فضل الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم
كتبه
محمد سعد عبدالدايم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ))
: أَمَّا بَعْدُ
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ، وإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى .
في هذه الورقات نذكر بفضل الله تعالى فضائل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما يتعلق بها من فوائد ومنافع جمة وعظيمة تعود على العبد بالخير والبركة في الدنيا والآخرة ، كما نذكر المواضع التي يسن فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تبارك وتعالى ، وهي أيضًا من أعظم أسباب القرب من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .(1/1)
فيا من حُرمتَ في دنياك من رؤية الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ولم تهنأ بالقرب منه ، ولم تقر عينك بمشاهدته والنظر إليه ، فإليك الطريقة والوسيلة التي يعوضك الله بها عن ذلك كله في الآخرة .
فيا لها من كرامة ، وياله من ثواب ، حين تلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وترد على حوضه ، وتشرب من يده ، وتنال شفاعته ، وتنعم بالقرب منه ، والانضمام تحت لواءه .
إنها الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ، هي التي تفعل بك ذلك كله ، وفوق ذلك كله محبة الله تبارك وتعالى ورضوانه .
نسوق إليك جملة من هذه الفضائل لتكون لك عونًا على الإكثار من الصلاة والسلام عليه ، ولتعلم عظم ثواب ذلك وعظيم فضله ، نسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا بصحبته وبالقرب منه صلى الله عليه وسلم .
كتبه : محمد سعد عبدالدايم
الخميس 10 ذو القعدة 1430 هـ الموافق 29 أكتوبر 2009 م
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) (1)
قال البخاري : قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : صَلاةُ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلائِكَةِ ، وَصَلاةُ الْمَلائِكَةِ الدُّعَاءُ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يُصَلُّونَ يُبَرِّكُونَ .ا.هـ
صلاة الملائكة على النبي صلى الله عليه وسلم :
__________
(1) الأحزاب 56(1/2)
أن كعبا دخل على عائشة فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب : (( ما من فجر يطلع إلا وينزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه )) (1) .
بيان عظم ثواب الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ من صلى صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا .
ـ ومن سلم سلم الله عليه عشرًا .
ـ تصلي عليه الملائكة عشرًا .
ـ تحط عنه عشر خطيئات .
ـ ترفع له بها عشر درجات .
ـ يكتب له بها عشر حسنات .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ )) (2)
__________
(1) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (102) وقال الألباني : إسناده صحيح ، وذكره ابن القيم في جلاء الأفهام (1/135) .
(2) رواه مسلم في الصلاة باب استحباب القول مثل قول المؤذن (577) ، والترمذي في المناقب (3547) ، والنسائي في الأذان (671) ، وأبو داود في الصلاة (439) ، وأحمد (6280) .(1/3)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا )) (1)
عن أَنَس بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )) (2) وعند ابن حبان (( كتب الله له بها عشرَ حسناتٍ )) (3)
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة ، فإنه أتاني جبريل آنفً عن ربه عز وجل فقال : ما على الأرض من مسلم يُصلي عليك مرةً واحدةً ، إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشرًا )) (4)
عن عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلا صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ مَا صَلَّى عَلَيَّ ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ )) (5)
__________
(1) رواه مسلم في الصلاة باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (616) ، والترمذي في الصلاة (447) ، والنسائي في السهو (1279) ، وأبو داود في الصلاة (1307) ، وأحمد (8499) .
(2) رواه النسائي في السهو باب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1280) ، وأحمد (11560) ، وابن حبان ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/288) .
(3) رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/288) .
(4) أورده الأصبهاني في الترغيب (2/686/1651) ، ورواه البيهقي في السنن من طريق أخرى عن أنس مختصرًا ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/292) .
(5) رواه ابن ماجه في إقامة الصلاة باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (897) ، وحسنه الألباني .(1/4)
عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من صلى علي من تلقاء نفسه صلى الله عليه بها عشر صلوات ، وحط عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات )) (1)
عن عمير الأنصاري وأبي بردة بن نيار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلاة مُخْلِصًا مِنْ قَلْبه ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عَشْر صَلَوَات ، وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْر دَرَجَات ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْر حَسَنَات ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْر سَيِّئَات )) (2)
عن أَبِي طَلْحَةَ : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبُشْرَى فِي وَجْهِهِ ، فَقُلْنَا : إِنَّا لَنَرَى الْبُشْرَى فِي وَجْهِكَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ أَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ : أَمَا يُرْضِيكَ أَنَّهُ لا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ، وَلا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ إِلا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ، قلت : بلى )) (3)
قال السندي : وَفِي هَذِهِ الْبِشَارَة مِنْ بِشَارَة الأُمَّة وَحُسْن حَالهمْ مَا فِيهِ فَإِنَّ جَزَاء الصَّلاة رَاجِع إِلَيْهِمْ فَلِذَلِكَ حَصَلَ لَهُ غَايَة السُّرُور صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . (4)
__________
(1) رواه البزار (3215) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/290) .
(2) رواه النسائي في السنن الكبرى (9892) ، (9893) ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/290) وقال المنذري رواه الطبراني ، وقال الحافظ في الفتح رواته ثقات .
(3) رواه النسائي في السهو باب فضل التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1366) ، وأحمد (15769) ، والدارمي في الرقاق (2654) ، وحسنه الألباني في صحيح النسائي (3/44) والحديث رواه النسائي في الكبرى ، والطبراني في الكبير ..
(4) شرح سنن النسائي .(1/5)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ نَخْلاً ، فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ، حَتَّى خِفْتُ أَوْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ تَوَفَّاهُ أَوْ قَبَضَهُ ، قَالَ : فَجِئْتُ أَنْظُرُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلام قَالَ لِي : أَلا أُبَشِّرُكَ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لَكَ : مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فسجدت لله شكرًا )) (1)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : (( كان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم منا خمسة أو أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، لما ينوبه من حوائجه بالليل والنهار ، قال : فجئته وقد خرج ، فاتبعته فدخل حائطا من حيطان الأسواف ، فصلى ، فسجد فأطال السجود ، فبكيت وقلت : قبض الله روحه ! قال : فرفع رأسه فدعاني ، فقال : « ما لك ؟ » ، فقلت : يا رسول الله ، أطلت السجود قلت : قبض الله روح رسوله لا أراه أبدًا ، قال : « سجدت شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي ، من صلى علي صلاة من أمتي كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات » لفظ أبي يعلى ، ولفظ ابن أبي الدنيا (( من صلى عليَّ صلاةً ، صلى الله عليه عشرًا )) (2)
الأسواف : اسم لحرم المدينة الذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : موضع بالبقيع .
الشفاعة تنال بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
__________
(1) رواه أحمد (1574) ، والحاكم وقال صحيح الإسناد ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/289) .
(2) رواه أبو يعلى في مسنده (824) ، وابن أبي الدنيا ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/290) .(1/6)
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من صلى على حين يصبح عشرًا و حين يمسي عشرًا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة )) (1)
قال المناوي : أي تدركه فيها شفاعة خاصة غير العامة ، وفي هذا الحديث وما قبله وبعده دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة اللّه وتكفير السيئات ورفع الدرجات والإغاثة بالشفاعة عند شدة الحاجة إليها .
قال الأبي : وقضية اللفظ حصول الصلاة بأي لفظ كان وإن كان الراجح الصفة الواردة في التشهد وفيه دليل على فضل الصلاة والسلام على النبي صلى اللّه عليه وسلم وأنه من أفضل الأعمال وأجل الأذكار بموافقة الجبار على ما قال {إن اللّه وملائكته يصلون على النبي } صلى اللّه عليه وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلا رجاء شفاعته لكفى . (2)
أولى الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أكثرهم صلاة عليه :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً )) (3)
( أَوْلَى النَّاسِ بِي ) أَيْ أَقْرَبُهُمْ بِي أَوْ أَحَقُّهُمْ بِشَفَاعَتِي
( أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً ) لأَنَّ كَثْرَةَ الصَّلاةِ مُنْبِئَةٌ عَنْ التَّعْظِيمِ الْمُقْتَضِي لِلْمُتَابَعَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْمَحَبَّةِ الْكَامِلَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهَا مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَهُمْ ذُنُوبَكُمْ } .
__________
(1) رواه الطبراني ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6357) .
(2) فيض القدير
(3) رواه الترمذي في الصلاة باب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (446) ، وابن حبان ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1668)(1/7)
قَالَ اِبْنُ حِبَّانَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ . فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ يَكُونُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ إِذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ أَكْثَرُ صَلاةً عَلَيْهِ مِنْهُمْ , وَقَالَ غَيْرُهُ لأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَوْلاً وَفِعْلاً كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ . (1)
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه :
لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه : (( ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته )) (2)
الصلاة على النبي تزكي النفوس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لَكُمْ وَاسْأَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي أَعَلَى الْجَنَّةِ لا يَنَالُهَا إِلا رَجُلٌ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ )) (3)
الصلاة على النبي من أفضل أنواع الدعاء :
__________
(1) تحفة الأحوذي
(2) قال ابن القيم في جلاء الأفهام (1/455) رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في - الترغيب والترهيب - وقال هذا حديث حسن جدًا
(3) رواه أحمد (8415) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3268) .(1/8)
عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ ، اذْكُرُوا اللَّهَ ، جَاءتْ الرَّاجِفَةُ ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ، قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ ، قُلْتُ : الرُّبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ، قُلْتُ : النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ، قُلْتُ : فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ، قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ )) (1)
قَوْلُهُ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) أَرَادَ بِهِ النَّائِمِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ الْغَافِلِينَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ يُنَبِّهُهُمْ عَنْ النَّوْمِ لِيَشْتَغِلُوا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّهَجُّدِ
( جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الرَّاجِفَةُ النَّفْخَةُ الأُولَى الَّتِي يَمُوتُ لَهَا الْخَلائِقُ وَالرَّادِفَةُ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَحْيَوْنَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَصْلُ الرَّجْفِ الْحَرَكَةُ وَالاضْطِرَابُ اِنْتَهَى .
__________
(1) رواه الترمذي في صفة القيامة باب والرقائق (2381) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، والحاكم وصححه ، وقال المنذري : إسناده جيد ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1999) .(1/9)
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } وَعَبَّرَ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهَا فَكَأَنَّهَا جَاءَتْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَارَبَ وُقُوعُهَا فَاسْتَعِدُّوا لِتَهْوِيلِ أَمْرِهَا
( جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ) أَيْ مَا فِيهِ مِنْ الشَّدَائِدِ الْكَائِنَةِ فِي حَالَةِ النَّزْعِ وَالْقَبْرِ وَمَا بَعْدَهُ
( فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلاتِي ) أَيْ بَدَلَ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي قَالَهُ الْقَارِي . وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ : مَعْنَاهُ أُكْثِرُ الدُّعَاءَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ دُعَائِي صَلاةً عَلَيْك .
( قُلْتُ الرُّبُعَ ) أَيْ أَجْعَلُ رُبُعَ أَوْقَاتِ دُعَائِي لِنَفْسِي مَصْرُوفًا لِلصَّلاةِ عَلَيْك
(أَجْعَلُ لَك صَلاتِي كُلَّهَا ) أَيْ أَصْرِفُ بِصَلاتِي عَلَيْك جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْت أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي .
( قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّك ) وَالْهَمُّ مَا يَقْصِدُهُ الإِنْسَانُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ , يَعْنِي إِذَا صَرَفْت جَمِيعَ أَزْمَانِ دُعَائِك فِي الصَّلاةِ عَلَيَّ أُعْطِيت مَرَامَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . (1)
عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : (( قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ ؟ قَالَ : إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ )) (2)
__________
(1) تحفة الأحوذي .
(2) رواه أحمد في مسند الأنصار باب حديث الطفيل بن أبي بن كعب (20290) ، وقال الحافظ في الفتح : سنده حسن ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/295)(1/10)
عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده قال : (( أن رجلاً قال : يا رسول الله أجعل ثلثَ صلاتي عليك ؟ قال : نعم إن شئت ، قال : الثلثين ؟ قال : نعم ، قال : فصلاتي كلها ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِذًا يَكْفِيَكَ اللَّهُ مَا هَمَّكَ مِنْ أمر دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ )) (1)
عرض الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم :
وهذا أيضًا من أعظم الفضل والخير الذي يناله العبد ، فإن الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم وكل الله تعالى بها ملائكة يبلغونها للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويعرضونها عليه
وكفى بهذا شرفًا للعبد أن تقوم الملائكة بتبليغ صلاته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتقول له هذا فلان بن فلان يسلم أو يصلي عليك ، فإذا كان العبد قد حُرِمَ من رؤيته صلى الله عليه وسلم ، فهذا طريق للعباد قد فتحه الله لهم ، ليتعرف عليهم النبي صلى الله وسلم ، فطوبى لمن أكثر الصلاة عليه ، وهنيئًا له ، وكفى بها نعمة وفضلاَ .
عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ قُبِضَ ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ ؟ يَقُولُونَ بَلِيتَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ )) (2)
__________
(1) رواه الطبراني ، وقال المنذري إسناده حسن ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1671) .
(2) رواه أبو داود في الصلاة باب فضل يوم الجمعة (883) وصححه الألباني ، والنسائي في الجمعة (1357) ، وابن ماجه في الجنائز (1626) ، وأحمد (15575) ، والدارمي (1625) .(1/11)
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أكثروا عليَّ من الصلاةِ في يومِ الجمعة ، فإن صَلاة أُمَّتِي تُعْرَض عَلَيَّ فِي كُلّ يَوْم جُمْعَة , فَمَنْ كَانَ أَكْثَرهمْ عَلَيَّ صَلاة كَانَ أَقْرَبهمْ مِنِّي مَنْزِلَة )) (1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ )) (2)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلامَ )) (3)
قال السندي : وَفِيهِ حَثّ عَلَى الصَّلاة وَالسَّلام عَلَيْهِ وَتَعْظِيم لَهُ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْلال لِمَنْزِلَتِهِ حَيْثُ سُخِّرَ الْمَلائِكَة الْكِرَام لِهَذَا الشَّأْن الْفَخْم . (4)
__________
(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/249) ، وقال المنذري : إسناده حسن ، وقال الحافظ في الفتح : لا بأس بإسناده ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2/297)
(2) رواه أبو داود في المناسك باب زيارة القبور (1745) ، وأحمد (10395) ، وقال ابن القيم :صح إسناد هذا الحديث ، وقال النووي في الأذكار ورياض الصالحين : إسناده صحيح ، وقال ابن حجر : رواته ثقات ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2/218) ، والحديث رواه الطبراني في الأوسط (4/84) ، والبيهقي في الشعب (2/217) .
(3) رواه النسائي في السهو باب السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1365) ، وأحمد (3484) ، والدارمي في الرقاق (2655) ، وابن حبان وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (3/43) .
(4) شرح سنن النسائي .(1/12)
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من صلى عليَّ ، صلى الله عليه عشرًا ، ووكَّل بها ملكٌ حتى يُبَلَّغنيها )) (1)
عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ اللَّه وَكَّلَ بِقَبْرِي مَلَكًا أَعْطَاهُ أَسْمَاع الْخَلائِق ، فَلا يُصَلِّي عَلَيَّ أَحَد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلا أَبْلَغَنِي بِاسْمِهِ وَاسْم أَبِيهِ هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك )) (2)
عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله تبارك وتعالى ملكًا أعطاه أسماء الخلائق ، فهو قائم على قبري إذا مت ، فليس أحدٌ يُصلي عليَّ صلاةً إلا قال : يا محمد صلى عليك فلانُ بن فلانٍ ، قال : فيصلي الربُّ تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدةٍ عشرًا )) (3)
عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( حيثما كنتم فصلوا عليَّ ، فإن صلاتكم تبلغني )) (4)
قال الحافظ : قَالَ الْحَلِيمِيّ : الْمَقْصُود بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّقَرُّب إِلَى اللَّه بِامْتِثَالِ أَمْره وَقَضَاء حَقّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
__________
(1) رواه الطبراني في الكبير ، وإسماعيل القاضي (24) ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/292) .
(2) رواه البزار (1274) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/293) .
(3) رواه أبو السبخ بان حيان ، والطبراني في الكبير بنحوه ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/293) .
(4) رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/293) .(1/13)
وَتَبِعَهُ اِبْن عَبْد السَّلام فَقَالَ : لَيْسَتْ صَلاتنَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَة لَهُ , فَإِنَّ مِثْلنَا لا يَشْفَع لِمِثْلِهِ , وَلَكِنَّ اللَّه أَمَرَنَا بِمُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَن إِلَيْنَا , فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْهَا كَافَأْنَاهُ بِالدُّعَاءِ , فَأَرْشَدَنَا اللَّه لِمَا عَلِمَ عَجْزنَا عَنْ مُكَافَأَة نَبِيّنَا إِلَى الصَّلاة عَلَيْهِ .
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : فَائِدَة الصَّلاة عَلَيْهِ تَرْجِع إِلَى الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ لِدَلالَةِ ذَلِكَ عَلَى نُصُوع الْعَقِيدَة وَخُلُوص النِّيَّة وَإِظْهَار الْمَحَبَّة وَالْمُدَاوَمَة عَلَى الطَّاعَة وَالاحْتِرَام لِلْوَاسِطَةِ الْكَرِيمَة صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . (1)
عقوبة ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )) (2)
قال الترمذي : وَمَعْنَى قَوْلِهِ تِرَةً يَعْنِي حَسْرَةً وَنَدَامَةً ، وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ : التِّرَةُ هُوَ الثَّأْرُ
__________
(1) فتح الباري
(2) رواه الترمذي في الدعوات باب في القوم يجلسون ولا يذكرون الله (3302) وقال حسن صحيح ، وصححه الألباني ، ورواه أحمد (9213) وابن أبي الدنيا والبيهقي .(1/14)
عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( احضروا المنبر ، فحضرنا ، فلما ارتقى درجة قال : « آمين » ، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال : « آمين » ، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال : « آمين » ، فلما فرغ نزل من المنبر قال : فقلنا له يا رسول الله لقد سمعنا اليوم منك شيئا لم نكن نسمعه ؟ قال : « إن جبريل عليه السلام عرض لي فقال : بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت : آمين فلما رقيت الثانية قال : بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت : آمين ، فلما رقيت الثالثة قال : بعد من أدرك والديه الكبر عنده أو أحدهما ، فلم يدخلاه الجنة ، فقلت : آمين )) (1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ )) (2)
__________
(1) رواه الحاكم في المستدرك (1435) وقال : صحيح الإسناد ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1677) ، ورواه ابن حبان عن مالك بن الحويرث وهو في صحيح الترغيب (1678) ، ورواه ابن حبان وابن خزيمة عن أبي هريرة وهو في صحيح الترغيب (1679)
(2) رواه الترمذي في الدعوات باب قوله - صلى الله عليه وسلم - رغم أنف (3468) ، وأحمد (7139) ، وقال الألباني في صحيح الترمذي (3545) : حسن صحيح ، وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ صَحِيحٌ(1/15)
( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ) أَيْ لَصِقَ أَنْفُهُ بِالتُّرَابِ كِنَايَةً عَنْ حُصُولِ الذُّلِّ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ : وَأَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ أَيْ أَلْصَقَهُ بِالرِّغَامِ وَهُوَ التُّرَابُ . هَذَا هُوَ الأَصْلُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الذُّلِّ وَالْعَجْزِ عَنْ الانْتِصَافِ وَالانْقِيَادِ عَلَى كُرْهٍ اِنْتَهَى وَهَذَا إِخْبَارٌ أَوْ دُعَاءٌ
( فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : الْفَاءُ اسْتِبْعَادِيَّةٌ وَالْمَعْنَى : بَعِيدٌ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إِجْرَاءِ كَلِمَاتٍ مَعْدُودَةٍ عَلَى لِسَانِهِ فَيَفُوزَ بِهَا فَلَمْ يَغْتَنِمْهُ فَحَقِيقٌ أَنْ يُذِلَّهُ اللَّهُ , وَقِيلَ إِنَّهَا لِلتَّعْقِيبِ فَتَقَيَّدَ بِهِ ذَمُّ التَّرَاخِي عَنْ الصَّلاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( ثُمَّ اِنْسَلَخَ ) أَيْ اِنْقَضَى ( قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتُبْ أَوْ لَمْ يُعَظِّمْهُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الطَّاعَةِ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ .
( فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ ) لِعَقُوقَةِ وَتَقْصِيرِهِ فِي حَقِّهِمَا . وَالإِسْنَادُ مَجَازِيٌّ فَإِنَّ الْمُدْخِلَ حَقِيقَةً هُوَ اللَّهُ يَعْنِي لَمْ يَخْدُمْهُمَا حَتَّى يَدْخُلَ بِسَبَبِهِمَا الْجَنَّةَ . (1)
أبخل الناس :
__________
(1) تحفة الأحوذي(1/16)
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )) (1)
( الْبَخِيلُ ) أَيْ الْكَامِلُ فِي الْبُخْلِ
( ذُكِرْت عِنْدَهُ ) أَيْ ذُكِرَ اِسْمِي بِمَسْمَعٍ مِنْهُ
( فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) لأَنَّهُ بَخِلَ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ حَرَمَهَا صَلاةَ اللَّهِ عَلَيْهِ عَشْرًا إِذَا هُوَ صَلَّى وَاحِدَةً . قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ . وَقَالَ الْقَارِي : فَمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَخِلَ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الأَوْفَى فَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَبْخَلَ مِنْهُ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ : الْبَخِيلُ كُلُّ الْبَخِيلِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ كَثِيرٍ : بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِمَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا ذُكِرَ وَهُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الطَّحَاوِيُّ وَالْحَلِيمِيُّ وَيَتَقَوَّى بِالْحَدِيثِ الآخَرِ الَّذِي رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ : عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , " مِنْ نَسِيَ الصَّلاةَ عَلَيَّ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ " (2)
__________
(1) رواه الترمذي في الدعوات باب قوله - صلى الله عليه وسلم - رغم أنف (3469) وقال : حسن صحيح ، وصححه الألباني ، ورواه أحمد في مسند أهل البيت عليهم السلام (1645) وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
(2) حديث صحيح : صححه الألباني في صحيح الجامع (6568) رواه ابن ماجه(1/17)
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ الصَّلاةُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لا تَجِبُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَلْ يُسْتَحَبُّ . نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ , وَيَتَأَيَّدُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ " اِنْتَهَى . (1)
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : (( خرجت ذات يوم فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم بأبخل الناس ؟، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من ذُكرت عنده فلم يُصلِ عليَّ ، فذلك أبخلُ الناس )) (2)
ومن العقوبة أيضًا :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ نَسِيَ الصَّلاةَ عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ )) (3)
وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من ذُكِرْت عنده فخَطِئَ الصلاة عليَّ ، خَّطِّئ طريق الجنَّة )) (4)
مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول والأخير :
__________
(1) تحفة الأحوذي .
(2) رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/301) .
(3) رواه ابن ماجه في إقامة الصلاة باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (898) ، والطبراني وغيرهما ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1682) .
(4) رواه الطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1681) .(1/18)
قال الشيخ الألباني : وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره . (1) وسن ذلك لأمته حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه ، وعلمهم أنواعا من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
1 ـ ( اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) (2) وهذا كان يدعو به هو نفسه صلى الله عليه وسلم .
2 ـ ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) (3) .
3 ـ ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ) (4) .
4 ـ ( اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ) (5)
5 ـ ( اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ) (6) .
6 ـ ( اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) (7) .
7 ـ ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ) (8) .
__________
(1) رواه أبو عوانة في صحيحه
(2) رواه أحمد والطحاوي بسند صحيح
(3) رواه البخاري ومسلم .
(4) رواه أحمد والنسائي وأبو يعلى
(5) رواه مسلم وأبو عوانة
(6) رواه البخاري والنسائي وأحمد والطحاوي .
(7) رواه البخاري ومسلم
(8) رواه النسائي والطحاوي(1/19)
وقال الألباني : هذه الصيغ على اختلاف أنواعها فيها كلها الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وذريته معه صلى الله عليه وسلم فلذلك فليس من السنة ولا يكون منفذا للأمر النبوي من اقتصر على قوله : ( اللهم صل على محمد ) فحسب بل لا بد من الإتيان بإحدى هذه الصيغ كاملة كما جاءت عنه صلى الله عليه وسلم لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والآخر .
وهو نص الإمام الشافعي في ( الأم ) ( 1/102 ) فقال : ( والتشهد في الأولى والثانية لفظ واحد لا يختلف ومعنى قولي ( التشهد ) التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجزيه أحدهما عن الآخر ) .
وأما حديث (كان لا يزيد في الركعتين على التشهد) فهو حديث منكر كما حققته في الضعيفة (5186) .
وقال : واعلم أن النوع الأول من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم - وكذا النوع الرابع - هو ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وقد استدل بذلك على أنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأنه لا يختار لهم - ولا لنفسه - إلا الأشرف والأفضل ومن ثم صوب النووي في ( الروضة ) أنه لو حلف ليصلين عليه صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة لم يبر إلا بتلك الكيفية ووجه السبكي بأنه من أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين وكل من جاء بلفظ غيرها فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك لأنهم قالوا : كيف نصلي عليه ؟ قال : ( قولوا : . . . ) فجعل الصلاة عليه منهم هي قولهم كذا . انتهى .
ذكره الهيتمي في ( الدر المنضود ) ( ق 25/2 ) ثم ذكرا ( ق 27/1 ) أن المقصود يحصل بكل من هذه الكيفيات التي جاءت في الأحاديث الصحيحة . (1)
ـ عند الآذان والإقامة :
__________
(1) انظر كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (164-175) .(1/20)
ومر حديث : (( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا .. الحديث )) (1)
ـ يوم الجمعة وليلتها :
ومر حديث : (( أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة .. الحديث )) (2)
ـ في الصباح والمساء :
ومر حديث : (( من صلى على حين يصبح عشرًا و حين يمسي عشرًا ، أدركته شفاعتي يوم القيامة )) (3)
ـ في المجالس وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم:
ومر حديث : (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )) (4)
ترة : يعني نقصانًا وحسرة وندامة ، وقيل : تبعة ومعاتبة .
ـ عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم :
ومر حديث : (( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )) (5)
ـ في كل وقت وحين :
ومر حديث : (( أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً )) (6)
ـ عند الدعاء :
__________
(1) رواه مسلم وغيره وسبق تخريجه
(2) سبق تخريجه
(3) سبق تخريجه
(4) سبق تخريجه.
(5) سبق تخريجه
(6) سبق تخريجه(1/21)
عن فَضَالَة بْنَ عُبَيْدٍ قال : (( سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَجِلَ هَذَا ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ : إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ )) (1)
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كُلُّ دُعاءٍ مَحْجُوبٌ حتى يُصَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم )) (2)
عن عبدالله بن بسر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل ، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو فيستجاب لدعائه )) (3)
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : (( إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )) (4)
__________
(1) رواه الترمذي في الدعوات باب جامع الدعوات (3399) وقال : صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3477) .
(2) رواه ابن مخلد في المنتقى (76/1) ، والأصبهاني في الترغيب (ق 171/2) ، وحسنه الألباني في الصحيحة (2035)
(3) أورده ابن القيم في جلاء الأفهام (261) وقال رواه النسائي ، وذكره الألباني في الشواهد وقال : وخلاصة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق والشواهد لا ينزل عن مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى على أقل الأحوال (الصحيحة 5/57) .
(4) رواه الترمذي في الصلاة باب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (448) ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (486) .(1/22)
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ إِنَّ هَذَا لا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ حُكْمًا اِنْتَهَى .
وَفِي الْحِصْنِ الْحَصِينِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ : إِذَا سَأَلْت اللَّهَ حَاجَةً فَابْدَأْ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اُدْعُ بِمَا شِئْت ثُمَّ اِخْتِمْ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِكَرَمِهِ يَقْبَلُ الصَّلاتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَدَعَ مَا بَيْنَهُمَا اِنْتَهَى . (1)
قال المناوي : كل دعاء محجوب عن القبول حتى يصلي الداعي على النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني أنه لا يرفع إلى الله تعالى حتى يستصحب الرافع معه الصلاة عليه ، إذ هي الوسيلة إلى الإجابة لكونها مقبولة ، والله من كرمه لا يقبل بعض الدعاء ويرد بعضه ، فالصلاة شرط في الدعاء وهو عبادة ، والعبادة بدون شرطها لا تصح . (2)
قال ابن القيم : من مواطن الصلاة عليه عند الدعاء ، وله ثلاثة مراتب :
إحداها : أن يصلي عليه قبل الدعاء وبعد حمد الله تعالى
والمرتبة الثانية : أن يصلي عليه في أول الدعاء وأوسطه وآخره
والثالثة : أن يصلي عليه في أوله وآخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إذا أراد أحدكم أن يسأل الله تعالى فليبدأ بحمده والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي ثم يسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب .
أخرجه عبدالرزاق .
وقال احمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان الداراني يقول : من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي فإن الصلاة على النبي مقبولة والله اكرم أن يرد ما بينهما .ا.هـ (3)
ـ عند دخول المسجد وعند الخروج منه :
__________
(1) تحفة الأحوذي
(2) فيض القدير
(3) جلاء الأفهام (1/376) .(1/23)
قَالَ الْحَافِظ اِبْن الْقَيِّم فِي جَلاء الأَفْهَام : الْمَوْطِن الثَّامِن مِنْ مَوَاطِن الصَّلاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد دُخُول الْمَسْجِد وَعِنْد الْخُرُوج مِنْهُ .
لِمَا رَوَى اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه وَأَبُو حَاتِم بْن حِبَّان عَنْ أَبَى هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِذَا دَخَلَ أَحَدكُمْ الْمَسْجِد فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَقُلْ : اللَّهُمَّ اِفْتَحْ لِي أَبْوَاب رَحْمَتك . وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم ))
وَفِي الْمُسْنَد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ عَنْ فَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : (( كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِد قَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَسَلِّم , اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَاب رَحْمَتك , وَإِذَا خَرَجَ قَالَ مِثْلهَا , إِلا أَنَّهُ يَقُول أَبْوَاب فَضْلك ))
وَلَفْظ التِّرْمِذِيّ " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِد صَلَّى عَلَى مُحَمَّد وَسَلَّمَ )) اِنْتَهَى كَلامه(1/24)
وعن أبي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ فَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ )) (1)
ـ عند الصفا والمروة :
سمعت عمر بن الخطاب يقول : إذا قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا وصلوا عند المقام ركعتين ثم أتوا الصفا فقوموا من حيث ترون البيت فكبروا سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة لنفسك وعلى المروة مثل ذلك . (2)
ـ بعد التكبيرة الثانية من صلاة الجنازة :
عن الشعبي قال : أول تكبيرة من الصلاة على الجنازة ثناء على الله عز وجل والثانية صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والثالثة دعاء للميت والرابعة السلام . (3)
ـ عن ابن عمر : أنه يكبر على الجنازة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول : اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له وأورده حوض نبيك صلى الله عليه وسلم . (4)
قال ابن القيم في جلاء الأفهام : من مواطن الصلاة عليه صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية لا خلاف في مشروعيتها فيها .
__________
(1) رواه أبو داود في الصلاة باب ما يقوله عند دخوله المسجد (393) ، وابن ماجه في المساجد (764) ، والدارمي في الصلاة (1358 )
(2) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي وقال الألباني (71) صحيح ، وذكره ابن القيم في جلاء الأفهام (1/137) .
(3) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (91) وقال الألباني صحيح
(4) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (92) وقال الألباني صحيح(1/25)
ـ عند الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم :
عن عبد الله بن دينار أنه قال : رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما . (1)
ـ عند القنوت :
عن قتادة عن عبد الله بن الحارث : أن أبا حليمة معاذ كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت . (2)
عند الخطبة :
قال ابن القيم في جلاء الأفهام : الموطن الخامس من مواطن الصلاة عليه في الخطبة
والدليل على مشروعية الصلاة على النبي في الخطبة ما رواه عبد الله بن احمد عن عون بن أبي جحيفة قال : ((( كان أبي من شرط علي وكان تحت المنبر فحدثني انه صعد المنبر يعني عليا رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر وقال يجعل الله الخير حيث شاء )) إسناده حسن .
وفي الباب حديث ضبة بن محيصن : (( أن أبا موسى كان إذا خطب فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ودعا لعمر قبل الدعاء لأبي بكر رضي الله عنهما فرفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه فقال لضبة أنت أوفق منه وأرشد )).
فهذا دليل على أن الصلاة على النبي في الخطب كان أمرا مشهورا معروفا عند الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .ا.هـ
الصلاة عليه عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه
__________
(1) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (98) وقال الألباني صحيح
(2) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (107) وقال الألباني إسناده صحيح .(1/26)
عن أَنَس بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )) (1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لَكُمْ وَاسْأَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي أَعَلَى الْجَنَّةِ لا يَنَالُهَا إِلا رَجُلٌ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ )) (2)
قال ابن القيم في جلاء الأفهام : فهذا فيه الأخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة والذي قبله فيه إنها كفارة وهي تتضمن محو الذنب فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها والى هذين الأمرين يرجع كمال النفس فعلم انه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين
عند تبليغ العلم إلى الناس :
__________
(1) رواه النسائي في السهو باب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (1280) ، وأحمد (11560) ، وابن حبان ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/288) .
(2) رواه أحمد (8415) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3268) .(1/27)
قال ابن القيم في جلاء الأفهام : ومن مواطن الصلاة : عند تبليغ العلم إلى الناس وعند التذكير والقصص وإلقاء الدرس وتعليم العلم في أول ذلك وآخره ، عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إما بعد فإن أناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وان من القصاص من قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك
والصلاة على النبي في هذا الموطن لأنه موطن لتبليغ العلم الذي جاء به ونشره في أمته وإلقائه إليهم ودعوتهم إلى سنته وطريقته ، وهذا من افضل الأعمال وأعظمها نفعا للعبد في الدنيا والآخرة ، فمتى يدرك العامل هذا الفضل العظيم والحظ الجسيم بشيء من عمله وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم فحقيق بالمبلغ عن رسول الله الذي أقامه الله سبحانه في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية وتعريف حقوقه على العباد ثم بالصلاة على رسول الله وتمجيده والثناء عليه أن يختمه أيضا بالصلاة عليه.
من مواطن الصلاة عليه إذا خرج إلى السوق أو إلى دعوة أو نحوها :
قال ابن القيم في جلاء الأفهام : روى ابن أبي حاتم عن أبي وائل قال : ما رأيت عبد الله جلس في مأدبة ولا جنازة ولا غير ذلك فيقوم حتى يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي ويدعو بدعوات وان كان يخرج إلى السوق فيأتي أغفلها مكانا فيجلس فيحمد الله ويصلي على النبي ويدعو بدعوات .
صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم(1/28)
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه : (( أَنَّ رَجُلاً أَتَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )) (1)
عن ابْن أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ : أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً : (( خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا : قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )) (2)
__________
(1) رواه النسائي في السهو (1274) ، وأحمد (1323)
(2) رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3119) ، ومسلم في الصلاة باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (614) ، والترمذي في الصلاة (445) ، والنسائي في السهو (1270) ، وأبو داود في الصلاة (830) ، وابن ماجه في الصلاة (894) ، وأحمد (17425) والدارمي في الصلاة (1308) .(1/29)
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : (( أَقْبَلَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا السَّلامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلاتِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ ؟ قَالَ : فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْبَبْنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَسْأَلْهُ ، فَقَالَ : إِذَا أَنْتُمْ صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَقُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )) (1)
عن زيد بن عبد الله أنهم كانوا يستحبون أن يقولوا : اللهم صل على محمد النبي الأمي . (2)
__________
(1) رواه أحمد (16455) ، وأبو داود في الصلاة (831) ، وفي فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (59) وقال الألباني : إسناده حسن .
(2) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (60) وقال الألباني صحيح(1/30)
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : (( أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ : أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ )) (1)
قال النووي : ( وَالسَّلام كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ ) وَهُوَ قَوْلهمْ : السَّلام عَلَيْك أَيّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته .
( قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إِبْرَاهِيم , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحَمَّد كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إِبْرَاهِيم )
قَالَ الْعُلَمَاء مَعْنَى الْبَرَكَة هُنَا : الزِّيَادَة مِنْ الْخَيْر وَالْكَرَامَة
وَقِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى التَّطْهِير وَالتَّزْكِيَة .
__________
(1) رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3119) ، ومسلم في الصلاة (613) ، وأحمد (16450) ، والترمذي في تفسير القرآن (3144) ، والنسائي في السهو (1268) ، وأبو داود في الصلاة (831) ، ومالك في النداء (358) والدارمي في الصلاة (1309) ، وفي فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (59) ..(1/31)
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْحِكْمَة فِي قَوْله اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَظْهَر الأَقْوَال أَنَّ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلأَهْلِ بَيْته لِيُتِمّ النِّعْمَة عَلَيْهِمْ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِهِ .
وَقِيلَ : بَلْ سَأَلَ ذَلِكَ لأُمَّتِهِ .
وَقِيلَ : بَلْ لِيَبْقَى ذَلِكَ لَهُ دَائِمًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَيَجْعَل لَهُ بِهِ لِسَان صِدْق فِي الآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقِيلَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقِيلَ : سَأَلَ صَلاة يَتَّخِذهُ بِهَا خَلِيلاً كَمَا اِتَّخَذَ إِبْرَاهِيم . هَذَا كَلام الْقَاضِي .
وَالْمُخْتَار فِي ذَلِكَ أَحَد ثَلاثَة أَقْوَال :
أَحَدهَا : حَكَاهُ بَعْض أَصْحَابنَا عَنْ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى أَنَّ مَعْنَاهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَتَمَّ الْكَلام هُنَا , ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ : وَعَلَى آلِ مُحَمَّد أَيْ وَصَلِّ عَلَى آل مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم , فَالْمَسْئُول لَهُ مِثْل إِبْرَاهِيم وَآلِهِ هُمْ آلُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نَفْسه .
الْقَوْل الثَّانِي : مَعْنَاهُ اِجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاة مِنْك كَمَا جَعَلَتْهَا لإِبْرَاهِيم وَآلِهِ فَالْمَسْئُول الْمُشَارَكَة فِي أَصْل الصَّلاة لا قَدْرهَا .(1/32)
الْقَوْل الثَّالِث : أَنَّهُ عَلَى ظَاهِره وَالْمُرَاد اِجْعَلْ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاة بِمِقْدَارِ الصَّلاة الَّتِي لإِبْرَاهِيم وَآلِهِ وَالْمَسْئُول مُقَابَلَة الْجُمْلَة فَإِنَّ الْمُخْتَار فِي الآلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُمْ جَمِيع الأَتْبَاع وَيَدْخُل فِي آلِ إِبْرَاهِيم خَلائِق لا يُحْصُونَ مِنْ الأَنْبِيَاء , وَلا يَدْخُل فِي آلِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيّ فَطَلَب إِلْحَاق هَذِهِ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا نَبِيّ وَاحِد بِتِلْكَ الْجُمْلَة الَّتِي فِيهَا خَلائِق مِنْ الأَنْبِيَاء . وَاَللَّه أَعْلَم . (1)
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ : (( قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ))
عن إبراهيم قال : (( قالوا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك قال : قولوا : اللهم صل على عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك عليه وأهل بيته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد )) (2)
سمعت الحسن قال : (( لما نزلت : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } قالوا : يا رسول الله هذا السلام قد علمنا كيف هو فكيف تأمرنا أن نصلي عليك ؟ قال تقولون : اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد )) (3)
__________
(1) شرح مسلم
(2) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق (64) وقال الألباني (59) صحيح .
(3) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (65) وقال الألباني صحيح(1/33)
عن أبي سعيد الخدري قال : قالوا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة قال : تقولون : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم )) (1)
عن زيد بن خارجة أخو بني الحارث ابن الخزرج قال : قلت يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال : صلوا علي وقولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد )) (2)
عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )) (3)
__________
(1) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (66) وقال الألباني صحيح
(2) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (69) وقال الألباني صحيح
(3) رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3118) ، ومسلم في السهو (615) ، والنسائي في السهو (1277) ، وأبو داود في الصلاة (831) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة (895) ، وأحمد (22494) ، ومالك في النداء للصلاة (257) ، وفي فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي .(1/34)
عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود قال : (( قيل يا رسول الله أمرتنا أن نسلم عليك وأن نصلي عليك وقد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي ؟ قال تقولون : اللهم صل على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم )) (1)
عن أبي هريرة رضي الله عنه : (( أنهم سألوا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم )) (2)
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه (3)
الأولى : امتثال أمر الله سبحانه وتعالى
الثانية : موافقته سبحانه في الصلاة عليه وان اختلفت الصلاتان فصلاتنا عليه دعاء وسؤال وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف .
الثالثة : موافقة ملائكته فيها
الرابعة : حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة
الخامسة : أنه يرفع عشر درجات
السادسة : أنه يكتب له عشر حسنات
السابعة : أنه يمحي عنه عشر سيئات
الثامنة : أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين
التاسعة : أنها سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيلة له أو افردها كما تقدم حديث رويفع بذلك
العاشرة : أنها سبب لغفران الذنوب .
الحادية عشرة : أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه
الثانية عشرة : أنها سبب لقرب العبد منه يوم القيامة
الثالثة عشرة : أنها تقوم مقام الصدقة لذي العسرة
الرابعة عشرة : أنها سبب لقضاء الحوائج
الخامسة عشرة : أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة ملائكته عليه
السادسة عشرة : أنها زكاة للمصلي وطهارة له
__________
(1) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للإمام إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي (71) وقال الألباني صحيح
(2) ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام (1/44) وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين رواه ابن منده .
(3) جلاء الأفهام لابن القيم (1/445-455) .(1/35)
السابعة عشرة : أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته ذكره الحافظ أبو موسى في كتابه وذكر فيه حديثا
الثامنة عشرة : أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة ذكره أبو موسى وذكر فيه حديثًا
التاسعة عشرة : أنها سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلي والمسلم عليه
العشرون : أنها سبب لتذكر العبد ما نسيه
الحادية والعشرون : إنها سبب لطيب المجلس وان لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة
الثانية والعشرون : أنها سبب لنفي الفقر
الثالثة والعشرون : أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره
الرابعة والعشرون : أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها
الخامسة والعشرون : أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ورسوله ويحمد ويثني عليه فيه ويصلي على رسوله
السادسة والعشرون : إنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله
السابعة والعشرون : إنها سبب لوفور نور العبد على الصراط وفيه حديث ذكره أبو موسى وغيره
الثامنة والعشرون : أنه يخرج بها العبد عن الجفاء
التاسعة والعشرون : إنها سبب لإبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض لان المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه والجزاء من جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك
الثلاثون : إنها سبب البركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لان المصلي داع ربه يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه
الحادية والثلاثون : إنها سبب لنيل رحمة الله له لان الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح فلا بد للمصلي عليه من رحمه تناله(1/36)
الثانية والثلاثون : إنها سبب لدوام محبته للرسول وزيادتها وتضاعفها وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به لان العبد كلما اكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف حبه وتزايد شوقه إليه واستولى على جميع قلبه وإذا اعرض عن ذكره وإحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه ولا شيء اقر لعين المحب من رؤية محبوبه ولا اقر لقلبه من ذكره وإحضار محاسنه فإذا قوي
هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك حتى قال بعض الشعراء في ذلك
عجبت لمن يقول ذكرت حبي ... وهل أنسى فأذكر من نسيت
فتعجب هذا المحب ممن يقول ذكرت محبوبي لان الذكر يكون بعد النسيان ولو كمل حب هذا لما نسي محبوبه
وقال آخر : أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
فهذا اخبر عن نفسه أن محبته لها مانع له من نسيانها
وقال آخر : يراد من القلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على الناقل
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعا له فمن أراد منه خلاف ذلك أبت عليه طباعه أن تنتقل عنه والمثل المشهور من احب شيئا اكثر من ذكره وفي هذا الجناب الأشرف أحق ما انشد
لو شق قلبي ففي وسطه ... ذكرك والتوحيد في سطر(1/37)
فهذا قلب المؤمن توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق إليهما محو ولا إزالة ولما كانت كثرة ذكر الشيء موجبة لدوام محبته ونسيانه سببا لزوال محبته أو أضعافها وكان سبحانه هو المستحق من عبادة نهاية الحب مع نهاية التعظيم بل الشرك الذي لا يغفره الله تعالى هو أن يشرك به في الحب والتعظيم فيحب غيره ويعظم من المخلوقات غيره كما يحب الله تعالى ويعظمه قال تعالى (( ومن الناس من يتخذ من دونه الله أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله )) فأخبر سبحانه أن المشرك يحب الند كما يحب الله تعالى وان المؤمن اشد حبا لله من كل شيء وقال أهل النار في النار (( تالله أن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين )) ومن المعلوم انهم إنما سووهم به سبحانه في الحب والتأله والعبادة وألا فلم يقل أحد قط أن الصنم أو غيره من الأنداد مساو لرب العالمين في صفاته وفي أفعاله وفي خلق السماوات والأرض وفي خلق عباده أيضا وإنما كانت السوية في المحبة والعبادة
وأضل من هؤلاء وأسوأ حالا من سوى كل شيء بالله سبحانه في الوجود وجعله وجود كل موجود كامل أو ناقص فإذا كان الله قد حكم بالضلال والشقاء لمن سوى بينه وبين الأصنام في الحب مع اعتقادهم تفاوت ما بين الله وبين خلقه في الذات والصفات والأفعال فكيف بمن سوى الله بالموجودات في جميع ذلك وزعم انه ما عبد غير الله في كل معبود
والمقصود أن دوام الذكر لما كان سببا لدوام المحبة وكان الله سبحانه أحق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والإجلال كان كثرة ذكره من انفع ما للعبد وكان عدوه حقا هو الصاد له عن ذكر ربه وعبوديته ولهذا أمر الله سبحانه بكثرة ذكره في القرآن وجعله سببا للفلاح فقال تعالى ((واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون))
والمقصود أن دوام الذكر سبب لدوام المحبة فالذكر للقلب كالماء للزرع بل كالماء للسمك لا حياة له إلا به وهو أنواع ذكره بأسمائه وصفاته والثناء عليه بها(1/38)
الفائدة الثالثة والثلاثون : أن الصلاة عليه سبب لمحبته للعبد فإنها إذا كانت سببا لزيادة محبة المصلى عليه له فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه
الرابعة والثلاثون : أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه فإنه كلما اكثر الصلاة عليه وذكره واستولت محبته على قلبه حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره ولا شك في شيء مما جاء به بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورًا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة ازدادت صلاته عليه
ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له على خلاف صلاة العوام عليه الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها رفع أصواتهم وأما اتباعه العارفون بسنته وهديه المتبعين له على خلاف العوام عليه الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم وأما أتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله تعالى
وهكذا ذكر الله سبحانه كلما كان العبد به اعرف وله أطوع واليه احب كان ذكره غير ذكر الغافلين اللاهين وهذا أمر إنما يعلم بالخبر لا بالخبر وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه وبها ويمجده بها وبين من يذكرها إما أمارة وإما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه كما انه فرق بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى فذكره وذكر ما جاء به وحمد الله سبحانه على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل
روح المجالس ذكره وحديثه ... وهدى لكل ملدد حيران
وإذا أخل في مجلس ... فأولئك الأموات في الحيان(1/39)
الخامسة والثلاثون : أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه وذكره عنده كما تقدم قوله أن صلاتكم معروضة علي وقوله أن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام وكفى بالعبد نبلا أن يذكر اسمه بالخير بين يدي رسول الله وقد قيل في هذا المعنى
ومن خطرت منه خطرة ... حقيق بأن يتقدما
وقال الآخر : أهلا بما لم اكن أهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج
السادسة والثلاثون : إنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبد الرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في - الترغيب والترهيب - وقال هذا حديث حسن جدًا
السابعة والثلاثون : أن الصلاة عليه أداء لأقل القليل من حقه وشكر له على نعمته التي انعم الله بها علينا مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه
الثامنة والثلاثون : إنها متضمنة لذكر الله تعالى وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله فالمصلي عليه قد تضمنت صلاته علي ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرفنا ربنا وأسماءه وصفاته وهدانا إلى طريق مرضاته وعرفنا مالنا بعد الوصول اليه والقدوم عليه فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وحياته وكلامه وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها وكمال محبته ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان فالصلاة عليه متضمنة لعلم العبد ذلك وتصديقه به ومحبته له فكانت من أفضل الأعمال
التاسع والثلاثون : أن الصلاة عليه من العبد هي دعاء ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان(1/40)
أحدهما : سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه
والثاني : سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه فالمصلي عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو بل كان هذا المطلوب من احب الأمور إليه وآثرها عنده فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو فقد آثر الله ومحابه على ما سواه والجزاء من جنس العمل فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب إليهم والمنزلة عندهم فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه احب رعيته إليه وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه علت منزلتهم عنده وازداد قربهم منه وحظوا بهم لديه لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه فاحبهم إليه أشدهم له سؤالا ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه هذا أمر مشاهد بالحس ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة المطاع حوائجه هو وهو فارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة فكيف بأعظم محب وأجله لأكرم محبوب وأحقه بمحبة ربه له ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب وحده لكفى المؤمن به شرفًا
وها هنا نكتة حسنة لمن علم أمته دينه وما جاء به ودعاهم إليه وحضهم عليه وصبر على ذلك وهي أن النبي له من الأجر الزائد على اجر عمله مثل أجور من اتبعه فالداعي إلى سنته ودينه والمعلم الخير للامة إذا قصد توفير هذا الحظ على رسول الله وصرفه إليه وكان مقصوده بدعاء الخلق إلى الله التقرب إليه بإرشاد عباده وتوفير أجور المطيعين له على رسول الله مع توفيتهم أجورهم كاملة كان له من الأجر في دعوته وتعليمه بحسب هذه النية وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .ا.هـ
الفهرس(1/41)
*******************************
فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الموضوع ... الصفحة
المقدمة
صلاة الله عليه والملائكة ... 1
بيان عظم الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه بها عشرا ... 1-4
وسلم عليه عشرًا
تصلي الملائكة عليه عشرًا
تحط عنه عشر خطيئات
ترفع له بها عشر درجات
يكتب له عشر حسنات
نيل الشفاعة بالصلاة والسلام ... 4
تثبت القدم على الصراط ... 5
تزكي النفوس ... 5
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من أفضل الدعاء ... 5
عرض الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ... 7
عقوبة ترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ... 9
أبخل الناس ... 10
ومن العقوبة ... 11
مواضع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
التشهد الأول والأخير ... 12
عند الأذان والإقامة ... 13
يوم الجمعة ... 14
في الصباح والمساء
في المجالس
عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم
في كل وقت وحين
عند الدعاء ... 14
عند دخول المسجد والخروج منه ... 16
عند الصفا والمروة ... 16
صلاة الجنازة ... 17
عند الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم ... 17
عند الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم ... 17
عند القنوت
عند الخطبة
عند الذنب ... 18
عند تبليغ العلم
في الأسواق وفي كل مكان ... 19
صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ... 20
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه ... 24
تم بحمد الله تعالى
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
صَلّى الإِلَهُ وَمَنْ يَحُفّ بِعَرْشِهِ
وَالطّيّبُونَ عَلَى الْمُبَارَكِ أَحْمَدْ
- صلى الله عليه وسلم -
- -(1/42)