نص ما قاله شيخ الأزهر
الملف الصحفي :مصر :الأربعاء15 ذو القعدة 1424هـ
في لقاء شيخ الأزهر مع وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي 29/12/2003 قال طنطاوي : 'أحب أولا أن أوضح الحقائق الآتية :
الحقيقة الأولي أن شريعة الإسلام تعطي كل ذي حق حقه.
الحقيقة الثانية: أن مسألة الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة فرض إلهي وإذا قصرت في أدائه حاسبها الله تعالي ولا يستطيع مسلم سواء أكان حاكما أم محكوما أن يخالف ذلك ولا نسمح لغيرنا أن يتدخل في شئوننا كدولة إسلامية هذا إذا كانت المرأة المسلمة تعيش في دول مسلمة أما إذا كانت في غير دولة الإسلام كفرنسا وأراد المسئولون فيها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة فهذا حقهم، حقهم، حقهم.
وأضاف الشيخ: هذا حقهم ولا أستطيع أن أعارض فيه أنا كمسلم لأنهم غير مسلمين وفي هذه الحالة عندما تستجيب المرأة المسلمة لقوانين الدولة غير المسلمة تكون من الناحية الشرعية الإسلامية في حكم المضطر والقرآن الكريم الذي هو دستور الأمة الإسلامية يقول 'إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم'.
وأضاف الشيخ في فتواه: إنني أفتي بهذا باسم شيخ الأزهر وأقول كما أني لا أسمح لغير المسلم أن يتدخل في شئوني كمسلم فإنني لا أسمح لنفسي أن أتدخل في شئون غير المسلم'.
ردود العلماء على فتوى شيخ الأزهر
يتضح من تصريحات وآراء وفتاوى العلماء الفضلاء معارضي شيخ الأزهر أن تصريحه السياسي بشأن الحجاب لا يتأسس على أي من أبجديات الفقه الإسلامي , ويتضح أيضا أنه لم يحظ بتأييد أي عالم معتبر في مصر أو في خارج مصر ؛ أزهري أو غير أزهري , وأن طنطاوي قد جوبه بموجة رفض من علماء الأمة لم يسبق أن حدثت منذ عقود طويلة.
ونحاول هنا أن نستعرض أهم ما ورد على لسان الفضلاء :(1/1)
- قال مفتي مصر الدكتور علي جمعة: 'إننا يجب ألا نخلط الأمور بالقول [بـ] أننا عندما ندافع عن الحجاب نتدخل في شئون دولة غير إسلامية، أننا ننصح الفرنسيين والرئيس شيراك بألا يفعلوا ما قالوه بمنع ارتداء الحجاب لأنهم يتدخلون بذلك في أخص خصائص الإسلام، خاصة أن هذا القرار سيصطدم بكثير من الأمور وسيجعل علمانية فرنسا في ورطة' ...
- و دعا الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر المُقال كل المسلمين في الداخل والخارج وعلماء الأمة والحكام والساسة والقادة والدبلوماسيين أن يتحركوا جميعا للاعتراض على هذا القانون والتأكيد على أنه سيكون له أثر سلبي في العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، فهي قضية إسلامية تهم جميع المسلمين وليست قضية داخلية لـ 'فرنسا' لا شأن لنا بها كما قيل.
وقال الدكتور واصل في معرض استنكاره للقرار الفرنسي المرتقب : إن حجاب المرأة ليس رمزا من الرموز الدينية الأخرى التى تثير من وجهة نظره المشاكل وعليه أن يبين أنه ليس رمزا وإنما عقيدة وشريعة وأنه مثل الصلاة والزكاة ومثل العقيدة نفسها، ونقول إن فى ظاهر هذا القرار عنصرية وأنه يؤدى إلى غير المقصود من حيث إنه لا يؤدى إلى المساواة وإنما يؤدى إلى التطرف وإلى الكثير من المشاكل والقضايا، خاصة أن هؤلاء هم مواطنون لهم حق المواطنة فهم فرنسيون فكيف تميز الدولة بين أبنائها فى هذا المجال، وتكون ضد حرية الاعتقاد.(1/2)
ويضيف د. نصر فريد واصل أن القرار نفسه أشار إلى السماح بالرموز الدينية الصغيرة، فالسماح بالرموز الدينية الصغيرة هو دليل على أن هذا القرار وهذا القانون هو ضد الإسلام والمسلمين، لأنه لا يوجد 'حجاب صغير'، وهو دليل عدم المساواة، أيضا القرار به إكراه للمرأة فليس أمامها إما خلع الحجاب، وإما أن تتخلى عن التعليم أو العمل وتتمسك بحجابها، وهذا ضد الحقوق الإنسانية والدولة حريصة على تعليم كل أبنائها، فهذا القرار به محاباة وعنصرية لأنه سيسمح لغير المسلمات بالتعليم والمسلمات لن يسمح لهن.
- وعلق المفكر الإسلامي د.عبد الصبور شاهين على رد الأزهر بأن 'المسلمين كانوا ينتظرون مساندة من الأزهر، باعتبار أن كلمة الأزهر كلمة مؤثرة جدا، ولكن الأزهر تخلى عن القضية، وعن مساندة المسلمين في فرنسا'. مضيفا : 'أن هذا القانون سيصدر بضغوط أعداء الإسلام والمقصود هم المسلمون فقط، ولذلك سيدل اليهودي على نفسه بالنجمة الصهيونية وسيدل المسيحيون بالصليب الصغير، وبالتالي لن يخسروا شيئا، فالمقصود هو حرمان المسلمين من الظهور في المجتمع، لأن الإسلام يتكاثر جدا في أوروبا ويدخل فيه الناس أفواجا، الأمر الذي أزعج الحكام في أوروبا، ولهذا يحاولون السيطرة للتقليل من الخطورة التي تمثلها الكثرة المتنامية هناك.
وأكد د. عبد الصبور أن هذه الحرب ضد الإسلام يقف خلفها الصهاينة، فلا يمكن لـ 'فرنسا' أن تتنازل عن شعار الحرية والإخاء والمساواة، فتأتى لقتل حرية المسلمين، ونزع الحجاب عن المسلمات في حين أن الراهبات ترتديه وتحفظ هويتها الدينية، كما أن لأصحاب الديانات الأخرى خصوصياتها، فالبوذي والسيخي لهم أزياء خاصة بهم، ولم يقولوا عنهم شيئا، ولم يذكروهم تماما، فهو حرب ضد الإسلام.(1/3)
- وطالب الشيخ سيد وفا أبو عجور ـ الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية ـ على المسلمين أن يحاولوا إبطال هذا القانون وأن لم يستطيعوا فعليهم التحايل على ممارسته، وقال: إن تاريخ فرنسا الطويل مملوء بالاضطهاد للمسلمين وليس لديها حرية أديان، كما تدعى، وإنما المسلم والمسلمة لا إلزام عليه أن يسير في ظل قوانين تمنعه من إقامة مبادئ دينه، وإن كانت فرنسا تمنع الحجاب الآن عن المسلمات فهي ستجعل المسلمين يشربون الخمر غدا، بما أن الشعب هناك يشرب الخمر، فلتحاول أخواتنا المسلمات في فرنسا ألا يستجبن لتنفيذ هذا القانون، وأنا لا أعتقد أنه سيكون هناك عقاب مثل الطرد من العمل أو الدراسة، وإلا كانت فرنسا بلد استبدادية ولا يوجد فيها حرية أديان، وإذا لم يستطيعوا فليتركوا فرنسا وليهاجروا إلى بلاد أخرى وهجرة في سبيل الله، ولابد أن نناصرهم عبر وسائل الإعلام المختلفة، فمناصرة المسلم في أي مكان هو فرض عين.
- أكد الدكتور عبد الصبور مرزوق نائب رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن الحجاب فريضة شرعية ولا يجوز التخلي عنها بالنسبة للمسلمين وهو ليس برمز وبذلك فهو يختلف عن الرموز لدي المسيحيين متمثلة في الصلبان واليهود متمثلة في القلنسوة اليهودية علي أساس أن الحجاب هو جزء من العقيدة.
وحمل علي شيراك دعوته إلي منع الحجاب وقال: المفروض أن شيراك قد أخطأ في تقديره لاتخاذ قانون يمنع بارتداء الحجاب بوصفه رمزا، وما فعله يعتبر أكبر إهانة لتاريخ فرنسا الثورة والحرية والنور وحقوق الإنسان.
وأكد أن اقتراح شيراك هذا نعتبره هجوما علي الإسلام ومحاولة للكيد له وهو بذلك يكون قد سار وفق الخط الذي تتبناه أمريكا منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتساءل: كيف بفرنسا التي رفضت القبول بالثقافة الأمريكية بوصفها تذويبا للهوية الفرنسية تأتي اليوم لتتبنى نفس التيار الذي تتبناه أمريكا وتفرض علي الآخر قيمها وثقافتها؟!(1/4)
وقال يتعين علي شيراك أن يفهم أن المجتمع الفرنسي فيه مسلمون كثر يصل عددهم إلي خمسة ملايين ولا يمكن لفرنسا التي تبحث اليوم عن مكانة لها في العالم أن تبدو غير عابئة بهذا التيار العارم. وقال د. مرزوق: إن الحجاب فريضة إسلامية ولا يجوز لشيراك التدخل في شأن يسيء إليه وإلي مكانة فرنسا.
وأكد الدكتور عبد الصبور مرزوق أن' الفتوي [فتوى طنطاوي] لا تعبر عن رأي الأزهر، وإنما تعبر عن الرأي الشخصي لشيخ الأزهر'.
ورفض الدكتور مرزوق منطق شيخ الأزهر القائل بأن هذا شأن داخلي لفرنسا ومن حقها منع الحجاب وقال خطأ كبير أن نعتبر أن هذا شأن داخلي، فالحجاب ليس شأنا داخليا وإنما يتصل بالعالم الإسلامي كله ويجب التمسك به كفريضة عليه فهذا ليس حقا لفرنسا ويجب علي فرنسا أن تعلم أن الحق هو مراعاة حقوق الآخرين.
وقال الدكتور مرزوق: إن البابا بولس نفسه أدان هذا الكلام وكذلك فإن اللجنة الإسلامية العالمية في الخارج أدانته [يشير على ما يبدو إلى الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي أصدرت في الكويت بيانا يدين اتجاهات الحكومة الفرنسية لإصدار قانون يحظر علي المسلمات ارتداء الحجاب في المدارس وجهات العمل مؤكدة ان هذا الإجراء يتناقض مع أبسط مبادئ الحرية الشخصية] ولا يمكن اعتبار ما قاله شيراك شأنا داخليا ولقد نصحنا وقلنا لا داعي للتسرع والحكم علي ما قاله شيراك بأنه شأن داخلي وإلا فإننا بذلك نعطي شرعية لمن يهاجمون الإسلام ويعتدون عليه ونوجد لهم المبرر للاجتراء عليه.(1/5)
وحول أن المرأة التي تعيش في دولة غير إسلامية تتعارض قوانينها مع الحجاب فإنها باستجابتها لهذه القوانين تكون من الناحية الشرعية الإسلامية في حكم المضطرة قال الدكتور مرزوق: لا.. ليست مضطرة لأن الحجاب جزء من العقيدة بل إننا إذا طبقنا هذا علي الحجاب فإن ذلك يمكن أن يفتح المجال أمام فروض أخري ليصدق عليها نفس الحكم تحت دعوى الاضطرار. وأردف الدكتور مرزوق أن المراد بالضرورة هنا تلك التي تهدد الحياة كأن يكون إنسان في الصحراء ويشرف علي الموت جوعا وعطشا فيضطر مع عدم وجود الطعام والمياه إلي شرب الخمر أو أكل الميتة، أي أن الضرورة هنا مقيدة بما يهدد الحياة وليست علي إطلاقها.
ونبه الدكتور مرزوق في ختام تصريحاته إلي أننا يجب ألا ننسي أننا في معاملاتنا في بلادنا نراعي ظروف الأجانب وظروف مجتمعاتهم وعندما تأتي نساؤهم سافرات عاريات لا نلزمهن بالحجاب وبالزي المحتشم وعليه ينبغي معاملتنا بالمثل في بلادهم بحيث يترك لنسائنا المسلمات الحرية المطلقة في التحجب باعتباره جزءا من العقيدة الإسلامية.(1/6)
- ويقول محمد رأفت عثمان ـ عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر: هذا القانون لا يتفق مع ما تتباهى به فرنسا من أنها بلد الحريات، وأنها منبع الحضارة الأوروبية، وهو يتعارض مع الحريات الشخصية ولا يتصور أن تكفل القوانين والدستور الحرية الشخصية لكل إنسان، ويوجد قانون يمنع المرأة المسلمة أن تستر جسمها إذا كانت القوانين الأوروبية عامة والفرنسية خاصة تسمح للمرأة بكشف جسمها كما تشاء في التجمعات والشوارع، فكيف يسمح بكشف الأجزاء الفاضحة في جسد النساء ويمنع قانونا أن تستر المرأة المسلمة نفسها عن أنظار الناس، وهذا ليس علامة على دين الإسلام كما يدعى المتقدمون لهذا القانون لأن الحجاب ليس عنوانا للدين، وهل لو وضعت غير المسلمة ايشاربا على رأسها فهل هي مسلمة؟ ولهذا نطالب الجاليات الإسلامية بـ 'فرنسا' أن توضح للمسئولين الفرق، وأن يكون لها تأثير إيجابي في وضع القوانين، ولكن للأسف دائما الجاليات الإسلامية لا تشكل لوبا في مجتمعاتها على غرار اليهود الذين يلتحمون ويستطيعون الضغط في أي مكان يعيشون فيه، فأملنا أن يتنبه المسلمون في فرنسا بأن مثل هذا القانون غير دستوري، وأنه يفرق بين أفراد الشعب الفرنسي وأن لهم الحق في معارضته أيضا، لابد للدول الإسلامية أن يكون لها اتصالات سياسية ودبلوماسية لتكون عاملا من عوامل الضغط، وبيان أن مثل هذا القانون يثير الشعوب الإسلامية ضد فرنسا، وهذا دور للنشاط الخارجي لوزراء الخارجية بالدول الإسلامية.(1/7)
- ويري الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة بجامعة الأزهر أن القرار الفرنسي هذا يقصد به تحجيم المسلمين في فرنسا بعد أن تكاثر عددهم ودخل عدد كبير منهم في الوظائف الهامة، وذلك من خلال عدم إظهار شعائرهم ومنع الحجاب كشعيرة ظاهرة للمسلمين معناه إخفاء شعائر المسلمات والدليل علي ذلك أن شيراك استدرك في قراره بعد ذلك حين سمح للشارات الصغيرة مثل الصليب والطاقية اليهودية.
ويضيف الدكتور احمد طه ريان: كنا نتمنى أن تكون فرنسا دولة الحرية، ومن أهم الحريات حرية الاعتقاد وبناء عليه ينبغي أن نعترف بمظاهر الاعتقاد، فالحجاب هو هذا المظهر الإسلامي.
- أما الدكتور احمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم فيقول: إنه من حيث المبدأ ينبغي أن يكون للأديان قداستها واحترامها ومن حق المرأة المسلمة أن تتمسك بدينها والحجاب وعلي المسئولين في فرنسا أن يحترموا عقائد الآخرين وحرية المرأة المسلمة.. ويجب علينا كأمة مسلمة أن نواجه الحملة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام وتعاليمه ورميه بالمظهرية.(1/8)