الهندسة النفسة...اعداد عارف سمان
الهندسة النفسية هي المصطلح العربي المقترح لما يطلق عليه بالغة الإنكليزية Neuro Linguistic Programming أو NLP . والترجمة الحرفية لهذه العبارة هي ( برمجة الأعصاب لغوياَ ) أو البرمجة اللغوية للجهاز العصبي . كلمة Neuro تعني عصبي أي متعلق بالجهاز العصبي ، و Linguistic تعني لغوي أو متعلق باللغة ، وProgramming تعني برمجة . أما الجهاز العصبي هو الذي يتحكم في وظائف الجسم وأدائه وفعالياته ، كالسلوك ، والتفكير ، والشعور . واللغة هي وسيلة التعامل مع الآخرين . أما البرمجة فهي طريقة تشكيل صورة العالم الخارجي في ذهن الإنسان ، أي برمجة دماغ الإنسان.
عندما نشتري جهاز الكومبيوتر يكون كأي جهاز كومبيوتر جديد ، يحتوي على الأجزاء المعروف إضافة إلى نظام التشغيل . ولكن بعد أن نستعمله لفترة من الزمن (سنه أو سنتين مثلا) ستكون في الجهاز برامج ومعلومات وأرقام ونصوص ورسوم وغير ذلك ، تختلف عما في الجهاز آخر . كذلك الإنسان يولد على الفطرة وأبوه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فالإنسان يكتسب من أبويه( وأسرته ، ومدرسته ، ومجتمعه ) معتقداته ، وقيمه ، ومعاييره ، وسلوكه ، وطريقة تفكيره . كل ذلك عن طريق حواسه ، و عن طريق اللغة التي يسمعها منذ صغره ، ويقرأها عندما يتعلم القراءة . تذهب جميع هذه المعلومات إلى دماغه وجهازه العصبي ، فيكون صورة للعلام من خلال ذلك . ولا يكون لديه الا ذلك العالم الذي تشكل في ذهنه , بغض النظر عما يحدث في العالم الخارجي . ومن ناحية أخرى فانه اذا تغير ما في ذهنه , فان العالم بالنسبة له سيتغير , بغض النظر عما يحصل في العالم الخارجي . وبالتالي فان الانسان اذا اعتقد أن بإمكانه أن يقوم بعمل ما , أو اعتقد بأنه لا يمكنه إن يقوم به , فان ما يعتقده صحيح في الحالتين .(1/1)
مادا يعني ذلك ؟ إن لك يعني أن الإنسان يستطيع تغيير العالم عن طريق تغير ما في ذهنه !! ولكن كيف يمكنه تغير ما في ذهنه ؟ هذا ما تجيب عنه الهندسة النفسية . وربما وضح السبب في تسميتها بهذا الاسم ، لأن الهندسة تتضمن عملية التصميم ، والتطوير ، ولإنشاء ، والصيانة . فالهندسة النفسية تتناول تصميم السلوك ، والتفكير ، والشعور . وكذلك تصميم الأهداف ، للفرد أو الأسرة أو المؤسسة ، وتصميم الطريق الموصل إلى هذه الأهداف .
تاريخ الهندسة النفسية
في منتصف السبعينات وضع العالمان الأمريكيان الدكتور جون غر ندر عالم لغويات وريتشارد باندلر عالم رياضيات أصل البرمجة اللغوية للذهن . وقد بنى غر ندر وباندلر أعمالهما على أبحاث قام بها علماء آ خرون ، منهم عالم اللغويات الشهير نعوم تشكومسكي Noam Chomsky ، والعالم البولندي الفريد كورزيبسكي Aifrd Korzybsky ، والمفكر الإنجلزي غريغوري باتيسون Gregory Batison ، والخبير النفسي الدكتور ميلتون اركسون Milton Erickson والدكتورة فرجينيا ساتير virginia Satir ، ورائد المدرسة السلوكية العالم الألماني الدكتور فرتز بيرلز Fritz Perls ونشر غرند وباندلر اكتشافهما عام 1975م في كتاب من جزأين بعنوان The Structure of Magic وخطا هذا العالم خطوات كبيرة في الثمانينات ، وانتشرت مراكزه ، وتوسعت معاهد التدريب عليه في الولايات المتحدة الأمريكية ، كما افتتحت مراكز له في بريطانيا وبعض البلدان الأوربية الأخرى . ولا نجد اليوم بلدا من بلدان العالم الصناعي إلا وفيه عدد من المراكز والمؤسسات لهذه التقنية الجديدة .
تطبيقات الهندسة النفسية(1/2)
ومن ناحية أخرى امتدت تطبيقات الهندسة النفسية NLP إلى كل شأن مما يتعلق بالنشاط الإنساني كالتربية والتعليم ، والصحة النفسية والجسدية والرياضة والألعاب ، والتجارة والأعمال ، والدعاية والإعلان ، والمهارات والتدريب ، والفنون والتمثيل ، والجوانب الشخصية والأسرية والعاطفية وغيرها .
ففي مجال التربية والتعليم تقدم الهندسة النفسية جملة من الطرق والأساليب لزيادة سرعة التعليم والتذكير ، وإتقان تهجي الكلمات للأطفال ، وتشويق الطلاب للدراسة والمذاكرة ، ورفع مستوى الأداء للمدرسين ، وزيادة فعالية وسائل الإيضاح ، وتنمية القدرة على الابتكار ، وشحذ القدرة على التفكير ، وتحسين السلوك ، وترك العادات الضارة ، وكسب العادات الحميدة .
وفي مجال الصحة النفسية والجسدية تستخدم طرق الهندسة النفسية ووسائلها لعلاج حالات الكآبة ، والتوتر النفسي ، وإزالة الخوف والوهم ( فوبيا) ، وتخفيف الألم ، والتحكم في تناول الطعام ، وزيادة الثقة بالنفس ، وحل المشكلات الشخصية ، والعائلية ، والعاطفية،وغير ذلك.(1/3)
وفي مجال التجارة والأعمال ، أخذت الشركات العالمية الكبيرة مثل آى بي إم IBM وتشسيس مانهاتن Chase Manhattan Bank ، وموتورولا Motorola وباسفيك بيل Pacific Bell وغيرها ، تعتمد طرق التدريب التي توفرها الهندسة النفسية ، وخاصة فيما يتعلق بالمهارات اللطيفة Soft Skills وهي مهارات الأداء الإنساني في التعامل مع الاخرين وتحديد الأهداف ، وإدارة الاجتماعات ، والتفاوض ، وإدارة الوقت ، والتخطيط الإستراتيجي ، والإبداع ، وتحفيز الموظفين ، وغيرها من النشاطات التي تتعلق بإدارة الأعمال والمؤسسات . وقد قامت شركة موتورولا بدراسة وجدت فيها أن كل دولار يستثمر في التدريب في المهارات اللطيفة يعود على المؤسسة بمقدار 30 دولار . وتقول الدكتورة جيني لابورد ، إحدى خبيرات التدريب على المهارات اللطيفة ، بأن المردود على المؤسسات هو أكثر من 30 دولارا لقاء كل دولار ينفق على التدريب في هذا المجال .
الهندسة النفسية تمدنا بأدوات ومهارات نستطيع بها التعرف على شخصية الإنسان ، وطريقة تفكيره ، وسلوكه ، وأدائه ، وقيمه ، والعوائق التي تقف في طريق إبداعه ، وأدائه . وكذلك تمدنا الهندسة النفسية بأدوات وطرائق يمكن بها أحداث التغيير المطلوب في سلوك الإنسان ، وتفكيره ، وشعوره ، وقدرته على تحقيق أهدافه .
مبادئ الهندسة النفسية
تستند الهندسة النفسية على جملة من المبادئ أو الافتراضات Presuppositions أهمها :
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
مبدأ (الخارطة ليست هي الواقع The Map Is Not The Territory ):.(1/4)
وقد وضع هذا المبدأ العالم البولندي الفريد كورزيبسكي . ويعني به أن صورة العالم في ذهن الإنسان هي ليست العالم . فخارطة العالم في أذهاننا تتشكل من المعلومات التي تصل إلى أذهاننا عن طريق الحواس ، واللغة التي نسمعها ونقرأها ، والقيم والمعتقدات التي تستقر في نفوسنا . ويكون في هذه المعلومات ، في أحيان كثيرة خطا وصواب ، وحق وباطل ، ومعتقدات تكبلنا ، وتعطل طاقاتنا ، وتحبس قدراتنا . ولكن هذه الخارطة هي التي تحدد سلوكنا ، وتفكيرنا ، ومشاعرنا ، وإنجازاتنا . كما أن هذه الخارطة تختلف من إنسان لآخر ، ولكنها لا تمثل العالم أي أن كل إنسان يدركه إلا إذا حصل تغير في الخارطة التي في ذهنه . ولكن إذا حصل تغير في الخارطة ( في ذهن الإنسان ) ، أيا كان هذا يغير ، فإن العلم يكون قد تغير . واستنادا إلى هذا المبدأ فإن بوسع الإنسان أن يغير العالم عن طريق تغيير الخارطة ، أي تغيير مافي ذهنه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) سورة الرعد اية 11
موضوعات الهندسة النفسية :
تتناول الهندسة النفسية عددا من الموضوعات يمكن تلخيصها فيما يلي :
محتوى الإدراك لدى الإنسان وحدود المدركات : المكان ، الزمان ، والأشياء ، والواقع ( كما نفهمه ) . الغايات والأهداف المستقرة في أعماق النفس . التواصل والتفاهم مع الآخرين . انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين . كيف يمكن إدراك معنى ( الزمن ) .
الحالة الذهنية : كيف نرصدها ونتعرف عليها ، وكيف نغيرها . دور الحواس في تشكيل الحالة الذهنية .أنماط التفكير ودورها في عمليات التذكير، والإبداع .
علاقة اللغة بالتفكير : كيف نستخدم حواسنا في عملية التفكير ، كيف نتعرف طريقة تفكير الآخرين . علاقة الوظائف الفسيولوجية بالتفكير .
كيف يتم تحقيق الألفة بين شخصين . ودور الألفة في التأثير في الآخرين .(1/5)
كيف نفهم ( إيمان ) الإنسان وقيمه وانتماءه . ارتباط ذلك بقدرات الإنسان وسلوكه . وكيفية تغيير المعتقدات السلبية التي تقيد الإنسان وتحد من نشاطه .
دور اللغة في تحديد أو تقييد خبرات الإنسان ، وكيف يمكن تجاوز تلك الحدود ، وتوسيع دائرة الخبرات .
كيف يمكن استخدام اللغة في الوصول إلى العقل الباطن ( أو اللاشعور ) . وكيف يمكن تغيير المعاني والمفاهيم .
علاج الحالات الفردية ، كالخوف ، والوهم ، والصراع الداخلي . التحكم بالعادات وتغييرها .
تنمية المهارات ، وشحذ القابليات ، ورفع الأداء الإنساني .
سيجد الممارس لهذا العلم ان للنجاح أركانا ثلاثة هي :
تحديد الهدف ( الحصيلة )
قوة الملاحظة والانتباه ( جمع المعلومات )
الاستعداد للتغيير ( المرونة )
ولكل واحد من هذه الأركان شرح وتفصيل ، وطرق وأساليب ، فإذا أخذت بهذه الأركان الثلاثة وأتقنت وسائلها وأساليبها ، فيمكنك تحقيق أمرين اثنين :
التغيير والتأثير .
تغيير أفكارك وسلوكك ، أو أفكار الآخرين وسلوكهم ، . تحقيق الانسجام الداخلي ، تحقيق الألفة ، تفيير السلوك والعادات ، العلاج لحالات الخوف والوهم تخفيف الألم تنمية المهارات التعليم والتدرب ، رفع الأداء الرياضي والفني حل المشاكل الشخصية والعائلية .
أما التأثير في الآخرين ، ففي مجالات عديدة أهمها :
اللقاءات والاجتماعات ، التفاوض ، البيع والتجارة والاعمال ، الدعاية والإعلام ، التربية والتعليم ، الصحية ، الدعوة والارشاد .
إن الهندسة النفسية علم يستند على التجربة والاختيار ، ويقود إلى نتائج محسوسة ملموسة. الهندسة النفسية تنظر الى قضية النجاح والتفوق على انها عملية يمكن صناعتها ، وليست وليدة الحظ أو الصدفة . ذلك أن احدى قواعد الهندسة النفسية تقول : أنه ليس هناك حظ بل هو نتيجة , وليست هناك صدفة بل هناك أسباب ومسببات .
والى لقاء في الدرس الثاني .....
اعداد المهندس عارف محمد سمان(1/6)
بتصرف من كتاب آفاق جديدة بلا حدود .(1/7)
عدم التذكير بالماضي المزعج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))
(( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ))
ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة هذه الأسرة التي هي مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات .. فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام فإنها تكون سعيدة منتجة وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام تكون شقية متفرقة.
ذكرنا نقاطا :
• تخفيف مثيرات الشهوة في البيوت " صيد الفوائد تربة الأبناء "
• اشاعة ثقافة المصارحة في البيوت . "
نتابع اليوم :
عدم تذكير بالماضي المزعج:
ما من إنسان إلا وقصر في حياته وأخطأ سواء كان هذا الخطأ كبيرا أو صغيرا , وهذه من صفات ابن آدم التي جبله الله عليها ولذلك ورحمة بنا وردت آيات وأحاديث كثيرة تشجع على التوبة والإنابة والاستغفار " إن الحسنات يذهبن السيئات "
وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها "
وطلب الإسلام من المسلمين قبول التائب وقبول توبته وعدم التذكير في كل لحظة بالخطأ الذي ارتكبه وتوعد لأولئك الذين يحكمون على الناس بعدم قبول التوبة وذلك في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك أو كما قال "(1/1)
وعصر الصحابة الذي هو خير القرون وجد فيه من وقع بالخطأ ورجع وأناب وتاب وقبل الناس توبته ولم يقفوا عند أخطاء من أخطأ فلم يذكر التاريخ أن الصحابة عيروا كعب ابن مالك لتخلفه بعد توبة الله عليه
وكذلك لم يذكر أن أحدا من الصحابة عير حاطب ابن أبي بلتعة على فعله على الرغم من شناعته بعد التوبة والإنابة و غير ذلك
ويوم تكلم أحد الصحابة وهو خالد رضي الله عنه عن المرأة الغامدية بعد رجمها نهاه النبي بقوله : " يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت "مسلم
وبما أن الأسرة هي جزء من المجتمع المسلم فإن ما ينطبق عليه ينطبق عليها تماما
إن كثيرا من الناس يتملكهم الرغبة الشديدة والقوية في تذكير الناس بماضيهم السيئ أو المزعج فكلما جلسوا مجلسا واجتمعوا في مكان يبدؤون بتذكير الناس بهذا الماضي وهذا يحدث للإنسان وهو كبير يريد أن يتوب من فعل اقترفه في سالف حياته لكن الناس لا يريدون أن يتوبوا عليه أو يقبلوه فكلما أراد أن يؤسس لحياة جديدة خرج له بعض الأشخاص ويذكرونه بما عاهد الله على ألا يعود إليه .
والحقيقة أن الإنسان يكون أكثر تعريا في التصرفات أمام أسرته وفي بيته ,فأغلب الآباء يعرفون أولادهم كيف ارتقوا وتربوا وكيف انتقل ذلك الولد من فكرة سالبة إلى أخرى موجبة أو من خطيئة إلى حسنة وكثير من الأزواج يعلمون هنات زوجاتهم وهنا ويا للأسف الشديد يكون الإطلاع على مثل هذه الأمور مدعاة للسخرية والتذكير بها في بعض المجالس
فمثلا كثير من الآباء يجلسون مع ضيوف ويجلس معهم الأولاد فيبدأ الأب بتذكير ما فعله أولاده من هنات ( والأولاد جالسون يسمعون ) أو بالأفكار التي كانوا يدينون بها ويضحك الأب ويضحك الضيوف..دون الاهتمام بأن الأولاد قد كبروا وتغيروا الأمر الذي يجعل الأثر السلبي كبير على نفوس الأولاد
وذات الشئ يتكرر مع الأزواج لزوجاتهم .(1/2)
ليس هناك أشد تخريبا للعلاقة الأسرية من التذكير بالماضي السيء والمزعج في كل لحظة مما يجعل الحياة جحيما لا يطاق
إن استدعاء الماضي للتقليل من شأن الآخرين وغض الطرف عن أفعالهم الحسنة إنما يدل على إنسان مريض نفسيا يريد أن يبني شموخه وشهوته على أنقاض الآخرين والحط من قدرهم
ولعل هذا الفعل السيء بتذكير الناس بماضيهم المزعج له آثاره السيئة الجلية منها:
1- الكراهية حيث يكره الابن أن يجلس مع أبيه وكذلك الزوجة تكره الجلوس مع زوجها .
2- الإصرار على المعصية : حيث سيكون ترك الفعل أو عدمه سيان وهذا ما يحصل لكثير من الشبان الذين يتعلمون بعض العادات السيئة ويريدون أن يتوبوا فتجد التشهير بهم سببا للإصرار على فعلهم .
3- الوصول إلى درجة الوقاحة : حيث يبقى الرجل يذكر ولده بفعل معين ويذكر ويذكر دون حكمة حتى يخلع الولد ما كان عليه من احترام ويصل إلى درجة الوقاحة فيقول هذا أمر يخصني وحدي ولا دخل لأحد به
إن التذكير بالماضي المزعج و السيء خطير جدا إذ يحطم الروابط الأسرية , ويبدلها بروابط أخرى أقلها روابط الكراهية والشماته .
وإن الحل الأمثل لهذا الماضي هو نسيانه ووضعه في مكان آمن من الذاكرة لا يمكن الوصول إليه بحال من الأحوال والنظر إلى المستقبل والعمل على تحسينه(1/3)
شخصية الفرد وسلوكه
كثير من الناس يعتقدون أن شخصية الفرد هو محور أساسي لسلوكه و في هذا الاعتقاد شيء من الصحة حيث أن شخصية الفرد هي ترجمة لسلوك عام للفرد يظهر في صفات معينة (traits ),فعندما يطلب شخص من آخر تحديد السلوك العام لشخص ثالث فان أول شيء يذكره هو الطابع العام لشخصيته و ذلك باعتبار أن هذه الشخصية هي التي تحدد السلوك العام للأفراد .
و توجد هناك عدة تعريفات للشخصية و بالرغم من اختلاف المفكرين في تعريف الشخصية إلا انهم أجمعوا بأنها عبارة عن كل العناصر أو الصفات المتداخلة مع بعض لتكوين الشخصية .
و هناك عدة نظريات عن الشخصية ومنها (نظرية الصفات ) التي تركز على تحديد صفات معينة لتعريف نوع الشخصية و بذلك في هذه النظرية تتكون شخصية الفرد من مجموعة صفات معينة تلتصق بالفرد و هذه الصفات غالبا مستديمة ويختلف الفرد في شخصيته عن الآخر بقدر درجة اختلافه بكل صفة من هذه الصفات .
و لكن السؤال الذي يثار هو عن ما هي الصفات التي تميز شخصية عن الأخرى وكيف يمكن قياس هذه الصفات الحقيقية ؟
و الإجابة عن هذا السؤال كان موضع جدال و آراء مختلفة للباحثين و لكن أحد الباحثين أورد 20 صفة مقسمة في خمس مجموعات رئيسية على أساس تشابه العلاقات بين صفات كل مجموعة ووجود علاقة بين صفات كل مجموعة و هذه المجموعات الرئيسية هي التأقلم الاجتماعي ,السيطرة العاطفية , الالتزام ,مهارة الاستيضاح . الثقة في التعبير عن الذات , وهذه الصفات ملخصة في الشكل التالي الجدول التالي :
المجموعة المنتمية إليها ... الصفات الفردية
التأقلم الاجتماعي ... ??مبتهج – حزين
??متحدث - ساكت
??حذر - مغامر
??مرن – جامد
??ثابت - قلق
السيطرة العاطفية ... ??لا يهتز - سريع الغضب
??ثابت - قلق
??معتمد على نفسه – معتمد على الغير
??محدود التأثير – سريع التأثير بالعبارات العاطفية
الالتزام ... ??جاد - هزلي
??يمكن مصاحبته - أناني
??شعوري - لاشعوري
??موضع ثقة - موضع شك(1/1)
??مستعد للتعاون - غير متعاون
مقدرة الاستيضاح ... ??اهتمامات متسعة - اهتمامات ضيقة
??عقلية مستقلة - عقلية غير مستقلة
??خيالي - غير خيالي أو تصوري
الثقة في التعبير ... ??يحاول - مستسلم
??متحدث - ساكت
??صريح - سري أو متحفظ
??يهتم بالجنس الآخر - لا يهتم بالجنس الآخر
و بذلك نتمنى أن يستطيع القارئ معرفة المجموعة التي ينتمي إليها بمعرفة صفاته الفردية .
بتصرف من كتاب السلوك التنظيمي .. للدكتور حامد أحمد رمضان بدر(1/2)
تدريبات جسمية لتقوية الشخصية
اولا - تدريبات اللياقة العامة
قوة الشخصية ترتبط ارتباطا وثيقا بالصحة العامة
وهذه التدريبات تساعد على التمتع بلياقة بدنية عالية:
1- الاستلقاء على الظهر ثم تحريك الرجلين والفخذين في الهواء ( كأنك تقود دراجة ) وتستمر حتى تحس بالتعب
2- الانبطاح على البطن ووضع الكفين في الازض ثم رفع الجسم وانزاله مع تثبيت مشطي القدم على الارض وتستمر في هذا التدريب حتى الاحساس بالتعب
3- الوقوف منتصب القامة دون ان يكون ظهرك مقوسا ثم ضع الذراعين في موازاة الجسم وابدأ في تحريكهما على هيئة مروحة الى الامام والى الخلف عدة مرات حتى تتعب
ثانيا - التدريبات الحركية التصحيحية
ونعني بها تصحيح ما نشأ عليه المرء من حركات خاطئة واوضاع غير صحية تؤثر بطريقة غير مباشرة على شخصيته
1- تصحيح طريقة مشيك
عليك السير يوميا على خط مرسوم او متخيل ( مثل السير في موازاة احد الارصفة او على خط مرسوم على الطريق او حتى على الخطوط المرسومة على البلاط في بيتك ) - هذا التمرين يساعد على انتظام طريقة مشيك بصورة مستقيمة صحية
2- تصحيح تقوس الظهر
قف مسندا ظهرك وساقيك على الحائط واجعل جسمك كله ملتصقا بالحائط قدر الامكان . ابق على هذا الوضع خمس دقائق وكرر هذا التمرين عدة مرات يوميا
3- انتصاب القامة
احضر كرسي مستقيم الظهر واجلس عليه واجعل فخذيك في خط افقي وقد عملا زاوية قائمة مع ساقيك وقم بتعديل وضع ظهرك حتى يأخذ زاوية قائمة مع فخذيك وابق على هذا الحال اطول مدة ممكنة
ثالثا - تدريبات الرشاقة الحركية:
الرشاقة الحركية تعني حذف جميع الحركات الزائدة عن المطلوب أي تقنين أداءك الحركي بحيث يؤدي الغرض بأقل جهد ممكن وبأقل حركات ممكنة مما يرفع من ثقتك بنفسك ويقوي شخصيتك
1- عند استخدام اليدين اثناء الكلام:(1/1)
اجعل كل حركة تصدر من يديك عاملا مساعدا على ايصال ماتقصده الى من يستمع اليك فكثرة حركات اليدين أثناء الكلام غير مستحبة وهذا التدريب يفيد في جعل اداءك الحركي رشيقا أثناء تحدثك :
- اجلس امام المرآة في حجرة مغلقة ( اوا امام كاميرا فيديو حسب امكاناتك ) وتحدث امامها في موضوع يهمك
- راقب حركاتك وانت تتحدث
- تخيل انك تتحدث في محاضرة او اما حشد من الناس وانتبه الى كل حركة تصدر منك
- حاول تجنب الحركات التي تفعلها وتجد انها غير لائقة او متكررة
- كرر هذا التدريب وحاول ابتكار حركات متزنة رشيقة ستجد انك قد اكتسبت المزيد من الرشاقة الحركية والتي سترفع من ثقتك بنفسك عندما تتحدث مع أحد او امام جمع من الناس .
2- قم بهذا التدريب في مكان منعزل
- امش متخيلا انك تحمل طبقا مملوءا بالماء على رأسك وانك حريص على عدم سكب الماء عليك
- اجعل عنقك مرفوعا وصدرك الى الامام واجعل عينيك تنظر الى الامام في خط مواز لمستوى النظر
- تكرار هذا التدريب يزيد من رشاقتك الحركية اثناء المشي
3- اجلس القرفصاء ثم قم منتصبا دون ان تسند يديك على الارض
- سر خمس خطوات ثم اجلس القرفصاء مرة اخرى دون ان تسند يديك على الارض
- كرر هذا التدريب عدة مرات يوميا وستحصل على رشاقة حركية كبيرة
رابعا - تدريبات الملامح والنظرات المناسبة:
ما يصدر عنا من ملامح ونظرات اثناء الحوار لها تأثير كبير في علاقاتنا الاجتماعية وفي ترك آثار بالغة في نفوس المحيطين بنا وهذه التدريبات تساعدك على تهذيب وتطوير مايصدر عنك من ملامح ونظرات حسب المواقف التي تحدث لك :
1- اجلس امام المرآة في حجرة مغلقة ( او امام كاميرا الفيديو ) وحدك ومرن نفسك على الاتيان بالملامح والنظرات التي تعبر عن .. الغضب - الدهشة - الشك - الموافقة والارتياح - التهديد - وغيرها من المواقف
- لاحظ نفسك وانتقدها وحاول تغيير الملامح التي ترى انها غير مناسبة(1/2)
- كرر هذا التدريب كل يوم الى ان تقتنع بأن نظراتك وملامحك تعبر تماما عما بداخلك من انفعالات متباينة
2- التقليد ليس عيبا حتى بالنسبة للكبار اذا كان في اشياء مفيدة وعليك ان تلاحظ اصدقائك فيما يبدونه من ملامح ونظرات يتخذونها اثناء انفعالاتهم وان تتقمص وتقلد الملامح والنظرات التي تعجبك
- اجلس امام المرآة او الكاميرا وحدك وحاول تقليد ملامحهم ونظراتهم عدة مرات الى ان تجيدها وستكتسب بذلك قدرة على التعبير تساعدك في تقوية شخصيتك
خامسا - تدريبات لاتخاذ الاوضاع المناسبة في الوقوف والجلوس :
مواقف الحياة المتباينة تتطلب منا اتخاذ وقفات معينة وطريقة جلوس مناسبة لكل موقف وعليك اداء هذا التدريب
- اختل بنفسك امام المرآة او كاميرا الفيديو واتخذ الاوضاع المناسبة في الوقوف والجلوس حسب الشخصيات المختلفة التي تقابلها ولابد ان تتناسب وقفتك وطريقة جلوسك مع الحالات التي تتخيلها والتي تقابلها فعلا في حياتك وانظر كيف يكون شكلك وتصرفاتك في الوقوف والجلوس والتي عليك ان تحاول تحسينها حتى يحس الطرف الآخر بشخصيتك ان كان اعلى منك مرتبة والعكس عندما يكون اقل منك حتى تكتسب القدرة على التكيف الناجح في حياتك الاجتماعية مع كافة المستويات .(1/3)
كيف تحقق ذاتك
لخص عالم النفس ( ماسلو ) الصفات المميزة لمن استطاعوا تحقيق ذاتهم في الآتي:
1- انهم يدركون الحقيقة بكفاءة , و يستطيعون تحمل التأرجح بين الشك واليقين
2- يتقبلون ذاتهم كما هي والآخرين كما هم
3- أنهم تلقائيين في تفكيرهم و سلوكهم
4- أنهم يركزون اهتماماتهم في المشاكل أكثر من تركيزهم على ذاتهم
5- يتحلون بملكة الفكاهة
6- مبدعين وخلاقين
7- يقاومون التشكل الحضاري الدخيل - ولكن دون تحفظ متزمت -
8- أنهم يهتمون بسعادة الانسان والبشرية
9- أنهم قادرين على التقدير العميق للتجارب الأساسية في الحياة
10- أنهم يقيمون علاقات مشبعة مع القلة وليس مع الكم من الناس
11- ينظرون للحياة نظرة موضوعية
والآن ماذا تفعل لكي تحقق ذاتك؟
1- مارس حياتك كالطفل !! ( اي باستغراق واهتمام كامل )
2- جرب دائماً الجديد و لا تلتصق بالقديم
3- استمع الى احساسك الخاص في تقديرك للتجارب - وليس لصوت التقاليد او السلطة او الغالبية -
4- كن مخلصا وتجنب المظاهر
5- ليكن لك رأيك المستقل .. وكن مستعدا لتكون غير محبوب اذا كانت آرائك تختلف مع الاغلبية
6- تحمل المسئولية
7- اعمل بجدية في ماتقرره
8- حاول استكشاف عيوبك ودفاعاتك اللاشعورية , وتحلى بالشجاعة في القضاء عليها .(1/1)
فنيات التعامل الضغوط النفسية stress
الضغوط النفسية
مقدمة
إذا كان موضوع الضغوط متشعباً وشائكاً كما يعتقد بعضهم، فإننا يمكن القول أن التعامل معه أكثر تعقيداً وتشابكاً، لاسيما أن بعضاً من جوانبه لا إرادي يصعب التحكم به حتى عند الأشخاص الأسوياء والقسم الآخر إرادي ملحوظ... ومن هنا جاءت المصاعب في تحديد أساليب التعامل مع الضغوط.
من المعروف أن الضغوط تمثل خطراً على صحة الفرد وتوازنه، كما تهدد كيانه النفسي، وما ينشأ عنها من آثار سلبية، كعدم القدرة على التكيف وضعف مستوى الأداء والعجز عن ممارسة مهام الحياة اليومية، وانخفاض الدافعية للعمل والشعور بالإنهاك النفسي. فإن أساليب التعامل مع هذه الضغوط هي الحلول السحرية لإعادة التوافق عند الإنسان إذا ما استدل على معرفة الأسلوب المناسب لشخصيته، وهنا تكمن الصعوبة. فحينما يتعامل الإنسان مع الموقف فإنه يستجيب بطريقة من شأنها أن تساعده على التجنب أو الهروب أو من تقليل الأزمة ومعالجة المشكلة(1).
سنقوم في هذا الموضوع باستطلاع بعض التعريفات لأساليب التعامل والتي يستخدمها معظم الناس الأسوياء (الأصحاء) في تعاملهم مع ضغوط الحياة. علماً بأن معالجة الضغوط تعني ببساطة أن نتعلم ونتقن بعض الطرق التي من شانها أن تساعدنا على التعامل اليومي مع هذه الضغوط والتقليل من آثارها السلبية بقدر الإمكان(2).
إن ما سيواجهنا لإحداث حالة التوافق عند استخدام أساليب التعامل أو آليات الدفاع اللاشعورية تساؤل مهم، وهو:
إلى أي مستوى يكون التوافق طبيعياً لكي يحدث التوازن؟
تعريفات
تعرف أساليب التعامل بأنها الطريقة أو الوسيلة التي يستخدمها الأفراد في تعاملهم مع الضغوط الواقعة عليهم.
فعرفها سبيلبرجر بأنها عملية وظيفتها خفض أو إبعاد المنبه الذي يدركه الفرد على أنه مهدد له(3).
أما كوهين ولازروس فيعرّفانها على أنها: أي جهد يبذله الإنسان للسيطرة على الضغط(4).(1/1)
ويعرفها (الإمارة) بأنها المحاولة التي يبذلها الفرد لإعادة اتزانه النفسي والتكيف للأحداث التي أدرك تهديداتها الآنية والمستقبلية(5).
إن الأزمة النفسية الشديدة أو الصدمات الانفعالية العنيفة أو أي اضطراب في علاقة الفرد مع غيره من الأفراد على مستوى البيت أو العمل أو المجتمع الصغير وغير ذلك من المشكلات أو الصعوبات التي يجابهها الفرد في حياته، والتي تدفع به إلى حالة من الضيق والتوتر والقلق، تخلق لديه الوسيلة لاستيعاب الموقف والتفاعل معه بنجاح فيتخذ أسلوباً لحل تلك الأزمة على وفق استراتيجية نفسية خاصة تتناسب وشخصيته. هذه الطرق والوسائل التي تستطيع أن تخفض التوتر تسمى أساليب التعامل مع الضغوط، وعند نظرية التحليل النفسي تسمى بالأساليب أو الحيل الدفاعية أو آليات الدفاع، وهي تعد حلاً توفيقياً وسطاً، أو تسوية بين المكبوت وقوى الكبت، كما أنها أشبه ببديل تعويضي عن فشل الكبت وما يترتب عليه من قلق. وإن أهم ما يميز العمليات الدفاعية في منهج عملها عن أساليب التعامل، كون الأولى تحدث لا شعورياً، أما الثانية (أساليب التعامل) فهي تحدث شعورياً ويلجأ إليها الفرد بما يلبي نمط شخصيته في الرد على الموقف الضاغط أو المهدد.
إن إدراك الفرد للضغط يعد من أهم الاستجابات الصحيحة الأولى لدى الفرد، واعتبر رد الفعل لذلك الضغط. هو إدراك الفرد للتهديد المحتمل في المواقف الضاغطة، وهو اعتقاد الفرد بقدرته في مواجهة أو تجنب التهديد في ذلك الموقف، وهو الجانب الأهم.(1/2)
لقد زاد الاهتمام منذ سنوات عدة بالوسائل والطرائق التي يلجأ إليها الفرد لدرء الخطر الذي يواجهه يومياً في حياته، وسمى علماء النفس هذه بأساليب التعامل Coping وعندما يستخدمها الناس إنما يستجيبون بطريقة من شأنها أن تساعدهم على تجنب ذلك الموقف الضاغط أو الهرب منه أو حتى التقليل من شدته بغية الوصول إلى معالجة تحدث التوازن. ولم ينصب الاهتمام على دراسة نوع واحد بعينه من الضغوط، بل تم دراسة أساليب التعامل مع الضغوط بأنواعها المختلفة وحسب نوعية الضغوط أو شدتها، فأسلوب التعامل مع النكبات التي تمر بالإنسان يختلف عن أسلوب التعامل مع الضغط الداخلي. فقد أثبت العلماء أن أسلوب طلب الإسناد الاجتماعي، هو أحد أساليب التعامل مع الضغوط الناجمة عن فقدان شخص عزيز أو الحرائق التي تحصل لممتلكات الإنسان وأمواله، أو النكبات الطبيعية، أما أسلوب الإسناد الانفعالي، فهو الأسلوب الأكثر استخداماً مع الأفراد المصابين بالاكتئاب النفسي. وسنستعرض أساليب التعامل (شعورية) وآليات الدفاع (ميكانيزمات) (لاشعورية) واستخداماتها.
أساليب التعامل مع الضغوط وآليات الدفاع
نوجز بعض أساليب التعامل مع الضغوط بما يلي:
- التصدي للمشكلة.
- طلب الإسناد الاجتماعي.
- طلب الإسناد الانفعالي.
- ضبط النفس.
- الخيال والتمني.
- التجنب والهروب.
- العدوان.
- الإبدال.
أما آليات الدفاع أو (الحيل) أو ميكانيزمات الدفاع فهي:
- الكبت.
- التعويض.
- التبرير.
- التحويل.
- التكوين العكسي.
- النكوص.
- التوحد (التقمص).
- التسامي.
- الخيال.
- الإسقاط.
إن التصور العام عن أساليب التعامل (Coping) مع الضغوط شامل ويحتاج إلى تفصيل أكثر وخاصة إذا استخدم مع آليات الدفاع اللاشعورية.. فيرى بعض علماء النفس بأن أساليب التعامل مع الضغوط تعتمد على أنها:
أ) وسيلة تعديل أو محو الموقف الذي يزيد من حدة المشكلة التي تسبب الضغط.(1/3)
ب) وسيلة التحكم الإدراكي واستدعاء الخبرات لتحييد المشكلة.
ج) وسيلة التحكم بالنتائج الانفعالية للمشكلة ضمن حدود الاستجابة الناجحة للحل.
وعموماً فإننا نرى بأن التعامل مع الضغوط عبارة عن أساليب تختلف باختلاف الأفراد أنفسهم. وبناءً على ذلك فسنستعرض تلك الأساليب بشكل مفصل:
التصدي للمشكلة:
وهو أسلوب من أساليب التعامل مع الضغوط، يلجأ إليه بعض الناس وفقاً لنمط الشخصية. ويهدف هذا الأسلوب إلى تخفيف العقبات التي تحول بينه وبين التكيف والاتزان أو تحقيق الأهداف الآنية.. ويكون واضحاً جداً في حالات الأزمات أو الكوارث. فعندما يواجه بعض الناس الضغوط المستمرة، طويلة الأمد، ويعمل البعض ما يقارب العشرين ساعة يومياً بهدف جمع ثروة أو لتحقيق مركز اجتماعي أو سياسي أو لتحسين المستوى المادي للعائلة.. فلا بد من أن يلجأ الإنسان إلى هذا النوع من الأساليب، ويقوم هذا الأسلوب على ثلاث عمليات هي:
1- التعامل النشط.
2- كفّ الأنشطة المتنافسة.
3- الكبح.
وبينت الدراسات النفسية أن هذا الأسلوب من أساليب التعامل يلجأ له المثقفون كاستجابة لآلية التعامل مع الضغط، إضافة إلى المعرفة المسبقة لمصدر الضغط لدى الفرد. ويعتمد هذا الأسلوب أساساً على قوة الشخصية والشجاعة في مواجهة المواقف النفسية والتوترات الناجمة عن مصدر الضغط وشدته.
(طلب الإسناد الإجتماعي ( طلب الإسناد الانفعالي(1/4)
وهو محاولة البعض للحصول على مساعدة الآخرين اجتماعياً أو نفسياً، طبياً، مادياً، تبعاً لتقديرات المعنيين أنفسهم. إذ يلجأ البعض إلى الأهل أو الأقرباء أو حتى العشيرة في بعض المجتمعات للحصول على الدعم الأمني عند الشعور بالتهديد لسبب معين. وقد يتجه البعض إلى أصدقائهم لغرض الحصول منهم على اطمئنان مستقبلهم الوظيفي أو السياسي أو التجاري إثر الخوض في مجازفة معينة، ويسعى البعض إلى طلب الإسناد الانفعالي (وخاصة المكتئبين) سواء من القريبين أو الأطباء النفسيين، ويتجه البعض إلى الدين لما في الدين من أمان وسكينة وطمأنينة طلباً للإسناد في التعامل مع الضغوط، ويتم ذلك على شكل استشارات لرجال الدين وطلب مباركتهم أو على شكل زيارات للمراقد الدينية أو الأضرحة أو الإكثار من الصلوات وقراءات الأدعية التي تضفي الراحة النفسية بتقوية العزيمة، والإرادة، ويتعارف عند الناس، أنه إذا أصيب شخص بعزيزٍ له أو بمال أو بآفة، أمروه بالبكاء أو الشكاية ببث الأشجان(6). وتشير نتائج الدراسات العلمية إلى أن الإسناد الاجتماعي مخفف للضغط ويقلل من تأثيره السلبي في الصحة النفسية والجسمية.
ضبط النفس(1/5)
وهو أسلوب من أساليب التعامل مع الضغوط، يلجأ إليه بعض الناس عندما يتعاملون مع مواقف من شأنها أن تؤثر على التحكم والسيطرة، ولكن تتولد لديهم مشاعر قوية نابعة من العقل. بمعنى آخر فإنهم يعالجون الموقف بخبرات وقوة إرادة رغم التوتر والإثارة، إلا أن التحكم وتقليل وطأة الأحداث التي تبعث على الضيق، تظل مفتاح حل المشكلة لديهم من خلال السيطرة والقدرة على ضبط الاستجابة الانفعالية. وتكون - عادة - أنماط الشخصيات التي تلجأ إلى هذا الأسلوب هم من الذين يعملون في مجالات الطب أو العمل الصحي كالأطباء والممرضين والمساعدين لهم، حيث يكون التحكم في أعلى حالاته أثناء التعامل مع المرضى المصابين بأمراض خطيرة أو إصابات من جراء الحوادث الطارئة. ويرى (ستيرلي) أن أسلوب ضبط النفس يريح الفرد في حينه، وقد يكون لذلك فائدته في الصحة النفسية والجسمية، أما إذا فشل فإنه يؤدي إلى حالات مرضية خطيرة.
الخيال و التمني
يلجأ بعض الناس عندما لا يستطيعون المواجهة، إلى الهروب من الأحداث المحيطة بهم والمثيرة للقلق والتوتر، متوهّمين الحل، فبعض الناس تنتابهم أحلام يقظة كثيرة وبالتالي ينسحبون من الحياة الفعلية. ويعني هذا الأسلوب أيضاً رغبة الفرد على مستوى المتخيل فقط بأن يبتعد عند تعرضه لموقف ضاغط عن واقع هذا الموقف وظروفه، مثل تخيل العيش في مكان أو زمان غير الذي هو فيه أو حدوث معجزة تخلصه مما هو فيه من ظروف
التجنب و الهروب(1/6)
عندما لا يجد الفرد الإمكانات المتوفرة لديه والكافية للتعامل مع الضغط السائد، فبإمكانه وفي بعض الأحيان تجنب التعامل لحين استجماع قواه ثانية، أو التهيؤ له، ويحدث هذا على مستوى الأفراد. أما إذا فشل في تجنب الموقف الضاغط ولم يستطع مقاومته، فإنه يلجأ إلى العقاقير. والكثير من الذين يتعاطون العقاقير، يجدون فيها وسيلة للهروب من المواجهة، لذا يعتبر الانسحاب استجابة شائعة للتهديد عند بعض الناس. فقد يختار البعض هذا الأسلوب على وفق نمط شخصيته، فهم لا يفعلون شيئاً، وغالباً ما يصاحب هذا السلوك شعور بالاكتئاب وعدم الاهتمام.
العدوان
إن الإحباط والضغوط كثيراً ما يؤدي إلى الغضب والعدوان، وسلوك العدوانية هو استجابة لموقف لم يحقق صاحبه نتائج مثمرة متوقعة ويحس الفرد عادة بمشاعر عدوانية لا يفجرها إلا في أوضاع معينة(7)، كرد فعل غير متحكم به. فمعظم الناس حينما يواجهون تحدياً قوياً يصبون نار غضبهم في غير مكانه، ويهجمون بدون سيطرة على أهداف أو ممتلكات أو أشخاص آخرين يكونون كبش الفداء، وربما هم أبرياء، فقد يسلك الفرد سلوكاً عدوانياً بعد يوم كامل من الإذلال والتحقير، أو الشعور بالدونية تجاه مواقف الحياة المختلفة، ولم يستطع أن يحقق فيها أي نتيجة مريحة.
الإبدال
الضغوط حالة نفسية تؤثر في الإنسان سلبياً، خاصة مع استمرارها لحقبة طويلة، وبهدف التكيف معها أو تخفيف شدتها على أقل تقدير، يمكن التحكم بالاستجابات الناتجة عنها عن طريق الإبدال، فالضغوط وازدياد التوتر يجد مصرفاً له على مستوى الجسد، وثمة ظواهر للتدليل على ذلك مثل التبول وكثرة التغوط والإفراط في الأكل أو الأكل بنهم وكثرة التدخين أو الإفراط في النشاط الجنسي... كل تلك الأفعال يمكن اعتبارها تفريغات جسدية يتفاوت وعي الناس لها ولكنهم يمارسونها يومياً(8).
(آليات الدفاع (ميكانزمات الدفاع(1/7)
أول من أدخل مفهوم آليات الدفاع أو الحيل الدفاعية هو سيجموند فرويد، ويرى أن الناس يلجأون إليها لحماية أنفسهم وتساعدهم على معالجة الصراعات والإحباطات وهي أساليب عقلية لا شعورية تقوم بتشويه الخبرات وتزييف الأفكار والصراعات التي تمثل تهديداً. وهي تساعد الناس على خفض القلق حينما يواجهون معلومات تثير التهديد(9).
الكبت
عملية عقلية لاشعورية يلجأ إليها الفرد للتخلص من شعور بالقلق والضيق الذي يعانيه بسبب ورود عوامل متضاربة الأهداف في نفسه(10). وباستخدام هذا الميكانيزم (الآلية) فإن الإنسان يحرر نفسه ولو مؤقتاً من الضغوط المتسلطة عليه وتشكل عبئأً لا يطيقه، فيهرب من الموقف الضاغط بكبته ومحاولة تحييده على الأقل. لكي يحصل على توازنه النفسي، ورغم الاختلافات من فرد لآخر في إدراك الضغوط واستخدام هذا الميكانيزم.. إلا أنه ليس كل الناس يلجئون إلى الكبت عندما يتعرضون لموقف ضاغط، أو محاولة الهروب منه باللجوء إلى استخدام الآليات الدفاعية، فبعض الناس لهم قدرة المواجهة وتحمل الموقف... وإيجاد الحل المنسجم مع هذه الصراعات والضغوط الداخلية والخارجية، وهو أمر يتعلق بشخصية كل فرد وأسلوبه الشخصي المميز في مواجهة الإحباط أو الضغوط(11). ويرى علماء النفس والصحة النفسية بأن الكبت الناجح هو الذي يؤدي إلى حل الصراع وتوازن المتطلبات والرغبات اللذين يحققان الصحة النفسية. أما الكبت الفاشل فهو الذي يؤدي إلى حالة الاختلال ثم المرض النفسي.
التعويض(1/8)
حيلة دفاعية لاشعورية يلجأ إليها الإنسان حينما يبتغي سلوكاً يعوض فيه شعوراً بالنقص، وقد يكون هذا الشعور وهمياً أو حقيقياً. سواء كان جسمياً أو نفسياً أو مادياً. والتعويض محاولة لاشعورية تهدف للارتقاء إلى المستوى الذي وضعه الإنسان لنفسه، أو الذي فرض عليه من علاقته بالآخرين(12). وقد يهدف الإنسان إلى تغطية الشعور بالنقص أو تحقيق مكاسب ذاتية مثل لفت الانتباه والعطف والاحترام أو إثارة الآخرين، أو ربما لكي يعزز موقعه في المجتمع الذي يعيش فيه.
التبرير
وهو إعطاء أسباب مقبولة اجتماعياً للسلوك بغرض إخفاء الحقيقة عن الذات، ويعد وسيلة دفاعية ترمي إلى محافظة الفرد على احترامه لنفسه وتجنبه للشعور بالإثم، وتعطيه الشعور بأن ما قام به قد جاء بناء على تفكير منطقي معقول، ويختلف التبرير عن الكذب، بأن الأول (التبرير) يكذب فيه الإنسان على نفسه، في حين يكون الثاني (الكذب) بأن يكذب الإنسان على الناس. وهذه الآلية الدفاعية تقدم أسباباً مقبولة اجتماعياً لما يصدر عن الإنسان من سلوك وهو يخفي وراءه حقيقة الذات. مثال ذلك: اعتقاد الفقير بأن الفقر نعمة، وأن الثروة والغنى يجلبان له المشاكل والهموم.
التحويل
وهي آلية دفاعية تستخدم للدلالة على نقل نمط من السلوك، من عمل إلى آخر، بمعنى اكتساب خبرة معينة تؤدي إلى رفع مستوى الإنجاز للفرد في عمل مماثل أو إلى خفض مستواه إن كان العمل الجديد مغايراً للعمل الأصلي كل المغايرة. وفي التحليل النفسي يدل هذا الميكانيزم على موقف انفعالي معقد. ويعلق (فينكل) على ذلك بقوله: يسيء الفرد فهم الحاضر برده إلى الماضي(13).
التكوين العكسي(1/9)
وهو إخفاء الدافع الحقيقي عن النفس إما بالقمع أو بكبته، ويساعد هذا الميكانيزم الفرد كثيراً في تجنب القلق والابتعاد عن مصادر الضغط فضلاً عن الابتعاد عن المواجهة الفعلية، فإنه قد يظهر سلوكاً لكنه يخفي السلوك الحقيقي، فإظهار سلوك المودة والمحبة المبالغ فيهما، قد يكون تكويناً عكسياً لحالة العدوان الكامن الذي يمتلكه الفرد في داخله، وعادة يتشكل هذا المفهوم ضمن سمات الشخصية ومكوناتها.
النكوص ( الأرتداد
وهو الارتداد أو التقهقر إلى مرحلة سابقة من مراحل العمر الممثلة في النمو النفسي. ويتميز بعدد من الظواهر النفسية المتمثلة في النشاط النفسي، ويكون النكوص عادة إلى المراحل السابقة، وهو ما يحدث دائماً لدى المرضى الذهانيين - مرضى العقل -.
إن النكوص كحيلة دفاعية تحقق للفرد ولو لفترة مهرباً من الضغوط المحيطة به وذلك بالرجوع إلى مرحلة سابقة تتمثل فيها السعادة والراحة النفسية، يلجأ إليها الإنسان للتخفيف عما يعانيه الآن من نكسات وانكسارات نفسية، فيتذكر ماضيه الملئ بالأمان والرخاء والرفاه الذي عاشه، ويذهب بتفكيره بعيداً إليه، وكأنه حلم مر سريعاً. وقد أثبتت الدراسات النفسية بأن النكوص استجابة شائعة للإحباط(14).
التوحد ( التقمص
عملية لاشعورية بعيدة المدى، نتائجها ثابتة، ويكتسب بها الشخص خصائص شخص آخر تربطه به روابط انفعاليه قوية(15). ويختلف التوحد عن المحاكاة أو التقليد، حيث يكون الأول (التوحد)عملية لاشعورية في حين الثاني (المحاكاة أو التقليد) عملية شعورية واعية. ويرى (كمال) أن الإنسان في هذا الميكانيزم اندفاعي يسعى لأن يجعل نفسه على صورة غيره، وهذا يتطلب ضماً غير واع لخصائص شخصية الآخر إلى نفسه. وتشمل هذه الخصائص السلوك والأفكار والانفعالات العاطفية. وأول محاولة يقوم بها الفرد للتوحد، تبدأ في الطفولة عندما يسعى إلى التوحد بشخصية أحد والديه.(1/10)
إن عملية التوحد تخدم أغراضاً كثيرة وتعتبر وسيلة لتحقيق الرغبات التي لا يستطيعها الفرد نفسه. فيقتنع بتحقيقها في حياة الغير ويرضاها لنفسه كأنه قام بها. والكثير من مظاهر التوحد وتعلق الفرد بغيره، ما هي إلا حالات تدل على بعض نزعات العطف الاجتماعي والتحسس بمشاكل الآخرين التي ترد إلى توحد الفرد بغيره ومقدرته على أن يضع نفسه مكان الآخرين في ظروفهم(16). ويكثر استخدام هذا الميكانيزم (الحيلة الدفاعية) لدى الشخصيات التي تتسم بالأنماط العقلية كالشخصية الفصامية أو البرانوية (هذاءات العظمة والاضطهاد) أو الشخصية المهووسة (الهوس). وهي أنماط من الشخصيات ليست مرضية وإنما نمط سلوكها وتكوينها الشخصي بهذا النوع.
إن هذا النمط من الشخصيات يرى نفسه في الآخر، كما أنه يرى الآخر في نفسه(17). وعندما تتزايد الضغوط الحياتية ولم تجد لها منفذاً للتصريف أو التحويل، فإنها ستؤدي إلى اضطرابات في العقل لدى هذه الفئة من البشر.
الخيال
وهو جزء مهم من الحياة العقلية للإنسان، ويصدر الخيال من العمليات العقلية المعرفية المتمثلة في الإدراك، التفكير، التذكر، الانتباه، النسيان... الخ وهو ينتمي إلى مجال التفكير حصراً. ففي الخيال يستطيع الفرد أن يتجنب الشد والضغط الواقع عليه من البيئة الخارجية، ويؤدي إلى تخفيض توتر بعض الدوافع من خلال تبديدها.(1/11)
إن الخيال يخفف عن الإنسان الكثير من الضغوط الواقعة عليه، فيرى (مصطفى زيور) أن الأخاييل يمكن أن يصوغ بها العديد من(السيناريوهات) وهي تظل قابعة(18) داخل عقل الإنسان وبها يجد العديد من الحلول إذا ما استخدمت استخداماً أمثل في الوصول إلى نتائج تحقق الراحة النفسية، ولكن تصبح حالة مرضية باستمرارها وتحويل الواقع إلى أحلام يقظة وأخاييل، فلذلك لا بد وأن تخضع إلى ضوابط ومحددات لعملها، لا سيما أنها (أي الأخاييل) مكون أساسي في حياة الإنسان طفلاً أو راشداً، سليماً كان أو مريضاً، مستيقظاً كان أو حالماً أثناء نومه(19).
وتخدم هذه العملية عمليات عقلية أخرى في إعانة الفرد على تحمل صراعاته النفسية والإبقاء عليها مقيدة بحيث لا تطغى على الوعي ولا تؤدي إلى انهيار التوازن النفسي الداخلي للفرد(20).
التسامي ( الإعلاء
آلية دفاعية يلجأ إليها الإنسان عندما تضيق عليه الأمور ويزداد التوتر بأعلى درجات الشدة، وهذه الحيلة الدفاعية من أهم الحيل وأفضلها، والأكثر انتشاراً، ويدل استخدامها على الصحة النفسية العالية. فبواسطتها يستطيع الإنسان أن يرتفع بالسلوك العدواني المكبوت إلى فعل آخر مقبول اجتماعياً وشخصياً، فمثلاً النتاجات الفكرية والأدبية والشعرية والفنية... ما هي إلا مظاهر لأفعال تم التسامي بها وإعلاءها من دوافع ورغبات داخلية مكبوتة في النفس إلى أعمال مقبولة وتجد الرضا من أفراد المجتمع.
ويمثل الدين أعلى درجة من الإعلاء والتسامي بالنسبة للإنسان في ظروف التوتر والضغوط الشديدة والأزمات، فحالة الوساوس والأفعال الحوازية التسلطية المسيطرة على الإنسان، لا يمكن مواجهتها إلا بالتسامي من خلال التمسك بالدين الذي يعني بالنسبة لتلك الحالات الإعلاء الناجح، وهو يتيح الطريق للتخلص من أحاسيس ومشاعر الإثم من خلال أداء الصلاة والتكفير عن الذنوب بدلاً من الطقوس الحوازية عديمة المعنى(21).(1/12)
إن هذه الآلية (الحيلة) الدفاعية تخفف من شدة الصراعات والتوتر الداخلي لدى الإنسان من خلال تحويل تلك الأفكار والصراعات إلى مجالات مفيدة وسليمة ومقبولة اجتماعياً، كما أنها تمكن الفرد من الإبقاء على هذه الصراعات مكبوتة وبعيدة عن الوعي(22).
نتائج إستتراتيجيات التعامل
يتعرض الناس كلهم للضغوط بشكل أو بآخر ولكنهم لا يتعرضون جميعاً لمخاطرها بالدرجة نفسها، لأن تأثير الضغوط يختلف من فرد إلى آخر وإن التهديد ومستواه يختلفان أيضاً من فرد إلى آخر، لذا فإن استجابة الفرد إليها تختلف تبعاً لنمط الشخصية وتكوينه، ونوع البيئة والوسط الاجتماعي الذي يتحرك فيه، ويؤثر في تشكيل شخصيته ونموها وتحديد أسلوب التعامل مع الحدث أو الضغط، وكذلك الحيلة الدفاعية النفسية ومطالبة الشخصية في الرد لإحداث التوازن الداخلي. فالناس يضطربون ليس بسبب الأشياء ولكن بسبب وجهات نظرهم التي يكونونها عن هذه الأشياء(23)، وأسلوب معالجتها بغية التخفيف منها لكي لا تتحول إلى أعراض مرضية تقعد الفرد عن ممارسة حياته العامة. فإذا حصلت الموازنة الصحيحة بين المعنويات والماديات (الشيرازي: 261) لم تتدهور حالة الفرد الصحية والنفسية والاجتماعية ولم يترد المجتمع، ويستطيع الفرد أن يخفف من تلك الهموم والضغوط. فأساليب التعامل والآليات الدفاعية تساعد الناس كثيراً على خفض القلق وخاصة عندما يواجهون الكثير من المشاكل والهموم، فاستخدام هذه الأساليب أو الآليات الدفاعية إنما هو مناورة مناسبة لتحقيق التوازن الداخلي للإنسان. وقديماً قال (أبيكتموس- 135 ق.م): (لا يفزع الناس من الأشياء ذاتها، ولكن من الأفكار التي ينسجونها حولها) (24). فاختلاف الأشخاص ينتج - بالتأكيد - عنه اختلاف في رد الفعل الناتج عن الضغوط التي حدثت وذلك يقود إلى أسلوب التعامل مع هذه الضغوط ونوعيتها والطريقة التي يواجه بها كل فرد وبأسلوبه الخاص تلك الضغوط لحلها.(1/13)
ومن الأمور المغرية التظاهر بأن مخاوفنا ومشاكلنا لا تصاحبنا على الدوام، والقيام بإغلاق أعيننا عنها ونحن نأمل أن تبتعد عنا المشاكل والضغوط وتتركنا في حالنا من تلقاء نفسها، غير أن المشكلة هي أنها لن تدعنا وشأننا في هدوء... إنها تحتاج إلى المعالجة والحل(25). وهذه المعالجة والحلول ما هي إلا مواجهة تتطلب اللجوء إلى أسلوب مناسب أو طريقة مناسبة للتخفيف من هذه المشاكل، لذا فأسلوب المعالجة للضغط هي محاولة يبذلها الفرد لإعادة اتزانه النفسي، والتكيف مع الأحداث التي أدرك تهديداتها الآنية والمستقبلية(26).
أما إذا عجز الإنسان عن المواجهة وتجنب التصدي للمشاكل أو إيجاد الوسائل والأساليب المناسبة لحلها، وفضل الإبقاء عليها بدون حل، فإنها ستزداد صعوبة وسوءاً، وبالتالي تصعب مواجهتها، وكلما كان تحديد المشكلة بأسرع ما يمكن، بات من الممكن حلها وإيجاد الوسيلة للتخفيف عنها على الأقل، حيث يعدل الإنسان طريقته إلى ما يراه مناسباً للحل(27). لذلك فإن الإنسان السوي هو من استطاع بحنكته أن يستظل بالوعي دون الانزلاق في شقاء المرض(28). لذا فإن تفريغ الهموم والمشاكل باستخدام أساليب التعامل معها يمنحنا دفعة قوية للمواجهة عندما نجد ما يلائم تلك المشاكل والضغوط، ويقول الإمام علي(عليه السلام) : ( اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين) (29).
اعداد سعد الاماره
__________________(1/14)