بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا ...
أما بعد:
هناك سؤال وجيه ويطرح باستمرار وهو هل يستطيع الإنسان تغيير أخلاقه وطباعه وعاداته من العادات والممارسات الرديئة إلى عادات وممارسات حسنة ؟ وقد اختلف الناس في الإجابة على هذا السؤال فبعضهم يقول لا يمكن للأخلاق أن تتغير ! ويستدلون بأشخاص كثر يحافظون على الصلاة بأوقاتها مع الجماعة دون أن يكون لها تأثير مباشر أو واقع ملموس على أخلاقهم وطباعهم.
يقول الله عز وجل: { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت: 45]، لماذا لم تغير الصلاة من طباع هؤلاء ؟الجواب لأن طباعهم وأخلاقهم جبلية لا يمكن أن تتغير ! كذلك فإن الناس يصومون رمضان في كل عام دون أن يؤثر في أخلاقهم فيحفظ جوارحهم من الوقوع في حبائل الشيطان، وإذا حفظوها في رمضان، فسرعان ما تعود لحالتها السابقة بعد رمضان، أيضًا قراءة القرآن الكريم فهناك من يقرأ القرآن الكريم ويداوم على قراءته بيد أنه لم يغير من طباعهم، ومن أدلتهم ممارسة البعض لأعمال تتعارض مع ظواهرهم وتقاعسهم عن أعمال الخير وعزوفهم عن كثير من الأعمال الفاضلة والجواب برأيهم أن «الطبع يغلب التطبع»!!(1/1)
وبطبيعة الحال فإن الرأي الصواب والصحيح هو أن الأخلاق يمكن أن تتغير وما ذكر آنفًا من عدم تغيرها أثناء اداء العبادات فهذا واقع مشاهد مع الأسف الشديد ومرده ومنشؤه من ضعف الإيمان والانشغال بالدنيا وملذاتها والغفلة عن الآخرة، فإذا صلى الشخص وباله مشغول عن صلاته فلا ريب أن ذلك سيؤثر على خشوعه وطمأنينته وبالتالي فهذه الصلاة لن تمنعه من ارتكاب الفواحش واقتراف المنكرات إذ إن الصلاة بلا خشوع كالبدن بلا روح كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: يقول - صلى الله عليه وسلم - : «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» (1) .
ونتيجة لذلك فسيُحْرَمُ من الحِكَم النبيلة والثمرات الجليلة والمقاصد العظيمة التي هي ثمرة من ثمرات العبادات كالنهي عن الفحشاء والمنكر والطمأنينة وتزكية النفس والتحصين من الشياطين والحسنات والأجور المضاعفة وذلك يشمل جميع العبادات كالصوم والزكاة والحج وقراءة القرآن الكريم وغيرها من العبادات؛ فلا بد من الإخلاص أولاً ثم الخشوع والتدبر لتقبل العبادة ويجني العبد ثمارها وبالتالي تتغير طباعه وأخلاقه إلى الأفضل؛ فلو أن المصلي كان خاشعًا حاضر القلب مفرغ نفسه من جميع العلائق الدنيوية متمًا لشروطها وأركانها وواجباتها وكان حاله بهذه الصورة والكيفية عند أداء جميع العبادات فإن ذلك مؤذن ولا بد بتغيير طباعه وسلوكه للأفضل.
وإن الناظر في أحوال الناس وتهاونهم في أداء هذه العبادات ليشعر بالأسى والحسرة على ما آلت إليه أحوالهم ويحتار في أمرهم لا سيما وأن هذه العبادات من الأهمية بمكان فهي أركان الإسلام ومبانيه العظام وهي قائمة على اليسر والسهولة فالصلاة فرضت خمس مرات في اليوم بدلاً عن خمسين وتأديتها لا تأخذ من أوقاتنا سوى بضع دقائق.
__________
(1) رواه أحمد وأبو داوود.(1/2)
أما الزكاة فقد فرضت بنسبة ربع العشر أي ما يوازي 2.5 % وهذه نسبة ضئيلة جدا وتدفع مرة واحدة فقط في العام، وبالنسبة للصوم فإن الله - عز وجل-قد فرض علينا الصيام لمدة شهر واحد فقط من كل عام، أما فيما يتعلق بالحج فهو واجب مرة واحدة فقط في العمر، تأملوا أيها الإخوة لو أن الصلاة تؤدي خمسين مرة في اليوم ! ماذا سنفعل لو أن الصيام 3 أو 4 أشهر متتالية ؟ كيف سيكون حالنا لو أن الحج واجب في كل عام ؟ ولذلك يجب علينا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة بأن يسر لنا الشارع الحكيم - عز وجل - هذه التكاليف الشرعية وسهلها ليتمكن الجميع من تأديتها بيسر وخشوع وتذلل لله - عز وجل - ويكون لها أثر بالغ في سلوكه وطباعه في جميع شؤونه الحياتية.
بالمثال يتضح المقال:
يقول البعض أن ( الطبع تحت الروح ولا يزول إلا بخروج الروح) وبالتالي فمسألة تغيير الطباع والسلوك متعذر ومستحيل !! كما قال الشاعر:
إذا رام التخلق نازعته ... خلائقه إلى الطبع القديم
ربما تكون مسألة التغيير فيها نوع من الصعوبة والتعقيد غير أنها ليست مستحيلة قطعًا كل ما هناك أن ذلك يتطلب إرادة صلبة وهمة عالية وعملا دؤوبًا ومجاهدة للنفس لكبح جماحها وقبل ذلك أن يكون التغيير لله - سبحانه وتعالى - «فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه» ثم وعي وإدراك بطرق ووسائل التغيير وحتمًا سيتمكن بعد ذلك المرء من تحرير نفسه من العواطف والعادات السيئة إذ إن قيمة الإنسان الحقيقية هي تحرره من سيطرة ذاته السلبية ليتمكن بعد ذلك من ردم هوة الاختلاف بين ما يريد وواقعه، فنحن حينما نستعرض الأقوال نجدها تتعارض تمامًا مع الأفعال فالأقوال مع الآخرة والجنة والأفعال مع الدنيا وملذاتها وزخرفها الزائل يقول أحد الحكماء: «لو أن الدنيا ذهبًا يغني والآخرة خزفًا يبقى لوجب على العاقل أن يختار الخزف الباقي على الذهب الفاني» (1) .
__________
(1) أبو بكر الجزائري، هل المسلمون اليوم مسلمون حقًّا ؟(1/3)
* كان أحد الأشخاص عصبيًا حاد المزاج يغضب لأتفه الأسباب وقد تم نصحه من بعض أقاربه وأصدقائه لا سيما وأنه لا يوجد في أغلب الأحيان ما يستدعي الغضب غير أنه كان يبدي أسفه على طبعه غير السوي ويحتج بأنه لا يستطيع تغيير طباعه وبعد فترة أحس بالتعب فذهب للمستشفى فأخبره الطبيب بأنه يعاني من ارتفاع في ضغط الدم والسكري وأن حياته في خطر شديد وسيعاني من متاعب صحية ما لم يتدارك وضعه ويبتعد عن الغضب بأسرع ما يمكن، وقد استطاع هذا الشخص الابتعاد عن الغضب بل إنه أصبح من أهل المرح والتسلية !!
* حكى لي صديق قصة قريب له مبتلى بالتدخين لمدةٍ خمسين سنة وهو يدخن أربعين إلى خمسين سيجارة يوميًا وبطبيعة الحال فهو كان راغبًا في الإقلاع عن التدخين بيد أنه كان يقول لمن يقدم له النصيحة بأنه لا يمكن أن يقلع بعد هذه السنوات الطويلة وأن ذلك مستحيل وكنتيجة لممارسته التدخين فقد أصيب بمرض في القلب وأجرى على إثره عملية جراحية وبعد خروجه من المستشفى حذره الأطباء بأن عليه الإقلاع عن التدخين فورًا وإلا فإنه سيموت فخاف الشخص وما كان منه إلا أن أقلع عن التدخين!!(1/4)
* كان أحد الأشخاص متهاونًا بأداء صلاةٍ الفجر مع الجماعة في المسجد وبعد خمس سنوات تقريبًا صلى في المسجد صلاة الفجر فانتهز الإمام الفرصة وبادر بالسلام عليه ثم قال له:منذ خمس سنوات لم أشاهدك تصلي الفجر معنا! قال الشخص وهو مطأطئ رأسه: نعم يا شيخ فأنا في الحقيقة أعاني من ثقل في نومي فقال له الشيخ: الأمر بسيط ساعة منبه، فقال الشخص: ما ينفع يا شيخ فأنا أطفئ المنبه وأعود للنوم وأحيانًا أكسر الساعة! فقال الشيخ: لما لا توصي والدتك بإيقاظك ؟ فقال الشخص: لقد أعياها التعب حتى أنني أشفقت على حالها! ففكر الشيخ قليلاً ثم قال له: ما رأيك لو أنني طلبت من جماعة المسجد أن يجمعوا مبلغًا من المال لنقدمه جائزة لك إذا حافظت على صلاة الفجر مع الجماعة لمدة شهر واحد فقط وكان الشيخ يعرف أنه غير موظف (وكان جماعة المسجد من الموسرين) ففرح الشخص فرحًا شديدًا، وقال: إنني عاجز عن شكرك يا شيخ وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء وسوف أحافظ على الصلاة لمدة شهرين بل ثلاثة زيادة وتبرعًا من عندي فقال الشيخ: ولكن هناك مشكلة كبيرة سوف تفسد علينا مشروعنا فقال الشخص بلهفة شديدة: ما هي يا شيخ، خيرًا إن شاء الله ؟ فرد عليه الشيخ: كيف تستيقظ ؟ فقال الشخص وهو يبتسم: لقد أفزعتني يا شيخ الأمر بسيط جدًّا ولا يستحق القلق، لا عليك اطمئن سأستيقظ !!
هذه نماذج لأشخاص استطاعوا (عندما أرادوا) تغيير طباعهم وسلوكياتهم، وأكاد أجزم أن معظمكم ذاكرته حبلى بأمثلة مشابهة.
إن التغيير صفة إيجابية تجعل المرء يتقدم ويستشعر قيمة جديدة لحياته ويتلذذ بالمعاني المرتبطة بهذا التغيير وهو كما يقول د. علي الحمادي «التغيير هو التحول من واقع معين إلى واقع آخر منشود خلال فترة زمنية معينة» (1) .
موانع وهمية:
__________
(1) د. علي الحمادي، التغيير الذكي، دار ابن حزم للطباعة، الطبعة الأولى.(1/5)
إن الأشخاص الذين ذكروا آنفًا كانوا في حقيقة أمرهم يتهربون من الواقع ويلجؤون للاعتذار والتسويف وهناك من هو أسوأ منهم وهو من يبحث عن زلات وأخطاء شخص ناجح مبدع ليطفئ نار الشعور بالنقص (1) ، وهذه كلها إنما هي (موانع وهمية).
ونماذج هؤلاء الأشخاص تثبت بشكل جلي أن الإرادة والرغبة توجد حلول الكثير من المشاكل، وهذا هو الفرق بين الإنسان الناجح وغيره إنها العزيمة والحماس والطموح وليس نقصًا في القدرات أو المعرفة أو الذكاء والإنسان الفاشل هو الذي يفكر دون تنفيذ أو ينفذ دون تفكير (2) .
انفصام مريع بين الإيمان والسلوك:
النفس تتعود على ما قمنا بتعويدها عليه عن ممارسات فمن عودها على فعل الطاعات والخيرات وألزمها على ذلك مالت إلى فعل ذلك ومن عودها البطالة صعب عليه القيام بأي دور، ومن يتأمل في واقعنا وأحوالنا يجد الانفصام المريع بين الإيمان والسلوك الأمر الذي يدل على ضعف سلطان العقيدة على عقل المسلم وقلبه ثم عدم شغل الوقت بما ينفع الإنسان نفسه وأهله ومجتمعه ومن الخطأ بمكان ما قد يظن بأن هذه القضية قضية هامشية، بل إنها من القضايا الجذرية في بناء الإنسان والتي لها انعكساتها العميقة الجذور في المجتمع (3) ولذلك فلابد من معرفة النفس وإدراك الفروق بين الشخص والآخرين ومعرفة مميزات ذاته وطباعه وردود فعله وعواطفه يقول أحد الحكماء: «لا يوجد إنسان ضعيف ولكن يوجد إنسان يجهل في نفسه مواطن القوة المعوضة».
ويقول المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس عيبًا ... كنقص القادرين على التمام
__________
(1) خليل صقر، صناعة المستقبل، دار ابن حزم الطبعة الأولى 1422هـ.
(2) د. كفاح فياض، أمثلة من ذهب، قرطبة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1426هـ.
(3) الأستاذ الدكتور، محمد أديب الصالح، الإنسان والحياة في وقفات مع آيات.(1/6)
ولكي ينجح الشخص في تحقيق مبتغاه فلا بد له من الحرص على العمل والفقه في الدين حتى يستطيع أن يوجه المجتمع إلى الطريق السوي ويأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وحتى يعلم كيف يعمل فيبدأ بنفسه ويجتهد في إصلاح سريرته ومسابقته إلى كل خير فيكون مع أول الناس في الصلاة ومع أول الناس في كل خير ويكون أبعدهم عن كل شر ويمتثل كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أعماله وأقواله مع زملائه وإخوانه وأعوانه، وكذلك الدعوة إلى الله مع الإخلاص والصدق في ذلك (1) .
قال عز وجل: { وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر].
فالإنسان في خسارة إلا من آمن وعمل أي قرن العلم بالعمل ثم دعا إلى الحق وصبر على الأذى في سبيل تبليغه.
كيف بنى الصحابة أمجادهم ؟
__________
(1) سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثاني والثالث.(1/7)
إن من نافلة القول أن المرء ينبغي له مطالعة سير الصحابة - رضوان الله عليهم - وكيف استطاعوا بإرادتهم التحول من سلبيين يعيشون على هامش الحياة إلى شخصيات وقيادات وزعامات كانت لهم اليد الطولى في قيادة الأمة نحو العزة والكرامة، لقد كانوا يعيشون حياة العبث والضياع والمهانة وبعد أن أسلموا لله أنفسهم صاروا شيئًا آخر (1) ملكوا البلاد وسادوا العباد ودانت لهم الدنيا بأسرها بهم ظهر الحق وانتشر العلم وحفظت الأوطان والأعراض رغم ما تعرضوا له من مضايقة وفتن ذاقوا ألوان وصنوف العذاب إلا أن ذلك لم يكن ليثنيهم أو يتسبب في نكوصهم وتقهقرهم عن طريقهم قيد أنملة وكانوا مع ذلك بسطاء يواسي غنيهم فقيرهم ويرأف عالمهم بجاهلهم (2) وهذا كله لا يتأتى إلا بترك سوء الظن بالنفس وإزدرائها واحتقارها والبدء بالممارسة والمشاركة بالعطاء والتأثير.
ولنضرب مثلاً بسلمان الفارسي - رضي الله عنه - فهو الذي أشار بحفر الخندق كما هو معلوم يقول ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أن المهاجرين يوم الخندق قالوا: سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «سلمان منا أهل البيت» (3) .
كيف استطاع سلمان الفارسي رضي الله عنه تحقيق هذا المجد العظيم الذي قد يبدو صعبًا بل مستحيلاً عند البعض.
__________
(1) حسن أيوب، السلوك الاجتماعي في الإسلام، دار الندوة الجديدة.
(2) محمد بن سالم الكدادي البيجاني إصلاح المجتمع دار المجتمع للنشر الطبعة الأولى 1412هـ، الطبعة الثالثة 1428هـ العبيكان.
(3) السيرة النبوية لابن هشام، دار الجيل للطباعة الطبعة الأولى.(1/8)
ترى لو أن سلمان رضي الله عنه حدثته نفسه بأنه رجل ليس من كبار الصحابة وأن أصوله ليست عربية وأنه لا يمكن أن يكون له حظوة أو مكانة خاصة لدى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف ستكون النتائج ؟ تأملوا هذا النجاح الباهر الذي حققه رضي الله عنه فقد أصبح من آل البيت بشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولذلك كما ذكرنا فلا ينبغي للمرء أن يستضعف نفسه ويقلل من شأنها قال عز وجل: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } [القصص: 5].
فلا بد له أن يسعى لتجاوز العقبات وتخطي الحواجز فالإنسان أثناء مسيره في الحياة الدنيا يكون في مكابدة ومجاهدة لهذه العوائق التي تحول دون تحقيقه النجاح المنشود والهدف المؤمل، ومما ينبغي لفت الانتباه إليه هنا التغافل أو التغاضي وغض الطرف عن بعض صغائر وتوافه الأمور والقيل والقال التي يسعى البعض لبثها لتكون عقبة كؤود في طريق الشخص الناجح.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: «اللبيب العاقل هو الفطن المتغافل»، ويقول المتنبي:
ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي (1)
وكلما كان المرء على معرفة جيدة بحقيقة الناس كلما علم أنهم على جهل عظيم قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: «إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيهم راحلة»، وقال عز وجل: { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [الأنعام: 116]، وقال سبحانه: { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم: 34].
موانع حقيقية:
__________
(1) ابن الجوزي، صفة الصفوت، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.(1/9)
1- الكبر: قال عز وجل: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [لقمان: 18]. روى مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا فقال - صلى الله عليه وسلم - : «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس».
معنى «بطر الحق» أي: دفعه ورده، «وغمط الناس»: أي: إزدرائهم واحتقارهم.
2- العجب: وهو سبب لنسيان الذنوب واستصغارها واحتقارها يؤدي إلى الكبر ويجعل المرء يحسن الظن بنفسه ويحرم نفسه من فعل كثير من نوافل العبادات.
3- الغضب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أوصني قال: «لا تغضب» (1) ، وهذا من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - فالغضب عواقبه وخيمة سواء على الفرد أو الأسرة أو المجتمع باستثناء الغضب المحمود وهو عندما تنتهك محارم الله وتنتشر الرذيلة.
4- الحقد: وهو متولد من الغضب مما يجعل المرء دائمًا يخاصم ويظهر الضغينة لغيره لأتفه الأسباب ويحقر أخاه المسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» (2) .
5- الحسد: وهو متولد من الحقد فإن من يحقد على شخص سوف يحسده لا محالة على ما حباه الله من نعم وما يتميز به من الأخلاق الكريمة ويجعل المرء يزدري الناس قال عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ } [الحجرات: 11].
__________
(1) رواه مسلم.
(2) رواه مسلم.(1/10)
6- غشيان الذنوب مع الإصرار والاستهانة بها: فالإصرار على الذنب أقبح منه كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله (1) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إياكم ومحقرات الذنوب ...» الحديث [صحيح الجامع 2687] وعن أنس رضي الله عنه قال: «إنكم لتعملوا أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعرة إن كنا لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات» [رواه البخاري].
وآثار الذنوب والمعاصي كثيرة جدًّا منها حرمان العلم والرزق ومحق البركة في العمر والرزق والعلم والعمل والطاعة وهوان العبد على ربه (2) .
7- عمى القلب: قال الله عز وجل: { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحج: 46]. قال - صلى الله عليه وسلم - : «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» [متفق عليه].
فإذا صلح القلب بالإيمان لزم أن تقوم الأعضاء بالأعمال ولابد فإن البدن تابع للقلب لا يخرج عن إرادته فيلزم من صلاح القلب ضرورة صلاح البدن كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، فالأصل القلب فإذا كان فيه صلاح وإرادة سرى ذلك إلى الجوارح ضرورة ولا يمكن أن يتخلف عمل الجوارح عما يريده القلب (3) .
قال - صلى الله عليه وسلم - : «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه» رواه الإمام أحمد، وقال عز وجل: { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 88 -59].
__________
(1) الإمام ابن القيم، مدارج السالكين، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
(2) الإمام ابن القيم، الجواب الكافي، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
(3) عبد الله بن محمد الغنيمان، دار التدمرية، الطبعة الأولى، 1424 هـ.(1/11)
والقلب له شهوة وإقبال يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إن للقلوب شهوة وإقبالاً وإن لها فترة وإدبارًا فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها ودعوها عند فترتها وإدبارها» (1) .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: «اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» [رواه الإمام أحمد].
فالقلب سريع التحول سريع التقلب، وفي صحيح مسلم قال - صلى الله عليه وسلم - : «لقلب ابن آدم أشد انقلابًا من القدر إذا اجتمعت غليانًا».
8- الغفلة: داء ينتج من عمى القلب فإذا أصيب القلب بالعمى غفل المرء عن عمل الطاعات والخيرات، والغافل يستطيع أن يعمل بهمة ونشاط فلديه جميع المقومات غير أنه يؤثر الدعة والتلذذ بالراحة على الاجتهاد.
وأسوأ ما في الغفلة أنها تفوت على صاحبها الكثير من أبواب الخير رغم قدرته على فعلها وهي سبب للكثير من الذنوب والمعاصي وقد نهى عز وجل عن الغفلة فقال: { وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ } [الأعراف: 205]، وقال سبحانه وتعالى: { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } [يونس: 92].
9- الإعراض عن ذكر الله: قال عز وجل: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } [طه: 124-125].
مفاتيح التغيير:
1- سلامة الصدر: فسليم الصدر ودودًا بإخوانه محبًّا لهم ما يحب لنفسه طالبًا لما فيه صلاحهم شغوفًا بنصحهم قال عز وجل: { إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الصافات: 84].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير».
__________
(1) عبد الستار الشيخ، عبد الله بن مسعود، دار القلم للطباعة، الطبعة الثانية.(1/12)
2- تفعيل الحس الرقابي: إن قيمة النفس الحقيقية تتمثل في تجاوز السلبيات وإنتاجها أما إخفاقها فيتجلى بكسلها وتهاونها فيصاب المرء بما أسماه الشيخ الدكتور عائض القرني في كتابه حدائق ذات بهجة (نعاس الروح).
ونحن في سبيل إصلاح أنفسنا بأمس الحاجة لتنمية وتفعيل الحس الرقابي ولنستحضر في هذا المقام شهر رمضان كدليل واضح على استطاعة المرء مراقبة نفسه بصرامة فمما لا ريب فيه أن من أبرز فضائل الصوم أن له تأثير عجيب على النفس من خلال مراقبتها باستمرار وعدم الغفلة عنها لا سيما وأن الصوم سر بين العبد وربه لا يعلم به أحد، وعلينا أن نتأمل ونتمعن حجم التغير الهائل الذي سيحدث فيما لو استمرت هذه المراقبة الذاتية الصارمة طوال أيام السنة.
3- نكران الذات: إن العاقل الذي يسعى لتطوير نفسه والعمل بجد مع إخوانه لا ينظر لموقعه ووضعه مهما كان وعطاؤه وعمله مرتبط الدور المنوط به فالجهة أو الارتباط والعلاقة بين موقعه وعمله ( منفكة) فيكفي المرء أن يشارك ويساهم بما يستطيع وهو جزء من عملية كبيرة لها آثارها التي تنعكس بصورة إيجابية على الفرد والمجتمع.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع» (1) .
وعندما نعود بذاكرتنا إلى سير بعض السلف الصالح رضوان الله عليهم، نجد أنهم كانوا يشاركون ويعملون بهمة عالية مع تنوع أدوارهم بل إن بعضهم يمتلك مواصفات قيادية بارزة ويحقق نجاحات لا تضاهى ثم ما يلبث أن ينحى عن موقعه القيادي ولا يغضب من جراء ذلك ولا يثنيه عن مواصلة عطائه المثمر.
__________
(1) رواه البخاري.(1/13)
وقد حدث ذلك لخالد بن الوليد رضي الله عنه (سيف الله المسلول) ذلك القائد والفارس المحنك فقد نحي عن قيادة الجيش وأصبح جنديًّا عاديًّا واستمر بنفس الهمة والنشاط أيضًا فإن كبار الصحابة رضوان الله عليهم قد شاركوا في الجيش تحت إدارة وقيادة أسامة بن زيد الشاب الذي لم يبلغ بعد 20 سنة.
لقد فعلوا ذلك لأنهم نأوا بأنفسهم عن الكبر والعجب والحسد والضغينة وهي الأمراض التي أشرنا لها وهي (موانع حقيقية) للنجاح، كانوا يبحثون عن مصلحة الأمة وكيفية الرفع من شأنها ورقيها، والنهوض بالدين بغض النظر عن الثناء الشخصي أو التقدير والتبجيل الذاتي، ولذلك نجحوا نجاحًا منقطع النظير وأصبحوا قدوات لنا ولابد إن أردنا النجاح أن نتتبع طريقهم وخطاهم ونطبق ما فعلوا لنحصد النجاح، وهذا لا يكون إلا بالترابط والتآخي فيما بيننا وزيادة أواصر الأخوة قال عز وجل: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 11]، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه» (1) ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (2) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (3) .
ولذلك فالمرء يحب لأخيه كل خير فإذا كان يعمل معه وهو في مركز قيادي فيجب أن يعمل معه بإخلاص وتفاني دون أن يكون في نفسه شيء أو ينظر لمكتسباته وحظوظ نفسه فيتأثر نشاطه بسبب ذلك بل يعمل وسينال الأجر إن شاء الله وهو على أية حال يعتبر من المساهمين الفاعلين وبذلك يبقى المجتمع متماسكًا مستمرًا في تفاعله وعطائه.
الظلمة والعزلة:
__________
(1) متفق عليه.
(2) متفق عليه.
(3) رواه البخاري.(1/14)
اختلف الناس في الكلام حول الخلطة والعزلة فبعضهم يرى أن العزلة جزء من حل بعض المشاكل بحيث يكون المرء بعيدًا عن القيل والقال فهذا هو المنجى وكذلك أن ينأى المرء بنفسه عن القضايا التي لاتهم الفرد وبذلك يسلم من الأخلاق الرديئة والبعض الآخر على النقيض من ذلك فهم يرون أن المرء لابد أن يخالط الناس في أماكنهم، وأن يكثر من ذلك وأن ذلك سبب لتغيير طباعه للأفضل وكلا القولين خطأ فإن العزلة والانفراد هي في الواقع سبب من أسباب الضياع وهي بجانب ضررها البالغ على الفرد والمجتمع فإنا تمنع من الخير الكثير والأعمال الصالحة ما الله به عليم.
أما كثرة الخلطة فإنها توقع في الكثير من المنكرات وهي تفضي إلى الغفلة وتفسد القلب والضابط النافع في أمر الخلطة أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعات والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات (1) .
أنواع الناس في الخلطة:
1- من مخالطتهم كالغذاء وهم العلماء.
2- من مخالطته كالدواء وهم من يخالطون لمصلحة المعاش.
3- من مخالطته كالداء وهم من يتسببون بالأضرار الدينية والدنيوية.
4- من في مخالطته الهلاك كله وهم بمنزلة أكل السم وهم أهل البدع والضلالة فالبعد عنهم خير (2) .
والاجتماع بالناس ومخالطتهم على قسمين:
1- اجتماع لمؤانسة الطبع وشغل الوقت: وهذا مضرته أرجح من منفعته وأقل ما فيه أن يفسد القلب ويضيع الوقت.
2- الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر: وهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها.
ولكن فيه ثلاث آفات:
1- تزين بعضهم لبعض.
2- الكلام والخلطة أكثر من الحاجة.
__________
(1) الإمام ابن القيم، مدارج السالكين، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
(2) الإمام ابن القيم، بدائع الفوائد، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.(1/15)
3- أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود (1) .
ومخالطة الناس في المناسبات الشرعية تمكن المرء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديم النصيحة وكذلك أبواب الخير الكثيرة مثل الكلمة الطيبة، والتبسم في وجه أخيك المسلم وإغاثة الملهوف وملاطفة اليتيم وإزالة الأذى عن طريق المسلمين ورد السلام قال - صلى الله عليه وسلم - : «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا المواطئون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف» (2) .
ظاهرة التقاعس:
أصبحت ظاهرة التقاعس عن نفع الغير والركون إلى الراحة والدعة بمثابة العادة لدى الكثيرين - هداهم الله - همهم الحرص على الملذات الدنيوية قال - صلى الله عليه وسلم - : «والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم».
ومن أبرز العوائق المثبطة للعمل والمحفزة للكسل الأصدقاء الذين يهتمون بالدنيا وهؤلاء لا فائدة ترجى منهم على الإطلاق فهم يحرصون على مصالحهم فقط لا غير وبعد انتهاء مصالحهم يتلاشون قال عز وجل: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67]، فتجدهم يتسابقون نحو المسئول أو التاجر وغيره في وقت المصلحة وعندما يعفى من منصبه فإنهم سرعان ما يتركون وربما تنقصوه قال سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119] (3) .
نصائح ثمينة:
1- قراءة القرآن بتدبر وفهم لمعانيه.
2- الخشوع وحضور القلب عند أداء الصلاة.
__________
(1) الإمام ابن القيم، بدائع الفوائد، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
(2) رواه النسائي وقال: حسن صحيح.
(3) عبد الله الخاطر، المنتدى الإسلامي بلندن، الطبعة الأولى 1413هـ.(1/16)
3- الحرص على سلامة العقيدة إذ إن كل انحراف في السلوك إنما هو ناتج من خلل في العقيدة.
4- الدعاء فالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أكمل المؤمنين أخلاقًا يقول: «اللهم اهدني لأحسن الأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء».
5- التوكل على الله عز وجل والاستعانة به يقول الله عز وجل: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق: 3].
6- قراءة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف أنه كان يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويعطي من منعه وغير ذلك من الفضائل ومكارم الأخلاق.
7- الصبر والتحمل فالبداية قد تكون صعبة لكن سرعان ما تسهل ويحسن الاستفادة من سيرة الأنبياء والصحابة والعلماء في جلدهم وصبرهم على ما لقوا من أذى وابتلاء لم يثبطهم أو يثنيهم أو ينل من ثباتهم.
8- مجالسة أهل العلم والجد والنشاط.
9- عود نفسك على بذل الخير للآخرين ومساعدتهم.
10- الاعتراف بالأخطاء والتقصير ومحاسبة النفس.
11- عود نفسك على الصدقة وطرد البخل والشح.
12- عود نفسك على الإيثار وطرد الحرص وحب الذات.
13- عود نفسك على الانضباط في كل شيء وكن واضحًا دائمًا وتجنب الغموض.
14- تفكر في عاقبة سوء الخلق وما يجلبه من الندم والحسرة وكراهية الناس لصاحبه.
15- احرص على طرد العجز والكسل وحب الدعة فقد كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - : «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل» الحديث رواه أبو داود.
تنبيه:(1/17)
ونحن نتحدث عن تغيير الأخلاق والسلوكيات والحرص على الإنتاج وعلو الهمة يجدر بنا أن نحذر من قراءة بعض الكتب الأجنبية المعربة التي في واقع الحال توجد فجوة وهوة سحيقة في علاقة المسلم مع خالقه فلا تتحدث عن العقيدة ودورها الرئيسي ولا تتطرق للدعاء والتوكل والاستعانة بالله - عز وجل - اهتمامها هو النجاح الدنيوي فقط ويبدو ذلك جليا بتركيزها وتسليطها الأضواء على المادة فقط مثل قول بعضهم: «كيف تصبح ثريًّا»، «أنت تستطيع أن تؤسس الكثير من الشركات العملاقة»، «كيف تستطيع لفت أنظار الناس ليدفعوا لك مبلغًا من المال»، «هل تريد أنت تكون جذابًا أو مشهورًا وثريًّا حسنًا فكر ... ثم قرر».
أيها الأخوة إن مطايا الليل والنهار تسرع بنا ولا نتفكر إلى أين نحمل ويسار بنا أعظم من سير البريد ولا ندري إلى أي الدارين ننقل (1) .
وقد انغمسنا في حب الدنيا وملذاتها وزخرفها وهذه الفتن التي أصبحت تلازمنا وتحيط بنا إحاطة السور بالمعصم إنما هي ناتجة من أنفسنا قال سبحانه وتعالى: { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } [الشورى: 30]، وقال جل وعلا: { قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران: 165].
__________
(1) ابن القيم الجوزية، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، دار الكتاب العربي الطبعة الثانية.(1/18)
إذًا فمن البديهي والحال هذه أن نبادر لإصلاح أنفسنا قال سبحانه وتعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11]، من الأهمية بمكان أن نستغل أوقاتنا بما يعود علينا بالنفع لا سيما وأن الأعمار قصيرة والأنفاس معدودة والآجال محدودة ولذلك يجب علينا جميعًا المسابقة بالمسارعة للتغير وذلك بالحرص على فعل الطاعات واجتناب المنهيات قال عز وجل: { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ } [المائدة: 48]، وقال سبحانه: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران: 133].
اللهم ألهمنا قوة من عندك ننازع بها كوامن الشر في أنفسنا ... اللهم يا حي يا قيوم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
سطام بن قادم الشمري
الخفجي 1428 هـ
قائمة المراجع
1- القرآن الكريم.
2- محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة.
3- مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة.
4- سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبو داود، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة.
5- أحمد بن شعيب النسائي، سنن النسائي، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة.
6- محمد بن عيسى الترمذي، جامع الترمذي، دار السلام للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة.
7- الإمام أحمد بن حنبل، المسند.
8- الإمام ابن قيم الجوزية، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية.
9- الإمام ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين، الجزء الأول ، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
10 - الإمام ابن قيم الجوزية، الجواب الكافي، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.(1/19)
11- الإمام ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
12- ابن هشام، السيرة النبوية، دار الجيل للطباعة ، الطبعة الأولى.
13- ابن الجوزي، صفة الصفوة، دار المعرفة للطباعة، الطبعة الأولى.
14- سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء الأول والثالث.
15- عبد الله بن محمد الغنيمان، الإيمان حقيقته وزيادته وثمرته، دار التدمرية، الطبعة الأولى 1424 هـ.
16- خالد بن عبد الله المصلح، صلاح القلوب، دار الوطن للنشر، الطبعة الأولى 1422هـ.
17- أبو بكر الجزائري، هل المسلمون اليوم مسلمون حقًّا ؟
18- محمد بن سالم حسين الكدادي البيحاني، إصلاح المجتمع، دار المجتمع للنشر ، الطبعة الثالثة 1412هـ.
19- د. محمد أديب الصالح، الإنسان والحياة في وقفات مع آيات، الناشر مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى 1428هـ.
20- حسن أيوب، السلوك الاجتماعي في الإسلام، دار الندوة الجديدة للطباعة.
21- د. عائض القرني، حدائق ذات بهجة، دار ابن حزم للطباعة، الطبعة الأولى.
22- د. عبد الله الخاطر فن التعامل مع الناس، الناشر المنتدى الإسلامي بلندن، الطبعة الأولى 1413 هـ.
23- د. علي الحمادي، التغيير الذكي ، دار ابن حزم للطباعة الطبعة الأولى.
24- خليل صقر، صناعة المستقبل، دار ابن حزم للطباعة، الطبعة الأولى.
25- د. كفاح فياض، أفكار من ذهب، قرطبة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1426هـ.
26- عبد الله بن محمد الداوود، متعة الحديث، الطبعة الأولى 1423هـ.
27- خليل صقر، جند المعالي، دار ابن حزم للطباعة، الطبعة الأولى 1422هـ.
28- عبد الستار الشيخ، عبد الله بن مسعود، دار القلم للطباعة، الطبعة الثانية.
الفهرس
المقدمة ... 2
بالمثال يتضح المقال: ... 3
موانع وهمية: ... 3
انفصام مريع بين الإيمان والسلوك: ... 3
كيف بنى الصحابة أمجادهم ؟ ... 3
موانع حقيقية: ... 3
1- الكبر: ... 3
2- العجب: ... 3
3- الغضب: ... 3
4- الحقد: ... 3(1/20)
5- الحسد: ... 3
6- غشيان الذنوب مع الإصرار والاستهانة بها: ... 3
7- عمى القلب: ... 3
8- الغفلة: ... 3
9- الإعراض عن ذكر الله: ... 3
مفاتيح التغيير: ... 3
1- سلامة الصدر: ... 3
2- تفعيل الحس الرقابي: ... 3
3- نكران الذات: ... 3
الظلمة والعزلة: ... 3
أنواع الناس في الخلطة: ... 3
ظاهرة التقاعس: ... 3
نصائح ثمينة: ... 3
قائمة المراجع ... 3
الفهرس ... 3(1/21)