مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع
h
عبد الرحمن بن عبد الله الفاضل
ربيع الثاني 1427هـ -مايو 2006م
c
c
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قالَ: قالَ رَسُولُ الله 4 : "مَنْ لاَ يَشْكُرِ النَّاسَ لاَ يَشْكُرِ الله"(الترمذي،1994م ، جـ 6 ، ص61) .
والباحث بمقتضى هذا الحديث يتقدم بخالص الشكر والتقدير لسعادة الدكتور محمد علي أبو رزيزة ، فقد وجد الباحث منه الاهتمام والجدية في البحث والدراسة والحرص على إفادة الطلاب ، وقد استفاد الباحث منه كثيراً أثناء دراسته لمادة مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع ، فله من الباحث كل الثناء والتقدير ، أسأل الله أن يجزل له الأجر والمثوبة ، وأن يكتب له الخير حيث كان ، ومتى ما كان ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
…g
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ..... وبعد ،
فقد تزايد الاهتمام بالعلم والبحث العلمي نتيجة لتزايد طموحات المجتمعات المختلفة في النمو والتقدم ، كما تزايد اهتمام المؤسسات العلمية والتربوية بتنمية كفايات البحث العلمي والتربوي لدى الباحثين .
والمشكلات والقضايا المطروحة قيد البحث كثيرة في علم المناهج ، والتساؤلات التي تتصل بمنهج البحث التربوي وتطبيقاته في مصادر التشريع كثيرة أيضاً ، وتؤدي هذه الكثرة والتعدد إلى تباين واختلاف وجهات النظر التي تعالج هذه القضايا , ومناهج البحث هي استراتيجيات ووسائل فنية يتبناها المشتغلون بالعلم ، والمعالجة التي ينطوي عليها هذا البحث تفترض الارتباط الوثيق بين مناهج البحث في التربية وكيفية استخدامها في مصادر التشريع الإسلامي .
والجهد المبذول في هذا الصدد لم يصل إلى الغاية المنشودة من وجهة نظر الباحث ، وقد حاول الباحث من خلال فصول هذا البحث أن يوضح الصلة بين عناصر الموضوع والمتمثلة في مناهج البحث وكيفية البحث في مصادر التشريع الإسلامي .(1/1)
وتنتظم فصول هذا البحث في تسلسل يهدف إلى معالجة القضايا الرئيسة في هذا الموضوع ، حيث تناول الباحث في الفصل الأول المفاهيم الأساسية لمناهج البحث التربوي في مصادر التشريع كمفهوم المنهج ، ومفهوم البحث التربوي ، والفرق بين البحث التربوي والبحث في مجال العلوم الطبيعية ، ومجالات البحث التربوي وفكرة مختصرة عن مصادر التشريع الإسلامي ، كما تناول الفصل الثاني أنواع مناهج البحث في ضوء التصنيف الإسلامي للمعرفة ، وأهمية المنهج في الفكر الإسلامي وخصائص المنهجية الإسلامية في البحث التربوي ، والمنهج التاريخي عند علماء المسلمين ، ومنهج توثيق الخبر عند علماء الحديث ، والمنهج الوصفي ومجالاته التطبيقية ، والمنهج التجريبي عند العلماء المسلمين ، وتناول الفصل الثالث مناهج البحث التربوي في علوم القرآن الكريم ،ومفهوم علوم القرآن الكريم ، والأهداف المنهجية التربوية لدراسة علوم القرآن الكريم ، وكيفية التعامل مع القرآن الكريم تربوياً ، وتصميم بطاقة منهجية تعليمية لعلوم القرآن الكريم ، وتناول الفصل الرابع مناهج البحث التربوي في علوم الحديث الشريف ، وتحديد بعض مصطلحات علوم الحديث ، ومنهج الصحابة وكبار التابعين في الحفاظ على السنة المطهرة ، والوضع في الحديث والمنهجية المتبعة في اكتشافه ، وكيفية التعامل مع السنة المطهرة تربوياً ، وخصائص وآداب المحدث وطالب الحديث .
وقد حاول الباحث تناول العناصر الرئيسة للبحث وعرضها بطريقة متوازنة ، ويرجوا الباحث أن يكون قد وفق في تحقيق الغرض المنشود ، والثغرات الموجودة هي نموذج من القصور الإنساني ، أسأل الله التوفيق والسداد ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين .
أهمية البحث(1/2)
إن مصادر التشريع الإسلامي والنصوص الشرعية ثرية بالمبادئ التربوية التي يمكن استنباطها منها وتفعيلها والاستفادة منها ، فكما أن للنصوص الشرعية ومصادر التشريع جوانب عقدية وتشريعية فإن لها أيضاً وبلا شك جوانب تربوية تحتاج لمن يتصدى لها ليستخرج منها ما يستفيد منه المعلم في فصله مع طلابه ، والأب في بيته مع أولاده ، والمربي أينما كان مع تلامذته .
وما سبق يحتاج إلى مهارة الاستنباط والمنهجية الصحيحة في كيفية استخدام تلك المهارة عند التعامل مع مصادر التشريع الإسلامي .
وكل ذلك يوضح بجلاء أهمية الحديث في هذا الموضوع الذي تنبع أهميته من أهمية التربية في حياة الإنسان عموماً وفي حياة المسلم خصوصاً .
تساؤلات البحث
التساؤل الرئيس :
ما مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع ؟
التساؤلات الفرعية :
1-ما المفاهيم الأساسية لمناهج البحث التربوي في مصادر التشريع ؟
2-ما أنواع مناهج البحث التربوي في ضوء التصنيف الإسلامي للمعرفة ؟
3-ما مناهج البحث التربوي في علوم القرآن الكريم ؟
4-ما مناهج البحث التربوي في علوم الحديث النبوي الشريف ؟
أهداف البحث
1-التعرف على المفاهيم الأساسية المتعلقة بمناهج البحث التربوي .
2-التعرف على مصادر التشريع الإسلامي بشكل مبسط .
3-التعرف على مناهج البحث التربوي في ضوء التصنيف الإسلامي لمناهج البحث
4-التعرف على أبرز مناهج البحث التربوي المتبعة في مباحث علوم القرآن الكريم.
5-التعرف على أبرز مناهج البحث التربوي المتبعة في مباحث علوم الحديث الشريف .
1=
المفاهيم الأساسية
لمادة مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع
* مفهوم المنهج
* مفهوم البحث التربوي
* الفرق بين البحث التربوي والبحث في مجال العلوم الطبيعية
* مجالات البحث التربوي
* فكرة مختصرة عن مصادر التشريع
أولاً : مفهوم المنهج
المنهج في اللغة :
نهج
: طريقٌ نَهْج : بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْج ، والجمع نَهجات ونُهُج ونُهوج(1/3)
و مَنْهَج الطريقِ : وضَحُه. والمِنهاج : كالمَنْهَج . وفي التنزيل: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)(المائدة: من الآية48)
وأَنهَج الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجا واضِحاً بَيِّناً ، والمِنهاج : الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْهَج الطريقُ: صار نَهْجا ( ابن منظور ، 1410هـ ، ج2 ، ص 383 )
المنهج في الاصطلاح :
" الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة ، تهيمن على سير العقل ، وتحدد عملياته ، حتى يصل إلى نتيجة معلومة " ( العساف ، 1424 هـ ، ص 169 )
" فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة ، من أجل الكشف عن الحقيقة " ( أبو سليمان ، 1416هـ ، ص 60 )
" طريق كسب المعرفة ، أوهو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة المشكلة لاكتشاف الحقيقة ، أو هو الخطوات المنظمة التي يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها " ( الدغيمي ، 1417هـ ،ص 33 ) .
" كان ظهور الطريقة العلمية نتيجة للجهود المختلفة التي بذلها المهتمون خلال عصور طويلة ، لكن أول ملامح هذه الطريقة ظهرت على يد فرنسيس بيكون في نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر حين اقترح بناء النتائج على أساس مجموعة كبيرة من الوقائع والملاحظات التي يمكن جمعها ، ثم تطور هذا المنهج نتيجة لجهود وأفكار نيوتن وجاليلو فظهر المنهج العلمي ، أو الطريقة العلمية التي تجمع بين الأسلوب الاستقرائي والأسلوب الاستنتاجي القياسي ، أو جمع بين الفكر الذي يمثله الأسلوب القياسي وبين أسلوب الملاحظة الذي يمثله الأسلوب الاستقرائي.
فالأسلوب العلمي أو الطريقة العلمية هي طريقة تجمع بين الفكر والملاحظة وبين القياس والاستقراء "(عبيدات ، 1424 هـ ، ص 44 )
ثانياً : مفهوم البحث التربوي
البحث لغة :
البَحْث : طَلَبُكَ الشيءَ في التُّراب؛ بَحَثَه يَبْحَثه بَحْثا ، و ابْتَحَثَه .(1/4)
وفي المثل: كالباحِث عن الشَّفْرة. وفي آخر: كباحِثة . عن حَتْفها بظِلْفها؛ وذلك أَن شاةً بَحَثَت عن سِكِّين في التراب بظِلْفِها ثم ذُبِحَتْ به.
الأَزهري: البَحُوث من الإِبل التي إِذا سارتْ بحثت الترابَ بأَيديها أُخُراً أَي ترمِي إِلى خَلْفِها؛ قاله أَبو عمرو.
والبَحوث : الإِبلُ تَبْتَحث الترابَ بأَخْفافِها، أُخُراً في سَيرها.
والبَحْث : أَن تَسْأَل عن شيءٍ، وتَسْتَخْبر.
وبَحَث عن الخَبر وبَحَثَهُ يَبْحَثه بَحْثا : سأَل. وكذلك اسْتَبْحَثَه ، واسْتَبْحَث عنه. الأَزهري: اسْتَبْحَثْت وابْتَحَثْت وتَبَحَّثْت عن الشيء، بمعنى واحد أَي فَتَّشْتُ عنه.
والبَحْث : الحَيَّةُ العظيمة لأَنها تَبْحَث التُّرابَ.
وتَرَكْتُه بمباحِث البَقَر أَي بالمكان القَفْر؛ يعني بحيثُ لا يُدْرى أَين هو.
والباحِثاء ، من جِحَرة اليرابيع: تُرابٌ يُخَيَّلُ إِليكَ أَنه القاصِعاء، وليس بها، والجمعُ باحِثاوات . وسُورةُ بَراءةَ كان يقال لها: البُحُوث ، سمِّيت بذلك لأَنها بَحَثَت عن المنافقين وأَسرارهم أَي اسْتَثارتْها وفَتَّشَتْ عنها. وفي حديث المِقداد: أَبَتْ علينا سُورةُ البُحوث ، {انْفِرُوا خِفافاً وثِقالاً}؛ يعني سورةَ التوبة. والبُحوث : جمع بَحْث . قال ابن الأَثير: ورأَيت في الفائق سورة البَحُوث ، بفتح الباء، قال: فإِن صحت، فهي فَعُول من أَبنية المبالغة، ويقع على الذكر والأُنثى، كامرأَة صَبور، ويكون من باب إِضافة الموصوف إِلى الصفة. وقال ابن شميل: البُحَّيْثى مثال خُلَّيْطَى: لُعْبة يَلْعَبون بها بالتراب كالبُحْثَة . وقال شمر: جاء في الحديث أَن غُلامين كانا يَلْعَبان البُحْثَة وهو لعب بالتراب.
قال: البَحْث المَعْدِنُ يُبْحَث فيه عن الذَّهَبِ والفِضَّةِ.
قال: والبُحاثَة التُّراب الذي يُبْحَث عما يُطْلَبُ فيه. " (ابن منظور ، 1410هـ ، ج2 ص115) .
البحث اصطلاحاً :(1/5)
تتعدد تعريفات البحث التربوي ، ولا يتفق الباحثون على تعريف محدد بسبب اختلاف أساليب البحث ، وسأذكر فيما يلي بعض التعريفات ثم أذكر النقاط المشتركة بين تلك التعريفات ، وأخيراً سأعقب بتعريفي الخاص للبحث التربوي :
* " عملية منظمة تهدف إلى التوصل إلى حلول لمشكلات محددة ، أو إجابة عن تساؤلات معينة باستخدام أساليب علمية محددة ، يمكن أن تؤدي إلى معرفة علمية جديدة " ( ملحم ، 1426 هـ ، ص 47 )
* " عملية منظمة لجمع وتحليل البيانات لغرض من الأغراض " ( أبو علام ، 1424 هـ ، ص 16 )
* "عملية علمية ، تجمع لها الحقائق والدراسات ، وتستوفى فيها العناصر المادية والمعنوية حول موضوع معين دقيق في مجال التخصص ، لفحصها وفق مناهج علمية مقررة ، يكون للباحث منها موقف معين ، ليتوصل من كل ذلك إلى نتائج جديدة " ( أبو سليمان ، 1416هـ، ص25) .
* "مجموعة الجهود المنظمة التي يقوم بها الإنسان ، مستخدماً الأسلوب العلمي ، وقواعد الطريقة العلمية ، في سعيه لزيادة سيطرته على بيئته ، واكتشاف ظواهرها ، وتحديد العلاقات بين هذه الظواهر " (عبيدات ، 1424 هـ ، ص 53 ) .
* " البحث والتقصي المنظم لاكتشاف المعرفة ، والتنقيب عنها ، وفحصها وتحقيقها ثم عرضها بأسلوب ذكي لتسير في ركب الحضارة الإنسانية " ( الدغيمي ، 1417هـ ، ص33 ) .
ومن خلال الاطلاع على التعاريف السابقة للبحث التربوي تتضح بعض النقاط التي تشترك فيها تلك التعاريف ، ومنها :
- أن البحث التربوي جهد منظم .
- أن البحث التربوي يستخدم الطريقة العلمية .
- أن البحث التربوي يهدف إلى حل مشكلة أو التوصل إلى معرفة .
وأستطيع أن أصوغ تعريفاً قد يكون مناسباً ومختصراً :
جهد منظم علمي لحل مشكلة أو التوصل إلى معرفة .
الفرق بين البحث التربوي والبحث في مجال العلوم الطبيعية(1/6)
" تختلف الطريقة العلمية المستخدمة في العلوم الطبيعية عن الطريقة التي تستخدم في مجالات العلوم الاجتماعية ، خصوصاً في درجة الدقة لاختلاف الظواهر في كل منهما ، وهناك صعوبات تحول دون التطبيق الكامل للمنهج العلمي في العلوم الاجتماعية والسلوكية منها :
- تتصف الظواهر الاجتماعية بأنها أكثر تعقداً وتشابكاً منها في العلوم الطبيعية .
- صعوبة ضبط الظواهر الاجتماعية تجريبياً ، وقياسها قياساً موضوعياً .
- صعوبة ملاحظة الظواهر الاجتماعية بدرجة عالية من الدقة ، وصعوبة إخضاعها لضبط كالضبط الموجود في الظواهر الطبيعية والتجارب العلمية ، لأن البشر يتغيرون في أشخاصهم وسلوكهم واستجاباتهم للمؤثرات المختلفة .
- استحالة إجراء التجارب في الدراسات الاجتماعية وصولاً إلى قوانين اجتماعية تتميز بالدقة ، لأن الموضوعية المطلقة صعبة التحقيق إلى حد كبير في هذه الدراسات ( الصباب ، 1425 هـ ، ص 16 )
ويرى (عبيدات ، 1424 هـ ، ص 55 ) أن وجود هذه الصعوبات لا تعيق البحث العلمي في مجال الظواهر والعلوم السلوكية لأن هذه الصعوبات تشير إلى أن الباحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية يحتاج إلى وعي أكثر ، وتنظيم أكثر ، ودقة أكثر ، وتجرد أكثر ، وأن المنهج العلمي هو المنهج الوحيد لدراسة الظواهر الإنسانية مع مراعاة أن أسلوب التجريب قد لا يمكن تطبيقه في بعض الحالات التي تحدث ضرراً على الإنسان الذي يخضع للتجربة .
مجالات البحث التربوي
" تتسع ميادين البحث العلمي لتشمل مشكلات الحياة جميعها وفي مختلف ميادينها ، فالبحث العلمي لا يقتصر على دراسة الظواهر الطبيعية فقط بل يشمل دراسة الظواهر الاجتماعية والسيكولوجية أو الظواهر الإنسانية المتعلقة بمختلف مجالات الحياة الاجتماعية والنفسية والتربوية والاقتصادية ، فهذه الظواهر هي ميدان للبحث العلمي كالظواهر الطبيعية تماماً " (عبيدات ، 1424 هـ ، ص 53).(1/7)
" والتربية كمجال تطبيقي تتعدد فيه فروع المعرفة حيث تستخدم فيه مفاهيم ونظريات مجموعة من العلوم الاجتماعية كعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم دراسة الأجناس( الأنثربيولوجيا ) وغيرها من فروع المعرفة .
ويترتب على ذلك أن البحث التربوي يتطلب معرفة مناسبة بهذه العلوم بجانب مهارة في البحث العلمي لدى الباحث ، والتربية كنشاط اجتماعي يجب النظر إليها كنظام تعتمد صلاحيته وفعاليته على صلاحية أجزاءه وتكامل العمل بينها ، وبذلك فإن اهتمامنا بالمجال التربوي يتعدى العلاقة بين الطالب والمعلم والمادة الدراسية ليشمل كل مكونات النظام .
وفيما يلي بعض المجالات الفرعية :
- الأهداف التربوية .
- المقررات الدراسية .
- طرق وأساليب التدريس .
- الكتب المدرسية .
- تكنولوجيا التعليم .
- الإدارة التربوية .
- الإشراف الفني .
- أساليب التقويم .
- القوى العاملة .
- الفاقد التعليمي .
- اقتصاديات التعليم .
- المتعلمون .
- المباني المدرسية .
- وسائل الإعلام .
- علاقة المدرسة بالمحيط الاجتماعي.(عسكر وآخرون ، 1418هـ ، ص 48 )
فكرة مختصرة عن مصادر التشريع الإسلامي
القرآن الكريم :
"لغة : مصدر بمعنى القراءة، غلب في العرف العام على المجموع المعين من كلام الله سبحانه، المقروء بألسنة العباد .
وأما حد الكتاب اصطلاحاً: فهو الكلام المنزل على الرسول، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلاً متواتراً. " ( الشوكاني ، د . ت ، ص 46 )
السنة :
لغة: فهي الطريقة المسلوكة، وأصلها من قولهم سننت الشيء بالمسن إذا أمررته عليه حتى يؤثر فيه سناً أي: طريقاً،
شرعاً: أي: في اصطلاح أهل الشرع فهي: قول النبي وفعله وتقريره.
حجية السنة :(1/8)
اعلم أنه قد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن السنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام، وقد ثبت عنه أنه قال: "أَلاَ وَإِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" ( رواه أحمد وأبو داود ) أي: أوتيت القرآن وأوتيت مثله من السنة التي لم ينطق بها القرآن، وذلك كتحريم لحوم الحمر الأهلية وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وغير ذلك مما لا يأتي عليه الحصر .
ومن أدلة حجية السنة من القرآن :
قوله تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80)
وقوله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(الحشر: من الآية7)
وقوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31)
والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين الإِسلام
( الشوكاني ، د . ت ، ص 53 )
الإجماع :
لغة : العزم ، قال تعالى ( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ )(يونس: من الآية71) أي اعزموا .
اصطلاحاً : إتفاق جميع المجتهدين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي في واقعة من الوقائع .( البرديسي ، 1407هـ ، ص 207 )
حجية الإجماع :
ذهب أكثر العلماء إلى أن الإجماع الصريح حجة قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران: من الآية103)
.( البرديسي ، 1407هـ ، ص210)(1/9)
وقال تعالى ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115)
القياس :
لغة : التسوية بين الشيئين ، وقيل التقدير .
اصطلاحاً : إظهار حكم المقيس عليه في المقيس لعلة مشتركة بينهما لا تدرك بمجرد اللغة . ( البرديسي ، 1407هـ ، ص 221 )
حجية القياس : ذهب جمهور العلماء إلى القول بحجية القياس ، ومن أدلتهم قوله تعالى : ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)(الحشر: من الآية2) ( البرديسي ، 1407هـ ، ص 233 )
ومن أدلة القياس في السنة :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللّهِ : فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْر. فَقَالَ: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ، أَكُنْتِ تَقْضِيْنَهُ؟" قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "فَدَيْنُ اللّهُ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ". (مسلم ، 1992م ، ج 8 ، ص 21 ) .
2=
أنواع مناهج البحث في ضوء التصنيف الإسلامي للمعرفة
*
أهمية المنهج في الفكر الإسلامي
* خصائص المنهجية الإسلامية في البحث التربوي
* المنهج التاريخي عند علماء المسلمين
* منهج توثيق الخبر عند علماء الحديث
* المنهج الوصفي ومجالاته التطبيقية
* المنهج التجريبي عند العلماء المسلمين
أهمية المنهج في الفكر الإسلامي
أولاً ، تعريف المنهج :
نهج
: طريقٌ نَهْج : بَيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْج ، والجمع نَهجات ونُهُج ونُهوج
و مَنْهَج الطريقِ : وضَحُه. والمِنهاج : كالمَنْهَج . وفي التنزيل: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)(المائدة: من الآية48)
وأَنهَج الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجا واضِحاً بَيِّناً ، والمِنهاج : الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْهَج الطريقُ: صار نَهْجا ( ابن منظور ، 1410هـ ، ج2 ، ص 383 )(1/10)
ثانياً ، تعريف الفكر :
" الفَكْرُ و الفِكُر : إِعمال الخاطر في الشيء؛ قال سيبويه : ولا يجمع الفِكْرُ ولا العِلْمُ ولا النظرُ، قال: وقد حكى ابن دريد في جمعه أَفكارا . والفِكْرة : كالفِكْر وقد فَكَر في الشيء(1) وأَفْكَر فيه وتَفَكَّر بمعنىً. ورجل فِكِّير ، مثال فِسِّيق، وفَيْكَر : كثير الفِكْر؛ الأَخيرة عن كراع.
الليث: التَّفَكُّر اسم التَّفْكِير . ومن العرب من يقول: الفِكْرُ الفِكْرة ، والفِكْرى على فِعْلى اسم، وهي قليلة. الجوهري: التَّفَكُّر التأَمل، والاسم الفِكْرُ والفِكْرَة ، والمصدر الفَكْر ، بالفتح. قال يعقوب: يقال: ليس لي في هذا الأَمرِ فِكْر أَي ليس لي فيه حاجة، قال: والفتح فيه أَفصح من الكسر." ( ابن منظور ، 1410هـ ،جـ5 ، ص65 )
ثالثاً ، أهمية المنهج في الفكر الإسلامي :
"ترجع أهمية المنهج إلى كونه الطريق المأمون في الوصول إلى العلم الصحيح ، والإسلام له عنايته الخاصة بطلب العلم ، فقد أمر الإسلام بالعلم ، وأثنى على العلماء ، وذم الجهل والجاهلين ، كما طالب بالتثبت والتحقق في طلب العلم ، وطالب بإقامة الدليل والبرهان على أية دعوى يدعيها الإنسان ، وكما يقول علماء البحث والمناظرة : ( إذا كنت ناقلاً فالصحة وإذا كنت مدعياً فالدليل ) . ولما ادّعى المشركون أن الملائكة بنات الله ، وحكموا عليهم بالأنوثة ، طالبهم الله عز وجل بالدليل على ما يدعون ، وبين أن هذا الأمر دليله المشاهدة والمعاينة ، وهم لم يشاهدوا خلق الملائكة ، فكيف يحكمون عليهم بالأنوثة ؟ إنه حكم خاطئ لأنهم سلكوا فيه مسالك خاطئة وبنوا قولهم على التخمين والظن ، وهذا أمر : طريق إثباته يعتمد على المشاهدة والمعاينة ، يقول تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ) (الزخرف:19).(1/11)
ولذلك كانت عناية الإسلام بالمناهج كبيرة لأنها وسيلة التثبت والتحقق في طلب العلم ، وبدون المنهج السليم من البحث يشرد الذهن وتتحكم فيه الأهواء ويضل الطريق ، ولا يعد الإنسان عالماً مالم يسلك منهجاً علمياً يحقق به معلوماته وموضوعاته ، ولا يكفي - كما يقول ديكارت - ( أن يكون لدى الإنسان عقل سليم ، بل لابد أن يعرف كيف يستخدمه استخداماً سليماً ) وقد أمر الإسلام أولي العقول بالاعتبار ، فقال تعالى ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)(الحشر: من الآية2) . والاعتبار هنا كما يقول أهل العلم -مقصود به القياس ، وهو أحد المناهج المستخدمة في توليد الأحكام .
كما جعل الإسلام توثيق الأخبار مطلباً شرعياً ودليلاً من أدلة العلم الصادق فقال صلى الله عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية .... ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) .(1/12)
وقد طالب القرآن اليهود بتوثيق دعواهم حينما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تدعي أنك على ملة إبراهيم ولكنك تخالف شريعته ، فأنت تأكل من لحوم الإبل وتشرب من ألبانها ، وإبراهيم قد حرمها على نفسه ، فنزل القرآن يكذب اليهود ويبين أن دعواهم ينقصها التوثيق ، فهي دعوى كاذبة لأنها قامت على منهج خاطئ لأنهم لم يشاهدوا إبراهيم ولم يعاصروه ، ولم يأتهم نص في التوراة يدل على ذلك ، فمن أين إذن استقوا دعواهم ؟ إن دعواهم تفتقد المنهجية الصحيحة ، قال تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران:93) ومن هنا كانت عناية الإسلام بمنهج التوثيق للأخبار ، وعنايته بمنهج القياس والاعتبار في تفريغ الأحكام ، ومنهج التجريب والمشاهدة في علوم الكون والحياة ، وكانت فعلاً مسألة المناهج من الدين ، لأنها بمثابة الطريق الصحيح الموصل إلى العلم الصحيح ، يقول عبد الله بن المبارك : ( الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
إذن لابد من معرفة المناهج وضوابطها الشرعية حتى نبني الفكر السليم والقويم ولا بد من دراسة المنهجية العلمية في الفكر الإسلامي لأنها هي الكاشفة عن الطريق التي يسلكها العقل في بحثه عن الحقيقة ." (صابر ، 1418هـ ، ص 16 )
خصائص المنهجية الإسلامية في البحث التربوي
أولاً ، تعريف كلمة ( خصائص ) :
خصص
: خَصّه بالشيء يَخُصّه خَصَّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيَّةً وخُصُوصِيَّة ، والفتح أَفصح، وخِصِّيصَى وخَصَّصَه واخْتَصّه . أَفْرَدَه به دون غيره. ويقال: اخْتَص فلانٌ بالأَمر وتخصّص له إِذا انفرد، وخَص غيرَه واخْتَصَّه بِبِرِّهِ. ويقال: فلانُ مِخِص بفلان أَي خاصّ به وله به خِصِّيَّة ؛ فأَما قول أَبي زبيد:(1/13)
إِنّ امرأً خَصّني عَمْداً مَوَدَّتَه، على التَّنائي، لَعِنْدي غيرُ مَكْفُورِ فإِنه أَراد خَصَّني بمودّته فحذف الحرف وأَوصَل الفعلَ، وقد يجوز أَن يريد خَصَّنِي لِمَودّته إِيّايَ فيكون كقوله:
وأَغْفِرُ عَوْراءَ الكريمِ ادّخارَهقال ابن سيده: وإِنما وجّهْناه على هذين الوجهين لأَنا لم نسمع في الكلام خَصَصْته متعدية إِلى مفعولين، والاسم الخَصُوصيّة و الخُصُوصِيَّة و الخِصِّيَّة و الخاصَّة و الخِصِّيصَى ، وهي تُمَدُّ وتُقْصر؛ عن كراع، ولا نظير لها إِلا المِكِّيثَى. ويقال: خاص بيّن الخُصُوصِيَّة، وفعلت ذلك بك خِصِّيَّةً وخاصّةً وخَصُوصِيَّة وخُصُوصِيَّة . ( ابن منظور ، 1410هـ ، جـ 7 ، ص 24 )
ثانياً ، خصائص المنهجية الإسلامية في البحث التربوي :
" يشترط في المنهج العلمي ثلاثة شروط :
الأول : أن يكون منهجاً محدداً .
الثاني : أن يكون ملائماً لموضوع البحث .
الثالث : أن يكون متناسباً مع طاقة العقل وفي حدود قدراته وقد احتوى الإسلام جملة من القواعد والضوابط اللازمة في طلب العلم ، مما جعل المنهجية العلمية في الإسلام تتميز عن غيرها من المنهجيات الأخرى ، ونخص بالبيان هنا جانبين لأهميتهما الكبيرة في سلامة البحث العلمي هما :
الأول : التلائم بين المنهج والموضوع المراد بحثه .
الثاني : التناسب بين المجال المعرفي وبين إمكانية العقل الإنساني .(1/14)
أما عن التلازم بين المنهج والموضوع : فهو من أبرز مميزات المنهجية الإسلامية ونجاحها في تحقيق العلم في كل المجالات ، حيث إن لكل موضوع من المعرفة منهجاً يناسبه ، فالبحث في الطبيعة واكتشاف السنن والقوانين الإلهية في الظواهر الطبيعية يلائمه المنهج التجريبي ، والبحث في استنباط الأحكام وتقعيد الضوابط الشرعية يلائمه المنهج الاستدلالي ، والبحث في إثبات الأخبار والمرويات يلائمه المنهج التاريخي ... وهكذا يصبح لكل نوع من المعرفة منهج يلائمه ، بحيث تتولد المعرفة الصحيحة من تطبيق المنهج المناسب لكل مجال من مجالات المعرفة ، وعدم مراعاة التناسب بين المنهج والموضوع يؤدي إلى فساد كبير في مجال العلم ، وهذا ما وقع فيه الفكر الغربي الحديث ، حيث حكّم العلماء هناك مناهج في مجالات لا تناسبها ، مثلما حكّم أصحاب الاتجاه المادي المنهج التجريبي المادي - والذي مجاله علوم الطبيعة والمحسوسات - في قضايا ما وراء المادة ، ورأينا أصحاب هذا الاتجاه ينكرون الغيبيات ويحصرون العلم فيما يخضع للحس والتجربة ، وما لا يخضع للتجربة فليس بعلم وليس بحقيقة بل هو عبث وهراء ، ورأينا ( أوجست كونت ) مؤسس الفلسفة الوضعية وأصحاب ( الوضعية المنطقية ) يحكّمون منهج التجربة والمنهج الرياضي في كل مجالات المعرفة ، وينكرون كل شيء لا يخضع للتجربة أو المنهج الرياضي ، يقول أحد زعماء الوضعية المنطقية : ( إن الجملة التي لا تعبر عن قضية صادقة من الناحية الصورية - الرياضية - ولا عن قضية تجريبية تتجرد من كل معنى ) ويرى هؤلاء : أن ما كان له مدلول في الطبيعة فهو قابل للبحث والحكم عليه بالصواب أو الخطأ ، وأما ما ليس له مدلول في الطبيعة الحسية فهو خداع وهراء ولا ينبغي أن نضيع وقتنا في البحث فيه .(1/15)
ومثلما حكّم الماركسيون العامل الاقتصادي في حركة التاريخ الإنساني ، وأرجعوا مسيرة الجنس البشري وتطوراته إلى التغيرات الاقتصادية وحدها دون سواها ، فجعلوا كل تطور في حياة البشر مردّه إلى العامل الاقتصادي ، ومثلما حكّم الفرويديون العامل الجنسي في العلاقات الإنسانية ، وجعلوا العلاقة بين البشر تقوم على الرباط الجنسي دون سواه .
بل إن الانحراف عن توجيهات الإسلام في ضرورة التناسب بين المنهج والمجال المعرفي أدّى إلى خلل فكري وانحراف عقدي لدى كثير من الفرق التي ظهرت في البيئة الإسلامية ، فقد رأينا أن الإشراقيين حكّموا منهجهم الروحي في عالم المادة فأنتج ذلك شططاً عن الإسلام مثلما فعل أصحاب مذهب الاتحاد والحلول ووحدة الوجود والفيض الإلهي وغير ذلك من مذاهب فلاسفة بعض المتصوفين .
ومثلما حكّم المتكلمون المتأخرون المنطق الأرسطي في علم الألوهية - خاصة - قياس الشمول ، فأدى إلى الانحراف العقدي لديهم ، لأن الله ليس جزءاً فيندرج تحت كل ، تعالى الله عن ذلك (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) بل إن الفرقة التي حدثت بين أهل السنة والمعتزلة كان أساسها المنهجية العلمية ، فرغم اعتراف الجماعتين باعتبار الوحي والعقل مصدرين للعلم إلا أنهم اختلفوا في منهجية التعامل معهما ، فقد بالغ المعتزلة في دور العقل وجعلوه حكماً على النص وقاضياً عليه عند التعارض .(1/16)
أم عن الأمر الثاني :وهو التناسب بين المجال المعرفي وبين إمكانية العقل الإنساني ، فهو كذلك ما يميز المنهجية الإسلامية عن المنهجيات الأخرى لأن الإسلام لا يريد أن يبدد طاقة العقل دونما فائدة ، ولا يريد أن يزج بالعقل في مجالات من البحث هي فوق قدراته مما يجعله يتخبط ولا يصل إلى علم صحيح ، ولذلك حظر الإسلام على العقل جوانب من المعرفة لأنها فوق طاقته مثل البحث في كنه الذات العلية أو البحث كنه عوالم الغيب ، أو البحث في حقيقة الروح ، أو البحث في موعد قيام الساعة ، لأن تلك الأمور مما استأثر الله بعلمها ، يقول عز وجل : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الاسراء:85) " ( صابر ، 1418هـ ، ص 19 )
المنهج التاريخي
أولاً ، مفهوم المنهج التاريخي :
" يهتم الأسلوب التاريخي أو الأسلوب الوثائقي بجمع الحقائق والمعلومات من خلال دراسة الوثائق والسجلات والآثار ، ويستخدم هذا الأسلوب في دراسة الظواهر والأحداث والمواقف التي مضى عليها زمن قصير أو طويل ، فهو مرتبط بدراسة الماضي وأحداثه ، كما قد يرتبط بدراسة ظواهر حاضرة من خلال الرجوع إلى نشأة هذه الظواهر والتطورات التي مرّت عليها والعوامل التي أدّت إلى تكوينها بشكلها الحالي " ( عبيدات ، 1424هـ ، ص 233 ) .
ثانياً ، المنهج التاريخي عند علماء المسلمين :(1/17)
يقول الدكتور علي سامي النشار في حديثه عن المنهج التاريخي " أن المسلمين قد أقاموه على أسس علمية دقيقة فيما يعرف بعلم مصطلح الحديث ، وطرق تحقيق الحديث رواية ودراية هي منهج البحث الحديث كما عرفه فلنج وسينيوس ولانجلو . وقد توصل المسلمون إلى كل ما توصل إليه علماء مناهج البحث التاريخي من نقد النصوص الداخلي والخارجي ، كما عرفوا طرق التحليل والتركيب التاريخية ، وفحص الوثائق ، ومنهج المقارنة والتقسيم والتصنيف ، كما أن دراسة طرق التحقيق التاريخي عند كثيرين من علماء الطبقات - وبخاصة التاج السبكي وابن خلدون والسخاوي - سيوضح هذا أيضاً توضيحاً أكيداً ، ولم يكن ابن خلدون - كما تصور الباحثون - عالم اجتماع ، وإنما هو عالم منهج تاريخي ، استخدم المنهج الاستقرائي في براعة نادرة لتفسير الظواهر العرضية التي قابلها ، تفسيراً يستند على التحليل والتركيب ومستخدماً قياس الغائب على الشاهد من ناحية ، واستقراء الحوادث العارضة في المشاهدة للتوصل إلى أحكام عامة . فكان عمله الباهر في نطاق التاريخ يساوي تماماً عمل فقهاء الأشاعرة وعلماء أصول الفقه والدين منهم في الفقه والكلام . وما زالت دراسة هذا المنهج على طريق علمي صحيح دراسة بكراً في العالم الإسلامي ." ( النشار ، 1978م ، ص 271 ) .
منهج توثيق الخبر عند علماء المسلمين(1/18)
وصل المنهج الإسلامي في التعرف على الراوي ، وتحقيق نسبة الخبر إليه ، ومدى صلاحية هذا الراوي ومقدار ما يحوزه من عدالة وضبط ، إلى درجة من الدقة والتوثيق عجز عنها المنهج الأوربي ، وهو ما يعرف في المنهج الإسلامي بدارسة السند ومعرفة الاتصال فيه من عدمه وإمكانية اللقاء أو المعاصرة بين الراوي ومن روى عنه ، ومعرفة كل شيء عن الرواة : تواريخهم ، وطبقاتهم ، وأسمائهم ، ومعرفة الكنى والألقاب ، والمبهم والمختلف فيه من الأسماء ، ومعرفة بلدانهم وأوطانهم ، ولم يقف المنهج الإسلامي عند حد معرفة الراوي والتأكد من صحة نسبة الخبر إليه بل بحث في مدى صلاحية هذا الراوي لنقل الخبر ، ومقدار ما يتمتع به من أمانة ودقة ، أو عدالة وضبط ، ووضعت القواعد المنظمة لتقويم الراوي فيما يعرف ( بعلم الجرح والتعديل ) .
ومن حيث المتن وتصحيحه لغوياً واستبعاد ما فيه من أغلاط ، وهو ما يعرف عند علماء الحديث ( بالتصحيف والتحريف ) ، وقد وضعوا الضوابط التي تنقي النص من التحريفات ، وبحثوا في منشأ الغلط ، وهل مرده إلى ضعف البصر ؟ أم إلى ضعف السماع ؟ أم إلى التدليس ...الخ . كما توفر عند علماء الحديث شرح غريب الحديث ، وقاموا بجهود كبيرة في شرح الأحاديث وتحليل نصوصها واستخراج ما فيها من حكم وأحكام ، وقد أفرزت هذه الجهود ثمارها المباركة في المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب التي تناولت غريب الحديث ، والكتب التي شرحت الصحاح والسنن وغيرها من كتب السنة المباركة كفتح الباري في شرح صحيح البخاري ، وشرح النووي عل صحيح مسلم وغيرهما ... كما قام علماء الحديث بوضع القواعد المنهجية التي تميز الصحيح من الزائف وتبين الموضوع من الأخبار ، ووضعوا علامات يعرف بها الوضع بنوعيه في السند والمتن ، وأفرد بعضهم الموضوعات بمؤلفات خاصة بها ، حتى يتنبه لها الباحثون .(صابر ، 1418هـ ، ص 58 )
المنهج الوصفي ومجالاته التطبيقية(1/19)
" يهتم المنهج الوصفي قي تصوير الوضع الراهن وتحديد العلاقات التي توجد بين الظاهرات والاتجاهات التي تسير في طريق النمو أو التطور والتغيير ، وانطلاقاً من هذا التصور والتحديد للعلاقات ، يمكن وضع تنبؤات عن الأوضاع المقبلة التي ستكون عليها الإدارة المدرسية ، مثلاً ، أو المنهج ، أو تدريس مادة من المواد المختلفة في المدرسة " (القاضي ، 1399هـ ، ص 107 ) .
" والمنهج الوصفي في البحث على أنواع منها :
1-الدراسات المسحية التي تؤكد على دراسة المشكلة من جميع جوانبها .
2-الدراسات التي بالعلاقات المتبادلة وذلك عن طريق تعقب العلاقات بين الحقائق التي حصلوا عليها وعدم الاكتفاء بجمع المعلومات عن الوضع القائم .
3-الدراسات التطويرية مثل دراسة النمو عند الإنسان ، وتطوير القدرات عنده في أثناء ذلك في نموه ، ويتم ذلك عن طريقتين أولهما الطريقة العرضية أو المستعرضة ، وذلك بقياس وزن عدد كبير من الطلاب بين سن معينة ، ثم استخراج المعدل العام للوزن في كل سن ، أما الطريقة الثانية فهي الطريقة الطولية التي تتبع فيها نمو أحد الأطفال عدداً من السنين ، وتسجيل نتائج ذلك التتبع بعد التحقق من صدق ما توصلنا إليه من نتائج " (القاضي ، 1399هـ ، ص 108 )
المنهج التجريبي
أولاً ، تعريف المنهج التجريبي :
البحث التجريبي هو " استخدام التجربة في إثبات الفروض ، أو إثبات الفروض عن طريق التجريب " ( عبيدات ، 1424هـ ، ص 310 ) .
ثانياً ، المنهج التجريبي عند العلماء المسلمين :(1/20)
إن المنهج التجريبي ,أو منهج الاستقراء والتجريب,هو المنهج الذي ينتقل فيه الباحث من الجزءإلى الكل, أو من الخاص إلى العام,فهو يسير متدرجا في التعميم حتى يصل إلى حكم عام أو قضايا كلية ,وهو يقوم في كل خطواته على الملاحظة والتجربة واستقراء الجزئيات الواقعية,والمقايسة بينهما حتى يصل إلى القوانين العامة. ويعد المنهج التجريبي العملي لدى المسلمين,بمثابة الرفض والطرح للمنهج الصوري,وكان بحق مفتاح النهضة العلمية في مجال العلوم الطبيعية-على وجه الخصوص- لأن موضوعاته هي الوقائع الخارجية المشهودة,فهي لا تقتنص من العقل-كما في المنهج الصوري لدى اليونان-ولكنها تفرض نفسها من الخارج على العقل ,ثم يقوم العقل بتفسيرها وتحليلها واستقراء جزئياتها واستنباط القوانين العامة منها,وهذا مايشهد به المنصفون من أبناء هذه الحضاره,تقول المستشرقة (زيفريد هنوكة):{إن أثمن هدية قدمها العرب لأوروبا هي:منهج البحث,الذي لولاه لبقيت أوروبا في همجيتها}.وينبغي على أبناء المسلمين-من ضحايا الغزو الفكري,وأسرى الهزيمة النفسية-أن يعوا ذلك جيدا,وأن يفيئوا إلى ذاتيتهم الإسلامية,ويستعيدوا عزهم المفقود . أما عن خطوات المنهج التجريبي: فهي كثيرة,ويختلف العلماء فيما بيما بينهم في الأخذ بها,لكن خطواته الأساسية تتمثل في أربع خطوات هي:
1-الملاحظة والمشاهدة .
2 -وضع الفروض لتفسير الظاهرة.
3-التجريب .
4-تقنين النتائج الجزئية.
ويلاحظ أن صياغة القوانين الكلية من خلال الجزئيات المستقرأة هو منهج علماء المسلمين والذي استلهموه من روح القرآن الكريم في قوله تعالى (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح:23)(1/21)
حيث يبين الله سبحانه وتعالى أن السنة الجارية في حالة معينة أو جزئية معينة هي سنة عامة لسواها من نوعها . وهذا ما قرره علماء المنهج العلمي في الغرب تحت صيغة (المسلمات العلمية ) ويقصدون بها : الأمور المسلمة لدى الباحث وهي في جملتها أمور مشاهدة ومدركة لا مجال للريب فيها ، وهي تنقسم إلى نوعين : مسلمات عامة ، ومسلمات خاصة ، قالمسلمات العلمية العامة تتعلق بالبحث في ذاته . والمسلمات الخاصة تتعلق بالطبيعة البشرية للباحث ، وقد أوجز علماء المسلمين هذه المسلمات الشخصية فيما يسمى (بضرورة التثبت ) وعدم التسرع في إصدار النتائج قبل تمحيصها ، وقد استلهموا ذلك من توجيهات القرآن الكريم حيث يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6) ، ويقول تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36) . (صابر ، 1418هـ ، ص63)
3=
مناهج البحث التربوي في علوم القرآن الكريم
* مفهوم علوم القرآن الكريم
* الأهداف المنهجية التربوية لدراسة علوم القرآن الكريم
* كيف نتعامل تربوياً مع القرآن الكريم
مفهوم علوم القرآن الكريم
"يقصد بعلوم القرآن الكريم : الأبحاث التي تتعلق بهذا الكتاب المجيد الخالد ، من حيث النزول ، والجمع ، والترتيب ، والتدوين ، ومعرفة أسباب النزول ، والمكي منه والمدني ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، وغير ذلك من الأبحاث الكثيرة التي تتعلق بالقرآن العظيم ، أو لها صلة به " (الصابوني ، 1408هـ ، ص 12 )(1/22)
"والمراد بعلوم القرآن : العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول ، وجمع القرآن وترتيبه ، ومعرفة المكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن." ( القطان ، 1414هـ ، ص 15 ) .
" وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير ، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن " ( القطان ، 1414هـ ، ص 16 )
وعلوم القرآن الكريم لفظ مركب من كلمتين هما علوم وقرآن ، وعلوم جمع علم " والعلم نقيض الجهل " ( ابن منظور ، 1410هـ ، جـ 12 ،ص 417 )
"والعلم : الفهم والإدراك ، ثم نقل بمعنى المسائل المختلفة المضبوطة ضبطاً علمياً " ( القطان ، 1414هـ ، ص 15 )
"ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآنا لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها."(ابن منظور ، 1410هـ ، ص 128 )
والقرآن اصطلاحاً : " كلام الله المعجز ، المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين ، بواسطة الأمين جبريل عليه السلام ، المكتوب في المصاحف ، المنقول إلينا بالتواتر ، المتعبد بتلاوته ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختتم بسورة الناس "( الصابوني ، 1408هـ ص12 )
الخلفية التاريخية
لتدوين علوم القرآن الكريم
" القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخاً في الاعجاز ، أنزله الله على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم ، فكان عليه الصلاة والسلام يبلغه لصحابته وهم عرب خلص فيفهمونه بسليقتهم ، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها .
روى الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( لما نزلت هذه الآية (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82)(1/23)
شق ذلك على الناس ، فقالوا يا رسول الله : وأينا لا يظلم نفسه ؟ قال ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: من الآية13) إنما هو الشرك .( البخاري ، 1402هـ ، جـ 1 ، ص 26 )
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر لهم بعض الآيات .
أخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)(لأنفال: من الآية60) ألا إن القوة الرمي . ) ( مسلم ، 1992م ،جـ 13 ، ص 54 )
وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وفهمه ، وكان ذلك شرفاً لهم .
عن أنس رضي الله عنه قال ( كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا ) أي عظم . -رواه أحمد في مسنده . ( أحمد ، د : ت ، جـ 3 ، ص 570 ) .
وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه .
روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال ( حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن ، كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ) رواه عبد الرزاق بلفظ قريب من هذا . (السيوطي ، 1994م ، جـ 17 ، ص 293 )
ولم يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابة شيء عنه سوى القرآن خشية أن يلتبس القرآن بغيره .
روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) .(مسلم ،1992م ،جـ 18 ، ص 103 )(1/24)
ولئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحدبث فإن ما يتصل بالقرآن ضل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه واقتضت الدواعي إلى جمع المسلمين على مصحف واحد ، فتم ذلك ، وسمي بالمصحف الإمام ، وأرسلت نسخ منه إلى الأمصار ، وسميت كتابته بالرسم العثماني ، نسبة إليه ، ويعتبر هذا بداية لعلم رسم القرآن .
ثم كانت خلافة علي رضي الله عنه ، فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو , صيانة لسلامة النطق ، وضبطاً للقرآن الكريم ، ويعتبر هذا كذلك بداية لعلم إعراب القرآن .
استمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم ، لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين .
ومن أشهر المفسرين من الصحابة الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير .
وقد كثرت الرواية في التفسير عن عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس ، وأبي بن كعب . وما روي عنهم لا يتضمن تفسيراً كاملاً للقرآن ، وإنما يقتصر على معاني بعض الآيات ، بتفسير غامضها ، وتوضيح مجملها .
أما التابعون فاشتهر منهم جماعة أخذوا عن الصحابة واجتهدوا في تفسير بعض الآيات .
فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة سعيد بن جبير ، ومجاهد وعكرمة مولى ابن عباس ، وطاووس بن كيسان اليماني ، وعطاء بن أبي رباح .
واشتهر من تلاميذ أبي بن كعب بالمدينة زيد بن أسلم ، وأبو العالية ومحمد بن كعب القرضي .
واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق علقمة بن قيس ، ومسروق ، والأسود بن يزيد ، وعامر الشعبي ، والحسن البصري ، وقتادة بن دعامة السدوسي .(1/25)
قال ابن تيمية : ( وأما التفسير ، فأعلم الناس به أهل مكة ، لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد ، وعطاء بن أبي رباح ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وغيرهم من أصحاب بن عباس كطاووس وأبي الشعثاء وسعيد بن جبير وأمثالهم ، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود ، ومن ذلك ما تميزوا به عن غيرهم ، وعلماء أهل المدينة في التفسير ، مثل : زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير ، وأخذ عنه ابنه عبد الرحمن ، وعبد الله بن وهب ) .
والذي روى عن هؤلاء جميعاً يتناول علم التفسير ، وعلم غريب القرآن ، وعلم أسباب النزول ، وعلم المكي والمدني ، وعلم الناسخ والمنسوخ ، ولكن هذا كله ظل معتمداً على الرواية بالتلقين .
جاء عصر التدوين في القرن الثاني ، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير ، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة أو عن التابعين .
واشتهر منهم : يزيد بن هارون السلمي المتوفي سنة 117هـ ، وشعبة بن الحجاج المتوفي سنة 160 هـ ، ووكيع بن الجراح المتوفي سنة 197هـ ، وسفيان بن عيينة المتوفي سنة 198هـ ، وعبد الرزاق بن همام المتوفي سنة 211هـ .
وهؤلاء جميعاً كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعم للتفسير جمعاً لبابٍ من أبوابه ، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب .
ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيراً متكاملاً للقرآن وفق ترتيب آياته ، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفي سنة310هـ .
وهكذا بدأ التفسير أولاً يالنقل عن طريق التلقي والرواية ، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث ، ثم دون على استقلال وانفراد ، وتتابع التفسير بالمأثور ، ثم التفسير بالرأي .
وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن ولا يستغني المفسر عنها .
فألف علي بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234هـ في أسباب النزول .(1/26)
وألف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة224هـ في الناسخ والمنسوخ وفي القراءات .
وألف بن قتيبة المتوفى سنة 276هـ في مشكل القرآن .
وهولاء من علماء القرن الثالث الهجري .
وألف محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة309 هـ الحاوي في علوم القرآن .
وألف أبو بكر محممد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328هـ في علوم القرآن .
وألف ابو بكر السجستاني المتوفى سنة 330هـ في غريب القرآن .
وألف محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة388هـ الاستغناء غي علوم القرآن .
وهؤلاء من علماء القرن الرابع الهجري .
ثم تتابع التأليف بعد ذلك .
فألف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403هـ في إعجاز القرآن ، وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة430هـ في إعراب القرآن .
والماوردي المتوفى سنة 450هـ في أمثال القرآن .
والعز بن عبد السلام المتوفى سنة 660هـ في مجاز القرآن .
وعلم الدين السخاوي المتوفى سنة643هـ في علم القراءات .
وابن القيم المتوفى سنة 751هـ في أقسام القرآن .
وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعاً من علوم القرآن وبحثاً من مباحثه المتصلة به .(1/27)
أما جمع هذه المباحث وتلك الأنواع كلها أو جلها في مؤلف واحد فقد ذكر الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه مناهل العرفان في علوم القرآن أنه ظفر في دار الكتب المصرية بكتاب مخطوط لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهير بالحوفي ، اسمه البرهان في علوم القرآن يقع في ثلاثين مجلداً يوجد منها خمسة عشر مجلداً غير مرتبة ولا متعاقبة ، حيث يتناول المؤلف الآية من آيات القرآن الكريم يترتيب المصحف فيتكلم عما تشتمل عليه من علوم القرآن ، مفرداً كل نوع بعنوان ، فيجعل العنوان العام في الآية ( القول في قوله عز وجل ويذكر الآية ، ثم يضيع تحت هذا العنوان ( القول في الأعراب ) ويتحدث عن الآية من الناحية النحوية واللغوية ، ثم ( القول في المعنى والتفسير ) ويشرح الآية بالمأثور والمعقول ، ثم ( القول في الوقف والتمام ) ويبين ما يجوز من الوقف وما لا يجوز ، وقد يفرد القراءات بعنوان مستقل فيقول ( القول في القرآءة ) وقد يتكلم عن الأحكام التي تؤخذ من الآية عند عرضها .
والحوفي بهذا النهج يعتبر أول من دون علوم القرآن ، وإن كان تدوينه على النمط الخاص الآنف الذكر ، وهو المتوفى سنة330هـ .
ثم تبعه ابن الجوزي المتوفى سنة597هـ في كتابه فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن .
ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794هـ وألف كتاباً وافياً سماه البرهان في علوم القرآن .
ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824هـ في كتابه مواقع العلوم من مواقع النجوم .
ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ كتابه المشهور الإتقان في علوم القرآن .(1/28)
ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاهاً سديداً في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر ، مثل كتاب إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرفاعي ، وكتابي التصوير الفني في القرآن ومشاهد القيامة في القرآن لسيد قطب . وترجمة القرآن للشيخ محمد مصطفى المراغي ، ومسألة ترجمة القرآن لمصطفى صبري والنبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز ، ومقدمة تفسير محاسن التأويل لمحمد جمال الدين القاسمي .
وألف الشيخ طاهر الجزائري كتاباً سماه التبيان في علوم القرآن .
وألف الشيخ محمد علي سلامة كتابه منهج الفرقان في علوم القرآن تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين بمصر تخصص الدعوة والارشاد .
وتلاه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه مناهل العرفان في علوم القرآن .
ثم الشيخ أحمد أحمد علي في مذكرة علوم القرآن التي ألقاها على طلابه بالكلية ، قسم إجازة الدعوة والارشاد .
وصدر أخيراً مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح .
وللأستاذ أحمد محمد جمال أبحاث على مائدة القرآن .
هذه المباحث جميعها هي التي تعرف بعلوم القرآن ، حتى صارت علماً على العلم المعروف بهذا الاسم . " ( القطان ، 1414 هـ ، ص 9 )
الأهداف المنهجية التربوية لدراسة علوم القرآن الكريم(1/29)
" نتج عن انكباب العديد من العلماء والباحثين على دراسة القرآن الكريم عبر العصور المختلفة ظهور ما أصبح مصطلحاً على تسميته بعلوم القرآن ، وعلى ذلك يقصد بعلوم القرآن الأبحاث التي تتعلق بهذا الكتاب المجيد الخالد من حيث النزول ، والجمع ، والترتيب ، والتدوين ، ومعرفة أسباب النزول ، والمكي منه والمدني ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، وغير ذلك من الأبحاث الكثيرة التي تتعلق بالقرآن العظيم ، أو لها صلة به ، والغرض من هذه الدراسة فهم كلام الله عز وجل على ضوء ما جاء من الرسول صلى الله عليه وسلم من توضيح وبيان ، وما نقل عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين ، حول تفسيرهم لآيات القرآن الكريم ، ومعرفة طريقة المفسرين وأساليبهم في التفسير ، مع بيان مشاهيرهم ومعرفة خصائص كل من المفسرين ، وشروط التفسير ، وغير ذلك من دقائق هذا العلم .
وعلى ذلك فإن حسن استخدام القرآن الكريم في العمل التربوي على سبيل التخصص والبحث ، يقتضي من الباحث دراية بمثل هذه العلوم " ( علي ، 1412هـ ، ص194 ) .
" وبعد نزوله لم يكن يوم يمر إلا ويحظى بالمزيد من العناية والدراسة والتفصيل ، وهكذا مع الأيام ومع الزمن ، وسيبقى كذلك تحقيقاً لوعد الله سبحانه ، تخدمه العقول ، ويبينه العلماء كل في ميدان معرفته وتخصصه .(1/30)
فاللغويون تناولوا جانب اللغة " وما زالوا" فالنحاة بحثوا جانب النحو والحركات الإعرابية ، مما أدى إلى ضبط جميع حركات وسكنات حروف القرآن الكريم ، والبلاغيون بحثوا فيه جانب البيان والمعاني والبديع وأبرزوا سموه وإعجازه ، والصرفيون بحثوا تركيب الكلمات وبنيتها ، وضبطوها ، وآخرون بحثوا تاريخ اللغة وكلماتها ومواردها وبينوا ما فيه من لغات القبائل العربية وغيرها على اختلافها وعلماء الرسم والخط أحصوا رسم كلمات القرآن واحدة واحدة ، ووضعوا لذلك قواعدهم وأصولهم ، والفقهاء والمشرعون استلهموا الآيات وفصلوا أحكامها ، والأصوليون والوعاظ والمرشدون اهتدوا بالأسلوب القرآني وجدله في معالجة الفرد والمجتمع ، واعتمدوا قصصه وجمعوها وصنفوها ، وعلماء العقيدة والكلام جعلوا القرآن منطلقهم في معرفة العقيدة الصحيحة المنجية ، ومعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، ومنه عرفوا الرسل ومميزاتهم والمحدثون جمعوا ما يتعلق بالقرآن الكريم في نزوله وأسباب نزوله وتاريخه وما جاء في التنويه والإشادة به أو ببعضه ، والحض على تعلمه ونشره عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان من الضروري أن يتقدم نفر من الباحثين في العلوم التربوية إلى هذا الكتاب العظيم كي يستلهموا منه المقومات الكفيلة ببناء الإنسان بناءً راسخاً قوياً لا يلين ولا يتزعزع أمام العواصف والأعاصير . " ( علي ، 1412هـ ، ص 80 ) .(1/31)
" إن دعائم وأسس ومبادىء فلسفة التربية الإسلامية يجب أن تستقي أساساً من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة حتى يكون رباطها وثيقاً بما جاء به خاتم الأديان (الإسلام) من عقائد صحيحة تتمشى مع الفطرة البشرية ، وتقبلها العقول ، وتطمئن إليها النفوس ، وحتى تعكس في مجال العقلية التربوية ما تضمنه هذا الدين الحنيف العظيم من مبادىء وقيم روحية وخلقية سامية تنظم الحياة الإنسانية وتهديها إلى أقوم الشرائع القائمة على الهدى والتقى والفضيلة والخير والحق والعدل والمساواة ، وتهذب السلوك الإنساني وترقيه وتزكيه ، قال تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الاسراء:9) ( الزنتاني ، 1993م ، ص 78 ) .
ومن الأهداف المنهجية لدراسة علوم القرآن الكريم تعزيز الجانب الإيماني في النفوس ، وإبراز الجانب الأدبي والعلمي والفني والاعجازي في القرآن الكريم ، وربط الجانب التربوي بالقرآن الكريم .
كيف نتعامل مع القرآن الكريم
التعامل مع القرآن الكريم للبحث في قضية من القضايا ينبغي أن يتدرج في خطوات ، وفيما يلي ذكر بعضها ، أسأل الله التوفيق والسداد :
* "جمع الآيات الخاصة بموضوع البحث أو التي تدل على ما يمكن الاستفادة منه في الموضوع المراد ، ويحصل هذا عن طريق البحث الموضوعي في القرآن الكريم ، كما يمكن البحث في سورة معينة عن المواضيع التربوية التي وردت فيها أو التي يمكن استنباطها منها .
* مراعاة آداب التلاوة : من طهارة ، ومكان وزمان مناسبين ، وحال مناسبة ، وإخلاص ، واستعاذة وبسملة وتفريغ للنفس من شواغلها ، وحصر الفكر مع القرآن والخشوع والتأثر ، والشعور بأن القرآن يخاطبه ، وغيرها من الآداب .
* الوقوف أمام الآية التي يقرؤها وقفة متأنية فاحصة مكررة .(1/32)
* النظرة التفصيلية في سياق الآيات: تركيبها ـ معناها ـ نزولها ـ غريبها ـ دلالاتها
* ملاحظة البعد الواقعي للآية ؛ بحيث يجعل من الآية منطلقًا لعلاج حياته وواقعة ، وميزانًا لمن حوله وما يحيط به .
* العودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها .
* الاطلاع على آراء بعض المفسرين في الآية .
* النظرة الكلية الشاملة للقرآن .
* الالتفات للأهداف الأساسية للقرآن
* الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له .
* معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه .
* الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة .
* العودة المتجددة للآيات ، وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحدة؛ فالمعاني تتجدد .
* ملاحظة الشخصية المستقلة للسور .
* معرفة أساسيات علم التفسير ."( التركي ، مجلة البيان ، عدد144)
…
…
4=
مناهج البحث التربوي في علوم الحديث الشريف
* بعض مصطلحات علوم الحديث
* منهج الصحابة وكبار التابعين في الحفاظ على السنة
* الوضع في الحديث والمنهجية المتبعة في اكتشافه
* كيف نتعامل تربوياً مع السنة المطهرة
* خصائص وآداب المحدث وطالب الحديث
بعض مصطلحات علوم الحديث
الحديث لغة : " نقيض القديم " ( ابن منظور ،1410هـ ، جـ2 ، ص131) .
وهو أيضاً : " الجديد من الأشياء ، والحديث : الخبر يأتي على القليل والكثير "(المصدر السابق ،جـ2،ص133) .
والحديث : " ما يحدث به المحدّث تحديثاً ، وقد حدثه الحديث وحدّثه به " (المصدر السابق ، جـ2،ص133) .
والحديث اصطلاحاً : " ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ، أو صفة خلقية أو خُلقِية ، وكذا ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي " (وزارة المعارف ، 1424هـ،ص8) .
والحديث المقبول قسمان : صحيح وحسن ، " أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العَدْل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذاً ولا معلَلاً."(ابن كثير،د: ت، ص19).(1/33)
وأما الحديث الحسن فهو " ما رواه عدل خفَّ ضبطه بسند متصل ، غير معل ولا شاذ " (وزارة المعارف ، 1424هـ،ص17) .
والمسند : "ما اتصل إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "(شاكر،د: ت، ص42) . المتصل: ويقال له: "الموصول" أيضاً، وهو ينفي الإرسال والانقطاع، ويشمل المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف على الصحابيِّ أو من دونه. (المصدر السابق، ص43).
أقسام الحديث من جهة المسند إليه :
القدسي :" ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى " وزارة المعارف ، 1424هـ،ص11).
المرفوع: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً عنه، وسواء كان متصلاً أو منقطعاً أو مرسَلاً، ونفى الخطيبُ أن يكون مرسلاً، فقال: هو ما أخبر فيه الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (شاكر،د: ت ، ص43).
والموقوف :" ما أضيف إلى الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم موقوفاً عليهم ، لا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ." (وزارة المعارف ، 1424هـ ، ص13) .
والمقطوع : "وهو الموقوف على التابعين قولاً وفعلاً " (ابن كثير،د: ت ، ص44)
والمرسل :" حديث التابعي الكبير الذي قد أدرك جماعةً من الصحابة وجالسهم" (المصدر السابق ، ص45) . والمرفوع والموقوف والمقطوع منه : الصحيح والحسن والضعيف .
والحديث المردود قسمان :
الحديث الضعيف: "هو ما لم يَجْتمع فيه صفاتُ الصحيح، ولا صفات الحسن المذكورة فيما تقدم." (ابن كثير،د: ت، ص42).
ومن الضعيف : المرسل "وصورته التي لا خلاف فيها: حديث التابعي الكبير الذي قد أدرك جماعةً من الصحابة وجالسهم" (المصدر السابق، ص45) .
ومن الضعيف أيضاً : المنقطع وهو " كل خبر ٍ لم يتصل إسناده ، على أيّ وجه كان انقطاعه " (وزارة المعارف ، 1424هـ ، ص21) .
الموضوع : وهو " الخبر المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم " (المصدر السابق، ص22) .
مصطلحات حديثية :
1-متفق عليه :(1/34)
ما رواه البخاري ومسلم عن صحابي واحد واتفقا في اللفظ أو المعنى .
2-رواه أهل السنن :
أصحاب السنن الأربعة ، وهم : أبو داود ، والنّسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، وقد يقال : رواه الأربعة ، والمقصود بهم أهل السنن هؤلاء .
3-رواه الثلاثة :
وهم أهل السنن ما عدا ابن ماجة .
4-رواه الستة :
وهم البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأهل السنن الأربعة .
5-رواه الجماعة :
هم أصحاب الكتب الستة .
7-رواه السبعة :
المقصود بهم : أحمد في مسنده ، والبخاري ومسلم ، وأصحاب السنن الأربعة (المصدر السابق،ص26)
منهج الصحابة وكبار التابعين في الحفاظ على السنة المطهرة(1/35)
"اشتدت عناية المسلمين -من عهد المصدر الأول - بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة ، بما لم تعن به أمة قبلهم ، فحفظوا القرآن ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواتراً ، آيةً آيةً ، وكلمة كلمة ، وحرفاً حرفاً ، حفظاً في الصدور ، وإثباتاً بالكتابة في المصاحف ، حتى رووا أوجه نقطه بلهجات القبائل ، ورووا طرق رسمه في المصحف ، وألفوا في ذلك كتباً مطولة وافية ، وحفظوا أيضاً عن نبيهم كل أقواله وأفعاله وأحواله ، وهو المبلغ عن ربه ، والمبين لشرعه والمأمور بإقامة دينه ، وكل أقواله وأفعاله وأحواله بيان للقرآن ، وهو الرسول المعصوم والأسوة الحسنة ، يقول الله تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم:3،4) ويقول تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(النحل: من الآية44) ويقول تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) . وكان عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه) يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهته قريش فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث : (كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلاَّ حَقُّ) (أحمد ، 2/6494) (1). وأمر المسلمين في حجة الوداع بالتبليغ عنه أمراً عاماً ، فقال : (ولْيُبَلِّغِ الشاهدُ الغائبَ) (البخاري ، 1/104) وقال : (فليُبَلَّغِ الشاهدُ الغائبَ، فرُبَّ مُبلَّغٍ(1/36)
أوعى من سامِع) (البخاري ، 3/1741) .
ففهم المسلمون من كل هذا أنه يجب عليهم أن يحفظوا عن رسولهم كل شيء ، وقد فعلوا ، وأدوا الأمانة على وجهها ، ورووا الأحاديث عنه " (ابن كثير،د: ت ،ص5) .
"وقد كانت رغبة الصحابة رضي الله عنهم في سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيمة ، وهل أحب إلى المرء من أن يسمع حكم مربيه وأحكامه وتشريعاته ؟ وهل من شيء أعز على المسلم من أن يحي آثار منقذه من الضلال ورائده إلى الخير ؟ لقد كان الصحابة مندفعين بإخلاص إلى سماع حوادث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته وحديثه ، فهذا أبو بكر يقف عند عازب والد البراء فيشتري منه رحلاً وهو للناقة كالسرج للفرس ، ثم يقول له ( مُرِ البراءَ فلْيَحملْ إليَّ رَحلي ، فقال عازبٌ: لا، حتَّى تُحدِّثَنا كيف صَنعتَ أنت ورسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حينَ خَرَجتُما من مكةِ والمشرِكونَ يطلبونكم ، فقص عليه خبر الهجرة)(البخاري،7/3652)" (علي ، 1412هـ ،ص395) .
"ولم يكتف الصحابة بدراسة الحديث فيما بينهم ، بل حثوا على طلبه وحفظه وحضوا التابعين على مجالسة أهل العلم والأخذ عنهم ، ولم يتركوا وسيلة لذلك إلا أفادوا منها ومن هذا قول عمر رضي الله عنه (تَفَقَّهوا قبلَ أن تُسَوَّدوا) (العسقلاني ، 1409هـ ، جـ1 ، ص 199) " (علي ، 1412هـ ،ص395).
"ويمكن تلخيص الحوافز التي هيأها الله للصحابة لتدفعهم إلى تحصيلها والقيام بنشرها فيما يلي :
أولاً ، عوامل الترغيب :
1-إدراكهم أن الإسلام سبيل سعادتهم ، وشعورهم بالحاجة إلى معرفة السنة وحرصهم عليها لتصحيح عبادتهم والوقوف على أمور دينهم الذي هو سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم .
2-فرط حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لدرجة أن حبهم له فاق حبهم لآبائهم وأولادهم بل وأنفسهم تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتى أكونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدهِ والنَّاس أَجْمَعين"(البخاري1/15)(1/37)
فإن هذا الحب كان يدفعهم إلى التردد على مجلسه حال حياته لمطالعة أنواره ، والاستمتاع بعذب حديثه ، وترديد ما يسمع منه والتغني بذكره ، فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره ، كما كان هذا الحب يدفعهم إلى تتبع أخباره ، وتقصي أحواله عند تعذر اللقاء به لسفر ونحوه في حال حياته أو لتوديعه الدنيا وانتقاله إلى الرفيق لأعلى بعد مماته ، إذ لا سبيل إلى تخفيف لوعة الحب في هذه الحالة إلا باستنشاق أخباره واستقصاء أحواله وتشنيف المسامع بعذب حديثه "( علي ، 1412هـ ،ص397).
3-حب العلم والرغبة الشديدة فيه عند الصحابة رضي الله عنهم .
4-إلتزامهم بأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم (بلِّغوا عني ولو آيةً) (البخاري6/3461) .
5-تشجيع الرسول صلى الله عليه وسلم "نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئاً فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغِ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ"(الترمذي،7/2727)
6-عذوبة وسلاسة الحديث النبوي.
7-الاستعداد النفسي والعقلي للصحابة رضوان الله عليهم .
ثانياً ، عوامل الترهيب :
1-التحذير من مغبة الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم "مَنْ كَذَبَ عَلَيّ فلْيَتَبوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار".(البخاري ،1/107).
2-رد رواية الفاسق ، والتحذير من قبول روايته .
3-امتهان الوضع والوضاعين والحط من شأنهم والتشهير بهم .
4-اشتراط العدالة في رواية الحديث .
5-التحذير من قبول رواية الضعفاء وعدم قبول رواية المجهول .
6-تحكيم العقل فيما ورد فيه شك .
الوضع في الحديث والمنهجية المتبعة في اكتشافه
"وعلى ذلك شواهد كثيرة: منها إقرار وضعه على نفسه، قالاً أو حالاً، ومن ذلك رَكاكةُ ألفاظه، وفسادُ معناه، أو مجازفة فاحشة، أو مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة.
فلا تجوز روايته لأحد من الناس، إلاَّ على سبيل القَدْح فيه، ليحْذَره من يَغْترُّ به من الجَهَلة والعوامِّ والرعاع.(1/38)
والواضعون أقسام كثيرة: منهم زنادقة. ومنهم متعبدون يَحسبون أنهم يُحسنون صُنْعاً، يَضَعون أحاديث فيها ترغيب وترهيب، وفي فضائل الأعمال، لِيُعْمَل بها.
وهؤلاء طائفة من الكرَّامية وغيرهم، وهم من أشرّ ما فَعَلَ هذا لما يحصل بضررهم من الغَررِ على كثيرٍ ممن يعتقدُ صلاحهم، فيظنُّ صدقَهم، وهم شرٌ من كل كذاب في هذا الباب.
وقد انتقد الأئمة كلَّ شيء فعلوه من ذلك، وسَطَّروه عليهم في زُبرهم، عاراً على واضعي ذلك في الدنيا، وناراً وشناراً في الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَلَيّ فلْيَتَبوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار".(البخاري ،1/107).
وهذا متواتر عنه.
قال بعضُ هؤلاء الجهلة: نحن ما كذبنا عليه، إنما كذبنا له وهذا من كمال جَهلهم، وقلة عقلهم، وكثرة فجورهم وافترائهم، فإنه عليه السلام لا يحتاج في كمال شريعته وفضلها إلى غيره.
وقد صنَّف الشيخ أبو الفرج بن الجوْزي كتاباً حافلاً في الموضوعات غير أنه أدخل فيه ما ليس منه، وخرَجَ عنه ما كان يلزمه ذِكْرهُ، فسقَط عليه ولم يهتد إليه.
وقد حُكي عن بعض المتكلمين إنكارُ وُقوع الوضْع بالكلية، وهذا القائل إما أنه لا وجود له أصلاً، أو أنه في غاية البعد عن ممارسة العلوم الشرعية!!
وقد حاول بعضُهم الردَّ عليه، بأنه قد ورد في الحديث أنه عليه السلام قال: "سَيُكْذَبُ عليَّ"، فإن كان هذا الخبر صحيحاً، فسَيَقَع الكذب عليه لا محالة، وإن كان كذباً فقد حصل المقصود. فأجيب عن الأول بأنه لا يلزم وقوعه إلى الآن، إذ بقي إلى يوم القيامة أزمان يمكن أن يقع فيها ما ذكر!!!
وهذا القول والاستدلال عليه والجواب عنه من أضعف الأشياء عند أئمة الحديث وحفاظهم، الذين كانوا يتضلعون من حفظ الصحاح، ويحفظون أمثالها وأضعافَها من المكذوبات، خشيةَ أن تَروج عليهم، أو على أحد من الناس، رحمهم الله ورضي عنهم.." (ابن كثير،د:ت، ص74)(1/39)
"والتوثق من الحديث بدأ أيام الصحابة ، فعندما كان رجل يروي لأحدهم حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطلب منه شاهداً أو شاهدين على ذلك ، أي يطلب منه إحضار رجلين أو رجل مع يمينه عمن سمعوا الحديث مثله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعني أن الصحابة كانوا يعتبرون الحديث شهادة تتطلب للإثبات هذا القدر من التوثق أو التحقق .
ويبدو أن شيوع الكذب على الرسول صلوات الله وسلامه عليه بعد منتصف القرن الأول الهجري ، فضلاً عن وجود المدلسين تباهياً ، والمتاجرين بالحديث ، والمتساهلين به ، والمفترين والجهلة . . . . دفع العلماء إلى تحري الدقة وطلب المصدر أو ما يسمى بالإسناد ، أي ذكر الراوي لسلسلة الرواة قبله وصولاً إلى الصحابي مباشرة ، وتبعاً لمواصفات كل راو من هؤلاء -في حال ذكروا جميعاً ولم يسقط منهم أحد -تحدد نوعية الحديث وصدقيته ."(فرشوخ ، 1990،ص195)
أسباب ظهور الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم :
"1-الخلاف الذي دب بين المسلمين :
وانقسم الناس بسببه إلى فرق مختلفة ، وظهرت العصبيات للفرق والبلدان والمذاهب والأجناس وغيرها ، فراح بعض المنتسبين لهذه الفرق والمتعصبين لها يبحث عما يؤيد رأيه من النصوص ، فإن لم يجد تجرأ بالوضع على النبي صلى الله عليه وسلم .
2-العداء للإسلام وقصد تشويهه :
وذلك أن بعض الزنادقة -من أبناء الأمم المغلوبة -اندسوا بين المسلمين ، وراحوا يحاولون إفساد هذا الدين ، من خلال وضع الأحاديث المتناقضة أو المستقبحة ، وينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
3-قصد الترغيب والترهيب لحث الناس على الخير :
وذلك أن قوماً من المنسوبين للزهد والتعبد ، لما رأوا بعد الناس عن الدين والقرآن حملهم جهلهم على وضع أحاديث ليرغبوا الناس -بزعمهم -في الخير ويزجروهم عن الشر . وهذا النوع من الوضاعين أعظم ضرراً من غيرهم ، وسبب ذلك أن الناس قد يقبلون موضوعاتهم ثقة بهم ، لعدم توقع الكذب منهم .(1/40)
4-التوصل إلى أغراض دنيوية :
كتنفيق سلعة ، أو لمصلحة خاصة بالواضع ، أو تجميع الناس حوله وابتزاز أموالهم كما يفعله بعض القصاص والشحاذين ، وغير ذلك من الأغراض "(وزارة المعارف ، 1424هـ،ص22)
"جهود العلماء في دفع الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1-الرواية بالإسناد ، والرحلة لأجله ، وعدم قبول الأخبار غير المسندة .
2-تدوين الأحاديث وجمعها في الكتب .
3-حفظ الأحاديث بأسانيدها ، والمقارنة بين المرويات ، حتى يتبين الصواب من الخطأ .
4-البحث عن أحوال الرواة ، واختبارهم ، وبيان الكاذب من غيره ، ووضع ضوابط لمن تقبل روايته ممن لا تقبل .
5-حفظ الأحاديث الموضوعة ، وتدوين الكتب فيها ، والغرض من ذلك التحذير منها لئلا يظن من سمعها أنها صحيحة .
6-وضع ضوابط يعرف بها الحديث الموضوع ، مثل :
* اشتمال الحديث على مجازفات لا يقول مثلها النبي صلى الله عليه وسلم .
* تكذيب الحس له .
وليس تطبيق هذه القواعد مشاعاً لكل أحد ، بل هو خاص بمن له علم ومعرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ." (وزارة المعارف ، 1424هـ،ص25)
كيف نتعامل تربوياً مع السنة المطهرة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد فإن الأحاديث النبوية لم تكن مقتصرة على العقائد والأحكام الشرعية بل كثيراً ما تخاطب النفوس والأرواح والعواطف الإنسانية النبيلة والقلوب ، كما تخاطب العقول .
وأعرض فيما يلي لكيفية البحث والدراسة في الحديث الشريف وأسأل الله التوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أولاً : الاهتمام بالسنة النبوية في البحث والدراسة(1/41)
"عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أنهم كانوا يتذاكرون الحديث فقال رجل دعونا من هذا وحدثونا بكتاب الله فقال له عمران إنك أحمق أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة أتجد في كتاب الله الصوم مفسرا إن القرآن أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك" (السمعاني،د:ت،ص1)
"عن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله من فيهم، قال: فتركت ذاك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأَتوسَّدُ ردائي على بابه يسفي الريح عليّ من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك، فأقول: لا أنا أحق أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري، وهو أصل في طلب الحديث وتوقير المحدّث." (الحاكم،د:ت،1/367)
"ينبغي لطالب الحديث أن يتميّز في عامة أموره عن طرائق العوامّ باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمكنه وتوظيف السنن على نفسه فإن الله تعالى يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)" (السمعاني ،د:ت،ص108)
"قيل لابن المبارك: يا أبا عبد الرَّحْمن تكثر القعود في البيت وحدك قال: أنا وحدي أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (يعني النظر في الحديث) . (ابن عساكر ، د:ت ، جـ34 ،ص 269)
كيفية البحث في السنة النبوية
هناك ثلاثة طرق لدراسة الحديث :
أولا : دراسة الموضوع عن طريق اختيار حديث شريف واحد ثم جمع روايات وطرق الحديث المختلفة ودراستها دراسة تحليلية .(1/42)
ثانيا : اختيار موضوع محدد ثم جمع جميع الأحاديث الواردة في هذا الموضوع .
ثالثا : دراسة الموضوع على سبيل استقصاء كل ما جاء في السنة .
وهو تتبع واستقصاء كل ما ورد من أحاديث تتعلق بالدراسة من كافة مصادر السنة النبوية أو أغلبها ثم ترتيب ما تم جمعه للخروج بتصور على تناول السنة النبوية لهذا الموضوع ثم الحديث عنه من خلال هذا التصور المستنبط .
ويلاحظ أن ما سبق خاص بالبحث الموضوعي ، ولهذا أقول يمكن البحث في حديث واحد عن القضايا التربوية التي تناولها كما يمكن البحث عن مفردة في السنة النبوية .
والبحث في السنة النبوية يستدعي من الباحث قدراً من العلم والاطلاع باللغة العربية لأنها لغة الحديث ، كما يستدعي ذلك منه الفقه ومعرفة السنن وأقوال الصحابة رضي الله عنهم .
قال حماد بن سَلَمة: "من طلب الحديث ولم يتعلم النحو أو قال العربية فهو كمثل الحمار تُعلَّق عليه مِخلاة ليس فيها شعير ." (القرطبي ، د:ت ، جـ1 ، ص1)
خصائص وآداب المحدث وطالب الحديث
أولاً ، آداب المحدث :
"قال ابن خَلاَّد وغيره ينبغي للشيخ أن لا يتصدَّى للحديث إلا بعد استكمال خمسين سنة. وقال غيره: أربعينَ سنة وقد أنكر القاضي عياض ذلك، بأن أقواماً حدَّثوا قبل الأربعين، بل قبل الثلاثين، منهم: مالك بن أنس. ازدحم الناس عليه وكثير من مشايخه أحياء.
قال ابن خلاد: فإذا بلغ الثمانين أحببتُ له أن يُمسك، خشيَة أن يكون قد اختلط.
وقد استدركوا عليه: بأنَّ جماعةً من الصحابة وغيرهم حدثوا بعد هذا السن، منهم: أنس بن مالك. وسهل بن سعد، وعبد الله بن أبي أوفى، وخَلْق ممن بعدهم، وقد حدَّث آخرون بعد استكمال مائة سنة منهم: الحسن بن عرَفة، وأبو القاسم البَغويّ، وأبو إسحاق الهُجَيمي والقاضي أبو الطيب الطبري، أحد أئمة الشافعية، وجماعة كثيرون.
لكن إذا كان الاعتماد على حفظ الشيخ الراوي، فينبغي الاحتراز من اختلاطه إذا طَعن في السن.(1/43)
وأما إذا كان الاعتماد على حفظ غيره وضبطه، فههنا كلما كان السنُّ عالياً كان الناس أرغبَ في السماع عليه. كما اتفق لشيخنا أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار، فإنه جاوز المائة محققاً، سمع على الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة صحيحَ البخاري، وأسمعه في سنة ثلاثين وسبع مائة، وكان شيخاً كبيراً عامياً، لا يضبط شيئاً، ولا يتعقل كثيراً من المعاني الظاهرة، ومع هذا تداعى الناس إلى السماع منه عند تفرده عن الزبيدي، فسمع منه نحوٌ من مائة ألف أو يزيدون.
قالوا: وينبغي أن يكون المحدِّث جميل الأخلاق، حسن الطريقة صحيح النية. فإن عَزبتْ نيتُه عن الخبر فليسمعْ، فإن العلمُ يُرشد إليه، قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلاَّ لله.
وقالوا: لا ينبغي أن يحدث بحضرة من أولى سناً أو سماعاً. بل كره بعضهُم التحديثَ، لمن في البلد أحق منه. وينبغي له أن يَدُلَّ عليه ويرشد إليه فإنَّ الدين النصيحةُ. "(ابن كثير ، د : ت ، ص 146)
"قالوا: لا ينبغي عَقْدُ مجلس التحديث، وليكن المسْمع على أكمل الهيئات، كما كان مالك رحمه الله: إذا حضر مجلس التحديث، توضأ، وربما اغتسل، وتطيَّب، ولبس أحسن ثيابه، وعلاه الوقارُ والهيبة، وتمكَّن في جلوسه وزبَرَ مَنْ يَرْفَعُ صوته .
وينبغي افتتاح ذلك بقراءة (شيء) من القرآن، تبركاً وتيمناً بتلاوته ثم بعدهُ التحميد الحسن التامُّ، والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولْيكُن القارىء حسن الصوت، جيِّدَ الأداء، فصيحَ العبارة، وكلما مَرَّ بذكر النبي صلى الله عليه وسلم. قال الخطيب: ويرفع صوته بذلك، وإذا مَرَّ بصحابي ترضَّى عنه.
وحَسُنَ أن يثني على شيخه، كما كان عطاء يقول: حدَّثني الحبر البحرُ ابنُ عباس. وكان وكيع يقول: حدَّثني سفيان الثوْري أمير المؤمنين في الحديث وينبغي أن لا يذكر أحداً بلقب يكرهه، فأما لقب يتميز به فلا بأس.." (المصدر السابق،148) .
ثانياً ، آداب طالب الحديث :(1/44)
"ينبغي له، بل يجب عليه، إخلاصُ النية لله عز وجل فيما يحاوله من ذلك، ولا يكنْ قصده عرضاً من الدنيا، فقد ذكرنا في المهمات: الزجر الشديد والتهديد الأكيد على ذلك.
وليبادرْ إلى سماع العالي في بلده، فإذا استوعب ذلك انتقل إلى أقرب البلاد إليه، أو إلى أعلى ما يوجد من البلدان، وهو الرحلة.
وقد ذكرنا في المهمات مشروعية ذلك، قال إبراهيم بن أدهم رحمة الله عليه: إن الله ليدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث.
قالوا: وينبغي له أن يستعمل ما يمكنه من فضائل الأعمال الواردة في الأحاديث.
كان بشر بن الحارث الحافي يقول: يا أصحاب الحديث أدوا زكاةَ الحديث، من كل مائتي حديث خمسة أحاديث.
وقال عمرو بن قيس المُلائيِ: إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به ولو مرةً، تكنْ من أهله.
قال وكيع: إذا أردتَ حفظ الحديث فاعمل به. "(المصدر السابق ، ص152)
"قالوا: ولا يُطوِّل على الشيخ في السماع حتى يُضْجِرَهُ. قال الزهري: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.
وليُفِد غيرَه من الطلبة، ولا يكتُمْ شيئاً من العلم، فقد جاء الزجر عن ذلك.
قالوا: ولا يستنكفْ أن يكتب عمن هو دونه في الرواية والدراية.
قال وكيع: لا يَنْبُل الرجلُ حتى يكتبَ عمن هو فوقَه، ومن هو مثله، ومن هو دونه.
قال ابن الصلاح: وليس بموفق من ضيَّع شيئاً من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد الكثرة وصيتها. قال: وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي: إذا كتبتَ فَقَمِّشْ، وإذا حدَّثْتَ فَفَتِّش.
قال ابن الصلاح: ثم لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على مجرد سماعه وكَتْبه، من غير فهمه ومعرفته، فيكون قد أتعب نفسه، ولم يظفر بطائل.
ثم حث على سماع الكتب المفيدة من المسانيد والسنن وغيرها.."(المصدر السابق،ص153) .
الخاتمة(1/45)
وفي ختام هذا البحث أشير إلى أهمية التقيد بالمنهجية الصحيحة في البحث التربوي في مصادر التشريع الإسلامي وخاصة أن هذا البحث يثبت دور علماء المسلمين في تثبيت واستخدام ونشر المنهج الصحيح في البحث العلمي بصفة عامة ، ولا أعني بهذا أنهم سبقوا غيرهم في مناهج البحث فلا يهم الباحث أن يعرف من سبق في استخدام مناهج البحث العلمي ، وإنما يهمه الاستخدام العلمي الصحيح لتلك المناهج ليصل بذلك إلى نتائج صحيحة .
وإن مصادر التشريع الإسلامي ينابيع متدفقة لكل بحث تربوي ينهل منها ويحسن استغلالها ويجيد استنباط الفوائد منها إذا سلك طريق الدقة والأمانة وحسن التأمل والنظر والبعد عن الهوى والتجرد التام لما يفيده النص والربط بين النصوص الشرعية مع استخدام خطوات البحث العلمي المعروفة .
ومصادر التشريع الإسلامي كنوز تحتاج لمن يصدق معها ويحسن النية في التصدي لمهمة العناية بالجوانب التربوية التى تحويها ليقدمها للعالم فيستفيد منها علماء النفس ، وعلماء الاجتماع ، وعلماء التربية ، بل ليستفيد منها كل إنسان ليربي نفسه ومن تحت يده من الأولاد ذكوراً وإناثاً .
والباحث يأمل في نهاية بحثه أن يكون هذا البحث قد قدم جزءاً ولو يسيراً في مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع الإسلامي .
ويأمل الباحث حصول الفائدة من هذا البحث للباحث أولاً ، ولكل من يقرأ البحث ، والباحث يسأل الله التوفيق والسداد ، ويختم بحثه بالصلاة والسلام على سيد الأنام محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم .
`
x
1. ابن عساكر ، علي ( د : ت ) تاريخ دمشق ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
2. ابن كثير ، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ( د : ت ) اختصار علوم الحديث ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
3. ابن منظور ، جمال الدين محمد (1410هـ ) لسان العرب ،دار صادر ، بيروت .
4. أبو سليمان ، عبد الوهاب إبراهيم ( 1416 هـ ) كتابة البحث العلمي صياغة جديدة ، ط 6 ، دار الشروق ، جدة .(1/46)
5. أبو علام ، رجاء محمود ( 1424 هـ ) مدخل إلى مناهج البحث التربوي ، ط3 ، مكتبة الفلاح .
6. أحمد ، بن محمد بن حنبل ( د : ت ) مسند الإمام أحمد ، دار إحياء التراث العربي.
7. البخاري ، محمد بن إسماعيل ( 1402 هـ ) صحيح البخاري ، ط2 ، عالم الكتب ، بيروت .
8. البرديسي ، محمد زكريا ( 1407 هـ ) أصول الفقه ، ط 3 ، المكتبة الفيصلية .
9. التركي ، إبراهيم بن عبد الرحمن ( مجلة البيان ، العدد144 ) تدبر القرآن لماذا ؟ وكيف ؟ .
10. الترمذي ، محمد بن عيسى ( 1994م) سنن الترمذي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
11. الحاكم ، محمد بن عبد الله ( د : ت ) المستدرك على الصحيحين ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
12. حنبل ، أحمد بن حنبل ( د : ت ) مسند الإمام أحمد ، دار إحياء التراث العربي .
13. الدغيمي ، محمد راكان ( 1417هـ ) أساليب البحث العلمي ومصادر الدراسات الإسلامية ، ط2 ، مكتبة الرسالة ، الأردن .
14. الزنتاني ، عبد الحميد الصيد ( 1993م ) فلسفة التربية الإسلامية في القرآن والسنة ، الدار العربية للكتاب .
15. السمعاني ، أبو منصور ( د : ت ) أدب الإملاء والإستملاء ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
16. السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ( 1994م ) جامع المسانيد والمراسيل ، دار الفكر .
17. الشوكاني ، محمد بن علي ( د ، ت ) إرشاد الفحول ، دار الكتب العلمية .
18. صابر ، حلمي عبد المنعم ( 1418هـ ) منهجية البحث العلمي وضوابطه ، رابطة العالم الإسلامي .
19. الصابوني ، محمد علي (1408هـ) التبيان في علوم القرآن ، ط3 ، دار القلم ، دمشق.
20. الصباب ، أحمد عبد الله ( 1425 هـ ) أساليب ومناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية ، ط 4 ، دار البلاد .
21. عبيدات ، ذوقان ( 1424 هـ ) البحث العلمي ، إشراقات .
22. العساف ، صالح بن حمد ( 1424 هـ ) المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية ، ط3 ، مكتبة العبيكان .(1/47)
23. العسقلاني ، أحمد بن علي بن حجر ( 1409هـ ) فتح الباري، ط 2 ، دار البيان ، القاهرة .
24. عسكر ، علي وآخرون : حسن جامع ، فاروق الفرا ، وليد هوانة ( 1418هـ ) مقدمة في البحث العلمي ، ط 2 ، مكتبة الفلاح .
25. علي ، سعيد إسماعيل (1412هـ) الأصول الإسلامية للتربية ، دار الفكر العربي ، القاهرة .
26. فرشوخ ، محمد أمين (1990م) المدخل إلى علوم القرآن والعلوم الإسلامية ، دار الفكر العربي ، بيروت .
27. القاضي ، يوسف مصطفى ( 1399هـ ) مناهج البحوث وكتابتها ، دار المريخ .
28. القرطبي ، أبو عبد الله (د : ت)تفسير القرطبي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
29. القطان ، منّاع خليل ( 1414هـ ) مباحث في علوم القرآن ، ط 24 ، مؤسسة الرسالة ، بيروت .
30. مسلم ، مسلم بن الحجاج (1992م) صحيح مسلم ، دار الكتب العلمية .
31. ملحم ، سامي محمد ( 1426 هـ ) مناهج البحث في التربية وعلم النفس ، ط3 ، دار المسيرة .
32. النشار ، علي سامي ( 1978م ) مناهج البحث عند مفكري الإسلام ، ط4 ، دار المعارف ، القاهرة .
33. وزارة المعارف (1424هـ) الحديث والثقافة الإسلامية للصف الثالث الثانوي أقسام العلوم الإدارية والاجتماعية والطبيعية والتقنية ،وزارة المعارف ، السعودية.
j
شكر وتقدير.............................................................................................................2
مقدمة..........................................................................................................................3
أهمية البحث...............................................................................................................5
تساؤلات البحث..........................................................................................................5(1/48)
أهداف البحث.............................................................................................................5
الفصل الأول................................................................................................................6
محتويات الفصل الأول................................................................................................8
مفهوم المنهج ...............................................................................................................9
مفهوم البحث التربوي ..............................................................................................10
الفرق بين البحث التربوي والبحث في مجال العلوم الطبيعية..................................13
مجالات البحث التربوي ...........................................................................................14
فكرة مختصرة عن مصادر التشريع .....................................................................15
الفصل الثاني............................................................................................................18
محتويات الفصل الثاني............................................................................................20
أهمية المنهج في الفكر الإسلامي...........................................................................21
خصائص المنهجية الإسلامية في البحث التربوي.....................................................24
المنهج التاريخي.........................................................................................................27
منهج توثيق الخبر عند العلماء المسلمين...................................................................28(1/49)
المنهج الوصفي ومجالاته التطبيقية..........................................................................29
المنهج التجريبي.........................................................................................................30
الفصل الثالث...........................................................................................................32
محتويات الفصل الثالث...........................................................................................34
مفهوم علوم القرآن الكريم ...................................................................................35
الخلفية التاريخية لتدوين علوم القرآن الكريم .....................................................36
الأهداف المنهجية التربوية لدراسة علوم القرآن الكريم .......................................42
كيف نتعامل مع القرآن الكريم ...........................................................................44
تصميم بطاقة منهجية تعليمية لعلوم القرآن الكريم..............................................46
الفصل الرابع............................................................................................................47
محتويات الفصل الرابع............................................................................................49
بعض مصطلحات علوم الحديث .............................................................................50
منهج الصحابة وكبار التابعين في الحفاظ على السنة المطهرة...............................53
الوضع في الحديث والمنهجية المتبعة في اكتشافه...................................................56(1/50)
كيف نتعامل تربوياً مع السنة المطهرة....................................................................59
خصائص وآداب المحدث وطالب الحديث................................................................61
الخاتمة......................................................................................................................64
المراجع.......................................................................................................................65
المحتويات...................................................................................................................68
(1) يشير الرقم الأول إلى الجزء ، والثاني إلى رقم الحديث -وبالنسبة لما رواه البخاري فقد اعتمدت فيه على فتح الباري .
??
??
??
??
15
مناهج البحث التربوي في مصادر التشريع(1/51)