الطبعة الأولى عام 1427هـ - 2006م
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء:
من أخ محب....... إلى كل فرد في أمتنا الجريحة:
علَّنا نفيق ونستيقظ!!
ونسعى بقوة إلى طريق السعادة و العزة والنصر والفوز لأمتنا,
ونبذل كل ما نستطيع لإيقاف آلامها ومعاناتها,
ولنكون سببا في فرحها, لا ألمها وتأخير نصرها!!!.
المقدمة الثانية!
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
هذا الكتاب كان قد كتب وجهز للتنسيق لطباعته في شهر جمادى الأول 1422هـ,.....وذلك قبل أحداث 11 سبتمبر بأسابيع معدودة,... فمآسي الأمة وذلها وهوانها وضعفها والذبح الشديد والأخطار الكبيرة التي تتعرض لها من الأعداء ورخص دمها كان ظاهرا وحقيقة واضحة من قبل أحداث 11 سبتمبر, ولكن هذا الحدث وما تلاه زاد إيضاح تلك الحقيقة وإبرازها وزاد(وفق خطة محكمة من أعداء الدين) من استئساد أعداء الدين وتنكيلهم بالأمة.
ومع أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها انشغلت عن إخراج الكتاب وبدأت في إخراج سلسلة من الكتيبات الصغيرة المحتوية على أجزاء منه(1) وعلى مقالات أخرى غيرها كتبت في السابق أو بعد أحداث11 سبتمبر(2), ورأيت وقتها أنها أهم وأسرع في النشر وفي تحقيق التذكير المقصود, وأول هذه الكتيبات كان كتيب"مأساتنا والحل:عودة ودعوة"(الذي كان في الأصل عنوان الكتاب الحالي), كما نشرت بعض مقالات الكتاب في مواقع ومنتديات في الشبكة العنكبوتية,..وبعد ذلك بسنتين تقريبا تم إنشاء موقع"مأساتنا والحل:عودة ودعوة (www.awda-dawa.com) ".(1/1)
ومع انشغالي عن إخراج الكتاب وشعوري الجزئي بالاكتفاء بالكتيبات إلا انه كان في النية أن أحاول إخراجه لأنه يجمع كل الأجزاء والجوانب والرسائل المتعلقة بهذا الموضوع, والتي أحببت ولا زلت أتمنى وصولها إلى كل المعنيين من أبناء أمتنا بشتى فئاتهم ,.......والآن بعد أربع سنوات تقريبا من كتابته يسر الله بفضله إخراجه, وأسأله تعالى أن يكتب به النفع وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يغفر لنا تقصيرنا وأن يصلح أحوال أمتنا ويعيدها إلى ما يرضيه ويحقق لها الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.
ذو الحجة 1426هـ
المقدمة
إن الحمد لله,نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا,من يهده الله فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادي له,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
في كل أرضٍ تُستباح دماؤنا---في كل أرضٍ يُستباح المسجد
كثرت مآسي المسلمين, وكثر الذبح والاضطهاد الذي يواجهه أبناء أمتنا في شتى أنحاء العالم بشكل رهيب يتفطر له قلب كل مسلم غيور, وما أن تنتهي مأساة حتى تبدأ الأخرى وما تكاد تنتهي مذبحة حتى تتبعها أختها, والهوان في أمتنا مستمر والذل واضح, حتى أصبحنا أكثر أهل الأرض تعرضا لمثل هذه الفواجع وأصبح الدم المسلم أرخص الدماء على الإطلاق .
وأصبحت الأمة عاجزة عن إيقاف هذه المآسي, جُلُّ ما تفعله هو تخفيف بعض الجراح بعد حدوثها, والدعاء وجمع الأموال للمساعدة, وأمعنت في العجز حتى أصبحت تنتظر العون ممن هم في الحقيقة أعداء لها وأصبحت تترقب العطف منهم,... فما هو السبب وما هو الحل.
لماذا يذبحون ونستكين ولا أحد يرد ولا يبين
أللإسلام نسبتنا وهذا دم الإسلام أرخص ما يكون (3)
وإن سبب عجز الأمة هو باختصار بعدها عن دينها الذي هو مصدر عزها ونصرها ؛
لما تركنا الهدى حلت بنا محن وهاج للظلم والإفساد طوفان (4)(1/2)
وعلاجها في عودتها إليه بصدق, حتى تعود لها العزة والقوه فتحمي نفسها وأبناءها,وينصرها الله على أعدائها .
قال تعالى ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) (الحج :40).
فمتى نصرْنا الله نصرَنَا الله وتغيرت أحوالنا,...والعودة إلى الله وتطبيق شرعه والتزام أوامره هي التي تطلق الأمة للجهاد, وتحررها من الأغلال التي كبلتها عن ذلك, وتكون سر تحقيقها النصر عند جهادها.
ويجب أن يشعر كل فرد في الأمة بمسؤوليته في هذا الجانب, ويجب أن يشعر المسلمون أنهم بذنوبهم يكونون سببا في خذلان أمتهم واستمرار مآسيها, ومن هنا تأتي هذه الكلمة والتي هي عنوان أحد مقالات هذا الكتاب؛ (( كي لا نكون سببا في ذبح إخواننا )).
وهذا الحل الأساس واجب على كل مسلم أن يبادر مسرعا إليه, ... وبتحقيقه يقترب الفرج وتستعاد العزة ويتحقق النصر بإذن الله, وعلى الأمة أن تجتهد بقوة وبكل طاقاتها في هذا الطريق وإلا فستستمر الجراح وتزداد النكبات.
وإن الواجب علينا أن لا نعالج أعراض مآسينا فقط, وننسى علاج مرضنا الخطير الذي نتجت عنه واستمرت بسببه هذه المحن والنكبات والمآسي .
وما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع؛ هو ما لاحظته من ضعف وضوح وتذكر هذه الحقيقة وهذا الحل, وخاصة دور الفرد المسلم فيه, وأيضاً عدم قيام بعض الدعاة والمصلحين والمفكرين الأفاضل بإيضاح ذلك بالشكل الكافي وبالتركيز المناسب عند الحديث عن مآسي الأمة ومحنها, على الرغم من أنه أصل وحقيقة واضحة وهامة في ديننا, وأن الواقع يقتضي التركيز عليه.
وما شجعني أكثر على الكتابة هو ما لاحظته من تألمٍ وحماسٍ وتفاعلٍ كبيرٍ من كثير من المسلمين مع مآسي الأمة وبذلهم الكثير من المال وغَيره, وبكائهم وتألمهم, إلا أنهم مع صدقهم في تفاعلهم هذا لم يتجهوا فعلاً إلى الحل الأساس المنقذ لإخوانهم إنقاذا جذرياً لا وقتياً أو جزئياً, نظرا لعدم استشعارهم لهذا الحل ودورهم الفردي فيه .(1/3)
بل غفلوا عن هذا الحل الذي يحمينا نحن جميعاً من أن يأتي علينا الدور من شرور الكافرين الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر في كل وقت وحين.
وهدف هذا الكتاب هو التذكير بهذه الحقيقة والتنبيه عليها وعلى ما يتبعها من واجبات, وهو ليس كتابا تأصيليا عن واقع الأمة وأسباب الانحراف والعلاج, حيث أن هذا الجانب قد تعرض له الكثير من علماء ومفكري الأمة الأفذاذ ودعاتها الصادقين.
وقد قُصِدَ ذكر العديد من المنكرات والأخطاء التي وقعت وانتشرت لكي يتذكر كل فرد من أمتنا الجانب الذي أخر بسببه نصر أمته, وليكون الكتاب عمليا أكثر في الفائدة المرجوة منه بإذن الله.
وهو جهد لا يكفي لمعالجة هذه القضية الهامة والتي أرجو من الله العلي القدير أن يقيض عشرات الكتب والكتيبات والأشرطة والمقالات وغيرها لترسيخ وتعميق هذا الجانب(5), خاصةً أن أغلب الكتب والمراجع التأصيلية والعديد من الطروحات الدعوية في هذا الجانب تعالج القضية بطريقة فكرية أكثر مما هي تذكيرية تعظ كل فرد مسلم وتذكره بدوره الهام تجاه تغيير واقع أمته.
ويحسن أن نُذَكِّر هنا إلى أن سبب استمرار مآسينا- وهو ُبعد الأمة عن حقيقة دينها والالتزام بكل شرائعه وأوامره- هو بحد ذاته أكبر مأساةٍ تعيشها الأمة, فنحن نؤمن بأن هدفنا في الحياة هو تحقيق عبوديتنا لله وتطبيق دينه وتحكيم أوامره ونشر الإسلام في أرجاء الأرض لكي ننقذ به البشرية المتخبطة التعيسة, ونحن نؤمن بالله وعظمته وجزائه وجنته وناره....؛ فتخلينا وعدم صدقنا في تحقيق هدفنا في الوجود وعدم استعدادنا القوي لكي ننجي أنفسنا في يوم الدين يوم السؤال والحساب والجزاء هو أكبر مأساةٍ ومصيبة نعيشها.(1/4)
والكتاب وإن كان يحمل عتاباً لأمتنا إلا أنه بإذن الله عتاب المحب المؤمِّل الخير الكبير في هذه الأمة,..وهذا الخير المؤمَّل هو من أهم ما دفع لتقديم هذا العتاب, فأمتنا فيها الخير مهما غفت أو نسيت أو أُنسيت(6), ..وعلى الرغم من سوء الواقع إلا أن بشائر نصر الأمة تلوح في سماءِ مبشراتٍ بيقظةٍ للأمة تزيل بإذن الله ما عانت منه وما تعانيه.
وأتقدم بالشكر الجزيل لكل من مد لي يد العون في إخراج هذا الكتاب سائلا الله لهم خير الجزاء وأن يبارك لهم في دنياهم وآخرتهم.
وأسأل الله بمنه وإحسانه وقدرته أن يجعل فيه تذكيراً للمسلمين أجمعين بواجبهم الأساس والعظيم تجاه مآسي أمتهم ونكباتها, حتى ينطلق كل فرد منا مجتهدا بكل ما يستطيع وبكل قوة وسرعة لإنقاذ أمتنا المستمرة في عصرنا جراحاتها وآلامها .
د . مهدي علي قاضي جمادى الأول/1422هـ
بعض مذابح ومآسي الأمة الإسلامية في العصر الحديث
يا قوم آلمني وأحزنني وأدمع مقلتي
ورمى فؤادي بالأسى والحزن واقع أمتي(7)(1/5)
إن مذابح الأمة ومآسيها في العصر الحديث(8) تحتاج إلى مجلدات لإحصائها والحديث عنها وقد عرف الكثير منها القاصي والداني,بل حتى أطفالنا قد ألفوها لكثرة تردادها على مسامعهم وأعينهم,ناهيك عن تلك التي لم نسمع عنها والتي حرص أعداؤنا على أن يجعلوها في طي الكتمان, ولكن أحببت هنا للتذكير ذكر بعض هذه المصائب والنكبات التي حصلت للأمة, ....وهذه الفواجع كان القتلى فيها بأعداد كبيرة تجاوز في بعضها عشرات الآلاف بل وصل إلى مئات الآلاف أحيانا بل وصل إلى الملايين في بعضها, وارتكبت فيها فظائع من أنواع القتل والتعذيب, بما فيها القتل ذبحا حتى للأطفال (يكاد العقل أن لا يصدق بعض ما حدث لولا أن كثيراً منه موثق وبالصور), واغتصب في هذه المآسي الآلاف من النساء, وهدمت مساجد ودمرت قرى ومدن(9), هذا عدا الضعف العام والهوان والتخلف الذي تعيشه الأمة في شتى جوانب الحياة والذي جعلها في ذيل الأمم في عصرنا الحاضر, مع أن الأصل أن تكون أمتنا في مقدمة الأمم بل قائدة للأمم, لأنها على العقيدة الصحيحة, ولأنها التي أُمِرت بنشر نور الهداية الربانية للعالم أجمع, وهي التي كانت قبل فترة ليست بالبعيدة كثيرا عزيزة قويه, وكانت مالكة أمر الدنيا وحاكمة العالم !!.
فمن هذه المذابح والمآسي :
** استيلاء اليهود على فلسطين والتي تقع في قلب العالم الإسلامي والعربي منذ أكثر من ثلاث وخمسين عاما, والاستيلاء على القدس المقدسة التي بها ثالث المسجدين الشريفين وأولى القبلتين, وما لاقاه إخواننا الفلسطينيون من مذابح وتعذيب وهدم للمنازل وتشريد شعب بأكمله,... ومن ذلك:
- مذبحة الشيخ ودير ياسين والطنطوره(2000 قتيل) واللد
ونحالين(10)
وكفر قاسم وقبية ورفح وخان يونس(11), ومحا اليهود قرية ناصر الدين
من الوجود فأحرقوا بيوتها وقتلوا سكانها.
- إحراق المسجد الأقصى عام 1969م.
- مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982م (3500 قتيل)(12).(1/6)
- مذبحة المسجد الأقصى عام 1990م, حيث قتل150 من المصلين في
ساحة الحرم القدسي الشريف(3).
- مذبحة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل عام 1994م عندما
أقدم مستوطن يهودي تحت تغطية من الجيش الإسرائيلي على فتح
النيران على الساجدين الصائمين فقتل 29 مسلما في شهر رمضان
المعظم(4).
- قتل 70 فلسطينيا عام 1996م بعد أن فتح الجنود الإسرائيليون النيران
لقمع الغضب الجماهيري الذي اندلع بعد افتتاح نفق تحت المسجد
الأقصى(5).
- قتل الرجال والنساء والأطفال وغيرهم في الانتفاضة ومنهم
الطفل المبارك محمد الدرة والرضيعة إيمان الحجو الذين لا ينسيان.
** مذابح المسلمين في لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية ومنها مذبحة قانا(13) عام 1996م (قتل فيها 160 من النساء والشيوخ والأطفال).
** المذبحة في بنغلادش عام 1971 بعد انتصار الجيش الهندي -الذي كان يقوده يهود!- على باكستان حيث قتل 000و10 عالم مسلم ومائة ألف من طلبة المعاهد الإسلامية وموظفي الدولة, وقتل ربع مليون هندي هاجروا من الهند إلى باكستان قبل الحرب بعد تعذيبهم(14).
** مآسي المسلمين في ما كان يسمى الاتحاد السوفييتي سابقاً, حيث عمد الشيوعيون لأساليب إبادة رهيبة للمسلمين فتمت إبادة عشرين مليون مسلم خلال خمسين عاما, وقد ثبت بالإحصائيات الروسية أن ستالين وحده قتل 11 مليون مسلم, ونتيجة لهذه الإباده والتهجير حصل نقص في عدد المسلمين في بعض المناطق الإسلامية نقصا رهيبا؛ فمنطقة داغستان مثلا كان عدد سكانها ثمانية ملايين في عام 1917م وتناقصوا إلى 1627000 فقط في عام 1977م, وتناقص عدد سكان منطقة القرم من خمسة ملايين ليصبح أقل من نصف مليون,.. وحورب الإسلام حرباً شديدة فأقفلت المساجد وهدمت وتم إغلاق المدارس الاسلامية وألغي التعليم الديني ورُبِّي أبناء المسلمين على الإلحاد(15).(1/7)
** مذابح أهل البوسنة في يوغسلافيا السابقة حيث أباد الشيوعيون فيها بعد الحرب العالمية الثانية مليون مسلم , منهم 12 ألفاً قتلوا في المسجد الكبير بفوجا في شرق البوسنة, وذبح 6 آلاف مسلم في جسر فورا (16).
** مأساة المسلمين في الصين الشيوعية حيث حورب الإسلام فيها منذ عام 1954م, وشمل ذلك تعطيل المساجد وقتل وسجن العلماء وتقسيم تركستان الشرقية وتهجير المسلمين, وقتل360000 مسلم في مدينة كاشغر عام 1377هـ في معركة مع الشيوعيين(17) .
** مذابح المسلمين ومآسيهم في منطقة الحبشة حيث وضع الطاغية هيلاسيلاسي خطة لإنهاء المسلمين خلال 15 عاما(18), وتباهى بخطته أمام الكونجرس الأمريكي,وقام بإحراق الشيوخ والنساء والأطفال بالنار والبنزين في قرية جرسم, وأمر بالتعقيم الإجباري للمسلمين رجالا ونساء(19),..وقام بعده السفاح منجستو بمذبحة كبيرة حيث أمر بإطلاق النار على المسجد الكبير بمدينة ريرادار بإقليم أوجاوين فقتل أكثر من ألف مسلم كانوا يؤدون الصلاة في رمضان عام 1399هـ ،كما تم تشريد المسلمين وحربهم في دينهم(20).
** مذابح المسلمين في الفلبين على يد حكومة ماركوس حيث ارتكبت أفظع الجرائم من قتل جماعي وإحراق الأحياء وانتهاك الأعراض والحرمات وفقءٍ لأعين الرجال وبقر لبطون الأطفال وذبح بالخناجر وفصل للرؤوس عن الأجساد, وقد نشرت صور لبعض هذه المذابح في جريدة المسلمون 26 شوال 1408 هـ, وما بين عامي 1392- 1404هـ قتل أكثر من 30000 مسلم من النساء والأطفال وكبار السن, وفر أكثر من 300000 مسلم وتم احراق300 ألف منزل وتدمير مائة قرية ومدينه إسلامية وأكثر من 500 مسجد(21).(1/8)
** مذابح المسلمين في الهند منها مذبحة احمد أباد عام 1970 م التي ذهب ضحيتها 15 ألف مسلم باعتراف انديرا غاندي نفسها, وارتكب فيها الهنادكة(عباد البقر) أفظع العمليات غير الإنسانية منها إحراقهم 300 امرأة مسلمة بالنار وهن أحياء, أيضا مذبحة آسام الشهيرة التي ذهب ضحيتها 50 ألف مسلم علي أيدي الهنادكة من أعضاء الحكومة المركزية,..أيضا مجزرة ميروت ومليانه عام 1987م(22).
** مأساة المسلمين في فطاني في تايلاند حيث قامت الحكومة البوذية بحرب الإسلام وإغلاق الكتاتيب وإفساد عقائد المسلمين وقامت بتصفية الدعاة والعلماء وتم حرق 100 شاب مسلم بالبنزين, وصرح رئيس البوليس في جنوب تايلاند أن حياة المسلم لا تساوي 26 سنتاً فقط أي قيمة الرصاصة, كما اغتصبت أراضى المسلمين الخصبة وأحرقت قراهم(23).
** مذابح المسلمين ومآسيهم في كشمير, حيث قتل أكثر من 44000 مسلم وجرح أكثر من 67000, واعتقل أكثر من 000و40 مسلم, وبلغ عدد المنازل والمتاجر والمساجد والمدارس المهدمة 129000 منزل ومسجد, بالإضافة إلى آلاف النساء المغتصبات(24).
** مذابح الأفغان العديدة والقتل والتدمير الكبير الذي حصل لهم على يد الروس قبل خروجهم من أفغانستان.
** مأساة المسلمين في بورما, وشمل ذلك قتل المسلمين وتشريدهم وإحراق المساجد وتعذيب المسلمين, ولجأ ما يزيد على نصف مليون مسلم بورمي إلى بنغلادش(25), وكثير آخرون لجئوا إلى أقطار أخرى متفرقة في العالم الإسلامي .
** مذابح المسلمين في ليبيريا في أواخر الثمانينات الميلادية حيث أحرق الوثنيون!!105 مساجد وقتلوا الأئمة وقطعوا السنة المؤذنين, وقتلوا أكثر من 2000 مسلم مع التمثيل بجثثهم بعد فصل الجمجمة عنها, وأحرقوا عشرين قرية بأكملها واغتصبوا المسلمات وقتلوا الحوامل ولجأ أكثر من 167 ألف مسلم إلى غينيا وساحل العاج(26).(1/9)
** مذابح المسلمين في سيريلانكا على يد المتطرفين التاميل, وهي مذابح عديدة ومتكررة, ذبحوا فيها المئات والآلاف من المسلمين واغتصبوا النساء وذبحوا الأئمة, وقتلوا 168 من الحجاج الذين كانوا في طريق عودتهم إلى منازلهم, واشتهرت مذابحهم بحصول العديد منها على المصلين في المساجد, وخلفت هذه المجازر الآلاف من اللاجئين والآلاف من المقعدين والأيتام(27).
** مآسي المسلمين الأكراد أحفاد صلاح الدين الأيوبي بطل حطين مستعيد القدس, وما كانوا ولا زالوا يلاقونه من اضطهاد وبطش وتشريد ومعاناة ضخمة(28), ومنها مذبحة حلبجة التي قتل فيها الآلاف بما فيهم الأطفال والنساء.
** مأساة الشعب العراقي أثناء حرب الخليج الأولى, فدمرت في الحرب الكثير من الجسور ومحطات الكهرباء ومحطات تصفية المياه وغير ذلك من البنى الأساسية للعراق,.. ثم المأساة الكبيرة التي حدثت للشعب العراقي من جراء الحصار الاقتصادي الذي أدى إلى وفاة مئات الآلاف من الأطفال(500000طفل) وعدد كبير من البالغين نتيجة انتشار أمراض نقص التغذية وغيرها من الأمراض وقلة توفر الدواء.
** هدم المسجد البابري التاريخي الشهير في الهند عام 1992م(29), والذي يعتبر هدمه إهانة وتحدي للأمة الإسلامية .
** مأساة البوسنة والهرسك الأخيرة التي شهدها العالم الإسلامي بالصوت والصورة, حيث قتل عشرات الألوف قتلا وذبحا(قتلوا ذبحا ابنين لعجوز بوسنوي أمام عينيه)، وتم اغتصاب الآلاف من النساء بما فيهن صغيرات السن(أقيمت معسكرات للاغتصاب الجماعي وأصبح آلاف المسلمات سبايا للجنود الصرب وأحيانا يقدمن للترفيه عن جنود القوات الدولية!!), وذبح الأطفال ويتموا، وشرد الشعب البوسنوي، وتم حرق وهدم المساجد, وحرق 1000 طفل في أحد الجوامع في سراييفو(30), وبلغ عدد اللاجئين أكثر من مليونين ونصف(31).(1/10)
وفيها حدثت المذبحة الرهيبة التي حدثت للمدنيين عند سقوط مدينة سريبرينيتسا في 11 يوليو/1995م عندما دخلها الصرب مع أنها كانت وقتها منطقة آمنة تحت حماية الأمم المتحدة!, فشرد أهل هذه المدينة بأجمعهم بعد المجزرة الرهيبة التي حصلت لهم حيث نتج عن هذه المجزرة آلاف القتلى( وصل القتلى إلى20 ألف حسب بعض الإحصائيات)(32) وخرج أهل المدينة بما فيهم الأطفال والعجزة والنساء وهم في فزع عظيم يهيمون في الشعاب والغابات باتجاه مدينة توزلا(33)؛ ورأينا نحن المسلمين بأم أعيننا التي تشهد علينا يوم القيامة الهول العظيم الذي حصل للمسلمين فيها ورأينا الفزع والبكاء المرير من الأطفال والنساء الذي يبكي الحجر وينطبق فعلا عليها قول الشاعر؛
لمثل هذا يموت القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان(34).
** مأساة المسلمين الأذربيجانيين على أيدي الأرمينيين.
** مأساة أهل السنة في إيران وما يلاقونه من اضطهاد في عقيدتهم وفي أنفسهم.
** مأساة كوسوفا شهدها العالم الإسلامي أيضا بوضوح, حيث ذبح الآلاف وشرد مئات الألوف, وتم ذبح أطفال أمام أعين آبائهم, ودمرت قرى بأكملها بالحرق أو بغيره, واغتصبت فيها المسلمات(35),.. وفي هذه المأساة فر 700,000 مسلم من الصرب إلى مجاهل الغابات حيث هلك الكثير منهم جوعاً ومرضاً وبرداً (36).(1/11)
** مأساة الشيشان شهدها العالم الإسلامي أيضا بوضوح, ...قتل لعشرات الآلاف, وتشريد لمئات الألوف, تدمير مدن وقرى بأكملها براجمات الصواريخ, حرق المنازل, أنهار من الدماء, تقطيع وصلب الأحياء, ضرب الطوابير المهاجرة بالطائرات والرشاشات المدفعية, قتل للأطفال والنساء والمسنين, اغتصاب النساء, ذبح وحرق أطفال داخل روضة, قصف حافلة مليئة بالأطفال والنساء بصواريخ من طائرات مروحية,.. عدا التعذيب الرهيب ( قطع قدمي أسير وهو حي, ونزع كبد آخر وهو حي مع قطع يديه), ارتكاب الفاحشة بالأسرى نساءً ورجالاً ( اغتصبت فتاة عمرها 13 سنة حتى ماتت ), قصف سوق يعج بالمدنيين ,4000 شيشاني قتلوا في قرية في يوم واحد, واستخدم الروس في هذه المأساة أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا(37).
** مذابح المسلمين في إندونيسيا على يد النصارى, وهي من الجروح الأخيرة التي يقتل فيها المسلمون حتى في بلادهم, فقتل في جزر الملوك آلافٌ من المسلمين ذبحا وحرقا, وقتل مائتان من الطلبة المسلمين في مدرستهم, وقتل 1200 مسلم في مسجد بعد لجوئهم إليه حيث ذبح بعضهم ثم حرق المسجد على البقية وهم أحياء, وتم التمثيل بجثث المسلمين بقطع الرؤوس وبقر البطون(38).
** محنة الألبان الأخيرة في مقدونيا حيث يقوم المقدونيون النصارى-بمباركة من الغرب وروسيا كما هي العادة في كثير من مذابح المسلمين الأخيرة- بحرب إبادة ضد الألبان ومعالم دينهم(39).
** - مذابح ومآسي أخرى عديدة لم نعرفها أو لم تذكر !!.
تساءل الليل والأفلاك ما فعلت
جحافل الحق لما جاءها الخبر؟
هل جهزت في حياض النيل ألوية ؟
هل في العراق ونجد جلجل الغير ؟
هل قام مليون مهدي لنصرتها ؟
هل صامت الناس هل أودى بها الضجر؟
هل أجهشت في بيوت الله عاكفة
كل القبائل والأحياء والأسر؟
يا أمة الحق إن الجرح متسع
فهل ترى من نزيف الجرح نعتبر؟
ماذا سوى عودة لله صادقة
عسى تغير هذي الحال والصور(40)
? ? ?
…
السبب والعلاج(1/12)
(( كثر التساؤل عن واقع المسلمين الحاضر وأسبابه، وحارت العقول في فهمه وتعليله، وكثر الضجيج والعويل مما يدهم المسلمين من مصائب وحوادث ونكبات بين حين وآخر، والشقاء الذي قد لزمهم ولج بهم، حتى أصبح بعض الناس يعتقدون أن بين المسلمين وبين هذه الكوارث والملمات وبينهم وبين الشقاء والبلاء نسبا قريبا ورحما ماسة ))(41).. فما السبب ؟ !
إن السبب الذي أدى إلى استمرار المذابح والمآسي للأمة من قبل أعدائها وعدم قدرة الأمة على الرد وحماية نفسها وأبنائها وإيقاف الأعداء عن بطشهم هو ضعف الأمة الإسلامية وذلها وهوانها, الذي نتج عن بُعدِ الأمة عن التطبيق والالتزام الكامل بأوامر ربها في كل جوانب الحياة, حيث أن نصر الأمة وتحقيق العزة لها مرتبط بذلك؛ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ) (محمد:7), وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عمر:( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لايرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )(42), وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن ثوبان ( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن, فقال قائل وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت)(43).
يقول الشيخ العلامة الشنقيطي - رحمه الله في تفسيره أضواء البيان عن تفسير قوله تعالى ( إن تنصروا الله ) الآية (( ومعنى نصر المؤمنين لله، نصرهم لدينه ولكتابه وسعيهم وجهادهم في أن تكون كلمته هي العليا, وأن تقام حدوده في أرضه، وتتمثل أوامره وتجتنب نواهيه, ويحكم في عباده بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ))(44).(1/13)
وشيخ الإسلام ابن تيميه أوضح هذه الحقيقة في كتبه ورسائله, بل إن حياته كانت تطبيقاً واضحاً لهذه الحقيقة, فقد أعز الإسلام وأنقذ المسلمين من الذل بعد أن أنقذهم من الضلال, فبعد أن تبعه المسلمون وصحت عقائدهم وتركوا البدع والمعاصي نُصِروا في معاركهم مع الكافرين(45).
وأما سيد قطب رحمه الله فإن ما ذكره عن تأخر النصر ووسائل النصر للمسلمين قوي جداً في إبراز هذا الجانب, بل إنه يذهب إلى نواحٍ دقيقة عن مستوى الصدق والالتزام والإخلاص الذي ينبغي أن يتصف به المسلمون الذين يتنزل عليهم نصر الله وتمكينه لهم في الأرض.
يقول صاحب السماحة العلامة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله :(( فإذا قام المسلمون بنصر دينه والقيام بحقه ونصر أوليائه نصرهم الله على عدوهم ويسر أمورهم وجعل لهم العاقبة الحميدة, ---- فالرجل في بيته وفي المسجد وفي الطريق وفي السيارة والطائرة والقطار وفي محل البيع والشراء وفي الجهاد وفي كل مكان.. يجب عليه أن يتقي الله وأن ينصر دين الله بقوله وعمله وفي جهاده وفي جميع شؤونه, وهكذا المرأة في بيتها وفي كل مكان عليها أن تتقي الله وأن تنصر دين الله بقولها وعملها, ------ فالمعاصي من أسباب الخذلان ، كما أن معصية الرماة سبب الهزيمة يوم أحد ، وهكذا المعاصي كلها في كل وقت من أسباب الخذلان إذا ظهرت ولم تنكر تكون من أسباب الخذلان، وتسليط الأعداء وحصول الكثير من المصائب ))(46).(1/14)
و يقول الشيخ المجاهد محمد محمود الصواف رحمه الله : (( فبينما نحن معشر المسلمين أمة قاهرة ظاهرة في الأرض لنا الملك والسلطان والسيف والصولجان ؛ ولنا الكلمة العليا؛ إن قلنا أصغت الدنيا لقولنا؛ وإن أمرنا خضعت الأمم لأمرنا وسلطاننا,... فلما تركنا أمر ربنا وخالفنا قواعد ديننا وتنكبنا الطريق المستقيم الذي رسمه الله لنا وخط لنا خطوطه واضحة بينة قوية وأمرنا بالسير فيه وسلوكه، لما سلكنا هذا السبيل المعوج صرنا إلى ما صرنا إليه من الفرقة والشتات والذل والهوان, وهل في الدنيا والآخرة شر وداء وبلاء إلا وسببه الذنوب والمعاصي وترك الأوامر والنواهي ))(47).
يقول الشيخ العلامة محمد زكريا الكاندهلوي في كتابه القيم " أسباب سعادة المسلمين وشقائهم": ( فالعلاج الوحيد لتوقي الأمة المحمدية من المصائب والحوادث ومواجهة النكبات والخسائر إنما هو تركيز عنايتها بالاحتراس من المعاصي, فإذا ما صدر منها شيء من الذنوب تندم عليه وتستغفر الله منه وتتوب إليه )(48).
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في خطبة منشورة له عن أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (( فاتقوا الله عباد الله وانظروا في أمركم وتوبوا إلى ربكم وصححوا إليه مسيرتكم واعلموا أن هذه العقوبات التي تنزل بكم وهذه الفتن التي تحل بكم إنما هي من أنفسكم وبذنوبكم, فأحدثوا لكل عقوبة توبة ورجوعا إلى الله ))(49).
ويقول الشيخ حامد المصلح في رسالته القيمة الهامة عن أضرار الذنوب والمعاصي (( وإني بهذه المناسبة أوجه أنظار الأمة -خصوصاً قادتها من أمراء وعلماء و أهل الحل والعقد بالذات- و كل فرد في المجتمع المسلم أن يتقوا الله تعالى, و أن يبتعدوا عن المعاصي و الآثام و عن كل ما نهى الله عنه بقدر المستطاع, إذا أرادوا النصر والعز والسيادة والسعادة في الدارين.(1/15)
ولو تأمل متأمل في أحوال المسلمين اليوم لوجد أن لديهم من كبائر الذنوب ما الله به عليم فترى البدع و الشرك و الكفر و سائر المعاصي تمتلئ بها بلدان المسلمين, فضلاً عن صغائر الذنوب ))(50).
يقول فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل (( عباد الله: إنا لو تأملنا ما حل بالأمة الإسلامية من الكوارث الخاصة والعامة والحروب المدمرة والزلازل والفيضانات لوجدنا أن سببه الذنوب والمعاصي ومخالفة أمر الله(51)، وعدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عز من قائل: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ( الروم : 41 ) ))(52).
فالذنوب والمعاصي ليست فقط سبباً لذل أمتنا وانتصار الأعداء عليها وضعفها عن الرد, بل هي سبب لما يحدث للمسلمين من ابتلاءات وضعف وضيق في شتى جوانب الحياة(53), وكما يقول الشاعر:
تاللهِ ما نزلت بالعُرب نازلة إلا وتفريطهم في دينهم سبب(54)
ولا شك أن المعنى يشمل جميع المسلمين .(1/16)
والواقع أن أمتنا الإسلامية عموماً في عصرنا الحاضر حدثت وتوجد فيها انحرافات في أمور عقدية وشركيات, وضعفت في تحقيق التوحيد, وحكمت بغير ما أنزل الله في كثير من أمورها في كثير من بلاد الأمة, وانحرف فكرها انحرافاً كبيراً ,وانحصر مفهوم العبادة لديها, واختل ولاء وبراء العديد من المسلمين فأحبوا الكافرين وتشبهوا بهم, وبَعُد إعلامها بعدا رهيبا عن تعاليم الدين(55), وانتشر فيها الربا, واستهين بالغيبة والنميمة وأنواع عديدة من الظلم والغش وسوء الخلق, وتهاونت المرأة في حجابها ولباسها وعفتها, وفسد العديد من شباب الأمة, وأدخل المسلمون المنكرات في عقر دورهم, وابتعدت الأمة عن الالتزام الجاد والكامل بأوامر الله, وتغافلت عن أحكام الدين في كثير من الأمور(56), وقصَّرت في واجب الأخذ بأسباب القوة المادية اللازمة والإجتهاد فيها, وتحدت الله سبحانه وتعالى بالمعاصي حيث نرى كثيرا من الأشياء التي لايرضاها الشرع يجاهر بها(57) ويصر عليها ،..... وأخطر من هذا ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين المسلمين والذي هو من أهم أسباب استحقاق البلاء, وأخطر من ذلك التكبر على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, وازدراؤهم والتهكم بهم, واتهامهم بالتشدد والرجعية والتضييق عليهم, ... ونسيت الأمة أن الله جبار السماوات والأرض يغار ويغضب أن تنتهك حرماته وأن تعصى أوامره خاصةً عند الإصرار عليها والمجاهرة بها ، ونسيت الأمة أن الله مالك الكون غني عنها وهي التي لا غنى لها عنه ، ونسيت الأمة أنها كانت تهزم بسبب أخطاء محدودة أو تقصير بسيط في حق الله ، فكيف تريد أمتنا الفلاح والعزة وهي تجاهر الله بالمعاصي وتتخلى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟.
قال تعالى : (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)) (الشورى: 30 ) .
تعصون ربي جهارا فكيف ترجون نصرا(58).(1/17)
أذكر كلمة قوية مؤثرة جداً سمعتها ولازال صداها يتردد في أذني لأحد الدعاة وهو الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله في شريط له عن تفسير إحدى السور تكلم فيه عن واقع الأمة, فكان يقول بصوته الجهوري المؤثر ويردد ( والله إن ما بين الأمة وما بين الإسلام كما بين السماء والأرض, . . . ثم قال : كل الأمة كل الأمة كل الأمة مسؤولة عن هذا الهزء في دين الله ) لم يُسمِّ بُعْدَ الأمة بعداً فقط بل سماه هزءاً ,وهو كذلك في بعض مظاهره والتي تجعل الحليم حيرانا ,ولننظر كمثال على ذلك إلى واقع الإعلام والقنوات الفضائية(59)في بلاد المسلمين وأين هي من الدين وأحكامه, فضلاً عن الانحرافات الكثيرة في أفكار المسلمين وبيوتهم وأسواقهم بل قل في شتى أمور حياتهم .
لذا فالحل الأساس الهام الحقيقي الجذري الذي سيوقف المذابح والمآسي المتكررة بإذن الله, والذي ينبغي ألا يراودنا الشك بأنه الحل؛ هو العودة إلى الله والالتزام بشرعه في الصغيرة والكبيرة ( بما فيها واجب الأخذ بأسباب القوة المادية) ,فبهذه العودة يعود للأمة عزها ومجدها ومن ثم ستستطيع أن تنتصر لأبنائها من أعدائهم, وأن توقف وتمنع استمرار هذه الفواجع والمآسي في أي مكان كانت, لأنها تكون عندئذ قد نصرت الله فينصرها الله وينقذ بها وبجهادها الأمة من الواقع الأليم الذي تعيشه .
وما أجمل هذين البيتين الذين سبق ذكرهما, والذين يستحقان أن يكتبا بماء الذهب فقد عبرا ببلاغة عن مأساة أمتنا ووضحا وبينا الحل الحقيقي ؛
يا أمة الحق إن الجرح متسع فهل ترى من نزيف الجرح نعتبر
ماذا سوى عودة لله صادقة عسى تُغيِّر هذي الحال والصور
يقول الشاعر أحمد الجيتاوي في قصيدته أشجان الإسلام :
يا أمتي هل لهذا الليل آخِرةٌ وهل لهذا الأسى والذل فرقان
عودي إلى الله عوداً مخلصاً ودَعِي موارد الكفر إن الكفر خسران
ومحصي الدرس من تاريخنا تَجِدِي العز ما كان إلا كان إيمان (60)(1/18)
قال تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لايشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )
( النور:55).
سنملكُ أَمْرَ دنيانا إذا القرآن أحْيَانَا
ونورٌ في مفاوزنا وحكم في قضايانا
? ? ?
ما يحز في النفس
وان مما يحز في النفس عدم استشعار الأمة تماماً لهذا الجانب وعدم المسارعة إليه بقوة,..حتى أننا نجد الكثير من أبناء الأمة الصادقين في تألمهم لما يحدث للمسلمين من مذابح ومحن يسلكون شتى المسالك في سبيل مساعدة إخوانهم بدون أن يلتفتوا للحل الحقيقي, وحتى أن الكثير من الغارقين في المعاصي يتألمون بشدة لما يحصل لإخوانهم بدون التفكير في التوبة من ذنوبهم وما هم فيه من بعد عن ما يرضاه الله.
وأبناء الأمة فيهم الخير وقد يكون استشعارهم وإدراكهم لهذا الجانب حافزاً للكثير منهم للمسارعة في التوبة والعودة إلى الله والالتزام الكامل بأوامر الدين ...غيرة على واقع الأمة وواقع إخوانهم, ولنا شاهد في قصة إسلام حمزة رضي الله عنه عندما كانت بداية إسلامه تأثراً لما رآه من أذية المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما يستغرب له الإنسان ويتمنى أن ينتبه له المسلمون ويأخذوا منه العبر أن كثيرا من الذين أسلموا بعد أن كانوا كفارا يكونون أولا أعرف من الكثير من المسلمين بالمخاطر التي تواجه الأمة ومن أهمها البعد عن الدين, وثانيا تراهم يعملون بجد وحماس كبير لخدمة ونشر الدعوة إلى الله وخدمة المسلمين, والأمثلة على ذلك كثيرة بالمئات والآلاف ومنهم الكثير ممن لم يعرفوا ولكن نذكر منهم هنا مثلين؛(1/19)
الأول يوسف إسلام أو كات ستيفنز المغني البريطاني العالمي الذي أسلم وأصبح داعية للإسلام في وسط المسلمين! وغيرهم, وصار يعرف الآن بالداعية الإسلامي!( من مغني بوب إلى الداعية الإسلامي!!), وجُلَّ همه الدعوة إلى الله وخدمة الإسلام, حتى أنه أسس مؤسسة لخدمة الإسلام والمسلمين في العالم أسماها "العون الإسلامي", وهو يستحق أن تؤلف عن سيرته المؤثرة كتب عديدة تقدم لأبناء أمتنا في كل مكان, نسأل الله له ولنا الثبات على الحق.
والثاني هو المفكر الإسلامي محمد أسد النمساوي الأصل واسمه السابق ليوبولد فايس, والذي أصبح يتكلم عن هموم المسلمين ويحذر الأمة من الصليبية الحاقدة ومن عداوة الغرب للإسلام!!, ويُذكِّر المسلمين بأن عزهم في العودة إلى الإسلام!!, وأنقل هنا كلمة للدكتور مصطفى الخالدي كتبها في تقديمه لكتاب الإسلام على مفترق الطرق الذي ألفه محمد أسد: (( إنه درس دقيق لحال المسلمين اليوم من الناحية الثقافية والروحية, ومع أن ثمة سحابة كثيفة من التشاؤم تحوم حول نفس المؤلف، فإن هناك أيضاً بريقاً ساطعاً من الأمل باستعادة الإسلام غابر مجده ورجوع المسلمين إلى قوتهم الاجتماعية والثقافية الأولى, هذا البريق الساطع من الأمل يتلخص في جملة قصيرة: رجوع المسلمين إلى التمسك بحقيقة دينهم ))(61).
ولننظر عموما إلى العديد من المسلمين الجدد من شتى أنحاء العالم خاصة
من أمريكا وأوروبا وكيف أن الكثير منهم يكونون في القمة في التزامهم(62) رجالاً كانوا أو نساءً , وأيضا نجد الواحد منهم يمارس بعد إسلامه مباشرة دوره في الدعوة إلى الله! وحمل هموم المسلمين!!.
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) الآية (المائدة:54).
? ? ?
مصيبة ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والدعوة إلى الله(1/20)
لا شك أن بعد الأمة عن الالتزام الحق بالدين في شتى الأمور مصيبة, ولكن تعتبر قضية ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الانحرافات و المصائب التي وقعت فيها الأمة, فالمنكرات قد تحدث في أي مجتمع لكن أن يضعف الإنكار والإصلاح حتى تصبح بعض المنكرات سمات عامة للمجتمعات الإسلامية, بل وأن لا يشعر الكثير من المسلمين بأنها منكر وخطأ(63) نتيجة لضعف الإنكار , بل وقد ينكر على من ينكرها في بعض الأحيان,.. لاشك أن ذلك من الطامات الكبرى التي حصلت في مجتمعات المسلمين .
ومن المهم جداً أن نتذكر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل الدعوة إلى الله بمعناها الأوسع, وذلك حتى لا تعتقد الأمة أن دورها في الإصلاح يتوقف على الإنكار والأمر بالطريقة المباشرة فقط, بل إنه يشمل أيضا العمل على الإصلاح بكل ما يناسب من وسائل تساعد المسلمين على الالتزام بدينهم والعودة إلى ربهم, ويشمل البذل والتضحية بالمال وغيره في سبيل ذلك(64).
ولا يشك مسلم صادق في وجوب وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو ركيزة من ركائز الدين وواجب من أهم واجباته حتى عده بعض العلماء بمثابة الركن السادس من أركان الدين.
ولقد انشغل أكثر المسلمين في هذا العصر عن الدعوة إلى الله, وكأن هذا الواجب العظيم ليس من مسؤولياتهم الدينية التي سيسألون عنها يوم القيامة, خاصة في عصرنا هذا الذي كثرت فيه المعاصي والآثام وضعف فيه المسلمون واشتد كيد الأعداء ومكرهم وإجرامهم, فمن مشغول بمنصبه وعمله إلى مشغول بتجارته(65)وعقاراته وأسهمه, إلى مشغول بمنازله ومراكبه, وأما أمر الدين والدعوة والإصلاح فإن تذكره فله فضول الأوقات وفضول الأموال(66).
جُلُّ العباد بأمره متشاغل وعدونا في قتلنا يتآمر
في كل يوم يُستباح محُرم ومقارف للشرك بل ومجاهر(67)
? ? ?
ولا يُعْذَر الإنسان في تخليه عن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي(1/21)
عن المنكر حتى وان كان مقصرا في نفسه في بعض الأمور, والسلف ذكروا أن المسلم عليه أن ينهى عن المنكر حتى وان كان هو واقع فيه(68), فوقوعه في المنكر ذنب وعدم إنكاره على الآخرين ذنب آخر يسأل عنه, وحصول ذنب واحد أقل إثما من حصول ذنبين, فعليه الإنكار مع اجتهاده الصادق مع نفسه في ترك المنكر(69).
قال تعالى : (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (آل عمران: 104)
وقال تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) الآية (آل عمران: 110)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي(70).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا ) رواه أبو داوود وابن ماجة(71).
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( إن الناس إذا رأو الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ) رواه أبو داوود وابن ماجه والترمذي وصححه(72).
? ? ?
يقول ابن قدامة المقدسي: ((اعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهم الذي بعث الله به النبيين, ولو طوي بساطه لاضمحلت الديانة وظهر الفساد وخربت العباد ))(73).
ويقول الشوكاني عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (( وجوبه ثابت بالكتاب والسنة، وهو من أعظم واجبات الشريعة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يكمل نظامها ويرتفع سنامها))(74).(1/22)
ويقول الإمام الغزالي: (( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهمة التي ابتعث الله لها النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد، وقد كان الذي خفنا أن يكون فإنا لله وإنا إليه راجعون، إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه، وانمحق بالكلية حقيقته ورسمه، فاستولت على القلوب مداهنة الخلق، وانمحت عنها مراقبة الخالق، واسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وعز على بساط الأرض مؤمن صادق لا تأخذه في الله لومة لائم، فمن سعى في تلافي هذه الفترة، وسد هذه الثلمة، إما متكفلا بعلمها، أو متقلدا لتنفيذها، مجددا لهذه السنة الدائرة، ناهضا بأعبائها، ومتشمرا في إحيائها, كان مستأثرا من بين الخلق بإحياء سنة أفضى الزمان إلى إماتتها، ومستمسكا بقربة تتضاءل درجات القرب دون ذروتها ))(75).
يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله:( إن الواجب على الأمة التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى, والصدق في ذلك في كل بلد وفي كل قرية وفي كل قبيلة, عليهم أن يتناصحوا ويتواصوا بالحق والصبر عليه, ويتعاونوا على البر والتقوى ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر حتى لا تصيبهم كارثة بسبب ذنوبهم )(76).
وقال رحمه الله: ( يتضح لكل طالب علم أن الدعوة إلى الله من أهم المهمات, وأن الأمة في كل مكان وزمان في أشد الحاجة إليها, بل في أشد الضرورة إلى ذلك)(77).
? ? ?(1/23)
بل حتى أن عدم إنكار المنكر بالقلب والذي حقيقته أن يتألم الإنسان وأن يكون كارها له (أي ليس إنكارا معرفياً فقط بل أيضا إنكاراً وجدانياً يتأثر به القلب وينفعل له) هو من أسباب استحقاق العقوبة, فعن جابر أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( أوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام أن اقلب مدينة كذا وكذا بأهلها, فقال: يا رب ! إن فيهم عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين، قال: قلبها عليه وعليهم، فإن وجهه لم يتمعر فيَّ ساعة قط)(78).
وهذا الجانب أي الإنكار الحقيقي بالقلب وحصول التألم عند رؤية المنكرات قَصر فيه العديد من الدعاة إلى الله فضلا عن عامة الناس.
يقول العلامة الكاندهلوي [ وهناك مئات من الأحاديث تحتوي على معنى الوعيد إذا لم يتألم المرء بالمنكرات، يعني إذا لم يقدر على تغييرها فلابد من أن يستنكرها ويتألم منها.
ولننظر الآن إلى الحالة التي نعيش فيها، ونفكر في العقوبات والبلايا التي نستحقها، بالنسبة إلى المعاصي والذنوب التي تصدر منا، وبالنسبة إلى تألمنا وقلقنا بالمنكرات التي نشاهدها، وكيف يرجى - وحالنا هذه - أن تستجاب دعواتنا، وتحل مشكلاتنا، وتنقرض المحن التي نعاني منها، ..وإذا كان الله لا يأخذنا بعذاب يفاجئنا، ونقمة تقضي علينا جميعا، فذلك بفضل رحمة الله علينا، ودعاء نبيه صلى الله عليه وسلم ](79).
? ? ?(1/24)
ولاشك أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تزداد أهميته في عصرنا الحاضر الذي يعتبر -كما يذكر ذلك العديد من علماء الأمة ومفكريها وكما نراه- أسوأ واقع مر على أمتنا الإسلامية سواء في بعدها عن الله أو في ضعفها وذلها العظيم, بل إن الواقع يخبر بأنها أصبحت أذل أمه على وجه الأرض(80), فحتى الوثنيون وعبدة البقر والمتخلفون يستأسدون أكثر ما يستأسدون على المسلمين, وجراحها كثيرة جدا, ومن شتى الأنواع والأشكال, من إهانة للإسلام إلى ذبح المسلمين إلى ..إلى, ...وهذا بحد ذاته أي سوء واقع الأمة منكر عظيم يجب إزالته بكل الوسائل الممكنة, وكل الامة مسؤولة عنه, وأعظم مزيل له الدعوة إلى الله, ...فالله الله يا أمة الإسلام في هذا الركن العظيم في هذا المنكر العظيم.
? ? ?
وعلينا بذل غاية الجهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله, وتعظم المسؤولية بقدر ما أعطي المسلم من قدرات وإمكانيات مادية أو غيرها (81) مما يساعده على ذلك,.. ولنتذكر ونقرأ الآيات العظيمة من كلام ربنا التي تذكرنا بواجبنا في البذل والعطاء لدينه.
قال تعالى :) قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) (التوبة:24).
? ? ?(1/25)
ومن المعروف أن الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر من أهم أسباب رفع العقوبات عن الأمم, لذا فمن الخطورة العظيمة معاداتهم والتصدي لهم, قال تعالى في الحديث القدسي ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب )(82), وهم ليسوا معصومين من الخطأ فهم بشر يصيبون ويخطئون, وإن كانوا مظلومين في واقعنا في كثير من الأخطاء التي تنسب لهم , وحتى عندما يخطئون في تصرف ما يتعلق بدعوتهم فكثيرا ما يكون سببه ردة فعل لخطأ أكبر حصل في مجتمعهم, ولكن على العموم إن أخطؤوا فيجب ألا يكون خطأهم دافعا للنيل منهم.
يقول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: (إن هؤلاء الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم واجهة الأمة، هم الذين يذبون عنها أسباب العقاب والعذاب, فعلينا أن نناصرهم علينا أن نكون في صفهم, علينا إن أخطؤوا أن نعرفهم الخطأ وأن نحذرهم منه, وان نرشدهم إلى ما فيه الهداية, لا أن نجعل ما أخطؤوا فيه وسيلة لإزالتهم وإبعادهم)(83).
خاصة أنهم ممن بدعوتهم يحصل بإذن الله رجوع للمسلمين إلى التمسك بدينهم الذي به يتحقق نصر الأمة وإنقاذها, ..فالوقوف في وجههم يعتبر إعانة لأعداء الدين وسبباً لاستمرار مذابح الأمة ومآسيها, حيث ستتأخر الوسيلة التي بها توقف هذه المآسي, والتي يعود بها للأمة العز والمجد والقوه, ألا وهي العودة والرجوع إلى الالتزام بشرع الله وأوامره ونصره تعالي كي ينصرنا.
? ? ?
تنبيه لا بد منه
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
لا شك أن أمتنا ابتعدت عن التطبيق الكامل للدين في أمور كثيرة, ووقعت في محظورات عديدة, بعضها في العقيدة وبعضها من الكبائر وبعضها من الصغائر, والانحرافات في العقيدة وتحكيم غير شرع الله والكبائر لاشك أنها الأهم لكن موضوع الصغائر يحتاج إلى تنبيه خاص؛
أولا: لأنه قليلا ما يذكر وينبه على خطره,..
وثانيا: لكثرة انتشار الصغائر وتساهل الكثير من المسلمين في شأنها,(1/26)
وثالثا: لأن الكثير من المسلمين ممن نحسبهم من أهل الخير والفضل سلموا من الوقوع في الكبائر إلا أنهم مصابون بداء الإصرار على الصغائر ,.. وهذا خطير من جوانب عديدة, فعلماء الأمة أوضحوا قاعدة مهمة يجب الانتباه لها وهي أن الصغائر تصبح مع الإصرار كبائر(84), كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ( لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار )(85), بل إن بعضهم ذكر أن كبيرة يعملها الإنسان ولكنه في نفسه نادم على عملها أرجى في المغفرة من صغيرة يصر عليها غير مبالٍ بنظر الله إليه وهو يعملها, فاستصغار الذنب يجعله عظيما عند الله .
يقول ابن القيم: ( هاهنا أمر ينبغي التفطن له, وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر, وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء, وعدم المبالاة, وترك الخوف ما يلحقها بالكبائر, بل يجعلها في أعلى رتبها )(86).
قال صلى الله عليه وسلم:(( إياكم ومحقرات الذنوب, كقوم نزلوا في بطن واد, فجاء ذا بعود, وجاء ذا بعود, حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))(87).
ويقول ابن القيم:( فالإصرار على المعصية معصية أخرى, والقعود عن تدارك الفارط من المعصية إصرار ورضى بها, وطمأنينة إليها, وذلك علامة الهلاك, وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب, مع تيقن نظر الرب جل جلاله من فوق عرشه)(88).
وقال أيضا:(إن استقلال المعصية ذنب, كما أن استكثار الطاعة ذنب, والعارف من صغرت حسناته في عينه, وعظمت ذنوبه عنده, وكلما صغرت الحسنات في عينك كبرت عند الله, وكلما كبرت وعظمت في قلبك قلت وصغرت عند الله, وسيئاتك بالعكس)(89).(1/27)
وقال أيضا متحدثا عن العقبات التي يضعها الشيطان ليضل الإنسان: ( العقبة الرابعة؛ وهي عقبة الصغائر فيقول له:ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم, أوما علمت بأنها تُكفَّر باجتناب الكبائر وبالحسنات, ولا يزال يُهوِّن عليه أمرها حتى يصر عليها, فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالا منه, فالإصرار على الذنب أقبح منه, ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار, ولا صغيرة مع الإصرار)(90).
? ? ?
والتساهل في الصغائر يؤدي إلى التساهل في أمور أكبر, فالواقع أن تهاون الأفراد والمجتمعات في الكبائر كان غالبا ما يسبقه تهاون وتساهل في فعل الصغائر, ولو تركنا الإصرار على الصغائر لخجل الكثير من المصرين على الكبائر من ذنوبهم, ولكن تهاونا فشجعناهم !.
ولعله من المناسب أن يُذكَّر هنا أيضاً بأن العديد من الكبائر أصبح الكثير من المسلمين يتساهلون بها اعتقادا منهم أنها من الصغائر(91).
? ? ?
ومن جانب آخر فإن الذنوب عموما في عصرنا هذا تعظم ويشتد خطرها وأثرها نظرا لحساسية الظروف التي تعيشها أمتنا حاليا, والتي تزيد وجوب الإنابة والتوبة سواء كانت ذنوبا كبيرة أو صغيرة, وقد يدخل هذا تحت القاعدة الشرعية المتعلقة باختلاف إثم الذنب حسب الزمان والمكان الذي يعمل فيه.
وظروف أمتنا حاليا لا تحتاج ترك الذنوب فقط, بل تحتاج إلى أن نتقرب إلى الله أكثر وأكثر ليَقْرُبَ منا بإذن الله النصر والتمكين, ..فليتنا لا نخدع أنفسنا وأمتنا بأن نقول هذا الأمر أو ذاك بسيط وصغير!,..وحتى لا يصل الأمر إلى حد أن نَمُنَّ على الله !!! الغني عنا بأننا نفعل كذا وكذا ولم نقع في كذا وكذا.(1/28)
نقطة أخرى هامة نُنَبَّه عليها إخوتنا الذين يتساهلون في الصغائر وغيرها من أصحاب الفضل في أعمال برٍّ مختلفة من نوافل وصدقات وغيرها بأن عليهم ألا يجعلهم الشيطان يركنون إلى أعمالهم الصالحة, فالمسلم لا يضمن قبول عمله خاصة أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أنه يتقبل من المتقين, ولا شك أن استخفاف المرء بالصغائر قد يكون أحد علامات ضعف التقوى, وسلفنا الصالح كانوا يخافون من عدم القبول مع أنهم كانوا على درجة كبيرة من الصلاح في كل جوانب حياتهم, ورسولنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن أعبد الناس هو الذي يبتعد عن المحرمات, وأحب الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله هي أداء ما افترضه الله.
قال عليه الصلاة والسلام:( اتق المحارم تكن أعبد الناس )الحديث(92),
وقال أيضا فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي:( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه )(93).
فعمل الواجبات وترك المحرمات أهم وأحب إلى الله وأرفع لدرجات العبد من شتى النوافل والصدقات, وللسلف أقوال مأثورة عن ذلك(94).
فالله سبحانه غني عن العباد وليس بحاجة لهم وأحب شيء عنده كما بُيِّن سابقا الالتزام بأمره في الصغيرة والكبيرة.
? ? ?
لندرك تماماً طريق الخلاص والنصر
علينا أن ندرك جازمين بأن أمتنا الإسلامية لن تنتصر النصر الحقيقي الكامل ولن يتحقق لها السؤدد والعزة إلا عندما تعود إلى الالتزام التام بدينها, وهذا هو الطريق الذي سيبارك في ما ستبذله أمتنا وقتها بصدق وجد من جهود لتقوية شأنها من النواحي المادية، وذلك لأن سنة الله اقتضت أن النصر لأمتنا لا يتحقق بدون عودة صادقة إليه وبدون تقوى له ونصر له سبحانه بتطبيق أوامره.(1/29)
ومن المعروف على مدى العصور أن أمتنا كانت ذات شأن في القوة بل وفي التقدم المادي عندما كانت مطبقة لدينها, وأن بداية تأخرها وضعفها وتفرقها وذهاب عزها تحصل عندما تنحرف عن دينها وشريعة ربها, لذا فالتخلف التقني والعسكري والتفرق في الأمة الإسلامية لاشك أنه من أسباب ضعفها(ويجب على الأمة أن تجتهد في إصلاحه), ولكنه متعلق وناتج بالدرجة الأولى من ُبعدِها عن الله و حقيقة منهج الإسلام(95), وهو بالدرجة الأولى عرضٌ للمرض الأساس للأمة وليس هو المرض نفسه.
ثم إن الأمة الإسلامية إذا صدقت في العودة إلى الله والاستقامة على شرعه ثم جاهدت أعداءها- في الوقت والظرف المناسبين- فهي منصورة بإذن الله ولو لم تصل في العدة والعتاد والاستعداد إلى مثل مستوى أعدائها, فهي مطالبة فقط بأن تعد ما تستطيعه من القوة وقتئذٍ. وتاريخنا الإسلامي شاهد على انتصارات المسلمين الكثيرة على أعداءٍ لهم فاقوهم كثيرا في استعداداتهم المادية.
قال تعالى: ( ((((((( ((((( ((((((((( (((((( ((((((((((((((( ( (الروم:47).
إن مشكلة الأمة وسبب محنتها هي بعدها عن دينها وعزها في الرجعة إليه؛
شريعة الله للإصلاح عنوان وكل شيء سوى الإسلام خسران
تاريخنا من رسول الله مبدؤه وما عداه فلا عزٌ ولا شان (96)
لقد قالها الفاروق رضي الله عنه من قبل وسطرها كلمة تاريخية للأمة على مر العصور ( إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام, فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله )(97).
إن يسلخ العرب من إسلامهم رجعوا على شمال المعالي بعض أصفار(98)
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله:(1/30)
(( والذين يرجعون هزيمة العرب أمام اليهود خصوصا في المعارك الأخيرة إلى عبقرية اليهود إنما يريدون مواراة قصة استغفال محزنة, . . إنهم يريدون أن نذهل عن عيبنا كي تتكرر المأساة نفسها, . . --- فهل نعمى عن علتنا المهلكة ثم ننسب النتائج إلى الوهم، ونزعم أن اليهود غلبونا لعبقريتهم الحربية وتفوقهم في كذا وكذا. . .
يقول التاريخ أن شبيها لهذه المأساة وقع من تسعة قرون، فقد انهزم العرب أمام الحملة الأولى للصليبيين دون سبب معقول !
كان الصليبيون قد هبطوا من أوربا إلى الشرق الأوسط وهم يجرون أقدامهم جرا ، وبلغت بهم المجاعة إلى حد أن أكلوا الجيف، ولم تكن ظروفهم تمكنهم من كسب أي معركة .
ومع ذلك فقد هزموا العرب الموفوري القوة والعدة والصحة والشبع، وذبحوا سبعين ألفا منهم في القدس !!
لماذا ؟ لأن العرب كانوا في حال من الفرقة والبطر والفسوق والغفلة تحرمهم من رعاية الله، وتبعد عنهم النصر القريب. . ! ))(99).
ما رفرفت فوق هام العرب رايات إن لم تصنها من الإسلام آيات(100)
وقال أيضا رحمه الله في كلمة له بعد مجزرة صبرا وشاتيلا: ( إذا لم يعتنق العرب الإسلام, وينتموا إليه ظاهرا وباطناً, فلينتظروا خسفا ومسخا ومذابح أخرى )(101).
ويقول الأستاذ عبد الله راشد السنيدي في مقال له عن مقومات النصر على إسرائيل أنه مهما تعددت الطرق والأساليب فإن أمر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها,.. ومن المقومات الأساسية للنصر التي ذكرها التزام المجتمعات الإسلامية بأمر دينها,.. فمما قاله:
[ إصلاح الوضع الداخلي إدارة ومجتمعاً بإزالة كل ما يتعارض مع الشريعة
الإسلامية مما يعتبر معصية لله ورسوله، وذلك تمشياًً مع قول الله سبحانه وتعالى:
(( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) ](102).
لن تُرجِعَ العبرات حقاً ضائعا إن تنصروا الرحمن حقاً تُنصروا(1/31)
وحبذا الرجوع إلى رسالة جميلة مختصرة عنوانها "ما هو سبب تخلف المسلمين"(103), وأيضا الرجوع إلى الكتاب الهام القيم الرائع للدكتور ماجد الكيلاني" هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس" والذي تدور فكرته الأساسية في أن سر انتصار صلاح الدين هو المنهج الإصلاحي الذي قاده آل زنكي ثم صلاح الدين والعلماء الصادقون قبلهم ومعهم, فأصلحوا المسلمين ثم تحقق النصر(104), وأيضا كتاب "الجهاد والتجديد في القرن السادس الهجري" للشيخ محمد الناصر, وكتاب "حتى نغير ما بأنفسنا" للشيخ د عدنان النحوي.
? ? ?
عملنا شيئاً للمهم
وتركنا التركيز على الأهم
إن دعم المسلمين الذين يتعرضون للمذابح والتشريد بالمساعدات المادية والدعاء لهم(105) - على الرغم من أهميته ووجوبه والحاجة إليه وضرورة المبادرة إليه إلا أنه حل وقتي وجزئي لا يعالج أساس المشكلة.
فدعم المصابين ماديا والدعاء لهم هام وضروري, ولكن الأهم والحل الحقيقي الذي يعالج المرض من أساسه لا الأعراض فقط, والذي يكون حلا جذريا لا وقتيا وحلا كاملا لا ناقصا وحلا شموليا لا جزئيا, هو العودة إلى الله الذي هو طريق تحقيق السؤدد والعزة التي ستمكننا بإذن الله من حمايتهم مباشرة وإيقاف المذابح التي يتعرضون لها, بل منعها من أن تحدث وتتكرر,......ولقد قالتها مرةً كما سمعنا إحدى عجائز البوسنة في مأساة البوسنة الأخيرة وهي ترى استمرار الذبح في أبنائها وبني عشيرتها قالت: " نحن لسنا دجاجاً تسمنوننا ليذبحونا...أنقذونا", قالت ذلك وهي ترى عجز أمتها الكبيرة !! عن وضع حل جذري لمأساتها.(1/32)
حتى وإن طال وقت حدوث هذه اليقظة والتوبة والعودة للأمة, وبدا أنها تحتاج إلى وقت وصبر, فلا شك أنها هي الحل والطريق الموصل إلى استرداد الأمة عزها ومجدها وجهادها الذي يردع أعداء الدين. وعادة أن طريق العودة إلى الله وتربية الأمة على ذلك وتحقيق النصر يأخذ وقتا وجهدا, وذلك جزء من اختبار الله للأمة ليرى سبحانه ما تبذله من عمل وجهد وتضحية وصبر لتطبيق أوامره وإعلاء دينه.
? ? ?
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كلمة مسجلة له(106)تعتبر بالغة الأهمية, وقد قالها وسط غمرة أحداث الانتفاضة الفلسطينية المباركة الأخيرة وبالضبط يوم الاثنين 19رجب 1421ه, فقال رحمه الله معلقا على الأحداث:
(كيف نؤمل النصر ونحن هذه أفعالنا ونياتنا, إذن لنرجع لأنفسنا.. لا تأخذنا العاطفة !.........المسجد الأقصى لا يمكن أن يرجع إلا إلى أصحابه ومن هم أصحابه...اسمع قول الله عز وجل(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..(إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين).......لن يرجع المسجد الأقصى إلا إذا قاتل المسلمون لله عز وجل, لكي تكون كلمة الله هي العليا مهما عمل الناس, .........أرجو ألا تأخذنا العاطفة ألا تأخذنا العاطفة! وأن نغفل عن الأشياء الأساسية!......... نحن لا نرضى أن يقوم طاغية من طغاة اليهود كشارون يطوف ببيت المقدس لإهانة المسلمين ولكي يرتفع عند قومه من وجه آخر...لا نرضى بهذا أبدا ولن يرضى بذلك أي مسلم...ولكن علينا أولا أن نصلح أنفسنا,...أنفسنا ما صلحت إلا ما شاء الله...فكروا بهذه الأمور..لا تأخذكم العاطفة).(1/33)
يقول الأستاذ منير سعيد الذي كتب كتابا قيماً عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى يستحق الإشادة, فحسب ما اطلعت عليه من الكتب التي تكلمت عن أحداث ونوازل الأمة في بلاد معينه, وجدت أن كتابه من الكتب القلائل التي ربطت بوضوح بين عودة الأمة إلى الله وبين تحقيق النصر كما سيتبين ذلك في كلماته التالية:
(إذا كانت الانتفاضة المباركة تمثل أمل الأمة في التحرير والنصر فإنها لا يمكن أن تُوصِل إلى النصر إلا إذا تضافرت معها جهود الأمة كاملة, ولكن أمة الإسلام اليوم تعيش واقعا بعيداً كل البعد عن مقومات النصر وأسبابه مما يتطلب منها أن تعيد النظر في هذا الواقع بما يكفل لها تحقيق الشرط الرباني في تحقيق النصر.....
إن العودة لله تعالى تتطلب منا أن نحقق في ديارنا مبادئ الإسلام الحنيف التي تدعو إلى العدالة والحرية والمساواة وتجعل التقوى ميزان التفاضل بين الناس, و تتطلب منا محاربةً للمنكرات والمحرمات وأداء لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يشيع الخير في الأمة من جديد, عند ذلك فقط نسير في الطريق الصحيح الموصل إلى خيري الدنيا والآخرة, وعند ذلك نتلاقى مع إخواننا في فلسطين في نصرة الله تعالى فينزل علينا نصره الموعود)(107).
وإن من أكبر الدلالات أننا تركنا التركيز على الأهم وعلى طريق الحل الحقيقي لمآسي الأمة هو استمرار الفواجع والمذابح والمآسي التي لازلنا نراها وتكتوي الأمة بنارها يوما بعد يوم, فلم يوقف ما عملناه استمرارها ولم يُجْدِ أيضا ما نفعله من استرحام واستعطاف العالم!!لإيقاف مآسينا, فكل هذه لم تصنع حلا جذريا ,.. فالبعد عن الطريق الحقيقي للحل لا يحقق النتيجة المرجوة لأنه ليس الطريق !!.(1/34)
والمرجو ألا يفهم أن في هذا الكلام تقليلاً لأهمية دعم ومساعدة المنكوبين والمجاهدين, فكما ذكر فهو مهم, وما قدمناه لهم ماديا من مساعدات تعتبر أقل مما يحتاجونه ولا زلنا مقصرين في هذا الجانب, ولكن المقصود أننا ونحن نبذل في هذا المضمار علينا ألا ننسى المنقذ الأعظم بإذن الله لمآسي إخواننا ألا وهو عودتنا إلى الله والدعوة إلى ذلك, والذي سيؤدي بإذن الله إلى أن تقوم كل الأمة-ولو بعد حين- مجاهدة في سبيل الله, من أجل إعلاء كلمة الله, وهي ملتزمة بأوامر الله, فينصرها الله ويعلي شأنها.
قال تعالى: ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين.إنهم لهم المنصورون.وإن جندنا لهم الغالبون ) (الصافات:171-173).
? ? ?
هل شعرنا بالمسؤولية؟
(كي لا نكون سبباً في ذبح إخواننا!)
أو ما يحركك الذي يجري لنا
أو ما يثيرك جرحنا الدفاق(108)
إن علينا نحن المسلمين عامةً أفراداً وجماعات أن نشعر وندرك أننا مسؤولون عن استمرار مآسي الأمة من هذا الجانب, لأننا بتقصيرنا واستمرارنا في الذنوب وتركنا الجد في الدعوة إلى الله والإصلاح نكون سببا في ضعف الأمة, وبالتالي نكون سبباً في عجز الأمة عن حماية أبنائها ووضع حل جذري لهذه المآسي, فنكون من أسباب استمرار مذابح المسلمين!.
يقول سماحة العلامة ابن باز رحمه الله بعد كلامه عن أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم- وهي كلمة عظيمة ينبغي لكل الامة ولكل فرد من أفرادها أن ينتبه لها- :
(( ومتى فرط المؤمنون في هذه الأمور فهم في الحقيقة ساعون في تأييد عدوهم في نصره عليهم، والمعنى أن معاصي الجيش عون لعدوهم عليهم كما جرى يوم أحد ، فعلى المؤمنين جميعاً في أي مكان أن يتقوا الله ، وأن ينصروا دينه ، وأن يحافظوا على شرعه وأن يحذروا من كل ما يغضبه في أنفسهم ، وفيمن تحت أيديهم وفي مجتمعهم ))(109).(1/35)
وأحب أن أؤكد أن سماحة الشيخ رحمه الله لا يقصد بكلماته أن المسلمين الذين يسعون في تأييد عدوهم هم فقط أفراد جيش المسلمين في ساحة القتال, فإن ما يقصده عام ويشمل المسلم ولو كان في خارج ساحة المعركة, فهو بذلك يكون سببا في أن تكون العزة والمنعة والغلبة لأعداء الدين وهزيمة الأمة, بل إن أكثر كلامه في هذه الرسالة كان عن سلوك المسلمين في حياتهم ككل, وعن تطبيقهم لأوامر الله وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فليرجع إليها من أحب الاستزادة.
وما أبلغ هذه الكلمات للشيخ محمد الغزالي رحمه الله والتي تستحق أن تكتب بما هو أغلى من الذهب, وهي وإن كان على ما يبدو أن الشيخ يقصد أكثر ما يقصد بها الذين يقللون من أهمية الدين والتدين من المسلمين والذين يضيعون على الناس أحكام دينهم ويساعدونهم على التخلي عنها ويضيقون على الدين وأهله, إلا أن مدلول كلمته عام و يشمل كل مفرط في التزامه بأوامر الدين, لأنه بذلك كما ذكر الشيخ يرحمه الله يعين أعداء الدين على المسلمين, والشيخ أشار في مواضع عدة من كتابه "حصاد الغرور" إلى أثر الذين يفرطون في الالتزام بالدين على تحقيق التمكين للكافرين...
واسمحوا لي أن أقول مذكرا لإخواني المسلمين وأخواتي المسلمات ؛ ..ليتنا نكتب كلماته القادمة على باب كل مذنب ولاهٍ لأنه لا يذنب فقط في حق نفسه بل في حق أمته جمعاء, وحق اليتامى والثكالى والمذبحين, بل ليتنا نكتبها على باب كل مقصر في الدعوة إلى الله التي هي السبيل لعودة الأمة ككل, بل ليتنا نكتبها على باب الدعاة الذين يقصرون في دعوتهم وهم يرون أمتهم بها ما بها ثم لا يبذلون غاية جهدهم, بل وغيرهم وغيرهم لأن كل هؤلاء يؤخرون نصر الدين ويؤخرون الفرج على المسلمين.
يقول الشيخ الغزالي في هذه الكلمة:
(( إن الدين بالنسبة لنا نحن المسلمين ليس ضمانا للآخرة فحسب انه أضحى سياج دنيانا وكهف بقائنا.(1/36)
ومن ثم فإنى أنظر إلى المستهينين بالدين في هذه الأيام على أنهم
يرتكبون جريمة الخيانة العظمى، إنهم دروا أو لم يدروا
يساعدون الصهيونية والاستعمار على ضياع بلدنا وشرفنا ويومنا
و غدنا. . !!
فارق خطير بين عرب الأمس وعرب اليوم.
الأولون لما أخطؤوا عرفوا طريق التوبة، فأصلحوا شأنهم،
واستأنفوا كفاحهم، وطردوا عدوهم. . . ))(110).
يقول الشاعر الأستاذ محمد الوقداني في هذه الأبيات المعبرة كيف أننا بحق نساعد الأعداء بتقصيرنا:
نحن ساعدنا الأعادي بالتواني والرقاد
لو رأوا صفا قويا مستعداً للجهاد
لأنابوا واستجابوا ثم ثابوا للرشاد
غير أن الضعف يغري كل عاد بالتمادي(111)
ولا شك أن أقوى عدة للأمة هي صدقها مع الله وطاعتها له سبحانه, وهي التي تعدنا وتطلقنا بفعاليةٍ للجهاد ولإعداد القوة اللازمة له, ويتحقق لنا بها العزة والغلبة والنصر.
أخي المسلم هل أدركت الموضوع تماما, وبيقينك الجازم؟.
إنها مثل المعادلة: ذنوب(112) نفعلها بإصرار ومجاهرة... تؤدي إلى أمة إسلامية ضعيفة عاجزة عن حماية أبنائها... مما يؤدي إلى استمرار ذبح إخواننا(وقد يأتنا الدور ! نسأل الله السلامة والعافية).
والحل هو العودة إلى الله(113)والدعوة (عودة ودعوه), وأي تقصير منك في ذلك يعني ذبحا لإخوانك !!.
ولنستمع بقلوب مصغية لهذا النداء المؤثر في القرآن العظيم كلام ربنا سبحانه, مستشعرين جلال وعظمة ورهبة هذا التوجيه الكريم من سبحانه, مستشعرين جلال وعظمة ورهبة هذا التوجيه الكريم من ربنا وخالقنا المنعم علينا والغني عنا القوي الجبار سبحانه؛
قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون) (الأنفال:27).
ورد في تفسير هذه الآية ما ذكره ابن كثير ( والخيانة تعم الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدية)(114),
وتشمل كما ذكر سيد قطب في الظلال التخلي عن حمل أمانة الدين والدعوة إليه.(1/37)
وخالقنا العظيم الجبار يخاطبنا بقوله( وانتم تعلمون) وهي كلمه يعجز اللفظ عن استيفاء مدلولاتها وإيحاءاتها العظيمة التي تلقيها في النفس, فربنا العظيم يعاتبنا سبحانه عن تخلينا ونحن من العالمين بما حملناه من الأمانة والمسؤوليات.
وأخشى ألا يكون لنا عذر اليوم معاشر المسلمين..... بعد أن راينا ما رأينا..... بعد أن راينا ما رأينا.
? ? ?
ألا نخاف ونخشى؟
يا مسلمون أما نخشى من النِقَمِ كم من قتيل هَوَى والغَيْرُ في نَغمِ
كم من نساء ثكالى عَزَّ مُنجِدُهم كم من سبايا وكم من يُتَّمٍ ودمِ
يا مسلمون أفيقوا من رقادكم قبل المثول أمام الله والندمِ(115)
إن من الواجب علينا أن نتذكر عظمة ما يحدث من المذابح لإخواننا المسلمين عند الله وغضبه سبحانه و تعالى من ذلك, والذي يتبين من مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم )(116),
وقول ابن عمر رضي الله عنه عندما نظر إلى الكعبة فقال:( ما أعظمك وأعظم حرمتك, والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك )(117).
دوتأمل أخي المسلم كيف يكون شعورنا لو أن الكعبة تهدم أو تهان, .. أعلم أن غيرتك ستجعلك تتأثر تأثرا تعجز الكلمات عن وصفه,.. والتفت مرة أخرى وتأمل كلمة ابن عمر رضي الله عنه, ولتحكم بنفسك عن ماذا يمكن أن نقوله عن سلبيتنا في هذا الجانب- إلا من رحم الله- في تأثرنا وغيرتنا وعملنا لانقاذ أمتنا التي تذبح بالملايين!! .
تحاصرنا المجازر كل يوم وتهدم في مرابعنا الحصون
فيجب علينا الخوف والحذر إن لم نقم بمسؤولياتنا العظيمة تجاه ذلك.
وعلينا أن نشعر أن هؤلاء الذين يتعرضون للذبح هم إخواننا نتألم لألمهم ونبكي لبكائهم, بل إن رابطة أخوة العقيدة في ديننا أقوى من رابطة أخوة النسب, فكيف يكون شعورنا عندما يذبح لا أقول فقط يقتل أخ لنا في النسب,..
يا أخي في الهند أو في المغرب أنا منك أنت مني أنت بي(118)(1/38)
هؤلاء الذين يذبحون إخواننا, ...وحالنا لا يعبر حقاً عن ذلك, وإلا فأين تأثرنا, وكيف نلهو بالمعاصي وهم يبادون, وماذا عملنا من أجل إنقاذهم, لا أعتقد (وعذراً) أن ما عملناه من غيرةٍ من أجلهم يتماشى مع كلمة الأخوة بمعناها العظيم,.. ولكن يبدو أن أمتنا نسيت حقيقة معاني الأخوة في الدين, كما نسيت من قبل ذلك الكثير من معاني ديننا, بعد أن خدرها الملهون والمفسدون.
يقول صالح الجيتاوي في قصيدة له بعد احتلال إسرائيل جنوب لبنان عام 1982 وما حصل وقتها للمسلمين فيها من نكبة:
إني لأسأل في شكي وفي ألمي : أكان يربطُ حقاً بيننا سَببُ ! ؟
ناديتُكم وفؤادي حُرقَة وأسى ناشدتُكم كُل عِرقٍ حقهُ يَجِبُ
حتى الجلاميدُ قد رقَّت لما سَمِعَت والطير والبُهمُ والأشجار تنتحب
إن كان ذبحيَ لا يُذكي أُخُوتكم فما الأخوة إلا الغش والكذب(119)
ويقول أحد الشعراء على لسان طفلة منكوبة في العالم الإسلامي تخاطب المسلمين في كل مكان:
قلبي بكى متسائلا عن إخوة الإيمان
أتراهم قد خُدِّرُوا عن سمع كل بيان
أتراهم قد أُلجِمُوا فارتاع كل لسان(120)
ويقول د عبدالرحمن العشماوي:
هؤلاء الأبرياء
في زمان الرعب, ظلوا يصرخون
أين منا المسلمون ؟
أين منا المسلمون ؟
عازف يسلبُه اللهو صوابه
يحسب المجد على ثغر ربابه
وغنيٌّ يبتني قصرا ولا يملك بابه
وفقير يسرق اللقمة من ثغر ذبابه
أين منا المسلمون ؟(121)
يا سؤالاً لم أزل أدفن بالصمت جوابه!(122)
إن الواحد منا يتألم لو رأى ابنه يئن من ألم أو مرض بسيط, فما بال قلوبنا لا تتفاعل التفاعل المطلوب مع ما يحدث من مآسي لأطفال إخواننا الذين إن سلموا من الإصابات والعاهات الجسدية والمشاكل المادية فلن يسلموا من الإضطرابات والآلام النفسية من هول ما رأوا وما أصابهم.
يقول الشاعر أحمد حسبو في قصيدته (عندما يحزن العيد):
كيف السرور وصفوة من أمتي في الأرض بين مشردٍ وطريد
كيف السرور ولم تزل أخواتنا يصرخن من وغدٍ ومن عربيد(1/39)
يحملن في أحشائهن معرة من صلب كلب كافر رعديد(123)
ولنستمع يا إخوة الإيمان إلى هذه الأبيات المؤثرة للشاعر الراحل عمر أبو ريشة رحمه الله والتي يتكلم فيها متحسرا أولاً على مجد أمتنا الضائع والذي حق لنا أن نبكي من أجله, ثم يتكلم بحسرة عن واقعنا الحالي وتصرفاتنا ونحن نعيش وسط مآسي وآلام إخواننا.
وليتنا نستشعر أن أبياته تخاطب الأمة بأكملها أفرادا وجماعات, وليس فقط شريحة معينة منها, وذلك لأن تقصير الأمة بأفرادها ومجتمعاتها هو السبب لجميع مشاكلها, وهو الداء العضال الذي أفرز باقي الأدواء والانحرافات, ونخوة المعتصم يبدأُها كل واحد منا بنفسه بأن لا يرضى بأن يكون هو سبباً في استمرار مآسي إخواننا بأي تقصير منه في أي واجب أو وسيلة تكون سببا لإنقاذهم, ومن ذلك صدق عودتنا لله ونصرنا له حتى ينصرنا سبحانه ونوقف مذابح ومآسي إخواننا:
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتَلَقَّاك وطرفي مطرقٌ خجلاً من أمسِكِ المنصرم
ويَكادُ الدمع يَهْمِي عابثاً ببقايا كبرياء الألم
ألإسرائيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم
كيف أغضيت على الذل ولم تنفضي عنك غبار التهم
أوما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو من دم
اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دمع اليتامى وابسمي
رب وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
وينبغي أيضا أن نتذكر بأن عدم استيقاظنا من الغفلة, وعدم المسارعة إلى التوبة والإصلاح خاصة وسط هذه الظروف الشديدة التي تعيشها الأمة, ونحن نرى ما يحدث لإخواننا بأعيننا,.. يجعلنا نخشى أن يصيبنا مثل ما أصاب إخواننا, خاصة أن الأعداء حاليا متربصون ومحيطون بأمتنا من كل جانب!.
? ? ?(1/40)
قال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون.واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )) (الأنفال24-25),...
كتب سيد قطب رحمه الله صفحتين في تفسيره عن المعاني العظيمة من هذه الآية وعن معنى الاستجابة والتي تشمل الالتزام بالشرع والدعوة إليه والجهاد في سبيله,.. وأثر الاستجابة على الفرد والأمة ,.. وأثر التخلي في نزول الفتن والبلاء الذي ينزل وقتها حتى على الصالحين الذين لم يكن لهم دور في الإصلاح, فحبذا الرجوع إليها.
والأهم من عقاب الدنيا أن نخاف من السؤال بين يدي الله ومن العقوبة يوم القيامة,... ووالله إن نفس المؤمن لتهتز عندما يتذكر موقف السؤال يوم القيامة ولو كان سؤالاً عن أمر بسيط أو صغير, فكيف بنا لو استشعرنا عظمة السؤال عندما نسأل عن ماذا فعلنا ونحن نرى واقع أمتنا الحالي, وعن ماذا فعلنا من الواجبات العظيمة الملقاة على عاتقنا تجاه هذا الأمر.
يا صاحبي هلا ذكرت قيامةً وصحائفاً يوم الحساب ستنشر(124)
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث العظيم المخيف لكل مؤمن والذي رواه البخاري عن عدي بن حاتم: ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بين الله وبينه ترجمان ثم ينظر فلا يرى شيئا قدامه ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة, ثم قال اتقوا النار ثم أعرض وأشاح ثم قال اتقوا النار ثم أعرض وأشاح ثلاثا حتى ظننا أنه ينظر إليها ثم قال اتقوا النار ولو يشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبه)(125),وفي إحدى روايات الحديث في البخاري (ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه).(1/41)
يقول د وليد فتيحي في مقال له عنوانه"عيدٌ بأية حال عدت يا عيد": (كيف للقلب أن يسعد وفي الجسد آهات وأوجاع ؟ .. وكيف للعين أن تقر وهي ترى أمامها شريط أحداث العام السابق لأمتها, وكل ما يحتاجه أحدنا هو أن ينظر إلى الصحف العالمية ليرى أننا أصبحنا حديث العالم ومحور الصراعات والنزاعات والحروب والتشريد والجهل والفقر والجوع ففي أعضاء جسد الأمة الإسلامية من المآسي ما يضاهي مآسي شعوب العالم مجتمعة)(126).
فإذا لم نستيقظ الآن والأمة تذبح فمتى نستيقظ, وإن لم نستيقظ الآن والإسلام جريح جرحا عظيما غائرا فمتى نستيقظ.
قال تعالى: (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) (التوبة:105).
قال تعالى: (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) (البقرة:281).
وقال سبحانه: ((أن تقول نفس ياحسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين .أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقي.أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين )) (الزمر:56-58).
? ? ?
وهنا في ختام هذا الموضوع كلمة نوجهها لبعض إخواننا في الإسلام الذين يؤذون الداعين إلى الله, -الذين يقربون الأمة بإذن الله من طريق النصر- ويتهمونهم بشتى التهم ويسخرون منهم ويتهكمون بهم .
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند
قال تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) (الأحزاب:58) .(1/42)
نقول لهم اعلموا أن أعداء الدين إذا هَمُّوا بإبادة المسلمين في مكان ما فإنهم يتلذذون بقتل أي مسلم حتى وإن كان ممن شاركهم في تنفيذ مخططاتهم وحارب وآذى الدعاة إلى الله-إلا الصفوة منهم في ذلك!-, فيكفي لهم أنه مسلم لينال الإبادة, وانظروا إلى إخواننا في البوسنة والهرسك فقد ذبحوهم مع أنهم نظرا للجهل وغيره كانوا في بُعْدٍ كبير عن دينهم, فبعضهم كان لا يؤدي حتى الصلاة, وبعضهم كان لا يعرف من الإسلام إلا اسمه, ومع ذلك فعلوا بهم ما فعلوا!.
والمفروض أن يكون كل المسلمين صفا واحدا في وجه أعدائهم, فإن من فرقنا هم الأعداء شياطين الإنس والجن, خاصة بعد أن رأوا الصحوة في العالم الإسلامي فخافوا منها وأرادوا أن يميتوها أو يضعفوها بأية طريقة, ومن ذلك تشجيع بعض المسلمين! بطرق مختلفة قد لا يشعرون بها على الهجوم على الصحوة و المتدينين.
فنسأل الله العظيم أن يجمع قلوبنا وقلوبكم على الحق لنكون صفاً واحداً في وجه الأعداء الكائدين.
? ? ?
لندرك التحدي ونواجهه
بني الإسلام قد دوى النفير وفوق ربوعكم شب السعير
إخوتنا بني الإسلام في كل مكان إننا نواجه تحدياً كبيراً, فأعداء الأمة وجموع الشر قد اجتمعت لكي تحارب ديننا وتهزمنا, بل لنقل كي تبيدنا إذا سنحت لهم الفرص. فهم بإمكانياتهم الكبيرة وبجيوشهم وأسلحتهم الرهيبة قد تهيؤوا لحربنا وإبعادنا عن ديننا, ولكن وعلى الرغم من كل هذه الشرور والمخاطر فان وسيلة الأمان والنجاة بأيدينا إن عملنا لها, فبصدقنا مع الله وبتطبيقنا شرعه وبإرسالنا أرواحنا خفاقة مشرقة فيما يرضي الله يبزغ فجر النصر والغلبة والعودة إلى المجد.
أخي سنبيد جيوش الظلام ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها ترى الفجر يرمقنا من بعيد(127)
وعتابنا شديد لأمتنا التي تغفل أو تتغافل عن ما يخططه أعداء الدين, وقلوبنا لاشك ناقمة على الذين يخدرون ويضيعون الأمة بينما الأعداء منقضون عليها من كل جانب.(1/43)
يا أمة الإسلام جَلَّ مصابي وأطار كيدُ الخائنين صوابي
إني أعاتب فيك قلباً غافلا عما تُخبئُه يد القصاب
وأراك لاهيةً وغيرك لم يزل يَقِظاً يمد إليك كف خراب(128)
وإن الواقع الذي تعيشه الأمة وطريق الخلاص يمثل تحديا كبيرا تعيشه الأمة الإسلامية ويتحمل مسؤوليته كل المسلمين, خاصة أن أعداء الدين وما أكثرهم هذه الأيام يواجهوننا في هذا التحدي ويزدادون فيه يوما بعد يوم, ولننظر كمثال على ذلك إلى مخططات اليهود والنصارى لما بعد عام 2000(129).
وإن أعداءنا يدركون - في أحيان كثيرة أكثر من كثير من المسلمين - أهمية عودة المسلمين إلى دينهم في حياة الأمة الإسلامية, ويعملون ليل نهار لإبعاد المسلمين عن التزامهم بأوامر دينهم خاصة مع وجود الوسائل الحديثة القوية للإفساد مثل القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت السيئة(130).
والمسلمون في عصرنا أصبحوا مستهدفين بالإبادة والحرب من شتى ملل الكفر ونحله, وما نراه بأعيننا حاليا هو أقوى شاهد على ذلك, وهم يجهزون جيوشهم وعدتهم للاستمرار في حربنا وإبادتنا إن لزم ذلك خاصة أن عقائدهم الباطلة تحثهم على ذلك.
والغرب مع الشرق كلهم يجتمعون ويتحالفون ويتحدون من أجل حرب الإسلام فمن تحالف يهودي صليبي أصبح ظاهرا إلى تحالف يهودي هندوسي(131) إلى غير ذلك من تحالفات وعداوات قد لا نعرف بعضها.
تفرق شملهم إلا علينا فصرنا كالفريسة للذئاب
? ? ?
وعسكريا تقدمت عنا قوى الكفر العالمية بشكل رهيب في قوة أسلحتها, فقوانا مقارنة بقواهم لا تكاد تقارن, لا نقول هذا للتخويف منهم, فلو صدقنا مع الله فكل هذا زبد لا يخيفنا, لكننا لسنا في الواقع مع ما يرضي ربنا ولسنا في نفس الوقت نملك القوة المادية,.. وليتنا نحفظ لا أقول نقرأ كتاب "قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله" الذي كُتِب قبل أكثر من ربع قرن.
والليل طال وأمتي لا تستفيق من الرقود
? ? ?(1/44)
ولنعلم أن اليهود والنصارى وأهل الشرك والكفر أجمعين تملي عليهم عقائدهم وتصوراتهم الباطلة بالكيد للمسلمين والتنكيل بهم غاية التنكيل, وقد ظهر ذلك في مذابحهم العديدة للمسلمين على مدى التاريخ الإسلامي كلما سنحت لهم فرصة تمكنهم من ذلك. وقد رأينا بأم أعيننا في عصرنا الحاضر كيف فعلوا بإخواننا أفعالا شنيعة لا يكاد يتصورها العقل, وبعضها حصلت من شعوب كان الواحد منا يتصور أن حضارتهم الزائفة في هذا العصر الحديث تمنعهم من ذلك كما حصل لإخواننا في البوسنة وكوسوفا! فقد ذبح الصربيون أهل البوسنة وكوسوفا مع أنهم جيرانهم! وأوروبيون مثلهم!!, ولكن الأمر لديهم أمر عقيدة متأصلة في نفوسهم.
? ? ?
ونحن الذين قد يأتينا الدور- نسأل الله السلامة- يجب ألا ننسى أنهم يتربصون بنا وسيفتكون إن ظفروا بنا, ولن يحمينا منهم إلا صدقنا مع ربنا وتطبيقنا شرعه الكريم.
قال تعالى: (( لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ))
(التوبة:10).
يقول جلال العالم في كتابه الهام(قادة الغرب يقولون) المشار إليه آنفاً في فقرة بعنوان "انظروا كيف يحقدون":
(( إن المتتبع لتاريخ العلاقات ما بين الغرب وشعوب الإسلام، يلاحظ حقداً مريراً يملأ صدر الغرب حتى درجة الجنون، يصاحب هذا الحقد خوف رهيب من الإسلام إلى أبعد نقطة في النفسية الأوربية.
هذا الحقد، وذلك الخوف، لا شأن لنا بهما إن كانا مجرد إحساس نفسي شخصي، أما إذا كان من أهم العوامل التي تبلور مواقف الحضارة الغربية من الشعوب الإسلامية، سياسياً واقتصادياً وحتى هذه الساعة، فإن موقفنا يتغير بشكل حاسم.
سوف تشهد لنا أقوال قادتهم أن للغرب وللحضارة الغربية، بكل فروعها القومية، وألوانها السياسية موقفاً تجاه الإسلام لا يتغير، إنها تحاول تدمير الإسلام، وإنهاء وجود شعوبه دون رحمة .(1/45)
حاولوا تدمير الإسلام في الحروب الصليبية الرهيبة ففشلت جيوشهم التي هاجمت بلاد الإسلام بالملايين، فعادوا يخططون من جديد لينهضوا.. ثم ليعودوا إلينا، بجيوش حديثة، وفكر جديد.. وهدفهم تدمير الإسلام من جديد ))(132).
والناس في غفلة عما يراد بها مما ترى العين كاد القلب ينفجر(133)
يقول د عبد القادر طاش رحمه الله: (( ماذا نسمي ذبح المسلمين في البوسنة - والمسلمين فقط - بالسكاكين والتمثيل بجثثهم حتى بعد قتلهم ورسم الصلبان الأرثوذكسية على جثثهم إن لم تكن حربا صليبية ؟ وماذا نسمي اغتصاب النساء المسلمات- والمسلمات فقط - وتقطيع أثدائهن وبقر بطون الحوامل منهن للتمثيل بالأجنة ، إن لم تكن حرباً صليبية ؟ وماذا نسمي تصفية الشباب المسلم - والمسلم فقط - وقطع أعضائهم التناسلية والإلقاء بهم أحياء في الماء المغلي وذبحهم للشواء شي الذبائح إن لم تكن حرباً صليبية ؟ ))(134).
قال تعالى العليم الخبير: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) (البقرة:120) .
? ? ?
ومن التحديات الأخرى الخطيرة في نفسها وفي تبعاتها ما يسعى له اليهود أذلهم الله من مساعي جادة لهدم المسجد الأقصى ثالث المسجدين الشريفين, والتي ازداد حماسهم لها بعد مقدم عام 2000 بسبب عقائدهم الباطلة, فهم ساعون لهدمه أو إزالته بأي وجه لكي يبنوا هيكلهم المزعوم مكانه(135).
ولا ادري هل سيحرك هذا ساكنا في أمتنا, أم أن أمتنا تعودت على الذل والاستكانة فلم تعد تبالي ,....وليس هذا عشمنا بإذن الله في أمة الخير, أمة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.
يقول الشاعر أيمن كمال في قصيدة له عنوانها اعتذار إلى رمضان يعتذر فيها إلى شهر رمضان المعظم الذي أصبح يمر على الأمة وهي كل سنة في غيها وبعدها بينما الأقصى لا يزال أسيرا مهددا ًبالأخطار, وحماته مالوا عن العهد! :
العين تخجل من لقياك بعد غَدِ والقلب يأمل أن يُلقَى إلى لَحدِ(1/46)
فأمة الخير في الأوهام غارقةٌ والذل يعرفها...كالأم للولد
وذاك مسجدنا يبكي فوا أسفي على الكماة وقد مالوا عن العهد(136)
وإن الغيرة التي نحتاجها في قلوبنا وحياتنا تجاه أي مس للمسجد الأقصى, وتجاه استمرار أسره يجب أن تكون كبيرة تؤلم قلوبنا وتوقظنا من نومنا.
يقول الشاعر احمد فرح عقيلان رحمه الله في قصيدة له قالها بعيد حرق الأقصى:
يا من رأى القبلة الأولى و قد حُرِقَت نَفسي الفداءُ لذاك المسجد الخَربِِ
بكت له الكعبة العظمى شقيقته ومادت الروضة الغراء من غضب
الله أكبرُ هل ماتت رجولتنا وهل خَبَت جذوةُ الإسلام في العرب إن لم تَثُر لحريق القدس غضبتُنا فنحن من معدِن الأحجار و الخشب(137)
فهل أدركنا هذا التحدي وهذه التحديات ؟ وهل نحن نستعد لمواجهتها أم أننا ننام عنها ؟ أم أننا-وتلك أدهى- ممن يقوي تسلط أعداء الدين أو يدعمه ويُمكن له, سواء شعر بذلك أم لم يشعر؟ .
قال تعالى: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) (الرعد:11).
قال ابن الجوزي رحمه الله عند تفسيره للآية السابقة (( إن الله لا يغير ما بقوم من الكروب حتى يغيروا ما بأنفسهم من الذنوب, فلا يكون التغيير إلا بعد التغيير فبظلمنا وذنوبنا صبت علينا المظالم, وهكذا ينتقم الله من الظالم بظالم ))(138).
ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله:
(( قد يستطيع العرب استيراد السلاح من جهة أو أخرى كي يستردوا حقهم الضائع ، ويداووا جراحاتهم الغائرة . . ولكنهم لو أداروا ظهورهم لله ثم جمعوا سلاح المشرق والمغرب فلن يدركوا به إلا ذل الدهر وخذلان الأبد !!
ولن يغني عنهم أن يعطف عليهم ذلك الفريق، أو يشد أزرهم ذلك الفريق (( أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور )) سورة الملك آية ( 20 )
ليس أمام العرب إلا طريق فذ لتطهير أرضهم، وطرد عدوهم واستعادة
النضرة إلى وجوه كساها الهوان. .(1/47)
هذا الطريق هو العودة إلى الإسلام ظاهرا وباطنا، وترسم خطى
السلف الأول في صدق الإيمان وحسن العمل. .
لقد اختار الله العرب ليحملوا أمانات الوحي بعد أن عبث بها بنو إسرائيل. .
فإذا استهان العرب بهذا الاختيار الإلهي، وقرروا أن يدعوا العمل بالإسلام، وأن يتركوا الدعوة إليه، ورأوا أن يلتحقوا أذنابا أو رؤوسا بإحدى الجبهتين المتنافستين في العالم فهيهات هيهات أن يفلتوا من عقبى هذا الارتداد الخسيس وتلك الخيانة الفاجرة. . !!
. . إنهم لن يجنوا من هذا المسلك إلا خيبة السعي وضياع الجهد. .
. . إن الله لا يترك الناقضين لعهوده يمرون بسلام. .
. . أهون ما يلقونه أن يغلبهم ذباب الأرض وإخوان القردة. .
. . وذاك هو حصاد الغرور. .
ليس للنصر إلا طريق واحد.))(139).
أنا أقسمتُ بالذي-- برأَ الكون من عَدَمْ
وكسا ثوب عزةٍ--كل من بالهدى اعتصمْ
ورمى مُدمِن الظلامِ--بسوطٍ من النقمْ
إن قنعنا بسخفنا-وركنا إلى النعمْ
فخُطى الخصم ماضياتٌ-- من القدس للحرم
عندها يندم الجميع-- يوم لا ينفع الندمْ (140)
يقول الشاعر اللواء علي زين العابدين:
يا مسلمون تأهبوا فالكافرون تألبُوا
في كل صقع من بلا دِ المسلمين تسرَّبوا
دسوا لكم أفكارهم فيها الفسوق المرعبُ
يدعونكم أن تفجروا وتفارقوا وتحوبوا
كي يفسدوا أخلاقكم وتعربدوا وتجانبوا
حتى إذا جانبتموا دين الحنيفة أجلبوا
وأخذتموا بمبادئٍ تخزيكمو و تعيب ُ
جروكموا برقابكم مثل النعاج وغسلبوا
فإذا انتهت أخلاقكم قهروكموا وتغلبوا
يا مسلمون تيقظوا وتنبهوا وترقبوا
يا مسلمون هُمُ العِدا ةُ فشمروا وتأهبوا
هم شمروا للحرب تعـ ـصف بالديار وتخرب
صبوا عليكم نارهم وتآمروا واستذأبوا
-----
يا أمة الإسلام هـ ـذا ما يقول الأجنبُ
الكافرون هُمُو همُو إن شرقوا أو غربوا
من يتخذ منهم ولياً ساء ما يتطلب
الكره للإسلام فيـ ـهم ملةٌ تترسب
لِمَ زودوا إسرائيل بالـ ـحُمَمِ المشعةِ تُرهِب(1/48)
لِمَ سلطوا الهندوس ضـ ـد المسلمين وأحربوا
لِمَ سوَّغوا للروس غَزوَ.. المسلمين و خَبخَبوا
يا مسلمون تذكروا أجدادَكم واستنسِبوا
هم خيرة الدنيا وصَحـ ـبُ محمد فتقربوا
-----
يا ألف مليون تُعَد.. خَسِئتُموا إن تُغلبوا
كغُثاء سيلٍ أنتمو إن تُقهَروا أو تَرسُبوا
يا مسلمون استعبروا مما يُذاع ويكتَب
تخطيطهم أن يحتَوُوا خيراتِنا ويُغَسلِبوا
فقِفُوا دفاعاً عن بلا دِكُمُو ولا تتهيبوا
لا تجبنوا يا مسلمو نَ وغامِرُوا وتحَسبُوا
وتهيأوا للنازلا تِ تؤزكم وتُصوِّبُ
لاتجنَحُوا عن دينكم فهو الصراط الأرحبُ
والنصرُ في تقوى الإلـ ـهِ فقاربُوا وتقَربوا(141)
ويقول الشيخ يوسف القرضاوي في قصيدته (وجب الكفاح):
يا أمتي وجب الكفاح فدعي التشدُّق والصياح
ودعي التقاعس ليس يُنصر من تقاعس و استراح
ما عاد يُجدينا البكا ءُ على الطُلُولِ ولا النواح
يا قوم إن الأمرجَدٌ قد مضى زمن المزاح
.........
عادَ الصليبيون ثا نيةً وجالوا في البطاح
كنا نسينا ما مضى لكنهم نكؤوا ا الجراح
عاثوا فسادا في الديا رِ كأنها كلأٌ مُباح
لم يخجَلوا من ذبحِ شيخٍ لو مشى في الريح طاح
أو صِبيةٍ كالزهر لم ينبت لهم ريشُ الجناح
ذبحوا الصبيَ وأمَّهُ وفتاتها ذات الوشاح
عبثوا بأجسادِ الضحايا في انتِشاءٍ وانشِراح
لم يَشفِ حِقدَهمُ دمٌ سفحوه في صَلَفٍ وقاح
فغدوا على الأعراضِ لم يَخشَوا قِصاصاً أو جُناح(142)
.........
أرأيت كيف يكاد للإسلام في وضح الصباح
أرأيت أقصانا وما هدم العدو وما استباح
أرأيت كيف بغى اليهود وكيف أحسنَّا الصياح
.........
يا ألفَ مِليونٍ وأيـ......ـنَ هُمو إذا دعت الجِراح
هاتوا من المليار ملـ....... ـيوناً صِحاحاً من صِحاح
من كل ألفٍ واحداً أغزو بهم في كل ساح
.........
لا بُدَ من صنعِ الرجالِ ومِثلِه صنع السلاح
لا يُصنَعُ الأبطالُ إلا في مساجدنا الفِساح
في روضةِ القرآنِ في ظِلَ الأحاديثِ الصِحاح(1/49)
شعبٌ بغير عقيدةٍ وَرَقٌ تُذَرِّيهِ الرياح
مَن خانَ ( حيَ على الصلا ةِ ) يخونُ ( حيَ على الكِفاح )(143)
أملنا كبير في أن معرفة واستشعار أبناء الأمة هذه التحديات والمواجع, مع تذكرهم واجبهم ومسئوليتهم العظيمة تجاهها سيثير في نفوسهم الخير والنخوة وسيوقظ الكثير منهم من الغقلة بإذن الله, وقد يجعل بعضهم لا يهنأ تماماً بانشغاله بلهوٍ مباح فضلا عن استمراره في المعاصي والبعد عن الله, ..لأنه يرى أطفالا يذبحون ونساء يغتصبن وأمة ضائعة وأعداء متربصين ومجدا مفقودا وواجبا عظيما يسأل عنه يوم القيامة.
? ? ?
كلمة إلى الراقصين على جراحنا
يكفيك عارا أن تساق نساؤنا مثل القطيع لغادر خوان
يا إخوة الإسلام إن قصيدتي عجزت وأعيا الخطب كل بيان(144)
كلمة من القلب نوجهها إلى الذين يذنبون ويغنون ويلهون بالمعاصي وغيرها, وبشكل خاص نوجهها إلى الذين يفسدون ويضيعون شباب أمتهم بتسهيل وتوفير أي منكر لهم في الوقت الذي تُبتلى فيه أمتهم, ويُهان فيه دينهم, ويقتل ويذبح ويحرق فيه إخوانهم بل وأطفال إخوانهم!!, وتُغتصب فيه أخواتهم!!, وتشرد فيه شعوب أمتهم, وتحرق المساجد وتدمر!!, ولا زالت القدس سليبة, والأعداء من حولنا متربصون......!!!!
نقول لهم اتقوا الله فسنسأل بين يدي الله تعالى, والسؤال عظيم لأن الأمر جليل والسائل هو الله الجبار يوم نقف بين يديه,.. ماذا عملنا من أجل نصرة إخواننا وديننا وإصلاح حال المسلمين؟ .
ماذا نقول لربي حين يسألنا عن الشريعة لم نُحيي معانيها
ومن يجيب إذا قال الحبيب لنا أذهبتمو سنتي والله محييها
? ? ?(1/50)
كنا نعجب ونحن طلاب في الجامعة قبل أكثر من عشرين سنه بطريقة الاجابة التي كان يجيب بها أحد الدعاة عندما كان يُسأل عن حكم الغناء,...لقد كانت له إجابة مميزة وكان يكررها نفسها عندما يسأل هذا السؤال فيقول: (ولنفرض أن الغناء حلال فهل واقع الأمة حالياً يسمح لها بالغناء),... إنها كلمة جميلة تُغْنِي عن التفصيل لمن أراد الحق واتقى الله.
طبل ومزمار,ورقص كيف تندمل الجراح(145)
يقول الشاعر أحمد فرح عقيلان في قصيده له بعنوان ( صرخة في مأتم العيد ):
حطمتُ قيثارتي قطعتُ أوتاري جفَّ الغناء ودَقت ساعة الثارِ
ماذا أغَني وتاريخ ُ العروبةِ في مستَنقع الذُل والتشريد والعارِ
والقدسُ والمسجدُ الأقصى وصخرتُه عاد الأذان بِها تهريجَ كُفارِ(146)
? ? ?
تقول الكاتبة يمان السباعي في كتابها الرائع "الراقصون على جراحنا":
( إن الأمم تداوي جراحها بينما نحن نمسك بالمُدى لنوسع الجرح ونجعله ينزف وينزف حتى يغرقنا بدماء العار.
إن الذين يريدون أن يدركوا أهدافهم يعملون باستمرار، بينما نحن نائمون. إن الجراح قد تكاثفت على جسد أمتنا وتنوعت وتعددت ومنها ماتعفن واستعصى شفاؤه ,...منها الجراح الاجتماعية ومنها السياسية ومنها الاقتصادية، ومنها الأخلاقية ومنها الفكرية والأدبية....,
وإن الجراح قد أثخنتنا، حتى صارت أجسادنا مغطاة بوشاح سميك منها فحتى متى ؟؟
إننا أمة مسلوبة الأرض، وشعب مسلوب منه حقه في تقرير مصيره، ورغم هذا وذاك نجد شبابنا صورا منسوخة عن أحد المائعين المتفلتين الواردين إلينا عبر الأثير، لا يعرفون إلا الرقص والغناء، والغناء الأجنبي منه بشكل خاص ولا يجيدون إلا لغة الحب والغرام، وكلهم يحملون سلاحا واحدا مؤلفا من مشط ومرآة !!! .
....... هذا حال الشباب، أما الفتيات فهن مجموعة من الراقصات المائعات
المتفلتات النازعات لحجاب الأخلاق، المتفلسفات باسم الحرية )(147).
أتُسْبَى المسلمات بكل ثغرٍ وعيشُ المسلمين إذا يَطيب(1/51)
أما لله والإسلام حقٌ يدافع عنه شبان وشيب
فقل لذوي البصائر حيث كانوا أجيبوا الله ويحَكُمُ أجيبوا (148)
فيا كل الراقصين على جراحنا.. إن لم تتوبوا خوفا من الجبار وعقابه ورجاءً في ثوابه فلتستيقظوا وتنتهوا غيرة على واقع أمتكم ونخوة لإخوانكم المنكوبين وأطفال أمتكم المذبحين ونسائكم المغتصبات النائحات !!......وخوفا من أن يصيبنا مثل ما أصابهم.
? ? ?
إعذار وإنذار
لقد كان هذا عنوان الكلمة بالغة التأثير التي أرسلها أحد المجاهدين(149)من الشيشان خلال محنتها الأخيرة التي لا زلنا نعيشها.
وهي أنموذج لما ينبغي أن يستشعره المسلمون ويشعروا به من واجبهم تجاه الأحداث, وهو الواجب الذي لا يقتصر على العون المادي والدعاء فقط, فبذنوبنا نكون سببا في مآسي أمتنا..فقد طرق في كلمته جانب العون المادي لإخواننا والذي لاشك في أهميته وضرورته إلا أنه لمس الجانب الآخر الأهم الذي نتج عنه استمرار مآسي الأمة نظرا لعجزها ككل وضعفها.
يقول في كلمته المؤثرة البليغة:
[ أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها حكاما ومحكومين ، صغارا وكبارا رجالا ونساء اعلموا : أن ما يحصل اليوم في تلك الديار من مآسي وآلام أمر يجب رفعه ، ومنكر فظيع يجب إزالته بشتى الوسائل والطرق، وهو عار في جبين كل مسلم تقاعس عن أداء الواجب ، أو قصر في النصرة مع قدرته ، واستطاعته ، وكل من تأخر عن نصرة إخوانه في العقيدة والتوحيد ، بشتى وسائل الإعانة لهو آثم إثما عظيما ، ومفرط تفريطا عريضا، يخشى عليه من عاقبة تقصيره، ومن يدري فبالأمس البوسنة والهرسك، وكوسوفا، وقبل ذلك أرض الإسراء والمعراج، واليوم بلاد الشيشان، وغدا تفتح بؤرة أخرى(150)، ولعل الدور يأتي على من قدر على النصرة فتأخر عن تقديمها .(1/52)
أيها المسلمون: إننا نخاف أن يحيق بنا ما حاق بهم، أو أشد إن نحن تركناهم، وخذلناهم، فالأيام دول، وعاقبة التقصير وخيمة، وحينئذ نتطلع إلى من ينصرنا، ونلوم إخواننا في الدين إذ لم ينصرونا، ولم يعينونا على عدونا،- -- - - لقد أصبحنا أمة غثائية ، وأصبحنا سخرية الأمم بعد أن كنا سادتها ، وأذنابا لها بعد أن كنا قادتها ، وما ذلك لقوتهم أو لعزتهم ، وإنما هو لهواننا وذلتنا ، وهذه الذلة هي بسبب إعراضنا عن ديننا الذي هو مصدر عزتنا وشرفنا وسؤددنا ، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله .
إن حال المسلمين اليوم كرجل خدر تخديرا كاملا، وأخذ الجراحون يقطعون من أوصاله شيئا فشيئا، وهو لا يشعر، ولا يلتفت إليهم لعدم وعيه بما يحدث، كذلك حالنا اليوم، تتوالى علينا الصدمات فلا نفيق من صدمة إلا على صدى أخرى، ولا يكاد يندمل جرح في مكان من بلاد المسلمين حتى ينفجر آخر.
أو كقطيع من الأغنام ترعى أرضا مسبعة، أفزعتها الذئاب، والسباع، وافترست بعضها، وشتت البعض الآخر، في غياب الراعي الأمين، والحارس الرقيب وأمم الكفر تترا، ويدعم بعضها بعضا، ويناصر بعضها بعضا، ويعين بعضهم بعضا بكل العوامل المادية والمعنوية. وفي المقابل ضاع التضامن والتكافل بين المسلمين، وتفرقت كلمتهم.
فمن نظر إلى المسلمين اليوم وخصوصا، الشباب وأحوالهم أدرك عمق المأساة التي تعيشها الأمة، وأنها قد أصيبت في مقتل عظيم أفقدها طاقتها وحياتها المتجددة في روح الشباب: عمادها الصلب، ومستقبلها المنشود، وأملها الواعد.(1/53)
لقد أصبح شأن الشباب اليوم شأنا غريبا، فقدوا وظيفتهم، وأصبح أكثرهم يعيش بلا أهداف نبيلة، ولا قيم، ولا مثل، أهدافهم لا تتعدى بطونهم أو فروجهم، وأصاب الكثير منهم انحلال في الرجولة، وأنوثة في الطباع، وانصهار في وحل الرذيلة، سيرا بخطى حثيثة نحو هاوية سحيقة قادتها سدنة الكفر من اليهود والنصارى، ومن سار في ركابهم ونحا نحوهم من الأذناب الذين يعيشون عالة على المجتمع دون حرص على قيم ولا مثل، ولا مبادئ إلا ما أشبع الشهوات والغرائز في مآسي عديدة، وأوجاع معضلة يستعصي علاجها على من رامها، ... فإلى الله نشكو شبابا ضاع في حمأة المخدرات، أو انخرط في سلك الرذيلة، وأحضان المومسات, فلا نرى إلا هوى متبعا وشحا مطاعا، وإعجاب كل ذي باطل بباطله. لقد ضاعت المثل لدى العامة منهم، واندثرت قيم الدين وقوائمه من إضاعة للصلوات، ووأد للجمعة والجماعات، وبعد عن بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه, مع انسلاخ عريض عن قيم الأمة وموروثاتها، وتشبهٍ بأعداء الله المنحطين من اليهود والنصارى الذين غضب الله عليهم ومقتهم، وأضلهم عن سواء السبيل. فهل ينتظر من شباب انحل من دينه وقيمه ومثله فأرخى لنفسه العنان فغاصت في الشبهات والشهوات، وسلم عنانه طائعا مختارا لشيطان من شياطين الأنس أو الجن وما أكثرهم، فأعرض عن الصلاة، وعن بيوت الله وهجر كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستعاض عن ذلك بمجالس الفسوق واللهو والطرب، والغناء والرقص، ومشاهدة الخنا والفجور، هل ينتظر من مثل هذا أن ينصر عقيدة أو يحمي فضيلة أو يغار على عرض أو يثأر لشرف وكرامة.
وقل مثل ذلك على النساء فهن أصبحن مطايا الأعداء في النيل من الرجال, وإفسادهن إفساد للمجتمع بحاله,والى الله المشتكى.(1/54)
إنني أذكر هذا ! لأنبه على قضية خطيرة لا يتنبه لها هؤلاء المنغمسون السادرون، ألا وهي الأثر السيئ لممارساتهم هذه على أوضاع الأمة، وأنهم مع غيرهم عوامل هدم فتاكة تفعل بالأمة ما لا يستطيع فعله أشرس الأعداء فتكا، وهذا باعتراف الأعداء أنفسهم، فإذا تأخر النصر عن المسلمين في الشيشان وغيرها أو حلت بهم الهزيمة فليعلم كل هؤلاء أنهم - ومن سار على شاكلتهم أو بآرائهم في باطلهم - العامل الأول في الهزيمة بلا جدال.
فلو أن الأثر اقتصر عليهم وحدهم لهان الخطب لكن الأمر مَنْ وراء ذلك، فهو تحكم في مصير أمة الإسلام بأسرها، ومن هنا كان لزاما على المصلحين الغيورين أن يبادروا بالإصلاح قبل أن يقع أكثر مما وقع، فتكون الطامة الكبرى.
فإلى أولئك السادرين في غيهم وشهواتهم شبابا وشيوخا صغارا وكبارا ذكورا وإناثا نهدي إليهم أشلاء الضحايا في جروزني وبلاد القوقاز، نهدي لهم أنين اليتامى وصريخ الثكالى، ونشيج الحيارى والمكلومين، نهدي إليهم قيما ضاعت ومثلا خربت، وأسرا شردت، ومآذن أسقطت وبيوتا لله هدمت، فمتعوا أبصاركم بالبيوت المدمرة والأشلاء المتناثرة، واعلموا أنها ليست لغريب بل هي أشلاء إخوانكم في الدين، والعقيدة، متعوا آذانكم بالصراخ، والعويل، واعلموا أن هذا ما جنته أيديكم، فيا للعار كم من حرة انتهكت، ومن عذرية افتضحت.
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتَّم
لا مست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم ] .
? ? ?
أما آن أن نعود يا شباب الأمة؟!
يا شباب الحق أدعوكم وفي قلبي لهيب
أمتي تشكو الأسى والمسجد الأقصى سليب
كيف قلب مسلم لله بالذل يطيب
يا شباب الحق " هُبّوا " ليس يجدينا النحيب(151)(1/55)
شباب الأمة ( رجالاً ونساء ) أنتم الأمل(152) بإذن الله ونحن نعلم أن فيكم الخير العظيم والنخوة والشهامة والغيرة على دماء المسلمين وأعراضهم.. ولكنكم أُلهِيتُم وضُيِّعتُم بما وُجِّهَ إليكم من إفساد وتضييع وإلهاء يَقُوده أعداء الدين ويُنَفذه بعض أبناء المسلمين، فأنتم أحد ضحايا هؤلاء, وحسبنا الله ونِعْمَ الوكيل.
مؤامرةٌ تدور على الشباب ليعرض عن معانقة الحراب
مؤامرة تقول لهم تعالوا إلى الشهوات في ظِلِ الشراب
مؤامرة مَرامِيهَا عظامٌ تُدبِّرها شياطين الخراب
وإن كان وجود هذا العامل ليس عذراً، فكل إنسان مسؤول عن أن يبعد نفسه عن كل مالا يرضي الله عز وجل وأن يبادر لمرضاته.
قال تعالى: ( وكل إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً.اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
(الإسراء:13-14).
استشعروا يا شبابنا دائماً ( لا في لحظات عابرة فقط ) ما تعيشه أمتكم من ذلٍ وهوانٍ وواقعٍ مبكٍ وحالٍ مُرٍ يُعتبر أسوأَ حالٍ مَرَّ عليها على مدى تاريخها ، واستشعروا ولا تنسوا المذابح والمحن والآلام العظيمة الرهيبة المبكية التي يتعرض لها إخوانكم وأخواتكم بل وحتى أطفالهم!, وفي شتى بقاع العالم!!!.
والأهم الأهم. . استشعروا أنكم بتأخيركم التوبة والعودة وبذل الجهد للدعوة تكونون سبباً في تأخر نصر أمتكم وتأخير إنقاذ إخوانكم وأخواتكم المُذَبَّحِين!!! , لأن الله وعدنا بتحقيق العزة والنصر إذا قمنا بتنفيذ أوامره والتزمنا بشرعه, قال تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ) (محمد:7) .
استمعوا يا شبابنا بقلوب مُصْغِيَة خاشعة وَجِلَة خاضعة لهذا النداء الرباني العظيم من خالقكم رب العالمين سبحانه وتعالى:
( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمدُ فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ) (الحديد:16).(1/56)
تذكروا أيها الشباب المؤمن بالله ولقائه ؛ .. الموت وسكراته, والقبر ونعيمه وعذابه,وتذكروا القيامة وأهوالها, والعرض وشدته ,وتذكروا الوقوف بين يدي الله في ذلك اليوم العظيم.
قال صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان, فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله, وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه, فاتقوا النار ولو بشق تمرة) رواه البخاري ومسلم.
وتذكروا في كل لحظة تعيشونها أن الله العظيم الجبار الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته يراكم ومُطَّلِعٌ عليكم, فلا تجعلوا الخالق ذا العزة والجلال الكبير المتعال الذي يسبحه كل الكون والذي الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مَطْوِيَّات بيمينه أَهْوَنَ الناظرين إليكم!!!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون, أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله, والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا..) الحديث, رواه الترمذي.
اعلموا يا شباب الإسلام أن سعادة الدنيا والآخرة في سلوك طريق الاستقامة(153) والدعوة إلى الله، وحتى سعادة الدنيا الحقيقية التامة التي يلهث كثير من الناس وراءها وخاصة الشباب ليست إلا في طريق العودة إلى الله(154)، واقرؤوا كتيبات ( العائدون إلى الله ) لتروا بأنفسكم كيف كان أثر التوبة على حياتهم, إلى حد أن بعضهم يقولون بصدق:"نحن ولدنا من جديد وعمرنا الحقيقي نحسبه من بداية عودتنا إلى الله.
وتأملوا أحبتنا بعض كلماتهم الرائعة التي سطَّروها بأقلامهم(155), ومن الجميل في كلمات بعضهم أنها توضح اتجاههم بجدٍ للدعوة بعد صلاحهم ( عودة ودعوة ):(1/57)
أ- ( وعزمت على التوبة النصوح والاستقامة على دين الله، وأن أكون داعية خيرٍ بعد أن كنت داعية شرٍ وفساد. . وفي ختام حديثي أوجهها نصيحة صادقة لجميع الشباب فأقول: يا شباب الإسلام لن تجِدوا السعادة في السفر ولا في المخدرات والتفحيط، لن تجدوها أو تشموا رائحتها إلا في الالتزام والاستقامة. . في خدمة دين الله. . في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ماذا قدمتم يا أحبه للإسلام ؟ أين آثاركم ؟ أهذه رسالتكم ؟
شباب الجيل للإسلام عودوا
فأنتم روحُهُ وبكم يسُود
وأنتم سِرُّ نهضتِهِ قديماً
وأنتم فَجْرُهُ الزاهي الجديد )
( من شباب التفحيط سابقاً )
ب- ( فخرجت من البيت إلى المسجد ومنذ ذلك اليوم وأنا -ولله الحمد- ملتزم ببيوت الله لا أفارقها, وأصبحت حريصاً على حضور الندوات والدروس التي تقام في المساجد، وأحمد الله أن هداني إلى طريق السعادة الحقيقية والحياة الحقة) ( الشاب ح .م.ج )
ج- ( كما أصبحت بعد الالتزام أشعر بسعادة تغمر قلبي فأقول: بأنه يستحيل أن يكون هناك إنسان أقل مني التزاماً أن يكون أسعد مني، ولو كانت الدنيا بين عينيه، ولو كان من أغنى الناس, . . فأكثر ما ساعدني على الثبات بعد توفيق الله هو إلقائي للدروس في المصلى، بالإضافة إلى قراءتي عن الجنة بأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من اللباس والزينة والأسواق والزيارات بين الناس، وهذه من أحب الأشياء إلى قلبي، فكنت كلما أردت أن أشتري شيئاً من الملابس التي تزيد عن حاجتي أقول: ألبسها في الآخرة أفضل )
( فتاة انتقلت من عالم الأزياء إلى كتب العلم والعقيدة )(1/58)
د- ( وكلما رأيت نفسي تجنح لسوء أو شيء يغضب الله أتذكر على الفور جنة الخلد ونعيمها السرمدي الأبدي، و أتذكر لسعة النار فأفيق من غفلتي, . . والحمد لله أني قد تخلصت من كل ما يغضب الله عز وجل من مجلات ساقطة وروايات ماجنة وقصص تافهة، أما أشرطة الغناء فقد سجلت عليها ما يرضى الله عز وجل من قرآن وحديث )
(فتاة تائبة)
هـ- (لقد أدركنا الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع وهي أن الإنسان مهما طال عمره فمصيره إلى القبر, ولا ينفعه في الآخرة إلا عمله الصالح)
(الممثل محسن محي الدين وزوجته الممثلة نسرين)
و- (لقد وُلدتُ تلك الليلة من جديد, وأصبحت مخلوقاً لا صلة له بالمخلوق السابق...وأقبلت على تلاوة القرآن وسماع الأشرطة النافعة )
(شاب تائب)
ز - ( أتمنى من الله وأدعوه أن يجعل مني قدوة صالحة في مجال الدعوة إليه، كما كنت من قبل قدوة لكثيرات في مجال الفن )
( الممثلة التائبة شهيرة ).
استبدلوا يا شبابنا ما شُغِلتُم به مما يضركم في حياتكم وأُخراكم بما يرضي الله ويجلب لكم الطمأنينة ويسعد وينقذ أمتكم الذبيحة الجريحة المكلومة الذليلة، بل ويسعد بكم مستقبلاً العالم المتخبط بأسره ؛ من سماع أشرطة الخير, وحضور للمحاضرات النافعة, وصحبة الصالحين, واجتهاد في الدعوة والإصلاح, وَبُعْدٍ عما يضر من وسائل الشر والفتنة أو الصحبة التي لا تعين على الحق وإرضاء الإله .
شبابنا إننا نريد شباباً يشتاقون إلى الجنة(156) كما اشتاق حرام بن ملحان رضي الله عنه إليها؛ فظهر شوقه الصادق عندما غدر به الكفار فطعنوه بالرمح من خلفه فخرج من أمامه فما كان منه لما رأى الدم النازف إلا أن نَضَحَ منه على وجهه ورأسه وهو يقول:" فزت ورب الكعبة... فزت ورب الكعبة"(157) .
نريد شباباً يشتاق إلى عز الأمة ونصر الإسلام لا إلى الترهات التي يفرح!!بانشغالكم بها أعداء الدين.
تُرى هل يَرْجِعُ الماضي فإني
أذوب لذلك الماضي حنيناً(1/59)
نريد شبابا يتحدى أعداء الدين والمفسدين، ويقلب الطاولة عليهم، الطاولة التي قدموا لهم فيها السم محلاً بالعسل.
نحن صممنا وأقسمنا اليمين
أن نعيش ونموت مسلمين
مستقيمين على الحق المبين
مُتَحَدِّين ضلال المُبطِلين
نريد شبابا صادقاً يحترق لخدمة دينه ونشر الدعوة (158).
جَدِّدِ العهدَ وبَادِر للجهادِ
بَلِّغِ الدعوةَ في كل البلادِ
طَفَحَ الكيلُ بظلمٍ في الورى
وسَرَى الكفرُ مُجِداً في العبادِ
وإليكم من القلب أيضاً هذه المجموعة من الأبيات الشعرية لمجموعة من شعراء الأمة الأفاضل الذين طالما خاطبوا الشباب أمل الأمة منتظرين استيقاظهم ودورهم الكبير..
أعيدوا مجدنا دنياً ودينا
وذُودُوا عن تراث المسلمينا
فمن يَعْلُو لغير الله فينا
ونحن بنو الدعاة الفاتحينا
شبابنا قد حان أن تعودوا
لواحة الإيمان كي تسودوا
غداً بِكُم سَيُسعَدُ الوُجُودُ
ويُكْبَتُ المستعبِدُ العنيدُ
وليكن شعاركم :
أنا مسلمٌ أبغي الحياةَ وسيلةً
للغاية العُظمَى وللميعادِ
لرِضا الإله وأن نعيش أعزةً
وَنُعِدُّ للأخرى عظيم الزادِ
أنا مسلمٌ أسعى لإنقاذ الورى
للنور للإيمان للإسعادِ
ويرُوعُنِي هذا البلاء بأُمتي
لما تَخَلَّتْ عن طريق الهادي
وليكن هَمّكُم :
همنا نَمْضِي ونُعلِي راية القرآن
همنا في الكون أن تَعْلُو ذرى الإيمان
همنا أن يَسعدَ الإنسان في كل مكان
همنا أن تُسعدَ الدنيا بترديد الأذان
همنا يا إخوتي أن تَسُودَ أمتي
أن تُرَى في القمةِ تحمل القرآن
همنا أن نقتدي بالرسول الأمجد
كي نفوز في الغدِ في حِمَى الرحمن
يا شباب همنا أن يَعُودَ عِزّنا
أن تَعُود للدُنَا نَسْمَةُ الإيمان
فهل آن يا شباب أن نعود,
ونطرح الران والذنوب,
ونكون دعاة إلى الحق والهدى؟؟
قال تعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها
المؤمنون لعلكم تفلحون) (النور:31).
بَنِي الإسلامِ قد آنَ لنَا أن نَطْرَحَ الرانَا
ونُصبحَ للهُدى جُنداً وفي الإسلام إخوانَا(1/60)
ونُحيي مجدنا الماضي ونُرْجِعَهُ كما كَانَا
بني الإسلام يا أحفاد عمارٍ وصفوانِ
وزيدٍ وابن عوفٍ وابن عباسٍ وسلمانِ
على آثارهم سِيرُوا تكونوا خَير فِتيانِ
غداً يا إخوتي نحيا حياة جُدودِنا الصيدِ
غداً سَنُحَرر الأقصى من الرجس المناكيدِ
غداً سُنرتل القرآنَ في روما ومدريدِ(159)
شبابنا ننتظركم !!
فلا تُخيِّبوا الآمال فيكم!!!
(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)
(الأنفال:24).
? ? ?
إلى حاملة الأمانة
سيري على جَدَدٍ وَلا ..
تتعثري بين الشباك
وإلى كمالِ النفسِ بالإيـ ..
مانِ فَلْتصعد خُطاكِ(160)
كلمة هنا نذكر بها الدرة الغالية, الفتاة المسلمة والمرأة المسلمة,(161) التي يعرف الأعداء وأتباعهم أثرها الكبير في صلاح أي مجتمع أو فساده,..كيف لا! وهي مربية الأجيال وصانعة الأبطال ونصف المجتمع وصاحبة العاطفة الجياشة, لذا ركزوا على أن يبعدوها عن نهج دينها بشتى الطرق وبأساليب خادعة وملتوية وبوسائل رهيبة يمتلكونها, وهم-أختنا المسلمة-لا يريدون لك الخير(شعروا بذلك أو لم يشعروا), وعاقبة ما يدلونك عليه لن يكون والله خيراً لك لا في الدنيا ولا في الآخرة, وإن كان مظهره يخدع كثيرا,..ولك العبرة في كثير ممن يسمين الفنانات, فهن لم يجدن السعادة في طريق الباطل, ولتتأملي ذلك من حياتهن وقصصهن, نسأل الله لهن الهداية فهن من ضحايا المفسدين, وكثير منهن فيهن الخير وقد رجع بعضهن إلى الله وعندها وجدن السعادة الحقة!!!.
أختنا الكريمة..تمسكي بتعاليم دينك, عودي إلى رحابه الظليلة الوارفة.
اعتزي بحجابك الساتر(162) ولبسك المحتشم الشرعي البعيد عن التشبه بالكافرات,
والبعيد عن التميُّع الذي لا يليق بالمسلمة, وارجعي لأحكام الشرع في ذلك(163) وفي كل أمرك, ففي ذلك سعادتك العظمى وفلاحك.(1/61)
ومن المهم غاية الأهمية ما ننتظره منك من مساهمات جادة لإنقاذ أمتنا من مآسيها وواقعها الحالي الذليل المهين المشين المؤلم,...ولقد رأينا تأثركن الكبير مع أحداث الأمة ومساهمتكن المادية الكبيرة التي فاقت تأثر ومساهمة الرجال في كثير من الأحيان, ..ولكننا في انتظار دورك الفاعل المؤثر في طريق الحل الأساس الجذري لمآسي أمتنا وهو العودة إلى الله والدعوة إلى سبيله وهداه (عودة و دعوة).
وهذا الطريق هو الذي سيعيد بإذن الله للأمة عزها ومجدها وجهادها, فتحمي وتنقذ أبناءها وبناتها وأطفالها المذبحين في شتى بقاع الأرض, قال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم).
أختنا المسلمة..أنت أعلى من أن يكون جُلَّ همك اللبس والدنيا,....فأنت حاملة أمانةٍ عظيمة أَبَتْ الجبال أن تحملها وأشفقت منها!,.....أنت ينتظر منك دور كبير وسط الألم الشديد الذي نعيشه.
أختنا الكريمة..نَرْبَأُ بك من أن تكوني مَطِيَةً لأعداء الدين, يستغلونك لتحقيق مآربهم,..فتكونين بذلك سبباً قوياً في هزيمة الأمة وتأخير نصرها,....فأملنا فيك عكس ذلك.
أختنا المسلمة المؤمنة بالله وعظمته ولقائه وجنته وناره..احذري غاية الحذر من وسائل الفتنة والمعصية (قنوات كانت أو مجلات أو غيرها) وابتعدي عنها, واتقي الله الذي يراك! وأنت تنظرين, أو تسمعين, أو تقرئين وبإعجاب!!! ما يغضبه!! وهو الخالق العظيم!
أختنا الغيورة..وأنت صاحبة القلب العطوف, ليتك تتذكرين دائماً مآسي أمتك وتعملين بجدٍ لإنقاذها.
وعشمنا فيك أنك تأبين بشدةٍ أن تكوني سبباً في استمرار ألمها بإصرار على ذنب أو بتقصير في دعوة.(1/62)
أختنا الكريمة..لا نريدك صالحة فقط.., فهذا لا يكفي خاصة وسط هذا الواقع المرير,..نريدك داعية حاملة للأمانة, بل وداعية قمة في دعوتها(164),...كوني مثل الصالحات من سلف الأمة, ومثل الداعيات العاملات في حياتنا الحاضرة, كوني مثل بنان علي الطنطاوي سليلة الأسرة الطيبة, التي عاشت داعية مضحية, وتوفيت شهيدة كما نحسبها بعد أن اختارها الله؛ قال تعالى:
(ويتخذ منكم شهداء) الآية(سورة آل عمران:140).
أختنا المتألمة على واقع أمتها, الحريصة على عودتها لسؤددها...اجعلي بيتك ومكان عملك وأماكن تواجدك قلاع ومنابر للدعوة,..تُحْفَظُ فيها الدعوة وتعاليم وأحكام الدين, وتنشر منها إلى الغير.
أختاه, دُونَكِ حاجزٌ وسِتارُ
ولديك من صِدْقِ اليقين شِعارُ
عُودي إلى الرحمن عَوداً صادقا
فَبِهِ يزولُ الشر والأشرارُ
أختاه, دينك مَنْبَعٌ يُرْوَى به
قلبُ التَقِّي وتُشرِقُ الأنوارُ
***
وتلاوةُ القرآنِ خيرُ وسيلةٍ
للنصر, لا دف ولا مزمارُ
ودعاؤك الميمون في جنح الدُجى
سهمٌ تذوب أمامه الأخطارُ
في منهج (الخنساء) درسُ فضيلةٍ
وبمثلهِ يَسترشدُ الأخيارُ
في كفك النشء الذين بمثلهم
تصفو الحياةُ وتُحفَظ الآثارُ
هُزِّي لهم جذع البطولةِ, رُبَّمَا
أَدْمَى وجوه الظالمين صِغَارُ
غَذِّي صغارك بالعقيدة, إنها
زادٌ به يتزوَّدُ الأبرارُ
***
لا تستجيبي للدعاوى, إنها
كَذِبٌ وفيها للظنون مَثارُ
لا ترهبي التيارَ أنت قَويةٌ
بالله مهما استأسد التيارُ
تبقى صروح الحق شامخةٌ وإن
أرغى وأزبدَ عندها الإعصارُ(165)
( إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُون َ) (فصلت:30).
? ? ?
كلمة للدعاة والمصلحين
( الخطاب الدعوي ومذابح المسلمين )(1/63)
هذه الكلمات في الفقرات التالية موجهةٌ لروح الأمة, وحاملي همها من الدعاة والمصلحين, وأصحاب الأقلام الطيبة والفكر الغيور, وإن كان الأصل أن كل الأمة تكون كذلك, فالدعوة إلى الله مسؤولية الجميع.
أولا: إشكالات في الخطاب:
1- يحز في النفس كثيراً أن العديد من الخطباء والمحاضرين والكتاب والشعراء في وقتنا الحاضر وبالذات في مآسينا (وأيضاً تخبطاتنا) الأخيرة الرهيبة, قد لا يقومون في خطبهم ودعائهم وتوجيهاتهم وكتاباتهم -عند الحديث عن هذه المآسي- بتذكير المسلمين بواجب العودة إلى الله, وواجب كل مسلم في تحقيقها بالشكل الواضح والكافي, والمؤثر الحار, الذي يوصل هذه الحقيقة إلى كل المسلمين, مبيناً لهم بوضوح أن هذا هو الحل,..... ومشعراً لهم بأن مسؤولية تحقيقه تقع على كل فرد مسلم, مع أن هذا هو الحل الحقيقي الجذري(166)الموصل لتحقيق النصر, وإيقاف المآسي, وردع أعداء الدين.
ويبدو أن عدم وضوح بعض الأسس الإسلامية, إضافة إلى الضياع الفكري والتوجهي الذي تعيشه أمتنا حاليا, قد أثرا أيضا حتى على بعض الدعاة والمصلحين ؛ فرأينا البعض يتكلم ويكتب عن مآسي ومذابح الأمة بنظرة سمتها التركيز على الحلول الجزئية بما فيها الإكثار من نقد التوجه العالمي, والتحدث عن الأسباب السياسية والمادية أكثر من النظر للخلفيات الشرعية(167) المتعلقة بهذه الأحداث.
والأهم من ذلك عدم التركيز بدقة, وإيضاح تام كافٍ على الحل الحقيقي لكل هذه المآسي بالشكل الذي يصل إلى قلب ويقين كل مسلم (وليس إلى فكره فقط), مشعرا له بواجبه في التغيير(168) والعودة والدعوة إلى الله.(1/64)
وفي بعض الخطابات والبيانات المتعلقة بالمآسي وكثير من المشكلات التي تعيشها الأمة ذُكر موضوع التوبة وعودة الأمة والحذر من المعاصي ولكنه كان يذكر عَرَضَاً, أو باختصار شديد قد لا ينتبه له, أو فقط كنقطة من النقاط ضمن نقاط أخرى عديدة, وبدون التركيز الكافي عليه, مع أنه أس قضايانا وكما يقال قضية القضايا.
2- أيضاً وعلى الرغم من سرور قلوبنا بما نقرؤه ونسمعه من العديد من الصادقين من تألم على الواقع والجراح, إلا أننا من كثرة المآسي والجراح, وفي غياب التذكير بالحل الحقيقي بوضوح, أصبحنا نمل أحيانا من كثرة البكاء والتباكي على واقع الأمة المتكرر,
فهل الهدف هو البكاء للبكاء؟
أم هل الهدف هو البكاء والتألم فقط لجمع المال للمنكوبين والمشردين؟ والذي لاشك في أهميته إلا أنه حل جزئي ووقتي, خاصة إذا لم يربط بالحل الحقيقي,...
فالأصل أن يكون الهدف والمؤمل الأكبر من البكاء والتألم هو جعل ذلك شعلة(169)للأمة للانطلاقة نحو التغيير في واقعها, والعودة إلى الله, والدعوة إليه, التي -بإذن الله- بها وبنتائجها وثمراتها تعز الأمة, ويعود مجدها, وينطلق بقوة جهادها, وتنتصر وتحل كل مشكلاتها(وتخبطاتها) .
3- أيضاً يلاحظ في الكثير من المآسي التركيز على الدعاء والدعم المالي مع الضعف في تذكير الأمة بواجب التوبة والعودة وإصلاح المسار,.... والدعاء والدعم المالي على الرغم من أهميتهما وضرورتهما إلا أنهما ليسا الواجب الوحيد والأهم, وقد أصبح هذا المظهر أي مواجهة المذابح فقط بالدعاء والدعم المالي سمة لأمة الإسلام في العقود الأخيرة, وهل يعقل أن يستمر حال أمة الإسلام في كل مذبحة لأبنائها بهذا الشكل, بل إن أي أمة لا ترضى أن يستمر حالها هكذا في كل مذبحة ومأساة تتعرض لها, فكيف بنا أمة الإسلام ونحن مَنْ مِنَ المفترض أننا ندرك قيمة الدم المسلم عند خالقنا العظيم سبحانه وتعالى.(1/65)
لذا فبالإضافة إلى تذكير الأمة بواجب الدعاء والدعم المالي وقت حدوث المآسي, فلا بد من التذكير والتركيز في ذات الوقت على واجب التوبة والعودة وإصلاح المسار, لأنها الطريق الذي سيقود الأمة بإذن الله إلى العزة والجهاد والنصر, حتى يأتي اليوم الذي توقف هذه المذابح والمآسي حال حدوثها, ولا نكتفي عندها فقط بالدعاء وتضميد الجراح, بينما السفاحون يقتلون ويبيدون!!.
بل في ذلك الوقت أي عندما تسترجع الأمة عزتها لن يتجرأ عليها بإذن الله أعداء الدين, ويستبيحون كرامتها في كل حين, كما هو حاصل الآن حتى أننا أصبحنا أذل أمة على وجه الأرض.
خاصة أن الأمة في أيام الأحداث تكون متأثرة ومتفاعلة, وخسارة عظيمة أن لا تُذَكَّر بواجب التوبة وإصلاح المسار وهي في قمة تفاعلها.
وإن من سلبيات التركيز على الدعاء المقتصر على الدعاء للمنكوبين, وعلى الدعم المالي لهم مع ضعف التركيز على تذكير الأمة بالتوبة والإصلاح أن يحدث تخدير للمسلمين, فيشعرون أنهم -بعمل ذلك فقط- يكونون قد أدوا ما عليهم, بينما هم مستمرون ويستمرون في الغفلة واقتراف المنكرات والإصرار على المعاصي التي هي مصيبتنا العظمى(170), وأساس ذلنا وضعفنا وهواننا, واستئساد الكفار علينا وتمكنهم منا, وعجزنا عن إنقاذ إخواننا, كما بين ذلك لنا كتاب ربنا العظيم وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم.
4- يتكلم العديد من المحاضرين والشعراء والكتاب وتصدر توجيهات من بعض الدعاة بعد العديد من المآسي والمحن عن الجهاد وعزة الأمة ووحدتها ونخوتها, ولاشك أن هذا تذكير نحتاجه, وأن هذه أسس هامة جداً ونحن بأمس الحاجة إليها وبها بإذن الله يتحقق النصر ولكن......
كيف السبيل إليها؟
وهل وُضِّح للناس كيف نصل لطريق الجهاد؟ وكيف يتحقق النصر فيه؟
وكيف تحدث العزة والوحدة؟(1/66)
هل نريد من المسلمين أن يثبوا فجأة للجهاد, رغم كل العوائق وأهمها الذنوب والمعاصي؟,.. ونتمنى أن يحدث ذلك ولكن المُخدَّر بشكل عام عادةً لا يقوم فضلاً من أن يثب وثوباً حقيقياً.
ثم لو حصل الجهاد من أمتنا بدون تركها المعاصي ومجاهرة الجبار بها فلن يحصل النصر الحقيقي التام.
وحتى لو حصل نصر مؤقت فهل يكفينا حدوثه بينما أمتنا مستمرة في بعدها, وأين نضع هذا بالنسبة لأهداف الجهاد العظيمة وغاياته؟!! وهل هدف الجهاد في الإسلام هو فقط إنقاذ المسلمين وقتال المعتدين؟! فعلى الرغم من أهمية وضرورة هذا الهدف, إلا أن الهدف الأعلى والأعظم للجهاد هو حفظ الدين وإقامته وتعبيد الناس لله رب العالمين(171)(ويكون الدين لله) (البقرة:193, الأنفال:39).
ولا يخفى على الدعاة والمصلحين ما حصل في أمتنا من بعد كبير عن حقيقة دينها, ولا يخفى أيضا ما يفعله المفسدون في الأمة, حتى وصل الأمر إلى حد محاربة أوامر الله وتحكيم غير ما يرضاه.
وليتنا نرجع إلى كتب التفسير ونتأمل بعض الحكم المستفادة من قوله تعالى في سورة محمد[سورة القتال]: ( طاعةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم) (محمد:21).
ومسألة أخرى هامة تجدر الإشارة إليها هنا وهي: أن تذكيرنا للأمة بالجهاد بدون توجيهها للتوبة والعودة قد يؤدي إلى حدوث اتكالية وتأخر في التغيير والإصلاح (الذي هو الطريق الذي يقود الأمة بفاعلية للجهاد ويحقق لها النصر فيه بإذن الله) بين أفراد الأمة بحجة أن الجهاد لم يقم وأننا ننتظر اليوم الذي يبدأ فيه حتى ننصر إخواننا بمشاركتنا فيه, فتنسى الأمة وتغفل عن أن استمرارها في الذنوب والغفلة وعدم تحقيق العودة الصادقة إلى الله هو أحد أهم أسباب تأخر الجهاد في الأمة وتأخر تحقيق النصر فيه.(1/67)
وكم واجهنا من المسلمين الذين عندما نذكرهم بترك اللهو والمعاصي غِيرةً على الأقل على واقع الأمة نجدهم يحتجون بحجة عدم وجود الجهاد الآن, وأنه لو كان موجوداً لتفاعلوا معه في إنقاذ إخوانهم, ونَسوا أنهم بأعمالهم هذه ولهوهم يكونون من أهم أسباب تأخر بدء وحصول الجهاد في الأمة.
وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وسلفنا الصالح كانوا عندما يرسلون جيوشهم التي حوت خيار الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم كانوا يوصونهم بتقوى الله والحذر من الذنوب, وأن ذلك أهم العدة على الأعداء.... فكيف يُنسى هذا -أو يذكر بدون إعطائه حقه- عندما نذكر أمتنا بالجهاد, وهي على ما هي عليه من الغفلة والبعد وتضليل المضلين وإفساد المفسدين.
بل ويبدو أن تذكير الأمة بالجهاد بدون تذكيرها بالتوبة والرجوع ومساعدتها على تحقيقه, قد يؤدي إلى نشوء شوائب الحمية في إخلاص الأمة عند حماسها للجهاد, مما قد يجعل توجه البعض للجهاد تشوبه نية الحمية, التي تضعف تحقق العبودية فيه, وفي الحديث المتفق عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله). وصفاء النية من شوائب الإخلاص تحتاج إلى أفرادٍ تربوا على الصدق مع الله, والتزام أوامره, والحرص على ما يرضيه.
5- وبالنسبة لجانب تفرق الأمة ووحدتها فمن الإشكالات في الخطاب الدعوي والإصلاحي أن تُوْهَم الأمة أن السبب الأساس لتخبط الأمة وتأخر النصر هو عدم وحدة الأمة وإتحاد صفها وتلاحمها, ...فليس الأساس كذلك, بل نحتاج في الخطاب الدعوي إلى أن نؤكد للمسلمين بأن أمتنا لن تنتصر النصر الحقيقي وتحفظ حتى ولو اتحدت وتلاحم أبناؤها طالما أنها لم تطبق شرع الله وتحترم أوامره.(1/68)
وذلك حتى لا تعتقد الأمة أن أساس دائها هو التفرق (ولا خلاف في أنه مشكلة هامة), ولتدرك أنه في واقعنا الحالي ليس إلا عرضاً من أعراض مأساتها الكبيرة, ألا وهي بعدها عن حقيقة الدين, وعن التمسك الكامل به في كل أمور وجوانب الحياة. قال تعالى: (أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) الآية (الأنعام:65).
ورجوع الأمة إلى دينها وتمسكها به سيكون أقوى دافع لاتحاد الأمة ولحمتها, بل هو جزء أساس من معاني الرجوع إلى الدين وصدق التمسك به وبتعاليمه.
6- أيضا يلاحظ في أحيانٍ عديدة التركيز على كيد الكافرين ومؤامراتهم وخططهم وخطورتهم والسبل المادية لمواجهتهم أكثر من التركيز على الإصلاح وعودة الأمة, مع أن صلاح الأمة هو الأساس لردنا أي كيد وأي اعتداء, وخالقنا العظيم العليم أخبرنا سبحانه بأن كيدهم لن يضرنا إذا صبرنا واتقينا (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) (آل عمران:120).
ولا شك أن أقوى ما نواجه به الكافرين هو صدقنا مع الله والتزامنا بأوامره, وأن أهم أسباب هزيمتنا وذلنا وتمكن الأعداء منا وازدياد أثر كيدهم علينا هو المعاصي وبعدنا عن الله وعن التطبيق الحقيقي الكامل لشرعه وأوامره, ولا رد حقيقي لكيد الأعداء ونحن نقويه بذنوبنا ومعاصينا.
بل وإن التركيز على كيد الأعداء ( الذي من المُسَلّمْ بأنه لا خلاف في الأصل على أهميته ) بطريقة تُشْعِر بأنه الأساس في مصائبنا وبدون تذكير الأمة بأمراضها التي كانت السبب في ذلها واستئساد الأعداء عليها, قد يكون أيضا عاملاً آخراً يضعف التفات الأمة لمرضها الأساس, ودائها الأهم, وأولوياتها في طريق إنقاذ نفسها من الأخطار المحيطة بها؛ قال تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)( آل عمران: 165).(1/69)
7- يكثر بعض الدعاة أحيانا من ذكر "صلاح الدين" وغيره من أبطال الأمة خاصة في الأشعار والأناشيد عند كلامهم عن مآسينا, ولاشك في أن أمتنا تحتاج إلى أمثالهم وبشدة, ولكن......
أن نجعل أن كل مشاكل الأمة وكل مآسينا بسبب عدم وجود"أمثال صلاح الدين" يعتبر فهماً خاطئاً, وله خطورته من حيث أنه يصرف أنظار الأمة عن أمراضها الحقيقية التي تنخر في جسدها, كما وضح ذلك صاحب الكتاب القيم الهام " هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس" الدكتور ماجد الكيلاني .
ثم كيف يخرج لنا مثل "صلاح الدين"؟!, هل ننتظر أن يوجد بيننا حتى ونحن على ما نحن عليه!!!!؛
إن العودة إلى الله ومناهج الإصلاح هي التي تخرج لنا" صلاحاً" -بإذن الله-!!. و"صلاح الدين" نفسه كان أحد ثمار المنهج الإصلاحي الذي عاصره وسبقه.
ولا شك أن ذكر" صلاح الدين" والأبطال مهم ونحتاجه, ولكن ليكن وسيلة لتحفيز الأمة للعودة إلى الدين, والنخوة له, والجهاد الصادق في سبيله, وليكن حافزا لنا لنكون على مثل ما كان عليه "صلاح الدين" من صلاح(172) وتقوى, سبقت بطولته وإنجازاته.
وذلك حتى يكون ذكره حافزا لنا في معرفة واجباتنا ومسؤوليتنا في الإصلاح, لا أن يكون ذكره وذكر عدم وجود أمثاله شماعة!!!! يستغلها الشيطان لكي تُلقي الأمة عليها أخطاءها بينما هي سادرة في غفلتها ولهوها وذنوبها, والتي هي أساس مأساتها وتخبطها وتفرقها وضياعها وهوانها.(1/70)
8- يبدو أيضا أن كثرة استخدام الدعاة والمصلحين والشعراء مصطلح العودة إلى الدين بالشكل الذي يخاطب الأمة بشكل عام لا بشكل فردي مثل عبارة "عودي إلى الله" التي تخاطب الأمة وعبارة "الحل في عودتنا لما كنا عليه سابقا" قد لا تشعر الفرد المسلم بواجبه في التغيير, خاصة مع وجود الغبش الكبير في فكر وسلوك أمتنا الديني, فقد يعتقد الكثير من أبناء الأمة أنهم ليسوا هم المقصودين بهذه العودة, خاصة مع وجود عدو الإنسان الكبير الشيطان الرجيم وشياطين الإنس, الذين يلبسون على المسلم أحكام دينه ويجعلونه يرضى بواقعه, على الرغم من وجود التقصير الكبير في تطبيقه والتزامه بالدين وأحكامه, وأيضا قد لا يكون واضحا للفرد أن بداية تغيير واقع الأمة وعودتها إلى الله تبدأ بالفرد نفسه, بالتزامه الصادق الكامل وبدعوته غيره من أفراد المجتمع ( عودة ودعوة(173)).
9- مما يدل أيضا على أن خطابنا الدعوي كان ناقصاً هو ما نلاحظه من البرود و الانتكاس العاطفي والعملي السريع, والعودة للضلال واللهو الذي يحدث للأمة بعد فترة وجيزة من انتهاء إحدى نكبات المسلمين.
بل حتى أنه مع استمراء الواقع وكثرة المذابح أصبح الكثير من الأمة يلهو ويغني, وينشغل بالدنيا, والمعاصي التي يؤخر بها نصر أمته في نفس الوقت الذي يرى أمامه يوميا إخوانه وهم يذبح أطفالهم, وتهدم منازلهم, وينكل بهم أشد تنكيل.
10- يبدو أن من آثار عدم تركيز الدعاة وغيرهم من المصلحين والغيورين على طريق النصر الحقيقي-بالقدر الكافي- في خطابهم الدعوي, أننا أصبحنا نرى العديد من الإنتاجات الطيبة التي كانت ردة فعل للمحن من مقالات وأشعار وكتابات, وإصدارات إعلامية متنوعة, وتوجهات شعوبية(174) , كلها طيبة لكن الكثير منها يتسم بعدم تلمس طريق النصر الحقيقي بإيضاح جيد لا بكلمات رنانة عامة, وأفعال حماسية غير دقيقة في توجهها لأساس الداء والدواء.(1/71)
بل إن بعض ردود الفعل تجاه المحن سواء كانت نثراً أو شعراً أو خطابةً أو مظاهرات أو غير ذلك كانت تتكلم عن المحن بالطريقة التي يتكلم بها أي إنسان يضيع عليه مجده أو وطنه أو ينتهك عرضه ودمه, فبعضها جاف من المعاني الإسلامية, ومعاني العبودية, وفي بعضها سمة الحمية أظهر من سمة العبودية والإخلاص والتجرد والعمل من اجل إرضاء الله.
11- ومن الإشكالات التي لوحظت ما يمكن أن نسميه التخدير بالنصر والتفاؤل الذي يحدث عندما يحرص بعض الأفاضل الكرام الغيورين من الدعاة والمصلحين في خطاباتهم -كلمات كانت أو شعرا أو توجيهات- على طمأنة الأمة بأن النصر قادم, وبث روح التفاؤل فيها بدون أن ُتذَكَّر الأمة بأهمية أن تصحح مسارها, وتتوب من المعاصي التي وقعت فيها, وتعلن وتبدأ بجدية في العودة الصادقة إلى الله, وإلى حقيقة دينها وتطبيقه الكامل, والدعوة والبذل والتضحية من أجله, فنكون بذلك كمن يطمئن الطالب الكسول المحبط بأن عليه ألا ييأس وأنه سينجح بدون أن يذكره بان عليه أن يثابر ويجتهد.
ولا يعني هذا عدم التشجيع على بث روح الأمل والتفاؤل, فهو أمر مطلوب محمود, ولكن القصد أن يكون معه تذكير واضح بالعمل والسعي للتغيير, حتى تُتَلافى سلبية الركون واستمراء الواقع.
(( إن أمتنا تحتاج إلى التفاؤل ولكنها.....
تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يهزها بقوة لتستيقظ من نومها العميق وبُعدَها,
تحتاج أكثر من التفاؤل إلى من يحذرها من حدوث مآسٍ وعقوبات أخرى من الجبار سبحانه لها فهي(مع يقيننا بالخير الكبير الكامن فيها):
لم تفق-الإفاقة الكافية اللازمة- وترجع إلى الله وهي في أشد مآسيها وذلها وهوانها,
لم تعد ولم تتب من المعاصي(175) وهي ترى المسلمين يذبحون ذبح النعاج بما فيهم أطفالهم!!! الأبرياء,
لم تعد(176) عودةً قويةً شافية وهي تسمع بآلافٍ !!!! من أخواتهن يغتصبن!!!! .
لم تعد ولم تتب وهي ترى الأعداء يتربصون بها من كل جانب!!(1/72)
لم تعد ولم تتب وهي ترى العالم يعيش في قمم من الضياع والتعاسة والكفر والضلال, وهي المسؤولة عن تبليغه طريق النجاة...أولاً :بتمثلها هي نفسها الإسلام حقيقة وصدقاً (فهو الأهم لنشر الدين), وثانياً: بتبليغها الإسلام بكل عزم وهمة.
إن أمتنا التي لم تفق(177 ) ولم تعد وهي ترى كل هذه البلايا....
تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يخوفها من حصول مثل ما حصل لإخوانهم عليهم.
وإذا أردنا أن نخفف بعض إحباطاتها فليُصاحِبْ ذلك تذكيرٌ بالطريق والوسيلة التي بحصولها وبالبدء بتحقيقها نتفاءل التفاؤل الحقيقي الذي يكون تفاؤلا مفيداًً لا أماني قد تضر أكثر مما تفيد ))(178 ).
12- ومن سلبيات بعض الألفاظ التي تستخدم للتعبير عن بعض مآسي ومحن الأمة ووصفها مثلاً بأنها القضية الأخطر التي تواجهنا ونعيشها أو بأنها مشكلة المسلمين وقضيتهم الكبرى -وذلك في غياب أو ضعف تذكير الأمة بواجبها في الصلاح والإصلاح عند الحديث عن هذه الأحداث- أن تصرف الأمة عن التركيز على قضيتها الكبرى و مأساتها الأكبر179 ألا وهي بعدها عن حقيقة الدين, والالتزام بأوامره, والتي نتجت واستمرت بسببها شتى المآسي التي تعيشها الأمة من ضعف وتفرق وتخبط, وذل وهوان, وضياع للمقدسات والأوطان,..... فتعتقد الأمة أن المأساة هي فقط فيما حصل من فقدان للأراضي والبلاد,...وكأنه يرضي الله وتتحقق رسالتنا في الأرض فقط باسترداد ما فقد منا, وبأن ننتصر على الأعداء, وإن استمررنا على مداومة المعاصي والبعد عن حقيقة الدين.(1/73)
13- وختاماً فمن بعض النقاط السابقة يلمس المرء أن بعض أحبتنا من الدعاة والمصلحين عند حديثهم عمّا يتعلق بالمآسي التي نعيشها (في أحيانٍ قليلة أو كثيرة) يخاطبون الأمة أو بعض فئاتها وكأنها بشكل عام الأمة المستقيمة على ما يرضي الله والمطبقة لشرعه والسائرة على هداه, والتي لم يبق لها إلا توجيه لقضية معينة قصرت فيها, أو مسألة واحدة أخطأت في فهمها, أو فقط اجتماع كلمتها على حُكمٍ في مسألة,..... ولكن القضية أكبر وأشمل من ذلك,....إنها قضية إحياء أمتنا التي قتلها ولا يزال يقتلها الأعداء والمفسدون والشيطان والهوى منذ عقود عديدة بإبعادها عن أساس حياتها, ومقتضيات رسالتها, وسر سعادتها في الدنيا والآخرة.
ثانياً: ما نتمناه في خطابنا الدعوي عن المآسي:
1- نتمنى من الخطاب الدعوي والإصلاحي عن مآسي امتنا وتخبطاتها أن يكون مركزا على الحل الأساس الأهم حسبما عرفنا من السنن الربانية التي عرَّفنا بها قرآننا العظيم ونبينا صلى الله عليه وسلم وعلماء الأمة وسلفها الصالح, ألا وهو رجوع الأمة إلى دينها, وتطبيقه الكامل, وابتعادها عن المعاصي والذنوب التي هي أساس المصائب والفتن والنكبات والشرور.
وأن يركز على علاج مرض أمتنا أكثر من التركيز على علاج أعراضه(180),
وأن يكون مستمرا لا منقطعا, حتى لا يكون فقط ردة فعل تأخذ وقتها ثم تبرد وتنتهي.
2- نتمنى أيضا من الخطاب الدعوي - عندما يوضح أن نصرنا بالعودة(181) إلى ديننا- أن يكون خطابه معروضاً بطريقة مفصلة دقيقة, تبين لكل فرد كيف يكون دوره في العودة والتغيير, لا أن يكون الخطاب بكلمة عامه فقط, لا تُشعر الفرد بدوره ومسؤوليته في تحقيقها, بل وتؤدي أحيانا إلى أن نَجْعَل الفرد ممن يقول ما لا يفعل, فهو قد يتغنى بأن الحل في العودة ولكنه بعيد عن تحقيقها وعن معانيها وواجباتها.(1/74)
فنحن نتمنى أن تكثر الكلمات القوية والأشعار المؤثرة التي تجعل الفرد المسلم يخرج منها بخطوات عمليه عمَّا ينبغي أن يفعله هو بنفسه لتغيير واقع أمته, لا أن يخرج فقط بحماس وانفعال قد يبرد سريعا, فأمتنا تريد عملا وعاملين.
3- حبذا أيضا لو كان في خطابنا الدعوي- نثرا كان أو شعرا أو خطابة -تبيين وتذكير ببعض المنكرات التي انتشرت في الامة وخاصةً التي استمرأها المسلمون, وهذا أفضل من العموميات في الكلام عن العودة والذنوب, لكي يتضح للفرد المسلم نقاط خلله وتقصيره(182), ومن ثم يكون خطابنا أقوى في النتيجة العملية الناتجة منه بإذن الله.
وليت خطابنا الدعوي لا يُغفل تذكير الفرد والمجتمع بخطر المعاصي كلها بشتى أنواعها, بما فيها خطر الإصرار على الصغائر(183), الذي تساهل به حتى الكثير من الأفاضل والطيبين, نسياناً منهم لبعض الحقائق والأسس المتعلقة بهذا الموضوع؛ ومنها تحول الصغائر إلى كبائر بأمور عديدة منها الإصرار والمجاهرة وعدم الحياء والخجل من الله في عملها كما وضح هذه الحقائق علماء الأمة وسلفها الصالح.
فنحتاج في خطابنا إلى تبصير الأمة بهذه الحقيقة التي نُسيت, وخاصة وأننا نرى الانتشار الضخم في الإصرار على كثير من الصغائر في واقع أمتنا الحاضر, والذي لا شك في أن إفساد المفسدين وتضليل المضلين دعمه وقوَّاه في قضايا كثيرة.
وعلينا أن لا ننسى أن كثيراً من الكبائر التي انتشرت في الأمة كان مبدؤها التساهل بصغائر متعلقة بها وتؤدي إليها. كما أن التهاون والإصرار على الصغائر يُجَرِّئ المسلم على غشيان غيرها من المعاصي ولو لم تكن متعلقة بها.
4- نتمنى أن يُشْعِر الخطاب الدعوي والإصلاحي المسلمين بفاعلية بالتحديات الخطيرة التي تواجه الأمة, ويربطها بضرورة تصحيح المسار والإصلاح,... حتى يكون الشعور بالتحدي فعالا في إيقاظ المسلمين وعودتهم(184) .(1/75)
وقد كان الشعور بالتحدي فعالا في تغيير حياة كثير من شعوب العالم بعد نكبات ألمت بهم )اليابان أحد هذه الأمثلة(.
5- نحن في حاجة كبيرة إلى الخطاب الدعوي الذي -عندما يخاطبنا في مآسينا, ومشكلاتنا, وفي كل أمور وشؤون حياتنا وانفعالاتنا وتحركاتنا- يربطها بعبوديتنا لله, فهذا هو الأصل الذي ربانا الإسلام عليه, وامرنا الله به وخلقنا من أجله,
قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام: الآيات 162-163).
وإن صدق الإخلاص لله في أمورنا -مع التزامنا بالنهج الصحيح - من أهم أسباب نصرنا, بل حتى حميتنا وغيرتنا عندما نرى ذبح إخواننا ينبغي أن تكون مربوطة بعبوديتنا لله, فنسعى لإيقاف ذلك لأنه يغضب ربنا سبحانه, ويعوق نشر دينه, وتحقيق خلافة الإنسان في الأرض, لا أن يكون غيرة وحمية أرضية.
6- يحدونا أملٌ كبير -إن حقاً ذكرنا أمتنا بفاعلية بدائها الأساس وجعلناه قضيتها الكبرى الأهم- أن ينتج عن ذلك حصول توجه طيب لأمتنا نحو الحل الأساس بما يمكن أن نسميه للتذكير "مقاطعة الذنوب".
وعلى الرغم من أهمية وضرورة المقاطعة الاقتصادية وفرحنا بها إلا أن مقاطعة الذنوب! هي المقاطعة الأهم, وهي الدواء الأساس الذي بِعَدَمِهِ يفشل أي دواء أو عمل مساند في تحقيق الشفاء والتمكين لأمتنا المريضة الجريحة الذبيحة.
بل إن مقاطعة الذنوب بمفهومها الحقيقي الكامل تشمل المقاطعة الاقتصادية, وتقويها, وتدعمها, وتحفز الأمة لها.
وإن تحمس المسلمين الكبير للمقاطعة الاقتصادية دلالة واضحة عن وجود البذرة الصالحة والاستعداد في الأمة للتوجه بإذن الله بحماس للعودة إلى الله في حال تذكيرها بهذه القضية وأهميتها بصورة مركزة كما حدث في المقاطعة الاقتصادية.(1/76)
فكما فرحنا بإحساس أمتنا بالمقاطعة الاقتصادية الذي أدركه وتحمس له حتى الكثير من أطفالنا!!!....فإننا ننتظر فرحنا بحصول توجه كبير في الأمة نحو المقاطعة الأهم التي هي الأساس لحصول النصر واستعادة العزة.
ختاماً:
نقول لكل غيور قال أو كتب كلمة قوية مؤثرة وذرف الدموع تأثرا بالمآسي, وكتب الكلمات الحارة, نقول له: أكثر الله من أمثالك فبالصادقين أمثالكم- الذين يوضحون للأمة نهج الحق والصلاح بصدقٍ وغيرةٍ- تنتصر الأمة بإذن الله ويقترب فرجها.
وإنكم عندما تتألمون لقلة الناصر للمسلمين فثقوا-كما لا يخفى عليكم- بأن النصر الأعظم والأكبر سيكون بإذن الله عندما تعود الأمة لله, فيومئذ يعظم العطاء و التضحية من أمة عظيمة عاشت لله بمنهج الله, وتضحي بالمال والأنفس رخيصة في سبيل الله.
(ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله) سورة الروم.
? ? ?
كلمة أخرى للدعاة
أخي هل تراك سئمت الكفاح وألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ويرفع راياتها من جديد(185)
إخوتنا الدعاة إلى الله - والأصل أن أبناء أمتنا كلهم دعاة إلى الله - يا من حملتم مشاعل الأمل لهذه الأمة في طريقها إلى العودة والنصر؛ إن مسئوليتنا تعظم مع هذه المآسي, فتقصيرنا في الدعوة وفي تربية أنفسنا التربية القوية في شتى الجوانب الهامة يعني إطالة معاناة الأمة واستمرار مذابح إخواننا.
فهل نهنأ والحال كذلك!!؛....
إن أملنا في حاملي مشاعل الأمل هو أن(186):
يحققوا أولاً صدق إخلاصهم وتجردهم لله(187),
وصدق محبتهم له سبحانه(188),
وارتفاعهم في درجات العبودية,
وقوتهم في أعمال القلوب, وسلامتهم من أمراضها(189) (فهذه الأمور من أقوى عوامل الفلاح والنصر),
وأن يلتزموا ما ورد في الكتاب والسنة والدليل الصحيح,
وأن يكونوا قدوة حقة تتحدث أفعالهم قبل أقوالهم(190),
وأن يكونوا قمة في أخلاقهم(191),
وقمة في تربيتهم الروحية الإيمانية(192) بما فيها الزاد العظيم زاد قيام(1/77)
الليل, وزاد الصلاة الخاشعة وصيام التطوع,
والذكر الذي يواطيء القلب فيه اللسان(193),
وأن لا ينسوا أن يتسلحوا بالسلاح العظيم ألا وهو الدعاء في كل أمورهم,... خاصة دعاء أوقات الاستجابة,
وأن يركزوا في دعوتهم للناس على تربية الإيمان والعقيدة أولا(194),
وأن يركزوا على الأولويات(195),.......
والأهم فالأهم(196),
وألا تفوت عليهم الموازنة بين الواجبات(197),
وألا يركزوا على الأعراض أكثر من الأمراض (على مستوى
الفرد أو المجتمع),
وأن يقدموا العطف واللين والحسنى والتسامح والتحبب والإحسان في تعاملهم الدعوي مع الآخرين, فهو يأتي بما لا تأتي به الشدة التي -في غالبها- تُنَفِّر أضعاف ما تُقرِّب, وتُخسِّرُ أكثر مما تُكْسِبْ(198), ومن أُغْضِبَ وخُسِرَ قلبُهُ ومحبته لا يستجيب للنصح غالباً وإن غُلِبَ في الحجة والتبيان(199),
وألا ينشغلوا في طريق دعوتهم بأمور أو معارك جانبيه تشغلهم عن الأساسيات والواجبات الأهم, وعن الأعداء الحقيقيين(200),
وألا ينشغلوا بغير الأولى والأجدى والأهم للدعوة والإصلاح, فالوقت غالٍ ومحدود والواجبات كثيرة جدا(201),
وأن يحفزوا الهمم, ويشدوا العزم, وينطلقوا متفانين باذلين كل أوقاتهم وأموالهم لا بعضها فقط, فهم ممن يفترض أنهم باعوا أنفسهم وأموالهم لله شراءً لجنته,
وأن يشحوا بأوقاتهم وأموالهم بأن تضيع في غير ما يخدم الدين ويساهم في تقريب النصر(202),... لأنهم قد باعوا حياتهم لله فهي ليست لهم!!,
وألا يَدَعوا أي فرصة فيها خدمة للدعوة إلا واستغلوها أحسن استغلال, ولو كانت فرصة صغيرة أو عارضة(203),
وأن يضحوا براحتهم في سبيل نصر الدين والعمل له, ليبزغ بإذن الله فجر العزة والسؤدد الذي طال انتظاره.
وليكونوا كما قيل:
نبي الهدى قد جفونا الكرى وعفنا الشهيَّ من المطعم
نهضنا إلى الله نجلو السرى بروعة قرآنه المنزل(204)
وأن يجددوا العهد إن ضعف العزم:(1/78)
جدد العهد وجنبني الكلام إنما الإسلام دين العاملين
وانشر الحق ولا تخش الظلام فبصدق العزم يعلو كل دين(205)
يقول الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله متحدثا عن الدرجة التي ينبغي أن نكون عليها في حماسنا لديننا ودعوتنا:
(( إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متقدة تكون في ضرامها على الأقل!!! مثل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابناً له مريضاً ولا تدعه حتى تجره إلى الطبيب, أو عندما لا يجد في بيته شيئا يسد به رمق حياة أولاده فتقلقه وتضطره إلى بذل الجهد والسعي.
إنه من الواجب أن تكون في صدوركم عاطفة صادقة, تشغلكم في كل حين من أحيانكم بالسعي في سبيل غايتكم, وتعمر قلوبكم بالطمأنينة, وتكسب لعقولكم الإخلاص والتجرد, وتستقطب عليها جهودكم وأفكاركم, بحيث أن شؤونكم الشخصية وقضاياكم العائلية إذا استرعت اهتمامكم، فلا تلتفتون إليها إلا مكرهين!!.
وعليكم بالسعي أن لا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقل ما يمكن من أوقاتكم وجهودكم,!!!! فتكون معظمها منصرفة لما اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة. وهذه العاطفة ما لم تكن راسخة في أذهانكم ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم آخذة عليكم ألبابكم وأفكاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحركوا ساكنا بمجرد أقوالكم ))(206).
قال تعالى: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم منة قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )
(الأحزاب:23).
? ? ?
علماءنا الأجلاء إننا ننتظر
علماء الأمة الأجلاء في كل قطر وفي كل مكان يا من تعلمون وتربون الأمة بعلمكم و إرشاداتكم، اسمحوا لنا أن نوجه لكم هذه الكلمة التي نقولها لكم من وسط آلامنا وجراحنا راجين منكم قبولها (و راجين من الغيورين إيصالها لهم):
? ? ?
كنا نتألم كثيراً عندما نسمع ونقرأ عن مخططات أعداء الدين الرهيبة ثم لا نجد تذكيراً من بعض علمائنا الأجلاء يناسب حجم هذه المؤامرات .(1/79)
وكنا نتألم أكثر عندما نجد مدى غفلة الأمة بشكل عام عن حقيقة دينها وتطبيقها الجاد له في كل شؤون الحياة ثم لا نجد من بعض علمائنا الأجلاء ما يوازي ذلك من تذكير قوي مؤثر فاعل يوقظ الأمة من غفلتها .
وكنا نتألم أكثر وأكثر عندما نرى ما يفعله المفسدون المضيعون على الأمة دينها ووعيها, والمساعدون لها على التفلت عن الالتزام بأوامر الشرع وأحكامه والتربي على ذلك ثم لا نجد من بعض علمائنا تذكيراً واضحا لكل الأمة عن هذه المصائب والطامات التي تُسَاق اليها وتُعَوَّد عليها.
ولكن الألم الأكبر شعرنا به عندما رأينا مواجع ومذابح الأمة الرهيبة ولم نر من العديد من علمائنا الأجلاء التذكير الشافي الكافي الحار المؤثر الموقظ الذي ُيذكِّر الأمة بكل فئاتها وكل أفرادها بوجوب وأهمية وضرورة وفرضية عودتها إلى تطبيق دينها تطبيقاً كاملا لأنه الطريق الأساس لاستعادة الأمة عزها ومجدها وقوتها ومن ثم مقدرتها على إيقاف المذابح والمآسي المفجعة التي يتعرض لها أبناء الإسلام في كل مكان حتى أصبح الدم المسلم أرخص دم على وجه الأرض قاطبةً.
? ? ?
علماءنا الأجلاء إن أمتنا غفلت كثيراً وأعداءنا والمفسدين اشتد مكرهم وخبثهم ولا يكفي أمتنا كلمات تذكيرية بسيطة تضيع وسط الهول الرهيب من وسائل الإفساد والتضييع الذي تعيشه وتُغْرَقُ فيه .
إن أمتنا وهي في شدة غفلتها هذه وشدة المؤامرات عليها وعلى أفرادها تحتاج إلى صرخات حارة مدوية علها تستيقظ من نومها العميق الذي يحاول البعض أن يجعله أكثر عمقاً...!!!!
? ? ?
علماءنا الأجلاء اسمحوا لنا أن نقول هذه الكلمة ونحن نخاف عليكم كما نخاف على أنفسنا...نقول: و الله ثم والله إننا عندما نرى هذه المذابح والمآسي التي تحدث لأمتنا نشعر أن المسؤولية العظمى حالياً تكون أكثر ما تكون على ظهوركم, لأنكم أنتم الذين من موقفكم العظيم شرعاً وعرفاً أنتم من يوجه الأمة وأفرادها أياً ما كانوا.(1/80)
لقد استشعرنا مسئوليتكم العظيمة الملقاة على عاتقكم في مرَّةٍ لا ننساها وذلك عندما سقطت مدينة سريبرينيتسا في البوسنة, ورأينا أطفالها ونسائها يبكون وينتحبون فقلنا وقتها أعان الله علماء الأمة, فهم أول من سيسألون عن هذه المآسي؛
فهل هم وعوا الأمة و أيقظوها في غمرة هذه الأحداث المؤلمة بكلمات قوية حارة مؤثرة و صيحات معبرة, تجعلهم يستشعرون المسؤولية في تغيير واقعهم لكي تستيقظ الأمة وتعود إلى الله فيحدث لها بإذن الله النصر الذي طال انتظاره ومن ثم تتوقف هذه المذابح التي أدمت قلوبنا؟.
وهل ساروا بأمتنا بفعالية الى طريق العودة والنصر؟
وهل بذلوا غاية جهدهم في ذلك ؟
? ? ?
علماءنا الأجلاء إن أعداء الدين والمفسدين يفرحون عندما يرونكم تنشغلون بقضايا معينة هي أقل بكثير من القضايا الهامة التي تعيشها الأمة وتكتوي بنارها, بل بعضهم يتعمد إشغال علمائنا بذلك. وكل أمر الدين مهم ولكن في أزمان معينة تكون قضايا معينة أهم من غيرها.
? ? ?
علماءنا الأجلاء إن عدم إيضاح غفلة الأمة وبعدها عن حقيقة دينها وواقعها المؤلم بالشكل القوي الذي يَهُزُّ الأمة وينبهها يكون بنفسه ذا أثر خطير على المسلمين, لأنهم- برؤيتهم ذلك منكم- سيطمئنون إلى واقعهم ويركنون إلى اللهو والدنيا وأنه ليس هناك حاجةً ماسة للتغيير والإصلاح .
? ? ?
علماءنا الأجلاء ننتظر دوركم القوي في تعرية من يفسدون في الأمة ولا يتقون الله فيها حتى وهي في أشد محنها, حتى يتنبه الناس لشرهم ويحذروا منهم .خاصة أن الهدم أسهل من البناء وما يبنيه العلماء والدعاة والتربويون للناس من خير بجهود كبيرة وعلى مدى أجيال يأتي المفسدون ويهدمونه بجهد يسير, خاصة مع القوة التأثيرية الكبيرة الموجودة لوسائلهم في هذه الأيام.
متى يبلغ البنيان يوما كماله----- إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم(1/81)
فإما مناصحة قوية لهؤلاء, أو فضحهم إن لم يستجيبوا لكي لا يخدعوا الأمة في أعظم شيء ألا وهو دين الأمة وشريعتها, ويكونون بذلك سببا رئيساً في ذلها وهوانها واستمرار استئساد أعداء الدين عليها وذبحهم لأبنائها.
? ? ?
علماءنا الأجلاء ننتظر بتلهف دوركم الكبير الهام جداً في إيقاظ الأمة من سباتها.
ننتظر توجيهكم الذي يوجهها إلى أهمية نظر الأمة في كل شؤون حياتها, وهل حياتها موجهه لما يرضي الله وبما يرضي الله؟ ، ليس فقط التوجيه الذي يلفت نظر الأمة إلى قضايا محدودة.
ننتظر منكم التذكير القوي المؤثر الذي يذكر الأمة بمسؤولياتها تجاه هذا الواقع المبكي الذي لا يرضي رب العالمين.
ننتظر منكم التوجيه الذي يوجه الأمة إلى الدور الهام والضروري لكل فرد من أفرادها في الإصلاح والتغيير و الدعوة إلى الله.
علماءنا الأجلاء آلامنا عديدة..... جراحنا غائرة....دمنا انهار جارية...... أمتنا لاهية....وانتم من أول المسؤولين.
علماءنا الأجلاء إننا ننتظر... إننا ننتظر.
? ? ?
كلمة للحكام والزعماء
لم أجد كلمة نوجهها إلى زعماء الدول الإسلامية -سائلين الله أن يهديهم إلى ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة وخير أمتهم الذبيحة - أبلغ من الكلمة التي كتبها جلال العالم في مقدمة كتابه البالغ الأهمية (( قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله)) الذي كتبه قبل ما يقارب الثلاثين عاما!!!!!!,...... يقول فيها:
( إلى القادة والزعماء في كل مكان من العالم الإسلامي، والعرب منهم خاصة:
أعداؤنا يقولون: يجب أن ندمر الإسلام لأنه مصدر القوة الوحيد للمسلمين، لنسيطر عليهم، الإسلام يخيفنا، ومن أجل إبادته نحشد كل قوانا، حتى لا يبتلعنا. .
فماذا تفعلون أنتم أيها القادة والزعماء ؟!!..
بالإسلام تكتسحون العالم - كما يقول علماء العالم وسياسيوه - فلماذا تترددون..؟!! خذوه لعزتكم، لا تقاوموه فيهلككم الله بعذابه، ولا بد أن ينتصر المؤمنون به - -(1/82)
أيها السادة والقادة في دول العالم الإسلامي، والعرب منهم خاصة:
كونوا أعوان الإسلام لا أعداءه.. يرضى الله عنكم، ويرض الناس عنكم، وتسعدوا.. وتلتف حولكم شعوبكم لتقودوها نحو أعظم ثورة عالمية عرفها التاريخ.
أيها السادة والقادة:
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو قريشا لتكون معه، كان يعد رجالاتها أن يرثوا بالإسلام الأرض، فأبى من أبى، وماتوا تحت أقدام جيوش العدل المنصورة التي انتشرت في الأرض.. وخلدهم التاريخ ، لكن أين ؟!.. في أقذر مكان منه، يلعنهم الناس إلى يوم الدين، وعذاب جهنم أشد وأنكى ...
ووعدنا رسول الله أن يعم ديننا الأرض، وسيعم دون شك.
فلا تكونوا مع من سيكتبهم التاريخ من الملعونين أبد الدهر، بل كونوا مع المنصورين الخالدين.
والله غالب على أمره ... ولكن أكثر الناس لا يعلمون )(207).
? ? ?
وإن أضفت فإنني أقول: اتقوا الله يا زعماء الدول الإسلامية وكل المسؤولين فيها(208), فإن مسؤوليتكم عظيمة, فهذه الدماء المسلمة التي تراق بمئات الآلاف, والمسلمات اللواتي يغتصبن, والأطفال الذين يذبحون ذبح النعاج بل ويحرقون أحياءً , والمساجد التي تشكو إلى الله هدمها وإهانتها, واللاجئون الذين يئنون في شتى أنحاء العالم, والمخاطر المحيطة بنا, والمذابح الجديدة التي تتتابع علينا تسألون عنها يوم القيامة (( وإن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن ))(209), .........فأقيموا الإسلام وطبقوه في الصغيرة والكبيرة, وانصروا الداعين إليه, ووجهوا الأمة لمعالي الأمور وأبعدوهم عن سفاسفها, وحاربوا البدع والمنكرات, وأوقفوا ما يفسد الأمة ويبعدها عن صدق التمسك بأوامر دينها(210),...... حتى تقوى أمتنا وتتحقق لنا العزة, فننطلق أجمعين رافعين لواء الجهاد العظيم لتخليص الأمة من هذا الذل الذي طال.(1/83)
بل نحمي بذلك أنفسنا من شر أعداء الدين الذين يخططون لإبادتنا ولو ظفروا بنا فلن يرحمونا, بل في الحقيقة نخلص البشرية بأجمعها من الضلال والتيه والضياع والظلم والبؤس الذي تعيش فيه.
سيروا بنا لذلك -وإن صدقتم- فستحملكم الأمة بقلوبها, وستحميكم بدمائها, وسيُمجدكم التاريخ كما مجد نور الدين زنكي وصلاح الدين ومحمد الفاتح وغيرهم, والأهم من ذلك سيرضى عنكم جبار السماوات والأرض.
إننا نسألكم بالله, ونسألكم نخوة نأملها في قلوب بعضكم, ونسألكم رأفة بنواح الثكالى واليتامى وأنين الجرحى وصراخ المصابين وآلام المشردين المضطهدين؛ أن تسارعوا لذلك, أن تسارعوا لذلك .
? ? ?
العودة موقد شعلة الجهاد وسر انتصاره
لاشك أن الجهاد هو الوسيلة القوية الذي بها يتحقق رد الأعداء بإذن الله, ولكن ذلك لا يكون بالشكل الحقيقي والكامل والكافي والأمة في لهوها وبعدها عن أوامر الله، ذكرت ذلك حتى لا يفهم خطأً أن بعض الكلام السابق يقلل من أهمية الجهاد,..فلا شك أننا ننتظره ونتمنى انطلاقته القوية في واقع الأمة كلها وليس من أفرادٍ معدودين منها فقط,.. ولكن هذا الجهاد المنتظر بالانطلاقة المرجوة يحتاج إلى وجود وحصول عودة صادقة لله وتطبيق لأوامره, فالعودة إلى الله والالتزام بأوامره هو أكبر محرك وباعث للجهاد في الأمة, بل إن ترك الجهاد هو أحد مظاهر البعد عن الدين والالتزام بأوامر الله.والعودة إلى الله هي التي تنشئ وتربي المجتمعات الإسلامية التي تنطلق بصدق للجهاد في سبيل الله.(1/84)
ثم إن من أهم أسباب وأسس تحقق النصر للأمة عندما تجاهد هو بعدها عن الذنوب والمعاصي والتزام أمر الله في كل صغيرة وكبيرة, فكم من الهزائم وتأخر النصر حدثت للأمة بعد حدوث ذنب أو معصية, وليتنا نرجع إلى الدروس الكبيرة في هذا الشأن من غزوة أحد كما ذكر في كتب التفسير وغيرها, قال تعالى: ( أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير ) ( آل عمران:165) .
بل حتى أن دخول العجب إلى المسلمين وحدوث ضعف في اتكالهم على الله يكون من أسباب الهزيمة، ففي غزوة حنين تأخر النصر وكادت أن تحصل الهزيمة للمسلمين عندما أعجبوا بأنفسهم, ..انظر كلام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد عن ذلك(211).
قال تعالى: ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) (التوبة:25).
وكتب أبوبكر رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص عندما أخبره عن كثافة جيش هرقل بإزاء جيش المسلمين: ( إنكم لا تغلبون بقلة عددكم وإنما تغلبون بالمعاصي على كثرة عددكم فاحترسوا منها )(212).
ومما كتبه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسعد بن أبي وقاص عندما أرسله لفتح فارس [ أما بعد, فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال, فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب, وآمرك ومن معك بأن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم(213)،
فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ](214).
والقصص كثيرة على مدى التاريخ الإسلامي التي تدل على هذه القضية, بل إن بعض قادة المسلمين كانوا يعتقدون أن سبب تأخر النصر هو تخليهم عن سنة من السنن فضلا عن تقصيرهم في أمر واجب.(1/85)
وكيف تنتصر أمتنا وهي كما ذكر سابقا بها الكثير من المعاصي؟,.. بل كيف وهي يحدث فيها من البعض الحرب على الدين والتعالي على الكثير من أحكامه بل وإيذاءُ دعاته المصلحين وولاءُ أعدائه المجرمين ؟ .
? ? ?
ونحن نفخر ونبتهج بالصور الجهادية التي نراها الآن على نطاق ضيق في أمتنا, والتي تكون منضبطة بالأصول الشرعية ووفق فقه واقع جيد وفي الأماكن التي يفتي العلماء الثقات بأنها مواطن جهاد(215), ونتمنى لو أن أمتنا كلها تقوم الآن للجهاد الصادق, وهذه الصور الجهادية تعتبر لمسة فرح وسط المأتم الكبير الذي تعيشه الأمة, ...وهي تُشرِّف الأمة وتعيد لها بعضا من روح العزة والهيبة لدى أعدائها, وتَبُث في الأمة الحماس للدين ولأمجادنا, وخيرها عظيم على الأمة, ولا أدل على ذلك من تخوف أعداء الدين منها ومحاولتهم حجب وتهوين أخبارها, ودأبهم الشديد على حرف أي جهاد عن مساره الصحيح وتشويه سمعته وإجهاضه, حتى لا يؤدي إلى ولادة أمة إسلامية تعود إلى الدين والى الجهاد في سبيل الله.
موت الشهيد حياته وحياتنا في لهونا الفتاك عنوان الردى(216)
وهذه الصور الجهادية تحتاج منا إلى دعمها وتأييدها, ولكنها غير كافيه, و أين الأمة ككل عن الجهاد في سبيل الله ؛ ..لاشك أن ما كبلها حقيقةً هو الذنوب والمعاصي التي نتجت عنها كل الصور الأخرى والأوضاع التي أخرت الجهاد الصادق في سبيل الله.
? ? ?
عودة ودعوه
لعله من الممكن أن نقول كخلاصة.. أن الحل الجدري بإذن الله لمآسي امتنا يمكن أن نضعه في كلمتين.... * عودة و دعوه *(217)
أي عودة كل فرد في الأمة إلى تطبيق الدين تطبيقاً جاداً كاملاً في كل الأمور صغيرها وكبيرها..ودعوته غيره إلى ذلك, وهي عودة ودعوة للتمسك الحقيقي الكامل بالكتاب والسنة ونهج السلف الصالح, ..ففي ذلك نصر الأمة وفلاحها.(1/86)
وياليت أن تصبح هاتان الكلمتان شعاراً(218) لطريق الحل لإنقاذ أمتنا, وأن تكون رمزاً تتذاكر الأمة به, ..لكي لا تنسى, ولكي تسرع للطريق الحقيقي الموصل للنجاة والعزة والكرامة.
مع كل مذبحةٍ تَجِدُّ ولا جواب سوى العويل
مع كل جُرح في جوانح أمتي أبدا يسيل
مع كل تشريد وتمزيق لشعب أو قبيل
يأتي يسائلني صديق من بلادي ما السبيل
كيف السبيل إلى كرامتنا إلى المجد الأثيل
فَرَمَقتُ وجه محدثي وهتفت من قلبٍ عليل
قلبي مليءٌ بالأسى وحديث مأساتي يطول
حدثته عن قصة التحرير جيلاً بعد جيل
ووقفت في حطين اقطف زهرةَ الأمل النبيل
ورأيت في جالوت ماء النيل يبتلع المغول
بل وحدة الفكر القويم ووحدة الهدف النبيل
وبِنَاءُ جيل مؤمن وهو الصواعق والفتيل
بكتائب الإيمان جنب المصحف الهادي الدليل
تمضي كتائبنا مع الفجر المجلجل بالصهيل
هذا السبيل ولا سبيل سواه إن تبغي الوصول(219)
إن السبيل قد عرف, فهل نستيقظ ؟ فالمسؤولية كبيرة ونسأل عنها يوم القيامة, أحيانا يسيطر اليأس على القلب خاصة عندما يرى غفلة الأمة واستمرارها في اللهو على الرغم مما تراه مما يتفطر له القلب كمدا من المآسي,.. ولكن أملنا في الخير الكامن في المسلمين, وأنهم لن يرضوا بأن يكونوا بتقصيرهم سببا في استمرار الذبح والهوان لإخوانهم وأمتهم, وأملنا في إدراكهم للمخاطر الرهيبة التي تواجه أمتهم ولكيد الأعداء الذي قد يصلهم, وأملنا في خوفهم من السؤال عند الوقوف أمام الله تعالى عن واجبهم تجاه أمتهم,.....فأملنا في كل ذلك بعد الله يجعلنا نستبشر بحصول وتحقق استيقاظ وعودة,..ولكن نرجو أن يكون قريبا.. فالألم شديد.
? ? ?
المراجع
1) القرآن الكريم .
2) تفسير ابن كثير طبقة كتاب الشعب .
3) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : محمد الأمين الشنقيطي . عالم الكتب .
4) صحيح البخاري.طبعة بيت الأفكار الدولية,1419هـ.(1/87)
5) سلسلة الأحاديث الصحيحة : محمد ناصر الدين الألباني . المكتب الإسلامي ، ط 3 ، 1403هـ ، 1983م .
6) المستدرك للحاكم.دار الكتب العلمية,ط1, 1411هـ .
7) صحيح الترمذي: محمد ناصر الدين الألباني.طبعة مكتب التربيه العربي لدول الخليج,ط1,1408هـ
8) رياض الصالحين : النووي . دار المعرفة ، 1417 هـ ، 1996 م .
9) ترتيب احاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته:عوني الشريف. مكتبة المعارف,ط1, 1406هـ.
10) زاد المعاد في هدي خير العباد : إبن قيم الجوزية . مؤسسة الرسالة ومكتبة المنار الإسلامية ، ط 8 ،1405هـ / 1985م .
11) مدارج السالكين: إبن قيم الجوزية.دار إحياء التراث العربي,ط2, 1421هـ-2001م.
12) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد : عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ. مكتبة الرياض الحديثة .
13) أسباب سعادة المسلمين وشقائهم في ضوء الكتاب والسنة محمد زكريا الكاندهلوي، المكتبة الإمدادية ، ط 6 ، 1401هـ / 1981 م .
14) أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم : عبدالعزيز بن باز . دار الوطن ، ط 1 ، 1419 هـ .
15) أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب : محمد محمود الصواف .دار الإعتصام . من القاهرة .
16) أثر المعاصي على الفرد والمجتمع : محمد بن صالح العثيمين. دار الوطن . ط 3 ، 1418 هـ .
17) حصاد الغرور : محمد الغزالي . المختار الإسلامي . ط 2 ، 1399هـ / 1979م .
18) علل وأدوية: محمد الغزالي.دار القلم.ط2 ,1417هـ/1996م .
19) ماهو سبب تخلف المسلمين : دار ابن المبارك،1411هـ.
20) المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع : حامد بن حامد المصلح . مكتبة الضياء . ط 3، 1412 هـ ، 1992 م .
21) الذنوب وقبح آثارها على الأفراد والشعوب : محمد بن أحمد سيد أحمد . دار القاسم ، ط1 ، 1416 هـ / 1995 م .
22) مختصر منهاج القاصدين:أحمد إبن قدامة المقدسي.مكتبة دار البيان ومؤسسة علوم القرآن1398هـ/1987م.(1/88)
23) شبهات حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: د فضل الله الهي. ادارة ترجمان الاسلام,ط1, 1411هـ-1991م .
24) توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع : محمد جميل زينو . مكتبة الضياء ، ط 9 .
25) البيان المطلوب لكبائر الذنوب : عبدالله الجارالله دارالوطن. ط 1، 1419 هـ .
26) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : جلال الدين العمري . شركة الشعاع للنشر ، الكويت ، 1400هـ .
27) ابن تيميه بطل الإصلاح الديني : محمود مهدي الإستانبولي .المكتب الإسلامي ، ط 2 ، 1403هـ / 1983م.
28) هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس : د ماجد عرسان الكيلاني الدار العالمية للكتاب الإسلامي ، 1416هـ . 1995م .
29) الجهاد والتجديد في القرن السادس الهجري : محمد حامد الناصر . مكتبة الكوثر، ط1،1419هـ / 1998 .
30) مجتمعنا المعاصر أسباب ضعفه ووسائل علاجه : د عبدالله سليمان المشوخي . مكتبة المنار ، ط 1، 1407هـ - 1987م .
31) واقعنا المعاصر : محمد قطب . مؤسسة المدينة للصحافة ط 1 ، 1407هـ - 1987 م .
32) الإنحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع
33) عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة : علي بن بخيت الزهراني . دار الرسالة الإسلام على مفترق الطرق : محمد أسد . دار العلم ، ط 9 ، 1977.
34) حمى سنة 2000 : عبدالعزيز مصطفى كامل المنتدى الإسلامي ، ط 1 ، 1421هـ ، 2000 م .
35) قبل الكارثة نذير ونفير : عبدالعزيز مصطفى كامل.المنتدى الإسلامي,ط1،1421هـ 2000م.
36) قبل أن يهدم الأقصى: عبدالعزيز مصطفى كامل .دار الوطن,ط2, 1410هـ.
37) الراقصون على جراحنا : يمان السباعي . دار البشير ، ط 4، 1407هـ ، 1987م
38) على طريق لإنتفاضة المباركة إشراقة أمل و واجب الأمة نحوها : منير سعيد . دار النفائس ،ط1، 1410هـ،1989م.
39) تذكرة دعاة الإسلام : أبو الأعلى المودودي . الدار السعو للنشر . ط 2 ، 1407هـ ، 1987م.(1/89)
40) السيرة النبوية : ابن كثير . دار المعرفة .
41) حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة : د جميل عبدالله المصري . مكتبة العبيكان ، ط 4 ، 1420هـ ، 1999م .
42) اليهود أعداء الله وقتلة الأنبياء : من إصدارات الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
43) عزة الإسلام في جهاد الشيشان : إيمان السليمان . دار طيبة ،ط 1 ، 1421هـ .
44) محنة المسلمين في كوسوفا : محمود شاكر . مكتبة العبيكان ،ط 1 ، 1421هـ / 2000م .
45) البوسنة والهرسك من الفتح إلى الكارثة : د محمد حرب, المركز المصري للدراسات العثمانية وبحوث العالم التركي ، 1413هـ - 1993م .
46) المجزرة في يوغسلافيا : دار الوثائق ، الكويت .
47) كشمير محاولة للفهم : سعيد محمود البتاكوشي . دار طويق الرياض ، ط 1 ، 1418هـ / 1997م.
48) تداعت عليكم الأمم : محمد عطية خميس . دار الإعتصام .مصر .
49) آفاق من الحياة: د وليد أحمد فتيحي.
50) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله : جلال العالم .دار السلام . ط 10 ، 1407هـ ، 1987م .
51) يا أمة الإسلام : د عبدالرحمن العشماوي . مكتبة العبيكان ، 1412هـ ، 1991م .
52) قصائد إلى لبنان : د عبدالرحمن العشماوي . مكتبة العبيكان ، ط 3 ، 1420هـ ، 2000م .
53) إلى امتي: د عبدالرحمن العشماوي.مكتبة العبيكان,ط3, 1412هـ -1991م.
54) نبض الفؤاد :محمد ضيف الله الوقداني ادارة الثقافه بوزارة المعارف في المملكه العربيه السعوديه , ط 1 , 1421هـ.
55) أغاني المعركة : وليد الأعظمي .المكتب الإسلامي ،ط 2 ، 1404هـ ، 1984م .
56) جرح الإباء : أحمد فرح عقيلان . منشورات نادي المدينة المنورة الأدبي .
57) قصائد إلى المرأة : حسني أدهم جرار . دار الضياء ، ط 1 ، 1408هـ - 1988م
58) رائق الشهد من شعر الدعوة والرقائق ,الجزء الثاني(وا إسلاماه):د سيد حسين العفاني.مكتبة معاذ بن جبل وتوزيع دار العفاني بمصر,ط1 ,1421هـ 2001م.(1/90)
59) ديوان الحرائر: أيمن عبدالقادر كمال .
60) المختار من شواهد الأشعار : محمد عبدالعزيز المسند . ط 1 ، 1414هـ .
61) العقد الفريد من الأناشيد : عمار شاولي . دار المحمدي ط 2 ,1415هـ ، 1994م .
62) بستان الأناشيد : عادل أحمد بارباع . دار المحمدي ، ط 1 ، 1419هـ ، 1998م .
63) أناشيد الدعوة الإسلامية : حسنى جرار وأحمد الجدع .دار الفرقان ودار عمار ، ط 1 ، 1404هـ .
64) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث الجزء العاشر : أحمد الجدع وحسنى جرار . دار الضياء ، ط1 ، 1408هـ ، 1988م .
65) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث الجزء الرابع : أحمد الجدع وحسنى جرار . مؤسسة الرساله,ط1,1398-1978م.
66) مجلة الأسرة : مؤسسة الوقف الإسلامي . العدد 89 ، شعبان 1421هـ .
67) مجلة المجتمع : جمعية الإصلاح الإجتماعي . العدد 1374 ، 30 رجب 1420هـ
68) مجلة المجتمع : جمعية الإصلاح الإجتماعي .العدد1495 23-29 ربيع الاخر 1422هـ .
69) مجلة المجتمع : جمعية الإصلاح الإجتماعي .العدد1460 1-7 جمادالاولى 1422هـ.
70) مجلة المجتمع:جمعية الإصلاح الإجتماعي. العدد1238 4شوال 1417 هـ.
71) مجلة المجتمع:جمعية الإصلاح الإجتماعي. العدد
72) مجلة المستقبل الاسلامي:الندوه العالميه للشباب الاسلامي.العدد 118 صفر 1422هـ .
73) مجلة اليمامة:مؤسسة اليمامة الصحفية.العدد 1153 17/10/1411هـ.
74) مجلة كشمير المسلمة: العدد الحادي عشر والثاني عشر جماد الثاني-رجب 1413هـ.
75) مجلة الكوثر. العدد 9 يوليو 2000م.
76) مجلة شباب : دار الهدى . العدد 4 والعدد 27.
77) جريدة عكاظ العدد 8918 1/5/ 1411 هـ, والعدد 12734 26/4/1422هـ.
78) جريدة المدينه.العدد12115-25/1/1417 هـ, والعدد 13963 25/4/1422هـ.
79) جريدة الرياض.العدد 12022 1/4/1422هـ.
80) مجموعه من الأشرطه الإسلامية سمعية و مرئية.
هذا الكتاب(1/91)
- تذكير بالواجب الكبير- الذي ينسى- تجاه واقع أمتنا المؤلم.."التوبة والعودة والإصلاح والدعوة".. وبذل الجهد والعطاء من أجله.
- تذكير بأن الحل الحقيقي لمآسي الأمة وعجزها عن حماية أبنائها هو عودة الأمة إلى التمسك الكامل بالدين الذي تعز به وترجع لها به قوتها, فيتحقق النصر وتوقف هذه الجراح.
- تبيين لواجب أفراد الأمة في تحقيق عودتها إلى الالتزام بدينها في جميع شؤون حياتها صغيرها وكبيرها.
- كلمة عتاب لكل مذنب في حياته ولكل مقصر في الدعوة إلى الله, لأنهم لا يذنبون في حق أنفسهم فقط بل أيضا في حق أمتهم الجريحة.
- حث للأمة على الإسراع في التوبة والإصلاح والتغيير, فالجراح كبيرة والألم شديد.
- دعوة لكل مسلم غيور ذرف دمعه أو بكى متأثرا لما يرى من واقع الأمة أو ضحى بأمواله وجهده من أجل نصرة إخوانه بأن يستمر في بذله ولكن لا ينسى هذا الطريق ( عودة ودعوة).
-دعوة للميسورين وأصحاب المواهب والقدرات في أمتنا لأن ينصروا دين الله بما يستطيعون بذله, وأن يساهموا بفعالية في الدعوة إلى الله وعودة النصر لأمتنا.
- دعوة لشباب الأمة للاستيقاظ من مؤامرات أعداء الدين لينطلقوا بالأمة إلى النصر والتمكين, ولينالوا السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.
- دعوة لحاملة الأمانة لأن تشارك بفعالية في هذا الطريق, فدورها كبير والأمة تنتظره.
- كلمة إلى الراقصين على جراحنا!! أملاٍ أن يفيقوا, قبل أن يصيبنا مثل ما أصاب إخواننا,...وقبل السؤال الرهيب يوم القيامة.
- دعوة لعلمائنا الأجلاء لإسماع أمتنا صرخات مدوية توقظها من سباتها العميق الذي طال وسط بحر من الآلام والجراح, والذي يحاول البعض أن يجعله أكثر عمقاً!.
- دعوة للحكام والزعماء والمسؤولين لأن ينصروا الدين فينصرهم الله ويعلو ذكرهم في الدنيا والآخرة.
- أملٌ في دور أكبر للدعاة والغيورين في إيصال هم العودة وواجب الإصلاح إلى كل مسلم ليشعر بمسؤوليته الفردية الهامة ويبدأ العمل.(1/92)
- دعوة للدعاة للتفاني والبذل في الدعوة إنقاذا لأمتنا التي تعيش فترة من أخطر وأسوأ الفترات التي مرت عليها.
- دعوة إلى كل شاعر وأديب وكاتب مسلم ولأصحاب الإنتاجات الهادفة لكي يُسَطِّروا ببيانهم القوي وإمكانياتهم المؤثرة طريق الحل الأساس لمآسي الأمة بوضوح ودقة.
الفهرس
الموضوع الصفحة
المقدمة الثانية .................................................... 4
المقدمة .......................................................... 6
بعض مذابح الأمة الإسلامية في العصر الحديث ........................ 11
السبب والعلاج .................................................... 24
ما يحز في النفس .................................................... 35
مصيبة ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ....................... 38
تنبيه لابد منه ...................................................... 48
لندرك تماما طريق الخلاص والنصر ................................... 53
عملنا شيئاً للمهم وتركنا التركيز عن الأهم ........................... 58
هل شعرنا بالمسؤولية؟(كي لا نكون سببا في ذبح إخواننا!) .............62
ألا نخاف ونخشى؟ .................................................. 68
لندرك التحدي ونواجهه ............................................ 77
كلمة إلى الراقصين على جراحنا ..................................... 91
إعذار وإنذار ....................................................... 94
أما آن أن نعود يا شباب الأمة؟! ..................................... 99
إلى حاملة الامانه ...................................................111
كلمة للدعاة والمصلحين ............................................ 117
كلمة أخرى للدعاة ..............................................141(1/93)
علمائنا الأجلاء إننا ننتظر ........................................ 155
كلمة للحكام والزعماء ...........................................160
العودة موقد شعلة الجهاد وسر انتصاره ............................ 164
عودة ودعوة .................................................... 168
المراجع ......................................................... 171
هذا الكتاب .................................................... 175
الفهرس .........................................................177
(1) وهي "مأساتنا والحل:عودة ودعوة" وأما آن أن نعود يا شباب الأمة, و"إلى حاملة الأمانة"و "كلمة للدعاة والمصلحين:الخطاب الدعوي والمآسي ونحن".
(2) منها مقال"أمة الإسلام فلنعد قبل أن تأتينا الطامات وتحل علينا العقوبات" والذي كتب بعد أسابيع من حدث 11 سبتمبر, وهو موجود في موقع مأساتنا والحل.
(1) العقد الفريد من الأناشيد:عمار شاولي,ص88,وهي من قصيدة للشاعر محمود مفلح....,(وقد يستغرب البعض الاستشهاد ببعض كتب الأناشيد, ولكن الحقيقة أن هذه الأناشيد الإسلامية التي قدمت بالصوت الشجي المؤثر كلمات شعراء الأمة المخلصين لها أثر كبير في تحفيز الهمم وإيقاظ الضمائر وتذكير الأمة بآلامها ومعاناتها,.. وسط طوفان هادر من وسائل الإلهاء القاتلة).
(1) ديوان أغاني المعركة :وليد الأعظمي.
(1) من أروع الأشرطة التي سمعتها في هذا الموضوع الشريط الرائع القيم الكبير التأثير "ما حقيقة كخيال" للشيخ الأديب علي بن عبدالخالق القرني., والذي صدر قبل أحداث 11 سبتمبر, ولكن من يسمعه يعتقد أنه كان بعدها!.(1/94)
(1) وإن من علامات الخير الكبير في الأمة بوادر الرجعة والصحوة المبهجة التي نراها في عالمنا الإسلامي من أوله إلى آخره, والتي مظاهرها أكثر من أن تحصى,...ولكنها لا تزال غير كافية وتحتاج إلى أن تزداد وإلى أن تعم كامل الأمة لتتحقق العودة الشاملة المرجوة ويتحقق النصر الموعود بإذن العظيم الكريم.
(1) من شريط أناشيد إسلامية قديم اسمه (منلوج الجزيرة), وعلى الرغم من أنه عبارة عن ما يسمى منلوجاً إلا أنه يحمل هموم الأمة بحرارة كبيرة, وانظر إلى الفارق عندما نقارن بينه وبين ما تُغرق به الأمة حاليا من إنتاجات لا نقول تبعد الأمة عن دينها بل الأدق أن نقول أنها تسلخ الأمة عن دينها وقيمه وشرائعه بل وحتى عقيدته, وكمثلٍ على ذلك لننظر لما يعرض في القنوات الفضائية المعرضة عن شرع الله التي للأسف ادخلها الكثير من المسلمين إلى منازلهم.
(2) لم تذكر هنا المآسي والمذابح التي حصلت لأمتنا بعد 11 سبتمبر في أفغانستان والعراق وغيرها لأن الكتاب كما ذكر سابقا جهز قبلها , وكل ما حدث بعد 11 سبتمبر يزيد إيضاح حقيقة كيد الكفار المستمر وحقيقة مأساة أمتنا الكبيرة و يؤكد حاجتها إلى التغيير والتوبة وإصلاح المسار.
(1) ذكر هذه المآسي ليس القصد منه استعجال الجهاد في غير وقته ومكانه المناسب, وإنما قُصد به التذكير بأهمية مسارعة الأمة للعودة والأوبة والرجوع إلى الله لتعود لها العزة وتنصلح كل أحوالها.
(2) مجلة الأسرة:ملف عن القضية الفلسطينية و الانتفاضة الأخيرة العدد 89,ص12- 18.
(1) اليهود أعداء الله وقتلة الأنبياء :من إصدارات لجنة شباب فلسطين بالندوة العالمية للشباب الإسلامي,ص 38.
(2)(3)(4)(5) مجلة الأسرة:ملف عن القضية الفلسطينية و الانتفاضة الأخيرة العدد 89ص12- 18.
(1) مجلة الأسرة:ملف عن القضية الفلسطينية والانتفاضة الأخيرة العدد 89ص12- 18.
(2) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله : جلال العالم ، ص 22.(1/95)
(1) حاضر العالم الإسلامي: د جميل المصري، ص 536- 544.
(2) المجزرة في يوغسلافيا: دار الوثائق، ص 32- 33.
(3) حاضر العالم الإسلامي. د جميل المصري ص 576 - 580.
(4) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله: جلال العالم، ص20.
(1) تداعت عليكم الأمم: محمد عطية خميس، ص 43.
(2) المرجع السابق، ص 38.
(3) حاضر العالم الإسلامي: د جميل المصري، ص 370 - 378.
(1) المرجع السابق، ص 420 - 422 .
(2) حاضر العالم الإسلامي: د جميل المصري، ص 600 - 602.
(3) كشمير محاولة للفهم : سعيد البتاكوشي ، ص 23 - 25 .
(1) حاضر العالم الإسلامي: د جميل المصري، ص 588-590.
(2) مقال في أحد أعداد جريدة عكاظ في أواخر الثمانينات الميلادية ( أحتفظ بصورة منه وللأسف لم أكتب عليه التاريخ ) .
(3) جريدة عكاظ العدد 8918 1/5/1411 .
(1) مجلة اليمامة:العدد 1153 17/10/1411هـ
(2) مجلة كشمير المسلمة: العدد الحادي عشر والثاني عشر جماد الثاني-رجب 1413هـ.
(1) البوسنة والهرسك من الفتح إلى الكارثة:د محمد حرب.
(2) الجهاد والتجديد في القرن السادس الهجري:محمد الناصر,ص405
(3) مجلة المجتمع:العدد 1460 1-7/5/ 1422 هـ.
(4) جريدة المدينة : العدد 13963 - 25 / 4 / 1422هـ من مقال للأستاذ فيصل الشامي عن ذكرى سقوط سريبرينيتسا, ومن مقال للأستاذ حامد مطاوع في جريدة عكاظ 26/4/1422.
(5) من قصيده أبي البقاء الرندي في رثاء سقوط الأندلس, التي يعتبر استمرار ضياعها من المسلمين دليلا على ذلهم واستمرار ضعفهم, فقد ظلت هذه المنطقة الأوروبية! تحت حكم المسلمين قروناً طويلة, يوم أن كان المسلمون يطبقون الإسلام ويعيشون من أجل نشره وسيادته .
بمعابد الإفرنج كان أذاننا قبل الكتائب يفتح الأمصارا (محمد إقبال).
(1) المسلمين في كوسوفا: محمود شاكر، ص 128 - 134.(1/96)
(3) مجلة شباب العدد 4 ص 14-18.(ولتحيا مثل هذه المجلات والتي تُذكر حتى اليافعين من الشباب بمآسي أمتهم, وتعساً لمجلات وغيرها من الإنتاجات التي تقدم لشباب الأمة وشاباتها السموم لتميِّعهم وتلهيهم بسفاسف الأمور-بينما أمتهم تذبح وخطر الأعداء محدق بها- , وتبعدهم عن دينهم وتؤدي بهم إلى الرذيلة والسوء لمجتمعاتهم, وتكون حسرة عليهم في الدنيا والآخرة ) .
(1) عزة الإسلام في جهاد الشيشان : إيمان السليمان ، ص 56-70 .
(2) مجلة الكوثر العدد 9 يوليو 2000م ص 16-19, و مجلة شباب العدد 27، ص 24- 25 .
(3) مجلة المجتمع العدد 1459 ، ص 28- 29 , و مجلة المستقبل الإسلامي العدد 118,
ص26-28.
(1) أبيات من القصيدة الشهيرة (دم المصلين في المحراب ينهمر-- والمستغيثون لا رجع ولا اثر) للدكتور أحمد عثمان التويجري, وهذه القصيدة قيلت قبل أكثر من عشرين سنة ، وحتى الآن جراحنا مستمرة ومتتالية !! لأن الداء لم يعالج ! ! .
(1) جزء من مقدمة العلامة أبو الحسن الندوي لكتاب العلامة محمد زكريا الكاندهلوي (( أسباب سعادة المسلمين وشقائهم )) ، ص 7 .
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة:محمد ناصر الدين الألباني,ج1,ص 15.
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة:الألباني,ج2,ص 683.
(2) أضواء البيان : محمد الأمين الشنقيطي ، ج 7 ص 423 .
(3) انظر كتاب ابن تيميه بطل الإصلاح الديني : الشيخ محمود مهدي الإستانبولي .
(1) أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، ص 8 - 22 .
(1) أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب : محمد محمود الصواف ، ص 26- 27 .
(2) أسباب سعادة المسلمين وشقائهم : محمد زكريا الكاندهلوي ، ص 50 .
(3) أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع:الشيخ محمد بن صالح العثيمين ،ص 14 - 15.
(1) المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع:حامد محمد المصلح,ص 152.(1/97)
(2) يبدو أن أمتنا ابتعدت كثيرا عن حقيقة علاقة ما يصيبها بذنوبها في أي جانب من جوانب حياتها ومعيشتها ,حتى أنه عندما حصل زلزال في أحد بلداننا الإسلامية الشقيقة وقام الدعاة والعلماء وقتها بربط ذلك بالذنوب وأثرها قام بعض من لديهم لبس في فهم دينهم إلى استغراب ذلك, بل إن بعض الكتاب هداهم الله استهزؤوا بذلك على صفحات الجرائد والمجلات.
وفرق كبير بين حالنا وحال سلفنا الصالح في هذا الأمر حيث كانوا أفرادا وجماعات يربطون أول ما يربطون كل ما يصيبهم من نقص في رزق أو عافية أو حدوث مشكلة أو أزمة أو نكبة بذنوبهم, حتى لو عثرت بهم بغالهم في طرقهم !!.
(3) الذنوب وقبح آثارها على الأفراد والشعوب : محمد بن أحمد سيد أحمد ،ص 83 - 84 .
(1) ليتنا نرجع إلى مثل تفسير قوله تعالى:( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) سورة الشورى:آية 30؛ لنعلم مدى ارتباط كل شيء يصيبنا في حياتنا بالذنوب والمعاصي .
(2) قصائد إلى لبنان : د عبد الرحمن العشماوي ، ص 17 .
(3) يحتار القلم فيما يقوله عن الإعلام في بلاد المسلمين بشكل عام,فهذه الوسيلة الرهيبة في تأثيرها كان الأصل ونحن نعيش هذه المحن والآلام أن تكون وسيلة لإنقاذنا, فإذا بها من أقوى وسائل تدميرنا, ففضلا عن الذنوب الكثيرة التي سبب الإعلام تعرض المسلمين لها نجده في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها الأمة يكون وسيلةً لإلهاء الأمة وتخديرها بينما الأعداء يتجهزون للأمة من كل جانب!!.
وكيف تنصر أمة الإسلام وإعلامها يجاهره ليلاً ونهاراً بما لا يرضاه,.. كان النصر يتاخر عن الأمة لذنوب محدودة من فئة محدودة, فكيف تنصر والإعلام جعل الملايين من الأمة يقعون في ذنوب كثيرة بسبب ما يعرضه,..فمن نظر محرم إلى سماع محرم, إلى غيرها وغيرها من الآثام التي قد تحصل نتيجة لتأثيراته على الأفراد خاصة فئة الشباب.(1/98)
(1) لقد اصبح هيناً عند البعض التساهل في أحكام الدين, فقد يخاف الفرد من رئيسه في العمل فلا يقصر في حقه, بينما حق الله وأحكام دينه لا يَأْبَه بجدٍ بالتقصير فيها, وأصبح حِمَى الملك الجبار هو أسهل حمى يتساهل بشأنه, مع ان نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا باتقاء الشبهات فضلا عن المحرمات حتى لا نخطئ في حق ربنا عز وجل فقال في الحديث العظيم المتفق عليه الذي رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه: ( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ) الحديث,.....ولا يتسع المكان هنا للرد بتفصيل على ما يستدل به من يقصر وهو يصر على تقصيره بأن الله غفور رحيم, فهل نسي أنه سبحانه شديد العقاب وأنه الجبار الذي يغار ويغضب أن تنتهك حرماته خاصة الإصرار على ذلك,.....ثم أملنا أن يستشعر كل فردٍ مسلم واقع أمته المؤلم الذي يستلزم ويحتاج تقربنا إلى الله وزيادتنا في توجهنا إليه, فضلا عن موضوع تركنا للذنوب.
(1) إن المجاهرة بالمعاصي مصيبة خطيرة ,فمن أصعب الأمور عند البشر أن يجاهر الإنسان بعصيان من كان له حق الطاعة والتقدير والفضل والإحسان, فكيف بالبشر الهزيل الضعيف وهو يجاهر بالمعاصي رب السماوات والأرض (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه )الآية.
(2) نبض الفؤاد : محمد ضيف الله الوقداني, ص 44.(1/99)
(1) لقد خُصَّت القنوات الفضائية بالذكر في أكثر من موضع نظراً لشرها العظيم, فلقد ضيعت هذه القنوات وأفسدت أمماً من المسلمين خاصة الشباب, وميعت على الناس أحكام الدين في أمور عديدة, بل أثرت حتى على عقائد المسلمين وعلى مفاهيم أساسية في دينهم, ودخولها إلى بيوت المسلمين كان نكسة لمجتمعاتنا,... ومعروف أن إعلام الأمة في الكثير من بلادها حتى في عصر قبل الفضائيات كان بعيدا عما يرضاه الشرع, ولكن الانفتاح الفضائي زاد من شرور الإعلام ومخاطره.
وهذه الوسائل بقوتها التاثيرية المعروفة تهدم بسهولة أثر بقية الأمور الإيجابية في مجتمعات الأمة من تعليم ومحاضرات وجهود دعوية وتربوية,..فالهدم أسهل من البناء.
وهي بدلاً من أن تطلق الشباب للعمل على نشر دين الإسلام وعقيدته الصحيحة وأحكامه التي غفلت عنها الأمة والعالم....أطلقتهم للبحث عن الحب والهيام والغناء والرقص والجنس وما يتعلق به, بعد أن هيجت شهواتهم بشتى الوسائل الشيطانية التي بقومون بها ويبتكرونها.
والغزو الفكري كما ذَكَّرَ بذلك العديد من دعاة الأمة ومفكريها والذي أصبحت القنوات تمثل أحد أهم روافده(هناك مثل ياباني يقول"أعطني شاشةً..أعطك شعباً") هو أخطر على الأمة من الغزو العسكري, فالأمة عندما تغزى فكريا وتغرق فيما لا يرضاه الله وتميع رجولة وجدية شبابها يسهل غزوها وانتصار الأعداء عليها, ولكنها عندما تكون على ما يرضاه الله فلن يضيرها ولن يغلبها ويستمر في إذلالها بإذن الله أي عدو ولو غزاها بأقوى أنواع الغزو العسكري وأخطره.
(1) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث الجزء العاشر : أحمد الجدع وحسني جرار ، ص 83 .
(1) الإسلام على مفترق الطرق: محمد أسد ، ص 5 - 6 .(1/100)
(1) من مشاهد ذلك والتي رأيناها بأعيننا منظر حجاب أكثر من أخت غربية أسلمت, والذي كان في نفس المكان والوقت أفضل بكثير من حجاب عديد من المسلمات اللاتي كن يقفن بجانبهن, وخبر سمعته بنفسي عن أمريكية أسلمت وتزوجها من نعرفه بأنها كانت تنصح بعض قريباتنا عن إثم وحرمة قناة تلفزيونية!أصبح كثير من المسلمين الآن وللأسف ينظرون إلى ما هو أسوأ من تلك القناة بمراحل شاسعة.
(1) بلغ هذا الشأن في الأمة إلى حد عظيم حتى أننا أصبحنا نجد من يكتب متحدثا عن فنانة ما وعن تميزها الفني!! بدون شعور بأي حرج, فكيف أباح لنفسه من البداية أن ينظر إليها فضلا عن أن يمدحها في باطلها, ونجد آخر يكتب استطلاعا صحفيا عن رأي وإعجاب الشباب بل والشابات!عن فلم به ما لا يرضاه العظيم, أو موقع أغاني في الشبكة العنكبوتية!, أو أخبار وصور تحمل معاني الإعجاب عن نساء متبرجات أو فاجرات!!.(1/101)
(1) من الأشرطة والكتيبات التي تُذكِّر بهذا الواجب وكيفية أدائه كتيب "الدعوة إلى الله واجب كيف نؤديه", وأشرطة "الرجل الصفر" "والرجل الألف" و"رسالة إلى معلمة/معلم" للشيخ د/إبراهيم الدويش,وكتيب "92 طريقة دعوية" للشيخ د إبراهيم الفارس, وأشرطة الشيخ محمد المنجد العديدة عن خدمة الإسلام, وشريط "ما الهم الذي تحمله" للشيخ د/ ناصر العمر أو للشيخ نبيل العوضي, وشريط "النملة" للدكتور ناصر العمر وكتيب "هل من مشمر" و"غراس السنابل" "وكيف أخدم الإسلام"للشيخ د عبد الملك القاسم , وشريط "رسالة من القلب/ماذا قدمنا لهذا الدين" للشيخ د عبد الوهاب الطريري, وشرط"الدعوة إلى الله" للأستاذ عمرو خالد, وأشرطة "الطاقات المعطلة" و"فن التهرب من المسؤولية" للشيخ محمد الدويش, وشريط "بلغوا عني ولو آيه" للشيخ عبد الله الجعيثن, وكتيب "الدعوة إلى الله" للشيخ فهد العصيمي,وكتيب"الرجل المائة" للشيخ عبد اللطيف الغامدي, وكتاب"أفكارللداعيات"لهناء الصنيع, وكتاب "مجالات المرأة الدعوية"لخولة درويش,وكتاب"أفكار دعوية للمعلمات"لأمة السلام, وكتاب" لا بُدَّ أن تكوني داعية!". أيضاً مواقع الإنترنت الدعوية مثل صيد الفوائد و طريق الدعوة و(work4islam). ولا شك أن واجب الدعوة إلى الله يصبح أكثر وجوباً في عصرنا هذا الذي بعدت فيه الأمة وذبح فيه المسلمون!!!.(1/102)
(1) لنا عتب على بعض إخواننا التجار وغيرهم الذين يستوردون أو يوزعون ما حرم الله أو على الأقل بها بعض المنكرات, فهم يساعدون بذلك على نشر منكرات في مجتمعاتنا,.. وهل نسوا الحديث العظيم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع.. ومنها ..عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه),... لقد كان التجار المسلمون في عصور سابقة من أهم من نشر الإسلام في الخارج فما بال بعض إخواننا التجار حاليا,..أهذا شكرهم لنعم الله عليهم بأن يتاجروا بما لا يرضاه, أيرضيهم أن يكونوا سببا مشاركاً في ذل أمتهم وهوانها عن طريق تقديم وتوفير مالا يرضي الله وما يفسد مجتمعاتنا, وفي هذه الفترة الحرجة التي تنكوي بنيرانها أمتنا !. هل الأموال أحب إلينا من الله ورسوله.
وأما إخواننا التجار أصحاب المستشفيات وغيرها المليئة بالعاملات المتبرجات والميسرة للاختلاط في شتى النواحي بغير ضرورة شرعية حقيقية, فنقول لهم هل هذا نصر لدين الله وشرعه الذي أمرنا سبحانه بالمحافظة عليه.
وأما التجار الذين يساهمون في القنوات الفضائية ودعمها بأي وسيلة دعائية كانت أو غيرها.. فماذا عسانا أن نقول لهم!!.
(2) ولا شك أن من متطلبات الدعوة إلى الله تقوية الزاد العلمي والشرعي, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(3) من شعر د عبدالرحمن العشماوي.
(1) انظر كتاب شبهات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :د فضل الله الهي,ص 20-24 و كتاب المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع :حامد محمد المصلح,ص 287-288.
(2) ويجدر هنا أيضا التنبيه على أهمية إستخدام الأسلوب الحسن والطريقة السليمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأداء واجب الدعوة, حتى تكون دعوة تقرب الناس مما يرضي الله لا تنفرهم عنه,..وعلى كل مسلم أن يجتهد في سلوك أحسن وألطف الطرق في الدعوة, وأحراها في تحقيق الإستجابة والقبول من الآخرين.
(3) رياض الصالحين :النووي,ص81.
(1) حسنه الألباني في صحيح سنن إبن ماجه.(1/103)
(2) صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
(3) مختصر منهاج القاصدين:إبن قدامة المقدسي,ص129 .
(4) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :جلال الدين العمري ، ص 27.
(1) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : جلال الدين العمري ، ص26.
(2) أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز, ص18-19.
(1) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبدالعزيز ابن باز ج1 /ص333.
(2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : جلال الدين العمري ، ص 25
(1) أسباب سعادة المسلمين وشقائهم : محمد زكريا الكاندهلوي ، ص 16-17 .
(2) للعلامة إبن عثيمين رحمه الله كلمة مسجلة مؤثرة جداً عن هذا الجانب قال فيها:(لأنَّ الإسلام بمعاصي أهله خُذِلوا وذلوا وكانوا من أذل الأمم إن لم أقل أذل الأمم,...أنا أقول أذل الأمم ولا أبالي لأن عند المسلمين من الثروات العظيمة إذا قسناه بحالهم وجدنا انهم أذل الأمم,...ولو كان لهم عزة لكانوا هم الذين يتحكمون في الناس), وهي موجودة في مقدمة شريط مؤثر للشيخ عبدالمحسن القاضي" غربة الدين والواقع الأليم".
(1) ليت إخواننا وأخواتنا الذين يبذرون قدراتهم!! وأموالهم يستشعرون أن الإسلام والمسلمين والدعوة إلى الله في حاجة ماسة! إلى ما يملكون! .
(1) صحيح البخاري.
(2) أثر المعاصي على الفرد والمجتمع : محمد بن صالح العثيمين ، ص 7 .
(1) مثل ما ذكره إبن القيم في أكثر من موضع من كتاب "مدارج السالكبين.
(2) رواه البيهقي في شعب الإيمان بنحوه.
(1) مدارج السالكين:إبن القيم,طبعة دار إحياء التراث العربي, الجزء الأول,ص 252.
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة:الألباني,ج1,ص673
(3) مدارج السالكين لابن القيم:طبعة دار إحياء التراث العربي, الجزء الأول,ص 144.
(4) المرجع السابق ص 205.
(1) المرجع السابق ص 176.
(2) حبذا الرجوع إلى بعض الكتيبات أو الكتب التي ذكرت الكبائر ومنها رسالة صغيره قيمة للشيخ عبد الله الجار الله رحمه الله .(1/104)
(1) حسنه الألباني في صحيح الترمذي.حديث رقم 1876,ج2 ص 266.
(2) صحيح البخاري.حديث رقم 6137.
(1) منها قول ابن عمر رضي الله عنه ) :لََرَدُّ دَانِقٍ من حرام أحب إلى الله من إنفاق مائة ألفٍ في سبيل الله ).
(1) للتوسع في هذا الجانب يمكن الرجوع إلى بعض المراجع التأصيلية والفكرية التي وضحت سبب ضعف الأمة الأساسي والذي نتج عنه التخلف في كل نواحي الحياة, ومن هذه المراجع كتاب "مجتمعنا المعاصر أسباب ضعفه و وسائل علاجه" للدكتور عبد الله المشوخي، وكتاب "واقعنا المعاصر" للشيخ محمد قطب، وكتاب "الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين وآثارها في حياة الأمة" للشيخ علي بن نجيب الزهراني.
(1) ديوان" أغاني المعركة" : وليد الأعظمي ، ص 22 .
(2) رواه الحاكم في المستدرك.
(3) ديوان"جرح الإباء": أحمد فرح عقيلان:ص24.
(1) حصاد الغرور : محمد الغزالي ، ص 7 - 8 .
(2) ديوان" أغاني المعركة" : وليد الأعظمي ، ص52.
(1) علل وأدوية:محمد الغزالي,ص225 .
(2) جريدة الرياض العدد12022 1/4/1422.
(3) من إصدار دار إبن المبارك للنشر والتوزيع.
(1) وحتى مظاهر إهانة قيَم الأمة ودينها وشريعتها وقرانها العظيم ورسولها الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام, والتي زاد حدوثها بعد أحداث 11 سبتمبر بشكل مقلق مؤلم, حلها الجدري الذي سيوقفها بإذن الله هو عودة العزة لأمة الإسلام والتي لا تعود إلا بإصلاحها أحوالها مع الله سبحانه وتعالى,.. فلا يتجرأ عليها العادون ولايستهين بها الكائدون.
بل إن إرضاء الأمة لخالقها يصلح أحوالها في كل الشؤون, وينهي بإذن الله مشاكلها في أي جانب من جوانب الحياة (ولو أن اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)(الأعراف96).
(1) الأصل في الدعاء أن تقوم به الأمة وهي تائبة ذليلة لله, والإصرار على المعاصي من أسباب عدم استجابة الدعاء.(1/105)
(1) وهي ملحقة في نهاية شريط قيم للشيخ عبد المحسن القاضي "فلسطين جراح تتجدد", قامت تسجيلات الاستقامة بعنيزة بإضافتها نظرا لأهميتها.
(1) على طريق الانتفاضة المباركة(إشراقة الأمل وواجب الأمة نحوها):منير سعيد,ص104-105.
(1) مشاهد شريط صوتي(إصدار) عن مآسي الأمة:المنتدى للإنتاج الإعلامي.
(2) أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم : عبد العزيز بن باز ، ص 25 .
(1) حصاد الغرور: محمد الغزالي ، ص 8 .
(2) من قصيده غير منشورة له.
(1) لا يخلو المسلم من الذنوب فهذا من طبيعة النفس البشرية, ولكن الخطورة على الفرد والأمة تكمن في الإصرار عليها والمجاهرة بها, وهذا مما يجب على المسلم أن ينتبه له غاية الانتباه في أي ذنب.(1/106)
(2) من الوسائل القوية المُعينة على التوبة سماع الأشرطة الطيبة التي نفع الله الأمة بها كثيرا مثل ؛ "دمعة تائب" و"المحرومون" و"الأماني والمنون" و"الشباب أمل و ألم" و"الفتاة أمل وألم" للدكتور إبراهيم الدويش، و"المشتاقون إلى الجنة" و"عيش السعداء"و"على قمم الجبال" للدكتور محمد العريفي, و"هل من عودة قبل الموت" و"توبة صادقة" و"حاولنا فوجدنا النتيجة" و"المصرون على الهلاك" و"شباب مشغولون بلا مهمة"و"إلى متى هذا الجمود"و"طوق النجاة" للدكتور سعد البريك, و"كيف تقوي إيمانك" لنبيل العوضي، و"وصف الجنة"و"ولو ترى إذ وقفوا على النار" و"لو أن الله هداني" و"المعنى الحقيقي للحياة"و"عندما ينتحر العفاف" و"أسباب الهداية"و"وما يستوى الأعمى والبصير" و"علامات الشقاء"و"أسباب دخول الجنة"و"القلق أسبابه وعلاجه"و"صاحب القرار" للدكتور سعيد بن مسفر القحطاني, و"وصف الجنة/شرح حديث يا معاذ"و"جاءت سكرة الموت"للشيخ محمد حسان,و"وصف الجنة" للدكتور أحمد المورعي،و"لو تكلم الموتى"للشيخ سليمان الماجد, و"وقفات مع مغسل الموتى" للأستاذ عباس بتَّاوي, و"احفظ الله يحفظك"للدكتور عايض القرني,و"قوافل التائبين" للشيخ أحمد الطويل,و"قوافل العائدين" للشيخ خالد الراشد, و"العائدات إلى الله" و"العائدات إلى الله" و"مشهورون عادوا الى الله"(إصدارات), و"نقطة تحول" و"درر منثورة" للشيخ علي باقيس, و"من وسائل إصلاح البيوت"و"أزف الرحيل" للشيخ محمد أمين مرزا،و"حسرات" و"كلنا ذوو خطأ" و"الرقابة لمن"و"أختاه هل تريدين السعادة" للشيخ علي القرني ،و"أثر اليوم الآخر"للشيخ حسن أيوب,و"استجيبوا لله وللرسول"و"وصايا اليك"و"الجواب ما ترى لا ما تسمع" للدكتور عبدالرحمن المحمود,و"قصص مؤثرة"و"اللحظات الحاسمة عندالموت" للدكتور إبراهيم الفارس ، و"ميلاد جديد"(إصدار)،و"الأمل القاتل"للشيخ أحمد القطان, و"من تصاحب" للشيخ أحمد الأمير, و"السفر الأخير"للشيخ أنس بن(1/107)
مسفر,و"يا بني" و"يا أبتي" للشيخ محمد الدويش, وندوات الشيخ الجبيلان والشيخ الحمودي, و "راحة قلوب الشباب" و"يوم الحساب" و"غربة الموت" و"التوبة" للأستاذ عمرو خالد, ومحاضرات د عمر عبدالكافي ود خالد الجندي والشيوخ وجدي غنيم ومحمود المصري(أبو عمار) وأبو إسحاق الحويني ووحيد بالي ومصطفى العدوي وغيرهم من شيوخ وعلماء ودعاة الأمة ممن قد لا يتسع المجال لتذكرهم وذكرهم هنا جميعا, .. و"الحياة الطيبة" للدكتور محمد الشنقيطي، و"صلاح القلوب" و "أنذرهم يوم الحسرة"و"لهيب النار"و"ريح الجنة" للشيخ محمد حسين يعقوب ،ومجموعة "قصة النهاية" للدكتور طارق السويدان, و"نهاية السعداء" للشيخ راشد الزهراني , و"من يحول بينك وبين التوبة" للشيخ د عمر العيد, و"دمعة غدير" و"تائبون وتائبات" للشيخ عبدالرحمن الوهيبي, و "اختاه أين انت غدا" للشيخ طلال الدوسري, و"عودة فتاة"و"بُني هل سمعت بمصعب"و"كان ماجد" للشيخ عبدالعزيز السويدان,و"أريد أن أتوب ولكن"و"حاملة الأمانة" للشيخ محمد المنجد,و"المرأة والوجه الآخر" للشيخ خالد الصقعبي", و:ففروا إلى الله" للشيخ عصام العويد, و"رسالة عاجلة إلى أصحاب الدش" للشيخين المقرن والحليبي,و"الوقاية من أمراض القلوب"و"قلبي لماذا متى كيف"للدكتور خالد الجبير,و"قصص لا أنساها"للشيخ عبدالمحسن الأحمد, و "شجاعة تائب" و "شواطئ التائبين" للشيخ إبراهيم بو بشيت, و"أهل الخشية" للشيخ محمد بقنة,وغيرها من الأشرطة للكثير من علماء الأمة ودعاتها التي هي نور وبركة للمسلم في الدنيا والآخرة . وأيضاً قراءة الكتيبات المتحدثة عن التوبة والعائدون والإصلاح مثل "العائدون إلى الله" للشيخ محمد المسند والشيخ إبراهيم الحازمي وغيرهما ، و مثل "الزمن القادم"و"من الحياة"و"دموع المآذن" للشيخ عبد الملك القاسم ،و"فتاوى مهمة لعموم الأمة"للدكتور إبراهيم الفارس, و"أسئلة مهمة" و"أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع" لفضيلة الشيخ(1/108)
محمد بن عثيمين رحمه الله,و"40 وسيلة لإصلاح البيوت" و"33 سبب للخشوع في الصلاة" للشيخ محمد المنجد,و"أيها العاصي تذكر" و"أمِّن مستقبلك" و"همسة في أُذن من أُحب" و"لا تتردد" للشيخ عبد اللطيف الغامدي ,و"أخي الشاب إلى أين المسير"و"رسائل عابرة للمرأة المسلمة" للشيخ محمد أمين مرزا,و"من تجالس" للشيخ عبدالله الجعيثن,و"أخي الحبيب قف" و"أختاه قفي" للشيخ إبراهيم الغامدي,و"هل تبحث عن وظيفة"للدكتور محمد العريفي, و "معاناة شاب" للشيخ فهد العماري, و"كيف أتوب"لدار إبن المبارك,و"رياض الجنة"للشيخ محمد الحديقي,ومجموعة كتيبات للشباب للشيخ عادل آل عبدالعالي,و"رسائل تربوية للأسرة المسلمة"للدكتور صالح أبوعراد الشهري,و"سلسلة أختاه" للشيخ مجدي السيد,و"ألا فعودي يا أخية"لدار ابن خزيمة,و"الاستقامة" للشيخ خالد الضالع, ,و"كيف نربي أولادنا"للشيخ محمد جميل زينو,و"مواقف إيمانية"للشيخ نجيب العامر, و"حسن الخاتمة" للدكتور عبدالله المطلق,و"أول ليلة في القبر" للدكتور عايض القرني,و"من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي" للشيخ عبدالمحسن بن عبدالرحمن,و"الجنة والطريق المؤدي إليها" للشيخ أبوبكر الجزائري, و"تذكرة الأخيار للمسارعة للجنة والفرار من النار" للشيخ راشد الزهراني, و"وصف الجنة والنار" للشاب!!عبدالرحمن بن سعيد القحطاني(رحمه الله),.. وغيرها من الكتيبات والكتب التي تعين المسلم على الهداية وسبلها.
(1) تفسير القرآن العظيم : الحافظ ابن كثير ، ج 3 ( كتاب الشعب ) ص 582 .
(1) من أبيات كتبتها منذ سنوات أثناء مأساة البوسنة وأنا أرى أمة المليار مسلم التي سادت الأرض سابقا وقفت ذليلة عاجزة عن إنقاذ شعب مسلم يذبح, بل الأدهى أنها تفرح بأمور تافهة, وتذنب بل وتصر على الذنوب, وكأنها لا تخشى من غضب الجبار وعقابه في الدنيا وفي الآخرة.
(2)ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصحيح وزيادته:الألباني(ترتيب عوني الشريف),ج3,ص 10 .(1/109)
(3) صحيح الترمذي:الألباني.حديث رقم 1655.
(1) من شعر الشيخ يوسف القرضاوي.
(1) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث : أحمد الجدع وحسني جرار ، ص 67-68.
(2) "مشاهد" شريط صوتي(إصدار) عن مآسي الأمة:المنتدى للإنتاج الإعلامي.
(1) من جانب آخر من ناحية الدعم المالي لإخواننا المضطهدين والمحتاجين؛..فعلى الرغم من وجود تفاعلات طيبة وبعضها رائعة كما ذكر سابقاً, إلا أن أمتنا بشكل عام لا زالت مقصرة في هذا الجانب,..ففي الوقت الذي يوجد من إخوتنا ما يُدْمِي حالُهُم القلوب نَجِد في بعض أبناء الأمة من ينفق الأموال الطائلة -والتي يصل بعضها إلى حد التبذير المحرم- في المناسبات والأفراح واللهو وغير ذلك,...وبينما يموت بعض المسلمين جوعا, نجد في نفس الوقت من مظاهر الترف وبذل الأموال الكثيرة في أمور غير لازمة ما يجعلنا نخشى حقيقةً أن نعاقب بسببها, خاصة إذا تذكرنا -في أيامنا هذه ومع القرب الذي حصل بين أطراف العالم من الناحية الإعلامية ومعرفة الأخبار!, ومن ناحية سهولة وسرعة وسائل المواصلات!- قوله صلى الله عليه وسلم:(ليسَ المؤمنُ الذي يَشْبعُ وجارُهُ جائعٌ) رواه الحاكم في المستدرك, .. نسأل الله أن يغفر لنا وان يهدينا لما يرضيه في كل الأمور.
(2) "هموم أمة" شريط صوتي:المنتدى للإنتاج الإعلامي.
(3) مجلة المجتمع:العدد 1238 ,4/شوال/1417.
(1) من شعر د عبدالرحمن العشماوي.
(2) صحيح البخاري:ج5,ص 2395,حديث رقم 6174.
(3) آفاق من الحياة : د وليد أحمد فتيحي, ص 321.
(1) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: حسني جرار، أحمد الجدع، (الجزء الرابع) من القصيدة البليغة المؤثرة "أخي" ، ص 44.
(1) يا أمة الإسلام : د عبد الرحمن العشماوي ، ص 32-39 .
(2) حمى سنة 2000 : عبد العزيز مصطفى كامل .(وما حدث في أحداث 11 سبتمبر وما تلاها أوضح الأهمية والخطورة الكبيرة لما ذكره المؤلف في كتابه الهام هذا).(1/110)
(3) سامح الله أصحاب مقاهي الإنترنت فهم يعلمون أن اغلب مرتادي هذه المقاهي يدخلونها للمحرمات, ولم يشعر الكثير منهم بمسؤوليتهم أمام الله تجاه ذلك, بل إن بعضهم يساعدون الشباب على الحرام !,... وأيضاً الشركات والمؤسسات المقدمة والمساعدة والموفرة لخدمة الإنترنت مسؤولون أمام الله, ...ومن قال أن الحرام فقط في المواقع الجنسية, فهل يجوز لمسلم أن يرى صور النساء المتبرجات وصور الغرام ويقرأ ويسمع أي أمر لا يرضاه الدين بدون ضرورة حقة تبيح له وتضطره للإطلاع على ذلك..
كان أقل القليل أن تقوم تلك الجهات بتقديم ورقه توجيهية مثلا تنصح فيها من سيدخلون إلي هذه الخدمة لغرض جائز بأن يحذروا من الحرام والولوغ فيه,.. وإن النصيحة واجبة على كل مسلم ولو لم تكن له علاقة مباشرة في التسبب في منكر ما, فكيف تكون مسؤولية من يقدم هذا الوسيلة التي أدت إلى حصول منكر.
وإن كثيرا من أمتنا في هذه الأيام يجتهدون في أمور الدنيا ولا تفوتهم أحيانا لا صغيرة ولا كبيرة فيها, وأما الأمور التي لها علاقة بالدين والآخرة وإيقاف المنكرات وإيقاف أسباب ذل وهوان وضياع أمتنا فهي أمور منسية أو ثانوية,... إخوتنا لنرجع بقلوب متأملة خاشعة ونقرأ قول العظيم الجبار في الآية 24 من سورة التوبة والآية 281 من سورة البقرة.
وبمناسبة ذكر القنوات الفضائية والإنترنت هنا, فمن مصائب الفضائيات أنها بتمييعها أوامر الدين وتعويدها الأمة على رؤية الكثير مما يحرم وكأنه حلال!!! تساهم في كسر حاجز النظر الحرام وتبسيط أمره, مما يجعل الكثيرين يتجرؤون على ما هو أشد حرمة خطوة خطوة, فبعد ان تُسَهِّل القنوات رؤية النساء متبرجات بل وكاسيات عاريات, يذهب البعض لرؤية ما هو أشد حرمه وإفساداً في مواقع الإنترنت الإباحية وغيرها بعد أن (وببالغ الأسى) مهدت القنوات الطريق وسهلت المنكر, بدلاً من أن تكون وسيلة تحميهم وتحذرهم وتحصنهم من الوقوع في ما يغضب الله.(1/111)
(1) مجلة المجتمع:العدد 1460 1-7/5/1422 .
(1) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله:جلال العالم,ص 7-8 .
(1) نبض الفؤاد:محمد الوقداني,ص 51.
(2) نقلا عن كتاب البوسنة والهرسك من الفتح إلى الكارثة:د محمد حرب,ص191 .
(1) انظر كتاب قبل الكارثة نذير ونفير وكتاب قبل أن يهدم الأقصى لعبد العزيز مصطفى كامل ,. ومجلة المجتمع العدد 1374,24-30 رجب 1420هـ .
(2) مجلة المجتمع:العدد1186 10-16 رمضان 1416هـ.
(1) جرح الإباء:احمد فرح عقيلان.ص26-27.
(2)نقلا عن كتاب أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب للشيخ محمد الصواف ص8- 9 .
(1) حصاد الغرور: محمد الغزالي ، ص 206 .
(1) من شعر د يوسف أبو هلالة.
(1) أبيات من قصيدة تتكون من أكثر من (140) بيتاً نشرها الشاعر اللواء الفاضل علي زين العابدين في جريدة المدينة العدد 12115 في 25/1/1417هـ, وكأنه كان يستشرف ما ظهر بشكل أكبر في الآونة الأخيرة بعد أحداث 11 سبتمبر !!!!
(1) إن أمة الإسلام أمة الرحمة للعالمين, ومُناها سعادة اليشرية وتحقيق الخير لها, وينطبق على حالها مع أعدائها المثل القائل"أريد حياته..ويريد قتلي",قال تعالى(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
(2) من المختار من شواهد الأشعار: محمد عبد العزيز المسند ، ص 32-33 .ومن العقد الفريد من الأناشيد:عمار شاولي,ص71 .
(1) مشاهد:شريط صوتي(إصدار):المنتدى للإنتاج الإعلامي.
(1) من قصيدة للشاعر أيمن عبد القادر كمال "لا تسأليني يا بنية كيف حال المسلمين", ديوان"الحرائر", ص 50.
(2) جرح الإباء:أحمد فرح عقيلان.ص 21.
(1) الراقصون على جراحنا : يمان السباعي ، ص 88, 89 .
(2) المختار من شواهد الأشعار : محمد عبد العزيز المسند ، ص 31 .
(1) عن طريق موقع صوت القوقاز على الشبكة العنكبوتية, وهي للشيخ المجاهد أبو عمر السيف رحمه الله, وهو أحد تلاميذ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله.(1/112)
(1) كلمته هذه رحمه الله كانت قبل أحداث 11 سبتمبر وما تلاها, فبالفعل فتحت بؤر أخرى, ونسأل الله أن يسلم الأمة في كل مكان.
(1) من ديوان إلى أمتي : د. عبد الرحمن العشماوي .
(2) حبذا سماع أشرطة (الشباب/ ألم وأمل) و(الفتاة/ ألم وأمل) و(الرجل الألف) للشيخ د إبراهيم الدويش ، و(على قمم الجبال)للشيخ د محمد العريفي. وحبذا قراءة كتيب (كيف أخدم الإسلام) للشيخ د عبدالملك القاسم.
(1) حبذا الاستماع إلى أشرطة( حاولنا فوجدنا النتيجة )للشيخ د سعد البريك ، و ( قوافل العائدين ) للشيخ خالد الراشد،و ( كيف تقوي إيمانك ) للشيخ نبيل العوضي ، و(نهاية السعداء) للشيخ راشد الزهراني,و(قصص لا أنساها) للشيخ عبدالمحسن الأحمد, و (نقطة تحول) للشيخ علي باقيس,.. وزيارة موقع "طريق التوبة" وموقع "ذكرى" على شبكة الإنترنت.
(2) يشتكي العديد من الشباب والشابات من مشكلة الملل والفراغ وكيفية قضاء الوقت ، وما حدث ذلك إلا لأنهم لم يفتحوا باب الحياة الحقيقية التي خلقنا الله من أجلها ، ولم يدخلوا هذه الحياة بحق ، فهي حياة مليئة بالمهام العظيمة التي تستغرق كل وقت الإنسان وحياته ، كيف لا وهو يعيش ليحقق خلافة الإنسان لله في هذه الأرض ونشر دينه فيها وما يتطلبه ذلك من جهود ضخمة .. لكنها جهود يبذلها وهو في غاية السعادة لأنه وقتها يكون قد عاد إلى الأصل الذي من أجله خلق وبه فطرت نفسه يوم جاءت إلى هذا الوجود بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً .
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول .
(1) نقلاً من سلسلة كتيبات "العائدون إلى الله" للشيخ محمد المسند.
(1) حبذا سماع شريط ( المشتاقون إلى الجنة ) للشيخ د. محمد العريفي, و ( صفة الجنة ) للشيخ د. سعيد بن مسفر ,وشريط (ريح الجنة)للشيخ محمد حسين يعقوب,و(البدار إلى دار الأبرار) للشيخ نبيل العوضي.
(2)هذه القصة العظيمة في السيرة النبوية لابن كثير من رواية البخاري.(1/113)
(1) الدعوة إلى الله ليست بالأمر الصعب كما قد يُتصوَّر, ومجالات الدعوة كثيرة وعديدة؛ ومنها توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات النافعة والدلالة عليها وعلى المحاضرات القيمة, فشريط يوزع قد يهتدي بسببه العديد ممن ستكون حسناتهم أيضاً في ميزان من كان سبب هدايتهم.
وللتعرف على وسائل دعوية أخرى ينصح بالإطلاع على الأشرطة والكتيبات المتعلقة بذلك, ...أيضا مواقع الإنترنت الموضحة للوسائل الدعوية مثل صيد الفوائد و (work 4 islam) .
(1) إشارة إلى الحديث الصحيح الوارد عن فتح المسلمين لروما الذي بشرنا به رسول الله ( . ولكن لا شك أن هذا الفتح العظيم سيحدث بإذن الله عندما تكون الأمة صادقة مع ربها ، ملتزمة بأمره, داعية لشرعه ، مجاهدة في سبيله . انظر الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني ج1 ص7 .
(1) قصائد إلى الفتاة المسلمة : أحمد محمد الصديق ، من قصيدنه الرائعة ( نحو الكمال ) .
(2) حبذا سماع )حاملة الأمانة( للشيخ محمد المنجد, و(أختاه هل تريدين السعادة ) للشيخ علي القرني , و (المرأة والوجه الآخر) و(صانعات المآثر) للشيخ خالد الصقعبي, و(درر منثورة) للشيخ علي باقيس, و(شتان بين إمرأتين) للشيخ مشعل العتيبي, و(حوار بين أختين) للشيخ عبدالعزيز السويدان, و(غارت الحور) و(ما أقوى شخصيتها) للشيخ عبدالمحسن الأحمد,و(دمعة غدير) للشيخ عبدالرحمن الوهيبي و(خدعوها) للشيخ ناصر الأحمد, و(صانعات المجد) للشيخ راشد الزهراني, و(قصة فتاة) للشيخ محمد العريفي, ..وقراءة (غراس السنابل) للشيخ د عبدالملك القاسم,وسلسلة (أختاه) للشيخ مجدي فتحي.(1/114)
(1) يستغرب المسلم من المرأة التي تعصي العظيم الكريم الإله بما وهبها إياه !!!, وهو قادر على أن يزيله عنها. ونستغرب كثيرا من تهاون المسلمات في بلاد المسلمين بالحجاب في الوقت الذي رأينا بأعيننا العديد من النساء اللاتي أسلمن متمسكات جداً بمستوى القمة في حجابهن, مع أن بعضهن من دول غرقت في التفسخ والعري, ومع ذلك يتمسكن به كاملاً حتى وهن في وسط الكفر وقلاعه,..وليتنا نستمع إلى قصة الروسية التي أسلمت في الشريط القيم ( قصص مؤثرة) للشيخ د. إبراهيم الفارس.
(2) سامح الله العديد من إخواننا التجار الذين أغرقوا أسواقنا بالكثير من الملابس التي لا ترضي الله ولا تليق بالمرأة المسلمة التي شعارها الحشمة والحياء والستر, وأهدافها في الحياة أعلى وأسمى من التعلق بمثل هذه الملابس, ولا عذر بأن هذا هو طلب السوق, فأين التقوى وأين تقديم مرضاة الله وأين الغيرة على واقع أمتنا والحرص على عدم تسهيل ما يضرها.
ولا شك أن القنوات والإعلام بشتى وسائله كان لهما دور كبير في تشجيع المرأة على ذلك, فممثلة عاصية لله مبتذلة في لباسها- كما هو متوقع- بطلةٌ مُقدَّرة!!!, ودعايات عن ملابس وأزياء تسر الشيطان وأعداء الدين.
(1) حبذا الإطلاع على كتاب(لا بد أن تكوني داعية),وهو موجود في الموقع المبارك صيد الفوائد http://www.saaid.net/.
(1) ديوان يا أُمَّة الإسلام: د عبد الرحمن العشماوي .
(1) - لا يزال يخطر في فكر بعض أبناء الأمة شبهة أن السبب الأساس لعجز الأمة هو تأخرها التقني والعسكري وتفرقها, والحقيقة أنه سبب هام بلا شك ولكنه ليس السبب الرئيس, لأن سنة الله اقتضت أن النصر الحقيقي التام لا يتحقق لأمتنا بدون عودة صادقة إليه واستقامة على أوامره حتى لو تقدمت ماديا وعسكرياً واتحدت.(1/115)
(2)- للشيخ ابن عثيمين رحمه الله رسالة صغيرة هامة جداً تتحدث عن مشكلة عدم النظر للأسباب والخلفيات الشرعية في الأحداث عنوانها:(أثر المعاصي على الفرد والمجتمع).
وحقيقة أننا نستغرب من كلمات بعض الدعاة والكتاب الذين لا نكاد نرى أو أصبح نادراً في كلماتهم تذكير للأمة بالتوبة وتقوى الله وآثار المعاصي عند الحديث عن آلامنا ومشاكلنا وأزماتنا في أي جانب.
(1)- لا شك في أن الدعاة يذكرون الأمة بالتوبة والصلاح وهذا أساس دعوتهم, ولكن الجانب الذي لوحظ فيه النقص عند البعض هو التذكير بالتوبة والصلاح بتركيز عند الحديث عن مآسي الأمة وتخبطاتها.
(1)- لقد مرت أمتنا وبالذات في السنوات الأخيرة بمآسٍ مؤلمة مبكية وأحداث عظيمة, وشاهدتها الأمة -خاصة مع إمكانيات وسائل الإعلام الحديثة- رأي العين, وتأثرت بها كثيرا, وأظن لو أنه تم تذكير الأمة بعمق بحقيقة وواجب الرجوع إلى الله وأنها هي الحل لحصل بإذن الله توجه كبير في الأمة نحو ذلك, ولحدث بإذنه تعالى تصحيح طيب في وضع الأمة وتوجهاتها.
(1)- إن أكبر مأساة تعيشها الأمة هي بعدها عن حقيقة دينها, والالتزام بكل شرائعه, وصدق التمسك به.
(1) أنظر كتاب"أهداف الجهاد وغاياته" للشيخ د علي بن نفيع العلياني,دار الوطن للنشر والتوزيع.
(1)- كلمة معبرة للشيخ جميل عقاد(من سوريا) رحمه الله عن القدس يستشهد بها هنا وهي:) لن تعود حتى نعود(.
(1)- هاتان الكلمتان تعبران باختصار عن دور المسلم في الإصلاح بتغييره نفسه ودعوته غيره, ويمكن أن يستفاد منها كشعار عملي يرمز لهذا الواجب. والشعارات لها أثرها الطيب الذي لا ينكر في التذكير والتحفيز.
(1)- إننا نأمل أن تصبح شعارات وكلمات الرجوع والعودة إلى الدين, والتحفيز للتوبة والصلاح هي السمة الأساس التي لا تفتقد في أي تفاعل طيب يحدث من الشعوب المسلمة بعد الآلام التي تراها,... فهذا هو الطريق الحق لعزنا ونصرنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة.(1/116)
(1)- أمثلة المعاصي والانحرافات التي وقعت فيها الأمة وجاهرت الجبار بها واستمرأتها (وكأنها حلال) وأصرت عليها وانتشرت فيها كثيرة وفي جوانب متنوعة عديدة,....ولكن لا أجد مثلاً أوضح على ذلك -كما يبدو لي- مثل قضية إصرار الأمة -سواءً المنفذين أو المشاهدين- على قبول واستمراء المنكرات التي تأتي بها القنوات ووسائل الإعلام وتساهلها بعرضها ورؤيتها (خاصةً مع معرفة الكثير بحرمتها), وإن كان ذلك مجرد النظر إلى المرأة المتبرجة مذيعةً كانت أو غير ذلك (وهذا من باب ضرب المثل بالأقل وإلا فإن هذه الوسائل يعرض فيها أكثر من ذلك بكثير, ويعرض في كثير منها ما يشيب له الرأس مما يفسد المجتمع دينياً وأخلاقياً). وعلينا أن لا نستهين بهذا الجانب فخطر وأثر الانحراف في هذه الوسائل عظيم الأثر على فكر وقيم وسلوك وتوجهات واهتمامات وتربية أي مجتمع حتى لو غض الطرف عن جانب المعاصي المباشرة المتحققة بالنظر لها,.. كما أنها -بتعويدها الأمة على استسهال المعصية- تهيؤها للتمادي في معاصٍ أخرى في شتى المجالات.
(2)- لا يخلو المسلم من الذنوب فهذا من طبيعة النفس البشرية, ولكن الخطورة على الفرد والأمة تكمن في الإصرار عليها والمجاهرة بها كما أشير إلى ذلك سابقا,... وخطر الذنوب وأثرها على الفرد والمجتمعات والأمة بشكل عام فصله علماء ودعاة الأمة في السابق والحاضر, ومن أفضل الكتب الحديثة - حسب إطلاعي- التي كتبت عن الذنوب وأثرها كتاب"المعاصي وأثرها على الفرد والمجتمع" للشيخ حامد المصلح.
(1)- لا تعني هذه العبارات فقدان الأمل في الأمة, بل إن الأمل في الخير الكبير والطيبة الأصيلة فيها هو ما يدفع لكتابة مثل هذه الكلمات, ... ولا يُنكَر أن الأحداث غيَّرت العديد من المسلمين, ولكن بشكل عام فإن الغفلة لا زالت مستمرة والاستيقاظ المأمول الكافي لم يحصل حتى الآن.(1/117)
ومن دلائل الخير في أمتنا تفاعلها القوي مع بعض آلامنا مثل ما حد ث في المقاطعات الإقتصاديه,.. ولكن ما نتمناه هو حصول تفاعلٌ قويٌ شموليٌ مستمر.
(2)- جزء من مقال يتحدث عن هذا الجانب من موقع "مأساتنا والحل: عودة ودعوة" , www.awda-dawa.com .
(1) للعلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لفتة بليغة عن هذا الجانب في رسالة له عنوانها"واقعنا الأليم".
(1)- أيضاً لوحظ التركيز على الأعراض أكثر من المرض نفسه في كلمات بعض المصلحين بعد ما أصاب الأمة من أخطاء أو انحرافات, أو أزمات حادة أو مصائب أو نكبات, أو فتن أو تخبطات معينه, فكنا نجد التركيز على الفتاوى والأحكام والتوجيهات والنظرات الخاصة بذلك الحدث مع ضعف الاستفادة من الحدث لتذكير الأمة بوضوح وتركيز بدائها الأساس الذي تسبب في هذا الواقع وانحرافاته, فبذلك النهج نكون قد توجهنا لعلاج العرض ونسينا الأصل المتسبب في ظهوره.
ولا شك أننا نحتاج بشدة إلى الفتاوى والتوجيهات التي تبين لنا الحكم الشرعي والنظرة الصحيحة في حدث مؤلم أو انحراف معين, وينبغي علينا توضيحها للأمة، ولكن الأهم هو علاج المرض الضخم الكبير الأساس الذي نتجت عنه تخبطات الأمة وانحرافاتها , وتفرقها واختلافها , وتشتت آرائها وتوجهاتها , وقلة البركة في رزقها , وضعفها وذلها, وتسلط الطغاة عليها, وتمكن الأعداء منها, ووضعها المأساوي الذي تعيشه,....ألا وهو عدم استقامتها على الإسلام كاملا, وبعدها عن صدق التمسك بالدين, واستمراؤها الذنوب والمعاصي وإصرارها عليها, وعدم عيشها للدين حقيقةً لا خيالاً.
قال تعالى {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى 30).(1/118)
(1)- أرجو ألا يُعْتَقَد بأن التركيز على العودة يعني تقليل أهمية الجهاد,....فأولا: بلا أي شك فإن جزءاً هاماَ وأساسياً مما ينبغي أن تعود إليه الأمة هو الجهاد في سبيل الله,....وثانياً: علينا ألا ننسى وأن نتذكر أن أقوى ما يُعِدْ وتستعد به الأمة للجهاد هو عودتها إلى الله والتزامها أوامره,....وثالثاً: أن نصر الله لأمتنا مرتبط بنصرها له سبحانه وتعالى؛ (العودة مَوْقِدُ شُعْلَةِ الجهاد وَسِرُّ انتصاره).
(1)- من أمثلة العموميات في الخطاب وبغض النظر عن مسألة المآسي وواجب العودة أن تكثر الكلمات المتحدثة عن التوبة بدون أن توضح هذه الكلمات من ماذا تكون التوبة؟ بذِكر بعض الأمثلة (وليس شرطاً أن تذكر الأمثلة في كل كلمة), فالسامع للكلمة قد يكون واقعا في العديد من المنكرات(سواءً في أمر العقيدة أو الفكر أو السلوك) ولكن ضعف التصور وهوى النفس وآثار ما يفعله المفسدون قد تجعله يرى أنه ليس هو من المقصودين بالتوبة, وأن المقصود بها غيره من الواقعين في الكبائر الظاهرة مثل شرب الخمر والزنى وغيرها.
بل أحيانا يُذكَرُ مثلٌ ولكنه مثل عام يحتاج إلى توضيح وتحديد, فيشارك أيضا الهوى وضعف التصور في إيهام المستمع بأنه ليس المقصود؛.... فمثلا الكلام عن النظر الحرام قد يتصور البعض أن المقصود به هو رؤية الأفلام الفاحشة والشديدة التبذل وأما أن يرى المرأة المتبرجة(في الشاشات وما شابَهَهَا) فليس هذا من النظر الحرام في تصوره,... خاصة مع الاستمراء الكبير للعديد من المنكرات في مجتمعات المسلمين في عصرنا الحاضر.(1/119)
(2)- إن التنبيه على خطورة الإصرار على الصغائر لا يعني أبداً أنها أهم انحرافات الأمة, فحتى الإصرار على الكبائر إنتشر في الأمة,...... ففي الأمة الكثير من الشرك والانحرافات العقدية, وضعف تحقيق التوحيد وتمثل معانيه!, والبدع, وتحكيم غير شرع الله, والخلل في الولاء والبراء, ومحاربة المصلحين, والاستهزاء والتهاون بقيم الدين, وترك الصلاة, والتعامل بالربا, والظلم والغش وتضييع الأمانات, والغيبة, ...وغير ذلك, ولكن نبه على الصغائر لأن كثير من الأمة قد ينسون خطرها, ويستمرؤون التساهل بها.. كما ذكر في فصل "تنبيه لا بد منه" .
(1) إن من أقوى الأمثلة على الأثر الكبير للشعور بالتحدي عندما يُفَعَّلْ هو ما حدث مؤخراً من تأثر كبير من أمتنا الإسلامية في شتى أرجاء العالم بعد الحدث المؤلم في قضية الإستهزاء برسولنا عليه أفضل الصلاة والتسليم في أحد الصحف الغربية,...ولكن ما يتمناه كل غيور وهو الأهم؛ قضية تحول هذا التأثر إلى العمل الإيجابي الأساس الذي هو تحقيق النصرة الحقيقية لرسولنا عليه الصلاة والسلام بالتزام أوامره و عمل ما يحبه والبعد عما نهى عنه, والذي به تتحقق لنا العزة والقوة والمنعة التي تمنع الأعداء والكفار من التهاون بنا والتطاول علينا, وتمكننا من ردعهم إن أصروا واستمروا.
(1) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: حسني جرار، أحمد الجدع، (الجزء الرابع) من القصيدة البليغة المؤثرة "أخي" ، ص 44.
(2) لست في مقام التوجيه, ولكني أخٌ أذكر نفسي وإخوتي.
(3) إن الإخلاص كما قال علماؤنا عزيز وتحقيقه يتطلب جهداً كبيراً وحرصاً بالغاً, وهو هام جداً, فأولاً: ضعف الإخلاص قد يحبط العمل وقد يؤدي بالمسلم إلى الهلاك, وثانياً: هو عامل هام يؤدي عدم تحقيقه إلى تأخر نصر أمتنا بلا شك.(1/120)
ولا تخفى التنبيهات العديدة في القرآن العظيم والأحاديث الشريفة وكلام الكثير من علماء الإسلام في السابق والحاضر عن أهمية هذا الجانب والانتباه للصدق في تحقيقه, خاصة أن الشوائب والضعف في الإخلاص قد توجد بدون أن ينتبه لها الداعية أو العالم, فقد يظن نفسه محققاً الإخلاص بينما قد يوجد في إخلاصه الكثير من النقص والعديد من الشوائب التي تساهم في دفعه للدعوة بدون أن يشعر بها, وقد نبه الإمام محمد بن عبدالوهاب في كتاب التوحيد إلى مثل هذا الأمر عندما علق على قوله تعالى (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) فبين أن من المسائل المستفادة من هذه الآية التنبيه على الإخلاص فقال:( فيه مسائل. . . الثانية: التنبيه على الإخلاص لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه ), أي أنه قد يكون سبب دعوته هو تحقيق شهوات خفية لإرضاء نفسه وإسعادها لإتباع الناس لما يقول, أو لفرحٍ دنيوي بأنه أصبح ذو شأن ونشاط وذو حركة وتميز(كما يحصل لمقتنع أي فكر أو مبدأ أرضي يعمل ويبذل ويتحمس من أجله) وليس دافعه الأساس الدعوة إلى الله, وفي الحديث الصحيح: ( يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل) (صحيح الترغيب والترهيب:تحقيق الألباني). ونبه ابن رجب الحنبلي رحمه الله لخطر شوائب الإخلاص في رسالته الهامة عن شرح حديث(ما ذئبان جائعان), ولسيد قطب رحمه الله لفتات وتوجيهات هامة جداً عن الإخلاص والتجرد لله, ذكرها في أكثر من موضع في الظلال خاصة عند حديثه عن وعد الله للمسلمين بالنصر, فحبذا الرجوع إليها.(1/121)
(1)- تحقيق المحبة الصادقة ليس بالأمر الهين ويحتاج إلى جهد ومجاهدة,.. فهل حقاً أن الله ورسوله (وما يحباه!!) أحب إلينا من أنفسنا!!! ومما سواهما؟!,..... وهل نحن حقاً نتأثر!! ونغضب لله أو يتمعر وجهنا ونتألم! عند رؤية المنكرات أو سماع أخبارها!! وما يتعلق بها!!!(كما لو أن شيئاً يصيبنا)؟!!!, وكم مدى فرحنا بما يتحقق من الخير على يد غيرنا ؟,.... وهل نحن حقاً نحب في الله!! ونبغض في الله؟!!.
(1)- كان سلفنا الصالح مثل شيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم وغيرهما يهتمون بأعمال القلوب ويحذرون من أمراضها وخطورتها, ويركزون بالذات على من تصدر للدعوة خوفا عليهم من الضعف فيها, فإثم ذلك عظيم وشره كبير,.. وليتنا نرجع إلى كتبهم ورسائلهم عن هذا الجانب, ومنها "التحفة العراقية في أعمال القلوب" لشيخ الإسلام إبن تيمية,..... ومن جانب آخر فإن تحسن المسلم في أعمال القلوب يرفعه درجات أكبر و أكبر مما ترفعه أعمال الجوارح, قال أبو بكر بن عياش: ( ما سبقكم أبوبكر بكثرة صوم ولا صلاة , وإنما سبقكم بشيء وقر في صدره ) أنظر شرح الحديث الثاني في "جامع العلوم والحكم".
وأيضاً قد توجد في الإنسان - وهو غير منتبه- العديد من أمراض القلوب الخطيرة مثل الكبر والعجب والغرور وعدم سلامة الصدر وصفائه واحتقار الآخرين والحسد والحقد وسوء الظن والرياء وغيرها والتي هي كما ذكر ابن القيم رحمه الله في المدارج أبغض إلى الله وأخطر من العديد من الكبائر الظاهرة.(1/122)
وحقيقة أننا عندما نرى الاختلاف بين بعض فئات الصحوة من جهة, أوبين فئات الصحوة وغيرهم من المثقفين والمفكرين(الخيّرين وغير الخيّرين) من جهة أخرى.. فإن سببه الأهم ( والله أعلم ) الضعف في الإخلاص وفي أعمال القلوب, والتي تجعل الإنسان لا يتقبل الرأي الآخر حتى مع وضوح وإيضاح!! الحق والدليل الشرعي فيه!!, نظراً لما قد أصابه من أمراض القلوب من عجب بالنفس والرأي, وكبر على الآخرين وعلى تقبل الحق منهم, و حب للرياسة.
- ولا شك أيضاً أن من عوامل تأخر النصر الضعف في أعمال القلوب ووجود أمراضها, ولا أدل من ذلك من أن الصحابة الأطهار رضوان الله عليهم تأخر عليهم النصر في غزوة حنين لحدوث عُجْبٍ عَارِض!! كاد أن يكون سبباً في هزيمتهم ( ويوم حنينٍ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً )(التوبة:25), وانظر كلام ابن القيم البليغ عن العبر من غزوة حنين في زاد المعاد,..ومن أنفع العلاجات لأمراض القلوب قيام الليل والخشوع في الصلاة وكثرة النوافل والدعاء.
(1)- القدوة أساس, ومن أهم أسباب نجاح الدعوة, وضعفها مشكلة كبيرة, ومن أهم أسباب النفور وعدم التقبل,... فأذكر نفسي وإخوتي الكرام بأن نتقي الله في هذا, وحتى لا نكسب إثم تنفير أحد!, خاصة أن الكثير يضعوننا تحت المجهر, وحتى الخطأ الصغير يستكثر منا (ولا يليق بنا).
ومن أهم الجوانب التي تعيننا بإذن الله على تحقيق ذلك؛ التناصح بين الدعاة أنفسهم, والذي كثيرا ما نحتاجه..وكثيرا ما ننساه!! ونقصر ونجامل فيه!..وننسى أن جزءاً هاماً وواجباً!! من واجبات الدعوة أن ينصح الأخ أخاه ويقومه(بل وأيضاً نحتاج إلى أن نحسن ونطور!! جهودنا وأعمالنا بالتناصح بيننا).(1/123)
(2)- لا نشك في أن الشباب المتدين في واقعنا المعاصر في عمومهم يتميز الكثير منهم بالقرب من الأخلاق الحسنة بدرجات مختلفة في هذا القرب, ويعتبر الشباب المتدين بشكل عام أقرب إلى حسن الخلق وسماته وصفاته(وذلك لأثر التدين الذي لا ينكره منصف),.....ولكن الدرجة التي وصل إليها الشباب المتدين بشكل عام في جانب حسن الخلق لا تتناسب مع المستوى الذي ينبغي أن يكونوا عليه, وهم الذين من المفترض أن لا تخفى عليهم الدرجة الهامة و الأجر العظيم الكبير لحسن الخلق في الإسلام والذي يتبين من كثير من الأحاديث الصحيحة مثل قوله صلى الله عليه وسلم:(أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً..)الحديث, وقوله:(أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً), وقوله:(أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن) وقوله: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار), وقوله:(أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس....ولأن أمشي مع أخٍ في حاجةٍ أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا)" الأحاديث من سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني".
أيضا من الخسارة ألا يكون الجل الأعظم من الدعاة قمة في أخلاقهم وهم يدركون أثر حسن الخلق في التأثير على الناس وتقبلهم وتأثرهم.
(1)- حبذا الرجوع إلى العديد من الكتب القيمة التي تكلمت وتطرقت للجوانب الإيمانية التربوية بما فيها أعمال القلوب والسلامة من أمراضها الخطيرة مثل العبودية لشيخ الإسلام إبن تيمية,و"مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة المقدسي,و"تهذيب مدارج السالكين" لعبد المنعم العزي, و"تزكية النفوس وتربيتها كما يقرره علماء السلف" للدكتور أحمد فريد, وكتاب الرقائق لمحمد أحمد الراشد,وسلسلة"طب القلوب" للدكتور عجيل النشمي, وسلسلة"توجيهات نبوية على الطريق" للدكتور السيد محمد نوح. وإن أعظم اللذة والسعادة والفرح والفوز يكمن في تحقيق هذه الجوانب.(1/124)
(2)- إن من أعظم ما يحقق الفائدة والخير والرقي في درجات العبودية من الصلاة والذكر ويَعْظُمْ به أجْرُهما حضور القلب واستشعار المعاني.
(1)- إن عدم البدء والتركيز على تربية الإيمان وتقوية العقيدة في الله والدار الآخرة بين المدعوين, وفي المقابل التركيز فقط على النهي والأمر يؤدي إلى نفورهم وعدم استجابتهم,.. فَتَمَكُّنْ العقيدة والإيمان في النفوس هو الذي سيجعلها بإذن الله تستجيب لأوامر الشرع, كما حصل مع الصحابة رضوان الله عليهم, فبعد أن تَرَبَّى الإيمان والعقيدة والتطلع إلى الآخرة فيهم في الفترة المكية من الدعوة, أتت الأوامر والأحكام الشرعية في الفترة المدنية فنفذوها مباشرة بلا أي تلكؤ, لأنهم عرفوا أنها أوامر العظيم رب الكون الذي مُلئت نفوسهم بمحبته, وبالإيمان بعظمته, وما عنده من الأجر الكبير لمن اتبع وأطاع, وما عنده من العذاب الشديد لمن عصى وعاند,..........وعموماً فالطريق الدعوي الفعال الأقوى للتأثير على الناس ونقلهم بإذن الله إلى الالتزام بالدين هو معايشتهم والاحتكاك المستمر بهم وتقوية إيمانهم وعقيدتهم والإحسان إليهم وكسب ثقتهم ومحبتهم.. لا مجرد الإنكار عليهم.
ملاحظة تذكيرية: إن الأهم في موضوع العقيدة والتوحيد هو التأثر بمدلولاتها و تمثل معانيها وتطبيق مستلزماتها لا مجرد ترديد وقراءة الكلمات عنها, والذي ميَّز الصحابة والسلف والخلف الصالح هو ذلك, لا مجرد المعرفة النظرية,.. فليتنا نركز على ذلك في واقع أنفسنا وفي دعوتنا عند تطرقنا لهذا الجانب الهام.(1/125)
(2)- ليتنا ونحن في طريق الدعوة نتذكر الأهداف والأولويات!!, حتى لا نغرق في وسيلة ونهتم بها حتى تصبح وكأنها هدف ونقدمها على الأهداف الحقيقية, أو حتى لا نقدم الأقل أهمية على الأهم منه. فمثلاً ليس الهدف الأساس للدعوة ازدياد معلومات المسلمين الفقهية - وإن كانت أمراً هاماً ووسيلة ضرورية لتحقيق معرفة المسلمين لأحكام الدين التي يجب عليهم معرفتها- فالهدف الأساس في الدعوة هو عودة الأمة إلى حقيقة الدين والصدق في تطبيقه والالتزام بأوامره في كل الأمور, وكمثل آخر ليس الهدف الأهم الأساس حفظ كتاب الله(مع جلالة هذا العمل العظيم)ولكن الأهم هو تطبيق الأفراد والمجتمعات لأوامر القرآن ونهجه, وتربيهم على معانيه وقيمه,...(أيضاً المواضيع الفكرية هي وسيلة لا غاية!).
وهذا يُذكرنا بأهمية أن يستفيد الدعاة من أفكار ومبادئ الإدارة والتخطيط التي تساعد على تقوية ملكات تقدير الأهداف والأولويات, وتقييم وتحسين!! الإنتاجية!!!!, والبحث عن الطرق الأكثر فاعليةً!!.
وبمناسبة ذكر الاستفادة من العلوم الإدارية فأحب أن أذكر بالفائدة الكبيرة بإذن الله للخطباء والدعاة من معرفة ودراسة مهارات الإلقاء والاتصال والحوار(تقدم بعض المؤسسات الدعوية أو التدريبية دورات جيدة في هذا الجانب), وأيضا معرفة القواعد التربوية المتعلقة بتغيير السلوك مثل ما يتعلق بالمعرفة والتوجهات وعلاقتها بتغيير السلوك(وأن المعرفة وحدها لا تكفي عادةً للتغيير),...أيضا الأسس والمفاهيم في علم الإعلام ووسائل التأثير فيه.(1/126)
(1)- (أ) من الأولويات والأمور الأهم التي تفوت علينا أحياناً مسألة التذكير بالتوبة في مواسم الخير مثل شهر رمضان والعشر الأواخر فيه وعشر ذي الحجة وغيرها, حيث نجد التذكير مركزاً على الازدياد في النوافل والسنن والأذكار والصدقات وفضائل الأعمال, ويقل التركيز على التذكير بالتوبة والبعد عن المعاصي وأداء الواجبات المفروضة مع أنها أهم الأعمال وأحب الأعمال إلى الله, خاصة في هذا الواقع الذي بعدت فيه الأمة وتهاونت في كثير من الأحكام الواجبة وانتشرت فيه الكثير من المعاصي, فكما ورد في الحديث القدسي الصحيح:(وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضته عليه..) صحيح البخاري, وفي الحديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (اتق المحارم تكن أعبد الناس) "حسنه الألباني في صحيح الترمذي, وفي الأثر عن ابن عمر رضي الله عنه: (لرد دانق من حرام أحب إلى الله من إنفاق مائة ألفٍ في سبيل الله).
أيضاً يفوت علينا أحياناً التذكير بالتوبة والالتزام بأوامر الدين عند الحديث عن بعض العبادات وحِكَمِها, مثل الحج والعمرة, والأضحية!!, وصيام رمضان, وقراءة القرآن وواجبنا تجاهه, وصيام التطوع في مواسمه المختلفة, والأذكار وغير ذلك, مع أن التوبة من أعظم وأهم حِكَم هذه العبادات.
بل إن التركيز في المواسم على فضائل الأعمال, وعدم التذكير بحكمة التوبة عند الحديث عن بعض العبادات قد يؤدي إلى تكريس رضا الأمة بواقعها الذي بعد كثيرا عن الالتزام بالدين, بحيث يمكن أن يتربى في فكر الفرد المسلم(بشكل غير مباشر)أنه يكفيه أن يتقرب إلى الله بفضائل الأعمال في المواسم وغيرها بينما هو مستمر في إصراره على ذنوب لا يرضاها الله سبحانه وتعالى, أي تحصل لديه اتكالية كبيرة على فضائل الأعمال التي يقوم بها,... ( ومن المهم أن نُذكِّر بأن من علامات قبول الأعمال التوبة والأوبة بعدها ) .(1/127)
(ب) أيضاً عندما يتحدث داعية لأفراد مجتمعاتنا في هذه الأيام عن حديث البطاقة بدون أن يتكلم عن شروط لا إله إلا الله,... أو عندما يُذَكِّر في موعظة عن سعة رحمة الله ومغفرته بدون أن يُستدرك في الأخير ويُنبه على أن سعة رحمة الله يجب أن لا تنسينا أنه سبحانه شديد العقاب؛.. فتزيد بذلك الاتكالية!.
كما أن تذكير الأمة بأجر بعض السنن التي تكفر الذنوب مثل صيام يوم عرفه ينبغي أن ينبه فيه إلى أن العلماء ذكروا أن ذلك لا يشمل الكبائر, وحبذا لو ذكرنا بأن من الكبائر الإصرار على الصغائر كما بين ذلك سابقا,...وأيضا بعض الأحاديث مثل:(كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة) قد تحتاج عند ذكرها للبعض توضيح أن ذلك لا يعني التواكل وترك باقي أوامر الشرع أو التساهل بها.
(ج) ومثل آخر على تفويت الأولويات وموازنتها أن نجد بعض الأفاضل ممن لا نشك كما نحسبهم في مدى تقواهم وصدقهم فتجدهم يجتهدون ويبذلون الأموال من أجل الاعتكاف في الحرم الشريف في العشر الأواخر ويفوت عليهم سعيهم لدعوة أهلهم وأقربائهم في موسم العيد (بتجهيز وشراء ما يمكن أن يوزع عليهم من وسائل الدعوة في فترة العيد, أو بغير ذلك من طرق ووسائل الدعوة) مع أن الدعوة والبذل لها واجب أهم من الاعتكاف(ولا شك أن الاعتكاف عبادة تربوية عظيمة,وذات أهمية كبيرة).(1/128)
(د) ومثل آخر على تفويت الأولويات ما يحدث أحياناً من حماسٍ لتوزيع أشرطة أو كتيبات أو مطويات أو أي وسيلة أخرى لا تتحقق فيها الأولوية الدعوية من حيث أثرها في الدعوة وإحداث التأثر والتوبة والتغيير على حساب الأشرطة والوسائل الأهم في التذكير والإصلاح. فتوزيع ما يحوي مَثْلَ قصص التائبين ووصف الجنة وأحوال الآخرة والتذكير بعظمة الله ومعاني العقيدة أهم وأكبر أثراً من توزيع ما يتعلق بفتوى عن قضية محددة أو الأذكار(مع عدم إنكار أهمية توزيع كل ما ذكر, ولكن المسألة هي على ماذا نركز ونبذل الجهد الأكبر),.... وللجمع بين الخيرين!! فليتنا مثلاً عندما ننشر كتيبا عن الأذكار نضيف فيه(في باطن غلافه أو صفحته الأولى أو الأخيرة) كلمة أو قصة تذكيرية عن التوبة (وبالذات قصص أو كلمات التائبين, فلها أثر عظيم وقد اهتدى أناسٌ كثيرون بسببها).
(هـ) أيضاً عندما نُقدِّم بعض أنواع النوافل على عمل فيه خدمة للآخرين وإسعاد لهم, فالأخير هو الأهم وأجره أكبر,...واحياناً نُقَدِّم ونسعى لبعض أنواع النوافل وننسى -أو تكون على حساب- واجبات مثل واجب الدعوة ونشرها.
(1)- قد نسرف أحياناً في واجب دعوي على حساب واجبات أخرى هامة أو أهم, ولعل من أمثلة ذلك ما قد يحدث في إسراف في الوقت المعطى للدعوة عن طريق الإنترنت على حساب واجبات أخرى,..
وأيضاً إنكار المنكرات فعلى الرغم من أهميته إلا أنه يجب الانتباه إلى أن لا ننشغل أكثر من اللازم في إنكار منكر معين فيشغلنا ذلك عن منكرات أخرى أهم, أو عن واجبنا الدعوي التربوي الذي هو الأكبر فاعلية في الإصلاح. بل وإن أعداء الدين وبعض المفسدين يفرحون بانشغال الدعاة انشغالاً أكثر من اللازم في إنكار منكر(وقد يكونوا قصدوا ذلك الإشغال), فحتى الكثير من أعداء الدين يعلمون بأهمية وفعالية العمل الدعوي التربوي فيفرحون بانشغالنا عنه, وباختلاط الأولويات علينا.(1/129)
(1)- يكفي دليلاً على أهمية تقديم الرفق أمر الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام بأن يخاطبوا الطاغية فرعون بالقول اللين ليكون ذلك الأسلوب عوناً له على الهداية, فأسلوب الشدة غالباً ما يعين الشيطان ليحرف الإنسان ويعوقه عن الاستجابة للحق (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) (طه:44).
وأسلوب الشدة يجعلنا نكسب!!عداوة الكثيرين,.. في الوقت الذي نحن بحاجةٍ إلى أن نجعل كل مسلم وكل ضالٍ مع الحق لا عليه!!!
(2)- من العبارات التربوية الجميلة القيمة التي ينبغي أن نستفيد منها في الدعوة وعندما نناقش ونحاور عبارة: "إن كسب القلوب أهم من كسب المواقف", وهي منقولة من كتاب رائع وقيم ينصح جداً بقراءته وعنوانه"أصول الحوار" صدر من الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
(1)- من المؤلم ما نراه أحيانا من انشغال بعض الدعاة والمصلحين والغيورين والأخيار الأفاضل بالرد على خطأٍ أو توجهٍ أو وجهة نظر أخرى من دعاة آخرين بطريقة غير مقبولة, أو بإعطاء الموضوع أكثر مما يستحق(اهتماماً ووقتاً!!),... ولا نقول أن يقفل باب التناصح والرد على الأخطاء, ولكن ليعطى كل شيء حقه وبالطريقة المناسبة وبدون أن يُحمَّل الموضوع أكثر مما يحتاجه, وبدون أن ننسى فضل وخير من يُنتقدون, خاصة إذا كانوا ممن نفع الله بهم الأمة كثيرا.
وأيضا على الناقد أن يتأكد أولا, فقد يكون الرأي الآخر صواباً أو يعذر فيه صاحبه, وخاصة أن أهواء النفوس تدخل في مثل هذه الأمور حتى بدون أن يشعر الإنسان بها.
وليس من الصحيح أن يصبح ذلك جل همنا, فمحاربو الدين ومضيعوه هم الأولى بالوقوف في وجههم, بل هم من أهم أسباب واقع أمتنا المحبط البعيد عن الدين وعن المنهج الحق, والذي من آثاره حدوث تفرق في الأمة, واجتهادات مختلفة للدعاة والمصلحين, قد يحدث الخطأ في بعضها.(1/130)
بل وحتى المعاندين والمفسدين(وإن آلمونا), والكثير من المنحرفين والمخطئين في فكرهم واعتقاداتهم وتوجهاتهم يحسن أن يُرفق بهم وأن يُدعوا باللين والحسنى في أحيانٍ كثيرة , فبعضهم ليس خبيث النفس سيء النية قاصد للشر والضلال, ولكنها الغفلة والبعد والضياع والتناقض الذي تعيشه أمة الإسلام في عصرنا (ونأمل أن يهتدي الكثير منهم ليقفوا معنا ضد الكفار المحاربين) ,....فكيف بمن يكون أخاً لنا في الدعوة ويضحي بالكثير من أجلها.
ويجب أن نحذر بشدة في هذا الموضوع لأنه لا شك أن الشيطان الرجيم يدخل في مثل هذه الأمور ويقويها, وأيضا شياطين الإنس وأعداء التدين وأعداء الإسلام يسرون جدا من ذلك, بل هو من أسعد الأمور إلى قلوبهم أن يروا الدعاة والمصلحين والغيورين والأخيار مشغولين ببعضهم البعض, ويعطل بعضهم خير بعض,... وإن مثل ذلك مثل أخوين في غابة مليئة بالسباع يفترض أن يكونا في غاية الحب والعون لبعضهما, فإذا بهما يتقاتلان بينما السباع تقترب منهما!...فلنتق الله ولنحذر من أن نكون سببا في استمرار جراح الأمة وتعطيل الدعوة وتأخير النصر!.
(1)- كثيرا ما نجامل!! بعضنا بعضاً وفي أمور يضيع فيها الوقت بل والمال أحياناً فيما ليس له ضرورة أو أولوية دعوية!, فليتا نقلل من ذلك, ولنتق الله في أوقاتنا!,...وليعذر! الواحد منا الآخر في هذه الأمور, ولنشجع بعضنا بعضاً على التقليل من ذلك.
(2) من الأفكار الجميلة لتعويض ما قد يفوتنا من تقديم خير مفيد للدعوة والتي طبقها البعض عملياً ويمكن ان نسميها بفكرة "السياسة التعويضية!!" وهي تقوم على مبدأ تعويض ما فات من خير سواء كان عملاً أو مالاً بشيء أفضل منه, وكثيرا ما كان تطبيق هذه الفكرة يجعل وكأنه كان خيرا أن فات العمل الأول الذي عوض بأفضل منه!!!.(1/131)
(3)- لقد سمعت من أحد الدعاة كلمة عظيمة في معناها أتمنى أن نتمثلها جميعاً, وهي: ( أن واقع أمتنا!! يقتضي أن يكون كل داعية مثل الجهاز المتعدد الأغراض ) يقصد أن يعمل للدعوة في كل اتجاه, ولا يقول مثلا: أنا داعية كبير مشغول فليس من مهامي( إذا أمكنني وتيسر ذلك) أن أوزع شريطاً, أو أضع كتيبات في أماكن الانتظار!!!, أو ألقي كلمة وعظية عابرة في مسجد أو مجلس!!, أو أن أنكر منكراً أراه أمامي, أو أن أعظ وأنصح شباباً مجتمعين على رصيف, أو أن أُنسق لحلقة ذكرٍ للأقارب أو الجيران,أو أن أعلق إعلان محاضرة أو ورقة نافعة,.. وغير ذلك, ولا تعارض بين هذه الكلمة وموضوع التخصص الذي تحتاجه الدعوة في بعض مجالاتها, إلا إذا كان وقته وظروفه بالفعل نظرا لتخصصه وانشغاله لا تسمح له ولو بشيء من ذلك,.... ولكن في أحيانٍ كثيرة -عند البعض- ليس التخصص أو الانشغال السبب, ولكنه نسيان الواجب,وضعف إدراك الأجر والفائدة, وضعف في الهمة وكسل, وضعف في الشعور والتألم لجراح الأمة التي تدفع المستشعر لها حقا أن يبادر بكل وبِأَي شيء لتضميدها وإيقاف نزفها,.. وقد يكون ضعف صدق الإخلاص ودخول الشوائب فيه سبب عدم اجتهاد بعضنا في أعمال دعوية غير التي نقوم بها عادة وتألفها وتحبها!!! أنفسنا!!.
ومما يُحزن أننا نرى حتى الآن!!! العديد من الدعاة ممن يبخل على الدعوة بماله, أو يكون حرصه على دنيا يصيبها أو مال يحصل عليه أعظم من حرصه على الدعوة،... وتأثره وقهره لما يفقده في الدنيا أعظم من تأثره إذا قصر في الدعوة والبذل من أجلها, أو إذا ضاعت عليه فرصة كان من الممكن أن يخدم الدعوة فيها بكلمة أو عمل معين ولو كان صغيرا, أو إذا فوت(أو أخر!!) أي شيء متعلق بها,... وكأنه لا يستشعر - وهو الداعية العارف بواقع الأمة وآلامها- أن تأخره وضعفه في همته الدعوية يعني تأخر نصر الإسلام! ويعني!! تأخير إنقاذ أبناء أمتنا المذبحين في كل مكان.(1/132)
وأصبح أداء بعض الدعاة لواجب الدعوة تشوبه (الروتينية!) والبرود! والفتور ويفتقد الحرارة والحماس والهمة العالية, والتألم والحرقة على الواقع, والحرص والغيرة الشديدة على أن لا يفوت عليه أي شيء فيه فائدة للدعوة ولو كان من غير المجالات التي يهتم بها هذا الداعية عادة.
ومتى لم نبلغ الدرجة اللازمة في حرصنا وهمتنا وبذلنا وتضحيتنا فلنعلم أن نصر الإسلام سيتأخر كما وُضِّحَ ذلك في الكلمة المؤثرة للشيخ المودودي رحمه الله والتي ستُذكَر في آخر هذا المقال. وحقاً ما قيل من أن جهود الدعاة والأخيار في الدعوة بشكل عام تعتبر قليلة مقارنةً بأعدادهم .
(1)- شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: حسني جرار، وأحمد الجدع، من قصيدة "الكتائب" لعبدا لحكيم عابدين، ص 40.
(2)- شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: احمد الجدع وحسني جرار الجزء الرابع, من قصيدة "نداء القرآن" للشاعر أحمد حسن القضاة, ص 106.
(1) تذكرة دعاة الإسلام: أبو الأعلى المودودي.
(1) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله : جلال العالم ، ص 4.
(2) كل من ولي أمراً من أمور المسلمين صغر أو كبر فهو مسؤول أمام الله بقدر مسؤوليته, فليست المسؤولية على الحكام والزعماء فقط.
(1) ورد هذا القول عن عثمان رضي الله عنه, انظر تفسير ابن كثير عند قوله تعالى(واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا), طبعة دار الشعب ص 109.ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بنحوه عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.
(2) وأقوى ما يؤثر في الأمم في عصرنا الحاضر سلباً أو إيجاباً هو الإعلام خاصة المرئي منه, وكما ذُكر سابقاً "أعطني شاشةً..أعطك شعبا!ً",.. فبالإعلام بوسائله الضخمة حالياً يمكن أن ترسَّخ وتُقوى عقيدة الأمة وإيمانها وتمسكها.. أو أن تهدم وتضعف .
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد : ابن القيم . ج 3 ص 477.
(2) أسباب سعادة المسلمين وشقائهم : محمد زكريا الكاندهلوي ، ص 58 - 59 .(1/133)
(3) كثيرا ما نُعجب ونفرح بالإنتاجات والمحاضرات التي تكلمت عن مآسي الأمة والجهاد الذي طال اشتياق الأمة له ,ولكن نتأثر إذا سمعنا تركيزهم على أن الحل هو الجهاد بدون أن تذكر قضية العودة إلى الله والتوبة من الذنوب. ولهؤلاء الإخوة الأحبة الغيورين نقول:اعلموا والله أن الأس الذي وأد الجهاد في الأمة هو ذنوبها ومعاصيها وبُعدها عن دينها وحقيقته, فهو الذي نتجت عنه كل صور وأسباب تخاذل الأمة وذلها , وهي التي مكنت الأعداء وأتباعهم من أن يوقفوا الجهاد ويُلهوا المسلمين عنه . ولنتمعن في مثل كلمة عمر رضي الله عنه والتي أضع تعليقي هذا ونحن نقرأها, هل قال لهم الفاروق فقط انطلقوا إلى الجهاد بدون أن يذكرهم بأهم سبب لتحقيق نصرهم, وهذا والفاروق كان يخاطب أفراداً كان الكثير منهم من الصحابة وكانوا أفضل أجيال المسلمين, فكيف نأتي نحن ونقول الجهاد الجهاد بدون أن نتكلم ونُذكِّر بالتوبة والعودة إلى الله, ونحن نعلم واقع أمتنا وبعدها الكبير في تطبيق الدين والتزام أوامره وما يقتلها المفسدون به.
ثم إن أهم غايات الجهاد هي حفظ الدين وتعبيد الناس لله ( انظر كتاب أهداف الجهاد وغايته للدكتور علي بن نفيع العلياني-دار الوطن للنشر- ), فمن القصور والتناقض في حق الجهاد ومعانيه أن تتنادى به الأمة بدون أن تتذكر وتبدأ في إصلاح حالها مع الله.
(1) توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع : محمد بن جميل زينو, ص 91 .
(1) أما ما قامت به بعض الفئات من أعمال منحرفة بإسم الجهاد فهي منكر وجرم عظيم لا يُقَر, وقد استنكرها علماء الأمة.
(2) من شعر د عبد الرحمن العشماوي الذي نسأل الله أن يحفظه هو وكل من حمل بأبياته الشعرية وبكلماته هموم الأمة, ونسأل الله أن يثبته على الحق, ليظل شعره نابضا حيا فعالا على مدى السنين والأعوام.
(1) وهو يشمل أخذنا بأسباب القوة المادية والتقدم العلمي والاجتهاد في ذلك.(1/134)
(2) فكرة وضع الشعار تعتبر مفيدة بشكل كبير في كثير من الأمور, لأنها تساعد على تحقيق الهدف المقصود وتَذَكُّرُه , ورسولنا صلى الله عليه وسلم استخدم شعارات في بعض غزواته .
وينصح المتخصصون في علوم الإدارة وعلوم الجودة الشاملة بوضع شعارات ورسائل للأهداف والمشاريع المراد تحقيقها,... والحكمة ضالة المؤمن, فيبدو أنه من المفيد لأمتنا بإذن الله - خاصة في واقعنا الحالي- أن تتذكر مثل هذه الكلمات والشعارات الطيبة التي تعينها في طريق الصلاح والإصلاح,... وليتها تضعها أمام عينيها دائماً لتساعدها على تَذَكّر وتحقيق الهدف الذي تطمح إليه... ألا وهو انبثاق فجر السؤدد والعزة, ورضى رب الكون ودخول جناته .
(1) قصيدة للشاعر أ خالد السعيد, وهي منشدة في شريط أناشيد إسلامية (البحرين رقم 2), وأتمنى أن يسمعها كل مسلم فهي مؤثرة جداً.. بل مبكية.
??
??
??
??
كي لا يستمر الهوان
11(1/135)