منظمة التجارة العالمية
وآثارها الثقافية
وموقف المملكة فيها
* تعريف عام بالمنظمة .
* مجالات التجارة الدولية وموقف المملكة فيها .
* الاستثناءات المتعلقة بالهوية التي حصلت عليها المملكة .
* انضمام المملكة بين المكاسب والتكاليف .
* التحديات التي تواجه خطط التنمية والقطاعات التجارية .
* الميزات النسبية التي تتمتع بها المملكة .
* الآثار المتوقعة على بعض الجوانب الثقافية .
* اقتراحات لمواجهة الآثار السلبية الثقافية والاقتصادية المحتملة .
* خلاصة الموقف .
جمع وإعداد
د. إبراهيم الناصر
أولاً : تعريف عام بالمنظمة :
* نشأت المنظمة مع نهاية الجولة الثامنة من مفاوضات اتفاقية الجات GATT ( جولة الأورجواي : 1986 ـ 1994م ) والتي انتهت في مراكش لتبدأ عملها في 1/1/1995م باسم منظمة التجارة العالمية (WTO) ، فهي الوريث الحقيقي لاتفاقية الجات ( الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة )، التي نشأت عام 1947م فأصبحت المنظمة الجديدة هي المنظم والمنفذ والمراقب الوحيد لأحكام والتزامات واتفاقيات التجارة الدولية.
* تهدف المنظمة إلى تحرير التجارة الدولية بواسطة إيجاد نظام تجاري دولي متعدد الأطراف معتمد على قوى السوق ( العرض والطلب ) ، من خلال إزالة القيود والعوائق التي تمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول معتمدة على مبادئ رئيسية هي : تجارة بدون تمييز ( شرط المعاملة الوطنية ، شرط الدولة الأولى بالرعاية ) ، تجارة حرة من خلال التفاوض ( خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية والقيود الكمية وفتح الأسواق ) ، تعامل تجاري قابل للتوقع ( تثبيت الالتزامات والشفافية ).(1/1)
* تغطي المنظمة بأحكامها واتفاقياتها مجالات وأنشطة كثيرة ومتنوعة أكثر مما كانت اتفاقية الجات تغطيها وهي : تجارة السلع وعددها / 7177 / سلعة وتحكمها اتفاقية الـ(GATT94) ، وتجارة الخدمات وتشمل 12 قطاعاً رئيسيا و155 قطاعاً فرعيا وتحكمها اتفاقية الـ(GATS) ، وحقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة بالإحالة إلى أربع اتفاقيات رئيسية متعلقة بهذه الحقوق من خلال اتفاقية الـ(TRIPS) وهذه الاتفاقيات الثلاث هي محور اتفاقات منظمة التجارة العالمية(WTO) .
* يحتوي النظام الأساسي للمنظمة على أكثر من 60 اتفاقية ومبدأ وملحق ومذكرة تفاهم ( مطبوعة حاليا في 34 مجلداً ) ، وأهمها (28) اتفاقية متعددة الأطراف تشمل : ( في مجال السلع : الزراعة ، المنسوجات والملابس ، العوائق الفنية أمام التجارة ، الصحة والصحة النباتية ، الفحص قبل الشحن ، شهادات المنشأ ، تراخيص الاستيراد ، الإجراءات الوقائية الخاصة ، مكافحة الإغراق، التجارة ، وفي مجال الخدمات (6 اتفاقيات ) ، وكذلك مجال حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وغيرها .
* منظمة مستقلة وليست إحدى منظمات الأمم المتحدة ، يحكمها أعضاؤها ومقرها الرئيسي في جنيف وليس لها فروع ، ويعمل فيها حاليا ( 600 ) موظف ، وميزانيتها السنوية تتجاوز / 160/ مليون فرنك سويسري ( حوالي 130 مليون دولار ) ، ويتم تمويلها من خلال اشتراكات الدول الأعضاء .
* يبلغ عدد الأعضاء الحاليين 150 دولة ، منها 127 دولة كانت أعضاء في اتفاقية الجات و23 دولة انضمت فيما بعد وفق أسلوب التفاوض ، وآخر دولتين انضمتا قبل توقيع المملكة هما نيبال وكمبوديا ، وآخر دولة انضمت للمنظمة بعد المملكة هي مملكة تنجا في قارة أوقيانا .(1/2)
* أعلى سلطة في المنظمة هي المؤتمر الوزاري (Ministerial Conferecnce ) والذي يمثله وزراء التجارة والاقتصاد في الدول الأعضاء ، ويختص هذا المؤتمر باتخاذ القرارات الحاسمة للمنظمة وينعقد كل سنتين ، ويعمل كحكومة للعالم في مجال التجارة .
* للمنظمة مجلس عام أو مجلس عمومي (General Council ) يقوم مقام المؤتمر الوزاري في فترات عدم انعقاده ، وأمانة عامة (سكرتارية) ، ومدير عام ، وله أربعة نواب ، يتفرع من المجلس العام ثلاثة مجالس رئيسية ، وهي مجلس التجارة في السلع ، ومجلس التجارة في الخدمات ، ومجلس خاص بالأمور التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ، ويتبع لهذه المجالس العديد من اللجان ومجموعات العمل .
* يجتمع المجلس العام على هيئتين : هيئة جهاز لمراجعة السياسات التجارية ومتابعة المراجعات العادية للسياسات التجارية لكل دولة ، وهيئة جهاز لفض المنازعات التجارية ومتابعة إجراءات حسم المنازعات ، و تؤكد المنظمة على أهمية الحلول الودية بين الدول في المنازعات التجارية ، ولذلك فإن ما يقارب ثلثي القضايا المرفوعة للمنظمة تحل ودياً .
* عقدت المنظمة حتى تاريخه ستة مؤتمرات وزارية الأول في سنغافورة(1996م)، والثاني في جنيف (1998م) والثالث في سياتل (1999م) والرابع في الدوحة (2001م) والخامس في كانكون بالمكسيك ( 2003م ) والسادس في هونج كونج 2005 م ، ويعتبر المؤتمر الوزاري الثالث في سياتل ( 1999م ) ، والمؤتمر الوزاري الخامس ( كانكون 2003م ) من المؤتمرات الفاشلة للمنظمة ، ولم يتم خلالهما اتخاذ أي قرارات حاسمة ، وكان السبب الرئيسي في ذلك تكتل الدول النامية وتنسيق مواقفها أمام تعنت وممارسات الدول المتقدمة ، ورفضها تقديم أي تنازلات في الكثير من القضايا التي تهم الدول النامية .(1/3)
* يعتبر المؤتمر الوزاري الرابع في الدوحة ( 9 ــ 14/11/2001م ) أهم مؤتمرات المنظمة ، حيث تم الاتفاق خلاله على إطلاق مفاوضات شاملة في الكثير من المواضيع ( 21 موضوعاً ) سميت (أجندة الدوحة للتنمية) ، وشكلت لها لجان خاصة ترجع إلى لجنة عامة سميت بلجنة المفاوضات التجارية الشاملة ( TNC ) وهدفها المزيد من تحرير التجارة بطرح مبادرات جديدة أخرى كمعايير العمل / والتجارة والبيئة / والتجارة والاستثمار / وخدمات الطاقة / وتسهيل التجارة / والتجارة والصحة / والتجارة والتقنية / والقواعد الاقتصادية .
* يوجد حالياً اثنتا عشرة دولة عربية عضواً في المنظمة وهي: ( المغرب ، تونس ، مصر، موريتانيا ، جيبوتي ، الكويت ، الإمارات العربية المتحدة ، قطر ، البحرين، الأردن ، وعمان ، وأخيراً السعودية) ، وهناك 24 دولة تفاوض حالياً للانضمام للمنظمة منها أربع دول عربية وهي : ( لبنان ، الجزائر ، السودان ، اليمن) .
* الدول الراغبة في الانضمام تتقدم بطلب للمنظمة ، وعند الموافقة المبدئية يطلب منها تقديم وثيقة شاملة عن سياسيات الدول التجارية والمالية والاستثمارية وحماية حقوق الملكية الفكرية والنظام القضائي العام وطرق التقاضي وسبل التظلم كما تقدم أعضاء فريق التفاوض الذين يجب أن يكونوا من موظفي الدولة الرسميين .(1/4)
* بعد ذلك يتم تشكيل فريق عمل من ممثلي الدول الراغبة في المشاركة ممن تربطها علاقات تجارية مميزة مع الدول الراغبة في الانضمام ويحدد له رئيس ، وذلك للإشراف على عملية المفاوضات ، ومناقشة تقرير فريق العمل ( وثيقة أو برتوكول الانضمام ) ويختلف عدد الدول في فريق العمل حسب الثقل الاقتصادي للعضو المستجد فبينما كان فريق العمل المعني بانضمام تايوان 26 دولة وعمان 23 دولة والأردن 19 دولة كان العدد في حالة روسيا 63 دولة ، والصين 58 دولة ، والسعودية 52 دولة ، وخلال فترة المفاوضات تمنح الدولة صفة مراقب لحضور اجتماعات لجان المنظمة ومؤتمراتها .
* الانضمام للمنظمة يمر عبر ثلاثة مسارات تفاوضية متوازية ، فبعد تقديم المعلومات اللازمة عن جميع أوجه الاقتصاد والأنظمة وتقديم العروض الأولية الخاصة بالنفاذ لسوق السلع والخدمات تجري مفاوضات بين مجموعة من الدول الأعضاء وبين الدولة المستجدة تسمى مفاوضات عديدة الأطراف ( plurilaleral ) للتأكد من تطابق أنظمتها مع اتفاقيات المنظمة الأساسية ، وفي نفس الوقت تجري المفاوضات الثنائية ( Bilateral) بشأن هذه العروض حتى يتم الاتفاق النهائي الذي يوضع في وثيقة تسمى الجداول الموحدة النهائية للالتزامات في السلع والخدمات ، يُضمن في تقرير فريق العمل الذي يتم إقراره من خلال مفاوضات متعددة الأطراف مع جميع الدول الأعضاء ( multilateral) بحيث يتضمن بروتوكول الانضمام الوثائق الثلاث المعبرة عن نتائج المفاوضات الثلاث المتفق عليها وهذه الوثائق هي : جداول عروض السلع والخدمات الموحدة للالتزامات( Unified Schedules of Commitments )/ وتقرير فريق العمل ( Work Party report ) / والأنظمة واللوائح التنفيذية الصادرة عن الدولة ( Legislation ) .(1/5)
* تتركز رغبات الدول الأعضاء في المنظمة أثناء المفاوضات مع الدولة المستجدة على فئات السلع التي تنتجها هذه الدول ، حيث تتركز طلبات الوفد الأمريكي عادة على القمح والشعير والذرة والمعدات الثقيلة والأجهزة والطائرات والسيارات ، والإتحاد الأوربي على منتجات اللحوم والألبان والحديد والصلب والمنسوجات ، وسويسرا على الساعات والمجوهرات ، والهند وسريلانكا وتايلاند على الشاي والأرز والفواكه ، واليابان وكوريا وماليزيا على الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والمعادن والأخشاب ، والنرويج على الأسماك ، وتركيا على المنسوجات والسجاد ، ونيوزلندا واستراليا على المواد الغذائية والحبوب وهكذا بقية الدول.
* أصبحت متطلبات الانضمام للمنظمة الجديدة أكثر تعقيداً وأشد تكلفة وذلك لأن الدول المؤسسة لهذه المنظمة خاضت (8) جولات من المفاوضات الشاملة الشاقة عبر نصف قرن (1948-1994م) حتى نجحت في الاتفاق على النظام التجاري العالمي الذي يعظم لها مكاسبها التجارية ويحقق لها النفاذ للأسواق ، ولذا فإن الدول المتأخرة مطالبة بالانصياع لأحكام هذه الاتفاقيات وتقديم التزامات وخوض مفاوضات طوية وشاقة ، فبينما احتاجت الكويت التي انضمت عام (1952م) إلى يوم واحد فقط نجد أن الصين مثلاً استغرقت 15 سنة ، وتايوان 12 سنة وروسيا 10سنوات والجزائر مازالت تفاوض منذ 15 سنة ، أما السعودية فاستغرقت 8 سنوات ، عقد خلالها فريق العمل المكلف بالتفاوض معها 14 اجتماعاً بدأت في مايو 1996م ، وانتهت في أكتوبر 2005 م .(1/6)
* ومن حيث الالتزامات نجد أن الكويت التي انضمت مبكراً لاتفاقية الجات قبل المنظمة ثبتت رسومها الجمركية على كافة السلع عند مستوى 100% بينما اضطرت قطر والإمارات اللتان انضمتا للمنظمة عام (1995م) و (1996م) على التوالي تثبيت سقوفها الجمركية عند مستوى لا يزيد في المتوسط عن 15% وفي مجال الخدمات التزمت البحرين التي انضمت عام (1995م) بفتح 44% من سوق الخدمات للاستثمار الأجنبي في حين عمان التي انضمت عام (1999م) فتحت بنسبة 72% ، أما الأردن والصين اللتان انضمتا عام 2001م فبنسبة 86% ، وقل مثل ذلك في حق استخدام "معايير الحاجة الاقتصادية" في محال الخدمات التي حصل عليها الاتحاد الأوربي بينما لم تحصل عليها الدول المتأخرة في الانضمام .
* المنظمة بهذا العدد من الدول الأعضاء تشكل حوالي 80% من مجموع دول العالم وتستحوذ على 89% من التجارة الدولية في قطاعات السلع والخدمات والأفكار ، وعلى 90% من التعاملات المالية و 93% من خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات و 97% من حقوق الملكية الفكرية و 92% من الخدمات المالية والتأمين ، و 90% من خطوط الملاحة الجوية و 88% من مشتروات العالم في الطاقة والألمنيوم والحديد والبتركيماويات .
* والمنظمة بهذا الهدف - وهو تحرير النظام التجاري الدولي - تعتبر الضلع الثالث من أضلاع مثلث العولمة الاقتصادية مع صندوق النقد الدولي (IMF) الذي يشرف على تحرير النظام النقدي الدولي والسياسات النقدية ( أسعار الصرف / موازين المدفوعات / العجز والمديونية الخارجية / أسعار الفوائد / السقوف الائتمانية للبنوك ) ومع البنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD) والذي يشرف على تحرير النظام المالي الدولي ومساعدة الدول النامية ( تقديم قروض طويلة الأجل / التخصيص / الاستخدام الأمثل للموارد ) .
ثانياً : مجالات التجارة الدولية وموقف المملكة فيها :(1/7)
مجالات التجارة الدولية لدى المنظمة تتضمن ثلاثة قطاعات هي : قطاع السلع و قطاع الخدمات و قطاع الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية ، وفيما يلي تعريف مختصر لهذه القطاعات ، وبيان موجز لموقف المملكة فيها حسب ما ورد في وثائق بروتوكول اتفاق المملكة مع المنظمة :-
1- قطاع السلع :
* السلع الصناعية والزراعية المصنفة لدى المنظمة تبلغ 7177 سلعة ، وتحكم تجارة السلع الاتفاقية العامة بالتعريفات الجمركية والتجارة(الجات1994GATT ).
* يخضع تنظيم التجارة الدولية في قطاع السلع إلى 20 اتفاقية و 3 مذكرات تفاهم وعلى رأسها الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة ( الجات 47 ) والتي أبرمت بين الأطراف المتعاقدة عام (1947م) وعدلت لتكون إحدى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ( الجات 94 ) عام 1994م .
* من أبرز المشكلات بين الدول المتقدمة والدول النامية في تجارة السلع ؛ أن الدول المتقدمة تطالب الدول النامية بتخفيض السقوف الجمركية على الواردات الزراعية بينما تطالب الدول النامية الدول المتقدمة بتخفيض الدعم الزراعي وعدم دعم الصادرات .
* ستنخفض الرسوم الجمركية على 12% من عدد السلع البالغة 7177 خلال خمس سنوات من انضمام المملكة وعددها 870 سلعة ، 6% منها من البداية والباقي خلال خمس سنوات تدريجياً .
* من البداية ستنخفض رسوم بعض السلع من فئة20% إلى 15% مثل البلاستيك والورق والحديد والأثاث ، وإلى 10 % مثل زيوت المحركات ، وإلى 8% مثل الحلويات و الشوكولاتة وأنابيب الحديد.
* بعد خمس سنوات سيتم تخفيض الرسوم الجمركية من فئة 20 % وفئة 12% إلى 6.5 % مثل الأسمدة والبويات والصابون والعطور ومنتجات البلاستيك .
* التزمت المملكة بالإعفاء من الرسوم الجمركية لبعض السلع مثل المواد الصيدلانية وأجهزة تقنية المعلومات وبعد ثلاث سنوات سيتم إعفاء أجهزة الحاسب الآلي ولوازمها وأجهزة الاتصالات الهاتفية ( ثابت وجوال) .(1/8)
* سوف تلغى جميع الرسوم النوعية ، التي كانت تطبق كحد أدنى للتحصيل الجمركي على بعض السلع باستثناء الدجاج والبيض والتبغ .
* تبلغ السلع الزراعية 1320 سلعة تعادل 18 % من إجمالي السلع منها 165 سلعة صنفتها المملكة سلعاً حساسة نجحت في تحديد سقوف جمركية جيدة لها وهي أهم السلع الزراعية الرئيسية التي تم الاستثمار فيها خلال السنوات الماضية مثل التمور / القمح / الدجاج اللاحم / بيض المائدة / الحليب طويل الأجل / بعض الخضار والفاكهة.
* *90% من السلع الزراعية تزيد رسومها الجمركية الملتزم بها مع المنظمة " المثبتة " على الرسوم المطبقة ، ويبلغ متوسط الرسوم على السلع الزراعية حوالي 15% وهذا يزيد على الرسوم المطبقة بمقدار الضعف .
* بعض الرسوم الجمركية المطبقة على بعض السلع أقل من التزام المملكة تجاهها مع المنظمة والتوجه لعدم رفعها إلا عند الحاجة وبالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي ، كما يوجد 223 سلعة رسومها المطبقة صفر بينما لا يوجد سوى ثلاث سلع مثبتة مع المنظمة بصفر .
2- قطاع الخدمات :
* الخدمات هي الأنشطة التجارية في سلع غير حسية ( غير مجسدة ) مثل الاتصالات والتعليم والبنوك وتحكمها الاتفاقية العامة في الخدمات (GATS).(1/9)
* قطاع الخدمات يغطي جميع الأنشطة الخدمية فيما عدا التي تقع في نطاق صلاحيات الحكومة مثل خدمات المصارف المركزية ، والتأمينات الاجتماعية ، ومعاشات التقاعد والتي لا تقدم على أساس تجاري ولا تنافس الخدمات التي يقدمها الآخرون ، ويصنف قطاع الخدمات لدى المنظمة إلى 12 قطاعا رئيسيا و155 قطاعا فرعيا وأكبر نسبة في فتح أسواق الخدمات حصل في الدول المتقدمة كاستراليا وسويسرا وأمريكا ثم الاتحاد الأوربي والأقل نسبة حصل في الدول النامية مثل مصر والهند وإندونيسيا والأرجنتين وأما في المملكة فقد تم فتح 11 قطاعا رئيسا و 111 قطاعا فرعيا في اتفاق المملكة مع المنظمة وتم حجب الباقي لأسباب دينية وأمنية وصحية وبيئية استنادا إلى المادة (14 ) من اتفاقية الجاتس (GATTS ).
* قطاعات الخدمات الرئيسية هي : خدمات الاتصالات ومن ضمنها الاتصالات الهاتفية والسمعية والبصرية والبريد / خدمات الإنشاءات وما يتعلق بها من خدمات هندسية /خدمات الأعمال ومن ضمنها الخدمات المهنية والعقارية وخدمات التأجير / خدمات التوزيع ومن ضمنها خدمات البيع بالوكالة وتجارة الجملة والتجزئة وعقود الامتياز / الخدمات التربوية وتشمل التعليم بكافة مراحله وتعليم الكبار / الخدمات البيئية ومنها خدمات الصرف الصحي وتصريف النفايات والنظافة الصحية / الخدمات المالية ومن ضمنها التأمين والبنوك / الصحة والخدمات الاجتماعية ذات العلاقة / خدمات السياحة والسفر وما يتعلق بها / الخدمات الثقافية والترفيهية والرياضية / خدمات النقل ومن ضمنها النقل البحري والبري والجوي / خدمات أخرى غير واردة في أي قطاع مثل الخدمات المتصلة بالتجارة الإلكترونية ومثل إدارة الموارد الطبيعية كالطاقة ، والخدمات المقدمة من أجهزة حكومية مثل إدارة الجوازات ، شؤون الطيران المدني ، كذلك القواعد واللوائح الخاصة بالهجرة من بلد إلى آخر .(1/10)
* تبلغ نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي في العالم 40% في المتوسط ، وفي الدول النامية 50% بينما في السعودية 40% وهي نسبة تقل بكثير عن مثيلاتها في الدول الصناعية التي تصل إلى 70% حسب إحصائيات عام ( 2005م ) ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة في المملكة تدريجياً بعد الانضمام .
* مثلت التجارة العالمية في الخدمات نحو 23% من إجمالي حجم التجارة العالمية ( سلع وخدمات ) حيث بلغت قيمة الصادرات العالمية من الخدمات عام 2005م نحو (1440) مليار دولار ، وتشير إحصائيات المنظمة في منتصف عام 2003م إلى أن المملكة أحرزت المركز (21) بين الدول في واردات الخدمات لتصل إلى (18.3) مليار دولار وبذلك تحتل المملكة المركز الأول عربياً والمركز الثاني- بعد تركيا - إسلامياً في واردات الخدمات .
* أهم الالتزامات المحددة على القطاعات الرئيسية والفرعية في الخدمات في اتفاق المملكة مع المنظمة هي:
- خدمات الأعمال : الملكية الأجنبية في الخدمات المهنية تصل إلى 75% ( الخدمات القانونية / المحاسبية / الهندسية / الطبية ) ، عدم حضور المحامين الأجانب للمرافعة في المحاكم .
- خدمات الاتصال : الملكية الأجنبية في خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية من 49% - 70% حسب نوع الخدمة .
- خدمات التوزيع : الملكية الأجنبية 51% ترفع إلى 75% بعد ثلاث سنوات ، وبحد أدنى لرأس المال الأجنبي 20 مليون ريال لكل خدمة ، وبما لا يزيد عن منفذ واحد في كل حي ، مع تدريب 15% من السعوديين كل عام ، ويبقى وضع الوكلاء بالعمولة كما هو .
- الخدمات المالية : الملكية الأجنبية 60% (المصارف ، شركات التأمين).
- السفر والسياحة وما له علاقة : التراخيص حسب الحاجة الاقتصادية للبلد .(1/11)
- خدمات النقل : لم يتم فتح خدمات النقل البري والجوي للاستثمار الأجنبي وقصره على السعوديين لأسباب أمنية واستثناء مصر وتركيا وسوريا ولبنان وتونس من مبدأ الدولة الأولى بالرعاية في نشاط النقل البري حيث تتمتع هذه الدول باستثناءات إضافية وفق اتفاقيات ثنائية.
- الخدمات الترفيهية والثقافية والرياضية : تم فتح خدمات الحدائق العامة والمنتزهات فقط وحجبت خدمات التسلية ووكالات الأنباء والمكتبات والمتاحف والرياضة .
- الخدمات المصنفة بخدمات أخرى تم حجبها لأسباب أمنية وسياديّة .
* التزامات أفقية في قطاع الخدمات :
- الوجود التجاري للخدمات الأجنبية يتم وفقاً لنظام الشركات المساهمة أو ذات المسؤولية المحدودة ، أما خدمات الأعمال فوفقاً لنظام الشركات المهنية .
- جميع مقدمي الخدمات يلزمهم الحصول على التراخيص للعمل التجاري من الهيئة العامة للاستثمار .
- تطبيق الأنظمة واللوائح المحلية على جميع الخدمات الرئيسية والفرعية .
- لا تزيد نسبة العمالة الأجنبية على 25% من إجمالي القوى العاملة في الشركة الأجنبية العاملة في المملكة ، وقصر وظائف الاستقبال ، و إدارة التوظيف ، والمحاسبين ، ورجال الأمن ، والعلاقات العامة ، على السعوديين .
- يستطيع المستثمرون الأجانب الاستفادة من جميع الخدمات في المملكة عدا بعض الخدمات المعانة (الخدمات الصحية ، قروض البنك العقاري ، إعانات التعليم ونحوها) ، كما يمكن للشركات الأجنبية المصرح لها تملك العقار وفق نظام تملك العقار لغير السعوديين .
- وجود المستثمرين الأجانب في المملكة غير مقيد ، باستثناء ذوي الإقامات المؤقتة ، فرجال الأعمال الزائرون مدة إقامتهم 180 يوما ، والعاملون في الشركة سنتان قابلة للتجديد ، ومقدمو الخدمات وفق عقود تجارية مؤقتة 180 يوما قابلة للتجديد .
3- قطاع حقوق الملكية الفكرية:(1/12)
* يقصد بالملكية الفكرية منح أصحاب الأفكار الحق في تملكها والاستفادة المادية منها عن طريق حمايتها خلال فترة معينة ومنع الآخرين من التعدي عليها دون موافقة أو ترخيص من مالكها وقد صارت إحدى مجالات التجارة الدولية خلال مفاوضات جولة الأورجواي التي انتهت بإعلان منظمة التجارة العالمية في مراكش وتضمينها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية " تربسTRIPS"
* تنحصر هذه الاتفاقية في مجالات ثمانية هي : حقوق المؤلف والحقوق المتعلقة بها / العلامات التجارية / المؤشرات الجغرافية/ المعلومات السرية ( الأسرار التجارية ) / النماذج الصناعية ومدة الحماية 10 سنوات / براءات الاختراع ومدة الحماية 20 سنة/ التصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة ومدة الحماية 10 سنوات / الأصناف النباتية ومدة الحماية من 20-25 سنة.
* هناك لجنة دائمة لحقوق الملكية الفكرية في المملكة من الجهات ذوات العلاقة برئاسة وزارة التجارة والصناعة وقد عملت كإحدى اللجان الفنية في مفاوضات الانضمام .
* هذه الاتفاقية عبارة عن إحالة إلى الالتزام بأحكام عدد من الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وهي :
- اتفاقية ( باريس ) لحماية الملكية الصناعية .
- اتفاقية (بيرن ) لحماية المصنفات الأدبية والفنية .
- معاهدة الملكية الفكرية المتصلة بالدوائر المتكاملة .
- التفاهم بشأن تسوية المنازعات من الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (GATT 94 ).
ثالثاً :الاستثناءات المتعلقة بالهوية التي حصلت عليها المملكة :
جاءت جميع نتائج مفاوضات المملكة للانضمام في ثلاث وثائق رسمية هي :
1- وثيقة تقرير فريق العمل wt\acc\sau\61 .
2- وثيقة الجداول الموحدة للسلع wt\acc\sau\61\add1 .
3- وثيقة الجداول الموحدة للخدمات wy\acc\sau\61\add2.(1/13)
وهذه الوثائق الثلاث التي تتجاوز عدد صفحاتها 600 صفحة هي الوثائق الرسمية الوحيدة للانضمام ، وليس هناك أي وثائق أو اتفاقات أخرى غير هذه الوثائق ، ويمكن الإطلاع عليها من خلال موقع المنظمة على شبكة الانترنت www.wto.org ، وجميعها متعلق بالاقتصاد والتجارة والاستثمار وما يتصل بها من إجراءات وأنظمة ولوائح ، وليس فيها ما يتعارض بشكل مباشر مع الشريعة الإسلامية ، ولا ما يخل بالأمن والصحة والبيئة ، حيث تم الاستفادة من المادة(20) من اتفاقية الجات والمادة ( 14) من اتفاقية الجاتس للحصول على الحماية اللازمة .
من جانب آخر ليس لأحكام والتزامات الانضمام أي علاقة بأمور أخرى اجتماعية أو دينية بشكل مباشر مثل إنشاء دور للعبادة أو وضع الهيئات الدينية والخيرية أو وضع المرأة أو حقوق العمال ، ولم يتم التطرق خلال المفاوضات لجميع لهذه الموضوعات بشكل رسمي وعلى العموم فقد حظيت المملكة في انضمامها لمنظمة التجارة العالمية على بعض الاستثناءات لهويتها الإسلامية ويتضح ذلك من خلال الاستثناءات التالية :
1) في قطاع السلع :
منع استيراد السلع المحرمة (65 سلعة) تمثل الخمور بأنواعها ولحوم الخنزير ومشتقاتها ولحوم الضفادع وجميع الأغذية المحتوية على دماء الحيوانات ، وعدم قبول أي رسوم جمركية عليها حتى ولو كانت مرتفعة جداً .
2) في قطاع الخدمات :…
تم استثناء أحد الخدمات الرئيسية المسماة بـ(خدمات أخرى) وعدد من الخدمات الفرعية لأسباب دينية وأخلاقية وأمنية وصحية استناداً إلى الفقرة رقم (14) من اتفاقية الجاتس GATS (الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات) وأهم ذلك :-
أ - فيما يتعلق بخدمات الأعمال السمعية والبصرية Audio- Visual Works في خدمات الاتصالات ، لم يتم فتح خدمات النشر والمطابع والإنتاج السينمائي والتلفزيوني للاستثمار الأجنبي.(1/14)
ب - تم حجب أنشطة صالات القمار والبارات والأندية الليلية من الخدمات الثقافية والترفيهية والرياضية والتي تصنف ضمن نشاط فرعي يسمى التسلية ، ولم يفتح سوى خدمات الحدائق العامة والمنتزهات من الخدمات الترفيهية .
جـ - تم استثناء الخدمات الاجتماعية من الصحة والخدمات ذات العلاقة نظراً لحساسيتها في مجتمع مسلم محافظ كمجتمع المملكة.
د- لم يتم فتح خدمات الحج والعمرة للأجانب ، حيث تقتصر هذه الخدمة على السعوديين فقط .
هـ - تم فتح نشاط التأمين في الخدمات المالية أمام الاستثمار الأجنبي وفق نظام التأمين التعاوني (ولا يخفى أن المسمى تأميناً تعاونياً ما هو إلاّ محض تأمين تجاري في الغالب وهناك جهود لتصحيح الوضع).
و- تقديم الخدمات الرئيسية والفرعية لجميع المستثمرين وفق الأنظمة والضوابط والإجراءات المحلية.
ز- جميع المستثمرين الأجانب عليهم دفع الضرائب المقررة على أرباحهم، أما المستثمرون السعوديون فعليهم دفع الزكاة الشرعية فقط ، ماعدا الاستثمار في الغاز وإنتاج الزيت والمواد الهيدروكربونية ، فإن الجميع يخضع لنظام الضريبة.
3) في قطاع حقوق الملكية الفكرية :
تضمنت أنظمة ولوائح حقوق الملكية الفكرية التي تم إعدادها لمتطلبات الانضمام نصوصاً بعدم التزام المملكة بحماية ما يتعارض في تلك الحقوق مع أحكام الشريعة الإسلامية ، ومن ذلك :
أ - عدم حماية المؤشرات الجغرافية للخمور والمشروبات الكحولية لأنها سلع محرمة .
ب - تم حذف الخمور والمشروبات الكحولية من قائمة تصنيف السلع والخدمات الملحقة بنظام العلامات التجارية .
ج - نصت المادة الرابعة في نظام براءات الاختراع على عدم منح الحماية إذا كان الاستغلال التجاري مخالفاً للشريعة الإسلامية ، وكذلك ورد في المادة الثانية من نظام العلامات التجارية .
رابعاً : انضمام المملكة بين المكاسب والتكاليف :(1/15)
لا جدال في أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يحمل مكاسب وتكاليف فالمكاسب هي الاستثناءات التي حصلت عليها المملكة وعددها 59 والتكاليف هي الالتزامات التي قدمتها المملكة وعددها 58 ومن أمثلة الالتزامات :
إبقاء الضرائب على أرباح الشركات الأجنبية على حالها وهو 20% دون رفع وكذلك تخفيض الدعم الزراعي المباشر بحدود 13.3% في مدى عشر سنوات , ومن أمثلة الاستثناءات :
بقاء قروض البنوك الصناعية والزراعية وكذلك الإبقاء على إعفاء مدخلات الإنتاج المستورد من التعرفة الجمركية ، ولذا فالجدل قائم في أي من المكاسب والتكاليف أعظم ، وفيما يلي بيان ذلك :
1- المكاسب:
يرى البعض أن مكاسب الانضمام أكثر من تكاليفه ، ويمكن عرض أهم المكاسب في النقاط التالية:
أ - وجود المملكة داخل المنظمة سينعكس عليها إيجابياً من الناحية الاقتصادية ، لأن الانضمام يعطيها القدرة - بمشاركة بعض الدول المستفيدة - على توجيه مسارات القرارات وتفعيل سبل إطلاق المبادرات والتفاوض بشأن مصالحها، من خلال مشاركة فعالة في جميع القضايا التي تطرحها المنظمة للنقاش، مستفيدة من النظام التجاري العالمي ومنها هيئة حسم المنازعات للدفاع عن مصالح المملكة الاقتصادية ومن أهم ذلك تحرير استثناء النفط ومشتقاته من قبل عشرين دولة ( منها أمريكا واليابان وكندا والبحرين والكويت..............الخ ) .(1/16)
ب - سيتوسع نطاق التبادل التجاري بين المملكة والدول الأخرى الأعضاء وسينفتح اقتصاد المملكة على الاقتصاد العالمي بشكل أكبر، بحيث تتمكن الصادرات السعودية من النفاذ بسهولة إلى أسواق الدول ا?عضاء في المنظمة ، ?ن الرسوم الجمركية ستكون منخفضة أو ملغاة مع عدم التمييز في المعاملة بينها وبين منتجات أي عضو آخر، وعلى هذا فإن الصادرات السعودية سوف تزداد إلى ا?سواق العالمية وكأمثلة على ذلك فإن الصين ارتفعت صادراتها بمقدار 20% سنوياً وعمان 15% والأردن 10% بعد دخول هذه الدول إلى المنظمة .
جـ- إن عضوية المملكة في المنظمة ستحسن مناخ الاستثمار وستدعم برنامج ا?صلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة حاليا، لأنها ستجد نفسها ملزمة بتطبيق مبادئ المنظمة ومن ضمنها مبدأ الشفافية ، ووضوح الأنظمة والإجراءات ، وتوفير الحماية اللازمة ، ومنها حماية الحقوق الفكرية ، الذي سوف يحفز الابتكار والإبداع ،فلقد أصدرت المملكة 42 نظاما جديدا مع لوائحها التنفيذية كمتطلب للانضمام ومن أهمها أنظمة حقوق الملكية الفكرية وأنظمة القضاء الإجرائية ، ومن جهة أخرى فإن إضفاء المزيد من الانفتاح على السوق السعودية أمام السلع والخدمات ا?جنبية من شأنه التعجيل بعملية الخصصة وتعزيز مناخ المنافسة مما يحسن الإنتاجية ويخفض الأسعار ويقلل الفساد الإداري والمالي .(1/17)
د - حصول المملكة على استثناءات في جداول الخدمات والسلع وحقوق الملكية الفكرية فلم يفتح المجال الرئيسي المصنف تحت اسم " خدمات أخرى " لأسباب أمنية وسياديّة ، وحجبت عدد من المجالات الفرعية مثل نشاط التسلية لأسباب دينية وأخلاقية ومنع استيراد السلع المحرمة ، وتحديد نسبة العمالة ا?جنبية بما لا يزيد عن 25% من إجمالي العاملين ، وتطبيق الزكاة الشرعية على المستثمر السعودي في معظم مجالات الاستثمار وعدم حماية الحقوق الفكرية فيما يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية ، سيخفف من الآثار الثقافية السلبية للانضمام .
هـ- سيكون المستهلك مستفيداً من هذا الانضمام حيث ستتوفر أمامه خيارات أكبر من السلع والخدمات بأسعار أقل وجودة أعلى ، وستزيد ثقته في السلع المتوفرة التي سينحسر عنها الغش التجاري والتقليد والتلاعب با?سعار، حيث تخضع السلع المحلية وا?جنبية إلى قواعد وضوابط قوية.
و - فتح ا?نشطة الخدمية أمام الاستثمار الأجنبي سيثري الاقتصاد السعودي ، وسيضمن تدفق ا?موال والتقنية والخبرة في هذه الخدمات ويضاعف القيمة المضافة المحلية وكأمثلة على ذلك فإن القيمة المضافة في أسواق الصين والأردن من جراء تدفق الاستثمار الأجنبي بلغت 22% ، 17% على الترتيب بعد انضمامهما للمنظمة ، وسيسهم الانضمام في تنشيط القطاع الخاص، ويحقق التنوع في الاقتصاد المحلي، كما أنه يساعد على تأمين مزيد من فرص العمل لليد العاملة المتنامية مما يقلل من نسبة البطالة .(1/18)
ز - الإبقاء على الوضع القائم لبعض السياسات والبرامج التنموية مثل تسعيرة الغاز، ووضع بعض المؤسسات المملوكة للدولة مثل الصوامع ( ومؤسسات أخرى غيرها ) ، والصناديق الاقراضية ( كصندوق التنمية الزراعي والصناعي ) ، والسياسات العامة الزراعية الداخلة تحت ما يسمى بالصندوق الأخضر (Green Box) والتي تشمل بناء السدود ومكافحة الآفات والأبحاث والتطوير ونحو ذلك ، وتحديد نسبة العمالة الأجنبية بـ 25% ، وتدريب العمالة الوطنية ومجالات دعم أخرى مسموح بها من خلال أنظمة المنظمة أو حصلت عليه المملكة بالمفاوضات مع المنظمة ، كل ذلك من المكاسب للاقتصاد والتجارة المحلية .
2- التكاليف :
يتخوف البعض من آثار انضمام المملكة إلى المنظمة ، ? سيما على المدى المتوسط والبعيد، حيث إن هذه ا?ثار لن تظهر بشكل واضح في المدى القصير؛فالتأثير سيحدث بشكل تراكمي ، ومن ثم يمكن القول إن التكاليف تتزايد بمرور الوقت بعد الانضمام ففي دراسة قدمت لمنتدى الرياض الاقتصادي الثاني تبين أن 91% ممن شملهم الاستفتاء يعتقدون بأن تكاليف الانضمام أكبر بكثير من المكاسب وأن 90% من موردي الخدمات يرون أن قطاع الخدمات سوف يتأثر سلباً وأن 77% منهم لا يؤيدون الانضمام ، وفيما يلي ذكر لبعض هذه التكاليف :
أ - ارتفاع أسعار السلع المحمية بحقوق الملكية الفكرية، مثل: برامج الحاسب الآلي، و ا?دوية ، والحبوب المعدلة جينياً ، لأن القيود على استيراد المملكة للتقنية الحديثة ستزداد تعقيداً في ظل اتفاقيات المنظمة ، حيث ستلجأ كثير من الشركات المالكة لهذه التقنية إلى الحد من بيعها إلا بمبالغ باهظة.
ب - سيصبح للشركات ا?جنبية وجود قوي في السوق المحلية، خاصة في مجال الخدمات ، وهذا بدوره سينعكس سلباً على بعض الشركات والمؤسسات المحلية الصغيرة التي سُتجبر على الخروج من السوق لعدم قدرتها على المنافسة.(1/19)
جـ - تقليص الدعم المباشر للصادرات الزراعية والصناعية وارتفاع نسبة الملكية الأجنبية في بعض الخدمات و تقلص القائمة السلبية مع الوقت ، ومنح حق المفاوض الأول لبعض الدول على بعض السلع حسب المادة 28 من اتفاقية الجات 94( 2817 سلعة من 7559 سلعة ) سيزيد من أعباء وتكاليف الانضمام على التجارة المحلية .
د - التوجه في المفاوضات الحالية وفق " أجندة الدوحة للتنمية " لتخفيض الرسوم الجمركية على السلع الزراعية والصناعية وتخفيض الدعم الزراعي وزيادة النفاذ لأسواق الخدمات والالتزام باتفاقات جديدة على حساب الاتفاقات السابقة مما يؤثر على الالتزامات والاستثناءات التي حصلت عليها المملكة حال الانضمام .
هـ - فتح بعض قطاعات الخدمات للاستثمار ا?جنبي ونفاذ السلع قد يترتب عليه آثار ثقافية بما تحمل من أنماط اجتماعية وسلوكية غير مرغوبة، وينطبق ذلك خصوصا على قطاع التعليم الذي فتح بلا قيود خاصة ما قبل الجامعي إذ تحمل المدارس ا?جنبية آثارها الثقافية والسلوكية التي تتعارض مع سياسة التعليم الوطنية.(1/20)
هذه أهم المكاسب والتكاليف ويبقى الجدل قائماً في أي منهما أعظم،فيمكن أن يقال:- من الممكن تفادي هذه السلبيات بالاستعداد الجيد وإنشاء التكتلات الاقتصادية المحلية ا?قليمية، ودمج الشركات الوطنية مع بعضها البعض بما يحقق مزايا نسبية للإنتاج المحلي ، ومنع ظهور آثار ثقافية سلبية بتطبيق الأنظمة المحلية والضوابط المقررة . ويعزو البعض أن سبب المخاوف من آثار الانضمام إلى المنظمة ناجم عن غياب الدراسات وا?بحاث العلمية في هذا المجال التي تشرح طبيعة المنظمة ونشاطها ومميزات الانضمام إليها وسلبياتها ففي دراسة منتدى الرياض الاقتصادي الثاني أجاب 95% بأنهم يجهلون مبادئ واتفاقيات المنظمة ، والسبب الآخر لهذه المخاوف يعود إلى تصور البعض بأن المملكة قد قدمت تنازلات تتعلق بالقيم والثوابت الدينية والاجتماعية ، وهو أمر مبالغ فيه ، وفي كل ا?حوال فإن المادة (15) من اتفاقية المنظمة تعطي الحق ?ي دولة أن تنسحب من المنظمة في الحالات التي يثبت فيها أن قوانين المنظمة وقراراتها تسعى للنيل من سيادة الدولة العضو أو التدخل في شئونها الداخلية .
خامساً : أهم التحديات التي تواجه خطط التنمية والقطاعات التجارية في المملكة :
1 ) التحديات التي تواجه المملكة في التنمية :
- النفط يشكل 87% من إجمالي الصادرات فهو مصدر الدخل الرئيس .
- المواد المصنعة ونصف المصنعة تشكل 95% من إجمالي الواردات .
- تصنف المملكة في المركز الخامس بين أبطأ الدول في النمو الاقتصادي .
- وفي المركز السابع عشر بين أعلى الدول نسبة في نمو عدد السكان .
- وفي المركز السادس عشر بين أقل الدول استخداماً للعمالة المحلية .
- وفي المركز الخامس والستون بين الدول في تطوير الموارد البشرية .
- وليست ضمن الدول التي تهتم بالبحث العلمي حتى في المجالات التي تحتل فيها المراكز الأولى كالنفط وتحلية المياة .(1/21)
- وليست من الدول التي تصدر الخدمات بل هي المستهلك الأكبر ضمن الدول النامية .
- ويختفي اسم المملكة من قائمة الدول التي تحتل أفضل المراكز في قطاعات الاتصالات واستخدام الدوائر الالكترونية العددية واستخدام الأقمار الصناعية والمناطق الحرة .
- تراجع مستوى التعليم وازدحام الجامعات وعدم وجود إستراتيجية واضحة للتعليم الفني والتدريب المهني والإخفاق في اعتماد وسائل علمية في توطين العمالة .
- زيادة أعباء الديون الداخلية لتصل إلى نسب عالية من قيمة النتاج المحلي الإجمالي وانخفاض مستوى دخل الفرد في العقدين السابقين .
- وهناك تحدٍ آخر هو المحافظة على الموارد الطبيعية وترشيد استهلاكها خاصة النفط والماء وحفظ حق الأجيال فيها .
2 ) التحديات التي تواجه القطاعات التجارية في المملكة :
- البطء في تطبيق الأنظمة و إجراءات التقاضي وضعف نظام التحكيم وتأخير إنفاذ الأحكام والقرارات وعدم وجود محاكم متخصصة لبعض الأنشطة التجارية ففي الدراسة المشار إليها سابقاً ظهر أن 100% ممن شملهم الاستفتاء من موردي الخدمات السعودية يعتقدون بأن مستوى القوانين والتشريعات الحالية في المملكة لا تضمن غطاء الحماية لأنشطة منشآتهم الخدمية .
- البيروقراطية الحكومية خاصة في الخدمات بقطاعاتها المتعددة حيث لا يوجد جهة واحدة مسؤولة عن التعامل مع هذا النوع من التجارة ، وإنما تتوزع المسؤولية بين عدد كبير من الجهات الحكومية مما يضاعف من حجم هذه المشكلة .
- ضعف مستوى المعرفة بمبادئ واتفاقيات المنظمة والفرص المتاحة ومواقع المنافسة الحادة / وعدم وجود مراكز وبوابات الكترونية كافية للاستفسارات ، وقد سبق ذكر نتائج دراسة ملتقى الرياض الاقتصادي الثاني بأن 95% ممن شملهم الاستفتاء يجهلون مبادئ واتفاقات المنظمة .(1/22)
- ضعف كفاءة الأجهزة الحكومية اللازمة لتحقيق المشاركة الفعالة في النظام التجاري العالمي / عدم وجود آليات رسمية وشعبية لحماية الأنشطة التجارية من المخالفات ولمراقبة تطبيق الأنظمة المحلية والعالمية / وعدم كفاءة الموجود منها لمتطلبات الانضمام / وقلة برامج تدريب الكوادر الكافية للقيام بهذه المهام .
- ضعف الشفافية والإفصاح عن ما يخص الجوانب القانونية والإجرائية والتعاقدية من القرارات والأنظمة والتعاميم والأحكام و القصور في نشرها ، وعدم وجود مركز استفسار مدعم بقاعدة بيانات بما يتيح الرد على الاستفسارات وموافاة المنظمة بأي تعديلات تطرأ عليها .
- قلة الدراسات الاقتصادية المتخصصة لتوضيح نقاط القوة ونقاط الضعف في الأسواق المحلية المفتوحة للاستثمار الأجنبي ومن ثم اقتراح السبل المثلى للتعامل مع مبادئ النظام التجاري العالمي وكيفية استثمار الفرص المتاحة والميزات النسبية في الأسواق المحلية والأسواق العالمية .
- إمكانية تقليص المكاسب التي حصلت عليها المملكة في حالة سير المفاوضات المستقبلية حسب أجندة الدوحة والتي تهدف إلى مزيد من تحرير التجارة حسب وجهة نظر الدول المتقدمة .
- احتمال إثارة أسعار الوقود المنخفضة محلياً بالمقارنة بسعر البرميل عالمياً من قبل الدول الأعضاء أو بعضها باعتبار أن أسعار الوقود لها أثر بالغ في سعر بيع المنتج النهائي وعلاقة هذا السعر بأسعار ذات المنتجات في تلك الدول مثل قطاع الكهرباء والماء حيث يعتمدان بشكل كبير على الوقود من النفط ، وقطاعات صناعية أخرى مثل الألمونيوم والأسمنت والأسمدة والبتركيماويات .
- المملكة ليست بحاجة إلى تدفق أموال الاستثمار الأجنبي لأنها مصدرة لرؤوس الأموال للخارج فالتحدي هو في كيفية الاستفادة من الاستثمار الأجنبي في الحصول على التقنيات لتطوير القطاعات المحلية المختلفة .
سادساًً : الميزات النسبية التي تتمتع بها المملكة :(1/23)
تتمتع المملكة بالمزايا النسبية التنافسية التالية :
أولاً : تختص المملكة بكونها مهبط الوحي وقبلة (25%) من سكان العالم وفيها الحرمان الشريفان ، وبالتالي :
1 ) تمثل المملكة المركز المناسب لقيام السوق الإسلامية المشتركة لتحقق الأهداف التالية :
أ - إنشاء المصارف الإسلامية والبنوك التمويلية الشرعية وتطوير آليات الأسواق المالية .
ب - تأسيس شركات تأمين وإعادة تأمين تعاونية متوافقة مع فتاوى المجامع الفقهية .
ج - وضع نظام معلوماتي متطور لتشجيع التجارة البينية بين الدول الإسلامية .
د -إقامة اتحادات جمركية وتكتلات تجارية وتحالفات صناعية بين الدول الاسلامية .
2 ) إمكانية استقطاب العلماء العرب والمسلمين في كافة المجالات ومن جميع الدول وتوطينهم لتحقيق الأهداف التالية :
أ - إنشاء معاهد التقنية ومراكز الأبحاث .
ب - نقل المعرفة وتوطين التقنية .
ج - توفير الخبراء المسلمين المؤهلين والعمالة المسلمة المدربة في كافة المجالات .
ثانياً : تمتلك المملكة (30%) من المخزون النفطي العالمي . وتحتل المركز الأول في إنتاج النفط وتصديره والمركز التاسع في إنتاج الغاز ، وبالتالي :
1 ) تمثل المملكة المركز المناسب لقيام المنشآت البحثية والتدريبية التالية :
أ - معاهد أبحاث الطاقة النظرية والعملية في كافة مجالات الطاقة .
ب - معاهد وكليات للتعليم العالي والدراسات العليا في مجال الطاقة .
ج- مراكز التدريب الفني والتعليم المهني في حقل النفط ومشتقاته والغاز واستخداماته .
2 ) قدرة المملكة على اختيار الشركات الكبرى العاملة في نفس المجال والتعاون معها في تحقيق التكامل الصناعي من خلال :
أ - إنتاج النفط والغاز وتكريرهما .
ب - تطوير الصناعات البتروكيماوية .
ج - تسويق هذه المنتجات في الأسواق العالمية .
د - توطين التقنية في هذا المجال .
هـ- إقامة مصانع إنتاج أجهزة حفر الآبار وتكرير النفط وإنتاج الغاز وقطع غيارها .(1/24)
و - إقامة المشاريع الصناعية التي تعتمد مقومات تصنيع منتجاتها على الطاقة للاستفادة من هذه الميزة النسبية مثل إنتاج الألمنيوم والحديد و الزجاج و المعادن الفلزية ونحوها .
ثالثاً : تتمتع المملكة بموقع جغرافي مميز حيث يحدها شرقاً دول المجموعة الآسيوية التي تتمتع بالعمالة الفنية المدربة ويحدها غرباً دول الاتحاد الأوربي التي تتمتع بالتقنية والخبرة والمعرفة وبالتالي تستطيع المملكة استغلال موقعها المتميز عن طريق :
1. استخدام التقنية الغربية والعمالة الشرقية المدربة لتصنيع المنتجات اللازمة للأسواق العالمية .
2. استغلال خطوط الملاحة بين المشرق والمغرب في إقامة المناطق الحرة .
3. إنشاء المناطق الاقتصادية في المملكة على غرار المدن الصناعية .
4. تطوير مرافق محطات القوى الكهربية في المملكة عن طريق استخدام النفط والغاز لتوليد الطاقة الكهربية وتصديره لدول الجوار في الجهات الأربع عبر خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي .
5. بناء مرافق متقدمة لخطوط السكة الحديدية لنقل الركاب والبضائع والمنتجات من وإلى مختلف مناطق المملكة وخارجها .
رابعاً : تحتل المملكة المركز (30) بين دول العالم من حيث القوة الشرائية كما تحتل المركز (29) من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي . وبالتالي :
1. تستطيع المملكة تعظيم مكاسبها عن طريق تخصيص منشآتها الحكومية في أجواء منافسة حرة وعادلة ومن ثم تشجيعها على إبرام صفقات تحالف إستراتيجية (Strategic Alliances) مع المنشآت العالمية المماثلة للاستفادة من قوة المملكة الشرائية وقدرتها على النفاذ لأسواق الغير .
2. إمكانية استرجاع رؤوس الأموال المهاجرة (Capital Repatriation) وتشجيع الاستثمار الوطني والاستفادة من الاستثمار الأجنبي في نقل التقنيات وتطوير الانتفاع من زيادة القيمة المضافة المحلية .(1/25)
3. توفير فرص العمل للمواطنين وتدريبهم على رأس العمل وبناء قاعدة اقتصادية محلية ذات مركز مرموق لتتفاعل مع التوجه العالمي لتحرير التجارة وتسخير مواردها للصالح العام مباشرة .
4. إعطاء أولوية لترسيخ مبادئ التجارة الإلكترونية وتنميتها في ظل اتفاقيات تقنية المعلومات (214سلعة) في قطاع السلع و اتفاقية الاتصالات الأساسية في قطاع الخدمات.
سابعاً : الآثار المتوقعة على بعض الجوانب الثقافية :
? يمكن الفصل بين تأثير انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية وتأثير ظاهرة العولمة التي تلقي بظلالها على جوانب الحياة الثقافية في السعودية في المرحلة القائمة و القادمة، والمرتبطة بمتغيرات كبيرة على صعيد تطور تقنيات الاتصالات والانترنت، وتركيز الخطاب السياسي الغربي(ا?مريكي خصوصا) على نشر ثقافة المجتمع المدني بالمفهوم الغربي ، وتزايد التدخل من جانب الو?يات المتحدة والدول الغربية في قضايا التعليم في السعودية خصوصاً ( والعالم ا?سلامي عموماً ) بحجة الإصلاح ، وشيوع نظرة غربية متعالية تتهم ا?سلام بالتحيز ضد المرأة وإهدار حقوقها .(1/26)
وبالرغم من أن كثيراً من الخبراء الغربيين يميلون إلى تجريد العولمة من أي مضامين ثقافية فضلاً عن منظمة التجارة العالمية ، ولا يرون فيهما إلا تجارةً حرةً ، وأسواقاً عالميةً مفتوحةً، ومؤسسات مالية لا تعوقها القيود، وحوارا عالميا حراً غير مباشر عبر الحدود من خلال شبكة الاتصالات والانترنت أو مباشراً عبر المؤتمرات الدولية واجتماعات لجان المؤسسات والاتفاقيات الدولية ، وهم بعد ذلك يفسرون معارضة الدول النامية للتحرير الكامل للتجارة بتدني مهارات العمل لدى مواطني تلك الدول نتيجة لانخفاض مستويات التعليم وسوء مخرجاته وضعف الشفافية ، لكن في المقابل يتخوف باحثو وخبراء العالم الثالث من الأبعاد الكامنة في تحرير التجارة ، ولاسيما بالنسبة لتعميم قيم السوق وثقافة الاستهلاك والمادية المفرطة، التي تزخر بها الثقافة الغربية عموما وا?مريكية خصوصا، والخوف من السيطرة الاقتصادية ، وما تجلبه معها من قيم ثقافية غربية .
ويخطئ البعض عندما يظن أن الخشية من تعميم النمط الثقافي ا?مريكي أو" أمركة العالم" قاصرة على الدول النامية فقط ، فدولة كفرنسا بكل ثقلها الثقافي رفعت أثناء مفاوضات الجات شعار "الاستثناء الثقافي " الذي يعني عدم معاملة المنتجات الثقافية وا?علامية باعتبارها سلعا اقتصادية تباع وتشترى في سوق عالمي متنافس ،وإنما باعتبارها منتجا يحمل رسالة ثقافية بحتة، بل إن فرنسا أصدرت قانونا توجيهيا عام 1997 م ، يلزم القنوات التليفزيونية الفرنسية بأن تكون 60% من برامجها التي تبثها من أصل أوروبي،وهو قانون موجه أساسا ضد ا?نتاج السينمائي والتليفزيوني ا?مريكي، وتمثل فرنسا اتجاها داخل المجتمع ا?وروبي يدعو إلى إيقاف مسيرة "أمركة أوروبا" .(1/27)
والواقع أن ا?ثار الثقافية لمسألة تحرير التجارة لا يمكن أن ُترصد بسهولة ، لأن أساس وجود المنظمة وقوانينها هو اقتصادي ، والأمر الثاني أن الآثار الثقافية لا تظهر مبكراً ، وإنما تحتاج إلى زمن طويل نسبياً حتى تظهر، والدراسات الاستشرافية لمثل هذه الآثار غير متوفرة ، ونحن هنا نرصد بعض المؤشرات التي تسهم في تكوين ملامح عامة عنها ، وسنهتم فيما يلي برصد بعض القضايا الخاصة بالسعودية .
1- التعليم ا?جنبي
يمثل التعليم بكافة مراحله معظم قطاع الخدمات التربوية التي تم الاتفاق على تحريرها في اتفاق المملكة مع المنظمة بلا استثناءات أو قيود في إطار اتفاقية الخدمات (GATS) ، وقد تم فتح هذا المجال للاستثمار الأجنبي ، وفتح هذا المجال بهذه الصورة مثير للجدل فهو من أخطر المجالات التي تتحفظ الدول عادة في فتحه فالدول النامية التي تقع المملكة ضمن منظومتها لم يفتحه منها سوى 20% منها ، بل إن عدداً من الدول المتقدمة لم تفتحه بهذه الصورة التي حصلت مع المملكة ، وبلغت نسبة الدول التي فتحت هذا المجال من مجموع دول المنظمة 31% ولذا يبقى السؤال قائماً كيف حصل هذا ؟
ومعلوم أن أحد أوجه تميز التعليم في المملكة كونه ينبع من عنايته بغرس الهوية ا?سلامية في نفوس الطلاب منذ نعومة أظفارهم حتى بلوغهم مرحلة التعليم الجامعي من خلال المنهج والمدرس والبيئة التعليمية ، وغني عن البيان ما للبيئة التعليمية من تأثير على الهوية ، حيث تضطلع بمهمة ترسيخ مقومات الهوية ، وأهمها العقيدة واللغة والثقافة والتاريخ و تحصين أبناء المجتمع ضد ما يتعرض له من تشويه لهويته ، والرقي بالمجتمع من خلال تطوير مخرجات المناهج الدراسية استجابة لمتطلبات التنمية و تحديات العصر .(1/28)
وفي المملكة تعليم أجنبي في المستوى قبل الجامعي، حيث بلغ عدد المدارس ا?جنبية 170 مدرسة (منها 40 مدرسة في مدينة الرياض ) ، وثمة شكاوى عديدة من ا?ساليب التي تتبعها هذه المدارس فيما يتعلق بالتجاوزات الشرعية ، والمتوقع أن يزداد الأمر سوأ في حالة دخول مستثمرين أجانب إلى هذا المجال .
ومن ناحية أخرى قد تركز تلك المدارس على اللغات ا?جنبية في تدريس مقرراتها مستغلة رغبة البعض في ذلك ، وهو أمر يؤدي في الغالب إلى إضعاف اللغة ا?م للطالب، وغني عن البيان ما تتعرض له اللغة العربية من أزمة خانقة بسبب تخلف طرق تدريسها وتقصير المتخصصين في العناية بها ، ومن شأن انتشار المدارس ا?جنبية أن يزيد من إعراض الطلاب عن اللغة العربية،وترسيخ شعور لديهم بأن اللغة الانجليزية هي لغة العصر والعلم والبحث التي تعكس رقي المتحدث بها وسعة اطلاعه ، ومن المهم هنا التنبيه إلى الفرق بين تعلم اللغات ا?جنبية وإتقانها الذي يبقى أمرا مطلوبا للبعض في مراحل متقدمة ، وبين تعليم الناشئة اللغات الأجنبية في مراحل تعليمهم ا?ولى وإلزامهم بذلك بما ينطوي عليه من إهمال للغة العربية وفقدان للهوية .(1/29)
وحيث تم فتح هذا المجال فينبغي أن نفرق بين المستويين الجامعي وما قبل الجامعي ، فما قبل الجامعي خطير جداً لأنه تعليم عام في مراحل بناء الهوية فإذا صعب استثناؤه فعلى الأقل يقيد بأن تكون الإدارة من قبل وزارة التربية والتعليم ولا يكتفى بالمدير فقط مع التأكيد على تطبيق الأنظمة المحلية والحزم في التزام الضوابط المرعية أما الجامعي فيمكن أن يستثمر هذا المجال المفتوح والذي أصبح أمراً واقعاً في التخصصات التقنية والطبيعية للنهوض بمستوى التعليم العالي في المملكة شريطة وجود نظام إشراف ومتابعة فعال على المؤسسات ا?جنبية ، وإيجاد الأنظمة الكفيلة بجعل عمل هذه المؤسسات يصب في صالح البلد من خلال اشتراط توفير التخصصات الناقصة والمطلوبة للمملكة، وا?سهام في تنمية البحث المحلي ، وتقديم المنح الدراسية للمتفوقين والمحتاجين، وعدم تنحية اللغة العربية في التدريس والبحث ، مع التزام الجامعات بالأنظمة المحلية من منع الاختلاط وضبط المحتوى . وعند توفر هذه الشروط تقل إمكانية حدوث اختراق ثقافي .
2- مقاطعة إسرائيل
يتكون نظام مقاطعة إسرائيل على مواد تدور حول حظر التعامل مع إسرائيل أو استيراد البضائع والسلع والمنتجات ا?سرائيلية بكافة أنواعها، وحظر تبادلها أو الاتجار فيها داخل المملكة وحظر التعامل مع الشركات التي تتعامل مع إسرائيل .
لكن المملكة قررت بعد توقيع اتفاقات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في سبتمبر 1993 م ، استجابة لقرار مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته التحضيرية الثالثة والخمسين التي عقدت في نوفمبر 1994 م إيقاف المقاطعة للكيان ا?سرائيلي من الدرجتين الثانية والثالثة ، وصدر في هذا المعنى قرار مجلس الوزراء السعودي رقم 5 بتاريخ 14/1/1416 هـ.(1/30)
و قبيل انضمام المملكة إلى منظمة التجارة مباشرة شرعت مصادر أمريكية وإسرائيلية في الترويج لأنباء تفيد أن المملكة تعهدت في اتفاقها الثنائي للتجارة مع الولايات المتحدة الذي ُأبرم في 5/8 /1426 هـ بأن تتاجر مع كل أعضاء المنظمة ومنها إسرائيل ، غير أن مصادر سعودية قالت إن الانضمام للمنظمة يفرض على المملكة أن تتعامل مع جميع الدول ا?عضاء إلا أن التعامل مع إسرائيل والشركات ا?مريكية المتعاملة معها سيخضع ?حكام خاصة جدا تم الاتفاق عليها بين الجانبين السعودي وا?مريكي، وفي حدود النص المعلن من الاتفاقية السعودية الأمريكية لم تأت على ذكر إسرائيل لا من قريب ولا من بعيد، وبعد انضمام المملكة للمنظمة بقي الموقف من المقاطعة كما هو في قرار مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون المشار إليه سابقاً ، وهو بقاء المقاطعة من الدرجة الأولى وهو عدم التعامل المباشر مع إسرائيل فقط أسوة بأمريكا التي ما زالت تقاطع كوبا مع أنهما عضوان في المنظمة حيث أن قانون المنظمة يسمح بذلك ، واستمر سريان إلغاء المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة وهما التعامل مع الشركات أو الدول المتعاملة مع إسرائيل .(1/31)
أما بند مقاطعة الدول المتعاملة مع إسرائيل فهو بند لم ينفذ أصلا ، أما بند مقاطعة الشركات فقد ألغي منذ ذلك التاريخ ومثاله شركة فورد للسيارات وشركة الكوكاكولا التي تمت مقاطعتهما لعقود ثم ظهرتا في الأسواق الخليجية بعد إلغاء المقاطعة بعد توقيع اتفاقية أوسلو ، هناك حالة رابعة وهي مخرجات الاستثمار الإسرائيلي في الدول الأخرى ومنها دول عربية وإسلامية ، وكذلك الاستثمار المختلط مع إسرائيليين في البلدان الأخرى ، ستجد المملكة نفسها ملزمة بفتح أسواقها لهذه المخرجات سواء كانت سلعا أو خدمات باعتبار أنها غير إسرائيلية المنشأ حسب التزام المملكة مع دول المنظمة ، وفي حالة ظهور السلع أو الخدمات الإسرائيلية المنشأ أو الاستثمار ، فينبغي أن يقوم الشعب بمقاطعة هذه البضائع والخدمات ، ويحتسب على من يجلبها من رجال الأعمال وهذه المواقف الشعبية لا علاقة للمنظمة بها ، ومن الضروري المبادرة بإيجاد آليات من خلال مؤسسات المجتمع لمقاومة التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل والتحذير منه ، وبيان الموقف الشرعي من ذلك .
3- دور المرأة(1/32)
شهدت السنوات الماضية صدور العديد من القرارات الداخلية تتعلق بالمرأة ، كان أبرزها قرار مجلس الوزراء في 31/5/2004الذي تضمن زيادة فرص ومجالات العمل أمام المرأة بإصدار تراخيص للنساء لمزاولة الأنشطة الاقتصادية بدون عوائق . وهو قرار جاء بعد إزالة شرط وجود وكيل شرعي لكي تمارس المرأة العمل التجاري، وكذلك قرار الحكومة بأن تنشئ الجهات الحكومية التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة وحدات وأقساما نسائية بحسب ما تقتضيه حاجة العمل فيها. كما تم تخصيص فعاليات الجولة الثالثة للحوار الوطني الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في المدينة النبوية لمناقشة قضية (المرأة:حقوقها وواجباتها) في 14/6/2004 م والذي جاءت توصياته في الحدود المعقولة ، وتم السماح للمرأة السعودية بالمشاركة في انتخابات الغرف التجارية ، بالرغم أنه يلزم من ذلك الاختلاط بين الجنسين الذي تحظره الأنظمة والتعليمات .
وبالرغم من عدم وجود علاقة مباشرة بين قوانين المنظمة وقضية المرأة إلا أن هناك توجهاً لتوسيع مشاركة المرأة السعودية بعد الانضمام مدعوما بقرارت إدارية وممارسات رسمية ، وبالرغم من أن قرارات توسيع عمل المرأة نصت على الفصل بين الجنسين وعدم الاختلاط غير أننا نشهد دفعاً قوياً نحو تطبيع الاختلاط بين الجنسين في مواقع عديدة وتشجيعاً لذلك من قبل بعض وسائل الاعلام والصحف المحلية ، ومن ذلك الاختلاط الذي يحصل في غالب البنوك في الإدارات العامة وفي الأعمال غير المواجهة للجمهور .
هذه التطورات تأتي استجابة للتأثير الكبير لضغوط البيئة الدولية المطالبة بالإصلاح - حسب رؤيتها الغربية - حيث أصبحت قضية المرأة على رأس اهتمامات بعض المنظمات الدولية وا?قليمية خصوصا تلك التي ُتعنى بالشؤون الاجتماعية والتنموية والحقوقية من منظور علماني غربي .(1/33)
المصدر الثاني الذي سيفتح المجال أمام المرأة هو ما يمكن أن تجلبه الاستثمارات الأجنبية من أيدِ عاملة نسائية من خلال نسبة الـ25 % المسموح بها حسب اتفاق المملكة مع المنظمة وسواء كانت هذه العناصر النسائية من الداخل أو الخارج فإنها قد تساهم في تغيير سمت بيئة العمل المحلية والتأثير السلبي على مبدأ الفصل بين الجنسين خاصة إذا لم يلتزم بالضوابط المحلية مع ضعف الرقابة أو تهاونها .
4- حقوق المستثمرين
في سياق انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لم تسمح المملكة بإنشاء دور عبادة أو كنائس لغير المسلمين للنصوص الشرعية الواضحة في هذا المجال، مع أن كثيراً من أسئلة الوفود المفاوضة تعلقت بهذا الجانب، وكان الفريق المفاوض يعتمد في إجاباته على أمرين:
أ - أن الأنظمة الداخلية لا تسمح بوجود مثل هذه الدور.
ب - أن حرية ا?ديان مسألة لم تتطرق لها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
وقد كان الموقف الرسمي تجاه هذه القضية منذ البداية واضحا وجيدا .
ومن المتوقع أن انضمام المملكة إلى المنظمة يفتح الباب لطرح قضية العلاقة مع غير المسلمين من زوايا عديدة ، فالسماح بزيادة أعداد المستثمرين قد يشجع المطالبة في وقت لاحق بإنشاء دور للعبادة ، وممارسة طقوس ذات بعد ديني وإبراز أعياد دخيلة على أهل الإسلام باعتبار أن هذه من حقوق المستثمرين ، الذين قد يستغلون شيوع مسألة انتقاد أوضاع الحريات الدينية في السعودية من قبل بعض منظمات حقوق ا?نسان الغربية و كذلك في تقارير لجنة الحريات الدينية التابعة للكونجرس ا?مريكي لإثارة المطالبات في هذا الشأن ، ولذا فأهمية الوعي بهذه القضية والحذر من التهاون فيها ودعم الموقف الرسمي المعلن تجاه هذه القضية أمر مطلوب ، والمسارعة في الاحتساب على أي بادرة في هذا الجانب ، والحذر من التساهل في بيان الموقف الشرعي منها لأن بقاء هذه الجزيرة خالية من وجود ديني غير الإسلام أحد خصائصها المعلومة .(1/34)
5- الجوانب التنظيمية والقضائية
كان أحد أهم الجوانب التي كانت مسار المفاوضات مع المملكة، هو مدى تطابق أنظمة المملكة مع اتفاقيات المنظمة المختلفة، وبناء على ذلك صدر قرار مجلس الوزراء رقم (66) وتاريخ 17/3/1421هـ القاضي بأن تقوم جميع الأجهزة الحكومية بمراجعة جميع الأنظمة ذات العلاقة بما يتفق مع ما يقتضيه انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، ورفع ما يتم التوصل إليه لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة وإعداد الدراسات التي تبين المكاسب والتكاليف المترتبة على الانضمام والتهيئة لمرحلة ما بعد الانضمام.
كما نص القرار على تشكيل لجنة فرعية للتحضير للجنة الوزارية المكلفة بمهمة متابعة جميع ما يتخذ من قرارات وما يرسم من سياسات وقواعد في النظام التجاري العالمي، وذلك بالقيام بمراجعة مستمرة لما يتم التوصل إليه من قبل فريق التفاوض السعودي.
وبناءاً على ذلك فقد حُدثت بعض الأنظمة الموجودة استجابة لشروط المنظمة ومنها على سبيل المثال :-
أ - نظام العلامات التجارية.
ب- نظام حق المؤلف.
جـ- نظام براءة الاختراع.
كما استحدثت أنظمة لم تكن موجودة بالأصل مثل:
أ - نظام الأسرار التجارية .
ب - الاستثمار الأجنبي .
وهذه الأنظمة استحدثت قبل التوقيع النهائي لانضمام المملكة إلى المنظمة لكنها تمت كمتطلبات واستعداد للانضمام ، وبعض هذه الأنظمة لا يخلو من مخالفات شرعية خاصة المتعلقة بالاستثمار وسوق المال بسبب عدم حسم مسألة الربا في المعاملات التجارية والمالية .
كما صدر مرسوم بإعادة هيكلة القضاء بشكل جذري ومع ما فيه من إيجابيات إدارية وتنظيمية إلا أنه استثنيت فيه مزيد من اللجان الإدارية ذوات الاختصاص القضائي من القضاء الشرعي مثل نظام الاستثمار الأجنبي والتأمين وسوق المال بالإضافة إلى اللجان السابقة مما يعني مزيدا من تكريس ازدواجية القضاء .
6- الجوانب الأخلاقية والسلوكية :-(1/35)
كان من ضمن التحديات التي تواجهها المملكة في سياق انفتاحها التجاري والتنموي هو أنها بلد محافظ لا يسمح بأماكن اللهو والترفيه المحرم شرعاً ، وقد أدى وجود الأجانب من غير المسلمين إلى مغافلة المجتمع وإقامة أماكن للهو وشاع بينهم تجارة الخمور ، ونشأت تجمعات سكنية للأجانب لا تخلو من هذه المخالفات المحرمة ، ويخشى أن تزداد هذه التجمعات التي يتاح فيها اللهو غير البريء بمقدار ازدياد عدد المستثمرين الأجانب والاستثمار الأجنبي، والأسوأ هو أن يتمكن بعض السعوديين وغيرهم من المسلمين من الوصول إلى هذه الأماكن بحكم علاقة العمل والتجارة مع سكان هذه التجمعات ، مما يُيسر الوصول إلى اللهو المحرم وتطبيعه في المجتمع .
ثامناً : اقتراحات لمواجهة الآثار السلبية الثقافية والاقتصادية المحتملة :
1 - الآثار الثقافية
- دراسة منظمة التجارة العالمية من كافة جوانبها الثقافية والاجتماعية وضرورة وجود دراسات تبين هذه الآثار ووسائل تلافيها وهذا لن يتم إلاّ بوجود متخصصين فيها من أصحاب الاهتمام بالثقافة الإسلامية .
- استثمار الانضمام إلى المنظمة ومبادئ حرية التجارة لتطوير مؤسسات الاقتصاد الإسلامي وتكثيرها وتحسين مخرجاتها وتقديمها كبديل لمؤسسات الاقتصاد الربوي ، وهذا لن يتم إلاّ بوجود متخصصين في المنظمة والتجارة الدولية من أصحاب الاختصاص بالاقتصاد الإسلامي .
- تأصيل قواعد العلاقات الدولية وتنظيم التجارة الدولية على ضوء قواعد السياسة الشرعية وضوابط مشروعية الانضمام إلى المنظمات الدولية للمحافظة على الهوية الاسلامية في خضم عولمة التجارة الدولية وما تحمله من أنماط ثقافية واجتماعية وهذا لن يتم الا بوجود المتخصصين في القانون و التنظيم الدوليين من أصحاب التخصص في السياسة الشرعية.(1/36)
- العناية بالدراسات الفقهية المتعلقة بالتجارة الدولية كالإغراق والغبن واحتكار السلع والغش التجاري وغير ذلك من المباحث الفقهية ذات العلاقة وإعادة دراستها على ضوء التطورات الاقتصادية المعاصرة ونشرها من خلال المجامع الفقهية و الهيئات الشرعية.
- التجارة كانت وسيلة للدعوة إلى الإسلام في البلدان غير المسلمة في السابق فينبغي العناية بهذا الجانب ، من قبل المستثمرين المسلمين عموماً والسعوديين خصوصاً الذين سينفذون إلى الأسواق العالمية من خلال اتفاقية الخدمات خاصة قطاع التعليم .
- الحذر من بعض أصحاب التوجهات المنحرفة التي تريد أن تستثمر انضمام المملكة إلى المنظمة في تغريب المجتمع بحجة الاندماج في النظام العالمي والعولمة وبيان الموقف الرشيد في كيفية استثمار ايجابيات الواقع العالمي الجديد مع المحافظة على الهوية الاسلامية .
- رصد التغيرات السلبية في المجتمع من جراء الانفتاح والتعولم ، من أجل الاحتساب عليها مبكرا وتقوية الحس الاحتسابي في الوسط التجاري وتفعيل الدعاوى الاحتسابية فإن الدفع أسهل من الرفع.
- تطوير المؤسسات والهيئات الشرعية الرسمية والشعبية كالمجامع الفقهية ولجان الفتوى والهيئات الشرعية في المؤسسات المالية والإعلامية والاجتماعية من اجل ضبط حركة التنمية في الجوانب الشرعية وأهمية مواكبة هذه الأجهزة لذلك من حيث السرعة والتأهيل.
- تطوير التعليم وتحسين مخرجاته سواء كان تعليماً شرعياً أو تعليماً طبيعياً وسواء كان عاماً أو جامعياً في الميدانين الرسمي و الأهلي والحذر من أن يكون التعليم المحلي متخلفاً عن التعليم المؤسس باستثمار اجنبي .(1/37)
- تخليص المؤسسات المالية والمصرفية من الربا لمخالفته للشريعة أولاً ثم لمخالفته للدستور ( نظام الحكم ) والذي كان سببا في ازدواجية الهوية الثقافية للبلد وما ترتب على ذلك من ازدواجية في النظام القضائي السعودي واعادة جميع اللجان الادارية وذات الاختصاص القضائي الى مظلة القضاء الشرعي .
- تشجيع تخفيض الجمارك وإلغاءها لأنه يتفق مع مقاصد الشارع في تحريم المكوس .
2 - الآثار الاقتصادية
أ - تطوير البيئة القانونية والقضائية والتشريعية الحالية من أجل ضمان غطاء قانوني لحماية أنشطة المؤسسات الخدمية المحلية ، وسرعة تطبيق الهيكلة القضائية الجديدة ، وتسهيل إجراءات التقاضي ودعم المؤسسات القضائية بمزيد من القضاة المؤهلين .
ب- تطبيق الأنظمة وسرعة إجراءات التقاضي وإنفاذ الأحكام والقرارات وإيجاد المحاكم المتخصصة / تقليص البيروقراطية الحكومية / تدريب العمالة المحلية من خلال برامج تدريبية فعالة ، ففي دراسة ملتقى الرياض الاقتصادي الثاني كانت نسبة من يعتقد أن هذه تحديات لسوق الخدمات هي 53% ، 55% ، 60% على التوالي .
ج- رفع مستوى المعرفة بمبادئ واتفاقيات المنظمة والفرص المتاحة ومواقع المنافسة الحادة / وإنشاء مراكز و بوابات الكترونية للاستفسارات .
د - إيجاد آليات لحماية الأنشطة التجارية من المخالفات / وإيجاد الهيئات الرقابية لمراقبة مدى الانضباط بقواعد وأنظمة التجارة داخلياً وخارجياً / وتدريب الكوادر الكافية للقيام بهذه المهام.
هـ- توفير الشفافية والإفصاح عن جميع ما يخص الجوانب القانونية والإجرائية والتعاقدية من القرارات والأنظمة والتعاميم والأحكام ونشرها ، وإنشاء مركز استفسار مدعم بقاعدة بيانات بما يتيح الرد على الاستفسارات .(1/38)
و - إعداد الدراسات الاقتصادية المتخصصة لتوضيح نقاط القوة ونقاط الضعف في الأسواق المحلية المفتوحة للاستثمار الأجنبي واقتراح السبل المثلى للتعامل مع مبادئ النظام التجاري العالمي وكيفية استثمار الفرص المتاحة والميزات النسبية في الأسواق المحلية والأسواق العالمية .
ز - إنشاء التكتلات ( الاتحادات الجمركية / الأسواق الحرة ) لتبادل عناصر الإنتاج من سلع وخدمات وتقنية وحقوق ملكية فكرية بحرية تامة والاستفادة من المادة (5) من اتفاقية الجاتس التي تستثني دول التكتل من تطبيق مبدأ حق الدولة الأولى بالرعاية مع الدول خارج التكتل .
ح - تطوير الأجهزة الحكومية ذات العلاقة كالإدارات الجمركية لأنها صارت مسئولة عن تنفيذ عدد من الاتفاقيات التجارية واستحداث أجهزة جديدة تعنى بالتجارة الخارجية وتأهيل العاملين فيها لتحقيق المشاركة الفعالة في النظام التجاري العالمي ولمواجهة تحديات انضمام المملكة إلى المنظمة .
ط- دراسة الآثار التجارية السلبية والإيجابية على بعض الدول التي مضى على انضمامها مدة كافية للاستفادة من ذلك ، واستشراف المستقبل لتعظيم المصالح وتقليل المفاسد .
خلاصة الموقف:(1/39)
مما سبق يتبين أن المملكة حصلت على استثناءات جيدة فيما يتعلق بالهوية الإسلامية من خلال استثناء السلع المحرمة وعدم فتح أنشطة الخدمات المحرمة واشتراط عدم مخالفة الشريعة في أنظمة حقوق الملكية الفكرية ، ويبقى بعد ذلك مدى الالتزام بهذه الاستثناءات والمكتسبات من قبل أجهزة المراقبة على الحدود أو داخل الأجهزة الحكومية والمحاسبة على المخالفات ، أما في ما يخص المسألة التجارية فهناك استثناءات (مكاسب) وهناك التزامات (تكاليف) متعادلة إلى حد ما ولكن نظراً لأن سوق المملكة مفتوح من قبل والتعرفة الجمركية لمعظم السلع المطبقة أقل من المثبتة مما يرشح قدرة السوق السعودي على امتصاص آثار الالتزامات السلبية ، أما إذا أحسن الاستفادة من قوانين المنظمة ووظفت الموارد توظيفا جيداً واستثمرت المزايا النسبية للمملكة فسيكون انضمام المملكة إلى المنظمة مفيدا من الناحية التجارية .
أما الآثار الثقافية التي يخشى منها فهي خطيرة إذا تم الاختراق الثقافي من خلال أنشطة ومتطلبات الاستثمار وانفتاح الأسواق الذي سيحدث مثل هذه الآثار تدريجياً إلا أنه يمكن التقليل منها بالحزم في تطبيق الأنظمة والتعليمات المحلية ، وتمكين أجهزة الرقابة الإدارية والاحتسابية من مراقبة مخالفة الضوابط العامة ومنع ذلك سواء حصلت من أجانب أو من سعوديين وعدم إعطاء الأجانب - خاصة الغربيين - تمييزاً على الآخرين عندما يتجاوزون النظام العام .
المراجع:
* أوراق منتدى الرياض الاقتصادي الثاني ( 2- 4 ذي القعدة1426هـ).
* أوراق المنتدى الاقتصادي الرابع لدول مجلس التعاون الخليجي ( دبي 17-21 ديسمبر 2005 ).
* موقع وزارة التجارة والصناعة السعودية على الانترنت .
* موقع منظمة التجارة العالمية (WTO) على الانترنت وفيه وثائق انضمام المملكة إلى المنظمة .
* موقع محامون على شبكة الانترنت .WWW.MOHAMOON.COM(1/40)
* أبحاث ومحاضرات مسجلة عن المنظمة د. فؤاد العلمي نائب رئيس الفريق السعودي المفاوض .
* مقالات منشورة وغير منشورة عن المنظمة د.عبدالله العبيد وكيل وزارة الزراعة وعضو الفريق المفاوض .
* كتب مطبوعة عن المنظمة .
??
??
??
??
17(1/41)