This file is downloaded from the harunyahya.NET website.
Visit our web site to freely download all the works of Harun Yahya.
www.harunyahya.net
info@harunyahya.net
معجزةالنباتمراجعة :اورخان محمد عليهارون يحيى
إلى القارئالسبب وراء تخصيص فصل خاص لانهيار النظرية الداروينية هو أن هذه النظرية تشكل القاعدة التي يعتمد عليها كل الفلاسفة الملحدين· فمنذ أن أنكرت الداروينية حقيقة الخلق، وبالتالي حقيقة وجود الله، تخلى الكثيرون عن أديانهم أو وقعوا في التشكيك بوجود الخالق خلال المئة والأربعين سنة الأخيرة· لذلك يعتبر دحض هذه النظرية واجباً يحتمه علينا الدين، وتقع مسؤوليته على كل منا· قد لا تسنح الفرصة للقارئ أن يقرأ أكثر من كتاب من كتبنا، لذلك ارتأينا أن نخصص فصلاً نلخص فيه هذا الموضوع·تم شرح جميع الموضوعات الإيمانية التي تناولتها كل هذه الكتب على ضوء الآيات القرآنية وهي تدعو الناس إلى كلام الله والعيش مع معانيه· شرحت كل الموضوعات التي تتعلق بالآيات القرآنية بطريقة لا تدع مكاناً للشك أو التساؤل في ذهن القارئ من خلال الأسلوب السلس والبسيط الذي اعتمده الكاتب في كتبه يمكن للقرّاء في جميع الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية أن تستفيد منها وتفهمها· هذا الأسلوب الروائي البسيط يمكّن القارئ من قراءة الكتاب في جلسة واحدة، حتى أولئك الذين يرفضون الأمور الروحانية ولا يعتقدون بها، تأثروا بالحقائق التي احتوتها هذه الكتب ولم يتمكنوا من إخفاء اقتناعهم بها·يمكن للقارئ أن يقرأ هذا الكتاب وغيره من كتب المؤلف بشكل منفرد أو يتناوله من خلال مناقشات جماعية· أما أولئك الذين يرغبون في الاستفادة منه فسيجدون المناقشة مفيدة جداً إذ إنهم سيتمكنون من الإدلاء بانطباعاتهم والتحدث عن تجاربهم إلى الآخرين·إضافة إلى أن المساهمة في قراءة وعرض هذه الكتب التي كتبت لوجه الله يعتبر خدمة للدين · عرضت الحقائق في هذه الكتب(1/1)
بأسلوب غاية في الإقناع، لذلك نقول للذين يريدون نقل الدين إلى الآخرين: إن هذه الكتب تقدم لهم عوناً كبيراً·من المفيد للقارئ أن يطلع على نماذج من هذه الكتب الموجودة في نهاية الكتاب، ليرى التنوع الذي تعرضه هذه المصادر الغنية بالمواد الدينية الممتعة والمفيدة·لن تجد في هذا الكتاب كما في غيره من الكتب، وجهات نظر شخصية للكاتب أو تعليقات تعتمد على كتب التشكيك، أو أسلوب غامض في عرض موضوعات مغرضة أو عروض يائسة تثير الشكوك وتؤدي إلى انحراف في التفكير·--------حول المؤلفولد الكاتب الذي يكتب تحت الاسم المستعار هارون يحيى في أنقرة عام 1956, بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي في أنقرة، درس الآداب في جامعة ميمار سنان في جامعة استنبول، وفي الثمانينيات بدأ بإصدار كتبه السياسية والدينية · هارون يحيى كاتب مشهور بكتاباته التي تدحض الداروينية وتعرض لعلاقاتها المباشرة مع الإيديولوجيات الدموية المدمرة·يتكون الاسم القلمي أو المستعار، من اسمي ''هارون'' و''يحيى'' في ذكرى موقرة للنبيَّين اللَّذَين حاربا الكفر والإلحاد، بينما يظهر الخاتم النبوي على الغلاف كرمز لارتباط المعاني التي تحتويها هذه الكتب بمضمون هذا الخاتم· يشير الخاتم النبوي إلى أن القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية، وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين· وفي ضوء القرآن والسنة وضع الكاتب هدفه في نسف الأسس الإلحادية والشركية وإبطال كل المزاعم التي تقوم عليها الحركات المعادية للدين، لتكون له كلمة الحق الأخيرة، ويعتبرهذا الخاتم الذي مهر به كتبه بمثابة إعلان عن أهدافه هذه·تدور جميع كتب المؤلف حول هدف واحد وهو نقل الرسالة القرآنية إلى الناس، وتشجيعهم على الإيمان بالله والتفكر بالموضوعات الإيمانية والوجود الإلهي واليوم الآخر·تتمتع كتب هارون يحيى بشعبية كبيرة لشريحة واسعة من القراء تمتد من الهند إلى أمريكا، ومن إنكلترا إلى(1/2)
أندونيسيا وبولندا والبوسنة والبرازيل وإسبانيا؛ وقد ترجمت بعض كتبه إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والبرتغالية والأردية والعربية والألبانية والروسية والأندونيسية· لقد أثبتت هذه الكتب فائدتها في دعوة غير المؤمنين إلى الإيمان بالله، وتقوية إيمان المؤمنين، فالأسلوب السهل والمقنع الذي تتمتع به هذه الكتب يحقق نتائجاً مضمونة في التأثير السريع والعميق على القارئ· من المستحيل على أي قارئ يقرأ هذه الكتب ويفكر بمحتواها بشكل جدي أن يبقى معتنقاً لأي نوع من أنواع الفلسفة المادية· ولو بقي أحد يحمل لواء الدفاع عنها، فسيكون ذلك من منطلق عاطفي بحت، لأن هذه الكتب تنسف تلك الفلسفات من أساسها· إن جميع الإيديولوجيات التي تقول بنكران وجود الله قد دُحضت اليوم والفضل يعود إلى كتب هارون يحيى·لا شك أن هذه الخصائص مستمدة من حكمة القرآن ووضوحه؛ وهدف الكاتب من وراء نشر هذه الكتب هو خدمة أولئك الذين يبحثون عن الطريق الصحيح للوصول إلى الله، وليس تحقيق السمعة أو الشهرة، علاوة على أنه لا يوجد هدف مادي من وراء نشر كتبه هذه·وعلى ضوء هذه الحقائق، فإن الذين يشجعون الآخرين على قراءة هذه الكتب، التي تفتح أعينهم وقلوبهم وترشدهم إلى طريق العبودية لله، يقدمون خدمة لا تقدر بثمن·من جهة أخرى، يعتبر تناقل الكتب التي تخلق نوعاً من التشويش في ذهن القارئ وتقود الإنسان إلى فوضى إيديولوجية، ولا تؤثر في إزاحة الشكوك من قلوب الناس، مضيعة للوقت والجهد، أما هذه الكتب فمن الواضح أنها لم تكن لتترك هذا الأثر الكبير على القارئ لو كانت تركز على القوة الأدبية للكاتب أكثر من الهدف السامي الذي يسعى إليه، ومن يشك بذلك يمكنه أن يرى أن الهدف الوحيد لكتب هارون يحيى هو هزيمة الكفر وتكريس القيم الإنسانية·لا بد من الإشارة إلى أن الحالة السيئة والصراعات التي يعيشها العالم الإسلامي في يومنا هذا ليست إلا نتيجة الابتعاد عن دين الله الحنيف(1/3)
والتوجه نحو الإيديولوجيات الكافرة، وهذا لن ينتهي إلا بالعودة إلى منهج الإيمان والتخلي عن تلك المناهج المضللة، والتوجه إلى القيم والشرائع القرآنية التي عرضها لنا خالق الكون لتكون لنا دستوراً· وبالنظر إلى حالة العالم المتردية والتي تسير به نحو هاوية الفساد والدمار، هناك واجب لا بد من أدائه وإلا··· قد لا نصل في الوقت المناسب·لا نبالغ إذا قلنا: إن مجموعة هارون يحيى قد أخذت على عاتقها هذا الدور القائد، وبعون الله ستكون هذه الكتب الوسيلة التي ستحقق شعوب القرن العشرين من خلالها السلام والعدل والسعادة التي وعد بها القرآن الكريم·تتضمن أعمال الكاتب: النظام الماسوني الجديد، اليهودية والماسونية، الكوارث التي جرتها الداروينية على العالم، الشيوعية عند الأمبوش، الإيديولوجية الدموية للداروينية: الفاشية، الإسلام يرفض الإرهاب، اليد الخفية في البوسنة، وراء حوادث الإرهاب، وراء حوادث الهولوكوست، قيَم القرآن، الموضوعات 1-2-،3 سلاح الشيطان: الرومانسية حقائق 1-،2 الغرب يتجه إلى الله، خدعة التطور، أكاذيب التطور، ، الأمم البائدة، لأولي الألباب، انهيار نظرية التطور في عشرين سؤالاً، إجابات دقيقة على التطوريين، النبي موسى، النبي يوسف، العصر الذهبي، إعجاز الله في الألوان، العظمة في كل مكان، حقيقة حياة هذا العالم، القرآن طريق العلم، التصميم في الطبيعة، بذل النفس ونماذج رائعة من السلوك في عالم الحيوان، السرمدية قد بدأت فعلاً، خلق الكون، لا تتجاهل، الخلود وحقيقة القدر، معجزة الذرة، المعجزة في الخلية، معجزة الجهاز المناعي، المعجزة في العين، معجزة الخلق في النباتات، المعجزة في العنكبوت، المعجزة في البعوضة، المعجزة في نحل العسل، المعجزة في النملة، الأصل الحقيقي للحياة، الشعور في الخلية، سلسلة من المعجزات، بالعقل يُعرف الله، المعجزة الخضراء في التركيب الضوئي، المعجزة في البروتين، أسرار .DNA و كتب الكاتب(1/4)
للأطفال: معجزات خلق الله، رحلة في الكون، رحلة في عالم الحيوان، المخلوقات العجيبة، منهاج الطفل المسلم 1-،2 المعجزات في جسم الإنسان، 24 ساعةً في حياة الطفل المسلم، عالم أصدقائك الصغار، النمل، النحل يبنى خليته بإتقان، بناة الجسر المهرة: القنادس·وتتضمن أعمال الكاتب الأخرى التي تتناول موضوعات قرآنية: المفاهيم الأساسية في القرآن، القِيَم الأخلاقية في القرآن، فهم سريع للإيمان 1-2-3, هجر مجتمع الجاهلية، المأوى الحقيقي للمؤمنين: الجنة، القيم الروحانية في القرآن، علوم القرآن، الهجرة في سبيل الله، شخصية المنافقين في القرآن، أسرار المنافق، أسماء الله، تبليغ الرسالة والمجادلة في القرآن، المفاهيم الأساسية في القرآن، إجابات من القرآن، بعث النار، معركة الرسل، عدو الإنسان المُعلن: الشيطان، الوثنية، دين الجاهل، تكبر الشيطان، الصلاة في القرآن، أهمية الوعي في القرآن، يوم البعث، لا تنس أبداً، أحكام القرآن المنسية، شخصية الإنسان في مجتمع الجاهلية، أهمية الصبر في القرآن، معارف عامة من القرآن، حجج الكفر الواهية، الإيمان المتكامل، قبل أن تتوب، تقول رسلنا، رحمة المؤمنين، خشية الله، كابوس الكفر، النبي عيسى آتٍ، الجمال في الحياة في القرآن، مجموعة من جماليات الله 1-2-3, مدرسة يوسف، الافتراءات التي تعرض لها الإسلام عبر التاريخ، أهمية اتباع كلام الله، لماذا تخدع نفسك، كيف يفسر الكون القرآن، بعض أسرار القرآن، الله يتجلى في كل مكان، الصبر والعدل في القرآن، أولئك الذين يستمعون إلى القرآن·------المحتوياتمقدمةعالم النباتاتولادة النباتالكما ل في تصميم البذرة الجذور:الحفارات الطبيعية الأوراق والتركيب الضوئيساق النبات:نظام نقل فريدالخواص الفريدة للنباتاتالسيناريو الخيالي لتطور النباتخاتمةخديعة التطوّرالمراجعمقدمةلنسأل السؤال التالي حول ''البذرة'' التي نعرفها جميعاً بشكل جيد: ما هو الفرق بين البذرة في قشرتها(1/5)
القاسية ولحاء الشجر؟ نادراً ما تُطرح مثل هذه الأسئلة؛ لأن لحاء الشجر والبذور مواضيع لا تهم الناس المنشغلين في حياتهم اليومية· فالنظرة السائدة هي أن هناك أشياء أكثر أهمية تستحق الاهتمام بها في وقتنا الحاضر· انتشرت هذه النظرة بين الناس الذين ينظرون نظرة سطحية إلى البيئة المحيطة بهم، فهؤلاء الناس تكفيهم معرفة ما يفي حاجاتهم بغض النظر عن الموضوع· فتبعاً لهذا التفكير السطحي فكل ما يدور من حولنا هو مألوف وعادي، وهناك حتماً تفسير ''معروف''و''مألوف'' لكل شيء· فالذباب يطير لأن له أجنحة، والقمر موجود دائماً في السماء، والأرض محمية من التهديدات التي قد تأتي من الفضاء الخارجي لأن لها غلافاً جوياً، وتوازن الأكسجين لا يخطئ أبداً، والإنسان يشعر ويرى ويشم· لكن من يترك هذه الرؤية الضيقة وينظر لما يجري حوله وكأنه يراه لأول مرة، ويرفع ستار المألوف الذي يحد هذه النظرة يرى آفاقا واسعة رحبة أمامه· ويبدأ في التفكير، ويسأل مراراً وتكراراً أسئلة مثل: ''لماذا'' و''كيف'' و''لأجل ماذا؟''· ومن يتأمل العالم من حوله من هذا المنظور لن تقنعه التفسيرات المعتادة بعد ذلك· يبدأ في إدراك أن هناك شيئاً غير عادي في كل شيء، ما يدور حوله في البيئة، والخصائص التي تملكها الكائنات الحية؛ وحالما يبدأ التفكير يحل التعجب مكان المألوف، ويرى في النهاية أن كل شيء قد خُلق وخُطط له بطريقة فائقة ومتقنة لا عيب فيها من قبل خالقٍ ذي معرفة وحكمة وقوة مطلقة؛وسيكون من تلك اللحظة قادراً على رؤية قدرة الله رب العالمين من خلال جميع المخلوقات التي أوجدها· إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ التِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ(1/6)
الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
سورة البقرة:164عالم النباتاتإن وجود النباتات ضروري لبقاء الكائنات الحية على الأرض، ولكي ندرك أهمية هذا الأمرعلينا أن نسأل: ''ما هي أهم العناصر الضرورية لحياة الإنسان؟ '' وسرعان ما يخطر ببالنا كجواب لهذا السؤال:الأكسجين والماء والغذاء· إن النباتات الخضراء هي من العوامل المهمة التي تضمن توازن هذه الاحتياجات الأساسية على الأرض· وهناك توازنات أخرى في العالم ذات أهمية كبيرة لجميع الكائنات الحية، وليس فقط للبشر مثل التحكم في درجة الحرارة والحفاظ على نسبة دقيقة من الغازات في الجو وهذا أيضاً من وظائف النباتات الخضراء التي تحافظ على التوازن بشكل عام· لا تنتهي فعالية النباتات الخضراء عند هذا الحد، فمن المعروف أن المصدر الرئيس للطاقة اللازمة للحياة على الأرض هو الشمس، لكن الإنسان والحيوان لا يمكنهم الاستفادة المباشرة من الطاقة الشمسية؛ لأن أجسامهم تفتقد إلى الأنظمة التي تمكّنها من ذلك؛ ولهذا السبب فإن الطاقة الشمسية تصل إلى الإنسان والحيوان على شكل طاقة يستفاد منها عبر الطعام المكون من النباتات بوجه خاص· وعلى سبيل المثال: فالطاقة الشمسية موجودة في الشاي الذي نشربه والخبز الذي نأكله· وقوة عضلاتنا هي شكل آخر من أشكال الطاقة الشمسية· تدخر النباتات هذه الطاقة لكي نستفيد منها في جزيئات في أجسامها وذلك باتباع عملية معقدة· ولا يختلف وضع الحيوانات عن البشر فهي تتغذى من النباتات وتستمد منها الطاقة الشمسية اللازمة لأجسامها· تعود قدرة النباتات على إنتاج غذائها- على النقيض من الكائنات الحية الأخرى -إلى طبيعة تركيب خلاياها الذي يمكّنها من استخدام الطاقة الشمسية مباشرة بخلاف خلايا البشر أو الحيوانات· وتحول خلايا النبات، بمساعدة هذا التركيب، طاقة الشمس إلى طاقة يمكن للبشر والحيوانات امتصاصها من خلال(1/7)
الغذاء فهي تخزّن هذه الطاقة كطعام من خلال عمليات خاصة تعرف بالتركيب الضوئي· توجد الآلية الضرورية، أو بمعنى أدق المعمل المصغر الذي يمكّن النبات من القيام بالتركيب الضوئي في الأوراق· ويحمل نظام النقل - بميزاته الخاصة- المواد الضرورية مثل المعادن والماء وهو يعمل داخل ساق النبات وجذره· ونظام التكاثر أيضاً مصمم في كل نوع من أنواع النبات· هناك تراكيب معقدة في كل آلية من هذه الآليات التي تعمل مرتبطة مع بعضها البعض، إذا فُقدت إحداها فلا يمكن القيام بالعمل· ولنأخذ مثالا على ذلك نبات يفتقد لنظام النقل، من المستحيل لهذا النبات القيام بالتركيب الضوئي لأن الأوعية النسغية الضرورية لنقل الماء مفقودة؛ وحتى إذا تمكن النبات من إنتاج الغذاء فلا يمكنه نقله إلى الأجزاء الأخرى من جسمه، وبالتالي يموت في نهاية الأمر· ويظهر هذا المثال أن جميع الأنظمة الموجودة في النبات يجب أن تعمل بدون خطأ، وأي خطأ أو خلل في البنية الموجودة يعني فشل النبات في القيام بعمله، مما يؤدي إلى موته واختفاء السلالة التي ينتمي إليها· عندما ندرس هذه التراكيب بتفصيل وتعمق في الفصول التالية سوف يتبين لنا نظام على قدر كبير من التعقيد والدقة، وعندما نأخذ بعين الاعتبار تنوع النباتات في العالم ندرك التركيب المذهل والبديع·هناك أكثر من نصف مليون نوع من النباتات في العالم، وكل نوع لديه تصميمه وخواصه المميزة بالإضافة إلى نفس الأنظمة الرئيسية التامة الموجودة في جميع الأنواع، وهناك أيضاً تنوع فريد من نوعه فيما يخص أنظمة التكاثر وآليات الدفاع واللون والشكل· والشيء الوحيد الذي لا يتغير في النباتات هو أجزاؤها ( الأوراق والجذر والساق) وآليات أخرى يجب أن توجد بدون عيوب حتى يتمكن النظام العام، أي جسم النبات من العمل· يصف العلماء المعاصرون هذه الأنظمة بأنها ''معقدة بشكل يتعذر اختزاله''· فلن يكون بوسع المحرك أن يعمل إذا فُقد أحد أجزائه، وكذلك(1/8)
النباتات، فغياب أحد أجزائها أو عجزه عن القيام بعمله يؤدي إلى هلاك النبات· جميع أنظمة النبات لها خاصية التعقيد صعب الاختزال، حيث يجب أن تكون موجودة في الوقت نفسه· وهذا التنوع المذهل يدفع إلى التساؤل:''كيف نشأت هذه الأنظمة التامة في النباتات؟ ''· لنسأل أنفسنا مرة أخرى بعض الأسئلة لكي نتمكن من العثور على إجابة لها، ولنفكر في كيفية حدوث أهم آلية عند النبات وهي التركيب الضوئي وأنظمة النقل المرتبطة بها· هل من الممكن للأشجار والأزهار التي نراها من حولنا أن تشكل هذه الأنظمة الدقيقة، مثل ظاهرة التركيب الضوئي، من تلقاء نفسها في حين ما يزال قسم منها عصيٌّ عن الفهم حتى الوقت الحاضر؟ هل اختارت النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون من بين الغازات الموجودة في الهواء لإنتاج الغذاء؟ هل حددت كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المستخدمة؟ هل بإمكان النباتات تصميم الآليات التي تنظم عمل الجذر وتمكنها من الحصول على المواد الضرورية للتمثيل الضوئي من التربة؟ هل أنشأت النباتات نظاماً للنقل تستخدم فيه أنواعا مختلفة من الأنابيب لنقل الغذاء والماء؟ يلجأ المدافعون عن نظرية التطور في بحثهم عن إجابة لكيفية ظهور النباتات إلى ''المصادفة''، ويدّعون أنه من نوع واحد من النباتات الذي ظهر صدفةً نشأ عدد لانهائي من النباتات المتنوعة وبالمصادفة أيضاً، وأن الخواص كالرائحة والطعم واللون المميزة لكل نوع نشأت بالمصادفة أيضاً؛ لكنهم لم يستطيعوا أن يقدموا دليلاً علمياً على ادعاءاتهم· ويفسر هؤلاء تحول الطحلب إلى نبات الفريز أو الحور أو غصن وردة بقولهم إنّ الظروف المحيطة بالمصادفة قد ميزتهم وجعلتهم مختلفين عن بعضهم البعض، في حين أن التأمل في خلية نباتية واحدة يظهر تعقيد النظام الذي لم يتغير بمرور الزمن· ويثبت هذا النظام المعقد وآليات أخرى في النبات بوضوح عدم صحة سيناريوهات المصادفة وفق منطق الذين يؤمنون بنظرية التطور· وفي هذه الحالة(1/9)
تظهر نتيجة واحدة، فكل تركيب في النباتات صمم بشكل خاص ومميز وهذا يكشف لنا أن ثمة عقلا خارقا رسم هذا التصميم الدقيق الخالي من كل عيب وصاحب هذا العقل هو الله سبحانه وتعالى الذي يكشف الأدلة لخلقه، أي لبني البشر ويعلن سلطانه على جميع الكائنات الحية: بَدِيعُ السماوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌü ذَلِكُم الله رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(1/10)
سورة الأنعام: 101- 102ولادة النباتتمتلك النباتات - التي لها أهم دور في التوازن البيئي العالمي وفي استمرارية الحياة - نظام تكاثر أكثر فاعلية نسبياً من أي نظام آخر لدى الكائنات الحية، وبفضل هذه الخاصية المميزة تتكاثر النباتات بدون صعوبة، ويكفي أحياناً أن تُقطع ساق نبات وتوضع في التربة أو أن تحط حشرة على زهرته ليتكاثر· إن نظام التكاثر في النباتات والذي يعتبر معقدا أذهل العلماء على الرغم من أنه يبدو بسيطاً ظاهرياً· حياة جديدة تبدأ بعد ترك النبات الأصليبعض النباتات ليس لها جنس منفصل لكنها تستمر في عملية تكاثر السلالة كجنس واحد بواسطة طرق خاصة· فالجيل الجديد الذي ينشأ نتيجة لعملية التكاثر بهذه الطريقة هو نسخة طبق الأصل، وأفضل وسيلة تكاثر لا جنسي معروفة لدى النباتات هي فصل سويقات النبات إلى أجزاء مختلفة· تتم طريقة التكاثر (بتقسيم السويقات أو تعديلها) -بمساعدة بعض الأنزيمات الخاصة- بشكل نموذجي لعدد كبير من النباتات، فعلى سبيل المثال: تتكاثر الأعشاب والفريز باستخدام سويقات أفقية تُعرف بـ'' الأغصان الهوائية''، أما في حالة البطاطا وهي نبات ينمو تحت الأرض فتتكاثر بتشكيل جذمورات تكبر لتصبح في النهاية سويقات أرضية شبيهة بالجذر· بالنسبة إلى أنواع معينة من النباتات يكفي وقوع قسم من أوراقها على الأرض لينبت نبات آخر· مثال: ينتج النبات الطحلبي المسمى Bryophyllum daigremontianumالأعراس تلقائياً على حافة أوراقه، وتسقط في النهاية على الأرض وتبدأ في حياة مستقلة· (1(في بعض النباتات الأخرى مثل البيغونية الاستوائية عندما تسقط أوراقها على تربة رملية رطبة سرعان ما تبدأ الأعراس في النمو حول قاعدة الورقة، وفي وقت قصير تبدأ في تشكيل نبات جديد يشبه الأصل· ( 2(ما هو الشيء الضروري والأساسي للنبات لكي يتكاثر؟ هل هو بقطع قسم منه؟ إذا أخذنا الأمثلة السابقة بعين الاعتبار فمن السهل الإجابة على هذا السؤال بعد(1/11)
فحص الهيكلية الجينية للنبات المقصود· مثل جميع الكائنات الحية فإن للنباتات خواص هيكلية مميزة في تركيب الـ DNA في خلاياها· بمعنى آخر كيف يتكاثر النبات؟ كيف يتنفس؟ كيف يحصل على غذائه ولونه ورائحته وطعمه؟ ما هو مقدار السكر فيه؟ توجد هذه المعلومات وغيرها بدون استثناء في خلايا النبات· وتمتلك خلايا جذر النبات معرفة كيفية قيام الأوراق بالتركيب الضوئي، وتعرف خلايا الأوراق كذلك مقدار الماء الذي ستمتصه الجذور من التربة· وباختصار توجد شفرة وتصميم لتكوين نبات جديد كامل في أي فرع يترك النبات·و توجد جميع خواص النبتة الأم الجينية كاملة بأدق التفاصيل في كل خلية، وفي كل جزء صغير يقتطع منها· في هذه الحالة كيف ومن أعطى المعلومات المخزنة في كل جزء من النبات لتشكيل نبات جديد· إن المعلومات الكاملة الموجودة داخل كل خلية من خلايا النبات لا يمكن أن تنسب إلى الصدفة؛ أو إلى النبات نفسه أو إلى المعادن والفلزات الموجودة في التربة· هذه أجزاء النظام التي تكون النبات، وكما يحتاج مهندس المعمل إلى برنامج لروبوتات خط الإنتاج لأن الرجال الآليين لا يمكنهم وضع التعليمات بأنفسهم، فكذلك يجب أن يكون هناك من يعطي النباتات الصيغة الضرورية للنمو والتكاثر لأنها تشبه الروبوتات· إنّ الله تعالى هو الذي وضع المعلومات الضرورية في خلايا النباتات كما هو الأمر مع جميع الكائنات الحية في العالم، الله تعالى، بدون شك، هو خالق كل شيء بشكل كامل، وهو عالم بخلقه وتكوينه· ويشير الله إلى هذه الحقيقة في عدد من الآيات القرآنية الكريمة:الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِع البَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ أَرْجِع البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِب إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهوَ حَسِيرٌ. سورة الملك:3-4أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ(1/12)
مُخْضَرَّةً إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ. سورة الحج:63التكاثر الجنسييسمى التكاثر بواسطة أعضاء التكاثر المذكرة والمؤنثة في النبات بالتكاثر الجنسي· وتُظهر الأزهار اختلافات في الخواص مثل الشكل واللون وغلاف خلايا التكاثر والبتلات؛ لكن بالرغم من هذا التنوع في التركيب فجميع الأزهار لها الوظائف الأساسية نفسها، وهي إنتاج خلايا تكاثر والتحضير لانتثارها وتخصيب خلايا التكاثر الأخرى التي تصلها· عند تفتح الأزهار يظهر غبار الطلع وهو الخلايا الذكرية للنبات، ودورها هو أن تصل إلى الأعضاء الأنثوية في أزهار السلالة نفسها وتلقحها لتضمن استمرارية النوع· لكل نبات طريقته الخاصة أو آليته التي يستخدمها لإرسال غبار الطلع، فبعض النباتات تستفيد من الحشرات بينما تستفيد نباتات أخرى من قوة الريح· وأهم نقطة في تخصيب النباتات هي بدون شك حقيقة أن كل نبات يخصب نباتاً آخر من النوع نفسه أو السلالة نفسها، ولهذا السبب فمن المهم جداً أن يصل غبار الطلع إلى النبات الصحيح· كيف لا تحدث فوضى خلال عملية التخصيب خاصة في فصل الربيع حيث يكون هناك العديد من حبات غبار الطلع في الجو؟ وكيف تتحمل حبات غبار الطلع الرحلات الطويلة والظروف المتغيرة؟ سنعرف الجواب على هذه الأسئلة عندما ندرس تركيب غبار الطلع وأنظمة انتثارها· غبار الطلع: جينات معبأة بشكل مثاليغبار الطلع هو مادة على شكل مسحوق يُنتج في الأسدية (الأعضاء الذكرية للأزهار) ومن ثم ينتقل إلى القسم الخارجي من الزهرة؛ وعند وصوله يبدأ في النمو ويصبح جاهزاً لتخصيب النسل التالي· وهذه هي أول مرحلة في حياة غبار الطلع· لنلق نظرة على تركيب غبار الطلع فهو مصنوع من عضويات بالغة الصغر لا ترى بالعين المجردة (حجم كل حبة غبار طلع لشجرة الزان يساوي 2 ميكرون، أما حجم حبة غبار طلع اليقطين فيساوي 200 ميكرون) والميكرون جزء من ألف من المليمتر· وتتألف حبة غبار الطلع من خليتي نطاف نباتية (خلية(1/13)
مولدة) محتواة في خلية أكبر (خلية أنبوبية.(يمكن أن نشبه كل حبة من غبار الطلع بصندوق يحوي داخله خلايا تكاثر، ومن الضروري أن تكون مخبأة جيداً لحماية حياتها وحفظها من الأخطار الخارجية؛ ولهذا السبب فإن بنية الصندوق قوية جداً وهو محاط بجدار يدعى''الكيس الطلعي''· أما الطبقة الخارجية للجدار فتدعى أكسين وهي المادة العضوية الأكثر مقاومة حسب ما هو معروف في العالم، ولم يعرف تركيبها الكيميائي بشكل كلي حتى الآن· وهذه المادة تقاوم أذى الحوامض والأنزيمات، وعلاوة على ذلك لا تتأثر بدرجة الحرارة العالية أو بالضغط العالي· وكما رأينا فقد اتخُذت احتياطات كثيرة ودقيقة لحماية غبار الطلع الهام جداً لاستمرارية وجود النباتات، فحبات الطلع مغلفة جيداً بمادة مقاومة قوية، وبفضل هذا التغليف مهما كانت طريقة انتثار غبار الطلع فيمكنه البقاء حياًّ حتى مسافات بعيدة عن النبات الأم، بالإضافة إلى ذلك تنتثر حبات غبار الطلع بأعداد ضخمة مما يضمن تضاعف النبات· مثلما يلاحظ من التركيب الدقيق لغبار الطلع فقد كشف الله تعالى لنا عن قدرته التي لا تضاهى في جميع الأشياء التي خلقها، وطلب منا أن نتفكر فيها· وقد أشير إلى ذلك في العديد من آيات القرآن الكريم· وفي الآية التالية فيها إشارات خاصة:وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. سورة الرعد:4عموماً هناك طريقتان مختلفتان لوصول غبار الطلع إلى الأزهار كي تخصبها· وخلال عملية الانتثار-أول مرحلة في عملية التخصيب-1- يلتصق غبار الطلع بجسم نحلة أو فراشة أو أية حشرة أخرى أو2- تحمله تيارات الهواء· غبار الطلع المحمول بالريحتستفيد العديد من النباتات من الريح لتنثر غبار طلعها من أجل استمرار سلالتها· ويتم(1/14)
تلقيح نباتات مثل البلوط والصفصاف والحور والصنوبر والعشب والقمح · · · الخ بواسطة الريح التي تحمل هذه الجسيمات الدقيقة من النباتات إلى نباتات أخرى من الفصيلة نفسها، وبهذا تضمن التخصيب· ما تزال هناك عدة نقاط لا يستطيع العلماء تفسيرها والعديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابة عليها بخصوص التلقيح بواسطة الريح، ومن ذلك على سبيل المثال:كيف تستطيع حبة غبار الطلع من آلاف متنوعة تحملها الريح تمييز نباتات من فصيلتها نفسها؟ كيف يمكن لحبات الطلع التي يطرحها النبات الوصول إلى أعضاء النبات الأنثوية دون أن تلتصق في مكان آخر؟ كيف تتخصب الآلاف من النباتات بهذه الطريقة مع أن احتمالات التخصيب منخفضة ؟ وكيف فعلت ذلك عبر ملايين السنين؟ للإجابة على هذه الأسئلة شرع كارل ج· نيكلاس وفريقه من جامعة كورنيل في دراسة النباتات الملقحة بواسطة الريح· وكانت النتائج التي تم التوصل إليها مذهلة بالفعل، فقد اكتشف نيكلاس وفريقه أن للنباتات الملقحة بالريح أزهار ذات تركيب ديناميكي هوائي (أيرودينامي) تمكنها من جذب كميات كبيرة من غبار الطلع من الهواء· ما هو هذا التركيب الأيرودينامي في النباتات؟ ما هو تأثيره؟ للإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نشرح ماذا يعني ''التركيب الأيرودينامي''· تعمل القوى الناشئة من تيارات الهواء على الأجسام المتحركة في الهواء وتعرف بالقوى الأيرودينامية والأجسام التي تستطيع التحرك في الهواء تدعى الأجسام ''ذات التركيب الأيرودينامي''· وتستخدم بعض النباتات تركيبها الأيرودينامي بشكل فعال جداً لكي تستفيد من الريح للتلقيح، وأفضل مثال على ذلك مخاريط الصنوبر· المخاريط الأيروديناميكيةربما يكون أهم سؤال جعل كارل نيكلاس وفريقه يدرسون التلقيح بواسطة الريح هو:'' كيف تصل كل حبة غبار طلع إلى فصيلتها نفسها دون غيرها على الرغم من وجود عدد ضخم من حبات غبار الطلع في الهواء ؟ '' هذا ما جعل العلماء يدرسون النباتات التي(1/15)
يتم تخصيبها بواسطة الرياح وخاصة أكواز الصنوبر مخروطية الشكل· تعرف الأشجار ذات المخاريط بارتفاعها وعمرها المديد ، وتراكيب المخاريط مذكرة ومؤنثة ويمكن أن توجد في الشجرة نفسها أو في أشجار مختلفة· وهناك قنوات مصممة خصيصاً في المخاريط لترسم لنفسها المسالك التي تحمل غبار الطلع الذي يصل بسهولة إلى المناطق التي تحتاج إلى تخصيب بفضل هذه القنوات· إنّ المخاريط المؤنثة أكبر من المذكّرة وتنمو الواحدة بعد الأخرى· وتتألف المخاريط المؤنثة من محور مركزي وحوله العديد من الأبواغ مشابهة لتراكيب الأوراق· وهذه التراكيب على شكل أغطية مشابهة لحراشف السمك· وتشكل كل حرشفة مبيضاً مفتوحاً (ليس له قلم ولا ميسم) مؤلف من خباء واحد في أسفله زائدة صغيرة تسمى القنابة وفي أعلاه بذيرتان عاريتان (لهذا تسمى عريانات البذور)، وعندما تكون المخاريط مستعدة للإلقاح تأخذ حراشفها في التباعد بعضها عن بعض مما يمكن غبار طلع المخاريط الذكرية من الدخول· بالإضافة إلى ذلك توجد تراكيب خاصة تمكن غبار الطلع من الدخول بسهولة إلى المخروط، مثال: حراشف المخروط المؤنثة مغطاة بوبر دبق، وبفضل ذلك يلتصق به غبار الطلع ويؤخذ بسهولة إلى الداخل للتخصيب· وتتحول المخاريط المؤنثة بعد التخصيب إلى تراكيب متخشبة تحوي البذور· وبعد ذلك تُنبت البذور نباتاً جديداً في ظروف مناسبة· كما تملك المخاريط المؤنثة خاصية مميزة أخرى، فالمنطقة التي تتشكل فيها البيضة (المبيض) قريبة جداً من مركز المخروط، وظاهرياً من الصعب على غبار الطلع أن يصل إلى هذه المنطقة لأنه لكي يصل إلى القسم الداخلي من المخروط عليه الدخول من ممر خاص إلى المركز· ومن النظرة الأولى تبدو هذه المسألة معيقة لتخصيب المخاريط لكن الدراسات أثبتت أن هذه ليست مشكلة· أجُريت تجربة من خلال تحضير نموذج لمخروط لمعرفة كيفية عمل نظام التخصيب الخاص بالمخاريط· وتمت مراقبة حركة بالونات صغيرة مملوءة بغاز الهليوم(1/16)
في مجرى من الهواء· وتبين أن البالونات الصغيرة تبعت بسهولة مجرى الهواء، وامتلكت خاصية سهولة الدخول إلى الدهاليز الضيقة في المخروط· بعد ذلك تم تصوير حركات البالونات في النموذج التجريبي باستخدام تقنية تصوير فوتوغرافية خاصة، ثم تحليل الصور بمساعدة الكومبيوتر وتثبيت اتجاه الرياح وسرعتها· اكُتشف تبعاً لنتائج الحاسب أن المخاريط غيرت حركة الريح بثلاث طرق، أولاً: تم تحويل اتجاه الريح إلى المركز بواسطة الأوراق، ثم بعد ذلك حركت بحركة دائرية وسحبت إلى مكان تشكل البيض· ثانياً: وجُهت الريح - التي تدور بشكل دوامة وتلمس الأخبية الصغيرة-إلى منطقة تؤدي إلى مركز المخروط· ثالثاً: تحول المخاريط بفضل نتوءاتها التي تعطي دفعاً للمجاري الصغيرة الريح إلى الأسفل وتوجهها نحو الأخبية· يصل معظم غبار الطلع في الهواء إلى المكان المقصود بفضل هذه الحركات· والنقطة الجديرة بالاهتمام هنا أن العمليات الثلاثة-التي تكّمل بعضها البعض- يجب أن تكون متوالية· وينشأ التخطيط الكامل للمخاريط عند هذه النقطة· تدّعي نظرية التطور أن هناك تطورا مرحليا عبر الزمن في النباتات أيضا- كما في جميع الكائنات الحية-، ووفقاً لدعاة هذه النظرية فإن سبب التركيب الدقيق للنباتات هو المصادفة؛ ولكي ندرك بطلان هذا الزعم يكفي أن نتفحص التركيب الدقيق لنظام تكاثر المخاريط· من غير الممكن لسلالة حية أن تتواصل بدون نظام تكاثر· وتنطبق هذه الحقيقة الحتمية بالطبع على أشجار الصنوبر ومخاريطها؛ وبمعنى آخر وجد نظام التكاثر في المخاريط مع نشأة أشجار الصنوبر حتماً، ومن غير المحتمل لتركيب المخاريط التام أن يظهر للوجود بمفرده عبر فترة من الزمن في مراحل مختلفة· إنّ التركيب الذي يقود الريح للأكواز ثم لتركيب آخر يوجهها إلى القنوات التي تؤدي إلى حيث توجد البيوض، وكل ما سبق من الضروري أن يوجد في الوقت نفسه بدون أي نقص لأنه إذا فُقد أحد هذه التراكيب فمن المستحيل أن(1/17)
يعمل نظام التكاثر· بقي أن نقول أيضا إن هناك استحالة لتواجد خلية البيضة في المخروط والخلايا التي ستخصبها بالمصادفة، وهذا مأزق آخر لنظرية التطور· من المستحيل أن ينشأ جزء واحد من النظام لوحده بالصدفة، فكيف بكل الأجزاء؟ إنه أمر لا يصدق· لقد دحضت المكتشفات العلمية ادعاءات نظرية التطور بأن كل شيء نشأ بالمصادفة، ولهذا السبب فمن الجلي أن المخاريط من لحظة ظهورها كانت بشكلها الكامل ونظامها الدقيق لأن الله قد خلقها كذلك· هناك ميزات أخرى لأشجار الصنوبر تسرّع اصطياد حبات غبار الطلع، فعلى سبيل المثال تتشكل المخاريط الأنثوية عموماً في أطراف الأغصان وهذا يخفف من نقصان غبار الطلع إلى أدنى درجة· علاوة على ذلك تساعد الأوراق بفضل ترتيبها التناظري حول المخاريط في التقاط غبار الطلع القادم من جميع الجهات بتخفيفها من سرعة تيارات الهواء· إنّ غبار طلع الصنوبر ككل أنواع غبار الطلع له أشكال وأحجام وكثافات مختلفة تبعاً للسلالة التي ينتمي إليها مثال: إنّ حبات غبار طلع لسلالة معينة لها كثافة تمنعها من اتباع تيار الهواء الذي تقوم به المخاريط لسلالة أخرى، ولهذا السبب تقع على الأرض· وتُحدث المخاريط المتنوعة تيارات هوائية تتناسب مع حبات غبار الطلع لسلالتها، وهذه الميزة في المخاريط ليست فقط لالتقاط غبار الطلع بل تستخدم النباتات هذه الفلترة (التصفية) لتيارات الهواء لأعمال مختلفة أخرى، فالمخاريط المؤنثة تستطيع بهذه الطريقة تغيير اتجاه غبار الطلع المصاب بالفطريات الذي يمكن أن يؤذي خلايا البيض فيها· لا تقتصر الاحتياطات أو التدابير الوقائية التي تقوم بها النباتات كي يصل إليها غبار الطلع المتناثر في الهواء ويخصبها على ذلك بل تتعداه، فالنبات ينتج كمية كبيرة من غبار الطلع أكثر من المطلوب إلى حد يضمن معه عملية الإلقاح، وبذلك لا يتأثر النبات بنقص غبار الطلع الذي يمكن أن يكون لأسباب عديدة· مثال ذلك أن كل مخروط مذكر(1/18)
يُنتج على شجرة الصنوبر أكثر من 5 مليون حبة غبار طلع في السنة، وتنتج شجرة صنوبر واحدة في المنطقة 12,5بليون حبة غبار طلع في السنة، وهو رقم ضخم وغير عادي مقارنة بالكائنات الحية الأخرى· (3(بالرغم مما سبق يواجه غبار الطلع الذي تحمله الرياح عدداً من الصعوبات أو العوائق، إحداها الأوراق، لذلك عندما يتناثر غبار الطلع في الهواء تتفتح أزهار بعض النباتات (البندق، الجوز، · · الخ) قبل أوراقها حتى يحدث الإلقاح بينما لا تزال أوراقها غير نامية· وتوجد الأزهار في ثلاثة أقسام من الفصيلة النجيلية (الحبوب) والصنوبر لتسهيل الإلقاح، وفي هذه الحالة تكون الأوراق منظمة بشكل لا يجعلها عائقاً أمام حركة غبار الطلع· يمكن لغبار الطلع بواسطة هذه الترتيبات المسبقة أن يقطع مسافات طويلة نسبياً وتتنوع المسافة حسب السلالة مثال: يمكن أن تسافر حبات غبار الطلع المزودة بجيوب هوائية إلى مسافات أبعد من غيرها، وقد تبين أن حبات غبار طلع الصنوبر التي لديها جيبين هوائيين يمكن أن تقطع مسافة تصل إلى 300 كم في تيارات الهواء العالية (4)؛ ويوازي ذلك في الأهمية حقيقة أن آلاف الأنواع من غبار الطلع تقطع مثل هذه المسافات في الجو محمولة بنفس الريح لكن دون أن تحدث أي فوضى بينها· توجه حبات غبار الطلع نحو هدفهالكي نفهم بشكل أفضل الميزات المدهشة للنباتات المُخصَبة بواسطة الريح نأخذ مثالاً آخر: تتبع الصواريخ مساراً محددا مسبقاً لتصل إلى أهدافها، ولهذا السبب يجب أن تكون هناك حسابات دقيقة جداً في التخطيط لمسار الصاروخ ليصل إلى هدفه· وميزات الصاروخ هي: قدرة المحرك وسرعة الطيران بالإضافة إلى ما يرافقها من خصائص الظروف الجوية مثل كثافة الهواء، مع البرمجة الدقيقة لكل ما سبق· وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون هناك معرفة دقيقة بتركيب منطقة الهدف والظروف السائدة هناك؛ ولكي نصل إلى هذا الأمر علينا القيام بقياسات دقيقة وإلا فإن الصاروخ يخرج عن مساره(1/19)
ويفشل في الوصول إلى هدفه· ويتعين على المهندسين العمل بشكل جماعي والتفكير في كل التفاصيل لكي يصيب الصاروخ هدفه بنجاح· ومن الواضح أن النجاح في التصويب وبلوغ الهدف هو نتاج عمل جماعي وحسابات دقيقة وتقنية عالية· يشبه التصميم الدقيق لنظام التكاثر في المخاريط نظام الصاروخ وتصويبه نحو هدفه لكون كل شيء محسوب بدقة وبشكل مسبق مع تعديلات حساسة جداً، وقد أخذ في الحسبان العديد من التفاصيل مثل اتجاه تيار الهواء والكثافات المختلفة للمخاريط وشكل الأوراق · · · الخ، وبنيت خطط التكاثر على أساس هذه المعلومات· يطرح وجود مثل هذه التراكيب المعقدة في النباتات السؤال عن كيفية ظهور هذه الآليات، ولكن لنجب على هذا السؤال بسؤال آخر، هل يمكن أن يكون هذا التركيب في المخاريط محض مصادفة؟ إنّ النظام المعمول به داخل الصواريخ هو نتاج سنوات طويلة من الدراسة والعمل الشاق لمهندسين خبراء في مجالهم يتمتعون بالذكاء والمعرفة· والتراكيب المعقدة في المخاريط والتي تشبه النظام الذي يعمل في الصواريخ خططت بالطريقة نفسها، والادعاء بأن الصاروخ تكون بالمصادفة وأنه يمكن أن يصيب هدفه باتباع مسار عشوائي هو شيء غير منطقي كالادعاء بأن الحركات غير العادية لحبات غبار الطلع المصوبة إلى هدفها بالطريقة نفسها، والتراكيب الدقيقة في المخاريط هي نتيجة المصادفة· من المستحيل بالطبع أن تكون لحبات غبار الطلع القدرة والمعرفة حتى تجد طرقها المختلفة في هذه الرحلة· وفي نهاية المطاف فحبات غبار الطلع هي عبارة عن مجموعة من الخلايا، وإذا تمعنا فيها نجد أنها مصنوعة من ذرات غير مدركة· ولا مجال للشك بأن امتلاك مخروط لنظام مليء بالمعلومات المفصلة عن التخصيب هو نتيجة لخلق الله العليم العلي القدير· هناك نقطة هامة أخرى في تخصيب أشجار الصنوبر ألا وهي أن الريح الموضوعة قيد التحكم تقوم بواجبات النقل بشكل دقيق دون أي خطأ وهذا دون شك من عمل الله رب العالمين الذي(1/20)
يوجه العملية برمتها من السّماوات إلى الأرض وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في هذه الآية:وَأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ··· سورة الحجر: 22.تقوم جميع النباتات في العالم بدون استثناء بالعمليات نفسها· وكل سلالة تعرف ما عليها القيام به منذ نشأتها· وهذا الحدث الذي يجري بمساعدة تيارات الريح منذ ملايين السنين وحتى الآن يتم دون صعوبة بالرغم من أنه معتمد على احتمالات مختلفة· وكما رأينا فكل شيء يحدث في مكانه المناسب وتوقيته الصحيح لأن كل آلية من هذه الآليات ملزمة بالعمل في انسجام مع غيرها في المكان والزمان، وإذا فُقدت أو غابت إحداها فهذا يعني نهاية السلالة النباتية لهذا الصنف من النبات· من الواضح أن هذه الأنظمة التي ليس لديها ذكاء أو إرادة أو إدراك تلعب دورها في هذه الأحداث التي لا تصدق بأمر من خالقها، من الله تعالى ذي القوة المطلقة و المعرفة، فهو الذي يتحكم في كل شيء في كل لحظة وخطط لكل شيء حتى أدق التفاصيل· فالله هو الذي أوجد كل شيء حي وجامد وكل، ويبين الله تعالى هذا السر في الآية الكريمة:الله الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا. سورة الطلاق: 12.لكي نشرح هذه النقطة علينا أن نتخيل أننا نشهد إنجازاً تكنولوجياً دقيقاً أو معملاً أو مبنى كل تفصيل فيه تم التخطيط له بدقة وروّية: فنحن نشعر، بدون شك، أن وراء ما ذكر مُخطِط أو مُصمِم· نحن نعرف بالطبع أن من قام بالتخطيط هم أُناس مختصون ذوو معرفة ودراية، وأن هناك فهما دقيقا لكل مرحلة· ولا يمكن لأحد بعد ذلك أن يقف ويدّعي بأن هذه الأشياء ظهرت لوحدها عبر الزمن· نحن نقدر ذكاء المخططين ونثني على براعتهم· إن جميع الكائنات خُلقت مزودة بأنظمة في غاية الدقة ومعتمدة على أدق الموازين· نرى هذا أينما نظرنا(1/21)
من حولنا بدون استثناء· وليس هناك أدنى شك في أن الله يستحق المديح والثناء، فهو خالق جميع الكائنات الحية ومبدعها· والنباتات ككل شيء آخر في الكون تحافظ على وجودها بفضل الأنظمة التي خلقها الله وبتعبير آخر فهي تحت رقابته وسيطرته:لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ الله لَهوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ. سورة الحج:·64وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ . سورة الأنعام:59الملقحات أثناء العملكما ذكرنا سابقاً فإن بعض السلالات النباتية تتكاثر بواسطة غبار الطلع الذي تحمله الحيوانات مثل الحشرات والطيور والنحل والفراشات· أذهلت العلاقة بين النباتات -التي تسمح للحيوانات بنثر غبار طلعها- والحيوانات التي تقوم بهذا الواجب· وتؤثر هذه الكائنات الحية على بعضها البعض بأساليب خبيرة بهدف المحافظة على استمرارية نظام الأخذ والعطاء المتبادل· وفي البدء كان الاعتقاد الشائع أن النباتات تلعب دوراً صغيرًا في هذه العلاقة، في حين بيّنت نتائج الباحثين خلاف هذا الرأي، فالنباتات تلعب دوراً فعالاً ومباشر في التأثير على سلوك الحيوانات، ولقد اتبعت استراتيجيات مثالية لتوجيه الحيوانات التي تحمل غبار طلعها· مثال ذلك أنّ الإشارات اللونية للنبات تدل الطيور والحيوانات الأخرى على الثمرات الناضجة والجاهزة للانتثار، كما ترتبط كمية الرحيق الموجودة مع لون الأزهار لتزيد فرص التخصيب بتشجيع الملقح للبقاء مدة أطول فوق النبات، وهناك روائح زهرية خاصة تجذب الملقحين الملائمين في الوقت المناسب تماماً· (5(وفي بعض الأحيان تستخدم النباتات طرق خداع لبدء عملية التلقيح، وبشكل عام يقع الحيوان الذي سيحمل ذرات غبار الطلع المنتثرة في(1/22)
الشرك الذي نصبه النبات وبهذا يبلغ النبات هدفه· الأساليب التي تستخدمها النباتات:اللون، الشكل، الرائحةيساعد اللون في إعلام الملقحين بوجود الأزهار، وليس ذلك فحسب بل إنه يعلن عن مكافأة وهي رحيق الزهرة· فعندما يقترب ملقح ما تعطي الزهرة إشارات منبهة مثل الرائحة لترشد الحشرة لموقع الرحيق، أما الأزهار التي ترشد الملقحين بواسطة اللون فهي توجههم إلى المركز حيث يوجد الرحيق، وهكذا يحدث التخصيب· (6(تُعرف النباتات بالوظيفة الإرشادية لألوانها، وفي الواقع فهي تخدع الحيوانات باستخدام هذه الميزة بإدراك قوي·و تستخدم بعض النباتات التي لا رحيق لها الميزات اللونية للأزهار منتجة الرحيق لتجذب الحشرات إليها، وأحد الأمثلة الجيدة على ذلك:cephelanthera الحمراء وهي صنف من الأوركيد (نبتة من الفصيلة السحلبية) وbeltflowers الزرقاء التي تنمو في الغابات في المناخ المتوسطي· بينما تعطي beltflowers الزرقاء الرحيق الذي يجذب النحل لا تملك cephelanthera الحمراء هذه الميزة لتعمل الشيء نفسه، ولكن، وفي الوقت نفسه، فإنّ النحلة البرية المعروفة بـ ''قاطعة الأوراق'' تخصب هذين النباتين المختلفين كلياًّ· وعندما يقوم النحل البري بتخصيب الأزهار الزرقاء فإنه يشعر بالحاجة إلى تخصيب الأزهار الحمراء أيضاً· ولقد جذب تلقيح النحل لنبات لا يحوي رحيقاً اهتمام العلماء وبحثوا عن سبب تصرف النحل هذا· يأتي جواب هذا السؤال نتيجة بحث أنجز بواسطة أداة تدعى '' spectrophotometer ''(أداة لقياس شدة الضوء في أقسام مختلفة من الطيف الضوئي الصادر من مادة أو محلول بطول موجي معين)· عُرف أن النحل البري لا يقدر على التمييز بين الطول الموجي للضوء الخارج من الزهرتين المختلفتين؛وبكلام آخر بالرغم من أن البشر يمكن أن يميزوا بين الطول الموجي الخارج من الزرقاء وذلك الخارج من الحمراء لأنهم يستطيعون رؤية الفرق في اللون بين الأزهار لكن النحل البري لا يستطيع(1/23)
رؤية هذا الاختلاف· فاللون عامل هام للملقحين والنحلة التي تذهب للزهرة الزرقاء وتعطي اللقاح تزور الزهرة الحمراء التي تنمو بجانب الزرقاء وتخصبها وتراها على أنها من اللون نفسه· وكما نرى يستمر الأوركيد في الحياة والفضل في ذلك يعود لتشابهه الخفي مع الزهرة الزرقاء· (7(تعلن بعض الفصائل النباتية عن جائزة تلقيح للحشرات بتغيير لون براعمها·و يبين المثال التالي ذلك:تحدث فريتز مولر، وهو عالم في التاريخ الطبيعي، في رسالة له عن نبات يدعى اللنتانة ينمو في الغابات البرازيلية:''لدينا أزهار اللنتانة (نبتة استوائية) التي تبقى لثلاثة أيام، يكون لونها أصفر في اليوم الأول وبرتقالي في اليوم الثاني وأرجواني في اليوم الثالث· وتزور هذه النبتة أنواع متعددة من الفراشات، وكما رأيتُ فإن الأزهار الأرجوانية لا تُلمس أبداً· ويُدخل بعض أنواع الفراش خرطومه ( الأجزاء الفموية) في داخل الأزهار الصفراء والبرتقالية؛ بينما يقتصر بعضها الآخر على الأزهار الصفراء في اليوم الأول· وهذه في اعتقادي مسألة تثير الاهتمام· وفي نهاية اليوم الأول من الإزهار تقع بعض الأزهار أو تصبح أقل بروزاً، وإذا لم تغير لونها مع الزمن فستضيع الفراشات وتدخل خراطيمها في الأزهار الملقحة سابقاً''· (8(كما لاحظ مولر فإن تغير لون الزهرة هو من مصلحة النبات والملقح معاً· وتقدم النباتات التي تغير لونها الكثير من الرحيق للملقحين عندما تكون أزهارها فتية، وعندما يزداد عمر الزهرة يتغير لونها ويقل رحيقها؛ وبالتفسير الصحيح لتغيرات اللون يوفر الملقحون طاقة قد تضيع هباءً بزيارة النباتات التي لديها القليل من الرحيق أو لاشيء على الإطلاق· تستخدم النباتات طريقة أخرى لتجذب الطيور أو الحشرات وهي الرائحة العطرة التي تفوح من أزهارها· وتستخدم النباتات العطور- التي تنعشنا- لجذب الحشرات· ولعطر الزهرة خاصية إظهار الطريق للحشرات من حولها· فعندما تشمّ الحشرة العطر تدرك أن(1/24)
هناك رحيقاً لذيذاً مخزناً بالقرب منها، بعد ذلك تتجه مباشرة نحو مصدر الرائحة، وعندما تصل إلى لزهرة تحاول أن تحصل على الرحيق، وعندئذ يلتصق غبار الطلع بها؛ وتترك الحشرة نفسها خلفها غبار الطلع الذي علق بها من زهرة أخرى زارتها وبهذا تقوم بالتخصيب· إن هدفها الوحيد هو الوصول إلى الرحيق الذي شمت رائحته، وإن كانت لا تعلم بالدور المهم الذي تقوم به· أساليب خداع النباتقلنا إنّ بعض النباتات تستخدم أساليب من الخداع· وهذه النباتات لا تملك الرحيق الذي يجذب الحشرات· وتتخصب هذه الأنواع من النباتات بالاستفادة من تشابهها بالنسبة إلى الحشرات· وأحد أنواع الأوركيد - الأوركيد المرآة- لديه شكل ولون أنثى النحل كي يجذب النحل، وحتى أن هذا النوع من الأوركيد قادر على طرح مادة كيميائية مناسبة تدعى الفيرومون لجذب ذكور النحل· إن أوركيد نحلة قبرص هو نوع آخر من النباتات التي تقلد الحشرات لتضمن تخصيبها· وعدد أنواع الأوركيد التي تستخدم هذه الطريقة كبير وتختلف الأساليب من نوع إلى آخر؛ بعضها يقلد أنثى النحلة ورأسها للأعلى أما البعض الآخر فيكون رأسها للأسفل· مثال: يستخدم أوركيد النحلة الصفراء الطريقة الثانية· ولهذا السبب تختلف أشكال تخصيب الأوركيد· (9( يقلد نوع آخر من الأوركيد يدعى أوركيد التنين أنثى الدبور حيث تشبه حافة زهرة أوركيد التنين شكل أنثى الدبور عديمة الأجنحة لدرجة أن ذكر الدبور فقط ينجذب إليها· وتنجح بعض أنواع فصيلة الأوركيد في جذب الحشرات إليها حتى وإن كانت لا تحوي أي رحيق على الاطلاق، وهي تضمن الهبوط الآمن لذكر الدبور في أخفض منطقة في الزهرة بتقليد شكل أنثى الدبور وطرح عطر جذاب· ويحاول ذكر الدبور الذي يهبط على الزهرة أن يتزاوج، ونتيجة لذلك يلتصق غبار طلع الأوركيد بجسمه، وبفضل هذا الخداع ينتقل غبار الطلع الملتصق بجسمه عندما يهبط إلى زهرة أخرى للهدف نفسه· (10(هناك نبات آخر يقلد شكل أنثى الحيوانات وهو(1/25)
أوركيد هامر· إن آلية تكاثر هذا النوع من الأوركيد الذي ينمو في الأراضي العشبية الجافة جنوب أستراليا مذهلة حقاً· فلدى أوركيد هامر ورقة واحدة فقط على شكل قلب ويشبه كلياً أنثى الدبور· وبينما تطير ذكور الدبابير لا تملك إناث الدبابير أجنحة وتقضي معظم وقتها في التراب· وعندما يحين وقت التزاوج تخرج الإناث من الأرض وتتسلق إلى أعلى ساق نبات طويل لكي تجدها الذكور· وحالما تصبح في القمة تطرح رائحة خاصة بالتزاوج وتنتظر وصول الذكور· لذكور الدبابير ميزة خاصة أنها تصل إلى الأوركيد قبل أسبوعين من وصول الإناث، وهذا وضع مشوق لأنه لا توجد أية أنثى دبور في الجوار إنما الأوركيد فقط الذي يبدو وكأنه أنثى الدبور تنتظر التخصيب· وعندما تصل ذكور الدبابير إلى الأوركيد تشم رائحة مشابهة لتلك التي تصدر عن إناث الدبابير وتطرحها نباتات الأوركيد، وتحت تأثير هذه الرائحة يهبط ذكر الدبور على الأوركيد محاولاً التزاوج، وعندما يحاول الهروب من الزهرة يلتصق كيسان محملان بغبار الطلع خلف رأسه أو على ظهره· وبهذه الطريقة عندما يتنقل الدبور إلى زهرة أوركيد ثانية فإن غبار الطلع الملتصق به يقوم بعملية التخصيب· (11) · وكما رأينا هناك علاقة متناغمة ومنسجمة بين أوركيد هامر والدبور· و هذا التعايش مهم جدًّا لتكاثر النبات لأنه إذا لم يحدث الإلقاح بنجاح، أو بتعبير آخر إذا لم تحمل الحشرة غبار الطلع إلى نبات آخر من الفصيلة نفسها فلن يحدث التخصيب· تبين العديد من الأمثلة في الطبيعة مثل هذا التوافق الموجود بين أوركيد هامر والنحل البري· وفي بعض الأحيان يكون الاختلاف بين الأزهار هو السبب لمثل هذه العلاقة· ومثال لك: من السهل جدّاً لبعض الحشرات أن تدخل بعض الأزهار لأن ذلك القسم من الزهرة حيث يوجد غبار الطلع مفتوح وتستطيع الحشرات أن تدخل بسهولة إلى هذه المناطق وتصل إلى غبار الطلع· وبعض النباتات لديها مدخل للرحيق بحجم مخصص لنوع محدد من(1/26)
الحيوانات· فعلى سبيل المثال في بعض الحالات تدفع النحلات نفسها داخل هذه الفتحات لتصل إلى رحيق الزهرة· إنه لمن الصعب بل من المستحيل لكائنات حية أخرى أن تفعل ما يفعله النحل بسهولة· من ناحية أخرى، فالنحل وبعض الحشرات الأخرى لا تقدر على تخصيب الأزهار التي لها أنابيب تويجية دقيقة، ويمكن للحشرات ذات الخرطوم الطويل فقط كالفراشات والبشارات أن تخصب هذه الأزهار· (12(إنّ الأمثلة السابقة تبين لنا أن هناك انسجاماً وتوافقاً دقيقاً بين الحشرات وأشكالها التي تناسب النباتات وكذلك بين النباتات بعضها مع بعض· من المستحيل لمثل هذه العلاقة التبادلية ''التي تشبه القفل والمفتاح'' أن تكون بمحض المصادفة كما يدعي التطوريون، فهي تناقض منطق نظرية التطور نفسها· فتبعاً لهؤلاء فإن الاصطفاء الطبيعي حسب زعمهم هو: أنّ أي حياة لا تتكيف مع البيئة المحيطة بها عليها إما أن تطور آليات جديدة أو تختفي· وفي هذه الحالة وتبعاً لآلية الاصطفاء الطبيعي فعلى النباتات التي لم تخُصب من الحشرات بسبب تركيبة شكلها الخاص عليها إما الاختفاء أو تغيير شكل أزهارها، وبالطريقة نفسها على الحشرات التي تُخصب هذا النوع فقط من الأزهار بسبب تركيبة أعضائها الفموية أن تختفي بسبب نقص الطعام أو أن تُغير تركيبة أعضائها التي تستخدمها لجمع الغذاء· لكننا عندما ننظر إلى النباتات ذات الأنابيب التويجية الطويلة أو غيرها من النباتات نرى أنها لم تطور أي تكيف أو تغير من أي نوع، وكذلك لم تفعل الكائنات الحية مثل الفراشات والبشارات· استمرت الأزهار -المستفيدة من هذه العلاقة التبادلية أو التكافلية مع الملقحات التي تخصبها- بالعيش على هذا المنوال لسنوات عديدة حتى يومنا هذا· ما تم شرحه حتى الآن هو موجز قصير للأساليب التي تتبعها بعض الفصائل المختلفة من النباتات لتبقى على قيد الحياة لأجيال قادمة· إنك قد ترى جميع هذه التفاصيل في أي كتاب بيولوجي لكن هذه المصادر لا(1/27)
تستطيع تقديم أي تفسير مقنع للأسباب التي دعت النباتات لاستخدام عملية انتثار غبار الطلع؛ لأنه في كل عملية تُنفذ، فخواص مثل الفكر والإدراك واتخاذ القرار والحسابات التي لا نستطيع نسبها إلى النبات واضحة· فنحن نعلم جميعاً بأن النبات ليس لديه إدراك لينفذ هذه العملية برمتها منتلقاء نفسه· ''يحسب'' النبات أن تركيبه الأيروديناميكي مناسب لانتثار غبار الطلع بواسطة الريح، وكل جيل لاحق يستخدم الطريقة نفسها· أما النباتات الأخرى ''فتفهم'' أنها لن تقدر على الاستفادة الكافية من الريح، ولهذا السبب تستفيد من الحشرات لتحمل غبار طلعها؛ كما''تعلم'' النباتات بأنها يجب أن تجذب الحشرات نحوها لكي تستطيع التكاثر، وتحاول بشتى الأساليب ليتم ذلك· وتتعرف النباتات على ما يجب أن يكون عليه شكل الحشرات· وبعد اكتشاف أي رحيق وأي رائحة فعالة لكل حشرة فإنها تُنتج الروائح بواسطة عمليات كيميائية وتنشرها في الوقت المناسب تماماً، وتتعرف على طعم الرحيق التي تفضله الحشرات وما يحوي من مواد وتنتجها بنفسها· وإذا لم تكف الرائحة والرحيق لجذب الحشرات فإنها تقرر القيام بطريقة أخرى لتتناسب مع الوضع وتقوم بـ''التقليد الخادع''؛ بالإضافة إلى ذلك فإنها ''تحسب'' مقدار غبار الطلع الذي سيصل إلى نبات آخر من الفصيلة والمسافة نفسها التي سيقطعها وعلى هذا الأساس تقوم بإنتاج غبار الطلع بأفضل الكميات وأنسب الأوقات· فالنباتات ''تفكر'' في احتمالات عدم وصول غبار الطلع و''تقوم باتخاذ الإجراءات الوقائية'' بهذا الخصوص· بالطبع، إنّ مثل هذا السيناريو لا يمكن أن يكون حقيقة· وفي الواقع يخرق هذا السيناريو كل قواعد المنطق، ولا يستطيع نبات عادي أن يستنبط أياً من الإستراتيجيات المذكورة لأن النبات لا يدرك ولا يحسب الزمن ولا يقرر الحجم والشكل ولا يستطيع أن يحسب قوة الريح واتجاهه، ولا يمكنه أن يقرر بنفسه أي تقنية يحتاجها للتخصيب، ولا يفكر في أن عليه جذب(1/28)
حشرة ما لم يرها قط، وعلاوة على ذلك لا يستطيع أن يقرر أيّ الأساليب يحتاج ليتمكن من عمل أي مما ذُكر· مهما كثرت التفصيلات، ومن أي جهة تم التطرق إلى هذا الموضوع، وأي منطق اُستخدم فلن يتغير الاستنتاج بأن هناك شيئا استثنائيا في العلاقة بين النباتات والحيوانات· لقد خُلقت هذه الكائنات الحية منسجمة مع بعضها البعض· ويظهر لنا هذا النظام الدقيق من المنفعة المتبادلة أن القوة التي خلقت النباتات والحشرات لها علم دقيق بطبيعة النوعين وتدرك احتياجاتهما كاملة وخلقتهما ليكمل أحدهما الآخر· إنّهما من صنع الله تعالى الذي يعلمهما جيداً ويعلم بكل شيء· إنهما دليل آخر على عظمة الله وقوته المطلقة وعمله المنزه عن كل عيب مقارنة بعمل الإنسان· لا تعلم النبتة سبب وجودها ولا بعملها الخارق الذي تقوم به لأنها تحت سيطرة الله الذي خطط مستقبلها وخلق كل شيء في الكون، ويستمر في خلقه كل لحظة· وقد أشار الله عز وجل إلى هذه الحقيقة في القرآن الكريم: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } سورة الرحمن:6الإلقاح والتكاثر في النباتات تحت الماءعلى النقيض من الاعتقاد السائد فإن التكاثر بواسطة غبار الطلع لا يقتصر على النباتات الموجودة على سطح الأرض· وهناك نباتات بحرية أيضاً تتكاثر بالطريقة نفسها· وقد اُكتشف أول نبات دُعي ''زوسترا'' يعيش في البحر ويتكاثر بطريقة الإلقام عام 1787 من قبل عالم النبات الإيطالي فيليبو كافوليني· (15(إنّ سبب الاعتقاد بأن الإلقاح يقتصر على النباتات الموجودة على اليابسة أن حبات غبار طلع نباتات اليابسة التي تلامس الماء تتفرق وتتعطل عن العمل· أظهرت الدراسات التي أُجريت على النباتات التي تتكاثر بإلقاح غبار الطلع في الماء أن هذا موضوع آخر وجدت فيه نظرية التطور نفسها في ورطة· تصنف النباتات التي تنثر غبار طلعها عبر الماء إلى 31 نوعاً في مناطق مختلفة جداً من شمال السويد إلى جنوب الأرجنتين، ومن 40 متراً تحت(1/29)
مستوى سطح الماء إلى 4800 متر في بحيرة تيتيكاكا في جبال الأنديز· وقد عاشت هذه النباتات، حسب وجهة نظر علم البيئة، في ظروف مختلفة تماما بدءاً من الغابات المطرية الاستوائية إلى البحيرات الصحراوية الموسمية· (16(ظهرت صعوبات كبيرة أمام دعاة التطور حول هذا الموضوع لأنه، وحسب النظرية فالإلقاح كان طريقة للتكاثر بدأت النباتات في استخدامها بعد أن عاشت على الأرض؛ وعلاوة على ذلك تبين أن هناك بعض النباتات البحرية استخدمت هذه الطريقة، مما دعا التطوريين إلى تسميتها بـ'' النباتات المزهرة التي رجعت إلى الماء''؛ولم يستطع هؤلاء أن يعطوا أي تفسير منطقي وعلمي عن سبب عودة النباتات إلى الماء وكيف تمت تلك العودة، كما لم يقدموا أي تفسير للأشكال الانتقالية التي اتخذتها· نشأت مشكلة أخرى أمام دعاة التطور من بعض خواص الماء· وكما أوضحنا سابقاً فالماء بيئة لا تناسب البتة انتشار غبار الطلع، بل وتؤدي إلى تفرق البذور ومن الصعب التنبؤ بحركة المياه؛ قد تُوجد تيارات مائية غير منتظمة أو مدّ قد يُغرق النباتات أو يحملها إلى مسافات بعيدة على سطحه، وعلى الرغم من هذه العوامل تستخدم النباتات المائية بنجاح الماء كملقح كونها خُلقت بهذه الطريقة لتتمكن من العمل تحت سطح الماء· وإليك بعض الأمثلة عن هذه النباتات:الفاليسنيريا تتطور أزهار الفاليسنيريا المذكرة في قسم النبات الذي يبقى تحت الماء، وبعد ذلك تترك جسم النبات وتطفو بحرية لكي تصل إلى النباتات ذات الخواص الأنثوية·وقد خُلقت هذه الزهرة بطريقة تساعدها على الظهور بسهولة إلى السطح حالما تكون حرة، وعند هذه النقطة تبدو الزهرة كبرعم كروي· وتغلق الأوراق من حولها وتلفها مثل قشرة البرتقال· و هذا الشكل التركيبي الخاص يؤمن لها الحماية من التأثيرات السلبية للماء على القسم الذي يحمل غبار الطلع· وعندما تظهر الزهرة على السطح تتباعد البتلات التي كانت مغلقة سابقا الواحدة عن الأخرى ملتفة(1/30)
للوراء منتشرة على سطح الماء· وتظهر الأعضاء الحاملة لغبار الطلع فوق الأوراق التي تعمل كأشرعة مصغرة قادرة على الحركة حتى بأقل نسمة من الهواء، كما أنها تُبقي غبار طلع الفاليسنيريا فوق سطح الماء· أما بالنسبة إلى أزهار النبات المؤنثة فإنها تطفو على سطح الماء في نهاية ساق طويلة جذرها في البحيرة أو قاع البركة، وتفتح أوراق الزهرة المؤنثة على السطح مشكلة منخفضاً سطحياً يساعد على خلق قوة جذب للنبتة المذكرة عند اقترابها من النبتة المؤنثة· وفي الواقع عندما تمر الزهرة المذكرة بالقرب من المؤنثة فإنها تنجذب نحوها وتجتمع الزهرتان معاً، وبهذه الطريقة يصل غبار الطلع إلى عضو التكاثر في الزهرة المؤنثة ويتم الإلقاح· ((17(1/31)
إن حماية الزهرة المذكرة لغبار الطلع عندما تكون مغلقة في الماء ثم ظهورها على سطح الماء واختيارها للشكل الذي يمكّنها من الحركة بحرية أمرٌ يتطلب تفكيراً خاصاً· وخواص الزهرة هذه شبيهة بقوارب النجاة المستخدمة في البحر والتي تُفتح أتوماتيكياً عند رميها في البحر· وقد ظهرت هذه القوارب نتيجة لجهود مشتركة طويلة من قبل مصممين ومتخصصين في المنتجات الصناعية· ولا شك أنه كانت هناك أخطاء في التخطيط عند إنتاج القوارب في بادئ الأمر، ثم ظهرت أخطاء أخرى عند التجارب تم أخذها بعين الاعتبار وصُححت وتم التوصل إلى نظام يعمل بشكل مناسب نتيجة للتجارب المستمرة· دعنا نفكر في هذه الدراسات مقارنة مع وضع الفاليسنيريا: على النقيض من مصممي قارب النجاة لم تحظ الفاليسنيريا سوى بفرصة واحدة· وكان لأول فاليسنيريا في العالم فرصة واحدة فقط· إن استخدام نظام ناجح تماماً من أول تجربة هو الذي ضمن فرصة البقاء للأجيال اللاحقة؛ لن يلقّح الزهرة المؤنثة نظام خاطئ، وإلاّ فإن النبات سوف يختفي من العالم لكونه لن يستطيع التكاثر· وكما رأينا فمن المستحيل أن تكون استراتيجية إلقاح الفاليسنيريا حصلت على مراحل· وهذا يعني أن النبات قد خُلق بتركيب يمكّنه من إرسال غبار طلعه في الماء· الهالوديولنبات مائي آخر يمتلك استراتيجية إلقاح فعالة، وهو ينمو على طول السواحل الرملية في جزر فيجي· ويطفو هذا النبات في شكل شرائط، وتتأرجح حبات غبار الطلع مرتفعة إلى سطح الماء· وهذا التصميم يمكّن نبات الهالوديول من إحراز علامات أعلى من نبات الفليسنيريا، بالإضافة إلى ذلك تكون شرائط غبار الطلع مغلفة ببروتينات وكربوهيدرات تجعلها دبقة فتلتصق ببعضها البعض على سطح الماء مشكلة طوفاً طويلة·و يحمل المد الملايين من مراكب النقل النباتية الاستكشافية هذه عندما يعود للبرك الضحلة حيث تطفو النباتات المؤنثة· وعند اصطدام هذه المراكب بأعضاء التكاثر في النبات المؤنث التي(1/32)
تطفو على السطح يتم الإلقاح بسهولة ونجاح· (18(الثالاسيالقد تحدثنا عن النباتات التي ينتقل غبار طلعها فوق سطح الماء أو يكون ملامسا له·و في هذه الحالة يكون لغبار الطلع بُعدان· وبعض الأنواع لها أنظمة إلقاح ثلاثية الأبعاد أي تعمل تحت السطح· إن تنفيذ إستراتيجيات الإلقاح تحت الماء أكثر صعوبة من تلك التي تكون فوق الماء لأن أي تغير طفيف في حركة غبار الطلع سيكون له تأثير كبير على الإلقاح، ولهذا السبب فاتصال غبار الطلع بالعضو المؤنث تحت الماء أصعب من اتصاله على سطح الماء· ومع ذلك يعيش الثالاسيا النبات الموجود على سواحل الكاريبي دائماً تحت الماء لأنه خُلق باستراتيجية لقاح تجعل الظروف بادية الصعوبة للإلقاح سهلة·و تطلق الثالاسيا حبات غبار طلعها المدورة تحت الماء بشكل جدائل أو أشرطة طويلة ثم يحملها الموج لتلتصق بأعضاء الأزهار المؤنثة مما يمكن النبات من التكاثر· (19(يزيد غبار طلع الثالاسيا والهالوديول المرسل بشكل شرائط المسافة التي تقطعها مراكب البحث· وليس هناك أيّ شك في أن هذا التصميم الذكي هو من إبداع الله الذي خلق النباتات المائية واستراتيجية إلقاحها في الماء وهو العليم بخلقه· الكما ل في تصميم البذرةتكون الملقحات الذكرية التي تصل إلى أعضاء الزهرة المؤنثة قد أنهت رحلتها بواسطة الرياح أو بواسطة ناقلات أخرى· وكل شيء جاهز لتكوين البذرة، وهي أهم خطوة في التكاثر الجنسي· ومن المفيد أن نتفحص هذا التكون بدءاً من التركيب العام للزهرة· في مركز أغلب الأزهار توجد كربلة واحدة أو أكثر (وحدة عضو التأنيث في الزهرة) تكون نهايتها منتفخة وتدعى الميسم (الجزء الأعلى من مدقة الزهرة) وتحته سويقة تدعى قلم السمة وفي الأسفل مبيض يحتوي على السمات الخاصة بالبذور· يهبط غبار الطلع الذي يأتي من الأعضاء الذكرية على الميسم وسطحه مغطى بسائل لزج دبق، وبعد ذلك يصل إلى المبيض بواسطة قلم السمة· ووظيفة السائل اللزج هامة جداً،(1/33)
وإذا لم تتمكن حبات غبار الطلع من الوصول إلى المبيض تحت قلم السمة فلن تقدر على تخصيب البذور، لذلك يضمن هذا السائل التصاق حبات الطلع مع بعضها البعض حتى لا تذهب سُدًى· وتتشكل البذرة حين التقاء خلايا التكاثر المؤنثة والمذكرة·تطور كل حبة غبار طلع- أو كل خلية تكاثر مذكرة- بعد نزولها فوق الميسم أنبوباً رفيعاً موجهًا نحو الأسفل وتدخل المبيض من خلال قلم السمة· وهناك نطفتان في كل أنبوب من هذه الأنابيب· وينمو الأنبوب إلى الأسفل، ويدخل المبيض وتتحرر النطاف· وبهذه الطريقة تتحد نواة إحدى النطاف مع البيضة في المبيض فتتخصب البيضة وتتطور في الرحم مشكلة فيما بعد البذرة· أما نواة النطفة الثانية فتتحد مع نواتي الخلية المركزية مشكلة نسيجاً خاصاً يحيط بالرحم ويغذيه· ويعرف هذا التطور بالتخصيب· بعد التخصيب تتغلف البيضة بغطاء، ويدخل الرحم في فترة راحة وينمو ليصبح بذرة محاطة بمصادر الغذاء في كل بذرة مشكلة، باتحاد الخلايا الجنسية المذكرة والمؤنثة هناك نباتا جنينيا ومؤونة من الغذاء، وهذه المؤونة مهمة جداً لتطور البذرة لأنه في المراحل الأولى عندما تكون تحت الأرض لا يكون للبذرة جذور أو أوراق قادرة على إنتاج الغداء ولذلك تحتاج إلى مصدر غذائي لتتمكن من النمو خلال هذا الوقت· إن الجنين والغذاء المخزن حوله هو ما ندعوه في الواقع بالفاكهة، ويوجد في تركيبها مستويات عالية من البروتينات والكربوهيدرات لتغذية البذور، بالإضافة إلى أنها تعد مصدراً ضرورياً لتغذية البشر والكائنات الحية؛ وتمتلك كل ثمرة أفضل الخصائص لحماية وتغذية البذور التي تحويها بدءاً من القسم اللبّي إلى كمية الماء إلى تركيب القشرة الخارجية· هناك مسألة تفصيلية هامة أخرى ألا وهي أن كل نبات يمكنه أن يخصب نباتاً آخر من الفصيلة نفسها· وإذا هبطت حبة غبار طلع على ميسم لنبات من فصيلة أخرى يفهم النبات هذا، ولا يسمح لغبار الطلع بالدخول ليصل إلى المبيض، ونتيجة(1/34)
لذلك لا تتطور البذرة لعدم وجود تخصيب· (20(فعلى سبيل المثال إذا سقطت حبة غبار طلع لزهرة قمح فوق شجرة تفاح لن تنتج الشجرة ثمار التفاح· ومن المفيد عند هذه النقطة أن نتوقف ونفكر قليلاً حول الطبيعة المدهشة لما سبق ذكره· تميز زهرة فصيلة من النباتات حبة غبار الطلع من الفصيلة نفسها، ويمكن أن تبدأ عملية التخصيب إذا كانت من الفصيلة نفسها، أما إذا لم تكن كذلك فلن تقوم بعملية التخصيب· كيف حدث أن ميسم الزهرة المؤنثة- الذي يستطيع أن يميز غبار الطلع العائد لفصيلته نفسها تبعاً لمعيار محدد- تعلّم أن يقوم بعملية المطابقة هذه؟ كيف تعلّم أن عليه إغلاق هذه الآلية أمام حبات غبار الطلع الغريبة؟ ليس هناك شك في أن الذكاء الذي يتحكم في كل خطوة في النبات صمم هذه الآلية في الزهرة بهذه الطريقة البارعة ليضمن استمرارية الأنواع من جيل إلى جيل· ما هو نوع البيئة المناسبة لتطور جنين البذرة؟ ماذا تحتاج البذرة خلال مراحل تطورها ؟ ماذا ستجد عندما تنبثق من التربة؟ ما هو نوع الحماية الذي تحتاجه؟ صُممت البذرة وفقاً لهذه الاحتياجات وتم التفكير في كل المتطلبات مقدماً· إن الطبقات الخارجية التي تحمي البذور (غلاف البذور) تكون في العادة قوية جداً، وهذا التركيب يحميها من التهديدات الخارجية التي تواجهها ويقوم بالتعديلات المناسبة وفقاً للبيئة التي توجد فيها· ومثال ذلك: في المرحلة الأخيرة من تطور بعض البذور تتشكل مادة شمعية مقاومة على الأسطح الخارجية، ويعود الفضل لها في مقاومة البذور لتأثيرات الماء والغاز· لا تنتهي التراكيب الدقيقة في حياة الزهرة عند هذا الحد· وربما تُغطّى أغلفة البذرة بأنواع مختلفة من المواد تبعاً لفصيلة النبات، وعلى سبيل المثال تغطى حبة الفاصولياء بغشاء رقيق، وبذرة الكرز تكون محمية بغلاف خشبي قاسٍ· أما أغلفة البذور التي تحتاج لمقاومة الماء فتكون أقسى وأثخن من غيرها، وإضافة إلى ذلك أعطيت البذور أشكالاً(1/35)
وأحجاما مختلفة تبعاً لأنواعها· وتختلف كمية الغذاء بين البذور التي عليها أن تعيش لفترة طويلة قبل التبرعم (مثال بذور جوز الهند)، وتلك التي تحتاج إلى فترة أقصر للتبرعم بعد ملامستها للماء (البطيخ، البطيخ الأحمر · · الخ(·وقت النثر: انتثار البذورتتنوع الأساليب التي تستخدمها النباتات عند نثرها لبذورها (جميع الطريق فعالة) باختلاف تركيب بذور كل نبات· وعلى سبيل المثال: البذور الصغيرة والخفيفة التي يمكن أن تطير مع أخف نسمة هواء تسقط فوراً عندما تحركها الريح وتتخصب بدون أية صعوبة· ويكفي بعض النباتات لكي تتكاثر بذورها أن تسقط على الأرض، بينما تنثر نباتات أخرى بذورها بطريقة القذف، ويحدث ذلك بتحرير الشدّ الذي يتشكل عند نمو البذرة داخل غلافها· وتنفصل أغلفة البذور لبعض النباتات بعد جفافها تحت أشعة الشمس بينما تُفتح بذور أخرى محتوياتها عند تأثرها بعوامل خارجية مثل الريح أو الحيوانات· النباتات التي تنثر بذورها بالانفطارقثاء الحمار المتوسطيةعندما نتفحص الأساليب التي يستخدمها النبات في عملية الانتثار-المهمة جداً لتكاثر النباتات- نرى أنها دقيقة وحساسة جداً· فعلى سبيل المثال:تستخدم بعض النباتات مثل قثاء الحمار قوتها الذاتية لتنثر البذور· وعندما تبدأ قثاء الحمار في النضوج يتشكل داخلها نسغ لزج· وبعد فترة يزداد ضغط هذا السائل إلى درجة أن القشرة الخارجية للقثاء لا تستطيع مقاومة الضغط فتنفجر بعيداً عن زنيدها· وعندما يحدث هذا ترش القثاء السائل الموجود داخلها ومعه البذور مثل أثر صاروخ أُطلق في الجو· (21(إن الآليات هنا حساسة جداً، إذ يمتلئ غلاف البذرة بالسائل عندما تبدأ القثاء بالنضوج ويحدث الانفجار في وقت النضوج الكامل· وإذا بدأ هذا النظام في العمل قبل الأوان تنفجر القثاء قبل تشكل البذور وهذا لن يحقق الهدف· ومثل هذا الاحتمال يعني نهاية فصيلة النبات· ولكن مجازفة من هذا القبيل لا تحدث أبدا، وذلك بفضل(1/36)
التوقيت المخطط مسبقاً· والإدعاء بأن هذه الآليات- التي يجب أن تكون قد وجدت منذ البداية - قد تطورت نتيجة لتغير دام مئات وآلاف بل ملايين السنين هو بالتأكيد ليس مبنياً على العقل أو المنطق أو العلم· إن أغلفة البذور، والسائل الموجود بداخلها، ونضج البذور وكل شيء يجب أن يظهر إلى الوجود في وقت واحد· ويظهر استمرار النظام الذي عمل بكفاءة تامة ولم يصبه أي خلل حتى اليوم أنه نشأ منذ البداية بشكل كامل ولا عيب فيه· وبتعبير آخر إن الله تعالى هو الذي خلق هذا النظام البديع· الوزّال وشجرة الهيورايحدث تكاثر الوزال بطريقة الفتح الذاتي نفسه، ولكن بطريقة معاكسة لتلك التي تكون في قثاء الحمار المتوسطية· ويحدث انفجار بذور الوزال بتبخر السائل عوضاً عن زيادته· وعندما تزداد حرارة الغلاف في أحد أيام الصيف فإن الجانب المواجه للشمس يجف أسرع من الجانب الذي يكون في الظل· وينقسم غلاف البذرة فجأة إلى نصفين نتيجة للاختلاف في الضغط بين الجانبين، وبهذه الطريقة فإن البذور السوداء الصغيرة داخلها تنتثر في جميع الاتجاهات· أحد أكثر النباتات نجاحاً في نثر بذوره بطريقة الانفطار هو الشجرة البرازيلية المعروفة بإسم ''هيورا''· فعندما تجف الشجرة ويحين الوقت لانتثار بذورها يمكنها أن تقذف البذور لمسافة تصل إلى 12 متراً، وهي، بالنسبة إلى الشجرة، تعتبر مسافة كبيرة· (22(البذور الحوامةلبذور القيقب والدلب الأوروبي تصميم مشوق جداً، فهي مجهزة بجناح ينبت من جانب واحد فقط· ويتناسب وزن البذرة مع طول الجناح لدرجة أن هذه البذور يمكن أن تدور· وينمو الدلب غالباً في مواقع منعزلة نسبياً، وبهذا تستطيع الريح أن تقدم للبذور مساعدة كبيرة، ويمكن للبذور بواسطة الدوران حول نفسها أن تقطع مسافات كبيرة بنسمة خفيفة· (23(تبقى البذور في أشجار البيرثوليتيا- التي تنمو في أمريكا الجنوبية- داخل أغلفتها بعد سقوطها على الأرض، والسبب وراء ذلك أنه ليس لديها(1/37)
خاصية تجذب اهتمام الحيوانات، إذ أنه لا ليس لها رائحة ومظهرها الخارجي لا يلفت النظر على الإطلاق بالإضافة إلى أنها صعبة الكسر· ولكي تتكاثر هذه الشجرة على القرنات التي تحوي البندق أن تخرج من قشرتها الخارجية وتُدفن تحت الأرض· لا تشكل هذه الصفات السلبية مشكلة للبرثوليتيا لأن هناك مخلوقاً يشاركها البيئة نفسها يمكنه أن يتغلب على كل هذه النواقص والعيوب· يعلم حيوان الأغوطي- وهو قارض يعيش في جنوب أمريكا- أن له طعاماً تحت القشرة السميكة عديمة الرائحة، ويستطيع الأغوطي بفضل أسنانه الأمامية الحادة أن يكسر القشرة الصلبة بسهولة ليصل إلى البذرة· ويوجد حوالي 20 بندقة داخل كل قشرة، وليس بإمكان الأغوطي أن يأكلها في وجبة، لذلك يقوم بحشو البندق في جيوب داخل خده ويغطيها بعد أن يدفنها في حفر صغيرة· وبالرغم من أنه يقوم بهذه العملية لكي يحصل على البندق فيما بعد ويأكله إلا أنه لسوء حظه لا يملك ذاكرة قوية، ولذلك ينسى أكثر البذور فتنبت شجرة جديدة بعد حوالي سنة· (24) بالطبع لم ينشأ هذا التناغم بالمصادفة·ولم تكتشف هذه الكائنات الحية بعضها البعض بالمصادفة· لقد خُلقت هذه الكائنات خلقا· وهناك أمثلة لا تحصى على هذا التكامل في الطبيعة وهو نتاج حكمة خارقة· إن الله هو مالك هذه الحكمة، وهو الذي خلق هذين الكائنين بجميع خواصهما وأنشأ بينهما ذلك التناغم العجيب· البذور التي تصمد أمام جميع الظروفهناك قاعدة تقول بأنّ خلايا التكاثر في الكائنات الحية تموت بعد فترة وجيزة من مغادرتها لبيئتها الطبيعية· ولا ينطبق هذا على النباتات، فيمكن لحبات غبار طلع النبات وبذوره أن تبقى حية لآلاف الأميال بعيدة عن النبات الأم· بالإضافة إلى ذلك لا يهم الزمن الذي يمر بعد مغادرتها النبات الأم، فهناك بذور تبقى قابلة للحياة والنمو بعد سنوات وحتى مئات السنين· وجود بذور الترمس في منطقة التندرة في القطب الشمالي هو مثال ممتاز عن كيفية تمكن بذور(1/38)
النباتات من البقاء حية لفترات طويلة من الزمن· وتشعر بذور النباتات بالحاجة إلى الجو الدافئ في أوقات معينة من السنة لكي تنبت، وعندما تشعر أن الحرارة غير كافية حتى لو توافرت لها كل الظروف الأخرى لن تنفجر البذور بل تنتظر في التربة المتجمدة لترتفع الحرارة، وعندما تحصل على البيئة المناسبة تبدأ في النمو وتنبت في النهاية دون الأخذ بعين الاعتبار طول الفترة الزمنية التي مرت منذ مغادرتها النبات الأم· وقد وُجدت بذور في شقوق صخور بقيت لمئات السنين بدون أن تنبت أو تفسد· إن هذا الوضع مشوق جداً· ماذا يعني أن يدرك النبات البيئة الخارجية؟ بما أن النبات لن يقدر على تدبر أمره بنفسه لنتأمل ما هي الاحتمالات الأخرى: آلية داخل النبات تخبره عن الوضع، ثم يوقف النبات تطوره فجأة كما لو أنه تلقى أمراً بذلك· ولكن في تلك الحالة كيف يمكن لمثل هذا النظام أن يتطور؟ كيف أنتج التقنيات الضرورية داخله؟ بالطبع لم يبنِ النبات هذا النظام بنفسه، وجميع هذه المعلومات مخزنة في الشفرة الجينية في بذرة النبات منذ نشأة النبات الأولى· وتمتلك بذرة الترمس نظاماً يستطيع إيقاف تطورها عندما تصادف جواً بارداً· ومن المستحيل لمثل هذا التركيب أن يحصل بالمصادفة من تلقاء نفسه· ومهما كان زمن التشكل الخيالي الذي دعاه التطوريون ''الفترة التطورية''، ومهما كانت المصادفات التي حدثت خلال هذه الفترة المزعومة فإن تشكل نظام يُعلم النباتات عن حالة الجو هو شيء مستحيل تماماً· بالطريقة نفسها تبقى الميموزا المكببة محفوظة في الأعشاب الجافة وتنبت حال نقعها بالماء· وهناك مثال آخر لنبات تتميز بذورة بالقدرة على المقاومة، وهو ألبزيا جوليبريسين حيث بقيت بذوره محفوظة في معشبة المتحف البريطاني في لندن ونبتت بعد 147 سنة عند تعرضها للماء خلال الجهود المبذولة لإخماد حريق اندلع في البناء أثناء الحرب العالمية الثانية· ((25يحدث الفساد ببطء بسبب درجات الحرارة(1/39)
المنخفضة في منطقة التندرا لدرجة أن بعض البذور- التي تم أخذها من جليد عمره عشرة آلاف سنة - يمكن أن تعود للحياة عند أخذها للمختبرات وتوفير الحرارة والرطوبة المناسبة لها· (26 (كما نعرف جميعاً فإن المادة داخل البذرة تحتوي على كمية معينة من الغذاء مع قشرة خارجية تشبه الخشب· والقول بأنها يمكن أن تملك ميزانا للحرارة داخلها أو أن لها القدرة لتقرر ما العمل المطلوب بناء على معلومات تصلها من الخارج كنتيجة لقدراتها الذاتية يجب أن توصف بأنها فكرة غير منطقية وحتى ''غير عقلاينة''· ونحن أمام مادة غير عادية تبدو مثل قطعة صغيرة من الخشب من الخارج بدون رابط بين المكان الذي حصرت فيه والعالم الخارجي، ومع ذلك يمكنها أن تقيس درجة الحرارة وفي مراحل تالية أن تقرر إذا كانت الحرارة مناسبة لتطورها· وتملك قطعة من الخشب مثل هذه الآليات التامة لتدرك أن الظروف غير مؤاتية وستؤذي تطور نموها وتعلم ما يجب عليها فعله لتوقف تطورها لحظة إحساسها بهذه الظروف غير المناسبة، وتستمر في تطورها من لحظة توقفه عندما ترتفع درجة الحرارة إلى المستوى المطلوب· لا يمكن تفسير هذه الآلية الرائعة في البذور مع هذا التركيب المقاوم بواسطة المصادفات كما يزعم التطوريون· وفي الواقع لقد صممت البذور بطريقة تمكنها من مقاومة جميع الظروف الصعبة· يكشف الله تعالى دلائل خلقه ووجوده حتى في هذه البذور الصغيرة· وَهوَ الذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون. سورة الأنعام:99البذور التي تبقى في الماء 80 يوماًإلى جانب(1/40)
البذور التي تستطيع مقاومة ظروف الجو الباردة هناك بذور أخرى لها بنية تمكنها من البقاء في الماء لفترة طويلة، وبعضها يستطيع البقاء في الماء لمدة ثمانين يوماً بدون أن تنبت أو تفسد· وأشهر هذه البذور هي بذرة جوز الهند، ولكي تنتقل بأمان فهي محفوظة داخل قشرة قاسية جداً، بالإضافة إلى أن كل ما تحتاجه لرحلة طويلة متوفر فيها كمؤونة من الغذاء الغني ونصف بينت (البينت هي وحدة وزن تساوي ثمن غالون) أو ما يعادله من الماء، أما من الخارج فهي مغلفة بنسيج يمكّنها من البقاء طافية على سطح الماء· إن فاصولياء البحر نوع آخر من النبات الذي يرسل بذوره بواسطة الماء لكن بذوره ليست بكبر حجم بذور جوز الهند ولكنها تظل حية ولو بمرور سنة في البحر· (27(كما رأينا في المثالين السابقين فإن أهم ميزة للنباتات التي تتضاعف باستخدام الماء كوسيلة للنقل هي أن بذورها تنبت فقط عندما تصل إلى الأرض الجافة· وفي الواقع فهذا وضع استثنائي ومثيرٌ جداً لأنه كما نعرف تبدأ بذور النباتات بالانتعاش والنمو حالما تلامس الماء، ولكن هذا لا ينطبق على النباتات المذكورة سابقا بسبب تركيبها البنيوي الخاص، فالنباتات التي تنثر بذورها بواسطة الماء لا تلتزم بهذه القاعدة· وإذا كانت هذه النباتات تبدأ بالانتعاش حالما تلامس الماء، كحال النباتات الأخرى، فإنها تكون قد ماتت منذ أمد طويل، ولكن هذه النباتات تستطيع أن تعيش بسبب آليات عامة تناسب الظروف التي تعيش فيها· تمتلك جميع النباتات أفضل التراكيب التي تناسبها· وهذه الخواص الاستثنائية تجعل العقل يطرح السؤال التالي: ''كيف تكون للبذور خاصية مقاومة الماء في أنواع معينة من النباتات هي في حاجة إلى هذه المقاومة؟ لنأخذ مثال جوز الهند كجواب لهذا السؤال: -1 تحتاج بذور النخيل لتركيب مقاوم لكي تكون قادرة على البقاء فترة طويلة في الماء ولهذا السبب فقشورها قاسية ولها خواص مقاومة للماء · وهذا ليس مصادفة!-2تحتاج هذه(1/41)
البذور إلى غذاء أكثر من الغذاء العادي في رحلتها الطويلة، والكمية المطلوبة موضوعة بدقة داخل غلاف بذرة جوز الهند· وهذا أيضاً لم يتكون بالمصادفة!-3 تفتح البذور حالما '' تعرف'' أنها وصلت إلى الأرض الجافة·ولا مجال أن تكون هذه أيضا مصادفة!كما رأينا صُممت هذه البذور بقشورها القاسية، ومخازنها من الغذاء وأحجامها، وباختصار جميع خواصها المميزة لتكون مقاومة لفترات طويلة عند الضرورة· ستنتعش البذور وتموت قبل أن تصل إلى اليابسة إذا كان هذا التركيب المحسوب بدقة- أي سُمك القشرة المناسبة والمخزون المطلوب من الغذاء- نتيجة المصادفات· بالطبع لا يمكن أن يحدث شيء كهذا، والفضل يعود للتحكم الدقيق في انتعاش البذور· وليس هناك أدنى شك في أن كمية الغذاء والماء في البذور التي تمكنها من الوصول إلى اليابسة (باختصار التدابير الوقائية) لم تأتِ نتيجة لذكاء أو قدرات البذور نفسها· إن الله عزّ وجلّ هو الذي أنجز كلّ هذه الحسابات والقياسات الدقيقة فهو الذي خلق البذور وهو يعلم حاجاتها وخصائصها، وهو الذي يملك العلم اللاّنهائي والذكاء المطلق· وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ . سورة الرعد:8وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ. سورة الحجر:19النمل- حمال مأجورلبعض البذور خواص بنيوية مختلفة عن غيرها من البذور المعروفة، وتظهر حقائق مذهلة عندما نتفحصها، دعنا مثلا نأخذ بذرة مغطاة بنسيج زيتي صالح للأكل؛ ربما يبدو هذا النسيج الزيتي عادياً تماماً من النظرة الأولى لكن له في الواقع ميزة هامة جداً لبقاء هذا النوع من النبات وهو السبب في اهتمام النمل به· ويحدث تضاعف هذه النباتات بواسطة النمل على عكس معظم أنواع النباتات، فالنبات الذي لا يقدر على وضع بذوره تحت التربة بنفسه اختار أن يفعل هذا عن طريق النمل الذي يجمع هذه البذور المغطاة بالنسيج الزيتي- وهو طعام جذاب(1/42)
جداً للنمل- ويحملها إلى أعشاشه حيث يدفنها تحت الأرض· ربما يظن البعض أن السبب في اجتهاد النمل لجمع البذور كونها هي طعامه لكن هذا الاعتقاد خاطئ· فبالرغم من كل الجهود التي يبذلها النمل ليحمل البذور إلى أعشاشه فإنه لا يأكل سوى الغلاف الخارجي ويترك اللبّ، وبهذه الطريقة يحصل النمل على شيء ليأكله، أما قسم البذرة الذي يحمل آلية تضاعف البذرة فيُترك مدفوناً في التربة (28) ؛ والادعاء بأن النمل يفعل كل هذا عن معرفة وأن النبات رتب أن يكون لبذوره خواص محددة تروق لنوع معين من النمل أو خطط ليكون معه في البيئة نفسها هو ادعاء غير واقعي علمياً· لا مجال للجدل بأن هناك عقلا عظيما نظم هذه العلاقة التبادلية، إنه ليس النبات ولا النمل، بل هو خالق يعلم خواص كليهما، إنه الله تعالى الذي منحهما هذا الإدراك· وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ. سورة الروم:26تحول البذرة إلى نبتةالمرحلة الأولى: الإنتاش البذور - التي تشبه قطعاً صغيرة من الخشب الجاف- هي في الحقيقة حاملات للشفرات الجينية التي تحوي بداخلها آلاف المعلومات عن النباتات· وتوجد داخل البذرة جميع المعلومات المتعلقة بالنبات الذي ستنتجه فيما بعد حتى أدق التفاصيل بدءاً من الشعيرات الدقيقة في نهاية جذورها إلى الأنابيب داخل ساقها إلى أزهارها والثمار التي ستحملها· بعد التخصيب تكون أول مرحلة في تحول البذرة إلى زهرة هي الانتعاش· تبدأ البذرة الموجودة تحت الأرض في العمل عندما تتهيأ عوامل مناسبة كالدفء والرطوبة والضوء، وقبل ذلك تكون في سبات وعندما يحين الوقت تستفيق وتبدأ في النمو· هناك عدد من المراحل في عملية الإنتاش· في المقام الأول يجب أن تتعرض البذور للماء لكي تترطب الخلايا الموجودة داخلها وتصبح قادرة على النشاط الأيضي، و عند بداية هذا النشاط يبدأ البرعم والجذر في النمو، وفي هذه المرحلة تبدأ الخلايا في الانقسام؛وعلى الخلايا(1/43)
التخلق لكي تبدأ بعض العمليات الخاصة بالنسج· وتتطلب كل هذه العمليات قدراً كبيراً من الطاقة· لكي تنمو البذرة تحتاج إلى الغداء، ولكن البذرة تحتاج إلى مصدر أولي من الطعام حتى تستطيع أن تحصل على المواد غير العضوية المطلوبة بواسطة جذورها· إذن كيف تجد البذرة غذائها الذي تحتاجه لكي تنمو؟ يكمن جواب هذا السؤال في بنية البذرة· يتشكل احتياط البذرة من الطعام معها عند عملية التخصيب وتستخدمه البذرة حتى تتبرعم وتظهر فوق الأرض، وتحتاج البذور للغذاء التكميلي في أجسامها حتى تصل إلى مرحلة تكون قادرة فيها على إنتاج غذائها الخاص· يبدأ الإنتاش عندما تكون الظروف مناسبة· وتأخذ البذرة الماء من التربة وتبدأ الخلايا الجنينية في الانقسام؛ وبعد ذلك يفتح غلاف البذرة ويظهر أول جذر صغير- هو بداية نظام الجذر- وينمو باتجاه أسفل التربة ثم بعد ذلك تتطور البراعم التي ستنتج الساق والأوراق· يبدأ الإنتاش تحت الأرض ثم يتجه النبات الصغير الجديد باتجاه الأعلى نحو الضوء وينمو ليصبح أكثر قوة· وحالما تتفتح الأوراق الأولى يستطيع النبات أن يبدأ في إنتاج غذائه الخاص بواسطة التمثيل أو التركيب الضوئي· ما تم شرحه حتى الآن أمر معروف، فالنباتات التي تنشأ من البذور تحت التربة هو شيء معروف ومألوف لكل شخص، لكن بينما تنمو النبتة الصغيرة تحدث معجزة حقيقية· لا تجد البذرة التي تزن عدداً من الغرامات صعوبة في إحداث ثقب خلال ما يمكن أن يكون بضعة كيلوغرامات من التربة من فوقها· إن هدف البذرة الوحيد هو البروز من التربة والوصول إلى الضوء· تحرّك النباتات التي بدأت في الإنتاش ساقها النحيلة الضئيلة وكأنها في مكان فارغ متجهة ببطء نحو ضوء النهار وكأنه لا يوجد فوقها وزن ثقيل، وهي تبرز من التربة في مواجهة قوة الجاذبية، إنها تتجاهل جميع القوانين الفيزيائية التي تسري عليها· تخرج البذرة الصغيرة ذات الجذور الدقيقة بعرض نصف ميليميتر بدون أذى وتنمو(1/44)
بسرعة وتتطور من التربة التي تفسد الأشياء وتدمرها· تم إجراء تجارب لمنع رشيم النبتة من الوصول إلى الضوء وذلك بإغلاق طريق الهرب في أعلى البذرة بوسائل متنوعة· وكانت النتائج مذهلة جداً؛ تنمّي النباتات الرشيم المتبرعم بطول كاف ليلتف على أي عقبة تقف في طريقه نحو الأعلى أو تشكل ضغطاً قوياً مزيحة العقبة التي تحجب الضوء عنها· فالنباتات التي تنمو في شقوق وتصدعات تفتح طريقا ممهدا، وبذلك تتغلب على أية صعوبة عندما تتوجه نحو ضوء النهار· تنمو البراعم بشكل عمودي دائماً عندما تخرج من التربة· وعندما تفعل ذلك فهي تعارض قوة الجاذبية، بينما تطيع الجذور من ناحية أخرى قوة الجاذبية متجهة نحو الأسفل· وهذا يطرح سؤالا مهما: ''كيف ينمو عضوان من النبات نفسه باتجاهين مختلفين؟ '' وللإجابة على هذا السؤال يحسن بنا أن نلقي نظرة على بعض آليات النباتات· هناك عاملان يتحكمان في نمو النباتات:الضوء والجاذبية· فالبرعم والجذر لديهما أنظمة حساسة لهذين العاملين· هناك خلايا في الجذر لنبات منتش تحس بإشارات الجاذبية· أما في الرشيم المتبرعم الذي يتجه نحو الأعلى فهناك خلايا حساسة جدا إزاء الضوء، وهذه الحساسية للضوء والجاذبية الموجودة في الخلايا تتحكم في الأقسام المختلفة من النبات المتجهة إلى الاتجاه الصحيح· وهذان الحافزان قادران أيضاً على تصحيح نمو البرعم والجذر إذا لم يكن عمودياً· (29(إذا نظرنا من ناحية أخرى إلى ما ذكرناه نرى أننا أمام وضع غير عادي حيث تبدأ الخلايا التي تصنع النبات في النمو في اتجاهات مختلفة وتغير شكلها لتشكل أقساماً مختلفة من النبات بالإضافة إلى ذلك ينمو البرعم والجذر باتجاهين مختلفين· لنتأمل الآن في توجه الجذر نحو عمق التربة متوافقاً مع قوة الجاذبية وتوجه البرعم إلى الأعلى نحو سطح التربة· إن حركة شق التربة في الاتجاهين من قبل الجذر والبرعم الضعيفين نسبياً تطرح في الذهن العديد من الأسئلة ؛ من أو ماذا(1/45)
يحدد شروع الخلايا في الانقسام ومن يُرشدها إلى الطريق الذي تسير فيه؟ كيف تعلم كل خلية المنطقة التي ستكون فيها؟ كيف لا تحدث فوضى كأن تتجه خلايا الجذر إلى الأعلى؟ هناك جواب جوهري واحد لجميع هذه الأسئلة· من الواضح أن النبات لا يتخذ القرار وينفذه أو يضع الأنظمة الضرورية ويشكلها في جسمه بحيث لا تحصل أي فوضى؛ ومن غير المحتمل أن يحدث تدخل أي كائن حي آخر في حدوث هذه الأنظمة، ولا تستطيع الخلايا التي يتشكل منها النبات أن تفعل ذلك أيضاً· تكشف لنا جميع هذه العوامل أن النباتات موجهة ومحكومة بقوة أخرى؛ أي أنه يجب أن يكون هناك ذكاء أعلى خلق التراكيب التي يتألف منها النبات وأرشد الخلايا لتأخذ القرارات المناسبة وبين لها الطريق لتؤدي عملها· ليس هناك أدنى شك في أن هذه الحكمة الفائقة هي حكمة الله تعالى رب العالمين· البراعم التي تتغلب على الصعوبات قد لا يجد البرعم الذي يخرج من التربة بيئة مناسبة دائماً، فربما يجد نفسه مثلاً تحت ظل صخرة أو نبات كبير؛ وبالتالي يجد صعوبة في القيام بالتركيب الضوئي في مثل هذا الوضع- إذا استمر في النمو- لأنه لا يستقبل ضوء الشمس المباشر؛ وفي هذه الحالة يُغير البرعم اتجاه نموه باتجاه مصدر الضوء· وتظهر هذه العملية- المعروفة بالنزعة الضوئية-أن للبراعم نظام توجيه حساس للضوء· وعندما نقارن النباتات بالبشر والحيوانات نرى أنها تتميز عنهم في موضوع الإحساس بالضوء لأن البشر على سبيل المثال يستطيعون استقبال الضوء بأعينهم فقط بينما للنباتات ثلاث آليات على الأقل لاستقبال الضوء، ولهذا السبب لا تخطئ في الاتجاه وتجد طريقها بسهولة بفضل أنظمة التوجيه الدقيقة لديها المعتمدة على الضوء وقوة الجاذبية· تتمركز إلى جانب الأنظمة الحساسة للضوء داخل النباتات مناطق انقسام الخلية -التي تعرف بالمرستيمة وهي نسيج جنيني مؤلف من خلايا قادرة على الانقسام غير المحدود- الموجودة عادة في أطراف الجذور(1/46)
والسويقات النامية· وإذا نمت الخلايا دائماً في مناطق النمو بالطريقة نفسها خلال الإنتاش فهذا يجعل الساق تنمو بشكل مستقيم· ويأخذ كل نبات شكله تبعاً لاتجاه النمو لخلايا النبات في النسج الجنينية للبراعم والجذور· وإذا كان نمو الخلايا في جهة أكثر منه في جهة أخرى فستنمو ساق النبات بزاوية ، أما إذا كانت الظروف مناسبة فإن النبات يبدأ في النمو في كل المناطق في الوقت نفسه· ويوجه النبات المتبرعم ساقه بشكل مستقيم باتجاه الضوء الذي يحتاجه بشدة· ومن ناحية أخرى تنمو الجذور -التي ستزود النبات بالماء والمعادن الضرورية من التربة- بأفضل الطرق المناسبة بفضل أنظمة التوجيه الحساسة للجاذبية لديها· من النظرة الأولى يمكن الاعتقاد أن الجذور تنتشر تحت الأرض بشكل عشوائي في حين أنه بفضل هذا النظام الحساس تبرز استطالات الجذور مثل الصواريخ المتجهة إلى أهدافها بشكل دقيق ومُحكم· يختلف النمو الذي تحكمه هذه الآليات من نبات إلى آخر لأن نمو أي نبات يكون متوافقاً مع معلوماته الجينية الخاصة، فعلى سبيل المثال أعلى معدل نمو لنبات التُرمس يكون في غضون عشرة أيام من عمره، ونبات الذرة في الأسبوع السادس وشجرة الزان بعد ربع قرن من الزمن·(30(الإنتاش هو أول مرحلة لكي يصبح جسم البذرة الضئيل نباتاً طوله عدة أمتار ووزنه عدة أطنان· وبينما تتوجه الجذور إلى الأسفل والأغصان إلى الأعلى في النباتات بطيئة النمو فإن الأنظمة الموجودة داخلها (أنظمة نقل الطعام، والتكاثر، والهرمونات التي تتحكم في النمو العلوي والجانبي للنبات ومن ثم توقفه) تنشأ سوية وليس هناك أي تأخير أو عيب في أي منها· وهذا مهم جداً لأنه على سبيل المثال بينما تتطور أجهزة تكاثر النبات من جهة فإن الأنابيب الناقلة (للماء والطعام) تتطور من جهة أخرى؛ وإلا لن يكون للحاء أو الأنابيب الخشبية أية أهمية لنبات لم تتطور آلية تكاثره بعد نظراً إلى أن مثل هذا النبات لن يستطيع أن ينتج(1/47)
أجيالاً لاحقة، ولم تعد هناك أهمية للآليات المساعدة الفرعية· وكما لاحظنا فهناك مخطط لهذا التصميم المتناسق للعلاقة التبادلية في النبات والذي لم يحدث نتيجة المصادفة· والتطور على مراحل -كما زعم دعاة التطور من العلماء-هو شيء مستحيل· لنبرهن على ذلك بتجربة بسيطة يمكن لأي شخص أن يقوم بها· لنأخذ بذرة واحدة ومزيجا يحتوي على جميع جزيئات بذرة من نفس النوع والحجم وندفنهما في التربة بالعمق نفسه وننتظر برهة؛ وحالما تمر فترة من الزمن تختلف حسب أنواع النبات سنرى أن البذرة التي زرعناها شقت التربة وظهرت على السطح، لكن مهما انتظرنا فإن المادة الأخرى لن تظهر على السطح· وستبقى النتيجة نفسها ولو انتظرنا لمئات بل آلاف السنين· والسبب في ذلك هو بكل وضوح التصميم الخاص للبذرة· فجينات النبات تحمل شفرة تحوي جميع المعلومات الضرورية لهذه العملية· وتكشف جميع أنظمة النباتات وجود إدراك واعٍ، كما تظهر كل التفاصيل أن النباتات لم تنشأ نتيجة أحداث عشوائية بل على العكس فهي تُظهر أن هناك إدراكاً تدخل في نشوء النباتات· بالطبع إن هذا التصميم المثالي هو دليل على وجود خالق يعلم ويخلق كل شيء بأدق التفاصيل؛كما تكشف لنا بوضوح أول مرحلة من حياة النباتات-وهي ظهور البذرة- الطبيعة الفريدة لخلق الله تعالى· وينبهنا الله عز وجل إلى هذه الحقيقة في القرآن: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ . سورة الواقعة :63-65-----------الجذور:الحفارات الطبيعية تحتاج النباتات إلى القيام بعملية التركيب الضوئي لكي تبقى على قيد الحياة، ولذلك فهي تحتاج إلى الماء والمعادن الموجودة في التربة، واستجابة لهذه المتطلبات فهي في حاجة إلى جذور لحفر التربة· ووظيفة هذه الجذور هي الانتشار بسرعة تحت الأرض مثل الشبكة لتسحب الماء والمعادن؛ وعلاوة على ذلك(1/48)
تقوم جذور النباتات- على الرغم من بنيتها الهشة -بتمكين النباتات التي يمكن أن يصل وزنها إلى عدة أطنان من التشبث بالتربة· وتُعد هذه الخاصية أهم ميزة للجذور لأنها تمنع انهيال التربة والطبقات العلوية الخصبة بسبب المطر· لا تحتاج الجذور إلى معدات لتقوم بكل هذا ؛وليس لديها محرك لتزويدها بالطاقة لتبدأ بعملية سحب الماء ولا توجد لديها أي أجهزة لضخ الماء والمعادن إلى الساق التي تبعد أمتاراً؛ ولكن الجذور يمكنها أن تنتشر على مساحة واسعة وتسحب الماء ، إذن كيف تفعل ذلك؟ كيف يعمل هذا النظام؟ربما تخسر شجرة قيقب تنمو في مناخ رطب 200 ليتر من الماء تقريباً في اليوم؛ مما يمثل خسارة كبيرة بالنسبة إليها، ويجب أن تستعيد الشجرة هذه الكمية من الماء فوراً لتبقى على قيد الحياة·((31ترسل الجذور التي تنتشر عميقاً في التربة الماء والمعادن التي يحتاجها النبات إلى الأوراق عبر الساق والأغصان؛ وسحب الجذور للماء من الأرض يشبه تقنية الحفر· وتواصل نهاية الجذور البحث عن الماء في أعماق التربة حتى تجده، ويدخل الماء إلى الجذر عبر الغشاء الخارجي والخلايا الشعرية؛ وبعد ذلك تمر عبر الخلايا إلى نسيج الساق ومن هناك يتم نقلها إلى كل قسم في النبات· في الواقع هذه العملية التي يقوم بها النبات بشكل فائق الدقة هي عملية معقدة جداً إلى درجة أن سر النظام لا يزال غير معروف بشكل كلي حتى في عصرنا هذا عصر تقنية الفضاء· وقد تم اكتشاف وجود هذا الأسلوب من نظام ''ضغط الخزان '' في الأشجار منذ 200 سنة مضت، ولكن لم يتم اكتشاف أي قانون يفسر بدقة كيف تتم حركة الماء هذه إزاء الجاذبية؛ فكل ما استطاع العلماء عمله هو وضع عدد من النظريات عن آليات محددة· وبعض هذه التجارب التي تم شرحها هي تجارب تتمتع بمصداقية كبيرة إلى حد ما· وكانت محصلة جهود العلماء هي إدراك الكمال في نظام ضغط الخزان· وهذه التقنية الموضوعة في مكان صغير وضئيل هي أحد الأدلة على(1/49)
الذكاء الذي لا يقارن لمصمم هذا النظام· فنظام نقل الماء في الأشجار وكل شيء في الكون هو من خلق الله عز وجلّ· نظام الضغط في جذور النباتعندما يكون الضغط الداخلي في خلايا الجذر أقل من الضغط الخارجي تأخذ النباتات الماء من الخارج، أي أن النباتات تأخذ الماء من الخارج عندما تحتاجه فقط· وأهم عامل يحدد هذا الموضوع هو كمية الضغط الناتجة من الماء في الجذور· ويجب أن يكون هناك توازن بين الضغط الداخلي والخارجي، ولكي يحدث هذا التوازن على النبات أن يأخذ الماء من الخارج عندما ينخفض الضغط الداخلي؛ ويطرح الماء من داخله بواسطة الأوراق عندما يحدث العكس أي عندما يكون الضغط الداخلي أعلى من الخارج لكي يعيد التوازن· إذا كان مستوى الماء في التربة أعلى بقليل من المعدل الطبيعي فإن النبات يستمر في أخذ الماء لأن الضغط الخارجي أعلى، وهو ما يسبب له ضررا في النهاية· ومن ناحية أخرى إذا كان مستوى الماء أقل بقليل لن تستطيع خلية النبات أن تسحب الماء من الخارج لأن الضغط الخارجي سيكون منخفضاً ، بل إن النبات سيضطر إلى طرح الماء ليحافظ على توازن الضغط· وفي كلتا الحالتين سوف يجف النبات ويموت· وهذا يكشف لنا أن جذور النبات تحتوي على آلية تمكنها من تنظيم مستوى الضغط المطلوب في لحظة محددة بدون زيادة أو نقصان· كيف تأخذ الجذور الأيونات من التربةتختار الخلايا الموجودة في جذر النبات أيونات معينة من التربة لتستخدمها في تفاعلات الخلية· وتستطيع خلايا النبات أن تأخذ الأيونات إلى داخلها بسهولة على الرغم من أن التركيز الداخلي لبعض الأيونات في النبات أكثر بألف مرة منها في التربة، وهذه عملية مهمة جداً· (32(في الظروف الطبيعية يحدث نقل للمواد من منطقة ذات تركيز أعلى إلى منطقة ذات تركيز أخفض، ولكن كما رأينا فإن الذي يحدث هو العكس حيث تمتص الجذور الأيونات من التربة· وهذه العملية تتطلب كمية كبيرة من الطاقة· وهناك عاملان يؤثران في مرور(1/50)
الأيونات عبر غشاء الخلية: نفاذية الغشاء وتركيز الأيونات على جانبيه· لنفحص هذين العاملين بأن نسأل بعض الأسئلة· ماذا يعني اختيار النبات للعناصر المطلوبة من التربة؟ لنأخذ أولاً مفهوم ''المتطلبات''· يجب أن تعرف خلية الجذر جميع العناصر الموجودة في النبات -واحدة واحدة- لتفي بمتطلباته، كما يجب أن تعرف أي العناصر ناقصة في كل أجزاء النبات وتحددها باعتبارها حاجات· لنسأل سؤالاً آخر· كيف يعرف أيَّ عنصر؟ إذا كانت التربة ليست صافية، بمعنى إذا كانت هناك عناصر أخرى ممزوجة بها· ماذا يجب فعله لتمييز عنصر عن العناصر الأخرى؟ هل يمكن لشخص ما أن يميز بين عنصر وآخر إذا وضعت أمامه عناصر ممزوجة مثل الحديد والكالسيوم والمغنزيوم والفوسفور؟ كيف يمكنه أن يفرق بينها؟ إذا كان تلقى تدريباً في هذا الموضوع ربما يستطيع أن يتعرف إلى بعض هذه العناصر، ولكن من المستحيل أن يتعرف على العناصر الباقية، فكيف تستطيع النباتات التمييز؟ أو بالأحرى كيف بإمكان النبات أن يعرف العناصر بنفسه وأن يميز المفيدة منها بالنسبة إليه تلك؟ هل من الممكن أن تكون هذه العملية التي تجرى بشكل صحيح منذ ملايين السنين تتم بمحض المصادفة؟ إن الجواب هو بلا شك ''مستحيل'' أن يكون ذلك حدث مصادفة· لكي نفكر في هذه الأسئلة بشكل أعمق وبتفصيل أكثر لنتفحص ما هي الخاصية الانتقائية التي تملكها الجذور وماذا يحدث أثناء عملية الانتقاء؟ انتقائية الجذورلنراجع معرفتنا الكيميائية فيما يتصل بالعناصر والمعادن التي تظهر بأشكال متعددة في الطبيعة وأين توجد؟ أي المواد التي تتكون منها كل مجموعة؟ ما هي الاختلافات بينها؟ ما هي التجارب أو الملاحظات المطلوبة لمعرفة ماهيتها؟ هل يمكن التوصل لأسرع النتائج بالأساليب الكيميائية أو الفيزيائية في هذه التجارب؟ إذا نظرنا إلى الأشياء من وجهة نظر الفيزياء هل نستطيع أن نصنف هذه المواد تصنيفاً مناسباً إذا وضعت أمامنا؟ هل يمكننا التمييز(1/51)
بين المعادن من خلال شكلها أو لونها؟ يمكننا أن نستمر في التساؤل، وستكون الأجوبة على الأسئلة الواردة هي نفسها تقريباً؛ إلا أن يكون الشخص خبيراً في هذا المجال، فالمعرفة المترسبة من المدرسة أو الجامعة هي معرفة جزئية وغير كافية حتى توصل الشخص إلى حل دقيق· ولنأخذ هذه المرة أمثلة من الجسم البشري كي نصنف معرفتنا بالمعادن· هناك ما يقرب من ثلاثة كيلوغرامات من المعادن في أجسامنا· قسم منها أساسي لصحتنا، وهي موجودة بالمقادير الضرورية· فعلى سبيل المثال إذا لم يكن لدينا كالسيوم في أجسامنا تفقد أسناننا وعظامنا قوتها· وإذا لم يكن هناك حديد لن يستطيع الأوكسجين أن يصل إلى أنسجتنا لأنه لن يكون لدينا هيموغلوبين أو خضاب الدم؛ وإذا لم يكن لدينا بوتاسيوم أو صوديوم تفقد خلايا أجسامنا الشحنات الكهربائية ونهرم بسرعة· توجد المعادن في التربة بالطريقة نفسها الموجودة في الجسم البشري، ولكن كمياتها ووظائفها وأشكالها الموجودة في التربة مختلفة؛ وتستفيد الكثير من الكائنات الحية من هذه المعادن· وعلى سبيل المثال جُهزت الأنظمة في النباتات بحيث تستطيع أن تأخذ بسهولة العناصر التي تحتاجها من التربة؛ وهذه العناصر لها استخدامات ومهام مختلفة، وعليها التوجه بعد امتصاصها إلى أقسام مختلفة من النبات· يحتاج النبات كي يعيش بصحة جيدة إلى عناصر رئيسية مثل النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم والكبريت· وبينما تستطيع النباتات أن تأخذ معظم هذه المواد مباشرة من التربة فإن الوضع يختلف مع النتروجين الذي يشكل80% من الهواء، ومع ذلك لا يمكن للنباتات الخضراء الحصول عليه مباشرة من الهواء فتأخذ حاجتها من التربة عن طريق امتصاص النترات الممتزجة ببكتريا التربة· هناك عناصر أخرى ضرورية أيضاً لتطور النبات بشكل صحي لكن بكميات صغيرة جداً، وتتضمن هذه المجموعة الحديد والكلور والنحاس والمنغنيزوالزنك والموليبدينوم والبورون·(1/52)
بالإضافة إلى المعادن الثلاثة عشر المذكورة تحتاج النباتات إلى ثلاثة عناصر رئيسية للبناء وهي الأكسجين والهيدروجين والكربون وتحصل عليها من ثاني أكسيد الكربون، والأكسجين، والماء· وتحتاج جميع النباتات إلى العناصر الستة عشر كاملة· إذا أُخذت هذه العناصر بكميات كبيرة جداً أو بكميات قليلة جداً تنشأ عيوب مختلفة في النبات· وعلى سبيل المثال تؤدي كثرة النتروجين في التربة إلى نمو هش خاصة في درجات الحرارة العالية، بينما القليل منه يؤدي إلى الاصفرار وظهور بقع حمراء أرجوانية، ونقص في البراعم الجانبية ويؤدي إلى نمو متأخر· ويتسبب نقص الفوسفور في خلل في النمو، وتتحول ألوان بعض النباتات إلى البني أو الأرجواني وتكون سيقانها نحيلة، كما تكون براعمها هشة وأوراقها السفلية ضعيفة كما أن أزهارها تكون ذابلة· والفوسفور عنصر هام جداً لنمو النباتات الشابة وإنتاج البذور؛ وباختصار فإن وجود هذه الأيونات وسحبها من التربة بالكميات المناسبة ضروري لنمو صحي للنبات· (33(ماذا سيحدث لو أن النباتات لم تمتلك آلية انتقاء الأيونات هذه؟ ماذا يحدث لو أن النباتات أخذت جميع أنواع المعادن وليس فقط التي تحتاجها أو أخذت الكثير جداً أو القليل جداً من المعادن؟ في هذه الحالة يختل نظام التوازن بشكل تام في العالم· ---------------الأوراق والتركيب الضوئيلاحظ جان بابتيستا فان هيلمونت الفيزيائي البلجيكي في القرن السابع عشر نمو شجرة الصفصاف وأخذ بعض القياسات في إحدى تجاربه العلمية· وفي البداية قام بوزن الشجرة ثم وزنها مرة ثانية بعد مرور خمس سنوات فوجد أن وزنها زاد 75 كيلوغراماً، مع أن التربة في الوعاء الذي نما فيه النبات لم تنقص سوى بضعة غرامات خلال هذه المدة· وكشف الفيزيائي فان هيلمونت في هذه التجربة أن التربة في الوعاء لم تكن السبب الوحيد في نمو شجرة الصفصاف بما أن النبات قد استخدم كمية صغيرة جداً من التربة لينمو إذن يجب أن يكون قد(1/53)
تلقى تغذية من مكان آخر· (34(لا تستخدم النباتات التربة فقط عند إنتاج غذائها؛ فهي تستخدم -إلى جانب المعادن في التربة -الماء وثاني أكسيد الكربون من الجو· وتأخذ المعادن الرئيسية وتحولها بواسطة معامل مصغرة في أوراقها وبذلك تقوم بعملية التركيب الضوئي· وقبل تفحص المراحل المتعددة للتركيب الضوئي من المفيد أن نلقي نظرة على الأوراق التي تلعب دوراً هاماً في هذه العملية· التركيب العام للأوراقعند دراسة النباتات من وجهة نظر التركيب العام أو من قبل علم الأحياء المجهري نلاحظ أن الأوراق تمتلك أنظمة دقيقة ومعقدة جداً لإنتاج الطاقة، ولكي تنتج الأوراق هذه الطاقة تحتاج إلى أخذ الحرارة من ثاني أكسيد الكربون من الخارج·لنلق أولاً نظرة على التركيب الخارجي للأوراق، والأسطح الخارجية للأوراق واسعة مما يمكنها من تبادل الغازات (مثل امتصاص ثاني أكسيد الكربون وطرح الأكسجين) الضرورية للتركيب الضوئي· يمكّن شكل الأوراق العريض والمنبسط جميع الخلايا من أن تكون قريبة من السطح، وبفضل هذا يتم تبادل الغازات بشكل أسهل وبإمكان ضوء الشمس أن يصل إلى جميع الخلايا التي تقوم بالتركيب الضوئي· ولنتخيل ماذا سيحدث إذا لم تكن الأوراق عريضة ومسطحة وكان لها أي شكل هندسي أو عشوائي آخر فلن تستطيع القيام بالتركيب الضوئي، ما عدا المناطق المعرضة مباشرة لأشعة الشمس· وهذا يعني أن النباتات لن تكون قادرة على إنتاج الطاقة أو الأكسجين بشكل كافٍ· وينتج عن ذلك نقص في الطاقة بالنسبة إلى الكائنات· ولا تنتهي الأنظمة ذات التصميم الخاص'' عند هذا الحد· فبفضل خاصية الانتقاء الضوئي تتجه أنسجة الورقة إلى الضوء، وهذا ما يدفع أوراق النباتات للاتجاه نحو الشمس، ويمكن ملاحظة ذلك في النباتات التي توضع في أوعية· وعلينا أن نلقي نظرة على التركيب الفيزيولوجي للأوراق لكي نفهم كيف تحدث هذه العمليات ذات الأهمية الحيوية· إذا نظرنا إلى ورقة مقسومة بالعرض نرى(1/54)
تركيباً متكونا من أربع طبقات؛ الأدمة: وهي التي تغطي أعلى الورقة وأسفلها، ولا تتضمن اليخضور ودورها هو حماية الورقة من التأثيرات الخارجية· البشرة: طبقة شمعية غير لا تسمح للماء بالنفاذ وتغطي القسم الخارجي من الأدمة· وعندما ننظر إلى الطبقات الداخلية من الورقة نرى أنها مكونة عموماً من طبقتين من الخلايا، منها خلايا غنية باليخضور بشكل صفوف لا ثغرات فيها وهي الطبقة الحاجزة التي تشكل النسيج الداخلي، وتقوم بعملية التركيب الضوئي؛ وتأتي تحتها الطبقة الإسفنجية التي تمكّن الورقة من التنفس· وهناك جيوب هوائية بين طبقات الخلايا في هذا النسيج· وكما رأينا فلكل طبقة من هذه الطبقات وظيفة مهمة في بنية الورقة· وهذا التنظيم له أهمية كبيرة بالنسبة إلى عملية التركيب الضوئي لأنه يمكّن الورقة من أن تنشر الضوء وتوزعه بشكل أفضل مما يزيد قدرتها على القيام بعملية التنفس والتركيب الضوئي· ويوجد في الغابات المطرية الاستوائية الكثيفة على سبيل المثال نزعة لنمو النباتات ذات الأوراق الضخمة، ولهذا أسباب مهمة جداً: فمن الصعب على ضوء الشمس أن يصل إلى جميع أقسام النباتات المجموعة معاً بشكل متساوٍ حيث الأشجار كثيفة والمطر يهطل بشدة في أغلب الأحيان، وهذا ما يجعل من الضروري أن تزيد النباتات من مساحة الورقة لكي تلتقط الضوء· وفي تلك المناطق حيث تدخل أشعة الشمس بصعوبة من الضروري لأسطح الأوراق أن تكون كبيرة لكي يتمكن النبات من إنتاج الغذاء، وبفضل هذه الميزة تتعرض النباتات الاستوائية للشمس بأحسن طريقة ممكنة· من ناحية ثانية توجد الأوراق الصغيرة في المناخات الجافة والقاسية لأنه في هذه الظروف المناخية يكون فقدان الحرارة مضراً جداً، فكلما كبر سطح الورقة ازداد تبخر الماء وفقدان الحرارة؛ ولهذا السبب فإن سطح الورقة التي تلتقط الضوء صمم بحيث يمكنها من حفظ الماء بأكثر الطرق اقتصادية، فانكماش الأوراق في البيئة الصحراوية يصل إلى(1/55)
مستويات كبيرة، وعلى سبيل المثال نجد في نبات الصبار أشواكا بدل الأوراق· ويتم التركيب الضوئي في هذا النبات من قبل الساق اللبية التي تخزن الماء· إن ذلك لا يكفي للتحكم في عملية فقدان الماء لأنه مهما صغر حجم الورقة فوجود المسام الدقيقة في الأدمة يعرضها لخسارة مزيد من الماء، ولهذا السبب توجد آلية لتعويض التبخر، والنبات له طريقة لتنظيم التبخر الزائد عن طريق التحكم في درجة فتحات المسام إما بتوسيعها أو بتقليصها حسب الحاجة· إن التقاط الضوء للقيام بعملية التركيب الضوئي ليس هو العمل الوحيد الذي تقوم به الأوراق الوحيد، فمن المهم لها أيضاً أن تحصل على ثاني أكسيد الكربون من الجو وتوجهه إلى المناطق التي تقوم بعملية التركيب الضوئي، وهي تقوم بذلك بواسطة المسام الموجودة في أوراقها· الثغيرة: تصميم دقيق دور هذه المسامات المجهرية على سطح الأوراق هو نقل الضوء والماء وأخذ ثاني أكسيد الكربون الضروري لعملية التركيب الضوئي من الهواء· ويمكن للمسام أن تغلق أو تفتح حسب الحاجة· وعندما تفتح يتم تبادل الأكسجين وبخار الماء بين خلايا الورقة مع ثاني أكسيد الكربون المطلوب لعملية التركيب الضوئي· وبهذه الطريقة يطرح الإنتاج الفائض وتُمتص المواد المطلوبة للاستفادة منها· أحد أهم سمات المسام أنها توجد في الجانب السفلي من الأوراق مما يخفف التأثيرات المؤذية لأشعة الشمس إلى أدنى حد· ولو كانت المسام التي تطرح الماء في النبات على سطح الأوراق بأعداد كبيرة لكانت معرضة للشمس لفترات طويلة مما يجعلها تطرح الماء باستمرار، وفي هذه الحالة يموت النبات نتيجة نقصان الماء· يسمح تركيب المسام المجوف بتبادل الغازات بين الورقة والهواء· ويعتمد فتح المسام على الظروف الخارجية (مستويات الضوء والحرارة والرطوبة وثاني أكسيد الكربون) والحالة الداخلية للنبات خاصة مستوى الماء فيه· وينظم فتح المسام أو إغلاقها عملية تبادل الغازات والماء· هناك(1/56)
تفاصيل دقيقة في بنية المسام صممت مع الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الخارجية؛ وكما نعرف فإن مستويات الرطوبة ودرجة الحرارة والغاز وتلوث الهواء في تغير دائم· وتمتلك مسام الأوراق بنية تتكيف مع الظروف المتغيرة· ونورد هنا مثالاً لشرح ما سبق ذكره: تتعرض النباتات مثل قصب السكر والقمح للحرارة والهواء الجاف فترة طويلة وتبقى مسامها مغلقة جزئياً أو كلياً طيلة اليوم لكي تحافظ على الماء، إلا أن هذه النباتات تحتاج امتصاص ثاني أكسيد الكربون في النهار للقيام بالتركيب الضوئي· وفي الظروف العادية تبقى المسام مفتوحة قدر الإمكان لكن هذا مستحيل في هذه الحالة لأن النبات يستمر في فقدان الرطوبة من مسامه ويموت سريعاً لهذا السبب على المسام أن تبقى مغلقة· وبعض النباتات التي تعيش في المناخات الحارة لها مضخة تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل أكثر فعالية من الهواء إلى الورقة· وتستخدم هذه النباتات مضخات كيميائية لتمتص ثاني أكسيد الكربون في أوراقها حتى لو كانت مسامها مغلقة· (35) ولو غابت هذه المضخات لبعض الوقت لما أمكن للنبات أن ينتج أي تغذية لأنه لا يستطيع امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون ويموت نتيجة لذلك· وهذا دليل على أن هذه المضخات الكيميائية لم تكن نتيجة سلسلة من المصادفات عبر الزمن· وهذا النظام يعمل في النباتات بشكل فعال فقط حين تتوفر جميع عناصره، ولهذا السبب لا يمكن أن تكون المسام قد نشأت وتطورت نتيجة المصادفات؛ لأن المسام - بتركيبها بالغ الدقة- تم تصميمها وبكلام آخر تم خلقها لكي تقوم بهذه المهام بأفضل طريقة ممكنة· تطور الورقة من وجهة نظر التطوريينكما رأينا هناك أنظمة معقدة للغاية محشورة في جسم أخضر بالغ الصغر، وهي تعمل بدقة منذ ملايين السنين· كيف توافقت الأنظمة في هذه المنطقة الصغيرة جداً؟ كيف نشأ التصميم المعقد في الأوراق؟ هل من الممكن أن ينشأ هذا التصميم الدقيق والفريد من تلقاء نفسه؟ إذا سألنا(1/57)
المدافعين عن نظرية التطور هذه الأسئلة فإن جوابهم سيكون هو نفسه دائماً· سيضعون تفسيرات وافتراضات متناقضة تفتقد إلى المنطق، وسيفشلون في الإجابة على السؤال كيف ''نشأت'' أنواع النباتات والأشجار والأزهار ونباتات البحر والفطور التي لا تعد ولا تحصى· عندما يتم تفحص النظريات الموضوعة من قبل التطورين بخصوص تطور النباتات يتبين أنها ادعاءات سخيفة لا معنى لها· وتقترح نظرية تيلوم أن الورقة نشأت عبر تكرار تفرع واندماج أنظمة الساق المعقدة· (36) ولنفكر الآن في الأسئلة التي ستنشأ عن هذا الزعم الذي لا أساس له: - كيف حدثت هذه التفرعات والاندماجات؟ - نتيجة أي مصادفة تحولت إلى أوراق، مع بنيتها وتصميمها المختلف؟ - كيف نشأت الآلاف بل الملايين من أنواع النباتات والأزهار والأشجار والأعشاب من هذه النباتات البدائية؟ ليس لدى التطوريين أية أجوبة علمية أو منطقية لهذه الأسئلة، وككل موضوع لا يستطيع التطوريون أن يفسروا نشوء النباتات إلا بسيناريوهات تعتمد فقط على الخيال· وحسب نظرية أخرى هي نظرية اينيشن تفترض أن الورقة تطورت من خلال نمو بسيط للساق· (37(لنتفحص مرة أخرى الأسئلة التي تنشأ من هذه النظرية· كيف حدث أن قطعا من النسيج النباتي ظهرت في أماكن محددة من جسم النبات لتتحول إلى أوراق؟ وبعد ذلك، كيف تحولت إلى أوراق؟ وليس أي أوراق بل أوراق بتراكيب دقيقة لا نقص فيها وبأعداد لا تحصى؟ لنعد أدراجنا قليلاً· كيف ظهرت سوق النباتات مع هذه التغيرات إلى الوجود حسب نظرية اينيشن؟ لا توجد إجابات علمية لدى التطوريين على أسئلة من هذا النوع· ما تريد نظريات التطوريين أن تشرحه فعلاً هو التالي:ظهرت النباتات نتيجة لأحداث نشأت بالمصادفة، ونشأت السوق والفروع أيضاً بالمصادفة ونشأ اليخضور من حبيبات اليخضور بمصادفة أخرى، وكذلك نشأت الطبقات المختلفة في الأوراق بالمصادفة· مصادفة تتبعها أخرى وفي آخر الأمر تظهر الأوراق ببنيتها الخاصة(1/58)
التي لا عيب فيها·!لا يمكن تجاهل حقيقة أن جميع التراكيب في الأوراق -التي يدّعون أنها نشأت بالمصادفة- أتت سوية في الوقت نفسه· وحسب التطوريين نشأت جميع الآليات في الورقة بالمصادفات تدريجياً عبر الزمن، وفي الوقت نفسه يتنبأ المنطق التطوري بأن الأعضاء أو الأنظمة التي لم تستخدم تختفي في النهاية بشكل طبيعي· وبما أن هذه الآليات مرتبطة ببعضها البعض فليس من الصواب أن نقول إن إحداها نشأت بالمصادفة لأنه تبعاً للمرحلة الثانية من منطق التطوريين ستكون قد اختفت لأنها لم تعد ذات أهمية· ولهذا السبب يجب أن توجد جميع الأنظمة المعقدة في الجذور والسوق والأوراق في الوقت نفسه لكي يعيش النبات· وُجدت النباتات بأنظمتها الدقيقة دون أي خلل مثل جميع الكائنات الحية في العالم من لحظة خلقها إلى يومنا هذا بدون أي تغير في خصائصها بدءاً من سقوط الأوراق إلى تحولها نحو الشمس، من لونها الأخضر إلى طبيعة أجسامها الخشبية، من ظهور جذورها إلى انبثاق ثمارها؛ لا يشوب هذه التراكيب الدقيقة أي نقص أو عيب· ومن المستحيل حتى بتقنية اليوم أن نقلد أو نعيد إنتاج أي من هذه الأنظمة (التركيب الضوئي على سبيل المثال.(هذه الصعوبة هي أحد الأدلة على أن الأوراق لم تظهر بالمصادفة، فهي تمتلك تراكيب خاصة لتفي بحاجات النبات وتنتج الطعام وتقوم بالتنفس· وهذا التصميم الدقيق يثبت وجود مصمم قدير، لا يعجزه شيء، قادر على كل شيء· وليس هناك شك أنه الله رب العالمين، الذي خلق الأوراق بهذا التصميم البديع· معجزة التركيب الضوئيصمم كوكب الأرض ليكون صالحا للحياة، وتمد الأرض البيئة بأسباب الحياة بفضل التوازنات الدقيقة القائمة عليها، من مستويات الغاز في الغلاف الجوي إلى بُعدها عن الشمس، ومن الجبال إلى وجود ماء الشرب، من التنوع الهائل للنباتات إلى حرارة الأرض· إذا قُدر للمكونات التي تصنع الحياة أن تعيش فيجب أن يتم الحفاظ على التوازنات الفيزيائية والبيولوجية·(1/59)
مثال: لا غنى عن الجاذبية لكي تعيش الكائنات الحية على الأرض وكذلك المواد التي تنتجها النباتات ضرورية لبقاء الحياة على الأرض· وكما أشرنا سابقاً تدعى العملية التي يقوم بها النبات لإنتاج هذه المواد العضوية بالتركيب الضوئي-التي يمكن أن نلخصها بأن النبات ينتج غذائه الخاص- هذه العملية التي تجعل النباتات مختلفة عن غيرها من الكائنات الحية· ويكمن الفرق في وجود تراكيب في خلايا النبات (مختلفة عن خلايا الإنسان أو الحيوان) تستطيع الاستفادة المباشرة من ضوء الشمس، وبواسطة هذه التراكيب تحول خلايا النبات أشعة الشمس-التي يمتصها البشر والحيوانات بواسطة الطعام-إلى طاقة تخزنها بوسائل خاصة، وبهذه الطريقة تكتمل عملية التركيب الضوئي· بالطبع ليس النبات هو الذي يقوم بعملية التركيب الضوئي ولا الأوراق ولا حتى مجموع خلايا النبات بل هو عضو صغير يوجد في خلايا النبات يدعى حبيبة اليخضور التي تعطي النباتات لونها الأخضر وهي التي تقوم بهذه العملية· ويبلغ حجم حبيبة اليخضور واحداً بالألف من الميليميتر، ولهذا السبب لا ترى إلا بالمجهر؛ ويلعب جدار حبيبة اليخضور- الذي يبلغ حجمه واحدا بالمائة مليون من المتر- دوراً هاماً في عملية التركيب الضوئي· وكما نرى من هذه الأرقام فهي بالغة الصغر، وهذه العمليات كلها تحدث في هذه البيئة المجهرية· وهذه إحدى الخصائص المذهلة للتركيب الضوئي· حبيبة اليخضور: معمل زاخر بالأسرارتوجد في حبيبة اليخضور أشكال متنوعة لحدوث عملية التركيب الضوئي مثل: الثايلاكويدز، أغشية داخلية وخارجية، أنسجة، أنزيمات، ريبوزومات، RNA، .DNAوترتبط هذه الأشكال ببعضها البعض، وكل واحد منها له وظيفة في غاية الأهمية، فعلى سبيل المثال: ينظم الغشاء الخارجي لحبيبة اليخضور تدفق المواد الداخلة والخارجة؛ ويتألف نظام الغشاء الداخلي من جيوب مسطحة تشبه الديسكات أو الأقراص، تتمركز فيها جزيئات الخضاب (اليخضور) والأنزيمات الضرورية(1/60)
للتركيب الضوئي، والعديد منها بشكل سويقات تشكل ما يدعى ''غرانا '' تسمح بأعلى امتصاص لضوء الشمس· وهذا يعني أن امتصاص النبات لضوء أكثر يجعله قادراً على القيام بعمليات تركيب ضوئي أكثر· يحيط بالثايلاكويدز نسيج عضوي يدعى ستروما (نسيج ضام) يحتوي على أنزيمات أخرى إضافة إلى)DNA حمض نووي ريبي يحمل المعلومات الجينية في الخلية) و) RNA حمض نووي ريبي يحوي مادة كيميائية هامة توجد في جميع الخلايا الحية) والريبوزومات· تنتج حبيبات اليخضور بما تملكه من DNA وريبوزومات بروتينات معينة كما تعيد انتاجها· هناك نقطة هامة أخرى في التركيب الضوئي وهي حدوث كل هذه العمليات في مدة قصيرة جداً بحيث لا تلاحظ· تستجيب الآلاف من أصباغ اليخضور الموجودة في حبيبات اليخضور في وقت واحد لضوء الشمس في زمن قياسي خلال جزء من الألف من الثانية· يصور العلماء عملية التركيب الضوئي في حبيبات اليخضور على أنها سلسلة طويلة لتفاعل كيميائي، إلا أنهم لا يستطيعون تفسير بعض الأقسام التي تحدث في التفاعل بسبب سرعتها الكبيرة وينظرون إليها بذهول· ولكن من الواضح أن التركيب الضوئي يتضمن مرحلتين تعرفان بـ ''التفاعلات الضوئية'' و''التفاعلات اللاضوئية''· التفاعلات الضوئيةتشكل أشعة الشمس حزمة مستمرة، فمجال الأشعة الذي تكتشفه العضويات بأعينها- الضوء المرئي- هو المجال نفسه تقريباً الذي تستخدمه النباتات· والطول الموجي الأقصر (الضوء الأزرق) فيه طاقة أكثر من الطول الموجي الأطول (الضوء الأحمر)· ويمتص الخضاب الضوء المرئي بينما تمتص أنواع أخرى من الخضاب أطوالاً موجية مختلفة · ويمتص الكلوروفيل أو اليخضور - الخضاب الرئيس في عملية التركيب الضوئي- أولاً الضوء في المناطق الحمراء والزرقاء من الطيف المرئي· ولا يحبذ اليخضور امتصاص الضوء الأخضر بل يعكسه· وتظهر النباتات خضراء عادة لأن أوراقها تعكس معظم الضوء الأخضر الذي ينصب عليها· (38(تبدأ عملية التركيب(1/61)
الضوئي بامتصاص الخضاب لأشعة الشمس مما يجعل النبات يبدو أخضر اللون· كيف يبدأ اليخضور هذه العملية؟ لكي نجيب على هذا السؤال من المفيد أولاً أن ندرس تركيب الثايلاكويد الذي يوجد داخل حبيبات اليخضور ويحتوي على اليخضور· هناك نوعان من اليخضور (أ) و (ب) · وتبدأ التفاعلات الضوئية للتركيب الضوئي عندما يمتص ''اليخضور أ'' والخضاب أو الصبغيات المساعدة له الضوء· وكما نرى في الصورة التي توضح البنية التفصيلية للثايلاكويد، جزيئات اليخضور والخضاب المساعد ومستقبلات الإلكترون منظمة بوحدات تدعى المنظومة الضوئية· وهناك نوعان منها المنظومة الضوئية1 والمنظومة الضوئية ·2 وتنقل طاقة الضوء إلى جزيء ''يخضور أ'' الذي يدعى مركز التفاعل· وتعطي الطاقة التي تم الحصول عليها من امتصاص أشعة الشمس زيادة للالكترونات السالبة فاقدة الطاقة في مركز التفاعل· وتستخدم هذه الإلكترونات الغنية بالطاقة في مراحل تالية للحصول على الأكسجين من الماء· في هذه المرحلة هناك تدفق في الإلكترونات· وتُستبدل الإلكترونات المفقودة من ''المنظومة الضوئية''1 بإلكترونات من ''المنظومة الضوئية·''2 أما الإلكترونات المفقودة من ''المنظومة الضوئية''2 فتستبدل بإلكترونات منزوعة من الماء، ونتيجة لذلك ينفصل الأكسجين عن الماء وكذلك البروتونات والإلكترونات· في نهاية تدفق الإلكترون يتم نقل الإلكترونات مع البروتونات من الماء إلى داخل 'الثايلاكويد وتتحد مع جزيء حامل الهيدروجين NADP+ (نيكوتيناميد أدينين ثنائي نّوويد الفوسفات)· وينتج جزيء NADPH من هذا· ينشأ بروتون عبر غشاء الثايلاكويد أثناء تدفق الإلكترونات من حامل إلى حامل مع نظام نقل الإلكترونات، وتُستخدم الطاقة الكامنة لتشكيل الأدينوسين ثلاثي الفوسفاتATP (تستخدمه الخلية في عملياتها الخاصة التي تحتاج إلى طاقة)، وهكذا تصبح الطاقة التي يحتاجها النبات ليصنع غذاءه جاهزة للاستخدام في نهاية هذه العمليات· هذه(1/62)
الأحداث- التي حاولنا أن نلخصها كسلسلة تفاعل- هي الجزء الأول من عملية التركيب الضوئي· ومما لا شك فيه أن الطاقة ضرورية للنباتات لإنتاج غذائها، وليتم الحصول عليها- يجب أن تكتمل العمليات الأخرى- بفضل تصميم خاص (عملية خاصة لإنتاج الوقود· (التفاعلات اللاضوئية تعرف هذه العمليات -المرحلة الثانية من التركيب الضوئي-ا بالتفاعلات اللاضوئية أو دورة كالفين، وتحدث في مناطق حبيبات اليخضور المعروفة بـ''النسيج الضام''· وتُستخدمATP المشحونة بالطاقة وجزيئات NADPH الناتجة من التفاعلات الضوئية لإنقاص ثاني أكسيد الكربون إلى كربون عضوي، ويستخدم الناتج النهائي للتفاعلات اللاضوئية كمادة أولية لمركبات عضوية أخرى تحتاجها الخلية· احتاج العلماء لمئات السنين لكي يفهموا الخطوط الرئيسية في سلسلة التفاعل التي لخصناها هنا· يُنتج النبات الكربون العضوي-الذي لا يمكن أن يُنتج بأية طريقة أخرى- منذ ملايين السنين· ويعد الكربون مصدر الطاقة لجميع أنظمة الكائنات الحية· تعمل الأنزيمات وتراكيب أخرى ذات خواص مختلفة أثناء تفاعلات التركيب الضوئي بتعاون كامل· ولا يستطيع أي مخبر في العالم -مهما بلغ تطور تجهيزاته- أن يعمل بالطاقة التي تعمل بها النباتات؛ فهذه العمليات تجري داخل عضو بالغ الصغر يبلغ حجمه واحدا بالألف من الميليميتر· وتطبق الصيغ المتنوعة منذ ملايين السنين بدون خطأ في جميع أنواع النباتات، ولا أخطاء في ترتيب التفاعلات ولا خلط بين كميات المواد الأساسية المستخدمة في التركيب الضوئي· هناك جانب آخر في عملية التركيب الضوئي، حيث تقود العمليات المعقدة المذكورة سابقا النباتات في نهاية التركيب الضوئي لإنتاج الغلوكوز والأكسجين الأساسيين للكائنات الحية· وتُستخدم هذه المنتجات التي تصنعها النباتات كطعام من قبل البشر والحيوانات· وبواسطة هذا الطعام تخزن الطاقة في خلاياها وتستخدمها· وتستفيد جميع الكائنات الحية بفضل هذا النظام من(1/63)
طاقة الشمس· يتم التعرف على خواص الطاقة التي ستُستخدم في عملية التركيب الضوئي أثناء العمليات الجارية في المعمل الكيميائي، وعندما يُنظر إلى هذه العملية من وجهة النظر هذه نُدرك ماهية تفاصيلها الدقيقة التي تمت بشكل مخطط له، لذا فإن خواص طاقة الضوء المستنبطة من الشمس يمكن أن تفي بحاجة الطاقة اللازمة لحبيبات اليخضور لإنتاج التفاعلات الكيميائية الصحيحة· لكي نفهم هذا التوازن الدقيق يحسن بنا أن نتفحص أهمية ضوء الشمس في التركيب الضوئي· هل تم تنظيم ضوء الشمس خصيصاً للتركيب الضوئي؟ أو هل النباتات مرنة بشكل كافٍ لتستخدم أيّ ضوء يأتي في طريقها وتبدأ التركيب الضوئي بمساعدته؟ تستطيع النباتات القيام بالتركيب الضوئي بفضل حساسية اليخضور إزاء طاقة الضوء· والنقطة المهمة هنا أن مواد اليخضور تستخدم ضوءا ذي طول موجي خاص· وأشعة الشمس لها الطول الموجي الصحيح الذي يحتاجه اليخضور· وبتعبير آخر هناك انسجام كلي بين ضوء الشمس واليخضور· يقول جورج غرينشتاين الفلكي الأمريكي عن هذا الانسجام الدقيق في كتابه ''الكون التكافلي'':يُتم جزيء اليخضور عملية التركيب الضوئي ··· وتبدأ آلية التركيب الضوئي بامتصاص الضوء من جزيء اليخضور· وليحدث هذا يجب أن يكون الضوء ذا لون صحيح، فاللون الخاطئ لن يقوم بالمهمة المطلوبة· ويمكن أن نشبه ذلك بجهاز التلفاز، فلكي يستطيع الجهاز استقبال قناة معينة يجب أن تكون الموجة على تلك القناة· والشيء نفسه بالنسبة إلى التركيب الضوئي فالشمس تعمل كمرسل ويعمل جزيء اليخضور كمستقبل تماما مثل جهاز التلفاز· وإذا لم يكن هناك تناغم بين اليخضور والشمس واللون فلن يحدث التركيب الضوئي؛ وهذا يثُبت أن لون الشمس هو اللون الصحيح· (39(بإيجاز يجب أن تكون كل الظروف في تلك اللحظة مناسبة لكي يحدث التركيب الضوئي· وسيكون من المفيد الآن أن نطرح سؤالا آخر يمكن أن يخطر ببالنا· هل يمكن أن يكون قد حدث تغير عبر الزمن في(1/64)
ترتيب العملية أو المهام التي تقوم بها جزيئات اليخضور؟ في إجابة على هذا السؤال يقول المدافعون عن نظرية التطور- الذين يدعون أن هناك توازنات حساسة في الطبيعة حدثت نتيجة المصادفة: ''لو كانت هناك بيئة مختلفة، فإن النباتات تشرع في عملية التركيب الضوئي في تلك البيئة أيضاً لأن الكائنات الحية سوف تتكيف مع الوضع الجديد·''· بيد أن هذا المنطق خاطئ كلياً، لأنه لكي تقوم النباتات بالتركيب الضوئي يجب أن تكون في تناغم وانسجام في تلك اللحظة مع الضوء القادم من الشمس· ويكشف الفلكي جورج غرينشتاين- أحد دعاة التطور- هذا المنطق الخاطئ بقوله:''قد يعتقد المرء في حدوث تكيف معين، أي تكيف حياة النبات مع خواص ضوء الشمس· هل كان باستطاعة جزيء آخر أن يحل محل اليخضور إذا كانت حرارة الشمس مختلفة ويتجه نحوها ليمتص ضوءا مختلف اللون؟ إن الإجابة على هذا السؤال هي بالنفي، فكل الجزيئات تمتص الضوء ذي الألوان المتشابهة· ويتم امتصاص الضوء بتنشيط الإلكترونات في الجزيئات للحصول على طاقة أعلى والمقياس العام المطلوب للقيام بهذا الأمر هو نفسه مهما كان الجزيء، وعلاوة على ذلك يتألف الضوء من فوتونات وحزم من الطاقة، وإذا كانت الفوتونات ذات طاقة خاطئة فإنّ عملية الامتصاص تتعطل· · · وفي الواقع هناك تناسب دقيق بين فيزيائية النجوم وفيزيائية الجزيئات، وعند اختلال هذا التناسب تكون الحياة مستحيلة''· (40(لا يمكن أن يكون التركيب الضوئي مصادفةبالرغم من جميع هذه الحقائق الواضحة، يمكن أن نوجه مجموعة من الأسئلة مرة أخرى للذين يستمرون في دعم نظرية التطور، ويمكن أن نتأكد أن هذا النظام (التركيب الضوئي) لم يأتِ نتيجة المصادفة· مَنْ وضع التخطيط لهذه الآلية التي لا تضاهى والتي وضعت في منطقة صغيرة مجهرية؟ هل بإمكاننا أن نتخيل أن خلايا النبات خططت لهذا النظام؟ وبتعبير آخر هل أن النبات هو الذي فكر في هذا النظام وخططه؟ إن الجواب هو بالتأكيد لا،(1/65)
لأنه من البديهي أن خلايا النبات لا تستطيع التفكير أو التخطيط· وهي لم تخلق هذا النظام الدقيق الذي نراه، إذن في هذه الحالة هل هو نتاج عقل بشري فريد ومبدع؟ الجواب أيضا بالنفي، إذ لا يعقل أن يكون الإنسان هو الذي أنجز هذا المعمل الذي لا يصدق في مساحة لا تتجاوز واحداً بالألف من الميليميتر، فالإنسان في الواقع لا يستطيع حتى مشاهدة ما يحدث داخل هذا المعمل المجهري بالغ الصغر· عندما نتأمل معا في ادعاءات التطوريين نعرف لماذا كانت الإجابة على الأسئلة بالنفي، وسوف تتوضّح أكثر الإجابة حول كيفية ظهور النباتات· تدعي نظرية التطور أن جميع الكائنات الحية نشأت على مراحل، وأنه كان هناك تطور من البسيط إلى المعقد· ولنتفحص الأمر هل يمكن أن يكون هذا الزعم صحيحا بأن نرى هل بإمكاننا أن نحدد عدد الأقسام الموجودة داخل عملية التركيب الضوئي· ونفترض على سبيل المثال أن هناك 100 عنصر ضروري لحدوث عملية التركيب الضوئي (على الرغم من وجود أعداد أكبر بكثير في الواقع)، وإذا أكملنا افتراضنا لنتخيل أن من هذه المائة عنصر ظهر عنصران -كما يدعي التطوريون- بالمصادفة، ولنفترض أنهما توالدا ذاتياً، ففي هذه الحالة يجب أن تكون هناك فترة انتظار لملايين السنين لظهور بقية العناصر؛ وحتى لو تطورت هذه العناصر لتنضم إلى بعضها البعض فلن يكون هذا مفيداً في غياب بعضها الآخر· ومن المستحيل أن نتوقع أن تشكل باقي العناصر نظاماً لا يعمل في غياب أحد عناصره؛ ولهذا السبب فإن ادعاء التطوريين أن نظاماً معقداً مثل التركيب الضوئي ظهر بتطور تدريجي بالمصادفة من العناصر التي يتألف منها بعد أن اجتمعت مع بعضها البعض يتناقض مع العقل والمنطق، ولا يمت إلى العلم بصلة· يمكننا أن نلاحظ عدم جدوى هذا الادعاء بأن نلقي نظرة أخرى على بعض مراحل التركيب الضوئي· أوّلا -لكي يحدث التركيب الضوئي- يجب أن تكون جميع الأنزيمات والأنظمة موجودة في خلايا النبات في الوقت(1/66)
نفسه، كما يجب أن تُرتب المدة الزمنية لكل عملية وكمية الأنزيمات بشكل صحيح ودقيق في كل مرة لأن أصغر خطأ أو تشابك في التفاعلات التي تحدث (مدة العملية على سبيل المثال أو تغير صغير في كمية الضوء التي تدخل أو المواد الأساسية) تفسد المنتج الذي يظهر في نهاية التفاعل وتجعله عديم الفائدة· لو نقص أحد العناصر التي وصفناها فإن النظام كله يصبح عديم الفعالية· يبرز سؤال عند هذه النقطة هو كيف بقيت جميع هذه العناصر غير الفاعلة على قيد الحياة حتى أصبح النظام بكامله جاهزاً ؟ هناك حقيقة معروفة بأنه كلما نقص حجم تركيب ما تزداد نوعية هندسة أنظمته وذكائها· وعندما تتناقص آلية في الحجم فهي تكشف قوة التكنولوجيا المستخدمة فيها· تظهر ومقارنة الكاميرات أو آلات التصوير اليوم وتلك المصنوعة في السنوات الماضية هذه الحقيقة بشكل أوضح· وتزيد هذه الحقيقة من أهمية التركيب الدقيق في الأوراق· والسؤال كيف تقوم النباتات بعملية التركيب الضوئي في هذه المعامل بالغة الصغر في حين لم يستطع الإنسان القيام بها في معامل الضخمة؟ لا يستطيع دعاة التطور تقديم أية أجوبة معقولة لهذه الأسئلة وغيرها؛ ويختلقون بدلاً من ذلك سيناريوهات خيالية متعددة، أما التكتيك المتبع في هذه السيناريوهات فهو إغراق الموضوع بتعابير وتفسيرات تقنية غامضة وديماغوجية يحاولون فيها إخفاء ''حقيقة الخلق'' البّينة في جميع الكائنات الحية باستخدام أعقد المصطلحات، وبدلاً من الإجابة على أسئلة مثل كيف؟ ولماذا؟ يضعون معلومات تفصيلية ويضيفون مفاهيم تقنية ثم يقولون في النهاية إنها نتيجة التطور· ومع ذلك لا يستطيع حتى أكثر دعاة التطور تصلباً إخفاء دهشته أمام أنظمة النباتات الإعجازية· يمكننا أن نستشهد بأحد أساتذة التطور في تركيا علي ديميرسوي كمثال حيث يشدد البروفيسور ديميرسوي على إعجازية عملية التركيب الضوئي ويدلي بالاعتراف التالي:''التركيب الضوئي في الواقع حدث معقد،(1/67)
ويبدو من المستحيل حدوثه في جزء صغير من الخلية؛ لأنه من المستحيل أن تنشأ جميع المستويات دفعة واحدة ولا معنى لها إن ظهرت فرادى''· (41(وُجدت آلية العمل الدقيقة في التركيب الضوئي في كل نبات على الأرض؛ وتحدث هذه العملية حتى في الأعشاب التي نراها عادية جداً· وإذا أخذنا من نبات معين المواد ذاتها بنفس الكميات التي لها دور في التفاعل سوف يفرز المنتجات نفسها، كما أن سرعة التفاعل وتعاقبه هي نفسها؛ وينطبق هذا على جميع النباتات التي تقوم بالتركيب الضوئي بدون استثناء· من غير المنطقي بالطبع أن ننسب قدرات مثل الفكر وعملية اتخاذ القرار للنباتات، لكن أن نفسر هذا النظام الموجود في كل النباتات الخضراء والذي يعمل إلى درجة تصل إلى حد الكمال بقولنا ''لقد تطور وفق سلسلة من المصادفات'' يتجاوز كل منطق· نواجه عند هذه النقطة حقيقة جلية هي أن التركيب الضوئي نظام معقد تم تصميمه بإدراك خارق بمعنى خلقه الله تعالى · وقد وجدت هذه الآليات لحظة نشوء النباتات، ووجود هذا النظام الدقيق في مكان بالغ الصغر يبرهن لنا على قوة المصمّم· نتائج التركيب الضوئينتائج التركيب الضوئي الذي يحدث في حبيبات اليخضور مهمة جدًّا لجميع الكائنات الحية في العالم· إن الكائنات الحية هي سبب الازدياد المستمر في غاز ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجة الحرارة في الهواء· ويدخل الغلاف الجوي نتيجة لتنفس البشر والحيوانات والعضويات المجهرية في التربة كل سنة 92 بليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون وحوالي37 بليون طن أخرى خلال تنفس النباتات؛ هذا بالإضافة إلى كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المطروحة في الجو من الوقود المستخدم في أنظمة التدفئة في المعامل والمنازل ووسائل النقل التي لا تقل عن 18 بليون طن· وهذا يعني أنه يتم طرح 147 بليون طن خلال دوران غاز ثاني أكسيد الكربون على الأرض، كما يُظهر أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في العالم في ارتفاع مستمر· إن التوازن(1/68)
البيئي يختل ما لم يعدل هذا الارتفاع· وربما تنخفض، على سبيل المثال، كمية الأكسجين في الجو وربما ترتفع درجة الحرارة ونتيجة لذلك يبدأ ذوبان الجليد مما يؤدي إلى غمر بعض المناطق بالمياه وتتحوّل مناطق أخرى لتصبح صحاري مما يعرض الحياة على وجه الأرض للخطر؛ لكن شيئا من هذا لا يحدث على الإطلاق لأن عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات تُنتج الأكسجين باستمرار للحفاظ على التوازن· لا تتغير حرارة الأرض باستمرار لأن النباتات تساعد في الحفاظ على التوازن· وتمتص النباتات 129 بليون طن من ثاني أكسيد الكربون من الجو لأغراض التنظيف كل سنة وهذا رقم هائل جداً· وقلنا إن كمية الكربون المطروحة في الجو تبلغ 147 بليون طن، فهناك عجز بمقدار 18 بليون طن في دورة غاز ثاني أكسيد الكربون/الأكسجين على الأرض تعدلها دورة مختلفة لغاز ثاني أكسيد الكربون/أكسجين في المحيطات· (42(بفضل عملية التركيب الضوئي تمتص النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو (تحوله إلى غذاء) وتطلق الأكسجين، وبهذا لا يفسد نظام التوازن الطبيعي ذي الأهمية الحيوية للحياة على الأرض أبداً· لا يوجد أي مصدر طبيعي آخر يعوض نقص الأكسجين في الجو، ولهذا السبب لا يمكن الاستغناء عن النباتات للحفاظ على أنظمة جميع الكائنات الحية· التركيب الضوئي وتغذية النباتات تعد منتجات التركيب الضوئي في غاية الأهمية للنباتات وللكائنات الحية الأخرى، حيث يحصل البشر والحيوانات على الطاقة اللازمة للعيش باستهلاك الطعام الذي تنتجه النباتات· إذا تخيلنا أنّ الأحداث التي ناقشناها لم تحدث في الأوراق بل في مكان آخر، فما هو نوع التجهيز الذي نتخيله؟ هل من الممكن أن يكون معملاً متعدد المهام مجهزاً بمعدات لتكوين الغذاء من ثاني أكسيد الكربون في الجو، بالإضافة إلى آلات لها القدرة على صنع الأكسجين وطرحه، ويحتوي على أنظمة تحافظ على توازن درجة الحرارة؟ لن يتخيل المرء بالتأكيد شيئاً(1/69)
بحجم راحة اليد· وكما رأينا تمتلك الأوراق هذه الآليات المثالية التي تحافظ على درجة الحرارة، وتسمح بتبخر الماء وفي الوقت نفسه تنتج الطعام وتمنع فقدان الماء· إنها أعجوبة في التصميم، تجري جميع هذه العمليات التي عددناها في ورقة واحدة (مهما كان حجمها) بل في خلية واحدة في ورقة واحدة وأكثر من ذلك في آن واحد· تشير الحقائق السابقة إلى عمل النباتات وهي نِعم خُلقت بهدف خدمة الكائنات الحية· صممت معظم هذه النعم للجنس البشري· لننظر إلى بيئتنا وما نأكله· لنلقي نظرة على الساق الجافة لكرمة العنب وعلى جذورها الرفيعة· نحصل على50 أو60 كيلو غراماً من العنب من هذه الساق التي يمكن كسرها بسهولة· فقد صُمم لون ورائحة ومذاق العنب خصيصاً ليعجب الإنسان· لنتأمل البطيخ الأحمر· تنشأ هذه الفاكهة المليئة بالماء من أرض جافة عندما يكون الإنسان بأمس الحاجة لها في فصل الصيف· لنتفحص رائحة البطيخ الرائعة ومذاقه اللذيذ من وجهة نظر خبير من لحظة نشوئه، ثم لنفكر بالعمليات التي تجري في معمل لتصنيع العطور، من صنع الرائحة إلى الاحتفاظ بها، ولنقارن نوعية منتج المعمل ورائحة البطيخ· يقوم الناس عند صنع الروائح بإتباع قواعد تحكم جودة النوعية كل الوقت لكن لا حاجة لأي تحكم بالنوعية للحفاظ على روائح الفاكهة· البطيخ الأحمر والأصفر والبرتقال والليمون والأناناس وجوز الهند لها نفس الرائحة الفريدة أينما وجدت في العالم بدون استثناء· لا تشبه رائحة البطيخ الأصفر رائحة البطيخ الأحمر أبداً وكذلك لا تشبه رائحة اليوسفي تلك للفريز على الرغم من أن جميعها تنشأ من نفس التربة لكن روائحها لا تمتزج أبداً، فهي تحتفظ بشذاها الأصلي دائماً· لندرس الآن تركيب هذه الفاكهة بتفصيل أكثر· تحتفظ الخلايا الإسفنجية للبطيخ الأحمر بكميات كبيرة من الماء ولهذا السبب يتألف قسم كبير من البطيخ الأحمر من الماء، لكن هذا الماء لا يكمن في مكان واحد فهو موزع بالتساو في(1/70)
جميع أجزاء البطيخة· إذا أخذنا بعين الاعتبار قوة الجاذبية يجب أن يتركز معظم الماء في الجزء السفلي من الفاكهة بينما يكون الجزء العلوي جافاً ولبياً، في حين لا يحدث شيء من هذا في البطيخ الأحمر حيث يتوزع الماء بشكل متساوٍ داخله وينطبق ذات الشيء بالنسبة للسكر والمذاق والرائحة· لا يوجد أي خطأ في وضع البذور بشكل صفوف· كل بذرة تحمل شيفرة البطيخ الأحمر التي ستنقلها معها لأجيال أخرى بعد آلاف السنين· كل بذرة مغطاة بطبقة خاصة لحمايتها· أُعد هذا التصميم المثالي بهدف منع أي أذى للمعلومات الموجودة داخل البذرة· الغلاف لا قاسٍ ولا ليّن بل فيه كمية كافية من القساوة والمرونة· هناك طبقة ثانية تحت الغلاف الخارجي مباشرة ومناطق اجتماع الأقسام العلوية والسفلية واضح وهي مصممة خصيصاً لكي تتشبث بها البذور· تُفتح البذرة بفضل هذا التصميم فقط عند الظروف المناسبة من الحرارة والرطوبة، وينبت القسم الأبيض المسطح في البذرة لاحقاً ليتحول إلى ورقة خضراء· لنتأمل تركيب قشرة البطيخ الأحمر· الخلايا هي التي تجعل هذه القشرة ناعمة ومغطاة بطبقة شمعية·تتخلى كل خلية من الخلايا عن نفس الكمية من المادة الشمعية في القشرة ليتشكل الغطاء الشمعي، بالإضافة إلى ذلك ما يجعل القشرة ناعمة ومدورة هو كمال تصميم خلايا البطيخ الأحمر لهذا السبب يجب أن تعرف كل خلية مكانها وإلا لن يكون هناك نعومة وشكل دائري خارجي للبطيخ الأحمر· كما نرى هناك انسجام دقيق بين الخلايا التي تكّون البطيخ الأحمر· يمكننا أن ندرس كل النباتات الموجودة في العالم بنفس الطريقة· سنصل إلى استنتاج أن النباتات صُممت من أجل البشر والكائنات الحية الأخرى· جعل الله رب العالمين النباتات طعاماً لجميع الكائنات الحية وخلقها بمذاقات وروائح مختلفة يقول في كتابه العزيز: وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ . سورة(1/71)
النحل :13وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الخُرُوج . سورة ق:9-11لماذا تكون النباتات باردة؟ لا تتدفأ نبتة وقطعة حجر في نفس المكان بنفس درجة الحرارة، بالرغم من أنهما تستقبلان نفس الكمية من الطاقة الشمسية· سيتأثر كل مخلوق حي بشكل سلبي إذا بقي لفترة طويلة معرضاً للشمس· إذن ما الشيء الذي يجعل النباتات تتأثر بالحرارة في حدها الأدنى؟ كيف تتدبر النباتات هذا؟ لماذا لا يحدث شيء لها في الحرارة العالية حتى لو احترقت أوراقها تحت ضوء الشمس خلال الصيف؟ تأخذ النباتات الحرارة من الجو الخارجي بمعزل عن تدفئتها الداخلية وتحافظ على توازن درجات الحرارة في العالم، وعند قيامها بعملية الاحتباس الحراري هذه تتعرض هي نفسها لهذه الحرارة· كيف يمكن للنباتات أن تستمر بأخذ الحرارة من الخارج بدلاً من أن تتأثر بالحرارة المتزايدة؟ من الطبيعي أن تحتاج النباتات لماء أكثر من الكائنات الحية كونها تحت الشمس دائماً، وتفقد النباتات الماء أيضاً بتعرق أوراقها· كما لمسنا في أقسام سابقة لكي تمنع النباتات فقدان الماء هذا تكون أسطح أوراقها التي تتوجه دوماً للشمس مغطاة بطبقة شمعية غير نفوذة للماء تعرف بالبشرة المتصلبة· مإذا عن ما تحت سطح الأوراق؟ لأن النباتات تفقد الماء منها أيضاً فالمسام التي تكون عادة في أسفل السطح عملها نشر الغازات حيث ينظم فتح وإغلاق المسام امتصاص النبات لغاز ثاني أكسيد الكربون وطرحه للأكسجين، لكن ليس بطريقة تؤدي لفقدان الماء· بالإضافة إلى ذلك تبدد النباتات الحرارة بطرق مختلفة· هناك آليتين هامتين لتبديد الحرارة في النباتات· أولها إذا كانت حرارة الورقة أعلى من محيطها يدور الهواء من الورقة باتجاه الخارج· تؤدي تغيرات الهواء الناشئة من(1/72)
توزيع الحرارة إلى ارتفاع الهواء الساخن تاركاً سطح الورقة الذي يهبط عليه الهواء البارد لأنه أكثر كثافة من الهواء الساخن؛بهذه الطريقة تُخفض درجة الحرارة وتتبرد الورقة· تستمر هذه العملية طالما كانت حرارة الورقة على السطح أعلى من الخارج· لا يتغير هذا الوضع أبداً في البيئات الجافة جداً مثل الصحراء· أما الآلية الثانية التي تقوم بها النباتات لتبديد الحرارة فهي التعرق حيث تتعرق الأوراق بطرح بخار الماء الذي يساعد على تبريد النبات· صممت أنظمة التعرق هذه لتناسب الظروف التي يعيش فيها النبات· يمتلك كل نبات الأنظمة التي يحتاجها· هل من الممكن أن يأتي نظام التعرق الفائق التعقيد بالصدفة؟ لكي نجيب على هذا السؤال لننظر إلى نباتات الصحراء· تكون أنسجة نباتات الصحراء غالباً كثيفة جداً ولبية، وقد صممت لتحافظ على الماء لا أن تبخره لأنه في الصحراء ليس بالإمكان تعويض الماء المفقود· على الرغم من أن النباتات يمكنها أن تبدد الحرارة بكلا الطريقتين إلا أنها هنا تستخدم طريقة واحدة فقط هي الوحيدة التي تبقيها على قيد الحياة· يتناسب تصميم نباتات الصحراء مع الظروف الصحراوية· من المستحيل أن نفسر هذا على أنه مصادفة· لو لم تمتلك النباتات أنظمة التبريد هذه لكان بقاءها بضع ساعات تحت الشمس مميتاً لها· يمكن لضوء الشمس عند الظهيرة في دقيقة واحدة أن يرفع درجة حرارة سنتيمتر واحد من الورقة حتى 37 درجة مئوية· تبدأ خلايا النبات في فقدان الحياة عندما ترتفع درجة الحرارة إلى 50-60 درجة مئوية، وبكلام آخر ثلاث دقائق من ضوء الشمس المباشر عند الظهيرة كافية لموت النبات· (43) لكن النباتات محمية من درجات الحرارة القاتلة بواسطة الآليتين المذكورتين أعلاه· إن التبخر الذي يستعمله النبات في تبديد الحرارة هام جداً لجهة تنظيم مستوى الماء في الجو؛حيث يمكّن النباتات من إطلاق مستويات عالية من البخار في الجو بانتظام· يمكن وصف هذا النشاط بأنه(1/73)
نوع من الهندسة المائية· تطلق أشجار في منطقة مساحتها ألف متر مربع من الغابة 7^5 طن من الماء في الجو (44)· تشبه الأشجار المضخات المائية الضخمة التي تمرر الماء من التربة إلى جذوعها ثم ترسله إلى الجو· هذا العمل مهم جداً، إذا لم تمتلك الأشجار هذه الميزة فإن دورة الماء على الأرض لن تحدث كما هي اليوم، مما يعني دمار التوازنات في العالم· يمكن للنباتات أن تمرر أطناناً من الماء عبر أجسامها برغم أن سوقها مغطاة بمادة خشبية جافة، فهي تأخذ الماء من التربة وبعد استعماله في أجزاء متنوعة من المعامل الفائقة التقنية في أجسامها تُرجعه مرة ثانية إلى الطبيعة ماء نقياً؛وأثناء عملها هذا تفصل قسم من الماء الممتص بهدف استخدام الهيدروجين في عملية إنتاج الغذاء· (45(يحدث ما وصفناه على أنه تعرق الأوراق أو الرطوبة الموجودة حيث تعيش الأشجار نتيجة النشاطات الأساسية لبقاء الحياة على سطح كوكب الأرض· ما نراه في عمليات النباتات هو نظام متقن يمكن أن يتوقف لو أُخذ جزء منه بعيداً· ليس هناك شك أن الله الرؤوف الرحيم هو الذي صمم هذا النظام الدقيق ووضعه في النباتات· هُوَ الله الخَالِقُ البَارِئ الُمَصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهوَ العَزِيزُ الحَكِيم . سورة الحشر:24الورقة: أصغر أداة تنظيفلا تقتصر الخدمات التي تقوم بها النباتات للكائنات الحية الأخرى على طرح الأكسجين والماء؛حيث تقوم الأوراق بنفس الوقت بأعمال تنظيف وتنقية متطورة للغاية· تعمل أدوات التنظيف التي نستعملها عادة في حياتنا اليومية نتيجة دراسات طويلة من قبل خبراء وبعد بذل الكثير من الجهد والمال؛وتحتاج هذه الأدوات إلى صيانة تقنية دائمة خلال وبعد الاستعمال، بالإضافة إلى إمكانية ظهور بعض عيوب في الإنتاج التي تنشأ بشكل يومي ووجود الكادر الضروري والحاجة لمعدات أخرى وتجديدها عند الضرورة يعني هذا كله الكثير من(1/74)
العمليات· كما رأينا هناك المئات من التفاصيل لأخذها بعين الاعتبار حتى في أصغر قطعة من معدات التنظيف في حين أن النباتات تعمل نفس عمل هذه الأدوات مقابل ضوء الشمس والماء فقط، وتقوم بنفس خدمة التنظيف هذه بفعالية أكبر، كما أن لا مشكلة لديها من ناحية زيادة الفضلات، لأن الفضلات التي تنتجها بعد تنظيف الهواء هي الأكسجين الذي تحتاجه كل الكائنات الحية!تملك أوراق الأشجار مصافي صغيرة تلتقط الملوثات الموجودة في الهواء· هناك الآلاف من الشعيرات والمسام الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة على سطح الورقة،حيث تلتقط كل سمة من المسام ملوثات الجو وترسلها إلى أجزاء أخرى من النبات لتمتصها· هذه التراكيب على أسطح الأوراق رقيقة جداً بسمك شريط فيلم التصوير، لكن عندما نفكر أن هناك ملايين الأوراق في العالم يصبح من الواضح أن كمية الملوثات المحصورة في الأوراق لا يستهان بها، على سبيل المثال:تلتقط شجرة زان عمرها مائة عام وفيها حوالي نصف مليون ورقة كمية من الملوثات أعلى مما يخمّن المرء· تلتقط مساحة ألف متر مربع من أشجار الدُّلب 3^5 طن من الملوثات أما من أشجار الصنوبر 2,5طن من الملوثات· تسقط هذه المواد على الأرض عند أول هطول للمطر· إن الهواء في غابة تبعد 2 كم عن منطقة مأهولة هو أنظف بسبعين في المائة من الهواء الموجود فيها؛حتى في فصل الشتاء عندما تفقد الأشجار أوراقها تستطيع تصفية ستين بالمائة من الغبار في الهواء· يمكن للأشجار أن تحبس الغبار الذي يزن من 5-10 أضعاف وزن أوراقها:إن معدل البكتيريا أو الجراثيم في منطقة مشجرة أقل بكثير من المنطقة الخاوية من الأشجار (46)· هذه أرقام مهمة جداً· يمكن وصف كل شيء يحدث في الأوراق على أنه معجزة فردية:هذه الأنظمة في الأوراق الخضراء، في التخطيط الرائع للمعمل المجهري البالغ الصغر هي أدلة على خلق الله رب العالمين وأتت ليومنا هذا من مئات الآلاف من السنين بنفس الحالة التامة بدون أي(1/75)
تغيرات أو عيوب· تساقط الأوراق: أمر نلاحظه جميعاًضوء الشمس مهم جداً للنباتات وخاصة للأوراق حيث يُنتج الغذاء· يصبح الهواء مع اقتراب فصل الشتاء أبرد والنهار أقصر والضوء الذي يصل من الشمس للأرض أقل· يسبب هذا النقص تغيرات في النباتات وتبدأ شيخوخة الأوراق أو سقوطها· قبل أن تفقد الأشجار أوراقها تبدأ بامتصاص كل المواد الغذائية في الأوراق وهدفها من ذلك هو منع المواد مثل البوتاسيوم والفوسفات والنترات من الزوال بعد تساقط الأوراق· تتوجه هذه المواد من خلال أنابيب تمر عبر طبقات اللحاء ومركز جذع الشجرة· يسهل جمع هذه المواد في الزيليم أو الجزء الخشبي من الشجرة من عملية هضمها· تُسقط الأشجار أوراقها لأن الماء في التربة يتجمد في الطقس البارد ويصعب امتصاصه، لكن التعرق في الأوراق يستمر بالرغم من الجو البارد· عندما تستمر ورقة في التعرق في وقت تشح فيه المياه تصبح عبئاً على النبات، وعلى أية حال ستتجمد الخلايا في الورقة وتتكسر في أيام الشتاء الباردة لهذا السبب تقوم الشجرة بمبادرة مبكرة وتحرر نفسها من الأوراق قبل حلول الشتاء وبهذه الطريقة لن يضيع مخزونها من الماء· (47(يبدو سقوط الورقة كأنه عملية فيزيائية بحتة لكنه في الواقع نتيجة لتسلسل الأحداث الكيميائية· يوجد في خلايا راحة الورقة خضاباً يدعى فيتوكروم وهو حساس للضوء ويعطي اللون للنباتات· يسمح للشجرة إدراك أن الليالي تطول وبالتالي يقل الضوء الذي يصل للأوراق· عندما يتحسس الفيتوكروم هذا التغير يسبب تغيرات متنوعة ضمن الورقة ويبدأ برنامج شيخوخة الورقة· إحدى علائم شيخوخة الورقة أن الخلايا في راحتها تبدأ بإنتاج غاز الأيثلين ويقوم هذا الغاز بتدمير اليخضور الذي يعطي اللون الأخضر للورقة بكلام آخر تسحب الشجرة اليخضور من الأوراق· يمنع غاز الايثلين انتاج هرمون الأكسين -الذي يساعد على النمو ويؤخر سقوط الأوراق- فتبدأ الورقة بفقدانها لليخضور والأكسين بتلقي طاقة(1/76)
أقل من الشمس وإنتاج كمية أقل من السكر، يظهر علاوة على ذلك الكاروتينويد أو الصبغ الجزراني الذي كان مقموعاً حتى الآن ليعطي الورقة لونها الغني وتبدأ الورقة بتغيير اللون· (48(ينتشر الايثلين بعد فترة وجيزة في كل أجزاء الورقة وعندما يصل إلى سويقة الورقة تنتفخ خلايا صغيرة هناك وتعطي زيادة في الشدة بالسويقة· يزداد عدد الخلايا الموجودة في ذلك القسم من السويقة التي تنضم إلى جذع الشجرة، وتبدأ بإنتاج أنزيمات خاصة· تمزق أنزيمات السلولوز في أول الأمر الأغشية المكونة من السلولوز ثم تمزق أنزيمات البكتيناز طبقة البكتين التي تربط الخلايا ببعضها البعض· لا تستطيع الورقة أن تتحمل شدة التوتر وتبدأ بالانفصال عن الساق· يمكن وصف هذه العمليات التي ذكرناها على أنها توقف إنتاج الغذاء وبدء انفصال الورقة عن الساق· تحدث تغيرات متلاحقة حول الانفصال المتزايد وتبدأ الخلايا بإنتاج مادة السوبرين التي تستقر فوق جدار السلولوز وتقويه· تترك الخلايا وراءها فجوة كبيرة بدل الطبقة الإسفنجية وتموت· (49(يُظهر ما تم وصفه حتى الآن أنه من الضروري حتى تسقط ورقة واحدة من سلسلة من الأحداث المترابطة· تحدد الفيتوكرومات أن هناك نقصاً في الضوء، وتسارع كل الأنزيمات الضرورية لسقوط الأوراق إلى العمل في الوقت المناسب، ثم تبدأ الخلايا بإنتاج السوبرين في مكان انفصال سويقة الورقة، من الواضح ما يتطلب انفصال الورقة من روعة ودقة سلسلة من الأحداث المتصلة· لا يمكن ''للصدفة'' أن تكون تفسيراً لهذه السلسلة من العمليات المخططة التي تتبع بعضها بانتظام ودقة· تعمل خطة سقوط الورقة بأسلوب متقن ودقيق· لا تتلقى الورقة قبل أن تنفصل كلياً عن الجذع أي كمية من الماء من الأنابيب الناقلة لهذا السبب يضعف تشبث الورقة بمكانها تدريجياً، وتكفي أن تهب ريح خفيفة لكي تنقصف سويقة الورقة· توجد في الورقة الميتة التي تسقط على التربة مواد غذائية يمكن للفطور والبكتيريا(1/77)
أن تستفيد منها· تتعرض هذه المواد بواسطة عضويات مجهرية لتغيرات تجعلها تختلط مع التربة، ويمكن للأشجار أن تأخذ هذه المواد مرة ثانية كغذاء من التربة بواسطة جذورها· -----------ساق النبات:نظام نقل لانظيرلهعلى كل نبات من أصغر نبات عشبي إلى أكبر شجرة في العالم توزيع الماء والمعادن التي يحصل عليها من التربة بواسطة جذوره لكل أقسامه بما فيها أطراف الأوراق· هذا عمل هام جداً للنباتات لأن الماء والمعادن حاجة النبات القصوى· يحتاج النبات في كل هذه النشاطات - من ضمنها التركيب الضوئي- بشكل دائم للماء لأن العديد من العمليات الهامة في النباتات يضمنها استخدام الماء· تشمل هذه العمليات:الحفاظ على حيوية وقوة الخلاياالتركيب الضوئي امتصاص المواد الغذائية المنحلة بالتربةنقل هذه الأغذية إلى الأقسام المختلفة ضمن جسم النبات إنتاج تأثير تبريدي على سطح الأوراق في الجو الحار وبهذا تحمي النبات من الأذى· كيف يأخذ النبات المياه وأملاح المعادن من عمق التربة؟ علاوة على ذلك كيف تنشر النباتات هذه المواد التي حصلت عليها بواسطة جذورها وترسلها إلى مناطق مختلفة من أجسامها؟ ما هي الأساليب التي تتبعها عند القيام بهذه العمليات الصعبة؟ يجب ألا ننسى عند الإجابة على هذه الأسئلة أهم نقطة وهي أنه من الصعب رفع الماء إلى ارتفاعات تصل إلى مئات الأمتار· تنفذ هذه العمليات في يومنا هذا بواسطة أنظمة ضخ متنوعة· تستخدم أنظمة النقل في النباتات أيضاً هذا النوع من النظام· اُكتشف وجود نظام خزان الماء هذا في النباتات منذ 200 سنة مضت· لكن لم يفسر أي قانون علمي بدقة هذا النظام الذي يسمح للنباتات بسحب الماء ضد قوة الجاذبية· اقترح العلماء عدداً من النظريات حول هذا الموضوع وعدّوا أكثر نظرية مقنعة هي الصحيحة· كل النباتات مزودة بشبكة توزيع بحيث يمكنها سحب المواد التي تحتاجها من التربة· ترسل هذه الشبكة المواد والماء من التربة إلى المكان الذي هو(1/78)
بحاجة لها بالكميات المناسبة وبأقصر وقت ممكن· تستخدم النباتات أكثر من طريقة لتتدبر هذه المهمة الشاقة وفقاً لاكتشافات العلماء· يحدث نقل الماء والغذاء داخل النباتات بفضل أنابيب نقل مصممة خصيصاً لذلك· نقل الماء- لا يهم حجم النبات في عملية النقل فالأنابيب التي تشكل نظام النقل يتراوح عرضها من حوالي 0,25مم (في السنديان) إلى 0,006مم (في الزيزفون) بعضها مصنوع من خلايا النبات الميتة وبعضها من خلايا النبات الحية (50) لهذه التراكيب التصميم المثالي الضروري لنقل الماء الذي تحتاجه النباتات إلى ارتفاعات تصل إلى مئات الأمتار· يبدأ نظام النقل هذا بالعمل مع الأوراق التي تفقد الماء، ويتحرك مع العمليات التي تحدث في المسام عادة تحت الأوراق لكن في بعض الأنواع فوق سطح الأوراق· يحدث التبخر في الورقة إذا كان مستوى الرطوبة الخارجية أقل من 100% ويُطرح الماء من المسام، حتى لو كانت الرطوبة 99% هذا يعني احتمال نضح سريع للماء من الأوراق ؛مما يجعل النباتات تحتاج إلى تعويض فقدان الماء الذي تفقده نتيجة التبخر من الماء المستمد من التربة· كما رأينا الآليات في الأوراق حساسة لدرجة أن تميز الاختلاف في 1% من مستوى الرطوبة· هذه خاصية هامة جداً عند دراسة أمور أخرى تجري في الأوراق سُيستنتج أن هذه العمليات لم تُعرف أسرارها كاملة بعد حتى بتكنولوجيا اليوم· تطرح هذه العمليات العجائبية التي تجري قي منطقة بالغة الصغر الكثير من الأسئلة· كيف ظهرت الآليات التي يمكنها أن تبدأ العمليات الضرورية بكشف انخفاض يعادل 1% في الرطوبة إلى الوجود؟ من هو مبدع تصميم هذه الآليات؟ كيف ظهرت مثل هذه التقنية-التي لا تزال تعمل بدون خطأ منذ ملايين السنين حتى يومنا هذا- إلى الوجود؟ لم تصمم النباتات بنفسها هذا التصميم، ومن غير المحتمل تدخل أي كائن حي في تركيب الورقة· هناك ذكاء خارق بدون أدنى شك أعطى النباتات كل خواصها التي تمتلكها ووضع هذه الأنظمة(1/79)
في أماكن متناهية الصغر· إن مالك هذا الذكاء هو الله رب العالمين الذي كل شيء بيده· كيف يُنقل الماء من التربة إلى مئات الأمتار علوّا؟ أحد أكثر النظريات المقبولة على نطاق واسع لتفسير كيفية صعود الماء من التربة إلى الأوراق هي نظرية التماسك· إن قوة التماسك هي قوة تنتجها أنابيب النقل في الشجرة المعروفة بالزيليم، تزيد هذه القوة الانجذاب بين الجزيئات التي تكوّن الماء في الزيليم المصنوع من نوعين من الخلايا تدعى القصبات والأوعية وكلاهما تشكلان أنابيب يجري من خلالها السائل· أحد أكثر الخواص اللافتة للانتباه في هذه التراكيب هو انه لحظة وصول الخلايا فرادى إلى شكل وحجم محدد مسبقاً تموت فوراً· هناك سبب هام جداً لهذا فخلال عملية نقل الماء في الأنابيب عليها التحرك بحرية بدون أن تواجه أي عوائق· لكي يحدث هذا يجب تشكيل أنبوب فارغ تماماً· هذا هو سبب اختفاء البروتوبلازما لتترك جدار خلية السلولوز السميك· تتألف شبكة أنابيب الزيليم في النباتات الحية من الخلايا الميتة· (51) معظم القصبات في ساق نبات ما تعرف ب''القصبات المنقرة'' وهي خلايا نحيلة بجدران سميكة وقوية كما تحتوي أيضاً ثقوب صغيرة أو نقرات مكان انضمامها لجيرانها· أحد جانبيها· تشكل مجموعة القصبات سلسلة من الأنابيب على طول الساق مع تقلصات في ثقوب الجدران حيث تتصل خليتان، وتزيد هذه التقلصات من تحمل الأنبوب لانسياب الماء· تعد كل الخواص التي ذكرناها حتى الآن الخطوة الأولى في التأسيس الضروري لنقل الماء عبر النباتات بأسلوب آمن· يجب أن تكون الأنابيب المشكلة من هذه الخلايا قادرة على الصمود أمام الضغط المشكل عند امتصاص الماء· كما رأينا أعلاه يتحقق هذا بواسطة الثقوب بين الخلايا، بعد ذلك يجب ضمان عدم وجود عوائق عند نقل المواد لأن أي عقبة تعترضها في الطريق تنتج عنها سلسلة تفاعلات خاطئة في النظام كله· يحول دون هذا الاحتمال موت الخلايا وتشكيل أنابيب فارغة·(1/80)
إن جدران الخلايا في أنابيب الزيليم سميكة لأن الماء سينتقل عبرها إلى الأعلى عند امتصاصه بضغط معين، وعلى الأنابيب أن تكون قادرة على مقاومة الضغط السلبي القوي· يتشكل نوع من عمود ماء في الأنابيب،ويجب أن تكون شدة التوتر في هذا العمود قوية كفاية لتحمل الماء إلى أبعد نقطة لأطول شجرة معروفة لكي يعيش النبات· يمكن للماء بفضل هذه القوة أن يرتفع إلى 120 متراً كما في شجرة الماموث (52(يصعد الماء من التربة لأنابيب الزيليم بواسطة الجذور· عند هذه النقطة تظهر أهمية الطبقة الداخلية للجذر· توجد بروتوبلاسما في خلايا الجذر وهي تراكيب يشكل الماء النسبة الأكبر فيها والباقي كربون وهيدروجين وأكسجين ونتروجين وكبريت وأحياناً بروتينات تحتوي على الفوسفور والكاربوهيدرات مثل النشاء والسكر والزيوت وأملاح متنوعة؛وهي محاطة بغشاء نفوذ جزئياً مما يسمح لأيونات ومركبات محددة بالمرور عبره بسهولة، كما يسمح هذا التركيب الخاص للجذر بصعود الماء بسهولة· (53(نقل الطعامتتكون الأنابيب اللحائية التي تحمل الغذاء من نوعين مختلفين من الخلايا 1-خلايا منخلية أو مثقبة الجدران تمر عبرها المواد المغذية 2- خلايا مرافقة· كلا النوعين ذو استطالة وشكل مختلف تماماً عن أنابيب الزيليم· يمكن أن يدرك هذا الاختلاف عندما فحص تركيبهما فالخلايا في اللحاء لها جدران رقيقة جداً وهي خلايا حية، بينما الخلايا في أنابيب الزيليم خلايا ميتة· كشفت الأبحاث أن الخلايا المنخلية التي تشكل أنابيب اللحاء هي عديمة النوى· هذا شيء جدير بالاهتمام لأن نواة الخلية هي مركز المعلومات المطلوبة لحفظ عمل الخلية· تفتقد الخلية المنخلية للنواة لأن حجمها الضخم في كل خلية سيعيق انسياب المحلول المغذي، وهنا يأتي دور الخلايا المرافقة:فهي تحتوي على سيتوبلاسما ونوى ظاهرة وهي في الواقع خلايا شقيقة للخلايا المنخلية التي ترافقها· هناك في الواقع مخطط تفصيلي لأنظمة النقل في النباتات،(1/81)
فعمل وتركيب كل خلية مختلف· يخطر للذهن أمام هذه التفاصيل السؤال التالي:كيف توضعت جميعها في هذه المنطقة الصغيرة الحجم؟ من المستحيل لمثل هذا النظام أن يحصل بالصدفة· هذا النظام نتيجة تخطيط معدّ خصيصاً· لنرى كيف أن هذا النظام المعقد الفريد لم يكن نتيجة أي صدفة بأن نسأل بعض الأسئلة· ما هو توقيت أو طريقة حدوث هذا التطور الذي ناقشناه للتو،وبكلام آخر عدم وجود النواة في هذا النوع فقط من الخلايا؟ كيف يمكن للصدف الاستغناء عن النوى في خلايا محددة فقط؟ لنفترض أن الصدف فعلت ذلك:في مثل هذا الوضع هل يمكن للتركيب موضوع النقاش أن ينتظر الصدف عبر آلاف بل ملايين السنين؟ يجب الإجابة على هذا السؤال بشكل واضح· من المؤكد أن ذلك غير ممكن· لو فكرنا يمكننا أن نصل للاستنتاج التالي ما كان سيحدث لو أن الخلايا في أنابيب النبات اللحائية كان لها نوى؟ في هذه الحالة سيموت النبات من أول مرة ينشأ فيها انسداد· هذا يعني اختفاء انقراض النبات وبالتالي اختفاء نوعه كلياً· سيتبين لنا إذا درسنا هذا النظام الموجود في كل النباتات في العالم أن آليات النقل في النباتات لا يمكن أن تكون بمحض الصدفة· كما رأينا هذه الأنابيب ملزمة بامتلاك كل الخواص مجموعة من اللحظة التي نشأت منها إلى وقتنا الحاضر· ليس هناك تطور للنباتات عبر الزمن· علاوة على ذلك لن يكون كافياً للتوازن في هذا النظام المعقد والذي لا عيب فيه أن يكون أتى في أي وقت لأن النباتات وأنابيب الزيليم وأنابيب اللحاء تنمو من جديد كل سنة· يتجدد النظام وكل تراكيبه وخواصه وتراكيب الخلية المميزة وسرعة عمل النظام وتفاصيل أخرى كل سنة بدون حدوث أي خطأ· ما سبب كون الخلايا المستعملة في نقل الغذاء هي خلايا حية على عكس الخلايا التي تنقل الماء؟ إن الاختلاف بين النظامين الموجودين في جسم النبات هو في غاية الأهمية لأنه كي تستطيع المعادن أن تتحرك للأمام في نظام نقل الغذاء يجب أن تعمل الخلايا(1/82)
مباشرة ولهذا السبب تكون حية، لكن الخلايا في نظام الزيليم تعمل فقط كأنابيب نقل للماء الذي يصل للأوراق بواسطة الضغط الداخلي· في حالة نقل النبات للأغذية- كما في نقل الماء-هناك نظريات فقط· أجرى علماء النبات العديد من البحوث حول كيفية عمل هذا النظام، وكانت أكثر النتائج المقبولة هي'' فرضية انسياب الضغط''· حسب هذه الفرضية ينساب الماء والسكر المنحل عبر الأنابيب المنخلية من منطقة ذات ضغط أعلى لمنطقة ذات ضغط أخفض· تصدّر الخلايا في الورقة السكر إلى خلايا اللحاء بنقل فعال· ينصب الماء في خلايا اللحاء بسبب التركيز العالي للسكر مسبباً زيادة ضغط الماء هناك؛وتجبر منطقة الضغط العالي محلول ماء السكر للتحرك إلى خلية لحائية أخرى· بهذه الطريقة يتحرك السكر من خلية لأخرى· (54(سنرى إذا تأملنا بما سبق أن هناك وضعاً استثنائي لكي تفعل الخلايا مثل هذا الشيء· كيف يحدث هذا؟ هل من الممكن للخلايا أن تأخذ القرار بنفسها وتثبّت مستويات السكر؟ بالطبع ليس هذا ممكناً فلا تستطيع الخلايا غير الواعية أن تفعل هذا فهي لا تعرف ما هي حاجات الخلايا الأخرى· تخضع هذه الخلايا في النبات لله ككل الكائنات الحية في الكون وتعمل بوحي منه· يكشف الله هذه الحقيقة في إحدى آياته: · · مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذُ بِنَاصِيتِهَا · · · سورة هود:56بنية الساقيقع توزيع المعادن التي تأخذها الجذور من التربة على عاتق الساق حيث توزع المعادن إلى المناطق التي بأمس الحاجة إليها بأفضل طريقة، على سبيل المثال:يجب أن يكون هناك كالسيوم في ساق الورقة؛ لأن الساق كحامل للأوراق والأزهار تحتاج إلى تركيب مقاوم بينما هناك كالسيوم أقل في البذرة· إن مخطط نظام النقل الدقيق في النباتات-الذي لم يكتشف كلياً بعد- هو نتاج تصميم مدرك كلياً· بمعنى آخر إنه عمل مصمم يمتلك ذكاء خارقاً ومعرفة عالية وهو دون شك الله رب العالمين العالم بخلقه وحاجاتهم· أَلاَ يَعْلَمُ(1/83)
مَنْ خَلَقَ وَهوَ اللَّطِيفُ الخَبِيُر . المُلك:14مأزق التطوريين فيما يتعلق بأنظمة نقل الغذاءيدّعي التطوريون أن كل الأنظمة الموجودة في النباتات وصلت لحالتها الكاملة كنتيجة لمصادفات غير مُتحكم بها عبر ملايين السنين، ووفقاً للتطوريين أنه لسبب ما لم يحدث شيء للنباتات أثناء انتظارها لهذه العمليات كي تتم· لم يمت النبات عند حدوث المصادفة؛ تلو المصادفة لأنه كان غير قادر على إنتاج غذائه في المراحل المتتابعة ولم يجف من نقص الماء بل استطاع أن يبقى على قيد الحياة على الرغم من كل ما سبق لملايين السنين!يكفي تركيب نظام النقل من بين كل الأنظمة المعقدة التي تملكها النباتات لوحده لإثبات أن نظرية التطور لا معنى لها· ستؤخذ ادعاءات التطوريين حول هذا الموضوع من القسم الذي يتحدث عن انهيار علم الأحياء المجهري لنظرية التطور· كل الخواص التي تم تعدادها حتى الآن هي خطوط عامة للبنية التحتية الضرورية للعمل التام لأنظمة نقل الماء والغذاء· هذه الآليات المعقدة -درسنا خواصها العامة دون الدخول في التفاصيل- هي دون شك عمل خارق وذكاء لا يضاهى· هناك قنوات لنقل الماء مكونة من خلايا مختارة خصيصاً عليها أن تقاوم الضغط الناتج عن سحب الماء· على هذا التركيب أن يكون بدون بروتوبلاسما لسهولة نقل الماء· من ناحية أخرى على الخلايا الناقلة للغذاء أن تكون حية وأن يكون لديها سيتوبلاسما لنقل الغذاء· إذن من أحدث نظام نقل الماء والغذاء في النباتات بأدق التفاصيل؟ هل هي النباتات؟ كيف يمكن للنباتات المكونة من قنوات نقل الماء، والأوراق التي تقوم بعملية التركيب الضوئي، والأغصان، والغلاف الخارجي أن تنشئ البنية التحتية لعملية النقل دون معرفة الخواص الفيزيائية للماء وأنظمة الضغط وكل التفاصيل الأخرى؟ وكيف يمكن لأنابيب نقل الغذاء أن تجد أفضل نظام لحمل السكر دون معرفة تركيبته؟ يمكن أن يزيد عدد هذه الأسئلة لكن هناك جواب واحد لها جميعاً· من(1/84)
المحال للنباتات أن ''تُنشئ'' أو ''تُصمم'' أو ''تَجد'' مثل هذه الأنظمة الكاملة، فليس للنباتات إرادة· لم تُشكل النباتات هذه الأنظمة الدقيقة التي لم يقدر العلماء على الرغم من جهودهم الحثيثة على فهمها كلياً، ولم تظهر نتيجة المصادفة· وضع الله كل هذه الأنظمة بالطريقة المطلوبة في خلايا النبات وخلق النباتات والماء والغذاء· ربنا الذي خلق كل شيء كاملاً يظهر نفسه بأحلى صورة وبأحسن تكوين· -----------الخواص الفريدة للنباتاتقدرة قياس الوقت هي قدرة لا يتوقع المرء أن يراها في كائنات حية غير الإنسان، ويعتقد المرء أنها مقصورة على الإنسان لكن النباتات والحيوانات تمتلك آلية لقياس الوقت أو ما يعرف ''بالساعة البيولوجية''· الساعة البيولوجية في النباتاتشاهد عالمان في ألمانيا هما ايرفين بوينينغ وكورت ستيم أثناء دراسة في العشرينيات لحركة أوراق نبات الفاصولياء أن النباتات تحرك أوراقها باتجاه الشمس خلال النهار وتتجمع أوراقها بشكل عامودي تقريباً في الليل وتتخذ وضع النوم· لاحظ الفلكي الفرنسي جاك دو روتوس دو ماريان قبل حوالي 200 سنة من نشر هذين العالمين لمكتشفاتهما أن النباتات تمتلك مثل هذا التناغم المتواتر أثناء النوم· أظهرت التجارب في بيئة مظلمة مع التحكم بدرجة الحرارة والرطوبة أن هذا الوضع لا يتغير وأن النباتات تحوز داخلها أنظمة لقياس الزمن· تختار النباتات في الظروف الطبيعية أوقاتاً معينة لتقوم بنشاطات محددة وتفعل ذلك بالتوازي مع تغيرات ضوء الشمس؛ولأن ساعاتها الداخلية متوافقة مع ضوء الشمس فإنها تتم نشاطاتها المتناغمة في 24 ساعة وفي حالات أخرى هناك نشاطات لمدة أطول· (55(مهما دام طول الحركات المتناغمة هناك نقطة واحدة لا تتغير· تحدث هذه التغيرات لضمان حياة النبات وبقاء الأجيال القادمة ودوماً بأنسب وقت، ولكي تكون ناجحة هناك عدة عمليات معقدة يجب أن تتم بدقة· تتفتح الأزهار في معظم النباتات على سبيل المثال(1/85)
في وقت معين من السنة أي بأفضل وقت ممكن· تحسب ساعات النباتات -التي تنظم هذا الوقت- أيضاً مدة تعرض الأوراق لضوء الشمس· تحسب كل ساعة بيولوجية للنبات هذه الفترة وفقاً لميزات النبات الخاصة· نتيجة البحث في تنظيم الوقت في فول الصويا شوهد أنه مهما كان وقت بذار حب هذه النباتات فأزهارها تتفتح في نفس الوقت من السنة· تستخدم النباتات هذا الإحساس بالتوقيت في الكثير من أعمالها وليس فقط لتفتح أزهارها· مثال:ينثر نبات الخشخاش غبار طلعه بتزامن مع الأيام والساعات التي تنتشر فيها حاملات اللقاح وتختلف الأيام والساعات من نبات لآخر، ينثر كل نبات غبار طلعه بطريقة يضمن فيها أفضل النتائج· تنثر أزهار الخشخاش غبار طلعها في شهري تموز وآب بين الساعة الخامسة والنصف والعاشرة صباحاً وهو الوقت الذي تخرج فيه النحل والحشرات الأخرى بحثاً عن الطعام· على الزهرة أن تتضمن في حساباتها ليس خواصها فقط بل تلك للكائنات الحية الأخرى بأدق التفاصيل· وعلى النبات أن يعلم بدقة موعد ظهور الكائنات التي ستخصبه وطول الرحلة التي ستستغرقها وأوقات طعامها· يخطر ببالنا بعض الأسئلة في مثل هذا الوضع:أين تكمن ساعة النبات-التي تملك كل هذه ''المعلومات''-التي تقوم بالحسابات الضرورية وتحليل خواص كل الكائنات الأخرى وتعمل بطريقة تَذُكر مشابهة لمركز كمبيوتر؟ يعتقد العلماء أن الساعات البيولوجية في الكائنات الحية غير النباتات أتت عادة إلى الوجود بتأثير الغدة النخامية· لكن لا يزال مكان توضع نظام قياس الوقت الدقيق في النباتات لغزاً بالنسبة لهم· يشير هذا بوضوح إلى ذكاء خارق وقوة تنشئ وتتحكم بتوقيت كل نشاطات النباتات· يظهر لنا الله أدلة على خلقه بقوته الخارقة وذكاءه اللامحدود في كل مكان ويتوقع منا أن نستنتج العبر منها· استراتيجيات الدفاع لدى النباتاتتدافع النباتات عن نفسها ضد أعدائها بطرق معينة، ويختلف هذا الدفاع حسب الأنواع على سبيل المثال:تطرح بعض(1/86)
النباتات إفرازات متنوعة ضد الطفيليات والحشرات وتحارب أعدائها بهذه الطريقة، فهي تستخدم استراتيجيات متنوعة من هذه الإفرازات الكيميائية السامة التي تعدّ سلاحها الأول· على سبيل المثال الغاريقون والخيار لها أطراف سامة تبدأ العمل لحظة الهجوم عليها· مثال آخر:تقوم شجر الدّلب بمساعدة سائل خاص تفرزه أوراقها بتسميم التربة تحت جذعها بشكل نظامي بحيث لا تستطيع حتى عشبة صغيرة أن تنمو فيها، وبالرغم من أن شجرة الدلب تحوي مادة سامة في جسمها إلا أنها لا تتأذى منها· ليس للنباتات أرجل لتهرب بها إذا هوجمت أو أعضاء لتحارب بها لكن لديها آليات دفاع عديدة بمواجهة أعدائها غير طرح الافرازات، هناك حتى اتصال بين هذه الآليات· تطرح بعض النباتات إفرازات من موضع قضمها بشكل يؤذي نظام الهضم للحشرة المهاجمة أو يعطيها شعور مزيف بالشبع، وبنفس الوقت تفرز الورقة نوعاً من الأسيد يعرف بأسيد الجاسمونيك من الموضع المتضرر وبهذا تنذر الأوراق الأخرى لكي تتحفز للدفاع· تستخدم نباتات الذرة والفاصولياء الدبابير الطفيلية كمرتزقة لديها فحين يزور اليسروع أوراقها تجذب هذه النباتات الدبابير إلى موقع اليسروع بفرز رائحة خاصة· تضع الدبابير يرقاتها على اليساريع التي هاجمت النبات، وتسبب يرقات الدبابير بنموها موت اليساريع وبالتالي يتم إنقاذ النبات· تحتوي بعض النباتات على أليلات كيميائية أي مركبات سمية موهنة في تراكيبها لها تأثيرات في بعض الأحيان جذابة للحيوانات والحشرات وفي بعض الأحيان مخيفة وفي أحيان أخرى تسبب رد فعل تحسسي وأحياناً قاتلة· تتجنب الفراشات مثلاً النباتات من الفصيلة الصليبية (فصيلة من ذوات الفلقتين) كالخردل، ولا تقترب من نبات الخلنج لأن أزهاره تحوي مادة سامة تدعى سينغرين في آلية دفاعها، لهذا السبب تطوف الفراشات بحثاً عن طعامها بين النباتات الخيمية الازهرار لأنها تعلم أنها لا تحمل سماً· كيف تعلّمت الفراشات أن تميز الفرق(1/87)
بين النباتات؟ سؤال ينتظر إجابة· من المستحيل للفراشة أن تكون تعلمت التمييز بالخبرة لأن تذوق النبات يعني موت الفراشة، في هذه الحالة لا بد أن الفراشة أخذت المعلومات بطريقة أخرى· استراتيجية دفاع نباتات القيقب وبالأخص قيقب السكر لحماية أوراقها وبراعمها من أذى الكائنات الحية هو عادة أكثر تأثيراً وفعالية من المبيدات الحشرية التي ينتجها الإنسان· على الرغم من أن قيقب السكر فيه ماء محلى في جذعه فهو يرسل مادة تدعى ''تانين'' إلى أوراقه وهي تُمرض الحشرات· تصعد الحشرات التي أكلت الأوراق التي تحوي التانين إلى الأوراق التي توجد في أعلى النبات لأنها تحوي نسبة أقل من التانين لتهرب، يتم اصطياد الحشرات التي تطير إلى هناك من قبل الطيور التي تتواجد في أعلى الأوراق غالباً· يتم اتقاذ قيقب السكر بفضل هذه الاستراتيجية من نهب الحشرات مع أقل أذى ممكن· (56(كرمة الآلام في أميركا الجنوبية والوسطى هي نوع مثالي للطعام وأكثر جاذبية ليرقات الفراشات ذات الألوان السوداء والصفراء والحمراء· تضع الأنثى البالغة بيوضها على هذا النوع الخاص من الكرمة، وعندما تفقس صغارها يمكنها أن تبدأ الأكل من هذا الطعام اللذيذ، لكن هناك نقطة هامة جداً تجدر الإشارة إليها وهي أن الفراشات تفحص أوراق النبات بدقة قبل أن تضع بيوضها فإذا وجدت بيوض كبيوضها موضوعة على الكرمة فتبحث عن نبات آخر لأنه قد لا يكون الطعام كافياً· (57( تستفيد كرمة الآلام من طبيعة اختيار الحشرات هذه لتحمي نفسها من الهجوم· وتشكل بعض أنواعها عقد صغيرة خضراء على أوراقها في الأقسام العلوية، وتطور أنواع أخرى علامات صغيرة ملونة تشبه بيوض الفراشات في الأقسام السفلى من الأوراق حيث ترتبط بالغصن· عندما تراها الفراشات تظن أنها بيوض لحشرات أخرى وضعتها قبلها فتترك النبات بدون أن تضع بيوضها عليه وتبدأ بالبحث عن أوراق جديدة· إن كرمة الآلام التي تحمي أوراقها بهذه الطريقة التي لا(1/88)
تصدق هي نبات نشأ من التربة التي يعرفها الجميع ويتألف من غصن جاف وأوراق· لا يملك النبات أي ذكاء أو ذاكرة أو مهارات تعينه· من المستحيل كلياً أن تعرف خواص وطبيعة وشكل بيض حشرة أو كائن مختلف عنها، لكن كما رأينا فإن النبات المعترش يعلم تحت أي شروط ستترك الحشرة وضع بيضها وتتوجه إلى نبات آخر، علاوة على ذلك فهو يبتدع نماذج تشبه تلك البيوض على أوراقه ويقوم ببعض التغييرات· لنفكر ما يجب على نبات الكرمة فعله ليقلد بيوض أي حشرة· إن التقليد هو مهارة تتطلب ذكاء مكتسباً، إذن يجب أن يكون للنبات ذكاء وأن يرى ويفهم شكل البيوض ويخزنها في ذاكرته ثم يطور آلية دفاع بالجمع بين قدرات فنية متنوعة مع هذه الخواص مع بعض التغييرات في جسمه· لا يمكن لأحد هذه الأشياء أن يكون من عمل النبات ولا نتيجة لمصادفات متنوعة· الحقيقة أن الكرمة هذا النبات المعترش ''خُلق'' وهو يحوز هذه الميزات· منحه الله هذا النظام الدفاعي وخطط كل شيء بدقة، هو العالم بكل شيء يحصل في الكون· يذكر الله هذه الحقيقة في الآية التالية من كتابه العزيز:يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلىَ الأَرْضِ · · سورة السجدة:5بعض أمثلة عن نباتات مميزةيبدأ اللوف عندما يكون جاهزاً للتلقيح بطرح رائحة حادة من غاز النشادر· للزهرة تركيب مميز، يتوضع غبار الطلع داخل وأسفل تركيب مورق أبيض وهو غير مرئي من الخارج لهذا السبب لا يكفي أن يطرح رائحة لجذب انتباه الحشرات· عندما يكون غبار الطلع جاهزاً للتخصيب يُدفء اللوف الجزء العلوي والخارجي من الزهرة بالإضافة إلى فرزه للرائحة· تجذب الرائحة والدفء اللذان يحدثان في يوم واحد في ساعات النهار الحشرات· تبين في محاولة للعلماء في محاولتهم كشف كيفية حدوث الرائحة والدفء سوياً أن هناك حامضاً يظهر كنتيجة لتسارع أيض النبات، تُعرف هذه المادة بحامض الغلوتامين تخلق الحرارة والرائحة التي يطلقها النبات كنتيجة لكسره بالعمليات(1/89)
الكيميائية· تأتي الحشرات بفضل هذه المادة للزهرة لكن بحثها لم ينته لأن غبار طلع اللوف في الأسفل في جيوب مغلقة· تكون الزهرة مستعدة لهذا أيضاً فبسبب سطحها الخارجي تتزحلق الحشرات إلى داخلها ولا تستطيع تسلق الجدران الزلقة، في مكان سقوط الحشرات هناك سائل سكري تكونه أعضاء الزهرة الأنثوية، علاوة على ذلك تُفتح الجيوب الصغيرة التي تحوي غبار الطلع في الليل وتقع الحشرات فيها مما يجبرها على قضاء الليلة داخل الزهرة· في الصباح تنحني الأهداب الموجودة على سطح الزهرة إلى الداخل مشكلة سلماً للحشرات لتصعد عليه· حالما تصعد الحشرات السلم وتستعيد حريتها تذهب إلى زهرة أخرى محملة بغبار الطلع لتؤدي مهمتها كملقحات· (58(يمكن لزهرة الآلام بجمالها الأخاذ أن تحارب أعدائها يرقات الفراشات بفضل إبر صغيرة على سطح أوراقها، حيث تدخل هذه الإبر أجسام اليرقات التي فقست حديثاً عند أقل تغير في وضعها· بهذه الطريقة أيضاً تحتاط زهرة الباسيفلورا ضد أي أذى قد تتعرض له من يرقات الفراشات حتى قبل أن تفقس! (59(تصبح بعض الأشياء الجميلة في البيئة مرئية بطريقة أخاذة· تتفتح أزهار السنوبيل -المحمية بالشتاء بتجمدها تحت طبقة من الثلج- في الربيع عند ذوبان الثلج· هذا الكرنفال من الجمال واللون الذي يظهر من الثلج هو أحد أمثلة الكمال والروعة لخلق الله· إن الأحجار التي تراها في الصورة هي في الحقيقة أوراق لبية من نبات مخفي تحت الأرض· إن نبات حجر الصبار ليس صباراً على الإطلاق وعندما لا تكون أزهاره مفتوحة فلا يمكن تمييزه عن الصخور· (60(يمتلك نبات الميموزا بوديكا (نبات حساس) نظاماً دفاعياً مميزاً· عندما يُضغط طرف الوريقات بنعومة خلال ثوان تنطوي إلى جانب ساق الورقة وحتى الساق تتدلى براحة في آخر الأمر· إذا استمر الإزعاج لأوراق النبات فإنه يقوم بحركة ثانية للأسفل مما يكشف الأشواك الحادة للساق وهذا كاف ليجعل الحشرات تترك النبات· يحفز الآلية(1/90)
التي تقوم برد الفعل هذا تيارات كهربائية دقيقة تشبه التي تمر في أعصاب الجسم البشري، بالطبع لا تكون سرعة رد فعل النبات بمثل سرعتنا· يمكن أن تقطع الإشارات الإلكترونية المرسلة عبر الأنابيب التي تحمل النسغ 30سم في ثانية أو ثانيتين· كلما زادت درجة الحرارة والدفء كلما كان رد الفعل أسرع· تنتفخ قاعدة كل وريقة- حيث ترتبط بالساق- بشدة، ويكون داخل الخلايا مملوءً بأحكام بالسائل· عندما تصل الإشارة تفرغ الخلايا الموجودة في النصف الأسفل الماء من داخلها الذي يُنقل سريعاً إلى النصف العلوي، وتنطوي الورقة إلى الأسفل، وهكذا عند مرور الإشارة على طول الساق تنثني الوريقات الواحدة تلو الأخرى مثل خط متساقط من أحجار الدومينو· يضخ النبات خلاياه بعد حركة دفاعية من هذا النوع، وتستغرق الأوراق بضعة دقائق لتفتح مرة ثانية· (61(--------السيناريو الخيالي لتطور النباتيدعي دعاة التطور أن مئات الآلاف من أنواع النباتات نشأت من نبات واحد· لا يستطيع التطوريون أن يقدموا دليلاً علمياً يدعم ادعاءاتهم في هذا الأمر أو غيره من المواضيع الأخرى، لأن النهاية المسدودة التي يجدون أنفسهم عندها بالنسبة للحيوانات والبشر هي نفسها التي يصلون إليها بسيناريو تطور النباتات· أعظم فشل يواجهه المدافعين عن تطور النباتات اليوم هو-بدون شك- عدم قدرتهم على شرح كيفية نشوء خلية النبات الأولى· في الواقع الفشل الذريع للتطوريين في كل موضوع وليس فقط نشوء النباتات هو الإجابة على السؤال كيف نشأت الخلية الأولى· من المعروف أن الخلايا هي تراكيب حية بالغة الصغر تمتلك أنظمة بالغة التعقيد· هناك نقاط عديدة لم يتم فهمها كلياً إلى يومنا هذا بخصوص كيفية عمل هذه الأنظمة· يشبه تركيب الخلية المعقد معملاً ضخماً، إذا فقد منه عضيّ واحد أو اختلف لن تستطيع الخلية القيام بأعمالها، لأن كل عضيّ في الخلية له عمل خاص واتصالات معقدة مع العُضيّات الأخرى· هناك تراكيب معقدة(1/91)
جداً في الخلية بدءاً من خلق الطاقة للأقسام التي تضم كل ما يتعلق بالخلية من معلومات مشفرة إلى أنظمة النقل حيث توصل المواد إلى الأقسام المحتاجة لها إلى أقسام تتجزأ فيها المواد الداخلة وأقسام تنتج الأنزيمات والهرمونات· يظهر العالم ثروب وهو أحد دعاة التطور دهشته أمام هذه التراكيب في العبارة التالية:يؤلف أكثر أنواع الخلايا بدائية ''آلية'' أكثر تعقيداً من أي آلة أخرى تم التفكير بها ناهيك عن التي بنيت من قبل الإنسان· (62) لا يستطيع أحد دعاة التطور الروس وهو العالم ألكسندر أوبارين تجاهل التركيب الرائع للخلية حيث يصف هذا الوضع الذي تجد نظرية التطور نفسها في مأزق أمام تعقيد الخلية:لسوء الحظ تبقى مسألة أصل الخلية من أكثر النقاط غموضاً في نظرية التطور الكاملة (63(من المستحيل تماماً أن تكون الخلية الحية نشأت بالصدفة· كشف العلم في القرن العشرين تعقيد الخلية الذي لا يصدق وأن نشأة تركيب بهذا التعقيد نتيجة الصدفة هو شيء بعيد الاحتمال جداً، علاوة على ذلك لا يزال العديد من أسرار الخلية لم يكتشفه العلم الحديث حتى في بداية القرن الواحد والعشرين، فلا يمكن إنتاج خلية حية أو حتى صناعية في المختبرات المجهزة بأحدث التقنيات المتطورة ولو بُذلت جهود ضخمة لعلماء لهم سنوات من الخبرة· تقودنا خلية حية واحدة إلى استنتاج محدد لا يرقى إليه الشك:أنها نشأت نتيجة لخلق الله الذي يملك الذكاء المطلق والقدرة، كل شيء هو من خلقه بفن بديع لا يقارن واطلاع واسع· في هذا القسم، لن يبحث بالتفصيل موضوع أن الخلية الحية لم تنشأ بالصدفة (لمزيد من المعلومات اقرأ الإعجاز في الخلية -هارون يحيى)· الموضوع الرئيس في هذا الكتاب مخصص لإثبات أن النباتات لم تتطور من خلية جرثومية واحدة كما تدعي نظرية التطور· يدعي التطوريون أنه عند تشكل كوكب الأرض ظهرت خلية جرثومية واحدة بالصدفة وبعد فترة دامت ملايين السنين نشأت من هذه الخلية كل الكائنات(1/92)
الحية :الطيور والحشرات والنمور والخيول والفراشات والأفاعي والسناجب وغيرها· بنفس الطريقة يدعي التطوريون أن عدداً لا يحصى من النباتات نشأت أيضاً من نفس الخلية الجرثومية· سنرى في هذا القسم زيف هذه الادعاءات وحقيقة أنها معتمدة على الخيال وبناء عليه فهي غير علمية· يدعي سيناريو تطور النبات:أن خلية النبات الأولى تطورت من خلية جرثومية ''بدائية''· قبل أن نرى عدم صحة هذا الإدعاء لنتحقق إذا كانت الخلية الجرثومية ''بدائية'' كما يدعي التطوريون· هل الجراثيم التي تراها نظرية التطور على أنها بدائية هي حقاً كذلك؟ الجراثيم هي كائنات حية بالغة الصغر يبلغ طولها واحد ميكرومتر (واحد بالألف من الميليميتر) تتألف من غشاء خلية وخيط من ال DNA فقط· ربما تبدو الجراثيم أبسط بكثير من الكائنات الحية الأخرى مقارنة بالتركيب، لكن هذا لا يعني أنها أشكال بدائية للحياة فداخل هذه الخلايا الصغيرة تحدث عمليات كيميائية حيوية هامة جداً تجعل الحياة مستمرة على الأرض، كما تلعب الجراثيم دوراً مهماً في تركيب نظام تبيؤ الطبيعة في العالم· تفكك بعض أنواع الجراثيم على سبيل المثال بقايا النباتات والحيوانات وتحولها إلى مواد كيميائية أساسية لتستخدمها العضويات الحية وبعضها تزيد خصوبة التربة، وتقوم أنواع أخرى بتحويل الحليب إلى لبن وتنتج فيتامينات ومضادات حيوية ضد الجراثيم المؤذية· هذه بعض المهام التي لا تحصى التي تقوم بها الجراثيم· بالرغم من أن خلايا الجراثيم التي تقوم بكل هذا تبدو بسيطة لكن عند فحصها يتبين عكس ذلك· يحوي الجرثوم حوالي ألفي جين، ويحتوي كل جين على ألف حرف أو(رابطة)، وبالتالي يجب أن يكون طول DNA الجرثوم 2 مليون حرف على الأقل· ماذا يعني هذا؟ وفق هذه الحسابات تساوي المعلومات في DNA لجرثوم واحد ما يعادل 20 رواية بالمتوسط كل رواية فيها 100,000كلمة· (64(سيكون أي تغير في شيفرة DNA الجرثوم مؤذياً ومدمراً لنظام عمل الجرثوم(1/93)
بالكامل· كما رأينا أي خطأ في الشيفرة الجينية للجراثيم يعني أن النظام العامل سيعمل بشكل خاطىء، وبكلام آخر لن تعيش الجراثيم ولن تبقى على قيد الحياة لأجيال ونتيجة لذلك ستنكسر رابطة مهمة جداً في سلسلة التوازنات الايكولوجية وستنقلب رأساً على عقب كل التوازنات في عالم الكائنات الحية· عندما نضع هذه الأمور نصب أعيننا سنرى بوضوح أن الجراثيم ليست خلايا بدائية كما تدعي نظرية التطور· علاوة على ذلك تطور الجراثيم إلى خلايا نباتية وحيوانية (خلايا حقيقية النواة) كما يدعي التطوريون هو شيء يخرق كل قانون كيميائي وفيزيائي وبيولوجي· لم يتخل المدافعين عن نظرية التطور عن الدفاع عنها على الرغم من أنهم يعلمون هذه الاستحالة، حتى أنهم في بعض الأحيان لا يستطيعون كبح رغبتهم في التحدث عن بطلان النظرية· يعترف البرفيسور التركي علي ديميرسوي أحد دعاة التطور المشهورين على سبيل المثال أن خلايا الجراثيم التي أُدعي أنها بدائية لا تستطيع التحول إلى (خلايا حقيقية النواة :(أحد أصعب المراحل التي على نظرية التطور شرحها علمياً هي كيف تطورت العضية والخلايا المعقدة من هذه الكائنات البدائية· لم يتم العثور على أية صيغة انتقالية بين هاتين الصيغتين· تحمل الكائنات ذات الخلية الواحدة أو المتعددة الخلايا كل هذا التركيب المعقد ولم يُعثر على أي كائن أو مجموعة بعضيات ذات تراكيب أبسط شكلاً أو أكثر بدائية (65(ربما يخطر ببالنا السؤال:ماالذي يشجع العالم التطوري البرفيسور علي ديميرسوي ليدلي بهذا الاعتراف الصريح؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال بسهولة عند دراسة الاختلافات الكبيرة في التركيب بين الجراثيم والخلايا النباتية:1 ـ تتألف جدران خلايا الجراثيم من عديد السكريد وبروتين بينما تتألف جدران الخلايا النباتية من السيلولوز وهو تركيب مختلف تماماً· 2 ـ تمتلك الخلايا النباتية العديد من العضيات المغطاة في الأغشية ولها تراكيب معقدة بينما لا(1/94)
يوجد أي عضية في خلايا الجراثيم، هناك فقط ريبوزومات بالغة الصغر تتحرك بحرية لكن الريبوزومات في خلايا النبات أكبر ومرتبطة بغشاء الخلية علاوة على ذلك تركيب البروتين يحدث بطرق مختلقة في هذين النوعين من الريبوزومات (66(3 ـ يختلف تركيب ال DNA في خلايا النبات عن تركيبه في الجراثيم· 4 ـ جزيء ال DNA في خلايا النبات محمي بغشاء ذو طبقتين بينما جزيء DNA في خلايا الجراثيم حر داخل الخلية· 5 ـ يشبه جزيء ال DNA في خلايا الجراثيم حلقة مغلقة بكلام آخر دائري، بينما يكون جزيء ال DNA في خلايا النباتات مستقيماً· 6 ـ يوجد في جزيء ال DNA لخلايا الجراثيم بروتين قليل نسبياً، لكن في خلايا النبات يكون جزيء ال DNA مرتبطاً من أوله لآخره ببروتينات أخرى· 7 ـ يحمل جزيء ال DNA في خلايا الجراثيم معلومات تعود لخلية واحدة، لكن في خلايا النبات يحمل جزيء ال DNA معلومات عن النبات بكامله· على سبيل المثال:كل المعلومات المتعلقة بجذور شجرة فاكهة وساقها وأوراقها وأزهارها وثمارها موجودة بشكل منفصل في ال DNA لنواة خلية واحدة· 8 ـ تقوم بعض أنواع الجراثيم بالتركيب الضوئي لكن على نحو مغاير للنباتات حيث تتكسر لمركبات أخرى وليس كبريتيد الهيدروجين والماء ولا تطلق الهيدروجين· أيضاً لا يوجد في هذه الجراثيم (الجراثيم الزُراقية على سبيل المثال) خضاب اليخضور في حبيبة اليخضور بل يوجد منغمراً في كافة أنحاء أغشية الخلية المتنوعة· 9 ـ تختلف التراكيب الكيمائية الحيوية ل RNA المرسال في خلايا النبات عنها في خلايا الحيوان· (67(يعد الRNA المرسال أهم الأنواع الثلاثة ل RNA لأن الDNA لا يركب البروتين مباشرة، فهو يركب جزيء ال RNA ويقوم ال RNA المرسال الذي يحتوي على المعلومات الضرورية لإنتاج سلاسل الحموض الأمينية عديدة الببتيد بنقلها إلى المكان المخصص ليتم إنتاج الحموض الأمينية والبروتينات· يقوم RNA المرسال بدور حيوي يجعل الخلية قادرة على(1/95)
الحياة، لكن بالرغم من أن RNA المرسال يقوم بنفس الدور الحيوي في الخلايا ذات النواة البدئية والخلايا حقيقية النواة إلا أن تركيبه الكيميائي الحيوي مختلف· تقول مقالة نشرت في مجلة العلمScience :إن الاختلاف في التركيب الكيميائي الحيوي ل RNA المرسال في الخلايا ذات النواة البدئية عنه في الخلايا حقيقية النواة هو صعب الفهم وعويص لدرجة أن الاقتراح بتعاقب الخلايا بدئية النواة إلى خلايا حقيقية النواة يبدو بعيد الاحتمال· (68(يقود الاختلاف في تركيب خلايا الجراثيم وخلايا النبات-الواضح في بعض الأمثلة المذكورة أعلاه- العلماء من دعاة التطور إلى نهاية مسدودة أخرى· على الرغم من أنه يوجد بعض جوانب الشبه بين خلايا النبات وخلايا الجراثيم إلا أن تركيبها مختلف· في الواقع عدم وجود عضيات في خلايا الجراثيم ووجود عدة عضيات مع تراكيب معقدة جداً في النبات يبطل الزعم القائل بأن خلية النبات تطورت من خلية جرثومية· يعترف البرفيسور علي ديميرسوي صراحة بذلك:لم تتطور الخلايا المعقدة من الخلايا البدائية نتيجة عملية تطور· (69(بطلان ادعاءات التطوريين حول هذا الموضوعحاول العلماء التطوريون على الرغم من استحالة تطور خلايا النبات من خلية جرثومية تجاهل هذه الحقيقة ووضعوا عدداً ضخماً من الفرضيات القابلة للمناقشة، لكن الاختبارات أسقطت هذه الفرضيات؛وأشهرها فرضية التكافل الداخلي(تعايش داخلي لمتعضيين غير متشابهين.(وضعت هذه الفرضية لين مارغوليس في عام ·1970 تدّعي مارغوليس في كتابها''أصل الخلايا حقيقية النواة'' أنه نتيجة للتشارك الطفيلي لحياة خلايا الجراثيم تحولت هذه الخلايا إلى خلايا نباتية وحيوانية، ووفقاً لهذه النظرية نشأت خلايا النبات بإبتلاع خلية جرثومية لخلية جرثومية أخرى تتحسس التركيب الضوئي· تطورت الخلية المُبتلعة داخل الخلية الجرثومية إلى حبيبة يخضور وأخيراً تطورت العضيات مثل النواة والنسيج الشبكي للهيولى الداخلية(1/96)
والريبوزومات وتراكيب معقدة بهذه الطريقة إلى خلايا نباتية· كما رأينا أن فرضيات التطوريين هذه هي محض خيال· بالرغم من طبيعتها القصصية الخيالية كان من المهم من وجهة نظر التطوريين أن يُقدم هذا السيناريو· كان على التطوريين أن يفسروا كيف حدثت التفاعلات الأكثر حيوية مثل التركيب الضوئي في خلية النبات· ظهرت نظرية مارغوليس متقدمة على نظيراتها من الادعاءات لأنها كانت مبنية على ميزة تملكها الخلية لهذا السبب رأى العديد من العلماء التطوريين في نظرية مارغوليس مخرجاً للنهاية المسدودة التي وصلوا إليها· دافع دعاة التطور عن هذه النظرية المبنية على أحد ميزات تملكها خلايا النبات· إذا اُعتبرت هذه الميزة لوحدها- دون الأخذ بعين الاعتبار الخلية بكاملها- فهي كانت مفيدة جداً لخداع الناس الذين لا معلومات لديهم حول هذا الموضوع، لكن نقدها العلماء الذين أجروا بحثاً مهماً جداً على هذا الموضوع ونذكر منهم : د· للويد، غاري ودوليتل، راف وماهلر· (70(تعتمد ميزة نظرية التكافل الداخلي على حقيقة أن حبيبات اليخضور في النبات تحتوي على DNA خاص بها يختلف عن ال DNA في الخلية الأم، لذلك اُقترح انطلاقاً من هذه الميزة أن الميتوكوندريا وحبيبة اليخضور كانتا خليتين منفصلتين بما أن حبيبات اليخضور تمت دراستها بالتفصيل يمكننا أن نرى أن هذا الإدعاء هو سيناريو لا غير، أما النقاط التي تدحض فرضية التكافل الداخلي لمارغوليس فهي:1 ـ إذا كانت حبيبات اليخضور مُبتلعة من قبل خلية كبيرة فهي كانت خلايا مستقلة في الماضي، هذا ينتج عنه حصيلة واحدة هي:أن هضمها من قبل الخلية الأم واستخدامها كطعام، لأنه حتى إذا افترضنا أن الخلية الأم أخذت هذه الخلايا من الخارج بالخطأ بدلاً من الطعام فإن الأنزيمات الهاضمة في الخلية الأم ستهضمها· يتخطى بعض التطوريين هذا الوضع بقولهم:''اختفت الأنزيمات الهاضمة'' إذا فمن المحتم عليها أن تموت لأنها لا تتغذى· 2 ـ لنفترض(1/97)
ثانيةً أن كل هذه المستحيلات حدثت وأن الخلية التي يُدعى أنها هي السلف لحبيبة اليخضور تم ابتلاعها من قبل الخلية الأم· في هذه الحالة سنواجه مشكلة أخرى: إن مخططات كل العضيات داخل الخلية مشفرة في ال DNA. إذا كانت الخلية الأم ستستخدم خلايا أخرى ابتلعتها كعضيات آنئذٍ من الضروري لكل المعلومات عنها أن تكون موجودة في DNA خاصتها، وعلى DNA الخلايا المبتلعة أن يحوي معلومات تعود للخلية الأم وكون هذا الوضع مستحيل فليس ممكناً للخلية الأم وDNA التابع لها ولا DNA التابع للخلية المبتلعة أن ينسجما مع بعضهما بعد ذلك· 3 ـ هناك انسجام كبير في الخلية· لا تعمل حبيبات اليخضور بمعزل عن الخلية التي تتبع لها فهي تعتمد أثناء تركيب البروتين على DNA النووي للخلية ولا تستطيع أن تقرر التضاعف بنفسها· لا توجد حبيبة يخضور واحدة وميتوكوندريا واحدة فقط في الخلية، هناك أكثر من واحدة ويزداد عددها أو ينخفض تبعاً لنشاط الخلية كما تفعل العضيات الأخرى· إن وجود DNA في أجسام هذه العضيات مفيد جداً للتضاعف· عند انقسام الخلية ينقسم العدد الضخم لحبيبات اليخضور أيضاً، ويحدث انقسام الخلية في وقت أقصر وبشكل سريع· 4 ـ تعد حبيبات اليخضور مولدات للطاقة وذات أهمية حيوية أساسية لخلية النبات· إذا لم تنتج العضيات الطاقة فالكثير من الوظائف في الخلية لن تعمل مما يعني موت الكائن الحي· يقوم بهذه الوظائف المهمة للخلية البروتين المركب في حبيبة اليخضور لكن DNA حبيبة اليخضور لا يكفي لتركيب هذه البروتينات حيث يتم تركيب القسم الأكبر من البروتين باستخدام DNA في نواة الخلية· (71)ما هي التأثيرات التي ستحدثها التغيرات في DNA بينما يحاول أن يصنع انسجاماً بالمحاولة والخطأ؟ سيعطي أي تغير يحصل في جزيء ال DNA الكائن الحي ميزة جديدة لكن النتيجة ستكون مؤذية حتماً· يشرح ماهلون ب· هوغلاند في كتابه جذور الحياة هذا الوضع على الشكل التالي:نتذكر ما تعلمناه أن(1/98)
كل تغير في DNA العضوية هو ضار لها، أي يؤدي إلى تخفيض قدرتها على البقاء حية· على هذا القياس لن يؤدي إضافة جمل عشوائية لمسرحيات شكسبير لتحسينها على الأرجح! وينطبق هذا عند حدوث تغير في DNAسببه طفرة أو بعض الجينات الغريبة التي أضفناها عمداً فتغيرات DNA مؤذية وضارة لأنها تنقص فرص الحياة· (72( ... لا تعتمد الادعاءات التي قدمها التطوريون على التجارب العلمية ونتائجها لأن شيئاً مثل جرثومة تبتلع أخرى لم يلاحظ أبداً· يصف العالم وايتفيلد وهو أحد دعاة التطور هذا الوضع بقوله:التئام الخلايا البدئية النواة هي الآلية الخلوية التي تعتمد عليها نظرية التسلسل التكافلي· إذا لم تبتلع خلية بدئية النواة خلية أخرى فمن الصعب التخيل كيف يتم التكافل (التعايش)· لسوء حظ مارغوليس ونظرية التسلسل التكافلي لا يوجد أمثلة حديثة عن وجود التئام خلوي أو تعايش · · · (73(أصل التركيب الضوئيفي الواقع كل المستحيلات التي درسناها حتى الآن كافية لإثبات بطلان سيناريو تطور النباتات، لكن هناك سؤالاً واحداً يُسقط ادعاءات التطوريين بدون الحاجة لكل هذه التفسيرات:كيف نشأت عملية التركيب الضوئي التي لا يشبهها شيء في العالم؟ وفقاً لنظرية التطور لكي تقوم بعملية التركيب الضوئي ابتلعت خلايا النبات خلايا جرثومية يمكنها البدء بعملية التركيب الضوئي وحولتها إلى حبيبات يخضور· كيف تعلمت الجراثيم القيام بعملية التركيب الضوئي المعقدة؟ ولماذا لم تقم بها قبل ذلك؟ ليس لدى نظرية التطور أي جواب علمي لهذا السؤال كغيره من الأسئلة السابقة· لنلق نظرة على كيفية إجابة نشرة تطورية عن هذا السؤال:تقترح فرضية غيّري التغذية أن العضويات الأولى كانت غيرية الاغتذاء أي أنها تقتات على حساء الجزيئات العضوية في المحيط البدائي، وعند استهلاكها للحموض الأمينية المتيسرة والبروتينات والشحوم والسكريات أصبح الحساء الغذائي مستنفذاً ولم يعد باستطاعته تغذية العدد المتزايد(1/99)
من العضويات غيرية الاغتذاء فالعضويات التي استطاعت أن تبدل مصدر طاقتها كان لها أفضلية كبيرة باعتبار أن الأرض كانت (ولازالت) مشبعة بالطاقة الضوئية التي كانت تتألف في الواقع من أشكال مختلفة من الطاقة الإشعاعية· إن الأشعة فوق البنفسجية مدمرة لكن الضوء المرئي غني بالطاقة وغير مدمر، وهكذا بينما ازدادت ندرة المركبات العضوية استطاعت العضويات والعضويات المتحدرة منها البقاء حية باستخدامها الضوء المرئي كمصدر بديل للطاقة· (74(يحاول كتاب الحياة على الأرض وهو مرجع تطوري آخر أن يفسر نشوء التركيب الضوئي اقتاتت الجراثيم في البداية على المركبات الكربونية المتنوعة التي احتاج تجمعها لملايين السنين في البحور البدائية، لكن عندما ازداد عدد الجراثيم قلّ الطعام وأصبح نادراً، كان على الجراثيم اختيار مصدر آخر للغذاء ونجح بعضها في النهاية حيث بدأ بتصنيع غذائه الخاص ضمن جدران خلاياه وسحب الطاقة الضرورية من الشمس بدلاً من تناول وجبة جاهزة من البيئة المحيطة· (75(لا تختلف هذه الجمل التفسيرية الخيالية عن القصص الخرافية عند دراستها في ضوء العلم والعقل· في المقام الأول النهاية المحتومة لأي كائن حي لا يجد الغذاء هي الموت، الشيء الوحيد الذي يختلف هو طول المدة التي يستطيع فيها الكائن الحي تحمل الجوع· تبدأ كل وظائف أي كائن حي بالتوقف بعد البقاء بدون غذاء لفترة من الزمن لأنها لا تستطيع الحصول على الطاقة من حرق الغذاء· لا حاجة لأن تكون عالماً لترى هذه الحقيقة، يمكن لأي شخص أن يفهم هذا من ملاحظة بسيطة، لكن يتوقع العلماء التطوريين أن يطور الكائن الحي- الذي توقفت كل وظائفه- عبر الزمن طريقة أخرى ليقتات الغذاء ثم ينفذها بعد ذلك، ويعتقد هؤلاء أنه بإمكان الكائن الحي أن ''يقرر'' تطوير نظام جديد ثم ''ينتجه'' في جسمه· لو حاول العلماء التطوريون أن يقوموا بتجربة وينتظروا ليروا شيئاً كهذا فالنتيجة ستكون واضحة جداً :ستموت(1/100)
الجراثيم بعد فترة وجيزة· هناك معضلة أخرى تواجه العلماء التطوريين الذين يتوقعون أن تنتج الجراثيم طعامها بنفسها هي صعوبة المسعى· أكدنا سابقاً أن عملية التركيب الضوئي تعتمد على أنظمة معقدة جداً، وهي أعقد من كل العمليات المعروفة في العالم ولم تكتشف بشكل كلي حتى في يومنا هذا فهناك العديد من مراحلها لا زال لغزاً محيراً للإنسان· ما يتوقعه العلماء التطوريين من الجرثوم المُحتضر: أن يطور بنفسه هذه العملية- التي لم تتمكن حتى المفاعلات ذات التقنية العالية من إنتاجها صناعياً· يقدم البرفيسور علي ديميرسوي أحد الاعترافات المذهلة بأن عملية معقدة كالتركيب الضوئي لا يمكن أن تكون تطورت عبر الزمن:التركيب الضوئي هو حدث معقد ويبدو أنه من المحال أن يكون قد نشأ في العضية داخل الخلية لأنه من المستحيل أن تكون كل مراحله نشأت في وقت واحد ولا معنى لها إن ظهرت بشكل منفصل· (76(وهناك اعتراف آخر حول هذا الموضوع من هويمر فون ديتفورث أحد دعاة التطور في كتابه ) Im Anfang War Der Wasserstoff في البداية كان الهيدروجين) حيث يقبل بأن عملية(1/101)
التركيب الضوئي لا يمكن أن تُدرس بهذه الطريقة:لا تملك أي خلية القدرة على ''تعلم'' عملية بالمعنى الحقيقي للتعلم في العالم· من المستحيل لأي خلية أن تصل إلى القدرة للقيام بمثل هذه الوظائف كالتنفس أو التركيب الضوئي عند ظهورها للوجود أو في وقت آخر أثناء حياتها· (77(السلف المزعوم لنباتات الأرض: الطحالبإن الطحالب أو أشنيات البحر وفقاً للسيناريو التخيلي للتطور هي أسلاف نباتات الأرض ويقترح أن نشأتها كانت منذ 450 مليون سنة في العصر القديم، لكن المستحاثات التي اكتشفت في السنوات الماضية أسقطت كل سيناريوهات دعاة التطور وشجرة عائلتهم التطورية· اُكتشف في غرب استراليا عام 1980 مستحاثات لحيد بحري عمره يتراوح من 3,1 إلى 3,4 بليون سنة، تألفت من طحالب ذات لون أخضر مزرق وعضويات تُذكر بالجراثيم(78)· خلق هذا الاكتشاف أسوأ نوع من الفوضى للتطوريين لأنه أسقط شجرة التطور الخيالية، يجب أن تكون الطحالب تبعاً لهذه الشجرة قد ظهرت منذ 410 مليون سنة في العصر القديم· هناك نقطة مهمة أخرى أقدم طحلب مُكتشف له نفس التركيب المعقد لطحالب اليوم· قال العلماء الذين يبحثون هذه المسألة:إن أقدم طحالب تم اكتشافها حتى الآن هي أشياء مستحاثية في الفلزات وتعود للطحلب الأخضر المزرق الذي يعود عمره لثلاثة بلايين سنة مضت· مهما كانت هذه الطحالب بدائية إلا أنها تمثل إلى حد ما أشكالاً منظمة ومعقدة للحياة· (79(عند هذه النقطة يسأل المرء التطوريين هذا السؤال:'' كيف تفسر نظرية التطور- التي تدعي أن أشكالاً لا تحصى من نباتات الأرض تطورت من الطحالب في فترة تتراوح من 100 إلى 150 مليون سنة -أن الطحالب التي يعود تاريخها إلى بليون سنة مضت لها نفس تركيب طحالب اليوم؟ '' يتجاهل المدافعون عن نظرية التطور هذا السؤال وغيره من الأسئلة المشابهة ويحاولون تجنب الحقيقة· نهاية مسدودة أخرى لقصة التطور من الطحالب أو أشنيات الماء هي: هل تطور الطحلب ذي(1/102)
النواة البدئية من الطحلب حقيقي النواة أم العكس؟ يختلف التطوريون بين بعضهم حول هذه المسألة· لا يمكنهم أن يقرروا نوع الطحلب· من المفيد عند هذه النقطة أن نطلع على أنواع الخلايا بشكل عام· تشبه الخلايا بدئية النواة الجراثيم بدون عضيات داخلها، بينما الخلايا حقيقية النواة هي خلايا نباتية وحيوانية ولها تراكيب أكثر تعقيداً من الخلايا بدئية النواة· ادعت نظرية التطور في بادئ الأمر أن الخلية حقيقية النواة تطورت من الخلية بدئية النواة، لكن عندما أدرك التطوريون أن ذلك مستحيل غيروا رأيهم وتبنوا العكس، لم تتعد هذه الادعاءات كونها مجرد تخمين· يكتب روبرت شابيرو وهو تطوري معترفاً بالورطة التي وجد التطوريون أنفسهم فيها حول هذه المسألة: الانتقال المفترض من الطحلب بدئي النواة إلى الطحلب حقيقي النواة كان موضع تساؤل لأن الانتقال كان '' مليئاً بالفوضى والتناقض لدرجة أن تجاهله معظم علماء البيولوجيا الحديثين'' وبالتالي تم التخلي عنه· كان الارتباك كبيراً لدرجة أن بعض الباحثين اقترحوا أن الخلايا حقيقة النواة تطورت من الخلايا بدئية النواة بدلاً من العكس· إن المستحاثات دليل واضح· وُجدت الخلايا بدئية النواة في صخور ما قبل العصر الكمبري، ''لكننا لا نعرف زمن أو ظروف وملابسات منشأها'' ملاحظات شابيرو (80(الإدعاء أن الطحلب انتقل إلى اليابسةوتحول إلى النباتات التي نعرفها اليومحسب الأقسام اللاحقة من السيناريو ونتيجة لتيارات البحر تمسكت الطحالب بالشواطىء وبدأت بالتحرك إلى داخل الأرض بالتحول إلى نباتات أرضية بعد ذلك بفترة وجيزة· ما مدى قرب افتراض التطوريين هذا إلى الحقيقة؟ لنلق نظرة· هناك عدداً من التأثيرات التي تجعل من المستحيل للطحلب أن يعيش بعد انتقاله للشاطىء· لنأخذ نظرة موجزة على أهم هذه التأثيرات· 1 ـ خطر الجفاف: لكي يستطيع نبات يعيش في الماء أن يعيش على اليابسة يجب أن يكون سطحه قبل كل شيء محمياً من فقدان(1/103)
الماء وإلا سيجف· النباتات على الأرض مزودة بأنظمة خاصة تحميها من الجفاف· هناك تفاصيل مهمة جداً في هذه الأنظمة على سبيل المثال: يجب أن تسمح هذه الحماية بدخول وخروج الغازات الهامة مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بدون أي عوائق وبنفس الوقت من المهم أن تسمح بالتبخر· إن ظهور مثل هذا النظام الحساس بالمصادفة هو احتمال بعيد جداً في عالم الصدف:إنه مستحيل· إذا لم يكن للنبات مثل هذا النظام لن ينتظر ملايين السنين لكي يطور نظاماً مماثلاً· في هذه الحالة سيجف النبات ويموت· يبيّن تعقيد هذه الأنظمة الخاصة استحالة حصولها بالصدف عبر ملايين أو بلايين السنين· 2 ـ التغذية: تأخذ النباتات المائية الماء والمعادن التي تحتاجها مباشرة من الماء، لا يستطيع طحلب أن يعيش على الأرض دون حل مشكلة الغذاء· 3 ـ التكاثر: لا فرصة للطحالب أن تتكاثر على الأرض بسبب دورة حياتها القصيرة الأمد وبسبب أنها تستخدم الماء لتنثر خلايا التكاثر، إذن لتتمكن من التكاثر على الأرض تحتاج لامتلاك خلايا متعددة أعضاء التكاثر مثل نباتات الأرض بالإضافة إلى أن خلايا التكاثر لنباتات الأرض مغطاة بخلايا تحميها بينما تجد الطحالب نفسها على الأرض غير قادرة على حماية خلايا التكاثر لديها من الخطر لأنها لا تملك خلايا تحميها· 4 ـ الحماية من التأثير المحرق للأكسجين:الطحالب التي يُدعى أنها وصلت للأرض كانت تأخذ الأكسجين بشكل منحل في الماء· ووفقاً لادعاءات التطوريين على الطحالب أن تأخذ الأكسجين في شكل لم تألفه من قبل، بكلام آخر مباشرة من الهواء· كما نعلم للأكسجين في الجو تأثير محرق على المواد العضوية ضمن الظروف الطبيعية، وتملك الكائنات الحية التي تعيش على الأرض أنظمة تحميها من أذى الأكسجين لكن الطحالب نباتات مائية ولهذا السبب لا تملك الأنزيمات التي تحميها من التأثيرات الضارة للأكسجين، إذن عند وصولها للأرض من المستحيل عليها أن تتجنب هذه التأثيرات ولا(1/104)
مجال لانتظارها لمثل هذا النظام أن يتطور، مما يعني أن الطحالب التي تصل للماء ستجف وتموت· عندما يُنظر لإدعاءات نظرية التطور من زاوية أخرى يمكن أن تُرى على أنها ينقصها المنطق، على سبيل المثال:لنتفحص طبيعة البيئة التي تعيش فيها الطحالب· إن الماء الذي يدعي التطوريون أن الطحالب هجرته يقدم امكانات لا تحصى تمكن الطحالب من البقاء حية· مثال:يحمي الماء الطحالب ويعزلها عن الحرارة الزائدة ويزودها بالمعادن التي تحتاجها وبنفس الوقت يسمح لها بأن تصنع موادها الكربوهيدراتية (كالسكروالنشاء) بنفسها من ثاني أكسيد الكربون عن طريق امتصاص ضوء الشمس بالتركيب الضوئي· بالمختصر الماء هو بيئة مثالية للطحالب ولخواصها الفيزيائية وأنظمتها العاملة· بكلام آخر لا حاجة للطحالب أن تترك الماء الذي تعيش فيه براحة تامة وتعيش على الأرض ولا يناسب تركيبها العام الحياة على الأرض· يمكننا أن نشبه هذا الوضع بإنسان يترك كوكب الأرض ويذهب للعيش على كوكب آخر بينما تتوفر له بيئة مثالية للعيش فيها على كوكب الأرض (الهواء والغذاء والجاذبية والعديد من الشروط الأخرى)· الإنسان متكيف بشكل مثالي مع ظروف العالم اليوم لكن عند مغادرته كوكب الأرض للذهاب إلى كوكب آخر لن يستطيع البقاء على قيد الحياة· من المستحيل عليه أن يعيش في مكان آخر كما هو مستحيل على الطحالب أن تغادر الماء وتبدأ العيش على الأرض· المناورة التقليدية للتطوريين أمام هذه الحقائق هي طرح فكرة خيالية بأن الطحالب كيّفت نفسها للحياة على الأرض· بينما من الواضح لأي شخص بذكاء طبيعي عادي أن قرار الطحلب بأن يعيش على اليابسة ويقوم بكل التغييرات الفيزيائية الضرورية ليتمكن من ذلك وبعدها ينتقل للأرض هو شيء مستحيل وخيال غير معقول· من المستحيل حتى على الإنسان- المتفوق على كل الكائنات الحية- الذي يمتلك العقل والإدراك والإرادة أن يُحدث طفرات في جسمه تُمّكنه من العيش في بيئة مختلفة· على(1/105)
سبيل المثال:إذا أراد الإنسان أن يطير من غير الممكن أن يحاول تطوير أجنحة أو يحول رئتيه إلى خياشيم إذا أراد العيش في الماء· موضوع النقاش هو الطحالب التي لا تملك العقل أو الإرادة أو قوة القرار أو الحكمة أو قوة التقييم لتُحدث التغييرات في عضوياتها أو تتدخل فيها· لكن من الممتع أن التطوريين يقعون في اللامنطق بأن ينسبوا هذه الخواص للطحالب في سبيل ولائهم لنظريتهم وبثمن يجعلهم يبدون في منتهى السخافة· كما رأينا ليست للطحالب فرصة في الذهاب إلى الأرض والعيش فيها، فمن اللحظة التي تنتقل فيها إلى الأرض تحتاج إلى آليات عاملة دقيقة لا عيب فيها لتسمح لها بالعيش على الأرض كنباتات الأرض، ولكي توجد هذه الآليات يجب أن تكون المعلومات عنها مسجلة في DNA خاصتها من البداية· يكشف العالم البيولوجي الشهير غريغور ماندل في تجارب قام بها باستخدام النباتات في نهاية القرن الثامن عشر قوانين الوراثة في الكائنات الحية ويكتشف أن خواص النباتات والكائنات الحية الأخرى تنتقل للأجيال اللاحقة بواسطة الكرموزمومات أو الصبغيات· بكلام آخر كل فصيلة من الكائنات الحية تحتفظ بخواصها الذاتية في DNA من جيل إلى جيل· أخيراً الحقيقة التي تظهر مماسبق: أنه مهما مر الزمن ومهما كانت الظروف من المستحيل على الطحالب أن تتحول إلى نباتات أرضية· شجرة التطور الخياليةوصلنا إلى آخر فصل من سيناريو التطور وهو شجرة التطور التخيلية التي تقف خلفها كل المستحيلات واللامنطق الذي شاهدناه حتى الآن· يقسم التطوريون النباتات إلى 29 صنفاً، وإلى مجموعات وعلاقات سلف متحدر· يُدعى أن كل مجموعة تطورت من أخرى وأن الجراثيم هي السلف المشترك للجميع· الأزهار -والأشجار والثمار- بكل ألوانها في الفروع النهائية لهذا الشجرة· هناك جانب مشوق لكل هذا· لا توجد سلسلة واحدة من المستحاثات لإثبات موثوقية وصحة فرع واحد من شجرة التطور هذه التي تراها في معظم كتب البيولوجيا· توجد(1/106)
سجلات كاملة من المستحاثات للعديد من الكائنات الحية في العالم لكن لا توجد مستحاثة واحدة وسيطة بين سلالة وأخرى· هناك أنواع مختلفة تماماً لها أصل وخصوصية ولا رابط تطوري يربط بينها· عبر التطوريون عن المشاكل التي تكتنف هذه المسألة بآرائهم التالية:يقول دانييل أكسيلرود في كتابه تطور الحياة النباتية في العصر القديم:يبدو من الواضح أن خرائطنا النوعية تحتاج لمراجعة شاملة· (81(ويقول تشيستر أرنولد -برفيسور سابق في جامعة ميتشيغان قام ببحث عن مستحاثات النباتات- في الصفحة 334من كتابه مقدمة إلى علم النبات الإحاثي:التطوريون النباتيون في ارتباك وحيرة ليس فقط لشرح ما يبدو أنه نشوء مفاجئ للنباتات المزهرة لكن أصلها أيضاً هو لغز غامض· (82(كما يقول تطوري آخر يدعى رانغانثان في كتابه B. G. Origins? :لا يوجد دليل على تطور حيوانات ونباتات بشكل جزئي في سجل المستحاثات للإشارة إلى أن التطور حدث في الماضي، وبالتأكيد لا دليل على تطور جزئي للحيوانات والنباتات الموجودة اليوم للإشارة إلى أن التطور يحدث الآن· (83(يقول تشيستر أرنولد في كتابه المذكور أعلاهلا نقدر على تتبع التاريخ العرقي لمجموعة واحدة من النباتات الحديثة من بدايتها إلى يومنا الحاضر (84(يقول دانييل أكسيلرود في كتابه تطور النباتات المزهرة في تطور الحياة:لم تعرف بعد المجموعة السلفية التي نشأت منها النباتات كاسية البذور في سجل المستحاثات ولا تشير أي نباتات حية إلى صلة أو رابط سلفي· (85(كشفت مقالة بعنوان '' مستحاثة الطحلب القديم ذات التركيب المعقد'' في مجلة أخبار العلم Science News أنه لا فرق تقريباً بين ما يدعوه التطوريون بالطحلب الحديث اليوم والطحلب الذي عاش منذ بلايين السنين· وجدت مستحاثات للطحلب الأخضر المزرق وللجراثيم في صخور من جنوب أفريقيا يعود تاريخها إلى 3,4بليون سنة· ما يثير الاهتمام أكثر من ذلك أن طحلبPleurocapsalean ظهر أنه مماثل تقريباً(1/107)
لطحلبPleurocapsalean الحديث من نفس الفصيلة وربما من نفس المستوى الجيني· (86(تحمل كل إفادات الخبراء المذكورة أعلاه نفس الرسالة: لا توجد مستحاثة واحدة لنبات بأعضاء أو أنظمة غير كاملة· لا يوجد أي دليل مطلقاً على أن نبات ما كان سلفاً لآخر· لهذا السبب فإن شجرة العائلة التطورية هي ضرب من الخيال وليس له أساس علمي على الإطلاق· ستظهر حقيقة الخلق بوضوح إذا تم الحكم بدون تحيزعلى المستحاثات التي بحوزتنا· يعترف البرفيسور التطوري الدكتور إيلدريد كورنر من جامعة كامبريدج بهذا الوضع في الكلمات التالية:لا أزال أعتقد- بدون تحيز- أن سجل مستحاثات النباتات هو في صالح خلق خاص· من ناحية ثانية إذا وُجد تفسير آخر لهذا التصنيف الهرمي التسلسلي سيكون نعياً لنظرية التطور· هل يمكنك أن تتخيل كيف أن نبتة الأوركيد (السحلبية) أو الطحلب البطي أو النخلة نشأت من سلف واحد وهل لدينا أي دليل لهذا الافتراض؟ على التطوري أن يستعد للجواب لكن باعتقادي أن معظمهم سينهار أمام الاستجواب· (87(لم يستطع إيلدريد كورنر بالرغم من أنه أحد دعاة التطور أن يحجم عن هذا الاعتراف· بالطبع من المستحيل للأنواع التي لا تحصى من النباتات أن تكون قد نشأت من نوع واحد فقط· تملك كل النباتات ميزات خاصة بفصيلاتها، فألوانها ومذاقها وأشكالها وأساليب تكاثرها تختلف من نوع لآخر، بالإضافة إلى هذه الاختلافات تملك النباتات ذات الفصيلة الواحدة نفس الخواص أينما ذهب المرء في العالم· البطيخ الأحمر هو نفسه في كل مكان فلوّنه ومذاقه ورائحته هي نفسها دائماً· الأزهار والفريز والقرنفل وشجر الدّلب وشجر الزيزفون والموز والأناناس والأوركيد باختصار كل النباتات من نفس الفصيلة لها المميزات نفسها في أي بقعة من العالم· تملك كل الأوراق في العالم الآلية التي تقوم بالتركيب الضوئي· من المستحيل لهذه الآليات أن تكون قد نشأت بالصدفة كما يدّعي التطوريون· إذا وضعنا ما سبق بعين(1/108)
الإعتبار فنرى زعم التطوريين أن نفس المصادفات أثرت في كل أجزاء العالم هو أمر غير عقلاني أو علمي· يقودنا كل هذا إلى استنتاج واحد أن النباتات خُلقت مثل كل الكائنات الحية، وهي تملك الآليات نفسها منذ أن ظهرت للوجود· إن التعابيرالتي وظفها التطوريون في ادعاءاتهم مثل:''التطور عبر الزمن، التغيرات المتصلة بالصدف، التكيف نتيجة للحاجة'' تؤكد على هزيمتهم فهي لا تملك أي معنى علمي على الإطلاق· المستحاثات التي تثبت حقيقة الخلقمستحاثات العصر الديفوني (408-306 مليون سنة(عندما ننظر إلى مستحاثات النباتات التي تعود للعصر الديفوني نرى أنها تملك العديد من الخواص التي تملكها النباتات في عصرنا الحاضر، على سبيل المثال الثغيرات والبشرة والجذمور والأكياس البوغية هي بعض التراكيب التي وُجدت في هذه الأوراق· (88) يجب أن يكون النبات محمياً بشكل تام من خطر الجفاف في حالة كونه سيعيش على الأرض· إن البشرة في النباتات هي تركيب شمعي يغطي سوق النباتات وأغصانها وأوراقها لحمايتها من الجفاف، لو لم يملك النبات هذه الطبقة الشمعية لن يكون لديه وقت ليطورها كما يزعم التطوريون· إذا كان للنبات هذه الطبقة سيعيش إن لم تكن سيجف ويموت· كل التراكيب التي تملكها النباتات لها أهمية حيوية كأهمية البشرة· لكي يعيش النبات ويتكاثر عليه أن يملك أنظمة تعمل بدقة كما نراها اليوم· من وجهة النظر هذه تؤكد كل مستحاثات النباتات التي تم اكتشافها وكل النباتات في العالم اليوم أنها تملك نفس التراكيب الدقيقة من لحظة نشأتها إلى اليوم· مستحاثات العصر الكربوني (360-286مليون سنة(أهم ميزة للعصر الكربوني هي اكتشاف العديد من المستحاثات التي تعود لهذه الحقبة من الزمن· لا يوجد فرق بين أنواع النباتات من هذه الحقبة وأنواع النباتات الحية اليوم· وضع تنوع النباتات المكتشف في سجل المستحاثات التطوريين في مأزق آخر بسبب الظهور المفاجئ لكل أنواع النباتات التي تملك(1/109)
جميعاً أنظمة دقيقة تامة· وجد التطوريون طريقة للتخلص من هذه الورطة باختراعهم اسماً يتماشى مع التطور يدعى '' الانفجار التطوري'' بالطبع تسمية هذه الظاهرة بهذا الاسم لم يَحُل مشاكل التطوريين، كما أن هذه المعضلة تركت تشارلز داروين مؤلف نظرية التطور مذهولاً وقد اعترف بهذا:حسب ما يبدو لي لا شيء أكثر غرابة في تاريخ مملكة الخضار من التطور المفاجئ والغير متوقع للنباتات الأعلى· (89(كما رأينا في كل مستحاثات النباتات لا يوجد فرق بين الشكل والتركيب للنباتات في عصرنا الحاضر عن النباتات التي عاشت منذ مئات ملايين السنين· اعتادت النباتات القيام بالتركيب الضوئي منذ بلايين السنين كما تفعل اليوم، وهي تملك أنظمة هيدروليكية قوية لدرجة تصديع الصخور، ومضخات قادرة على نقل الماء الممتص من التربة إلى علو شاهق في الهواء، ومصانع كيميائية تنتج الغذاء للكائنات الحية· خلق الله رب العالمين النباتات ولا زال إلى اليوم· من المستحيل للإنسان- الذي يحاول فهم إعجاز خلق النباتات- أن يخلق ولو نوع واحد من النباتات من العدم حتى باستخدام أعقد الوسائل المتطورة التي تقدمها التقنية الحديثة·ينبهنا الله إلى هذه الحقيقة في سورة النمل:أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَل لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ الله بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلٌونَ. سورة النمل:60خاتمةفي هذا الكتاب الذي يشرح إعجاز الخلق في النباتات تم التوصل لنتيجة هامة مثبتة بالأدلة أن نظرية التطور تعارض الحقائق العلمية وتحاول إيجاد الدعم لمزاعمها عن طريق طرح أفكار خيالية· يعترف التطوريون بهذه الحقيقة من وقت لآخر· يعترف الدكتور <روبيرت ميليكان> أحد دعاة التطور المشهورين والفائز بجائزة نوبل بمأزق التطوريين بقوله:>إن الشيء المحزن هو أن لدينا علماء يحاولون إثبات(1/110)
التطور الذي لم يستطع أي عالم إثباته أبداً.<(101(لا شك أنه ما دفع التطوريين لهذه الاعترافات هو الحقائق التي تتوضح بتطور العلم· أثبتت كل الأبحاث العلمية - التي أجريت على التوازنات الموجودة في الكون أو على الكائنات الحية- أن الكون ظهر للوجود نتيجة لتصميم خاص· إن هدف إعداد هذا الكتاب هو عرض أدلة أخرى على الخلق لتذكير القراء بالمواضيع التي يصادفونها معظم الوقت خلال حياتهم اليومية لكنهم لا ينتبهون لها ولا يفكرون فيها على أنها ''معجزة الخلق''، بالإضافة إلى فتح آفاقٍ جديدة للناس الذين يهتمون بموضوعات محددة فقط طيلة حياتهم ويفكرون في تلبية حاجاتهم فقط ولهذا السبب لا يرون دليل وجود الله· يفتح هذا الكتاب طريقاً هامة ترشد الإنسان إلى خالقه· إن هذه هي أهم قضية يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته· كما يبين الله في آياته أن الذين يستخدمون عقلهم فقط يمكنهم أن يفكروا ويتأملوا ويجدوا طريقهم إلى الله:هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شراب ومنه شجر فيه تُسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لأية لقوم يتفكرون.(1/111)
سورة النحل:10-11خديعة التطوّرإنّ نظرية التّطور أو الداروينية: هي نظرية ظهرت لتناهض فكرة خلق الأحياء، ولكنها لم تتجاوز حد كونها سَفْسَطَة لا تمت إلى العلم بأية صلة، إضافة إلى كونها نظرية بعيدة عن أي نجاح وانتشار· وتدّعي هذه النظرية أن الحياة نشأت من مواد حية بفعل المصادفات، ولكنّ هذا الادّعاء سرعان ما تهاوى أمام ثبوت خلق الأحياء وغير الأحياء من قبل الله عز وجل· فالذي خلق الكون ووضع فيه الموازين الدقيقة هو بلا شك الخالق الفاطر سبحانه وتعالى· ونظرية التّطور لا يمكن لها أن تكون صائبة طالما تشبثت بفكرة رفض '' خلق الله للكائنات '' وتبني مفهوم ''المصادفة '' بدلاً عنها ·وبالفعل عندما نتفحص جوانب هذه النظرية من أبعادها كافة نجد أن الأدلة العلمية تفنّدها واحداً بعد الآخر، فالتصميم الخارق الموجود في الكائنات الحية أكثر تعقيداً منه في الكائنات غير الحية· ومثال على ذلك الذّرات فهي موجودة وفق موازين حساسة للغاية، ونستطيع أن نميز هذه الموازين بإجراء الأبحاث المختلفة عليها، إلاّ أنّ هذه الذّرات نفسها موجودة في العالم الحي وفق ترتيب آخر أكثر تعقيداً، فهي تعد مواد أساسية لتركيب البروتينات والأنزيمات والخلايا، وتعمل في وسط له آليات ومعايير حساسة إلى درجة مدهشة· إنّ هذا التصميم الخارق كان سبباً رئيساً لتفنيد مزاعم هذه النظرية بحلول نهاية القرن العشرين · المصاعب التي هدمت الداروينيةظهرت هذه النّظرية بصورة محددة المعالم في القرن التاسع عشر مستندة إلى التراكمات الفكرية والتي تمتد جذورها إلى الحضارة الإغريقية، ولكنّ الحدث الذي بلور هذه النظرية وجعل لها موطئ قدم في دنيا العلم هو صدور كتاب '' أصل الأنواع '' لمؤلفه تشارلز داروين· ويعارض المؤلف في كتابه عملية خلق الكائنات الحية المختلفة من قبل الله سبحانه وتعالى، وبدلاً من ذلك يدعو إلى اعتقاده المبني على نشوء الكائنات الحية كافة من جد واحد، وبمرور(1/112)
الزمن ظهر الاختلاف بين الأحياء نتيجة حدوث التغييرات الطفيفة·إنّ هذا الادعاء الدارويني لم يستند الى أي دليل علمي، ولم يتجاوز كونه ''جدلاً منطقياً'' ليس إلاّ باعترافه هو شخصياً، حتى إن الكتاب احتوى على باب باسم ''مصاعب النظرية '' تناول بصورة مطولة اعترافات داروين نفسه بوجود العديد من الأسئلة التي لم تستطع النظرية أن تجد لها الردود المناسبة، لتشكل بذلك ثغرات فكرية في بنيان النظرية·وكان يتمنى أن يجد العلم بتطوره الردود المناسبة لهذه الأسئلة ليصبح التطور العلمي مفتاح قوة للنظرية بمرور الزمن· وهذا التمني طالما ذكره في كتابه، ولكن العلم الحديث خيب أمل داروين وفنَّد مزاعمه واحداً بعد الآخر ·ويمكن ذكر ثلاثة عوامل رئيسة أدت إلى انتهاء الداروينية كنظرية علمية وهي:(1إنّ النظرية تفشل تماماً في إيجاد تفسير علمي عن كيفية ظهور الحياة لأول مرة·(2عدم وجود أي دليل علمي يدعم فكرة وجود ''آليات خاصة للتطور '' كوسيلة للتكيف بين الأحياء·(3إنّ السّجلات لحفريات المتحجرات تبين لنا وجود مختلف الأحياء دفعة واحدة عكس ما تدعيه نظرية التطور ·وسنشرح بالتفصيل هذه العوامل الثلاثة:أصل الحياة : الخطوة غير المسبوقة أبداًتدّعي نظرية التّطور أنّ الحياة والكائنات الحية بأكملها نشأت من خلية وحيدة قبل 3,8مليار سنة· ولكن كيف يمكن لخلية حية واحدة أن تتحول إلى الملايين من أنواع الكائنات الحية المختلفة من حيث الشكل والتركيب، و إذا كان هذا التحول قد حدث فعلاً، فلماذا لم توجد أية متحجرات تثبت ذلك؟ إنّ هذا التساؤل لم تستطع النظرية الإجابة عنه، وقبل الخوض في هذه التفاصيل يجب التوقف عند الادعاء الأول والمتمثل في تلك ''الخلية الأم''· ترى كيف ظهرت إلى الوجود؟ تدعي النظرية أن هذه الخلية ظهرت إلى الوجود نتيجة المصادفة وحدها وتحت ظل ظروف الطبيعة دون أن يكون هنالك أي تأثير خارجي أو غير طبيعي؛ أي إنها ترفض فكرة الخلق رفضاً قاطعاً،(1/113)
بمعنى آخر: تدعي النظرية أنّ مواداً غير حية حدثت لها بعض المصادفات أدت بالنتيجة إلى ظهور خلية حية، وهذا الادعاء يتنافى تماماً مع كافة القواعد العلمية المعروفة ·''الحياة تنشأ من الحياة''لم يتحدث تشارلز داروين أبداً عن أصل الحياة في كتابه المذكور، والسبب يتمثّل في طبيعة المفاهيم العلمية التي كانت سائدة في عصره، والتي لم تتجاوز فرضية تكون الأحياء من مواد بسيطة جداً· وكان العلم آنذاك ما يزال تحت تأثير نظرية ''التولد التلقائي'' التي كانت تفرض سيطرتها منذ القرون الوسطى، ومفادها أنّ موادَّ غير حية قد تجمعت بالمصادفة و أنتجت مواد حية· وهناك بعض الحالات اليومية كانت تسوق بعض الناس إلى تبني هذا الاعتقاد مثل تكاثر الحشرات في فضلات الطّعام وتكاثر الفئران في صوامع الحبوب· ولإثبات هذه الادّعاءات الغريبة كانت تجري بعض التجارب مثل وضع حفنة من الحبوب على قطعة قماش بالٍ ، وعند الانتظار قليلاً تبدأ الفئران بالظهور حسب اعتقاد الناس في تلك الفترة ·وكانت هناك ظاهرة أخرى وهي تكاثر الدود في اللحم، فقد ساقت النّاس إلى هذا الاعتقاد الغريب واتخذت دليلاً له، ولكن تم إثبات شيء آخر فيما بعد؛ وهو أن الدود يتم جلبه بواسطة الذباب الحامل ليرقاته والذي يحط على اللحم· وفي الفترة التي ألف خلالها داروين كتابه ''أصل الأنواع'' كانت الفكرة السائدة عن البكتيريا أنها تنشأ من مواد غير حية، ولكن أثبتت التطورات العلمية بعد خمس سنوات فقط من تأليف الكتاب عدم صحة ما جاء فيه، وذلك عن طريق الأبحاث التي أجراها عالم الأحياء الفرنسي لويس باستور، ويلحض باستور نتائج أبحاثه كما يلي: ''لقد أصبح الادعاء القائل بأن المواد غير الحية تستطيع أن تنشئ الحياة في مهب الريح''· (102(وظل المدافعون عن نظرية التطور يكافحون لمدة طويلة ضد الأدلة العلمية التي توصل إليها باستور، ولكن العلم بتطوره عبر الزمن أثبت التعقيد الذي يتصف به تركيب الخلية،(1/114)
وبالتالي استحالة ظهور مثل هذا التركيب المعقد من تلقاء نفسه ·المحاولات العقيمة في القرن العشرينلقد كان الاختصاصي الروسي في علم الأحياء ألكسندر أوبارين أول من تناول موضوع أصل الحياة في القرن العشرين، وأجرى أبحاثاً عديدة في ثلاثينيّات القرن العشرين لإثبات أن المواد غير الحية تستطيع إيجاد مواد حية عن طريق المصادفة، ولكن أبحاثه باءت بالفشل الذريع واضطر الى أن يعترف بمرارة قائلاً : ''إنّ أصل الخلية يُعَدُّ نقطة سوداء تبتلع نظرية التطور برمتها ''· (103(ولم ييأس باقي العلماء من دعاة التطور، واستمروا في الطريق نفسه الذي سلكه أوبارين وأجروا أبحاثهم للتوصل إلى أصل الحياة· وأشهر بحث أجري من قبل الكيميائي الأمريكي ستانلي ميللر سنة 1953 حيث افترض وجود مواد ذات غازات معينة في الغلاف الجوي في الماضي البعيد، ووضع هذه الغازات مجتمعة في مكان واحد وجهزها بالطاقة، واستطاع أن يحصل على بعض الاحماض الأمينية التي تدخل في تركيب البروتينات ·وعُدَّت هذه التجربة في تلك السّنوات خطوة مهمة إلى الأمام، ولكن سرعان ما ثبت فشلها؛ لأن المواد المستخدمة في التجربة لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت موجودة في الماضي السحيق، وهذا الفشل ثبت بالتأكيد في السنوات اللاحقة·(104(وبعد فترة صمت طويلة اضطر ميللر نفسه أن يعترف بأن المواد التي استخدمها في إجراء التجربة لم تكن تمثل حقيقة المواد التي كانت توجد في الغلاف الجوي في سالف الزمان· (105(وباءت بالفشل كل التجارب التي أجراها الداروينيون طوال القرن العشرين، وهذه الحقيقة تناولها جيفري بادا الاختصاصي في الكيمياء الجيولوجية في المعهد العالي في سان ديغو سيكربس ضمن مقال نشره سنة 1998 على صفحات مجلة ''الأرض'' ذات التوجه الدارويني ، وجاء في المقال ما يلي :'' نحن نودع القرن العشرين و مازلنا كما كنا في بدايته نواجه معضلة لم نجد لها إجابة؛ وهي: كيف بدأت الحياة ؟(106(الطبيعة(1/115)
المعقدة للحياةالسبب الرئيسي الذى جعل نظرية التطور تتورط في هذه المتاهات أن هذا الموضوع العميق لأصل الحياة معقد للغاية، حتى للكائنات الحية البسيطة بشكل لا يصدقه عقل·إن خلية الكائن الحي أعقد بكثير من جميع منتجات التكنولوجيا التي صنعها الإنسان في وقتنا الحاضر ولا يمكن إنتاج خلية واحدة بتجميع مواد غير حية في أكبر المعامل المتطورة في العالم·إن الشروط اللازمة لتكوين خلية حية كثيرة جداً، لدرجة أنه لا يمكن شرحها بالاستناد على المصادفات إطلاقاً، غير أن احتمال تكوين تصادفِي للبروتينيات التي هي حجر الأساس للخلية (على سبيل المثال: احتمالية تكوين بروتين متوسط له خمس مئة حمض أميني هي 10950 / 1 تعد مستحيلاً على أرض الواقع· إنَّ الـ DNA الذي يحفظ المعلومات الجينية في نواة الخلية يعد بنكاً هائلا للمعلومات لا يمكن تصور ما فيه،فهذه المعلومات تمثل في تصورنا مكتبة تشتمل على تسع مئة مجلد، وكل مجلد عدد صفحاته خمس مئة صفحة·وهناك أيضاً ازدواجية أخرى غريبة في هذه النقطة وهي أن الشريط الثاني لDNA لا يمكن تكونه إلا ببعض البروتينيات (الأنزيمات ) الخاصة، ولكن إنتاج هذه الأنزيمات يتم حسب المعلومات الموجودة في DNA ئ؟ فقط لارتباطهما الوثيق ببعضهما، فلا بد من وجودهما معاً في الوقت نفسه لكي تتم الازدواجية، فهو يؤدي إلى الوقوع في مأزق الفكرة التي تقول: إن الحياة قد وجدت من ذاتها، ويعترف بهذه الحقيقة الدارويني المعروف '' ليسلي أورجيل''· (107(إن البروتينات والحموض النووية DNA و RNA التي تمتلك مكونات غاية في التعقيد يتم تكوينهما في الوقت نفسه والمكان نفسه، واحتمال تكوينهما مصادفة مرفوضة تماماً، فلا يمكن إنتاج أحدهما دون أن يكون الآخر موجوداً، وكذلك يكون الإنسان مضطراً إلى الوصول الى نتيجة وهي استحالة ظهور الحياة بطرق كيميائية ·إن كان ظهور الحياة بطريق المصادفة مستحيلاً فيجب أن نعترف بخلق الحياة بشكل خارق(1/116)
للطبيعة، هذه الحقيقة تبطل نظرية التطور التي بنت كل مقوماتها التنظيرية على أساس إنكار الخلق·الآليات الخيالية لنظرية التطورالقضية الثانية التي كانت سبباً في نسف نظرية داروين كانت تدور حول '' آليات التطور '' فهذا الادعاء لم يثبت في أي مكان في دنيا العلم لعدم صحته علمياً ولعدم احتوائه على قابلية التطوير الحيوي· وحسب ادعاء داروين فإنّ التطور حدث نتيجة ''الانتخاب الطبيعي'' وأعطى أهمية استثنائية لهذا الادعاء، حتى إنّ هذا الاهتمام من قبله يتضح من اسم الكتاب الذي أسماه ''أصل الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعي '' · إنّ مفهوم الانتخاب الطبيعي يستند إلى مبدأ بقاء الكائنات الحية التي تظهر قوة وملاءمة تجاه الظروف الطبيعية، فعلى سبيل المثال: لو هُدِّد قطيع من الايل من قبل الحيوانات المفترسة فإن الأيل الأسرع في العدو يستطيع البقاء على قيد الحياة، وهكذا يبقى القطيع متألفاً من أيايل أقوياء سريعين في العدو· ولكن هذه الآلية لا تكفي أن تطور الأيايل من شكل إلى آخر، كأن تحولها إلى خيول مثلاً· لهذا السّبب لا يمكن تبني ''الانتخاب الطبيعي'' كوسيلة للتطور، و حتى داروين نفسه كان يعلم ذلك وذكره به ضمن كتابه '' أصل الأنواع '' بما يلي: ''طالما لم تظهر تغييرات إيجابية فإن الانتخاب الطبيعي لا يفي بالغرض المطلوب''·(108(تأثير لاماركوالسؤال الذي يطرح نفسه: كيف كانت ستحدث هذه التغييرات الإيجابية ؟ وأجاب داروين عن هذا السؤال استناداً إلى أفكار من سبقوه من رجالات عصره مثل لامارك، و لامارك عالم أحياء فرنسي عاش ومات قبل داروين بسنوات كان يدعي أن الأحياء تكتسب تغييرات معينة تورثها إلى الأجيال اللاحقة، وكلما تراكمت هذه التغييرات جيلاً بعد جيل أدّت إلى ظهور أنواع جديدة، وحسب ادعائه فإنّ الزّرافات نشأت من الغزلان نتيجة محاولاتها للتغذي على أوراق الأشجار العالية عبر أحقاب طويلة· وأعطى داروين أمثلة مشابهة في كتابه ''أصل(1/117)
الأنواع'' فقد ادّعى أن الحيتان أصلها قادم من الدببة التي كانت تتغذى على الكائنات المائية وكانت مضطرة إلى النزول إلى الماء بين الحين والآخر (109)· إلا أن قوانين الوراثة التي اكتشفها مندل والتطور الذي طرأ على علم الجينات في القرن العشرين أدّى إلى نهاية الأسطورة القائلة بانتقال الصفات المكتسبة من جيل إلى آخر، وهكذا ظلت '' آلية الانتخاب الطبيعي'' آلية غير ذات فائدة أو تأثير من وجهة نظر العلم الحديث·الداروينية الحديثة والطفرات الوراثيةقام الدّاروينيون بتجميع جهودهم أمام المعضلات الفكرية التي واجهوها خصوصاً في ثلاثينيات القرن العشرين وساقوا نظرية جديدة أسموها بـ''نظرية التكوّن الحديث'' أو ما عرف بـ''الداروينية الحديثة ''، وحسب هذه النظرية هناك عامل آخر له تأثير تطوري إلى جانب الانتخاب الطبيعي، وهذا العامل يتلخص في حصول طفرات وراثية أو جينية تكفي سبباً لحدوث تلك التغييرات الإيجابية المطلوبة، وهذه الطفرات تحدث إمّا بسبب التعرض للإشعاعات أو نتيجة خطأ في الاستنساخ الوراثي للجينات ·وهذه النظرية مازالت تدافع عن التطور لدى الأحياء تحت اسم الداروينية الحديثة، وتدَّعي هذه النظرية أن الأعضاء والتراكيب الجسمية الموجودة لدى الأحياء والمعقدة التركيب كالعين والأذن أو الكبد والجناح ··· إلخ لم تظهر أو تتشكل إلا بتأثير حدوث طفرات وراثية أو حدوث تغييرات في تركيب الجينات، ولكن هذا الادعاء يواجه مطبّاً علمياً حقيقياً؛ وهو أن الطفرات الوراثية دائماً تشكل عامل ضرر على الأحياء ولم تكن ذات فائدة في يوم من الأيام· وسبب ذلك واضح جداً فإن جزيئة الـDNA معقدة التركيب للغاية، وأي تغيير جزيئي عشوائي مهما كان طفيفاً لابد من أن يكون له أثر سلبي، وهذه الحقيقة العلمية يعبر عنها ب·ج·رانكاناثان الأمريكي الاختصاصي في علم الجينات كما يلي: ''إنّ الطفرات الوراثية تتسم بالصغر والعشوائية والضرر، ولا تحدث إلا نادراً وتكون(1/118)
غير ذات تأثير في أحسن الأحوال· إنّ هذه الخصائص العامة الثلاث توضح أنّ الطفرات لا يمكن أن تلعب دوراً في إحداث التطور، خصوصاً أنّ أيّ تغيير عشوائي في الجسم المعقد لابدّ له أن يكون إمّا ضاراً أو غير مؤثر، فمثلاً أيّ تغيير عشوائي في ساعة اليد لا يؤدي إلى تطويرها، فالاحتمال الأكبر أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بها أو أن يصبح غير مؤثّر بالمرة ''·(110(وهذا ما حصل فعلاً؛ لأنّه لم يثبت إلى اليوم وجود طفرة وراثية تؤدّي إلى تحسين البنية الجينية للكائن الحي· والشواهد العلمية أثبتت ضرر جميع الطفرات الحاصلة، وهكذا يتضح أنّ هذه الطفرات التي جعلت سبباً لتطور الأحياء من قبل الداروينية الحديثة تمثل وسيلة تخريبية التأثير على الأحياء، بل تتركهم معاقين في أغلب الأحيان ( وأفضل مثال للطفرة الوراثية الحاصلة لجسم الإنسان هو الإصابة بمرض السرطان) ولا يمكن والحال كذلك أن تصبح الطفرات الوراثية ذات التأثير الضار آلية معتمدة علميا لتفسير عملية التّطور· أمّا آلية الانتخاب الطبيعي فهي بدورها لا يمكن أن تكون مؤثرة لوحدها فقط حسب اعترافات داروين نفسه، وبالتالي لا يمكن أن يوجد مفهوم يدعى بـ''التطور''، أي إنّ عملية التطور لدى الأحياء لم تحدث البتة·سجلات المتحجرات :لا أثر للحلقات الوسطىتُعَدُّ سجلات المتحجّرات أفضل دليل على عدم حدوث أي من السيناريوهات التي تدّعيها نظرية التطور، فهذه النظرية تدّعي أنّ الكائنات الحيّة مختلفة الأنواع نشأت بعضها من بعضها الآخر، فنوع معين من الكائن الحي من الممكن أن يتحول إلى نوع آخر بمرور الزمن، وبهذه الوسيلة ظهرت الأنواع المختلفة من الأحياء، وحسب النظرية فإنّ هذا التحول النوعي استغرق مئات الملايين من السنين· واستناداً الى هذا الادعاء يجب وجود حلقات وسطى (انتقالية ) طوال فترة حصول التحول النوعي في الأحياء ·على سبيل المثال: يجب وجود كائنات تحمل صفات مشتركة من الزواحف والأسماك؛ لأنها في(1/119)
البداية كانت مخلوقات مائية تعيش في الماء وتحولت بالتدريج إلى زواحف، أو يفترض وجود كائنات ذات صفات مشتركة من الطيور والزواحف؛ لأنها في البداية كانت زواحف ثم تحولت إلى طيور، ولكون هذه المخلوقات الافتراضية قد عاشت في فترة تحول فلابد أن تكون ذات قصور خلقي أو مصابة بإعاقة أو تشوّه ما، ويطلق دعاة التطور على هذه الكائنات الانتقالية اسم ''الأشكال االانتقالية ''· ولو افترضنا أن هذه ''الأشكال البينية '' قد عاشت فعلاً في الحقب التاريخية، فلا بد أنها وجدت بأعداد كبيرة وأنواع كثيرة تقدر بالملايين بل بالمليارات، وكان لابد أن تترك أثراً ضمن المتحجرات المكتشفة، ويعبر داروين عن هذه الحقيقة في كتابه: ''إذا صحت نظريتي فلا بد أن تكون هذه الكائنات الحية العجيبة قد عاشت في مدة ما على سطح الأرض··· وأحسن دليل على وجودها هو اكتشاف متحجرات ضمن الحفريات''·(111(خيبة آمال داروينأجريت حفريات وتنقيبات كثيرة جداً منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الآن، ولكن لم يعثر على أي أثر لهذه '' الأشكال الانتقالية ''، وقد أثبتت المتحجرات التي تم الحصول عليها نتيجة الحفريات عكس ما كان يتوقعه الداروينيون؛ من أن جميع الأحياء بمختلف أنواعها قد ظهرت إلى الوجود فجأة وعلى أكمل صورة ·وقد اعترف بهذه الحقيقة أحد غلاة الداروينيّة وهو ديريك وايكر الاختصاصي البريطاني في علم المتحجرات قائلاً: ''إنّ مشكلتنا الحقيقية هي حصولنا على كائنات حية كاملة، سواء أكانت على مستوى الأنواع أم الأصناف عند تفحصنا للمتحجرات المكتشفة، وهذه الحالة واجهتنا دوماً دون العثور على أيّ أثر لتلك المخلوقات المتطورة تدريجياً'' (112)· أي إن المتحجرات تثبت لنا ظهور الأحياء كافة فجأة دون أي وجود للأشكال الانتقالية نظرياً، وهذا طبعاً عكس ما ذهب إليه داروين، وهذا تعبير عن كون هذه الكائنات الحية مخلوقة؛ لأن التفسير الوحيد لظهور كائن حي فجأة دون أن يكون له جد معين هو(1/120)
أن يكون مخلوقاً، وهذه الحقيقة قد قبلها عالم أحياء مشهور مثل دوغلاس فوتويما:''إنّ الخلق والتطور مفهومان أو تفسيران سائدان في دنيا العلم لتفسير وجود الأحياء، فالأحياء إمّا وجدت فجأة على وجه البسيطة على أكمل صورة أو لم تكن كذلك، أي أنها ظهرت نتيجة تطورها عن أنواع أو أجداد سبقتها في الوجود، وإن كانت قد ظهرت فجأة وبصورة كاملة الشكل والتكوين فلابد من قوة لاحد لها وعقل محيط بكل شيء توليا إيجاد مثل هذه الكائنات الحية (113) ''· فالمتحجرات تثبت أن الكائنات الحية قد ظهرت فجأة على وجه الأرض وعلى أحسن شكل وتكوين، أي: إن أصل الأنواع هو الخلق وليس التطور كما كان يعتقد داروين · أسطورة تطوّر الإنسانإنّ من أهم الموضوعات المطروحة للنقاش ضمن نظرية التطور هو بلاشك أصل الإنسان، وفي هذا الصدد تدعي الداروينية بأن الإنسان الحالي نشأ متطوراً من كائنات حية شبيهة بالقرد عاشت في الماضي السحيق، وفترة التطور بدأت قبل 4-5 ملايين سنة، وتدعي النظرية وجود بعض الأشكال الانتقالية خلال الفترة المذكورة، وحسب هذا الادعاء الخيالي هناك أربع مجموعات رئيسة ضمن عملية تطور الإنسان وهي :-1أوسترالوبيثيكوس Australopithecus -2هومو هابيليس Homo habilis -3هومو إريكتوس Homo erectus -4هومو سابينس Homo sapiens يطلق دعاة التطور على الجد الأعلى للإنسان الحالي اسم '' أوسترالوبيثيكوس '' أو قرد الجنوب، ولكن هذه المخلوقات ليست سوى نوع منقرض من أنواع القرود المختلفة، وقد أثبتت الأبحاث التي أجراها كلّ من الأمريكي البروفيسور تشارلز أوكسنارد والبريطاني اللورد سوللي زاخرمان وكلاهما من أشهر علماء التشريح على قرد الجنوب أنّ هذا الكائن الحي ليس سوى نوع منقرض من القرود ولا علاقة له مطلقاً بالإنسان·(114(والمرحلة التي تلي قرد الجنوب يطلق عليها من قبل الداروينيين اسم ''هومو'' أو الإنسان، وفي كافة مراحل ا''هومو'' أصبح الكائن الحي أكثر تطوراً من(1/121)
قرد الجنوب، ويتشبث الداروينيون بوضع المتحجرات الخاصة بهذه الأنواع المنقرضة كدليل على صحة نظريتهم وتأكيداً على وجود مثل هذا الجدول التطوري الخيالي، ونقول: خيالي؛ لأنه لم يثبت إلى الآن وجود أي رابط تطوري بين هذه الأنواع المختلفة· و هذه الخيالية في التفكير اعترف بها أحد دعاة نظرية التطور في القرن العشرين وهو آرنست ماير قائلاً: ''إنّ السلسلة الممتدة إلى هومو سابينس منقطعة الحلقات بل مفقودة''· (115(وهناك سلسلة يحاول الدراوينيون إثبات صحتها تتكون من قرد الجنوب (أوسترالوبيثيكوس) هومو هابيليس ـ هومو إريكتوس ـ هومو سابينس أي إن أقدمهم يعد جداً للّذي يليه، ولكن الاكتشافات التي وجدها علماء المتحجرات أثبتت أن قرد الجنوب و هومو هابيليس و هومو إريكتوس قد وجدوا في أماكن مختلفة وفي الفترة الزمنية نفسها(116)· والأبعد من ذلك هو وجود أنواع من هومو إريكتوس قد عاشت حتى فترات حديثة نسبياً ووجدت جنباً إلى جنب مع هومو سابينس نياندرتالينس و هوموسابينس (الإنسان الحالي)·(117(وهذه الاكتشافات أثبتت عدم صحة كون أحدهما جداً للآخر، و أمام هذه المعضلة الفكرية التي واجهتها نظرية داروين في التطور يقول أحد دعاتها وهو ستيفن جي كولد الاختصاصي في علم المتحجرات في جامعة هارفارد ما يلي : ''إذا كانت ثلاثة أنواع شبيهة بالإنسان قد عاشت في الحقبة الزمنية نفسها، إذن ماذا حصل لشجرة أصل الإنسان؟ الواضح أنه لا أحد من بينها يعد جداً للآخر، و الأدهى من ذلك عند إجراء مقارنة بين بعضها وبعض لا يتم التوصل من خلالها إلى أية علاقة تطورية فيما بينها''· (118(وبصريح العبارة: إن اختلاق قصة خيالية عن تطور الإنسان والتأكيد عليها إعلامياً وتعليمياً والترويج لنوع منقرض من الكائن الحي نصفه قرد ونصفه الآخر إنسان هو عمل لا يستند إلى أي دليل علمي· وقد أجرى اللورد سوللي زاخرمان البريطاني أبحاثه على متحجرات قرد الجنوب لمدة 15 سنة متواصلة(1/122)
علماً أن له مركزه العلمي كاختصاصي في علم المتحجرات، وقد توصل إلى عدم وجود أية سلسلة متصلة بين الكائنات الشبيهة بالقرد وبين الإنسان واعترف بهذه النتيجة على الرغم من كونه دارويني التفكير ·ولكنه من جهة أخرى قام بتأليف جدول خاص بالفروع العلمية التي يعترف بها وضمنه مواقع لأمور خارجة عن نطاق العلم، وحسب جدول زاخرمان تشمل الفروع العلمية والتي تستند الى أدلة مادية هي علوم الكيمياء والفيزياء ويليهما علم الأحياء فالعلوم الاجتماعية وأخيراً ـ أي في حافة الجدول ـ تأتي فروع المعرفة الخارجة عن نطاق العلم، ووضع في هذا الجزء من الجدول علم تبادل الخواطر، والحاسة السادسة، والشعور أو التحسس النائي، وأخيراً تطور الإنسان· ويضيف زاخرمان تعليقاً على هذه المادة الأخيرة في الجدول كما يلي:'' عند انتقالنا من العلوم المادّية إلى الفروع التي تمت بصلة إلى علم الأحياء النائي أو الاستشعار عن بعد، وحتى استنباط تاريخ الإنسان بواسطة المتحجرات، نجد أنّ كل شيء جائز وممكن خصوصاً بالنسبة إلى المرء المؤمن بنظرية التطور، حتى إنه يضطر أن يتقبل الفرضيات المتضادة أو المتضاربة في آن واحد''· (119(إذن: إنّ القصة الملفقة لتطور الإنسان تمثل إيماناً أعمى من قبل بعض الناس بالتأويلات غير المنطقية لأصل بعض المتحجرات المكتشفة ·عقيدة مادية لقد استعرضنا النظرية الخاصة بالتطور، ومدى تناقضها مع الأدلة والشواهد العلمية، ومدى تناقض فكرها المتعلق بأصل الحياة مع القواعد العلمية، واستعرضنا أيضاً كيفية انعدام التأثير التطوري لكافة آليات التطور التي تدعو إليها هذه النظرية، وانعدام وجود أية آثار لمتحجرات تثبت وجود أشكال أنتقالية للحياة عبر التاريخ، لهذا السبب نتوصل إلى ضرورة التخلي عن التشبث بالنظرية التي تعد متناقضة مع قواعد العلم والعقل، ولابد أن تنتهي كما انتهت نظريات أخرى عبر التاريخ والتي ادعت بعضها أن الأرض مركز الكون· ولكن هناك(1/123)
إصراراً عجيباً على بقاء هذه النظرية في واجهة الأحداث العلمية، وهناك بعضهم يتمادى في تزمته ويتهم أي نقد للنظرية بأنه هجوم على العلم والعلماء ·والسبب يكمن في تبني بعض الجهات لهذه النظرية واستخدامها كوسيلة للتلقين الفكري، وهذه الجهات يتميز تفكيرها بأنه نابع من المدرسة المادية، بل هي متصلة بالفكر المادي اتصالاً أعمى وتعد الداروينية خير ملاذ فكري لها لترويج فكرها المادي البحت ·وأحياناً تعترف هذه الجهات بالحقيقة السّابقة، كما يقول ريتشارد ليونتن أشهر الباحثين في علم الجينات، والذي يعمل في جامعة هارفارد، و هو من المدافعين الشرسين عن نظرية التطور ويعد نفسه رجل علم مادي: ''نحن نؤمن بالمادية، ونؤمن بأشياء مُسَلَّم بها سلفاً، وهذا الإيمان هو الذي يجعلنا نوجد تفسيرات مادية للظواهر الدنيوية وليس قواعد العلم ومبادئه، وإيماننا المطلق بالمادية هو سبب دعمنا اللامحدود لكل الأبحاث الجارية لإيجاد تفسيرات مادية للظواهر كافة التي توجد في عالمنا، ولكون المادية صحيحة إطلاقاً فلا يمكن أبداً أن نسمح للتفسيرات الإلهيّة أن تقفز إلى واجهة الأحداث''·((120إن هذه الكلمات تعكس مدى التلقينية التي تتسم بها الداروينية لمجرد كونها مترابطة ترابطاً فلسفياً بالنظرية المادية، ويعد غلاة أصحاب هذه النظرية أن لاشيء فوق المادة، ولهذا السبب يؤمنون بأن المواد غير الحية هي سبب وجود المواد الحية، أي إن الملايين من الأنواع المختلفة كالطيور والأسماء والزرافات والنمور والحشرات والأشجار والزهور والحيتان وحتى الإنسان ليست إلا نتاجاً للتحول الداخلي الذي طرأ على المادة كالمطر المنهمر والرعد والصواعق· والواقع أن هذا الاعتقاد يتعارض تماماً مع قواعد العقل والعلم، إلا أنّ الداروينيّين مازالوا يدافعون عن آرائهم خدمة لأهدافهم '' لا يمكن أبداً أن نسمح للتفسيرات الإلهية أن تقفز إلى واجهة الأحداث ''·و كلّ إنسان ينظر إلى قضية أصل الأحياء(1/124)
من وجهة نظر غير مادية لابد له أن يرى الحقيقة الساطعة كالشمس، إنّ كافة الكائنات الحية قد وُجِدَت بتأثير قوة لا متناهية وعقل لا حد له؛ أي: خُلِقَت من قبل خالق لها، وهذا الخالق هو الله العلي القدير الذي خلق كل شيء من العدم وقال له: كن فيكون ·------قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّامَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ البقرة 32·---1. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 164.
2. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 164.
3. Bilim ve Teknik Dergisi, May 1995, p. 76.
4. Bilim ve Teknik Dergisi, May 1995, p. 77.
5. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 152.
6. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 150.
7. Bilim ve Teknik Dergisi, May 1995, p. 22.
8. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 148-149.
9. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 128.
10. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 130.
11. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 143.
12. The Guinness Encyclopedia of the Living World, Guinness Publishing, 1992, p. 42-43.
13. Robert, R. Halpern, Green Planet Rescue, A.B.D, The Zoological Society of Cincinnati Inc., p. 26.
14. David Attenborough, Life on Earth, Collins British Broadcasting Corporation, 1985, p. 84.
15. Scientific American, October 1993, p. 68.(1/125)
16. Scientific American, October 1993, p. 69.
17. Scientific American, October 1993, p. 70-71.
18. Scientific American, October 1993, p. 70.
19. Scientific American, October 1993, p. 71.
20. Encyclopedia Britannica, Vol 4, p. 299.
21. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 15.
22. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 16.
23. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 19.
24. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 35.
25. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 46-47.
26. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 117.
27. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 22.
28. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 24.
29. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 65-66.
30. Guy Murchie, The Seven Mysteries of Life, USA, Houhton Mifflin Company, Boston, 1978, p. 57.
31. Milani Bradshaw, Biological Science, A molecular Approach, D. C. Heath and Company, Toronto, p. 430.
32. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 119.
33.http://ag.arizona.edu/pubs/garden/ mg/botany/macronutrient.html(1/126)
34. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 18.
35. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 24.
36. http://www.sidwell.edu/us/science/vlb5/ Labs/Classification_Lab/Eukarya/Plantae/Filicophyta/
37. http://www.sidwell.edu/us/science/vlb5/ Labs/Classification_Lab/Eukarya/Plantae/Filicophyta/
38. Eldra Pearl Solomn, Linda R. Berg, Diana W. Martin, Claude Villee, Biology, Saunders College Publishing, p. 191.
39. George Greenstein, The Symbiotic Universe, p. 96.
40. George Greenstein, The Symbiotic Universe, p. 96-97.
41. Prof. Dr. Ali Demirsoy, Kalitim ve Evrim, Ankara, Meteksan Yayinlari, p. 80.
42. Bilim ve Teknik Dergisi, September 1991, p. 38.
43. Bilim ve Teknik Dergisi, September 1991, p. 38.
44. Bilim ve Teknik Dergisi, May 1995, p. 9.
45. Bilim ve Teknik Dergisi, September 1991, p. 39.
46. Bilim ve Teknik Dergisi, August 1998, p. 92.
47. Lathiere, S. Science & Vie Junior, November 1997.
48. Lathiere, S. Science & Vie Junior, November 1997.
49. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 171.
50. Prof. Dr. Ilhami Kiziroglu, Genel Biyoloji (Op{ta biologija), Desen Yayinlari, December 1990, p. 75.
51. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 106.
52. Prof. Dr. Ilhami Kiziroglu, Genel Biyoloji (Op{ta biologija), Desen Yayinlari, December 1990, p. 78.
53. Encyclopedia Britannica, Vol 8, p. 221.
54. Milani Bradshaw, Biological Science, A molecular Approach, D. C. Heath and Company, Toronto, p. 431.(1/127)
55. John King, Reaching for The Sun, 1997, Cambridge University Press, Cambridge, p. 97
56. Bilim ve Teknik Dergisi, March 1993, p. 226.
57. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 66.
58. David Attenborough, The Private Life of Plants, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, p. 67.
59. Dr Herbert Reisigh, The World of Flowers, The Viking Press, New York, 1965, p. 94.
60. Michael Scott, The Young Oxford ook of Ecology, Oxford University Press, 1995, p. 95.
61. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 141-142.
62. W. R. Bird, The Origin of Species, Revisited, Nashville: Thomas Nelson Co. 1991, p. 298-299.
63. Alexander I. Oparin, Origin Of Life, (1936) New York, Dover Publications, 1953, p. 196.
64. Mahlon B. Hoagland, The Roots of Life, Houghton Mifflin Company, 1978, p. 18.
65. Prof. Dr. Ali Demirsoy, Kalitim ve Evrim, Ankara, Meteksan Yayinlari, p. 79.
66. Prof. Dr. Ilhami Kiziroglu, Genel Biyoloji (Op{ta biologija), Desen Yayinlari, December 1990, p. 22.
67. Robart A. Wallace, Gerald P. Sanders, Robert J. Ferl, Biology: The Science of Life, Harper Collins College Publishers, p. 283.
68. Darnell, Implications of RNA-RNA Splicing in Evolution of Eukaryotic Cells, 202 Science 1257 (1978).
69. Prof. Dr. Ali Demirsoy, Kalitim ve Evrim (Nasle|ivanje i evolucija), Ankara, Meteksan Yayinlari, p. 79.
70. W. R. Bird, The Origin of Species, Revisited, Nashville: Thomas Nelson Co. 1991, p. 210.(1/128)
71. Robart A. Wallace, Gerald P. Sanders, Robert J. Ferl, Biology: The Science of Life, Harper Collins College Publishers, p. 94.
72. Mahlon B. Hoagland, The Roots of Life, Houghton Mifflin Company, 1978, p. 145.
73. Whitfield, Book Review of Symbiosis in Cell Evolution, 18 Biological J. Linnean Soc. 77-79 (1982).
74. Milani Bradshaw, Biological Science, A molecular Approach, D. C. Heath and Company, Toronto, p. 158.
75. David Attenborough, Life on Earth, Princeton University Press, Princeton, New Jersy, 1981, p. 20.
76. Prof. Dr. Ali Demirsoy, Kalitim ve Evrim, Ankara, Meteksan Yayinlari, 1984, p. 8.
77. Hoimar von Ditfurth, Im Amfang War Der Wasserstoff, p. 199.
78. www.faithmc.org.sg/html/creation/htm
79. Hoimar von Ditfurth, Im Amfang War Der Wasserstoff, p. 199.
80. R. Shapiro, Origins: A Skeptic}s Guide to the Creation of Life on Earth, 1986, p. 90-91.
81. Daniel Axelrod, Evolution of the Psikophyte Paleoflora, 13 Evolution, 1959, 264-274.
82. Chester A. Arnold, An Introduction to Paleobotany, Mc Graw-Hill, 1947, p. 334.
83. Ranganathan, B. G. Origins?, Carlisle, PA: The Banner of Truth Trust, 1988, p. 20.
84. Chester A. Arnold, An Introduction to Paleobotany, Mc Graw-Hill, 1947, p. 7.
85. Daniel Axelrod, The Evolution of Flowering Plants, in The Evolution Life, 1959, p. 264-274.
86. "Ancient Alga Fossil Most Complex Yet", Science News, vol. 108, September 20 1975, p. 181.
87. Dr. Eldred Corner, Evolution in Contempo-rary Botanical Thought, Chicago: Quadrangle Books, 1961, p. 97.(1/129)
88. Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, 1988, p. 25-26.
89. Francis Darwin, The Life and Letters of Charles Darwin, 1887, p. 248.
90. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's uide to Fossils, New York, 1986, pic.no.6 i Malcolm Wilkins, Plantwatching, New York, Facts on File Publications, p. 26.
91. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.3.
92. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.10.
93. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.69.
94. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.11.
95. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.12.
96. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.14.
97.Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.4.
98. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.15.
99. Ardvini, Teruzzi, Simon & Schuster's Guide to Fossils, New York, 1986, pic.no.16.
100. Dr. Paul D. Taylor, Eyewitnness Guides, Fossil, London, A Dorling Kindersley Book, 1994, p. 38.
101. SBS Vital topics, David B. Loughran, April 1996, Stewarton, Scotland,
URL:http://www.rmplc.co.uk/eduweb/sites/sbs777/vital/evolutio.html
102- Sidney Fox, Klaus Dose, Molecular Evolution and The Origin of Life, New York: Marcel Dekker, 1977. p. 2
103-- Alexander I. Oparin, Origin of Life, (1936) New York, Dover Publications, 1953 (Reprint), p.196(1/130)
104- "New Evidence on Evolution of Early Atmosphere and Life", Bulletin of the American Meteorological Society, vol 63, November 1982, pp.1328-1330.
105- Stanley Miller, Molecular Evolution of Life: Current Status of the Prebiotic Synthesis of Small Molecules, 1986, p. 7
106- Jeffrey Bada, Earth, ?ubat 1998, p. 40
107- Leslie E. Orgel, "The Origin of Life on Earth", Scientific American, vol 271, Oct 1994, s. 78
108- Charles Darwin, The Origin of Species: A Facsimile of the First Edition, Harvard University Press, 1964, p. 189
109- Charles Darwin, The Origin of Species: A Facsimile of the First Edition, Harvard University Press, 1964, p. 184.
110- B. G. Ranganathan, Origins?, Pennsylvania: The Banner Of Truth Trust, 1988.
111- Charles Darwin, The Origin of Species: A Facsimile of the First Edition, Harvard University Press, 1964, p. 179
112- Derek A. Ager, "The Nature of the Fossil Record", Proceedings of the British Geological Association, vol 87, 1976, p. 133
113- Douglas J. Futuyma, Science on Trial, New York: Pantheon Books, 1983. p. 197
114- Solly Zuckerman, Beyond The Ivory Tower, New York: Toplinger Publications, 1970, pp. 75-94;Charles E. Oxnard, "The Place of Australopithecines in Human Evolution: Grounds for Doubt", Nature, vol 258, p. 389
115- J. Rennie, "Darwin's Current Bulldog: Ernst Mayr", Scientific American, December 1992
116- Alan Walker, Science, vol. 207, 1980, p. 1103; A. J. Kelso, Physical Antropology, 1st ed., New York: J. B. Lipincott Co., 1970, p. 221; M. D. Leakey, Olduvai Gorge, vol. 3, Cambridge: Cambridge University Press, 1971, p.272(1/131)
117- Time, November 1996
118- S. J. Gould, Natural History, vol. 85, 1976, p. 30
119- Solly Zuckerman, Beyond The Ivory Tower, New York: Toplinger Publications, 1970, p.19
120- Richard Lewontin, "The Demon-Haunted World", The New York Review of Books, Jan 1997, p.28
RESIM ALTLARI
ص. 12
Bitki Hücresi=الخلية النباتية
Kloroplast= بلاستيدة خضراء
Anadoku= النسيج الأساسي
Grana= التركيب المحزز
Thyloktoid=الجسيم المحزز
Golgi kompleksi=جسيم كولجي
Ribozomlar= ريبوزومات
Düz endoplazmik retikolum= الشبكة الأندوبلازمية المستقيمة
Kromatin= تركيب صبغي
Cekirdek g?zenekleri= مسامات النواة
Cekirdek zarf?= غشاء النواة
Cekirdek =النواة
Hücre düvar?=جدار الخلية
Plazma zar?=غشاء البلازما
Düz endoplazmik retikolum=الشبكة الاندوبلازمية المستقيمة
Koful= تركيب كوفل
Koful zar?= غشاء كوفل
Kristal=تركيب بلوري
Mitokondri= الماتيوكندريا (بيت الطاقة)
Mitokondrinin üst k?sm?=القسم العلوي من الماتوكوندريا
تحتوي الخلية النباتية على أقسام مختلفة في ما بينها، ويتألف كل قسم من مواد كيمياوية خاصة بها. والشكل التخطيطي في الأعلى يبين أهمّ خاصية للخلية النباتية والتي تجعلها مختلفة عن باقي أنواع الخلايا من حيث قدرتها على صنع غذائها بنفسها.
ص. 25
-تتميز أشجار النخيل الاستوائية ذات الأشكال الباهرة بكونها تستخدم الرياح لتلقيح بعضها البعض.
ص. 26
تعتبر الأشجار ذات البذور الصّنوبرية (المخروطية) من أغرب النباتات من ناحية الوسيلة التكاثرية، وتبين الصورة على الصفحة المقابلة مراحل التكاثر في هذا النوع من النباتات.
ص. 27
مراحل تكاثر النبات الصنوبري: kozalakl? bir bitkinin.........
بذرة أنثوية ناضجة وجاهزة للانقسام الاختزالي: mayoz b?lünme
خلية تكاثر أنثوية: di?i üreme hücresi(1/132)
الجزء الحاوي للخلايا التكاثرية في البذرة الصنوبرية الأنثوية: d?? kozalakta üreme......
الإخصاب: d?llenme
تحمل الرياح حبوب اللقاح الذكرية إلى البذور المخروطية (الصنوبرية) الأنثوية:erkek polen................
الإخصاب: d?llenme
قناة الإخصاب: polen tübü
الزايكوت (بيضة مخصبة):zigot
الجنين: embriyo
بذرة أنثوية ناضجة: olgun ............
إنبات البذرة: tohumun fi.............
بذرة مخروطية مذكرة: erkek kozalaklar
بذرة مخروطية مؤنثة: di?i kozalaklar
مرحلة الانقسام الاختزالي:mayoz
بذرة مخروطية مذكرة: erkek...............
مقطع لبذرة مذكرة: erkek kozala??n kesiti
بذرة مذكرة ناضجة وجاهزة للانقسام الاختزالي: mayoz blünme...............
خلايا تكاثرية ذكرية:erkek üreme hücreleri
حبوب اللقاح (التي تحمل خلايا التكاثر الذكرية): polen taneleri
بذرة مخروطية أنثوية فتية: genç di?in...............
مقطع لبذرة أنثوية: di?i kozala??n kesiti
مقطع لبذرة: tohumun kesiti
السويداء: di?i gametofit...
نمو النبتة لتصبح شجرة بالغة: kozala??n ..................
ص. 28
يلعب التيار الهوائي (المتكون بفعل الريح) حول البذرة الصنوبرية الأنثوية دورا كبيرا في عملية التلقيح. فالتيار الهوائي يتجه نحو مركز البذرة (الشكل أ) وبعد دورانه حول المحور يفعل فعل الفرشاة مؤثرا على سطح البذرة (الشكل بـ)، ومن ثم تبدأ حبوب اللقاح في التكون بصورة عشوائية في الناحية القريبة من فتحة البويضة (الشكل ج). ويتم توجيه التيار الهوائي في البذرة الأنثوية نحو البذرة الذكرية بموازاة الريح
الصورة إلى الأسفل: توضح الأوراق إبرية الشكل المحيطة بالبذرة الصنوبرية الأنثوية.
أ: الريح- rüzgar
مبيض- ?vül
حبيبة ذكرية- pul
بويضة غير ناضجة- mikrofil
ص. 44(1/133)
تتفتح بعض الأزهار ليلا، ولهذا السبب يتم تلقيحها من قبل الكائنات الحية المتحركة ليلا. وتعتبر الخفافيش المتغذية على رحيق الأزهار إحدى هذه الكائنات الحية. والأزهار المذكورة التي يتم تلقيحها من قبل الخفافيش تتميز بأن لها ألوانا بيضاء أو مائلة إلى اللون الأخضر أو ذات لون بنفسجي ولها روائح قوية للغاية. وبفضل هذه الرائحة تستطيع الخفافيش العمياء تمييز مكانها بسهولة. وتتميز هذه الأزهار أيضا بكثرة إنتاجها للرحيق. ويتضح من ذلك أن هذين الكائنين يعيشان في إنسجام كامل بينهما. ولاشك أن هذا الانسجام من آثار قدرة الله الرحمن الرحيم (18).
تحتوي النبتة المسماة بالثريا على أوراق كبيرة تتخذ شكلا شبيها بالـ ”بروش-دبوس الزينة“. ويقع في مركز هذا التركيب الورقي سويق يحمل زهرة هذه النبتة. وتتميز النبتة أيضا بأن حبوب اللقاح فيها تقع في جزء منحن أو مائل. ولهذا السبب لا تستطيع أية حشرة الوصول إلى مكان تجمع حبوب اللقاح إلا إذا كانت ذات فم معقوف. ومن هنا يتضح لنا أن حشرة العث تستطيع القيام بهذه العملية بسهولة، فهي تقوم بجمع حبوب اللقاح حتى تصبح على شكل كرة، ومن ثم تنقلها إلى زهرة ثريا أخرى حيث تقوم أولا بالنزول إلى أسفل الزهرة لوضع البيض ثم تصعد إلى القمة لكي تقوم بهز كرات حبوب اللقاح المتجمعة لديها من زهرة أخرى لكي تسقط نحو الأسفل. ويفقص البيض بعد فترة عن يرقات صغيرة تتغذى على هذه الحبوب. ولولا العث لما استطاعت نباتات الثريا التكاثر بنفسها (19).
ص. 45
تتميز بعض الأزهار بكون رحيقها يقع في أعماقها. وللوهلة الأولى تبدو هذه الميزة مانعة للتلقيح الحاصل بفعل الطيور والحشرات. إلا أن هذا لا يمنع من تلقيح الأزهار أبدا، ذلك أن الله سبحانه وتعالى خلق كائنات حية ذات صفات ومزايا تستطيع بواسطتها أن تصل إلى هذا الرحيق القابع في العمق وإتمام عملية التلقيح.
ص. 47(1/134)
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)
سورة لقمان: الآية 10
ص. 48
زهرة: çiçek؛ نبات أنثوي: di?i bitki؛ عضو ذكري: erkek organ؛ نبات ذكري: erkek bitki
يستخدم نبات الفاليسنيريا الماء لنقل حبوب لقاحه. ويتبين لنا أن النبات خلق بطريقة أكسبته القدرة على معرفة التوقيت المضبوط لفتح الأزهار ومكانها وعلى جعل حبوب لقاحه قادرة على مقاومة تأثيرات الوسط المائي.
ص. 50
حبوب اللقاح: polen؛ الميسم: stigma؛ نبات أنثوي: di?i bitki؛ نبات ذكري: erkek bitki؛ رأس عضو ذكري: erkek organ ba??
يقوم نبات ”الهالوديول“- بنجاح باهر -بعملية إيصال حبوب لقاحه الذكرية إلى النبات المؤنث باستخدام استطالاته الجسمية التذاكرية والتي تتميز بالقدرة على الاتصاق والسباحة مستفيدا من حركة المد والجزر.
ص. 51
نبات أنثوي: di?i bitki؛ نبات ذكري: erkek bitki؛ حبوب اللقاح: polenler
يختلف نبات ”الثالاسيا“ عن باقي النباتات المائية لأنه يقضي كل حياته تحت سطح الماء. وبالرغم من ذلك يستطيع ذكره إيصال حبوب لقاحه إلى أنثاه. ويتضح من الشكل أعلاه أن ذكر هذا النبات له استطالات خيطية ذات قدرة على الالتصاق، أي أنه أعطي هذه الميزة لكي يستطيع البقاء حيا تحت سطح الماء.
ص. 54
........................................................................
ص. 55
بذور النواة: çekirdek tohumlar?؛ جدار الثمرة: tohumluk duvar?؛ جدار كاربل: Carpel duvar?؛ أكياس عصير الثمرة: meyve suyu keseleri(1/135)
إن المواد الغذائية مثل الفيتامينات والسكريات والزلاليات التي توجد في الفواكه والثمار المختلفة تعتبر وسيلة حفاظ وتغذية للبذور وكذلك غذاء لباقي الأحياء. وتتميز الفواكه والخضر باختلافها عن بعضها البعض اختلافا كبيرا بالرغم من أنها تنشأ من تربة واحدة وبواسطة الماء نفسه. فهي بروائحها ومذاقاتها وأشكالها تمثل نماذج رائعة للتصميم الخارق.
ص. 57
نماذج من نباتات تحمل بذورها بواسطة الرياح
غلاف البذور: tohum kl?f?؛ السويداء: endosperm؛ الجزر: k?k؛ الطبقة الحامية لجسم البذرة: g?vdeyi koruyan tabaka
تعتبر البذور شبيهة ببنك للمعلومات، لأنها تحمل كافة المعلومات الوراثية للنباتات التي جاءت منها. وللبذرة تصميم خارق يحتوي على تفاصيل مذهلة. وعلى سبيل المثال وكما يتضح من المقطع العرضي أعلاه فإن للبذرة مخزونا غذائيا يكفي حاجتها حتى يتم الإنبات، وتبدأ عملية التركيب الضوئي في الحدوث. ويرى في الشكل أعلاه إلى اليمين نبتة وقد انفتحت إحدى حويصلاتها لنفث البذور التي بداخلها إلى الهواء. أما الصور الأخرى فتمثل نماذج من البذور المحمولة عبر الهواء. والقاسم المشترك بينها هو تركيبتها الخاصة التي تمكنها من القدرة على التحليق في الجو بسهولة.
ص.59
الصورة إلى أعلى اليمين تمثل بذور شجرة الحور وهي تنطلق إلى الجو من الحويصلات الحاملة لها. أما الصور الأخرى فتمثل بعض النباتات التي تنفث بذورها ذات الاستطالات الخيطية الدقيقة. وهذه الاستطالات هي التي تسهل عملية طيران البذور في الهواء.
ص. 62
تستطيع بذور نبات ”اللوبين“ أن تكمن تحت سطح التربة لسنوات طويلة حتى تجد درجة الحرارة الملائمة للإنبات.
ص.64
تبدأ بذور جوز الهند في الإنبات حال بلوغها الشاطئ بعد رحلة طويلة عبر الماء. وقد خلقت هذه البذور بصورة لا يؤثر عليها الماء أبدا خلال تلك الرحلة.
ص. 65
تعتبر فاصوليا البحر مثل جوز الهند من النباتات التي تنتقل بذورها عبر الماء.
ص. 66(1/136)
البذرة المبينة في الصورة تحتاج في انتقالها وتكاثرها إلى النحل. فالنحل يقوم بنقل البذرة إلى تحت مستوى التربة، ومن ثم يقوم بالتغذي على الجزء الأمامي من البذرة، وعلى هذا النحو يساهم في ظهور الجزء الملائم للنمو. ومن هنا يتضح لنا مدى عظمة الخالق عزوجل، فقد جُعل شكل البذرة المذكورة وطريقة تغذية النحل مُنسجمين مع بعضهما البعض.
ص. 67
إن الطيور تحب التغذي على الجزء اللحمي من البذور، وبالتالي تسهل عملية بروز الجزء اللازم للإنبات.
ص. 68
تستيقظ البذور من سباتها حالما يحين الموعد الملائم لذلك، ثم تشرع في الأنبات والظهور فوق سطح مستوى التربة مهما كان هناك من عوائق.
ص.70
الجذر الأصلي: 1.as?l k?k
الجذر الثانوي: 2. ikinci k?k
الجذع: 3. g?vde
نتوء: 4. çenek
غشاء البذرة: 5. tohum zar?
الورقتان الأوليان: 6. ilk iki yaprak
البرعم الأخير يسهل من استطالة الغصن:7. son tohumcu........
عندما تبدأ البذور في الإنبات لا يحول التراب الذي يغطيها بثقله أو أي مانع آخر دون بروزها إلى الأعلى لكي تتصل بأشعة الشمس. فالبذرة التي تبدأ في الإنبات تباشر صنع غذائها بنفسها بواسطة إجراء عملية التركيب الضوئي. ويتكون من نمو البذرة التدريجي نبات صغير شبيه بالنبتة الأم. وبينما تنمو البذور نحو الأعلى تنمو البذور شيئا فشيئا نحو أعماق التربة لكي تقوم بامتصاص المواد اللازمة لصنع الغذاء خلال عملية التركيب الضوئي.
ص. 73
(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ فَأَنْشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةٌ تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدٌُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ) سورة المؤمنون: 18-20
ص. 74(1/137)
تختلف النباتات فيما بينها من ناحية تنوع الغلاف المحيط بالبذور، وكما هو واضح من الصورة فإن غلاف بذرة البندق يتميز بصلابته الملحوظة حيث يتكون من مادة صعبة الكسر، ولكن البذرة الكامنة داخل هذا الغلاف الصلب تبدأ في الإنبات عندما يحين الموعد الملائم لذلك دون أن تكون صلابة الغلاف المذكور عائقا أمام عملية الإنبات ونمو البذرة نحو الخارج.
ص. 78
الورقة: yaprak؛ أنابيب النقل: ta??ma borular?؛ مقطع من ورقة: yaprak kesiti؛ الماء: su؛ الجذع: g?vde؛ شعيرات جذرية: k?k tüyleri؛ القسم الداخلي لجذر النبات: bitki k?künün iç k?sm?
ص. 79
التركيب العام لقمة الجذر: k?k ucunun genel yap?s?
نسيج الخشب: su xylemi؛ نسيج اللحاء: ?z su phloemi؛ طبقة من نسيج بيني: katman؛ شعيرات جذرية: k?k tüyleri؛ قمة الجذر: k?k ba?l???
توضح الصورة على الصفحة اليسرى جميع أعضاء جهاز الدوران (النقل) في النبات. فجذور النباتات تقوم بامتصاص الماء من التربة، وينتقل الماء إلى أعلى النبات عن طريق الأنابيب الناقلة. وتقوم هذه الأنابيب بنقل الماء والمواد الغذائية الممتصة إلى جميع أجزاء النبات حتى القمة وعلى ارتفاع أمتار عديدة جدا دون أية صعوبة تذكر. وهذا النقل الممتاز للمواد من الجذور إلى أبعد جزء في النبات هو وليد تصميم مدهش وخارق، ولا شك أن هذا التصميم هو من صنع الذي خلق كل شيء وهو الله عزوجل.
أما الصورتان إلى اليسار فتبينان تركيب قمة الجذور ونموّها.
ص. 81(1/138)
لنفترض أنه طلب منا تمييز المواد المعدنية المفيدة لأجسامنا من بين المواد المبينة في الصورة مثلا. فإذا كان الواحد منا لم ينل نصيبا وافرا من التعليم اللازم فإنه لن يستطيع القيام بهذا الأمر. أما النباتات فتقوم بهذه العملية منذ ملايين السنين. أي أنها تقوم بتمييز المواد المعدنية اللازمة لنموها من بين الكثير الكثير من المواد الموجودة في التربة. وهذه العملية يستحيل على الإنسان العادي أن يقوم بها، بينما هي عملية بسيطة لدى النباتات، وهذا يوضح القدرة الإلهية التي أودعت هذه الميزة في النباتات.
ص.82
العناصر الكيماوية اللازمة للنبات
العنصر المصدر الوظائف الرئيسية للعنصر
العناصر اللافلزية
الكربون الهواء يوجد في جميع جزيئات المواد العضوية
الأكسجين الهواء يوجد في أغلب جزيئات المواد العضوية
الهيدروجين التربة يوجد في أغلب جزيئات المواد العضوية
النتروجين (الأزوت) التربة يوجد في البروتينات والأحماض الأمينية وماشابهمها.
العناصر الفلزية
المواد الغذائية ذات الذرات أو الجزيئات الكبيرة
الفسفور التربة يوجد في الأحماض النووية والـ ATP والليبدات الفسفورية
البوتاسيوم التربة يستخدم في تنشيط الأنزيمات والحفاظ على التوازن المائي وعلى توازن الحديد
الكبريت التربة يوجد في البروتينات وبعض الأنزيمات
الكالسيوم التربة يؤثر على تماسك الخلية وعلى الأغشية وأغلب الأنزيمات ويعتبر ناقلا ثانويا للرسائل الكيمياوية
المغنيزيوم التربة يوجد في تركيب الكلوروفيل، وهو حيوي لأغلب الأنزيمات، ويحافظ على التوازن داخل الريبوسومات
المواد الغذائية ذات الذرات أو الجزيئات الصغيرة
الحديد التربة يوجد في تركيب أغلب أنزيمات الريدوكس والأجزاء الفعالة من ناقلة الإلكترون، ويستخدم في تركيب الكلوروفيل.
الكلور التربة يستخدم في عملية التركيب الضوئي وفي الحفاظ على توازن الحديد.
المنغنيز التربة يؤدي إلى تنشيط أغلب الأنزيمات(1/139)
البورون التربة قد يكون ضروريا لنقل الكاربوهيدرات.
الخارصين التربة ضروري لتنشيط الأنزيم وتركيب الأوكسين.
النحاس التربة يستخدم في تركيب الجزء الفعال لأغلب أنزيمات الريدوكس وناقلات الإلكترون.
موليبيدينيوم التربة ضروري لتثبيت النتروجين وتقليل أيون النترات.
إن الجدول أعلاه يبين لنا العناصر اللازمة للنبات ووظائفها وكيفية قيام النبات بتوفيرها من مصادرها المختلفة. فالتربة تحتوي على عناصر عديدة ولكن النبات لا يمتص سوى هذه العناصر الستة عشر فقط، وهي تعتبر لازمة لفعاليات النبات الحيوية. وهذه العملية التدقيقية والتشخيصية التي يصعب على الإنسان القيام بها تقوم بها النباتات بكل سهولة وذلك بإلهام رباني.
ص. 84
.....................................................
ص. 88
يلاحظ في الصورة إلى اليسار نبات الخطاف (رانونكلوس فيكاريا) وهو مثل باقي النباتات يتوجه تدريجيا نحو الشمس. وتشبه زهرته هوائي الرادارات. وهذا التوجه يجعل النبات يحقق الفائدة القصوى من أشعة الشمس. ويرى في الصورة إلى الأسفل نبات عباد الشمس الذي يغير اتجاهه تبعا لتغير موقع الشمس في الهواء. فالخلايا الموجودة في أوراق النبات تمتاز بالحساسية تجاه أشعة الشمس، وهذه الخلايا هي التي توجه النبات نحو تلك الأشعة.
ص. 89
......................................
ص. 90
يتبين من الصورتين أن هناك اختلافا شاسعا بين النباتات الصحراوية والنباتات الإستوائية من ناحية التركيب والشكل.
ص.92
مقطع لورقة نباتية يبين تركيب العديسات
العديسة: stoma؛ مقطع لورقة نباتية: yaprak kesiti(1/140)
تبدو الورقة النباتية للعيان مجرد جسم أخضر ضمن النبات. ولكن لو تم فحص الورقة النباتية فحصا جيدا بالوسائل المجهرية لتبين أن فيها تصميما خارقا متشعب التفاصيل. والعديسة واحدة من هذه التفاصيل ذات الأهمية القصوى بالنسبة إلى الورقة النباتية. وتتولى العديسة القيام بعملية الحفاظ على التوازن الحراري والمائي للورقة وكذلك السماح لغاز ثاني أكسيد الكربون بالنفاذ داخل الورقة من الهواء الخارجي. وكما يتضح من المقطع الورقي تقع العديسات في السطح السفلي للورقة، وتتميز بقدرتها على الإنفتاح والإنغلاق حسب حاجة النبات إلى الماء، وتعتبر التغيرات الحاصلة في الوسط الخارجي من العوامل المؤثرة على عملية انفتاح العديسات وانغلاقها.
ص. 93
الحشيش من ذوات الفلق الواحدة: monokot bitki(çimen)؛ نبات الزابرينة من ذوات الفلقتين: dikot bitki.......؛ خلية ساندة منغلقة: kapal?.......؛ خلايا ساندة منفتحة: aç?k.........؛ خلية ساندة: yard?mc? hücre
تختلف وظيفة العديسة في النباتات ذوات الفلقة الواحدة عنها في ذوات الفلقتين. ويرجع التباين إلى اختلاف الخلايا الساندة (المساعدة) في كلا النوعين من النباتات. ففي ذوات الفلقة الواحدة تكون هذه الخلايا ذات مركز ضيق وأطراف سميكة. أما في ذوات الفلقتين فتشبه حبة الفاصوليا. والخلايا في ذوات الفلقة الواحدة تتصف أيضا بكونها متحدة مع خلية من خلايا البشرة. وعن طريق خصائص الخلايا الساندة الموجودة في العديسة تتم عملية تنظيم دخول ثاني أكسيد الكربون والماء وخروجهما.
ص. 94
(هُوَ الذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
النحل : 10-11
التركيب العام للبالستيدة الخضراء(1/141)
النسيج الحاوي على الخلايا التي تحدث فيها عملية التركيب الضوئي: fotosentez...........؛ غشاء القشرة: kabuk zar?؛ مقطع رقيق من الورقة: yapra??n........؛ العديسة: stoma؛ البشرة: epidermis؛ الغشاء الداخلي: iç zar?؛ الغشاء الخارجي: d?? zar?؛ خلية تجري فيها عملية التركيب الضوئي: fotosentiz yapan hücreleri...........؛ البلاستيدة الخضراء: kloroplast؛ الحزوز: thylakoidler؛ الحظ الرفيع: ince pul؛ الجسم المحزز: grana
إن البلاستيدات الخضراء الموجودة في النباتات هي التي تتولى القيام بعملية التركيب الضوئي. والصورة الجانبية تمثل بلاستيدة خضراء مكبرة تحت المجهر لأنها صغيرة الحجم جدا ولايصل حجمها إلا إلى واحد بالألف من المليميتر. وتحتوي البلاستيدة الخضراء على أعضاء عديدة جدا تقوم بمجموعها بإجراء عملية التركيب الضوئي. وتتألف الأخيرة من مراحل عديدة لا يزال بعضها مجهولا. وتجري هذه العملية المعقدة داخل هذه العضيوات المجهرية وبسرعة فائقة.
ص.99
زيادة الطول الموجي: dalg boyunun artmas?؛ الشمس: güne?؛ الأشعة السينية: x-???n?؛ أشعة كاما: gama؛ زيادة الطاقة: enerjinin artmas?؛ الإشعاع الراديري: radyo؛ الاشعة تحت الحمراء: k?z?l ?tesi؛ الأشعة فوق البنفسجية: uhvariogle؛ الطيف المرئي: g?rükbilir ???k؛ ترددات التلفزيون: tv؛ ترددات اللاسلكي: radar
تعتبر الشمس مصدر الطاقة لعالمنا الذي نعيش فيه. فهي تشع دوما إشعاعات مختلفة منها الضوء المرئي الذي تتحسسه الكائنات الحية المختلفة وخصوصا النباتات منها. ويرى في الصورة طيف الضوء المرئي الذي يتميز جزؤه الأزرق اللون بأن طاقته أعلى من طاقة الجزء ذي اللون الأحمر. وتستخدم النباتات الجزء ذي الطاقة الأعلى في إجراء عملية التركيب الضوئي.
ص. 100
تركيب الحز الذي يقبع داخله اليخضور (الكلوروفيل)(1/142)
غشاء الحز: thylakoid zar?؛ ثلاثي فوسفاتالأدنيوسيف+ فسفور نشط؛ ADP+P?؛ ضوء الشمس؛ güne? ?????؛ ناقل الإلكترون: elektron ta??y?c?؛ مركز التفاعل: reaksiyon merkezi؛ جهاز نقل الإلكترون: elektrom nakil sistemi؛ غاز الأوكسجين: o2؛ أيون الهيدروجين: H+؛ ثناني فوسفات نيكوتين أميد أدينين:NAPD جزيئة الماء: H2 O؛ ثلاثي فوسفات الأدينوسين: ATP
إن مادة اليخضور في النباتات تقبع داخل مايسمى بالحزوز الموجودة في البلاستيدات. والشكل التخطيطي أعلاه يوضح تركيب الحز الواحد. ويجب ألا ننسى بأن هذا الحز ماهو إلا جزء من البلاستيدة التي يبلغ حجمها واحدا من الألف بالمليمتر. ومن المستحيل أن يظهر هذا التركيب الخارق للحز بتأثير الصدفة البحتة. فالورقة النباتية مثلها مثل أي شيء في الوجود مخلوقة بقدرة الله عزوجل.
ص. 102
مراحل عملية التركيب الضوئي
جزيئة الماء: H2O؛ غاز الأوكسجين: O2: التفاعلات المرتبطة بوجود الضوء: ???gaba?l? reaksiyonlar؛ فوسفور نشط: Pi؛ ثناني فوسفات الأدينين: ADP؛ ثناني فوسفات نيكوتين أميد أدينيين NAPD؛ سكر الجلكوز والمواد الأخرى: Gligoz......؛ دورة كالفن: Calvin çevirimi؛ الحزوز: Thaylakoidlar(1/143)
عندما تسقط أشعة الشمس على الورقة النباتية تنفذ خلال الطبقات المتكونة للورقة، عندئذ تقوم تراكيب اليخضور الموجودة ضمن البلاستيدات الخضراء بتحويل الطاقة الموجودة في الأشعة الشمسية إلى طاقة كيمياوية. وبدوره يقوم النبات باستخدام هذه الطاقة لصنع الغذاء. إن هذه العبارات القليلة ماهي إلا خلاصة شديدة الإيجاز لما استطاع العلماء من سبر غور مايجري داخل النباتات عبر بحوث مضنية تكللت بالنجاح في خلال منتصف القرن العشرين. ولأجل فهم مايجري خلال عملية التركيب الضوئي ينبغي دراسة التفاعلات الكيميائية التي تملأ صفحات عديدة مكتوبة. ومع كل هذا الكشف العلمي فلايزال هناك المجهول مما يتعلق بهذه العملية. أما النباتات فلم تتوقف عن أداء هذه العملية منذ ملايين السنين موفرة بذلك للبيئة الأوكسجين والغذاء اللازمين.
ص. 105
(أَوَلَمْ يَرْوا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ) سورة السجدة: الآية 27
ص:109
النباتات المحافظة على التوازن البيئي في الطبيعة
الطاقة الشمسية Güne? enerjisi؛
الطاقة المنبعثة من تحت سطح الأرض: Yer alt?dan yay?lan enerji
الحرارة المخزنة في الغلاف الجوي من قبل غاز أوكسيد الكاربون : Atmosferde........ ؛
الطاقة المنتشرة في الغلاف الجوي: Atmosfere yay?lan enerji
الحرارة : ?s?
محطات توليد الطاقة المصدر الرئيسي لثاني أوكسيد الكاربون :kuvvet........
الحرارة المنبعثة من البحار:denizden ......
الحرارة المنبعثة من اليابسة: karadan yay?lan ?s?
تضاف كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكاربون بفعل حرق الوقود المتحجر كالفحم و الغاز و البترول Fosil إyaktlar .......
إلى الغلاف الجوي عن طريق عوادم السيارات :Araba.......قطع الأشجار بسبب تراكم ثاني أوكسيد الكاربون في الجو:kesilen a?a.....(1/144)
- تعتبر النباتات من أهم العوامل المحافظة على التوازن البيئي. و نستطيع أن ندرك هذه الحقيقة عبر إجراء مقارنة بسيطة. فالحياوانات و الكائنات الحية الأخرى التي تعيش في عالمنا تستخدم الأوكسيجين و تطلق غاز ثاني أوكسيد الكاربون إلى الجو. و كذلك تطلق حرارة و بخار الماء. و تقوم المصانع أيضا لنفس كمية من الحرارة و ثاني أوكسيد الكاربون نتيجة مختلف الأنشطة الصناعية. و في المقابل ذلك تقوم النباتات بإمتصاص الحرارة و غاز ثاني أوكسيد الكاربون من الجو. و هي تستخدم كليهما خلال عملية التركيب الضوئي مطلقة الأوكسيجين بإستمرار إلى الجو. أن مثل هذا التوازن الدقيق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفترض وجوده بالمصادفة. فأن مثل هذا الإفتراض يكون منافيا للعقل و المنطق السيلم.
ص 111
- عندما نتمعن مليا في إختلاف الفواكه و الخضر فيما بينها من ناحية المذاق و الطعم و الرائحة يتبادر إلى أذهاننا السؤال الآتي: لا يمكن أن يكون هناك إدراكا معينا لدء كل من البطيخ و العنب و المشمش و الباقلاء...الخ في إكتساب الرائحة و الطعم المميزين بالرغم من إشتراك جميع هذه الأصناف في الفواكه و الخضر في النمو بالتربة الواحدة و إمتصاص الماء و المواد المعدنية نفسها. لا شك أن هناك التمايز المذهل لا يحدث إلا بالإلهام الرباني.
ص 114
يرى في الصورة كيفية قيام نبات الكاميللا بعملية النتج بسبب تأثير الوسط عالي الرطوبة ففي مثل هذه الأوساط عالية الرطوبة تقوم النباتات بطرح النيغ الموجود في اللحاء الورقي حفاظا على الحرارة الداخلية و التوازن المائي و نتيجة لذلك تفعل هذه النباتات فعل المرطب للجو.
ص 119:
كل ورقة نباتية تسقط تترك وراءها ندبة. و سرعان ما يتم تغليف هذه النبتة بطبقة شبيهة بالفطريات عازلة للماء و ذلك للحفاظ على النبتة من المؤثرات الخارجية
ص 120
المظهر المجهري لتساقط الورقة النباتية(1/145)
سويق الورقة:yarak sap? برعم حرشفي: Pullu tomrucuk جذع الشجرة: a?aç g?vdesi
محل القطع: kesilme b?lgesi
يرى في الصورة إلى أعلى اليسار مقطع طولي المحل إنفصال ورقة من شجرة السفنديان, أما الصورتان الأخريان فتمثلان صورتين مجهرتين لمراحل سقوط الورقة . و الصورة إلى الأعلى تمثل صورة مجهرية للساق بعد سقوط الورقة. أما الصورة إلى اليمين الأسفل فتمثل الساق سقوط الورقة. حيث تبدأ الطبقة الغشائية الواقعة تحت سويق الورقة مباشرة بممارسة نشاط فعال لتفني نفسها بنفسها و بالتالي تسقط الورقة.
ص 124
اللجا:pholem نسيج الخشب:odunsu doku طبقة: katman العديسة: stoma بخار الماء: su buhar? نسيج الخشب: xylem قشرة الشجرة: A?aç kabu?u ماء التربة: Topraktaki su
توضح الصورة إلى الأعلى تركيب جهاز النقل النبات بأعضاءه المختلفة. يتولى الماء ةظيفة نقل المعادن إلى كافة أنحاء جسم النبات و كذلك يقوم بوظيفة النقل خلال عملية التركيب الضوئي. و كل جزء من النبات له وظيفته الخاصة به. و يحتوي على ما يود نقله إلى باقي أجزاء النبات. فالماء الموجود في التربة يتم إمتصاصه من قبل الجذور و من ثم يتم نقله بواسطة أنابيب الخشب إلى الأوراق ليتم إستخدامه خلال عملية تركيب الضوئي.
ص 125
الخلايا الأبنوبية: buru hüc الخلايا الرغامية: Trachied hücreleri طبقة فنخلية: elek tabakas? أنبوب منخلي:elek borusu خلية ساندة: Yard?mc? hücre خلايا اللحاء:b) pholem خلايا الخشب: a) kesilem
أنابيب النقل في النبات بالرغم من وجودها في جسم نباتي واحد إلا أنها تختلف فيما بينها إختلافا كبيرا.
نسيج الخشب:xylem اللب: bitki ?zü ضوء: ???n القشرة :korte نسيج اللحاء:pholem طبقة نامية: büyüme.....(1/146)
تمثل الصورة إلى الأعلى مقطعا عرضيا من سويق الورقة. و هنامك في النبات خلايا مختلفة تتولى عملية التخزين و نقل المواد اللازمة إلى الأجزاء المطلوبة. بالإضافة إلى ذلك هناك طبقة الكامبيوم التي تولد خلايا خشبية و لحائية جديدة.
ص 127
القمة النامية للشجرة: A?aç.....
سكر مؤكسد محمول من قبل خلايا الحاء لتوفير الطاقة الازمة للنمو: Büyüme.........
الماء المفقود نتيجة التبخر:bahar......
ضوء الشمس:..... Güne?
السكر الناتج من عملية التركيب الضوئي و الذي يستخدم لتكوين محاليل سكرية عالية التركيز:Yo?un..
إنسيابية السكر داخل المحلول عالي التركيز ضمن خلايا اللحاء: Phylom....
طبقة منخلية: elek tabakas?.....
خلية منخلية: elek...
الجذع: G?vde
خلية ساندة:yard?m....
إنسيابية الماء و الأملاح المعدنية خلال الخشب: kesilem
سطح التربة: toprak....
الماء و الأملاح المعدنية المتضامن من قبل الخلايا الجذرية: k?k hücre...
محلول سكري عالي التركيز يوفر السكر الازم بعد الأكسدة لتوفير الطاقة الازمة الجذر:seyril......
يرى في الصورة الجانبية مخططا لكيفية نقل و توزيع الماء و الأملاح المعدنية و المواد الغذائية إلى مختلف أنحاء جسم النبات بواسطة الأنابيب الناقلة التي لها القابلية على النقل و التوزيع حتى أقصى ورقة مهما زاد طول النبتة. و هذه الطريقة في النقل داخل النبات إكتشفها العلماء في الماضي القريب. بينما النباتات جميعها تمارس هذه العملية منذ وجدت.
ص 129
مقطع الشجرة يمثل نظام النقل فيها
القشرة الخارجية:d??........
الحلقات السنوية:y?ll?k halk.....
النسغ النازل:bes? suyu...
الجذور:k?kler
الخشب:....xylem
اللحاء:pholem.....
عروق شعاعية:damar.....(1/147)
إن من أهم خصائص أجهزة النقل النباتية المختلفة هي تبني القنوات الناقلة المتألفة من خلايا خاصة لهذه المهمة الصعبة. و الشكل التخطيطي إلى الجانب يوضح أن الماء و المواد الغذائية يتم نقلها في أنابيب اللحاء و الخشب يتم تجديدهما كل سنة. و هكذا يتم التجديد النباتي كل سنة للنظام الرابط بين الورقة و الجذر و هو النظام المتألف من خلايا اللحاء و االخشب.
ص 136
إن تزهير النبات ليس حدثا تلقائيا من ذاته. فالنباتات لا تنتج طلعها إلا في مواسم أو ساعات معينة. فزهرة الخشخاش مثلا لا تنتج ضلعا إلا في الساعات التي تكثر فيها الحشرات الناقلة له. و الأزهار لا تنتج ضلعا في مواسم معينة من السنة تعتبر أنسب الأقات لهذه الفعالية النباتية الحيوية. و يطلق العلماء على هذا التزهير المتزامن بالساعة البيولوجية النباتية.
ص 138
تعتبر اليرقات من ألد أعداء نيات الذرة لذلك يقوم هذا النبات بإفراز مادة كيمياوية خاصة تجذب الدبابير التي تقتات على اليرقات و كأن نبات الذرة يطلق صرخة إستغاثة مناديا فيها الدبابير كي تقوم إنقاذها من شر اليرقات.
ص146
الكروموسوم : 2) kromozon
النواة:1)çekirdek
الرايبوسومات: 4)ribozombr
المايتوكوندريا :3)mitokon
غذاء مخزون : 6) kollulor
البلاستيدة الخضراء:5) kloroplast
غشاء الخلية:8) hücre
الشبكة الأندوبلازمية:7) endoplaz
يمكن تشبيه خلايا الكائن الحي بالمصانع التي تحتوي على جهاز النقل الداخلي و المواصلات و مركز المعلومات و مركز الصنع الكيمياوي و محطة توليد الطاقة و أيضا على مراكز للتعبئة و الخزن و التغليف. و الفرق الوحيد بين الخلية الحية و المصنع هي كون الأولى ذات أبعاد مجهرية.
ص 147:
سوط:kamç?
تركيب بلازمي:plasmid
ساتيوبلازم وسطي:mezozom
ساتيوبلازم:sitoplazm
غشاء البلازما:plazmazar?
النواة: çekirdek
كروموسوم مرتبط بغشاء البلازما:p......
جدار الخلية:hücre duvar?(1/148)
يوضح الرسم إلى الجانب تركيب كائن حي أحادي الخلية مثل البكتيريا الذي لا يحتوي ساتوبلازمة إلا على عدد بسيط من التراكيب. و يستحيل أن تتطور هذه الخلية البسيطة التركيب كما يفترض الدارويونلينتج منها كائن حي معقد التركيب.
ص150 الآية 14 من سورة النمل
ص 152 رسم تخطيطي مبسط يمثل فرضية دعاة التطور فيما يخص بكيفية نشوء الخلية النباتية.
ص 155 الآية 61- من سورة العنكبوت.
ص 157 إن الطحالب الخضراء المبنية في الصورة ما هي إلا كائنات حية أحادية أو متعددة الخلايا لها المقدرة على إجراء عملية التركيب الضوئي.
ص 158
كروموسوم: kromozom
جدار الخلية: hücre duvar?
الرايبوسومات: ribozomlar
السايتوبلازم:sitoplazma
غشاء البلازما: plazmazar?
لايوسوم: lizozom
مايتوكوندريا: mitonkondree
فضلات في طريقها للطرح الخارجي: konraktil koful
غذاء مخزون:koful
النواة: çekirdek
جسيم كولجي: golgi
يفترض الدارويون بأن الخلية البسيطة أعلاه هي التي نشأت منها الخلية المعقدة المبينة إلى الأسفل.
و عندما تبين لهم خطأ إفتراضهم ذاك عكسوا فرضيتهم متشبثين بها تشبثا أعمى.
ص163
شجرة النسب (التطور) الخيالية المفترضة للنباتات
الرخيات النباتية :ilkel .....
بكتيريا الكبريت:kibrit totlar?
الطحالب الخضراء: ye?il algler...
الطحالب السوداء:kara.....
الرخسيات: e?reltiler ...
ذات الأوراق الأبرية:i?ne yaprakl?lar
النباتات الزهرية: çiçekli bitkiler......
النباتات:bitkiler
ص 166
يعتبر ال... نباتا عاش قبل 270-345 مليون سنة. و كما يرى في الصورة المكبرة لمتحجر النبات مواقع إرتباط أوراقه المتساقطة. و كذلك يمكن ملاحظة منطقة إرتباط سويق الورقة بالجذع على شكل ماسي و كذلك ملاحظة قالب للورقة و كأنه مطبوع على الجذع
ص 167(1/149)
يتصف هذا النبات الذي عاش قبل 360-395 مليون سنة بعدم إحتواءه على الأوراق و كما يرى في الصورة لمتحجر هذا النبات فإن جذعه يتفرع إلى أفرع أصغر و أصغر ذات عروق كثيرة. و يرجع هذا المتحجر إلى العهد الديفوني.
ص167
يعتقد أن هذا النبات كان ينمو حتى يصل طوله إلى 20 مترا. و يعتقد أيضا أنه عاش في العهد الكابوني الأوسط أي قبل 250-300 مليون سنة
ص168
يتميز هذاالنبات بتفرع أوراقه إلى أوراق أصغر فأضغر. و المتحجر المبين في الصورة هو لنوع يدعى سنفتن برجيا بلوموسا عاش في ألمانيا خلال العهد الكاربوني أي قبل 300 مليون سنة.
ص 168
يتصف هذا النبات بتعقد تكوينه. و لا يختلف أبدا في شكله الخارجي عن نباتات عالمنا الحالي. و يمكن تمييز أوراقه في متحجره بكل سهولة. و هذا المتحجر هو لنوع يسمى..... و عاش في ألمانيا خلال العهد الكاربوني أي قبل 290-325 مليون سنة.
ص 168
يرى في الصورة و بكل وضوح متحجر لأوراق هذا النوع من النبات الذي عاش خلال العهد الكاربوني الأحدث أي قبل 280 مليون سنة. و ينتشر بكثرة في أروبا و أمريكا الشمالية. و الصورة المتحجر النبات من نوع يدعى ............ و يتم العثور على هذا المتحجر ضمن المتحجرات الموجودة في بنسلفانيا التابعة لمنطقة مازون كريك بولاية الينوي
ص 169
متحجرات ترجع إلى عهود و أحقاب أخرى
بقايا متحجرة لأوراق نوع يدعى كالامايتاسيا. و تتميز الأوراق بشكلها البيضوي أو الرمحي و إنتشر هذا النوع بكثرة في كل من أمريكا و كندا و الصين و أروبا خلال العهد الكاربوني و في الإنحاد السوفيتي خلال العهد فيعود إلى نوع عاش في إيطاليا خلال العهد الباليوزويكي الأحدث
ص 169(1/150)
يعتبر أقدم نبات يابسة ذي عروق و له أنسجة ناقلة و سبورات و هي صفات تجعله لا يختلف في شيء عن نباتات عالمنا الحالي. و أغصانه الحاملة للأوراق يبلغ طولها 28 سم و عرضها 1-2 سم. و محور النبات الرئيسي يتوزع إلى فرعين رئيسيين. و المتحجر المبين في الصورة ليعود لنوع يدعى لونغيفوليا وجد في منطقة فيكتوريا بأستراليا. و عاش قبل 400 مليون سنة أي خلال العهد السيلورياني الأحدث
ص 169 .....
يستخدم هذا النوع لتوضيح المتحجرات المتعلقة بالأعشاب السرخية و تتميز الأوراق بشكلها المختلف و هي من النوع الذي يحتوي سويقه على زوائد ريشية من الجانبين و عند مقارنة هذا النوع مع الرخسيات الحالية لما وجد أي إختلاف بينهما و المتحجر المبين في الصورة تم العثور عليه في منطقة لا مباردي .... و يرجع إلى العهد الجوراسي القديم أي قبل 190 مليون سنة
ص 170
يرى في الصورة إلى الجانب متحجر لنبات يدعى جنكو بيلوبا عاش قبل 160 مليون سنة و إلى يمين الصورة صورة تشبيهه الحالي. و لا يوجد أي فرق بينهما بالرغم من الفارق الزمني و الذي يقدر بملايين السنين و يعود المتحجر المبين في الصورة إلى العهد الجوارسي الأوسط أي قبل 160 مليون سنة
متحجر لنبات كلومبوس يعود إلى العهد الكاربوني....
كلومبوس الحالي
إن هذا الكائن الحي الذي يعتبر اغلطحالب لا يختلف أبدا عما هو موجود في المتحجرات.
يرى في الصورة مقارنة بين ثمرة نبات ... الحالي و ال...كمتحجر يرجع إلى عهد الأيوسيني. و نبات ال..... يعتبر حاليا من صنف النخيل الذي ينتشر في السواحل الإستوائية أو على ضفاف الأنهار و لكنه يتصف بكونه عديم الجذع و يتضح من الصورة عدم وجود أي إختلاف بين الثمار الحالية و المتحجرة
أوراق شجرة الخطاف في عصرنا الحالي .......
متحجر بين كيفية توزيع العروق لورقة شجرة الخطاف
متحجرات لأوراق شجرة الخطاف ترجع إلى العهد الميوسيني(1/151)
و يتضح من المقارنة عدم وجود أي إختلاف بين أوراق شجرة الخطاف في عصرنا الحالي و بين تلك التي عاشت في العصور السحيقة
ص171
متحجر لورقة شجرة الحور
زهرة متحجرة .........برعم....
الأوراق المتحجرة لشجرة الحور لا تختلف أبدا عن مثيلاتها الحالية. و المتحجر المبين في الصورة عمره 25 مليون سنة تقريبا.
زهرة الزغدة في عصرنا الحالي
يرى في الصورة اليسرى برعم متحجر يرحع إلى العهد الميوسيني أما الصورة اليمنى فهي لزهرة متحجرة(1/152)