بسم الله الرحمن الرحيم
شبكة المعالي الإسلامية
الإعلام المقروء
يقدم :
مكتبة الخطيب والداعية من الشعر
... ...
http://www.saaid.net/
المقدمة
بحمد الله نستفتح أقوالنا وأعمالنا، وبذكره نستنجح طلباتنا وآمالنا، إياه نستخير وبعدله نستجير، وبحبله نعتصم، ولأمره نستسلم وإليه نجأر، وفضله نشكر، وعفوه نرجو، وسطوه نرهب، وعقابه نخشى، وثوابه نأمل، وإياه نستعين، عليه نتوكل.
احمده وهو المحمود على كل ما قدره وقضاه واستعينه استعانة من يعلم انه لا رب له غيره ولا إله له سواه واستهديه سبل الذين انعم عليهم ممن اختاره لقبول الحق وارتضاه واشكره والشكر كفيل بالمزيد من عطاياه واستغفره من الذنوب التي تحول بين القلب وهداه
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة اشهد بها مع الشاهدين واتحملها عن الجاحدين وأدخرها عند الله عدة ليوم الدين واشهد ان الحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور
واشهد ان محمدا عبده المصطفى ونبيه المرتضى ورسوله الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ارسله رحمة للعالمين وحجة للسالكين وحجة على العباد اجمعين
وبعد
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا)
وكان العرب يسمّون الشعر الجميل السَحر الحلال.
وذكر بعضُ الرُواة أنه لما اسْتُخْلِفَ عمرُ بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، قَدِمَ عليه وُفُودُ أهلِ كلِّ بلد؛ فتقدَّم إليه وَفْدُ أهلِ الحجاز، فأشْرَأب منهم غلامٌ للكلام، فقال عمر: يا غلام، ليتكلمْ مَنْ هو أَسَن منك! فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، إنّما المرءُ بأَصغريه، قلبهِ ولسانِهِ، فإذا مَنَح اللَّهُ عبدَه لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد أجاد له الاختيار؛ ولو أن الأمور بالسن لكان هاهنا مَنْ هو أحق بمجلسك منك.(1/1)
فقال عمر: صدقت، تكلّم؛ فهذا السحْرُ الحلال! فقال: يا أمير المؤمنين، نحن وفد التهنئة لا وَفْدُ الْمَرْزِئة، ولم تُقْدِمْنا إليك رغبةٌ ولا رهبة؛ لأنا قد أمِنا في أيامك ما خِفْنا، وأدركْنا ما طلبنا! فسأل عمر عَنْ سِنّ الغلام، فقيل: عشر سنين.
وقال علي بن العباس، يَصِفُ حديثَ امرأةٍ الكامل كما ذكر صاحب كتابزهر الاداب وثمار الالباب:
وحديثها السحْرُ الحلالُ لَوَ أنه ... ... لم يَجْنِ قتلَ المسلم المتحرَزِ
إن طال لم يُملَلْ، وإنْ هي أَوْجزَتْ ... ... ودَّ المحدَثُ أنَّها لم تُوجِز
شَرَك العقولِ، ونزهةٌ ما مِثْلُها ... ... للمطمئنِّ، وعقلَةُ المستوفِز
وإن من أولى الناس بهذه الحكمة وهذا السحر الحلال الخطيب والداعية ، فهو يحتاج من الشعر ما يناسب موضوعه ويتفق مع عناصره ، كما يحتاج الى الشعر الذي يكتمل به المعنى ببيت أو بيتين أو ثلاثة .
يحتاج الى الشعر الذي يجري مجرى الأمثال كقول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من الاخبار مالم تزود
وقول عبد الله بن معاوية :
كلانا غني عن اخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وقول القائل :
إذا تضايق أمر فانتظر فرجاً فأضيق الأمر أدناه من الفرج
وأما مقدار ما يأخذ الخطيب من الشعر فهو قدر ما يأخذ الطعام من الملح أو الشاي من السكر ، حتى لا يكون الخطيب شاعراً وتكون الخطبة كلها إثارة .
ولقد اهتمت الدعوة الإسلامية منذ أيامها الأولى بالشعر والشعراء و أحلّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الشعراء مكانا بارزا في الإعلام الإسلامي فأدّى الشعراء الرسالة التي أنيطت بهم وتصدوا لشعراء المعسكرات المناوئة للدعوة آنذاك من المشركين واليهود والمنافقين فأبطلوا باطلهم وردوا افتراءهم.(1/2)
وقد واكب الشعر الإسلامي أيضاً مراحل الفتوحات والحرب والجهاد منذ بدايتها وعاش معها في كل مراحلها وتطوراتها المختلفة وحمل الشعراء على عواتقهم عبء الدعوة ومقاومة المحتلين وتوحيد الجهود الإسلامية المشتتة .
ومن أجل هذا كله أحببت أن أجمع لأخواني المسلمين وخاصة الخطباء والدعاة بعض ما يلزمهم من الشعر والبيان في دعوتهم الى الله ، جمعته من هنا وهناك ،بعض ما قيل حديثاً أو قديماً ، وقد جعلته أبواباً نيَّفت على المائة والله أسأل أن ينفع به ،وأن يجعله ذخراً ليوم الدين والله وحده الموفق والمعين ، وهو حسبنا ونعم الوكيل..
وأتمنى أن لا تنسوا كاتب هذه السطور من دعوة بظهر الغيب
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الايمان /اليمن /عمران
ت/ 00967711423239
المحتويات
1) ... مع الله جل جلاله
2) ... مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
3) ... الانفاق والكرم
4) ... البخل والبخلاء
5) ... الشكر
6) ... الضيف والضيافة
7) ... المراقبة
8) ... حب الصحابة وآل البيت
9) ... الدعوة الى الله والتضحية
10) ... أحوال أهل الجاهلية
11) ... الشورى
12) ... الموت
13) ... الفراق والوداع
14) ... القبر
15) ... ترك الذنوب
16) ... الاخلاص والعمل بالقول
17) ... ذم من يضرب النساء
18) ... فضل الطاعة
19) ... علو الهمة
20) ... قيام الليل
21) ... الصلاة
22) ... أكل الحرام
23) ... البكاء من خشية الله
24) ... التواضع ... 25) ... الخوف من الله
26) ... العقل والحكمة
27) ... ذكر الله
28) ... الصالحين
29) ... القرآن
30) ... الجنة
31) ... القناعة
32) ... النصر
33) ... الثبات على الحق
34) ... الرزق والتوكل
35) ... صلة الرحم
36) ... ذم الحرص
37) ... الجهاد
38) ... الدعاء والذل لله
39) ... ذم سؤال المخلوق
40) ... التغيير
41) ... ارضاء الناس
42) ... العافية
43) ... غض البصر
44) ... الصداقة والصحبة
45) ... ذم الشبع
46) ... التأمل والتفكر
47) ... طلب العلم
48) ... التوحيد
49) ... النفاق
50) ... الحب والاخوة
51) ... الهدية
52) ... حفظ اللسان
53) ... حفظ السمع
54) ... حب النبي عليه الصلاة والسلام
55) ... الصدق والكذب(1/3)
56) ... ذا الوجهين
57) ... النميمة
58) ... الغيبة
59) ... الحياء
60) ... الدنيا والزهد فيها
61) ... نحن المسلمين
62) ... الحج
63) ... مآسي
64) ... العودة الى دين الله
65) ... الشباب ودوره
66) ... الصبر وانتظار الفرج
67) ... دلائل حب العبد لله
68) ... البنات والنساء
69) ... التربية الاسلامية
70) ... العرض والمال
71) ... طاعة الوالدين
72) ... حسن الخلق
73) ... الادب
74) ... الحلم والصفح
75) ... النصر قادم
76) ... السفر ... 77) ... التوبة والاستغفار
78) ... اتباع الهوى
79) ... النفوس
80) ... الرجاء
81) ... الحسد
82) ... الزنا
83) ... الوقت والفراغ
84) ... رمضان وفراقه
85) ... اليوم الاخر
86) ... الخطبة والزواج
87) ... المسارعة الى الخيرات
88) ... التقوى
89) ... الايمان
90) ... المحاسبة
91) ... الظلم
92) ... فاطمة رضي الله عنها
93) ... الكبر
94) ... المشورة
95) ... كتمان السر
96) ... الشجاعة
97) ... الوفاء
98) ... الرضا
99) ... الجار والجيران
100) ... عمر بن الخطاب
101) ... عائشة ام المؤمنين
102) ... الوحدة
103) ... العيد
104) ... ابيات سارت امثالاً
1)مع الله :-
قال الشاعر:-
يا ربي حمداً ليس غيرك يحمد يا من له كل الخلائق تصمدُ
أبواب كل ملّكٍ قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصدُ
******************
وقال آخر:-
ومما زادنى فخراً وتيها ... ... وكدت بأخمصى أطأ الثُّريَّا
دخولى تحت قولك ياعبادى ... ... وأَنْ أرسلت أحمدَ لى نبيا
****************
وقال آخر:--
فلا العرش يحمله ولا الكرسى يسنده ... ... بل العرش وحملته والكرسى وعظمته
الكل محمول بلطف قدرته ... ... مقهور بجلال قبضته
******************
وقال آخر:-
مع الله في سبحات الفكر مع الله في لمحات البصر
مع الله في مطمئن الكرى مع الله عند امتداد السهر
مع الله والقلب في نشوة مع الله والنفس تشكو الضجر
مع الله في امسنا المنقضي مع الله في غدنا المنتظر
مع الله في عنفوان الصبا مع الله في الضعف عند الكبر
مع الله في الجد من امرنا مع الله في جلسات السمر
مع الله في حب اهل التقى مع الله في في كره من قد فجر ******************
وقال آخر:-(1/4)
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنما وجوارا
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
******************
وقال آخر:-
الحمد لله حمداً طاب وانتشرا ... على ترادف جود في الوجود سرى
الحمد لله حمداً سرمداً أبدا ما أضحك الغيث وجه الأرض حين جرى
حمدا كثيرا به أرقى لحضرته ... على منابر أنس أبلغ الوطرا
ثم الصلاة على ختم النبوة من ... إذا تقدم كان الأولون ورا
مع السلام الذي يهدى لحضرته ... يعم آلاً وصحباً سادة غررا
ونسأل الله توفيقاً لطاعته ... ورحمة لم نجد من بعدها كدرا
******************
وقال آخر:-
سهر الهيون لغير وجهك ضائع ورضي النفوس بغير حبك باطل
******************
وقال آخر:-
لو لم ترد نيل ما أرجو واطلبه من جود كفك ما علمتني الطلبا
******************
وقال آخر:-
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة وما سقطنا لإن الحافظ الله
******************
وقال آخر:-
أحسن الظن بمن قد عودك ... ... حسناً أمس وسوى أودك
إن رباً كان يكفيك الذي ... ... كان بالأمس سيكفيك غدك
******************
وقال أبو العتاهية أيضاً:
فيا عجباً كيف يعصى الإله ... ... أم كيف يجحده الجاحد
والله في كل تحريكةٍ ... ... وفي كل تسكينةٍ شاهد
وفي كل شيءٍ له آية ... ... تدل على أنه الواحد
******************
وقال الشافعي:
وبحسبي إن صح لي فيك حسب ... أنت حسبي وفيك للقلب حسب
من الدهر ما تعرض لي خطب ... لا أبالي متى ودادك لي صح
******************
وقال ابو نواس
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك
******************
وقال ابن أبي الدنيا: أنشدني الحسين بن عبد الرحمن:
لوكنت أعرف فوق الشُّكر منزلةً ... ... أعلى من الشكر عند الله في الثَّمن(1/5)
إذا منحتكها منِّي مهنَّدةً ... ... شكراً على صنع ما أوليت من حسن
******************
وقال أبي محمد الأندلسي القحطاني
إليك وإلا لا تشد الركائب ومنك وإلا فالمؤل خائبُ
وفيك وإلا فالغرام مضيّع وعنك وإلا فالمحدث كاذبُ
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
أيا رب ذا العرش أنت رحيم وأنت بما تخفي الصدور عليم
فيا رب هل لي منك حلما فإنني أرى الحلم لم يندم عليه حليم
ويارب هب لي منك عزما على التقي أقيم به في الناس حيث أقيم
ألا إن تقوى الله أكرم نسبة ... يسامى بها عند الفخار كريم
إذا أنت نافست الرجال على التقى خرجت من الدنيا وأنت سليم
أراك امرأ ترجو الناس عفوه وأنت على مالا يحب مقيم
وإنّ امرأ لا يرتجي الناس عفوه ... ولم يأمنوا منه الأذى للئيم
فحتى متى تعصي الاله؟ الى متى؟ ... تبارز ربي إنه لرحيم!
ولو قد توسّدت الثرى وافترشته صرعت ولا يلوي عليك حميم
******************
وقال آخر:-
معشر الناس ما جننت ولكن أ نا سكرانة وقلبي صاحي
لم غللتم يدي ولم آت ذنبا . غير هتكي في حبه وافتضاحي
أنا مفتونة بحب حبيب لست أبغي عن بابه من براح
ما على من أحب مولى الموالى وارتضاه لنفسه من جناح
******************
وقال آخر:-
يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول كن ... أمنن فإن الخير عندك أجمع
مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقري أدفع
مالي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رددت فأي باب أقرع
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لجودك أن تقنط عاصيا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع
ثم الصلاة على النبي وآله ... خير الأنام ومن به يتشفع
******************
وقال آخر
يا خالق الخلق يارب العباد ومن .. قد قال في محكم التنزيل أدعوني
إني دعوتك مضطرا فخذ بيدي ... يا جاعل الأمر بين الكاف والنون(1/6)
نجيت أيوب من بلواه حين دعا ... بصير أيوب يا ذا اللطف نجيني واطلق سراحي وامنن بالخلاص كما نجيت من ظلمات البحر ذا النون
******************
وقال بعضهم
يارب ما زال لطف منك يشملني ... وقد تجدد بي ما أنت تعلمه
فاصرفه عني كما عودتني كرما ... فمن سواك لهذا العبد يرحمه
******************
وقال آخر:-
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
وليست الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
******************
وقال آخر:-
يا منزل الآيات والفرقان بيني وبينك حرمة القرآن
إشرح به صدري لمعرفة الهدى واعصم به قلبي من الشيطان
يسر به أمري وأقض مآربي وأجر به جسدي من النيران
واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني
واكشف به ضري وحقق توبتي واربح به بيعي بلا خسراني
طهر به قلبي وصف سريرتي أجمل به ذكري واعل مكاني
واقطع به طمعي وشرف همتي كثر به ورعي واحي جناني
أسهر به ليلي وأظم جوارحي أسبل بفيض دموعها أجفاني
أمزجه يا رب بلحمي مع دمي واغسل به قلبي من الأضغاني
أنت الذي صورتني وخلقتني وهديتني لشرائع الإيمان
أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن
أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان
وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني بالفضل والإحسان
أنت الذي آويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان
وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان
ونشرت لي في العالمين محاسنا وسترت عن أبصارهم عصياني
وجعلت ذكري في البرية شائعا حتى جعلت جميعهم إخواني
والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان
لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني
فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني
******************
وقال آخر:-
سبحان من لو سجدنا بالجباه له على لظى الجمر والمحمى من الأبرِ(1/7)
لم نبلغ العشر من مقدار نعمته ولا العشير ولو عشر من العشرِ ******************
وقال آخر:-
يا رب أول شيء قاله خلدي أني ذكرتك في سري وإعلاني
فوالذي قد هدى قلبي لطاعته لأُذهبن بوحي منك أحزاني
******************
وقال آخر:-
مهما كتبنا في علاك قصائداً بالدمع خطت أو دم الأجفان
فلأنت أعظم من مديحي كله وأجل مما دار في الحسبان
******************
وقال آخر:-
وكل اجتهاد في سواك مضيّع ... وكلّ كلام لا بذكرك آفات
وكل اشتغال لا بحبك باطل ... وكل سماع لا لقولك زلات
وكل وقوف لا لبابك خيبة ... وكل عكوف لا إليك جنايات
وكل اهتمام دون وصلك ضائع ... وكل اتجاه لا إليك ضلالات
وكل رجاء دون فضلك آيس ... وكل حديث عن سواك خطيئات
******************
وقال آخر:-
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرًا ثقالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تَحمل عذبًا زلالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الريح تصرف حالاً فحالاً
******************
وقال آخر:-
إلهي وجاهي إليك اتجاهي ... وطيدًا مديدًا لترضى فأرضى
فأنت قوامي وأنت انسجامي ... مع الكون والأمر لولاك فوضى
******************
وقال آخر:-
مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل فلن يخيب لنا في ربنا أمل
الله في كل خطب حسبنا وكفى ... إليه نرفع شكوانا ونبتهل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنا ومن عليه سوى الرحمن نتكل
فافزع إلى الله واقرع باب رحمته فهو الرجاء لمن أعيت به السبل
******************
وقال آخر:-
إذا كنت تغدو في الذنوب بعيدا وتخاف في يوم المعاد وعيدا
فلقد أتاك من المهيمن عفوه وافاض من نعمه عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا في بطن أمك مضغة ووليدا
ولو شاء أن تصلى جهنم خالدا ماكان الهم قلبك التوحيدا
******************
وقال آخر
يا من تحل بذكره ... عقد النوائب والشدائد
يا من إليه المشتكى ... وإليه أمر الخلق عائد
يا حي يا قيوم يا ... صمد تنزه عن مضادد
أنت الرقيب على العباد ... وأنت في الملكوت واحد(1/8)
أنت المعز لمن أطاعك ... والمذل لكل جاحد
إني دعوتك والهموم ... جيوشها نحوي تطارد
فافرج بحولك كربتي ... يا من له حسن العوائد
فخفي لطفك يستعان ... به على الزمن المعاند
أنت الميسر والمسبب ... والمسهل والمساعد
يسر لنا فرجا قريبا ... يا إلهي لا تباعد
كن راحمي فلقد يئست ... من الأقارب والأباعد
ثم الصلاة على النبي ... وآله الغر الأماجد
وعلى الصحابة كلهم ... ما خر للرحمن ساجد
******************
وقال آخر:-
على شفرات السيف مزقت مهجتي لترضى وإن ترضى عليّ كفاني
فلو كتبتْ منّا الدماء رسالةً لخطَّت بحب الله كل جناني
******************
وقال غيره
( كل ما ترتقي إليه بوهم ... من جلال وقدرة وسناء )
( فالذي أبدع البرية أعلى ... منه سبحان مبدع الأشياء
******************
أنا حامد أنا شاكر أنا ذاكر ... أنا جائع أنا ضائع أنا عارى )
( هي ستة وأنا الضمين لنصفها ... فكن الضمين لنصفها يا بارى
( مدحي لغيرك لهب نار خضتها ... فأجر عبيدك من لهيب النار )
******************
وقال آخر:
ما زلت أُعرف بالإساءة دائماً ويكون منك العفووالغفران
لم تنتقصني إن أسأت وزدتني حتى كأن إساءتي إحسان
منك التفضل والتكرم والرضا أنت الاله المنعم المنّان
******************
وقال الزمخشري في تفسير سورة البقرة في ذلك
( يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل )
( ويرى مناط عروقها في نحرها ... والمخ من تلك العظام النحل )
( ويرى خرير الدم في أوداجها ... متنقلا من مفصل في مفصل )
( ويرى وصول إذا الجنين ببطنها ... في ظلمة الأحشا بغير تمقل )
( ويرى مكان الوطء من أقدامها ... في سيرها وحثيثها المستعجل)
( ويرى ويسمع حس ما هو دونها ... في قاع بحر مظلم متهول )
( امنن علي بتوبة تمحو بها ... ما كان مني في الزمان الأول
******************
وقال آخر:-
يا من ألوذ به فيما أؤمله *** وأستعيذ به مما أحاذره(1/9)
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره *** ولا يهيضون عظما أنت جابره
******************
وقال آخر:-
سبحان من يعفو ونهفو دائمًا *** ولا يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطي ولا يمنعه *** جلاله عن العطا لذي الخَطَا
*****************
وقال آخر:-
وهو العلي فكل أنواع العلو له ثابتة بلا نكران
وهو العظيم بكل معنىً يوجب التعظيم لا يحصيه من إنسان
وهو الجليل فكل أوصاف الجلال له محققةٌ بلا بطلان
******************
وقال آخر:-
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله
2)مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
يقول الشاعر:
لو أن أنفاس العباد قصائد حفلت بمدحك في جلال علاكا
ما أدركت ما تستحق وقصّرت عن مجدك الأسما وحسن سناكا
******************
وقال آخر:-
صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها وازينت بحديثك الأقلامُ
******************
ومن أحسن ما مدحه به حسان رضي الله عنه قوله
( وأحسن منك لم تر قط عيني ... وأجمل منك لم تلد النساء )
( خلقت مبرأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء )
ومن احسن ما مدحه به عبدالله بن رواحة الانصاري رضي الله عنه قوله
( لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر )
******************
وقال آخر:-
أنت الذي من نورك البدر اكتسى ... والشمس مشرقة بنور بهاكا )
( أنت الذي لما رفعت إلى السما ... بك قد سمت وتزينت لسراكا )
( أنت الذي ناداك ربك مرحبا ... ولقد دعاك لقربه وحباكا )
******************
قالت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة ابيها المصطفى:
اغبرَّ آفاقُ السماءِ، وكُوِّرَتْ ... ... شمسُ النهار، وأَظْلَم العصرانِ
فالأرضُ من بعد النبي كئيبةٌ ... ... أسفاً عليه كثيرةُ الرجَفَان(1/10)
فَليَبْكِهِ شَرْقُ البلاد وغَرْبُها ... ... وليبكه مُضَرٌ وكل يَمَانِ
وليبكه الطور المعظم جَوُهُ ... ... والبيتُ ذو الأسْتَار والأَركانِ
يا خاتم الرسل المبارك ضوءُهُ ... ... صلَى عليك منزِّلُ الفُرقان
******************
وقال آخر:-
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي أنا قدوتي ما عشت شرع محمد
حاشا يثنيني سراب خادع ومعي كتاب الله يسطع في يدي
******************
وقال آخر:-
ولقيت في حبك ما لم يلقه في حب ليلى قيسها المجنون
لكنني لم أتبع وحش الفلا كفعال قيس والجنون فنون
******************
وقال آخر:-
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الكرماء
وإذا عفوت فقادراً ومقدراً لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة ... للحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضى الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة ترعو النديَّ وللقلوب بكاء
******************
ومن أجمل ماقيل في الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ما ذكره صاحب كتاب نزهة المجالس ومنتخب النفائس
يا نفس نلت المنى فاستبشري رسلي ... ... هذا الحبيب وهذا سيد الرسل
هذا الذي ملأت قلبي محبته ... ... هذا الذي سهرت من أجله مقلى
هذا الذي كنت أهواه وفزت به ... ... يا فرحتى انفصلى يا فرحتى اتصلى
هذا الذي الخلق من أشواقه هجروا ... ... للأهل والصحب والأبناء والطلل
هذا الذي للهدى والدين أرشدنا ... لملة شرعها يسمو على الملل
هذا الذي انشق إكراما له قمر ... لما أشار له في محفل حفل
هذا الذي رد عينا بعدما قلعت ... وريقه قد شفى الإمام علي
هذا الذي بن مشى في الرمل لا أثر ... يرى له ويرى في الصخر والجبل
هذا الذي حن جذع عند فرقته ... له أنين شبيه الوالد الثكل
هذا الذي جاء بئرا وهي مالحة ... ومج فيها فعاد الماء كالعسل
هذا الذي فار ماء من أصابعه ... مثل الزلازل حكى الأنهار في السبل
هذا الذي إن دعا جاءت له شجر ... تجر أصلالها سعيا على عجل(1/11)
هذا الذي سبح الحصى براحته ... والضب كلمه جهرا مع الحمل
هذا الذي شد من جوع حجرا ... أكرم بمولى غدا بالزهد مشتمل
هذا الذي راودته الشم من ذهب ... فردها وإلى الدنيا فلم يمل
هذا الذي في مقام العرض شافعنا ... إذا استغثنا به من شدة الوجل
هنا الذي روضة ما بين منبره ... وقبره من رياض الخلد لم تزل
ياسيد الخلق يا من حاز مرتبة ... عليا وقد جل عن شبه وعن مثل
يا درة الأنبياء يا روضة العلا ... ... يا ملجأ الغربا يا سيد الرسل
العبد عبد الرحمن جليل أتى ... إليك وهو من الأوزار في خجل
يرجو بمدحته غفران زلته ... مع الرضا وحلول الخلد والحلل
صلى عليك إله العرش خالقنا ... في الليل والصبح والأبكار والأصل
واخصص أبا بكر ثم الحق به عمرا ... كذلك عثمان ذا النورين ثم علي
والآل والصحب والأتباع أجمعهم أولي النهى والفخار السادة النجل
والسابقين إلى الإسلام قاطبة ... والتابعين بإحسان وكل ولى
******************
وقال آخر:-
أثني على منْ أتدري منْ أبجلةُ؟ أما علمتَ بمنْ أهديتُه كلمي
في أشجعِ الناسِ قلباً غيرَ منمِ وأصدقِ الخلقِ طراً غيرَ متهم أبهى منْ البدرِ في ليلِ التمامِ وقلْ أسخى منْ البحرِ بلْ أرسى منْ العلمِ أصفى منْ الشمسِ في نطقٍ وموعظةٍ أمضى منْ السيفِ في حكم وفي حكمِ
أغرَّ تشرقُ منْ عينيهِ ملحمةٌ منْ الضياءِ لتجلو الظلمَ والظلمِ
في همةٍ عصفتْ كالدهرِ واتقدتْ كمْ مزقتْ منْ أبي جهلٍ ومنْ صنمِ
محررُ العقلِ باني المجدِ باعثنا منْ رقدةٍ في دثارِ الشركِ واللممِ
بنورِ هديكَ كحلنا محاجرَنا لما كتبنا حروفاً صغتُها بدم
منْ نحنُ قبلكَ إلا نقطةٌ غرقتْ في اليمِ بلْ دمعةٌ خرساءُ في القدمِ
إنْ كانَ أحببتُ بعدَ اللهِ مثلكَ في بدوٍ وحضرٍ ومنْ عربٍ ومن عجمِ
فلا اشتفى ناظري منْ منظرٍ حسنٍ ولا تفوهَ بالقولِ السديدِ فمي
******************
وقال آخر:-
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدّل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها(1/12)
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسّرت أعلامها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
******************
وقال آخر:-
هل تطلبون من المختار معجزة ... ... يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واترهم ... ... إذا رأى ولد الموتور اخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة ... ... ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا ... ... ان الإخاء وأن العدل مغزاه
******************
وقال آخر:-
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الاطم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج و لم تحم
إن كنت احببيت بعد الله مثلك في بدو وحضر ومن عرب ومن عجم
فلا اشتفي ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيب تلك القاع والأكمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
أخوك عيسى دعا ميْتاً فقام له وأنت أحييت أجيالاً من الرممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزّتهم بك التشرف للتاريخ لا بهمِ
******************
وقال آخر:-
قد فقت يا طه جميع الانبيا ... نورا فسبحان الذي سواكا )
( والله يا ياسين مثلك لم يكن ... في العالمين وحق من نباكا )
ماذا يقول المادحون وما عسى ... أن يجمع الكتاب من معناكا )
فاجعل قراي شفاعة لي في غد فعسى ارى في الحشر تحت لواكا )
( صلى عليك الله يا خير الورى ... ما حن مشتاق إلي مثواكا )
( وعلى صحابتك الكرام جميعهم ... والتابعين وكل من والاكا )
3)الإنفاق والكرم
قال ربيعه الرقي:
شتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتمِ
فهمُّ الفتى الأزدي إتلاف ماله وهمُّ الفتى القيسيّ جمع الدراهمِ
فلا يحسب القيسي أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم
******************
وقال شمس الدين البديوي
إذا المرء وافى منزلا منك قاصدا ... قراك وأرمته لديك المسالك )
( فكن باسما في وجهه متهللا ... وقل مرحبا أهلا ويوم مبارك )
((1/13)
وقدم له ما تستطيع من القرى ... عجولا ولا تبخل بما هو هالك )
( فقد قيل بيت سالف متقدم ... تداوله زيد وعمرو ومالك )
( بشاشة وجه المرء خير من القرى ... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك )
******************
وقال آخر:-
الله أعطاك فابذل من عطيته فالمال عاريّة والعمْر رحالُ
المال كالماء إِنْ تحبس سواقِيَه يأسن وإن يجرِ يعذب منه سلسالُ
******************
وقال الشافعي:-
على المقلَّين من أهل المروءات ... يا لهف نفسي على مال أفرقه
ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات ... إن اعتذاري إلى من جاء يسألني
*****************
وقال أيضاً
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء
******************
ومن الأسخياء من تَسْمُو به الحال، فيرى أن الفضل والمنَّة إنما هي لمن جاء يستجديه ويسأله؛ حيث أحسن الظنَّ به، وتكرَّم عليه؛ فهذا من غرائب السخاء.
ينسب لابن عباس _رضي الله عنهما_ أنه قال:
إذا طارِقَاتُ الهمِّ ضَاجعت الفتى *** وأعْمل فكرَ الليلِ والليلُ عاكرُ
وباكرني في حاجة لم يجدْ بها *** سواي ولا مِنْ نكبة الدهرِ ناصرُ
فَرَجتُ بمالي همَّهُ من مقامه *** وزايله همٌّ طروقٌ مسامرُ
وكان له فضل عليَّ بظنه *** بي الخير إني للذي ظنَّ شاكرُ
******************
وقال آخر:-
أخو البشر محمود على كلّ حالةٍ ... ... ولن يعدم البغضاء من كان عابساً
ويسرع بخل المرء في هتك عرضه ... ... ولم أر مثل الجود للعرض حارساً
******************
وقال آخر:-
إذا حال حول لم تجد في دياره ... من المال إلا ذكرة وجمائله )
( تراه إذا ما جئته متهللا ... تأنك تعطيه الذي انت نائله )
( تعود بسط الكف حتى لو أنه ... أراد انقباضا لم تطعه أنامله )
( فلو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله )
******************
وقال أحدهم :
أبيت خميص البطن عريان طاويا وأوثر بالزاد الرفيق على نفسي(1/14)
وامنحه فرشي وافترش الثرى واجعل ستر الليل من دونه لبسي
******************
وعد من الرحمن فضلا ونعمة ... عليك إذا ما جاء للخير طالب )
( ولا تمنعن ذا حاجة جاء راغبا ... فإنك لا تدرى متى انت راغب )
******************
ويقول حاتم الطائي:
( أماوي إن المال غاد ورائح ... ويبقي من المال الأحاديث والذكر )
وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر )
******************
وقال آخر:-
كريم كريم الأمهات مهذب ... تدفق يمناه الندى وشمائله )
( هو البحر من أى الجهات أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحلة )
( جواد بسيط الكف حتى لو أنه ... دعاها لقبض لم تجبه أنامله )
******************
4)البخل والبخلاء:-
يقول الشاعر:
وهبني جمعت المال ثم خزنته ... وحانت وفاتي هل أزاد به عمرا )
( إذا خزن المال البخيل فإنه ... سيورثه غما ويعقبه وزرا
******************
وقال آخر:-
ذريني وإتلافي لمالى فإنني ... أحب من ألأخلاق ما هو أجمل )
( وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل )
******************
وقال آخر:-
يفنى البخيل يجمع ماله مدته وللحوادث وللوارث ما يدع ُ
كدودة القز ما تبنيه يهدمها وغيرها بالذي تبنيه ينتفعُ
******************
وقال الشاعر يخاطب بخيل:
لو أن دارك أنبتت لك واحتشت ... ابرا يضيق بها فناء المنزل )
( وأتاك يوسف يستعيرك ابرة ... ليخيط قد قميصه لم تفعل
******************
وقال آخر:-
بخيل يرى في الجود عار وإنما ... يرى المرء عارا أن يضن ويبخلا )
( إذ المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا )
******************
وقال آخر
( وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فليس إليه ما حييت سبيل )
( ارى الناس اخوان الكريم وما أرى ... بخيلا له في العالمين خليل )
******************
وقال ربعي الهمذاني
( جمعت صنوف المال من كل وجهة ... وما نلتها إلا بكف كريم )
((1/15)
وإني لارجو أن أموت وتنقضي ... حياتي وما عندي يد للئيم )
******************
وقالوا في البخلاء :-
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا من رتاج الباب والدار )
( قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار )
فتمنع البول شحا أن تجود به ... وما تبول لهم إلا بمقدار )
( والخبز كالعنبر الهندي عندهم ... والقمح خمسون إردبا بدينار )
******************
وقال آخر:-
لا تبخلن بدنيا وهى مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف )
( فإن تولت فأحرى أن تجود بها ... فليس تبقي ولكن شكرها خلف
******************
وقال آخر:-
( تراهم خشية الأضياف خرسا ... يقيمون الصلاة بلا أذان )
******************
وقال آخر وقد بات عند بخيل
( فبتنا كأنا بينهم أهل مأتم ... على ميت مستودع بطن ملحد )
( يحدث بعضا بعضنا بمصابه ... ويأمر بعضا بعضنا بالتجلد )
******************
وقال آخر:-
لكل هم من الهموم سعه ... والبخل واللؤم لا فلاح معه ..
. قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه ...
أقبل من الدهر ما أتاك به ... من قر عينا بعيشه نفعه
*****************
وقال آخر:-
( وجيرة لا ترى في الناس مثلهم ... يكون لهم عيد وافطار )
أن يوقدوا يوسعونا من دخانهم ... وليس يبلغنا ما تطبخ النار )
******************
وقال آخر
( من كعب اعينا أخاكما ... على دهره إن الكريم معين )
( ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنه ... مخافة أن يرجى نداء حزين )
( إذا جئته في حاجة سد بابه ... فلم تلقه إلا وأنت كمين )
******************
وقال آخر
( لو عبرالبحر بأمواجه ... في ليلة مظلمة باردة )
( وكفه مملوءة خردلا ... ما سقطت من كفه واحدة )
******************
وقال آخر
( يا قائما في داره قاعدا ... من غير معنى لا ولا فائدة )
( قد مات أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائدة )
******************
وقال آخر
((1/16)
نوالك دونه شوك القتاد ... وخبزك كالثريا في البعاد )
( فلو أبصرت ضيفا في منام ... لحرمت الرقاد إلى العباد )
5)الشكر:-
يقول محمود الوراق
( إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي له في مثلها يجب الشكر )
( فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الايام واتصل العمر )
( إذا مس بالسراء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الاجر )
( فما منهما إلا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والسر والجهر )
******************
وقال أبي العتاهية:
أحمد اللَهِ فَهوَ ألهمني الحم ... ... دَ على الحمد والمزيدُ لَدَيْه
كم زمانٍ بَكَيْتُ فيه فلمَّا ... ... صِرْتُ في غيره بكيتُ عليهِ
******************
وقال آخر:-
وما مرَّ يوم أرتجي فيه راحة ... ... فأفْقدُهُ إلاّ بكيتُ على أمسِ
*****************
وقال آخر
ولو ان لي في كل منبت شعرة ... لسانا يطيل الشكر كنت مقصرا )
******************
وقال آخر:-
والناس في هذه الدنيا على رُتبٍ ... هذا يُحطُّ وذا يعلو فيرتفع
فأخلِصِ الشكرَ فيما قد حبيتَ به ... وآثرِ الصبرَ كلٌّ سوف ينقطع
******************
وقال آخر:-
لأشكرن لك معروفا هممت به ... فإن همك بالمعروف معروف )
( ولاألومك إن لم يمضه قدر ... فالشر بالقدر المحتوم مصروف )
******************
وقال آخر:-
سأشكر لا أني أجازيك منعما ... بشكري ولكن كي يزاد لك الشكر )
( واذكر أياما لدي اصطنعتها ... وآخر ما يبقى على الشاكر الذكر )
******************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يشكر قليلا أصابه ... فليس له عند الكثير شكور ..
. ومن يشكر المخلوق يشكر لربه ... ومن يكفر المخلوق فهو كفور
******************
وقال آخر:-
حافظ على الشكر كي تستجزل القسما ...من ضيع الشكر لم يستكمل النعما ... الشكر لله كنز لا نفاد له ... من يلزم الشكر لم يكسب به ندما
******************
وقال آخر
( أوليتني نعما أبوح بشكرها ... وكفيتني كل الامور بأسرها )
((1/17)
فلأشكرنك ما حييت وإن أمت ... فلتشكرنك أعظمي في قبرها )
******************
وقال آخر:-
لأشكرنك معروفا هممت به ... إن اهتمامك بالمعروف معروف
... ولا ألومك إن لم يمضه قدر ... فالشيء بالقدر المجلوب مصروف
******************
وقال آخر
( أيا رب قد احسنت عودا وبدأة ... إلي فلم ينهض بإحسانك الشكر )
( فمن كان ذا عذر لديك وحجة ... فعذري إقراري بأن ليس لي عذر )
******************
وقال محمود الوراق
( إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم ما كنت قط لها أهلا )
( إن زدت تقصيرا تزدني تفضلا ... كأني بالتقصير أستوجب الفضلا )
******************
وقال آخر
لشكر افضل ما حاولت ملتمسا ... به الزيادة عند الله والناس )
******************
وقال آخر:-
ومن يسدِ معروفًا إليك فكن له شكورًا يكن معروفه غيرَ ضائع
ولا تبخلنّ بالشكر والقَرض فاجزه تكن خير مصنوع إليه وصانع
******************
وقال ابن عباس
( إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وسمعي منهما نور )
( فهمي ذكي وقلبي غير ذي غفل ... وفي فمي صارم كالسيف مشهور )
******************
6)الضيف والضيافة:-
قال شمس الدين البديوي
إذا المرء وافى منزلا منك قاصدا ... قراك وأرمته لديك المسالك )
( فكن باسما في وجهه متهللا ... وقل مرحبا أهلا ويوم مبارك )
( وقدم له ما تستطيع من القرى ... عجولا ولا تبخل بما هو هالك )
( فقد قيل بيت سالف متقدم ... تداوله زيد وعمرو ومالك )
( بشاشة وجه المرء خير من القرى ... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك
******************
وقال آخر:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا ... نحن الضيوف وأنت رب المنزل )
******************
وما أحسن ما قال سيف الدولة بن حمدان
( منزلنا رحب لمن زاره ... نحن سواء فيه والطارق )
وكل ما فيه حلال له ... إلا الذي حرمه الخالق )
******************
قال عاصم بن وائل
( وإنا لنقري الضيف قبل نزوله ... ونشبعه بالبشر من وجه ضاحك )(1/18)
******************
وقال بعض الكرام
( أضاحك ضيفي قبل أن أنزل رحله ... ويخصب عندي والمحل جديب )
( وما الخصب للاضياف أن تكثر القرى ... ولكنما وجه الكريم خصيب
******************
وقال آخر
( عودت نفسي إذا ما الضيف نبهني ... عقر العشار على عسر وإيسار )
ومن آداب الضيف أن يتفقد دابة ضيفه ويكرمها قبل إكرام الضيف
******************
7)المراقبة :-
يقول الشاعر:-
هب أن نظرتك التي أرسلتها عادت إليك مع الهوى بغزال
من فيك أسرع موقعاً نظر المهي فخف العظيم الواحد المتعالي
******************
وقال آخر:-
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
******************
وقال آخر:-
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... ... خلوت ولكن قل على رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ... ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
حسبي بعلمي إن نفع ... ... ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع ... ... عن سوء ما صنع
ما طار طير وارتفع ... ... إلا كما طار وقع
8)حب الصحابة وآل البيت :-
قال الشاعر:-
إني أُحب أبا حفص وشيعته ... كما أحب عتيقا صاحب الغار )
( وقد رضيت عليا قدوة علما ... وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
( كل الصحابة ساداتى ومعتقدي ... فهل علي بهذا القول من عار )
******************
يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن انزله
يكفيكم من عظيم الفخر انكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
******************
وقال آخر:-
بلغ الأشواق والحب الصحابة سادة القوم وأرباب النجابه
هم حماة الدين أبطال الردى بل غيوث البذل بل آساد غابه
حبهم دين ومن يبغضهم ربنا في ناره الآخر أذابه
ذب عن أعراضهم إن كنت من ضربهم لا تعتدي كل ذبابه
وأطلب الآثار منهم إنهم علماء الدين فتواهم إصابه
******************
قال بعض الشعراء يمدح أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم :(1/19)
وقاتلت معنا الأملاك في أحد تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسألها رشقوا
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظلة والروح تختطف
وكلم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
******************
وقال آخر:-
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون كفعلهم وإن حاولوا في النازلات وأجملوا
******************
وقال آخر:-
روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل ... إذا نحن فضلنا عليا فإننا
رميت بنصب عند ذكري للفضل ... وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته
بحبيهما حتى أوسد في الرمل ... فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما
وقال آخر:-
ومن عجب أني أحن إليهم وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقال آخر:-
أنا مسلم وأقولها مِلء الورى وعقيدتي نور الحياة وسؤددي
سلمانفيها مثل عمر لا ترى جنساً على جنس يفوق بمحتدي
وبلال بالإيمان يشمخ عزة ويدق تيجان العنيد الملحد
وخبيب أخمد في القنا أنفاسه لكن صوت الحق ليس بمُخْمدِ
ورمى صهيب بكل مال للعدا ولغير ربح عقيدة لم يقصد
إن العقيدة في قلوب رجالها من ذرة أقوى وألف مهند
****************
ومن أشعار بعض الصحابة ما روي أن ابو بكر قال لما
قُتل أمية بن خلف وقد كان يَسُومُه سوء العذاب بمكة فيخرجه إلى الرَّمْضاء، فيلقي عليه الصخرة العظيمة ليفارقَ دينَ الإسلام فيعصمه اللّه من ذلك:
هَنئياً زادك الرحمنُ خيراً ... ... فقد أدركْت، ثأرك يا بلالُ
فلا نِكْسا وُجِدْتَ ولا جباناً ... ... غداة تنوشُكَ الأسَل الطوالُ
إذا هاب الرّجال ثبتَّ حتى ... ... تخلِط أنْتَ ما هابَ الرّجالُ
على مضض الكُلُوم بمشرفيٍّ ... ... جَلاَ أطرافَ مَتْنَيْهِ الصِّقَالُ
*****************
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح مكة:
ألم تر أن اللَّهَ أظهر دِينَهُ ... ... على كل دينٍ قبل ذلك حائدِ(1/20)
وأمكنه من أهل مكة بعدما ... ... تدَاعَوْا إلى أمرٍ من الغي فاسدِ
غداةَ أجَالَ الخيلَ في عَرَصاتها ... ... مسوَمةً بين الزبير وخالد
فأمسى رسولُ الله قد عَزَّ نَصْرُهُ ... ... وأمْسى عدَاه مِنْ قتيل وشارِد
يريد الزبير بن العوام حَوَارِيّ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، وخالِدَ ابن الوليد سيفَ الله تعالى في الأرض.
*****************
ولما قتله أبو لُؤُلُؤَة غلامُ المغيرةِ بن شُعْبَة، قالت عاتِكة بنت زيد بن عمرو ابن نفَيل زوجته ترثيه: الخفيف:
عَيْنُ جُودي بِعَبْرَةٍ ونَحِيبِ ... ... لا تملي على الأمين النجِيب
فجَعَتْني المنونُ بالفارسِ الْمُع ... ... لَم يوم الهياج والتثويبِ
عصْمَةُ الناس والمعينُ على الدَه ... ... ر وغيثُ المحروم والمحروبِ
قل لأهْلِ الضراءِ والبُؤس موتوا ... ... قد سقته المنُونُ كأسَ شعَوبِ
وقالت أيضاً ترثيه:
وفَجعني فيْرُوز لا دَرَّ درُه ... ... بأبيضَ تالٍ لِلْكِتابِ مُنِيبِ
رؤوف على الأدنى غليظ على العِدَا ... ... أخي ثقة في النائبات نجيبِ
متى ما يَقُلْ لا يكذب القولَ فِعلُه ... ... سريع إلى الخيرات غير قَطوبِ
وعاتكة هذه، هي أخت سعيد بن زيد، أحدِ العشرة الذين شهد لهم النبي، صلى الله عليه وسلم، بالجنَّة، وكانت تحت عبد اللّه بن أبي بكر، فأصابه سهْمٌ في غَزوَة الطائف فمات منه، فتزوجها عمر، رضي اللّه عنه، فقُتِل عنها، فتزوجها الزبير ابن العوام فقُتِلَ عنها، فكان علي، رضي الله عنه يقول: من أحبَّ الشهادة الحاضرة فليتزوج بعاتِكة.
*****************
ويروى عنه أنه قال بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها: الطويل:
أرى عِلَلَ الدنيا عليَّ كثيرةً ... ... وصاحِبُها حتى المماتِ عليلُ
لكل اجتماع من خليلين فُرْقَةٌ ... ... وإن الذي دُون المماتِ قليل
وإنْ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ ... ... دليل على ألاَ يدومَ خَليلُ
*****************(1/21)
وحجَ هشام بن عبد الملك، أو الوليد أخوه، فطافَ بالبيتِ وأرادَ استلامَ الْحَجَر فلم يقدر، فنُصِب له مِنبَرٌ فجلس عليه؛ فبينا هو كذلك إذْ أَقْبَلَ عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في إزارِ ورِدَاء، وكان أحسنَ الناس وَجْهاً، وأعطرهم رائحة، وأكثرَهم خشوعاً، وبين عينيه سَجادة، كأنها رُكبة عنز، وطاف بالبيت، وأتى ليَسْتَلم الحجرَ، فتنحّى له الناسُ هيبة وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً؛ فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن الَّذي أكرمه الناس هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام؟ فقال هشام: لا أعْرفه، لئلا يَعْظُمَ في صدور أهل الشام؛ فقال الفرزدق وكان حاضراً: البسيط:
هذا ابنُ خير عبادِ الله كلهِمُ ... ... هذا النقيُّ التقيُ الطاهرُ العَلَمُ
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وطأتُه ... ... والبيتُ يعرفُه والحل والحَرَمُ
إذا رأتْه قريشٌ قال قائلُها: ... ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرَمُ
يكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحتهِ ... ... رُكنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم
*****************
مُشتقَّة من رسول اللّه نَبْعَتُهُ ... ... طابتْ عناصِرُه والخِيم والشِّيَم
يُنْمَى إلى ذِرْوة العزّ التي قصُرت ... ... عن نَيْلها عَرَبُ الإسلامِ والعَجَمُ
*****************
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهِلَهُ ... ... بجدِّه أنبياءُ اللّه قد خُتِموا
اللَّهُ فضّله قِدْماً وشرّفَهُ ... ... جرى بذَاك له في لَوْحهِ القَلَمُ
مَنْ جدُهُ دانَ فَضْلُ الأنبياء لهُ ... ... وفَضْلُ أمّته دانَتْ له الأُمَمُ
عَمَ البريّةَ بالإحسان فانقشعتْ ... ... عنها الغيابةُ والإملاقُ والظُلمُ
*****************
ويقول الشيخ عائض القرني :
هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم ... وعلى هداهم يا موفق فاهتدِ
واحفظ وصية أحمد في صحبه ... واقطع لأجلهم لسان المفسدِ
عرضي لعرضهموا الفداء وإنهم ... أزكى وأطهر من غمام أبردِ
فالله زكاهم وشرّف قدرهم ... وأحلهم بالدين أعلى مقعدِ
شهدوا نزول الوحي بل كانوا له ... نعم الحماة من البغيض الملحدِ(1/22)
بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم ... في نصرة الإسلام دون ترددِ
ما سبهم إلا حقيرٌ تافهٌ ... نذلٌ يشوههم بحقدٍ أسودِ
لغبارُ أقدام الصحابة في الردى ... أغلى وأعلى من جبين الأبعدِ
ما نال أصحابَ الرسول سوى امرء ... تمت خسارته لسوء المقصدِ
9)الدعوة الى الله والنصيحة:-
وأنشد الأصمعي
( النصح أرخص ما باع الرجال فلا ... تردد على ناصح نصحا ولا تلم )
( إن النصائح لا تخفى مناهلها ... على الرجال ذوي الألباب والفهم )
******************
وقال آخر:-
تغمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فان النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا ارضي استماعه
فان خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
******************
وقال عائض القرني :–
أيا داعيا لله هاك وصيتي عليك بتقوى الله يا صاح أولا
وكن طلباً للعلم في كل ساعة حريصاً عليه مجملا ومفصلا
وبالحكمة أنصح لا تكن ذا شراسة غليظاً وفظاً صاخباً متعجلا
عليك بأمر الرفق فهو محبب وكن لا لاهي ذاكراً متبلا
وكن طيباً كالنحل يخرج طيباً وتخرج شهداً صافياً ومعسلا
ولا تك نذلاً كالذباب مجثماً علي كل جرح للمحاسن مغفلا
وغض عن الزلات واستر معائبا وسامح عن التقصير وأعف تفضلا
رحيما قريباً خاشعاً ذا عزيمة قوياً حليماً صامتاً متهللا
تقياً عفيفاً خاشعاًُ ذا عزيمة قوياً بأمر الله للناس موئلا
ولا تنه عن شي وتأتيه ظالماً فتستوجب المقت المعجل والقلا
وتابع رسول الله في كل خلة فسنته أغلي وأحلي وأنبلا
*****************
وقال آخر:-
فكم من عدو معلن لك نصحه ... علانية والغش تحت الأضالع .
.. وكم من صديق مرشد قد عصيته ... فكنت له في الرشد غير مطاوع .
.. وما الأمر إلا بالعواقب إنها ... سيبدو عليها كل سر وذائع
*****************
وقال آخر:-
إذا نصحت لذي عجب لترشده ... فلم يطعك فلا تنصح له أبدا ...
فإن ذا العجب لا يعطيك طاعته ... ولا يجيب الى إرشاده أحدا .
..(1/23)
وما عليك وإن غاو غوى حقبا ... إن لم يكن لك قربى أو يكن ولدا
10)أحوال أهل الجاهلية:-
يقول قائلهم:-
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشدِ
******************
وقال آخر:-
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
******************
وقال آخر:-
ونشرب إن وردنا الماء صفوا ملأنا البر حتى ضاق عنا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاماويشرب غيرنا كدرا وطينا
ونحن البحر نملأه سفيناتخر له الجبابر ساجدينا
******************
ويقول أحدهم في الخمر:
إذا ما مت فادفني إلى جنب كرمة ولاتدفني بالفلاة فإنني
تروي عظامي بعد موت عروقها أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
11)الشورى:-
قال الشاعر:-
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن يترددا
******************
فأضاف إليه آخر:
( وإن كنت ذا عزم فانفذه عاجلا ... فإن فساد العزم أن يتقيدا
******************
وقال آخر:-
إن اللبيب إذا تفرق أمره ... فتق الأمور مناظرا ومشاورا )
( وأخو الجهالة يستبد برأيه ... فتراه يعتسف الأمور مخاطرا
******************
وقال آخر:-
إذا بلغ الرأيُ المَشُورَةَ فاستَعِنْ ... ... بعَزْم نصيحٍ أو مشورةِ حازمِ
ولا تحسَبِ الشُّورى عليك غَضاضةً ... ... فإنّ الخوَافِي قوة للقوادمِ
وما خيرُ كَفٍّ أمسكَ الغُل أُخْتَها ... ... وما خيرُ سيفٍ لم يُؤَيَّدْ بقائمِ
12)الموت:-
قال الشاعر:-
حتى سليمان ما تم الخلود له والريح تخدمه والبدو والحضر
دانت له الأرض والأجناد تحرسه فزاره الموت لا عين ولا أثر
****************
وقال آخر:-
أبداً تصرُّ على الذنوب ولا تعي وتكثر العصيان منك وتدَّعي
أبداً ولا تبكي كأنك خالد وأراك بين مودِّعٍ ومشيِّعِ
******************
وقال أبو العتاهية:
لِدوا للموت وابنوا للخراب ... ... فكلكم يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى ترابٍ ... ... نصير كما خلقنا للتراب
ألا يا موت لم تقبل فداءً ... ... أتيت فما تحيف ولا تحابي(1/24)
كأنك قد هجمت على مشيبي ... ... كما هجم المشيب على شبابي
******************
وقال آخر:-
فكم من صحيحٍ بات للموت آمناً ... ... أتته المنايا بغتةً بعد ما هجع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتةً ... ... فراراً ولا منه بحيلةٍ امتنع
ولا يترك الموت الغنى لماله ... ... ولا معدماً في المال ذا حاجةٍ يدع
******************
وقال آخر:-
هو الموت ما منته ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالاً ونرجوا نتاجها وعل الردى مما نرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرات في الهوا وفي علمنا أنا نموت وتخرب
******************
وقال أبو العتاهية:
لا تَأْمَنِ الموتَ في طَرْف وفي نَفَس ... ... ولو تَمَنَعْتَ بالحُجَّابِ والحَرَسِ
فما تزالُ سِهَامُ الموتِ نافذةً ... ... في جَنبِ مُدَّرعٍ منّا ومُتَّرسِ
ما بالُ دينكَ تَرْضَى أن تُدَنِّسَهُ ... ... وثوبُك الدهر مَغسولٌ من الدَّنَسِ
ترجو النَجاةَ ولم تَسْلُكْ مسَالِكَها ... ... إن السفينةَ لا تجرِي على يَبَس
******************
وقال آخر:-
الموت لاشك آتٍ فاستعد له إن اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيشٍ أو يلذ به من التراب عليه عينيه مجعول
******************
و أنشدوا :
أذكر الموت و لا أرهبه إن قلبي لغليظ كالحجر
أطلب الدنيا كأني خالد و ورائي الموت يقفو بالأثر
و كفى بالموت فاعلم واعظاً لمن الموت عليه قد قدر
و المنايا حوله ترصده ليس ينجي المرء منهن المفر
******************
و قال آخر :
بينا الفتى مرح الخطا فرح بما يسع له إذ قيل : قد مرض الفتى
إذ قيل : بات بليلة ما نامها إذ قيل : أصبح مثخناً ما يرتجى
إذ قيل : أصبح شاخصاً و موجها و معللاً . إذ قيل : أصبح قد قضى
******************
وقال آخر
يا مغرماً بوصال عيشٍ ناعم ستصد عنه طائعاً أو كارها
إن المنية تزعج الأحرار عن أوطانهم والطير عن أوكارها
******************
وقال آخر
تيَّقظ للذي لا بد منه فإن الموت ميقات العباد
يسرُّك أن تكون رفيق قوم لهم زادٌ وانت بغير زاد(1/25)
******************
وقال آخر:-
و لدتك إذ ولدتك أمك باكياً و القوم حولك يضحكون سروراً
فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
******************
وقال آخر:-
يا ابن آدم لا تغررك عافية عليك شاملة فالعمر معدود
ما أنت إلا كزرع عند خضرته بكل شيء من الأوقات مقصود
فإن سلمت من الآفات أجمعها فأنت عند كمال الأمر محصود
******************
وقال آخر:-
أرى المرء يبكي للذي مات قبله ومةت الذي يبكي عليه قريب
وما الموت إلا في كتابٍ مؤجل الى ساعةٍ يُدعى لها فيُجيب
******************
وقال آخر:-
الليل مهما طال فلا بُد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من دخول القبر
******************
وقال آخر:-
الموت باب وكل الناس داخله ياليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم ان عملت بما بما يرضي الاله وان فرطت فالنار
وقال آخر:-
إذا الرجال ولدت أولادها ... وبليت من كبر أجسادها
وأصبحت أمراضها تعتادها ... تلك زروع قد دنا حصادها
******************
وقال آخر:-
أين المفر من القضا ء مشرقًا ومغربا
انظر ترى لك مذهبًا أو ملجأً أو مهربا
سلّم لأمر الله وارض به وكن مترقبا
فلقد نعاك الشيب يوم رأيت رأسك أشيبا
******************
وكان عمر بن الخطاب يتمثل:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... ... يبقى الإله ويودي المال والولد
لم تغن عن هرمزٍ يوماً خزائنه ... ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له ... ... والإنس والجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها ... ... من كل أوبٍ إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذبٍ ... ... لابد من ورده يوماً كما وردوا
******************
وقال آخر:-
لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ
******************
وقال آخر:-
إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالا إذا قيل تم )(1/26)
******************
وقال آخر:-
و بينما المرءُ أمسى ناعماً جذلاً **** في أهله معجباً بالعيش ذا أنَقِ
غِرّاً ، أتيح له من حَينِهِ عَرَضِ **** فَمَا تَلبّثَ حتى مات كالصَّعِقِ
ثُمّتَ أضحى ضحى من غِبَّ ثالثة ****مُقنّعاً غير ذي روحٍ ولا رَمَقِ
يُبكي عليه و أَدنوهُ لمُظلِمَةٍ **** تُعلى جوانبها بالتُرب و الفِلَقِ
فما تَزَوَّدَ مما كان يَجمعُهُ **** إلا حَنوطاً و ما واراهُ مِن خِرَقِ
و غيرُ نَفْحَةِ أعوادٍ تُشَبُّ له **** وقلَّ ذلك من زادٍ لمُنطِلقِ
******************
وقال آخر:-
وكأن بالداعِ قد يبكي **** عليه اقربوهُ
و كأن القوم قد قاموا **** فقالوا : أدركوهُ
سائلوه ، كلموهُ ****حرّكوه ، لقنوهُ
حرِّفوه ، وجِّهوهُ **** مدِّدوه ، غمضوهُ
عجَّلوه لرحيلٍ **** عجّلوا لا تحبسوهُ
ارفعوه ، غسلوهُ **** كفِّنوه ، حنّطوهُ
فإذا ما لُفَّ في الأكفان **** قالوا : فاحملوهُ
أخرجوه فوق أعواد **** المنايا شيّعوهُ
فإذا صلوا عليه ****قيل : هاتوا و اقبروهُ
فإذا ما استودعوه **** الأرض رهناً تركوهُ
خلّفوه تحت رمسٍ **** أو قروهُ ، أثقلوهُ
أَبعدوهُ ، أَسحَقوه **** أوحَدوه ، افردوهُ
ودّعوه ، فارقوه **** اسلَموه ، خلَّفوه
و انثنوا عنه و خلّوه **** كأن لم يعرفوهُ
( أين الذي الهرمان من بنيانه ... ما قومه ما يومه ما المصرع )
( تتخلف الآثار عن سكانها ... حينا ويدركها الفناء فتصرع )
******************
وقال آخر:-
للموت فينا سهام وهي صائبة ... من فاته اليوم سهم لم يفته غد
******************
وقال أبو البقاء الرندي:-
فلا تنس يوماً تسجَّى على **** سريرك فوق رقاب النَفَر
أترجو البقاء وهذا محال ... ... ولله عز وجل البقاء
فلو كان للفضل يبقى كريم ... ... لما مات من خلقه الأنبياء
تموت النفوس وتبقى الشخوص ... ... وعند الحساب يكون الجزاء
وقال لبيد:-
المرء يأمل أن يعي ... ... ش وطول عيشٍ قد يضره
تفني بشاشته ويبقى ... ... بعد حلو العيش مره(1/27)
وتخونه الأيام حتى ... ... لا يرى شيئاً يسره
... ******************
وقال آخر:-
إذا الرجال ولدت أولادها واضطربت من كبرٍ أعضادها
وجعلت أسقامها تعتادها فهي زروع قددنا حصادها ...
...
******************
وقال آخر:-
كنك بالمضي إلى سبيلك وقد جد المجهز في رحيلك
وجيء بغاسل فاستعجلوه بقولهم له أفرغ من غسيلك
ولم تحمل سوى كفن وقطن إليهم من كثيرك أو قليلك
وقد مد الرجال إليك نعشاً فأنت عليه ممدود بطولك
وَصَلوا ثم إنهم تداعوا لحملك في بكورك أو أصيلك
ولما أسلموك نزلت قبرك ومن لك بالسلامة في نزولك
أعانك يوم تدخله رحيم رؤف بالعباد على دخولك
فسوف تجاور الموتى طويلاً فدعني من قصيرك أو طويلك
أخي إني نصحتك فاستمع لي وبالله استعنت على قبولك
ألست ترى المنايا كل يوم تصيبك في أخيك وفي خليلك
******************
ولأبي العتاهية، ويروى لغيره:
إنَّ الطَّبيب بطبِّه ودوائه ... ... لا يستطيع دفاع مكروهٍ أتى
ماللطَّبيب يموت بالدَّاء الذي ... ... قد كان يبرئ مثله فيما مضى
******************
وقال آخر:-
كم من عليلٍ قد تخطَّاه الرَّدى ... ... فنجا ومات طبيبه والعوَّد
******************
وقال آخر:-
هلك المداوي والمداوى والذي ... جلب الدواء وباعه والمشتري )
******************
وقال آخر:-
كل باك فسَيُبكَى
كل مَذْكور سَيُنْسَى ... ...
وكل ناعٍ فَسَيُنعَى
ليس غيرُ الله يبقى
من علا فالله أعلى
وقال آخر:-
مشيناها خُطا كُتبت علينا ومن كُنبت عليه خُطاً مشاها
ومن كانت ميته بأرضٍ فليس يموت في أرضٍ سواها
******************
وقال آخر:-
ضعوا خدي على لحدي ضعوه **** و مِن عَفْر التراب فوسٍّدوه
وشُقوا عنه أكفاناً رقاقاً **** وفي الرمْس البعيد فغيّبوه
فلو أبصرتموهُ إذا تقضت **** صبيحة ثالثٍ : أنكرتموه
وقد مالت نواظرُ مقلتيه ***على وَجَناته ، فرفضتموه
******************
وقال أخر:-
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل
******************
وقال آخر:-(1/28)
أشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك
ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك
13)الفراق والوداع :-
قال الشاعر:-
أاحبابنا بنتم عن الدار فاشتكت ... لبعدكم آصالها وضحاها )
( وفارقتم الدار الأنيسة فاستوت ... رسوم مبانيها وفاح كلاها )
( كأنكم يوم الفراق رحلتم ... بنومي فعيني لا تصيب كراها )
( وكنت شحيحا من دموعي بقطرة ... فقد صرت سمحا بعدكم بدماها )
( يراني بساما خليلي يظن بي ... سرورا وأحشائي السقام ملاها )
( وكم ضحكه في القلب منها حرارة ... يشب لظاها لو كشفت غطاها )
( رعى الله أياما بطيب حديثكم ... تقضت و حياها الحيا وسقاها )
( فما قلت إيها بعدها لمسامر ... من الناس إلا قال قلبي آها )
******************
وقال آخر:-
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الود إلا ما رجعتم إلى وصلي )
( ولا تحرمونى نظرة من جمالكم ... فلن تجدوا عبدا ذليلا لكم مثلي )
( فوالله ما يهوى فؤادي سواكم ... ولو رشقوه بالأسنة والنبل )
******************
وقال آخر:-
بكت عيني غداة البين حزناً ... ... والأخرى بالبكا بخلت علينا
فجازيت التي جادت بدمع ... ... بأن أقررتها بالوصل عينا
وجازيت التي جادت بدمعٍ ... ... بأن غمّضتها يوم التقينا
******************
وقال آخر:
أقول له حين ودَّعته ... ... وكلٌّ بعشرته مبلس
لئن رجعت عنك أجسامنا ... ... لقد سافرت معك الأنفس
******************
وقال آخر:
أحجَّاج بيت الله في أيِّ هودجٍ ... ... وفي أيِّ خدرٍ من خدوركم قلبي
أأبقى نحيل الجسم في أرض غربةٍ ... ... وحاديكم يحدو بقلبي مع الرَّكب
******************
وقال آخر:-
ودعت قلبي حين ودعتهم وقلت يا قلبي عليك السلامُ
وصحتُ بالنوم انصرف راشداً فإن عيني بعدهم لا تنامُ
******************
قال الشافغي:
يعيشها بعد أودائه ... واحسرة للفتى ساعة
رمى به بعد أحبابه ... عمر الفتى لو كان في كفه
14) القبر:-
وكل ابن أنثى لو تطاول عمره ... إلى الغاية القصوى فللقبر آيل
******************
وقال آخر:-(1/29)
غيرت موضع مرقدي ... يوما ففارقني السكون )
( قل لي فأول ليلتي ... في حفرتي أني أكون
******************
وقال آخر:-
أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعا وماتوا جميعا ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الصور
فياسائلي عن اناس مضو أما لك في مامضى معتبر
******************
وقال أخر:-
والله لو عاش الفتى من عمره الفاًمن الاعوام مالك أمره
متنعماً فيها بكل نفيسة متنعما فيها بنعمى عصره
لا يعتريه الهم طول حياته أبدا ولا تجري الهموم بباله
ما كان ذلك كله في أن يفي بمبيت أول ليلة في قبره
******************
وقال آخر:-
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرجال فلم تنفعهم القلل )
( واستنزلوا من أعالي عز معقلهم ... فأسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا )
( فإذا همو صارخ من بعد ما دفنوا ... أين الاسرة والتيجان والحلل )
( أين الوجوه التي كانت محجبة ... وكان من دونها الاستار والكلل )
فافصح القبر عنهم حين ساءلهم ... تلك الوجوه عليها الدود يقتتل )
( قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا .. فأصبحوا بعد ذاك الأكل قد اكلوا
******************
وقال آخر:-
يا كثير الرقاد والغفلات ... ... كثرة النوم تورث الحسرات
إن في القبر إذ نزلت إليه ... ... لرقادا يطول بعد الممات
أأمنت الثبات من ملك المو ... ... ت أم أنادي مناد بالبينات
******************
وقال آخر:-
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعى لديه ضائع
إن عذبوا فبعد له أونعموا فبفضله وهو الكريم الواسع
******************
ولأبي العتاهية:
سألت الدار تخبرني عن الأحباب ما فعلوا
فقالت لي أناخ القوم أياماً وقد رحلوا
قلت فأين أطلبهم؟ وأيّ منازلٍ نزلوا
فقالت بالقبور وقد لقوا والله ما فعلوا
أناسٌ غرّهم أملٌ فبادرهم به الأجل
فنوا وبقي على الأيام ما قالوا وما عملوا
وأثبت في صحائفهم قبيح الفعل والزلل
فلا يستعتبون ولا لهم ملجأ ولا حيل
ندامى في قبورهم وما يغني وقد حصلوا(1/30)
******************
وقال آخر
خرجت من الدنيا وقامت قيامتي ... ... غدا يثقل الأشخاص حمل جنازتي
وتضحك أهلي حول قبري وصيروا ... ... خروجي وتعجيلي إليه كرامتي
كأنهم لم يعرفوا قط صورتي ... ... عليهم غدا يأتي كيومي وساعتي
******************
وقال آخر:=
هب أنك قد ملكت الأرض ... ودان لك العبادُ فكان ماذا
أليس إذن مصيرك جوف قبر ... ويحثي التُرب هذا ثم هذا
******************
ولبعضهم:-
( قف بالديار فهذه آثارهم ... تبكي الأحبة حسرة وتشوقا )
( كم قد وقفت بها اسائل أهلها ... عن حالها مترحما أو مشفقا )
( فأجابني داعي الهوى في رسمها ... فارقت من تهوى وعز الملتقى )
وقال آخر:-
لاه بدنياه والأيام تنعاه والقبر غايته واللحد مثواه
يلهو ول كان يدري ما أعد له إذا لأحزنه ما كان ألهاه
أو ما جنت يده لو كنت تعرفه ويلاه مما جنت كفاه ويلاه
******************
وقال آخر:-
وما هي إلا ليلة ثم يومها ويوم إلى يوم وشهر إلى شهر
مطايا يقربن الجديد إلى البلى ويدنين أشلاء الصحيح إلى القبر
ويتركن أزواج الغيور لغيره ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفر
******************
وقال آخر:-
قف بالقبور وقل على ساحاتها من منكم المغمور في ظلماتها
ومن المكرم منكم في قعرها قد ذاق برد الأمن من روعاتها
أما السكون لذي العيون فواحد لا يستبين الفضل في درجاتها
لو جاوبوك لأخبروك بألسن تصف الحقائق بعد من حالاتها
أما المطيع فنازل في روضة يفضي إلى ما شاء من دوحاتها
والمجرم الطاغي بها متقلب في حفرة يأوى إلى حياتها
وعقارب تسعى إليه فروحه في شدة التعذيب من لدغاتها
15)ترك الذنوب:-
قال ابن المعتز :
خلى الذنوب صغيرها ... ... وكبيرها فهو التقى
واصنع كماش فوق ... ... أرض الشوك يحذر مايرى
ولاتحقرن صغيرة ... ... إن الجبال من الحصى
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... ويتبعها الذلّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها(1/31)
وهل بدلّ الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها
وباعوا النفوس فلم يربحوا ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة ... يبين لذي العقل إنتانها
******************
وقال آخر:-
تفنى اللذاذة ممن نال لذتها
من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبّتها
لاخير في لذة من بعدها النار
******************
وقال آخر:-
قد سودت وجهي المعاصي ... ... وأثقلت ظهري الذنوب
وأورثني ذكرها سقاماً ... ... وليس لي في الورى طبيبُ
يا شؤم نفسي غداة عرضي ... ... إذا أحاطت بي الكروب
والداعي لما دعاني باسمي ... ... أنت تقرأ وما يجيب
هذا كتاب الذنوب فاقرأ ... ... فعندها تظهر العيوب
******************
وقال آخر:
أتفرح بالذنوب وبالمعاصي ... ... وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي
وتأتي الذنب عمداً لا تبالي ... ... ورب العالمين عليك حاصي
*****************
وقال آخر:-
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... ... درك الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدما ... ... منها إلى الدنيا بذنب واحد
16)الاخلاص والعمل بما يقول:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً ... ... إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
كالملبس الثوب من عريٍ وعورته ... ... للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه ... ... في كل نفسٍ عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها ... ... منهم، ولا تبصر العيب الذي فيها
******************
وقال آخر:-
ماأقبح التَّزهيد من واعظٍ ... ... يزهِّد النَّاس ولا يزهد
لو كان في تزهيده صادقاً ... ... أصحى وأمسى بيته المسجد
إن رفض الدنيا فما باله ... ... يكتنز المال ويسترفد
يخاف أن تنفد أرزاقه ... ... والرزق عند الله لا تنفد
الرزق مقسومٌ على من ترى ... ... يسعى له الأبيض والأسود
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
مابال دينك ترضى أن تدنسه ... وثوبك الدهر مغسول من الدنس
ترجو النجاة ولم تسلك طريقتها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
******************
وقال آخر:-
لو صدقت الله فيما زعمته لعاديت من بالله ويحك يكفرُ(1/32)
وواليت أهل الحق سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصرُ
فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هناك تذكرُ
مباينة الكفار فى كل موطن بنا جاءنا النص الصحيح المقرر
وتخضع بالتوحيد بين ظهورهم تدعوهم لذاك وتجهر
******************
وقال آخر:-
( يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم )
( تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى . كيما يصح به وأنت سقيم )
( ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ... أبدا وأنت من الرشاد عديم )
( فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم )
( فهناك يقبل ما تقول ويهتدى ... بالقول منك وينفع التعليم )
( لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
******************
وقال آخر:-
أتحب أعداء الحبيب وتدّعي ... حباً ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه ... ... أين المحبةُ يا أخا الشيطان؟
شرط المحبة أن توافق من تحبُّ ... على محبته بلا عصيان
فإذا ادّعيت له المحبة مع خلافك ... ما يحب فأنت ذو بهتان
******************
وقال آخر:-
تلم المرء على فعله وأنت منسوب إلى مثله
من ذم شيئا وأتى مثله فإنما يزرى على عقله
17)ذم من يضرب النساء
قال الشاعر:-
رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم تضرب زينب )
( أأضربها من غير ذنب أتت به . فما العدل مني ضرب من ليس يذنب )
( فزينب شمس والنساء كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب )
18)فضل الطاعة:
يقول محمود الوراق:
هاكّ الدَّليل لمن أرا ... ... د غنىً يدوم بغير مال
وأراد عزَّاً لم توطِّ ... ... ده العشائر بالقتال
ومهابةً من غير سل ... ... طانٍ وجاهاً في الرِّجال
فليعتصم بدخوله ... ... في عزِّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلة ال ... ... عا صي له في كلِّ حال
******************
وقال آخر:-
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه ... ... هذا محالٌ في القياس بديع
لو كان حبُّك صادقاً لأطعته ... ... إن المحبَّ لمن يحبُّ مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمةٍ ... ... منه وأنت لشكر ذاك مضيع
******************(1/33)
وقال أبو العتاهية:
أراك امرءاً ترجو من الله عفوه ... ... وأنت على مالا يحبُّ مقيم
فحتّى متى تعصي ويعفو إلى متى ... ... تبارك ربِّي إنَّه لرحيم
******************
وقال عبد الله بن المبارك:_
أيضمن لي فتى ترك المعاصي ... ... وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا ... ... ولم يتجرّعوا غضض المعاصي ديوان
19)علو الهمة
يقول الشاعر:-
لا تحقرنَّ صغير الجسم تحسبه بالجسم يبلغ آفاقا وأمجادا
لكنها همم تسمو بصاحبها وهمتي ذكرت بي الدهر أحفادا
******************
وقال آخر:-
لا يدرك المجد إلا سيد فطن بما يشق على السادات فعال
لولا المشقة سادَ الناس كلهمو الجود يفقر والإقدام قتال
******************
وقال آخر:-
... ...
وكُلُّ شَجاعةٍ في المرء تُغنِي ... ولا مِثلَ الشّجاعة في الحَكِيمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيحًا ... وآفَتهُ مِنَ الفَهمِ السّقِيمِ
ولكِنْ تَأخذُ الآذان منهُ ... على قَدَرِ القَرائِحِ والعُلُومِ
******************
وقال آخر:-
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
******************
وقال آخر:-
موت التقي حياة لا نفاد لها ... قد مات قوم وهم في الناس أحياء )
******************
وقال آخر:-
تأخرتُ أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
******************
وقال آخر:-
قل للذي بصروف الدهر عيّرنا هل حارب الدهرُ إلا من له خطرُ
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقصى قعره دررُ
وفي السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف إلا الشمس والقمر
******************
وقال آخر:-
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ فهي الشهادة لي بأني كاملُ
******************
وقال آخر:-
سأترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه )
( إذا سقط الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه )
وتجتنب الأسود ورود ماء ... إذا كان الكلاب ولغن فيه )
( ويرتجع الكريم خميص بطن ... ولا يرضى مساهمة السفيه )(1/34)
******************
وقال آخر:-
هل أشرق الفجر إلا من مآذننا وهل همى الغيث إلا من مآقينا
حتى النجوم على هاماتنا سجدت والشمس في حسنها قامت تحيينا
******************
وقال آخر:-
دعنا نسافر في دروب آبائنا ... ... و لنا من الهمم العظيمة زاد
ميعادنا النصر المبين فإن يكن ... ... موت فعند إلهنا الميعاد
دعنا نمت حتى ننال شهادة ... ... فالموت في درب الهدى ميلاد
******************
وقالت إمرأة تزوجت الحجاج:-
وما هند إلا مهرة عربية ... سليلة أفراس تحللها بغل )
( فإن ولدت فحلا فلله درها ... وإن ولدت بغلا فجاء به البغل
******************
وقال آخر:-
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد **حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد **و دعه فإن العزم يكفيك حاملا
******************
وقال محمد إقبال:-
وخل الهوينا للضعيف ولا تكن **** نؤوما فإن الحزم ليس بنائم
همم الأحرار تحيي الرمما **** نفخة الأبرار تحيي الأمما
******************
وقال عبد الوهاب عزام:-
قلت للصقر وهو في الجو عال : **** اهبط الأرض فالهواء جديب
قال لي الصقر : في جناحي وعزمي **** وعنان السماء مرعى خصيب
******************
وقال وليد الأعظمي:-
قد نهضنا للمعالي و مضى عنا الجمود ورسمناها خطى للعز و النصر تقود
فتقدم يا أخا الإسلام قد سار الجنود ومضوا للمجد إن المجد بالعزم يعود
******************
وقال آخر:-
خذوا كل دنياكم واتركوا
فؤادي حرا طليقا غريبا
فاني أعظمكم ثروة و إن
خلتموني وحيدا سليبا
*****************
وقال آخر:-
في ضميري دائماً صوت النبي **** آمراً : جاهد و كابد و اتعب
صائحاً : غالب و طالب و ادأب **** صارخاً : كن أبداً حراً أبي
*****************
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
*****************
وقال آخر:-
علي قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتى علي قدر الكرم المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم(1/35)
*****************
وقال آخر:-
إذا غامرت في شرف مرومٍ ... فلا تقنع بما دون النجوم
وقال آخر:-
هيأوك لأمر لو فطنت له * فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
*****************
وقال آخر:-
فلا تحسبوا أن المعالي رخيصة ولا أن إدراك العلى هين سهل
فما كل من يسعى إلى المجد ناله ولا كل من يهوى العلا نفسه تعلو
*****************
وقال آخر:-
فكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا
*****************
وقال آخر:-
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ
*****************
وقال آخر:-
اطلب ولا تضجر من مطلبٍ فآفة الطالب أن يضجرا
****************
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
****************
وقال آخر:-
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمامِ
****************
وقال آخر::
ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محببُ
****************
وقال آخر:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابرِ
***************
وقال المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
وقال آخر:-
تراه من الذكاء نحيل جسمٍ عليه من توقده دليلُ
إذا كان الفتى ضخم المعالي فليس يضيره الجسم النحيلُ
20)قيام الليل
قال الشاعر:-
قلت يا ليل هل بجوفك سرُّ عامر بالحديث والأسرارِ
قال لم ألق في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحارِ
*****************
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود ... أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت عليهم من سكينتهم خشوع
*****************
وقال آخر:-
يا أيها الراقد كم ترقد ... قم يا حبيبي قد دنا الموعد )
( وخذ من الليل ولو ساعة ... تحظى إذا ما هجع الرقد )
( من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل لو يجهد )(1/36)
قل لذوي الألباب أهل التقى ... قنطرة الحشر لكم موعد
*****************
وقال آخر:-
يارجال الليل جدوا **** رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا **** من له عزم وجِدُّ
*****************
وقال آخر:-
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا **** ( الله أكبر ) في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب **** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة **** نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه و أعينهم **** من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب **** عن الصلاة ، ولا أكذوبة الكسل
****************
وقال عبد الوهاب عزام:-
قلت لليل : كم بصدرك سر **** أنبئني ما أروع الأسرار ؟
قال : ما ضاء في ظلامي سر **** كدموع المنيب في الأسحار
*****************
وقال آخر:-
تتجافى جنوبهم عن المضاجع
كلهم مابين خائف متهجد وطامع
تركوا لذة الكرى للعيون الهواجع
وأستهلّت عيونهم فائضات المدامع
ودعوا ياربنا ياجميل الصنائع
*****************
وقال آخر:-
يا مطولاً بالقيام مستلذاً بالمنام
قم فقد فاتك يا مغبون أرباح الكرام
وخلوا دونك بالمو لى وفازوا بالمرام
وكذا تسبقك القو م إلى دار السلام
*****************
وقال آخر:-
( يا راقدا والجليل يحفظه ... من كل سوء يكون في الظلم )
( كيف تنام العيون عن ملك ... يأتيك منه فوائد النعم )
*****************
و إنها تجربة إقبال يوجزها فيقول :
نائح والليل ساج سادل **** يهجع الناس و دمعي هاطل
تصطلي روحي بحزن وألم **** ورد ( يا قوم ) أنسي في الظلم
*****************
وقال آخر:-
أنا كالشمع دموعي غسلي **** في ظلام الليل أذكي شعلي
محفل الناس بنوري يشرق **** أنشر النور و نفسي أحرق
*****************
وقال وليد الاعظمي:-
ياليل قيامك مدرسة **** فيها القرآن يدرسني
معنى الإخلاص فألزمه **** نهجاً بالجنة يجلسني
و يبصرني كيف الدنيا **** بالأمل الكاذب تغمسني(1/37)
مثل الحرباء تلونها **** بالإثم تحاول تطمسنى
فأباعدها و أعاندها **** و أراقبها تتهجسني
فأشد القلب بخالقه **** والذكر الدائم يحرسني
*****************
وقال آخر:-
أألهتك الذائذ والاماني عن البيض الاوانس في الجنانِ
تعيش مخلَّداً لا موت فيها وتلهو في الجنان مع الحِسانِ
تنبه من منامك إنَّ خيراً من النوم التهجد بالقرآن ِ
*****************
وقال آخر:-
امنع جفونك أن تذوق مناما وذر الدموع على الخدود سجاما
وأعلم بأنك ميَّتٌ ومحاسب يا من على سخط الجليل قد أقاما
لله قومٌ أخلصوا في حبه فرضي بهم واختصهم خُداما
قومٌ إذا جنَّ الظلام عليهم باتوا هنالك سُجدا وقياما
****************
21)الصلاة:-
خسر الذي ترك الصلاة وخابا ... وأبى معادا صالحا ومآبا )
إن كان يجحدها فحسبك أنه ... أضحى بربك كافرا مرتابا )
( أو كان يتركها لنوع تكاسل ... غطى على وجه الصواب حجابا )
( فالشافعي ومالك رأيا له ... إن لم يتب حد الحسام عقابا )
( والرأي عندي للإمام عذابه ... بجميع تأديب يراه صوابا
*****************
22)أكل الحرام:-
يحجون بالمال الذي يجمعونه ... حراما إلى البيت العتيق المحرم )
( ويزعم كل منهمو أن وزره ... يحط ولكن فوقه في جهنم )
*****************
وقال آخر:-
إذا حججت بمال أصله دنس ... فما حجت ولكن حجت العير )
( ما يقبل الله إلا كل طيبة ... ما كل من حج بيت الله مبرور
23)البكاء من خشية الله :-
قال الشاعر:-
أنام على سهو و تبكي الحمائم **** وليس لها جرم ومني الجرائم
كذبت لعمرو الله لو كنت عاقلاً **** لما سبقتني بالبكاء الحمائم
*****************
وقال آخر:-
فاز من سبح والناس هجوع
يدفن الرغبة ما بين الضلوع
و يغشيه سكون و خشوع
ذاكراً لله والدمع هموع
سوف يغدو ذلك الدمع شموع
*****************
وقال آخر:-
عد إلى الله بقلب خاشع
وادعه ليلاً بطرف دامع
يتولاك بعفو واسع
24)التواضع :-(1/38)
تواضع لرب العرش علّك تُرفعُ فما خاب عبدٌ للمهيمن يخضعُ
وداوِ بذكر الله قلبك إنه لأشفى دواءٍ للقلب وأنفعُ
*****************
وقال آخر:-
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يرفع نفسه الى طبقات الجو وهووضيعُ
*****************
وقال آخر:-
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعةً فإن رفيع القوم من يتواضع
*****************
وقال آخر:-
ولا تمشِ فوق الارض إلا تواضعاً فكم تحتها قومٌ هُمُوا منك أرفعُ
وإن كنت في عزٍ رفيعٍ ومنعةٍ فكم مات من قومٍ هُمُوا منك أمنعُ
*****************
25)الخوف من الله :-
قال الشاعر:-
نوح الحمامك على الغصون شجاني ورأى العزول صبابتي فبكاني
إن الحمام ينوح من خوف النوى وأنا أنوح مخافة الرحمن
*****************
وقال رجل لابن المبارك: صف لي الوالهين بالله فقال: هم كما أقول لك:
مستوفدين على رحل كأنهم ... ركب يريدون أن يمضوا وينتقلوا
عفّت جوارحهم عن كل فاحشة ... فالصّدق مذهبهم والخوف والوجل
*****************
وقال آخر:-
خف الله وارجوه لكلِّ عظيمةٍ ... ... ولا تطع النَّفس الّلجوج فتندما
وكن بين هاتين من الخوف والرَّجا ... ... وأبشر بعفو الله إن كنت مسلما
*****************
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود ... ... أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت ... ... عليهم من سكينتهم خشوع
26)العقل والحكمة:-
قال الشاعر:-
ألم تر أن العقل زين لأهله ... ولكن تمام العقل طول التجارب
*****************
وقال آخر:-
إذا طال عمر المرء في غير آفة ... أفادت له الأيام في كرها عقلا
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يكن للمرء عقل فإنه ... وإن كان ذا بيت على الناس هين )
( ومن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقل من يتدين )
*****************
وقال الشاعر:-(1/39)
إني لآمن من عدو عاقل وأخاف خلا يعتريه جنون
فالعقل فن واحد وطريقه أدرى فأرصد و الجنون فنون
27)ذكر الله :-
يقول الشاعر:-
إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحياناً فننتكسُ
*****************
وقال آخر:-
وكن ذاكراً لله في كل حالةٍ فليس لذكر الله وقتٌ مُقيدُ
فذكر اله العرش سراً ومعلنا يُزيل الشفاء والهم عنك ويطردُ
ويجلب للخيرات دنيا وآجلا وإن يأتك الوسواس يوماً يشردُ
فقد أخبر المختار يوماً لصحبه بأن كثير الذكر في السبق المفردُ
*****************
وقال آخر:-
حنين قلوب العارفين إلى الذكر وتذكارهم وقت المناجاة للسر
أديرت كؤوس للمنايا عليهم فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي الشكر
همومهم جوالة بمعسكر به أهل ود الله كالأنجم الزهر
فأجسامهم في الأرض قتلى بحبه وأرواحهم في الحجب نحو العلاتسري
فما عرسوا إلا بقرب حبيبهم وما عرجوا من مس بؤس ولا ضر
28)الصالحين:-
قال الشاعر:-
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا **** ( الله أكبر ) في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب **** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة **** نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه و أعينهم **** من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب **** عن الصلاة ، ولا أكذوبة الكسل
*****************
ولم يقل ابن القيم باطلاً في وصفه لهم بأنهم :
يحيون ليلهم بطاعة ربهم **** بتلاوة ، وتضرع و سؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم **** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان ، وعند جهادهم **** لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجوههم أثر السجود لربهم **** وبها أشعة نوره المتلالي
*****************
وقال آخريصف المومن:-
واضح المنهج يسعى دون غش أو نفاقِ
راضي النفس، كبير القلب، يدعو للوفاقِ
قلبه المؤمن بالخالق مشدودَ الوثاقِ
نبضه الذاكر يمتد إلى السبع الطباقِ
*****************
ولسان كل واحد منهم يقول:-(1/40)
أنا لست إلاّ مؤمناً بالله في سري وجهري
أنا نبضة في صدر هذا الكون كيف يضيق صدري؟
أنا نطفة أصبحت إنساناً فكيف جهلت قدري؟
ولم الترفع عن تراب منه يكون قبري
إني لأعجب للفتى في لهوه، أو ليس يدري؟
أن الحياة قصيرة، والعمر كالأحلام يسري.
*****************
وقال آخر:-
أولئك قوم شيّد الله فخرهم ... فما فوقه فخر وإن عظم الفخر
29)القرآن:-
قال الشاعر:_
نعم السمير كتاب الله إن له حلاوة هي أحلى من جنيك الضرب
به فنون المعاني قد جمعن فما تفتر من عجب إلا إلى عجب
أمر ونهي وأمثال وموعظة وحكمة أودعت في أفصح الكتب
لطائف يجتليها كل ذي بصر وروضة يجتنيها كل ذي أدب
*****************
وقال آخر:-
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا بنورك هاديا
ألفاظه كعقود الدر ساطعة وآيه لظلام الجهل أقمار
رقت معانيه إذ دقت لطائفه فأمعنت فيه ألباب وأفكار
كفى به لأولي الألباب تبصرة أن أنصفوا وبحكم العقل ما جاروا
به هدى الله أقواما وأيدهم فأصبحوا وعلى المنهاج قد ساروا
*****************
وقال آخر:-
سمعتك يا قرآن والليل واجم سريت تهز الكون سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق نورها وسرنا على الأفلاك نملؤها أجرا
*****************
وقال ابْنَ رَوَاحَةَ رضي الله عنه:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ *** إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ من الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا *** بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ *** إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ
*****************
وقال آخر:-
جميع الكتب يُدرك من قراها مِِِلالٌ أو فتورٌ أوسآمة
سِوى القرآن فافهم واستمع لي وقول المصطفى ياذا الشهامة
وقال آخر:-
أعد ذكر قال الله قال رسوله هما المسك ما كررته يتضوَّع
*****************
30)الجنة:-
يا حبذا الجنة واقترابها
طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها(1/41)
كافرة بعيدة أنسابها
على إن لاقيتها ضرابها
*****************
ويقول ابن القيم في وصف الجنة:-
ياخاطب الحور الحسان وطالبا لوصالهن بجنة الحيوان *
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبت * بذلت ما تحوي من الأئمان
أو كنت تعرف أين مسكنها جعلت * السعي منك لها على الأجفان أسرع وحث السير جهدك إنما * مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدث بالوصال النفس وابذل * مهرها ما دمت ذا إمكان واجعل صيامك دون لقياها ويو * م الوصل يوم الفطر من رمضان واجعل نعوت جمالها الحادي وسر * نحو الحبيب ولست بالمتواني
واسمع إذن أوصافها ووصالها * واجعل حديثك ربة الإحسان
يا من يطوف بكعبة الحسن التي * حفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا * ومحسر مسعاه كل أوان
ويروم قربان الوصال على منى * والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو * ضع حلة منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا عن حبه * متجردا يبغي شفيع قران
ويظل بالجمرات يرمي قلبه * هذي مناسكه بكل زمان
الكراهة قد قضوا مناسكهم وقد * حثوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم * نحو المنازل ربة الإحسان
رفعت لهم في السير أعلام الوصا * ل فشمروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما مشرفا * ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا * فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغي سوى * محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه * والطرف منه مطلق بأمان
ويحار منه الطرف في الحسن الذي * فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها * سبحان معطي الحسن والإحسان
والطرف يشرب من كؤوس جمالها * فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها * كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها * والليل تحت ذوائب الأغصان
فيظل يععجب وهو موضع ذاك من * ليل وشمس كيف يجتمعان
ويقول سبحان الذي ذا صنعه * سبحان متقن صنعة الإنسان(1/42)
لا الليل يدرك شمسها فتغيب عند * مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل * يتصاحبان كلاهما أخوان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا * ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها * وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ * سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها * فيضيء سقف القصر بالجدران
ريانة الأعطاف من ماء الشبا * ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها * حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في * غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن في * حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه * عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقه وليس ثديها * بلواحق للبطن أو بدوان
*****************
لكنهن كواعب ونواهد * فثديهن كأحسن الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا * ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحلي بعاده فله مدى السأيام ! * وسواس من الهجران والمعصمان فإن تشأ شبههما * بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس * أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها * والخصر منهما مغرم بثمان
وعليه أحسن سرة هي زينة * للبطن قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحشوه * حبات مسك جل ذو الإتقان
وإذا نزلت رأيت أمرا هائلا * ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا * شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد حفا به حرسا له * فجنابه في عزة وصبيان
قاما بخدمته هو السلطان بينهما * وحق طاعة السلطان
وهو المطاع إذا هو استدعى الحبيب * أتاه طوعا وهو غير جبان
وجماعها فهو الشفاء لصبها * فالصب منه ليس بالضجران
وإذا أتاها عادت الحسناء بكرا * مثل ما كانت مدى الأزمان
وهو الشهي ألذ شيء هكذا * قال الرسول لمن له أذنان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا * يا رب معذرة من الطغيان
أقدامها من فضة قد ركبت * من فوقها ساقان ملتفان(1/43)
والساق مثل العاج ملموم به * كراهة العظام تناله العينان
والريح مسك والجسوم نواعم * واللون كالياقوت والمرجان
وكلامها يسبي العقول بنغمة * زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدلها * وتحبب للزوج كل أوان
فاجمع قواك لما هنا وغض من * ك الطرف واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قلا * مة ظفر واحدة من النسوان
ونصيفها خير من الدنيا وما * فيها إذا كانت من الأثمان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فإن * تفعل رجعت بذلة وهوان
وإذا بدت في حلة من لبسها * وتمايلت كتمايل النشوان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله * ورد وتفاح على رمان
وتبخترت في مشيها ويحق ذا * ك لمثلها في جنة الرضوان
*****************
ووصائف من خلفها وأمامها * وعلى شمائلها وعن أيمان
كالبدر ليلة تمه قد حف في * غسق الدجى بكواكب الميزان
فلسانه وفؤاده والطرف في * دهش وإعجاب وفي سبحان
تستنطق الأفواه بالتسبيح إذ * تبدو فسبحان العظيم الشان
والقلب قبل زفافها في عرسه * والعرس إثر العرس متصلان
حتى إذا واجهته تقابلا * أرأيت إذ يتقابل القمران
فسل المتيم الشياطين يحل الصبر عن * ضم وتقبيل وعن فلتان
حمار المتيم أين خلف صبره * في أي واد أم بأي مكان
حمار المتيم كيف حالته وقد * ملئت له الأذنان والعينان
من منطق رقت حواشيه ووج * ه كم به للشمس من جريان
حمار المتيم كيف عيشته إذا * وهما على فرشيهما خلوان
يتساقطان لآلئا منثورة * من بين منظوم كنظم جمان
حمار المتيم كيف مجلسه مع ال * محبوب في روح وفي ريحان
وتدور كاسات الرحيق عليهما * بأكف أقمار من الولدان
يتنازعان الكأس هذا مرة * والخود أخرى ثم يتكئان
فيضمها وتضمه أرأيت مع * شوقين بعد البعد يلتقيان
غاب الرقيب وغاب كل منكد * وهما بثوب الوصل مشتملان
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا * وحياة ربك ما هما ضجران
يا عاشقا هانت عليه نفسه * إذ باعها غبنا بكل هوان
أترى يليق بعاقل بيع الذي * يبقى وهذا وصفه بالفاني(1/44)
*****************
وقل آخر:-
لا تأسفن على الدنيا وما فيها ... ... فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
وأعمل لدار البقاء رضوان خازنها ... ... والجار أحمد والجبار بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
يامن يشتري الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها
*****************
31)القناعة :
يقول الشافعي:-
اذا ما كنت ذا قلب قنوع ... ... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ... ... فلا أرض تقيه ولا سماء
وارض الله واسعة ولكن ... ... اذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الايام تغدر كل حين ... ... فما يغني عن الموت الدواء
*****************
وقال الأضبط بن قريع:
اقنع من الدهر ما أتاك به ... ... من قر عيناً بعيشه نفعه
قد يجمع المال غير آكله ... ... ويأكل المال غير من جمعه
*****************
ولأبي عبد الله الصُّوري:
لمَّا رأيت النَّاس قد أصبحوا ... ... وهمَّة الإنسان ما يجمع
قنعت بالقوت فنلت المنى ... ... والفاضل العاقل من يقنع
ولم أنافس في طلاب الغنى ... ... علماً بأنَّ الحرص لا ينفع
*****************
وقال آخر:-
النفس تجزع أن تكون فقيرة ... والفقر خير من غناً يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت ... فجميع ما فى الأرض لا يكفيها
هى القناعة فالزمها تكن ... ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير الطيب والكفن
*****************
وقال آخر:-
ولحم الضأن تأكله الكلاب ... تموت الأسد في الغابات جوعا
وذو نسب مفارشه التراب ... وعبد قد ينام على حرير
*****************
ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ... ولن ترى قانعا ما عاش مفتقرا
والعرف من يأته تحمد عواقبه ... ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا
*****************
وقال عبد الله بن المبارك
لله درّ القنوع من خلق! ... ... كم من وضيع به ارتفعا؟!
يضيق الفتى بحاجته ... ... ومن تأسى بدونه اتسعا
*****************
وقال آخر
( اقنع بأيسر رزق أنت نائله ... واحذر ولا تتعرض للإرادات )
((1/45)
فما صفا البحر إلا وهو منتقص ... ولا تعكر إلا في الزيادات )
*****************
وقال آخر:-
( هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن منك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن )
*****************
وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه
( قنعت بالقوت من زماني ... وصنت نفسي عن الهوان )
( خوفا من الناس أن يقولوا ... فضل فلان على فلان )
( من كنت عن ماله غنيا ... فلا أبالي إذا جفاني )
( ومن رآني بعين نقص ... رأيته بالتي رآني )
( ومن رآني بعين تم ... رأيته كامل المعاني )
*****************
وها هي ميسون بنت بحدل الكلبيّة أم يزيد بن معاوية تنفر من قصور معاوية بن أبي سفيان ومن مظاهر الأبّهة فيها، وتحنّ إلى مسقط رأسها في البادية، وتنشد قائلة:
لبيت تخفق الأرواح فيه ... أحبّ إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقرّ عيني ... أحبّ إليّ من لبس الشفوف
وأكل كسيرة في كسر بيتي ... أحبّ إليّ من أكل الرغيف
وكلب ينبح الطراق دوني ... أحبّ إليّ من قط ألوف
وأصوات الرياح بكل فجّ ... أحبّ إليّ من نقر الدفوف
وخرق من بني عمي نحيف ... أحبّ إليّ من علج عليف
خشونة عيشتي في البدو أشهى ... إلى نفسي من العيش الظريف
فلما سمع معاوية الأبيات قال لها: ما رضيت ـ يا ابنة بحدل ـ حتى جعلتني علجًا عليفا، وقال لها: كنت فبنت، فقالت: لا والله، ما سررنا إذا كنا، ولا أسفنا إذا بنّا.
*****************
وقال آخر:-
رغيف خبز يابس تأكله في عافية
وكوز ماء بارد تشربه من صافية
وغرفة ضيقة نفسك فيها راضية
ومصحف تدرسه مستندًا لسارية
*****************
وقال آخر:-
يا جامعا مانعا والدهر يرمقه مقدرا أى باب منه يغلقه
مفكرا كيف تأتيه منيته أغاديا أم بها يسرى فتطرقه
جمعت مالا فقل لى هل جمعت له يا جامع المال أياما تفرقه
المال عندك مخزون لوارثه ما المال مالك إلا يوم تنفقه
أرفه ببال فتى يغدو على ثقة أن الذى قسم الأرزاق يرزقه(1/46)
فالعرض منه مصون مايدنسه والوجه منه جديد ليس يخلقه
إن القناعة من يحلل بساحتها لم يبق فى ظلها هم يؤرقه.
32)النصر :-
قال أبو محمد المقدسي:-
أخي إننا ما أسأنا الظنون بوعد الإله القوي المتين
وما زادنا القيد إلا ثباتاً وما زادنا السجن إلا يقين
وما زاد تعذيب إخواننا وقتل الدعاة ولو بالمئين
سوى رفع راية إيماننا وإظهار توحيد حق ودين
سنسقي غراسك توحيدنا ببذل الدماء وقطع الوتين
ونُعلي لواءك إسلامنا بهام الرجال وصبر متين
لتظهر رغم أنوف الطغاة وتعلو وتُنشر في العالمين
ولن ننثني عن جهاد الطغاة ولن ننحرف عن سبيل الأمين
فمادام نور الإله المبين يشع بأفئدة المؤمنين
فلن نخذل الحق مهما لقينا ولن نضعفنّ ولن نستكين
ولن ننحرف عن طريق الكفاح ولن نتضرّر بالمرجفين
سنمضي على الدرب رغم الجراح ورغم الدماء ورغم الأنين
لنا أسوةٌ في رجالٍ مضوا على الدرب كانوا به شامخين
فهذا بلالٌ مضى للجنان ولم ينحرف خشية المشركين
وذاك صهيبٌ أخو المتقين يبيع الحياة ليربح دين
ومصعب يترك عيش النعيم ويأبى يظل مع المترفين
يعيش لينصر ديناً عظيماً ويمضي شهيداً مع الخالدين
مئات ألوف من الصادقين قضوا في ثباتٍ مضوا في يقين
فريق قضى وفريق مقيم وما بدّلوا بل بقوا ثابتين
ونحن على إثرهم سائرون بعون الإله لنصرة دين
فهذي الطريق طريق الأباة وهذي معالم دين متين
ومن رام حقاً دخول الجنان وشاء العناق لحورٍ وعين
فلا بد من تبعات الطريق ولابد من بذل مهرٍ ثمين
*****************
33)الثبات وقول الحق :
قال الشاعرجمال فوزي:-
سأظلّ حراّ ما حييت مندّدا بالبطش بالجبروت والطغيان
روحي على كفّي فداء عقيدة في ظلّها الوافي اتخذت مكاني
ويظلّ صوتي ما حييت مجلجلا ذوق المهانة ليس في إمكاني
*****************
وقال أحمد فرح:-
لهفي على العرب أعلاما ممزقة وراءها كل طبّال و زمّار
تقسّمتنا شعارات يروّجها في شعبنا كل طاغوت وغدّار(1/47)
و صوّروه عدوا متّهما وسلّطوا كل هتّاف و ثرثار
إن الشعوب إذا ضلّت حقيقتها أمسى بها العبد نخّاسا لأحرار
والجيش من دون إيمان ومعتقد ظأن يساق إلى حانوت جزّار
*****************
وقال محمد محمود الزبيري:-
علت بروحي هموم الشعب وارتفعت بها إلى فوق ما كنت ابغيه
وخوّلتني الملايين التي قتلت حق القصاص على الجلاّد أمضيه
أحارب الظلم مهما كان طابعه البرّاق أو كيفما كانت أساميه
سيّان من جاء باسم الشعب يظلمه أو جاء من- لندن- بالبغي يبغيه(
*****************
وقال محمد حمود الصديق:-
يا دعوة الحقّ سيري رغم أنفهم وجلجلي في الورى فخرا وإيمانا
لن نستكين لمغرور يحاربنا مهما تطاول إلحادا و نكرانا
*****************
وقال جمال فوزي:-
أيها الناس أجيبوا دعوة الحق المبين
إنها دعوة إيمان برب العالمين
شرعت ما يسعد الإنسان في دنيا ودين
أطلقت فيه قوى الخير وروح الطامحين
ارجعوا لله للحق ... وكونوا مسلمين
*****************
ويقول هاشم الرفاعي في قصيدته الرائعة ( رسالة في ليلة التنفيذ ) والتي صوّر فيها محكوماً بالإعدام يخاطب أباه في أخر ليلة من عمره قبل تنفيذ حكم الإعدام .. والتي مطلعها :-
*****************
أبتاه ماذا قد يخطُّ بَنَاني ... ... والحبل والجلاد ينتظراني
هذا الكتاب إليك من زنزانة مقرورة صخرية الجدرانِ
لم تبق إلا ليلة أحيَا بها وأَحسّ أنّ ظلامها أكفاني
قد عشت أُوقن بالإله ولم أذق إلا أخيراً لذة الإيمان
إلى الى أن يقول:
والصمت يقطعه رنين سلاسل عبثت بهنّ أصابع السجّان
من كوّةٍ في الباب يرقب صيده ويعود في أمن إلى الدورانِ
أنا لا أحس بأي حقدٍ نحوه
ماذا جنى فتمسه أضغاني
*****************
وقال خبيب بن عدي رضي الله عنه والكفار يحاولوا صلبه:-
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدي العداوة جاهرٌ ... عليّ لأنِّي فِي وصالٍ بمضبع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم ... وقربت من جذع طويل مُمنع(1/48)
إلَى الله أشكو غربتي ثم كربتي وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فيا رب صبرنِي على ما يراد بِي فقد بضعوا لحمي وقد يئس مطمعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه وقد هَملت عيناي من غيْر مجزع
وما بِي حذار الموت إنِّي لميت ولكن حذار جسم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتَل مسلمًاعلى أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك فِي ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
ولست بِمبدٍ للعدو تَخشّعًاولا جزعًا إنِّي إلى الله مرجعي
*****************
وقال آخر:-
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
*****************
وقال آخر:-
أماه لا تجزعي فالحافظ الله إنا سلكنا طريقًا قد خبرناه
على حفافيه يا أماه مرقدنا ... ومن جماجمنا ترسو زواياه
أماه هذا طريق الحق فابتهجي بسلم باع للرحمن دنياه
هزأت بالأرض والشيطان يعرضها في زيفها ببريق الذل حلاه
عشقت موكب رسْل الله فانطلقت روحي تحوم في آفاق رؤياه
لا راحة دون تحليق بساحتهم ولا هناءَ لقلبي دون مغناه
*****************
وقال آخر:-
ولا تري للأعادي قط ذلا ... ... فان شماتة الأعداء بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ... ... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ... ... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ... ... ولا بؤس عليك ولا رخاء
*****************
وقال آخر:-
كلوا اليوم من رزق الإ له وأبشروا ... فإن على الخلاق رزقكم غدا )
*****************
وقال آخر:-
قالوا? العروبة. قلت ? دين محمد إنّا به لا بالعروبة نهتدي
هي قالب الإسلام إمّا أفرغت منه فقد صارت مطيّة ملحد
يا من يريد الجاهلية منهجا يدعو إليه ويا لسوء المورد
أيقال إنّك نابه متقدّم كذبوا عليك ... لقد نصحتك فاقعد
بل أنت في رجعية مذمومة وتقهقر نحو المتاه الأبعد
*****************
وقال عصام العطار:-
يا دعوة الحق إنّا لا نزال على درب العقيدة لم نحجم ولم نخب
نغدو على ساحة الإسلام عن ثقة ولو صلبنا على الأعواد والقصب
*****************(1/49)
وقال آخر:-
من عتمة السجن بل من نور إيماني) ومن فؤادي بل من نزف شرياني
أخط دعوتي بدمي على ورق (أعددته في غد الأيام أكفاني)
أتعرفين جريمتي يا أم أو تهمي تلك التي من أجلها زجوا بجثماني
ومزقوا جسدي من بعد ما يئسوا عن دحر دعوتي أو من نزع إيماني
لأنني عشت لا أرضى بطاغية ولا أذل لطاغوت وخوان
لأنني لم أرتض صمتا يخلصني من بطش جلادهم أو ظلم سجان
جريمتي أنني لا زلت أعلنها براءتي من كفرهم جهرا بأوطاني
فلا تقولي أضعت العمر في محن فإنها منح من فضل رحمن
ولا تقولي صغارك لست ترحمهم فالله يرحمهم والله يرعاني
*****************
وقال آخر:
أخي قد سرت من يديك الدماء ... ... أبت أن تُشلّ بقيد الإماء
سترفعُ قُربانها للسماء ... ... مخضبة بدماء الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ... ... وألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحأيا يواسي الجراح ... ... ويرفع راياتها من جديد
*****************
وقال آخر:
ما يضر البحر أمسى زاخراً ... ... أن رمى فيه غلام بحجر
*****************
وقال آخر:-
أنا الحسام بريق الشمس في طرفٍ مني وشفرة سيف الهند في طرفٍ
فلا أبالي بأشواك ولا مِحَن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي
ماض فلو كنت وحدي والدُّنَا صرخت بي قف لسرت فلم أُبطئ ولم أقفِ
*****************
وقال آخر:-
كل بذل إذا العقيدة ريعَتْ *** دون بذل النفوس نذر زهيد
مسلم يا صعاب لن تقهريني *** في فؤادي زمازم ورعود
لا أبالي ولو أُقيمت بدربي *** وطريقي حواجز وسدود
من دمائي في مقفرات البراري *** يطلع الزهر والحياة والورود
*****************
وقال آخر:-
أخي إن ذرفت علىّ الدموع ... ... وبللّت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ... ... وسيروا بها نحو مجد تليد
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا ... ... فروْضاتُ ربي أعدت لنا
وأطيارُها رفرفت حولنا ... ... فطوبى لنا في ديار الخلود
*****************
وقال آخر:-
أخي أخذوك على إثرنا ... ... وفوج على إثر فجرٍ جديد
فإن أنا مُتّ فإني شهيد ... ... وأنت ستمضي بنصر مجيد(1/50)
قد اختارنا الله في دعوته ... ... وإناسنمضي على سُنته
فمنا الذين قضوا نحبهم ... ... ومنا الحفيظ على ذِمته
أخي فامض لا تلتفت للوراء ... ... طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت ههنا أو هناك ... ... ولاتتطلع لغير السماء
***************
وقال وليد الاعظمي:
مهما عتا الأقزام والأعبد
و لوحوا بالقيد أو هددوا
عن نصرة الإسلام هل أقعد
لا ، سوف أبقى دائماً أنشد
بفجره لا بد يأتي الغد
33)الرزق والتوكل :-
أنشد ابن أبي الدنيا:
ومن ظنّ أنَّ الرِّزق يأتي بحيلةٍ فقد كذَّبته نفسه وهو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السُّرى وآخر يأتي رزقه وهو نائم
فما الفقر في ضعف احتيالٍ ولا الغنى بكدٍّ وللأرزاق في النَّاس قاسم
سأصبر إن دهرٌ أناخ بكلكلٍ وأرضى بحكم الله ما الله حاكم
لقد عشت في ضيقٍ من الدَّهر مدَّةً وفي سعةٍ والعرض منِّي سالم
*****************
ومما يروي لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيه نظر:
لو كان صخرةٍ في البحر راسيةٍ ... ... صمَّاء ملمومةٍ ملسٍ نواحيها
رزقٌ لعبدٍ يراه الله لانفلقت ... ... حتَّى يؤدَّي إليه كلُّ ما فيها
أو كان تحت طباق السَّبع مطلبها ... ... لسهَّل الله في المرقى مراقيها
حتَّى تؤدَّي الَّذي في الَّلوح خطّ له ... ... إن هي أتته وإلاَّ سوف يأتيها
*****************
وأنشد ابن الأعرابي:
الحمد لله ليس الرِّزق بالطَّلب ... ... ولا العطايا لذي عقلٍ ولا أدب
إن قدّر الله شيئاً أنت طالبه ... يوماً وجدت إليه أقرب السبب
وإن أبى الله ما تهوى فلا طلبٌ ... ... يجدي عليك ولو حاولت من كثب
وقد أقول لنفسي وهي ضيِّقةٌ ... وقد أناخ عليها الدَّهر بالعجب
صبراً على ضيقة الأيَّام إنّ لها ... فتحاً وما الصَّبر إلاّ عند ذي الأدب
سيفتح الله أبواب العطاء بما ... ... فيه لنفسك راحاتٌ من التّعب
ولو يكون كلامي حين أنشره ... من الُّلجين لكان الصَّمت من ذهب
****************
وقال آخر:
كم من قويٍّ قويٍ في تقلُّبه ... ... مهذّب الرأي عنه الرِّزق منحرف
وكم ضعيفٍ ضعيف الرأي تبصره ... ... كأنه من خليج البحر يغترف(1/51)
*****************
وقال آخر:
لاَ تَطْلُبَنَّ مَعِيشَةً بِتَذَلُّلٍ فَلَيَأْتِيَنَّكَ رِزْقُك الْمَقْدُورُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك آخِذٌ كُلَّ الَّذِي لَك فِي الْكِتَابِ مُقَدَّرٌ مَسْطُورُ
*****************
وقال آخر:
توكَّل على الرَّحمن في كلِّ حاجةٍ ... ولا تؤثرنّ العجز يوماً على الطّلب
ألم تر أن الله قال لمريم ... إليك فهزِّي الجذع يسَّاقط الرُّطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزِّها ... جنته ولكن كلُّ شيءٍ له سبب
*****************
وقال آخر:
ما يغلق الله باب الرِّزق عن أحدٍ ... ... إلاَّ سيفتح دون الباب أبوابا
*****************
وقال آخر:
الرّزق يأتي قدراً على مهل ... ... والمرء مطبوعٌ على حبّ العجل
*****************
وقال آخر:
يا راكب الهول والآفات والهلكة ... ... لا تعجلنَّ فليس الرِّزق بالحركة
من غير ربَّك في السَّبع العلى ملكاً ... ... ومن أدار على أرجائها فلكه
أما ترى البحر والصَّيَّاد تضربه ... ... أمواجه ونجوم الَّليل مشتبكة
يجرّ أذياله والموج يلطمه ... ... وعقله بين عينه كلكل السَّمكة
حتَّى إذا راح مسروراً بها فرحاً ... ... والحوت قد شكّ سفُّود الرَّدى حنكة
أتى إليك به رزقاً بلا تعبٍ ... ... فصرت تملك منه مثل ما ملكه
لطفاً من الله يعطي ذا بحيلته ... ... هذا يصيد وهذا يأكل السَّمكة
*****************
وقال آخر:-
لاتخضعنَّّ لمخلوق على طمع ... ... فإن ذاك مضرّ منك بالدين
واسترزق الله مما في خزائنه ... ... فإنما هي بين الكاف والنون
ألا ترى: كلّ من ترجو وتأمله ... ... من البريّة مسكين بن مسكين
****************
وقال آخر:-
إني رأيتك قاعدا مستقبلي ... فعلمت أنك للهموم قرين )
( هون عليك وكن بربك واثقا ... فأخو التوكل شأنه التهوين )
( طرح الآذى عن نفسه في رزقه ... لما تيقن أنه مضمون
*****************
وقال آخر:-
توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت بأن الله لاشك رازقي
وما يك من رزقٍ فليس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله ولو لم يكن مني اللسان بناطق(1/52)
ففي أي شيءٍ تذهب النفس حسرةً وقد قسَّم الرحمن رزق الخلائق
34)صلة الرحم:-
قال بعضهم
( وإذا رزقت من النوافل ثروة ... فامنح عشيرتك الأداني فضلها )
( واعلم بأنك لم تسود فيهم ... حتى ترى دمث الخلائق سهلها )
*****************
وقال آخر:-
وحَسْبُكَ من ذلٍّ وسوءِ صنيعةٍ *** مناواةُ ذي القربى وإن قيل: قاطعُ
ولكنْ أواسيه وأنسى عيوبَه *** لِتُرْجِعَهُ يوماً إليَّ الرواجعُ
ولا يستوي في الحكِم عبدانِ: *** واصلٌ وعبدٌ لأرحامِ القرابةِ قاطعُ
****************
وقال المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي *** وبين بني عمِّي لَمُختلفٌ جِدّا
إذا قدحوا لي نارَ حربٍ بزندهم *** قدحت لهم في كلِّ مكرمةٍ زندا
وإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهُمْ *** وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
ولا أَحْمِل الحقدَ القديمَ عليهمُ *** وليس رئيسُ القومِ مَنْ يَحْمِلُ الحقدا
وأعطيهمُ مالي إذا كنت واجداً *** وإن قلّ مالي لم أكَلّفْهمُ رِفْدا
*****************
وقال آخر:-
رَأَيْت صَلاَحَ الْمَرْءِ يُصْلِحُ أَهْلَهُ وَيُعْدِيهِمْ عِنْدَ الْفَسَادِ إذَا فَسَدْ
يُعَظَّمُ فِي الدُّنْيَا بِفَضْلِ صَلاَحِهِ وَيُحْفَظُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الاهْلِ وَالْوَلَدْ
*****************
وقال آخر:-
مَنْ كان يَحْلُم أن يسودَ عشيرةً *** فعليه بالتقوى ولينِ الجانب
ويغضَّ طرفاً عن مساوي من أسا *** منهم ويحلم عند جهل الصاحب
35)ذم الحرص :
قال الشاعر
لا تحمدنَّ أخا حرصٍ على سعةٍ ... ... وانظر إليه بعين الماقت القالي
إنّ الحريص لمشغول بشوقته ... ... عن السُّرور بما يحوي من المال
***************
وقال محمود الوراق أيضاً:
علام يشقى الحريص في طلب الرِّز ... ... ق بطول الرَّواح والدَّلج
يا قارع الباب ربّ مجتهدٍ ... ... قد أدمن القرع ثم لم يلج
وربّ مستولجٍ على مهلٍ ... ... لم يشق من قرعه ولم يهج
فاطو على الهمِّ كشح مصطبرٍ ... ... فآخر الهمِّ أول الفرج
وكان المأمون يعجبه قول أبي العتاهية:(1/53)
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو ... ... أذلَّ الحرص أعناق الرِّجال
أخذه أبو الفتح الملقب بكشاجم فقال:
بالحرص في الرِّزق ذّل الفتى ... ... وفي القنوع الشَّرف الشَّامخ
قال أبو عمر: وشعر أبي العتاهية الذي فيه هذا البيت الذي أعجب المأمون:
نعى نفسي إليّ من الَّليالي ... ... تصرُّفهنَّ حالاً بعد حال
فما لي لست مشغولاً بنفسي ... ... ومالي لا أخاف الموت مالي
لقد أيقنت أنِّي غير باقٍ ... ... ولكنِّي أراني لا أبالي
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو ... ... أذلّ الحرص أعناق الرِّجال
هب الدُّنيا تساق إليك عفواً ... ... أليس مصير ذاك إلى زوال
فما ترجو بشيءٍ ليس يبقى ... ... وشيكاً ما تغيِّره الَّليالي
*****************
وقال ابن الرومي:
لعمرُك ما الدُّنيا بدارِ إقامةٍ ... ... إذا زال عن عَيْنِ البصيرِ غِطاؤها
وكيف بقاءُ الناسِ فيها وإنما ... ... يُنال بأسْبَاب الفَنَاء بقاؤها؟
*****************
وقال الشاعر:-
قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعب
*****************
وقال محمد بن نصر المديني
. .. يا كثير الحرص مشغولا ... بدنيا ليس تبقى ...
مارأيت الحرص أدنى ... من حريص قط رزقا ..
. لا ولكن في قضاء الله ... أن يعيا ويشقى ..
. تعرف الحق ولكن ... لا ترى للحق حقا
*****************
وقال الشاعر:
وذي حرص تراه يلم وفرا ... لوارثه ويدفع عن حماه )
( ككلب الصيد يمسك وهو طاو ... فريسته ليأكلها سواه )
*****************
وقال الشاعر:-
إذا ما نازعتك النفس حرصا ... فأمسكها عن الشهوات أمسك )
( ولا تحرص ليوم أنت فيه ... وعد فرزق يومك رزق أمسك )
*****************
وقال آخر:-
حتى متى أنا في حل وترحال وطول سعي وإدبار وإقبال
ونازح الدار لا أنفك مغتربا عن الأحبة لا يدرون ما حالي
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتاني الرزق في دعه إن القنوع الغني لا كثرة المال
*****************
وقال آخر
((1/54)
يفنى الحريص بجمع المال مدته ... وللحوادث ما يبقى وما يدع )
( كدودة القز ما تبنيه يهلكها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع )
****************
وقال آخر:-
أراك يزيدك الإثراء حرصا على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوما إليها قلت حسبي قد رضيت
36)الجهاد
:
كتب عبد الله بن المبارك وكان يرابط في ثغر من ثغور المسلمين إلى الفضيل بن عياض يقول:-
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ... ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم، ونحن عبيرنا ... ... رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ... ... قول صحيح صادقٌ... لا يكذب
لا يستوي وغبار أهل الله في ... ... أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ... ليس الشهيد بميت لا يكذب
*****************
وقال آخر:-
لا خيرَ في حقٍّ إذا لم تَحْمِه *** حِلقُ الحديدِ وألسنُ النيرانِِ
*****************
وقال الشاعر:-
وكان أبو محجن الثقفي قد حبس وقُيّد في القصر، فأتى سلمى بنت خَصفة امرأة سعد، فقال لها: هل لك إلى خير؟! قالت: وما ذاك؟ قال: تخلين عنّي وتعيرينني البلقاء ـ وهو فرس سعد ـ فللَّه عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في قيدي، وإن أُصِبت فما أكثر من أن أفلت، فقالت: ما أنا وذاك، فقال حزينًا على نفسه والأبطال في حلبة القادسية وهو مقيّد:
كفى حُزنًا أن تُرد الخيل بالقنا ... وأُترك مشدودًا عليَّ وثاقيا
إذا قُمت عنّاني الحديد وغُلقت مصاريع دونِي قد تصمّ المناديا
وقد كنت ذا مالٍ كثيرٍ وإخوة فقد تركونِي واحدًا لا أخا لِيا
وقد شق جسمي أنني كلَّ شارفٍ أعالِج كبلاً مصمتًا قد برانيا
فللَّه درّي يوم أُتركَ موثقًا ويذهل عنّي أُسرتي ورجاليا
حبست عن الحرب العوان وقد بدت أعمال غيْري يوم ذاك العواليا
وللَّه عهد لا أخيس بعهده لئن فُرّجت أن لا أزور الحوانيا(1/55)
فسمعت سلمى زوجة سعد بن أبي وقاص منه وهو يردد هذه الأبيات فقالت: إني استخرت الله، ورضيت بعهدك، فأطلقته
قال سعد بعد أن راه في المعركة ابلى بلاء حسنا لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلت: إنها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله، إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا، فقصت عليه قصته. فدعا به، فحلّ قيوده، وقال: لا نجلدك على الخمر أبدا، قال أبو محجن: وأنا ـ والله ـ لا أشربها أبدًا.
*****************
وقال آخر:
يا بني قومنا سراعاً إلى الله فقد فاز من يموت شهيدا
سارعوا سارعوا إلى جنة قد فاز من جاءها شهيداً سعيدا
والبسوا حلة من الكفن الغا لي وبيعوا الحياة بيعاً مجيدا
*****************
وإلى كل مجاهد يجاهد لإعلاء كلمة الله ، إلى المرابطين على ثغور الإسلام ، إلى كل داعية يدعو إلى الله سبحانه وتعالى . نهديه هذه القصيدة للشهيد سيد قطب - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله- :
أخي أنت حرٌّ وراء السدود ..... أخي أنت حرٌّ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما .... فماذا يضيرك كيد العبيد؟!!
أخي:ستُبيد جيوش الظلام .... ويُشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها .... ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي: قد أصابك سهم ذليل .... وغدرا رماك ذراع كليل
ستُبتَر يوماً فصبرٌ جميل .... ولم يدمَ بعدُ عرين الأسود
أخي: قد سرت من يديك الدماء .... أبت أن تُشلَّ بقيد الإماء
سترفع قربانها للسماء ...... مخضبة بوسام الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ .... وألقيتَ عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ؟..... ويرفع راياتها من جديد
أخي: إنني اليوم صلب المراس ... أدكُّ صخور الجبال الرواسي
غدا سأشيحُ بفأسي الخلاص ... رؤوس الأفاعي إلى أن تبيد
أخي: إن ذرفت عليَّ الدموع ... وبللت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ... وسيروا بها نحو مجد تليد
أخي: إنْ نمتْ نلقَ أحبابنا .... فروضات ربي اُعدَّت لنا(1/56)
وأطيارها رفرفت حولنا ... فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إنني ما سئمتُ الكفاح ... ولا أنا ألقيتُ عني السلاح
فإنْ انا متُّ فإني شهيد ..... وأنت ستمضي بنصر مجيد
ساثار ولكن لرب ودين ... وأمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام ... وإما إلى الله في الخالدين .
قد اختارنا الله في دعوته .... وإنا سنمضي على سنته
فمنا الذين قضوا نحبهم .... ومنا الحفيظ على ذمته
أخي: فامضِ لاتلتقت للوراء ... طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت هنا أو هناك .... ولا تتطلع لغير السماء
37)الدعاء والذل لله :
أنشد عبد الله بن محمد بن يوسف رحمه الله لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف ... ... على وجلٍ ممَّا به أنت عارف
يخاف ذنوباً لم يغب عنك غيبها ... ... ويرجوك فيها فهو راجٍ وخائف
فمن ذا الّذي يرجو سواك ويتَّقي ... ... ومالك من فصل القضاء مخالف
فياسيّدي لا تخزني في صحيفتي ... ... إذا نشرت يوم الحساب الصَّحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما ... ... يصدُّ ذوو ودِّي ويجفو المؤالف
لئن ضاق عنِّي عفوك الواسع الَّذي ... ... أرجِّى لإسرافي فإنِّي لتالف
*****************
وقال آخر:-
واحسرتي ، واشِقوتي **** من يوم نشر كتابيه
وأطولَ حُزني إن أكن **** أوتيته بشماليه
وإذا سُئلت عن الخَطأ **** ماذا يكون جوابيه ؟
و احَرَّ قلبي أن يكونَ **** مع القلوب القاسية
كلا ولا قدمت لي **** عملاً ليوم حسابية
بل إنني لشقاوتي **** وقساوتي و عذابيه
بارزت بالزلات في **** أيام دهرٍ خاليه
من ليس يخفى عنه من *** قُبح المعاصي خافية
*****************
وقال آخر:-
وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيّقٌ *** عليَّ فما ينفك أن يتفرّجا
وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا
*****************
وقال آخر:-
يا مالكي يا خالقي يا رازقي ... ... يا من إليه تحركي وسكوني
إني ضعيف عن عذابك سيدي ... ... ومقصر عن حمل قبيح ذنوبي
*****************
ولله در الشيخِ المَكُّوديَّ إذ يقول:(1/57)
إذا عرضت لي في زمانيَ حاجةٌ *** وقد أشكلت فيها عليَّ المقاصدُ
وقفت بباب الله وقفةَ ضارعٍ *** وقلت: إلهي إنني لك قاصدُ
ولست تراني واقفاً عند باب مَنْ *** يقول فتاهُ: سيديْ اليومَ راقدُ
*****************
وقال آخر:-
اطلب ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
*****************
وقال بعضهم في وصف دعوة:
وربَّ ظلومٍ قد كُفِيتُ بحربهِ *** فَأَوقعَه المقدورُ أيَّ وقوعِ
فَما كان ليْ الإسلامُ إلا تَعَبُّداً *** وأدعيةً لا تُتَّقى بدروعِ
وحسبك أن ينجو الظلومُ وَخَلْفَهُ *** سهامُ دعاءٍ من قِسِيِّ ركوعِ
مُرَيَّشةً بالهدب من كل ساهرٍ *** ومنهلةً أطرافها بدموعِ
*****************
وقال آخر:-
أيا من ليس لي منه مجيرُ بعفوك من عذابك أستجيرُ
أنا العبد المقر بكل ذنبٍ وأنت السيد الصمد الغفورُ
فإن عذبتني فبسوء فعلي وإن تغفر فأنت به جديرُ
أفر إليك منك وأين إلا يفر إليك منك المستجيرُ
*****************
وقال آخر:
يا عظيم الجلال أنت ملاذي ... ... حين أحيى وغايتي لمعادي
بك أرجو النجاة من كل كرب ... ... فارحم اليوم عبرتي وسهادي
لست أدري ماذا تحاول ... ... نفسي من فساد يا منقذي من فسادي
*****************
وقال آخر:
إلهي لا تعذبني فإني ... ... مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي ... ... وعفوك إن عفوت وحسن ظني
وكم من زلة لي في الخطايا ... ... وأنت علي ذو فضل ومن
إذا فكرت في جرمي عليها ... ... قرعت أناملي غيظا بسني
يظن الناس بي خيراً وإني ... ... أشر الناس إن لم تعف عني
****************
وأنشد أعرابي
( أيا مالك لا تسأل الناس والتمس ... بكفيك فضل الله فالله أوسع )
( ولو تسأل الناس التراب لأوشكوا . إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا )
*****************
وقال آخر:-
وإذا شكوت إلى العباد فإنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
*****************
وقال آخر:-
الهي فاز من ناداك ربي أتاه الخير حقاً والقبول(1/58)
الهي قلت أدعوني أُجبكم فهاك العبد يدعو يا وكيل
*****************
وقال آخر:-
لقد مددت يدي بالذل مُفتقراً إليك ياخير من مُدت اليه يدي
فلا تدنها يارب خائبةً فبحر جودك يروي بحر كل من يرد
*****************
وقال آخر:-
من لاذ بالله نجا فيمن نجا ... من كل ما يخشى ونال ما رجا )
( سبحان من نهفوا ويعفوا دائما ... ولم يزل مهما هفا العبد عفا )
( يعطي الذي يخطي ولا يمنعه ... جلاله من العطا لذي الخطا
*****************
وقال الأصمعي بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
( قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حي يا قيوم لم تنم )
( أدعوك ربي حزينا هائما قلقا ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم )
إن كان جودك لا يرجوه ذو سفه .. فمن يجود على العاصين بالكرم )
ثم بكى بكاء شديدا وأنشد يقول
( ألا أيها المقصود في كل حاجتي . شكوت اليك الضر فارحم شكايتي )
( ألا يارجائي أنت تكشف كربتي . فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي )
( أتيت بأعمال قباح رديئة ... وما في الورى عبد جنى كجنايتي )
( أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي ثم أين مخافتي )
ثم سقط على الارض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم أجمعين
*****************
وقال آخر:-
إن الملوك إذا شابت عبيدهمو في رقهم عتقوهم عتق أبرار
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار
*****************
وقال سلم الخاسر
( إذا أذن الله في حاجة ... أتاك النجاح على رسله )
( فلا تسأل الناس من فضلهم ... ولكن سل الله من فضله )
*****************
وقال محمود الوراق
( شاد الملوك قصورهم وتحصنوا ... من كل طالب حاجة أو راغب )
( فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن ... يا ذا الضراعة طالبا من طالب )
*****************(1/59)
وقال آخر:-
وإذا رُميت من الزمان بشدة وأصابك الامر الاشق الاصعب
فأضرع لربك إنه أدنى لمن يدعوه من حبل الوريد وأقربُ
*****************
ومن أجمل ماقيل في هذا الشأن:-
بك استجير ومن يجير سواكا فأجرضعيفاً يحتمي بحماكا
إني ضعيف استعين على قوى ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوبٌ مالها من غافر إلا كا
أنا كنت يا ربي أسير غشاوةٍ رانت على قلبي فضل سناكا
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي وبدأت بالقلب البصير أراكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلاً للتوب قلب تائبٌ ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي حاشاكا ترفض تائباً حاشاكا
يا رب جئتك نادماً أبكي على ما قدمتهُ يداي لا أتباكا
أخشى من العرض الرهيب عليك ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
يا ربِ عدت إلى رحابك تائباً مستسلماً مستمسكاً بعراكا
مالي وما للأغنياء وأنت يا رب الغني ولا يحد غناكا
ومالي و ما للأقوياء وأنت يا ربي ورب الناس ما أقواكا
مالي وأبواب الملوك وأنت من خلق الملوك وقسم الأملاكا
إني أويت لكل مأوى في الحياة فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أوفليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك يا ربي لتغفرحوبتي وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي ما خاب يوماً من دعاورجاك
*****************
وقال آخر:-
عجبًا للزمان في حالتيه ... ولأمر دُفعت منه إليه
رب يوم بكيت منه فلما ... صرت في غيره بكيت عليه
*****************
38)ذم سؤال المخلوق:-
قال الشاعر:-
لا تسألن من ابن آدم حاجة ... وسل الذي أبوابه لا تحجب )
( الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسئل يغضب
*****************
وقال آخر
( لا تحسبن الموت موت البلى ... إنما الموت سؤال الرجال )
( كلاهما موت ولكن ذا ... أخف من ذاك لذل السؤال )
*****************
وقال آخر
((1/60)
لا تسألن إلى صديق حاجة ... فيحول عنك كما الزمان يحول )
( واستغن بالشيء القليل فانه ... ما صان عرضك لا يقال قليل )
( من عف خف على الصديق لقاؤه ... وأخو الحوائج وجهه مملول )
( وأخوك من وفرت ما في كفه ... ومتى علقت به فأنت ثقيل
*****************
39)التغيير:-
قال الشاعر
( يقولون الزمان به فساد ... وهم فسدوا وما فسد الزمان )
*****************
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
40)إرضاء الناس غاية لا تُدرك :
أياربّ إنّ الناس لا ينصفونني ... ... وإن أنا لم أنصفهم ظلموني
وإن كان لي شيْ تصدّوا لأخذه ... ... وإن جئت أبغي شيئهم منعوني
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... ... وإن أنا لم أبذل لهم شتموني
وإن طرقتني نكبةٌ فرحوا بها ... ... وإن صحبتني نعمةٌ حسدوني
سأمنع قلبي أن يحنّ إليهم ... ... وأحجب عنهم ناظري وجفوني
41)العافية:
قال منصور الفقيه:
رأيت البلاء كقطر السَّماء ... ... وما تنبت الأرض من ناميه
فلا تسألنّ: إذا ما سألت ... ... إلهك شيئاً سوى العافية
*****************
وقال بشار بن برد:
إنِّي وإن كان جمع المال يعجبني ... ... فليس يعدل عندي صحَّة الجسد
في المال زينٌ وفي الأولاد مكرمةٌ ... ... والسُّقم ينسيك ذكر المال والولد
*****************
وقال آخر:
فإذا رأيت أخا البليّة فاستعذ ... ... بالله من شرِّ البلاء النَّازل
42)غض البصر :
قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشررِ
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وترِ؟
والعبد مادام ذا عين يقلبها *** في أعين الغيد موقوفاً على الخطرِ
يُسِر مقلته ما ضر مهجته *** لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضررِ
****************
وقال الشاعر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتبعك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقال الشاعر:
يا رامياً بسهام اللحظ مجتهداً *** أنت القتيل بما ترمي فلا تصب(1/61)
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له *** طوقه إنه يأتيك بالعطب
*****************
قال الشاعر:
ألم تر أن العين للقلب رائد؟ *** فما تألف العينان فالقلب آلف
*****************
وقال آخر:-
وأنا الذي اجتلب المنيةَ طرفُهُ *** فَمَنِ المطالبُ والقتيلُ القاتلُ
*****************
وقال آخر:-
مرآةُ قلبِكَ لا تُريكَ صلاحَهُ *** والنَّفسُ فيها دائماً تتنفسُ
43)الصداقة والصحبة:
قال الشاعر:
تكثّر من الإخوان ما استطعت أنّهم ... ... بطونٌ إذا استنجدتهم وظهور
وليس كثيراً ألف خلًّ وصاحبٍ ... ... وإن عدواً واحداً لكثير
فإن الداء أكثر ما تراه ... ... يكون من الطّعام أو الشراب
وإنّك قلّما استكثرت إلاّ ... ... وقعت على ذئابٍ في ثياب
فدع عنك الكثير فكم كثيرٍ ... ... يعاب وكم قليلٍ مستطاب
*****************
وأنشد الإمام أحمد بن يحيى ثعلب رحمه الله:
من عفّ خفّ على الصديق *** لقاؤه وأخو الحوائج وجهه مبذول
وأخوك مَنْ وفَّرْتَ ما في كيسه *** فإذا استعنت به فأنت ثقيل
*****************
وقال آخر:-
تجنب صديق السوء واصرم حباله ... وإن لم تجد عنه محيصا فداره ... وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ... تنل منه صفو الود ما لم تماره
*****************
وقال الخوارزمي :
لا تصحب الكسلان في حاجاته ... ... كم صالحٍ بفساد آخر يفسد
عدوي البليد إلى الجليد سريعةٌ ... ... والجمر يوضع في الرماد فيخمد
*****************
وقال صالح بن جناح :
وصاحب إذا صاحبت حراً مبرّزا ... ... يزين ويزرى بالفتى قرناؤه
*****************
وقال منصور بن محمد الكريزي :-
... أغمض عيني عن صديقي كأنني ... لديه بما يأتي من القبح جاهل ..
. وما بي جهل غير أن خليقتي ... تطيق احتمال الكره فيما أحاول ..
. متى ما يريني مفصل فقطعته ... بقيت ومالي في نهوضي مفاصل ..
. ولكن أداريه وإن صح شدني ... فإن هو أعيا كان فيه تحامل
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا مَا حَالَ عَهْدُ أَخِيك يَوْمًا وَحَادَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ(1/62)
فَلاَ تَعْجَلْ بِلَوْمِك وَاسْتَدِمْهُ فَإِنَّ أَخَا الْحِفَاظِ الْمُسْتَدِيمُ
فَإِنْ تَكُ زَلَّةٌ مِنْهُ وَالا فَلاَ تَبْعُدْ عَنْ الْخُلُقِ الْكَرِيمِ
*****************
قال علي رضي الله عنه :
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى حليما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه
و للشيء من الشيء مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب دليل حين يلقاه
*****************
وقال آخر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... ... فكلّ قرينٍ بالمقارن مقتدى
*****************
وقال آخر:
إذا ما بدت من صاحب لك زلة **** فكن أنت محتالاً لزلته عذراً
أحب الفتى ينفي الفواحشَ سمعُه **** كأن به عن كل فاحشة وقرا
سليم دواعي الصدر لا باسط أذى ** ولا مانع خيراً ، ولا قائل هجرا
*****************
وقال آخر:-
وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الرجال ذوى العقول )
( وقد كنا نعد هم قليلا ... فقد صاروا أقل من القليل )
*****************
بلوت الناس قرنا بعد قرن ... فلم أر غير خيال وقال )
( ولم أر في الخطوب أشد وقعا ... وأمضي من معاداة الرجال )
( وذقت مرارة الأشياء طرا ... فما شيء أمر من السؤال )
*****************
وقال آخر:-
وكنت إذا الصديق أراد غيظي ... وشرقني على ظمإ بريقي )
( غفرت ذنوبه وكظمت غيظي ... مخافة أن أعيش بلا صديق )
وقال آخر
إذا لم أجد خلاً تقياً يؤانسني فوحدتي خيرٌ وأشهى من غويٌ أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمناً أقرَّ لعيني من جليسٌ أحاذره
*****************
وقال آخر
( إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالا لزلته عذرا )
*****************
وقال آخر:-
إن أخاك الصديق من يسعي معك ... ومن يضر نفسه لينفعك )
( ومن إذا ريب الزمان صدعك ... شتت فيك شمله ليجمعك )
( وليس أخي من ودني بلسانه ولكن أخي من ودني وهو غائب )
( ومن ماله مالى إذا كنت معدما ... ومالي له إن أعوزته النوائب )
*****************
وقال أبو تمام
((1/63)
من لى بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلم رد جوابه )
( وإذا صبوت إلى المدام شربت من ... أخلاقه وسكرت من آدابه )
( وتراه يصغي للحديث بطرفه ... وبقلبه ولعله أدري به )
فاذا ظفرتَ بذي الوفاء فحُط رحلكَ في رِحابهْ
فأخوك مَن إن غاب عنك رعى ودادك في غيابهْ
وإذا أصابك ما يسوءُ رأى مصابكَ من مصابهْ
ونراه يَيْجَعُ إن شكوتَ كأن مابك بعض مابهْ
*****************
وقال عبدالله بن المبارك:
وإذا صاحبت فاصحب ماجدا ... ... ذا حياء وعفاف وكرم
قوله للشيء: لا، إن قلت لا ... ... إذا قلت: نعم قال: نعم
*****************
وقال آخر:-
أنت في الناس تقاس **** بالذي اخترت خليلاً
فاصحب الأخيار تعلو **** و تنل ذكراً جميلاً
*****************
وقال آخر:-
( ومن لم يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب *****************
وقال آخر
إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه مقارف ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأيّ الناس تصفو مشاربه
*****************
وقال آخر:-
نافس ، إذا نافست في حكمة **** آخ ، إذا آخيت ، أهل التقى
ما خير من لا يرتجي نفعه **** يوماً ، ولا يؤمن منه الأذى
*****************
وقال آخر:-
ومن يكن الغراب له دليلا ... يمر به على جيف الكلاب
*****************
وقال آخر:-
فما كثر الأصحاب حين نعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل )
*****************
وقال آخر:-
خليلي جربت الزمان وأهله ... فما نالني منهم سوى الهم والعنا )
( وعاشرت أبناء الزمان فلم أجد ... خليلا يوفي بالعهود ولا أنا )
*****************
وقال آخر:-
اذا كنت في قومٍ فاصحب خيارهم ولا تصحب الاردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
واحذر مؤاخاة الدنيء لأنه يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً إن القرين الى المقارن يُنسب
*****************(1/64)
وقال آخر:-
مجالسة السفيه سفاه رأيٍ ... ومن عقلٍ مجالسة الحكيم
فإنك والقرين معاً سواءٌ ... كما قُدَّ الأديمُ من الأديمِ
وقال الشافعي:
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا ... إذا المرء لم يرعاك إلا تكلفا
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا ... ففي الناس أبدال وفي الترك راحة
ولا كل من صافيته لك قد صفا ... فما كل من تهواه يهواك قلبه
فلا خير في ود يجيء تكلفا ... إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
ويلقاه من بعد المودة بالجفا ... ولا خير في خل يخون خليله
ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا ... وينكر عيشا قد تقادم عهده
صديق صدوق صادق الوعد منصفا ... سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
44)ذم الشبع :-
ثلاثٌ مُهلكات للانامِ وداعية الصحيح الى السقام
دوام منامة ٍ ودوام وطءٍ وإدخال الطعام على الطعام ِ
*****************
وقال آخر:-
يُميت الطعام القلب إن زاد كثرةً كزرع ٍ إذا بالماء قد زاد سقيُه
وإن لبيبا يرتضي نقص عقله يأكل لقيمات ٍقد ضلَّ سعيه
*****************
45)التأمل والتفكر:-
قال الشاعر:-
اقرأ التأريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر
وتأمل كيف أفنى ملكهم من على الملك تولَّى وقهر
*****************
وقال آخر:-
من لم يرى هذا الوجود بقلبه خسر الجمال ولم ترى عيناه
فافتح كتاب الكون تقرأ قصة هل في الوجود حقيقة إلا هو
*****************
وقال آخر:-
انظر لتلك الشجرة ... ... ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبة ... ... وكيف صارت شجرة
ابحث وقل
من ذا الذى يخرج منها ... ... الثمرة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهرة ذو حكمة ... ... بالغة وقدرة مقتدرة
وانظر إلى الشمس التى جذوتها مستعرة ... ... فيها ضياء وبها حرارة منتشرة
ابحث وقل
من ذا الذى يخرج منها ... ... الشررة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهمرة ذو حكمة ... ... بالغة وقدرة مقتدرة
وقال آخر:-
الشمس والبدر من آيات قدرته ... ... والبر والبحر فيض من عطاياه
الطير سبحه والوحش مجده ... ... والموج كبره والحوت ناجاه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه ... ... والنحل يهتف له حمداً فى خلاياه(1/65)
والناس يعصونه جهرا فيسترهم ... ... والعبد ينسى وربى ليس ينساه
*****************
وقال آخر:-
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم ؟! ... ... وذكرهم فى الورى ظلم وطغيان
هل أبقى الموت ذا عز لعزته ... ... أونجى منه بالسلطان انسان
لا والذى خلق الأكوان من عدم ... ... الكل يفنى فلا إنس ولا جان
وقال آخر:-
... ...
لله في الآفاق آيات لعلّ أقلَّها هو ما إليه هداكا
ولعلّ ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيرًا لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى ... ... ياشافى الأمراض من أرداك ؟
قل للمريض نجى وعوفى بعد ما ... ... عجزت فنون الطب من عافاك؟
قل للصحيح مات لا من علة ... ... من يا صحيح بالمنايا دهاك ؟
بل سل الأعمى خطاً وسط الزحام ... ... بلا صدام من ياأعمى يقود خطاك؟
بل سل البصير كان يحذر حفرةً ... ... فهوى بها من ذا الذى أهواك ؟
وسل الجنين يعيش معزولاً بلا ... ... راع ولا مرعى من ذا الذى يرعاك ؟
وسل الوليد أجهش بالبكاء لدى ... ... الولادة من الذى أبكاك ؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه ... ... فسله من يا ثعبان بالسموم حشاك ؟
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا ... ... وهذا السم يملأ فاك ؟
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ... ... شهداً وقل للشهد من حلاك ؟
بل سائل اللبن الْمُصَفَّى كان ... بين دم وفرث ما الذي صفَّاك؟!
وإذا رأيت الْحي يَخرج من ... حَنَايا ميتٍ فاسأله من أحياك؟!!
قل للهواء تَحثُّه الأيدي ويخفى ... عن عيون الناس من أخفاك؟!
قل للنبات يَجفُّ بعد تعهُّدٍ ... ورعاية من بالجفاف رَمَاك؟!!
وإذا رأيت النَّبت في الصحراء ... يربو وحده فاسأله من أَرْبَاكَ؟!!
وإذا رأيت البدر يسري ناشرًا ... أنواره فاسأله من أسْرَاك؟!
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي ... أبعد كل شيء ما الذي أدناك؟!
قل للمرير من الثمار من الذي ... بالمرِّ من دون الثمار غذاك؟!
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى ... فاسأله من يا نَخل شقَّ نواك؟!
وإذا رأيت النار شبَّ لَهيبها ... فاسأل لهيب النار من أوراك؟!(1/66)
وإذا ترى الجبل الأشَمَّ مناطحًا ... قِمم السَّحاب فسَلْه من أرساك
وإذا ترى صخرًا تفجر بالْمياه ... فسله من بالماء شقَّ صَفَاك؟!!
وإذا رأيت النهر بالعذب الزُّلال ... جرى فسَلْه من الذي أجراك؟!
وإذا رأيت البحر بالملح الأُجاج ... طغى فسَلْه من الذي أطغاك؟!!
وإذا رأيت الليل يغشى داجيًا ... فاسأله من يا ليل حاك دُجاك؟!
وإذا رأيت الصُّبح يسفر ضاحيًا ... فاسأله من يا صبح صاغ ضُحَاك
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي ... بالله جل جلاله أغراكا؟
سيجيب ما في الكون من آياته ... عجب عجاب لو ترى عيناكا
ربِّ لك الحمد العظيم لذاتك ... حمدًا وليس لواحد إلاَّكا
*****************
وقال آخر:-
وتزعم أنك جرم صغير ... ... وفيك انطوى العالم الأكبر
وقال آخر:-
والمرء مثل هلالٍ عند طلعته يبدو ضئيلاً لطيفاً ثم يتسق
يزداد حتى إذا ما تم أعقبه كر الجديدين نقصا ثم ينمحق
كان الشباب رداءً قد بهجت به فقد تطاير منه للبلى خرق
وبات منشمراً يحدو المشيب به كالليل ينهض في أعجازه الفلق
عجبتُ والدهر لا تفنى عجائبه للراكنين إلى الدنيا وقد صدقوا
وطال ما نغصوا بالفجع ضاحية وطال بالفجع والتنغيص ما طرقوا
دار تغر بها الآمال مهلكة وذو التجارب فيها خائف فرق
يا للرجال لمخدوع بزخرفها بعد البيان ومغرور بها يثق
أقول والنفس تدعوني لباطلها أين الملوك ملوك الناس والسوق
أين الذين إلى لذاتها ركنوا قد كان فيها لهم عيش ومرتفق
أمست مساكنهم قفراً معطلة كأنهم لم يكونوا قبلها خلقوا
يا أهل لذات دار لا بقاء لها إن اغتراراً بظل زايل حمق
*****************
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر........ والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر يعلو فوقه جيف.......وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوما لا عداد لها....... وليس يكسف إلا الشمس والقمر.
****************
وقال آخر:
فلم أر كالأيام للمرء واعظا ... ولا كصروف الدهر للمرء هاديا
*****************
وقال آخر:-(1/67)
قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه
وقال آخر:-
لا ترقدن لعينك السهر وانظر إلى ما تصنع العبرُ
انظر إلى عبر مصرفة ما دام يمكن طرفك النظرُ
فإذا جهلت ولم تجد أحداً فسل الزمان فعنده الخبرُ
فإذا نظرت تريد معتبراً فانظر إليك ففيك معتبرُ
أنت الذي تنعاه خلقته ينعاه منه الشعر والبشرُ
يا من يؤمل أنت منتظر أملاً يطول ولست تنتظرُ
ماذا تقول وأنت في غصصٍ ماذا تقول وذوقك المدرُ
ماذا تقول وقد لحقت بما يجري عليه الريح والمطرُ
كم قد عفتْ عين لها أثر درستْ ويُدرس بعدها الأثرُ
*****************
وقال آخر:-
دع الدور و اطلب فسيح البراري **** و انظر إلى صفحات الجمال
على حافة الماء دون ملال **** تأمل ترقق ماء زلال
وحدق إلى نرجس ذي دلال **** وقبِّل عيوناً له كاللآلي
*****************
وقال آخر:-
أما والله لو علم الأنام ... لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لقد خلقوا ليوم لو رأته ... عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم حشر ثم نشر ... وتوبيخ وأهوالٌ عظام
ليوم الحشر قد عملت أناس ... فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا ... كأهل الكهف أيقاظ نيام
*****************
وقال آخر:-
كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم محاها مجال الريح بعدك والقطر
على ذاك مروا أجمعون وهكذا يمرون حتى يستردهم الحشر
فحتام لا تصحو وقد قرب المدى وحتام لا ينجاب عن قلبك السكر
بل سوف تصحو حين ينكشف الغطا وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر
*****************
وقال عبد الوهاب عزام:-
لست أخلو لغفلة و سكون **** وفرار من الورى و ارتياح
إنما خلوتي لفكر و ذكر **** فهي زادي وعُدّتي لكفاحي
*****************
وقال آخر:-
كل صفو إلى كَدَر **** كل أمنٍ إلى حَذر
ومصير الشباب للموت **** فيه أو الكَبِر
أيها الآمل الذي**** تاه في لُجّة الغَرَر
أين من كان قبلنا **** دَرَسَ الشخصُ والأثر(1/68)
سيردُ المعارَ من **** عمرُه كله خَطر
ربّ أني ذخرت عندك **** أرجوك مُدّخر
إنني مؤمن بما **** بين الوحي في السوَر
و اعترافي بترك نفعي **** وإيثاري الضَرر
رب فاغفر لي الخطيئة **** يا خَيرَ من غَفَر
*****************
وقال آخر:-
هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا فجايعه تبقى ولذاته تفنى
إذا أمكنت فيه مسرة ساعة تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا
إلى تبعات في المعاد وموقف نود لديه أننا لم نكن كنا
حصلنا على هم وإثم وحسرة وفات الذي كنا نلذ به عنا
كأن الذي كنا نسر بكونه إذا حققته النفس لفظ بلا معنى
*****************
وقال آخر:-
كفى زاجرا للمرء أيام دهره ... تروح له بالواعظات وتغتدي
*****************
وقال آخر:-
نزهة الْمؤمن الفكر ... لذة الْمؤمن العبَر
نحمد الله وحده ... نَحن كل على خطر
رُبَّ لاه و عمره ... قد تقَضَّى و ما شعر
ربَّ عيش قد كان ... فوق المنى مورق الزهر
فِي خرير من العيون ... و ظلّ من الشجر
وسرور من النبات ... و طيب من الثمر
غيَّرته و أهله ... سرعة الدهر بالغيَر
نَحمد الله وحده ... إن فِي ذا لَمعتبر
إن في ذا لعبرة ... للبيب إن اعتبَر
*****************
وقال آخر:-
سل الواحة الخضراء والماء جاريا وهذه الصحاري والجبال الرواسي
سل الروض مزدانًا سل الزهر والندى سل الليل والإصباح والطيْر شاديا
وسل هذه الأنسام والأرض والسماوسل كل شيءٍ تسمع الحمد ساريا
فلو جم هذا الليل وامتد سرمدًافمن غير ربِّي يرجع الصبح ثانيا؟!
*****************
وقال آخر:-
وحدثتك الليالي أن شيمتها تفريق ما جمعته فاسمع الخبرا
وكن على حذر منها فقد نصحت وانظر إليها تر الآيات والعبرا
فهل رأيت جديداً لم يعد خلقاً وهل سمعت بصفو لم يعد كدرا
سل الأيام ما فعلت بكسرى وقيصر والقصور وساكنيها
أما استدعتهم للموت طراً فلم تدع الحليم ولا السفيها
دنت نحو الدنى بسهم خطب فأصمته وواجهت الوجيها
أما لو بيعت الدنيا بفلس أنفت لعاقل أن يشتريها
*****************
46)طلب العلم(1/69)
مللت كل جليس كنت آلفه إلا الكتاب فلا يعدله إنسانُ
عاشرته فأَراني كل مكرمة له عليَّ رعاه الله إحسانُ
*****************
وقال آخر:-
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الأنام كتابُ
*****************
وقال أبي إسحاق الألبيريى والتي يوصي في هذه الابيات ابنه بطلب العلم والحرص عليه وهى من أجمل ما ألف في هذا الباب ..
قال رحمه الله تعالى:
تفت فؤادك الأيام فتا ... وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق ... ... ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسا ذات خدر ... ... أبتَّ طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط ... ... بها حتى إذا مت انتبهتا
فكم ذا أنت مخدوع وحتى ... ... متى لا ترعوي عنها وحتى
أبا بكر دعوتك لو أجبتا ... ... إلى ما فيه حظك لو عقلتا
إلى علم تكون به إماما ... ... مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
ويجلو ما بعينك من غشاها ... ويهديك الطرق إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا ... ... ويكسوك الجمال إذا عريتا
ينالك نفعه ما دمت حيا ... ... ويبقى ذكره لك إن ذهبتا
هو العضب المهند ليس ينبو ... تصيب به مقاتل من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصا ... خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه ... وينقص إن به كفا شددتا
فلو قد ذقت من حلواه طعما لآثرت التعلم واجتهدتا
*****************
وقال آخر:-
يكفيك أن رفيق العلم منزله
بين السماكين مرفوعا علي زحل
تهفو له الشمس والجوزاء تحسده
يبيت فوق حشايا الجد في قلل
استشهد الله أهل العلم فضلهم
علي جميع البرايا من بني الدول
وميز الله حتى في البهائم ما
منها يعلم في صيد وذي جهل
والهدهد اجتث بلقيسا وهدهطها
بالعلم جاء سليماناً علي عجل
ذو العلم حي ولو ذابت حشاشته
له الجلالة عن حاف ومنتعل
حتى الملائكة الأبرار تذكره
والنمل يدعو له في السهل والجبل
مداده كرم جاد الشهيد به
في حومة الهول بين البيض والأسل
أقلامه تعمر الدنيا إذا نطقت
ألواحه صحف الرضوان والأمل
كلامه درر أحكامه عبر
أفعاله أثر لله من حلل(1/70)
يقضي ويمضي وكل الناس تقبله
في ساعة الجد أو في ساعة الهزل
والله لو وزنوا الدنيا بزخرفها
ما عادلت كلمة من لفظه الجزل
أو قدموها قناطيراً مقنطرة
ما وازنت حرف علم صافي النهل
مات الملوك وأهل العلم ذكرهمو
كالمسك في الناس ند عشرق جزل
لو أن عبداً حقير الأصل ممتهناً
أصك مفتولة أذناه كالثعل
ممزق الثوب عار الظهر مشفرة
كمشفر الضب والكفان في شلل
أثط أفطس قد طالت ضفائره
طعامه من رخيص البقل والدقل
وعنده من علوم الوحي لانصدعت
له القلوب وصار الكون في جزل
ووقرته ملوك الأرض وارتجفت
له المنابر في عز وفي جلل
وقربت نعله الأشراف وافتخرت
به المدائن من سهل ومن جبل
*****************
وقال أبو الفتح كشاجم:
لا تمنع العلم أمرأً ... ... والعلمُ يمنعُ جانبَهْ
أمّا الغبي فليس يف ... ... هم لطْفَهُ وغَرائبهْ
وتكون حاضرةُ الفوا ... ... ئد عنده كالغائبهْ
وأخو الحصافة مُسْتَحِق ... ... أَن ينالَ مَطَالبهْ
فبحقَه أعطيتهُ ... ... مِنْ فَضْلِ علمك وَاجِبَهْ
*****************
وقال آخر:-
قل للذي غَرَّتهُ عِزَّةُ مُلْكِه ... ... حتى أخَل بطاعةِ النصحاءِ
شرفُ الملوكِ بعلمهم وبرأيهم ... ... وكذاك أوْجُ الشمسِ في الجوزاء
*****************
وقال أبو الفتح البستي:
إذا أقسم الأبطالُ يوماً بسيفهم ... ... وعدّوه ممّا يُكْسِبُ المجدَ والكرمْ
كفى قَلَمُ الكتاب مَجْداً ورفعةً ... ... مدَى الدَّهرِ أنّ اللَه أقْسَم بالقَلَمْ
*****************
وقال آخر:-
العلم أشرف مطلوب وطالبه *** لله أكرم من يمشي على قدم
فقدِّس العلم واعرف قدر حرمته *** في القول والفعل والآدابَ فالتزم
يا طالب العلم لا تبغِ به بدلاً *** فقد ظفرت ورب اللَّوح والقلم
واجهد بعزم قوي لا انثناء له *** لو يعلم المرء قدر العلم لم ينمِ
والنية تجعل لوجه الله خالصة *** إن البناء بدون الأصل لم يقمِ
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا لَمْ يُذَاكِرْ ذُو الْعُلُومِ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَسْتَفِدْ عِلْمًا نَسِيَ مَا تَعَلَّمَا(1/71)
فَكَمْ جَامِعٍ لِلْكُتُبِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ يَزِيدُ مَعَ الايَّامِ فِي جَمْعِهِ عَمَى
*****************
وقال آخر:-
ومن لم يذُقْ مر التعلم ساعة *** تجرَّع ذُل الجهل طول حياته
*****************
وقال آخر:-
وَفِي الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوْتٌ لِأَهْلِهِ فَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَإِنْ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
*****************
وقال آخر:-
قوموا اقرعوا بالعلم أبواب العلا *** لا تقصروا عن همة القرَّاع
واستعذبوا شوك المنايا في اجتنا *** ورد الأماني رائق الإيناع
وتعلموا فالعلم معراج العلا *** ومفاتح الإخصاب والإمراع
وإذا علمتم فاعملوا فالعلم *** لا يجدي بلا عمل بحسن زمام
*****************
هو العلم كما يقول أبي إسحاق الألبيريى
فواظبه وخذ بالجد فيه ... ... فإن أعطاكه الله انتفعتا
وإن أعطيت فيه طويل باعٍ ... وقال الناس إنك قد علمتا
فلا تأمن سؤال الله عنه ... ... بتوبيخ : علمتَ فما عملتا
فرأس العلم تقوى الله حقا ... ... وليس بأن يقال لقد رأستا
وأفضل ثوبك الإحسان لكن ... نرى ثوب الإساءة قد لبستا
ويقول أيضاً
إذا ما لم يفدك العلم خيرا ... ... فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ ... ... فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجني من ثمار العجز جهلا ... وتصغر في العيون إذا كبرتا
وتُفقد إن جهلت وأنت باق ... وتوجد إن علمت ولو فُقدتا
وتذكر قولتي لك بعد حين ... ... إذا حقا بها يوما عملتا
وإن أهملتها ونبذت نصحا ... ... وملت إلى حطام قد جمعتا
فسوف تعض من ندم عليها ... وما تغني الندامة إن ندمتا
*****************
وقال آخر:-
لنا جلساءٌ ما نملّ حديثهم=ألّباء مأمونون غيباً ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... ... وعقلاً وتأديباً ورأياً مسدّدا
بلا فتنةٍ تخشى ولا سوء عشرةٍ ... ... ولا نتّقي منهم لساناً ولا يدا
فإن قلت أمواتٌ فلست بكاذبٍ ... ... وإن قلت أحياءٌ فلست مفنّدا
*****************(1/72)
وقال أبي محمد الأندلسي القحطاني
كن طالبا للعلم واعمل صالحا فهما إلى سبل الهدى سببان
لا تتبع علم النجوم فإنه متعلق بزخارف الكهان
علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليس يجتمعان
*****************
وقال آخر:-
العلم زين للرجال مروءةٌ ... ... والعلم أنفع من كنوز الجوهر
أأخي إن من الرجال بهيمةً ... ... في صورة الرجل السميع المبصر
فطن لكلّ مصيبة في ماله ... ... وإذا يصاب بدينه لم يشعر
*****************
وقال عبد الله بن المبارك
العلم كنز وذخره لا تعادله ... نعم القرين إذا ما عاقل صحبا
ياجامع العلم نعم الذخر تجمعه ... ... لاتعدلن به دارا ولا ذهبا
اشدد يديك به تحمد مغبته ... ... به تنال الغنى والدين والحسبا
قد يجمع المرء مالا ثم يسلبه ... عما قليل فيلقى الذل والحربا
*****************
وقال عبدالله بن المبارك أيضاً:
تعلّم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإنّ كبير القوم لا علم عندهصغير إذا التفّت عليه المحافل
*****************
وقال آخر:-
الْعِلْمُ نورٌ وَفِي الأجْوَاءِ مُنْتَشِرُ وَالْفَخْرُ بِالْعِلْمِ لا بِالْمَالِ نَفْتَخِرُ
هُوَ الضِّيَاءُ وَ أَهْلُ الْعِلْمِ نُوْرُ هُدًى هُمُ النُّجُوْمُ وفي أَنْفَاسهِمْ دُرَرُ
*****************
وقال آخر:-
لو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما )
( ولكن أهانوه فهونوا ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
*****************
وقال آخر:-
العلم أنفس شيء أنت داخره ... من يدرس العلم لم تدرس مفاخره )
( أقبل على العلم واستقبل مقاصده ... فأول العلم إقبال وآخره
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يزد علم الفتى قلبه هدى ... وسيرته عدلا وأخلاقه حسنا )
( فبشره أن الله أولاه فتنة ... تغشيه حرمانا وتوسعه حزنا
*****************
وقال آخر:-
تعلم إذا ما كنت لست بعالم ... فما العلم إلا عند أهل التعلم )
( تعلم فإن العلم أزين للفتى ... من الحلة الحسناء عند التكلم )(1/73)
*****************
وقال آخر:-
لا تدخر غير العلوم ... م فإنها نعم الذخائر )
( فالمرء لو ربح البقاء ... ء مع الجهالة كان خاسر
ويقول الشافعي رضي الله تعالى عنه
( أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وصحبة أستاذ وطول زمان
*****************
وقال آخر:-
كن عالما وارض بصف النعال ... ولا تكن صدرا بغير الكمال )
( فإن تصدرت بلا آلة ... صيرت ذاك الصدر صف النعال
47)التوحيد:-
قال الشاعر:
فيا عباد المسيح لنا سؤال ... ... نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإلهُ بصنع ... ... قوم أماتوه فهل هذا إله ؟!
ويا عجب لقبر ضم رباً ... ... وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعاً من شهور ... ... لدى الظلمات من حيض غزاه
وشق الفرج مولداً صغيراً ... ... ضعيفاً فاتحاً للثدى فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتى ... ... بلازم ذاك فهل هذا إله ؟!
تعالى الله عن إفك النصارى ... ... سيسألوا كلهم عما افتراه
*****************
وقال آخر:-
رب يبول الثعلبان برأسه ... ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
لو كان ربا كان يمنع نفسه ... ... فلا خير فى ربٍ نأته المطالب
برئت من الأصنام فىالأرض كلها ... ... و آمنت بالله الذى هو غالب
48)النفاق:-
قال الشاعر:-
إنما المكر الخديعة في النار وهما من خصال أهل النفاقِ
*****************
وقال آخر:-
يلقاك يُقسم أنه بك واثقٌ وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب
*****************
وقال آخر:-
ملكٌ كريمُ في مظهره شيطانٌ رجيم في مخبره
49)الحب والأخوة:-
مرض الحبيب فزرته فمرضت من خوفي عليه
وأتى الحبيب يزورني فشفيت من نظري إليه
*****************
وقال آخر:-
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ إذا افتخروا بقيسٍ أوتميمِ
*****************
وقال آخر:-
وما المرء إلا بإخوانه ... كما يقبض الكف بالمعصم )
( ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم )
*****************
وقال علي رضي الله عنه(1/74)
عليك بأخوان الصفاء فإنهم ... عماد إذا استنجدتهم وظهور )
( وإن قليلا ألف خل وصاحب ... وإن عدوا واحدا لكثير )
*****************
وقال آخر:-
ومن عجب أني أحن إليهم
وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها
ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
*****************
قال مجنون بني عامر :-
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
وقال آخر:-
والله ما طلعت شمس ولا غربت
إلا وأنت مني قلبي ووسواسي
ولا جلست إلى قوم أحدثهم
إلا وأنت حديثي بين جلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش
إلا رأيت خيالاً منك في الكاس
*****************
وقال آخر:-
والله لو أحرقوني في الهوى حمما ما اخترت غيركمو في الون إنسانا
منكم دوائي ودائي صرت عبدكمو أرى بلاءكمو في الجسم إحسانا
*****************
وقال آخر:-
أخوك أخوك من يدنو وترجو ... مودته وإن دعي استجابا )
( إذا حاربت حارب من تعادى ... وزاد سلاحه منك اقترابا )
*****************
وقال آخر:-
إذا كان حب الهائمين من الورى بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي سرى قلبُه شوقاً إلى العالم الأعلى
*****************
وقال آخر:-
إن يفترق ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد
*****************
وقال آخر:-
الحب ليس رواية شرقية بأريجها يتزوّج الأبطالُ
الحب مبدأ دعوة قدسية فيها من النور العظيم جلالُ
*****************
وقال آخر:-
فما أكثر الأصحاب حين تعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل
*****************
وقال آخر:-
كم من أخ لك لم يلده أبوكا ... وأخ أبوه أبوك قد يجفوكا ..
. صاف الكرام إذا أردت إخاءهم ... وأعلم بأن أخا الحفاظ أخوكا ..
. كم إخوة لك لم يلدك أبوهم ... وكأنما آباءهم ولدوكا ..
. لو كنت تحملهم على مكروهة ... تخشى الحتوف بها لما خذلوكا .
..(1/75)
وأقارب لو أبصروك معلقا ... بنياط قلبك ثم ما نصروكا
... الناس ما استغنيت كنت أخالهم ... وإذا افتقرت اليهم فضحوكا
*****************
وقال آخر:-
وأينما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
*****************
وقال آخر:-
نسينا في ودادك كل غال
فأنت اليوم اغلي ما لدينا
نلام على محبتكم ويكفي
لنا شرف نلام وما علينا
و لما نلقكم لكن شوقا
يذكرنا فكيف إذا التقينا
تسلي الناس بالدنيا و إنا
لعمر الله بعدك ما سلينا
*****************
وقال آخر:-
فإن كانت الأجسام منا تباعدت ... فإن المدى بين القلوب قريب )
*****************
وقال آخر:-
خليلي إن الحب صعب مراسه ... وإن عزيز القوم فيه يهان
*****************
وقال منصور بن محمد الكريزي :-
... إذا أنت عاديت أمرءا بعد خلة ... فدع في غد للعود والصلح موضعا ... فإنك إن نابذت من زل زلة ... ظللت وحيدا لم تجد لك مفزعا
*****************
وقال آخر:-
تبسم الثغر عن أوصافكم فغدا ... من طيب ذكركم نشرا فأحيانا )
( فمن هناك عشقناكم ولم نركم ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا )
*****************
وقال آخر:-
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا
*****************
وقال آخر:-
والله ما لمحت عيني منازلكم إلا توقد جمر الشوق في خلدي
ولا تذكرت مغناكم وأرضكموا إلا كأن فؤادي طار من جسدي
*****************
وقال آخر:-
لعمرك ما مال الفتى بذخيرة **** و لكن اخوان الثقات الذخائر
*****************
وقال آخر:-
بنتُم وبنّا فما ابتلت جوانحنا ... ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... ... يقضي علينا الأسى لولا تأسّينا
إن كان قد عزّ في الدنيا اللقاء ... ... ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
50)الهدية:-
قال الشاعر:-
هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصال
وتزرع في الضمير هوى وودًا وتلبسهم إذا حضروا جمالًا(1/76)
51)حفظ اللسان:
ألم تر مفتاح الفؤاد لسانه ... ... إذا هو أبدى ما يقول من الفم
وكائن ترى من صاحبٍ لك معجبٍ ... ... زيادته أو نقصه في التّكلم
لسان الفتى نصفٌ و نصفٌ فؤاده ... ... فلم يبق إلا صورة اللّحم والدَّم
وقال منصور الفقيه:
عليك السُّكوت فإن لم يكن ... ... من القول بدٌّ فقل أحسنه
فرَّبتما فارقت بالّذي ... ... تقول أماكنها الألسنة
*****************
وأنشد ابن المبارك أخاً له كان يصحبه:
واغتنم ركعتين زلفى إلى الل ... ... ه إذا كنت فارغاً مستريحا
وإذا ما هممت بالمنطق البا ... ... طل فاجعل مكانه تسبيحا
إنّ بعض السكوت خيرٌ من النط ... ... ق وإن كنت بالكلام فصيحا
*****************
وفي ذم الجدال يقول ابن الرومي:
لذوي الجدال إذا غَدَوا لجدالهم ... ... حُجَجٌ تضلُّ عن الهدى وتَجُورُ
وُهُنٌ كآنيةِ الزُّجاج تَصَادمتْ ... ... فهوَت، وكلٌّ كاسرٌ مَكْسورُ
فالقاتِلُ المقتولُ ثَمَّ لِضَعْفه ... ... ولوهيِه، والآسرُ المَأْسُورُ
*****************
وقال آخر:-
إذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبهم ... فلا عيب إلا دون ما منك يذكر ..
. فإن عبت قوما بالذي ليس فيهم ... فذلك عند الله والناس أكبر ..
. وإن عبت قوما بالذي فيك مثله ... فكيف يعيب العور من هو أعور ... وكيف يعيب الناس من عيب نفسه ... أشد إذا عد العيوب وأنكر ...
متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم ... عيوبا ولكن الذي فيك أكثر
فسالمهم بالكف عنهم فإنهم ... بعيبك من عينيك أهدى وأبصر
*****************
وقال نصر بن أحمد:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... ... وكلّ امرئ ما بين فكَّيه مقتل
وكم فاتحٍ أبواب شرٍّ لنفسه ... ... إذا لم يكن قفلٌ على فيه مقفل
إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... ... فذاك لسانٌ بالبلاء موكّل
إذا شئت أن تحيا سعيداً مسلَّماً ... ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل
*****************
وقال صالح بن جناح:
أقلل كلامك واستعذ من شرّه ... ... إنّ البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسانك واحتفظ من غيّه ... ... حتّى يكون كأنَّه مسجون(1/77)
وكِّل فؤادك باللِّسان وقل له ... ... إنّ الكلام عليكما موزون
فزناه وليك محكماً في قلّةٍ ... ... إنّ البلاغة في القليل تكون
*****************
وقال آخر:
عوّد لسانك قول الصِّدق تحظ به ... ... إنّ الِّلسان لما عوّدت معتاد
موكل بتقاضي ما سننت له ... فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد *****************
وقال غيره:
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه ... ... وليس يموت الرَّجل من عثرة الرِّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه ... ... وعثرته بالرِّجل تبرا على مهل
*****************
وقال آخر:
والصمتُ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ....... وفيه أيضاً لصونِ العرض إصلاحُ
أما ترى الأسدَ تخشى وهي صامتةٌ ........ والكلبُ يخزى لعمرُ اللهِ نباحُ
*****************
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري ...
لا تلتمس من مساوي الناس ماستروا ... فيهتك الناس سترا من مساويكا ... واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدا عيبا بما فيكا
****************
وقال آخر:-
كم من حسيب كريم كان ذا شرف ... قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا ... وآخر كان صعلوكا فشرفه ... صدق الحديث وقول جانب الفندا .
.. فصار هذا شريفا فوق صاحبه ... وصار هذا وضيعا تحته أبدا
*****************
وقال آخر:-
الكذب مرديك وإن لم تخف ... والصدق منجيك على كل حال ...
فانطق بما شئت تجد غبه ... لم تبتخس وزنه مثقال
*****************
وقال آخر:-
كذبت ومن يكذب فإن جزاءه ... إذا ما أتى بالصدق أن لا يصدقا ...
إذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل ... لدى الناس كذابا وإن كان صادقا .
.. ومن آفة الكذاب نسيان كذبه ... وتلقاه إذا فقه اذا كان حاذقا
*****************
وقال آخر:-
الصدق يعقد فوق رأس ... حليفه بالصدق تاجا ...
والصدق يقدح زنده ... في كل ناحية سراجا
*****************
وقال المنتصر بن بلال ..
. تحدث بصدق إن تحدثت وليكن ... لكل حديث من حديثك حين ..
. فما القول إلا كالثياب فبعضها ... عليك وبعض في التخوت مصون
*****************(1/78)
وقال آخر:-
أوجع من وخزة السنانِ * * * لذي الحِجا: وخزة اللسانِ
*****************
وقال آخر:-
( رأيت لسان المرء آية عقله ... وعنوانه فانظر بماذا تعنون
ولا تعد إصلاح اللسان فإنه ... يخبر عما عنده ويبين )
( ويعجبني زي الفتى وجماله ... فيسقط من عيني ساعة يلحن
*****************
وقال آخر:-
إذا ما المرء أخطأه ثلاث ... فبعه ولو بكف من رماد .
.. سلامة صدره والصدق منه ... وكتمان السرائر في الفؤاد
****************
وقال آخر:-
تَحَفّط من لسانك ليسى شيء * * * أحق بطول سجن من لسانِ
*****************
وقال آخر:-
ان اللسان اذا حَللتَ عِقاله * * * ألقاك في شنعاءَ ليس تُقالُ
*****************
وقال آخر:-
احفظ لسانك أيها الأنسان ... لا يلدغنك إنه ثعبان )
( كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان )
*****************
وقال آخر:-
احفظ لسانك لا تقول فتبتلي ... إن البلاء موكل بالمنطق )
*****************
وقال آخر:-
إذا شئت أن تحيا سليماً من الاذى وحظك موفورٌ وعرضك صيَّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امريءٍ فكلك عوراتٌ وللناس السنُ
وعينك إن أبدت إليك مساوئاً فصنها وقل ياعين للناس أعينُ
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ
*****************
وقال آخر:-
حفظ اللسان عن القبيح أمانُ يزكو به الاسلام والإيمانُ
وإذا جِنايات الجوارح عُددت فأشدها يجني عليك لسانُ
من كف كف الناس عنه إلا الخنا فكما تدين تُدانُ
*****************
وقال آخر:-
وزن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي عقول ذوي العقول المنطق
*****************
وقال آخر:-
وإن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل
*****************
فإن عبت قوما بالذي فيك مثلُه..........فكيف يعيبُ من الناسَ من هو أعورُ
وإن عبتَ قوما بالذي ليسَ فيهمُ....... فذلك عند اللهِ والناسِ أكبرُ
52)حفظ السمع :-(1/79)
وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن النطق به )
فإنك عند سماع القبيح ... شريك لقائله فانتبه
53)حب النبي :-
أتحب أعداء الحبيب وتدعى حباً له ، ما ذاك فى الإمكان
وكذا تعادى جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان ؟!
إن المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا نقصانِ
فلئن ادعيت له المحبة مع خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان
*****************
وقال آخر:-
من يَدَّعِ حُبَّ النبى ولم ... ... يفد من هديه فسفاهةُُ وهراءُ
فالحب أول شرطه وفروضه ... ... إن كان صادقاً طاعةُُ ووفاءُ
*****************
54)الصدق والكذب:-
لا يكذب المرء إلاّ من مهانته ... ... أو عادة السّوء او من قلّة الأدب
لبعض جيفة كلبٍ خير رائحةٍ من كذبة المرء في جدٍ وفي لعب
*****************
وقال محمود الوراق
( الصدق منجاة لأربابه ... وقربة تدني من الرب )
*****************
ولبعضهم
( حسب الكذوب من البلية ... بعض ما يحكى عليه )
( فمتى سمعت بكذبة ... من غيره نسبت إليه )
*****************
وقال آخر:
إذا السر والإعلان في المؤمن استوى فقد عز في الدارين واستوجب الثنا
فإن خالف الإعلان سرا فما له على سعيه فضل سوى الكد والعنا
فما خالص الدينار في السوق نافق ومغشوشه المردود لا يقتضى المنا
55)ذا الوجهين:-
قل للذي لست أدري من تلونه ... أنا صح أم على غش يناجيني )
( إني لأكثر مما سمتني عجبا ... يد تشح وأخرى منك تأسوني )
( تغتابني عند أقوام وتمدحني ... في آخرين وكل عنك يأتيني )
( هذان شيئان قد نافيت بينهما ... فأكفف لسانك عن شتمي وتزييني )
*****************
وقال آخر:-
ويوم كأخلاق الملوك تلونا ... فصحو وتغييم وطل وابل )
( أشبهه إياك من صفاته ... دنو وإعراض ومنع ونائل )
56)النميمة:-
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه )
( كالسيل بالليل لا يدرى به أحد ... من أين جاء ولا من أين يأيته )
((1/80)
الويل للعهد منه كيف ينقضه ... والويل للود منه كيف يفنيه )
*****************
وقال آخر
( يسعى عليك كما يسعى إليك فلا ... تأمن غوائل ذي وجهين كياد
تنحّ عن النميمة واجتنبها فإن النم يُحبطُ كلَّ أجرٍ
يُثير أخو النميمةِ كلّ شر ويكشف للخلائق كل سرٍ
ويقتل نفسه وسواه ظلماً وليس النمُّ من أفعال حر
****************
وقال آخر:
ولا تقل الصبا فيه مجال وفكركم صبي قد دفنتا
تفر من الهجير وتتقيه فهلاَّ من جهنم قد فررتا
****************
وقال آخر:-
وصاحب النمِّ كالداء العياء إذا ما ارفض في الجلد هاهنا وهنا
يبدي ويخبر عن عورات صاحبه وما يرى عنده من صالحٍ دفنا
57)الغيبة:-
( إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا )
( صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا )
ولم يرخّص العلماء في شيءٍ من الغيبة سوى ستّة صُوَرٍ مستثناةٍ من التحريم للحاجة إليها في جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد أحسَن من نظَمَها في قوله:
القدْحُ ليس بغيبة في ستة: ... متظلمٍ ومعرِّف ومحذر
ومجاهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومَن ... طلب الإعانة في إزالة مُنكرٍ
58)الحياء:-
قال حبيب بن أوس :
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا واللّه ما في العيش خيرٌ ... ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ... ... ويبقى العود ما بقى اللحاء
*****************
وقال أبو دلف العجلى :
إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقاً ... ... ولم ترع مخلوقاً فما شئت فاصنع
*****************
وقال صالح بن جناح :
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه ... ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
*****************
وقال أمية بن أبي الصّلت في ابن جد عان التيمى :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... ... حياؤك إن شيمتك الحياء
كريمٌ لا يغيّره صباحٌ ... ... عن الفعل الجميل ولا مساء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... ... كفاه من تعرضه الثناء
*****************
وقال آخر:-
((1/81)
إذا رزق الفتي وجها وقاحا ... تقلب في الأمور كما يشاء )
ولم يك للدواء ولا لشيء ... يعالجه به فيه غناء ...
فما لك في معاتبة الذي لا ... حياء لوجهه إلا العناء
*****************
وقال آخر:-
ورُب قبيحةٍ ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الداء لها ولكن إذا ذهب الحياء فلا دواء
*****************
وقال آخر:-
هب البعث لم تأتنا رسله *** وحاطمة النار لم تضرم
أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنعم
59)الدنيا والزهد فيها:-
بكيتُ على الشباب بدمع عيني فما نفع البكاءُ ولا النَّحيبُ
فيا أسفاً أسفتُ على شبابٍ نعاه الشيبُ والرأس الخضيبُ
عَريتُ من الشباب وكان غضا كما يَعْرَى من الورق القضيبُ
ألا ليت الشبابَ يعود يوما فأخبره بما فعل المشيبُ
*****************
وقال آخر:-
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
فطوبى لعبدٍ آثر الله ربه ... ... وجاد بدنياه لما يتوقع
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
خَلِّ دُنْيَاك إنَّهَا يَعْقُبُ الْخَيْرَ شَرُّهَا هِيَ أُمٌّ تَعُقُّ مِنْ نَسْلِهَا
مَنْ يَبَرُّهَا كُلُّ نَفْسٍ فَإِنَّهَا تَبْتَغِي مَا يَسُرُّهَا وَالْمَنَايَا تَسُوقُهَا وَالامَانِي تَغُرُّهَا
فَإِذَا اسْتَحْلَتْ الْجَنَى أَعْقَبَ الْحُلْوَ مُرُّهَا يَسْتَوِي فِي ضَرِيحِهِ عَبْدُ أَرْضٍ وَحُرُّهَا
*****************
وقال آخر:-
ما دار دنيا للمقيم بدار
وبها النفوس فريسة الأقدار
ما بين ليل عاكف ونهاره
نفسان مرتشفان للأعمار
طول الحياة إذا مضى كقصيرها
واليسر للإنسان كالإعسار
والعيش يعقب بالمرارة حلوه
والصفو فيه مخلف الأكدار
وكأنما تقضي بنيات الردى
لفنائنا وطراً من الأوطار
ويروقنا زهر الأماني نضرة
هدم الأماني عادة المقدار
والمرء كالطيف المطيف وعمره
كالنوم بين الفجر والأسحار
خطب تضاءلت الخطوب لهوله
أخطاره تعلو على الأخطار
تلقى الصوارم والرماح لهوله
ونلوذ من حرب إلى استشعار(1/82)
إن الذين بنوا مشيداً وانثنوا
يسعون سعي الفاتك الجبار
سلبوا النضارة والنعيم فأصبحوا
متوسدين وسائد الأحجار
تركوا ديارهم على أعدائهم
وتوسدوا مدراً بغير دثار
خلط الحمام قويهم بضعيفهم
وغنيهم ساوى بذي الإقتار
*****************
وقال آخر:-
ومن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت على المرء حسرة وإن أقبلت كانت كثيرا همومها
*****************
وقال آخر:-
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ونال من الدنيا سرورا وأنعما
كبان بنى بنيانه فأقامه فلما استوى ما قد بناه تهدما
*****************
وقال آخر:-
أنت في دار شتات
فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيومٍ
صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند
الله في يوم وفاتك
*****************
وقال آخر:-
غَرسَ الزهدُ بقلبي شجره **** بعد أن نقّى بجهدٍ حَجَرَه
وسَقاها إثرَ ما أَودَعها **** كَبِدَ الأرضِ بدمعٍ فَجَّرّه
ومتى أبصرَ طيراً مُفسداً **** حائماً حول حِماها زَجَرَه
نمتُ في ظلٍ ظليلٍ تحتَها **** رَوّح القلبُ و نَحى ضَجَره
تم بايعت إلهي وكذا **** بيعة الرضوان تحت الشجرة
*****************
وقال آخر:-
أرى أشقياء الناس لا يسأمونها على انهم فيها عراة وجوع
أراها وإن كانت تسر فإنها سحابة صيف عن قليل تقشع
*****************
الدنيا:
ميزت بين جمالها وفعالها ... فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي
حلفت لنا أن لا تخون عهودنا ... فكأنما حلفت أن لا تفي
*****************
قال الثعلبي في وصف الدنيا :
تنح عن الدنيا فلا تخطبنها ولا تخطبن قتالة من تناكح
فليس يفي مرجوها بمخوفها ومكروهها أما تأملت راجح
لقد قال فيها الواصفون فأكثروا وعندي لها وصف لعمري صالح
سلاف قصاراها زعاف ومركب شهى إذا استذللته فهو جامح
وشخص جميل يؤثر الناس حسنه ولكن له أسرار سوء قبائح
*****************
وقال آخر:-
تعجب من صبري على ألوانها
في وصلها طوراً وفي هجرانها
ورهاء من كلفها وثيقة
كلّفها ما ليس من أديانها(1/83)
تسلط البلوى على عشاقها
تسلُّط الحِنثِ على أيمانها
الود في القلب ودعوى ودِّها
لا يتعدى طرفَيْ لسانها
فكما أعطتك في محبة
زيادةً فاقطع على نقصانها
وقفتُ أسترجع يومَ بينها
قلباً شجاعاً طاح في أظعانها
ولم يكن مني إلا ضلّة
نِشدانُ شيءٍ وهو في ضمانها
*****************
وقال بعضهم
( وغاية هذي الدار لذة ساعة ... ويعقبها الأحزان والهم والندم )
( وهاتيك دار الأمن والعز والتقى ... ورحمة رب الناس والجود والكرم
وقال آخر:-
لقد نصحت لأقوام وقلت لهم ... إني النذير فلا يغرركم أحد )
( لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... إلا الإله ويردى المال والولد )
لم تغن عن هرمز يوما ذخائره ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا )
*****************
وقال آخر:-
لا تركننّ إلى القصور الفاخرة ... واذكر عظامك حين تمسي ناخِرة
وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل ... يا رب إنّ العيشَ عيشُ الآخرة
*****************
وقال آخر:-
يا عامراً لخراب الدار مجتهدا بالله هل لخراب الدار عمران
*****************
وقال حاتم الطائي:
لعمرك ما يغني الثَّراء عن الفتى ... ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصَّدر
أماويّ إنَّ المال غادٍ ورائح ... ... ويبقى من المال الأحاديث والذِّكر
*****************
وقال آخر:-
إنما الدنيا بلاء
ليس لدينا ثبوتُ
إنما الدنيا كبيتٍ
نسجته العنكبوتُ
إنما يكفيك منها
أيها الراغب قوتُ
*****************
وقال آخر:-
ما أنت إلا كزرع عند خُضرته **** بكلِ شيء من الآفات مقصودُ
فإن سَلِمتَ من الآفات أجمعها **** فأنت عند كمال الأمر محصودُ
*****************
وقال آخر:-
أيا من عاش في الدنيا طويلا ... وأفنى العمر في قيل وقال )
( وأتعب نفسه فيما سيفنى ... وجمع من حرام أو حلال )
( هب الدنيا تقاد إليك عفوا ... أليس مصير ذلك للزوال )
*****************
وقال آخر:-
المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا حتى يرى خبراً من الأخبار(1/84)
طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
فإذا أردت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال سار
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت منقادة بأزمة المقدار
فاقضوا مآربكم عجالى إنما عماركم سفر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا أن تسترد فإنهن عواري
*****************
وقال آخر:-
هب الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال
*****************
وقال آخر:-
تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت وتحدث من بعد الأمور أمورُ
وتجري الليالي باجتماع وفرقة وتطلع فيها أنجم وتغورُ
وتطمع أن يبقى السرور لأهله وهذا محال أن يدوم سرورُ
*****************
وقال آخر:
يا خاطب الدنيا إلى نفسها تنح عن خطبتها تسلم
إن التي تخطب غدارة قريبة العرس من المأتم
*****************
وقيل أيضا :-
يا راقد الليل مسرورا بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
أفنى القرون التي كانت منعمة كر الجديدين إقبالا وإدبارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك قد كان في الدهر نفاعا وضرارا يا من يعانق دنيا لا بقاء لها يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت من الدنيا معانقة حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها فينبغي لك أن لا تأمن النارا
*****************
وقال آخر:-
من مال إلى الدنيا وصبا
قد أمعن في الفاني طلبا
خذ ما يبقى كيلا تشقى
واتبع حقاً ودع اللعبا
وذر الدنيا فلكم قتلتْ
مكراً بسهام هوى وصبا
برت ورعت فإذا اجتمعت
خدعت حتى قطعت إربا
يا عاشقها كم قد نصبت
لهلاكك فاحذرها سببا
يا آمنها كم قد سلبت
ولداً براً أماً وأبا
*****************
الدنيا
كم ثغر ملتثم ثلمت
قد كان لراشفه ضربا
فسقته المر لدى جدث
وكذاك الدهر إذا ضربا
وأتت قصراً يحوي نصراً
فغدا وقصاراه خربا
ومليكاً في صولة دولته
أضحى في الحفرة مغتربا(1/85)
عرج بأمدار على الآثار
وسل طللاً أمسى شجبا
ينبيك بأنهم رحلوا
وثوى من بعدهم الغربا
*****************
الدنيا:-
فتأمل عاقبة الدنيا
فلعلك تصبح مجتنبا
وتدبر ما صنعت فلقد
أبدت بصنايعها عجبا
ينساك الأهل إذا رجعوا
عن قبرك لا تسمع كذبا
تركوك أسيراً إذ ذهبوا
بتراب ضريحك محتجبا
وغدوا فرحين بما أخذوا
وغدوت باتمك محتقبا
*****************
وقال آخر:-
يا محب الدنيا الغرور اغترارا
راكباً في طلابها الأخطارا
يبتغي وصلها فتأبى عليه
وترى أنسه فتبدي نفارا
خابَ من يبتغي الوصال لديها
جارةٌ لم تزل تسيء الجوارا
كم محبٍّ أرته أنساً فلما
حاول الزور صيرته ازورارا
شيب حلو اللذات منها بمر
إن حلت مرة أمرت مرارا
في اكتساب الحلال منها حساب
واكتساب الحرام يصلي النارا
ولباغي الأوطار منها عناءٌ
سوف يقضي وما قضى الأوطارا
*****************
الدنيا:-
كل لذاتها منغصة العيش
وأرباحها تعود خسارا
وليالي الهموم فيها طوال
وليالي السرور تمضي قصارا
وإذا ما سقت خمور الأماني
صيرت بعدها المنايا خمارا
كم مليك مسلط ذللته
بعد عز فما أطاق انتصارا
ونعيم قد أعقبته ببوس
ومغان قد غادرتها قفارا
*****************
ولأبي نواس:
ألا كلُّ حي هالك وابن هالك
وذو نسب في الهالكين عريق
فقل لغريب الدار إنك راحلُ
إلى منزل نأى المحل سحيق
وما تعدم الدنيا الدنية أهلها
شواظ حريق أو دخان حريق
تجرع فيها هالكاً فقد هالك
وتشجى فريقاً منهم بفريق
فلا تحسب الدنيا إذا ما سكنتها
قراراً فما دنياك غير طريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت له
عن عدو في ثياب صديق
عليك بدار لا يزال ظلالها
ولا يتأذى أهلها بمضيق
فما يبلغ الراضي رضاه ببلغة
ولا ينفع الصادي صداه بريق
*****************
الدنيا:-
أيها المستعير منها متاعاً
عن قليل تسترجع المستعارا
عد عن وصل من يعيرك ما
يفنى ويبقى إثماً ويكسب عارا
قد أرتك الأمثال في سالف الد
هر وما قدراتك فيك اعتبارا
وجدير بالعذر من قدم الأ(1/86)
عذار فيما جناه والإنذارا
فتعوض منها بخلة صدق
والتمس غير هذه الدار دارا
والبدار البدار بالعمل الصا
لح ما دمت تستطيع البدارا
*****************
وقال آخر:-
ذهب العمر وفات
يا أسير الشهوات
ومضى وقتك في لهو
وسهو وسبات
بينما أنت على غيك
حتى قيل مات
*****************
60)نحن المسلمين :-
يقول محمد إقبال :-
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا في مسمع الكون العظيم وكبرا
كنا جبالاً في الجبال وربما سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا بل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس إفريقيا ولا صحراؤها
سجداتنا والأرض تقذف نارا
كنا نقدم للسيوف صدورنا
لم نخش يوما غاشما جبارا
وقال آخر:-
نحن الذين ملأنا جونا كرماً وقد بعثنا على قرآننا أمما
والعالم الآخر المشبوه في ظلمٍ من يعبد الجنس أو من يعبد الصنما
*****************
وقال وليد الأعظمي:-
قوم إذا داعي الجهاد دعاهم هبّوا إلى الداعي بغير توان
وبنعمة الإسلام عاشوا إخوة شركاء في الأفراح والأحزان
... محرابهم بالليل معمور بهم يتضرّعون تضرّع الرهبان
وإذا انقضى الليل البهيم وجدتهم بنهارهم يا صاح كالفرسان
و هتافهم الله أكبر إنهم لم يهتفوا بحياة شخص فان
*****************
وقال آخر:-
أتقول المسلمون انهزموا أمة المختار في حرز الصمد
إنما تلك مُسوخ ورثت نسبة الإسلام عن أم وجد
فإذا ذلت لباغٍ فكما يعبث الفأر بتمثال الأسد
*****************
وقال آخر:-
أمَّة الصحراء يا شعب الخلود من سواكم حل أغلال الورى
أي داعٍ قبلكم في ذا الوجود صاح لا كسرى هنا لا قيصرا
من سواكم في قديم أو حديث أطلع القرآن صبحاً للرشاد
هاتفاً في مسمع الكون العظيم ليس غير الله رباً للعباد
****************
وقال هاشم الرفاعي:
ملكنا هذه الدنيا قرونا********** وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء **********فما نسى الزمان ولا نسينا(1/87)
حملناها سيوفا لامعات **********غداة الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوما********** رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يرمينا أناس **********نؤدبهم أباة قادرينا
وكنا حين يأخذنا ولي **********بطغيان ندوس له الجبينا
تفيض قلوبنا بالهدي بأسا********** فما نغضي عن الظلم الجفونا
وما فتئ الزمان يدور حت**********ى مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي **********وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر********** سؤال الدهر : أين المسلمون ؟
ترى هل يرجع الماضي ؟ فإني********** أذوب لذلك الماضي حنينا
بنينا حقبة في الأرض ملكا **********يدعمه شباب طامحونا
*****************
61)الحج:-
قال ابن القيم رحمه الله يصف حال الحجيج في بيت الله الحرام:
فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تقدم
وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويسحمُ
وراحوا إلى التعريف يرجون رحمته ... ومغفرة ممن يجود ويكرم
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ... كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم
ويدنو به الجبار جل جلاله ... يباهي بهم أملاكه فهو أكرم
يقول عبادي قد أتوني محبةً ... وإني بهم بر أجود وأكرم
فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم ... وأعطيهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي ... به يغفر الله الذنوب ويرحم
فكم من عتيق فيه كمُّل عتقه ... وآخر يستسعي وربك أكرم
*****************
ويتمنى الشاعر لو كان ممن حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فيقول:-
أحبتي عاد ذهني إلى زمنٍ ... معظمٍ في سويدا القلب مستطر
كأنني برسول الله مرتدياً ... ملابس الطهر بين الناس كالقمر
نور وعن جانبيه من صحابته ... فيالقٌ وألوف الناس بالأثر
ساروا برفقة أزكى مهجةٍ درجت ... وخير مشتملٍ ثوباً ومؤتزر
ملبياً رافعاً كفيه في وجل ... لله في ثوبِ أوّابٍ ومفتقر
مُرنماً بجلال الحق تغلبه ... دموعه مثل وابل العارض المطر
يمضي ينادي خذو عني مناسككم ... لعل هذا ختام العهد والعمُر(1/88)
وقام في عرفات الله ممتطياً ... قصواءه ياله من موقف نضِر
تأمل الموقف الأسمى فما نظرت ... عيناه إلا لأمواج من البشر
فينحني شاكراً لله منّتَه ... وفضله من تمام الدين والظفر
يشدو بخطبته العصماء زاكيةً ... كالشهد كالسلسبيل العذب كالدرر
مجلياً روعة الإسلام في جملٍ ... من رائع من بديع القول مختصر
داعٍ إلى العدل والتقوى وأن بها ... تفاضل الناس لا بالجنس والصور
مبيناً أن للإنسان حرمته ... ممرغاً سيّء العادات بالمدر
يا ليتني كنت بين القوم إذ حضروا ... مُمَتَّعُ القلب والأسماع والبصر
وأنبري لرسول الله ألثُمُهُ ... على جبينٍ نقي طاهر عطر
أقبِّل الكف كف الجود كم بذلت ... سحّاء بالخير مثل السلسل الهدر
ألوذ بالرّحل أمشي في معيته ... وأرتوي من رسول الله بالنظر
أُسّر بالمشي وإن طال المسير بنا وما انقضى من لقاء المصطفى وطري
أما الرداء الذي حج الحبيب به ... يا ليته كفن لي في دجى الحُفر
يا غافلاً من مزاياه وروعتها ... يَمّم إلى كتُبِ التاريخ والسير
يا رب لا تحرمنا من شفاعته وحوضه العذب يوم الموقف العَسِرِ
*****************
وقال الأديب أبي بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشد البغدادي في ذكر البيت والطواف :-
ففي ربعهم لله بيت مبارك *** إليه قلوب الخلق تهوى وتهواه
يطوف به الجاني فيغفر ذنبه *** ويسقط عنه جرمه وخطاياه
فكم لذة كم فرحة لطوافه *** فلله ما أحلى الطواف وأهناه
نطوف كأنا في الجنان نطوفها *** ولا هم لا غم فذاك نفيناه
فواشوقنا نحو الطواف وطيبه *** فذلك شوق لا يعبر معناه
فمن لم يذقه لم يذق قط لذة *** فذقه تذق يا صاح ما قد أذقناه
فوالله ما ننسى الحمى فقلوبنا *** هناك تركناها فيا كيف ننساه
ترى رجعة هل عودة لطوافنا *** وذاك الحمى قبل المنية نغشاه
*****************
وقال أيضاً في رؤية البيت :-
وما زال وفد الله يقصد مكة *** إلى أن بدا البيت العتيق وركناه
فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا *** وكبرت الحجاج حين رأيناه(1/89)
وقد كادت الأرواح تزهق فرحة *** لما نحن من عظم السرور وجدناه
تصافحنا الأملاك من كان راكبا *** وتعتنق الماشي إذا تتلقاه
****************
وقال ايضاً :
فمن كان بالمال المحرم حجه *** فعن حجه والله ما كان أغناه
إذا هو لبى الله كان جوابه *** من الله لا لبيك حج رددناه
كذلك جانا في الحديث مسطرا *** ففي الحج أجر وافر قد سمعناه
****************
وقال آخرمناجاة وتوجع :
إليك إلهي قد أتيت مُلَبيا *** فبارك إلهي حجتي ودعائيا
قصدتك مضطراً وجئتك باكيا *** وحاشاك ربي أن ترد بكائيا
كفاني فخراً أنني لك عابد *** فيافرحتي إن صرت عبداً مواليا
إلهي فأنت الله لا شيء مثله *** فأفعم فؤادي حكمة ومعانيا
أتيت بلا زاد ، وجودك مطعمي *** وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إليك إلهي قد حضرت مؤملا *** خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا
وكيف يرىالإنسان في الأرض متعة *** وقد أصبح القدس الشريف ملاهيا
يجوس به الأنذال من كل جانب *** وقد كان للأطهار قدساً وناديا
معالم إسراء ، ومهبط حكمة *** وروضة قرآن تعطر واديا
****************
وذكروا في التاريخ العربي ان البرعي في حجه الأخير أخذ محمولا على جمل فلما قطع الصحراء مع الحج الشامي
وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة هب النسيم رطباً عليلاً معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول لكن المرض أعاقه عن المأمول فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير .. يقول فيها:
يا راحلين إلى منى بقيادي *** هيجتموا يوم الرحيل فؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتي *** الشوق أقلقني وصوت الحادي
وحرمتموا جفني المنام ببعدكمي *** ا ساكنين المنحنى والوادي
ويلوح لي مابين زمزم والصفا *** عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يانائما جد السُرى *** عرفات تجلو كل قلب صادي
من نال من عرفات نظرة ساعة *** نال السرور ونال كل مرادي
تالله ما أحلى المبيت على منى *** في ليل عيد أبرك الأعيادي(1/90)
ضحوا ضحاياهم ثم سال دماؤها *** وأنا المتيم قد نحرت فؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء *** وأنا الملوع قد لبست سوادي
يارب أنت وصلتهم صلني بهم *** فبحقهم يا رب فُك قيادي
فإذا وصلتم سالمين فبلغوا *** مني السلام أُهيل ذاك الوادي
قولوا لهم عبد الرحيم متيم *** ومفارق الأحباب والأولاد
صلى عليك الله يا علم الهدى *** ما سار ركب أو ترنم حادي
62)مآسي :-
يقول الشاعر:-
أطفال يافا يصرخون وما لهم عمرو ولا سعد ولا خطابُ
يا رب يا رحمن فانصر أمة قد أُغلقت من دونها أبوابُ
*****************
ألا ما أشد شوق بلاد المسلمين الآن إلى أمثال عز الدين القسام، وصلاح الدين.
نساء فلسطين تكحلن بالأسى ... وفي بيت لحم قاصرات وقُصّر
وليمون يافا يبس في حقوله ... وهل شجر في قبضة الظالم يُثمر
رفيق صلاح الدين هل لك عودة ... فإن جيوش الروم تنهَى وتأمر
رفاقك في الأغوار شدُّوا سروجهم ... وجندك في حطين صلوا وكبّروا
تناديك من شوق مآذن مكة ... وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبر
ويبكيك صفصاف الشّام ووردها ... ويبكيك زهر الغَوطتين وتدمر
تعال إلينا فالمروءات أَطرقت وموطن آبائي زجاج مكسّر
هُزمنا وما زلنا شتاتُ قبائل تعيش على الحقد الدفين وتزأر
يُحاصرنا كالموت بليون كافر ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر
*****************
ولكن الفرج بإذن الله قريب، ونصر الله آت، فكونوا من الذين ينصرون دين الله...
وقال آخر:-
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا ...
أو مالنا سعد و لا مقداد ؟
نامت ليالي الغافلين و ليلنا ...
أرق يذيب قلوبنا و سهاد
سلت سيوف المعتدين و عربدت ...
و سيوفنا ضاقت بها الأغماد
هذا هو الأقصي يلوك جراحه ...
و المسلمون جموعهم آحاد
دمع اليتامى فيه شاهد ذلة ...
و سواد أعينهن فيه حداد
أواه يا أبتي على أمجادنا ...
يختال فوق رفاتها الجلاد
أجدادنا كتبوا مآثر عزها ...
فمحا مآثر عزها الأحفاد
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى ...
فجرا تغرد فوقه الأمجاد
و متى نرى بوابة مفتوحة ...(1/91)
للحق تقصر عندها الآماد
أنا يا أبي طفل و لكن همتي ...
فجر به يحلو لي إستشهاد
لا تخش يا أبتي علي فربما ...
قامت على عزم الصغير بلاد
و لربما مات القوي بسيفه ...
و قضى على مال الغني كساد
*****************
ذكرى الاندلس الذي عبر عنها الشاعر وهو يقول:
يا من ينوح فؤادي خلف موكبه ... ومن ترفرف روحي حول مغناه
ماذا تركت بقلبي بعدما نسجت ... كف الخريف له حرّى بلاياه
هلا ذكرت زمانًا ظل يسعدنا ... نقضى حياة المنى فِي ظل دنياه
تسعى إلينا الأماني في ظلاله ... وتستخف بنا أحلام دنياه
ما زلت أذكره في كل آونة ... رغم الصدود وأنت اليوم تنساه
*****************
وقال آخر:-
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلالمنائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خال
*****************
وقال محمود غنيم:-
إني تذكرت والذكرى مؤرقة ...
مجداً تليداً بايدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها ...
فأصبحت تتوارى في زواياه
أنى أتجهت إلى الإسلام في بلد ...
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها ...
وبات يحكمنا شعب ملكناه
كنا أسوداً ملوك الأرض ترهبنا والآن أصبح فأر الدار نخشاه
*****************
وقال آخر:-
فلسطين ضاعت يوم ضاعت عقيدة وبات فساد الحال اقبح مقتنى
أيجحد دين العرب سؤددا وينقض ما شاد النبي وما بنى ؟؟
ليرضى علينا الغرب حينا ويحتفي بنا الشرق أحيانا ... ونفقد ذاتنا
و ما زادنا هذا التذبذب عزّة ولكن حصدنا دونه الشوك والعنا
*****************
وقال آخر:-
ما هم بأمة أحمد ... لا والذي فطر السماءا
ما هم بأمة خير خلق الله بدعا و انتهاءا
ما هم بأمة سيدي ... حاشا.. فليسوا الاكفياءا
ما هم بأمة على الأفلاك قد ركزوا اللواءا
من حطّم الأصنام من أرسى العدالة والاخاءا
من قال أن الله رب ّ الناس خالقهم سواءا
لا فضل إلا للصلاح فلا انتساب و لا ادعاءا
*****************
وقال آخر:-
أما فلسطين فسيل دمائها لم ينقطع وعيونها لم ترقد(1/92)
اللاجئون وهذه أكواخهم كالعار عن أنظارنا لم يبعد
في كل كوخ لوعة ومناحة من طفلة تبكي وشيخ مقعد
ويتيمة تلوي إليك بجيدها تشكو الهوان بحسرة وتنهّد
وكريمة لعب اليهود بطهرها وبها تمتّع رائح أو معتد
*****************
وقال الدكتور : عبد الرحمن العشماوي يصف العيد مع الاحتلال :-
أقبلت ياعيد والاحزان أحزان وفي ضمير القوافي ثار بركان
أقبلت ياعيد والرمضاء تلفحني وقد شكت من غبار الدرب أجفان
أقبلت ياعيد هذي أرض حسرتنا تموج موجا وأرض الانس قيعان
أقبلت ياعيد والظلماء كاشفة عن رأسها وفؤاد البدر حيران
من أين والمسجد الاقصى محطمة آماله وفؤاده القدس ولهان
من أين نفرح ياعيد الجراح وفي دروبنا جدر قامت وكثبان
*****************
وقال محمود غنيم:-
يا من رأى عمر تكسوه بردته ... ... والزيت ادم له والكوخ ماواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً ... ... من بأسه وملوك الروم تخشاه
استرشد الغرب في الماضي فأرشده ... ... ونحن كان لنا ماض نسيناه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس من ... ... ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب ... ... بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها ... ... عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها ... ... عل امرءاً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به ...
فحين جاوزا بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة ...
منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم ...
يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
*****************
وقال آخر:-
أمتي هل لك بين الأمم ... ... منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق ... ... خجلاً من أمسك المنصرم
أين دنياك التي أوحت إلى ... ... وترى كل يتيم النغم ؟
كم تخطيت على أصدائه ... ... ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ساحب ... ... مئزري فوق جباه الأنجم
وقال آخر:- ... ...
سأكتب شعري الباكي بدمع القلب لا الحبر
أسطّره على كبدي وأترك دفتر الشعر
جراح أحبتي في الأرض تبعث عاصف الفكر
فيا لله هل يبقى هنا صبر لذي صبر؟!(1/93)
أحقاًّ أن سيف الحِقد تُشهره يد الكفر؟!
وأن دماء إخواني على طرقاتهم تجري؟!
أحقاًّ أن آلافاً تشرّدهم يد الفقر؟!
وأن الطفل لا يدري عن الأم ولا تدري؟!
أحقاًّ أن مسلمة بها كبراءة الزهر
تبيت عفيفة والليل يهتك سترة الطهر؟!
أحقاًّ قصة الإحراق والتجويع والكسر؟!
أحقاًّ قصة التمثيل في الوجه وفي الظهر؟!
أحقاًّ أن رأس المرء يُجعل لعبة تجري؟!
أحقاًّ أن عينيه تُقلع دونما أمر؟!
أحقاًّ ذلكم حقاًّ فما للقلب كالصخر؟!
لئن ماتوا فقد ماتت قلوب الناس في الصدر!!
*****************
وقال عمر أبو ريشة:-
أمتي كم غصة دامية ... ... خنقت نجوى علاك في فمي
الإسرائيل تعلو راية ... ... في حمى المهد وظل الحرم
كيف أغضيت على الذل ولم ... ... ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أو ما كنت إذا البغي اعتدى ... ... موجة من لهب أو دم
اسمعي نوح الحزانى واطربي ... ... وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها ... ... تتفانى في خسيس المغنم
*****************
وقال أيضاً
رب وامعتصماه انطلقت ... ... ملء أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها ... ... لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته ... ... لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه ... ... إن يك الراعي عدو الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما ... ... كان في الحكم عبيد الدرهم
وقال آخر:-
غبْ يا هلالْ..
إني أخاف عليك من قهر الرجالْ
قِف من وراء الغيم
لا تنشر ضياءك فوق أعناق التلالْ
غِبْ يا هلالْ..
إني لأخشى أن يُصيبك
- حين تلمحنا- الخَبَالْ
أنا - يا هلالْ
أنا طفلةٌ عربيةٌ فارقت أسرتنا الكريمهْ
لي قصةٌ
دمويةُ الأحداث باكية أليمهْ
أنا - يا هلالْ
أنا من ضحايا الاحتلالْ
أنا من وُلدت
وفي فمي ثَدْيُ الهزيمهْ
شاهدتُ يومًا عند منزِلِنا كتيبهْ
في يومِها
كان الظلامُ مكدسًا
من حول قريتنا الحبيبهْ
في يومِها
ساق الجنودُ أبي
وفي عينيه أنهارٌ حبيسهْ
وتجمعت تلك الذئابُ الغُبْرُ
في طلب الفريسَهْ
ورأيت جنديًا يحاصر جسم والدتي
بنظرته المريبهْ
ما زلت أسمع - يا هلالْ-(1/94)
ما زلت أسمع صوت أمِّي
وهْي تسْتجدي العروبهْ
ما زلت أبصر نصل خنجرها الكريمْ
صانتْ به الشرفَ العظيم
مسكينةٌ أمِّي
فقد ماتتْ
وما عَلِمَتْ بموْتتها العروبهْ
إني لأعجب يا هلال
يترنَّح المذياعُ من طرب!!
وينتعش القدحْ!!
وتهيج موسيقى المرحْ!!
والمطربون يرددون على مسامعنا
ترانيم الفرحْ!!
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحة للتهنئهْ
"عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ"..!!
غِبْ يا هلالْ
لا تأتِ بالعيد السعيد
مع الأنينْ
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ
أتظنُ أن العيدَ في حلوى
وأثواب جديدهْ؟!
أتظنُ أنَّ العيد تهنئهْ
تُسطَّر في جريدهْ؟
غِبْ يا هلالْ
واطلعْ علينا حين يبتسم الزمنْ
وتموت نيران الفتنْ
اطلع علينا
حين يُورق بابتسامتنا المساءْ
ويذوب في طرقاتنا ثلج الشتاءْ
اطلعْ علينا بالشذا
بالعز بالنصر المبينْ
اطلعْ علينا بالتئام الشمل
بين المسلمينْ
هذا هو العيدُ السعيدْ
وسواهُ
ليس لنا بِعيدْ
غِبْ يا هلالْ
*****************
وقال آخر:-
لك في البرية حكمة ومشيئة أعيت مذاهبها أولي الألباب
إن شئت أجريت الصحاري أنهراً أو شئت فالأمواج فيض سراب
ماذا دهى الإسلام في أبنائه حتى انطووا في محنة وعذاب
فغناهُمُ فقر ودولة مجدهم في الأرض نهب ثعالب وذئاب
*****************
63)العودة الدين الله :
يقول الشاعر محمود أبو النجاة:
يا سادة الحقل للإسلام قاعدة إذا رعينا حقوق الله يرعانا
شتّان ما بين تشريع السماء لنا وبين تشريع أهل الأرض شتّانا
روّضوا على منهج القرآن أنفسكم يمدد لكم ربّكم عزا و سلطانا
يا أيها الناس فلتنجوا بأنفسكم ولا تكونوا كمن ضلّت مساعيه
*****************
وقال آخر:
العقل والحق والتاريخ أعلنها ما في سوى دينكم حظّ لمختار
*****************
وقال الشيخ محمد صيام:-
عودوا إلى الله ينقذكم برحمته من الشقاء الذي بتنا نعانيه
ولتستقوا من كتاب الله منهجكم فليس في الأرض منهاج يدانيه
64)الشباب ودوره :-
يقول الشاعر:-(1/95)
شباب الحق للإسلام عودوا فأنتم مجده وبكم يسود
وأنتم سرّ نهضته قديماً وأنتم فجره الباهي الجديد
****************
شباب ذللوا سبل المعالي........ وما عرفوا سوى الإسلام دين
إذا شهدوا الوغى كانوا حماة.... يدكون المعاقل والحصون
وإن جن المساء فلا تراهم........ من الإشفاق إلا ساجدين
شباب لم تحطمه الليالي......... ولم يسلم إلى الخصم العرين
وما عرفوا الأغاني مائعات...... ولكن العلا صيغة لحون
ولم يتشدقوا بقشور علم....... ولم يتقلبوا في الملحدين
ولم يتبجحوا في كل أمر....... خطير كي يقال مثقفون
كذلك أخر الإسلام قومي...... شبابا مخلصا حرا أمين
وعلمه الكرامة كيف تبنى........ فيأب أن يذل وأن يهون
65)الصبر وانتظارالفرج :-
يقول الشاعر:-
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعاً وما أجدى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها فرج قريب
*****************
وقال بشار بن برد:-
اذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه )
*****************
وقال آخر:-
أيا صاحبي إن رمت أن تكسب العلا ... وترقى إلى العلياء غير مزاحم )
( عليك بحسن الصبر في كل حالة ... فما صابر فيما يروم بنادم )
*****************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يتركْ طعاماً يُحِبُّهُ *** ولم يَنْهَ قلباً غاوياً حيث يمما
فيوشك أن تلقى له الدهرَ سُبَّةً *** إذا ذُكِرَتْ أمثالهُا تملأ الفما
*****************
وقال آخر:-
ومَنْ هجر اللذات نال المنى ومن *** أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد
*****************
وقال آخر:-
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا ... ... من راقب الله في الأمر نجا
من صدق الله لم ينله أذى ... ... ومن رجاه يكون حيث رجا
وقال آخر:-
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم(1/96)
*****************
وقال آخر:-
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالحوادث كلهن أمان
*****************
وقال آخر:-
ولا تجزع إذا أعسرت يوما ... فقد أيسرت في الزمن الطويل )
( ولا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل )
( وإن العسر يتبعه يسار ... وقول الله أصدق كل قيل )
( فلو أن العقول تسوق رزقا ... لكان المال عند ذوي العقول )
*****************
وقال آخر:-
استعمل الصبر تجني بعده العسلا ... ولازم الباب حتى تبلغ الأملا )
( لا ومرغ الخد في اعتابه سحرا ... واحمل لمرضاته في الحب كل بلا )
( فما يفوز بوصل يا أخي سوى ... صب لثقل الهوى والوجد قد حملا )
( هذا الحبيب ينادى في الدجي سحرا ... فانهض وكن رجلا بالسعي قد وصلا
*****************
وقال آخر:-
( إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر )
( وقل من جد في أمر يحاوله ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر )
*****************
ولابن نباتة
( صبرا على نوب الزمان ... وإن أبي القلب الجريح )
( فلكل شيء آخر ... إما جميل أو قبيح )
*****************
وقال آخر:-
فالصبر مثل اسمه مر مذاقته
لكن عواقبه أحلى من العسل
*****************
وقال آخر:-
وكل شيء ينتهي إلى مدى ... والشيء يرجى كشفه إذا انتهى )
( لطائف الله وإن طال المدى ... كلمحة الطرف إذا الطرف رمى )
( كم فرج بعد إياس قد أتى ... وكم سرور قد أتى بعد الأسى
*****************
وقال آخر:-
فصبر جميل إن في اليأس راحة ... إذا الغيث لم يمطر بلادك ماطره )
*****************
قد يدرك المتأني نجح حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
*****************
إذا ثارت خطوب الدهر يوما ... عليك فكن لها ثبت الجنان )
*****************
وقال إبراهيم بن العباس
( ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعا وعند الله منها المخرج )
( ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكان يظنها لا تفرج
*****************(1/97)
لطائف الله وإن طال المدى كلمحة الطرف إذا الطرف سجى
كم فرج بعد إياس قد أتى وكم سرور قد أتى بعد الأسى
*****************
ويروىأن رجلا ركب البحر فكسر به فوقع في جزيرة من جزائر البحر فمكث فيها ثلاثا لا يرى أحدا ولا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا فأيس من الحياة فتمثل ..
. إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب
فأجابه مجيب يقول .
.. عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب ...
فنظر فإذا سفينة في البحر فلوح لهم فأتوه فحملوه وأصاب معهم خيرا ورجع الى أهله سالما
*****************
ويروى لأبي محجن الثقفي:
عسى فرجٌ يأتي به الله إنَّه ... ... له كلَّ يومٍ في خليقته أمر
عسى ما ترى ألاَّ يدوم وأن ترى ... ... له فرجاً ممَّا ألحّ به الدَّهر
إذا اشتدَّ عسرٌ فارج يسراً فإنَّه ... ... قضى الله أنَّ العسر يتبعه اليسر
*****************
وقال منصور الفقيه:
إذا الحادثات بلغن المدى ... ... وكادت لهنَّ تذوب المهج
وحلّ البلاء وقلّ الوفا ... ... فعند التَّناهي يكون الفرج
*****************
وقال آخر:-
صبرا جميلا على ما ناب من حدث ... والصبر ينفع أحيانا إذا صبروا .
.. الصبر أفضل شيء تستعين به ... على الزمان إذا مامسك الضرر
*****************
وقال آخر:-
تعز بحسن الصبر عن كل هالك ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم ...
إذا أنت لم تسل اصطبارا وخشية ... سلوت على الأيام مثل البهائم ..
. وليس يذود النفس عن شهواتها ... من الناس إلا كل ماضي العزائم
*****************
وقال آخر:-
فلا تجزع إذا حملت هماً يقطع النفسا فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يئسا
*****************
وقال آخر:
كن عن همومك معرضاً ... ... وكل الأمور إلى القضا
وابشر بخيرٍ عاجلٍ ... ... تنسى به ما قد مضى
فلربَّ أمرٍ مسخطٍ ... ... لك في عواقبه الرِّضا
*****************
وقال آخر:-
صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم ..(1/98)
ومن لا يطب نفسا ويستبق صاحبا ... ويغفر لأهل الود يضرم ويصرم
*****************
وقال آخر:-
وكم من ليلة بت في كربة يكاد الرضيع لها يشيب
فما أصبح الصبح الا أتى من الله نصرٌ وفتح ٌ قريب
*****************
وقال آخر:-
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البالي
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغيّر الله من حال إلى حالي
*****************
وقال آخر:-
كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... ... منك يوماً لما له أنت راج
إنَّ موسى مضى ليطلب ناراً ... ... من ضياء رآه والَّليل داج
فأتى أهله وقد كلَّم الل ... ... ه وناجاه وهو خير مناج
وكذا الأمر كلَّما ضاق بالنَّا ... ... س أتى الله فيه ساعةً بالانفراج
*****************
وقال آخر:-
لا تعجلن فربما عجل الفتى فيما يضره
فالعيش أحلاه يعو د على حلاوته بمره
ولربما كره الفتى أمراً عواقبه تسره
*****************
وقال أحمد بن محمود، وقيل إنها لأحمد بن صالح:
إذا اشتملت على النَّاس الخطوب ... ... وضاق لما به الصَّدر الرَّحيب
وأوطنت المكاره واطمأنَّت ... ... وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانفراج الضِّيق وجهاً ... ... وقد أعيى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ ... ... يمنّ به الَّلطيف المستجيب
وكلُّ الحادثات إذا تناهت ... ... فموصولٌ بها الفرج القريب
ومولانا الإله فخير مولى ... ... له إحسانه ولنا الذُّنوب
*****************
وقال آخر:-
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ
*****************
وقال آخر:-
فإذا أتتك مصيبة فاصبر لها ... ... عظمت مصيبة مبتلىّ لا يصبر
*****************
وقال أبو العتاهية:
النَّاس في الدِّين والدُّنيا ذوو درجٍ ... ... والمال ما بين موقوفٍ ومختلج
من صاق عنك فأرض الله واسعةٌ ... ... في كلّ وجه مضيقٍ وجه منفرج
قد يدرك الرَّاقد الهادي برقدته ... ... وقد يخيب أبو الرَّوحات والدُّلج
خير المذاهب في الحاجات أنجحها ... ... وأضيق الأمر أدناه من الفرج
*****************
وقال آخر:(1/99)
سأصبر للزَّمان وإن رماني ... ... بأحداثٍ تضيق بها الصُّدور
وأعلم أنَّ بعد العسر يسراً ... ... يدور به القضاء المستدير
*****************
وقال آخر:-
سيفتح باب إذا سد باب ... ... نعم وتهون الامورالصعاب
ويتسع العيش من بعد ما ... ... تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع الهم يسران هون عليك ... ... فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب
فكم ضقت ذرعا بما هبته ... ... فلم ير من ذاك قدر يهاب
وكم برد خفته من سحاب ... ... فعوفيت وانجاب عنك السحاب
ورزق اتاك ولم تاته ... ... ولا ارق العين منه الطلاب
وناء عن الاهل من بعدما ... ... علاه من الموج طام عباب
اذا احتجب الناس عن سائل ...
فما دون سائل ربي حجاب
يعود بفضل على من رجاه ... ... وراجيه في كل حين يجاب
فلا تاس يوما على فائت ...
وعندك منه رضاء واحتساب
فلا بد من كون ما خط في ...
كتابك , تحبى به او تصاب
فمن حائل دون ما في الكتاب ... ... ومن مرسل ما اباه الكتاب
اذا لم تكن تاركا زينة ... ... اذا المرء جاء بها يستراب
تقع في مواقع تردى بها ... ... وتهوي اليك السهام الصياب
تبين زمانك ذا واقتصد ...
فان زمانك هذا عذاب
واققل عتابا فما فيه من ...
يعاتب حين يحق العتاب
مضى الناس طرا وبادو سوى ...
اراذل عنهم تجل الكلاب
يلاقيك بالبشر دهمائهم ...
وتسليم من رق منهم سباب
فاحسن وما الحر مستحسن ...
صيان لهم عنهم واجتناب
فدع ما هويت فان الهوى ...
يقود النفوس الى ما يعاب
وميز كلامك قبل الكلام ...
فان لكل كلام جواب
فرب كلام يمص الحشاء ...
وفيه من المزح ما يستطاب
****************
وقال محمود الوراق:
تعز بحسن الصبر عن كل هالك ... ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم
إذا أنت لم تسل اصطباراً وحسبة ... ... سلوت على الأيام مثل البهائم
وليس يذود النفس عن شهواتها ... ... من الناس إلا كل ماضي العزائم
*****************
قال أبو العتاهية:
اصبر لكل مصيبةٍ وتجلد ... ... واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جمة ... ... وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبةٍ? ... ... هذا قبيل لست فيه بأوحد
وإذا أتتك مصيبة تشجي بها ... ... فاذكر مصابك بالنبي محمد(1/100)
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً ** ** ** فما حيلة المضطر إلا ركوبها؟
*****************
وقال آخر:-
ومن عاش في الدنيا فلا بد أن يرى ... من العيش ما يصفو وما يتكدر
*****************
وقال محمود الوراق
( إني رأيت الصبر خير معول ... في النائبات لمن أراد معولا )
( ورأيت أسباب القناعة أكدت ... بعرى الغنى فجعلتها لي معقلا )
( فاذا نبا بي منزل جاوزته ... وجعلت منه غيره لي منزلا )
( وإذا غلا شيء علي تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا )
*****************
وقال بعضهم
( إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة ... فافرغ لها صبرا ووسع لها صدرا )
( فان تصاريف الزمان عجيبة ... فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا )
*****************
أما والذي لا يعلم الغيب غيره ... ومن ليس في كل الأمور له كفو
( لئن كان بدء الصبر مرا مذاقه ... لقد يجتني من بعده الثمر الحلو )
*****************
عسي فرج يكون عسي
نعلل نفسنا بعسى
فلا تجزع إذا قابلـ
ـت هماً يقطع النفسا
فأقرب ما يكون المر
ء من فرج إذا يئسا
****************
66)دلائل حب العبد لله :
قال أبو تراب النخشبى في علامات المحبة:
لا تخدعن فللحبيب دلائل ولديه من تحف الحبيب وسائل
منها تنعمه بمر بلائه وسروره في كل ما هو فاعل
فالمنع منه عطية مقبولة والفقر إكرام وبر عاجل
ومن الدلائل أى ترى من عزمه طوع الحبيب وإن ألح العاذل
ومن الدلائل أن يرى متبسما والقلب فيه من الحبيب بلابل
ومن الدلائل أن يرى متفهما لكلام من يحظى لديه السائل
ومن الدلائل أن يرى متقشفا متحفظا من كل ما هو قائل
****************
وقال يحيى بن معاذ:
ومن الدلائل أن تراه مشمرا في خرقتين على شطوط الساحل
ومن الدلائل حزنه ونحيبه جوف الظلام فما له من عاذل
ومن الدلائل أن تراه مسافرا نحو الجهاد وكل فعل فاضل
ومن الدلائل زهده فيما يرى من دار ذل والنعيم الزائل(1/101)
ومن الدلائل أن تراه باكيا أن قد رآه على قبيح فعائل
ومن االدلائل أن تراه مسلما كل الأمور إلى المليك العادل
ومن الدلائل أن تراه راضيا مليكه في كل حكم نازل ومن
الدلائل ضحكه بين الورى والقلب محزون كقلب الثاكل.
****************
67)البنات والنساء:
يقول منصور الفقيه:
أحبّ البنات ،فحبّ البنات ... ... فرضٌ على كلّ نفسٍ كريمه
لأن شعيباً لأجل البنات ... ... أخدمه الله موسى كليمه
*****************
ولأبي محمد الحسن بن عبيدة الريحاني :
حبذا من نعمة الل ... ... ه البنات الصالحات
هن للنسل وللأ ... ... نس وهن الشجرات
وبالاحسان إليهنّ تكون البركات ... ...
إنّما الأهلون أرضو ... ... ن لنا محترثات
ٍفعلينا الزرع فيها ... ... وعلى الله النّبات
*****************
كان لأبي حمزة الأعرابيّ زوجتان فولدت إحداهما ابنة ،فعزّ عليه ،واجتنبها وصار في بيت ضرتها إلى جنبها فأحست به يوماً في بيت صاحبتها ،فجعلت ترقّص ابنتها الطفلة وتقول :
ما لأبي حمزة لا يأتينا ... ... يظلّ في البيت الذي يلينا
غضبان ألاّ نلد البنينا ... ... تا الله ما ذلك في أيدينا
بل نحن كالأرض لزارعينا ... ... يلبث ما قد زرعوه فينا
وإنما نأخذ ما أعطينا ... ...
فعرف أبو حمزة قبح ما فعل ، وراجع امراته.
*****************
مر شاعر بنسوة فأنشد يقول :
إن النساء شياطينٌ خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين
فأجابته واحدة منهن قائلة :-
إن النّساءَ رياحينٌ خلقنَ لَكم ... ... وكلكم يَشتهى شمَّ الرَّيَاحِينِ
*****************
قال الشافعي:-
إن حب النساء جهد البلاء ... أكثر الناس في النساء وقالوا
قرب من لا تحب جهد البلاء ... ليس حب النساء جهدا ولكن
****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَرَى صَاحِبَ النِّسْوَانِ يَحْسَبُ أَنَّهَا سُوءٌ وَبَوْنٌ بَيْنَهُنَّ بَعِيدُ
فَمِنْهُنَّ جَنَّاتٌ يَفِيءُ ظِلاَلُهَا وَمِنْهُنَّ نِيرَانٌ لَهُنَّ وَقُودُ
****************
وقال آخر:-(1/102)
إنَّ النِّسَاءَ كَأَشْجَارٍ نَبَتْنَ مَعًا مِنْهُنَّ مُرٌّ وَبَعْضُ الْمَرِّ مَأْكُولُ
إنَّ النِّسَاءَ وَلَوْ صُوِّرْنَ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِنَّ مِنْ هَفَوَاتِ الْجَهْلِ تَخْيِيلُ
إنَّ النِّسَاءَ مَتَى يُنْهَيْنَ عَنْ خُلُق فَإِنَّهُ وَاجِبٌ لاَ بُدَّ مَفْعُولُ
وَمَا وَعَدْنَك مِنْ شَرٍّ وَفَيْنَ بِهِ و َمَا وَعَدْنَك مِنْ خَيْرٍ فَمَمْطُولُ
****************
وقال آخر:
ونحن بَنْو الدُّنْيَا وهنّ بَنَاتُها ... ... وعيشُ بنى الدُّنيا لقاءُ بَناتِها
*****************
وقال آخر:-
هي الضلع العوجاء لست تُقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
فيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى أليس عجيباً ضعفها واقتدارها
*****************
وقالت إمرأة تمدح البنات:-
( وما علي أن تكون جارية ... تغسل رأسي وتكون الفالية )
( وترفع الساقط من خمارية ... حتى إذا ما بلغت ثمانية )
( أزرتها بنقبة يمانية ... أنكحتها مروان أو معاوية )
( أصهار صدق ومهور غالية ... )
*****************
... 68) ... النساء:-
دخل أعرابي على الحجاج فسمعه يقول: لا تكمل النعمة على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاء رعناء، والثانية متبرجة، والثالثة فارك أو قال فروك، والرابعة مذكرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاماً أردت أن تتم لي به قرة عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوةٍ، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعراً، فاسمع مني، قال: قُل. فقال:
تزوجتُ أبغي قُرّةَ العينِ أربَعا ... ... فياليتَ أنّى لم أكن أتزوَّجُ
وياليتنى أَعْمَى أصمُّ ولم أكُنْ ... ... تزوجتُ بل ياليت أنى مُخَدَّجُ
فواخدةٌ ما تعرفُ الله ربَّها ... ... ولا ما التُّقَى تدري وَلا ما التَّحرُّج
وثانيةٌ ما إن تقرَّ ببيتها ... ... مذكّرة مشهورة تتبرَّجُ(1/103)
وثالثة حمقاءُ رَعْنَا سخيفةٌ ... ... فكل الذي تأتي من الأمر أعوجُ
ورا ورابعةمفروكةٌ ذاتُ شِرَّةٍ ... ... فليستْ بها نفسي مَدَى الدهر تُبْهَجُ
فهنَّ طلاقٌ كلُّهُن بوائنُ ... ... ثلاثاً ثلاثاً فاسْهَدُوا لا تلجلجوا
فضحك الحجاج حتى كاد يسقط من سريره، ثم قال له: كم مهورهنّ? قال: أربعة آلاف درهم. فأمر له بثمانية آلاف درهم.
****************
قال الأصمعي:قيل لأعرابي: من لم يتزوج امرأتين لم يذق لذة العيش، فتزوج امرأتين ثم ندم، فقال:
تزوجتُ اثنتين لفرطِ جَهْلي ... ... بما يَشْقَى به زوجُ اثنتين
فقلتُ أصِيرُ بينهما خروفاً ... ... أنَّعم بين أَكرمِ نعجتينِ
فصرتُ كنعجةٍ تُمْسِى وتُضْحِى ... ... تَرَدَّدُ بين أخبثِ ذئبتينِ
رضى هَذِى يهيّجُ سُخطْ هذى ... ... فما أعْرَى من إحدى السّخْطتينِ
وأَلْقَى في المعيشة كلَّ بُوسٍ ... ... كذاك المرءُ بين الضّرَّتينِ
لَهذِى ليلةُ ولتلك أُخرْى ... ... عِتابٌ دائمٌ في الليلتينِ
****************
ضرب عبد الملك بن مروان بعثاً إلى اليمن، فأقاموا سنين، جنى إذا كان ذات ليلة وهو بدمشق، قال: والله لأعسن الليلة مدينة دمشق، ولأسمعن ما يقول الناس في البعث الذي غربت فيه رجالهم، وغرمت فيه أموالهم. فبينما هو في بعض أزقتها إذا هو بصوت امرأة قائمة تصلي، فتسمع إليها، فلما انصرفت إلى مضجعها قالت: اللهم يا غليظ الحجب، ويا منزل الكتب، ويا معطي الرغب، ويا مؤدي الغرب. أسألك أن ترد غائبي، فتكشف به همي، وتصفي به لذتي، وتقر به عيني، وأسألك أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان الذي فعل بي هذا، فقد صير الرجل نازحاً عن وطنه، والمرأة مقلقةً على فراشها، ثم أنشأت تقول:
تطاول هذا اللّيلُ فالعينُ تدمَعُ ... ... وأَرّقني حُزْنِي وقلبِيَ مُوجَعُ
فبتّ أقاسي الليلَ أرعَى نجومَهُ ... ... وباتَ فؤادي هامداً يتفزّعُ
إذا غابَ منها كوكبٌ في مغيِبهِ ... ... لمحتُ بعيني آخراً حين يطلعُ
إذا ما تذكرتُ الذي كان بينَنَا ... ... وجدتُ فؤادي للهَوَى يتقطّعُ(1/104)
وكلُّ حبيبٍ ذاكرٌ لحبيبِهِ ... ... يرَجِّى لِقاهُ كلّ يومٍ ويطمعُ
فذا العرشِ فُرج ما ترى من صَبابتي ... ... فأنت الذي ترعى أموري وتسمعُ
دعوتُك في السّراءِ وَالضُّرِّ دعوةً ... ... على غُلة بين الشراشيف تلْذَعُ
فقال عبد الملك لحاجبه: تعرف لمن هذا المنزل? قال: نعم، هذا منزل زيد بن سنان. قال: فما المرأة منه? قال: زوجته. فلما أصبح سأل كم تصبر المرأة عن زوجها? قالوا: ستة أشهر. فأمر ألا يمكث العسكر أكثر من ثلاثة أشهر.
****************
عجوز تُرَجّى أن تكونَ صبيهً ... ... وقد شابَ منها الرأسُ واحدودب الظهر
تَدُسُّ إلى العطار ميرةَ أَهلِهَا ... ... وَهَلْ يصلح العطارُ ما أفسد الدهر?
****************
69)التربية الاسلامية :
خير ما ورّث الرجال بنيهم ... ... أدبٌ صالح وحسن الثناء
ذاك خيرٌ من الدنانير والأو ... ... راق يوم شدةٍ أو رخاء
****************
يقول احمد شوقي:
من لي بتربية البنات فإنها في الشّرق علّة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيّب الأعراق
الام روضٌ إن تعهده الحيا بالري أورق أيما إيراق
****************
يقول محمد صيام:-
يا أخت أنت رعاك الله عدّتنا لخلق جيل قويّ غير مشبوه
فلقّني طفلك الإسلام فهو له كالمنهل العذب ما ينفكّ يرويه
وأبعديه عن الشيطان يفتنه بجنده الكثر في الدنيا ويغويه
وسلّحيه بما في الدين من أدب ومن محبّته البيضاء فاسقيه
ونشئيه على هدى الكتاب ومن آياته الغرّ يا أختاه غذّيه
****************
وقال
خير ما ورَّث الرّجال بنيهم ... ... أدبٌ صالحٌ وحسن الثّناء
هو خيرٌ من الدََّنانير والأو ... ... راق في يوم شدَّةٍ أو رخاء
تلك تفنى والدِّين والأدب الصَّ ... ... الح لا تفنيان حتَّى البقاء
إن تأدَّبت يا بنيّ صغيراً ... ... كنت يوماً تعدّ في الكبراء
وإذا ما أضعت نفسك ألفي ... ... ت كبيراً في زمرةالغوغاء
****************
وقال آخر:-
إذا نكبات الدَّهر لم تعظ الفتى ... ... عن الجهل يوماً لم تعظه أنامله(1/105)
ومن لم يؤدّبه أبوه وأمّه ... ... تؤدِّبه روعات الرَّدى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع ... ... هواك ولا يذهب بحقّك باطله
****************
وقال سابق البربريّ:
قد ينفع الأدب الأحداث في مهلٍ
وليس ينفع بعد الكبرة الأدب ... ...
إنَّ الغصون إذا قوَّمتها اعتدلت
ولن تلين إذا قوّمتها الخشب ... ...
****************
وقال آخر:-
مشى الطاووس يوماً باختيالٍ فقلد مشيته بنوه
قال : علام تختالون ؟ قالوا لقد بدأت ونحن مقلدوه
يشب ناشىء الفتيان منا على ما كان قد عَوَّده أبوه
****************
وقال آخر:-
ليس اليتيم من انتهى أبواه وخلفاه فى هم الحياة ذليلاً
إن اليتيم هو الذى ترى له أم تخلت وأبا مشغولاً
****************
وقال آخر:- ... ...
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الارض
لو هبَّت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمضِ
****************
وقال آخر:-
والبيت لا يُبتنى إلا له عُمُدُ ... ... ولا عماد إذا لم ترسَ أوتادُ
****************
وقال آخر:-
عود بنيك على الاداب في الصغر كيما تقر بهم عيناك في الكبر
فإنما مثل الآداب تجمعها في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ولا يخاف عليها حادث العبر
****************
70)العرض والمال :
وفيه يقول الشاعر:-:
أصون عرضي بمالي لا أدنِّسه ... ... لا بارك الله بعد العرض في المال
****************
وقال آخر:
إذا قلَّ مال المرء قلَّ صفاؤه ... ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازماً ... ... أقدَّامه خيرٌ له أم وراؤه
إذا قلَّ مال المرء لم يرض عقله ... ... بنوه ولم يغضب له أولياؤه
فإن مات لم يفقد ولم يحزنوا له ... ... وإن عاش لم يسرر صديقاً بقاؤه
****************
وقال محمود الوراق:
أرى دهرنا فيه عجائب جمَّةٌ ... ... إذا استعرضت بالعقل ضلَّ لها العقل
أرى كلَّ ذي مالٍ يسود بماله ... ... وإن كان لا أصلٌ هناك ولا فصل
وآخر منسوباً إلى الرَّأي خاملاً ... ... وأنوك مخبولاً له الجاه والنُّبل(1/106)
وما الفضل في هذا الزمان لأهله ... ... ولكنَّ ذا المال الكثير له الفضل
فشرِّف ذوي الأموال حيث لقيتهم ... ... فقولهم قولٌ وفعلهم فعل
****************
71)طاعة الوالدين :-
قال أمية بن أبي الصلت ،وهو قد عتب على ابنه :
غذوتك مولوداً وغلتك يافعا ... ... تعلّ بما أسعى عليك وتنهل
إذا ليلةٌ جاءتك بالشكو لم أكن ... ... بشكواك إلاّ ساهراً أتملتل
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... ... طرقت به دوني عيني تهمل
تخاف الرّدى نفسي عليك وإنها ... ... لتعلم أن الموت وقتٌ مؤجل
فلما بلغت السنّ والغاية التي ... ... إليها مدى ما كنت قبل أؤمل
جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً ... ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حقّ أبوّتي ... ... كما يفعل الجار المجاور تفعل
فأوليتني حقّ الْجوار ولَم تكن ... عليّ بِمالي دونَ مالِكَ تبخل
****************
وقال آخر:-
إن للوالدين حقٌ علينا بعد حق الاله في الاحترامِ
أو جدانا وربيانا صغارا فاستحقا نهاية الاكرام
****************
وقال آخر:-
لأمك حق لو علمت كبير ... كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي ... لَها من جواها أنَّةٌ وزفير
وفِي الوضع لو تدري عليك مشقة ... فكم غُصصٍ منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها ... ومن ثديها شُربٌ لديك نَمِير
وكم مرّة جاعت وأعطتك قوتَها ... حُنُوًّا وإشفاقًا وأنت صغير
فضيّعتها لَما أسنّت جهالة ... وطال عليك الأمر وهو قصير
فدونك فارغب فِي عميم دعائها ... فأنت لِما تدعو إليه فقير
****************(1/107)
ذُكِر أن شابًا اسمه مُنازِل كان مُكبًّا على اللهو واللعب لا يفيق عنه، وكان له والدٌ صاحب دين، كثيرًا ما يعظ هذا الابن ويقول له: يا بني، احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد، وكان إذا ألَحّ عليه زاد في العقوق، ولما كان يوم من الأيام ألَحّ على ابنه بالنصح على عادته، فمدّ الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله مجتهدًا ليأتينّ بيت الله الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول:
يا مَن إليه أتى الحجّاج قد قطعوا ... عَرضَ المَهامِهِ من قُربٍ ومن بُعدِ
إنِّي أتيتك يا مَن لا يُخيِّبُ مَن ... يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمَد
هذا مُنازِلُ لا يرتدُّ من عَقَقِي ... فخذ بحقّيَ يا رحمن من ولدي
وشُلَّ منه بحولٍ منك جانبه ... يا من تقدَّس لم يولَد ولم يلِد
فقيل: إنه ما استتمّ كلامه حتى يبس شِقُّ ولده الأيمن، نعوذ بالله من العقوق.
****************
72)حسن الخلق وأهميته :-
ليس الجمال بمئزرٍ فاعلم وإن رُدّيت بُرْدا
إن الجمال مآثرٌ ومناقبٌ أورثن حمدا
****************
وقال يعقوب الخريمي:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ... ... ويخضب عندي والمحلُّ جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ... ... ولكنَّما وجه الكريم خصيب
****************
لعمرك ما ضاقت بلادٌ بأهلها ... ... ولكن أخلاق الرجال تضيق
****************
وقال آخر:-
ولم أر كالمعروف أمَّا مذاقه ... ... فحلوٌ وأمَّا وجهه فجميل
****************
وقال آخر:-
إذا صاحبت قوماً أهل فضل فكن لهموا كذي الرحم الشفيق
ولا تأخذ بزلة كل قوم فتبقى في الزمان بلا رفيق
****************
وقال آخر:-
من يزرع الخير يحصد ما يسرُّ به ... ... وزارع الشَّرِّ منكوسٌ على الرَّأس
****************
وقال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... ... لا يذهب العرف بين الله والناس
****************
ولابن دريد وقيل إنه أنشدها:(1/108)
وماهذه الأيَّام معارةٌ ... ... فما اسطعت من معروفها فتزوَّد
فإنَّك لا تدري بأيَّة بلدةٍ ... ... تموت ولاما يحدث الله في غد
****************
قال الشافعي -رحمه الله- :
المرءُ إن كان مؤمناً ورِعاً *** أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ
كما السقيمِ العليلِ أشغله *** عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ
****************
قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... ... وإن أنت أكرمت الَّلئيم تمرَّدا
****************
وقال أبو العتاهية :
عامل الناس بوجهٍ طليق ... ... والق من تلقى ببشر رفيق
فإذا أنت جميل الثنا ... ... وإذا أنت كثير الصّديق
****************
وقال الحسن
( وإني لألقي المرء أعلم أنه ... عدو وفي أحشائه الضغن كامن )
( فأمنحه بشرا فيرجع قلبه ... سليما وقد ماتت لديه الضغائن )
****************
وقال آخر:-
لا تحسبن العلم ينفع وحده مل لم يتوج ربُّه بخلاق
فإذا رزقت خليقةًمحمودة ً فقد اصطفاك مُقسم الارزاقِ
****************
لا تسأل الناس ما مالي وكثرته ... وسائل الناس ما جودي وما خلقي )
( أعطي الحسام غداة الروع حصته ... وعامل الرمح أرويه من العلق )
( وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... وأكتم السر فيه ضربة العنق )
****************
وقال ابن وكيع :
لاق بالبشر من لقيت من النا ... ... س وعاشر بأحسن الإنصاف
لا تخالف وإن أتوا بخلافٍ ... ... تستدم ودهم بترك الخلاف
وإذا خفت فرط غيظك فانهض ... ... مسرعاً عنهم إلى الإنصراف
إنما الناس إن تأملت داءٌ ... ... ماله غير أن تداويه شافي
****************
وقال آخر:-
الق بالبشر من لقيت من الناس ... جميعا ولاقهم بالطلاقة ...
تجن منهم حنى ثمار فخذها ... طيبا طعمه لذيذ المذاقه
****************
وقال حبيب الطائي :
إذا جاريت في خلق دنيّا ... ... فأنت ومن تجاريه سواء
****************
وقال المرّار بن سعيد :
إذا شئت يوماً أن تسود قبيلة ... ... فبا لحلم سد لا بالسّفاهة والشّتم
****************
وقال آخر:-(1/109)
إن المكارم أخلاق مطهرة ... فالعقل أولها والدين ثانيها )
( والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها )
( والبر سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللين عاشيها )
( والعين تعلم من عيني محدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها )
( والنفس تعلم أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها )
****************
وقال آخر:-
وإنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
****************
وقال آخر:-
إذا لم تتسع أخلاق قومٍ تضيق بهم فسيحات البلاد ِ
إذا المرء لم يُخلق لبيباً فليس اللبُّ عن قِدم الولادِ
****************
وقال آخر:-
وإذا أُصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وليس بعامرٍ بنيان قومٍ إذا أخلاقهم كانت خرابا
****************
وقال آخر:-
فتى مثل صفو الماء أما لقاؤه ... فبشر وأما وعده فجميل ..
. يسرك مفترا ويشرق وجهه ... إذا اعتل مذموم الفعال بخيل ..
. عيى عن الفحشاء أما لسانه ... فعف وأما طرفه فكليل
73)الادب :-
وقال آخر:-
كن ابن من شئت واكتسب أدبا ... يغنيك محموده عن النسب )
( إن الفتى من يقول ها أناذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي )
****************
وقال آخر:-
لكل شيء زينة في الورى ... وزينة المرء تمام الأدب )
( قد يشرف المرء بآدابه ... فينا وإن كان وضيع الأدب
****************
وقال آخر:-
مالي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى وما أنا عربي )
( إذا انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي )
****************
وقال آخر:-
في الناس قوم أضاعو مجد أولهم ... ما في المكارم والتقوى لهم أرب )
( سوء التأدب أرداهم وأرذلهم ... وقد يزين صحيح المنصب الأدب
****************
وقال آخر:-
ليس المسود بالمال سؤدده ... بل المسود من قد ساد بالأدب ..
. لأن من ساد بالأموال سؤدده ... ما دام في جمع ذا الأموال والنشب ..
.(1/110)
إن قل يوما له مال يصير الى ... هون من الأمر في ذل وفي تعب
****************
وقال آخر:-
ليس الفتى كل الفتى ... إلا الفتى في أدبه ...
وبعض أخلاق الفتى ..أولى به من نسبه ...
حتف امريء لسانه ... في جده أو لعبه .
.. بين اللهي مقتله ... ركب في مركبه
***************
وقال آخر:-
ما وهب الله لامرئ هبة * أحسن من عقله ومن أدبه
هما جمال الفتى فإن فقدا * ففقده للحياة أجمل به
****************
وقال آخر:-
للخير أهل لا تزال ... وجوههم تدعو اليه ...
طوبى لمن جرت الأمور ... الصالحات على يديه ..
. مالم يضق خلق الفتى ... فالأرض واسعة عليه
****************
وقال آخر:-
أكرم بذى أدب أكرم بذي حسب ... فإنما العزم في الأحساب والأدب ... والناس صنفان ذو عقل وذو أدب ... كمعدن الفضة البيضاء والذهب ... وسائر الناس من بين الورى همج ... كانوا موالى أو كانوا من العرب
****************
وهذا مسعر بن كدام يقول لابنه كدام .
. إني نخلتك ياكدام نصيحتي ... فاسمع مقال أب عليك شفيق
أما المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق ...
إني بلوتهما فلم أحمدهما ... لمحاور جارا ولا لشفيق ...
والجهل يزري بالفتى في قومه ... وعروقه في الناس أي عروق
****************
74)الحلم والصفح:-
قال أبو العتاهية :
فياربّ هب لي منك حلماً فإنني ... ... أرى الحلم لم يندم عليه حليم
ويارب هب لي منك عزماً على التقي ... ... أقيم به ما عشت حيث أقيم
ألا إنّ تقوى الله أكرم نسبةٍ ... ... تسامى بها عند الفخار كريم
****************
وقال الخريمي :
أرى الحلم في بعض المواطن ذلّةً ... ... وفي بعضها عزّاً يسودّ فاعله
****************
وقال صالح بن جناح
( إذا كنت بين الجهل والحلم قاعدا ... وخيرت أني شئت فالحلم أفضل )
( ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا ... ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل
****************
وقال آخر:-
ألم تر أ، الحلم زينٌ مسود لصاحبه والجهل للمرء شائنُ(1/111)
فكن دافناً للجهل بالحلم تسترح من الجهل إن الحلم للجهل دافنُ
****************
وقال محمود الوراق
( سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... وإن عظمت منه علي الجرائم )
( فما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم )
( فأما الذي فوقي فاعرف قدره ... وأتبع فيه الحق والحق لازم )
( وأما الذي دوني فان قال صنت عن ... إجابته نفسي وإن لام لائم )
( وأما الذي مثلي فان زل أو هفا ... تفضلت إن الحر بالفضل حاكم )
****************
وقال آخر:-
التيه مفسدة للدين منقصة ... للعقل مهتكة للعرض فانتبه ..
. لا تشرهن فإن الذل في الشره ... والعز في الحلم لا في البطش والسفه
****************
وقال الشافعي رحمه الله :
يخاطبني السفيه بكل قبحٍ فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً فأزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيبا
****************
وقال آخر
( وجهل رددناه بفضل حلومنا ... ولو أننا شئنا رددناه بالجهل )
****************
إذ سبني نذلٌ تزايدتُ رفعةً .......... وما العيبُ إلا أن أكونَ مساببُه
ولو لم تكن نفسي عليَ عزيزةً ....... لمكنتُها من كلِ نذلٍ تحاربُه
****************
وقال آخر
( قل ما بدا لك من صدق ومن كذب حلمي أصم وأذني غير صماء )
****************
قال آخر
إذا نطق السفيه فلا تجبه........ فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه......... وإن خليته كمدا يموت
وقال آخر
( وإذا بغى باغ عليك بجهله ... فاقتله بالمعروف لا بالمنكر )
****************
قال آخر
واصفح عن سباب الناس حِلماً وشرُّ الناس من يهوي السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه ومن حقَّر الرجال فلن يُهابا
****************
وقال الشافعي:
أرحت نفسي من هم العداوات ... لما عفوت ولم أحقد على أحد
لأدفع الشر عني بالتحيات ... إني أحيّي عدوي عند رؤيته
كما إن قد حشا قلبي محبات ... وأظهر البشر لإنسان أبغضه
وفي اعتزالهم قطع المودات ... الناس داء ،وداء الناس قربهم
****************
وقال آخر:-(1/112)
احفظ لسانك إن لقيت مشاتما ... لا تجرين مع اللئيم إذا جرى ..
. من يشترى عرض اللئيم بعرضه ... يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى
****************
وقال آخر:-
ألا إن حلم المرء أكبر نسبةٍ يساميى بها عند الفخار كريمُ
فيارب هب لي منك حِلماً أرى الحِلم لم يندم عليه حليمُ
***************
قال الحكيم العربي:
والحلمُ أعظمُ ناصرٍ تَدْعُونه *** فالزمْهُ يَكْفِكَ قلةَ الأنصا
75)النصر قادم:-
ولأن عرف التاريخ أوساً وخزرجا فلله أوس قادمون وخزرجَ
وإن كنوز الغيب تخفي طلائع حرة رغم المكائد تخرجَ
صبح تنفس بالضياء وأشرقا وهذه الصحوة الكبرى تهز البيرقا
وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا
و قوافل الإيمان تتخذى المدى ضرباً و تصنع للمحيط الزورقا
وما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا
هى نخلة طاب الثرى فنمى لها جذع طويل في التراب وأعذقا
هى في رياض قلوبنا زيتونة في جزعها غصن الكرامة أورقا
فجر تدفق من سيحبس نوره ؟! أرنى يداً سدت علينا المشرقا
***************
76)السفر:-
من راحة فدع الأوطان واغترب ما في المقام لذي عقل وذي أدب
وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب ... سافر تجد عوضا عمن تفارقه
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب ... إني رأيت ركود الماء يفسده
والسهم لولا فراق القوس لم يصب ... والأسدلولا فراق الغاب ماافترست
لملَّها الناس من عجم ومن عرب ... والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
والعود في أرضه نوع من الحطب ... والتِّبرُ كالتُّرب مُلقى في أماكنه
وإن تغرب ذاك عزّ كالذهب ... فإن تغرّب هذا عَزّ مطلبه
***************
وقال الشافعي:
أنال مرادي أو أموت غريبا ... سأضرب في طول البلاد وعرضها
وإن سلمت كان الرجوع قريبا ... فإن تلفت نفسي فلله درها
وسافر ففي السفار خمس فوائد ... تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وعلم وآداب ، وصحبة ماجد ... تَفَرُّجُ هم ، واكتساب معيشة
***************
وقال آخر:(1/113)
ليس ارتحالُكَ تَرْتَادُ الغِنَى سفراً ... ... بَلِ المُقَامُ على خَسْفٍ هو السفرُ
***************
وقال المتنبي :-
إذا تَرَحَلْتَ عن قوم وقد قَدرُوا ... ... ألاَ تُفارِقَهُمْ فالرَاحِلونَ هُمُ
***************
وقال آخر:-
ولا تكن من فراق الأهل في حرق ... ارحل بنفسك من أرض تضام بها
وفي التغرب محمول على العنق ... فالعنبر الخام روث في موطنه
في أرضه وهو مرمى على الطرق ... والكحل نوع من الأحجار تنظره
فصار يحمل بين الجفن والحدق ... لما تغرب حاز الفضل أجمعه
78)التوبة والاستغفار :-
شكوت إلى إلهي سوء حالي ... ... فقد فاقت مصيباتي احتمالي
فقلتُ وقد دنا فجرٌ جديدٌ : ... ... ألا رفقاً إلهي ذا الجلالِ
فمرَّ بخاطري شيءٌ يقولُ : ... ... ألم تذ كر ذنوباً كالجبالِ
فكم يومٍ عصيتَ الله جهراً، ... ... بإتيان المحرَّم لم تُبالِ
وترجو بعدها عيشاً هنيئاً ... ... بلا تَوبٍ ولا تغييرِ حالِ
وقال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... ... وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... ... وخير لنفسك عصيانها
وهل بدل الدين غير الملوك ... ... وأحبار سوءٍ ورهبانها
****************
وقال آخر:-
و انته من رقدة الغفلة **** فالعمر قليل
و اطّرح سوف وحتى **** فهما داء دخيل
****************
وقال آخر:-
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي )
( وذلك أن حفظ العلم فضل ... وفضل الله لا يؤتى لعاصي )
****************
وقال علي بن ابي طالب
إذا كنت في نعمةٍ فأرعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الاله فإن الاله سريع النقم
فإن تعط نفسك آمالها فعند مناها يحل النقم
فأين القرون ومن حولهم تفانوا جميعاً وربي الحكم
وقال آخر:-
فكم من معصية قد كنت نسيتها ... ... ذكرك الله إياها
وكم من مصيبة قد كنت أخفيتها ... ... أظهرها الله لك وأبداها
****************
وقال آخر:-
فَتُب لله حقاً ثُمَّ أقبِل ... بُعيد التّوب والدّمع المسالِ
ستلقى الله توّاباً رحيماً ... مجيباً للدعاءِ وللسؤالِ(1/114)
فيا ربّي أنَبْتُ إليك طَوعاً ... تقبّل تَوبتي والطف بحالي
فَعهداً أن أُلازمَ كُلَّ وقتٍ ... دُروبَ الخير، غيرك لا أوالي
فثبِّتني على التَّقوى فإنِّي ... لأرجو مِنكَ حُسناً في المآلِ
...
بادر شبابك أن تهرما ... ... وصحة جسمك أن تسقما
وأيام عيشك قبل الممات ... ... فما قصر من عاش أن يسلما
ووقت فراغك بادر به ... ... ليالي شغلك في بعض ما
فقدر فكل امرئٍ قادم ... ... على علم ما كان قد قدما
توضأ بماء التوبة اليوم نادمًا *** به ترأى أبواب الجنان الثماني
****************
إلهي لست للفردوس أهلاً
ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبةًواغفر ذنوبي
فإنك غافر الذنب العظيم
****************
وقال آخر:-
ذنوبي وإن فكرت فيها عظيمة ... ... ورحمة ربي من ذنوبي أوسع
وما طمعي في صالح قد عملته ... ... ولكنني في رحمة الله أطمع
وقال آخر:
إلهي أنت ذو فضل ومنّ ... ... وإني ذو الخطايا فاعف عني
فظني فيك يا ربي جميل ... ... فحقق يا إلهي فيك ظني
يظن الناس بي خيرا وإني ... ... أشر الناس إن لم تعف عني
وقال آخر:-
قل للذي ألف الذنوب وأجرما وغَدَ على زلاَّته متندما
لا تيأسنَّ واطلب كريماً دائما يُولي الجميل تفضُّلاً وتكرما
يامعشر العاصين جودٌ واسع عند الاله لمن يتوب ويندما
ياأيها العبد المسيء الى متى تُفني زمانك في عسى ولربما
بادر الى مولاك يامن عمره قد ضاع في عصيانه وتصرَّما
واسأله توفيقاً وعفوا ثم قل يارب بصَّرني وزل عمي العمى
****************
وقال آخر:-
فقد روى الثقات عن خير الملا *** بأنه عز وجل وعلا
في ثلث الليل الأخير ينزل *** يقول هل من تائب فيُقبِل
هل من مسيء طالب للمغفرة *** يجد كريمًا قابلاً للمعذرة
يَمُنُّ بالخيرات والفضائل *** ويستر العيب ويعطي السائل.
****************
وقال آخر:-
وتخاف في يوم المعاد وعيدا ... إن كنت تغدو في الذنوب جليدا
وأفاض من نعم عليك مزيدا ... فلقد أتاك من المهيمن عفوه
في بطن أمك مضغة ووليدا ... لا تيأسن من لطف ربك في الحشا(1/115)
ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيدا ... لو شاء أن تصلى جهنم خالدا
****************
وقال آخر:-
يا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالرياح عليك دائمة الهبوب
****************
وقال آخر:-
الهي انت الذي تهب الكثير
وتجبر القلب الكسيروتغفر الزلات
وتقول هل من تائبٍ مستغفرٍ
أو سائل ٍأقضي له الحاجات
****************
وقال آخر:-
يامن عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشر بقول الله في تنزيله إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
****************
وقال آخر:-
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ... ... فمن الذي يدعو إليه المجرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعاً ... ... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... ... وجميل ظني ثم أني مسلم
****************
وقال محمود الوراق:
قدم لنفسك توبةً مرجوةً ... ... قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها علق النفوس فإنها ... ... ذخر وغنم للمنيب المحسن
****************
وقال آخر:-
يا نفس قد أزف الرحيل ... ... وأظلك الخطب الجليلُ
فتأهبى يا نفس لا ... ... يلعب بك الأمل الطويلُ
فلتنزن بمنزل ... ... ينسى الخليلَ به الخليلُ
وليركبن علك فيه ... ... من الثَّرَى حمل ثقيلُ
قرن الفناء با جميعا ... ... فلا يبقى العزيز ولا الذليلُ
****************
وقال آخر:-
أيا عبدُ كَمْ يراك الله عاصياً
أنسيت لقاء الله واللحد والثرى
لو أن المرء لم يلبس ثياب التقى
ولو أن الدنيا تدوم لأهلها
ولكنها تفنى ويفنى نعيمها ... ... حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا
ويوما عبوساً تشيب فيه النواصِيَا
تجرد عُرْياناً ولو كان كاسيا
لكان رسول الله حيا وباقيا
وتبقى الذنوب كما هى
****************
ولقد أحسن من قال
( أسيء فيجزي بالإساءة إفضالا ... وأعصي فيوليني برا وإمهالا )
( فحتى متى أجفوه وهو يبرني ... وأبعد عنه وهو يبدل إيصالا )
( وكم مرة قد عن نهج طاعة ... ولا حال عن ستر القبيح ولا زالا(1/116)
****************
وقال آخر:-
دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا ... ... و اذكر ذنوبك وأبكها يا مذنب
لم ينسه الملكان حين نسيته ... ... بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والروح منك وديعة أودعتها ... ... ستردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التى تسعى لها ... ... دار حقيقتها متاع يذهب
الليل فاعلم و النهار كلاهما ... ... أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
****************
وقال آخر:-
أبت نفسى أن تتوب فما إحتيالى
وقاموا من قبورهم سكارى
وقد نصب الصراط كى يجوز
ومنهم من يسير لدار عدن
يقول له المهيمن ياولى ... ... اذا برز العباد لذى الجلال
برزوا كأمثال الجبال
فمنهم من يكب على الشمال
تلقاه العرائس بالغوانى
غفرت لك الذنوب فلا تبالى
****************
إلهى لا تعذبنى فإن مقر بالذى قد كان منى
فكم من زلة لى فى البريا وأنت على ذو فضل ومنِّ
يظن الناس بى خيراً وإن لشر الناس إن لم تعفو عنى
****************
رئى على قبر عبدالله بن المبارك مكتوبا:
الموت بحر طافح موجه ... ... يذهب فيه حبله السابح
يانفس إني قائل فاسمعي ... ... مقالة من مشفق ناصح
لا ينفع الانسان في قبره ... إلا التقى والعمل الصالح
ولا ينال الفوز من دهره ... إلا فتى ميزانه راجح
****************
وقال آخر:-
إلى كم أقول ولا أفعلُ **** و كم ذا أحوم ولا أنزِلُ
وأزجر عيني فلا ترعوي **** وأنصح نفسي فلا تَقبلُ
و كم ذا تعلّل لي ، ويحَها **** بِعَلَّ وسوف وكم تمطل ؟
وكم ذا أُؤمل طول البقا **** وأغفل والموت لا يغفلُ ؟
و في كل يوم يُنادي بنا **** منادي الرحيل : ألا فارحلوا
كأن بي وشيكاً إلى مصرعي **** يُساق بنعشي ولا أُمهلُ
****************
وقال آخر:-
وعزى الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه صديقا له فقال
إنا نعزيك لا أنا على ثقة ... من الحياة ولكن سنة الدين )
( فما المعزى بباق بعد ميته ... ولا المعزي ولو شاعا إلى حين
****************
وقال آخر:-
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا
واعصي الهوى فالهوى ما زال فتّانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا(1/117)
لقطاً وتُلحق أُخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه
نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس ما لي وللأموال أتركها
خلفي وأخرج من دنياي عريانا
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا
ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
أين الملوك وأبناء الملوك ومن
كانت تخرّ له الأذقان إذعانا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا
مستبدلين من الأوطان أوطانا
خلوا مدائن كان العز مفرشها
واستفرشوا حفراً غُبراً وقيعانا
يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً
ورافلاً في ثياب الغيّ نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعبٍ
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لاَ تَنْقَضِي
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ مَا بَقِيَ
****************
وقال آخر:-
أنا إن بكيت فلن ألام على البكا فلطالما استغرقت في العصيان ِ
يارب إن لم ترضى إلا ذا تُقى من للمسيء المذنب الحيرانِ
****************
وقال آخر:-
يا أيهذا الذي قد غره الأمل
ودون ما يأمل التنغيص والأجل
ألا ترى أنما الدنيا وزينتها
كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا
حتوفها رصد وعيشها نكد
وصفوها كدر وملكها دول
تظل تفزع بالروعات ساكنها
فما يسوغ له عيش ولا جذل
كأنه للمنايا والردى غرض
تظل فيه سهام الدهر تنتضل
والنفس هاربة والموت يتبعها
وكل عثرة رجل عندها جلل
والمرء يسعى بما يسعى لوارثه
والقبر وارث ما يسعى له الرجل
****************
79)اتباع الهوى:-
يقول الشاعر:-
يا آمناً معَ قبحِ الفعل منه
هل أتاك توقيعُ أمن أنت تملكه
جمعت شيئين أمناً واتباع هوى
هذا وإحداهما في المرء تهلكه
****************
وقال آخر:-
والمحسنون على درب الخوف قد ساروا
و ذلك درب لست تسلكه
فرطت في الزرع وقت البذر من سفه
فكيف عند حصاد الناس تدركه
هذا وأعجب شيء فيك زهدك في
دار البقاء بعيش سوف تتركه
****************
وقال آخر:-
ومن يك ذا فم مريض(1/118)
يجد مراً به الماء الزلالا
****************
ولأن عين رشده بها رمد:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وقال آخر:-
وينكر الفم كعم الماء من سقم
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
****************
وقال آخر:-
وصدق ما يعتاده من توهم
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
****************
وقال آخر:-
إبليس يغريني ونفسي والهوي
ما حيلتي في هذه أو ذاكا
****************
وقال آخر:-
لا باس بالقوم من طول ومن عظم
جسم البغال وأحلام العصافير
****************
وقال آخر:-
ولم تدر حيث الخطا والصواب ... إذا حار أمرك في معنيين
يقود النفس إلى ما يعاب ... فخالف هواك فإن الهوى
****************
وقال آخر-
خالف هواك إذا دعاك لريبة *** فلا خير في مخالفة الهوى
حتى متى لا ترعوي يا صاحبي ***حتى متى وإلى متى وإلى متى
****************
وقال آخر-
يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً
ورافلاً في ثياب الغيّ نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعبٍ
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
****************
وقال آخر:-
إذَا مَا رَأَيْت الْمَرْءَ يَعْتَادُهُ الْهَوَى فَقَدْ ثَكِلَتْهُ عِنْدَ ذَاكَ ثَوَاكِلُهْ
وَقَدْ أَشْمَتَ الاعْدَاءَ جَهْلاً بِنَفْسِهِ وَقَدْ وَجَدَتْ فِيهِ مَقَالا عَوَاذِلُهْ
وَمَا يَرْدَعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ عَنْ الْهَوَى مِنْ النَّاسِ الا حَازِمُ الرَّأْيِ كَامِلُهْ
****************
وقال آخر-
قد بقينا من الذنوب حيارى فدعاوى الهوى تَخفُ علينا
نطلب الصدق ما إليه سبيل وخلاف الهوى علينا ثقيل
****************
وقال آخر:-
إنَّ الْهَوَانَ هُوَ الْهَوَى قُلِبَ اسْمُهُ فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقِيت هَوَانَا
****************
وقال آخر:-
كيف لا أبكي على عيش مضى
بعت عمري بحقير الثمن
كيف أرجو البرء من داء الهوى
وطبيبي في الهوى أمرضني
****************
وقال آخر:-(1/119)
قَدْ يُدْرِكُ الْحَازِمُ ذُو الرَّأْيِ الْمُنَى بِطَاعَةِ الْحَزْمِ وَعِصْيَانِ الْهَوَى
80)النفوس:-
يقول الشاعر:-
ففي قمع أهواء النفوس اعتزازها *** وفي نيلها ما تشتهي ذلُّ سرمدِ
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا *** ولا ترضَ للنفس النفيسة بالرَّدِي
****************
وقال آخر:-
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمْه ينفطمِ
فجاهد النفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محَّضاك النصح فاتهمِ
****************
وقال آخر:-
يا ويح نفسي من تتابع حوبتي
لو قد دعاني للحساب حسيبي
فاستيقظي يا نفس ويحك واحذري
حذراً يهيج عبرتي ونحيبي
واستدركي ما فات منك وسأبقى
سطوات موت للنفوس طلوب
وابكي بكاء المستغيث واعولي
إعوال عان في الوثاق غريب
هذا الشباب قد اعتللت بلهوه
أفليس ذا يا نفس حين مشيبي
هذا رقيب ليس عني غافلاً
يحصي علي ولو غفلت ذنوبي
أوليس من جهل بأني نائم
نوم السفيه وما ينام رقيبي
***************
وقال آخر:-
يا نفس كم تبيتين من مرة ... ... وكم تقولين ولا تفعلين
وكم تنادي فلا تسمعي ... ... وكم تقالين فلا ترجعين
حتى متى يا نفس حتى متى ... ... يراك مولاك مع الغافلين
فاستغفري الله لما قد مضى ثم ... ... أستحي من خالق العالمين
***************
وقال آخر:-
وَلِلنُّفُوسِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ مِنْ الْمَنِيَّةِ آمَالٌ تُقَوِّيهَا
فَالْمَرْءُ يَبْسُطُهَا وَالدَّهْرُ يَقْبِضُهَا وَالنَّفْسُ تَنْشُرُهَا وَالْمَوْتُ يَطْوِيهَا
وقال آخر:-
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتها *** وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنع
وقال آخر:-
ومَنْ يطعمُ النفسَ ما تشتهي *** كمن يُطْعِمُ النارَ جزلَ الحطبْ 81)الرجاء :-
يقول الشاعر:-
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ... ... فمن الذي يدعو إليه المجرم
****************
وقال آخر:-
حاسبت نفسي لم أجد لي
صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد
في الأمر إلا خفة الميزان(1/120)
****************
وقال آخر:-
قصدت باب الرجاء والناس قد رقدوا وبتُّ أشكوا الى مولاي ما أجدُ
فقلت يا أملي في كل نائبةٍ ومن عليه لكشف الضر أعتمدُ
أشكو اليك أموراً انت تعلمها ما لي على حِملها صبرٌ ولا جلدُ
لقد مددت يدي بالذل مُفتقراً إليك ياخير من مُدت اليه يدي
فلا تدنها يارب خائبةً فبحر جودك يروي بحر كل من ير
****************
يقول الشافعي:-
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت رجاءي نحو عفوك ربي سلما
تعاضمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك اعضما
فما زلت ذا عفوعن الذنب
لم تزل تجود وتعفومنَة وتكرما
****************
82)الحسد:-
كتب ابن المبارك الى علي بن بسر المروزي هذه الأبيات:
كل العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد
فإن في القلب منها عقدة عقدت ... وليس يفتحها راق الى الأبد
إلا الإله فإن يرحم تحلّ به ... وإن أباه فلا ترجوه من أحد
****************
وقال البحتري فقال:
ولَنْ تَسْتَبِينَ الدهرَ مَوْضعَ نِعْمَةٍ ... ... إذَا أنْتَ لم تُدْلَلْ عليها بحَاسِدِ
****************
ولقد أحسنَ القائل:
إن يحسدوني فإني غيرُ لائمِهِمْ ... ... قَبْلي من الناس أهْلِ الفضلِ قد حُسِدوا
فدام لي ولَهُمْ ما بي وما بهمُ ... ... وماتَ أكثرُنا غَيْظاً بما يَجِدُ
أنا الذي يَجِدُوني في صدورِهمُ ... ... لا أرْتَقي صَدَراً عنها ولا أَرِدُ
****************
وقال آخر:-
هم يحسدوني على موتي فواحزني ... حتى على الموت لا أخلو من الحسد )
****************
وقال آخر:-
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل )
83)الزنا:-
يقول الشافعي:
يا هاتكاً الرجال وتابع طرق الفساد فأنت غير مكرم
من يزنى فى قوم بألفى درهم فى بيته يزنى بربع الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته الوفاء من أهل بيتك فاعلم
****************
وقال آخر:-
أيا حاسدا لي على نعمتي ... أتدري على من أسات الادب )
( أسأت على الله في حكمه ... لأنك لم ترض لي ما وهب )
((1/121)
فأخزاك ربي بأن زادني ... وسد عليك وجوه الطلب )
****************
وقال الشاعر
( يا طالب العيش في أمن وفي دعة ... رغدا بلا قتر صفوا بلا رنق )
( خلص فؤادك من غل ومن حسد ... فالغل في القلب مثل الغل في العنق )
****************
وقال آخر
( اصبر على حسد الحسود ... د فإن صبرك قاتله )
( كالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله )
****************
وقال نصار بن سيار
( إني نشأت وحسادي ذوو عدد ... يا ذا المعارج لاتنقص لهم عددا )
( إن يحسدوني على ما بي لما بهم ... فمثل ما بي مما يجلب الحسدا )
****************
وقال آخر:-
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في جزل العصا ما كان يُعرف طيب ريح العود
لولا التخوُّف للعواقب لم يزل للحاسد النُّعمى على المحسود
84)الوقت والفراغ :
وقال آخر:
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ ... ... فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ... ... ذهبت نفسه العزيزة فلته
****************
وقال آخر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع
****************
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
****************
وقال آخر:
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح
لست بالباق وإن عمّرت كنوح
****************
وقال آخر:
أتسمع الطير أطال الصياح وقد بدا في الافق نور الصباح
ما صاح إلا باكياً ليلةً ولّضت من العمرالسريع الرواح
****************
وقال آخر:
أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخيرك الصلاة ألى الممات
دليلٌ على أن محياه يسيرٌ كما بين الأذان الى الصلاة
****************
وقال آخر:
إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده ... مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسده
****************
وقال آخر:-
يا أيها الغافل جد في الرحيل ... ... وأنت في لهو وزاد قليل
لو كنت تدري ما تلاقي غدا ... ... لذبت من فيض البكاء والعويل
فاخلص التوبة تحظى بها ... ... فما بقي في العمر إلا القليل(1/122)
ولا تنم إن كنت ذا غبطة ... ... فإن قدامك نوم طويل
85) رمضان وفراقه :-
فيا عين جودى بالدمع من أسف على فراق ليالى ذات أنوارِ
على ليالى لشهر الصوم ما جعلت إلا لتمحيص آثام وأوزارِ
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلى و منا القانط القارى
فابكوا على ما مضى فى الشهر و اغتنموا ما قد بقى إخوانى من فضل أعمارى
86)اليوم الاخر:-
يقول الشاعر:-
مثل وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيراناَ
النار تلهب من غيظٍ ومن حنقٍ على العصاةِ ورب العرش غَضباناَ
اقرأ كتابك يا عبدُ على مَهَل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
فلما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتى وامضوا بعبدٍ عصا للنار عطشانا
المشركون غداً فى النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا
****************
وقال آخر:
مثل لنفسك أيها المغرور
إذا كورت شمس النهار وأُدْنِيَت
وإذا النجوم تساقطت وتناثرت
وإذا الجبال تقلعت بأصولها
وإذا العشار تعطلت وتخربت
وإذاالوحوش لدىالقيامة أحشرت
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه
وإذاالصحائف نشرت وتطايرت
وإذا الجنين بأمه متعلق يخشى
هذا بلا ذنب يخاف جناية
وإذا الجحيم تسعرت نيرانها
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت ... ... يومالقيامةوالسماءتمور
حتى على رأس العباد تسير
وتبدلت بعد الضياء كدور
فرأيتها مثل السحاب تسير
خلت الديار فما بها معمور
وتقول للأفلاك أين نسير
طَىَّ السجل كتابه المنشور
وتهتكت للعالمين ستور
القصاص وقلبه مذعور
كيف المصر على الذنوب دهور
ولها على أهل الذنوب زفير
لفتى على طول البلاء صبور
****************
وقال آخر:
غداً توفى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
87)النار:-
أخاف وراء القر إن لم يعافني أشد من القبر التهابا واضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائدٌ عنيفٌ وسوَّاقٌ يسوق الفرزدقا(1/123)
لقد خاب من أولاد آدم من مشى الى النار مغلول القلادة أزرقا
يُساق الى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطرانلباسا مُحرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزَّقا
****************
وقال آخر:
لو أبصرت عيناك أهل الشقا سِيقوا الى النار قد أُحرقوا
يصلونها حين عصوا ربهم وخالفوا الرسل وما صدَّقوا
تقول أُخراهم لأولاهم في لجج المُهل وقد أُغرقوا
قد كنتم حُذرتم حرَّها لكن من النيرلن لم يتفرقوا
وقيل للنيران أن أحرقي وقيل للخُزان أن أطبقوا
****************
وقال آخر:
إذا برزت ليوم العرض نار لها المناس الوقود مع الحجارة
يفر المرء حقا من أخيه ويُنكر في المعاد من استزاره
فلا الخل الحميم يُغيث خلاً ولا الجار المجير يُجير جاره
إذا جاء الجليل لفصل حكمٍٍ ونُشرت الصحائف مستطارة
فيفتضح المسيء بقبح فعله ومن يك مُحسناً فله البشارة
****************
وقال آخر:
لو يعلم الخلق ما يراد بهم ... ... وأيما مورد غدا يردوا
ما استعذبوا لذة الحياة ولا ... ... طاب لهم عيشهم ولا رقدوا
خوفا من العرض والصراط على ... ... نار تلظي وحرها يقد
88)
****************
89)الخطبة والزواج:-
إذا تزوجت فكن حاذقاً وأسأل عن الغصن وعن منبته
****************
وقال آخر:-
وأول خبث المرء خُبث تُرابه وأول خبث القوم خبث المناكح
وقال آخر:-
صفات من يُستحبُّ الشرع خطبتها جَلَوتها لأولي الأباب مختصراً
صبيَّةٌ ذات دينٍ زانه أدبٌ بكرٌ ولو حكت في نفسها القمرا
غريبةٌ لم تكن من أهل خاطبها تلك الصفات التي أجلو لمن نظرا
90)المسارعة في الخيرات:-
إن لله عباداً فطنا ... ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ... ... أنها ليست لِحَىٍّ وطناً
جعلوها لُجَّة واتخذوا ... ... صالح الأعمال فيها سُفْنا
****************
وقال آخر:-
الأمرُ جدُ وهو غيرُ مزاح.............. فأعمل لنفسك صالحا ياصاح
كيف البقاءُ مع اختلافِ طبائعٍ......... وكرورُ ليلٍ دائمٍ وصباح(1/124)
تجري بنا الدنيا على خطرٍ كما.......... تجري عليه سفينةُ الملاح
تجري بنا في لجِ بحرٍ ماله................ من ساحلٍ أبدا ولا ضحضاح
****************
وقال آخر:-
يا ابن سبعين وعشر وثمان كاملات غرضاً للموت مشغولاً ببث القنوات
وَيْكَ لا تعلم ما تُلقى به بعد الممات من صغارٍ موبقات وكبارٍ مهلكات
يا بن من قد مات من آبائه والأمهات هل ترى من خالد من بين أهل الشهوات
إن من يبتاع بالدين خسيس الشهوات لغبي الرأي محفوف بطول الحسرات
****************
وقال آخر:-
فصاحة سحبانٍ وخط ابن مقلة وحكمة لقمانٍ وزهد ابن أدهمِ
إذا اجتمعت في المرء والمرء مفلس ونوديْ عليه لا يباع بدرهمِ
****************
وقال آخر:-
ركضاً الى الله بغير زاد ٍ إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد وكل زادٍ عرضة للنفاد ِ
غير التقى والبر والرشاد
****************
وقال آخر:-
وسل من ربك التوفيق فيها ... ... وأخلص في السؤال إذا سألتا
وناد إذا سجدت له اعترافا ... ... بما نادا ذو النون ابن متى
ولازم بابه قرعا عساه ... ... سيفتح بابه لك إن قرعتا
وأكثر ذكره في الأرض دأبا ... ... لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
ولا تقل الصبا فيه امتهال ... ونكر كم صغير قد دفنتا
****************
وقال آخر:-
يا ساهيا يا غافلاً عما يراد له ... ... حان الرحيل فما أعددت من زاد
تضن أنك تبقى سرمدا أبداً ... ... هيهات أنت غدا فيمن غدا غادي
مالي سوى أنني أرجو الإله لما ... ... أهمني فهو أرجو يوم ميعاد
****************
وقال آخر:-
إذا هبت رياحك فاغتنمها........ فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها....... فلا تدري السكون متى يكون
وإن درت نياقك فاحتلبها..........فلا تدري الفصيل لم يكون
****************
وقال آخر:-
يا من يعد غداً لتوبته
أعلى يقين من بلوغ غد
المرء في زلل على أمل
ومنية الإنسان بالرصد
أيام عمرك كلها عدد
ولعل يومك آخر العدد
****************
وقال آخر:-(1/125)
وكل امرىء يوما سيعرف سعيه ... إذا حصلت عند الإله الحصائل
****************
وقال آخر:-
أترجُ أن تكونَ وأنت شيخٌ ......كما قد كنتَ أيامَ الشبابِ
لقد خدعتك نفسُك ليسَ ثوبٌ.... دريس كالجديدِ من الثيابِ
****************
وقال آخر:-
يا غادياً في غفلة ورائحا
إلى متى تستحسن القبائحا
وكم إلى كم لا تخاف موقفا
يستنطق اللهُ به الجوارحا
يا عجباً منك وأنت مبصر
كيف تجنبت الطريقَ الواضحا
كيف تكون حين تقرأ في غد
صحيفة قد حوت الفضائحا
وكيف ترضى أن تكون خاسراً
يوم يفوز من يكون رابحا
****************
وقال آخر:-
لعمرك ما الأيام إلا معارة ... فما استطعت من معروفها فتزود
متى يبلغ البنيان يوما تمامه ... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
****************
وقال آخر:-
نخطو وما خطونا إلا إلى الأجل
وننقضي وكأن العمر لم يطل
والعيش يوذِننا بالموت أوله
ونحن نرغب في الأيام والدول
يأتي الحمام فينسى المرء منيته
ونستقر وقد أمسكن بالطول
****************
وقال آخر:-
أعماركم تمضى بسوف وربما *** لا تغنمون سوى عسى ولعلما
فاقضوا مشاربكم عجالى إنما *** أعماركم سِفْر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تُسْترد فإنهن عوارِ
****************
وقال آخر:-
إذا هبت رياحك فاغتمنها *** فإن لكل خافقة سكونًا
ولا تغفل عن الإحسان فيها *** فلا تدرى السكون متى يكون
****************
وقال آخر:-
ستندم أن رحلت بغير زاد *** وتشقى إذ يناديك المنادي
فما لك ليس يعمل فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جمادي
فتب عما جنيت وأنت حي *** وكن متيقظا قبل الرقاد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
****************
وقال آخر:-
مضى امسك الماضي عليك معدلاً *** وأعقبه يوم عليك جديد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد
****************
قم يا حبيبي قد دنا الموعد(1/126)
وخذ من الليل وساعاته
حظاً إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليله
لم يبلغ المنزل أو يجهد
قل لذوي الألباب أهل التقى
قنطرة الأرض لكم موعد
****************
وقال آخر:-
مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا
واتبعه يوم عليك شهيد
فإن تك بالأمس اقترفت إساءة
فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد
لعل غداً يأتي وأنت فقيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت
حميمك فاعلم أنها ستعود
****************
وقال آخر:-
أيا من يَدَّعِ الفهم
تعب الذنب والذنب
أما بان لك العيب؟ ... ... إلى كم يا أخى الوهم
وتخطئ الخطأ الجم
أما أنذرك الشيب
وما فى نصحه ريب
أما أسمعك الصوت
أما تخشى من الفَوْت
فكم تسير فى الهوى
كأنى بك تنحط
وقد أسلمك الرهط
هناك الجسم ممدود
إلى أن ينخر العود
فزود نفسك الخير
وهيأ مركب السير
بذا أوصيك يا صاح
فطوبى لفتى راح ... ... أما نادى بك الموت
فتحتاط وتهتم
وتختال من الزهو
إلى اللحد وتنغط
إلى أضيق من سم
ليستأكله الدود
فيمسى العظم قد رم
ودع ما يعقب الضير
وخاف من لجة اليم
وقد بحتك من باح
بقرآن الرب يهتم
وبآداب محمد يأتم
****************
وقال آخر:-
أهل القبور أحبتِي **** بعد الجذالة و السرور
بعد الغَضارة و النضارة **** و التنعّم و الحُبور
بعد الحِسان المؤنسات **** و بعد ربّات الخدور
أصبحتم تحت الثرى **** بين الصفائح و الصخور
****************
وللمتنبئ:
إلى كم ذا التواني في التواني؟
وكم هذا التمادي في التمادي؟
وما ماضي الشباب بمستردٍّ
ولا يومٌ يمر بمستعار
متى لحظتْ بياض الشيب عيني
فقد وجدته منها في السواد
متى ما ازددت من بعد التناهي
فقد وقع انتفاضي في ازدياد
****************
وقال عبد الله بن المعتز
( نسير إلى الآجال في كل ساعة ... فأيامنا تطوى وهن مراحل )
( ولم أر مثل الموت حتى كأنه ... إذا ما تخطته الأماني باطل )
وما أقبح التفريط في زمن الصبا ... فيكف به والشيب في الرأس شاعل )
((1/127)
ترحل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام تعد قلائل
****************
وقال آخر:-
من كان يعلم أن الموت يدركه ... والقبر مسكنه والبعث يخرجه )
( وأنه بين جنات مزخرفة ... يوم القيامة أو نار ستنضجه )
( فكل شيء سوى التقوى به سمج ... ومن أقام عليه منه أسمجه )
( ترى الذي اتخذ الدنيا له وطنا ... لم يدر أن المنايا سوف تزعجه
****************
وقال آخر:-
فأحسن إن أوتيت جاهاً فإنه سحابة صيفٍ عن قليلٍ تنقشع ُ
وكن شافعاً ما كنت في الدهر قادرا وخير زمانِِ المرء ما فيه يشفع ُ
****************
وقال آخر:-
يا غافلاً عن ساعة مقرونة بنوادب وصوارخ وثواكل
قدِّم لنفسك قبل موتك صالحًا فالموت أسرع من نزول الهاطل
حتّام سمعُك لا يعي لمذكر وصميم قلبك لا يلين لعاذل
تبغي من الدنيا الكثيرَ وإنما يكفيك من دنياك زاد الراحل
آي الكتاب تهزُّ سمعك دائمًا وتصم عنها معرضًا كالغافل
كم للإله عليك من نعم ترى ومواهب وفوائد وفواضل
كم قد أنالك من موانح طوله فاسأله عفوًا فهو غوث السائل
***************
وقال آخر:-
يا متعب الجسم كم تشقى لراحته ... أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً ... بالله هل لخراب الدار عمران
****************
وللشريف الرضي:
تفوز بنا المنون وتستبد
ويأخذنا الزمان ولا يَرُد
وانظر ماضياً في أثر ماضٍ
لقد أيقنتُ أن الأمر جد
رويداً بالفرار من المنايا
فليس يفوتها الساري المُجِدُّ
فأين ملوكنا الماضون قِدماً
أعدوا للنوائب واستعدوا
أعارهم الزمانُ نعيم عيش
فيا سرعان ما استلبوا وردوا
هم فرطٌ لنا في كل يوم
نمدهمُ وإن لم يستمدو
****************
وقال آخر:-
فيا ساهياً في غمرة الجهل والهوى صريع الأماني عن قليل ستندم
أَفِقْ قد دنا الموت الذي ليس بعده سوى جنة أو حر نار تَضَّرم
وتشهد أعضاء المسيء بما جنى كذاك على فِيهِ المهيمن يختم(1/128)
فحيَّ على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيَّم
وحيَّ على روضاتها وخيامها وحيَّ على عيشٍ بها ليس يُسْأَم
91)التقوى:-
يقول الشاعر:-
لا تقل أصلي وفصلي يا فتى إنما أصل الفتى ما قد حصل
ليس من يقطع طرقاً بطلاً إنما من يتقي الله البطل
****************
وقال ابن المعتمر:
خلّ الذنوبَ صغيرها وكبيرها فهو التُّقى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرة إن الجبال من الحصى
****************
وقال آخر:-
من يتق الله يحمد في عواقبه
ويكفه شر منعزواو من هانوا
من استجار بغير الله في فزع
فإن ناصره عجز وخذلان
فالزم يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركان .
****************
وقال آخر:
من عامل الله بتقواه ... ... وكان في الخلوات يخشاه
سقاه كأس من لذيذ المنى ... ... يغنيه عن لذة دنياه
****************
وقال آخر:-
عليك بتقوى الله في كل أمره تجد غُبَّه يوم الحساب المطوَّلِ
ألا إن تقوى الله خير مغبةٍ وأفضل زاد الطاعن المترحَّلِ
****************
وقال آخر:-
تزود من التقوى فإنك راحل وسارع الى الخيرات فيمن يسارعُ
فما المال والاهلون إلا ودائع ولا بد يوماً أن تُرد الودائع
****************
وقال آخر:-
ولست أرى السعادة جمع مال ٍ ولكن التقي هو السعيد ُ
وتقوى الله خير الزاد ذخراً وعند الله للأتقى مزيد
****************
وقال آخر:-
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
ولاقيت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وأنك لم تُرصد كما كان أرصدا
****************
وقال آخر:-
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليلٌ هل تعيش الى الفجرِ
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروسٍ زينوها لزوجها وقد قُبضت أرواحهم ليلة القدر
ِوكم من صحيحٍ مات من غير علَّةٍ وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهر
****************
وقال آخر:-
تجهز إلى الأجداث ويحك والرمس
جهازاً من التقوى لا طول ما حبس(1/129)
فإنك ما تدري إذا كنت مصبحاً
بأحسن ما ترجو لعلك لا تمسي
سأتعب نفسي أو أصادف راحة
فإن هوان النفس أكرم للنفس
وازهد في الدنيا فإن مقيمها
كظاعنها ما أشبه اليوم بالأمس
****************
وقال آخر:-
ألا إن تقوى الله خير مغبة ... وأفضل زاد الطاعن المترحل
92)الايمان :-
الايمان إذا ضاع فلا أمان ُ ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين ٍ فقد جعل الفناء لها قرينا
****************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التُّقى تقلَّب عُرياناً ولو كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا
****************
وقال آخر:-
تَمَتَّعْ مِنْ الايَّامِ إنْ كُنْت حَازِمًا فَإِنَّك مِنْهَا بَيْنَ نَاهٍ وَآمِرِ
إذَا أَبْقَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِر
ِ فَلَنْ تَعْدِلَ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَلاَ وَزْنَ ذَرٍّ مِنْ جَنَاحٍ لِطَائِر
ِ فَمَا رَضِيَ الدُّنْيَا ثَوَابًا لِمُؤْمِنٍ وَلاَ رَضِيَ الدُّنْيَا جَزَاءً لِكَافِرِ
وقال آخر:-
الفضل عند الله ليس بصورة الـ أعمال بل بحقائق الإيمان
القصد وجه الله بالـ أقوال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من حسراته ويصير حقاً عابد الرحمن
****************
93)المحاسبة:-
يقول الشاعر:-
حاسبت نفسي لم أجد لي
صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد
في الأمر إلا خفة الميزان
****************
وها هو عبدا لله بن رواحه لما قتل جعفر بن أبي طالب في معركة مؤته قام بن رواحه وأخذ القيادة ولم يكن قد ذاق طعاماً قبل ذلك ثم تقدم وقاتل فأصيبت إصبعية فارتجز وجعل يقول
هل أنت إلا إصبع دميت
وفي سبيل الله ما لاقيت
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت(1/130)
ثم قال يا نفس إلى أي شيء تتشوقين إلى فلانة فهي طالقة ثلاثة إلى فلان وفلان العبيد هم أحرار لوجه الله إلى البيت الفلاني هو لله ولرسوله
يا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنزلنه
طائعة أو لتكرهنه فطالما قد كنت مطمئنة
هل أنت إلا نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنه
****************
وقال آخر:-
انا العبد الذي كسب الذنوبا وصدته المنايا ان يتوبا
انا العبد الذي اضحى حزينا على زلاته قلقا كئيبا
انا المضطر ارجو منك عفوا ومن يرجو رضاك لن يخيبا
فيأسفى على عمر تقضى ولم أ كسب به الذنوب
ويا حزناه من حشري ونشري بيوم يجعل الولدان شيبا
فيامن مد في كسب الخطايا خطاه أما ان الاوان ان تتوبا
****************
94)الظلم :-
يقول الشاعر:-
إذا جار الوزير وكاتباه وقاضي الأرض أجحف في القضاءِ
فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماءِ
****************
وقال أبو العتاهية:
ستعلم يا نؤم إذا التقينا ... غدا عند الإله من الظلوم
أماوالله إنَّ الظُّلم شؤمٌ ... ... وما زال المسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضي ... ... وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا ... ... غداً عند الإله من الملوم
ويقول الشافعي:- ... ...
سوى من غدا والبخل ملء إهابه ... بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم
قطعت رجائي منهم بذبابه ... فجردت من غمد القناعة صارما
ولا ذا يراني قاعدا عند بابه ... فلا ذا يراني واقفا في طريقه
وليس الغني إلا عن الشيء لا به ... غني بلا مال عن الناس كلهم
ولج عتوا في قبيح اكتسابه ... إذا ما الظالم استحسن الظلم مذهبا
ستدعي له ما لم يكن في حسابه ... فكِلهإلى صرف الليالي فإنها
يرى النجم تحت ظل ركابه ... فكم رأينا ظالما متمردا
أناخت صروف الحادثات ببابه ... فعما قليل وهو في غفلاته
ولا حسنات تلتقى في كتابه ... فأصبح لا مال ولا جاه يرتجى
وصب عليه الله سوط عذابه ... وجوزي بالأمر الذي كان فاعلا
****************
وقال آخر:-(1/131)
فلا تأمنن الدهر حرا ظلمته ... فما ليل حر إن ظلمت بنائم )
****************
وقال آخر:-
لا تظلمن إذا كنت مقتدرا ... ... فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه ... ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
****************
وقال آخر:-
( حتى متى لا نرى عدلا نسر به ... ولا نرى لولاة الحق أعوانا )
( مستمسكين بحق قائمين به ... إذا تلون أهل الجور ألوانا )
( يا للرجال لداء لا دواء له ... وقائد ذي عمى يقتاد عميانا )
****************
وقال محمود الوراق:
إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمي ... ... وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي
ورأيته أسْدَى إليَ يداً ... ... لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِلْمِي
رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِي ... ... فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم
فكأنما الإحْسَانُ كان لهُ ... ... وأنا المسيءُ إليه في الزعْمِ
ما زال يَظْلِمُني وأرحمهُ ... ... حتى رَثَيْتُ له من الظلم
95)فاطمة رضي الله عنها:-
هي بنت مَنْ هي أم مَنْ من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسلٍ جبريل بالتوحيد قد ربّاها
وعليُّ زوجٌ لا تسلْ عنه سوى سيفٌ غدا بيمينه تيَّاها
فلو كان النساء كمن ذكرنا *** لفَضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** وما التذكير فخر للهلال
96)الكبر:
يامظهر الكبر إعجاباً بصورته ... ... أبصر خلاءك إنّ المين تثريب
لو فكر النّاس فيما في بطونهم ... ... ما استشعر الكبر شبّانٌ ولا شيب
****************
وقال أبو العتاهية :
ما بال من أوّله نطفةٌ ... ... وجيفة آخره يفخر
أصبح لا يملك تقديم ما ... ... يرجو ولا تأخير ما يحذر
وأصبح الأمر إلى غيره ... ... في كل ما يقضى وما يقدر
****************
وقال آخر:-
قل لمن فاخر بالدنيا وحامى
قتلت قبلك ساماً ثم حاما
ندفن الخِلَّ وما في دفننا
بعده شك ولكن نتعامى
إن قدامك يوماً لو به
هددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهو وقم
وانف عن عين تماديك المناما
صاح صح بالقبر يخبرك بما
قد حوى واقرأ على القوم السلاما
فالعظيم القدر لو شاهدته(1/132)
لم تجد في قبره إلا العظاما
****************
و لقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول :
ياعجباً للناس لو فكروا و حاسبوا أنفسهم أبصروا
و عبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقي و البر كانا خير ما يدخر
عجبت للإنسان في فخره و هو غداً في قبره يقبر
ما بال من أوله نطفة و جيفة آخره يفجر
أصبح لا يملك تقديم ما يرجو و لا تأخير ما يحذر
و أصبح الأمر إلى غيره في كل ما يقضي و ما يقدر
97)المشورة :-
إذا الأمر أشكل إنفاذه ... ... ولم تر منه سبيلا فسيحا
فشاور بأمرك في سترةٍ ... ... أخاك اللبيب المحبّ النّصيحا
فربّتما فرّج النّاصحون ... ... وأبدوا من الرّأى رأياً صحيحا
ولا يلبث المستشير الرّجال ... ... إذا هو شاور أن يستريحا
****************
وقال آخر:-
أطع الحليم إذا الحليم عصاكا ... إن الحليم إذا عصاك هداكا ..
. وإذا أستشارك من تود فقل له ... أطع الحليم إذا الحليم نهاكا ..
. ولئن أبيت لتأتين خلافه ... أربا يحوطك أو يكون هلاكا ..
. وأعلم بأنك لن تسود ولن ترى ... سبل الرشاد إذا أطعت هواكا
****************
وقال آخر:-
الهم مالم تمضه لسبيله ... سقم القلوب وآفة الأبدان ..
. ومعول الرجل الموفق رأيه ... عند اعتراض طوارق الأحزان ..
وإذا الحوادث سددت أسبابه ... كان التبصر أنجد الأعوان ...
وإذا أضل سبيله تدبيره ... طلب الهدى بتشاور الإخوان
****************
وقال آخر :
إنَّ الَّلبِيب إذا تفرّق أمره ... ... فتق الأمور مناظراً ومشاور
أخو الجهالة يستبدّ برأيه ... ... فتراه يعتسف الأمور مخاطرا
98)كتمان السر:-
قال الشافعي:-
إذا المرء أفشى سره بلسانه ... ولام به غيره فهو أحمق )
إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه ... ... فعدر الّذى يستودع السّرّ أضيق
****************
وأنشد الأصمعى قال :أنشدنى أعرابي :
لا أكتم الأسرار لكن أبثّها ... ... ولا أدع الأسرار تقتلنى غمّا(1/133)
وإنّ سخيف الرّأى من بات ليله ... ... حريباً بكتمان كأنّ به حمّى
وفي بثّك الأسرار للقلب راحةٌ ... ... وتكشف بالإنشاء عن قلبك الهمّا
****************
وقال آخر:-
إذا ما ضاق صدرك عن حديثٍ ... ... فأفشته الرّجال فمن تلوم
إذا عاتبت من أفشى حديثى ... ... وسرّى عنده فأنا الظّلوم
****************
وقال آخر:-
إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرّها ... ... فسرّك عند النّاس أفشى وأضيع
****************
وقال آخر:-
ضع السِّرَّ في صمَّاء ليست بصخرةٍ ... ... صلودٍ كما عاينت من سائر الصَّخر
ولكنَّها قلب امرئٍ حفيظةٍ ... ... يرى ضيعة الأسرار شراً من الشَّرِّ
يموت وما ماتت كرائم فعله ... ... فيبلى وما يبلى ثناه على الدَّهر
****************
وقال كعب بن سعد الغنوي
( ولست بمبد للرجال سريرتي ... ولا أنا عن أسرارهم بسئول
وقال أبو مسلم صاحب الدولة
( أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ جهدوا )
( ما زلت أسعى عليم في ديارهم ... والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا )
( حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا ... من نومه لم ينمها قبلهم أحد )
( ومن رعا غنما في أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الاسد )
****************
وقال آخر:
ومستودعى سرا تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبرا
****************
شمس الدين البدوي وقال
( إني كتمت حديث ليلى لم أبح ... يوما بظاهره ولا بخفيه )
( وحفظت عهد ودادها متمسكا ... في حبها برشاده أو غيه )
ولها سرائر في الضمير طويتها ... نسي الضمير بأنها في طيه )
****************
وما السر في صدري كثاو بقبره لأني أرى المقبور ينتظر النشرا
ولكنني أنساه حتى كأنني بما كان منه لم أحط ساعة خبرا
ولو جاز كتم السر بيني وبينه عن السر و الأحشاء لم تعلم السرا
****************
وقال آخر:-
إذا ما المرء أخطأه ثلاث ... فبعه ولو بكف من رماد .
.. سلامة صدره والصدق منه ... وكتمان السرائر في الفؤاد
****************
قال آخر:-
((1/134)
ومستودعي سرا كتمت مكانه ... عن الحس خوفا أن ينم به الحس )
( وخففت عنه من هوى النفس شهوة ... فأودعته من حيث لا يبلغ الحس
****************
وقال جعفر بن عثمان
( يا ذا الذي أودعني سره ... لا ترج أن تسمعه مني )
( لم أجره قط علي فكرتي ... كأنه لم يجر في أذني
****************
وقال آخر:-
لا يكتم السر إلا من له شرف ... والسر عند كرام الناس مكتوم ..
. السر عندي في بيت له غلق ... ضلت مفاتيحه والباب مختوم
****************
ولله در المتنبي حيث قال
( وللسر مني موضع لا يناله ... نديم ولا يفضي إليه شراب )
99)الشجاعة :-
يقول قطرى بن الفجاءة التميمى الخارجي :
أقول لها وقد طارت شعاعاً ... ... من الأبطال ويحك لن تراعى
فإنك لو سألت بقاء يوم ... ... على الأجل الذي لك لم تطاعي
فصبراً في مجال الموت صبراً ... ... فما نيل الخلود بمستطاع
ولا ثوب البقاء بثوب عزّ ... ... فيطوي عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كلّ حيّ ... ... وداعيه لأهل الأرض داعي
ومن لم يعتبط يهرم ويسقم ... ... وتسلمه المنون إلى انقطاع
****************
وقال أعشى همدان :
أبلغ يزيد بنى شيبان مالكه ... ... أنّ الكتائب لا يهزمن بالكتب
إنّ الوعيد بظهر الغيب معجزةٌ ... ... فإن أردت قتال القوم فاقترب
****************
السيف أصدق أنباء من الكتب ... ... في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
... ...
وقال أبو الطيب المتنبي:
وإذا ما خَلاَ الْجَبانُ بأَرْضٍ ... ... طَلَبَ الطعْنَ وَحْدَه والنّزالاَ
100)الوفاء:-
يقول الشاعر:-
إذا قلت في شئٍ نعم فأتمّه ... ... فإنّ نعم دين على الحرّ واجب
وإلا فقل لا واسترح وأرح بها ... ... لئلا يقول النّاس إنّك كاذب
وقال آخر :
إنّ الكريم إذا حباك بموعدٍ ... ... أطاكه سلساً بغير مطال
وقال آخر
( لا كلف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلا بما تجد )
( فلا تعد عدة إلا وفيت بها ... واحذر خلاف مقال للذي تعد )
****************
وقال صالح اللخمي
( لئن جمع الآفات فالبخل شرها ... وشر من البخل المواعيد والمطل )
((1/135)
ولا خير في وعد إذا كان كاذبا ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعل )
****************
وقال الشاعر
( تعجيل وعد المرء أكرومة ... تنشر عنه أطيب الذكر )
( والحر لا يمطل معروفه ... ولا يليق المطل بالحر )
****************
وقال آخر
( ولقد وعدت وأنت أكرم واعد ... لا خير في وعد بغير تمام )
( أنعم علي بما وعدت تكرما ... فالمطل يذهب بهجة الإنعام )
****************
وقال آخر
( وميعاد الكريم عليه دين ... فلا تزد الكريم على السلام )
( يذكره سلامك ما عليه ... ويغنيك السلام عن الكلام )
****************
وقال آخر
( شكاك لساني ثم أمسكت نصفه ... فنصف لساني بامتداحك ينطق )
( فان لم تنجر ما وعدت تركتني ... وباقي لساني بالمذمة مطلق )
101)الرضا :-
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفاء
****************
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ ... ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النَّار فما جاورت ... ... ما كان يعرف فضل عرف العود
****************
وقال آخر:-
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... ... وصَّدق ما يعتاده من توهُّم
وقال أبو الأسود وأجاد
( وإن امرء قد جرب الدهر لم يخف ... تقلب عصريه لغير لبيب )
( وما الدهر والأيام إلا كما ترى ... رزية مال أو فراق حبيب
****************
وقال آخر:-
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ أبشر بخير ٍ فإن الفارج الله
( اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ... لا تيأسن فإن الصانع الله )
الله يُحدث بعد العسر ميسرةً لا تجزعنَّ فإن المانع الله
إذا ابتليت فثق بالله وارض به ... إن الذي يكشف البلوى هو الله )
( إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ... فما ترى حيلة فيما قضى الله )
والله مالك غير الله من أحدٍ فحسبك الله في كلٍ لك الله
****************
وقال آخر:-
سبحان من قسم الحظوظ
فلا اعتراض ولا ملامة .
أعمى وأعشى وبصير
ورزقاء اليمامة(1/136)
****************
يارب
ما مسني قدرٌ بكرهٍ أو رضا إلا اهتديت به اليك طريقا
أمضى القضاء على الرضا منّي به إني عرفتك في البلاء رفيقا
****************
وقال آخر:-
جُبلت على كدرٍ وانت تُريدها صفواً من الالام والاكدارِ
ومكلّف الايام ضد طباعها مُتطلبٌ في الماء جذوة نار ِ
****************
وقال آخر:-
كُن عن همومك مُعرضا وكِل الامور الى القضا
وانعم بطول سلامة تُسليك عمّا قد مضا
فلربما اتسع المضيق وربما ضاق الفضا
ولرب أمر مسخط لك في عواقبه رضا
الله يفعل ما يشاء فلا تكن مُتعرضا
****************
وقال آخر:-
قد جرت الأقلام في ذي الورى بالختم من أمر الحكيم العليم
فمن سعيد و شقي و من مثر من المال و عار عديم
و من عزيز رأسه في السها و من ذليل وجهه في التخوم
و من صحيح شيدت أركانه و آخر واهي المباني سقيم
كل على منهاجه سالك ذلك تقدير العزيز العليم
****************
وقال آخر:-
رضيت بما قسمَ الله لي ... ... وفوّضتُ أمري إلى خالقي
كما أحسن الله فيما مضى ... ... كذلك يُحسن فيما بَقِي
102)الجاروالجيران:-
ولقد كان العرب يتمدحون بكف الأذى عن الجار، قال هُدْبَةُ بنُ الخَشْرم:
ولا نَخْذِلُ المولى ولا نرفع العصا *** عليه ولا نزجي إلى الجار عقربا
****************
وقال لبيد:
وإن هوانَ الجارِ للجار مؤلمٌ *** وفاقرةٌ تأوي إليها الفواقر
***************
وقال عنترة:
وإني لأحمي الجارَ من كل ذلّة *** وأفرحُ بالضيف المقيم وأَبْهَجُ
****************
وقالت الخنساءُ تمدح أخاها بحمايته جارَه:
وجارُكَ مَحْفُوظٌ منيعٌ بنجوة *** من الضيم لا يُؤذى ولا يتذللُ
103)عمر بن الخطاب:
في إسلامه يقول حافظ ابراهيم:
رأيت في الدين آراء موفقة **** فأنزل الله قرآنا يزكيها
و كنت أول من قرت بصحبته **** عين الحنيفة و اجتازت أمانيها
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها **** بنعمة الله حصنا من أعاديها
خرجت تبغي أذاها في محمدها **** و للحنيفة جبار يواليها(1/137)
فلم تكد تسمع الايات بالغة **** حتى انكفأت تناوي من يناويها
سمعت سورة طه من مرتلها **** فزلزلت نية قد كنت تنويها
و قلت فيها مقالا لا يطاوله **** قول المحب الذي قد بات يطريها
و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت **** عن كاهل الدين أثقالا يعانيها
و صاح فيها بلال صيحة خشعت **** لها القلوب ولبت أمر باريها
فأنت في زمن المختار منجدها **** و أنت في زمن الصديق منجيها
كم استراك رسول الله مغتبطا **** بحكمة لك عند الرأي يلفيها
****************
وقال في عمر أيضاً عندما جاءه رسول كسرى:
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعية عطلا و هو راعيها
و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها
فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها
و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها
****************
عمر الزاهد
يا من صدفت عن الدنيا و زينتها **** فلم يغرك من دنياك مغريها
ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا **** أن يلبسوك من الأثواب زاهيها
و يركبوك على البرذون تقدمه **** خيل مطهمة تحلو مرائيها
مشى فهملج مختالا براكبه **** و في البراذين ما تزها بعاليها
فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني **** و داخلتني حال لست أدريها
و كاد يصبو إلى دنياكم عمر **** و يرتضي بيع باقيه بفانيها
ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا **** ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها
****************
مثال من تقشفه و ورعه )
إن جاع في شدة قومٌ شركتهم **** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة و الدنيا بقبضته **** في الزهد منزلة سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص و سيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها(1/138)
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها **** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
لا تمتطي شهوات النفس جامحة **** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
و هل يفي بيت مال المسلمين بما **** توحي إليك إذا طاوعت موحيها
قالت لك الله إني لست أرزؤه **** مالا لحاجة نفس كنت أبغيها
لكن أجنب شيأ من وظيفتنا **** في كل يوم على حال أسويها
حتى إذا ما ملكنا ما يكافئها **** شريتها ثم إني لا أثنيها
قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة **** أن القناعة تغني نفس كاسيها
و أقبلت بعد خمس و هي حاملة **** دريهمات لتقضي من تشهيها
فقال نبهت مني غافلا فدعي **** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها
ويلي على عمر يرضى بموفية **** على الكفاف و ينهى مستزيدها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها
كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت **** بعد النبوة أخلاق تحاكيها
****************
104)عائشة ابنة الصديق أم المؤمنين:-
يقول أبي عمران موسى بن محمد بن عبدالله الواعظ الأندلسي – رحمه الله - :
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي *** هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِه *** ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّه *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ(1)(1/139)
وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي(2) وعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي(3)
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
****************
105)الوحدة
يقول الشاعر:-
حرموا هداية دينهم وعقولهم ... ... هذا وربك غاية الخسران
تركوا هداية ربهم، فإذا بهم ... ... غرقى من الآراء في طوفان
وتفرقوا شيعاً بها نهجهم ... ... من أجلها صاروا إلى شنآن
****************
ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا ... ... منه بعروته الوثقى لمن دانا
****************
وقال آخر:-
وفي كثرة الأيدي عن الظلم زاجر ... إذا حضرت أيدي الرجال بمشهد
****************
وآخر يوصي أبناءه عند وفاته بقوله:
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى ... ... خطب ولا تتفرقوا آحادا(1/140)
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... ... وإذا افترقن تكسرت آحادا
****************
وقال آخر:
ألم تر أن جمع القوم يخشى ... ... وأن حريم واحدهم مباح
****************
وقال آخر:-
كل يرى رأيا وينصر قوله ... وله يعادي سائر الإخوان
ولو أنهم عند التنازع وفقوا ... لتحاكموا لله دون توان
ولأصبحوا بعد الخصام أحبة ... غيظ العدا ومذلة الشيطان
****************
وقال آخر:-
حبذا العيش حين قومي جميعا ... لم تفرق أمورها الأهواء
106)العيد
يقول الشاعرعبد المعطي الدالاتي:-
يعودُ العيدُ ياأحبابْ *** سعيداً يقرعُ الأبوابْ
يُحَيّينا .. ويُحْيينا *** ويدعونا إلى المحرابْ
يعودُ الحبُّ للقلبِ *** وهل أحلى من الحبِّ؟!
فنَهنا بالجنَا العذبِ *** وندعو الله َ: يا توابْ
***
نرى الفقراءَ قد ناموا *** وفي الأكبادِ آلام ُ
وقبلَ الصوم قد صاموا *** وأنتَ الرازق الوهّابْ
فكبِّر يا أخا الإسلامْ *** فهذا أسعدُ الأيامْ
وهيّا نمسح الآلامْ ***ونسقي الخير َبالأكوابْ
***************
دموعُ القدس خلف النارْ *** تنادي موكب الأحرارْ
فكبّرْ .. دمِّر الأسوارْ *** فربُّك هازمُ الأحزابْ
****************
أيا عيدُ متى النصرُ؟ *** متى حطينُ أو بدرُ؟
تُرى هل يشرقُ الفجرُ ؟ *** ونفرحُ فرحةَ الأصحابْ
****************
وفي ختام رمضان واستقبال عيد الفطر:
من ذلك قول ابن الرومي:
ولما انقضى شهر الصيام بفضله *** تجلَّى هلالُ العيدِ من جانبِ الغربِ
كحاجبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه * يشيرُ لنا بالرمز للأكْلِ والشُّرْبِ
****************
وقول ابن المعتز:
أهلاً بفِطْرٍ قد أضاء هلالُه **** فالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّرِ
وانظرْ إليه كزورقٍ من فِضَّةٍ *** قد أثقلتْهُ حمولةٌ من عَنْبَرِ
****************
ويستغل الشاعر محمد الأسمر فرصة العيد ليذكر بالخير و الحث على الصدقة فيه تخفيفًا من معاناة الفقراء والمعوزين في يوم العيد؛ فيقول:(1/141)
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه *** وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به ** ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم *** دعا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم *** بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
****************
وهذا الشاعر الجمبلاطي يستبشر خيراً بقدوم العيد، ويأمل أن يكون فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين حين يقول:
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد *** فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته *** شوقاً وكل غني هزه الجود
****************
وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:
بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر
****************
ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله:
ياليلة العيد كم في العيد من عبر *** لمن أراد رشاد العقل والبشر
****************
والعيد ما هو إلا تعبير عن السعادة التي تغمر الصائمين بنعمة الله التي أنعمها عليهم باكتمال صيام الشهر الفضيل يقول محمد بن سعد المشعان:
والعيد أقبل مزهوًا بطلعته *** كأنه فارس في حلة رفلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم *** كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعبده *** بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
****************
وما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ جِئْتَ يا عيدُ *** بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجديدُ
أمّا الأحِبة فالبيداءُ دونَهم *** فليت دونك بيداً دونهم بيدُ
****************
وشكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد :(1/142)
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ *** يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه *** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ *** فعاد فطرك للأكباد تفطيرا
****************
ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة رائعة قال فيها:
العيدُ أقبلَ تُسْعِدُ الأطفالَ ما حملتْ يداه
لُعَباً وأثواباً وأنغاماً تَضِجُّ بها الشِّفاه
وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)
فيعودُ في أهدابه دَمْعٌ ، وفي شفتيه (آه)
****************
ويقول في قصيدة أخرى:
هذا هو العيدُ ، أينَ الأهلُ والفرحُ
ضاقتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!
وأينَ أحبابُنا ضاعتْ ملامحُهم
مَنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا؟!
****************
وفي قصيدة ثالثة يقول:
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ *** تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا
يا عيدُ عُدنْا أعِدْنا للذي فرِحَتْ *** به الصغيراتُ من أحلامنا فخبا
مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا *** مَنْ فَرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يداهُ وما أعطى وما وَهَبا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
****************
أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول:(1/143)
يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون
لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون
بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون
ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون
وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون
أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟
إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون
زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين
ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون
العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين
***************
ولقد وصف الشعراء مآسي الأمة وأحزانها خصوصًا كلما عاد العيد ومن ذلك قول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:
يقولونَ لي: عيدٌ سعيدٌ، وإنَّهُ *** ليومُ حسابٍ لو نحسُّ ونشعرُ
أعيدٌ سعيدٌ !! يالها من سعادةٍ *** وأوطانُنا فيها الشقاءُ يزمجرُ
وقوله:
يمرُّ علينا العيدُ مُرَّا مضرَّجاً *** بأكبادنا والقدسُ في الأسْرِ تصرخُ
عسى أنْ يعودَ العيدُ باللهِ عزّةً *** ونَصْراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَخُ
****************
وشكوى الشاعر عمر أبو الريشة :
يا عيدُ ما افْتَرَّ ثغْرُ المجدِ يا عيد *** فكيف تلقاكَ بالبِشْرِ الزغاريدُ؟
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ *** لها على الرَّفْرَفِ العُلْوِيِّ تَعْييدُ؟
سينجلي لَيْلُنا عن فَجْرِ مُعْتَرَكٍ *** ونحنُ في فمه المشْبوبِ تَغْريدُ
****************
أما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) راثيًا حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها:
أقبلت يا عيد والأحزان نائمة *** على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألوان؟
من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مقل ترنو وآذان؟
****************
ثم ينتقل إلى الجرح الذي لم يندمل، والذي يؤرق الأمة الإسلامية ألا وهو جراحات مقدساتها العظيمة التي سلبها عدوّها لما نام عنها راعيها من المسلمين فقال:
من أين والمسجد الأقصى محطمة
آماله وفؤاد القدس ولها؟(1/144)
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي
دروبنا جدر قامت وكثبان؟
****************
وبعدها يشتاق قلب الشاعر إلى إخوانه وأحبائه وأهله إلى كل من لم يطعم الراحة والهناء تحت ظل الأمة الإسلامية ليواسيهم، ويواسي جراحات قلبه وآلام نفسه فيقول:
أصبحت في يوم عيدي والسؤال على ** ثغري يئن وفي الأحشاء نيران
أين الأحبة وارتد السؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟
****************
وعندما سُئل الشاعر محمد المشعانُ عن العيد ماذا يقول له ؟ أجاب سائله وهو يتحسر على ما آل إليه حال أمته الإسلامية من التفرق والخصام قائلاً:
ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر
ما أنت يا عيد والأتراح جاثمة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطر
ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر ؟
ما أنت يا عيد في قوم يمر بهم ** ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر
****************
وتتفاعل الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان مع أخواتها اللاجئات الفلسطينيات بين الخيام لتصور مأساتهن وما يعانينه من آلام التشرد واللجوء في يوم العيد فتقول:
أختاه, هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ
وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا
متهالكاً, يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا
يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ
أختاه, مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ
أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ?
****************
وتذكر الشاعرة أخواتها بالعيد أيام الطفولة حيث المرح واللهو الطفولي في يافا وغيرها من مدن فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وحرم أهلها من الابتسامة وفرحة العيد:
أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ?
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ?(1/145)
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديلهْ?
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ
طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ?
وقبل الختام أُعرِّج معك مع أبيات سارت أمثالاً وحكما تسري في كل مكان
أنقلها لك أخي القاريء من كتاب المختار من شواهد الاشعار
1- إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ *** فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ
2- إذا جاء موسى وألقى العصى *** فقد بطل السحر والساحرُ
3- إذا رضيتْ عني كرام عشيرتي *** فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها
4- إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً *** فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها
5- إذا ما أتيت الأمر من غير بابه *** ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتدي
6- إن العدو وإن أبدى مسالمةً *** إذا راى منك يوماً غرّة وثبا
7- إذا ملكٌ لم يكن ذا هبهْ *** فدعه فدولته ذاهبهْ
8- إذا كان رب البيت بالدف ضارباً *** فشيمة من في الدار كلهمُ الرقصُ
9- إذا كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
10- إذا ما أراد الله إهلاك نملةٍ *** سمت بجناحيها إلى الجو تصعدُ
11- إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنا *** أصبت حليماً أو أصابك جاهلُ
12- إذا قالت حذامُ فصدقوها *** فإن القول ما قالتْ حذامُ
13- إذا لم تستطع شيئاً فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيعُ
14- إذا محاسنيَ اللاتي أُدِلُّ بها *** عُدَّتْ ذنوباً فقل لي كيف أعتذرُ
15- إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأيسر ما يمر به الوحولُ
16- إذا كنتَ ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ *** فإن فسادَ الرأي أن تترددا
17- إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى *** فأولُ ما يجني عليه اجتهادُهُ
18- إذا ما الجرحُ رمَّ على فسادٍ *** تبين فيه تفريطُ الطبيبِ(1/146)
19- إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا *** كفى لمطايانا برؤياك هاديا
20- أسدٌ عليَّ وفي الحروبِ نعامةٌ *** ربداءُ تجفُلُ من صفير الصافرِ
21- أعمى يقود بصيراً لا أبا لكمُ *** قد ضل من كانت العميان تهديهِ
22- أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من *** اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
23- ألم تر أن المرء تدوي يمينه *** فيقطعها عمداً ليسلم سائرهْ
24- ألم تر أن السيف ينقص قدرُه *** إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
25- ألا رُبَّ باغٍ حاجةً لا ينالُها *** وآخرُ قد تُقضى له وهو جالسُ
26- إن الرياح إذا اشتدتْ عواصفها *** فليس ترمي سوى العالي من الشجرِ
27- إن الأفاعي وإن لانتْ ملامسُها *** عند التقلبِ في أنيابها العطبُ
28- أوردها سعدٌ وسعد مشتملْ *** ما هكذا يا سعدُ تُورَد الإبلْ
29- بأبهِ اقتدى عدىٌ بالكرمْ *** ومن يشابهْ أبَه فما ظلمْ
30- بدأتم فأحسنتم فأثنيتُ جاهدا *** وإن عدتمو ثنيتُ والعودُ أحمدُ
31- بذا قضت الأيامُ ما بين أهلها *** مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ
32- بالملح نُصلح ما نخشى تغيرهُ *** فكيف بالملح إن حلت به الغِيَرُ
33- ترى الرجلَ النحيل فتزدريهِ ***وفي أثوابه أسدٌ حصورُ
ويعجبك الطريرُ فتبتليهِ *** فيخلف ظنك الرجلُ الطريرُ
34- تعشَّقتُها شمطاءَ شاب وليدُها *** وللناس فيما يعشقون مذاهِبُ
35- تقولُ هذا مِجاجُ النحلِ تمدحُهُ *** وإن تشأ قلتَ ذا قيءُ الزنابيرِ
مدحاً وذماً وما جاوزتَ وصفهما *** والحق قد يعتريهِ سوءُ تعبيرِ
36- ترجوا النجاةَ ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسِ
37- تضاحكتُ بينهمو معجَبا *** وشرُّ البليةِ ما يُضْحِكُ
38- تكاثرت الظباءُ على خراشٍ *** فما يدري خراشٌ ما يصيدُ
39- حياك من لم تكن ترجو تحيته *** لولا الدراهمُ ما حياك إنسانُ
40- خذ ما تراه ودع شيئاً سمعتَ به *** في طلعةِ الشمسِ ما يغنيك عن زُحَلِ
41- خلا للِ الجو فبيضي واصفري *** ونقِّري ما شئتِ أن تنقري(1/147)
وعارضها بعضهم بقوله :
42- خلا لكِ الجو فغني واطربي *** وخرِّبي ما شئتِ أن تُخَرِّبي
43- الخير لا يأتيك متصلاً *** والشر يسبق سيلَه مطرُهْ
44- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ***وأخو الجهالة في الشقاء منعَّمُ
45- رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلما *** صرتُ في غيره بكيتُ عليهِ
46- رضيتُ ببعض الذل خوف جميعه ***كذلك بعضُ الشر أهونُ من بعضِ
47- زعم الفرزدقُ أن سيقتل مِربَعاً *** أبشرْ بطولِ سلامةٍ يا مِربعُ
48- زعم المسفّه أن يغالِبَ ربَّهُ *** ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالبُ الغلاّبِ
49- ستبدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ
50- ستذكرني إذا جربت غيري *** وتعلم أنني نعم الصديقُ
51- ستورُ الضمائرِ مهتوكةٌ *** إذا ما تلاحظت الأعينُ
52- سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** وفي الليلة الظلماءِ يُفتَقدُ البدرُ
53- شكوتُ وما الشكوى لمثليَ عادة *** ولكن تفيضُ العينُ عند امتلائها
54- طفح السرورُ عليَّ حتى أنه *** من كُثْرِ ما قد سرني أبكاني
55- ظننتُ بهم ظناً جميلاً فخيبوا *** رجائي وما كل الظنونِ تُصيبُ
56- عتبتُ على عمروٍ فلما تركته *** وجربتُ أقواماً بكيتُ على عمروِ
57- العبدُ يُقرعُ بالعصا *** والحرُّ تكفيه الإشاره
58- أُعلل النفس بالآمالِ أرقُبُها ما *** أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ
59- فلم أر كالأيام للمرءِ واعظاً *** و لا كصروف الدهر للمرءِ هاديا
60- فما أكثرُ الأصحابِ حين تعدُّهم *** ولكنهم في النائبات قليلُ
61- فلو لبس الحمارُ ثياب خزٍ *** لقال الناس يالك من حمارِ
62- فإن كانت الأجسامُ منا تباعدت *** فإن المدى بين القلوب قريبُ
63- فإن يكُ صدرُ هذا اليومِ ولى *** فإن غداً لناظره قريبُ
64- قد تُنكر العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ *** وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من سَقَمِ
65- قد زال ملكُ سليمان وعاوده *** والشمسُ تنحطُّ في المجرى وترتفعُ(1/148)
66- قد يجمعُ المالَ غيرُ آكلِهِ *** ويأكلُ المالَ غيرُ من جمعهْ
67- قد يرك المتأني بعض حاجتهِ ***وقد يكون من المستعجل الزللُ
68- قد يدرك الشرفَ الفتى ورداؤه *** خَلَقٌ وجيبُ قميصِهِ مرقوعُ
69- كشقي مقصٍ تجمعتا *** على غير شيءٍ سوى التفرقهْ
70- كعصفورة في كف طفلٍ يسومها *** ورود حياض الموت والطفلُ يلعبُ
71- كالعيسِ في البيداء يقتُلُها الظما ***والماءُ فوق ظهورِها محمولُ
72- كل المصائب قد تمر على الفتى *** فتهون غيرَ شماتةِ الأعداء
73- كأنك من كل النفوس مركبٌ *** فأنت إلى كل الأنام حبيبُ
74- كالكلب إن جاع لم يمنعك بصبصة *** وإن ينل شبعاً ينبحْ من الأشرِ
75- لا تمدحنَّ امرأً حتى تجربه *** و لا تذمنّه من غير تجريبِ
76- لعمرك ما ضاقت بلادٌ بأهلها *** ولكنَّ أخلاق الرجال تضيقُ
77- لعل عتبك محمودٌ عواقُبهُ *** وربما صحَّت الأجسامُ بالعللِ
78- لِلموت فينا سهامٌ وهي صائبةٌ *** من فاته اليوم سهمٌ لم يفته غدا
79- ليس الغبيّ بسيدٍ في قومه *** لكنَّ سيدَ قومه المتغابيْ
80- وإن عناءً أن تُفَهِّم جاهلاً *** فيحسب جهلاً أنه منك أعلمُ
81- متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامَه *** إذا كنتَ تبنيهِ وغيرُك يهدمُ
82- ما حكَّ جلدك مثلُ ظفركْ *** فتولَّ أنت جميعَ أمرِكْ
83- مِكَرٍ مِفَرٍ مقبلٍ مدبرٍ معاً *** كجلمودِ صخرٍ حطَّه السيلُ من علِ
84- من كان فوق محل الشمس رتبته *** فليس يرفعه شيءٌ و لا يضعُ
85- من الناس مَنْ يغشى الأباعدَ نفعُه ***ويشقى به حتى المماتِ أقاربهْ
86- موتُ النفوس حياتها *** من شاء أن يحيا يموتْ
87- المستجيرُ بعمروٍ عند كربته *** كالمستجيرِ من الرمضاءِ بالنارِ
88- من يهن يسهلُ الهوانُ عليهِ *** ما لُجرحٍ بميتٍ إيلامُ
89- الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ *** بعض لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
90- هب الدنيا تقاد إليك عفواً *** أليس مصير ذاك إلى زوالِ(1/149)
91- هل يضر البحر أمسى زاخراً *** أن رمى فيه صبيٌ بحجرْ
92- ولو كل كلبٍ عوى ألقمته حجراً *** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ
93- ولم أر كالمعروف أما مذاقه *** فحلوٌ وأمل وجهه فجميلُ
94- وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني فاضلُ
95- وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ *** أني لريب الدهر لا أتضعضعُ
96- وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارَها *** ألفيت كل تميمةٍ لا تنفعُ
97- وعاجزُ الرأي مضياعٌ لفرصتهِ *** حتى إذا فاتَ أمرٌ عاتب القدرا
98- وفي السماء نجومٌ لا عِدادَ لها *** وليس يكسف إلا الشمس والقمرُ
99- وكأسٌ شرِبتُ على لذةٍ *** وأخرى تداويتُ منها بها
100- وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظرهِ *** إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُلَمُ
101- وما المرءُ إلا حيث يجعل نفسهُ *** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
102- وما طلبُ المعيشةِ بالتمني *** ولكن ألقِ دلوك في الدلاءِ
103- ومن يكن الغرابُ له دليلاً *** يمر به على جيف الكلابِ
104- وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة *** كما أن عين السخط تبدي اساوي
105- و لا بد من شكوى إلى ذي مروأةٍ ***يواسيك أو يسليك أو يتوجعُ
106- ولكل شيءٍ آفةٌ من جنسهِ *** حتى الحديد سطا عليه المبردُ
107- وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ
108- وما الناسُ بالناس الذين عرفتهم *** ولا الدارُ بالدار التي كنتُ أعهدُ
109- ومن العجائبِ والعجائبُ جمةٌ *** أن يلهج الأعمى بعيبِ الأعورِ
110- ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى *** عدواً له ما من صداقته بدُّ
111- وكلٌ يميلُ إلى شكلهِ *** كميلِ الخنافسِ للعقربِ
112- وكم مرةٍ أتبعتكم بنصيحتي *** وقد يستفيد البغضةَ المتنصَّحُ
113- و يأبى الذي في القلبِ إلا تبيُّنا *** وكل إناء بالذي فيه ينضحُ
114- لا يسكن المرءُ في أرضٍ يهان بها *** إلا من العجز أو من قلة الحِيَلِ(1/150)
115- يا ناطح الجبلَ العالي ليَكْلِمَه *** أَشفق على الرأسِ لا تُشْفِق على الجبلِ
116- كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنَها *** فلم يَضِرْها وأوهى قرنَه الوعِلُ
117- يبقى الثناءُ وتذهبُ الأموالُ *** ولكل دهرٍ دولةٌ ورجالُ
118- يريك البشاشة عند اللقا *** ويبريك في السر بري القلمْ
119- يريد المرءُ أن يُعطى مُناه *** ويأبى اللهُ إلا ما يشاءُ
120- يُقضى على المرء في أيام محنتهِ *** حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ
الخاتمة
هذا ما وسعنا جمعه بعون الله وتوفيقه
فان وقع على الحال التي أردنا وبالمنزلة التي أملنا فذلك بتوفيق الله وحسن تأييده وان وقع بخلافها فما قصرنا في الاجتهاد ولكن حرمنا التوفيق والله سبحانه وتعالى اعلم
أسأل الله أن ينفع به وأن يجعله ذخراً ليوم القيامة
ولا تنسى أخي القاريء كاتب هذه السطور من دعوة بظهر الغيب.
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الايمان –اليمن -عمران
ت/0096711423239
المراجع :
1) ... المستطرف في كل فن مستطرف للابشيهي
2) ... في مرآة الشعر الإسلامي المعاصر/ عبد القادر عبار
3) ... الرقائق /محمد احمد الراشد
4) ... التذكرة في أحوال الموتى والاخرة للقرطبي
5) ... إحياء علوم الدين للغزالي
6) ... ديوان الشافعي
7) ... في رحاب الاخوة /عائض القرني
8) ... ترانيم موحد /عائض القرني
9) ... في رحاب الاخوة/ عائض القرني
10)المعجزة الخالدة/ عائض القرني
11)الزهر الفاتح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح/ ابن الجزري
12)خطب الشيخ محمد حسان
13)روضة العقلاء لابن حبان
14)أدب الدنيا والدين للماوردي
15)نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري
16)ديوان حافظ ابراهيم
17)ديوان المتنبي
18)مع الله – بهاء الدين الاميري
19)روضة المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم
20)البيان والتبيين للجاحظ
21)بهجة المجالس وأنس الجالس لابن عبد البر
22)الاداب الشرعية لابن مفلح
23)المنطلق /محمد احمد الراشد
24)العوائق /محمد احمد الراشد
25)المدهش لابن الجوزي(1/151)
26)اللطف في الوعظ لابن الجوزي(1/152)