قف وتأمل
علي بن صالح الجبر البطيّح
http://www.saaid.net
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده , وبعد:
عزيزي القارئ : يسعدني أن أساهم وإياك في إيصال هذا الجهد المتواضع إلى كافة شرائح المجتمع ليفيدوا منه , وأعتذر - حبيبنا - عن خروجه بهذه الصورة دون ترتيب أرتضيه , ولكنها خواطر ومتفرقات رتّبهالك نسيم صباح بعض أيام الإجازة الصيفية عام 1426هـ وقطعني عن استكمالها سفر ورحلة وبعد العودة استحسنت ( قف وتأمل ) اسماً لها , وأرجو أن تجد فيها المتعة والفائدة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبك / علي بن صالح الجبر البطيّح
روضة الإصلاح ( 1 )
أخي وحبيبي - قارئ هذه الأسطر - أجزم أنك تفرح بالهدية التي أشار إليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في قوله ( رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي ) أجزم بفرحك في وقت قلّ فيه الناصح المبصّر بالعيوب , وضاع في زحمة المجاملين , لذا كن معي لنلتفت وإياك إلى إصلاح مايمكن إصلاحه وأجب بصراحة متناهية :
- هل تحب المسلمين جميعا ؟ إن كان نعم فهنيئا لك هذا القلب النظيف الذي يشبه في حاله قلب الصحابي الذي شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة , وإن كانت الإجابة ( لا ) فكم عدد من تكره وتبغض ؟ الأصل أن عددهم قليل , إذا كان كذلك , هل سبب ذلك منك أومنهم ؟ طبعا يحتمل هذا أو ذاك لايهمّ
في كلا الحالين أنت خاسر هذا ليس كلامي بل هو كلام الله في الحديث القدسي حيث ترفع الأعمال إلى الله كل اثنين وخميس إلا من كان بينهما خصومة فلا ترفع أعمالهما لأن الله يقول انظراهما حتى يصطلحا , لكن إذا لم يصطلحا فماالنتيجة ؟ هي أنك خاسر(1/1)
ولم يفرّق في السبب أهو منك أو منهم ؟ لذا سارع بالإصلاح قبل أن يسبقك أطهار القلوب وأصفياء المشاعر.. ماالذي يمنعك ؟ أجب بصراحة ماالذي يمنعك ؟ قد تقول سعيت إلى ذلك لكن نقول : هل كان سعيك خالصا لوجه الله تعالى بعيدا عن المشادّة والمجادلة وتقطيب الجبين ورفع الصوت وتنقص المقابل والحطّ من قدره ؟
قد تقول ماذا أعمل ؟ فنقول : اتق الله وتواضع لخصمك لا لأجله بل لأجل الله تعالى ومرضاته وحث الخطا للإصلاح ولاتدع فرصة للشيطان يبيض ويفرّخ , فكم باض وفرّخ في أذهان وعقول من استسلم لهواه فكانت نتيجة ذلك : طلاق وفراق وقطيعة وتفرق وتشتيت وجفاء وصدود وغلظة ونقمة وحسرة وأسى وحزن وألم ونار ولوعة وهمّ وغمّ ومرض وعلل وفشل وسوء ووبال وعار وشنار وخزي وفضيحة ثم موت وحساب وعقاب وندامة ما بعدها ندامة كان بإمكانك أن تختصر كل ذلك بقولك : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) هلمّ أخي إلى روضة الإصلاح مهما كلّف إرغاما للشيطان وطاعة للرحمن وأخيرا آمل منك عزيزي القارئ أن تأخذ بوصيتي إليك وتقوم الآن بعد فراغك من قرائتها لتصيفة الأمر بينك وبين خصمك ممن سجد وركع مثلك تذكر أنه مسلم بل ربما مسلم ذو قرابة .
عند إشارة المرور ( 2 )(1/2)
تأملت الوقت القصير الذي يقضيه الناس عندإشارات المرور فقلت في نفسي ألا يمكن استثماره حتى ولو كان قصيرا فأتذكر العابثين في أوقاتهم ولسان حالهم يقول : الله المستعان ماضاع علينا إلا هذا فقط , كم ضاعت علينا من أوقات ! وماالذي تعنيه من هذا ؟ عزيزي قارئ كلماتي : لاأدري من أين أبدأ ؟ وبأي ّ شواهد أدلل ؟ فضلا عن الصور المشرقة المتزاحمة في الذاكرة للغيورين على أوقاتهم المنتفضين عليها انتفاض العصفور بلّله القطر, الشحيحين بها شح البخيل بدراهمه ودنانيره , وقبل أن أبدأ بما لدي من إضاءات أقول : لقد سرّني ما سمعته عن شاب في مقتبل العمر وضع مصحفا في سيارته فإذا توقف عند إشارات المرور تناول المصحف لاأقول يتلو آيات من الكتاب العزيز , ولكن يحفظ سطرا أو سطرين من سورة البقرة يحدّث عن نفسه ويقول : حفظت سورة البقرة كاملة عند إشارات المرورفتأملت حال الكثير من الناس ممن يقلّب بصره في الناس وأنواع سياراتهم وأرقام لوحاتهم وربما شمت بهذا أو ذاك وربما رأى مالايحل له رؤيته وركز في النظر... قد تتساءل - عزيزي القارئ - ماالذي أفعله إذا كنت في حال انتظار الإشارة الضوئية ؟
أخي وحبيبي : إن ما يمكن فعله في هذه الدقائق - قلّت أو كثرت وحسب ازدحام واختلاف المناطق والمحافظات - كثير وكثير , وقبل أن أذكّرك بما يمكن فعله أذكرك أولا باستشعار وعظم نعمة الوقت وأننا محاسبون عليه وهو العمر فاتق الله تعالى في وقتك ولاتفرط في كل ثانية ولحظة من لحظاته فأحسن تصريفه فالناس يستوون في امتلاكه لكنهم لايستوون في تصريفه صحيح أنها لحظات تقضيها ثم تمضي في سبيلك لكنها تتكرركثيرا منذ أن بدأت في قيادة السيارة إلى ماشاء الله تعالى فإذا جمعت شكّلت وقتا ليس بالهين ولايمكن أن يستخف به , والآن أقترح عليك أن تملأ هذه الدقائق بما يلي :
1 - مراجعة ما تيسر من محفوظاتك ( القرآن الكريم - السنة النبوية - القصائد ...)(1/3)
2 - الإكثار من ذكر الله تعالى حيث يرغّب سبحانه به في قوله ( فاذكروني أذكركم )
3 - قراءة ماتيسر من مطويات وكتيبات صغيرة , متى علمت أن الإشارة تتأخر كثيرا
4 - الاستماع إلى شريط مناسب - غير محظور شرعا وكذا المذياع
5 - إذا وقع بصرك على أحد المجاورين لك بسياراتهم - وليس معه أحد من محارمه - فاقرأ عليه السلام مع ابتسامة لطيفة فتبسمك في وجه أخيك صدقة فضلا عن أجر السلام لتدخل في نفسه الأنس والسرور, وإذا رأيته على مخالفة شرعية كالتدخين أو إطالة المسجل على أصوات الغناء والمزامير فانتهز الفرصة في كلمات تحتسبها عند الله لتنقذه مما هو فيه
6 - قد تجد عامل نظافة قريبا من سيارتك يؤدي عمله في حرّ الظهيرة ووهج الشمس فلا تبخل عليه بأي إحسان تراه فصنائع المعروف تقي مصارع السوء
7 - قد تجد من تعطّلت به سيارته فأخرّ الناس بذلك فإذا لم تكن مستعجلا ما الذي يمنعك من مساعدته والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
8 - إذا رأيت أولادك وخصوصا الأطفال يؤذون الآخرين بأي ّ أنواع الأذى فهي فرصة لك أن تنبههم وتؤدبهم وتعلمهم وتصونهم
9 - يحسن بك ألا تتناول طعاما أو شرابا , لاحتمالية وجود شخص آخر أو عامل فقير على ظهر سيارة بحاجة إلى مثل هذا الطعام والشراب
10 - لا تلصق سيارتك بسيارة مجاورك فإنك تؤذيه بذلك من حيث لا تشعر, فتضطره إلى أن يتقدّم عنك قليلا
11 - إذا أضاءت الإشارة إيذانا بالمشي والانطلاق , فتجنب إيذاء الناس بالمنبه فهي عادة سيئة ومرفوضة
12 - لاترم أي شئ مع النافذة ولاحتى ماصغر كقشر الفصفص مثلا فهذا دليل تخلف
13 - لاتبصق فتؤذي بذلك , ووفر علبة مناديل قريبة منك .…
أنت متميز لكن ! ( 3 )(1/4)
لكل إنسان أهداف وحاجات في حياته يسعى إلى تحقيقها , ومع فرط حرصه نجد أنه لايحقق إلا القليل منها , لأسباب عديدة ليس هذا مجال بسطها .... لكن ما يعنينا هنا هو أنه يحقق نجاحات في جزء أو أجزاء على حساب أجزاء أخرى , وأهدافه وحاجاته تدور بين (الإيمانية والتعبدية - الأسرية - الوظيفية - العلاقات - الضرورية كالمسكن والأمن والمال.. - الصحية - النموالمعرفي والمهاري - ... )
ولعلك - عزيزي القارئ - تسمع عن شخص يرغب بالسفر والجلوس معه لأنه يألف ويؤلف , وناجح في جانب العلاقات , ويتنافس الكثير من المحيطين به في دعوته لجلسة سمر وإن طالت إلى الفجر حيث لاملل ولاسأم لكن هذا النجاح المتمثل في التربع في قلوب الآخرين , وكسب محبتهم , كان على حساب أشياء أخرى كالأسرة مثلا , ولذا نسمع بعضا من مداخلات زوجات هذا الصنف من الناس عند اتصالاتهن ما مفاده : أنه ناجح خارج البيت فاشل داخل الأسرة , فيه من الفظاظة والغلظة الشئ الكثير, وليس بالضرورة أن نجاحه في العلاقات ينسحب على الأسرة , وربما أننا نجده - أيضا - فاشلا وظيفيا و ... إلخ ومن طريف ما مرّ بي : أن شابا في استراحة ليلا اتصل به أحد أصحابه فتناول الجوال وردّ على المكالمة بكل ذوق وأدب رفيع وبشاشة ودعاه إلى الاستراحة ليشاركهم عشاءهم - وهو حديث عهد برؤيته حيث رآه صباح ذلك اليوم - وبعد إنهاء المكالمة بخمس دقائق فقط , اتصلت به زوجته فكان الردّ قاسيا وفيه من الجفاء مافيه وأنهى المكالمة كما ينهيها الكثير من المتذمرين من زوجاتهم بقوله : خلاص خلاص يكفي مع السلامة مع قفل الزر ( إنهاء ) بشدّة ... أخي مالذي حدث ؟ وماالفارق - زمنيا - بين المكالمتين ؟ ومن أولى الناس ببشاشتك .. ؟ ألم تفكر بزوجتك وأنها تحتاج إلى خطاب جميل وذوق رفيع ؟ لماذا نجحت هنا وفشلت هناك ؟ عزيزي القارئ : هذا فضلا عمن ينجح في الكثير مما سبقت الإشارة إليه , لكنه فاشل مع الله تعالى في الأمور الإيمانية(1/5)
والتعبدية , ناجح وظيفيا وصحيا وأسريا وماليا وثقافيا لكنه لايصلي في المسجد , ولم يفتح المصحف منذ زمن , ولايؤدي زكاة ماله , ولا .. ولا ..فهل نجاحاته السابقة تغنيه من الله شيئا ؟ ( ماأغنى عني ماليه .. ) ( وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدتّ له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا ... ) وازن بين دولاب الحياة وكن ناجحا في كل مجال , إن بحثنا عنك في الأمور الإيمانية والعبادية وجدناك عابدا تقيا نقيا ورعا مخبتا , وإن بحثنا عنك أسريا وجدناك نعم الأب ونعم المربي ونعم الراعي لرعيته , وإن بحثنا عنك وظيفيا وجدناك متميزا مطوّرا متجددا وهكذا...
ماقدّرني !! ( 4 )
هذه كلمة من الكلمات التي تتردد في عالم الناس اليوم ولاسيما الأقارب والزملاء بعضهم مع بعض فإذا ما قامت مناسبة ما وحضرها الجميع ما عدا واحدا نسي صاحب المناسبة أن يدعوه مع زحمة المتطلبات لهذه المناسبة , نجد أن المنسي يتفرغ لّلوم والعتاب ويقول :(1/6)
ماقدّرني ! ونجد بالمقابل أن فرحة صاحب المناسبة أفسدتها مثل هذه الكلمة , وبدأ يحمل همّ هذا الشخص , كيف يواسيه وكيف يكفّر عن هذا النسيان , بل ربما كيف يعيد مناسبة أخرى مثيلة لأجله وهو مايسمى في عرف الناس ( حق لابد أن يتحمله ) وأيّ حق هذا ؟؟ ألا نكف عن هذا , ونجعل صاحبنا يحس بالأمان , ألا نطبق عليه قاعدة حمدون القصار - رحمه الله - حيث يقول : ( إذا زلّ أخ من إخوانك فاطلب له تسعين عذرا ) ألم نعلم أننا بهذا الأسلوب نبعّد بالعلاقة بيننا وبين إخواننا ! وهل أفاد اللوم وجاء بنتيجة ؟ فاللوم لايأتي بخير غالبا , ألم نعلم أن أنسا - رضي الله عنه - خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين مالامه , ماقال لشئ فعله لم فعلته ؟ ولالشئ لم يفعله لم لم تفعله ؟ ولعلك - عزيزي القارئ - أن تقيس على مامرّ في المناسبة السابقة كل مايمرّ ويجري بين الناس وتعاملهم بعضهم مع بعض وفي جميع شؤونهم ولذا انطلقت عبارات لاذعة من مثل : ( لوكان لي قدر عنده مافعل كذا وكذا .. - أنا لست غاليا عنده بل رخيص وهذا الدليل على ذلك .. - لماذا لم يحسب لي حسابا في هذا الأمر ؟؟ - الآن عرفت قيمتي عنده - لقد ظهر على حقيقته .. .. وهكذا ولعلك - عزيزي القارئ - تلحظ معي - أيضا - أن بعضا من علاقات الناس قائمة على المجاملات , وحتى لايغضب فلان أو علاّن حتى إنك لتجد أن الدّاعي إلى الوليمة مثلا يقول : اللهم سلّم سلّم ياأم العيال أكيد مانسينا أحدا , يابني هل بلّغتهم جميعا ؟ خشية أن تغضب عمة أو خالة أو جار أو زميل .. وانقلبت بهذا مناسباتنا إلى تفقد وعدم إحساس بالأمان والله المستعان !
مجتمع مسلم ( 5 )
ياترى ماذا يجري في عالمنا اليوم ؟(1/7)
في الشوارع والطرقات والأزقة والممرات بل في كل مكان يحتكّ المسلم بإخوانه ممن يعرف ومن لايعرف ..., نلمس عند الكثيرين أنهم - في الغالب - لايقرأون السلام ولايبتسمون إلا مع من يعرفون فقط , أما من لايعرفهم من أبناء بلده أو غيرهم من البلاد الأخرى فليس حظهم منه إلا كمانشاهده في شوارع طوكيو أمم متزاحمة لايعبأ أحد بأحد ولاينظر أحد إلى أحد فكأنك في مهلكة أو غابة موحشة , فأي ّ مجتمع هذا ؟ لاسلام ولاكلام , ولارحمة ولاشفقة , ولاتعاطف ولاتفقد , ولا مواساة ولامعونة, بل خلايا بشرية , لايربطها رابط من ذلك , تقاطع تام وأنانية مقيتة وجحيم لايطاق ... فما أعظم إسلامنا ! فهل كان موقفنا إيجابيا لما يدعو إليه ديننا من التلاحم وتفعيل أواصر الإخوة والمحبة على من عرفت ومن لم تعرف ؟ إنهم إخوانكم لهم حقوق وواجبات وإن كان من غير بلدكم ماداموا مسلمين ..
زبدة الكلام : نريد مجتمعا نحس من خلاله بدفْ الإخوة والتلاحم والمحبة والتعاون بين جميع أفراده , لاكالمجتمعات الغربية التي لاتطاق بأساليبها العصرية الفاشلة المتقطعة .
النميمة المغّلفة المدمّرة ( 6 )(1/8)
ما النميمة المغلّفة المدمّرة ؟ إنها وبكل بساطة تعني ما يجري بين اثنين أوأكثر من حديث يراد به التفريق وإغاظة المقابل عن الغائب أو الغائبين الذين أكلت لحومهم وصورة ذلك : يجلس أحدهم إلى صاحبه أو أصحابه ويقول : انتبهوا سأحكي لكم كلاما خطيرا عن فلان وهو سرّي للغاية وأرجوأن تتحفظ على اسمي وما أريد إلا الإصلاح مااستطعت ولولا محبتك ما سقت هذا الكلام , ثم يأخذ العهود والمواثيق على كتمان اسمه خوف الفضيحة , وخشية اهتزاز علاقته بالغائب من الناس , ولعلك - عزيزي القارئ - تتساءل وتقول : ربما يكون ناصحا فعلا أومحذرا أومنكرا والله يعلم ما في قلبه , وأقول : هل كل الناس كذلك ؟ ثم إن كان ناصحا فللنصح قنوات عديدة ولها أساليبها التي لاتبغّضك بأخيك المسلم , ولكنها الآفة المنتشرة في مجالس الناس ومنتدياتهم , شعارها : سأحكي لك أمرا لكن ارجوك لاتذكر اسمي ! فينفث سمومه ويوغر صدر أخيه عن أخيه , ماذا نفعل إذا ؟ يجب أن نتحقق ونتثبت ونتعرّف على مقصود الناقل ونحاول أن نقطع الطريق أمامه ونختبرصدقه بمدى مقابلته بالغائب وجها لوجه قطعا للشائعات المغرضة التي أنّت منها البيوت والمجتمعات واكتوى بنارها الزوجان والإخوان والأصدقاء والخلان لأننا كنّا آذانا صاغية لكل من يباعد بيننا وبين من نحب , ألم نعلم أننا أربحنا بضاعتهم وجعلنا سوقهم رائجة ! إذا احذروا ثم احذروا ودققوا ومحّصوا وتابعوا وقابلوا وتحققوا ولاتتعجلوا ولاتصدروا حكما أو ظلما تندمون عليه أشد الندم وتدفعون الثمن غاليا من حسناتكم التي تعبتم في جمعها وقبل ذلك مواقف الذل التي تقفونها !!
قبول الخبرات الفاشلة من الآخرين ( 7 )(1/9)
نجد عجبا من الفاشلين في حياتهم كأنهم يلزمون الناس بل يلزمونهم بعدم خوض هذه التجربة أيا كانت, لأنها - حتما - لاتنفع ولن يصل صاحبها إلى نتيجة وحجتهم في ذلك أننا جرّبنا قبلكم .. إلخ سبحان الله : هل الظروف هي نفسها ؟ والإمكانات المتوفرة هنا وهناك متساوية ؟ وهل العقول واحدة ؟ لايعني بالضرورة فشل فلان أنني سأفشل مثله حتما , هومستقلّ بأسلوبه ومعالجته للأمور وبفكره ورؤاه كما أنه مستقلّ بنظرته فألاً وتشاؤمًا , وأنا مستقلّ بكل ذلك , والمشكلة هنا : أن الفاشل في كل مجال من مجالات الحياة يفسد على الآخرين خوض التجربة التي ربما تنتهي بالنجاح وقد تنتهي بالنجاح فعلاً , وقد حدث ذلك يوم أن طرحنا كلام الناس جانبا وخضنا تجارب عديدة انتهت نسبة كبيرة منها بالنجاح - بفضل الله تعالى - ولعل القارئ الكريم يتشوق إلى أمثلة طريفة في ذلك , وماأكثرها!! وخذوا على سبيل المثال / تعدد الزوجات - وهي شرعة ربّانية - كم أحجم من راغبٍ في تطبيقها - وهو قادر بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى بسبب ما يراه وينقل له من الناس ممن شوشوا فكره , وكأنهم يقولون له : لاتحاول أن تعدد فستفشل حتما كما فشل غيرك , أعندهم علم من الغيب ؟ وما يدريكم ربما يكون من أنجح المعددين وأفضلهم , فلماذا الحكم - غيباً - على أمر علمه عند الله وحده , ولعلى أكون أكثر وضوحاً إذا قلت لك : مادمت استخرت واستشرت الناصحين لا الفاشلين ووازنت الأمور واستطعت وتوفرت لك الظروف التي تراها مناسبة لك فماالذي يمنعك أن تلحق بركب المعددين ؟؟
خلف الستار ( 8 )(1/10)
كتبت أقلام في الكثير من المنتديات , وتنوعت كتاباتهم مابين غثّ وسمين , والقلم كاللسان في ذلك يصدر منه مايكون حجة لصاحبه أو عليه , وياليت الكتّاب يتأملون مايكتبون , لأنهم وإن اختفوا عن الخلق بأسماء مستعارة ولايعرف لهم مكان ولاوجهة إلا أنهم لم ولن يغيبواعن علاّم الغيوب الذي يحصي عليهم ماكتبوا بضغط أناملهم وإن كان في جوف الليل , قف وتأمل - يامن تكتب - هل فكرت قبل أن تكتب ؟ أيرضي الله تعالى ؟ أفيه نفع لأمتك التي تحتاج إلى أقلام نافعة ؟ أسددت ثغرة ؟ أأنكرت منكرا ؟ أأمرت بمعروف ؟ أأتحفت بفائدة ؟ أأسهمت في حلّ مشكلة ؟ هل أدلت بدلوك في شئ مما سبق ؟ ماذا تفعل ؟ إن لم تفعل ذاك فماذا تصنع إذن ؟ أما كفتنا ذنوبنا ومعاصينا فنزيد عليها باطلا وزورا وكذبا ودجلاً وسبّا وشتما وتعليقا ساخرا وغيبة ونميمة وتفريقا وتشتيتا ولهواً وعبثاً ومضيعة للأوقات وإشاعةً للفاحشة في الذين آمنوا وغمزا ولمزا برجال ندبوا أنفسهم لخدمة هذا الدّين والذب عن حياضه؟ يامن تكتب : أتظنّ أنك بمنأى عن الرقابة والمحاسبة - حتى ولو خفي اسمك واخترت من المستعارة والرموز ماتشاء - افعل مايحلو لك في الدنيا وسطّر ماشئت, لكنها حسرة وندامة وفضيحة في الآخرة والخلق ينتظرون مظالمهم وحقوقهم , ولايرضيهم إلا حسناتك التي تعبت في جمعها إن كان ذاك أو سيئاتهم تحمل عليك ثم إلى جهنم والعياذ بالله , وهل تطيق ذلك؟ يامن تكتب: أرجوك فكّر ثم فكر ثم فكر, وماحداني إلى ذلك إلا محض النصح لك خوفا عليك , فلايغلبنّك طيش ولاعجلة ولاتأخذك العزة بالإثم فترفض هديتي إليك , اقبلها وترجمها حتى تكون سيفاً مصلتاً على أعداء أمتك الذين ينهشونها من كل جانب وعلى كل طريق وفقك الله إلى خدمة دينه .. آمين
ماذا تخسر لوقلت : ( 9 )(1/11)
نعم لوقابلك أحد من الناس , أو اتصل عليك , ما الذي تخسره لوانتقيت أطايب الكلام له كما تنتقي أطايب الثمر؟ فهناك فرق كبير بين اللقاء الحارّ والاستقبال الحسن , وبين تلقّي الناس بشكل اعتيادي أو ببرودة متناهية يلمسها صاحبك بوضوح , ربما تقول : هذا موجود عند بعض الناس - أعني اللقاء الحارّ والاستقبال الحسن - فأقول : هل هذا يجري مع كل الناس , أم أنه يجيّر لمن نحب فقط ؟ الملاحظ : أن اللقاء الحارّ والاستقبال الحسن لأناس خاصين وعلى حسب المزاج !! ويحضرني هنا موقف عجيب وهو : أن شابا في استراحة ليلا اتصل به أحد أصحابه فتناول الجوال وردّ على المكالمة بكل ذوق وأدب رفيع وبشاشة , ودعاه إلى الاستراحة ليشاركهم عشاءهم - وهو حديث عهد برؤيته حيث رآه صباح ذلك اليوم - وبعد إنهاء المكالمة بخمس دقائق فقط , اتصلت به زوجته فكان الردّ قاسيا وفيه من الجفاء مافيه وأنهى المكالمة كما ينهيها الكثير من المتذمرين من زوجاتهم بقوله : خلاص خلاص يكفي مع السلامة مع قفل الزر ( إنهاء ) بشدّة ... أخي مالذي حدث ؟ وماالفارق - زمنيا - بين المكالمتين ؟ ومن أولى الناس ببشاشتك .. ؟ ألم تفكر بزوجتك وأنها تحتاج إلى خطاب جميل وذوق رفيع ؟ لذا نرغب أن نسمع منك - أخي - ألطف ماتمتلك من عبارات من مثل ( ياهلا بالغالي , يامرحبا بالحبيب, مشتاقون لرؤيتك , الله يرفع قدرك , جمعنا الله وإياك في جنات النعيم , منذ متى مارأينا طلعتك البهية , والأم والزوجة مثلا : هلا بالحبيبة الغالية , مرحبا بعيوني الثنتين , صباح الورد , صباح الفلَ والياسمين , صباح الحب والودّ والرياحين , وأعرف تماما أن رصيدكم في الكلمات المعسولة لأهلنا وإخواننا وزملائنا كبير فلم البخل عليهم ؟ ابنوا رصيدا في قلوبهم ولاننسى ثمرات الفؤاد فليكن لهم نصيب الأسد من ذلك مصحوباً بابتسامات دافئة حانية(1/12)
لو كان هذا مفعّلاً كيف ستكون حياتنا ؟ جرّب ستجد أنساً وسعادة قلبية لامثيل لها والعبرة بالنتائج !!
يوم من الإجازة الصيفية ( 10 )
أيام الإجازة الصيفية فرصة ذهبية , لكن لمن خطط وأحسن التخطيط ولمساعدتك على استثمار وقتك ولو ليوم واحد فقط أقترح عليك مايلي :
الوقت
البرنامج
ملحوظة
بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قيد رمح
جلوس في المسجد
للأذكار الصباحية وقراءة القرآن ثم سنة الضحى
الساعة( 5,30- 6,30)
قراءة في التفسير
نقترح تفسير ابن سعدي - رحمه الله -
(6,30 - 7 )
وجبة إفطار
( 7 - 8 )
تصفح أنترنت
مواقع مفيدة
( 8 - 9,30 )
استراحة
( 9,30 - 10,30)
قراءة في الفتاوى
يحبّذ الفتاوى العصرية
( 10,30- 11,30)
الاستماع إلى شريط مقترح
هناك أشرطة عن أسرار النجاح في الحياة
(11,30 - 12)
استراحة عائلية
( 12 - 4 )
صلاة وغداء وقيلولة
( 4 - 4,45)
قهوة العصر
أو عصير بارد حسب المزاج
( 4,45- 5,45)
قراءة من كتاب مقترح
( 5,45 - 6,15)
درس للأسرة
( 6,15- 7 )
قضاء الأعمال الخاصة
بعد المغرب كاملا
برنامج صلة الأرحام
ولو بالهاتف على
بعد العشاء
من غير سهر يفوتك صلاة الفجر مع الجماعة
منوع
أحيانا قناة المجد-حضور مناسبة - نزهة ليلية بالأسرة .. إلخ
عزيزي القارئ : الوقت هو العمر وهو الحياة ولايمكن تكديسه بل لابد من إنفاقه
• ابن مسعود : " إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شئ من عمل الدنيا ولا الآخرة
• عمر بن عبد العزيز " الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما"
• الشافعي " صحبت الصوفية فلم أستفد سوى حرفين , أحدهما: قولهم: الوقت سيف , فإن لم تقطعه قطعك, ونفسك إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل "
• الحسن البصري " إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك"
• وأخيرا : تحكّم في الوقت قبل أن يتحكم فيك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ( 11 )(1/13)
ماأجملها وأحلها من كلمات , بصياغتها الكاملة تقرأها على من عرفت ومن لم تعرف حتى وإن كان من غير بلدك من إخوانك المسلمين الذين يحسون بدفْ الأخوّة عندما يسمعونها تنطلق من فيك - بارك الله فيك - ولعل المتأمل في حالنا يجد تقصيراً ظاهرا في ذلك وخصوصاً مع العمالة الوافدة .. وقفت متأملا في إحدى محطات الوقود لرصد مايمكن رصده من التقصير ففوجئت بأن الذين يقرأون السلام على عمّال المحطة قليلون جدا , أمّا الكثير فتتراوح أقوالهم وأفعالهم بين ( الاكتفاء بالمنبّه مرّة أو مرات مزعجات لمناداة العامل المسكين - أو الاشارة خلف النوافذ المغلقة بأن قم باللازم أيها العامل وعلى عجالة من أمرك بكذا ريال - أو يا صديق - أو يامحمد وهنا يحسن أن تقول : ياعبدالله كما أفتى بذلك فضيلة الشيخ / محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى - لأنه عبدٌ لله حتى وإن كان كافراً - يجري كل ذلك مع انعدام الابتسامة أو ندرتها !! أخي : أرجوك أن تعذرني قليلاً لأقول لك : لوكنت مكانه ويمرّ عليك عدد كبير من الناس لايسلمون عليك بالله عليك ماهو شعورك ؟؟؟
في التموينات الغذائية مثلا نسمع ( فيه لبن ؟ بدلا من السلام عليكم ) وهكذا ولا أريد أن أزيدك أمثلة للطرافة فالموقف لايستدعي ذلك وإنما هي ذكرى وتذكير بتحية الإسلام أن تشيع بيننا في مساجدنا وأسواقنا وعبر اتصالاتنا بالجوال والهاتف الثابت وهكذا , ولك أن تسأل نفسك : هل أنا مقصر - فعلا - ؟ ولا تنتظر من الناس إلا ماينتظرونه منك وأخيرا السلام بصياغته الكاملة ثلاثون حسنة في موازينك كما ورد في الحديث الشريف عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أطعموا الطعام (12 )
تدخل بيوتنا - وربما بشكل يومي - أطعمة ذات أشكال وصنوف متنوعة مما لذّ وطاب(1/14)
وهذا - بلا شك - من نعم الله تعالى علينا , فكل ماشئت في أيّ وقت شئت حتى تحس بأنك شبعت , واحمد الله تعالى على ذلك , لكن أذكّرك بأمر ربما غاب عنك وعن غيرك من الناس ألا وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلّم - ( إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك .. ) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - ولقد كان في وقت مضى يجري شئ من ذلك , ولك أن تسأل كبار السنّ , أما اليوم - والله المستعان - فقلّ أن نسمع عن هذه الصور الجميلة في الإطعام ظناً منا أن الناس لايقبلون ذلك والكل ّ شبعان فاكتفى ربّ الأسرة بإغلاق باب بيته , وما تبقّى من طعام لايدرى أين مصيره ؟؟! أخي : جرّب الإطعام ستجد لذّة لاتعدلها لذّة عندما تأخذ - مثلا - بقيّة فاكهة أولبن أو حتى أرز وبقية لحم فتطعم عاملاً مسكيناً أوأسرة فقيرة حتى ولو تطلّب الأمر أن تركب سيارتك لإيصالها إليهم وقد حدث ذلك لأحد الإخوة ظنّ أن الناس يستنكفون ولا يقبلون فجرّب بأن وضع ماتبقى من طعام لديه بشكل مرتب وقدّمه - لأكثر من مرّة - لعمالة مسلمة وفي مواقع مختلفة فكانت المفاجأة التي لم يكن يتوقعها وهي الفرح الشديد بهذا الطعام وقولهم لصاحبه : جزاك الله خيرا ولاتنسنا في المرات القادمة , يقول فتعمّدت أن أزيد قليلا ً في بعض مشترياتي رجاء الأجر والمثوبة , ولو يعلم الناس ماأحس به من سعادة بإدخال السرور على المحتاجين لنافسوني عليه , حتى الجيران من غير المحتاجين يفرحون بإحساس الجار بهم إذا خصّهم بشئ من ذلك , المثال : إذا كان الجيران لديهم كبير مسن ّأو مسنّة ممن يحبون الطبخات الشعبية القديمة ماالمانع أن تزيد في قرصانك أو مرقوقك أوجريشك ثم ترسله إليهم , تصور أخي : أن جارك أو ابنه طرق عليك الباب حاملا حافظة طعام وقال : جارنا العزيز أحببنا أن تشاركونا هذه الليلة طعامنا أرجو أن تشجعونا وتقبلوها , فإذا هي حارّة ولذيذة في وقت ربما لم تنشط زوجتك لعمل مثلها من غير قصور فيها وهذه مما(1/15)
تزيد علاقة الجيرا ن بعضهم مع بعض وديننا حثّ على ذلك , فكّر بذلك جيّداً وفقك الله .
الأمر كله بيد فلان ( 13 )
عندما تعنّ لك حاجة في إحدى الدوائر الحكومية - مثلاً - أوأيّ جهة أخرى وتتمنى أن تقضى لك بسهولة ويسر فإنك تبادر بالبحث عن أقرب طريق للوصول إليها , بالسؤال عن من بيده الأمر وكيفية الوصول إليه عبر الوسائط التي تسهّل لك المهمة , وهي حاجة من الحوائج التي ينزلها الناس - في الغالب - بمخلوقين مثلهم وقد يتحقق لهم مايريدون وقد لايتحقق , حتى نسمع وتسمع - أخي - من يقول : انتبه الأمر كله بيد المدير أو الرئيس إن لم ينفعك فلن ينفعك أحد مهما كان , وهنا أقول : أين الله ؟؟ أين الله ؟؟ أين الله ؟؟ أنزل به حاجتك , وارفع أكف الضراعة إليه واعتمد وتوكل عليه , ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لوأنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ) والمشكلة هنا - أيضاً - أن من لايملك واسطة في أيّ حاجة من حوائجه, يقال عنه : فلان مسكين ماله إلا الله !!!! ونعم بالله لامعطي لما منع ولامانع لما أعطى
أخي : أتمنى أن ننزل كل حاجاتنا بالله تعالى فهو المعين والمستعان وعليه التكلان وهو الذي يسخر لك المدير والرئيس ومن تحتهم من مسؤولين لقضاء حوائجك , إذاً : أول ماتبدأ به مباشرة في قضاء حوائجك التعلق بقاضي الحاجات وهو الله تعالى والانكسار بين يديه وتحرّي الأزمان والأماكن الفاضلة الشريفة مع طيب المأكل والمشرب والصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام - والصدقة إن أمكن فهو أكمل وأفضل , وياليتك تذكّر من ترى بذلك فهو أعظم لأجرك خصوصاً أننا بهذا نقوّي جانباً من العقيدة نخشى اهتزازه
دورة تدريبية مجانية في حل المشكلات (14 )(1/16)
لايخلو مجتمع من مشكلات تطفو على سطحه , وبعض البيوت تغص ببعض المشكلات التي تراكمت وتركت منذ زمن ولم تحلّ أو يسعى إلى حلّها والبعض يتفرج - عاجزاً حائراً - ولا يملك غير الحوقلة التي تتردد على لسانه كلما تأمل فيها, لكنه لم يسع َ إلى حلها ولم يتخذ الخطوات الاجرائية لذلك إيثاراً للسلامة ومن باب : دعهم وشأنهم , فلا تضحية ولابذل ولاسعي للإصلاح , والله تعالى يقول ( لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما ) تأمل كلمة ( لاخير ) وكلمة ( إلا ) ثم كلمة ( أو إصلاح بين الناس ) وتذكّر النتيجة ( فسوف نؤتيه أجراً عظيما ) الأجر لمن سعى وليس لمن تفرّج ولم يحرّك ساكناً ! فلاتكن من المتفرجين وإنما من الساعين في الإصلاح ما استطعت بنفسك ومالك وجاهك , أجزم - عزيزي القارئ - أن بعض الأقارب والجيران والخلان تحدث بينهم مشكلات تتطور إن لم تجد لها بطلاً يعطى نفسه دورة تدريبية في حلّها , كيف ذلك ؟ تأمل مايجري بين متخاصمين من ذويك - مثلا - وادرس أحوالهما وحاول أن تقرّب بين وجهات النظر واجتهد في ردم الهوّة وإذا تعثّرت جهودك في ذلك فهل تمل وتكلّ ؟ كلاّ , بل اعلم - وفقك الله - أنك تبتلى , وأنها صعوبة ستتجاوزها بعزمك وإصرارك , واستمداد العون من ذي العون وهو الله تعالى , وأنت قادر - بإذن الله - على التغلّب عليها والخروج منها بنجاح وتحقيق مقصدك الأسمى وهو الإصلاح , وبهذا تكون قد تدربت على حلّ مشكلة , فلولا المشكلات التي تعترض العظماء فيحاولون التغلّب عليها لما كانوا عظماء , ولا نجاح بدون فشل , ولولا شقاوة الابن لما برز لنا أب حكيم صبور ذوجلد , ولولا مشكلات الطلاب في المدارس ومحاولة حلّها من المعلمين المخلصين , لما برز - أيضاً - معلمون أكفاء ذوو خبرة وحنكة ومهارة , وعلى هذا فقس , فلعل الله ينفع بك , وتأخذ دورات مجانية في الحياة(1/17)
بعلاج المشكلات التي تطرأ بين متخاصمين وبالذات من أهلك وذويك !
عند استلام الراتب والمكافأة ( 15 )
عندما تحين ساعة استلام الراتب في اليوم المعلوم لذوي الرواتب والمكافآت تتوارد في خاطري أمور عديدة , وهي وقفات عجلى من الأهمية بمكان :
1- الراتب كامل , فهل العمل مثله ؟ ألم يحدث تقصير وخلل ؟ وكيف أبرئ ذمتي لأن من قبض الأجرة حاسبه الله بالعمل ؟
2- هل دعوت الله تعالى عند استلامه أن يبارك لي فيه ؟ أم أنني اكتفيت بابتسامة وارتياح داخلي ؟
3- هل شكرت الله تعالى على هذه النعمة التي حباني إيّاها دون غيري من المعدمين المحتاجين ؟
4- هل فكرت في الصدقة وإطعام الطعام منه ولو بجزء يسير ؟
5- هل فكرت بأصحاب الديون التي التزمت بها لهم فقمت بسدادها قبل أن تتراكم , وقبل أن تفجأني المنية , فلقد تأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على من كان عليه دين حتى تكفل أحد الصحابة - رضي الله عنهم - بسداده فقال : ( الآن برّت عليه جلدته )؟
6- هل أدخلت السرور على والديك وزوجتك وأولادك بشئ منه , ولو كان يسيراً ؟
7- هل فكرت بالحقوق والواجبات الأخرى التي لايتم ّ أداؤها إلا بشئ من المال ؟
8- هل فكرت في دعم مايمكن دعمه من جهات خيرية أو حتى كفالة أيتام .. إلخ وذلك باقتطاع شهري ؟
9- هل فكرت بالابتعاد عن الإسراف في المأكل والمشرب والملبس والكماليات و ...إلخ ؟
10- هل فكرت في إنفاقه كله في الحلال , والابتعاد عن الحرام والمشتبه ؟
11- هل فكرت بوضع الخطط المدروسة والاستراتيجيات الدقيقة في تصريفه بتوازن واعتدال لابفوضى وسوء تدبير ؟
أخي : تذكر هذه المطالب جيّداً عندما تقبض هذا المال , فهو وديعة وأمانة ستحاسب عليها , فأعد للسؤال جواباً وللجواب صواباً , وكلي أمل ألا تغيب عن ذهنك , ليس الآن وإنما قبيل قبضه وفقك الله , وبارك لك في مالك .
فكرة تساعدك على صلة الرّحم (16 )(1/18)
أخي - وفقك الله وسددك - لو سألت نفسك عن آخر زيارة تمّت لأحد معيّن من أقربائك كعمّتك أوخالتك - مثلاً - لربما لم تجد إجابة دقيقة , وبعض الناس إذا سئل عن آخر مرّة زارفيها عمّه أوخاله لأجاب بقوله : أعتقد أنني منذ زمن ليس بالبعيد قد تمّت الزيارة , لكن لاأدري متى ؟ ولو فتّشنا لوجدناه منذ شهر أوشهرين أوسنة أو ...إلخ
ومن الطريف أن بعض كبار السنّ من الأقارب يعدون الأيام التي تغيبها عنهم فيقول مثلاً : ياابني مارأيتك منذ أربعة وعشرين يوماً لماذا تغيب عني وأنا أحبك ! ويقول أحدهم زرت خالة لي اعتقدت أني لست ببعيد عهد عنها , فلامتني وقالت : أتدري منذ متى مارأيتك ؟ فقلت لها : لاأدري ياخالة , لكن أتوقع منذ أسبوعين أوثلاثة , فقالت : بل منذ شهر وتسعة أيام .. وهكذا
إذاً ماالحل ؟
أقترح عليك تصميم جدول صغير في مفكرتك الخاصة وتضعه في جيبك , وتتعامل معه بدقة ولك أن تتصوره بهذا الشكل :
صلة القرابة
آخر زيارة
الزيارة القادمة
تمت / لم تتم
لماذا؟
الزيارة البديلة
العم ( محمد)
يدون التاريخ
يدون تاريخها
نعم /لا
السبب
يقترح تاريخها
الخالة ( نورة )
وهذا يعينك - بعد توفيق الله تعالى - على صلة الرّحم بشكل منتظم , ويوقف سيل اللوم المتجّه إليك عند كل زيارة , ومن الطريف : أن شاباً زار امرأة مسنّة من قريباته , فلامته بانقطاعه عنها منذ زمن يقرب من شهر , فأفادها بأسلوب لبق بأن آخر زيارة تمّت لها قبل ثلاثة عشر يوماً فقط , فقالت : هاه هاه لاأدري , ثم غيّرت مسار الحديث إلى قولها : هلا هلا حيّاك الله , كيف الوالدة والوالد عساكم بخير ...
بسبب إبرة !! ( 17 )(1/19)
مما سمعته قديماً واستثارني أيّما استثارة , وجعلني أفكر فيه كثيراً حتى انقلب عندى هاجساً لاينقطع أن ( أحد السلف حبس في قبره عن النظر إلى الجنة بسبب إبرة استعارها ولم يردّها ...) حيث رؤي في المنام فأفاد بذلك , والمؤمن ينظر - كما ورد - إلى مقعده في الجنة وهو في قبره .. فقلت في نفسي : ما أعظم حقوق الخلق إذا تساهلنا وفرّطنا فيها ..!!! ثم التفت إلى صور مزعجة في مجتمعنا ومايحدث فيه من عوارٍ لم تردّ إلى أصحابها وأموال وحقوق وممتلكات حتى وإن كانت صغيرة في نظر البعض فهي عظيمة , ولها تبعات جسيمة , وتأملوا الإبرة مع صاحبها , وكيف كان أثرها عليه !! ربما بتفريط منه , ولم يدوّن ذلك في وصيّته قبل وفاته , أخي : فتش في وضعك : هل بقي شئ من أمور الخلق في ذمّتك مال أو عرض أو غرض أو شئ تقادم العهد به فنسيته ؟ إذا كان كذلك فسارع - بارك الله فيك - إلى أدائه قبل أن لاتطيق تحمّله في قبرك ويوم القيامة , وهل تتوقع أن الناس يتخلّون عن حسنة واحدة من حسناتك , كلا وربي ولو كان على حساب هلاكك , فانتبه قبل أن لايكون دينار ولادرهم , وبادر ثم بادر , وانج بنفسك وابحث عن خلاصك , فإن مابينك وبين الله تعالى مبنيّ على المسامحة أما مابينك وبين الخلق فلامسامحة وإنما مقاضاة من حسناتك إن كان لك , أو من سيئاتهم إن لم يكن حسنات .
روائح المجالسين (18 )(1/20)
كثيراً مايتصل الناس بعضهم ببعض وفي مناسبات عديدة , ويتجاذبون أطراف الحديث , وهذا شئ جميل ولاشك إن كان على خير وفائدة , وما أريد قوله هنا: هو أن بعض الناس تصدر منه روائح كريهة وخصوصاً إذا زاد قربه منك , وهولايشعر بذلك وأنت تشيح بوجهك بين الفينة والأخرى عنه لكنّك تقبل عليه مجاملة ولاتجرؤ على مصارحته بتنبيهه على ما ينبعث من فمه مثلاً كخلو معدته من الطعام , أو مايعانيه من التهابات في لثّته , أو نسأل الله تعالى السلامة مايشمّ منه بسبب التدخين , أو تناوله طعاما فيه بصل أو ثوم , أو رائحة العرق , أو تعطّره- حسب مزاجه - بعطر غريب من نوعه مزعج للأنوف , أو....إلخ , الحاصل يا أخي : ينبغي أن نتعاهد أنفسنا بأن لاتفوح منا إلا الروائح الطيبة , ونحترم من نجالس , فإن كنا نعاني من مرض في اللثة فعلينا أن نبادر إلى علاجه , وإن كانت المعدة خالية أن نزودها ولوبالقليل , وأن نبتعد عن التدخين أصلاً , والذي دعاني - عزيزي القارئ - إلى هذا الكلام أنني بليت في أحدالاجتماعات بمريض وهو من أهل اليسار والغنى قادر على علاج ماينبعث من فمه , عن يميني ومدخن عن يساري , وكلاهما يكثر الحديث معي في ثنايا الاجتماع , فكنت أرقب وقت الاجتماع على مضضٍ متى ياترى ينتهي ؟ ياليته ينتهي في وقته المحدد لأقفز من مكاني وأتنفس الصعداء , وربما بليتم بما بليت به في بعض المناسبات , لكن ماالحل ؟
لنفكّر سوياً بحل أمثل بعيد عن التجريح وإرباك المشاعر , ولو برسالة على غرار إياك أعني واسمعي ياجارة
هل لديك استعداد لتقوية كتابتك ؟ ( 19 )(1/21)
تقوية الكتابة مطلب لكل أحد , وتقويتها تتخذ أشكالاً عدة , وما يهمني هنا هو تقويتها إملائياً ونحويا, ولاأدري بم أفسر العزوف الظاهر عن تعلم ذلك وإتقانه , حتى إنك لتجد مبدعين في أساليب كتابتهم لكنهم يعتذرون عن الأخطاء الإملائية والنحوية , وكم نحزن إذا قرأنا كتابات جيدة تفسدها الأخطاء من هذا النوع متعللين بضعفهم في هذه المهارات , ولاأدري إلى متى سيظل هذا الحاجز بينك وبين إتقان تلك المهارات , عزيزي القارئ : كنت أحاور شخصاً في ذلك , وشكا لي الحال وهو ممن يحملون مؤهلات عالية ( د/ .. ) وأعطي قاعدة يسيرة في الفرق بين همزة الوصل والقطع فقال: ما كنت أظن أن الأمر بهذه السهولة , الآن تبين لي الأمر جيداً ولن أنساه - إن شاء الله - , ثم عرّجنا على الفرق بين التاء المفتوحة والمربوطة , في إيضاح سلس , وأنه يمكن معرفة ذلك حال الوقف على الكلمة , أبتاءٍ أم هاء ؟ كلنا درس قاعدة المثتى مثلا , وأنه يرفع بالألف وينصب ويجرّ بالياء , فلماذا تقف حائراً في بعض الجمل أبألفٍ أم ياء ؟ قليل من التأمل يزيل الإشكال , وأرجو أن لايغلبك اليأس , قد تقول : اللغة صعبة , صدّقني هذا وهم يعيشه أبناء العربية , والمشكلة أنهم يتوارثونه أكاديمياً , حتى سمعنا عن طالب فشل في النحو في المرحلة الجامعية , - وللأسف - نقل فشله للآخرين من الطلاب الجدد , وشحنهم على المادة وكرهوها قبل أن يدرسوها, وأصبحت مثل البعبع لديهم .
لمَ هذه الحواجز ؟ لماذا لانقبل على لغة التنزيل كإقبالنا على الأشياء التي هي موضع اهتمامنا ؟(1/22)
أخي : لاتستسلم لما يقال عن لغتك أويشنّع عليها فالأمر جدّ خطير , متى تتعلم القواعد إذا لم تبادر من الآن ؟ قوّ لغة كتابتك وجمّلها بذلك , لاتندب حظك كما ندبوا , لاتفشل كما فشلوا , لاتُحبط كما أحبطوا , أخي : جدّ واجتهد , وابحث عن كل سبيل يقوي لغتك إملائياً ونحوياً , وأبشرك أنك ستصل إلى مرادك , ولاتدع متخصصاً جمعتك به مناسبة إلا وتشبث به , وسيفرح بذلك لأنه وجد من يشاطره الهمّ في تخصصه ( اللغة العربية )
يوم الجمعة ( 20 )(1/23)
على هامش اجتماعات الخطباء في إحدى المناسبات الرسمية , والتي تعقد عادةً تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية, يجتمع فيها أصحاب الفضيلة ويتجاذبون أطراف الحديث في شؤونهم وشجونهم , ومما ذكروا تقصير بعض الناس في الحضور المبكر يوم الجمعة , لاسيما وأنه نُصّ على مزيته وفضله , وأنّ من فاته التبكير فقد فاته شئ كبير وعظيم , وقد فرّط في حق نفسه , ومما ذكره أحد الخطباء أن فئاماً من الناس لازالوا يتأخرون , حتى إنني أنصرف من الصلاة بعد التسليم , فأرى أناساً يقضون ما فاتهم لالجمعة أو جمعتين أوثلاث , وإنما هذا ديدنهم كل جمعة , وهل من شكر نعم الله تعالى على العبد أن يأتي في مثل هذه الساعة ؟ إذا كان كبار السنّ ممن هم بحاجة إلى الراحة , يتغلبون على ظروف الصحة والمرض ويأتون مبكرين فماذا نقول عن الشباب ؟ دخل عبدالله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - المسجد يوم الجمعة وقد سبقه ثلاثة فقال : رابع أربعة ومارابع أربعة ببعيد , أين ( من راح في الساعة الأولى من يوم الجمعة فكأنما قرّب بدنة ...؟ ) متى تقرأ سورة الكهف التي ورد في فضل قرائتها ماورد ؟ متى تحصل لك طمأنينة وسكينة إذا كنت تأتي إلى الجمعة مسرعاً لاهثاً ؟ لماذا يكون يوم الجمعة - عند بعضنا - كيوم السبت وكغيره من الأيام ؟ ألم تعلم أنه قد خُصّ بخصائص ليست لغيره من الأيام ؟ هل تتذكر منها شيئاً ؟ ألم تعلم بأن فيه ساعة لايوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه ؟ أغنيٌ أنت عن تحرّي هذه الساعة لتنال فضلها وشرفها ؟ أيُّ زهدٍ هذا الذي نراه يتكرر كل جمعة ؟ ينبغي أن نري الله تعالى من أنفسنا خيراً في هذا اليوم العظيم من الاغتسال والتطيّب والتبكير والتنفل وقراءة القرآن والإنصات للخطيب وكثرة الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - وسؤال الله تعالى والانطراح والتذلل بين يديه ... ميّز هذا اليوم عن غيره فهو يوم عيد . استعد له جيداً كي تظفر بفضله(1/24)
وحثّ من ترى للمنافسة في فضله , ودع عنك الكسل والدعة وفضول النوم , فيوم ٌ هذه بعض مزاياه حرّي بنا أن نتنافس في فضله وفقنا الله لإدراك فضله والفوز به إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رسالة مقترحة لمن بين إخوانه وأخواته مشكلات !! (21 )
إلى الأخ العزيز أو الأخت العزيزة/ حفظه الله تعالى ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أكتب إليك هذه الرسالة والتي خرجت من صميم القلب للأسباب التالية :
1 - محبتك لأنك أخي الغالي والعزيز والحبيب
2 - لأن الله تعالى أوجب النصيحة فيما بيننا
3 - لعلمي أنك تفهم جيداً , ولايقفز إلى ذهنك أيّ تفسير آخر
4 - لم أكتب إليك بأيّ ضغط من أيّ جهة أخرى وإنما ما أملاه عليّ ضميري فقط
5 - ما لاحظته من تباعد العلاقة بين الإخوة والأخوات في الآونة الأخيرة وبشكل ملحوظ
6- مما أثّر على والديّ وأرى ذلك في عينيهما وصحّتهما
7 - التناقضات في علاقات إخواني وأخواتي والتي لايجد الجيل الجديد من أطفالنا تفسيراً لها
8 - اطّلاع بنات الناس ( زوجاتنا ) وبعض أبناء الناس ( أزواج أخواتي ) على مايظهر لهم مما خفي من أحوالنا
9 - تطاول بعض إخواني وأخواتي على بعض بعبارات لاذعة - بقصد أوبغير قصد - أمام الجميع
10 - إخبار الوالدين بكل مايحدث وإيغار صدريهما نحو الطرف الآخر, مما لايجد له الوالدان متنّفساً غير الدموع
11 - حيرتي في مايرد من أولادي الكبار الناضجين مما لاأجد له تفسيراً أحياناً كثيرة
الرسالة : لعلك فهمت جزءاً منها ( هل يعجبك ماعليه إخوانك وأخواتك ؟؟ ) قد تقول : لا , لكن ما الحل؟ الحل بيدك . كيف ؟ المطلوب منك مايلي :
1 - لاتتحدث مع الوالدين عن أيّ شئ يجري بينك وبين أحد من إخوانك أو أخواتك , ولعلك تعرف من بينك وبينه خصومة , حتى وإن طال العهد بها .(1/25)
2 - إذا حدثت مشكلة بينك وبين أحد من إخوانك فلتعالجها سرّاً في منزله بعيداً عن الأطفال , لأنه سُمع - إذاحدث ذلك فعلاً - عن أحد الأطفال يناجي طفلاً آخر يقول : خالي لايحبّ أمي .. إلى آخر تلك العبارات البريئة
3 - إذا أحد مسّ أيّ أحد من إخوانك أو أخواتك بسوء فردّ عليه مباشرة وصحح خطأه ولاتدع له فرصة للتطاول
4 - إذا حدّثك أحد الأطفال عن أحد أعمامه أوأخواله فافرح بحديثه , وأظهر حبّك أمامه للطرف الآخر, حتى وإن كان بينك وبينه مايكون بين الإخوان والأخوات من خصومات , والبيوت لاتخلو من المشاكل
5 - اتصل دائماً عبر الثابت والجوال ولو بالشهر مرّة , إن لم تتم الزيارة لمنزله أو لمنزلها
6 - ودّع المواقف القديمة من غير رجعة - احتساباً لله تعالى - لأنك مأجور بذلك حتى وإن كنت صاحب حق .
7 - صحيح أن الإنسان - أحياناً - يتملكه الغضب فينسى نفسه , لكن عليه أن يتذكّر أنه جنى على جيل من الأطفال الذين يلحظون ماتزلّ به الألسن وتبقى في ذاكرتهم , فاتق الله تعالى فينا وفي أطفالنا لأننا أسرة واحدة ولافرق في المشكلة أكانت معي أم مع غيري , فالمشكلة مع أحد إخواني أو أخواتي أعتبرها معي , لأننا لحمة واحدة لاتنفصل
8 - أعرف أسراً ليسوا على قلب واحد من المشكلات التي تدور بينهم , ولكنهم مع ذلك لاينقطعون بل في كل ليلة خميس يجتمعون , وكأن شيئاً لم يحدث , وأطفالهم ينعمون بالأمان في رحابهم , فعلى أقل تقدير لنكن مثلهم
9 - أنا لا أحاسبك وليس لي ذلك , ولكن أقول من عندك يبدأ التغيير , ولاتظن أنك المخاطب وحدك , بل خاطبت غيرك ممن بينهم وبين غيرهم سوء تفاهم عفا عليها الزمن , وهو مشروع إصلاح بدأت به اليوم معك , وكلي أمل أن تجد كلماتي وقعاً في قلبك
10 - فكّر - جيّداً - بكلامي واقرأه مرة ومرتين وثلاثاً حيث لايراك أحد وإذا انتهيت مزّق الرسالة إلا من قلبك .(1/26)
11 - سارع بعد قراءة الرسالة - إرغاماً للشيطان - بالاتصال والاعتذار على من بدر بينك وبينه شئ ..فهو أخوك / أو هي أختك
12 - لو افترضنا صدود الطرف الآخر عنك حتى بعد اعتذارك , هل يعني هذا أننا نبادله بالمثل ونجعل الناس يستشرفون قضايانا, كلا بل يتوجب علينا الصبر حتى يملّ الصبر من صبرنا, وهذا من الابتلاء فأشد بلاءً الأنبياء فالأمثل فالأمثل بيتلى المرء على قدر دينه قال تعالى ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله يحب الصابرين ) ومايدريك ربما : إذا لمس منك الطرف الآخر صدق المصالحة سارع إليها قبلك , واصبر على مايبدر منه من جفاء وسوء ظن فأنت الكسبان بدءاً ونهاية , تحياتي لك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .........
أعمال لاتنتهي ( 22 )(1/27)
كم من الأعمال التي لا ولن تنتهي وطموحات الإنسان فيها لاتنقضي يسعى ويكدح ويغدو ويروح و يتصل وينسّق ويخطط وينفذ , ويتابع ويحرص , ويهتمّ ويشقى ويوصي ويؤكّد , ومع ذلك لا ولن تنتهي أعماله بالصورة التي يرضاها, ولربما دعاه قريبه أو جاره إلى زيارته لكنه يكثر الاعتذار, ويتعلل بهذه الأعمال التي تحتاج إلى متابعة واستكمال , فطال به الزمن عن رؤية إخوانه وذويه والجلوس معهم , ولربما تأخر كثيراً عن إدراك صلاة الجماعة لهذه الأسباب , ونرى وترون فئاماً من الناس قد خف ميزان الصلاة لديهم , يقضون ما فاتهم إن أدركوا منها شيئاً , ثم ينصرفون إلى هذه الدنيا التي تغري وتفتن أبناءها ممن اصطادتهم ووقعوا في حبائلها , ثم يعقب ذلك خبر كالصاعقة على الورثة ( مات فلان ) نعم تصوّر أنها قيلت عنك ( مات فلان ) وهو أنت ياترى ماموقفك من هذا الخبر وبين يدك حقوق وواجبات لم تؤدى بسبب هذه السكرة ؟ ديون لم توثّق وقروض في نظرك يسيرة - وهي دين عليك للخلق - لم يعلم بها أحد وأمور أخرى لم تتحلل أصحابها - كسلاً منك - قد دوّنت عليك , وورثة لم تخلص النصيحة لهم في حياتك , أوأموال واعدت نفسك بالتصدق منها لكنك لم تفعل طمعاً وخوفاً من نقصها والشيطان يعدكم الفقر , ووصية وعدت نفسك بكتابتها وتدوينها وحفظها لكنك - أيضاً - لم تنفذّ ولم تكتب(1/28)
أخي : هل فكّرت بجدٍ فيما مرّ ؟ هل دار في ذهنك ؟ لمَ لاتبادر من الآن وتقوم بتصفية كل ذلك , وتستعدّ لما أمامك ؟ لمَ لاتذكّر نفسك وأهلك وإخوانك - بين الفينة والأخرى - بذلك ؟ تلك غشاوة آن أن نزيلها ونبددها ونستيقظ من سباتنا العميق أخي : عش لحظة وصول نبأ موتك لأهلك , وتصور ذلك ماالذي تستطيع أن تعمله لو مدّ لك في عمرك ؟ إذاً افعله الآن من تجديد التوبة والفرار إلى الله ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) والله ياأخي لاينفع الندم , وورثتك لايغنون عنك من الله شيئاً ولن يؤنسك في قبرك سوى عملك الصالح فهل أكثرت من الصالح ؟ لاتدع للطالح من العمل فرصة في حياتك واعمرها بما يقرّبك من مولاك , عِ النصيحة وافتح لها أبواب قلبك تفلح وتنجح وفقك الله وسددك .. آمين
ابحث عن قناة !! ( 23 )(1/29)
أرجو أن لايذهب فكرك إلى أيٍّ من القنوات الفضائية التي تبثّ سمومها لجيل غفل عنه من سيُسأل يوم القيامة عمّا استرعاه الله عليه , حيث يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... ) الحديث وقبل ذلك قول الحق - سبحانه - ( ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً...) وهذه ولاشك مسؤولية كبرى , وأمانة عظمى ... وماقصدته هنا أن تكون أنت قناة توجيه وإصلاح لأهلك ومجتمعك , فكَر بقناة تسهم فيها بإصلاح مجتمعك ككتابة مقال أو خطبة أو نصيحة أو خاطرة أو ردّ على من يحاول إفساد مجتمعك , أو أيّ مشاركة ترى فيها أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر , فأبواب الخير مشرعة , وأنت مفتاح من مفاتيح الخير أرجو ذلك وأتمناه وأنت له أهل - إن شاء الله - تأمل الفرق بين العلماء والدعاة والغيورين وبين المفسدين في الأرض , شتان مابين الفريقين , وكلٌ سيلاقي ربه لكن على ماذا ؟ وسل نفسك هل أسهمت بما تملكه من قدرات ومهارات في نفع أمتك التي هي بأمس الحاجة إلى ذلك في وقت ضعفت فيه الدافعية , وطغى فيه الفتور , لاتظن - أخي - أن غيرك سيكفيك المهمة نافس على الخير كما نافسوا , قدّم كما قدّموا , ضحّ كما ضحّوا , ابذل كما بذلوا , شارك كما شاركوا , واصبر كماصبروا, وإلا نم نومة الكثيرين الذين غفلوا عن قضايا أمتهم , ويندبون حظهم العاثر , وماتعثرت الأمة إلا بهم وبتشاؤمهم وتقاعسهم وتخاذلهم , فاختر لنفسك ياأخا العرفان , ولعل الله اصطفاك لخدمة دينه , ولعل الله شرّفك بهذا , فانهض وجدّ واجتهد وكن في مقدّمة القوم
وخطط وفكّر لكن لأمتك لا لحظ نفسك فقط .
إضاءات في الصدق (24 )(1/30)
الصدق عزيز , حث عليه ربنا بقوله ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) والصدق كما قال حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يهدي إلى البرّ , والبر يهدي إلى الجنة .." وللصالحين والفضلاء في الصدق أقوال جميلة وعبارات سديدة أتحفكم ببعضها: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (عليك بالصدق وإن قتلك) وقال أيضاً: (لأن يضعني الصدق ـ وقلّ ما يفعل ـ أحب إلى أن من أن يرفعني الكذب وقلّ ما يفعل) وقال : (قد يبلغ الصادق بصدقه. ما لا يبلغه الكاذب باحتياله) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر). وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه" وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت" وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: "لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق أحب إلى من أن أضرب بسيفي في سبيل الله"، وقال الشعبي رحمه الله: "عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك .واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك" وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: "علمهم الصدق كما تعلمهم القران".ويقول الشاعر:
عود لسانك قول الصدق تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد
يقول الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام:
1- صدق في الأقوال. 2- وصدق في الأعمال. 3- وصدق في الأحوال.
أخي : سل نفسك ماالذي يجعلك تخالف الصواب في قولك وفعلك أحياناً ؟ وكم مرّة تقع في ذلك يومياً ؟ وهل تذكرت آية المنافق ( إذا حدّث كذب ) ؟ وهل أخذت على نفسك عهداً ألا تقع في دائرة الكذب مهما كانت الظروف , ومهما أضرّ بك الصدق , وليس بفاعل ؟
أخي : ياأخي : ثم ياأخي : اصدق القول والفعل تفز برضوان الله تعالى , ولايضيرك مايقول الناس عنك أنه لابد من المجاملات الكاذبة كي نتربع في قلوب الناس على حساب دخولنا في دائرة الوعيد !!!(1/31)
أخي : افتح صفحة صدق بيضاء نقية ليس من الغد بل من هذه اللحظة , وارفع شعار الصدق في كل حين حتى تلقى ربك به , ومايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً , وأنت صدّيق - بإذن الله تعالى - أخي الحبيب: إن أعظم ما في الصدق أنه يقود صاحبه إلى الجنة، وهذا هو الفوز العظيم قال - صلى الله عليه وسلم - ((أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً))، فهذا هو الرّبح الأوفر لأهل الصدق، وأي ربح أعظم من الجنة لكن يبقى أن تسأل نفسك: ما هو نصيبك من هذا الخير العظيم؟ فإنه ما زاد نصيب الرجل في الصدق إلا وقلّ نصيبه من الكذب، والعكس كذلك، وقد قالوا: قد يكذب الصدوق ـ أي نادراً ولكن لا يصدق الكذوب ـ. أسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الصادقين وأن يحشرنا معهم وأن يعصمنا من الكذب والزلل وبالله التوفيق .
بقايا في الثلاجة ( 25 )
من نعم الله تعالى علينا وفضله أن ماتبقّى من الأطعمة يبقى لفترة طويلة محفوظاً في ثلاجاتنا إلى حين الحاجة إليه, والثلاجات من الوسائل التي منحنا إياها ربنا - سبحانه - حيث أراحت ً ربّات البيوت من عناء كبير , ولواستشعرنا هذه النعمة وشكرنا الله تعالى عليها لكان أليق بنا ولكن ( وقليل من عبادي الشكور ) عزيزي - قارئ هذه الأسطر - أدعو نفسي وإيّاك إلى التنبّه لمايلي :
1 - هل فكرت بالصدقة بفضول هذه الأطعمة أو بجزء منها على المحتاجين قبل ألا تكون صالحة للأكل لطول بقائها في الثلاجة ؟
2 - هل فكّرت بالتصريف الجيّد لماتلف من الأطعمة مما يصلح للبهائم والطيور وغيرها ؟
3 - لماذا نكدّس في ثلاجاتنا مالانحتاجه من صنوف المآكل والمشارب ؟
4 - لماذا لانتفقّد تلك الثلاجات بين الآونة والأخرى , لتلبية المتطلبات أعلاه ؟
5 - لماذا يأنف بعض أولادنا من الأطعمة إذا أخرجت من الثلاجة وإذا أعيد تسخينها ؟ ألا يذكّرون بحال الجوعى في بعض البلاد والأقاليم والذين يتمنون قطعة خبز يسدّون بها جوعتهم ؟(1/32)
6 - ألاتستشعر أنك ترتكب ذنباً كبيراً برميك ماتبقى من الأطعمة في سلة المهملات مع بقايا القاذورات , حتى وإن قلت : أغلّفها بكيس , فمصيرها مع فضلات الإنسان , وقد رؤي ذلك , وقدلانأمن العقوبة من الله تعالى ؟
7 - إن تبقّى مالاتحتاجه مستقبلا لتسخينه وأكله , وكنت مشغولاً في تلك اللحظة , فادّخره في الثلاجة حتى تتفرغ لتصريفه ولاتضق به ذرعاً .
8 - الأولاد يحتاجون من يذكّرهم بذلك بين الفينة والأخرى , حتى يتربوا على حفظ النعمة وحسن التدبير
9 - أقترح على من وسّع الله تعالى عليه : أن يتخذ ثلاجة إضافية لجمع الزائد مما يستغنى عنه لتصريفه في وجوهه الصحيحة .
10 - المبادرة إلى وضع ماتبقى من الأطعمة في الثلاجة- حتى ولو كان قليلاً- من باب حفظ النعمة وشكرالمنعم , وحتى لاتتعرض للفساد فترمى , ولعلك - عزيزي القارئ - تطل بعينيك على مخالفات بعض الناس في هذا الأمر , فتعود بفكرك إلى سنوات مرّت على آبائنا وأجدادنا لايجدون لقمة العيش إلا بعد جهد جهيد , وياليت تلك اللقمة كالتي نجدها على موائدنا اليوم , وإنما هي لقمة متواضعة لايستسيغها مترفونا , ولربما لورأوها لوضعوها للبهائم والله المستعان !!!
استمتع بالتفسير (26 )
يتقطّع القلب حسرة بل حسرات عندما نقرأ ماتيسر من كتاب الله العزيز , ولانعرف ما المراد بالآية أو الآيات التي نتلوها , ولايتم التلذذ بما نقرأ من كتاب الله تعالى إلا إذا عرفنا تفسير مانقرأ , ولذا يبكي أحد السلف إذا مرّ بهذه الآية ( وتلك الأمثال نضربها للناس ومايعقلها إلا العالمون ) بالكسر .(1/33)
أخي : هل سألت نفسك يوماً ما عن معنى ( والعاديات ضبحاً * فالموريات قدحاً ) أم أنك تقرأ ولاتدري ماالمعنى ؟ منذ الصبا ونحن نقرأ (فأثرن به نقعاً فوسطن به جمعاً ) هل وقفنا على المراد والمعنى ؟ كيف نرجو الخشوع والتلذذ بما نقرأ ونحن لم نقف يوماً على التفسير , أعتقد أن الوقوف على التفسير مطلب ملحّ , وسلف هذه الأمة من علماء التفسير اجتهدوا وأجادوا , وما عليك إلا أن تنهل من معينهم الذي لاينضب ...
أخي : ستدرك الفرق واضحاً بين تلاوتك السابقة للقرآن قبل الرجوع للتفسير , وتلاوتك بعد رجوعك إليه , وستستشعر حاجتك إلى هذا العلم , وستتحسر على أوقات مضت من عمرك لم ترجع فيهاإلى التفسير, أتدري ماالمراد بالنجم في قوله تعالى ( والنجم والشجر يسجدان ) إنه خلاف ماتتوقع فارجع إلى تفسيرها !!
نقرأ عن السلف وعن تلذذهم بالقرآن وخشوعهم عند تلاوته يحيون به ليلهم , فلا نجد مايجدون, هل سألت نفسك عن سبب ذلك؟ من أسباب ذلك جهلنا بتفسير مانقرأ , أخي : ضع لك برنامجاً يومياً تخصص فيه وقتاًللقراءة بالتفسير على مدى العام , وكن جادّاً ومتابعاً لنفسك في ذلك , ولاينبغي أن يصرفك عنه أيّ صارف , وستحصد مازرعت , وستقطف , وستجني ثماراً يانعة من أطايب الثمر - بإذن الله تعالى , وأتمنى ألا تمرّ بآية من كتاب الله تعالى إلا وتعرف مافيها من المعاني والأحكام والأسرار, وثق - أخي - أنك ستصل إلى مرادك , واحرص في البداية على التفاسير الميسرة والواضحة في أسلوبها وأرشح تفسير الشيخ العلامة / ابن سعدي - رحمه الله تعالى - ففيه إيضاح عجيب وأسلوب بديع .
عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة ( 27 )(1/34)
أيُ ثقة أكبر من ائتمان الناس لكما على عقول أولادهم , تصنعان وتصيغان العقول كما تشاءان؟ وأيُ شرف لكما هذا الإرث ؟ إرث الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - , لأنهم لم يورّثوا ديناراً ولادرهما, وإنماورّثوا العلم ,فمن أخذه أخذ بحظ وافر , يواجهكما ويقف في طريقكما عقبات ومثبطات كثيرة لكنها لاتثني من عزمكما وإصراركما على حمل هذه الرسالة العظيمة والإرث الكبير , ولعل ما يصادفكما مما يعكّر صفو كما من قيمة المعلم والمعلمة وقلة هيبتهما في هذه الأزمان بالذات , ابتلاء قدّره الله تعالى لكما ليمتحن صبركما على ذلك , ألم تعلما أن الله وملائكته حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير , وأنتما ممن يعلم الناس الخير , والكل يغبطكما على ذلك لكنهم لايفصحون , لذة النهاية تقطفانها يوم أن يقف الجيل من أبنائنا وبناتنا إكباراً ووفاءً لكما جزاء صنيعكما وصبركما , وإننا لنرى عدداً من معلمين سابقين متقاعدين في بعض الأماكن فنقف لهم إجلالاً فضلا عن طبع قبلة حارّ على جبينهم , صبروا على طيشنا وسفهنا , يتقاعد عدد لايحصى من الموظفين غيركما فلا يجدون ماتجدان , بمجرد تقاعدهم وتركهم للعمل ينتهي كل شئ إلا أنتما فقد طبعتما في الذاكرة , وقد سئل عدد كبير ممن تقلدوا مناصب وظيفية عليا ونجحوا في حياتهم, من تتذكّر ممن كان له أكبر الأثر عليك ؟ فجاءت الإجابات متواترة على معلم أو معلمين كانت لهم بصمات وبصمات , عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة : تذكّرا أن بين أيديكما الآن من سيكون أوتكون لها شأن كبير في قابل الأيام , فياترى ماالرسالة التي تريدان أن توصلاها إلى الجيل من الآن , عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة : لاتعبأا بنظرة المجتمع لمكانتكما عن ذي قبل , فأنتما بعتما واشتريتما مع الله تعالى ومن باع واشترى مع الله أفلح وسعد , لأنه يؤمن بالخلف العاجل من ربه لامن الخلق , فأنتما تقبضان أجركما من ذي الفضل والإحسان لامن فلان(1/35)
وعلاّن , فسيرا وفقكما الله ولاتلتفتا لما يقال , فإن الغزالة إذا التفتت أدركها الصيّاد , ولتجرِ رسالة التعليم في عروقكما , ولتصل الحال بكما أن تترقبا دخول الصف بكل شوق ولهفة , وكلي أمل أن نصل بمعلمينا ومعلماتنا إلى هذا الطموح في عشق رسالة التربية والتعليم , ووجود الأنس والبهجة والسرور بها , فنعم الاختيار اختياركما , بينما اختار غيركما سوى ذلك , سددكما الله وأعانكما , وبارك فيكما ... آمين
فاجأني رمضان ! ( 28 )(1/36)
قال أحدهم : فوجئت بخبر دخول الشهر الكريم فزادت فرحتي بقدومه , لكنني لم أقم بشراء أغراض وحاجيات الشهر من المواد الغذائية ولملمتها من الأسواق , لذا انشغلت في أول الشهر أتجوّل في الأسواق فياإلهي رأيت الزحام وتكالب الناس على المحلات التجارية فقلت : ماهذا ؟ أين أنا وهم قبل بداية الشهر بوقت كافٍ لنتفرغ في شهر الصوم للعبادة وقراءة القرآن ؟, ياليتنا بادرنا بالشراء قبل دخول الشهر لكن فات الأوان , واضطررت لإضاعة الأوقات الثمينة في البحث عما لذّ وطاب لنملأ مائدة الإفطار بصنوف وأشكال من الأطعمة والأشربة , بينما من وفقه الله تعالى بادر مبكراً بشراء مايمكن شراؤه ثم تفرغ من بداية الشهر ليعيش مع كتاب الله ولربما أنهى الختمة الأولى من القرآن !! بعدها شغلتنا المسامرة والسهر إلى قرب الفجر في أحاديث متفرقة ليليّاًعلى ما جمعناه وكدّسناه من صنوف الأطعمة والأشربة , متابعين للأخبار وغيرها عبر القنوات الفضائية , جاء أهلنا وذكّرونا بملابس العيد ومتى يتم شراؤها ؟ بعدها بدأت رحلتنا مع الأسواق من منتصف الشهر إلى نهاية الليالي العشر ومع ملابس العيد من مجمّع أسواق لآخر , هذا طويل وهذا قصير , وهذا لونه مناسب وهذا لايعجبني وهكذا دواليك فضلا عن الإكسسوارات المصاحبة والأحذية والحقائب الصغيرة وماإلى ذلك من أمور تتطلب رحلات متتابعة في الليالي الفاضلة التي تحلو فيها المناجاة مع رب الأرض والسموات , وقت النزول الإلهي , وماإن حططنا ركابنا من الأسواق وحضور المناسبات الليلية وتفويت أفضل ليالي العام حتى فاجأنا خبر العيد , عدت بعدها للسوق لاستكمال مانقص وشراء زكاة الفطر , تأملت حالي مع رمضان المبارك لكن بعد انقضائه فوجدت نفسي قد قصّرت كثيراً , ولم أنافس في الخير , غيري ختم القرآن مراراً , وأنا لم أقرأ سوى عشرين صفحة من سورة البقرة ! غيري فطّر صائمين كثر , وأنا نسيت هذا المشروع المبارك ولم أدعمه , غيري لم تفته صلاة(1/37)
التراويح وكذا التهجد , لكني فاتتني تكبيرات الإحرام في الفرائض , ولم أصل التراويح إلا في ليال معدودة ! غيري ... وأنا مشغول بالأسهم بيعاً وشراءً... غيري ... وأنا ...ياإلهي كيف انصرم الشهر ولم أنافس فيه ؟ ياإلهي كم غفلت عن المبادرة في الخيرات , ولم أتعرّض للنفحات ؟ لقد خاب وخسر من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له ! ياإلهي ماحصيلتي في هذا الشهر ؟ ربما لاأدركه في العام القادم فمن يضمن البقاء ؟ رب وفقني لإدراك الشهر عاماً آخر لترى ماأصنع , والله لئن بقيت ليرين الله ماأصنع , اللهم التوبة التوبة والأوبة الأوبة بدءاً من هذه اللحظة وسأجعل كل أيامي رمضان فرب الشهور واحد , ولن أنقطع لاعن القرآن ولاعن قيام الليل - بإذن الله تعالى - ومنه نستمد العون .
تضحك على من ؟( 29 )(1/38)
بعض الناس يظن أن لديه حصانة حتى من المشاهد التي تغضب ربه من الصور والأفلام , فيزعم أنها لم تحرك فيه ساكناً أو أنها لاتؤثر فيه , ولم يعلم هذا المسكين أو المسكينة أن صورة لاتحل لأحد السلف نظر إليها مرّة فأنسي القرآن بعد أربعين , وهو من السلف ومجرد صورة واحدة - ربما - في حياته كلها , فكيف تفعل بنا عشرات الصور في اليوم الواحد ؟ إن قلوبنا قد تعطلت كثيراً في السير إلى ربها, وأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة , وإذا أردت أن تعرف ذلك جيدأ ففتش عن قلبك في هذا الموضع ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ) كيف نريد أن نلحق بالسلف - رضي الله تعالى عنهم ورحمهم - في خشوعهم وخضوعهم وانكسارهم وإخباتهم وبكائهم وإظهار افتقارهم ونحن نشاهد مانشاهد وكأننا لم نفعل جرماً يفقدنا ماسبقونا إليه ؟ وكيف نريد ذلك في ليالي رمضان المبارك ونحن لم نمهّد له بتوبة نصوح ؟ والأشد والأنكى من يمتّع ناظريه - زعم - في أمور وطوام ومصائب وقت النزول الإلهي وفي العشر الأواخر - أيضاً - إخواني : من الآن وليس غداً لنمهّد لقلوبنا صلاحاً وفلاحاً وخشية إنابة , ولتودع أعيننا النظر إلى كل مايحرم النظر إليه ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .. . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن .. )
الشيطان يعدكم الفقر ( 30 )(1/39)
نقنع أنفسنا بشكل أوبآخر , بأنّ الطالح قد أفسد على الصالح من ذوي الحاجة والفاقة , ولم يعد هناك من نكاد نثق به في هذا الباب , فنحجم عن البذل والصدقة والإحسان فيمر بنا زمن طويل لم نتصدق ولو بشئ يسير , ولم نحرص على التحرّي في ذلك , فنحرم بهذا الأجر المترتب في قوله تعالى ( وماتنفقوا من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - ( مامن صباح يوم إلا وينزل فيه ملكان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً ) بينما غيرنا - وهم قلّة - ممن وفقهم الله للصدقة الخفية والعطاء المستمر قد سبقونا إلى الله تعالى وفازوا بالأجور الكثيرة لا ليوم ٍ بذلهم ولاليومين وإنما هذا ديدنهم لايردّون سائلاً , ملأت السعادة قلوبهم بسبب ذلك , بل قال أحدهم : أجد المتعة في البذل ولوبشئ يسير , وإذا مرّ بي يوم لم أتصدق أنكرت نفسي , وكلكم يعلم حديث ( تصدّق الليلة على زانية وغني وسارق ...) وكيف أن الأجر ثبت للمتصدق بغض النظر عن حالة المتصدق عليه , هذا فضلاً عمن يشحّ أصلاً بمال الله الذي آتاه إياه وديعة وعارية لينظر ماذا هو عامل فيه ؟ لذا قدّم لنفسك لتستظل بصدقتك في يوم عظيم وكرب شديد , ياأخي : لاتلتفت للمثبطين عن الصدقة والإحسان فلن ينفعوك , واحرص على صحبة من يحثّك على خلاص نفسك في مال الله تعالى تفقد أقرباءك وجيرانك وأصحابك ممن هم بحاجة وأدخل السرور عليهم ولاتحقرنّ من المعروف شيئاً , وانتصر على نفسك وطمعها والشيطان وخططه , والمثبطين وحججهم الواهية وكن باذلاً كريماً سخياً منفقاً وأبشر بالخلف العاجل من ربك فأنت تتعامل مع الكريم المنان ذي الفضل والإحسان
حكايات والديّ ( 31 )(1/40)
في زحمة الحياة وبعدما كبرنا وزادت مشاغلنا , لانجد وقتاً للحديث مع أحب الناس إلينا والاستمتاع بقصصهم وحكاياتهم وخبراتهم وتجاربهم , فضلاً عن كونهم يحبون من يستمع إليهم ويتفاعل مع حديثهم , لأن الكثير من الناس- ولاشك أنه يبرّ والديه ويزورهما - لكن لا يتباسط في الحديث معهما كما يفعل مع أصحابه , بل ربما نجده يلزم الصمت , بعد السؤال عن الحال وماذا يريدون من خدمات يقدّمها لهما ؟ فهل انتهت مهمّته بزيارة تقليدية رتيبة لاطعم لها ولا لون
لذا يحس الوالدان بوحشة عظيمة وفجوة كبيرة بينهما وبين أولادهما , وبالمقابل سرّتنا صور جميلة منها ما قاله أحدهم : إنني أجد المتعة في قضاء أحلى الأوقات مع أمي والتي تملأ قلبي سعادة بحديثها وقصصها الشيّقة , فلا أملّ من الجلوس معها ولا أستطيل ذلك أبداً وإذا مرّ بي يوم لم أسمع حديثها وحكاياتها أحس بأن شيئاً كبيراً قد افتقدته ! وآخر يقول : يومياً أخصص ما بعد صلاة المغرب للجلوس مع الوالد , وأنهل من خبراته , فقلت : هل يحدّثك والدك كما يحدث أصحابه وبنفس درجة التفاعل ؟ قال : نعم , فقلت لماذا بعض الآباء ينقبضون أمام أولادهم ولايتحدثون كثيراً في جلسات يحفها الصمت والهيبة ؟ فقال : هل تنتظر أن يحدث مثل هذا , بادر أنت بالدخول المؤدب مع أبيك , وافتح له أبواباً من الموضوعات عن خبرته في الحياة فستجد تفاعلاً عجيباً تلوم نفسك - فيما بعد - على زمن مضى لم تستمتع بخبراته وحكاياته , وهل هناك أحلى من الجلوس مع الوالدين ؟ بينما البعض محروم من هذا والله المستعان , أخي أختي : جرّبا وستجدا أن أمتع الأوقات تقضى مع الوالدين والسماع لحديثها في وقت ٍ قلّ من يستمع إليهما ويأنس بهما فالله الله في الوالدين والله الله في انتقاء أطايب الحديث لهما كما تنتقيان أطايب الثمر تؤجرا وتفلحا وتسعدا دنيا وأخرى ,,
بحجة أنه صريح ( 32 )(1/41)
تصدر- أحياناً - تجاوزات كبيرة , وسقطات كثيرة في الكلام , وحدّة في الأسلوب , وسوء أدب من بعض الناس ( بحجة أنه صريح ) فتجده يقع في الغيبة المذمومة , فإذا نهيته عن ذلك بادرك بقوله : أنا صريح لاأخاف ولاأخشى من أحد , ثم يطلق لنفسه الحرية الكاملة بالهمز واللمز والسخرية وانتقاص الآخرين , فإذا حدّثته عن ذلك صرخ في وجهك قائلاً: إنني صريح , وهذا هو طبعي وديدني حتى مع أهلي وأعزّ الناس عندي , فتجده يتردّى من هوّة إلى أخرى , ومن ذنب إلى آخر , ومن ظلم وتجاوز إلى ظلم وتجاوز آخر , وما علم المسكين أنه الخاسر , وأنه قدحمّل نفسه ما لاتطيق من الذنوب والأوزار , وأن الحساب غداً , يأتي وقد شتم هذا وقذف هذا .. وهكذا , ولن تنفعه مجاملات الناس , أو حتى ابتساماتهم الصفراء لسماجته وصفاقته وسوء أدبه , وتطاوله على إخوانه أما علم المسكين أنه يخدع نفسه ( بحجة أنه صريح ) أما علم المسكين أنه ينخدع في كل لحظة ( بحجة أنه صريح ) أما علم المسكين أنه قد ولغ في الآثام وأعراض الخلق ( بحجة أنه صريح ) فيا من خدعت نفسك ( بحجة أنك صريح ) قف لحظة وتأمل وتفكّر واعلم أن الصراحة التي تعني غير التي انتهجتها في حياتك , فالصراحة لاتعني مجموعة من تصرفاتك الحالية بل الصراحة معنى جميل نفتقده في حياتنا , إن الصراحة والصدق في القول والعمل شئ آخر , إنها معنى نبيل منضبطة بضوابط الشرع , فلاحيف ولاإثم ولاتطاول ولاسوء أدب ولاهمز ولالمز ولاغيبة ولانميمة بل طهر ونقاء وصفاء ومودّة , باعثها حب الخير للغير , رائدها مخافة الله تعالى ومراقبته في كل قول وعمل .. فانتبه أخي ولاتزلّ بك قدم , وحاسب نفسك وفتّش في تصرفاتك وأقوالك وإيّاك إيّاك أن تنساق وراء حيف وإثم وتطاول وسوء أدب وهمز ولمز وغيبة ونميمة ( بحجة أنك صريح )
الخوف من الجن !!!(33 )(1/42)
ترددت في البداية عن الكتابة حول هذا الموضوع بسبب الصورة المخيفة التي حملناها عن هذا العالم منذ الصغر وعندما يرد حديث أو قصص عن عالم الجن تصيب بعض الناس رعدة وانتفاضة ومسارعة إلى الاستعاذة والبسملة ومحاولة إقفال الحديث عن ذلك , وتغييرلمسار الكلام إلى شئ آخر , وهذا شئ ملحوظ , وإذا جرّبت ذلك بان لك وانكشف , والمشكلة - عزيزي القارئ - أن بعض الناس يخاف الجنّ أكثر من خوفه من الله تعالى , ويضرب لهم ألف حساب , وأعطاهم حجماً في القدرة والنفوذ أكبر ممايملكون , وماعلم أنهم مخلوقون مربوبون ضعفاء أمام من تحصّن بالأذكار , لايؤذون إلا بأمر الله , ولايتسلّطون إلا على من كان أعزل لاسلاح معه , والسلاح المراد - كما قال ابن القيم - الأوراد والأذكار , قال ابن القيم - رحمه الله - في الطبّ النبوي ( وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلّة دينهم , وخراب قلوبهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية , فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لاسلاح معه , وربما كان عرياناً فيؤثر فيه هذا ) والكثير من الناس - والله المستعان - يغفلون عن الأذكار والأوراد الصباحية والمسائية , ولذا خاف الناس جداً من الجنّ , فتطاول الجن , وزادوا طغياناً , وقد أشار العلامة / ابن سعدي - رحمه الله تعالى - في التفسير أعني : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان , عند قوله تعالى ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) إلى أن الإنس كانوا يعبدون الجن ويستعيذون بهم عند المخاوف والأفزاع فزاد الإنس الجنّ رهقاً , أي طغياناً وتكبراً لمّا رأوا الإنس يعبدونهم ويستعيذون بهم .. أهـ وأجدها فرصة لاتفوت أن أوضّح ماذكرت وأشرت إليه , حتى تطمئن نفسك ويتوحّد خوفك لله - جلّ في علاه - ويقوى تعلقك به - سبحانه - وتوكلك عليه , وأحذّرك من الالتفات إلى غيره من الأوهام والأساطير التي تسود بيئات كثيرة , وتتردد(1/43)
على الألسن , بأنّ لهم سلطاناً في الأرض , وأنهم يعلمون الغيب , ويطاردون الناس في الفيافي والقفار , وهذا اعتقاد فاسد يشوش على القلب في سيره إلى الله , وهي على كل حال صورة خاطئة في كثير من جوانبها , حملتها البشرية عن هذا المخلوق ...
الخطة المستقبلية للنجاح!! (34 )
شاع في الأوساط التدريبية العالمية دعايات كثيرة تحمل رايات النجاح , والطريق إليه بعنوانات برّاقة مثل : رحلتك نحو النجاح .. وألفت كتيبات - أيضاً - في هذا الشأن , ومن الناس من يبادر في الانضمام إلى تلك البرامج والدورات , واقتناء الكتيبات المتميزة .. وهكذا , ونحن أهل الإسلام ينبغي أن نقف وقفة مع هذا النجاح الذي ينادى إليه , ياترى ماالنجاح الذي نريده ؟ وما الخطة المستقبلية للوصول إليه ؟ وهل هناك نجاح أكبر من نجاحك مع ربك ودوام اتصالك به ؟
ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو صلاة لاتفوتك فيها تكبيرة الإحرام إطلاقاً مهما كانت الظروف , كسليمان بن مهران ( الأعمش ) الذي لم تفته تكبيرة الإحرام منذ ستين سنة !! وغيره من السلف وبقيّتهم ممن منّ الله تعالى عليهم بذلك !! ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو الأسحار وروائعها لحظة خلوّك بربك , حين ينزل في الثلث الأخير من الليل فيقول هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو كتاب الله تعالى تلاوة وحفظاً وتدبراً ومانصيبك منه يومياً ؟ ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو صلة الرحم وكيف تفعّل ذلك ؟ ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو الحقوق الواجبة عليك في نفسك وأهلك ومالك تسعد دنيا وأخرى , أخي : ضع خطة مستقبلية تضيئ لك الطريق نحو حياتك كلها , وهنا تنجح وتفلح , فالناجحون مع الله تعالى قليل !!
أخي وحبيبي - قارئ أسطري - قف مع نفسك وحاسبها , كيف كنت فيما مضى وأين أنت الآن ؟
وكيف ستكون في المستقبل ؟ وهل أنت أفضل حالاً من الفترة الماضية أم تندب حظ نفسك ؟(1/44)
وياترى ماذا وضعت من أعمال صالحة في خطتك المستقبلية لم تكن موجودة في حياتك قبل ذلك؟ فكّر ثم فكّر وابن الخطة على أسس الإخلاص مستعيناً بالله تعالى وستصل - بإذن الله - إلى النجاح الحقيقي وليس المزيف , وكم ناجح في دنياه لكنه لايساوي عندالله شيئاً !!
أخشى أن يحمل في نفسه .. ( 35 )
الأصل أن الباعث على زيارة الوالدين وعموم الأقارب والأصحاب والجيران هو الإخلاص لله تعالى والمحبة التي نكنّها لهم والشوق إليهم , وامتثال أمر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك , لكن لمّا داخل النفوس ماداخلها من أمور لاتخفى , ومنها انتظار المبادلة بالمثل , وترقب ردّ الجميل , والمحاسبة على التقصير , والمجاملات , وخوف العار والمذمّة , والتكلّف في الاستقبال والمأكل والمشرب , أقول لمّا داخل النفوس ماداخلها من ذلك , أصبحنا لانحسّ بالأمان , وإنما نذهب نزور حتى لايغضب علينا وطمعاً في طلب رضاه , ومع الزمن تغيرت أهدافنا في زيارة بعضنا البعض من كونها لله خالصة إلى ما أشرت إليه سابقاً , وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ مانوى ..) الحديث ففتش عن نيتك هل هي خالصة لوجه الله تعالى ؟ هل الباعث على هذا المحبة التي نكنّها لهم والشوق إليهم , وامتثال أمر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ؟ أم انتظار المبادلة بالمثل , وترقب ردّ الجميل , والمحاسبة على التقصير , والمجاملات , وخوف العار والمذمّة , وهنا تكمن المشكلة وتضيع علينا أعمال جليلة وجميلة , لأن النية قد اختلفت وتبدلّت , ولكم أن تقيسوا أعمالاً أخرى عديدة فتشوا في الباعث عليها ولذا الإخلاص عزيز في هذا الزمن والله المستعان , عزيزي - قارئ أسطري - ألم تعلم أنه لاطعم لزيارة لم تكن لله تعالى خالصة , ألم تر أنها بذلك أصبحت عبْاً ثقيلاً عليك وعلى أهلك وأولادك تنتظر متى تلقيها عن كاهلك ؟ لاتتلذذ ولاتجد بها أنساً وإنما هي(1/45)
واجب ثقيل يؤدى في المناسبات والأعياد كيفما اتفق ؟ ياترى متى نحس باللذة والشوق والمحبة التي تمازج قلوبنا تجاههم ؟ هل هذا مستحيل أوصعب المنال ؟ بل والله إنه لقريب متى خلصت نياتنا وتحمّلنا مايصدر من الوالدين وعموم الأقارب والأصحاب والجيران من أمور قد لانرضاها في البدايات , فلأجل الله ينبغي أن نصبر ولأجل الله ينبغي نقدّم التنازلات تلو التنازلات , ولأجل الله ينبغي أن نصل وإن قطعوا , ونحسن وإن أساءوا, ونحلم وإن جهلوا , ولنتذكر قصة الصحابي : إني لي قرابة أصلهم ويقطعوني .. , وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبّته وأوصاه وقال : ( كأنما تسفهم الملّ ) وهو الرماد الحار ..
هل سعيت في علاجهما ؟ ( 36 )
يذكر أحدهم عن أبيه المسنّ , والآخر عن أمه الكبيرة , أنهما عندما يقابلانهما يشمان منهما روائح كريهة تنبعث منهما بسبب التهابات اللثة أوغير ذلك من العلل الصحية التي ينشأ بسببها روائح مستقذرة , ولكن البرّ والأدب أمام الوالدين منعهما من ذكر ذلك بحضرتهما وانتقادهما وتنبيههما خشية إيذائهما , ولذا ربما لا يفضلان الجلوس بالقرب منهما , وإذا قبّل الرأس قبّله على عجل , ولايخفى على الجميع مايجده الكبيران المسنّان من المشقة في متابعة الجانب الصحي وجانب النظافة وغير ذلك , وماكان متيسراً عليهما في زمن مضى , قد يصعب ويتعسر عليهما حال كبرهما , ولاأظن أباً أو أمّاً في مثل هذا السنّ يرغب في أن يكلّف أولاده بمتابعة الجانب الصحي وجانب النظافة وماإلى ذلك , وربما عرضنا عليهما تقديم الخدمة لكن يرفضان لسبب أو لأخر , ومانريده هنا هو : هل نكتفي بالحال التي نحن عليها الآن ؟ وهل نوّعنا في عرضنا لتقديم خدماتنا بأساليب محبّبة ؟ وهل سعينا في علاج مامنه يتأذيان ؟ وهل حرصنا على متابعة مواعيدهم في العيادات الطبية والعلاج ؟ وهل نبّهنا إخواننا وأخواتنا بالصبر والتواصي على حسن التعامل مع ماقد يبدر منهما أيّأً كان ؟(1/46)
أحدهم يقول : لم يقرّ لي قرار , وفعلت أكثر من سبب حتى اقتلعنا المرض من جذوره - بفضل الله تعالى - من والدتي المسكينة التي كانت تعيش وحشة بين أبنائها وبناتها وجليساتها, بسبب مايفوح من أثر الجروح والدمامل في رأسها , والآن تجلس عزيزة مكرّمة , والكل يرغب بالقرب منها بسبب مايفوح من دهن العود في رأسها , وتحس هي بفرحة غامرة , بعد أيام المرض وتدعو لي قائمة قاعدة , وكم هو جميل أن نفعل بهم مثل ذلك , لأننا ربما نعاني مستقبلاً كما كانوا يعانون , وبرّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم , وأبشروا بالخير من رب العالمين , ولئن مدّ في عمرك لتتذكرنّ ما قلته لك .
أتظن أن الأمر يسير ( 37 )(1/47)
يتناول بعض الناس في جملة أحاديثهم شيئاً من الأحكام الشرعية , ويخوضون في بعض المسائل تحريماً أو تحليلاً دون علم وفقه في المسألة , وقد قال ربنا - سبحانه - ( ولاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام.. ) وقال - جل شأنه ( ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) وكأن الأمر هيّن ويسير , ثمّ ينتقلون من مسألة إلى أخرى إفتاءً وإصداراً للأحكام , وماعلم أولئك أن الصحابة والسلف - رضي الله تعالى عنهم ورحمهم - يتدافعون الفتوى , ويهابون جانبها , وهم أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غيرهم , ومما زاد الطين بلّة - عند من لاعلم له من عامّة الناس ودهمائهم - أنهم يخوضون في المسائل المالية طمعاً في تحليل معاملات أقلّ مايمكن أن يقال عنها أنها مشبوهة , وللعلماء فيها كلام طويل , وتفصيل عجيب , وتأويلات دقيقة تخفى - ولاشك - حتى على بعض طلبة العلم , فكيف بمن دونهم ؟ أخي : احذر كل الحذر , وابتعد كل البعد عن الخوض في المسائل الشرعية دون علم فالأمر جدّ خطير , وانج بنفسك أن تزلّ بك قدم في ذلك , ونبّه غيرك وأرشده , ولاتفت إلا بما ظهر لك وبان , وكنت متأكداً منه بوضوح كوضوح الشمس في رابعة النهار , مع عزو إلى الدليل والمرجع والمصدر , وإننا لنعجب أشد العجب من تطاول بعض من لاعلم له على الفتيا وإصدار الأحكام الشرعية له أو لغيره من جلسائه , بحجة أنه سمع بعض المشائخ يقول في مسألة ما : حرام أوحلال أومكروه وهو لم يستوعبها أصلاً , ولم يفهم الحال والمراد !! ولعلك - أخي - تلحظ أن العلماء كلما أرادوا إفتاء الناس في مسألة أوحكم , صدّروا كلامهم بما يفيد الأدب مع الله وتفويض العلم إليه - سبحانه - وقرنوا بالدليل , ووقفوا عند حدود مايمكن الوقوف عليه في مثل هذا المقام , لأنهم ورثة الأنبياء والمرسلين , وقد أخذوا بحظ وافر من هذا الإرث ( العلم ) .(1/48)
أذّن مجاملة فتغيّر مسار حياته ( 38 )
سمعت عن شاب طالما اشتكى منه أبوه في موضوع تقصيره عن أداء صلاة الجماعة في المسجد , والشاب على قدر كبير من الأخلاق , وذو حياء إلا أنه لايصلي , وهذا مكمن الحيرة لدى والده , وأضاف إلى تقصيره في الصلاة أموراً أخرى لاترضي الله تعالى كالتدخين , , وسماع الأغاني .. حتى إنك لترأف بحال والده الذي يتحدث عن ابنه بأنه طيّب في تعامله وبرّه , لكنه لايكاد يعرف المسجد , وبينما الوالد ذات يوم مع جلساء له في إحدى المناسبات ذكر تلك الحالة باحثاً عن حل , إذ طرح عليه أحد الحاضرين حلاّ قد يكون مستحيلاً في البداية , لكنه قطف ثمرته في النهاية , وكان سبب هداية لهذا الشاب , لقد اقترح عليه أن يخلف مؤذن الحي الذي سيغيب عن المسجد لأداء مناسك الحج , وقال : هي فرصة أن يؤذن عن المؤذن طيلة غيابه حتى يعود , فضحك والد الشاب على هذا المقترح وقال : أقول لك إنه لايصلي في المسجد وتقول : دعه يؤذن , ياأخي : ليته يصلي فقط , هذا من المحال , وضحك بعض الحاضرين على المقترح - أيضاً - قال صاحب المقترح : دعني أتدبر الأمر مع ابنك لأنني من جيرانكم وأعرف طبيعته , وقد نحتاج إلى وقفتك متى ماأخبرتك بذلك , قال الأب : حباً وكرامة , وعسى أن تصلح حاله , ذهب صاحب المقترح إلى الشاب وبأسلوبه الجميل وبيانه الرائع وقبل ذلك بتوفيق الله تعالى لان الشاب لهذا المقترح وجامل بعض الشئ بعد صعوبات وعقبات لم تكن عسيرة , وتولى الأذان طيلة غياب المؤذن , وهنا قال الشاب : أحسست بشئ عظيم , وسكينة لامثيل لها , وطمأنينة في قلبي , وأنس وسعادة لم أجدها في حياتي يوم أن عشت في ربوع بيت الله تعالى بين الأذان والإقامة , من أذان إلى صلاة النوافل إلى قراءة كتاب الله تعالى الذي لم أفتحه إلا قبل سنوات في المدرسة فقط , إلى ذكر وتسبيح وروحانية مابعدها روحانية , وأحسست بأن غيوم الضيق التي كنت أشعر بها انزاحت عنّي , وتمنّيت أن(1/49)
يتأخر المؤذن في سفره حتى أستمتع بهذه اللذّة العظيمة , وأصبح قلبه فيما بعد معلقاً في المساجد , ولذا لاينبغي أن نيأس من صلاح الناس واستقامتهم على أيّ حال كانوا , فالهداية بيدالله تعالى , وماعلينا إلا أن نبذل الأسباب , فهل اجتهدنا في بذل الأسباب للناس عموماً ولأحبّ الناس إلينا خصوصاً ؟؟
توثيق خبرات الأسفار ( 39 )
جرت العادة أن يسافر الكثير من الناس إلى مواقع مختلفة من هذا العالم الفسيح , بحسب الهدف من السفر , فقد يكون سفر طاعة كرحلة الحج والعمرة مثلاً , أو سفر نزهة وسياحة كزيارة المواقع الجميلة للتمتع برؤية الأنهار والغابات وماإلى ذلك , أو سفر عمل لتحقيق متطلبات الوظيفة كحضور دورة أوبرنامج ...إلخ وتمرّ بالمسافر مواقف كثيرة , وصور عديدة من الخبرات , وتعجبه أشياء بعينها , وربما لاتناسبه أشياء أخرى , وهو بين هذا وذاك المستفيد الأول , لأنه انتقل بسفره ورحلته نقلةً نوعيةً , وعاد محمّلاً بالخبرات والقناعات ... لكن مانقترحه على المسافر هو : توثيق وتدوين مايمرّ به من خبرات لنفسه ولأولاده ولأصحابه ولمجتمعه , ولانبالغ إن قلنا : ياليته وثّقها في كتيّب صغير يرى النور , كما رأت كتب الرحلات على مرّ التاريخ ذلك , ولاتقل - أخي - من أنا حتى أكتب كما كتبوا , وأحسن في الصياغة والعرض كما أحسنوا , أخي : درّب نفسك وذلك بكتابة أبرز ماتراه في سفرتك من مواقف ورؤى , وبعد زمن ستصل إلى مرادك , ألم تعلم - أخي - أننا حرمنا من خبرات كثيرة بسبب عدم التدوين ؟ اكتب مذكرات قصيرة عن كل يوم يمرّ بك في السفر , ولتقل مثلاً : لقد عقدنا العزم - بعون الله تعالى - على أداء مناسك الحج لهذا العام وصادفنا في ترتيب أمور الرحلة العقبات التالية ( ... ) واذكرها إن شئت , وبفضل الله تعالى تم تجاوزها حيث قمنا بتذليلها عن طريق (... ) وبينما نحن في الطريق وجدنا شيئاً غريباً وهو ( ... ) لكنني أنصح من يمرّ بمثل هذا الموقف أن ( ...(1/50)
) وعندما وصلنا البيت الحرام , ورأيت الكعبة شدّني مارأيت من (... ) وهكذا يزداد القارئ شوقاً إلى الرحلة ومواقفها , جرّب - أخي - ودوّن ولو لنفسك , قد تقول : وأين الوقت للتدوين وأنا مشغول بأمور السفر ؟ أقول لك : دوّن في الأوقات الهامشية كفترات الانتظار في صالات المطار , وفي الطائرة والباص , وقبل النوم , وفي أوقات فراغك , وفي كل لحظة تجد الوقت مناسباً ولاتحرمنا من الإفادة من خبراتك , ولعلك لمست المتعة في قراءة كتب الرحلات وقصصها الشيّقة ومواقفها الطريفة , وهي ذكرى جميلة , يزداد طعمها بمرور الزمن , وستتذكر ما نبّهتك إليه , ربما ليس الآن , ولكن بعد أن تعود إلى مذكّراتك بعد عشر سنوات أو أكثر , والله الله في السفر الهادف , والتدبر لخلق الله تعالى , وأخذ العبر والدروس , وفقك الله .
من صور تمييز اليتيم ( 40 )
من منّا لايعرف يتيماً في محيطه الذي يعيش فيه ؟ أعتقد أننا نقابل - أحياناً - يتامى في بعض المناسبات ونحن لانشعر بذلك , لعدم علمنا وتتبّعنا واهتمامنا به , وهو طفل لايجد كبير عناية ولامزيد رعاية من لمسات الكبار وحنانهم , ولأنه يضيع بين الأطفال , فقد تجد يتيماً بين الأقارب أوالجيران يقفز مع بقية الأطفال ويمرح ويلهو , وبكل براءة يصرخ ويعبث , وقد يفسد شيئاً مما قد رتّب بعناية من أثاث وتحف وغيرها أثناء الزيارة , ثم يناله العقاب والزجر بقوة كما ينال غيره من أقرانه , فيبكي , ولايجد حيلة إلا البكاء , لأنه فقد أباً أو أمّاً يقول أو تقول له : هذا عيب وهذا لايصلح , وانتبه إلى هذا , وبحكم أنّه لايتفطّن له أحببت - أخي - أن أذكّرك ببعض مايمكن أن تميزه به من مثل :
1 - المسح على رأسه فقد ورد الحثّ على ذلك ولك بكل شعرة مسّتها يدك بعددها حسنات .
2- تعويده على بعض الآداب بأسلوب لطيف ومحبّب , كالسلام وتشميت العاطس والأخذ والعطاء باليمين ومايمكن تعويده عليه ممالايخفى من الآداب الجميلة في ديننا .(1/51)
3- تسأل عنه وعن حاله ودراسته إن كان يدرس , وتخصّه بمزيد ابتسامة .
4- المفاجأة بالهدية كشئ من الحلوى تضعها في جيبك , أو مايتناسب وعمره , مما يدخل السرور عليه , ويجعله لايشعر باليتم .
5- تفقّد أحواله وذك بمتابعة الاتصال والتنسيق مع كافله , ومتولّي أموره .
6- تسأله - أحياناً من باب التشجيع - الأسئلة التالية : كم تحفظ من القرآن ؟ وهل صليت هذا اليوم ؟ الأسئلة التي تتوافق وسنّه ...إلخ
7- تعاهده بمناسبات الأعياد بما يفرحه ويدخل السرور عليه مما ليس محذوراً شرعاً أو عرفاً .
8- الصبر على ماقد يبدر منه من جرأة ليست في مكانها أو سوء أدب أو نحوه .
9- الإيعاز إلى بقية الأطفال بأن يهتمّوا به ويخصّوه بمزيد اهتمام في اللعب ونحوه .
10- إشراكه في المسابقات والإجابات والمناشط والبرامج الخاصة بالأطفال وتحفيزه .
11- متابعته في الأكل والشرب , لأن اللعب قد يأخذ جلّ وقته , ثم ينصرف إلى المنزل وهولم يأكل شيئاً , بينما غيره من الأطفال قد أكل وشرب بمتابعة لصيقة من أحد والديه .
العيد بين فرحة ومجاملة ( 41)(1/52)
العيد مناسبة سعيدة وجميلة كنا نجد طعمها ولذتها يوم أن كنا صغاراً , ثم توارثها من بعدنا الأطفال فهم ينتظرونها بفارغ الصبر ويسألون عنها , لالشئ وإنما ليلهو ويلعب مع أقرانه ويلبس ثوباً جديداً , ويستمتع بأصوات المفرقعات من هنا وهناك , ثم في آخر النهار يخلد إلى الراحة والنوم بعدما كلّ وتعب في يومه أيّما تعب .. ولانجده ينسى تلك الذكريات التي مرت به في طفولته , بل ستبقى وسيأتي الوقت الذي يحنّ عليها كما نحنّ الآن على زمن مضى وانقضى والله المستعان , ولاشك أن أسراراً كثيرة من وراء ذلك أعني الاستلذاذ بالعيد وذكرياته ولعل من أبرزها القلب الذي يحمله الطفل بين جنبيه فهو قلب نظيف طيّب نقي طاهر لايشوبه غلّ ولاحقد ولاضغينة ولاحسد يفرح بالجميع ويبتسم للجميع نطق بذلك فؤاده قبل جوارحه , يبكي إذا غادر الزائرون , ويلح بطلب الزيارة مرّات ومرّات ... أخي : هل تستمتع بالعيد كما استمتعوا, وتفرح بقدر مافرحوا, وتشتاق بقدر مااشتاقوا ؟ أم أنها مناسبة أقلّ مايقال عنها أنها تمرّ بسلسلة من المجاملات العائلية مصحوبة بالابتسامات الصفراء وبأجواء غائمة إلى غائمة جزئياً , ننتظر فيها أن تكون صحواً بوجه عام , قد يقال : إنك تطلب المحال , وتتحدث عن خيال , في عالم الأطفال .. لكن ألا تلحظ - أخي - أننا محرومون مما نسعى إليه بسبب قلوب تنكّرت لنا فتنكّرت علينا بسببها قلوب الناس ونفوسهم ؟ إذن فتش عن قلبك وتعاهده دائماً واتّهمه ولاحظه ولاتغفل عنه أبداً فمدار الفوز والفلاح والنجاح القلب السليم ( إلا من أتى الله بقلب سليم )
اكتمه ولاتنشره ( 42 )(1/53)
بفضل الله تعالى الإحسان لاينقطع بين الناس بعضهم مع بعض والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه , ومامن مضطر أو صاحب حاجة ألمّت به إلا وتقضى غالباً من أحد إخوانه المسلمين عرفه أو لم يعرفه , وهذا ماتميّز به المجتمع المسلم , ولاشك أن الإنسان في الغالب يبذل مايبذله من وجوه الإحسان إلى الآخرين لوجه الله تعالى , لكن قد يفسد إخلاصه ويعكّر صفوه ما يلحظ عليه - أحياناً - من كثرة ورود هذا المعروف وهذا الإحسان على لسانه في المجالس فيقول مثلا : نعم أنا وقفت مع فلان وقفة جبّارة في محنته المالية .. أو وجدت متعطلاً في الطريق ثم قمت بإسعافه حيث عملت كذا وكذا .. أو ساهمت مع من ساهم في دعم مشروع كذا وكذا .. أو أنا لم أقصّر إطلاقاً في مساعدة قريبي فلان ..أو تبرعت لكفالة أيتام بلد كذا .. يسوق ذلك كله من أفعال الخير التي ينبغي أن يتكتّم عليها رجاء موعود الله أمام الملأ ويتزيّن به في المجالس وهو أصلاً لم يسأل عن ذلك , ولم يكن مضطراً لذكره , وليست هناك مصلحة ظاهرة في الاستشهاد به , أين هو من السلف الصالح - عليهم رحمة الله - يتكتّمون على أعمالهم الصالحة وخصوصاً بذل المعروف والإحسان إلى الآخرين , وإنه والله الدّاء الذي استشرى أن يتحدّث المرء بما عمل من بذل المعروف والإحسان إلى الآخرين رجاء ثناء الناس والإطراء وكسب محبتهم وحتى تقضى حوائجه وأموره , وهل هناك مصيبة أعظم من أن تأتي يوم القيامة مفلساً من ذلك كله , ويقال لك : اذهب فخذ أجرك من الذين عملت لهم - رياءً وسمعة - ولتتذكّر قوله تعالى ( وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً ) وصبّر نفسك على الإخلاص , وعلى كتمان العمل الصالح أيّاً كان مالم تكن تقصد الإقتداء وحث الناس على فعل الخير , وإني أذكّر بهذا وأنبّه إليه , لأنه لايزال أناس يعملون أعمالاً كأنهم يمنّون بها على الله , فلا يزالون يذكرونها للناس ويكررون ذكرها حتى تفسد بذلك نواياهم(1/54)
والله المستعان , وقد لايتفطن إلى هذه القضية التي هي من الأهمية بمكان , لأن البعض يحلو له أن يتحدث عن خبراته وبطولاته أمام الآخرين , وقد يكون الباعث على ذلك التسلية ومسامرة الآخرين فيبطل بذلك عمله الصالح الذي ورد ذكره على لسانه , وهو لايشعر .
هل في بيتكم مرجع أومستند ؟ ( 43 )
عندما تتجاذب الأسرة أطراف الحديث في جلسة عائلية جميلة مع بعضهم البعض , أو حتى مع ضيوفهم الزائرين ثم يتعرضون لمناقشة مسألة من المسائل قد أشكلت عليهم ولم يحيطوا بها علماً في أيّ فن من الفنون والعلوم المختلفة , يضطرون للسؤال عنها , كالخلاف حول معنى آية أو شرح حديث أو عن مدى صحة الحديث الفلاني من ضعفه , أوالبحث عن المدلول اللغوي لكلمة بعينها أو مفهوم من المفاهيم ... , وبحكم أن بعض البيوت لاتكاد تجد فيها مكتبة صغيرة بل ولا كتاباً واحداً , ولاأبالغ إن قلت : ولامصحفاً , والله المستعان , أقول : يقع الجميع في حيرة ٍ من أمرهم ولايستطيعون أن يجزموا بشئ من العلم فيما اختلفوا فيه , وربما خلا مجلسهم من عالم أوطالب علم يكفيهم مؤنة ما تباحثوا فيه وخصوصاً في المسائل الفقهية المعاصرة , وهذه في الحقيقة مشكلة يواجهها الكثير وقد ينتهي مجلسهم ولم يصلوا إلى نتيجة واضحة , لأنّ المرجعية لم تكن في المتناول , وأقصد بالمرجعية هنا وجود مكتبة ولو صغيرة تشتمل كتاب واحد في كل فنّ على أقل تقدير , وهذا لايغني بحال عن أهل العلم , لكن المكتبة مشعل نور في المنزل , وأذكر أنّ ناساً احتدم النقاش بينهم في إحدى المسائل الفقهية فما كان من أحدهم إلا أن تناول كتاب الممتع لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - وقرأ عليهم جواب ما اختلفوا فيه فاطمأنت نفوسهم وفرحوا بكلام الشيخ - رحمه الله تعالى - كأنه عندهم , وأذكر آخرين اختلفوا في بيت من الشعر من هو قائله ؟ فأسعفهم أحد الحاضرين بعد بحث في كتاب متخصص في مكتبة منزله بالقائل , ولم يأخذ(1/55)
وقتاً طويلاً في ذلك , وياليت الناس يملأون مجالسهم في مناقشة مسائل العلم بدلاً من القيل والقال والولوغ في الإثم , والسابقون - حسبما أعرف - من السلف كانت تعمر مجالسهم بمدارسة العلم ومسائله , وبعض الموفقين من بني زماننا يتناقشون في الغالب.. إن كان الزمن زمن حج فعن الحج , وإن كان صياماً فعن الصيام , وإن كانت مساهمات واكتتابات في شركات وبنوك , فعن فقه المسائل المالية , ويتناولون كتب الفتاوى لأصحاب الفضيلة العلماء بالقراءة والتمعّن , ويفيد بعضهم بعضاً , ويبصّر بعضهم بعضاً , وهكذا , فإن أشكل عليهم شئ من ذلك , رجعوا لأهل العلم , ولو تعلّم أحدنا كل يوم مسألة وأتقنها , لكانت حصيلته السنوية قرابة ( 360 ) مسألة !!
التبريك على كل نعمة !! ( 44 )
( العين حق ) هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه - رحمه الله - ولاشك أن كل إنسان حوله شياطين يتربصون به , وكل ذي نعمة محسود .. ولاشك - أيضاً - أن الإنسان إذا تحصّن بالأذكار والأوراد الشرعية فإنه يسلم من البلاء قبل حدوثه ووقوعه ..بعد حفظ الله تعالى له بسبب تعلقه بالله وترك نواهيه .. وما أودّ التذكير به والتنبيه عليه هنا هو :
1 - التبريك وذكر الله تعالى على كل نعمة , وإلا تفعل تفتح باباً على أخيك المسلم ينفذ منه الشيطان وأنت لاتشعر , حتى وإن كنت تحبه , فقد تأتي العين من أقرب قريب وهو أصلا لم يتمنّ زوال نعمتك . فما شاء الله تبارك الله لتكن على لسانك دائماً , وهو الأصل أن تكون ذاكراً لله في أوقاتك كلها , وربنا - سبحانه - أثنى على من يذكرونه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم في محكم التنزيل(1/56)
2 - بأيّ طريق ودليل ثبت لديك أنك معيون ؟ وهل تعرف حقّاً علامات المصاب بالعين ؟ وكيف ذلك ؟ حتى لاتختلط عليك الأمور ( العين - السحر - مس الجن - أو كلها - أو شئ آخر غير ذلك ) فإذا عرفته سهل علاجه , وتمّت السيطرة عليه - بإذن الله تعالى - ( وإذا مرضت فهو يشفين )
3 - إن القرآن الكريم شفاء ( وننزل من القرآن ماهو شفاء .. ) الآية , فالدواء شئ والشفاء شئ آخر فليتفطن للآية , ولا تقل أجرّب , فالقرآن ليس عرضة للتجريب وإنما هو حق وصدق وشفاء لما في الصدور ونور وهدى وموعظة ورحمة للمؤمنين .. لكن ماذا تقرأ ؟ وكيف تقرأ ؟ وما الأشياء المصاحبة للقراءة ؟ وما هو الأولى أن ترقي على نفسك أو أن يرقيك آخر ؟ ثم ماذا يشترط في الراقي والمرقي ؟ وهي تساؤلات مهمة , لك أن تبحث عنها في كتب أهل العلم التي تعنى بكيفية المعالجة بالرقية الشرعية .
4 - لايعني بالضرور أن العائن لايحبك ويتمنى زوال النعمة عنك , بل قد يطلق عليك من يحبك كلمات ولو من باب المزاح - غير مصحوبة بالتبريك والذكر - ينفذ منها شيطان يتسلط عليك .
5 - الاتهام وارد شرعاً كما في حديث عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - في قصته المشهورة عندما رأى بياض جسم سهل بن حنيف - رضي الله عنه - وقدّر الله أمره في سهل حيث قال النبي- صلى الله عليه وسلم - ( من تتهمون ؟ ) ولاينبغي أن يفهم من هذا أن تحقد عليه أو أن تنتقم منه , أو أن يحصل بسببها قطيعة وخصام , ولكنها كلمة نطق بها صاحبها , وافقت شيطاناً , أكرر هذا حتى لايوقع الشيطان بين المصاب بالعين وبين من يحب من أهله وقرابته وذويه في مشاكل لاتنتهي. والخلاصة قل عند رؤية كل نعمة عند أخيك ( ماشاء الله تبارك الله )
من إضاءات بعض كبار السنّ ( 45 )(1/57)
كبار السنّ عالم آخر وروح عجيبة وقصص وحكايات وأخبار , يعيش بعضهم عزلة وهو مع الناس يشعر ويحس بذلك , وربما تألّم ثم اكتفى بهزّ رأسه , فصبر وتسلّى , وقد تلمس فجوة كبيرة بينك وبينه , فهل تستطيع أن تسدّها , لأنه لايملك ذلك إلا من أجاد / فن التعامل مع كبار السنّ , نعم .. للتعامل مع كبار السنّ فنونه وطرقه وأساليبه , فقد تثيره وتجعله يتفاعل معك ويضحك , وتتسلل إلى قلبه , ويشعرك باهتمامه , وقد لاتحرّك فيه ساكناً !!.. لهم حقوق وواجبات , ومن المعروف والإحسان صدرت منهم صور مشرقات , وينتظر ون منّا ردّ جميلهم في كل ما فات , وآن لنا - حقيقة - أن نقدّم ونكافئ ..هذه الكلمات بين يدي شئ من إضاءاتهم والتي تتمثل في :
1 - كثرة ذكرهم لله تعالى قائمين قاعدين وعلى جنوبهم , حتى إننا لانشعر بدخولهم في أيّ مكان إلا من خلال سماعنا لما تعطّرت به أفواههم من ذكر الله تعالى من مثل : ( لاإله إلا الله - لاحول ولاقوة إلا بالله - ياالله سترك - ياالله حسن الخاتمة - ياالله عونك - سبحان الله - اللهم رحمتك ...) ومن طريف ما سمعته عن أحد الأطفال الصغار قوله : جاء جدّي من المسجد , قالت أمّه : وكيف عرفت ذلك حبيبي ؟ قال الصبي : أسمع صوته الآن يقول (لاإله إلا الله ) وهو لم يره , وهنا لفتة جميلة في التربية وهي تعويد الأطفال الذكر ( ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب ) .
2 - صبرهم على المرض - وفي ذلك عبرة وعظة - مع ضعف أجسامهم .
3 - حرصهم على صلة الرحم , وقد سمعت شيخاً كبيراً يقول لأحد أحفاده : يابني متى نذهب لزيارة عمّك وعمّتك نسلّم عليهم ونعود ؟
4 - قوة عزيمتهم في العبادة فمن الطبيعي أن تجد الكبير المسنّ يصلي من الليل - ويطيل الصلاة- واقفاً أو مستنداً على عصا , وشاهد ذلك في قيام رمضان , وكذلك قوة عزيمتهم في صيام النافلة .. فأين الشباب ومن يتدفقون حيوية ؟ ومن يبكّر لصلاة الجمعة ؟(1/58)
5 - الخبرة الواسعة والتجارب والحكمة والمعرفة بالأحوال والأمور لهم منها نصيب الأسد فأين المستشير المستنير ؟.
ختام وتوديع
آمل - عزيزي - القارئ أنك وجدت ماتصبو إليه ممايذكّرك , وينير لك الطريق في خضمّ هذه الحياة المليئة بالمتغيرات المتسارعة , أرجو أنك استمتعت بهذه القناديل ولاتنسنا من صالح دعائك فنحن وإياك فقراء إلى الله , ولاغنى لنا عن فضله وكرمه وجوده .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
علي بن صالح الجبر البطيّح
Asb1388@gawab.com
القصيم - البدائع ص . ب ( 238)
جوال / 0504286623
فهرس الموضوعات
م
الموضوع
رقم الصفحة
م
الموضوع
رقم الصفحة
1
روضة الإصلاح
24
إضاءات في الصدق
2
عند إشارات المرور
25
بقايا في الثلاجة
3
أنت متميز ولكن
26
استمتع بالتفسير
4
ماقدرني
27
عزيزي المعلم عزيزتي المعلمة
5
مجتمع مسلم
28
فاجأني رمضان
6
النميمة المغلفة المدمّرة
29
تضحك على من ؟
7
قبول الخبرات الفاشلة من الآخرين
30
الشيطان يعدكم الفقر
8
خلف الستار
31
حكايات والديّ
9
ماذا تخسر لوقلت ؟
32
بحجة أنه صريح
10
يوم من الإجازة الصيفية
33
الخوف من الجن
11
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
34
الخطة المستقبلية للنجاح
12
أطعموا الطعام
35
أخشى أن يحمل في نفسه
13
الأمر كله بيد فلان
36
هل سعيت في علاجهما ؟
13
دورة تدريبية مجانية في حل المشكلات
37
أتظن أن الأمر يسير ؟
15
عنداستلام الراتب والمكافأة
38
أذّن مجاملة فتغيّر مسار حياته
16
فكرة تساعدك على صلة الرحم
39
توثيق خبرات الأسفار
17
بسبب إبرة
40
من صور تمييز اليتيم
18
روائح المجالسين
41
العيد بين فرحة ومجاملة
19
هل لديك استعداد لتقوية كتابتك ؟
42
اكتمه ولاتنشره
20
يوم الجمعة
43
هل في بيتكم مرجع أومستند ؟
21
رسالة مقترحة لمن بينه وبين إخوانه وأخواته مشكلات
44
التبريك على كل نعمة !!
22
أعمل لاتنتهي
45
من إضاءات بعض كبار السنّ
23
ابحث عن قناة
??
??
??(1/59)
??
16
قف وتأمل / علي بن صالح الجبر البطيح(1/60)