لماذا لا تقود المرأة السيارة
في المملكة العربية السعودية
تأليف
عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر
(
الحمد لله مُجزل العطاء ومسبغ النعم والمنن، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له عالم السر والعلن، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين المؤتمن، دلَّ أمته على كل خير وحذّرها من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله ذوي الشرف والذكر الحسن، وأصحابه الذين ساروا إلى ربهم على أهدى سبيل وأبين سَنن ومن تبعهم بإحسان إلى آخر الزمن.
أما بعد: فإن أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل الأرض في آخر الزمان أن بعث فيهم رسوله الكريم محمداً رحمة للعالمين، فبلّغ البلاغ المبين، ودلَّ أمته على كل خير، وحذّرها من كلّ شر وفتنة، وأضر فتنة على الرجال حذّر منها الرسول فتنة النساء، كما قال : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) رواه البخاري (5096) ومسلم (6945) عن أسامة بن زيد {، وأخبر أن أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، فقال : (( إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) رواه مسلم (6948) عن أبي سعيد الخدري >.(1/1)
وكما كانت فتنة النساء أوّل فتنة لبني إسرائيل في جاهليتهم القديمة، فهي في جاهليتهم الجديدة أعظم وأشد؛ إذ انفلتت النساء في هذا الزمان في الغرب، فابتعدن عن كل فضيلة، ووقعن في أنواع الرذائل من التهتك والعري دون أن يكون لهن صادٌّ ولا رادٌّ، وقلّدتهم في ذلك الدول الإسلامية، ولم يبق على جادة السلامة والاستقامة في ذلك إلاّ المملكة العربية السعودية، ومع ذلك يتردد بين الفينة والفينة من بعض الناس في الداخل والخارج التساؤل عن انفرادها بذلك دون غيرها، وفيهم من يلهث وراء ذوبانها كما ذاب غيرها، فيقول: لماذا لا تقود المرأة السيارة وتختلط بالرجال في البلاد السعودية حتى تكون هذه البلاد مماثلة لغيرها من البلاد الأخرى؟! وهو استفهام إنكار من هؤلاء المتسائلين من الغربيين والمستغربين، وأما الناصحون لهذه البلاد ولسائر بلاد المسلمين فعندهم أن هذا التساؤل سائغ يراد به معرفة حُكم وحِكم انفراد هذه البلاد بذلك، وجوابه يكون من وجوه كثيرة يأتي ذكرها بعد قليل، والواجب على كل مسلم ناصح لنفسه ولغيره أن يفرح ببَقاء هذه البلاد محافظة على ما جاءت به شريعة الإسلام من الفضائل، سالمة من الوقوع في الرذائل، وأن تكون البلاد الإسلامية التي ابتليت بتقليد الغربيين هي التي تتابع هذه البلاد على التمسك بما جاء به الدين الحنيف من عفّة النساء واحتجابهن وبعدهن عن مخالطة الرجال، فتكون هذه البلاد متبوعة في الخير، لا أن تكون تابعة لغيرها في الشر.
بَدْء السفور وترك الحجاب(1/2)
وكان بدء انفلات النساء في البلاد الإسلامية تقليداً للبلاد الغربية حصل بترك الحجاب وكشف النساء وجوههن وتبع ذلك شيئاً فشيئاً كشف رؤوسهن وصدورهن وسواعدهن وأعضادهن وسوقهن وبعض أفخاذهن، وتبع ذلك أيضاً مخالطتهن الرجال ومشاركتهن لهم في سائر الأعمال والتسوية بينهم وبينهن، يوضح ذلك ما ذكره الشيخ علي الطنطاوي ~ عن بدء السفور في بلاد الشام، حيث قال في ذكرياته (5/226): (( وكانت النصرانيات واليهوديات من أهل الشام يلبسن قبل الحرب الأولى الملاءات الساترات كالمسلمات، وكل ما عندهن أنهن يكشفن الوجوه ويمشين سافرات، أذكر ذلك وأنا صغير، وجاءت مرة وكيلة ثانوية البنات المدرسة سافرة فأغلقت دمشق كلها حوانيتها، وخرج أهلوها محتجين متظاهرين حتى روّعوا الحكومة فأمرتها بالحجاب وأوقعت عليها العقاب، مع أنها لم تكشف إلا وجهها، ومع أن أباها كان وزيراً وعالماً جليلاً، وكان أستاذاً لنا.
ومرّت الأيام وجئت هذه المدرسة ألقي فيها دروساً إضافية وأنا قاضي دمشق سنة 1949، وكان يدرِّس فيها شيخنا الشيخ محمد بهجت البيطار، فسمعت مرّة صوتاً من ساحة المدرسة، فتلفت أنظر من النافذة، فرأيت مشهداً ما كنت أتصور أن يكون في ملهى فضلاً عن مدرسة، وهو أن طالبات أحد الفصول ـ وكلهن كبيرات بالغات ـ قد استلقين على ظهورهن في درس الرياضة، ورفعن أرجلهن حتى بدت أفخاذهن عن آخرها! )).
إلى أن قال (ص 238): (( كان أن دمشق التي عرفناها تستر بالملاءة البنت من سنتها العاشرة، شهدت يوم الجلاء بنات السادسة عشرة وما فوقها يمشين في العرض بادية أفخاذهن، تهتز نهودهن في صدورهن تكاد تأكلهن النظرات الفاسقة، وشهدتُ بنتاً جميلة زُيِّنت بأبهى الحُلَل وأُلبست لباس عروس وركبت السيارة المكشوفة وسط الشباب... قالوا: إنها رمز الوحدة العربية! ولم يَدْر الذين رمزوا هذا الرمز أن العروبة إنما هي في تقديس الأعراض لا في امتهانها )).(1/3)
إلى أن قال (ص 239): (( ألا مَن كان له قلب فليتفطر اليوم أسفاً على الحياء، مَن كانت له عين فلتَبْكِ اليوم دماً على الأخلاق، مَن كان له عقل فليفكر بعقله، فما بالفجور يكون عز الوطن وضمان الاستقلال، ولكن بالأخلاق تحفظ الأمجاد وتسمو الأوطان، فإذا كنتم تحسبون أن إطلاق الغرائز من قيد الدين والخلق، والعورات من أسر الحجاب والستر، إذا ظننتم ذلك من دواعي التقدم ولوازم الحضارة، وتركتم كل إنسان وشهوته وهواه، فإنكم لا تحمدون مغبة ما تفعلون...)).
هذه قصة بدء السفور وكشف النساء وجوههن في بلاد الشام، حكاها الشيخ علي الطنطاوي ~ عن مشاهدة ومعاينة، وكانت وفاته سنة 1420 هـ، والسعيد مَن وُعظ بغيره، ومثل هذا الذي حصل في بلاد الشام حصل في مصر وتركيا وإيران وغيرها، وكانت بداية السفور وكشف الوجوه في القرن الرابع عشر الهجري الموافق للقرن العشرين الميلادي، انظر كتاب (حراسة الفضيلة للشيخ بكر ابن عبد الله أبو زيد: ص 165، 168).
لماذا انفردت البلاد السعودية عن غيرها
بترك الاختلاط وعدم قيادة المرأة السيارة؟
والجواب على هذا السؤال إجمالاً من وجوه منها:
الأول: أن الدولة السعودية قامت على أساس تحكيم شرع الله، ومن أجل ذلك مكَّن الله لها في الأرض، ومن تحكيمها لشرع الله بقاؤها محافظة على احتجاب النساء عن الرجال وعدم الاختلاط بهم وقيادتهن السيارات.
الثاني: أن من الإدارات الحكومية في هذه الدولة الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا غرو أن تبقى محافظة على الحجاب وترك اختلاط النساء بالرجال وترك كل ما يؤدي إليه من كل ما هو منكر.
الثالث: محافظتها على ابتعاد النساء عن مخالطة الرجال، وذلك بفصل الدراسة بين النوعين، فدراسة البنين على حدة، ودراسة البنات على حدة.(1/4)
الرابع: أن قيادة المرأة السيارة يقودها إلى ترك الحجاب والاختلاط بالرجال والخلوة المحرمة والسفر بدون محرم وغير ذلك من المحاذير، والشريعة الإسلامية جاءت بسد الذرائع التي تؤدي إلى الحرام، ومن أدلة ذلك قول الله (: ( (((( ((((((((( ((((((((( ((((((((( ((( ((((( (((( ((((((((((( (((( ((((((( (((((((( (((((( (، فسبُّ آلهة الكفار حق، ولكنه نُهي عنه لما يترتب عليه من الباطل، وهو كون الكفار يسبون الله، ومن أمثلة ذلك بيع السلاح لاستعماله في الفتنة، وبيع العنب على من يصنع منه الخمر؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.
الخامس: أن من قواعد الشريعة تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، ومن المعلوم أن المفاسد المترتبة على قيادة المرأة السيارة كثيرة وخطيرة، فيكون المنع مندرجاً تحت هذه القاعدة.
السادس: أن المنع من قيادة المرأة السيارة في هذه البلاد مبني على فتاوى أهل العلم كما سيأتي ذلك موضحاً.
السابع: أنه ليس بغريب ولا عجيب أن تنفرد هذه البلاد عن غيرها بالمحافظة على الحجاب وترك الاختلاط ومنع المرأة من قيادة السيارة؛ لأن هذه البلاد معقل الإسلام، وفيها قبلة المسلمين والحَرَمان الشريفان، وفيها تُؤدّى مناسك الحج والعمرة، وفيها وُوري الجسد الشريف لرسول الله ، ومنها شع النور وانطلق الهداة المصلحون من الصحابة ومَن بعدهم في أنحاء الأرض لهداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
الثامن: أن انفراد هذه البلاد عن غيرها بترك الاختلاط بين الرجال والنساء وعدم قيادة المرأة السيارة تمسُّك بما هو حق، والحق لا يُزهَد فيه لقلة السالكين، كما أنه لا يُغتر بالباطل لكثرة الواقعين فيه، فكل عاقل ناصح لنفسه يحرص على أن يكون من القليل الناجي ويحذر أن يكون من الكثير الهالك، وقد قال الله (: ( ((((( (((((( (((((((( ((( ((( (((((((( ((((((((( ((( ((((((( (((( (.(1/5)
التاسع: أن قيادة المرأة السيارة واختلاطها بالرجال من الديمقراطية الزائفة التي استوردها المسلمون من أعدائهم، وقد قال الله (: ( (((((( ((((((( ((((((((( (((((( ((((((( (((( (((( (((((((( (((((((((((((( (((((((((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((( (((( ((((((( (((( (((((((( (، وقال: ( ((((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((((((( (((((((((( (، وقال: ( ((((( (((((((( ((((( ((((((((((( (((( (((((((((((( (((((( (((((((( (((((((((( ( (((( (((( ((((( (((( (((( (((((((((( ( (((((((( (((((((((( ((((((((((((( (((((( ((((((( (((((((( (((( (((((((((( ( ((( (((( (((( (((( ((( ((((((( (((( ((((((( (، وقال: ( (((( ((((((((((( (((((( ((((((((( ((((( (((((((( ((((((((((((( (((( (((((((( (((((((((( ((((((((( (( ((((((((((( (((( (((((((( ((( ((((((((( ((((( (((( (((( ((((((( ( (((((( ((((((((((((( (((((((((( (((((((((((( (((((( ( (((((( (((((( ((((((((((((( (.
العاشر: أن ترك الاختلاط وعدم قيادة المرأة السيارة في هذه البلاد حق مَنَّ الله على هذه الدولة بالمحافظة عليه، ولم يكن ما يقابل ذلك من الاختلاط والقيادة، حقاً حُجب عن هذه الدولة في الماضي ولكنه شر وقاها الله منه، ونسأل الله ( أن يقيها منه في المستقبل.
قيادة المرأة السيارة يقودها إلى الاختلاط بالرجال
والخلوة المحرمة والسفر بدون محرم(1/6)
المرأة في الإسلام تنطلق في تصرفاتها وأفعالها وأقوالها مما جاء به دينها، ولا تنحرف عنه يمنة ولا يسرة كما قال الله (: ( (((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ((((((((((((( ( (((( ((((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( ((( (((((((((( ( ((((((((( (((((((( ((((( (((((((((( ((((((((( (، وقال: ( ((((( ((((( (((((((((( (((( (((((((((( ((((( ((((( (((( ((((((((((((( ((((((( ((( ((((((( (((((( (((((((((((( (((( (((((((((( ( ((((( (((((( (((( (((((((((((( (((((( (((( ((((((( (((((((( (.
والإسلام قد كرَّم المرأة وحفظ لها حقوقها، وأرشدها إلى الأخذ بما فيه سعادتها في دنياها وأخراها، فأمرها بالاحتجاب عن الرجال الأجانب والبعد من مخالطتهم، وألاَّ تسافر إلاَّ مع ذي محرم لها، وألاَّ يخلو رجل بها إلاَّ مع ذي محرم، قال الله ( في احتجاب النساء: ( ((((((( ((((((((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((( (((((((( ((((((( ( ((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (، ففي هذه الآية الكريمة إيجاب الحجاب على أمَّهات المؤمنين، وألاَّ يسألهنَّ أحد إلاَّ من وراء حجاب، وقد أجمع العلماء على وجوب تغطيتهنَّ وجوههنَّ عن الرجال الأجانب، والتعليل الذي عُلِّل به الحكم، وهو قوله تعالى: ( ((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ( يدل على أنَّ لزوم تغطية الوجه لا يختصُّ بهنَّ، بل يكون لغيرهنَّ؛ لأنَّ تعليل الأمر بطهارة القلوب مع ما أكرمهنَّ الله به من ملازمة الرسول وما حباهنَّ به من العفَّة والطُّهر يدلُّ على أنَّ غيرهنَّ ممن لم يحصل لهنَّ هذا الشرف يكون أشد حاجة إلى ذلك.(1/7)
وقال الله (: ( ((((((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((( (((((((((((((( (، ففي هذه الآية الكريمة دلالة على أنَّ حكم الحجاب لا يختصُّ بأمَّهات المؤمنين؛ لأنَّه عُطف عليهنَّ في الآية بناته ونساء المؤمنين، وهو دالٌّ على أنَّ حكم الحجاب للجميع، ومن أوضح ما يُستدلُّ به من السنّة على وجوب تغطية النساء وجوههنَّ حديث عبد الله بن عمر { قال: قال رسول الله : (( مَن جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أمُّ سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهنَّ؟ قال: يُرخين شبراً، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهنَّ! قال: فيُرخينه ذراعاً لا يزدن عليه )) رواه أهل السنن وغيرهم، وقال الترمذي (1731): (( هذا حديث حسن صحيح ))، فإنَّ مجيء الشريعة بتغطية النساء أقدامهنَّ يدلُّ دلالة واضحة على أنَّ تغطية الوجه واجب؛ لأنَّه موضع الفتنة والجمال من المرأة، وتغطيته أولى من تغطية الرِّجلين.
وأمّا اختلاط النساء بالرجال فقد قال الله ( عن نبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام: ( ((((((( (((((( (((((( (((((((( (((((( (((((((( (((((( ((((( (((((((( ((((((((( (((((((( ((( ((((((((( (((((((((((((( (((((((((( ( ((((( ((( ((((((((((( ( (((((((( (( ((((((( (((((( (((((((( (((((((((((( ( (((((((((( (((((( ((((((( (((( (((((((( ((((((( (، ففي هذه القصة الدلالة على أنَّ ترك اختلاط النساء بالرجال كان في الأُمم السابقة؛ فإنَّ هاتين المرأتين احتاجتا إلى سقي غنمهما وانتظرتا حتى ينتهي الرجال من سقي أغنامهم، واعتذرتا لموسى عليه الصلاة والسلام لما سألهما بأنَّ أباهما شيخ كبير لا يتمكَّن من الحضور لسقي الغنم مع الرجال، فسقى لهما موسى عليه الصلاة والسلام.(1/8)
وفي صحيح البخاري (870) عن أمِّ سلمة < قالت: (( كان رسول الله إذا سلَّم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويَمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم، قال: نرى ـ والله أعلم ـ أنَّ ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يُدركهنَّ أحدٌ من الرجال ))، ورواه النسائي (1333)، ولفظه: (( أنَّ النساء في عهد رسول الله كنَّ إذا سلَّمن من الصلاة قُمنَ، وثبت رسول الله ومن صلَّى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله قام الرجال )).
قال ابن القيم في الطرق الحكمية (ص 280): (( ومن ذلك أنَّ وليَّ الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفُرَج ومجامع الرجال ))، وقال (ص 281): (( ولا ريب أنَّ تمكين النساء من اختلاطهنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليَّة وشرٍّ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنَّه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة ))، وقال: (( فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهنَّ بالرجال والمشي بينهم مُتبرِّجات مُتجمِّلات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ـ قبل الدين ـ لكانوا أشد شيء منعاً لذلك )).(1/9)
وأما منع المرأة من السفر إلاَّ مع ذي محرم ومن خلوة الرجل الأجنبي بها إلاَّ مع ذي محرم، فيدلُّ عليه قوله : (( لا تسافر المرأة إلاَّ مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجلٌ إلاَّ ومعها محرم، فقال رجلٌ: يا رسول الله! إنِّي أريد أن أخرجَ في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحجَّ؟ فقال: اخرج معها )) أخرجه البخاري (1862) ومسلم (3272) عن ابن عباس {، فقد أرشد النبيُّ السائلَ في هذا الحديث إلى ترك الجهاد ليسافر مع امرأته للحج، وقال : (( إيَّاكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيتَ الحمو؟ قال: الحمو الموت )) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) عن عقبة بن عامر >، والحمو المحرَّم دخوله على المرأة كلُّ قريب للزوج سوى آبائه وأبنائه.
وعلى هذا، فالواجب منع النساء من الاختلاط بالرجال ومشاركتهم في الأعمال أو في لجان أو أندية أو منتديات والمشاركة في الانتخابات إن حصلت البلوى بها، فلا تنتخب غيرها ولا ينتخبها غيرها؛ لما في ذلك من الاختلاط المحرم، ولما في ذلك أيضاً من ولاية النساء على الرجال، وأوّل ولاية في الإسلام بعد وفاة الرسول خلافة أبي بكر >، وقد اتفق الصحابة } على بيعته في سقيفة بني ساعدة ثم في المسجد، ولم يكن فيهم امرأة واحدة، قال ابن قدامة في المغني (14/13): (( ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يولِّ النبي ولا أحد من خلفائه ولا مَن بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يَخلُ منه جميع الزمان غالباً ))، وكانت وفاة ابن قدامة سنة (620 هـ).(1/10)
وهذه الأدلة الدَّالة على وجوب تغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب والابتعاد عن مخالطتهم ومنعها من السفر إلاَّ مع ذي محرم ومن خلوة الرجل الأجنبي بها إلاَّ مع ذي محرم، من أمثلة عدل الإسلام في تشريعه للمرأة ما يكفل صيانتها وحِشمتها وظفرها بكسب الفضائل وحمايتها من الوقوع في الرذائل، وهذا بخلاف الديمقراطية المستوردة التي تعطي المرأة الحريَّة المطلقة، فتذهب كيف شاءت، وتختلط بمن شاءت، وتتصرَّف كيف شاءت دون حفيظ لها أو رقيب عليها، ومن يحاول الحيلولة بينها وبين هذا الانفلات فإنَّ حُماة الديمقراطية المزعومة له بالمرصاد؛ لأنَّ في عدم تمكينها من انفلاتها كبتاً للحريّات واعتداء على حقوق الإنسان بزعمهم. (من كتابي العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة: ص 45 - 52).
بيان بليغ رصين عن المرأة للملك عبد العزيز ~
مؤسس المملكة العربية السعودية
(( أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية: من تدبير المنزل، وتربية الأطفال، وتوجيه الناشئة ـ الذين هم فلذات أكبادهن وأمل المستقبل ـ إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق، ونسين واجباتهن الخُلُقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم، وإبدال ذلك بالتبرج والخلاعة، ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا ـ والله! ـ ليس هذا (التمدن) في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي.
هذه طريق شائكة تدفع بالأمة إلى هوَّة الدمار، ولا يقبل السير عليها إلاَّ رجل خارج عن دينه، خارج من عقله، خارج من تربيته.
فالعائلة هي الركن الركين في بناء الأمم، وهي الحصن الحصين الذي يجب على كل ذي شمم أن يدافع عنها.(1/11)
إننا لا نريد من كلامنا هذا التعسف والتجبر في أمر النساء، فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقاً يتمتعن بها، لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة، وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب، فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي إذا وجَّهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثير من الأوروبيين، من أرباب الحصانة والإنصاف.
ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين وسمعناهم يشكون مرَّ الشكوى من تفكك الأخلاق وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد، وهم يقدِّرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا، وما جاء به نبينا من التعاليم التي تقود البشرية إلى طريق الهدى وساحل السلامة، ويودّون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه التي يتشاءمون منها، وتنذر ملكهم بالخراب والدمار والحروب الجائرة.
وهؤلاء نوابغ كتَّابهم ومفكريهم قد علموا حق العلم هذه الهوة السحيقة التي أمامهم، والمنقادين إليها بحكم الحالة الراهنة، وهم لا يفتأون في تنبيه شعوبهم بالكتب والنشرات والجرائد على عدم الاندفاع في هذه الطريق، التي يعتقدونها سبب الدمار والخراب.
إنَّني لأعجب أكبر العجب ممن يدَّعي النور والعلم وحب الرقي لبلاده، من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها ما نوَّهنا عنه من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كلِّ أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد رحمة وهدى لنا ولسائر البشر.(1/12)
فالواجب على كل مسلم وعربي فخور بدينه، مُعتزٍّ بعربيته، ألاّ يخالف مبادئه الدينية، وما أمر به الله تعالى بالقيام به لتدبير المعاد والمعاش، والعمل على كل ما فيه الخير لبلاده ووطنه، فالرقي الحقيقي هو بصدق العزيمة، والعلم الصحيح، والسير على الأخلاق الكريمة، والانصراف عن الرذيلة وكل ما من شأنه أن يمس الدينَ والسمتَ العربي والمروءةَ، والتقليدِ الأعمى، وأن يتبع طرائق آبائه وأجداده، الذين أتوا بأعاظم الأمور باتباعهم أوامر الشريعة، التي تحث على عبادة الله وحده، وإخلاص النية في العمل، وأن يعرف حق المعرفة معنى ربه، ومعنى الإسلام وعظمته، وما جاء به نبينا: ذلك البطل الكريم والعظيم ، من التعاليم القيمة التي تسعد الإنسان في الدارين، وتُعَلِّمُه أن العزّة لله وللمؤمنين، وأن يقوم بأود عائلته، ويصلح من شأنها، ويتذوق ثمرة عمله الشريف، فإذا عمل فقد قام بواجبه وخدم وطنه وبلاده )). (من كتاب المصحف والسيف: مجموعة من خطابات وكلمات ومذكرات وأحاديث جلالة الملك عبد العزيز آل سعود ~، جمع وإعداد: محي الدين القابسي ص 322). وفيه أن هذا البيان أعلنه ~ عام 1356 هـ.
خطاب الملك فهد ~ التعميمي
في المنع من عمل المرأة المؤدي إلى الاختلاط بالرجال
جاء في خطاب الملك فهد ~ التعميمي رقم: 2966/م وتاريخ 19/ 9/ 1404 هـ ما نصّه:(1/13)
(( نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/5/ 1403 هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن، سواء كانت سعودية أو غير سعودية؛ لأن ذلك محرم شرعاً، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه )). من (مجلة البحوث الإسلامية، العدد 15 ص 274).
بيان وزارة الداخلية بمنع قيادة النساء السيارات
بناء على فتوى كبار العلماء
تود وزارة الداخلية أن تعلن لعموم المواطنين و المقيمين أنه بناء على الفتوى الصادرة بتاريخ 20/4/1411 هـ من كل من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وفضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي نائب رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ صالح بن محمد بن لحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء بعدم جواز قيادة النساء للسيارات ووجوب معاقبة من يقوم منهن بذلك بالعقوبة المناسبة التي يتحقق بها الزجر والمحافظة على الحرم ومنع بوادر الشر؛ لما ورد من أدلة شرعية توجب منع أسباب ابتذال المرأة أو تعريضها للفتن.(1/14)
ونظراً إلى أن قيادة المرأة للسيارة يتنافى مع السلوك الإسلامي القويم الذي يتمتع به المواطن السعودي الغيور على محارمه، فإن وزارة الداخلية توضح للعموم تأكيد منع جميع النساء من قيادة السيارات في المملكة العربية السعودية منعاً باتاً، ومن يخالف هذا المنع سوف يطبق بحقه العقاب الرادع، والله الهادي إلى سواء السبيل. (من صحيفة الجزيرة في عددها 6621، الصادر يوم الأربعاء 27 ربيع الثاني 1411 هـ ).
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حول ما نشر في الصحف عن المرأة، التاريخ 25/1/1420 هـ.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فمما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه، ما تعيشه المرأة المسلمة تحت ظلال الإسلام، وفي هذه البلاد خصوصاً، من كرامة وحشمة وعمل لائق بها، ونيل لحقوقها الشرعية التي أوجبها الله لها، خلافاً لما كانت تعيشه في الجاهلية، وتعيشه الآن في بعض المجتمعات المخالفة لآداب الإسلام، من تسيب وضياع وظلم.
وهذه نعمة نشكر الله عليها، ويجب علينا المحافظة عليها، إلاَّ أن هناك فئات من الناس، ممن تلوثت ثقافتهم بأفكار الغرب، لا يرضيهم هذا الوضع المشرِّف، الذي تعيشه المرأة في بلادنا من حياء، وستر، وصيانة، ويريدون أن تكون مثل المرأة في البلاد الكافرة والبلاد العلمانية، فصاروا يكتبون في الصحف، ويطالبون باسم المرأة بأشياء تتلخص فيما يلي:(1/15)
1ـ هتك الحجاب الذي أمرها الله به في قوله: ( ((((((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((( (((((((((((((( ( ((((((( (((((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((( (، وبقوله تعالى: ( ((((((( ((((((((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((( (((((((( ((((((( ( ((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (، وبقوله تعالى: ( (((((((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((((((( ( الآية، وقول عائشة < في قصة تخلفها عن الركب، ومرور صفوان بن المعطل > عليها، وتخميرها لوجهها لما أحست به قالت: (( وكان يراني قبل الحجاب ))، وقولها: (( كنا مع النبي ونحن محرمات، فإذا مرَّ بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه ))، إلى غير ذلك مما يدل على وجوب الحجاب على المرأة المسلمة من الكتاب والسنّة، ويريد هؤلاء منها أن تخالف كتاب ربها وسنّة نبيها، وتصبح سافرة يتمتع بالنظر إليها كل طامع، وكل من في قلبه مرض.
2ـ ويطالبون بأن تمكن المرأة من قيادة السيارة رغم ما يترتب على ذلك من مفاسد، وما يعرضها له من مخاطر لا تخفى على ذي بصيرة.
3ـ ويطالبون بتصوير وجه المرأة، ووضع صورتها في بطاقة خاصة بها تتداولها الأيدي، ويطمع فيها كل من في قلبه مرض، ولا شك أن ذلك وسيلة إلى كشف الحجاب.
4ـ يطالبون باختلاط المرأة والرجال، وأن تتولى الأعمال التي هي من اختصاص الرجال، وأن تترك عملها اللائق بها والمتلائم مع فطرتها وحشمتها، ويزعمون أن في اقتصارها على العمل اللائق بها تعطيلاً لها.
ولا شك أن ذلك خلاف الواقع، فإن توليتها عملاً لا يليق بها هو تعطيلها في الحقيقة، وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة من منع الاختلاط بين الرجال والنساء، ومنع خلو المرأة بالرجل الذي لا تحل له، ومنع سفر المرأة بدون محرم؛ لما يترتب على هذه الأمور من المحاذير التي لا تحمد عقباها.(1/16)
ولقد منع الإسلام من الاختلاط بين الرجال والنساء حتى في مواطن العبادة، فجعل موقف النساء في الصلاة خلف الرجال، ورغب في صلاة المرأة في بيتها، فقال النبي : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن ))، كل ذلك من أجل المحافظة على كرامة المرأة وإبعادها عن أسباب الفتنة.
فالواجب على المسلمين أن يحافظوا على كرامة نسائهم، وأن لا يلتفتوا إلى تلك الدعايات المضلّلة، وأن يعتبروا بما وصلت إليه المرأة في المجتمعات التي قبلت مثل تلك الدعايات وانخدعت بها، من عواقب وخيمة، فالسعيد من وعظ بغيره، كما يجب على ولاة الأمور في هذه البلاد أن يأخذوا على أيدي هؤلاء السفهاء، ويمنعوا من نشر أفكارهم السيئة؛ حماية للمجتمع من آثارها السيئة وعواقبها الوخيمة، فقد قال النبي : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ))، وقال عليه الصلاة والسلام: (( استوصوا بالنساء خيراً ))، ومن الخير لهن المحافظة على كرامتهن وعفتهن، وإبعادهن عن أسباب الفتنة.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عضو عضو عضو
بكر بن عبد الله أبو زيد صالح فوزان الفوزان عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
وهذا البيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ~ مؤرخ في 25/1/1420 هـ، وعليه ختمه، حصل قبل وفاته بيومين، فهو يعتبر نصيحة مودع من هذا الرجل الفاضل الناصح لهذه البلاد حكومة وشعباً ولسائر المسلمين، غفر الله له ورحمه وجزاه خير الجزاء ولا فتن المسلمين بعده.
فتوى شيخ الإسلام الإمام
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ~
(( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(1/17)
فقد كثر حديث الناس في صحيفة الجزيرة عن قيادة المرأة للسيارة، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها. منها الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله جلَّ وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى: ( (((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((((((((((( ((((((((( ( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((((( ( الآية، وقال تعالى: ( ((((((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((( (((((((((((((( ( ((((((( (((((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((( (، وقال تعالى: ( ((((( (((((((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((((( (((((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((( (((( ((( (((((( ((((((( ( (((((((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((((((( ( (((( ((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((((( (((( (((((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( (((((( ((((((((((((( (((( (((((( ((((((((((((( (((( (((((((((((( (((( ((( (((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((((( ((((((( (((((((((( (((( ((((((((((( (((( (((((((((( ((((((((( (((( ((((((((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( ( (((( (((((((((( (((((((((((((( (((((((((( ((( ((((((((( ((( ((((((((((( ( ((((((((((( ((((( (((( (((((((( (((((( ((((((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (، وقال النبي : (((1/18)
ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما )) فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة. وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار وقال الله تعالى: ( (((( ((((((( (((((( ((((((( ((((((((((((( ((( (((((( ((((((( ((((( (((((( (((((((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((( ((((( ((((((((((( (((((( ((( (((( ((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((( ((( (( ((((((((((( (، وقال سبحانه: ( (((( ((((((((((( ((((((((( (((((((((((( ( ((((((( (((((( (((((( ((((((( ((((( ((((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((((((((( ((((( (((((((((( ((((( (((( ((( (( ((((((((((( (، وقال : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ))، وعن حذيفة بن اليمان > قال: (( كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنّا كنّا في جاهلية وشر فجاء الله بهذا الخير فهل بعده من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو(1/19)
أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )).متفق عليه.
وإنَّني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله، وأن يحذر الفتن والداعين إليها، وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جلَّ وعلا أو يفضي إلى ذلك، وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي في هذا الحديث الشريف، وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم )). من (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة: 3/351) للشيخ عبد العزيز بن باز.
فتوى الشيخ العلاّمة
محمد بن صالح بن عثيمين ~
السؤال: أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة، وما رأيكم بالقول إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضرراً من ركوبها مع السائق الأجنبي؟
الجواب: (( الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين؛ القاعدة الأولى: أن ما أفضى إلى المحرم فهو محرم. والقاعدة الثانية: أن درء المفسدة إذا كانت مكافئة لمصلحة من المصالح أو أعظم مقدم على جلب المصالح. فدليل القاعدة الأولى قوله تعالى: ( (((( ((((((((( ((((((((( ((((((((( ((( ((((( (((( ((((((((((( (((( ((((((( (((((((( (((((( (، فنهى الله تعالى عن سبِّ آلهة المشركين مع أنه مصلحة لأنه يفضي إلى سب الله تعالى. ودليل القاعدة الثانية قوله تعالى: ( ((((((((((((( (((( (((((((((( (((((((((((((( ( (((( ((((((((( (((((( ((((((( ((((((((((( (((((((( (((((((((((((( (((((((( ((( ((((((((((( (، وقد حرَّم الله تعالى الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما.(1/20)
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة، فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسد هذا: نزع الحجاب؛ لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة، ومحط أنظار الرجال، ولا تعتبر المرأة جميلة وقبيحة عند الإطلاق إلا بوجهها، أي أنه إذا قيل: جميلة أو قبيحة لم ينصرف الذهن إلاَّ إلى الوجه، وإذا قصد غيره فلابد من التقييد، فيقال: جميلة اليدين، جميلة الشعر، جميلة القدمين. وبهذا عُرف أن الوجه مدار قصد.
وربما يقول قائل: إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون هذا الحجاب بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين. والجواب عن ذلك أن يقال: هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارات، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في بداية الأمر فلن يدوم طويلاً، بل سيتحول في المدى القريب إلى ما كانت عليه النساء في البلاد الأخرى كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة.(1/21)
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: نزع الحياء منها، والحياء من الإيمان كما صحّ ذلك عن النبي . والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض إلى الفتنة، ولهذا كانت مضرب المثل فيه، ويقال: أحيا من العذراء في خدرها. وإذا نُزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها. ومن مفاسدها: أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت، والبيت خير لها كما قال ذلك أعلم الخلق بمصالح الخلق محمد رسول الله ؛ لأن عشاق القيادة يرون فيها متعة، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة. ومن مفاسدها: أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده؛ لأنها وحدها في سيارتها متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل، وإذا كان أكثر الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك بالشابات إذا خرجت حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلد وطوله، وربما خارجه أيضاً.
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب بسيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملاً من المرأة. ومن مفاسدها: أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة، مثال ذلك: الوقوف عند إشارات الطريق، وفي الوقوف عند محطات البنزين، وفي الوقوف عند نقط التفتيش، وفي الوقوف عند رجال المرور عند تحقيق في مخالفة أو حادث، وفي الوقوف لتعبئة إطار السيارة بالهواء (البنشر)، وفي الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق فتحتاج المرأة إلى إسعافها، فماذا تكون حالها حينئذ؟ ربما تصادف رجلاً سافلاً يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة.(1/22)
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: كثرة ازدحام السيارات في الشوارع، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات، وهم أحق بذلك من المرأة وأجدر.
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: كثرة الحوادث؛ لأن المرأة بمقتضى طبيعتها أقل من الرجل حزماً وأقصر نظراً وأعجز قدرة، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف. ومن مفاسدها: أنها سبب للإرهاق في النفقة، فإن المرأة بطبيعتها تحب أن تكمل نفسها بما يتعلق بها من لباس وغيره، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء كلما ظهر زيّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد، وإن كان أسوأ مما عندها؟ ألا ترى إلى غرفتها ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة؟ ألا ترى إلى ماصتها وإلى غيرها من أدوات حاجياتها؟ وعلى قياس ذلك ـ بل لعله أولى منه ـ السيارة التي تقودها، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد.
وأما قول السائل: وما رأيكم بالقول إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضرراً من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ فالذي أرى أن كل واحد منهما فيه ضرر، وأحدهما أضر من الثاني من وجه، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب واحد منهما. واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها، وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدوّ متربّص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام، يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويستظلون برايتنا، قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي، فأُعجبوا بما هم عليه من أخلاق تحرّروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة، وصاروا كما قال ابن القيم في نونيته:
هربوا من الرّق الذي خلقوا له
وبلوا برق النفس والشيطان(1/23)
وظنَّ هؤلاء أن دول الكفر وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تقدّم مادي بسبب تحررهم هذا التحرر، وما ذلك إلاَّ لجهلهم أو جهل كثير منهم بأحكام الشريعة وأدلتها الأثرية والنظرية وما تنطوي عليه من حِكم وأسرار تتضمن مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم ودفع المفاسد، فنسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة )). من كتاب ( الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد الحرام. إعداد خالد الجريسي: ص 556).
لا يستغنى عن الفتاوى الشرعية في منع قيادة المرأة السيارة
بفتوى غير شرعية(1/24)
شريعة الله كاملة شاملة أحوال العباد كلها الاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك؛ لأنها منزلة من الله الحكيم العليم، العالم بأحوال العباد وما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم، قال الله (: ( (((((((((( (((((((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( (((((( ((((((((((( (((((( (، وقال رسول الله : (( تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك )) حديث صحيح، رواه ابن أبي عاصم في السّنّة (48) عن العرباض بن سارية >، ورواه أيضاً (47) من حديث أبي الدرداء >، وفي صحيح مسلم (262) عن سلمان > قال: قيل له: (( قد علّمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم ))، وهو يدل على كمال الشريعة واستيعابها لكل ما تحتاجه هذه الأمّة، حتى آداب قضاء الحاجة، وفي صحيح البخاري (5598) عن أبي الجويرية قال: (( سألت ابن عباس عن الباذق، فقال: سبق محمد الباذق، فما أسكر فهو حرام، قال: الشراب الحلال الطيب، قال: ليس بعد الحلال الطيب إلاّ الحرام الخبيث ))، والباذق نوع من الأشربة، والمعنى أن الباذق لم يكن في زمنه ، ولكن ما جاء به الرسول مستوعب له وغيره، وذلك في عموم قوله : (( ما أسكر فهو حرام ))، فإن عموم هذا الحديث يدل على أن كل مسكر مما كان في زمنه أو وجد بعد زمنه ـ سواء كان سائلاً أو جامداً ـ فهو حرام، وأن ما لم يكن كذلك فهو حلال؛ وقال الإمام ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين: 4/375 ـ 376) في بيان كمال الشريعة، قال: (( وهذا الأصل من أهم الأصول وأنفعها، وهو مبني على حرف واحد، وهو عموم رسالته بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه العباد في معارفهم وعلومهم وأعمالهم، وأنه لم يُحْوج أمته إلى أحد بعده، وإنما حاجتهم إلى من يبلِّغهم عنه ما جاء به، فلرسالته عمومان(1/25)
محفوظان لا يتطرق إليهما تخصيص، عموم بالنسبة إلى المرسَل إليهم، وعموم بالنسبة إلى كل ما يحتاج إليه مَن بُعث إليه في أصول الدين وفروعه، فرسالته كافية شافية عامة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلاَّ بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به، وقد توفي رسول الله وما طائر يقلّب جناحيه في السماء إلاَّ ذكر للأمة منه علماً، وعلَّمهم كل شيء حتى آداب التخلي وآداب الجماع والنوم، والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول، والسفر والإقامة، والصمت والكلام، والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحّة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت )) إلى أن قال: (( وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمَّته، ولم يُحْوجهم الله إلى أحد سواه، فكيف يُظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالَم شريعةٌ أكمل منها ناقصة، تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها، أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها؟! ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده، وسبب هذا كله خفاء ما جاء به على من ظن ذلك، وقلة نصيبه من الفهم الذي وفَّق الله له أصحاب نبيه الذين اكتفوا بما جاء به، واستغنوا به عما سواه، وفتحوا به القلوب والبلاد، وقالوا: هذا عهد نبينا إلينا وهو عهدنا إليكم )).(1/26)
بعد إيراد هذه المقدمة في كمال الشريعة، أقول: إن من المؤسف أن يتصدى بعض الكُتاب ومن لا علاقة لهم بالعلم الشرعي للكلام في بعض الأمور الخطيرة، مهوِّنين من شأنها، زاعمين أنه لا يوجد شرعاً ما يمنع منها، مثل قيادة المرأة السيارة، التي تؤدي إلى أن تذهب المرأة كيف شاءت، وتختلط بمن شاءت دون حفيظ لها أو رقيب عليها، ومما قاله أحدهم(1)في إحدى الصحف: (( إنه لا يوجد مانع شرعي إسلامي لقيادة المرأة للسيارة...وأن قيادة المرأة السعودية للسيارة شأن اجتماعي وليس حكومياً، ولا يحتاج إلى إصدار فتوى شرعية!!! )).(1/27)
وهذه منه فتوى غير شرعية استغنى بها عن إصدار فتوى شرعية! وكيف يُظن أو يُتصوَّر أن تكون الشريعة الإسلامية الكاملة تخلو من وجود مانع لقيادة المرأة السيارة، وهو من الأمور الخطيرة التي يترتب عليها أضرار كبيرة، وهي الشريعة العظيمة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، وسد المنافذ التي توصل إليها؟! ومن القواعد الشرعية سد الذرائع الموصلة إلى الحرام، وأن الوسائل التي توصل إلى غايات محرمة محرمة، ولا شك أن قيادة المرأة السيارة يترتب عليه ترك الحجاب واختلاط النساء بالرجال وتيسر وصولها إلى ما فيه ضررها، وقد قال الله (: ( (((( ((((((((( ((((((((( ((((((((( ((( ((((( (((( ((((((((((( (((( ((((((( (((((((( (((((( (، فقد نهى الله في هذه الآية الكريمة عن سبّ آلهة المشركين مع أنه حق إذا ترتب عليه قيام المشركين بسبّ الله سبحانه وتعالى، وثبتت السّنّة بتحريم الخلوة بالأجنبية ولو في إقراء القرآن، وسفر الأجنبي بها ولو للحج وزيارة الوالدين؛ سدّاً لما يحاذر من الفتنة وغلبات الطباع، ففي صحيح البخاري (1862) ومسلم (3272) عن ابن عباس { قال: قال النبي : (( لا تسافر المرأة إلاّ مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلاَّ ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله! إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج؟ فقال: اخرج معها ))، فقد أرشد النبي الرجل السائل في هذا الحديث إلى ترك الجهاد ليسافر مع امرأته للحج، قال ابن القيم في (الطرق الحكمية: ص 280): (( ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفُرج ومجامع الرجال ))، وقال (ص 281): (( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين(1/28)
المتصلة ))، وقال: (( فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا؛ بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجمِّلات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ـ قبل الدين ـ لكانوا أشد شيء منعاً لذلك )).
وهذا الذي ذكره ابن القيم من وجوب قيام ولاة الأمور بمنع اختلاط النساء بالرجال وكذا منع كل ما يؤدي إليه لما يترتب عليه من الأضرار الكبيرة يوضح فساد الفتوى غير الشرعية في أن قيادة المرأة السعودية السيارة شأن اجتماعي وليس حكومياً، وإذا لم تكن قيادة المرأة السيارة شأنا حكوميا كانت شأنا فوضويا وكيف لا يكون حكومياً وقد قال النبي : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته )) الحديث، أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829)؟!.
وأسأل الله ( أن يحفظ على هذه البلاد أمنها وإيمانها وعفتها وطهرها، وأن يوفق الكُتاب وغيرهم لترك الكلام في مثل هذه الأمور الخطيرة بغير علم، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. (مقال كتبته في عام 1426 هـ وأرسل إلى عدد من الصحف المحلية وما علمت أنه نُشر في شيء منها).
من كلمات عُقلاء الغربيِّين وعاقلاتهم في التألّم من انفلات نسائهم
ومع تبنِّي الديمقراطية المزعومة تحرر المرأة وانفلاتها، فقد وُجد في عقلاء وعاقلات الغرب في أوربا وأمريكا من يبكي حزناً ويتقطَّع قلبه ألَماً على الانحطاط والانحدار الذي حصل للمرأة في بلادهم؛ بسبب هجرها للمنزل واختلاطها بالرجال ومشاركتهم في الميادين المختلفة، مع إشادتهم بما اشتمل عليه الإسلام من عدل في تشريعاته التي تسمو بالمرأة إلى كلِّ فضيلة، وتحميها من الوقوع في كلِّ رذيلة، وهذه أمثلة من كلمات بعضهم:(1/29)
1ـ قال الشيخ محمد رشيد رضا في كتابه: نداء للجنس اللطيف في حقوق النساء في الإسلام وحظهنَّ من الإصلاح المحمدي العام (ص 61): (( ونشرت الكاتبة الشهيرة مس أنرود مقالةً مفيدة في جريدة الاسترن ميل في العدد الصادر منها في 10 مايو (أيار) سنة 1901، نقتطف منها ما يأتي: ( لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهنَّ في المعامل حيث تصبح البنت ملوَّثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين! فيها الحشمة والعفاف والطهارة ردء الخادمة والرقيق: يتنعّمان بأرغد عيش، ويُعاملان كما يُعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء، نعم! إنه لعار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل على ما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال؛ سلامة لشرفها؟! )).
2ـ وقال أيضاً (ص 62): (( وقالت الكاتبة الشهيرة اللادي كوك بجريدة ألايكو ما ترجمته، وهو يؤيد ما تقدَّم: إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وهنا البلاء العظيم على المرأة، فالرجل الذي علقت منه يتركها وشأنها تتقلَّب على مضجع الفاقة والعناء، وتذوق مرارة الذلِّ والمهانة والاضطهاد، بل الموت أيضاً...
أما آن لنا أن نبحث عمّا يُخفِّف ـ إذا لم نقل: عما يزيل ـ هذه المصائب العائدة بالعار على المدنية الغربية؟! أما آن لنا أن نتَّخذ طرقاً تمنع قتل ألوف الآلاف من الأطفال الذين لا ذنب لهم، بل الذنب على الرجل الذي أغرى المرأة المجبولة على رقة القلب المقتضي تصديق ما يوسوس به الرجل من الوعود ويُمنِّي به من الأماني، حتى إذا قضى منها وطراً تركها وشأنها تقاسي العذاب الأليم؟!(1/30)
يا أيها الوالدان! لا يغرنَّكما بعض دريهمات تكسبها بناتكما باشتغالهنَّ في المعامل ونحوها ومصيرهنَّ إلى ما ذكرنا، علِّموهنَّ الابتعاد عن الرجال، أخبروهنَّ بعاقبة الكيد الكامن لهنَّ بالمرصاد، لقد دلَّنا الإحصاء على أنَّ البلاء الناتج من حمل الزنا يعظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال، ألم تروا أنَّ أكثر أمَّهات أولاد الزنا من المشتغلات في المعامل والخادمات في البيوت، وكثير من السيِّدات المعرَّضات للأخطار، ولولا الأطباء الذين يُعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف ما نرى الآن، لقد أدَّت بنا هذه الحال إلى حدٍّ من الدناءة لم يكن تصورها في الإمكان...!! )).
3ـ وقال أيضاً (60 ـ 61): (( جاء في جريدة (لاغوص ويكلي ركورد) في العدد الصادر في 20 أبريل (نيسان) سنة 1901 نقلاً عن جريدة (لندن ثروت) بقلم كاتبة فاضلة ما ترجمته ملخَّصاً: (لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعمَّ البلاءُ، وقلَّ الباحثون عن أسباب ذلك، وإذ كنت امرأة أراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطَّع شفقة عليهنَّ وحزناً، وماذا عسى يفيدهنَّ بثِّي وحزني وتوجُّعي وتفجُّعي وإن شاركني فيه الناس جميعاً؟! لا فائدة إلاَّ في العمل بما يمنع هذه الحالة الرجس، ولله درُّ العالم الفاضل (تومس)! فإنَّه رأى الداء ووصف له الدواء الكافل الشفاء، وهو أن يُباح للرجل التزوج بأكثر من واحدة، وبهذه الواسطة يزول البلاء لا محالة، وتُصبح بناتنا ربَّات بيوت، فالبلاء كلُّ البلاء في إجبار الرجل الأوربي على الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد، وقذف بهنَّ إلى التماس أعمال الرجال، ولابدَّ من تفاقم الشرِّ إذا لم يُبَح للرجل التزوج بأكثر من واحدة.(1/31)
أيُّ ظنٍّ وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوِّجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كلاًّ وعالة وعاراً على المجتمع الإنساني؟ فلو كان تعدد الزوجات مباحاً لما حاق بأولئك الأولاد وبأمَّهاتهم ما هم فيه من العذاب المهين، ولسَلِم عرضهنَّ وعرض أولادهنَّ؛ فإنَّ مزاحمة المرأة للرجل ستُحلُّ بنا الدمار! ألم تروا أنَّ حال خلقتها تنادي بأنَّ عليها ما ليس على الرجل، وعليه ما ليس عليها؟ وبإباحة تعدد الزوجات تصبح كلُّ امرأة ربَّةَ بيت وأمَّ أولاد شرعيِّين) )).
ونقل (ص 66) عن الدكتور غوستاف لوبون الفرنسي كلاماً له يشيد فيه بتعدُّد الزوجات في الإسلام، ومنه قوله في كتابه روح السياسة: (( إنَّ تعدُّد الزوجات الشرعي عند الشرقيين خير من تعدُّد الزوجات الخبيث المؤدِّي إلى زيادة اللقطاء في أوربا )).
4ـ وقال الإنكليزي سامويل سمايلس: (( إنَّ النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في الفابريكا (المعامل)، مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد، فإنَّ نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية؛ لأنَّه هاجم هيكل المنزل وقوَّض أركان الأسرة ومزَّق الروابط الاجتماعية، فإنَّه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم صار بنوع خاص لا نتيجة له إلاَّ تسفيل أخلاق المرأة؛ إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات البيتية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير منازل، وأضحت الأولاد تشبُّ على عدم التربية، وتُلقى في زوايا الإهمال وطفئت المحبَّة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق وباتت معرَّضة للتأثيرات التي تمحو غالباً التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة )) من دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي (8/639).(1/32)
5ـ وقالت الأمريكية إيدالين: (( إنَّ التجارب أثبتت ضرورة لزوم الأم لبيتها، وإشرافها على تربية أولادها؛ فإنَّ الفارق الكبير بين المستوى الخلقي لهذا الجيل والمستوى الخلقي للجيل الماضي إنَّما مرجعه إلى أنَّ الأمَّ هجرت بيتها وأهملت طفلها وتركته إلى من لا يحسن تربيته...
وإنَّ سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسرَّ كثرة الجرائم في المجتمع هو أنَّ الزوجة تركت بيتها لتضاعف دَخْل الأسرة، فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق )). المرأة المتبرجة وأثرها السيء في الأمّة، لعبد الله التليدي (ص 146). (من كتابي العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة ص 52 ـ 59).
وتقدّم في بيان الملك عبد العزيز ~ قوله: ((فالدين الإسلامي قد شرع لهن حقوقاً يتمتعن بها، لا توجد حتى الآن في قوانين أرقى الأمم المتمدنة، وإذا اتبعنا تعاليمه كما يجب، فلا نجد في تقاليدنا الإسلامية وشرعنا السامي ما يؤخذ علينا، ولا يمنع من تقدمنا في مضمار الحياة والرقي إذا وجَّهنا المرأة إلى وظائفها الأساسية، وهذا ما يعترف به كثير من الأوروبيين، من أرباب الحصانة والإنصاف.
ولقد اجتمعنا بكثير من هؤلاء الأجانب، واجتمع بهم كثير ممن نثق بهم من المسلمين وسمعناهم يشكون مرَّ الشكوى من تفكك الأخلاق وتصدع ركن العائلة في بلادهم من جراء المفاسد، وهم يقدِّرون لنا تمسكنا بديننا وتقاليدنا، وما جاء به نبينا من التعاليم التي تقود البشرية إلى طريق الهدى وساحل السلامة، ويودّون من صميم أفئدتهم لو يمكنهم إصلاح حالتهم هذه التي يتشاءمون منها، وتنذر ملكهم بالخراب والدمار والحروب الجائرة.
وهؤلاء نوابغ كتَّابهم ومفكريهم قد علموا حق العلم هذه الهوة السحيقة التي أمامهم، والمنقادين إليها بحكم الحالة الراهنة، وهم لا يفتأون في تنبيه شعوبهم بالكتب والنشرات والجرائد على عدم الاندفاع في هذه الطريق، التي يعتقدونها سبب الدمار والخراب )).(1/33)
دعوة بعض الكُتّاب إلى البدء من حيث انتهى الغربيّون
وهذا التحرُّر المقيت والانفلات الذي وقعت فيه نساء الغرب في أوربا وأمريكا من الاختلاط بين الرجال والنساء والسفور الذي وصل إلى إبراز النساء بعض أفخاذهنَّ باسم الحرية والديمقراطية انتقل إلى كثير من بلاد المسلمين، ولم يسلم من ذلك إلاَّ من شاء الله، مثل المملكة العربية السعودية، ومع أنَّ ذلك مخالف لشريعة الإسلام، وأنَّ بعض عُقلاء الغرب الذين اكتووا بنار هذه الحرية وذاقوا مرارتها وأدركوا خطرها، يتمنَّون الخلاص منها وأن تأخذ بلادهم بتعاليم الإسلام الكفيلة للمرأة بتحصيل الفضائل والسلامة من الرذائل، مع ذلك فقد وُجد من بعض الكُتّاب من يدعو إلى الأخذ بالأسباب التي تؤدّي إلى الاختلاط بين الرجال والنساء، وتعريض كلٍّ من الجنسين للوقوع فيما لا تُحمد عقباه في الدنيا والآخرة.
وقد نادى الناصحون الغيورون على هذه البلاد ببقائها محافظة على ما جاء به الإسلام من كرامة المرأة وطهرها وعِفَّتها وسلامتها من التعرُّض لأسباب الفواحش والوقوع في الرذائل.
وفي مقدمة هؤلاء الناصحين شيخ الإسلام وإمام أهل السنّة في زمانه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ~، فقد قال: (( ...ذلك أنَّ من المعلوم بأنَّ نزول المرأة للعمل في ميدان الرِّجال يُؤدي إلى الاختلاط المذموم والخلوة بهنَّ، وذلك أمرٌ خطير جدّاً له تبعاته الخطيرة وثمراته المُرَّة وعواقبه الوخيمة، وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصُّها وفطَرَها الله عليها، مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال.(1/34)
والأدلَّة الصريحة الدَّالة على تحريم الخلوة بالأجنبية، وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرَّم الله، أدلَّة كثيرة مُحكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدّي إلى ما لا تُحمد عقباه، منها قوله تعالى: ( (((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((((((( (((((((( ((((((((((((((( ((((((((( ( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((((( ( ((((((( ((((((( (((( (((((((((( ((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( (((((((((((( ((( (((((((( ((( ((((((((((( (((( (((((((( (((( (((((((((((((( ( (((( (((( ((((( (((((((( (((((((( (، وقال تعالى: ( ((((((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((( (((((((((((((( ( ((((((( (((((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((( ( ((((((( (((( (((((((( (((((((( (، وقال الله جلَّ وعلا: ( ((( (((((((((((((((( ((((((((( (((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((((((((( ( ((((((( (((((((( (((((( ( (((( (((( ((((((( ((((( ((((((((((( (((( ((((( (((((((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((((( (((((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((( (((( ((( (((((( ((((((( ( (((((((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((((((( ( (((( ((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((((((((( (((( ((((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((((((( ( الآية، وقال تعالى: ( ((((((( ((((((((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((( (((((((( ((((((( ( ((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (.(1/35)
وقال : (( إيّاكم والدخول على النساء (يعني الأجنبيات) فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيتَ الحمو؟ قال: الحمو الموت))، ونهى الرسول عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق، وقال: (( إنَّ ثالثهما الشيطان ))، وعن السفر إلاَّ مع ذي محرم سدّاً لذريعة الفساد، وإغلاقاً لباب الإثم، وحسماً لأسباب الشرِّ، وحماية للنوعين من مكائد الشيطان، ولهذا صحَّ عنه أنَّه قال: (( اتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ))، وقال : (( ما تركت بعدي في أمّتي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء )).
وهذه الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الابتعاد عن الاختلاط المؤدّي إلى الفساد وتقويض الأُسَر وخراب المجتمعات التي سبقت إلى هذا الأمر الخطير، وصارت تتحسَّر على ما فعلت، وتتمنّى أن تعود إلى حالنا التي نحن عليه الآن وخصَّنا بها الإسلام.
لماذا لا ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية المجاورة كيف أصبحت مُهانة مبتذَلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تقوم في غير وظيفتها، لقد نادى العُقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيَّأها الله له وركبها عليه جسميّاً وعقليّاً، ولكن بعد ما فات الأوان.
ألا فليتَّق اللهَ المسؤولون عن المرأة والتخطيط لعملها وليُراقبوه سبحانه، فلا يفتحوا على الأمّة باباً خطيراً من أبواب الشرِّ إذا فُتح كان من الصعب إغلاقه، وليعلموا أنَّ النصحَ لهذا البلد حكومة وشعباً هو العمل على ما يُبقيه مجتمعاً متماسكاً قويّاً سائراً على نهج الكتاب والسّنّة وعمل سلف الأمَّة، وسد أبواب الفساد والخطر، وإغلاق منافذ الشرور والفتن، ولاسيما ونحن في عصر تكالب الأعداء فيه على المسلمين، وأصبحنا أشد ما نكون حاجة إلى عون الله ودفعه عنّا شرور أعدائنا ومكائدهم، فلا يجوز لنا أن نفتح أبواباً من الشرِّ مغلقة.(1/36)
ولقد أحسن جلالة الملك فهد بن عبد العزيز ـ أدام الله توفيقه ـ فيما أصدر من التعميم المبارك برقم 2966/م وتاريخ 19/9/ 1404 هـ في الموضوع، وهذا نصُّه: (( نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/5/ 1403 هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن، سواء كانت سعودية أو غير سعودية؛ لأن ذلك محرم شرعاً، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه... )). من (مجلة البحوث الإسلامية، العدد 15 ص 274). (من كتابي العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة ص 59 ـ 66).
أيُختار للمرأة الظلام والعمى بدل النور والضياء؟!
المرأة في الإسلام درة مصونة مكرمة، ذات حرية مقيّدة بما جاء به الشرع الحنيف في كتاب الله ( وسنّة رسوله ، لها حقوق وعليها واجبات، قال الله (: ( (((((((( (((((( ((((((( (((((((((( ((((((((((((((( (، وقد أمر الله النساء بالقرار في البيوت والابتعاد عن تبرّج الجاهلية؛ لما يحصل لهن بذلك من العفّة والطهارة والبعد عن أسباب الريبة والفتنة، ولما يحصل منهن من تربية النشء والرعاية في البيوت، وقد قال : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )) الحديث، أخرجه البخاري (893) ومسلم (4724) من حديث عبد الله بن عمر {.(1/37)
والمرأة في الغرب لها الحرية المطلقة دون قيود أو حدود، تفعل ما شاءت وتخرج من البيت كيف شاءت، وتخالط من تشاء وتعاشر من تشاء، وليس عليها رقيب، وهذه الحرية المطلقة في الرأي والتصرف هي جزء من ديمقراطيتهم الزائفة المبنية على حرية الرجال والنساء في كل شيء، سواء كانت إلحاداً في الاعتقادات أو انحلالاً في الأخلاق والتصرفات، وأوضح شاهد على ذلك ما حصل في الدانمارك في هذا العام من التطاول على جناب الرسول الكريم والسخرية به وعدم معاقبة من حصل منه ذلك بدعوى الحرية في الرأي التي ترعاها الديمقراطية الزائفة.
وقد قلّد المسلمون في أقطارهم المختلفة الغرب تقليداً أعمى في أمر النساء بترك الحجاب واختلاط النساء بالرجال ومشاركتهم في الأعمال، ولم يَسلَم من ذلك إلاّ بلاد الحرمين الشريفين حفظها الله ورعاها وأدام تمسُّكَها بنور الوحي الذي جاء به النبي الكريم من رب العالمين، ومن العجيب والغريب أن يقوم نفر قليل من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ممن عاشوا في الغرب فترة من الزمن وممن تأثّر بهم بالدعوة إلى تغريب المرأة ومسايرة الدول الإسلامية التي تأثّرت بالغرب، ومن ذلك الدعوة إلى أن تقود المرأة في هذه البلاد السيارة مثلما حصل للنساء في غير هذه البلاد، فينشأ عن ذلك السفور وترك الحجاب ومخالطة الرجال والخلوة المحرمة وغير ذلك من الأضرار والمفاسد، فيختارون لها بذلك الظلام والعمى بدل النور والضياء الذي أكرمها الله تعالى به، فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، كالذي حصل لبني إسرائيل من اختيار الثوم والبصل بدل المنّ والسلوى.(1/38)
والناصحون لهذه البلاد حكومة وشعباً يحرصون على بقاء السفينة سالمة من العطب، بخلاف غيرهم فإن دعوتهم تجرُّ إلى الدمار والعطب، وقد قال : (( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا ونجَوا جميعاً )) رواه البخاري (2493) عن النعمان ابن بشير {.
والناصحون لهذه البلاد يريدون لأهلها أن يدخلهم الله في رحمة منه وفضل ويهديَهم إليه صراطاً مستقيماً، ويريد الذين يتّبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً.
والناصحون لهذه البلاد يريدون لها الإصلاح والسداد، والدعوةُ إلى ما يؤدي إلى انفلات النساء هو من الإفساد في الأرض بعد صلاحها، وقد قال الله (: ( ((((((((((( (((((((((((( ((((((((((((( (((((((((((( ((((((((((( ((((( (( ((((((( (((((( ((((((((((((((( (، وقال: ( (((( (((( (( (((((((( (((((( ((((((((((((((( (، وقال في آيتين من سورة الأعراف: ( (((( ((((((((((( ((( (((((((( (((((( (((((((((((( (، قال ابن كثير ~ في تفسير الآية الأولى: (( ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض، وما أضره بعد الإصلاح! فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى عن ذلك )).
والناصحون لهذه البلاد بدعوتهم إلى المحافظة على الفضائل والبعد عن الوقوع في الرذائل يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وفي الدعوة إلى ما يؤدي إلى انفلات النساء النهي عن المعروف والأمر بالمنكر.(1/39)
والناصحون لهذه البلاد ولغيرها من بلاد المسلمين التي انفلتت فيها النساء يحبون لتلك البلاد أن تكون في الخير تابعة للبلاد السعودية في احتجاب النساء وترك اختلاطهن بالرجال؛ لأن في ذلك خروجاً من الظلمات إلى النور، والدعوة إلى أن تتبع البلاد السعودية غيرها من البلاد الأخرى فيما يؤدي إلى انفلات النساء فيه الخروج من النور إلى الظلمات.
وكل عاقل ناصح لنفسه ولهذه البلاد ولسائر بلاد المسلمين يعجب مما عجب منه الملك عبد العزيز ~ مؤسس هذه الدولة العظيمة في قوله: (( إنني لأعجب أكبر العجب ممن يدَّعي النّور والعلم وحب الرقي لبلاده، من الشبيبة التي ترى بأعينها وتلمس بأيديها ما نوَّهنا عنه من الخطر الخلقي الحائق بغيرنا من الأمم، ثم لا ترعوي عن ذلك، وتتبارى في طغيانها، وتستمر في عمل كلِّ أمر يخالف تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية، ولا ترجع إلى تعاليم الدين الحنيف الذي جاءنا به نبينا محمد رحمة وهدى لنا ولسائر البشر )).
وقد تقدّم هذا ضمن كلامه الذي نقلته عنه من كتاب المصحف والسيف.(1/40)
ولما آلت ولاية الأمر في هذه البلاد قبل عام واحد إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أعزّه الله بطاعته ونصر به دينه هبَّ دعاة تغريب المرأة إلى الخوض في مجالات مؤدّاها انفلات النساء في هذه البلاد كما انفلتت في البلاد الأخرى وطفحت بها الصحف، مؤمِّلين أن يجدوا في عهده خلاف ما كان في عهد أبيه وإخوانه الأربعة الذين وَلُوا الأمر من قبله، وأنَّى لهم ذلك؟! فإن الملك عبد الله وولي عهده وأعوانه من إخوانه هم مع أسلافهم ذريّة بعضها من بعض يبنون على ما كانت أوائلهم تبني، وهم يعلمون ويعلم غيرهم من الناصحين لهم أن هذه الدولة قامت على أساس التمسك بالشريعة الإسلامية، وأن بقاءها واستمرارها يكون بالمحافظة على ذلك؛ كما قال الله (: ( ((((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((((( (((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (، وقال تعالى: ( ((((((((((((( (((( ((( ((((((((((( ( (((( (((( (((((((( ((((((( (((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((( (((((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((( (((( ((((((((((( ( (((( ((((((((( ((((((((( (، وما يدعو إليه دعاة تغريب المرأة هو من المنكر الذي يجب الحذر منه، ولن يجدوا بحول الله عند خادم الحرمين حفظه الله إلاّ ما يُخيِّب آمالهم ويقطع أطماعهم، وأيضاً فإن قول والده الملك عبد العزيز ~ في بيانه المتقدّم في ذم الاختلاط وانفلات النساء: (( فلا ـ والله! ـ ليس هذا التمدن في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي ))، قد قال مثله أو قريباً منه هذا العام خادم الحرمين وفقه الله عند لقائه الصحفيين الخليجيين الذين ينشرون صور النساء في صحفهم، وما اتصف به حفظه الله من رجولة وشهامة وشمم ونظر في(1/41)
العواقب وغيرة على المحارم يؤكد خيبة آمال أهل الكيد والمكر.
ومن خوض هؤلاء المستغربين الذي هبُّوا إليه قول أحدهم: (( إنه لا يوجد مانع شرعي إسلامي لقيادة المرأة للسيارة...وأن قيادة المرأة السعودية للسيارة شأن اجتماعي وليس حكومياً، ولا يحتاج إلى إصدار فتوى شرعية!!! ))، واهتمامُ آخرَ منهم بإيجاد فرص لعمل النساء في متاجر بدلاً من عمل الرجال فيها ليظفروا بالبطالة فيتسكّعوا في الشوارع ويَخْلُفوا النساء في القرار في البيوت، فيصدق عليهم المثل: (العَنْز تَسرَح والتيس بالدار)، وقول الشاعر:
ورأيتُها يوما تغادر بيتنا
وسألتُها قالت: أريد إدارتي
لم يَبق إلاّ أن أكون مكانها
وهي التي تسعى لتجلب لقمتي
وطعامها أطهو وأغسل ثوبها
وكذا أرضع طفلها يا بلوتي
من كتاب محاضرات الجامعة الإسلامية بالمدينة في موسمها الثقافي عام 1394 ـ 1395 هـ ص 241، ضمن محاضرة بعنوان: المرأة بين من كرَّمها ومن أهانها للشيخ عبد الفتاح عشماوي.
ومن خوضهم إظهار وإشهار ما سمَّوه سيدات الأعمال لتكون المرأة السعودية مماثلة لغيرها في البلاد الأخرى: سافرة متبرجة، تختلط بمن شاءت، وتذهب حيث شاءت، وتسافر كيف شاءت، وتشارك الرجال جنباً إلى جنب في مختلف اللقاءات والاجتماعات في الغرف التجارية وغيرها.
والمرأة المسلمة في هذه البلاد لها أن تعمل في التجارة دون اختلاط بالرجال، وتقوم بتوكيل من شاءت من الرجال في مباشرة أعمال تجارتها، وتحذر تقليد غيرها من النساء اللاتي انفلتن في البلاد الأخرى. وكل جديد فيه مخالفة للشرع يُنذر وقوعُه بخطر شديد، ومن ذلك ما حصل من بعض الغرف التجارية من إشراك بعض النساء في مجالسها تقليداً للغربيين والمستغربين في البلاد الأخرى، فإن الواجب منعه ومحاسبة من أقدم عليه وكذا من يُقدِم على غيره مما يماثله.(1/42)
وإن تفلُّت بعض النساء في هذه البلاد فيما فيه مخالطة للرجال مما نشرته بعض الصحف وأشادت به لا ينجي هذه البلاد بإذن الله من أخطاره العظيمة وأضراره الجسيمة إلاّ وقفة حزم وعزم ممن ليس فوق يده في هذه البلاد إلاّ يدُ الله وهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفقه الله وأعانه على كل خير، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن كما قال ذلك عثمان >، تحمل هذه الوقفة الشُجاعة القوية النساءَ على التقيّد بالأحكام الشرعية والبعد عن كل ما هو ممنوع شرعاً، وتُسكت كل ناعق بالديمقراطية الزائفة يجر الأخذ بنعيقه إلى تقويض البنيان الشامخ لهذه الدولة العريقة التي عشنا وعاش آباؤنا وأجدادنا في ولايتها في أمن وأمان وحفاظ على الفضيلة وبُعد عن أسباب الرذيلة، والله تعالى يقول: ( ((((( ((((((((( (((((((( (((( (((( (((((( ((( (((((((((( (((((( (((( ((((((( ((((((((((( (، ويقول: ( ((((((( (((((( (((( (((( (((( (((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((((( (((((( (((((( (((((((((((( ((( ((((((((((((( ( (((((( (((( ((((((( ((((((( (.
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم رب كل شيء ومليكه أن يحفظ على هذه البلاد أمنها وإيمانها وسلامتها وإسلامها، وأن يوفّق قادتها لكل خير، وأن يهيِّء لهم البطانة الصالحة ويصرف عنهم بطانة السوء، اللَّهم من علمت في قربه منهم خيراً لهم ولرعيتهم فقرِّبه منهم وألِّف بين قلبه وقلوبهم، ومن علمت فيه شراً لهم ولرعيتهم فأبعده عنهم وألقِ في قلوبهم بغضه حتى يحذروه ويَسْلَم الجميع من شرِّه إنك سميع مجيب.(1/43)
وأما إرجاف المرجفين من الغربيين والمستغربين بتصدير ديمقراطية الغرب الزائفة إلى بلاد المسلمين فهو من عمل الشيطان؛ كما قال الله (: ( ((((((( ((((((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((((((((((( (((( (((((((((((( (((((((((( ((( (((((( ((((((((((( ( ، خُتمت الآية بقوله: ( (((( (((((((((((( (((((((((( ((( (((((( ((((((((((( (، وقال: ( ((( ((((((((((( (((( (((( ((((((( (((((( ( ((((( (((((((((((( ((((( ((( ((((((( (((((((((( ((((( ((((((((( (، ثم ختم الآية بقوله: ( ((((((( (((( (((((((((((((( ((((((((((((((( (.
وقد قلت في ختام كتابي بذل النصح والتذكير لبقايا المفتونين بالتكفير والتفجير: (( وغير خاف أن الذنوب والخطايا سبب العقوبات العاجلة والآجلة للكفَّار والمسلمين، قال الله ( عن قوم نوح: ( (((((( ((((((((((((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((( (((((( ((((((((( ((((( (((( ((((( (((( ((((((((( (، وقال تعالى: ( (((((( ((((((((( ((((((((((( ( ((((((((( (((( ((((((((((( (((((((( (((((((( ((((((((( (((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((( (((((((( ((((((((( (((( ((((((((((( ( ((((( ((((( (((( (((((((((((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((( ((((((((((( (، وقال تعالى: ( (((((((( (((( (((((( (((((((( ((((((( ((((((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( ((((((( (((( ((((( ((((((( (((((((((( (((((((((( (((( (((((((((((( (((( ((((((( ((((((((( (((((((((((( ((((( (((((((( ((((((((((( (، وقال تعالى: ( (((( (((( (( ((((((((( ((( (((((((( (((((( (((((((((((( ((( ((((((((((((( (، وقال: ( (((((( (((((((((( (((( ((((((((( ((((((( (((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((( ((((((( (.(1/44)
وإنَّ هدى الله هو الهدى، وماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضلال، وإنَّ تنازل المسلمين عن شيء من دينهم يُسخط ربَّهم ولا يُرضي أعداءَهم، قال الله (: ( ((((((((((( (((( (((((((( (((((((( ( (((((((( (((((( ((((((((( (((( (((((((((( ( (((((((( ((((((((((( (، وقال تعالى: ( ((((( (((((((( ((((( ((((((((((( (((( (((((((((((( (((((( (((((((( (((((((((( ( (((( (((( ((((( (((( (((( (((((((((( ( (((((((( (((((((((( ((((((((((((( (((((( ((((((( (((((((( (((( (((((((((( ( ((( (((( (((( (((( ((( ((((((( (((( ((((((( (، وقال تعالى: ( ((((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( (((((((((((((( (((((((((( ((((( (((( (((( ((((((((((( ( (((((( (((((( ((((((((((((( (، وقال: ( ((((( ((((((((((( ((((((((((( (( (((((((((( (((((((((( ((((((( ( (((( (((( ((((( ((((((((((( ((((((( (.(1/45)
والله جلَّ وعلا له ملك السموات والأرض، وهو على كلِّ شيء قدير، هو كاسر الأكاسرة، وقاصم القياصرة، ومُذِلُّ الجبابرة، ومهلك الفراعنة، وفي ألفاظ الأذان (الله أكبر) ست مرّات، وفي كلِّ ركعة من ركعات الصلاة (الله أكبر) خمس مرّات، والله أكبر من كلِّ كبير، وأعظم من كلِّ عظيم، قدرته فوق كلِّ قدرة، وبطشه أشدُّ من كلِّ بطش، ( (((((( (((( (((((( (((((( (((((( ((((((( ((( (((((( ((((( ((((((((((( ((( ((((((( (((( (((((((( ((((((((( ((( ((((((((((( ((( ((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((((((( ((( ((((((((((( (((( ((((((((( (((((((( ((( ((((((((((( (((( ((((((((((((( (((((( ((((((((((( (((( (((((( (((((((((( (((((( (((((( ((((((( (((( (((( (((((( ((((((((((((((((( (((( (، ( ((((( (((( (((( ((((((((((((( ((((((((( (، وعند الله من أنواع العقوبات العاجلة، ما لا يخطر ببال متكبِّر، كالصواعق المحرقة والفياضانات الكاسحة والرياح العاتية والزلازل المدمِّرة والأمراض المزمنة، قال الله تعالى: ( (((((((( ((((((( (((( (((((((( ((((((( (((( (((((( ((((( ( ((((( ((((( (((( (((((((( ((( ((((( (، وقال: ( (((( (((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((( ((((((( (((((( (((((( ((((((((((( ( ((((((( ((((((( (((((( ((((((((((((((( ((((((( ( (((((((( ((((((( ((((((( (، وقال: ( (((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( (((((((((( ( (((((((( (( ((((((((((( (، وقال: ( (( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((((((((( ((( (((((((( ( ((((((((((((( (((((((( ( (((((((((( ((((((((((( (.(1/46)
وأسأل الله القوي المتين العزيز القهار الجبار المتكبِّر أن يُعزَّ الإسلام والمسلمين، ويُذلَّ الشرك والمشركين، ويدمِّر أعداء الدِّين، اللَّهمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحره، واجعل في تدبيره تدميره، اللَّهمَّ من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً نطق به أو كتبه فأخرس لسانه وشلَّ بنانه، واجعله عبرة للمعتبرين، اللَّهمَّ سلِّط عليه جنداً من جنودك التي لا يعلمها إلاَّ أنت، ربَّنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربَّنا إنَّك أنت العزيز الحكيم.
وكان الفراغ من تحرير هذه الرسالة في اليوم الرابع من شهر رجب عام 1427 هـ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(((
الفهرس
(…3
بَدء السفور وترك الحجاب…4
لماذا انفردت البلاد السعودية عن غيرها بترك الاختلاط وعدم قيادة المرأة السيارة؟.…6
قيادة المرأة السيارة يقودها إلى الاختلاط بالرجال والخلوة المحرمة والسفر بدون محرم…9
بيان بليغ رصين عن المرأة للملك عبد العزيز ~ مؤسس المملكة العربية السعودية…13
خطاب الملك فهد ~ التعميمي في المنع من عمل المرأة المؤدي إلى الاختلاط بالرجال…15
بيان وزارة الداخلية بمنع قيادة النساء السيارات بناء على فتوى كبار العلماء…16
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء…17
فتوى شيخ الإسلام الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز ~…20
فتوى الشيخ العلاّمة محمد بن صالح بن عثيمين ~…22
لا يستغنى عن الفتاوى الشرعية في منع قيادة المرأة السيارة بفتوى غير شرعية…26
من كلمات عقلاء الغربيين وعاقلاتهم في التألّم من انفلات نسائهم…30
دعوة بعض الكتّاب إلى البدء من حيث انتهى الغربيون…35
أيُختار للمرأة الظلام والعمى بدل النور والضياء…39
(1) هو وزير الثقافة والإعلام الحالي أصلح الله حاله.
??
??
??
??(1/47)