السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المقالات من موقع رسائل www.rasael.net
وهي كل الرسائل الموجودة لديهم حتى تاريخ
2 شوال 1423 هجرية 6 كانون الأول ميلادية
مع تحيات موقع مجاهد مسلم
www.islammi.jeeran.com(1/1)
الإخلاص
أنس اسماعيل
9/9/02
الإخلاص: هو التعري عما دون الله تعالى أي تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
قال تعالى:
1 ـ (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( آل عمران : 29 ) .
2 ـ (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ( الأعراف : 29 ) .
3 ـ (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ( غافر : 14 ).
4 ـ (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ( غافر : 65 ).
5 ـ (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ( البينة : 5 ) .
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :
1 ـ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". (متفق عليه).
2 ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم". قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: "يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم". (متفق عليه).(1/1)
3 ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". (متفق عليه).
4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم". (رواه مسلم).
5 ـ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.
2 ـ قال يعقوب المكفوف رحمه الله: المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
3 ـ قال أبو عثمان رحمه الله: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط.
4 ـ قال بعض الحكماء: العلم بذر والعمل زرع وماؤه الإخلاص.
5 ـ قال حكيم: في إخلاص ساعةٍ نجاةُ الأبد، ولكنّ الإخلاص عزيز.
--------------------
المصدر : كتاب دليل السائلين - للمؤلف : أنس اسماعيل(1/2)
الحياء
كتبها / عبدالله البهيجي
9/2/27
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،
فإن الحياء خصلة حميدة وخلق رفيع وأدب سامٍ تعشقها قلوب الكرام وتهفو إليها نفوس الأبطال.
فالحياء خلق عظيم يبعث على فعل الجميل وترك القبيح، فإذا ما عري الإنسان منه وعطل من التحلي به دنت همته وسفلت مرتبته ولم يعد يبال بما يصنع وقد روى البخاري في صحيحه عن بن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لا تستحي فاصنع ما شئت).
وعلم أن الخير والشر معان كامنة تعرف بسمات داله كما قالت العرب في أمثالها: تخبر عن مجهولة مرآته أي أن مظهره يخبر عن باطنه وكما قال سلم بن عمرو الشاعر
لا تسأل المرء عن خلائقه ... ... في وجهه شاهد من الخبرٍ
( أدب الدنيا و الدين )
فسمة الخير الدعة والحياء وسمة الشر الوقاحة والبذاء وكفى بالحياء خيراً أن يكون على الخير دليلاً وكفى بالقحة و البذاء شراً أن يكونا إلى الشر سبيلاً وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كنا عند عمران بن حصين في رهطٍ وفينا بشير ابن كعب فحدثنا عمران يومئذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الحياء خيرً كله أو قال الحياة كله خيرْ).
وروى مسلم في صحيحه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبه فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها أماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان).(1/1)
وروى البخاري في صحيحه عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول صلى الله عليه وسلم: (دعه فإن الحياء من الإيمان).
و قال بعضهم: خف الله على قدر قدرته عليك وأستحي منه على قدر قربه منك وقال علي رضي الله عنه: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. ( معجم حكمة العرب )
ولقد ذكر الله عز وجل الحياء في كتابه العزيز فقال سبحانه و تعالى (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) ( الأحزاب : 52 )
وقال الثعالبي: من يستحي من الناس ولا يستحي من نفسه فلا قدر لنفسه عنده. ( معجم حكمة العرب )
وكما قال أبو تمام:
إذا لم تخشى عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خيرً ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ ويبقى العود ما بقي اللحاء
وقال أبو حاتم رضى الله عنه: الواجب على العاقل لزوم الحياء لأنه أصل العقل وبذر الخير وتركه أصل الجهل وبذر الشر والحياء يدل على العقل كما أن عدمه دال على الجهل. ( روضة العقلاء و نزهة الفضلاء )
ولقد أحسن من قال:
وليس بمنسوب إلى العلم والنهى فتى لا ترى فيه خلائق أربع
فواحدة: تقوى الإله التي بها ... ينال جسيم الخير والفضل أجمع
وثانية: صدقُ الحياءُ فإنه ... ... طباع عليه ذو المروءة يطبع
وثالثة: حلم إذا الجهل أطلعت ... إليه خنا من فجورٍ تسرع
ورابعة: جود بملك يمينه ... ... إذا نابه الحق الذي ليس يُدفع
( روضة العقلاء و نزهة الفلاء )
والحياء سمة الكرام العظام فدم على الحياء فإنما هو شيمة و وسمة كل كريم معلى
قال محمد بن عبد الله البغدادي:-
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياؤك فاحفظه عليك فإنما يدل على وجه الكريم حياؤة
( أدب الدنيا و الدين )(1/2)
فهذان البيتان في تحبيذ الحياء ولزومه والحياء صفه عظيمة جداً وكان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم من الحياء الشيء العظيم والجميل، وقال أبو حاتم رضي الله عنه: الحياء اسم يشتمل على مجانبة المكروه من الخصال.
والحياء حياآن إحداهما استحياء العبد من الله- جلا وعلا- من الاهتمام بما شرة ما حضه عليه،
والثاني: استحياؤه من المخلوقين عند الدخول فيما يكرهون من القول والفعل معاً والحياآن جميعاً محمودان إلا أن أحدهما فرض والأخر فضل فلزوم الحياء عند مجانية ما نهى لله عنه فرض ولزوم الحياة عند مفارقه ماكره الناس فضل.
والكلام عن هذه الخصله العظيمة والجميلة وهي الحياء يطول جداً ولقد قيل فيه من الشعر الكثير والحكم الكثير. وقال أبو حاتم. رحمه الله ورضي عنه : قد ذكرنا اليسير من الكثير من الآثار والقليل من الجسيم من الأخبار في رسالتنا هذه بما نرجو أن القاصد إلى سلوك سبيل ذوى الحجا والسالك مقصد سبيل أول النهى يكون له فيه غنية إن تبدها استهملها. ( روضة العقلاء و نزهة الفضلاء )
وجعلنا الله ممن دعته تباشير التوفيق إلى القيام بحقائق التأليف للتمكن من رحمته وطلب الوصول إلى محل أهل ولايته إنه منتهى الغاية عند رجاء المؤمنين والمان على أوليائه بمنازل المقربين. و ختاما لا يسعني الا ان اقول :
... تم الرسالة و ربنا محمود ... وله المكارم و العلا و الجود
وعلى النبي محمد صلواته ... ما ناح قمرى و أروق عود
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله وسلم تسليماً كثيراً مباركاً والحمد لله رب العالمين(1/3)
الرحمة والرفق
كتبها / انس اسماعيل
9/2/16
الرحمة:
رقة القلب تستلزم التفضّل والإحسان. والرحمة التامة هي إفاضة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عنايته بهم، والرحمة من الله إنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطف.
الرفق:
لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل ما لم يكن مكروهاً أو حراماً، وهو خلاف العنف وسبب كل خير.
والرحمة والرفق من سمات المؤمن التي زيّن الإسلام بها حياته.
قال تعالى:
1 ـ (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران : 8 )
2 ـ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة : 71 )
3 ـ (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة : 128 )
4 ـ (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء : 24 )
5 ـ (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ( الزمر : 53 ) .
6 ـ (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ... ) (الفتح 29 ) .
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :(1/1)
1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - : "لما خلق الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي". وفي رواية: "غلبت غضبي". وفي رواية أخرى: "سبقت غضبي". (متفق عليه).
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه". (متفق عليه).
3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن الحابس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فقال: "من لا يرحم لا يرحم". (متفق عليه).
4 ـ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من لا يرحم لا يرحمه الله". (متفق عليه).
5 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ قال عمرة بن العاص رضي الله عنه لابنه: ما الرفق؟ قال: تكون ذا أناة فتلاين الولاة.
2 ـ قال الحسن رحمه الله: المؤمن وقاف متأن وليس كحاطب ليل.
3 ـ قال وهب بن منبه رحمه الله: الرفق ثني الحلم.
4 ـ قال سفيان رحمه الله: الرفق أن تضع الأمور في مواضعها.
5 ـ قال بعضهم: ما أحسن الإيمان يزينه العلم، وما احسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق، وما أضيف شيء إلى شيء مثل حلم إلى علم.
القصة:(1/2)
1 ـ قال ابن مسعود رضي الله عنه : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها".
ورأى أيضاً قرية قد حرقناها فقال: "من حرق هذا؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له" قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال عليه السلام: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر".
3 ـ خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة قاصداً بيت المقدس ومعه راحلة واحدة وغلام، فلما صار في ظاهر المدينة قال لغلامه: نحن اثنان والراحلة واحدة، فإن ركبتُ أنا ومشيت أنت ظلمتُك، وإن ركبت أنت ومشيتُ أنا ظلمتني، وإن ركبنا الاثنان، قصمنا ظهرها، فلنقسم الطريق مثالثة، وأخذ عمر رضي الله عنه يركب مرحلة، ويقود مرحلة، وتمشي الراحلة أمامهما.
4 ـ مرّ ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا عمر تفرقوا، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً.
5 ـ يروي المؤرخون أن عمرو بن العاص رضي الله عنه في فتح مصر نزلت حمامة بفسطاطه (أي خيمته)، فاتخذت من أعلاه عشاً، وحين أراد عمرو الرحيل رآها، فلم يشأ أن يهيجها بتقويض، فتركه، وتكاثر العمران من حوله، فكانت مدينة الفسطاط.(1/3)
الصبر
أنس اسماعيل
9/9/02
الصبر: مشتق من صبر إذا حبس ومنع، وهو حبس النفس على الجزع وحملها على ما يقتضيه الشرع والعقل، وحبس اللسان عن التشكي والتسخط ، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها.
أنواع الصبر:
1 ـ الصبر على ما أمر الله به.
2 ـ الصبر عما نهى الله عنه.
3 ـ الصبر عما قدره الله من المصائب.
قال تعالى:
1 ـ (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) ( البقرة : 45 )
2 ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( آل عمرا ن : 200 ) .
3 ـ (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ( النحل : 96 ) .
4 ـ (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً) ( الفرقان : 75 ).
5 ـ (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) ( الزمر : 10 ).
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :
1 ـ عن أبي سعيد سعد بن مالك رضي الله عنهما: أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: "ما يكن عندي من خير فلن أدّخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر". (متفق عليه).
2 ـ عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله عز وجل قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ( عينيه ) فصبر عوضته منهما". (رواه البخاري).(1/1)
3 ـ عن أنس رضي الله عنه قال: مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني فإنك لم تُصب بمصيبتيولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم تجد عنده بوّابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى". (متفق عليه).
4 ـ عن أبي يحيى صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". (رواه مسلم).
5 ـ عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه اعلموا أن الصبر من الأمور بمنزلة الرأس من الجسد، إذا فارق الرأس الجسد فسد الجسدُ، وإذا فارق الصبرُ الأمور فسدت الأمور.
2 ـ قال ابن مسعود رضي الله عنه: الإيمان نصفان: نصفٌ صبر ونصفٌ شكر.
3 ـ قال أبو حاتم رحمه الله: الصبر جماع الأمر، ونظام الحزم، ودمامة العقل، وبذر الخير، وحيلة من لا حيلة له.
4 ـ قال بعض الحكماء: الصبر مفتاح الظفر، والتوكل على الله رسول النجاح.
5 ـ قال بعض السلف: اصبر لحكم من لا تجد معوّلاً إلا عليه، ولا مفزعاً إلا إليه.
6 ـ قال علي بن أبي طالب: الصبر صبران، صبر على ما تكره وصبر عما تحب.
7 ـ وقال أيضاً: الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر.
--------------------
المصدر : كتاب دليل السائلين - للمؤلف : أنس اسماعيل(1/2)
حفظ اللسان
أنس اسماعيل
9/9/02
حفظ اللسان:
كفّ اللسان وضبطه وحبْسه إلا في القول الحميد. فاللسان أهمُّ جوارح الإنسان نفعاً إذا صلُح، وأعظمُها ضرراً إذا فسد.
(المرء بأصغريه: قلبه ولسانه).
قال تعالى:
1 ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ) ( النحل 62 )
2 ـ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ( النور : 24 ) .
3 ـ (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) ( الشعراء : 84 ) .
4 ـ (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) ( الروم : 22 ) .
5 ـ (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ( ق : 18 ).
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :
1 ـ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أيّ المسلمين أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". (متفق عليه).
2 ـ عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة". (متفق عليه).
3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ( يتفكر أنها خير أم لا ) فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب". (متفق عليه).
4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم". (رواه البخاري).(1/1)
5 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". (متفق عليه).
6 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بكثرة الصمتُ تكون الهيبة.
2 ـ قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: الكلامُ كالدواء إن أقللت منه نفع، وإن أكثرت منه قتل.
3 ـ قال لقمان لولده: يا بني إذا افتخرت الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك، يقول اللسان كل صباح وكل مساء للجوارح: كيف أنتن؟ فيقلن: بخير إن تركتنا.
4 ـ قال الحسن رحمه الله: اللسان أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئاً جنت، وإذا عفا عفت.
4 ـ قيل: الكلمة أسيرة في وثاق الرجل، فإذا تكلّم بها صار في وثاقها.
القصة:
1 ـ كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع حصاة في فيه يمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
2 ـ قال أبو بكر بن عياش: اجتمع أربع ملوك: ملك الهند، وملك الصين، وكسرى وقيصر: فتكلموا، فقال ملك الفرس: ما ندمتُ على ما لم أقلْ مرة وندمتُ على ما قلتُ مراراً.
وقال قيصر: أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلتُ.
وقال ملك الصين: ما لم أتكلم بكلمة ملكتها، فإذا تكلمت ، ملكتني.
وقال ملك الهند: العجيب ممن يتكلم بكلمة إن رفعت ضرت، وإن لم ترفع لم تنفع.(1/2)
3 ـ قال رجل من العلماء عند عمر بن عبد العزيز رحمه الله: الصامت على علم كالمتكلم على علم، فقال عمر: إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالاً، وذلك أن منفعته للناس، وهذا صمتُه لنفسه، فقال له: يا أمير المؤمنين وكيف بفتنة المنطق به؟ فبكى عمر بن عبد العزيز رحمه الله عند ذلك بكاءً شديداً.
ولقد خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوماً فرق الناس وبكوا، فقطع خطبته، فقيل له: لو أتممت كلامك رجونا أن ينفع الله به، فقال عمر: إن القول فتنة، والفعل أولى بالمؤمن من القول.
الشعر:
قال الشاعر:
وكائنٌ ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وقال آخر
احفظ لسانك أيها الإنسان ... ... لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان
وقال آخر:
تعاهد لسانك إن اللسان ... ... سريعٌ إلى المرء في قتله
وهذا اللسان بريد الفؤاد ... ... يدل الرجال على عقله
وقال آخر:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى ... وحظك موفور وعرضك صينُ
لسانك لا تذكر به عورة امرىء ... ... فكلك عوراتٌ وللناس ألسن
--------------------
المصدر : كتاب دليل السائلين - للمؤلف : أنس اسماعيل(1/3)
أختاه أقرئي وعي كي لا تخدعي
هناء الكندري
4/9/02
أختاه أقرئي وعي كي لا تخدعي نصيحة تهديها لك أختك
الحمد لله الكريم الرحمن ، ذي العطايا الجزيلة والإحسان .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الهادي إلى أعظم الشرائع والأديان ، وأشهد أن محمدا عبد ورسوله الداعي إلى سبل الخير والرضوان ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان : أما بعد :
اعلمي يا أختاه رحمني الله وإياك : أن دين الإسلام هو آخر الأديان السماوية ، وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا } [ المائدة : 3 ]، والدين هو الذي يبين للناس حدودا ما يسيون عليه وما يلتزمون به في عقائدهم وما يحل لهم وما يحرم عليهم ، ولا سلطان على الدين لعرف أو عادة أو توارث أو عقل ، لأن مصدره الله اللطيف الخبير ، قال تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ } [ الجاثية : 18 ، 19 ] .(1/1)
وإن مما شرعه الله تعالى لعبادة المسلمين الأعياد والمناسبات ، لتعود بخيرها وفضلها على الأفراد والمجتمعات ، وفضل سبحانه بعض الأيام على بعض حسبما اقتضته حكمته البالغة ، وربط العيد بالعبادة ليسعد المسلم بالتزامها وإتمامها ، فعيد الفطر جاء عقب إتمام صوم رمضان ن وعيد الأضحى جاء عقب الوقوف على صعيد عرفة الذي به تتم فريضة الحج . وقد شرع الله عز وجل لنا إحياء هذين العيدين ولم يجعل لهما ثالثا ، إلا أن عدو الله إبليس – لعنه الله – قد آلى على نفسه أن يصد عباد الله عن سواء السبيل ، وأن يقعد لهم بكل صراط مستقيم ، ليحول بذلك بينهم وبين رحمة الله ورضاه ، ويقذف بهم في درك الشقاء والحرمان ، فعمد إلى أوقات وأيام اتخذها الناس – كاليهود والنصارى – أعيادا فزينها لهم ، وجعلها ميادين للملذات والمنكرات ، ورسم لهم فيها من ضروب الشهوة والشبهة والغواية ما استمال به قلوبهم وصرفهم عن سبيل الحق والهدى ودلهم على طريق الضلال والهوى .(1/2)
ولقد كان المدخل الذي استطاع منه عدو الله أن يخترق عقول وقلوب المسلمين هو الافتتان ببريق الحضارة الغربية ، وما هم عليه من التقدم ، وأعماهم عدو الله وعدوهم عن قول الله عز وجل : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [ الروم : 7 ] . وصحب ذلك الافتتان تمرير لبعض الصور الشركية والطقوس البدعية والتي أودت بشبابنا وفتياتنا إلى مدارك الانهزامية الفكرية والخلقية ، ولا يزال هذا الافتتان ينمو ويتزايد على ممر الأيام وتعاقب الأزمنة ، حتى أصبح التقليد الأعمى والانسياق الضال للغرب بشتى صوره من مستلزمات الحياة الحضارية المزعومة ، وأصبح أولو العقول الضعيفة إلى الاستجابة للغرب مسارعين ، وفي القبول منهم راغبين ، وما ذلك إلا جهلاً منهم بسوء العاقبة وعظم الخطب وجسامته ، وأصبحنا لا نرى الغرب سلكوا مسلكا إلا وقد أجفل المخدوعون المغرورون إليه إجفالا ، وما دخلوا حجرا خربا إلا أتوا إليه أرسالا ، تؤزهم إليه شياطين الإنس والجن أزاً ، فضلوا بذلك وأضلوا كثيرا ، وضلوا عن سواء السبيل . وهر بذلك مصدق قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا حجر ضب تبعتموهم " . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .(1/3)
وكان آخر ما ابتلي به المسلمون من هذه الجحور هو الجحر ( الفالنتايني ) والذي أسموه بـ : عيد الحب ؟ اسم فسوق و { بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ } [ الحجرات : 11 ] . الذي يوجب غضب الديان ، ويعقب عيش الذل والهوان ، ولقد عمدوا إلى أحسن الأسماء وهو الحب فأطلقوه على هذا العيد ، ولفقوا له المعاني المزخرفة الأنيقة ، وكسوه حلة الألفاظ الجميلة والعبارة الرشيقة ، وهو في حقيقة الأمر عيد ظاهرة المحبة والعشق ، وباطنه المجون والفسق ، عيد يدعو إلى وأد الفضيلة وطمسها ، وبعث الرذيلة ونشرها .
ولدق سارعت كثير من أخواتنا المسلمات إلى الاحتفاء بهذه الظاهرة الدخيلة لمجرد اعتقادهن أنه ذكرى جميلة ، أو أنها نوع من التسلية والترفيه ، والأدهى من ذلك والأمر من تدعي أنها من مظاهر الحضارة ومن لوازم المدنية ، والله يعلم إني لم أجازف في نسبة ذلك إليهن ، بل هو حقيقة قولهن ، فيا حسرة الفؤاد ، ويا أسفا على أخواتنا اللاتي ما علمن أنهن بحجة التسلية والركض وراء الحضارة المزعومة والمدنية الزائفة قد عرضن إيمانهن واعتقادهن – الذي هو أغلى ما يملكن – للخسارة والضياع ! أو ما وجدت أولئك الأخوات شيئا يتسلين به سوى ما هو شعار الكفر والطغيان ، الذي يحل غضب الرحمن ، ويرضى به الشيطان ؟
إن تعجبي فاعجبي من حال أخواتنا المسلمات اللاتي هداهن الله وشرح صدورهن للإسلام كيف يقفن من هذا العيد ! فقد أخبرتني إحدى أخوات البريطانيات اللاتي من الله عليها بالإسلام عن دهشتها وأنها تستغرب من حال أخواتها المسلمات اللاتي يشاركن في هذا العيد ، مع أخواتهن في بريطانيا يستنكرن ذلك ، ويستنكفن من المشاركة فيه ، فيا لله العجب من حال أخواتنا هناك ! كيف فررن من المشاركة في هذا العيد فرار الطيور إلى الأوكار ، ومن حال أخواتنا هنا كيف تهافتن على المشاركة فيه تهافت الفراش على النار !
من يهن يسله الهوان عليه ما لجرح يميت إيلام(1/4)
فياليت شعري هلا بحثت أختنا المسلمة عن حقيقة هذا العيد وما ينطوي عليه من السوء قبل أن تقدم على المشاركه ؟ وهل علمت قصة ذلك الرجل الذي يدعى : " فالنتاين " كي تقف على حقيقته ؟ وإني أعظ كل رهينة لشهوتها ، أسيرة لملذتها بموعظة واحدة ، أن تقوم بتدبر قصة ذلك المجهول ثم تحكم نفسها وتتفكر في مشروعية إحياء هذا العيد في بلادنا الإسلامية ؟ والله الموعد ، وإليه التحاكم ، وبين يديه التخاصم .(1/5)
وقصة " فالنتاين " تتلخص في : أن الرومان كانوا يحتفلون في (14) فبراير بملكة آلهة الرومانيين ( جونو ) ، وكان تتفسخ وتنحل أثناء احتفالهم بهذا العيد ، فتقوم الفتيات بكتابة أسمائهن في أوراق ثم يضعهن في زجاجات فارغة ، ثم يأتي كل شاب فيختار بالقرعة اسم عشيقتة ليحتفل بها في هذا العيد ، واستمر الحال على ذلك حتى القرن الثالث الميلادي الذي كان يحكم الرومان فيه الإمبراطور كلاوديس الثاني ، والذي قام بعدة حملات حربية باءت بالهزيمة والفشل ، فأدرك أن سبب ذلك هو صعوبة جمع رجال الجيش بسبب ارتباطهم بزوجاتهم وعشيقاتهم ، مما حدى به إلى إصدار أمر يمنع القساوسة فيه أن يتموا للجنود عقود الزواج ، فاضطر القساوسة جميعهم للاستجابة لأمره إلا قسيسا كان يدعى : ( فالنتاين ) فقد أبى الانصياع لأمره ، وكان يتم عقود الزواج سرا ، لكن سرعان ما افتضح سره ، وبان أمره ، فتم اعتقاله وإدانته بمخالفة الإمبراطور وحكم عليه بالإعدام ، وأثناء إقامته في السجن تعرف على ابنة السجان ، والتي كانت تزوره متخفية ، مصطحبة معها وردة حمراء لإهدائها له ، فوقع في حبائل حبها وغرامها ، وخرج عن تعاليم شريعته النصرانية التي تحرم على القساوسة الزواج أو عقد العلاقات العاطفية ، ثم إن الإمبراطور قد دعاه إلى عبادة آلهة الرومان مقابل العفو عنه ، ولكنه رفض ذلك وثبت على نصرانيته فنفذ فيه حكم الإعدام في يوم (14) فبراير عام (207م) ومن نحينها أطلق عليه النصارى لقب قديس لأنه فدى النصرانية بروحه ، وشفعوا له خطيئته وقوعه في الحب بسبب ثباته على دينه ، وقاموا بإحياء ذكراه في هذا اليوم من كل عام ، وأصبح عشاقهم يتبادلون في هذا اليوم الهدايا والورود الحمراء وبطاقات تحمل صورة ( كيويد ) – الطفل المجنح الذي يحمل قوسا ونشابا – والذي يمثل إليه الحب لدى الرومان ، ومن ذلك التاريخ وإلى هذا اليوم والنصارى يحيون هذه الذكرى ويسمونها بـ : ( عيد الحب ) .(1/6)
أختاه : لعلك بعد هذه الخلفية التاريخية لعيد الحب هذا ، وبعد أن تجلت لك الحقائق وانكشفت لك الستور أن تتساءلي : ما دخلنا – نحن المسلمين – بعيد اشتركت فيه الوثنية والنصرانية ؟ وما علاقة تخليد النصارى لقديسهم ( فالنتاين ) بديننا وعقيدتنا ؟ إن المسألة ليست بالهينة ، فلو لم يكن في هذا العيد إلا مشابهة النصارى في أعيادهم لكان في العقل أعظم زاجر وأكبر ناه عن المشاركة فيه ، كيف وهو مما تتفق العقول السليمة والفطر المستقيمة على استحالة شرعه وامتناع جوازه !!
ونحن لم نر أحدا من غير المسلمين يشاركنا فرحتنا بعيدي الفطر والأضحى ، بل يلاحظ أنه لا يأبون بنا ولا بأعيادنا وربما سخروا من حفاوتنا بهذين العيدين ، بل إنهم بالفعل قد تجرؤوا على الاعتراض على الشعائر التي نحييها في أعيادنا ، فقامت جمعيات الرفق بالحيوان بالصراخ والعويل على ما يفعله المسلمون في عيد الأضحى المبارك من نحر الأضاحي والهدي بحجة القسوة والوحشية على تلك الذبائح ، فيا له من أمر يضحك عجبا ، ويبكي حزنا ، ويثير حمية للدين وغضبا ، كيف يعترضون على أعيادنا مع جمال مقصدها وكمال غايتها وجمال مقصدها وكمال غايتها و جلالة أهدافها وبعدها عن الانحراف وسافل الأمور ، ونحن نتهافت على أعيادهم ومعتقداتهم الفاسدة مع انحطاط مقاصدها وخسة غاياتها ودناءة أهدافها ؟ فهذا والله لمما يزيد القلب أسى وحسرة وألما ، ولكن الجائحة عامة ، والجنون فنون ، فاسألي يا أختاه مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه ، وأن لا يوقعك في ظلمة من هذه الظلمات .(1/7)
أختاه : ألست تقرئين في كتاب الله عز وجل وصف أمتنا بأنها : { خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [ آل عمران : 110 ] ، فما بالك كثير من أخواتنا المسلمات اللاتي أعزهن الله بهذا الدين ، وشرفهن بحمل أمانته يعرضن عن هذه الخيرية ويقبلن على مظاهر الغرب الزائفة ؟ أما علمن أنه لا عز لهن إلا بالإسلام ولا نجاة لهن إلا بالتمسك بمبادئه وقيمه وأخلاقه ، { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } [ المنافقون : 8 ] . لقد غفلن عن تذكر يوم تبلى فيه السرائر ، وتظهر ما أخفته القلوب والضمائر ؟ ونسين يوما يبعث فيه من في القبور ، ويحصل فيه ما في الصدور ، هنالك سيتبين لهن حقيقة الحال ، و يتضح لهن الهدى من الضلال ، فأدعو كل أخت مسلمة ، ترجو الله والدار الآخرة أن تقبل على استدراك ما فات ، وإحياء ما مات ، وأحذر كل ناصحة لنفسها موقنة بلقاء ربها أشد الحذر من الاقتراب إلى ما نصبه لها أعداؤها من الأشراك ، وأن تتقي أشد الوقاية من الوقوع فيما زينوه لها من الفخاخ والشباك ، فإنها إذا وقعت في حبائل ذلك العيد فقد خالفت نصوصا عدة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والتي جاءت بالنهي الأكيد والوعيد الشديد في مشابهة الكفار ، فقد قال تعالى : { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [ الفرقان : 72 ] . قال بعض السلف : ( هو أعياد المشركين ) . وقد تضمنت الآية الكريمة الثناء والمدح لمن اعتزل شهود تلك الأعياد وترك حضورها لأنها جمعت بين الشبهات والشهوات .
وأما الأحاديث النبوية فكثيرة ، منها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من تشبه بقوم فهو منهم " [ أخرجه أحمد وأبو داود ] . وهذا نص صريح موجب لتحريم التشبه بالكفار وإن لم يقصد ما قصدوا .(1/8)
فإن قال قائل : إنما نأتي بعضا من أفعالهم الظاهرة ونخالفهم في معتقداتهم . قيل له : إن موافقتهم في أمر من الأمور قد يكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره ، فالمشاركة في الظاهر تورث المشابهة في الباطن ، ومن حام حوله الحمى أوشك أن يواقعه ، ولقد كان من هدي رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - مخالفة أهل الكتاب في جميع شؤونهم وأحوالهم ، حتى قالت اليهود : ( ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه ) [ أخرجه مسلم ] .
والأعياد من جملة الشرائع والمناسك التي قال الله سبحانه عنها : { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } [ الحج : 67 ] ، وهي من أخص ما تتميز به الشرائع ، والموافقة عليها موافقة على الكفر ورضى به ، فعياذا بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك .
فإن قال : قائل : لم نقصد بهذه الأعياد مشابهة الكفار ألبتة .
قيل له : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " [ أخرجه البخاري ومسلم ] . وهذا بين في أن المسلمين إذا أحدثوا في دينهم ما لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - كان الأمر قبيحا مردودا ، فكيف إذا كان هذا الأمر من محدثات أعداء الله ورسوله والمؤمنين ؟ وهذه المحدثات توجب مشاكلة ومشابهة في بواطن أصحابها وظواهرهم ولابد ، وهذا أمر ظاهر وإن لم يشهدوا به على أنفسهم ، فالله يشهد به عليهم ، ويعلمه كامنا في صدورهم .
وقد : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية : فقال : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما : يوم الفطر ويوم النحر " [ أخرجه أحمد وأبو داود ] . وهذا يقتضي ترك الجمع بين أعياد الإسلام وأعياد الجاهلية .(1/9)
وهذه الأحاديث التي أوردتها غيض من فيض ، فلا ينبغي لمن نصحت نفسها ورامت سلامتها أن تتاعمى عنها ، فإن ذلك من أعظم الغبن وأقبح الجهل ، وما أدري ما العذر أمام الله عز وجل للأخت المسلمة التي طرقت سمعها هذه النصوص الشرعية ثم قابلتها بالإعراض والنكوص على العقبين .
واعلمي – رعاك الله – أنه لم يكن على عهد سلف الأمة ومن سار على نهجهم من يشارك أهل الكتاب في أعيادهم ، بل كانوا أحرص الناس على البعد عنها واجتنابها ، حتى إنهم كانوا إذا فتحوا بلدا من بلادهم أخذوا العهد على أهل الذمة أن لا يظهروا شيئا من أعيادهم في بلاد المسلمين ، فكيف يسوغ لمن جاء بعدهم من هذه الأمة أن يشاركوهم في أعيادهم ؟
فعليك يا أختاه باقتفاء آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباع هديه ، والزمي سبيل سلف الأمة الصالحين ، وإياك ثم إياك أن تشاققي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر من أموره وتتبعي غير سبيل المؤمنين حذرا من عقاب الله وسخطه ، قال تعالى : { وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [ النساء : 115 ] ، ولا تغتري يا أختاه بالجاهلين الواقعين في هذه المعصية وإن كثروا ، وعليك بلزوم سبيل عباد الله الصالحين وإن قلوا ، قال الفضيل بن عياض – رحمه الله - : ( عليك بطريق الهدى وإن قل السالكون ، واجتنب طريق الردى وإن كثر الهالكون ) .
وكما لا يحل لنا المشاركة في تلك الأعياد فإنه لا يحل لنا الإعانة على إقامتها ، فلا يجوز قبول أي دعون أو هدية خاصة بهذا العيد بل ينهى عن ذلك ويزجر .(1/10)
ولتعلمي يا أختاه أن تعبيرنا عن مشاعر الحب وعواطف الود من آكد الأمور التي حث عليها ديننا العظيم ، إلا أن شريعتنا السمحاء جاءت بحدها بضوابط شرعية كي تبقى هذه المحبة طاهرة نقية لا تحيد إلى معان لا رقي فيها ولا سمو ، وقد رتب الله عز وجل على المحبة بين المتحابين إذا كانت في الله ولله الأجر الكريم والثواب العظيم ، حيث جعلها سببا موجبا لمحبته ، وبهذه المحبة يظل الله المتحابين فيه بظله يوم لا ظل إلا ظله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى يقوم يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " [ أخرجه مسلم ]. وقال - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله عز وجل : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء" [ أخرجه الترمذي ] ، فما أعظم وأسمى ديننا الإسلامي ، حتى مشاعر الحب لا تذهب هباء بل يجزينا المولى الكريم عليها خير الجزاء وأوفره ، وهذا بخلاف المحبة التي يقوم سوقها على متاع الدنيا ، فهذه محبة كسحاب صيف أو خيال طيف سرعان ما تنقضي وتزول ، وكما قيل :
أحلام نوم أو كظل زائل إن اللبيب بمثلها لا يخدع
والمحبة متى كانت لغير وجه الله فهي في الدنيا وهم وزيف وخداع ، وفي الآخرة بغض وعداوة وضياع ، قال تعالى : { الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] .
ولعلك تشعرين بالمحبة والمودة ، ويمكنك رؤيتها عيانا في كل يوم وهي تتدفق في كل لحظة من لحظات الحياة بين الآباء والأبناء والأصحاب والأحباب دون أن يكون لها يوم ( فالنتايني ) محدد .
ولعل ثمة سؤال يدور في خلدك يا أختاه : ما سبب تهافت كثير من المسلمين على المشاركة في هذا العيد ، والمحبة تعمر قلوبهم في كل يوم بل وفي كل لحظة ؟ وجواب ذلك : أن كثيرا من هؤلاء قد افتقد ومعاني الحب الصادق فحاول استبدال المحبة الصادقة المنشودة بالمحبة الزائفة المفقودة .(1/11)
ولقد حرص ديننا على إظهار المحبة بين المسلمين ، فدلهم على الأسباب الجالبة لها مثل إفشاء السلام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " [ أخرجه مسلم ] كما أرشدنا على أمر يثبت الود في قلب من نحبه ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه " [ أخرجه أحمد وأبو داود ] .
المصدر : دار القاسم(1/12)
أختاه تذكري
أعداد : دار ابن خزيمة
2/11/27
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن و الاه.. أما بعد:
أختاه: أبث إليك بين قضبان حروفي ذكرى .. وأنسخ من ظلال القرآن ومعين السنة وعظا تكسبين به الأجر.. فاسمعي يا أختاه..
فما الحياة الدنيا بباقية.. وما الأحوال فيها ستبقى كما هي، فكلها بما فيها وما عليها إلي زوال ويبقى الله وحده ذو الجلال!
تذكري أنك في رحلة منعطفها الموت، ومحطتها القبر، ومستقرها الجنة أو النار!
فانظري ماذا تركبين؟!
هل تركبين مركب الطاعة والامتثال فيسوقك إلي خير مآل.. { في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر } [القمر:54،55].
أم تركبين مركب المعصية والغواية، فيسوقك إلي أسوا نهاية .. { في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم } [الواقعة :42-44]. فانظري أخية! ماذا ستركبين!
فالرحلة قصيرة.. ومراكبها أمامك جلية جلاء الشمس في كبد السماء الصافية!
أختاه.. كم ستعيشين في هذه الدنيا ؟ ستين سنة.. ثمانين سنة.. مائة سنة.. ألف سنة .. ثم ماذا؟! ثم موت .. ثم بعث إلي جنات النعيم أو في نار الجحيم!
تيقني حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلي غيرك فهو في الطريق إليك! وأعلمي أن الحياة مهما أمتدت وطالت فإن مصيرها إلي الزوال وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبحين وحيدة فريدة لا حبيبات ولا أموال ولا صاحبات.
تخيلي نفسك وقد نزل بك الموت ، وجاء الملك فجذب روحك من قدميك!
تذكري ظلمة القبر ووحدته، وضيقه ووحشته ، وهول مطلعه، وسوء مصرعه! آه له من بيت جمع الأضداد والمتفرقات.. فإما نعيم وإما حميم! لا فرق أن يدخله لئيم أو كريم ، أو رفيع أو رضيع ، أو داعية أو أبله ، أو ملك أو مملوك ، أو معسر أو موسر!
تذكري هيئة الملكين، وهما يقعدانك ويسألانك .. تذكري كيف يكون جسمك بعد الموت؟ تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك وبلى جسدك وأصبحت قوتا للديدان!(1/1)
ثم ينفخ في الصور.. إنها صيحة العرض علي الله ، فتسمعين الصوت ، فيطير فؤادك، ويشيب رأسك ، فتخرجين مغبرة حافية عارية ، قد رجت الأرض ، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال، وطارت الصحائف، وقلق الخائف . فكم من عجوز تقول واشيبتاه ! وكم من كبيرة تنادي واخيبتاه! وكم من شابة تصيح واشباباه.
برزت النار فأحرقت ، وزفرت النار غضبا فمزقت ، وتقطعت الأفئدة وتفرقت.. والأحداق
قد سالت.. والأعناق قد مالت ، والألوان قد حالت ، والمحن قد توالت..
تذكري مذلتك في ذلك اليوم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا! قد ملئت القلوب رعبا.. وذهلت المرضعة عما أرضعت واسقطت الحامل حملها.. وتتبرئين حينها من بنيك ، وأمك وأبيك وزوجك وأخيك..
تذكري تلك المواقف والأهوال.. يوم ينسى المرء كل عزيز وحبيب..
تذكري يوم توضع الموازين ، وتتطاير الصحف كم في كتابك من زلل، وكم في عملك من خلل!
تذكري يوم يقال لك: هيا اعبري الصراط!
تذكري يوم يقررك الله بذنوبك ليس بينك وبينه ترجمان! ماذا تجيبين ، أم كيف ستعتذرين!
أخية: حاسبي نفسك قبل أن تحاسبي! وعدي ذنوبك قبل أن تكون عليك يوم الحشر حسرات { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } [الحشر:18].
كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم ، فحسب يوما، فإذا هو أبن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: يا ويلتي! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟!!
واحذري أختاه: من معصية الله ، فإنها نكد في العيش ، وقلق في النفس، ومنقصة للرزق وما حقه للعمر، وتعاسة في المعيشة وضنك في القلب.(1/2)
مساكين أهل الذنوب أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمن .. وحلت كروبهم وعظمت خطوبهم، وكبرت عيوبهم ، وأحصيت عليهم في الكتاب ذنوبهم.. مساكين أهل الذنوب عصوا الجبار بالليل والنهار ، وبذلوا مهجهم لعذاب بالنار، وسودوا صحفهم بالخطايا والأوزار..
مساكين أهل الذنوب غفلوا عن الطاعة ، وخسروا أنفسهم قبل قيام الساعة! أختي المسلمة: فاجعلي من لحظات عيشك طاعات، واعتقي نفسك من مغبة الحسرات { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون } [النحل:111]. يوم تنظرين أيمن منك فلا ترين إلا ما قدمت ! وتنظرين أشمل منك فلا ترين إلا ما قدمت .. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول(( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا)) قلت يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلي بعض ؟ قالت : قال يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلي بعض )) [رواه البخاري ومسلم].
في ذلك اليوم ..يتبرأ منك القريب والبعيد والصديق والعدو .. { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } [إبراهيم : 22]. في ذلك اليوم { يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنية لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } [عبس:34-37].
أخية: ألا فاعملي لتلك اللحظات.. ألا فاتقي النار بامتثال الطاعات، واجتناب المحرمات قال - صلى الله عليه وسلم - (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ)) . فابذلي الجهد_ حفظك الله – في المسارعة إلي ما ينجيك من النار ، واستثمري وقتك وشبابك فيما يرضي الله ، وكوني حافظة لله في الدنيا يحفظك في الدنيا والآخرة!
وتجنبي ما يغضب الله من النواهي والمحرمات ، واحذري من الفجور والسفور ، والغيبة والنميمة، والجدال والعجب ، والكذب والخيانة وسائر المحرمات والموبقات.(1/3)
وكوني حريصة علي الاستزادة من الخير، ببذل المعروف ، والكلمة الطيبة ، والنفقة والصدقة، وإغاثة الملهوف ، وإكرام الضيف ، والرحمة بالضعفاء ، والدعوة إلي الله – جل وعلا- وبر الوالدين والإحسان إليهما . والمداومة على الأذكار ، والتقرب إلي الله – بالرواتب والنوافل، وقراءة القرآن . واحرصي علي أداء الواجبات والفرائض ، ومن أهمها الصلاة، فإنها عمود الدين ، وركنه الركين، والزمي الحشمة والوقار ، والستر والحجاب، والعفاف والحياء، وطاعة الزوج في المعروف.
فهذه كلمات ناصحة.. جمعتها لك تذكرة وتبصرة ، وخير ما أختم به المقال، وصية جامعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها ، وحفظت فرجها وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت)) [ رواه الحاكم وصححه الألباني].
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(1/4)
أخي المصلي
كتبها / طالب علم
9/2/18
أخي المصلي:
أعلم وفقنا الله وإياك لطاعته أن صلاة الفجر مع جماعة المسلمين في المسجد نور وبرهان يوم القيامة .
أخي في الله:
ألا تحب أن تسعد ببشرى نبيك - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول فيما أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) ... كسب أخر إلى جانب النور التام لمن حافظ على صلاة الفجر ولكنه ليس كسباً دنيوياً بل هو أرفع وأسمى من ذلك . وهو الغاية التي يشمر لها المؤمنون . ويتعبد من أجلها العابدون إنها الجنة وأي تجارة رابحة كالجنة!!! قال عليه الصلاة والسلام ( من صلى البردين دخل الجنة) أخرجه مسلم. أي من صلى الفجر والعصر.
فيا له من فضل عظيم أن تدخل الجنّة بسبب محافظتك على هاتين الصلاتين . صلاة الصبح والعصر وليس هذا فحسب بل هناك ما هو أعلى من ذلك كله وهو لذة النظر إلى وجه الله الكريم. فقد ثبت في صحيح البخاري عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة – يعني البدر – فقل : " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ) " زاد مسلم يعني العصر والفجر. ( طه : 130 )
وينبغي أن تعلم أخي المسلم :(1/1)
أن إيمان المرء يتمثل بحضور صلاة الفجر حين يستيقظ المسلم من فراشه الناعم تاركاً لذة النوم وراحة النفس طلباً لما عند الله ورغبة في أن يكون في ذمة الله كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلب من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم) .. وكثير من الناس اليوم إذا أووا إلى فرشهم للنوم غطوا في سبات عميق وتحولوا إلى صرعى ضربات الشيطان وعقده الثلاث ... يقول عليه الصلاة والسلام ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام بكل عقدة يضرب عليك ليلاً طويلاً فإذا استيقظ . فذكر الله انحلت عقده وإذا توضأ ، انحلت عقدتان فإذا صلى ، انحلت العقد فيصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) . فما بال هذا التقصير فينا!! ولماذا هذا التساهل عندنا !!!وكيف نأمل أن ينصرنا الله عز وجل ، وأن يرزقنا . ويهزم أعداءنا ونحن في تقصير وتفريط في حق الله نسمع نداءه كل يوم حي على الصلاة – حي على الفلاح – الصلاة خير من النوم ونحن لا نجيب ولا نستجيب ... أي بعد عن الله بعد هذا !!! هل أمنا مكر الله؟ هل نسينا وقوفنا بين يديه؟ !! والله سوف نوقف ونسأل غداً عند الله فلنعد للسؤال جواباً وللجواب صواباً.
أخي الكريم :
والآن جاءك النذير وتبين لك القول . فأنقذ نفسك من حجب الهوى إلى سبيل الهدى. وإليك بعض الوسائل المعينة لحضور الفجر باختصار .
1- إخلاص النية لله تعالى والعزم الأكيد على القيام للصلاة عند النوم.
2- الابتعاد عن السهر والتبكير بالنوم متى استطعت إلى ذلك .
3- الاستعانة بمن يوقظك عند الصلاة من أب أو أم أو أخ أو أخت أو زوجة أو جار أو منبه.
4- الحرص على الطهارة وقراءة الأوراد النبوية قبل النوم.(1/2)
فبادر إلى الصلاة وأجب داعي الله .. وأخيراً تذكر قول ربك ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ( ق : 37 )(1/3)
أردتك أسدا لا ثعلبا
بقلم / عبدالله بن عيد العتيبي
7/9/02
أردتك أسدا لا ثعلبا
بقلم / عبدالله بن عيد العتيبي
قيل أنه كان لأحد التجار ولد وحيد ، فلما بلغ أشده أعد له أحمالاً من البضائع النفيسة ، و أرسله يتاجر بها ، فبينما هو سائر بأحماله ، و قد توسط البرية ، رأى ثعلباً قد شاخ و كبر حتى عجز عن المشي ولم يعد يستطيع أن يخرج من جحره إلا زاحفاً , فقال في نفسه : ما يصنع هذا الثعلب في حياته ؟ وكيف يقدر أن يعيش في هذه الصحراء المقفرة , وهو لا يقدر أن يصيد ؟ وبينما هو كذلك إذ بأسد قد أقبل وفي فمه كبش , فوضعه على مقربة من الثعلب وأكل حاجته, ثم تركه ؛ وانصرف , فأقبل الثعلب يجر نفسه إلى أن أكل ما تبقى عن الأسد , وكان ابن التاجر ينظر إليه. فقال : سبحان الله , يرسل الرزق للثعلب وهو في مكانه لا يستطيع المشي و أنا أتعب و أسافر لأرتزق وعاد وأخبر والده بالأمر, فقال الأب : إني أرسلتك تتجر وتتعب كي تكون أسداً تطعم الناس ,لا أن تكون ثعلباً تنتظر أن يطعمك سواك .
رغم طرافة هذه الحكاية و ربما عدم وقوعها لكن أحببت أن أجعلها مدخلا لمفاهيم ومعان بودي أن نقف عندها نتأملها جيدا لتكون واضحة في أذهاننا فنستفيد منها و نؤصلها في أنفسنا و في الآخرين.
الأولى : لا تكن عالة على غيرك و اسع في الأرض(1/1)
لأن ابن التاجر اعتاد أن يعيش عالة على والده، يصرف عليه و يعطيه فكان أول ما تبادر إلى ذهنه أن يصنع كما يصنع الثعلب لا الأسد فرجع لوالده يحمل مفهوم التواكل لا التوكل و فرق بينها ففي الأول اعتماد على الله سبحانه وتعالى لكن بدون بذل سبب إنما مجرد تمني و الثانية اعتماد عليه سبحانه مع بذل الأسباب. و هذا المفهوم يجدر بنا أن نؤصله في أنفسنا واقعيا بعيدا عن النظريات و أن نسترشد فيه بهدي المصطفى صلى الله عليه و سلم " احرص على ما ينفعك ، و استعن بالله و لا تعجز " و أن نحذر من القعود سواء كان عن عمل الآخرة أو عن عمل الدنيا و لقد عاب الله على الذين تخلفوا عن الغزو مع الرسول صلى الله عليه و سلم " إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين " التوبة : 83 ".
الثانية : علينا أن نهجر عالم الأماني و الأحلام وأن نخوض غمار الحياة ، لأن المطالب العالية لا تأتي بالأمنيات بل بالتضحيات و رحم الله شوقي إذ يقول :
و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
و ما نيل المطالب بالتمني(1/2)
فمن كان يتوقع أن يحصل على ما يريد بمجرد أنه يعرف ما يريد أو أن يتمناه فقد أخطأ، لا بد من السعي و الطلب ، يذكر أنتوني روبنز في كتابه قدرات بلا حدود أنه درس الأسباب التي بذلها الكثير من القادة و المؤثرين في حياة شعوبهم أيان كانت مبادئهم سواء مبادئ اصلاحية أو تدميرية فوجد أنها وضوح الهدف و السعي الدؤوب لتحقيقه . لم يعرف أن مزرعة أثمرت بمجرد أمنيات المزارع ، و هذا المبدأ ليس بجديد علينا أمة الإسلام لننتظر أنتوني ليخبرنا به بل هو أصيل في شريعتنا الغراء كثيرا ما أمرنا الشارع به و من ذلك قوله سبحانه و تعالى " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ { 8 } " الزلزلة، كذلك قوله جل في علاه " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {105}" التوبة ، و قول المصطفى – صلى الله عليه و سلم " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " . و هنا يجب التذكير بأنه لا بد مع العمل من الاستمرار لأن الأمور بعواقبها و خواتيمها.
الثالثة : الإنسان قيمته بقدر عطائه و بقدر ما يعمل(1/3)
إن قيمة بما يقدمه لنفسه و للآخرين و اليد العليا خير من اليد السفلى. اعرف أخوة كان أبوهم نجما بارزا من نجوم السياسة في الكويت و كانوا زمن حياته يجاورونه تحت الأضواء لكن بمجرد وفاته فقدوا الأضواء و لأنهم لم يسيروا على نهج والدهم فقد أضاعوا المجد الذي بناه لهم ولأنهم لم يقدموا لأنفسهم وللناس كما قدم أبيهم فإن الناس ابتعدوا عنهم و هذه عادة الدنيا فأخذوا يصرخون نحن أبناء فلان أين من كان يأتينا من قبل و لا مجيب .إن قيمة الإنسان يجب أن تنطلق منه و أن يكون هو من يرسم مجد نفسه لا أن ينتظر أن يرسمه له الآخرون و لو كان أقرب قريب. فكن يا أخي عصاميا لا عظاميا تبني مجدك بيديك ولا تجتر من الأموات أمجاد أبائك.
فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا
و لم أجد الإنسان إلا ابن سعيه
فمن كان أعلى همة كان أظهرا
و بالهمة العلياء ترقى إلى العلى
ابحث عن العمل الذي يناسبك و لا تتهرب من المسئوليات فيكون حالك كحال النعامة التي قيل لها : احملي و انقلي ، فقالت : أنا طائر . فقيل لها : طيري و امرحي ، فقالت : أنا بعير.
الرابعة: العزيمة...الهمة العالية...الإرادة
كلمات يجب أن يكون لها مساحة كبيرة في قاموس حياتنا، قال طاغور : سأل الممكن المستحيل : أين تقيم فقال في أحلام العاجز. مع العزيمة تتصاغر العظائم و تتحقق المعجزات و تضيق دائرة الغير ممكن، بالعزيمة شيدت الحضارات و قامت الدول و بالعزيمة انتشرت الديانات و الملل و بالعزيمة افترق الناس إلى رفيع و وضيع و بالعزيمة سيطر الإنسان المخلوق الضعيف على الدنيا و اقام بها حضارته، و لأبي قاسم الشابي
لبست المنى و نسيت الحذر
إذا ما طمحت إلى غاية
يعش أبد الدهر بين الحفر
و من لا يحب صعود الجبال
من فقد العزيمة فقد إكسير الحياة ،من فقد الإرادة فقد الوقود الذي يسير حياته ، من فقد الهمة العالية فقد حياته.(1/4)
يجب على الواحد منا أن يشحذ همته و يجددها دائما، قال العقاد :" ما الإرادة إلا كالسيف يصدئه الإهمال و يشحذه الضرب و النزال" ،" فإذا عزمت فتوكل على الله " آل عمران :159 "
aotaibi@hotmail.com(1/5)
الإخلاص
أنس اسماعيل
9/9/02
الإخلاص: هو التعري عما دون الله تعالى أي تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
قال تعالى:
1 ـ (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( آل عمران : 29 ) .
2 ـ (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ( الأعراف : 29 ) .
3 ـ (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ( غافر : 14 ).
4 ـ (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ( غافر : 65 ).
5 ـ (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ( البينة : 5 ) .
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :
1 ـ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". (متفق عليه).
2 ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم". قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: "يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم". (متفق عليه).(1/1)
3 ـ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". (متفق عليه).
4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم". (رواه مسلم).
5 ـ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.
2 ـ قال يعقوب المكفوف رحمه الله: المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.
3 ـ قال أبو عثمان رحمه الله: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط.
4 ـ قال بعض الحكماء: العلم بذر والعمل زرع وماؤه الإخلاص.
5 ـ قال حكيم: في إخلاص ساعةٍ نجاةُ الأبد، ولكنّ الإخلاص عزيز.
--------------------
المصدر : كتاب دليل السائلين - للمؤلف : أنس اسماعيل(1/2)
الرحمة والرفق
كتبها / انس اسماعيل
9/2/16
الرحمة:
رقة القلب تستلزم التفضّل والإحسان. والرحمة التامة هي إفاضة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عنايته بهم، والرحمة من الله إنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطف.
الرفق:
لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل ما لم يكن مكروهاً أو حراماً، وهو خلاف العنف وسبب كل خير.
والرحمة والرفق من سمات المؤمن التي زيّن الإسلام بها حياته.
قال تعالى:
1 ـ (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران : 8 )
2 ـ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة : 71 )
3 ـ (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة : 128 )
4 ـ (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء : 24 )
5 ـ (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ( الزمر : 53 ) .
6 ـ (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ... ) (الفتح 29 ) .
من أقوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :(1/1)
1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - : "لما خلق الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي". وفي رواية: "غلبت غضبي". وفي رواية أخرى: "سبقت غضبي". (متفق عليه).
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه". (متفق عليه).
3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن الحابس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فقال: "من لا يرحم لا يرحم". (متفق عليه).
4 ـ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من لا يرحم لا يرحمه الله". (متفق عليه).
5 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". (متفق عليه).
من أقوال السلف:
1 ـ قال عمرة بن العاص رضي الله عنه لابنه: ما الرفق؟ قال: تكون ذا أناة فتلاين الولاة.
2 ـ قال الحسن رحمه الله: المؤمن وقاف متأن وليس كحاطب ليل.
3 ـ قال وهب بن منبه رحمه الله: الرفق ثني الحلم.
4 ـ قال سفيان رحمه الله: الرفق أن تضع الأمور في مواضعها.
5 ـ قال بعضهم: ما أحسن الإيمان يزينه العلم، وما احسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق، وما أضيف شيء إلى شيء مثل حلم إلى علم.
القصة:(1/2)
1 ـ قال ابن مسعود رضي الله عنه : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها".
ورأى أيضاً قرية قد حرقناها فقال: "من حرق هذا؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له" قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال عليه السلام: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر".
3 ـ خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة قاصداً بيت المقدس ومعه راحلة واحدة وغلام، فلما صار في ظاهر المدينة قال لغلامه: نحن اثنان والراحلة واحدة، فإن ركبتُ أنا ومشيت أنت ظلمتُك، وإن ركبت أنت ومشيتُ أنا ظلمتني، وإن ركبنا الاثنان، قصمنا ظهرها، فلنقسم الطريق مثالثة، وأخذ عمر رضي الله عنه يركب مرحلة، ويقود مرحلة، وتمشي الراحلة أمامهما.
4 ـ مرّ ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا عمر تفرقوا، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً.
5 ـ يروي المؤرخون أن عمرو بن العاص رضي الله عنه في فتح مصر نزلت حمامة بفسطاطه (أي خيمته)، فاتخذت من أعلاه عشاً، وحين أراد عمرو الرحيل رآها، فلم يشأ أن يهيجها بتقويض، فتركه، وتكاثر العمران من حوله، فكانت مدينة الفسطاط.(1/3)
أدركوني أدركوني
دار القاسم
3/9/02
بسم الله الرحمن الرحيم
أتت صرخات متتالية من فتاة في عمر الورود . . تلتها أصوات امرأة شابة تنادي بصوت مرتفع... والجميع يقلن بصوت واحد ويرددن مطلبا واحدا : أين السعادة والهناء وأين استقرار النفس وسكينتها ؟!
لقد أرهقتنا الهموم ونالتنا الغموم . وأقض مضاجعنا سحابة المعاصي التي تحوم في سمائنا ...
لقد حاصرتنا نيران الشهوة وأخذت الشاشات تحرك غرائزنا . . ولا تزال بقية إيمان في قلوبنا تستصرخكم . . أدركونا . .
أختي المسلمة : نحن في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت ، وضج الكون بحضارة مادية ملأتها الملهيات والمغريات . . فبددت السعادة وقربت الشقاء !
وفي وسط بحر هادر متقلب يخشى المسلم فيه الفتنة على نفسه لما يرى من انتشار الشبهات وكثرة الشهوات قال النبي ( : " إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ، ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا " [ رواه أبو داود ] .
وطمعا في جنة عرضها السموات والأرض وخوفا من الوقوع في الزلل ، هاك نهرا صافيا رقراقا من كلام الله عز وجل ومن كلام رسول الله ( يزيل وحشتك ويذهب غوائل الشيطان ويهتك أستارا زينتها المعصية !
ستدركك رحمة الله عز وجل لتنجيك من عذاب أليم وتحميك من التردي في باب عظيم من أبواب الهلاك والدمار !(1/1)
أختي المسلمة : من أعظم الأخطار التي تهدد المرأة المسلمة إثارة غريزتها وفتح باب الشهوة أمامها على مصراعيه ، وبسبب بدايات بسيطة لا تلقى لها بالا قد تقع في الزنا المحرم . يقول الإمام أحمد رحمه الله : " لا أعلم بعد قتل النفس ذنبا أعظم من الزنا " . وقد حرم الله عز وجل ورسوله الزنا لشناعة فعلته وقبح مورده ونهى الله عز وجل عن التقرب من دواعيه وأسبابه لأنه الخطوة الأولى نحو الوقوع فيه قال تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ( والزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وهو رجس وفاحشة مهلكة وجريمة موبقة .
قال ( : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له " وفي الحديث المتفق عليه : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ".
وقد أكد الله عز وجل حرمته بقوله : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ( فقرن الله عز وجل الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف ، ما لم يرفع العبد موجوب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح .
وعلق سبحانه وتعالى فلاح العبد ونجاته على حفظ فرجه من الزنا ، فلا سبيل له إلى الفلاح بدونه قال تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ( حتى قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(.(1/2)
أختي المسلمة : الزنا عار يهدم البيوت الرفيعة ، ويطأطئ الرؤوس العالية ويسود الوجوه البيض ن ويخرس الألسنة البليغة . وهو أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما اتسع وهو لطخة سوداء إذا لحقت أسرة غمرت صحائفها البيض وتركت العيون لا ترى منها إلا سوادا كالحا .
عقوبة الزنا
خص الله حد الزنا بثلاث خصائص :
أ – القتل فيه بأبشع قتلة وأشد عذاب .
ب – نهى الله عباده أن تأخذهم بالزنا رأفة ورحمة .
جـ - أن الله أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.
عقوبة الدنيا : إقامة الحد على الزاني والزانية إذا كانا محصنين وذلك : بقتلهما بالحجارة حتى يموتا لكي يجد الألم في جميع أجزاء الجسم عقابا لهما ، ويرميان بالحجر كناية عن أنهما هدما بيت أسرة ، فهما يرجمان بحجر ذلك البناء الذي هدماه . وإن كانا غير محصنين جلدا مائة جلدة بأعلى أنواع الجلد وغربا عاما عن بلدهما .
ومن عقوبة الزنا ما قاله النبي ( : " تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى ؟ هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له إلا زانية تسعى بفرجها . . " [ رواه أحمد والطبراني بسند حسن ] .
ومن عقوبة انتشار فاحشة الزنا أن تكثر الأمراض والأوجاع ففي الحديث : " . . لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا " [ رواه ابن ماجه ] .
وهذا مشاهد الآن في أمم الإباحية والرذيلة .
قال عبد الله بن مسعود : ما ظهر الربا والزنى في قرية إلا أذن الله بإهلاكها .(1/3)
ومن عقوبة الزنا : ما قاله ( في حديث الرؤيا : " . . . فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد نارا ، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كان أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها ، وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هؤلاء ؟ قالا لي : هؤلاء هم الزناة والزواني " . وجاء في الحديث أيضا : " أن من زنى بامرأة كان عليه وعليها في القبر نصف عذاب هذه الأمة " .
ومن عقوبة الزنا : إنه يجمع خصال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة ، فلا تجد زانيا معه ورع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيره تامة على أهله .
ومن عقوبة الزنا : سواد الوجه وظلمته ، وظلمة القلب ، وطمس نوره ، وكآبة النفس وكثرة همومها وغمومها وعدم طمئانينتها ، ومنها قصر العمر ومحق بركته والفقر اللازم . وفي الأثر : إن الله مهلك الطغاة ومفقر الزناة .
ومن عقوبة الزنا : أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر والعدالة ، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن ، ومنها الوحشة التي تعلو وجهه وضيق الصدر وحرجه .
ومن أعظم عواقب الزنى سوء الخاتمة ، قال ابن القيم رحمه الله : " إذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة " .
أختي المسلمة : احذري الجرأة والإقدام على المعاصي كبيرها وصغيرها فإن نساء العرب في الجاهلية كن ينفرن من الزنا ولا يرضينه للحرة الأبية .
عندما بايع رسول الله ( النساء على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين قالت هند بنت عتبة متعجبة : أو تزني الحرة يا رسول الله ؟!
وفي الأمثال العربية " تموت الحرة ولا تأكل بثدييها " وتذكري أختي المسلمة أن الله يراك فاحذري مخالفته والوقوع فيما يغضبه .
طريق النجاة :(1/4)
أختي المسلمة : صانك الله بالعفاف وزينك بالتقوى اسلكي طريق النجاة واستيقظي من الغفوة وابتعدي عن أما يدفع بك إلى الهاوية ويسير بك إلى الحضيض ومن طرق النجاة :
1 – عدم الخلوة بالرجل الأجنبي إطلاقا سواء في المنزل أو السيارة أو المحل التجاري أو الطائرة أو غيرها ، وكوني أمة مطيعة لله عز وجل ولرسوله ( فلا ترضي لنفسك مخالفة أمرهما قال ( : " ما خلال رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما " .
2 – التقليل من الخروج للأسواق قد المستطاع وتعبد الله عز وجل بالمكث والقرار في البيت امتثالا لأمر الله عز وجل ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ( .
قال عبد الله بن مسعود : " ما قربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها " . وفي حالة الخروج ليكن معك محرمك أو امرأة ثقة من قريباتك ، ولا تخضعي بالقول ولا تليني الكلام مع البائع فلا حاجة لأن ينقص لك ريالات مقابل أن ينقص دينك والعياذ بالله .
3 – الحذر من التبرج والسفور حين الخروج من المنزل فإن ذلك من أسباب الفتنة وجلب الأنظار وقد ذكر النبي ( " صنفان من أهل النار " وذكر منهما : " نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات . . " ومن أعظم أنواع الستر لبس العباءة المحتشمة وستر اليدين والقدمين ، والبعد عن النقاب والبعد عن مس الطيب . وتشبهي بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة فإنهن كن يخرجن كالغربان متشحات بالسواد لا يرى منهن شيئا .
4 – ابتعدي أيتها المسلمة عن قراءة المجلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الماجنة فإنها تثير الغرائز وتهون أمر الفاحشة وتزينها باسم " الحب والصداقة " وتظهر الزنا باسم " العلاقة العاطفية الناضجة بين الرجل والمرأة " ولا تفسدي بيتك وقلبك وعقلك بعلاقات محرمة !(1/5)
5 – قال الله عز وجل : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ( فابتعدي عن سماع الأغاني والموسيقى وعطري سمعك بالقرآن وحافظي على الذكر والاستغفار ، وأكثري من ذكر الموت ومحاسبة النفس واعلمي أنك حين تعصين الله عز وجل إنما تعصينه بما وهبك من نعم فاحذري أن يسلبها منك .
6 – الخوف من العلي القدير المطلع على السرائر هو أعظم أنواع الخوف وهو الذي يحجب عن المعصية .
ولكن احتملي نسبة واحد في الألف أنك ربما زللت ووقعت في الزنا . فكيف الحال إذا علم والدك ووالدتك وإخوتك وأقاربك أو زوجك ؟! وأصبحت في أعينهم وعلى ألسنتهم حتى تموتي " أنك زانية " والعايذ بالله !
7 – ليكن لك رفقة صالحة تعينك وتسددك فإن الإنسان ضعيف والشياطين تتخطفه من كل مكان ، واحذري رفيقة السوء فإنها تأتي إليك كاللص تتسلل خلسة حتى توقعك في الحرام ، وتذكري عم النبي ( وهو رجل كبير السن راجح العقل ومع هذا كله فإن رفيق السوء أبو جهل حضر عند وفاته وكان سببا في موته على الشرك .
8 – أكثري من الدعاء فقد كان نبي هذه الأمة دائم الدعاء كثير الاستغفار .
9 – لا يفوتك وقت إلا والقرآن بين يديك تقرأين فيه ، وحاولي أن تحفظي ما تيسر ، وإن علت همتك فالتحقي بأحد دور التحفيظ النسائية ، ونفسك إن لم تشغليها بالطاعة والعبادة أشغلتك بالباطل .
10 – إن ما تبحثين عنه في العلاقات المحرمة لإزجاء الوقت وإشباع العاطفة إنما هو نتاج فراغ روحي وخواء قلبي وضيق في الصدر منشئه البعد عن الطاعة والعبادة ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ( .(1/6)
11 – تذكري أنك سوف ترحلين من الدنيا بصحائف كتبت طوال أيام حياتك فإن كانت مليئة بالطاعة والعبادة فأبشري وإن كان غير ذلك فبادري بالتوبة قبل الموت . . فإن يوم القيامة هو يوم الحسرة . . ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ( وهو يوم الفضائح وتطاير الصحف يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت ! وتذكري أختي المسلمة يوما توسدين فيه في القبر وحيدة فريدة !
12 – الهاتف – أختي المسلمة – أصبح مصيدة لكثير من النساء فلا تكوني إحداهن وإن ابتليت بذئب بشري وبدأت معه علاقة محرمة فسارعي إلى قطعها قبل أن تتطور الأمور وأبلغي رجال الهيئة عنه ، واعلمي أن الله سيجعل لك فرجا ونجاة منه .
13 – تذكري يا من تبحثين عن السعادة وتسعين نحو الجنة أن ذلك في طاعة الله واتباع أوامره.. ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ( وتذكري أن ترك المعصية أهون من طلب التوبة . وأذكرك بحدث الحبيب ( : إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت " .
جعلك الله هادية مهدية عفيفة تقية نقية وزينك بالإيمان وجعلك من الصالحات القانتات ممن ينادون في ذلك الموقف العظيم : ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ( .(1/7)
الإحسان وأثرة فى رمضان
روي الإمام مسلم فى مطلع صحيحة عن عمر بن الخطاب قال : " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . . الحديث
ففي هذا الحديث جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدين على 3 أركان : الإحسان والإيمان والإسلام . وهذه الثلاثة يجعلها العلماء فى دوائر متداخلة بعضها أصغر من بعض . فالدائرة الأوسع هي الإسلام ثم الإيمان و الدائرة الأضيق هي الإحسان . فالإحسان إذن أشمل و أعم . فإن لم تكن محسنا كنت مؤمنا و إن لم تكن مؤمنا صرت مسلما و إن لم تكن مسلما خرجت إلى الفضاء الواسع و صرت تفعل ما تريد ، تعبد حجرا ، تأكل الربا ، تزنى ، تقتل . . لا شيء يحكمك .
و الإحسان عرفه العلماء بأنه : " الإحسان فى القصد يكون بتهذيبه علما و إبرامه عزما " .
فلكي نحقق مرتبة الاسلام يجب ان نفعل شيئين :
1- أن نهذب هذا القصد بالعلم ، فالجاهل لا يصل أبدا إلى هذه المرتبة و قد قال الله تعالى : " الرحمن فسأل به خبيرا " أي لا تسأل عن الرحمن جاهلا بل اسأل عن الرحمن خبيرا به ، و لا يكون خبيرا إلا لو كان محبا ، فإن المحب شديد التفتيش عن صفات من يحب .(1/1)
2- إبرام هذا القصد عزما ( أي إحكامه ) فلا تترك الأذن تسمع و لا تفعل شيئا ، بل لابد من إبرام العزم لأن العمل لا يقبل إلا بذلك .
فائدة : لكى يتم لك الإحسان يجب أن تكون عالما أو طالب علم أو بصحبة عالم .
و الصيام وهو أحد أركان الإسلام الخمسة إلا أنه موضوع على قمة الإحسان أيضا ، والصيام وحده وليس الصلاة أو الزكاة أو الحج ، لذلك قال الله تعالى فى الحديث القدسي : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فأنه لى و أنا أجزى به " فقد يرائي المرء فى صلاته وفى زكاته و فى حجه و لكنه لا يرائي فى الصيام .
فوائد :
1- الصيام هو العبادة الوحيدة التى يحقق فيها العبد اسم الله ( الرقيب ) : ذلك أن العبد فى خلوته قد يري الطعام والشراب ولكنه لا يستطيع أن يتناوله لأنه يعلم أن الله رقيب عليه .
2- الصيام يقوي العزيمة والإرادة ، فهل تتصور رجلا ترك ما أباح الله له ثم يأتى ما حرم الله ؟؟
وهل تتصور رجلا يقوم الليل ثم يضيع الفرائض ؟؟(1/2)
الإيمان بالقدر
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
قال ابراهيم بن إسحاق الحربي أحد تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل : " من لم يؤمن بالقدر لم يتهنى بعيشه "
و القدر لغز كبير حار فى فكه أزكياء العلم و ما وصلوا بعد الإبحار فيه إلا إلى الحيرة و كثير منهم تزندق و كثير خرج من الملة ، لأن القدر سر من أسرار الله تعالى متعلق بعلمه و بحكمته .
سؤال :
لماذا يغنى الله الفاجر السفيه و يفقر الفاضل التقى ؟؟
من أولى بالمال آلفجر الذى ينفقه على شهواته أم الفاضل الذي لو كان معه لأطعم حتى الكلاب ؟ !
و الله تعالى لا يحب الفساد . فيعطى من يفسد و يحرم الأتقياء !!
هل تستطيع حل هذا اللغز ؟
الحل :
أن الله تبارك و تعالى قدر هذا التقدير لحكمة لا تعلمها أنت ، والله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته
فسلم بالقدر تسلم و لا تتهم ربك . . . هذا هو الملاذ
قال صلى الله عليه و سلم : " إذا ذكر القدر فأمسكوا "
و قال الشافعى رحمه الله :
و من الدليل على القضاء و حكمه بؤس اللبيب و طيب عيش الأحمق(1/1)
و عَنْ عَلِيٍّ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي الْبَقِيعِ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَدْخَلُهَا فَقَالَ الْقَوْمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلسَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلشَّقَاءِ قَالَ بَلِ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَإِنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ الشَّقَاءِ ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) .
قال سراقة : ما أجدنى أجد على العمل منى كالأن .
فالله عز وجل ربط الأقدار بالأسباب ( فهما كقاعدة البناء و البناء ) فمن نقض أحدهما هدم البناء كله .
هؤلاء الذين يقولون لو كان الله تعالى قدر لى المصية فلم يعذبنى !
و من يقولون لو كان الله تعالى قدر لى أن أدخل الجنة فسأدخلها و لو كنت مثل فرعون !
هؤلاء لم يفهوا ما فهم سراقه .
أسئلة :
هل تستطيع أن تنجب ولدا دون زواج ؟
ماذا تفعل عندما تجوع ؟ ماذا تفعل عندما تمرض ؟
قال عبد القادر الجيلانى رحمه الله : " أدفع أقدار الحق بالحق للحق "
فالجوع - قدر من الله - فإذا أخذ بالأسباب و أكل فدفع الجوع فقد قدر الله تعالى له أن يأكل لدفع الجوع ، اذا ( دفع قدر الله بقدر الله ) .(1/2)
من داهمه المرض – فهذا قدر الله – أخذ بالاسباب و أخذ الدواء ليدفع العلة – هذا ايضا من قدر الله – فدفع أقدار الحق بأقدار الحق للحق .
و الذى يخالف الدلائل العقلية القاطعة لا يكفر و لكن يتهم بالجنون كمن قال : أريد ولدا و لكن دون زواج ، و كمن قال إذا قدر لى الله دخول الجنة فسأدخلها دون عمل حتى لو كنت مثل فرعون و هكذا .
و قد قال العلماء : " يصلح الإحتجاج بالقدر عند ارتفاع اللوم أما مع بقاء اللوم فلا :
فمثلا :
أن يعتدي بعض السفهاء على رجل بالسب و الضرب فيصبر و يقول : " قد قدر الله على ذلك بذنب ارتكبته . . . " فهذا غير ملوم و يصلح احتجاجه بالقدر .
أما من زنا ثم قال : " قد قدر الله على ذلك و لو شاء لمنعنى " فهذا ملوم و لا يصح له الاحتجاج بالقدر .
فلا بد من الإيمان بالقدر مجملا مع الأخذ بالاسباب لأن الله تعالى ربط الأقدار و الأسباب معا .
أقول قولى هذا و استغفر الله لى ولكم(1/3)
عناصر الخطبة :
1- كيف تسير حياتك بلا خطه ؟؟
2- أعدائك الثلاثه من هم؟؟
3- الشيطان و عداوته لك من يوم ولادتك !
4- عبره للنساء من قصه امرأه عمران
5- تعليق للشيخ عن فجيعه المرأه التي فقدت زوجها بموته او بالطلاق
6- عدو الانس قد يكون أخطر عليك من عدو الجن
7- قصه كعب بن مالك و موقفه مع النبي بعد غزوه تبوك
8- دليل المحبه لله هو الاتباع الكامل و الانسياق التام لاوامره .
يايها الذين أمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله تعالي و أحسن الهدي هدي محمد صلي الله عليه و سلم و شر الامور محدثاتها و كل محدثه بدعه و كل بدعه ضلاله و كل ضلاله في النار
* كيف تسير حياتك بلا خطه؟؟
فهل يروم النصر رجل يقاتل عدوه بلا خطه؟هل يروم؟ان الجيوش أذا دخلت في حرب تضع خطه للنصر و أخري للهزيمه....أذا انتصر ماذا يفعل؟أذا استولي علي أرض عدوه ماذا يفعل؟اذا أخذ نصفها ماذا يفعل؟كيف يحتفظ بالنصف الذي احرز ؟و كيف يحرز النصف الذي اخفق في احرازه اول مره؟
طيب....أذا انهزم و ولي و أدبر ينهزم هكذا خط عشواء أم ينهزم بخطه حتي لا يدمر و حتي يقلل الخسائر؟أي جيش في الدنيا يدخل معركه لابد أن يضع خطه لكل احتمال.
*أعدائك الثلاثه من هم؟؟
أيها السائر الغريب التائهه في دروب الحياه هل لك خطه و لك أعداء ثلاثه؟أولهم شيطان الجن الذي قال: " فبعزتك لاغوينهم أجمعين ".يأتيك من كل جهه و يحاصرك ليس له هدف الا ان يدخلك النار .يتربص بك الدوائر ليل نهار و لا يفتر عنك طرفه عين.
العدو الثاني عدو الانس الذي يزين لك الباطل و يضعف قلبك و يسرق لبك
العدو الثالث نفسك التي بين جنبيك تتقلب بها ليل نهار(1/1)
هل لك خطه و انت سائر علي الطريق؟لك خطه تنجو من هؤلاء الثلاثه و انت وحدك لا تقوي علي مواجهه واحد منها؟!!يفجع المرء أن يكون جواب اغلب الكافه ان لا خطه....لا خطه.ثم يروم بعد ذلك ان يصل الي الله سالما...كيف؟؟؟؟!!!سيفترسونك و انت في الطريق.
* الشيطان و عداوته لك من يوم ولادتك !
شيطان الجن الذي يزين لك كل قبيح .و قد حاد الملك و رفع عقيرته بخلافه و لم يأبه له.فمن انت؟ما حشمتك؟ماهي قيمتك؟ و أنت صيده الثمين.شيطان الجن الله عز و جل ملكك أكتافه و نصرك عليه.أذا قلت:اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولي مهما كان مارجا عاتيا لا يقف و لا يثبت .فانت بربك قوتك به و الا غلبوك.واحد يغلبك فلو اجتمعوا عليك غلبوك يقينا فأنت بالله فهل عرفته؟
ان دروب الحياه مهلكات . يتربص بك هذا الذي أظهر لك عداوته قبل ان يكون لك سن يقطع او يد تبطش.رأيت نذاله في عدو مثلما رأيت في الشيطان؟
قال صلي الله عليه و سلم: "ما من مولود يولد الا يستهل صارخا" كل ولد أول ما ينزل من بطن أمه يصرخ.لماذا يصرخ؟قال مسه الشيطان, وكزه, طعن فيه في خاصرته.ماله الولد؟ضعيف!ماله سن يقطع و لا يد تبطش و لا يدري شيئا.حنانيك.....لماذا تظهر عداوتك له من أول لحظه؟وكزه....فلما وكزه صرخ لهاذا يبكي الولد أذا ولد.
* عبره للنساء من قصه امرأه عمران :
"ما من مولود الا يستهل صارخا ذلك أن الشيطان مسه الا مريم و ابنها".ذلك ان امرأه عمران قالت: " ربي اني نذرت لك ما في بطني محررا "خالص و محرر من اي مصلحه.لا أريد الولد ليحمل اسمي. لا اريد الولد ليرث أملاكي.لا أريد الولد ليكون بصري اذا فقدت البصر أو عكازي أذا فقدت قوتي....(1/2)
لا اريد الولد الا لك.نذرت لك ما في بطني محررا من أي مصلحه.هل فعل نسائنا ذلك؟هل خطر علي بال الواحده و هي تنظر الي بطنها أن تقول ما قالت امرأه عمران\"ربي اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني انك انت السميع العليم\".فلما أخلصت نيتها لله عز وجل أمتن عليها بأربع نعم.
فتقبلها ربها بقبول حسن و انبتها نباتا حسنا و كفلها زكريا.كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا هي دي النعمه الرابعه.
قطره من فيض جودك تملئ الارض ريا
و نظره بعين رضاك تجعل الكافر وليا
فكيف أذا تقبلها بقبول حسن " ? فتقبلها ربها بقبول حسن و انبتها نباتا حسنا "تعاهدها منذ الصغر و كفلها زكريا.
*تعليق للشيخ عن فجيعه المرأه التي فقدت زوجها بموته او بالطلاق.
موت الرجل من اعظم المصائب في حياه المرأه و طلاق المرأه كسرها كما قال عليه الصلاه و السلام.لا يحس بما اقول الا المرأه التي مات زوجها و هي فقيره و تنفق علي أيتام .و المرأه التي طلقها زوجها و ضيعها أهلها هي التي تشعر بمعني كفلها زكريا ....صانها....و رفع قدرها....و جنبها عناء مصارعه الخلق في الحصول علي الرزق ....و هذه نعمه.
و لذلك قال النبي صلي الله عليه و سلم: "ان الله لا ينظر ألي امرأه لا تشكر زوجها" لماذا؟لانه يكفلها.ينتزع رزقها و رزق اولادها من مئات الايدي و الافواه ثم يأتي براتبه فيضعه بين يديها.فهي لا تري غيره و هو يري ألوف منهم اللئام و منهم الكرام.
هذا الراتب مجهود فعله الزوج لذلك أذا جحدت خير زوجها مقتها الله و لم ينظر اليها.
طيب مات الرجل..مات الكفيل..لا يسلمها الي الخلق و يرزقها بغير حساب و يحفظ عليها ماء وجهها. أربع نعم لماذا؟لانها احسنت. "ربي أني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني"هي مريم عليها السلام و ابنها عليه السلام..ما مسهما الشيطان.(1/3)
نأخذ من هذا الحديث أن الشيطان يعلمك بعداوته رغم أنك لا تعقل.يقول لك تذكر عداوتي انا ما نسيتك.و لذلك يقول الله عز و جل: " أفتتخذونه و ذريته أولياء من دوني و هم لكم عدو"معقول هذا الكلام؟؟؟!! تتخذه وليا و هو عدوك.و تترك وليك الله؟لا تواليه؟!
"و يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم و لا يضرهم و كان الكافر علي ربه ظهيرا ".فهذا عدو لدود.ما هي خطتك في مواجهته؟
*عدو الانس قد يكون أخطر عليك من عدو الجن!
و عدو الانس قد يكون من اقرب الناس اليك.\"ان من أزواجكم و أولادكم عدو لكم\"قد يكون من اقرب الناس اليك و يصدك عن الله.تريد ان تلتزم يصدك...خايف..يريد أن يأكل عيشا .يريد ان يعيش عيشه الانعام.فيصدك يقول لا تضرني...التزامك يضرني.طيب دخولي النار لا يضرك؟تعرضني لعذاب الله و لا يضرك؟ان كنت تحبني أجب عن هذا السؤال.تقول ان التزامك يؤثر علي منصبي..طيب...و انحرافي انا يعرضني لعذاب الملك.أهذا يرضيك؟يقول نعم بلسان الحال و ان لم ينطق بها.كذلك قضي الله عز و جل علي هؤلاء..علي هذا النمط"...يصبرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه..اعز ما يملك.يقول يارب ادخلهم النار و أنجني.فان لم يكفي اولادي. "و صاحبته و أخيه"خذ زوجتي و اخي.و أنجني فان لم يكفي هؤلاء... "و فصيلته التي تأويه"...خد الاسره كلها و أنجني فان لم يكفي ذلك "فمن في الارض جميعا ثم ينجيه"تذكر هذا.و بعض هؤلاء الاعداء لهم لسان جميل و منطق عذب و قد يصادف عيا في المريد فيضل و يهلك.
*قصه كعب بن مالك و موقفه مع النبي بعد غزوه تبوك.(1/4)
و انا أعطيك مثلا لتعتبر به.كعب بن مالك كان احد الامراء في الجاهليه فلما أسلم و تخلف عن غزوه تبوك و رجع النبي صلي الله عليه و سلم من تبوك الي المدينه و جاء المنافقون يعتذرون اليه.ان بيوتنا عوره و ما هي بعوره.فجاء كعب بن مالك من جمله من يعتذر.فلما رأه النبي صلي الله عليه و سلم قال له ما خلفك.قال يا رسول الله لو كنت عند أحد من أهل الارض لرأيت اني أخرج من سخطه بعذر لقد أوتيت جدلا.يقصد بحديثه انه رجل مجادل و صاحب لسان لا يغلب في الحديث و لكن الذي يمنعه انه أمام النبي صلي الله عليه و سلم.لو كان عند غيره لعرف كيف يخرج و كيف يعتذر و كيف يبكيه علي حاله بالمنطق الصائب و اللسان العذب.فقال له:و لكنني لو حدثتك حديثا ترضي به عني يوشك الله أن يسخطك علي و لان حدثتك بحديث صدق تجد به علي اني لارجو فيه عقبي الله.و الله ما كان لي من عذر الي أخر كلامه ثم خرج من مجلس النبي صلي الله عليه و سلم الي بيته فقابله بعض اقربائه فسألوه ماذا قلت؟قال قلت كذا و كذا قالوا سبحان الله و الله لقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله لك.نحن ما نعلم انك أذنبت الا هذا الذنب ألم تكن تقدر ان تقول له اعتذر لي فهو ذنب واحد فقط.لو قال النبي اللهم اغفر لكعب راح الذنب فما الذي ورطك في هذه الورطه؟تظن نفسك صادقا فتدين نفسك بلسانك؟!قال فلم يزالوا يئنبونني حتي هممت أن ارجع فاكذب نفسي.هذا نموذج لرجل عنده جدل فما بالك لو كان ضعيفا لا يستطيع ان يتكلم و لا يستطيع ان يدلي بحجه؟ماذا يفعل فيه مثل هذا الكلام؟
*شيطان الانس أخطر علي قلبك من شيطان الجن.
عدو الانس يزين لك و هو اخطر من عدو الجن من أوجه أولها:
ان عدو الجن لو استعذت بالله فر و عدو الانس ماكث لا يفر(1/5)
ان عدو الجن لا تراه و عدو الانس يراك و تراه و في المشافهه و المخاطبه اقناع.بعض الناس يقتنع لمجرد ان يري وجه المتكلم و انفعاله و أساريره فهذا له دخل كبير في الاقناع و لذلك ليس من رأي كمن سمع.انت اذا سمعت خطبه الجمعه في المسجد ثم اخذت الشريط و سمعته بعدها بشهر فلا يؤثر فيك و لا تنفعل له مثلما أثر فيك و انت تسمع الكلام المباشر.فشيطان الانس كما نري اخطر فأحذره ألف مره.
*العدو الثالث نفسك التي بين جنبيك .
ثم نفسك التي بين جنبيك.ان النفس لاماره بالسوء.ما الذي يخفف عليك جفاف الدروب المهلكه؟محبه الله عز وجل.
*دليل المحبه لله هو الاتباع الكامل و الانسياق التام لاوامره.
ان الحب يطيل النفس و يعطي القلب قوه فيعطي الجوارح قوه.فما هي حقيقه الحب؟
الذي نقول ينبغي ان نعلمه اولادنا ليصدق انتمائهم لله و رسوله.وقود الانتماء الحب و جناحاه الولاء و البراء.فما هو الحب؟لان الايمان بالشئ فرع عن تصوره.قال الناس الحب أشاره الي الصفاء و الضياء و العرب تقول اذا رأت أسنانا بيضاء متلئلئه حبب الاسنان او هو من الحباب و هو الشئ اي يطوف علي ماء المطر اذا نزل .فكأن الحب هو هيجان القلب و ثورته الي لقاء المحبوب.او هو من اللزوم و الثبات و الاستقرار يقال أحب البعير اذا برك و لم يقم.فكأن الحب هو لزوم قلب المحبوب فلا يرم عنه تحولا.أو كأنه من الحب الذي هو أصل الشئ او اصل الزرع.الحب هو ايثار المحبوب علي المصحوب.و هو رعايه الحبيب في المشهد و المغيب.و هو ايثار الخدمه مع وافر الحرمه.الحب ان لا يكون لك أراده مع من تحب تنفعل له و لو كان بضد رغبتك.
يخط الشوق شخصك في ضميري علي بعد التزاور خط زوري
و يوهمنيك طول الفكر حتي كأنك عند تفكيري سميري
فلا تبعد فانك نور عيني اذا ما غبت لم تظفر بنور
اذا كنت مسرورا بهجري فاني من سرورك في سرور
يقول الشيخ معلقا علي الابيات:(1/6)
المحب في القصيده يقول لحبيبه انا راضي لانك انت مسرور من هجري.و ذلك برغم ان الهجره للحبيب قويه و شديده و لكن المحب هنا مغلوب علي ما يحب حبيبه فلا يري الا ما يحب حتي و لو كان بضد رغبته.هذا معني ان لا تكون لك أراده و لذلك تري المحبين مهانين و ليس لهم كرامه.و لو قال المحب كرامتي فهو ليس بمحب.فالمحبين يهانوا و يذلوا و هم راضون مستكنون.
وقف الهوي بي حيث وقفت فلا متأخر لي عنه و لامتقدم
و أهنتني فأهنت نفسي جاهدا ما من يهون عليك ممن يكرم
شاكلت اعدائي فصرت أحبهم لبقاء حظي منك لحظي منهم
اجد الملامه في هواك لذيذه حبا لذكرك فليلمني اللوم
الشاعر يقول لحبيبه ان اهانتي ترضيك.و لان عدوي لا يفعل بي شئيا اكثر من ان يهينني فلما اهنتني و اهانني عدوي صرت مثل عدوي فأحببت عدوي لانه صار فيه صفه منك.
الحب ان لا يكون لك أراده مع من تحب.
مالك بن نويره كان رجلا مسلما فلما تنبئت سجاح الكاذبه التي ادعت النبوه بعد موت النبي صلي الله عليه و سلم و في أول خلافه الصديق.قالت انها نبيه و ياتيها الوحي.فتابعها مالك بن نويره فلما أرسل ابو بكر خالد بن الوليد ليؤدب المرتدين و بلغه ان مالك بن نويره تابع سجاح الكاذبه و قال بعض المسلمين لم نسمع منهم أذانا و لا أقامه و رأي انه كفر امر به فقتل و تزوج امرأته.اخوه متمم بن نويره كان شديد الحب له.ما رأيت رجلا تفجع في رثائه مثلما تفجع متمم علي اخيه.فلما قتله خالد بن الوليد رثاه متمم بن نويره بأبيات .فكان دائما يري باكيا فقال له رفيقه يوما:
قلت له:أتبكي كل قبر رأيته علي قبر سوي بين اللوي و الدكادك
فقلت له:ان الاسي يبعث الاسي فدعني ان هذا كله قبر مالك
لا يري قبرا علي وجه الارض الا هو قبر محبوبه الذي دفنه فيه.دعني ....لا أري قبرا علي وجه الارض الا قبر من مات من احبتي.هي دي طبيعه الحب و طبيعه المحب.(1/7)
فهل لما ارسل الله عز و جل نبيه بالهدي و دين الحق تأدبت بتأديب الله عز و جل أيانا؟\"و ما كان لمؤمن و لامؤمنه اذا قضي الله و رسوله امرا ان يكون لهم الخيره من أمرهم\".هذا هو معني ان لا يكون لك أراده مع محبوبك.أذا امرك بضد هواك تسارع اكثر من هواك.هذا هو عنوان الحب و لذلك جعل الله عز وجل الفعل علامه قائمه علي ثبوت الحب.فقال تبارك و تعالي:\"قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله\".اذن لا بد من ان تقيم دليل المحبه و هو بالاتباع و هو ان لا تخالف أمره في دقيق و لا جليل.ذلك هو عنوان الحب.اقول قولي هذا و استغفر الله العظيم لي و لكم.
الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن و الثناء الجميل و أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له يقول الحق و هو يهدي السبيل و اشهد ان محمدا عبده و رسوله صلي الله عليه و علي أله و صحبه و سلم.
قال ان الله يحب المتقين.يحب المحسنين.يحب المقسطين.يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا.و في المقابل نفي الحب.ان الله لا يحب المعتدين, الظالمين,الكافرين,المفسدين,المشركين,لا يحب الفساد.فلما وقفت علي الصيغه لا يحب ففتشت في القرأن....(1/8)
من خطبة الانتكاس
هو أخطر الأمراض على الأخلاق
لشدة فتكها وكثرة ضحاياها.
وهونوعان:
1 - الردة عن الدين.
2 – ضعف التمسك بتعاليم الدين.
أسباب الانتكاس
1- الخضوع لضغط المجتمع (سواء من قبل الحكومات أوالأسر) :
ويتأثر لهاذا النوع ضعاف الايمان والصحابه فى مسألة الايمان والعقيدة كانوا لايتأثرون بهذه الضغوط
فائدة : لا يجب طاعةالأهل (الأب- الأم000 ) فىالمعصية حتى ولوتحت التهديد
2- التدين والإلتزام للحصول علىالفائدة (المال000 مثلا) :
فإذا لم يحصل علىالفائدة أوإنتهت إنتكس (قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض) رواة البخاري
3- عدم التحقق بحقيق الإيمان :
(مثل الممثل يلتزم ويريد أن يكون مشهورا أيضا وهو ملتزم فإذا لم تتحقق له الشهرة قد ينتكس)
4- التليفزيون:
بما فيه من كاسيات عاريات ومفاسد كثيره 0
فائدة: إصبر وقل ربى لا تكلنى إلى نفسى طرفة عين ومادونها .(1/1)
الصحابي المفتري عليه
ثعلبة بن حاطب (رضي الله عنه)
قال الله تعالي " وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ{76} فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ {77} " التوبة
ذكرت كثير من كتب التفسير والأسانيد وغيرها أن المقصود بهذة الآية الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه و ملخص القصة التي ذكرتها تلك التفاسير " طلب ثعلبة من الرسول الدعاء له بكثرة المال فقال عليه السلام ( ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ) ثم عاود ثانيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما ترضى أن تكون مثل نبي الله لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا لسارت ) فقال : والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه . فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتخذ غنما فنمت كما تنمي الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، وترك ما سواهما . ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمي حتى ترك الجمعة أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا ويح ثعلبة ) ثلاثا . ثم نزل " خذ من أموالهم صدقة " [التوبة : 103] . فبعث صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة، وقال لهما : ( مرا بثعلبة وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما ) فأتيا ثعلبة وأقرأه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم تعودا . وتكرر ذلك فرفض الرسول أخذ الزكاة منه ومن بعده ابو بكر وعمر . . .
و السؤال : كيف نخرج صحابيا جليلا من الدين ونتهمة بالكفر بأسانيد ضعيفة باطلة(1/1)
أولا : و أول قادح في هذه القصة ان ثعلبة ممن شهد بدر ( اي بدري) وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقال ايضا " لا يلج النار من شهد بدرا " و عن جابر أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية .
فائدة : صحابة النبي هم خير الناس ينبغي تجليلهم وتوقيرهم و لا ينبغي ان نتكلم عنهم دون علم الا بخير .
ثانيا : أخذ الزكاة من عدمها ليس بحرية أحد : لأنها حق الله في المال ولابد من ان تجبي و لا يحق للرسول صلي الله عليه وسلم الا يأخذ الزكاة من أحد . و كيف بأبي بكر الذي حارب الناس علي منع الزكاة ؟؟
فائدة : الكتب فيها خبث كثير وتحتاج الي ( منخل ) لبيان هذا الخبث وهذا المنخل ( او المصفاة) هم أهل العلم . فيما عدا البخاري ومسلم لابد من سؤال اهل العلم عن كل حديث وكل واقعة(1/2)
من خطبة الكبائر
تعريف الكبيرة :
كل وعيد ختمه الله تعالي بعذاب أو نار أو بلعنة أو غضب
قال تعالي : وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء 93}
و عن أبي ذر عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قلنا من هم يا رسول الله فقد خابوا وخسروا فقال المنان والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف .
وعن أبي هريرة رضي اللهم عنهم عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
والمعتزلة يقولون انه لا صغائر وان كل ذنب كبير اذا قيس بجانب الذي عصيته وهذا الكلام مخالف للشرع والعقل .
أما مخالفة الشرع : فقد قال الله تعالي :
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم 32}
و أما مخالفة العقل : فهل من لطم رجلا كالذي قتله ؟!!!
فائدة :
اللمم ( أي الصغائر ) وهو كل مايلم بالإنسان مما لا يستطيع دفعه فيقع فيه اما بجهل أو بهوي .
ويقول النبي صلي الله عليه وسلم كل ابن أدم خطاء . أي ان الانسان لابد وان يقع في الخطأ . فجتنب الكبائر فإذا وقعت في الصغائر بجهل او بهوي غفر الله لك لان الله عز وجل قال (ان الله واسع المغفرة ) أي انه لم يسوي اللمم بالكبائر(1/1)
تعدد الزوجات
منذ خمس سنوات ظهر اتجاه ينادي إلي سن قانون يمنع تعدد الزوجات وقد ظهرت بوادر هذا القانون في قسيمة الزواج الجديدة حيث وضعوا بها عدة شروط منها :-
هل توافقين علي أن يتزوج عليك زوجك ؟
هل توافق علي أن تعمل زوجتك ؟
هل توافق أن تكون العصمة في يد زوجتك ؟ وهكذا . . . .
وهذه الشروط تكون سارية بقوة القانون وهكذا تكون البداية لسن قانون منع تعدد الزوجات .
أدلة تعدد الزوجات :
1- قال تعالي : " وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء - 3}
2- روي البخاري : " عن سعيد بن جبير قال قال لي ابن عباس هل تزوجت قلت لا قال فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء * وخير هذه الأمة هو (محمد صلي الله عليه وسلم ) .
3- التعدد سنة الأنبياء : إبراهيم علية السلام تزوج اثنين – و داوود 1000 زوجة كما ورد في التوراة و سليمان 100 زوجة و محمد صلي الله عليه وسلم 9 زوجات .
بعض الشبهات ول هذا القانون والرد عليها :
1- حديث زواج علي من بنت أبي جهل :" عن المسور بن مخرمة قال سمعت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول وهو على المنبر إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها هكذا قال ."
الرد : لماذا لم يذكر المستدلون بهذا الحديث جملة " أما إني لا أحرم حلالا و لا أحل حراما " أي لا أحرم ما أباح الله تعالي للمسلمين وقد قال " و أنكحوا ما طاب لكم . . .الآية " لذلك فإن أهل العلم أجمعوا علي أن هذا الحديث خاص فقط ببنت رسول الله صلي الله عليه وسلم مع بنت عدو الله أبو جهل .(1/1)
2- يجوز لولي الأمر أن يحجم المباح إذا عم الضرر :
الرد : إن نسبة اللذين عددوا أقل من خمسة في الألف فكيف حكموا علي أن الضرر قد عم وزاد ثم أن أكثر من 99% من قضايا المحاكم هي بين المرآة الواحدة والرجل الواحد فهل يتدخل ولي الأمر إذا ويمنع الزواج نهائيا ؟!
3- ومن الشبهات أيضا مسألة الغيرة : حيث ادعوا أن الغيرة تؤدي إلي أضرار بالغة بين النساء والأطفال مما يؤدي لزيادة الكراهية والحقد بين الأشقاء و هكذا .....
الرد : الغيرة مسألة سلبية ولكن لا ينبغي أن نعصب بها الأمر ونهدم المصالح الراجحة و زوجات النبي صلي الله عليه وسلم كن يغرن مع ذلك لم يمنع رسول الله صلي الله عليه وسلم الصحابة من أن يعددوا و المصالح الراجحة منها : -
أ – إعفاف النساء اللذين لا أزواج لهن .
ب – تكثير نسل المسلمين ( اليهود والنصارى يكثرون نسلهم ) .
فهل نهدم تلك المصالح الهامة بسبب غيرة النساء ؟؟
قالوا أن الرجل لن يستطيع العدل وذلك لقوله تعالي: " وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا( النساء - 129 )
الرد : قال تعالي : فلا تميلوا كل الميل " فأباح بذلك بعض الميل وهو ميل قلبي ( المحبة القلبية) وما يترتب عليها من معاشرة المرآة وهذا معفو عنه .
فائدة: لابد من العدل بين الزوجات مادية و يكون هذا بحسب احتياج كل زوجة ورضاها وليس بشرط أن يكون نفش الشيء أو بنفس الثمن فقد تحتاج زوجة شيء يكون رخيصا ولكنها ترضي به و تحتاج الأخرى شيء يكون أغلي و لكنها ترضي أيضا فالعدل هنا حسب الحاجة والرضا .
4- قالوا كثرة التزوج يكون من ورائها كثرة النسل و كثرة النسل مظنة الفاقة والحاجة وقد فسر الشافعي رحمة الله قوله تعالي :" ذلك أدني ان تعولوا " أي تفتر عيالكم !!(1/2)
الرد : أنكر العلماء جميعا علي الشافعي ذلك التفسير و تفسير الاية الصحيح هو : ذلك أدني ألا تجوروا أي تظلموا .
5- ومن أعجب ما استدلوا به علي تحريم تعدد الزوجات أبيات شعرية قالها أحد الشعراء :
تزوجت اثنين بفرط جهلي بما يشقي به زوج اثنتين
فقلت أعيش بينهما خروفا أنعم بين أكرم نعجتين
فجاء الأمر عكس الحال دوما عذابا دائما ببليتين
فوائد :
أ – تعدد الزوجات أفضل من تعدد العشيقات .
ب – لابد للرجل الذي يريد أن يعدد أن يكون علي قدر المسئولية .
ج – لابد علي المرآة المسلمة أن تحب لأختها ما تحب لنفسها وأن تساعد في نشر التعدد فهذا من أهم أبواب الجهاد للنساء .
أثار منع التعدد ظهور أنواع أخري من الزواج مثل :
1- الزواج العرفي : وكان من نتاجة أكثر من 12 ألف طفل ليس لهم أباء .
2- زواج الخطف : وهذا النوع ظهر في لبنان .
3- زواج المسيار : وهو زواج صحيح به ولي وشهود ولكن المرأة تتنازل عن مهرها و نفقتها بل وتصرف علي زوجها و تمنع من الإنجاب فهي فقط للمتعة . فأكرم لها ان تكون زوجة رابعة من أن تتزوج بهذا الزواج .(1/3)
حبائل الشيطان
حذرنا الله تعالي من خطوات الشيطان فقال تعالي :
" يا ايها اللذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "
وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستعيذ من الشيطان وشركه ( فخه ) .
أجناس الشر التي يسعي الشيطان إليها :
1- الجنس الأول : يدعو الشيطان المرء الي الاشراك بالله والكفر به ( فاذا عصم من ذلك وأيس الشيطان منه جره الي الجنس الثاني )
2- الجنس الثاني : البدعة. . . وهي ان يعبد المرء الله بشرع لم يأتي به الرسل والبدعة هي بوابة الكفر ( فإن نجي المرء من ذلك جره الشيطان إلي الجنس الثالث )
3- الجنس الثالث : أن يوقعه في الكبائر ويزينها لهم و يصغرها في أعينهم (فإن سبقت للعبد من الله الحسني وعصم من الكبائر جره الي الجنس الرابع )
4- الجنس الرابع : الصغائر . . . والإصرار علي الصغيرة أكبر من فعل الكبير (فإن سبقت للعبد من الله الحسني ولن يصر علي الصغائر وإستغفر الله جره الي الجنس الخامس )
5- الجنس الخامس : التوسع في باب المباح . . . . مما يشغله عن ذكر الله تعالي مثل التوسع في العمل المباح و التوسع في الشراب والطعام مما يجعل الإنسان كسولا فيشغل عن ذكر الله . (فإن سبقت للعبد من الله الحسني فلم يشتغل بمثل هذا المباح عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جره الي الجنس السادس و الأخير )
6- الجنس السادس : الإشتغال بالمفضول عن الفاضل . . . . أي ان الشيطان يشغل العبد باثواب الأقل وأكثر الناس يقع في هذا النوع وكان الصحابة دائما يسئلون الرسول صلي الله عليه وسلم " ما أحب الأعمال إلي الله " ومن أفضل الأعمال عند الله هو تعلم العلم و تعليمه .(1/1)
حق الزوج
مقدمة :
س: هل خدمة الزوج واجبة أم مستحبة ؟
المطالع لبعض الكتب الفقية يري بعض أراء الفقهاء تقول أن خدمة المرأة لزوجها مستحبة وليست واجبة !!
والوجوب الشرعي هو : ما طلب فعله علي سبيل الحتم والإلزام بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه .
والقول بوجوب الخدمة هو القول الراجح بل الصحيح . قال الله تعالي " ولهن الذي عليهن بالمعروف " اذا فماذا لهن وماذا عليهن ؟؟
* لهن : 1- المعاشرة بالمعروف .
2- أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت .
3- الإنفاق عليها وعلي اولادها أمر حتمي ولازم " قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت "
* ماذا عليهن :
القائلين باستحباب الخدمة يقولون أن الذي عليهن هو الاستمتاع بهن !! ولكن المرأة ايضا تستمتع بالرجل فهو حق مشترك بينهم وهذا يرد عليهم .
وإذا كان الرجل يكد ويعمل خارج المنزل ثم يعود فيعمل ايضا داخل المنزل فما الذي علي النساء اذا ؟؟
قالوا : إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا و احسانا !! نقول : أن فاطمة عليهما السلام أتت النبي صلى اللهم عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم .
ولو كانت خدمة المرأة مستحبة فقط لألزم النبي صلي الله عليه وسلم علي ان يأتي لفاطمة بخادم .
من حقوق الزوج علي زوجته :
1- أن تخدمه ولكن بالمعروف (أي لا يكلفها فوق طاقتها )
2- خدمة المرأة لأهل زوجها (أبيه وأمه ) ليست واجبة إنما مستحبة .(1/1)
3- يستحب للرجل أن يشارك أهله في بعض أعمال البيت . فعن إبراهيم عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى اللهم عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة
4- لا يجوز للمرأة ان تتصدق بشئ من بيته الا بإذنه قال صلي الله عليه وسلم " لا تنفق المرأة من بيتها شيئا إلا بإذن زوجها قالوا يا رسول الله ولا الطعام قال ذلك من أفضل أموالنا "
5- يجوز للمرأة ان تنفق من بيت زوجها إذا علمت أنه لن يغضب . عن همام قال سمعت أبا هريرة رضي اللهم عنهم عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره .
6- يجوز للمرأة أن تنفق من مالها الخاص دون إذن زوجها .
7- ألا تخرج من البيت دون إذنه سواء قبل البناء (بيت ابيها ) أو بعد البناء (بيت زوجها ) .
8- لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتي أبوها و أمها . . )
9- لا تخشن بصدرة ( أي لا تأتي من الأفعال ما يخشن صدرة ) . .
? عن بشير بن يسار عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى اللهم عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى اللهم عليه وسلم أذات زوج أنت قالت نعم قال كيف أنت له قالت ما آلوه إلا ما عجزت عنه قال فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك .
? عن عبد الرحمن ابن عوف قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت .
? عن أبي هريرة عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
راجع خطبة الشيخ (حق الزوج )
وإلي المزيد
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته(1/2)
حكمة الدعاة الي الله
عن معاوية ابن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى اللهم عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم قال ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال ابن الصباح فلا يصدنكم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك قال وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة .
رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما
الدروس المستفادة :
1- إجتناب ملامة التاس مطلوب شرعا والذي لا يأبه بملام الناس قليل الحياء ( فقلت وا ثكل أمياه ) .(1/1)
2- الرسول صلي الله عليه وسلم أحسن المعلمين (ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) . لأنه ترك العقوبة و إنشغل بتعليمه وهكذا لابد أن يكون الدعاة الي الله ان يتركوا العتاب و ينشغلوا بإزالة الجهل لدي الناس بالحكمة والموعظة الحسنة .
3- لا يصح الكلام أثناء الصلاة و لا تصح الصلاة . . . قال تعالي ( وقوموا لله قانتين ) البقرة 238
4- لا يجوز إتيان الكهان ( إن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم ) و هكذا لا يجوز التسليه بقراءة برج الحظ و ما شابه ذلك فمن صدق كاهنا فقد كفر بما إنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم ومن لم يصدقه ( فقط للتسليه) لا تقبل الصلاة 40 يوما .
5- أما في حالة الطيرة ( التشائم ) فقط نصحه الرسول صلي الله عليه وسلم الا يصده ذلك .
6 – لا يجوز ضرب الوجه ( فعظم ذلك رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ) .
7- الله عز وجل في السماء ( أين الله قالت في السماء ) علي عكس ما يقول المعطلة – أهل اكلام – أن الله لا يشبه الخلق اي ليس له يد و لا عينان و لا يجوز ان نقول اين الله لأن ذلك يجسم الله وهكذا يردون علي رسول الله لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال أين الله للجارية !!!!
انما نقول بصير وليس كمثله شيئ . . . له يد و ليس كمثله شئ . . . . وهكذا
وعقيدة أن الله في كل مكان ( الحلول ) هي عقيدة النصاري وليست عقيدة المسلمين .(1/2)
صدق الوعد
روى الحاكم فى " المستدرك " بسند جيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن في سورة النساء لخمس آيات ما أن لي بها الدنيا وما فيها ، قوله تعالى : (( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ))
و قوله تعالى : (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة في الأرض وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما )) و قوله تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) .
و قوله تعالى : (( لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما ))
و قوله تعالى : (( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما )) .
هذه الأيات الخمسة الجامع بينها صدق الوعد . و صدق الوعد محكم لاينسخ لأن الله عز وجل لا يخلف الميعاد ، وهذا الوعد هو وقود الرجاء . و لاسيما بعد أن انقطع الرجاء من أن يدخل أحد الجنة بعمله .
قال صلى الله عليه وسلم : " لن ينجى أحدا منكم عمله قال رجل ولا إياك يا رسول الله قال ولا إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة " . فما بقي إلا الرجاء ووقود الرجاء هو صدق الوعد " أي أن العبد اذا فعل الأمر كما أمر على قدر ما يستطيع قبله الله " هذا هو وعده تبارك و تعالى .
و الراجون ثلاثة :
1- راج يعمل بطاعة الله على نور من الله فهو يرجو ثواب الله . ( محمود )
2- و راج أذنب ذنبا فهو مشفق منه يريد الخروج منه يطمع فى رحمة الله . . ( محمود)
3- راج و لا يعمل . . ( مغرور )
وقد أجمع أهل العلم على أن الرجاء المحمود هو الذي يقترن بعمل قال تعالي : " إن اللذين أمنوا و الذين هاجروا وجاهدوا فى سبيل الله أؤلائك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم "
فوائد :
1 - قاله تعالى : (( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ))(1/1)
تعريف الكبيرة : كل وعيد ختمه الله تعالي بعذاب أو نار أو بلعنة أو غضب . و قد وعد الله أنك إن تجتنب الكبيرة يغفر لك الصغيرة . فمن إجتنب الزنى (مثلا ) غفر الله له النظر أو اللمس .
عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل يا رسول الله ألي هذا ، قال : لجميع أمتي كلهم .
و قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله كتب على بن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر وزنى اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك أو يكذب " .
- فإذا اجتنبت الكبير و غفر الله لك الصغيرة ما بقى لك إلا أن يدخلك الله مدخلا كريما و ذلك : بفعل الأوامر و الإنتهاء عن النواهى .
2- قوله تعالى : (( إن الله لا يظلم مثقال ذرة في الأرض وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما
)) .
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . . . . فيقول عز وجل : اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم قال فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون ربنا قد أخرجنا من أمرتنا قال ويقول أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ثم قال من كان في قلبه وزن نصف دينار حتى يقول من كان في قلبه وزن ذرة قال أبو سعيد فمن لم يصدق فليقرأ هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلى عظيما " .
* أى من عمل مثقال ذرة و كان عنده أصل الإيمان ( وهى الكلمة الطيبة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فإن أصل الإيمان ينفعه و ذلك بخلاف الكافر .
3 - قوله تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) .(1/2)
هذه الآية هى أرجة آية للعصاة فى كتاب الله و معناها : أنك مهما فعلت من ذنب ( و تجنبت الشرك بالله ) فإن الله يغفر ذلك الذنب . و لكن الذنوب أنواع :
قال صلى الله عليه وسلم : " الدواوين ثلاثة : فديوان لا يغفر الله منه شيئا ، وديوان لا يعبأ الله به شيئا ، وديوان لا يترك الله منه شيئا ، فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا فالإشراك بالله عز وجل قال الله عز وجل : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا قط فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فمظالم العباد بينهم القصاص لا محالة "
** ماذا يؤخرك إذا عن العودة إلى ربك ؟! هذا الرب الودود و قد بسط إليك رحمته **(1/3)
غزوة الأحزاب - مواقف وعبر
عبدالملك القاسم
دار القاسم
بعد غزوة أحد أظلت المدينة سحابة حزن لفقد الأحبة شهداء في سبيل الله.. وخيم السكون حيناً على الجزيرة العربية. ولم يكق ذلك الهدوء الذي أظل المدينة إلاً بداية لتحزب الأحزاب من ملل الكفر والشرك، يتحينون الفرص ويسابقون إلى العداوة! فلا يهنأ لهم بال ولا يقر لهم قرار حتى يكون معقل الإسلام ومدينته تحت أيديهم يجوسون فيها تقتيلاً وافساداً. وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحكيم [البروج:10].
في السنة الخامسة للهجرة خرجت شرذمة من اليهود نحو كفار مكة ليألبوهم ويحرضوهم على غزو المدينة، ومحاولة استئصال شأفة الإسلام، وقتل محمد ، والتنكيل بأصحابة! ثم خرج الرهط يحمل الحقد والكراهية للمسلمين نحو غطفان ليكتمل عقد الأحزاب.
وتداعت الجموع وأقبل الشر بخيله ورجله، فخرجت من الجنوب قريش وكنانة وأهل تهامة، ووافاهم بنو سليم وخرجت من الشرق قبائل غطفان وكذلك خرجت بنو أسد. واتجهت الأحزاب الكافرة صوب المدينة حتى تجمع حولها جيش عرمرم يبلغ عدده عشرة آف مقاتل! جيش يزيد عدده على سكان المدينة رجالاً ونساءاً، صغاراً وكباراً! في جوع منهم شديد، وبرد وزمهرير، وعده قليلة، وما عند الله خير وأبقى!
اجتمع الأحزاب حول المدينة لسبب واحد لا غير وإن اختلفت الألسن ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن ديكنم إن استطاعوا [البقرة:217].
وفي هذا الجو المكفهر والكرب الشديد انقسم أهل المدينة إلى قسمين: قسم آمن بوعد الله وصدق بنصر رسالته ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما [الأحزاب:22].(1/1)
فشدوا للقتال وقدموا المهج والأرواح وبذلوا الأسباب بحفر الخندق وحراسة المدينة ليل نهار مع ما أصابهم من الجوع والفاقه، فقد كان طعام الجيش قليلاً من الشعير يخلط بدهن سنخ متغير الرائحة لقدمه، ويطبخ فيأكلونه رغم طعمه الكرية ورائحته المنتنة لفرط الجوع، وأحياناً لا يجدون سوى التمر وقد يلبثون ثلاثة أيام لا يذوقون طعاماً! وكان أشد أمر عليهم نجم النفاق وفشل الناس وعظم البلاء واشتداد الخوف وخيف على الذراري والنساء فقد أحاطوا بالجميع وادلهم الحطب بالأمة إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم [الأحزاب:10]، وكان النبي في هذا الوقت العصيب يبشرهم بأمر عظيم! قال البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول ، فجاء وأخذ المعول فقال: { بسم الله، ثم ضرب ضربة، وقال: الله كبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر إلى قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله كبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتح اليمن، والله إني لأبصر صنعاء من مكاني }.
والنبي يبشر ويرفع من عزائم الصحابة وكان أحدهم من شدة الجوع يرفع عن بطنه الحجر فرفع رسول الله عن بطنه الشريف حجرين!
وأما أهل النفاق وضعفاء النفوس ممن أثر فيهم الإرجاف فقد تزعزعت قلوبهم وانخلعت صدورهم لرؤية الجموع والعدد والعدة وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا [الأحزاب:13]. وقال المنافقون في ما بشر النبي من خزائن كسري وقيصر: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط، وقالوا تنصلاً من الجهاد وهرباً منه: ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا [الأحزاب:113].(1/2)
واشتغل النبي وأصحابه بمقارعة العدو وأخذ العدة وحفر الخندق حتى فاتت المسلمين بعض الصلوات، ففي الصحيحين أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق فجعل يسب كفار قريش، فقال: يا رسول الله! ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي : { والله ما صليت } وقد أهم النبي فوات الصلاة فدعا عليهم { ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس }، وبقيت الساعات العصيبة أياما وليال وزادها سوء نقض بني قريظة العهد مع الرسول فاكتمل عقد الأحزاب حول المدينة الصامدة! ولم بلغ رسول اللع غدر بني قريظة تقنع بثوبه واضطجع ومكث طويلا حتى اشتد على الناس البلاء ثم نهض يقول: { الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره }! وسعى النبي لمجابهة الظرف العصيب وأن يفرق جمعهم فأراد أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة حتى ينصرفوا وتخف الوطأة على المسلمين فيلحقوا بقريش الهزيمة.
واستشار سعد بن معاذ وسعد بن عباده رضي الله عنهما في الأمر، فقالا: يا رسول الله؛ إن كان الله أمرك بهذا فسمعاً بالله وطاعة، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطعمون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعاً، فحين كرمنا الله بالإسلام وهدانا له، وأعزنا بك تعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف. فصوب رأيهما وقال: { إنما هو شيء اصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة }.
وكان النبي في تلك الأيام الصعبة يبعث الحرس إلى المدينة لئلا تؤتى الذراري والنساء على حين غره! فالأمر مهول والأحزاب تسمع أصواتهم، والنبال تصل إلى خيل المسلمين! وقد وصف الله عز وجل تلك الساعات العصيبة بوصف عجيب كأن العين تراهم، فقال تعالى: وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً [الأحزاب:10- 11].(1/3)
ولما أمر الله عز وجل بانجلاء الغمة وتفريج الكربة صنع أمراً من عنده، خذل به العدو وهزم جموعهم وفل حدهم، وساق نعيم بن مسعود للتفريق بينهم! والنبي يرفع يديه إلى السماء { اللهم منزل الكتاب سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم } وكان المسلمون يدعون ربهم "اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا".
فاستجاب الله الدعاء وبلغ الأمل وأذن بالنصر، و أرسل جنودا من الرعب والريح قلبت قلوبهم وقدورهم، وقوضت قوتهم وخيامهم ودفنت رحالهم وآمالهم، فلم تدع قدراً إلا كفأتها ولا طنباً إلا قلعته! ولا قلباً إلا أهلعته وارعبته.
وبعد معركة الأحزاب أزفت البشائر وأشرقت المدينة، بقول النبي : { الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم }، وفي اجتماع الأحزاب في أزمنة متفرقة ومرات عديدة خلال العصور، حكمة بالغة في الرجوع إلى الله، وصدق التوكل عليه، والإنابة والذل وإظهار الحاجة، وبذل الغالي لهذا الدين، قال تعالى: يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون [التوبة:32]. قال ابن القيم رحمة الله: "ومن ظن إدالة أهل الكفر على أهل الإسلام إدالة تامة فقد ظن بالله السوء". وعلى مر العصور وتقلب الدهور قول الصادق { بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والتمكين }، لكن الأمر مشروط بشروطه، ومقيد بقيوده إن تنصروا الله ينصركم [محمد:17].(1/4)