بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد :
فقد سبق لي أن اطلعت على كتاب قيم للأستاذ محمد بن شاكر الشريف – سلمه الله – بعنوان ( تحطيم الصنم الديمقراطي ) أتى فيه على معظم شبهات بني علمان بالكسر والتحطيم – ولله الحمد - .
وقد أعجبني انتقاؤه لهذا العنوان المعبر والمثير .
ثم اطلعت بعد ذلك على كتاب بعنوان ( أصنام الفلسفة المادية تتحطم ) للأستاذ عباس يحيى ، أتى فيه – أيضًا – على معظم شبهات الماركسيين الماديين ، فجعلها هباء منثورا .
فقلت : لم يبق إلا الصنم الديمقراطي ينتظر أن يحطمه أهل الإسلام ! بعد أن أكد المفتونون به أنه بمثابة الصنم الذي يُعبد من دون الله .
فهاهو الأستاذ صلاح خليفة يعقد فصلا في كتابه ( صدمة الديمقراطية ) يعنون له ب ( صنم الديمقراطية .. ومعبود حياتنا ) !! وقد صدق فيما قال ؛ لأن القوم قد اتخذوا الديمقراطية الغربية إلها يعبدونه ويؤلهونه من دون الله – عز وجل - ، وأشربوا في قلوبهم حبه ، واتخذوه غاية أمنياتهم ، مخدوعين بالهالات التي أضفاها الغرب عليه ، وكأنه " نهاية التاريخ " كما يزعمون .
لهذا : فقد أحببت أن أساهم بنصيب في تحطيم الآلهة الباطلة ، مقتديًا في ذلك بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، ومرددا ما قاله خاتمهم صلى الله عليه وسلم : " وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا " .
فقد قرأت عشرات الكتب والمقالات عن الديمقراطية الغربية ؛ ثم انتقيت منها ما رأيته يكشف زيفها ، ويعريها على حقيقتها أمام المسلمين ؛ لكي لا يخدعوا بزخرفها الخارجي ، كما قيل :
على وجه مي مسحة من ملاحة
وتحت الثياب العار لو كان باديا
فعملي مقتصر على الانتقاء والتهذيب فقط .
فأسأله سبحانه القبول لما انتقيت وهذبت ، وأن يكون مبصرًا لكل مفتون منخدع بهذه الفكرة الغربية الجاهلية .
والله الموفق والهادي لكل خير .(1/1)
سليمان بن صالح الخراشي
أبومصعب
محتويات الملف :
1- حقيقة الديمقراطية – للأستاذ محمد شاكر الشريف .
2- الديمقراطية اسم لا حقيقة له – للدكتور جعفر شيخ إدريس .
3- نقض الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية – للدكتور محمد أحمد مفتي .
4- الديمقراطية تأملات وطموحات – للأستاذة مفيدة محمد إبراهيم .
5- الديمقراطية والحرية !! – للأستاذ حافظ صالح .
6- الديمقراطية المفاهيم والإشكالات - للأستاذ ناجي علوش .
7- كواشف زيوف - للأستاذ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني .
8- من مفاسد الديمقراطية – للشيخ عبدالمجيد الريمي .
9- قصيدة :فتنة "الدُّهَيْمَاء"في العالم الإسلامي (الفساد والديموقراطية) ؛ للأستاذ محمد مغلس .(1/2)
كتاب : تحطيم الصنم الديمقراطي
يحتوي على عدة أبحاث
اعداد وانتقاء سليمان بن صالح الخراشي
1- حقيقة الديمقراطية - الشريف
2- الديمقراطية اسم لا حقيقة له - ادريس
3- نقض الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية - مفتي
4- الديمقراطية تأملات وطموحات - مفيده
5- الديمقراطية والحرية !! - حافظ
6- الديمقراطية المفاهيم والإشكالات - علوش
7- كواشف زيوف - حبنكه
8- من مفاسد الديمقراطية - الريمي
9- قصيدة :فتنة "الدُّهَيْمَاء"في العالم الإسلامي (الفساد والديموقراطية)
صفحة الشيخ سليمان بن صالح الخراشي
http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/(1/1)
الديمقراطية : المفاهيم والإشكالات
يقول الأستاذ ناجي علوش :
( ولكن هل يعني ذلك أن حكم الشعب قد تحقق تماماً؟ وأن الشعب يحكم نفسه بنفسه في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ....الخ
إن الأمر ليس على هذا المستوى من البساطة، لأن التطور الذي حدث، وأسقط الحكم الفردي الوراثي، أقام حكم أقلية جديدة ؛ هي الأقلية المتمولة التي استعانت بنقمة العامة على الحكم المستبد، لتقيم سلطتها.
نحن إذن أمام حكم أقلية. ولكنها أقلية مختلفة عن أية أقلية سابقة، وهي تتسم بأمرين رئيسين:
الأول: أنها تدير عملية إنتاج كبرى، تستوعب ملايين الملايين من البشر، وتنتج فوائض هائلة، وتسهم في التقدم الاقتصادي والعلمي والثقافي والعسكري، وبالتالي، فهي ليست أقلية معطلة لعملية الإنتاج والتقدم، ولا هي أقلية نهابة، دون أن يكون لها دور في الإنتاج، كما كان الأمر في عصور الفئات الحاكمة السابقة.
الثاني: أنها تقر للناس بأنهم أحرار، وأنهم متساوون أمام القانون، وأصحاب حقوق طبيعية في حرية العقيدة والرأي والنشر، وأن لهم جميعاً حقوقاً متساوية في المساهمة في اتخاذ القرارات التي تنصب على المجتمع كله، وتمس حياة كل فرد فيه.
وتطلق هذه الأقلية شعار "المنافسة الحرة"، و"المساواة في الفرص".
ولكن هذه المنافسة الحرة، تسفر دائماً عن انتصار الأقلية المتمولة، لأنها تدير عملية الإنتاج الكبرى، وتملك رأس المال، وتتصرف بإمكانات هائلة، لا تجعل سائر الشعب قادراً على منافستها.
ولأن هذه الأقلية، تبني قواها لتستطيع قيادة الدولة، وتعبئ قطاعات من الشعب لمصلحتها، وتملك من إمكانات السيطرة، ما يجعلها قادرة على إضعاف أي تبلور سياسي أو نقابي مناوئ، وعلى سحق كل قوة إذا كانت تهدد النظام القائم، حتى ديمقراطياً.(1/1)
وهذه الأقلية لا تكتفي باستخدام أجهزة الدولة، بل تنشئ عصاباتها وقواها الفاشية، لتضرب خصومها، وتستخدم أية عصابات متوافرة لتحقيق أغراضها، إنها تضع القانون لحماية مصالحها، ولا مانع لديها من تجاوز القانون لحماية أهدافها الطبقية ).
( إن الدول الفاتحة، ظلت تتغنى بشعارات الديمقراطية، وتدعي أنها تحتل لتُمَدِّن وترقي، إلا أن تجربة حوالي مائتي عام، أثبتت ما يلي:
1-أن الاحتلال لم يُرق بلداً، ولا مدن قطراً، وأن خروج قوات الاحتلال من هذا القطر أو ذاك، كشف آثار التدمير والنهب وتشويه البنى الذي تركه الغازي المحتل.
2-أن كل تعلق طلائع الشعوب المقهورة بأطروحات الديمقراطية الغربية، لم يؤد إلى قيام نظام ديموقراطي في أي قطر من أقطار العالم التابعة، سواء خلال وجود الاحتلال، أو بعد رحيله ).
المرجع : " الديمقراطية : المفاهيم والإشكالات " ، ناجي علوش ، ص 66-67، 75-76) .(1/2)
الديمقراطية اسم لا حقيقة له
د جعفر شيخ إدريس
( لم تجد الديمقراطية في تاريخها كله رواجاً مثلما وجدت في عصرنا هذا : لقد كان معظم المفكرين الغربيين منذ عهد اليونان كثيري النقد لها ، بل ورفضها ، حتى إن أحد الفلاسفة البريطانيين المعاصرين ليقول : إذا حكمنا على الديمقراطية حكماً ديمقراطياً بعدد من معها وعدد من ضدها من المفكرين لكانت هي الخاسرة .
أما في عصرنا فإن الدعاية الواسعة لها أعمت كثيراً من الناس . لا سيما في بلادنا ـ عن عيوبها التي يعرفها منظورها الغربيون ـ بل إن المفتونين بها المروجين لها صاروا يصورونهم كالبلسم الشافي لكل مشكلات المجتمع السياسية وغير السياسية . لذلك رأيت أن أشارك في تصحيح هذه الصورة الكاذبة ابتداء بهذا المقال الذي أرجو أن يكون فاتحة لكتاب كامل عن مشكلات الديمقراطية والبدائل الإسلامية .
أول ما يؤخذ علي الديمقراطية كونها اسماً لا حقيقة له ، أعني أنه إذا وصف لك نظام سياسي بأنه دكتاتوري أو ديني مثلاً تصورت ما المقصود بهذه الوصف ، وكانت صورتك الذهنية هذه مطابقة للواقع الذي يوصف بهذا الوصف . ولكن ليس كذلك الآمر بالنسبة للديمقراطية ، إذا إن الديمقراطية كما يدل عليها اسمها ، وكما يعرفها كبار منريها وساستها هي حكم الشعب . لكن الصورة الواقعية لما يسمي بالديمقراطية ـ مهما كانت حسناتها أو سيئاتها ـ ليست هي حكم الشعب :
أولا : لأن مفهوم الشعب نفسه مفهوم غامض كما يرى بعض كبار منظري الديمقراطية . استمع إلى الأستاذ ( رو برت دال ) الذي ربما كان صاحب أشمل بحث أمريكي عن الديمقراطية ، وهو الذي وصف في غلاف كتابه هذا ننقل عنه بأنه " من أبرز منظري زماننا السياسيين " وأنه نال على هذا الكتاب جائزتين كبيرتين :(1/1)
" إن دعاة الديمقراطية ـ بما في ذلك الفلاسفة السياسيون ـ يتميزون بكونهم يفترضون مقدماً أن هناك شعباً موجوداً فعلاً ، إنهم يعدون وجوده واقعياُ صنعه التاريخ ، لكن هذه الواقعية أمر مشكوك فيه ، كما كان مشكوكاً فيه في الولايات المتحدة عام 1861 م عندما حسم الأمر بالعنف لا بالرضي ولا بالإجماع . إن الافتراض بأن هناك شعباَ موجوداً ، وما يبنى على هذا الافتراض من لوازم تصير جزءاً من النظرية الديمقراطية الخيالية "
الذين أسسوا النظام الديمقراطي كانوا فئة قليلة من الناس هم الذين قرروا من الذي يستحق أن يدخل في مسمي الشعب الحاكم ومن الذي لا يستحق .
ثانياُ : لأن الشعب لم يكن في يوم من الأيام ولن يكون حاكماً ، ذلك أمر متعذر . وإليك بعض شهادات أهلها على ذلك :
إن الديمقراطية المثالية هي ما يسمي بالديمقراطية المباشرة التي يقال إنها كانت تمارس في أثينا ، أول دولة ديمقراطية نشأت في القرن الخامس قبل الميلاد . تسمى بالمباشرة ، لأن " الشعب " كان يجتمع في العام أربعين مرة ليناقض كل القضايا السياسية المهمة مناقشة مباشرة ويدر فيها قراراته ، لكنها مع ذلك لتم تكن حكم الشعب :
1- لأن الذين أسسوا النظام الديمقراطي كانوا فئة قليلة من الناس هم الذين قرروا من الذي يستحق أن يدخل في مسمي الشعب الحاكم ومن الذي لا يستحق ، استثنوا النساء ، والرقيق ، وكل من كان من أصل غير أثثني مهما طال مكثه يها ، وعليه فلم يكن الذين لهم حق المشاركة السياسية آلا نسبة ضئيلة من المواطنين
2- كان يكفي لا اعتبار الاجتماع منعقداً أن يحضره ستة آلاف مما يقدر بست وثلاثين ألف عضو ، أي إن القرارات المتخذة فيه لم تكن قرارت تلك الفئة كلها التي أعطيت حق الحكم
3- كانت مدة الاجتماع لا تتجاوز عشر ساعات ، فلم يكن بإمكان الناس جميعاً أن يشاركوا في المداولات ، وإنما كان الذي يستأثر بالكلام بعض قادتهم ، وكانت البقية تابعة لهم .(1/2)
لما بعثت الديمقراطية مرة ثانية في القرن الثامن عشر في أوربا كان من المتعذر أن تكون ديمقراطية مثل ديمقراطية أثينا بسبب الازدياد في عدد السكان ، وصعوبة اجتماعهم ، ولكن بدلاً من أن يقال إن الديمقراطية بمعنى حكم الشعب غير ممكنة الآن ، فلنبحث عن نظام حكم آخر بتناسب مع واقعتا .
تحايل بعضهم فسمى ديمقراطية أثينا بالديمقراطية المباشرة . واقترح أن تكون الديمقراطية الحديثة ديمقراطية غير مباشرة ، أو ديمقراطية تمثيلية ، أي ديمقراطية يختار فيها الشعب فئة قليلة منه ممثلة له وحاكمة باسمه . كان هذا التحايل ضرورياً ، لأنه كانت هناك أزمة سيادة : من هو الجدير بأن يكون السيد الآمر الناهي الذي لا معقب لحكمه ؟ كانت هذه السيادة للملوك ، وكانوا يعدون هذا الحق حقاً إلهياً أعطاهموه الله تعالى ، لأن الناس كانوا قبل ذلك مؤمنين يعتقدون أن مثل السيادة لا تكون إلا لله أو لمن أعطاها الله له ، لكن الناس لم يعودوا يؤمنون بهذا بعد الثورة الفكرية الكبيرة التي حدثت في قرنهم الثامن عشر ، والتي كانت في مجملها دعوة للانسلاخ من حكم الدين في كل مجال من مجالات الحياة . لم يكن هناك من بديل لحكم الله أو لحق الملوك المقدس في الحكم ، إلا أن يقال إن الحكم للشعب كله ، فهو صاحب الكلمة الأخيرة فيما ينبغي أن يكون أو لا يكون . لكن الديمقراطية المباشرة عن أن تكون حكماً للشعب ، وذلك :
1- لأن الحكم له معنيان : حكم تشريعي ، وحكم تنفيذي . فبأي معنى يحكم الشعب ؟ لا يمكن ان يحكم بالمعني الثاني ، لأن الشعب لا يمكن أن يكون كله رأس دولة أو مجلس وزراء أو قائد جيش ، وكان الفيلسوف الفرنسي رو سو أول من سخر من الديمقراطية بمعنى الحكم التنفيذي ، فقال :(1/3)
إذا أخذنا العبارة ـ يعني كلمة الديمقراطية ـ بمعناها الدقيق ، فإنه لم تكن هناك قط ديمقراطية حقيقة ، ولن تكون . أنه من المخالف للنظام الطبيعي أن تكون الأغلبية حاكمة والأقلية محكومة . إنه لا يتصور أن يكون الشعب مجتمعاً دائماً لقضاء وقته في تصريف الشؤون العامة . ومن الواضح ِأنه لا يمكن أن يكون لجاناً لهذا الغرض إلا بتعبير شكل النظام الإداري .
2- لم يبق إذن إلا الحكم بمعنى التشريع ، لكن الشعب ليس هو المشرع في الديمقراطية النيابية ، وإنما هو الذي ينتخب من يشرع ومرة أخرى نستمع إلى رو سو ساخراً من هذا :
إن الأمة الإنجليزية تعتبر نفسها حرة ، لكنها مخطئة خطاء فادحاً ، إنها حرة أبان فترة انتخابات أعضاء البرلمان ، وبمجرد أن ينتخبوا ، فإن العبودية تسيطر عليها ، فلا تكون شيئاً وكيفية استفادتها من لحظات الحرية القصيرة التي تستمتع بها تدل على أنها تستحق أن تفقدها
3- لأن نواب الشعب ليسوا هم الشعب حتى لو كان يجتمعون للبت في قضية واحدة يعرف كل منهم رأي ممثليه فيها، أما والقضايا كثيرة ومعقدة وبحاجة إلى علم لا يتأتي لعامة الناس ، فإن الحكم لا يكون حكم الشعب . نعم ! إن كل نائب منهم يتجنب المشاركة في تشريع يعلم أن أكثر الناس في دائرته الانتخابية لا توافق عليه ، وأنه إن شارك فيه فربما يفقد مقعده في الانتخابات التالية . لكن هذا قليل جداً من كثير .
4- والمتخبون لا يكونوا في الواقع منتخبين بالإجماع الذي يقتضيه وصف الحكم بأنه حكم الشعب ، وإنما ينتخبون بالأغلبية ، والأغلبية ليست هي الكل ، وما ترتضيه الأغلبية في دائرة معينة قد لا ترتضيه الأغلبية في دائرة أخرى ، أو قد لا ترتضيه أغلبية الشعب لو كان انتخابه مباشراً ، لكنه مع ذلك يعد ممثلاً للشعب و حاكماً باسمه .(1/4)
5- ثم إن الأغلبية لم تكن في بداية الديمقراطية هي أغلبية الشعب كله ، فقد استثنوا منها النساء ، واستثنوا بعض الفقراء ، واستثني الأمريكان الأرقاء ، فلم يدخل النساء في مفهوم الشعب الحاكم الذي يحق له أن يصوت إلا في عام 1918 م في بريطانيا ، وعام 1920 م في الولايات المتحدة ، ولم يعط السود هذا الحق إلا بتعديل للدستور الأمريكي في عام 1886 م ، ولكن حتى بعد شمول مفهوم الشعب الحاكم لكل المواطنين باستثناء الأطفال ، ظلت بعض الفئات محرومة من حق المشاركة في الانتخابات . استمع إلى ما يقول هذا المؤلف الأمريكي في كتاب له حديث عن الديمقراطية : ملايين من الناس يبقون فاقدين حق التصويت كلياً أو جزئياً : مئات الألوف من المواطنين الذين يعيشون في واشنطن العاصمة ، مليون ونصف مليون ممن ارتكبوا جنحاً وعوقبوا على ارتكابها ، لكن ولا ياتهم تحرمهم رغم ذلك من التصويت . عدة ملايين من الذين يعيشون في بروتوريكو وأقاليم فيدرالية أخري ، والملايين غير المحددة في أمريكا كلها الذين تضع أوارق تصويتهم ، أو تحسب خطاء أو تحطم في كل انتخاب .
6- وبما أن الانتخابات في أمريكا إنما يشارك فيها من سجل اسمه للمشاركة فيها قبل بدئها ، وبما أن كثير من الناس لا يسجلوا أسمائهم ، فإن الأغلبية إنما تكون أغلبية من صوتوا ممن سجلوا ممن يحق لهم أن يصوتوا ، وقد كانت هذه النسبة في انتخابات عام 2000 م كالآتي كما جاء في تقرير حكومي رسمي :
من مجموع عدد الناس البالغ عددهم 203 مليون والذين كانت أعمارهم 18 عاماً أو أكثر ، 186 مليوناً منهم مواطنون ، سجل منهم للانتخابات 130 ، وصوت منهم 111 ، وعليه فقد كانت معدلات تصويت السكان الذين أعمارهم 18 عاماً أو أكثر 55 % من مجموع السكان ، و 60 % من المواطنين ، 86 % من المسجلين .
الديمقراطية الليبرالية :(1/5)
هناك أمر لا يتفطن إليه كثير من الناس هو أن الديمقراطية في البلاد الغربية ليست ديمقراطية خالصة مطلقة وإنما هي ديمقراطية مقيدة بالليبرالية . ما معنى هذا ؟ الليبرالية نظرية سياسية فحواها أن المجتمع يتكون أساساً من أفراد ـ لا من طبقات ولا من أسر ولا من أي تجمعات أخري ـ وبما أن الفرد هو أساس المجتمع ، وبما ان له ـ بوصفه فرداً ـ حقوقاً أهمها حريته ، فإنه لا يجوز للحكومة ولا لفئة من الشعب ، بل ولا لأغلبية الشعب أن تتغول على حريته . ولذلك فإنهم يدعون إلى ما يسمونه بالحد الأدنى من الحكومة ، أي إن الأساس هو أن يترك الأفراد أحراراً يختارون ماشاؤوا ، فعلى الدولة أن لا تتدخل تدخلاً اضطرارياً الغرض منه حفظ حقوق الأفراد التي قد يتغول عليها بعضهم . ويحذرون لذلك مما يسمونه بدكتاتورية الأغلبية . كنت أنوي الاستدلال على ذلك بكتابات عدد من الساسة والمنظرين الغربيين ولا سيما الأمريكيين منهم ، لمن أغناني عن كل ذلك كلام وجدته لواحد منهم معروف اسمه ( ليبمان ) قال عنه مقدمو الكتاب الذي نشروا فيه مجموعة من مقالاته ، والذي ننقل منه النصوص التالية : " إنه ربما كان أعظم مفكر سياسي بصدده :
" يجب في رأيي أن نرفض القول بأن مبادئ الحرية والعدالة والحكم الصالح إنما تتمثل في حكم الأغلبية .
هنا يكمن أصل المسألة . لقد كان [ الرئيس ] واشنطن يعتقد أن الشعب يجب أن يحكم ، لكنه لم يكن يعتقد أنه بسبب حكم الشعب تتحقق الحرية ويتحقق العدل والحكم الصالح . كان يعتقد أن الشعب ذا السيادة لا يؤتمن الملك ذو السيادة الذي كان هو خلفاً له ـ على السلطة المطلة .
إنه لم يخدع نفسه .... إنه لم يكن يؤمن بما صار الآن الأيديولوجية الديمقراطية السائدة : أن كل ما رأت جماهير الناس أنها تريده فيجب أن يقبل على أنه الحقيقة .(1/6)
لقد كان يعلم أنه لا ضمان من أن يتحول حكم الشعب إلى حكم قهري ، تعسفي ، فاسد ، ظالم وغير حكيم ، إن الشعب أيضاً يجب أن يكبح جماحه . إنه كغيره يجب أن يحاسب . إنهم كغيرهم يجب أن يعلموا ، إنهم كغيرهم يجب أن يرفعوا فوق مستوى سلوكهم المعتاد "
سيقول الديمقراطي المللتزم بمبدئه : لكنكم بهذا تضعون سلطة فوق سلطة الشعب ، والمبدأ الديمقراطي هو أن السلطة للشعب ، فلا أنت إذن ياليبمان ولا واشنطن من قبلك بديمقراطيين . سيرد ليبمان بأنكم تحتاجوننا بالديمقراطية الخالصة التي تؤمن بسيادة الشعب إيماناً مطلقاً ، لكن الديمقراطية التي أتحدث عنها وأدعو إليها هي الديمقراطية اللبرالية التي تحد من هذه السلطة .
سيذهب بعض اللبراليين الذين جاؤوا من بعد واشنطن بعقود إلى أبعد مما ذهب إليه فيؤكدون أن الليبرالية عندهم هي الأساس ، وأنه إذا حدث تعارض بينها وبين الديمقراطية فينبغي التضحية بهذه لا بتلك . فهذا هو المفكر الليبرالي هايك يقول بعد أن دافع عن الديمقراطية دفاعاً قوياً ، وبعد أن بين ضرورة الليبرالية لها في كتاب له نال شهرة واسعة قبل خمسين عاماً :
لا أريد أن أجعل من الديمقراطية وثناُ يعبد ، فربما يكون حقاً أن جيلنا يتحدث ويفكر أكثر مما يجب عن الديمقراطية ، وأقل مما يجب عن القيم التي تخدمها ... إن الديمقراطية في جوهرها وسيلة .
إنها أداة عملية لضمان الأمن الداخلي والحرية الشخصية . فليست هي بهذه المثابة معصومة ولا مضمونة . كما أن لا ننسى أنه ما تحقق قدر من الحرية الثقافية والروحية في ظل حكم مطلق أكثر مما تحقق في بعض الديمقراطيات "
موقفنا من النظم التي تسمي بالديمقراطية :(1/7)
النظم السياسية التي تسمى بالديمقراطية ليست هي إذن ديمقراطية بمعنى أن الحكم فيها للشعب ، وإنما هي نظم سياسية مختلفة وإن كان بينها خصائص مهمة مشتركة . فمن الخطأ إذن تعريف الديمقراطية بأنها نظام الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو فرنسا أو غيرها من الدول الغربية . وعليه فإذا كان من حق هذه الدول أن تجتهد وتختار لنفسها ما تراه مناسباً لها من تفاصيل المؤسسات والقيم السياسية ، مع أنها جميعاً تتسمى بالديمقراطية ، أفلا يكون من حقنا أيضاً أن نختار من المبادئ والقيم السياسية ما نراه مناسباً لهويتنا وواقعتا ووسيلة أحسن لتحقيق أهدافها ، سواء كان فيه ما يشابه النظم الديمقراطية أو يخالفها ؟ بلي ! بل إن هذا لهو المسلك الطبيعي لكل أمة تقضي بعقلها وتحترم نفسها وتعتز بهويتها وأصالها .(1/8)
وعليه فإذا أرادت دولة من دولنا أن تختار لنفسها نظاماً تراه معبراً عن هويتها ومناسباً لعصرها ، فيجب أن تبدأ بتقرير المبادئ والقيم التي تريد للدولة أن تلتزم بها ، ثم تبحث بعد ذلك عن المؤسسات المناسبة لعصرها وظروفها التي يمكن أن تحمل تلك القيم وتعبر عنها . يمكنها مثلاُ أن تقول إنها تريد لدولتها أن تمييز بخصائص منها اختيار الأمة لحاكمها ، وسيادة حكم القانون ، وحرية الرأي ، وأن يكون كل هذا في نطاق ما تؤمن به من منهج في الحياة لا يلزم أن يكون مماثلاُ لمناهج الحياة الغربية . فإذا كانت أمة مسلمة جعلت كل ذلك في نطاق هدي الكتاب والسنة ، وأضافت اإليه أموراً مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمحافظة على الدين والدفاع عنه ، وهكذا . إنه لا يلزم من موافقة الديمقراطية الليبرالية الغربية في بعض الجزئيات أن يأخذ الموافق سائر ما فيها ، أو أن يتبنى فلسفتها ، أو يتسمى باسمها . ثم إن ما في الديمقراطية من حسنات ليس خاصاً بها ولا مرتبطاً بها ، بل يمكن أن تخلو هي منه كما يمكن أن يوجد في غيرها ، بل قد وجد الكثير منه حتى في حياة جاهليتها العربية ! لكن المجال الآن ليس مجال التوسع في هذا الأمر ) .
( مجلة البيان ، العدد 196 ).(1/9)
الديمقراطية والحرية !!
حافظ صالح
( وأما من حيث الأصل الذي جعلته – الديمقراطية - أساساً لها، وهو قولها حكم الشعب بالشعب فهذه كذبة كبرى تحكم هي على ذاتها بالكذب. فهذا قول بعيد عن الصحة تماماً، سواء من حيث الحاكم، أو من حيث قواعد الحكم ونظمه وقوانينه، فهذه أمور تتناقض مع الواقع وتخالفه تماماً حتى لو بنيت على الحل الوسط، أو النزول على حكم الأكثرية.
أما من حيث حكم الشعب، فإن الشعب لا يحكم ، والذي يسن الدستور ويضع التشريعات والقوانين هم فئة قليلة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جداً من الناس، وأما من حيث الحاكم أي بالشعب، أي أن الشعب هو الذي يختار حكامه، فإن هذا القول مبني على مغالطة فظيعة. فالذي يحكم واحد أو هيئة تنفيذية لا تزيد في كل أحوالها عن مجموعة صغيرة تقوم بتنفيذ ما شرع لها من أحكام. وأما الذين اختاروا هذه الفئة فهم أقلية في المجتمع، أما تفصيل هاتين النقطتين فهو كما يلي:
فالنقطة الأولى التي تقول حكم الشعب، أي أن الشعب هو الذي يضع دستوره وقوانينه وتشريعاته فما من أحد منا إلا عاصر نشوء دول أو كيانات سياسية، أو عاش في بلد ديمقراطي تلمس بطلان هذا القول. ومع ذلك ونحن نحاكم هذه الفكرة فلا بد لنا من توضيح كيف يوضع الدستور أو تسن التشريعات.(1/1)
حين نشوء دولة ما، أو وجود كيان سياسي جديد، أو إجراء تغيير أساسي في دولة من الدول بسبب انقلاب أو غيره، يعمد القائمون على هذا النشوء أو هذا التغيير إلى إيجاد هيئة مؤسسة قد تكون من كبار المحامين والحقوقيين والمشرعين في البلد ، تقوم على وضع دستور لذلك البلد، إما من بنات أفكارهم، وانطلاقاً من القواعد والأسس الموجودة في نفوسهم، وإما أن ينقلوه عن دستور أو دساتير دول أخرى مع إجراء بعض التعديلات عليه، ثم يطبق هذا الدستور على الناس، إما دون الرجوع إلى الناس، وإما بعرضه على المجلس التشريعي في ذلك البلد ليرى رأيه في تعديل بعض المواد أو إقرارها جميعها، أو بعرضه على جميع الناس. وفي كلا الحالين فإن الأغلبية العظمى من أية أمة من الأمم لا تعرف التشريع، وليس لها أدنى إطلاع على سن القوانين، ووضع الأسس لتنظيم الحياة، ولذلك فإن هذا القول –حكم الشعب- ليس له واقع إطلاقاً من حيث وضع الدستور، وهو تنظيم شكل الدولة، وأجهزتها، وصلاحيات المسؤلين فيها، وصلاحية كل جهاز، فهذه أمور تتطلب الاختصاص ولذلك فإن الأمة بمجموعها تجهل مثل هذه الأمور تماماً كما يجهلها مجلس النواب نفسه.
وأما من حيث التشريعات القانونية، فهم يدعون أن الهيئة التشريعية أي مجلس النواب –الكونجرس- هو ممثل للأمة، وأنه هو الذي يضع القوانين، وكما نقضنا موضوع الدستور الذي هو قوانين عامة، أو قوانين أساسية ننقض كذلك أي قانون يراد تشريعه، ذلك أن أعضاء مجلس النواب أولاً لا يمثلون الأمة وإنما يمثلون الفئة الأقل بالنسبة للأمة. فحين انتخبوا لتمثيل الأمة لم يكونوا وحدهم فقط هم المرشحون وفازوا بالتزكية، بل كان لهم منافسون وجرت الانتخابات الحرة لتقرير الفائز الممثل للناس. فحين يتنافس ثلاثة أو أكثر على مقعد من المقاعد، وهذا هو الأصل، فإن الفائز يمثل الفئة الأقل في دائرته الانتخابية، وذلك بسببين :(1/2)
السبب الأول : هو تخلف نسبة كبيرة من الناخبين قد تزيد على الأربعين في المئة، ثم تتوزع البقية الباقية بين المتنافسين، فقد يفوز من يأخذ عشرين في المائة من الناخبين في دائرته، وبهذا يكون المجلس لا يمثل إلا الفئة الأقل.
هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن هؤلاء الممثلون لم يختارهم الناس لأنهم قادرون على التشريع وسن القوانين. ولذلك قد لا نجد فيهم من يفهم التشريع والقانون إلا القليل النادر، وهذه القلة النادرة تشكل منها لجنة قانونية تقوم بوضع مشاريع قوانين، ثم تعرض على البقية من هؤلاء النواب الذين لا يعرفون ما هي التشريعات والقوانين لإقرارها، وغالباً ما تقرها الهيئة التشريعية بكاملها، ومع ذلك يدعون أن هذا حكم الشعب !! فهل ينطبق هذا القول على الواقع ؟!.
هذا من حيث قولهم حكم الشعب، وقد تبين لنا فساد هذا القول، وعدم مطابقته للواقع، وأما قولهم بالشعب، ويعنون بذلك أن الشعب هو الذي يختار حكامه، فإن هذا القول لا يقل مغالطة عن سابقه، وينطبق عليه ما ذكرناه عن سن القوانين والتشريعات ووضع الدستور، وإليكم البيان:
قيل -وهو قول حق- إنه بالمثال يتضح المقال، فليكن المثال من الواقع الذي تعيشه الشعوب والأمم. فلنفترض أن شعباً من الشعوب الديمقراطية، وليس فقط من الشعوب التي تدعي الديمقراطية، انتهت مدة حاكمه وأراد هذا الشعب اختيار حاكم جديد له، بدلاً من الحاكم السابق. فإن الديمقراطية تجيز لأي فرد من أفراد هذا الشعب أن يرشح نفسه للانتخاب، فمن الطبيعي أن يتسابق من يرون في أنفسهم القدرة على القيام بأعباء الحكم للفوز بهذا المنصب، وتعطى لهم الفرصة للقيام بحملاتهم الانتخابية، وصرف الأموال الطائلة عليها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تقوم الجهات المسؤولة بإعداد قوائم المرشحين، وتنظيم مراكز الاقتراع، إلى غير ذلك من الأعمال التي تقتضيها عملية الترشيح والانتخاب.(1/3)
فلو افترضنا أن هذا الشعب مكون من عشرين مليون نسمة، فإن أعلى نسبة فيه لعدد الناخبين لا تتعدى 25% من عدد السكان، أي أن قوائم المرشحين تحتوي على خمسة ملايين ناخب فقط. فما عدد الذين سيحضرون إلى مراكز الاقتراع ويدلون بأصواتهم ؟ ولنضع بعين الاعتبار ما في ذلك المجتمع من مسنين أو معاقين لا يستطيعون الحضور إلى مراكز الانتخاب. ففي أحسن الحالات وفي أكثر الشعوب حيوية لا يزيد مطلقاً عدد الحضور عن 80% من مجموع الناخبين، أي أن العدد سوف لن يزيد عن أربعة ملايين ناخب.
فإذا كان عدد المتنافسين على كرسي الرئاسة أربعة مثلاً أو أكثر، فإن هؤلاء الأربعة سيتقاسمون هذه الأصوات بنسب متفاوتة، فيحظى بهذا المنصب من يأخذ أكبر عدد من الأصوات، فلو أخذ أحدهم –بفوز ساحق- مليوني صوت، وتقاسم الثلاثة الآخرون الأصوات الأخرى. فإن من حصل على مليوني صوت سيصبح هو الحاكم حتماً، ثم يقوم باختيار الهيئة التنفيذية التي ستساعده في تنفيذ الأحكام وتطبيقها على المجتمع.
وبهذا يكون الحاكم ممثلاً فقط لمليوني فرد فقط ،ويعارضه مليونان آخران معارضة فعلية ،وسكت عنه مليون ناخب لم يدلوا بأصواتهم، وفرض نفسه على خمسة عشر مليوناً !!
فهل هذا هو حكم الأكثرية؟!
أم هو حكم الأقلية؟!
ولذلك فإن القول بأن الديمقراطية هي حكم الشعب كذبة كبرى، وأكبر منها أن يقال إن الحكم للأكثرية. وكان الأولى بل الأصح أن يسمى هذا النوع من الحكم : حكم الأقلية للأكثرية ، وليس العكس. سواء من حيث اختيار الحكام، أم من حيث تنفيذها، وحتى أيضاً من حيث تشريعها وسنها قوانين للتنفيذ.
ومن هنا نقطع يقيناً أن نظام الحكم الديمقراطي هو حكم الأقلية للأكثرية قولاً وعملاً. ولا نجافي الحقيقة حين نؤكد أن الشعب لا يختار حكامه بشكل صحيح، ولا يضع دستوره أو قوانينه أو تشريعاته بنفسه، وعليه فالديمقراطية فكرة خيالية لا يقرها العقل السليم، ولا تنطبق على الواقع ).
((1/4)
أما الشبهة التي تسلل الغرب منها واتخذها تكئة للوصول إلى أهدافه فهي تصويره لنظام الحكم في الإسلام أنه نظام شوري، وأنه يقوم على الشورى، مكتفياً بهذا الدجل الرخيص ليدخل منه إلى قلوب الناس، كما صور كذلك أن الديمقراطية هي الشورى، ونظام الحكم فيها هو الشورى. مستغلاً بذلك جهل الناس بنظام الحكم في الديمقراطية، ونظام الحكم في الإسلام، وجهلهم كذلك بمعنى الشورى، سواء في الإسلام أو في الديمقراطية، ولذلك كان لابد من إلقاء الضوء على هذه الفرية السخيفة، وهذا الدجل الفاضح. والغريب أن هذه الحيلة قد انطلت على بعض أبناء الأمة، إن لم تكن على غالبيتهم، من علماء ومفكرين ومثقفين.
فالشورى ليست نظام حكم، بل ولا نظام حياة، وليست معالجة لأي عمل من الأعمال، وإنما هي وسيلة أو أسلوب أو كيفية تُتبع في التحري عن الرأي الصائب. حيث إن الشورى هي أخذ الرأي مطلقاً، فحين يريد الإنسان، أي إنسان، حاكماً أو محكوماً، مديراً أو موظفاً، عاملاً أو مزارعاً، حين يريد التوصل إلى رأي في مسألة ما، أو التبس عليه معرفة رأي بمسألة ما. فإنه يرجع إلى من يأنس فيهم حسن الرأي، والقدرة على معرفة الصواب في مثل مسألته، لأخذ رأيه فيها.
فالحاكم يرجع إلى مستشاريه وهم من لهم خبرة بشؤون الحكم إن أراد. والقاضي يرجع إلى الفقهاء والمجتهدين لمعرفة رأيهم في مسألة قضائية، والمهندس يرجع إلى من لهم خبرة في الهندسة. والطبيب يرجع إلى من لهم خبرة في الطب وهكذا، ولا يصح من أحد أن يرجع إلى أناس ليس لهم خبرة أو اطلاع في مسألته ليسألهم عنها، وهل يصح من قائد جيش أن يسأل طبيباً عن فعالية طائرة ما، أو صاروخ ما. فإن فعلها كان سخيفاً ولا يجوز له أن يكون قائد جيش. وهل يصح لمجتهد أن يسأل مهندساً في قضية شرعية التبس عليه فهمها دون أن يكون لهذا المهندس اطلاع على الفقه والتشريع. فالمسألة إذن هي أخذ الرأي ممن هم مظنة أن يكون عندهم الرأي الصواب في المسألة ).
((1/5)
المرجع : " الديمقراطية والحرية " حافظ صالح ، ص 27-33، 67-69) .(1/6)
كواشف زيوف
د/عبدالرحمن حبنكة الميداني
( يلاحظ الباحث الناظر في أنواع الحكم الديمقراطي وصوره مايلي:
أولاً : أن التزام هذا الحكم بإعطاء الشعب سلطات التشريع والتقنين
والتنظيم كلها ، دون أخذ شريعة الله المنزلة أولا، يجعل الدساتير والقوانين والتشريعات خاضعة لأهواء الكثرة من الشعب ، أو لأهواء الذين انتخبهم الشعب ليعبروا عن إرادته ، أو يكونوا وكلاءه.
فنجم عن ذلك تشريعات إباحة نشر الإلحاد والكفر بالله في الدول
الديمقراطية، لأن أكثر الشعب أو أكثر المنتخبين من قبل الشعب يرغبون في ذلك ، و تشريعات إباحه الزنا القائم على تراضي الطرفين ، ولو كان ذلك في الشوارع العامة والحدائق العامة ، وعلى ضفاف الأنهر دون توار أو تستر . وإباحه اللواط ، وجعله عملا يحميه القانون ما دام قائما على تراضى الطرفين ، حتى أقرت بعض هذه النظم أن من حق الذكر أن يعقد عقده على ذكر آخر كما يتم الزواج بين رجل وامرأة . وإباحه سائر المشروبات الكحوليه ، لأن أكثرية الشعب ترغب بذلك . وإقرار الربا وما تكتسب به من حقوق , وإقرار القمار ، وكثير من الحريات الشخصيه المهلكة , لأن أكثرية الشعب تريد بذلك .
فمبدأ الديمقراطية : أن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه لنفسه . فهو صاحب السلطة في وضع الدستور وكل القوانين والشرائع والنظم
وانتشر بسبب ذلك فساد عريض في الأرض . وهذا الفساد المنتشر منذر بدمار ماحق لهذه الشعوب .
ثانيا : لما علمت شعوب الديمقراطية أنها هي صاحبه السلطات كلها ، أرادت أن تمارس حقها . فاتجه كل الطامعين بالسلطة ، من المؤهلين للحكم وغير المؤهلين وكل أصحاب الأهواء والشهوات والنزاعات والنزغات يعملون بكل ما أوتوا من ذكاء خبيث وحيله شيطانيه للوصول إلى الحكم ، وانطلقت في مضمار الحيل أساليب خداع الجماهير ، وتزوير إرادتهم ، بكل عمل غير أخلاقي .(1/1)
وصارت السياسة والعمل فيها صورة جامعه للكذب , والخداع ، والنفاق ، وإطلاق الافتراءات ، وتجريح الآخرين بغير حق، وطلبا للمنافع والمصالح الخاصة ، وصراعات شخصية وحزبية ، بغيه الوصول إلى الحكم لتحقيق المنافع الشخصية ، والأهواء ، والشهوات ، والعلو في الأرض .
وأسست الأحزاب كي يمارس الشعب الديمقراطية ممارسة منظمة ، وقامت بينها الصراعات والصدامات ودبت بسبب ذلك الفوضى في كثير من البلدان .
وتعرضت الأحزاب لشراء ضمائرها أوضمائر زعمائها من قبل أصحاب الأهواء والمصالح ،من الداخل أومن الخارج ، ثم لما وصلت إلى الحكم وجدت نفسها مضطرة لتحقيق أهواء ومصالح الذين اشتروا ضمائرها ، على خلاف مصلحه الشعب الذي أوصلها بأصواته إلى سدة الحكم .
وبعض هذه الأحزاب حققت مصالح المنظمات اليهودية العالمية التي اشترت ضمائرها ، أو مصالح الدول الاستعمارية التي اشترت ضمائرها ، أو مصالح طبقة خاصة من طبقات الشعب كالرأسماليين أو غيرهم حينما وصلت إلى سدة الحكم .
وكانت التنظيمات الحزبية الديمقراطية المخادعة للشعب بالأكاذيب والتضليلات والوعود التي لايراد تنفيذ شيء منها ، بمثابة قناع ديمقراطي تم عن طريقه تزوير إرادة الشعب ) .
- (للديمقراطية مثالب كثيرة ، منها مايلي :
أولا : لا تنظر الديمقراطية إلى حقوق الله على عباده ، ولا تنظر بعدل إلى الحقوق العامة ، وحقوق المجتمع على الأفراد ؛ فهي منحازة بإسراف لجانب الفرد وإطلاق حريته .
ثانيا : تخضع الديمقراطية لدى وضع الدستور والقوانين والنظم لأهواء أعضاء المجالس النيابية ، واللجان التي تفوض في وضعها ، أو وضع مشروعاتها.
وغالباً ما يحرك هذه المجالس أفراد معدودون ، ويوجهونها حسب أهوائهم ، بوسائلهم أو أحابليهم الشيطانية .(1/2)
وتظفر بنصيب الأسد فيها غالباً بعض الطبقات الاجتماعية ، التي تسخر التطبيقات والمؤسسات الديمقراطية لصالحها ، أو يظفر بنصيب الأسد فيها الأفراد المحركون لها والموجهون لمسيرتها وآرائها ومناقشاتها .
وتتدخل عناصر ( الحيلة ، والذكاء ، والمال ، والشهوات ، ومطامع المناصب ، وشراء الضمائر ، وتزوير إرادات الجماهير بأساليب شتى ، في استغلال المجالس ، وتجميع الأصوات ، وتحريك الجماهير الغوغائية ، والتغشية على الأفكار والبصائر ، وإبعاد كل رأي صحيح عن مجال رؤية الجماهير له ، وصناعة الضجيج الإعلامي المشوه بالحقائق والمزيل للباطل ؛ لإقرار المواد الدستورية أو القانونية أو التنظيمية التي تحقق مصالح أصحاب الأهواء الشياطين الماهرين بأساليب استغلال التنظيمات الديمقراطية ومؤسساتها وتطبقاتها .
ثم لأنواع المكر والكيد التي تمارسها الأحزاب السياسية الديمقراطية تأثير كبير في جعل الحق باطلاََ ، والباطل حقاَ ، وخداع جماهير الذين يدلون بأصواتهم ، للموافقة على مشاريع الدساتير والقوانين والنظم ، أو انتخاب الذين يتحملون الأعباء التشريعية أو الإدارية. هذا إذا لم يتم تزوير الانتخابات بتبديل الصناديق التي ألقى المخترعون فيها أوراق انتخاباتهم ، بصناديق أخرى مشابه لها في الظاهر ، وما في باطنها مزور تزويراً كلياً .
وكم حدث هذا في مزاعم انتخابات ديمقراطية وكانت الحصيلة " مئة في المئة " لصالح المزور أو الآمر به ، أو " 9، 99% " أو نحو ذلك !(1/3)
ثالثاً : أن الديمقراطية باعتبارها تنادي بأن الدين لله وأن الوطن للجميع ، وأن شأن الأقليات في الدولة كشأن الأكثرية في الحقوق والواجبات ، تمكن الأقليات من التكاتف والتناصر لاستغلال الوضع الديمقراطي ضد الأكثرية ومبادئها وعقائدها ودينها ، وتمكنها أيضاً من التسلل الى مراكز القوى في البلاد ، ثم إلى طرد عناصر الأكثرية رويداُ رويداُ من هذه المراكزبوسائل الإغراء، وبالتساعد والتساند مع الدول الخارجية المرتطبة بالأقليات ارتباطاً عقدياً أو مذهبياً أو سياسياً أو قومياً ، أو غير ذلك.
وتصحو الأكثرية من سباتها بعد حين ، لتجد نفسها تحت براثن الأقلية ، محكومة حكماً دكتاتورياً ثورياً من قبلها ، مع أنها لم تصل إلى السلطة إلا عن طريق الديمقراطية .
لقد كانت الديمقراطية بغلة ذلولاً أوصلت أعداء الأكثرية وحسادها والمتربصين الدوائر بها إلىعربه ثيران ديكتاتورية الأقلية .
رابعا : الديمقراطية وفق مبادئها المعلنة حقل خصيب جداً لتنمية أنواع الكذب ، والخداع ، والمكر، والحيله ، والكيد ، والدس الخبيث ، والغش ، والخيانة ، والغدر ، والغيبة ، والنميمة ، والوقيعة بين الناس ، وتفريق الصفوف ، ونشر المذاهب والآراء الضاله الفاسدة المفسدة ، إلى سائر مجمع الرذائل الخلقية الفردية والجماعية . لتتخذ هذه الرذائل وسائل وأحابيل للشياطين ، حتى يستاثروا بكل السلطات في البلاد ، وكل خيراتها وثرواتها ، وحتى يتمكنوا من مطاردة الدين وأنصاره وحماته والمستمسكين به ، وإماتة الحق والخير والفضيلة .
خامسا : الحريات الشخصية في الديمقراطية حريات مسرفة ، تفضي إلى شرور كثيرة ، وانتشار فواحش خطيرة في المجتمع . ومآلها إلى الدمار الماحق.(1/4)
سادسا : الحريات الاقتصادية في الديمقراطية مسرفة تفضي إلى عدوان المحتالين على حقوق الشرفاء ونشر الاستغلال والاحتكار ، وحيل سلب الأموال ، وتمكين الغشاشين والمقامرين والمرابين والمحتكرين والراشين والمحتالين ومستغلي السلطة الإدارية أو العسكرية ، من تحقيق مكاسب مالية وفيرة ، بالظلم والعدوان وهضم الحقوق ، واكل أموال الناس بالباطل ، والغلول في الأموال العامة .
سابعا : حق كل مواطن في المساواة السياسية في الحكم ، دون شرط الإسلام والعدالة الشرعية والأهلية للمشاركة في الرأي أو المساهمة في الاقتراع أو الانتخاب والاختيار يفضي إلى نسف دعائم الدولة الإسلامية ، وجعلها علمانية غير دينيه ، أوتمكين الأرذال من اعتلاء سلطة الحكم ، وتحويل الدولة إلى دوله فساد وإفساد وفسق وفجور وفحش فى الأقوال والأعمال ، وشر كبير .
وقد يلعب أعداء الأمة بالجماهير غير الواعية ، فيركبون ظهورها ويصلون بذلك إلى حكم الشعب رغم إرادته عن طريق تزوير إرادته نفسها.
ثامنا : حق الفرد في ترشيح نفسه للحكم في الديمقراطية يجعل طلاب مغانم الحكم يتنافسون عليه ، ويتقاتلون من أجله ، ويسلكون مسالك كثيرة غير شرعية للوصول إليه ، ويبذلون أموالاً طائلة ، أملا بأن يعوضوها أضعافا مضاعفه متى ظفروا بالحكم .
هذه بعض مثالب الديمقراطية ، ويمكن استخراج مثالب أخرى لها ، قد يهتدي إليها الباحث المنقب المجرب ) .
( المرجع : " كواشف زيوف " للدكتور عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني ، ص 695-697، 707-710) .(1/5)
فتنة "الدُّهَيْمَاء" في العالم الإسلامي
(الفساد والديموقراطية)
محمد الصادق مغلِّس، مدرس بجامعة الإيمان، عضو مجلس النواب السابق
خطابي ليس بدعاً في الخطابي
بذلتُ القول والرحمنُ حسبي
كذلك أرتجي بالقول رشداً
غَزَتْنا فتنةُ "الدهماء" غزواً
تصيبُ المسلمين بكلِّ أرضِ
فحامت في حمى الإسلام حتى
وأضحى الدِّيْنُ فُسْطاطين: هذا
صحافاتٌ سخافات خرابٌ
صُحُونٌ في حُصُونٍ جارفاتٌ
وتمييْعٌ وتضييعٌ وقبح
وتجويعٌ وتطبيعٌ وفتحٌ
مُراباةٌ وعوْلمةٌ ونزعٌ
وللنِّسوان شهرٌ كلَّ شهرٍ
حملنا بعدهم فكر التساوي
وكم من مُنكرٍ قد صار عُرْفاً
وألوانُ الخلاعة ألفُ لونٍ
وعرسٌ كل يومٍ وانتخابٌ
وللعمال ترشيحٌ وفرزٌ
وللفنَّان والحيطان فوزٌ
يعيش الناخبون على ظُنونٍ
وكم أفنوا جهوداً أو نُقودا
فلم يجنوا سوى هم طويلٍ
ولو عملوا قليلاً من كثيرٍ
وللتزوير فنٌ لا يُبارى
ومن لم يفعل التزوير مكراً
وأحلامٌ التداول في انتخابٍ
وإنا في الحديث لفي زمانٍ
وقد جزم الرسولُ فلا مجالٌ
سلوا مصراً، سلوا الإخوان فيها
سلوا الأتراك واليمن المعنَّى
أما تكفي تجاربهم دروساً
وزد يا صاح؛ فـ"المقراطُ" نهجٌ
"دمقراطية" وردت شعاراً
تخادعُ كل قومِ كل يومٍ
يُساوى الوغدُ والمرتدُّ فيها
بل التدّليل بالقرآن رأيٌ
يقولون الشريعة نفتديها
وفي التصويت حسمٌ واختيارٌ
فهل قد أصبح "المقراط" ربّاً
وهل هو سافرٌ عند النصارى ؟
وبالشورى يُشبِّهُهُ أناس
يُجاري نهجه نفرٌ نفيرٌ
فطوراً قدروا في الصمت عذراً
وطوراً يُقحم الإرهاب قسراً
وتمضي المنكرات بلا أناةٍ
ونهيُ المنكرات به نجاةٌ
ونعصي كي نطيع ولا فلاحٌ
وما الطاعات تُطلبُ بالمعاصي
وإن التاركين لمنكراتٍ
كمصطاد الجرادة بعد جُهدٍ
ومن ركب السَّفين بلا احتسابٍ
ومن للمدبرين يكن جليساً
وأنت بمنطقِ "المقراط" حرٌ
ولو دخل الفرنجةُ جُحر ضبٍ
ولن ترضى الذيول وإن حرصنا
وهل ترضى اليهود أو النصارى
وللإسلام رب لن تضيعوا(1/1)
وحسبُ العاجزين عن التناهي
فقل للحائرين: كفى اغتراباً
وخلطُ الدين بالطاغوت نُكرٌ
ومن رام الحلاوة لم ينلها
وهذا القول قولٌ من خبيرٍ
وهذي الفتنة الكبرى بلاءٌ
وما قصد القصيدة لوم قومٍ
أقدِّمها عموماً لا خصوصاً
لكل المسلمين بكل أرضٍ
إلى الأحباب طلاب الصوابِ
رجاءَ النفعِ في يوم الحسابي
يُزيلُ يقينُهُ وهمَ السرابِ
كما قال النبي بلا ارتيابِ
وما يُغني مُصابٌ عن مصابِ
تشعَّبَ جمعُنا أي انشعابِ
على صدقٍ وهذا في كذابِ
وتلفازٌ لإنجاز الخرابِ
جذور الخير من عمقِ الترابِ
ونشرٌ للرذيلة في الشبابِ
لأمريكا لتدخل كلَّ بابِ
لأية شوكةٍ ولأي نابِ
مساواةٌ ونبذٌ للكتابِ
فجاءتنا الجنادر بالعقابِ
بتقريب الخطاب من الخطابِ
بلا ردعٍ.. وعزفٍ كالشرابِ
تعيش الدهر أعراسُ انتخابِ
وللطلاب من أجل الطلابِ
نقابات تكالُ بلا حسابِ
وقانون لتمليك السَّحابِ
وكم ساروا ذهابا في إيابِ
وأوهامٍ بتبييضِ الغرابِ
على نور لعادوا بالجوابِ
وقد يعلوا الرويبضُ كالشهابِ
أعاد الفوز قهراً بانقلابِ
لأحكام التحايل في انتخابِ
يُقامُ الملك جبراً بالحرابِ
لتنظير وأحلام كذابِ
سلوا الأردنّ في العمل النيابي
وما جنتِ الجزائرُ من مُصابِ
ليرتدع المؤمِّل في السرابِ
يناقض غيهُ نهج الكتابِ
مزينة مزيفة الثيابِ
بألفاظ منمَّقةٍ عذابِ
بأكبر عالم بل بالصحابي
يساوي أي رأي في الخطابِ
ويثخنها الذئابُ بألف نابِ
وكم حسموا بإسقاط الصوابِ
وفي القاعات يُعبدُ بالنصابِ ؟
وعند المسلمين مع الحجاب ؟
وأين التبر من أدنى الترابِ
مجاراةً لتخفيف الخرابِ
وطوراً في مسايرة الرِّكابِ
ولا يخلو الجهادُ من المصابِ
وتسرع بالجميع إلى تبابِ
ولكن المجاري كم يحابي
لمن شاب الوسيلة بالشِّيابِ
ولا الغايات تُكسبُ بالمعابِ
بزعم الجدِّ في نيل اكتسابِ
وعشرٌ قد هربن من الجرابِ
سيغرق في السفين مع الصحابِ
يكن أيضاً شريكاً في العذابِ
فكيف تلام من أجل الغيابِ ؟
فهل تلج الجحور مع الضبابِ ؟(1/2)
فأذيالُ الذئاب من الذئابِ
وقد حكم الكتابُ بلا ارتيابِ
وإدمان التنازل شرّ غابِ
إذا حجبوا التهاني عن خرابِ
فلن ترثوا الخلافة باغترابِ
وإن طرق المؤمِّلُ كل بابِ
إذا خلط الحلاوة بالترابِ
تشبَّع من سرابٍ وانتخابِ
فكن يا صاح من أهل الصوابِ
ولكن دعوةٌ نحو الإيابِ
لمن شرفوا بميراث الكتابِ
وأرجو الله حُسناً في الثوابِ(1/3)
من مفاسد الديمقراطية
الشيخ عبدالمجيد الريمي
( - الديمقراطية تفتح الباب على مصراعيه للردة والزندقة، حيث يمكن –في ظل هذا النظام الطاغوتي- لكل صاحب ملة أو مذهب أو نحلة أن يكوّن حزباً وينشئ صحيفة تدعو إلى مروقه من دين الله، بحجة إفساح المجال للرأي والرأي الآخر.
-وكذلك تفتح الباب على مصراعيه للشهوات والإباحية، من خمر ومجون وأغان وفسق وزنا ودورسينما، وغير ذلك من الانتهاكات الصارخة لمحارم الله، تحت شعار الديمقراطية المعروف: "دعه يعمل ما يشاء، دعه يمر من حيث يشاء" وتحت شعار: "حماية الحرية الشخصية"!!
-وتفتح الباب أيضاً للتفرق والاختلاف، استجابة للمخططات الاستعمارية الرامية إلى تمزيق العالم الإسلامي إلى قوميات ووطنيات ودويلات وعصبيات وأحزاب، وفي هذا مخالفة لقول الله تعالى: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)، ولقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، ولقول الله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
-إن من يسلك أو يتبنى النظام الديمقراطي لابد له من الاعتراف بالمؤسسات والمبادئ الكفرية، كمواثيق الأمم المتحدة وقوانين مجلس الأمن الدولي وقانون الأحزاب وغير ذلك من القيود المخالفة لشرع الله، وإن لم يفعل منع من مزاولة نشاطه الحزبي بحجة أنه متطرف وإرهابي وغير مؤمن بالسلام العالمي والتعايش السلمي!!
-النظام الديمقراطي يعطل الأحكام الشرعية؛ من جهاد وحسبة وأمر بمعروف ونهي عن منكر وأحكام الردة والمرتد والجزية والرق؛ وغير ذلك من الأحكام.
يوصف المرتدون والمنافقون في ظل النظام الديمقراطي بأنهم وطنيون وقوى خيِّرة ومخلصة؛ وهم بخلاف ذلك شرعاً.
-الديمقراطية والانتخابات تعتمد على الغوغائية والكثرة بدون ضوابط شرعية ، والله تعالى يقول: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)، ويقول الله تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، ويقول الله تعالى: (وقليلٌ من عبادي الشكور).(1/1)
-الديمقراطية لا تفرق بين العالم والجاهل والمؤمن والكافر والذكر والأنثى، فالجميع أصواتهم على حد سواء، بدون أي اعتبار للمميزات الشرعية.
والله تعالى يقول: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)، ويقول الله تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون)، ويقول الله تعالى: (أم نجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون)، ويقول الله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى). الآيات.
-إن قضية الولاء والبراء تظل غامضة في ظل النظام الديمقراطي، ولذلك يصرح بعض السالكين في هذا الطريق بأن خلافهم مع الاشتراكيين والبعثيين وغيرهم من الأحزاب العلمانية من قبيل اختلاف البرامج لا المناهج، ومن جنس اختلاف المذاهب الأربعة، ويعقدون المواثيق والتحالفات بألا يكفر بعضهم بعضاً ولا يخون بعضهم بعضاً، ولذا يقولون بأن الخلاف لا يفسد للود قضية!!
هذا الطريق يؤدي إلى قيام التحالفات المشبوهة مع الأحزاب العلمانية؛ كما هو الحاصل اليوم.
-الدخول في المهزلة الديمقراطية يؤدي غالباً إلى فساد المقاصد والنيات، بحيث يصبح كل حزب همه في نصرة حزبه؛ واستعمال كافة الوسائل لجميع الناس حوله؛ وخاصة وسيلة التدين والخطابة والوعظ والتعليم والصدقات وغير ذلك.
يؤدي أيضاً إلى فساد الأخلاق الفاضلة؛ كالصدق والصراحة والوفاء، ويحل محل ذلك الكذب والمداهنة والغدر.
-وهو من أخطرها، أن طريق الديمقراطية والانتخابات يؤدي إلى تمكين الكفار والمنافقين من الولاية على المسلمين، بطريقة يظنها بعض الجهلة شرعية، وقد قال الله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين)، وقال الله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً). فكم يحصل بهذا من التغرير والتدليس على عوام المسلمين وإيهامهم بأن طريقة الانتخابات شرعية ؟!!.(1/2)
-في ظل الديمقراطية تنتعش البدع والضلالات بشتى أنواعها ويظهر الداعون إليها باختلاف طرائقهم وفرقهم من شيعة ورافضة وصوفية ومعتزلة وباطنية وغير ذلك، بل إنهم يجدون في ظلها الدعم والتشجيع من المنافقين في الداخل ومن الأيادي الخفية في الخارج ، ولله في خلقه شئون.
-هذا الطريق يؤدي إلى الزعزعة الأمنية في البلاد، وحدوث صراعات حزبية لا أول لها ولا آخر ؛ فما حلت الديمقراطية في بلد إلا وحل معها الخوف والقلق والنزاعات العقدية والمذهبية والعصبية والقبلية والسلالية والنفعية وغير ذلك من الاضطرابات المعلومة ).
( المرجع : رسالة " 50 مفسدة جلية من مفاسد الديمقراطية .." للشيخ عبدالمجيد الريمي ، - مواضع متفرقة - ) .(1/3)