وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقالتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* دركات النار:
الجنة درجات بعضها فوق بعض.. والنار دركات بعضها أسفل من بعض.. والمنافقون في الدرك الأسفل من النار؛ لغلظ كفرهم.. وتمكنهم من أذى المؤمنين.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [النساء: 145].
وقال العباس بن عبدالمطلب - رضي الله عنه -: يَا رَسُولَ ا?! هَلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قال: « «نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلا أنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
* صفة ظل النار:
أهل النار في سموم وحميم.. وظل شديد الحرارة.. ومن فوقهم ظلل من النار.. ومن تحتهم ظلل.. فظل نار جهنم لا ظليل ولا يغني من اللهب.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الواقعة: 41-44].
وقال الله تعالى: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ?) [الزمر: 16].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک) [المرسلات: 30، 31].
* خزنة النار:
مالك خازن النار.. وخزنة جهنم تسعة عشر من الملائكة.
قال الله تعالى: ( ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزخرف: 77، 78].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [المدثر: 26-31].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3260) واللفظ له، ومسلم برقم(617).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3883)، ومسلم برقم (209) واللفظ له.(14/187)
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [غافر: 49، 50].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التحريم: 6].
* عظمة خلق أهل النار:
يكون جسد الكافر يوم القيامة بحسب ما صدر منه من كفر وأعمال سيئة في الدنيا.. وبحسب ما أفسد وأضل من الناس.. فضرسه مثل أحد.. وغلظ جلده مسيرة ثلاث ليال.. وما بين منكبيه مسير ثلاثة أيام.. ومقعده من النار ما بين المدينة والربذة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ضِرْسُ الْكَافِرِ، أوْ نَابُ الْكَافِرِ، مِثْلُ أحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاثٍ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
وقال صلى الله عليه وسلم : «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مِثْلُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ» أخرجه أحمد والحاكم صلى الله عليه وسلم (3).
* صفة وجوه أهل النار:
وجوه أهل النار يوم القيامة سوداء.. مظلمة.. باسرة.. كالحة.. خاشعة.. ذليلة.. مغبرة.. عليها قترة.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ?) [الزمر: 60].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ?) [القيامة: 24، 25].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المؤمنون: 103، 104].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [عبس: 40-42].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2851).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6551)، ومسلم برقم (52) واللفظ له.
(3) صحيح: أخرجه أحمد برقم (8327)، وأخرجه الحاكم برقم (8759)، وهذا لفظه.
انظر السلسلة الصحيحة رقم (1105).(14/188)
* ورود الناس النار:
جميع الخلائق سيردون النار مؤمنهم وكافرهم.. برهم وفاجرهم.. حُكمٌ حتَّمه الله على نفسه.. وأوعد به عباده.. فلا بدَّ من نفوذه.. ثم ينجي الله المتقين.. ويذر الظالمين لأنفسهم بالكفر والمعاصي فيها جثياً.. فيسقط الكفار في النار.
ويمر المؤمنون والمنافقون على الصراط على قدر أعمالهم.. فينجو المؤمنون.. ويهوي المنافقون إلى الدرك الأسفل من النار.
قال الله تعالى: ( ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ?) [مريم: 71، 72].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤية، وصفة المرور على الصراط: «ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ! سَلِّمْ سَلِّم».
قِيلَ: يَا رَسُولَ ا?! وَمَا الْجِسْرُ؟ قال: « دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكٌ، تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ، كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* أول من يعبر الصراط:
أول من يعبر الصراط محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤية: «وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأكُونُ أنَا وَأُمَّتِي أوَّلَ مَنْ يُجِيزُ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
* بعث النار:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7439)، ومسلم برقم (183) واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (806)، ومسلم برقم (182) واللفظ له.(14/189)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قال: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قال: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ ا? شَدِيدٌ». قالوا: يَا رَسُولَ ا?، وَأيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قال: «أبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلاً وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ألْفًا» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* أول من تسعر بهم النار:
أول من تسعر بهم النار ثلاثة.. وهم الذين يراؤون الناس بأعمالهم كالمقاتل في الجهاد، والعالم، والمنفق.. فهؤلاء لما كانت أعمالهم غير خالصة لله كانوا أول من تسعر بهم النار.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3348) واللفظ له، ومسلم برقم (222).(14/190)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأ الْقُرْآنَ، فَأتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأعْطَاهُ مِنْ أصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ ألْقِيَ فِي النَّارِ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
* أهل النار المخلدون:
أهل النار المخلدون هم كل كافر.. ومشرك.. ومستكبر.. ومنافق.
قال الله تعالى: ( ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ??) [البقرة: 39].
وقال الله تعالى: ( ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البينة: 6].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [غافر: 60].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [النساء: 145].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (1905).(14/191)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «وَأهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أهْلا وَلا مَالا، وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أهْلِكَ وَمَالِكَ». وَذَكَرَ الْبُخْلَ أوِ الْكَذِبَ «وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
* كيفية دخول أهل النار النار:
يساق أهل النار إلى النار سوقاً عنيفاً.. ويضربون بالسياط الموجعة من الزبانية الغلاظ الشداد إلى شر محبس.. وأفظع موضع.. وهي جهنم التي جمعت كل عذاب وشقاء وألم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ??) [الزمر: 71، 72].
وتساق كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها وتشاكل سعيها.. يلعن بعضهم بعضاً.. ويتبرأ بعضهم من بعض كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ?) [العنكبوت: 25].
وأهل النار يدخلونها من مكان ضيق.. مقرنين في السلاسل والأغلال كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [الفرقان: 13، 14].
ويُدفع أهل النار إليها دفعاً.. ويساقون إليها سوقاً عنيفاً لامتناعهم من دخولها: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الطور: 13، 14].
ويسحبون في النار على وجوههم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [القمر: 48].
ويسلسل كل أهل عمل من المجرمين بسلاسل من نار.. فيقادون إلى العذاب في أذل صورة وأشنعها وأبشعها كما قال سبحانه: ( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [إبراهيم: 49-51].
ويُّحشر الكفار إلى النار على وجوههم.. تسحبهم ملائكة العذاب على وجوههم.. وتجرهم إلى جهنم الجامعة لكل عذاب وعقوبة.
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2865).(14/192)
فما أشد عقوبة هؤلاء الكفار: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الفرقان: 34].
* اضطراب النار يوم القيامة:
النار يوم القيامة إذا رأت أهلها اشتد سعيرها.. واشتد زفيرها.. وتغيظت على أهلها.. وغضبت عليهم؛ لغضب خالقها.. وزاد لهبها وحرارتها بحسب زيادة كفر أهلها وشرهم.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ?) [الفرقان: 11، 12].
ولا تزال جهنم تطلب الزيادة من المجرمين العاصين غضباً لربها.. وغيظاً على الكافرين كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 30].
وإذا ألقي أهل النار فيها سمعوا لها صوتاً عالياً فظيعاً من شدة غيظها على الكفار، فما الظن بما تفعل بهم إذا دخلوا في جوفها؟.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ?) [الملك: 6-8].
وهي نار يَحْطِم بعضها بعضاً.. وتَحْطِم كل من يدخلها.. وتَنْفُذُ من الأجسام إلى القلوب.. فهل ينجو الكافر والعاصي من شدة لهيبها وإحراقها؟.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ) [الهمزة: 4-9].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ ا? إِلَهًا آخَرَ وَبِالْمُصَوِّرِينَ» أخرجه أحمد والترمذي صلى الله عليه وسلم (1).
* أكثر أهل النار:
__________
(1) صحيح: أخرجه أحمد برقم (8411)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (512).
وأخرجه الترمذي برقم (2574)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (2083).(14/193)
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أُرِيتُ النَّارَ فَإذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْن». َ قِيل: أيَكْفُرْنَ بِالله؟ قال: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قال: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قال: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ ا? شَدِيدٌ ». قالوا: يَا رَسُولَ ا?، وَأيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قال: «أبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلاً وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ألْفًا» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
* أشد أهل النار عذاباً:
أشد أهل النار عذاباً إبليس، وهو أول من يكسى حلة من النار؛ لأنه إمام كل كفر وشرك وشر، فما عصي الله إلا على يديه وبسببه، ثم الأخبث فالأخبث من نوابه في الأرض ودعاته، كفرعون وقارون وأمثالهما.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 24-26].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ) [غافر: 45، 46].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [النساء: 145].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [النحل: 88].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (29) واللفظ له، ومسلم برقم (907).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3348) واللفظ له، ومسلم برقم (222).(14/194)
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? چچ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [مريم: 68-70].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ ا? إِلَهًا آخَرَ وَبِالْمُصَوِّرِينَ» أخرجه أحمد والترمذي صلى الله عليه وسلم (2).
أهون أهل النار عذاباً:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (3).
وقال صلى الله عليه وسلم : «أهْوَنُ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا أبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (4).
* ما يقال لأهون أهل النار عذاباً:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [المائدة: 36، 37].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5950)، ومسلم برقم (2109) واللفظ له.
(2) صحيح: أخرجه أحمد برقم (8411)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (512).
وأخرجه الترمذي برقم (2574) وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (2083).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم 6562) واللفظ له، ومسلم برقم (213).
(4) أخرجه مسلم برقم (212).(14/195)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يَقُولُ الله تَعَالَى لأهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ أكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أرَدْتُ مِنْكَ أهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أنْ لا تُشْرِكَ بِي شَيْئاً، فَأبَيْتَ إِلا أنْ تُشْرِكَ بِي» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* أشد عذاب أهل النار:
العذاب في النار نوعان:
عذاب على الأبدان بالنار والإحراق.. وعذاب على الأرواح بالإهانة والصغار.. وحجابهم عن رؤية ربهم.
قال الله تعالى: ( ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فاطر: 36].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنعام: 124].
وقال الله تعالى عن أهل النار: ( ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک) [المطففين: 15، 16].
والعذاب في جهنم أنواع ودرجات، وشدته وخفته بحسب الكفر والذنوب.
فهناك عذاب على ظاهر الجسد.. وهناك عذاب على باطن الجسد.. وهناك عذاب على الأعضاء والجوارح.. وهناك عذاب تملأ الأحشاء فيه جحيماً وناراً.. وهناك عذاب الإهانة والصغار.. وهو أشد وأعظم.. وهناك عذاب كعذاب الكفار.. وهناك عذاب منقطع كعذاب عصاة الموحدين.. وهناك عذاب غايظ.. وهناك عذاب خفيف.. وليس في النار خفيف.. ولكنه عذاب دون عذاب.
قال الله تعالى: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں) [النساء: 56].
وقال تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنعام: 124].
* سلاسل جهنم وأغلالها ومقامعها:
خلق الله في جهنم سلاسل يُقرن بها كل كافر ومثله.. وأغلالاً تُغَلّ بها أيدي الكفار والعصاة إلى أعناقهم، ويوثقون بها.. ومقامع يُضربون بها.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ?) [الإنسان: 4].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6557) واللفظ له، ومسلم برقم (2805).(14/196)
وما أشد حسرة الكافر حين يؤمر به إلى جهنم.. ويقال للزبانية الغلاظ الشداد: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحاقة: 30-32].
فيجعل في عنقه غلاً يخنقه.. ثم يقلب على جمر جهنم ولهبها.. ثم يُنظم في سلسلة من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة.. ذرعها سبعون ذراعاً.. تدخل في دبره.. وتخرج من فمه.. ويعلق فيها.. فلا يزال يعذب هذا العذاب العظيم.
والسبب الذي أوصله إلى هذه المكانة.. وهذه الحال.. كفره بربه.. ومعاندة رسله: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحاقة: 33-37].
وفي جهنم من النكال والعذاب الشديد.. والألم الموجع.. والطعام الكريه المر ما تقشعر لهوله الأبدان.. وتتفطر له الأكباد.. وتذهل منه العقول كما قال سبحانه: ( ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ) [المزمل: 12، 13].
ويضرب الكفار بمقامع من حديد في النار كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الحج: 21، 22].
ويُقرن الكفار مع أمثالهم وشياطينهم بالسلاسل.. وتغل أيديهم إلى أعناقهم.. ثم يسحبون في الحميم الذي اشتد غليانه وحره.. ثم يوقد عليهم اللهب العظيم.. ويُسجرون في النار.. ثم يوبخون على شركهم وكذبهم.
( ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [غافر: 70-74].
* صفة طعام أهل النار:
المقصود من الطعام أحد أمرين:
إما أن يسد جوع صاحبه ويزيل عنه ألمه.. وإما أن يسمن بدنه من الهزال.. وطعام أهل النار خال من هذين الأمرين.. فهو طعام كريه في غاية المرارة والنتن والخسة والخبث نسأل الله العافية.
فأهل النار: ( ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الغاشية: 6، 7].(14/197)
والكافر في النار ليس له قريب أو صديق يشفع له.. وليس له طعام يأكل منه إلا من غسلين.. وهو صديد أهل النار.. الذي هو في غاية الحرارة.. ونتن الريح.. وقبح الطعم.. وشدة المرارة: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ) [الحاقة: 35، 36].
ولا يأكل هذا الطعام الذميم إلا الذين أخطأوا الصراط المستقيم.. وسلكوا سبل الجحيم: ( ? ? ? ? ?) [الحاقة: 37].
ومن طعام أهل النار شجرة الزقوم.. وهي شر الأشجار وأفظعها.. طعمها كالمهل.. وهو الصديد المنتن.. خبيث الريح والطعم.. شديد الحرارة، يغلي في بطونهم كغلي الحميم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ) [الدخان: 43-46].
وشجرة الزقوم تنبت في وسط النار.. وتسقى بصديد أهل النار.. وطلعها كريه فظيع كأنه رؤوس الشياطين.. وهي طعام أهل النار: ( گ گ گ ?? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ?? ? ? ? ? ? ?) [الصافات: 63-68].
وطعام أهل النار يغص به آكله لمرارته وبشاعته.. وكراهة طعمه.. وخبث رائحته كما قال سبحانه: ( ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?ہ) [المزمل: 12، 13].
فهذا طعام أهل النار:
طعام الضريع.. وطعام الغسلين.. وطعام الزقوم.. وطعام ذو غصة.
فمن يطيق سماع هذا ورؤيته، فكيف بمن يأكله ويتجرعه؟.
* صفة شراب أهل النار:
شراب أهل النار في غاية الحرارة.. كريه الطعم.. خبيث الرائحة.. حميم لا يطاق.. وصديد من القيح والدم.. وماء كالمهل غليظ أسود.. حار منتن.. وغساق لا يطاق شربه من شدة برده.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ?) [محمد: 15].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [إبراهيم: 15-17].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ) [الكهف: 29].
وقال الله تعالى: ( ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النبأ: 21-26].(14/198)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ مُسْكرٍ حَرامٌ، إنَّ عَلَى ا? عَزَّ وَجَلَّ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ، أنْ يَسْقِيَهُ منْ طيِنَةِ الخَبَالِ» قالوا: يا رسولَ الله! وما طينَةُ الخبال؟ قال: «عرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أو عُصَارَةُ أهلِ النَّارِ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
* صفة ثياب أهل النار:
ثياب أهل النار قطعت وفصّلت من نار من النحاس وهو أشد حرارة إذا حمي كما قال سبحانه: ( ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ??) [الحج: 19، 20].
وهم في النار مُقَرَّنون بالسلاسل كل صنف مع مثله.. وسرابيلهم وهي ثيابهم من قطران.. وهو النحاس المذاب الحار كما قال سبحانه: ( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [إبراهيم: 49، 51].
* صفة فرش أهل النار:
فرش أهل النار من نار.. ولحفهم من نار.. من فوقهم ظلل من النار.. ومن تحتهم ظلل من النار.. وأطباق من نار.. وقطع عذاب كالسحاب العظيم من فوقهم ومن تحتهم.
قال الله تعالى: ( ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے?) [الأعراف: 41].
وقال الله تعالى: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ?) [الزمر: 16].
* حسرة أهل النار:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [البقرة: 167].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يَدْخُلُ أحَدٌ الْجَنَّةَ إِلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أسَاءَ، لِيَزْدَادَ شُكْراً، وَلا يَدْخُلُ النَّارَ أحَدٌ إِلا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ لَوْ أحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً» أخرجه البخاري صلى الله عليه وسلم (2).
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2002).
(2) أخرجه البخاري برقم (6569).(14/199)
وقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قال: نَعَمْ، قال: فَقَدْ سَألْتُكَ مَا هُوَ أهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أنْ لا تُشْرِكَ بِي، فَأبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* تحية أهل النار:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ) [الأعراف: 38].
وقال الله تعالى: ( ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ?) [العنكبوت: 25].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [الفرقان: 13، 14].
* طلب النار المزيد:
قال الله تعالى: (? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 30].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
* خطبة إبليس في أهل النار:
إذا قضى الله الأمر.. وفصل بين العباد.. ودخل أهل الجنة الجنة.. ودخل أهل النار النار.. خطب إبليس في أهل النار.. وتبرأ منهم؛ ليزيد من كربهم وندامتهم وحسرتهم، كما قال سبحانه: ( ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [إبراهيم: 22].
* صور من أحوال أهل النار:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3334) واللفظ له، ومسلم برقم (2805).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4848)، ومسلم برقم (2848) واللفظ له.(14/200)
قال الله تعالى: ( ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ??) [الأحزاب: 64-66].
وقال الله تعالى: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں) [النساء: 56].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ?) [الزخرف: 74-76].
وقال الله تعالى: ( ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فاطر: 36].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [هود: 106، 107].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [القمر: 47، 48].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أيْ فُلانُ مَا شَأْنُكَ؟ ألَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قال: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلا آتِيهِ، وَأنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* صور من أصناف المعذبين في النار:
1- الكفار والمنافقون:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة: 68].
2- الذين يكتمون ما أنزل الله:
قال الله تعالى: ( ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة: 174].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه أبو داود والترمذي صلى الله عليه وسلم (2).
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3267) واللفظ له، ومسلم برقم (2989).
(2) حسن صحيح: أخرجه أبو داود برقم (3658) وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (3106).
وأخرجه الترمذي برقم (2649)، صحيح سنن الترمذي رقم (2135).(14/201)
3- قاتل النفس المعصومة عمداً:
قال الله تعالى: ( گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ?) [النساء: 93].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عَامًا» أخرجه البخاري صلى الله عليه وسلم (1).
4- الزناة والزواني:
5- آكلو الربا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم رؤيا».. وفيه أنه قال ذات غداة: «هَلْ رَأى أحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟». قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ الله أنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ: ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْمَرَّةَ الأُولَى.
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (3166).(14/202)
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ -قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أبُو رَجَاءٍ -فَيَشُقُّ قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأولَى.
قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.
فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ -قَالَ: وَأحْسِبُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ- فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهبُ ضَوْضَوْا.
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ -حَسِبْتُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ- أحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَراً فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَألْقَمَهُ حَجَراً.
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.(14/203)
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَأتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ، كَأكْرَهِ مَا أنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا.
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.
فَانْطَلَقْنَا فَأتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لا أكَادُ أرَى رَأْسَهُ طُولا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأيْتُهُمْ قَطُّ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِق انْطَلِقْ.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أرَ رَوْضَةً قَطُّ أعْظَمَ مِنْهَا وَلا أحْسَنَ.
قَالَ: قَالا لِي: ارْقَ فِيهَا قَالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأتَيْنَا باب الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأحْسَنِ مَا أنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأقْبَحِ مَا أنْتَ رَاءٍ.
قَالَ: قَالا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ: وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ مِنَ الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أحْسَنِ صُورَةٍ.
قَالَ: قَالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي صُعُداً، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ.
قَالَ: قَالا لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ الله فِيكُمَا ذَرَانِي فَأدْخُلَهُ.
قَالا: أمَّا الآنَ فَلا، وَأنْتَ دَاخِلَهُ.(14/204)
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَباً، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأيْتُ؟.
قَالَ: قَالا لِي: أمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الَّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ.
وَأمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ.
وَأمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي.
وَأمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجارةَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
وَأمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.
وَأمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ (.
وَأمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ». قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ الله، وَأوْلادُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله (: «وَأوْلادُ الْمُشْرِكِينَ.
وَأمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَناً وَشَطْرٌ [مِنْهُمْ] قَبِيحاً، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً، تَجَاوَزَ الله عَنْهُمْ» أخرجه البخاري صلى الله عليه وسلم (1).
6- المصورون:
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (7047).(14/205)
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ مُصوِّرٍ في النّارِ، يَجعَلُ لهُ، بكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرها، نفساًً فتعذِّبُهُ في جَهنَّم» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدُّنيا كُلِّفَ أَنْ يَنفُخَ فيهَا الرُّوحَ يَوْمَ القِيامَةِ، وَليسَ بِنافِخٍ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
7- آكل مال اليتيم:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ) [النساء: 10].
أهل الكذب والغيبة والنميمة:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے) [الواقعة: 92-94].
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، -وفيه- فقلت يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» أخرجه الترمذي وابن ماجه صلى الله عليه وسلم (3).
* بكاء أهل النار وصراخهم:
قال الله تعالى: ( چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ) [التوبة: 81، 82].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فاطر: 37].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنبياء: 100].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [الفرقان: 13، 14].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ??) [الفرقان: 27].
* دعاء أهل النار:
إذا دخل أهل النار فيها.. وأصابهم العذاب الشديد.. استغاثوا ونادوا لعلهم يجدون من يغيثهم ويجيبهم.
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2110).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7042)، ومسلم برقم (2110) واللفظ له.
(3) صحيح: أخرجه الترمذي برقم (2616) واللفظ له، صحيح سنن الترمذي رقم 2110.
وأخرجه ابن ماجه برقم (3973)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (3209).(14/206)
فينادون أهل الجنة.. وينادون خزنة النار.. وينادون مالكاً خازن النار.. وينادون ربهم.. فلا يجابون إلا بما يزيد حسرتهم.. ثم يفقدون الأمل في الخروج منها.. ويأخذون في الزفير والشهيق.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعراف: 50].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [غافر: 49، 50].
وقال الله تعالى: ( ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزخرف: 77، 78].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ?) [المؤمنون: 106-108].
فإذا فقد أهل النار الأمل في الخروج منها وأيسوا من أي خير أخذوا في الزفير والشهيق كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [هود: 106، 107].
عياذاً بالله من غضب الله وسخطه وعقوبته.
اللهم ارزقنا الجنة.. وأجرنا من النار.. أنت مولانا.. فنعم المولى.. ونعم النصير.
* تخاصم أهل النار:
حينما يرى الكفار ما أعد الله لهم من العذاب.. ويعاينون تلك الأهوال.. يمقتون أنفسهم.. ويمقتون أحبابهم وخلانهم في الدنيا.. وتنقلب كل محبة بينهم في الدنيا إلى عداوة.
وعند ذلك يخاصم أهل النار بعضهم بعضاً.. ويحاج بعضهم بعضاً على اختلاف طبقاتهم:
1- مخاصمة العابدين لمعبوديهم: ( ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ) [الشعراء: 96-99].
2- مخاصمة الضعفاء للسادة:
قال الله تعالى: ( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [غافر: 47، 48].
3- تخاصم الأتباع مع قادة الضلال:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژڑ) [الصافات: 27-33].
4- تخاصم الكافر وقرينه الشيطان:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 27-29].(14/207)
5- ويبلغ الأمر أشده عندما يخاصم الإنسان أعضاءه.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فصلت: 19-21].
* دعاء أهل النار على من أضلهم:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ) [الأحزاب: 67، 68].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [فصلت: 29].
* خلود أهل النار:
الكفار والمشركون والمنافقون مخلدون في النار.. وأما عصاة الموحدين فهم تحت مشيئة الله.. إن شاء غفر لهم.. وإن شاء عذبهم بقدر ذنوبهم ثم أخرجهم إلى الجنة.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة: 68].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 48].
* خروج عصاة الموحدين من النار:
قال الله تعالى: ( ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ?) [مريم: 71، 72].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (44)، وأخرجه مسلم برقم (193) واللفظ له.(14/208)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يُعَذَّبُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ حَتَّى يَكُونُوا فِيهَا حُمَمًا ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرَّحْمَةُ فَيُخْرَجُونَ وَيُطْرَحُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ قَالَ فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْمَاءَ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْغُثَاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» أخرجه أحمد والترمذي صلى الله عليه وسلم (1).
* ميراث أهل الجنة منازل أهل النار:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ لَهُ مَنْزِلَانِ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( ژ ژ ڑ ڑ) [المؤمنون:10] أخرجه ابن ماجه صلى الله عليه وسلم (2).
* قرب الجنة والنار:
الطاعة موصلة إلى الجنة.. والمعصية موصلة إلى النار.. والطاعة والمعصية قد تكون في أيسر الأشياء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الْجَنَّةُ أقْرَبُ إِلَى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» أخرجه البخاري صلى الله عليه وسلم (3).
* حجاب الجنة والنار:
الجنة لا يوصل إليها إلا بقطع مفاوز المكاره والمشقات.. والنار لا ينجو منها إلا بترك الشهوات المحرمة والشاغلة عن فعل المأمورات.. فالجنة محجوبة بالمكاره.. والنار محجوبة بالشهوات.. فمن هتك الحجاب اقتحم هذه أو هذه.
__________
(1) صحيح: أخرجه أحمد برقم (15268)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (2451).
وأخرجه الترمذي برقم (2597) وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (2094).
(2) صحيح: أخرجه ابن ماجه برقم (4341)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (3503).
(3) أخرجه البخاري برقم (6488).(14/209)
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* احتجاج الجنة والنار وحكم الله بينهما:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «احْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ هَذِهِ: يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ هَذِهِ: يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ، فَقَالَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ: أنْتِ عَذَابِي أعَذِّبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ صلى الله عليه وسلم وَرُبَّمَا قَالَ: أصِيبُ بِكِ مَنْ أشَاءُ) وَقَالَ لِهَذِهِ: أنْتِ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
* خلود أهل الجنة وأهل النار:
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [هود: 106-108].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [المائدة: 36، 37].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِذَا صَارَ أهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أهْلَ الْجَنَّةِ لا مَوْتَ، وَيَا أهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلَى حُزْنِهِمْ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (3).
الطريق إلى الجنة:
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6478) واللفظ له، ومسلم برقم (2823).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4850)، ومسلم برقم (2846) واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6548)، واللفظ له، ومسلم برقم (2850).(14/210)
الطريق إلى الجنة هو سلوك الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة بطاعة الله ورسوله.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 13].
وقال الله تعالى: ( ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ) [النساء: 69، 70].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ أمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* الطرق إلى النار:
الطرق إلى النار كثيرة ويجمعها الكفر والشرك ومعصية الله ورسوله.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 14].
وقال الله تعالى: ( چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ) [المائدة: 72].
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: «أتَى النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ ا?! مَا الْمُوجِبَتَانِ؟ فَقَالَ: «مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِا? شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِا? شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (2).
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
فأي شقاء أعقبه الكفر بالله ومعصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟.
وأي خسار وهلاك وضلال فوق هذا؟.
وأي خزي وشماتة حلَّت بأعداء الله ورسوله ودينه؟.
إن أمام كل كافر، وأمام كل عاص، عذاب وإهانة، جزاء إعراضهم عن الدين، وانتهاكهم حرمات الله، وعدم المبالاة بأوامره.
إن هؤلاء أشقى الخلق إطلاقاً.
هم الأشقى في الدنيا بأرواحهم الخاوية الميتة.. وهم الأشقى في الآخرة بعذابها الذي لا يعرف له مدى.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7280) واللفظ له، ومسلم برقم (1835).
(2) أخرجه مسلم برقم (93).(14/211)
وهؤلاء لا ينتفعون بذكرى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعلى: 9-13].
والنار الكبرى هي نار جهنم، الكبرى بشدتها، والكبرى بمدتها، والكبرى بضخامتها، والكبرى بإحراقها.
فلا مَنْ فيها يموت فيجد طعم الراحة، ولا هو يحيا في أمن وراحة.
إنما هو العذاب الخالد، الذي يتطلع صاحبه إلى الموت كما يتطلع إلى أحسن أمانيه.
فلله كم حجم هذا العذاب الذي الموت ألذ شيء يتمناه الإنسان للفرار منه، والنجاة من هوله وألمه؟.
ويوم القيامة يصل كل إنسان إلى دار إقامته، وإلى ما أعد الله له من النعيم أو العذاب، فللمؤمنين دار النعيم، وللمكذبين بالساعة عذاب جهنم، وقد سُعِّرت ودَبَّت فيها الحياة، فإذا هي تتغيظ وتزفر فيسمعون زفيرها وتغيظها، وهي تتحرق عليهم، وتصعد منها الزفرات غيظاً منهم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ?) [الفرقان: 11، 12].
وكيف حالهم إذا وصلوا إليها؟، وكيف حالهم إذا دخلوا فيها؟.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [الفرقان: 13، 14].
فهل ذلك السعير، وذلك الزفير، وذلك العذاب خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون؟.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الفرقان: 15، 16].
إن عذاب الله شديد لكل كافر، لكل مشرك، لكل عاص، لكل مجرم، لكل مفسد، لا يمكن أن يفتديه الإنسان بالبنين والزوج والأخ والعشيرة، ومن في الأرض جميعاً: ( ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ) [المعارج: 11-14].
إن هذا المجرم من الهول والرعب الذي يراه يود لو يفتدي من عذاب النار بأعز الناس عليه، ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة ويناضل عنهم، ويعيش لهم.
بل إن لهفته على النجاة لتُفقده الشعور بغيره على الإطلاق، فيود لو يفتدي بأهل الأرض جميعاً لينجو ويفلت من العذاب.
فما أعظم كربه؟، وما أشد فزعه؟.
ولكن أنى له من الإفلات فهو محاصر بالعذاب: ( ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المعارج: 15-18].(14/212)
ألا ما أخطر الحال والمقام؟.
إنه مشهد مروع مخيف، تطير له النفس شعاعاً بعد ما أذهلها كرب الموقف وهوله، فقد أعد لهذا المجرم ناراً تلظى وتحرق، وتنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس، ومقامع تكسر الهامات، وغساق ينشب في الحلوق، وطعام الزقوم والغسلين، وثياب من نار، وفرش من نار، وسلاسل وأغلال من نار، وسجن مظلم.
ونار تدعو كل من أدبر وتولى، تدعوه كما كان من قبل يدعى إلى الهدى فيدبر ويتولى.
ولكنه اليوم إذ تدعوه جهنم لا يمكن أن يدبر ويتولى، ولقد كان من قبل مشغولاً عن الدعوة بجمع المال بأي وسيلة، وحفظه في الأوعية.
فأما يوم القيامة فالدعوة من جهنم لا يمكن أن يلهو عنها، ولا يملك أن يفتدي بما في الأرض كلها منها، ولو جاء بذلك كله ما تقبل منه فليس هذا مكانه، وليس هذا وقت قبوله.
فما أخسر من جمع المال في الأوعية، وصرفه فيما حرم الله، إلى جانب الكفر والتكذيب والمعصية، وما أشد عذابهم عند ربهم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [المائدة: 36-37].
إن الذي يسكن في أرض الله، ويأكل من رزق الله، ويتمتع بنعم الله، ثم يكفر بالله، ويشرك به، ويعصي أمره، ويعاند رسله، ويحارب أولياءه، ويصد عن سبيله، لجدير بكل عقوبة جزاء كفره ورده الهدى: ( ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ) [ق: 24-26].
فهذا الملقى في جهنم جره الشيطان إليها بست سلاسل:
الأولى: أنه كَفَّار لنعم الله وحقوقه، كفار بدينه وتوحيده، وأسمائه وصفاته، كفار برسله وملائكته، كفار بكتبه ولقائه.
الثانية: أنه معاند للحق بدفعه جحداً وعناداً.
الثالثة: أنه منَّاع للخير، وهذا يعم منعه للخير الذي هو إحسان إلى نفسه من الطاعات والقرب إلى الله، والخير الذي هو إحسان إلى الناس، فليس فيه خير لنفسه، ولا لبني جنسه، كما هو حال أكثر الخلق.
الرابعة: أنه مع منعه للخير معتد على الناس، ظلوم غشوم، معتد عليهم بيده ولسانه.(14/213)
الخامسة: أنه مريب صاحب ريب وشك، آت لكل ريبة.
السادسة: أنه مع ذلك مشرك بالله، قد اتخذ مع الله إلهاً آخر يعبده ويحبه، ويغضب له، ويرضى له، ويحلف باسمه، وينذر له، ويوالي فيه، ويعادي فيه.
ويختصم هو وقرينه من الشياطين، ويحيل الأمر عليه، وأنه هو الذي أطغاه وأضله، فيقول قرينه الشيطان: لم يكن لي قوة أن أضله وأطغيه، ولكن كان في ضلال بعيد، اختاره لنفسه وآثره على الحق كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 27].
ولكن الخصومة لا تنفع في ذلك الزمان والمكان، فيقول الرب موبخاً لهما: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 28].
وإذا كان أهل النار في جهنم يعذبون، وفي النار يسجرون، فإن أهل الجنة في النعيم يتلذذون كما قال سبحانه: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ) [الانفطار: 13، 14].
وإذا كان أهل النار يتلاعنون في النار، ويدعون بالويل والثبور، فإن أهل الجنة إخوان متحابون: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحجر: 47].
وإذا كان أهل النار يشتغلون بالتنابز واللعن والخصام، فأهل الجنة يشتغلون بالحمد والثناء لربهم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعراف: 43].
وإذا كان أهل النار ينادَوْن بالتحقير والتأنيب ليدخلوا مع أمم مثلهم من الجن والإنس في النار، فإن أهل الجنة ينادَوْن بالترحيب والتكريم لدخول الجنة( ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعراف: 43].
وإذا كان أهل النار وجوههم مسودة مظلمة مغبرة، فإن وجوه أهل الجنة مسفرة ضاحكة مستبشرة: ( ? ? ? ? ? ? ?) [عبس: 38، 39].
وإذا كان لباس أهل النار ثياب قطعت من نار وقطران، فإن لباس أهل الجنة من الحرير والسندس والإستبرق، وحليهم من الذهب والفضة واللؤلؤ( چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [فاطر: 33].(14/214)
وإذا كانت فرش أهل النار من نار، ولحفهم من نار، ومن فوقهم ظلل من النار، فإن أهل الجنة فرشهم بطائنها من إستبرق، وسررهم مرفوعة، ولهم نمارق ووسائد مصفوفة، وبسط مبثوثة: ( چ چ چ چ ? ? ?) [الرحمن: 76].
وإذا كان طعام الكفار في النار الزقوم والضريع والغسلين، وشرابهم الغساق والصديد والحميم، فإن طعام أهل الجنة فواكه مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وشرابهم من خمر لذة للشاربين، وعسل مصفى، ولبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن، ولهم فيها من كل الثمرات، أكلها دائم وظلها، وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، وقصور من ذهب وفضة، وغلمان وولدان للخدمة، وشباب بلا هرم، وصحة بلا مرض، ونعيم بلا بؤس، وحياة بلا موت، وخلود بلا فناء.
فيا لها من نعمة.. ويا لها من مسرة، فهل من مشمر إلى الجنة؟.
وهل من راغب في الحور الحسان اللاتي كأنهن الياقوت والمرجان؟.
وهل من مسارع لتلك القصور الفاخرة، والمساكن العالية، والفواكه اللذيذة، والأنهار الجارية، وكثبان المسك والكافور، وحصباء الدر والياقوت، وصحاف الذهب والفضة، ولباس الحرير والديباج؟.
( گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے) [الحديد: 21].
وليس بعد العمل الصالح إلا الجزاء الصالح، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.
فيا سبحان الله.. كم عند الكريم الرحيم لأوليائه من الكرامات( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزخرف: 70-73].
إن عيون الإنسانية كلها لا تستطيع أن ترى أو تحيط بما أعده الله لعباده الصالحين في الجنة من النعيم.
ثم قوة الأذن أقوى وأشمل من العين؛ لأن العين لا ترى إلا الظاهر، والأذن تسمع ما في الظاهر والباطن، وآذان البشرية كلها لا تستطيع أن تسمع وصف ما أعده الله من النعيم لأهل الجنة.(14/215)
ثم قوة الخيال أقوى من كل قوة في الإنسانية، ففي ثانية واحدة يستطيع الإنسان أن يصل بتصوره وخياله إلى أقطار السموات والأرض، ثم يرجع بخياله.
فتلك الدار التي أعدها الله لعباده المؤمنين فوق ما نتصور، وأعظم مما نتخيل، وأكبر مما نتوقع.
فمن حيث المساكن يعطى أدنى مسلم في الجنة مثل هذه الدنيا عشر مرات، وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها.
وإذا كان هذا نصيب أدنى إنسان في الجنة، فكم يكون نصيب أعلى إنسان في الجنة؟ وكم جنات الرسل؟ وكم جنات سيد الرسل؟ وكم جنات المجاهدين؟.
ومن حيث المساكن قصور فاخرة، وقصور معلقة، وخيام واسعة كثيرة، وللمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة طولها ستون ميلاً في السماء.
وطعام أهلها أشكال وألوان، فواكه مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفيها من كل فاكهة زوجان، فيها فاكهة ونخل ورمان، وجنات من أعناب ونخيل، قطوفها دانية: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحاقة: 24].
فأين المشمرون لمثل هذا؟.. وأين المسارعون إليه؟.
وأين المتسابقون للفوز به؟.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «قال اللهُ تَعَالى: أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ، وَلااُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ( ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ) [السجدة:17]» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
وما أعظم نعيم المؤمنين برؤية ربهم يوم القيامة، والرؤية أمر وجودي لا يتعلق إلا بموجود، وما كان أكمل وجوداً كان أحق أن يُرى، فالباري سبحانه أحق أن يُرى من كل ما سواه؛ لأن وجوده أكمل من كل موجود سواه.
فإنْ تعذُّرَ الرؤية:
إما لخفاء المرئي.. وإما لآفة وضعف في الرائي.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3244) واللفظ له، ومسلم برقم (2824).(14/216)
والرب سبحانه أظهر من كل موجود، وإنما تعذرت رؤيته في الدنيا لضعف القوة الباصرة عن النظر إليه، وأما في دار البقاء فتكون قوة بصر المؤمنين في غاية القوة؛ لأنها دائمة فقويت على رؤيته والنظر إليه كما قال سبحانه: ( پ ? ? ? ? ? ? ?) [القيامة: 22، 23].
وأعظم نعيم في الجنة رؤية المؤمنين لربهم، ورضاه عنهم.
والله جلَّ جلاله هو الأكبر، وهو الكبير المتعال، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، وأنه لعظمته سبحانه لا يُدْرك بحيث يحاط به، والإدراك هو الإحاطة بالشيء، وهو قدر زائد على الرؤية.
وهو سبحانه أعظم من أن تدركه الأبصار أو تحيط به: ( ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ?) [الأنعام: 103].
فالمؤمنون ينظرون إلى الله ويرونه، ولكن لا تحيط أبصارهم به لعظمته وكبريائه وجلاله، وبصره يحيط بهم لأنهم خلقه، وجميع المخلوقات كالذرة بالنسبة إليه، والله بكل شيء محيط.
وكما يَعْلَم الخلق ما عَلَّمهم الله، ولا يحيطون بشيء من علمه، ويرزقهم ولا يحيطون بشيء من رزقه، ويكلم ويسمع من شاء من خلقه، ولا يحيطون بكلامه ولا بسمعه.
فكذلك أكرم الله أهل الجنة برؤيته، لكن لا يحيطون به: ( پ ? ? ? ? ? ? ?) [القيامة: 22، 23].
والجنة وما فيها من النعيم كرامة من الله لأهل طاعته، ورضى الله عند العبد أكبر من الجنة وما فيها من النعيم كما قال سبحانه: ( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة: 72].
وهذا الرضا جزاء على رضاه عنهم في الدنيا ورضاهم عنه، ولما كان هذا الجزاء أفضل الجزاء كان سببه أفضل الأعمال، وهو الإيمان بالله والأعمال الصالحة: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ) [البينة: 7، 8].
فرضوان الرب عنهم أكبر من كل ما وعدوا به، وأيسر شيء من رضوانه سبحانه أكبر من الجنات وما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.(14/217)
ومن أعظم نعيم الجنة التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، وقرة العين بالقرب منه، والفوز برضوانه، ووالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجهه.
وإذا تجلى لهم سبحانه، ورأوا وجهه عياناً، نسوا ما هم فيه من النعيم، وذهلوا عنه، ولم يلتفتوا إليه.
وأي نعيم؟.. وأي لذة؟.. وأي قرة عين يداني ذلك؟.
وهل طابت الجنة وقامت إلا بذلك؟.
ومن عرف الله جل جلاله، وشهد مشهد حقه عليه، ومشهد تقصيره وذنوبه، وأبصر هذين المشهدين بقلبه علم وجزم بأن دخول الجنة برحمة الله.. واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال.. والنجاة من النار بعفو الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لا يُدْخِلُ أحَداً الْجَنَّةَ عَمَلُهُ». قَالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
فالعمل سبب لدخول الجنة، لكنه غير مستقل بحصوله، وليس العمل عوضاً عن الجنة، بل دخول الجنة برحمة الله، وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما كما سبق.
والله تبارك وتعالى بمنه وفضله وكرمه يقرب الجنة للمتقين كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 31-33].
فوصف الله أهل الجنة بأربع صفات:
إحداها: أن يكون العبد أواباً أي رجاعاً إلى الله من معصيته إلى طاعته، ومن الغفلة عنه إلى ذكره، كلما أذنب ذنباً استغفر الله منه.
الثانية: أن يكون حفيظاً لما ائتمنه الله عليه وافترضه، حافظاً لما استودعه الله من حقه ونعمته، ممسكاً عن معاصيه ونواهيه، فالحفيظ الممسك عما حرم الله عليه، والأواب المقبل على الله بطاعته.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6467) واللفظ له، ومسلم برقم (782).(14/218)
الثالثة: أن يكون ممن يخشى الله بالغيب، لكمال معرفته بربه وقدرته، وكمال علمه واطلاعه على تفاصيل أحوال العبد، ومعرفته بكتبه ورسله، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده.
فمن عرف هذا خشي الرحمن بالغيب.
الرابعة: أن يكون منيباً إلى ربه، راجعاً عن معصيته، مقبلاً على طاعته.
وجزاء من قامت بهم هذه الصفات أن يقال لهم: ( ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 34، 35].
فيدخلون الجنة دخولاً مقروناً بالسلامة من الآفات والشرور، مأموناً فيه جميع مكاره الأمور، فلا انقطاع لنعيمهم ولا كدر ولا تنغيص.
ذلك يوم الخلود الذي لا زوال له ولا موت، ولا شيء من المكدرات، ولهم فيه كل ما يشاؤون ويحبون من الملاذ والشهوات، ويزيدهم فوق ذلك أفضل نعيم وأكمله، وهو التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، والفوز برضاه، والتلذذ بسماع كلامه.
وقد جمع الله لأهل الجنة بين نوعي الزينة الظاهرة من اللباس والحلي، كما جمع لهم بين الزينة الظاهرة والباطنة، فجمَّل البواطن وأكمل لذتها بالشراب الطهور، وجمل السواعد بالأساور والحلي، وجمل الأبدان بثياب الحرير والسندس والإستبرق كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الإنسان: 21، 22].
والله تبارك وتعالى هو الرحمن الذي لا أرحم منه، الكريم الذي لا أكرم منه، ومن رحمته وكرمه أن أرسل رسله بدينه وشرعه الذي يصلهم بربهم، ويسعدهم في دنياهم وأخراهم.
والله سبحانه يغار على خلقه وعباده أن يصرفهم الشيطان عن دينهم.. ويغار على قلب عبده أن يكون معطلاً من الإيمان والتوحيد، ومن حبه وخوفه ورجائه، وأن يكون فيه غيره، فالله سبحانه خلق الآدمي لنفسه واختاره من بين خلقه، ويغار على لسان عبده أن يتعطل من ذكره، ويشتغل بذكر غيره.
ويغار على جوارحه أن تتعطل من طاعته، وتشتغل بمعصيته، فيقبُح بالعبد أن يغار مولاه الحق على قلبه ولسانه وجوارحه وهو لا يغار عليها.(14/219)
والله حكيم عليم إذا أراد بعبده خيراً سلَّط على قلبه إذا أعرض عنه واشتغل بحب غيره أنواع العذاب حتى يرجع قلبه إليه.
وإذا اشتغلت جوارحه بغير طاعته ابتلاها بأنواع البلاء، وهذا من غيرته سبحانه وتعالى على عبده.
والله عزَّ وجلَّ كما يغار على عبده المؤمن فهو يغار له ولحرمته، فيدفع سبحانه عن قلوب الذين آمنوا وجوارحهم وأهلهم وحريمهم وأموالهم، يدفع عنهم ذلك كله غيرة منه لهم كما غاروا لمحارمه من نفوسهم ومن غيرهم.
والله يغار على إمائه وعبيده شرعاً وقدراً، ومن أجل ذلك حرم الفواحش، وشرع عليها أعظم العقوبات، وأشنع القتلات، لشدة غيرته على إمائه وعبيده، فإن عطلت هذه العقوبات شرعاً أجراها سبحانه قدراً كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ?) [النساء: 123].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، والله لأنَا أغْيَرُ مِنْهُ، والله أغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنَّةَ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
* متى تمتلئ الجنة والنار؟:
جهنم لا تزال يلقى فيها من كفار الإنس والجن، وتقول هل من مزيد كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [ق: 30].
ولا تزال النار تطلب الزيادة حتى بضع رب العزة قدمه عليها، فينزوي بعضها إلى بعض.
والله عز وجل قد وعد النار ليملأنها من الجنة والناس أجمعين كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [السجدة: 13].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7416)، واللفظ له، ومسلم برقم (1499).(14/220)
والنار واسعة فلا تمتلئ حتى يضيقها الجبار على من فيها كما قال النبي (: «لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
أما الجنة فلا يضيقها سبحانه، بل ينشئ لها خلقاً فيدخلهم إياها؛ لأن الله يدخل الجنة من لم يعمل خيراً قط؛ لأن ذلك من باب الإحسان.
وأما العذاب بالنار فلا يكون إلا لمن كفر بالله وعصاه، عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يَبْقَى مِنَ الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَبْقَى، ثُمَّ يُنْشِئُ اللهُ تَعَالَى لَهَا خَلْقًا مِمَّا يَشَاءُ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (2).
13- طريق الفوز والنجاة
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأحزاب: 71].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ) [فصلت: 30-32].
لا يمكن للإنسان أن يسعد في الدنيا والآخرة إلا بأصول يسير عليها، وسنن يهتدي بها، وقدوة صالحة يقتدي بها.
وهذا الإنسان خلقه ربه، وأنزله إلى الأرض، وأكرمه بإنزال كتبه عليه، وإرسال رسله إليه، ليعرف ربه ومولاه، ويعيش في الحياة وفق أمر من خلقه واجتباه، فيسعد في الدنيا والآخرة، ويفوز بالجنة، وينجو من النار.
لهذا لا بدَّ لهذا الإنسان ليصل إلى الكمال من تربية تغذي جسمه.. وتنمي عقله.. وتهذب أخلاقه.. وتزكي روحه.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4848)، ومسلم يرقم (2848) واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (2848).(14/221)
وتربية الشيء هي القيام بتربيته وإنمائه وإصلاحه حتى يبلغ كماله، سواء كان من الكائنات الحية كالإنسان والحيوان، أو كان من المخلوقات النامية كالشجر والنبات.
فميادين التربية أربعة:
الإنسان.. والحيوان.. والأشجار.. والنبات.
وتربية الحيوانات والأشجار والنباتات تختلف باختلاف أنواعها، ولكل نوع منها طرق في تربيته خاصة به، ومربون مختصون.
وتربية الإنسان بشكل عام، والمسلم بشكل خاص، لها جوانب متعددة، وطرق مختلفة، وكلها متلقاة من مشكاة النبوة، يجمعها الإيمان بالله رباً.. وبالإسلام ديناً.. وبمحمد رسولاً.
وسعادة الإنسان وكماله متوقفان على حسن تربيته، وتربية الكمال البشري في الإنسان تتناول أربعة جوانب هي:
جسمه.. وعقله.. وخُلُقه.. وروحه.
فتربية الجسم ليبلغ الكمال في نمائه وصحته وبقائه تعتمد على إصلاح غذائه من طعام وشراب، وعلى نقاء الهواء الذي يتنفس به، والعناية بلباسه ومسكنه، ورياضة بدنه، واجتناب كل خبيث وفاسد من المأكولات والمشروبات كما قال سبحانه( چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [البقرة: 172].
وقال سبحانه في شأن آدم : ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ?) [طه: 118، 119].
وتربية العقل ليصبح الإنسان ذا قدرة كافية على الفهم والتذكر، وإصدار الأحكام الصحيحة على ما يعقله ويراه من المعقولات والمحسوسات، تكون بالتعلم والدراسة والتجربة، والنظر في الكونيات والتأمل فيها، والنظر في الآيات القرآنية والتفكر فيها.
وأكثر ما ينفع العقل في هذه التربية العلوم النافعة المتلقاة عن الله ورسوله، وأكبر ما يضر بها المعقولات الباطلة، والخرافات الضالة.
والجسم والعقل بينهما ارتباط وثيق، فالعقل لا يكمل بدون كمال الجسم، ولا ينمو إلا بنمائه، فكلما تقدمت سن الطفل تقدم نماء العقل.
وإذا عاد الجسم بسبب الكبر إلى الضعف، عاد العقل كذلك إلى الضعف، فنماء العقل تابع لنماء الجسم، وكل عناية بالجسم هي عناية بالعقل، وتربية أحدهما تربية للآخر.(14/222)
ومن هنا نجد أن الإسلام كما حرم كل ما يضر بالجسم من السموم والخبائث وغيرها، حرم كذلك كل ما يضر بالعقل كالخمر والمخدرات والحشيش وغيرها من الشرك والسحر، وكل ما يفسد العقل أو يضله، وما ذاك إلا للعناية بتربية العقل والمحافظة عليه.
أما تربية الخُلق، فالخُلق عَرَض من أعراض الروح البشرية، فإذا كان الروح سليماً كان الخلق سليماً، وإذا كان الروح مريضاً كانت الأخلاق مريضة رديئة.
فالخُلق مرآة تنعكس عليها صورة الروح البشري.
وقد اعتنى الإسلام بتربية الخلق الحسن في آيات وأحاديث كثيرة، ودعا الناس إلى التخلق بكل خلق جميل.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ں ں) [القلم: 4].
وقال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? چ چ چ) [الأعراف: 199].
وقال الله تعالى: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ) [فصلت: 34، 35].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ» أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد صلى الله عليه وسلم (1).
وبين الروح والخلق ارتباط وثيق، ومن هنا فالعناية بتربية الخلق هي نفسها العناية بتربية الروح.
وتربية الروح من أشد أنواع التربية صعوبة، وأكثرها تعقيداً، لخفاء الروح، وعدم ظهورها، فهي تحتاج إلى معلمين ربانيين مختصين.
فكما أن الجسم يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية فيعتل ويداوى بالأدوية فيشفى بإذن الله، فكذلك الروح يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية، فيداوى بالمناسب من الأدوية الروحية التي هي العبادات الشرعية، فيشفى بإذن الله عزَّ وجلَّ.
وكما أن الجسم إذا مرض تظهر عليه أعراض المرض من صفرة الوجه وشحوبته، وضعف الجسم وهزاله، فيعجز عن القول والعمل، والتفكير والحركة.
__________
(1) حسن: أخرجه أحمد برقم (8952).
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (276)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (45).(14/223)
فكذلك الروح إذا مرض تظهر عليه أعراض مرضه كالسرقة والخيانة والكذب والنفاق، وشرب الخمر، وارتكاب كبائر الإثم والفواحش.
وكما أن الجسم يتلوث بالأوساخ والأدران فيُغسل بالماء والصابون فينظف، فكذلك الروح يتلوث بالذنوب والمعاصي فيتطهر بالاستغفار والتوبة والندم، وفعل الأعمال الصالحة، فيعود إليه صفاؤه وطهره.
وكما أن بين الجسم والعقل ارتباط وثيق، فكذلك بين الروح والخلق ارتباط وثيق، ولا يكمل أحدهما بدون الآخر.
قال الله تعالى: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الجمعة: 2].
فالتزكية هي التربية الروحية والأخلاقية، فالروح يزكو بالعبادات وبمكارم الأخلاق، وتعليم الكتاب والحكمة هي التربية العقلية.
وسعادة الإنسان وكماله متوقفان على تربية جسمه وعقله، وأخلاقه وروحه.
وكما اهتم الإسلام بتربية البشر، فقد اعتنى أيضاً برجال التربية، وحث على احترامهم وتقديرهم، وفرض محبتهم، وأوجب طاعتهم فأعظم المربين، وسيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم قد أوجب الله محبته.. وطاعته.. وحذر من معصيته.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى أكُونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أجْمَعِين» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
وأوجب الله طاعته بقوله: ( ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 132].
وحذر من معصيته بقوله: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 14].
والحلقة المفقودة في حياة المسلمين اليوم هي انعدام المربين القادرين أو قلتهم، مع أن وجودهم ضروري لكمال الأمة وسعادتها.
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (15)، ومسلم برقم (44) واللفظ له.(14/224)
ومما يزيد في المحنة ويضاعف الألم أن الأمة الإسلامية لطول ما فقدت التربية الصحيحة قد فقدت الاستعداد النفسي لقبول التربية، ومن هنا فلا فائدة من وجود الدواء والأطباء إذا كان المريض يرفض التداوي به ويأباه، ومن هنا كان الخطر جسيماً، وزوال المرض عسيراً.
ولعل خير من يقوم بتهيئة الأمة لقبول التربية هم المربون الصالحون الصادقون، بما يوجهون به الأمة للاقتداء بخير القرون في العبادة.. والدعوة.. والتعليم.. وحسن الخلق.. وحسن المعاملات.. حسب ما ورد في كتاب ربهم.. وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم .. وذلك بطريقتين: جماعية وفردية.
فالجماعية: هي أن يتعاون المسلمون فيما بينهم، ويعيدون للمسجد دوره، ويجتمعون فيه كل يوم، ويتشاورون في أعمال الدين، وكيف يؤدونها، وكيف يكونون سبباً لنشرها في العالم، وكيف يفرغون الأوقات ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم ليكون الدين كله لله، ويتحقق مراد الله من عباده، وبذلك يزيد إيمانهم، وتصلح أعمالهم، وتحسن أخلاقهم، ويكونون أمة يقتدى بهم.
ويختارون عالماً بالكتاب والسنة مقتدياً بسلف الأمة، ويسندون له أمر تعليمهم، وتربية عقولهم وأرواحهم وأخلاقهم، ويعاهدونه على السمع والطاعة، فيعلمهم الكتاب والسنة، ويزكيهم بالأخلاق والآداب الإسلامية.
وهذه الطريقة هي التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه مدة حياته، فقد اتخذ دار الأرقم بن أبي الأرقم في مكة مجلساً له ولأصحابه يعلمهم ما يوحى إليه، ويربيهم بأوامر ربهم، ويعرفهم بعظمة ربهم ليكبروه، وبنعمه ليشكروه، وباليوم الآخر وما فيه ليتقوه.
ولما انتقل إلى المدينة صلى الله عليه وسلم ، كان أول عمل قام به هو بناء مسجد قباء، حيث بناه وجمع المؤمنين من ذلك الحي فيه، وأخذ يعلمهم ويربيهم بما يزكي قلوبهم، ويصلح نفوسهم.(14/225)
ولما دخل صلى الله عليه وسلم المدينة كان أول عمل قام به هو بناء المسجد النبوي، وجمع فيه المهاجرين والأنصار يصلي بهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم، ويتشاور معهم في إقامة الدين، وبعث المعلمين والدعاة والمجاهدين إلى أقطار الأرض.
ويستقبل فيه الوفود، والراغبين في الإسلام، ويعلمهم ويكرمهم.
وما هي إلا أيام وشهور وإذا رجال ونساء يتخرجون من هذا المسجد، هم خير رجال ونساء في العالم، إيماناً وتقوى، وعلماً وحكمة، وإحساناً ورحمة.
وعنه عليه الصلاة والسلام أخذ هذه الطريقة التربوية أصحابه، فكانوا نماذج في كمال التربية الإسلامية، ربوا الأمم والشعوب التي فتحوا بلادها على الطهر والصفاء، والعزة والكرامة، والصدق والمحبة.
ولما مات أولئك المربون الصادقون أقفرت الدنيا، وأصابها الظلام، وحل بها الخراب والدمار إلا ما شاء ربك.
أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً.. وأعمقها علماً.. وأقلها تكلفاً.. وأحسنها أخلاقاً.. وأصدقها حديثاً.. رضي الله عنهم ورضوا عنه( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [التوبة: 100].
هذه هي الطريقة التربوية الجماعية النافعة، فإن تعذرت يصار في إصلاح النفس إلى الطريقة التربوية الفردية.
فمن أراد تزكية نفسه وتكميلها، فإن عليه أن يخطو في تربية نفسه خطوتين:
الأولى: أن يُلزم نفسه وإن كانت كارهة بالقيام بالفرائض الدينية والواجبات الشرعية، ويلزمها فوراً بترك كل ما نهى الله ورسوله عنه ويأخذها في الفعل والترك بالقوة والحزم.
ثم يأخذ في رياضتها على فعل نوافل العبادات المختلفة من صلاة وصيام وصدقة وغيرها، وعلى التحلي بمكارم الأخلاق، وجميل الآداب.
والخطوة الثانية: أن يبحث عن عبد صالح عالم بالكتاب والسنة، وسيرة سلف الأمة، بصير بعيوب النفس، خبير بأحوالها، ويطلب منه التعاون معه على البر والتقوى، وبذل النصيحة، وإعانته على تربية نفسه، وحملها على طاعة الله.(14/226)
ويتعهد له بالطاعة الكاملة فيما يأمره وينهاه مما ورد في شرع الله ويصبر على ذلك، كما فعل موسى صلى الله عليه وسلم مع الخضر حين قال له( ک ک ک گ گ گ گ ? ?) [الكهف: 66].
فقال الخضر لموسى: ( ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ) [الكهف: 67، 68].
فقال موسى صلى الله عليه وسلم : ( ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ?) [الكهف: 69].
إن الطريق إلى الله سُكَّته الإيمان والأعمال الصالحة، والطريق إلى غير الله سُكَّته الأموال والأشياء.
والعاقل يضحي بالغالي لما هو أغلى منه، وهو الإيمان والأعمال الصالحة، وعمارة الدار الآخرة.
والإيمان الحقيقي هو الذي يدفع المسلم لتقديم أوامر الله على كل شيء.
وكل ما نراه في العالم من انتشار الشرك والقتل والزنا، والظلم والجهل، وفشو المنكرات والفواحش، ومحاربة الإسلام وأهله، فتلك وأمثالها أعراض لا أمراض، فإن ضعف الجسم نتيجة وليس سبباً.
والعلاج الصحيح أن نعالج المرض الأصلي، الذي أدى إلى ظهور هذه الأعراض في المسلمين وغيرهم، ومن ثم تزول تلك الأعراض من نفسها، ويتم بناء الإنسان وفق مراد الله منه بالعلم والإيمان والتوحيد، وأحسن الأخلاق.
ويتحقق ذلك بثلاثة أمور:
الأول: إصلاح جهاز الإرسال، وذلك باختيار أهل الإيمان والتقوى من العلماء والدعاة والخطباء والوعاظ، ليتم تعليم وتوجيه الأمة وتربيتها بواسطتهم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 104].
الثاني: اختيار المادة المرسلة، وذلك بأن يتم توجيه وتعليم وتربية الأمة من مصدرين كاملين لا ثالث لهما، وهما كتاب الله وسنة رسوله، ويطرح ما سواهما من كتب البدع والأباطيل، لتنشأ الأمة على معرفة الحق والعمل به وترك ما سواه كما قال سبحانه: ( چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [المائدة: 3].(14/227)
الثالث: تصفية جهاز الاستقبال، وذلك بتنقيته مما يمنع وصول الصوت وقبوله من الهوى والشبهات والشهوات، فإذا صُفَّي ونُظِّف من ذلك سهل على الإنسان معرفة ربه ومعبوده وخالقه ورازقه، ثم استقبل الأحكام والأوامر الشرعية عن حب ومعرفة وإيمان، وتلذذ بأدائها، وسُرَّ بفعلها: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الرعد: 28].
وسفينة الدين يجب المحافظة عليها؛ لئلا تغرق في بحار الجاهلية، والدين مسئولية الأمة جميعاً.
ترك الصلاة خرق في السفينة.. وترك الزكاة خرق في السفينة.. وترك الدعوة إلى الله خرق في السفينة.. وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خرق في السفنية.. وترك النصيحة خرق في السفينة.. ومخالفة أوامر الله ورسوله خرق في السفينة.
فاحذر أن تخرق السفينة، أو تسكت عمن يخرق السفينة، فإن لمن فعل ذلك خزي في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة كما قال سبحانه: ( ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ?) [البقرة: 85].
والمؤمنون هم لب العالم، وصفوة بني آدم، وقد وصفهم الله بصفات كريمة، إذا اتصف المسلم بها نال السعادة في الدنيا، والثواب العظيم في الآخرة وهم( ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ) [الرعد: 20-24].
والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة بيد الله وحده لا شريك له، والله عنده خزائن كل شيء، ويفعل ما يشاء بقدرته، ولا يحتاج إلى أحد، وهو سبحانه الذي جعل الفوز والفلاح لكل إنسان بامتثال أوامرالله على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم .
فالأنبياء والمرسلون كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أفلحوا هم وأتباعهم في الدنيا والآخرة مع قلة الأسباب، ونمرود وقارون وفرعون وأمثالهم خسروا في الدنيا والآخرة مع وجود أعظم الأسباب.(14/228)
ومن يطع الله ورسوله في التوحيد والإيمان، ثم في الأوامر على اختلاف درجاتها ويجتنب ما نهى الله ورسوله عنه من الشرك ثم المعاصي والمحرمات على اختلاف درجاتها، واستقام على ذلك حتى يلقى ربه.
فهذا قد فاز بالجنة ونجا من النار كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 13].
ومن كفر بالله وعصى الله ورسوله أدخله الله النار كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النساء: 14].
ويدخل في اسم المعصية الكفر وما دونه من المعاصي.
فالله سبحانه رتب دخول الجنة على طاعته وطاعة رسوله، ورتب دخول النار على معصيته ومعصية رسوله، فمن أطاعه طاعة تامة دخل الجنة بلا عذاب.
ومن عصى الله ورسوله معصية تامة فيها الشرك وما دونه دخل النار وخُلِّد فيها.
ومن اجتمع فيه طاعة ومعصية كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية، فالموحدون الذين لهم معاصي يعذبون في النار بقدر ذنوبهم، ثم يخرجهم الله إلى الجنة؛ لأن ما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود في النار.
وأنفع شيء للعبد في معاشه ومعاده تدبر القرآن، وجمع الفكر على معانيه وأحكامه وآدابه وعلومه.
فآيات الله القرآنية تُطْلِع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وتبين له طرقهما وثمراتهما ومآل أهلهما.. وتضع في يده مفاتيح كنوز السعادة في الدنيا والآخرة.. وتزكي عقله بالعلوم النافعة.. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه.. وتريه صورة الدنيا الفانية والآخرة الباقية.. وتريه صورة الجنة والنار.. وتحضره بين الأمم وتريه أيام الله فيهم.. وتعرفه بذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وعدله وإحسانه.. وتبين له ما يحبه الله ويرضاه.. وما يكرهه ويسخطه من الأقوال والأعمال.
وتُعرِّف العبد بالطريق الموصل إلى ربه.. وما له بعد القدوم عليه من الكرامة.
وتعرفه كذلك بالشيطان وما يدعو إليه.. والطريق الموصلة إليه.. وما لمن أطاعه من الإهانة والعذاب يوم القيامة.(14/229)
فهذه الأمور الستة ضرورية للعبد معرفتها ومشاهدتها، فبها يتميز له الحق من الباطل في كل ما اختلف فيه العالم، فتريه الحق حقاً والباطل باطلاً، ويكون له بمعرفتها فرقان ونور يفرق به بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، وتعطيه قوة في قلبه وانشراحاً في صدره.
فما أحسن تدبر القرآن، والاتعاظ بمواعظه، والتأدب بآدابه، والعمل بسننه وأحكامه، والتفكر في معاني آياته: ( ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ) [ص: 29].
والدواء كله يدور على أصلين:
حمية من الضار.. وحفظ الصحة بتناول الطيبات.
فإذا وقع التخليط احتاج الإنسان إلى الاستفراغ الموافق، فمدار الطب على هذه القواعد الثلاث.
والحمية حميتان:
حمية عما يجلب المرض، وهذه حمية الأصحاء.
وحمية عما يزيد المرض، وهي حمية المرضى، فالمريض إذا احتمى وقف مرضه.
وكذلك الاستقامة تقوم على أصلين:
فعل الأوامر.. واجتناب النواهي.
فإذا قصر العبد في فعل الأوامر، وارتكب المناهي، احتاج مع هذا التخليط إلى الاستفراغ بالتوبة النصوح لتزول عنه ذنوبه، ويعود إلى حاله.
والله عزَّ وجلَّ أكرم هذه الأمة بهذا الدين، وجهد سيد المرسلين، فهي خير الأمم على الإطلاق، وخير الناس للناس.
فدينها أحسن الأديان كما قال سبحانه: ( ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ?) [النساء: 125].
وكتابها أحسن الكتب كما قال سبحانه: ( ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ) [الزمر: 23].
ورسولها سيد الخلق كما قال صلى الله عليه وسلم : «أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأوَّلُ شَافِعٍ وَأوَّلُ مُشَفَّعٍ» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (1).
والدعوة إلى الله أحسن أعمالها كما قال سبحانه: ( چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [فصلت: 33].
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (2278).(14/230)
وهم أحسن الأمم على الإطلاق كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 110].
فلله الحمد والشكر حيث أكرم هذه الأمة بأحسن الأديان.. وأحسن الأقوال.. وأحسن الأعمال.. وأحسن الأخلاق.. وشرف هذه الأمة بأحسن الوظائف وأشرفها وهي الدعوة إلى الله كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 104].
والله تبارك وتعالى أعطانا أعظم شيء في خزائنه وهو الإيمان والتوحيد، وطلب منا القيام بالأعمال الصالحة التي تصلح بها حياتنا في الدنيا والآخرة.
لكن العمل بلا يقين كالجسد بلا روح لا فائدة فيه، واليقين أن تعتقد أن جميع الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة بيد الله وحده لا شريك له.
والتائه الضال إذا طلعت الشمس عرف الطريق وميز الحجر من الذهب، والحية من الحبل، وكذا إذا جاء نور الإيمان ميز الإنسان الحق من الباطل، بين الدنيا والآخرة، وآثر ما يبقى على ما يفنى، ورأى كل شيء على حقيقته، وقدم ما يحبه الرب على ما تحبه النفس.
والقلب إذا زاد فيه نور الإيمان أناب إلى الله، وأحب الطاعات وكره المعاصي.
والإيمان يزيد بالطاعات، والدعوة إلى الله، وبالدعوة تنزل الهداية على الخلق، لكن الباطل لا ينكسر إلا بالتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله.
والإيمان والتوحيد والعبادة حق الله على العباد.. فينبغي تذكيرهم دائماً بهذا الحق جميعاً.. ليؤدوا هذه الأعمال والوظائف لله رب العالمين كما تؤديها جميع الكائنات والمخلوقات لله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ?) [الحج: 18].
وحقيقة الدين اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله.. وعلى دينه وشرعه.. وعلى وعده ووعيده.
وإذا جاء هذا اليقين تغيرت العواطف كلها من المخلوق إلى الخالق، ومن الدنيا إلى الآخرة، ومن العادات إلى السنن.(14/231)
وجميع المخلوقات في قبضة الله.. فلا يكون شيء إلا بإذنه وعلمه.. ولا يتحرك شيء إلا بأمره.. ولا يسكن إلا بأمره.. فله سبحانه الخلق كله.. وله الأمر كله كما قال سبحانه: ( ں ں ? ? ? ? ? ? ہ ہ) [الأعراف: 54].
وكما أن أعضاء الإنسان كلها لا تتحرك إلا بوجود روحه، فكذلك هذا العالم وما فيه كالخردلة بيد الله لا يبقى ولا يتحرك ولا يسكن إلا بأمره سبحانه.
والقلوب محل نظر الرب سبحانه، وليس لقلوب العباد سرور ولا لذة تامة إلا بمعرفة الله ومحبته والتقرب إليه بما يحب، ولا تكون محبته خالصة إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه.
والإنسان عند طلب العلم الشرعي لا بدَّ أن يرى الله ويعلم أنه طالب راغب فيما عند الله، ثم الله ينفعه بما علم.
والأنبياء والصحابة عندهم فقه الدين، وأكثر الناس عندهم فقه الدنيا والشهوات، ولذلك صارت عندهم الغيرة على الدين أن ينقص؛ لأنهم اجتهدوا عليه، وضحوا بكل شيء من أجله.
ونحن عندنا الغيرة على الدنيا والشهوات أن تنقص؛ لأننا اجتهدنا على ذلك، وكل قلب اشتغل بشيء جاءت عنده العواطف لتحصيله وتكميله.
وإذا ضعف الإيمان سعى الناس لجمع الأموال وتكميل الشهوات، وانصرفوا عن تقوية الإيمان، وتكميل الأعمال الصالحة كما قال سبحانه: ( ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ?) [مريم: 59].
والله عزَّ وجلَّ خلقنا لعبادته، وتكميل الإيمان والأعمال الصالحة، والأخلاق والسنن والواجبات، لا لتكميل الأموال والشهوات والأشياء كما قال سبحانه( ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [الذاريات: 56-58].
فكل من أكمل محبوبات الله في الدنيا من الإيمان والتقوى، والعدل والإحسان، والصبر والتوبة، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، فالله يكمل محبوباته في الدنيا بالحياة الطيبة وفي الآخرة بالثواب الجزيل في الجنة كما قال سبحانه: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ?) [النحل: 97].(14/232)
وقيمة الإنسان بصفاته لا بذاته، ففي المخلوقات من هو أكبر منه وأقوى منه، ولا قيمة لأحد عند الله إلا بالإيمان والأعمال الصالحة فقط، فمن جاء بذلك أكرمه الله بالجنة يوم القيامة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [الحجرات: 13].
وقال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الكهف: 107، 108].
وكما يحتاج الإنسان كل يوم إلى الطعام والشراب لصلاح بدنه، كذلك يحتاج إلى الإيمان والأعمال الصالحة لصلاح قلبه.
ولا بدَّ لكل مسلم من أمرين:
العلم.. والذكر.
فالعلم لتحسين صورة العمل.. والذكر لترغيب النفس في العمل، والإكثار منه بذكر فضائله وحسن ثوابه.
وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ بتعلم أحكام الدين ليكون العمل موافقاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [آل عمران: 79].
وأمرنا سبحانه بتذكير الخلق بربهم وخالقهم ورازقهم.. تذكيرهم بعظمة الله ليعظموه.. وتذكيرهم بنعمه وإحسانه ليشكروه.. وتذكيرهم بدينه وشرعه.. وأمره ونهيه ليعبدوه ويطيعوه.. وتذكيرهم بما أعد لهم من الثواب والعقاب ليقبلوا على طاعته، ويحذروا من معصيته كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ?) [الذاريات: 55].
وقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يُذكِّر بالله وآياته وشرعه كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعلى: 9-19].
فعلى كل مسلم أن يُذكِّر بهذه الأوامر الحسنة، والأخبار الصادقة، فهذه أوامر في كل شريعة، وهي هامة لكونها عائدة إلى مصالح الدارين، وهي مصالح في كل زمان ومكان.
وبالإيمان والتوحيد والتذكير تطمئن القلوب بذكر الله.. وتنشط الجوارح لطاعة الله.. وتتحرك الألسنة بذكره وحمده وشكره.
والإيمان درجات، وهو يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.(14/233)
وإذا ضعف الإيمان ضعفت الأعمال وقلَّت، فيمكن أن تؤدى به العبادات كالصلاة والصيام، والذكر وتلاوة القرآن ونحوها.
أما حسن الأخلاق مع البشر، وحسن المعاملات، وحسن المعاشرات، فلا تكمل إلا بالإيمان الكامل، والإيمان الكامل لا يأتي إلا بالمجاهدة والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وبعد بذل الجهد لإعلاء كلمة الله تأتي الهداية كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ) [العنكبوت: 69].
فعلينا أن نؤدي الأمانة.. ونستقيم على أوامر الله.. ونقوم بالدعوة إلى الله بالأسباب إن وجدت، وبدون الأسباب إن لم توجد، والله يفتح لنا البركات، ويعطينا من خزائنه لنصرة دينه كما أمد المسلمين في غزوة بدر بالملائكة، وأنزل عليهم النصر مع قلة عددهم وعدتهم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ?) [آل عمران: 123].
وللاستفادة من قدرة الله ومن خزائن الله طريق واحد فقط هو الإيمان والتقوى بامتثال أوامر الله على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأعراف: 96].
وشريعة الله للبشر منذ عهد آدم إلى بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إنما هي جزء من تشريعه للكون، فالمخلوقات كلها تسير وفق أوامرالله الكونية، وأوامرالله الشرعية خاصة بالمكلفين من الإنس والجن، فمن شاء آمن، ومن شاء كفر، ومدار الثواب والعقاب على ما اختار العبد لنفسه.
فالأوامر الكونية والشرعية كلها من الله وحده، وطاعة الأوامر الشرعية سبب للفوز والفلاح، ومخالفة الأوامر الشرعية سبب للخسارة والهلاك كما قال سبحانه( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [النساء: 13، 14].
والدين خطوتان:
خطوة للعبادة.. وخطوة للدعوة.. وحياة النبي شيء.. وجهد النبي شيء آخر..(14/234)
فحياة النبي صلى الله عليه وسلم هي العبودية لله في جميع الأوقات والأحوال كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الأنعام: 162، 163].
تارة بين المخلوق والخالق بالعبادة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المزمل: 1-4].
وتارة بين المخلوق والمخلوق بالدعوة إلى الله كما قال سبحانه: ( ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المدثر: 1-5].
وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورثوا عنه حياته وجهده، وقاموا مع رسول الله بذلك حتى انتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ورضي الله عنهم ورضوا عنه كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [التوبة: 100].
وكثير من الناس يحب حياة النبي (، ويترك جهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والنصح للأمة، ولا فلاح ولا نجاة إلا بهذا وهذا كما قال سبحانه: ( ?? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ?) [العصر: 1-3].
والكفار من شياطين الإنس والجن يكرهون حياة النبي (، وجهد النبي (، ويحاربون بكل وسيلة من يقتدي بالنبي، ويقوم بجهد النبي، فهؤلاء لهم الشقاء في الدنيا والعذاب الشديد يوم القيامة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [النحل: 88].
ومن سمع الحق وعارضه وقاومه ولاه الله في الدنيا ما يتجهز به لنار جهنم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ?) [النساء: 115].
إن الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلموا حياة النبي صلى الله عليه وسلم بكافة جوانبها في جميع الأحوال، ويتعلموا جهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، ويستعملوا جميع الصلاحيات والطاقات لنشر الهداية والدعوة إلى الله( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الشورى: 15].
وبذلك يرضى الله عنا.. وتنزل الهداية.. والرحمة.. والنصر.. ويستجاب الدعاء.. وتحصل العزة.(14/235)
وبسبب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة دخل الناس في دين الله أفراداً.. وبعد كمال التضحية دخل الناس في دين الله أفواجاً.
وبسبب ضعف الإيمان وترك الدعوة بدأ الناس يخرجون من الدين أفراداً ثم أفواجاً، وصارت الأمة تخاف من المخلوق ولا تخاف من الخالق، وتخاف من بطش الرؤساء والأمراء، ولا تخاف من بطش العزيز الجبار الذي له ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير.
وحين كانت الأمة قائمة بالدعوة إلى الله كانت كل يوم تنزل الهداية، ويزيد الإيمان، ويظهر الحق ويزهق الباطل وينزل النصر، وتحصل البركات، وتنتشر الهداية.
فالعابد ميدانه نفسه.. والداعي ميدانه نفسه وكل الناس.. وكلاهما مطلوب لكن البحر لا يقارن بالقطرة.
والداعي يدعو الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والعالم يعلم الناس كيف يعبدون الله، والعابد هو الذي سَلَّم قلبه وجوارحه لربه.
فطوبى لمن رزقه الله ذلك كله، والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الجمعة: 4].
والدنيا لها جهد.. والدين له جهد، ولا بد من القيام بهما معاً لتصلح أحوالنا في الدنيا والآخرة، فللدنيا أسباب وللآخرة أسباب، لكن ينبغي العمل لكل واحدة بقدر بقائنا فيها، والدنيا بالنسبة للآخرة لا تساوي شيئاً.
والصحابة رضي الله عنهم لما عرفوا ذلك قدموا جهد الدين على جهد الدنيا فنزلت الهدايات، وجاءت المنافع والبركات والفتوحات.
والأمة الآن لما قدمت جهد الدنيا على جهد الدين أغلقت أبواب الهداية، وأصابتها الذلة، وحلت بها المصائب، وانتشرت فيها المعاصي، وتسلط عليها الأعداء.
إنه من العجيب حقاً، بل من المؤسف حقاً، أن تقف الأمة ضد مرتكب الجريمة في شأن المخلوق كالقاتل والسارق ولا تقف ضد مرتكب الجريمة في شأن أحكم الحاكمين بالكفر والشرك والبدع والمعاصي.
فلا تهتز قلوبها لرحمته.. ولا تنطق ألسنتها بدعوته.. ولا تتحرك جوارحها لهدايته وإرشاده إلى الصراط المستقيم.(14/236)
والله تبارك وتعالى خلق الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ) [الذاريات: 56-58].
والله عزَّ وجلَّ له مراد من عبده كما أن للعبد مراد من ربه.. ومراد الرب من عبده لمصلحة العبد.. فالله غني عن العالمين كما قال سبحانه: ( ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ?) [فاطر: 15].
كما أن مراد العبد من ربه لمصلحته هو كذلك كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ) [العنكبوت: 69].
فأما مراد الله من الخلق فسبعة أمور هي:
الأول: الإيمان والتوحيد كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التغابن: 8].
الثاني: العبادة كما قال سبحانه: ( گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ?) [الحج: 77].
الثالث: تعلم العلم الإلهي وتعليمه كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [محمد: 19].
وقال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ژژ) [آل عمران: 79].
الرابع: طاعة الله ورسوله في كل أمر كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 132].
الخامس: الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 104].
السادس: الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله كما قال سبحانه( ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة: 193].
السابع: الاستغفار والتوبة من الخطأ والتقصير كما قال سبحانه: ( ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [هود: 90].
هذا أعظم ما يريده الله من عباده، فإذا حقق العباد مراد الله منهم بالإيمان والتوحيد.. وعبادة الله وحده لا شريك له.. وتعلم دينه وشرعه وتعليمه.. وطاعة الله ورسوله في كل أمر.. والدعوة إلى الله.. والأمر بالمعروف.. والنهي عن المنكر.. والجهاد في سبيل الله.. وكثرة الاستغفار والتوبة من الخطأ والتقصير.
إذا حقق العباد ذلك أكرمهم الله تعالى بسبع كرامات هي أعظم مراد الخلق من ربهم وهي:(14/237)
الأول: الهداية إلى الصراط المستقيم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ہ ہ ہ ہ ھ) [العنكبوت: 69].
الثانية: الحياة الطيبة في الدنيا كما قال سبحانه: ( ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ?) [النحل: 97].
الثالثة: رضا الله عنهم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ?) [التوبة: 100].
الرابعة: دخولهم الجنة كما قال سبحانه: ( ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [التوبة: 72].
الخامسة: رؤية الرب عزَّ وجلَّ في الجنة كما قال سبحانه: ( پ ? ? ? ? ? ? ?) [القيامة: 22، 23].
السادسة: القرب من الرب في الجنة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ?) [القمر: 54، 55].
السابعة: سماع كلام الرب وسلامه في الجنة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?) [يس: 55-58].
ألا ما أعظم هذه الكرامات.. وما أعلى هذه الدرجات.. وما أحسن هذه التشريفات.. وما أكمل هذه المقامات.
فمن أراد هذا كله كاملاً موفراً فليحقق مراد الله منه، ليهنأ بما يريده من ربه ويتمناه لنفسه، ويسعد به إلى الأبد بالهداية إلى الصراط المستقيم.. والحصول على رضوان ربه.. والفوز بالجنة.. والنجاة من النار.. ورؤية ربه في الجنة.. والقرب منه.. وسماع كلامه.. والخلود الدائم في هذا النعيم المقيم كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ) [البينة: 7، 8].
يا حسرة على البشرية كم ضلت وأضلت وشقيت باتباع غير منهج الله؟.
يا حسرة على الإنسانية حين قادها العُمْي والشياطين وأضلوها عن سواء السبيل، وساقوها صراط الجحيم.
فهي كافرة بربها.. راكعة لهواها وشهواتها.. عاصية لخالقها.. مطيعة لعدوها.. تطيع الشيطان.. وتكفر بالرحمن: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الحج: 46].(14/238)
فواعجباً للبصير الذي نَوَّر الله قلبه بالإيمان كيف يهتدي ويقتدي بالعمي الذين لا يبصرون، وأهل الجهل الذين لا يعلمون: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الرعد: 19].
فليس الفلاح والنجاة إلا بالحق، واتباع أهل الحق من الرسل والأنبياء وأتباعهم.
والذين لا يستجيبون لهذا الحق هم بشهادة الله سبحانه عمي لا يتفكرون ولا يعقلون، والذين يستجيبون له هم أولو الألباب، وهؤلاء هم الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله، وتستجيب لطاعته، وتستلذ بمحبته وعبادته وامتثال أوامره، وتسكن لذلك وتستريح.
وإن الإنسان ليجد مصداق قول الله هذا في كل من يلقاه من الناس معرضاً عن ربه وعن هذا الحق الذي جاء به في صورته الكاملة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن هي إلا جبلات مطموسة.. وقلوب منكوسة.. وكائنات معطلة لا تشعر بعبودية المخلوقات لربها، وتسبيحها بحمده.. ولا تحس بطاعة الوجود كله لربه، وهو يسبح بحمده، وينطق بوحدانيته ويخضع لقدرته وتدبيره وتقديره كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النور: 41].
وإذا تقرر أن الذين لا يؤمنون بهذا الحق عمي بشهادة الله عزَّ وجلَّ فإنه لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله ورسوله، ويؤمن بأن هذا القرآن وحي من عند الله، أن يتلقى في أي شأن من شئون الحياة عن أعمى.
سواء في عباداته أو معاملاته أو معاشراته، أو أخلاقه أو نظام حياته.
فلا يليق بمسلم قط يعرف هدى الله، ويعرف هذا الحق الذي جاء به رسول الله أن يقعد مقعد التلميذ الذي يتلقى من أي إنسان لم يستجب لهذا الهدى، ولم يعلم أنه الحق، فهو أعمى بشهادة الله.. ولن يرد شهادة الله مسلم.. ثم يزعم بعد ذلك أنه مسلم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [المائدة: 50].
فكل نتاج فكري غير إسلامي ينظم حياة الناس ما عدا العلوم المادية البحتة كل ذلك من الجاهلية، واقتداء بالعمي، ورد لشهادة الله، وهو كفر بواح لمن اهتدى به.(14/239)
ومن العجيب أن من الناس من يزعم أنه مسلم، ثم يأخذ في منهج الحياة البشرية عن الشرق أو الغرب، من الذين يقول الله عنهم أنهم عمي، ثم يظل يزعم أنه مسلم.
إن هذا الدين حق لا باطل فيه.. جد لا هزل فيه.. كامل لا نقص فيه.. وحق في كل آية فيه.. وكل نص فيه.. وكل كلمة فيه.
فمن لم يجد في نفسه هذا اليقين، وهذا الجد، وهذه الثقة، فما أغنى هذا الدين عنه، وما أجدره بالعقوبة كما قال سبحانه: ( ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ?) [البقرة: 85].
فلا يجوز للمسلم أن يزهد بدينه، ولا ببعض أحكام دينه، ولا أن يثقل الواقع الجاهلي على حس المسلم حتى يتلقى من الجاهلية في منهج حياته، وهو يعلم أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق، وأن الذي لا يعلم أن هذا هو الحق أعمى، ثم يتبع هذا الأعمى ويتلقى عنه، بعد شهادة الله تبارك وتعالى.
إن هناك علاقة وثيقة بين الصلاح الذي يعم حياة البشر في هذه الأرض، وبين أولي الألباب الذين يؤمنون بالحق ويعملون به ويدعون إليه: ( ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ? ? ? ? ? ? ? ? ں ں ? ? ? ? ? ? ہ) [الرعد: 20-24].
كما أن هناك علاقة متينة بين الفساد الذي يصيب حياة البشر في هذه الأرض، وبين أولئك العمي عن الحق الذي جاء من عند الله لهداية البشر إلى الحق والخير والصلاح كما قال سبحانه: ( ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الرعد: 25].
فالذين يعلمون أن الإسلام هو الحق ويستجيبون له هم الذين يُصلحون في الأرض، وتزكو بهم الحياة.
كما أن الذين لا يستجيبون لعهد الله على الفطرة، ولا يستجيبون للحق الذي جاء من عند الله، ويعلمون أنه وحده الحق، هم الذين يفسدون في الأرض.
إن الفوز والنجاة، والسعادة والفلاح، لا يمكن أن تحصل للبشرية إلا بالإسلام الذي ارتضاه للبشرية ديناً إلى يوم القيامة.(14/240)
وحياة الناس لا تصلح قطعاً إلا بأن يتولى قيادتها المبصرون أولو الألباب الذين يعلمون أن ما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق.
ومن ثم يوفون بعهد الله على الفطرة.. وبعهد الله على آدم وذريته أن يعبدوا الله وحده.. فيدينوا له وحده ولا يتلقوا عن غيره.. ويطيعون ربهم ولا يتبعوا إلا أمره ونهيه.. ومن ثم يَصِلون ما أمر الله به أن يوصل.. ويخشون ربهم فيخافون أن يقع منهم ما نهى عنه وما يغضبه.. ويخافون سوء الحساب فيجعلون الآخرة في حسابهم في كل خالجة وكل حركة.. ويصبرون على الاستقامة على عهد الله ودينه بكل تكاليف الاستقامة.. ويتصلون بربهم بإقامة الصلاة على الدوام لربهم تعظيماً له وتكبيراً وحمداً وشكراً وسؤالاً واستغفاراً.. وينفقون مما رزقهم الله في سبل مرضاته سراً وعلانية.. ويدفعون السوء والفساد في الأرض بالصلاح والإحسان.
فما أعظم هذه الأصول.. وما أحسن هذه الصفات.. وما أصلح أهلها.. وما أجل ما يقدمونه لربهم من تعظيم وحمد وطاعة.. وما أعظم ما يحسنون به إلى أنفسهم وللبشرية من منافع وخير وصلاح: ( ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزمر: 18].
إن حياة الناس في الأرض لا تصلح قطعاً إلا بمثل هذه القيادة المبصرة التي تسير على هدى الله وحده، والتي تصوغ الحياة كلها وفق منهجه وهديه، وتستن بجميع ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم .
وتنشأ عن هذه القيادة المبصرة الاستقامة والعزة، والهداية والأمن، والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ) [فصلت: 30-32].
إن الأمم لا تصلح أبداً بالقيادات الضالة العمياء التي لا تعلم أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وحده، والتي تتبع مناهج أخرى غير منهج الله الذي ارتضاه لعباده الصالحين.(14/241)
إنها لا تصلح بمناهج الشرق أو الغرب، ولا تصلح بأي منهج قومي أو قبلي أو عالمي من نتاج البشر.
إن هذا كله من مناهج العمي الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد هو الحق وحده، الذي لا يجوز العدول عنه ولا التعديل فيه.
إنها لا تصلح بالقسوة والبطش والظلم.. ولا تصلح بالحرية والتميُّع.. وإطلاق الشهوات كالبهائم والأنعام.
فكل هذه المناهج سواء في كونها من مناهج العمي الذين يقيمون من أنفسهم أرباباً من دون الله، ويفعلون ما يشاؤون.
فيضعون مناهج الحكم ومناهج الحياة حسب أهوائهم.. ويُشرِّعون للناس ما لم يأذن به الله.. ويلزمون الناس بتنفيذه والعمل به.. ولو لم يأذن به الله.. ولو كان يُغضب الله.. ولو كان يشقى به الناس في الدنيا والآخرة، فما أشد جرم من صرف الناس عن هدى الله وأضلهم عنه بغير علم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [القصص: 50].
وآية هذا.. وبسبب قيادة العمي.. وطاعة العمي.. وتشريع العمي.. ودعوة العمي.. حل بالبشرية هذا البلاء العظيم.. وانفجر فيها هذا الفساد الطامي الذي يعم وجه الأرض.. وهذه الشقوة النكدة التي تعانيها البشرية في مشارق الأرض ومغاربها.. وتلك سنة الله التي لا تتبدل كما قال الله سبحانه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? پ پ پ پ ?) [طه: 124-126].
إن المؤمن حقاً يرفض بحكم إيمانه بالله وعلمه بأن ما أُنزل على محمد هو الحق كل دين غير دين الله.. وكل منهج للحياة غير منهج الله.. وكل شرع ومذهب ومنهج غير المنهج الوحيد.. والمذهب الوحيد.. والشرع الوحيد الذي سنه الله وارتضاه للصالحين من عباده.
ومجرد الاعتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من غير الله هو بذاته خروج من دائرة الإسلام لله: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ) [آل عمران: 85].(14/242)
وهذا الاعتراف فوق أنه يناقض مفهوم الإسلام، هو في الوقت ذاته يسلم الخلافة في هذه الأرض للعمي الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض كما قال سبحانه: ( ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الرعد: 25].
فهذا الفساد العظيم الذي حصل للبشرية في أنحاء الأرض مرتبط كل الارتباط بقيادة العمي: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ?) [النساء: 27].
ولقد شقيت البشرية في تاريخها كله، وما زالت تتخبط بين شتى الشرائع وشتى المناهج وشتى الأوضاع التي جَرَّت البشرية إلى كل بلاء وفتنة وشر، بقيادة أولئك العمي الذين يخدعون الناس بلباس أردية الفكر والعلم والحرية والوعود الكاذبة على مدار القرون.
ولا سعادة للبشرية في الدنيا والآخرة إلا أن تفيء إلى أمر الله.. إلى المنهج الرباني.. إلى الإيمان بالله ورسوله.. إلى طاعة الله ورسوله: ( ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ) [النساء: 66-70].
إن مسئولية كل مسلم ومسلمة أربعة أعمال، وهذه الأعمال هي مجموع وظائف الدين وهي:
تعلم الدين.. والعمل بالدين.. وتعليم الدين.. والدعوة إلى الدين.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ) [الجمعة: 4].
فيا سعادة من هو عابد لربه: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [الزمر: 9].
ويا سعادة من هو داع إلى الله وإلى دين الله وشرعه في مشارق الأرض ومغاربها، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له.
وما أعلى درجات من هو معلِّم لدين الله في جميع أوساط المسلمين، ليعبد الناس ربهم على بصيرة.
وما أعظم حسنات من أنفق ماله في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله.
ويا بشرى لكل من جاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله.(14/243)
ويا بشرى لكل من بادر للقيام بالأعمال الصالحة ابتغاء وجه ربه الأعلى: ( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة: 25].
هذا ما ندعو إليه.. وهذا ما نحبه لأنفسنا.. وهذا ما نحبه لكل إنسان إلى يوم القيامة: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [إبراهيم: 52].
وكل ما نحبه ونرجوه أن يصلح الله أحوال الأمة في الدنيا.. وأن يسكنهم الجنة في الآخرة.. وأن يهديهم إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [هود: 88].
اللهم: ( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [آل عمران: 8].
( ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ?) [الأعراف: 23].
( ? ? ? ? ? پ پ پ پ ?) [آل عمران: 53].
( ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ?) [الفرقان: 74].
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [آل عمران: 147].
( ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [النمل: 19].
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [نوح: 28].
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة: 201].
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?) [البقرة: 286].
( ? ? ں ں ? ? ? ? ? ?) [الأنبياء: 87].(14/244)
«اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَأسْرَرْتُ وَأعْلَنْتُ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، لا إِلَهَ إِلا أنْتَ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (1).
«اللَّهُمَّ! إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَبِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» متفق عليه صلى الله عليه وسلم (2).
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» أخرجه أحمد والترمذي صلى الله عليه وسلم (3).
«أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِا? رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَبِالإِسْلامِ دِينًا» أخرجه مسلم صلى الله عليه وسلم (4).
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
( ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ??) [الصافات: 180-182].
__________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7442) واللفظ له ومسلم برقم (769).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (834)، ومسلم برقم (2704) واللفظ له.
(3) صحيح: أخرجه أحمد برقم (10420).
وأخرجه الترمذي برقم (3433)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (2730).
(4) أخرجه مسلم برقم (386).(14/245)
تم الفراغ منه بفضل الله وعونه وتوفيقه يوم الاثنين السادس عشر من شهر رجب من عام 1427هـ.
- - - - - - - - - - -
فهرس الموضوعات
الباب الخامس عشر ... 2
فقه الدنيا والآخرة ... 2
1- فقه الدنيا والآخرة ... 2
2- قيمة الدنيا والآخرة ... 14
3- فقه حب الدنيا ... 18
4- فقه الحياة العالية ... 30
5- أحوال الخلق في الدنيا ... 47
1- حال الأشقياء ... 50
2- حال الظالم لنفسه ... 54
3- حال المقتصد ... 57
4- حال السابق بالخيرات ... 61
6- فقه الغربة ... 78
7- فقه الموت ... 81
8- فقه البعث والحشر ... 95
9- فقه الحساب ... 108
10- فقه درجات الآخرة ... 121
11- طبقات الخلق في الآخرة ... 128
12-دار القرار ... 140
1- صفة الجنة ... 142
2- صفة النار ... 175
13- طريق الفوز والنجاة ... 209(14/246)