(س ج) عن تنظيم الوقت
نظرة متقدمة في مهارة تنظيم الوقت
المراجع:
· ... أساسيات إدارة الوقت. روي أليكساندر
· ... الأولويات الأولى. ستيفن كوفي
· ... إدارة الوقت للمبتدئين. جيفري ماير
إعداد: عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ
في هذه الدورة نستعرض جملة من الاعتراضات والاستفسارات حول مسألة تنظيم الوقت وإدارة الذات، وهو أسلوب يقرب الفكرة التي نريد إيصالها للقارء الكريم. وأتمنى أن ترسل لنا باستفسارك إن لم تجد جواباً له في هذه الدورة.
ما هي فوائد تنظيم الوقت؟
الفوائد كثيرة، منها ما هو مباشر وتجد نتائجه في الحال، ومنها ما تجد نتائجه على المدى الطويل، لذلك عليك أن لا تستعجل النتائج من تنظيمك للوقت، ومن فوائد تنظيم الوقت:
· ... الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك.
· ... قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة.
· ... قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي.
· ... إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية.
· ... تحسين إنتاجيتك بشكل عام.
· ... التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة.
كيف أعرف مدى استفادتي من وقتي؟ وكيف أعرف العوامل المبددة لوقتي؟
سؤال جوهري ومهم، تتطلب معرفة مدى استفادتك للوقت والعوامل المضيعة لوقتك أن تقوم بعمل سجل يومي لمدة أسبوع مثلاً وتدون فيه تفاصيل الأعمال التي قضيت فيها وقتك وكذلك كم أخذ كل عمل من الوقت، فتكتب حتى الأمور البسيطة والصغيرة والتي قد تضيع من وقتك دقائق يومياً لكن في نهاية الأسبوع قد تجد هذه الدقائق تحولت لساعات.
قم بتصميم جدول مفصل لكل يوم، وقسمه إلى عدد ساعات يومك وهي تقريباً 16 ساعة على افتراض أن النوم يأخذ 8 ساعات، وقم بتقسيم كل ساعة إلى 4 أقسام أي 15 دقيقة، وقسم الساعات إلى أعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل. هذا اقتراح للجدول، المهم أن يوضح لك الجدول الأعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل.(1/1)
بعد ذلك عليك أن تقوم بتحليل الجدول وتبحث في عوامل تبديد الوقت فتزيلها وتسأل نفسك، هل هناك فرصة لتنظيم الوقت بشكل أفضل؟ إن كانت الإجابة بنعم - وهي كذلك دائماً - فعليك أن تبحث عن هذه الفرصة.
أنا مشغول ولا يوجد لدي وقت للتنظيم!
يحكى أن حطاباً كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم يكن حاداً إذ أنه لم يشحذه من قبل، مر عليه شخص ما فرأها على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ قال الحطاب وهو منهمك في عمله: ألا ترى أنني مشغول في عملي؟!
من يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة! إن شحذ الفأس سيساعده على قطع الشجرة بسرعة وسيساعده أيضاً على بذل مجهود أقل في قطع الشجرة وكذلك سيتيح له الانتقال لشجرة أخرى، وكذلك تنظيم الوقت، يساعدك على إتمام أعملك بشكل أسرع وبمجهود أقل وسيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك لأنك مشغول بعملك.
وهذه معادلة بسيطة، إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها، ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما وكذلك الوقت، علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم.
لا أحتاج تنظيم الوقت لكل شيء، فقط المشاريع الكبيرة تحتاج للتنظيم!
في إحصائيات كثيرة نجد أن أمور صغيرة تهدر الساعات سنوية، فلو قلنا مثلاً أنك تقضي 10 دقائق في طريقك من البيت وإلى العمل وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنك تقضي 20 دقيقة يومياً تتنقل بين البيت ومقر العمل، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً
100 دقيقة أسبوعياً × 53 أسبوعاً = 5300 دقيقة = 88 ساعة تقريباً!!(1/2)
لو قمت باستغلال هذه العشر دقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدت من 88 ساعة تظن أنت أنها وقت ضائع أو مهدر، كيف تستغل هذه الدقائق العشر؟ بإمكانك الاستماع لأشرطة تعليمية، أو حتى تنظم وقتك ذهنياً حسب أولوياتك المخطط لها من قبل، أو تجعل هذا الوقت مورداً للأفكار الإبداعية المتجددة، وهذا الوقت شخصياً أستغله لاقتناص مشاهدات لأقوم فيما بعد بتدوينها في مقالات.
أود أن أنظم وقتي لكن الآخرين لا يسمحون لي بذلك!
من السهل إلقاء اللائمة على الآخرين أو على الظروف، لكنك المسؤول الوحيد عن وقتك، أنت الذي تسمح للآخرين بأن يجعلوك أداة لإنهاء أعمالهم، أعتذر للآخرين بلباقة وحزم، وابدأ في تنظيم وقتك حسب أولوياتك وستجد النتيجة الباهرة. وإن لم تخطط لنفسك وترسم الأهداف لنفسك وتنظم وقتك فسيفعل الآخرون لك هذا من أجل إنهاء أعمالهم بك!! أي تصبح أداة بأيديهم.
ألن أفقد بتنظبمب للوقت تلقائيتي والعفوية وأصبح كالآلة؟
لا أبداً، المسألة لا ينظر لها هكذا، تنظيم الوقت لا يعني أن تصبح آلة تنفذ الأعمال المخطط لها فقط، إن تنظيم الوقت يجب أن يكون مرناً حتى لا تبح كالآلة، فنحن مهما حاولنا أن نتوقع كيفية تنظيم أوقاتنا فستأتينا أمور وأشياء لم نكن نتوقعها، هنا علينا أن نفكر في الأمر، هل الذي خططت له أهم أم هذا الأمر الذي طرء مؤخراً؟ تختلف الإجابة على هذا السؤال باختلاف أهمية ما خططت له، لذلك التلقائية تعزز أكثر وتصبح عقلانية أكثر وقد كانت قبل التنظيم تلقائية فوضوية.
أليست كتباة الأهداف والتخطيط مضيعة للوقت؟
افرض أنك ذاهب لرحلة ما تستغرق أياماً، ماذا ستفعل؟ الشيء الطبيعي أن تخطط لرحلتك وتجهز أدواتك وملابسك وربما بعض الكتب وأدوات الترفيه قبل موعد الرحلة بوقت كافي، والحياة رحلة لكنها رحلة طويلة تحتاج منا إلى تخطيط وإعداد مستمرين لمواجهة العقبات وتحقيق الإنجازات.(1/3)
ولتعلم أن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك ما بين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ، فما رأيك؟ تصور أنك تخطط كل يوم لمدة ساعة والتوفير المحصل من هذه الساعة يساوي ساعتين، أي أنك تحل على 730 ساعة تستطيع استغلالها في أمور أخرى كالترفيه أو الاهتمام بالعائلة أو التطوير الذاتي.
سأفقد أوقات الراحة والترفيه إذا نظمت وقتي!
هذه فكرة خطأ عن تنظيم الوقت وللأسف يؤمن الكثيرون بهذه الفكرة، إن تنظيم الوقت عادة شخصية ترتبط بالشخص نفسه، فهو الذي يحدد أوقات الجد وأوقات الترفيه والراحة، والتنظيم يهدف فقط إلى تحقيق أفضل إنجازات وتخفيض الضغوط عن كاهل الشخص وكذلك إتاحة وقت له كي يطور نفسه ويتعلم ويمارس هواياته، تنظيم الوقت لا يعني الجدية التامة هو فقط يعني التنظيم في كل شيء حتى الترفيه يصبح منظماً وموجهاً أيظاً.
فمثلاً، تود قضاء وقت مع العائلة في رحلة، حدد لها موعداً وقم بالإعداد المسبق لهذه الرحلة وكيف أعمالك وارتباطاتك لكي لا تضيع عليك وقت الرحلة، وبذلك تربح عدة أمور، أولاً: رفهت عن نفسك، ثانياً: رفهت عن عائلتك، ثالثاً: يزداد الترابط بينك وبين عائلتك لأنك وضعت عائلتك ضمن دائرة الاهتمام وخططت لكي تقوم بأنشطة فعلية لصالح عائلتك.
لا أستطيع الاستمرار في التنظيم لظروف تمر بي، فماذا أفعل؟
لا تقلق أبداً فهذا شيء طبيعي، المرأة الحامل مثلاُ أو التي أنجبت طفلاً، عليها أن تهتم بطفلها لمدة سنتين أو أكثر وعلى طوال اليوم، فكيف تنظم وقتها؟ عليها أن تنسى الدفاتر والجداول وتضع جدول وحيد فقط حتى تهتم بالطفل الصغير، تضع فيه مواعيد زيارة المستشفى مثلاً وكذلك تحدد لنفسها كتب تقرأها في وقت فراغها عن تربية الأطفال مثلاً، هذا مثال بسيط وقس عليه أمثلة أكبر.(1/4)
في الإجازات مثلاً، هل نحتاج لتنظيم الوقت أم لاستغلال الوقت؟ هناك فرق كبير طبعاً، أنا بحاجة لاستغلال وقت الفراغ في الإجازة لصالح تنمية مهاراتي ومعلوماتي أو حتى الترفيه عن نفسي، وبهذا قد لا أحتاج إلى الجدولة والتنظيم، لذلك لا تقلق إن مرت بك ظروف تجبرك على عدم التنظيم.
لا يوجد لدي حاسوب لتنظيم وقتي!
الحاسوب أداة مرنة وسهلة وممتازة لتنظيم الوقت، لكن ليس كل من لا يملك حاسوباً لا يستطيع تنظيم وقته، هذا ليس بعذر أبداً، كل ما تحتاجه مفكرة وقلم وجدول، وهناك دفاتر خاصة لتنظيم الوقت وسعرها رخيص نسبياً وهي أدوات ممتازة لتنظيم الوقت.
لا أحتاج لكتابة أهدافي أو التخطيط على الورق، فأنا أعرف ماذا علي أن أعمل.
لا توجد ذاكرة كاملة أبداً وبهذه القناعة ستنسى بكل تأكيد بعض التفاصيل الضرورية والأعمال المهمة والمواعيد كذلك، عليك أن تدون أفكارك وأهدافك وتنظم وقتك على الورق أو على حاسوب المهم أن تكتب، وبهذا ستكسب عدة أمور، أولاً: لن يكون هناك عذر اسمه نسيت! لا مجال للنسيان إذا كان كل شيء مدون إلا إذا نسيت المفكرة نفسها أو الحاسوب!! ثانياً: ستسهل على نفسك أداء المهمات وبتركيز أكبر لأن عقلك ترك جميع ما عليه أن يتذكره في ورقة أو في الحاسوب والآن هو على استعداد لأني يركز على أداء مهمة واحدة وبكل فعالية.
حياتي سلسلة من الأزمات المتتالية، كيف أنظم وقتي؟!
تنظيم الوقت يساعدك على التخفيف من هذه الأزمات وفوق ذلك يساعدك على الاستعداد لها وتوقعها فتخف بذلك الأزمات وتنحصر في زاوية ضيقة، نحن لا نقول بأن تنظيم الوقت سينهي جميع الأزمات، بل سيساعد على تقليصها بشكل كبير.
هل يساعدني الحاسوب على تنظيم وقتي؟
طبعاً، والحاسوب أداة مرنة لتنظيم الوقت كل ما عليك هو اختيار برنامج مناسب لاحتياجاتك واستخدامه بشكل دائم.
هل هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس في تنظيم الوقت؟(1/5)
لا ليس هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس، إن كل فرد من البشر له خصائصه وظروفه الخاصة لذلك وجب عليه أن يكون مسؤولاً عن نفسه ويقوم بتنظيم وقته حسب حاجته هو.
ما هي خطوات تنظيم الوقت؟
مجموعة خطوات سهلة ويسيرة شرحنها في دورة سابقة، ارجع لتلك الدورة وستجد ما يسرك
http://www.alnoor-world.com/learn/general/timeorg.htm
ما هي أدوات تنظيم الوقت؟
الأدوات كثيرة، تستطيع مثلاً أن تصمم أداتك بنفسك، كتخطيط جدولك الخاص على الحاسوب، أو يمكنك شراء مفكرة صغيرة، أو دفتر مواعيد، أو منظم شخصي متكامل يحوي على شهور السنة وقائمة للأعمال وقائمة أخرى للهواتف وغيرها من الأمور الضرورية، أو يمكنك استخدام حاسوبك لهذا الشيء، او مفكرة إلكترونية، المهم أن تكون أداة مرنة وتصلح لاحتياجاتك.
مواقع توفر سلع وخدمات تخص موضوع الدورة:
UAEmall - مفكرات إلكترونية
http://www.uaemall.com/
http://www.amazon.com/
http://www.palm.com/(1/6)
أزيلوا العوائق وحققوا النجاح
اضع بين يدي القراء الكرام هذه النصائح لتجنب الفشل، والتي أسال الله العلي القدير ان يكتب لها القبول والتوفيق.
تجنب ارادة الفشل
المشكلة الاولى لدى الفاشلين لا تتمثل في انهم لا يريدون لانفسهم النجاح، وانما تتمثل في انهم لا يريدون لها الفشل.
ارادة النجاح وإرداة الفشل: نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فإما ان تريد النجاح والا فانت تريد الفشل.
لابد من ازالة العوائق قبل اقامة الدار، ولابد من ابعاد روح الفشل قبل تحقيق النجاح.
اما يريد ا لله تعالى لك النجاح فلماذا انت تريد لنفسك الفشل؟
خطوات لمواجهة المشاكل
الباب المغلق له اكثر من مفتاح.
افضل وسيلة الدفاع امام المشكلة هو الهجوم عليها.
ما خلق الباري (عزوجل) مشكلة الا واحاطها بعشرات من الطرق لحلها.
حل المشكلة مثل المسائل الرياضية يعلمك كيفية التغلب على المصاعب.
ابتعد عن الزاوية الحادة
التوتر يمنع العقل من التفكير السليم.
لابد من ان تأخذ قراراتك بهدوء وتنفذها بحماس.
سر طول العمر. وسر النجاح: هدوء القلب.
كيف تتجنب الأخطاء؟
ليست المشكلة ان نرتكب نحن الخطأ بل المشكلة في ان يسيطر الخطأ علينا.
أفضل الف مرة ان تتجنب الخطأ من ان تتراجع عنه فيما بعد.
يحيط بالخطأ الواحد مجموعة اخطاء مثل خطأ تدبير الخطأ وخطأ الا نخداع به وخطا التستر عليه وخطا الا نجرار معه بالاضافة الى خطأ تكراره.
هناك دائما طريقتان لقهر الخطأ الاولى - ان نتجاوزها بعد ان نرتكبها وتلك هي طريقة عامة للناس الثانية- ان نتجنب الوقوع فيها منذ البداية وتلك هي طريقة الحكماء.
لا تخش الفشل
كما لانهار بلا ليل ولا ورد بلا شوك ولا ربيع بلا خريف كذلك لإنجاح بلا فشل.
احيانا الفشل هو الطريق الوحيد الى النجاح.
التخلص من عقدة الفشل هو اول خطوة نحو تحقيق النجاح.
افضل وسيلة بشرية لتعلم الاشياء هي وسيلة تجربة الخطأ والصواب.
تحمل الخسائر وأبدأ العمل من جديد(1/1)
لا تكن حزينا على ما ذهب منك، بل كن حزينا على ما لم يذهب بعد ولا تكن قلقا على فرصة ضيعتها كن قلقا على فرصة موجودة بين يديك.
ايها النصر، ما اعظمك بعد الهزيمة! وايها الربح، ما احلاك بعد الخسارة! وايها النجاح ما اروعك بعد الفشل!
تجربة الخسارة وتجاوزها من اروع التجارب البشرية.
الخسارة ليست طيبة المذاق ولكننا قادرون عبر تجاوزها ان نجعل مها ذكرى جميلة.
لتكن قراراتك حاسمة
الكون لا ينتظر احدا فاما ان تقرر لنفسك فيقف معك واما لا تتخذ قرارا فيتجاوزك كل ما في الحياة.
من صفات الناجحين الكبار انهم يتخذون قراراتهم بحزم وسرعة واذا كان عليهم ان يتراجعوا فعلوا ذلك ببطء شديد.
من لا يقرر لنفسه حسب مصالحهم.
القرار الحاسم حتى وان كان خاطئا افضل بكثير من اللاقرار الحاسم حتى وان كان صحيحا.
استمع الى كل النصائح واعمل بما ينفعك منها
ليس للنجاح وصفه واحدة بل له عشرات الوصفات ولعل بعضها يصلح لأناس ولا يصلح لآخرين، ولعل بعضها يكمل نواقص البعض فيحرزون النجاح بعد ذلك. المهم ان عليك ان تستمع الى كل الوصفات وتعمل بما ينفعك منها.
كم من نصائح صغيرة صنعت رجالا كبارا؟
قال احد العلماء: انا مدين في كل ما عندي. لنصيحة صغيرة اسداها الى عابر سبيل!
لو لم نكن قد قبلنا ارشادات آبائنا وأمهاتنا لكنا لانزال بحاجة الى من يعلمنا كيف نمشي، وكيف نلبس ملابسنا وكيف نغسل وجوهنا في الصباح وكيف نجلس على مائدة الطعام.(1/2)
إحساس النجاح
ياله من شعور عظيم .. و إحساس جميل .. ذلك الذي يتملك الإنسان حين
تتاح له الفرصة ليفجر طاقاته و يبرز مواهبه ، و يترجم أفكاره إلى أعمال
محسوسة و يحول أحلامه إلى واقع ملموس ، و يحقق إنجازات قد وضع فيها كل حبه و
إخلاصه فصارت من أعظم الإنجازات و حق له أن يفخر بها .. ، و يعتمد على نفسه
في كل ذلك بمساعدة من زملاءه و توجيهات ممن حوله ..
رائعُ هو الشعور بالاعتزاز لعمل قدمته .. و لذيذ هو طعم ثمار النجاح ..
النجاح .. هدف نبيل يسعى إليه الجميع .. لا يمكن تحقيقه إلا بالعزيمة
و الإصرار و المثابرة .. و لكي نصل إلى النجاح .. لا بد أن نرسم خارطة
للنجاح .. نعبر فيها الطريق بكل إرادة و قوة .. و في النهاية نصل إلى المراد
.. نهاية المطاف ..
خارطة النجاح بعيدة الآفاق .. واسعة المدارك .. مترامية الأطراف ..
تتخللها العقبات و لا تخلو من الأشواك .. و ليس أي شخص يتخطى صعوباتها .. ،
و هي كذلك مفروشة بالورود و الأزهار .. و ليس أي شخص يتمتع بعبق هذه
الأزهار ..
الكثيرون يحاولون الدخول إلى هذا العالم ، و البعض يخافون الفشل في هذا
العالم .. ، و آخرون تحدوا المستحيل و دخلوا بكل شجاعة و إقدام إلى هذا
العالم .. عالم النجاح ..
إنهم قد بدؤوا مشوار النجاح دخلوا إلى الخارطة .. يمشون بكل عزيمة و
إصرار .. يعملون بكل جد و ثبات و إخلاص .. واجهتهم بعض الصعوبات .. تسلل إلى
قلوبهم اليأس .. ثم استطاعوا بتفاؤلهم و إيمانهم بالحياة أن يطردوه و
يتابعوا المسير .. وصلوا إلى منتصف المسافة .. اعترضتهم أشباح الشر والهزيمة ..
حاولت الشياطين إغرائهم بكل وسيلة .. إنهم يحلمون بالمجد
و الثروة و الشهرة .. وهناك طريقان للوصول إليها .. طريق الصلاح و هو
الأفضل و الأضمن و لكنه طويل و شاق ، و طريق آخر .. طريق الشر و الكذب و
الخيانة و الخداع ، و النفاق و استغلال أصحاب القلوب الطيبة من الناس ، وهو(1/1)
سيءُ و عواقبه وخيمة و لكنه الأسرع .. ( الكلام سهل و لكن .. ) ، البعض
تباطؤا و هم لا يريدون متابعة المشوار ، و لكنهم يحلمون ، و لكي يحققوا
الأحلام لا بد أن يتابعوا المشوار ، ولكنهم لا يودون الانتظار ، يريدون تحقيقها
بسرعة حتى لو كانت طريقهم خاطئة
و عواقبها وخيمة .. فاستسلموا لأشباح الشر و مشوا في طريقها فحققوا
الأحلام .. و صلوا إلى الشهرة و حصلوا على المال .. و لكنهم لن يحصلوا أبداً
على السعادة و الراحة و حب الناس في الدنيا .. و لا الخاتمة الطيبة .. حتى
الدعاء الصالح الذي قد ينجيهم من عذاب ربهم قد انقلب ضدهم .. إنهم في عذاب
مستمر و ظلام دامس إلى أن يهدي الله قلوبهم إلى الخير و الصلاح .. و مؤكد
سيتبدد كل ما حققوه من أحلام مهما طالت الأيام ..
و الآخرون قاتلوا أشباح الشر بكل شجاعة و إقدام .. و أبعدوا الشياطين عن
نفوسهم بالإيمان و الهدى و القرآن .. إنهم أناس يعلمون جيداً أن النجاح هو
الأخلاق ، لا يرضون أبداً بالنجاح عن طريق الكذب و الخداع و يعتبرون أنه
ليس بنجاح لأن أصحابه لم يبذلوا أي جهد طيب في الوصول إليه ..
تابعوا المسير .. تخطوا المزيد من الصعاب .. واجهتهم أشباح الشر مرة أخرى
قاتلوها و جاهدوا شهوات أنفسهم .. فتخطوا بذلك أصعب الصعاب .. كانت
الشياطين تحاول إغرائهم طوال الطريق بكل وسيلة و تحاول الدخول إلى قلوبهم عن
طريق أي سبيل .. لكن قلوبهم كانت قويةً و عامرةً بالإيمان والحب و الإخلاص
فلم تستطع الدخول إليها .. و بعد كل ذلك .. أصبحت طريقهم مفروشةً بالورود و
الأزهار .. و بعد سنوات و سنوات من المسير و الكفاح المستمر .. و بعد أن و
صلوا إلى أهدافهم
و حققوا كل أحلامهم و أمانيهم .. وصلوا إلى نهاية المطاف و مسك الختام ..
النجاح الكبير ..
هؤلاء أناس أفاضل .. أحلامهم كثيرة و طموحاتهم كبيرة .. أخلاقهم
عالية و آفاقهم بعيدة .. مداركهم واسعة .. يؤمنون بالمباديء السامية و(1/2)
يطبقونها في كل شؤون حياتهم .. عنوانهم هو الإخلاص و مفتاحهم الصبر .. وشعارهم
: (لا يأس مع الحياة
و لا حياة مع اليأس ) ..
لنلقي نظرة على حياة أحد هؤلاء الناجحين .. حياة كريمة سعيدة هانئة
.. ينتشر فيها عبق زكي طيب الرائحة ..و يملؤها الحب و الصفاء .. أسرة طيبة
.. أبناؤها ناجحون و سعيدون في حياتهم ، و سمعة حسنة و حب من الناس ..
مشهور و محبوب
و له ثروة لا بأس بها يستطيع أن يعيش منعماً بها و أسرته طوال عمره بإذن
الله .. و خاتمة طيبة بإذن الله فيديه لم تقرب الحرام .. لقد حقق أحلامه
ووصل إلى طموحانه و لكنه لن يهدأ ، فمن اعتاد على النجاح ، لا يستطيع أن
يعيش بدونه ، و من تذوق ثمار النجاح لن ينسى طعمها أبداً ، و سيشتاق لها
دائماً ، لذلك سيواصل وضع الأهداف و تحقيقها ، حتى يصل إلى ذلك الأفق البعيد
.. الذي يحلم كل الشجعان الطموحين بالوصول إليه ..
و لكل من يود النجاح تقول الأمثال : (( النجاح يجر النجاح )) ..
فتعرف إذن على حياة الناجحين يتسنى لك الطريق للوصول إلى النجاح .. و حولنا
في هذه الحياة هناك الكثير و الكثير من الناجحين .. منهم الذين جاهدوا و
قاتلوا من أجل دينهم و إعلاء كلمة الحق .. فصاروا من الشهداء الأبرار
الفاضلين أمثال سيف الله خالد بن الوليد .. الذي كان يسبقه سيفه و ظله فتتقهقر
صفوف الأعداء قبل أن يقابلها ، و لم يبق في جسده مكان إلا و أصيب فيه
بطعنة أو ضربة بسيف ، و صلاح الدين الأيوبي ناصر القدس و بطل حطين .. و صقر
قريش عبد الرحمن الداخل ، و أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، و لنا في
أسيادنا أنبيائنا قدوة حسنة عليهم سلام الله و صلواته ..
و هناك الناجحون الذين وهبوا حياتهم للعلم و كرسوها و ضحوا بها لأجل خدمة
البشرية فعملوا بكل جهد و طموح لينقذوا الناس من الآفات و يسهلوا عليهم
الحياة .. أمثال باستور و ابن سينا ، و ابن حيان ، و الخوارزمي ، و العالم(1/3)
المصري (( أحمد زويل )) الحاصل على جائزة نوبل للعام المنصرم .. و جراهام
بل مخترع الهاتف ،و أديسون الذي اكتشف الكهرباء ، و إبراهام لنكون محرر
العبيد .. و هناك الناجحون ممن تخصصوا في مجال واحد و برعوا فيه .. مثل
بيتهوفن و موزارت و باخ في الموسيقى .. و بيكاسو الذي صنع بفرشاته أروع اللوحات
، و ديفنشي الذي لم تقتصر أعماله على الفن فقط بل تحولت إلى الكيمياء
و الهندسة و علوم الشؤون الحربية ..
و هناك الناجحون من الأدباء و على رأسهم أمير الشعراء أحمد شوقي ، و شاعر
النيل و شكسبير ، تشارلي تشابلن و فيكتور هوجو .
و لا ننسى أبداً أن هناك من النساء من كان لهن أثر كبير في حياتنا و حياة
من سبقونا .. لا ننسى أبداً شجاعة أسماء بنت أبي بكر و الخنساء و شجرة
الدر .. و هيلين كيلر التي قهرت إعاقتها و نجحت في حياتها .. و ماري كوري
مكتشفة اليورانيوم .. و ماريا مونستري مكتشفة الكنز .. درست الهندسة و كانت
أول فتاة تقتحم هذا العالم في تلك الأيام ، ثم تحولت إلى الجوليجيا و منه
إلى الطب .. و ساعدت الأطفال المتخلفين عقلياً على تنمية مواهبهم و قدراتهم
الإبداعية و الانسجام مع الناس من حولهم و بذلك اكتشفت الكنز و الطاقات و
القدرات المدفونة في قلوب هذه الفئة من الأطفال .. و هؤلاء جميعاً هم من
يجب أن نتخذهم قدوتنا
بعد كل ذلك نستطيع أن ندرك أن الطريق إلى النجاح لا يتم إلا
بالإرادة القوية و العزيمة و الإصرار و المثابرة و العمل الجاد و الأهم من ذلك
كله أن يتحلى الانسان بالأخلاق الفاضلة و أن يسير على المباديء السامية ..
و يحترم الانسانية .. مستعداً للتضحية ، طموحاً واسع المدارك و الآفاق ،
متمسكاً بالأمل و الصبر و لا يسأم الكفاح ..
و كلما تسلل اليأس إلى نفسك ، و لاح أمامك شبح الفشل .. تذكر دائماً ذلك
الأفق البعيد الذي تحلم دائماً بالوصول إليه .. تذكره وضعه أمام عينيك ،(1/4)
واجعله سلاحك في الطريق للوصول إلى النجاح .. وليكن شعارك إلى الأبد ..
(( نحو الأفق .. حتى النهاية ..)) .........(1/5)
إدارة الذات
وسيلتك لإدارة يومك، وقيادة حياتك نحو النجاح
المراجع:
· ... فن إدارة الوقت، يوجين جريسمان
· ... النجاح رحلة، جيفري ماير
إعداد: عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ
أنوه إلى أن مادة هذا الملف تم تجميعها وترتيبها من المراجع المكتوبة أعلاه، واجتهدت أن أختصر بقدر الإمكان في هذه المادة وكتابة الخلاصة المفيدة، حتى نعطي للقارئ فكرة مبدئية عن ماهية إدارة الذات وماذا نعني بإدارة الذات، وكيف يدير المرء ذاته، بحيث يؤدي ما عليه من واجبات، ويقوم بالأعمال التي يحب أن يؤديها ويوجد توازن في حياته بين نفسه وعائلته وعلاقاته والرغبة في الإنجاز.
ماذا نعني بإدارة الذات؟
هي الطرق والوسائل التي تعين المرء على الاستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته ما بين الواجبات والرغبات والاهداف.
والاستفادة من الوقت هي التي تحدد الفارق ما بين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة، إذ أن السمة المشتركة بين كل الناجحين هو قدرتهم على موازنة ما بين الأهداف التي يرغبون في تحقيقها والواجبات اللازمة عليهم تجاه عدة علاقات، وهذه الموازنة تأتي من خلال إدارتهم لذواتهم، وهذه الإدارة للذات تحتاج قبل كل شيء إلى أهداف ورسالة تسير على هداها، إذ لا حاجة إلى تنظيم الوقت او إدارة الذات بدون أهداف يضعها المرء لحياته، لأن حياته ستسير في كل الاتجاهات مما يجعل من حياة الإنسان حياة مشتتة لا تحقق شيء وإن حققت شيء فسيكون ذلك الإنجاز ضعيفاً وذلك نتيجة عدم التركيز على أهداف معينة.(1/1)
إذاً المطلوب منك قبل أن تبدأ في تنفيذ هذا الملف، أن تضع أهدافاً لحياتك، ما الذي تريد تحقيقه في هذه الحياة؟ ما الذي تريد إنجازه لتبقى كعلامات بارزة لحياتك بعد أن ترحل عن هذه الحياة؟ ما هو التخصص الذي ستتخصص فيه؟ لا يعقل في هذا الزمان تشتت ذهنك في اكثر من اتجاه، لذلك عليك ان تفكر في هذه الأسئلة، وتوجد الإجابات لها، وتقوم بالتخطيط لحياتك وبعدها تأتي مسئلة تنظيم الوقت.
أمور تساعدك على تنظيم وقتك
هذه النقاط التي ستذكر أدناه، هي أمور أو أفعال، تساعدك على تنظيم وقتك، فحاول أن تطبقها قبل شروعك في تنظيم وقتك.
· ... وجود خطة، فعندما تخطط لحياتك مسبقاً، وتضع لها الأهداف الواضحة يصبح تنظيم الوقت سهلاً وميسراً، والعكس صحيح، إذا لم تخطط لحياتك فتصبح مهمتك في تنظيم الوقت صعبة.
· ... لا بد من تدوين أفكارك، وخططك وأهدافك على الورق، وغير ذلك يعتبر مجرد أفكار عابرة ستنساها بسرعة، إلا إذا كنت صاحب ذاكرة خارقة، وذلك سيساعدك على إدخال تعديلات وإضافات وحذف بعض الأمور من خطتك.
· ... بعد الانتهاء من الخطة توقع أنك ستحتاج إلى إدخال تعديلات كثيرة عليها، لا تقلق ولا ترمي بالخطة فذلك شيء طبيعي.
· ... الفشل أو الإخفاق شيء طبيعي في حياتنا، لا تيأس، وكما قيل: أتعلم من أخطائي أكثر مما أتعلم من نجاحي.
· ... يجب أن تعود نفسك على المقارنة بين الأولويات، لأن الفرص والواجبات قد تأتيك في نفس الوقت، فأيهما ستختار؟ باختصار اختر ما تراه مفيد لك في مستقبلك وفي نفس الوقت غير مضر لغيرك.
· ... اقرأ خطتك وأهدافك في كل فرصة من يومك.
· ... استعن بالتقنيات الحديثة لاغتنام الفرص وتحقيق النجاح، وكذلك لتنظيم وقتك، كالإنترنت والحاسوب وغيره.
· ... تنظيمك لمكتبك، غرفتك، سيارتك، وكل ما يتعلق بك سيساعدك أكثر على عدم إضاعة الوقت، ويظهرك بمظهر جميل، فاحرص على تنظيم كل شيء من حولك.
· ... الخطط والجداول ليست هي التي تجعلنا منظمين أو ناجحين، فكن مرناً أثناء تنفيذ الخطط.(1/2)
· ... ركز، ولا تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه، وهذه النصيحة أن طبقت ستجد الكثير من الوقت لعمل الأمور الأخرى الأكثر أهمية وإلحاحاً.
· ... اعلم أن النجاح ليس بمقدار الأعمال التي تنجزها، بل هو بمدى تأثير هذه الأعمال بشكل إيجابي على المحيطين بك.
معوقات تنظيم الوقت.
المعوقات لتنظيم الوقت كثيرة، فلذلك عليك تنجنبها ما استطعت ومن أهم هذه المعوقات ما يلي:
· ... عدم وجود أهداف أو خطط.
· ... التكاسل والتأجيل، وهذا أشد معوقات تنظيم الوقت، فتجنبه.
· ... النسيان، وهذا يحدث لأن الشخص لا يدون ما يريد إنجازه، فيضيع بذلك الكثير من الواجبات.
· ... مقاطعات الآخرين، وأشغالهم، والتي قد لا تكون مهمة أو ملحة، اعتذر منهم بكل لاباقة، لذى عليك أن تتعلم قول لا لبعض الامور.
· ... عدم إكمال الأعمال، أو عدم الاستمرار في التنظيم نتيجة الكسل أو التفكير السلبي تجاه التنظيم.
· ... سوء الفهم للغير مما قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتك.
خطوات تنظيم الوقت.
هذه الخطوات بإمكانك أن تغيرها أو لا تطبقها بتاتاً، لأن لكل شخص طريقته الفذة في تنظيم الوقت المهم أن يتبع الأسس العامة لتنظيم الوقت. لكن تبقى هذه الخطوات هي الصورة العامة لأي طريقة لتنظيم الوقت.
· ... فكر في أهدافك، وانظر في رسالتك في هذه الحياة.
· ... أنظر إلى أدوارك في هذه الحياة، فأنت قد تكون أب أو أم، وقد تكون أخ، وقد تكون ابن، وقد تكون موظف أو عامل او مدير، فكل دور بحاجة إلى مجموعة من الأعمال تجاهه، فالأسرة بحاجة إلى رعاية وبحاجة إلى أن تجلس معهم جلسات عائلية، وإذا كنت مديراً لمؤسسة، فالمؤسسة بحاجة إلى تقدم وتخطيط واتخاذ قرارات وعمل منتج منك.
· ... حدد أهدافاً لكل دور، وليس من الملزم أن تضع لكل دور هدفاً معيناً، فبعض الأدوار قد لا تمارسها لمدة، كدور المدير إذا كنت في إجازة.(1/3)
· ... نظم، وهنا التنظيم هو أن تضع جدولاً أسبوعياً وتضع الأهداف الضرورية أولاً فيه، كأهداف تطوير النفس من خلال دورات أو القراءة، أو أهداف عائلية، كالخروج في رحلة أو الجلوس في جلسة عائلية للنقاش والتحدث، أو أهداف العمل كاعمل خطط للتسويق مثلاً، أو أهدافاً لعلاقاتك مع الأصدقاء.
· ... نفذ، وهنا حاول أن تلتزم بما وضعت من أهداف في أسبوعك، وكن مرناً أثناء التنفيذ، فقد تجد فرص لم تخطر ببالك أثناء التخطيط، فاستغلها ولا تخشى من أن جدولك لم ينفذ بشكل كامل.
· ... في نهاية الأسبوع قيم نفسك، وانظر إلى جوانب التقصير فتداركها.
ملاحظة: التنظيم الأسبوعي أفضل من اليومي لأنه يتيح لك مواجهة الطوارئ والتعامل معها بدون أن تفقد الوقت لتنفيذ أهدافك وأعمالك.
كيف تستغل وقتك بفعالية؟
هنا ستجد الكثير من الملاحظات لزيادة فاعليتك في استغلال وقتك، فحاول تنفيذها:
حاول أن تستمتع بكل عمل تقوم به.
تفائل وكن إيجابياً.
لا تضيع وقتك ندماً على فشلك.
حاول إيجاد طرق جديدة لتوفير وقتك كل يوم.
أنظر لعاداتك القديمة وتخلى عن ما هو مضيع لوقتك.
ضع مفكرة صغيرة وقلما في جيبك دائماً لتدون الأفكار والملاحظات.
خطط ليومك من الليلة التي تسبقه أو من الصباح الباكر، وضع الأولويات حسب أهميتها وأبدأ بالأهم.
ركز على عملك وانتهي منه ولا تشتت ذهنك في أكثر من عمل.
توقف عن أي نشاط غير منتج.
أنصت جيداً لكل نقاش حتى تفهم ما يقال، ولا يحدث سوء تفاهم يؤدي إلى التهام وقتك.
رتب نفسك وكل شيء من حولك سواء الغرفة أو المنزل، أو السيارة أو مكتبك.
قلل من مقاطعات الآخرين لك عند أدائك لعملك.
أسأل نفسك دائماً ما الذي أستطيع فعله لاستغلال وقتي الآن.
أحمل معك كتيبات صغيرة في سيارتك أو عندما تخرج لمكان ما، وعند اوقات الانتظار يمكنك قراءة كتابك، مثل أوقات أنتظار مواعيد المستشفيات، أو الأنتهاء من معاملات.
أتصل لتتأكد من أي موعد قبل حلول وقت الموعد بوقت كافي.(1/4)
تعامل مع الورق بحزم، فلا تجعله يتكدس في مكتبك أو منزلك، تخلص من كل ورقة قد لا تحتاج لها خلال أسبوع أو احفظها في مكان واضح ومنظم.
أقرأ أهدافك وخططك في كل فرصة يومياً.
لا تقلق إن لم تستطع تنفيذ خططك بشكل كامل.
لا تجعل من الجداول قيد يقيدك، بل اجعلها في خدمتك.
في بعض الأوقات عليك أن تتخلى عن التنظيم قليلاً لتأخذ قسطاً من الراحة، وهذا الشيء يفضل في الرحلات والإجازات.
ركز على الأفعال ذات المردود العالي مستقبلاً، مثل:
أنت! ... العائلة ... العمل ...
· ... قراءة الكتب والمجلات المفيدة. الاستماع للأشرطة المفيدة. الجلوس مع النفس ومراجعة ما فعلته خلال يومك. ممارسة الرياضة المعتدلة للحفاظ على صحتك. أخذ قسط من الراحة، من خلال الإجازات أو فترة بسيطة خلال يومك.الجلوس مع العائلة في جلسات عائلية. الذهاب لرحلة ومن خلالها تستطيع توزيع المسؤوليات على أفراد الأسرة فيتعلموا المسؤولية وتزيد أواصر العلاقة بينكم.التخطيط للمستقبل دائماً. التخلص من كل عمل غير مفيد. محاولة استشراف الفرص واستغلالها بفعالية. التحاور مع الموظفين الزملاء والمسؤولين والعملاء أو المراجعين لزيادة كفائة المؤسسة. ...
وما ورد أعلاه ليس إلا أمثلة بسيطة، وعليك ان تبدع وتبتكر أكثر.(1/5)
إذا كان عليك أن تنطلق فانطلق من هنا
"إن في النفس لدررا لو إستطاع الإنسان أن يكتشفها ويصقلها لتغيرت حياته نحو الأفضل الشيء الكثير".
(وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
الحالم
___________________________________________
اكتشاف الذات
عندما أكتشف ذاتي ما الذي سيستجد؟؟
سؤال يطرحه بعض الناس وهم يتناسون أنهم يحملون في داخلهم كينونة إنسانية هي من التعقيد الشيء الكبير ...
هذا العلم نبغ به الغرب لإحساسه –حسبما أعتقد- بفراغ نشأ داخليا في ذات كل إنسان هناك، قد يكون جزءا من الحل الذي ينشدونه ولكنه يبقى جزءا، فما بالنا نحن المسلمين المالكين لجوانب النشاط الروحي بين جوانبنا لا نعبأ بالواقعية التي تفوق الغرب بها علينا ... ... .
المشكلة تكمن –والله أعلم- في أننا في جوانب تربيتنا نركز على بناء الإنسان المسلم المدعم بالنظريات ولانبني في معظم الأحيان ذلك الإنسان المسلم الواقعي الذي يستمد من تلك النظريات التي يحملها واقعا مناسبا له يملك أبجديات التعامل معه وإنما نترك له التشتت هنا وهناك بين صراعات يمر بها كإنسان يعيش على ظهر هذه المعمورة وبين إنسان هو بكل فخر صاحب رسالة.
من خلال احتكاكي بكثير من الشباب-وهم عماد الأمم- وجدتهم أبعد ما يكونون عن معرفة أنفسهم فكيف بهم يدخلون بحر تغيير الأنفس والآفاق؟؟ ...
مرحلة اكتشاف الذات هي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرض ... هذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطرب ... لحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس:
من أنا ؟؟
ماذا أفعل في هذه الدنيا؟؟
ماذا أعرف عن نفسي؟؟
لماذا خلقت؟؟
كيف أريد أسلوب حياتي أهو بعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير –الذي يتفاوت من شخص لآخر- يحمل لنا العديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف في نفوسنا!!(1/1)
إنسان في وسط هذا العالم الصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة-وإن كان الإنسان في معظم الحالات هو المسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه- ، كان يحمل بين جوانبه خلفيات(نظرية) بسيطة عن دينه وعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه!!
وجد نفسه يضطرب بإضطراب هذا العالم ، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله لتفتت شخصيته ، ووجد نفسه يجاري هذا العالم في عبثه.. في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعد عن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته ...
وتوقف وتوقف و طالت وقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو(؟) وأدرك ما دوره وأدرك الكثير –وليس كل شيء لأنه لاوجود للكمال هنا-عن نفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لاتولد القيام به كما في حالة الإدراك والاستيعاب ... ما الذي حصل هنا؟؟
ما حصل هو معرفة الأنا وفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة ...
مصطلحات ضخمة أليس كذلك؟؟
ولكنها بسيطة إذا أردنا سبر أغوارها ...
هي قصة شاب أعرفه حق المعرفة، ولكنه تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي مع الآخر ... ... دعونا ندخل في صميم هذا الشاب ... ...
ولكي نعطي للموضوع بعدا آخر سنترك الشاب يروي لنا رحلة اكتشاف ذاته بنفسه!!
دخلت الجامعة ووجدت نفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتي ... الخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حولي والمجتمع الذي حولي يفرض نفسه علي ... لن أقول بأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينها ... جهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه كان دائما يؤثر سلبا على نفسيتي ... ضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمة ما ... ثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل انهيار عصبي ... كنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكن كان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته على الموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي ... ..(1/2)
في ذاك الوقت كان يتردد على مسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الاستسلام فقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني!!!
وقفت مدهوشا لهذه الكلمة التي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة ، اكتشف ذاتي؟؟ ما هذا المصطلح؟؟
بعدها بأيام عزمت على البدء، كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الردات سلبية في اتجاهها ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة، وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزان لوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط. هذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناء قراءتي لكتاب في تربية الطفل.كان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة على فلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة في أقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف. من هذه الفلسفة تعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أًصبح خلقا لأن الخلق هو عادة الفعل ...
كذلك كانت هناك العقد المتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى على القارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان ولذلك كان النسيان والتفكير لأننا نعيش هذه اللحظة وليس الماضي، فالماضي لا يجب أن يكون له ذلك التأثير السلبي على عقلية الفرد لأن الماضي وجد لكي يتخذ الإنسان منه العبر والمواعظ لا أن يؤثر في حياته فينحى بها منحى آخر ...(1/3)
هذه النقاط الثلاثة قادتني نحو التفكير الموضوعي وإدراك أساليبه وبالتالي الدخول إلى عالم النفس بكل صدق وواقعية ، أي أن المزيج الذي ظهر من تلك المكونات الثلاثة (طرد ردات الفعل، التوازن، محي العقد)أكسبني قدرة على التعامل بموضوعية مع نفسي. فصارت الحقيقة جلية أمام ناظري عندما أحكم على فعلي الذي قمت به ...
وهكذا مع قليل من الصداقة مع النفس وكثير من التقوى والصلة بالله والشفافية صرت أستطيع توجيه اللوم مباشرة إلى نفسي إن أخطأت دون التحرج من نفسي في ذلك وبالتالي توطدت العلاقة مع نفسي مما فتح الباب أمامي في الدخول إلى عالمها الرحب والبدء في اكتشافها ... ...
بداية حاولت التعرف على الأمور التي تجعلني متوترا ومكتئبا وكتبتها على الورقة، وبدأت بتفنيد كل منها على حدة ومع المصارحة والحوار الداخلي أمكنني القضاء على المحبطات لأنها من الأمور الصغيرة التي لا يجدر بنا الاهتمام بها لأنها صغائر، هذه النقطة بدأت ألمس تأثيرها على علاقاتي مع رفاقي ، فلم أعد أهتم بتلك القضايا الصغيرة التي تنشأ بين أصحاب الجيل الواحد(لنقل الأنداد) مما انعكس إيجابا على علاقاتي الاجتماعية ...
وهكذا سبرت أغوار نفسي وتعرفت عليها وتوطدت علاقتي مع ربي وفتحت لي آفاق أخرى في الاتصال مه بني البشر ... ... ... ... ... ... ...
هذه القصة أو السيرة الذاتية التي نقلها لنا صاحبها تبين لنا الكثير عن أهمية الاكتشاف الذاتي ...
فكما رأينا أدى الاكتشاف الذاتي إلى علاقة رائعة في شفافيتها مع رب العالمين ومع بني البشر ومع النفس نفسها في إصلاح أمورها ...
النقطة التي تلي الاكتشاف الذاتي هي مجال العلاقات الاجتماعية وعلاقة العبد مع ربه وعلاقة الإنسان بواقعه ومجتمعه:(1/4)
أولا: العلاقات الاجتماعية: كما قال صاحبنا فإن التخلص من العقد المتأصلة في نفوسنا سيفتح أمامنا المجالات المتنوعة لعلاقات أرحب مع الآخر ... فعندما مثلا تضع في ذهنك هذه المقولة(عند تعاملك مع الآخرين ، تعامل معهم منطلقا من لحظتك التي تعيشها الآن ! ولا تجلب الماضي البائس)، هذه المقولة لو طبقت من بعض بعض بني البشر لكان الحال مختلفا!!
وعندما نتعامل مع الآخرين بإطار أننا عندما نخدمهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لأن الأجر من عند الله فإن الفارق يظهر كالشمس في وسط النهار، ولكن! مع تطبيق التوازن نجد أننا عندما نتعامل بهذا التجريد سينشأ تعامل جاف في بعض جوانبه باعتبار أننا لا ننتظر الجزاء ، لذلك كان لزاما علينا أن نفهم الصورة التالية:
عندما نعطي شخصا ما عطاء ما -بغض النظر عن ماهية هذا العطاء- ونذر أنفسنا أصحابا للعطاء فإننا بعير قصد نطبق أقصى درجات الأنانية لماذا؟؟
لأنك عندما تعطي وتعطي ولاتترك الفرصة للآخر لكي يعطي فإنك تحرمه من العطاء هو الآخر، لأنك عندما تعطي فهذا يدل على وجود مقدار معين من المحبة عندك تجاه الذي تعطيه ... الآن انقل (الكاميرا) أو المنظور إلى الطرف الآخر وضع نفسك في مكانه، ستجد نفسك آخذا للعطاء ولكنك لا تستطيع أن تعبر للذي يعطيك ذلك الحب الذي يغلف علاقتك به؟؟
شلل نصفي أليس كذلك؟؟؟
تأخذ وتأخذ دون أن تستطيع التفكير ولو للحظة بالعطاء لكي تعبر لحبيبك عن حبك له، لجهل حبيبك بأبجديات العلاقة المشتركة بين الإنسان!!!
من هذا المثال الحي الذي يفسر الكثير من المشاكل التي تحدث في البيوت بين الزوجين ، تستطيع أن تقدر ما لنظرية التوازن من أثر ساحر، كيف؟؟(1/5)
تملي علينا نظرية التوازن في هذا الموقف أن نكون أصحاب عطاء وأيضا أصحاب أخذ وذلك لكي نترك الفرصة للإنسان الآخر لكي يعبر عن حبه الإنساني لنا وهي حاجة فطرية فينا نحن البشر لأننا بحاجة إلى التعبير عن حبنا للآخر وهذا الحب يتخذ أشكالا عديدة منها العطاء ... ... أكتفي بذكر المثالين السابقين لأنني أعتقد بأنهما وضحا الصورة جيدا ... ... ... ...
ثانيا: علاقة العبد مع الرحمن الرحيم، بسبب الاكتشاف الذاتي سوف تقوى علاقتك مع الله، كيف؟؟
عندما تطبق نظرية التوازن في سبر أغوار نفسك ستتعرف على الجوانب المادي في حياتك ونظيرتها الروحية ، وهنا سوف تبحث عن مدى الاتزان الحاصل في نفسك ، فلا يخفى عليك أخي القارئ كم سلبتنا روحانيتنا وشفافيتنا مع ربنا وأسرنا ومجتمعنا هذه المادية التي نعيشها، ولذلك كان التوازن لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويحفظ حالة من الاتزان، لذلك كان حريا بكل واحد منا أن يزود كينونته النفسية بجهاز إنذار يعلمه بأي خلل
في ذاك التوازن الذي نرتضيه لأنفسنا(وكذلك جعلناكم أمتا وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ... ... ...(1/6)
من ناحية أخرى، عندما أحقق الاكتشاف الذاتي سأصل إلى الأجزاء الناقصة في علاقتي مع ربي وأبدأ بعملية البناء لكي أنهض ببناء أقوي، بمعنى أنني مثلا قد أجد عندي نقصا في حفظ القرآن الكريم مما يعني بسبب معرفتي بنفسي وعلاقتي الصادقة معها سيكون لزام علي أن أحسن هذا الجانب، أيضا عندما أشعر بنقص في عدد مرات الاستغفار اليومية سيكون لزاما علي أن أزيدها لأنني أعلم الداء وبيدي أصبح الدواء ، وكذلك ينطبق الأمر على قيام الليل وقراءة القرآن ... .هذا من الناحية التعبدية ،، أما من ناحية أخرى،فإنك مثلا بعد أن اكتشفت نفسك وجدت أنك تميل يإتجاه العلم في المجال الهندسي مثلا، فلذلك سوف ينصب اهتمامك على الإبداع في هذا المجال لأنك صاحب رسالة وفي نيتك أنك تعبد رب الأرباب بسعيك إلى خدمة الإسلام في مجالك هذا ، وهكذا في العديد في الأمور الحياتية ... ... ... ...
ثالثا: ضغط الدم، الذبحة الصدرية، الإحتشاء القلبي ومن ثم الوفاة ... ...
نهاية مأساوية لإنسان القرن العشرين ... لماذا؟؟
من أجل نقاش حاد أو من أجل مأزق معين أو من أجل صراع في الشركة بين المدراء أو من أجل ... ... ... الخ.
هذه هي المأساة ، تخيل عدد العضلات التي تقوم أنت بإرهاقها عندما تنتابك نوبة توتر ، أحصها على أصابعك:
1.شد في عضلات الرقبة.
2.الصداع
3.ظهور العقد في الجبين
4.تصلب في عضلات الرقبة
5.شد في عضلات الفكين
6.انحناء الكتفين
7.شد في العضلات الخلفية
8.وجع معدي
9.بشكل تلقائي يتم جذب الساعدين إلى منطقة البطن مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس نتيجة الضغط على الحاجب الحاجز.
لهذه العضلات الحق في أن تشكيك لربها!!!
هذا بالطبع غير المشاكل الداخلية كالصداع وخفقان القلب السريع والإسهال وعسر الهضم والإمساك والأرق والتعب والتفشش بالأكل وضعف الذاكرة وجفاف الفم وعدم القدرة على التركيز والأيدي الباردة وغيرها الكثير ، يا لطيف!!!!
لماذا كل هذا ياعبدالله؟؟؟(1/7)
سيساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب ...
عندما تستوعب وتدرك بأنه يجب عليك أن تعيش في حدود يومك فقط! فهذا يعني عدم إشغال نفسك بأمور تريد أنت أن تستبق أحداثها، حاول إسعاد نفسك الآن لا تهتم بشأن البحث الذي سوف تلقيه غدا مثلا ، كل ما يجب عليك هو أن تخصص له وقتا معينا وكفى ...
لكن بتطبيق نظرية التوازن لا أقول بمنعك عن التفكير بالمستقبل لأنه من حقك التفكير بذلك المجهول ولكن لا تدع الأمر يتجاوز حده ووقته ... حاول أن تبتسم الآن..
مثال آخر: لديك ظروف عجيبة تمنعك عن التأقلم معها، تقف وتركض بعيدا أم تشعر نفسك بقوة التحدي وتتحدى الظروف ، وتصنع من الليمون شرابا حلوا(الغزالي)!!!
التخطيط وإدارة وقتك كل ذلك يساعدك على حياة صحية في هذا العالم المضطرب، قم بتحديد أولوياتك وأعطها سلما من الأفضلية ولا تنسى وجود الكثير من الأمور الغير مهمة، وضعها على الورقة فمع الورقة والقلم يحلو السمر ...
عندما تصيبك مشكلة ، لا تفكر في المشكلة فقط فكر في المقدمات التي تدركها عن المشكلة وعندما تحيط إحاطة جيدة بهذه المقدمات توكل على الله وابدأ في حل المشكلة انطلاقا من المقدمات التي تعرفها تمام المعرفة فأنت لها يا عنترة ...
عندئذ ستصل إلى النتيجة بعد توفيق الله لك ... ...
هذه بعض الأمور التي تفيد في حياتنا اليومية كبشر نعيش على ظهر هذه المعمورة ... ...
وأنا أرى أن تتكامل هذه العلوم الإدارية النفسية مع مناهج التربية التي يضعها الأخصائيون لكي تعطينا إنسانا صالحا ومصلحا قادرا على التعامل مع واقعه بكل ليونة وديناميكية من منطلق خلفية ثقافية إسلامية,,,,,,,,
إعداد الأخ حسام(1/8)
ابدأ وعينك على النهاية
من موقع إسلام أو لاين
أحمد محمد علي
خبير تنمية إدارية
المراجع:
العبادة في الإسلام – د/ يوسف القرضاوي
The 7 habits of highly effective people - Stephen R. Covey
الزمان: أي وقت.
المكان: مكانك الذي أنت فيه.
الحدث: تريد القيام برحلة إلى مكة المكرمة.
الموقف: معك بطاقة سفر وجواز سفر صالحان لكل زمان ومكان.
الأحداث:
· ... تقوم بترتيب الحقائب.
· ... السيارة توصلك للمطار.
· ... تركب الطائرة.
· ... يرحب بك طاقم الضيافة.
· ... يهفو قلبك إلى مكة المكرمة والمسجد الحرام.
· ... تعلوك ابتسامة ما أروعها من رحلة.
· ... يأتي صوت قائد الطائرة مرحبًا بك فتزداد ابتسامتك ثم تنقلب إلى ضحك هيستيري عندما تسمعه يقول: "قائد الطائرة يرحب بكم على رحلتنا المتجهة إلى جوهانسبرج!!!!"
مشكلة!! أليس كذلك؟!
· ... هل تتمنى أن يحدث لك مثل هذا الموقف؟
· ... وقبل أن تجيبني دعني أكمل أسئلتي!!
· ... لماذا نمشي في طريق في حياتنا ثم يصيبنا الفتور في منتصف الطريق؟
· ... ولماذا أحيانًا عندما نصل إلى المحطة التي قادتنا إليها الظروف نشعر أنها ليست المحطة التي كنا نتمناها؟
· ... لماذا لم نسأل أنفسنا من قبل ماذا نريد من عملنا؟ من زواجنا؟ من تفاعلنا مع الحياة؟
إن هذه الأسئلة سوف تعني بالنسبة لك ألا تبدأ أي مشروع أو عمل أو حتى اتخاذ قرار إلا وصورة المحصلة النهائية والنتيجة التي تتوقع أن تصل إليها هي المرجع والمعيار الذي يحكم كافة قراراتك وتصرفاتك؛ من الآن حتى نهاية المشروع أو حتى نهاية الحياة عندما تضع الجنة نُصب عينيك.
رسالتك كيف تضعها؟:
لعلك تتصور أنني سوف أقوم بوضع رسالتك في الحياة.. ولا تُصاب بالإحباط عندما أخبرك أنني لن أفعل ذلك؛ عذرًا فرسالتك هي شخصيتك، لا يعرفها إلا أنت، رسالتك هي التي تحمل قيمك ومبادئك وانطباعاتك.(1/1)
إن أفضل أسلوب لتبدأ صياغة رسالتك أن تركز على الآتي: ماذا تريد أن تكون؟ أي ذاتك. ماذا تريد أن تفعل؟ أي إسهاماتك وإنجازاتك. ما هي القاعدة التي تكوِّن ذاتك وتوجِّه أفعالك؟ أي القيم والمبادئ الأساسية التي تتبناها. ... ...
وعندما تهم بكتابة رسالتك ابدأ من مركز التأثير الذي يتحكم فيك.. ومركز التأثير لدينا هو مبادئنا وقيمنا التي نحملها والتي تؤثر على كل قراراتنا.
· ... وأخيرًا هناك في مركز التأثير سوف تستطيع أنت وحدك أن تصوغ رسالتك، والتي لا تستطيع أن تصوغها كواجب مدرسي تكتبها وأنت مجبر، ولكن سوف تصوغها على أنها الرسم الهندسي لحياتك.. والآن تَعالَ لتكتب رسالتك.
والآن ... وسع منظورك وتخيل وتصور ولا تتحرج مني وقم معي بهذه الخطوات:
· ... تخيل أنك تسير في جنازتك (لا تتشاءم أرجوك) فقط تخيل.. ثم قل لنفسك ماذا قدمت لهذا اليوم.. بأي عمل صالح تريد أن تقابل الله تعالى؟ ماذا قدمت لدينه ولإسعاد الآخرين؟.. كيف ستجيب على كل الأسئلة التي سوف تُسأل عنها: ربك ودينك ورسولك؟ وتذكر أنه:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها * * * إلا التي كان قبل الموت يبنيها
ثم ماذا تريد أن يقال عنك من جيرانك وأصدقائك وأحبابك وأنت تودع الحياة لا حول لك ولا قوة؟.. هل تخيلت إذن اكتب كل ما تخيلته عنك في ورقة.. اكتب على ظهر الورقة (نهاية الحياة).. ضعها جانبًا.
· ... تخيل أنك وزوجتك سوف تحتفلان غدًا بمرور 25 عامًا على زواجكما.. ترى ماذا تتمنى أن تكون العلاقة قد وصلت بينكما، أي نوع من الحب سوف يكون قد ربط بينكما.. أي نوع من البيوت سيكون بيتكما.. تخيل.. اكتب ما تخيلته على ورقة.. اكتب على ظهرها (زوج).. ثم ضعها جانبًا.
· ... تخيل وأنت تُزَوِّج أحد أبنائك وهو يسافر إلى خارج مدينتك، ما هي القيم والمبادئ التي تود أن تكون قد غرستها فيه؟ وهل تحب أن يكون امتداد لك أم لا؟ تخيل ثم اكتب كل ذلك في ورقة.. واكتب على ظهرها (والد) وضعها جانبًا.(1/2)
· ... تخيل وطنك بعد عشرين سنة من الآن، ما الذي تحب أن تراه عليه؟ ثم تخيل أنك تنال شهادة تقدير من بلدك.. ترى ماذا ستقدم لبلدك ومجتمعك.. تخيل.. ثم اكتب ما تخيلته على ورقة، اكتب على ظهرها (محب لوطنه).. ضعها جانبًا.
· ... تخيل حفل يقام يوم تقاعدك عن العمل.. ما الإنجاز الذي تحب أن تكون قد أنجزته في نهاية عملك الوظيفي.. تخيل.. ثم اكتب.. اكتب على ظهر الورقة (مهني).. ضعها جانبًا.
اجمع كل الورقات التي كتبتها وفكر فيها لماذا لا تقم الآن بترتيبها؟!.. وأسأل نفسك سؤالاً أخيرًا.. ما هي القيم والمبادئ التي ستوجهك في صياغة هذه الرسالة التي يجب أن تتميز بالتالي:
· ... أنها تجيب عن سبب الوجود في الحياة وماذا أعددنا عند العودة إلى الله؟
· ... أنها شخصية، تعبر عنك أنت وحدك.
· ... أنها إيجابية تساهم في صناعة الحياة.
· ... أنها مرئية يمكنك تصورها.
· ... أنها عاطفية (تستثير حماسك عندما تقرأها).
· ... أنها تجمع كل أدوار حياتك.
عندما تنتهي من رسالتك؛ اكتبها بخط جميل واجعل لها إطارًا أجمل وضعها نصب عينيك وارتبط بها.. ستكون هي البوصلة التي توجهك في الحياة.
وعندما تكتب رسالتك تكون قد حصلت على الميلاد الأول لحركة حياتك وهو تحديد الاتجاه بالبوصلة.. ويبقى الميلاد الثاني وهو كيف تحدد أهدافك وتقوم بتنفيذ رسالتك.
يقول أحدهم: "المطلوب إنجازه كثير جدًا.. وليس هناك الوقت الكافي .. أشعر أنني مضغوط ومتوتر طيلة اليوم.. كل يوم.. سبعة أيام في الأسبوع.. لقد حضرت برامج عديدة في إدارة الوقت.. وجرَّبت العديد من أساليب إدارة الوقت.. لقد ساعدني ذلك إلى حد ما.. ولكنني لا زلت أشعر أنني لا أعيش الحياة السعيدة التي كنت أتوق إليها".(1/3)
ويقول الآخر: "إنني أخطط لنفسي جيدًا.. كل دقيقة تمرُّ.. كل ساعة.. لها عندي قيمة، عيناي لا تفارق معصمي، من شدة النظر إلى ساعة يدي، يقولون عني: إنني دقيق منضبط، لكني أتساءل في كل لحظة.. هل حقًّا أحقق ما أصبو إليه؟، بمعنى آخر: هل كل نشاطاتي القوية حققت آمالي؟".
وماذا تقول أنت؟! إذا كنت ترى نفسك في هؤلاء فينبغي عليك أن تعيد النظر في طريقتك في إدارة وقتك، بمعنى آخر.. أن تغيِّر أداتك التي تستخدمها في إدارة وقتك.
لقد كان للدور الرائع الذي لعبه "مركز كوفي للقيادة" الأثر البالغ في تحويل أداة إدارة الوقت من الساعة فقط إلى الساعة والبوصلة. - كلنا يستخدم الساعة في إدارة وقته؟ ولكن هل جرَّبت أن تستخدم البوصلة؟!
إن الساعة تعين في أوقات الطوارئ، وتُستخدم لقياس وقت النشاط؛ أما البوصلة فبها نحدد الاتجاه.. وعندما تحدد اتجاهك في الحياة سوف يعني ذلك أنك وضعت سلَّم نجاحك على الجدار الصحيح منذ البداية.
- هل تستخدم البوصلة أكثر أم الساعة؟
لا تتعجل في الإجابة قبل أن تشاركنا في هذا الاستبيان البسيط.
لديَّ رؤية واضحة لمستقبلي واتجاهي في الحياة:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
أبدأ مشروعاتي وأنا أدرك تمامًا النتائج المبتغاة منها:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
أجهِّز لكل أعمالي مبكرًا وأستعدّ للاجتماعات تمامًا.
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
أعمل لتحقيق أهداف بعيدة المدى، ولا أكتفي بالحلول السريعة ومعالجة المشكلات الطارئة.
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
أتأكّد أن كل من حولي يفهمون الغاية والقيمة الكامنة وراء كل أعمالنا:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
أستشعر وأحسّ بالمسئوليات وأستعد لها قبل وقوعها:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
لا أباشر أعمالاً يمكن أن يتولاها الآخرون أو يمكن تفويضها إليهم:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا(1/4)
أحدّد أولوياتي بحيث أقضي معظم وقتي مُركِّزًا على الأعمال والمشروعات الأكثر أهمية:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
ألزم نفسي بتنفيذ الخطط الموضوعة، وأتجنب التسويف والتأجيل والمقاطعات العشوائية:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
عندما أكلف الآخرين بمهمة أقوم بذلك قبل استحقاقها بوقت كافٍ، وأمنحهم وقتًا كافيًا لإنجازها:
? دائمًا ? أحيانًا ? نادرًا ? أبدًا
طريقة الحساب:
أعطِ نفسك:
· ... مائة درجة لكل إجابة دائمًا
· ... ستًا وستين درجة لكل إجابة أحيانًا
· ... ثلاثًا وثلاثين درجة لكل إجابة نادرًا
· ... صفرًا لكل إجابة أبدًا
اجمع درجاتك ثم اقسمها على عشر، سوف تظهر لك نتيجتك منسوبة إلى مائة، وترى من خلالها كم أنت قريب إلى البوصلة.(1/5)
اكتشاف الذات
بقلم: حسام
عندما أكتشف ذاتي ما الذي سيستجد؟؟
سؤال يطرحه بعض الناس وهم يتناسون أنهم يحملون في داخلهم كينونة إنسانية هي من التعقيد الشيء الكبير ...
هذا العلم نبغ به الغرب لإحساسه –حسبما أعتقد- بفراغ نشأ داخليا في ذات كل إنسان هناك، قد يكون جزءا من الحل الذي ينشدونه ولكنه يبقى جزءا، فما بالنا نحن المسلمين المالكين لجوانب النشاط الروحي بين جوانبنا لا نعبأ بالواقعية التي تفوق الغرب بها علينا ... ... .
المشكلة تكمن –والله أعلم- في أننا في جوانب تربيتنا نركز على بناء الإنسان المسلم المدعم بالنظريات ولانبني في معظم الأحيان ذلك الإنسان المسلم الواقعي الذي يستمد من تلك النظريات التي يحملها واقعا مناسبا له يملك أبجديات التعامل معه وإنما نترك له التشتت هنا وهناك بين صراعات يمر بها كإنسان يعيش على ظهر هذه المعمورة وبين إنسان هو بكل فخر صاحب رسالة.
من خلال احتكاكي بكثير من الشباب-وهم عماد الأمم- وجدتهم أبعد ما يكونون عن معرفة أنفسهم فكيف بهم يدخلون بحر تغيير الأنفس والآفاق؟؟ ...
مرحلة اكتشاف الذات هي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرض ... هذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطرب ... لحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس:
من أنا ؟؟
ماذا أفعل في هذه الدنيا؟؟
ماذا أعرف عن نفسي؟؟
لماذا خلقت؟؟
كيف أريد أسلوب حياتي أهو بعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير –الذي يتفاوت من شخص لآخر- يحمل لنا العديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف في نفوسنا!!(1/1)
إنسان في وسط هذا العالم الصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة-وإن كان الإنسان في معظم الحالات هو المسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه- ، كان يحمل بين جوانبه خلفيات(نظرية) بسيطة عن دينه وعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه!!
وجد نفسه يضطرب بإضطراب هذا العالم ، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله لتفتت شخصيته ، ووجد نفسه يجاري هذا العالم في عبثه.. في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعد عن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته ...
وتوقف وتوقف و طالت وقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو(؟) وأدرك ما دوره وأدرك الكثير –وليس كل شيء لأنه لاوجود للكمال هنا-عن نفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لاتولد القيام به كما في حالة الإدراك والاستيعاب ... ما الذي حصل هنا؟؟
ما حصل هو معرفة الأنا وفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة ...
مصطلحات ضخمة أليس كذلك؟؟
ولكنها بسيطة إذا أردنا سبر أغوارها ...
هي قصة شاب أعرفه حق المعرفة، ولكنه تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي مع الآخر ... ... دعونا ندخل في صميم هذا الشاب ... ...
ولكي نعطي للموضوع بعدا آخر سنترك الشاب يروي لنا رحلة اكتشاف ذاته بنفسه!!
دخلت الجامعة ووجدت نفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتي ... الخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حولي والمجتمع الذي حولي يفرض نفسه علي ... لن أقول بأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينها ... جهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه كان دائما يؤثر سلبا على نفسيتي ... ضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمة ما ... ثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل انهيار عصبي ... كنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكن كان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته على الموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي ... ..(1/2)
في ذاك الوقت كان يتردد على مسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الاستسلام فقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني!!!
وقفت مدهوشا لهذه الكلمة التي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة ، اكتشف ذاتي؟؟ ما هذا المصطلح؟؟
بعدها بأيام عزمت على البدء، كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الردات سلبية في اتجاهها ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة، وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزان لوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط. هذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناء قراءتي لكتاب في تربية الطفل.كان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة على فلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة في أقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف. من هذه الفلسفة تعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أًصبح خلقا لأن الخلق هو عادة الفعل ...
كذلك كانت هناك العقد المتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى على القارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان ولذلك كان النسيان والتفكير لأننا نعيش هذه اللحظة وليس الماضي، فالماضي لا يجب أن يكون له ذلك التأثير السلبي على عقلية الفرد لأن الماضي وجد لكي يتخذ الإنسان منه العبر والمواعظ لا أن يؤثر في حياته فينحى بها منحى آخر ...(1/3)
هذه النقاط الثلاثة قادتني نحو التفكير الموضوعي وإدراك أساليبه وبالتالي الدخول إلى عالم النفس بكل صدق وواقعية ، أي أن المزيج الذي ظهر من تلك المكونات الثلاثة (طرد ردات الفعل، التوازن، محي العقد)أكسبني قدرة على التعامل بموضوعية مع نفسي. فصارت الحقيقة جلية أمام ناظري عندما أحكم على فعلي الذي قمت به ...
وهكذا مع قليل من الصداقة مع النفس وكثير من التقوى والصلة بالله والشفافية صرت أستطيع توجيه اللوم مباشرة إلى نفسي إن أخطأت دون التحرج من نفسي في ذلك وبالتالي توطدت العلاقة مع نفسي مما فتح الباب أمامي في الدخول إلى عالمها الرحب والبدء في اكتشافها ... ...
بداية حاولت التعرف على الأمور التي تجعلني متوترا ومكتئبا وكتبتها على الورقة، وبدأت بتفنيد كل منها على حدة ومع المصارحة والحوار الداخلي أمكنني القضاء على المحبطات لأنها من الأمور الصغيرة التي لا يجدر بنا الاهتمام بها لأنها صغائر، هذه النقطة بدأت ألمس تأثيرها على علاقاتي مع رفاقي ، فلم أعد أهتم بتلك القضايا الصغيرة التي تنشأ بين أصحاب الجيل الواحد(لنقل الأنداد) مما انعكس إيجابا على علاقاتي الاجتماعية ...
وهكذا سبرت أغوار نفسي وتعرفت عليها وتوطدت علاقتي مع ربي وفتحت لي آفاق أخرى في الاتصال مه بني البشر ... ... ... ... ... ... ...
هذه القصة أو السيرة الذاتية التي نقلها لنا صاحبها تبين لنا الكثير عن أهمية الاكتشاف الذاتي ...
فكما رأينا أدى الاكتشاف الذاتي إلى علاقة رائعة في شفافيتها مع رب العالمين ومع بني البشر ومع النفس نفسها في إصلاح أمورها ...
النقطة التي تلي الاكتشاف الذاتي هي مجال العلاقات الاجتماعية وعلاقة العبد مع ربه وعلاقة الإنسان بواقعه ومجتمعه:(1/4)
أولا: العلاقات الاجتماعية: كما قال صاحبنا فإن التخلص من العقد المتأصلة في نفوسنا سيفتح أمامنا المجالات المتنوعة لعلاقات أرحب مع الآخر ... فعندما مثلا تضع في ذهنك هذه المقولة(عند تعاملك مع الآخرين ، تعامل معهم منطلقا من لحظتك التي تعيشها الآن ! ولا تجلب الماضي البائس)، هذه المقولة لو طبقت من بعض بعض بني البشر لكان الحال مختلفا!!
وعندما نتعامل مع الآخرين بإطار أننا عندما نخدمهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لأن الأجر من عند الله فإن الفارق يظهر كالشمس في وسط النهار، ولكن! مع تطبيق التوازن نجد أننا عندما نتعامل بهذا التجريد سينشأ تعامل جاف في بعض جوانبه باعتبار أننا لا ننتظر الجزاء ، لذلك كان لزاما علينا أن نفهم الصورة التالية:
عندما نعطي شخصا ما عطاء ما -بغض النظر عن ماهية هذا العطاء- ونذر أنفسنا أصحابا للعطاء فإننا بعير قصد نطبق أقصى درجات الأنانية لماذا؟؟
لأنك عندما تعطي وتعطي ولاتترك الفرصة للآخر لكي يعطي فإنك تحرمه من العطاء هو الآخر، لأنك عندما تعطي فهذا يدل على وجود مقدار معين من المحبة عندك تجاه الذي تعطيه ... الآن انقل (الكاميرا) أو المنظور إلى الطرف الآخر وضع نفسك في مكانه، ستجد نفسك آخذا للعطاء ولكنك لا تستطيع أن تعبر للذي يعطيك ذلك الحب الذي يغلف علاقتك به؟؟
شلل نصفي أليس كذلك؟؟؟
تأخذ وتأخذ دون أن تستطيع التفكير ولو للحظة بالعطاء لكي تعبر لحبيبك عن حبك له، لجهل حبيبك بأبجديات العلاقة المشتركة بين الإنسان!!!
من هذا المثال الحي الذي يفسر الكثير من المشاكل التي تحدث في البيوت بين الزوجين ، تستطيع أن تقدر ما لنظرية التوازن من أثر ساحر، كيف؟؟(1/5)
تملي علينا نظرية التوازن في هذا الموقف أن نكون أصحاب عطاء وأيضا أصحاب أخذ وذلك لكي نترك الفرصة للإنسان الآخر لكي يعبر عن حبه الإنساني لنا وهي حاجة فطرية فينا نحن البشر لأننا بحاجة إلى التعبير عن حبنا للآخر وهذا الحب يتخذ أشكالا عديدة منها العطاء ... ... أكتفي بذكر المثالين السابقين لأنني أعتقد بأنهما وضحا الصورة جيدا ... ... ... ...
ثانيا: علاقة العبد مع الرحمن الرحيم، بسبب الاكتشاف الذاتي سوف تقوى علاقتك مع الله، كيف؟؟
عندما تطبق نظرية التوازن في سبر أغوار نفسك ستتعرف على الجوانب المادي في حياتك ونظيرتها الروحية ، وهنا سوف تبحث عن مدى الاتزان الحاصل في نفسك ، فلا يخفى عليك أخي القارئ كم سلبتنا روحانيتنا وشفافيتنا مع ربنا وأسرنا ومجتمعنا هذه المادية التي نعيشها، ولذلك كان التوازن لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويحفظ حالة من الاتزان، لذلك كان حريا بكل واحد منا أن يزود كينونته النفسية بجهاز إنذار يعلمه بأي خلل
في ذاك التوازن الذي نرتضيه لأنفسنا(وكذلك جعلناكم أمتا وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ... ... ...(1/6)
من ناحية أخرى، عندما أحقق الاكتشاف الذاتي سأصل إلى الأجزاء الناقصة في علاقتي مع ربي وأبدأ بعملية البناء لكي أنهض ببناء أقوي، بمعنى أنني مثلا قد أجد عندي نقصا في حفظ القرآن الكريم مما يعني بسبب معرفتي بنفسي وعلاقتي الصادقة معها سيكون لزام علي أن أحسن هذا الجانب، أيضا عندما أشعر بنقص في عدد مرات الاستغفار اليومية سيكون لزاما علي أن أزيدها لأنني أعلم الداء وبيدي أصبح الدواء ، وكذلك ينطبق الأمر على قيام الليل وقراءة القرآن ... .هذا من الناحية التعبدية ،، أما من ناحية أخرى،فإنك مثلا بعد أن اكتشفت نفسك وجدت أنك تميل يإتجاه العلم في المجال الهندسي مثلا، فلذلك سوف ينصب اهتمامك على الإبداع في هذا المجال لأنك صاحب رسالة وفي نيتك أنك تعبد رب الأرباب بسعيك إلى خدمة الإسلام في مجالك هذا ، وهكذا في العديد في الأمور الحياتية ... ... ... ...
ثالثا: ضغط الدم، الذبحة الصدرية، الإحتشاء القلبي ومن ثم الوفاة ... ...
نهاية مأساوية لإنسان القرن العشرين ... لماذا؟؟
من أجل نقاش حاد أو من أجل مأزق معين أو من أجل صراع في الشركة بين المدراء أو من أجل ... ... ... الخ.
هذه هي المأساة ، تخيل عدد العضلات التي تقوم أنت بإرهاقها عندما تنتابك نوبة توتر ، أحصها على أصابعك:
1.شد في عضلات الرقبة.
2.الصداع
3.ظهور العقد في الجبين
4.تصلب في عضلات الرقبة
5.شد في عضلات الفكين
6.انحناء الكتفين
7.شد في العضلات الخلفية
8.وجع معدي
9.بشكل تلقائي يتم جذب الساعدين إلى منطقة البطن مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس نتيجة الضغط على الحاجب الحاجز.
لهذه العضلات الحق في أن تشكيك لربها!!!
هذا بالطبع غير المشاكل الداخلية كالصداع وخفقان القلب السريع والإسهال وعسر الهضم والإمساك والأرق والتعب والتفشش بالأكل وضعف الذاكرة وجفاف الفم وعدم القدرة على التركيز والأيدي الباردة وغيرها الكثير ، يا لطيف!!!!
لماذا كل هذا ياعبدالله؟؟؟(1/7)
سيساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب ...
عندما تستوعب وتدرك بأنه يجب عليك أن تعيش في حدود يومك فقط! فهذا يعني عدم إشغال نفسك بأمور تريد أنت أن تستبق أحداثها، حاول إسعاد نفسك الآن لا تهتم بشأن البحث الذي سوف تلقيه غدا مثلا ، كل ما يجب عليك هو أن تخصص له وقتا معينا وكفى ...
لكن بتطبيق نظرية التوازن لا أقول بمنعك عن التفكير بالمستقبل لأنه من حقك التفكير بذلك المجهول ولكن لا تدع الأمر يتجاوز حده ووقته ... حاول أن تبتسم الآن..
مثال آخر: لديك ظروف عجيبة تمنعك عن التأقلم معها، تقف وتركض بعيدا أم تشعر نفسك بقوة التحدي وتتحدى الظروف ، وتصنع من الليمون شرابا حلوا(الغزالي)!!!
التخطيط وإدارة وقتك كل ذلك يساعدك على حياة صحية في هذا العالم المضطرب، قم بتحديد أولوياتك وأعطها سلما من الأفضلية ولا تنسى وجود الكثير من الأمور الغير مهمة، وضعها على الورقة فمع الورقة والقلم يحلو السمر ...
عندما تصيبك مشكلة ، لا تفكر في المشكلة فقط فكر في المقدمات التي تدركها عن المشكلة وعندما تحيط إحاطة جيدة بهذه المقدمات توكل على الله وابدأ في حل المشكلة انطلاقا من المقدمات التي تعرفها تمام المعرفة فأنت لها يا عنترة ...
عندئذ ستصل إلى النتيجة بعد توفيق الله لك ... ...
هذه بعض الأمور التي تفيد في حياتنا اليومية كبشر نعيش على ظهر هذه المعمورة ... ...
وأنا أرى أن تتكامل هذه العلوم الإدارية النفسية مع مناهج التربية التي يضعها الأخصائيون لكي تعطينا إنسانا صالحا ومصلحا قادرا على التعامل مع واقعه بكل ليونة وديناميكية من منطلق خلفية ثقافية إسلامية,,,,,,,,(1/8)
... ...
... الأبعاد الثلاثة للإصلاح
تأليف : آندي هارجريف ودين فنك * ترجمة : عبد الحميد بن حمدي السيد **
الأسئلة الثلاثة التي يثيرها هذا المقال مغرية بالقراءة، وذلك لأهميتها للإصلاح التربوي عموماً. وهي مغرية لنا أكثر لأن بلادنا تعيش منذ سنوات حركة إصلاح تربوي واسعة وطموحة. يناقش هذا المقال واقع الإصلاح في بلاد تبعد عنا كثيراً؛ جغرافياً وثقافياً. ومع ذلك فإن قضايا و مشكلات عمق الإصلاح التربوي وامتداده واتساعه تعنينا نحن أيضاً برغم آلاف الكيلومترات التي تفصل بيننا وبين صاحب المقال. ( المحرر )
جوهرياً هناك ثلاثة أشياء فقط جديرة بالاهتمام عند الحديث عن الإصلاح التربوي:
(1) هل للإصلاح التربوي عمق؟ هل يحسّن الإصلاح التربوي الجوانب المهمة في التعلم الطلابي أكثر من مجرد الجوانب السطحية منه؟
(2) هل للإصلاح التربوي امتداد زمني؟ هل هو باق لمدة طويلة من الزمن؟ هل للإصلاح التربوي اتساع؟ هل يمكن أن يتوسع إلى ماهو أبعد من بضع مدارس أو شبكات أو عروض أوّلية؟ الإصلاح التربوي الناجح أقرب إلى مدرسة "بيكاسو" منه إلى مدرسة "رامبرانت" . فهو لا يصل إلى الإصلاح من بُعدٍ واحد أو بعدين. ولكنه، كالرسام التكعيبي، يصل إليه من الأبعاد الثلاثة في نفس الوقت. (1)
ما الذي يؤدي إلى النجاح في الأبعاد الثلاثة للإصلاح التربوي؟
كيف تتفاعل الأبعاد الثلاثة؟
ما هي الإستراتيجيات التي تضمن التقدم؟(1/1)
العمق : الفهم الاجتماعي والوجداني يوماً بعد يوم، يطمح المصلحون إلى ماهو أكثر من تحسن نتائج التحصيل الطلابي. فهم يريدون تعلماً عميقاً وقوياً وعالي الأداء من أجل فهم يهيئ الصغار للمشاركة في مجتمع اليوم. التعلم من أجل الفهم ليس مجرد تعلم معرفي أو نفسي. هذا التعلم يشتمل على ماهو أكثر من التعلم الاستنتاجي، والإدراك المتعدد ، وما بعد المعرفة، والتعلم المبني على حل المشكلات. فالتعلم العميق ثقافي ووجداني أيضاً . فعلى الطلاب أن يدمجوا التعلم في سياق ما تعلموه سابقا ، وفيما يدرِّسهم إياه المعلمون الآخرون ، وفي ثقافتهم وحياتهم. وبالإضافة إلى إقامة روابط ثقافية، فإن على المعلمين أن يوجدوا روابط وجدانية مع الطلاب وروابط بين الطلاب أنفسهم . وهذه الروابط هي التعاطف والتحمل والولاء . فالفهم الوجداني -أي القدرة على الفهم اللماح لمدى تعلم الطلاب أو لمشاركتهم في التعلم- أساسي بالنسبة لأولويات معايير التعلم. فبدون الروابط القوية والعلاقات الدائمة مع الطلاب فإن الفهم الوجداني ومعايير التعلم سيختلاّن.( ... ).(1/2)
الامتداد الزمني : إطالة أمد التغيير عبر الزمن يتطلب التغيير التربوي أكثر من مجرد الاستراتيجيات. فهو يحتاج إلى طرائق تساعد على توقع العوائق والتغلب عليها من أجل إطالة أمد التغيير. هناك حالتان لمدرستين ثانويتين تجديديتين ( تعرضان لنا نماذج واقعية لهذه الإشكالية إلى حد كبير): مدرسة لورد بايرون الثانوية عندما تم افتتاح مدرسة لورد بايرون الثانوية في أونتاريو / كندا عام 1970، كانت واحدة من أعظم المدارس الثانوية تجديداً في أميركا الشمالية. فقد كانت تطبق النظام الفصلي ، وتميزت ببيئة معمارية مفتوحة ، وأقسام علمية متداخلة، وأخذت بأسلوب التعليم الجماعي والتعلم الذاتي ، واختير معلموها بالانتقاء الشخصي الدقيق من قبل مدير المدرسة ذي الشخصية الآسرة . استخدم معلمو المدرسة كلمات مثل انتعاش وإثراء وإثارة وتحدي في وصفهم للسنوات السبع الأولى في هذه التجربة الضخمة. كما تحدث المعلمون عن التعاون فيما بينهم، وعن التوهج الفكري للمناقشات التي كانت تجرى في غرفة المعلمين، وعن برنامج التطوير المهني النشط على مستوى المدرسة، وعن رضاهم الشخصي والمهني . يتم تقويم المدارس النموذجية في الغالب بنظرة سريعة في مراحلها المبكرة . و نادراً ما يُتَابع التغيير بعد السنوات الأولى من الإبداع والتجريب . فلقد توسعت مدرسة بايرون أكثر من اللازم في سعيها نحو مزيد من التغيير. ثم اضطرت بعد ذلك إلى التراجع في مواجهة الضغط الخارجي. وبنهاية التسعينات كانت بايرون قد ارتدّت إلى أنظمة تقليدية جعلتها غير متميزة عن المدارس الثانوية المحيطة بها. إن فشل المدرسة في المحافظة على شخصيتها التجديدية يعود إلى مشاكل متنوعة منها :(1/3)
· تعاقب القيادة: تُنسب التغيرات الجديرة بالاهتمام عادةً إلى قادة مجددين ذوي شخصيات آسرة،· يستطيعون جذب أشخاص ممتازين إليهم ويوجدون تصوراً،· ويرسخون التزاماً وولاءً. وبكلمات مختصرة كما جاء على لسان أحد المعلمين، فقد كان أول مدير للمدرسة "شخصية متعبة لمن يجيء بعدها".
· انتقاء الهيئة التعليمية والمحافظة عليها: تبدأ المدارس الجديدة بنخبة منتقاة من المعلمين. فتكوّن تلك النخبة الرؤية الأولى وتشكل الثقافة التأسيسية وتشعر بخصوصيتها. لقد ترك بعض أحسن المعلمين مدرسة بايرون في الآونة الأخيرة للقيام بأعمال قيادية في أماكن أخرى . ونادراً ما حمل من عُيّن بعدهم من المعلمين نفس الالتزام بفلسفة المدرسة. وانتابت هؤلاء الحيرة بسبب التذكير الدائم بعصر المدرسة الذهبي. ولعل مشكلتهم تكمن في أنهم قد انجذبوا للصورة السطحية عن استقلالية المدرسة عن سلطة إدارة التعليم . فكان من نتيجة ذلك أن أصبحت الهيئة التعليمية الأصلية منفصلة عن القادمين الجدد أو الغرباء. وفي تلك الأثناء،· وبسبب تقدم المعلمين الأصليين في العمر،· بدأت طاقتهم وحماسهم للتغيير يتلاشيان.
· الحجم : عندما ازداد عدد طلاب مدرسة بايرون،· أصبحت المدرسة أكثر بيروقراطية. ونمت الانقسامات بين الأقسام،· كما نمت بين معلمي الصفوف والمعلمين المساعدين،· وبين رؤساء الأقسام ومعلمي الصفوف،· وبين المعلمين والإدارة. أخلى المجتمع المدرسي الخاص والصغير الساحة لصغائر المشاجرات. وأثناء مرحلة تراجع التسجيل الطلابي في المدرسة ،· أُجبر المعلمون الجدد الأقل قوة على مغادرة المدرسة،· وكثر الجدل حول من سيغادر المدرسة ومن سيبقى.(1/4)
· الإدارة التعليمية واتجاهات سياستها : حصلت مدرسة بايرون في أيامها الأولى على دعم خاص من إدارة التعليم تمثل في نصابها من القيادات وفي السماح لها بتجاوز الأنظمة في إجراءات التوظيف. ومع مرور الوقت ،· أخذت الحكومة المحلية في تضييق متطلبات المناهج والنظم مما أجبر إدارة التعليم ومدرسة لورد بايرون على النزول إلى مستوى المدارس الثانوية الأخرى (في المنطقة). قد تبدأ المدارس التجديدية على هيئة جزر داخل المحيط العام للمنطقة وأولويات سياستها العامة. ولكن المد القادم بالتغييرات السياسية يؤدي الى إغراق تميزها في نهاية الأمر.(1/5)
· دعم المجتمع : في الأوضاع التجديدية ،· تكون تصورات التربويين عن "المدرسة الجيدة" في تضاد مع فكرة المجتمع عن المدرسة الحقيقية. فقد سعت مدرسة بايرون إلى التغييرات الجديدة قبل أن تتعزز التجديدات الأولى. فعلى سبيل المثال،· أثار وقت الطلاب غير المنظم في جدول في مدرسة تتكون من 900 طالب ،· ... أثار القليل من المشاكل. ولكن عندما توسعت المدرسة إلى 2100 طالب ،· أصبح من الصعب مراقبة الوقت ،· وأدت المشاكل السلوكية الناتجة عن ذلك إلى سمعة سلبية،· وإلى ردة فعل عنيفة من المجتمع، وقام كثير من أولياء الأمور بنقل أبنائهم إلى المدارس الأكثر تقليدية في المنطقة. مدرسة بلو ماونتن افتتحت مدرسة بلو ماونتن في نفس المنطقة منذ خمس سنوات . وتأسست على يد مدير ذي شخصية آسرة ، وبهيئة تعليمية تم انتقاؤها بعناية. واختصت بتجديدات تقنية وتنظيمية ومنهجية عظيمة. ليس في المدرسة أقسام منفصلة لكل مادة. وكانت غرف المعلمين مختلطة، وأوضحت وثائقها بأن لا هيمنة لمادة أو نشاط غير صفي على المواد أو النشاطات الأخرى من ناحية الأهمية. وتشكّل فريق القيادة مبدئياً من ثمانية قياديين تنفيذيين في مجالات مثل التقنية والتقويم وتقدير الطلاب، وذلك بدلاً من المجموعات المعتادة لرؤساء الأقسام . وبالإضافة إلى موادهم، فإن جميع المعلمين يتبعون مجموعة تنفيذية تلتقي بانتظام .(1/6)
من الناحية المعمارية ، يوجد في المدرسة مساحة مريحة للاجتماعات في مدخل المدرسة . ويشبه رواقها الرئيسي سوقاً تجارياً مغلقاً. وتُستخدم ملاعبها المغلقة ومركز اللياقة من قبل الهيئة التعليمية والمجتمع المحيط بالمدرسة كما تستخدم من قبل الطلاب. مدرسة بلو ماونتن متكاملة من الناحية التقنية. فهي -من أكثر من وجه- نموذج لمدرسة المستقبل المليئة بالزوار. ويبرز تميزها بعروض واضحة عن التغييرات التي تجري فيها على أشرطة الفيديو. ومع ذلك فإن هناك مؤشرات، كما هو الحال في مدرسة لورد بايرون ، على أنها في طريقها إلى فقدان مجدها. لنعد إلى التحديات التي واجهتها مدرسة لورد بايرون لنطبقها على مدرسة بلوماونتن:
· تعاقب القيادة : يعمل المدير المؤسس لمدرسة بلو ماونتن في منطقة تأخذ بسياسة التدوير المنتظم للمديرين بين مدارسها. وحدث أن طُلب منه بعد أربع سنوات أن يحل مشكلة في مكان آخر. المديرة التي حلّت مكانه تحظى بالاحترام والكفاءة . وهي كانت وكيلة للمدير نفسه من قبل. لكنها هي أيضاً ،· نموذج يصعب اتباع خطاه. وعلاوة على ذلك كان عليها أن تقود المدرسة في بيئة سريعة التحول،· ومقيدة ، وغير ودية تجاه المعلمين .
· انتقاء الهيئة التعليمية والحفاظ عليها : لا يوجد في مدرسة بلو ماونتن حماية خاصة لتعيينات الهيئة التعليمية من أجل المحافظة على تميزها. فالمعلمون الذين تقل خبرتهم عن ثمان سنوات انتقلوا إلى أماكن أخرى ،· وكان لزاماً على المدرسة قبول معلمين كانت قد رفضتهم في مقابلات شخصية سابقة. هذه المشكلات زادت حدتها بسبب المغادرة المتزايدة للهيئة التعليمية الأصلية وذلك بسبب حوافز التقاعد المبكر، وبسبب عدم تحقق تطلعاتهم . وهكذا أصبحت المحافظة على الرؤية الأصلية للمدرسة مع هذا المعدل العالي لانتقال الهيئة التعليمية أمراً شديد العناء.(1/7)
· الحجم : عندما زاد عدد الطلاب المسجلين في مدرسة بلو ماونتن إلى الضعف زاد عدد أعضاء الهيئة التعليمية أيضاً متجاوزاً المجموعة الأصلية الأولى التي عملت وأوجدت صورة خاصة بالمدرسة. لم يتفهم أعضاء الهيئة التعليمية الجدد هذه الصورة ولم يشاركوا فيها . ولم يتم انتقاؤهم بعناية كما كان الحال مع المجموعة الأولى لضمان قناعتهم بغايات المدرسة.
· الإدارة التعليمية واتجاهات سياستها : كان للسياسات الحكومية في ترشيد الإنفاق على التربية وتشديد التحكم في المنهج و التقويم الطلابي ،· وتقديم التغيير بسرعة متهورة،· ... كان لكل ذلك تبعات مثيرة على مدرسة بلو ماونتن . فلقد تسببت التغييرات التشريعية في شروط عمل المعلمين في تخفيض الوقت المتاح للمعلمين للإعداد والتخطيط ولقاء الطلاب بشكل فردي والاتصال بأولياء الأمور والعمل مع الزملاء. كما تقلص الفريق القيادي إلى نصف حجمه الأساسي. وتم فرض منهج جديد لكل مادة. وخفضت الحكومة عدد المرشدين بنسبة 75% وخفضت أمناء المكتبات إلى النصف. أخذت آثار ذلك كله في الظهور: تزايدت مشاكل عدم الانضباط، و تراجع المعلمون إلى مجموعات موادهم ، وتنازلوا عن التخطيط طويل المدى إلى التنفيذ القصير المدى، وتحرر الكثير منهم من الوهم مبدين إشارات متزايدة من الضغوط النفسية ومستكشفين لخيارات التقاعد المبكر، أو الوظائف البديلة ، أو الانتقال إلى مدارس أخرى.(1/8)
· دعم المجتمع : بنت مدرسة بلو ماونتن علاقات قوية مع مجتمعها من البداية،· مثلها مثل مدرسة لورد بايرون. ولكن حتى في مدرسة بلو ماونتن يذكر الإداريون بأنه مع الذعر الذي أذكته وسائل الإعلام بين أولياء الأمور حول أزمات تربوية مزعومة، فإن على المدرسة الآن أن تتعامل مع فيض من الانتقادات والشكاوى غير المسبوقة والمبنية على القلق المجرد أكثر من قيامها على الخبرة الحقيقية. نحن نراجع هذه الأمور مع الهيئة التعليمية في بلو ماونتن لنرى ما إذا كانوا يستطيعون إيقاف إنهاك عملية التغيير في مدارسهم. لكنّ من غير الممكن تحسين مدرسة واحدة بمعزل عن نطاق السياسة المحيطة. إن من الممكن استمرار التغيير في مدرسة بعينها فقط إذا كانت سياسة الحكومة لا تضعف تلك التغييرات مباشرة. كما تحتاج التغييرات إلى دعم قوي ومستمر من إدارة التعليم، ... دعم تعترف فيه الإدارة باستثنائية المدرسة، ويُسمح لها بالاحتفاظ بقمَّة الكوادر القيادية في المنطقة، وبهيئة تعليمية ملتزمة بنهج المدرسة المتميز. ومع ذلك فإن القياديين و المعلمين الاستثنائيين نادرون بطبيعتهم. فهل من العدل أن تُصرَّ مدرسة واحدة على أن تحصل على أفضل المتميزين؟ ألن يخفض هذا من القدرات والفرص التجديدية للمدارس الأخرى؟ كيف يؤثر التغيير المستمر في مدرسة واحدة على المدارس في أماكن أخرى؟(1/9)
التوسع : توسع انتشار النموذج لا تعني الاستمرارية ببساطة أن شيئاً يمكن أن يدوم. فهي تشير أيضاً إلى أن بإمكان مبادرات معينة أن تتطور دون تعريض الآخرين في البيئة المحيطة بها للخطر، في الحاضر والمستقبل. التغيير الراسخ أوسع من مجرد تغيير في مدارس محددة. فهو يمتد إلى مناطق بكاملها، وولايات، وأمم. المدارس والمناطق التعليمية ليست جميعاً على نفس الشاكلة. فالتنوع موجود في صفات الطلاب الاجتماعية والثقافية ، وفي مدى إشراك المدارس للمعلمين في تطوير سياساتها، وفي نوعية القيادة ، وفي الخبرات السابقة مع التغيير. إن من الصعب نقل مبادرة ناجحة في منطقة ما أو في مجموعة مدارس إلى منطقة أخرى. فالمبادرات المنقولة عن بيئتها الأولى تصبح مبادرات مغايرة فوراً- ومبتعدة تماماً عن النوايا الأولى. تُعرف هذه الظاهرة بـ "تحدي الارتقاء". فهو يستلزم تطوير "نماذج طموحة للإصلاح المدرسي" عن طريق "بناء شبكات مسَاعدَة تقنيَّة، ودعم من مدرسة إلى مدرسة، وذلك لأي عدد من المدارس التي تختار تنفيذ تلك النماذج." ويسعى توالد تلك النماذج إلى تغيير التنظيمات والثقافات وظروف التعلم في المدارس باستخدام مدارس ومناطق تعليمية لديها القابلية للمغامرة لتحفيز الارتقاء بالإصلاح عبر تنظيمات أوسع. لقيت عملية ترقية الاستراتيجيات نجاحات متفاوتة. ففي مراجعة لأربعة وعشرين نموذج من نماذج التغيير المدرسي الواسع، ظهر أن ثلاثة منها فقط أظهرت آثاراً إيجابية قوية على التحصيل الطلابي. وكان من اللافت للنظر أن تلك النماذج الثلاثة قد تميزت بتركيز مفروض وضيق ومحافظ إلى حد ما على مهارات القدرة على القراءة والكتابة والحساب أو على التدريس المباشر. لقد وفرت تلك النماذج سعة بلا عمق.(1/10)
إن جهود التغيير الواسع الذي يظهر مؤشرات واعدة بالنجاح ، تتميز بالتركيز المستمر على التدريس، وعلى التطوير المهني المكثف، وعلى الانتقاء الصارم للمعلمين والقياديين، وعلى عوامل التقويم والمحاسبة. ومع ذلك، فإن هذه المبادرات معرضة للتبدلات تبعاً للتوجهات السياسية، وليس لها سجل مثبت بشأن استمراريتها. فلهذه المبادرات بعض السعة، بل وحتى العمق، ولكنها لا تدوم طويلاً. وهذا الاتجاه واضح بشكل أكبر في الأماكن التي تمتد فيها الإصلاحات إلى ما هو أبعد من مجرد منطقة تعليمية واحدة. إن تنسيق التغيير الواسع النطاق، والمحافظة على التركيز الجوهري على التعلم العميق، والمحافظة على الدعم السياسي والاستقرار، وتثبيت القيادات المدرسية وإطالة بقائها في مواقعها ... أمور مثيرة للمشاكل بطبيعتها.(1/11)
محكَّات التغيير: (وسائل اختبار التغيير) : كيف يمكن للإصلاح أن يصبح ثلاثي الأبعاد؟ · ركِّز على التعلم العميق وليس على نتائج الأداء السطحي فقط. تقتضي المعركة التربوية ضد الفقر والحرمان والتمييز العرقي إيجاد روابط واسعة مع العائلات،· وتغييرات رئيسية في نظم المدارس ومناهجها – لنشر التعلم بطريقة عميقة ولإيجاد الظروف المهيئة لحدوثه. إلا أن هذه الحملة غالبا ما تنحدر إلى الانشغال أكثر بتعليم القراءة والكتابة والحساب والمعايير المعرفية. من المؤكد أن تعلم القراءة والكتابة والحساب والمعايير أجزاء من برنامج التعلم الأعمق، ولكنها ليست بديلاً عنه. نتائج التحصيل الجيدة لا تعني بالضرورة تعلماً أعمق. · استخدِم المدارس النموذجية لإعادة التثقيف وليس لمجرد إعادة بناء النظام فحسب. يتطلب التعلم العميق تغييرات تحرِّض المدارس عادة على هذا التحول باستخدام استراتيجية الصدمة والتقليد. في مثال مدرسة لورد بايرون،· شعر المربون من المدارس الأخرى بأن الإدارة التعليمية بالمنطقة قد "حشرت نموذج بايرون في حلوقنا." فأصبحوا مرتابين ،· وغاضبين وأصيبوا بالغيرة تجاهها. وبحث الكثير من زوار المدرسة عن عيوبها من أجل أن لا يضطروا إلى محاكاة سياساتها. وبالرغم من أن أجزاء معينة من تراث المدارس التجديدية يمكن تبنيها بشكل واسع -النظام الفصلي في مدرسة بايرون على سبيل المثال أو مجموعات المرشدين الطلابيين في مدرسة بلو ماونتن -إلاّ أن الإصلاح عن طريق استنساخ الأنظمة بالجملة غير مستحسن. وعلى غير ما كان متوقعاً، فإن مدرسة بايرون استطاعت أن تصنع إسهاماً طويل المدى في مجال الإصلاح المنظم ، وذلك من خلال إعادة التثقيف ومن خلال إعادة البناء. لقد نشر القياديون الذين غادروا مدرسة بايرون أنفسهم في طول النظام التربوي وعرضه ، مصدِّرين لنظام مدرسة بايرون وفلسفتها، حتى أنهم أصبحوا شيئاً فشيئاً متغلغلين في ثقافات المدارس الأخرى.(1/12)
لذا فإن باستطاعة المدارس النموذجية أن تعمل بشكل أفضل ، إذا ابتعدت عن أن تكون نماذج للنسخ "الكربوني" القصير المدى. واتجهت بدلاً عن ذلك لتكون أماكن لتنمية ثقافات وقيادات في عمق النظام على المدى الطويل. · عامِل الواقع السياسي الأوسع كمكمّل لجهود إصلاح المدارس والإدارات التعليمية. يجب أن يكون هدف الإصلاح التربوي هو إيجاد تغييرات كبيرة،· وليس مجرد إصلاحات جزئية هنا وهناك. ولكن كثيرا ما تعوق التداعيات السياسية تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك فإن الإصلاحيين والباحثين نادراً ما يواجهونها بشكل مباشر. فإذا غيرت حكومات معينة هذه الظروف،· فإن من المحتمل أن تعمل تحولات لاحقة في التوجه السياسي على إبطالها. وفي النهاية،· فإن التربويين سيحسِّنون من أدائهم ليسيطروا على الرأي العام الذي تعتمد عليه الحكومات،· وذلك بجعل ممارساتهم وجهودهم التحسينية شديدة الوضوح، وبمساهمتهم في إيجاد حركة اجتماعية واسعة من أجل تحولات كبيرة وعميقة وراسخة في التعليم العام مما يفيد جميع الطلاب. لا يتحقق الإصلاح العميق والراسخ والراقي بالتعاميم الرسمية، ولا باستراتيجيات الصدمة والتقليد، ولا بالإصلاحات السريعة. إن توقع صنع تقدم كامل في الأبعاد الثلاثة(العمق والامتداد الزمني والسعة) في نفس الوقت أمر غير واقعي. إن الإصلاح الثلاثي الأبعاد عمل متوازن وطموح ومعقد ومثير للجدل في نفس الوقت. ومن الواجب على أولئك الذين يعتقدون خلاف ذلك أن يسألوا أنفسهم: لماذا عانت الاستراتيجيات الأسهل والأقصر مدى من الفشل المستمر حتى الآن؟ (2,3) ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ...
*****************
* Hargreaves,Andy and Fink,Dean.(April 2000): The Three Dimensions of Reform. Educational Leadership.(57/7), pp30-34.
** عبد الحميد بن حمدي السيد ، مشرف تربوي بقسم اللغة الإنجليزية بإدارة التعليم بالعاصمة المقدسة.
((1/13)
1) بابلو بيكاسو ( 1881-197) الرسام الفرنسي ، رائد الرسم التكعيبي في العصر الحديث، ورامبرانت ( 1606-1666) الرسام الهولندي ، أحد رواد المدرسة الكلاسيكية. (المترجم )
(2) أسماء المدارس في هذا المقال مستعارة.
(3) المراجع المبثوثة في نص المقال، وفي نهايته متاحة في النص الأصلي. ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ...(1/14)
الإبداع
طريقك نحو قيادة المستقبل
قبل أن نبدأ
أنوه إلى أن مادة هذا الملف تم تجميعها وترتيبها من المراجع المكتوبة أعلاه، واجتهدت أن أختصر بقدر الإمكان في هذه المادة وكتابة الخلاصة المفيدة ورتبت الملف بحيث يعرف الفرد كيف الإبداع ومعوقاته والطرق التي تجعلك أكثر إبداعاً، وأساليب توليد الأفكار وأخيراً بعض التطبيقات.
ما هو الإبداع؟ وماذا نقصد بالإبداع؟
في الحقيقة هناك تعاريف كثيرة للإبداع، لذلك سنذكر بعض التعاريف، من أيسر هذه التعاريف التعريف التالي "العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ" وهناك تعريف شامل للدكتور على الحمادي، أورده ضمن كتابه الأول من سلسلة الإبداع وهو التعريف التالي "هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله" وأعتقد بأن هذا هو التعريف الشامل.
إذاً الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن المألوف، على شرط أن تكون أفكار مفيدة، وقد يكون الإبداع في مجال يجلب الدمار والضرر وهذا لا يسمى إبداع بل تخريب، فلو قلنا أن موظف ابتكر طريقة جديدة لتخفيض التكاليف أو لتعزيز الإنتاج أو لمنتج جديد، فتعتبر هذه الفكرة من الإبداع.
ويمكنك الرجوع إلى كتاب "شرارة الإبداع" د. علي الحمادي حيث ستجد تعريف شامل للإبداع والمفاهيم المتصلة به. وهذا الملف هو تعريف مختصر جداً للإبداع ولا أود الإطالة.
من هو المبدع؟
يظن بعض الناس أن الإنسان المبدع ولد هكذا مبدعاً، وهو مفهوم غير صحيح، وللاختصار أقول كل شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إلا من يأبى!(1/1)
كان أحد رجال الأعمال يقف في طابور طويل في إحدى المطارات، لاحظ الرجل أن أغلفة تذاكر السفر بيضاء خالية، ففكر في طباعة إعلانات على هذه المغلفات وتوزيع هذه الأغلفة مجاناً على شركات الطيران، وافقت شركات الطيران على هذا العرض، وتعاون رجل الأعمال مع مدير إحدى المطابع وتم هذا المشروع، والنتيجة أرباح بملايين الدولارات! الفكرة إبداعية وصغيرة، لكنها جديدة ولم يفكر فيها أحد من قبل، وصار لهذا الرجل زبائن من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة.
الإبداع الفردي
نستعرض في هذا القسم خصائص الشخص المبدع، معوقات الإبداع لدى الأفراد، طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً، طرق توليد الأفكار، ثم بعض الأمثلة والمجالات التي يستطيع الفرد أن يبدع فيها.
صفات المبدعين
هذه بعض صفات المبدعين، التي يمكن أن تتعود عليها وتغرسها في نفسك، وحاول أن تعود الآخرين عليها أيضاً.
· ... يبحثون عن الطرق والحلول البديلة ولا يكتفون بحل أو طريقة واحدة.
· ... لديهم تصميم وإرادة قوية.
· ... لديهم أهداف واضحة يريدون الوصول إليها.
· ... يتجاهلون تعليقات الآخرين السلبية.
· ... لا يخشون الفشل ( أديسون جرب 1800 تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي ).
· ... لا يحبون الروتين.
· ... يبادرون.
· ... إيجابيون ومتفاؤلون.
وإذا لم تتوافر فيك هذه الصفات لا تظن بأنك غير مبدع، بل يمكنك أن تكتسب هذه الصفات وتصبح عادات متأصلة لديك.
معوقات الإبداع
معوقات الإبداع كثيرة، منها ما يكون من الإنسان نفسه ومنها وما يكون من قبل الآخرين، عليك أن تعي هذه المعوقات وتتجنبها بقدر الإمكان، لأنها تقتل الإبداع وتفتك به.
· ... الشعور بالنقص ويتمثل ذلك في أقوال بعض الناس: أنا ضعيف، أنا غير مبدع ... إلخ.
· ... عدم الثقة بالنفس.
· ... عدم التعلم والاستمرار في زيادة المحصول العلمي.
· ... الخوف من تعليقات الآخرين السلبية.
· ... الخوف على الرزق.
· ... الخوف والخجل من الرؤساء.
· ... الخوف من الفشل.
· ... الرضى بالواقع.(1/2)
· ... الجمود على الخطط والقوانين والإجراءات.
· ... التشاؤم.
· ... الاعتماد على الآخرين والتبعية لهم.
طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً
· ... مارس رياضة المشي في الصباح الباكر وتأمل الطبيعة من حولك.
· ... خصص خمس دقائق للتخيل صباح ومساء كل يوم.
· ... ناقش شخصاً آخر حول فكرة تستحسنها قبل أن تجربها.
· ... تخيل نفسك رئيس لمجلس إدارة لمدة يوم واحد.
· ... استخدم الرسومات والأشكال التوضيحية بدل الكتابة في عرض المعلومات.
· ... قبل أن تقرر أي شيء، قم بإعداد الخيارات المتاحة.
· ... جرب واختبر الأشياء وشجع على التجربة.
· ... تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط.
· ... ارسم صوراً وأشكالاً فكاهية أثناء التفكير.
· ... فكر بحل مكلف لمشكلة ما ثم حاول تحديد إيجابيات ذلك الحل.
· ... قدم أفكاراً واطراح حلولاً بعيدة المنال.
· ... تعلم رياضة جديدة حتى إن لم تمارسها.
· ... اشترك في مجلة في غير تخصصك ولم يسبق لك قراءتها.
· ... غير طريقك من وإلى العمل.
· ... قم بعمل السكرتير بنفسك، وأعطه إجازة إجبارية!
· ... قم بترتيب غرفتك، وغسل ملابسك وكيها لوحدك.
· ... غير من ترتيب الأثاث في مكتبك أو غرفتك.
· ... احلم وتصور النجاح دائماً.
· ... قم بخطوات صغيرة في كل عمل، ولا تكتفي بالكلام والأماني.
· ... أكثر من السؤال.
· ... قل لا أعرف.
· ... إذا كنت لا تعمل شيء، ففكر بعمل شيء إبداعي تملء به وقت فراغك.
· ... ألعب لعبة ماذا لو ..؟
· ... انتبه إلى الأفكار الصغيرة.
· ... غير ما تعودت عليه.
· ... احرص أن يكون في أي عمل تعمله شيء من الإبداع.
· ... تعلم والعب ألعاب الذكاء والتفكير.
· ... اقرأ قصص ومواقف عن الإبداع والمبدعين.
· ... خصص دفتر لكتابة الأفكار ودون فيه الأفكار الإبداعية مهما كانت هذه الأفكار صغيرة.
· ... افترض أن كل شيء ممكن.
طرق توليد الأفكار
وصلنا إلى التطبيق العملي، كيف نولد ونبتكر افكار وحلول جديدة، إليك هذه الطرق:
· ... حدد هدفاً واضحاً لإبداعك وتفكيرك.(1/3)
· ... التفكير بالمقلوب، أي إقلب ما تراه في حياتك حتى تأتي بفكرة جديدة، مثال: الطلاب يذهبون إلى المدرسة، عندما تعكسه تقول: المدرسة تأتي إلى الطلاب، وهذا ما حدث من خلال الدراسة بالإنترنت والمراسلة وغيرها.
· ... الدمج، أي دمج عنصرين أو أكثر للحصول على إبداع جديد، مثال: سيارة + قارب = مركبة برمائية، وتم تطبيق هذه الفكرة!
· ... الحذف، احذف جزء أو خطوة واحدة من جهاز أو نظام إداري، فقد يكون هذا الجزء لا فائدة له.
· ... الإبداع بالأحلام، تخيل أنك أصبحت مديراً لوزارة التعليم مثلاً، مالذي ستفعله؟ أو تخيل أننا نعيش تحت الماء، كيف ستكون حياتنا؟
· ... المثيرات العشوائية، قم بزيارة محل للعب الأطفال، أو سافر لبلاد لم تزرها من قبل، أو امشي في مكان لم تراه من قبل، ولا تنسى أن تحمل معك دفتر ملاحظات وقلم لكي تسجل أي فكرة أو خاطرة تخطر على ذهنك.
· ... الإبداع بالتنقل، أي تحويل ونقل فكرة تبدو غير صحيحة أو معقولة إلى فكر جديدة ومعقولة.
· ... زاوية نظر أخرى، انظر إلى المشكلة أو الإبداع أو المسألة من طرف ثاني أو ثالث، ولا تحصر رؤيتك بمجال نظرك فقط.
· ... ماذا لو؟، قل لنفسك: ماذا لو حدث كذا وكذا .. ستكون النتيجة .....
· ... كيف يمكن؟ استخدم هذا السؤال لإيجاد العديد من البدائل والإجابات.
· ... استخدامات أخرى، هل تستطيع أن توجد 20 استخدام آخر للقلم غير الكتابة والرسم؟ جرب هذه الطريقة وبالتأكيد ستحصل على أفكار مفيدة.
· ... طور باستمرار، لا تتوقف عن التطوير والتعديل في أي شيء.
أمثلة وتطبيقات
1- تصور أن مؤسستك ققرت الاستغناء عنك، فماذا ستفعل؟ هل ستبحث عن وظيفة جديدة أو ستبدأ مشروعك الخاص، أو لن تفعل أي شيء بالمرة، فكر وابتكر فكرة إبداعية جديدة، وطبقها إذا أمكن، ولا تنسى أن الخوف على الرزق هو من معوقات الإبداع.(1/4)
2- انظر إلى المخلفات والمهملات التي في المنزل، هل بإمكانك أن تستفيد منها؟ على طاولتي علبة لوضع الأقلام فيها، هذه العلبة كانت في الأصل علبة لطعام!! لكن تم تنظيفها وتزينها حتى أصبحت جميلة ومفيدة.
3- تود أن تذهب مع عائلتك في رحلة إبداعية، كيف ستكون هذه الرحلة؟
4- غرفتك غير منظمة، كيف سترتبها بحيث توفر مساحة كبيرة، ويكون هذا الترتيب عملي أيضاً.
5- سيزورك بعض أصدقائك في المنزل، كيف ستسقبلهم بطريقة إبداعية؟
6- رغبت في تنشيط أفراد أسرتك بنشاط إبداعي جديد، كيف سيكون هذا النشاط؟
7- قررت أن تزرع حديقة منزلك بنباتات الزينة، كيف ستزرعها وكيف سيكون شكلها؟
8- لاحظت أن النفقات المالية كثيرة في منزلك، كيف ستقلص هذه النفقات؟
9- تود أن تتعلم وتزيد ثروتك المعرفية، ابتكر 10 طرق لتزيد من معرفتك.
10- إذا كنت تعتمد على الخادمة في أعمال المنزل، تصور أنك تخليت عنها لمدة اسبوع، كيف ستدبر أعمال المنزل؟ وطبق هذا التمرين عملياً وتخلص من الخادمة ومن سلبيات الخدم.
الخاتمة
كن شخصاً مبدعاً ولا تلتفت إلى ما يقوله غيرك من تعليقات سلبية ومثبطة، وحاول أن تنمي مهارة الإبداع لديك واعلم أنها مهارة تستطيع أن تكتسبها، والإبداع ضروري لحياة الفرد لكسر الروتين والملل، ولتطوير مهاراته ومعارفه، ولإثراء حياته بالتجارب والمواقف الجميلة، لذلك فكر في كل حياتك الشخصية وحاول أن تبدع ولو قليلاً في كل مجال.(1/5)
الإبداع للمؤسسات
طريقك نحو قيادة المستقبل
المراجع:
· ... سلسلة الإبداع والتفكير الابتكاري د. علي الحمادي.
· ... الدليل العملي لتدريب المديرين بل هولتون - شير هولتون ترجمة: د. محمد جمال الدين ثابت.
· ... مجموعة أعداد من خلاصات "كتب المدير ورجل الأعمال" إصدار الشركة العربية للإعلام العلمي "شعاع"
إعداد: عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ
لماذا نكتب عن الإبداع؟ ولم هذا الاهتمام بالإبداع؟ بكل بساطة لأن الإبداع يقود إلى التجديد، والتجديد يجعلنا نتقدم على غيرنا، والناس والمؤسسات وحتى الدول يمكن أن نصنفهم ضمن قسمين، قسم متقدم وسائر في ركب التطور، وهؤلاء المبدعون، وقسم وقف وقنع ورضي بما عنده، وهؤلاء الأتباع المقلدون، ففي أي فئة تريد أن تكون؟ وفي أي فئة تريد أن تكون مؤسستك؟ وإذا كنت تبحث عن عمل جديد، فهل تختار مؤسسة مبدعة أم مقلدة؟ أنا متأكد بأن كل الناس يريدون أن يكونوا ناجحين متقدمين مبدعين. وطريق التقدم لا يمكن أن نسير فيه بدون إبداع، فإذا كنت تريد السير في طريق التقدم، فتسلح بالإبداع.
في ملف الإبداع الأول، عرفنا بشكل سريع الإبداع وعرفنا بالمبدعين، وكتبنا عدة طرق لتصبح أكثر إبداعاً، وبينا طرق توليد الأفكار الإبداعية - إذا لم تقرأ الملف الأول أسرع الآن واقرأه - وكل هذا كان يدور حول إبداع الفرد، وهنا نتحدث عن الإبداع في المؤسسات.
ماذا نعني بالمؤسسات؟ المؤسسات تعني هنا الشركات الخاصة، والدوائر الحكومية والمؤسسات ذات النفع العام مثل الجمعيات الخيرية واللجان والجمعيات المتخصصة، وحتى الأسرة تعتبر مؤسسة بل هي أهم مؤسسة.
بيئة إبداع(1/1)
حتى يبدع الفرد لمؤسسته، يجب أن توفر المؤسسة بيئة تتقبل الإبداعات على أنواعها، إذ لا يمكن أن يبدع المرء في بيئة ترفض الجديد، وحتى تصبح بيئة المؤسسة بيئة إبداعية، يجب على المدير وفريق إدارته أن يقتنعوا بأن موظفيهم بإمكانهم أن يبدعوا ويبتكروا حلولاً لمشاكل تواجههم، بل ويجب أن يلغوا الكثير من القواعد العقيمة التي تضع حدود حول الموظفين تعيقهم في عملية الإبداع، ولما كان الإنسان عدو ما يجهل، فإن المدراء والإدارات يتخوفون من إعطاء صلاحيات للموظفين، ويجعلون عملية تسيير دفة المؤسسة تأتي عن طريق واحد، من الأعلى إلى الأسفل فقط، أعني الأوامر والتخطيط من الإدارة، والتنفيذ على الموظفين، وهذا ما يسبب مشكلة تبدو صغيرة، لكنها تتفاقم حتى تؤدي في بعض الأحيان إلى موت المؤسسات.
عندما يخوض الموظف ميدان العمل فإنه يرى متغيرات وفرص لا يراها المدير أو الإدارة، فيجب أن يتصرف لوحده هنا أو أن يكون هناك تواصل مع الإدارة لتقرير المبادرة التي ستتخذ إزاء هذه المتغيرات أو الفرص.
وقد أخذت عهد على نفسي أن لا أطيل أو أعقد المسائل، وأن أكتب الخلاصة المفيدة فها هي الخطوات والأفكار التي تجعل في مؤسستك بيئة ترعى وتنمي الإبداع:
· ... لا تجعل القواعد تعيق أي فكرة إبداعية، القواعد لا بد أن تكون ناقصة وفيها ثغرات، وأيضاً القواعد قد تعيق المؤسسة عن استغلال الفرص الجديدة، تصور مثلاً أنك وجدت صفقة ستربح فيه الكثير وبالتالي تربح فيها مؤسستك، لكن هناك قاعدة تعيق إنجاز هذه الصفقة، ماذا ستفعل؟ هل ستكسر القاعدة لتكسب أم تجعل القواعد تتحكم فيك؟ أنت مبدع لذلك ستكسر القواعد التي تعيقك.(1/2)
· ... أنشأ نظام لتلقي الأفكار والاقتراحات، هذا النظام يجب أن يوفر فرصة للموظف لتجربة فكرته بشكل مصغر ثم تنفيذ الفكرة بشكل واسع على المؤسسة بأكملها، بل ويجب أن يحصل الموظف على التكريم المعنوي الذي يستحقه، ويستحسن أن يحصل على فائدة مالية من اقتراحه، وهذا النظام مطبق في شركة تويوتا اليابانية، حيث تتلقى الإدارة 1500000 اقتراح!! مليون ونصف اقتراح سنوياً! ويتم تطبيق 98% منها، ويكرم الموظف معنوياً ومادياً.
· ... أغرس في عقول وأنفس الموظفين بأن لا مستحيل على الإنسان، ونبههم بأن لا يفرطوا في الواقعية، حدث مرة في مؤسسة جنرال إلكتريك أن طلب مديرها من الموظف الجديد أن يبتكر طلاء يزيل الحرارة عن الزجاج الخارجي للمصباح الكهربائي، والموظفين القدامة يعلمون تماماً أن من المستحيل صنع هذا الطلاء، لكن المفاجئة فجرها الموظف الجديد عندما استطاع ابتكر طلاء يخفف من حرارة المصباح الكهربائي، إذاً لا مستحيل أبداً.
· ... ضع طرق وأساليب رسمية وغير رسمية لتحفيز وتكريم الموظفين، فمهما كان الموظف متميز ومجتهد فأنه يحتاج إلى الإحساس بأن المدير والآخرين يقدرونه.
· ... طبق أسلوب الإدارة على المكشوف، هذا يعني أن تجعل جميع المعلومات المتعلقة بالمؤسسة يعلمها الموظفين، وقد يقول المدراء التقليديون أن الموظفين لا يحتاجون إلى معرفة الوضع المالي للمؤسسة، لكن المبدع يعمل على إخبارهم بالوضع المالي للمؤسسة ويعلمهم كيف يكون مجهودهم مؤثر بالسلب أو الإيجاب على وضع المؤسسة، وأعطي فرصة لموظفيك لمقابلة الإدارة والمسؤولين على مختلف مستوياتهم الإدارية، يعين أن تفتح باب الاتصال بين جميع جهات المؤسسة حتى تخلق وعي بوضع المؤسسة في قلب وعقل كل موظف.(1/3)
· ... علم الموظفين نظام (كايزن kaisen)، وهذه كلمة يابانية تعني التطوير المستمر، يجب أن لا يتوقف الإبداع أبداً، هذا النظام يعني إدخال تحسينات صغيرة وبسيطة على الخدمات والمنتجات وبشكل دائم، وبهذا لن يستطيع أحد ما اللاحق بك، وهذا المبدأ تعمل به مؤسسة سوني، حيث(1/4)
أزماتنا ... كيف نديرها؟
الإبداع يخنق الأزمات
رؤية جديدة في إدارة الأزمات
المؤلف: عبد الله بن عبد الرحمن البريدي.
دار النشر: بيت الأفكار الدولية، 1999م.
عدد الصفحات: 178 من القطع المتوسط.
مدخل:
كانت الحياة ـ ولا تزال ـ تعصف بها ألوان من المشاكل، وأشكال من الأزمات، وكان الإنسان ولا يزال يقاوم أحداثها، وينازل أطرافها، ويكابد نتائجها، يستمر تارة، وينقطع تارة، يبلغ به ذكاؤه إلى أهدافه حيناً، ويقصر به حيناً، ينجح مرة، ويخفق أخرى.
وأخذت الأزمات تتنوع في مجالاتها، وتشتد في خطرها، فجعل الإنسان يستفيد من تجاربه - الناجحة والمخفقة على السواء - وأخذ يصهر ركام خبراته بالنقد البناء، ثم تلقف بعد ذلك اللبنات الصالحة الباقية فشيّد بها بناءاً علمياً تراكمت أجزاؤه عبر الأبحاث العلمية الرصينة والخبرات الحياتية الرائدة، فعلا بناؤه في فضاء المعرفة الإنسانية، واصطُلح على تسميته بـ "إدارة الأزمات".
وبِلُغة ميسرة وأسلوب رصين يهدف المؤلف بكتابته في هذا الموضوع الذي نحن بصدده الآن إلى محاولة إكساب القارئ منهجية إدارة الأزمات من خلال الإجابة على سؤالين رئيسين هما:
1 - كيف ندير الأزمات التي تواجهنا بشكل مباشر في مختلف مناحي حياتنا: في شركتنا، منظمتنا، جامعاتنا، منطقتنا، بيتنا؟
2 - كيف نحلّل الأزمات التي لا تواجهنا مباشرة ولا نشارك في إدارتها، ولكن نتائجها تهمُّنا وتؤثر علينا في أشكالها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية، والسياسية.
وبعد هذه المقدمة السريعة، ومن أجل الإفادة من بعض أجزاء الكتاب، يمكنني الولوج إلى الموضوع عبر تلخيص بعض النقاط محافظاً في أكثر المواطن وبشكل كبير على أسلوب المؤلف المتميز "مع الإشارة إلى الموطن الذي أنقل منه بين قوسين":
بعد تجوال في إشكالية التعريف ينتهي المؤلف إلى تعريف مختار للأزمة قائلاً:(1/1)
"الأزمة هي فترة حرجة أو حالة غير مستقرة يترتب عليها حدوث نتيجة مؤثرة، وتنطوي في الأغلب على أحداث سريعة وتهديد للقيم أو للأهداف التي يؤمن بها من يتأثر بالأزمة".
ثم يعرج المؤلف على أنواع الأزمات:
فيبين أن تصنيف الأزمات وتقسيمها يفيدنا في تعميق التفكير في الأزمة ويلفت الانتباه إلى بعض القضايا الهامة، كأن يقال: هذه أزمة شاملة، أزمة جزئية، أزمة عنيفة، هادئة ونحوها، كما يفيدنا هذا التصنيف في توحيد المفاهيم والمصطلحات عندما نفكر أو نتناقش في أزمة معينة، أما في حالة غياب مثل ذلك التوحيد، فسيكون التفكير الجماعي والنقاش حينذاك كمن يتكلمون بلغات مختلفة غير مفهومة، ومن ثم سيظفر أولئك المتناقشون بـ "لا شيء"!!
وبعد أن يستعرض المؤلف "دور حياة الأزمة" التي يشبهها بالكائن الحي في ولادته ونموه وفتوته ثم ضعفه واضمحلاله، ينتقل بنا في الفصل الثاني إلى معالجة مصطلحين مرتبطين بالأزمات وهما:
إدارة الأزمات أم الإدارة بالأزمات؟
ثمة فرق بين هذين المصطلحين يمكن توضيحه عبر التعريف بهما، وذلك كما يلي:
فإدارة الأزمات Crisis Management بعبارة يسيرة هي: معالجة الأزمة على نحو يمكن من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المنشودة والنتائج الجيدة.
من يدير الأزمة: مدير أم فريق الأزمة؟
والأزمة يجب ألا تدار فقط من خلال المدير الخارق "السوبرمان"، وإنما من خلال فريق خاص Task Force يُُختار أعضاؤه بعناية فائقة، ليتم بعد ذلك تدريبهم ورفع مستوياتهم وإكسابهم المهارات اللازمة لإدارة الأزمة.
من هو مدير الأزمة الفعال؟
ومع ضرورة إدارة الأزمة من خلال فريق متكامل، إلا أن مدير الأزمة بذاته يكتسب أهمية خاصة، ويلزم اتصافه بصفات معينة من أهمها أنه ينبغي أن يكون:
- قوي الإيمان بقضية الأزمة، شديد التحمل، ماضي الإرادة.
- يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي.(1/2)
- يتسم بالمهارات القيادية في إدارة فريق الأزمة، وفي الاتصال مع كافة الأطراف ذات الصلة بالأزمة بما في ذلك الطرف الآخر "أو الخصم".
أما الإدارة بالأزمات Management by Crisis فمصطلح يشير إلى: "افتعال أزمة من أجل تحقيق هدف معين".
ومن هذين التعريفين ندرك أنه في "الأزمات المفتعلة" يستخدم مفتعل الأزمة "الإدارة بالأزمات" في حين أن الطرف الآخر يلجأ إلى "إدارة الأزمات"، وهذا لا يعني أن جميع الأزمات مفتعلة من قبل أحد أطراف الأزمة؛ بل قد تكون الأزمة حدثت من جراء عوامل خارجة عن سيطرة ونطاق طرفي الأزمة، ومن ثم يلجأ كلاهما إلى "إدارة الأزمات".
وفي الفصل الثالث يدخل بنا المؤلف إلى صلب الموضوع الهام والذي عنون به الكتاب "الإبداع يخنق الأزمات" كيف ندير أزماتنا؟
إنه يصل بنا إلى كيفية إدارة الأزمات، والتي يقرر أنها ليست أكثر من أن تكون لوناً من ألوان التفكير الإبداعي الذي:
\ يتفهم طبيعة الأزمة وإفرازاتها، ويدرك أنواعها ودورة حياتها.
\ يتعرف على استراتيجيات التعامل معها وكيفية رسم سيناريوهاتها.
\ ويستبطن الوصايا المرعية في إدارة الأزمات.
إذاً فإدارة الأزمات - في رأي المؤلف - تفكير إبداعي واعٍ، ومن ثم يجب التعرف على هذا اللون من التفكير، ونرى الاكتفاء بتلخيص أبرز النقاط المتعلقة بهذا اللون من التفكير، وذلك كما يلي:
التفكير الإبداعي هو: "عملية ذهنية مصحوبة بتوتر وانفعال صادق ينظم بها العقل خبرات الإنسان ومعلوماته بطريقة خلاقة تمكنه من الوصول إلى جديد مفيد".
ويتميز المبدع بمزايا عقلية ونفسية كثيرة، من أبرزها:
الخصائص العقلية:
أ - الحساسية في تلمس المشكلات.
ب - الطلاقة.
ج - المرونة.
د - الأصالة.
هـ - الذكاء.
الخصائص النفسية:
أ - الثقة بالنفس.
ب - قوة العزيمة وحب المغامرة.
ج - القدرة على نقد الذات.
د - الإيمان غالباً بأنه في "الإمكان أبدع مما كان".
هـ - البذل بإخلاص وتفان.(1/3)
و - دائم التغلب على "العائق الوحيد".
ز - حب الاستكشاف والاستطلاع بالقراءة والملاحظة والتأمل.
ح - الميل إلى الانفراد في أداء بعض أعماله، مع مهارات اجتماعية.
وفي الفصل الرابع يبدأ المؤلف في تناول كيفية إدارة الأزمات والتي تنتظم خمس خطوات بتفصيل معقول كما يلي:
أولاً: تشخيص الأزمة وتحديد أسبابها:
في هذه الخطوة يجب تحديد الأزمة بدقة، وهنا يجب أن نفرق بين "الأزمة الظاهرية" و "الأزمة الحقيقية"، فالأولى قد يفتعلها الخصم من أجل المناورة وكشف بعض الأوراق بل ربما من أجل استنزاف الموارد وإنهاك القوى.
ومدير الأزمة المبدع يمتلك حساسية بالغة تجاه المشاكل والأزمات، كما أنه يعايشها بصدق وحرارة؛ ليستكشف بهذه المعايشة جوهرها وأبعادها، ويستبصر اتجاهها ومراحلها، ويتلمس أسبابها ونتائجها.
ويُفضّل عند تحديد الأزمة أن تُصاغ في ظل أسوأ الاحتمالات وأفضلها، مما يساعد على الاستعداد لها ورسم كافة السيناريوهات الممكنة.
كيف نشخص الأزمة؟
يفهم من كلام المؤلف أن الأزمة في حقيقتها ليست أكثر من مرض خطير هاجم جسداً فوجده منهك القوى ضعيف المقاومة، ومن ثم كان بدهياً القول بأن التشخيص السليم للأزمة هو بداية الاهتداء للأسلوب الأمثل للتعامل معها، ويمكن تشخيص الأزمة عبر ما يسمى بـ "المنهج الشامل" الذي يقوم على المحاور الآتية:
1 - استقراء تاريخ الأزمة وتصنيفه إلى مراحل.
2 - عند وصف المراحل التاريخية للأزمة وتحليلها يمكن تفكيك الأزمة إلى الأجزاء المنطقية التي تفاعلت على نحوٍ معين أدى إلى حدوثها، وهذا التفكيك يعرف "بمنهج النظم".
ثانياً: تحديد الأهداف "لماذا ندير الأزمة؟"
ماذا نريد؟ لماذا ندير هذه الأزمة ونتحمس لمواجهتها؟(1/4)
سؤال محوري وخطير يستلزم إجابة دقيقة من خلال سلوك المنهج العلمي في تحديد الأهداف، ومثل هذه الإجابة قد تبين لنا في بعض الأزمات التي نديرها أن الأهداف التي يمكن تحقيقها متواضعة، ومن ثم فهي لا تستحق الجهد المبذول والتكلفة المتوقعة.
وعند "صناعة الأهداف" في أجواء الأزمة، يجب التأكد من أنها: واضحة ودقيقة، متناسقة، متكاملة، واقعية، قابلة للقياس، وأن تكون الأهداف من نوع واحد "استراتيجية أو تكتيكية".
ثالثاً: الحد من تفاقم الأزمة:
يقضي التفكير العلمي - بعد تحديد الأهداف - أن نحدّد البدائل الممكنة، غير أن تصاعد أحداث الأزمة يفرض على فريق الأزمة التفكير في "آلية للحد من تفاقمها" من خلال تحديد بدائل "أولية"، أو "علاجات مسكّنة" بغية السيطرة على "فيروس الأزمة" بقدر المستطاع والذي ينشر "الخلايا السرطانية" ويعمل على تضخمها.
وهذه الخطوة يجب ألا ننظر إليها على أنها مستقلة عن خطوة تحديد البدائل؛ وذلك أن الأزمة تتصاعد أحداثها بشكل سريع ومخيف، مما يحتم علينا محاولة دمج هاتين الخطوتين عبر طريقتين هما:
1 - قيام الفريق بـ "التفكير الآني" في كلا العلاجين المسكّن والأساس في وقت واحد أو في أوقات متعاقبة.
2 - تقسيم فريق الأزمة إلى قسمين: يتولى أحدهما العلاج المسكّن، ويتولى الآخر - في الوقت ذاته - العلاج الأساس.
رابعاً: تحديد البدائل الممكنة:
في هذه الخطوة سجل كل ما يعن لك من أفكار، ولا تستعجل في محاكمتها وإعدامها، فلقد أثبتت بعض الدراسات المعنية بالأزمات أن كثيراً من الأفكار والبدائل الجيدة التي نفذت في بعض الأزمات قد هوجمت في البداية ووصفت بأنها مثالية أو مجنونة!!
وعند تحديد البدائل يجب على فريق الأزمة أن يطرحوا على أنفسهم بعض الأسئلة التي تعين على توليد أكبر قدر ممكن من البدائل، ومن تلك الأسئلة مثلاً ما يلي:
\ ماذا لو فعلنا - أو لم نفعل - كذا............؟(1/5)
\ هل نغير زاوية التفكير؟ هل "نفكر رأساً على عقب"؟
\ هل نستطيع تنفيذها؟ وهل الوقت مناسب لتنفيذها؟ ومن يستطيع مساعدتنا؟
ومدير الأزمة - بل فريق الأزمة - المبدع هو الذي يتخلص من أقفال الإبداع التي تحاول أن توحي لفريق الأزمة بإيحاءات سامة تنتشر في جو الأزمة، فيُخنق الإبداع ويخلفه الجمود ويعتل الجو بالبلادة.
عصف الأزمة ذهنياً:
وقد تتطلب بعض الأزمات حلولاً كثيرة، مما يؤيد استخدام ما يسمى "العاصفة الذهنية" Brain Stormin، وتتلخص في طرح أزمة أو مشكلة معينة على مجموعة من الأفراد، وتمر هذه العاصفة بالمراحل الآتية:
أ - توضيح الأزمة وتجزئتها.
ب - توليد الأفكار وعرضها.
ج - تقويم الأفكار المطروحة.
خامساً: اختيار أفضل البدائل:
بعد تحديد البدائل الممكنة يجب إخضاعها لدراسة علمية، يشترك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين "فريق الأزمة + بعض المستشارين - إن لزم الأمر".
ويمكن تقييم كل بديل من خلال مجموعة من الأسئلة مثل:
- هل يمكن تطبيقه عملياً؟ وهل نملك القدرة والموارد الكافية لتطبيقه؟
- ما هي تكلفة تطبيقه؟ وكم سيستغرق من الوقت؟
- ما هي الآثار والمخاطر المتوقعة؟ وما هي ردة الفعل المتوقعة للخصم؟
وإذا تم اختيار البديل المناسب فثمة أسئلة أخرى نجيب عليها هي:
- من الذي سيشارك في تنفيذ كل خطوة؟ ومتى؟ وكيف؟ وكم ستستغرق هذه الخطوة من الوقت؟
- ما هي المشكلات التي يمكن أن تنشأ بين الأشخاص بسبب التنفيذ؟
ما هي استراتيجيات التعامل مع الأزمات؟
وبعد أن عرفنا الكيفية التي تدار بها الأزمات يجب أن نتعرف على الاستراتيجيات المتاحة للتعامل معها، وفي الفصل الخامس يناقش المؤلف هذه القضية بإسهاب، ويمكننا عرضها كما يلي:
إدارة الأزمات يجب أن تتم في ضوء استراتيجية معينة، بحيث يقتنع فريق الأزمة بضرورة إدارة الأزمة في ضوئها.(1/6)
واستراتيجيات التعامل مع الأزمة كثيرة، ولذا كان من الواجب عند اختيار الاستراتيجية مراعاة الأمور الآتية:
\ تحديد الموقف من الأزمة: من هو صانع الأزمة؟ ومن هو المستهدف بها؟
\ اختيار الاستراتيجية التي تناسب طبيعة الأزمة وإفرازاتها.
\ التأكد من أن الاستراتيجية المختارة يمكن تطبيقها في ظل الإمكانات المادية والبشرية المتاحة.
\ التعرف على استراتيجية الطرف الآخر.
ثم تناول المؤلف أهم الاستراتيجيات على النحو الآتي:
1 - كبت الأزمة:
وتقضي هذه الاستراتيجية بالعنف في التعامل مع الأزمة ومع الطرف الآخر، وذلك بالتدخل السريع ومحاولة وقف أحداثها والقضاء على "مولّداتها" كالأزمة الطلابية التي حدثت في الصين في صيف 1989م.
2 - تفريع الأزمة:
وهذه الاستراتيجية تعتبر امتداداً لما قبلها، إلا أن الفارق بينهما يكمن في أن الاستراتيجية الأولى تهدف إلى القضاء نهائياً على الأزمة دفعة واحدة، بينما الثانية تروم القضاء عليها تدريجياً لقناعة مستخدمها بضرورة التدرج: إما لتماسك الطرف الآخر وقوته وكثرة أتباعه، أو للظهور إعلامياً بمظهر المتسامح، أو لغير ذلك من الأسباب
3 - إنكار الأزمة أو بخسها:
أي أنه لا يتم الاعتراف بوجود الأزمة أصلاً أو التقليل من شأنها بحيث تصور على أنها مجرد "فقاعات هواء" لا تلبث أن تتبدد، ومن ثم فإن هذه الاستراتيجية يصاحبها:
\ تعتيم إعلامي لتفويت الفرصة على الطرف الآخر لإقناع بعض من المستهدفين بالأزمة وبخطورتها.
\ تحصين الأفراد من هذه الحملات الإعلامية، وإقناعهم بعدم وجود أي أزمة أو التهوين من شأنها.
4 - عزل قوى الأزمة:
هذه الاستراتيجية تؤمن بالحكمة التي تقبع في "اللاشعور الإنساني" والتي تقضي بقطع "رأس الحية" بغية التخلص من شرها!!
وعبر هذه الاستراتيجية يتم تصنيف قوى الأزمة إلى:
أ - القوى الصانعة.
ب - القوى المؤيدة.
ج - القوى المهتمة بالأزمة.(1/7)
وبعد هذا التصنيف يتم عزل القوى الصانعة بطريقة أو بأخرى.
5 - احتواء الأزمة:
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى "محاصرة الأزمة" والعمل على عدم استفحالها، عبر امتصاص الضغط المولد لها؛ ففي الأزمات العمالية - مثلاً - يمكن اتباع ما يلي:
\ إبداء الرغبة في معرفة مطالب العمال عبر مفاوضات ذكية.
\ مطالبة العمال باختيار ممثل لهم في هذه المفاوضات، ومن ثم مطالبة الممثل بتوحيد الرغبات؛ حيث إنها متعارضة، أو المطالبة باستبعاد بعضها؛ لتعذر تنفيذها دفعة واحدة.
\ التفاوض مع الممثل بذكاء والخلوص إلى نتائج جيدة.
6 - تصعيد الأزمة:
وذلك بالعمل على زيادة حدة الأزمة إلى درجة معينة، ويتم اللجوء إلى هذه الاستراتيجية في حالات خاصة ولتحقيق أهداف محددة، مثلاً:
\ في حالة الغموض الشديد في الأزمة وعدم ظهور أطراف الأزمة الحقيقية.
\ عند الرغبة في تصنيف قوى الأزمة.
7 - تفريغ الأزمة من مضمونها:
ليس ثمة أزمة بلا مضمون، ومضمون الأزمة قد يكون دينياً أو ثقافياً أو سياسياً أو اقتصادياً، أو اجتماعياً أو خليطاً، وهذه الاستراتيجية تقضي بـ "خنق الأزمة" وذلك بامتصاص مضمونها، وجعلها تتنفس بلا هواء، أو بهواء بلا رئة!!
استراتيجية "التفريغ" كثيراً ما تستخدم في الأزمات الدينية والثقافية؛ ذلك أن الدين والثقافة يستعصيان على العنف والإكراه في الأغلب، وهو ما يضطر أحد الطرفين إلى تفريغ الأزمة من مضمونها والادعاء بأنها لا تمت إلى الدين أو الثقافة بأدنى صلة، لتبقى بعد ذلك مهمة الطرف الآخر منحصرة بالتأكيد على هذا المضمون، بل ربما امتدت مهمته إلى إيجاد مضامين جديدة لتشتيت خصمه تقكيراً وتنفيذاً.(1/8)
وكلام المؤلف العميق حول هذه الاستراتيجية يجعلني أبادر إلى تقرير أن قضية فلسطين وما انتهجه اليهود تجاهها تعد مثالاً جيداً على هذه الاستراتيجية؛ ذلك أن اليهود ما برحوا منذ بدء الأزمة يصورون الصراع على أنه مسألة سياسية لا عقدية وأن الحل تستحيل بلورته وإنضاجه إلا عبر مجلس الأمن وما يسمى بـ "الشرعية الدولية"، حتى مصطلح الأزمة ذاته بات يمارس دوره التضليلي؛ فالصراع القائم هو "الصراع العربي الإسرائيلي"!!
ثمة وصايا يلزم اصطحابها:
بعد أن تعرفنا فيما سبق على ماهية الأزمة، وعلى خصائص فريق ومدير الأزمة الفعال، وبعد أن استعرضنا كيفية إدارة الأزمات في ضوء استراتيجية معينة، بعد هذا كله نكون قد أنهينا أغلب مفردات الإطار النظري لإدارة الأزمات، ليكون من المنطقي في هذا الجزء أن نتعرف على ما هناك من وصايا يلزم اصطحابها عند إدارتنا لأزماتنا.
يقول المؤلف: إن الأزمة بطبيعتها تخلق جواً مفعماً بالضيق والتوتر والانفعال - وربما صاحبه شيء من الشعور بفقد السيطرة على مجريات الأحداث - جواً مشحوناً بالمعلومات المتضاربة والآراء المتناقضة، جواً ربما يبعث بعض الناس على الانكفاء على الذات والانطواء على مصالحه الخاصة.
من هذا الجو "الخانق" تتجلى أهمية استصحاب وصايا تعيد إلى العقول رشدها وإلى النفوس طمأنينتها وإلى الإدارة حكمتها. وهذه الوصايا نستنبطها من النصوص الشرعية، ونفيد مما هو مبثوث في أدبيات إدارة الأزمات، وهي كثيرة، غير أن من أهمها ما يلي: "ذكر المؤلف في الفصل السادس عشر وصايا نذكر منها ثماني وصايا على سبيل الاختصار":
1 - ما أصابك لم يكن ليخطئك:(1/9)
هذه الوصية تجعلك تظفر بثمرة "الإيمان بالقضاء والقدر"؛ فالأزمة في حقيقتها مصيبة يبتلينا ربنا - عز وجل - بها تمحيصاً للذنوب ورفعة للدرجات، قال - تعالى -: إنا كل شيء خلقناه بقدر {القمر: 49}، وقال: وكان أمر الله قدرا مقدورا {الأحزاب: 38}، وفي حديث جبريل - عليه السلام - أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان بقوله: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره"(1)، ولذا فإن من الواجب على المؤمن "المتأزم" أن يؤمن بأن أزمته لم تكن لتخطئه، ليستجمع بعد ذلك قواه ويسترد رشده ويلتقط أنفاسه من أجل الشروع في مواجهة أزمته بعد الاستعانة بالقوي الحكيم العليم - جل وعلا -.
2 - لا تغضب!
لِمَ تغضب وعلامَ تطيش ـ إن كنت أيقنت حقيقة بأن أزمتك لم تكن لتخطئك؟! يجب أن تؤمن بأنه ليس ثمة سبيل إلى التفكير السديد في حالة "انقلاب الأعصاب" و "تسرّب الحِلْم" و "تبخّر الهدوء" وقد تقول: لا بد أن أغضب؛ فهذه أزمة، ثم كيف لا أغضب؟ بكل بساطة أقول لك: إن أردت ألا تغضب فلا تغضب!! ليست هذه فلسفة ولا سفسطة، وإنما توجيه نبوي كريم؛ فعن أبي هريرة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني! فقال صلى الله عليه وسلم : "لا تغضب" فردد مراراً؛ قال: "لا تغضب"(1).
3 - كن واقعياً؛ فقد لا تستطيع تحقيق كل أهدافك:
بعد أن يثوبَ إليك رشدُك وتُمسِك زمامَ عقلك، عليك أن تبادر نفسك بالسؤال:
ما هدفي؟ ماذا أريد بالضبط؟(1/10)
وبعد أن تحدد أهدافك بدقة احذر من المثالية التي قد توهمك أحياناً بأنك قادر على تحقيقها كلها وفي كل أزماتك التي تديرها، غير أن الواقعية تقضي بغير ذلك؛ فكثيرٌ من الناس - ولعلك كنتَ واحداً منهم - حدَّدوا أهدافاً جيدة ولكنها غير واقعية: إما في عددها أو في مضمونها، ثم راحوا يديرون أزمتهم ويتعبون أنفسهم بغية تحقيقها ثم ما لبثوا أن اكتشفوا أنهم كانوا يحلُمون!! وربما كان ذلك سبباً في عدم تحقيق شيء من أهدافهم!! إذاً فكن واقعياً من البداية وحدد ما تستطيع تحقيقه من أهدافك في ظل الظروف الراهنة وفي ضوء قدراتك المادية والبشرية.
4 - لا تحرج خصمك!
من الأصول المستقرة في إدارة الأزمات "عدم إحراج الخصم"؛ ذلك أن الخصم في أغلب الأزمات يعتبر شريكاً لا مناص من التنازل له ببعض الأمور، ويرجع هذا إلى عدة أمور من أهمها:
\ انتشار الوعي الإداري والإلمام بأصول إدارة الأزمات.
\ الثورة المعلوماتية أتاحت لطرفي الأزمة معلومات مهمة عن الأزمة وملابساتها.
ليس ذلك فقط هو الذي يدعو إلى "عدم إراقة ماء وجه الخصم"، بل إن إحراج الخصم قد يؤدي به في بعض الأحيان إلى موجة من التهور والطيش تكون سبباً في احتدام الأزمة وإشعال فتيلها.
ويتفرّع عن هذه الوصية ويلزم منها وصية أخرى مفادها:
دع خصمك يتنفس!
ذلك أن الاستعجال في مبادرة الخصم قد يلجئه إلى شيء من الاستعجال الذي قد يصاحبه شيء من التهور؛ وذلك من أجل تقديم الدليل على كامل قدرته على الرد الحاسم والمدروس!!
5 - صعّد تدريجياً:
من الطبيعي في خضم الأزمة أن يحدد كل طرف بدائل متعددة، وتقضي إدارة الأزمات بالبدء بالأخف منها ثم التدرج فيها حتى البديل الأقوى، ومثل هذا التدرج يفيد في:
\ إعطاء الخصم انطباعاً بأنك قادر على الاستمرار في الأزمة بل والتصعيد، مما قد يحمله على التنازل وإنهاء الأزمة بالصورة المطلوبة.
\ تجنب توجيه الأزمة نحو العنف.(1/11)
وهذا يقودنا إلى التأكيد على ضرورة الاقتصاد في استخدام الموارد المتاحة؛ وذلك أن بعض صانعي الأزمة قد يفتعل في البداية أزمة وهمية (كمين) بقصد استنزاف الموارد وإنهاك القوى، لتظهر بعدُ الأزمة الحقيقة التي قد لا تكفي الموارد الباقية والقوى الخائرة لمواجهتها!!
6 - وسّع نطاق استشاراتك:
قال - تعالى - مبيناً أهمية الاستشارة: وشاورهم في الأمر {آل عمران: 159}، وتنبثق هذه الأهمية من كونها تتيح لمدير الأزمة أن ينظر للأزمة بعقلانية أكثر وطرائق تفكير متعددة، ومن زوايا متعددة، وبنفسيات تختلف تفاؤلاً وتشاؤماً.
إن بعضاً ممن يعانون من الأزمات يستشير الكثير من الناس في أزماتهم، غير أنهم في الحقيقة لا يستشيرون إلا أنفسهم ولا يصدرون إلا عن عقولهم. إنهم أولئك الذين يستشيرون من يحاكونهم في طريقة التفكير والتخصص والخلفية الثقافية والاهتمامات!!
7 - تلمّس دعماً أكبر:
مدير الأزمة الناجح هو من يتلمس دعماً أكبر:
\ باستبقاء المؤيدين بقوة من خلال إقناعهم بالقرار الذي تم اتخاذه وبأهمية تأييدهم للقضية التي آمنوا بمشروعيتها واقتنعوا بضرورتها.
\ وبجذب أكبر عدد ممكن من المترددين والعمل على زيادة تأييدهم؛ وذلك بإطلاعهم على كافة الجوانب التي تزيل اللبس وتقنعهم بسمو القضية، وبالنتائج الطيبة التي ستسفر عنها الأزمة.
\ وبتحييد أكبر عدد ممكن من المعارضين.
8 - استخر واستعن:
لم يبق لك إلا أن تستخير الله - تعالى - وتستعين به؛ فلقد حكى لنا جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلّمهم الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، ولاحظ أنه قال: "في الأمور كلها" هكذا، أي في عظيم الأمر وحقيره؛ فما بالك بقرار يتعلق بأزمة، وها هو صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك" الحديث(1).
ثم ختم المؤلف كتابه بفصلين هامين:(1/12)
الأول: "وهو الفصل السابع" تحدث فيه عن سيناريوهات الأزمة التي عرفها بأنها: "مسلسل متوقع للأحداث والنتائج تجاه قضية معينة"، متناولاً في هذا الفصل كيفية صناعة السيناريوهات وعوامل نجاح مثل هذه الصناعة.
الثاني: "وهو الفصل الثامن": وهو من أهم فصول الكتاب؛ وذلك لأنه يتعلق بالتطبيق العملي، وقد عرض فيه لبعض التطبيقات العملية الناجحة والمخفقة في إدارة الأزمات؛ فقد عرض في التطبيقات الناجحة:
- أزمة بلقيس "قصة سليمان - عليه السلام - مع ملكة سبأ وكيف استطاع أن ينجح في إدارة تلك الأزمة الرهيبة".
- أزمة دواء التلينول "وقعت أحداثها في الثمانينيات الميلادية وهي أزمة مثيرة".
- أزمة الصواريخ الكوبية والتي تعد الأزمة النموذجية في عالم السياسة والتي وقعت أحداثها في عام 1962م بين القطبين آنذاك.
أما التطبيقات غير الناجحة فقد استعرض المؤلف أزمة واحدة فقط هي "أزمة إدارة الأزمات العربية"!!
وما تم عرضه من الكتاب لا يغني عن قراءته واقتنائه لاكتساب المنهجية العلمية في إدارة الأزمات والتعمق في فهم مفرداتها وخطواتها.
والله ولي التوفيق
عرض وتلخيص: أحمد عثمان البيان 146http://www.naseej.com/islamic/bayan/146/html/P044_C2.html(1/13)
الإبداع
طريقك نحو قيادة المستقبل
المراجع:
· ... سلسلة الإبداع والتفكير الابتكاري د. علي الحمادي.
· ... الخروج من الصندوق فرانك برنس ترجمة: نسيم الصمادي.
إعداد: عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ
أنوه إلى أن مادة هذا الملف تم تجميعها وترتيبها من المراجع المكتوبة أعلاه، واجتهدت أن أختصر بقدر الإمكان في هذه المادة وكتابة الخلاصة المفيدة ورتبت الملف بحيث يعرف الفرد كيف الإبداع ومعوقاته والطرق التي تجعلك أكثر إبداعاً، وأساليب توليد الأفكار وأخيراً بعض التطبيقات.
ما هو الإبداع؟ وماذا نقصد بالإبداع؟
في الحقيقة هناك تعاريف كثيرة للإبداع، لذلك سنذكر بعض التعاريف، من أيسر هذه التعاريف التعريف التالي "العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ" وهناك تعريف شامل للدكتور على الحمادي، أورده ضمن كتابه الأول من سلسلة الإبداع وهو التعريف التالي "هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله" وأعتقد بأن هذا هو التعريف الشامل.
إذاً الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن المألوف، على شرط أن تكون أفكار مفيدة، وقد يكون الإبداع في مجال يجلب الدمار والضرر وهذا لا يسمى إبداع بل تخريب، فلو قلنا أن موظف ابتكر طريقة جديدة لتخفيض التكاليف أو لتعزيز الإنتاج أو لمنتج جديد، فتعتبر هذه الفكرة من الإبداع.
ويمكنك الرجوع إلى كتاب "شرارة الإبداع" د. علي الحمادي حيث ستجد تعريف شامل للإبداع والمفاهيم المتصلة به. وهذا الملف هو تعريف مختصر جداً للإبداع ولا أود الإطالة.
من هو المبدع؟
يظن بعض الناس أن الإنسان المبدع ولد هكذا مبدعاً، وهو مفهوم غير صحيح، وللاختصار أقول كل شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إلا من يأبى!(1/1)
كان أحد رجال الأعمال يقف في طابور طويل في إحدى المطارات، لاحظ الرجل أن أغلفة تذاكر السفر بيضاء خالية، ففكر في طباعة إعلانات على هذه المغلفات وتوزيع هذه الأغلفة مجاناً على شركات الطيران، وافقت شركات الطيران على هذا العرض، وتعاون رجل الأعمال مع مدير إحدى المطابع وتم هذا المشروع، والنتيجة أرباح بملايين الدولارات! الفكرة إبداعية وصغيرة، لكنها جديدة ولم يفكر فيها أحد من قبل، وصار لهذا الرجل زبائن من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة.
الإبداع الفردي
نستعرض في هذا القسم خصائص الشخص المبدع، معوقات الإبداع لدى الأفراد، طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً، طرق توليد الأفكار، ثم بعض الأمثلة والمجالات التي يستطيع الفرد أن يبدع فيها.
صفات المبدعين
هذه بعض صفات المبدعين، التي يمكن أن تتعود عليها وتغرسها في نفسك، وحاول أن تعود الآخرين عليها أيضاً.
· ... يبحثون عن الطرق والحلول البديلة ولا يكتفون بحل أو طريقة واحدة.
· ... لديهم تصميم وإرادة قوية.
· ... لديهم أهداف واضحة يريدون الوصول إليها.
· ... يتجاهلون تعليقات الآخرين السلبية.
· ... لا يخشون الفشل ( أديسون جرب 1800 تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي ).
· ... لا يحبون الروتين.
· ... يبادرون.
· ... إيجابيون ومتفاؤلون.
وإذا لم تتوافر فيك هذه الصفات لا تظن بأنك غير مبدع، بل يمكنك أن تكتسب هذه الصفات وتصبح عادات متأصلة لديك.
معوقات الإبداع
معوقات الإبداع كثيرة، منها ما يكون من الإنسان نفسه ومنها وما يكون من قبل الآخرين، عليك أن تعي هذه المعوقات وتتجنبها بقدر الإمكان، لأنها تقتل الإبداع وتفتك به.
· ... الشعور بالنقص ويتمثل ذلك في أقوال بعض الناس: أنا ضعيف، أنا غير مبدع ... إلخ.
· ... عدم الثقة بالنفس.
· ... عدم التعلم والاستمرار في زيادة المحصول العلمي.
· ... الخوف من تعليقات الآخرين السلبية.
· ... الخوف على الرزق.
· ... الخوف والخجل من الرؤساء.
· ... الخوف من الفشل.
· ... الرضى بالواقع.(1/2)
· ... الجمود على الخطط والقوانين والإجراءات.
· ... التشاؤم.
· ... الاعتماد على الآخرين والتبعية لهم.
طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً
· ... مارس رياضة المشي في الصباح الباكر وتأمل الطبيعة من حولك.
· ... خصص خمس دقائق للتخيل صباح ومساء كل يوم.
· ... ناقش شخصاً آخر حول فكرة تستحسنها قبل أن تجربها.
· ... تخيل نفسك رئيس لمجلس إدارة لمدة يوم واحد.
· ... استخدم الرسومات والأشكال التوضيحية بدل الكتابة في عرض المعلومات.
· ... قبل أن تقرر أي شيء، قم بإعداد الخيارات المتاحة.
· ... جرب واختبر الأشياء وشجع على التجربة.
· ... تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط.
· ... ارسم صوراً وأشكالاً فكاهية أثناء التفكير.
· ... فكر بحل مكلف لمشكلة ما ثم حاول تحديد إيجابيات ذلك الحل.
· ... قدم أفكاراً واطراح حلولاً بعيدة المنال.
· ... تعلم رياضة جديدة حتى إن لم تمارسها.
· ... اشترك في مجلة في غير تخصصك ولم يسبق لك قراءتها.
· ... غير طريقك من وإلى العمل.
· ... قم بعمل السكرتير بنفسك، وأعطه إجازة إجبارية!
· ... قم بترتيب غرفتك، وغسل ملابسك وكيها لوحدك.
· ... غير من ترتيب الأثاث في مكتبك أو غرفتك.
· ... احلم وتصور النجاح دائماً.
· ... قم بخطوات صغيرة في كل عمل، ولا تكتفي بالكلام والأماني.
· ... أكثر من السؤال.
· ... قل لا أعرف.
· ... إذا كنت لا تعمل شيء، ففكر بعمل شيء إبداعي تملء به وقت فراغك.
· ... ألعب لعبة ماذا لو ..؟
· ... انتبه إلى الأفكار الصغيرة.
· ... غير ما تعودت عليه.
· ... احرص أن يكون في أي عمل تعمله شيء من الإبداع.
· ... تعلم والعب ألعاب الذكاء والتفكير.
· ... اقرأ قصص ومواقف عن الإبداع والمبدعين.
· ... خصص دفتر لكتابة الأفكار ودون فيه الأفكار الإبداعية مهما كانت هذه الأفكار صغيرة.
· ... افترض أن كل شيء ممكن.
طرق توليد الأفكار
وصلنا إلى التطبيق العملي، كيف نولد ونبتكر افكار وحلول جديدة، إليك هذه الطرق:
· ... حدد هدفاً واضحاً لإبداعك وتفكيرك.(1/3)
· ... التفكير بالمقلوب، أي إقلب ما تراه في حياتك حتى تأتي بفكرة جديدة، مثال: الطلاب يذهبون إلى المدرسة، عندما تعكسه تقول: المدرسة تأتي إلى الطلاب، وهذا ما حدث من خلال الدراسة بالإنترنت والمراسلة وغيرها.
· ... الدمج، أي دمج عنصرين أو أكثر للحصول على إبداع جديد، مثال: سيارة + قارب = مركبة برمائية، وتم تطبيق هذه الفكرة!
· ... الحذف، احذف جزء أو خطوة واحدة من جهاز أو نظام إداري، فقد يكون هذا الجزء لا فائدة له.
· ... الإبداع بالأحلام، تخيل أنك أصبحت مديراً لوزارة التعليم مثلاً، مالذي ستفعله؟ أو تخيل أننا نعيش تحت الماء، كيف ستكون حياتنا؟
· ... المثيرات العشوائية، قم بزيارة محل للعب الأطفال، أو سافر لبلاد لم تزرها من قبل، أو امشي في مكان لم تراه من قبل، ولا تنسى أن تحمل معك دفتر ملاحظات وقلم لكي تسجل أي فكرة أو خاطرة تخطر على ذهنك.
· ... الإبداع بالتنقل، أي تحويل ونقل فكرة تبدو غير صحيحة أو معقولة إلى فكر جديدة ومعقولة.
· ... زاوية نظر أخرى، انظر إلى المشكلة أو الإبداع أو المسألة من طرف ثاني أو ثالث، ولا تحصر رؤيتك بمجال نظرك فقط.
· ... ماذا لو؟، قل لنفسك: ماذا لو حدث كذا وكذا .. ستكون النتيجة .....
· ... كيف يمكن؟ استخدم هذا السؤال لإيجاد العديد من البدائل والإجابات.
· ... استخدامات أخرى، هل تستطيع أن توجد 20 استخدام آخر للقلم غير الكتابة والرسم؟ جرب هذه الطريقة وبالتأكيد ستحصل على أفكار مفيدة.
· ... طور باستمرار، لا تتوقف عن التطوير والتعديل في أي شيء.
أمثلة وتطبيقات
1- تصور أن مؤسستك ققرت الاستغناء عنك، فماذا ستفعل؟ هل ستبحث عن وظيفة جديدة أو ستبدأ مشروعك الخاص، أو لن تفعل أي شيء بالمرة، فكر وابتكر فكرة إبداعية جديدة، وطبقها إذا أمكن، ولا تنسى أن الخوف على الرزق هو من معوقات الإبداع.(1/4)
2- انظر إلى المخلفات والمهملات التي في المنزل، هل بإمكانك أن تستفيد منها؟ على طاولتي علبة لوضع الأقلام فيها، هذه العلبة كانت في الأصل علبة لطعام!! لكن تم تنظيفها وتزينها حتى أصبحت جميلة ومفيدة.
3- تود أن تذهب مع عائلتك في رحلة إبداعية، كيف ستكون هذه الرحلة؟
4- غرفتك غير منظمة، كيف سترتبها بحيث توفر مساحة كبيرة، ويكون هذا الترتيب عملي أيضاً.
5- سيزورك بعض أصدقائك في المنزل، كيف ستسقبلهم بطريقة إبداعية؟
6- رغبت في تنشيط أفراد أسرتك بنشاط إبداعي جديد، كيف سيكون هذا النشاط؟
7- قررت أن تزرع حديقة منزلك بنباتات الزينة، كيف ستزرعها وكيف سيكون شكلها؟
8- لاحظت أن النفقات المالية كثيرة في منزلك، كيف ستقلص هذه النفقات؟
9- تود أن تتعلم وتزيد ثروتك المعرفية، ابتكر 10 طرق لتزيد من معرفتك.
10- إذا كنت تعتمد على الخادمة في أعمال المنزل، تصور أنك تخليت عنها لمدة اسبوع، كيف ستدبر أعمال المنزل؟ وطبق هذا التمرين عملياً وتخلص من الخادمة ومن سلبيات الخدم.
الخاتمة
كن شخصاً مبدعاً ولا تلتفت إلى ما يقوله غيرك من تعليقات سلبية ومثبطة، وحاول أن تنمي مهارة الإبداع لديك واعلم أنها مهارة تستطيع أن تكتسبها، والإبداع ضروري لحياة الفرد لكسر الروتين والملل، ولتطوير مهاراته ومعارفه، ولإثراء حياته بالتجارب والمواقف الجميلة، لذلك فكر في كل حياتك الشخصية وحاول أن تبدع ولو قليلاً في كل مجال.(1/5)
الوقت الابداعي.
ويقصد بالوقت الإبداعي؛ ذلك الذي يخصص لعملية التفكير والتحليل والتخطيط المستقبلي، أو ذلك الذي يصرف في تحسين وضع الأداء وتطوير الإنجاز، أو ذلك الذي نحقق منه مرابح أفضل.. وليس بالضرورة أن يكون الإنجاز فورياً، لأن الوقت الذي يصرف لأجل ضمان المكاسب في المستقبل، كحل أزمات أو تقويم ارتباطات أو تكوين روابط وعلاقات، هو أيضاً وقت إبداعي.
والملحوظ أن أفضل الإنجازات الإدارية تتحقق في هذا الوقت، كما أن المدراء الناجحين يحققون أفضل نجاحاتهم فيه، خصوصاً إذا أعطوا الوقت الكافي لكل عمل أو فكرة أو مشروع..
ففي دراسة أجراها (129) عالماً بمركز القيادة الإبداعية في جامعة برانديز، تبين فيها أن أكثر معوقات الإبداع تعود لعدم توفر الوقت، أي إن الوقت غير كاف لهذا الإبداع، أو إن عبء العمل كثيف جداً، فقد قال أحد المشاركين في الدراسة:
(عندما ترزح تحت عبء مشكلة ما، ويطلب منك إيجاد شيء جديد في وقت قصير، فإنك تبدأ بالبحث عما أنجز من قبل، والحقيقة أن الأمور الجديدة لا تأتي تحت الضغط) .
إذن ينبغي إعطاء الوقت الكافي لكل ما نريد تحقيقه حتى نضمن النجاح الباهر فيه.
إن أجمل ما في التفكير المبدع هو أنه يعبر عن قوة الرؤية المستقبلية، ويعطي أصحابه ملكة جيدة على التنبؤ بالقادم، أو القدرة الذهنية والفكرية على إيجاد الترابط والاتصال بين أجزاء الأعمال والخطط المختلفة.
وتتمثل هذه الملكة بموهبة رؤية الذات بشكل منطقي ومتوازن ثم رؤية الغير كذلك.. بلا إفراط أو تفريط ولا غرور أو تهاون.
إن الدراسات المطبقة في التطوير الذاتي تعترف بالملكات والمواهب والقدرات الإبداعية لدى الأفراد بشكل أحادي أو جماعي، لأنها في مجموعها تشكل جوهر القيادة الذاتية الخلاّقة التي تتكون من ملكات أو قدرات أربع هي:
1- رؤية الذات رؤية تحليلية قويمة تشخص أمراضها وتضع معالجاتها وتتعرف على نقاط قوتها ومكامن ضعفها.(1/1)
2- الضمير النزيه، ويمثل جوهر الالتزام بالقيم الإنسانية ومكارم الأخلاق والجوانب النبيلة التي تبني شخصيات الناجحين في الحياة والمجتمع.
3- الإرادة المستقلة، وتمثل قوة العزم والتصميم والحسم في التنفيذ بلا ميوعة أو تردد أو تهاون، وهي أكبر قدرة يمتلكها كل إنسان لدى مصارعة الحياة للحصول على ما يريد.
4- الخيال المبدع؛ وتمثله قوة العقل المتمثلة بدورها في التفكير الإيجابي والتأثير النفسي على اكتشاف مناطق الفراغ وملئها بالفكرة أو الخطة أو الإنجاز المناسب.
ومن ذلك تأتي الأجواء التسامحية التي تبديها الإدارة في زمن الإخفاق لتساعد على المزيد من الموفقية والنجاح؛ من هنا يرى العديد من مدراء الشركات والمؤسسات الابتكارية أن وضع علامة واحدة للفشل يمكن أن تصم بها الأفراد حينما يفشلون في تجربة أو مشوار أو تحسبها عليهم نقصاً يمكن أن يذكروا به أو يؤاخذوا عليه، يجعل الأفراد يترددون في السعي والبحث لاكتشاف الفرص الأفضل وبذل المزيد لأجل التطوير والخلاقية.
إن الكثير من الأفراد يكونون مبدعين إذا وجدوا أجواء مشجعة لذلك، وهذا لا يتم إلا إذا كانت الأجواء تسامحية والميدان مفتوحاً للتنافس الحر، أما الأجواء المغلقة أو الصدور الضيّقة والحساسة تجاه الخطأ أو الفشل، فإنها لا تجيد أن تصنع من أفرادها عناصر مبدعة وخلاّقة، لأن القليل من الأفراد يعملون بروح الفاتح العظيم لما تتطلبها هذه الروح من نبوغ وشدة بأس وقوة وتصميم وإرادة وصدر رحب لتحمل الأعباء ومواجهة المشاكل والانتكاسات، والقليل من الأفراد يتحلون بهذه الدرجة من الصبر والمثالية.(1/2)
لذا ينبغي أن نؤمن بأن جميع الأفراد مبدعون إذا وجدوا أجواء لذلك والعكس صحيح، على أي حال فإن الملكات الإبداعية تنمو إذا وجدت التربة والمناخ الصالحين وتموت في غيرهما.. كما أن تعاضد هذه العناصر والملكات وانسجامها يكوّن الشخصية القيادية للفرد المبدع، سواء كان إبداعه على مستوى الفكر والتخطيط، أو على مستوى العمل والإنجاز، أو على مستوى السلطة الروحية وقدرة النفوذ والتأثير.
فإذا اجتمعت هذه طرّاً في مؤسسة أو جماعة، فإنها كفيلة بتسليمها زمام الإبداع وزمام القيادة معاً مما يجعلها في قمة الحياة لا في سفوحها
اكتشاف العناصر المبدعه .
إن الابتكار والإبداع شكل راق من النشاط والخلاقية الإنسانية وقد أصبح منذ الخمسينات من القرن الماضي مشكلة هامة من مشكلات البحث العلمي في العديد من الدول والمؤسسات.. فبعد أن حلّت الآلة في المصانع والإدارات والمؤسسات لم تعد الحاجة إلى العضلات البشرية بتلك الأهمية وإنما نحت الضرورة إلى الطاقة المفكرة الخلاقة إذ تجاوزت تقنيات الآلة الزمان والمكان في السرعة على الإنجاز في المصانع والشركات الصناعية والتجارية فضلاً عن الإتقان والجودة كما تجاوزت معرقلات التواصل والارتباط ونقل المفاهيم والمؤثّرات في المؤسسات البشرية والفكرية..
بما جعل الاستغناء عن الكثير من الطاقات والكفاءات العضلية والوظيفية أمراً طبيعياً.. وفي المقابل ازداد الطلب أكثر فأكثر على النشاط الابتكاري والإبداعي الفذ فبات من الضروري على كل مؤسسة إيجاد قدرات خلاّقة في أفرادها تعينها على مواكبة التطور السريع كضرورة اهتمامها في تطوير القدرات المبدعة لبذل المزيد حتى تبقى في القمة دائماً..(1/3)
وهذا ما يدعو إلى اكتشاف العناصر الخلاقة المبدعة في كل تجمع وجماعة فإن كل جماعة لا تعدم أن توجد بين عناصرها العديد من الطاقات الخلاقة ولكن في مرحلة الولادة أو الكمون فتحتاج إلى الفرص المناسبة والرعاية الكافية حتى تولد وتنمو وتكبر وتأخذ موقعها في مجالات العمل المختلفة..
ومن هنا ينبغي - دائماً - التوجّه إلى صفات الأفراد وخصوصياتهم لاكتشاف الطاقات المبدعة فيهم حتى لا نحرمها من العناية ولا نحرم العمل من فرص أفضل للتقدم.. وتتمثل صفات المبدعين بجملة من المظاهر في السلوكيات والأنشطة اليومية في البيت ومكان العمل والشارع والنادي وغيرها من مواقع النشاط وقد حدّد بعض علماء النفس الصفات الإبداعية في الأفراد في عدّة مظاهر نذكر منها ما يلي:
1- النهم إلى المعرفة والاستطلاع الشخصي وفي التجمّعات يميل المبدعون غالباً إلى الفضول الإيجابي والبحث وعدم الرضا عن الأوضاع الراهنة طلباً للتجديد والتطوير..
2- الالتزام بهدف سام والتفاني في العمل من أجل الوصول إليه..
3- القدرة على تقديم الأفكار والاقتراحات المقنعة أو الخطط البديعة..
4- التلقائية والمرونة في التعامل والثقة في النفس في العلاقة مع الأفراد والتعاطي مع الأزمات. إن العمل الجاد يعتبر متعة لدى المبدعين وذلك لقوة الشعور لديهم بإنجاز شيء ما حتى يخلّدوا أنفسهم وينزعوا الاعتراف من المجتمع بجهودهم ومكانتهم فضلاً عن تحقيق الأهداف، وهنا تكمن أبرز مظاهر الإبداع والخلاقية.. كما تكمن أهمية الرعاية والترشيد فإن الفرد المبدع عصامي يعتمد على قدراته وكفاءاته في تحقيق النجاحات لا عظامياً يعيش على عظمة الآخرين ويستفيد من جهودهم. لذلك فإن من حقه علينا أن نرعاه ونرشده لكي يبدع وينتج..
5- تشجيع تبادل الرأي والمشاركة فيه والنقد الذاتي..(1/4)
ويتنزه الفرد المبدع في الغالب عن السلبية والتزلّف والنفاق، لأنها مساوئ تتنافى مع شعوره بالثقة وتفكيره المتحرّر وطموحه العالي إلى الكمال وتحسين الأوضاع وتوجيهها إلى الأفضل..
لذلك فإن المبدعين في الغالب يتسمون بالصدق والبحث عن الحقيقة. فيرفضون مواراتها أو تجاوزها فقد ينتقدون المستويات الأعلى إذا وجدوا خللاً في أدائهم أو سلوكهم كما يطرحون البدائل الإيجابية ويساهمون فيها فلا يكتفون بالنقد لمجرّد النقد بلا تفاعل ومشاركة في تحسين الأوضاع..
كما لا يبطنون شيئا ويظهرون خلافه.. لأن هذه صفات تنشأ من النقص والعجز وهو أمر يتنافى مع الإبداع.
نعم قد يتصف بعض المبدعين بعدم الحكمة أو الخلل في التدبير في مجالات العمل أحياناً لقلة التجربة ونحو ذلك..
وهذا أمر طبيعي ويمكن أن يقع في كل مؤسسة لذا فإن المنطق السليم يفرض على القائمين السعي الدائم لوضعهم في صور بعض الأعمال والاستفادة من آرائهم حتى ينضجوا كأفراد مبدعين كما نضمنهم كأصدقاء وعناصر إيجابية صادقة في العمل.
6- قراءة الماورائيات لدى الاستماع إلى محاضرة أو خطبة أو قراءة فكرة ومراقبة عمل أو سلوك.. وعدم الوقوف إلى حدّ الظاهرة من دون تحليل وتعمّق.
7- الاستقلالية.. إذ أن المبدعين يتميّزون - في الغالب - بالتحرّر من النزعة التقليدية والتصورات الشائعة ليس حباً بالخروج عن المألوف دائماً بل لتطلّعهم الدائم وطموحهم العالي في التفكير والتعبير ورسم الأهداف ومن الواضح أن لبعض التقاليد والنمطية أهميّتها وحكمتها التي تستدعي احترامها وعدم تجاوزها.(1/5)
وفي نفس الوقت قد تتحكم بعض النمطيات الجامدة في علاقات العمل فتشكل مانعاً قوياً أمام الطاقات الإبداعية، لذلك فإن الأفضل هو مراعاة الإبداع بمشاركته في الأدوار العملية حتى يختمر أكثر بالتجارب ويصبح أكثر إنتاجاً وأفضل ثماراً، فإن للتجربة والخبرة الدور البارز في صياغة عقلية المبدعين الناجحين وإضفاء سلوكهم بالمزيد من التدبير والتوازن.. لكي لا يشطوا عن الأعراف الصحيحة والتقاليد القيّمة.
وهذا هو الذي نقصده من الاستقلالية أي استقلالية إيجابية وبنّاءة.. تقود المجتمع إلى المزيد من التطور والرقي.
أما الشذوذ عن الأعراف الصحيحة فهو خروج عن المألوف ولكن في بعده السلبي وهو مرفوض ويؤدي في الغالب إلى عزل أصحابه عن المجتمع ويصبح دورهم عديم التأثير، إن الفرد المبدع لا يمكن أن يكون منقاداً لأنه إنسان قوي الشخصية متمرّد في أغلب الأحيان على القيود الحديدية وعلى المعايير النمطيّة الجامدة للجماعة..
لذا قد يتّسم بعدم النظامية وتجاوز المقرّرات وإن كان في الواقع لا يريدها أو يهتم لتغييرها إلا أن روحه المتطلّعة وتفكيره المتفوّق يحدوان به إلى الأسبقية في كل شيء وحقاً أن الفرد المبدع قد تضيّعه اللوائح الجامدة والعلاقات الروتينية الصلبة.. والإنصاف أن كلا النمطين من الأفراد صاحب حق في مجاله لأن الإداري يهتمّ للمزيد من النظام والتسلسل المنطقي في العمل وهذا قد يخرّبه المبدع في تحرّره ولكن في نفس الوقت فإن تقييد المبدع بروتين وقواعد إدارية مغلقة قد تكبت فيه المزيد من الطاقات والتطلّعات وهذا خسارة للجميع.(1/6)
ولعلّ أفضل طريقة للجمع بين الأمرين هو تحرير الطاقات المبدعة في أعمال أكثر تحرّراً وانفتاحاً من الأعمال والوظائف التي تقوم على قواعد العمل ونظام الإدارة فإن في هذا تسوية للمشاكل مع الأفراد الإداريين الذين اعتادوا على النمطية في إنجاز الأدوار. في نفس الوقت كسب المزيد من الإمكانات والفوائد التي يعود عليها الفرد المبدع إلى العمل.
8- القدرة العالية على تفهّم المشكلات ومناقشتها بسعة صدر والتعامل معها بإيجابية وحكمة فلا تعود الأزمات المستعصية على المبدعين بالإحباط أو الشعور بالفشل والنقص في أغلب الأحيان.. بخلاف الكثير من الأفراد الذين تزيدهم صلابة الأزمات تراجعاً ونكوصاً إلى الوراء أو شعوراً شديداً بالإحباط فينهزمون في ذواتهم أولاً ثم أمام خصومهم ومنافسيهم..
بينما التطلّع إلى الإصلاح وتغيير الأوضاع تفجر طاقات المبدعين فتجعلهم أكثر تفكيراً وتخطيطاً للمعالجة، وطبعاً فإن الذين يقودون أممهم إلى التحرير ويضعون جماعاتهم في القمم هم المبدعون لما لهم من وعي وإدراك وإحساس مرهف وحماس متدفق يؤرقهم من وطأة المشاكل وانعكاساتها لذا فإنهم يشعرون وكأنهم هم المسؤولون عن حلها ونظراً لما يملكه المبدع من ثقة والتزام في حل المشكلات حتى ولو استلزم ذلك خسارة له، فإنه سيكون مساهما حقيقياً في الحلول.(1/7)
9- وضوح الرؤية وصلابة الموقف وثبات القدم.. إن الشخصيات المبدعة تنظر إلى الزمن كمورد إنتاجي يجب استثماره في تحقيق المزيد من الفتوحات والانتصارات وتنظر دائماً إلى الأمام للسبق والتقدم ولا تجعل للماضي أو الحاضر قيوداً عليها.. إن بعض الأفراد يعيش في قيود الماضي وأزماته وآخرون يعيشون في قيود الحاضر وأزماته فينشغلوا في هموم اليوم متناسين آمال الغد وهذا خطأ كبير يعود عليهم بالفشل في آخر المطاف وكم من الأفراد المهمّين الذين شعروا بمرارة الندم على فترات مهمة من حياتهم مرّت، كان فيها المزيد من الفرص الثمينة لم يستثمروها وانشغلوا بالهوامش وتوافه الأمور ولكن الندم بعد فوات الأوان لا ينفع ولا يعود عليهم بالفرج من جديد بينما الأفراد المبدعون ينظرون دائماً إلى الأمام ويعيشون الأولويات القصوى فيمسكون بها ومن بعد ذلك تحظى الأمور الأخرى ببعض العناية، وأنت ترى أن مجمل هذه الصفات وغيرها تصوغ الشخصية الخلاقة والمبدعة القادرة على المساهمة في التطوير والرقي.. ولعلّ شخصاً واحداً مبدع ينفع المؤسسة ويساهم مساهمة فعّالة في إيصالها إلى النجاح كما أن انعدامه قد يصيبها في الفشل خصوصاً في أوقات الأزمة.
مقوّمات الإبداع
إن المؤسسات الأفضل هي التي تكون قادرة على الابتكار والتجديد على أسأس نام ومتطور، والمدراء الأفضل هم الذين يكونون قادرين على مساعدة الأفراد والاستفادة من مواهبهم الإبداعية..
وعلى هذا فإنه ينظر إلى الابتكار على أنه عملية إيجاد وخلق الأفكار الجديدة ووضعها في الممارسة الصحيحة ونعني بها:
- أن تحدّد طرقاً لعرض الأفكار والخطط بحيث تقنع الآخرين.
- وإيجاد أفكار جديدة تساعد المؤسسة على أن تكون في وضع أفضل.
- كما تكون بدرجة من المنطقية والتوازن بحيث تلقى التجاوب الأمثل من العاملين والمدراء وتحفّزهم لاستثمار قدراتهم ومواهبهم لتحقيق الأهداف.(1/8)
وهذا ما يستدعي التأكيد على أهمية استثمار الأفكار البناءة لدى الفرد في تحريك مواهب الآخرين ومهاراتهم بشكل يخدم الجميع وهذا ما لا يتمّ إلا إذا توفّرت المقوّمات الأساسية للابتكار وارتفعت معرقلاته..
- وتتلخص مقوّمات الابتكار في عدة أمور من أهمها:
1) الانتماء الروحي للمؤسسة..
ونعني به شدة الارتباط بالمؤسسة حتى تصبح مهامها جزءاً من مهام الفرد نفسه فيصيبه ما يصيبها من نفع ومن ضرر.
إن الشعور بالانتماء الروحي للجماعة أو المؤسسة هو شعور جميل إذا كان متوافقا مع الحق والمنطقية.. وهو الذي يساهم في الإبداع أما إذا صار هذا الشعور نوعا من التعصب والتحزّب فهو أمر يعود معكوسا وينقلب إلى الضرر أكثر من النفع.
ويعتبر الشعور الوطني العميق في نفوس المواطنين من أهم الدوافع نحو الإبداع والخلاقية في زمان السلام، والدفاع والحماية والتفاني في زمان الحرب وهو الآخر نوع من الإبداع والخلاقية.. وهكذا الأمر يصح في الانتماء القوي للأسرة والجماعة..
فالشعور الشديد بالانتماء يساهم مساهمة كبيرة وفعالة في دفع الأفراد نحو الابتكار والخلاقية. وعلى سبيل المثال تعد اليابان مجتمعاً ومؤسسات مثالاً حياً لهذا المفهوم فقد تمكنت اليابان من الاستفادة من هذه القيمة الإنسانية وتسخيرها في زيادة إخلاص الفرد أياً كان موقعه في العمل فتمكنت أن تحظى بقمة في التقدم الصناعي والتقني في فترة قياسية بعد الحرب العالمية وبعد أن حطمتها القنابل الذرية الأميركية.
وعلى العكس من ذلك فإن الشعور باللامبالاة يفسر تخلف الكثير من الدول النامية حيث لا يفكر الفرد إلا بالطرق التي تمكّنه من تحقيق رغباته وطموحاته الشخصية على حساب المؤسسة التي يعمل فيها والدائرة التي ينتمي إليها - في الغالب -.(1/9)
ومن الواضح أن هذا ليس ذنب الأفراد بل ذنب أنظمة الحكم السائدة في تلك الدول.. لأن الديكتاتورية المستشرية في العالم النامي والثالث تعلّم أبناءها على المصلحية والأنانية الفردية وتجعل الانتماء الوطني فيهم أضعف من الانتماء للذات وذلك لأن الديكتاتورية تحوّل البلد والشعب إلى بستان يملكها الحاكم ويجبي خراجها وأكلها كل حين من أجل نفسه وأفراده وأسرته ويجعل الآخرين تحت وطأة التخلف والفقر والأزمات .
ومن المعلوم أن هذه العقلية والمفهوم تضعف من حسّ الانتماء الشديد للوطن في مقابل الانتماء للنفس فيصبح منطق الأنانية والمصلحية فوق الجميع..
وتسلسل الانتماء يبدأ واسعاً بسعة الوطن ثم يتضائل حتى يعود على الشخص نفسه وحينئذٍتصبح الاثرة هي الحاكمه ، فالأهم مصالح الوطن ثم يتلخص الوطن في العشيرة أو الأسرة ثم تتلخّص مصلحة العشيرة والأسرة في جماعة الرئيس ثم تتلخّص مصالح هؤلاء أيضاً في الرئيس نفسه فتصبح المعادلة هكذا:
الوطن = الرئيس والرئيس = الوطن وليذهب المواطنون إلى ما يريده الحاكم.. وإلا فإلى الجحيم!!.
ومن الواضح أن هذا النوع من السياسة من شأنه أن يحطم روح الانتماء وحب الآخرين بما يفكك الأواصر ويجعل الأفراد مصلحيين أكثر من كونهم مبدأيين.
فالشعور بالانتماء أمر جوهري في تفجير الإبداع وإنمائه ما دام في خدمة المؤسسة والمؤسسة في خدمة الحق والعدالة وأما إذا انقلب إلى تعصّب وتحزب وأنانية فهو عامل هدم لا بناء.
2) العقلية العلمية في التعامل مع الأزمات..
قد يصحّ أن نقول أن زمن الأعمال الفردية والجهود الشخصية قد ولّى وانصرم، وقد أصبح اليوم مهمة الجماعة، والتنظيم المشترك أقوى من أي مهمة أخرى في الإدارة الأحسن والأبقى.. التنظيم المشترك الذي يقوم على الجهود المتكاملة لكافة الأفراد والعاملين على اختلاف مستوياتهم وتطلعاتهم..(1/10)
وهذه نقطة جوهرية ينبغي الالتفات إليها في تحديد مقوّمات الإبداع إذ يجب اعتماد الطرق العلمية الصحيحة للوصول إلى الأهداف بجدارة وهذا لا يتم إلا عبر التنسيق والتكامل بين مختلف الأفراد.
3) الانفتاح على الرأي الآخر..
فإنه لابدّ للابتكار والإبداع من أجواء حرة يسودها احترام الآراء والمواقف وإن كانت تخالفنا..
والحنكة والخلاقية تتجلى في سلوكنا أكثر إذا تمكنا من ترويضها وإقناعها على التعاون والتنسيق.. فالحوار هو الذي يوصل إلى الأفضل والمفيد..
ومن هنا فإن المؤسسات الإبداعية والمدراء الخلاقون هم الذين يزيدون من فرص التفاهم ويعملون على تشجيع الأفراد إلى تطوير أفكارهم وإبداع اقتراحاتهم لتحسين ظروف العمل وفتح المجالات الأوسع للمزيد من البذل والعطاء..
أما المؤسسات المنغلقة على نفسها أو المدراء الذين لا يجدون للآخرين موقعاً بينهم ولا يحترمون آراء الآخرين فإنهم يحكمون على أعمالهم بالفشل وعلى أنفسهم بالتراجع شيئاً فشيئاً.(1/11)
ومن الواضح.. أن الانفتاح على الآخرين واحترام آرائهم أمر ليس من السهل قبوله أو الاعتراف به لأنه يتوقف على الإيمان بمواهب الآخرين وقدراتهم.. وهذا هو الآخر أمر صعب ما لم يؤمن أصحاب القرار بواقعية وإنصاف بهذه الحقيقة.. لقد أصبح اليوم العمل الجماعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الانتصارات الكبرى على أي صعيد ومعترك فإذا لا نؤمن بذلك بمنطقية فإن الواقع والتجربة والنتائج هي الحكم الفيصل الذي سيضطرنا إلى القبول بها أخيراً وحينئذٍ فإما نقبلها بسعة صدر أو تتجاوزنا المرحلة لتجد بدائل أفضل. باعتبار أن الإدارة الخلاقة هي الجهد الجماعي المتكامل فلا يمكن للإبداع والابتكار أن يظهر ويأخذ دوره في مجالات العمل إلا بتشجيع الجميع لتقديم أقصى ما عندهم من جهود وإمكانات في تحقيق الأهداف ولكي يتحقق ذلك فإنه يجب على الإدارة أن تولي الاهتمام الأكثر لتشجيع روح الفريق.. بكل ما فيه من تماسك معنوي وتعاضد في الجهود وتكامل في النشاطات وهذا يتطلب منا حقاً الإيمان بحق الآخرين في الرأي والانفتاح على الرأي الآخر والاعتراف بالحقيقة القائلة:
إن الكفاءات والطاقات مواهب إلهية وزّعها ربنا تبارك وتعالى على الجميع فكل فرد منا لا يخلو من موهبة أو أكثر يتفوق فيها على غيره فإذا استغنينا عنها أو لم نشجعها نكون قد ظلمناه وبخسناه حقه كما نكون قد حرمنا المؤسسة والعمل من فرص أكثر للنجاح فضلاً عن حرمان الآخرين.
وإذا جمعنا مجموع المواهب كم ستكون المحصلة في الحرمان والتراجع؟
وعلى عكس ذلك إذا جمعنا هذه المواهب المتفرقة في فريق واحد فإنه سيشكل قدرة أكبر وتكاملية أقوى على الأداء والإنجاز الناجح الخلاّق..(1/12)
إن بعض المدراء السلطويين بل بعض المسؤولين وأصحاب المراكز والقرار قد تدفعهم أنانيتهم أو شكوكهم بكفاءات الآخرين ومواهبهم إلى إخفاء جهود الآخرين حتى يظهروا أنهم وحدهم المبدعون في تحقيق الإنجازات وأنهم النسخة الفريدة في البلد التي لا يضاهيها أحد في المهارة والقدرة أو أنها القدرة الأكبر التي على الجميع الإذعان لها.. متناسين أن هذه الحالة من شأنها التراجع بالمؤسسة إلى الوراء لأنها تؤثر على الروح المعنوية للعاملين فتصيبهم بالإحباط كما قد تعود على المؤسسة الواحدة بالانقسامات المتعددة وحتى إذا شكلوا فريق عمل فإنهم يحبذون الفريق التابع المقود الذي لا قرار له ولا استقلال في الرأي والتفكير.. ليكون آلة سهلة لرغباتهم وأفكارهم وحدهم متصوّرين إن هذا هو الإبداع ولو أعطوا لأنفسهم فرصة أكبر للتأمل والتفكير في النتائج وتناولوا الأمور بعقلية أن (الكل أفضل من الفرد) لوجدوا أن الإبداع الحقيقي هو في إيجاد فريق عمل واثق من نفسه وقادر على الأخذ بزمام المبادرة في تحقيق الانتصارات لأن هذا الفريق هو الأكمل والأبقى والأجدر على القيادة والرقي، وهو الذي يؤخذ في المنظور القريب والبعيد على أنه من آثار الخلاقية والإبداع التي يتصف بها المدير الذي أوجده وأسسه وساهم في تفعيله في ميادين العمل..
إن الإداري المبدع هو الذي يرى جهده متكاملاً مع الجهود التي يقدمها الآخرون ويرى في إنجازات الآخرين إنجازات للمؤسسة وإنجازات المؤسسة في المحصلة النهائية هي إنجازات الجميع..
4) البعد الإنساني في التعامل مع الأفراد..
لا شك أن الإنسان هو جوهر الإبداع والابتكار وتتحقق الفرص الأكبر للإبداع في ظل الاهتمام المتزايد بالأبعاد الإنسانية في التعاطي الإداري مع الأفراد..(1/13)
فإن الأفراد هم أدوات الابتكار الحقيقية كما هم أدوات تحقيقه وتطبيقه بأسلوبه الأمثل.. فكلما زاد الاهتمام بهم وشعروا أنهم محل اهتمام الإدارة كلما تماسكوا أكثر وشعروا بشدة بالانتماء إلى المؤسسة والعمل فاجتهدوا أكثر فأكثر لتحقيق المزيد من الإنتاج وتقديم الخدمات في مستواها الأرقى..
إن من أهم العوامل المساعدة التي تجعل من الابتكار داخل المؤسسات ظاهرة متأصلة وراسخة هو المظاهر الإنسانية في التعاطي مع الأمور.. لأن سلامة المؤسسة وقوتها من سلامة أفرادها وقوتهم..
ولا تتحقق أهداف المؤسسة المرسومة إلا إذا صيّرت أفرادها هادفين حتى يتجاوزوا الهامشيات وينشغلوا بالجذور.. وهذا أمر يتطلب أسلوباً خاصا بالإدارة هو ما يطلق عليه (الإدارة بالأهداف) ويراد منه:
السعي الحثيث لتحقيق أهداف المؤسسة من خلال التركيز على الطاقة البشرية والروح الإنسانية في العاملين لرفع مستوى التزام العاملين بالأهداف ومشاركتهم الفعلية في تحقيقها
معوقات الإبداع
إن كل عمل لابد أن يواجه صعوبات كثيرة تعيقه حتى يولد وحتى ينمو ويتكامل فعليه أن يتجاوز الكثير من ذلك بروح الصبر والمثابرة والتحدي..
وكلما كان العمل أكثر نفعاً وأعمق أثراً خصوصاً إذا تجاوز المألوف فإن الصعوبات التي ستواجهه أكثر أيضا، وحيث أن الابتكار يمثّل أحد أشكال التغيير للأفضل لذا فإن صعوباته ومعرقلاته أقسى والأفراد الذين يواجهونه أكثر وأقوى..
لذلك يلاحظ أن الكثير من الأفراد المبدعين والمبتكرين لا يجدون أحياناً مجالات جيّدة تلبّي طموحاتهم وتنسجم مع أفكارهم كما قد لا يجدون صدوراً رحبة تستوعبهم وتستثمر طاقاتهم فيعيشون في عزلة روحية وهم بين زملائهم وإخوانهم وهذه مأساة حقيقية تعود عليهم وعلى المؤسسات التي ينتمون إليها بالأضرار الوخيمة.(1/14)
لذلك قد يشكّلون أوائل الضحايا التي تفقدهم المؤسسة ليحظى بهم الآخرون الأقدر على استيعابهم واستثمار مواهبهم وخلاقيتهم.. وهذا هو أحد الأسباب الملحوظة في العالم الثالث أيضا الذي يقف وراء هجرة العقول والأدمغة إلى الدول الأكثر تقدماً وحرية.. كما هو أحد أبرز مظاهر التخلف أيضا.
ومن هنا ينبغي أن نبحث في بعض معوّقات الإبداع التي تسبّب فقدان العناصر المبدعة وخلو المؤسسات منهم بما يسبب لها المراوحة في مكانها أو التراجع إلى الوراء.. لكي نسعى لمكافحتها دوماً إلى الصعود.. نذكر منها ما يلي:
1- مقاومة الجهات الإدارية المسؤولة وعدم رغبتها في التغيير الإبداعي..
ربّما لعدم إيمانها بذلك لما يسببه التغيير من خروج عن المألوف المعتاد عليه وربما لاعتقادها بأن كل تغيير جديد يشكّل خطراً عليها أو على المؤسسة وهذا ما يصطلح عليه بـ(جمود الإدارة) ومن الواضح أن المؤسسات تنعم وتكبر وتتطور بأجواء السلام والتفاهم والتعاون والتكامل بين عناصرها فإذا وقع بينهم التنافر وصار البعض معيقاً لمسيرة البعض الآخر فإن هذا يهدد الجميع بالخطر وأول الأفراد سيصابون بالمأساة هم المفكرون والمبدعون لأنهم سوف لا يجدون لأنفسهم مكانا في الأجواء المتوترة.
والحل هو تعامل المسئولين مع الأفراد الطموحين وأصحاب التطلعات بالمزيد من المرونة والتفهّم والإقناع فهم بهذا يضمنونهم كعناصر مبدعة مخلصة في العمل كما يضمنون الهدوء والتماسك داخل المؤسسة.
2- التطبيق الحرفي للقوانين والحديدية في الروتين الإداري..
وهذا الأسلوب من أكثر الأساليب إزعاجاً للأفراد وتسبيباً للتذمّر والنقمة وإبعاد المخلصين والعاملين..(1/15)
ومن الواضح أن القوانين والتعليمات الإجرائية هي مجرد وسائل وجسور للإدارة الأفضل وليست غايات بذاتها فإذا شكلت عائقاً أمام الأفضل فليس من الحكمة التوقف عندها.. ولو تتبعنا سلوك الأفراد الحديديين في تعاملاتهم الإدارية نجد أنهم في الغالب انشغلوا بالمظاهر والشكليات وتركوا المضامين والأهداف بعيداً بل كثيراً ما يقعون في أزمات الفوضى واللانظام بحجة إيجاد النظام الحديدي الصارم وهذا نقض للغرض والحكمة من إيجاد النظام.. وبعض المؤسسات تعتبر أن معيار التقييم والتمايز بين الأفراد هو مدى انضباطهم والتزامهم بالأنظمة الإدارية الموضوعة كالالتزام بأوقات حضور الدوام والمغادرة ونحو ذلك.
ومع أن هذا أمر مهم إلا أن مجرد الالتزام بالدوام لا يؤدي إلى النتائج المطلوبة فقد يِأتي العامل في وقته ولكنه من دون أن يقوم بأي عمل أو يلتزم بمظاهر القانون ويخل بجوهره في عدم الإتقان أو عدم الإخلاص في العمل وغير ذلك من مساوئ وأضرار. إن القوانين وجدت للتنظيم الأفضل والأداء الأكمل فإذا صارت صارمة وروتينية فإنها تشكل عقبة تسبب الكثير من المفاسد.
وأولها كبت الطاقات الخلاقة أو هروبها إلى المؤسسات الأخرى الأفضل تعاملاً..
3- عدم تمتع القادة بمؤهلات قيادية وإدارية جيدة..
لا شك أن القيادة الإدارية تعتبر أحد أهم العوامل في تطوير المؤسسات لأنها صاحبة الدور الرئيس في تحفيز العاملين وتوجيههم ودفعهم إلى الأمام ومن المعلوم أن الأفراد تحفزهم قناعاتهم وأفكارهم أكثر مما يحفزهم المال أو العوامل الأخرى وينبغي أن يتمتع القائد والمدير بمؤهلات عديدة حتى يحظى بثقة أفراده والعاملين معه وإذا انعدمت الثقة فإن ذلك يشكل عاملاً أساسياً في عدم تماسك الأفراد بل وإحباطهم وعدم انشدادهم إلى العمل وتطبيق خططه.
مثلاً: إذا اعتقد المرؤوسون أن رئيسهم وصل إلى منصبه الإداري لاعتبارات غير منطقية لأنه بلا مؤهلات..(1/16)
فإنهم لا يجدون لأفكاره وآرائه قيمة تستحق الاحترام والتقدير خصوصاً مع وجود بعض الأفراد من بينهم من يرى نفسه أكفأ وأفضل من الرئيس نفسه. خصوصاً إذا خرج المدير نفسه عن المنطقية وأساء التصرف في إدارة أفراده فإن ذلك سيسبب انفراط النظام وتنامي التسيب والإحباط وفي هذه الأجواء يموت الإبداع وتنتهي حوافزه.
فالرئيس الذي لا يعتبر نجاح موظفيه نجاحاً للجميع ويحرص فقط على التفتيش عما يسيء إليهم هو شخص يمارس سياسة هدّامة من حيث يدري أو لا يدري ولا يؤهل المؤسسة إلى البقاء فضلاً عن التنامي والرقي.
إن من أهم حوافز الابتكار أن يرى العاملون أن العمل الجاد يكافأ وان الفرد الكفوء يحترم ويقدر وبعكسه الكسل والأفراد السلبيين كل يجازى بعمله وهمته - بالحق والحكمة -.
ولكن حينما يلاحظ في بعض المؤسسات أن مؤهلات الانقياد والخنوع والتزلّف هي شروط
أساسية للجزاء بالحسنى، والجدية والهمة والإخلاص مع احترام النفس وحفظ الكرامة تؤدي إلى المعاناة فإنه يبدأ العد التنازلي للعمل وللمؤسسة لأن طول اللسان والتردد على المسؤولين وإبداء المزيد من المجاملات الفارغة ستكون هي الطريقة الأقصر والأسهل والأكثر أمنا للوصول إلى المناصب العالية..
وهذا أسلوب لا يجيده كل أحد بل لا يحسنه أولئك الذين يحترمون أنفسهم ويحبذون التقدير بالاستحقاق، ولذا فإن حنكة المدير يجب أن تميز بين الأفراد المتزلفين والآخرين الكفوئين حتى تحافظ على مستويات عالية من الإبداع والخلاقية وإلا فإنها ستكون قد ساهمت في هدم المؤسسة من حيث لا تعلم.
4- القيم الاجتماعية..
قلنا أن الابتكار نوع من الخروج على المألوف لذا فإنه قد يتعارض مع التقاليد والأعراف والقيم الاجتماعية السائدة مما يسبب للمبتكرين المتاعب والأزمات.
ومعظم المبدعين والعلماء والمفكرين لاقوا أشدّ الصعوبات في مجتمعاتهم العامة والخاصة لأنهم خالفوا المألوف - أحياناً -.(1/17)
ولا زال الكثير من الناس يتصور أن الحكمة والحنكة والمهارة والإبداع تتنزل على الإنسان حينما يتقدم به السن ويبلغ من العمر عتيّا أما مرحلة الشباب فهي مرحلة الصباوة وعدم النضج ولعلّ هذه من أبرز السمات الظاهرة في المجتمعات المستبدّة أو التي تتغلب فيها العادات والتقاليد ومع أن هذه قد تصحّ عند البعض إلا أنها ليست قاعدة كلية يمكن الاعتماد عليها دائماً.. كما ليس اقتران الشباب بالصباوة وقلّة الخبرة والنضج قاعدة كلية يمكن الاعتماد عليها دائماً.. بل ينبغي أن يلاحظ الفرد مع حكمته ومنطقيته وقوة تفكيره وخبرته كان شابا أم كهلاً أو شيخاً كبيراً.. ما دامت الكفاءة الواقعية هي المعيار.
إن تقييم الإبداع على أساس السن وأن المبدع هو الشخص الكبير فقط هذه من العوامل التي تعيق الإبداع والخلاقية عند الأفراد..
ومع الأسف أنها إحدى القيم التي تقوم عليها بعض المجتمعات النامية والمؤسسات العاملة فيها فغالباً لا يحظى صغار السن بالاحترام اللائق بهم كما يحظى به الكبار.. كما أن إمكاناتهم الإبداعية لو وجدت لا تكتسب اعترافاً وقبولاً غالباً إلا في وقت متأخر إذ ينظرون إلى محاولاتهم وكفاءاتهم أنها تخيلات أو تهوّرات لاتستحق الاهتمام والرعاية. لذلك نجد قلّما يحتل الشباب المراكز الإدارية القيادية في أمثال هذه المجتمعات إذ يعتبر شرط التقدم في السن أحد أهم المؤهلات القيادية للأفراد الأمر الذي لا يقبله الشباب لما يرون لأنفسهم من الحق الطبيعي أن يحظون بما يستحقون وأن يحققوا أهدافهم وطموحاتهم بجدارة فيؤدي الأمر إلى الانقسام والتشتت أو هروب طاقات الشباب لوجدان مجالات أفضل تتفهمهم وتلبّي رغباتهم.. وهذا ما يفسر أيضا سبب الانقسامات المستمرة في المؤسسات العاملة في العالم المتخلف.(1/18)
كما يفسر سبب وقوع الكثير من الشباب ضحية الشباك الغربية والصهيونية بينما يتطلب الأمر بعض الحكمة في احتواء كلا السنّين وإعطاء كل سن ما يليق به من أجل تشجيع الإبداع وتحفيز المبدعين واستثمار الخبراء وتقدير أصحاب التجارب وصبّ طاقات الجميع في خدمة الأهداف العليا للمؤسسة..
5- الظروف المعيشية..
إذ لا يلقى الابتكار والإبداع الاهتمام الكافي فإنه يموت خصوصاً مع تردّي الأوضاع المعيشية للأفراد لأن الابتكار لا ينمو إلا في الانشغال بالجذور والانشغال بالجذور لا يكتمل إلا في راحة البال من الهوامش والفرد المبدع إذا لا يصرف اهتمامه وعنايته في ما يهم الجميع قد يصرفها في العناية بنفسه خصوصاً وأن ضرورات المعيشة تلحّ على الإنسان وتضغط عليه بالاستجابة ولا يمكن له أن يتخلى عنها أو يهملها وقوام حياته اليومية يعتمد عليها.. لذا قد يستثمر الفرد المبدع قدرته الإبداعية في محاولة سد النقص المادي أو الاقتصادي الخاص وهذا يفقد المؤسسة الكثير كما يربّي الفرد نفسه على المصلحية والذاتية ومن هنا ينبغي السعي الحثيث لإشباع الأفراد في المهم لكي يبدعوا في الجذور ويتفانوا في الوصول إليها التي هي الأهم حتى نبني مؤسسات مبدعة وناجحة في مختلف المجالات .(1/19)
الإدارة العلمية ( تايلور ) ...
مؤسس الإدارة العلمية هو فريدريك تايلور (1856 - 1915) وكان يعمل مهندساً بإحدى الشركات الصلب في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشر تايلور أفكاره في كتاب "الإدارة العلمية" عام 1911، وأوضح أن الهدف الرئيسي للإدارة هو الحصول على أكبر قدر من الرفاهية لصاحب العمل والعمال. وركز تايلور على الجانب الفني من العمل ولم يعتني بالجانب البشري على الرغم من إدراكه لأهمية هذا الجانب، وكانت الفكرة الرئيسية لمدرسة الإدارة العلمية أنه يمكن تحقيق زيادة الإنتاجية عن طريق اتباع اسلوب علمي فوامه التخصص والتدريب الفني وتحليل العمل إلى جزئياته ودراسة كل جزئية على حده حتى تحدد حركاته الأساسية والزمن الذي يستغرقه أداؤه، وتصميم المصنع بالشكل الذي يضمن انسياب الخامات للآلات وتحرك العامل لأداء واجبه. وتتلخص مفاهيم الإدارة العلمية في الآتي: احداث ثورة عقلية لدى الإدارة العلمية والعمال، واحلال الأساليب العلمية محل المفاهيم القديمة. استخدام الطرق العلمية في اختيار وتدريب العمال. العمل على توفير جو من التعاون بين العمال والإدارة. التركيز على وظيفة التخطيط وفصلها عن وظيفة التنفيذ. تطبيق مبدأ التخصص في وظائف الإشراف. وقوبلت الإدارة العلمية بمقاومة عنيفة وخاصة من النقابات العمالية. ومن سلبيات هذا الأسلوب في الإدارة: أن تايلور تعامل مع الإنسان كتعامله مع الآلة وتجاهله للعلاقات والمشاعر الإنسانية. اعتباره أن زيادة الأجر هو المحرك الرئيسي لرفع مستوى الأداء. مطالبته للعمال بأداء معدلات مرتفعة من الإنتاجية دون مقابلتها بأجور أعلى. حصر تايلور اهتمامه بالمستوى التشغيلي للمصنع وإغفاله النواحي الأخرى في العملية الإدارية. ...(1/1)
مهارة الإدارة بالأفكار
تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها ، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في الوقت الذي تكون فيه مشغولا بأعمال أخرى أو مشتركا في محادثة أو منصتا إلى محاضرة آو قائما بالتدريس أو عاكفا على قراءة كتاب أو مسترخيا بالمنزل ، وحتى لو بدت هذه الفكرة لحظة ورودها واضحة تماما أو مهمة للغاية بحيث يستحيل نسيانها فهناك دائما احتمال أن تضيع منك فيما بعد .
لذلك حينما تنبن في عقلك نواة لفكرة احفظها مباشرة كتابة للاستفادة منها في المستقبل ، فالاحتفاظ بمذكراتك منظمة أبان البحث يستثير التفكير الناقد ويؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة .
" ديوبولد فان دلين "
مقدمة
الإدارة بالأفكار أسلوب إداري جديد لإنجاز الأعمال المطلوبة في المؤسسات الخاصة والعامة ، وفي الواقع أن تجربة الإدارة بالأفكار يمكنك من خلالها تحقيق عدة فوائد :
الأولى : نسبة إنجاز للأعمال كبيرة جدا مقارنة بالاسلوب القديم نسبة لا تقل عن 100% إلى 200%
الثانية : تفاعل جيد مع من تتعامل معهم في عملك اليومي
الثالثة : اكتشاف طرق جديدة في تبسيط الأعمال الإدارية اليومية مما يحقق السرعة في الإنجاز
الرابعة : استغلال الوقت بما هو نافع ومفيد للمؤسسة التي تعمل بها
الخامسة : الاستمتاع بالعمل الإداري اليومي من كثرة ملاحقة الأعمال المراد إنجازها
الأفكار في التراث الإسلامي
الأفكار أو الخواطر كما جاءت في بعض المراجع كان لها الاهتمام الكبير من قبل المفكرين والمبدعين الإسلاميين في العصور السابقة ، لقد كان سلفنا الصالح حريص اشد الحرص على استثمار كل لحظة من لحظات عمره بما في ذلك استثمار ما ينتجه العقل البشري من أفكار جديدة(1/1)
في المعجم الوسيط " الخاطرة " هي ما يخطر بالقلب من أمر أو رأي أو معنى ، أما " الفكرة " فهي إعمال العقل في العلوم للوصول إلي المجهول
وجاء في سيرة الإمام الشيخ أبى الوفاء ابن عقيل الحنبلي " المولود سنة 431هـ ، والمتوفى سنة 513هـ " وهو أحد الأعلام في الإسلام : انه كان يقول " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرةٍ ومناظرة ، وبصري عن تطلعاته ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا انهض إلا وقد خطر لي ما اسطره ، أني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عمر الثمانين اشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة
وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز ، لأجل مابينها من تفاوت المضغ ، توفرا على المطالعة ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وان اجل تحصيل عند العقلاء هو الوقت فهو غنيمة تنتهز فيها الفرص ، فالتكاليف كثيرة 0
قال تلمذه ابن الجوزي : كان الإمام ابن عقيل دائم الإشتغال بالعلم ، وكان له الخاطر العاطر ، والبحث عن الغوامض والدقائق ، وجعل كتابه المسمى بـ (الفنون) مناطا لخواطره وواقعاته0
وقد ضرب الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله مثلا ظريفا للخواطر والأفكار التي تخطر في ذهن الإنسان فقال: (وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى ، ولاتبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لابد لها من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك! فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه !)
ومن الذين طحنت رحاه حبا نفع به نفسه وغيره الإمام ابن الجوزي صاحب الكتاب المشهور صيد الخاطر وهو كتاب ألفه من هذه الأفكار والخواطر التي ترد إلى ذهنه في يومه وليلته قال في مقدمة هذا الكتاب النافع :
((1/2)
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ، ثم تعرض عنها فتذهب ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام (قيدوا العلم بالكتابة)، وكم قد خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه ورأيت من نفسي إنني كلما فتحت بصر التفكر فتح له من عجائب الغيب مالم يكن في حساب ، فأنثال عليه من كثيب التفهيم مالا يجوز فيه التفريط فيه ، فجعلت هذا الكتاب قيدا 000لصيد الخاطر000)
كيف تتكون الفكرة الجديدة
الأفكار التي تحمل التجديد والابتكار وحل المشاكل في العمل الإداري كثيرة ، تمر علينا هكذا كالبرق الخاطف فنأنس بها .... ولكن .... حالما تنقضي الثواني التي بزعت فيها هذه الفكرة ننساها في خضم أعمال الحياة اليومية ، ثم تبرز في يوم آخر أو في نفس اليوم فكرة أخرى جديدة..... ثم تذوب كما ذابت أختها .
ترى لو عمدنا إلى تسجيل هذه الأفكار وتنفيذها الن يكون ذلك أحد الطرق السريعة لتغير الواقع الذي نعيشه .
يقول دلين " تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها ، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في الوقت الذي تكون فيه مشغولا بأعمال أخرى أو مشتركا في محادثة أو منصتا إلى محاضرة أو قائما بالتدريس أو عاكفا على قراءة كتاب أو مسترخيا بالمنزل ، وحتى لو بدت هذه الفكرة لحظة ورودها واضحة تماما أو مهمة للغاية بحيث يستحيل نسيانها فهناك دائما احتمال أن تضيع منك فيما بعد .
لذلك حينما تنبن في عقلك نواة لفكرة احفظها مباشرة كتابة للاستفادة منها في المستقبل ، فالاحتفاظ بمذكراتك منظمة أبان البحث يستثير التفكير الناقد ويؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة "
تنفيذ الفكرة(1/3)
يوضح الشكل " 1 " مراحل تنفيذ الفكرة الجديدة ، فهي أولا ترد في ذهن الإنسان ، ومن ثم إما أن تدون في ورقة أو في مذكرة وهذا سبب أساسي لحياتها ونشاطها ، و أما ألا تدون وهنا نحكم عليها بالزوال وعدم الاستمرارية .
ومن خلال تدوين الفكرة تأتي المرحلة التالية وهي مراجعتها مع النفس أكثر من مرة مما يعطي للنفس الفرصة للحكم عليها ، فهي أما أن تكون جيدة أو غير جيدة ، وبفرض أن الفكرة جيدة فهي تحتاج أيضا إلى مشورة الآخرين ، والنتيجة أما أن يحكم الآخرين بعدم جديتها وعدم صلاحيتها أو أنها فكرة جيدة مما يؤدي بالتالي إلى تنفيذها واخراجها إلى حيز الوجود.
الشكل " 1 "
مراحل تنفيذ الفكرة الجديدة
توليد الأفكار الجديدة
أولا : احرص على الساعات الأولى من النهار :
اجعل الساعات الأولى من عملك اليومي مخصص للتفكير في تطوير المؤسسة ... بمعنى آخر لا تنشغل في هذه الساعات بأعمال بالإمكان عملها في الساعات الأخيرة من العمل أو في وسط العمل .
ثانيا :اجتماعات مبكرة :لتكن اجتماعاتك مع مرؤسيك أو مستشاريك في الساعات الأولى من العمل .
ثالثا : اقضي على قواطع التفكير :
ومن أهمها الهاتف ، والمراجعين ، الزوار وذلك من خلال تخصيص وقت معين يخلو الإنسان بنفسه في العمل للتفكير والتخطيط
.رابعا : رتب المعلومات :
أن الفكرة الجديدة تحتاج إلى معلومات متوفرة فاحرص على ترتيب معلوماتك من خلال الأرشفة أو استخدام الحاسب الآلي .
خامسا : دفتر الجيب :
يستفاد منه في كتابة الأفكار الجديد وترتيبها .
سادسا : المكان المناسب :
للمكان دور مهم في توليد الأفكار ، فالمكان الهادئ يساعد كثيرا على التركيز .
سابعا : أوجد الحافز :
وجود الحافز الدنيوي أو الأخروي له دور في إيقاد الحماس للعمل ومن ثم توليد الأفكار .
ثامنا : الحرص على الطاعات :
الطاعات والتقرب إلى اله بالأعمال الصالحة توجد انشراحا في الصدر مما يؤدي إلى توليد الأفكار الجديدة(1/4)
الإدارة بالأفكار أسلوب إداري جديد
في عالم الغرب وبالتحديد في السبعينات ظهر أسلوب إداري جديد أسموه الإدارة بالأهداف ، وهي كما عرفها الغمري في كتابه " نظام الإدارة بالأهداف " ( طريقة إدارية يقوم فيها الرئيس والمرؤوس بتحديد الأهداف الوظيفية المسئول عنها المرؤوس والمعايير الموضوعية التي ستستخدم لقياس مدى تحقق تلك الأهداف )
وفي الواقع أن الفكرة تأتى إلى ذهن الإنسان قبل الهدف ، بل أحيانا بسط الهدف بصورة أشمل أوضح مما يؤدي الى نجاح تحقيق الهدف وهو الأمر الذي أوجد هذه الطريقة الجديدة " الإدارة بالأفكار " وهي أسلوب إداري جديد يقضي تجميع هذه الأفكار ومن ثم دراستها وتنفيذ الصالح منها من خلال الخطوات التالية :
عود نفسك اذا خطر على بالك فكرة أن تبادر إلى تسجيلها
اكتب الفكرة كما كما هو في شكل التالي
الفكرة
حدد متى تريد تحقيق الفكرة .
1@تنفذ الفكرة في يوم .................... الموافق ........./............./.............1هـ
ضع لهذه الفكرة رقم
رقم الفكرة
اكتب متى بدأت
1@بدأ تنفيذ الفكرة في يوم .................... الموافق ........./............./.............1هـ
حدد ماهي الاجراءات التي اتخذتها نحو تنفيذ الفكرة
الاجراءات المتخذه
1-
2-
3-
1@ ... بعد كل إجراء حدد الموعد الذي تحقق فيه العمل
متابعات
هل تود أن ترى ورقة الفكرة
يوميا
1@أو كل يوم ......................
المصدر مذكرة بعنوان " الإدارة بالأفكار " إعداد علي آل إبراهيم
قطر
مركز شباب الدوحة
1993م(1/5)
الإدارة من موقع الأحداث ...
كتب الكاتب الياباني ماساكي إيماي كتاباً أسماه "جمبا كايزن" وجمبا تعني باليابانية الموقع الفعلي، وكايزن هو الأسلوب الياباني المعروف والمشهور الذي يدخل تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية والوفر، ويمكن ترجمة الكلمتين إلى "الإدارة من موقع الأحداث". يقول ماساكي: يكتفي كثير من المديرين بالجلوس إلى مكاتبهم ومتابعة الأمور عبر زجاج البرج العاجي الذي يطلقون عليه: مكتب المدير العام، إنهم لا يعرفون شيئاً عن منتجاتهم وخدماتهم إلا من خلال الأوراق والتقارير، ولا يفكرون في موظفيهم إلا عندما يوقعون كشوف المرتبات!! هؤلاء المديرون لا ينزلون إلى مواقع الإنتاج الفعلية في مصانعهم وشركاتهم. لذا فهم غرباء عن ما يحدث فيها من مشكلات لا يمكن صياغتها على الورق، وعندما تنفصل علاقتهم الحقيقية بموقع الأحداث على هذا النحو تنفصل أيضاً علاقتهم الحقيقية بشركتهم وبموظفيهم وبعملائهم. قد تقول أن المؤلف يتكلم عن المؤسسات التجارية، لكن هذا القول ينطبق تماماً على الإدارات الحكومية، ولا أعتقد بأن أحداً ينكر أن اليابانيون غزوا الدنيا بمنتجاتهم وخدماته وانظر إلى منزلك لتجد الأدوات والسيارات اليابانية، ما حدث في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لهو معجزة يجب أن نستفيد منها، هذه المعجزة كان من مقوماتها الإحساس بالمسؤولية، الثورة الإدارية الغير عادية وهم أمراء الأساليب الإدارية الحديثة، ولا استطرد في الحديث عن تطور اليابان لأنه حديث متشعب ويكفي أن تنظر إلى الكتب التي كتبها اليابانيون أنفسهم عن التطور بعد الحرب.(1/1)
تغير الحال هو المحال، هذا القول ينطبق تماماً على إداراتنا، ليخبرني كل مدير ما هي التغييرات الجذرية التي أحدثها في إدارته؟ هل يستطيع أي مدير أن يعطني تصور واضح لما ستكون عليه إدارته بعد 5 أو 10 سنوات؟ التغيير والتطوير سنة الحياة، وإن توقفنا عن التطور أصبحنا متخلفين عن الركب، فالواقف والمتخلف كلهما يعتبر في نفس الوضع! أخيراً أقول، ليستشعر الجميع المسؤولية، ولنقم بخطوات عملية بسيطة "كايزن" ولنزل إلى أرض الواقع لنرى كيف نطور الأساليب "جمبا"، ودعونا من الكلام الفارغ والوعود الهلامية، فإنها لا تقدم بل تأخر، ولنطبق نظام من أبسط النظم الإدارية وهو الإدارة المرئية، أو الإدارة على المكشوف، وسترون النتائج!
بقلم: عبد الله المهيري ...(1/2)
الإدارة هي السبب ...
سؤال أوجه لكل مدير ومسؤول، هل تستطيع أن تخبرني ما هي آخر التطورات في مجال الإدارة والمجال التقني؟ إذا كانت معرفتك ممتازة بهذين المجالين وتقوم بتطوير قسمك أو مؤسستك بتطور المجالان المذكوران فإني أتوقع مستويات خارقة من الأداء وسرعة في العمل، وإنتاجية تقفز قفزاً بخطوات واسعة نحو الأفضل، وتعاون بين الجميع ممن يعملون معك، الاحترام متبادل والآراء مسموعة، والإبداع أساس من أسس التجديد والتطوير المستمر، موظفون يحضرون قبل ساعات الدوام ويخرجون بعده، الصلاحيات المالية والإدارية مكفولة للجميع، والثقة عالية، مكان العمل نظيف ومرتب ومريح للنظر، مراجعون أو عملاء راضون تماماً عن الخدمات التي تقدمها، أرباع عالية وتكاليف منخفضة، هل تبدوا هذه الصورة حالمة؟ لا... هناك مؤسسات ناجحة تكون بيئة عملها بهذه الصورة. أما إذا كنت جاهلاً بما سبق، فالعكس صحيح لكل ما ورد أعلاه، وقد يستغرب أحدكم ويتساءل، هل الإدارة هي السبب الوحيد لنجاح أو فشل أي مؤسسة سواءً حكومية أو خاصة؟ دعوني اختصر عليكم الإجابة، نعم هي السبب، لذلك ابتكرت قانوناً إدارياً اقتبسته من أحد الكتب الإدارية وغيرت فيه، يقول القانون رقم واحد: إذا وجدت مؤسسة فاشلة فانظر إلى الإدارة فهي السبب لهذا الفشل ويقول قانون رقم اثنان: إذا لم تجد الإدارة هي السبب فانظر إلى القانون رقم واحد!! الإدارة هي الأساس في كل مؤسسة فبدونها يكون العمل في المؤسسة خبط عشواء، وبها يسير العمل إلى الطريق الصحيح، لكن إذا اعوجت أعوج العمل معها وإن صلحت، صلحت المؤسسة، فهي بمنزلة العقل للإنسان والعقل إذا لم يطور تجمد بل تحجر.(1/1)
والإدارة لا تقتصر على شخصاً واحد بل على عدة أشخاص يقودهم شخصاً واحد أو ما نسميه المدير العام، ولهذا المدير مسؤولون سواءً للمالية والحسابات أو لإدارة المشتريات أو خدمة العملاء وهكذا، وكل هؤلاء يطلق عليهم لفظ الإدارة، والإدارة تملك في يديها الموارد البشرية والمادية ولها الحق في تصريفها وترتيبها بطريقة معينة للقيام بأكبر إنتاجية. الفقرة السابقة هي تعريف بسيط لشكل الإدارة، وذكرنا في هذا التعريف حق الإدارة في تصريف مواردها، لكن وسائل ترتيب الموارد البشرية كثيرة ومنوعة، فأي الطرق يستخدم مديرك؟ هل هي طريقة حديثة لا مركزية، أم أسلوب متسلط مركزي؟ الأسلوب المتسلط يقوم على نظرية أن الموظفين كسالى، يجب أن تفتش عملهم كل دقيقة، عديمي الأمانة فيجب أن تحكم الرقابة عليهم وتبتكر القوانين الصارمة، إنهم أقل ذكاءً وفهماً منك، فيجب أن تضع أهدافاً للأداء لهم أو حتى لا تخبرهم بذلك بل يكفي أن تكلفهم بمهام وسينفذونها من دون تفكيراً كالآلات!! ليس لهم الحق أن يسألوا لماذا؟ إنهم فقط يؤدون ما عليهم من واجب فلا يستحقون أي حوافز سواءً مادية أو معنوية، لا رأي لهم أو استمع لآرائهم ولا تلقي لها بالاً لكي تخدعهم وتجعلهم يظنون أنك تستمع إليهم.(1/2)
أما الأسلوب الحديث فيبنى على أسس متينة عماده الثقة والإخلاص وحب العمل والتعاون، فالمدير هنا يسمى قائد لأنه يحفز الآخرين نحوا أهدافاً اتفق عليها الجميع، وكل شيء في هذه المؤسسة يناقش من المبادئ والأخلاقيات العامة حتى الأساليب التطبيقية، مروراً بالشؤون المالية والإدارية، فكل موظف له الحق في إبداء رأيه وله الحق في أن يسمع، كل شيء يناقش في جو من الاحترام المتبادل والكل يضع عصارة فكره وإبداعه، وتتطور المؤسسة فتلغي الإجراءات العقيمة لتحل محلها إجراءات أكثر بساطة وإنتاجية، وتلغى النظم المعقدة المركزية إلى نظم لا مركزية، يتحمل الموظفون المسؤولية كاملة ودور المدير هنا أن يكون موجهاً ودرباً ومعلماً وقدوة، فعله أكثر من كلامه، والمعلومات يتيحها للجميع إذ لا سرية كما في النظام المتسلط. كان ذلك في المجال الإداري، أم المجال التقني فهو وسيلة قوية في يد الإدارة الحديثة ووسيلة تفاخر في يد الإدارة المتسلطة... والمجال التقني يفتح آفاقا واسعة لتخفيض الكلفة والزمن لتحقيق المهام وتكون فعالة إذا ما استخدمت بالطريقة الصحيحة. وأخيراً هذا بعضاً مما لدي أحببت أن أشارككم فيه، وتناولت في هذه العجالة بعض المبادئ الإدارية، وغطينا جانب صغير جداً من الإدارة، ذلك أن الإدارة هي بحراً واسع لكني لا أكل من السباحة فيه، وأنصح كل شخص يود أن يطور نفسه ومؤسسته من الناحية الإدارية والقيادية أن يشتري بعضاً من الكتب الإدارية البسيطة ويقوم بتطبيق ما فيها إذا اقتنع بما فيها!! واقرؤوا كتاب البحث عن الامتياز لتوم بيترز، وكتاب الثورة على الفوضى لنفس الكتاب، ولتعلم المبادئ الأساسية للإدارة فقرؤوا كتاب ممارسة الإدارة لبيتر دراكر، قد أطلت الكلام عليكم... سامحونا!
بقلم: عبد الله المهيري ...(1/3)