" من أم الناس فليخفف"
محمد بن رزق بن الطرهوني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له ، ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسوله .
أما بعدُ :
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ ? ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها ، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ .
إن مما عُلِمَ من الدينَ بالضرورةِ أن الله ( مَنَّ علينا بإنزالِ كتابِه الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِه إلى تلكَ الأمةِ وجَعَلَه خاتِماً لكُتبه مهيمناً عليها ، وضمَّنَه أفضلَ الشرائعِ على الإجمالِ في أغلبِ الأحيانِ ، ثم إنه تعالى جعلَ إنزالَ هذا القرآن على خاتمِ أنبيائه ورسله ، أرسلَه نبياً إلى الإنسِ والجانِّ وحمَّلَه مسؤوليةَ البلاغِ ، وأوحى إليه من الحكمةِ ما جعله بيَّنَ لنا ما أُنزِلَ إلينا أكملَ بيانٍ ، ثم إنه تعالى فرضَ علينا فرائضَ بعدَ إقرارِنا بعبوديتنا له وأنه ربُّنا لا ربَّ لنا سواه ولا نعبد إلا إياه وبأن محمداً عبدُه ورسولُه نُصَدِّقُه في الخَبَرِ ونُطيعُه فيما أمَرَ ونجتنبُ ما نهى عنه وزجرَ ونقتفي ما صحَّ عنه في الأثرِ ...
فكان ما افترَضَ الله علينا أعظمَ شعائرِ الإسلامِ ، والصلةَ بينه وبينَ الأنام ، ألا وهي الصلاةُ ، فأجملَ ذكرَها في كتابِه الكريم ، وأوحى إلى نبيه كلَّ ما يتعلَّقُ بها ، فعلَّمَنا ما أُوحيَ إليه ولم يَأْلُ في التعليمِ .(1/1)
علَّمَنا رسولُ الله ( أن نصليَ صلاتَنا المفروضةَ في المساجدِ ، وأن نصلّيَها في جماعةٍ يؤمُّنا أقرؤُنا لكتابِ الله ، وجَعَلَ لإمامِنا حقاً علينا وهو أن نَتَّبِعَه في ما يفعَلُ من أعمالِ الصلاةِ فقال ( : " إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به "(1)، وحذَّر ( من تقَّدَّمَ ليصليَ بالناسِ فقال : " يُصَلّون لكم فإن أصابوا فلكم ( ولهم ) وإن أخطأوا فلكم وعليهم "(2)، فكان على الأئمةِ أن ينظروا كيف يُؤَدّون هذه المهمةَ الشاقةَ .
وكان مما حذَّرَ منه ( الأئمةَ الإطالةَ بالناسِ في الصلاةِ ، وأمرَهم أن يقتَدُوا بأضعَفِهم وأن يُخَفِّفوا الصلاةَ بهم ، لأن منهم الضعيفَ والكبيرَ والمريضَ وذا الحاجةِ ، وهذا الأمرُ كَثُرَ فيه النزاعُ بين الأئمةِ والمصلينَ من عهدِ الصحابةِ إلى عهدِنا الحالي ، مما يتَسَبَّبُ في البغضِ بينَ الأئمةِ والمأمومينَ ويقطعُ أواصِرَ المحبةِ بين المسلمينَ .
ولما كان النبيُّ ( هو المرجعُ الأولُ في البيانِ والمطَبِّقُ لحدودِ الله بلا زيادةٍ ولا نقصانٍ ، وكان صحابتُه الكرامُ خيرَ من اهتدى بهديه وفَهِمَ مضمونَ أمرِه ونهيِه ، ذكَرْتُ في هذهِ الرسالةِ الموجَزَةِ سُنَّتَه ( في ذلك وأردَفْتُها بما ثَبَتَ عن صحابته الكرامِ ، ثم أتبعتُه بما جاءَ عن تابعيهم لكونهم أهلَ خيرِ قرنٍ بعدَ الصحابة ، وذكرتُ في غضونِ ذلكَ كلاماً لبعضِ أهلِ العلمِ الذين نقتفي آثارَهم ونَنْهَلَ من ينابيعِ عِلمِهِم .
وأرجو الله جلَّ وعلا أن ينفعَ به كلَّ من يقرؤه ، وأن يصلحَ به ذاتَ البَيْنِ عندَ تشاجُرِ اثنين ، وأن يجعَلَه خالصاً لوجهه الكريم وأن يغفر لي خطئي وتقصيري ولوالدي ولمشايخي وللمسلمين أجمعين .
هذا وأرجو من كلِّ أخٍ ناصحٍ ألا يبخلَ عليَّ بالنصيحةِ ، وإذا وجَدَ في رسالتي عيباً أن يستدرِكَه بلطفٍ فإن الكمالَ لله وحدَه .
وصلى الله على حبيبِنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه
محمد بن رزق بن الطرهوني(1/2)
المدينة المنورة
ص . ب : 1783
بعضُ ما جاءَ في الأمرِ بالتَّخفيفِ
والآنَ نبدأُ رسالتَنا بسردِ بعضِ الأحاديثِ الآمِرَةِ بالتَّخفيفِ :
ـ فعن جابرٍ ( قال : كانَ معاذٌ يصلي مع النبي ( ثم يأتي فيؤمُ قومَه ، فصلّى ليلةً معَ النبي ( العشاءَ ثم أتى قومَه فأمَّهم فافْتَتَحَ بسورةِ البقرةِ فانْحَرَفَ رجلٌ مسلمٌ ثم صلّى وحدَه وانصَرَفَ ، فقالوا له : أنافَقْتَ يا فلانُ ؟ قال : لا واللهِ ولآتِيَنَّ رسولَ الله ( فلأُخْبِرَنَّه ، فأتى رسولَ الله ( فقال : يا رسولَ الله ، إنا أصحابُ نواضحَ نعملُ بالنهارِ ، وإنَّ معاذاً صلى معكَ العشاءَ ثم أتى فافتَتَح بسورةِ البقرةِ ، فأقبَلَ رسولُ الله ( فقال : " يا معاذُ أفتّانٌ أنتَ ؟ اقرأ بكذا واقرأ بك "(3).
وفي روايةٍ : صلّى لأصحابِه العشاءَ فطَوَّلَ عليهم(4) .
وفي رواية أخرى أنه قرأ بالبقرة(5) .
ـ وعن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ قال : جاء رجلٌ إلى رسولِ الله ( فقال : إني لأتأخَّرُ عن صلاةِ الصبحِ من أجلِ فلانٍ مما يُطيلُ بنا ، فما رأيتُ النبي ( غضبَ في موعظةٍ قطُّ أشدَّ مما غضبَ يومَئذ فقال : " يا أيها الناسُ إن منكم منفِّرينَ ، فأيُّكم أمَّ الناسَ فَلْيوجِزْ ، فإن مِنْ ورائِه الكبيرَ والضعيفَ وذا الحاجةِ "(6) .
ـ وعن أبي هريرةَ ( مرفوعاً بلفظِ : " فإن فيهم الصغيرَ والكبيرَ والضعيفَ والمريضَ ، فإذا صلّى وحدَه فليُصَلِّ كيفَ شاءَ "(7).
ـ وعن عثمانَ بنِ أبي العاصِ أن النبي ( قال : " أُمَّ قومَكَ ، فمنْ أمَّ قومَه فليُخَفَّفْ فإن فيهم الكبيرَ وإن فيهم المريضَ وإن فيهم الضعيفَ وإن فيهم ذا الحاجة ، وإذا صلى أحدُكم وحدَه فليُصَلِّ كيفَ شاءَ "(8) .
وفي روايةٍ : " أنتَ إمامُ قومِكَ واقدر القومَ بأضعَفِهم "(9).
هكذا أتَتْ الأوامرُ عن النبي ( وأتى تبعاً لذلك الآثارُ عن صحابته الكرامِ :(1/3)
ـ فعن عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ ( قال : إن من أَمَّنَا فليُتِمَّ الركوعَ والسجودَ فإن فينا الضعيفَ والكبيرَ والمريضَ والعابرَ سبيلٍ وذا الحاجةِ ، هكذا كنا نصلي مع رسولِ الله ( (10).
ـ وعن سعدٍ والزبيرِ وعمارٍ وحذيفةَ الأمرُ بالتخفيفِ والعملُ به في تمامٍ(11) .
وكان أولَ من طَبَّقَ تلكَ الأوامِرِ رسول الله ( .
تطبيقُه ( للتخفيف .
ـ عن أنسٍ ( أنه قال : " ما صَليتُ وراءَ إمامٍ قطُّ أخفَّ صلاةً ولا أتمَّ صلاة من رسولِ الله ( "(12).
ـ وعن أبي مالكٍ الأشجعيِّ عن أبيه نحوه(13) .
ـ وعن مالك بن عبدِ الله وجابرِ بنِ سمرة وأبي واقد الليثي نحوه(14) .
ـ وعن أنسٍ قال : " كان رسولُ الله ( يسمعُ بكاءَ الصبيِّ مع أمِّه وهو في الصلاةِ فيقرأ بالسورةِ الخفيفةِ أو بالسورةِ القصيرة "(15) .
ـ وعن أنسٍ قال : قال رسولُ الله ( : " إني لأدخُلُ في الصلاةِ أريدُ إِطالَتَها فأسْمَعُ بكاءَ الصبيِّ فأُخَفِّفُ من شِدَّةِ وَجْدِ أمِّهِ به "(16).
وهذا التطبيقُ منه ( من دلائِلِ نبوَّتِه لأنه أولُ من كان يلتزِمُ بأوامِرِ الله ويقومُ بها أكملَ قيامٍ ، فهو القدوةُ لأمَّتِه والمثالُ الحيُّ لتنفيذِ أحكامِ الشَّرعِ أدقَّ تنفيذٍ ، وقد قالَ تعالى عن أحدِ أنبيائه ? ?????? ???????? ????? ?????????????? ??????? ???? ???????????????? ?????????? ? (17)، فلم يكنْ النبيُّ ( ليخالِفَ ما أمَرَ به الناسَ إلا إذا قامَ دليلٌ شرعيٌّ على اختصاصِه بذلك .
ثم إنه ( أرحمُ الناسِ بأمته ، وقد مدَحَهُ اللهُ تعالى بذلك فقال : ? ??????????????????????? ??????? ???????? ? (18)، ومن شدةِ رحمتِه ( أنه تأثَّرَ ببكاءِ الصبيِّ حِرْصاً على أمِّهِ كما سَبَقَ بيانُه ، وصُوَرُ رحمتِه ( بأمَّتِه أشهرُ من أن يُذْكَرَ بعضُها .(1/4)
ومن هذا المنطَلَقِ كان الصحابةُ رضي الله عنهم يحتَجُّونَ في هذا الأمرِ بفِعله ويحاولونَ أن يقتَدُوا به ويبذُلونَ قُصارى جهدِهم ليقتَرِبوا من كيفيةِ صلاتِه ويمتدحون من شابَهَتْ صلاتُه صلاةَ النبي ( ويتبارَوْنَ فيما بينهم ليُثبِتُوا أيُّهم أعلمُ بها من الآخرين ، فهذا يدُلُّ على أنهم أيقَنوا أن المرجعَ هو فعلُه وأن التخفيفَ الذي أمَرَ به هو عينُ صلاتِه ( .
بيانُ أن المرجِعَ فعلُه (
وفهمُ الصحابةِ أن التخفيفَ هو عينُ صلاتِه (
سبقَ أن ذكرنا الروايةَ عن كلٍّ من أنسٍ ومالكِ بنِ عبدِ الله وجابِرِ بنِ سَمُرَةَ وأبي واقدٍ الليثي رضي الله عنهم أنه قال : " ما صليتُ وراءَ إمامٍ قطُّ أخفَّ صلاة ولا أتمَّ صلاة من رسولِ الله ( ".
ـ وعن أبي خالدٍ قال " رأيتُ أبا هريرةَ صلّى صلاةً تجوَّزَ فيها فقلتُ له : هكذا كانتْ صلاةُ النبيِّ ( ؟ قال : نعم وأجْوَزُ "(19) .
ـ وعن جابرِ بنِ سَمُرَةَ قال : " قال عُمرُ لسعدٍ : قَدْ شَكَوْكَ في كلِّ شيءٍ حتى في الصلاةِ ، قال : أمّا أنا فأمُدُّ في الأُولَيَيْنِ وأحذِفُ في الأخرَيين وما آلو ما اقْتَدَيتُ به من صلاةِ رسولِ الله ( ، فقال : ذاك الظنُّ بكَ "(20) .
ـ وعن ثابتٍ عن أنسٍ قال : " إني لا آلُو أن أصليَ بكم كما رأيتُ رسولَ الله ( يصلي بنا " (21).
ـ عن أبي مِجْلِزٍ قال : " صلى أبو موسى الأشعريُّ فقرأ مائةَ آيةٍ من سورةِ النساءِ في ركعةٍ فأنكَروا ذلك عليه فقال : مَا أَلَوْتُ أن أضعَ قَدَمي حيثُ وَضَعَ رسولُ الله ( قدمَه وأن أصنعَ مثلَ ما صنعَ رسولُ الله ( "(22).
ـ عن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ قال : " إن مَنْ أَمَّنا فليُتِمَّ الركوعَ والسُّجودَ ، وهكذا كنا نُصلي مع رسول الله (" (23) .
وعن أبي هريرة قال : " ما رأيتُ رجلاً أشبهَ صلاةً برسولِ الله ( من فلانٍ - لإمامٍ كانَ بالمدينةِ - يعني : أنَسَ بنَ مالكٍ "(24) .(1/5)
ـ وعن أنسٍ قال : " ما رأيتُ أشبهَ صلاةً بصلاةِ رسولِ الله ( من هذا الفتى - يعني عمرَ بنَ عبدَ العزيزِ -"(25) .
ـ وعن أبي هريرةَ ( " أنه كان يصلي بهم فيُكَبِّرُ كلَّما خَفَضَ ورَفَعَ فإذا انصرَفَ قال : إني لأَشْبَهَكُم صلاةً برسولِ الله ("(26) .
ـ وعن محمدِ بنِ عمروٍ أنه كان جالساً معَ نَفَرٍ من أصحابِ النبي ( فذكرنا صلاةَ النبي ( فقالَ أبو حميدٍ الساعديُّ : أنا كنتُ أحفَظُكُم لصلاةِ رسولِ الله ((27) .
وغيرُ ذلك كثيرٌ من الآثارِ التي تدُلُّ على حرصِ أولئكَ الصحابةِ الإجِلاءِ وعلى احتجَاجِهم على مَن خالَفَهم بأنهم يتشبَّهون بالنبيِّ ( ، ولهذا ينبغي على كلِّ إمامٍ أن يقتدِيَ بهؤلاءِ الصحابةِ في فِعلِهم واحتجاجِهم فيَجْذِبَ القلوبَ إليه .
فلنستعرِضْ الآنَ مقدارَ صلاتِه ( صلاةً صلاةً ، ونبدأُ بصلاةِ الفجرِ :
مِقْدارُ قراءَتِه ( في صلاةِ الفَجْرِ
إنَّ صلاةَ النبيِّ ( لم تكنْ على قَدْرٍ واحدٍ دائماً ، وإنما كانتْ على أحوالٍ :
فالحالةُ الغالبةُ والتي تُعتَبَرُ المقياسَ الأساسيَّ لصلاةِ الفجرِ أنه كان يقرأ ما بينَ الستينَ إلى المِائةِ آية في الركعتينِ ، وكان في أكثرِ ذلكَ يقرأُ من طِوالِ المفَصَّلِ .
والمفَصَّلُ يبدأ من سورةِ ( ق ) وهو القولُ الصحيحُ الذي لا يَنْبَغي خلافُه(28) ، وأما طِوالُه فإلى سورةِ ( عم يتساءلون ) وقيل : إلى ( النازعات )(29) .
ـ عن أبي برزةَ الأسلَمِيِّ ( قال : " كان رسولُ الله ( يقرأُ في الفجرِ ما بينَ السِّتِّينَ إلى المائة آية "(30) .
ـ عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ ( : " أن النبيَّ ( كان يقرأُ في الفجرِ بـ ? ق والقرآن المجيد ? "(31) وفي روايةٍ : " كان يقرأُ بالواقعةِ ونحوِها "(32) .
وعن قطبةَ بنِ مالكٍ ( " أنه صلّى مع النبيِّ ( الصبحَ فقرأَ في أولِ ركعةٍ ? ???????????? ??????????? ?????? ?????? ????????? ? وربما قال ( ق ) "(33).(1/6)
ـ وعن أبي بَرْزَةَ أن النبيَّ ( قرأ في الصبحِ ? ???????? ??????????? ???? ????????? ?????????? ? "(34) .
ـ وعن عبدِ الله بنِ السّائِبِ ( قال : " صلى لنا النبيُّ ( الصبحَ بمكةَ فاسْتَفْتَحَ سورةَ المؤمنينَ حتى جاءَ ذكرُ موسى وهارون أَخَذَتْ النبيَّ ( سَعْلَةٌ فرَكَعَ "(35) .
ـ وعن أمِّ سَلَمَةَ قالت : قالَ لها رسولُ الله ( : " إذا أُقِيمَتْ صلاةُ الصبحِ فطُوفي ...(36).. قالتْ : فَطُفْتُ ورسولُ الله ( حينئَذٍ يُصَلّي إلى جَنْبِ البيتِ وهو يقرأ ? ??????????? ??????????? ??????????? ? "(37) .
ـ وعن رجلٍ من أصحابِ النبيِّ ( : " أن النبيَّ ( صلّى الصبحَ فقرأ فيها ( الروم ) "(38) .
ـ وكان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ يقرأ في الصبحِ بطِوالِ المفصَّلِ ، وقد شَهِدَ له أبو هريرةُ وأنسٌ أنه من أشْبَهِ الناسِ صلاةً بالنبي ((39) .
وكان يطيل الركعة الأولى .
ـ فعَنْ أبي قتادةَ مرفوعاً : " وكان يُطَوِّلُ في الركعةِ الأولى من صلاةِ الصبحِ ويقصر في الثانية "(40) .
هذا هو فعلُه الراتِبُ إلا أنه ( كانَ أحياناً يزيدُ على ذلكَ :
ـ فعنْ رجُلٍ من أهلِ المدينةِ : " أنه صلّى خلفَ النبيِّ ( فسَمِعَه يقرأ في صلاةِ الفجرِ بـ ? ??? ???????????????? ??????????? ? و ? ???? ???????????????? ??????????? ? "(41) .
ـ وعن جابرِ بنِ سمرة في روايةٍ : " أنه كان يقرأُ بالصَّافّاتِ فيها "(42) .
ـ وعن ابنِ عُمَرَ قال : " كان رسولُ الله ( يأمُرُ بالتَّخْفِيفِ ويؤمُّنا بالصّافات "(43) .
ـ وعن عائشةَ رضي الله عنها " أن رسولَ الله ( قَسَّمَ سورةَ البقرة "(44) .
وهكذا اسْتَمَرَّ عملُ الصحابَةِ فمَنْ بَعدَهُم على الإطالةِ في الفجرِ :
فهذا أبو بكرٍ الصديقُ قرأ في صلاةِ الصبحِ ( البقرة ) فقالَ عمرُ حينَ فَرَغَ : كَرُبَتْ الشمسُ أن تطلُعَ ، قال : لَو طَلَعَتْ لم تجِدْنا غافلينَ "(45) .
قالَ ابنُ حَجَرَ : [ وهذا إجماعٌ منهم ](46) .(1/7)
ـ وكان أنسٌ يقولُ : " كانتْ صلاةُ رسولِ الله ( متقاربةً ، وكانتْ صلاةُ أبي بكرٍ متقاربةً ، فلما كانَ عُمَرُ بنُ الخطابِ مَدَّ في الفَجِر "(47) .
وذلك لأنَّ الغالِبَ في صلاةِ عُمَرَ ( هو الإطالةُ ، فكانَ يقرأُ بمائةٍ من البقرةِ ويُتْبِعُها بسورَةٍ من المثاني أو من صُدورِ المفَصَّلِ ، ويقرأ بمائةٍ من ( آل عمرانَ ) ويُتْبِعُها بسورةٍ من المثاني أو من صُدورِ المفصل "(48) ، وقرأ الأحنفُ بـ ( الكهف ) في الأولى وفي الثانية بـ ( يونس ) وذكر أنه صلّى خلفَ عمرَ كذلك(49) ، وكان يقرأ بـ ( يونس ) و ( هود ) ونحوهما(50) . وكان يقرأُ سورةَ ( يوسف ) قراءةً بطيئةً(51) ، وكان يقرأ سورةَ ( الحج )(52) وكان يقرأ ( يوسف ) أو ( النحل ) في الركعةِ الأولى أو نحوهما(53) .
وقرأ أبو هريرةَ بـ ( يونس ) و ( هود )(54) ، وقرأ ابنُ مسعودٍ بسورتين الآخرةُ منهما ( بني إسرائيل )(55) .
وقال يزيدُ التيميُّ : كان إمامُنا يقرأ بالسورةِ من المِئينَ ثم نأتي ابنَ مسعودٍ فنجِدُه في الصلاة(56) .
وقرأ علي ( الأنبياء(57) وقرأ ابنُ عمرَ بـ ( يوسف ) و ( الكهف )(58)وقرأ معاذ بسورةِ ( النساء )(59)وقرأ أبو هريرةَ بـ ( يونس ) و ( هود )(60) ، وعنه قال : " قدمتُ المدينةَ ورسولُ الله ( بخيبرَ فوجَدءتُ رجلاً من بني غفارٍ يؤمُّ الناسَ في صلاةٍ فقرأ في الركعةِ الأولى سورةَ ( مريم ) وفي الثانيةِ ( ويل للمطففين ) قال الراوي : أحسبه قال : في صلاةِ الفجرِ "(61). وفي روايةٍ جَزَمَ بأنها الفجرُ وأن الإمامَ هو سبع بنُ عرفطة ((62) .
وغيرُ ذلك من الآثارِ الكثيرةِ عن الصحابةِ رضي الله عنهم التي اكْتَفَيْنا بسَوْقِ بعضِها .
أما عن التابعينَ ، فمنها :
ـ عن عَبيدةَ أنه كان يقرأ ( الرحمن ) ونحوَها . وعن عَرفَجَةَ كان يقرأ المائدةَ . وعن إبراهيمَ أنه كان يقرأ ( يس )(63) .(1/8)
ويؤَيِّدُ التطويلَ في الفجرِ ما وَرَدَ في الحثِّ على الإسْفَارِ بالفجرِ من الأحاديثِ مَعْ ما ثَبَتَ من سُنِّيَّةِ التَّغْليسِ بها(64) .
أما في السَّفَرِ وفي الحالاتِ الطارئةِ فالسُّنَّةُ التخفيفُ فيها ، وكذلك إذا كانَ لبيانِ جوازِ التَّقصيرِ مع كونِه خلافَ الأَوْلى :
ـ فعن عقبةَ بنِ عامرٍ أنه كان في سَفَرٍ مع النبيِّ ( فقال له : " ألا أُعَلِّمُكَ خيرَ سُورتَيْنِ قُرِئَتا " ؟ فعَلَّمَني ? ????? ???????? ??????? ?????????? ? و ? ????? ???????? ??????? ????????? ? فلَمْ يَرَني سُرِرْتُ بهما جداً ، فلما نَزَلَ لصلاةِ الصُّبْحِ صلّى بهما صلاةَ الصُّبْحِ للناسِ ، فلما فَرَغَ رسولُ الله ( من الصلاةِ الْتَفَتَ إليَّ وقال : " يا عُقبَةُ ! كيفَ رأيتَ "(65) ؟
ـ وعن عمروِ بنِ عَبْسَةَ : " أن النبيَّ ( قرأ في الصبحِ بالمعوذتين "(66) .
ـ وعن عمروِ بن حُرَيثٍ " أنه سمعَ النبيَّ ( يقرأ في الفجرِ ? ?????? ?????????? ????????? ? "(67)
ـ وعن رجلٍ من جُهَينةَ " أنه سمعَ النبيَّ ( يقرأ في الصبحِ ? ?????? ?????????? ??????????? ? في الركعتينِ كِلْتَيْهِما . قال : فلا أدري أنسِيَ رسولُ الله أم قرأَ ذلك عمداً "(68) .
وأما عَنِ الصحابةِ فمَنْ بعدَهم :
ـ فعَنْ عمرَ ( أنه قرأ بالناسِ في الفجرِ في السَّفَرِ ? ????? ???????????????? ????????????????????? ? و ? ????? ???? ?????? ?????????? ? ومرةً أخرى ? ??????? ????? ?????? ??????? ???????? ????????????? ????????? ? و ? ????????????? ?????????? ? ومرة ثالثةً ? ???? ?????????? ????????? ??????????? ? و ? ??????????? ????????????????? ? "(69) .(1/9)
ـ وعن ثابتِ البناني قال : " كنتُ مع أنسِ بنِ مالكٍ وأقْبَلَ مِن أرضِه يُريدُ البصرةَ وبينها وبينَ البصرةِ ثلاثةُ أميالٍ أو ثلاثةُ فراسخَ فحضَرَتْ صلاةُ الغداةِ ، فقامَ ابنٌ له يقالُ له : أبو بكرٍ فصلّى بنا فقرأ سورةَ ( تبارك ) فلما سَلَّمَ قال له أنسٌ : طَوَّلْتَ علينا "(70) .
ـ وعن عروةَ بنِ الزُّبيرِ " أنه كان يقرأ فيها في السفرِ بـ ? ??????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ? "(71) .
ـ وعن إبراهيمَ النَّخَعيِّ قال : " كانوا يقرءونَ في صلاةِ الفجرِ في السَّفَرِ ? ?????? ????????????? ???????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ?. وقرأ هو ? ???????????? ? ? ??????????? ? مرة ، و ( الزلزلة ) و ( القدر ) مرةً "(72) .
ولما طُعِنَ عمرُ بنُ الخطاب وهاجَ الناسُ تقدَّمَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ فقرأ بأقْصَرِ سُورتينِ في القرآن ? ?????????? ???????????????? ???????????? ? و ? ?????? ???????? ?????? ?????? ????????????? ? (73) .
أما صلاةُ الصُّبْحِ يومَ الجمعةِ فكانَ لها صلاةٌ مخصوصةٌ :
ـ فعن أبي هريرةَ ( " أن رسولَ الله ( كان يقرأ في صلاةِ الصبحِ يومَ الجمعةِ بـ ( ألم تنزيل السجدة ) في الركعةِ الأولى ، وفي الثانيةِ ? ???? ???????? ????? ????????????? ????? ????? ?????????? ???? ?????? ??????????? ???????????? ? "(74) .
ـ وعن ابن عباس نحوه(75).
ـ وعن ابن مسعودٍ نحوَه وزادَ " يُديمُ ذلكَ "(76) .
ـ وعن الشعبيِّ قال : " ما شَهِدْتُ ابنَ عباسٍ قرأ يومَ الجمعةِ إلا ( بتنزيل ) و ( هل أتى ) "(77)
ـ وعن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ قال : " ما صليتُ خلفَ ابنِ عباسٍ يومَ الجمعةِ الغداةَ إلا قَرَأَ بسورةٍ فيها سجدةٌ "(78) .(1/10)
ـ وعن أبي إسحاقَ قال : " أمَّنا إبراهيمُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ ونحنُ بالمدينةِ فصلَّيتُ وراءَه يومَ الجمعةِ صلاةَ الغداةِ فقرآ ? ?????? ???????? ? و ? ???? ???????? ????? ????????????? ? "(79) .
وعلى هذا ينبغي للأئِمَّةِ التَّمَسُّكَ بهذه السنةِ غيرَ أنه لم يثبُتْ أن النبيَّ ( سجدَ فيها على الدوامِ ، ولذلك ينبغي ألا يسجُدَ الإمامُ فيها في بعضِ الأحَايِينِ لئَلا يتوَهَّمَ العوامُّ أنه لا بُدَّ من زيادةِ سجدةٍ في الركعةِ الأولى يومَ الجمعةِ في صلاةِ الصبحِ .
وهذه القراءةُ موافقةٌ لما ذكرناه في الأصلِ في مقدارِ صلاتِه ( ، وذلكَ لأنَّ عددَ آياتِ هاتَيْنِ السورَتَينِ مجموعَتينِ إحدى وستونَ آيةً .
وإلى هنا انتهى حديثُنا عن صلاةِ الفجرِ ، فَلْنَنْطَلْقْ للحديثِ عن صلاةِ الظُّهْرِ .
مِقدارُ قِراءَتِه في الظُّهْرِ .
المقياسُ الأساسِيُّ لمقدارِ القراءةِ في الظهرِ هو الإطالةُ في الرَّكعتينِ الأُولَيَيْنِ بقدرِ ثلاثينَ آية في كلِّ ركعةٍ ، وأن يقرأ في الركعتينِ الأُخْرَيَينِ على النِّصفِ من ذلكَ :
ـ فعنْ أبي سعيدٍ الخُدريِّ " أنَّ النبيَّ ( كان يقرأُ في صلاةِ الظُّهرِ في الركعتينِ الأُوليينِ في كلِّ ركعةٍ قدرَ ثلاثينَ آيةٍ ، وفي الأُخْرَيينِ قدرَ خمسَ عشرةَ آيةٍ " . وفي روايةٍ " أن قَدْرَ قيامِه في الأُوليين بـ ( ألم تنزيل السجدة ) "(80)
فعُلمَ من هذه الروايةِ أن الثلاثينَ آية ليستْ من طِوالِ الآياتِ ولكنْ من أوسَطِها .
ـ وعن أبي العاليةِ قال : " اجتمَعَ ثلاثونَ من أصحابِ النبيِّ ( ..... فاجتَمَعُوا فما اخْتَلَفَ منهم اثنانِ أن رسولَ الله ( كان يقرأُ في صلاةِ الظهرِ قَدْرَ ثلاثينَ آيةٍ في الركعتينِ الأُولَيَيْنِ في كلِّ ركعةٍ ، وفي الرَّكعتينِ الأُخْرَيينِ قدرَ النِّصفِ من ذلكَ "(81) .(1/11)
ـ وعن البراءٍ قال : " كنا نصلي خلفَ النبيِّ ( الظهرَ فنَسْمَعُ منه الآيةَ بعدَ الآياتِ من سورةِ لقمانَ والذاريات "(82) .
وكانَ كثيراً ما يُطيلُ الركعةَ الأولى جِداً ، وأحْياناً لا يقرأُ في الأُخْرَيينِ إلا بالفاتحةِ :
ـ فعن أبي قتادةَ " أن النبي ( كان يقرأُ في الركعتينِ الأُوليينِ من الظهرِ والعصرِ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ ويُسْمِعُنا الآيةَ أحياناً ، ويقرأُ في الأُخرَيَيْنِِ بفاتحةِ الكتابِ "(83) . وفي روايةٍ " أنه كانَ يُطيلُ الأولى في الظُّهرِ ويقصرُ الثانية "(84) .
ـ وعن قَزعةَ قال : " أتيتُ أبا سعيدٍ الخدريَّ وهو مَكْثُورٌ عليه ، فلما تَفَرَّقَ الناسُ عنه قلت : إني لا أسألُكَ عما يَسألُكَ عنه هؤلاءِ ، قلتُ : أسألُكَ عن صلاةِ رسولِ الله ( ، فقال : مالَكَ في ذلكَ مِنْ خَيْرٍ ، فأعادَها عليه ، فقال : كانتْ صلاةُ الظهرِ تُقامُ فينطلقُ أحدُنا إلى البقيعِ فيقضي حاجَتَه ثم يأتي أهلَه فيتوضَّأُ ثم يرجعُ إلى المسجِدِ ورسولُ الله ( في الركعةِ الأولى . زاد في روايةٍ : مما يُطَوِّلُها "(85).
وهكذا استَمَرَّ عملُ الصحابةِ فمَنْ بعدَهم على ذلكَ في الغالِبِ :
ـ فعنْ جابرٍ قال : " قالَ سعدٌ : وكنتُ أصلي بهم صلاةَ رسولِ الله ( صلاتَي العِشاءِ لا أخرِمُ عنها ؛ أركُدُ في الأُوليينِ وأحذفُ في الأُخريينِ . فقالَ عمرُ ( : ذلكَ الظنُّ بكَ "(86).
وكانَ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ يُطيلُ الأُوليينِ من الظهرِ ويخفِّفُ الأُخريينِ ، وقد سبقَ أن أبا هريرةَ وأنساً شَهِدا له بأنه أشبهُ الناسِ صلاةً برسولِ الله ((87) .
ـ وعن أبي المتوكلِ الناجي أن عمرَ قرأ في الظهرِ بـ ( ق ) و ( الذاريات )(88) .
ـ وعن أبي عثمانَ النَّهديِّ قال : سمعتُ من عُمَرَ نغمةً من ( ق ) في صلاةِ الظهرِ(89) .
ـ وعنه أن عمرَ " كان يُطيلُ أولَّ ركعةِ "(90) .(1/12)
ـ وعن أبي لَيلى قال : " كان عثمانُ يطيلُ الركعتينِ الأُوليينِ من الظهرِ ، يقرأ فيهما بسورةِ البقرة "(91) .
ـ وقرأ ابنُ مسعودٍ في الظهرِ بـ ( ألم تنزيل السجدة ) وفي الأخرى سورةً من المثاني(92) .
ـ وقرأ ابنُ عُمَرَ في الظهر بـ ( مريم )(93) .
ـ وقال إبراهيمُ النخعي : إني لأقرأ في الظهرِ بـ ( الصافات )(94) .
ـ وقال حَمّادٌ : القراءةُ في الظهرِ والفَجرِ سواءٌ(95) .
وكانَ ( يُخَفِّفُها عن ذلكَ أحياناً :
ـ فعن جابرِ بنِ سَمُرَةَ قال : " كان النبيُّ ( يقرأ في الظهرِ بـ ? ??????????? ?????? ??????????? ? وفي روايةٍ بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? ونحوها" (96) .
وفي روايةٍ " كان يقرأُ في الظهرِ والعصرٍ بـ ? ?????????????? ????????????? ? و ? ?????????????? ????? ??????????? ? "(97).
ـ وعن أنسٍ أن النبيَّ ( : " كان يقرأ في الظُّهرِ والعصرِ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ? "(98).
ـ وعن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ أن رسولَ الله ( صلّى الظهرَ فجعلَ رجلٌ يقرأُ خلفَه بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? فلما انصرَفَ قال : " أيُّكم قرأ - وفي روايةِ خلفي - بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? " ؟ فقال رجلٌ : أنا ، فقال : " قَدْ ظَنَنْتُ بعضَكم خَالَجَنِيها "(99).
ـ وعن بُريدةَ الأسلميِّ أن النبيَّ ( " كان يقرأ في الظهرِ بـ ? ?????? ???????????? ?????????? ? ونحوها "(100).
وقد وَرَدَ عن أنسٍ أنه قرأ فيها بنحوِ ذلكَ :
ـ فعن حُميدٍ قال : " صَلَّيتُ خلفَ أنسٍ الظهرَ فقرأ بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? وجعل يُسْمِعُنا الآية(101) .
وأما صلاةُ الجمعةِ فلها بابٌ خاصٌ يأتي إن شاءَ الله تعالى .
ولْنَبْدَأْ الآنَ في بيانِ مقدارِ القراءةِ في العصر .
مقدارُ قراءتِه ( في العَصْرِ(1/13)
الغالبُ في صلاتِه ( العصرَ أن تكونَ القراءةُ فيها على النصفِ من الظهرِ .
ـ فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ ( أن النبيَّ ( " كان يقرأُ في العصرِ في الركعتينِ الأُوليينِ في كلِّ ركعةٍ قدرَ خمسَ عشرةَ آية وفي الأُخرَيينِ قدرَ نصفِ ذلك "(102).
وفي روايةٍ " أنهم كانوا يحزرون ذلك وأنها بقدرِ نصفِ ( ألم تنزيل )"(103).
ـ وعن أبي العاليةَ " أنه اجتمَعَ ثلاثونَ صَحابياً على مثلِ قولِ أبي سعيدٍ هذا "(104).
وتكونُ القراءةُ في ذلكَ من المفصَّلِ في الغالبِ :
فعنْ أنسٍ أن النبيَّ ( " كان يقرأ في الظهرِ والعصرِ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ?"(105).
ـ وعن جابرٍ أن النبيَّ ( " كان يقرأ في الظهرِ والعصرِ بـ ? ?????????????? ????????????? ? و ? ?????????????? ????? ??????????? ?"(106). وفي رواية " كان يقرأ في الظهر بـ ? ??????????? ?????? ??????????? ? وفي العصرِ نحوِ ذلك"(107) .
وكان ربما تركَ القراءةَ في الركعتين الأخريين ، وكان يطيل الأوليين .
ـ فعن أبي قتادةَ أن النبي ( " كان يقرأ في الركعتينِ الأُولَيَيْنِ من الظهرِ والعصرِ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ ، يُسمِعُنا الآيةَ أحْياناً ، ويقرأ في الركعتينِ الأخْرَيَينِ بفاتحةِ الكتابِ "(108).
ـ وعن جابرٍ ( قال : قالَ سعد : وكنتُ أصلي بهم صلاةَ رسولِ الله ( صلاتَي العَشِيِّ لا أخرم عنها ؛ أركُدُ في الأوليين وأحذفُ في الأخريين . فقال عُمر ( : ذلكَ الظن بك "(109).
ـ وكان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ يخففُ العصرَ ، وقد شَهِدَ له أبو هريرةَ وأنسٌ بأنه كان أشبَه الناس صلاة بالنبي ((110) .
ـ وقال إبراهيمُ النخعي : " العصرُ والمغربُ سواءٌ " .
ـ وقال أبو العاليةِِ : " العصرُ على النصفِ من الظهرِ "(111) .(1/14)
وبعد أن انتهينا من الحديث عن صلاة العصرِ حانَ لنا أن نتكلَّمَ عن مقدارِ صلاةِ المغربِ والتي يكثُرُ الجدالُ والمراءُ حولَها ، واشتَهرَ فيها على ألسنةِ العوامِّ كلمةُ ( المغرِبُ غريب ُ) ونحوها مما لا أصلَ له ومما يعارِضونَ به سنةَ النبي ( .
وقبلَ أن نبدأَ فيما أردناه أُحِبُّ أن أُبَيِّنَ ( أن وقتَ المغربِ ممتَدٌّ إلى وقتِ دُخولِ العشاءِ بغيرِ حرجٍ في ذلك ) فقد سألَ أحدُ الصحابةِ النبيَّ ( عن أوقاتِ الصلاةِ فصلّى به المغربَ في أول يومٍ حينَ وَقَعَتْ الشمسُ ثم صلّى العشاءَ حينَ غابَ الشَّفَقُ ، وفي اليومِ التالي صلى المغرِبَ حين سَقَطَ الشفقُ ثم صلّى العشاءَ حينَ ثُلُثِ الليلِ الأولِ ثم أصبحَ فدعا السائلَ فقال : " الوقتُ بينَ هذينِ "(112)
ولنبدأْ الآنَ فيما أرَدْنا التحُدَّثَ فيه .
مقدارُ قراءَتِه ( في المغرِبِ
كان الغالبُ على قراءتِه ( أنها من طِوالِ المفَصَّلِ وما يقارِبُه ، وهذا هُو المقياسُ الأساسي لتلك الصلاة .
ـ فعن جُبيرِ بنِ مطعم قال : " سمعتُ رسولَ الله ( يقرأ بـ ( الطور ) في المغربِ "(113).
ـ وعن ابنِ عمرَ ( " أن النبيَّ ( قرأ بهم في المغربِ بـ ? ?????????? ????????? ?????????? ??? ??????? ?????? ?"(114)
ـ وعن ابنِ عباسٍ : " أن أمَّ الفضلِ بنتِ الحارثِ سَمِعَتْه وهو يقرأ ? ??????????????????? ???????? ? فقالتْ : يا بني لقد ذَكَّرْتَني بقراءَتِكَ هذه السورةَ ، إنها لآخرُ ما سمعتُ من رسولِ الله ( يقرأ بها في المغربِ " . زاد في رواية " ثم ما صلّى بعدُ حتى قَبَضَه الله عز وجل "(115).
وهذا الأخيرُ في شدةِ مَرَضِه ، فما بالٌكَ في صِحَّتِه ؟ وفيه ردٌّ على من يَتَوَّهَمُ نسخَ الإطالةِ في المغربِ لكونها آخر صلاة .
وكان ( يُطيلُها عن ذلكَ ورُبما أَطالها جداً :
ـ فعن زيدِ بنِ ثابتٍ " أن النبيَّ ( كان يقرأُ في الركعتينِ من المغربِ بسورةِ ( الأنفال ) "(116)(1/15)
ـ وعن أبي أيوب الأنصاري مثله بنفسِ السندِ(117) .
ـ وعن مروانَ بنِ الحَكَمِ قال : " قالَ لي زيدُ بنُ ثابتٍ : مالَكَ تقرأ في المغربِ بقصارِ المفصَّلِ ، وقد سمعتُ النبيَّ ( يقرأ بطُولى الطُّولَيَيْنِ . ( قال : قلتُ : وما طُولى الطوليين ؟ قال : الأعراف )"(118).
ـ وعن عائشةَ رضي الله عنها " أنه قرأ في صلاةِ المغربِ بسورةِ ( الأعراف ) فرَّقَها في ركعتينِ "(119).
ـ وعن أبي أيوب أو زيد بن ثابت نحوه(120) .
ولم يصحَّ عنه ( شيءٌ في أنه قرأ فيها بقصارِ المفصلِ .
إلا أن عُمرَ بنَ عبد العزيز كان يقرأ فيها بقصارِ المفصَّلِ ، وقد شَهِدَ له أبو هريرةَ وأنسٌ أنه من أشبَهِ الناسِ صلاةً برسولِ الله ( ، فهذا يدُلُّ على أنه ( كان يقرأ فيها أحياناً بقصارِ المفصَّلِ ، ولو أن المشابَهَةَ لا تقتضي المماثلةَ ، وهذا واضحٌ ، عِلماً بأن الأئمةَ في تلكَ الأيامِ كانوا مخالفينَ لسنَّةِ الصلاةِ كما ثبتَ في الصحيحِ عن أنسٍ مما يجعلُ لعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ استحقاقاً لهذه الشهادةِ بجدارةٍ .
ومما يدُلُّ أيضاً على أنه ( كان يقرأُ أحياناً بقصارِ السُّوَرِ ما ثَبَتَ عن بعضِ الصحابةِ من القراءةِ بالقِصارِ فيها أحياناً :
ـ فعن أبي بكرٍ الصديقِ ( " أنه قرأ في الركعتينِ الأُولَيَيْنِ بأمِّ القرآنِ وسورةٍ من قِصارِ المفصَّلِ ثم قامَ في الثالثةِ فقرأ بأمِّ القرآنِ وبقوله ? ????????? ??? ???????? ????????????? ??????? ????? ????????????? ?????? ?????? ??? ???????? ????????? ???????? ?????? ???????????? ?"(121).
ـ وعن عمروِ بنِ ميمونٍ قال : " صلى بنا عمرُ صلاةَ المغربِ فقرأ في الركعةِ الأولى بـ ? ??????????? ????????????????? ? وفي الركعةِ الثانيةِ ? ??????? ????? ?????? ??????? ???????? ????????????? ????????? ? و ? ????????????? ?????????? ?"(122).(1/16)
ـ وعن أبي نوفلٍ عن ابنِ عباسٍ قال : " سمعتُه يقرأُ في المغرِبِ ? ?????? ???????? ?????? ?????? ????????????? ?"(123).
وعلى هذا فلا مانعَ من أن يقرأَ الإمامُ بالقصارِ أحياناً ، ولا ينبغي له أن يُكثِرَ من ذلك لأنه خلافُ السنةِ ، وهذا الذي جَعَلَ زيدَ بنَ ثابتٍ ( يُنكِرُ على مروانَ حينَ رآه أكثرَ من القراءةِ بالقصارِ .
وأما عملُ الصحابةِ الدائمُ فكان بموافقةِ عملِ النبيِّ ( الدائمِ :
ـ فعن ابنِ عُمَرَ " أنه قرأَ مرةً في المغربِ بـ ( ق ) ، وقرأ مرةً بـ ( يس ) وفي روايةٍ بـ ( يس ) و? ????? ????????????????? ?"(124) وقرأ مرةً ثالثةً بـ ? ???????? ??????????? ???? ????????? ?????????? ?"(125).
قال الإمامُ ابنُ حَجَرَ تعقيباً على حديثِ مروانَ بنِ الحَكَمِ : [ قولُه : وقد سمعتَ ، استَدَلَّ به ابنُ الْمُنَيِّرِ على أن ذلك وقعَ منه ( نادراً ، قال : لأنه لو لم يكنْ كذلكَ لقال : كان يفعلُ لِيُشْعِرَ بأن عادتَه كانت كذلك . انتهى . وغَفلَ عما في رواية البيهقي مرفوعاً من طريق أبي عاصمٍ شيخِ البخاريِّ فيه بلفظ " لقد كان رسولُ الله ( يقرأ " ، ومثلُه في روايةِ حجاجِ بنِ محمدٍ عن ابنِ جُرَيْجٍ عندَ الإسماعيلي](126) .
وقال الحافظُ : [ ولم أرَ حَديثاً مرفوعاً فيه التنصيصُ على القراءةِ فيها بشيءٍ من قصارِ المفصَّلِ إلا حَديثاً في ابن ماجه عن ابن عمرَ نصَّ فيه على ( الكافرون ) و ( الإخلاص ) ومثلُه لابنِ حبانَ عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ . فأما حديثُ ابنِ عمرَ فظاهرُ إسنادِه الصِّحَّةُ إلا أنه معلولٌ ، قال الدارقطني : أخطأَ فيه بعضُ رواتِه . وأما حديثُ جابرِ بنِ سَمرةَ ففيه سعيدُ بنُ سماكٍ وهو متروكٌ ، والمحفوظُ أنه قرأ بهما في الركعتينِ بعدَ المغربِ ...(1/17)
ثم قال : واعتَمَدَ بعضُ أصحابِنا وغيرُهم حديثَ سليمانِ بنِ يسارٍ عن أبي هريرةَ أنه قال : " ما رأيتُ أحداً أشبه صلاة ..." ( فذكرَ ما مرَّ عن عمرَ بنِ عبدِ العزيز ) ، ثم قال : وهذا يُشعِرُ بالمواظبةِ على ذلك ، ولكن في الاستدلالِ بذلك نظرٌ ...
ثم قال : نَعَمْ ، حديثُ رافعٍ الذي تقدمَ في المواقيتِ أنهم كانوا يَنْتَضِلونَ بعدَ صلاةِ المغربِ يدلُّ على تخفيفِ القراءةِ فيها . وطريقُ الجمعِ بين هذهِ الأحاديثِ أنه ( كان أحياناً يُطيلُ القراءةَ في المغربِ إما لبيانِ الجوازِ وإما لعلمِه بعَدَمِ المشقة على المأمومينَ ، وليس في حديثِ جُبير بنِ مطعِمٍ أن ذلكَ تكرَّرَ منه ، وأما حديثُ زيدِ بنِ ثابتٍ ففيه إشعارٌ بذلكَ لكونِه أنكرَ على مروانَ المواظبةَ على القراءةِ بقصارِ المفصَّلِ ، ولو كانَ مروانُ يعلمُ أن النبيَّ ( واظبَ على ذلكَ لاحْتَجَّ به على زيدٍ ، لكنْ لم يُرِدْ زيدٌ منه فيما يظهرُ المواظبةَ على القراءةِ بالطِّوالِ وإنما أرادَ منه أن يتعاهَدَ ذلك كما رآه من النبي ( ، وفي حديثِ أمِّ الفضلِ إشعارٌ بأنه ( كان يقرأ في الصِّحَّةِ بأطولَ من ( المرسلات ) لكونِه كان في حالِ شِدَّةِ مَرَضِهِ ، وهو مَظِنَّةُ التخفيفِ ](127).
ثم قرَّرَ الحافظُ ببيانِ الطُّرُقِ أنه ( قرأ هذه السورةَ المذكورةَ بأكمَلِها ولم يقتَصِرْ على بعضِها كما يتوَهَّمُ البعضُ(128) .
وأُعَقِّبُ على كلامِ الحافظِ بأنه وَرَدَ أيضاً في المرفوعِ حديثٌ في القراءةِ بالقِصارِ وهو عن عبدِ الله بنِ يزيد " أن النبيَّ ( قرأ في المغربِ ? ??????????? ????????????????? ?"(129). وفيه جابرٌ الجُعفيُّ وهو : ضعيفٌ رافضيٌ واتُّهِمَ بالكَذِبِ " .(1/18)
ووردَ أيضاً حديثُ معاذ المشهورُ بروايةٍ عند النسائيِّ تُصَرِّحُ بأن الحادثةَ في المغرِبِ ، فأمَرَه النبيُّ ( أن يقرأ فيها بـ ( سبح ) ( والشمس ) ونحوهما ، وإسنادُه في غايةِ الصحةِ إلا أن قولَه المغرب خطأٌ من أحدِ الرواةِ والله أعلم(130) .
وأما قولُ الحافظِ أنه ( كان يطيلُ القراءةَ أحياناً لبيانِ الجوازِ أو لعِلْمِهِ بعدمِ المشقةِ على المأمومينَ فهذا يُقصَدُ به القراءة بـ ( الأعراف ) ونحوِها ، أما ما ثبَتَ من عمومِ فِعْلِه فليسَ ما ذَكَرَ مراعىً فيه لكونِه الحالةَ الغالبةَ ، وهذا واضحٌ .
وقد قَرَّرَ الحافظُ في آخرِ كلامِه أنه ( كان يقرأ في حالِ صِحَّتِهِ بأكثرَ من المرسلاتِ ، وأيضاً فإن الانتضالَ بعد المغربِ لا يتنافى مع القراءةِ بالمرسلاتِ والطورِ ونحوهِما لأن الفرقَ بينهما وبينَ القصارِ دقائقُ معدودةٌ لا يَحُلُّ فيها الظلامُ الدامسُ .
قال الربيعُ بنُ سليمانَ في كتابِ " اختلافُ مالكٍ والشافعيِ " بعد أن روى حديثَ جُبير بن مطعم وأمِّ الفضلِ عن الشافعي عن مالكٍ بسنده ، قال الربيعُ : [ قلتُ للشافعيِّ : فإنا نكرَه أن يُقرأَ في المغرِبِ بالطورِ والمرسلاتِ ونقول : يُقرأُ بأقصرَ منهما ، فقال : وكيفَ تكرهونَ ما رَوَيتُم أن رسولَ الله ( فَعَلَه ؟ أَلأَمْرٍ رَوَيْتُمْ عن النبي ( يخالفُه فاخْتَرتُم إحدى الروايتينِ على الأخرى ؟ أرأيتُم لو لم أستدِلَّ على ضعفِ مذهَبِكُم في كلِّ شيءٍ إلا أنكم تَرْوُونَ عن النبي ( شيئاً ثم تقولون نكرهُه ولم تَرووا عنه غيرَه فأقول : إنكم اختَرْتُم غيرَه عن النبي ( لا أعلمُ إلا أن أحسنَ حالِكُم أنكم قليلوا العلمِ ضعفاءُ المذهب ](131).
وقال ابنُ دقيقِ العيد : [ والحقُّ عندنا أن ما صحَّ عن النبي في ذلك وثَبَتَتْ مواظبتُه عليه فهو مستحبٌّ ، وما لم تَثبتْ مواظبتُه عليه فلا كراهةَ فيه ](132) .(1/19)
ونكتفي بهذا القدرِ فيما يتعلقُ بصلاةِ المغربِ ، وننتقلِ إلى صلاةِ العشاءِ .
مقدارُ قراءَتِه ( في العِشاءِ
المقدارُ الغالبُ في ذلك هو ? ???????????? ??????????? ? ونحوُها من السُّوَرِ .
ـ عن بُريدةَ الأسلميِّ أن رسولَ الله ( " كان يقرأ في صلاةِ العشاءِ بـ ? ???????????? ??????????? ? وأشباهِها من السُّوَرِ "(133).
ـ وعن أبي رافعٍ قال : " صليتُ مع أبي هريرةَ العتمةَ فقرأ ? ?????? ???????????? ?????????? ? فسَجَدَ فقلتُ له ، فقال : سجدتُ خلفَ أبي القاسمِ ( فلا أزالُ أسجدُ فيها حتى ألقاهُ " . وفي روايةٍ عندَ ابنِ خزيمةَ وغيرِه " صليتُ خلفَ أبي القاسمِ فسجدَ بها "(134).
ـ وعن جابرٍ في حديثِ معاذٍ وصلاتُه العشاءَ بـ ( البقرة ) أن رسولَ الله ( قال له : " اقرأ ? ???????????? ??????????? ? ? ???????????? ? ? ??????????? ?????? ??????????? ? و ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? . زاد في رواية : و ? ????????? ???????? ???????? ???????? ?????? ? (135) . وزاد النسائي ? ?????? ????????????? ???????????? ? (136) ، وزاد سعيد بن منصور ? ?????????????? ????? ??????????? ? (137).
ـ وكان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ يقرأ فيها بـ ? ???????????? ??????????? ? وأشباهِها ، وقد شَهِدَ له أبو هريرةَ وأنسٌ رضي الله عنهما بأنه أشبهُ الناسِ صلاةً برسولِ الله ( وقد سَبَقَ ذكرُ ذلك غير مرة .
والسنةُ أن يُطيلَ في الأُولَيينِ ويحذفَ في الأُخرَيين :
ـ فعن جابرٍ ( أن سعداً قال لعمرَ : " أما أنا والله فإني كنتُ أصلي بهم صلاةَ رسولِ الله ( ما أخرِم عنها ، أصلي صلاةَ العشاءِ فأركُدُ في الأُوليينِ وأخف في الأخريين . قال : ذاك الظنُّ بك يا أبا إسحاق "(138).
وأما في السَّفَرِ فقد خَفَّفَها ( عن ذلك :(1/20)
ـ فعن البراءِ قال عن النبيِّ ( " أنه كان في سفرٍ فصلّى العشاءَ الآخرةَ فقرأ في إحدى الرَّكعتينِ ? ??????????? ????????????????? ? . زاد في رواية : " فما سمعتُ أحداً أحسنَ صوتاً منه "(139).
وهكذا اسْتَمَرَّ عملُ الصحابةِ فمَنْ بعدَهم على هذا :
فسَبَقَ ذكرُ صلاةِ أبي هريرةَ بـ ? ?????? ???????????? ?????????? ? .
ـ وعن أبي رافعٍ الصائغِ قال : " صلى بنا عمرُ صلاةَ العشاءِ الآخرةِ فقرأ في إحدى الركعتين الأوليين ? ?????? ???????????? ?????????? ? فسجدَ وسجدنا معه "(140).
ـ وعن هلالٍ " أنه سمع أبا هريرةَ يقرأ ? ??????????????????? ???????? ? في العشاءِ "(141).
وسَبَقَتْ صلاةُ عمرَ بنِ عبدِ العزيز .
وربما أطالَ فيها بعضُ الصحابةِ والتابعينَ نوعاً ما .
ـ فعن عبدِ الرحمن بنِ يزيدَ قال : " أمَّنا عبدُ الله في العشاءِ الآخرةِ فافتَتَحَ ( الأنفال ) حتى بلغَ ? ???????????????? ?????? ?????? ????????????? ?????? ???????????? ???????? ??????????? ? ركع ثم قامَ فقرأ في الثانيةِ بسورةٍ من المثاني "(142).
ـ وعن نافعٍ " أن ابنَ عمرَ كان يقرأ في العشاءِ بـ ? ?????????? ????????? ? و ( الفتح ) "(143).
ـ وقرأ طاوس ( تنزيل السجدة )(144) .
وإلى هنا نكونُ قد انتهينا من الحديثِ عن الصلواتِ الخمسِ ، ونخصُّ الجمعةَ بالفصلِ الآتي :
مقدارُ قراءتِه ( في صلاةِ الجمعةِ
أما صلاةُ الجمعةِ فإن لها سُوَراً مخصوصةً وهي ( الجمعة ) و ( المنافقون ) أو ( سبح ) و ( الغاشية ) أو ( الجمعة ) و ( الغاشية ) .
ـ فعن أبي رافعٍ " أن أبا هريرةَ صلّى الجمعةَ فقرأ بعدَ سورةِ ( الجمعة ) في الركعةِ الآخرةِ ? ?????? ???????? ?????????????????? ? قال : فأدركتُ أبا هريرةَ حين انصرفَ فقلتُ له : إنك قرأتَ بسورتينِ كان عليُّ بنُ أبي طالبٍ يقرأ بهما في الكوفةِ ، فقال أبو هريرةَ : إني سمعتُ رسولَ الله ( يقرأُ بهما يومَ الجمعةِ "(145).(1/21)
ـ وعن ابنِ عباسٍ مرفوعاً : " كان يقرأُ في الجمعةِ بسورةِ ( الجمعة ) و ? ?????? ???????? ?????????????????? ? "(146) .
ـ وعن النعمانِ بنِ بشيرٍ قال : " كان رسولُ الله ( يقرأ في العيدينِ وفي الجمعةِ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ? وقال : إذا اجتمَعَ العيدُ والجمعةُ في يومٍ واحدٍ يقرأ بهما أيضاً في الصلاتينِ "(147).
ـ وكتب الضَّحّاكُ بنُ قيسٍ إلى النعمانِ بنِ بشيرٍ يسأله : أيُّ شيءٍ قرأ رسولُ الله ( يومَ الجمعةِ سوى سورةَ ( الجمعة ) فقال : " كان يقرأ ? ???? ?????????? ?"(148).
وهكذا كان عملُ الصحابةِ فمَنْ بعدَهُم :
ـ فقد سبقَ في الحديثِ الأوَّلِ أن أبا هريرةَ وعَلِياً قَرَءا بـ ( الجمعة ) و ( المنافقون ) .
ـ وعن عُميرِ بنِ سعيدٍ قال : " صليتُ خلفَ أبي موسى الجمعةَ فقرأ بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ? "(149).
ـ وعن الحَكَمِ عن أناسٍ من أهلِ المدينةِ أرى فيهم أبا جعفر قال : " كان يقرأُ في الجمعةِ بسورةِ ( الجمعة ) و ( المنافقون ) (150) .
وبعدَ أن انتهينا من الجمعةِ ننتقلُ إلى :
مقدارُ قراءتِه ( في العِيدَينِ
كذلكَ فإن صلاةَ رسولِ الله ( في العيدينِ لها قراءةٌ مخصوصةٌ وهي بـ ( سبح ) و ( الغاشية ) أو بـ ( ق ) و ( اقتربت ) :
ـ فعن أبي واقدٍ اللَّيْثِيِّ قال : سألني عمرُ بنُ الخطابِ عما قرأَ به رسولُ الله ( في يومِ العيدِ ، فقلتُ : بـ ? ??????????????? ??????????? ? و ? ??? ???????????????? ??????????? ? " .
وفي لفظٍ : ما كانَ يقرأ به رسولُ الله ( في الأضحى والفطر ، فقال : " كان يقرأ فيهما بـ ? ??? ???????????????? ??????????? ? و ? ??????????????? ??????????? ?????????? ?????????? ?"(151).(1/22)
ـ وعن النعمانِ بنِ بشيرٍ قال : " كان رسولُ الله ( يقرأ في العيدينِ وفي الجمعةِ بـ ? ??????? ?????? ???????? ??????????? ? و ? ???? ?????????? ??????? ??????????????? ? قال : وإذا اجتمعَ العيدُ والجمعةُ في يومٍ واحدٍ يقرأ بهما أيضاً في الصلاتينِ "(152).
مقدارُ قراءَتِه ( في صلاةِ الجنازَةِ
السُّنَّةُ فيها أن يَقرأَ بفاتِحَةِ الكتابِ وسورةٍ :
ـ فعنْ طلحةَ بنِ عَبدِ الله بنِ عوفٍ قال : صليتُ خلفَ ابنِ عباسٍ ( على جنازةٍ فقرأ بفاتحةِ الكتابِ ، قال : لِتَعْلَمُوا أنها سُنَّةٌ "(153).
زادَ في روايةٍ " وسورة "(154).
وفي أخرى " إنما جهَرتُ لتعلَموا أنها سنةٌ وحقٌّ "(155).
ونَخْتَتِمُ الصلواتِ الماضيةَ بالحديثِ عن :
مقدارُ قراءَتِه ( في صلاةِ الكُسوفِ
وهذه الصلاةُ أطولُ الصلواتِ على الإطلاقِ ، وهي ذاتُ صفةٍ مخصوصةٍ كما هو معلومٌ :
ـ عن ابنِ عباسٍ قال : خسفت الشمسُ فصلّى رسولُ الله ( فقامَ قياماً طَويلاً نحواً من سورةِ البقرةِ ثم رَكَعَ رُكوعاً طويلاً ثم رفَعَ فقامَ قِياماً طَوِيلاً وهو دونَ القيامِ الأَوَّلِ ثم رَكَعَ رُكوعاً طويلاً وهو دونَ الرُّكوعِ الأولِ ثم سجدَ ثم قامَ قِياماً طَوِيلاً وهو دونَ القيامِ الأولِ - وفي روايةٍ أنه بِقَدْرِ ( آل عمران ) - ثم رَكَعَ رُكوعاً طويلاً وهو دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثم رَفَعَ فقامَ قِياماً طَويلاً وهو دونَ القيامِ الأولِ ثم رَكَعَ رُكوعاً طَويلاً وهو دونَ الرُّكوعِ الأولِ ثم سجدَ ثم انْصَرَفَ "(156).
ـ وعن عائشةَ رضي الله عنها " أنه قرأَ في الأولى بـ ( العنكبوت ) وفي الثانيةِ بـ ( الروم ) أو ( لقمان ) " وفي لفظٍ " في الأولى بـ ( العنكبوت ) أو ( الروم ) وفي الثانيةِ بـ ( يس ) "(157).
مقدارُ الركوعِ والسجودِ والرفعِ منهما .(1/23)
كانتْ هذه الأركانُ في صلاتِه ( قريباً من السواءِ وبحيثُ تُناسبُ القراءةَ حتى يقولَ القائلُ : عنْ كلِّ أركانِ الصلاةِ قريبٌ من السَّواءِ :
ـ عن البراءِ بنِ عازبٍ قال : " كانتْ صلاةُ رسولِ الله ( وركوعُه وإذا رَفَعَ من الركوعِ وسجودُه وما بينَ السجدتينِ قريباً من السَّواءِ ". وفي روايةٍ " ما خلا القيام والقعود "(158).
ـ وعن أنسٍ قال : " كان رسولُ الله ( إذا قال ( سمع الله لمن حمده ) قامَ حتى نقولَ : قدْ أَوهَمَ ، ثم يسجدُ ويقعُدُ بينَ السجدتينِ حتى نقولَ : قد أوهَمَ "(159).
ـ وعن ثابتٍ عن أنسٍ ( قال : " إني لا آلو أن أصليَ بكم كما رأيتُ النبيَّ ( يصلي بنا " قال ثابتٌ " كان أنسٌ يصنَعُ شيئاً لم أَرَكُم تصنَعونَه - كان إذا رَفعَ رأسَه من الركوعِ قامَ حتى يقولَ القائلُ قد نَسي ، وبينَ السجدتين حتى يقولَ قد أوهَمَ "(160).
ـ وعن أنسٍ قال : " ما رأيتُ أحداً أشبَهَ صلاةً برسولِ الله ( من هذا الفتى - يعني عمرَ بنِ عبد العزيز - قال - أي سعيد بن جبير - فحزَرنا في ركوعِه عشرَ تسبيحاتٍ وفي سجودِه عشرَ تسبيحاتٍ "(161).
أما الركوعُ والسجودُ في الكسوفِ فقد قالتْ عائشةُ رضي الله عنها : " ما سجدتُ سجوداً قطُّ ولا ركعتُ ركوعاً قطُّ أطولَ منه "(162).
وأختَتمُ هذه الرسالةَ الموجَزَةَ بذِكْرِ بعضِ النُّقولِ المفيدةِ من الكتابِ القيِّمِ للإمامِ العلامةِ ابنِ القيمِ الموسومِ بـ " كتابُ الصلاةِ وحكمُ تاركِها " وقد أجادَ فيه وأفادَ فرحمه الله رحمةً واسعةً قال رحمه الله :(1/24)
" وأما ( المسألةُ العاشرة ) وهي مقدارُ صلاةِ رسولِ الله ( فهيَ من أجَلِّ المسائلِ وأهمِّها ، وحاجةُ الناسِ إلى معرِفَتِها أعظمُ من حاجَتهِم إلى الطعامِ والشرابِ ، وقد ضَيَّعَها الناسُ من عهدِ أنسِ بنِ مالكٍ ( . ففي صحيحِ البخاريِّ من حديثِ الزهريِّ قال : دخلتُ على أنسِ بنِ مالكٍ بدمشقَ وهو يبكي ، فقلت له : ما يبكيكَ ؟ فقال : لا أعرفُ شيئاً مما أدركتُ إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاةُ قد ضُيَّعَتْ , وقال موسى بنُ إسماعيل : حدثنا مهديُّ عن غَيلانِ عن أنسٍ قال : ما أعرفُ شيئاً مما كان على عهدِ رسولِ الله ( . قيل : فالصلاة ؟ قال : أليسَ قد صنعتُمْ ما صنعتُم فيها . أخرجه البخاري عن موسى .
وأنسٌ ( تأخَّرَ حتى شاهَدَ من إضاعةِ أركانِ الصلاةِ وأوقاتِها وتسبيحِها في الركوعِ والسجودِ وإتمامِ تكبيراتِ الانتقالِ فيها ما أنكَرَه ، وأخبرَ أن هديَ رسولِ الله ( كان بخلافِهِ كما ستقِفُ عليه مفصَّلاً إن شاءَ الله .
ففي الصحيحينِ من حديثِ أنسٍ ( قال : كان رسولُ الله ( يُوجِزُ الصلاةَ ويُكَمِّلُها .
وفي الصحيحينِ عنه أيضاً قال : ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ قطُّ أخفَّ صلاةً ولا أتمَّ من صلاةِ النبي ( . زاد البخاري : وإن كانَ ليسمَعُ بكاءَ الصبيِّ فيخُفِّفُ مخافةَ أن تُفتَنَ أمُّه .(1/25)
فوصَفَ صلاتَه ( بالإيجازِ والتَّمامِ ، والإيجازُ هو ما كانَ يفعَلُه لا الإيجازُ الذي يظُنُّه من لم يقِفْ على مقدارِ صلاتِه ، فإن الإيجازَ أمرٌ نسبيٌّ إضافيٌّ راجعٌ إلى السنةِ لا إلى شهوةِ الإمامِ ومَنْ خلفَه ، فلما كان يقرأُ في الفجرِ بالستينَ إلى المائةِ كان هذا الإيجازُ بالنسبةِ إلى ستمائة إلى ألف ، ولما قرأ في المغربِ بالأعرافِ كان هذا الإيجازُ بالنسبةِ إلى البقرةِ ، ويدلُّ على هذا أن أنساً نفسَه قال في الحديثِ الذي رواه أبو داود والنسائي من حديثِ عبدِ الله بن إبراهيم بنِ كيسانَ حدثني أبي عن وهب بن مأنوس سمعتُ سعيدَ بنَ جبير يقول : سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ يقول : ما صليتُ وراءَ أحدٍ بعدَ رسولِ الله ( أشبهَ صلاة برسولِ الله ( من هذا الفتى ، يعني عمر بن عبد العزيز ، فحزَرْنا في ركوعِه عشرَ تسبيحاتٍ وفي سجودِه عشرَ تسبيحاتٍ .
وأنسٌ أيضاً هو القائلُ في الحديثِ المتفقِ عليه : إني لا آلو أن أصليَ بكم كما كان رسولُ الله ( يصلي بنا . قال ثابتٌ : كان أنسٌ يصنعُ شيئاً لا أراكم تصنَعونَه ؛ كان إذا رفعَ رأسَه من الركوعِ انتَصَبَ قائِماً حتى يقولَ القائلُ قد نَسي ، وإذا رفَعَ رأسَه من السجدةِ مَكَثَ حتى يقولَ القائلُ قد نَسي .
وأنسٌ هو القائلُ هذا ، وهو القائلُ : ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ أخفَّ صلاة ولا أتمَّ من صلاةِ النبي ( ، وحديثُه لا يُكَذِّبُ بعضُه بعضاً .
ومما يُبينُ ما ذكرناه ما رواه أبو داود في سننه من حديثِ حمادِ بنِ سلمةَ أخبرنا ثابتٌ وحميدٌ عن أنسِ بنِ مالك قال : ما صليتُ خلفَ رجلٍ أوجزَ صلاة من رسولٍ الله ( في تمامٍ ، وكان رسولُ الله ( إذا قال : " سمع الله لمن حمده " قام حتى نقولَ : قد أوهَمَ ، ثم يُكَبِّرُ ثم يسجدُ ، وكان يقعُدُ بينَ السجدتينِ حتى نقولَ قد أوهَمَ . هذا سياقُ حديثِه .(1/26)
فجمَعَ أنسٌ ( في هذا الحديثِ الصحيحِ بينَ الإخبارِ بإيجازِه ( الصلاة وإتمامِها ، وبيَّن فيه أن من إتمامِها الذي أخبر به إطالةُ الاعتدالَينِ حتى يظنَّ الظانُّ أنه قد أوهَمَ أو نَسِيَ من شدَّةِ الطُّولِ ، فجمَعَ بين الأمرينِ في الحديث ، وهو القائلُ : ما رأيتُ أوجَزَ من صلاةِ رسولِ الله ( ولا أتَمَّ ، فيُشبِه أن يكونَ الإيجازُ عادَ إلى القيامِ والإتمامُ إلى الركوعِ والسجودِ والاعتدالينِ بينَهما ، لأن القيامَ لا يُكادُ يُفعلُ إلا تاماً فلا يحتاجُ إلى الوصفِ بالإتمامِ بخلافِ الركوعِ والسجودِ والاعتدالينِ ، وسرُّ ذلك أنه بإيجازِ القيامِ وإطالةِ الركوعِ والسجودِ والاعتدالين تصيرُ الصلاةُ تامَّةً لاعتِدالها وتقارُبها فيصدُق قولُه : ما رأيتُ أوجزَ ولا أتمَّ من صلاةِ رسولِ الله ( , هذا هو الذي كان يعتَمِدُه صلوات الله عليه وسلامه في صلاته ، فإنه كان يعدِلُها حيث يعتدلُ قيامُها وركوعُها وسجودُها واعتدالُها ، ففي الصحيحينِ عن البراءِ بنِ عازب قال : رَمَقءتُ الصلاةَ مع محمدٍ ( فوجدتُ قيامَه فرَكعتَه فاعتدالَه بعدَ ركوعِه فسجدَتَه فجلستَه بينَ السجدَتَينِ فسجدَتَه فجلسَتَه ما بينَ التسليمِ والانصرافِ قريباً من السواءِ .(1/27)
ولا يناقِضُ هذا ما رواه البخاريُّ في هذا الحديثِ : كان ركوعُ النبي ( وسجودُه وما بينَ السجدتينِ وإذا رفَعَ رأسَه ما خلا القيام والقعود قريباً من السواءِ ، فإن البراءَ هو القائلُ هذا وهذا ، فإنه في السياقِ الأولِ أدْخَلَ في ذلكَ قيامَ القراءةِ وجلوسَ التشهدِ ، وليسَ مرادُه أنهما بقدرِ ركوعِه وسجودِه وإلا ناقضَ السياقُ الأولُ الثاني ، وإنما المرادُ أن طولَهما كان مناسِباً لطولِ الركوعِ والسجودِ والاعتدالين بحيثُ لا يظهَرُ التفاوتُ الشديدُ في طولِ هذا وقصرِ هذا ، كما يفعلُه كثيرٌ ممن لا عِلمَ عندَه بالسنةِ يطيلُ القيامَ جداً ويخففُ الركوعَ والسجودَ ، وكثيراً ما يفعلونَ هذا في التراويحِ ، وهذا هو الذي أنكَرَه أنسٌ بقولِه :ما صَلَّيتُ وراءَ إمامٍ أخفَّ صلاة ولا أتمَّ من صلاةِ رسولِ الله ( ، فإن كثيراً من الأمراءِ في زمانه كان يُطيلُ القيامَ جداً فيُثقِلُ على المأمومينَ ، ويخففُ الركوعَ والسجودَ والاعتدالين فلا يكمل الصلاةَ ، فالأمران اللذان وصفَ بهما أنسٌ رسولَ الله ( هما اللذان كان الأمراءُ يخالفونهما ، وصارَ ذلك - أعني تقصيرَ الاعتدالين - شعاراً حتى استحبَّه بعضُ الفقهاءِ وكَرِهَ إطالَتَهما، ولهذا قال ثابتٌ : وكان أنسٌ يصنعُ شيئاً لا أراكم تصنَعونَه ، كان إذا رَفَعَ رأسَه من الركوعِ انْتَصَبَ قائماً حتى يقولَ القائلُ قد نَسي . فهذا الذي فَعَلَه أنسٌ هو الذي كان رسولُ الله ( يفعَلُه وإن كَرِهَه مَن كَرهَه ، فسنةُ رسولِ الله ( أولى وأحقُّ بالاتِّباعِ .
وقولُ البراءِ في السياقِ الآخرِ : ما خلا القيام والقعود ، بيانُ أن ركنَ القراءةِ والتشهدِ أطولُ من غيرهما .(1/28)
وقد ظَنَّ طائفةٌ أن مرادَه بذلك قيامُ الاعتدالِ من الركوعِ وقعودَ الفصلِ بينَ السجدتين ، وجعلوا الاستثناءَ عائداً إلى تقصيرِهما ، وبنَوا على ذلك أن السنةَ تقصيرُهما ، وأبطلَ من غَلا منهم الصلاة بتطويلِهما ، وهذا غَلَطٌ ، فإن لفظَ الحديثِ وسياقَه يُبطِلُ هؤلاءِ ، فإن لفظَ البراءِ : كان ركوعُه وسجودُه وجلوسُه بينَ السجدتَينِ وإذا رفعَ رأسَه ما خلا القيام والقعود قريباً من السواءِ ، فكيفَ يقولُ : وإذا رفعَ رأسَه من الركوعِ ما خلا رفع رأسه من الركوعِ ؟ هذا باطلٌ قطعاً .
وأما فعلُ النبي ( فقد تقدَّمَ حديثُ أنسٍ أنه صلى بهم صلاةَ النبي ( فكانَ يقومُ بعدَ الركوعِ حتى يقولَ القائلُ قد نَسي ، وكان يقولُ بعدَ رفعِ رأسِه من الركوعِ " سَمِعَ الله لمن حمدَه ، اللهم ربَّنا لكَ الحمدُ ، ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ ، أهلُ الثناءِ والمجدِ ، أحقُّ ما قال العبدُ ، وكُلُّنا لكَ عبدٌ ، اللهم لا مانِعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجدُّ " رواه مسلمٌ من حديثِ أبي سعيدٍ ، ورواه من حديثِ ابنِ أبي أوفى وزادَ فيه بعدَ قوله : " مِن شيءٍ بعدُ ، اللهمَّ طَهِّرني بالثلجِ والبَرَدِ والماءِ الباردِ ، اللهم طهرني من الذنوبِ والخطايا كما يُنَقّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ " . وكذلك كان هَديُه في صلاةِ اللَّيلِ ، يركَعُ قريباً من قيامِه ويرفَعُ رأسَه بقَدرِ رُكوعِه ويسجُدُ بقَدْرِ ذلك ويمكثُ بينَ السجدتينِ بقَدْرِ ذلكَ ، وكذلك فَعلَ في صلاةِ الكسوفِ أطالَ رُكنَ الاعتدالِ قريباً من القراءةِ ، فهذا هديُه الذي كأنَّكَ تُشاهِدُه وهو يَفْعَلُه ، وهكذا فَعلَ الخلفاءُ الراشدون من بعدِه .
قال زيدُ بنُ أسلمَ : كان عمرُ يُخَفِّفُ القيامَ والقعودَ ويُتِمُّ الركوعَ والسجودَ .(1/29)
فأحاديثُ أنسٍ ( كلُّها تدُلُّ على أنَّ النبيَّ ( كان يُطيلُ الركوعَ والسجودَ والاعتدالينِ زيادةً على ما يفعَلُه أكثرُ الأئمةِ بلْ كلُّهم إلا النادر .
فأنسٌ أنكرَ تطويلَ القيامِ على ما كانَ رسولُ الله ( يفعلُه وقال : كانت صلاةُ رسولِ الله ( متقاربةً ، يقربُ بعضُها من بعضٍ ، وهذا موافقٌ لروايةِ البراءِ بنِ عازبٍ أنها كانتْ قريباً من السواءِ . فأحاديثُ الصحابةِ في هذا البابِ يُصَدِّقُ بعضُها بعضاً .
ثم ساقَ رحمه الله أدلةَ التخفيفِ التي تمسَّكَ بها البعضُ دونَ الأدلةِ المفسرةِ لها ، ثم بدأَ في الردِّ عليهم فقال :(1/30)
قال المكمِّلون للصلاةِ : أهلاً وسهلاً بكلِّ ما جاء عن رسولِ الله ( فعلى الرأسِ والعينين ، وهل نُدَنْدِنُ إلا حولَ الاقتداءِ به ومتابعةِ هديِه وسنتِه ؟ ولا نضربُ سنتَه بعضَها ببعضٍ ، ولا نأخذُ منها ما سَهُلَ ونتركُ منها ما شَقَّ علينا لِكَسَلٍ وضعفِ عزيمةٍ واشتغالٍ بدنيا قد مَلأتْ القلوبَ وملَكَتء الجوارحَ وقَرَّتْ بها العيونُ بَدَلَ قُرَّتِها بالصلاةِ ، فصارتْ أحاديثُ الرخصةِ في حقِّها شُبهَةُ صادفَتْ شهوةً وفُتوراً في العزمِ ، وقلةَ رغبةٍ في بذلِ الجهدِ في النصيحةِ في الخدمَةِ ، واستَسْهَلَتْ حقَّ الله تعالى وجَعَلَتْ كرَمَه وغناه من أعظَمِ شبهاتها في التفريطِ فيه وإضاعَتِه وفعله بالهوينى تحلةَ القَسَمِ . ولهَجَتْ بقولها : ما استَقْصى كريمٌ حقَّه قط . وبقولها : حقُّ الله مبنيٌّ على المسامحةِ والمساهلةِ والعفوِ ، وحقُّ العبادِ مبنيٌّ على الشُّحِّ والضِّيقِ والاستقصاءِ . فقامت في خدمةِ المخلوقينَ كأنها على الفُرُشِ الوثيرةِ والمراكبِ الهينةِ ، وقامَتْ في حقِّ خدمةِ ربِّها وفاطِرِها كأنها على الجَمرِ المحروقِ ، تُعطيه الفضلةَ من قِواها وزمانها وتستوفي لأنفسِها كمالَ الحظِّ ، ولم تَحفَظْ من السنةِ إلا " أفَتّانٌ أنتَ يا معاذُ " ؟ و " يا أيها الناسُ إنَّ منكم مُنَفِّرينَ " ، ووضعَتْ الحديثَ على غيرِ موضِعِه ، ولم تتأمَّلْ ما قَبْلَه وما بَعدَه . ومن لم تكنْ قُرَّةُ عينِه في الصلاةِ ونعيمُه وسرورُه ولذتُه فيها وحياةُ قلبِه وانشراحُ صدرِه فإنه لا يناسِبُه إلا هذا الحديث وأمثاله ، بل لا يناسبُه إلا صلاةُ السُّرّاقِ والنّقّارينَ ، فنقرةُ الغرابِ أولى به من استفراغِ وسعِهِ في خدمةِ ربِّ الأربابِ . وحديث " أفتّانٌ أنتَ يا معاذ " ؟ الذي لم يفْهَمْهُ أولى به من حديث : " كانتْ صلاةُ الظهرِ تقامُ فينطلقُ أحدُنا إلى البقيعِ فيقضي حاجَتَه ، ثم يأتي أهلَه فيتوضّأ ثم يدركُ رسولَ الله ( في(1/31)
الركعةِ الأولى . وحديثُ صلاتِه ( الصبح بالمعوذتين - وكان هذا في السَّفَر - أولى به من حديثِ صلاتِه في الحَضَرِ بمائة آية إلى مائتين . وحديثُ صلاته ( المغرب ( بقل هو الله أحد ) و ( قل يا أيها الكافرون ) الذي انفرَدَ ابن ماجه بروايته أولى به من الحديثِ الذي رواه البخاري في صحيحِه أن رسولَ الله ( قرأ فيها بطولى الطوليين وهي الأعرافُ ، فهو يميلُ من السنةِ إلى ما يناسبُه ، ويأخذُ منها بما يوافِقُه ، ويتلطفُ لمن خشن في تأويلِ ما يخالفُه ودفعِه بالتي هي أحسن . ونحن نبرأُ إلى الله من سلوكِ هذه الطريقةِ ، ونسألُه أن يعافِيَنا مما ابتَلى به أربابَها ، بل نَدينُ الله بكلِّ ما صحَّ عن رسولِه ولا نَجعلُ بعضَه لنا وبعضَه علينا ، فنُقِرُّ ما لنا على ظاهره ، ونتأوَّلُ ما علينا على خلافِ ظاهرِه ، بل الكلُّ لنا لا نُفرِّقُ بين شيءٍ من سنته ، بل نتلقّاها كلَّها بالقبولِ ، ونقابِلُها بالسمعِ والطاعةِ ، ونَتَّبِعُها أينَ تَوَجَّهَتْ ركائِبُها ، ونَنزِلُ معها أينَ نَزَلَتْ مضارِبُها ، فليسَ الشأنُ في الأخذِ ببعضِ سنةِ رسولِ الله ( وتركِ بعضِها ، بل الشأنُ في الأخذِ بجملَتِها ، وتنزيلِ كلِّ شيءٍ منها منزلتَه ، ووضعِه بموضِعِه ، فنقولُ وبالله التوفيق :(1/32)
الإيجازُ والتخفيفُ المأمورُ به ، والتطويلُ المنهيُّ عنه ، لا يمكن أن يُرجَعَ فيه إلى عادةِ طائفةٍ وأهلِ بلدٍ وأهلِ مذهبٍ ، ولا إلى شهوةِ المأمومينَ ورضاهم ، ولا إلى اجتهادِ الأئمةِ الذين يُصَلّونَ بالناسِ ورأيهِم في ذلك ، فإن ذلك لا ينضبطُ ، وتضطربُ فيه الآراءُ والإراداتُ أعظمَ اضطرابٍ ، ويفسُدُ وضعُ الصلاةِ ، ويصيرُ مقدارُها تَبَعاً لشهوةِ الناسِ ، ومثلُ هذا لا تأتي به شريعةٌ ، بل المرجعُ في ذلك والتحاكمُ إلى ما كان يفعَلُه من شرَعَ الصلاةَ للأمةِ وجاءهم بها من عند الله ، وعلَّمَهُم حقوقَها وحدودَها وهيآتها وأركانَها ، وكان يصلي وراءَه الضعيفُ والكبيرُ والصغيرُ وذو الحاجةِ ، ولم يكن بالمدينةِ إمامٌ غيره صلوات الله وسلامه عليه . فالذي كان يفعلُه صلوات الله وسلامه عليه ، وما أريدُ أن أخالفاكم إلى ما أنهاكم عنه ، وقد سُئلَ بعضُ أصحابِ رسولِ الله ( فقال : مالَكَ في ذلكَ من خيرٍ ، فأعادَها عليه ، فقال : كانت صلاةُ الظهرِ تقامُ فينطلقُ أحدُنا إلى البقيعِ فيقضي حاجَتَه ، ثم يأتي أهلَه فيتوضأُ ، ثم يرجعُ إلى المسجدِ ورسولُ الله ( في الركعةِ الأولى مما يُطَوِّلُها . رواه مسلم في الصحيح .
وهذا يدلُّ على أن الذي أنكرَه أبو سعيدٍ وأنسٌ وعمرانُ بنُ حصينٍ والبراءُ بنُ عازبٍ إنما هو حذفُ الصلاةِ والاختصارُ فيها والاقتصارُ على بعضِ ما كان رسولُ الله ( يفعلُه .(1/33)
ولهذا لما صلّى بهم أنسٌ قال : لا آلو أن أصليَ بكم صلاةَ رسولِ الله ( ، قال ثابتٌ : فكانَ أنسٌ يصنَعُ شيئاً لا أراكم تصنعونه ، كان ثابتٌ : فكان أنسٌ يصنَعُ شيئاً لا أراكُم تصنَعونه ، كان إذا انتَصَبَ قائماً يقومُ حتى يقولَ القائلُ قد أوهَمَ ، وإذا جلسَ بينَ السجدتينِ مَكَثَ حتى يقولَ القائلُ قد أوهَمَ . فهذا مما أنكَرَه أنسٌ على الأئمةِ حيثُ كانوا يُقَصِّرونَ هذينِ الركنينِ ، كما أنكرَ عليهم تقصيرَ الركوعِ والسجودِ ، وأخبرَ أن أشبَهَهم صلاةً برسولِ الله ( عمرُ بنُ عبدِ العزيز ، فحزَروا تسبيحَه في الركوعِ والسجود عشراً عشراً . ومن المعلومِ أنه لم يكنْ يُسَبِّحُها هذاً مسرعاً من غيرِ تدبُّرٍ ، فحالُهُم أجلُّ من ذلكَ .
وقد اتفَقَ الصحابةُ على أن صلاةَ رسولِ الله ( كانتء معتدلةً ، فكان ركوعُه ورفعُه منه وسجودُه ورفعُه منه مناسباً لقيامِه ، فإذا كان يقرأ في الفجرِ بمائة آية إلى ستينَ آية فلا بدَّ أن يكونَ ركوعُه وسجودُه مناسِباً لذلك ، ولهذا قال البراءُ بن عازبٍ : إن ذلك كلَّه كان قريباً من السواءِ . وقال عمرانُ بنُ حصينٍ : كانت صلاةُ رسولِ الله ( معتدلةً ، وكذلك كان قيامُه بالليلِ وصلاةِ الكسوفِ . وقال عبدُ الله بنُ عمرَ : إنَّ رسولَ الله ( ليأمرُنا بالتخفيفِ وإن كان ليؤمُّنا بالصّافاتِ . رواه الإمام أحمد والنسائي .(1/34)
فهذا أمرُه وهذا فعلُه المفسِّرُ له ، لا ما يظنُّ الغالِطُ المخطئُ أنه كان يأمرُهم بالتخفيفِ ويفعلُ هو خلافَ ما أمَرَ به . وقد أمَرَ صلاةُ الله وسلامُه عليه الأئمةَ أن يُصلّوا بالناسِ كما كان يصلي بهم ، ففي الصحيحينِ عن مالكِ بنِ الحويرثِ قال : أتينا رسولَ الله ( ونحن شَبَبَةٌ متقارِبُون ، فأقَمْنا عنده عشرينَ ليلةً ، وكان رسولُ الله ( رحيماً وفيقاً ، فظنَّ أنّا قد اشْتَقْنا أهلَنا ، فسَأَلَنا عمَّنْ تَرَكْنا من أهلِنا فأخبرناه ، فقال : " ارجِعُوا إلى أهليكم فأقِيموا فيهم وعلِّمُوهم ومُروهم فلْيُصَلّوا صلاةَ كذا في حينِ كذا وصلاةَ كذا في حينِ كذا ، وإذا حضرَتْ الصلاةُ فلْيُؤَذِّنْ لكم أحدُكم ولْيَؤُمُّكُم أكبرُكُم ، وصلّوا كما رأيتُموني أصلي " ، والسياقُ للبخاريِّ . فهذا خطابٌ للأئمةِ قَطعاً وإن لم يختَصَّ بهم ، فإذا أمرَهم أن يُصلّوا بصلاته وأمَرَهم بالتخفيفِ عُلِمَ بالضرورةِ أن الذي كان يفعَلُه هو الذي أمَرَ به .
يوضحُ ذلك أنه ما من فِعلٍ في الغالبِ إلا وقد يُسمّى تخفيفاً بالنسبةِ إلى ما هو أطولُ منه ، ويسمّى تطويلاً بالنسبةِ إلى ما هو أخفُّ منه ، فلا حدَّ له في اللغةِ يُرجَعُ فيه إليه . وليسَ من الأفعالِ العُرفِيَّةِ التي يُرجَعُ فيها إلى العرفِ كالحِرْزِ والقَبْضِ وإحياءِ الموات ، والعباداتُ يُرجَعُ إلى الشارعِ في مقاديرِها وصفاتها وهيئاتِها كما يُرجَعُ إليه في أصلِها ، فلو جازَ الرجوعُ في ذلك إلى عرفِ الناس وعوائدِهم في مسمى التخفيفِ والإيجازِ لاختلَفَتْ أوضاعُ الصلاةِ ومقاديرُها اختلافاً متبايناً لا ينضَبْطُ .(1/35)
ولهذا لما فَهِمَ بعضُ من نَكَسَ اللهُ قلبَه أن التخفيفَ المأمورَ به هو ما يمكنُ من التخفيفِ اعتقدَ أن الصلاةَ كلَّما خَفَّتْ وأُوجِزَتْ كانت أفضلَ ، فصارَ كثيرٌ منهم يَمُرُّ فيها مَرَّ السَّهْمِ ولا يزيدُ على ( الله أكبر ) في الركوعِ والسجودِ بسرعةٍ ويكادُ سجودُه يسبِقُ ركوعَه وركوعُه يكادُ يسبِقُ قراءَتَه ، وربما يظنُّ الاقتصارَ على تسبيحةٍ واحدةٍ أفضلَ من ثلاثٍ .
ويُحكَى عن بعضِ هؤلاء أنه رأى غلاماً له يطمَئِنُّ في صلاتِه فضربَه وقال : لو بَعَثَكَ السلطانُ في شغلٍ أكُنْتَ تُبطئُ في شغلِه مثلَ هذا الإبطاءِ ! وهذا كلُّه تلاعُبٌ بالصلاةِ وتعطيلٌ لها وخِداعٌ من الشيطانِ وخلافٌ لأمرِ الله ورسولِه حيثُ قال تعالى { أقيموا الصلاة } فأَمَرَنا بإقامَتِها وهو الإتيانُ بها قائمةً تامّةَ القيامِ والركوعِ والسجودِ والأذكارِ ، وقد عَلَّقَ اللهُ سبحانه الفلاحَ بخشوعِ المصلّي في صلاتِه ، فمَنْ فاتَهُ خشوعُ الصلاةِ لم يكنْ مِنْ أهْلِ الفَلاحِ ، ويَستَحيلُ حصولُ الخشوعِ معَ العَجَلَةِ والنَّقْرِ قَطْعاً ، بل لا يَحْصُلُ الخشوعُ قَطُّ إلا مَعَ الطُّمَأنينةِ ، وكلَّما زادَ طمأنينةً ازدادَ خُشوعاً ، وكلَّما قَلَّ خُشوعُه اشْتَدَّتْ عَجَلَتُه حتى تصيرَ حركةُ يدَيْهِ بمنزِلَةِ العَبَثِ الذي لا يصحَبُه خشوعٌ ولا إقبالٌ على العبوديةِ ولا معرفةُ حقيقةِ العبوديةِ ، والله سبحانه قد قال : ? ????????????? ???????????? ? وقال ? ????????? ????????????????? ?????????????? ?????????????? ? وقال ? ???????????????? ?????????????? ? وقال إبراهيمُ عليه السلام ? ????? ??????????? ??????? ???????????? ? وقال لموسى ? ??????????????? ?????????? ???????????? ?????????? ? فلنْ تكادَ تجدُ ذكرَ الصلاةِ في موضعٍ من التنزيلِ إلا مقروناً بإقامَتِها ، فالمصلّون في الناسِ قليلٌ ، ومقيمُ الصلاةِ منهم أقلُّ القليلِ ، كما(1/36)
قال عمرُ ( : الحاجُّ قليلٌ والرَّكْبُ كثيرٌ . فالعامِلون يعمَلون الأعمالَ المأمورَ بها على الترويجِ تَحِلَّةَ القَسَمِ ، ويقولون : يكفينا أدنى ما يقعُ عليه الاسمُ ولَيْتَنا نأتي به ، ولو عَلِمَ هؤلاء أن الملائكةَ تصعدُ بصلاتهم فتعرِضُها على الربِّ جلَّ جلالُه بمنزلَةِ الهدايا التي يَتَقَرَّبُ بها الناسُ إلى ملوكِهم وكَبَرائِهم ، فليسَ من عَمَدَ إلى أفضَلِ ما يقدِرُ عليه فيُزَيَّنه ويُحَسِّنه ما استطاعَ ثم يتقربُ به إلى من يرجوه ويخافُه كمَنْ يعمَدُ إلى أسقَطِ ما عندَه وأهوَنِه عليه فيستريحُ منه ويبعَثُه إلى مَنْ لا يقَعُ عندَه بموقِعٍ . وليسَ من كانتْ الصلاةُ ربيعاً لقَلبه وحياةً له وراحةً وقرةً لعَيْنِه وجلاءً لحزْنِه وذهاباً لهَمِّهِ وغَمِّه ومفزَعاً له إليه في نوائِبِه ونوازِلِه كما هي سُحْتٌ لقَلبِه وقَيْدٌ لجوارِحِه وتكليفٌ له وثِقَلٌ عليه ، فهي كبيرةٌ على هذا وقرةُ عينٍ وراحةٌ لذلك . وقال تعالى : ? ????????????????? ???????????? ??????????????? ???????????? ??????????? ??????? ????? ??????????????? ???? ?????????? ?????????????? ?????????? ????????????? ?????????? ????????????? ?????????? ?????????? ????? فإنما كَبُرَتْ على غيرِ هؤلاءِ لخُلُوِّ قلوبهم من محبةِ الله تعالى وتكبيرِه وتعظيمِه والخشوعِ له وقلةِ رغبتهِم فيه ، فإن حضورَ العبدِ في الصلاةِ وخشوعَه فيها وتَكْميلَه لها واستفراغَه وسعَه في إقامتِها وإتمامِها على قدرِ رغبته في الله . قال الإمام أحمد في رواية مهنا بن يحيى : [ إنما حظُّهم من الإسلامِ على قدرِ حظِّهِم من الصلاةِ ، ورغبَتُهم في الإسلامِ على قدرِ رغبَتِهم في الصلاةِ . فاعرِفْ نفسَكَ يا عبدَ الله واحذَرْ أن تَلقى اللهَ ( ولا قَدْرَ للإسلامِ عندَكَ ، فإن قدرَ الإسلامِ في قلبِكَ كقَدْرِ الصلاةِ في قَلبك ] . وليسَ حظُّ القلبِ العامِرِ بمحبةِ الله وخشيَتِه(1/37)
والرغبةِ فيه وإجلالِه وتعظيمِه من الصلاةِ كحظِّ القلبِ الخالي الخرابِ من ذلك ، فإذا وقفَ الاثنان بينَ يَدَيْ الله في الصلاةِ وَقَفَ هذا بقلبٍ مُخْبِتٍ خاشِعٍ له قريبٍ منه سليمٍ من معارضاتِ السوءِ قد امْتَلأتْ أرجاؤه بالهيبةِ وسَطَعَ فيه نورُ الإيمان ، وكشفَ عن حِجابِ النَّفسِ ودخانِ الشهواتِ ، فيَرْتَعُ في رياضِ معاني القرآنِ ، وخالَطَ قلبَه بشاشةُ الإيمانِ بحقائِقِ الأسماءِ والصفاتِ وعلوِّها وجمالِها وكمالِها الأعظمِ ، وتفرُّدِ الربِّ سبحانَه بنعوتِ جلالِه وصفاتِ كمالِه ، فاجتَمَعَ همُّه على الله وقرَّتْ عينُه به , أحسَّ بقربِه من الله قرباً لا نظيرَ له ، ففرَّغَ قلبَه له وأقبَلَ عليه بكُلِّيَّتِه ، وهذا الإقبالُ منه بينَ إقبالَيْنِ من ربِّه ، فإنه سبحانه أقبَلَ عليه أولاً فانْجَذَبَ قلبُه إليه بإقبالِه ، فلما أقبلَ على ربه حَظِيَ منه بإقبالٍ آخَرَ أتمَّ من الأولِ " .
الخلاصةُ
ـ أمَرَ رسولُ الله ( الأئمةَ بالتخفيفِ فكانَ أوَّلَ منِ التَزَمَ بذلكَ الأمرِ ، فبَيَّنَ ما هو التخفيفُ الذي أراده بتطبيقِه إياه في الصلاةِ . قال تعالى : ? ?????? ???????? ????? ?????????????? ??????? ???? ???????????????? ?????????? ? فكان ( كما قال أنسٌ أخفَّ الناسِ صلاةً في تمامٍ .
ـ المقْياسُ الأساسِيُّ لمقدارِ الصلاةِ على النحوِ التالي :
الصبح : من ستينَ إلى مائة آيةٍ من طِوالِ المفَصَّلِ في الركعتينِ ، أي بما يعادِل سورتي السجدة… والإنسانِ على الأقَلِّ ، وهما السورتانِ اللتانِ ينبغي أن يقرأ بهما في فجرِ يومِ الجمعة .
الظهر : بنحوِ الفجرِ في الركعتينِ الأُولَيَيْنِ وبنصفِه في الأخريينِ على تقديرِ الفَجْرِ بأقلِّ أحوالِه…فيكونُ في كلٍّ من الأولَيَيْنِ بقدرِ سُورَةِ السَّجدةِ وفي كلٍّ من الأخرَيَيْنِ بنصفِ ذلكَ .
العصر : نصفُ الظهرِ في الركعاتِ الأربعِ .(1/38)
المغرب : بما يقرُبُ من سورةِ الطورِ في الركعتينِ ، أي بنحوِ سورةِ ( عم يتساءلون ) .
العشاء : بنحوِ ( والشمس وضحاها ) وما يقاربُها .
الجمعة : بسورَتي الجمعةِ والمنافقون ، أو سبح والغاشية ، أو الجمعة والغاشية .
العيدين : بـ ( ق ) و ( اقتربت ) أو ( سبح ) و ( الغاشية ) .
الكسوف : بنحوِ ( البقرة ) أو ( العنكبوت ) في القيامِ الأوَّلِ ، وبنحوِه في القيامِ الثاني من…الركعةِ الأولى ، وبنحو ( آل عمران ) أو ( الروم ) في القيامِ الأولِ وبنحوِه في القيامِ …الثاني من الركعةِ الثانيةِ .
الجنازة : بالفاتحةِ وسورةٍ خفيفةٍ للإسراعِ بالجنازَةِ .
ـ مقدارُ الركوعِ والسجودِ والرفعِ منهما بما يناسِبُ القراءةَ حتى يقولَ القائِلُ أن جَميعَ الأركانِ سواءٌ ، ويمكثُ في الرفعِ منهما حتى يقولَ القائلُ قد نَسي .
إلا الركوعَ والسجودَ في الكسوفِ فإنه طويلٌ جداً .
ملاحظة : قَدْ تطولُ الصلاةُ على ذلكَ أو تقصُرُ عنه كما هو مَبَيَّنٌ في الرسالةِ .
تَتِمّاتٌ
هذا الفصلُ أذكُرُه إجمالاً في أمورٍ قد يختَلِفُ عليها الأئمةُ والمأمومون :
بالنسبةِ لكيفيةِ القراءةِ فالسنةُ الثابِتَةُ عنه ( أنه كان يُرَتِّلُ في قراءته ويتغنى بها ويرجِّعُ فيها حتى تكونَ السورةُ كأطولَ منها ، وكان يفسِّرُها حَرفاً حرفاً ، ويقفُ عندَ رأسِ كلِّ آيةٍ ، وإذا مَرَّتْ به آيةُ رحمةٍِ دعا أحياناً ، وإذا مَرَّتْ به آيةُ عذابٍ اسْتَعاذَ كذلك ، ويراعي القارئُ أحكامَ القراءةِ التي جاءَتْ عنه ( مجيءَ التواتِرِ بنقْلِ العُدولِ المتقنين من القراءِ من عهدِه إلى عصرِنا الحالي بالإسنادِ إليه ( .(1/39)
إذا قرأ الإمامُ سورةً ثم قرأ أخرى قبلَها في ترتِيبِ المصحَفِ ، وهو ما يسمّى بالتَّنْكِيسِ عندَ البعضِ ، فإن ذلك لم يصحِّ شيءٌ في منعِه ، بل فَعَلَه النبيُّ ( فقرأ في صلاتِه بـ ( البقرة ) ثم ( النساء ) ثم ( آل عمران ) وما جازَ في النافِلَةِ جازَ في الفريضة إلا إذا دلَّ دليلٌ على التَّخصيصِ . وقرأ أحدُ الصحابةِ في كلِّ صلاةٍ صلاها بالناسِ بـ ? ????? ???? ?????? ?????????? ? ثم يقرأ بعدَّةِ سُوَرٍ بعضُها متقَدِّمٌ على البعضِ الآخرِ ، وهذا كلُّه في الصحيحِ .(1/40)
يقرأ الإمامُ سورةً كاملةً في كلِّ ركعةٍ ، وهو أغلبُ حالِه ( ، وإذا قرأ آياتٍ من أولِ السورةِ أو من آخرِها فإن ذلك وارِدٌ ، فقد قرأ النبي ( سورةً فرَّقَها في ركعتينِ كما سَبَقَ ، يعني أنه قرأ من أوَّلِ السورةِ إلى نصفِها في ركعةٍ ، وما جازَ في ركعةٍ جازَ في كلِّ الصلاةِ . وأيضاً يُقال : هذا في قراءتِه من منتَصَفِ السورةِ إلى آخرِها . وأيضاً فإن النبي ( قرأ بآياتٍ من أولِ سورة ( المؤمنين ) وركعَ ، وقامَ ليلةً بآيةٍ من أواخِرِ ( المائدة ) يردِّدُها ، وهذا أيضاً فيه جوازُ الاقتصارِ على آيةٍ وجوازِ تَرْديدِها ، وقرأ في ركعتي الفجرِ بآية من وسطِ ( البقرة ) في الركعة الأولى وقرأ في الثانيةِ بآيةٍ من ( آل عمران ) ، وهذا يعني جوازَ قراءةِ جزءٍ من سورةٍ في ركعةٍ ثم القراءة من غيرها في الأخرى من غير أن يُكَمِّلَ التي شَرَعَ فيها . ويجوزُ للإمامِ أن يقرأ نفسَ السورةِ أو نفسَ الآياتِ في الركعتينِ ، وسَبَقَ أنه ( فعلَ ذلكَ في سورةِ ( الزلزلة ) ، وله أن يجمَعَ بينَ السُّوَرِ في ركعةٍ واحدةٍ ، فقد جمعَ النبي ( بين ( البقرة ) و( النساء ) و ( آل عمران ) في ركعة ، وكان يجمَعُ بينَ كلِّ سورتَينِ في ركعةٍ في القيامِ ، وأقرَّ الأنصارِيَّ وغيرَه على الجمعِ بينَ ? ????? ???? ?????? ?????????? ? وبين غيرِها في ركعة . وللإماِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِم أن يردِّدَ السورةَ الواحدةَ في ركعةٍ ، فقد ثَبَتَ أن صَحابياً قامَ ليلةً بـ ? ????? ???? ?????? ?????????? ? يردِّدُها ، فأقَرَّه النبي ( . وأيضاً ما دام قد ثَبَتَ عنه ( أنه رَدَّدَ آيةً فلا حَرَجَ في ترديدِ سورةٍ لأنها مجموعةُ آياتٍ .(1/41)
ثبتَ عنه ( أنه قرأ بسُوَرٍ فيها سجدات في الفريضةِ ، وصحَّ عنه أنه سَجَدَ في ? ?????? ???????????? ?????????? ? فيجوزُ للإمامِ أن يسجُدَ ولا حَرَجَ ، ويجوزُ أن يَدَعَ لعَدَمِ الدليلِ على الوجوبِ ، ويجوزُ له إذا قامَ من السجدةِ أن يقرأ ثم يركَعَ ، وله أن يكتَفِيَ بما قرأ فيركَعَ مباشرةً لعدَمِ وجودِ أمرٍ بأيِّهما ، وثبوتُ الفِعْلَيْنِ عن الصحابةِ رضي الله عنهم .
إذا تحرَّكَ الإمامُ لأمرٍ ما فلا حَرَجَ إذا لم يُخِلَّ بالخشوعِ ، فقد حَمَلَ ( أمامةَ بنتَ زينب في صلاته يضعُها ويرفعُها ، وتحرَّكَ في صلاةِ الكسوفِ وفرَّقَ بينَ جاَرِيَتَيْنِ وهو يصلي وأمسكَ بالشيطانِ وهو يصلي واقترَبَ من سترته وهو يصلي .
وفي كلِّ ما ذكرتُ صحَّ عن الصحابةِ الكثيرُ من الآثارِ ، ومَن شاءَ فليراجِعْ في ذلكَ َمصنَّفَيْ ابنِ أبي شيبةَ وعبدِ الرزاقِ وسننَ البيهقِيِّ والدارمي وغيرها .
وصيةٌ ورجاءٌ
وأخْتَتِمُ رسالتي هذه بكلمةِ أحِبُّ أن أوصي بها نفسي وإخواني ، فأقول : إن الالتزامَ بالسنةِ دليلٌ على محبته ( ، ولكيْ نُحْيي سنتَه لا بدَّ من تضافُرِ الجهودِ ، فينبغي على من تَقَدَّمَ لإمامةِ المسلمينَ وخصوصاً أئمةَ المساجِدِ الكبيرةِ والمنظورِ إليها أن يلتزِمَ بما وَرَدَ عنه ( في صلاتِه حتى يشارِكَ في إقامةِ الصلاةِ كما يحبُّ الله جل وعلا ولا يخذل عن إخوانه الذين يترَسَّمونَ خُطى النبي ( ، لأن العوامَ يحتَجّون بفعلِ المفرِّطينَ في الاقتداءِ به ( على الملتزمينَ بذلك .
ثم رجاءٌ حارٌ من العوامِ ألا يتسارَعوا في الإنكارِ على الأئمةِ لا سيما إذا علِموا أن الإمامَ من طلابِ العلم الشرعي ، ولا يَغُرَّنَّ أحدَهم وجاهتُه أو كبرُ سِنِّه أو احترامُ الناسِ له ، فإذا استَشْكَلَ شيئاً فعليه أن يسألَ الإمامَ مُستَفْهماً لا مُنكراً ومُصَححاً حتى يَتَبَيَّنَ الحقُّ ويكونَ ذلك بالحسنى وتحتَ ظلِّ الحبِّ والأخوةِ في الله .(1/42)
وأقولُ قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ ، وفيما ذكرت كفايةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
المراجع
المخطوطات
إتحاف المهرة الخيرة بزوائد المسانيد العشرة ـ البوصيري ( ميكروفيلم بمكتبة الجامعة الإسلامية ) .
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ـ ابن حجر العسقلاني ( نسخة مصورة لدي ) .
موسوعة فضائل سور وآيات القرآن ـ محمد بن رزق بن الطرهوني ـ المجلد الأول جاخز للطبع .
المطبوعات
اختلاف مالك والشافعي ـ ملحق بالأم ـ الشافعي محمد بن إدريس ـ كتاب الشعب ـ 7 مجلدات .
تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ إسماعيل بن عمر ـ مكتبة التراث الإسلامي ـ 4 مجلدات .
الجامع الصحيح مع الفتح ـ البخاري ، ابن حجر ـ مكتبة الرياض الحديثة ـ 13 مجلداً .
الجامع الصحيح مع الشرح ـ مسلم بن الحجاج ، النووي ـ المطبعة المصرية ـ 6 مجلدات .
سنن ابن ماجه ـ محمد بن يزيد القزويني ـ عيسى بابي الحلبي ـ مجلدان .
سنن أبي داود ـ سليمان بن الأشعث ـ دار الكتب العلمية ـ مجلد .
سنن الدارقطني ـ علي بن عمر ـ دار المحاسن ـ مجلدان .
السنن الكبرى ـ البيهقي أحمد بن الحسين ـ دار الفكر ـ 4 مجلدات .
صحيح ابن خزيمة ـ محمد بن إسحاق ـ المكتب الإسلامي ـ 4 مجلدات ناقص .
الصلاة وحكم تاركها ـ ابن قيم الجوزية ـ دار الكتب العلمية ـ مجلد .
المجتبى من السنن الكبرى ـ النسائي أحمد بن شعيب ـ دار الفكر ـ 4 مجلدات .
مجمع الزوائد ـ الهيثمي علي بن أبي بكر ـ دار الكتاب العربي ـ 5 مجلدات .
المراسيل ـ الرازي ابن أبي حاتم ـ دار الكتب العلمية ـ مجلد .
المستدرك ـ الحاكم محمد بن عبد الله ـ دار الكتاب العربي ـ 4 مجلدات .
المسند ـ أحمد بن حنبل ـ دار الفكر ـ 6 مجلدات .
المصنف ـ عبد الرزاق بن همام ـ المكتب الإسلامي ـ 11 مجلداً.
المصنف ـ ابن أبي شيبة ـ الدار السلفية ـ 15 مجدلاً .(1/43)
المعجم الكبير ـ الطبراني سليمان بن أحمد ـ وزارة الأوقاف العراقية ـ 25 مجلداً
المعجم الصغير ـ الطبراني سليمان بن أحمد ـ دار الكتب العلمية ـ مجلد .
الموطأ ـ مالك بن أنس ـ مصطفى بابي الحلبي ـ مجلد .
(1) البخاري 2 / 173 .
(2) البخاري 2 / 187 والزيادة لأحمد بنفس السند .
(3) مسلم 4 / 181 .
(4) البخاري 2 / 192 .
(5) البخاري 2 / 192.
(6) البخاري 2 / 197 ، ومسلم 4 / 184 واللفظ له .
(7) البخاري 2 / 199 ، ومسلم 4 / 185 واللفظ له .
(8) مسلم 4 / 185 .
(9) قال في الفتح 2 / 199 : أخرجه أبو داود والنسائي وإسناده حسن .
(10) المصنف لابن أبي شيبة 2 / 55 وإسناده حسن .
(11) المرجع السابق .
(12) مسلم 4 / 186 .
(13) البزار ( انظر كشف الأستار 1 / 237 ) قال في المجمع 2 / 73 : رجاله رجال الصحيح .
(14) المصنف لابن أبي شيبة 2 / 54 ، 55 .
(15) مسلم 5 / 186 ، 187 .
(16) مسلم 4 / 186 ، 187 .
(17) هود : الآية 88 .
(18) التوبة : الآية 128 .
(19) المصنف لابن أبي شيبة 2 / 56 وإسناده صحيح .
(20) البخاري 2 / 237 ، ومسلم 3 / 173 واللفظ له .
(21) البخاري 2 / 287 ، ومسلم 4 / 189 واللفظ له .
(22) النسائي 3 / 243 وسنده صحيح .
(23) تقدم ص ( 7 ) .
(24) أحمد ( انظر الفتح الرباني 3 / 216 ) وسنده صحيح .
(25) النسائي 2 / 224 وسنده حسن .
(26) البخاري 2 / 269 .
(27) البخاري 2 / 305 .
(28) انظر تفسير ابن كثير 4 / 220 .
(29) انظر الفتح الرباني 3 / 211 .
(30) البخاري 2 / 251 ، ومسلم 4 / 179 واللفظ له .
(31) مسلم 4 / 179 .
(32) أحمد ( انظر الفتح الرباني 3 / 333 ) وسنده حسن .
(33) مسلم 4 / 179 .
(34) عبد الرزاق 2 / 118 وسنده لا بأس به .
(35) مسلم 4 / 177 .
(36) البخاري 3 / 486 .
(37) البخاري 3 / 480 .(1/44)
(38) رواه احمد 3 / 471 ، 472 و 4 / 363 ، والنسائي 2 / 156 ، والبزار ( كشف الأستار 1 / 234 ) والطبراني 1 / 278 من طريق عبد الملك بن عمير ، ورواه عنه شعبة وسفيان وغيرهما ، وصرح بالسماع عند أحمد فهو حسن .
(39) انظر ص ( 11 ) ، والفتح الرباني 3 / 216 . وإسناده صحيح كما سبق .
(40) البخاري 2 / 243 .
(41) أحمد في المسند 4 / 34 وسنده صحيح .
(42) انظر الفتح 2 / 252 .
(43) النسائي 2 / 95 وسنده صحيح .
(44) أبو يعلى في مسنده ( انظر إتحاف المهرة 65 / أ / 4 ) وسنده صحيح ولا أرى ذلك إلا في صلاة الصبح ، والله أعلم . وربما كان في النافلة .
(45) ابن أبي شيبة في مصنفه 1 / 353 بإسناد صحيح .
(46) الفتح 2 / 256 .
(47) مسلم 4 / 189 .
(48) ابن أبي شيبة بسند صحيح 1 / 355 . والمثاني : السور التي بين المئين وهي ما زاد عن مائة آية بعد السبع الطوال وبين المفصل ( انظر اللسان 1 / 511 ) .
(49) الفريابي في الصلاة وأبو نعيم في مستخرجه ( انظر الفتح 2 / 257 ) .
(50) ابن أبي شيبة 1 / 353 وسنده صحيح .
(51) المرجع السابق وسنده صحيح .
(52) مسدد في مسنده ( انظر المطالب العالية 31/أ/1 ) وإسناده صحيح .
(53) البخاري 7 / 59 .
(54) ابن أبي شيبة 1 / 354 وإسناده صحيح .
(55) المرجع السابق 1 / 354 وإسناده صحيح .
(56) المرجع السابق باختصار 1 / 321 وإسناده صحيح .
(57) عبد الرزاق 2 / 112 وابن أبي شيبة 1 / 355 وإسناده حسن .
(58) ابن أبي شيبة 1 / 354 بإسناد صحيح .
(59) البخاري 8 / 65 .
(60) ابن أبي شيبة 1 / 354 بإسناد صحيح .
(61) البزار ( انظر كشف الأستار 1 / 234 ) قال في ( المجمع 2 / 119 ) : رجاله رجال الصحيح .
(62) السنن الكبرى للبيهقي 2 / 390 .
(63) ابن أبي شيبة 1 / 354 ، 355 .
(64) انظر الفتح 2 / 55 .
(65) أبو داود 1 / 230 ، وسنده حسن . وانظر موسوعتي في فضائل وسور وآيات القرآن عند المعذتين .(1/45)
(66) أبو يعلى في مسنده ( المطالب العالية 31 / أ / 1 ) وهو شاهد لما قبه .
(67) مسلم 4 / 178 .
(68) أبو داود 1 / 130 وإسناده صحيح . وله شاهد عن سعيد بن المسيب مرسلاً أخرجه سعيد بن منصور ( انظر الدرر6 / 279 ) .
(69) عبد الرزاق في مصنفه 2 / 118 ، 119 بأسانيد حسنة . وابن أبي سيبة 1/322 و 2/151 وإسناده صحيح .
(70) عبد الرزاق 2 /119 ، 120 وأسانيدها حسنة .
(71) عبد الرزاق 2 / 119 ، 120 وأسانيدها حسنة .
(72) عبد الرزاق 2 / 119 ، 120 وأسانيدها حسنة .
(73) ابن أبي شيبة 2 / 56 وسنده حسن ، وأصله في البخاري 7 / 59 .
(74) البخاري 2 / 377 ، 553 باختصار عن ذلك .
(75) مسلم 6 / 167 ، 168 .
(76) ابن ماجه 1 / 270 ، والطبراني 2 / 44 ، 81 وهو حديث صحيح . وانظر موسوعتي في فضائل سور وآيات القرآن عند سورة السجدة .
(77) ابن أبي شيبة 2 / 141 وفي الأول جابر الجعفي وهو ضعيف والثاني شاهد له .
(78)ابن أبي شيبة 2 / 141 وفي الأول جابر الجعفي وهو ضعيف والثاني شاهد له .
(79) ابن أبي شيبة 2 / 141 وإسناده لا بأس به .
(80) مسلم 4 / 172 ، وفي الرواية الثانية قال : كنا نحزر قيام رسول الله ( في الظهر والعصر فحزرنا قيامه ... الحديث . فهي شاهد قوي لما يأتي .
(81) أحمد في المسند 5 / 365 من طريقين عن زيد العمي به . وزيد ضعيف من قبل حفظه ولكن ما سبق يشهد لصحة هذه الرواية .
(82) النسائي 2 / 163 ، وابن ماجه 1 / 271 . وسنده حسن .
(83) مسلم 4 / 172 .
(84) البخاري 2 / 243 .
(85) مسلم 4 / 173-176 .
(86) البخاري 2 / 237 .
(87) النسائي 2 / 167 ، 224 وإسنادهما حسن .
(88) ابن أبي شيبة 1 / 356 وإسناده صحيح إلا أن أبا المتوكل لم يسمع من عمر ( انظر المراسيل للرازي ص 117 ) ولكن يشهد له ما يأتي .
(89) ابن أبي شيبة 1 / 356 وفيه ابن جدعان ضعيف ، وهو شاهد لما تقدم .
(90) ابن أبي شيبة 2 / 403 .(1/46)
(91) ابن أبي شيبة 2 / 404 وفيه عمر بن أبي ليلى وثقه ابن حبان وروى عنه ابن أبي فديك وابو عوانه والحكم المكي والواقدي
(92) ابن أبي شيبة 2 / 23 وسنده حسن .
(93) المرجع السابق 1 / 356 وسنده صحيح .
(94) المرجع السابق وإسناده صحيح .
(95) المرجع السابق وإسناده صحيح .
(96) مسلم 4 / 179 ، وأحمد 5 / 86 ، 88 .
(97) ابن أبي شيبة 1 / 356 بسند حسن . وأخرجه أحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي في سننه .
(98) النسائي 2 / 163 والبزار ( كشف الأستار 1 / 236 ) وسنده حسن .
(99) مسلم 4 / 109 ، 110 .
(100) ابن خزيمة 1 / 257 بسند صحيح .
(101) ابن خزيمة 1 / 257 بسند صحيح .
(102) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(103) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(104) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(105) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(106) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(107) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(108) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(109) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(110) مر تخريجه في صلاة الظهر .
(111) ابن أبي شيبة 1 / 357 بإسنادين صحيحين .
(112) مسلم من حديث بريدة وأبي موسى 5 / 114 ، 115 .
(113) البخاري 2 / 247 ، ومسلم 4 / 180 واللفظ له .
(114) الطبراني في الصغير 1 / 45 وإسناده صحيح . وقال في المجمع ( 2 / 118 ) : رجاله رجال الصحيح .
(115) البخاري 2 / 246 ، ومسلم 4 / 180 واللفظ له .
(116) الطبراني في الكبير 5 / 137 .
(117) نفس المرجع السابق 4 / 155 . وقال في المجمع 2 / 118 : رجالهما رجال الصحيح . وأظنهما معلولين ولا مجال لبيان ذلك .
(118) البخاري 2 / 246 . والزيادة من أبي داود وغيره بسند صحيح . وانظر الفتح .
(119) النسائي بسند صحيح 2 / 170 .
(120) أحمد ( انظر الفتح الرباني 3 / 226 ) وسنده صحيح .
(121) مالك في الموطأ 1 / 76 وسنده صحيح .
(122) ابن أبي شيبة 1 / 358 وسنده حسن .(1/47)
(123) ابن أبي شيبة 1 / 358 بإسناد صحيح .
(124) المرجع السابق بإسنادين صحيحين .
(125) عبد الرزاق 2 / 108 بإسناد حسن .
(126) الفتح 2 / 247 .
(127) نفس المرجع 2 / 248 .
(128) فتح الباري 2 / 249 .
(129) ابن أبي شيبة 1 / 358 .
(130) النسائي 2 / 168 .
(131) اختلاف مالك والشافعي ، ملحق بالأم 7 / 191 ، 192 .
(132) انظر الفتح 2 / 248 .
(133) أحمد ( انظر الفتح الرباني 3 / 230 ) وإسناده صحيح .
(134) البخاري ( 2/250 ) وانظر الفتح .
(135) البخاري 2 / 200 ، ومسلم 4 / 181 واللفظ له .
(136) انظر ابن كثير 8 / 362 وإسناده صحيح .
(137) انظر الدر المنثور 6 / 331 .
(138) البخاري 2 / 236 .
(139) البخاري 2 / 250 ، ومسلم 4 / 181 واللفظ له .
(140) ابن أبي شيبة 2 / 7 و 23 وإسناده حسن .
(141) ابن أبي شيبة 1 / 359 بسند صحيح .
(142) ابن أبي شيبة 1 / 359 بسند صحيح .
(143) المرجع السابق بسند صحيح
(144) ابن أبي شيبة 1 / 360 وسنده صحيح .
(145) مسلم 6 / 166 ، 167 .
(146) المرجع السابق .
(147) المرجع السابق .
(148) المرجع السابق .
(149) ابن أبي شيبة 2 / 142 بسند صحيح .
(150) ابن أبي شيبة 2 / 142 بسند صحيح .
(151) مسلم 6 / 181 .
(152) مسلم 6 / 167 .
(153) البخاري 3 / 203 .
(154) النسائي 4 / 75 بسند صحيح .
(155) المستدرك للحاكم 1 / 358 بسند صحيح . قال الحاكم : على شرط مسلم وسكت الذهبي .
(156) البخاري 2 / 540 .
(157) أخرجه الدارقطني باللفظ الثاني 2 / 64 ، والبيهقي 3 / 336 باللفظ الأول وسنده لا بأس به .
(158) مسلم 4 / 189 والرواية عند البخاري 2 / 276 .
(159) مسلم 4 / 189 .
(160) البخاري 2 / 301 ، ومسلم 4 / 189 .
(161) النسائي بسند حسن 2 / 225 .
(162) مسلم 6 / 214 .
??
??
??
??(1/48)