الجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بالطائف القسم النسوي
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تعلم الإيمان للنشء في تسعين دقيقة
بحث ميداني يتحدث عن كيفية تعليم الإيمان للأطفال من خلال الحصة القرآنية في المدارس المسائية
التابعة للجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بالطائف
فكرة وإعداد
ميسون رشدي طومان
ماجستير تربية وتنمية الاطفال
معلمة لمرحلة الناشئة بالجمعية الخيرية لتحفيظ القران الكريم بالطائف
مقدمة البحث:
الحمد لله منزل الكتاب ، آيات بينات وهدى وموعظة لأولي الألباب قال تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد))
والصلاة والسلام على نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وخاتم الأنبياء والمرسلين خاطبه مولاه قائلا ((... وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل عليك عظيما )).
إننا نلمس في هذا الزمان تغيرا وتنوعا في الطرح الفكري، الذي يسهم في صقل ثقافات الشعوب وتغيرها.
ونلمس ذالك في تنوعه من الصحف والمجلات ومراكز تعليم ومدارس تربية وتوجيه وتعريجا على دور وحلق لتحفيظ القران الكريم إلى مراكز التربية والتطوير.
هذا بالإضافة إلى ما يلعبه الجانب الإعلامي من النقش في مخيلة أجيالنا من أفكار وثقافات تتنوع كل حسبما يراد لها. فمن مجلات تخاطب النشء الى قنوات متعددة في العرض، والطرح والتأثير،
ويزاد الأمر تعقيد عندما يتم توجيه القناة إلى فكر الطفل مباشرة ،وتتخصص في مخاطبته وتعليمة وتحريكه وتوجيهه.
وكل امة تدرك حقيقة جيلها ومتطلباته التي تتماشى مع قيمها وأخلاقها، والتي تحرص إن تكون أهدافه في النهاية موافقة لااهدافها في الحياة.(1/1)
فأمة مثل امة الإسلام هدفها واضح وقيمها صافية ،ومنابعها عذبة سليمة ،تساهم في نفع الأمة اجمع لا أبناء المسلمين فقط، وتجعل أهداف أبنائها متماشية مع غايتها الكبرى من تحقيق الخلافة في الأرض والنهوض بالبشرية من قيعان الضلال والهلاك والرقي إلى جنات النعيم ورضي الرب الكريم.
إننا نلمس إن جيلا إسلامية يعيش هذا الزمان الذي سخر الضلال فكرة وجهده ،وحرص بكل ما أوتي من قوة إن يؤثر فيه ،وان يغذي عقله ويشبعه بكل ما هو مخالف لمبادئ دينه وقيم تعاليمه وأفكار مذهبة . ويبعده عن الفهم السليم والحقيقي، لما يحويه الدين من حياة سليمة صحيحة بحيث تشبع العقول بفكر غريب عن بيئة المسلم. وتحدث الحياة بطريقة هي غاية البعد عن المنهج الرباني السليم، وتقاد النفوس بقدوات لايعلم لها ماض ولا تاريخ ،وحتى إن سطره في عظماء زمانها فان الفساد العقدي سيكون لغة ماضيهم، والانحراف الأخلاقي هو واقع حاضرهم ،وتدمير جيل مسلم هو لغة مستقبلهم.
إننا نلمس التغذية من قوم لاتهمهم إلا تسمين عقول النشء بأفكار مدوية وعبارات رنانة، لكنها لاتكل عن إنشاء نوع من النزاع الداخلي بين قيم المسلم الحق وفطرته التي فطرة الله عليها، وبين تلك المسوخ الغريبة التي يراد لها أن تسكن وتعشش في كيانه، وان تطبع أفكاره وتنسخها على سلوكه ،فيعيش لا هو بين واقع ملموس ولا مستقبل مؤمل .
فيحاول مرة إن ينسخ نفسه من أبناء أمته بطريقة حديثة خاطئة فينشئ صراعا فكرية قيمي يخلق لنا جوا من النزاعات الفكرية الهدامة والتي تكون اشد حربا على الأمة من غيرها .(1/2)
او نراه ينسخ نفسه كليا من نموذج شاذ غريب ،يتبعه في كل تفاصيله كالصورة تماما . فيظهر غريبا في أمته ومستهجنا في حياته .تعلوه الدهشة ويقوده الاستغراب نحو مجموعة من الاسئلة التي يظن في داخله أن من حوله متأخرون وأنهم لايفهمون الواقع الحقيقي ،لايدركون مفهوم التقدم، وأنهم يردون العيش في خيامهم والتغذي من إبلهم والركوب لنوقهم وخيولهم .
ويتناسى من هو ولما هو وكيف يكون هو؟؟.
والسبب كل السبب يعود إلى تغذي تلك العقول ،وحشوها بما لايتناسب مع تكوينها ،وفكرها ،وبيئتها وأمتها .والاهم من ذلك مع عقيدتها ومناط فلاحها.
إن جيل اليوم هو جيل قد سمن فكرة وغذي عقاه لكنه بسموم وآفات هي لهلاكه واقرب ولضياعه احرص.وكل حرصها الهدف الذي ستجنيه من هذا الفعل الشنيع والقبح الذي انطوت عليه نفوسهم الحسد الذي ملء حياتهم ومع الخوف من هذا العملاق القادم الذي سيغزو دياناتهم ويذيب عقائدهم.
إن السبب يكمن وراء العقيدة في كل ما يفعلوه بأبناء المسلمين والهدف كل الهدف حسدا أن يضيعوا مثلا ضاعوا وأن يهلكوا مثلما هلكوا لتبقى لهم الدنيا صافية والحياة هانئة.
إننا من هذا لمنطلق ندرك أهمية العقيدة في حياة الجيل المسلم وأهمية تغذيته بها وأهمية تنشئته عليها.
ومن هنا نشعر أن العقيدة حتى تكون صافية لابد أن تسقى من ماء الوحيين حتى تكون ثمارها طيبة ونافعة .
إن الدور الهام الذي يلقى على عاتق دور القران، ومراكز التحفيظ و أهمية التركيز عليها وعلى ما تقدمة يراد له أن يقتحم ساحة النقاش الان .
بالإضافة إلى أن زيادة الاهتمام بتعليم القرآن وحفظه عن طريق إتقان تلاوته والاستمرار في حفظه كاملاً أو أجزاء منه ومعرفة معاني بعض مفرداته له الأثر الفعال في تكوين شخصية المتعلم فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين"
واستنادا على تلك الأهمية جاء هذا البحث.(1/3)
ليظهر مدى الدور المقلي على عاتق مراكز تحفيظ القران، ويظهر مدى الدور الذي عليها أن تقوم به من اجل النهضة بالأمة إلى أحسن مستوياتها.
إن دور مراكز القران يبدأ من كتاب اله تعالى، وينتهي بأجيال خالصة خاضعة له عز وجل ،أهدفها وأمالها ،وطموحها ومستقبلها كله واضح ومحدد وممنهج وسليم.
إن العلاقة الوثيقة بكتاب الله تعالى تدفعنا إلى أن نؤكد على انه لابد أن نقدم الأفضل والأجود وان نجعل نظرتنا إلى دور القران نظر مميزة، ولذالك سيبدأ المشوار بالتميز والعطاء، والمسير بالتقدم . وهذا كله نريده من اجل صد التيار الذي يسكب في عقول الجيل السم الزعاف والفكر الهدام.
إن مراكز القران منارة هدى ومواطن إيمان ،ومبعث عقيدة صافي لاعتمادها على كتاب الله تعالى. وانك تلحظي أن الملتحقين فيها يأتون لها طوعا لااكراه ويريدون الخير برغبة منهم قاطعين نصف الطريق مقصرين لنا المسافات دونما بذل عناء ومشقة .
و يساهم في حضورهم ورغبتهم وشوقهم إلى الخير، تلك الفكرة المتكونة عن دور التحفيظ ويدعم الرغبة في الالتحاق بها، أن الغالب عليها هو الخيرية، والهداية والالتزام.
ويعدهذا البحث خلاصة عامين من الدراسة والتحليل والتدقيق.والذي اعتمدت فيه على شريحة الأطفال فقط من ضمن مجموعة الشرائح العامة في دور التحفيظ.وتم التركيز على جانب العلاقة بين الإيمان والقران وكيف يمكن تحقيقه من خلال الحصة.
والفكرة كانت قائمة على وضع أهداف معينة لتلك الحصة .إما أنها تتعلق بموضوع الدرس نفسه ،أو أنها مجموعة من القيم و الآداب والأخلاق التي يراد تعليمها.
ثم ننطلق إلى أجزاء الدرس لتحقيقها فيه وقد اجتمع عندنا مجموعة من الأحداث والمواقف والتجارب الواقعية، لتعطي لنا النتائج والحقائق التي توصلنا لها في هذا البحث.(1/4)
وبحمد الله وتوفيقه وكرمه، ورغم أنها كانت التجربة الأولى لي في مجال تعليم الصغار والتي وجدت فيها مشقة وصعوبة لانظير لها ،وتخوفا لايعلم قدره إلى الله تعالى مماأحوجني إلى البحث عن التصبر كثيرا .وقد وفق الله في نهاية العام الثاني وزاد في علمنا وأنار بصيرتنا إلى الكثير من المعارف والخبرات.
واني لن انسي صديقات في قسم تحفيظ الصغار الآتي ساعدنني كثيرا في تقديم المشورات والمعلومات ،وصقل الخبرات ،والتزويد بالأفكار البناءة والهادفة ،وما لمسته من اثر على طفلتي من تعليمهم ايها أيضا ساهم في دعمي كثيرا نحو النجاح .
ولقد جاء هذا البحث كنتيجة لتلك الخبرة وتلك الجهود.
وقد وقع في الفصول التالية:
الفصل الأول :وهو يحوي الحديث عن النشء تعريفه وما أهميته وما يهمه وما الرابط بينه وبين التعليم ولما يعلم وكيف يعلم والأجر المترتب على ذلك..
الفصل الثاني :وهو يحوي العلاقة بين النشا والإيمان في حديث عن الايمان وأثره في حياة الأمم والشعوب وأهميته للنشأ ولم يعلم لهم وكيف يمكن أن يعلم لهم بطرق عدة وداخل مراكز القران الكريم.
الفصل الثالث وهو يحوي كيف يمكن جعل الحصة وسيلة لغرس الايمان بكل مفرداتها وأدواتها بداية من التحضير الكتابي ونهاية بالوداع والانصراف.
الفصل الرابع وهو يحوي وسائل أخرى تساهم في التعليم الإيماني ما غير الحصة لكنها مرتبطة بالمراكز وأماكن تعليم القران وكيف يمكن استثمارها والاستفادة منها.
وختاما اسأل الله العون والتوفيق والسداد، وان يبارك الجهد ويجعل فيه النفع،
واني أقول .لايخلو كتابا من فائدة ولا كاتب من نقد ولا إنسان من صواب ولا شخص من خطاء فالكل يحمل الأمرين .
وانا أردنا من البحث نفع الأمة فمن وجد لو كلمة تنفعه فان ذالك مرادنا بعد رضي الله تعالى، ومن وجد تجربة تفيده فانا نشكر الله على ذالك .(1/5)
انه جهد قليل حقا ويتسم بالبساطة ،وان هناك من هو أكثر مني خبرة في هذا المجال واني اجزم انه لو قراء البحث لتفكه وتندر قائلا : اني اعرف كل هذا.
فحق له ذالك ويكفينا منه السرور الذي أضفيناه عليه . وإنما أرادنا أن نثري الساحة بشيء نافع يعود علينا أجرة بعد الممات والله منه العون والتوفيق والحمد الله رب العالمين.
ميسون طومان
الطائف
الفصل الأول
النشء ومراحل التعليم
مقدمة
في هذا الفصل نتحدث عن النشء وعن التعليم ،و يكون الحديث عن النشا وتربيته والتعريف به وسوف نتحدث عن التعليم وأثره وأهميته، وعن المعلم والمتعلم وعن دور التحفيظ وأهميته. ويمكن إن نسميه بداية مشكلة البحث والسبب وراء كتابته .ولذلك بدأ بهذا الفصل لما فيه من رسم الصورة الواضحة في الأذهان عن مفرادات البحث .
ما هو النشء ؟
سؤال يرد الى الأذهان كثيرا، وان أردتي تعريف النشء فانه بإمكانك أن تسردي التعريف التربوي لكلمة النشء ،او نسرد التعريف اللغوي لها ولكن ماذا يعني لك النشء ؟؟فان تعريفك له سوف يساهم في تخيل الأبناء من منظورك الجميل.
إنهم أطفال صغار حياتهم سعيدة، مليئة بالحب والأمل، والفرح والأحلام .ويملئها حب التحدي وخوض غمار الحياة، نراه يقفز هنا وهناك سعيدا فرحا، يخوض الدنيا بآماله وأحلامه لايقف أمامه هم، او يعرقله نكد او تقف مخاوف وهمية في طريقة .
إنهم صفحة بيضاء صافيه جاهزة لك تفعل بها ما تريد وتكتب فيها ما يحلو لك.
لبنات بجوار بعضاها البعض،وكيفما وضعت اللبنة بجوار اللبنة سوف تحصل على البنيان الذي تريد .
فلبنة مسبوكة جيدة تختلف عن أخرى هشة ضعيفة، ولبنة مرصوصة جيدا هي غير تلك التي توضع بطريقة عشوائية .ففي النهاية الكل يبني ولكن كيف بناؤه؟؟.
هكذا إن شاء سم النشء وهكذا إن شأت قل عنهم وان شأت أيضا قل ما يحلو لكي.وأسبح بمخيلتك في عالم البراءة والصفاء.والصدق والحب الخالص.
2-من هو النشء؟(1/6)
عماد الأمم وأساس تقدمها وحضارتها.إنهم صناع الأمل للأجيال القادمة .إنهم نقاط التحول التي تميز أمه عن غيرها.
الحصن المدافع عن الأمة في حاضرها ومستقبلها والمهد الذي تأوي إليه في أزماتها ،إنهم ممثلي واقعها ومستقبلها وهم حماتها وصناع قراراتها في سيرها وصراعها مع الأمم من حولها .
إن الأمم تعيش صراعات ونزاعات من اجل الاستمرار والبقاء، ولكل أمه سبب مميز يدفعها لكي تبقى وتصارع، ولكي تستمر وتناضل فتلك من اجل دين،وأخرى ومن اجل سيطرة، وثالثة لقناعتها أنها مصطفاة ،ورابعة وخامسة ولكل هدفه.
ولكن من هو الصحيح؟
(وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ...........)الآية(1).
(ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين)وقال تعالى (وإذ قال ربك للملاكة إني جاعل في الأرض خليفة ..)الاية(2)
إن امة الإسلام قانونها ونظامها في الصراع يختلف عن غيرها، فهي امة مأمورة أن تقود الناس إلى النجاة والفلاح ،قال تعالى (كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن النمكر وتومنون بالله).(3)
امة غير أمم الأرض فهي تملك مفاتيح السعادة ونهايات النجاح الحق .امة غير الأمم تدعو الناس إلى إن يبقوا داخل فطرهم ومع حقيقتهم مرتبطين بربهم ومتعلقين بأسباب نجاحهم .
أنها امة تخط في حياة الناس الخطوط العريضة تقدم لهم الضمانات تلو الضمانات للاستمرار في هذي الحياة
أظن أننا نريد إن نستمر بأمة الإسلام قائمة، ومن اجل ضمان ذلك علينا إن نرسم ونخطط للاستمرار ولكن من سيكمل المشروع ويساهم في بقاءه متألقا ويانعا ؟
إنهم هم حقا سيكون، وهم من سيكمل المشوار وهم من سيساعدك على تخطي كل تلك العقبات.إنهم يستحقون ذلك؟
3-أهمية تعليم النشء؟
__________
(1) سورة يونس
(2) سورة البقرة
(3) سورة ال عمران(1/7)
لعلنا أدركنا الان حقيقة الوضع ،وأظن أننا الان رسمنا صورة واضحة، عما يدور في أذهننا وعما نريده من حياتنا .
لذالك يكون حمل هم تعليهم وتوجيههم امرأ في غاية الأهمية. وان امة مثل امة الإسلام قيمها ومبادئها مستقاة من كلام ربها وسنة رسولها محمد عليه السلام .
أنها تملك الأسس السليمة في تشريب الأجيال النهج السليم وهي تملك في يدها معاول بناء قوية في تكوين وصقل شخصية الطفل .
إن امة الإسلام دورها في نشاءها بارز وفعال وهام جدا وان المتأمل في حياة نبينا محمد عليه السلام يجد أنه قد وضع لها ورسم وخط الطريقة السليمة للتربيةو التعليم والنهوض بأجيالها .
الفرض من تعليم النشء في مراكز تحفيظ القران : .
هل هناك فائدة من تعليم النشء وتدريسه وخصوصا في حلق القرآن التي هي محط بحثنا ومدار اهتمامنا؟؟ .
إننا نلمس جميعا أهمية التعليم في حياة الانسان ،وما أجمالها عندما تكون هذه الأهمية مرتبطة بالنهج الرباني ،وقد يعجب معلم القران أن دوره في البناء يتخطى حدود حصته إلى أفاق أمته والى عمارة ارض الله .إننا نريد أن نعلم أبنائنا القرآن من ليملكوا السلاح القوي الذي يمدهم بالصمود أمام أعدائهم، فإن الأعداء كثر.
فالإنسان له عدو نفسه (أفريت من اتخذ إله هواه وأضله الله على علم وختم على قلبه )(1).
وله شيطان مسلط عليه( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطان فهو له قرين..وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون).(2)
وداخله فيه هوى يريد قتله والتحكم فيه(في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فد سائر الجسد)(3).
وله عدو خارجي يرد النيل منه((إن الله يدافع عن الذين آمنوا )).(4)
__________
(1) سورة
(2) سورة الانبياء
(3) جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب
(4) سورة الحج(1/8)
وهناك صديق سوء(مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك اما إن يحذيك وإما إن تبتاع منه ونافخ لكير إما إن يحرق وإما إن تجد منه ريحا خبيثة).(1)
وهناك فكر وافد يريد أن يمتلك عقله، وهناك حاقد حاسد يريد إبادته وإبادة عقيدته ودعوته.
وبما أنك تري ما يحل بأجيال امتنا.فأنت تستطيعي أن تجعليهم يحملون السلاح الصحيح، وتعليمهم كيفية استخدامه فأنت بذلك تكون قد وضعتهم على بر النجاة، وتركت لهم الحياة يحيونها بكل قوة.
التعليم الحسن:
يبدأ من فهمك لمهمة التعليم واستخدامك الجيد لموقعك القيادي كمعلمه، وينطلق بك إلى فهمك لنفسك ودورك في دفع عجلة الحياة،
مع إدراكك لحقيقة التدريس وأهميته ومدى خطورته ومدى صعوبته. فإن المعلم الجيد الذي يدرك حقيقة المهنة وهو الذي يمارس التعليم كمهنة وليس هواية يقضي فيها أوقات فراغه ويصرف فيها ساعات من عمره لفترة ما ثم يتركها. وليس وظيفة يتقاضى مرتبها آخر كل شهر قد أدى حروف قراراتها وطبق بندود أنظمتها وسار عليها بحذافيرها لينال درجة المدرس المنظم والأستاذ المجتهد..
انه تعليم وتربية انه تعليم وبناء . هل تخيلت معي مزارعا يملك أرضا خصبة قد حبها الله الجمال ووفرة الماء والسلامة من الآفات.
و هل لك أن تتخيله وقد سنحت له الفرص أن يغرس فيها ما شاء ويزرع فيها ما يريد ،ثم يتركها عرضة للجفاف ومهملة دون رعاية وعناية وهل يستطيع ان يحصل على ثمرة منها وهو مضيع لها .مهمل لخيراتها ومحصولها .؟
حتى وإن جد واجتهد فلن يتوقف دوره على البذر والحصاد فقط بل عليه دورا أخر يقوم به ويؤديه؟
إن المزارع الفطن من يبذر ويغرس ويزرع ويحصد ثم انه يحرس أرضه من الآفات ومن اللصوص والهوام.ويبقى معها حتى تثمر له الثمر الحلو المذاق ليحصده مستمعا به مسرورا بما قدمته يداه.
هذه هي صورة التعليم الحسن؟؟
6- التعليم السيء:
__________
(1) الالباني سنن ابن ماجة(1/9)
صورة من طبيب أسنان يقلع لك الضرس الخطأ، ليبقي لك عله في فمك ,او نسخة من حائك قد قص الثوب بطريقته الخاطئة فأفسده عليك وفق هواه هو لاما تريدي أنت.
هذا هو التعليم الخاطئ او إل.......؟؟؟
هو نتيجة نحصل عليها بعد جهد مبذول وعمل متواصل، لكنها سيئة تلك النتيجة؟.
فمن منا يرضى أن يركب سيارته من دون مكابح ،ومن من يرضى إن يذهب إلى طبيب أسنان لايستطيع تحديد الألم . ومن من يرضى إن يغامر بثوبه عند حاك مزاجي ؟
إن المجتمع اليوم في أمس الحاجة إلى إن يتخلص من ركام الفساد وان يطرق الأبواب نحو الوعي والنضج،وأن يغير مجرى حياته نحو الافضل وان يعي ما ع ليه من مسؤلية اتجاه اجياله المستقبلية ،
وعلينا ان ندرك أهمية ما نقوم فيه من خلال حلق القران الكريم.
7-اثر المعلم:
إن القيام بتعليم القرآن الكريم، وبيانه للناس، من أعظم الأعمال، وأجل القربات إلى اللَّه تعالى، ومتعلمة، ومعلمه يحظى بالخيرية في الدنيا والآخرة، فقد روى ابن ماجه عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - : "خياركم من تَعَلَّم القرآن وعَلَّمه" قال: وأخذ بيدي فأقعدني مقعدي هذا أُقرئ (1).
ومما يدل على فضل تعليم القرآن في الحلقات القرآنية أو في غيرها من وسائط التربية أن القيام بهذه الوظيفة النبوية والمهمة الربانية فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، أما إذا لم يوجد في المجتمع من يقوم بهذا الواجب إلا واحد أو قلة تعين عليهم(2)
__________
(1) محمد ناصر الدين الألباني، صحيح سنن ابن ماجه، ج1، ص42.
(2)
( ) النووي، التبيان في آداب حملة القرآن، تحقيق: محمد الحجار، بيروت، دار ابن حزم، 1414هـ ص41 - 42.
11) المرجع نفسه، ص42.
(12) إبراهيم عبد المنعم الشربيني، قصد السبيل إلى الجنان ببيان كيف نحفظ القرآن،الزقازيق، هديل للنشر والتوزيع،1415هـ ص12.
(13) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، 1398هـ، ج1، ص279.
(14) أضواء البيان، ج7، ص421.
(15) سورة فصلت، آية: 33.
(16) فتح الباري، ج9، ص7
(17) سورة آل عمران، آية: 110..(1/10)
.
يقول النووي رحمه اللَّه: تعليم المتعلمين -أي: للقرآن- فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم يبعضهم فإن امتنعوا أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين(1)؛ حتى إن إمام الحرمين الجو يني -رحمه اللَّه - جعل للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بفرض العين؛ لأنه يسقط الحرج عن الأمة فقال: فرض الكفاية أفضل من فرض العين من حيث أن فاعله يسد مسد الأمة، ويسقط الحرج عن الأمة وفرض العين قاصر عليه(2).
وقد ذكر أهل العلم في كتبهم ومصنفاتهم عظيم فضل تعليم القرآن. قال القرطبي: قال العلماء: تعليم القرآن أفضل الأعمال؛ لأن فيه إعانة على الدين فهو كتلقين الكافر الشهادة ليسلم.
وقال السيوطي: اعلم أن حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة وتعليمه أيضاً فرض كفاية، وهو من أفضل القرب قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم من تَعَلَّم القرآنَ وعلَّمَه"(3). وفي هذا الخبر بيان من أصدق الخلق أن المشتغلين بذلك هم خير الناس(4).
وتعليم القرآن باب من أبواب الدعوة إلى اللَّه تعالى، ومجالاتها، بل ويعتبر من أعظمها قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَولاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(5) يقول ابن حجر: والدعوة إلى اللَّه تعالى تقع بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن وهو أشرف الجميع(6).
وفي ضوء ما سبق يتبين لنا أن معلم القرآن الكريم، والعامل به من خيار الأمة فهو خيار من خيار، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَونَ عَنِ الْمَنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(7) ولما
سئل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن خير الناس قال: "أقرأهم أتقاهم للهِ"(8)
__________
(8) 18) الحافظ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص77.
(19) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، ج4، ص1919(1/11)
. وقد بوَّب البخاري باباً في صحيحه أسماه: "باب خيركم من تَعَلَّم القرآن"(1) ليؤكد فضل تعليم القرآن الكريم، والاجتماع عليه، ومدارسته، وقراءته، ونشره في المجتمع، وقد كان سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يجتمعون عليه؛ لصلاح قلوبهم وزكاة نفوسهم، ويحرصون على الانضمام إلى حزب ارحمن ليحصل لهم الفوز بالشرف الذي أضفاه اللَّه على أهل القرآن حيث أعلى منزلتهم، ورفع ذكرهم؛ لأنهم أهل اللَّه وخاصته كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إِنَّ لله أهلين من خلقه قالوا: ومن هم يا رسول اللَّه؟ قال: أهل القرآن هم أهل اللَّه وخاصَّتُه"(2).
كما أن معلم القرآن يقوم بهمة عظيمة تتمثل في حفظ الدين؛ لأنه يعلم الأساس الذي يقوم عليه الدين، وهو القرآن ليستمر تعليمه وتطبيقه في الأمة من جيل إلى جيل، ويحيي أسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجتمع؛ حيث كانت مهمته - صلى الله عليه وسلم - تعليم الأمة وتربيتها بالقرآن.
__________
(2) الألباني، صحيح سنن ابن ماجه، ج1، ص42.(1/12)
ولا شك أن قيام المعلم بهذه المهمة هي قيام بواحد من حقوق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته واستجابة لأمره - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "بلغوا عني ولو آية"(1).وقد توعد اللَّه الذين يكتمون القرآن، ولا يعلمونه ولاينشرونه ولايبينون أحكامه للأمة بالطرد والإبعاد من رحمة اللَّه قال تعالى: {إِنَّ الَّذِين يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئكَ يَلْعَنُهمُ اللَّهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِين تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبَ عَلَيهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}(2)، ومما يدل على أهمية تعليم القرآن وفضله على الفرد والمجتمع، أن اللَّه قد أخذ العهد والميثاق على كل أمة أنزل عليها كتاباً أن تتعلمه وتعلمه، ولا تكتم منه شيئاً، أو تقصر في نشره كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَه}(3).
ولما كانت هذه الأمة خير الأمم، وكتابها أفضل الكتب، فواجبها أعظم في تعليمه ونشره لتسعد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمء مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِه اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهم إِلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(4).
__________
(1) صحيح البخاري،كتاب الأنبياء، ج3، ص1275.
(2) سورة البقرة، آية: 159، 160.
(3) سورة آل عمران، آية: 187.
(4) سورة المائدة، آية: 16.(1/13)
يقول ابن كثير: أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال: {قَدْ جَاءَكُمء مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِه اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: طرق النجاة والسلامة، ومناهج الاستقامة، وينجيهم به من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور ويحصل لهم به أنجب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة(1).
ومن أعظم فضائل تعليم القرآن الكريم سواءً في الحلقات القرآنية أو المدارس أو غيرها، أنه يعود على المعلم والمتعلم بالنفع والأجر والثواب؛ ذلك أن نفع تعليم القرآن من النفع المتعدي والذي يلحق المعلم بعد موته، وهذا يدل على أن تعليم القرآن، يعد من أعظم الأعمال، وأجل الأفعال التي يدخرها العبد ليوم المعاد.
يقول ابن جماعة: "وأعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة، ومن أعز الناس عليه، وأقرب أهله إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله، ودينه يُلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم، ولو لم يكن إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه، وهديه وإرشاده، لكفاه ذلك الطالب عند اللَّه تعالى، فإنه لا شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نَصيبٌ من الأجرِ"(2).
وتعليم القرآن من أشرف العلوم وأعلاها منزلة وعليه فإن معلم القرآن له نصيب من هذا الأجر؛ لأنه ممن يدعو إلى الخير، ومن أعظم الخير نشر العلم وأفضل العلم كلام اللَّه عز وجل، وقد روى ابن ماجه من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي اللَّه عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من علم علماً فله أجرُ من عمل به ولا ينقص من أجر العامل شيء"(3).
أدوات المعلم وأثرها:
__________
(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج3، ص63.
(2) ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار الكتب العلمية، (د.ت) ص63.(1/14)
إن الادوات في عملية التعليم اشبه بالسلاح. فمعلم بدون أدوات كمحارب بدون سلاح وطيار من دون طائرة وجندي من غير قائد.
إن أدوات التعليم مما يساندك في مهنتك،وتعد عنصرا فعالا ودافعا ممتاز لمسيرة التعليم إنها تساهم بالكثير.ولايمكن لمعلم إن يغفل دور الأدوات وما تصبغ به الحصة من التمكين والعطاء الجيد، لذي تجد المعلم المتقن يتفنن في استخدامه واقتنائه لأدوات درسه .
وقد استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في تعليمه للصحابة .
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً مربعاً ، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ، وخط خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط ، فقال : ( هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذي هو خارج أمله ، وهذه الخطوط الصغار : الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه كلها نهشه الهرم)رواه البخاري
وقد أكدت دراسة حديثة أن الإنسان يتذكر ما يتعلمه بنسب متفاوتة بحسب الأسلوب الذي استخدم في تعليمه على النحو التالي :
يتذكر الإنسان بنسبة 10 % مما يقرؤه .
يتذكر الإنسان بنسبة 20 % مما يسمعه .
يتذكر الإنسان بنسبة 30 % مما يراه .
يتذكر الإنسان بنسبة 50 % مما يراه ويسمعه في وقت واحد .
يتذكر الإنسان بنسبة 80 % مما يقوله .
يتذكر الإنسان بنسبة 90 % مما يقوله ويفعله..
ومثال ذلك : أن يشرح الحكم التجويدي بقولها ، ثم تطبقه بلفظها ، وتستعين باللوح لتوضيحه ، وتطلب من الطلاب استخراجه من المصاحف ، وتطلب منهم نطقه ، وتسمعهم إياه من المسجل ، وتريهم إياه في المصاحف التي تبرز التجويد بألوان مختلفة . وهذا من شأنه أن يثبت المعلومة وأن يثير النشاط ويذهب السأم .
النشا متى يبدأ التعلم:
الانسان يبدأ التعلم منذ أن يعرف الحياة .(1/15)
وهو جنين في بطن امة يتعلم وتؤثر فيه البيئة المحيطة، ويتأثر بنفس أمه ونفسيتها ويؤلمه أن تغضب او تحزن ،لذالك عادة ما ينصح اللاطباء الأمهات ان يكن في ميزاج جيد وحال هادئه حتى لاتؤثر على الجنين.ويذكر ابن القيم ذلك في تحفة المولود ويؤكد على ذلك .بل وحتى انه ذكر أن فتى في بغداد حفظ القران وهو صغير وكان السبب يرجع إلى انه أمه كانت تقرا القران وهو في بطنها فتأثر بذلك.
وغالبا ما يتفاوت الأطفال في فهم الأمور لكن الإحساس بالمسؤولية وحب التعلم لهو أمر فطري ، وقدرتهم على إمساك القلم والحفظ تظهر منذ وقت مبكر جدا لذا على العاقل منا الايغفل عن مثل ذلك وان يكون عونا لصغاره في تعليمهم .
وعلنا أن ندرك أن الصغير لن يبقى صغير بل سوف يكبر وأن أحسن الانسان تعليمة وتأديبه وهو صغير فان الطفل سيكون يافعا عاقلا متعلما كبيرة .
10-كم وكيف؟
في حلق القران ودور التحفيظ يختلف مفهوم التعليم عن المدارس النظامية قليلا فأنت شخص تحمل على كتفك أحلاما أخرى غير تلك لأحلام والمساحة المتاحة لك قد نقول أنها أوسع ،بعيدا عن الوقت وعن العدد، فأنت شخص تريد إن تفرق بين الكم والكيف فهل المهم عندك أن يحفظ الدارس القران ؟أم المهم ان يتأدب بآدابه فقط ولو حفظ القليل من القران ؟أم أنك شخص محايد جدا لايهمك أن يحفظ او يتعلم المهم أن ينتهي اليوم عندك بسلام ويمر الفصل دون مشاكل؟؟
إنا جميعا ندرك حال السلف مع القران، وأدبهم مع رب العباد وكيف ان بعضهم مات ولم يحفظ القران لكنه كان قرانا يمشي على الأرض، وكيف ان بعضهم عاش مع القران في كل حياتهوفي سكناته.
فهذا البخاري إمام الحديث ياأم الناس في رمضان ويقرا بهم بالعشر يأت اوالعشرين، لكنه يختم لنفسه في الليلة الواحدة الكثير .(1/16)
ولو أردت أن نعلم حال العلماء في العصر الحالي أمثال ابن عثيمين وابن باز عليهم رحمة الله تعالى سوف تجد أن القران كان معهم منذ الصغر إلى إن كهلوا وكبروا ،لم يفارق السنتهم ولم يترك حياتهم بل إن الأثر كان ظاهرا في كلامهم واستشهادهم بآيات الله تعالى .
فهل تريد جيلا مثلهم ؟.
إننا نريد إن نفرق بين الكم والكيف ونريد أن نجمع لطفالنا بين حفظ القران الكريم وبين تدبر آياته وفهم معانيه ،
إننا نلمس التغير الملحوظ الذي مر به قسمنا النسوي بعد إن أدرج في لائحته معهد لتعليم المعلمات من خلال الدبلوم الشرعي تغيرا ظاهرا وواضحا ،وأنالنا أن ننكر في مثل هذا البحث دور الشيخ محمود شمس الذي غير في طريقة تعاملنا مع القران ،وأضاف إلى فهمنا من المعاني والتفسير ما فتح لنا أفاق التأمل والتعلم .
إننا نريد جيلا يأخذ القران في حياته. أن يتلمذ نفسه في مدرسته وان يحسن فهم معانية وتدبره.
لذالك أنا يغب علينا أدركنا سياسة الكم وسياسية الكيف؟؟
12- ما أهم ما يبدأ النشء تعلمه من خلال دور التحفيظ؟؟
إن دور التحفيظ عادة ما تكون خليط بين الصغار والكبار والأميات والمتعالمات ورياض الأطفال، وأطفال المدارس. ولكن المقصود هنا هم من هم فوق سن السادسة وتحت سنة الخمسة عشر.(1/17)
إن أول مانع لم النشء وبالأخص في دور القرى ن هو الأدب . وانا نقصد بذلك الأدب بكل أنواعه وإشكاله . فان هارون الرشيد عندما ازداد صلاح أبنائه لم يحضر لهم معلمين فقط بل احضر لهم مربين وأوصاهم أفي أول ما أوصاهم فقال: "ياأحمد إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهمة نفسه وثمرة قلبه فصبر يدك عليه مبسوطة وطاعتك له واجبة أقرئه القرآن،وعرفه الأخبار،وروه الأشعار،وعلمه السنن، وبصره بموقع الكلام وبدئه،وامنعه من الضحك إلاّ في أوقاته،ولاتمرّن بك ساعة إلاّوأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه فتميت ذهنه،ولاتمعن في مسامحته فيستحي الفراغ ويألفه وقومه ماستطعت بالقرب والملاينة فإن أباها فعليك بالشدة والغلظة" (1).
ويقول ابن منظور :"الأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس سمى أدباً،لأنه يأدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح " (2) .
أما تعريف التأديب عند بعض علماء المسلمين،فيقول ابن حجر –رحمه الله – " والأدب استعمال مايحمد قولاً وفعلاً وعبر عنه بأخذ مكارم الأخلاق، وقيل الوقوف على المستحسنات وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن هو دونك "(3) .
وعرف التأديب ابن القيم بقوله:"وعلم التأديب هو علم إصلاح اللسان والخطاب وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه وصيانته عن الخطأ والخلل، وهو شعبة من الأدب العام، وحقيقة الأدب استعمال الخلق الجميل " (4) .
أما تعريف التأديب عند ابن المبارك فقد نقل عنه ابن القيم قوله:" وقد أكثر الناس في الأدب ونحن نقول أن معرفة النفس ورعونتها، وتجنب تلك الرعونة والأخلاق السيئة" (5) .
__________
(1) ابن خلدون ،المقدمة، (فصّل في أن الشدة على المتعلمين مضرّة بهم) ص 464.
(2) ابن منظور، لسان العرب، ج1، ص206 .
(3) ابن حجر، فتح الباري، ج13، ص3 .
(4) ابن القيم الجوزية ، مدارج السالكين، ج2، ص376 .
(5) المرجع السابق، ص381 .(1/18)
ويعرف الماوردي التأديب التربوي بقوله :" اعلم أن النفس مجبولة على شيم مهملة، وأخلاق مرسلة،ولايستغنى محمودها عن التأديب،ولايكتفى بالمرض منها عن التهذيب" (1) .
وهذا يدل على عناية السلف الصالح بالتأديب التربوي لماله من آثار صالحة، قال الماوردي :"يكتسب المتعلم من الأدب الصالح العقل النافذ،ومن العقل النافذ حسن العادة ،ومن حسن العادة الطباع المحمودة، ومن الطباع المحمودة العمل الصالح، ومن العمل الصالح رضي الرب "(2)
قال تعالى:"الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"(3) .
والمفهوم من حق تلاوته فهم أسراره،وأحكامه والعمل به (4) أما الذي يتلو الكتاب لمجرد التلاوة، فمثله كمثل الحمار يحمل أسفارا ً، ولا يليق بأبناء المسلمين هذا الوصف من حرمانهم فقه القرآن ومعرفة أحكامه ومعانيه وفوائده، بل إن هذا التأديب
والتوجيه هو الذي يميز أهل السنة عن أهل الأهواء والبدع الذين لايهمهم إلاّ التلاوة .
وانك تعلم وتدرك إن الأطفال في مثل هذا الغمر يملكون القدرة على التعلم والتقبل، لذالك بشكل يختلف عن غيرهم لذا ليكن أول ما نغرسه فيهم هو العقيدة الصحيحة والإيمان بالله تعالى.
ثم نعرج على أدبه في نفسه، كيف يهذبها ويحسنها ويختار لها ما يصقلها، ويسمو بها نحو الفلاح، والتوفيق. يربى على أنه صاحب همة وعزيمة، وأنه بدينة يستطيع أن يبلغ أفاق الأرض، وأنه محاور جيد وأنه صاحب خلق عال. يربى على تعامله مع مجتمعة وأصحابه وعلى حبة الخير لنفسة ولمن حوله، وأنهم أمته ومجتمعه وبيئته التي بفلاحه فلاحها .
__________
(1) الماوردي، أدب الدنيا والدين، ص226 .
(2) الماوردي، نصيحة الملوك، تحقيق: محمد الخضر، ص17 .
(3) سورة البقرة آية 121.
(4) رشيد رضا،تفسير المنار،ج 1،ص 447.(1/19)
انه التربية ذات الباع الطويل والهم العظيم هي أول ما يعلم النشء في حلق القران الكريم.
خلاصة الفصل :
لقد بدأنا بحثنا بالحديث عن النشء، وعرفناه وتعرفنا عليه .ومن ثم انتقل الحديث بنا ليبرز لنا جوانب أهمية التعليم والفرض من التعليم في دور القران وحلق التحفيظ،، ثم انتقلنا بتعريفات بسيطة وفرقنا بين التعليم الحسن والسيئ ،وفرقنا بينهما،
ثم تحدثنا بعجالة عن اثر المعلم ودوره البارز في دعم مسيرة التحفيظ، وعن حسن استخدامه للأدوات التي تساهم في مساعدته على اداء مهمته..
ونقلنا الحديث ودخلنا إلى عالم الطفولة الصغيرة، ومتى يبدأ النشء في التعلم .ومتى يكون ذالك. ولماذا نعلم النشء ؟.
وتطرقنا إلى مفهوم الكم والكيف،، وما أهم ما يبدأ النشء بتعلمه في حياتهم من خلال دور التحفيظ .
أنها البادية والمفاتيح لبعضا لمفاهيم الرئيسية، والتي لاغني عنه لأي معلم او مربي .إننا في هذا الفصل حاولنا إن نضع الخطوط العريضة تحت مصطلحات البحث،، وأرادنا أن نوضح معانيها ونبين مفاهيمها وكيف ترابطت مع بعضها البعض ليتضح لكل من يقرأ بحثنا هذا الصورة البارزة ويكون لديه المفهوم الشامل والفكرة والمقصودة منه..
فصلنا القادم سيكون جلا حديثا عن الإيمان، وأثرة وأهميته.
لماذا سيكون كذالك وما سيحوي أيضا..هذا هو محور حديث الفصل القادم ..
الفصل الثاني:
النشء والإيمان
مقدمة:
إن الله تعالى لما خلق الانسان مده بالفطرة التي تكمن في داخل قلبه ،والمتأمل لحال الانسان يجد أنه عن
ما يخالف تلك الفطرة يهلك، وانه يعيش خارج إطار المعقول، سيجد نفسه في ضيق وألم وهم وغم قد سيطر على كل ما يدور حوله..
قال تعالى:(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطان فهو له قرين ).
الإيمان بالله تعالى هو حياة القلب، وبلسم شفاءه وروحه التي يبحث عنها.الايمان نجاته التي ينشدها .
وقال تيمية يصف الإيمان بالله (هو قول وعمل عمل الجوارح والقلب، وقول القلب واللسان)(1/20)
إن الايمان شيء يسيطر على الحياة ،من كل أجزائها ويملكها من كل ذرها، ويجعل الانسان يسبح في ملكوت الله تعالى مستشعرا عظمة ربه وخالقة ورازقه سبحانه.
إن الإيمان عادة مرتبط بأمر غيبي ،سواء كان ماضيا كالإيمان بالرسل والكتب ،او مستقبلا كالإيمان باليوم الأخر، او حتى حاضر كان تؤمن بالملائكة وبالقدر خيره وشره ..
إن الانسان إن صدق بشيء لم تره عيناه فان الدافع له أسباب كثير، فلربنا صدق ذلك لانه يرى عين اليقين إن ما صدق به هو حقيقة واقعة لامحالة ،او أن قائله أو مخبره به شخص موثوق بكلامه، وفي مقابل هذا التصديق سيشعر بالأمان والثقة وقتها.
وان صدق بشيء خفي مستقبلي فانه سيجد في داخله ما يدفعه ويحثه إلى العمل، والى أن يحلم وهو واثق من تحقيق حلمه.
إننا ندرك إن الانسان العاقل لايربط حياته بأشياء وهمية ،أو أحلام خيالية ، فهو يعي الحياة حق الوعي ويدرك تفاصيلها وخباياه.وتبقى نقطة المستقبل أو الغيب الذي يحمل له ثمرة كده وتعبه وثمرة جده وجهده تلوح له في الأفق فعلى قدر إيمانه بها يكون جده وهمه وعمله.
ومن هنا يتفاوت الناس بالإيمان بالله تعالى ،ومن هنا يظهر الفرق بين من صدق بالنهايات حق التصديق ومن أمان بها حق الإيمان، ومن ربطها عقيدة في قلبه لكن العقدة ما زالت منحلة ضعيفة ،تحتاج إلى الكثير من المقويات لتقوى به وترقيه إلى مصاف الصالحين.
وبهذا ندرك معنى وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبو بكر لما قال (إنما بشيء وقر في القلب) لما وصف السباق إلى الله تعالى، وانه سابق للأمة بأشواط.لكن سباقه من نوع ليس الكثير من الصيام والكثير الصلاة ولكن قوة الصلة بالله.
الإيمان يقطف للإنسان اجمل ثمار الدنيا ويزر له في أخرته احلي البساتين ويبني له في جنه الفردوس أبهى الدور والقصور(1/21)
بالإيمان بالله تعالى يدرك الانسان غايته من الحياة، ويسعد أيما سعادة ،فتشرق روحة ويقوى جسده ،وتقل همومه ويتحسن في نظرته إلى الدنيا، ويحسن في تعامله مع الناس ويرقى في سلوكه، وخلقه ومستواه .انه يرى السمو في حياته وفي طيات حياته. ويلمس التوفيق في إعماله وأقواله ويكفيه إن العبد إن أحب الله أحبه الله، وينادي الله في سماه اني أحب فلان فأحبه، فيحبه أهل السماء كلهم جميعا ويكتب له القبول في الأرض و يحبه أهل الأرض.
من هنا ندرك جميعا حقيقة الإيمان وثمرته،وبذالك ندفع بأنفسنا إلى تعلمه، وتعلم كيفية تحقيقه وكيف ينال الانسان به احلامة وسعادته في دنياه ,
فتأملي معي لو غرست تلك القيم في نفوس صغارنا، وعلموا ان السعادة و التوفيق مرتبط بالله تعالى واثر فيهم بطريقة تجعل هذه الفكرة لاتفاق عقولهم ،ولا تغيب عن أذهانهم، ولا تنفك لحظة عن حياتهم،وأشبعت في فكرهم وعقلهم فكيف سيكون النشء بعد ذلك؟
إننا بحاجة ماسة إلى أن نشبع عقول أطفالنا بالإيمان بالله تعالى. وفي هذا الفصل حديث عن ذالك.
فهلم معي نكشف تلك الحقائق وندرك مدى تأثيرها ؟
أهمية غرس الإيمان في سن مبكر :
إننا ندرك إن القيم والمبادئ التي يتربى عليها الناس هي في الحقيقة أشياء يعقد عليها الانسان حياته وتفكيره .
انك تعلم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة بعد دعوة استمرت 13 عاما كان حصيلة من خرج معه فقط 70 شخصا من أهل مكة، وان الناس الباقون بقوا على ما هم فيه .من ماذا؟
من المعتقد الباطل ،والفكرة المخالفة التي ترسخت في عقولهم فكرة ثابتة في النفس. ومن كلامهم (إنا وجدنا إبائنا على امة وانه على أثارهم ...)..فمرة مقتدون ومرة مهتدون ومرة مؤمنون. وان ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الكذب والضلال لذالك هم به مكذبون وله منكرون؟؟فكيف يأتي بمايخالف ومعتقدهم ومناط تمسكهم.(1/22)
إن اليهود قبحهم الله يربون أبناهم منذ صغرهم على معتقداتهم الخاصة ،ويغرسون فيهم أحلامهم الباطلة ويجعلون ذلك إيماننا مرتبطا بحياتهم، فبنشاء الصغير منهم على مثل هذا، وقد غرس في قلبه الحقد والكره لكل احد غير يهودي،وان ما سواه هو أمي وانه في نظرهم عبد له .
من الصغر يقوى الغرس أو يضعف ومن الصغر يحسن التعليم .لأنك تعلم أن الصغير يشكل معك كما تحبه. فهو عجينه رطبة تتشكل معك، وعندما يكبر ويقوى عوده سيكون على ما شكل عليه.
ولقد اخبرنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بذلك (فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه او يمجسانه )يعني يشكلانه و يغيرانه ،ويؤثران فيه بما يعتقدان.
إن العاقل من يبدأ في التفكير في غرس الإيمان ي أبنائه منذ سن مبكر ، لانه يدرك إن الثمرة التي يرد سوف يجني ثمارها في الوقت المناسب .
الإيمان مهم لحياة النشء :
نعم إن الإيمان مهم لحياة النشء فأنت تلاحظي الطفل في سن 3 سنوات تبدأ أسالته تدور حول لماذا ولما لماذا حتى انه يأتي بسؤال صغير ينطلق بك الى السماء عاليه، ثم يوقفك في مكانك قائلا لك بعدها وهو ما زال يسال .فتصابي بالدهشة التي تغلفك من كل مكان، وربما بدأت تبحث عن إجابة مقنعه لتساؤلاته .او بدأت نهر ينه ليتوقف عن إحراجك .
يقول ناصر الشربتلي عن الطفل وعن ادراكة للحياة في السن المبكر:
* ناصرة الشربتلي(1/23)
تبدأ عملية نمو الضمير في السنة الثانية من عمر الطفل، عندما يكتسب تحريم أفعال معينة (لا تقترب من الكتب) (لاتفتح الدولاب).. إلى آخر ذلك من التحريمات التي يتلقاها الطفل تدريجياً.. ومع تقدم السن لايقتصر الضمير على تلك الأوامر والنواهي البسيطة بل يتسع ليشمل معايير أكثر تعميماً، ليشمل عما يجب وما لايجب، فلا يكتفي الطفل بالعزوف عن ضرب أخيه الأصغر، مثلا، ولكن يتجاوز ذلك بأن يسلك تجاهه بطريقة (عطوفة) حانية (بشكل عام). بل أكثر من ذلك، قد يتعلم الطفل أيضا أن يكون (أميناً) و(مطيعاً) لايكذب ولايسرق، يحترم حقوق الآخرين وصالحهم وهكذا.
ويعتمد هذا التعليم بالطبع على نمو القدرات المعرفية للطفل، بمعنى أنه كلما أصبح الطفل قادراً على الفهم والاستيعاب بدرجة أكبر، فإن معايير سلوكه تصبح أكثر ميلا إلى تجاوز التحريمات البسيطة مثل (لاتضرب أخاك الأصغر) ويصبح الطفل أشد وعيا بالتطبيقات الأعم للمعايير والقيم الخلقية، مدركاً مثلاً أن (معظم الكائنات الحية تستحق منا أن نعاملها برفق).
ومع ذلك يجب ألا ننسى حقيقة مهمة جداً، وهي أن مجرد (معرفة الطفل بهذه المعايير لاتعني بالضرورة أنه يتصرف بمقتضاها) ذلك أن التزام الطفل بالمعايير الخلقية، إنما يعتمد علي عوامل أخرى مهمة ألا وهي: قوة التوحد مع قدرة لها نفس المعايير وملتزمة بها، مقدرا احتمال إثارة الشعور بالذنب عند مخالفة هذه وهكذا تتضح أهمية شعور الطفل من فقدان الحب.. بعبارة أخرى فإن الطفل الذي لايشعر بحب والديه لايكون لديه مايخشى على فقدانه وبالتالي فإنه يصعب أن نتصور في هذه الحالة كيف يمكن أن يتمثل الطفل معايير وقيم المجتمع الذي ينتمي إليه.(1/24)
من الواضح إذن أن نمو الضمير عند الطفل يعتمد على معايير الآباء أنفسهم، كما يعتمد على طبيعة العلاقة بين الطفل وأبويه. ويتم تأثير الأسرة في تشكيل السلوك الاجتماعي للطفل، من خلال ما يمكن أن نسميه بعملية التنشئة الاجتماعية، فعن طريق هذه العملية يكتسب الطفل السلوك والعادات والعقائد والمعايير والدوافع الاجتماعية التي تقيمها أسرته والفئة الثقافية التي تنتمي إليها هذه الطفل)
3-اثر الإيمان من خلال حلق القران :
انك تعلم وتدرك مدى الأهمية التي تتعلق بالإيمان، إننا ندرك جميع أن النشء المتربي على الإيمان بالله تعالى هو الذي يحقق الخير والفلاح لامته، والذي يني احلامة مستندا إلى أشياء أكثر اهتماما وأكثر جمالا، ربانيا مقداما عظيما، هو النشء الذي نريد وليس نشاء خوار ضعيفا مترددا ومترديا في أدرك الدنيا.
الإيمان أثره على النشء عظيم ،فيه تضمن السعادة والفلاح والاستقرار الداخلي والأمن النفسي وعدم الشطح بالأفكار، اما إلى اليمين فترى جيلا متشددا معسرا ، وأما إلى اليسار لجيل منحرف متمرد على طاعة الله انك بالإيمان تضمن الأمان النفسي والاستقرار العاطفي والحب الداخلي وبالإيمان تضمن له التوجيه الصحيح لمشاعره ،وتضبط له الحب الصادق وتحقق له مشاعر الكراهية والبغض على أحسن حالة، وأفضل صورة .إنا امة وسط اخبر عنها ربنا فقال(كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
اما من خلال دور التحفيظ فان النكهة ستكون مختلفة كليا والدور سيكون أكثر ظهور .و فعلا في النفوس حيث تمتاز تلاوة القرآن بما تحدثه في نفس القارئ والسامع من خشوع وتأثر حيث تتأثر النفس البشرية بسماع القرآن وتتفاعل معه حتى لو كانت كافرة ، والإمام الخطابي قال :" قلت في إعجاز القرآن وجهاً آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلّا الشاذ من آحادهم وذلك صنيعه بالقلوب وتأثيره بالنفوس "ولذلك كان مجرد سماع التلاوة تقوم به الحجة.(1/25)
فأمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتلوه على الكافر المستجير وأن يسمعوه إياه ليسلم، قال تعالى:" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ".
نقل السيوطي عن ابن حجر " فلولا أن سماع القرآن حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ".
وقال تعالى:"وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ".
قال ابن عباس:" كاد يركب بعضهم بعضا من الازدحام عليه حرصاً على استماع القرآن وأوصى بعضهم بعضا بالإنصات " فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ".وهذا البعد يمر بثلاث مراحل كما يقول التربويون في مجال التعلم الفعال وهي :
الإحساس بالشئ : وهو قولهم " فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا " .
الانفعال والتأثر : " إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً " وهو قولهم " يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ " .
النزوع السلوكي:في قوله " يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ "
إن القران تأثيره في السلوك عجيب فلا تبخل على نشاءك إن تغرس فيهم حب القران لتغرس معه حب الإيمان وحب الله وحب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
خلاصة الفصل:
تطرقنا في هذا الفصل إلى أربع محاور أساسية زهي:
اهمية غرس الايمان في سن مبكر
الايمان وأهميته للنشاء
ثمار غرس الايمان في النشء من خلال حلق القران.
فالإيمان غرسه في سن مبكر ثماره أكثر واحسن نضجا والنشء من دون إيمان نشاء ضائع ومضيع لامته،وحلق القران مع معلم القران هي فضل من الله تعالى وهي طريق سهل مختصر لكل من يريد سلوك الخير .والحصول على مبتغاة.(1/26)
فصلنا القادم سيكون المفتاح لفكرت بحثنا وسيكون الحديث فيه منصبا لمعلم القران، الذي يريد إن ينطلق محلقا في الأفاق جاعلا هدفه في نهاية الرحلة إن يغرس هدفا إيمانيا في كل حصة.
الفصل الثالث:
طرق غرس الايمان في النشء من خلال حلق القرآن
مقدمة :
يعتبر الاهتمام بالتربية الإيمانية في الحلقات القرآنية أحد الوسائل الفعالة في مواجهة الانحرافات السلوكية حيث أن الحلقة التي تركز على التربية الإيمانية،وتعمل على غرسها في نفوس طلابها منذ التحاقهم بالحلقة القرآنية؛ تؤدي إلى تنمية جوانب شخصياتهم، ومما يساعد على ذلك وجود برامج تربوية تكون مرتبطة بالمراكزالتيي يتردد عليه الاطفال سواءً للدرس أوحفظ القرآن، والتي سوف تثمر شحنة إيمانية لايمكن أن تقف في وجهها أي أفكار انحرافية ويستمر هذا الإيمان يدفع إلى الشعور بالرضى والاقتناع بأن هذه الحياة ليست نهاية المطاف،وبالتالي يعمل على تحقيق الغاية التي خلق من أجلها ويسلم من المشكلات والضغوط المختلفة التي يتعرض لها الإنسان في حياته خاصة في هذا العصر المضطرب والتائه في بحار مظلمة من الأفكار المادية العمياء في مجتمع تكاد تسيطر عليه العلمانية"(1)والتي هي أحد أذرعه الغزو الفكري المتنوع الأوجه والأقنعة.
__________
(1) حسن عبدالرزاق منصور،الإنتماء والاغتراب،خميس مشيط،دار قبرص للنشر والتوزيع،(د.ت)ص264.(1/27)
وبهذا يتضح أن لنا أثر الوسط التربوي الصالح في نجاح التربية الإيمانية مع الحذر من اليأس في البيئة التربوية غير الصالحة، بل إن الواجب على المشرفين والمعلمين وأولياء أمور الاطفال بذل كل الجهود لتحقيق متطلبات التربية الإيمانية في الحلقات القرآنية، والدارس لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يلحظ عنايته بهذه التربية في غربة الإسلام الأولى في مرحلة الإعداد والتكوين في مكة وما تبعها من ملامح التربية الشمولية في العهد المدني الذي أثمر التمكين بعد أن تكاملت الأصول الإسلامية وميادينها في المجتمع المدني، وتنوعت أساليب بناء الشخصية المسلمة(1/28)
حلق القران ودور التحفيظ النسائي هو أماكن مباركة طيبه. يتميز التعليم في الحلقات القرآنية، والاجتماع على كتاب اللَّه بخصوصية ينفرد بها عن التعليم في وسائط التربية الأخرى، وإن كان الاجتماع على ذكر الله، وتعلم كتابه، ومدراس، وتعلم العلم النافع حسن إلا أن الاجتماع لدراسة القرآن الكريم في الحلقات القرآنية أعظم أجراً، وفضلاً. وقد بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الفضل وذكر ثمرة هذا الاجتماع المبارك على مأدبة القرآن في هذه الحلقات، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفت بهم الملائكة، وذكرهم اللَّه فيمن عنده"(1). هذا الحديث يؤكد فضل هذه الحلقات القرآنية، ويبين لنا عظيم أجر المجتمعين فيها، وفضل اجتماعهم ومدارستهم لكتاب اللَّه تعالى بل وفيه دعوة لكل مسلم إلى إقامة مثل هذه الحلقات، والمشاركة فيها، ودعمها مادياً، ومعنوياً. ومن هو الذي لا يحرص على كل واحدة مما ذكر فكيف وقد اجتمعت كلُّها في عمل واحد ميسرٍ هو الاجتماع على كتاب اللَّه، ولأهمية هذا الاجتماع في حلقات القرآن، وأثره على أفراد المجتمع، جعل العلماء له أبواباً في كتبهم .مثل كتاب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن(2). في صحيح مسلم، وباب فضل الاجتماع في المسجد لدرس القرآن. في كتاب الآجرِّي: أخلاق حملة القرآن(3). وقد "كان سلف الأمة من الصحابة والتابعين، وتابعيهم يجتمعون عليه لصلاح قلوبهم، وزكاة نفوسهم"(4) أي: يجتمعون
__________
(1) صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث، (د.ت)، كتاب الذكر، ج4، ص2074.
(2) المرجع السابق ، ص2074.
(3) الآجري، أخلاق حملة القرآن، تحقيق: عبد العزيز عبد الفتاح القارئ، المدينة المنورة، مكتبة الدار، ص22.
(4) ابن تيمية، الفتاوى، ج11، ص560.(1/29)
على قراءة القرآن في حلق المساجد أو الكتاتيب والدور القرآنية.
وكان من آداب الاجتماع التربوي على القرآن أنهم إذا اجتمعوا أمروا واحداً منهم أن يقرأ، والباقون يستمعون وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لأبي موسى: يا أبا موسى: ذكرنا ربَّنا فيقرأ وهم يستمعون. وهذا هو السماع الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهده مع أصحابه ويستدعيه منهم، كما جاء في الصحيح عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ علي القرآن، قلت: أقرأه عليك وعليك أنزل؟ فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري؛ فقرأت عليه سورة النساء حتى وصلت إلى هذه الآية {فَكَيفَ إذا جِئناَ من كُلِّ أُمَّةٍ بشهيدٍ وجئنا بِكَ علَى هؤلاءِ شَهيداً} قال: حسبك، فنظرت فإذا عيناه تذرفان". وهذا هو الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمعه هو وأصحابه كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذَا بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} والكتاب والحكمة يعني: الكتاب والسنة(1).
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةَ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلِّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآن فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّماَ أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}(2).
__________
(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: عبد العزيز غنيم وآخرون، القاهرة دار الشعب، (د.ت) ج2، ص137.
(2) سورة النمل، آية: 91.(1/30)
وعلى هذا فإِنَّ الاجتماع، لسماع القرآن، وتلاوته مستحب لهم خارج الصلوات، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج على أهل الصفة وفيهم واحد يقرأ وهم يستمعون، فجلس معهم، وكان أصحاب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمعوا أمروا واحداً منهم يقرأ والباقون يستمعون(1) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن على الحفاظ من أصحابه فقد قرأ على أُبَيّ ليعلم الناسَ أهمية الاجتماع على القرآن ويعلمهم التواضع؛ لئلا يأنف أحد من التعلُّم، والقراءة على من دونه في المنزلة، ولأن أُبياً - رضي الله عنه - كان أسرع أخذاً لألفاظ سول - صلى الله عليه وسلم - فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه ويُعَلِّمَ غيره(2).
وعندنا في دور النساء الأمر مختلف عن حلق الرجال فان الطابع العالم لحلق المساجد انه خاصة للصغار ولم يتطرق فيها للكبار إلا نادرا فحلق النساء يبدأ في التعليم من سن 3 سنوات إلى سن الستين سنة، وقل إن شئت اكبر من ذلك وكل فصل يحوي فئات عمرية متناسبة مع بعضها البعض، إننا نلمس فيها التميز والتفاوت والطعم من الرحمة والتواصل ،
وحديثنا في هذا البحث سوف يركز على فئة الصفوف الدنيا من حلق القران وسيكون منصبا على جانب غرس الايمان فيهم فلن نتطرق إلى الطرق والأدوات والمناهج والأساليب المتبعة في التعليم.
ومن خلال هذا الفصل سوف ندرس طرق غرس الايمان في حصة واحدة وكيف يمكن إن تستفيد المعلمة من الحصة في أي مرحلة وفي أي دقيقة او لحظة.
طرق غرس الايمان في النشء من خلال الحصة عديدة وهي كالتالي:
1- التعامل:
__________
(1) ابن تيمية، الفتاوى، ج11، ص590.
(2) ابن حجر، فتح الباري، ج8، ص725.(1/31)
انك تبني امة وجيلا طامحا إلى السعادة والمستقبل المشرق، وإنك تلمسي في حديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم في جل حديثهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حديثا عن الخلق، وعن التعامل منه صلى الله عليه وسلم .
إن خلق القران الذي ظهر على رسول الله تعالى كان له اثر بالغ في دعم دعوته ومسيرته، إن محمد صلى الله عليه وسلم امتاز بالخلق القراني والسمت الإيماني .فلقد كان خلقه القران ،وكان قرانا يمشي على الأرض فما معنى هذا الكلام(وانك لعلى خلق عظيم).
إننا نعرف في حياتنا ما يسمى بالذوق العام وما يحب الناس تسميته بالاتيكيت، وغيرها من المسميات المتعددة والكثيرة والمتنوعة ،لكن النهاية هي صورة مشرقة ،وخلق عال وذوق في الكلام ،وأدب في الحديث والتزام بالمواعيد، وصدق في المشاعر والأحاسيس، ومراعاة لوجهات النظر رغم اختلافها، ومحبة للخير مع الناس .
ومعلمة القران امتازت عن غيرها بأنها مرتبط بكتاب الله تعالى، ومحققة له في درسها وهذه يراد منها، أن تكون ملتزمة بشيء من الأخلاق والآداب الجميلة التي تجملها، مع تعليمها لكلام ربها تعالى.
إن تعاملك مع النشء بطريقة واعية ،وبأسلوب لن نقول انه مدروس حتى لانعقد الامور ،بل يخالطه النظرة البعيد التي سيترك أثرها ذلك التصرف، والتفكير جيدا فيما يراد منها وما مدى تأثيرها على الصغيرة.
إن التعامل مع النشء ليس بالأمر السهل ،وخطا من ظن أن تعليمهم امرأ سهلا .
انك تلاحظي أنهم يتعلمون الملاحظة أكثر من الكلام. فأنت إن وقفت او رفعت يدك ،او غيرت من رسامات وجهك فإنها تؤثر فيهم أكثر من الكلام، وانك تلحظي أن أسلوب المعاقبة أحيانا لايؤثر على الصغار، وكأنه لايهمهم شيء.(1/32)
إن التعامل يشمل الكلام، ويشمل التصرف، وبشمل التفكير والمشاعر.فهو منطلق جيد لغرس الايمان بالله تعالى .أنت عندما تربطين تصرفك بالله تعالى وتصبغين كلامك بالله تعالى فإن التعامل عندك سيكون أرقي مستوى ،وخصوصا أنك تردين وجه الله من ذلك وأنك تريدين أن تؤثري فيمن دعوة إلى الله تعالى.
فلا نستطيع أن نغفل هذا الجانب الجيد. ومدى تأثيره.
2- القصص
لقد داب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحرص على دعوته، وعاش حياته من أجل أن يوصل الإسلام الى أفاق الأرض، من مشارقها إلى مغاربها. وإنا نلمس هذا فكل مسلم على الأرض يعود اجر هدايته إلى الرسول محض صلى الله عليه وسلم .
وإننا نلحض جميعا إن دعوته عليه السلام ما وصلت لنا إلا بعد جهد ومجاهدة وصبر ومصابرة،، إننا ونحن نقرأ حياته في ال13 عاما الأولى ،نلمس كم عان عليه السلام، وكم لاقى، وكم عرضت له المغريات، وكم قدمت له التنازلات ،وكم حرص كفار قريش على إن يثخنوه عن فكرته .
واني لأعجب من فعلهم هذا فلما يعرضون عليه الكثير من المغريات، فهناك الكثير ممن يدعي والكثير ممن ويقول والكثير ممن يأتي بأفكار .لم تقدم له التنازلات ولم يقدم له العروض؟ . لأن الأمر مرتبط بتلك النفوس والفطر التي أدركت رغم عناد أصحابها صدق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؟ .
المهم انه رغم كل ذلك ثبت بقوة، وصمد بشكل راسخ متين، لم يجعل شيئا يمنعه من مواصلة سيرة. وان قلت حتى رغم قله العدد؟، حتى رغم قلة العدد لم يقف عليه السلام لحظة فبالله كم هو عظيم وكم هو رحيم.
أننا ندرك معا ما يعنيه أسلوب القصص في حياة الكبير، فضلا على الصغير فان الانسان عندما يسمع قصة فإنها تفتح له أفاق عدة، من شعوره بأنه مميز، إلى ما تكسبه القصص من إخبار من حنكة وفطنة تجعله يقف قليلا، متأملا متعظا مفكرا فيما يدور حوله، فلا يقدم او يتهور او يخاف او يتراجع.(1/33)
إن القصص تؤثر في الفؤاد وفي الوجدان، وتدفع الانسان إلى التقدم نحو المستقبل، بل وإنها تسانده في الكثير من قراراته ،والكثير من آراءه .لذالك تكون القصص وسيلة لغرس الايمان بالله تعالى في نفس النشء الصغير. وتكون عنصرا في تحقيق أهداف المعلم، الذي يريد أن يغرس حقائق الايمان وأصوله ومسلماته لدى النشء
.فتنوع القصص وجعلها تنهي بأحداث حقيقية، مع التسلسل في سردها، يكسب الطفل الجذب والانتباه، ويساهم في جعل القصة ذات اثر في حياته.
3- جواب الاسئلة الصعبة:
إن الطفل يدرك العالم من وحوله، ويملك الكثير من الأسئلة والاستفهام التي تحتاج إلى الإجابات ،التي ماإن يحصل عليها حتى نجدة يأخذها وكأنه عثر على كنز ثمين، فنراه يحتفظ بالجواب في مخيلته ،ويغلق عليه بإحكام وكأنه حصل على شيء ثمين يخاف ضياعه .
إنك تجد الصغير مالم يفهم الجواب جيدا فانه يعيد السؤال ، مرارا وتكرارا كل ذلك حلم منه أن تفتح له أبواب جديدا من هذا العالم الغريب في نظره .
وكم هو خطير جدا عندما يسال الطفل سؤلا فلا يجد له جوابا، فإنه قد يغفله او يبحث عنه من سواك وعندها لاتستغرب سلوكه ،فهو قد أجيب على سؤاله لكن ممن؟؟و ما مدى تأثير الجواب على عقله .
وأحينا يكمن الخطر في الجواب الغامض أو الجواب البارد أو العام. وكم من مشكلة نقع فيها عندما نغفل أجوبة الصغار، ونظهر الضيق منها ومن كثرتها ,
وياللاسف إن شعرنا بالحرج أو الضيق منها أو فكرنا أن نتجاهلها ،فنصد الطفل المسلم عن التفكير بإبداع،ونمنعه من التأمل الذي دعاني الله له في كتابة وحضنا عليه محمد عليه السلام .بل إن إغفال أجوبة الصغار يخلق لهم جو من الحيرة والتردد وعدم القدرة على اتخاذا لقرارات النهائية وعدم التفكير بالقيادية والتصرف بحكة واستقلالية.لبقائه حائرا مترداد بين ما هو صحيح وما هو خاطيء.(1/34)
إن أجوبة الأطفال هي عالم مساعد ومساهم في تقوية الايمان بالله تعالى ،وهي مساعد قوي على غرس الايمان بالله فأنت في كل جوابه تجيب به الطفل فأنت تغرس فيه شيئا.
فما أروعه عندما تغرس في طفلك الدنيا من خلال الايمان بالله تعالى. وتعلمه في كل جواب ان يأتي المرة القادمة ويسال ،وان كل شيء في الدنيا هو من فضل الله، هو نعمة من الله، وان الله هو المالك للدنيا .وبكل بساطة في الكلام سيعلم الطفل ذلك وسوف يحب ربه ويتعلق به.
السلوك:
غرس الله فيه قوة الملاحظة، ولعل السبب يرجع إلى صفاء ذهنه وحبه للتعلم.
والتقليد في ذهنه هو الوسيلة التي يريد بها إن يبدأ خطواته نحو اكتشاف العالم، هذا بالإضافة إلى انه مقتنع تماما إن خبرتك في الحياة اقوي وانك مدرك للأمور أكثر منك. وزد على ذلك أن الصغير لابد إن يحاكي وأن يقلد بغض النظر عمن يحاكيه فأنت ترى طفلك قد يتصرف بتصرف غريب قد يرسم الدهشة على وجهك ,وعندما تفكر قليلا تجد أنه قد قلد شخص ما بينما كنت تسير أنت وهو في الطريق .او انه يقلد سلوكك فتندهش كيف لم تلاحظ ذلك؟.
عندما كنت اشرح الدرس كنت ارفع يدي لأسهل الفكرة على الصغار.وفي اليوم التالي افاجاء في مرحلة المراجعة بصغيرة ترسم على وجهها ملامحي في تلك اللحظة، بالإضافة إلى تقليدها للحركة وكأنها الان ماثلة أمامي .
إن الطفل يرصدك . فهل فكرت في إن تجعلي من سلوكك هدفا يساهم بتقوية الايمان عند الأطفال لديك ؟
إنها ساعات قليلة وإدراك الطفل من اساتذه يقوى كلما زادت الرابطة بينه وبين اساتذه فمثل هذا الأمر لنغفله حتى نجد للصغار أرضا خصبة ينشان فيها .بالإيمان بالله تعالى ؟
إن مدارسة القرآن بالمفهوم الشمولي وعدم الاقتصار على الحفظ بل مدارسته حفظا وسلوكاً وعملاً حسب عمر الطفل وقدراته والوقت المتاح.(1/35)
أما العلم سوف يجعل من التلميذ شخصية متزنة متميزة ،لأن القرآن يحدث في نفوس الدارسين عظة وعبرة ويكسبهم علماً وشرفاً ،وخلقاً ويزكي نفوسهم ظاهراً وباطناً، ويحفزهم إلى عمل الطاعات، ويزجرهم عن الاقتراب من المخالفات، يقول ابن مسعود رضي الله عنه :" كان الرجل منا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن " (1)
وقال عبد الله بن مسعود أيضاً :" والذي نفسي بيده إن حق تلاوته: أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولايحرف الكلم عن مواضعه ولايتأول منه شيئاً على غير تأويله "(2) ،وعندما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:" كان خلقه القرآن " (3) .
قال الحافظ موضحاً هذا الخلق:" ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجية له وخلقاً تطبّعه وترك طبعه الجبلي فمهما أمر القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه "(4) .
يقول ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح قوله تعالى:" يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ " أي يتبعونه والتلاوة يراد بها ثلاثة أمور :
( تلاوة لفظية – تلاوة معنوية – تلاوة عملية ) ويقصد بالتلاوة العملية : أي يؤمن بأخباره ويقوم بأوامره ويتجنب نواهيه "(5)
القدوة:
من الممكن ان ترسمي في مخيلة الطفلة صورة عن شخص معين وان تعلقي الأخلاق الفاضلة عليه وخير شخص يقوم له مثل هذا المقام رسول الله تعالى .
فإذا أعدت كل خير له وان الفعل الحسن منه، ثم أن الله الذي أرسله لنا رحمة، وهكذا تسلسل اثر تسلسل، وهو عقل الصغير يحب التسلسل بخلاف الكبير فان الصغير ربطه للأحداث مع بعضها يختلف عنا كثير.
__________
(1) الطبري ، جامع البيان ، ج12، ص35 .
(2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج1، ص175 ./ الطبري ، جامع البيان ، ج1، ص567 .
(3) الإمام مسلم، صحيح مسلم ، ج1، ص513 .
(4) ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم، ج4، ص425 .
(5) تسجيل صوتي .(1/36)
إن ربط الطفلة بشخص النبي - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به، وغرس حبه في قلبها من الوسائل التي تساهم في غرس الايمان بالله تعالى.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( بت عند خالتي ميمونة ، فلما كان بعض الليل قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى شناً معلقاً فتوضأ وضوءاً خفيفاً ، ثم قام فصلى ، فقمت فتوضأت ، وصنعت مثل الذي صنع ثم قمت عن يساره فحولني عن يمينه ، فصلى ما شاء الله ، ثم اضطجع فنام حتى نفخ ثم أتاه المؤذن يؤذنه بالصلاة فخرج فصلى ) رواه ابن خزيمة في صحيحة.
وربط الطفلة بشخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - يجعل منه إنسانة صالحة تقية سوية محبةً للقرآن والعلم ، فيكون الباعث على التعلم ذاتياً داخلياً نابغاً من إيمان عميق وحب أصيل ، وهو بلا شك أقوى البواعث وأجداها وأنفعها وأقومها وأكثرها رسوخاً وثباتاً .
ويمكن ربط الطفلة بشخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - عبر الآتي :-
أ) بيان فضله - صلى الله عليه وسلم - على هذه الأمة ، وعلى العالمين ، وعلى الناس أجمعين .
ب) بيان سيرته العطرة ، وصفاته الخُلُقِية والخَلْقِية .
ج) تعظيم ذكره - صلى الله عليه وسلم - ، والصلاة عليه كلما ذكر ، وإتباع سنته ، وإجلال أوامره ونواهيه .
د) العناية بسنته وأحاديثه ، وتربية الطالب على إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شيء .
فإذا تأصل حب النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفس الطفلة ثم سمعة حديثاً يدعو إلى تعلم القرآن ، بادر إلى ذلك محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وابتغاءً للأجر من الله .
الحصة:(1/37)
هي ميدان إبداعك وساحة انتصارك ،والأرض الطيبة لنجاح خطتك. وأنت فيها الفارس الذي يصول ويجول، والملك على مملكته فما إن يدق الجرس وتنطلقي إلى المملكة وتغلقي الباب ،حتى يفتح الله لك أبواب عدة من حيث التعليم والتوجيه ،والتحفيظ والتربية، وغرس ما تحبين من مشاعر صحيحة وصادقة، إلى أفكار بناءة وهادفة الى أسس عليمة واضحة سالبته .
أنها الحصة ذات التسعين دقيقة التي من خلالها يمكن تحقيق الاهداف الكبيرة والعظيمة ،فما بالك بطفل يراك كل يوم ساعة ونصف ويملك في داخلة الرغبة والاقتباس والتعلم. ويملك القدرة على التقبل والتشرب لأي فكرة او سلوك او أدب يراد منك تعليمه أيها وربما قضى الوالدين مع أولادهم الساعات الطوال لكن ساعة منك مع النصف تكفي لان تغير مجرى حياته .
الحصة هي الميدان الواسع الشاسع لغرس الايمان وتحقيق الالتزام بالله تعال وحدة . فحري بنا أن نجعل من تلك الفرصة محل كسب ومكانة لها أهميتها في المساهمة في غرس الايمان .
المسابقات:
النفس تحب التحدي وترغب دائما بالفوز والتميز،وتعد المسابقات التي تعقد داخل المراكز من قبل اللجان الثقافية، او تلك التي تعقدها المعلمة داخل الحصة لأي فرع كان، سواء في مادة القران او مادة التجويد او غير ذالك. تعد تلك المسابقات من ضمن ما يساهم في غرس الايمان في النشء من خلال دور التحفيظ .
وعليه فان زرع روح التنافس وحب التقدم والسباق نحو الأفضل، يدفع بالنشء إلى التفكير الجدي والى سبر أغوار الحقائق والى التعلم واكتساب المعارف في سن مبكر، وخصوصا إذا كانت المسابقة قد عقدت في حفظ آيات أوحفظ حديث أوفي حفظ أبيات من الشعر في العقيدة او التوحيد ،أو شعرا في الأدب الإسلامي الأصيل، ومسابقات في البحث عن أسئلة ذات هدف إيماني، بالإضافة إلى مسابقات الرسم والتلوين والابتكار والإبداع والزخرفة والفنون .(1/38)
إن المسابقات حي أداه فعالة في غرس الايمان، ويظهر ذالك عندما يبنى التنافس على الحب والتعاون وعلى أن التميز من الله فضل وعلى ان التميز من الله لأمن قدرات الإنسان ،وأن ذلك هبه يهبها الله تعال للإنسان حتى بنشاء في دين وصلاح .
ومن خلال المسابقات يستطيع النشء أن يكتشف قدراته وطاقاته وإبداعاته،وعندما تربط تلك المواهب بالله نعالي وتسخر لخدمة الإسلام، وتبنى على أسس عقدية سليمة فإننا بذلك نضمن الحب والتآخي بين النشء ,هذا بالإضافة إلى إشعار الأهل بقدرات أبنائهم، فيساهم معك في تحقيق الأهداف المرجوة وفي بناء النشء بناء سويا، على أسس عقدية ثابتة ومبادئ إيمانية صحيحة .
إن المسابقات إن أصبحت ذات معنى وذات هدف، سوف تخدمك في غرس الايمان بالله تعالى ولو في فرع واحد صغير.
الشريط والكتيب:
أنها لغة هذا العصر وأسلوب من أساليب الدعوة إلى الله، وكم من شخص هداه الله وثبته، ووفقه وأنار دربة وبصيرته بالخير والصلاح والتقى .من خلال شريط لم يتجاوز 45د.
وكم أثر الكتيب في نفس إنسان ابتعد عن الله كثير بمسافات فاصلات ،كادت أن تسوقه إلى الهاوية والى الهلاك وبفضل من الله ثم بالكتيب نال القرب من الله تعالى ،وفتحت له أفاق الرفعة والتقدم، ونال شرف الفوز والسعادة، وذاق طعم الحق والصلة القوية بالله تعالى .
إن الأشرطة الموجه للصغار تكون في العادة تحوي القصص الهادف، والفكر السليم، فهي تعلمه الأذكار والذكر وتعلمه تجنب الأخطاء واحترام الغير.
إنها ترسم له الكثير من الآداب وتوضح له بعض ملامح الطريق إلى الله تعالى .
والشريط الموجة لأولياء الأمور، تواصل مع المنزل ودعوة إلى الله تعالى، فإن تأثرت الأم بشريط أثرت في صغيرها. وبذلك تدعم عملك وتحقق هدفك .
إن دور الكتيب والشريط يمكن أن يؤثر في الصغير أثر صغير . قد يعظم مع مرور الأيام و تقدم الأزمان فلا تبخل على نفس بالصفير فكل صغير يكبر.
الحاسب إلي :(1/39)
لغة حديثة وجهاز ممتع وآلة تخدم الإسلام بطريقة فعالة جدا، وتقنية تسمو نحو العلياء بالجيل الصاعد.
إن الحاسب إلي جهاز موجود في كل بيت تقريبا، وكل طفل يطمح ولو للحظة إن ينال جلسة عليه فيكتب ويتعلم ويبدع في استخدامه.
إن الحاسب إلي جهاز ذو تقنية عالية، فمجال النت وحده هو العالم بآسره أمام عينيك من شاشة صغيرة، تعرفك على أشياء أفنا غيرك عمره في البحث عنها . في وقت قصير
تريد مسالة ما والحكم الشرعي فيها، فما إن تكبسي الزر في النت حتى تجدي بحوثا تلو بحوث حول ما تريدين.
وهو وسيلة مساعدة في غرس الإيمان بالله تعالى، فأنت من خلاله يمكنك كسب الكثير من الخبرات والمواهب والطرق الحديثة في التعلم والتعليم، وبه يمكنك صقل خبراتك المهنية وتقديم النفع للإنسان وبناء الأجيال المسلمة.
أنت مع الحاسب يمكنك الكثير فان المواقع الإسلامية التي تمدك بالخبرات والمعلومات الصحيحة. وتعطيك خلفية واضحة عن مستجدات الدعوة إلى الله وما يوجد في الساحة من أساليب متطورة تتحدث بلغة العصر.وتمدك بأساليب تربوية حديثة وأدوات متطورة من بحوث ودراسات .
عندي طفلة صغير ذات 5اعوام نالت المرتبة الثانية على الصف المكون من 40 دارسة تتفاوت أعمارهم مابين 4 سنوات إلى 10. وقد أتقنت حفظ جزء عم وليس تعلمه فقط بل الإتقان والجودة في الحفظ والتسميع ،شدنيعلمها.ي اني كلما قلت لها سمعي أجدها متوقدة الذهن حاضرة البديهة، سريعة الاستجابة وتبدأ بالتسميع .ولصغر سنها بالكاد تضبط الحروف بعضها إلى بعض وتجد جهدا في محاولة المحاكاة لمن علمها.
كنت كلما دخلت الصف أجدها تجلس مع الصغار تلهو وتلعب، ومع جرس الانصراف فتحمل مصحفها وأقلامها وتسرع إلى صف أمها وتقف هناك، وما إن تخرج حتى تتعلق بها.وتنطلق فرحة متنقلة قفزة ومشيا وجريا نحو منزلها وكأنها لم تحدث لي دهشة او أنها أثرت في .(1/40)
تساؤلات عديدة تسارعت إلى ذهني عن سر تفوق تلك الدارسة .وعن سر قدرتها على الحفظ وليس الحفظ فقط بل الباع فيه .
قررت يوما أن اسأل أمها. فاقتربت منها وسلمت عليها ودار بيننا حديثا صغيرا. و كعادة الأباء سؤلا عن الأبناء ،فان الاطمئنان عليهم عادة لاتنفك عنهم .
وجدتي السؤال أن الأم قد قطعت عني أشواط كثيرة وفتحت لي أبواب عديدة. سألتها وقتها عن سر نجاح الصغيرة وكيف يمكن لها أن تعلم طفلا في سن اللعب والمرح بهذه البراعة.فأجابت : عندها سيدي مسجل عليه جزء عم مكرر وبه الآيات ،تعرض أمام عينها بخط كبير واضح، وما أن تعود حتى تجعل الحاسوب لعبة لها فتفتح الجهاز وتدخل السيدي، ثم تبدأ بالسماع للآيات فترة طويلة ومع التكرار الموجود في ألدسك وكثرة السماع تحفظ من الجهاز وتحاول محاكاة الشيخ تماما .ثم تأتي لي لتسمع ما حفظته، وهكذا. بالإضافة الى انه يفتح لها أبواب المراجعة من خلال مسابقة السورة واسمها وتسميعها بصوتها ثم سماعها .
مواقف سريعة:
أتعلمون ماهي المواقف السريعة التي تساعد على غرس الايمان في النشء والتي تدعوك إلى استغلالها لان ذل سيدعم مسيرتك ويحقق هدف الذي ترجينه من خلال وجودك في دور القران وحلق التحفيظ.
والتي ترتسم أولا، وترتبط ثانيا، وتنتهي أخيرا بالإيمان وتحقيقه.
.
خذي على سبيل المثال ساعات قدومك إلى المركز ودخولك ،فهناك الصغار عادة ينتظرون قدومك عند البوابة (عادتنا ونحن صغار هل تذكرون ذلك عندما كنا ننتظر المعلمة في الصباح الباكر ويسرنا إن نراها لنسابق من يخبر الصف بذالك او من ينال منها ابتسامة صغيرة يحدث بها الجميع طوال اليوم). تلك اللحظة من الممكن ان تحول إلى شغف استقبال، والى نقطة تعليمية جديدة ،فأنت عندما تمري عليهم وتسليمي، وتلقي التحية وتصافحيهم ، فانك تعلميهم أدبا وتغرسي فيهم حبا وخلقا .(1/41)
إن الطريق الذي يسلك مليء بالمواقف ذات الأثر، فتلك تجري وتلك تصرخ، وتلك تلعب وتلك تخاصم فان التعليم وزرع الآداب والأخلاق في تلك ألحظات مفيدة.
هذا كله فضلا عن وقت الانصراف من الصف ووقت الندوات ، ووقت الخروج من المركز، بالإضافة إلى وقت الحصة نفسها فإنه لن يخلو من موقف صغير وحادثة ذات اثر وذات معنى.
ايتها المربية الفاضلة إن المواقف تلو الواقف والأحداث تلو الاحادث تجعل منك فطنة ومتيقظة لاستغلالها وتوجيهها نحو الأفضل.
الخلاصة:
إننا تحدثنا في هذا الفصل عن مجموعة من الطرق التي تساهم في تعليم النشء من خلال دور القران الايمان وكيف يمكن أن نساهم في غرسه في نفوسهم، لما يحقق ذلك من مصالح عامة ومصالح مشتركة ومصالح خاصة أيضا ,
ومن خلال ما تناولناه وعرجنا عليه من ذكر اثر التعامل والقصص، والسلوك والقدوة والحصة، مع التعريج على المسابقة والشريط والكتيب، وعدم إغفال جانب المواقف السريعة والحاسب إلي..
فإننا نجد أن هذا التنوع لن يقف عند حد ما ذكرنا ،فإن الخبرات التي تمتلكها أي مربية ستكون قد إضافة لها طرق أخرى مساهمة في غرس الايمان بالله تعالى .
اما الفصل القادم سيكون الحديث عن إحدى هذه الطرق ،وسوف نتناول الموضوع القادم بشكل موسع مسهب ولقد اخترنا الحصة لتكون محور الحديث ،وميدان العرض وساحت الناقش لما وكيف يمكن أن تعد الحصة مجالا لغرس الايمان بالله تعالى في النشء .
هذا هو مدار الفصل القادم ونقطة الانطلاقة للحديث فيه .
الفصل الثالث
كيف نجعل الحصة وسيلة لغرس الايمان في نفوس النشء
مقدمة:(1/42)
إن القيام بتعليم القرآن الكريم، وبيانه للناس، من أعظم الأعمال، وأجل القربات إلى اللَّه تعالى، ومتعلمة، ومعلمه يحظى بالخيرية في الدنيا والآخرة، فقد روى ابن ماجه عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - : "خياركم من تَعَلَّم القرآن وعَلَّمه" قال: وأخذ بيدي فأقعدني مقعدي هذا أُقرئ (1).
ومما يدل على فضل تعليم القرآن في الحلقات القرآنية أو في غيرها من وسائط التربية أن القيام بهذه الوظيفة النبوية والمهمة الربانية فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، أما إذا لم يوجد في المجتمع من يقوم بهذا الواجب إلا واحد أو قلة تعين عليهم(2).
يقول النووي رحمه اللَّه: تعليم المتعلمين -أي: للقرآن- فرض كفاية فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم يبعضهم فإن امتنعوا أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين(3)؛ حتى إن إمام الحرمين الجو يني -رحمه اللَّه - جعل للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بفرض العين؛ لأنه يسقط الحرج عن الأمة فقال: فرض الكفاية أفضل من فرض العين من حيث أن فاعله يسد مسد الأمة، ويسقط الحرج عن الأمة وفرض العين قاصر عليه(4).
وقد ذكر أهل العلم في كتبهم ومصنفاتهم عظيم فضل تعليم القرآن. قال القرطبي: قال العلماء: تعليم القرآن أفضل الأعمال؛ لأن فيه إعانة على الدين فهو كتلقين الكافر الشهادة ليسلم.
__________
(1) محمد ناصر الدين الألباني، صحيح سنن ابن ماجه، ج1، ص42.
(2) النووي، التبيان في آداب حملة القرآن، تحقيق: محمد الحجار، بيروت، دار ابن حزم، 1414هـ ص41 - 42.
(3) المرجع نفسه، ص42.
(4) إبراهيم عبد المنعم الشربيني، قصد السبيل إلى الجنان ببيان كيف نحفظ القرآن،الزقازيق، هديل للنشر والتوزيع،1415هـ ص12.(1/43)
وقال السيوطي: اعلم أن حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة وتعليمه أيضاً فرض كفاية، وهو من أفضل القرب قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم من تَعَلَّم القرآنَ وعلَّمَه"(1). وفي هذا الخبر بيان من أصدق الخلق أن المشتغلين بذلك هم خير الناس(2).
بل إن مِن العلماء مَن فضل تعليم القرآن، وتعلمه، وقدمه على الجهاد في سبيل اللَّه ذروة سنام الإسلام؛ فقد سئل الثوري عن الجهاد وإقراء القرآن فرجح الثاني، واحتج بالحديث السابق(3).
وتعليم القرآن باب من أبواب الدعوة إلى اللَّه تعالى، ومجالاتها، بل ويعتبر من أعظمها قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَولاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(4) يقول ابن حجر: والدعوة إلى اللَّه تعالى تقع بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن وهو أشرف الجميع(5).
__________
(1) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي، 1398هـ، ج1، ص279.
(2) أضواء البيان، ج7، ص421.
(3) فتح الباري، ج9، ص77.
(4) سورة فصلت، آية: 33.
(5) فتح الباري، ج9، ص76.(1/44)
وفي ضوء ما سبق يتبين لنا أن معلم القرآن الكريم، والعامل به من خيار الأمة فهو خيار من خيار، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَونَ عَنِ الْمَنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(1) ولما سئل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن خير الناس قال: "أقرأهم أتقاهم للهِ"(2). وقد بوَّب البخاري باباً في صحيحة أسماه: "باب خيركم من تَعَلَّم القرآن"(3) ليؤكد فضل تعليم القرآن الكريم، والاجتماع عليه، ومدارسته، وقراءته، ونشره في المجتمع، وقد كان سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يجتمعون عليه؛ لصلاح قلوبهم وزكاة نفوسهم، ويحرصون على الانضمام إلى حزب الرحمن ليحصل لهم الفوز بالشرف الذي أضفاه اللَّه على أهل القرآن حيث أعلى منزلتهم، ورفع ذكرهم؛ لأنهم أهل اللَّه وخاصته كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إِنَّ لله أهلين من خلقه قالوا: ومن هم يا رسول اللَّه؟ قال: أهل القرآن هم أهل اللَّه وخاصَّتُه"(4).
كما أن معلم القرآن يقوم بهمة عظيمة تتمثل في حفظ الدين؛ لأنه يعلم الأساس الذي يقوم عليه الدين، وهو القرآن ليستمر تعليمه وتطبيقه في الأمة من جيل إلى جيل، ويحيي أسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجتمع؛ حيث كانت مهمته - صلى الله عليه وسلم - تعليم الأمة وتربيتها بالقرآن.
__________
(1) سورة آل عمران، آية: 110.
(2) الحافظ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص77.
(3) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، ج4، ص1919.
(4) الألباني، صحيح سنن ابن ماجه، ج1، ص42.(1/45)
ولا شك أن قيام المعلم بهذه المهمة هي قيام بواحد من حقوق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أمته واستجابة لأمره - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "بلغوا عني ولو آية"(1).وقد توعد اللَّه الذين يكتمون القرآن، ولا يعلمونه ولاينشرونه ولايبينون أحكامه للأمة بالطرد والإبعاد من رحمة اللَّه قال تعالى: {إِنَّ الَّذِين يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئكَ يَلْعَنُهمُ اللَّهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلاَّ الَّذِين تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبَ عَلَيهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}(2)، ومما يدل على أهمية تعليم القرآن وفضله على الفرد والمجتمع، أن اللَّه قد أخذ العهد والميثاق على كل أمة أنزل عليها كتاباً أن تتعلمه وتعلمه، ولا تكتم منه شيئاً، أو تقصر في نشره كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَه}(3).
ولما كانت هذه الأمة خير الأمم، وكتابها أفضل الكتب، فواجبها أعظم في تعليمه ونشره لتسعد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمء مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِه اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهم إِلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(4).
__________
(1) صحيح البخاري،كتاب الأنبياء، ج3، ص1275.
(2) سورة البقرة، آية: 159، 160.
(3) سورة آل عمران، آية: 187.
(4) سورة المائدة، آية: 16.(1/46)
يقول ابن كثير: أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال: {قَدْ جَاءَكُمء مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِه اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: طرق النجاة والسلامة، ومناهج الاستقامة، وينجيهم به من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور ويحصل لهم به أنجب الأمور، وينفي عنهم الضلالة، ويرشدهم إلى أقوم حالة(1).
ومن أعظم فضائل تعليم القرآن الكريم سواءً في الحلقات القرآنية أو المدارس أو غيرها، أنه يعود على المعلم والمتعلم بالنفع والأجر والثواب؛ ذلك أن نفع تعليم القرآن من النفع المتعدي والذي يلحق المعلم بعد موته، وهذا يدل على أن تعليم القرآن، يعد من أعظم الأعمال، وأجل الأفعال التي يدخرها العبد ليوم المعاد.
يقول ابن جماعة: "وأعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة، ومن أعز الناس عليه، وأقرب أهله إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله، ودينه يُلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم، ولو لم يكن إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه، وهديه وإرشاده، لكفاه ذلك الطالب عند اللَّه تعالى، فإنه لا شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نَصيبٌ من الأجرِ"(2).
وتعليم القرآن من أشرف العلوم وأعلاها منزلة وعليه فإن معلم القرآن له نصيب من هذا الأجر؛ لأنه ممن يدعو إلى الخير، ومن أعظم الخير نشر العلم وأفضل العلم كلام اللَّه عز وجل، وقد روى ابن ماجه من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي اللَّه عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من علم علماً فله أجرُ من عمل به ولا ينقص من أجر العامل شيء"(3).
__________
(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج3، ص63.
(2) ابن جماعة، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار الكتب العلمية، (د.ت) ص63.
(3) الألباني، صحيح سنن ابن ماجه، ج1، ص46.(1/47)
ونتيجة لذلك استمر نشاط الحلقات القرآنية، والمراكز العلمية في المجتمعات الإسلامية، وغير الإسلامية على مَرِّ العصور؛ لأن الغاية من العلم أن ينتفع صاحبه به، وينفع غيره، وإلا فما قيمة علم لا يعمل به، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلَّم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاجٍ تاماً حجته" وفي رواية: "كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله"(1).
إننا عادة نخرج من منازلنا كل يوم إلى مراكز التحفيظ من اجل إعطاء الدرس، والدرس هو نقطة الحديث ومحور التعليم ومرتكز التقييم لك في أداءك الوظيفي وتعد الحصة مجالا للتقييم لك من خلال الزيارات المتتالية من الموجة او من المديرة وانك تلحظ إن استمارة التقييم قد احتوت على درجات منفصلة خاصة لبند غرس الايمان من خلال الحصة .
هذا بالإضافة إلى إن التحضير الكتابي سيحوي أيضا غرس الايمان من خلال الآيات ،وربط الآيات بالواقع .
تلك النقاط لايستطيع احد من تخطيها، الاببطاقة عبور وتذكرة دخول ولن تستوفي الحصة الشروط إلا إذا قدمتي من ذالك الكثير ..ولن تحصلي على التقدير الجيد إلا إن حققت هذا الهدف.
وبعيد عن كل ذلك، فان إحساسك المتعمق أساسا بأهمية الدرس، وحلق القران، يعد دافعا لك إلا التفكير المستمر بكيفية تعميق الايمان بالله من خلال الآيات داخل الحصة .ولان الحصة هي الأساس وهي المحور الذي انطلق من اجل السير فيه كل المعلمات.و هي ميدان العمل للمعلمة، مثل العيادة للطبيب ومثل المصنع للصانع والمكتب للمدير.
لذالك كان الحديث عن الحصة، لما تملكه من أهمية لدى أي معلم ولما تملكه من نوافذ وشرف مفتوحة ،تساهم في غرس الايمان وتحقيقه.
__________
(1) الحافظ الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، بيروت، دار الكتاب العربي، 1402هـ ج1، ص63.(1/48)
إن الحصة عادة تكون قرابة التسعين دقيقة بمعدل على اقل تقدير أربعة أيام في الأسبوع.إي انك تقضي مع الصغار 90×4=630دقيقة ولو قسمنا ال360دقيقة على60 يكون التالي :360÷60=6ساعات في الأسبوع يعني لو ضربنا 6×4=24ساعة يعني كأنك تقضين مع الصغار في الشهر يوما كاملا .وهكذا لو حسبنها في الفصل الدراسي فإننا ينجد انك تشكلين جزاء كبيرة في حياها الصغير يعد المركز الثاني بعد الأسرة وكل ذلك من خلال 90 دقيقة.
ولا نغفل هنا فكرة التقبل الموجودة أصلا عند الصغار ومدى استعداهم لتشربه وتقلبها.
إن الحديث عن الحصة وكيف جعلها ساحة للإبداع والتفاني ،والتفنن في تقديم الطرق الحديثة والجيدة والأساليب المتنوعة والفعالة والمؤثرة على الطلاب من اجل تحقيق هدف غرس الايمان، يعد فرصة لنا جميعا من اجل تبادل الأفكار وتنوع الخبرات.
والهدف الأخير كله منصب على تعليم كتاب الله تعالى، وربطة بحياة الدراسات وتعميق الايمان بالله من خلال الآيات والقران.
هذا الفصل سنتحدث عن اثر الحصة وهل من الممكن إن نحقق الايمان في 90 د؟
سوف نتحدث كذالك عن مراحل الدرس والنقاط التي هي محورة سير الحصة
سنتحدث عن التحضير الكتابي وعن أهميته في شحن الذهن قبل الدرس وعن التحضير الذهني أيضا وترتيب الأفكار فيه.
وعن التسلسل في نقاط الدرس حسب التحضير وما في ذلك من مساهمة في تسلسل أفكار المعلمة ومدعم لها في عطائها المهني.
وأخيرا ا سوف نتطرق إلى الحديث عن الاهداف وكيف يمكن للمعلمة إن تصوغ لكل حصة هدف وهذا الهدف تحقق به الايمان بالله وتغرس خلق إسلاميا في نفوس الدراسات من خلال تطبيق الاهداف خلال مراحل الدرس والحصة .(1/49)
وأخيرا كما ذكرنا إن ما سنعرضه الان هو تجربة عمليه قمت بتطبيقها خلال فصل دراسي كامل منطلقة من التحضير عبر الاهداف رسم هدف صفير كل حصة يحقق فيه الايمان بالله تعالى ويغرس وفي نفوس الصغار .وكيف يمكن إن يطبق الهدف خلال مراحل الدرس كل يوم ننقله في نقطة فمرة في التمهيد ومرة في المقدمة ومرة في العرض ومرة في التطبيق ومرة أيضا في الواجب.
إن التجربة التي مررت بها من خلال ذلك جعلتني أتعلم الكثير فلقد أدركت مدى تقبل الصغار ومدى حبهم.وأدركت حقيقة وأهمية مانقوم به كمعلمي القران الكريم .هذا بالإضافة إلا اني أصبحت اشعر بالمتعة في التدريس ولن اخفي عليكم إني شعرت بالحزن على نهاية الفصل ,واني تعلمت الكثير من الأمور التي كانت قد غفلت عني ولم أرها جيدا .
فإلى التجربة.
1-هل يمكن غرس الايمان في 90 دقيقة :
نعم وبدون تردد فهل تظن إن سير لسيرته صلى الله عليه وسلم ي دعوته خلال الأعوام ال13 لم يكن قائما إلا على غرس الايمان بالله تعالى فان الرسول صلى الله عليه وسلم كان همه وهدفه إن يقولوا (قولوا كلمة تدين لكم بتا العرب والعجم قولوا لااله إلا الله)ولم يقلها إلا القليل وخرج معه النفر القليل لكنه كان حريصا على إن يغرس الايمان غرسا والا فالكلمة سهلة وقصيرة وليست صعبة او عسيرة ولكن المعنى التي تخفيه تحتها لهو معنى عظيم عرفة المشركون في ذلك الزمان وهم فقهوه لذالك لم يساوموا عليه الابالكثير، ولم يسمحوا له بالظهور والتأثير .
حصة واحدة مع هدف واحد، مع تسلسل صحيح ،وإلحاح منك على فعل ذلك، سيتحقق وأقول ذلك بكل ثقة لأنك وثقت بالله تعالى وعلقت الأمل به سبحانه(1/50)
اذيمكن غرس الايمان بالله بكل صورة وأشكاله وبكل تنوعه من أعلاه وهو لااله إلا الله إلى أدناه وهو إماطة الأذى عن الطريق والتطرق إلى الأخلاق وانه من الايمان (والحياء شعبة من شعب الايمان)إلى التحلي بالخاء (الاالمتقين )فكل ذلك من الايمان بالله تعالى .ولن ننسى أن الهدف لنا جميعا هو جيل مؤمن موحد وعمارة أرض الله تعالى.
2-التحضير الكتابي وأهميتك
انك تلحظي أن التحضير الكتابي ليس فقط كتابه تسطر على الورق، فإنه يمدك بالكثير من المعلومات فأنت عندما تبدئين بصياغة الأهداف فإنه يرسم في ذهنك الكثير من الصور، والهدف المناسب الذي يراد أن يصاغ مما يدفعك إلى قراءة الآيات المراد شرحها، والمرور عليها ولو لمرة واحدة ،فأنت بذالك تنالين أجر قراءة القران بالإضافة إلى انك أخذت فكرة عن الآيات وعن محتواه، وكذالك عندما تجعلين الهدف إن تغرسي الايمان فانك سوف تعلمين مايمكن له أن يؤثر في الدراسات من خلال الآيات ..
ثم تأملي مرحلة التمهيد التي لها أكثر من ثماني إشكال ،من سرد قصص وربط الآيات بالآيات الماضية ،او ذكر سبب النزول واذكر قول احد السلف عن الآيات، وحديث في فضلها ،وما إلى غير ذلك الذي يدفعك إلى البحث والتحقق والتدبر . وكلما قصرت وكانت أكثر تشويقا كانت ذات اثر وذات معنى.
ثم ننطلق إلى العرض والى أشكال القراءة فيه وتنوعها، والتي لو استخدمت كل يوم نوعا منه فأنت سوف تطبعين حصتك بالتميز والتنوع، ويمكنك أن تطردي الملل عن القارئ وعن المستمع، و الحاضر حتى وعن نفسك أنت أيضا.
اما معاني الكلمات والتفسير الجمالي للآيات، فانه من اجل أن يدون لابد أن يقرأ، وتفهم وتلخص وتربط بببعضها البعض ،فتزخر معلوماتك فتزداد بصيرتك ،وتزخر ذاكرتك بالمعلومات التي تريدين .(1/51)
اما التطبيق ففيه تنوع عجيب فأنت مرة تستخرجي الاستفادة ،ومرة تجعلين المجيدات يقرن الآيات، ومرة محاولة لتحفيظ الآيات، ومرة إلى قرأت الضعيفات، وغيرها من الطرق الجيدة كالمسابقة أو أسئلة ملء الفراغ او مراجعة سريعة للدرس.
فكل ذالك من الأساليب التي تكتب على الورقة أولا قبل البدا في تنفيذها، فإنها تساهم بشكل فعلا في إنجاح درسك وإنجاح حصة، بل وتساهم في رفع معنوياتك وتزيد من حماسك.
أنت الان قد حضرت درسك لليوم، ومعه قد حضرت الذهن كذالك وما عليك في النهاية الان تعيدي ترتيب الورق من جديد ،والى إن تنظمي المعلومات في ذهنك، و تنطلقي وأنت على أتم استعداد للدرس.
3-في داخل الحصة:
يبدأ غرس الايمان من أول دخولك إلى الفصل، وسوف نبدأ الان مع مراحل الدرس نقطة نقطة ،ونشرح كيف يمكن غرس الايمان من خلال أجزاء الحصة.أكثر وتتضح الصورة.اقرب.
الاهداف:
تعريف الهدف: هو الأمر الذي يرغب الشخص في تحقيقه.
( عام، خاص - كبير، صغير - نافع، ضار )
طبيعة الهدف تعتمد على وضع الشخص ، وقدراته ، واهتماماته.
مستويات الأهداف:
أهداف عام: اقرب ما تكون إلى الرغبة أو الأمنية.
مثال " الحصول على تقدير امتياز في الثانوية العامة "
مثال آخر " إصلاح شباب الأمة "
أهداف مرحلية : تجزئة للهدف العام .
مثال "استثمار الوقت بطريقة تساعد على الاستذكار "
مثال آخر " إعداد وتهيئة مجموعة من الشباب المصلحين "
أهداف سلوكية وإجرائية: خطوات علمية محددة لترجمة الأهداف.
مثال " الإعداد المسبق للدروس ، أو الاتفاق مع مدرس خصوصي "
مثال آخر " التوسع في المحاضن التربوية.
التخطيط:
عملية وضع الأهداف وتوضيحها وتحويلها إلى أهداف مرحلية وإجرائية ، وكتابة برنامج زمني لتنفيذها .
شروط لابد منه في الهدف :
الوضوح .
أن يكون محدداً إجرائيا .
الطموح .
الواقعية " قابل للتنفيذ حسب الإمكانات والقدرات "
خطوات صياغة الهداف :
صياغة الهدف العام وكتابته .(1/52)
التفكير بالهدف العام وتخليل طبيعته .
تحديد الأهداف المرحلية .
تحديد الأهداف الإجرائية .
وضع الأهداف الإجرائية في برنامج زمني واضح .
وضع خطة بديلة توصل للهدف العام في حالة عدم التمكن من تحقيق بعض الأهداف المرحلية أو الإجرائية .
التنفيذ.
التقويم.
التنفيذ الفعال يتطلب :
تنمية الذات وإدارتها " الوقت ، الالتزامات ، المواعيد ، …….. الخ " .
الاستعداد والتحضير للأعمال .
المتابعة.
الدقة.
المرونة.
التقويم المناسب يتطلب :
الاستمرار.
الشمول .
الأثر الإيجابي في تحقيق النتائج .
معادلة مهمة:
أهداف واضحة+تخطيط سليم +تنفيذ بوسائل مناسبة+تقويم ومراجعة=تحقيق النتائج المطلوبة
وبذالك ندرك أهمية الاهداف ومدى فعاليتها ، وكمعلمي للقران الكريم فاني ما زلت اذكر قول الدكتورة فوقية( رحمها الله تعالى) لما كانت تقوم أداء المعلمة كموجه :لابد أن يكون هدف (أن تقرا الدراسة الآيات قراءة صحيحة ).
إن الاهداف هي المفتاح لك في تنظيم سيرك نحو الغاية المنشودة وهي الخط المستقيم الواضح للنهاية التي تريدين ولن يحقق لإنسان مراده هكذا من دون علامات واضحة ومسار محددة.
ولذالك عندما تقررين إن تحقيق الربط بين القران وواقع الحياة وفتح أبواب الأمل على الايمان بالله تعالى فانه عليك إن تقومي:
صياغة أهداف يومية في كل حصة:
تصاغ كل يوم أهداف وجدانية او معرفية او إدراكية او استنتاجيه يراد إن تحقق في كل حصة تكون مرتبطة بالدارس ومناسبة للآيات .
هدف واحد كلا يوما يكفي مع هدف تعليم القران الكريم.
يمكن تحقيق الهدف في أي جزئية من أجزاء الدرس او مرحلة من مراحله.
ابذلي جهدك الايؤجل الهدف إلى الغد او يترك لضيق الوقت .
استخدمي وسائل الإيضاح التي تساعدك على تحقيق الهدف وان استطعت إن تنوعي فيها فان ذلك يساهم في تثبيت الفكرة وتكون الصورة وبوضوح أكثر.
وأخيرا كلما كان الهدف قريب من الآيات كلما كان تحقيقه أسهل وأوضح.(1/53)
إن الهدف الأساسي من وراء العلم بكتاب الله ، هو التقرب إلى الله سبحانه ـ بكلامه الذي يسره للذكر (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
ومن باب تيسير القرآن للذكر أن الله سبحانه كتب أجرين لقارئه حتى وهو يتعتع فيه وقد جاء في الحديث الشريف : (( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )) متفق عليه من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
فعلم التلاوة والتجويد يهدف إلى الوصول بالمسلم الذي يتعتع بالقرآن إلى درجة الماهر الذي يكون مقامه مع الملائكة السفرة الكرام البررة
لذلك فيجب علينا كمدرسين للقرآن أن نعي هذه الحقيقة وان نعلمها للأطفال، بحيث يتعرف الطفل على عدة جوانب
الجانب المعرفي
وفيه يتعرف الطفل على المعلومات والمفاهيم والأحكام الشرعية فتصبح جزءا من ثقافته وشخصيته وتكوينه حيث تميزه عن غيره بالتأثير في سلوكه وتصرفاته
2 الجانب الإنفعالي:
ويعتمد هذا الجانب على درجة التفاعل بين الاطفال والجانب المعرفي الذي شرحناه. مما يشعر بالمسئولية الملقاة على عاتقنا نحن كمعلمات او مدرسات للقرآن الكريم ، وكيف نتناول سور القرآن الكريم وآياته مع الاطفال.
فإذا تناولناها دون تأثر بها ، ولا تفاعل ، كانت القراءة خالية من الروح لا يتأثر بها الاطفال، وإذا تناولناها بتفاعل مع المواقف وتأثر بها ، بحيث نكون قدوة للطلاب ، وتأثروا بها وانقادوا إلى تمثلها في حياتهم ، وحققت بهم ما يأتي :
أـ تعويدهم على تعظيم القرآن الكريم واجلاله وأن لا يمسه احد الا إذا تطهر ، وأن يجلس امامه بخشوع وخضوع
ب ـ فرض هيمنة القرآن الكريم على نفوس الطلاب ومشاعرهم وسلوكهم حتى يكون أمره ونهيه فوق كل رغبة واجتهاد
ج ـ تحبيب القرآن الكريم وحفظه واستحظاره ،وحسن تلاوته إلى نفوس الطلبة ومساعدتهم على ذلك .
والان علينا أن نقوم بما يلي :(1/54)
أ ـ إرشاد الاطفال إلى طرق تدبر القرآن الكريم وأساليب القراءة المتدبرة ، قال تعالى : (( ورتل القرآن ترتيل))
ب ـ التعمق بالقدر المناسب لمستوى المتعلم ، والمناسب لوقت الحصة في السورة او المقطع الذي نتناوله شرحا وتفسيرا ، ولو على سبيل الإجمال .
ج ـ ربط الأفكار التي تطرحها الآيات بالعقيدة الإسلامية .
د ـ إظهار القيم والأفكار والاتجاهات المتضمنة في النصوص ، وربطها بالمكانة العالية التي حققها المسلمون في حياتهم .
هـ ـ العناية بربط الأحكام الشرعية بالوقائع الحياتية التي تعالجها حتى ينتبه المتعلم إلى الجانب العملي في القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى منهج حياة للبشرية .
و ـ ضرورة استحضار الخشوع القلبي والسكينة من الطلاب وضرورة الإقبال على القرآن الكريم بعواطفهم وعقولهم وحسن الإنصات والتأمل في معاني الآيات التي تتلى
3 ـ الجانب المهاري :
إن المهارة الاساسية في تدريس القرآن الكريم هي مهارة التلاوة بحيث يتمثل الطالب أحكام التجويد في تلاوته للآيات ، فيتدرب على جمال الترتيل ليكون للقرآن الكريم أثره ووقعه على نفسه.
كل يوم هو هدف مدون في الدفتر التحضير لأننا معلوم قران ومحفظون له فلا بد إن نحقق هذا الهدف يوميا ولابد إن يكتب حتى يذكرنا بأهمية هذه الجريئة .
ثم بنداء بالتفكير بشيء مهم يردا تحقيقه هذا الفصل من خلال الحصص ومن خلال الحصة فانك إن قررت إن تخرجي هذا الفصل الدارسات وقد أتقنوا فن التجويد فأنت سوف تجعلين غايتك منصبه طوال الفصل على كيفية تحقيق هذه الغاية وكيف يمكن كل مرة إن تصوغي الاهداف من اجل الحصول عليها .
ولك إن تتصوري إن قررت إن تزرعي الايمان في النفوس وان تلمسي لأثر تلو الأثر اخر كل حصة فأنت وقتها سوف تبذلين جهدا في إن يكون سير كل حصة عندك قائم على تحقيق عنصر إيماني وعقيدة قلبية او توحيد عملي واعتقادي .(1/55)
إن الاهداف الصغيرة هي نقاط التحول وخطوات الوصول إلى الأهداف الكبيرة، وبها تستطيع المعلمة إن تصبغ درسها بالكثير من المستجدات والإحداث والمؤثرات التي تساهم في دعم فكرتها ترسيخ مبادئها وتأكيد قيمها .
المقدمة:
تعد المقدمة في الدرس هي فاتحته ،ومكان تهيئة الجو المناسب لبدأ الحصة ،ومن أجل نجاح المعلمة في الإعداد الجيد للمقدمة ،والتطبيق المناسب لها، فيها تستطيع أن تكون الجو الملائم للدرس ،وأن تضبط سلوك الدارسات أثناء سير الحصة، فانه من المهم أن يبدأ الدرس في جو هادئ، ساكن بعيدا عن الفوضى، وعن الضوضاء التي تؤثر حقا على تركيز المعلمة،ويجهدها مع بداية الحصة فتتشتت أفكارها وتضغط على أعصابها .
بالإضافة إلى ما تتعرض له الدارسة من عدم القدرة على التركيز ،وعدم القدرة على وضوح صورة المعلومة، فالمعلمة إن تشتت ذهنها فان ذلك له الأثر الكبير على الدرس وعلى مدى غزارة المعلومات ومدى صحتها.
فمقدمة جيدة تعطيك بداية قوية.
في العادة ماذا نكتب في مقدمة الدرس ؟،إليك مثال على ذالك(المقدمة:البسملة والحمد والثناء والصلاة عل رسول الله محمد وعلى اله وصحبة وسلم. ثم تفقد المصاحف والإضاءة ،والغياب والحضور والتفتيش على المصاحف والمراسم، والتأكيد على نظام الفصل وترتيبه، وتفقد من غاب أمس والسؤال عنه، ومراجعة الدرس السابق ،ومن ثم التسميع مع المتابعة وحل الواجب إن وجد.
انك تلحظي معي أن المقدمة من النظرة الأولى ،شيء يغرب أن يكون فيه ما يساهم في تعليم خلق أو أدب او دين، ولكن دعينا نسير مع كل نقطة ونرى كيف يمكن تحويلها إلى فكرة إبداعيه ونقطة استفادة للتعليم والتربية .
البسملة والحمد والثناء:
نعم اننما نبسمل كل يوم فلو عملتي الصغيرات أن البسملة في أول كل شيء خير وبركة ،وان الله يبارك في الشيء الذي نبدأ فيه ببسملة الله وان الله يوفق وان الله يسهل ،(1/56)
ثم انك طبقت الأمر في كل حصة وتحرصين على ذلك ،وتواظبي عليه، مع إلزام الصغيرات به فمثلا قبل إن تجلسي تسمي وقبل إن تدخل تسمي وقبل أن تأكل تسمي .وإذا أكدنا على التسمية مرة بعد مرة ستجدي الصغيرات في تنافس لتطبيقها.
الحمد والثناء لما ؟
إننا نحمد الله تعالى على الخير وعلى الصحة وعلى التوفيق ،والحمد غير الشكر فعند الشكر طلب لزيادة النعمة مرة بعد مرة والحمد حمد على شيء منتهي ،لذالك يثني الله تعالى على الحامدين وعلى الشاكرين ومن جمع بينهما فهو خير أضيف إلى خير.
إن واظبت المعلمة على ذالك وحرصت عليه ،وتذكر بين الحين والحين بفضل الله على الصغيرات أن وفقهن إلى حضور الحلقة، وأنهن أفضل من غيرهن في الحضور وأن الله سوف يوفقهن في حفظ القران ،وأن الله سيحفظهن بالقران وأن الخير سيكون لهن في الدنيا والآخرة وأنهن نشطات وطيبات في حضورهن إلى الحلقة .فنحمد الله تعالى وتحمد الدارسة ربها.
فلو قلتي على ماذا نحمد الله تعالى ؟فتقولي على الصحة وعلى بركة الوقت ،وعلى أن جعلنا مسلمين .
ثم تؤكدي على ذلك بين الفينة والآخرة مرة في الأسبوع او في الشهر مثلا .فان ذلك سيرسخ في ذهن الدارسات انك كلما حمدت على ماذا نحمد الله ؟وبما انك أجبت عن السؤال فإنهن سوف يضعن تلك الاجوبه أمام أعينهن وسيذكرن ذلك .
2-الصلاة على رسول الله حمد وعلى اله وصحبة أجمعين:
فلو سألنا الصغار قبل إن يسألونا لماذا نصلي على الرسول ؟وكيف ذالك؟؟
في حصة ما طرحت هذا السؤال. فانك تجدين مجالا جيدا لتثبيت الجانب الإيماني و الخلق التربوي .وهناك طريقة أخرى من الممكن إن تتلخص فيما انك لو صليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أن تعودي الصغيرات على إن يقولوا صلى الله عليه وسلم. وبذالك تعلميهم فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجر ذلك.
3-تفقد الفصل:(1/57)
نعم عندما تدخلي إلى صفك وتجدي الفوضى عارمة وفيه، فأنت بحاجة إلى إن تعلمي الصغيرات أدب يتعلق بكتاب الله تعالى ،وان الصف الغير مرتب او الغير نظيف لايصلح أن يكون مكانا لتلاوة القران الكريم وأن القران فضله عظيم وشرفه كبير فلا يمكن أن نرتاح ونحن نقرا في فوضى ،أوفي مكان غير هادئ أو غير مرتب.
فعندما تبذلي دقائق صغيره كل يوم ،وقبل الدخول إلى الدرس في ترتب الصف وتحسنين هيئة الماصات وجلست الدارسات، وتعودي صغيراتك على ألا يضعوا على الماصة إلا المصاحف الأقلام والدفاتر،و ما غير ذلك يوزع في الإدراج أوحمالة الحقائب في الماصات .
لأنك تدركين أن أي شيء غير ذلك سوف يشتت انتباه الطفل، وسيوفر له مساحة واسعة من اللعب والعبث، وإذا انساق الطفل وغاص في شيء ما فانه ينسى التحكم في تصرفاته ،ويضعف التركيز وتحتاجي إلى وقت أخر لشد انتباهه مرة أخرى وكل ذلك مستنزف لوقت الحصة ولجهدك، فربما ضحك بصوت علا وربما اصدر حركات سريعة مزعجة، او ربما بدا يتمتم بنشيد او أرجوزة ما.
وربما بدا في الحديث مع من بجواره حول ما معه، مما يسبب لك الفوضى.فأنت بحاجة ماسه إلى مايحيط الجو بالسكن والهدوء .
الست تلحظي لو أن الصغيرة أحضرة بدل من المرسم مثلا محفظة الأقلام أو حتى تشكيلة من أربعة أقلام فماذا سيحدث ؟؟
لاحظي ذلك وعلقي عليه ؟؟؟
لذالك أكدي على إن يكون على الماصة مرسمه ودفتر ومصحف فقط والباقي في الدرج، وبعيدا عن تركيز الطفل.
عندها علمي الصغيرات على أن النظام من أخلاق المسلم ،وان الله يحب المسلم الملتزم بالخلق الطيب والمسلم الملتزم بالأدب والنظام والنظافة .
ان أيدت قولك بأدلة فانك ستجدين من يحفظها خفية عنك ،ومن يفهمه خفية عنك، ومن يسمعها الان ويطبقها في المستقبل.
وبذلك تحصلي على أمرين:
فصل مرتب هادئ منظم مستعد لاستقبال الحصة.
وساهمت في غرس خلق وأدب من آداب حلق العلم.
4-تفقد المصاحف والإضاءة:
هل يؤثر ذلك ويعلم خلق ؟(1/58)
نعم عندما تتعود الطفلة الاتحضر الامصحف واحد من المصاحف الكبيرة التي يحتوي الجزء المقر، مثل مصاحف المدرسة البيضاء التي تحتوي( جزء عم)( جزء تبارك)، وهكذا فأنت بذلك تحقق تتفادى الكثير من المشاكل مثل:
الصغيرة لاتستطيع أن تتحكم مع المصحف الكبير وكثير الصفحات فهو سينشغل في فتحه وأغلقه.
وإذا ضاعت الصفحة فانه سيكلفك الجهد الكثير والمتعب من اجل الحصول على الصفحة المقررة
بالإضافة إلى أن الصغيرة لاتستطيع أن تتحكم في المصحف الكبير فقد يسقط منها وهي تركض وتلعب،وقد يثقل حمله عليها لصغر سنها ومع كثرة الحمل والوضع فهي ستمزقه وتضيع الكثير من صفحاته .
إن كنت تدرسي فئة الصغيرات الأتي يحتجن إلى التأشير لهن في المصحف من اجل الحفظ فان المتابعة ستكون غير منظمة ،والتواصل بينك وبين المنزل سوف تفقد نقطة الالتقاء والاستمرارية ، فأنت بحاجة إلى إن من يساعدك ويساهم في استمرارك.
والآن تفقدي المصحف واثني على النظيف والمجلد والمرتب ،وأكدي على أن يكون المصحف نفسه.
اعلم أن الأمر شاق لكن حاولي إن تحفظي المصاحف ،وانبي من غيرة مصحفها بالطريقة التي ترين أنها مناسبة، وكرري الثناء لم ترين أن مصحفها ما زال في حاله جيدة ،واستمري في التواصل بينك وبين أمهات الصغيرات بالتأشير في المصحف.
تفقد المصحف أيضا يفيد. في تعليم الصغيرة الاتضع شيئا على المصحف والا تركزه في حضنها او تحمله بشكل غير لائق ،وأن تفتحه بقوة أو أن تسحبه أو تلقيه أو تسند به دفترها ،وغير ذلك.
أفكار نعلمها للصغيرات داخل الحصة تساهم في تعليمهن الأدب مع كتاب الله تعالى، وثقي جيدا انك إن أظهرت الغضب والضيق من تصرف أحداهن مع المصحف بطبقة غير لائقة ،فان ذلك سيكون درسا للجميع على إن يحترموا كتاب الله تعالى، وهذا بالإضافة إلى انك غرست خلق من خلق الحلق ساهم في تأديب الدراسة واحترامها لكتاب ربها .(1/59)
كذالك احرصي الاتكتب الدارسة في المصحف، او تخربش فيه او تأكله ،أو تضعه في الكيس والكيس تحت الماصة مثلا، فكل ذلك إن مزج بتوجيه سليم سيكون له أثر بالغ في نفوس طالباتك وسيساهم في تحقق جانب من جوانب الخير الذي نريد.
5-التسميع مع المتابعة :
إن التسميع هو مرحلة مراجعة لدرس القران السابق، وهو كذالك معدل جيد لقياس مستوى الطاقات، ومعيار لمعرفة من بذلت جهدا في الحفظ ،ومن لعبت وضيعت.
انه ميدان جيد للمنافسة الشريفة، وكل نقطة مما ذكر تساهم إن وجهت إلى تحقيق خلق وغرس قيمة إسلامية .
فمثلا قياس مستوى الدراسات ،فأنت عنده سوف تلاحظين مدى وقدرة الدراسات على الحفظ ،وهل الكمية المقترحة مناسبة للجميع ام أنها كثيرة ام أنها قليلة، وبذلك يمكنك إدراك التفاوت بين الدارسات، ويفتح لك المجال في فهم طبيعة ومقدرة كل دارسة،وهذا الأمر يساعدك كثيرا في انك التحفيزي بعبارات جميلات وتزيلي عنها الكسل.
جاءت عندي سارة ذات التسع أعوام لتدرس القران الكريم في جزء عم ،كنت كلما قلت لها سمعي ياسارة .
قالت :ما أحفظ.
تعجبت منها ومن عدم حفظها.
ومر الأسبوع الأول، وكنت أقول في نفسي أسبوع ربما لان الجو جديد او لان الصف جديد .
ومر الثاني ،وسارة لاتسمع وترفض التسميع ،جربت مرة معها أسلوب التحفيز بالهدية ،لكنه لم يؤثر فيها كثيرا تحسنه أيام ثم تأخرت، وهكذا.
وكنا إذا ناقشنا موضوع للإذاعة مثلا او النشاط ماتكون شخصا أخر، فهي تحسن الكلام وتحسن الصياغة الجمل ،وهي مبدعة في الأفكار الجيدة، وكما يقولون إن انتخباها الواحد في شيء أحسنت فيه .
تعجبت من سارة كثيرا ،وفكرة مليا فيما افعله لها، فمن غير المعقول أن تبقى دون تسميع،
ويوما ما تحدثت إلى صديقتي فأرشدتني إلى طريقة جميلة جدا ساهمت في تحسين مستواها.
جلست يوما معها وقلت لها: لما ياسارة ترفضين التسميع ؟
لكنها لم تجب بل صمتت قليلا .
قلت لها: هل الجزء صعب عليك
قالت :لا(1/60)
قلت لها : طيب هل هو كثير؟
قالت :لا
قلت :ربما لايوجد وقتا كافيا في المنزل للحفظ؟
قالت :لا
قلت : إذا أنت لاتردين التحفيظ؟ربما تأتين مكره؟
قالت :لا
ثم تذكرة قصة الرسول ل صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما حاؤه أبو بصير يرد الدخول في الإسلام لكنه تأخر في الوصول لقد جاء بعد الصلح .ورفض الرسول صلى الله عليه وسلم إن يقبله ،فأعاد حزينة وبلفته من رسول الله تعالى أنقذت حياته وفهمها أبو بصير قال عليه السلام:مسعر حرب لو كان معه أحد .
فكرة مليا وتذكرت قول صديقتي أن أغلب الاطفال لديهم تصورات وتخيلات خاصة تنشأ معهم من البيئة وتكون لديهم بعض القناعات عن أنفسهم وعن الحياة .وقالت لي إن أفكر دائما بان لأخسر طفلة صغيرة فذالك فرصة للتوجيه والتعليم .
قلت لسارة:ربما تظنين أنك غير جيدة وانك لاتسطيعين . او انك ضعيفة في الحفظ وان التفوق ليس لك .
هل تذكرين فكرة الطبق التي قدمتها لنا كيف كانت جيدة .وكيف استفدنا كلنا منها؟
وكيف قمت بالعمل بطريقة متقنه أثناء وقت الإذاعة. وكيف حفظت النشيد بشكل متقن وأديته على المسرح.ببراعة؟
ياسارة من قال انك لاتستطيعين او انك غبية ؟؟وانك لاتحفظي ولن تحفظي .
دار الحوار بيننا قليلا ثم حاولت إقناعها أنها سوف تستطيع واني سأعطيها كمية صغيرة ثم أخرى كبيرة وهكذا .
في الغد جاءت سارة وقد حفظت ما عليها ،صحيح إنها سمعت بشي من التلعثم والصعوبة ،ولم تكن تستطيع الانطلاق في القراءة لكنها بعد ذالك والآن هي من المجيدات في حفظ كتاب الله تعالى، وصدقا بقيت سار على نخوتها وشجاعتها وأدبها لكنها، استطاعت أن تقوي نفسها في جانب الحفظ، وتكسب أمرا جديدا بتوفيق الله تعالى .
ان مرحلة التسميع أثناء الدرس، تحوي الكثير من المواقف التي تعد فرصا مجانية، تأتي لنا من اجل استغلالها في تعليم خلق أو أدب، وأزرع منهج أو فكرة إسلامية صافية .(1/61)
إن فترة التسميع توازي فترة الدرس الجديد، فهي تأخذ وقتا طويلا من الحصة والتركيز غالبا يتحول من طفلة إلى أخرى مما يفتح المجال للباقين أن يلهو كما يحلو لهم.وهنا يبدأ دورك في اقتناص الفرص وتحويلها إلى مواقف ذات معنى واثر .
التمهيد:
تعرف مرحلة التمهيد دائما أنها قصيرة، ورغم أن لها تسع صور متنوعة ما بين القصص والربط بالسابق من الآيات، وبين ذكر سبب النزول وبين الحديث عن نعمة من النعم تتعلق بالآيات إلى غير ذلك إلا أنها لابد أن لاتتجاوز في وقتها الخمس دقائق .
مرحلة التمهيد من الأهمية بمكان، حيث أنها تساعد على تهيئة الجو للدرس الجديد وتساهم في شحن أذهان الدراسات للبدء بعملية تقبل الدس الجديد.
إنها تعطي للدارسة فكرة حول الآيات الجديدة. وتهيئي ذهن الدراسات إلى المرحلة الجدية من الدرس وخصوصا أن الأطفال عادة ما يحتاجون إلى التغير بين مرحلة وأخرى من خلال سير الحصة، وأن الطالب لاتستطيع الجلوس على هيئة واحدة أكثر من 18 د، وبعدها يبدأ الإحساس بالملل عنده فيبدأ يلهو ويلعب بأي شيء يدفع عنه الملل .
التنويع يدفع السأم ، ويبعد الملل ، ويجدد النشاط ، ويجعل الفكرة المعروضة أدعى للقبول ، وأيسر للفهم .
ونجد أن القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة يحفلان بالأساليب المتنوعة لتقريب الفكرة للمخاطبين .
وإذا أخذنا مثالاً من القرآن الكريم على تعدد النعم ؛ فإننا نجده قد سلك مسالك عدة في ذلك ، فمرة تحدث عنها وعددها بقوله : { الم نجعل الأرض مهادا .والجبال أوتدا . وخلقناكم أزواجا.وجعلنا نومكم سباتا . وجعلنا السيل لباسا.وبجعلنا النهار معاشا . وبنينا فوقكم سبعا شدادا. وجعلنا سراجا وهاجا . وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاحا .لنخرج به حبا ونباتا. وجنات الفافا. } عم(1/62)
ومرة ذكر النعم في مناط التذكير بالمنعم بقوله : { الذي خلقك فسواك فعدلك.في أي صورة ما شاء ركبك.كلا بل تكذبون بالدين . وإن عليكم لحافظين .كراما كاتبين .يعلمون ما تفعلون .إن الإبرار لفي نعيم. وإن الفجار لفي جحيم } الانشقاق.
فمن عاش مع النعم لله تعالى .عاش مع الإبرار ومن حولها للدنيا ونسي المنعم بها عاش مع الفجار .والفاجر شخص فجر عن الحد المعقول فعاش في الطغيان بعيدا عن الهدى والإيمان.
ومدح من حمد الله عليها بقوله : { إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون .فما يكذبك بعد بالدين أليس الله باحكم الحاكمين } .التين
وكل ذلك من شأنه أن يقرر الفكرة في ذهن المخاطب .
وتعد مرحلة التمهيد نقطة التحول الأساس في الدرس، لذاك يعتني بها كثير من المربون لعلمهم بأهميتها ودورها البارز في تهيئة الطفل للدرس الجديد.
انك من خلال التنوع في مرحلة التمهيد يمكنك ان تنوعي أساليب غرس الايمان، وتحقيق التوحيد وتثبيت العقيدة وإليك بعض الأفكار .
من الممكن أن تتحدث الآيات حول نعمة من نعم الله علي الانسان مثل سورة التين فهي تحوي الكثير من النعم على الانسان.
فانك في مرحلة التمهيد، يمكنك السؤال عن نعمة الله على الانسان ،في خلقة في صورة حسنة ثم دعي الصغار يجيبون عن ذلك، فأنت وقتها سوف تجدين التنوع في الإجابات.
و يمكنك التقاط الفرصة بطريقتين :
أولهما :
الثناء على الصغيرة والتحدث بنعمة الله عليها،ثم أرشديها الى الجواب الصحيح وكيف اختارها الله لذلك، وميزها بين صديقاتها،فتعظم النعمة عندها وتراها كنزا جميلة تملكه وترسم شخصيتها بطريقة جميلة فتحمد الله تعالى، ويكون ذلك نقطة غرس.
ثانيا:
عندما تذكر الدارسة نعمة ما ،فانه يمكن التعليق عليها اما من خلال استعراض نعمة الله علينا والتحدث عن مميزات هذه النعمة، والتحدث عن المنعم من خلالها او من خلال التجربة، لو سلبت وصرنا بدونها كيف يكون حالنا؟(1/63)
فنجرب ذلك ثم نتحدث عن فضل الله تعالى ثم نحمده ونشكره ونذكر إن السورة آياتها تتحدث عن ذلك ثم ننطلق في مرحلة العرض.
هذي طريقة وممكن أن تحضري بعض الأدوات المختلفة التي تساهم في مرحلة التمهيد .وتعطي الحصة طابعا جديدا.
مثل سورة عبس، فان الآيات تتحدث عن الماء الذي ينزل من السماء ثم ينبت الله به الكثير من المزروع المختلف ألوانه وإشكالها وطعمها ،فمن الممكن إحضار الكثير من الأنواع ،وعرضها على الدارسات.
ومن الممكن السؤال عن طريقة الزراعة والسقي وكيف إن التراب واحد وان الماء واحد وكيف خرجت بهذه الصورة ،فان الله تعالى هو الذي خلق الخلق بهذه الصورة الجميلة ثم نتحدث عن الله تعالى وعن واجبنا اتجاه الله عز وجل .
وهناك طريقة أخرى يمكن إتباعها وهي قصة صغيرة عن طفل ما ،أوعن حادثة حصلت في حياة السلف لها أثروها علاقة بالآيات.
مثال :آيات الخلاص والمعوذات، فان فيها الحفظ والعناية والراعية، فإنه من الممكن الحديث عن قصة طفل حماة الله تعالى لقرأته هذه الآيات . ثم نتحدث عن فضلها وعن الله تعالى وان القران كلام الله تعالى ثم نتحدث عن السورة بشكل موجزة وندخل إلى الدرس.
أستاذة ابنتي الصغيرة تحدثهم على مستوى عقلهم، ففي سورة الفيل ركزه مشكورة على جانب حرمة مكة وإنها بلد الله الحرام، وان الله حفظها وان الصغير الذي يحب الله يحفظه الله تعالى. وعندما عادة ابنتي لي قالت : اليوم الابلة قالت إن الله يحفظ الصفير ،إلي يحب الله تعالى.
قلت لها كيف قالت : وهي تشرح لي مثل الأستاذة تماما قصة أصحاب الفيل، وكيف حفظ الله تعالى من فعل ذلك.
لقد أبدعت صغيرتي وهي تتحدث عن ذلك، لكن المبدع حقا هو المعلمة التي استطاعت أن تقنع الصغيرة بذلك وان تؤثر فيها .
إنها مرحلة لا تأخذ الكثير من وقت الحصة ،لكن المعول عليها في نجاح الدرس الجديد ،معلق بنجاحها وكيف تصاغ وعلى ماذا تعتمد؟(1/64)
وطريقة أخرى قد تساهم في تنوع المرحلة. وذلك بان تقوم المعلمة بإحضار بطاقات صغيرة عفوية( مثل ورقة التقويم ) والذي يحوي مجموعة من الفوائد وتوزعها على الدراسات ،ويكتب مثلا فيها حروف متفرقة لكلمة تتعلق بالدرس،(مثلا اسم السورة أو كلمة في السورة). وعندما توزع الورق على الدراسات فاننا نشكل فريق1 وفريق 2 وهناك كلمتين.
الفريق الذي يكون الكلمة الأسرع يفوز في هذه المسابقة .فتخرجي بعدة طرق تساهم في موضوع بحثنا :
1-منها إن المنافسة الشريفة وحب الفوز من صفات المؤمنين وكيف يتسابقون وفيما يتسابقون
2- وتعلمي وقتها عبادة جديدة سهلة للصغار مثلا سقي الماء عبادة .
3-ومنها إن التعاون من صفات عباد الله تعالى المؤمنون ومن هم عباد الله المؤمنون هم ناس يحبهم الله ويدخلهم الجنة وقتها يمكنك الحديث عن الجنة وجماله ثم تعلمي عبادة ما اوالتحدث عن بعض الإعمال التي تدخل الجنة .
4-والمهم في ذلك كله انه يكون ما يراد من ذلك متعلق بالدرس وموضوع الآيات.
وأخيرا الطرق تزيد عن ذلك لكن التمهيد من الممكن إن يكون مرحلة لتحقيق الاهداف وتذكري اجعلي في كله حصة هدف غرس الايمان أمام عينيك.
مرحلة العرض:
انه الأهم في سير الحصة وأنت تلحظي أن أغلب التركيز عليها سواء من المعلمة أو من قبل المشرفة أو المديرة ،وعادة تأخذ الوقت الأعم في الحصة وهي تمتاز بتنوع العطاء فيها، وتعدد النقاط .
الأمر الذي يفتح المجال للإبداع والتنوع والتشكيل، من اجل خدمة الدرس وإيصال المعلومة،
وأما تنوع مراحل العرض فاننا سوف نتطرق إلى تسخير هذه المرحلة على تنوع نقاطها إلى الايمان بالله تعالى ،وربط الدراسات بالآيات وربط الآيات بواقع الحياة وكيف يمكن إن تنطبق على حياة الدراسة .
إننا نريد من خلال الحصة إن نخرج الدراسة وقد أثرت فيه الآيات حتى ولو تأثير بسيط وان تعيش الدراسة في ظلالها ولو على المدى البعيد.(1/65)
إننا نلمس أن عملنا مرتبط بأهم مصدر من مصادر التشريع، وأنه منوط به وبطريقة عرضنا له كيف تظهر روعة القران، وكيف هو حقا ملهم حياتنا وقائدنا إلى جنات النعيم .
لابد أن ندرك أننا نعطي حصة تختلف عن غيرها، وأننا نعلم مادة ليس مثلها باقي المواد، وأننا ندرك جميع مدى تأثر الدراسة بالقران الكريم ،وكيف تنظر له وكيف تتعلم معه ،لذالك يبدأ دورنا وتزداد مهمتنا في تحقيق ذلك.
إننا نمثل دور بارزا ونتحمل قضية حية مؤثرة ولايمكن لنا أن نتناسى أن مانقوم به ليس تدريسا فقط او تحفيظا فقط او تعليما فقط او تربية فقط او دعوته فقط. بل هو كل ذلك.
إننا نستطيع من خلال مرحلة العرض أن نبدع وننوع، ونحقق ما نريد الوصول له من خلال الآيات .
لذالك إن استطعنا إن نتخلص من بعض الطرق الخاطئة التي تضيع علينا فرص كثيرة من المكن استغلالها والاستفادة منها في مرحلة العرض، فاننا سوف نتمكن من جعل تلك المرحلة مرحلة المؤثرة والتي تعد وقتها النقلة النوعية التي نريد.ان نتحدث وان تؤثر في جيل الأمة الذي نعول عليه كثيرا..
إن مرحلة العرض هي المجال الواسع الذي يساعدك في الإبداع ،وتنوع الطرق في ذلك ممكن لان نفس المرحلة تحمل الكثير من النقاط، والتي تعد كل نقطة منه مجالا خصبا للإبداع والتي تعد كل نقطة فيها فكرة اساس للكثير من الأفكار.
لكن ما يهمنا الان هو نقطة واحدة فقط وهي التي سنركز عليه وهي التي تتعلق بموضوع بحثنا والتي ترتبط به.لذلك سوف نتناول مراحل العرض نقطة نقطة ونتحدث عن كيفية تحقيق الايمان في كل نقطة من نقاط الدرس .
القراءة الفردية:
أول مراحل الشرح عادة تكون القراءة الفردية. وهي التي تأتي من المعلمة والتي تكون القراءة الأساس التي عليها تتعلم الدارسة في سماع الآيات لأول مرة.لذلك تركز المعلمة على إن تقرا الآيات فيه بافضل طريقة ممكنه .(1/66)
ويمكن استغلال هذه المرحلة بان تهيئة المعلمة الدراسات لذلك، بحيث تطلب منهن فتح المصحف وتذكر الدارسات بأدب التعامل مع المصحف أثناء فتحه ،مع إرشادهم في حصة ما إلى الطريقة الصحيحة لفتح المصحف.
وقد علم الشيخ علي الطنطاوي أبناؤه ذلك ،عندما جلس إليهن يوما وهن صغيرات وعلمهن أن الكتاب يفتح من فوق ومن طرفه العلوي، وذلك بأن نضع السبابة فوق الصفحة فلتزق بها فتحملها. ثم نسند الصفحة بإدخال اليد تحتها ثم نمرر اليد إلى وسط الصفحة ونقلبها بكل خفة ورقة .
وبذلك نضمن عدم تمزق المصحف او ثنية او تشققه . ونحصل على أدب جديد تتعلمه الدارسة من خلالها التعامل مع كتاب الله تعالى،
(لاتنسي أن ما تعلميه للصغيرة فانه يؤثر على أهله في المنزل إن عاد وإخبارهم بذلك فتلك عادة اغلب الصغار وان كان الصغير كبير إخوته فان أثره أعظم )
ومن الممكن أيضا أن نعلمهم أدب وضعه والإمساك به، فلا ترفع الدارسة المصحف بشكل عامودي على حافته على الماصة ،ولا تضعه في حضنها عند التسميع، ولا تدعه على حافة الطاولة فيسقط منه. فكل ذلك يعلم قبل البدء بالتلاوة .
ثم انه من الممكن أن نعلم الدراسات أيضا أن الاستعاذة والبسملة في أول السورة أدب أيضا وذلك الأدب مرتبط بأمر من الله تعالى، وعندما نطبق أمر الله نكسب حسنات ترفع الدرجات ،والله يقول :( وإذا قراءة القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)،وان البسملة بركة قبل كل شيء، وكان نهج السلف ألا يبدؤوا كتابا الابسم الله تعالى ،وان أتباع ذلك من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
(ليس شرطا إن نفعل ذلك في حصة واحدة فأنت تملكي الكثير من الحصص يمكن ان تفعلي يها ما يحلو لك .)(1/67)
ثم أدب الإنصات للقران واثر ذلك وفضله، فانك من الممكن أن تحدثي الصغيرات على أن من يسمع القران ويتأدب في سماعه فيترك اللهو اللعب أثناء القراءة، ويسمع فان الله يجعل لها الأجر على ذلك وان الله ينفها بسماع القران.ثم تحدثيهم عن فضل سماع القران .
إن المعلمة قبل البدء بالقراءة عليها إن تضمن الهدوء والنظام في الحصة، فلو انك عودتي الصغيرات على جلسة معينة مثلا أثناء تلاوة الآيات ،فإن ذلك يعلم الدراسات أدب الحلق، وأن وقت قراءة القران له أدب .
فلا تسمحي لأحد أن ينام على الطاولة أثناء القراءة ،ولا تسمحي لأحد أن يتكي على المصحف أثناء القراءة، بل الجميع يأخذ هيئة واحدة للسماع مما يضفي على جو الفصل الهدوء.
اما عن القلم والتأشير في المصحف من أجل تحديد مقدار الحفظ، فان ذلك ليس محلة او مكانه فإن تأخير أي عمل يشغل الدراسة عن السماع الآيات، هو أول وقبل كل شيء فأنت بحاجة إلى أن تشغلي الدارسة بسماع الآيات في هذه المرحلة.
ثانيا:
مرحلة القراءة الجماعية:
إنها المرحلة التالية للقراءة الفردية و هي بخلاف عن الزمرية وعن الترددية ،في أن كل منها لها طابع خاص ولكل منها هدف خاص، ومن الممكن استعمال كل واحدة على إحدى خلال الأسبوع مما يساهم في تنوع العطاء وتساعدك على تحفيظ الدراسات .
القراءة الترديدية:
وهي القراءة التي يردد فيها الطلبة خلف من يقرأ الآيات التي يسمعونها منه بصوت واضح. وهي تطبق على الطلاب الذين لا يجيدون القراءة في المصحف، أو الطلاب المبتدئين، أو بقية الطلاب في الطريقة الجماعية في بعض الأحيان.
ولها إيجابياتها وسلبياتها أيضا:
فمن الإيجابيات:
• تخليص ألسنة الطلاب من عيوب النطق كحبسة اللسان، والتأتأة، والفأفأة، ونحو ذلك.
• تعريف الطلاب بالمصطلحات والعلامات الموجودة في المصحف، كعلامات الوقف والمد والأحزاب والسجدات..
• تعود نطق الكلمات التي يجدون فيها صعوبة.(1/68)
• تمكين من لا يعرف القراءة والكتابة من حفظ ما تيسر من القرآن الكريم.
• تدريب الطلاب على كيفية الوقف على الحرف المنون أو المتحرك أو المثقل أو المرسوم بالتاء أو الهاء، وذلك عند الوقوف عليها وتدريبهم على كيفية الابتداء بعد الوقف.
• تدريب الطلاب على القراءة الصحيحة.
• تعريف الطلاب بأحكام التجويد الأساسية وكيفية تطبيقها عند مرور أكثرها عند القراءة.
ومن السلبيات:
• رفع أصوات الطلاب مما يؤثر على بقية الحلقات إن وجدت.
• اختفاء أصوات بعض الطلاب الضعاف خلف أصوات زملائهم، فلا يرددون معهم.
• عدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
الطريقة الجماعية الترديدية:
يمكن الجمع بين الطريقة الجماعية والترديدية عند الطلاب المبتدئين والذين لا يعرفون القراءة في المصحف أو حتى المتقدمين في بعض الأحوال بإتباع الطريقة التالية:
• يقوم المدرس بجذب انتباه الطلاب بذكر مقدمة عن السورة أو الآيات بقصة، أو حديث، أو ذكر المعاني المجملة، أو ذكر أجر التلاوة عامة، وتلك السورة أو الآيات خاصة بحيث يلفت انتباههم، ويثير رغبتهم في الاهتمام بالآيات وترتيلها وحفظها.
• يقرأ المعلم الآيات قراءة نموذجية مراعيا فيها الأحكام والوقوف والابتداء، بلهجة مؤثرة صادقة.
• يبدأ المدرس والطلاب خلفه بترديد الآيات، مع مراعاة قصر المقاطع، بحيث يراعي نفس الطلاب، مع اختيار أماكن مناسبة للوقف والابتداء.
• يطلب المدرس من بعض الطلاب المبرزين إعادة قراءة الآيات بنفس الطريقة التي بدأ فيها المدرس.
• يسمع المدرس لعدد آخر من الطلاب ليتبين له مدى استيعابهم وتمكنهم.
• يترك للطلاب فرصة للحفظ الفردي خلال الحصة.
• يستمع المدرس إلى الطلاب الذين حفظوا الآيات أو السورة خلال ما بقي من الحصة.
• الاستماع إلى بقية الطلاب في بداية الحصة الثانية.(1/69)
من الممكن إن نعلم الدارسة وقتها إن كل حرف بقراء به القران لها عليه حسنة والحسنة بعشر أمثالها فيتكون لها الكثير من الحسنات ،وكلما رددنا الآيات معا أكثر كلما كتب الله لنا الحسنات أكثر .
وبجعل القراءة محل للتنافس يبدأ الدراسات بالحرص عليها خصوصا إن تحدثني يوما عن الجنة، والمكافئة فيها لمن يريد أن يدخلها ويريد حسنات لذلك.
ثم تكافئ المحسنة في القراءة بالمدح والثناء وكيف هي مجتهد وأنها جيدة وتحفزي باقي الدراسات على القراءة .
ومن الممكن طريقة التحفيز والتنافس، بمعنى مين يقرا أحسن ومين راح يرفع صوت بأدب في التلاوة ولكن هذي الطريقة صعبة قليلا لان الصغار ينفجرون أحيانا بأصوات مثل المكبرات مما يذهب هيبة الدرس إن كنت تستطيع تعليمهم طريقة لرفع الصوت بطريقة جيدة فلك ذلك .
من الممكن تحت هذه النقطة إن نتطرق للحديث عن القراءة الزمرية والقراءة الترددية وما ينطبق على الجماعية ينطبق على الأخريات أيضا . والمهم في هذه المرحلة إن تتعلم الدراسة أدب تلاوة القران وان تدرك هذه الأدب جيدا وما يعود عليها من النفع عند تعلمها.
ثالثا:
مرحلة استخراج المعاني للكلمات :
عادة ما تصنف هذه المرحل كفقرة واحدة وأحيانا تدرج مع مرحلة الشرح، والبعض يفضل أن يستخرج الكلمات في مرحلة مبكرة من الدرس ،والبعض يحب أن يستخرجها في اخر الدرس، والبعض أثناء القراءة الفردية أو الجماعية لكن هاتين الطريقتين تمثل مجالا لشتيت الذهن عند الدارسة ،فتركها أفضل من تطبيقها .
لكن المهم أن تدرج المعاني لأن الصغار يحتاجون إلى التعليم للكثير من المسائل ،وإدراج المعاني يعد وسيلة مهمة من وسائل دعم سير الدرس.
وكثيرا ما يستخدم المربون الطرق العدة للحصول على نتائج جيدة من مثل هذه النقطة.
خذي على سبيل المثال :(1/70)
سورة الهمزة فكيف يمكن أن نبسط الموضوع في الدرس للصغار ؟،وكيف يمكن الحصول من خلال الكلمة على المطلوب فهمة من الآيات؟. وكيف يحقق الايمان بالله تعالى؟ .
مثلا كلمة (همزة )ما معناها إننا نريد معنى قريبا يساهم في توصيل المعلومة للصغيرة، ويسهل الشرح علينا بعيدا عن الخطاء والزلل.
هناك عدة طرق:
منها العودة إلى التفسير الأساسي والمطالعة فيه، والى معاني تفسير الكلمة، ويمكن أن تفهمي المعنى جيدا من خلال التفسير .
ومن الممكن أن تعودي إلى كتاب تفسير القران للنشاء فإنه جيد ومفيد ،ومعروض بطريقة مبسطة ويسيره
من الممكن وقتها إن تعرضي المعنى الأقرب إلى عقول الصغار، وان تصل المعلومة إليهم بطريقة بسيطة وسهله .
عند وصول المعلومة من الممكن بعدها إدراج تعليق صغير حول فضل الله تعالى علينا إن من علينا بالأخلاق العالية ،التي تأتي من الإسلام، وأن المسلم يحبه ربه ويكرمه، وان المسلم سعيد باتباعية لنهج ربه ،
نتطرق إلى الخلق السيئ وكيف يضر بالمسلم، وانه على المسلم أن يتخلى عن مثله هذه الأشياء السيئة، لأنها تؤثر على غرس الايمان في النفوس وتثبيت ذالك .
يمكن كذالك أن نربط الكلمة بشيء ملموس أو صورة في ذهن الدارسات، وشيء في مخيلتهن. فمثلا كلمة( الحطمة).فما تحطم يعني تكسر والسؤال مامعنى الحطمة والشيء المحطم؟،عندها سترد صور في أذهان الدارسات حول الشيء المحطم ومدى تحطيمه، وحجمه في ذلك، وعندها كبري الصورة لهم تحدثي عن شيء محطم اكبر مثل بستان او منزل ساقط او شيء كبير، يمكن أن يرسخ في ذاكرة الأطفال .ثم تحدثي عن أن النار تكون لمن يعصي الله ،ويخلد فيها من لايحقق ما يريه الله تعالى منه .
إننا بذلك جعلنا الصغيرة تستخرج المعاني، وجعلنها تحقق المراد من الآيات، وخرجنا نحن بحقيقة وأدب نريد إن نصل إليه.
إن معاني الكلمات طريقة من طرق سير الدرس ،يمكن الاستفادة منها في تعليم الايمان بالله تعالى للدراسات .(1/71)
إنها مرحلة جيدة والطرق فيها عديدة ،وأكثر مما ذكرنا ولك خيارات أوسع ومجالات أبداع أكثر، فكلما نوعت يبين فترة وأخرى ،كلما وجدت المجال أخصب للتقبل .
ولا عيب في إن نلتزم بطرقة واحدة إن وجد فيها النفع والفائدة والمعلومات المفيدة لك وللصغيرات .
رابعا:
مرحلة الشرح الإجمالي:
قلنا أنها مرحلة للشرح الإجمالي وما ذالك إلا لان وقت الحصة لايسمح لأكثر من ذلك وهي حصة قران والزمن المتاح لها فقط 90 دقيقة والمعلمة مطالبه في العرض بالاستطراد من اجل التسعين دقيقة .وقد كنا في الماضي نظن أنة من مصلحة الدراسة إن نسهب في الشرح وان ذالك مفيد جدا لها، وكم أخطاءنا في هذه الظن وفوتتا الكثير من المصالح اغلب وقت المراكز تعليم للقران والتجويد والحفظ والغالب منهن لاتريد غير ذالك. وكثير منهن تريده خلال الوقت القصير أن تتقن مهارة التجويد، والبعض منهن ملول لايحب سماع المعلومة أكثر من خمس دقائق .وكان من هدي الرسول الكريم الاعتدال والبعد الإملال :
كان - صلى الله عليه وسلم - يتعهد أوقات أصحابه وأحوالهم في تذكيرهم وتعليمهم لئلا يملوا ، وكان يراعي في ذلك القصد والاعتدال .
عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يذكرنا في كل خميس . فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم . فقال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنابها مخافة السآمة علينا) . متفق عليه .
لقد أوقعنا في الحرج كثيرا وفي التفات أكثر ونسينا إن الكلام إن طال ينسي أوله آخرة .
وان الكلام إن طال تشعب في الدهاليز وأضاع المتحدث والسامع، ونحن أحوج ما نحن إليه من ضبط الأوضاع وتركيز المعلومة فمعلومة واحدة مركزة خير من آلف واحدة ضائعة.وعشوائية.(1/72)
إن مرحلة التفسير الإجمالي للآيات تعني النظرة العامة إلى المحاور الاساسية للآيات والى الحديث عن الفكرة العامة للدرس مع الربط بالواقع وتحقيق الايمان وبذالك تحصلي على الغرض المطلوب من إدراج هذه النقطة ضمن بنود الدرس .
ويمكن إن نستفيد جيدا من هذه النقط إن سبقها التحضير الجيد والإعداد الممتاز للدرس وان استطاعة المعلمة إن تقرءا التفسير العام للآيات وان تلخصه وان تأخذ العنصر الأساس وتربط الآيات يبعضها تحت محاور قليلة ثم تأخذ أية تساهم في تحقيق هدف حصتها ومنها تنطلق إلى الجانب الإيماني المراد في هذه الحصة وتعول عليه وتشرح جزاء منها ثم تتطرق الى أدب متعلق بها او حديث عن المصطفى يدعم كلامها او قصة واقعية تختم بها درسها فتسهم في إثراء مخيلة الصغيرات وتعطي في يومها فكرة جديدة وترسم في الأذهان تصورا وتخيلا يساهم في تحقيق لأهداف التي تريد من هذه الحصة .
إننا أحوج ما نحتاج إلى التأثير ولو القليل في النشء الصاعد، فان لحظة واحدة يخالطها الحرص على نفعهم والصدق في القول، والواقعية الحق بعيد عن المثالية واقرب الى الخيال من الصدق، والحقيقة فان ذالك كله مراد من مرحلة الشرح التمهيدي .
فمثلا :
لو كان حديث الآيات عن سورة عم من (الم نجعل الأرض مهادا) إلى (وجنات الفافا):
1-فمن الممكن العودة الان إلى تفسير النشء لـ (د.عبد الحليم عويس وعلي عبد المحسن جبر) .
2-ثم تلخيصي الفكرة فهي تتلخص في تعداد نعم الله على الانسان وبطريقة مبسطة وكلامات يسيرة ودعوة إلى التأمل.(1/73)
3-بربط بالواقع يحصل المراد بمعنى (لما جئنا من المنزل كيف كانت الطريق فمن مهدها ؟وهل نظرتم إلى الجبال فما وظيفتها ومن خلقها ؟والليل فيه سكون ام حركة فلو كانت الدنيا دائما نهار فمتى يأتي وقت النوم ومتى نعرف وقت الصلاة وكيف نستطيع في الحر إن نشعر بالبرد وفي الشتاء إن نشعر بالدفء وكيف راح نعرف وقتها نهاية المدرسة ومتى راح نعرف رمضان والعيد .فمن نشكر على ذالك ؟والمطر من أين يأتي وما فوائده والزرع يسقى بماء واحد من المطر ولا المطر ينزل على بستان التفاح يعطي تفاح ومطر للبرتقال ومطر للقمح.فمن خلق الماء وسخر السحاب تأني به؟
لماذا سخر الله كل ذلك للناس ؟ ولماذا نعبد الله تعالى ومن عبد الله أين ماؤه؟.
4-وأخيرا لما ينزل المطر يأتي بالرحمة من الله تعالى تسقى الأرض وتنبت المزروعات ونسر به كثيرا لان الماء نعمة.وعند نزول المطر نشكر الله على ذالك ونقول دعاء المطر .من يحفظه؟
5- يعلم للدارسات ويحفظ ويكرر من قبلك 3مرات ومن قبل الدراسات خلفك جماعي مرة او 2 ثم سيسمع لواحدة او 2 .
وننهي مرحلة العرض وبذالك نكون قد للخصنا الحصة بوقت قصير ،واجبنا عن سؤال الأطفال لماذا، وربطنا الجواب لواحد سبحانه وتعالى وحققنا لهم الشيء المراد والكثير من الحقائق ،وأضفنا إلى مخيلتهم الصغيرة صورة من الفضائل التي تعطى للناس ليحققوا عبوديتهم لله تعالى .
إنها مرحلة بالنسبة للكثير منا مرحلة ممتعه ومسلية ، فاننا نلمس الإبداع فيها كثيرا، وعادة ما يستخدم بعض المعلمات وسائل الإيضاح كثيرا في هذه المرحلة ،فالبعض يعبر عن الفكرة بالرسم .حيث إنها لاتكتفي بالحديث عن الأرض او الجبال او الأشجار.(1/74)
فهي ترى ان عرض صور مختلفة على الصغار عن الأرض والجبال والأشجار وتعاقب الليل والنهار والمطر والبرق والرعد والثمار متنوه في البستان فان ذالك يمنح الحصة جوا من المتعة، ويثري مخيلة الصغير ويضيف إليه معلومات جديدة. خصوصا إن كان الصغير تحت سن الخمس سنوات فهو بحاجة إلى تكوين صور واضحة في ذهنه حول الكثير من المعاني والكلمات خصوصا إن كانت مخيلته واسعة وأسالته تدور حول لماذا؟.
فتحرص المعلمة بذكائها على إن تثبت المعلومة بالصورة الصحيحة ،وعندما تغرسها بلا اله إلا الله وتربطها بالله تعالى فان الصغيرة لن تناسى في حياتها فضل المنعم عليها، وان ما نحن فيه من خير الله علينا وفضلة فتدير فكرها دائما حول تلك النقطة.
وبعض المعلمات يحلو لها الأمر بسرد قصص من الواقع المنزلي او المدرسي فقصة طفلة في المدرسة حصل لها خير عظيم لأنها فعلت كذا وكذا .
او قصة طفلة في المنزل مع أبويها تعيش السعادة والفرح ،عندها الكثير من الأشياء الجميلة وهكذا فتصبح القصة مركزة على الجوانب الجميلة ،وتهدف إلى غرس فكرة معينة من القصة. فان كانت تريد تحقيق أدب الشكر او الحمد او التأمل في مخلوقات الله فلها إن تسلط الضوء على هذا الجانب .
فاننا جميعا ندرك ان القصص هي عبارة عن اضاءات، يمتلكها الكاتب للقصة حول موضوع معين، ولكنه ببراعته وصياغته للألفاظ والجمل يستطيع ان يسقط الضوء على الجانب الذي يريد من الموضوع، وان يسلطه عليه ليظهر كافة التفاصيل المندرجة تحته والتي يريد لها إن تبرز من خلاله فيجعل القاري يعيش التفاصيل كلها لحدث والمراد ويستغرق فيها من كل جوانبها .فيحصل له التأثير المراد والفكرة التي يطمح لها.
والكثير منا يجيد فن القصص أكثر من الحديث العام ،وكلما كانت القصة أكثر واقعية وبعيدة عن الخيال كلما كانت أكثر تأثيرا في حياة الصغيرة.(1/75)
او نجد البعض يسمح للطفل إن يعبر عم في داخلة ببراعة منها في طريقة صياغة الاسئلة وتسلسل فيها فمثلا تريد إن توصل الأطفال من خلال الاسئلة إلى حقيق ان المنعم هو الله تعالى . فإنها تتدرج في الاسئلة وعرض الحقائق بطريقة ذكية جدا تضمن من خلالها رسم صورة تدريجة في ذهن الصغيرة، مثل الرسام عندما يبدءا برسم لوحته وتلوينها فانه يرسمها نقطة نقطة، حتى يحصل على المراد ثم تكمل الصورة في المخيلة وتصفها بكل جزئياتها في ذهن الصغيرة، ثم تضع لها إطارها العام .وتتركه .يحيا في فضل الله تعالى متأملا في إبداع خلقه وحسن تصويره عز وجل، وان كل ذالك مسخر لنا من الله تعالى والواجب علينا حتى نبقى الصورة جميله إن نشكر الله تعالى عليها .
إن أسلوب المحاورة أفضل من الاستطراد في الكلام وإتباعك له أتباع لنهج الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن ميزات هذا الأسلوب أن يشترك الطالب في الدرس ويكون جزءاً لا يتجزأ منه .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم هذا الأسلوب مع أصحابه ، كما في حديث أبي هريرة : (( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنة شيء )). قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : (( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا )) رواه البخاري ومسلم .
وهذا الأسلوب يثير انتباه السامعين ، ويشوق نفوسهم إلى الجواب ، ويرسخ العلم في أذهانهم ، ويحضهم على إعمال الفكر ، ويعودهم المشاركة والإيجابية ، ولا شك أن الطالب حين يكون مجرد مستمع فإن ذلك سيؤدي إلى ملله ، أما إن شارك فسيشعر بالنشاط والحيوية
وهذه الطريقة جميلة جدا فهي مختصرة وفيها إجابات لكثير من أسئلة الصغار وفيها تسلسل منطقي مفيد لذهن أطفالنا ويجنبك أنت التشويش في الفكرة والاستطراد والابتعاد عن الهدف الأساسي.(1/76)
والطرق المختصرة غير ما ذكرنا كثير لكن المهم إن تؤطر كلها بطريقة ذكية بإطار التوحيد، وتصب أخيرا في تحقيق هدف العقيدة من خلال الآيات، وان تكون لدى الطفل القناعة الحقيقية بان الوجود قائم على صرف الحياة كل الحياة لله تعالى.
التطبيق :
إنها المرحلة قبل الأخيرة، ويمكن أن نحقق فيها الكثير من الانجازات، فنحن متفقون أننا نريد استغلال كل أجزاء الدرس فيما يعود علي الصغار بالنفع والفائدة .
و استخراج الاستفادة من الدرس، او حتى محاولة تحفيظ الآيات، إلى طريقة الاسئلة الملخصة والمراجعة لفكرة الدرس ،والتي تساهم في التأكيد من وصول المعلومة إلى ذهن الدراسات . ورغم تعدد صورها من قراءة للمجديات او قراءة للضعيفات ،فكل تلك الطرق تعد مجالا جيد في الوصول إلى مانريد من بحثنا هذه
1-قراءة المتوسطات والضعيفات:
قراءة المجيدات:
وهي أن يقوم المعلمة بفتح المجال أمام الاطفال المتميزون، للتنافس والانطلاق في التلاوة، والحفظ حسبما وهبه الله تعالى ،وإظهار مدى براعتهم. وهذه الطريقة لها إيجابيات:
• مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وإفساح المجال أمام الطلاب ذوي القدرات الجيدة للتقدم في الحفظ.
• تحريك الدوافع الذاتية للطالب وبث روح التنافس بين الطلاب مما يحثهم على مواصلة التفوق.
• إمكانية الاستفادة من الاطفال البارزين في تعليم زملائهم ذوي المستويات الضعيفة في الحصة.ولها سلبيات الطريقة:
• استمرار بعض المقصرين في تقصيرهم والاتكال على المتفوقين.
• إحباط الهمم عند كثير من الاطفال الذين لا يستطيعون اللحاق بزملائهم.
• عدم معرفة كثير منهم لإمكاناتهم مما يجعلهم يلزمون أنفسهم بالصمت او الخجل فيمتنع عن عرض قدراته .
قراءة الضعيفات:(1/77)
إنها مرحلة قراءة الضعيفات وهي نقطة جدية يمكن الاستفادة منها فمنها على سبيل المثال انه التحفيز للضعيفات، وذلك بالتعليم لهن والاستمرار في التركيز عليهن ،و يعد دافعا جيدا لهن في إكمال المسيرة نحو التميز ،والرفع من مستواهن إن كان ضعيفات.
فأنت تعلمين إن التكرار مفيد والكثير من السلف كانوا يرون إن العلم يثبت بالتكرار، حتى كرر بعضهم الدرس 70 مرة ليحفظه لان المهم أن نحصل على الشيء المرجو.
فقراءة الضعيفات للدرس إن مزج معه الوقت الكافي للقراءة، وخالطه ذهنك بقليل من الصبر وطول البال ،وجعلت هذه 5د فقط لهذه الدراسة حتى تتقن القراءة ،ثم أثنيت على الجهد الذي بذلته وحفزتها لجهد اخر، فأنت بذلك ترفعين من مستواها وتحرصين على دعم مستقبلها. وتحل لها شيء من عقدها الراسخة في ذهنها حتى تستطيع مواجه الحياة والتعامل معها بطريقة فيها الأمل والسعادة، وحتى لاتصبح في خوف وقلق من العلم والحفظ، فكلما عرض عليها الحفظ هابته وكلما تقدمت في المدرسة زاد قلقها .
أنت تضعين يدك على السر الخفي في تأخرها فتساهمي في حل عقدة عنها. ولك أن تتخيل الأجر من اله تعالى على مثل هذا الفعل العظيم منك؟
انك عندما تغيرن مستوى دارسة من ضعيف إلى متوسط، فأنت تكسبين خبرة تعليمية تضاف إلى سجلك المهني ،وأنت تحلين مشكلة قائمة عند إنسان قد يدعو لك عندما يكبر ،ويذكر أن معلمة القران قد أبدعت في تربيتها له. وباله من مكسب عظيم ،عندما يربط الفضل بالله تعالى، ثم بحلق القران الكريم فتلك دعوة صامته تضاف لرصيدك،من الأهل الذين لمسو التغير،فكم ستدعو لك الأم وقتها.
والمستقبل سيذكر ذلك، وأنت الان تصيفين إلى الأمة جيلا يانعا يافعا، مفعم بالأمل والحب والحرص، فنحن اشد ما نحتاج إلى ذلك . - النظرة إليه نظرة واثقة :
نرى الإسلام يثق بهم ثقة واضحة ، لأنهم ربي على أقوم منهج ، وبهذا المسلك الكريم لا يشعرون بشيء يؤخرهم ، وأن الثقة لا تكون إلا في الكبار.(1/78)
وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث معاذاً إلى اليمن ويوليه ثقته وهو شاب ، مع لفت نظره وتوجيهه والاطمئنان على المنهج الذي سيسير عليه .
وهاهو - صلى الله عليه وسلم - يدعو لابن عباس :(( اللهم فقهه الدين وعلمه التأويل )) .
وهاهو يولي أسامة بن زيد الجيش العظيم .
ولا يدري كثير من الناس أن الطفل واحد من رجال الأمة ، إلا أنه مستتر بثياب الصبا ، فلو كشف لنا عنه وهو كامن تحتها لرأيناه واقفاً في مصاف العظماء المقومين ، ولكن جرت سنة الله أن لا يتفتق زوال تلك الأستار إلا بالتربية شيئاً فشيئاً ، ولا تؤخذ إلا بالسياسات الجيدة على وجه التدرج.
وحين تنظر المعلمة إلى طالباتها نظرة واثقة بأنهن سيحقق كذا وكذا ، وسيحفظن كذا وكذا ، يشعرن بأنهن قادر على الحفظ وتنبعث الرغبة في نفسهن وينشطن لتحقيقها .
3--الاستفادة من الآيات:
هي من طرق الخلاصة للدرس. فهب انك تريدين أن تؤكدي على هدف معين من الآيات فأنت بإمكانك إن تحفزي الدراسات على ذالك من خلال تعليمهن أن الاستفادة ليست فقط جملة تبدى ببيان إن ،والواجب إنما.بل هي جواب لسؤال يقول( ما الذي تعلمته جديد اليوم ،لم تكوني تعرفه من قبل؟. او ما الشيء الذي اثر فيك اليوم لم تكوني أدركته من قبل؟. او سؤال ماالجديد الذي سأفعله اليوم؟ .
وبذالك تستطيع الدراسة قبل أن تقول الاستفادة أن تفكر فيما ستقول، وان تبحث عن شيء تعلمته وان تتعلم أيضا شيئا جديدة.
ويزداد الحماس في هذه المرحلة عندما تستخدم المعلمة عبارات التشجيع، وعبارات الثناء على من يأتي بفكرة جديدة، او فكرة تخدم الهدف الذي كانت تسعى للحصول عليه .وبذالك تحصل على ما تريد .(1/79)
ومن الممكن أيضا استخدام سياسة ألا يكتب على السبورة إلا أفضل 3 استفادت، مقدمة من قبل الدراسات والتي تكون جديدة وفي موضوع الدرس، وعندما يدون يرى الصغار الثناء على صديقتهم، وان استفادتها قد دونت، فإنها بذالك تتحمس لان تكون هي التالية وهي المقصودة، وبذالك سيشد انتباهها في الحصة إلى إن تكون معك ومركزة في موضوع الدرس .
المنافسة تحرك طاقات كامنة داخل الإنسان لا يعرفها في الأوقات العادية ، وتبرز تلك الطاقات لدى الشخص عندما يوضع في منافسة حامية مع شخص آخر .
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً – بني العباس – رضي الله عنهم ثم يقول : (( من سبق إلي فله كذا وكذا )) .
وهذه وسيلة مهمة تؤكد ضرورة زرع التنافس بين الأطفال ، ثم مكافأة الفائزة وتقديرها حتى يدفعها ذلك لاستخراج الطاقات الكامنة في نفسها ، ومن ثم يتحقق المطلوب منها وتشعر بالسعادة .
والمنافسة تنشط النفوس وترفع مستوى الهمم ، وتثير النشاط ، وتنمي المواهب ، كما أنها تغرس في الطفل روح الجماعة والابتعاد عن الفردية ، وتدرب على فهم الحياة ، وأنها بين إقبال وإدبار حسب ما يبذل لها من جهد .
والمنافسة تثير الطفلة في الجانب المطلوب ، فلا تشذ عنها لئلا تخسر ، كما أنها توجه اهتماماتها نحو الأمر المطلوب فتعتني به وتتيقنه ولا تنساه .
أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن من شجر البوادي شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها المسلم فحدثوني ما هي ؟ )) فوقع الناس في شجر البوادي ، قال عبد الله : وقع في نفسي أنها النخلة .. ثم حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( هي النخلة )) .
وهذا الأسلوب قد أثار انتباه الطفل وجعله يفكر مع الكبار وينافسهم لمعرفة الجواب .(1/80)
واستغلال أسلوب المنافسة بين الاطفال في الحصة يؤدي إلى بث روح النشاط بينهم ،ويبعد عنهم الفتور والكسل ، لكن ينبغي استخدامه بشكل صحيح ليؤدي النتائج المرجوة منه ، فالاختيار الصائب للمتنافسين ، واختيار المجال الذي سيتنافسون فيه ، والغاية التي تؤجج فيهم روح التنافس ، والكلمات التي تشحن الجو العام بالمنافسة ، كل ذلك له دور كبير في نجاح المنافسة أو فشلها .
وعلى المعلمة أن تكون في يقظة دائمة لئلا يؤدي التنافس إلى الشحناء ، فيوجه المنافسة توجيهاً صحيحاً ويكبح جماحها حين تجنح عن أهدافها .
بالإضافة إلى انه من الممكن في هذه المرحلة بعد الاستفادة من الآيات إن تعقد المعلمة اتفاقية مع الدراسات حول أمرما وترصد له مكافئة عامة، فمثلا تريد المعلمة أن تعلم الصغار من خلال سورة القارعة مثلا أن من ثقلت موازنة زادت محبته لله تعالى وأحبها الله تعالى، ووفقها في الدنيا بان يكتب لها أسباب النجاح والتفوق الدراسي وان الله يسعدها في الآخرة بالجنة ونعيمها .
وتعلمهم ما يثقل الموازين، وتكب على السبورة حديث كلمتان ثقيلتان في الميزان وان هذا الذكر الصغير يثقل الميزان.
ثم تفق مع الصغيرات أننا سوف نعلم هذه الأدب لأمنا ،حتى تثقل موازينها وتصبح سعيدة ،ولأبانا حتى يوفقه الله تعالى في حياته وتعمله لأخواتها الصغار حتى تصبحوا سعداء ،ويجمعنا الله في الآخرة أسرة واحدة وكلنا في الجنة .
وتتفق المعلمة مع الصغيرات أن من تعلم أهلها في المنزل غدا يكون لها جائزة .
و(للفائدة ومن خلال التجربة فان بكت لبان ب3 ريال يكفيك أسبوعين كهدية للصغار او كرتون مصاصا ب5ريال سيكون سببا لتميز الكثير وتنافسهم فان أهم شيء عند الصغير ان يعود بشيء مميز اليوم أمام أهله وأمام زملائه).(1/81)
وبعد الاتفاقية والتي من الممكن أن تشاركي فيها، من الممكن أن ترفع يدك، بأنك ستشارك معهم في الاتفاقية فأنهن سيتحمسن لذلك وسيرون أن الأمر جميل، لأنك معهم وهم يردون ذالك ،وان الأمر ليس لزما بل هو شيء مشترك ومهم.
بالإضافة إلى أنهن سيشعرون بالأمان ،و يفرحون عندما يرون أن التحدي أصبح مع الأستاذة أيضا، ومن اجل السباق سيكون الجميع مستعد إلى العودة من أجل التعليم والجائزة ..
وفي الغد أكدي في أول الحصة على من فعل ذالك وزعي المصاصة على من قامة به، وهكذا تضمني الخير الكثير. وعندما تقولي لهم انك قمتي بذالك وشاركني معهم فان الحماس سوف يزاد ومن نسي سيذكر ويفعل الأمر اليوم لانه فاته الكثير من متعه المشاركة ومن تميز الهدية .
إن كان الأمر يتعلق بالآداب، مثل احترام الكبير فمن الممكن التعريج على التأدب مع الأمهات الكبيرات عندنا في المركز، وحل مشكله التدافع من قبل الصغيرات عند النزول إلى الدرج، والإيذاء الحاصل للأمهات من ذالك .
وبنفس الطريقة:
فلو تحدثت الآيات عن الجنة مثلا فان الجنة تنال بالأعمال الصالحة، وبعد أن تطلبي من الدراسات ذكر بعض الأعمال الصالحات.تحدثي عن احترام الكبير وانه من الأعمال الصالحة وثم تحدثي عن الامهات الكبيرات في التحفيظ، ويمكن أن نفعل ذالك بأنه عندما ننزل عن الدرج ما نضايقهم ، ولاندفعهن ،ونتذكر أنهن بحاجة إلى أن ينزلن بهدوء، ونحرص على عدم دفعهم لأن دفعهم ضرر عليهم . ثم نتفق أننا نفسح لهم المجال ونبتعد عن اياذهم ،وإذا رينا خاله كبيرة معها كيس كبير مثلا نساعدها في حمله، فكل تلك من الأعمال الصالحة.
وبنفس الطريقة نتفق معا في فعل الأدب ،وفي اليوم التالي اسألي من قامت به، وأعطيها مكافئة.(1/82)
(قد يشارك البعض عبثا لكنك حصلت على عدد جيد من المشاركات الفعاليات )وحتى إن قالت الصغيرة اني أخذت مصاصاه وانا ما سويت فندما تكبر ستذكر أنها أخذت هدية على عدم احترامها للكبير وقتها سبقي الأدب في ذهنها وتدرك حقيقته في ذالك الزمان .
من الممكن أيضا التأكيد على الأدب المراد من الحصة بان نقول للدراسة انظري إلى نعمة الله عليك كيف انك الان أول واحدة في أخواتك تعلمني اليوم هذه الخلق......... (سمي الأدب المغروس اليوم)،والآن أريد منك أن تعويدي إلى المنزل فان أخوات لايعرفون هذه الأدب ،وان تعلميهم إياها حتى يكتب لك الأجر، وكل مافعل هذه الشيء كتب الله لك في ميزانك، الحسنات الكثيرات . فمن تعلم أخواتها اليوم وهكذا؟ .
إنها سياسة الاتفاقيات وهي محببة لدى البعض من الصغار، لأنها تعني لهم التحدي وتعني لهم التميز .
وبعضهم يحبها لأنها تعني لهم مكافئة وهدية يعود بها الى المنزل ويسعد بها ويسعد من حوله
وبعضهم يعدها مجالا للتميز على الأقران وهكذا فكل ذلك ممكن في مرحلة التطبيق.
4-اما محاولة التحفيظ فان التعليم من خلالها سهل كيف؟
هنالك عدة طرق لتحفيظ الدارسات الدرس وقت الحصة ،والطرق تختلف حسب رأي المعلمة في أن تلك أفضل وتلك أحسن ،هذا وان المراحل العمرية للصغار تختلف من سن لأخر ،والاختلاف بالتالي يؤدي إلى اختلاف في الكثير من الأساليب، نظر لحاجة الطفل التي تناسب فئته العمرية .
المهم في الأخير هو أن يحصل الطفل على حفظ للآيات وتحصل المعلمة على تحفيظ للآيات.
وقد يكون الحفظ لدى البعض عاما، وقد يكون لدى البعض الأخر كاملا متقنا ،وقد يكون لدى البعض أيضا لآيات معدودة فقط وليس للجميع الآيات.لذالك استغلال هذه الجزيئية من الدرس تمكن أيضا في تحقيق احد الاهداف المرجوة من الحصة أثناء سير العملية التعليمية .(1/83)
إنك عندما تنهي الدرس فأنت تعودين له من جديد، ومن المكن جعل الفقرة هذه 5د فقط او حتى اقل، ومن الممكن تقسيم الفصل إلى زمر ثم تقومي بقراءة الآية على كل زمرة، وتعيد من خلفك ،ثم الزمرة الأخرى وتعيد من خلفك ، حتى يقرا الفصل الآية وهكذا مع باقي الآيات كلها ،حتى تنتهي من الدرس كله، ثم تقومي بالقراءة الجماعية .
وأخيرا تطلبي من الدراسات التسميع للدرس ،وبالتالي يظهر التفاوت في القدرات ،ووقتها يمكن تحفيز الصغيرات وذلك بان تعطي مكافئة لمن تحفظ ،او كلامات تشجيع لمن تحاول أن تسمع، فنهاك الكثير ممن يحفظون لكنهم لايملكون الجرأة على السميع .
الان يمكن أن تبثي الايمان في هذه اللحظة، فإن الطفل سريع الحفظ قد وهبه الله تعالى ذلك، والمسلم الذي يحب الله تعالى ويريد أن يدوم فضل الله عليه، وأن يبقى ذكيا دائما ومتميز على اقرأنه، فانه يحمد الله أن من عليه بمثل هذا العمل، وان يحمد الله تعالى أن وفقه لذالك، ثم انه لايسخر من أصحابة الصغار الذين لايحفظون بسرعة، لان الله تعالى أعطاهم شيء اخر لأتملكه.وهم فيه أحسن منها.
بالإضافة إلى زرع الثقة في نفوسهم، بالتذكير بان هذه الموهبة ستكون لها في المستقبل، أداة للتفوق والنجاح وتحقيق الأمنيات التي تحلمين بها، و بها قد تخدمين المسلمين وتسعين إلى تعلمي الناس الخير، فيكتب الله لك الحسنات الكثيرات من تعليم الناس.
فنعطيها مع التشجيع اللفظي مكافئة صغيرة، (حبة حلاوة وحبة بسكويت مصاصة لبان ستكر نجمة تلصق على الصدر ).
وهكذا تكوني قد كسبت أمرين:
1-أن الدراسات قد سمعن الآيات أكثر من مرة وقد حفظن ولو بعض الآيات من الدرس.
2-انك ربط مقدرة الدراسة بالحفظ بالله تعالى، وهي الان كل ماتحفظ شيء ستذكران الله هو من أعطاه ذلك وان غيرها ما يملكه ،وانه بدون الشكر تزول النعمة وستذكر صورة المستقبل الذي رسمته لها والذي سيظل مهما كبرت مرسوم في مخيلتها ،ببعض من تشجيعك.(1/84)
إنها فرصة صغير يمكن اقتناصها في أي لحظة فلا تفوتي ذلك في أي يوم وأي حصة إن جاءت على ذهنك ووجدت الوقت الكافي لتحقيقها فافعلي.
(قد لايظهر الطفل التأثر المباشر بكلامك وقد يظهر لك انشغاله بالهدية التي أعطيتها له وقد يخطي في المرات القادمة ويفتخر على اقرأنه .كل ذلك لايعد مانعا واو حاجزا وسببا وجيها يمنعك من الاستمرار في العطاء والاستمرار في التحفيز لان الأثر قد حصل لكن الثمرة لم تقطف الان فليس كل الصغار بنفس المستوى والسرعة في الاستجابة فلكل منهم طريقته لكن المحصل التربوي واحد).
بذلك نكون قد انهينا مرحلة التطبيق، وبقي لنا المرحلة الأخيرة،الواجب.
فهل مرحلة الواجب يساهم في تحقيق الايمان لدى الدراسات ؟.
الواجب:
إنها المرحلة الأخيرة في الدرس
تذكري أن الدرس للقران فقط لذالك لم نتطرق إلى أي عناصر ومراحل أخرى,وتذكري إن الحصة خاصة بالنشء الصغير وليس بالمتعلمات او الامهات وهي اقرب بكثير إلى من هم دون سن ال12).
الواجب يعد الحصيلة الأساس لهذا اليوم ،ويعد نقطة الوصول التي سرنا من اجلها 90 دقيقة.
والهدف من تحديد الواجب هو إدراك مدى استيعاب الأطفال ومدى فهمهم للآيات والتأكيد على حفظها وإتقانها .
وغالبا ما تلجا معلمة القران إلى أن تؤشر للدارسات في المصحف ،حول مقدار الحفظ وذالك ليتم التواصل بينها وبين الأسرة ،ومن المعلوم انه يمكن تطبيق هذه المرحلة اما أثناء القراءة الجماعية للدارسات في نهاية الدرس، وإما بعد الدرس حيث تمر المعلمة بنفسها على الدارسات ،وإما أن تطلب من الدراسات أن يحضروا لها المصحف الى حيث تجلس .(1/85)
والمرحلة هذه تساهم وحتى في نهاية الدرس إلى دعم ما قمت به خلال الحصة، فان طريقة تأشيرك في المصحف واعتنائك بصفحاته ،وإظهار التأدب مع كتاب الله تعالى أثناء مرورك على الدارسات، والتأشير فيه، يساهم في تعميق الخلق في نفوس الأطفال. فان الطفل مثل كاميرا المراقبة يلقط كل ما تقع عليه عينة ،ولأنه مرسوم في ذهنه أن المعلم معلم في كل شيء، فسوف ينسخ طريقتك حتى في التعامل مع كتاب الله تعالى .
وعندما تطلبي من الصغار أن يحضروا لك المصحف للتأشير فيه، فان التصرف المتوقع منهم ،هو الاندفاع والسير بعجلة نحوك ،وربما من دون وعي منهم اقطعوا بالمصحف إمام عينك، ودافع بعضهم بعضا،بشكل سريع جدا ربما يغضبك قليلا.
انه كتاب الله تعالى، وأنت يسوءك أن يتعامل الصغار مع المصحف هكذا، ويسرك أن تحرصي على تعليمهم ما هو أفضل .
الان جاء دورك ولك أن تعلمي الأدب الجيد وتحتسبي في تعليمه للدارسات .واليك طرق:
1-يمكن ان تعليمهم الا يحضروا إليك إلا صفا،وعندما يعطوك المصحف كيف يقدموه لك؟ وكيف ويرفعونه وكيف يضعونه. وذكريهم أن هذا خلق الناجح والموفق، وأن مثل هذا التصرف مشكور محمود وصاحبه ممتاز ومهذب والله يحبه .
وقتها سيحرصون مع الوقت على التقيد بذلك، وإن لمسو منك متابعة يومية وإصرارا اعتنوا به،
2- لاتقبلي المصحف الممزق وعلمي الصغيرة أن تصلحه وأكدي عليها كلما قدمته لك ذلك حتى يصلح .
3-ولا تقبلي بمن تؤذي صديقتها او تدفعها عند إحضار المصحف، وتحدثي عن الإيثار وعن الأدب الجميل وان فتاه طيبة كانت تفعل ذالك وكان الجميع يحبها .
4-محاولة رصد كل سلوك غير محمود وعقب عليه بكلام جيد ،وأنت تأشير ليس الأمر يستدعي التركيز والجلوس كدرس، فان الصغار ليسو مثلنا فهم يسمعون أي حديث يخصهم وأي حديث يخص غيرهم .
وبذالك تكوني قد علمتي صغارك الكثير من الآداب داخل حصتك وكسبتي معهم الكثير من المعارف والخبرات.(1/86)
(لاتنسي أن التركيز على خلق معين فترة تشعري فيها انه قد اثر في الدارسات فكرة سديدة لأنه يساهم في تأكيد ذالك الخلق)
الخلاصة:
تطرقنا في هذا الفصل حول كيفية زرع الايمان والأخلاق (لاتنسي إن الآداب والأخلاق أيضا من الايمان )داخل الحصة وكيف يمكن تحقيق ذالك بخطوات عمليه ومجربة ,
الفصل القادم سيكون الحديث عن اليات أخرى مساهمة في تحقيق الايمان وغرس الأخلاق والآداب .جعت بين الأنشطة وبيان أثرها وبين التواصل مع أولياء الامور واليات تطوير تلك المسالة ومع الحديث عن التحفيز والتشجيع والدعم وما يعوداثره جيدا على الاطفال.بالإضافة إلى أسلوب القصص البناء والهادف.
الفصل الرابع
وسائل أخرى تساهم في التعليم الإيماني
مقدمة :
هناك في الحياة مجالات كثيرة وطرق متنوعة لكسب تلك المجالات، وإن الله تعالى قد امتن علينا بهذا الاختلاف حتى يجد كل إنسان ما يناسبه ،ويوافق هواه ،وانك عندما تجد هذا التبيان حتى في المجال الواحد تدركين فضل هذه النعمة،ويقوم به هذا التباين من دعم للأفكار وتطوير في الرؤى والمناهج وتحسين في الأداء ورفع لمستوى الكفاءات وتدعيم للقرارات .
انك عندما تلمسين شيء من التغير والتباين فأنت تدركين أن الله رحيم حكيم، منان وعزيز ذو فضل وإحسان ،فله الشكر والحمد على مثل هذا فلولا ذالك.لضاقت الدنيا علينا ولنحصر الناس في مجالا واحد ولأصبح الناس أشبه بالأنعام، التي تدرك أطورا متشابه واحدة، وتتتبع طريقة معينة في الحياة تسير عليها فقط.وتعيش من اجلها وبها .
لذالك فان التدريس القران للنشاء مثلا، هو تعليم وتحفيظ لكنك تدرك الفرق والتباين بين المعلمات في هذا المجال، فأنت تردين التفاني بأشكال منوعه مختلفة ،تساهم في نفع الجيل وتزيد من خبرة المعلمات وتنفع غيرها في مجال علمها وعملها .(1/87)
في هذا الفصل سوف نتطرق إلى بعض الأمور التي تساهم في تعليم الإيمان والأخلاق والآداب وبعض الطرق التي تعطي مفعول جيدا يدعم فكرة هذا البحث.
وسوف نتناولها في مجموعة عناصر .لإيضاح الهدف منها وفكرتها وكيف طبقت وما هو الأثر الناتج عنها .
وهي:
وسائل أخرى تساهم في التعليم الإيماني
النشاط الثقافي
5د اخر الحصة
الوداع في نهاية الحصة
الطبق الخير والحفل الختامي
التواصل مع الأهل
التعليم بالثواب والمحفزات وميدالية التفوق
قصص أثرت في.
النشاط الثقافي:
مع بداية كل عام تقوم اللجنة الثقافية ،التابعة لإدارة القسم ،عندنا بإصدار برنامج ثقافي منوع، يشمل الكثير من الأفكار والبرامج والنشطة والمسابقات، وكل ذالك يصب في موضوع معين، يتم اختياره من قبل اللجنة المنظمة للبرنامج ،وعادة يقسم الموضوع على الفصلين ،كي يكون له الأثر البالغ والفائدة التي تراد من هذا البرنامج على المدى البعيد.
وفي هذا العام قررت اللجنة أن يقام البرنامج عن الايمان بالله تعالى، وأثرة في حياة المسلمة، فكانت الفرصة اكبر، والهدف مدعم بطريقة جديدة تساهم في ترسيخ الفكرة وإنجاح التجربة .
لقد احتوى البرنامج الثقافي على المسابقات في الحفظ واللالقاء، وعلى أنشطة حركية والعاب، ومسابقة شريط ،و أحتوى كتبيب صغير تحت مسمى( مفكرتي)، جمع بين اللعب والتعليم وبين الفائدة والمتعة .
ووزع على كل معلمة ملزمة تحت مسمى مفكرة المعلمة ،تحتوى مواضيع على عدد الأسابيع، حيث تقوم المعلمة بتنفيذ فكرة الموضوع لكل أسبوع ،ومن خلال تلك الفكرة تدعم هذا البرنامج، ومن خلال تحقيق ما وجد في الملزمة وتدعيمه تحقق في نهاية العام تلك الاهداف المرجوة منها.
لذالك ساهم البرنامج في تدعيم فكرة الايمان، وترسيخها في جو الحصة ،وفي نفوس الدراسات وخصوصا انه جاء موافقة لمشروع البحث، وجاء متناغم مع مفرداته وغايته ،والهدف الذي يراد الوصول له منه .
واليك بعض الأمثلة على ذلك:
المفكرة الصغيرة :(1/88)
أضفت على جو الحصة نوعا من المرح والفائدة، وفي نهاية كل حصة كان يبقى لنا ما يقارب 7د او 5د، حسب حال الدرس فكنا نستخدم المفكرة ،فيوم يكون فيها تلوين لدعاء معين ،فتحفظ الدراسات الدعاء ،وتلونه فتخرج بفائدة ومتعه .
ومرة كان فيها لعبة التوصيل، وقد حوت على أعمال صالحات والأجور المترتبة عليها، فتعلمت الدراسة خلق جديدا.
ومع روح التنافس العامة والتسابق لمن تكون الأولى ثم الثانية، أصبحت المفكرة نقطة تعليم وفائدة، ومتعة. في نفس الوقت الذي حققت فيه الهدف منها، ومع نهاية المفكرة احتفظ الدراسات بمجهود العام ،وأصبحت عند بعضهم شيئا مهما تحتفظ به، وكأنه قصة صغيرة تخرجها وتنظر إلى الألعاب فيها، والى الألوان والرسومات، وتقرا الأدعية والأذكار فيها، فعادة بالنفع المراد رغم صغر حجمها .
2-مفكرة المعلمة :
ساهمت كذلك، بتنوع المواضيع وتنوع الطرق والأساليب، من مواضيع عامة إلى حوارية، إلى أسلوب القصص، والى أسلوب التعليم بالسؤال.
وقد نفع استخدامها كسؤال في أول الحصة، او في أخرها ،في تعليم الدراسات بعضا من القيم والأخلاق الحميدة والى تثبيت الايمان وبيان أثرة على المسلم وجزاء المؤمن في الدنيا والآخرة .
3-وأخيرا جانب المسابقات :
الذي أثرى الفكرة بتنوع أسلوبهن وتعدد أفكاره، بين حفظ لمعاني الكلمات، وأراجيز في توحيد الله تعالى وإشعار تتحدث عن الايمان به عز وجل .
انه البرنامج الثقافي الذي لو دعم، من قبلنا وحرصنا على تطبيقه بطرق عدة ،سيكون له الأثر المطلوب وخصوصا إن فهمنا الهدف الذي عقد من اجله وأقيم.
2-خمس دقائق اخر الحصة :
يؤثر الفرح والسرور في نفوس الأطفال تأثيراً كبيراً ، ومعظم الأعمال التي يقومون بها وحدهم أو في غياب ذويهم هدفها إدخال السرور إلى نفوسهم ، فإذا تولت المعلمة هذه المهمة، ووجهتا نحو أهدافها فإنها تثير نشاط الأطفال وتكسب محبتهم لها ولحصتها ، ولما جاؤوا من أجله ، لأنه يبعث الفرح في نفوسهم .(1/89)
والفرح يورث الحيوية والانطلاق، ويبعث النشاط، فيكون الطفل على أهبة الاستعداد لتلقي الأوامر، وتنفيذ المطلوب منه .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمازح أصحابه ، ويقبل الصغار ، ويمسح رؤوسهم ، ويحملهم ، ويطعمهم ، وبأكل معهم ، ويختار لهم كنى تناسبهم ، ويناديهم بها .
وقد ظهر في العصر الحديث هذا الاتجاه فيما يسمى ( التعليم بالترفيه ) وهو مسلك تسلكه المدارس الحديثة في تعليمها للأطفال ، ولا يعني هذا أن تفقد الحلقة انضباطها ، لكن أن تدخل المعلمة بحديثها وأسلوبها الفرح في النفوس حتى يسارع الطفل إلى الطاعة والتزام ما يطلب منه .
والترويح أمر مشروع في الإسلام ، ولا بد منه بين فترة وأخرى ، ليعيد للنفس نشاطها وحيويتها فتقبل على العمل بجد واجتهاد ، جاء في الحديث (( روحوا القلوب ساعة وساعة ).
وفي شرح المناوي : قال أبو الدرداء : إني لأجم فؤادي ببعض الباطل – أي اللهو الجائز – لأنشط للحق ، وقال علي - رضي الله عنه - : أجموا هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر على الفتيان يلعبون فيسلم عليهم .
وقد قال إخوة يوسف لأبيهم يعقوب عليه السلام : ( أرسله معنا غداً يرتع ويلعب ) . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يداعب الصغار ، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير ، وكان له نُغَر يلعب به فمات ، فدخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فرآه حزيناً ، فقال : ما شأنه ؟ قالوا : مات نُغَره ، فقال : ( يا أبا عمير ما فعل النغير؟) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وينبغي أن يكون كل ذلك موجَّهاً تحت إشراف المعلمة ، ولا يكون إلزاماً ولا قسراً ، بل حسب الحاجة وحسب ميل النفوس .(1/90)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع )) رواه أبو داود بإسناد حسن .
وهكذا يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتربية الأبناء على العادات الحسنة ، وعندئذ يصبح الخير عادة من عادات النفوس تستسيغ فعلها بنشاط ودون كلل أو تعب .
3-الوداع في نهاية الحصة :
تعلمته أيضا من معلمة ابنتي الصغيرة في قسم تحفيظ الصغار، حيث أنها تعلمهم أدب السلام والأستاذان ،لاحظت ذالك أثناء لعب ابنتي، فكانت يوما تطبق جانبا من جوانب الدرس وهي تلعب، فرأيتها وهي تقلد أستاذتها في الحصة، وكانت تودع العبها بطريقة توديع المعلمة، نظرت لها والى الطريقة التي تقليدها، فأدركت وقتها أن المعلمة قد حققت أدبا تعلمته أبنتي منها، وقد حققت ناحية إيماني أيضا بتعليم الأذكار فلقد كانت صغيرتي تخاطب ألعابها وتطلب منهم أن يقفوا في طابور واحد، وبنظام وكانت تردد معهم نشيد بنظام، ثم لما اكتمل الطابور .
قالت:هيا نقول بسم الله توكلنا على الله ولا حول ولا قوت الابالله .ايش أخذنا اليوم ايش واجب بكرة . ثم تفتح الباب،وتقول الى اللقاء مع السلامة .
عندما رأيت أنها قد تأثرت بالموقف، وبكل تفاصيله أدركت أن تلك الطريقة مؤثرة، وذات فائدة ،وعندما طبقتها حصلت حقا على نظام في الفصل ،وهدوء في وقت الانصراف، بالإضافة إلى حفظ لدعاء الخروج، وتحصين للدارسات وتعليمهن أدب النظام.
مع التواصل مع الأسرة عندما تسلم علي الدراسة واخبريها أن تسلم على أمها ،فكم تسر بذالك فتاتي في اليوم الثاني لتقول:أمي تسلم عليك .
إنها دقائق صغيرة يمكن الاستفادة منها .فلا تفوتيها
الطبق الخيري والحفل الختامي:(1/91)
لاتعجبي فان الحياة فرص، ولولا اني رأيت تلك التجارب وتعلمتها ممن طبقها لكنت اشد عجبا منك، وانا أرى أن أي لحظة في الدوام من الممكن أن تكون فرصة تعليمية، ودعوة ومجال لتحقيق التربية الإسلامية .
في صيف العام لماضي كانت التجربة الأولى لابنتي أختي الصغيرة في مراكز التحفيظ ،حيث التحقت بالدورة الصيفية وكانت أكثر حرصا على الحضور من أخواتها، وكانت تحرص من الظهر على الحفظ والتسميع .
ويوما جاءت إلى أمها، تقول لها: يماما! الجنة جميلة جدا وفيها أبواب كثير والله يدخل الجنة من يعمل الصالحات،ويذكر الله ويترك المعاصي. والي يتصدق يكتب الله له حسنات والي يصوم ويصلي الله يحبه ويرضى عنه ويقربه منه.
واليوم قالت الابلة: إن بكرة اثنين، وفي ناس صايمن كثير ونحن نريد أن الله يكتب لنا اجر وحسنات معهم ،وقالت: إن إلي يفطر صايم له حسنات كثير . عشان كذا طلبت منا نحضر إفطار صايم ونسوى طبق خيري .ماما سوي لي طبق خيري عشان الله يكتب لي حسنات كثير .
استمرت تلح على أمها طوال اليوم ،ولم تنم حتى أطمئنت بوعد من أمها أنها ستعد لها الطبق. الذي سيكتب الله لها بها حسنات لأنها فطرت صائما.
أخذت طبقها وطارت به فرحة، من اليوم التالي إلي فصلها وكأنها حقا حصلت على كنز عظيم.
إن الفكرة التي بنت عليها الحلم بالجنة والحسنات.جاءت من براعة المعلمة في تسلس الأفكار، والقدرة على النزول في الحديث إلى عقلية الصغار، وكيف استطاعت أن تقنعهم بالمشاركة ،لانه في العادة ما يستطيع الأطفال إيصال الفكرة لأهلهم، وتكون مشاركتهم في الأطباق الخيرية ضعيفة وقليلة.
أنها نقطة تعليم حقا أخذت منها الكثير، في أول تجربة لي في الطبق الخيري للصغار ،فكانت فرصة جيدة.وتجربة استفدت منها وعلمتني.
5-الاتصال بأولياء الأمور:(1/92)
في العادة تجدين بعض الطالبات يظهر عليها التفوق والترتيب والنظام كما يظهر عليها الحرص والمتابعة والاستمرارية في الدوام مع الاجتهاد المستمر.وأحيانا يصاحب ذالك بعض المتابعات من ولية أمرها عندها تدركين حقا الدور البارز الذي تلعبه الامهات في مساعدتك على إكمال لمشوارك.
مما لا شك فيه أن أولياء أمور الأطفال لهم دور كبير جداً مع المعلمة في نجاح الحلقة ؛ لأن الله - عز وجل - قال: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن شديد العقاب } (1). وقال تعالى : { يأيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهلبكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون } (2) وقال تعالى : { والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين } (3)وقول رسول - صلى الله عليه وسلم - : « أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ » (4)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ »(5)
__________
(1) سورة المائدة : الآية 2 .
(2) سورة التحريم : الآية 6 .
(3) سورة الطور : الآية 21.
(4) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب : الإمارة ، باب : فضيلة الإمام العادل ... ، ح 1829ترقيم عبد الباقي .
(5) رواه أبو داود في كتاب : الزكاة ، باب : في صلة الرحم ، ح1692 ترقيم محيي الدين . ورواه مسلم بلفظ : « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ » .(1/93)
.
فينبغي على الأمهات أن يتقين الله في تربية أولادهم ، ويتعهدوهم بالنصيحة ، ويقوموا بتوجيههم الوجهة السليمة التي ترضي الله - عز وجل - عنهم ويبارك لهم في ذريتهم .
فمن العقوق أن يعق الوالدُ ولَدَه ، كما أجاب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما سئل عن ذلك فقال : حق الولد على والده : أن يحسن اختيار أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلمه الكتاب (أي : القرآن)(1).
لذلك ينبغي على الأم أن توجه ابنتها منذ نعومة أظفاره ، وأن يعودها على الصلاة وعلي تعلم القرآن ، وليس ذلك فقط ،
قال الله تعالى : { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور } (2).
إذا استشعرت الأم هذه الآيات والأحاديث السابقة وربَّت أولاده على هذه الغايات العالية لا بد أن يكونوا - بإذن الله - عز وجل - - ذرية صالحة ، بجانب الدعاء الدائم لهم ، ولنا عبرة في القرآن الكريم وقدوة في إبراهيم - عليه السلام - حين سأل ربه فقال : { رب هب لي من الصالحين } (3)، وقول زكريا عليه السلام { رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء } (4)، ونرى أثر التربية الصالحة في امتثال إسماعيل - عليه السلام - لطلب أبيه عندما قال له : { يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يآبت افعل ما تأمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } (5). ونرى حرص نوح - عليه السلام - حتى آخر لحظة وهو يقول لابنه : { يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين } (6).
__________
(1) الجزء الأول من كتاب : تربية الأولاد في الإسلام ، د/عبد الله ناصح علوان.
(2) سورة فاطر:الآية 29.
(3) سورة الصافات:الآية 100.
(4) سورة آل عمران:الآية 38.
(5) سورة الصافات:الآية 102.
(6) سورة هود:الآية 42.(1/94)
أن دور المعلمة في التواصل مع الامهات كبير ومهم جداً ، وعلى المعلمة أن تتعامل بالحكمة والفطنة معهن . قال الله تعالى : { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } (1) و على المعلمة أن تتصف بعدة صفات وتتحلى ببعض الأمور حتى تستطيع أن تتواصل مع الامهات بها ، وَلْتعْلَمْ جيدا أن إرضاء الناس غاية لا تدرك ، كما أن الله فطر العباد على حب الولد ، ولا عجب أن يصور القرآن الكريم هذه المشاعر الأبوية الصادقة أجمل تصوير ، كما قال تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } (2). ويعتبرهم قرة أعين إن سلكوا سبيل المتقين قال تعالى : { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } (3) ، وهذا كله من : { فطرت الله التي فطر الناس عليها } (4).
وعليه :
إخلاص النية لله - عز وجل - والتناصح للأمهات كما قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - « الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثاً قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ »(5) .
التواضع وإظهار المحبة لهم ، يتحبب إِلى الله - عز وجل - بذلك.
إشعارها بأن هؤلاء الاطفال مهمون ، وأنها حريصة عليهم وعلى مصلحت
الدعاء لهم بالتوفيق والصلاح والثبات على الحق والهداية لما يحبه الله - عز وجل - ويرضاه ،
تقديم الهدية في حدود الإمكانيات لأم الطالبة المتميزة والكثير التردد على الحلقة لمتابعة طفلتها .
__________
(1) سورة الإسراء : الآية 53 .
(2) سورة الكهف : الآية 46 .
(3) سورة الفرقان [الآية : 74] .
(4) سورة الروم [الآية : 30] .
(5) رواه مسلم في كتاب : الإيمان ، باب : بيان أن الدين النصيحة ، ح55.(1/95)
فقط كل ما عليك هو إن تحسيني إلى الصغير وتشعري الأم إن ابنتها جيدة، وسيكون لها مستقبل واعد، وانك حريصة على تقدمها، وبالتعاون معا سيكون لنا ذالك جميعا ،
وقتها ستدرك الأم مدى تفاعلك وحبك لابنتها، فكل ام ترى أبنائها أنهم لا مثيل لهم فعندما تشاركي الأم ذالك فإنها ستكون معك مشاركة، وأثرك على الصغيرة مقبول وما علمته لها سيكون محط تطبيق وتنفيذ داخل الأسرة .
خلال التدريس مر بي موقفان تعلمت منهما إن الاتصال بأولياء الأمور من الأمور التي تساهم في تربية النشء على الايمان والآداب والأخلاق ومن الأمور التي تساهم في دعم المسيرة التربوية والرقي بمستوى الدارسات ليرتقي معك مستوى الحفظ الذي بدورة يرقى معه مستوى المراكز ..
الموقف الأول :
طفلة الصغيرة ذات الأعوام الخمسة تأتي كل يوم أول الدوام وقبل الجميع مع أنها التي تدرس عندنا في المركز، حيث أنها تجلسها فتجلس فهي صغيرة حتى في حجمها .
وعندما ادخل إلى الصف تبادلني نظراتها البريئة وقتها وفي أول أيامي معهم ،شعرت اني سوف أجد جهدا عظيما لايفاقني مع الفتاه الصغيرة ،فكيف ستحفظ وكيف ستتعلم وهي حتى القراءة في المصحف لاتعرفها .
في البداية فكرة إن أعطيها مقاطع صغيرة غير الدارسات ،ولكن عزمت أمري وأعطيتها مثل باقي الصف.وفي اليوم التالي كان الترقب مني شديدا فطلبت منها إن تسمع .وبدأت التسميع بصوت عال مسموع وبتجويد جيد حتى أنهت المقطع، وانا في دهشة مما قدمته فلم تخطيء ولم تقف لحظة واحدة .(1/96)
وفي اليوم التالي جربت معها نفس الفكرة ،وكانت كذالك واستمرت هكذا طوال الأسبوع والثاني والثالث. فشدني تفوقها وتميزها .ثم جاءت مسابقة لحفظ المعوذات مع الإخلاص بالتفسير السريع للكلمات . وظننت اني ساجد جهدا مثلما افعل مع غيرها في تحفيظها تعليمها ولكن كنت كل يوم أجدها تسمع دون تأخر . وأما عن المشاركة في الأطباق والمسابقات فكانت الطفل تأتي دائما بالطيب عادة وكنت حقا أعجب من إدراكها لما أقول في الصف فانا أتحدث عامة الكبار يأتون وينسون اما هي تأتي وعلى أتم استعاد ورغم هدوئها إلا أنها كانت تعكس تربية جيدة وتعامل لائقة من قبل أهلها وعناية بمتطلباتها واحتاجتها وتعاملهم معها بكل احترام وتقدير وتلمس لما تريد .
أعجبني ذالك حقا فنادرا مانجد أولياء الامرو يرحبون بحاجيات أبنائهم فضلا عن إن يصدقوهم فيما يقلون فضلا عن التعالم مع مطالبهم بالتقدير والتفاني.فمثلا عندما يكون عندنا طبق خيري البعض ينسى الموضوع أصلا والبعض يرسل أشياء من لمنزل قديمة والبعض يتفنن غي إعداد الطبق وفي عرضة وتقديمه وكأنه يرسل طبقا الضيوف كرام أعزاء.
أحببت أن أقابل أمها والذي شجعني على ذالك هو وجودها في التحفيظ فمثل هذه الأم تشكر وتذكر.
قابلتها ووجدتها ام رائعة ملتزمة ومحافظة على الحضور إلى المركز. واستمر التواصل بيننا الأمر الذي ساهم في إن تدرس الطالبة جزء عم كاملا وتتفوق فيه لتنال المركز الأول على إقرانها.
اما الموقف التالي :
مع صغيرة أخرى ذات 6 أعوم .حيث كانت من المجتهدة في الصف والحريصات على الحفظ أولا بأول . ولكن بعد فترة تغير مستواها ولم تعد كما كانت في السابق متميزة ومتفوقة حتى إن حفظها أصبح قليلا وضعف بصورة مستمرة حاولت إن اعرف السبب منها باستمرار لكن كانت تسكت ولا تتكلم.(1/97)
حتى قررت الاتصال بوالدتها وعندما كلمتها عرفت السبب لقد كانت تساهم في تعليمها وتدريسها ولكنها لفترة حالية جاءها أمر شغلها عن تحفيظ طفلتها، الأمر الذي جعلها تتأخر كثيرا.وقررت ان تجلسها عن المركز لأنها لاستطيع ان تحفظها او ان تحفظ . وقتها خشيت على الطفلة فهي ذكية ومهذبه ،حاولت مع أمها قليلا ثم وصلنا إلى اتفاق ان تحفظ ولو حزبا واحدا من الجزء هذا الفصل وتكمل الباقي خير من إن تنقطع .
وبذالك شكرت الأم على تعاونها وكسبت عودة الطفلة واستمرارها ،بذلت جهدا معها ولكنها لم تستطع أن تحفظ فهي تعود إلى المنزل ولا تستطيع ان تقرا في المصحف لأنها صغيرة، ثم لاتحد من يعلمها فتاتي دون حفظ الآيات استطاعت ان تسمعها من داخل الدرس.
حزنت عليها حقا فلقد تأخرت كثيرا ولم تستطع إن تكمل حفظها تختم الجزء مثل الباقون.لكن في نهاية الفصل جاءت إلام تشكر ذالك الاتصال وتقول انه بفضل الله استمرت الطفلة في سعادتها واهها تغيرت كثيرا وتعلمت الكثير وعلمتنا .
التعليم بالثواب والعقاب وميدالية التفوق:
الجوائز من أقوى الدوافع على العمل والإنتاج ، وهي تحفز النفوس ، وتثير الهمم ، وتبعث النشاط .
وحسبنا في بيان ذلك ما وعد الله به تعالى عباده المتقين من جنات النعيم . وقد فصل القرآن الكريم والسنة المطهرة ما للمتقين من جزاء عند الله تعالى تفصيلاً وافياً بأروع أسلوب ، وأبين عبارة ، وأدق وصف ، ليكون دافعاً للمخاطبين إلى العمل الصالح .
وقد بين الله تعالى أنه لا يضيع عنده من عمل الخير مثقال ذرة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } ، { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } .
والقرآن الكريم والسنة المطهرة حافلان بأمثال ذلك .(1/98)
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم أسلوب الإثابة ليشجع على أمر من الأمور . عن عبد الله بن الحارث قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً بني العباس ثم يقول : ( من سبق إليّ فله كذا وكذا ) ، قال : فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزم.
ينبغي أن يكون هناك جوائز تعطى من قبل المعلمة وفي هذا عون كبير لها على أداء مهمتها .
وينبغي أن تكون الجائزة مناسبة للعمل الذي أنجزه ، وتعطى لها على مرأى من زملائها ؛ لتكون أكثر فائدة ، وتكون أفضل كلما كانت فائدتها أكبر على الطفلة وعلى من حولها كأن تكون شريطاً دعوياً ، أو مجلة هادفة ، أو أداة نافعة ، كما تكون أحب إلى الطفلة حين تمنحه الحرية في الاختيار كأن يُعطى شيكاً يُصرف من المكتبة حسب ما يختاره.
سمعت يوم شريطا للشيخ محمد الدرويش كان يتحدث فيه عن القران وأهل القران وعن معلمي القران ثم تحدث عن الثواب وعن بعض المحفزات داخل الحلق .
فكان حديثة الحديث الشيق والنافع واخبر أنه إن كوفئ الطالب قد ينفع ذالك في تعليمه .
فجاءت فكرة الميدالية وهي ميدالية عادية مكتوب عليها ممتازة ،تحصل عليها الدارسة التي تسمع من دون خطأ.ويضاف لها حبة من الحلوى إن ظهر على الطالبة احترام لكتاب الله تعالى ،وحصة القران والتزمت أدب المتعلم أثناء سير الحصة.وقد أفاد ذلك كثيرا في تعليم الدراسات وفي تقدم الكثير منهن في مرحلة الحفظ.أما عن الهدوء والانضباط فان كلمة تشجيع واحدة سوف تعطيها الكثير من الهدوء.
احترت أول العام كيف اضبط صف الصغار، ولم أجد بدا من الذهاب لصديقة لي معلمة للأطفال، وشرحت لها حجم معاناتي وعدم قدرتي على ضبط الصف، وعلى إشباع الجانب الإيماني داخلة واغلب الوقت ينفذ مني في تسكين الدارسات كي يعم الهدوء في الحصة .(1/99)
وقتها قالت لي: استخدمي السبورة او لوحة وعلى اللوحة دوني اسم الدارسة التي تسمع بدون خطا والتي تجلس مؤدبة .
جرت السبورة أولا حيث قسمتها إلى أربع أقسام ،القسم الأول للكلمات ،والثاني في الوسط للملاحظات العامة، وتصويب الأخطاء ،والثالث للاستفادة ،وأخيرا كان لأسماء المتفوقات.
من تجلس مؤدبة وهادئة وتسمع الدرس من دون أي غلطة، سوف نكتب اسمها على السبورة وسوف تمنح الأولى جائزة، والباقي نجمة لكل واحدة منهن.
ويالها من طريقة رائعة ،حيث تسابق الطالبات إلى الهدوء ،وحرص الجميع على الانضباط، لم يكن بنسبة مئة بالمئة، لكنه حول الفصل إلى الهدوء العام ،وكان الوضع أفضل بكثير من ذي قبل، وأصبحت الأسماء تزيد ومن يوم لأخر اعتاد الدارسات عليه، وأصبحت القرعة هي الفاصل بين الدارسات ،والباقي ينال نجمة في اخر الحصة، وطورت الفكرة لضمان الالتزام لأخر الدرس، بان من تخالف النظام يمسح اسمها من القائمة فيعم الهدوء ،وأصبحت أكثر تركيزا داخل الحصة .
اما عن المكافئة الكبيرة لمن تسمع المراجعة والسورة المقررة كاملة، فان الأثر لها أصبح يظهر يوما بعد يوم وأصبح الدارسات على أثره أكثر تركيزا وانتباها للدرس منه للعب.
ولقد حدثني يوما احد معلمات الأطفال أنها تستخدم فكرة تريحها أخرى، وهي شرط تشرطه أول الحصة.حيث تعد الدارسات أن تعلم لهم لعبة أخر الحصة بشرط أن يكونوا هادئين طوال الدرس، وبالفعل حصل لها المطلوب، وتقوم ببساطة أخر الحصة ،ما تأخذا من وقتها الكثير، فتفي بوعدها وتلتزم بكلامها.
وكم هم حريصون على أن يحصلوا على تلك اللعبة، فتدور في ذهنهم بين فترة وأخرى ويستمر الأمر مرتبط بها .(1/100)
بذالك يمكنك هذا الفعل من تحقيق أهداف الحصة بدلا من ضياع الوقت والجهد ،وعدم انضباط الدراسات والتركيز على الهدوء والاستجابة والنظام وغير ذالك، فان وقت الحصة القصير لن يمنحك الكثير من الفرص إن صرف في تهدئة الدارسات او التسميع الركيك لهن ،الذي يصيبك بالإحباط ويأكل وقت الحصة عليك ،وربما أصابك الحزن فتجدي انك لاتسطيعين إكمال درسك.
انك من الممكن أن تستخدمي أسلوب العقاب، وان تعنفي وان تخاصمي لكن لماذا نستخدم هذا وهذا ؟ وأيهما اقرب الى هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولان هدية أكمل هدي فان اختياره أكمل اختيار وانظري وابحثي بنفسك لتقفي على أي الطريقين سلك في التعليم وأيهما كان الأنسب لامته .
الغضب :
هو من أقوى الأساليب في إثارة الهمم وتحقيق الأهداف ، ونقصد بالغضب : الغضب المشروع ، أي الغضب لله عز وجل ، وهذا الأسلوب يستنفد منه وسائل كثير ، فتغضب غضباً يؤدي إلى المقصود فحسب ، شريطة أن تملك زمام نفسها ، وتكون متحكمة في تصرفاتها ، واعية لأفعالها وألفاظها ، دقيقة في حركاتها وعباراتها .
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش ، يقول صبحكم ومساكم ) رواه مسلم والنسائي وابن ماجه .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه وهم يختصمون في القدر ، فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب . وقال: (( بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم ؟ تضربون القرآن بعضه ببعض ، بهذا هلكت الأمم قبلكم )) رواه ابن ماجه والطبراني في الأوسط الكبير .
فالغضب المشروع هو أسلوب ناجح لرد الأمور إلى نصابها ، ومنشط قوي يقضي على الفتور الذي مرده إلى الكسل واللامبالاة ، وأسلوب لا بد منه حين تستنفذ الأساليب ، لكنه ليس كل شيء كما هو واقع في بعض الحصص .
الإعراض والهجر :(1/101)
الهجر أسلوب شاق على النفس ، شديد الوقع على الفؤاد ، وهو أكثر الأساليب قسوة خاصة إن عوامل به طفل رقيق القلب ، بالغ الحساسية .
فلا يلجأ إليه إلا نادراً ، مع مراعاة أن يكون محكماً ، واضح الهدف ، معلَّل الغاية ، وألا تسقط به الواجبات ، أو تضيع به الحقوق ، كرد السلام وعيادة المريض ونحوها .
وهو يدفع الشخص المهجور إلى العودة أحسن مما كان ، وينشطه نشاطاً يستنفذ فيه قواه ويستخرج كافة طاقاته للعودة إلى الوضع الاجتماعي الطبيعي .
ولنَرَ حال كعب بن مالك - رضي الله عنه - حين هجره المسلمون لتخفه عن غزوة تبوك ، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا ، قال فاجتنبنا الناس ، أو قال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد ، وآتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ، وإذا التفت نحوه أعرض عني .
ولنَرَ الأثر الإيجابي للهجر عليه ، وبقاء هذا الأثر طيلة عمره ، قال كعب بعد أن نزلت توبته : فلما جلست بين يديه - صلى الله عليه وسلم - قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك )) فقلت : إني أمسك سهمي الذي بخيبر ، وقلت : يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت ، فوالله ما علمت أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن مما أبلاني الله تعالى .(1/102)
والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا ، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى فيما بقي .
والأسلوبان الأخيران -الغضب والإعراض- هي آخر الأساليب التي تلجأ إليها المعلمة بعد نفاد ما بحوزتها من أساليب.
7- قصص أثرت في :
قد تعد بعض المواقف التي تمر بالإنسان دروسا يتعلم منها، وأحداثا يستفيد منها وعلى تنوعها فإنها تؤثر حسبما يقتضي حال الانسان وحسبما يتوافق مع الحدث .
إن الأحداث اليومية التي تمر بنا بالكاد تكون ذات طابع روتيني ولكن بعضها يأخذ حيزا كبيرا مثل الكاميرا التي تلقط الصور الكثير لكنها تبقى ولا تزول.
وكم مربي من أحداث خلال العامين التي درست فيها مرحلة الناشئة وكم تعلمه منها الكثير .
وهذا ما ساعدني في خوض تجربتي الأولى في تعليم الصغار.التي وجدت فيها صعوبة بالغه وكم كنت على خطاء، عندما ظننت إن الشرح والتعلم لؤلئك الأطفال سهل جدا ،فالأمر فقط أن أتكلم ببساطة وكان الأمر أشبة بالمفاجئة لي عندما اكتشفت ان أسلوب الحديث سيفشل ان تعلق فقط بالبساطة ،وكم احترت كثيرا من اجل الوصول إلى طريقة تسهل الشرح للدارسات. وبقيت فترة استصعب الأمر. حتى قرأت يوما مقالا حلو في تربية الاطفال قال فيه كاتبه( كتاب بعنوان الاطفال من الجنة .):
(تقوم الرسائل الخمسة للتربية بتدعيم شعور قوي بالذات وتحتوي على هبة خاصة للتميز وهي:
بالسماح بالاختلاف يستطيع الاطفال اكتشاف وتقدير وتنمية إمكانياتهم وأهدافهم الداخلية.
بالسماح بارتكاب الخطأ يستطيع الاطفال تصحيح أنفسهم والتعلم من أخطائهم وتحقيق نجاحاتهم اكبر.
بالسماح بالتعبير عن المشاعر السلبية يتعلم الاطفال السيطرة على مشاعرهم وتنمية شعورهم بالوعي بها.
بالسماح بالرغبة في المزيد يكتسب الاطفال شعورا صحيا بما يستحقونه ومهارة تأجيل إشباع الرغبات فهم قادرون على الرغبة في المزيد ومع ذلك فهم سعداء بما لديهم.(1/103)
بالسماح لهم بالمقاومة يستطيع الاطفال تدريب إرادتهم واكتساب شعور صحي وايجابي بالذات وان ذلك ينشط إرادة الطفل الطبيعية للتعاون والاقتداء . ويتعلم التحكم في مقاومة الطفل او اعتراضه .ويبقى الطفل مهذبا وحر في نفس الوقت.)ا.هـ
مرة فترة حتى استطعت إن أصل في كلامي إلى مستواهم والى إن احصل على الفهم المطلوب من قبلهم.لكن المهم الان اني ما زلت أحاول معهم ولكن بجهد اقل .
شعرت بالسعادة ومؤخرا عندما قابلت صديقة لي، وكانت طفلتها في الصف الأول الابتدائي ،وأحبت إن تلتحق بمراكز التحفيظ.
قلت لها : احضريها عندي، وفي الغد جاءت إلي الطفلة الصغيرة وكانت لأتعرف أين الفصل ، وقرعت الباب .
وقالت : ادخل .ودخلت حتى أخذت مكانها في الصف .
واستمر حضورها يوميا واستمر مستواها في التحسن يوما بعد يوم ،وأصبحت تجاري قريناتها في الصف الأتي هن اكبر منها، بل وحتى أنها فاقتهم وسبقتهم في الحفظ وظهر عليها الذكاء مسبقا، فصرت أزيد لها في الحفظ كل يوم قليلا حتى أدركت ألمجموعه الثانية والتحقت بها . وفي نهاية الفصل ولأنها تأخرت في التسجيل لم تحصل على إحدى المراكز ثلاثة.
أقبلت أمها علي تريد منها أن تسلم علي ،وتقول إلى اللقاء شعرت وقتها أنها إلى الوادع اقرب احترت حقا فيما افعل،
وقتها جاء على ذهني أمر ( عندما أدرجت ابنتي في الدورة الصيفية في الروضة وكانت أول تجربة لها ان تمكث مع أناس لاتعرفهم ،كانت تصرخ وتبكي باستمرار وتحاول الخروج واللحاق بي، وقتها أمسكت بها إحدى المعلمات هناك.
وقالت لها: أنت طفلة طيبة وشاطرة وأنت أكيد جاية عشان تتعلمي الحروف والأرقام، وتصير كبيرة وتلعبي مع الأصحاب وتدرسي معاهم . وإذا جيت بكرة راح أجيب لك علبة ألوان تلوني بيها وتورين كيف أنت شاطرة .(1/104)
هذا الموقف اثناني وأثنى ابنتي . فلقد اثناني عن تركها في المنزل والتخلي عن إيداعها في الروضة لهذا العام حيث ألحت علي بالحضور من اجل علبة الألوان، ويوما بعد يوما توطدت علاقتها بالأستاذة واستمرت معها وأصبحت تستعد للروضة قبلي . والى الان تريد من الصيف أن يأتي حتى تدخل الروضة الثانية كما يحلو لها ان تسميها،وتقابل أستاذتها من جديد.
تذكرة ذلك فاقتربت من الصغيرة، وسلمت عليها وقلت لها: لقد انتهى الفصل وأريد منك أن تعودي في الفصل القادم وان تدرسي عندي ،وان تحصلي على التقدير الممتاز وهذه هدية وأخرى كبيرة الفصل القادم إن حضرة لأنك ستكونين متفوقة.
ذهبت ولا اعلم إن كانت ستعود ام لا. وبدا الفصل الثاني وبالفعل عادة واستمرت وثابرت وانتهى الفصل ولكن هذه المرة حصدت المركز الأول. وهي الان في القمة منذ إن تركتها . وعندما قابلت أمها وقتها قالت لي: أنه ذالك الحديث البسيط .
ولقد لاحظت من فترة إن ابنتي الصغيرة لاتخرج إلى الروضة، إلا عندما تقبلني وتقبل يدي، ومرة نزلت ولم تسلم علي وبكت حتى عادة إلي وسلمت، ثم نزلت إلى خالتها . وركبت وذهبت إلى الروضة بسلام.
تعجبت من موقفها ذلك وأدهشني استمرارها.
ويوما قالت لي: يماما الابلة تقول لازم نحب رأس ماما وبابا ولازم نسلم عليهم، لما نروح للروضة ونحب على رأسهم عشان الشاطرين إلي يحبهم ربهم يسو كذا . والله يقول(وبالوالدين إحسانا).أدركت وقتها لماذا تتصرف هكذا.
اما عندما غفوة مرة دون غطاء فاجأتني وهي ترفع راسي وتضع المخدة تحتها ثم وضعت علي الغطاء وعندما سألتها عن ذالك أجابت بان الأستاذة قالت له ذلك .
وذهبت يومها إلى الحصة وأحببت أن أتأكد من اثر كلام المعلمة على الصغيرة، وكنت يومها قد وعدت الصغيرات بأنه من تكمل حفظ المسابقة سيكون لها جائزة، واليوم هو يوم الجوائز وختام الأنشطة وتوزيع الجوائز .(1/105)
أجرينا المسابقة وسرنا حسب الفروع فيها ،واستمر الأمر حتى انهينا المسابقة ووزعنا الجوائز.وقتها أدركت حقا أن هناك مجموعة من الدراسات قد بذلت معي جهدا يشكر وعملا يذكر، وان هذا الجهد لابد إن يكون للأم اثر فيه، امسك بورقات صغيرات ودونت فيها عبارة شكر لمجموعة من الامهات الأتي سرن معنا طوال الفصل وبذلن جهد ملحوظا على أطفالهم .وشكرتها في الختام على العناية والرعاية والاهتمام وما ذلك إلا من إدراكها بأهمية إنشاء جيل صالح وإحساسها بان النشء إن تربى على القران سيكون نشأ خير وعماد للأمة وحامل لنهضتها ومسير لمستقبلها . .
تعلمت ذلك من معلمة ابنتي التي حدثتني يوما عنها ،وعن أنها سيكون لها مستقبل واعد ،وأنها صغيرة لكنها ستحصل على الخير.دفعني الأمر إلى إبقائها داخل مراكز القران فتعلمت ابنتي من التحفيظ ما عجزت إنا عن تعليمها إياه وتخلقت بآداب لم استطع إن اعلمها إياها.
قلت بما أن كلام المعلمة اثر في فقد يؤثر كلامي أيضا في الامهات فنحصل على الثقة والتواصل.
وجاء يوم السبت وبعد الاختبار تقدمت لي إحدى الامهات الأتي كن يدرسن عندنا في المركز وبدأت الحديث سؤالا عن ابنتها ثم تحدثت عن اثر الرسالة عليها وكيف أنها سرت كثيرا بها وان الجهد الذي بذلته طوال العام قد لخص شكرا في الرسالة مما دفعها إلى إن تستمر في تعليم طفلتها وان تبقى في الخير وتحرص عليه وختمت حديثها بأنها ستحتفظ بالورقة معها ..معلقة أنها ستكون مذكرة لها كلما شعرت أنها لاستطيع الاستمرار او إن عادات الصغار بدأت تظهر على ابنتها .
شعرت في داخلي بفضل الله علينا في مثل هذه الأماكن فانا أتعلم من غير وغير يتعلم مني ونتبادل الخير ونجتمع على خير فما كان جامعنا وموحدنا تحت سقف واحد الا القران الذي طبع حياتنا بالخير والبركة والذي جعلنا نشعر بالوحدة والتآخي والتكامل .(1/106)
لقد تعلمت الكثير من التجارب والأخطاء التي مرت ولقد شعرت للحظة ان مثل هذه المواقف التي كلها تخلص في بيئة اساس تكوينها ونشأتها كتاب الله تعالى .وجعل الهدف منها تعليم وتحفيظ كتاب الله تعالى فان ما يحدث أظن انه لن يفوت فهو مقام تعليم ومناط أرداك والأجور المترتبة فيه وعليه جميلة .
مازلت اذكر ذلك اليوم الذي جلست طفلتي الصغيرة ذات الأعوام الثلاث في أول تجربة لها بجوار اساتاذتها في قسم تحفيظ الصغر ،حيث بدأت ولأول مرة أن تجلس مع مجموعة وتصاحب أصدقاء لها، وكانت أول مرة لي أن أودع ابنتي بعيدا عني، تحت عين شخص أخر وكانت كذالك أول مرة تبدى فيها الحياة الخارجية وتدخل العالم الخارجي، وتخالط وتتعلم وتنهل .
حمدت ربي وقتها أنها هنا فمهما وجاهت من صعاب، سيكون المشوار لها صحيحة سواء كان من فصول الصغار ام من غيرها .
ما زلت اذكر عندما جاءتني معلمتها تسألني عن عمرها ،خفت أن أخبرتها حتى لا تقول لي هي صغيرة ولا نقبلها. صمت قليلا وقلت لها عن عمرها ولكن الخوف علاني من كل مكان .
بدأت اعرض محاسنها وأنها بكريتي وأنها .. وأنها... وهي لديها الرغبة في العلم وتحب التحفيظ، وتستعد له .كنت اثني عليها وكأني أقول لها امنحيني فرصة، واسمحي لها أن تبقى.
وبعد أن انتهيت عقبت بقولها ثانيا: أنها صغيرة جدا. لم أكن افهم ما تقصده من قول صغيرة. ولكن الحقيقة أنها كانت تريد أن تخصها بشيء ما ربما ولكن ما العمل الان بقيت أعيش خوفا من إن تعود إلى المنزل لصغر سنها .
ولكن ظني خاب فلم يكن سؤال أستاذتها في ذالك الوقت عن العمر من اجل هذا الأمر،
أدركت حقيقة السؤال بعد نهاية العام ذلك السؤال الذي من بعده ما زالت صغيرتي تمني نفسها أن تعود إلى نفس الروضة الصيف وتدرس عن أستاذتها تلك .
لقد أبدعت في احتواها، وأحسنت في توجيهها. كانت توليها عناية خاصة ،وتعطيها حبا صافيا ،وكانت تعالمها وكأنها الوحيدة وكأنه لايوجد غيرها في الصف لديها .(1/107)
كانت تأخذها مني من أول النهار، ولا تتحرك إلى مكان ما إلا وهي معها، في الفسحة معها في أخر الدوام معها ،وفي إثناء تنقلها معها، حتى في الحلقة تجلسها بجوارها.وفي الحفل الختامي أحسنت كثيرا ما زلت اذكر كيف ورغم الانشغال الذي أحاط بهاو الزحمة والضجيج وكثرة الاعمال ومتابعة الفقرات والانتباه إلى باقي الاطفال ،كيف استطاعت أن تمسك بها وتجعلها في يمينها أينما ذهبت، وأينما توجهت. إلى نهاية الحفل فكانت معها .وبالرغم من كل ذلك فلقد قيمتها تقيم رائعا تعلمت منه طوال العام الماضي كيف أحسن في أداء طفلتي وعندما قارنت بين التقييم الأول والأخير شعرت بالفرق الواضح والتغير الملموس في ابنتي.
كنت اشعر بأنها تريد من ابنتي أن تحب المكان ،و تزيل الخوف عنها ،وشعرت وقتها أنها تريد منها أن تطمئن وان تبدأ الحياة هنا بدون تردد. كانت بحق المفتاح لها لبدأ مشوار التعلم.صحيح أنها وخلال الفصل الصيفي لم تتمكن من كتابة الحروف والأرقام ولم تحفظ الشيء الكثير . لكنها خرجت وقد أحبت المكان واستعدت لعام جديد تتعلم فيه الكثير.
مازالت صغيرتي تحب معلمتها الأولى، وما زالت تشعر في داخلها أنها شيء ثمين يخصها ،وأنها كنز غالي لن تتخلى عنه. ورغم اني أودعتها عام كامل في الروضة إلا أنها مازالت تريد إن تدرس عندها وتحضي بلقائها .
قد نقول صغار ويحبون لكن الصغار يصاحبون من صادقهم في قوله وفي مشاعره.
قد اشكرها هنا في صفحات هذا البحث على الخير الذي قدمته لي ،ولكن الشكر لها لن يتوقف في هذه الصفحات بل سيظل، ما عاشت صغيرتي وذكرتها، والخير أجره عائد لها ما عاشت طفلتي ،اما عني سأحدث القوم عن شخص استطاع أن يفتح أبواب النجاح لطفلتي بخلق المسلم .
إن مثل هذه الموقف تعلمت منها واستفدت كثيرا وكانت لي مثل الدرس في الحياة ،وان أردتم الصدق ليس بمثل براعتها لكني حاولت يوما إن اصنع من هذا الدرس شيئا.(1/108)
فمرة جاءت إلي ام ومعها طفلة صغيرة أحضرتها كانت لتو قد أكملت 4 سنوات .
كانت أمها تريد منها أن تلحق بركب الصف الذي يسبقها عمرا، ويسبقها حفظا .وكانت تلح علي أن اعلمها مثل الباقين وان أحفظها مثل الباقين، وان اجعلها تدرك الباقين حفظا وتحفظ.
كنت استفهم من إلحاح أمها لشديد علي في أن يكون ذلك لها في وقت قصير، ومع طفلة حتى لاتسطيع القراءة في المصحف، سألت الطفلة عن اسمها فأعطتني اسمها واسم أبيها، وكان الجواب غريبا حيث سرحت بخيالها الطفو لي، لتحدثني عن عمله ومتى يعود وعندما يعود ماذا يحضر لهم ؟وكيف تلعب معه هي وإخوتها الصغار وكيف تحبه وكيف يحبها وماذا احضر لها اليوم؟؟ .
دهشت وقتها ولم اعلم ما الحل؟؟.استمر الدرس .وفي اثنائه أخذت تلعب مع صديقتها ولكن بصوت عالي فلقد استغرق اللعب إلى داخلها بكل تفاصيله حتى نسيت أين تجلس. ناديتها وطلبت منها الهدوء .
واستمر الدرس فإذا بها تأكل فسجتها داخل الحصة ،وتخرج المصاص والعصير وتترنم بأناشيد الطفولة .ناديتها وقلت لها ليس الان إنما أخر الحصة .
وعدنا للحصة، فإذا بها تخاصم صديقتها لأنها أخذت منها القلم ولم تعيده .ومن جديد طلبت منها أن تخفض صوتها وان تهدئ إلى أخر الحصة .
انتهينا وعاد كل منا إلى بيته .هي عادة إلى منزلها من اجل إن تأتي غدا، اما أنا فكنت أبدد الخوف في إن تعود، فكيف سأفعل في الحصة التي سيذهب معظمها في تهدئ الصف؟ وفي تعليم الصغيرة !!.وقتها تمنيت أن تغيب او تقرر عدم العودة حتى تكبر . ولكن وقتها أيضا جاء تعامل أستاذة طفلتي متمثلا أمامي ليذكرني بالأثر العظيم الذي يتركه الأستاذ على طلابه.
لكني قلت: أنا عندي كثير ولن أضيع الوقت مع واحدة ،ولكن الموقف عاد ماثلا أمامي ليكون مثنيا لي عن فكرتي.(1/109)
قررت المحاولة وبالنسبة لي قرارا صعبا جدا، وكنت منه في خوف شديد.وبدأت من اليوم التالي أحاول تقليد معلمة صغيرتي واستمر الحال لمدة شهر كامل واتبع الشهر شهرا، والشهر فصلا ،والفصل عام وجاءت نهاية العام.
لقد تغيرت كثيرا وأصبحت أكثر هدوءا وأكثر حرصا على الحفظ وأكثر إدراكا لمعنى الحلق.
حتى تفكيرها قد تغير وأصبحت تستطيع أن تكتب اسمها، وان تفهم ما أقول داخل الحصة وان تنقل ذالك لامه ولكن هذه المرة بطريقة واضحة وصحيحة. تغيرت نعم وعلمتني أساتذة صغيرتي ذالك.
عملت مرة مديرة لإحدى المراكز وكان عندي معلمة للصغار، وامتاز المركز الذي نحن فيه بوجود جالية مسلمة من غير الناطقين بالعربية ،وكانت المعلمة تفهم لغتهم وأحاديثهم من خلطتهم ومعاشرتهم ،ولقد علمتني شيئا جميلة.
كانت تحضر مبكرة إلى الدوام ،وبالعادة تصعد قبل الوقت بدقائق وكنت أظنها أنها تقصد بذلك أن تضبط حركة الصغار وتخفف من الضوضاء الحاصلة. واستمرت على ذالك وبعد فترة تغير سلوك الدراسات عندها، فأردت معرفة السر،
لقد كنت كلما مرت بجوار الفصل أجد الهدوء يعمه ،وان طرقت الباب لا أمر ما أجد أن الصف قد رتب ونظم بشكل لائق وجميل، ويغلب عليه النظافة والانسجام بخلاف الفصول الأخرى .بالإضافة إلى أن الصغار قد علموا الجلوس بهيئة واحدة وشكل واحد وعندما حضرة لها حصة من أجل التقييم دفعن الفضول إلى البقاء طوال الدرس عندها لمعرفة السر في ذلك ولتتبع سير الحصة كله.
ولقد أدهشتني حقا بطريقتها فهي تعلمهم الآداب، وأدهشني قدرتها على ضبط الهدوء، وإبقاء الدراسات بشكل هادئ ومنظم،والأمر الأخر هو سرعة الاستجابة لها من قبلهن.(1/110)
اما عن الإبداع الأخر،فلقد عرضت لي بعد نهاية الدرس بعض من الأنشطة التي تعلمها لهم فيما بقي من وقت الحصة ،وبحق كان إبداعا رائعا ولمست متقنة من لمساتها التعليمية،لقد سمع الدراسات نشيد الأم بطريقة واحدة ومنسجمة ومتقنة وجذابة،وشدني فيه حبك التعليم ومهارة الدراسة .
كثرة التساؤلات في ذهني فكيف استطاعة أن تفعل ذالك ،وحتى مستوى الدراسات في التسميع كان جيدا،بالرغم من أنهم غير ناطقين بالعربية .
سألتها عن ذالك فأخذت تعرض لي الطرق والأساليب التي تتبعها وتسير عليها ، لكن المدهش هو إن الوقت 90 د، فكيف لها أن تفعل كل هذا؟ بالإضافة إلى إنها تصعد في أول النهار مبكرة لتعطي الدراسات فرصة لصلاة العصر ومتابعتهن في ذالك.
إن السر يكمن في أنها تستغل وقتين في الحصة لتعليم ذلك ،فهي تصعد قبل الحصة بدقائق تسمح لها بترتيب الصف وتعليم الصلاة، وتحقيق النظام، فتبدأ حصتها ،وقد أهبت لمكان جيدا وكسبت الكثير من الوقت.
بالإضافة إلى أنها عادة ما تبقي في اخر الحصة بعض الدقائق، التي تستغلها في تعليم الأدعية، وقص القصص والأناشيد الهادفة ،وما إلى غير ذلك.
ومن خلال تلك الدقائق التي وفرتها حصلت على هذه النتيجة الطيبة .ومنها تعلمت ذالك .فعندما بدأت في تطبيقه شعرت حقا بالفرق بين مستوى الدراسات.
إنها موقف عدة، ولو أردنا أن نسطر الكثير منها سيخرج البحث عن مسامها ويتحول إلى مجموعة قصصية رائعة، من تجارب حياتنا ومن ومواقف أصحابنا ،الذين هم حقا الجليس الصالح الذي إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبا. ولكني أردت فقط أن انوه إلى أن مراكز التحفيظ بكل معانيها، هي مجال خصب لتعليم الايمان، وتحقيقه، وغرس الآداب والأخلاق، والرقي نحو التوجه لدين الصحيح ونحو الايمان بالله تعالى الذي نريد.
خلاصة الفصل :(1/111)
تناولنا في هذه الفصل مجموعه من العوامل الأخرى التي تساهم في غرس الايمان بالله تعالى غير الحصة وتتطرقنا إلى إيضاح أثرها ومدى فاعليتها .
وأنها قد تساهم في التحقيق المطلوب ولم نتحدث فيها في فصول مستقلة والا فهي تستحق ذالك بل إنها تستحق كتب خاصة ومناط بحثا لها.وكانت في النقاط التالية:
وسائل أخرى تساهم في التعليم الإيماني
النشاط الثقافي
5د اخر الحصة
الوداع في نهاية الحصة
الطبق الخير والحفل الختامي
التواصل مع الأهل
التعليم بالثواب والمحفزات وميدالية التفوق
قصص أثرت في.
الخاتمة:
وهي تحوي النتائج والتوصيات التي وصلنا لها من حلال هذا البحث.
إن هذا البحث هو حصيلة تجربة علمية، ودراسة ميدانية في ارض الواقع قمنا به من اجل التأكد من فكرة تحقيق الايمان والآداب و القيم والأخلاق خلال حصة القران في الفترات المسائية .
وقد وصلنا إلى حقائق عدة منها :
النتائج:
بركة القران الكريم وأثرة على المجتمع
بركة القران الكريم ومدى تأثيره على النشء
الأثر الملموس من التعليم في دور وحلق القرآن على النشء
الاهتمام بالعملية التربوية داخل حلق الصغار لما تحققه من أهداف عالية وتغيرات بناءة.
عدم اقتصار مراكز التحفيظ على الدور التعليم فقط.
تعدد وظائف حلق القران داخل المركز وتنوع الدور الذي تقوم به .
تحقيق العمارة وفي الأرض والدعوة إلى الله من خلال حلق النشء.
اثر التواصل مع الأسرة على النشء والمجتمع من خلال مراكز تحفيظ القران .
وبناء على تلك الحقائق والنتائج التي توصلنا لها فانا نوصي بالتالي:
التوصيات:
الاعتناء بحلق الصغار والاهتمام بها والتركيز عليها
الحرص على معلمات تحفيظ الصغار وتوجيههن وإرشادهن، إلى ما يساهم في الرقي بمستواهن التعليمي.
عمل الدورات والمحاضرات التي تزيد من خبرتهن الدينية والتربوية.وخاصة الجوانب الإيمانية والاخلاقيه(1/112)
التأكيد على اهمية التواصل اللفظي والمعنوي مع الأطفال، من خلال بعض الدورات التي تساعد على تنمية مهارة المعلمة في إيصال المعلومة ببساطة وبطريقة صحيحة .ومتلائمة مع فئة النشء.
عمل مناهج خاصة لمرحلة النشء في الآداب والأخلاق الإسلامية تساهم في تحقيق الايمان بالله تعالى.
الحرص على صحة المعلومة من قبل المدرسة والاهتمام بها لأنها ستكون الرباط بينها وبين المنزل.
تعلم الطرق والأساليب الخاصة بتربية النشء والمستقاة من كتاب الله تعالى ومن سنة المصطفى عليه السلام .
التأكيد على اثر التنوع البيئي والاجتماعي، في صقل ثقافة الطفل والحرص على فهم واقعه الأسري ولو بأبسط طريقة وأسهل تواصل..
وأخيرا :
لقد تم بحثنا والحمد الله تعالى، والذي يعد ملخصا لأحداث جميلة جدا مرت بي، والتي أثرت حصيلتنا الدعوية والتعليمية والتربوية، والتي اسأل الله تعالى أن يجعل فيها النفع والفائدة .
هذا وأوصي نفسي وكل من يقوم بتعليم الصغار، أن يشعر في داخلة بان ما يقوم به لايقل اهمية عن دور معلمات الكبار بل إن الدور اخطر والهدف يحتاج إلى تركيز في التحديد والتهديف ولن يعدم الخير من حرص علية .
وعلينا إن نصبر أنفسنا في سيرنا وعطائنا المهني فان مسالة التعامل مع الصغار ليست بالسهولة بمكان فان الأم يكون عندها 5 أطفالا فتكاد تجن منهم وتحتار في تعليمهم وتربيتهم وتوجيههم.
فما بالك وأنت تقفين على تعليم 30 طفلا قد اختلفت أذواقهم وتنوعه بيئاتهم ومشاربهم وما يساهم في تقويتهم وترسيخ العقيدة فيهم وتثبيت القيم والمبادئ الأصيلة التي لاتزول ولا تتزعزع يحالا من الأحوال.
والله نسال لنا ولكم العون والتوفيق والسداد.
والحمد الله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وعلى اله أجمعين والله الهادئ إلى سواء السبيل واسالة إن يوفقنا وأيكم لما فيه الخير والصلاح والفلاح .
ميسون طومان
الجمعية الخيرية لتحفيظ القران
بالطائف
صيف 1428هـ
المراجع
المراجع:(1/113)
القران الكريم
صحيح سنن ابن ماجة……………الألباني
فتح الباري شرح صحيح البخاري
صحيح مسلم شرح النووي
تفسير ابن كثير ………………الحافظ ابن كثير
أضواء البيان ………………الشنقيطي
التبيان في آداب حامل القران………… النووي
تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم………ابن جماعة
أخلاق حملة القران ……………الاجري
تربية الأولاد في الإسلام…………د.ناصر علوان
قصد السبيل إلى الجنان في بيان كيف تحفظ القران …إبراهيم الشربيني
الإتقان في علوم القران …………السيوطي
لسان العرب……………ابن منظور
مدارج السالكين……………ابن القيم
أدب الدنيا والدين……………الماوردي
تفسير المنار ……………رشيد رضا
الانتماء والاغتراب……………حسن عبد الرزاق
فتاوى ابن تيمية ……………تقي الدين ابن تيمية
جامع البيان للطبري
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد…………الحافظ الهيثمي
المذكرة التربوية الثقافية إصدار الجمعية القسم النسوي
يأهل القران محمد الدويش
بعض المواقع الإسلامية الشبكة العنكبوتية
تفسير القران للناشئة
مذكرات الشيخ علي الطنطاوي (رحمه الله) علي الطنطاوي(1/114)