (176/26).
وقال في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: 19]: "وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كرية، لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحاً" (76/29).
وقال –أيضاً- في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: 6]: "لا دلالة في الآية على ما ينافي كريتها كما هو المشهور من عدة مذاهب" (6/30).
ويقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في شرحه: "إن الإنسان يرى الأرض مبسوطة أمامه سواء أكان في القطب الشمالي أم في القطب الجنوبي أم في المنطقة الاستوائية، وهذا لا يمكن أن يحدث بهذه الصورة إلا إذا كانت الأرض كروية، فلو أن الأرض كانت غير ذلك: مربعة أو مثلثة أو أي شكل هندسي آخر، كان لا بد للإنسان أن يشاهد حواف الأرض عند أطرافها".
والذي نستخلصه من هذا كله أن الله قد جعل لنا الأرض ممهدة مبسوطة ليقوم العباد بأعمالهم وأمور دنياهم، وهذا من رحمة الله بعباده فلم يجعلها كلها ودياناً أو كلها جبالاً وعرة وإنما ذللها لهم وجعلها مهداً وفراشاً وجعل فيها مساحات ممدودة نعمة منه سبحانه وتعالى، أما الأرض بجملتها فهي شبه كروية الشكل يكور عليها الليل والنهار ويتقلبان في وقت واحد.(1/7)
لقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث في تحديد شكل الأرض، هذا القرآن الذي نزل على قوم لم يعرفوا شيئاً عن الفلك ولا الهندسة، بل كانوا بدو رُحّل، فصدق الله العظيم القائل: {وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها}.
مراجع علمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية:
"أن الكوكب الأكبر الخامس من المجموعة الشمسية، الأرض لها محيط استوائي طوله 40.076 كلم (424.902 ميل) وشعاع استوائي طوله 6.378 كلم (3.963 ميل) ولها شعاع قطبي طوله 6.357 كلم (3.950 ميل) وشعاعها الوسطي بطول 6.371 كلم (3.960 ميل)".
ثم ذكرت "أن القوة الطاردة المركزية لدوران الأرض تجعل الكوكب منتفخاً عند خط الاستواء، وبسبب هذا يصبح شكل الأرض شبه كروية مفلطحة، وتظهر أكثر تسطحاً عند القطبين منه عند خط الاستواء".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآيات القرآنية الكريمة هو دلالة الألفاظ: "ولا الليل سابق النهار"، "المشارق والمغارب"، "يقلب"، "يكوّر"، "دحاها" لشكل الأرض الشبه الكروي المفلطح، وهو ما كشفت عنه المشاهدة العينية لكروية الأرض من الفضاء الخارجي.(1/8)
ضياء الشمس ونور القمر
لقد فرق العزيز الحكيم في الآية الكريمة ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا ) بين أشعة الشمس والقمر , فسمى الأولى ضياء والثانية نورا . وإذا نحن فكرنا في أستشارة قاموس عصري لما وجدنا جوابا شافيا للفرق بين الضوء الذي هو أصل الضياء والنور , ولوجدنا أن تعريف الضوء هو النور الذي تدرك به حاسة البصر المواد .
وإذا بحثنا عن معنى النور لوجدنا أن النور أصله من نار ينور نورا أي أضاء . فأكثر القواميس لا تفرق بين الضوء والنور بل تعتبرهما مرادفين لمعنى واحد . ولكن الخالق سبحانه وتعالى فرق بينهما فهل يوجد سبب علمي لذلك ؟ دعنا نستعرض بعض الآيات الأخرى التي تذكر أشعة الشمس والقمر . فمثلا في الأيتين التاليتين ( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) ( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ) نجد أن الله سبحانه وتعالى شبه الشمس مرة بالسراج وأخرى بالسراج الوهاج والسراج هو المصباح الذي يضيء إما بالزيت أو بالكهرباء . أما أشعة القمر فقد أعاد الخالق تسميتها بالنور وإذا نحن تذكرنا في هذا الصدد معلوماتنا في الفيزياء المدرسية لوجدنا أن مصادر الضوء تقسم عادة إلى نوعين : مصادر مباشرة كالشمس والنجوم والمصباح والشمعة وغيرها , ومصادر غير مباشرة كالقمر والكواكب . والأخيرة هي الأجسام التي تستمد نورها من مصدر آخر مثل الشمس ثم تعكسه علينا .(1/1)
أما الشمس والمصباح فهما يشتركان في خاصية واحدة وهي أنهما يعتبران مصدرا مباشرا للضوء ولذلك شبه الخالق الشمس بالمصباح الوهاج ولم يشبه القمر في أي من الآيات بمصباح . كذلك سمى ما تصدره الشمس من أشعة ضوءا أما القمر فلا يشترك معهما في هذه الصفة فالقمر مصدر غير مباشر للضوء فهو يعكس ضوء الشمس إلينا فنراه ونرى أشعته التى سماها العليم الحكيم نورا . ومن العجيب حقا أننا لم نستوعب هذه الدقة الإلهية في التفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر , فكان المفروض أن نفرق بين الضوء والنور ونسمى الآشعة التي تأتي من مصدر ضوئي مباشر بالضوء وتلك التي تأتي من مصدر ضوئي غير مباشر بالنور ولكنا خلطنا لغويا بين الضوء والنور , واقتصرنا في العلوم على استخدام كلمة الضوء ونسينا مرادفها وهو النور والسبب واضح ففي الإنجليزية والفرنسية بل والألمانية - وهي اللغات التي جاءت عن طريقها العلوم الحديثة - لايوجد إلا مرادف واحد لهذا المعنى وهو بالترتيب ( Light-Lumiere-Licht ) ولم يخطر ببالنا أو ببال المترجمين أن اللغة العربية أغنى منهم وأدق ففيها مرادفين لهذه الكلمة يجب أن نفرق بينهما تبعا لنوعية مصدر الضوء سواءً أكان مباشراً أو غير مباشر .(1/2)
فيلما سينمائيا أعدته شركة أمريكية عن الجهود الأمريكية لغزو القمر - وعنوان هذا الفيلم " خطوة عملاقة لاكتشاف جيولوجيا القمر " ومن أول الفيلم إلى آخره يعرض كيف تمكن العلماء الأمريكان من أن يكتشفوا أن القمر كان مشتعلا من قبل , وأنه كان كتلة مشتعلة ثم بردت , وكيف دللوا على ذلك بأن أرسلوا أجهزة إلى القمر لقياس الموجات واحدثوا موجات صوتية وتحركت الموجات في باطن القمر , وأن قلبه مازال مشتعلا حتى الآن وأخذوا عينات الصخور من باطنه ومن المرتفعات ومن الجبال والوديان التي بالقمر , وحللوا ودرسوا فوصلوا إلى نتيجة أن القمر كان يوما ما مشتعلا وأنه انطفأ فقلت في نفسي أحسن ما يكون عنوان لهذا قول الله سبحانه وتعالى أو هو تفسير قول الله ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) الإسراء : 13 قال علماء المسلمين منهم ابن عباس وغيره : آية الليل القمر وآية النهار الشمس أما ( فمحونا آية الليل ) فقال لقد كان القمر يضيء ثم محي ضوءه ( فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) لذا يقول الله جل وعلا ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ) لو كان هذا القرآن من عند محمد .. من عند بشر لقال وجعل فيها : سراجين . سراج بالنهار وسراج بالليل . سراج حار وسراج بارد , ومن يكذبه ؟ ولكنه من عند العليم الحكيم قال : وجعل فيها سراجا . أي الشمس وقمرا منيرا وذكر إنارة القمر بعد ذكر السراج يدل على أن القمر يستنير بنور السراج . فسبحان الله العظيم
المصدر " العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني
المصدر " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د. يحيى المحجري(1/3)
طبقات الأرض
لو زاد سمك الطبقة العليا من الأرض بضعة كيلو مترات لاستهلك الأكسجين الموجود الآن كله في تكون الزيادة في قشرة الأرض , وإذا لما وجد نبات أو حيوان ثاني أكسيد الكربون
كما أن الأكسجين يكون 88و8 % من وزن الماء في العالم, والباقي أيدروجين , فلو أن كمية الأيدروجين زادت الضعف عند انفصال الأرض لما وجد إذن أكسجين , ولكان الماء غامرا الآن كل نقطة في الأرض . ولو يطول اليوم قدر ما هو عليه عشر مرات لأحرقت الشمس كل نبات على وجه الأرض فمن قدر الليل والنهار على الأرض ليناسب حياة من عليها ؟!! مع العلم أن بعض الكواكب نهارها أطول من نهارنا عشرات المرات وبعضها قد أصبح جزء منها نهارا دائما والجزء الآخر ليلا دائما(1/1)
قال الأستاذ الدكتور منصور محمد حسب النبي رئيس قسم الفيزياء في جامعة عين شمس : إن العلم لا يعرف إلى الآن ماهي السماوات والأرضون السبع , ولكننا نستطيع أن نفهم من الآيات القرآنية مثل قوله تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )سورة الطلاق : 12 .. أن هناك ستة أرضين أخرى غير أرضنا , ولكل أرض سماؤها التي تعلوها , ومما يؤيد هذا التفسير قول سيدنا الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم : ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ) مما يفيد بأن لكل أرض سماء تعلوها , وقال تعالى : ( وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) وإن هذه الأرضين والسماوات يتنزل بينهن الأمر الإلهي المشار إليه في الآية الكريمة أعلاه , الذي لا بد أن يكون موجها إلى كائنات عاقلة موجودة على هذه الأرضين الست الأخرى التي قد يتمكن العلماء في المستقبل من الكشف عنها بقوله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ ) سورة الشورى : 29 ..وفي ذلك إشارة إلى احتمال التقاء العوالم المختلفة في الحياة الدنيا أو في الآخرة .. علما أن عبارة ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قد تكررت في القرآن الكريم سبع مرات كالآتي
سورة الفاتحة : 2
سورة الأنعام : 45
سورة يونس : 10
سورة الصافات : 182
سورة الزمر : 75
سورة غافر : 65
سورة الجاثية : 36(1/2)
وهذا التوافق في العدد يعضد ما جاء أعلاه في وجود السماوات والأرضين السبع خاصة أن الآية الأخيرة قول تعالى : ( فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أي أنه رب العوالم الفلكية إضافة إلى كونه هو رب العوالم الأخرى
المصدر " كتاب توحيد الخالق الجزء الأول " عبد المجيد الزنداني
المصدر "العلوم في القرآن " د : محمد جميل الحبّال د : مقداد مرعي الجواري(1/3)
9 طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة
حسام عبد القادر
كيف نحدد اتجاه القبلة في أي مكان في العالم ؟ أثار هذا السؤال ضجة كبيرة جدًّا على مستوى المسلمين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مدينة سياتل بالولايات المتحدة، حيث ينقسم المسلمون هناك في تحديد القبلة، أثار هذا الموضوع الجمعية العربية للمساحة، فقامت بعمل ندوة استضافت فيها العميد عبد العزيز سلام الذي قام بعمل بحث موسع حول هذا الموضوع، حيث استطاع التوصل إلى تسع طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة عن طريق حساب المثلثات وجداول الرياضيات، وحصل من الهيئة المصرية العامة للمساحة على تصديق رسمي بصحة هذه الطرق التسع. ونحن نعلم أن اتجاه القبلة هو اتجاه الكعبة الشريفة في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، ويحتاج المسلم أن يعرف اتجاه القبلة في المكان الذي يتواجد فيه حتى يستقبلها أي يتجه نحوها كلما أراد أن يصلي، وذلك تنفيذًا لقوله تعالى:" قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ". (سورة البقرة الآية 144 )
وقد جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذي أصدره قسم المساجد بوزارة الأوقاف المصرية في تعريف حد القبلة، أن القبلة لمن كان بمكة أو قريبًا منها هي عين الكعبة أي منتصفها أو هواؤها المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها فيجب عليه أن يستقبل عينها يقينًا إن أمكن وإلا اجتهد في إصابة عينها، والقبلة لمن كان بعيدًا عن مكة هي جهة الكعبة، فيجوز له الانتقال عن عين الكعبة يمينًا أو شمالاً، ولا بأس بالانحراف اليسير الذي لا تزول به المقابلة بالكلية بحيث يبقى شيء من سطح الوجه واصلاً بالكعبة.(1/1)
أما عن طرق حل هذه المسائل. فالطريقة الأولى حسابية باستخدام قوانين حل المثلث الكروي وذلك باستخدام قانون ( نصف الظل )، فثبت – مثلاً - أن اتجاه القبلة للراصد الموجود بمدينة الإسكندرية هو 135,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما اتجاه القبلة للراصد في مدينة سياتل فهو 17,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة. واتجاه القبلة للراصد الموجود في هونج كونج هو 285.1 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما الطريقتان الثانية والثالثة فتتمَّان عن طريق حساب المثلثات باستخدام جداول خاصة بهذا العِلْم الرياضي، وقد ثبت من هاتين الطريقتين نفس الدرجات السابقة لاتجاه القبلة بالإسكندرية أو بسياتل أو بهونج كونج. وأما الطريقة الرابعة فتتم عن طريق استخدام كرة النجوم، حيث يحتاج المَلاَّح أثناء الإبحار إلى طريقة سريعة لتحديد اتجاه القبلة باستخدام كرة النجوم بدقة مقبولة بإذن الله تعالى، وهو ما يتم بها تحديد موقع الكعبة الشريفة بضبط خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل على كرة النجوم وخط طول الكعبة الشريفة. والطريقة الخامسة باستخدام " قرص النجوم"، وفيها يتم تحديد موقع الكعبة الشريفة على قرص النجوم بنفس الطريقة التي تمت على كرة النجوم بتوقيع خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل للجرم السماوي، وخط طول الكعبة الشريفة بالنسبة لموقع الراصد.(1/2)
والطريقة السادسة باستخدام " مخطوط ويرز "، وفيها يتم توقيع خط عرض الكعبة الشريفة على خط الأساس على تدريج ميل الجرم السماوي. والطريقة السابعة باعتبار موقع الكعبة الشريفة كنقطة مراجعة في بعض الأجهزة الملاحية، حيث توجد لدى بعض الأجهزة الملاحية مثل جهاز تحديد الموقع بواسطة الأقمار الصناعية إمكانية تخزين نقاط مراجعة مع القدرة على إعطاء اتجاه ومسافة هذه النقطة في أي لحظة، فيتم تخزين موقع الكعبة الشريفة في ذاكرة الجهاز كنقطة مراجعة وفي أي لحظة يراد معرفة اتجاه الصلة يتم طلب اتجاه ومسافة نقطة المراجعة هذه باستخدام طريقة السير على الدائرة العظمى.(1/3)
وأما الطريقة الثامنة فباستخدام ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة الشريفة، فعندما تتعامد الشمس على مكة المكرمة يكون اتجاهها في هذه اللحظة هو اتجاه القبلة، والشمس تتعامد على الكعبة الشريفة مرتين سنويًّا، وذلك حينما يكون ميل الشمس مساويًا لخط عرض الكعبة الشريفة، وأثناء مرورها الزوالي فوق الكعبة الشريفة (لحظة أذان الظهر بمكة المكرمة) ويكون ارتفاع الشمس 90 درجة في تلك اللحظة للراصد الموجود بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، وسيكون ذلك في يوم 28 مايو في الساعة 12 ظهرًا و17 دقيقة و52,8 ثانية بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي )، ثم في يوم 15 يوليو في الساعة 12 ظهرًا و26 دقيقة و40,8 ثانية من كل عام بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي)، وفى هذين اليومين ستكون الشمس مرئية بالنسبة لجميع سكان قارة أفريقيا وأوروبا وآسيا شرقًا حتى الفلبين والجزء الشمالي الغربي من قارة أستراليا وكل من يراها في تلك اللحظة المذكورة عاليه فإنه سيكون مستقبلاً للقبلة بإذن الله تعالى، ويمكن ملاحظة عمود إنارة مثلاً في تلك اللحظة ليدل على اتجاه القبلة وبذلك يمكن لكل مسلم أن يتأكد من مكانه ويعممه على طول العام، وأخيرًا الطريقة التاسعة هي خريطة الصلاة التي رسمها المركز الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي توضح اتجاه القبلة بالزوايا في جميع أنحاء العالم. الجدير بالذكر أن شيخ الأزهر شكَّل لجنة للفتوى لإعطاء فتوى نهائية بصحة الطرق التسع لتحديد اتجاه القبلة.(1/4)
فر من المجذوم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا عَدوى ، و لا طِيَرة ، و لا هامَّة ، و لا صَفَر . وفِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد " . صحيح البخاري في الطب 5707
و زاد مسلم : " و لا نَوء " ، و لمسلم أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه : " لا عدوى و لا صفر و لا غُول " ، فالحاصل من ذلك ستة أشياء : العَدوى ، و الطِّيرة ، و الهامَّة ، و الصفر ، و الغُول ، و النَّوء .
و ينفي النبي صلى الله عليه و سلم في هذه الأحاديث العقائد الباطلة و الخرافات التي كانت سائدة بين العرب في الجاهلية ، فقد كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات ، و هي جنس من الشياطين تتراءى للناس و تتغوَّل لهم تَغَوُّلاً _ أي تتلون تلوناً _ فتضلهم عن الطريق فتهلكهم . و قد كثر في كلامهم : غالته الغُول ، أي أهلكته أو أضلَّته .. فأبطل صلى الله عليه و سلم ذلك . و أما النَّوء : فقد كانوا يقولون : مُطرنا بنوء كذا فأبطل صلى الله عليه و سلم ذلك و بيَّن بأن المطر إنما يقع بإذن الله لا بفعل الكواكب ، و إن كانت العادة جرت بوقوع المطر في ذلك الوقت لكن بإرادة الله تعالى و تقديره ، لا صنع للكواكب .(1/1)
و أما قوله " لا عَدوى " فالمراد منه أن شيئاً لا يعدي بطبعه نفياً لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله ، فأبطل النبي صلى الله عليه و سلم اعتقادهم ذلك و بيَّن لهم أن الله هو الذي يُمرِض و يشفي . و أما قوله " لا هامَّة " قيل هي بتشديد الميم ، و الكثيرون على تخفيفها ، و من شدَّد ذهب إلى واحدة من الهوام و هي ذوات السموم ، و قيل هي دواب الأرض التي تهم بأذى الناس ، و هذا لا يصح نفيه إلا إن أريد أنها لا تضر لذواتها و إنما تضر إذا أراد الله إيقاع الضرر بمن أصابته . و قد ذكر الزبير بن بكار في ( الموفقيات ) أن العرب كانت في الجاهلية تقول : إذا قتل الرجل و لم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه هامة _ و هي دودة _ فتدور حول قبره فتقول : اسقوني .. اسقوني ، فإن أدرك بثأره ذهبت و إلا بقيت ، و في ذلك قول شاعرهم :
فيا عَمرو إلا تَدَع شَتمي وَ منقَصتي أضرِبك حتى تقول الهامةُ اسقوني
قال : و كانت اليهود تزعم أنه تدور حول قبره سبعة أيام ثم تذهب . و ذكر ابن فارس و غيره من اللغويين نحو الأول ، إلا أنهم لم يعينوا كونها دودة ، بل قال القزاز : الهامة طائر من طير الليل كأنه يعني البومة . و قال ابن الأعرابي : كانوا يتشاءمون بها ، إذا وقعت على بيت أحدهم يقول : نعت إلي نفسي أو أحداً من أهل داري . و قال أبو عبيد : كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة فتطير ، و يسمون ذلك الطائر : الصدأ [ انظر فتح الباري 10 / 159 _ 241 ] .(1/2)
وأما الطِّيرة : فهي مصدر تَطَيَّرَ ، و أصل التطير انهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير ، فإذا خرج أحدهم لأمر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به و استمر ، وإن رآه طار يسرة تشاءم به و رجع ، و ربما كان أحدهم يهيج الطير فيعتمدها ؛ فجاء الشرع بالنهي عن ذلك [ فتح الباري ، ص 171 ] . و أما قوله " لا صَفَر " بفتحتين ، فقد نقل أبو عببيدة معمر بن المثنى في ( غريب الحديث ) عن رؤبة بن العجاج قال : هي حية تكون في البطن تصيب الماشية و الناس ، و هي أعدى من الجرب عند العرب ، فعلى هذا : المراد بنفي الصَّفَر ما كانوا يعتقدون فيه من العدوى ، و رجح البخاري هذا القول لكونه قرن الحديث بالعدوى ، و قيل : المراد بالصفر الحية ، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله ؛ فرد ذلك الشارع بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل . و قيل : المراد به شهر صفر ، و ذلك أن العرب كانت تحرم صفر و تستحل المحرم ، فجاء الإسلام برد ما كانوا يفعلونه من ذلك .(1/3)
وأما قوله بعد ذلك : " و فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد " فقد ذكر العلماء في الجمع بينه و بين قوله : " لا عدوى " أقوالاً كثيرة ، فرأى بعضهم أن الأمر بالمجانبة محمول على حسم المادة و سد الذريعة لئلا يحدث للمخالط شيئاً من ذلك ، فيظن أن سببه المخالطة فيثبت العدوى التي نفاها الشارع ، و يؤيد هذا ما أخرجه الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم أخذ بيد مجذوم فوضعها في القصعة , قال : كل ثقة بالله و توكلاً عليه . فأكلهُ صلى الله عليه و سلم مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يُمرض و يشفي ، و نهاهم عن الدنو منه ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها ، و يحتمل أن يكون أكله صلى الله عليه و سلم مع المجذوم أنه كان به أمر يسير لا يعدي مثله في العادة ، إذ ليس الجذما كلهم سواء و لا تحصل العدوى من جميعهم [ انظر : نشرة الجذام الصادرة عن مستشفى ابن سينا بحداء ]
وقد ثبت علمياً أن نسبة الإصابة بهذا المرض قليلة جداً ، إذ أن أكثر من 90 % من الناس لديهم مناعة طبيعية ضد هذا المرض ، و هو مرض يصيب الإنسان و يشمل الجلد و الأعصاب و العين و الخصى و العظام و الجهاز التنفسي العلوي و أعضاء أخرى ، و يسبب هذا المرض جرثومةٌ عصوية تنتقل من المريض إلى السليم بواسطة استنشاق الهواء أو بواسطة التَّماس الجلدي أو لدغ بعض الحشرات ، و 10 % من الناس الذين ليس لديهم مناعة طبيعية ضد هذا المرض ينقسمون غلى قسمين :
أ- الذين مناعتهم ضعيفة و في هذا النوع تظهر الإصابة .
ب- الذين مناعتهم شبه معدومة .
فقلة نسبة الإصابة تبين لنا سبب أكله صلى الله عليه و سلم مع المجذوم [ انظر الحقائق الطبية في الإسلام ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/4)
فضل مكة على سائر البقاع
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن مكة هي أحب بلاد الله إلى الله ) الاكتشاف العلمي الجديد الذي كان يشغل العلماء والذي أعلن في يناير 1977 يقول : إن مكة المكرمة هي مركز اليابسة في العالم , وهذه الحقيقة الجديدة استغرقت سنوات عديدة من البحث العلمي للوصول إليها , واعتمدت على مجموعة من الجداول الرياضية المعقدة استعان فيها العلماء بالحاسب الآلي .(1/1)
ويروي العالم المصري الدكتور حسين كمال الدين قصة الاكتشاف الغريب فيذكر : أنه بدأ البحث وكان هدفه مختلفا تماما , حيث كان يجري بحثا ليعد وسيلة تساعد كل شخص في أي مكان من العالم , على معرفة وتحديد مكان القبلة , لأنه شعر في رحلاته العديدة للخارج أن هذه هي مشكلة كل مسلم عندما يكون في مكان ليست فيه مساجد تحدد مكان القبلة , أو يكون في بلاد غريبة , كما يحدث لمئات الآلاف من طلاب البعثات في الخارج , لذلك فكر الدكتور حسين كمال الدين في عمل خريطة جديدة للكرة الأرضية لتحديد اتجاهات القبلة عليها وبعد أن وضع الخطوط الأولى في البحث التمهيدي لإعداد هذه الخريطة ورسم عليها القارات الخمس , ظهر له فجأة هذا الاكتشاف الذي أثار دهشته .. فقد وجد العالم المصري أن موقع مكة المكرمة في وسط العالم .. وأمسك بيده ( برجلا ) وضع طرفه على مدينة مكة , ومر بالطرف الآخر على أطراف جميع القارات فتأكد له أن اليابسة على سطح الكرة الأرضية موزعة حول مكة توزيعا منتظما .. ووجد مكة - في هذه الحالة - هي مركز الأرض اليابسة . وأعد خريطة العالم القديم قبل اكتشاف أمريكا وأستراليا - وكرر المحاولة فإذا به يكتشف أن مكة هي أيضا مركز الأرض اليابسة , حتى بالنسبة للعالم القديم يوم بدأت الدعوة للإسلام .. ويضيف العالم الدكتور حسين كمال الدين : لقد بدأت بحثي برسم خريطة تحسب أبعاد كل الأماكن على الأرض , عن مدينة مكة , ثم وصلت بين خطوط الطول المتساوية لأعرف كيف يكون إسقاط خطوط الطول وخطوط العرض بالنسبة لمدينة مكة , وبعد ذلك رسمت حدود القارات وباقي التفاصيل على هذه الشبكة من الخطوط , واحتاج الأمر إلى إجراء عدد من المحاولات والعمليات الرياضية المعقدة , بالاستعانة بالحاسب الآلي لتحديد المسافات والانحرافات المطلوبة , وكذلك احتاج الأمر إلى برنامج للحاسب الآلي لرسم خطوط الطول وخطوط العرض , لهذا لإسقاط الجديد .(1/2)
وبالصدفة وحدها اكتشفت أنني أستطيع أن أرسم دائرة يكون مركزها مدينة مكة وحدودها خارج القارات الأرضية الست , ويكون محيط هذه الدائرة يدور مع حدود القارات الخارجية . مكة إذن - بتقدير الله - هي قلب الأرض , وهي بعض ما عبر عنه العلم في اكتشاف العلماء بأنه مركز التجمع الإشعاعي للتجاذب المغناطيسي , يوائمه ظاهرة عجيبة قد تذوقها كل من زار مكة حاجا أم معتمرا بقلب منيب , فهو يحس أنه ينجذب فطريا إلى كل ما فيها .. أرضها .. وجبالها وكل ركن فيها .. حتى ليكاد لو استطاع أن يذوب في كيانها مندمجا بقلبه وقالبه .. وهذا إحساس مستمر منذ بدء الوجود الأرضي .. والأرض شأنها شأن أي كوكب آخر تتبادل مع الكواكب والنجوم قوة جذب تصدر من باطنها .. وهذا الباطن يتركز في مركزها و يصدر منه ما يمكن أن نسمية إشعاعا .. ونقطة الالتقاء الباطنية هي التي وصل إليها عالم أمريكي في علم الطوبوغرافيا بتحقيق وجودها وموقعها جغرافيا , وهو غير مدفوع لذلك بعقيدة دينية , فقد قام في معمله بنشاط كبير مواصلا ليله بنهاره وأمامه خرائط الأرض وغيرها من الآت وأدوات فإذا به يكتشف - عن غير قصد - مركز تلاقي الإشعاعات الكونية هو مكة .. ومن هنا تظهر حكمة الحديث الشريف المبنية على قول الله تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) ومن ثم يمكن التعرف على الحكمة الإلهية في اختيار مكة بالذات ليكون فيها بيت الله الحرام , واختيار مكة بالذات لتكون نواة لنشر رسالة الإسلام للعالم كله .. وفي ذلك من الإعجاز العلمي في الحديث الذي أظهر أفضلية مكانها عن سائر البقاع
المصدر "الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد(1/3)
ماء الرجل وماء المرأة
عن ثَوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء حَبر من أحبار اليهود فقال : السلام عليك يا محمد ، فدفعته دفعة كاد يصرع منها ، فقال : لم تدفعني ؟ فقلت : ألا تقول يا رسول الله ؟ ! فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سمَّاه به أهله ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن اسمي محمد الذي سمَّاني به أهلي " فقال اليهودي : جئت أسألك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أينفعك شيء إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني . فَنَكت رسول الله صلى الله عليه و سلم بعُود معه فقال : سَل . فقال اليهودي : أين يكون الناس يوم تَبَدَّلُ الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هم في الظلمة دون الجسر . قال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال : فقراء المهاجرين . قال اليهودي : فما تُحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : زيادة كَبِدِ النون . قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثَور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها . قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين فيها تُسمى سلسبيلا . قال : صدقت . قال : و جئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان . قال : ينفعك إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني ، قال : جئت أسألك عن الولد ؟ قال : ماء الرجل أبيض و ماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فَعلا مَنِيُّ الرجل مَنِيُّ المرأة أذكرا بإذن الله ، وإذا علا مَنِيُّ المرأة مَنِيُّ الرجل آنثا بإذن الله . قال اليهودي : لقد صدقت و إنك لنبي . ثم انصرف فذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه و مالي علم بشيء منه حتى أتاني الله به . صحيح مسلم في كتاب الحيض 315
شرح ألفاظ الحديث :
الحبر : العالم . الجسر : المراد به الصراط . الإجازة : العبور و المرور . تحفتهم : ما يهدى لهم . النون : الحوت .(1/1)
و هذا الحديث الشريف إعجاز كامل أيضاً ، فالبشرية لم تعلم بواسطة علومها التجريبية أن الجنين الإنساني يتكون من نطفة الرجل و نطفة المرأة إلا في القرن التاسع عشر الميلادي ، و تأكَّد ذلك لديها بما لا يدع مجالاً للشك في أوائل القرن العشرين .
وتضمن الحديث أيضاً وصفاً لماء الرجل و ماء المرأة ، فإن ماء المهبل يميل إلى الصفرة وكذلك الماء في حويصلة جراف ، و عند خروج البويضة من هذه الحويصلة تدعى حينئذ الجسم الأصفر؛ و هذا أيضاً من الإعجاز لأنه لم يكن معلوماً آنذاك .
و أشار الحديث أيضاً إلى أن إفرازات المهبل لها تأثير في الذكورة و الأنوثة ، فالعلماء يقررون أن إفرازات المبيض حمضية و قاتلة للحيوانات المنوية ، و إن إفرازات عنق الرحم قلوية و لكنها لزجة في غير الوقت الذي تفرز فيه البويضة ، و ترق و تخف لزوجتها عند خروج البويضة ، و لابد لهذه الإفرازات من تأثير على نشاط الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة ، و العلماء المختصون لم يتأكدوا من هذا بعد ، و لكن الحديث الشريف يشير إلى إمكانية حدوث هذا الأمر ؛ و الله تبارك و تعالى أعلم [ خلق الإنسان بين الطب و القرآن] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/2)
مرض يصيب المرأة المتبرجة
قال صلى الله عليه وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) رواه أبو داود . وقال أيضا - ( لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار ) رواه الإمام أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه
لقد أثبتت البحوث العلمية الحديثة أن تبرج المرأة وعريها يعد وبالا عليها حيث أشارت الإحصائيات الحالية إلى انتشار مرض السرطان الخبيث في الأجزاء العارية من أجساد النساء ولا سيما الفتيات اللآتى يلبسن الملابس القصيرة فلقد نشر في المجلة الطبية البريطانية : أن السرطان الخبيث الميلانوما الخبيثة والذي كان من أندر أنواع السرطان أصبح الآن في تزايد وأن عدد الإصابات في الفتيات في مقتبل العمر يتضاعف حاليا حيث يصبن به في أرجلهن وأن السبب الرئيسى لشيوع هذا السرطان الخبيث هو انتشار الأزياء القصيرة التي تعرض جسد النساء لأشعة الشمس فترات طويلة على مر السنة ولا تفيد الجوارب الشفافة أو النايلون في الوقاية منه ..(1/1)
وقد ناشدت المجلة أطباء الأوبئة أن يشاركوا في جمع المعلومات عن هذا المرض وكأنه يقترب من كونه وباء إن ذلك يذكرنا بقوله تعالى : (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) سورة الأنفال : 32 ولقد حل العذاب الأليم أو جزء منه في صورة السرطان الخبيث الذي هو أخبث أنواع السرطان وهذا المرض ينتج عن تعرض الجسم لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية فترات طويلة وهوما توفره الملابس القصيرة او ملابس البحر على الشوطئ ويلاحظ أنه يصيب كافة الأجساد وبنسب متفاوتة ويظهر أولا كبقعة صغيرة سوداء وقد تكون متناهية الصغر وغالبا في القدم او الساق وأحيانا بالعين ثم يبدأ بالانتشار في كل مكان واتجاه مع أنه يزيد وينمو في مكان ظهوره الأول فيهاجم العقد الليمفاوية بأعلى الفخذ ويغزو الدم ويستقر في الكبد ويدمرها .. وقد يستقر في كافة الأعضاء ومنها العظام والأحشاء بما فيها الكليتان ولربما يعقب غزو الكليتين البول الأسود نتيجة لتهتك الكلى بالسرطان الخبيث الغازى .. وقد ينتقل للجنين في بطن أمة ولا يمهل هذا المرض صاحبة طويلا كما لا يمثل العلاج بالجراحة فرصة للنجاة كباقى أنواع السرطان حيث لايستجيب هذا النوع من السرطان للعلاج بجلسات الأشعة من هنا تظهر حكمة التشريع الإسلامى في ارتداء المرأة للزى المحتشم الذي يستر جسدها جميعة بملابس واسعة غير ضيقة ولا شفافة مع السماح لها بكشف الوجه واليدين فلقد صار واضحا أن ثياب العفة والاحتشام هي خير وقاية من عذاب الدنيا المتمثل في هذا المرض فضلا عن عذاب الآخرة ثم هل بعد تأييد نظريات العلم الحديث لما سبق أن قرره الشرع الحكيم من حجج يحتج بها لسفور المرأة وتبرجها ؟؟
المصدر " الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد(1/2)
مراكز الألم في الجلد
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56].
حقائق علمية:
كشف علم التشريح أن كل أعصاب الإحساس موجودة تحت الجلد مباشرة فلو احترق الجلد ووصل الكيّ إلى اللحم لما كان هناك شعور بالألم، لأن الأعصاب التي تشعر بالألم موجودة تحت الجلد فقط، فتجعل الإنسان يشعر بالألم وتنقله إلى مراكز الجملة العصبية المركزية (النخاع الشوكي، المُخَيخ، المخ ...).
التفسير اللغوي:
نضجَتْ: نَضَجَ اللحم قديداً وشواءً، والعنبُ والتمر والثمر، ينضُجُ نضجاً: أي أدرك.
فهم المفسرين:
لم يتطرّق علماء التفسير الأقدمين للمعلومات التشريحية التي بيّنها الطب الحديث، وذلك لانعدامها في عصرهم، إلا أنهم ذكروا إشارات تلميحية إليها، فالإمام القرطبي مثلاً يقول في تفسيره: "فالمقصود تعذيب النفوس وإيلام الأرواح، ولو أراد الجلود لقال: "ليَذُقن العذاب"، فالجلد مستقبل للألم فقط والغاية هي تعذيب الروح والنفس".
التفسير العلمي:
إن أهم وظيفة فزيولوجية لجلد الإنسان هو الإحساس بجميع أشكاله، من لمس وحرارة وألم... إذ هو المستقبل الرئيسي لها. والجلد ليس عضواً ثانوياً، إنما هو عضو فعال وله شأنه الكبير في بقاء الحياة وحفظ صحتها، حتى إن الإنسان ليشرف على الموت إذا ما تعطل من العمل ما يقارب ربع مساحة جلده ولو لم يتأذ ما وراء ذلك من عضلات وغيرها في العمق. وكان قديماً يعتقد أن الإحساس من صفات الجسد بكل أجزائه، لكن علم التشريح الحديث جاء بحقيقة جديدة وهي: أن مراكز الإحساس بالألم وغيره من أنماط الإحساس إنما تتركز في طبقات الجلد الخارجية بشكل أساسي دون بقية الجسد.(1/1)
والألم يحصل لأن على سطح الجلد الفسيح يوجد ما يدعى بنقاط الحس وهي التي يبدأ منها صدور الشعور وتوافق نهاية الليفات العصبية. وينتقل الحس من تلك النقاط إلى الليفات فالألياف حتى مراكز الجملة العصبية المركزية حيث يكون إدراكها واستبيان دلائلها، فالجلد وحده مصدر الألم والإحساس.
حتى إن المريض لا يشعر بالألم عندما يأخذ الحقنة إلا عند دخولها لمنطقة الجلد فقط، وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}.
إشارة إلى أنّ جلد الإنسان هو المستقبل لأحاسيس الألم، وبواسطته يشعر الكفار يوم القيامة بالعذاب. وعلم التشريح لم يكتشف ذلك إلا في القرن العشرين حيث وجد الأطباء أن في طبقة الجلد مراكز عصبية وظيفتها تلقّي الإحساس بالحرارة “Thermo-receptor” وتحويله إلى إحساس بالألم، ونقله إذا زاد أو نقص عن معدّل درجة الحرارة التي يتحملها الجسم العادي (18-38ْ)، فالحروق الأشد ألماً كما تذكر الموسوعة البريطانية هي حروق الدرجة الأولى والثانية التي تصيب طبقات الجلد دون أن تُتْلِفَها نهائياً أما حروق الدرجة الثالثة التي تخرق الجلد وتتلفه وتصل إلى العضلات والعظام، فألمها وقتي يكون حين الإصابة فقط.
لذلك كلما نضجت جلود الكفار أي شويت يوم القيامة في نار جهنم وتوقف الألم يبدل الله لهم جلودهم كي يتجدد الألم وليذوقوا العذاب عقاباً لهم على جرائمهم.
فهل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم دراية في علم التشريح والأنسجة فاقت عصره حتى جاء بما لم يعلمه البشر إلا بعد أربعة عشر قرناً تلت؟(1/2)
أم أن هذه آية من آيات الله تشهد أن القرآن كلام الله، فسبحان القائل: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ}.
مراجع علمية:
ذكرت الموسوعة البريطانية ما ترجمته:
"لقد صنّف الأطباء الحروق بالنسبة لعمق التلف والضرر في الجلد إلى حروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة. في حروق الدرجة الأولى تتأثر البشرة فقط. هذه الإصابات تتميز بالاحمرار والوجع، وليس هناك بثور، لكن يوجد أقل ما يمكن من الأورام –(الورم نتيجة تراكم السوائل)- في النسيج المصاب، ومثال كلاسيكي على هذا النوع من الحروق، حروق الشمس المعتدلة.
أما الضرر في حروق الدرجة الثانية فإنه يمتد عبر مجمل البشرة وقسم من طبقة الأدمة (الطبقة الثانية من طبقات الجلد، تحت القشرة مباشرة). هذه الجروح تتميز بالاحمرار والبثور، وكلما كان الاحتراق عميقاً كلما كانت البثور سائدةً أكثر، والتي يزداد حجمها خلال الساعات المباشرة للإصابة. ومثل حروق الدرجة الأولى، فإن حروق الدرجة الثانية تعتمد على مدى التلف والضرر لطبقة الأدمة.
الدرجة الثالثة وتسمى السماكة الكاملة، فإن الحروق تخرب وتتلف مجمل السماكة للجلد الذي يمكن أن يكون رغوياً أو أن يصبح بنياً أو أسودا ً أو أبيضاً أو أحمراً. لا يوجد في هذا النوع من الحروق ألم، لأن مستقبلات الألم قد زالت مع ذهاب طبقة الأدمة التالفة. كذلك تُتْلف الأوعية الدموية والغدد العرقية والغدد الدهنية وبويضات الشعر في الجلد الذي يتعرض لهذه الحروق ذات السماكة العالية. كما أن خسران المحيط المائع واضطراب عمليات الأيض المصاحبة لهذا النوع من الحروق تكون خطيرة."
وجه الإعجاز:(1/3)
وجه الإعجاز في الآية القرآنية أنها أشارت إلى أن مراكز الألم والإحساس تتركز في الجلد وحده دون بقية الجسم، وهذا ما كشفت عنه الدراسات التشريحية الحديثة، لذلك يبدل الله جلود الكفار كلما نضجت يوم القيامة، ليستمر الألم فقال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}.(1/4)
مراحل تَخَلُّق الجنين
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} [القيامة: 37-39].
وقال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
- نطفة: النُّطفة والنُّطافة: القليل من الماء، والجمع نُطاف.
والنُّطفة ماء الرجل.
- علقة: عَلِقَ بالشيء عَلَقاً وعَلِقَهُ: نشب فيه.
والعَلَقُ: الدم، وقيل الدم الجامد الغليظ.
وقيل: الجامد قبل أن ييبس.
وقيل: بمعنى اشتدت حمرته.
والقطعة منه: عَلَقَةٌ.
وفي التنزيل: {ثم خلقنا النطفة علقة}.
- مضغة: مضَغَ يمضُغُ ويمضَغُ مَضْغاً: لاك.
وأمضغه الشيء ومضّغه: ألاكه إياه.
والمضغة: القطعة من اللحم.
وقيل تكون المضغة غير اللحم.
وقال الإمام النووي في تهذيب أسماء اللغات: إذا صارت العلقة التي خُلِقَ منها الإنسان لحمة فهي مضغة.
فهم المفسرين:(1/1)
ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري) (11/481) قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى عن تطور خلق الجنين ما نصّه: "إن داخل الرحم خشن كالإسفنج ... وجعل فيه قبولاً للمني كطلب الأرض العطشى للماء فجعله طالباً مشتاقاً إليه بالطبع ... فلذلك يمسكه ولا يزلقه بل ينضم عليه لئلا يفسده الهواء ... فيأذن الله لملك الرحم في عقده أربعين يوماً، وفي تلك الأربعين يجمع خلقه.. قالوا إن المني إذا اشتمل عليه الرحم ولم يقذفه استدار على نفسه واشتد (مرحلة الكرة الجرثومية في اصطلاح علم الأجنة الحديث) إلى تمام ستة أيام، فينقط فيه ثلاث نقط في مواضع القلب والدماغ والكبد، ثم يظهر فيما بين تلك النقط خطوط خمسة إلى تمام ثلاثة أيام ثم تنفذ الدموية فيه إلى تمام خمسة عشر يوماً، فتتميز الأعضاء الثلاثة ثم تمتد رطوبة النخاع إلى تمام اثني عشر يوماً، ثم ينفصل الرأس عن المنكبين بحيث يظهر للحس في أربعة أيام، فيكمل في أربعين يوماً ... ".
وقال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعدُ من طور إلى طور ومن حال إلى حال ومن لون إلى لون".
مقدمة تاريخية:
مرّ تاريخ علم الأجنة بثلاث مراحل أساسية هي المرحلة الوصفية ومرحلة علم الأجنة التجريبي ومرحلة التقنية واستخدام الأجهزة.
1- المرحلة الوصفية أو علم الأجنة الوصفي:
- تعود إلى أكثر من ستة قرون قبل الميلاد وتستمر حتى القرن التاسع عشر.
وتم خلالها وصف الملاحظات الخاصة بظاهرة تطور الجنين.
- وقد وُجدت بعض السجلات المدونة من قشرة السلالات الفرعونية الرابعة والخامسة والسادسة في مصر القديمة حيث كان الاعتقاد بأن للمشيمة خواص سحرية خفية.(1/2)
- أما اليونان القدماء فهم أول من ربط العلم بالمنطق بفضل تعليلاتهم المنطقية، ولم تُسجَّل منذ عام 200 بعد الميلاد حتى القرن السادس عشر أية معلومات تذكر عن علم الأجنة.
- وأما في القرن السادس عشر وما بعده فقد مهّدت أبحاث "فيسالبوس" و"فابريسيوس" و"هارفي" لبدء عصر الفحص المجهري، وتم اكتشاف الحيوان المنوي من طرق العالمين "هام" و"فان لوفينهوك" عام 1701م. إلا أن اختراع المجهر لم يكن كافياً لبيان تفاصيل تكوين الحيوان المنوي حيث اعتقد العلماء بأن الإنسان يكون مخلوقاً خلقاً تاماً في الحيوان المنوي في صورة قزم، وبينما كان فريق من العلماء يرى أن الإنسان يُخلَقٌ خلْقاً تاماً في بيضة، كان فريق آخر يقرر أن الإنسان يُخلق خلقاً تاماً في الحيوان المنوي. ولم ينته الجدل بين الفريقين إلا حوالي عام 1775م عندما أثبت "سبالانزاني" أهمية كل من الحيوان المنوي والبويضة في عملية التخلق البشري.
2- مرحلة علم الأجنة التجريبي:
بدأت هذه المرحلة في أواخر القرن التاسع عشر حتى الأربعينات من القرن العشرين حيث قفزت أبحاث العالم "فون باير" بعلم الأجنة من مرحلة التجارب والمشاهدات إلى مرحلة صياغة المفاهيم الجنينية، كما طور العالم "روس هاريسون" تقنية زرع الحبل السري وبدأ "أوتو واربوغ" دراساته عن الآليات الكيميائية للتخلق، ودرس "فرانك راتزي ليلي" طريقة إخصاب الحيوان المنوي للبويضة، كما درس "هانس سبيما" آليات التفاعل النسيجي كالذي يحدث خلال التطور الجنيني، ودرس "يوهانس هولتفرتر" العمليات الحيوية التي تُظهِر بعض الترابط بين خلايا الأنسجة فيما بينها أو بينها وبين خلايا الأنسجة الأخرى.
3- مرحلة التقنية واستخدام الأجهزة:
وتمتد هذه المرحلة من الأربعينات إلى يومنا هذا، وقد تأثرت تأثراً بالغاً بتطور الأجهزة الطبية مما كان له التأثير القوي على مسار البحوث العلمية.(1/3)
فلقد كان اكتشاف المجهر الإلكتروني وآلات التصوير المتطورة وأجهزة قياس الشدة النسبية لأجزاء الطيف، وكذا ظهور الحاسوب ومجموعة الكشف عن البروتينات والأحماض النووية، كل هذه كانت عوامل سمحت للعلماء بإجراء تجارب كانت تبدو قبل سنوات فقط من الأحلام الخيالية حيث تم التوصل إلى فهم ووصف دقيق لمراحل التخلق الجنيني بفضل كل هذه الأجهزة الحديثة.
حقائق علمية:
- لقد كشف علم الأجنة الحديث عن المراحل التي يتم فيها خلق الإنسان وحدّدها بالأطوار التالية:
أ- مرحلة التخلق الأولى:
1- النطفة
2- العلقة
3- المضغة
4- كساء العظام
5- كساء العظام باللحم
ب- طور النشأة
جـ- طور قابلية الحياة
د- طور الحضانة الرحمية
هـ- طور المخاض
التفسير العلمي:
لقد ذكر القرآن الكريم المراحل الأساسية للتخلق البشري من لحظة الحمل إلى الولادة، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12-14].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} [القيامة: 37-39].
وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8].
وتلك المراحل على ضوء الآيات الكريمة السابقة قسمان بارزان:
- مرحلة التخلق الأولى (مرحلة الحمل).
- مرحلة النشأة.
أ- مرحلة التخلق الأولى (مرحلة الحمل):
وتشمل:(1/4)
النطفة والعلقة والمضغة، وتخلق العظام ثم كسوة العظام باللحم (العضلات) حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد".
إن هذا الحديث يدلّ على حقيقتين:
الأولى: أن جمع خلق الإنسان يتم في الأربعين يوماً الأولى.
والثانية: أن مراحل الخلق الأولى: النطفة، العلقة والمضغة إنما تتكون وتكتمل خلال هذه الفترة (الأربعين يوماً الأولى).
الجنين في الأربعين يوماً الأولى:
1- مرحلة النطفة:
خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البويضة في ماء المرأة في قناة البويضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق حيوان منوي واحد البويضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البويضة تتكون النطفة الأمشاج أي البويضة الملقحة (الزيجوت) Zygote وبهذا تبدأ مرحلة النطفة ومعناها اللغوي القطرة وهو الشكل الذي تتخذه البويضة الملقحة. إذن بداية هذا الطور مكونة من نطفة مختلطة من سائلين وتتحرك في وسط سائل، وتستغرق فترة زمنية هي الأيام الستة الأولى من الحمل، ويبدأ بعد ذلك التحول إلى طور العلقة في اليوم الرابع عشر.
وفي اليوم السادس تقريباً تشق النطفة طريقها إلى تحت سطح بطانة الرحم مواصلة انقساماتها الخلوية وتطورها ثم يتم انغراسها فيه وتكتمل بذلك مرحلة النطفة في اليوم الرابع عشر من التلقيح تقريباً وبذلك تأخذ حصتها من الأربعين يوماً.
2- طور العلقة:(1/5)
تستمر الخلايا في الانقسام والتكاثر بعد مرحلة النطفة ويتصلب الجنين بذلك، ثم يتثلم عند تكون الطبقة العصبية ويأخذ الجنين في اليوم الحادي والعشرين شكلاً يشبه العلقة، كما تعطي الدماء المحبوسة في الأوعية الدموية للجنين لون قطعة من الدم الجامد وبهذا تتكامل المعاني التي يدل عليها لفظ علقة المطلق على دودة تعيش في البرك وعلى شيء معلَّق وعلى قطعة من الدم الجامد، إلى حوالي اليوم الواحد والعشرين، وبهذا تأخذ العلقة حصتها من الأربعين يوماً وإلى هذا تشير الآية الكريمة {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون: 14].
3- طور المضغة:
يبدأ هذا الطور بظهور الكتل البدنية في اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين في أعلى اللوح الجنيني، ثم يتوالى ظهور هذه الكتل بالتدريج إلى مؤخرة الجنين.
وفي اليوم الثامن والعشرين يتكون الجنين من عدة فلقات تظهر بينها انبعاجات، مما يجعل شكل الجنين شبيهاً بالعلكة الممضوغة.
ويزداد اكتساب الجنين في تطوره شكل المضغة تدريجياً من حيث الحجم بحيث يكتمل هذا الطور في بقية الأيام الأربعين الأولى من حياته، وهذا الترتيب في خلق الأطوار الأولى يجيء فيه طور المضغة بعد طور العلقة مطابقاً لما ورد في الآية الكريمة: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} [المؤمنون: 14].
وينتهي هذا الطور بنهاية الأسبوع السادس.
الجسد الفاصل:
وفي الأسبوع السابع تبدأ الصورة الآدمية في الوضوح نظراً لبداية انتشار الهيكل العظمي، فيمثل هذا الأسبوع (ما بين اليوم 40 و45) الحد الفاصل ما بين المضغة والشكل الإنساني.
4- طور العظام:(1/6)
مع بداية الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي الغضروفي في الانتشار في الجسم كله، فيأخذ الجنين شكل الهيكل العظمي وتكَوُّن العظام هو أبرز تكوين في هذا الطور حيث يتم الانتقال من شكل المضغة الذي لا ترى فيه ملامح الصورة الآدمية إلى بداية شكل الهيكل العظمي في فترة زمنية وجيزة، وهذا الهيكل العظمي هو الذي يعطي الجنين مظهره الآدمي.
ومصطلح العظام الذي أطلقه القرآن الكريم على هذا الطور هو المصطلح الذي يعبر عن هذه المرحلة من حياة الحُمَيل تعبيراً دقيقاً يشمل المظهر الخارجي، وهو أهم تغيير في البناء الداخلي وما يصاحبه من علاقات جديدة بين أجزاء الجسم واستواء في مظهر الحُمَيل ويتميز بوضوح عن طور المضغة الذي قبله، قال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} [المؤمنون: 14].
5- طور الكساء باللحم:
يتميز هذا الطور بانتشار العضلات حول العظام وإحاطتها بها كما يحيط الكساء بلابسه. وبتمام كساء العظام بالعضلات تبدأ الصورة الآدمية بالاعتدال، فترتبط أجزاء الجسم بعلاقات أكثر تناسقاً، وبعد تمام تكوين العضلات يمكن للجنين أن يبدأ بالتحرك.
تبدأ مرحلة كساء العظام باللحم في نهاية الأسبوع السابع وتستمر إلى نهاية الأسبوع الثامن، وتأتي عقب طور العظام كما بين ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14].
ويعتبر هذا الطور الذي ينتهي بنهاية الأسبوع الثامن نهاية مرحلة التخلق، كما اصطلح علماء الأجنة على اعتبار نهاية الأسبوع الثامن نهاية لمرحلة الحُمَيل (Embryo) ثم تأتي بعدها مرحلة الجنين (Foetus) التي توافق مرحلة النشأة، كما جاء في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
ب- مرحلة النشأة خلقاً آخر:
النشأة مصدر مشتق من الفعل نشأ، وهذا الفعل له معنيان:
* الارتفاع بالشيء.(1/7)
* ربا وشب ونما.
يبدأ هذا الطور بعد مرحلة الكساء باللحم، أي من الأسبوع التاسع، ويستغرق فترة زمنية يدل عليها استعمال حرف العطف (ثم) الذي يدل على فاصل زمني بين الكساء باللحم والنشأة خلقاً آخر، قال تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14].
وفي خلال هذه المرحلة تتم عدة عمليات هامة في نمو الجنين تندرج بجلاء تحت الوصفين الذين جاءا في القرآن الكريم ويمكن بيانهما في ما يلي:
1- النشأة:
ويتضح بجلاء في سرعة معدل النمو من الأسبوع التاسع مقارنة بما قبله من المراحل.
2- خلقاً آخر:
هذا الوصف يتزامن مع الأول ويدل على أن الحُمَيل قد تحول في مرحلة النشأة إلى خلق آخر.
* ففي الفترة ما بين الأسبوعين التاسع والثاني عشر تبدأ أحجام كل من الرأس والجسم والأطراف في التوازن والاعتدال.
* وفي الأسبوع الثاني عشر يتحدد جنس الجنين بظهور الأعضاء التناسلية الخارجية.
* وفي نفس الأسبوع يتطور بناء الهيكل العظمي من العظام الغضروفية اللينة إلى العظام الكلية الصلبة، كما تتمايز الأطراف، ويمكن رؤية الأظافر على الأصابع.
* يظهر الشعر على الجلد في هذا الطور.
* يزداد وزن الجنين بصورة ملحوظة.
* تتطور العضلات الإرادية وغير الإرادية.
* تبدأ الحركات الإرادية في هذا الطور.
تصبح الأعضاء والأجهزة مهيأة للقيام بوظائفها.
* وفي هذه المرحلة يتم نفخ الروح؛ طبقاً لما دلت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة ويمكن التعرف على نفخ الروح بمشاهدة ظاهرة النوم واليقظة في الجنين التي تدل نصوص قرآنية ونبوية عديدة على ارتباطها بالروح.
تمتد هذه المرحلة، مرحلة النشأة خلقاً آخر من الأسبوع التاسع إلى أن يدخل الجنين مرحلة القابلية للحياة خارج الرحم.
جـ: طور القابلية للحياة:(1/8)
تبدأ تهيئة الجنين للحياة خارج الرحم في الأسبوع الثاني والعشرين وتنتهي في الأسبوع السادس والعشرين عندما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلاً للقيام بوظائفه ويصبح الجهاز العصبي مؤهلاً لضبط حرارة جسم الجنين.
وتعادل الأسابيع الستة والعشرون تقريباً ستة أشهر قمرية، وقد قدّر القرآن الكريم أن مرحلة الحمل والحضانة تستغرق ثلاثين شهراً فقال تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وبين أيضاً أن مدة الحضانة تستغرق عامين في قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14].
وبذلك تكون مدة الحمل اللازمة ليصبح الجنين قابلاً للحياة هي ستة أشهر قمرية، وقبل الأسبوع الثاني والعشرين الذي يبدأ منه هذا الطور يخرج سقطاً في معظم الأجنة.
د- طور الحضانة الرحمية:
يدخل الجنين بعد الشهر السادس فترة حضانة تتم في الرحم، فلا تنشأ أجهزة أو أعضاء جديدة فكلها قد وجدت وأصبحت مؤهلة للعمل، ويقوم الرحم فيها بتوفير الغذاء والبيئة الملائمة لنمو الجنين وتستمر إلى طور المخاض والولادة.
هـ: طور المخاض:
بعد مرور تسعة أشهر قمرية يبدأ هذا الطور الذي ينتهي بالولادة، ويمثل هذا الطور مرحلة التخلي عن الجنين من قبل الرحم ودفعه خارج الجسم، قال تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20].
وجه الإعجاز:(1/9)
وجه الإعجاز أن المصطلحات الواردة في القرآن الكريم تعبِّر بدقة عن التطورات التي تقع في مختلف مراحل التخلق فهي تصف هذه الأحداث حسب تسلسلها الزمني كما تصف التغيرات التي تطرأ على هيئة الجنين مع التخلق في كل مرحلة وصفاً دقيقاً. وما كان في وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف هذه الحقائق في القرن السابع الميلادي لأن معظمها لم يكتشف إلا في القرن العشرين، وهذا يشهد بأنها وحي من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فسبحان الله تعالى القائل: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} [النمل: 93].(1/10)
مصافحة المرأة الرجل
قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ قال علم التشريح : هناك خمسة ملايين خلية في الجسم تغطى السطح
.. كل خلية من هذه الخلايا تنقل الأحاسيس فإذا لامس جسم الرجل جسم المرأة سرى بينهما اتصال يثير الشهوة وأضاف قائلا علم التشريح : حتى أحاسيس الشم فالشم قد ركب تركيبا يرتبط بأجهزة الشهوة فإذا أدرك الرجل أو المرأة شيئا من الرائحة سرى ذلك في أعصاب الشهوة وكذلك السماع وأجهزة السمع مرتبطة بأجهزة الشهوة فإذا سمع الرجل او سمعت المرأة مناغمات من نوع معين كأن يحدث نوع من الكلام المتصل بهذه الامور أو يكون لين في الكلام من المرأة فإن كله يترجم ويتحرك إلى أجهزة الشهوة ! وهذا كلام رجال التشريح المادى من الطب يبينونه ويدرسونه تحت أجهزتهم وآلاتهم ونحن نقول سبحان الله الحكيم الذي صان المؤمنين والمؤمنات فأغلق عليهم منافذ الشيطان وطرقه فساده قال تعالى : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور 30
المصدر " وغدا عصر الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني(1/1)
مصدر القرار في الناصية
آيات الإعجاز:
قال الله جل ثناؤه: {كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 15-16].
وقال جل ذكره: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56].
وقال سبحانه: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ} [الرحمن: 41].
أحاديث الإعجاز:
روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما أصاب أحداً قطّ همّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك أو علّمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي، إلا أذهب الله همّه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً..".
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى
والبزار والطبراني ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح
غير أبي مسلمة الجهني وقد وثّقه ابن حبّان، ورواه الحاكم
في المستدرك 1/509 .
التفسير اللغوي:
- الناصية: واحدة النواصي، الناصية والناصاه، لغة طيئية، قصاص الشعر في مقدّم الرأس. وقال الفرّاء في قوله عز وجل {لنسفعاً بالناصية}: مقدّم رأسه، أي لنهصرنّها، لنأخذنّ بها، أي لنقيمنّه ولنذلنّه.
قال الأزهري: الناصية عند العربي: منبتُ الشعر في مقدّم الرأس، لا الشعر الذي تسمّيه العامّة الناصية، سُمّي الشعر ناصية لنباته من ذلك الموضع.
- لنسفعاً: السفع: القبض على الشيء وجذبه بشدة.
فهم المفسرين:(1/1)
قال الألوسي في تفسير آية العلق: "ووصف الناصية بما ذكر مع أنه صفة صاحبها، للمبالغة حيث يدل على وصفه بالكذب والخطأ بطريق الأولى، ويفيد أنه لشدة كذبه وخطئه كأن كل جزء من أجزائه يكذب ويخطىء" وقال أيضاً: "وكأن تخصيص الناصية بالذكر لأن اللعين (أي أبا جهل) كان شديد الاهتمام بترجيلها وتطيبها، أو لأن السفع بها غاية الإذلال عند العرب ... ".
حقائق علمية:
- يحتوي دماغ الإنسان على فصوص رئيسية هي:
1- الفص الأمامي Frontal Lobe
2- الفص الخلفي Occipital Lobe
3- الفص الصدغي Temporal Lobe
4- الفص الجداري Parietal Lobe
- لكل فص دور وظيفي ينفرد به عن الآخر، وفي نفس الوقت هي مكملة لأداء وظائف الجسم الأخرى.
- بعد تشريح أعلى الجبهة وُجد أن الفص الأمامي للمخ هو العضو المستتر وراءها ويتميّز عن نظيره في الحيوان بأن المناطق المسؤولة عن السلوك وعن الكلام متطورة وبارزة من الناحية التشريحية والوظيفية.
- الفص الأمامي للمخ هو فصّ كبير يقع أمام الأخدود المركزي، وهو يحتوي على خمسة مراكز عصبية تختلف فيما بينها من حيث الموقع والوظيفة وهي:
1- مركز الحركة الأولي: Primary Motor Area: ويقوم بتحريك العضلات الإرادية للجهة اليسرى من الجسم.
2- مركز الحركة الثانوي (الأمامي): Secondary Motor Area: ويقوم بتحريك العضلات الإرادية للجهة اليمنى من الجسم.
3- الحقل العيني الجبهي: Frontal Eye Field: ويقوم بالتحريك المتوافق للعينين إلى الجهة المقابلة.
4- مركز بروكا لحركات النطق: Motor Speech Area of Broca: ويقوم بتنسيق الحركة بين الأعضاء التي تشترك في عملية الكلام، كالحنجرة واللسان والوجه.
5- القشرة الأمامية الجبهية Pre-Frontal Cortex: وتقع مباشرة خلف الجبهة وهي تمثل الجزء الأكبر من الفص الأمامي للمخ، وترتبط وظيفتها بتكوين شخصية الفرد ولها أيضاً تأثير في تحديد المبادرة (Initiative) والتمييز (Judgement).(1/2)
6- بما أن القشرة الأمامية الجبهية تقع مباشرة خلف الجبهة فهي تختفي في عمق الناصية وبذلك تكون هي الموجهة لبعض تصرفات الإنسان التي ترتبط بشخصيته مثل الصدق والكذب والصواب والخطأ، وهي التي تميّز بين هذه الصفات وبعضها البعض.
7- بيّنت دراسات المخ الإلكترونية ودراسات وظائف الأعضاء الكهربية أن المرضى والحيوانات التي تعرضّت لتلف الفلقات الجبهية الأمامية، فإنهم غالباً ما يُعانون من تناقص في قدراتهم العقلية، كما تم الكشف على أن أي خلل يصيب الفص الأمامي يغير السلوك الطبيعي للإنسان وقد يصل إلى صدور تصرفات شريرة وهبوط في المعايير الأخلاقية والتذكر والقدرة على حل المشكلات العقلية.
8- تعتبر الفلقات الجبهية الأمامية للمخ مركز المبادرة بالكذب، ففيها تتم الأنشطة العقلية المتعلقة بالكذب ثم تحمل تعليماتها بأعضاء المراسلة خلال فعل الكذب، وكذلك الأفعال الشريرة فإنها تُخطط في الفلقات الجبهية الأمامية قبل أن تُحمل إلى الأعضاء المباشرة للفعل.
9- إن القشرة الأمامية الجبهية المختفية في عمق الناصية هي المسؤولة عن التصرفات الخاطئة لأنها مركز التوجيه والضبط لتصرفات الإنسان.
التفسير العلمي:
قال الله تعالى في كتابه المجيد: {كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 15-16].
والناصية في اللغة هي مقدم الرأس أو أعلى الجبهة، وقد ذكر العلماء في تفسير هذه الآية أي لنأخذنّ بناصية أبي جهل ولنسحبنّه بها إلى النار يوم القيامة.(1/3)
فالقرآن الكريم يصف ناصية أبي جهل بأنها كاذبة خاطئة ولذلك استحقّت السفع، والسؤال الذي يلفت ذوي النظر هنا هو: لماذا لم يوصف أي جزء آخر من الجسم بصفة الكذب والخطأ؟ وحيث إن ناصية أبي جهل "كاذبة خاطئة" فإن نواصي من ليسوا على شاكلته يمكن وصفها بأنها صادقة ومصيبة وهذا يدل دلالة واضحة على أن الناصية وهي أعلى الجبهة هي المسؤولة عن صفات مثل الصدق والكذب والخطأ والصواب.
ولقد ذكر القرآن الكريم أيضاً الناصية في سورة هود فقال: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي تحت قوته وقدرته" وقال الطبري: "لا يوجد شيء يتحرك فوق هذه الأرض ما لم يكن مملوكاً أنّى شاء ويمنعها عما يشاء"، إذاً فالله تعالى ذكر أنه يُوَجّه كل مخلوق بمشيئته وأن ذلك يتم من خلال التحكم في ناصية المخلوقات كلها، فالمفهوم من الآية إذن أن الناصية هي الموقع الذي يتحكم في تصرّف كل ما يدبّ على الأرض (من إنسان وحيوان).
هذا وفي الحديث الذي رواه أحمد في مسنده إشارة إلى هذا المعنى، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضي فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك..".
فالحديث يبيّن أن قدر الإنسان بين يدي الله كما أن ناصيته أيضاً بيد الله ولذا فهو يدل دلالة إشارية كآية العلق وهو على أن الناصية تؤدي دوراً كبيراً في توجيه وضبط سلوك الإنسان.
إذن: القرآن الكريم والحديث الشريف يقرران بأن الأخذ بالناصية هو إشارة إلى السيطرة الكاملة على كل دابة على هذه الأرض، والسيطرة تقابلها الطاعة الكاملة والانقياد التام، والأخذ بالناصية هو السبيل إلى ذلك.(1/4)
والآن ما هو الشيء الكامن وراء هذه الناصية؟ وما هو العضو الخفيّ وراء أعلى الجبهة؟ ذلك العضو المسؤول عن شخصية الفرد والمتحكم في تصرفاته وأفعاله من صدق وكذب وخطأ وصواب والذي يمكن بالهيمنة عليه السيطرة على الشخص نفسه كما ورد في كتاب (تشريح المادة الرمادية) لـ "وارويك" و "وليام".
لقد وجد علماء التشريح عند دراستهم التركيب التشريحي لمنطقة أعلى الجبهة أنها تتكوّن من العظم الجبهي Frontal Bone ويقوم هذا العظم بحماية أحد فصوص المخ الأربعة والمسمى الفص الأمامي أو الجبهي، وبذلك يكون الفص الأمامي للمخ هو العضو المستتر وراء أعلى الجبهة، وكما وجد العلماء أن هذا الفص يحتوي على خمس مراكز عصبية منها القشرة الأمامية الجبهية وهي تمثل الجزء الأكبر منه، وهي تقع خلف الجبهة مباشرة أي أنها تختف في عمق الناصية، وهنا تساءل علماء التشريح ما الذي يحدث للإنسان إذا أزيلت القشرة الأمامية الجبهية بعملية جراحية؟ أو إذا تلفت نتيجة ورم؟ فوجد أن تحطم هذه القشرة نتيجة للأورام أو الحوادث يؤدي إلى فقدان الشخص المبادرة (Initiative) والتمييز (Judgement)، كما تحدث بعض التغييرات العاطفية التي تؤدي إلى الإحساس بالانتعاش والنشوة (Euphoria)، ويفقد الشخص أيضاً اهتمامه بمظهره الاجتماعي. كما وجد علماء التشريح أن أي خلل يصيب القشرة الأمامية الجبهية يؤدي إلى تغيرات في سلوك الإنسان حيث يصبح غير مبال، فاقداً الشعور بالمسؤولية، وغير قادر للسيطرة على سلوكاته وهذا ما ذكره "تشاريس" في كتابه (جهاز العصب الإنساني).(1/5)
وقد بينت دراسات المخ الإلكترونية ودراسات وظائف الأعضاء الكهربية أن المرضى والحيوانات التي تعرّضت لتلف فلقات القشرة الأمامية الجبهية غالباً ما يعانون من تناقص في قدراتهم العقلية، وهبوط في المعايير الأخلاقية، وتنقص قدراتهم على التركيز وروح المبادرة والتحمل. ولقد استنتج الأطباء أن الفلقات الأمامية الجبهية هامة جداً للعقل لأنها ترتبط بالعمليات العقلية العليا، فالإنسان يقوم بإجراء الخطط داخل هذه الفلقات. وهكذا فإنها تؤثر في أفعال ووظائف أجزاء المخ الأخرى مثل الأفكار والمشاعر والأحاسيس كما أنها المسؤولة عن التصرفات الخاطئة لأنها مركز التوجيه والضبط، وهذا ما ذكرته الموسوعة البريطانية.
والآن وبعد أن وصلنا إلى هذه الحقيقة العلمية نفهم لماذا أشار القرآن الكريم إلى دور الجبهة (أو الفلقات الأمامية) في صناعة القرار، ولكن هذه المعرفة التي هي بين أيدينا اليوم كانت بعيدة حتى عن التخيل في العصور المبكرة. ويتجلى لنا مدى الصعوبة التي لاقاها المفسرون في الماضي في فهم المعنى الحرفي للآيات، ولو أن بعضهم قد أشار إلى أن الكذب والخطأ مرتبطان بالناصية ذاتها (كالألوسي، وابن كثير، والرازي)، وهو ما لم يكن معلوماً للأطباء في ذلك الوقت. ولم تتم معرفة وظائف الناصية إلا بعد الدراسات المتعمقة لوظائف الأعضاء وباستخدام علم التشريح المقارن.
مراجع علمية:
جاء في الموسوعة البريطانية ما ترجمته:
"إن المادة الرمادية من اللحاء الدماغي تنقسم إلى أربعة فصوص، تعرف تقريباً من سطوح الفصوص الرئيسية، وأحياناً النظام اللمبي (Limbic system) أو الفص اللمبي يعتبر فصاً خامساً".(1/6)
"إن الفص الأمامي يحتوي على مراكز التحكم المسؤولة عن النشاط الحركي والمخاطبة، وفي الفص الجداري عن الأحاسيس الجسدية (كاللمس والموقع)، وفي الفص الصدغي عن الاستقبال السمعي والذاكرة، أما الفص الخلفي في مؤخرة الدماغ فهو يحمل مركز الاستقبال البصري الرئيسي".
"إن الفص الأمامي يهتم بأكثر مكونات الذكاء (البصيرة، التخطيط، والفهم) وبالمزاج وبالنشاط الحركي في الجهة المقابلة للجسم و (في حالات سائدة على نصف الكرة الأرضية) بإصدار الخطاب".
"إن تلفان الفص الأمامي يؤثر على الناس بعدة أوجه والحالات الناتجة تكون ما بين البسيطة والشديدة. من ناحية أولى، يكون عند المرضى صعوبة في إبداع تصرفاتهم، وفي حالات المرض النهائية يكونون عملياً غير قادرين على الحركة أو الكلام، ولكن الأكثر غالبية هو صعوبة القيام بأية مهمة. ومن ناحية أخرى، يكونون غير قادرين أساساً على إيقاف تصرفاتهم إذا شرعوا بها، وبعض الأشخاص من الممكن أن تكون عندهم صعوبة في التخطيط وحل المشاكل وغير مؤهلين للإبداع والتفكير".
"الطيش وتغيّر الشخصية يلاحظان بشكل متكرر بعد تعطل الفص الأمامي".
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآية القرآنية والحديث النبوي الشريف هو أنهما أشارا بدقة علمية متناهية إلى أن القشرة الجبهية الأمامية المختفية في عمق ناصية الإنسان هي مركز القرار عنده لضبط تصرفاته من حيث الصدق والكذب والخطأ والصواب والاتزان والانحراف، وهذا ما كشفت عنه الدراسات العلمية الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين.(1/7)
منازعة الولد
عن أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سَلام بَلغه مَقِدَم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة ، فأتاه يسأله عن أشياء فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلا نبي : ما أول أشراط الساعة ؟ و ما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ و مال الولد يَنزِع إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني به جبريل آنفاً ، قال ابن سلام : ذاك عدوُّ اليهود من الملائكة . قال صلى الله عليه و سلم : أما أول أشراط الساعة فنارٌ تحشُرُهم من المشرق إلى المغرب ، و أما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كَبِد الحوت ، و أما الولد فإذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة نَزَعَ الولد ، و إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد . قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله . قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بُهتٌ فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي ، فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أيُّ رجل عبد الله بن سلام فيكم ؟ قالوا : خَيرنا و ابن خيرنا وأفضلنا و ابن أفضلنا ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعاذَهُ الله من ذلك ، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك ، فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله . قالوا: شَرُّنا و ابن شَرِّنا و تنقَّصوه، قال : هذا كنت أخاف يا رسول الله. صحيح البخاري في المناقب 3938
وفي الحديث تقرير بكون صفات الكائن تتعلق بعوامل محمولة في ماء الأب و ماء الأم ، و هذا بحد ذاته إعجاز و إنجاز خارق ، فنحن نعلم أن العلماء لم يتأكدوا من حقيقة الحيوان المنوي و البويضة و اشتراكهما في الخلق الجديد إلا حديثاً بعد اكتشاف المجهر وبعد اكتشاف و زرع الصبغيات ( الكروموسومات ) .(1/1)
ومن غير الممكن أن يكون معنى ذلك سبق الرِّعشة الجنسية ، فقد تتفق في الزوجين في وقت واحد و لا تسبق إحداهما الأخرى ، و لعل المعنى يكون أن الماءين بما يحملانه من الصفات يتسابقان في تقرير مواصفات الكائن الجديد ، فالمواصفات التي استطاعت مُوَرِثات المرأة تقريرها استلمتها ونفَّذتها ، و وقفت المورثات المشابهة من الرجل دون عمل لأنها قد سبقت إلى ذلك ، أما المواصفات التي تستطيع مورثات الرجل تقريرها فإنها تستلمها و تنفذها و تبقى المورثات المشابهة من المرأة دون عمل لأنها سبقت إلى ذلك [ القرار المكين ، ص 179 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/2)
نزيفٌ في الرحم
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أُستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا ، إنما ذلك عرقٌ و ليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ، و إذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي " ، و زاد في رواية : " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " . صحيح البخاري في الوضوء
ودل الحديث الشريف أن دم الحيض لا يأتي مباشرةً من العروق الدموية بل هو كما يقول الأطباء المختصون نسيجٌ محتقن منتخر كما مرَّ معنا في الحديث السابق ، فحين تنمو بطانة الرحم تنمو معها شرايين و تتحلزن ، و لا أحد يعرف كيف يحصل هذا التحلزن العجيب ، فإذا انكمشت بطانة الرحم في آخر الدورة لانحسار الهرمونات فإن سماكتها تقل و تضغط على شرايينها الحلزونية ، و هذا يؤدي إلى انضغاط التحلزنات على بعضها بعضاً و انقطاع الدم ، و يؤدي بدوره إلى تنخُّر البطانة و انطراحها على شكل دم الحيض ، بخلاف دم الاستحاضة الذي هو نزف غير طبيعي يأتي مباشرة من العروق [ القرار المكين ، ص 43 ] .
ولا شك أن كل دمٍ يخرج من عرق ، و لم يبين الحديث الشريف مكان هذا العرق ؛ هل هو في داخل الرحم أم في خارج الرحم ؟ و الفقهاء يقولون : إن مصدر دم الاستحاضة ليس من الرحم بل من عرق خارج الرحم يسمى العازل . لكن الطب الحديث يقول : إنّ دم الاستحاضة مصدره الرحم أيضاً كالحيض و النفاس ، فهو بهذا يخالف الفقهاء ، فقد ترك الحديث ذلك للعلم ؛ و المصير إلى الحقيقة العلمية هو الأولى ما دام الحديث الشريف يصرح بذلك [ انظر : إرشاد الناس إلى أحكام الحيض و النفاس للمؤلف ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
إدارة الموقع : لاحظوا كيف خالف علماء المسلمين حقائق أثبتها علم من بعدهم، حالهم حال علمائنا المعاصرين بينما لم يخالف قول نبينا الأمي حقائق وثوابت العلم ، نعم لأنه يوحى إليه من فوق ، "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى".(1/2)
وراثة الصفات - 1
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل من بني فَزَارة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن امرأتي ولدت غلاماً أسودَ ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال : فما ألوانها ؟ قال : حُمر ، قال : هل فيها من أورَق ؟ قال : إن فيها لَوُرقاً ، قال : فأنَّى أتاها ذلك ؟ قال : عسى أن يكون نَزَعه عِرقٌ ؟ قال : و هذا عسى أن يكون نَزَعه عِرقٌ . رواه الشيخان و اللفظ لمسلم من كتاب اللعان 1500
شرح ألفاظ الحديث :
الأورق : الذي فيه سواد ليس بصاف . نزعه : اجتذبه وأظهر لونه عليه .
أشار النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث إلى قوانين الوراثة التي اكتُشفت حديثاً و التي اكتشف كثيراً منها ( مندل ) ، ففي هذا الحديث _ كما يقول أحد الأطباء المختصين _ شرح للصفات الكامنة المحمولة على المُوَرِّثات التي لم توضع موضع التنفيذ لكونها قد سُبقت أو غُلِبَت بمورثات أخرى ، فقد يرث الإنسان صفة من جد أو جدة بينه وبين أحدهما مئات السنين ؛ و هذه الظاهرة معروفة و مشار إليها في علم الوراثة ، و الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم أشار إليها في هذا الحديث و شرح قوانينها بالصفات السابقة و المسبوقة ، و بحضور الأنساب حتى آدم عليه السلام ، فهل أضاف ( مندل ) و علماء الوراثة المعاصرون شيئاً على ذلك ؟ لا و الله إنهم ما زادوا عن أن عبروا بأسلوب مختلف [ انظر القرار المكين ، ص 182 ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/1)
وراثة الصفات - 2
عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : هل تغتسل المرأة إذا احتلمت و أبصرت الماء ؟ فقال : نعم . فقالت لها عائشة : تَرِبت يداك وألَّت ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " دعيها و هل يكون الشَّبه إلا من قِبَل ذلك ؛ إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخوالَه ، و إذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامَه. صحيح مسلم في الحيض 313
وهذا الحديث يؤكد أيضاً ما سبق في الحديث السابق ففي كل من ماء الرجل و المرأة صبغيات ( كرموسومات ) تحتوي مورّثات ( جينات ) تختلف من إنسان إلى آخر ، و هذه المورثات إذا غلبت تظهر خصائصها و آثارها في المولود ، و لهذا يقرر أحد المختصين فيقول : إن الإنسان قبل أن يكون مجسماً بأعضائه و صفاته كان صيغة صبغية ( كروموسومية ) و مورثية معينة ، فهو ست و أربعون صبغياً ( كروموسوماً ) تحتوي عدداً كبيراً من المورثات (الجينات ) تتوزَّع عليها بصيغة تختلف من إنسان إلى آخر ، و هذه الصبغيات ( الكروموسومات ) و المورثات ( الجينات ) وُجدت كلها في آدم عليه السلام ، ثم أخذت تتوزع في ذريته ؛ و المسألة سهلة و تصورها بسيط : إن قرص التلفون الذي أمامنا يحتوي عشرة أرقام فقط نستطيع بإدارتها بترتيب مختلف أن نكلم من نشاء في أرجاء المعمورة ، فأرقام هواتف العالم كلها موجودة في هذا القرص [ القرار المكين ] .(1/1)
ويؤكد هذا المعنى قوله تبارك و تعالى : { وَهُوَ الذَّي أَنشَأكُم مِن نَّفسٍ وَاحِدَةٍ فَمُستَقَرٌ وَ مُستَودَعٌ قَد فَصَّلنَا الآيَاتِ لِقَومٍ يَفقَهُونَ } [ الأنعام : 98 ] ، فكل إنسان يحمل في خلاياه الجنسية مُوَرِّثات كُلِّ من يتفرع عنه من ذريته ، و الله سبحانه بكامل علمه و مشيئته و قدرته قد أحاط بها و هي تنتقل من مستقرها في الأصلاب إلى مستودعها في الأرحام ، إنها رحلة طويلة و طويلة جداً ، و لكنها مقدرة و معلومة في كل مراحلها و أطوارها و حركاتها ، إنها رحلة مبرمجة بدقة من قبل الله العليم الحكيم [ انظر كتاب : بصائر الحق في سورة الأنعام ، للمؤلف ] .
وهذا يقرب لنا معنى الآية القرآنية الكريمة : { وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آَدَمَ مِن ظُهُورِهم ذُرِّيَّتَهُم وَ أَشَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ برَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ ( 172 ) أَو تَقُولُوا إِنَّمَا أَشَركَ آَبَاؤُنَا مِن قَبلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِن بَعدِهِم أَفَتُهلكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبطِلُونَ } [ الأعراف : 172 - 173 ] .
وفي الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يقول الله تبارك و تعالى لأهون أهل النار عذاباً : لو كانت لك الدنيا و ما فيها أكنت مفتدياً بها ؟ فيقول : نعم ، فيقول : قد أردت منك أهون من هذا و أنت في صلب آدم ، أن لا تشرك و لا أدخلك النار ، فأبيت إلا الشرك " ، وفي رواية ثانية بلفظ : " قد سئلت ما هو أيسر من ذلك " [ صحيحي مسلم من كتاب المنافقين ص 2805 ]
ومن المعلوم أن الخلايا الجنسية الابتدائية تشتق من جدار الحويصل المحِّي ثم تهاجر و تدخل على الغدد الجنسية الآخذة بالتكون في ظهر المخلوق الجديد ثم تتكاثر فيها .(1/2)
وجاء أيضاً في الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان _ موضع قرب عرفات _ يوم عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرها بين يديه ثم كلمهم قَبلاً قال : { وَ إِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آَدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَ أَشهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هّذَا غَافِلِينَ } [ الأعراف 172 ] . [ رواه أحمد و النسائي و الطبري و الحاكم ؛ انظر أسباب هلاك الأمم و سقوط الحضارات في سورة الأعراف ، للمؤلف ] .
المصدر : " الأربعون العلمية " عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم(1/3)
وفي السماء رزقكم وما توعدون
بقلم الدكتور : زغلول النجار
يستهل ربنا ( تبارك وتعالي ) سورة الذاريات بقسم عظيم بأربع من آيات الله في الكون ــ والله تعالي غني عن القسم لعباده ــ بأن وعده لصادق , وأن الدين الإسلامي الذي أنزله علي فترة من الرسل , والذي أتمه وأكمله في بعثة خاتم أنبيائه ورسله صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين لحق واقع ....!!!
ثم يكرر ربنا ( سبحانه وتعالي ) القسم بالسماء ذات الحبك علي أن الناس مختلفون في أمر يوم الدين بين مكذب ومصدق , وتستعرض الآيات حال كل من المجموعتين في هذا اليوم العصيب , ثم تعود إلي الاستدلال بآيات الله في كل من الأرض والأنفس والآفاق ومنها قول الحق ( تبارك وتعالي ):
وفي السماء رزقكم وما توعدون
ثم يأتي القسم الحاسم الجازم برب السماء والأرض ان هذا كله حق , كما ينطق المنكرون في هذه الحياة الدنيا , وهم يدركون حقيقة ما ينطقون , فلا يجوز لهم أن يشكوا فيه أو أن ينكروه كما لا يشكون في نطقهم الذي ينطقون ...!!
وبعد ذلك تتحرك بنا السورة إلي عرض شيء من الوقائع التاريخية من قبيل ضرب المثل , واستخلاص العبر , والدعوة إلي إخلاص العبادة لله وحده ( بغير شريك ولا شبيه ولامنازع ), وذلك من مثل قصص سيدنا إبراهيم ( عليه السلام ) مع ضيفه وقومه , وسيدنا لوط ( عليه السلام ) وما حاق بقومه من عذاب , وسيدنا موسي ( عليه السلام ) وفرعونه الذي أغرقه الله ( تعالي ) وجنده في اليم , وقوم عاد وطمرهم بالرمال السافية , وقوم ثمود الذن دمروا بالصاعقة , وقوم نوح ( عليه السلام ) الذين أغرقوا بالطوفان لفسقهم ...!!
وتعاود السورة الكريمة القسم بالسماء وتوسيع الله المستمر لها , وبالأرض وفرشها وتمهيدها , وخلق كل شيء من زوجين تأكيدا لوحدانية الله ( تعالي ) المطلقة فوق جميع خلقه ..!!!(1/1)
ثم تعرج بنا السورة إلي حقيقة أن كل رسول جاء بالحق من رب العالمين قد اتهمه الكفار من قومه بالسحر أو بالجنون ظلما وطغيانا من عند أنفسهم , وفي ذلك مواساة من رب العباد الذي يطالب خاتم أنبيائه ورسله بالاستمرار في التذكير بالله , والدعوة إلي دينه الحق علي الرغم من كل ذلك , لعل الذكري تنفع المؤمنين .
والهدف من هذا الاستعراض المكثف لآيات الله في الكون , والاستعراض الخاطف لقصص عدد من الأمم البائدة هو وصل العباد بخالقهم , وربط قلوبهم بعوالم الغيب , كما يصفها خالق الكون ومبدع الوجود لا كما تتصورها أوهام الغافلين الضالين من الكفار والمشركين .
والذي يرتبط قلبه بخالقه , ويؤمن بالغيب , كما أنزله في محكم كتابه , وسنة نبيه , تخطي الدنيا الي الاخرة , دون أن يهمل واجباته في الحياة , ودون أن تشغله التكاليف المادية لهذه الحياة عن إخلاص العبادة لله , وفي مقدمة تلك التكاليف الجري علي المعايش لكسب الرزق الحلال , والذي قد يتخيل البعض أنه يمكن أن يشغل الإنسان عن رسالته الحقيقية في هذه الحياة والتي تتلخص في :
عبادة الله ( تعالي ) بما امر , وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض , وهما وجهان لعملة واحدة تمثل رسالة كل من الجن والإنس في هذه الحياة , والتي لخصها ربنا ( تبارك وتعالي ) في السورة نفسها بقوله ( عز من قائل ): وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين *.
( الذاريات :56 ــ 58).
هذا وقد تباينت آراء المفسرين في قول الحق ( تبارك وتعالي )
وفي السماء رزقكم وما توعدون *.(1/2)
بين قائل بالمطر , وقائل بالقرار الإلهي في تقسيم الرزق وتوزيعه بين العباد , وقائل بالثواب والعقاب أو بالجنة والنار , أو بها جميعا ولكن الدراسات الكونية الحديثة قد اضافت بعدا جديدا , فأكدت أن جميع ما يحتاجه الإنسان والحيوان والنبات من الماء , ومن مختلف صور المادة والطاقة إنما ينزل إلي الأرض من السماء بتقدير من الرزاق الحكيم العليم الذي ينزله بقدر معلوم لقوله ( عز من قائل ):
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن : ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير *( الشوري :27)
ولقوله ( سبحانه )!
وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم *.( الحجر :21)
رزق السماء في اللغة العربية
( الرزق ) في اللغة العربية هو ما ينتفع به من النعم , والجمع ( أرزاق ), و ( الرزق ) أيضا هو العطاء الجاري دنيويا كان أم أخرويا , وهو كذلك النصيب المقسوم للإنسان فيصل إلي يده سواء كان مما يصل إلي الجوف ويتغذي به , أو يكتسي ويتزين به , أو يتجمل به من مثل الخلق الحسن والعلم النافع يقال :( رزقه ) الله ( يرزقه )( رزقا ) بكسر الراء ,( والمصدر الحقيقي فتح الراء ), والإسم يوضع موضع المصدر , و ( ارتزق ) بمعني أخذ ( رزقه ), و ( الرزقة ) ما يعطي دفعة واحدة , وقد تأتي لفظة ( الرزق ) بمعني ( شكر الرزق ) من مثل قوله ( تعالي ):
وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ( الواقعة :82) أي تجعلون نصيبكم من النعمة أو شكركم عليها أنكم تكذبون رسالات ربكم .(1/3)
ويقال رجل ( مرزوق ) أي مجدود ( محظوظ ), وقد يعتبر كل من المال والولد والجاه والعلم من ( الرزق ), كما قد يسمي المطر ( رزقا ), ويمكن أن يحمل ( الرزق ) علي العموم فيما يؤكل ويلبس ويستعمل , وكل ما يخرج من الأرض أو ينزل من السماء , و ( الرازق ) هو الله تعالي خالق ( الرزق ) ومعطيه , ومسببه , وموزعه بالقسط , وإن كانت هذه الصفة يمكن أن تستخدم للبشر , أما ( الرزاق ) فهو اسم من أسماء الله الحسني وصفة من صفاته العليا لا يوصف بها غيره ( سبحانه وتعالي ).
وعن ( السماء ) فهي اسم مشتق من ( السمو ) بمعني الارتفاع والعلو , تقول :( سما ),( يسمو )( سموا ) فهو ( سام ) بمعني علا , يعلو علوا , فهو عال , أي مرتفع , وذلك لأن السين والميم والواو أصل يدل علي الارتفاع والعلو , يقال :( سموت ) و ( سميت ) بمعني علوت وعليت للتنويه بالرفعة والعلو , وعلي ذلك فإن سماء كل شيء أعلاه , ولذلك قيل لسقف البيت سماء لارتفاعه , وقيل للسحاب سماء لعلوه , واستعير اللفظ للمطر بسبب نزوله من السماء , وللعشب لارتباط منبته بنزول ماء السماء , ومن هنا قيل :( كل ما علاك فأظلك فهو سماء ).
ولفظة ( السماء ) في العربية تذكر وتؤنث ( وإن كان تذكيرها يعتبر شاذا ), وجمعها ( سماوات ), وهناك صيغ أخري لجمعها ولكنها غريبة .
رزق السماء في القرآن الكريم(1/4)
ورد الفعل ( رزق ) بمشتقاته في كتاب الله مائة وثلاثا وعشرين (123) مرة , تنسب الرزق إلي الله تعالي , وإن كان بعضها يشير إلي إمكانية أن يرزق الإنسان غيره من البشر أو يتصدق علي الحيوان , ومنها ما يشير إلي الرزق بمعني ما يطعم وما يشرب , أو بمعني المال , أو العلم , أو الجاه والسلطان , أو الأولاد والبنات والزوجات الصالحات . أو ما تنتجه الأرض من ثمار , أو ما يرزق الله من بهيمة الأنعام , أو من المطرأو من غير ذلك من الثروات الأرضية منها والسماوية , أو من الأرزاق الاخروية من مثل رزق الشهداء عند ربهم , ورزق أهل الجنة في الجنة , وفي ذلك يقول ربنا ( تبارك وتعالي ):
ويعيدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون *
( النحل :73)
أي ويعبدون من دون الله من هم ليسوا بسبب في رزق بوجه من الوجوه لا من السماء ولا من الأرض لأنهم لا يستطيعون ذلك أبدا .
وفي عطاء كل من الشهداء وغيرهم من أهل الجنة يقول الحق ( تبارك وتعالي ):
ولا تحسين الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون *
( آل عمران :169)
أي يفيض الله ( تعالي ) عليهم من نعمه الأخروية , وذلك من مثل قوله ( تعالي ):
.... ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا *( مريم :62) وتؤكد الآيات القرآنية العديدة أن ( الرازق ) هو الله ( تعالي ) لأنه خالق الرزق , ومسببه , ومعطيه , وموزعه بعلمه وحكمته , وقد يستخدم الوصف مجازا للإنسان الذي يكون سببا في وصول الرزق إلي يد غيره , أما ( الرزاق ) فهو من أسماء الله الحسني , ووصف لا يليق إلا بجلال الله ( تعالي ), ولا يجوز أن يقال لغيره ( سبحانه وتعالي ), وفي ذلك يقول الحق ( تبارك وتعالي ): إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين *
( الذاريات :58)
ويقول ( عز من قائل ):
.... ولله خزائن السماوات والأرض ...*( المنافقون :7)
ويقول ( سبحانه ):
قل من يرزقكم من السماء والأرض ....*
( يونس :31)(1/5)
ويعتب ربنا ( تبارك وتعالي ) علي الذين ينعمون في رزقه ويكفرونه أو يشركون به غيره فيقول ( عز من قائل ):
أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون *( الطور :37)
أما عن لفظة ( السماء ) فقد وردت في القرآن الكريم في ثلاثمائة وعشرة مواضع , منها مائة وعشرون بالإفراد ( السماء ), ومائة وتسعون بالجمع ( السماوات ).
والسماء ترد في القرآن الكريم بمعني الغلاف الغازي للأرض بسحبه ورياحه وكسفه , كما ترد بمعني السماء الدنيا التي قد زينها ربنا ( تبارك وتعالي ) بزينة الكواكب والنجوم والبروج , كما ترد بمعني السماوات السبع .
كذلك جاءت الإشارة القرآنية إلي السماوات والأرض وما بينهما في عشرين موضعا من كتاب الله , ويبدو أن المقصود بذلك هو أيضا الغلاف الغازي للأرض بصفة عامة , والجزء الأسفل منه ــ بصفة خاصة ــ وذلك لقول الحق ( تبارك وتعالي ):
... والسحاب المسخر بين السماء والأرض .....*
( البقرة :164)
والسحاب يتحرك في نطاق المناخ الذي يحوي أغلب مادة الغلاف الغازي (75% بالكتلة ), والقرآن الكريم يشير في أكثر من موقع إلي انزال الماء من السماء , وواضح الأمر أن المقصود بالسماء هنا هو السحاب أو النطاق المحتوي علي السحاب , والمعروف علميا بنطاق التغيرات الجوية , والذي يقول فيه ربنا ( تبارك وتعالي ):
(1) الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وأنتم تعلمون *( البقرة :22)
(2)...... وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها , وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون *( البقرة :164)
(3) وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء ..*( الأنعام :99)
(4)... وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ....*( الأنفال :11)
(5) إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء ...*( يونس :24)
((1/6)
6) وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ...*( هود :44)
(7)... يرسل السماء عليكم مدرارا ...*
( هود :52)
والآيات القرآنية بهذا المعني أكثر من أن تحصي في هذا المقام , وكذلك الآيات التي تشير إلي السماء الدنيا وزينتها , وتلك التي تلمح إلي السماوات العلا .
آراء المفسرين
في تفسير قول الحق ( تبارك وتعالي ):
وفي السماء رزقكم وما توعدون *
ذكر ابن كثير ( يرحمه الله ) ما نصه : وفي السماء رزقكم , يعني المطر ,( وما توعدون ) يعني الجنة , قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد .
وذكر صاحبا الجلالين ( يرحمهما الله ):( وفي السماء رزقكم ) أي المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق ,( وما توعدون ) من الماء والثواب والعقاب أي : مكتوب ذلك في السماء ).
وذكر صاحب الظلال ( يرحمه الله ) ما نصه :.. وهي لفتة عجيبة , فمع أن أسباب الرزق الظاهرة قائمة في الأرض , حيث يكد فيها الإنسان ويجهد , وينتظر من ورائها الرزق والنصيب , فإن القرآن يرد بصر الإنسان ونفسه إلي السماء , إلي الغيب , إلي الله , ليتطلع هناك إلي الرزق المقسوم والحظ المرسوم , أما الأرض وما فيها من أسباب الرزق الظاهرة , فهي آيات للموقنين , آيات ترد القلب إلي الله ليتطلع إلي الرزق من فضله , وتتخلص من أثقال الأرض وأوهام الحرص , والأسباب الظاهرة للرزق , فلا يدعها تحول بينه وبين التطلع إلي المصدر الأول الذي أنشأ هذه الأسباب .
والقلب المؤمن يدرك هذه اللفتة علي حقيقتها , ويفهمها علي وضعها , ويعرف أن المقصود بها ليس هو إهمال الأرض وأسبابها , فهو مكلف بالخلافة فيها وتعميرها , إنما المقصود هو الا يعلق نفسه بها , والا يغفل عن الله في عمارتها , ليعمل في الأرض وهو يتطلع إلي السماء , وليأخذ بالأسباب , وهو يستيقن أنها ليست هي التي ترزقه , فرزقه مقدر في السماء , وما وعده الله لابد أن يكون .(1/7)
بذلك ينطلق قلبه من إسار الأسباب الظاهرة في الأرض , بل يرف بأجنحة من هذه الأسباب إلي ملكوت السماوات , حين يري في الأسباب آيات تدله علي خالق الأسباب , ويعيش موصولا قلبه بالسماء , وقدماه ثابتتان علي الأرض , فهكذا يريد الله لهذا الإنسان , هكذا يريد الله لذلك المخلوق الذي جبله من الطين , ونفخ فيه من روحه فإذا هو مفضل علي كثير من العالمين .
والإيمان هو الوسيلة لتحقيق ذلك الوضع الذي يكون فيه الإنسان في أفضل حالاته , لأنه يكون حينئذ في الحالة التي أنشأه الله لها : فطرة الله التي فطر الناس عليها , قبل أن يتناولها الفساد والإنحراف .
وبعد هذه اللمسات الثلاث في الأرض والنفس والسماء , يقسم الله سبحانه بذاته العلية علي صدق هذا الحديث كله :( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون .
وذكر مخلوف ( يرحمه الله ):( وفي السماء رزقكم ) أي سبب رزقكم وهو المطر , والسماء : السحاب ,( وما توعدون ) أي وفي السماء مكتوب ما توعدون به من الثواب والعقاب , والبعث والخير والشر .
وذكر الصابوني ( أمد الله في عمره ): أي وفي السماء أسباب رزقكم ومعاشكم , وهو المطر الذي به حياة البلاد والعباد , وما توعدون به من الثواب والعقاب مكتوب كذلك في السماء ; قال الصاوي : والآية قصد بها الامتنان والوعد والوعيد .
وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم ( أثابهم الله ):
وفي السماء أمر رزقكم وتقدير ما توعدون .
رزق السماء في العلوم الكونية
من منظور العلوم الكونية يمكن فهم دلالات التعبير القرآني وفي السماء رزقكم وما توعدون .
في الأطر التالية :
أولا : في إطار فهم السماء بنطاق التغيرات الجوية :(1/8)
فإن رزق السماء يفهم علي أنه المطر الذي نرتوي به ونروي زروعنا منه , وهو غاز الاوكسجين الذي نتنفسه نحن وجميع الحيوانات , وثاني أكسيد الكربون الذي تتنفسه النباتات وغير ذلك من الغازات النافعة وهنا ينحصر مفهوم السماء بالنطاق الأسفل من نطق الغلاف الغازي للأرض والمعروف باسم نطاق التغيرات الجوية
(Thetroposphere),
ويمتد من سطح البحر إلي ارتفاع 16 كيلو مترا فوق خط الاستواء , ويتناقص سمكه إلي نحو الكيلو مترات العشرة فوق قطبي الأرض , وإلي أقل من ذلك (7 ــ 8 كيلو مترات ) فوق خطوط العرض الوسطي , وعندما يتحرك الهواء من فوق خط الاستواء في اتجاه القطبين فإنه يهبط فوق هذا المنحني الوسطي , فتزداد سرعته , ويتحرك في اتجاه الشرق بسرعة فائقة تعرف باسم التيار النفاث
(TheJetstream)
وذلك بتأثير دوران الأرض حول محورها من الغرب إلي الشرق .
وتنخفض درجة الحرارة في هذا النطاق مع الأرتفاع باستمرار حتي تصل إلي ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمته , وذلك نظرا للابتعاد عن سطح الأرض الذي يمتص 47% من أشعة الشمس فترتفع درجة حرارته ويعيد إشعاع تلك الحرارة علي هيئة أشعة تحت حمراء إلي الغلاف الغازي للأرض بمجرد غياب الشمس , ومن هنا تنخفض درجة حرارة نطاق الطقس مع الأرتفاع للبعد عن مصدر الدفء بالنسبة له ألا وهو سطح الأرض .
ولولا هذا الانخفاض في درجات حرارة نطاق الطقس لفقدت الأرض مياهها بمجرد اندفاع أبخرة تلك المياه من فوهات البراكين في مرحلة دحو الأرض , ولاستحالت الحياة علي سطحها ..!!
ويغطي الماء أكثر قليلا من 71% من المساحة الكلية للكرة الأرضية , وتقدر كميته بنحو 1,36 مليار كيلو متر مكعب ( منها 97,2% في المحيطات والبحار ,2,15% علي هيئة جليد فوق القطبين وحولهما وفوق قمم الجبال ,0,65% في المجاري المائية المختلفة من الأنهار , والجداول وغيرها , وفي كل من البحيرات العذبة وخزانات المياه تحت سطح الأرض ).(1/9)
وهذا الماء أخرجه ربنا ( تبارك وتعالي ) أصلا من داخل الأرض ولايزال يخرجه لنا عبر فوهات البراكين , علي هيئة بخار الماء الذي تكثف ولايزال يتكثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية , والتي تتميز ببرودتها الشديدة , فعاد إلي الأرض , ولا يزال يعاود دورته بين الأرض والسماء ليجري أنهارا متدفقة , تفيض إلي منخفضات الأرض فتشكلها بحارا ومحيطات , وبحيرات ومستنقعات , وظلت دورة المياه بين الأرض والسماء آية من آيات الله في إبداع الخلق حفظت ماء الأرض من التعفن , ومن الضياع إلي طبقات الجو العليا , وعملت علي تفتيت الصخور , وتسوية سطح الأرض وتمهيده , وتكوين مختلف أنواع التربة , وتركيز العديد من المعادن والصخور الاقتصادية , وخزن المياه تحت السطحية , وكانت من أسس ازدهار الحياة علي الأرض بإذن الله .
فماء الأرض يتبخر منه سنويا 380,000 كيلو متر مكعب , ينتج أغلبها (320,000 كيلو متر مكعب ) من بخر أسطح البحار والمحيطات , والباقي (60,000 كيلو متر مكعب ) من سطح اليابسة , وهذا البخار تدفعه الرياح إلي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض حيث يتكثف في السحب ويعود إلي الأرض مطرا طهورا , أو ثلجا , أو بردا , وبدرجة أقل علي هيئة ندي أو ضباب في الأجزاء القريبة من سطح الأرض .
وتجري مياه الأمطار علي الأرض في مختلف مجاري المياه لتصب في البحار والمحيطات , كما يترشح جزء منها خلال طبقات الأرض المنفذة ليكون المياه تحت السطحية ذات الحركات الدائبة حيث تشارك في تغذية بعض الأنهار والبحيرات والمستنقعات , وقد تخرج علي سطح الأرض علي هيئة ينابيع , أو ينتهي بها المطاف إلي البحار والمحيطات .(1/10)
وماء المطر يسقط علي البحار والمحيطات بمعدل سنوي يقدر بنحو 284,000 كيلو متر مكعب وعلي اليابسة بمعدل سنوي يقدر بنحو 96,000 كيلو متر مكعب , والرقم الأخير يزيد بمعدل 36,000 كيلو متر مكعب عن معدل البخر من اليابسة , وهو الفرق نفسه بين معدل البخر من أسطح البحار والمحيطات , ومعدل سقوط الأمطار عليها , وتتم دورة المياه حول الأرض بصورة معجزة في كمالها ودقتها , لأنه لولاها لفسد كل ماء الأرض أو تعرض للضياع وترك كوكبنا الأرضي قاحلا , أجرد بلا حياة , تحرقه حرارة الشمس بالنهار , وتجمده برودة الليل كلما غابت الشمس .
والماء ضرورة من ضرورات الحياة الأرضية , فبدونه لا يمكن لإنسان , ولا لحيوان , ولا لنبات أن يعيش , فجنين الإنسان يحتوي علي 97% من وزنه ماء , وتقل هذه النسبة إلي 91% في جسد الطفل الوليد , ثم إلي 66% في جسد الفرد البالغ , وتختلف نسبة الماء في كل عضو من أعضاء جسد الإنسان باختلاف وظيفته , فهي في الرئتين 90%, وفي الدم 82%, وفي خلايا الدماغ 70%; والإنسان يمكنه العيش أسابيع عديدة بدون طعام , ولكنه لا يستطيع العيش بدون ماء إلا لفترة محدودة جدا لا تتجاوز بضعة أيام .....!!
وذلك لأن الماء يعين الإنسان علي القيام بجميع العمليات الحياتية في جسمه من مثل عمليات الهضم , والتخلص من الفضلات والتنفس وتجديد الدم , ويعين الحيوان في كل ذلك , كما يعين النبات علي الاستفادة بمركبات الأرض بامتصاصها من التربة والقيام بعملية التمثيل الضوئي , والنتح والتنفس .(1/11)
والماء هو المركب الوحيد المعروف لنا في الجزء المدرك من الكون , والذي يوجد في حالاته الثلاث : الصلبة , والسائلة والغازية , وللماء قدرة فائقة علي إذابة العديد من العناصر والمركبات مما جعل منه لازمة من لوازم الحياة , كما له العديد من الخصائص الفزيائية والكيميائية المميزة من مثل قطبيته ( الناتجة من أن ذرة الاوكسجين فيه تحمل شحنه سالبة بينما تحمل ذرتا الايدروجين شحنة موجبة ) وقدرته الفائقة علي الالتحام والتماسك والتلاصق تجعله أشد السوائل تلاصقا , وأشدها قدرة علي التوتر السطحي بعد الزئبق , وتبدو قدرة الماء الفائقة علي التوتر السطحي في ميله إلي التكور علي هيئة قطرات بدلا من الانتشار أفقيا علي السطح الذي يسكب عليه , كما تبدو في قدرة الماء الفائقة علي تسلق جدران الوعاء الذي يوضع فيه خاصة إذا كان قطر الوعاء صغيرا , وتعرف هذه الخاصية باسم الخاصية الشعرية , وبواسطتها تتحرك السوائل من مثل العصارات الغذائية وما بها من عناصر ومركبات مذابة في الماء من جذور النباتات الي فروعه وأوراقه وزهوره وثماره , وإلي قمته النامية , كما تتحرك الدماء والعصارات الغذائية المختلفة والفضلات في كل من الجهاز الهضمي والأوعية الدموية الدقيقة في أجساد كل من الإنسان والحيوان .
وخواص الماء الحرارية خواص متميزة , فالحرارة النوعية للماء تقدر بعشرة أضعاف الحرارة النوعية للحديد , وبخمسة أضعاف الحرارة النوعية لرمال الشواطئ , وكذلك فإن معامل الحرارة الكامنة لكل من تبخر الماء السائل وانصهار الجليد الصلب مرتفعين ارتفاعا ملحوظا مما يعطي للماء مجالا واسعا في جميع العمليات الحياتية .(1/12)
وللماء منحني كثافة فريد ــ لا يشاركه فيه أي من السوائل الأخري ــ فعندما تصل درجة حرارة الماء إلي أربع درجات مئوية يصل إلي أقل حجم له وأعلي كثافة , ولكن اذا انخفضت درجة الحرارة دون ذلك فإن حجم الماء يتمدد وتقل كثافته , وهذا يفسر طفو الجليد علي سطح الماء في البحار والمحيطات , وعدم تجمد الماء أسفل منه مما يتيح فرصة عدم التجمد للكائنات البحرية العديدة التي تعيش في أعماق البحار , فالماء هذا السائل العجيب هو من أعظم صور رزق السماء لأن بدونه لا يمكن للحياة الأرضية أن تكون ...!!
وكذلك الهواء بما فيه من اوكسجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء , وغير ذلك من الغازات المهمة وهباءات الغبار وكلها من ضرورات جعل الحياة علي الأرض ممكنة وممتعة .
ثانيا : في إطار تفسير السماء بالسماء الدنيا :
فإن رزق السماء هو كل صور المادة والطاقة المتولدة في داخل النجوم , من مثل شمسنا والتي تصل إلي الأرض بصور متعددة :
فمن الثابت علميا أن النجوم قد تكونت ابتداء من الدخان الكوني الذي نشأ عن انفجار الجرم الابتدائي للكون , مما يؤكد علي وحدة البناء في الكون , وأنها لا تزال تتكون أمام انظار الفلكيين اليوم من دخان السدم , وفي داخل تلك الغيوم الكونية عبر مراحل من النجوم الابتدائية
(Prosrars)(1/13)
وذلك بواسطة عدد من الدوامات العاتية التي تعرف باسم دوامات تركيز المادة , والتي تقوم بتكديس المادة وتكثيفها حتي تتجمع الظروف اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي , وانطلاق الطاقة , وانبثاق الضوء فيتحول النجم الابتدائي إلي نجم عادي كشمسنا يعرف باسم ( نجم التسلسل الرئيسي ) وأغلب النجوم التي تتراءي لنا في صفحة السماء هي من هذا النوع لأن النجم يقضي 90% من عمره في هذه المرحلة التي يعتبر فيها النجم فرنا كونيا تتخلق فيه العناصر من نوي ذرات الإيدروجين بعملية الاندماج النووي , وتتميز فترة ( نجم النسق الرئيسي ) بتعادل قوة الجذب إلي مركز النجم مع قوة دفع مكونات النجم إلي الخارج لتمدده بالحرارة الناتجة عن عملية الاندماج النووي , وبالعزم الزاوي الناتج عن دوراته حول محوره , ويبقي النجم في هذا الطور حتي ينفد وقوده من غازي الايدروجين والهليوم , ف
يبدأ بالدخول في مراحل الشيخوخة بالانكدار ثم الخنوس والطمس حتي تنتهي حياة النجم بالانفجار وعودة مادته الي دخان السماء إما مباشرة عن طريق إنفجار العماليق الحمر أو العماليق العظام أو المستعرات العظيمة بمختلف نماذجها , أو بطرق غير مباشرة عبر مرحلة من مراحل وفاة النجوم الفائقة الكتل من مثل النجوم النيوترونية والنجوم الخانسة الكانسة ( أو ما يعرف باسم الثقوب السود ), والتي يعتقد العلماء بأنها تفقد مادتها بالتدريج إلي دخان السماء عبر مرحلة أشباه النجوم .
وباتحاد نوي ذرات الإيدروجين في قلب النجم العادي تتكون نوي ذرات الهليوم , وباتحاد نوي ذرات العنصر الأخير تتكون نوي ذرات البريليوم , وهكذا يتسلسل تخلق العناصر المختلفة في داخل النجوم خاصة النجوم العملاقة أو في أثناء انفجارها , ويؤدي انفجار النجوم إلي عودة ما تكون بداخلها من عناصر إلي دخان السماء لكي يكون مادة لتخلق نجم جديد أو ليصل إلي بعض أجرام السماء في صورة من صور رزق السماء .(1/14)
ومن المشاهد أن عملية الاندماج النووي في داخل النجوم فائقة الكتلة من مثل العماليق والمستعرات العظام تستمر حتي يتحول قلب النجم بالكامل إلي حديد , فتستهلك طاقة النجم لأن ذرة الحديد هي أكثر الذرات تماسكا , وفي انفجار المستعرات العظام تصطدم نيوترونات دخان السماء بنوي الحديد المتطايرة من عملية الانفجار لتبني نوي ذرات أعلي كثافة مثل الفضة , والذهب , واليورانيوم , وغيرها , كما أن إهاب النجم المتفجر من المواد الاقل كثافة ينتقل أيضا إلي دخان السماء بأنفجار واشتعال شديدين وانبعاث موجات راديوية قوية .
وتتكون المادة فيما بين النجوم من الغازات والغبار ( أي الدخان ) المكون من جزيئات وذرات وأيونات , ومن اللبنات الأساسية للمادة ويغلب علي تركيبه الايدروجين , والهليوم , والاوكسجين , والنيتروجين , والكربون , والنيون والصوديوم والبوتاسيوم وبعض العناصر الاثقل , وتقدر المادة بين نجوم مجرتنا ببضعة بلايين المرات قدر كتلة الشمس , وتصل كافة العناصر المتخلقة في الكون إلي الأرض عن طريق تساقط الشهب والنيازك , ويصل إلي الأرص يوميا بين الألف والعشرة آلاف طن من مادة الشهب والنيازك لتجدد إثراء الأرض بالعناصر المختلفة التي تمثل صورة من صور رزق السماء الذي يوزع علي الأرض بتقدير من العزيز الحكيم , ولم يكن لأحد ادراك بها من قبل .
ومنذ فترة وجيزة أثبت العلماء أن نجما من نجوم السماء قد تحول إلي كتلة من الألماس تفوق كتلة الأرض عدة مرات , ومن قبيل الفكاهة يذكرون أن هذه الكتلة إذا انفجرت ونزلت إلي الأرض فإن تجارة الألماس سوف تكسد بالقطع .
ويقدر ناتج الطاقة الكلية للشمس بنحو 3,86*3310 سعر / ثانية ويعتبر فيض الطاقة الشمسية الواصلة إلي الأرض أكبر من الطاقة التي تستقبلها الأرض من ألمع النجوم بعشرة مليارات ضعف , وأكبر من الطاقة التي تستقبلها الأرض من القمر وهو في طور البدر مليون مرة .(1/15)
وطاقة الشمس من رزق السماء , فبدونها تستحيل الحياة علي الأرض ....!!
ثالثا : في إطار تفسير السماء بالسماوات العلا
فإن رزق السماء يتمثل في قرار الرزاق ذي القوة المتين , فقد ثبت أن كوننا قد نتج عن عملية انفجار عظيم , وأنه من طبيعة الانفجار أنه يؤدي إلي تناثر المادة وبعثرتها , ولكن انفجارا يؤدي إلي بناء كون بهذه الضخامة في الابعاد , وفي تعدد الاجرام وفي احكام الاحجام , والكتل والمدارات , والحركات والعلاقات المتبادلة من مثل التجاذب , وتبادل المادة فيما بينها هو انفجار لابد , وأن يكون قد تم بتقدير عظيم , من خالق عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال ما مكنه من إبداع هذا الخلق بعلمه وحكمته وقدرته , وهذا الخالق العظيم لابد , وأن يكون مغايرا لكل خلقه فلا يحده المكان , ولا الزمان , ولا تشكله المادة ولا الطاقة , لأنه ( تعالي ) خالق كل ذلك ومبدعه , هذا الخالق العظيم فوق كل خلقه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير *( الشوري :11)
يدبر أمر هذا الكون في كل صغيرة وكبيرة , ومن ذلك توزيع الأرزاق علي العباد , فمن الأسماء الحسني لهذا الخالق العظيم البارئ المصور نجد اسم ( الوهاب ) أي صاحب الهبات والعطايا الخالية عن الأعواض والأغراض , كما نجد أسم ( الرزاق ) أي خالق الأرزاق والمرزوقين , وموصل الأرزاق اليهم وخالق الأسباب التي تمكنهم من التمتع بها .(1/16)
وباقي أسمائه الحسني ( سبحانه وتعالي ) تحمل شيئا من تلك المعاني والصفات الربانية ومنها : اسم ( الفتاح ) وهو الذي بيده مفاتيح الغيب والرزق , ومفاتيح كل منغلق ومشكل , واسما ( القابض ) و ( الباسط ) ومن معانيهما فيض الرزق حتي لا يبقي طاقة , وبسطه حتي لا يبقي فاقه , كما يقبض القلوب والأرواح ويبسطهما كيف يشاء , واسما ( المعز )( المذل ) الذي يؤتي الملك من يشاء , وينزعه ممن يشاء , والملك من الرزق , والملك الحقيقي يكمن في الخلاص من ذل الحاجة , وقهر الشهوة , وعبء الجهل , واسم ( المقيت ) ومن معانيه خالق الأقوات وواهبها . و ( الكريم ) ومن معانيه المعطاء زيادة علي منتهي الرجاء , و ( المجيب ) ومن معانيه مقابلة مسألة السائلين بالاجابة و ( الواسع ) ومن معانيه ذو السعة المطلقة من العلم والخير والاحسان وبسط النعم , و ( الودود ) ومن معانيه الانعام علي سبيل الابتداء بمحبة ورأفة , و ( البر ) وهو المحسن المتفضل بكل بر وإحسان , و ( مالك الملك ) أي صاحب المشيئة النافذة , والإرادة الغالبة .
وخلاصة ذلك أن قرار توزيع الأرزاق علي العباد يصدره ربنا ( تبارك وتعالي ) في علاه فتنزل به الملائكة إلي الأرض تصديقا لقول المصطفي ( صلي الله عليه وسلم ): إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة , ثم يكون علقة مثل ذلك , ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك , فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : يكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أو سعيد ....
وصدق الله العظيم الذي أنزل من فوق سبع سماوات ومن قبل أربعة عشر قرنا قوله الحق :
{وفي السماء رزقكم وما توعدون }(1/17)
ولد أم بنت ؟
عندي أمر مهم سيقابلنا غدا في المستقبل , وسنجد الصحف تتكلم كلاما غريبا عجيبا .. ربما وجدتم الصحف تقول لكم .. تريد ولدا أم بنت ؟ ! وأحب أن أتطرق لهذه المسألة , لأن هذا بحث علمي لا يزال في أدراج جامعة أمريكية أقامت بحثا حول هذا الموضوع , ولنا قصة مع صاحب البحث .. كنا نبحث في معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي رواه ابن كثير يقول : ( إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرا بإذن الله
وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثا بإذن الله ) . الحديث النبوي يذكر سنّة مادية لحدوث الذكورة والأنوثة أخذنا نبحث عن جواب لهذا السؤال فأرسلنا إلى فرنسا , وإلى بريطانيا وإلى ألمانيا , وإلى أمريكا وإلى اليابان نبحث عمن يجيبنا عن هذا السؤال فكان الجواب بالنفي في العام قبل الماضي !!
وفي العام الماضي بدأنا نجد بداية جواب في - علم الحيوان - .. قالوا : إن هناك شيئا يشير إلى هذا .. ليس في الإنسان لكنه في الحيوان .. فقد وجدوا في بعض الحيوانات إفرازات الذكر قلوية والأنثى حمضية .. فإذا التقى الماءان وتغلبت الحموضة التي للأنثى على القلوية التي للذكر فإن الفرصة تتاح لأن يلقح الحيوان المنوي الذي يحمل الأنوثة ولا تتاح الفرصة للحيوان المنوي الذي يحمل الذكورة .. أي إذا غلبت صفة الحموضة التي هي من خصائص الأنثى كان الناتج أنثى , وإذا غلبت خصائص الذكورة القلوية كان الناتج ذكرا . فجربوها في فرنسا على الأبقار لزيادة الإناث فحققت نتائج 70% ثيران 30% أبقار .. فأرجئوا التجارب .. هم في بداياتهم(1/1)
وفي العام الماضي جاءنا هذا الخبر , ففي المؤتمر الطبي الذي عقد بالدمام جامعة الملك فيصل حضرة مجموعة من مشاهير العلماء في العالم .. فقالوا : لا يوجد سوى شخص واحد يستطيع أن يجيبكم عن هذا السؤال .. قلنا : من هو ؟ قالوا : هو البروفيسور سعد حافظ مسلم مصري .. أين هو ؟ قالوا : في أمريكا .. لم يكن بالمؤتمر تقابلنا معه بعد ذلك .
وقلنا له : عرفنا بنفسك .. قال : مؤسس علم جديد في العالم اسمه : علم العقم عند الرجال .. وأنه رئيس مجلتين علميتين في أمريكا , وله 34 كتابا وقد عكف على دراسة العلاقة بين ماء الرجل وماء المرأة عشر سنوات مستخدما الميكروسكوب الألكتروني والكمبيوتر .. وصدفة وصلت إلى النتيجة التي نقولها في هذا الحديث !! ( حقيقة صحيحة مئة في المئة ) . ماء الرجل قلوي , وماء المرأة حمضي .. فإذا التقى الماءان وغلب ماء المرأة ماء الرجل , وكان الوسط حامضيا تضعف حركة الحيوانات المنوية التي تحمل خصائص الأنوثة في تلقيح البويضة فيكون المولود أنثى والعكس صحيح ! سبحان الله !!
وقلت : إن هذا ذكر في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم . قال : هذا صحيح مئة في المئة ولكن لعلمكم هو لا يزال سرا علميا إلى الآن لا يعلمه أحد في العالم ومازال في أدراجي في الجامعة ولم آخذ إذنا من الجامعة لنشرة .. ولكن تقدم أبحاثكم هو الذي أرغمني على أن أحدثكم عن هذا السر .. قلنا له : الذي أخبرتنا عنه هو حالة واحدة من ست حالات ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم وشرحها علماء المسلمين لتحديد العلاقة بين ماء الرجل وماء المرأة ... فقال بلهجته المصرية - أبوس إيدك قل لي ما هي ؟! - فأقول لكم غدا - أبوس إيديكم لا تصدقوا الصحف - فإنهم سيضخمون الأمر وسيكبرونه واعلموا أن الأمر مرهون بمشيئة الله سبحانه وتعالى .. كم من الناس أراد تحديدا للنسل وما أراد أولادا فأعطاه الله زوجا في حمل واحد رغم أنفه . نقول : سنة الله في تحديد الذكورة والأنوثة .(1/2)
إنها السنّة الماضية ( إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرا بإذن الله وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثا بإذن الله ) هذه السنة ماضية ولكن إن شاء الله أن يوقفها فهي في يد الله وليست في يد الأطباء ! والله أعلم
من كتاب " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " للشيخ عبد المجيد الزنداني(1/3)
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين
بقلم الدكتور : زغلول النجار
يعتبر مجال الخلق , وإفنائه , وإعادة خلقه , من المجالات الغيبية التي لا يستطيع الإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح بغير هداية ربانية , ومن هنا فإن العلوم التجريبية لا يمكن لها أن تتجاوز في تلك المجالات مرحلة التنظير بمعني وضع نظرية من النظريات أو اقتراح فرض من الفروض .
وتتعدد الفروض والنظريات بتعدد خلفية واضعيها العقدية والثقافية والتربوية والنفسية , ويبقي للمسلم في هذا المجال نور من الله الخالق في آية من كتابه الكريم , أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله ( صلي الله وسلم عليه وعليهم أجمعين ) يمكن أن يعينه علي الارتقاء بإحدي تلك النظريات العلمية إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود اشارة لها في أي من هذين المصدرين من مصادر وحي السماء اللذين حفظا بحفظ الله باللغة نفسها التي نزل الوحي بها ( اللغة العربية ) علي مدي أربعة عشر قرنا ـ أو يزيد ـ دون نقص أو زيادة , ونكون في هذه الحالة قد انتصرنا للعلم بالوحي الثابت من كتاب الله المحفوظ بحفظه , أو بسنة رسوله ( صلي الله عليه وسلم ) وهي من الوحي , ولم ننتصر لهما بالعلم المكتسب لأنهما فوق ذلك وأعظم وأجل ..!!(1/1)
فمجرد ورود إشارة في كتاب الله أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله ( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ) إلي ما يدعم إحدي النظريات العلمية التي لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بعد مجاهدة كبيرة , عبر سنوات طويلة , استغرقت جهود آلاف من العلماء يرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة , ويعتبر إعجازا علميا في كتاب الله أو في سنة رسوله ( صلي الله عليه وسلم ) لمجرد السبق بالإشارة إلي تلك الحقيقة العلمية قبل وصول الإنسان إليها بفترة زمنية طويلة تقدر بأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان , وفي ذلك يقول ربنا ( تبارك وتعالي ) في محكم كتابه :
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا
( الكهف :51)
والقرآن الكريم الذي يقرر أن أحدا من الإنس أو الجن لم يشهد خلق السماوات والأرض , هو الذي يأمرنا بالنظر في قضية الخلق ( خلق السماوات والأرض , خلق الحياة , وخلق الإنسان ) بعين الاعتبار والاتعاظ فيقول ( عز من قائل ):
أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ ..( الأعراف :185)
ويقول ( سبحانه ):
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون
( غافر :57)
ويقول ( سبحانه وتعالي ):
أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت
( الغاشية :17)
ويقول ( تبارك وتعالي ):
أولم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك علي الله يسير . قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله علي كل شيء قدير
( العنكبوت :19 و 20)
وبالنظر في السماء توصل علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي عدد من النظريات المفسرة لنشأة الكون وإفنائه , وأكثر هذه النظريات قبولا في الأوساط العلمية اليوم هما نظريتا الانفجار العظيم
(TheBigBangTheory)
والانسحاق العظيم
(TheBigCrunchTheory)
وكلاهما يستند إلي عدد من الحقائق المشاهدة .(1/2)
الشواهد العلمية علي صحة نظرية الانفجار العظيم
(1) التوسع الحالي للكون المشاهد :
وهي حقيقة اكتشفت في الثلث الأول من القرن العشرين , ثم أكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين , والتي لاتزال تقدم مزيدا من الدعم والتأييد لتلك الحقيقة المشاهدة بأن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب أحيانا من سرعة الضوء ( المقدرة بحوالي 300000 كيلو متر في الثانية ), وقد سبق القرآن الكريم كل تلك المعارف بأكثر من ثلاثة عشر قرنا إذ يقول الحق ( تبارك وتعالي ):
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون
( الذاريات :47)
وإذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن إلي الوراء مع الزمن فإن كافة ما في الكون من صور المادة والطاقة والمكان والزمان لابد أن تلتقي في جرم واحد , متناه في ضآلة الحجم إلي ما يقترب من الصفر أو العدم , فيتلاشي كل من المكان والزمان , ومتناه في ضخامة الكتلة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده قوانين الفيزياء النظرية , وهذا الجرم الابتدائي انفجر بأمر من الله تعالي فنشر مختلف صور الطاقة , والمادة الأولية , للكون في كل اتجاه , وتخلقت من تلك الطاقة المادة الأولية , ومن المواد الأولية تخلقت العناصر علي مراحل متتالية , وبدأ الكون في الاتساع , ومع اتساعه تعاظم كل من المكان والزمان , وتحولت مادة الكون إلي سحابة من الدخان الذي خلقت منه الأرض وكل أجرام السماء , وما يملأ المسافات بينها من مختلف صور المادة والطاقة , وظل الكون في التمدد والتوسع منذ لحظة الانفجار العظيم إلي يومنا الراهن , وإلي أن يشاء الله ( تعالي ).
والانسحاق الشديد هو عملية معاكسة لعملية الانفجار الكوني الكبير تماما .
(2) اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك :
وقد اكتشفها بمحض المصادفة باحثان بمختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما أرنو أ . بنزياس
(ArnoA.Penzias)
وزميله روبرت و . ويلسون
(RobertW.Wilson)(1/3)
في سنة 1965 م علي هيئة اشارات راديوية منتظمة وسوية الخواص , قادمة من كافة الاتجاهات في السماء , وفي كل الأوقات دون أدني توقف أو تغير , ولم يمكن تفسير تلك الاشارات الراديوية , المنتظمة , السوية الخواص إلا بأنها بقية الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم , وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الاشعاعية بحوالي ثلاث درجات مطلقة ( أي ثلاث درجات فوق الصفر المطلق الذي يساوي ـ 273 درجة مئوية )
وفي نفس الوقت كانت مجموعة من الباحثين العلميين في جامعة برنستون تتوقع حتمية وجود بقية للإشعاع الناتج عن عملية الانفجار الكوني الكبير , وإمكانية العثور علي تلك البقية الاشعاعية بواسطة التليسكوبات الراديوية , وذلك بناء علي الاستنتاج الصحيح بأن الاشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار تلك قد صاحب عملية التوسع الكوني , وانتشر بانتظام وسوية عبر كل من المكان والزمان في فسحة الكون , ومن ثم فإن بقاياه المنتشرة إلي أطراف الجزء المدرك من الكون لابد أن تكون سوية الخواص , ومتساوية القيمة في كل الاتجاهات , ومستمرة ومتصلة بلا أدني انقطاع , وبالإضافة إلي ذلك فإن هذا الاشعاع الكوني لابد أن يكون له طيف مماثل لطيف الجسم المعتم , بمعني أن كمية الطاقة الناتجة عنه في مختلف الموجات يمكن وصفها بدرجة حرارة ذات قيمة محددة , وأن هذه الحرارة التي كانت تقدر ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة عند لحظة الانفجار الكوني لابد أن تكون قد بردت عبر عمر الكون المقدر بعشرة بلايين من السنين علي الأقل , إلي بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق . وانطلاقا من تلك الملاحظات الفلكية والنظرية كان في اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون دعم عظيم لنظرية الانفجار الكوني , وقضاء مبرم علي نظرية ثبات الكون واستقراره التي اتخذت تكؤة لنفي الخلق , وإنكار الخالق ( سبحانه وتعالي ) منذ مطلع القرن العشرين .(1/4)
ولم تكن مجموعة جامعة برنستون بقيادة كل من روبرت دايك
(RobertDicke)
, ب . ج . إ . بيبلز
(P.J.E.Peebles)
, ديفيد رول
(DavidRoll)
وديفيد ولكنسون
(DavidWilkinson)
هي أول من توقع وجود الخلفية الاشعاعية للكون , فقد سبقهم إلي توقع ذلك كل من رالف ألفر
(RalphAlpher)
وروبرت هيرمان
(RobertHerman)
في سنة 1948 م وجورج جامو
(GeogeGamow)
في سنة 1953 م ولكن استنتاجاتهم أهملت ولم تتابع بشيء من الاهتمام العلمي فطويت في عالم النسيان .
(3) تصوير الدخان الكوني علي أطراف الجزء المدرك من الكون :
في سنة 1989 م أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا
(NASA)
مركبة فضائية باسم مستكشف الخلفية الكونية أو ( كوبي
)CosmicBackgroundExplorer(orCOBE)
وذلك لدراسة الخلفية الاشعاعية للكون من ارتفاع يبلغ ستمائة كيلو متر حول الأرض , وقد قاست تلك المركبة درجة الخلفية الاشعاعية للكون وقدرتها بأقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة ( أي بحوالي 2,735+0,06 من الدرجات المطلقة ) وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويها التام في الخواص قبل الانفجار وبعده أي من اللحظة الأولي لعملية الانفجار الكوني العظيم , وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة
(DarkMatter)
بعد ذلك
كذلك قامت تلك المركبة الفضائية بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم علي أطراف الجزء المدرك من الكون ( علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية ), وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق السماوات والأرض , وقد سبق القرآن الكريم جميع المعارف الإنسانية بوصف تلك الحالة الدخانية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة بقول الحق ( تبارك وتعالي ):
ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين
( فصلت :11)(1/5)
وكان في اكتشاف هذا الدخان الكوني ما يدعم نظرية الانفجار الكوني العظيم .
(4) عملية الاندماج النووي وتآصل العناصر :
فتق الرتق الاول ثم طيه ثم فتق الثانى كى تبدل الارض غير الارض والسماوات
تتم عملية الاندماج النووي في داخل الشمس وفي داخل جميع نجوم السماء بين نوي ذرات الإيدروجين لتكوين نوي ذرات أثقل بالتدريج وتنطلق الطاقة , وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج الصحيح بتأصيل العناصر بمعني أن جميع العناصر المعروفة لنا والتي يبلغ عددها أكثر من مائة عنصر قد تخلقت كلها في الأصل من غاز الايدروجين بعملية الاندماج النووي , فإذا تحول لب النجم المستعر إلي حديد انفجر النجم وتناثرت أشلاؤه في صفحة السماء حيث يمكن لنوي الحديد تلقي اللبنات الأساسية للمادة من صفحة السماء فتتخلق العناصر الأعلي في وزنها الذري من الحديد .
وقد جمعت هذه الملاحظات الدقيقة بين فيزياء الجسيمات الأولية للمادة وعلم الكون , وأيدت نظرية الانفجار العظيم التي بدأت بتخلق المادة وأضدادها مع اتساع الكون , وتخلق كل من المكان والزمان , ثم تخلق نويات كل من الايدروجين والهيليوم والليثيوم , ثم تخلق بقية العناصر المعروفة لنا , ولذا يعتقد الفلكيون في أن تخلق تلك العناصر قد تم علي مرحلتين , نتج في المرحلة الأولي منهما العناصر الخفيفة , وفي المرحلة الثانية العناصر الثقيلة , والتدرج في تخليق العناصر المختلفة بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم أو أثناء انفجارها علي هيئة فوق المستعرات هو صورة مبسطة لعملية الخلق الأول يدعم نظرية الانفجار العظيم ويعين الانسان علي فهم آلياتها , والحسابات النظرية لتخليق العناصر بعملية الاندماج النووي تدعمها التجارب المختبرية علي معدلات تفاعل الجسيمات الأولية للمادة مع نوي بعض العناصر , وقد بدأ هذه الحسابات هانز بيته
(HansBethe)
في الثلاثينات من القرن العشرين , وأتمها وليام فاولر
(WilliamFowler)(1/6)
الذي منح جائزة نوبل في الفيزياء مشاركة مع آخرين في سنة 1983 تقديرا لجهوده في شرح عملية الاندماج النووي , ودورها في تخليق العناصر المعروفة , ومن ثم المناداة بتآصل العناصر , وهي صورة مصغرة لعملية الخلق الأول .
(5) التوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون :
تشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون إلي أن غاز الإيدروجين يكون أكثر قليلا من 74% من مادته , ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي 24% من تلك المادة , ومعني ذلك أن أخف عنصرين معروفين لنا يكونان معا أكثر من 98% من مادة الكون المنظور , وأن باقي 105 من العناصر المعروفة لنا يكون أقل من 2%, مما يشير إلي تآصل العناصر , ويدعم نظرية الانفجار العظيم , لأن معظم النماذج المقترحة لتلك النظرية تعطي حوالي 75% من التركيب الكيميائي لسحابة الدخان الناتجة من ذلك الانفجار غاز الإيدروجين ,25% من تركيبة غاز الهيليوم , وهي أرقام قريبة جدا من التركيب الكيميائي الحالي للكون المدرك , كما لخصها عدد من العلماء من مثل :
Alpher,Gamow,Wagonar,Fowler
,Hoyle,Schramm,
Olive,Walker,Steigman,Rang,etc.
هذه الشواهد وغيرها دعمت نظرية الانفجار الكوني العظيم وجعلتها أكثر النظريات المفسرة لنشأة الكون قبولا في الأوساط العلمية اليوم , ونحن المسلمين نرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة الكونية لورود مايدعمها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة من السنين يخبرنا بقول الخالق ( سبحانه وتعالي ):
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ( الأنبياء :30)(1/7)
وهذه الآية القرآنية الكريمة التي جاءت بصيغة الاستفهام التوبيخي للكافرين والمشركين والملاحدة تشد انتباههم إلي قدرة الله التامة , وسلطانه العظيم اللذين يتضحان من إبداعه في خلقه , ومن صور ذلك الابداع خلق السماوات والأرض من جرم ابتدائي واحد سماه ربنا ( تبارك وتعالي ) باسم مرحلة الرتق , والرتق في اللغة الضم والالتئام والالتحام , وهو ضد الفتق ( يقال رتقت الشيء فارتتق أي التأم والتحم ), ثم أمر الله ( تعالي ) بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق وهي مرحلة يسميها القرآن الكريم باسم مرحلة الفتق , وتحول إلي سحابة من الدخان ( مرحلة الدخان ) الذي خلق منه ربنا ( تبارك وتعالي ) كلا من الأرض والسماء , وماينتشر بينهما من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم ومالا نعلم , ثم يأتي العلم المكتسب في منتصف القرن العشرين ليكتشف شيئا من معالم تلك الحقيقة الكونية , ويظل يجاهد في إثباتها حتي يتمكن من شيء من ذلك بنهايات القرن العشرين , حيث نادي بحتمية انعكاس تلك النظرية تحت مسمي نظرية الانسحاق الكبير , ويبقي هذا السبق القرآني بالإشارة إلي الفتق بعد الرتق , أو مايسميه علماء الفلك بالانفجار العظيم , وما أدي إليه من تحول الجرم الابتدائي إلي سحابة دخانية خلقت منها الأرض والسماوات , وإلي توسع الكون إلي عصرنا الراهن وإلي أن يشاء الله , ثم طي ذلك كله مرة أخري إلي جرم واحد وانفجاره وتحوله إلي دخان وخلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات , يبقي ذلك كله من أعظم الشهادات علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق , وعلي أن هذا النبي الخاتم ( صلي الله عليه وسلم ) كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض .
ماذا بعد اتساع الكون؟
أدت الملاحظات العلمية الدقيقة عن توسع الكون , واكتشاف أشباه النجوم
(Quasars),(1/8)
كما ادي اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك , وتصوير الدخان الكوني علي أطراف هذا الجزء المدرك من الكون , واستنتاج عملية الاندماج النووي وتخلق العناصر من غاز الايدروجين في داخل الشمس , وفي داخل غيرها من النجوم , والتوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون أدي ذلك كله إلي دعم نظريتي الانفجار الكوني العظيم , والانسحاق الكوني الكبير وإلي دحض غيرهما من النظريات وفي مقدمتها نظرية الكون الثابت والتي نادي بها كل من هيرمان بوندي
(HermannBondi),
وتوماس جولد
(ThomasGold),
وفريد هويل
.(FredHoyle)
في الاربعينات من القرن العشرين , والتي طرحت انطلاقا من الاعتقاد الخاطيء بأزلية الكون والذي ساد الغرب طوال النصف الأول من القرن العشرين , واستمر معه إلي اليوم علي الرغم من دحض المعطيات الكلية للعلوم لتلك الفرية الكبيرة ..!!!
ونحن كمسلمين نرتقي بنظريتي الانفجار الكوني الكبير والانسحاق الكوني الشديد إلي مقام الحقيقة لوجود إشارة لهما في كتاب الله , علي الرغم من وجود بعض المعارضين , والرافضين لقبول كلتا النظريتين من الغربيين أنفسهم , وحتي الذين اقتنعوا بالنظريتين ودافعوا عنهما انقسموا حيالهما إلي مجموعات في غيبة اتباعهم للهداية الربانية في أمر مستقبلي من أمور الغيب , ومقدرة العلوم المكتسبة علي التنبؤ بالأمور المستقبلية محدودة جدا .
الاحتمالات المتوقعة لعملية توسع الكون :
((1/9)
1) الاحتمال الأول : ويقترح فيه علماء الفلك والفيزياء الفلكية أن يستمر الكون في التمدد والتوسع إلي مالا نهاية ( هروبا من الاعتراف بالخلق وبالآخرة ), وذلك بافتراض استمرار قوة الدفع إلي الخارج بمعدلات أقوي من قوي الجاذبية التي تشدالكون إلي الداخل في اتجاه مركزه , وهذا افتراض خاطيء تماما في ضوء الملاحظات الراهنة علي الجزء المدرك من الكون , ومن أبسطها أن استمرار تمدد الكون واتساعه يؤدي إلي خفض درجة حرارته بالتدريج حتي تنطفيء جذوة نجومه بانفجارها , أو بتحولها إلي أجسام باردة كالكواكب , أو إلي ثقوب سود تبتلع كل مايدخل في دائرة جذبها من مختلف صور المادة والطاقة , ومن هنا كان تمدد الكون إلي مالانهاية ( وهو مايسمي بنموذج الكون المفتوح ) أمرا مستبعدا في ضوء ماتفقده النجوم عن طريق إشعاعها من طاقة , والطاقة والمادة أمران متكافئان , واستمرار فقدان النجوم من طاقتها ينفي إمكانية استمرار الكون في الاتساع إلي مالا نهاية .(1/10)
فشمسنا ـ علي سبيل المثال ـ تفقد في كل ثانية من عمرها من الطاقة مايقدر بحوالي 4,6 مليون طن من المادة , وبافتراض استمرار الكون في التمدد سوف يستمر انتقال الطاقة من الأجسام الحارة كالنجوم إلي الأجسام الباردة كالكواكب والكويكبات , والأقمار والمذنبات حتي تأتي علي الكون لحظة تتساوي فيها درجة حرارة جميع الأجسام فيه فيتوقف الكون عن التمدد إن لم يكن عن إمكانية الوجود , فالاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة للمجرات إلي التباعد عن بعضها البعض وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم , وإذا كانت الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدرها الحسابات الرياضية والفيزيائية ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة في لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة فلابد أن القوة الدافعة , إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل , خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية , وهذا هو الذي دفع بفلكي مثل آلان جوث
(AlanGuth)
إلي وضع نظرية الكون المتضخم
(TheInflationaryUniverse)
التي تقرر انه في وقت مبكر جدا من تاريخ الكون كان نموه نموا أسيا فائق السرعة , فائق التمدد , وهذا أيضا هو الذي دفع بكل من روبرت دايك
(R.H.Dicke)
وب . ج . أ . بيبلز
(P.J.E.Peebles)(1/11)
إلي القول بأن الأرصاد الحالية للكون توحي بأن عصرنا الحالي إما أن يكون عصرا فريدا في التمدد عقب عملية الانفجار الكبير , أو أن الشروط الأساسية للتمدد يجب أن يتم تعديلها بشكل يحقق قدرا من التوافق مع هذه الأرصاد التي تثير تساؤلا عما إذا كان الكون الآن مفتوحا ( أي مستمرا في التمدد إلي مالا نهاية ) أو مغلقا ( أي سوف يتمدد إلي أجل محدد ثم يبدأ في التكدس علي ذاته ) أو مستويا بمعني انتفاء تحدب الكون , وقد أشارت إليه كل الحسابات الرياضية كالتي قام بها اليكساندر فريدمان
(AlexanderFreidmann),
وألبرت أينشتاين
(AlbertEinstein)
وغيرهما من الفيزيائيين النظريين والفلكيين .
والاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا وهي مايعبر عنها أحيانا بسرعة الإفلات من قوي الجاذبية
(EscapeVelocity),
ولكل جرم سماوي مهما كانت كتلته سرعة إفلات محددة من قوة جاذبيته , فسرعة الإفلات من جاذبية الأرض تقدر بحوالي 11 ـ 22 كيلومترا في الثانية , بمعني أنه إذا أطلق صاروخ من الأرض بهذه السرعة أو بأعلي منها فانه يستطيع التغلب علي الجاذبية الأرضية , ولكن هل سرعة توسع الكون الحالية تبلغ سرعة الإفلات من الجاذبية الكونية حتي يستمر في التوسع؟
يعتقد المشتغلون بكل من علمي الكون والفيزياء النظرية أن الأمر مرتبط بكثافة الكون , فإن كانت كثافته في حدود مايعرف بالكثافة الحرجة
(CriticalDensity)(1/12)
فمعني ذلك أن قوة الجاذبية الكونية تكفي لإيقاف توسع الكون في المستقبل الذي لايمكن لأحد أن يعلمه إلا الله , أما إذا كانت كثافة الكون أقل من الكثافة الحرجة فمعني ذلك أن الكون سيبقي متوسعا إلي مالا نهاية , وهذا مالايمكن إثباته لأن الانسان في زمن تفجر المعارف العلمية الذي نعيشه لايدرك أكثر من 10% من مادة الكون المنظور , فأني له أن يصل إلي معرفة كثافة هذا الجزء من الكون المليء بصور المادة غير المرئية من مثل الثقوب السود , والمادة الداكنة , وجسيمات النيوترينو
(Neutrino)
وغيرها , فضلا عن معرفة كثافة الكون غير المدرك؟ ولذلك يتحدث علماء الفلك عما يسمونه باسم الكتلة المفقودة
(TheMissingMass)
في الجزء المدرك من الكون , والتي يعللون وجودها بأن كميات المادة والطاقة المشاهدة فيه أقل بكثير عن الكمية اللازمة لابقاء أجزائه متماسكة مع بعضها بعضا بفعل الجاذبية , بل يحتاج ذلك إلي عشرة أضعاف الكمية المدركة من المادة لكي يبقي الجزء المدرك من الكون في تماسك واتزان , ومن هنا كان التقدير بأن 90% من مادة الجزء المدرك من الكون غائبة عن إدراكنا .
(2) الاحتمال الثاني : ويقترح فيه علماء الكون نموذجا للكون المتذبذب
(TheOscillatingUniverse)
بغير بداية ولا نهاية ـ هروبا من الاعتراف بالخلق وجحودا بالخالق ( سبحانه وتعالي ) ـ ويبقي الكون في هذا النموذج متذبذبا بين التكدس والانفجار أي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعة ولكنها غير متشابهة إلي مالا نهاية تبدأ بمرحلة التكدس علي الذات ثم الانفجار والتمدد ثم التكدس مرة أخري وهكذا .
واقترح ريتشارد تولمان
(RichardTolman)(1/13)
في سنة 1934 م أن كل دورة من دورات تذبذب الكون لاتتشابه مع ماقبلها من الدورات بافتراض أن النجوم تنشر إشعاعها في الكون فتتزايد أعداد فوتونات الطاقة ببطء فيأتي كل انفجار كوني أعلي حرارة من سابقيه علي الرغم من التدمير الكامل الذي يعم الكون في كل مرحلة , وهو افتراض ساذج ينسي انطواء الكون علي ذاته بكل مافيه من مختلف صور المادة والطاقة والمكان والزمان , وانغلاق ذلك كله في كل عملية تكدس يمر بها الكون , ولذلك لم يستطع هذا النموذج المقترح الصمود في ضوء معطيات علم الفلك الحديثة .
(3) الاحتمال الثالث : ويتوقع فيه العلماء تباطؤ سرعة توسع الكون مع الزمن وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم , فكما أن الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدر حسابيا ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من الثلاث درجات مطلقة ( أي إلي ـ 270 درجة مئوية ), فلابد أن القوة الدافعة إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل , خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد الكوني عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية ( الكون المتضخم بسرعات فائقة ).(1/14)
ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوي الجاذبية علي قوة الدفع بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا فتأخذ المجرات في الاندفاع إلي مركز الكون بسرعات متزايدة , لامة مابينها من مختلف صور المادة والطاقة فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته , ويطوي كل من المكان والزمان حتي تتلاشي كل الأبعاد أو تكاد , وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون حتي تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة , تكاد تصل إلي الصفر أو العدم , ومتناهية في الكثافة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة , أي يعود الكون إلي حالته الأولي ( مرحلة الرتق ) ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق
(TheClosedUniverse)
وتسمي عملية تجمع الكون بنظرية الانسحاق الكبير
(TheBigCrunchTheory),
وهي معاكسة لعملية الانفجار الكبير . ونحن المسلمين نؤمن بتلك النظرية لقول الحق ( تبارك وتعالي ) في محكم كتابه :
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين .
( الأنبياء :104)
ولايستطيع أي إنسان كائنا من كان أن يتوقع شيئا وراء ذلك الغيب المستقبلي بغير بيان من الله الخالق , والقرآن الكريم يخبرنا فيه بقول الحق ( تبارك وتعالي ):
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار .( إبراهيم :48)
وبقوله ( عز من قائل ):
أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر علي أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبي الظالمون إلا كفورا .( الإسراء :99)(1/15)
ومعني هذه الآيات الكريمة أن الله ( تعالي ) سوف يطوي صفحة الكون جامعا كل مافيها من مختلف صور المادة , والطاقة , والمكان والزمان , علي هيئة جرم ابتدائي ثان ( رتق ثان ) شبيه تماما بالجرم الابتدائي الأول ( الرتق الأول ) الذي نشأ عن انفجاره الكون الراهن , وأن هذا الجرم الثاني سوف ينفجر بأمر من الله ( تعالي ) كما انفجر الجرم الأول , وسوف يتحول إلي سحابة من الدخان كما تحول الجرم الأول , وسوف يخلق الله ( تعالي ) من هذا الدخان أرضا غير أرضنا الحالية , وسماوات غير السماوات التي تظلنا , كما وعد ( سبحانه وتعالي ), وهنا تبدأ الحياة الآخرة ولها من السنن والقوانين مايغاير سنن الحياة الدنيا , فهي خلود بلا موت , والدنيا موت بعد حياة , وسبحان القائل مخاطبا أهل الجنة :
ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ( ق :34)
وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يروي عنه قوله : والله مابعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار , وإنها لجنة أبدا أو نار ابدا .
ومن الأمور المعجزة حقا أن يشير القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة من السنين إلي أهم نظريتين في خلق الكون وإفنائه وهما نظريتا الانفجار الكبير والانسحاق الكبير ونحن نرتقي بهاتين النظريتين إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود إشارة إليهما في كتاب الله الخالد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
ومن المعجز أيضا أن ترد الآيتان المشيرتان إلي كلتا النظريتين في سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة الأنبياء ( الآيتان :30 و 104).(1/16)
ومن المعجز حقا تلك الإشارة القرآنية المبهرة باعادة خلق أرض غير الأرض الحالية , وسماوات غير السماوات الحالية , وهو غيب لايمكن للانسان أن يصل إليه أبدا بغير هداية ربانية , وهي الهداية . التي تحسم الجدل المحير في أمر من أمور الغيب المطلق , حار فيه علماء العصر , فسبحان الذي أنزل القرآن بعلمه فقال مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله ( صلي الله عليه وسلم )
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا
( النساء :166).
الأهرام القاهرية 2/7/2001(1/17)