|
تم استيراده من نسخة : المكتبة الشاملة المكية
الثناء المنضبط وسيلة تربوية
نشعر كثيراً في تربيتنا وتوجيهنا أننا نحتاج لبيان الأخطاء وممارسة الانتقاد، وربما اللوم والعتاب، وقد يتطور الأمر للعقوبة، وكل ذلك - حين يكون في إطاره الطبيعي - ليس مجالاً للنقاش أو الاعتراض.
ومنشأ الإشكال إنما هو في اتساع مساحة الانتقاد واللوم على حساب غيره؛ فالنفس تحتاج للثناء والتشجيع، وتحتاج للشعور بالنجاح والإنجاز كما أنها تحتاج للنقد والتسديد، لكن ما يأخذه النقد واللوم من واقعنا أكثر بكثير مما يأخذه الجانب الآخر.
ومن يتأمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه يُثني على أصحابه في مواقف عدة. ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة"(1)، وقوله لأبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لِمَا رأيت من حرصك على الحديث"(2)، وقال ـ أيضاً ـ: "كان خيرَ فرساننا اليوم أبو قتادة، وخيرَ رجالتنا سلمة"(3)، وقال لابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: "إنك غلام معلم"(4)، ومن نظر في أبواب المناقب رأى الكثير في ذلك.
إن الثناء يُشعِر الشخص بالرضا والإنجاز، ويزيد من ثقته بنفسه، والمربُّون اليوم أحوج ما يكونون إلى غرس الثقة بالنفس والشعور بالقدرة على الإنجاز في ظل جيل يعاني من الإحباط، وتسبق هواجس الإخفاق تفكيره في أي خطوة يخطوها، أو مشروع يُقدم عليه.
في حين أن النقد واللوم يسهم في تكريس الشعور بالفشل والإحباط ونموه في النفس، ويضيفه صاحبه إلى تجاربه المخفقة.
(1/1)
والثناء وسيلة غير مباشرة لإثارة تطلُّع الآخرين وحماستهم للتأسي بالمُثْنَى عليه والاقتداء به، وإبرازه مثلاً حياً مشاهَداً أمامهم؛ لذا فحين قدم طائفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم محتاجين للنفقة، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لذلك، فتصدق رجل بصُرَّة كادت يده أن تعجز عنها، فتابع الناس بعد ذلك، حينها قال صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"(1).
وحتى يؤدي الثناء دوره دون إفراط فلا بد من الاعتدال؛ فالمبالغة فيه تُفقده قيمته، وتشعر من يسمعه بأنه ثناء غير صادق ولا جاد.
وهو مذموم حين يوجه لمن لا يستحقه، أو لمن يُخشى عليه العُجْب والغرور؛ بل يستحق من يطلقه حينئذ أن يُحثى التراب في وجهه، كما قال صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب"(2).
ولهذا امتنع صلى الله عليه وسلم عن بيان بعض منزلة قريش، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال: "لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله - عز وجل -"(3).
البيان141
محمد بن عبد الله الدويش
(1/2)
كيف تؤثر في الناس
ارشادات نفسية قديمة تكررت كثيرا في العديد من المؤلفات وأثبتت جدواها ... نقدمها لك بصورة مختصرة ومركزة
· ... لتكون موضع الترحيب اينما حللت ... اظهر اهتماما بالناس
· ... لكي تترك أثرا طيبا فيمن تقابله أول مرة ... ابتسم
· ... لكي تصبح متحدثاً بارعاً ... كن مستمعاً طيباً وشجع محدثك على الكلام عن نفسه
· ... اذا أردت ان يسر بك الناس ... تكلم فيما يسرهم ويلذ لهم
· ... اذا أردت ان يحبك الناس في الحال ... اسبغ التقدير على الشخص الآخر واجعله يحس بقيمته
· ... لكي تكسب انسان الى وجهة نظرك ...
- دعه محتفظا بماء وجهه
- دعه يتولى دفة الحديث
- لاتجادل .. واعلم ان افضل السبل لكسب جدال هو تجنبه
- اعترف بخطئك ان كنت مخطئاً
- اسأل اسئلة تحصل من ورائها على الاجابة بنعم
· ... لكي لاتخلق لك اعداء ... احترم رأي الشخص الآخر و لاتقل لأحد انك مخطئ
· ... اذا كان قلب احد مليء بالحقد والبغضاء عليك فلن تستطيع ان تكسبه الى وجهة نظرك بكل مافي الوجود من منطق . ولكن ... عامله برفق ولين ودع الغضب والعنف وستصل الى قلبه
· ... لكي تحصل على روح التعاون ... دع الشخص الآخر يحس ان الفكرة فكرته
· ... الشخص الذي يبدو انه مشاكس وعنيد يمكن ان يصبح منصفا مخلصاً اذا انت عاملته على ان منصف مخلص ... اي حاول تحفيز الدوافع النبيلة لديهم
· ... اذا اردت النجاح وعندما لاينفع شيء آخر ... ضع الأمر موضع التحدي
· ... لكي تملك زمام الناس دون ان تسيء اليهم او تستثير عنادهم ...
- ابدأ بالثناء الطيب والتقدير المخلص
- تكلم عن اخطائك اولاً قبل ان تنتقد الشخص الآخر
- الفت النظر الى اخطاء الآخرين من طرف خفي وبلباقة
- قدم اقتراحات مهذبة ولا تصدر اوامر صريحة
- اجعل الغلطة التي تريد اصلاحها تبدو ميسورة التصحيح واجعل العمل الذي تريده ان ينجز يبدو سهلا هيناً
(1/1)
· ... لكي تحفز الناس الى النجاح ... امتدح اقل اجادة تراها وكن مخلصاً في تقديرك مسرفاً في مديحك وبث الأمل في نفوسهم بلفت انظارهم الى مواهبهم المكبوته
· ... لكي تؤثر في سلوك انسان ... اسبغ عليه ذكرا حسناً يقم على تدعيمه
(1/2)
كيف تعامل من حولك ؟
هذه بعض الارشادات والتوجيهات عن كيفية التعامل مع الآخرين
(1) - أعط للحدث أو للكلام تعبيراً من الوجه يناسبه أو كلاماً يلائمه.
(2) - فكّر في الموقف الراهن لا بشىء مضى أو شىء مستقبلي إلا عند جلسة سكون وتأمل.
(3) - إن كان لديك فكرة أو نصيحة فاعرضها بأسلوب حسن واضح و لا تأمر بها غيرك لينفذها إلا يكون تحت إمرتك و سلطتك.
(4) - لا تخاطب فرداً حتى ينتهي من كلامه و قابله بظاهر كلامه لا بظنون و تخرصات مسبقة لديك.
(5) - عوّد نفسك على عدم اساءة الظن بالآخرين إلا بما يقتضيه ظاهر الكلام أو الحال.
(6) - إذا كنت في موقف ما أو على هيئة معينة فتصرف وفق الشرع المطّهر بما يناسب ذلك الموقف أو تلك الحال.
(7) - ما تكنه للغير من خير و حب أظهره ولا تجعله كامناً في نفسك والعكس بالنسبة للشر والبغض.
(8) - إذا عملت عمل طاعة أو فعل خير أو سنة فلا تعقّب ذلك أو تسبقه بدليل من القرآن أو السنة يؤيد ذلك إلا أن تكون معلماً لمن أمامك ؛ خشية الرياء.
(9) - أول كلام مع الضيف بعد السلام أن تطلب منه التفضل وترحب به.
(10) - عند ما تسلم على أحد فليكن وجهك تلقاء وجهه مع ابتسامة مشرقة لإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: تبسمك في وجه أخيك صد قة.
(11) - لا تدخل الناس في مشاكلك وهمومك فلديهم ما يكفيهم.
(12) - لتكن معاملتك للناس وسطاً لا غلو فيها بحيث تعظمهم وتخافهم وترجوهم وتعلّق قلبك بهم ، و لاجفاء فيها فتحتقرهم و تزدريهم و تتكبر عليهم ولا تؤدي لهم حقوقهم . بل كن وسطاً تعمل في ذلك بما يقتضيه الشرع المطّهر. وتعدّى آداء الحقوق إلى الاحسان إليهم بالقول والمال والفعل والعون.
(13) - إذا قابلت أخاً لك فرحب به وأسأل عن حاله وما يخصه مما يرضى أن تسأل عنه ، لإن ذلك اهتمام به وتقدير له.
(14) - للزوج : عامل زوجتك كشريكة حياة ورفيقة درب العمر بدون إفراط أو تفريط.
(
(1/1)
15) - للزوج : دع زوجتك تشاركك العواطف والأحاسيس ولا تجعل المبادرة دائماً منك.
(16) - للمعلم : إذا جاءك طالب يسأل فلا تكثر عليه من الاستفسار عن بعض نواحي المسألة لانه جاء ولم يفهم جيداً ، أو أعطه فكرة الحل ودعه يكمل الباقي إن كان يعرفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1/2)
عالج همومك
بالصلاة
إعداد
القسم العلمي بمدار الوطن
http://www.saaid.net/
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فإن الصلاة من أعظم أسباب السعادة والطمأنينة والهدوء وراحة البال ، ولذلك فقد جعلت قرت عين النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، وقرة العين فوق المحبة ، فإنه ليس كل محبوب تقرُّ به العين ، وإنما تقرُّ العين بأعلى المحبوبات وهو الله سبحانه وتعالى وما يقرب إليه ، والصلاة من أعظم ما يقرب إلى الله تعالى ، ومن أعظم ما يريح النفس ويسعدها .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال : (( يا بلال أرحنا بالصلاة )) [ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني ] .
فيا أيها المحزون الذي أثقلته الهموم : راحتك في الصلاة ...
ويا أيها القلق الذي سيطر عليه الخوف : أمنُك في الصلاة ..
ويا من ضاق صدره ، وانكشف بالُه ، واضطرب فؤاده : سعادتك في الصلاة ..
وأنت أخي السجين .. يا من تقاسي من فقد الأهل والأحباب : راحة قلبك وهدوء بالك في الصلاة .
قال تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [ الحجر:97 ،99].
كيف تشكو الوحدة أخي والصلاة خير أنيس ..
كيف تشكو الوحشة والله تعالى جليس من ذكره ، وأنيس من ناجاه !
من مثلكم أخي ... تدخل على ملك الملوك في أي وقت تشاء دون استئذان من أحد .. فلا حجّاب ولا حرّاس .. وأنت الذي تقرر إنهاء الزيارة أو تمديدها ... فالباب مفتوح .. والخير ممنوع ... قال تعالى في الحديث القدسي : (( قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله : حمدني عبدي ..
فإذا قال : {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
(1/1)
قال الله : أثني عليَّ عبدي ..
فإذا قال : { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } .
قال الله : مجَّدني عبدي ..
فإذا قال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } .
قال الله : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ..
فإذا قال : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } .
قال الله : هذا العبدي ، ولعبدي ما سأل )) [ رواه مسلم ] ..
قال ابن القيم رحمه الله : (( فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا ، لما فيها من مناجاة من لا تقرّ العيون ، ولا تطمئن القلوب ، ولا تسكن النفوس إلا إليه ، والتنعم بذكره ، والتذلل والخضوع له ، والقرب منه ، ولاسيما في حال السجود ، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها .
ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا بلال ! أرحنا بالصلاة )) فأعلم بذلك أن راحته صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، كما أخبر أن قرة عينه فيها .
فأين هذا من قول القائل : نصلي ونستريح من الصلاة ! فالمحبُّ راحته وقرة عينه في الصلاة ، والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك ؛ بل الصلاة كبيرة شاقة عليه ، إذا قام فيها كأنه على الجمر حتى يتخلص منها ، وأحبُّ الصلاة إليه أعجلها وأسرعها ، فإنه ليس له قرة عينٍ فيها ، ولا لقلبه راحةٌ بها ))(1).
الصلاة التي نريد
والصلاة التي نريد ليس هي التي يؤديها كثير من الناس بلا روح ولا خشوع ولا طمأنينة ولا تفكر في معانيها ، فإن مثل هذه الصلاة لا تأثير لها في حياة صاحبها ، فالمقصود بالصلاة إنما هو تعظيم المعبود ، وتعظيمه لا يكون إلا بحضور القلب في العبادة . وقد كان بعض السلف يتغير وجهه خوفاً إذا حضرت الصلاة ويقول : أترون بين يدي من أريد أن أقف ؟ فإذا أردت استجلاب حضور قلبك الغائب ، ففرّغه من الشواغل ما استطعت .
__________
(1) ... رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ص ( 33 ، 34 ) .
(1/2)
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشر صلاته ، تسعها ، ثمنها ، سبعها ، سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها )) [ رواه أحمد وأبو داود وحسَّنه الألباني ] .
فهلا سألت نفسك أخي : ماذا كتب لك من صلاتك ؟ بل هلا سألت نفسك هل قبلت صلاتك أم لا ؟ .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت ؛ صلح سائر عمله ، وإن فسدت ؛ فسد سائر عمله )) [ أخرجه الطبراني وصححه الألباني ] .
فالصلاة التي نريد هي الصلاة التي تستجاب بها الدعوات ..
الصلاة التي تكشف بها الكربات ...
الصلاة التي تنزل بها الرحمات ...
الصلاة التي تُدفع بها البليَّات ...
الصلاة التي تقرّب العبد من ربّ البريات ...
فأين نحن من هذه الصلاة .. ؟
الصلاة لوقتها
قال الله تعالى : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء: من الآية103] وقال تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:59 ]
قال أحد السلف : أما إنهم ما تركوها بالكلية ولكن أخروها عن أوقاتها ..
وقال تعالى : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[ البقرة:238]، وقال تعالى : { وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي } [طه: من الآية14] .
وسئل صلى الله عليه وسلم : (( أيُّ العمل خير ؟ فقال : (( الصلاة لوقتها )) [ متفق عليه ] .
تعظيم شأن الصلاة
ولقد كان السلف رضوان الله عليهم يعظمون شأن الصلاة ، ويهتمون بها أعظم اهتمام ، فكانوا يتسابقون إلى المساجد حال النداء ، ويحرصون على حضور تكبيرة الإحرام مع الإمام .
(1/3)
قال سعيد بن المسيب : ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة ! .. وقال : ما نظرت في قفا رجلٍ في الصلاة منذ خمسين سنة ، يعني أنه لم يصلّ إلى في الصف الأول منذ خمسين سنة .
وقال وكيع بن الجراح : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى !
وقال ابن سماعة : مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي (1).
إن تعظيم شأن الصلاة يكون بأمور :
الأول : رعاية أوقاتها وحدودها .
الثاني : التفتيش عن أركانها وواجباتها وكمالها .
الثالث : المسارعة إليها عند وجوبها .
الرابع : الحزن والكآبة والأسف عند فوات حق من حقوقها ..
كمن يحزن على فوت الجماعة ، ويعلم أنه لو تُقُبّلت منه صلاته منفرداً ؛ فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفاً .
وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى ، أو فاته الصف الأول .
وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يديّ الرب تعالى ، الذي هو روحها ولبُّها ، فصلاة بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت ولا روح فيه (2) .
من ثمرات الصلاة
وللصلاة أخي الحبيب ثمرات عديدة منها :
1. أنها أفضل الأعمال :
لقوله صلى الله عليه وسلم : ((استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)) [ رواه أحمد وصححه الألباني ] .
2. أنها نور في القلب والجوارح :
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة نور )) [ رواه مسلم ] .
3. أنها ماحية للخطايا والسيئات :
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم ، يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ ))
قالوا : لا يبقى من درنه شيء .
قال : (( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا )) [ متفق عليه ] .
4. أنها رافعة الدرجات :
__________
(1) فضائل وثمرات الصلاة مع الجماعة ص (6) ...
(2) ... الوابل الصيب ص ( 13 ، 14 ) بتصرف .
(1/4)
لقوله صلى الله عليه وسلم لثوبان : (( عليك بكثرة السجود ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ، وحطّ عنك بها خطيئة )) [ رواه مسلم ] .
5. أنها سبب للفلاح :
لقوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [ المؤمنون : 1- 2] .
6. أنها سبب للنصر :
لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إنها ينصر الله هذه الأمة بضعيفها ؛ بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم )) [ رواه النسائي وصححه الألباني ] .
7. أنها منجية من الفواحش والمنكرات :
لقوله تعالى : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [ العنكبوت: من الآية45] .
8. أنها إغاظة للشيطان :
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلي! أُمر ابن آدم بالسجود فسجد ؛ فله الجنة ، وأمرت بالسجود فأبيتُ ؛ فلي النار)) [ رواه مسلم ] .
9. أنها مذهبة للخوف والهلع والبخل :
لقوله تعالى: { إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ } [ المعارج:19 -22 ] .
10. أنها تنجي صاحبها من النار :
لقوله صلى الله عليه وسلم: (( لن يلج النار أحد صلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها )) يعني الفجر والعصر [ رواه مسلم ] .
فهذه – أخي الحبيب بعض ثمرات الصلاة وفوائدها ، مما يدل على أهمية هذه الصلاة وعظم شأنها في الإسلام ، وكيف لا تكون الصلاة كذلك والله تعالى يقول : { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } [ مريم:59] .
* وحينما يسأل أهل النار عن سبب تعذيبهم في جهنم يخبرون بأن تركهم للصلاة كان سبباً في ذلك : { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ }[ المدثر:42،43 ] .
(1/5)
* وقال : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها ؛ فقد كفر)) [ أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني ] .
* وقال : (( من ترك صلاة العصر ؛ حبط عمله )) [ رواه البخاري ] .
* وقال : (( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين )) [ رواه مسلم ] .
فلا إله إلا الله ما أعظم شأن الصلاة .
ولا إله إلا الله ما أعظم ثمرات الصلاة .
ولا إله إلا الله ما أشدّ حسرة المتهاونين بالصلاة ..
أخي الحبيب !
إن من أسباب سعادتنا ، وحفظ الله لنا ، ورغد العيش الذي نعيشه أن نحافظ على عهد الله في الصلاة ، وأن نتواصى بها .
يقول لقمان عليه السلام وهو يوصي ابنه : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [ لقمان:17] .
فهل من مصلٍّ ؟
هل من مؤدٍّ للصلاة في أول وقتها ؟..
هل من حريصٍ على تلك الشعيرة العظيمة ؟
طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة الفجر ، ففاتته ركعة واحدة ، غلبة الدم ، وحمل على أكتاف الرجال ، ووصل إلى بيته فقال : هل صلّيتُ ؟
قالوا : بقي عليك ركعة .
فقام يصلي فأغمي عليه ، ثم عقد الصلاة فأغمي عليه ، وهكذا حتى أتمَّ الركعة .
فقال : الحمد لله الذي أعانني على الصلاة ..
الله الله في الصلاة .. أما إنه لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة (1) ...
قال الإمام أحمد رحمه الله : إنما حظهم – أي الناس – على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة .
ترك المحرمات
__________
(1) ... وجعلت قرة عيني في الصلاة للشيخ عائض القرني ص (12) .
(1/6)
والصلاة الحقيقية ناهية لصاحبها عن الوقوع فيما حرَّم الله تعالى ، ولن يستمر المصلي على معصية ما دام يؤدي الصلاة عبادة لله وعلى الصفة المشروعة . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( إن فلاناً يصلي بالليل ، فإذا أصبح سرق . قال : (( إنه سينهاه ما يقول )) [ رواه أحمد وابن حبان ] (1) .
فاتق الله – أخي المسلم – وحافظ على صلاتك ، واجعل لها تأثيراً في حياتك وتوجيهاً لك نحو الأفضل ، ومنعاً لك من الفواحش والمنكرات وسائر المعاصي والمخالفات .
نسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على الصلاة ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
* * * *
__________
(1) ... قد أفلح المؤمنون لأحمد المنصور ص ( 3، 4 ) .
(1/7)