حقوق الطبع والنشر والتوزيع محفوظة للمؤلف إلا التوزيع الخيري
بعد أخذ الإذن الخطي من المؤلف
تقريظ فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ اللهِ الملكِ القهارِ العزيزِ الجبارِ الذي كتبَ الفناءَ على أهلِ هذهِ الدار وتفردَ بالبقاءِ على مرورِ الأعصارِ أحمدُهُ وأشكرُهُ على نعمهِ الغزارِ و أشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريْكَ وهو الرحيمُ الغفارُ و أشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار ( وعلى صحبه البررةِ الأطهار .
أما بعد فقدْ قرأتُ هذه الرسالةَ التي بعنوان ( كيفَ تغسلُ ميتاً دراسةً تطبيقيةً عمليةً في أحكامِ الجنائزِ ) والتي صنفها الشيخ الفاضل أسامةُ بنُ غرمٍ بنِ معيضٍ الغامدي فوجدتُها رسالةً قيمةً مفيدةً قد استوفى فيها ما يتعلق بالموتِ من عيادةِ المريضِ وكتابةِ الوصيةِ وأهمُ ما يتعلقُ بالوصايا وذكر الاحتضارَ والتلقينَ للمحتضرِ وما بعد الموتِ من التغسيلِ والتكفينِ والصلاةِ على الميتِ والحملِ والدفنِ وكل ما يتعلقُ بذلكَ من التعزيةِ وزيارةِ المقابرِ وما حرمَ من النياحةِ ونحوها وقد دعمَ ذلكَ بالأدلةِ الصحيحةِ وفصلَّ ما يحتاجُ إلى تفصيلٍ وتوضيحٍ وذكر ما يمكنُ وجودُهُ وذّيلَ ذلك بايراد فتاوى لبعض العلماءِ المتأخرينَ الذينَ هم محلُ ثقةٍ وقبولٍ عند المعاصرينَ .
ولقد أجادَ و أفادَ وكفى ووضحَ لمن يشتغلُ بهذهِ الفروضِ وذلكَ من تجربةٍ وممارسةٍ لهذا العملِ وعن مطالعةٍ ومراجعةٍ لما كُتبَ في هذا الموضوعِ قديماً وحديثاً فجزاهُ الله أحسنَ الجزاءِ وضاعفَ لهُ أجرَهُ على ما بذلَهُ من جهدٍ جهيدٍ ونوصي بقراءةِ هذهِ الرسالةِ ونشرها ليكونَ المسلمونَ على بصيرةٍ من دينهم وحتى يتمسكوا بالسنةِ ويجتنبوا البدعةَ ويسيروا على نهجِ سلفهم الصالحَ والله تعالى أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
عبدا لله بن عبدا لرحمن الجبرين
21/4/1426هـ(1/1)
تقريظ الشيخ العلامة المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد : فإن الاشتغال بالعلمِ الشرعي من أفضلِ الأعمالِ وأجلِ القرباتِ وفي الصحيحين من حديثِ الزهري عن حميد بن عبدا لرحمن عن معاويةَ بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن رسولِ الله قال : ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) ومن هذا ما كتبهُ الشيخ أسامةُ بن غرم الغامدي وفقه الله تعالى فيما يتعلق بالمريض وأحكام الجنائز فجزاهُ الله خيراً وبارك فيه .
وكتبه
عبدا لله بن عبدا لرحمن السعد
12/ 4 / 1426هـ
تقريظ الشيخ ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين .
وبعد :
فقد قرأتُ ما كتبه أخي الشيخُ أسامةُ بنُ غرمٍ الغامدي حفظه الله في كتاب (كيف تُغسلُ ميتاً ) فألفيتُه كتاباً نافعاً قد تحدث صاحبُهُ عن أحكامِ الجنائزِ كما دلتْ عليهِ الأدلةُ الشرعيةُ فجزاهُ الله خيراً .
كما أنه لم يكتفِ بسردِ الأحكامِ الشرعيةِ والتدليل عليها من الكتابِ والسنةِ بل دفعتهُ همتهُ العالية ونصيحتهُ الإيمانيةُ إلى دراسةِ هذه الأحكامِ دراسةً تطبيقيةً عمليةً رجاءَ تقريب المسائلِ وتوضيحِ الدلائلِ ، كما أدَّاهُ اجتهاده والله حسيبه ومن خلالِ ذلك ، فإني أوصي نفسي وعموم المسلمينَ الاستفادة مما كتبه الشيخ أسامة في كتابه هذا لعموم الفائدة ورجاء العائدة .
والله الموفقُ والهادي إلى سواءِ السبيلِ فجزاهُ الله خيراً على ما كتبه وبينه في هذا الكتاب ، والله أسأل لنا وله الإخلاص في القول والعمل وأن يكتب لنا وله حسن الختام والمغفرة يومَ الحسابِ آمين .
وكتبه
فضيلة الشيخ / ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
الطائف
12/3/1425هـ
تقريظ الشيخ القاضي فهد بن عبدالله بن جدوع
بسم الله الرحمن الرحيم(1/2)
الحمدُالله ربِ العالمينَ ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ أما بعدُ :
فقد يسر اللهُ لي قراءةَ ما سطّرهُ يراع الشيخ أسامةُ بنُ غرمٍ الغامدي في كتابهِ الذي وسمهُ ( كيفَ تُغسلُ ميتاً ) فوجدتهُ كتاباً عظيم النفعِ ، غزير الفائدةِ ، وهو بحق أصلٌ في بابهِ ، وعمده لأصحابهِ خاصةً وأنه قد خرجَ من أناملِ الشيخ أسامة الذي عُرفَ بإجادتهِ للتغسيلِ وأحكامهِ ، وقد حضرتُ لهُ بعضِ الدوراتِ الخاصةِ بتغسيلِ الموتى فسرني ما رأيتُ والشيخ له إسهامات مشكورة في هذا المجالِ وعنده الإستعداد التام لإقامةِ مثلِ هذه الدورات ابتغاء الأجرَ من اللهِ تعالى .
ولذا فأنصحُ إخواني بقراءةِ كتاب الشيخ أسامة والإستفادةِ من خبراتهِ في هذا المجال .
أسأل الله لنا ولهُ الإخلاصَ في الأقوالِ والأعمالِ وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
قاله وكتبه / الفقير إلى عفو ربه القدير
القاضي بمحكمة العقيق بالباحة
فهد بن عبدالله بن جدوع
10/5/1426هـ
(
المُقَدِّمَة
…الحَمْدُ للهِ الذي أسْكَنَ عِبادَه هذه الدَّار ، وجعلها لهم سَفَرًا من الأسْفَار ، وجعل الدَّار الآخِرَة هي دَار القَرار ، وجَعَلَ بين الدُّنيا والآخِرَة بَرْزَخاً يَدُلُّ على فَناء الدنيا باعْتِبَار ، وهو في الحقيقة إما رَوْضَةٌ مِن رِيَاض الجَنَّة أو حُفْرَةٌ مِن حُفَر النَّار ، فَسُبْحَان مَن يَخْلُق ما يَشاء ويَخْتَار ، ويَرْفِق بِعِبَاده في جميعِ الأقطار ، وسَبَقَت رَحْمَتُه بِعِبَاده غَضَبَه وهو الرَّحيم الغَفَّار .
…أحْمَدُه على نِعَمِه حَمْدًا يَليق بِجَلاله وعَظيم سُلْطانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وَحْدَه لا شَرِيكَ له الواحِدُ القَهَّار ، وأشهد أن مُحَمَّدًا عَبْدُه ورَسُولُه النَّبي المُخْتَار ، والرَّسُولُ المَبْعوثُ بالتَّبشيرِ والإنْذَار ، ( وعلى آله وصَحْبِه .
أما بعد :(1/3)
…قال ابن القيم - رحمه الله -" وكان هَدْيه -(- في الجَنائِز أكْمَل الهَدي ، مُخَالِفًا لهَدي سَائِر الأُمَم مُشْتَمِلاً على إقامة العُبوديَّة لله - تعالى - على أكْمَل الأحْوَال ، وعلى الإحْسَان للميت ومُعامَلَته بما يَنفَعُه في قَبْرِه و يَوم مَعَادِه ؛ مِن : عيادَةٍ وتَلقين وتَطهيرٍ وتَجْهيز إلى الله - تعالى - ، على أحْسَن أحْواله وأفْضَلِها ؛ فَيَقِفُون صُفُوفًا على جَنازَته يَحْمَدُون الله ويُثْنُون عليه ويُصَلُّون على نبيه محمد -(- ، ويَسْألون له المَغْفِرَة والرَّحْمَة والتَّجَاوُز ثُمَّ على قَبْرِه يَسألُون له التَّثْبِيت ، ثُمَّ الزِيَارَة إلى قَبْرِه والدُّعاء له ، كما يَتعَاهَد الحَيُّ صَاحِبَه في الدُّنيا ، ثُمَّ الإحْسَان إلى أهْلِه وأقَارِبه ، وغَيْرِ ذَلِك " ( 1 ).
…فهذه رِسَالَةٌ لخصتُها مِن كُتُبِ أهْلِ العِلْم ، في أحْكَام الجَنائِز بأُسْلُوبٍ سَهْل مُيَسَّر . وحاولتُ أن أجْمَع بين الجَانِب النَّظَرِي العِلْمِي مع الجَانِب العَمَلِي التَّطبِيقي ، في التَّعَامُل مَعَ المَيِّت ، مِن بِدَايَة مَرَضِ مَوْتِه ، وحَتى دَفْنه وتَعْزيَة أهْله ، مُدَعِّمًا ذلك - قَدْرَ الإمْكان - بالأدِلَّة مِن الكِتَاب والسُّنَّة والآثارِ عَن بَعْضِ السَّلَفِ ، والرَّاجِحِ مِن أقْوَال أهْلِ العِلْمِ ، مُبْتَعِدًا عن اخْتِلافَات الفُقَهَاء ، إلا اخْتِلافًا له نَظَرٌ ؛ حتى يَسْهُلَ على القارِىء الكَرِيم الاسْتِفَادَةُ والرُّجُوعُ إليها .
…وقد قَسَّمْتُها إلى عِدَّة أبْوابٍ :
الباب الأول : فَضْل عِيادَة المَرِيض ، وما يُشْرَع له .
الباب الثاني : الاحْتِضَار وعَلامَاته .
الباب الثالث : الموت وعَلامَاته .
الباب الرابع : علامات حُسْن الخَاتِمَة ، وعلامات سُوءِ الخَاتِمَة .
الباب الخامس : غَسْلُ المَيِّت .
الباب السادس : التَّكْفِين .
الباب السابع : الصَّلاة على الجَنازَة .(1/4)
الباب الثامن : حَمْل الجَنازَة ودَفْنها .
الباب التاسع : التَّعْزِيَة .
…وقد دَعَّمْتُ كُلَّ بَابٍ بشىءٍ مِن الفَتاوى لمجموعَة مِن العُلماء الفُضلاء ، بِمَا يُنَاسِب كُلَّ بَابٍ .
وخِتامًا أتَوَجَّه بالشُّكْر لله العَلِيِّ القَدير ، الذي مَكَّنَني مِنَ القِيَام بهذا العَمَل ، وأعَانَني عليه ؛ له الحَمْدُ أولاً وآخِرًا وظَاهِرًا وباطنًا .
…ثم أُثَنِّي بالشُّكْر لِكُلِّ مَن قَدَّم لي عَونًا على إخْرَاجِ هذا الكِتَاب حَيثُ تَكَرَّمُوا بِتَصْحِيح تَجَارِب الكتاب الأخيرَة ، وأبْدَوْا مُلاحَظَاتٍ مُهِمَّة كانت مَحِل الاسْتِحْسَان والعِنَاية ، وخَاصةً الشيخ محمد بن عبد العزيز الخضيري والشيخ ذياب بن سعد الغامدي كما لا أنْسَى الجُهْدَ الذي بَذَلَتْه زَوْجَتي أمُّ مُحَمَّد لِخِدْمَة هذا العَمَل ؛ حيثُ بَحَثَتْ مَعي بَعْض المَسائِل ؛ فَجَزاهُم الله جميعًا عَنِّي كُلَّ خَيْرٍ ، وأجْزَل لهم المَثُوبَة .
…واللهَ أسألُ أن يَنْفَع بها ، وأن يَجْعَل العَمَل لِوَجْهِه خَالِصًا وأسألُه الاسْتِقَامَة والثَّبَاتَ على الإسْلام ، وأن لا يُزيغَ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدانا ، وأن يُثَبِّتَنا بالقَوْلِ الثَّابِت في الحياة الدُّنيا والآخِرَة ، ويَجْعَل قُبُورَنا رَوْضَةً مِن رِيَاضِ الجَنَّة ، ولا يَجْعَلها حُفْرَةً مِن حُفَر النَّار ، ومِنَ الله أسْتَمِدُّ العَوْنَ والتَّوفيقَ والسَّدَادَ ، وهُوَ حَسْبِي ونِعْمَ الوَكِيل
ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العَلِيِّ العَظيم ، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّم على مُحَمَّدٍ وآلِه وصَحْبِه .
فَضْل عِيَادَة المَرِيض
…1- روى البخاري عن أبي موسى -(- أن النبي ( قال : " أطعموا الجَائِع وعُودوا المريضَ، وفُكُّوا العَاني " ( 2 ) .(1/5)
…2- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال الرسول -(- : " حَقُّ المُسْلِم على المُسْلِم سِتٌّ " . قيل : ما هُنَّ يا رسول الله ؟ قال : " إذا لَقِيتَه فَسَلِّم عليه ، وإذا دعاك فأجِبْه ، وإذا اسْتَنْصَحَك فانْصَحَ له ، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فشَمِّتْه ، وإذا مَرِض فَعُدْه ، وإذا مات فاتَّبِعْه " ( 3 ) .
…3- روى أبو داود والترمذي وأحمد عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال : سمعت رسول الله -(- يقول : " ما مِن مُسْلِم يَعُود مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عليه سبعون ألَف مَلَكٍ حتى يُمْسِي ، وإنْ عَادَه
عَشِيَّةً إلا صَلَّى عليه سَبْعون ألَف مَلَكٍ حتى يُصْبِح ، وكان له خَرِيفٌ في الجَنَّة " ( 4 ) .
???
ما يُشْرَع للمريض
…1- الرِّضَا بقضاء الله ، والصبر على ذلك : قال - تعالى - : ? ((((((( ((((((( ((((((((((((( ((((((((( (((((((( ((((((( (((( ? . والصَّبر : حَبْس النَّفْس عن الجَزَع ، وحَبْس اللِّسان عن التَّشَكِّي ، والجَوارِح عن اللَّطْم وشَقِّ الجُيُوب ونَحْو ذَلِك .
روى البخاري أن النبي -(- قال : " مَن يُرِد اللهُ به خيرًا يُصِبْ مِنه "( 5 ) وروى مسلم عن صهيب بن سنان -(-أن النبي -(- قال : " عَجَبًا لأمرِ المؤمِن إنَّ أمرَه كُلَّه خَيرٌ ، وليس ذاك لأحَدٍ إلا للمؤمِن : إنْ أصابَتْه سَرَّاءُ شَكَرَ فكانَ خيرًا له ، وإنْ أصابَتْه ضَرَّاءُ صَبَرَ فكانَ خَيرًا له " ( 6 ) . وروى البخاري ومسلم : قال الرسول -(- : " ما مِن مُسْلِمٍ يُصيبُه أذَىً مِن مَرَضٍ فما سِوَاه إلا حَطَّ اللهُ به سَيِّئاته ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَها ) ( 7 ) .
…2- حُسْن الظَّنِّ با لله : روى مسلم عن جابر-(- قال : سمعت رسول الله -(- يقول قبل موته بثلاث : " لا يَمُوتَنَّ أحَدُكم إلا وهو يُحْسِّن الظَّنَّ بالله عَزَّ وَجَلَّ " ( 8 ) .(1/6)
…3- وينبغي عليه أن يكون بين الخَوف والرَّجَاء : يَخافُ عِقَاب الله مِن ذُنُوبه ، ويَرْجُو رحَمْة رَبِّه ، ويُغَلِّب جَانِبَ الرَّجاء عِندَ مَرَضِ مَوْتِه ، وروى الترمذي وابن ماجه عن أنس أن النبي -(- دخل على شَابٍ وهو في الموت ؛ فقال : " كيف تَجِدُك " ؟ قال واللهِ ؛ يا رسول الله ؛ إني أرجو اللهََ و إني أخافُ ذُنُوبي . فقال -(- : " لا يَجْتَمِعَان في قَلْبِ عَبْدٍ في مثل هذا المَوطِن إلا أعْطَاه اللهُ مَا يَرْجُو وآمَنَه مِمَّا يَخافُ " ( 9 )
…4- ومَهْمَا اشْتَدَّ به المَرَضُ ؛ فلا يجوزُ له أن يَتَمَنَّى الموتَ : روى البخاري ومسلم عن أنس-(- : أن النبي -(- قال : " لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدٌ مِنكم الموتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به ؛ فإنْ كان لا بُدَّ مُتَمَنيًا للمَوت ؛ فَلْيَقُل : اللهمَّ أحْيِني ما كانتِ الحياةُ خيرًا لي ، وتَوَفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي " ( 10 ) .
وفي الحديث أن رجلاً سأل الرسول -(- : أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ فقال : " مَن طال عُمُرُه وحَسُنَ عَمَلُه " . قال : فأيُّ النَّاسِ شَرٌّ ؟ قال : " مَن طال عُمُرُه وساءَ عَمَلُه " ( 11 ) .
…5- يُسْتَحَبُّ له أن يُكْثِرَ مِن التوْبَة والاسْتِغْفَار : قال النبي -(- : " واللهِ ؛ إني لأسْتَغْفِرُ الله وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ مِن سَبْعينَ مَرَّةً " ( 12 ) .
…6- ويَحْرُم عليه التداوي بما يَقْدَح في العقيدَة ؛ مِن تَعْليقِ التَّمائِم المُشْتَمِلَة على الألفاظ الشِّرْكِيَّة ، أو أسماءً مَجْهُولَة أوطَلاسِمَ ، وكذلك تَعْليق الخُرَز والخُيوط : لحديث " تَدَاوَوْا عِبادَ اللهِ ، ولا تَدَاوَوْا بحَرَام "( 13 ) .(1/7)
كما يَحْرُم التداوي عند المُشَعْوِذِين والسَّحَرَة : روى الإمام أحمد والحَاكِم أن الرسول -(- قال :" مَن عَلَّق تَمِيمَةً فقد أشْرَكَ" ( 14 ) وروى أحمد وابن ماجه عن عِمْران بن حُصَيْن-(- أن رسول الله -(- أبْصَرَ على عَضُدِ رَجُلٍ حَلَقَةً - أراه قال : مِن صُفْر - ؛ فقال : " وَيْحَك ؛ ما هذه ؟ " ، قال : مِن الوَاهِنَة . قال : " أمَا إنها لا تَزيدُك إلا وَهْنًا ، انْبِذْها عَنك؛ فإنك لو مِتَّ وهي عَلَيْكَ، ما أفْلَحْتَ أبَدًا " ( 15 ) . وفي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي -(- قال : " مَن أتى عَرَّافًا فسأله عَن شىءٍ لم تُقْبَل له صلاة أرْبعين لَيْلَةً " ( 16 ) .
…7- ويُسْتَحَبُّ له أن يَتدَاوَى بالرُّقيَة الشَّرْعِيَّة - مِن قراءة القُرآن ، وبَعْض الأدْعيَة النَّبَويَّة الصحيحة - : قال ابن القيم: " ومِن أعْظَم العِلاج : فِعْل الخير والذِّكر والدُّعَاء ، والتَضَرُّع إلى اللهِ والتَّوْبَة . وتأثيرُه أعْظَم مِن الأدْويَة ، لكن بِحَسْبِ اسْتِعْدَاد النَّفْس وقَبُولِها " .
…روى مسلم وأبو داود عن عَوْفِ بن مَالِك-(- قال : كُنَّا نَرْقِي في الجاهلية ، فَقُلْنَا : يا رَسُولَ اللهِ ؛ كيف تَرَى في ذلك ؟ فقال : " اعْرِضُوا عليَّ رُقَاكم ، لا بَأس بالرُّقَى ما لم يَكُن فيه شِرْكٌ " ( 17 ) .
…8- ويُبَاح له التَّدَاوِي بالأدْويَة المُبَاحَة: قال الرسول -(- " تَدَاوَوْا ؛ فإنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - لم يَضْع دَاءً إلا وَضَع له دَواءً ، غير داءٍ واحدٍ الهَرَم " ( 18 ) .(1/8)
…9- إذا كان عليه حُقوق فَلْيُؤَدِّهَا إلى أصْحَابها ، إن تيسر له ذلك ، وإلا أوْصَى : لحديث : " أتَدْرُون مَا المُفْلِس ؟ " قالوا : المُفْلِس فينا مَن لا دِرْهَمَ له ولامَتاع . فقال : " إنَّ المُفْلِس مِن أُمَّتي يأتي يومَ القيامة بِصلاةٍ وصِيَامٍ وزَكَاة ، ويأتي قد شَتَمَ هذا وقَذَفَ هذا وأَكَلَ مَالَ هذا وسَفَك دَمَ هذا وضَرَبَ هذا ؛ فيُعْطَى هذا مِن حَسَنَاته وهذا مِن حَسَنَاتِه ، فإن فَنِيَتْ حَسَنَاتُه قبل أن يُقْضَى ما عَلَيه ؛ أُخِذَ مِن خَطَايَاهم ؛ فَطُرِحَت عليه ، ثُمَّ طُرِحَ في النار " ( 19 ) .
وجاء في الحديث - عند الحَاكِم وأحْمَد - قال - عليه الصلاة و السلام - : " ... مَن مات وعليه دَيْن فَليس بالدِّينارِ ولا بالدِّرْهَم ولكنها الحَسَنَات والسَّيِّئَات " ( 20 ) وروى الترمذي عن أبي هريره -(-عن النبي -(-قال :"نفس المؤمن معلقة بدينه ، حتى يقضى عنه"( 21 ) .
…10- كِتابَة الوَصِيَّة : قال : - عليه الصلاة والسلام - : " ما حَقُّ امْرىءٍ مُسْلِمٍ له شىءٌ يُريد أن يُوصِي فيه ، يَبيتُ لَيْلَتَيْن ؛ إلا وَوَصِيَّتُه مَكْتوبَةٌ عِندَه " ( 22 ) .
???
صِفَة عِيادَة المَرِيض
…قال ابن القيم - رحمه الله -" في " زاد المعاد " ، في هدي النبي -(- في عيادة المريض : " وكان يَدْنُو من المَريض ويَجْلِس عند رأسه ويسأله عن حاله ؛ فيقول : كيف تَجِدُك ؟ وذُكِرَ أنه كان يسأل المَريض عما يَشْتَهِيه فيقول : هل تَشْتَهِي شيئًا ؟ فإن اشْتَهَى شيئًا وعَلِمَ أنه لا يَضُرُّه أَمَرَ به . وكان يَمْسَح بِيَدِه اليُمْنَى على المَرِيض ، ويقول : " اللهُمَّ رَبَّ الناسِ أذْهِب البَأس واشْفِه ؛ أنتَ الشافِي ، لا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرَ سَقَمًا " ( 23 ) ، وكان يقول : " امْسَح الباس ، رَبَّ الناس بِيَدِك الشِّفَاء ، لا كَاشِفَ له إلا أنت "( 24 ) .(1/9)
…وكان يَدْعُو للمَرِيض ثلاثًا ، كما قال لِسَعْد : " اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا " ( 25 ) .
…وكان إذا دَخَلَ على المَرِيض يَقُول له : " لا بَأسَ ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ
الله " ( 26 ) . ورُبما كان يقول : " كَفَّارَةٌ وطَهُور " . …وكان يُرْقِي مَن به قُرْحَة أو جَرْح أو شَكْوَى ، وكان يَضَع يَدَه على جَبْهَة المَرِيض ، ثُمَّ يَمْسَح صَدْرَه وبَطْنَه ويقول : " اللهُمَّ اشْفِه " ، وكان يَمْسَح وَجْهَه أيضًا (2) .
…ولم يَكُن هَدْيُه - عليه الصلاة والسلام - أن يَخُصَّ يَومًا مِن الأيام بِعِيادَة المَرِيض ولا وَقتًا مِن الأوقات ؛ بَلْ شَرَعَ لأُمَّته عِيادَة المَريضِ ليلاً ونهارًا وفي سائر الأوقات . . . " (3) .
…ويُسْتَحَبُّ لمن يعود المريض أن يُنَفِّسَ له في أجَلِه ؛ لِمَا رُوي عَن الرسول -(- :" إذا دَخَلْتُم على المَرِيض فَنَفِّسُوا له في الأجَلِ فإن ذلك لا يَرُدُّ شَيْئًا ، وَهُو يَطِيبُ بِنَفْسِ المَرِيض " ( 4 ) .
كأن يَقول للِمَرِيض : سَوفَ يُعافِيكَ الله ويُطيلُ عُمُرَك ؛ وتُقَدِّم مِنَ الأعْمَال كذا وكذا ... إنْ شَاءَ الله .
الوَصِيَّة وأحْكَامُها( 27 )
دَلَّ الكِتَاب والسُّنَّة والإجْمَاع على مَشْروعِيَّتها :
أما القُرآن : فقوله - تعالى - ? (((((( (((((((((( ((((( (((((( (((((((((( (((((((((( ((( (((((( ((((((( (((((((((((( ? .
وأمَّا مِنَ السُّنَّة : فعَن ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أن رسول-(- قال : " ما حَقُّ امْرىءٍ مُسْلِمٍ له شىء يُريد أن يُوصِي فيه ، يَبيتُ لَيْلَتَيْن إلا وَوَصِيَّتُه مَكْتوبَةٌ عِندَه "( 28 ) .(1/10)
قال الإمام ( النوويُّ ) - رحمه الله - تعليقاً على هذا الحديث : " الحديث فيه الحَثُّ على الوَصِيَّة وقد أجْمَع المُسْلِمُون على الأمْرِ بها لكن مَذْهَبُنا ومَذْهَب الجَماهِير أنَّها مَنْدُوبَة لا واجِبَة " انتهى . ( 29 )
ويُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُها ، وأن يَكْتُبَها في صِحَّته ، ويُشْهِد على ذلك ويَكْتُبَ فيها مَا يَحْتَاج إليه ، وإنْ تَجَدَّد له أمْرٌ يَحْتَاج إلى الوَصِيَّة به ألْحَقَه بها .
مَتى تَتَأكَّدُ الوَصِيَّة ؟
تَتَأكَّد المُبَادَرَة بالوَصِيَّة عِندَ اشْتِدَاد المَرَض ، ورُكوبِ بَحْرٍ أو جَوٍّ ، ودُخُولِ المَعْرَكَة ، وسَفَرٍ - كالسَّفَر لأدَاءِ الحَجِّ أوالعُمْرَة ، ونَحْو ذلك - .
الأشْخَاصُ الذين تَصِحُّ مِنْهُم الوَصِيَّة :
تَصِحُّ الوَصِيَّة مِن البَالِغ الرَّشِيد ، سواءً كان عَدْلاً أو فَاسِقًا وكَذا الرَّجُل والمَرأة ، ومِنَ الصَّبِي العَاقِل ، وقَدْ أجَازَها عُمَرُ بنُ الخَطَّاب -(- لِشَخْصٍ لَه عَشْر سِنين ، ولم يُنْكِرها ، ومِنَ الأخْرَس بإشَارَةٍ مَفْهُومَة .
حَالات وُجُوبها :(1/11)
يَجِبُ على الإنْسَان أن يُوصِي بِوَفَاءِ مَا عَلَيْه مِن حُقُوقٍ ، سواءً كانَت لله - مِثْلَ : الكَفَّارَات ، وحَجِّ الفَرْضِ ، والزَّكَاة الواجبة التي لم يُخْرِجْها - ، أو كانت تِلْكَ الحُقُوق للعِبَاد - كالدُّيُون التي ليس عليها إثْبَاتٌ ولا يَعْلَمُها غَيْرُه ، وكذلك ما عِندَه مِنَ الوَدَائِع والأمَانَات كأن يُوَثِّق ذلك بِكِتَابَةٍ أو إشْهَادٍ حتى لا يَضيعَ حَقُّ غَيْرِه ، ولا يُدْخِلَ على الوَرَثَة ما ليس لَهُم - ، ومِثْله إذا كان له حَقٌّ على أحد ولم يَسْتَوْفِه ولم يَسْمَح به في حال صِحَّتِه ؛ فيَجِب أن يُوَثِّقَه حتى لا يُضَيِّعَه على وَرَثَتِه وحتى لا يَتَسَبَّب على مَن هُو في ذِمَّتِه بأكْلِ ما ليس لَه ؛ فَلَرُبَّما يَنْسَى ولَرُبَّمَا يَضيعُ اسْمُ الغَرِيم ؛ فلا يَعْرف مَن وراء المَيِّت ، وهذا يَحْدُث كَثيرًا .
مِقْدار المُوصَى به :
مِقْدَار المُوصَى به مِن المال : هُوَ الثُّلُث والثُّلُث كثير . فلا حَقَّ للمُوصِي في الوَصِيَّة بأكْثَرِ مِن الثُّلُث ، إلا في حَالةٍ واحِدَةٍ ؛ وهي إجَازَة الوَرَثَة ذَلِك .
والأوْلَى أن تكون أقل مِن الثُّلُث - كالرُّبُع والخُمُس - : لحديث سَعْد بن أبي وَقَّاص -(- قال : عَادَني النبي -(- . . . . فقُلتُ : يا رسول الله ؛ أُوصِي بِمَالي كُلِّه ؟ قال : " لا " ، قُلتُ : فالشَّطْر ؟ قال : " لا " ، قُلتُ : الثُّلُث ؟ قال : " فالثُّلُث ، والثُّلُث كَثير . . . " ( 30 ) .
وَصِيَّة المُسْلِم بِشَىءٍ مِن مَاله لِنَفْسِه :
وهذا أمْرٌ مُسْتَحَبٌّ إذا كان له مال ؛ ليَجْرِي ثَوابَه بَعْد مَوْتِه ، وهُوَ مَا يُسَمَّى بالصَّدَقَة الجَارِيَة ، كما جاء في حديث أبي هريرة -(- أن الرسول-(- قال : " إذا مَات الإنْسانُ انقَطَعَ عَنه عَمَلُه ، إلا مِن ثَلاثةٍ : إلا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَة ، أو عِلْمٍ يُنتَفَع به ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" ( 31 ) .(1/12)
متى تُكْرَه الوَصِيَّة ؟
وتُكْرَه وَصِيَّة فَقِيرٍ - أي : مَن كان مَاله قَليل إذا كان وَرَثَتُه فُقَرَاء ؛ لأنه عَدَلَ عن أقَارِبِه المُحْتَاجِين إلى الأبَاعِد : لحديث سَعْد بن أبي وقاص -(- عندما قال له الرسول -(- " إنَّك إنْ تَذَر وَرَثَتَك أغْنياءَ خَيرٌ مِن أن تَذَرَهم عَالَةً يَتَكَفَّفُون الناس " ( 32 ) . " وفي هذا الحديث حَثٌّ على صِلَة الأرْحَام ، والإحْسَانُ إلى الأقَارِب ، والشَّفَقَةُ على الوَرَثَة "(33) .
أمُورٌ ينبَغي مُراعَاتُها والتَّنبيه عَلَيْهَا في الوَصِيَّة :
1- يَحْرُم تَغييرُ وتَبْديلُ الوَصِيَّة إذا كانت على الوُجْهَة الشَّرْعِيَّة .
2- تَبْطُل الوَصِيَّة بِرُجُوع المُوصِي في وَصِيَّته قَبْلَ الموت ، وبِتَلَف العَيْن المُوصَى بِهَا ، وبِمَوت المُوصَى له قَبْل مَوتِ المُوصِي . وتَبْطُل بِقَتْل المُوصَى له للمُوصِي ، وتَبْطُل إذا قَيَّد المُوصِي الوَصِيَّة بِحَالة مُعَيِّنَة فزالت تِلْكَ الحَالَة قبل مَوتِه - كأن يقولُ : إنْ مُتُّ في مَرَضِي هَذا أو في هذا الأُسْبُوع زالَت الحَالة المُقَيَّدَة - ، وتَبْطُل بِرَدِّ المُوصَى له للوَصِيَّة بَعْدَ مَوت المُوصِي .
3- إذا أوْصَى المُوصِي بالثُّلُث لِغَيْرِ وَارِثٍ : لَزِمَت ، سَواءً أجَازَها الوَرَثَة أم لم يُجِيزُوها .
4- تَجُوز الوَصِيَّة بِكُلِّ المَال - أو بِمَا زادَ على الثُّلُث - إذا لم يَكُن هناك وَارِثٌ ؛ لأن مَنْعَ الوَصِيَّة بما زاد على الثُّلُث لأجْلِ الوَرَثَة ، وإذا عُدِمَ الوَرَثَة زَال المَانِع .(1/13)
5- يُبْدأ بإخْرَاج الوَاجِب مِن تِرْكَةِ المَيِّت ، سَواءً أوْصَى بها المَيِّت أو لم يُوصِ . فالواجبُ : إمَّا حَقٌّ لآدَمي ، أو عِبَادَةٍ مِنَ العِبادَات - كفَرِيضَة الحَجِّ ( حَجَّة الإسْلام ) ، أو كَفَّارَة يَمِين ، أو زَكَاةٍ وَاجِبَةٍ تُوِِّفيَ قَبْل إخْراجِها ، أو نَذْرٍ أوْجَبَه على نَفْسِه فتُوفِيَ قَبْلَ الوَفَاءِ به أو كَفَّارَةِ ظِهَارٍ ، ونَحْو ذلك .
6- لا يَجُوز للوَصِي أن يَصْرِفَ شيئًا مِنَ الوَصِيَّة إلى الوَرَثَة ؛ لأن الوَصِي بِمَنْزِلَة المُوصِي .
7- يَتَوَلَّى إخْرَاجُ الوَاجِبَات إما وَصِيُّ المُتَوَفَّى ، أو وَرَثَته ، فإنْ لم يَكُن فالحَاكِم . وما بَقِيَ مِنَ التَّرِكَة بَعْدَ هَذه الوَاجِبَات : يُبْدأ بالوَصِيَّة إنْ كان قَد أوْصَى ، ثُمَّ يُوَزَّع البَاقي مِنَ التَّرِكَة عَلَى الوَرَثَة ، حَسْبَ قِسْمَة اللهِ عَلَيْهِم .
8- يُسْتَحَبُّ أن يُعَيِّن المُوصِي شَخْصًا يَتَوَلَّى جَمْع تَرِكَته ، وإخْرَاجَ الوَاجِب عَلَيْه ، وتَنفِيذَ وَصَاياه ، وأن يَتَوَلَّى شُؤون أوْلادِه الصِّغَار سَواءً كان هذا الشخص مِن أقارِبه أو مِن غَيْرِهِم .
9- إنْ مَاتَ المُوصِي ولم يُعَيِّن وَصِيًّا : تَوَلَّى ذلك مَن شاء مِنَ الوَرَثَة بعد موافقة جميع الورثه عليه فإن تَعَذَرَ - لِعَدَم أهْلِيَّتِهم ، أو تَشَاجَرُوا - تَوَلَّى ذلك الحَاكِم .
10- يَنْبَغِي أن يَتَّصِفَ الوَصِي - أو الوَكيل الذي تُسْنَد إليه الوَصِيَّة - بأمورٍ ؛ منها :
( أ ) أن يَكُونَ مُسْلِماً .
( ب ) أن يَكُونَ بَالِغاً .
( ج ) أن يَكُونَ عَاقِلاً .
( د ) أن يَكُونَ عَدْلاً .
( و ) أن يَكْونَ رَشِيداً .
11- قَبولُ الوَصِيَّة ليس وَاجِبًا ؛ بل هو مُسْتَحَبٌّ لِمَن قَويَ عَلَيْها وَوَثِقَ مِن نَفْسِه القِيَام بها ؛ لأنَّ ذَلِكَ نَفْعٌ للمُوصِي وإحْسانٌ إلَيْه .(1/14)
12- إذا أُوصِيَ إلى الوَصِيِّ بِشَىءٍ لم يَصِر وَصِيًّا في غَيْرِه . فلو أوْصاه في تَصْرِيفِ ثُلُثِ المَالِ ؛ فلا يَكُونُ وَصِيًّا في تَزويجِ بَنَاتِه ، أو حِفْظِ أوْلادِه الصِّغَار .
13- للمُوصِي أن يُعَيِّن أكثر مِن وَصِيٍّ - بأن يَجْعَل لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّصَرُّفَ في شَىءٍ مُعَيِّن - : كأن يُوصِي شَخْصًا بِتَفْرِيق ثُلُثِ المَال وآخَرَ بِرِعَايَةِ أوْلادِه ، وثالثًا بِبَيْع كُلِّ مُمْتَلَكَاتِه ، وهكذا .
14- مِن الوُجُوه التي تُصْرَف فيها الوَصِيَّة : - وأفْضَلُها - ما يكون على الفُقَرَاء الأقَارِب غَيْرِ الوَارِثين ، أو في مياه الشُّرْبِ ، أو في بِنَاء مَسْجِدٍ ، أو قَضَاءِ دُيُونِ الفُقَرَاء ، والصَّدَقَة على طَلَبَة العِلْم ، أو تَعْلِيم القُرآن الكَرِيم ، أو شِرَاء أشْرِطَةٍ نَافِعَةٍ وتَوزيِعِها ، أو طَبْعِ كُتُبٍ ،أو تَعْبِيدِ الطُّرُق ، أو مُسْتَظَلٍّ للمُسَافِرِين - مِن بُيُوتٍ وحُجَرٍ - ، أو بِحَجٍّ عَن نَفْسِه أو عَن غَيْرِه ، أو في الجِهَاد أو الدَّعْوَة إلى اللهِ ، وغَيْرِ ذلك من الأعمال الصالحة .
15- على المُسْلِم أن يُوصِي أهْلَه بِتَقْوَى الله عز وجل وطَاعَتِه ، وأدَاءِ الواجبات وتَرْك المُحَرَّمَات ، وعَدَمِ النِّيَاحَةِ والنَّدْب ودَعْوى الجَاهِلِيَّة وبالمحُافَظَةِ على الصَّلَوَات في الجَمَاعَة ونَوافِل العِبَادَات ، وأن يَحْضُرَ حين الاحْتِضَار بَعضُ العُلَمَاءِ و الصَّالِحِين ؛ ليُذَكِّرُوه بِحُسْن الظَّنِّ بالله ورَجاءِ رَحْمَتِه ومَغْفِرَتِه ، وأن يُلَقَّن كَلِمَة التَّوحيدِ ليُختَمَ له بها .
16- يَجُوز الرُّجُوعُ في الوَصِيَّة : لِقَول عُمَر -(- : " يُغَيِّر الرَّجُل مَا شَاءَ في وَصِيَّتِه " .
17- أن لا يُوصِي بِثُلُثِه - أو جُزْءٍ منه - في أمُورٍ مُحَرَّمَة ومُشْتَبِهَة .(1/15)
18-لا بُدَّ مِن الاسْتِعْجَال بِكِتَابَة الوَصِيَّة : لقوله -(- : " ما حَقُّ امْرىءٍ مُسْلِمٍ له شىءٌ يُوصِي فيه ، يَبيتُ ثلاث ليال ؛ إلا وَوَصِيَّتُه عِندَه مَكْتوبَةٌ " . قال ابن عمر : " مَا مَرَّت عَلَيَّ ليلةٌ مُنذ سَمِعتُ رَسُولَ الله -(- قال ذلك ؛ إلا وَعِندِي وَصِيَّتي " ( 34 ) .
…19- يُسْتَحَبُّ أن يُوصِي للأقْرَبِين الذين لا يَرِثُون مِنه : لقوله - تبارك وتعالى - : ? (((((( (((((((((( ((((( (((((( (((((((((( (((((((((( ((( (((((( ((((((( (((((((((((( ((((((((((((((( ((((((((((((((( ((((((((((((((( ( ((((( ((((( ((((((((((((( ((((( ? .(1/16)
…20- وَيُشْهِدُ عَلَىَ ذَلِكَ رَجُلانِ عَدْلانِ مُسْلِمانِ ، فإن لم يُوجَدا فَرَجُلانِ مِن غَيْرِ المُسْلِمين ، على أن يَسْتَوْثِقَ مِنهما عِندَ الشَّكِّ بِشَهَادَتِهِمَا ، حَسْبَما جاء بيانُه في قول الله - تبارك وتعالى - : ? ((((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((((((( (((((((((( ((((( (((((( (((((((((( (((((((((( ((((( (((((((((((( ((((((((( ((((( (((((( (((((((( (((( (((((((((( (((( (((((((((( (((( ((((((( (((((((((( ((( (((((((( (((((((((((((( ((((((((( (((((((((( ( (((((((((((((((( (((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((( (((( (((((((((((( (( ((((((((( ((((( ((((((( (((((( ((((( ((( (((((((( ( (((( (((((((( ((((((((( (((( (((((( ((((( (((((( ((((((((((( ((((( (((((( (((((( (((((( ((((((((( (((((((((((( ((((((( (((((((((((( (((((((((( (((((((((((( (((( ((((((((( (((((((((( (((((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( (((((( ((((((((((((((( (((((( ((( (((((((((((((( ((((( (((((((((((((( (((((( ((((( (((((( ((((((((((((( ((((( ((((((( (((((((( ((( ((((((((( (((((((((((((( (((((( (((((((((( (((( ((((((((((( ((( (((((( ((((((((( (((((( ((((((((((((( ( ((((((((((( (((( ((((((((((((( ( (((((( (( ((((((( (((((((((( (((((((((((((( ((((( ? .
…21- وأما الوَصِيَّة للوَالِدَيْن والأقْرَبِين الذينَ يَرِثُون مِنَ المُوصِي : فلا تَجُوز ؛ لأنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بآيةِ المِيرَاثِ ، وبَيَّنَ ذلك رَسُولُ الله -(- أتَمَّ البَيَانِ ، في خُطْبَتِه في حَجَّةِ الوَدَاع ؛ فقال : " إنَّ اللهَ قَدْ أعْطَى لكُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه ، فلا وَصيةَ لِوَارِثٍ " ( 35 ) .(1/17)
…22- ويَحْرُم الإضْرَارُ في الوَصِيَّة - كأن يُوصِي بِحِرْمَان بَعْضِ الوَرَثَة مِن حَقِّهِم مِنَ الإرْث ، أو يُفَضِّل بَعْضَهم عَلَىَ بَعْضٍ فيه - : لِقَوْلِه - تبارك و تعالى - : ? (((((((((((( ((((((( (((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((((((( (((((((((((((( ((((((( (((((( (((((( (((((((((((((( ((((((((((((((( ((((( (((( (((((( (((( (((((( ( (((((((( (((((((((( ((( ? ، ثُمَّ قال : ? (((( (((((( (((((((( ((((((( (((((( (((( (((((( (((((( ((((((((( ( (((((((( ((((( (((( ( (((((( ((((((( ((((((( (((( ? .
…والوَصِيَّة الجَائِرَة بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ : لقوله -(- : " مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هذا مَا لَيْسَ مِنه فَهُوَ رَدٌّ " ( 36 ) .
…23- ولَمَّا كان الغَالِبُ على كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ في هذا الزَّمان الابْتِدَاع في دِينِهم - ولا سِيَّمَا فيما يَتَعَلَّقُ بالجَنائِز - ؛ كان مِنَ السُّنَّة أن يُوصِي المُسْلِمُ بأن يُجَهَّزَ ويُدْفَنَ على السُّنَّة ؛ عَملاً بقوله- تعالى - : ? ((((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((( ((((((((((( ((((((((((((( (((((( (((((((((( (((((((( ((((((((((((((( ((((((((( (((((((((((( (((((( ((((((( (( ((((((((( (((( (((( (((((((((( ((((((((((((( ((( ((((((((((( ((( ? .
ولذلك كان أصْحَابُ رَسُولِ الله -(- يُوصُونَ بِذَلِك ، والآثارُ عَنْهُم كَثيرَةٌ ؛ مِنْها على سبيل المثال ما ورد عَن حُذَيْفَة-(- قال : " إذا أنا مِتُّ فلا تُؤْذِنُوا به أحدًا ؛ فإني أخَافُ أنْ يَكُون نَعْيًا ، وإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله -(- يَنْهَى عَنِ النَّعْي " ( 37 ) .
…ولهذا قال الإمام ( النووي ) - رحمه الله - تعالى - " ويُسْتَحَبُّ له اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا أن يُوصِيهِم باجْتِنَاب مَا جَرَتْ العَادَةُ به - مِن البِدَع في الجَنائِز - ، ويُؤكِّد العَهْدَ بِذَلِك " ( 38 ) .
???(1/18)
نَصُّ الوَصِيَّة - عَلى سَبِيل المِثَال -
بسم الله الرحمن الرحيم
16 / 5 / 1423هـ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشْرَفِ الأنْبياءِ والمُرْسَلِين ، مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه ، والتابعين أجمعين .
وبَعْد ؛
فهذا ما أوُصِي به - أنا فُلانُ بنُ فُلانٍ - . . . . . الفَقيرُ إلى عَفْوِ رَبِّه وأنَا في حَالَةٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا ؛ مِنْ كَمَالِ عَقْلِي ، وسَلامَةِ إدْرَاكِي:
أوُصِي - وأنا أشْهَد أن لا إله إلا الله وَحْدَه لا شَرِيكَ له ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه ورَسُولُه ، وأنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ ورَسُولُه وكَلِمَتُه ألْقَاهَا إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ منه ، وأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ ، والنَّارَ حَقٌّ ، وأنَّ السَّاعَة آتيةٌ لا رَيْبَ فيها وأنَّ الله يَبْعَثُ مَن في القُبُور : -
أوُصِي ذُرِّيَّتي وأهْلَ بَيْتِي وأقارِبي بِتَقْوَى اللهِ ، وطَاعَتِه ، وامْتِثَالِ أوامِرِه واجْتِنَابِ نَواهيه ، في السِّرِّ والعَلانِيَة والمَنْشَطِ والمَكْرَه والمحُافَظَة على الصَّلواتِ الخَمْس ، والتَّرَاحُم والتَّرابُط وعَدَم التَّقَاطُع والتَّواصِي على الخَيْر وفِعْله ، وصِلَةِ الرَّحِم ، والتَّمَسُّكِ بِدِينِ الإسْلام والثَّبَاتِ عَلَيْه ، وأن يُبَادِرُوا بِقَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِن دُيُونٍ - إنْ وُجِدَت - : فَفُلانُ بنُ فُلانٍ لَه دَيْنٌ 1000 رِيال ، وفُلان لَه كَذا وكذ. . .
وأوُصِي بأنَّ القَائِمَ عَلَىَ ذُرِّيَّتِي مِن بَعْدِي هُوَ فُلانُ بنُ فُلانٍ .... وأنَّ له عَلَيْهِم الوِلاية التامَّة ، حتى يَرْشُدُوا ويُحْسِنُوا القِيامَ على أنفُسِهم ، وأُوصِيهِ بأن يَنْظُرَ لَهُم فيمَا يَعُود عَلَيْهِم بالنَّفْع في دِينِهِم ودُنياهُم ، وأن يَتَّقِي اللهَ في ذلك سِرًّا وجَهْرًا .(1/19)
وأُوصِي بأن يكونَ رُبُعُ مَالي في أعْمَال البِرِّ - كالمُسَاعَدَةِ في بِنَاءِ المَسَاجِد وتَكييفِها وتَنويرِهَا ووَضعِ الماءِ فيها ، والصَّدَقَة في رَمَضَان وكالمُسَاعَدَةِ في طِبَاعَة كُتُبِ العِلْم النَّافِعَة للإسْلام والمُسْلِمين ومُسَاعَدَةِ مَن يُجَاهِد لإعْلاءِ كَلِمَةِ الله ، وكذا يُصْرَفُ مِن هذا الرُّبُع على الأقارِب والفُقَرَاء والمحُتَاجِين ، تَحْتَ نَظَرِ المَذْكُور آنفًا ، ويُنَمَّى هذا الرُّبُع حَسْبَ ما يراه النَّاظِرُ ، وما يَنْتُج مِن اسْتِثْمارٍ يُوَزَّع منه في الأعْمَال الخَيْرِيَّة وجِهَاتِ البِرِّ المُتَعَدِّدَة ، على نَظَرِ الوَكيل .
وأُوصِي أن يَحْضُرَني حِينَ احْتِضَارِي ومَوتِي بَعْضُ العُلماءُ والصَّالحين ؛ لِيُذَكِّرُوني بِحُسْنِ الظَّنِّ بِرَبِّي ، ورَجَاءِ رَحْمَتِه ومَغْفِرَتِه وأن يُلَقِّنُونِي كَلِمَةَ التَّوحِيد - لا إلَه إلا الله - ، وإذا فَاضَتْ رُوحي فَلْيُغْمِضُوا بَصَرِي ، ويَدْعُوا لي بِخَيْرٍ ، ويُعَجِّلُوا في تَجْهِيزِي ودَفْنِي حَسْبَما صَحَّ عن النبي -(- .
أُوصِي بِذَلِكَ وأُشْهِدُ على ذلك ، كما أشْهَد عَلَيْه ، وكَفَىَ باللهِ شهيدًا .
وصلى اللهُ على مُحَمَّدٍ وعَلَى آلهِ وصَحْبِه أجْمَعِين .
المُوصِي الوَصِي شَاهِد شَاهِد
( الاسم ) ( الاسم ) ( الاسم ) ( الاسم )
( التوقيع ) ( التوقيع ) ( التوقيع ) ( التوقيع )
???
الاحْتِضَار
…هُو حَالُ - أوْ وَقْتُ - خُرُوجِ الرُّوحِ مِنَ الجَسَد ؛ قال - تعالى - : ? (((((((( ((((( (((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((( (((((((((( (((( (((((((( (((((((( (((((((( ((((((( (((((((( (( ((((((((((( (((( ? ، وقال - عَزَّ وَجَلَّ - : ? (((( ((((( (((((((( (((((((((((( (((( ((((((( ((((( ((((( (((( (((((( (((((( ((((((((((( (((( ?.(1/20)
…وروى الإمام أحمد عن البَرَاء بِن عَازِبٍ قال : خَرَجْنَا مع الرسول -(- في جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَار ؛ فانْتَهَيْنَا إلى القَبْرِ ، ولَمَّا يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ -(- وجَلَسْنَا حَوْلَه كأنَّ عَلَىَ رُؤوسِنَا الطَّيْر ، وفي يَدِه عُودٌ يَنْكُتُ به في الأرض ، فَرَفَع رَأْسَه ؛ فقال : " اسْتَعِيذُوا بالله مِن عَذابِ القَبْر - مَرَّتَيْن أو ثلاثًا - " ، ثُمَّ قال : " إنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ إذا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنيا وإقْبَالٍ مِنَ الآخِرَة ؛ نَزَلَ إليه مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاء ، بِيضُ الوُجوهِ ، كأنَّ وُجوهَهُم الشَّمْسُ ، مَعَهَم كَفَنٌ مِن أكْفَان الجَنَّة ، وحَنُوطٌ مِن حَنُوطِ الجَنَّة ، حتى يَجْلِسُوا مِنه مَدَّ البَصَرَ ، ثُمَّ يَجِىءُ مَلَكُ المَوْتِ - عَلَيْه السَّلام - حَتى يَجْلِسَ عِندَ رَأْسِه فيقول : أيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبَة ؛ اُخْرُجِي إلى مَغْفِرَةٍ من اللهِ ورِضْوانٍ . قال : فَتَخْرُج تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ القَطْرَة مِنَ فِي السِّقاء ؛ فَيَأخُذُهَا ، فإذَا أخَذَهَالم يَدَعُوهَا في يَدِه طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأخُذُوهَا فَيَجْعَلُوها في ذلك الكَفَن وفي ذلك الحَنُوط ، ويَخْرُج منها كأطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَىَ وَجْهِ الأرْض . قال : فَيَصْعَدُون بِهَا فلا يَمُرُّون - يعَنْي : بها - على مَلأٍ مِنَ الملائِكَة ؛ إلا قالوا : ما هذا الرُّوحُ الطَّيِّب ؟! فيقولون : فُلانُ بْنُ فُلانٍ - بِأحْسَنِ أسْمَائِه التي كَانوا يُسَمُّونَه بِهَا في الدُّنيا - حَتَّى يَنتَهْوا بها إلى السَّمَاءِ الدُّنيا ؛ فَيَسْتَفْتِحُون له ؛ فَيُشَيِّعُه مِن كُلِّ سَماءٍ مُقَرَّبُوها إلى السَّمَاءِ التي تَليها ، حتى يُنتَهَى به إلى السَّمَاءِ السَّابِعَة ؛ فيقول اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : اُكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي في عِلِّيِّين ، وَأعِيدُوه(1/21)
إلى الأرْض ؛ فإنِّي مِنها خَلَقَتُهم وفيها أُعيدُهم ومِنها أُخْرِجُهُم تَارَةً أُخْرَى . قال : فَتُعادُ رُوحُهُ في جَسَدِه ، فَيأتِيه مَلَكَان ، فَيُجْلِسَانِه ؛ فَيَقولانِ له : مَن رَبُّكَ ؟ فيقولُ : رَبِّيَ اللهُ ، فَيَقولانِ له : ما دِينُكَ ؟ فيقولُ : دِينِيَ الإسْلامُ ، فيقولان لهِ : ما هذا الرَّجُلُ الذي بُعِثَ فيكُم ؟ فيقولُ : هو رَسُولُ اللهِ -(- ، فيقولانِ له : وما عِلْمُك ؟ فيقولُ : قرأتُ كِتَابَ اللهِ ؛ فآمَنتُ به وصَدَّقْتُ . فيُنادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاء : أنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأفْرِشُوه مِنَ الجَنَّة ، وأَلْبِسُوه مِنَ الجَنَّة ، وافْتَحُوا له بَابًا إلى الجَنَّة . قال : فيأتيه مِن رَوْحِهَا وطِيبِها ، ويُفْسَحُ لَه في قَبْرِه مَدَّ بَصَرِه . قال : ويأتيهِ رَجَلٌ حَسَنُ الوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيابِ ، طَيِّبُ الرِّيح ؛ فيقولُ : أبْشِر بالذي يَسُرُّكَ ؛ هَذَا يَومُك الذي كُنتَ تُوعَد . فيقولُ له : مَن أنتَ ؟ فَوَجْهُكَ الوَجْه يَجِىءُ بالخَيْرِ . فيقولُ : أنا عَمَلُك الصَّالِحُ . فيقولُ : رَبِّ أقِم السَّاعَة ؛ حَتَّى أرْجِعَ إلَى أهْلِي ومَالِي .(1/22)
قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع مِن الدُّنيا وإقبال مِن الآخرة نزل إليه مِن السماء ملائكة سُود الوجوه ، معهم المُسُوح ؛ فيَجْلِسُون منه مَدَّ البَصْر ، ثُمَّ يجىء مَلَكُ المَوت حتى يجلس عند رأسه ؛ فيقول : أيتها النفس الخبيثة ؛ اُخْرُجي إلى سَخَطٍ من الله وغَضَبٍ . قال : فَتُفَرَّق في جَسَدِه ؛ فيَنْتَزِعَها كما يُنْتَزَع السَّفُّود مِن الصُّوف المَبلول ؛ فيأخُذُها ، فإذا أخذها لم يَدَعُوها في يده طَرْفَة عين حتى يجعلوها في تلك المُسُوح ، ويَخْرُج مِنها كأنتن رِيحِ جِيفَة وُجِدَت على وَجْه الأرض فيصعدون بها ، فلا يَمُرُّون بها على ملأٍ مِن الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فُلانُ بن فُلانٍ - بأقبح أسمائه التي كان يُسَمَّى بها في الدُّنيا - ، حتى يُنتَهَى به إلى السماء الدُّنيا ؛ فيُسْتَفْتَح له فلا يُفْتَح له . ثُمَّ قرأ رسول الله -(- : ? (( (((((((( (((((( ((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((((( (((((((((( (((((( (((((( (((((((((( ((( ((((( ((((((((((( ? ، فيقول الله - عَزَّ وَجَلَّ - : اُكْتُبُوا كتابه في سِجِّينٍ في الأرض السُّفْلَى ؛ فَتُطْرَح رُوحُه طَرْحًا . ثُمَّ قرأ : ? ((((( (((((((( (((((( ((((((((((( (((( (((( ((((((((((( (((((((((((( ((((((((( (((( ((((((( (((( ((((((((( ((( ((((((( ((((((( (((( ? ، فَتُعاد رُوحُه في جَسَدِه ويأتيه مَلَكان ؛ فيُجْلِسَانه ؛ فيقولان له : مَن ربك ؟ فيقول : هاه هاه ؛ لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه ؛ لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ؛ لا أدري . فيُنادِي مُنادٍ مِنَ السماء أن كَذَبَ ؛ فَافْرِشُوا له من النار وافتحوا له بابًا إلى النار . فيأتيه مِن حَرِّها وسَمُومِها ، ويُضَيِّقُ عليه قَبْرُه ؛ حتى تختلف فيه أضلاعه . ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب(1/23)
مُنْتِن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ؛ هذا يومك الذي كُنتَ تُوعَد . فيقول : مَن أنت ؟ فَوَجْهُك الوجه يجىء بالشَّرِّ . فيقول : أنا عملك الخبيث . فيقول : رب لا تُقم الساعة " .
وفي رواية نحوه ، وزاد فيه : " إذا خرجَ رُوحه صَلَّى عليه كل مَلَكٍ بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وفُتِحَتْ له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يَدْعُونَ الله أن يُعْرَجَ بروحه من قِبَلِهم ... وتُنْزَع نَفْسُه - يعني الكافر - مع العُرُوق ؛ فَيَلْعَنُه كُلُّ مَلَكٍ بين السَّمَاء والأرض ، وكُلُّ مَلَكٍ في السماء ، وتُغْلَقُ أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يَدْعُونَ الله أن ألا تُعْرَجَ رُوحه من قِبَلِهم . . . " ( 39 ) .
???
وقت خروج الروح
…يختلف من إنسان إلى آخر ؛ فشخص قد يحتضر في ساعة أو ساعتين ، وآخر يحتضر في يوم أو على أكثر حال في يومين ، ومنهم مَن تخرج روحه في دقيقة أو ثوانٍ معدودة - كبعض الشهداء - وهذا كله يرجع إلى الله - تعالى - مِن تخفيف سكرات الموت على العبد أو عَدَمِه.
???
علامات الاحتضار
…في الغالب تظهر على كثير مِن المُحْتَضِرِين ومَن نزل بهم الموت هذه العلامات ، وقد عُرِفَت بدليل الحِسِّ والمشاهدة وتَتَبُعٍ لكثيرٍ من المُحْتَضِرِين :
1- بُرودة الأطراف والقدمين : لأن الروح أول ما تخرج من القدمين. وهذا عُرِفَ بالنظر وتَتَبُّع أحوال المُحْتَضِرِين ، فيضع الجالس يده على قدمي المُحْتَضِر فيجدها باردة ، ثُمَّ يضع يده على الساق فيجده حاراً وبعد فترة مِن الزمن يجد أن القدمين والساقين قد بردتا فيضع يده على الفخذ فيجده حاراً ؛ فيعرف أن الروح وصلت هنا وبعد فترة يجد أن النصف السفلي من الجسد بارد والعلوي حار فيتتبع الروح ويعرف أين وصلت من الجسد ( 40 ) .(1/24)
…2- عَرَق الجَبِين : عن بُرَيْدَة -(-قال الرسول -(- : " موت المؤمن بِعَرَق الجَبِين " ( 41 ) ، وهو عبارة عن عَرَق أصفر مائل إلى السَّوَاد يَخْرُج من الجَبين . وهذا مُلاحَظ بالنَّظَر والمُشَاهَدَة لكثيرٍ من المُحْتَضِرِين .
…3- الهذيان والهلع : عند نزول مَلَك الموت فإن بعض المُحْتَضِرِين لَمَّا يراه تصيبه حالة غريبة ؛ بحيث قد يتكلم بكلام لا يَعيه ولا يُفْهَم ، ويُغْمَى عليه تارة ويفيق تارة ؛ وهذا من شدة ما يَرَى .
4- الحشرجة : وهي في الصدر يُسْمَع صوت حشرجة الروح في صدره ويضيق نَفَسُه بحيث يتنفس بصعوبة .
…5- الغرغرة : وهي في الحَلْق ، قال - تعالى - : ? (((((((( ((((( (((((((( ((((((((((((( (((( ((((((((( ((((((((( (((((((((( (((( ... ? .
6- النشاط والخِفَّة : فبعض المُحْتَضِرِين يجد قبل موته خِفَّةً ونشاطًا لم يُعْهَد عليه مِن قبل ، كأن يكون مريضًا ومُغْمَىً عليه فترة طويلة ، ثُمَّ قبل وفاته يستيقظ مِن إغمائه ، وكأنه صحيح مُعَافَى ، ويجد هذا النشاط وهذا ليس على الإطلاق .
???
ماذا يُشْرَع لمن يكون بجانب مُحْتَضِر ؟
…1- توجيهه للقبلة - إن تيسر ذلك - : وقد اختلف أهل العلم في ذلك ؛ إذ أنه لم يثبت حديث صحيح في ذلك ، ولكن وَرَدَ عن بعض الصحابة والسلف ( 42 ) .
…ويوجه المُحْتَضِر - إن تيسر - إلى القِبْلَة ، بإحدى طريقتين : إما مُسْتَلقٍ على جنبه الأيمن باتجاه القِبْلَة - وهذا هو الأفضل - ، أو أن يكون مُسْتَلقيًا على ظهره ورجلاه باتجاه القِبْلَة ، إن لم يتيسر.(1/25)
…2- تَلقينه الشَّهَادَة : ويُلَقِّنه - إنْ وُجِدَ - أرفقُ أهله به وألطفُهم ، مِن وَلَدٍ أو وَالِدٍ أو قَريب ، وأتقاهم وأحنهم وأعرفهم بمداراة المُحْتَضِر ، روى مسلم أن الرسول -(- قال : " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " ( 43 ) ، وروى أبو داود والحاكم عن معاذ بن جبل ( قال : قال رسول الله -(- : " مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ( 44 ) .
صفة التلقين
…1- يُوضَع في فمه قطرات من ماء ليبل حلقه وشفتيه ؛ ليسهل عليه النطق بالشهادة ، وذلك بواسطة سواك أو قُطنة تُبَل في الماء ، ثُمَّ يقطر بواسطتها في الفم ، ولا يُمْنَع مِن شُرْب الماء إلا إذا ظن به الشرق.
…2- مسح وجهه وجبينه بِخِرْقَة مبلولة بماء ؛ حتى تُخَفِّف عليه سكرات الموت : كما كان الرسول -(- يفعله عند وفاته ؛ قالت عائشة : كانت بين يديه رَكْوَة أو عُلْبَة فيها ماء ، فجعل يُدْخِل يديه في الماء ؛ فَيَمْسَح وجهه ويقول : " لا إله إلا الله ؛ إن للموت سَكَرَات " ( 45 ) .
3- حبذا لو أُعْطِيَ السِّواك - إن كان يستطيع التسوك - : كما في حديث وفاة الرسول -(- عندما دخل عليه عبدالرحمن بن أبي بكر ، وفي يده سِوَاك ؛ فنظر إليه الرسول -(- ؛ فَعَلِمَت عائشة أنه يريد السواك ؛ فتناولته ولينته له ؛ فاستاك به ( 46 ) .
…4- يقعد عند رأسه ويلقنه الشهادة : كما في الحديث عن أنس -(-: " كان غلام يهودي يَخْدِم النبي -(-فَمِرَض ؛ فأتاه النبي -(-يعوده ؛ فقعد عند رأسه ، فقال له : " أَسْلِم " ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطِع أبا القاسم -(- . فأَسْلَمَ ؛ فخرج النبي -(- وقال : " الحمد لله الذي أنقذه من النار "،( فلما مات قال : " صلوا على صاحبكم ) "( 47 )
ويكون التلقين بطريقتين :(1/26)
…الأولى : بالأمر ؛ وهي أن يقول الملقن : يا فلان - ويناديه بأحب اسمائه - ، أو يا عبد الله ، أو يا أمة الله ؛ قل لا إله إلا الله ، يقول ذلك ثلاثًا : ودليل هذه الطريقة حديث أنس ( : " أن رسول الله -(- عاد رجلاً من الأنصار فقال : " يا خال ؛ قل لا إله إلا الله " . فقال : أخال أم عم ؟ فقال : " لا ؛ بل خال " . فقال : فَخَيْرٌ لي أن أقول لا إله إلا الله ؟ فقال النبي -(- : " نعم " ( 48 ) . وقول الرسول -(- لعمه أبي طالب : " يا عَمِّ ؛ قُل لا إله إلا الله " ( 49 ) .
فإن لم يَقُلْها ينتقل الملقن إلى الطريقة الثانية :
…الثانية : التعريض ، وذلك إن لم يستجب بتلقين الأمر فينتقل إلى هذه الطريقة ، وفائدتها تذكيره بالشهادة وبرحمة الله . مثل أن يقول الملقن قال الرسول -(- : " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " ( 50 ) ، وكذلك يُعَرِّض له ببعض الآيات ويُلَمِّح له ؛ مثل قول يونس - عليه السلام - : ? (( ((((((( (((( ((((( ((((((((((( (((((( ((((( (((( ((((((((((((( ? .
???
أمور ينبغي مُراعاتها والتنبيه عليها حال الاحْتِضَار
1- إذا كان المُحْتَضِر يردد الشهادة فلا يُلَقَّنْهَا .
2- إذا تلقن المُحْتَضِر الشهادة فلا يلقنها مرة أخرى إلا إذا سمع منه كلامًا غيرها أو أُغْمِيَ عليه ثُمَّ أفاق .(1/27)
3- كره أهل العلم الإلحاح على المُحْتَضِر بالتلقين أكثر من ثلاث مرات ، فلا يزيد عليها ؛ حتى لا يتضجر المُحْتَضِر ويكره ذلك بقلبه ويتكلم بما لا يليق ؛ لأنه في حالة شدة وكَرْب ، كما رُويَ : " أن عبد الله بن المبارك لما احتضر جعل رجل يلقنه ويكرر عليه حتى أكثر عليه فقال عبدالله : إذا قلتُ مَرَّةً فأنا على ذلك ما لم أتكلم بكلام " ( 51 ) وبالرغم من تقوى عبد الله بن المبارك إلا أنه كره مِن هذا الرجل كثرة تلقينه وتضجر منه . ولكن يُلَقَّن المُحْتَضِر الشهادة بين فترة وفترة ، مثلاً كل ربع ساعة أو نصف ساعه ، وكل هذا على حسب حالة المُحْتَضِر .
…4- لو حَرَّك حاجبيه أو إصْبَع سبابته وأشار بالشهادة : فإنه لا يُلَقَّن ويُسْكَت عنه ، هذا إذا علم منه أنه لا يستطيع النطق ، أما إذا كان يستطيع النطق فله تلقينه .
5- أن يدعو له ، ولا يقول في حضوره إلا خيرًا : قال الرسول -(- : " إذا حضرتم المريض أو المَيِّت فَقولوا خيرًا ؛ فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون" ( 52 )
…6- ينبغي أن ينظر إلى حال المُحْتَضِر ، فإن كان قوي الإيمان ، أو كان المُحْتَضِر كافرًا ؛ فإنه يلقن بصيغة الأمر : قل لا إله إلا الله : ودليل ذلك أمر النبي -(- عمه أبا طالب عند وفاته بالشهادة ، ولعموم الحديث : " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله "( 53 ) . وإنْ كان مسلماً ضعيف الإيمان فإنه لا يلقن بصيغة الأمر ؛ وإنما يُعَرَّض له كما سبق وأن أشرنا ؛ فإن ضعيف الإيمان قد يحصل له رَدَّة فعل ؛ فقد يضيق صدره ويغضب ويكره ذلك ؛ فبعض الناس في حال حياته في الدُّنيا إذا كان غاضبًا و قيل له : الله يهديك ، أو قل : لا إله إلا الله ، فإنه يكره ذلك ولا يقوله غضباً ، وهذا في حال حياته ، فما بالك عند احتضاره وما يُعانيه من سكرات الموت ؟!(1/28)
…7- لا بأس في أن يَحْضُر المُسْلِم وفاة الكافر ؛ لِيَعْرِضَ عليه الإسلام : كما في حديث أنس ( السابق عندما عاد النبيُّ -(- الغُلامَ اليَهودي ، وحضوره-(- وفاة عمه أبي طالب .
…8- لا يقرأ عنده سورة يس ، كما يفعله بعض الناس ؛ لأنه لم يثبت حديث صحيح في ذلك ، وأما حديث: " اقرؤوا يس على موتاكم " ( 54 ) فهو ضعيف ، ولا يُعْمَل به ، وقد ضعفه الشيخ الألباني ولكن إن قرأ عنده شىء من القرآن لتذكيره وترقيق قلبه ؛ فَحَسَنٌ .
???
مُخْتَارَات مِن فَتَاوى العُلَمَاء
حُكْم قِراءة سورة يس عند المُحْتَضِر
س : هل قراءة سورة ( يس ) عند الاحتضار جائزة ؟
…ج : قراءة سورة ( يس ) عند الاحتضار جاءت في حديث مَعْقِل بن يَسَار أن النبي -(- قال : " اقرأوا على موتاكم يس " : صححه جماعة وظنوا أن إسناده جيد وأنه من رواية أبي عثمان النَّهْدِي عن معقل بن يسار ، وضعفه آخرون ؛ وقالوا : أن الراوي له ليس هو أبا عثمان النهدي ولكنه شخص آخر مجهول . فالحديث المعروف فيه أنه ضعيفٌ ؛ لجهالة أبي عثمان . فلا يُسْتَحَبُّ قراءتها على الموتى . والذي استحبها ظن أن الحديث صحيح فاستحبها ، لكن قراءة القرآن عند المريض أمر طيب ؛ ولعل الله ينفعه بذلك ، أما تخصيص سورة ( يس ) فالأصل أن الحديث ضعيف فتخصيصها ليس له وجه( 55 ).
يُسْتَحَبُّ توجيه المُحْتَضِر للقِبْلَة
…س : هل يُشْرَع توجيه المُحْتَضِر للقِبْلَة ؟
…ج : نعم ؛ يُسْتَحَبُّ ذلك عند أهل العلم ، لقوله -(- : " الكعبة قِبْلَتُكم أحياءً وأمواتًا " ( 56 ).
***
كيفية توجيه المُحْتَضِر إلى القبلة
…س : ما هي كيفية التوجيه إلى القِبْلَة بالنسبة للمُحْتَضِر ؟
…ج : يُجْعَل على جَنبِه الأيمن ، ووجهه إلى القِبْلَة ، كما يُوضَع في اللَّحْد ( 57 ).
???
المَوت(1/29)
قال - تعالى - : ? (((( (((((( (((((((((( (((((((((( ( ((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((((( ((((((((((((( ( ((((( (((((((( (((( (((((((( (((((((((( (((((((((( (((((( ((((( ( ((((( (((((((((((( ((((((((((( (((( ((((((( ((((((((((( ((((( ? .
رُوي عن موسى - عليه السلام - لما صارت رُوحه إلى الله ؛ قال له رَبُّه : كيف وَجَدتَ الموت ؟ فقال : " وجدتُ نفسي كَشَاةٍ تُسْلَخُ بيَدِ القصابِ وهي حَيَّة " ( 58 ) .
…ورُوي أن الموت أشد مِن ضَرْبٍ بالسُّيُوف ونَشْرٍ بالمَناشير وقَرْضٍ بالمَقاريض ( 59 ) .
???
علامات الموت
…قديمًا لم تكن توجد الوسائل الطبية الحديثة التي تؤكِّد موت الإنسان ، ولكن ذكر العلماء علامات تظهر على جسد المَيِّت تدل وتؤكِّد على موته ؛ وهي :
1- شُخُوص العينين مع إغوارها ، بحيث تدخل العينان دخولاً يسيرًا ، ويكون فيها حَوَلٌ قليلٌ : لأن البصر يتبع الروح عندما تخرج من الجسم ؛ فتشخص العينان : فعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : دخل رسول الله -(- على أبي سلمة وقد شَقَّ بَصَرُه فأغْمَضَه ثُمَّ قال : " إن الروح إذا قُبِضَ تَبِعَه البَصَر " ، فَضَجَّ نَاسٌ من أهله ؛ فقال : " لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون " ، ثُمَّ قال : " اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المَهْديِّينَ ، واَخْلُفْه في عَقِبِه في الغَابِرِين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين وافْسَحْ له في قَبْرِه ، ونَوِّر له فيه " ( 60 ) .
…2- انعواج وميل أرنبة الأنف إلى اليمين أو اليسار ؛ لأن الأنف مشدود بعصب من اليمين واليسار فإذا مات المَيِّت انحل هذا العصب .
… 3- التفاف الساقين على بعضهما : قال - تعالى - : ? (((((((((((( (((((((( (((((((((( (((( ? . تلتف الساقان بعضها على بعض ، أو قد يكون التواء أسفل الساقين .(1/30)
…هذه العلامات ثابتة في جميع الأموات ، أما التي تليها : فإنها قد تظهر في بعض الأموات :
…4- انخفاض الصدغين - وهما عصبان يوجدان في أعلى اللحيين اللذين في الوجه - : فينحلان بمجرد موت الإنسان ، ويُسَبِّب ذلك سقوط الفك السفلي وانفتاح الفم .
…5- انحلال المفاصل - وخاصة الكفين - ، واسترخاء الرجلين .
…6- تَمَدُّد الجِلْد ، خاصة تحت الإبط .
…7- برودة الجسم .
…8- تصلب الجسم وقَسْوته ، خاصة إذا كان المَيِّت قد مات منذ عدة ساعات .
…9- تغير رائحة المَيِّت ، خاصة إذا كان المَيِّت قد مات منذ وقت طويل .
…10- غيبوبة سواد عيني المَيِّت ، خاصة في البالغين ، فتجد مثل الغشاء الرقيق على العين .
تنبيهات :
…1- إذا مات المَيِّت فجأة : فلا بُدَّ من الانتظار حتى تظهر بعض هذه العلامات ، خصوصاً إذا لم يوجد طبيب أو مستشفى يُنقَل إليه .
…2-لا بُدَّ مِنَ التأكد مِن هذه العلامات ؛ فقد يكون المريض عنده سكتة قلبية أو مغمىً عليه . ويمكن التأكد في العصر الحاضر بواسطة المستشفيات والأطباء .
???
ما يُشْرَع للحاضرين بعد موته
…1- يقوم أحدهم بإغماض عينيه : ودليل ذلك الحديث السابق - حديث أم سلمة - ، ويقول : باسم الله ، وعلى وفاة رسول الله -(- ودليلهُ فِعْل بعض السلف ( 61 ) . ولأن بَقَاء العينين مفتوحة يُسَبِّب قُبْح منظر المَيِّت ، وقد يؤذيها شيء من الحشرات .
…2- ربط اللحيين بعصابة ؛ حتى لا يبقَ الفم مفتوحًا ؛ فيدخل فيه شيء من الحشرات ، أو قد يخرج من جوف المَيِّت شىء ، ولو بقي فمه مفتوحًا لقبح شكله ومنظره . وقد أوصى عمر ( ابنه عبدالله بقوله : " إذا رأيت روحي بلغت لَهَاتي ؛ فضع كَفَّك اليُمْنَى على جَبْهَتِي ، واليُسْرَى تحت ذَقَنِي ، وأغمضني " ( 62 ) ؛ أي : أغلق فمي .(1/31)
…3- تحريك مفاصله وتليينها ؛ حتى لا تتصلب ، فهناك مادة توجد بين الأطراف إذا مات المَيِّت تصلبت هذه المادة ؛ فيصعب ويشق على الغَاسِل عند التغسيل غسل المَيِّت نتيجة هذا التصلب .
…4- جمع رجليه وربطها بِرِباط ؛ حتى لا يخرج من دبره شىء ، وكذلك تُجْمَع يداه وتُوضَع على صدره ، وتُرْبَط بِرِباط - من باب الحفاظ عليها - ؛ حتى لا تسقط وتضرب في شىء عند نقله من مكان إلى مكان .
…5- تجريده مِن ثيابه ؛ لأن بقاء الثياب يسبب حرارة قد تُتلف الجسد ، ولقول الصحابة رضي الله عنهم عند وفاة النبي -(- : " أنُجَرِّد رسول الله مِن ثيابه كما نُجَرِّد موتانا ؟" ( 63 ) ، أما النبي -(- فلا يُجَرَّد مِن ثيابه ؛ وهذا مِن خُصوصيات الرسول -(- .
مع ملاحظة ستر العورة وعدم النظر إلى عورة المَيِّت .
…6- وضع ثقل على بطنه ؛ حتى لا ينتفخ - إذا كان المَيِّت سوف يبقى أكثر من ثلاثة أيام - ، ولكن في الغالب لا يبقَ المَيِّت أكثر من يوم ؛ فلا داعي لوضع هذا الثقل .
والثقل : عبارة عن كيس من تراب ، أو من أي شىء غير حاد - حتى لا يُجْرَح المَيِّت - . وفي العصر الحالي عُوِّضَ عن ذلك بالثلاجات والمشارح التي في المستشفيات ؛ فقد يوضع المَيِّت لفترة طويلة ولا يتأثر .
…7- وضعه على سرير مرتفع ؛ حتى لا يتأثر الجسد من رطوبة الأرض .
…8- تغطية المَيِّت إلا المُحْرِم : لحديث عائشة - رضي الله عنها - : " أن رسول الله -(- حين توفي سُجِّيَ بِبُرْدٍِ حِبَرَة " ( 64 ) . أما المُحْرِم بِحَجٍّ أو عُمْرَة : فلا يُغَطَّى ؛ كما في حديث : " بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع على راحلته ، فَوَقَصَتْه ؛ فقال - عليه الصلاة والسلام - : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ، و لا تحنِّطوه ولا تُخَمِّرُوا رأسه ولا وجهه ؛ فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة مُلَبِيًا " ( 65 ) .(1/32)
…9- الدعاء للميت : كما في حديث أبي سلمة أن الرسول -(- دعا له فقال : "اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المَهْديِّينَ واَخْلُفْه في عَقِبِه في الغَابِرِين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، وافْسَحْ له في قَبْرِه ، ونَوِّر له فيه" ( 66 ) .
… 10ـ ويُسْتَحَبُّ لأهل المَيِّت الرضا بقضاء الله وقَدَرِه ، ويجب عليهم الصبر : قال- تعالى- : ? ((((((((((((((((( (((((((( ((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((( ((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((((((( ( ((((((((( ((((((((((((( ((((( ((((((((( (((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((( (( (((((((( (((((((( (((((((((( ((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((((((((( ( (((((((((((((( (((( (((((((((((((((((((( ? ، وقال - تعالى - : ? (((((((((( ((((( (((((((( (((( (((((( ? ، ولحديث أنس بن مالك ( : مَرَّ رسول الله -(- بامرأة عند قبر وهي تبكي ؛ فقال لها : " اتقي الله واصْبِرِي " . فقالت : إليكَ عَنِّي ؛ فإنك لم تُصَبْ بِمُصيبَتي. قال : ولَم تَعْرِفْه . فقيل لها : إنَّه النبي -(- ؛ فأتت بابَ رسول الله -(- ؛ فلم تجد عنده بَوَّابين ، فقالت : لم أعْرِفْك . فقال رسول الله -(- : " إنَّما الصبر عند الصَّدْمَة الأوُلَى " ( 67 ) .
وعند مُسْلِم - لَمَّا قيل لها أنه رسول الله -(- : " فأخذها مِثلُ الموت ؛ فأتت بابه . . . " .
…11- الاسترجاع ؛ وهو أن يقول : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) : كما في الآية المتقدمة ، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله -(- يقول : " ما مِن مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ اللهم أجُرْني في مصيبتي وأخْلِف لي خيرًا منها ؛ إلا أخْلَفَ الله له خيرًا منها " ( 68 ) .
…12- عدم ذكره إلا بخير : لحديث : " لا تسبوا الأموات ؛ فإنهم قد أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا " ( 69 )(1/33)
…13- قضاء دَيْنه قبل قِسْمَة تَرِْكَتِه ، فإن لم يستوف ماله ؛ فُيقْضَى عنه - إن تيسر - : لِمَا ثبت عن النبي -(- أنه قال : " نَفْسُ المُؤمِن مُعَلَّقَة بِدَيْنِه حتى يُقْضَى عَنه " ( 70 )
…14- الإسراع بتجهيزه وتغسيله والصلاة عليه ودفنه : ودليل ذلك في الصحيح من حديث أبي هريرة : قال - عليه الصلاة والسلام- : " أسْرِعُوا بالجِنازَة ؛ فإن تَكُ صالحة فخيرٌ - لعله قال : تُقَدِّمونها عليه - ، وإنْ تَكُنْ غَيْرَ ذلك فشرٌّ تضعونه عَن رِقَابِكُم " ( 71 )
…15- دفنه في البلد الذي مات فيه ، وعدم نقله إلى غيره ؛ لأنه يُنافي الإسراع المأمور به في الحديث السابق ، ولذلك قالت عائشة - رضي الله عنها - لما مات لها أخ بوادي الحبشة ، فحل - أي : نُقِلَ من مكانه - : " ما أجد في نفسي أو يحزنني في نفسي إلا وددت أنه كان دُفِنَ في مكانه " ( 72 ) ، وروى أصحاب السنن وابن حبان : " لَمَّا كان يوم أحد حُمِلَ القَتْلَى ليُدْفَنوا بالبقيع ؛ فنَادَى مُنادِي النبي -(- فقال : إنَّ رسول الله -(- يأمركم أن تَدْفِنُوا القَتْلَى في مضاجعهم ؛ فَرُدُّوا "
…16- إعلام أقاربه بموته ؛ ليحضروا دفنه والصلاة عليه ، مع ملاحظة عدم النعي الذي نهى عنه النبي -(- وهو إعلان موته في الطُّرُقات ، والمناداة بذلك أو في الصحف أو غير ذلك - ؛ لأن في هذا النعي إظهارًا للجزع والتشكي .
…17- لا بأس بالانتظار - حتى يجتمع أقاربه للصلاة عليه ودفنه - بعض الساعات ، ما لم يُخَفْ على المَيِّت مِنَ التَّعَفُّن .
…18- يُسْتَحَبُّ لمن يُخْبَر بوفاته أن يُطْلَب منه الدعاء للميت بالمغفرة ؛ لطلب الرسول -(- من الصحابة لما نَعَىَ النجاشي قال : " استغفروا لأخيكم " ( 73 ) .
…19- استحباب تعجيل العمل بوصيته ؛ ليجري له أجر تفريقها على المُوصَى لهم .
???
ما يَحْرُم على أقارب المَيِّت(1/34)
…قال الشيخ الألباني -رحمه الله-( 74 ) : " لقد حَرَّم رسول الله -(- أمورًا كان - و لا يزال - بعض الناس يرتكبونها إذا مات لهم ميت ، فيجب معرفتها لاجتنابها ؛ فلا بُدَّ من بيانها :
…1- النياحة : وفيها أحاديث كثيرة ؛ ومنها قوله -(- : " اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النَّسَبَ ، والنِّيَاحَة على المَيِّت " ( 75 ) .
2- ضرب الخدود وشق الجيوب : لقوله -(- : " ليس منا مَن لَطَم الخُدُود ، وشَقَّ الجُيُوب ، ودَعَا بِدَعْوَى الجاهليَّة " ( 76 ) .
…3- حلق الشَّعْر : لحديث أبي بُرْدَة بن أبي موسى قال : وَجِعَ أبو موسى وَجَعًا ؛ فَغُشِيَ عليه ، ورأسه في حِجْر امرأةٍ مِن أهْلِه ، فصاحت امرأة من أهله ؛ فلم يستطع أن يَرُدَّ عليها شيئًا ، فلما أفاق قال : أنا بريء مِمَّن برىء منه رسول الله -(- ؛ فإن رسول الله -(- برىءَ من الصالقة والحالقة والشَّاقَّة ( 77 )
…4- نَشْر الشَّعْر : لحديث امرأة من المُبايِعَات لرسول-(- قالت : كان فيما أخذ علينا رسول الله -(- في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه - : وأن لا نخمش وجهًا ، ولا ندعو ويلاً ، ولا نشق جيبًا وأن لا ننشر شَعْرًا .
…5- إعفاء بعض الرجال لحاهم أيامًا قليلة ؛ حُزْنًا على ميتهم ، و إذا مضت أيام عادوا إلى حلقها : فهذا الإعفاء في معنى نشر الشعر - كما هو ظاهر - ، يُضَافُ إلى ذلك أنه بِدْعَة ، وقد قال رسول الله -(- : " كُلّ بِدْعة ضَلالة ، وكُلّ ضَلالَةٍ في النَّار " ( 78 ) .
…علمًا بأن التزين بحلقها كما يفعل الأكثرون معصية ، باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم ؛ لمخالفتها للأدلة الشرعية .
…6- الإعلان عن موته على رؤوس المنابر وفي الصحف والطرقات ونحوها ؛ لأنه من النعي ، وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه كان إذا مات له المَيِّت قال : لا تُؤْذِنُوا به أحدًا ؛ إني أخَافُ أنْ يَكُون نَعْيًا ، إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله -(- يَنْهَى عَنِ النَّعْي( 79 ) .(1/35)
…أما إذا أُخْبِرَ أقاربه وجماعته للصلاة عليه وحضور دفنه ؛ فلا يعتبر من النعي المنهي عنه . وقد يجب الإعلان عن الوفاة إذا لم يكن عنده مَن يقوم بحقه: من غسلٍ وتكفينٍ وصلاةٍ عليه ونحو ذلك - : لحديث أبي هريرة أن رسول الله -(- نَعَىَ النجاشي في اليوم الذي مات فيه ( 80 ) .
علامات حُسْن الخَاتِمَة
…الأولى : نُطْقه بالشَّهَادة عند الموت : قال -(- : " مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ( 81 ) .
…الثانية : الموت بِرَشْح الجبين : لحديث بُرَيْدَة بن الحصيب ( : " أنه كان بخراسان ، فعاد أخًا له وهو مريض ، فوجده بالموت ، وإذا هو يَعْرَقُ جَبِينُه ؛ فقال : الله أكبر ؛ سمعت رسول الله -(- يقول : " موت المؤمن بِعَرَق الجَبِين " ( 82 ) .
…الثالثة : الموت ليلةَ الجُمُعَة أو نهارها : قال الرسول -(- : " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فِتْنَة القَبْر " ( 83 ) .
…الرابعة : الشَّهَادَة في سبيل الله ، قال الله - تعالى - : ? (((( (((((((((( ((((((((( ((((((((( ((( ((((((( (((( (((((((((( ( (((( (((((((((( ((((( ((((((((( ((((((((((( ((((( ((((((((( (((((( (((((((((( (((( ((( ((((((((( ((((((((((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((((( ((((( ((((( (((((((((( (((( (((((( (((((((((( (((( (((( ((((((((((( ((((( ( ((((((((((((((( (((((((((( ((((( (((( (((((((( (((((( (((( (( ((((((( (((((( ((((((((((((((( ((((( ? .
…قال الرسول -(- : " للشهيد عند الله ست خِصال : يُغْفَر له في أول دُفْعَة من دمه ، ويُرَى مقعده من الجنة ، ويُجَار من عذاب القبر ، ويأمن مِن الفَزَع الأكبر ، ويُحَلَّى حُلَّة الإيمان ، ويُزَوَّج من الحور العين ، ويُشَفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه " ( 84 ) .(1/36)
…الخامسة : أن يموت على طاعة من الطاعات - كمن يموت في الصلاة ، أو الحج ، أو وهو صائم ، ومنهم من يموت وهو يقرأ القران - : عن جابر ( قال : قال رسول الله -(- : " يُبْعَث كل عبد على ما مات عليه " ( 85 ) وقال - عليه الصلاة والسلام - : " إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله " . قيل : كيف ؟ قال : " يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثُمَّ يقبضه عليه "( 86 ) .
السادسة : الموت بالطاعون ، والموت غرقًا ، والموت بداء البطن ، والموت في الهدم ، والموت حرقًا ، وموت المرأة في ولادتها ، والموت بذات الجنب - وهو ورم في الغشاء المستبطن للأضلاع - : عن جابر-(- قال : قال الرسول -(- : " الشهداء سبعة - سوى القتل في سبيل الله - : المطعون شهيد ، والغَرِق شهيد ، وصاحب ذات الجَنْب شهيد ، والمبطون شهيد ، والحَرِق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بِجُمْع شهيدة " ( 87 )
…السابعة : مَن قُتِلَ دون ماله وأهله ودينه ودمه ، قال النبي -(- : " مَن قُتِلَ دُونَ ماله فهو شهيد ، ومَن قُتِلَ دُونَ أهله فهو شهيد ، ومَن قُتِلَ دُونَ دِينه فهو شهيد ، ومَن قُتِلَ دُونَ دَمه فهو شهيد " ( 88 ) .
…الثامنة : مَن قتله الإمام الجائر - لأنه نصحه - : قال النبي -(- : " سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " .(1/37)
…التاسعة : الثناء بالخير على المَيِّت من المسلمين : عن أنس ( قال : مُرَّ بِجَنَازَة فأُثْنِيَ عليها خيرًا ؛ فقال النبي -(- : " وجبت وجبت وجبت " ، ومُرَّ بجنازة فأُثْنِيَ عليها شرًّا ؛ فقال نبي الله -(- : " وجبت وجبت وجبت" . قال عمر ( : فِدَىً لك أبي وأمي ؛ مُرَّ بجنازة فأثني عليها خيرًا فقلتَ : وجبت وجبت وجبت ، ومُرَّ بجنازة فأثني عليها شرًّا فقلتَ : وجبت وجبت وجبت ؟ فقال الرسول -(- : " مَن أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة ، ومن أثنيتم عليه شرًا وجبت له النار ؛ أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض " ( 89 ).
وفي رواية: " إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير و الشر " ( 90 ) .
…وقال الرسول -(- : " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة " . قلنا : وثلاثة ؟ قال : " وثلاثة " . قلنا : واثنان ؟ قال : " واثنان " ، ثُمَّ لم نسأله في الواحد ( 91 ) .
…العاشرة : علامات تُرى على المَيِّت أثناء تغسيله ؛ مثل : إشارة إصبع السبابة بـ ( لا إله إلا الله ) ، والوضاءة والإشراقة والفرحة والابتسامة التي على وجه المَيِّت ؛ لأنه قد بُشِّرَ برضا الله والجنة وتسليم الملائكة عليه ؛ فتجد بعض الأموات مبتسمًا ابتسامة لا تفارق وجهه حتى يكفن . ولعل من العلامات سهولة تغسيله و ليونة ورِقَّة جسده لأن غالب الأموات تكون أجسامهم متصلبة متخشبة والله أعلم.
???
علامات سُوء الخَاتِمَة
…أولاً : أن يموت على شِرْكٍ ، أو ترك للصلاة ، أو على معصية مِن المعاصي - مثل الزنا والخمر والأغاني وغيرها - : كما في حديث جابر ( قال : قال رسول الله -(- : " يُبْعَث كل عبد على ما مات عليه " ( 92 ).
…ثانيًا : الثناء على المَيِّت بالشر من المسلمين : كما في حديث أنس ( السابق. ( 93 ).(1/38)
…ثالثًا : لعل من العلامات التي تظهر على المَيِّت بعد وفاته أو أثناء تغسيله : اسوداد الوجه وعبوسه وظُلْمته ، ورؤية وجهه كالمُغْضَب ، ويجد المُغَسِّل صعوبة في تغسيله وتقليبه . وهذه العلامات تظهر بسبب رؤية المُحْتَضِر ملائكة العذاب وملك الموت وتبشيرها له بِسَخَط الله والنار - والعِيَاذُ بالله - ؛ نسأل الله العافية والسلامة . ولكن مثل هذه لا يُجْزَم بأنها علامة على سُوء الخاتمة ؛ لعدم وُرود دليل ، ولأن حصول مثل هذه قد يكون بأسباب طبيعية يعرفها الأطباء ؛ مثل : نقص الأكسجين في الدم في منطقة معينة في الجسم - مثل القدم - فتَسْوَدَّ أو قد يتجمع الدم في منظقة معينة وغير ذلك.
…وقد رأيتُ من علامات حسن الخاتمة وسوئها على كثير من الجنائز مما يشيب له الرأس ويقشعر منه الجلد ، نسأل الله أن يُحْسِنَ خاتمتنا .
تنبيهات :
…1- إذا رأى المُغَسِّل علامات سوء الخاتمة المعنوية أو الحسية : فإنه لا يُخْبِر بها أحدًا ، ولكن يَذْكُرْ ذلك عن مجهول لا يُعْرَف ؛ مِن أجل العِظَة والعِبْرَة .
…2- يُسْتَحَبُّ لمن يراى علامات حسن الخاتمة - مِن بياض الوجه ، وإشراقه ، أو إشارة السبابة بالتشهد ، أو غير ذلك - أن يخبر بها الناس ، خاصةً أهله ؛ حتى يُكْثِرُوا له الدعاء والتَّرَحُّم ، و مِن باب العِظَة والعِبْرَة للناس والإقتداء بأعماله قبل موته ، إذ بها حصلت له علامات تُشير إلى حسن خاتمة .
من أحوالِ الموتى والمحتضرين
أسوقُ لكَ أخي القارئَ الكريمَ مجموعةً من القصصِ التي وقفتُ عليها وأشرفتُ عليها توضيحاً لحسنِ الخاتمةِ - نسألُ اللهَ ذلك للجميع - وسوءِ الخاتمةِ - نعوذُ باللهِ منها - حتى ينشطَ المؤمنُ في هذه الحياةِ ويستمرَ على ماهو فيه من خيرِ ، ويحذرَ المقصرُ ويفيقَ الغافلُ من رقدتِهِ سائلاً اللهَ جل وعلا أن ينفعَ بها .(1/39)
فمنها قصةُ الشابِ الذي قتلَ أمَّهُ وحرقَ جسدَها بعدَما قطَّعها -ولاحولَ ولا قوةَ إلا باللهِ - من أثرِ إدمانهِ للمخدراتِ وتفاصيلُ هذه القصةِ أنني دُعيتُ إلى أحد السجونِ لالقاءِ محاضرةٍ ولكنني لاحظتُ شاباً خارجَ المصلى كثيرَ الحركةِ ذهاباً وإياباً ولم يصلِّ معنا وبعد انتهاءِ المحاضرةِ طلبَ مني المسئولُ عن الشئون الدينيةِ في السجنِ مناصحةَ ذلك السجينِ وأخبرني أنهُ لا يصلي منذُ دخولهِ السجنَ من أربعِ سنواتٍ ومحكومٌ عليهِ بالقصاص ولم يبق على تنفيذه سوى ثلاثةِ أشهرٍ تقريباً وحذرني منه وأبدى خوفَهُ عليَّ من تصرفاتهِ فطمأنته واستعنتُ بالله عليه ودخلتُ وسلمتُ عليه وأخبرتهُ أنني زائرٌ له في الله وأرغب في الحديثِ معهُ وسألتُهُ عن عدمِ الصلاةِ معنا جماعةً فلعلك صليت بمفردك فقال : أنا لا أصلي ! و لا أعبد الله !وأنتم عبيد ! وأخبر أنه لا يعترف بالله -والعياذُ بالله من حاله - فقلتُ لهُ من خلقكَ ؟ فقال :خلقني الوهابُ فقلت من الوهابُ ؟ فقال : الذي وهبني كلَّ شيءٍ ثم أخذَ يسبُ الملائكةَ ويقذفهُمْ بالزنا أكرمهُمْ اللهُ عما يقولُ وقد كان بيده ولاعة فأخذتُها منهُ وأشعلتُها وقلتُ له إن كلاَمك هذا قد يدخلُك النارَ فهل تقوى على النارِ فسكتَ ثم حاولت معه بشتى الوسائلِ و الأساليبِ فلم أنجحْ ثم قالَ : لي أعلمُ أنّ قصاصي قَدْ اقتربَ وهو في الشهورِ القادمةِ ولن أصلي وطردني فخرجتُ من عندِهِ متأثرا والسجناءُ واقفون بالقرب من باب الغرفةِ ينتظرون النتيجةَ لعل الله أن يهديه ومعهم مسئولَ الشئونِ الدينيةِ فطلبتُ منه استدعائي إذا جاء موعد قصاص هذا الشخصِ حتى أرى كيفَ تكونُ خاتمتهُ فسألتُ عن هذا الشخصِ هل هو مختلٌ عقلياً ؟ وما سببُ الحكمِ علية بالقصاص ؟ فأخبرني بأنه لا يعاني من أي أمراضٍ نفسيةٍ وقد عُرضَ على الأطباء النفسييّن ولم يُلاحظ عليه شيءٌ وهذا الذي أخر تنفيذَ الحكمِ علية طيلةَ مدة سجنه للتأكدِ من حالتهِ(1/40)
النفسية وأما سببُ الحكم عليه فهو أنّهُ أقدم على قتلِ أمهِ وتقطيعهاِ وحرقهاِ في حصنٍ مهجورٍ مع العلمِ أنها كانتْ صائمةً الستَ من شوالِ في يوم جمعةٍ -ولا حولَ ولا قوةَإلا باللهِ- وبعد قرابة شهرين اتصلَ عليّ المسئولُ وأخبرني أن موعدَ القصاص غداً وطلب حضوري بعد الفجرِ فاتصلت بفضيلةِ كاتبِ العدل لكتابة وصيةِ من ينفذ فيه الحكمُ و أخبرتهُ بما حدثَ بيني وبين الشخصِ وطلبتُ منه مناصحتهُ فاستعدَّ بذلكَ و تقابلنا صباحَ اليومِ الثاني في السجنِ فسألهُ كاتبُ العدلِ أتشهدُ أن لا الله إلا الله و أن محمداً رسول الله ؟ فقال الشاب :أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله و الجنة حق والنار حق فسُررتُ بما سمعتهُ ثم كتبَ وصيتَهُ وأخذتُ أنصحه بأن لا يفتُر لسانُهُ من ذكرِ اللهِ وقلتُ له حديثَ الرسولِ (من كان آخرَ كلامهِ لا إله إلا الله دخل الجنة وأنتَ مقبلٌ على الله فالهج بذكره ولعل اللهَ أن يُكرمَك بأنْ يعفوا اخوتك عنك فقال : ألا يوجد دخان؟ أو شاي ؟ ألا يوجد دخان أو شاي ؟ متي سوف ينفذُ القصاصُ ؟ فقال أحد الضباط بعد صلاةِ الجمعةِ فقالَ لا زالَ الوقتُ مبكراً أحضروا لي دخاناً و (شاي) . فقلتُ لهُ مارأيُكَ لو قمتَ وصليتَ ركعتين لله فأمرني بالخروجِ وأخذ يسخرُ مني و من كلامي و ألححتُ علية بالصلاة ولكنْ دونَ جدوى(1/41)
ثم خرجتُ متأثرا وسبقتُهُ إلى مكانِ القصاصِ واحضروه إلى مكانِ القصاصِ فقلتُ لأحد المسئولين لِمَ لا تُذَكَّرْهُ بكلمة التوحيد؟ فقال لي هذا لا تهتمُ لأجلِهِ قد قال للقاضي بأنه نصراني ولم يقتلْ سوى إبليس !! يعني أمه !! فتقدمتُ إلى الشابِ وقلتُ له قلْ لا اله إلا الله فلم يقلْها وكررتها عليه أكثر من خمسِ مراتٍ فلم ينطقْ بشيٍ فصاحَ عليهَ من حوله من الضباط انطقْ الشهادةَ فتكلم وأخذ يتمم بكلام غير مفهوم و لم أعلمْ هل نطق بالشهادة أم لا؟ و أخذتُ أراقبهُ حتى نُفَّذَ القصاص فيه فلم تتحرك شفتاه بشىءٍ .... والعياذ بالله مِن حاله حتى فارق الحياة . هذه القصةُ وأَنْ أطلت فيها لكنها تُبَينَ لكَ أنه كما قال ابن كثير رحمه الله ( جرت سنةُ الكريمِ أنّهُ من عاشَ على شيء مات عليه ومن مات على شيءٍ بعث عليه ) فهذا الشاب انظرْ إليه كيف قتلَ أمَّهُ و أصرَّ على عدم الصلاة ولم يستمعْ النصحَ - فمن كانت هذه حياتُهُ فلا عجبَ ألا يوفقْ لخاتمةٍ حسنةٍ و اللهُ المستعانُ . و على النقيض من ذلك قصةشاب آخرالذي أُخبرت عن موعد قصاصهِ فتوجهتُ للسجنِ في صبيحةِ يوم التنفيذِ بعد التنسيقِ مع المسئولِ فدخلتُ عليهِ فوجدتهُ رافعاً يديْهِ يدعو وعلى طاولته القرآنُ الكريمُ وكُتيبُ حصنِ المسلمِ فحضر فضيلة كاتبِ العدلِ لكتابةِ وصيتهِ فأوصى بجميع مالهِ أن يُتَصدقَ به لجمعيةِ تحفيظ القرآن الكريم أو مشروع صدقةٍ جاريةٍ بعد سدادِ ما عليه من ديون للآخرين وأوصى أهله بتقوى الله عز وجل و الصبرِ و الاحتسابِ على موتهِ وقصاصهِ فانصرفَ كاتبُ العدلِ و بقيتُ معه ولقد رأيتُ عجباً فمنذُ هذه اللحظةِ وحتى ركوبهِ السيارةَ التي تذهب به إلي مكانِ القصاصِ وهو يذكرُ اللهَ ويصلي و يقرأُ القرآن ويدعو من الساعة السابعة و حتى الساعة التاسعة والنصف تقريباً وقد أوصاني بغسيلهِ وتكفينهِ والذهاب إلى أهلهِ بعدَ موتهِ و مواساتهِم وكان يحمدُ اللهَ طيلةَ هذا(1/42)
الوقتِ و أخبرني أنه رأى رؤيا في المنامِ بأنه ذهبَ إلى ساحةِ القصاص ِوكان السياف بجانبهِ وكان الشابُ ساجداً ويدعو و يقولُ في دعائهِ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين و رأى غرماءَه الثلاثة يخرجون من الساحة و أنه قد عُفِيَ عنه وكنت أحاول عدم الكلام معه حتى لا أقطعُهُ عن الذكرِ و القراءةِ حتى أتى موعد ذهابهِ إلى ساحةِ القصاصِ فَأُخِذَ للسيارة وقبلَ ركوبهِ السيارةَ سأل أحدَ الجنودِ أين القبلةُ ؟ ثم سجدَ على الأرضِ و أطالَ السجودِ ثم قامَ وركبَ في السيارةِ وعندَ وصولنا إلى الساحةِ بحثتُ عن السيافِ فلم أجدّهُ فأخُبرتُ بأن هناك محاولاتٌ مع أولياءِ المقتولِ للعفو ثم أشيع أن أولياءَ المقتول عفوا عنه ففرحَ الناسُ وضجوا بالتكبيرِ فأخذَ الضباط والعسكر يقبّلون ا لشابَ ويفكّون قيَودهُ فأسرعتُ إليه و أمرتُهُ بالسجودِ شكراً للهِ فسجدَ طويلاً ولم يرفع رأسهُ حتى أمرهُ الضابط بذلك إثر دخولِ ثلاثةِ رجالٍ لساحةِ القصاصِ وأخذوا يصيحون بأعلى صوتٍ نحن لم نعفُ ونريد القصاصَ ولا تتأخروا عن تنفيذه فقُيدَ الشابُ مرةً أخرى وحاولَ الحضورَ الطلبَ من أولياءِ المقتولِ العفوَ ولكنّهم أصروا على موقفِهمْ و كانَ السيافُ يتردد في التنفيذِ فيرفع سيفَهُ تارةً ثم يخفُضهُ تارةً وينظرُ إلى أولياءِ المقتولِ لعلهم يعفونَ ثم جاء الأمرُ بتنفيذِ القصاصِ وقد كنت في هذا الوقتِ أرقبُ الشابَ وأنظرُ إلى شفتيه وهي تتحركُ بذكرِ اللهِ و بلا إله إلا اللهُ وضربَ السيافُ عنَقهُ وسقطَ على جنبهِ الأيمنِ ودمه يسيلُ على الأرضِ و شفتاه تتحرك بلا اله إلا الله والدم يخرج منه حتى فارقَ الحياةَ و إذا بأحدِ الضباطِ يقولُ انظر إلى إصبعهِ فإذا به رافعاً السبابة َمشيراً بكلمةِ التوحيدِ فحملناه إلى سيارةِ الإسعافِ وقمتُ بتغسيلهِ وأخرجتُ من جيبه العلوي ورقةً ملطخةً بالدمِ فيها أذكارُ الصباحِ والمساءِ وإذا بوجهه يتلألأ بياضاً و نوراً ثم(1/43)
كفنتُهُ وصلينَا عليهِ وذهبتُ لأهلهِ و أخبرتُهم بوصيتهِ وما رأيتُ منه من ذكرهِ للهِ وصلاتهِ وحالتهِ عند موتهِ وأثناء تغسيلهِ فخففَ ذلك من مصابهِم و بكى أغلبُ الحاضرين على ذلكَ الشاب رحمهُ الله فانظرْ رحمكَ اللهُ إلى هذا الشابِ الذي لازمَ الصلاةَ والذكرَ حتى ساعةِ تنفيذِ الحكمِ عليه وكيفَ كانت خاتمهُ حسنةً وقارنهَا بالشاب الذي قبلَهُ لتعلمَ الفرق ؟!
ومن ضمنِ قصصِ حسنِ الخاتمةِ أنه أتاني اتصال من احد مغاسلِ الأمواتِ يطلبونَ مني المساعدةَ و الحضورَ لكونِ الجنازةِ أتموا غسلها ولم يستطيعوا تكفينهَا لأنها تنزفُ دماً باستمرار إثر حادثِ سيارةٍ وخشوا أن يبُلَّ الدمُ الكفنَ فاتجهتُ إلى المغسلةِ فدخلتُ ورأيتُ الميتَ وأول ما رأيتُهُ ذكرتُ الله لقد رأيتُ وجهاً منيراً ولحيةً مخضبةً بالحناءِ وكان وجهُهُ يتلألأُ نوراً فقلتُ في نفسي هذا رجلٌ صالحٌ و لابدَ أن يكونَ قد تشهدَ قبلَ وفاتهِ فرفعتُ يدَهُ اليمنى فإذا بالسبابةِ تُشيرُ بكلمةِ التوحيدِ و كذلكَ اليد الأخرى تشيرُ بكلمةِ التوحيدِ . فما أجملهَا من خاتمةٍ قال :النبي -(- ( من كانَ آخرُ كلامهِ لا إله إلا اللهَ دخلَ الجنةَ ).
ومن جميل ما يذكرُ من حسنِ الخاتمةِ أنهُ اتصلَ علّي أحدهُم ليلةَ الجمعةِ يخبرني أن غداً جنازة يريدونَ غسلهَا ففرحتُ واستبشرتُ وذلك لأن النبي -(- قال: ( من ماتَ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ أُمِنَ من فتنةِ القبرِ ) وفي الصباح أدخلوا الجنازة عليّ وكانت ملفوفةً ومغطاة فنزعتُ الغطاءَ عنها فإذا برائحةٍ عجيبةٍ غريبةٍ تفوحُ في المغسلةِ بمجردِ كشفِ الغطاءِ عن الجنازةِ ، طيب لم أشمَّ مثلَهُ في حياتي فسألتُ من كان معي في المغسلةِ هل أحد منكم تطيب اليومَ أو طيب المغسلةَ ؟ فقالوا : لا فعلمتُ أنها من هذهِ الجنازةِ نسألُ الله حسنَ الخاتمةِ .(1/44)
وعلى أحد الطرق في أحدى المدن رأيت على الطريقِ حادثَ سيارةٍ فوقفتُ للمساعدة أو لعلي أرى من يحتضر ويحتاج إلي التلقين و تلك من عادتي فاقتربتُ من السيارةِ فإذا بشخصين فذهبت إلى الشخص الأول و علاماتُ الموتِ تبدو عليهِ و إذا بالسوادِ يعلو وجههُ -و العياذ بالله- و الأخر يتلألأ النور من وجهه ولا يزالُ على قيدِ الحياةِ .
وشاهدتُ حادثاً آخرَ وفيه رجلٌ قدْ تكسرتْ عظامُهُ و تناثرَ الدمُ من هنا وهناكَ و أشرفَ على الموتِ و رأيتهُ يحتضر و لسانهُ لا يقفُ عن التهليلِ و التسبيحِ وخرجتْ روحهُ على الذكرِ في ثوانٍ يسيرةٍ ثم إنّ وجَهُهُ علتهُ ابتسامةٌ .
وحادثاً أخر سبقني إليهِ شخصٌ و لقن صاحبه الشهادةَ فرأيتُه وسمعته ينطق بها .. وقد يضن البعضُ أنه من السهولةِ أن ينطقَ المرءُ بها قبلَ موتهِ ولكن ذلك غيرُ صحيحٍ فإنها و الله لصعبةٌ إلا على من سهلهَا اللهُ عليهِ إذ الإيمان هو الفيصل في ذلك و الموفقُ من وفقهُ الله .
وقد غسلتُ شاباً وبعدَ الانتهاءِ من غسلهِ أخبرني أحدُ الأصدقاءِ أنه قام بإخراجهِ من السيارةِ التي وقعَ الحادثُ فيها وهو ميتُ وجلسَ أكثر من دقيقةٍ يحاولُ إغلاقَ مُسَجِل السيارةِ و الذي كان عالي الصوتَ بالغناءِ فلم يستطيع حتى فصلَ بطاريةِ السيارةِ .
و يا أخي تذكرْ أنّ من اعتادَ على شيءٍ عاشَ عليه .
ولذا يقولُ لي أحدُهمْ عن كيفيةِ موتِ والدِهِ يقولُ إن والدي متعبُ ومنذُ أيامٍ وهو في حالةِ إغماءٍ و طيلةَ هذه الأيام ِوهو نائمُُ يقومُ على فراشِهِ و يتوضأُ و يكبرُ ويصلي على الفراشِ حتى أن أطفالي عندَما يرونَهُ على هذه الحالةِ يضحكونَ وبقي على هذه الحالِ حتى ماتَ رحمهُ اللهُ - حياةً مملوءةً بالصلاةِ و العبادةِ .(1/45)
وآخر يقولُ إن والدي لما حضرتُهُ الوفاةُ أخذَ ينظرُ يَميناً و شمالاً ويقولُ أخرجوا النساءَ و أخرجوا البناتِ عندَنا ضيوفُُ عندَنا ضيوفُُ ثم مات فلعله رأى الملائكة التي تقبض روحَهُ ..كما حَدثَ مع عمرَ بنِ عبدِالعزيزِ عندَما حضرتُهُ الوفاةُ قال لزوجتهِ أخرجي فإني أرى اناساً ليسُ بإنسٍ و لا جن فخرجت ففاضتْ روحُهُ لله .
وقمتُ بتغسيلِ رجلٍ منتحرٍ شنقاً وآثار الشنق حول رقبتهِ و الغريب أن يدي الميتِ وخاصةًُ الكفينِ مسودهً سوادً شديدً-نسأل اللهَ السلامةَ والعافيةَ - .
وهذا آخر يخبرني عن والدِهِ يقولُ قبلَ وفاتهِ بِدقائقَ جلسَ على فراشهِ كأنْ ليسَ به شيءُُ حيثُ كانَ مريضاً و مقعداً لعشرين يوماً مضتْ فجلسَ معنا وطلبَ حضور أخواتي وأخذَ يتحدثُ معنا كماِ لو كانَ سليماً ثم مال قليلاً و أخذ جبينه يتصفد عرقاً ثم خرجتْ روحُهُ و فارقَ الحياةَ فقلتُ هذه بشرى هذا مصداقُ حديث النبي -(- ( موتُ المؤمنِ بعرقِ الجبينِ ) ( 94 ).
و اُخبرني أحدُ الأصدقاءِ بأنه دخلَ المسجدَ لصلاةِ العشاءِ فدخلَ شخصُُ وصلى بجانبه ثم أخذ مصحفاً يقرأُ فيه ثم لما أُقيمت الصلاة شهق الرجل الذي بجانبي شهقةُ وُ سقطَ فأسعفناه إلى المستشفى فقالوا هذا ميت من نصفِ ساعةِ اللُه أكبرُ يموتُ في بيتِ من بيوتِ الله وبعدَ أداءِ صلاةِ وفي انتظار صلاةِ أخرى وهو يقرأ القرآن ؟!
إن المؤمنَ ليفرحُ عندما يرى ويسمع مثلَ هذه القصصِ و يسألُ اللهَ من فضلهِ .
و ذاتَ مرةٍ أدخلوا عليّ جنازةً و كان ابن المتوفى يدخن سيجارةً فقلتُ له اتقِ اللهَ و أطفئْ السيجارةَ احتراماً لوالدك و للملائكة الحاضرينَ الذين يتأذونَ بذلك و سبحانَ الله بعد ستةِ أشهرٍ يموتُ هذا الرجلُ و أغسلُهُ في المكان الذي غسلت فيه والدَهُ وهو ابن سبع و ثلاثين سنةً فالموت لا يفرق بين صغير ولا كبير .(1/46)
وقد غسلت كبيرَ سنٍ و رأيُتهُ يشيرُ بإصبعهِ السبابةِ على الشهادةِ فسألتُ عنهُ أبناءَهُ فقالوا إنه مؤذنُ مسجدٍ من قرابة أربعينَ عاماً .
فهذا شئٌ من قصصِ القومِ و مثال على حسنِ الخاتمةِ و سوئها ولو ذكرتُ كل ما رأيتُ لطال المقام .
فلازِلتَ أيها القاريء على قيدِ الحياةِ فأي الخاتمتين تريد ؟ فاستعد للقاءِ اللهِ وَعمِّرْ حياتك بتقوى الله واعبد ربك حتى يأتيك اليقين والحذر كل الحذر من الذنوب فإن الكبائرَ موبقات وإن الصغائرَ مع الإصرارِ تتحولُ إلى كبائر وكثرة الصغائر مع عدمِ التوبةِ والإستغفارِ رانٌ على القلبِ فقدْ يُطْبَعُ على القلبِ ويُختْمُ له بخاتمةٍ سيئةٍ عقوبةً من اللهِ عزَ وجل -والعياذُ باللهِ- اللهمَ اجعل خيرَ أعمالنا خواتيمها ، وخيرَ أيامنا يوم لقاك ، واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه .
???
فَضْل غَسْلُ المَيِّت وتَكْفينه
…1- قال الرسول-(-: " مَن غَسَّل مسلمًا فكتم عليه غَفَرَ الله له أربعين مرة " - وفي رواية : " خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ، وفي رواية : " غُفِرَ له أربعون كبيرة " - " ومَن حَفَرَ له فأجَنَّه أُجْرِيَ عليه كأجر مَسْكَن أسكنه إلى يوم القيامة ، ومَن كَفَّنَه كساه الله يوم القيامة مِن سندس وإستبرق الجنة " ( 95 ) .
…2- قال الرسول-(-: " من غسل مَيِّتًا فستره ؛ ستره الله من الذنوب ، ومَن كفنه كساه الله من السندس "( 96 )(1/47)
…معنى : " فكتم عليه " : أي : ستره ولم يُخْبِر بالعيوب الحسية التي لا يرضى المَيِّت إظهارها في حياته ؛ من جروح ، أو ضربات ، وبعض الأمراض التي لا تظهر - مثل أن يكون المَيِّت به برص في جسده - ، ولا يُحِبُّ أن يعرف أحدٌ عنه في حياته ، فكذلك بعد موته لا بُدَّ من احترامه ، وكذلك ستر العيوب المعنوية ؛ مثل : اسوداد الوجه وعبوسه ، وبعض علامات سوء الخاتمة التي تظهر - والعياذ بالله - أما مَن اشتهر بفسقه وبدعته عند الناس : فقال أهل العلم : ليس مِن السُّنَّة ستره ؛ بل يُظْهَر شره ؛ ليعتبر به الناس ويحذروا معاصيه أو بدعته .
ومعنى " فأجنه " : أي : أدخله في قبره ودفنه .
???
شروط الغَاسِل
…1- الإسلام .
…2- العقل .
…3- الثقة والأمانة : قال عليه الصلاة والسلام - : " . . . لِيَلِه أقربكم إن كان يعلم ، فإن كان لا يعلم فمَن ترون أنَّ عِندَه حظًّا مِن وَرَع وأمانة " ( 97 ).
…4- العلم بالأحكام الشرعية المتعلقة بغُسْل المَيِّت .
…5- الستر على المَيِّت والكِتْمان ؛ فلا يُحَدِّث بما يراه من مكروه : كما في حديث : " مَن غَسَّل مسلمًا فكتم عليه غُفِرَ له . . . " الحديث ( 98 ) .
???
أمور ينبغي مراعاتها والتنبِه عليها
…1- أولَى مَن يُغَسِّلُ المَيِّت وصيه ؛ لأن أبا بكر-(- أوصى أن تغسله امرأته أسماء ، ووصى أنس ( أن يُغَسِّلُهُ ابن سيرين . ثُم الأب ثُم الأقرب فالأقرب : لحديث : " لِيَلِه أقربكم منه إنْ كان يَعْلَم ، فإن كان لا يعلم فمَن ترون أنَّ عِندَه حظًّا مِن وَرَعٍ وأمانة " ( 99 ). وهذا يكون عند المشاحنة والاختلاف فيمَن يَغْسِله ، أما إذا كان لا يوجد مشاحنة ولا اختلاف فيَغْسِله مَن يتولى تغسيل عامة المسلمين ، ممن لهم دراية وعلم كما هو الحال في وقتنا الحالي في مغاسل الموتى .(1/48)
…2- ينبغي ألا يَغْسِل المَيِّت أكثر من ثلاثة أشخاص ؛ وذلك مِن باب السَّتْر على المَيِّت ، وكره أهل العلم النظر إلى المَيِّت بدون حاجة ؛ لأن الإنسان إذا مات أصبح كله عورة ؛ فلذلك يغسل المَيِّت في مكان مستور بعيد عن أعين الناس ، ويكفن بالكامل ، ويُسْتَر عن أعين الناس - عند الصلاة عليه ودفنه - بذلك الكفن .
…3- يُفضل أن يَغْسِل المَيِّت اثنان ممن لديهم علم بأحكام الجنائز وثالث يُخْتَار مِن أقارب المَيِّت ممن تظهر عليه علامات الغفلة والعصيان ؛ بحيث يكون له التغسيل من باب العِظَة والعِبْرَة .
…4- لا يُشْتَرَط أن يكون الغَاسِل على طهارة ؛ فلو غَسَّلَت امرأةٌ حَائِضٌ مَيِّتةً جاز ذلك . والأفضل أن يكون الغَاسِل على طهارة .
…5- غَسْلُ المَيِّت لا يَنقُض الوضوء ، إلا إذا مس الغَاسِل عَوْرَة المَيِّت بلا حائل. ولا يجب الغُسْل - على الصحيح من أقوال أهل العلم - ؛ بل يُسْتَحَبُّ له الوضوء والغُسْل .
???
شروط مكان التغسيل
…1- أن يكون طاهرًا نظيفًا ؛ فلا يُغَسَّلُ المَيِّت في الكَنِيف ( الحَمَّامات ) ؛ لأنه موضِع النجاسات ، وتتأذى الملائكة من هذه الأماكن ، وفيه إهانة للمَيِّت .
…2- أن يكون مستورًا مسقوفًا : فقد ورد أن ابن سيرين استحب أن يكون البيت الذي يُغْسَل فيه المَيِّت مُظْلِمًا ؛ حتى لا يَسْتَقْبِلَ السماء بِعَوْرَته ، ولا يَحْضُر مَن لا يُعينُ على تغسيله . وذُكِرَ عن الإمام أحمد أن يكون بينه وبين السماء سِتْر .
…3- أن يكون خاليًا من الصور والمجسمات ذوات الأرواح ؛ لأن الملائكة تحضر وتُؤَمِّن على الدعاء : قال الرسول -(- : " إذا حضرتم المريض أو المَيِّت ؛ فقولوا خيرًا ؛ فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون " ( 100 ). والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ؛ فعن أبي طلحة ( أن الرسول -(- قال : " لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كَلْب ولا صورة " ( 101 ) .
???
شروط الماء الذي يُغَسَّلُ به المَيِّت(1/49)
أن يكون الماء طهوراً ، ومُباحاً ، يُراعَى فيه درجة الحرارة - إن كان الوقت صَيْفاً أو شتاءً - ، فينبغي أن يكون معتدلاً ؛ مِن أجل ألا يتأذَّى المَيِّت به أو يؤثر على جسده .
???
ما قبل غَسْلُ الميت
تنبيهات قبل الغَسْلُ :
…1- التأكد مِن موته - وذلك بظهور علامات الموت عليه ، أو بكشف الأطباء - .
2-يُوضَع المَيِّت على سَرير مرتفع ، ذي فتحات ؛ حتى يخرج الماء والنجاسات من هذه الفتحات ؛ فلا تَعْلَق بالمَيِّت .
…3- حبذا لو وُجِدَ مبخرة تُبَخِّر المكان بالعود والطيب أثناء التغسيل ؛ لأن المَيِّت قد تخرج منه بعض الروائح الكريهة مما يؤذي المُغَسِّل ومَن معه والملائكة .
4- يُوضَع السَّاتِر على المَيِّت - الذي يَسْتُر ما بين الرُّكْبَة والسُّرَّة - .
5- يُجَرَّد المَيِّت - بخلع ثيابه - ، إن تيسر ، فإن كان هناك مشقة ؛ تُقَصُّ هذه الثياب بالمقص ، مع الحرص على عدم النظر إلى العورة بتثبيت الساتر: فَيَقُص كُمَّ يده اليمنى إلى عنقه ، وكذلك اليسرى ، ثُمَّ يَقُص من أول نَحْرِه إلى قدميه ، ثُمَّ تجمع ثيابه ، ويُقْلَب على الجهة اليمنى ، وتُجْمَع تحته ، ثُمَّ يُقْلَب من الجهة الأخرى ، وتُسْحَب من تحته. ولأن تجريده أمكن في تغسيله وتنظيفه : لقول الصحابة:بعد وفاة رسول الله-(-" أنُجَرِّد رسول الله مِن ثيابه كما نُجَرِّد موتانا ؟ " ( 102 ) ، فَاسْتُدلَّ بذلك أن غير الرسول -(- يُجَرَّدُ من ثيابه . وغُسِّل الرسول -(- وعليه قميصه ولم يُجَرَّد ؛ ، وهذا مِن خصائص الرسول -(- .
…6- إذا كان المَيِّت متصلبًا - بحيث يصعب غسله وتكفينه - مثل أن تكون يده مرتفعة للأعلى : فعلى الغَاسِل أن يقوم بتليين مفاصل المَيِّت بِرِفْقٍ ولِين ؛ حتى تلين . فإن شَقَّ عليه - لقساوة جسم المَيِّت وتصلب جسده - ؛ تَرَكَه ؛ لأنه لا يُؤْمَن أن تنكسر أعضاؤه ؛ فيقع في الإثْمِ .(1/50)
والتليين يكون بِرَدِّ الذراعين إلى العضدين ، والعضدين إلى جنبه ، ثُمَّ يردهما ، ويرد الساق إلى فخذه ، وفخذه إلى بطنه ، ثُمَّ يردهما ويكرر ذلك حتى تلين بإذن الله .
…7- يَحْرُم النظر إلى عورة الميت : لحديث علي أن النبي -(- قال له : " لا تُبْرِز فَخِذَكَ ، و لا تَنْظُرَنَّ إلى فَخِذِ حَيٍّ ولا مَيِّتٍ " ( 103 ) .
…8- يُسْتَحَبُّ الرفق بالمَيِّت ، في تقليبه ، وعرك أعضائه ، وعصر بطنه ، وتليين مفاصله ، وسائر أموره ؛ احترامًا له ؛ فإنه مثل الحي في حُرْمَته ، ولا يُأمن إن عنف به أن ينفصل منه عضو ؛ فيكون مُثْلَة به ؛ فيقع في الإثْمِ ، وقد قال -(- : " كَسْرُ عَظْمِ المَيِّت كَكَسْرِ عَظْم الحي في الإثْم " ( 104 ) ، وقال : " إن الله يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمر كُلِّه " ( 105 ).
…9- يَحْرُم حلق العانة والأخذ منها ؛ لأنه لا يتم الحلق إلا بالنظر إلى العورة ، وهذا مُحَرَّم ، ثُمَّ إنه لم يثبت دليل شرعي في ذلك . أما الأظافر وشعر الإبطين والشارب إذا كانت طويلة طولاً فاحشًا فإنها تُقَصُّ وتُرْمَى ولا تُوضَع في الكفن ؛ لأنها عبارة عن فَضَلات .
…10- إذا كانت الجِنازَة فيها بعض الجروح ومتسخة ، أو قد يكون الجرح ينزف دمًا : فإنه يؤخذ ماء مع بعض المطهرات - مثل ديتول وصابون مبشور - ، وتخلط مع بعضها ، وينظف المكان الذي فيه هذه الأوساخ والدماء جيدًا ، ويغطى الجرح بالضمادات .
…أما إذا استمر الجرح ينزف دمًا : فإنه يُسَدُّ بتراب المسك أو يوضع عليه المجلط - وهو مادة طبية تُوقِف نزيف الدم - ويوضع عليه شىء من القطن واللاصق الطبي ، ويُسَدُّ الجرح ؛ حتى لا يدخل الماء فيه أثناء الغَسْل .(1/51)
…11- إذا كان المَيِّت عليه جبيرة ، أو قدم اصطناعية ، أو به بعض اللصقات والضمادات على جسده أو عدسات لاصقة للعينين : فإن هذه كلها تنزع برفق ولين . ولكن إذا خشي من نزعها إيذاء المَيِّت وجرحه ، أو سقوط عضو ، والمُثلة به : فإنها تُتْرَك على ما هي عليه .
…12- ينبغي ألا يمس الغَاسِل جسد المَيِّت إلا بحائل - مثل القُفَّازين ، أو يلف على يده خِرْقَة - .
…
13- لا يَكُب المَيِّت على وجهه أثناء الغسيل ؛ بل يقلبه على جنبه الأيمن و الأيسر ويغسل ظهره .
…14- عند غَسْل وجه الميِّت يضع الغَاسِل يده اليمنى على فم وأنف المَيِّت ويسدهما بها ؛ حتى لا يدخل الماء في فمه أو أنفه فيحرك ما في جوفه ، أو يضع قُطْنة ويسد الفم والأنف بعد الوضوء ، ثُمَّ ينزعها بعد أن ينتهي من الغَسْل .
???
صفة الغَسْل
…الأصل في هذا : حديث أم عطية - رضي الله عنها - قالت : دخل علينا الرسول -(- ونحن نَغْسِل ابنته ( زينب ) ، فقال : " اغْسِلْنَها ثلاثًا ، أو خمسًا ، ( أو سبعًا ) ، أو أكثر من ذلك ، إن رأيْتُنَّ ذلك " . ( قالت : قلتُ : وِترًا ؟ قال : " نعم " )(106) ، واجعلن في الآخرة كافوراً ، أو شيئاً من كافور ، فإذا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي فلما فرغنا آذناه ؛ فألقى إلينا حِقْوَه فقال : " أشْعِرْنَهَا إياه " ( تعني إزاره ) . ( قالت : ومشطناها ثلاثة قرون ) ( 107 ) ، ( وفي رواية : نَقَضْنَه ثُمَّ غَسَلْنَه ) . ( فَضَفَرْنَا شعرها ثلاثة أثلاث : قَرْنَيْهَا ونَاصِيَتَها ) ، ( وألقيناها خلفها ) ( 108 ) ، ( قالت : وقال لنا : " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " ) ( 109 ) .
…وكذلك حديث الرجل الذي وقصته ناقته في الحج فمات فقال - عليه الصلاة والسلام - : " اغسلوه بماء وسِدْرٍ " ( 110 ) .(1/52)
…وحديث عائشة - رضي الله عنها - لما أرادوا غَسْل النبي -(- قالوا : والله ؛ ما ندري أنُجَرِّد رسول الله -(- من ثيابه كما نُجَرِّد موتانا ؟ ، أم نَغْسِله وعليه ثيابه ؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره ، ثُمَّ كلمهم مُكَلِّمٌ من ناحية البيت - لا يدرون مَن هو - أن اغْسِلُوا النبي -(- وعليه ثيابه . فقاموا إلى رسول الله -(- فَغَسَلُوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم . وكانت عائشة تقول : " لو استقبلتُ مِن أمري ما اسْتَدْبَرتُ ما غَسَّلَهُ إلا نِسَاؤُه "( 111 )
???
طريقة التغسيل
…أولاً : بعد وضع المَيِّت على السرير المُعَد للغُسْل ، وتجريده من ملابسه مع ستر عورته بالساتر - من الركبة إلى السرة - : يبدأ الغَاسِل فيَحْني المَيِّت حَنيًا رفيقًا ، ويُجْلسه نِصْف جِلْسَة أو قريب من الجلوس ثُمَّ يمر بساعد يده اليمنى على بطن المَيِّت ، ويَعْصره عصرًا خفيفًا ، ثلاثاً أو خمساً ؛ لِيُخْرِج ما هو قابل للخروج مِن الفضلات . وليس القصد من هذا العصر إخراج ما في جوفه وإنما إخراج ما هو متهيأ للخروج ؛ لأنه إذا لم يُخرج في البداية فقد يخرج من أثناء الغسل أو التكفين ؛ فيضطر إلى إعادة الغُسْل أو الوضوء .
ودليل ذلك أن أم سليم قالت : قال رسول الله -(- : " إذا توفيت المرأة فأرادوا غسلها ؛ فَلْيُبْدَأ ببطنها ؛ فَلْيُمْسَحْ مسحاً رفيقاً - إن لم تكن حبلى - ، فإن كانت حُبْلىَ فلا يحركها "( 112 ) .(1/53)
…ثانيًا : يلبس الغَاسِل قُفَّازَيْن - إن تيسر ذلك - ، وإنّ لم يتيسر ذلك ؛ لَفَّ على يَده اليسرى خِرْقَة ثُمَّ يُنَجِّي المَيِّت مِن تحت السَّاتِر يحاول بقدر الإمكان أن يَبْسط كفه أثناء تنجية ذَكَر المَيِّت حتى لا يجسم ويعرف حَجْم الذَّكَر ؛ وهذا من باب احترام المَيِّت . أما من ناحية دُبُره : فإنه يحرك يده وأصابعه كيف يشاء وينظف . وأثناء التنجية يصب الماءَ مُعاوِنُه .
…ثالثًا : يغير الغَاسِل قفازيه أو الخرقة التي نَجَّى بها المَيِّت بِقُفَّازَين جديدين - إذا أمكن - ؛ من باب النظافة .
…رابعًا : يُوَضأ المَيِّت وضوءه للصلاة : فيبدأ ويُسَمِّي اللهَ الغَاسِلُ ، ويَغْسِل كفي المَيِّت ثلاثاً ، ثُمَّ يأخذ قُطْنَة صغيرة ويَبُلها بالماء ويمسح بها فَم المَيِّت و أسنانه ولِثته ، ويفعل ذلك ثلاث مرات ويغير القُطْنَة في كل مرة - إذا أمكن - . ثُمَّ يأخذ قُطْنَة جديدة ويَمْسَح ويُنَظِّف بها الأنف من الداخل ثلاث مرات - كالسابق - . وهذه الطريقة نيابة عن المضمضة والاستنشاق ؛ لأنه لو مضمضه بالماء دخل الماء في جوفه وحَرَّك ما فيه ؛ مما يسبب المُثْلَة بالمَيِّت ، وقد يخرج شىء من جَوفه .
ثُمَّ يكمل وضوءه : فَيَغْسِل الوجه ثلاث مرات ، مع سَدِّ الفَم والأنف. ثُمَّ يَغْسل يديه إلى المِرْفَقَيْن ثلاثًا . ثُمَّ يمسح رأسه مع الأذنيين . ثُمَّ يغسل رجليه إلى الكعبين .
ولا يوضىء المَيِّت أكثر من مُغَسِّل واحد ، إلا إذا دعت الحاجة .
…خامسًا : بَعْد ذلك يَشْرَعُ في الغَسْل : وهو عبارة عن ثلاث غَسْلات :
الغَسْلة الأولى : بالماء والسِّدْر . والغَسْلة الثانية : بالماء والسِّدْر كذلك . والغَسْلَة الثالثة : بالماء والكَافُور .(1/54)
بعض المُغَسِّلين يجعل الغَسْلَة الأولى بالماء ، والثانية بالماء والسِّدْر ، والثالثة بالماء و الكَافُور ، وهذا لا بأس به . ولكن الأفضل - وهو السُّنَّة - هي الطريقة الأولى ، وهي أقوى في تنظيف الجِنازَة : كما في حديث أم عطية السابق وحديث : " اغسلوه بماء وسدر " ( 113 ) ، ولم يذكر الماء وَحْدَه فقط ؛ بل جمع بين السِّدْروالماء .
الغسلة الأولى بالماء والسِّدْر :
…والسِّدْر : هو شجر النَّبَق ، وله وَرَق يُؤخَذ ويُيَبَّس ، ثُمَّ يطحن حتى يصبح ناعمًا . وهو عبارة عن مادة منظفة تشبه الصابون والشامبو ، وله خاصية عجيبة في التنظيف ، وقديمًا كان يوجد عندهم الصابون ، لكنه ليس بالصفة التي في عصرنا ، وكان السِّدْر يقوم مقامه ويتم تجهيز السدر مع الماء وفق الأتي :
…1- يجهز الغَاسِل إناء من الماء - حسب الكمية المطلوبة وبعتبار حجم جسم المَيِّت - : فمثلاً الصغير له جالون سعته ستة لترات تقريبًا ، والكبير له إناء سعته ستة عشر لترًا. ويضع فيه من السدر تقريباً فنجان شاي ونصف ، أو كوب من السِّدْر وهذا لكل جِنَازة . أما إذا كانت الجِنازَة سِقْطاً أو طفلاً : فيكفيه نصف هذه الكمية وهذا التقدير ليس بنصٍ شرعي إنما بالخبرة والتجربة والممارسة
وكلما احتاجت الجنازة إلى زيادة في التنظيف زِيدَ في كمية السِّدْر ، ثُمَّ يصب الماء على السِّدْر ، مع تحريكهما ؛ حتى يختلطا وتظهر رغوة السِّدْر - وهي تشبه رغوة الصابون - .
…2- يأخذ الغَاسِل رغوة السِّدْر ، ويُغْسَلُ بها رأس المَيِّت ووجهه وإبطيه .
…3- ثُمَّ يغسل بالماء المخلوط بالسِّدْر رأس المَيِّت كله ، ثلاث مرات .(1/55)
…4- ثُمَّ بعد ذلك يغسل ميامن المَيِّت ؛ فيغسل اليد اليمنى - مِن المنكب إلى الكف - ، وصفحة عنقه اليمنى ، وشق صدره وجنبه وفخذه وساقه الأيمن ، يغسل الظاهر من ذلك ، ويكون المَيِّت مستلقياً على ظهره ، ويصب الماء من فوق الساتر ومن تحته ؛ بحيث لا يكشف العورة ، و يصنع مثل ذلك بالجانب الأيسر.
…5- ثُمَّ يَقْلِبُ المَيِّت على جنبه الأيسر ؛ حتى يغسل جانبه الأيمن من ظهره ، ولا يكبه على وجهه . فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخذه وساقه ، ثُمَّ يرجعه كما هو مستلقياً على ظهره . ويغسل كذلك شقه الأيسر كالشق الأيمن تماماً .
…6- ثُمَّ يعمم على جسده الماء ، من رأسه إلى رجليه ، وهو مستلقٍ على ظهرهِ، ولا يكبه على وجهه .
…وهذا الغسل يشبه الغسل من الجنابة للحي . وهناك صفة أخرى وهي أن يقلب الميت عل شقه الأيسر ويغسل شقه الأيمن من جهة البطن والصدر ،ومن جهة ظهره كذلك ، ثم يقلبه على شقه الأيمن ويغسل شقه الأيسرمن جهة البطن والصدر ومن خلفه ثم يرده مستلقياً على ظهره ويعمم عليه الماء كاملاً لحديث أم عطية وقال لنا : (" ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " ) ( 114 )
الغسلة الثانية بالماء والسِّدْر :
…يفعل فيها كما فعل في الغسلة الأولى ، ولكن لا يعيد وضوءه ؛ فالوضوء في الغسلة الأولى فقط : فيغسل الرأس ، ثُمَّ الشق الأيمن ، ثُمَّ الشق الأيسر ، ثُمَّ الشق الأيمن من الظهر ثم الأيسر ، ثُمَّ يعمم الماء على جسده .
الغسلة الثالثة بالماء والكَافُور : …
والكَافُور : مادة تتميز بعدة مميزات ؛ منها : أنه طيب ومبرد للجسم والعروق ، مانع للنزيف ، ومبعد للهوام والحشرات بإذن الله؛ بسبب رائحته القوية التي تقتلها لوجود السم فيها .(1/56)
ويكفي الجِنازَة متوسطة الحجم ثمانية مكعبات ، أما إذا كانت طفلاً أو سِقْطًا : فالنصف . ويدق هذا الكَافُور ، أو يفت باليد ، ويوضع في إناءٍ سعته ستة عشر لترًا تقريبًا للجِنَازَة متوسطة الحجم ، ويُزاد ويُنْقَصُ في حجم الإناء بحسب الحاجة ، وبحسب جسم المَيِّت . ويخلط الكَافُور بالماء ، بعد ذلك يغسل الرأس ثلاثاً ، ثُمَّ الشق الأيمن ثم الأيسر ، من أمامه ومن خلفه ، ثُمَّ يعمم الماء على جسده كما في الغسلتين السابقتين ، ولا يعيد الوضوء ولا يدلك الجسم ؛ لأن الكَافُور طيب وليس منظفًا وهذه الغسلة تُزيل ما علق بالجنازة من السدر وتنقيها وتُطيب الجنازة حيث تبقى حُبيبات الكافور على جسم الميت.
… أما إذا رأى الغَاسِل أن الجِنازَة لم تنظف : فإنه يزيد على هذه الغسلات الثلاث إلى خمس غسلات ؛ لتصبح الغسلة الرابعة بالماء والسِّدْر ، والخامسة بالماء والكَافُور . فإن لم تنظف : يزيدها إلى سبع غسلات ، لتكون الغسلة السادسة بالماء والسِّدْر ، والسابعة بالماء والكَافُور .
وهذا يرجع كله إلى اجتهاد المُغَسِّل وإلى حاجة جسد الميت.
ويدل على ذلك حديث أم عطية : " اغسلنها ثلاثًا أو سبعا أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن ذلك " . قالت : قلت : وترًا ؟ قال : " نعم ؛ واجعلن في الآخرة كافورًا "( 115 ) .
وجميع الغسلات بالماء والسِّدْر ، وآخر غسلة بالماء والكَافُور - كما في الحديث - .
…سادسًا : تنشيف الجِنازَة : يتم من خلال خرقة ، توضع عليها ، ويُنشف بها كامل الجسد ؛ حتى لا يُبل الكفن : كما في حديث أم سليم : " فإذا فرغتن منها فألقى عليها ثوبًا نظيفًا " ( 116 ). وذكر القاضي في حديث أبي العباس في غسل النبي -(- : " فجففوه بثوب " .(1/57)
…سابعًا : بعد ذلك يغير الغَاسِل السترة التي على الجِنازَة - لأنها قد تبللت وظهر عليها أثر السدر والكافور - بسترة جديدة . وطريقة ذلك : أن يضع السترة الجديدة ويفرشها فوق السترة القديمة التي تغطي عورة الميت ، ثُمَّ يسحب السترة القديمة من تحت السترة الجديدة برفق ؛ بحيث لا تنكشف عورة الميت .
…ثامنًا : يُنْقَل المَيِّت بالحامل الطبي إلى مكان التكفين لتبدأ بعد ذلك المرحلة التي بعدها وهي تكفين الميت وسيأتي بسط الكلام عنها قريباً .
???
غَسْلُ المرأة
…المرأة تُغَسَّل بنفس الطريقة التي يغسل فيها الرجل والتي سبق ذكرها ، غير أنها تزيد عن الرجل - بعد إتمام غسلها - بنقض شعرها وجعله ثلاث ضفائر : الأولى : من ناصيتها ، والثانية والثالثة : من قرنيها ( أي من جنبي رأسها الأيمن والأيسر ) ، ثُمَّ تُرْمَى وراء ظهرها .
ودليل ذلك : حديث أم عطية : " فَضَفَرْنَا شعرها ثلاثة أثلاث : قَرْنَيْهَا ونَاصِيَتَها ، وألقيناها خلفها " ( 117 ) .
???
…
مسائل تتعلق بهذا الباب
المسألة الأولى :
يَحْرُم أن يُغَسِّلَ الرجلُ المرأةَ وكذا المرأةُ الرجلَ إلا في الحالات التالية :
…أ ) الزوجان : فلهما أن يُغَسِّلَ أحدهما الآخر لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - (- : " ما ضَرُّكِ لو مِتِّ قَبْلِي فقمتُ عَلَيْكِ فَغَسَّلْتُكِ وكَفَّنتُكِ ، وصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنتُكِ " ( 118 ) . وكذلك قول عائشة رضي الله عنها : " لو استقبلتُ من الأمر ما استدبرتُ ما غَسَّل رسول الله - (- إلا نساؤه " ( 119 ) . وورد أن عليًا ( غَسِّلَ فاطمة زوجته ، وأوصى أبو بكر( أن تُغَسِّله زوجته أسماء ، وكذلك ماثبت عن بعض السلف كجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود ، وغيرهم .
…ب ) المرأة المطلقة طلاقًا رجعيًا تعتبر زوجة مادامت في العِدَّة : فيجوز لها أن تغسل زوجها والعكس ، أما المطلقة البائن فليس لها ذلك .(1/58)
…ج ) إذا كانت الجِنازَة لأطفال بحيث تقل أعمارهم عن سبع سنوات : فيجوز للنساء غَسْلُ الذكور منهم ، كما يجوز للرجال غَسْلُ الإناث منهنَّ .
تنبيه:
…1- مادون سبع سنين ليس له عورة ؛ فيجوز النظر إليها ، ولمسها دون حائل متى دعت الحاجة .
…2- قد تكون الطفلة عمرها أقل من سبع ولكن جسمها كبير ، وتظهر عليها بعض المفاتن : فالأفضل أن يُغَسِلْها النساء ، والعكس بالنسبة للطفل ؛ بُعْداً عن دواعي الفتنة .
…د ) لو ماتت امرأة وسط رجال ولا يوجد نساء معهم ، وكان بين الرجال مَحْرَمٌ لها : يُيَمِّمُها . والعكس : لو مات رجل بين نساء .
…المسألة الثانية :
المرأة الحامل إذا أسقطت : فما حكم هذا السِّقْط ؟
…أ ) إذا كان عمره أربعة أشهر فأكثر : فإنه يُغَسِّلُ ويُكَفَّنُ ويصلى عليه ويدفن ، ومن السُّنَّة أن يُسَمَّى ويُعَقّ عنه : قال - عليه الصلاة والسلام - : " . . . السِّقْط يصلى عليه ، ويُدْعَى لِوَالِدَيه بالمغفرة والرحمة " ( 120 ) .
إذا اشتبه : هل هو طفل أوطفلة : فيُسَمَّى اسمًا يصلح للذكر والأنثى ؛ مثل : هبة الله أو عطية الله .
…ب ) أما إذا كان عمره أقل من أربعة أشهر : فلا يغسل ولا يكفن ؛ وإنما يلف في خِرْقَة بيضاء ، ويدفن في المقبرة أوفي أي مكان بعيد ؛ لأنه لم تنفخ فيه الروح ؛ فيعامل كأي عضو من أعضاء الجسد .
…المسألة الثالثة :
إذا ماتت امرأة حامل : فيَحْرُم بقر بطنها وإخراج الطفل ؛ لأن الطفل
في الغالب يموت بعد أمه بساعة أو ساعتين : فتغسل كما هي .
أما إذا قرر الأطباء الثقات أن الطفل باقٍ حي : فيجوز إتلاف جزء من المَيِّت لإنقاذ الحي وإخراجه ، وإن تيسر أن يخرجه من مخرجه - القبل - بالطلق الصناعي : فهذا أفضل للمَيِّتَة ؛ من باب الرفق والشفقة عليها . وكل ذلك يعود إلى ما يقرره الأطباء .
…المسألة الرابعة :(1/59)
الكافر والمرتد وتارك الصلاة بالكلية : لا يغسل ولايكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ، إلا إذا لم يوجد مَن يدفنه ؛ فإنه يُوارَى في التراب في مكان بعيد ، ولأنه -(- لما مات عمه أبو طالب أمر عليًا ( أن يُوارِيه( 121 ) .
…المسألة الخامسة :
المقتول قِصَاصًا أو حَدًّا - مثل : الزاني المحصن - ، أو المقتول ظلمًا ، أو قاتل نفسه : يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ؛ لأنه مرتكب لكبيرة لا تخرجه من الإسلام .
…المسألة السادسة :
المُحْرِم بحج أو عمرة إذا مات : يغسل بماء وسدر فقط ، ولا يطيب
ولا يحنط ولا يغطى رأسه ، ويكفن في ثيابه : لحديث : " اغسلوه بماء وسِدْر . . . " ( 122 ) .
…المسألة السابعة :
إذا أحب أهل المَيِّت رؤيته والسلام عليه : فلا بأس ، والأفضل أن يروه بعد تغسيله وتكفينه وتطيبه؛ لأنه يكون في أحسن حاله ؛ لاسيما الجنائز التي يكون سبب وفاتها حادث سيارة أو غير ذلك ، تأتي الجِنازَة وعليها شيء من التراب والدم وأحياناً بها جروح تنزف ، فلو رآه أهله على هذه الحالة ؛ فإنه يؤثر فيهم ويحزنهم أكثر ، ولكن بعد تكفينه - وقبل ربط الأربطة - يجعل الكفن من جهة الرأس مكشوفًا ويسمح لأهله بالسلام عليه وتقبيله . وقد ورد أن أبا بكر قَبَّل الرسول -(- بعد وفاته بين عينيه ( 123 ) .
المسألة الثامنة :
الواجب الذي يجزىء في غَسْلِه هو مرة واحدة : لحديث : " اغسلوه بماء وسِدْر " ( 124 ) ، ولكن السُّنَّة ثلاث غسلات : لحديث أم عطية : " اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن ذلك " ( 125 ).
…المسألة التاسعة :
ما يخرج من جوف المَيِّت أثناء الغسل وبعده : فلا يخلو من أربعة أحوال :(1/60)
الحالة الأولى : إذا خرج أثناء الغسل شيء من السبيلين : فإنه يغسل المكان ، ويوضئه ، ويزيد إلى خمس غسلات ، فإذا خرجت نجاسة بعد ذلك : وضأه ثم غسله إلى سبع ، ويَسُدُّ المكان بقطنة وتراب المسك الأبيض ، وكانوا قديمًا يضعون الطين الحر ، والأفضل تراب المسك .
…الحالة الثانية : أن تخرج ما في جوفه بعد تغسيله : فَيُكْتَفَي بتوضئته ، ولا يعاد غسله ؛ دفعًا للمشقة ، ولأنه لا يأمن أن يخرج منه شيء مرة أخرى .
…الحالة الثالثة : أن يخرج ما في جوفه بعد تكفينه : فإذا كان الخارج قليلاً : لا يعاد وضوؤه ولا تغسيله ؛ إنما يغسل المكان المتسخ في الكفن . وإذا كان الخارج كثيرًا فاحشًا : فإنه يعاد تغسيله .
…الحالة الرابعة : أما إذا كان الخارج من غير السبيلين كدمٍ أو قيحٍ أو -أي شيء- : فلا يوضأ ولا يعاد تغسيله ؛ وإنما يُغْسَلُ المكان وينظفه فقط ، وهذا إذا كان الخارج قليلاً ، أما إذا كان كثيراً : فيعاد الغسل والوضوء من جديد .
…المسألة العاشرة :
الشهيد - أيْ شَهيد المعركة - : لا يُغَسَّلُ ولا يكفنُ ولا يصلى عليه ، ويدفن بثيابه- بعد نزع الأسلحة والجلود - : لحديث: " لا تغسلوهم ؛ فإن كل جُرْح - أو كُل دَم - يَفُوح مِسْكًا يوم القيامة " ، ولم يُصَلِّ عليهم . ( 126 ) . وقال - عليه الصلاة والسلام -: " ادفنوهم في دمائهم " ( 127 ) ، " ما مِن مَكلوم يُكْلَم في سبيل الله إلا جاء يومَ القيامة ، وكَلْمُه يَدْمَى ، اللون لون دَمٍ ، والرِّيح ريح مِسْكٍ " ( 128 ).
…أما إذا أصيب في المعركة ، ثُمَّ بقي وقتًا طويلاً - كيوم أو يومين - يُطَبْب ، ثُمَّ مات : فإنه يُغَسَّل ويصلى عليه ؛ لأن الرسول -(- غَسَّل سعد بن معاذ وصلى عليه ، وكان شهيدًا - رماه ابن العَرِقَة يوم الخندق بسهم ؛ فقطع أكْحَله ( عرق في يده ) - ؛ فَحُمِلَ إلى المسجد ، فلبث أيامًا حتى حكم في بني قريظة ، ثُمَّ انتفخ جرحه ؛ فمات( 129 ) .
…المسألة الحادية عشرة:(1/61)
لو أن إنسانًا بُتِرَ منه عضو - كيدٍ أو رجلٍ أو غير ذلك - : فإن هذا العضو لا يغسل ولا يصلى عليه ؛ وإنما يلف في خِرْقَة بيضاء ، ويُدْفَن في المقبرة ، أو في أي مكان بعيد .
…لو وُجِدَ بعض ميت - كما لو مات إنسانٌ ولم يبقَ من جسمه شىء إلا يده - : فتغسل وتُكَفن ويصلى عليها .
…لو تقطع كليًا وأصبح كومة لحم : يسقط الغسل والتيمم ، ويجمع ويكفن ؛ لأنه لو غسل بالماء قد يفسد اللحم ويتناثر . و هذا يرجع إلى اجتهاد المُغَسِّل وخبرته في مثل هذه الحالات .
…المسألة الثانية عشرة :
تُيَمَّم الجِنازَة في الحالات التالية :
…أ ) إذا عُدِمَ الماء .
…ب ) إذا كانت الجِنازَة متقطعة - متهتكة أو محترقة - ، بحيث لو غُسِّلَتْ بالماء لانسلخ الجلد واللحم ، أو سقط عضو من أعضائه أو لحمه ، كما في بعض حوادث السيارات الشديدة .
…ج ) إذا مات رجل بين نساء ولا يوجد رجل يغسله ، والعكس : إذا ماتت امرأة بين رجال .
…د ) لو كان عضو أو جزء متقطع أو محترق ويصعب غسله : تغسل الجِنازَة ويُيَمَّم عن هذا الجزء .
كيف يُيَمَّم المَيِّت ؟
يجهز المُغَسِّل التراب ، ويضعه في إناء مناسب ، ثُمَّ يأخذ المُغَسِّل يدي الجِنازَة ، ويضرب بباطن الكفين بالتراب ، ثُمَّ يمسح بيدي المَيِّت الوجه وظاهر كَفَّي المَيِّت .
فإن لم يستطع الغَاسِل رفع يدي المَيِّت - لتصلبهما أو غير ذلك - : فإنه يضرب بيدي نفسه التراب ، ثُمَّ يمسح بهما باطن كَفَّي المَيِّت ، ثُمّ وجهه وظاهر كفيه .
…المسألة الثالثة عشرة :
يكره رفع الصوت والجدال عند التغسيل .
…المسألة الرابعة عشرة :
لو قطع من المَيِّت عضو - مثل : الرأس أو الرجل - : فإنه يوضع
العضو مكانه الأصلي ، الرأس مكان الرأس ، واليد مكان اليد وتغسل الجِنازَة كالعادة ، فإذا وصل إلى العضو غسله وأرجعه مكانه . وإن سقط من المَيِّت شىء أثناء غسله : فيُعاد إلى مكانه .
…المسألة الخامسة عشرة :(1/62)
يكره أن يأخذ المُغَسِّل أُجْرَة على التغسيل والدفن ، إلا إذا كان محتاجاً ؛ فَيُعْطَى من بيت مال المسلمين . وجَوَّزَ بعض العلماء أخد الأُجْرَة للحاجة.
…المسألة السادسة عشرة :
يكره النظر إلى المَيِّت - لغير حاجة - فيما دون العورة ، أما النظر إلى العورة فمُحَرَّم حتى على المُغَسِّل ؛ لأن المَيِّت أصبح كله عورة ؛ ولذلك يُشْرَع تسجيته عند موته ، وبعد غسله يكفن ، ويُسْتَر عن أعين الناس .
… المسألة السابعة عشرة :
لا يوضع على المَيِّت أو على الكفن لا المصحف ولا غيره ؛ لأن ذلك من البِدَع .
المسألة الثامنة عشرة :
إذا لم يوجد سِدْرٌ : يُغَسِّلُ المَيِّت بما يقوم مقامه ، مثل : الأشنان أو الصابون وغير ذلك من أدوات النظافة الخاصة بنظافة جسم الإنسان.
وكذا الكَافور إذا لم يوجد : عُوِّضَ عنه بما يقوم مقامه ، مثل : ماء الورد وغيره .
…المسألة التاسعة عشرة :
إذا لم يوجد السِّدْر أو الكَافُور أو ما يقوم مقامهما - مثل الصابون وماء الورد - : يغسل المَيِّت بالماء فقط ، ويجزىء ذلك .
…المسألة العشرون :
يَحْرُم قطع شىء من أطراف المَيِّت أو أعضائه ، مثل : الكلى والكبد
واليد وغيرها ، حتى لو أوصى المَيِّت بذلك ، - على الراجح من أقوال أهل العلم - ، ولحديث : " كسر عظم المَيِّت ككسر عظم الحي في الإثْم " ( 130 ) .
???
مُختارات من فتاوى العلماء
حُكْم من مات وهو تارك للصلاة
…س : هناك أناس لا يصلون الفرائض الخمس إطلاقًا ، إلا صلاة الجمعة : فما حكم المَيِّت منهم ؟ وهل يجب على المسلمين دفنهم والصلاة عليهم ؟(1/63)
…ج : إذا كان الواقع كما ذُكِرَ : فإن تاركها جاحدًا لوجوبها كافر بإجماع المسلمين ، أما إن تركها كسلاً مع اعتقاد وجوبها : فهو كافر - على الصحيح من قَوْلَي العلماء - ؛ للأدلة الثابتة الدالة على ذلك . وعلى هذا القول الصحيح : لا يُغَسَّل ، ولا يُصَلِّي عليه المسلمون صلاة الجِنازَة ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ؛ بل يدفن في محل خاص بعيدًا عن مقابر المسلمين .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 131 )
ما يُفْعَل بالأعضاء المقطوعة من الإنسان
…س : إذا وقع على الرَّجُل حَادِث فقُطِعَت يده ورجله ، ولم يمت : فماذا يُفْعَل بذلك العضو الذي انقطع منه : هل نُغَسِّلها ونُصَلِّي عليها وندفنها ؟ أم ماذا علينا ؟ هذا فيما حصل وهو على قيد الحياة ، أما إذا وجدنا أحد أعضاء الإنسان متبقية بعد أن أكلته الحيوانات المفترسة ، ولم نعرف أكان صاحبها مسلمًا أم لا : فماذا علينا في هذه الحالة ؟ أو علمنا أن صاحبها كان مسلمًا : ماذا علينا في الحالتين ؟ فأرجو من سماحتكم حُسْن التوضيح .
…ج : العضو المقطوع من الحي بأي سبب - سواء كان بحادث ، أو بِحَدٍّ وغيرهما - : لا يُغَسَّل ولا يصلى عليه ؛ ولكن يُلَفُّ في خِرْقَة ، ويُدْفَن في المقبرة ، أو في أرض طيبة بعيدة عن الامتهان - إذا كان واجِدُه ليس بِقُرْبِه مقبرة - .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 132 )
المطلقة طلاقًا رجعيًا يغسلها زوجها
…س : المتوفاة المطلقة هل يغسلها زوجها ؟
…ج : إذا كانت رجعية فلا بأس ، يعني طلقة واحدة أو اثنتين ( 133 )
***
الأشياء التي يُغَسَّل بها الميت
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ : ع . غ . وفقه الله ، آمين .
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :(1/64)
فقد وصلني كتابُكم الكريم ، بدون تاريخ ، وصلكم الله بهداه ، وهو مُرْفَقٌ بهذا ، وما تضمنه - من السؤال عن الغَسْلة التي تبدأون بها غَسْل المَيِّت : بالصابون والشامبو ، إذا كان به أوساخ متراكمة - كان معلومًا ، ولا أذكر أن أحدًا فاتحني في ذلك ، والذي أرى أن تعملوا بما تضمنه حديث أم عطية ؛ فتَغْسِلُوا المَيِّت بالماء والسِّدْر في جميع الغسلات ، وتبدأوا بميامنه ومواضع الوضوء منه ، مع العناية بإزالة الأوساخ المتراكمة وغيرها في جميع الغسلات حتى ينقى ، ولو زاد على سبع ؛ للحديث المذكور . ولا حاجة إلى الصابون والشامبو وغيرهما ، إلا إذا لم يكف السِّدْر في إزالة الأوساخ : فلا بأس باستعمال الصابون والشامبو والأشنان وغيرها من الأنواع المُزيلة للأوساخ ، بدءًا مِن الغَسْلَة الأولى ، ويُجْعَل في الغسلة الأخيرة شىء من الكَافُور ؛ للحديث المذكور . هذا هو السُّنَّة - فيما أعلم - من الأحاديث الصحيحة ؛ لحديث أم عطية وما جاء في معناه .
وأسأل الله أن يبارك في جهودكم ويمنحكم التوفيق والإخلاص والسداد ، إنه خير مسؤول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد( 134 )
حُكْم الأخذ من شارب وإبط وأظفار وعانة الميت
…س : هل يجوز أخذ شارب وإبط وأظفار المَيِّت وعانته ؟
…ج : يُسْتَحَبُّ قص شاربه وقلم أظفاره ، وأما حلق العانة ونتف الإبط : فلا أعلم ما يدل على شرعيته ، والأوْلَى ترك ذلك ؛ لأنه شىء خفي وليس بارزًا كالظفر والشارب .
س : هل يُتَعَرَّض للميت بقص شاربه أو أظفاره ؟
…ج : ليس على ذلك دليل ، ولو أخذ شىء من ذلك فلا بأس ، ونص بعض العلماء على الأظافر والشارب . أما حلق العانة والختان فلا يشرع فعلهما في حق المَيِّت ؛ لعدم الدليل على ذلك . ( 135 )
***
حكم تصوير غسل المَيِّت للتذكير أو للتعليم(1/65)
…س : ما حكم تصوير تغسيل المَيِّت على شريط فيديو ، ثُمَّ بيعه بِحُجَّة أنه من باب التذكير بالموت ؟
ج : إن كان المقصود تصوير المَيِّت حين التغسيل : فذلك لا يجوز ؛
…لأن النبي -(- نهى عن تصوير ذوات الأرواح ، ولَعَنَ المُصَوِّرين ، وقال : " إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المُصَوِّرون " .
أما إن كان مراد السائل بيان صفة تغسيل المَيِّت كما شرع الله - عَزَّ وَجَلَّ - ، في شريط يوزع أو يباع : فلا بأس ، كما يسجل تعليم الناس الصلاة وغيرها مما يحتاجه الناس ، من غير تصوير .
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح .
…س : ما حكم تعليم التغسيل والتكفين عن طريق الفيديو ؟
…ج : التعليم يكون بغير الفيديو ؛ لما في الأحاديث الكثيرة الصحيحة من النهي عن التصوير ولَعْن المُصَوِّرين . ( 136 )
كيفية تغسيل مَن مات في حادث وقد تشوه جسده
…س : الأخ ع . ع . س . من الرياض ، يقول في سؤاله : كيف يتم تغسيل الإنسان الذي يموت في حادث ويتشوه جسمه ، وربما تقطع بعض أجزائه ؟ نسأل الله السلامة والعافية .
…ج : يجب تغسيله ، كما يغسل غيره ، إذا أمكن ذلك . فإن لم يمكن فإنه يُيَمَّم ؛ لأن التيمم يقوم مقام التغسيل بالماء عند العجز عن ذلك . والله ولي التوفيق . ( 137 )
***
حكم جعل كيس بلاستيك على مَن به جروح
…س : يجعل بعض المُغَسِّلين على المَيِّت في حوادث السيارات كيسًا من البلاستيك حتى لا يخرج الدم على الأكفان ؟
ج : لا بأس أن يجعل على الجرح ما يمسكه . ( 138 )
***
حكم شراء الجثث لغرض التشريح
…س : بعض كليات الطب تشتري جثثًا من جنوب شرقي آسيا بِغَرَض التشريح : فما الحكم ؟
…ج : إذا كانت الجثث من كفار لا أمان لهم : فلا حَرَجَ ، أما غيرهم : فلا يجوز التعرض لهم . ( 139 )
***
حكم نقل الأعضاء بعد وفاة المَيِّت دِمَاغيًا
…س : ما حكم نقل الأعضاء بعد وفاة المَيِّت دماغيًا - كما يقولون - ؟(1/66)
…ج : المُسْلِم مُحْتَرَم حَيًّا ومَيِّتًا ، والواجب عدم التعرض له بما يؤذيه أو يشوه خِلْقته - ككسر عظمه وتقطيعه - ، وقد جاء في الحديث : " كسر عظم المَيِّت ككسره حيًّا " ، ويستدل به على : عدم جواز التمثيل به لمصلحة الأحياء ، مثل أن يؤخذ قلبه أو كِلْيَته أو غير ذلك ؛ لأن ذلك أبلغ من كسر عظمه .
…وقد وقع الخلاف بين العلماء في جواز التبرع بالأعضاء ، وقال بعضهم : أن في ذلك مصلحة للأحياء ؛ لكثرة أمراض الكلى . وهذا فيه نظر ؛ والأقرب عندي : أنه لا يجوز ؛ للحديث المذكور ، ولأن في ذلك تلاعبًا بأعضاء المَيِّت وامتهانًا له ، والوَرَثَة قد يطمعون في المال ، ولا يُبَالُون بحرمة المَيِّت ، والوَرَثَة لا يَرِثُونَ جِسْمُه ، وإنما يَرِثُون ماله فقط . والله ولي التوفيق . ( 140 )
لا يجوز تنفيذ وَصِيَّة المُتَوَفَّى بالتبرع بأعضائه
…س : إذا أوصى المُتَوَفَّى بالتبرع بأعضائه : هل تنفذ الوَصِيَّة ؟
…ج : الأرجح أنه لا يجوز تنفيذها ؛ لما تقدم في جواب السؤال المُتَقَدِّم ، ولو أوصى ؛ لأن جسمه ليس مِلْكًا له . ( 141 )
شَق بطن المَيِّتَة لإخراج الحَمْل الحَي
س : هل يجوز شَقُّ بطن المَيِّتَة لإخراج الحَمْل الحي ؟
ج : يجوز للمصلحة ، وعدم المفسدة ، وذلك لا يُعَد مُثْلَة . ولقد سُئِلْتُ عن امرأة ماتت وفي بطنها ولد حي : هل يُشَقُّ بطنها ويُخْرَج ، أم لا ؟
فأجبتُ : قد عُلِمَ ما قاله الأصحاب - رحمهم الله - ؛ وهو أنهم قالوا : " فإن ماتت حامل وفي بطنها ولد حي : حُرِمَ شَقُّ بطنها ، وأخرجه النساء بالمعالجات ، وإدخال اليد على الجنين ممن ترجى حياته ، فإن تعذر ؛ لم تدفن حتى يموت ما في بطنها . وإن خرج بعضة حيًا : شُقَّ للباقي " . فهذا كلام الفقهاء ؛ بناء على أن ذلك مُثْلَةً بالمَيِّتَة .(1/67)
والأصل : تحريم التمثيل بالمَيِّت ، إلا إذا عارض ذلك مصلحة قوية مُتَحَقِّقَة ؛ يعني : إذا خرج بعضه حياً : فإنه يُشَقُّ للباقي ؛ لِمَا فيه من مصلحة المولود ، ولِمَا يترتب على عدم الشَّقِّ في هذه الحالة مِن مفسدة موته ، والحي يُراعَى أكثر مِمّا يُرَاعَى المَيِّت .
لكن في هذه الأوقات الأخيرة حين تَرَقَّى فن الجِرَاحة ؛ صار شَقُّ البطن - أو شىء من البدن - لا يُعَدُّ مُثْلَة ؛ فيفعلونه بالأحياء برضاهم ورغبتهم بالمعالجات المتنوعة ، فيغلب على الظن أن الفقهاء لو شاهدوا هذه الحال ؛ لَحَكَمُوا بجواز شَقِّ بطن الحامل بمولود حي وإخراجه ، وخصوصاً إذا انتهى الحَمْل ، وعُلِمَ - أو غَلَبَ على الظَّنِّ - سلامة المولود ، وتَعليلهم بالمُثْلَة يَدُلُّ على هذا .
ومما يدل على جواز شَقِّ البطن وإخراج الجنين الحي : أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد قُدِّم أعْلَى المَصْلَحَتَيْن ، وارْتُكِبَ أهون المَفْسَدَتَيْن ؛ وذلك أن سلامة البطن مِن الشَّقِّ مَصْلَحَة ، وسلامة الولد ووجوده حياً مصلحه أكبر . وأيضاً فَشَقُّ البطن مَفْسَدَة ، وتَرْك المولود الحي يَخْتَنِق في بطنها حتى يموت مفسدة أكبر ، فصار الشَّقُّ أهون المفسدتين .
ثُمَّ نعود فنقول : الشق في هذه الأوقات صار لا يَعْتَبِره الناسُ مُثْلَة ولا مَفْسَدَة ؛ فلم يبقَ شىء يُعارِضُ إخراجُه بالكُليَّة ، والله اعلم ( 142 ).
***
أصاب الكفنَ ماءٌ نَجِس
س : سُئِلَ سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : إذا أصاب الكفنَ مَاءٌ نَجِسٌ : فماذا يكون العمل ؟
ج : إذا أصاب الكفنَ ماءٌ نَجِسٌ : لَزَمَ غَسْلُه وتطهيره وتجفيفه ، أو يُبَدَّل بِكَفَنٍ غيره ، ولا تَصِحُّ الصلاة على المَيِّت مع هذه النجاسة المذكورة ، والله أعلم ( 143 ).
***
وضع يد المَيِّت اليمنى على اليُسْرَى بعد تغسيله(1/68)
س25 : عند غَسْل المَيِّت : بعض المغسلين إذا كَفَّن المَيِّت يَضُمُّ يده اليمنى على اليُسْرَى - كالمصلي - : هل هذا العمل مشروع ؟
ج25 : ليس هذا العمل مشروعًا ؛ وإنما تُجْعَل يَد المَيِّت إلى جَنْبِه ( 144 ).
***
تقبيل المَيِّت بعد تغسيله
س : عند وفاة زوجي حضرتُ لتكفينه ، وبعد أن غُسِّل وكُفِّن ، رَفَعتُ عنه الكفن ؛ لأستودع وجهه الطاهر . فقال لي بعض أقاربي : أنه لا يجوز لك أن تفتحي الكفن ونحن قد غسلناه وكفناه ، وحيث أنه ينقض وضوءه ، فهل علي إثْمٌ في ذلك ؟ وإذا كان الأمر كذلك ، فماذا أفعل الآن ؟ أفيدوني أثابكم الله ؟
ج : لا شي عليك في تقبيل وجه زوجك بعد تغسيله وتكفينه . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 145 ) .
***
???
التَّكْفِين
…الأصل فيه الأحاديث التالية :
أ ) عن عائشة قالت : " كُفِّنَ الرسول -(- في ثلاثة أثواب بيض سُحُوليَّة جُدُد ، ليس فيها قميص ولا عمامة " ( 146 ) . و " السُّحُولية " : نسبة إلى سُحُول - قرية في اليمن - .
…ب ) " بينما رجل واقف مع الرسول -(- بِعَرَفة ، إذ وقع مِن راحلته فوقصته ؛ فقال النبي -(- : "اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثَوْبَيْه ، ولا تُحَنِّطوه ، ولا تُطَيِّبوه ، ولا تخمروا رأسه ولا وجهه ؛ فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة مُلَبِيًا " ( 147 ) .
???
ما يُسْتَحَب في الكَفَن
…1- أن يكون عدد أكفان الرجل ثلاث لفائف : لِمَا رواه الجماعة عن عائشة قالت : " كُفِّن الرسول -(- في ثلاثة أثواب ... " ( 148 ) .(1/69)
…والمرأة تُكَفَّن في خمسة أثواب ( إزار وقميص وخمار ولفافتين ) : لِمَا روى الإمام أحمد وأبو داود ، عن ليلى قالت : " كنتُ فيمن غَسَّل أم كلثوم - بنت الرسول -(- ، فكان أول ما أعطانا رسول الله -(- الحِقَاء ، ثم الدِّرْع ، ثم الخِمَار ، ثم المِلْحَفَة ، ثم أُدْرِجَت بَعْد في الثوب الاخَر ) ( 149 ) ، وقد ضعفه بعض العلماء ، ولكن هذا يَسْتَحِبُّه كثير من السلف والعلماء ، وهو المَعْمول به .
…2- أن يكون حسنًا نظيفًا ساترًا للبدن : لِمَا رواه أبو داود والنسائي ، عن أبي قتادة أن الرسول -(- قال : " إذا وَلِيَ أحدكم أخاه فَلْيُحْسِن كَفَنَه " ( 150 ) .
…3- أن يكون أبيضَ : قال النبي -(- : " الْبَسوا من ثيابكم البَيَاض ؛ فإنها مِن خير ثيابكم ، وكَفِّنُوا فيها موتاكم ... " ( 151 ) .
…4- أن يُجَمَّر ويُبَخَّر ويُطَيَّب : لِمَا رواه جابر أن النبي -(- قال : " إذا أجْمَرْتُم المَيِّت فأجْمِرُوه ثلاثًا " ( 152 ) . وأوصى ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - أن تُجَمَّر أكفانهم بالعُود .
…5- ألا يتغالى فيه : لِمَا روى أبو داود عَن الرسول -(- : " لا تَغَالَوا في الكَفَن ؛ فإنه يُسْلَبُه سَلْبًا سَرِيعًا " ( 153 ) ، ولقول أبي بكر ( : " كفنوني في ثَوْبَي هَذَيْن ؛ فإن الحي أحوج إلى الجديد من المَيِّت " رواه - بنحوه - مالك في " المُوَطأ ". وهذا لا ينافي تحسينه ؛ فإن تحسينه - بنظافته وبياضه وكثافته - لا كونه ثمينًا .
…6- وضع الحَنُوط ؛ - وهو : أخلاط من الطيب ، مثل : تراب المسك الأبيض ، وتراب المسك الأسود ، والصندل ، والكَافُور وغيرها ، تُنثَر على الكَفَن - : لحديث الرجل الذي وقصته ناقته قال : " لا تطيبوه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ... " ( 154 ) فدل أن غير المُحْرِم يُحَنَّط .
…7- أن يَجْعَل أحسن وأنظف اللفائف أعلاها ؛ ليظهر للناس بمنظر حسن - كعادة الحي - .
???
صِفَة التَّكْفِين(1/70)
…1- يُؤخَذ قياس الكَفَن للمَيِّت ، وذلك على النحو التالي :
…أ ) الطُّول : يؤخذ طول المَيِّت من رأسه إلى رؤوس أصابع قدميه ، بالمتر العادي ، ثم يُزَاد على هذا الطول [ سبعين سم ] .
مثال : لو قِسْتَ طول المَيِّت 150 سم : تزيد 70 سم ؛ فيصبح طول الكَفَن الذي يُكَفَّن فيه المَيِّت هو 220 سم ، وهذا على وجه الاحتياط لِسَتْر المَيِّت .
…ب ) العَرْض : يؤخذ عَرْض المَيِّت مِن أول كتفه الأيمن إلى نهاية كتفه الأيسر ، ثم يُضْرَب هذا العَرْض في ثلاثة .
مثال : لو كان عرض الميت 50 سم : تضرب في 3 ؛ فيصبح عرض الكَفَن الذي يُكَفَّن فيه الميت يساوي 150 سم ، وهذا على وجه الاحتياط لِسَتْر المَيِّت .
تنبيه :
…الأكْفَان تختلف في العَرْض عند شرائها ؛ فبعضها عرضه 90 سم ، والبعض 120 سم ، والبعض 150 ، والبعض 180 سم ؛ فلا بُدَّ من التأكد مِن عَرْض الكَفَن الذي يُناسِب الجِنازَة ؛ حتى لا يَتَحَرَّج المُغَسِّل عندما يضع الجِنازَة على الكَفَن ؛ فلا يمكن إدراجه ولَف الكَفَن على المَيِّت لِقِصَر العرض .
وأفضل الأكْفَان ما كان طوله 280 سم وعرضه 180 سم ؛ فهو ينفع لأغلب الجنائز .
ثم يُقَصُّ الكَفَن بالمقاس الذي حُدِّدَ للمَيِّت .
…ج ) تُقَصُّ سبعة أربطة لربط الكَفَن ، ويكون طول الرِّبَاط على حسب حجم الجِنازَة وعرضها ، ويكون طول الرِّبَاط 80 سم وعرضه 10 سم ، ثم يُبْرَم الرِّبَاط بَرْمًا باليد حتى يكون قويًّا لا ينقطع.
…د ) يُقَصُّ التُّبَّان ؛ - وهو : عبارة عن ( حَفَّاظَة للمَيِّت تَقِي الكَفَن من النجاسة إذا خرجت ) ، عرضها حوالي 30 سم ، وطولها بحسب الجِنازَة وحجمها ، وفي الغالب الجِنازَة العادية طول التُّبَّان تقريبًا 100 سم ، يُقَصُّ من نفس كَفَن الميت - .
كل ما ذكرناه مِن مقاسات مِتْرية ليست مُقَدَّرَة شَرْعًا ؛ بل هي قابلة للزيادة والنقص ، إلا أننا قَدَّرْنَاه حسب التَّجْرِبَة .(1/71)
…2- يوضع النَّعْش ؛ - وهو ( السرير الذي يُحْمَل عليه المَيِّت ) - قريبًا من المَيِّت ، على سرير آخر غير الذي غُسِّل عليه المَيِّت ، أو على الأرض إذا لم يتوفر .
…3- توضع الأرْبِطَة على النَّعْش ، وتكون وِتْرًا ، ثم توزع من جهة الرأس ، ومن عند الصدر ، ومن جهة البطن ، ومن جهة الفخذين ، ومن جهة الركبة وأسفل القدمين . وفائدة هذه الأرْبِطَة أنَّها تربط الكَفَن حتى لا ينتشر ويتفرق ؛ فينكشف جسم المَيِّت أثناء حمله ودفنه ؛ لأن الأصل في المَيِّت السَّتْر ، ولأنه بعد موته يصبح كله عورة ؛ ولذلك إذا وُضِعَت الجِنازَة في القبر تُحل هذه الأرْبِطَة ؛ لأنها إذا تُرِكَت ولم تُحَل فقد تُسَبِّب أذىً لجسد الميت ؛ لأن المَيِّت بعد ثلاثة أيام ينتفخ جسمه ويتحلل مما يسبب تقطع لحمه إذا تُرِكَتْ هذه الأرْبِطَة .
…4- تُبْسَط اللِّفَافَة الأولى ، ويُسْتَحَب أن تكون أحسن اللفائف وأنظفها ؛ لتظهر للناس بشكل حسن . ويُجْعَل زيادة من جهة الرأس بمقدار 50 سم ؛ لِشَرَفه ولأنه أحق بالستر من الرجلين ، ولكي يُعْرَف جهة رأس المَيِّت ليلاحظ ذلك عند الصلاة والدفن . و20 سم من جهة الرِّجْلَيْن تقريبًا .
…5- تُبْسَط اللِّفَافَة الثانية فوق الأوُلَى مُباشرةً بالتساوي ، وكذلك اللِّفَافَة الثالثة ؛ فَتُصْبِح كأنها لِفَافَة واحدة .
…6- يوضع التُّبَّان فوق الكَفَن ، ويكون قريبًا من جهة الرِّجْلَيْن ؛ بحيث يُوضَع مكان إلية المَيِّت ، ثم يوضع القُطْن على التُّبَّان .
…7- يُنثَر الحَنُوط - ( تُراب المِسْك الأبيض ، وتُراب المِسْك الأسْوَد ) - أو غير ذلك من الحَنُوط ، على الكَفَن والتُّبَّان ، ويُحَاوَل أن يَعُمَّ الكَفَن جميعه .
…8- بعد ذلك يُحْمَل المَيِّت بِرِفْق ، مع الحرص أن يكون السَّاتِر على العَوْرَة ، ويُوضَع على الكَفَن ، مع مراعاة أن يكون الرأس مِن الجهة الزائدة من الكَفَن ، وأن توضع الإلية على التُّبَّان .(1/72)
…9- تُبْعَد الرِّجْلان عن بعضهما ؛ حتى يَشُدَّ الغَاسِل التُّبَّان مِن تحت السَّاتِر ؛ ليجمع إلية المَيِّت وأنثييه ، وذلك بِسَحْب التُّبَّان إلى بطن المَيِّت ، ثم تُجْمَع الرِّجْلان مَرَّةً ثانية .
…10- يُطَيِّبُ المَيِّت : لحديث الرجل الذي وقصته ناقته قال : " لا تطيبوه ولا تخمروا رأسه ... " ( 155 ) ؛ فَدَلَّ أن غير المُحْرِم يُطَيَّب و لفعل كثير من السلف ؛ فقد وَرَدَ أن ابن سيرين طَلَى ميِّتاً مِن قرنه إلى قدميه ، وطَلَى ابن عمر إنسانًا بالمِسْك .
…وأفضل الطيب المِسْك ؛ لقول الرسول -(- : " المِسْك أطيب الطِّيب " ( 156 ) .
…ويُطَيِّبْ مَواضِع السُّجُود من المَيِّت ( الجبهة والأنف والكفين والركبتين والقدمين ) ، ويُطَيِّب المغابن ( الإبطين وباطن الكفين والركبتين والقدمين ) ، ولو طَيَّب كل جِسْمِه فَحَسَنٌ .
…11- تؤخذ اللِّفَافَة العُلْيَا ، ويُثْنَى طرفها على شِقِّ المَيِّت الأيمن ، ثم يُرَدُّ طَرَفُها الآخَر على شِقِّه الأيسر ، وتُدْرَج إدْرَاجاً ، ثم يَسْحَب الغَاسِل السَّاتِر من جِهة رِجْلَيْ المَيِّت - وذلك بوضع يده داخل الكَفَن - ، ويَسْحَب السَّاتِر ، بحيث لا تُرْى العَوْرَة .
…12- يُدْرِج اللِّفَافَة الثانية ، ويُحْسِن اللَّف ، ثم يَنْثُر عليها مِقْدار فِنجال من الكَافُور ؛ لأنه طيب قوي الرائحة ويُبْعِد الهوام عن المَيِّت في قبره . ثم يُدْرِج اللِّفَافَة السفلى ولا يضع شيئًا عليها ؛ لأن الحَنُوط يكون بين الأكْفَان فقط .
…13- يَعْقِد الأرْبِطَة جَيِّدًا : ( يجعل العُقْدَة على شكل نِصف دائرة ، أو وَرْدة ) ، ويجعل العُقْدَة من الجنب الأيسر من المَيِّت ؛ لأن المَيِّت سوف يُوضَع في القبر على جَنبِه الأيمن ؛ فَيَسْهُل حلها .
…14- يُغَطَّى المَيِّت - بعد ذلك - بِلِحَاف ، أو عباءَةٍ ( مشلح ) ، أو نحوه ؛ ليكون أبلغ في السَّتْر .
تَكفين المرأة(1/73)
…تُكَفَّن المرأة في خمسة أثواب ، ولم يثبت بذلك دليل صحيح ؛ إنما ذكره العلماء ، وتعارف الناس على ذلك وهي على النحو التالي:
…1- لِفَافتان : وهي ما يُعَمُّ بها جميع البدن - مثل اللفائف التي يُكَفَّن بها الرجل - ، يُؤخَذ المقاس طولاً وعرضًا - كالسابق - .
…2- الإزار : - ما يُؤتَزَرُ به ، ويكون أسفل البدن - ، يؤخذ المقاس من السُّرَّة إلى رؤوس القَدَمَيْن ، مع زيادة 20 سم .
…3- القميص : - الدِّرْع - ، ومَقاسه : طول المَيِّتَة ، مضروب في اثنين أي : ضِعْف الطول . ثم يُطْوَى طَيَّتَيْن ، ويُقَصُّ مِن المُنَتَصَف بمقدار 15 سم تقريبًا .
…4- الخِمَار : - وهو : ما يُغَطَّى به الرأس - : طوله 90 سم ، وعرضه 90 سم .
???
صِفَة التَّكْفِين
…1- تُفَرَّق الأرْبِطَة على النَّعْش ، وتكون الأرْبِطَة وِتْرًا .
…2- تُبْسَط اللِّفَافَة الأولى ثم الثانية ، ويُجْعَل زيادة الكَفَن من جهة الرأس ، والزيادة الثانية مِن جهة القدمين ، - مثلما فعلنا بِكَفَن الرَّجُل - .
…3- ثم يُبْسَط نِصف القميص ، بحيث يتساوى مع اللِّفَافَتَيْن ، ويُجْمَع النصف الآخَر ويُتْرَك على نهاية النَّعْش من جهة الرأس .
…4- يُبْسَط الإزار - بعد ذلك - ، ويوضع أسفل الكَفَن ؛ بحيث يُلَفّ في المنطقة التي تكون مِن السُّرَّة إلى القدمين - أسفل البدن - .
…5- يُوضَع التُّبَّان وعليه القُطْن ، ثم يُنثَر الحَنُوط ، ويُوزَّع على الكَفَن ، ثم تُوضَع المَيِّتَة ، مع الحفاظ على سَتْر عَوْرَتِها .
…6- يُلَفُّ الإزار ويُدْرَج عليها ، والزَّائِد يُوضَع تحت الرِّجْلَيْن ، ثم تُدْخِل المُغَسِّلَة يدها تحت الإزار وتَسْحَب السَّاتِر من فوق العَوْرَة ؛ بحيث لا تراها .
…7- يُبْسَط القميص مِنَ الطَّرَف الذي جُمِعَ سَابِقًا على المَيِّتَة ، ويُجْعَل الزَّائِد تحت جَنْبَيْ المَيِّتَة .
…8- بعد ذلك يُغَطَّى رأس المَيِّتَة ووجهها كله بالخِمَار .(1/74)
…9- تُؤخَذ اللِّفَافَة العُلْيَا ، ويُثْنَى طرفها على شِقِّ المَيِّتَة الأيمن ، ثم يُرَدُّ طرفها الآخَر على شِقِّها الأيْسَر ، وتُدْرَج إدْرَاجًا ، ثم يُنثَر شىءٌ من الكَافُور على الكَفَن ، ثم تُلَفُّ وتُدْرَج اللِّفَافَة السُّفْلَى .
…10- تُرْبَط الأرْبِطَة على الكَفَن ، وتكون العُقَد وِتْرًا - كما في كفن الرجل - ، وتُجْعَل العُقَد مِن الجَنْب الأيْسَر مِنَ المَيِّتَة .
…11- تُغَطَّى بِعِبَاءَة - أو لِحَافٍ - ؛ حتى يكونَ أبْلغ في السَّتْر .
???
مسائل تتعلق بهذا الباب
…المسألة الأولى :
الواجب في الكَفَن ثَوبٌ واحِدٌ ، للرَّجُل والمرأة ، يَسْتُر جميع البَدَن ، لا يَصِفُ البَشْرَة ، وهذا هو المُجْزىء . ولكن السُّنَّة والأفْضَل أن يكون عددها للرَّجُل ثلاث لَفائِف ، وللمرأة خمسًا ، ويُكْرَه الزِّيَادَة على ذلك بِدونِ حَاجَةٍ .
…المسألة الثانية :
أوْلَى مَن يُكَفِّن المَيِّت : وَصِيُّه ، ثم أبوه ، ثم الأقرب فالأقرب ، ثم مَن يُغَسِّل عامة المسلمين . هذا عِندَ المُشَاحَّة والاختلاف فيمن يُغَسِّله ، كما ذكرنا في الغَسْل سابقًا.
…المسألة الثالثة :
الواجِبُ أن يُكَفَّن المَيِّت مِن ماله : لحديث : " كَفِّنوه في ثَوْبَيْه " . فإنْ لم يكن له مال ؛ فَعَلَى مَن تلزمه نَفَقَته ، فإن لم يُوجَد فَمِن بَيت مال المسلمين ، أو من عامة المسلمين - يُتَبَرَّع له - .
…
المسألة الرابعة :
المُحْرِم بحَجٍّ أو عُمْرَة : يُكَفَّن في ثياب إحرامه ، ولا يُغَطَّى رأسه ، ولا يُطَيَّب ، ولا يُوضَع الحَنُوط عليه ؛ لحديث الرجل الذي وقصته ناقته وقد سَبَق ( 157 )
…المسألة الخامسة :
يُكْرَه أن يكون الكَفَن من صُوف أو شَعْر ، أو يكون مُزَعْفَراً أومُعَصْفَراً - وهما نوعان يُصْبَغ بهما الكَفَن - ، أو يكون منقوشًا . ويَحْرُم أن يُكَفَّن في جِلْد ؛ لأن الرسول -(- " أمر أن تُنْزَع الجلود من الشُّهَداء " ( 158 ) .(1/75)
…المسألة السادسة :
كَرِه أهْلُ العِلْم تَخْرِيق الكَفَن . وهذا كانوا يفعلونه خوفًا مِن أن يُسْرَق الكَفَن من قِبَل السُّرَّاق الذين يَنْبِشُون القُبور قديمًا .
…المسألة السابعة:
يُكْرَه أن يُجْعَل الطِّيب أو الكَافُور داخل عَيْن المَيِّت ؛ لأنه قد يُفْسِدُها .
…المسألة الثامنة :
يُسْتَحَبُّ أن يكون عَدَد الأرْبِطَة وِتْرًا - ثلاثًا أو خمساً أو سبعاً - ، على حَسْب طول الجِنازَة .
…المسألة التاسعة :
الطِّفْل يُكَفَّن في ثلاث لَفائف ، والطِّفْلَة تُكَفَّن في قميص ولِفَافَتَيْن ، بدون خمار ؛ لأنه لم يَجِب عليها في حياتها ، فلا تحتاجه بَعْد مَمَاتِها .
المسألة العاشرة :
إذا كان الكَفَن قصيرًا ولم يُغَطِّ المَيِّت كاملاً ، ولا يُوجَد كَفَنٌ للمَيِّت : غُطِّي الرأس وباقي الجِسْم ، ويُوضَع الحَشيش - أو الإذْخِر - على رِجْلَيْه - عِوَضًا عن الجُزْء المكشوف - : لِمَا روى البخاري عن خباب ( قال : " هاجرنا مع رسول الله -(- نلتمس وجه الله ، فوقع أجرنا على الله ، فَمِنَّا مَن مات لم يأكل مِن أجْرِه شيئًا ، مِنهم مُصْعَب بن عُمَيْر ، ... قُتِلَ يوم أُحُد ، فلم نَجِد ما نُكَفِّنُه إلا بُرْدَة إذا غَطَّيْنَا بها رأسه خرجت رِجْلاه ، وإذا غَطَّيْنَا رِجْلَيْه خرج رأسُه ؛ فأمرنا الرسول -(- أن نُغَطِّي رأسه ، وأن نَجْعَل على رِجْلَيْه مِن إلاذْخِر " ( 159 )
…المسألة الحادية عشرة :
مِن البِدَع : كتابة الأدعية أو آيات القرآن على الكَفَن . ومن البِدَع أيضًا تغطية المَيِّت على النَّعْش بغطاء مكتوب عليه هذه الأدعية والآيات .
…المسألة الثانية عشرة
إنْ كَثُرَ المَوتَى وقَلَّت الأكْفَان : كُفِّن الاثنان والثلاثة في الكَفَن الواحد : لحديث أنس ( : " فَكَثُرَ القَتْلَى وقَلَّت الثِّيَاب " ، قال : " فَكُفِّن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد " ( 160 ) .
…المسألة الثالثة عشرة :(1/76)
لو كان المَيِّت مُتَقَطِّعَ الأعضاء - مثل الرأس أو الرجلين - ، أو مُتَقَطِّعاً كلياً : يقوم الغَاسِل بِبَسْط الأكْفَان ، ثم يَبْسُط لِفَافَةً من بلاستيك قَوي نِسبياً ، ثم يضع المَيِّت ، ثم يُدْرِج لِفَافَة البلاستيك، ويُدْرِج باقي الأكْفَان .
مُخْتَارات مِن فتاوى العلماء
حُكْم وضع المصحف على بطن الميت
…س : ما حكم وضع المُصْحَف على المَيِّت ؟
…ج : لا أصل لذلك ، ولا يُشْرَع ؛ بل هو بِدْعَة .
…س : الأخت التي رمزت لاسمها بـ هـ . هـ . هـ ، من الرياض تقول في سؤالها : ما حكم قراءة القرآن على المَيِّت ، ووضع المصحف على بَطْنه ؟
…ج : ليس لقراءة القرآن على المَيِّت أو على القبر أصل
صحيح؛ بل ذلك غير مَشْروعٍ ؛ بل من البِدَع ، وهكذا وضع المُصْحَف على بطنه ليس له أصل ، وليس بمشروع ، وإنما ذَكَرَ بعض أهل العلم وَضْع حَديدة أو شيء ثقيل على بطنه بعد الموت حتى لا يَنْتَفِخ ( 161 ).
***
تغطية المَيِّت بغطاءٍ عليه آيات قُرآنية
س : في بعض الأماكن ، وعندما يَحْمل الناس المَيِّت إلى الصلاة ، ومِن ثم إلى المَقْبَرَة ، يُغَطُّون المَيِّت بغطاء مكتوب عليه آية الكرسي أو آيات متفرقة من القرآن الكريم : فهل هذا العمل له أصل في الشرع ؟
ج : ليس لهذا العمل أصل في الشرع ، أي : ليس لكتابة الآيات القرآنية على ما يُغَطَّى به المَيِّت فوق النَّعْش أصل في الشرع ؛ بل هو - في الحقيقة - امتهانٌ لكلام الله - عَزَّ وَجَلَّ - ، بِجَعْلِه غِطَاءً يتغطى به المَيِّت ! وهو ليس بنافع المَيِّت بشيء . وعلى هذا فالواجب تجنبه :
أولاً : لأنه ليس مِن عَمَل السَّلَف .
ثانيًا : لأن فيه شيئًا من امتهان القرآن الكريم .
ثالثًا : لأن فيه اعتقادًا فاسدًا ؛ وهو أن هذا يَنْفَع المَيِّت . وهو ليس بنافعه ( 162 ).
???
الصَّلاة على المَيِّت(1/77)
1- قال الرسول -(- : " مَن صَلَّى على جِنَازَة ولم يتبعها ؛ فله قيراط ، فإن تَبِعَها فله قيراطان " . قيل : وما القيراطان ؟ قال : " أصغرهما مثل أُحُد " ( 163 ) .
…2- روى مُسْلِم عن خباب ( قال : يا عبد الله بن عمر ؛ ألا تسمع ما يقول أبو هريرة ؟ أنه سمع الرسول -(- يقول : " مَن خرج مع جِنَازَة مِن بَيتها ، وصَلَّى عليها ، ثم تَبِعَها حتى تُدْفَن ؛ كان له قِيراطان من أجر ، كل قِيراط مثل أُحُد . ومَن صلى عليها ثم رجع ؛ كان له مِن الأجْر مثل أُحُد " ، فأرسل ابن عمر ( خبابًا إلى عائشة رضي الله عنها يسألها عن قول أبي هريرة ، ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت ... فقال : قالت عائشة : صدق أبو هريرة ... فقال ابن عمر - رضي الله عنهما - : " لقد فَرَّطْنَا في قراريطَ كثيرة " ( 164 ) .
…3- أن رجلاً من أصحاب الرسول -(- توفي يوم خيبر فذكروا ذلك للرسول -(- فقال : " صَلُّوا على صاحبكم " ، فتغير وجوه الناس لذلك فقال : " إن صاحبكم غَلَّ في سبيل الله " ، ففتشنا متاعه فوجدنا خَرَزًا من خَرَزِ اليهود لا يُسَاوِي دِرْهَمَيْن ! ( 165 )
4- قال الرسول -(- : " صَلُّوا على مَن قال لا إله إلا الله " ( 166 )
???
صفة الصلاة على المَيِّت
…روى الشافعي في " مُسْنَدِه " عن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب الرسول -(- " أن السُّنَّة في الصلاة على الجِنَازَة : أن يُكَبِّر الإمام ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سِراً في نفسه ، ثم يُصَلِّي على النبي -(- ، وَيُخْلِص الدُّعَاء للجِنازَة في التَّكبيرات ، لا يقرأ في شىء منهن ، ثُمَّ يُسَلِّم سِراً في نَفْسِه " ( 167 ) .
…1- تُوضَع الجِنَازَة أمام الإمام ؛ فَيَقِف مُقابِلَ رأس المَيِّت إذا كان رجلاً ، ويكون رأس المَيِّت على يمين الإمام ، ويقف مُقابِل وَسَط المرأة . و يقف المأمومون خلف الإمام(1/78)
والدليل على ذلك : ما رواه الترمذي عن أنس ( ، أنه صلى على رجل فقام عند رأسه ، ثم صلى على امرأة فقام حِيال وَسَط السَّرير . فقال له العَلاء : أهكذا رأيتَ الرسول -(- قام على الجِنَازَة مقامك منها ، ومن الرجل مقامك منه ؟ قال : نعم .فلما فرغ قال:احفظوا ( 168 )
…وأخرج الجماعة من حديث سَمُرَة( " أنه صلى وراء الرسول -(- على امرأة ماتت في نِفَاسِها ، فقام وَسَطَها " ( 169 ) .
…أ - ويُسَنُّ أن يكون عدد الصفوف ثلاثة صفوف : لِمَا روى أبو داود والترمذي عن مالك بن هُبَيْرَة( قال : قال رسول الله -(- : " ما مِن مؤمن يموت فيُصَلِّي عليه أُمَّةٌ مِن المُسْلِمين بَلَغوا أن يكونوا ثلاثة صفوف ؛ إلا غُفِرَ له " ( 170 ) . وروى الطبراني عن أبي أمامة( قال :" صلى رسولُ الله -(- على جِنَازَة ومعه سبعة نَفَر ، فجعل ثلاثةً صفًّا ، واثنين صفًّا ، واثنين صفًّا " ( 171 ) .
…ب - ويُسْتَحَب أن يكون عدد المُصَلِّين جمعاً كثيراً : لِمَا روى مُسْلِم والترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي -(- قال : " ما من مَيِّتٍ تُصَلِّي عليه أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمين يبلغون مئة ، كلهم يَشْفَعُون له ؛ إلا شُفِّعوا فيه " ( 172 )
…وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت الرسول -(- يقول : " ما مِن رجل مُسْلِم يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يُشْرِكون بالله شيئًا ؛ إلا شَفَّعهم الله فيه " ( 173 ) .
وقال الإمام أحمد لبعض المُبْتَدِعَة : " بيننا وبينكم شُهُودُ الجَنائِز " ، فلما مات صلى عليه أكثرُ من ألفِ ألفِ مُسْلِم ، وأسلم عشرون ألفًا من اليهود والنَّصَارَى ، كما ذكر ذلك ابن تيمية في " مجموع الفتاوي " .
…ج - ويقف الإمام من الطفل والطفلة والسِّقْط مثل الرَّجُل والمرأة .(1/79)
…د - إذا كان هناك مجموعة من الجَنائِز - رجالاً ونساءً و أطفالاً - : يُوضَع أولاً - مما يلي الإمام - الرِّجال ، ثم الأطفال الذُّكُور ، ثم النِّسَاء ، ثم الأطْفَال الإناث . فلو كان عدد الجَنائِز ثلاثًا ، طفل ورجل وامرأة : يُوضَع الرَّجُل أولاً ، ثم وراءه الطفل ، ثم المرأة مع ملاحظة أن الإمام يقف عند رأس الرجل والطفل وعند وسط المرأة .
والدليل على هذا ما رواه البيهقي : " أن ابن عمر رضي الله عنهما صلى على تِسْع جنائز - رجال ونساء - ؛ فَجَعَل الرِّجال مما يلي الإمام ، والنساء مما يلي القِبْلَة "( 174 ) . وروى أبو داود والنسائي عن عمار بن أبي عمار ، مَولى الحارِث قال : " شَهِدتُ جِنَازَة أم كلثوم وابنها ، فَجُعِل الغلام مما يلي الإمام ، فأنكَرتُ ذلك ، وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة ؛ فقالوا : هذه السُّنَّة " ( 175 ) .
…هـ - إذا كانت جنائز مجموعة من الرجال : يُقَدَّم أقرؤهم لكتاب الله وأفضلهم في دينه ؛ كما كان الرسول -(- يقدم في القبر مَن كان أكثرهم قُرْآنًا .
…و - لابأس أن يُنَبِّه الإمام مَن خلفه مِن المأمومين إن كانت الجِنَازَة مجهولة - ذكراً أو أنثى - ؛ مِن أجْلِ أن يَدْعو له الناس دعاءً بضمير التذكير إنْ كان ذكرًا ، والدُّعاء بضمير التأنيث إنْ كانت أُنْثَى . وهو ما يحصل في مساجد المدن الكبيرة لا سِيَّمَا الحَرَمَيْن . أما إذا كان بين أهله وقريته فلا يُنَبَّه ؛ لأن الغالب أنهم يعرفونه ولا شَكَّ .
وإن لم يَفْعَل : فلا بأس أيضًا ، وينوي الذين لا يَعْلَمُون الصلاة على المَيِّت عَن الحاضر الذي بين أيديهم ، وتُجْزِئهم الصلاة ، والله أعلم .
…2- يُكَبِّر الإمام تكبيرة الإحرام بقوله : ( الله أكبر ) ، رَافِعًا يديه حَذْوَ مِنْكَبَيْه ، أو حَذْوَ شَحْمَةِ أُذُنَيْه ، ممدودة الأصابع ، لا يُفَرِّج بينها ولا يَضُمُّها ، جَاعِلاً بطْنَيْ كَفَّيْه في اتجاه القبلة .(1/80)
…3- يَضْع اليُمْنَى على ظَهْر اليُسْرَى والرسغ والساعد ، أو : يَقْبِض باليُمْنَى على اليُسْرَى . ويضع يَدَيْه على صَدْرِه .
…4- ينظر ببصره إلى مكان سجوده ، مُطأطئاً رأسَه .
…5- يستعيذ بالله ؛ فيقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، ثم يُسَمِّي ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، سِرًّا لا يَجْهَر بِهِمَا ، ولا يقول دعاء الاستفتاح ؛ لأنه لم يَرِد عن الرسول -(- ، ولأن صلاة الجِنَازَة مَبْنِيَّةٌ على التَّخْفِيف . ثم يقرأ بفاتحة الكتاب ، ولا يقرأ بعدها أي آية أو سورة . وتكون القراءة سراً ، سواءً إماماً أو مأموماً ليلاً أو نهاراً : لِمَا روى ابن ماجه عن أم شُرَيكٍ الأنصارية رضي الله عنها قالت: " أمرنا رسول الله -(- أن نقرأ على الجِنَازَة بفاتحة الكتاب و لا نستفتح و لا نقرأ سورة معها " ( 176 ) . وروى البخاري عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال : " صليتُ خلف ابن عباس رضي الله عنهما ، فقرأ بفاتحة الكتاب ، قال : لِيَعْلَمُوا أنَّهَا سُنَّة ) ( 177 ) .
…6- يُكَبِّر الإمام التكبيرة الثانية ، رَافِعًا يَدَيْه ، كصفة التكبيرة الأولى . ورَفْع اليَدَيْن سُنَّةٌ . ثم يُصَلِّي على النبي -(- ( اللهُمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) .
…7- يُكَبِّر التكبيرة الثالثة رَافِعاً يديه - كتكبيرة الإحرام - ، ثم يَدْعُو للمَيِّت بما وَرَدَ عن الرسول -(- ، وإنْ دَعَا بغير الأدْعَيَة الواردة في السُّنَّة جازَ : قال الرسول -(- : " إذا صَلَّيْتُم على المَيِّت ؛ فأخْلِصُوا له الدُّعَاء " ( 178 ) .
ومن الأدعية الواردة :(1/81)
…أ - عن عوف بن مالك ( قال : صلى الرسول -(- على جِنَازَة ، فَحَفِظْتُ مِن دُعائه ، وهو يقول : " اللهُمَّ اغفر له وارحمه ، وعَافِه واعْفُ عنه ، وأكْرِم نُزُلَه ، ووَسِّع مُدْخَله ، واغسله بالماء والثلج والبَرَد ، ونَقِّه مِنَ الخطايا ، كما نقيت الثوب الأبيض من الدَّنَس ، وأبْدِلْه دارًا خيرًا من داره ، وأهلاً خيرًا من أهله ، وزوجًا خيرًا من زوجه ، وأدخله الجَنَّة ، وأعِذْه من عذاب القبر - أو من عذاب النار - " ، قال : حتى تَمَنَّيتُ أن أكون أنا ذلك المَيِّت ( 179 ) .
…ب ) عن أبي هريرة ( أن الرسول -(- كان إذا صلى على جِنَازَة يقول : " اللهُمَّ اغفر لِحَيِّنَا ومَيِّتِنَا ، وشَاهِدِنَا وغَائِبِنَا ، وصَغِيرِنَا وكَبِيرِنَا ، وذَكَرِنَا وأُنْثَانَا ، اللهُمَّ مَن أحْيَيْتَه مِنَّا فأحْيهِ على الإسلام ، ومَن تَوَفَّيْتَه مِنَّا فَتَوفَّه على الإيمان . اللهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أجْرَه ، ولا تُضِلَّنَا بَعْدَه " ( 180 ) .
…ج ) كان الرسول -(- إذا قام للجِنَازَة ليُصَلِّي عليها قال : " اللهُمَّ عَبْدُك ، وابن أَمَتِك ، احْتَاج إلى رَحْمَتِك ، وأنت غَنِيٌّ عن عذابه ، إنْ كان مُحْسِناً فَزِدْ في إحْسانِه ، وإنْ كان مُسِيئاً فَتجَاوَزْ عَنْهُ " ( 181 ) .
…وقد وردت أدعية من السُّنَّة وعن السَّلَف ؛ فَلْيَخْتَر المُصَلِّي ما شاء منها ، أو يدعو بأي دُعَاءٍ ، ولكن الأفضل ما جاء في السُّنَّة .
…إذا كانت الجِنَازَة امرأة : فإنه في الدعاء لها يأتي بضمير التأنيث ، ولا يُقَال : " اللهُمَّ أبدلها زوجًا خيرًا من زوجها " ؛ لاحتمال أن تكون لزوجها في الجَنَّة ؛ فإن المرأة لا يُمْكِن الشِّرْكَةُ فيها ، بِخِلافِ الرَّجُل .
…د ) إنْ كان المَيِّت طِفْلاً - ذكرًا أو أنثى - : فَيُدْعَى لِوَالِدَيْه : قال : الرسول -(- : " والسِّقْط يُصَلَّىَ عليه ، ويُدْعَى لِوَالِدَيْه بالمَغْفِرَة والرَّحْمَة " ( 182 ) .(1/82)
…ولا يُدْعَى للطفل بالمغفرة ؛ لأنه شافع غير مُشَفَّع فيه ، ولم يُذْنِب .
…ومن الأدعية للطِّفْل - التي ذكرها الفقهاء - : " اللهُمَّ اجعله ذُخْراً لوالديه ، وفَرَطاً وأجْراً وشفيعًا مجاباً ، اللهُمَّ ثَقِّل به موازينهما ، وأعْظِم به أجورهما ، وألحقه بصالح سَلَف المؤمنين ، واجعله في كَفالَة إبراهيم ، وقِه - بِرَحْمَتِك - عذاب الجحيم " .
وقال البخاري في " صحيحه " : قال الحسن : " يَقْرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ، ويقول اللهُمَّ اجْعَله لنا فَرَطاً وَسَلَفاً وأجْراً " .
…8- يُكَبِّر التكبيرة الرابعة ، ثم يسكت قليلاً ، ثم يُسَلِّم تسليمةً وَاحِدَةً عن يَمِينِه .
???
تنبيه على بعض المَسائِل
…المسألة الأولى :
حكم الصلاة على الجِنازَة : فَرْض كفاية . وتُسَنُّ الصلاة على المَيِّت جماعة بإجماع المُسْلِمين ، ولفعل الرسول -(- عندما مات النجاشي ؛ " فَصَفَّ بالصحابة ثلاثة صفوف ، وكَبَّر أربعًا " ( 183 ) ، ولِفِعْل الصحابة بَعْده .
وأقل ما تَنْعَقِد به الجماعة ثلاثة ؛ ففي حديث عبد الله بن طلحة " أن أبا طلحة دعا رسول الله -(- إلى عُمَيْر بن أبي طلحة حين تُوفِيَ فأتاه رسول الله -(- فصلى عليه في منزلهم ، فتقدم رسول الله -(- ، وكان أبو طلحة وراءه ، وأم سُلَيم وراء أبي طلحة ، ولم يكن معهم غيرهم " ( 184 ) . وفيه إباحة صلاة النساء على الجَنائِز .
…المسألة الثانية :
تُشْرَع الصلاة على كُلٍّ مِن :
…أ ) السِّقْط الذي بلغ عمره أربعة أشهر فأكثر ، أما دون ذلك لا يُصَلَّى عليه . وأصل ذلك حديث ابن مسعود ( مرفوعاً : " إنَّ أحَدكم يُجْمَع خَلْقُه في بطن أمه أربعين يومًا ، ثم يكون عَلَقَة مثل ذلك ، ثم يكون مُضْغَة مثل ذلك ، ثم يبعث الله مَلَكاً ... "الحديث ( 185 ) . وروى أبو داود عَن الرسول -(- : " والسِّقْط يُصَلَّى عليه ويُدْعَى لِوَالِدَيْه بالمغفرة والرحمة "( 186 ) .(1/83)
…ب ) الشُّهَداء - شُهَدَاء المَعْرَكَة - : الأصل لا يُصَلَّى عليهم ؛ لأن كثيراً من الصحابة استشهدوا ولم يُصَلِّ عليهم الرسول -(- وهذا قول الجمهور ، وقال الشيخ الألباني - رحمه الله - في " أحكام الجَنائِز " : ولكن إذا صُلِّيَ على الشَّهِيد من بَابِ الدُّعَاء والعِبَادَة : فهذا أفضل ؛ لأنه وَرَدَ عن الرسول -(- أنه صَلَّى على بَعْضِ الشُّهَدَاء ، ومِن ذلك ما أخْرَجَه أبو داود - بإسنادٍ حَسَنٍ - : " أن النبي -(- مَرَّ بِحَمْزَة - وقد مُثِّلَ به - ، ولم يُصَلِّ على أحَدٍ مِنَ الشُّهَداءِ غَيْرَه "( 187 ) و " أن النبي -(- خَرَجَ يوماً ، فَصَلَّى على أهل أُحُد صلاته على المَيِّت بعد ثماني سنين كالمُوَدِّع للأحياء والأموات ... " ( 188 ) .
…ج ) مَن قُتِلَ في حَدٍّ من حُدود الله : والدليل على ذلك : أن امرأة من جُهَيْنَة أتت النبي -(- وهي حُبْلَى من الزِّنا ... فأَمَرَ بها فَرُجِمَت ، ثم صَلَىَ عليها ، فقال عمر له : تُصَلِّي عليها يا نبي الله وقد زَنَتْ ؟ فقال : " لقد تابت تَوْبةً لو قُسِمَت بين سبعينَ من أهل المدينة لوَسِعَتْهم ، وهل وَجَدْتَ توبةً أفضل مِن أنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لله عَزَّ وَجَلَّ " ( 189 ) .
…د ) الفاجر المُنْبَعِث في المعاصي والمَحَرمات - مثل : الزنا ، والخمر ، ونحو ذلك من الفِسْق ، - ، والقاتل نفسه : فإنه يُصَلَّى عليهم ، إلا أنه ينبغي لأهل العِلْم والصَّلاح والدِّين أن يَدَعُوا الصلاة عليهم ؛ عُقوبةً لهم وتحذيرأمثالهم : فقد كان رسول الله -(- إذا دُعِيَ لجِنَازَة سأل عنها ؛ فإن أُثْنِيَ عليها خَيْرٌ ؛ قام فصلى عليها ، وإنْ أُثْنِيَ عليها غَيْرُ ذلك ؛ قال لأهلها : " شأنُكم بها " ، ولم يُصَلِّ عَلَيْهَا( 190 ) .
…وكذا ما رواه مُسْلِم " أن رجلاً نَحَرَ نفسه بِمِشْقَصٍ ، فأُخْبِرَ الرسول -(- قال : " إذًا لا أُصَلِّي عَلَيْه " ( 191 ) .(1/84)
…هـ ) المَدِين الذي لم يَتْرُك مِنَ المال ما يَقْضِي به دَينَه : والدليل على ذلك ما يلي : " كنا جلوسًا عند النبي -(- إذ أُتِيَ بجِنَازَة ؛ فقالوا : صَلِّ عليها . فقال : " هَلْ عَلَيْه دَيْنٌ ؟ " ، قالوا : لا . قال : " فَهَلْ تَرَكَ شيئًا ؟ " ، قالوا : لا . فَصَلَّى عليه . ثم أُتِيَ بجِنَازَة أُخْرَى ؛ فقالوا : يا رسول الله ؛ صل عليها . قال : " هَلْ عَلَيْه دَيْنٌ ؟ " ، قيل : نعم . قال : " هَلْ تَرَكَ شَيْئًا " ؟ قالوا : ثلاثة دنانير . قال : فقال بإصْبَعِه ثلاث كَيَّات . فَصَلَّى عليه . ثم أُتِيَ بالثالثة ؛ فقالوا : صَلِّ عَلَيْه . قال : " هَلْ تَرَكَ شَيْئًا ؟ " ، قالوا : لا . قال : " هَلْ عَلَيْه دَيْنٌ ؟ " ، قالوا : ثلاثة دنانير . قال : " صَلُّوا على صاحبكم " ، قال رَجُلٌ من الأنصار - يُقال له أبو قتادة - : صَلِّ عليه يا رسول الله ، وعَليَّ دَيْنُه . فَصَلَّى عليه " ( 192 ) .
…وإنما ترك الرسول -(- الصلاة عليه في أول الأمر ، فلما فَتَحَ الله على رسول الله -(- قال : " أنا أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم ، فَمَن تُوفي مِن المؤمنين فتَرَكَ دَيْناً فَعَلَيَّ قضاؤه ، ومَن تَرَكَ مالاً فَلِوَرَثَتِه " ( 193 ) .
…المسألة الثالثة :
مَن دُفِنَ قبل أن يُصَلَّى عليه ، أو صَلَّى عَلَيْه بعضهم دون بعض : يُصَلُّون عليه في قَبْرِه ، فيتقدم إمامهم أمام القبر ، ويجعله بينه وبين القبلة ، ويُصَلِّي وهُم خَلْفَه .
…عن أبي هريرة ( : " أن امرأةً سوداء كانت تَقُمُّ المَسْجِد " وفي رواية : " تلتقط الخِرَق والعِيدَان من المَسْجِد " ، فماتت ، ففقدها النبي -(- ؛ فسأل عنها بعد أيام ؛ فقيل له : ماتت مِنَ الليل ، ودُفِنَت وكَرِهْنَا أن نُوقِظَك . قال : فكأنهم صَغَّروا أمرها . فقال : " دُلُّوني على قَبْرِها " ؛ فَدَلُّوه ؛ فأتَى قبرها ؛ فَصَلَّى عَلَيْها " ( 194 ) .
…المسألة الرابعة :(1/85)
صلاة الغَائِب - مَن مات في بلد ليس فيها مَن يُصَلِّي عليه صلاة
الحاضر - : فهذا يُصَلِّي عليه طائفةٌ من المُسْلِمين صلاة الغَائِب : لصلاة النبي -(- على النَّجَاشِيّ ، ولفظ الحديث " أن الرسول -(- نَعَى للناس وهو بالمدينة النَّجَاشِيّ في اليوم الذي مات فيه ؛ قال : " إنَّ أخًا لكم قد مات اليومَ بِغَيْرِ أرْضِكُم ؛ فقوموا فصَلُّوا عليه " . قالوا : مَن هو ؟ قال : " النَّجَاشِيّ " ، وقال : " استغفروا لأخيكم " . قال : فخرج بهم إلى المُصَلَّى - وفي رواية : إلى البقيع - ، فصففنا خلفه كما يُصَفُّ على المَيِّت ، وصلينا عليه كما يُصَلَّى على المَيِّت . وما نَحْسِبُ الجِنَازَة إلا مَوضُوعَةً بين يديه ، وكَبَّر عليه أربعاً " ( 195 ) .
مسألة مهمة :
…مَن صُلِّي عليه في مكان أو بلد : هل يُصَلَّى عليه صلاة الغَائِب في مكان آخر ؟
…الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يُصَلَّى عليه ؛ لأنه لم يثبت عن الرسول -(- أنه صَلَّى على أحد إلا النَّجَاشِيّ ، وقد مات في بلد كُفْرٍ ولم يُصَلِّ عليه أحَدٌ .
ومما يُؤَيِّد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب : أنه مات الخُلفاءُ الرَّاشِدُون وغيرهم ، ولم يُصَلِّ عليهم أحَدٌ من المُسْلِمين صلاة الغَائِب ولو فَعَلُوا لَتَوَاتَر النقل بذلك عنهم .
…وقال بعض أهل العلم : مَن اشْتُهِرَ بين الناس بِعِلْمِه وصَلاحِه ودِينِه وجِهَادِه صُلِّي عليه صلاة الغَائِب ؛ لمكانته وعِلْمه . و قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " الصواب أن الغَائِب إنْ مات بِبَلَدٍ لم يُصَلَّ عليه فيه ؛ صُلِّي عليه صلاة الغَائِب ، كما صلى النبي -(- على النَّجَاشِيّ ؛ لأنه مات بين الكفار ولم يُصَلَّ عليه ... وإنْ صُلِّي عليه حَيْثُ مات لم يُصَلَّ عليه صلاة الغَائِب ؛ لأن الفَرْضَ سَقَطَ بصلاة المُسْلِمين عليه ، والنبي -(- صَلَّى على الغَائِب وتَرَكَه ، وفِعْلُه وتَرْكُه سُنَّة ، وهذا له موضع ، والله أعلم " .(1/86)
…المسألة الخامسة :
تَحْرُم الصَّلاةُ على الكُفَّاروالمُنافِقين وتَارِك الصلاة ، والتَّرَحُّمُ والاسْتِغْفَارُ لهم : لقوله - تعالى - : ? (((( ((((((( (((((( (((((( (((((((( ((((( ((((((( (((( (((((( (((((( (((((((((( ( (((((((( ((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((((( (((((( (((((((((( (((( ? ، وقوله : ? ((( ((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((( ((((((((((((((( ((((((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((( (((((( ((( (((((((( (((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((( ((((( ? . وقال الرسول -(- : " العَهْدُ الذي بَيْنَنَا وبَيْنَهُم الصَّلاةُ ؛ فمَنَ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " .
المسألة السادسة :
أوْلَى مَن يُصَلِّي على المَيِّت : وَصِيُّه . فَمَا زال الصحابة يُوصُونَ بالصلاة عليهم ؛ فَقَدْ أوْصَى أبو بكر( أن يُصَلِّي عليه عُمَرُ ، وأوْصَى عُمَر (أن يُصَلِّي عليه صُهَيْب ، وأوْصَى ابن مَسْعُودٍ الزُّبَيْرَ ، وأمَّ سَلَمَةَ أوْصَتْ سَعيد بن زَيْد .
وإمام المَسْجِد أوْلَى بالصلاة على الجِنَازَة مِن الشَّخْص المُوصَى لَه ؛ لقول النبي -(- : " لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِه " وإمام المَسْجِد هو صَاحِبُ السُّلْطَان في مَسْجِدِه .
والأفْضَلُ للإنسان أن يُوصِي أن يُصَلِّي عليه مَن هو أظهر في الصلاح والتقوى وإجابة الدُّعاء ، فإنْ لم يُوصِ : فالأب ، والأقرب فالأقرب . وفي العصر الحالي يُصَلِّي عليه - في الغَالِب - إمام المَسْجِد ، وهذا لا بأس به ، إذا لم يكن هناك اختلاف ومُشاحَّة فيمن يُصَلِّي عليه .
…المسألة السابعة:(1/87)
إذا لم يكن مع الإمام إلا رجل واحد : فإنه يقف خلفه ، ولا يقف بجانبه : لحديث عبدالله بن طلحة أن أبا طلحة دعا رسول الله -(- إلى عُمَيْر بن أبي طلحة حين تُوفِيَ فأتاه رسول الله -(- فصلى عليه في منزلهم ، فتقدم رسول الله -(- ، وكان أبو طلحة وراءه ، وأم سُلَيم وراء أبي طلحة ، ولم يكن معهم غيرهم ( 196 ) .
…المسألة الثامنة :
الأفضل أن يُصَلَّى على الجَنائِز خارج المَسْجِد ، في مكان مُعَدٍّ للصلاة على الجَنائِز ، كما كان الأمر على عهد الرسول -(- ، وهو الغالب مِن هديه . فَعن ابن عمر : " أن اليهود جاءوا إلى النبي -(- برجل منهم وامرأة زَنَيَا ؛ فأمر بهما فَرُجِمَا ( قريباً من موضع الجَنائِز عند المَسْجِد ) " ( 197 ) قال الحافظ في " الفتح " عَن ابن بطال فيما حكاه عن ابن حبيب : " إنَّ مُصَلَّى الجَنائِز بالمدينة كان لاصقًا بمسجد النبي -(- من ناحية جِهَة المَشْرِق " . وقال في مَوْضِع آخَر : " المُصَلَّى ... . المكان الذي كان يُصَلَّى عنده العيد والجَنائِز ، وهو من ناحية بَقيع الغَرْقَد " .
…ويجوز أن يُصَلَّى على الجِنَازَة في المَسْجِد - كما هو الحال في وقتنا هذا - : فقد ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :" واللهِ ؛ ما صلى رسول الله -(-على سهل بن بيضاء وأخيه إلا في جَوف المَسْجِد " ( 198 ) .
…ولا يجوز أن يُصَلَّى على الجَنائِز بين القُبُور : فعن أنس بن مالك ( : " أن الرسول -(- نهى أن يُصَلَّى على الجَنائِز بين القُبُور " ( 199 ) . وشَهِدَ للحديث ما تواتر عن النبي -(- من النهي عن اتخاذ القُبُور مساجد .(1/88)
أما الصلاة على صاحب قَبْرٍ قد دُفِنَ : فيجوز الصلاة عليه على قبره ؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رسول الله -(- مَرَّ بِقَبْرٍ قد دُفِنَ ليلاً ؛ فقال : " متى دُفِنَ هذا ؟ " قالوا : البارِحَة . قال : أفلا آذَنْتُمُوني ؟ قالوا : دَفَّناه في ظُلْمَة الليل ؛ فَكَرِهْنَا أن نُوقِظَك . فقام فَصَفَفْنَا خَلْفَه . قال ابن عباس : " وأنا فيهم . فَصَلَّى عليه " ( 200 ) ، وكذلك حديث الجارية السوداء ( 201 ).
تنبيه :
…إذا كانت الجِنَازَة متعفنة ولها رائحة كريهة ، قد تؤذي المُسْلِمين لو صُلِّيَ عليها في المَسْجِد : فالأفضل أن يُصَلَّى عليها خارج المَسْجِد ، أو في أرض فَلاةٍ .
…المسألة التاسعة :
لا تجوز الصلاة على الجَنائِز في الأوقات الثلاثة التي تَحْرُم الصلاة فيها إلا لضرورة : لحديث عُقْبَة بن عَامِر ( : " ثلاث ساعات كان رسول الله -(- ينهانا أن نُصَلِّي فيهنَّ أو نَقْبُرَ فيهنَّ مَوْتَانَا : حين تَطْلُع الشمس بَازِغَةً حتى تَرْتَفِع ، وحين يَقوم قَائِم الظَّهيرَة حتى تميل الشمس ، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تَغْرُب " ( 202 ) .
…وذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة الصلاة على الجَنائِز في هذه الأوقات .
…المسألة العاشرة :
يَجُوز للمرأة أن تُصَلِّي على الجِنَازَة ، سواء مُنفَرِدَةً أو جماعة ، بشرط ألا
تُصَلِّي في المَقْبَرَة لأنها منهية عن دخولها.
…المسألة الحادية عشرة:
الأعضاء المَبْتُورَة - مثل : اليد أو الساق - : لا يُصَلَّى عليها ؛ إنما تُلَفُّ في خِرْقَة بيضاء ، وتُدْفَن ، بشرط أن يكون صاحبها حَيًّا( 203 ) .
…المسألة الثانية عشرة :(1/89)
مَن فاته شيءٌ من التكبير : قضاه على صفته . مثلاً : لو أن رجلاً دخل مع الإمام في التكبيرة الثالثة ، تُعْتَبَر له التكبيرة الأولى ؛ فيقرأ الفاتحة ، ثم إذا كبر الإمام التكبيرة الرابعة تكون له الثانية ؛ فيُصَلِّي على النبي -(- ، فإذا سَلَّم الإمام كبر هو التكبيرة الثالثة ودعا ، ثم يُكَبِّر الرابعة ، ثم يُسَلِّم ، ويُحَاوِل أن يَخْتَصِرَ في الدُّعاء والصلاة على النبي -(- كأن يقول : " اللهُمَّ صل على محمد وعلى آله وصحبه " - قبل أن تُرْفَع الجِنَازَة .
…المسألة الثالثة عشرة :
جاءت السُّنَّة بأكثر مِن أرْبَع تكبيرات على المَيِّت ؛ فصح عن الرسول -(- أنَّه كَبَّر خمسًا وسبعًا وتسعًا . قال بعض أهل العلم : يُنَوِّع في التكبيرات ؛ فيأتي بهذه مرة وهذه مرة . والتكبيرات الزائدة يَدْعُو للمَيِّت بينها ، و التكبيرة الأخيرة يَسْكُت ، ثم يُسَلِّم .
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - : " التكبيرات الأربع والخمس نَاسِخَة لباقي التكبيرات ؛ فالسُّنَّة أن يُكَبِّرَ أرْبَعاً أو خَمْساً فقط " .
???
مُخْتَارَات مِن فَتَاوى العُلَمَاء
صفة الصلاة على المَيِّت
س : ما كيفية الصلاة على المَيِّت ؟
ج : كيفية الصلاة على المَيِّت : أن يكبر تكبيرة الإحرام ، ويتعوذ بعد التكبير مباشرة ، ولا يستفتح ، ثم يُسَمِّي ويقرأ الفاتحة ، ثم يُكَبِّر ، ويُصَلِّي بعدها على النبي -(- - مثل الصلاة عليه في التشهد الأخير من صلاة الفريضة - ، ثم يُكَبِّر ، ويدعو للمَيِّت بما ورد ، ومنه : " اللهُمَّ اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبَرَد ، ونَقِّه من الذنوب والخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس ، وأبْدله داراً خيراً من داره ، وزوجاً خيراً من زوجه ، وأدخله الجَنَّة ، وأعِذْه من عذاب القبر ومن عذاب النار ، وافْسَحْ له في قبره ، ونَوِّر له فيه " .(1/90)
وإنْ كان المُصَلَّى عليه أُنْثَى : قال : " اللهُمَّ اغفر لها . . " - بتأنيث الضمير في الدُّعاء كله - . وإنْ كان المُصَلَّى عليه صَغيرًا : قال : " اللهُمَّ اجعله لوالديه فَرَطًا وأجْراً وشَفيعًا مُجَاباً ، اللهُمَّ ثَقِّل به موازينهما ، وأعظم به أجورهما ، وألْحِقْه بصالح سَلَفِ المُؤْمِنين ، واجْعَلْه في كَفالَة إبراهيم ، وَقِه - بِرَحْمَتِك - عذاب الجحيم " .
ثم يُكَبِّر ، ويقف بعد التكبير قليلاً ، ثم يُسَلِّم عن يمينه تَسْلِيمَة واحدة. ( 204 )
***
الصلاة على الكافر ووَلَد الزِّنَا
…س : هل يُصَلَّى على طفلٍ أبواه كافران ؟ وهل يُصَلَّى على وَلَد الزِّنَا ؟ وما دليلهما ؟
…ج : لا يُصَلَّى على الطفل الذي أبواه كافران . وأما وَلَد الزِّنا : فإنَّه يُصَلَّى عليه إذا كانت أُمُّه مُسْلِمَة ، ولا ذَنْبَ عليه فيما اقْتَرَفَ الزَّانِي والزَّانِيَة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 205 )
***
صلاة المرأة على الجِنَازَة
…س : هل يجوز أن تُشارِك المرأة الرِّجال في الصلاة على الجِنَازَة ؟(1/91)
…ج : الأصل في العبادات التي شَرَعَها الله في كتابه ، أو بَيَّنها رسول الله -(- في سُنَّتِه : أنها عَامَّةٌ للذُّكُور والإنَاث ، حتى يَدُلَّ دَليلٌ على التخصيص بالذُّكور أو الإنَاث . وصلاة الجِنَازَة من العبادات التي شَرَعَها الله - تعالى - ورسوله -(- ؛ فَيَعُمُّ الخِطَابُ الرِّجالَ والنِّسَاءَ ، إلا أن الغَالِبَ أن الذي يُبَاشِرُ ذلك الرِّجال ؛ لِكَثْرَة مُلازَمَة النساء لِبُيُوتِهِنَّ ، ولذلك إذا صادف أنه لم يَحْضُر الجِنَازَة إلا نِساءٌ صَلَّيْنَ عليها ، وقُمْنَ بالواجب نَحْوَها . وقد ثبت أن عائشة - رضي الله عنها - أمرت أن يُؤْتَى بِسَعْد ابن أبي وَقَّاص لِتُصَلِّي عَلَيْه ، ولم نَعْلَم أن أحدًا من الصحابة أنْكَرَ عليها ؛ فدل ذلك على أن المرأة تُشارِك الرِّجال في الصلاة على الجِنَازَة ، وقد تَنْفَرِد بالصلاة عليها لأمورٍ تَدْعُو إلى ذلك ، كما يكون ذلك في حَقِّ الرِّجال ، غير أنَّهُنَّ إذا صَلَّيْنَ صلاة الجِنَازَة - أو غيرها - مع الرجال : تَكون صُفُوفُهُنَّ خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجال . وثبت أيضًا أنهن صَلَّيْن على النبي -(- كما صَلَّى عليه الرِّجال ، لكنهن لا يُشَيِّعْنَ الجَنائِز للدَّفْن ؛ لنهي النبي -(- عن ذلك
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 206 )
***
الصلاة على الغَائِب
…س : أيجوز أن نُصَلِّي صلاة الجِنَازَة على المَيِّت الغَائِب ، كما فعله النبي -(- مع حبيبه النَّجَاشِيّ ، أو ذلك خاص به ؟
…ج : تجوز صلاة الجِنَازَة على المَيِّت الغَائِب ؛ لفعل النبي -(- ، وليس ذلك خَاصًّا به ، فإنَّ أصحابه ( صَلُّوا معه على النَّجَاشِيّ ، ولأنَّ الأصل عَدَم الخُصُوصيَّة ، لكن ينبغي أن يكون ذلك خَاصًّا بِمَن له شأنٌ في الإسلام ، لا في حَقِّ كُلِّ أحَدٍ .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 207 )
***(1/92)
إمام المَسْجِد أوْلَى بالصلاة على المَيِّت مِن وَلِيِّه
…س : إذا كان قد وَصَّى المَيِّتُ بأن يُصَلِّي عليه شخص مُعَيِّن : فهل هذا الشخص أوْلَى مِن الإمَامِ الرَّاتِب ؟
…ج : إمام المَسْجِد أوْلَى بالصلاة على الجِنَازَة مِنَ الشَّخْص المُوصَى له ؛ لقول النبي -(- : " لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطانِه " ، وإمام المَسْجِد هو صَاحِبُ السُّلْطَان في مَسْجِدِه ( 208 ).
***
حُكْم السَّفَر لأجل الصلاة على المَيِّت
…س : ما حُكُم السَّفَر لأجل الصلاة على المَيِّت ؟
…ج : لا حَرَجَ في ذلك . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ( 209 ).
لم يَثْبُت في القراءة بعد التكبيرة الرابعة شىءٌ
…س : هل يُقرأ بعد التكبيرة الرابعة شىء ؟
…ج : لم يَثْبُت شىءٌ في ذلك ؛ بل يُكَبِّر ، ثم يَسْكُت قليلاً ، ثم يُسَلِّم بَعْد الرَّابِعَة ( 210 ).
***
حُكْم الزِّيَادَة على أربع تكبيرات
…س : إذا كان المَيِّت له فَضْلٌ : فهل يُزاد في عَدَد التَّكْبِيرَات ؟
…ج : الأفْضَل الاقتصار على أربع - كما عليه العمل الآن - ؛ لأن هذا هو الآخِر من فِعْل النبي -(- ، والنَّجَاشِيّ - مع كونه له مِزية كبيرة - اقتصر - عليه الصلاة والسلام - في التكبير عليه بأرْبَع ( 211 ).
السُّنَّة لِمَن فاتته بعض تكبيرات صلاة الجِنَازَة أن يَقضيَها
…س : الأخ م . م . أ . من نيويورك يقول في سؤاله : إذا فات الإنسانَ بَعْضُ صلاة الجِنَازَة فهل يَقضيها ؟ وما هي صِفَة قَضائِهَا ؟
ج : السُّنَّة لِمَن فاته بعض تَكْبيرَات الجِنَازَة أن يقضي ذلك ؛ لعموم قول النبي -(- : " إذا أُقيمَت الصلاة ؛ فامْشُوا إليها وعَلَيْكُم السَّكينَة والوَقار ، فما أدْرَكْتُم فصَلُّوا وما فَاتَكُم فاقْضُوا " . وصِفَة القَضَاء : أن يَعْتَبِرَ ما أدْرَكه هو أوَّل صلاته ، وما يَقْضيه هو آخرها ؛ لقوله -(- : " فما أدركتم فصَلُّوا وما فاتكم فأتِمُّوا " .(1/93)
فإذا أدرك الإمام في التكبيرة الثالثة : كَبَّر وقرأ الفاتحة ، وإذا كَبَّر الإمام الرابعة كَبَّر بَعْدَه وصَلَّى على النبي -(- ، فإذا سَلَّم الإمامُ كَبَّر المأموم المَسْبُوق ودعا للمَيِّت دُعَاءً موجزًا ، ثم يُكَبِّر الرابعة ويُسَلِّم . وَفَّقَ اللهُ الجَميعَ لِمَا يُرْضِيه . ( 212 )
حُكْم الصلاة على المَيِّت بَعْد دَفْنِه
…س : ما حُكْم الصلاة على الجِنَازَة بعد دفنها ؟ وهل تُحَدُّ بِشَهْرٍ ؟
…ج : حُكْم الصلاة على الجِنَازَة بعد دفنها : سُنَّة ؛ لأن النبي -(- صَلَّى عليها بعد الدَّفْن ، والذي ما حَضَرَ الصلاة عليها يُصَلِّي عليها بَعْدَ الدَّفْن ، حتى الذي صَلَّى عليها لا مانع مِن أن يُعيدَ الصلاة عليها مع المُصَلِّين ، ولا حرج في ذلك ، حتى لو صَلَّى عليها مَرَّتَيْن أو ثلاثًا مع من يُصَلِّي عليها مِمَّن فاتته الصلاة عليها . والمَشْهُور عنالعلماء أنها إلى شَهْرٍ تقريبًا ( 213 ).
***
حُكْم الصلاة على القَبْر وَقْتَ النَّهِي
…س : ما حُكْم الصلاة على القَبْر وَقْتَ النَّهِي ؟
…ج : لا يُصَلَّى على القَبْر وَقْتَ النِّهي ، إلا إذا كان ذلك في الوقت الطويل - أي : بَعْد صلاة العصر ، وصلاة الفجر فَوَقْتُ النَّهِي - هُنَا - طويل - ؛ فلا بأس بالصلاة في هذا الوقت ؛ لأنها مِن ذوات الأسباب . أما في الأوقات المُضَيَّقَة - وهي : التي جاءت في حديث عقبة ( في صحيح مُسْلِم ، قال ( : " ثلاث ساعات كان رسول الله -(- ينهانا أن نُصَلِّي فيهن وأن نَقْبُرَ فيهنَّ موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول ، وحين تَضَيَّف الشمس للغروب " - : فلا تجوز الصلاة في هذه الأوقات على المَيِّت ولا دفنه فيها ؛ لهذا الحديث الصحيح( 214 ) .
***
الصلاة على الجِنَازَة في المُصَلَّى أفضل من المَسْجِد(1/94)
…س : مِن المعلوم أن الصلاة على المَيِّت ( الجِنَازَة ) أفضل في المُصَلَّى : هل يُخَصَّص في المَقْبَرَة مُصَلَّى للأموات ، أو يُصَلَّى عليهم في مُصَلَّى العِيد ؟
ج : يُصَلَّى على المَيِّت في المَسْجِد ، سواءً كان ذكرًا أو أنثى ، إلا إذا كان
يُوجَد مُصلَّى مُعَدٌّ للجَنائِز ؛ فإنه يُصَلَّى فيه على الجَنائِز - إذا تيسر ذلك - ، وإن صُلِّي على الجَنائِز في المَسْجِد : فلا بأس بذلك ، ولو كان هناك مُصَلَّى للجنائز ؛ لأن النبي -(- صَلَّى على ابن بَيْضاء في المَسْجِد( 215 ) .
***
حُكْم إعلان اسم المَيِّت
…س : ما حُكْم إعلان اسم المَيِّت - ذكراً أو أنثى - عِندَ الصلاة عليه ، إذا كان الجَمْعُ كَبيراً ؟
…ج : لا بأس به ؛ مِن أجل أن يَدْعُو الناس له دُعَاء التَّذْكيرِ - إنْ كان ذَكَرًا - ، ودُعَاء التأنيث - إن كان أُنْثَى - . وإن لم يُفْعَل فلا بأس أيضًا ، ويَنوي الذين لا يَعْلَمُون الصلاة على المَيِّت عَن الحاضر الذي بين أيديهم وتُجْزِئهم الصَّلاة ، والله أعلم ( 216 ) .
الإسراع بالميت للصلاة عليه
س : عندما يُسَلِّم الإمام من الفريضة يُسْرِع أهل المَيِّت بإحضار المَيِّت للصلاة عليه ، وقد يكون هناك مُصَلِّين يَقْضُون ما فاتهم من الصلاة : فهل يُسَارِع الإمام بالصلاة على المَيِّت ، أم يَنْتَظِر حتى يُنْهِي المُصَلُّون صلاة الفريضة ؟ نَرْجُو بيان ما يجب على أهل المَيِّت ، وما هي نصيحتك للإمام حِيالَ ذلك ؟
…ج : الذي أرى أنه إذا سَلَّم الإمام من الفريضة ، فإن كان فيه أُناس يَقْضُون - وهم كثيرون - : فالأوْلَى أن يَنْتَظرْ في تقديم الجِنَازَة ؛ من أجل كَثْرَة المُصَلِّين عليها ، حتى لا يَفُوتَهُم الثواب ، أما إذا لم يكن هناك سَبَبٌ فالمُبَادَرَة لذلك أفْضَل وَأوْلَى( 217 ) .
***
من فاتته الفريضة وقُدِمَ الميت(1/95)
س : إذا دخل الرجل إلى المَسْجِد وقد فاتته الصلاة المكتوبة مع الإمام ، وقد قُدِّم المَيِّت للصلاة عليه : هل يُصَلِّي مع الإمام على الجِنَازَة ؟ أم
يُصَلِّي المكتوبة ؟
…ج : يُصَلِّي مع الإمام على الجِنَازَة ؛ لأن المكتوبة يُمْكِن إدْرَاكها
بَعْدُ ، أما الجِنَازَة فإنه سوف يُصَلَّى عليها ، ثم يَنْصَرِفُون بها ( 218 ) .
***
الصلاة على الجنازة قبل الفجر وقبل العصر
س : ما هي الأوقات التي نُهِينَا أن نُصَلِّي فيها على موتانا ؟ ولماذا لا يُصَلِّي الناس على الجِنَازَة قبل الفجر أو قبل صلاة العصر إذا كانوا مُجْتَمِعينَ ، خُصوصًا في الحَرَمَيْن للخُروج مِنَ النَّهِي ؟
…ج : الساعات التي نُهِينَا عن الصلاة فيها وعَن دَفْن المَيِّت : ثلاث ساعات : حين طُلوع الشمس حتى ترتفع قَيْد رُمْح ، وحين يَقوم قَائِم الظَّهيرَة - أي : قُبَيْل الزوال بنحو عشر دقائق - ، وإذا بَقيَ عليها أن تَغْرُبَ مِقْدارَ رُمْحٍ . هذه ثلاث ساعات ؛ لحديث عقبة بن عامر ( : " ثلاث ساعات نهانا رسول الله -(- أن نُصَلِّي فيهنَّ وأن نَقْبُرَ فيهن مَوْتَانَا ... " ، وذَكَرَ هذه الساعات الثلاث .
…وأما بَعْد صلاة الفجر وبَعْد صلاة العصر : فإنَّه لَيْس فيه نهيٌّ عن الصلاة على المَيِّت ؛ ولهذا فلا حاجة أن تُقَدَّم الصلاة على المَيِّت قَبْل صَلاتَي العَصْر والفَجْر ، والله أعلم(1) .
***
إتمام الصفوف في صلاة الجنازة
…س : بالنسبة للصُّفُوف في صلاة الجِنَازَة : هل يُشْتَرَط إتمام الصَفِّ الأوَّل فالأوَّل ، وَسَدُّ الفُرَج بين الصُّفُوف ؟
…ج : الصُّفوف في صلاة الجِنَازَة ينبغي فيها تَسوية الصفوف كغيرها من الصلوات ، وأن يَكْمُل الصَّفُّ الأوَّل فالأوَّل ، وأن تُسَدَّ الفُرَج بين الصُّفُوف ( 2219 ) .
***
تعدد الصفوف دون اكتمالها
س : لو تَعَدَّدَت الصُّفُوف بدون أن تَكْتَمِل ؟(1/96)
…ج : هذا خِلاف السُّنَّة . وإنْ كان بعض أهل العلم رأى أنه يَنبَغي أنه لا تُنْقَص الصُّفُوف في صلاة الجِنَازَة عن ثلاثة ، حتى لو لم يُتَمّ الصَّفُّ الأول ، وقال : أنه ينبغي للإمام إذا كانوا لا يملأون الصفوف أن يُجَزِّئَهم ثلاثة صفوف ، والله أعلم ( 220 ).
***
مصافة الإمام عن يمينه في الصلاة
س : سُئِلَ سماحة الشيخ محمد بن إبرهيم عن مصافة الإمام عن يمينه في الصلاة على المَيِّت ؟
ج2 : السُّنَّة أن يَتَقَدَّم الإمامُ على المأمومين ، كما في الصلاة ، وما يفعله كثيرٌ من الناس مِن الصَّفِّ عَن يمين الإمام لا أصل له بِحَالٍ .
لكن إنما يُتَسَامَحُ في هذا ؛ لأنهم قد لا يَجِدُون مَكانًا في الصفوف ، وَلِيَحْمِلُوه بِسُرْعَة ، وإلا فليس هنا سُنَّةٌ أن يكون بَعْضُ أهْلِه مع الإمام ؛ بل الأمْر المَشْرُوع في الجَنائِز كالأمْر المَشْرُوع في الصلاة ( 221 )
الصلاة في المَقْبَرَة
س : فضيلة الشيخ ؛ ماحُكْم الصلاة في المَقْبَرَة والصلاة إلى القَبْر ؟
ج : وَرَدَ في ذلك حديثٌ عن رسول الله -(- أخرجه الترمذي أن النبي -(- قال : " الأرض كلها مَسْجِدٌ إلا المَقْبَرَة والحَمَّام " ، وروى مُسْلِم عن أبي مَرْثَد الغَنَوِي - رضي الله عنه - أن النبي -(- قال : " لا تجلسوا على القُبُور ولا تصَلُّوا إليها " .
وعلى هذا ؛ فإن الصلاة في المَقْبَرَة لا تجوز ، والصلاة إلى القَبْرِ لا تجوز ؛ لأن النبي -(- بَيَّنَ أن المَقْبَرَة ليست مَحِلاً للصلاة ، ونهى عن الصلاة إلى القَبْر .
والحِكْمَة من ذلك : أن الصلاة في المَقْبَرَة أو إلى القَبْرِ ذَرِيعَةٌ إلى الشِّرْك ، وما كان ذَرِيعَة إلى الشِّرْك كان مُحَرَّمًا ؛ لأن الشَّارِعَ قد سَدَّ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِل إلى الشِّرْك ، والشَّيْطان يَجْرِي من ابن آدمَ مَجْرَى الدَّم ؛ فيبدأ به أولاً في الذرائع والوسائل ، ثم يَبْلُغ به الغايات .(1/97)
فلو أن أحدًا من الناس صَلَّى صلاة فريضة أو صلاة تطوع في مَقْبَرَة ، أو على الجِنَازَة : فصلاته غير صحيحة .
أما الصلاة على الجِنَازَة بعد دفنها : فلا بأس بها ؛ فقد ثبت عن النبي -(- أنه صَلَّى على القَبْرِ ، في قِصَّة المرأة - أو الرَّجُل - الذي كان يَقُمُّ المَسْجِد ، فماتَ ليلاً ؛ فَلَم يُخْبِر الصحابةُ النبيَّ -(- بموته ، فَلَمَّا أصبح قال -(- : " دُلُّوني على قَبْرِه - أو قَبْرِها - " ؛ فَدَلُّوه ؛ فَصَلَّى عليه - صلواتُ الله وسلامه عليه - .
فَيُسْتَثْنَى مِن الصلاة في المَقْبَرَة : الصلاة على القَبْرِ ، وكذلك الصلاة على الجِنَازَة قبل دَفْنِهَا ؛ لأنَّ هذه صلاة خاصة تتعلق بالمَيِّت ، فكما جَازَت الصلاة على القَبْرِ على المَيِّت ، فإنها تَجُوز الصلاة عليه قبل الدَّفْن ( 222 ) .
***
فاتته بعض التكبيرات مِن صلاة الجِنَازَة
س : مَن فاتته بعض التكبيرات مِن صلاة الجِنَازَة : ماذا يَفْعَل ؟
ج : مَن فاتته بعض التكبيرات مِن صلاة الجِنَازَة : فإنه يأتي بها على صِفَتِها ، مع الذِّكْر الذي بعدها ، مادامتْ لم تُرْفَع ، فإن خَشِيَ رَفْعَها قبل إكْمَال الصلاة عليها : فإنه يُتابِع التَّكْبيرَات ، ثم يُسَلِّم قَبْل رَفْعِهَا( 223 ) .
???
حَمْل الجِنَازَة ودَفْنُها
…قد أرشد اللهُ قابيلَ إلى دَفْن أخيه هابيلَ ؛ فقال : ? (((((((( (((( (((((((( (((((((( ((( (((((((( ((((((((((( (((((( (((((((( (((((((( ((((((( ? ، وقال : ? (((((( (((((((( (((((((( (((((((( (((( (((((((((( (((((((((((( (((( ? ؛ أي : جَامِعَةً للأحياء في ظَهْرِها - بالمساكن - ، وللأموات في بَطْنِها - بالقُبُور - ، وقال - تعالى - : ? (((( (((((((((( ((((((((((((( (((( ? ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما :" معناه : أكْرَمَه بِدَفْنِه " .(1/98)
…روى مُسْلِم عن خباب ( قال : يا عبد الله بن عمر ؛ ألا تسمع ما يقول أبو هريرة ؟ أنه سمع الرسول -(- يقول : " مَن خرج مع جِنَازَة مِن بَيتها ، وصَلَّى عليها ، ثم تَبِعَها حتى تُدْفَن ؛ كان له قِيراطان من أجر ، كل قِيراط مثل أُحُد . ومَن صلى عليها ثم رجع ؛ كان له مِن الأجْر مثل أُحُد " ، فأرسل ابن عمر ( خبابًا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ، ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت ... فقال : قالت عائشة : صدق أبو هريرة ... فقال ابن عمر - رضي الله عنهما - : " لقد فَرَّطْنَا في قراريطَ كثيرة " ( 224 ) .
???
صِفَة حَمْل الجِنازَة
…1- يُوضَع المَيِّت بعد غَسْله وتَكْفينه على النَّعْش ، مُسْتَلقيًا على ظَهْرِه .
…2- يُغَطَّى ويُسْتَر بِغِطَاءٍ - أو بطانية ، أو نحوه - ، سوء كان رجلاً أو امرأة .
…يُسْتَحَب إنْ كانت الجِنازَة امرأة أن يُسْتَر النَّعْش بمكبة فوق السَّرير ، تُعْمَل من خَشَب أو جَريد أو قَصَب ، مثل القُبَّة ، فَوقها ثَوب حتى لا يُعْرَف طول المَيِّتَة وحجمها ، وهذا كله من باب المُبَالَغَة في سَتْرِها . وأوَّل مَن اتُّخِذَ له ذلك فاطمة بنت الرسول -(- ، ثُمَّ زينب بنت جحش أم المؤمنين .
أما الرَّجُل فلا تُعْمَل له المكبة إلا لحاجة ، مثل كوَنه كومة لَحْم ، أو مُقَطَّعَ الأعْضَاء .
…3- ويُسْتَحَب أن يحمله أربعة ، وهذا ما يسمى ( التربيع في حَمْل الجِنازَة ) : لِمَا رواه ابن ماجه عن عبدالله بن مسعود( قال : " من اتَّبَعَ جِنَازَة فَلْيَحْمِل بجوانِب السَّرِير كُلِّها ؛ فإنه مِنَ السُّنَّة ، ثُمَّ إن شاء فَلْيَتَطَوَّع ، وإنْ شاء فَلْيَدَع " ( 225 ) .(1/99)
…وصِفَة التَّرِبيع : أن يَحْمِل الجِنازَة من جوانبها وقوائم النَّعْش كلها ، ويَدور عليها ؛ فيضع قائمة النَّعْش اليسار - وهي التي تلي يمين المَيِّت من المقدمة - على كَتْفِه اليُمْنَى ، ثُمَّ إذا مَشَى قليلاً يدعها لغيره ، وينتقل إلى قائمة السرير الأيسر - من مؤخرة الجِنازَة - فيضعها على كَتْفِه اليُمْنَى أيضًا ، ثُمَّ يدعها لِغَيْرِه ، ثُمَّ يضع قائمة النَّعْش اليُمْنَى مِن مقدمة النَّعْش - وهي التي تلي يسار المَيِّت - على كَتْفِه اليُسْرَى ، ثُمَّ يدعها لغيره ؛ وينتقل إلى قائمة النَّعْش اليُمْنَى من المؤخرة ؛ فَيَضَعَها على كَتْفِه الأيْسَر كذلك ثم يدعها لغيره .
…4- يُسَنُّ الإسْرَاع بها ؛ لقوله -(- : " أسْرِعُوا بالجِنازَة ؛ فإن تَكُ صالحة فخيرٌ - لعله قال : تُقَدِّمونها عليه - ، وإنْ تَكُنْ غَيْرَ ذلك فشرٌّ تضعونه عَن رِقَابِكُم " ( 226 ) .
…ويكون الإسْرَاع وَسَطاً ؛ بحيث لا يُسْرِعُون بها سُرْعَةً قد تُسَبِّب مَخْضَ المَيِّت وإيذاءه وسُقُوطه : لِمَا روي أن النبي -(- مَرَّت عليه جِنَازَة تُمْخَض مَخْضَ الزِّقِّ ؛ فقال : " عَلَيْكُم القَصْدَ "( 227 ) .
…5- ويَجُوز أن يَمْشِي المُتَّبع للجِنَازَة من أمامها ، أو خلفها ، أو يمينها ، أو يسارها ؛ بحيث يُعَدُّون تَابعين لها ، قريبين منها . فإن كان راكباً فَيسيرخَلْفَ الجِنازَة .
…6- لا يَجْلِس مُتَّبعوها حتى تُوضَع على الأرض : لحديث أبي سعيد( مرفوعاً : " إذا رأيتُم الجَنَازَة فقوموا ؛ فَمَن تَبِعَها فلا يَقْعُد حتى تُوضَع " ( 228 ) . أما مَن كان بعيداً عنها أو مُنتَظِراً لها فيجوز له الجلوس ؛ لِمَا في ذلك مِنَ المَشَقَّة عليه لو انتظرها وَاقِفاً .(1/100)
…7- يُسَنُّ لمُتَّبِع الجِنازَة أن يكون مُتَخَشِّعاً ، مُتَفَكِّراً في مآله ، مُتَّعِظاً بالموت ، وبما يَصيرُ إليه المَيِّت . قال سعد بن معاذ( : " ما تَبِعتُ جِنَازَة فَحَدَّثتُ نفسي بِغَيرِ مَا هُو مَفْعُولٌ بها " .
ويُكْرَه الضَّحِك والتَّبَسُّم ، والتَّحَدُّث في أُمُور الدُّنيا .
حَفْر القَبْر
…1- يُسَنُّ تَعميق القَبْر بلا حَدٍّ ، وتوسيعه بلا حَدٍّ : لقول الرسول -(- في قَتْلَى أُحُد : " احْفِروا وأَوْسِعُوا وأحْسِنوا ... " ( 229 ) ؛ ولأن تعميق القَبْر أنْفَى لظهور الرائحة التي تؤذي الأحياء ، وأبْعَد لِنَبْش الحيوانات ، وآكد لِسَتْر المَيِّت . قال بعض العلماء : يُحْفَر ويُعَمَّق القَبْر بِقَدْر قَامَة الرَّجُل . ويكفي ما يَحْصُل به المقصود مِن مَنْع الرائحة ونَبْشِ السِّبَاع .
…2- يُسَنُّ توسيع القَبْر عِندَ الرأس والرِّجْل : للحديث الذي رواه البيهقي أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال لحَفَّار : " أوْسِع مِن قِبَل الرأس ، و أوْسِع من قِبَل الرِّجْلَيْن " ( 230 ) .
…3- تُحَدَّد نوعية القَبْر : هل هو شَقٌّ أم لَحْد ؟ واللَّحْد أفْضَل من الشَّق ؛ لحديث سعد بن أبي وقاص( أنه قال في مرضه الذي مات فيه : " ألْحِدُوا لي لَحْداً ، وانْصِبُوا عليَّ اللَّبِن نَصْباً ؛ كما فُعِلَ بالنبي -(- " ( 231 ) .
وقال الرسول -(- : " اللَّحْد لَنَا والشَّقُّ لِغَيْرِنَا " ( 232 ) .
…و( اللَّحْد ) : أصله " الَمْيل " ، يُحْفَر في أسْفَل القَبْر - مِنَ الحائط الذي يَلي القِبْلَة - حُفْرَةٌ ، يُوضَع فيها المَيِّت ، ولا يُعَمَّق تَعميقًا يَنْزِل فيه جَسَدُ المَيِّت كثيراً ؛ بل بِقَدْرِ مَا يَكون الجَسَد .
…و( الشَّق ) : يُحْفَر في وَسَط القَبْر حُفْرَة يُوضَع فيها المَيِّت .(1/101)
…إذا اُحْتيجَ إلى الشَّق : فإنه لا بأس به ، خاصةً إذا كانت الأرض رَمْليَّة ؛ فإنَّ اللَّحْد فيها لا يُمْكِن ؛ لأن الرَّمْل إذا لُحِدَ فيه انْهَدَمَ . فَيُحْفَر الشَّقُّ ، ويُوضَع على جَانِبَي الحُفْرَة - التي بها المَيِّت - اللَّبِن ؛ مِن أجل ألا يَنَهَدَّ الرَّمْل ، ثُمَّ يُوضَع المَيِّت بين هذه اللَّبِنَات .
???
صِفَة الدَّفْن
…1- يُسَنُّ أن يُدْخَل المَيِّت في قَبْره مِن عِندَ رِجْلَيْ القَبْر - أي : مكان الرِّجْلَيْن في القَبْر - ، ويُسَلُّ أولاً رَأسُه ؛ لأنه أشرف أعضائه وكعادة الحي في دخوله ، ولأنه -(- " سُلَّ مِن قِبَل رَأسِه سَلاًّ " ( 233 ) وعبد الله بن يَزيد أَدْخَلَ الحارث قَبْره مِن قِبَل رِجْلَيْ القَبْر ؛ وقال : " هذه السُّنَّة " ( 234 ) . وإنْ لم يَكُن إدْخَاله القَبْر مِن عِندِ رِجْلَيْه أسْهَل : أُدْخِلَ مِن حَيْثُ يَسْهُل ؛ دَفعًا للمَشَقَّة والضَّرَر .
…2- يَتَوَلَّى إنزال المَيِّت - ولو كان أُنْثَى - الرِّجَال دون النِّسَاء . والوَصي أحَقُّ بإنْزال المَيِّت ، فإنْ لم يُوصِ المَيِّت : فالأب ، ثُمَّ الأقرب فالأقرب ، ثُمَّ مِن عَامَّة المُسْلِمِين .
…3- المرأة يُسَجَّى قَبْرها بِغِطَاءٍ يَسْتُر عن أَعْيُن الحَاضِرِين - أثناء وَضْع المَيِّتَة وتهيئة القَبْر واللَّحْد لها - وحتى يُصَفَّ اللَّبِن عليها ؛ لأنه لا يُؤْمَن أن يَبْدو مِنها شىءٌ ؛ فيراه الرِّجَال . أما الرَّجُل لا يُغَطَّى قَبْره إلا لِعُذْر - مثل المَطَر - : لِمَا رُويَ عن علي( " أنه مَرَّ بقوم وقد دفنوا مَيِّتًا وبَسَطُوا على قَبْره الثوب ؛ فجذبه وقال : " إنما يُصْنَع هذا بالنِّسَاء " ( 235 ) .
…4- يُوضَع المَيِّت بِرِفْقٍ في القَبْر على جَنبِه الأيْمَن ؛ لأنه أشْبَه بالنائم ، ويكون المَيِّت مُتَّجِهاً للقِبْلَة ؛ لحديث الرسول -(- : " ... قِبْلَتكم أحْياءً وأمواتاً " رواه الترمذي والبيهقي .(1/102)
…5- تُفَكُّ وتُحَلُّ العُقَد والأرْبِطَة التي على الكفن : لقول عبدالله بن مسعود ( : " إذا أَدْخَلْتُم المَيِّت القَبْر فَحُلُّوا العُقَد " . ولا يُكْشَف عن الوَجْه ؛ لأنه لم يَرِد دَليلٌ ، ولم يَفْعَلْه السَّلَف .
…6- يُدْنَى المَيِّت مِن الحائط ، ويُلصَق حتى لا يَنْكَبَّ على وَجْهِه ويُوسِدُه بِتُرَابٍ أو طين من أمامه ، ومن ناحية ظهره ؛ حتى لا يَسْقُط ويَضَع تراباً - أو طيناً - تَحْتَ رَأسِه ؛ لأنه أرْيَح للمَيِّت .
…7- يَنصُب اللَّبِن على اللَّحْد ؛ بحيث يُصْبِح اللَّحْد مثل الكوخ للمَيِّت ، ثُمَّ تُسَدُّ الفراغات التي تكون بين اللَّبِن بالطين ، ويُحْثَى على هذا الطِّين تُرَابٌ نَاشِفٌ ؛ حتى يتماسك ، ويُفْعَل هذا حتى لا يَنْزِلَ التُّراب على المَيِّت أثناء دَفْنِه ، وهذا أطْيَب لِنَفْسِ الحَي ، خاصةً أقرباء المَيِّت .
…8- ثُمَّ يُحْثَى عليه التُّراب باليد ، ثلاثَ حَثَيَات ، مِن عِند رأسِ المَيِّت : لحديث أبي هريرة ( أن الرسول -(-: " صَلَّى على جِنَازَة ، ثُمَّ أتى قَبْر المَيِّت ، فحَثَى عليه مِن قِبَل رأسه ثلاثًا " ( 236 ) .
…9- ثُمَّ يُهَال التُّراب على قَبْره ، ويُرفع القَبْر عن الأرض قَدْر شِبْرٍ ، ويَجْعَلُه مُسَنَّماً ، مثل سَنَام الجَمَل : لحديث سفيان التَّمَّار قال : " رأيتُ قَبْر رسول الله - عليه الصلاة والسلام - مُسَنَّماً " ( 237 ) .
ولا يُسَوَّىَ بالأرْض ؛ حتى يَتَمَيَّزَ ؛ فَيُصَان . ولحديث علي ( : " أن النبي -(- أُلْحِدَ له لَحْداً ، ونُصِبَ عليه اللَّبِن نَصْباً ، " ورُفِع قَبْره من الأرض شبراً ، أو نَحْواً مِن شِبْرٍ " ( 238 ) .(1/103)
…10- يُرَشُّ القَبْر بالماء عند الحاجة ، ثُمَّ يوضع عليه الحَصْبَاء ( حَصًى صغيرة ) . والحِكْمَة في ذلك حتى يَتَمَاسَك القَبْر ؛ فيكون أثْبَت وأقْوَى له مِن أن تَذْهَبَ به الرِّيحُ والسُّيُول ، ولما رواه البيهقي : " أن الرسول -(- رَشَّ على قَبْر ابنه إبراهيم ماءً ، وَوَضَعَ عَلَيْه الحَصْبَاء " ( 239 ) .
…11- تَعْليمه بِحَجَر أو لبن كما هو الحال في وقتنا الحالي، يُوضَع عِند الرَّأس : للحديث الذي رواه أبو داود : لما مات عُثمان بن مَظْعُون أُخْرِجَ بِجَنَازَتِه ؛ فَدُفِنَ ؛ فأمر النبي -(- أن نَأتيه بِحَجَرٍ ، فَلَم نَسْتَطِع حَمْلَه ؛ فقام رسول الله فَحَسَر عن ذِرَاعَيْه فَحَمَلَها ؛ فَوَضَعَها عِندَ رَأسِه ؛ وقال : " أتَعَلَّمُ بها قَبْر أخي وَأدْفِنُ إليه مَن مات مِن أهْلِي " ( 240 )
…12- يُسْتَحَب الدُّعاء للمَيِّت بعد ذلك : لقوله تعالى في المُنافِقِينَ : ? (((( (((((( (((((( (((((((((( ? ، قال أكثرُ المُفَسِّرين : معناه " بالدُّعاء والاستغفار بعد الفراغ من دفنه " ، والمُسْلِم أوْلَى بذلك بِظَاهِر الآية ، ولحديث عثمان بن عفان ( قال : كان النبي -(- إذ فَرَغَ مِن دَفْن المَيِّت وَقَفَ عليه ؛ وقال : " اسْتَغْفِرُوا لأخيكم ، وسَلُوا له التَّثبيتَ ؛ فإنه الآن يُسْأل " ( 241 ) .
???
مَسائِل تَتَعَلَّقُ بِهَذا البَاب
…المسألة الأولى :
يُسَنُّ دَفْن المَيِّت في المَقْبَرَة ؛ لأن الرسول -(- كان يَدْفِنُ أصْحَابَه في البَقيع ، والشَّهيد يَدْفِنُه في مَوطِن اسْتِشْهَادِه .
…المسألة الثانية :
ينبغي أن يَتَوَلَّى الدَّفْن عَالِمٌ بأحْكَام الدَّفْن ، ولا يُشْتَرَطُ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ في إنزاله القَبْر ؛ ولكن بِحَسَب الحَاجَة والمَقَام .
…المسألة الثالثة :(1/104)
يَجوز الجُلُوس عِندَ القَبْر وَقْتَ الدَّفْن لتذكير الحاضرين بالموت : لحديث البراء بن عازب الطويل : " خرجنا في جِنَازَة رجل من الأنصار ... " ( 242 ) .
…المسألة الرابعة :
يجوز الدَّفْن في جميع الأوْقَات ، ويُكْرَه في أوقات النهي الثلاثة إلا لضرورة ، ولا بأسَ بالدَّفْن في الليل ؛ لأن الرسول -(- دَفَنَ ذا البِجَادَيْن ليلاً ، وأبو بكر دُفِنَ في الليل ، وعلي ( دَفَنَ فَاطِمَة - رضي الله عنها - ليلاً .
…المسألة الخامسة :
يَحْرُم دَفْنُ الكَافِر في مقابر المُسْلِمِين ، والمُسْلِمِ في مَقابِر الكُفَّار .
المسألة السادسة :
لا يجوز زيادة تُراب القَبْر أو البناء عليه : لحديث جابر( مرفوعًا : " نهى الرسول -(- أن يُبْنَى على القَبْر أو يُزاد عَلَيْه ... " .
…المسألة السابعة :
يُكْرَه تزويق القَبْر ودَهْنه ؛ لأنه بِدْعَة . ويُكرَه الكِتَابَة عليه ، وتَجْصِيصِه والاتكاء عليه . ويُكْرَه المَبيت عند القَبْر ، والجلوس عَلَيْه وَوَطْؤه : لِمَا روى مُسْلِم عن جابر( : " نهى رسول الله -(- أن يُجَصَّص القَبْر ، أو أن يُقْعَدَ عَلَيْه ، أو أن يُبْنَى عَلَيْه " ( 243 ) ، وزاد الترمذي : " وأن يُكْتَبَ عَلَيْه " . وروى عَمرو أو عُمَارَة بن حَزْمٍ قال : " رآني رسول الله مُتَّكِئًا على قَبْر ؛ فقال : " لا تُؤْذِ صَاحِبَ هذا القَبْر- أو لا تُؤْذِه - " ( 244 ) .
…المسألة الثامنة :
ويَحْرُم تقبيله يعني : القَبر ، والطواف به ، وتبَخْيره ، وكِتابَة الكتابات ودَسها فيه ، والاسْتِشْفَاء بِتُرْبَتِه من الأمراض . كُلُّ هذا من البِدَع أو الشِّرْك .
…المسألة التاسعة :(1/105)
يُكْرَه المشي بين القبور بالنِّعَال - لِغَير عُذْرٍ ؛ مثل : وُجود شَوْكٍ أو حَرارَةِ الأرْضِ ، فلا بأس بالمَشي بالنعال في هذه الحالة - : لحديث بَشير بن نَهِيك مولى رسول الله -(-قال : بينما أنا أُمَاشِي رَسُولَ الله -(- فإذا رَجُلٌ يَمْشِي في القبور عليه نَعْلان ؛ فقال : " يا صاحب السَّبْتِيَّتَيْن ؛ ويَحْكَ ألْقِ سَبْتِيَّتَيْكَ " ؛ فنظر الرجلُ ، فلما عرف الرسول -(- خَلَعَهُما فَرَمَى بِهِمَا " ( 245 ) .
…المسألة العاشرة :
يَحْرُم إسْراج القُبُور ، وبِناءُ المَساجِد عليها ، وكذلك الدَّفْن في المَساجِد ؛ لأنها لم تُبْنَ لذلك : فعن ابن عباس( قال : " لَعَنَ رسولُ-(- زائراتِ القُبُور ، والمُتَّخِذين عليها المَساجِد والسُّرُج " ( 246 ) .
أما إذا كان الدفن ليلاً : فيجوز إيقاد السِّرَاج ؛ لِيَسْهُل رؤية القَبْر والدفن ؛ ودليل ذلك : أن الرسول -(- دَخَلَ قبرًا ليلاً ؛ فأُسْرِجَ له سِرَاجٌ ؛ فأخذه من قِبَل القِبْلَة ، و قال : " رَحِمَك الله ؛ إنْ كنتَ لاوَّاهًا تَلاَّءً للقُرآن ... " ( 247 ) .
…المسألة الحادية عشرة:
وتَحْرُم الصلاة في المَقْبَرَة - غير صلاة الجِنازَة لِمَن لم يُصَلِّ عَلَيْها مع الناس - : لحديث أن الرسول -(- قال : " لا تَجْلِسُوا على القُبُور ، ولا تُصَلُّوا إلَيْهَا " ( 248 ) .
…المسألة الثانية عشرة :
الدَّفْن في النَّهَار أفْضَل مِنَ اللَّيْل ؛ لأنه أسْهَل لمُتَّبِعِي الجِنازَة ، وأكثر للمُصَلِّين عليها ، وأمْكَن لِتَطْبيقِ السُّنَّة في الدَّفْن ، إلا إذا دَعَتْ له الحَاجَة - مِنَ خوف تَعَفُّن المَيِّت ، أو غيرها - .
…المسألة الثالثة عشرة :
يَحْرُم دَفْن مَيٍّتٍ على آخر -إلا عندما يُظَنُّ أن الأول أصْبَحَ تُراباً- وكانت هناك ضرورة ؛ فَتُجْمَع العِظَام ، وتُوضَع في قَبْرٍ آخَر .
…المسألة الرابعة عشرة :(1/106)
ويُسْتَحَب جَمْع المَوتَى الأقارب في مَقْبَرَة واحدة ، ويَحْرُم في لَحْدٍ واحِدٍ ، إلا لضرورة ؛ لأنه -(- " كان يَدْفِنُ كُلَّ مَيِّتٍ في قَبْر " ، وعلى هذا اسْتَمَرَ أصحابُه ومَن بَعْدَهُم .
…المسألة الخامسة عشرة :
يَحْرُم الذَّبْحُ عِندَ القُبُور ، والأكْلُ منها : قال الرسول -(- : " لا عَقْرَ في الإسلام "( 249 )
…المسألة السادسة عشرة :
لا يَجُوز التَّلْقِين بَعْدَ الدَّفْن ؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك إما ضَعيفَةٌ أومَوضوعَةٌ ، ولم يَثْبُت عن الرسول -(- في ذلك شَىءٌ . والمَشْرُوع هو الدُّعاء للمَيِّت فَقَط .
…المسألة السابعة عشرة :
لا تَجُوز قِراءة القرآن عِندَ القَبْر ، أو بَعْد الدَّفْن ، خاصةً الفاتحة ؛ لأنه لم يَرِد عن الرسول -(-ولا عن أصحابه، فَفَاعِلُ ذلك مُبْتَدِع ؛وقد قال الرسول-(-:" مَن أحْدَثَ في أمْرِنَا هذا ما ليس مِنه فَهُو رَدٌّ " ( 250 ).
…المسألة الثامنة عشرة :
يَحْرُم على النِّسَاء زيارة القبور : فعن ابن عباس ( قال : " لَعَنَ رسولُ اللهِ زَائراتِ القُبُور ، والمُتَّخِذِينَ عليها المَساجِدَ والسُّرُج " ( 251 ) .
المسألة التاسعة عشرة :
لا يَجُوز وَضْع جَرِيد النَّخْل - ونَحْوها من البَّرْسِيم ، أو بعض النباتات ظناً أنها تُخَفِّف العذاب على المَيِّت .
…المسألة العشرون :
كَرِه كثير من أهل العلم إدْخال القَبْر خشباً ، أو حَجَراً ، أو طُوباً مَسَّتْه النَّار .
…المسألة الحادية والعشرون:
كَرِه بَعْضُ أهْلِ العِلْم أن يُدْفَن المَيِّت في تابوت ؛ لأن فيه تَشَبُّهًا بأهْلِ الكِتَاب ، ولم يَثْبُت في ذلك دليل ؛ إلا إذا كان هناك مَصْلَحَة - مثل أن يكون المَيِّت مُتَقَطِّعاً يَصْعُب فيه حَمْلُه والصلاة عليه أمام الناس ، أو موجودًا في بلاد الكُفْر فأراد أهله نَقْله حتى يُدْفَنَ في بلاد المُسْلِمِين - .
…المسألة الثانية والعشرون :(1/107)
مِن البِدَع : تطييب القَبْر بِزَعْفَران و نحوه .
…المسألة الثالثة والعشرون :
مِن البِدَع : حَمْل الأعلام أمام الجَنائِز ، أو وَضْع الزُّهُور أو الوُرود على المَيِّت ، أو القَبْر .
…المسألة الرابعة والعشرون :
مِنَ البِدَع : اتباع الجِنازَة ببُخُور حتى المَقْبَرَة .
المسألة الخامسة والعشرون :
الأنبياء - عليهم السلام - يُدْفَنُون حيث ماتوا ؛ كما دُفِنَ الرسول -(- في حُجْرَتِه التي ماتَ فيها .
…المسألة السادسة والعشرون :
إذا دُفِنَ المَيِّت ولم يُغَسَّل ولم يُكَفَّن : فإنه يُنْبَش القَبْر ويُغَسَّل ، إلا إذا طالت مُدَّة دَفْنه ، وخُشِيَ عليه الفَسَاد ؛ فإنه لا يُنْبَش .
وإن دُفِنَ ولم يُصَلَّ عليه : فَيُصَلَّى عَلَيْه وهُوَ في قَبْره .
…المسألة السابعة والعشرون :
اسْتَحَبَّ بَعْضُ أهْلِ العِلْم الدَّفْن في مَكانٍ يكون بِقُرب الشُّهَداءِ والصَّالِحِين ؛ لِيَنتَفِعَ بِمُجَاوَرَتِهم ، خاصة في البِقَاع الشَّرِيفَة - كمكة والمدينة - ؛ ولأنه أقْرَب للرَّحْمَة والبَرَكَة . ولذلك التمس عمر ( الدَّفْنَ عِندَ صَاحِبَيْه ، وسأل عائشة - رضي الله عنها - ذلك حتى أَذِنَت له . ولحديث أبي هريرة مرفوعًا : " أنَّ مُوسَى لما حَضَرَه الموتُ سأل ربه أن يُدْنيه من الأرض المُقَدَّسَة رَميةً بِحَجَرٍ " ، قال النبي -(- : " لو كنتُ ثَمَّ لأريتُكم قَبْره إلى جانب الطريق عند الكَثيب الأحْمَر " .(252 ) .
…المسألة الثامنة والعشرون :
يَحْرُم أن يُدْفَن مع المَيِّت حُلِّي أو ثياب أو مال ، وغيرها ؛ لأنه إضَاعَةٌ للمَال بِلا فَائِدَة .
المسألة التاسعة والعشرون :(1/108)
إنْ وقع في القَبْر مِنَ الحَفَّار - أو غيره - مَالٌ أو ما له قِيمَة عُرْفًا : فإنه يُنْبَش القَبْر ويُؤخَذ الذي وقع فيه : لِمَا رُويَ : " أن المغيرة بن شعبة طُرِح خَاتَمُه في قَبْر النبي -(- ؛ فقال : خَاتَمي ، فَفَتح موضعًا فيه فأخَذَهَ ، وكان يقول : أنا أقربكم عَهْدًا برسول الله -(- " ( 253 ) . وقال الإمام أحمد : إذا نَسِيَ الحفار مِسَحَاته في القَبْر جاز أن يَنْبِشَ القَبْر ويأخذها .
…المسألة الثلاثون:
يجوز نَبْش القَبْر لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَة : فقد ثبت في البُخاري عن جابر -( - أنه دَفَنَ أباه يوم أُحُد ورَجُلاً آخر ، قال : ثُمَّ لم تَطِبْ نَفْسِي أن أتْرُكَه مع الآخَر ؛ فاسْتَخْرَجْتُه بَعْدَ سِتَّة أشْهُر ... الحديث .
…المسألة الحادية والثلاثون:
لا يُرْفَع الصوت عند حمل الجِنازَة والدَّفْن ، لا بِذِكْرٍ و لا تهليلٍ ولا غَيْرِه ؛ بل يُسْتَحَب الصَّمْت والخُشُوع والتَّفَكُّر في الآخِرَة .
???
مُخْتَارَات مِن فَتاوى العُلَمَاء
رَفْع الصَّوت بالتهليل الجَمَاعي
س : ما حُكُم رَفْع الصَّوت بالتَّهليل الجَمَاعي أثناء الخُرُوج بالجِنازَة والمشي بها إلى المَقْبَرَة ؟
…ج : هَدي الرسول -(- إذا تَبِعَ الجِنازَة أنه لا يُسْمَع له صَوتٌ - بالتهليل ، أو القراءة ، أو نحو ذلك - ، ولم يَأمُر بالتَّهْليل الجَمَاعي - فيما نَعْلَم - ؛ بل قد رُويَ عنه -(- أنه " نَهَىَ أن يُتْبَع المَيِّت بصوت أو نار " رواه أبو داود .
…وقال قيس بن عَبَّاد - وهو من أكابر التابعين ، من أصحاب علي بن أبي طالب ( - : " كانوا يَسْتَحِبُّون خَفْضَ الصوت عِندَ الجَنائِز ، وعند الذِّكْر ، وعِندَ القِتَال " .(1/109)
…وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " لا يُسْتَحَب رَفْع الصَّوتِ مع الجِنازَة ، لا بِقِرَاءة ، ولا ذِكْر ، ولا غَيْر ذلك . هذا مذهب الأئمة الأربعة ، وهو المأثور عن السَّلَف من الصحابة والتابعين ، ولا أعلم فيه مُخَالِفًا " .
…وقال أيضًا : " وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يَكُن على عهد القرون المُفَضَّلَة " .
وبذلك يتضح لك أن رفع الصوت بالتهليل مع الجنائز بِدْعَةٌ مُنكَرَةٌ ، وهكذا ما شابه ذلك من قولهم : " وَحِّدُوه " ، أو " اُذْكُروا الله " ، أو قِراءَة بَعْض القَصَائِد - كالبُرْدَة - !
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 254 )
***
حُرْمَة المَقابِر
س5 : مَقْبَرَة قديمة جِداً على قُرْب مِن بيتي مسافة خمسين مترًا ، وبعض المواشي تَمُرُّ مِن حَولِهَا ، وبَعضها يَمُرُّ عَلَيْها : فهل يجوز نَقْلُها إلى مَقْبَرَة بعيدة ، أو يَجِب تَسْويِرها ؟
ج5 : إذا كان الواقع كما ذَكَرْتَ : فَمُرور المَواشي عليها حرام ، وأصحابها آثِمُون ؛ لانتِهَاكِهِم حُرْمَة الأموات ، ويجب على أهل القرية أن يُسَوِّرُوها ؛ مُحَافَظَةً على الأموات ، ورِعَايَةً لِحُرْمَتِهِم ، أو يُبَلِّغُوا الجِهَات المَسئولة في الحُكومة - وهي شُئون البَلَديَّات - ؛ لتقوم بتسويرها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم ( 255 ) .
***
السَّلام دَاخِل أم خَارِج المَقَابِر
س : فضيلة الشيخ ؛ هل يُسَلَّم على أهل القُبُور داخل المَقْبَرَة ، أم في الشارع عند المرور بالمَقَابِر ؟(1/110)
ج : السَّلام على أهْلِ القُبُور يكون داخل المَقْبَرَة - أي : إذا دخل المَقْبَرَة - ، أما إذا مَرَّ بها فإنه يُسَلِّم . وإنْ لم تَكُن مُسَوَّرَة : فقد قال بعض العلماء : إذا مَرَّ بِهَا فَلْيُسَلِّم ؛ لِيَحْصُلَ على الأجْر ؛ لأنه سَيَدْعُو لإخْوانِه ؛ فيكون مُحْسِنًا إليهم ، وفي ذلك أَجْرٌ وخَيْرٌ - إن شاء الله - ( 2 ) .
كيفية الدُّعَاء للمَيِّت بعد دَفْنِه
س : أمرنا الرسول-(- أن نَسْتَغْفِرَ لصاحبنا عند القبر ، وأن نسأل له التَّثْبِيت ، ولم يُحَدِّد لنا كيفية ذلك ، أو يُخَصِّص الأمر بما يُفيد التَّرْجيح لأي كيفية في الدُّعاء ، سِراً وجَهْراً : فهل دُعاؤنا للمَيِّت عند القَبْر عبادة أم مِنَ الفضائل ... . . ؟ وهل يَسْتَوِي الدُّعاء سِراً وجَهْراً ... . . ؟ أم أن الدعاء سِراً من السُّنَّة ، والدُّعاء جَهْراً مِن البِدْعة - كما يراه بعض الإخْوَة - ... . . ؟(1/111)
ج : أمرنا الرسول-(- بالاستغفار للمَيِّت المُسْلِم ، وسؤال التَّثْبيت له بعد دَفْنِه مُباشَرَةً ، وعَلَّلَ ذلك بأن هذا الوقتَ وَقْتُ سُؤالِ المَلَكَيْن له ؛ فهو بِحَاجَةٍ للدُّعاء لهِ بالتَّثبيت وطَلَبِ المَغْفِرَة ، ولم يَرِد في الحديث أنهم جَهَرُوا بالدُّعاء والاسْتِغْفَار ، ومعلوم أن الإسْرَار بالدُّعاء والاسْتِغْفَار أفْضَل من الجَهْر ؛ لأنه أقْرَبُ إلى الإخْلاص ، ولأن الله - سُبْحَانه - يَسْمَع الدُّعَاء سِرًّا أو جَهْرًا ؛ فلا يُشْرَع الجَهْر إلا بدليل ، عِلاوةً على أن الجَهْر يَحْصُل به تَشويشٌ على الآخَرِين ، ولم يُعْرَف - فيما أعلم - أن السَّلَفَ كانوا يَجْهَرُون بالدُّعاء عِندَ القَبْر بَعْدَ دَفْنه ، أو يَدْعُون بِصَوتٍ جَمَاعِي . وقد رَوَى أبو داود النَّهي عن اتْبَاع المَيِّت بِصَوتٍ أو نار . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوي " : ( ج24 / ص294 ) : " قال قَيْس بن عَبَّاد - وهو مِن كِبار التابعين ، من أصحاب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : " كانوا يَسْتَحِبُّون خَفْضَ الصوت عِندَ الجَنائِز ، وعند الذِّكْر ، وعِندَ القِتَال " ، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أنَّ هذا لم يَكُن على عهد القرون الثلاثة المُفَضَّلَة " انتهى .
وهذا يَدُلُّ على أنهم لم يكونوا يَرْفَعُون الأصوات بالدُّعاء للمَيِّت ، لا مع الجِنازَة ، ولا بَعْدَ الدَّفْن عِندَ القَبْر ، وهُم أعْلَم الناس بالسُّنَّة . فيكون رَفْع الصَّوتِ بِذَلِكَ بِدْعَةً ... والله أعلم ( 256 ) .
***
يضع أحرف أو كتابات لمعرفة قبرالميت
س : هل يجوز كتابة اسم المَيِّت على حَجَرٍ عند القَبْر ، أو كتابة آية من القرآن في ذلك ؟
ج8 : لا يَجُوز كتابة اسم المَيِّت على حَجَرٍ عند القَبْر ، أو على القَبْر ؛(1/112)
لأن الرسول-(- نَهَى عن ذلك ، حتى ولو آية من القرآن ، ولو كلمة واحدة ، ولو حَرْف واحد ، لايجوز . أما إذا عَلَّمَ القَبْر بِعَلامة غير الكتابة ؛ لكي يَعْرِفه للزيارة والسلام عَلَيْه - أن يَخُطَّ خَطًّا ، أو يضع حَجَراً على القَبْر ليس فية كتابة - ؛ مِن أجل أن يزور القَبْر ويُسَلِّم عليه : فلا بأس بذلك .
أما الكِتَابة فلا يجوز ؛ لأن الكتابة وَسيلَة مِن وَسائِل الشِّرْك ؛ فقد يأتي جيل من الناس - فيما بعد - ويقول أنَّ هذا القَبْر ما كُتِبَ عَلَيْه إلا لأن صاحبه فيه خَيْرٌ ونَفْعٌ للناس . وبِهِذَا حَدَثَتْ عِبَادَة القُبُور ( 257 ) .
***
المَوْعِظَة عِندَ القَبْر
س : فضيلة الشيخ ؛ ما مشروعية المَوْعِظَة عند القَبْر ، وسمعنا مَن يقول أنها سُنَّة ؟
ج9 : نعم ؛ القول بأنها ما وردت على إطلاقه غير صحيح ، والقول بأنها سُنَّة غير صحيح .
ووَجْه ذلك : أنه لم يَرِد أن الرسول -(- أنه كان يقف عند القَبْر - أو في المَقْبَرَة - إذا حضرت الجِنازَة ، ثُمَّ يَعِظ الناس ، ويُذَكِّرهم - كأنه خطيب جمعة ، هذا ما سَمِعْنَا به ، وهو بِدْعَة ، وربما يُؤَدِّي في المُسْتَقْبَل إلى شىء أعْظَم - ربما يُؤَدِّي إلى أن يتطرق المُتَكَلِّم إلى الكلام عن الرجل المَيِّت الحاضر ، مثل أن يكون هذا الرجل فاسقًا مثلاً ، ثُمَّ يقول : انظروا إلى هذا الرجل ؛ بالأمس كان يستهزىء ، بالأمس كان كذا وكذا ، والآن هو في قَبْره مُرْتَهَن . أو يتكلم في شخص تاجر مثلاً ، فيقول : انظروا إلى فلان ، بالأمس كان في القُصُور والسَّيَّارات والخَدَم والحَشَم ، وما أشبه ذلك ، والآن هو في قَبْره - !(1/113)
فلهذا نرى ألا يقوم الوَاعِظُ خطيباً في المَقْبَرَة ؛ لأنه ليس مِنَ السُّنَّة ؛ فلم يكن الرسول -(- يقف إذا فرغ مِن دَفْن المَيِّت ، يَقوم ويَخْطُب الناس ، أبداً ، وما عَهِدْنَا هذا من السابقين ، وهم أقرب إلى السُّنَّة مِنَّا ، ولا عَهِدْنَاه أيضًا فيمن قَبْلَهُم مِنَ الخُلَفَاء ؛ فما كان الناس في عهد أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي - فيما نعلم - يفعلون هذا ، وخَيْر الهَدْي هَدْي مَن سَلَفَ إذا وافق الحَق .
وأما المَوْعِظَة التي تُعْتَبَر كلامَ مَجْلِس : فهذه لابأس بها ؛ فإنه قد ثَبَتَ في السُّنَن أن الرسول -(- ، خرج أو أتَىَ إلى بقيع الغَرْقَد ، وفيه نَاسٌ يدفنون مَيِّتًا لهم ، لكن المَيِّت لَمَّا يُلْحَد فيما بعدُ - يعني : معناه أنهم يَحْفُرون القَبْر - ، فَجَلَسَ وجَلَسَ حَولَه أصْحَابُه ، وجَعَلَ يُحَدِّثُهم بِحَال الإنسانِ عِندَ مَوْتِه ، وحال الإنسانِ بَعْدَ دَفْنِه ، حَديثاً هادئًا ليس على سبيل الخُطْبَة .
وكذلك ثبت عنه في صحيح البخاري وغيره أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " ما منكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعده مِن الجَنَّة ، ومقعده من النار " ، فقالوا : يارسول الله ؛ ألا نَتَّكِل ؟ قال : " لا ؛ اعملوا ؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له " .
والحَاصِلُ أن المَوْعِظَة - التي هي قيام الإنسان يَخْطُب عِندَ الدَّفْن أو بَعْدَه - : ليست مِنَ السُّنَّة ، ولا تَنْبَغِي ؛ لِمَا عَرِفْتَ .
وأما المَوْعِظَة التي ليست كهيئة الخُطْبَة - كإنسان يَجْلِس ومعه أصحابه ، فَيَتَكَلَّم بما يُناسِبُ المَقام - : فهذا طَيِّبٌ ؛ اقتداءً برسول الله -(- ( 258 ) .
هل يَشْعُر المَيِّت بِمَن يَزُور قَبْرَه ؟
س : هل المَيِّت يَشْعُر بالذين يَزُورونه في المَقْبَرَة ؟ وهل الواجب الوقوف أمام القَبْر ، أم يكفي دُخول المَقْبَرَة فقط ؟ أفيدونا أفادكم الله(1/114)
ج : الشُّعُور مِنَ المَيِّت بزائره : اللهُ أعْلَم به ، وقد قال بعض السلف بذلك ، ولكن ليس عليه دليل واضح - فيما أعلم - . ولكن السُّنة مَعْلُومَة في شَرْعِيَّة زيارة القبور ، وأن نُسَلِّم عليهم ؛ فنقول : " السَّلام عليكم دارَ قَومِ مُؤمِنين ، وإنا - إنْ شاءَ اللهُ - بِكُم لاحِقُون ، نسأل اللهَ لَنَا ولكم العَافية ، يَغْفِر اللهُ لَنا ولَكُم ، يَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمينَ مِنَّا والمُسْتأخِرِين " . كُلُّ هذا مَشْروعٌ . وأما كونه يَشْعُر أولا يَشْعُر : هذا يحتاج إلى دليل واضح ، والله أعلم - سُبْحَانه وَتَعالَى - .
ولكن لايضرنا - شَعُرَ أم لم يَشْعُر - ؛ عَلَيْنَا أن نَفْعَل السُّنَّة ؛ فيُسْتَحَب
لنا أن نزور القبور ، وأن نَدْعُوا لهم ، ولو لم يَشْعُروا بِنَا ؛ لأن هذا أجْرٌ لنا ويَنفَعُهم ؛ فَدُعاؤنَا لهم يَنفَعُهم ، وزِيارَتُنَا تنفعنا ؛ لأن فيها أجْرًا ، ولأن فيها ذِكرَ الموت ، وذِكْرَ الآخرة ؛ فننتفع بها ، والمَيِّت ينتفع بذلك أيضًا ؛ بِدُعائنا له ، واستغفارنا له ، فينتفع المَيِّت بذلك .
أما الوقوف على القَبْر : فالأمر فيه وَاسِعٌ ؛ إنْ وَقَفَ على القَبْر فلا بأس ، وإنْ وَقَفَ على حَافَّة المَقْبَرَة وسَلَّم كَفَى ، فإذا وقف على طَرَف القُبُور وقال : " السلام عليكم أهلَ الدِّيارِ من المؤمنين والمُسْلِمِين ، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، يَرْحَم الله المُسْتَقْدِمينَ مِنَّا والمُسْتأخِرِين " كفى هذا ، وإن اتصل بقَبْر أبيه - أو قَبْر أخيه - يكون أفضل وأتم ؛ فكونه يصل إلى قَبْر أخيه - أو أبيه ، أو صديقه - يقف عليه , ويقول " السلام عليك يا فلان ورحمة الله وبركاته ، غفر الله لك ، ورحمك الله ، وضاعف حسناتك " ، ونحوها : طيب ، وهذا أفضل وأكمل ( 259 ) .
???
…
التَّعْزِيَة(1/115)
…قال - تعالى - : ? (((( ((((((( ((( ((((((((( (((( (((((((( (((( ( ((((( (((((((( (((((( (((((( ((((((((( ( (((((( ((((((( (((((( ((((((( (((( ? ، وقال - تعالى - : ? ((((((((((((((((( (((((((( ((((( (((((((((( ((((((((((( (((((((( ((((( ((((((((((( ((((((((((( (((((((((((((( ( ((((((((( ((((((((((((( ((((( ((((((((( (((((( (((((((((((( ((((((((( ((((((((( ((((( (( (((((((( (((((((( (((((((((( ((((( (((((((((((( (((((((((( ((((((((( (((( ((((((((( (((((((((( ( (((((((((((((( (((( ((((((((((((((( ((((( ? .
وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله - ( - يقول : " ما مِن مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ اللهم أجُرْني في مصيبتي وأخْلِف لي خيرًا منها ؛ إلا أخْلَفَ الله له خيرًا منها " ( 260 ) .
…وتَعْزيَة أهْلِ المَيِّت سُنَّةٌ مِن سُنَن النبي - ( - ؛ لقوله : " مَا مِن مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أخاه بِمُصيبةٍ إلا كَساهُ الله - سُبْحانه - مِن حُلَل الكَرامَة يَومَ القِيامَة " ( 261 ) ، وعن عبدالله ( عن النبي - ( - قال : " مَن عَزَّى مُصابًا فَلَه مِثْلُ أجْرِه " ( 262 ) .
…و قال - ( - : " مَا لِعَبْدِي المؤمن عِندِي جَزاءٌ إذا قَبَضْتُ صَفِيَّه من أهل الدُّنيا ، ثم احتسبه ؛ إلا الجَنَّة "( 263 ) .
…وعن أبي موسى ( أن الرسول - ( - قال : " إذا مات وَلَدُ العبد ، قال الله - تعالى - لملائكته : قَبَضْتُم وَلَدَ عَبْدِي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤادِه ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حَمِدَك واسْتَرْجَع . فيقول الله - تعالى - : ابْنُوا لِعَبْدِي بيتاً في الجَنَّة ، وسَمُّوه بَيْتَ الحَمْد " ( 264 ) .(1/116)
…وينبغي للمُسْلِم أن يَعْلم أن الدُّنيا دار بلاء وامتحان ؛ لذا يجب عليه أن يتحلى بالصَّبْر عند الشدائد ؛ فيُمْسِك نفسه عن الجَزَع والتَّسَخُّط من القَضَاء ، ويَحْبِس لِسانَه عَن قول السُّوء ، ويضبط جوارحه عن المعاصي ؛ فلا يشق جَيباً ، ولا يَلْطِم خداً ، ولا يقول إلا ما يُرضي ربه ؛ فتتحول بذلك مِحْنَته إلى مِنْحَة .
وإذا كان من حق المَيِّت : تغسيله ، وتكفينه ، والصلاة عليه ، ودفنه ، وسداد دَيْنه ، وتنفيذ وصيته الشرعية ، والدُّعاء له والاستغفار - فَمِن حَقِّ أهله : أن يُخَفَّف عنهم بالقول والعمل . والتَّعْزِيَة فيها تسلية لأهل المَيِّت ، وحَث على الصَّبْر والرضاء بالقضاء ، وتقوية لهم على تَحَمُّل هذه المُصيبة ، واحتساب الأَجْر .
???
وقت التَّعْزِيَة
…ووقتها : مِن وقت حُلول المُصيبة قَبْل الدَّفْن وبعده ، حتى يزول أثرها عن النفس وتنسى .
وتجوز التَّعْزِيَة في كل مكان : في السوق ، أو المسجد ، أو الطريق ، وغيره .
???
صِفَة التَّعْزِيَة
…وخير ما يُعَزَّى به ما عَزَّىَ به رسول الله - ( - ابنته زينب حين أرْسَلْتْ إليه رسولاً يخبره أن صبياً لها في الموت ، فقال - ( - : " إنَّ لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء ٍعنده بأجل مُسَمًّى فَلْتَصْبِر وَلْتَحْتَسِبْ " ( 265 ) .
…واختار بعض أهل العلم ألفاظًا مثل : أعْظَم الله أجرك وأحسن عزاءك ، وغفر لِمَيِّتك . ومثل ذلك جائز ، والأوْلَى ما جاءت به السُّنَّة .
…وللمُعَزِّي أن يَرُدَّ بقوله : " استجاب الله دعاءك ، ورحمنا وإياك " . رَدَّ به الإمام أحمد .
ويُسَنُّ صُنْع الطعام لأهل المَيِّت ؛ لانشغالهم بمُصابهم عن الاهتمام بأنفسهم ، وقد أمر النبي - ( - بذلك ، عندما اسْتُشْهِدَ جعفر بن أبي طالب ( ؛ فقال : " اصنعوا لآل جعفر طعامًا ؛ فإنه قد أتاهم أمرٌ شَغَلَهُم " ( 266 ) .
???
بَعْضُ المُخالَفَات التي تقع أثناء العَزَاء(1/117)
…1- لا يَجُوز التَّعْزِيَة بألفاظ بِدْعيَّة ؛ مثل : البقية في حياتك ، وما يُماثِل ذلك .
…2- لا يَجُوز الاجتماع للعَزاء في البيت ، أو في أي مكان ، ولا الإعلان عن ذلك ؛ إذ لا أصل له ، وقد عَدَّه السَّلَفُ من النِّيَاحَة : فعن جرير بن عبدالله البَجَلِيِّ قال : " كُنَّا نَرَى الاجتماع إلى أهل المَيِّت وصَنْعَة الطَّعام ، مِنَ النِّيَاحَة "( 267 )
…3- لا يَجُوز قِراءة القُرآن ، وهو ما يَحْدُث في بعض البلاد الإسلامية ، مِن اسْتِئْجَار المُقرئين في المَآتِم ؛ لأنه بِدْعَة ، وإنفاقٌ للمال في وَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ .
…4- لا يَجُوز تَخْصيص لباس معين للتعزية - كالأسود - ، كما يَحْصُل في بعض البلاد الإسلامية ؛ لِمَا في ذلك مِنَ التَّسَخُّط على قَدَرِ الله ، ولم يَفْعَلْه السَّلَف .
…5- لا يَجُوز تعزية غير المُسْلِمين ؛ لأن التَّعْزِيَة تخفيف على المصاب ، وتثبيت وحث على الصَّبْر والإيمان والرضا ، والكفار أعداء للمسلمين فلا ينبغي مواساتهم ولا تشييع جنائزهم ، ولا الاستغفار لهم ، قال - تعالى - : ? (( (((((( ((((((( ((((((((((( (((((( (((((((((((( (((((((( ((((((((((( (((( (((((( (((( (((((((((((( ... ? وقال - تعالى - : ? ((( ((((( (((((((((( ((((((((((( ((((((((((( ((( ((((((((((((((( ((((((((((((((( (((((( ((((((((( ((((((( (((((((( (((( (((((( ((( (((((((( (((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((( ((((( ? . ولا حَرَجَ أن نقبل تَعْزيَتَهم إن عَزَّوْنَا ، ونَدْعُوا لهم بالهداية .
…6- لا يَجُوز أن يتخذ الناس المصافحة والتقبيل للمُعَزِّي سُنَّةً أو عادةً في العزاء . فتركها أوْلَى . ولكن إنْ نَوَىَ المُلاقاة للمُعَزِّي والسَّلام : فهذا جَائِزٌ .(1/118)
…7- يَحْرُم لَطْم الخُدُود ، وشَقُّ الجُيُوب ، والدُّعاء بِدَعْوَى الجَاهليَّة : لقول النبي - ( - : " ليس منا مَن ضَرَبَ الخُدُود ، أو شَقَّ الجُيوب ، أو دَعَا بِدَعْوَى الجَاهليَّة " ( 268 ) . وعن أبي موسى( قال : "أنا بريء مِمَّن برىء منه رسول الله - ( - ؛ فإن رسول الله - ( - برىءَ من الصالقة والحالقة والشَّاقَّة " ( 269 ) .
…ويجوز البكاء على المَيِّت إذا لم يكن معه نَدْب ولانِياحَة : كما جاء: " أنه - ( - لما فاضت عيناه - لما رُفِعَ إليه ابن ابنته ونَفْسه تَتَقَعْقَع - ؛ فقال له سعد : ما هذا يا رسول الله ؟ فقال الرسول - ( - : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله مِن عباده الرُّحَمَاء " ( 270 ) .
…8- ولا تجوز النِّيَاحَة ، وأجمع أهل العلم على تحريمها ، ويكون ذلك بِتِعْداد محاسن المَيِّت مع رفع الصوت بالبكاء ؛ لما في ذلك مِنَ الجَزَع والاعْتِراض على قضاء الله وقَدَرِه : قال - ( - : " النائحة إذا لم تَتُبْ قبل موتها ، تُقَام يوم القيامة وعليها سِرْبَال مِن قَطِران ، ودِرْع من جَرَب " ( 271 ) .
…وعن عمر ( عن النبي - ( - قال : " المَيِّت يُعَذَّب في قبره بما نيح عليه " أخرجه مُسْلِم ، وعن عبدالله أن حفصة بكت على عمر ، فقال : مهلا ًيا بُنَيَّة ! ألم تعلمي أن رسول الله - ( - قال : " إن المَيِّت يُعَذَّب بِبُكاءِ أهْلِه عَلَيْه " ( 272 ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " والصواب أنه يتأذى بالبكاء عليه ، كما نطقت به الأحاديث الصحيحة " .(1/119)
…9- ولا يَجُوز أن يَصْنَع أهل المَيِّت طعاماً للناس ؛ لأن فيه زيادة على مُصيبَتِهم ، وشُغْلاً إلى شُغْلهم ، وتَشَبُّهاً بِصُنْع أهل الجاهلية ؛ فإنهم كانوا يتكلفون طَبْخ الطعام ، كما يفعله بعض الناس في زماننا ، فهذا من النِّيَاحَة التي نهى عنها رسول الله - ( - ؛ فعن جرير بن عبد الله البَجَلِي قال : " كُنَّا نرى الاجتماع إلى المَيِّت وصَنْعَة الطعام ، من النِّيَاحَة " ( 273 ).
…10- ولا يجوز سَبُّ الأموات ؛ لما روت عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال النبي - ( - : " لا تَسُبُّوا الأموات ؛ فإنهم قد أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا " ( 274 ) .
زِيارَةُ القُبُور
وهي مَشروعَةٌ ؛ لقول الرسول - ( - : " كُنتُ نهيتُكم عن زيارة القُبُور ، فزوروها ؛ فإنها تُذَكِّرُكم الآخِرَة " ( 275 ) .
…وقال أبو هريرة : " زار النبي - ( - قبر أمه فبكى وأبكى مَن حوله ، وقال : " استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنتُه في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القُبُور ؛ فإنها تُذَكِّركم الموت " ( 276 ) .
???
صفة الزِيَارَة
…يقف الزَّائِر أمام القَبْر ، ويجعل القَبْر بينه وبين القِبْلَة ، ويَقْرُب منه كعادة الحي ، ويُسَلِّم على المَيِّت ؛ فيقول : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا فلان " ، ويَدْعُو له ، ولِعَامَّة أموات المُسْلِمين .
ومن الأدعية الواردة : كما جاء في مُسْلِم : " السلام عليكم دارَ قَومٍ مُؤْمِنينَ ، و إنا - إن شاء الله - بكم للاحقون ، يَرْحَم الله المُسْتَقْدِمينَ منا والمُسْتأخِرينَ . نسأل الله لنا ولكم العافية . اللهم لا تَحْرِمْنَا أجْرَهم ولا تَفْتِنَّا بَعْدَهُم ، واغْفِر لنا ولهم " ( 277 ) .(1/120)
…وروى مُسْلِم وأحمد من حديث بُرَيْدَة قال : " كان الرسول - ( - يُعَلِّمهم إذا خرجوا إلى المَقَابِر أن يقول قائلهم : " السلام عليكم أهْلَ الدِّيارِ من المُؤْمِنين والمُسْلِمين ، وإنا - إن شاء الله بكم لاحقون - نسأل الله لنا ولكم العافية " ( 278 ) .
فعل المسلم إذا مَرَّ بالمَقَابِر : يُسَلِّم ويَدْعُو بهذا الدُّعاء .
ويَحْرُم على النِّسَاء زِيارة القُبُور ؛ لحديث : " لعن رسول الله - ( - زَوَّارات القُبُور " ( 279 )
???
مُخْتَارَات مِن فَتاوى العُلَمَاء
ثَواب القِراءة للمَيِّت
…س : هل يَصِل ثَواب قراءة القرآن وأنواع القُرُبات إلى المَيِّت ؟ سواء من أولاده أو من غيرهم ؟
…ج : لم يثبت عن النبي - ( - - فيما نعلم - أنه قرأ القُرآن وَوَهَبَ ثوابه للأموات ، من أقربائه أو من غيرهم ، ولو كان ثَوابه يَصِل إليهم لَحَرَصَ عليه ، وبَيَّنه لأُمَّته ؛ لينفعوا به موتاهم ؛ فإنه - عليه الصلاة والسلام - بالمُؤْمِنين رءوف رحيم ، وقد سار الخلفاء الراشدون مِن بعده وسائر أصحابه على هديه في ذلك ( ، ولا نعلم أن أحدًا منهم أهدى ثواب القرآن لغيره ، والخير كل الخير في اتباع هديه - ( - وهدي خلفائه الراشدين وسائر الصحابة ( ، والشر في اتباع البِدَع ومُحْدَثَات الأمور ؛ لتحذير النبي - ( - من ذلك بقوله : " إياكم ومُحْدَثات الأمور ؛ فإن كل مُحْدَثَةٍ بِدْعَة ، وكل بِدْعَةضلالة " ، وقوله : " مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ " .
وعلى هذا ؛ لا تجوز قِراءة القُرآن للمَيِّت ، ولا يصل إليه ثواب هذه القراءة ؛ بل ذلك بِدْعَة .
…أما أنواع القُرُبات الأخرى : فَمَا دَلَّ دليل صحيح على وُصول ثوابه إلى المَيِّت : وَجَب قَبُوله ؛ كالصدقة عنه ، والدُّعاء له ، والحج عنه . وما لم يَثْبُت فيه دليل : فهو غير مشروع ؛ حتى يقوم عليه الدليل.(1/121)
وعلى هذا ؛ لا تجوز قِراءة القُرآن للمَيِّت ، ولا يصل إليه ثواب هذه القراءة - في أصَحِ قَوْلَي العلماء - ؛ بل ذلك بِدْعَة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 280 )
القيام تشريفًا لأرواح الشُّهَدَاء
…س : هل يَجُوز الوقوف دقيقة - مثلاً - ، مع الصمت ؛ تحيةً للشُّهَداء ؟ حيث أنه عندما تبدأ حفلة معينة يقف الناس دقيقة مع الصمت ؛ حِداداً أو تشريفًا لأرواح الشُّهَداء .
…ج : ما يفعله بعض الناس من الوقوف زمنًا مع الصمت تحية للشهداء ، أو الوُجَهَاء ، أو تشريفًا وتكريمًا لأرواحهم ، وإحدادًا عليهم ، وتنكيس الأعلام - مِن المُنكَرَات والبِدَع المُحْدَثَة التي لم تكن في عَهْد النبي - ( - ، ولا في عهد أصحابه ، ولا السلف الصالح ، ولا تتفق مع آداب التوحيد ، ولا إخلاص التعظيم لله ؛ بل اتبع فيها بعض جهلة المُسْلِمين بدينهم ، وقَلَّدوهم في عاداتهم القبيحة ، وغَلَوْهُم في رؤسائهم ووجهائهم أحياءً وأمواتاً ، وقد نهى النبي - ( - عن التَّشَبُّه بهم ، والذي عُرِفَ في الإسلام مِن حقوق أهله ، هوالدُّعاء لأموات المُسْلِمين ، والصدقة عنهم ، وذِكْر محاسنهم والكف عن مساويهم ... إلى كثير من الآداب التي بَيَّنها الإسلام ، وحث المُسْلِم على مراعاتها مع إخوانه أحياءً وأمواتاً ، وليس منها الوقوف حِدَاداً مع الصمت تحية للشهداء أو الوُجَهاء ؛ بل هذا مما تأباه أصول الإسلام .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 281 )
زيارة النِّسَاء للقُبُور
…س : سمعت من بعض المرشدين أن زيارة النساء لقبر الرسول - ( - لا تجوز قطعيًا ، وأَخْبَرْتُ زوجتي ووالدتي ، ولكن لم تقتنعا بذلك ، أرجو إفادتي بأسرع وقت ممكن .(1/122)
…ج : زيارة القُبُور دون شد الرحال إليها سُنَّة بالنسبة للرجال ، ومنها قبر رسول الله - ( - ؛ فتُسَنُّ زيارته الزيارة الشرعية بالنسبة للرجال دون شد الرحال إليه . والزيارة الشرعية : يُقْصَد منها الدُّعاء للمَيِّت بالمغفرة والرحمة والعبرة والموعظة وتذكر الموت ، وما وراءه من أهوال ونعيم أو عذاب ، وإذا زار الرجل قبور المُسْلِمين قال : " السلام عليكم أهل الديار من المُؤْمِنين والمُسْلِمين ، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية " ، وإذا زار قبر النبي - ( - وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - سَلَّم وصَلَّى على النبي - ( - ، وتَرَضَّى عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - .
…أما بالنسبة للنساء : فزيارة القُبُور منهن عموماً - ومنها قبر النبي - ( - - منهي عنها ، وليست من السُّنَّة ؛ بل لا يَجُوز لهن زيارة قبره - ( - ولا سائر القُبُور ؛ لما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : " أن النبي - ( - لعن زائرات القُبُور والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج " ، ولما رواه الترمذي عن أبي هريرة ( : " أن رسول الله - ( - لعن زوارات القُبُور " ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
…وما ثبت من قول النبي - ( - : " كنت نهيتكم عن زيارة القُبُور ألا فزوروها " : فخطابٌ للرجال فقط ، وإذْنٌ لهم في زيارتها ، لا يدخل فيه النساء ؛ لتخصيص ذلك بأحاديث " لعن زائرات القُبُور " ، التي جاءت عن النبي - ( - عن ثلاثة من الصحابة ( .
وما رُويَ عن عائشة - رضي الله عنها - في زيارة النساء للقبور : منسوخٌ بالأحاديث الصحيحة التي ذُكِرَت .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 282 ) .
***
زيارة القُبُور في يوم مُعَيَّن من العَام
…س : في رجب - أول يوم وآخر يوم - يزورون المَقْبَرَة : هل هذا جائز أم لا ؟(1/123)
…ج : لا يَجُوز تخصيص يوم معين من السَّنَة - لا الجمعة ، ولا أول يوم من رجب ، ولا آخر يوم - في زيارة المَقَابِر ؛ لعدم الدليل على ذلك ؛ وإنما المشروع أن تُزار متى تَيَسَّر ذلك ، من غير تخصيص يوم معين للزيارة ؛ لقول النبي - ( - : " زوروا القُبُور ؛ فإنها تذكركم الآخرة " .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 283 ) .
خروج المرأة للتعزية
…س : هل يَجُوز للمرأة أن تخرج للتعزية مع أخواتها ، أو أحد محارمها ، أم لا يُشْرَع في حَقِّها ذلك ؟ وهل في ذلك استثناء للبعض - كأمها ووالدها وإخوتها - ، أم على الإطلاق ؟
…ج : يَجُوز أن تخرج المرأة في التَّعْزِيَة المشروعة ، إذا لم يوجد بخروجها محاذير أخرى - كتعطر وتبرج ونحو ذلك - ؛ مما يسبب الفتنة لها أو بها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 284 )
***
طرق التَّعْزِيَة
…س : سؤالنا هو عَمَّا يجري في عَزاء المَيِّت اليوم : وذلك أنه في الآونة الأخيرة أخذت كل قرية من قرى الجنوب تجمع نقودًا وتأخذ بها صيوان خِيَام ، وينصب - إذا مات منهم واحد - لمدة ثلاثة أيام ، ثم يأخذ وفود المُعَزِّين يأتون إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك الصيوان ، ويجلسون مدة من الوقت ، ثم يذهبون ويأتي آخرون ، وهكذا حتى تنتهي هذه الثلاثة الأيام ، وهؤلاء الوفود لا يأكلون عِندَ أهل المُصَاب ، لكن عِندَ الجماعة ، وخاصة الذي يأتي من بلد بعيد . فالذي أشكل علينا هو نَصْب هذه الخيام ، والتجمع الذي بصفة دائمة في هذه الثلاثة الأيام . وإقراء جماعة أهل المُصَاب للذين يأتون من بعيد : هل فيه شيء أم لا ؟ نرجو التوضيح - الجائز من غيره - في كُلِّ ما ذُكِرَ .
…ج : أولاً : مِن هديه - ( - تعزية أهل المَيِّت . بهذا جاءت السُّنَّة من فعله وقوله - ( - .(1/124)
…ثانيًا : مِنَ السُّنَّة صُنْع الطعام لأهل المَيِّت ، فعن عبدالله بن جعفر قال : لما جاء نعي جعفر ( حين قُتِلَ ؛ قال النبي - ( - : " اصنعوا لآل جعفر طعامًا ؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهُم " رواه الخمسة إلا النسائي .
…ثالثًا : الاجتماع عِندَ أهل المَيِّت وصَنْعَة الطعام مِنهم بعد دفنه : لا يَجُوز ، والأصل في ذلك ما رواه الإمام أحمد عن جرير بن عبدالله البَجَلِي قال : " كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل المَيِّت وصَنْعَة الطعام بعد دفنه ، من النِّيَاحَة " .
…رابعًا : يَحْرُم ما يفعله أهل القرية مِن جمع نقود يأخذون بها صيواناً يُنَصب إذا مات منهم واحد ، لمدة ثلاثة أيام ، يأتي إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك الصيوان ، ويجلسون مدة من الوقت ، ثم يذهبون ويأتي آخرون ، وهكذا حتى تنتهي هذه الثلاثة الأيام ؛ لأن ذلك بِدْعَةلا أساس لها في الشَّرْع المُطَهَّر .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 285 )
***
الذي يموت بحادث سيارة : هل يكون شَهِيداً ؟
…س : بعض الناس يقولون : أن مَن يموت بسبب حادث سيارة أنه شَهِيد ، وله مِثْل أجر الشَّهِيد : فهل هذا صحيح أم لا ؟
…ج : نرجو أن يكون شهيداً ؛ لأنه يُشْبِه المُسْلِم الذي يموت بالهَدْم ، وقد صح عن النبي - ( - أنه شَهِيدٌ .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم( 2 )
***
الصَّدَقَة والذَّبْح
…س : هل يَجُوز إهداء بعض أعمال الخير إلى المَيِّت ؟(1/125)
…ج : يَجُوز إهداء ما ورد به الشَّرْع المُطَهَّر من الأعمال - كالصدقة الجارية ، والدُّعاء ، وقضاء الدَّيْن ، والحج والعمرة ( إذا كان المحجوج عنه مَيِّتاً أو عاجزاً - لكبر سنه ، أو مرض لا يُرْجَى برؤه - ، وهكذا من تؤدى عنه العمرة ) - : لأنه ثبت عن النبي - ( - في أحاديث كثيرة ما يدل على ذلك ، وجاء في الكتاب العزيز ما يدل على شرعية الدُّعاء للمسلمين أحياءً أو أمواتاً ، مثل قول الله - سبحانه - : ? ((((((((((( ((((((( (((( (((((((((( (((((((((( ((((((( (((((((( ((((( (((((((((((((( ((((((((( (((((((((( (((((((((((( (((( (((((((( ((( (((((((((( (((( (((((((((( (((((((((( (((((((( (((((( ((((((( ((((((( (((( ? .
…ومثل قوله - ( - : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صَدَقَةٍ جَاريَةٍ ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ به ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له " ، وثبت عنه - ( - : أن رجلاً قال له : يا رسول الله ؛ إن أمي افْتُلِتَتْ نَفْسُها ولم تُوصِ ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، أفلها أجر إن تصدقتُ عنها ؟ قال : " نعم " متفق عليه . وثبت عنه - ( - أيضًا أن رجلاً قال : يا رسول الله ؛ هل بقي من بِرِّ أبَوَي شىء أبَرُّهما به بعد موتهما ؟ قال : " نعم ؛ الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصِلَة الرحم التي لا توصل إلا بهما " . والله ولي التوفيق .
الذبح للأب أو الجد كل عام
…س : يوجد لي ابن عم يذبح لأبيه وجَدِّه بعد مضي كل حَوْلٍ ، ونَصَحْتُه أكثر من مَرَّة ، ويقول لي : إني سألتُ وقالوا : ليس في ذلك إثم . أفيدونا هل هذا الكلام صحيح أم لا ؟(1/126)
…ج : إذا ذَبَحَ وقصد أُضْحِيَة في يوم العيد وأيام النحر عن أبيه أو جده أو غيرهما : فلا بأس ، أو ذبح وقصد الصدقة عنهما على الفقراء في أي وقت : فلا بأس ؛ ولأن الصدقة تنفع المَيِّت والحي باللُّحوم وغير اللحوم - من النقود والطعام ، وغير ذلك - . كل ذلك ينفع المَيِّت والحي ؛ فقد ثبت عن رسول الله - ( - أنه سُئِلَ عن الرَّجُل يتصدق لأُمِّه بعد وفاتها : أفلها أجر ؟ فقال : " نعم " ، وفي صحيح مُسْلِم - رحمه الله - عن النبي - ( - أنه قال : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صَدَقَةٍ جَاريَةٍ ، أو عِلْمٍ يُنتَفَعُ به ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له " .
…والخلاصة : أن الصدقة للمَيِّت نافعة له بإجماع المُسْلِمين ، وهكذا الدُّعاء له ، فإذا أراد بهذه الذبيحة الصَّدَقَة بها عن أبيه أو جده أو غيرهما ، أو ذبحها أُضْحِيةً عنه في أيام النحر ؛ تَقَرُّباً إلى الله - سبحانه وتعالى - .
لكن ليس له أن يَخُصَّ يومًا مُعَيِّناً أو شهراً مُعَيَّناً بالذبح ، غير أيام النحر ، إلا إذا تحرى الأوقات الفاضلة - كرمضان وتسع ذي الحجة - : فلا بأس ، وله أَجْر ، وللمَيِّت أَجْر ، على حَسْب إخلاصه لله وكَسْبه الطَّيِّب .
أما إذا أراد التقرب إليه - كما يتقرب الذين يذبحون لأصحاب القُبُور ، أو الشمس ، أو القمر ، أو الجن - : فهذا شِرْكٌ أكبر ؛ لأنه لا يَجُوز لأحد أن يتقرب إلى أحد - بذبح ، أو نذر ، أو غيرهما من العبادات - ، سوى الله - سبحانه وتعالى - ؛ لقول الله - عَزَّ وَجَلَّ - :(1/127)
? (((( (((( ((((((( ((((((((( ((((((((((( (((((((((( (( ((((( (((((((((((((( ((((( (( ((((((( ((((( ( ((((((((((( (((((((( (((((((( (((((( ((((((((((((((( ((((( ? ، ولقوله - سبحانه وتعالى - : ? (((((( ((((((((((((( (((((((((((( ((( ((((((( ((((((((( (((((((((( ((( ? . ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ " رواه مُسْلِم في الصحيح .
فالذبح للجِنِّ أو لأصحاب القُبُور أو غيرهما من المخلوقات - كالأصنام ، والكواكب ، ونحوها - ، يرجو الذابح شفاعتهم ، أو أنهم ينفعونه أو يدفعون عنه مَرَضاً أو غيره : مُنْكَرٌ وشِرْكٌ . وهكذا مَن ذبح لِجَدِّه أو لأبيه يَعْتَقِد فيه أنه ينفعه ، أو يَشْفِي مَرَضه ، أو يُقَرِّبه إلى الله بهذا الذبح ، فهو مِثْل مَن يَذْبَح للشَّمْس أو للقَمَر والنُّجُوم . كل ذلك شِرْك . نسألُ اللهَ السَّلامَةَ ( 286 ).
***
حُكْم زِيَارَة النِّسَاء للقُبُور
…س : ما حُكْم زِيارَة المرأة للقُبُور ؟
…ج : لا يَجُوز للنِّسَاء زيارة القُبُور ؛ لأن الرسول - ( - لعن زائرات القُبُور ، ولأنهن فتنة ، وصَبْرُهن قليل ، فَمِنْ رَحمة الله وإحسانه أن حرَّم عليهن زيارة القُبُور ؛ حتى لا يُفْتَنَّ ولا يَفْتِنَّ . أصلح الله حال الجميع ( 287 ).
***
الأفضل لمِن مرَّ بجوار سُوْر المَقْبَرَة أن يُسَلِّم
…س : إذا مرَّ المُسْلِم بجوار سُوْر المَقْبَرَة أو شاهد القُبُور : فهل يسلم عليهم ؟
…ج : الأفضل أن يُسَلِّم ، حتى ولو كان مارًا ، ولكن قَصْدُ الزيارَة أفضل وأكمل (2).
يكفي السَّلام على المَوْتَى في أول المَقْبَرَة مَرَّة وَاحِدَة
…س : هل يكفي السَّلام على المَوتَى في أول المَقْبَرَة مَرَّةً وَاحِدَةً ؟
…ج : يكفي ذلك ، وتَحْصُل به الزيارَة . وإنْ كانت القُبُور مُتَبَاعِدَة ، فزارها من جميع جِهَاتِهَا : فلا بأس ( 288 ) .
***(1/128)
حُكْم تَخصيص يوم الجُمُعَة لزِيَارَة المَقَابِر
…س : ما حُكم تخصيص يوم الجُمُعَة لزيارة المَقَابِر ؟
…ج : لا أصل لذلك ؛ والمَشروع أن تُزَار القُبُور في أي وقت تَيَسَّر للزَّائِر ، من ليل أو نهار ، أما التخصيص بيوم معين أو ليلة معينة : فَبِدْعَةٌ لا أصل له ؛ لقول النبي - ( - : " مَن أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ " متفق على صحته ، ولقوله - ( - : " مَن عَمِلَ عَمَلاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ " أخرجه مُسْلِم في صحيحه ، عن عائشة - رضي الله عنها - (2).
حُكْم رَفْع اليَدَيْن أثناء الدُّعاء للمَيِّت عِندَ قبره
…س : هل يَجُوز رَفْع اليَدَيْن أثناء الدُّعاء للمَيِّت ؟
…ج : جاء في بعض الأحاديث أنه - ( - رَفَعَ يَدَيْه لَمَّا زار القُبُور ، ودعا لأهله ، وقد ثبت ذلك من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنه - ( - " زَارَ القُبُور ، ودَعَا لهم ، ورَفَع يَدَيْه " . أخرجه مُسْلِم في " صحيحه " ( 289 ).
***
ليس للعَزَاء أيام مَحْدودَة
…س : هل للعَزَاء أيام محدودة - حيث يُقال : أنها ثلاثة أيام فقط - ؟ أرجو الإفادة ، جزاكم الله خيرًا .
…ج : العَزَاء ليس له أيام محدودة ؛ بل يُشْرَع من حين خروج الروح ، قَبْل الصلاة على المَيِّت وبَعْدَها ، وليس لغايته حَدٌّ في الشَّرْع المُطَهَّر ، سواءً كان ذلك ليلاً أو نهارًا ، وسواء كان ذلك في البيت ، أو في الطريق ، أو في المسجد ، أو في المَقْبَرَة ، أو في غير ذلك من الأماكن والله ولي التوفيق ( 290 ).
***
التَّعْزِيَة في أهل المَعَاصِي
…س : أحياناً تَحْدُث وفاة شخص إما مُتَعَمِّد للانتحار ، أو شخص سِكِّير - شَرِبَ مُسْكِراً يحتوي على كمية كبيرة من السُكْر المُؤديَة للوفاة - ، أو شخص اعْتُديَ عليه للخَلاص مِن شَرَّه : فهل يَجُوز مُواساة والدة المُتَوَفَّى بسببٍ من هذه الأسباب ، أو غيرها ممن يَمُتُّ له بِصِلَة ؛ حيث إنني أتردد كثيرًا ، هل أذهب أم لا ؟(1/129)
…ج : لا بأس بالتَّعْزِيَة ؛ بل تُسْتَحَبُّ - وإنْ كان الفقيد عاصيًا بانتحار أو غيره - ، كما تُسْتَحَبُّ لأُسْرَة من قُتِلَ قِصَاصًا ، أو حَداً - كالزاني المُحْصَن - ، وهكذا مَن شَرِبَ المُسْكِر حتى مات بسبب ذلك : لا مانع في تعزية أهله فيه ، ولا مانع من الدُّعاء له ، ولأمثاله من العصاة بالمغفرة والرحمة ، ويُغَسَّل ويُصَلَّى عليه ، لكن لا يُصَلِّي عليه أعيان المُسْلِمين - مثل : السلطان ، والقاضي ، ونحو ذلك - ؛ بل يُصَلِّي عليه بعض الناس ؛ مِن باب الزَّجْر مِن عَمَلِه السىء . أما مَن مات بعدوان غيره عليه فهذا مَظْلُومٌ ، يُصَلَّى عليه ويُدْعَى له إذا كان مُسْلِمًا ، وكذا مَن مات قِصَاصاً - كما تقدم - : فهذا يُصَلَّى عليه ، ويُدْعَى له ، ويُعَزَّى أهله في ذلك إذا كان مسلماً ولم يَحْصُل منه ما يُوجِبُ رِدَّتَه . والله ولي التوفيق ( 291 ).
حُكْم إقامة وَليمَة يَجْتَمِع فيها المُعَزُّون
…س : ما حُكْم مَا جَرَتْ به عَادَةُ بعض الناس : مِنْ ذَبْح الإبِلِ والغَنَمِ ، وإقامة وَلِيمَة عِندَ موت المَيِّت يجتمع فيها المُعَزُّون وغيرهم ، وَيُقْرأ فيها القُرآن ؟(1/130)
…ج : هذا كله بِدْعَة ؛ لم يَفْعَلْه رسول الله - ( - ولا أصحابه ( ، وقد ثبت عن جرير بن عبدالله البَجَلِيِّ - الصحابي الشهير - ( قال : " كُنَّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل المَيِّت وصَنعَةَ الطَّعام بعد دفنه ، من النِّيَاحَة " أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه بِسَنَدٍ صحيح . وإنما المشروع أن يُصْنَع الطعام لأهل البيت ، ويُبْعَث به إليهم مِن أقاربهم أو جيرانهم أو غيرهم ؛ لكونهم قد شُغِلُوا بالمُصيبة عن إعداد الطعام لأنفُسِهم ؛ لِمَا ثبت في الحديث الصحيح عن عبدالله بن جعفر - رضي الله عنهما - قال : لما أتى نَعي جعفر بن أبي طالب ( ؛ قال النبي - ( - : " اصنعوا لآل جعفر طعاماً ؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهم " أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بإسنادٍ صحيح . وهذا العمل - مع كونه بِدْعَة - فيه أيضاً تَكليف أهل المَيِّت وإتعابهم مع مصيبتهم ، وإضاعة أموالهم في غير حَقٍّ . والله المستعان ( 292 ).
حُكْم القَصَائِد التي فيها رِثَاءٌ للمَيِّت
…س : القصائد التي فيها رِثَاءٌ للمَيِّت : هل هي مِنَ النَّعِي المُحَرَّم ؟
…ج : ليست القصائد التي فيها رِثَاءٌ للمَيِّت مِنَ النَّعِي المُحَرَّم ، ولكن لا يَجُوز لأحد أن يَغْلو في أحد ويَصِفُه بالكَذِب ، كما هي عادة الكثير مِنَ الشُّعَرَاء ( 293 ).
***
قِراءة الفَاتِحَة على المَوتَى
…س : هل يَجُوز قِراءة الفَاتِحَة على المَوتَى ؟ وهل تَصِلُ إليهم ؟(1/131)
…ج : قراءة الفاتحة على المَوْتَى لا أعلم فيها نَصاً من السُّنَّة ، وعلى هذا ؛ فلا تُقْرأ ؛ لأن الأصل في العبادات الحَظْر والمَنْع ، حتى يقوم دليل على ثبوتها وأنها مِن شَرع الله - عز وجل - . ودليل ذلك : أن الله أنكر على مَن شَرَعُوا في دين الله ما لم يأذَن به ؛ فقال - تعالى - : ? (((( (((((( (((((((((((( ((((((((( ((((( ((((( ((((((((( ((( (((( (((((((( (((( (((( ? [ الشورى : 21 ] . وثبت عن النبي - ( - أنه قال : " مَن عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ " ، وإذا كان مَردُودًا كان باطلاً وعَبثًا ، يُنَزَّه اللهُ - عَزَّ وجَلَّ - أن يُتَقَرَّبَ به إليه .
وأما استئجار قارىء يَقْرأ القُرآن ليكون ثوابه للمَيِّت : فإنه حَرَامٌ ، ولا يصح أخذ الأُجْرَة على قِراءة القُرآن ، ومَن أَخَذَ أُجْرَةً على قِراءة القران فهو آثِمٌ ولا ثَوابَ له ؛ لأن القُرآن عِبادَةٌ ، ولا يَجُوز أن تكون العِبَادَة وسيلة إلى شىءٍ من الدُّنيا ( 294 ).
***
السَّفَر لزيارة قَبْر الرسول - ( -
س : ما حُكْم السَّفَر لزيارة قَبْر الرسول - ( - ، وغيره مِن قُبُور الأولياء الصَّالِحِين وغيرهم ؟
…ج : لا يَجُوز السَّفَر بقصد زيارة قَبْر النبي - (- ، أو قَبْر غيره من الناس ، - في أصَحِّ قَوْلَي العلماء - ؛ لقول النبي - (- : " لا تُشَدُّ الرِّحَال إلا إلى ثلاثة مَساجِد : المَسْجِد الحَرَام ، ومَسْجِدِي هذا ، والمَسْجِد الأقْصَى " متفق عليه .
…والمشروع لِمَن أراد زيارة قبر النبي - (- وهو بَعيدٌ عن المدينة - أن يَقْصِدَ بالسَّفَر زيارة المَسْجِد النبوي ؛ فتدخل زِيارة القَبْر الشريف ، وقَبْرَي أبي بكر وعمر والشهداء وأهل البقيع تَبَعاً لذلك .(1/132)
وإنْ نواهما جاز ؛ لأنه " يَجُوز تَبَعاً ما لا يَجُوز استقلالاً " . أما نية القَبْر بالزيارة فقط : فلا تجوز مَع شَدِّ الرِّحال . أما بدون شَدِّ الرِّحال بحيثُ لا يُسَمَّى ذَهابه إلى القَبْر سَفَراً : فلا حرج في ذلك ؛ لأن زيارة قبره وقبر صَاحِبَيْه من دون شد رحل سنة وقربة ، وهكذا زيارة قبور الشُّهَدَاء وأهل البقيع ، وهكذا زيارة قبور المُسْلِمين في كل مكان سُنَّة وقُرْبَة ، لكن بِدُون شَدِّ الرحال ، لقول النبي: " زوروا القُبُور ؛ فإنها تُذَكِّرُكم الآخِرَة " أخرجه مُسْلِم في " صحيحه " . وكان يُعَلِّم أصحابه إذا زاروا القُبُور أن يقولوا : " السلام عليكم أهل الديار من المُؤْمِنين والمُسْلِمين ، وإنا - إن شاء الله - بِكُم لاحِقُون ، نسأل الله لنا ولكم العافية " أخرجه مُسْلِم - أيضًا في - " صحيحه "( 295 ).
***
المُصَافَحَة سُنَّة في التَّعْزِيَة
س : هل المُصَافَحَة سُنَّة في التَّعْزِيَة ؟
ج : المُصَافَحَة ليست سُنَّةً في التَّعْزِيَة ، ولا التقبيل أيضًا ؛ وإنما المُصَافَحَة عِندَ الملاقاة ، فإذا لاقيتَ المُصَاب وسَلَّمْتَ عَلَيْه وصَافَحْتَه : فهذا سُنَّة - مِنْ أجْلِ المُلاقاة ، لا مِن أجْل التَّعْزِيَة - ، ولكن النَّاس اتَّخَذُوه عادَةً . فإنْ كانوا يَعْتقِدُون أنها سُنَّةً ؛ فينبغي أن يَعْرِفُوا أنها لَيْسَتْ بِسُنَّة .
وأما إذا كانت عَادَةً بدون أن يعتقدوا أنها سُنَّةٌ : فلا بأس بها ، وعندي فيها قَلَق ، وتَرْكها - بلا شَكٍّ - أوْلَى .
وثَمَّ - هُنا - مسألة ينبغي التَّفَطُّن لها ؛ وهي : أن التَّعْزِيَة يُقْصَد بها تَقوية المُصَاب على الصَّبْر واحتساب الأجْر مِن الله - عَزَّ وَجَلَّ - ، وليست كالتهنئة - يُهَنىء بها كُلَّ مَن حَصَلَت له مُناسَبَة - ؛ فمُناسَبَة الموت إذا أُصيبَ بها الإنسان يُعَزَّى - أي : بما يُقَوِّي صَبْرَه ، واحتسابه الأجر من الله - سبحانه وتعالى - ( 296 ) .(1/133)
***
السَّفَر لأجل العَزَاء
س : ما حُكْم مَن يُسَافِر مِن أجل العَزَاء لقَرِيب أو صَدِيق ؟ وهل يَجُوز العَزَاء قبل الدَّفْن ؟
ج : لا نَعْلَم بأساً في السفر مِن أجل العزاء لِقَريبٍ أو صَدِيقٍ ؛ لِمَا في ذلك من الجَبْر والمُوَاسَاة وتخفيف آلام المُصيبة . ولا بأس في العَزَاء قبل الدَّفْن وبَعْدَه ، وكلما كان أقرب مِن وَقْت المُصيبَة كان أكمل في تخفيف آلامها ، وبالله التوفيق ( 297 ) .
***
الاجتماع للعَزَاء
س : فضيلة الشيخ ؛ ما حُكْم اجْتِمَاع النَّاس للعَزَاء ؟
ج : اجْتِمَاع الناس للعَزاء بِدْعَةٌ ؛ ليس مِن عادة السَّلَف . وإنْ انضافَ إلى ذلك صُنْعُ الطَّعام والولائِم والاجْتِمَاع عليها : كان هذا من النِّيَاحَة ، كما كان الصحابة - (- يَعُدُّون الاجتِمَاع إلى أهل المَيِّت وصُنْع الطعام من النِّيَاحَة ، ولَعَنَ النبي - (- النَّائِحَة والمُسْتَمِعَة . ثم هذا الاجتماع ماذا يفيد ؟ لا ينفع المَيِّت ولا ينفع الحي ؛ بل إن الحي رُبَّمَا يزداد غَماً وهَماً ؛ حيث يجتمع بعضهم إلى بعض - ولا سِيَّما النساء - ؛ فَيَشْرعْنَ في البُكاء والنَّدْب . فليس فيه خَيْر ؛ بل فيه ضَرَرٌ . فالذي ينبغي لطلبة العلم أن يَنْهَوْا عن هذا . ومَن أراد أن يُعَزِّي فإنه يَجِدُ الرَّجُلَ في المَسْجِد ، يَجِدُه في السُّوق ، أو غير ذلك . ثم العَزَاء أيضًا يكون لِمَن أُصيبَ بالمُصيبَة ، ليس لِمَن مات له قَرِيب ؛ فقد يموت للإنسان قَرِيبٌ ولا يَهْتَمُّ به ، ولكن إذا رأينا رَجُلاً مَغْمُوماً مَهْمُوماً مُتأثِّراً بالمُصيبة ؛ جَلَسْنَا إليه ، وقُلْنَا : يا فلان ؛ اصْبِر ، احْتَسِبْ ؛ فَللهِ ما أخَذَ ، وله مَا أعْطَى ، وكُلُّ شَىءٍ عِندَه بأجَلٍ مُسَمًّى ( 298 ).
***
الطَّرِيقَة الشَّرْعِيَّة لِعَمَل العَزَاء(1/134)
س : مَا هي الطَّرِيقَة الشَّرْعِيَّة لِعَمَل المآتِم أو المَعازِي ؟ ومَا هي الطَّرِيقَة الشَّرْعِيَّة للقِيَام بالعَزَاء والمُواسَاة ؟
ج : لَيْسَ من الشرع إقامة المآتم ؛ بل هذا مما نهى الله عنه ؛ لأنه من الجَزَع والنِّيَاحَة والابْتِدَاع الذي ليس له أصل في الشريعة . وأما المشروع في العَزَاء : فهو إذا لَقيتَ المُصَاب أن تدعو له وتَدْعُو للمَيِّت ؛ فتقول : أحسن الله عزاءك ، وجبر الله مُصيبتك ، وغَفَر الله لِمَيِّتِك - إذا كان المَيِّت مُسْلِما - . هذا هو العَزَاء المشروع ، وفيه دعاء للحَي المُصاب ، ودُعاء للمَيِّت المُسْلِم .
ولا بأس - بل يُسْتَحَب - أيضاً أن يُصْنَعَ طعامٌ ويُهْدَى لأهل المَيِّت ، إذا كانوا قد اشتغلوا عن الطعام وعن إصلاح الطعام بالمصيبة . فينبغي لِجِيرانهم - ومَن يعلم حالهم - أن يَصْنَعَ لهم طعاماً ويُهدِيه إليهم .
أما إقامة المآتِم ، وإقامة السُّرَادقات ، وجَمْع الناس والقُرَّاء ، وطَبْخ الطعام : فهذا لا أصل له في دِين الإسْلام ( 299 ).
كتابة ? ((((((((((((( ((((((((( (((((((((((((((( (((( ... ? في الصُّحُف
س : سئل فضيلة الشيخ عَن قول بعض الناس إذا مات شخص : ? ((((((((((((( ((((((((( (((((((((((((((( (((( (((((((((( (((((( ((((((( ((((((((( ( ((((((((( (((( ? ؟
ج : هذا لا يَجُوز أن يُطْلَق على شَخْصٍ بِعَيْنِه ؛ لأن هذه شَهَادَةٌ بأنه مِن هذا الصِّنْف ( 300 ).
***
رَفْع الصَّوت أثناء حَمْل الجِنَازَة
س : سُئِلَ سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم : عن الجِنَازَة إذا حُمِلَت ، ثم أحْدَثَ أهْلُوها صوتاً عَالياً ، بأي ذِكْرٍ كان : فهل يُقَرُّون على فِعْلِهم ، أم يُنْهَوْن ؟
ج : الحمد لله رب العالمين . أما رَفْع الصوت عِندَ اتباع الجِنَازَة - بِذْكِرٍ أو غيره - : فهو بِدْعَة ، ويُنْهَى عنه ( 301 ).
***
قَول : " دُفِنَ في مَثواه الأخير " !(1/135)
س : سُئِلَ فضيلة الشيخ : ما حُكْم قولهم : " دُفِنَ في مَثواه الأخير " ؟
ج : قول القائل " دُفِنَ في مثواه الأخير " حَرَامٌ ولا يَجُوز ؛ لأنك إذا قُلتَ " في مثواه الأخير " فَمُقْتَضَاه أن القَبْر آخر شىء له ؛ وهذا يتضمن إنكار البَعْث !
ومِنَ المَعْلُوم لعامة المُسْلِمين أن القَبْر ليس آخر شىءٍ - إلا عِندَ الذين لا يؤمنون باليوم الآخر ؛ فالقَبْر آخر شيء عندهم - . أما المُسْلِم فليس آخر شىءٍ عنده القَبْر ، وقد سَمِعَ أعْرابيٌّ رَجُلاً يقرأ قوله - تعالى - : ? ((((((((((( (((((((((((( ((( (((((( (((((((( ((((((((((((( ((( ? ؛ فقال : " واللهِ ؛ ما الزَّائِر بِمُقيم " ؛ لأن الذي يَزور يمشي ؛ فلا بُدَّ من بَعْثٍ . وهذا صحيح . لِهَذا يجب تَجَنُّب هذه العِبَارَة ؛ فلا يقال عن القَبْر أنَّه المَثْوَى الأخير ؛ لأن المَثْوَى الأخير إما الجَنَّة وإما النَّار ( 302 ).
***
قَول " فُلان المَغْفُور لَه "
س : سُئِلَ فضيلة الشيخ : عن حُكْم قول " فلان المَغْفُور له " ، " فلان المَرْحُوم "؟
ج : بعض الناس يُنكِر قول القائل " فلان المَغفور له " ، " فلان المَرحوم " ؛ ويقولون : أننا لا نَعْلَم : هل هذا المَيِّت مِنَ المَرْحُومين المَغْفُور لهم ، أو ليس منهم؟
وهذا الإنْكَار في مَحِلِّه إذا كان الإنسان يُخْبِرُ خبرًا - أن هذا المَيِّت قد(1/136)
رُحِمَ أو غُفِرَ له - ؛ لأنه لا يَجُوز أن نُخْبِر أن هذا المَيِّت قد رُحِمَ أو غُفِرَ له بِدونِ عِلْمٍ ؛ قال الله - تعالى - : ? (((( (((((( ((( (((((( (((( ((((( (((((( ? . لكن الناس لا يُرِيدونَ بذلك الإخْبَار قَطعًا ؛ فالإنسان الذي يقول " المَرْحُوم الوالد " ، " المرحومة ... " ، ونحو ذلك : لا يُرِيدون بهذا الجَزْم أو الإخْبَار بأنهم مَرْحُومون ؛ وإنما يُرِيدون بذلك الدُّعاء أن الله - تعالى - قد رَحِمَهُم . وفَرْقٌ بَيْن الدُّعاء والخَبَر ؛ ولهذا نحن نقول " فُلان - رحمه اللهُ - " ، " فُلان - غَفَرَ اللهُ له - " ، " فُلان - عَفا اللهُ عنه - " ، ولا فَرْقَ مِن حَيثُ اللُّغَة العربية بين قولنا " فُلان المَرْحُوم " و " فُلان - رَحِمَه اللهُ - " ؛ لأن جُمْلَة " رَحِمَه الله " جُمَلةٌ خَبْرِيّة ، و" المَرْحُوم " : بِمَعْنَى الذي رُحِمَ فهي أيضاً خبرية ؛ فلا فَرْقَ بينهما - أي : بين مدلوليهما - في اللُّغَة العَرَبيَّة . فَمَن مَنَعَ " فُلان المَرْحُوم " يَجِب أن يَمْنَع " فُلان - رَحِمَه الله - " !
على كل حال ؛ نقول لا إنكار في هذه الجملة - أي : في قولنا " فلان المرحوم " ، " فلان المغفور له " ، وما أشبه ذلك ؛ لأننا لسنا نُخْبِر بذلك خَبَرًا ونقول أن الله قد رَحِمَه ، وأن الله قد غَفَرَ له ؛ ولكننا نسأل الله ونَرْجُوه = فهو مِن بَابِ الرَّجَاء والدُّعاء ، وليس مِن بَابِ الإخْبَار ، وفَرْق بَيْن هذا وهذا ( 303 ).
***
أفضل الأعمال التي تُقَدَّم إلى المَيِّت
س : فضيلة الشيخ : ما أفضل الأعمال التي تُقَدَّم إلى المَيِّت ؟ وما معنى قول الرسول - (- " الصلاة عليهم " ؟(1/137)
ج : أفضل ما يُقَدَّم إلى المَيِّت : الدُّعاء ؛ لقول النبي - (- " إذا مات الإنسان انقطع عَمَلُه إلا من ثلاث : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أو عِلْمٍ يُنتَفَعُ به ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له " . فالدُّعاء للمَيِّت أفضل من كُلِّ شىءٍ : أفضل مِن أن تُصَلِّي ، أو تتصدق ، أو تَحُجّ أو تَعْتَمِر عن المَيِّت ؛ لأن النبي - (- ذَكَرَ هذا " وَلَد صَالِح يَدْعو له " في سياق الأعْمال ؛ فلو كانت الأعمال مَشْروعَة للمَيِّت ؛ لقال : أو ولد صالح يَتَصَدَّق عنه ، أو يَصُوم عنه ، أوما أشبه هذا . فَلَمَّا عَدَلَ عن ذلك إلى الدُّعاء ؛ عُلِمَ أن الدُّعاء أفْضَل مِن إهْدَاء الأعْمَال .
وأما قوله : " الصلاة عليهم " : فيعني به الدُّعاء ؛ لأن الصلاة تأتي بمعنى " الدُّعاء " ؛ كقوله - تعالى - : ? (((( (((( ((((((((((((( (((((((( ((((((((((((( ((((((((((((( ((((( ((((((( (((((((((( ( (((( (((((((((( (((((( (((((( ( (((((( ((((((( ((((((( ((((( ? أي : اُدْعُ لَهُم ( 304 ).
***
اسْتِخْرَاج المَيِّت مِن قَبْرِه لِغَرَضٍ مَا
س : إذا مات الرجل وقُبِرَ ، وفي أسنانه ذَهَبٌ ، وقد مضى على قَبْرِه عِدَّة سَنَوات ؟ هل يَجِب أن يُحْفَر القَبْر ؛ وتُخْرَج الأسْنَان أم لا ؟
ج : إنْ مات المَيِّت وفي أسنانه ذَهَبٌ : يَجِبُ أن تُقْلَع أسنان الذهب ؛ لأن دفنها مع المَيِّت إضَاعَةٌ للمال ، وقد ثبت عن النبي - (- أنه نَهَى عن إضَاعَةِ المال . فإن كان لا يُمْكِن خَلْعها إلا بِضَرَرٍ على اللِّثة - أو على بَقيَّة الأسنان - : فإنها تَبْقَى حتى يَبْلَى المَيِّت ، ثم يُنْبَش القَبْر ؛ فَتُخْرَج منه ؛ وتُضَمُّ إلى التَّرِكَة ، وتُوَرَّث معها . وفي هذه الحال : إنْ سَمَحَ الوَرَثَة - وهم رَاشِدُون يَصِحُّ تَبَرُّعهم - أن تبقى للمَيِّت : فَهُم في هذا أحرار ، لهم أن يَفْعَلُوا هذا ( 305 ).
***
حُكْم العَقيقَة للطِّفْل الذي مَاتَ(1/138)
س23 : فضيلة الشيخ : ما هو حُكْم العَقيقَة للطِّفْل الذي يُولَد في مَوْعِدِه المُحَدَّد للوِلادَة ، ولكنه يكون قد مَات مِن مُدَّة بَسيطَة قَبْل الوِلادَة ؟
ج23 : إذا خَرَجَ الجَنين مَيِّتاً مِن بَطْن أُمِّه : فإن بعض أهل العلم يقولون : ليس له عَقيقة ؛ لأن العَقيقة تُشْرَع في اليوم السابع ، ويرى آخرون بأنه يُعَقُّ عنه ؛ لأن هذا الطِّفل الذي نُفِخَت فيه الرُّوح سَيُبْعَث يوم القيامة . فَيُعَقّ عنه .
والذي أرى في هذه المسألة : أن الأوْلَى أن يُعَقَّ عنه ، ولكن اسْتِحْبَاب العقيقة - في مثل هذه الحال - ليس كاسْتِحْبَابِهَا فيما إذا بَقِيَ الطِّفْل حتى بَلَغَ سَبْعَة أيام ؛ لأن العقيقة تُذْبَح في اليوم السابع ، فإنْ فَاتَ فَفي اليوم الرابع عشر ، فإنْ فَاتَ ففي اليوم الحادي والعشرين ، هكذا ذَكَرَ أهْلُ العِلْم ، فإنْ فَاتَ فَفي أي يَومٍ آخَر ( 306 ).
???
المراجع
1) أحكام الجنائز ، للشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني .
2) أحكام الجنائز ، أ.د / عبدالله محمد أحمد الطيار .
3) شرح الصدور ببيان بدع الجنائز و القبور : تأليف : أبي عمر عبدالله بن محمد الحمادي .
4) الوجازة في تجهيز الجنازة ، تأليف : عبدالرحمن بن عبدالله الغيث .
5) الوجيز في أحكام الجنائز ، تأليف : أحمد بن موسى السهلي.
6) فقه السنة ، السيد سابق .
7) المغني ، لابن قدامة .
8) الملخص الفقهي ، للشيخ صالح بن فوزان آل فوزان .
9) الشرح الممتع على زاد المستقنع ، للشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - .
10) حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع ، للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم .
11) زاد المعاد ، لابن القيم .
12) فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني.
13) عون المعبود شرح سنن أبو داود .
14) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد ، علاء الدين أبي الحسن المرداوي .
15) شرح صحيح مسلم ، للنووي .(1/139)
16) كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، تأليف الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عوض الجزيري.
17) الأوسط لابن المنذر .
18) المجموع للنووي .
19) منهاج المسلم للجزائري .
20) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
21) مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - .
22) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية .
23) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
24) مختار الصحاح .
25) صحيح البخاري .
26) صحيح مسلم .
27) سنن الترمذي .
28) سنن ابن ماجه .
29) سنن النسائي
30) سنن أبو داود .
31) المستدرك للحاكم .
32) سنن البيهقي .
33) صحيح ابن حبان
34) سنن الدارقطني .
35) سنن الدارمي .
36) صحيح ابن خزيمه .
37) مسند الإمام أحمد .
الفَهَارِس الَمْضُوْعِيَّة
الموضوع
الصفحة
تقريظ فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين000000000000000000000000
4
تقريظ فضيلة الشيخ العلامة المحدث عبدالله بن السعد0000000000000000
6
تقريظ فضيلة الشيخ ذياب بن سعد الغامدي00000000000000000000000000
8
تقريظ فضيلة الشيخ القاضي فهد بن عبدالله بن جدوع 0000000000000000
10
المقدمة 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
12
الباب الأول : فضل عيادة المريض ، وما يشرع له0000000000000
17
فضل عيادة المريض 0000000000000000000000000000000000000000000000000
18
ما يشرع للمريض 000000000000000000000000000000000000000000000000000
20
صفة عيادة المريض 00000000000000000000000000000000000000000000000000
26
الوصية وأحكامها 00000000000000000000000000000000000000000000000000
28
متى تتأكد الوصية 000000000000000000000000000000000000000000000000000
29
الأشخاص الذين تصح منهم الوصية 00000000000000000000000000000000
29
حالات وجوبها 00000000000000000000000000000000000000000000000000000
29(1/140)
مقدار الموصى به 0000000000000000000000000000000000000000000000000000
30
وصية المسلم بشيء من ماله لنفسه 000000000000000000000000000000000000
31
مَتى تُكْرَه الوصية 000000000000000000000000000000000000000000000000000
31
أمور ينبغي مراعاتها والتنبيه عليها في الوصية 0000000000000000000000000
32
نص الوصية على سبيل المثال 0000000000000000000000000000000000000000
40
الباب الثاني : الإحتضار وعلاماته0000000000000000000000000000
43
الاحتضار 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
44
وقت خروج الروح 0000000000000000000000000000000000000000000000000
49
علامات الاحتضار 0000000000000000000000000000000000000000000000000
50
ما يشرع لمن يكون بجانب المحتضر 0000000000000000000000000000000000
52
صفة التلقين 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
53
أمور ينبغي مراعاتها والتنبيه عليها حال الاحتضار 0000000000000000000
56
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
59
الباب الثالث : الموت وعلاماته 00000000000000000000000000000000
61
الموت 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
62
علامات الموت 00000000000000000000000000000000000000000000000000000
63
ما يشرع للحاضرين بعد موته 0000000000000000000000000000000000000000
66
ما يحرم على أقارب الميت 00000000000000000000000000000000000000000000
73
الباب الرابع : علامات حسن الخاتمة ، وعلامات سوء الخاتمة00000
76
علامات حسن الخاتمة 00000000000000000000000000000000000000000000000
77
علامات سوء الخاتمة 000000000000000000000000000000000000000000000000
82
من أحوال الموتى والمحتضرين 0000000000000000000000000000000000000
84
الباب الخامس : غَسل الميت000000000000000000000000000000000000(1/141)
97
فضل غسل الميت وتكفينه 0000000000000000000000000000000000000000000
98
شروط الغاسل 00000000000000000000000000000000000000000000000000000
100
أمور ينبغي مراعاتها والتنبيه عليها 00000000000000000000000000000000000
101
شروط مكان التغسيل 00000000000000000000000000000000000000000000000
103
شروط الماء الذي يغسل به الميت 0000000000000000000000000000000000000
105
ما قبل غسل الميت 00000000000000000000000000000000000000000000000000
106
صفة الغسل 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
111
طريقة الغسل 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
113
غسل المرأة 000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
122
مسائل تتعلق بهذا الباب 000000000000000000000000000000000000000000000
123
كيف ييمم الميت 0000000000000000000000000000000000000000000000000000
132
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
135
الباب السادس : التكفين0000000000000000000000000000000000000000
148
التكفين 000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
149
ما يستحب في الكفن 000000000000000000000000000000000000000000000000
150
صفة التكفين 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
153
تكفين المرأة 000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
159
صفة تكفين 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
160
مسائل تتعلق بهذا الباب 000000000000000000000000000000000000000000000
162
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
166
الباب السابع : الصلاة على الجنازة00000000000000000000000000000
168
الصلاة على الميت 00000000000000000000000000000000000000000000000000
169(1/142)
صفة الصلاة على الميت 0000000000000000000000000000000000000000000000
171
تنبيه على بعض المسائل 0000000000000000000000000000000000000000000000
180
صلاة الغائب0000000000000000000000000000000000000000000000000000000
184
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
193
الباب الثامن : حمل الجنازة ودفنها 00000000000000000000000000000
210
حمل الجنازة ودفنها 00000000000000000000000000000000000000000000000000
211
صفة حمل الجنازة 0000000000000000000000000000000000000000000000000000
213
حفر القبر 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
216
صفة الدفن 000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
218
مسائل تتعلق بهذا الباب 000000000000000000000000000000000000000000000
223
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
233
الباب التاسع : التعزية0000000000000000000000000000000000000000000
241
التعزية 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
244
وقت التعزية 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
247
صفة التعزية 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
248
بعض المخالفات التي تقع أثناء العزاء 00000000000000000000000000000000
250
زيارة القبور 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
254
صفة الزيارة 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000
255
مختارات من فتاوى العلماء 0000000000000000000000000000000000000000000
257
المراجع 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
292
الفهارس 00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
295
(
( 1 ) " زاد المعاد " ( 1 / 498 )(1/143)
( 1 ) أخرجه البخاري : ( 5649 ) : كتاب المرضى ، باب : وجوب عيادة المريض ، ( 3105 ) : كتاب الجنائز ، باب : الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة ، ( 5373 ) : كتاب الأطعمة : باب : قول الله - تعالى - ( كلوا من طيبات .... ) الآية .
( 3 ) أخرجه مسلم ( 2162 ) : كتاب : السلام ، باب : من حق المُسْلِم للمسلم رد السلام . وهو عندي البخاري ( 1240 ) بنحوه ، وذكر فيه " حق المُسْلِم على المُسْلِم خمس " ؛ فلم يذكر فيه " النصيحة " .
( 4 ) رواه أحمد ( 7599 ) ، والترمذي - واللفظ له - ( 969 ) في الجنائز عن رسول الله ( ، باب : ما جاء في عيادة المريض . وأبو داود ( 3098 ) بنحوه ، في : الجنائز ، بابٌ : في فضل العيادة على وضوء ، وقال أبو داود : أُسْنِدَ هذا عن علي عن النبي ( من غير وجه صحيح . وصحح الحاكم ( 3 / 341 ) إحدى طرقه ، ووافقه الذهبي .
( 5 ) أخرجه البخاري رقم (5645) ومعنى يصب منه أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها وقيل يوجه إليه البلاء فيصيبه .
( 6 ) أخرجه مسلم ( 2999 ) وأحمد ( 18934 ) وابن حبان ( 2895 ) .
( 7 ) أخرجه البخاري ( 5648 ) ومسلم - واللفظ له - ( 2571 ) .
( 8 ) أخرجه مسلم ( 2877 ) .
( 9 ) أخرجه الترمذي ( 983 ) وابن ماجه ( 4261 ) .
( 10 ) أخرجه البخاري 11 / 150 ( 6351 ) ، ومسلم ( 2680 ) .
( 11 ) أخرجه الترمذي ( 2330 ) وأحمد ( 4 / 188 و190 ) ، وإسناده صحيح .
( 3 ) أخرجه البخاري ( 6307 ) .
( 13 ) ذكره أبن عبد البر في التمهيد ص378 /15وأخرجه الترمذي بنحوه برقم (3855) وأحمد بنحوه رقم (18646).
( 14 ) أخرجه أحمد ( 4 / 156 ) ، ولفظ الحاكم : " مَن علق تميمة فلا أتم الله له . . . . " الحديث .(1/144)
( 15 ) أخرجه أحمد ( 20242 ) وابن حبان ( 6085 ) والحاكم ( 21614 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف ابن ماجه " : ( 3531 ) ومعنى الواهنة هي عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها فيرقى منها وقيل هو مرض في العضد انظر فتح المجيد ص113
( 16 ) أخرجه مسلم ( 2230 ) .
( 17 ) أخرجه مسلم ( 2200 ) .
( 18 ) أخرجه أبو داود ( 3855 ) - واللفظ له - والترمذي ( 2038 ) وابن ماجه ( 3436 ) وأحمد ( 4 / 278 ) .
( 3) أخرجه مسلم ( 2581 ) .
( 20 ) أخرجه أحمد (2 / 70 ) والحاكم ( 2 / 27 ) ، وإسناده صحيح .
( 21 ) أخرجه الترمذي ( 1078 ) . وصححه الألباني .
( 22 ) أخرجه البخاري ( 2738 ) ، ومسلم - واللفظ له - ( 1627 ) .
( 23 ) أخرجه البخاري 10 / 176 في : الطب ، باب : رقية النبي -(- . ومسلم ( 2191 ) من حديث عائشة - رضي الله عنها - . والرواية الثانية أيضًا للبخاري عَنها - رضي الله عنها - .
( 24 ) أخرجه أحمد برقم (26932) .
( 25 ) أخرجه البخاري ( 5659 ) في : المرضى ، باب : وضع اليد على المريض . ومسلم - واللفظ له - ( 1628 ) .
(1) أخرجه البخاري (3616 ) ، (5656 ) من حديث ابن عباس ، والروايه الثابته لأحمد في المسند ولابن السني .
(2) سبق تخريجه في نفس الصفحة .
(3) زاد المعاد : (1/494- 497 ) , بتصرف .
(4) أخرجه ابن ماجه - واللفظ له - ( 1438 ) في : ما جاء في الجنائز ، باب : ما جاء في عيادة المريض . والترمذي ( 2087 ) ، وفي سنده موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو منكر الحديث ، وضعفه الألباني - رحمه الله - في " أحكام الجنائز " .
( 27 ) مأخوذة بتصرف من كتاب " أحكام الجنائز " / للألباني ، وكتاب " الممنوع والجائز من أحكام الجَنائِز " .
( 28 ) أخرجه البخاري ( 2738 ) ، ومسلم - واللفظ له - ( 1627 ) .
( 29 ) شرح مسلم ( 11 / 74 ) .
( 30 ) أخرجه البخاري - واللفظ له - ( 2742 ) ، ومسلم ( 1628 ) .
( 31 ) أخرجه مسلم ( 1631 ) .(1/145)
( 2 ) سبق تخريجه في الصفحة السابقة ؛ وهو حديث سعد في الوصية بثُلُث المال .
( 3 ) قاله الإمام ( النووي ) - رحمه الله - في شرحه لهذا الحديث من " صحيح مسلم " .
( 34 ) رواه مسلم بهذا اللفظ ( 1627 ) .
( 35 ) رواه الترمذي ( 2120 ) ، والدارقطني : ( 4 / 98 ، 152 ) بِسَنَدٍ ضعيف . وحَسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " : ( 3 / 92 ) ( 1369 ) .
( 36 ) أخرجه البخاري ( 2697 ) ، ومسلم ( 1718 ) .
( 37 ) أخرجه الترمذي ( 986 ) ، وقال : حديث حسن .
( 38 ) " الأذكار" / للنووي :ص 190 .
( 39 ) أخرجه أحمد ( 296 - 295 - 288 - 287 / 5 ) ، وأبو داود ( 4753 ) .
( 40 ) وهذا مما أخذتُه من بعض طلبة العلم المتخصصين في غسل الأموات ، وهذا معروف بالتجربة والتتبع لأحوال المُحْتَضِرِين .
( 41 ) رواه الترمذي ( 982 ) ، والنسائي 4 / 5 ، 6 ، وابن ماجه ( 1452 ) ، وأحمد ( 3 / 350 ) .
( 42 ) راجع الآثار في " الأوسط " / لابن المنذر ( 5 / 320 - 321 ) ، و" مصنف ابن أبي شيبه " : ( 3 / 239 ) ، و" المُحْتَضِرِين " لا ابن أبي الدُّنيا : ( 309 ) .
( 43 ) أخرجه مسلم عن أبي سعيد ( 916 ) ، وعن أبي هريرة ( 917 ) .
( 44 ) رواه أبو داود ( 3116 ) ، والحاكم 1 / 351 ، وأحمد 5 / 233 . وسَنَده حَسَن .
( 45 ) أخرجه البخاري ( 6510 ) .
( 46 ) أخرجه البخاري ( 4449 ) .
( 47 ) أخرجه البخاري ( 1356 ) ، وأحمد - والزيادة الأخيرة بين القوسين له -.
( 48 ) أخرجه أحمد ( 3 / 152 ) ، وإسناده صحيح .
( 49 ) أخرجه البخاري ( 1360 ) ، من حديث سعيد بن المسيب عَن أبيه . وأخرجه مسلم ( 24 ) في : الإيمان .
( 50 ) أخرجه مسلم : ( 26 ) .
( 51 ) جامع الترمذي تحت رقم ( 977 ) .
( 52 ) أخرجه مسلم ( 919 ) ، وبنحوه ( 920 ) .
( 53 ) أخرجه مسلم عن أبي سعيد ( 916 ) ، وعن أبي هريرة ( 917 ) .(1/146)
( 54 ) رواه أبو داود ( 3121 ) وأحمد ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ( 1074 ) ، وابن حبان ( 3002 ) . وله عِدَّة عِلَل .
( 55 ) ( 13 / 93-94 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 56 ) ،( 2 ) ( 13 / 101 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 58 ) " الجامع لأحكام القرآن " / للقرطبي ( 6 / 133 ) .
( 59 ) " الجامع لأحكام القرآن " / للقرطبي ( 17 / 13 ) .
( 60 ) أخرجه مسلم ( 920 ) .
( 61 ) " الأوسط " / لابن المنذر : ( 5 / 320 ) ، و" المغني " : ( 3 / 366 ) .
( 62 ) " المغني " : ( 3 / 365 ) .
( 63 ) أخرجه أبو داود ( 3141 ) ، وأحمد ، وابن حبان ( 6627 ) .
( 64 ) أخرجه البخاري ( 5814 ) ، ومسلم ( 942 ) .
( 65 ) أخرجه البخاري ( 1265 ) - واللفظ له - ، ومسلم ( 1206 ) .
( 66 ) سبق تخريجه : ص 63 .
( 67 ) أخرجه البخاري ( 1283 ، 7154 ) ، ومسلم ( 926 ) .
( 68 ) أخرجه البخاري 1 / 89 ، 90 ، 3 / 150 ، 152 - 154 ، ومسلم 3 / 51 ، 52 .
( 69 ) أخرجه البخاري ( 1393 ) .
( 70 ) سبق تخريجه ص25
( 71 ) أخرجه البخاري ( 1315 ) ، ومسلم - واللفظ له - ( 944 ) .
( 72 ) الأوسط / لابن المنذر : (5/320) ، والمغني : (3/366) .
( 73 ) أخرجه البخاري 3 / 163 ، ومسلم ( 951 ) كِلاهما من حديث أبي هريرة ، وأخرجه مسلم ( 953 ) - وليس فيه طلب الاستغفار له - عن عِمْران بن حُصَين .
( 74 ) راجع " أحكام الجنائز " - بِتَصَرُّفٍ -.
( 75 ) أخرجه مسلم في : الإيمان ( 67 ) .
( 76 ) أخرجه البخاري ( 1294 ) ، ( 1297 ) ، ( 1298 ) ، ( 3519 ) ، ومسلم في الإيمان ( 103 ) .(1/147)
( 77 ) أخرجه البخاري ( 3 / 165 - " فتح " ) ، ومسلم ( 104 ) . والنياحة : هي أمر زائد على البكاء . قال ابن العربي : النوح ما كانت الجاهلية تفعله : كان النساء يَقِفْن متقابلات يَصِحْن ، ويُحْثِينَ التُّرَاب على رؤوسهن ، ويَضْرِبْنَ وُجُوهَهُنَّ . والشاقة هي التي تشق ثوبها .
والصالقة : هي التي ترفع صوتها عند الفجعة بالموت .والحالقة هي التي تحلق رأسها عند المصيبة . انظر فتح الباري ص212/3
( 78 ) رواه النسائي 3 / 188 ، 189 .
( 79 ) سبق تخريجه ص38 .
( 80 ) أخرجه البخاري (1245) ومسلم (951) .
( 81 ) سبق تخريجه : ص 52 .
( 82 ) أخرجه أحمد 1 / 361 - والسياق له - ، والنسائي 1 / 259 ، والترمذي 2 / 128 وحَسَّنه ، وابن ماجه 1 / 443 ، 444 ، وابن حبان ( 730 ) ، والحاكم 1 / 361 ، والطيالسي ( 808 ) ، وأبو نُعَيْم في " الحلية " : ( 9 / 223 ) . وهو صحيح .
( 83 ) أخرجه أحمد ( 6582 ، 6646 ) ، والترمذي ( 1074 ) . والحديث بمجموع طرقه حَسَنٌ أو صَحِيح .
( 84 ) أخرجه الترمذي 3 / 17 وصححه ، وابن ماجه - واللفظ له - 2 / 184 ، وأحمد 4 / 131 . وإسناده صحيح .
( 85 )اخرجه مسلم (2878) .
( 86 ) أخرجه ابن حبان (341) وأحمد(12055) .
( 2) أخرجه مالك - واللفظ له - 1 / 232 ، 233 ، وأبو داود 2 / 26 ، والنسائي 1 / 261 ، وابن ماجه 2 / 185 ، 186 ، وابن حبان في " صحيحه " : ( 1616 ) ، والحاكم ( 3528 )، وأحمد 5 / 446 . وهو صحيح .ومعنى المرأة تموت بجمع قال الخطابي في النهاية : أي تموت وفي بطنها ولد وقيل تموت بكراً انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود ص1328
( 1 ) أخرجه أبو داود 2 / 275 ، والترمذي 2 / 316 وقال : حسن صحيح ، وأحمد - واللفظ له - ( 1652 ، 1653 ) .
( 2) أخرجه البخاري (1301) .
( 90 ) أخرجه البخاري 3 / 177 ، 5 / 192 ، 193 ، ومسلم 3 / 53 .
( 91 ) أخرجه البخاري ( 1368 ) ، والنسائي ( 1934 ) ، وأحمد ( 129 ، 204 ) .(1/148)
( 92 ) سبق تخريجه : ص 78 .
( 93 ) سبق تخريجه : ص 80 .
( 94 ) سبق تخريجه ص 50
( 95 ) أخرجه الحاكم 1 / 354و362 ، والبيهقي 3 / 395 ، والأصبهاني في " الترغيب " : ( 1 / 235 ) ، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ ( أربعين كبيرة ) ، وصححه الألباني في أحكام الجنائز .
( 96 ) حسنه الألباني في (صحيح الجامع ) .
( 97 ) أخرجه أحمد (25393) .
( 98 ) سبق تخريجه في الصفحة ص 98 .
( 99 ) سبق تخريجه في الصفحة السابقة .
( 100 ) أخرجه مسلم (919) .
( 101 ) أخرجه البخاري ( 10 / 380 - " فتح " ) ، ومسلم ( 2106 ) .
( 102 ) سبق تخريجه : ص 67 .
( 103 ) أخرجه أبو داود ( 3140 ) ، وضعفه الألباني .
( 104 ) رواه ابن ماجه ( 1617 ) - واللفظ له - ، وأحمد ( 6 / 58 ) ، وأبو داود ( 3207 ) ، وابن حبان ، والبيهقي ( 4 / 58 ) . وصححه الألباني في " أحكام الجنائز " .
( 105 ) أخرجه البخاري (5678) ومسلم (2165) .
(1) هذه الزيادة عند النسائي ( 1889 ) ، ومعناها عند البخاري ومسلم .
( 107 ) هذه الزيادة أخرجها البخاري ( 1254 ) ، ومسلم ( 939 ) .ومعنى فآذنني أي أعلمنني . وحقوه أي إزاره . أشعرنها أي أجعلنه شعارها أي الثوب الذي يلي الجسد . انظر الفتح ص166/3 .
( 108 ) وهذه الزيادة عند البخاري برقم ( 1263 ) .
( 109 ) أخرجه البخاري ( 167 ) ، ومسلم ( 939 ) . وباقي الزيادات عندهما أو عند أحدهما . راجع تخريجاتها في كتاب " أحكام الجنائز " / للعلامة ( الألباني ) - رحمه الله تعالى - .
( 110 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 2 ) سبق تخريجه : ص 67
( 112 ) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى رقم (67650) كتاب الجنائز باب في غسل المرأة .
( 113 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 114 ) سبق تخريجه ص 111 .
( 115 ) سبق تخريجه : ص 111 .
( 116 ) سبق تخريجه ص114 .
( 117 ) سبق تخريجه : ص 111 .
( 118 ) رواه أحمد 6 / 228 ، وابن ماجه ( 1465 ) .(1/149)
( 119 ) رواه أبو داود ( 3141 ) ، وابن ماجه ( 1464 ) ، وأحمد .
( 120 ) أخرجه أبو داود - واللفظ له - ( 3180 ) ، وأحمد ( 18358 ) ، و الترمذي ( 1031 ) والنسائي ( 1943 ) مُختصرًا . وصححه الألباني .
( 121 ) رواه أبو داود ( 3214 ) ، والنسائي ( 2006 ) . وصححه الألباني .
( 122 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 123 ) رواه البخاري ( 1241 ) ، والنسائي ( 1839 ) .
( 124 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 125 ) سبق تخريجه : ص 111 .
( 126 ) أخرجه أحمد ( 1419 ) . وصححه الألباني في " الإرواء " ( 709 ) .
( 127 ) أخرجه البخاري ( 1346 ) .
( 128 ) أخرجه البخاري ( 5533 ) .
( 129 ) أخرجه البخاري - مُختصرًا - ( 463 ) ، ومسلم ( 1769 ) .
( 130 ) سبق تخريجه : ص 108 .
( 131 ) ( 8 / 410 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " )
( 132 ) ( 8 / 448 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " )
( 133 ) ( 13 / 110 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 134 ) ( 13 / 111-112 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 135 ) ( 13 / 114 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ))
( 136 ) ( 13 / 119-120 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 137 ) ( 13 / 123 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 2 ) ( 13 / 128-129 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 139 ) ( 13 / 365 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 140 ) ( 13 / 363-364 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )(1/150)
( 2) ( 13 / 364-365 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 142 ) ( المجموعة الكاملة للسعدي : ج7 / ص 136 )
( 143 ) ( فتاوى ورسائل الشيخ محمد ابن إبراهيم ج3 ص190 )
( 2 ) ( " لقاء الباب المفتوح " / ابن عثيمين : ج 4 / ص 11 )
( 145 ) ( " فتاوى اللجنة الدائمة " : ج 8 / ص 370 )
( 146 ) أخرجه البخاري ( 1264 ) ، ومسلم ( 941 ) .
( 147 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 148 ) سبق تخريجه في الصفحة السابقة .
( 149 ) رواه أحمد ( 27135 ) . وضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف أبو داود " .
( 150 ) أخرجه النسائي - واللفظ له - ( 1895 ) ، وهو عند مسلم ( 943 ) وأبو داود ( 3148 ) بلفظ : " إذا كَفَّن أحدكم أخاه ... " .
( 151 ) رواه أحمد ( 3426 ) ، وأبو داود ( 4061 ) ، والترمذي ( 994 ) - وقال : حسن صحيح - ، وابن ماجه ( 3566 ) . وصححه الألباني في " أحكام الجنائز " .
( 152 ) أخرجه أحمد ( 14540 ) ، وابن حبان ( 752 ) وصححه الألباني في " أحكام الجنائز " .
( 153 ) رواه أبو داود ( 3154 ) . وضعفه الشيخ الألباني - كما في " ضعيف أبي داود " .
( 154 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 155 ) سبق تخريجه : ص 68 .
( 156 ) أخرجه البيهقي (10899) .
( 1 ) سبق لفظه وتخريجه : ص 68.
( 158 ) أخرجه أحمد ( 1 / 247 ) ، وأبو داود ( 3134 ) ، وابن ماجه ( 1515 ) . وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " .
( 159 ) رواه البخاري ( 3 / 110 ) ، ومسلم ( 3 / 48 ) .
( 160 ) أخرجه الترمذي ( 1016 ) ، وأبو داود ( 3136 ) ، وبمعناه عند البخاري ( 1343 ) ، مِن حديث جابر -(-
( 161 ) ( 13 / 95 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 162 ) ( " البِدَع والمُحْدَثات " / للمطر : ص 303 )
( 163 ) أخرجه البخاري ( 3 / 196 - الفتح ) ، ومُسْلِم - واللفظ له - ( 945 ) .(1/151)
( 164 ) أخرجه مسلم في " صَحيحه " ( 945 ) والترمذي ( 1040 ) ، وأحمد 4 / 114 ، 5 / 192 بإسناد صحيح ، ومالك في " الموطأ " : ( 2 / 14 ) ، وأبو داود 1 / 425 ، والنسائي 1 / 278 ، وابن ماجه 2 / 197 ، والحاكم 2 / 127 وقال : صحيح على شرطهما .
( 165 ) أخرجه أبو داود ( 2710 ) ، والنسائي ( 1959 ) ، وابن ماجه ( 2848 ) ، وأحمد ( 1703 ) .
( 166 ) أخرجه الدارقطني ( 2 / 56 ) ، وأبو نُعَيْم في " الحلية " : ( 10 / 320 ) ، والطبراني في " الكبير " : ( 13622 ) . وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " .
( 167 ) رواه الشافعي في " مُسْنَدِه " : ( ص 359 ) ، و صححه الألباني في " إرواء الغليل " .
( 168 ) أخرجه أبو داود 2 / 66 ، 67 ، والترمذي 2 / 146 وحَسَّنَه ، وابن ماجه ، وأحمد 3 / 118و 204 ، والطحاوي 1 / 283 ، والبيهقي 4 / 32 ، والطيالسي ( 2149 ) . وصححه الألباني في " أحكام الجَنائِز " : ص 139 .
( 169 ) أخرجه البخاري 3 / 156 ، 157 ، ومُسْلِم 3 / 60 - واللفظ له - .
( 170 ) أخرجه وأحمد 4 / 79 - واللفظ له - ، أبو داود 2 / 63 ، والترمذي 2 / 143 ، وابن ماجه 1 / 454 ، وابن سعد 7 / 420 ، والطبراني 19 / 258 ، 665 ، وأبو يعلى ( 6831 ) ، والحاكم 1 / 362 ، 363 ، والبيهقي 4 / 30 .
( 171 ) رواه الطبراني في " الكبير " : ( 7785 ) . و الهيثمي في " المجمع " : ( 3 / 32 ) : وفيه ابن لهيعة ، وفيه كلام " .
( 172 ) أخرجه مُسْلِم 3 / 53 .
( 173 ) أخرجه مُسْلِم ( 948 ) .
( 174 ) البيهقي (6710) والدارقطني (13) .
( 175 ) أخرجه أبو داود 2 / 66 - والسياق له - ، ومن طريقه البيهقي 4 / 33 . والنسائي 1 / 280 ، وإسناده صحيح على شرط مُسْلِم . وقال النووي [ في " المجموع " ] : ( 5 / 224 ) : " وإسناده صحيح . وعمار هذا تابعي مولى لبني هاشم ، واتفقوا على توثيقه " .
( 176 ) أخرجه ابن ماجه ( 1496 ) . وضعفه الألباني .(1/152)
( 177 ) أخرجه البخاري ( 1335 ) .
( 178 ) أخرجه أبو داود 2 / 68 ، وابن ماجه ( 1497 ) ، وابن حبان في " صحيحه " : ( 754 - موارد ) ، والبيهقي 4 / 40 ، من حديث أبي هريرة . وحَسَّنَه الألباني .
( 179 ) أخرجه مُسْلِم 3 / 59 ، 60 .
( 180 ) أخرجه أبو داود - واللفظ له - ( 2 / 68 ) ، الترمذي 2 / 141 ، ابن ماجه 1 / 456 ، والبيهقي 4 / 41 : من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة . وابن حبان في " صحيحه " : ( 757 - موارد ) ، والحاكم 1 / 358 ، والبيهقي أيضًا ، وأحمد 2 / 368 : من طريق يحيى بن أبي كثر عن أبي سلمة نحوه ، دون قول : " اللهُمَّ لا تحرمنا " - فهي عند أبي داود وابن حبان - ، إلا أنه قال : " ولا تفتنا بعده " . وصححه الألباني في " أحكام الجَنائِز " .
( 181 ) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 22 / 249 ، 647 ، والحاكم 1 / 359 .
( 182 ) أخرجه أبوداود (3180) .
( 183 ) أخرجه البخاري ( 1318 ) ، ومُسْلِم ( 951 ) .
( 184 ) أخرجه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في " أحكام الجَنائِز " .
( 185 ) رواه البخاري ( 3208 ) و( 3332 ) و( 6594 ) و( 7454 ) ، ومُسْلِم ( 2643 ) .
( 186 ) سبق تخريجه ص180 .
( 187 ) أخرجه أبو داود - بِسَنَدٍ حَسَنٍ - ( 3137 ) .
( 188 ) أخرجه البخاري : 3 / 164 ، 7 / 279 ، 280 ، 302 ، ومُسْلِم : 4 / 149 ، 153 ، 154 .
( 189 ) أخرجه مُسْلِم 5 / 121 .
( 190 ) أخرجه أحمد 5 / 399 ، 300 ، 301 ، والحاكم 1 / 364 .
( 191 ) أخرجه أبو داود ( 3185 ) ، ووهو عند مُسْلِم ( 978 ) بمعناه .
( 192 ) أخرجه البخاري : 3 / 368 ، 369 ، 374 .
( 193 ) أخرجه البخاري : 8 / 420 ، 12 / 7 ، 22 ، 40 .
( 194 ) أخرجه البخاري : 1 / 438 ، 439 ، 440 ، 3 / 159 ، ومُسْلِم 3 / 56 .
( 195 ) أخرجه البخاري 3 / 90 ، 145 ، 155 ، 157 ، ومُسْلِم 3 / 54 .(1/153)
( 196 ) أخرجه الحاكم 1 / 365 - وعنه البيهقي 4 / 30 ، 31 - وأحمد 3 / 217 . وصححه الألباني في " أحكام الجَنائِز " .
( 197 ) أخرجه البخاري 3 / 155 .
( 198 ) أخرجه مُسْلِم 3 / 63 .
( 199 ) (أخرجه ابن الأعرابي في " معجمه " : ( ق 235 / 1 ) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " : ( 1 / 80 / 2 ) ، ومن طريقه الضياء المغربي في " الأحاديث المختارة - مسند أنس " : ( 2 / 79 ) . وقال الهيثمي في " المجمع " : ( 3 / 36 ) : وإسناده حَسَنٌ ) هكذا خَرَّجه العلامة ( الألباني ) - رحمه الله - في " أحكام الجنائز "
(1) أخرجه البخاري ( 1321 ) .
(2) أنظر ص 184.
( 1) أخرجه مُسْلِم 2 / 208 .
( 2 ) انظر صفحات : 130،132،131 .
( 204 ) ( المُنتَقَى من فتاوى الفوزان : ج 3 / ص 94 )
(2) ( 8 / 382-383 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
( 206 ) ( 8 / 415-416 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
( 207 ) ( 8 / 418 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
( 208 ) ( 13 / 137 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
( 2 ) ( 13 / 138من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
(1) ( 13 / 147 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(2) ( 13 / 147-148 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 212 ) ( 13 / 148-149 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )
( 213 ) ( 13 / 153 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
( 214 ) ( 13 / 156-157 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " )(1/154)
( 215 ) ( 13 / 165 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
( 2 ) ( ابن عثيمين : " 70 سؤالاً في أحكام الجَنائِز " ) .
( 217 ) ( ابن عثيمين : " 70 سؤالاً في أحكام الجَنائِز " ) .
( 218 ) ( ابن عثيمين : " 70 سؤالاً في أحكام الجَنائِز " / 19 ) .
( 219 ) ( ابن عثيمين : " 70 سؤالاً في أحكام الجَنائِز " / 14،15 ) .
( 2) ( ابن عثيمين : " نور على الدرب " : 1 / 294 ) .
(1) ( ابن عثيمين : " نور على الدرب " : 1 / 294 ) .
(2) ( " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " : ج 3 / ص 190 )
(1) ( " مجموع فتاوى ابن عثيمين " : ج 12 / ص 375 )
(1) ( المُنتَقَى من فتاوى الفوزان : ج 3 / ص 95 )
( 224 ) سبق تخريجه : ص 169 .
( 225 ) أخرجه ابن ماجه ( 1478 ) ، والبيهقي ( 4 / 19 ) .
( 226 ) أخرجه البخاري ( 1315 ) ، ومسلم ( 944 ) .
( 227 ) أخرجه البيهقي (6642) .ومعنى الزِّقِّ هو السقاء انظر مختار الصحاح ص136 .
( 228 ) أخرجه البخاري ( 1310 ) ، ومسلم ( 959 ) .
( 229 ) أخرجه أبو داود 2 / 70 ، والنسائي 1 / 283 ، 284 ، والترمذي 3 / 36 ، وابن ماجة ( 1560 ) ، والبيهقي 4 / 34 ، وأحمد 4 / 19 ، 20 . وصححه الألباني في " المشكاة " .
( 230 ) أخرجه أبو داود في : " كتاب البيوع " ، والبيهقي في " كتاب الجنائز " . قال النووي في " المجموع " : ( 5 / 287 ) : " وإسناده صحيح " .
( 231 ) أخرجه مُسْلِم 2 / 61 .
( 232 ) أخرجه أبو داود 2 / 69 ، والنسائي 1 / 283 ، والترمذي 2 / 152 ، وابن ماجه ( 4711 ) ، والطحاوي 4 / 84 ، والبيهقي 3 / 480 . وصححه الألباني في " أحكام الجنائز " .
( 233 ) رواه البيهقي ( 4 / 54 ) ، والشافعي في " الأُم " : (1 / 273 ) ، و قال النووي في " المجموع " ( 5 / 294 ) : " ... يُحْتَجُّ به " .(1/155)
( 234 ) أخرجه أبو داود ( 3211 ) ، والبيهقي ( 4 / 54 ) . وصححه الألباني في " صحيح أبو داود " .
( 235 ) أخرجه البيهقي ( 4 / 54 ) .
( 236 ) أخرجه ابن ماجه ( 1565 ) . و خَرَّجه الحافظ في " التلخيص الحبير " : 5 / 222 ، وجَوَّد إسناده النووي في " المجموع " : ( 5 / 292 ) ، وصححه الشيخ الألباني .
( 237 ) أخرجه البخاري 3 / 198 ، 199 .
( 238 ) رواه أبو داود في " المراسيل " ( 421 ) .
( 239 ) رواه الشافعي ، ومِن طريقه البيهقي ( 3 / 411 ) . وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " : / 165 .
( 240 ) أخرجه أبو داود ( 6 - 32 ) ، وابن ماجه ( 1565 ) . وحسنه الألباني في " المشكاة " .
( 241 ) أخرجه أبو داود 2 / 70 ، والحاكم 1 / 370 ، والبيهقي 4 / 56 . وعبدالله بن أحمد في " زوائد الزهد " : 129 . وقال النووي في " المجموع " : ( 5 / 292 ) : رواه .... بإسنادٍ جيد .
( 242 ) أخرجه أبو داود 2 / 281 ، والحاكم 1 / 37 ، 40 ، والطيالسي ( 753 ) ، وأحمد : 4 / 287 ، 288 ، 295 ، 296 - والسياق له .
( 243 ) أخرجه مُسْلِم ( 970 ) .
( 244 ) رواه أحمد وقال الألباني : ضعيف ، كما في " إرواء الغليل " .
( 245 ) أخرجه أبو داود 2 / 72 ، والنسائي 1 / 288 ، وابن ماجه 1 / 474 ، وابن أبي شيبة 4 / 170 ، والحاكم 1 / 373 ، والبيهقي 4 / 80 ، والطيالسي ( 1123 ) ، وأحمد 5 / 83 ، 84 ، 224 ، والطبراني 2 / 42 / 123 ، والطحاوي 1 / 293 .
( 246 ) أخرجه الترمذي ( 320 ) ، و أبو داود ( 3236 ) ، والنسائي ( 2043 ) .
( 247 ) قال النووي في " المجموع " ( 5 / 302 ) : حَديث ضعيف .
( 248 ) أخرجه مسلم (972) .
( 249 ) أخرجه ابو داود (3222) . ومعنى الحديث قال في النهاية : كانوا يعقرون الإبل أي ينحرونها عند القبور . انظر عون المعبود ص1389 .
( 250 ) سبق تخريجه : ص 38.(1/156)
( 251 ) أخرجه الترمذي ( 2 / 156 - " تحفة " ) ، وابن ماجه 1 / 478 ، وابن حبان ( 790 ) ، والبيهقي 4 / 78 ، والطيالسي 1 / 171 ، وأحمد 2 / 337 ، وابن عبدالبر 3 / 234 ، 235 .
( 252 ) أخرجه البخاري (3226) .
( 253 ) قال النووي في " المجموع " : ( 5 / 300 ) : حديث المغيرة ضعيف غريب ، [ قال الحاكم أبو أحمد - وهو شيخ الحاكم أبى عبد الله - : لا يصح هذا الحديث .
(1) ( 9 / 19-20 ، من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ) .
(1) ( فتاوى اللجنة الدائمة : ج 9 / ص 126 )
(2) ( لقاء الباب المفتوح ابن عثيمين : ج 7 / ص 231 )
(1) ( المُنتَقَى مِن فتاوى الفوزان : ج 2 / ص 153 )
(1) ( المُنتَقَى من فتاوى الفوزان : ج 1 / ص 195 )
(1) ( لقاء الباب المفتوح ابن عثيمين : ج 23 / ص 22 )
(1) ( فتاوى نور على الدرب : ابن باز : ج 1 / ص 276 )
( 260 ) سبق تخريجه ص 70
( 261 ) رواه ابن ماجه ( 1 / 16 ) ، وحسنه الألباني .
( 262 ) رواه الترمذي ( 1073) وقال : غريب ، وابن ماجه ( 1602 ) . وضعفه الألباني .
( 263 ) أخرجه البخاري (6060) .
( 264 ) رواه الترمذي ( 1 / 197 ) وقال : حسن غريب . وقال الألباني في " المشكاة " : / ص 544 : إسناده ضعيف .
( 265 ) أخرجه البخاري ( 1284 ) ، ومسلم ( 923 ) .
( 266 ) أخرجه أبو داود 2 / 59 ، والترمذي 1 / 134 وحَسَّنَه ، وابن ماجه 1 / 490 ، وأحمد 1 / 175 ، والشافعي في " الأم " : ( 1 / 278 ) ، والحاكم 1 / 372 ، والبيهقي 4 / 16 .
( 267 ) أخرجه مسلم (926) .
( 268 ) أخرجه البخاري 3 / 127 ، 128 ، 129 ، ومسلم 1 / 70 .
( 269 ) سبق تخريجه ص 74
( 270 ) أخرجه البخاري 3 / 120 ، 122 ، ومسلم 3 / 39 .
( 271 ) أخرجه مسلم (934) .
( 272 ) أخرجه مسلم (926) .
( 273 ) سبق تخريجه ص250
( 274 ) أخرجه البخاري ( 1393 ) .(1/157)
( 275 ) أخرجه مُسْلِم ( 977 ) ، وأبو داود ( 3235 ) ، والترمذي ( 1054 ) ، وأحمد - واللفظ له - .
( 276 ) أخرجه مُسْلِم ( 976 ) .
( 277 ) أخرجه مسلم .
( 278 ) أخرجه مُسْلِم ( 975 ) ، ( 249 ) ، ( 974 ) .
( 279 ) رواه أحمد ( 1 / 299 ) ، وأبو داود ( 3236 ) ، والترمذي ( 320 ) وقال : حسن غريب ، والنسائي ( 5914 ) .
(1) ( 9 / 42 - 44 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 9 / 77 - 78 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 9 / 101 - 103 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 9 / 113 - 114 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 9 / 131 - 132 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 9 / 133 - 134 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(2) ( 8 / 375 ، من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ) .
(1) ( 13 / 255 - 257 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 325 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(2) ( 13 / 333 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 335 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(2) ( 13 / 336 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 338 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 379 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .(1/158)
(1) ( 13 / 374 - 375 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 385 - 386 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( 13 / 410 ، من " مجموع فتاوى ومقالات الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - " ) .
(1) ( ابن عثيمين : " فتاوي إسلامية " : 2 / 52 - 53 )
(1) ( " مجموع فتاوى ابن باز " : 2 / 763 - 764 ) .
(1) ( ابن عثيمين : " 70 سُؤالاً في أحكام الجَنائِز " )
(1) ( " فتاوى إسلامية " / للمُسند : ج 2 / ص 43 )
(1) ( " لقاء الباب المفتوح " / ابن عثيمين : ج 31 / ص 23 )
(1) ( " المُنتَقَى من فتاوى الفوزان " : ج 2 / ص 157 )
(1) ( " مجموع فتاوى ابن عثيمين " : ج 3 / ص 140 )
(1) ( " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " : ج 3 / ص 194 )
(1) ( " مجموع فتاوى ابن عثيمين " : ج 3 / ص 133 )
(1) ( " مجموع فتاوى ابن عثيمين " : ج 3 / ص 135 )
(1) ( " لقاء الباب المفتوح " / ابن عثيمين : ج 7 / ص 22 )
(1) ( " فتاوى نور على الدرب " / ابن عثيمين : ج 2 / ص 335 )
(1) ( " فتاوى منار الإسلام " / ابن عثيمين : ج 3 / ص 626 )
??
??
??
??
10
كيف تغسل ميتًا ؟ (دراسة تطبيقية عملية في أحكام الجنائز)
9
كيف تغسل ميتاً ؟ (دراسة تطبيقية عملية في أحكام الجنائز)(1/159)