{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
جمع وترتيب
شمس الدين
Shams_aldeen21@hotmail.com
?
الحمد لله رب العالمين , الحمد لله فاطر السماوات والأراضين , الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه , الحمد لله كما ينبغي لجزيل فضله ولجميل إحسانه , الحمد لله أرسل رسله بالهدى والحق المبين , فكانوا للبرية مبشرين ومنذرين , الحمد لله القائل : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله الصادق الأمين ومن يعرف بصدق في صباه يصدق عند سن الأربعين , وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ..
ثم أما بعد ..
فهذه مجموعة رسائل وعظية جمعتها تحت عنوان " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد "
هي عبرات تسكب على ما آل إليه كهولنا قبل الشباب , وما ضُيع بيننا من أوامر الكتاب , عبرات على غفلة فشت وسكرة طغت ومحارم انتهكت وقلوب قست ,
جمعتها مما قرأت من الرسائل وما سمعت من المواعظ
عسى الله أن يعيد بها إلى الرشد غرير , أو يعين بها على جبر كسير ..
وكل عملي في هذه الرسائل هو الربط بين الفقرات ..
وكنت قد ذكرت المصادر التي أخذت عنها في الحواشي السفلية لكن آثرت حذفها بسبب التداخل بين الفقرات وقمت بذكر المصادر منفصلة ..
فإن انتفعت بها فلا تنساني من دعائك بظهر الغيب , وإن رأيت تقصيرا أو إن كانت لك ملاحظة فلا تترد في إرسالها على البريد , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
الدين النصيحة
أخوكم
شمس الدين
ألا فاسلك إلى المولى سبيلا
ولا تطلب سوى التقوى دليلا
وسر فيها بجد وانتهاض
تجد فيها المنى عرضا وطولا
ولا تركن إلى الدنيا وعوّل
على مولاك واجعله وكيلا(1/1)
وان أحببت أن تعتزّ عزا
يدوم فكن له عبدا ذليلا
وواصل من أناب إليه واقطع
وصال المسرفين تكن نبيلا
ولا تفني شبابك واغتنمه
ومثل بين عينيك الرحيلا
ولا تصل الدنيا واهجر بنيها
على طبقاتهم هجرا جميلا
وعامل فيهم المولى بصدق
يضع لك في قلوبهم القبولا
ذكرى
{ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ }
قال ابن الجوزي : قطرة دمع على الخد أنفع من ألف مطرة على الأرض .
قال عبد الله بن عمرو : لأن أدمع دمعه من خشيه الله عز وجل أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار .
وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم هانت علينا الدموع ...
صارت تسيل لكل شيء..
تسيل في الفرح وفي الترح ..
بل تسيل في الحرام ...
تسيل من أجل مغنى أو ممثل ...
تسيل لأجل صديقة أو عشيقة ...
ولذلك تعطل مجراها الطبيعي ..
فقحطت في الصلاة ..
وقحطت عند الموعظة ..
وقحطت عند تلاوة القرآن ..
ثم تشتكي من عدم الخشوع ...
وتشتكي قسوة في قلبك
عجبا لك ...!!!!
فتشبهوا ....
قال الحسن البصري : إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام .
وقال سيفان : إذا استكمل العبد الفجور ملك عينيه يبكى بهما متى يشاء
وقال عبد الكريم بن رشيد : كنت في حلقه الحسن فجعل رجل يبكى وارتفع صوته فقال الحسن إن الشيطان ليبكى هذا الآن .
وكان أيوب السختيانى في ثوبه بعض الطول لستر الحال وكان إذا وعظ فرقَّ فَرَقَ من الرياء فيمسح وجهه ويقول : ما أشد الزكام .
وقال ابن الجوزى : كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك فإذا جاء الليل فكأنه قتل أهل القرية .
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا *** الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى *** ويجمعني والهم بالليل جامع(1/2)
وقال حماد بن زيد دخلنا على محمد بن واسع في مرضه نعوده قال فجاء يحيى البكاء يستأذن عليه فقالوا : يا أبا عبد الله هذا أخوك أبو سلمه على الباب قال: من أبو سلمه؟ قالوا : يحيى قال : من يحيى ؟ قالوا : يحيى البكاء قال حماد : وقد علم أنه يحيى البكاء فقال شر أيامكم يوم نسبتم فيه إلى البكاء .
قيل لعطاء السليمي : ما تشتهي قال : أشتهي أن أبكي حتى لا أَقدر أن أبكي وكان يبكي الليل والنهار وكانت دموعه الدهر سائلة على وجهه 0
وبكى مالك بن دينار حتى سود طريق الدموع خديه وكان يقول : لو ملكت البكاء لبكيت أيام الدنيا
وعن القاسم بن محمد قال : كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة إن كان يصلى آنا نصلى وإن كان يصوم آنا نصوم وإن كان يغزو فآنا نغزو وإن كان يحج آنا لنحج قال فكنا في بعض مسيرتا في طريق الشام ليله نتعشى في بيت إن طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج ستصبح فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع فقلت في نفسي بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا ولعله حين فقد السراج فصار إلى ظلمه ذكر القيامة .
وهذا شيخ الإسلام محمد بن أسلم الطوسى يقول عنه خادمه أبو عبد الله كان محمد يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزاً من ماء فلم أدر ما يصنع حتى سمعت ابناً صغيراً له يبكى بكاءه فنهته أمه فقلت لها ما هذا البكاء؟ فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكى فيسمعه الصبي فيحاكيه فكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه فلا يرى عليه أثر البكاء .
وقال أبو مُسهر كان الأوزاعى رحمه الله يحيى الليل صلاه وقرآنا وبكاء وأخبرنى بعض إخوانى من أهل بيروت أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعى وتتفقد موضع مصلاه فتجده رطباً من دموعه في الليل.(1/3)
وعن القاسم بن محمد البغدادى قال كنت جار معروف الكرخى فسمعته ليله في السحر ينوح ويبكى وينشد :
أي شيء تريد منى الذنوب
ما يضر الذنوب لو أعتقتنى
شغفت بي فليس عنى تغيب
رحمه لي فقد علاني المشيب
وروى أحد أقرباء رباح بن عمرو القيسى قال : كنت أدخل عليه في المسجد وهو يبكى وأدخل عليه البيت وهو يبكى فقلت له أنت دهرك في مأتم فبكى ثم قال يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذا .
وعن إبراهيم بن الأشعث قال كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكى حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها .
وعن عاصم قال : سمعت شقيق بن مسلمه يقول وهو ساجد رب اغفر لي رب اغفر لي إن تعف عنى تعف عنى تطولا من فضلك وإن تعذبني تعذبني غير ظالم لي قال ثم يبكى حتى أسمع نحيبه من وراء المسجد .
هل ما زالت عينك قاحطة ؟؟
فاليك ما يجريها ..
تفكر في ذنوبك*
وهو من أعظم بواعث البكاء , لأن الذنب علامة هوان العيد عند الله و لو عز عنده لعصمه , ولأنه يبعد الملك ويدني الشيطان ,وينفر الصالحين ويقرب المذنبين, يمنع الرحمات , وينزع البركات , ويوجب اللعنات , ويبعد عن الجنة , ويدني من النار, ولو مات عليه العبد لختم له بسوء ...
كل هذا يدفع العبد إلى أن يغسل الحوبة بدمع , ويرفع الزلل بندم , ويحرق الذنب بوجل .
دخل أبو داود الحفري على كرز بن وبرة فإذا هو يبكي فقيل له ما يبكيك ؟؟
قال : إن بابي علي لمغلق وإن ستري لمسبل ومنعت جزئي أقرأه البارحة , وما هو إلا بذنب أحدثته
كان الحسن البصري غزير الدمع حتى قالوا : كأن النار لم تخلق إلا له .
وعوتب في كثرة بكائه فقال : وما يؤمنني أن يكون إطلع علي في بعض ذنوبي فقال : اذهب لا غفرت لك ..
جل في الحشر بقلبك(1/4)
ما ظنك بيوم ينادي فيه المصطفى آدم , والخليل إبراهيم والكليم موسى والروح عيسى وهم على سلم الكرامة على الله وعلى قمة جبل المحبة ومع هذا كل ينادي : نفسي نفسي شفقا من شدة غضبه وهول عذابه ..
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يقف فيه الناس لا يأكلون فيه أكلة ولا يشربون شربة , حتى تنقطع الأعناق من العطش والأجواف من الجوع , ويتمنون الإنصراف ولو إلى النار , التي يرتفع عنقها لتنطق بلسان فصيح يسمعه كل من شهد الموقف وتنادي على من ولكت بأخذهم من الخلائق , فتلتقطهم إلتقاط الطير للحب
بكى بديل بن ميسرة العقلي حتى قرحت مآقيه فعوتب في ذلك فقال : إنما أبكي خوفا من طول عطش القيامة
أما والله لو علم الأنام
لقد خلقوا لما لو أبصرته
ممات ثم قبر ثم حشر
ليوم الحشر قد عملت أناس
ونحن إذا أمرنا أو نهينا
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
وتوبيخ وأهوال عظام
فصلوا من مخافته وصاموا
كأهل الكهف أيقاظ نيام
أحضر جهنم أمام عينيك
ينادي أهلها بأعلى صوتهم: يا مالك قد حق علينا الوعيد ... قد أثقلنا الحريق ... يا مالك قد نضجت منا الجلود ... يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود ...
فيرد عليهم بعد أربعين سنة في رد يشبه الصاعقة : إنكم ماكثون .
لاينجيهم الندم ولا ينفعهم الأسف(1/5)
فهم غرقى في النار ... طعامهم نار ... وشرابهم نار ... ولباسهم نار ... ومهادهم نار ... فهم بين حر الحميم وسرابيل القطران وضرب المقامع وثقل السلاسل , تغلي بهم النار كما تغلي باللحم القدور , ويهتفون فيها بالويل والثبور ,يصب من فوق رؤوسهم الحميم , يصهر به ما في بطونهم والجلود , ولهم مقامع من حديد, تهشم بها جباههم , فينفجر الصديد من أفواههم , وتنقطع من العطش أكبادهم , وتسيل على الخدود الحدق , كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقوا العذاب , غلت أيديهم إلى أعناقهم , وجمع بين نواصيهم وأقدامهم , يمشون على النار بوجوههم , ويطأون أشواك الحديد بأحداقهم , فلهيب سار في بواطن أجزائهم , وحيات الهاوية وعقاربها متشبثة بظواهر أعضائهم
فيالله هل لأحد من طاقة على تحمل لحظة واحدة من اللبث فيها ؟؟؟
أوما تفتدي نفسك من لحظة واحدة فيها بنعيم الدنيا بأسره ؟؟
أوما تشتري البعاد عنها بسهر الليل كله وعطش النهار كله ؟؟
كان إبراهيم الخواص يكثر البكاء أواخر عمره ويقول :
يارب قد كبرت وقد ضعف جسمي وقلت عبادتي فأعتقني بفضلك من النارفإني لاأقدر على أن أمكث فيها لحظة .
إن الملوك إذا شابت عبيدهم
وأنت يا سيدي أولى بذا كرما
في رقهم عنقوهم عتق إبرار
قد شبت في الرق فأعتقني من النار
سئل يزيد بن مرثد : ما بال عينك لا تجف ؟؟قال : ياأخي إن الله توعدني إن عصيته أن يسجنني في النار , ولو توعدني أن ألا يسجنني إلا في حمام لكان حريا ألا تجف عيني .
ما أقل الزاد وأبعد الطريق
دخل رجل على فضالة بن صيفي وهو يبكي فقال لزوجه : ما شأنه ؟؟ قالت : زعم أنه يريد سفرا بعيدا وماله زاد .
كيف لا أبكي على عيش مضى
كيف أرجو البرء من داء الهوى
بعت عمري بحقير الثمن
وطبيبي في الهوى أمرضني(1/6)
هذا طريق القائم فيه على خطر فكيف بالنائم ؟؟؟ الوقت يكفي المجد بالكاد فكيف بمن أصابته نزلة فتور ؟؟من انقطعت به راحلته عن إتمام السفر فلا يلومن إلا نفسه ,ومن هلك من شدة العطش فعلى نفسها جنت براقش , ولو جئت بعبادة الثقلين خفنا عليك , فكيف إذا لم يكن في جعبتك غير نفس معيبة , وقلب قاس , وروح آسنة , وفكر عاطل , وإيثار الدنيا على الآخرة .
احذر فوات الجنة
قام رجل من الصالحين يصلي من الليل فمر بقوله تعالى " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " فجعل يرددها ويببكي حتى أصبح فقيل له : لقد أبكتك آية ما مثلها يبكي , إنها جنة عريضة واسعة , فقال : يا ابن أخي , وما ينفعني عرضها إذا لم يكن لي فيها موضع قدم .
وما أحد أحوج إلى البكاء وأقرب من الحسرة , من رجل ظن أن الجنة منتهاه والنعيم مثواه ثم بدا له خلاف ذلك , أو رجل فقد طاعة كانت ستمهد سبيله إلى الجنة وتدنيه منها ,
كبكاء يونس بن عبيد حين نظر إلى قدميه عند موته وبكى , فقيل له ما يبكيك ؟ , قال : قدماي لم تغبرا في سبيل الله .
قام أبو عبد الله محمد بن المنكدر ليلة يصلي , فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله , فسألوه مالذي أبكاك ؟؟
فاستعجم عليهم فتمادى في البكاء , فأرسلوا إلى أبي حازم وأخبروه بالأمر , فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي : فقال يا أخي مالذي أبكاك ؟ قد رعت أهلك , فقال له : إني مرت بي آية من كتاب الله عز وجل , قال وما هي ؟ قال قول الله عز وجل " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما , فقال بعض أهله لأبي حازم : جئناك لتفرج عنه فزدته .
ولذلك السبب كان عمر بن عبد العزيز لا يجف له دمع من هذا البيت
ولا خير في عيش امريء لم يكن له
من الله في دار القرار نصيب
ابك تعجيل الحسنات(1/7)
هذا عبد الرحمن بن عوف يؤتى بطعام وكان صائما : فقال قتل مصعب بن عمير وهو خير مني , فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة , إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه , ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط , قد خشينا والله أن تكون حسناتنا عجلت لنا , ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام .
مصعب بن عمير وما أدراك من مصعب , كان قبل إسلامه يرتدي الثوب مرة واحدة فإن تواضع فمرتين , ثم يخلعه لا ليلبسه بل ليرميه , ويسبل إزاره حتى يكاد يتعثر فيه , ويضع عطرا يعرف بين الناس باسمه , ويمشي مشية يحسده عليها الطاووس , في سباق دائم مع أصحاب النعيم بل مع النعيم نفسه , ثم بعد موته لم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة , إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه , بذر هذا الخوف في قلب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه , وهو المبشر بالجنة , أفلا يبذر الخوف في قلبك ؟؟
خف سابق علم الله فيك ..
كان الفضيل بن عياض إذا لقي سفيان الثوري يقول له : تعال حتى نبكي علم الله فينا .... هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي .
وكان أبو بكر الشبلي يقول : ليت شعري ما اسمي عندك يا علام الغيوب , وبم تختم أعمالي يا مقلب القلوب .
وكان بلال بن سعد يقول رب مسرور مغبون , يأكل ويشرب ويضحك وقد حق له في كتاب الله أنه من وقود النار .
تناغم مع الكون
إن البكاء من خشية الله هو المنظومة التي يسير عليها الكون بأسره والنشيد الذي يشترك الخلق كل الخلق في ترديده فإن لم تذرف دموع الخشية شذذت عن الناموس وخالفت النظام .
مر رجل على عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال : أتعجبون أن أبكي من خشية الله وهذا القمر يبكي من خشية الله ؟؟ , قال : ونظر إلى القمر حين شف أن يغيب " كاد أن يغيب " ولم يبق منه إلا القليل .
ما أقسى قلبك يا ابن آدم .. وما أعظم حجودك .. وما أعصاك على الله .. وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(1/8)
" ليس شيء إلا وهو أطوع لله تعالى من ابن آدم "
( حسن ) انظر حديث رقم : 5393 في صحيح الجامع .
ارتفاع بنقصان
إذا قحطت عينك عن البكاء فابك على مصيبة قلبك المصاب , وإذا بكيت فابك مرة ثانية على عدم صدقك في بكائك , فكلما ازدرى العبد عمله ازداد قربا إلى الله , وكلما استعظم عمله , لم يزدد من الله إلا بعدا .
سألت عائشة - امرأة أبي حفص النيسابوري - زوجها عن البكاء , فقال : " بكاء الصادق أن يبكي , ويبكي على بكائه أنه غير صادق في بكائه , لعل الله تعالى ألا يرضى من ذلك البكاء , فبكائه على قلة صدقه في بكائه أنفع له من ابتداء بكائه , لأن لا يرفع للعبد حال إلا بنقصانه عنده "
قدم الثمن لكي تكون ...
في ظل العرش ...
(( ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ))
إنه رجل امتلأ قلبه خشية لربه حتى فاض على عينيه بالعبرات , عامل ربه سرا فأثابه الله جهرا ,
قاسى حرارة الخوف في الدنيا , فسلم من حر يوم القيامة وأظله الله في ظل عرشه ..
شتان بينه وبين من سكب دموعه على فوات المحرمات , فهذا تنعم بها وذاك عليها يطيل الحسرات .
في مأمن من عذاب الله ...
(( عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله , وعين باتت تحرس في سبيل الله ))
قال ثابت البناني : ما تركت في المسجد سارية إلا ختمت القرآن عندها وبكيت عندها .
فيالله ..
يحق لنا البكاء على أنفسنا و تقصيرها وتفريطها ...
وقال ابن الجوزى : كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك فإذا جاء الليل فكأنه قتل أهل القرية .
في كنف المحبة الإلهية ..
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة دموع من خشية الله , وقطرة دم تهرق في سبيل الله , أما الأثران فأثر في سبيل الله ( الجهاد ) وأثر في فريضة من فرائض الله ))
والسر في هذا ....(1/9)
أن البكاء من خشية الله أبلغ دليل على أن خوف الله في القلب طرد الخوف ممن سواه , وصار متربعا على عرش القلب لا ند له ولا شريك فلا خوف ولا وجل ولا رجاء ولا توكل ولا رغبة ولا تعلق إلا بالله وحده الذي تتصدع الجبال إذا نزل عيها كلامه , وتوجل القلوب وتنفطر إذا تليت عليها آياته , فتسري هذه القشعريرة من القلب إلى العين فتترجمها دموعا جارية أصدق ما توصف به ...
وليس الذي يجري من العين ماؤها
ولكنها روحي تسيل فتقطر
قال يحيى بن معاذ: من كان يريد القرب من المحبوب فليكثر البكاء على المحبوب
قدم الثمن لكي تفوز بـ ...
غفران الذنوب
قال مالك بن دينار
البكاء على الخطيئة يحط الخطايا كما تحط الريح الورق اليابس
قال يزيد الرقاشي : بلغني أن من بكى على ذنب من ذنوبه نسي حافظاه ذلك الذنب
كتبت بأدمعي في صحن خدي
فقالوا قد عفونا عنك لما
كتابا بالتذلل والخضوع
محوت قبيح فعلك بالدموع
ابك لأن البكاء ...
علامة التوبة الصادقة
قال يحيى بن معاذ : علامة التائب إسبال الدمعة و حب الخلوة , والمحاسبة تنفس عنه كل همة
لتذرف دمعك المدرار حتى
فإن سقوط دمع العين سحا
تعود الصحف بيضاء نقية
دليل العفو من رب البرية
و شعار القلب الحي
الخشبة اليابسة إذا أدخل طرفها الواحد في النار عرق طرفها الآخر , وكذلك القلب إذا كانت فيه حرقة ندامة الذنوب جادت العينان بوابل الدموع , ولانت الجوارح بالخضوع , والقلب بالإنابة والخضوع .
يا أخي
إن المسافر إذا طالت غيبته ترحموا عليه وعدوه في الأموات , فيا من طالت غيبته عن المجلس : إن كان قلبك وقت المواعظ يخشع وعينك تدمع فهناك أمل وإلا فعظم الله أجرك و أحسن عزاءك .
فإن لم تبك طمعا في الأجر
فابك خوفا من العقاب ...
قال ثابت البناني .. وما خير في عين لا تبكي ؟؟!!!
قسوة القلب
لما قدم أهل اليمن زمان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وسمعوا القرآن جعلوا يبكون , فقال أبو بكر هكذا كنا ثم قست القلوب ..(1/10)
يقول هذا وهو من قالت عنه أم المؤمنين " رجل أسيف "
فماذا نقول نحن ؟؟
وقد عد الصديق رضي الله عنه قحط العينين من علامات قسوة القلب
قال أبو سليمان الداراني لكل شيء علم وعلم الخذلان ترك البكاء ..
بخلت عيونك بالبكا فلتستعر
من ذا يعيرك عينه تبكي بها
عينا لغيرك دمعها مدرار
أرأيت عينا للدموع تعار
فإذا ارتبطت قسوة القلب برجحان كفة السيئات على كفة الحسنات كانت العقوبة في الآخرة
البكاء في النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - مخبرا عن رب العزة (( قال الله تعالى : و عزتي و جلالي لا أجمع لعبدي أمنين و لا خوفين إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي و إن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي . ))
قال ابن الجوزي لابد من قلق وحرقة إما في زاوية التعبد أو في هاوية الطرد , إما أن تحرق ثيابك بنار الندم على التقصير والشوق إلى لقاء الحبيب , وإلا فنار جهنم أشد حرا .
فهل سمعت بصفة بكاء أهل النار ؟؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود لو أرسلت فيه السفن لجرت . ))
وأخيرا ..
يا أخي
لك مقدار دمع إن لم تكفك الدنيا لتذرفه ذرفته في الآخرة ... وعندك مخزون حزن إن استنفدته في دنياك , انمحى من ذاكرتك معنى الحزن في أخراك وكنت من الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر ..
ادفع الثمن كاملا اليوم فلا مجال هناك للمساومة
ذكرى
{إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}
قال رجل لحاتم الأصم رضي الله عنه: أوصني بشيء أتصل به إلى باب الله سبحانه وتعالى، فقد عزمت على سفر الحج.
فقال: يا أخي، إن أردت أنيسا، فاجعل القرآن أنيسك، وان أردت رفيقا، فاجعل الملائكة رفقاءك، وان أردت حبيبا، فالله سبحانه يتولى قلوب أحبابه، وان أردت الزاد، فاليقين بالله سبحانه وتعالى نعم الزاد، واجعل البيت قبلة وجهك، وطف بسرّك حوله(1/11)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبرة ...
مئات بل آلاف السيارات تنظر إليها فتجد المصحف يزين واجهة السيارة , فإذا دققت النظر يلفت نظرك غلاف المصحف باهت اللون , إنه غلاف من الأتربة , مصحف ظل لسنوات في مكانه ما فتحه أحد ليقرأ فيه ......
فلماذا هو موضوع في السيارة إذن ؟؟ .
نفس المشهد يتكرر في بعض المنازل , المصحف على الطاولة يعلوه التراب , كلما ارتطمت عين صاحب المنزل به , رفعه ومسح ما عليه من الأتربة ....
يقبله ..
ثم يعيده إلى أن تتاح له فرصة لتقبيله مرة أخرى ....
فما فائدة تقبيل المصحف إذا لم يكن ينظر فيه ؟؟ .
مشاهد مكررة نراها كل يوم .....
والسؤال ..
ألهذا أنزل القرآن ؟؟
أللزينة والتقبيل ؟؟
أليوضع منبوذا حتى يعلوه التراب ؟؟
ألينسى حتى تتآكل صفحاته ؟؟
سبحانك هذا بهتان عظيم
هل تدري أخي لماذا أنزل القرآن ؟؟
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص
{قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} (2) سورة الكهف
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ} (37) سورة الرعد
يكد الرجال بالليل والنهار لتوفير المال والسكن و جميع وسائل الراحة والتسلية المادية , ولكنهم ينسون تنمية أرواحهم وتزكيتها .
يا خادم الجسم كم تسعي لخدمته
أقبل على الروح واستكمل فضائلها
أتعبت نفسك فيما فيه خسران
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
بل حتى وقت الفراغ قد ضاع في أعمال لا طائل من وراءها في الدنيا ولا نفع منها في الآخرة , هذا إن لم تكن هذه الأعمال محرمات وذنوب تشاغل بها الكثيرون عن الذكر وقراءة القرآن ....(1/12)
إن أردت أنيسا فاجعل القرآن أنيسك , رسالة إلى كل مسلم , في كل وقت وفي كل مكان ...
أيها الحبيب ...,
ما هو أنيسك الآن ؟؟
بمعنى آخر
أي شيء تشعر في وجوده بالراحة ؟؟
تهرع إليه حال فراغك
لا تسأم من وجوده بجوارك
هل هو القرآن ؟؟
إنا لنأسف حين نرى أن كثيرا جدا من شباب المسلمين أنيسهم هو ...
المطرب الفلاني
لاعب الكرة المشهور
ألعاب الكمبيوتر
وعدد و عدد وحدث ولا حرج عن أنواع الملهيات
والله المستعان
والذي نلاحظه يا عباد الله في أنفسنا وإخواننا المسلمين عامة هو قلة الاهتمام بكتاب الله والإعراض عن كتاب الله والاستغناء بكتب البشر و الصدود والإعراض إلا ممن رحم الله و قلة التجويد حتى في بعض أئمة المساجد و قلة الحفظ والتدبر وكثرة المشاغل حتى بين طلبة العلم لا تجدوا إلا القليل النادر ممن يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه و إذا كلف أحدنا بحفظ شيئاً من القرآن استصعب ذلك حتى كأن جبال الدنيا على كاهله , صار القرآن لنا مجرد تلاوة وأصوات وتركنا العمل بما فيه
والعجيب أن تسمع من بعض هذه الأمة من يقول لأخيه وهو يحاوره والله ما قرأت القرآن ستة أشهر لا إله إلا الله أي قلب يعيش وهو لم يمر بكتاب الله ستة أشهر وهو يمر بالصحف اليومية والمجلات والقيل و القال والخزعبلات وآراء الماجنين والماجنات {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ(4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(6) } سورة المطففين
بل إن كثيرا جدا من المسلمين لا ينظرون في المصحف إلا كل عام
في شهر رمضان ..
فهل يحيى قلب هذا شأنه ؟؟؟
أيرق مثل هذا القلب للموعظة ويلين ؟؟
وكيف يعيش في البستان غرس
إذا ما عُطلت عنه السواقي
وهل تنتصر أمة لها مثل هذا القلب ؟؟
هيهات هيهات ....(1/13)
معنى ذلك هزيمة الإسلام و المسلمين وذهاب الإيمان فوالله لا نصر و لا تمكين و لا عزة إلا بهذا القرآن و الله متى تركناه و نسيناه ابتلينا بكل خزيٍ وفضيحةٍ في الدنيا والآخرة
أيها الحبيب
إن سبب ما فيه هذه الأمة الآن هو ضياع كتاب الله و أوامره من القلوب
يقول أحد أعداء الإسلام من لي بمن يخرج القرآن من صدور أبناء الإسلام فيرد أحد الأشقياء ويقول نأتي إلى المصحف فنمزقه قال لا لا ينفع نريد أن نمزقه من قلوبهم وقلوب أبنائهم .
و يقول عدو أخر للإسلام ثلاث ما دامت عند المسلمين فلن تستطيعوا إخراجهم من دينهم ؛ القرآن في صدورهم والمنبر يوم الجمعة والكعبة التي يرتادها الملايين من المسلمين فإذا قضي على هذه قضي على الإسلام والمسلمين.
فاحذر أن تكون عونا لأعداء دينك .. , أو سببا في هزيمة أمتك ..
يقول الله عز وجل على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان يقول [ابن عباس] ـ رضى الله عنهما ـ مَن لم يختم القرآن في شهر فقد هجره .
و هَجْرِ القرآن على أَدْرُبْ
مِن الناس مَن يهجر العمل به و تلك والله هي الطامة و منهم من يهجر تلاوته فيقدم صحف البشر و مؤلفات البشر على كلام رب البشر يسهر على المذكرات يعللها ويلخص فوائدها وليس بها فوائد لكن كتاب الله يشكوه إلى الله كتاب الله يشكونا ، هجرناه وأهملناه وضيعناه وخالفنا أوامره و نواهيه ..
عميٌ عن الذكر والآيات تندبنا
لو كلم الذكر جلمودا لأحياه(1/14)
يقول شيخ الإسلام [ابن تيمية] رحمه الله من اعتقد أنه سيهتدي بهدى غير هدى الله فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ويقول جل ذكره {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد والمعني ما بهم لا يتدبرون ما فيه من العظات ما بهم لا يعيشون مع الآيات البينات والجواب رانَ على قلوبهم فأقفلت فلا تسمع وأوصدت فلا تنتفع ولو أنها تدبرت لفهمت كلام ربها فاهتدت بهدى باريها ويقول تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء والاختلاف الكثير تجده في الكتب غير كتاب الله عز وجل أما كتابه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (42) سورة فصلت
حالهم مع القرآن
أيها الحبيب
قال الله تعالى } لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }
فما حال قلبك عند سماع القرآن ؟؟
الجبل يتصدع وأنت لا تهتز ولا تخشع ؟؟
عجبا لك ما أقسى قلبك ..
هذا ابن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ يسمع قوله تعالى ..
{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِع ٌ (7) مَا لَهُ مِن دَافِعٍ (8) } سورة الطور
فيعاد شهرا لا يدري الناس ما مرضه..
وأبو بكر ـ رضى الله عنه ـ يبكي حين يتلو بكاء شديدا من خشية ربه حتى لا يفهم من يسمعه شيئا من شدة بكائه ...
رضي الله عنهم أجمعين(1/15)
وهذا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - قد كان يحب سماع القرآن كيف لا وهو كلام الله عز وجل ولذلك يقول لـ[ابن مسعود] كما في الصحيحين : " يا عبد الله اقرأ علىّ القرآن فيخجل عبد الله ويستحي من شيخه صلى الله عليه وسلم ويقول كيف أقرأ القرآن عليك وعليك أنزل ، قال : اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري قال : فاندفعت أقرأ في سورة النساء فلما بلغت قول الله {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} (41) سورة النساء قال حسبك حسبك ، فنظرت فإذا عيناه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تذرفان" تأثر من كلام الله الذي يقود النفوس إلى باريها وتذكر ذاك اليوم الذي يكون فيه شهيدا على العالمين
ويخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أظلم الليل يمر ببيوت الأنصار يستمع لحالهم في الليل يوم كانت بيوتهم حية بكتاب الله ، يوم ما ماتت بالأغاني والتمثيليات والمسلسلات والأفلام ، يوم كان ليلهم تعبداً هم فيه سجداً يمر ببيت [أبي موسى] فينصت لأبي موسى وهو يقرأ القرآن فلما جاء اليوم الثاني" قال يا أبا موسى لو رأيتني البارحة و أنا أستمع لك لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود فيقول يا رسول الله أإنك كنت تستمع لي البارحة ، قال إي والذي نفسي بيده . وفى بعض الروايات أنه استمع ـ صلى الله عليه وسلم ـ له من صلاة العشاء حتى صلاة الفجر يقول [أبو موسى] يا رسول الله والذي نفسي بيدي لو أعلم أنك تستمع لي لَحَبَّرْتُهَ لك تَحْبِيِراً أي جودته وحسنته تحسيناً فانظروا كيف كان صلى الله عليه وسلم يعيش مع القرآن وللقرآن ، و كيف كان صحابته رضوان الله عليهم..
و عثمان ـ رضى الله عنه ـ كان ينشر المصحف من بعد الفجر إلى صلاة الظهر يقرأ ودموعه تنهمر على كتاب الله فيقول له الناس لو خففت عن نفسك قال أما والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن , وقد قتل والمصحف في حجره .
ونحن أيها الأحبة ما حالنا مع القرآن ؟؟(1/16)
إن أحدنا يسمع كلام الله فما يتأثر ولا يخشع ..
وبعضنا يهم بمعصية فيسمع آيات الله تتلى فلا يرعوي ولا يرجع.
ليتَ شِعْرِي ما الَّذِي أطْلقهُمْ
ما لنا نحنُ عَجِبنَا واغْتَرَرْنَا
لو تبعنا الهدى آثارهم
مِنْ عُقَالٍ وبقينًا أُسَرَاء
أوَ لسْنَا كُلُنَا طينًا ومَاء
لانطلقنا وسمونا للعلاء
فهلا امتثلنا وطهرنا قلوبنا ...
بعض فضائل القرآن
أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله و طرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا و لن تضلوا بعده أبدا .
صحيح ) انظر حديث رقم : 34 في صحيح الجامع
1- الخيرية لأهله: للحديث: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))
2- الرفعة لقارئه: للحديث: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها))
3- الشفاعة لصاحبه: للحديث: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 1165 في صحيح الجامع .
اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه أما إني لا أقول { ألم } حرف و لكن ألف عشر و لام عشر و ميم عشر فتلك ثلاثون .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 1164 في صحيح الجامع .
4- الأجر العظيم لقارئه: للحديث: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها لا أقول : { ألم } حرف و لكن : ألف حرف و لام حرف و ميم حرف .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6469 في صحيح الجامع .
5- خيرية وفضائل لا تنتهي: للحديث: ((إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، والنور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته))(1/17)
6- حضور الملائكة للاستماع: للحديث: ((أن أسيد بن حضير بينما هو في مربده يقرأ إذ جالت (اضطربت) فرسه، فقرأ فجالت فرسه قال: فانصرفت وكان يحي (ابنه) قريبا منها. قال: خشيت أن تطأ عليه (أي تمشي عليه الفرس) فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج (المصابيح) عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال : تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم)).
7- فرار الشيطان من البيوت العامرة بالقرآن: للحديث: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ))
8 - الكرامة في الآخرة : يجيء القرآن يوم القيامة فيقول : يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول : يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول : يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقول : اقرأ و ارق و يزاد بكل آية حسنة .
( حسن ) انظر حديث رقم : 8030 في صحيح الجامع .
9- وفي القرآن سور لها ميزة كالفاتحة لقول النبي لأبي سعيد بن المعلى: ((لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني))، (الفاتحة سميت بالمثاني لأنها تثني في كل صلاة) ((أفضل القرآن { الحمد لله رب العالمين } ))
وكذا البقرة وآل عمران للحديث: ((اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة غمامتان تحاجان عن أصحابهما))(1/18)
وآية الكرسي: للحديث: ((سورة البقرة فيها آية سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت وفيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي)) ، والكهف في يوم الجمعة، للحديث: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)) وتبارك، للحديث: ((إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك)) ، ((وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن)). والمعوذتان: ((قل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق، للحديث: تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما))، و يس للحديث: ((قلب القرآن يس لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له اقرؤوها على موتاكم))
كيف تختم القرآن الكريم كل شهر؟
من المعلوم أن اليوم فيه خمس صلوات وهي " الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء" لذلك فإنه من الممكن قبل كل صلاة أو بعدها قراءة صفحتين من القرآن الكريم أي بمقدار (أربعة أوجه فيكون المجموع عشرة أوراق "
بهذا تكون قد قرأت ما يقارب عشرين وجها وهو الجزء الكامل من القرآن الكريم , وبهذه الطريقة سوف تختم القرآن الكريم كل شهر بسهولة تامة.
وبما أن بعض الأشهر تكون "29" يوما يمكن تعويض اليوم الثلاثين الناقص بقراءة ورقتين ونصف أي " خمسة أوجه" كل يوم جمعة زيادة على قراءة الصفحتين أو الورقتين التي تعادل " العشر الأوراق " في نفس اليوم كما ذكرنا سابقا وحيث إن الشهر فيه أربع جمع فكل جمعة تقرأ فيها الورقتين والنصف فيصبح مجموع الأوراق في جميع الجُمع عشرة أوراق أي عشرون وجها باعتبار أنه الجزء الأخير وبذلك نختم القرآن الكريم خلال شهر بكل يسر وسهولة .
كيف نتدبر القرآن ؟؟
لا بد أن تكون هناك خطوات عملية من أجل أن نصل إلى العتبة الدنيا التي نفهم بها عن رب العالمين سبحانه وهذه بعون الله بعض النقاط :
1- الاهتمام باللغة العربية: فالقرآن الكريم نزل باللغة والعربية بل يمكن أن نقول إن اللغة العربية هي الوعاء الذي اختاره الله لتستوعب القرآن الكريم(1/19)
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) سورة يوسف
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا } (37) سورة الرعد
ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه يقول " العربية من الدين "
فلذلك أول خطوة في طريق تصحيح علاقتنا مع القرآن الكريم هو بعض الاهتمام بهذه اللغة
فمن يريد أ يتعامل مع القرآن الكريم فلا بد أن يتجاوب مع لغته
2- كثرة التساؤلات في القرآن : قالوا قديما العلم خزائن ومفتاحه السؤال وأي علم أوسع وأغزر من القرآن الكريم فإضفاء التساؤلات المختلفة على القرآن الكريم يعطينا فهما أوسع للقرآن وامتدادا زمانيا ومكانيا له
فمثلا لماذا جاءت هذه السورة قبل تلك ولماذا قدم الجملة هذه على تلك
إن هذه التساؤلات وغيرها تجعل القرآن الكريم يفتح لنا أسراره الكامنة وتجعلنا نستنطق كثيرا من الآيات لم تستنطق بعد
3- العمل تحت قول المفسرين العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب : وهي قاعدة مهمة حيث أن ما كان سببا في نزول بعض آيات القرآن الكريم لا يقتصر على الحادثة فقط إنما تقاس عليها كل الحوادث المشابهة فأسباب النزول هي وسائل ايضاحية وليست وعاءا حصريا فما نزل في الوليد بن المغيرة يقاس عليه كل من يتصف بصفاته وما نزل بأبي لهب يقاس عليه كل من يتصف بالصفات ذاتها
4- الاهتمام بالصحيح من تفسير القرآن الكريم : ذلك أن النبي عليه السلام هو الناقل عن الله وهو المبين للقرآن الكريم
5- عدم أسر أنفسنا بالإسرائيليات التي وردت في التفاسير السابقة لأنها تشكل عقبة في فهم القرآن وتخرجنا عن مقاصده العامة بالإضافة إلى المخالفات الشرعية الموجودة فيها
من آداب تلاوة القرآن
و لتلاوة القرآن آداب نقف عندها وقفات قصيرة عل الله أن ينفع بها
* أولها بل جماعها أن من قرأ رياء أو سمعة كبه الله على وجه في النار.(1/20)
في الصحيح أنه صلي الله عليه وسلم قال "يؤتي بحامل القرآن رياء فيقول الله له ماذا عملت قال تعلمت فيك القرآن وعلمته قال كذبت وإنما تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ فقد قيل ثم يُأْمَرُ به فيسحب على وجهه حتى يلقي في النار" فلا إله إلا الله لا يُقْرَأ القرآن إلا لوجه الله فأخلص النية في قراءته تؤجر وتثاب وتكون مع السفرة الكرام البررة و يشفع لكم يوم القيامة فيقول القرآن : رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفع فيه القرآن
* ومن آداب التلاوة أن يقرأ على طهارة لأن ذلك من تعظيم كلام الله عز وجل
* فإذا تتطهر العبد فليرتل وليتدبر القرآن
* ولا يقرأه في أماكن مستقذرة أو في جمع لا ينصت فيه له لأن قراءته في مثل ذلك إهانة له والقرآن منزه عن ذلك لأنه كلام الله
* وليستعذ القارئ بالله من الشيطان الرجيم عند القراءة {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (98) سورة النحل
* ولتحضر قلبك عند تلاوة القرآن ولتعلم أن الذي أنزل القرآن هو الذي خلق الأنس والجان فامتثل أمره واجتنب نهيه
* و لا ترفع صوتك إن كان حولك من يصلي أو يتلو فتشوش عليهم و هذا ما يقع فيه البعض و هو من علامة الجهل و عدم الفقه في الدين يأتي أحدهم ليقرأ فيرفع صوته ليشوش على المصلي في صلاته وعلى التالي في تلاوته وعلى الذاكر في ذكره وكأن ليس في المسجد سواه ،إَلاَ إن كان بجانبك من يستمع منك فلا بأس أن تسمعه وإن كان بجانبك مصلي فإياك أن ترفع صوتك لأَلاَّ تُشَوِّشْ عليه واسمع للمصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم يخرج على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فيقول "كلكم ينادي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض لا يؤذي بعضكم بعضا" أو كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ و اسمع إلى [الإمام مالك] ـ عليه رحمة الله ـ يوم يقول أرى في من يرفع صوته ويشوش على المصلين أن يُضْرَْب ويُخْرَج من المسجد(1/21)
* ومن آداب التلاوة أن يكون للعبد المسلم حزب من القرآن فأكثر لا يَفْتُرْ عنه يومياً لو تغير كل شيء في الكون ما تغير عن حزبه فهو علامة الإيمان ألا فليكن لكل واحد منا في كل يوم حزب لا يتركه أبداً لتعظم الصلة بالقرآن و لرب القرآن و الإنس و الجان
* و مِن آدابه أن يُعَلَّم الناس ما تعلمناه منه و حظنا من تعليمه الأجر و المثوبة و نبدأ بتعليم أبنائنا وبناتنا و إخواننا و أمهاتنا و آبائنا فهم رعايانا نحن عنهم مسئولون وأمام الله محاسبون "و ما من راع استرعاه الله رعية فبات غاشاً لهم إلا حرم الله عليه رائحة الجنة" و من أعظم الغشَّ ألا تعلم من استرعاك الله عليه القرآن
* ويا من حمل القرآن إياك إياك أن تخالف أمره فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول فاسمع "يُمَثَّلُ القرآن يوم القيامة رجلا فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره فيُمَثَّل له خَصْما و من لا يُخاصِمُ القرآن فيقول القرآن يا رب حَمَّلْتَه إياي فبئس الحامل تعدى حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي فما يزال يخلف عليه بالحُجَجِ حتى يقال شأنك به فيأخذه بيده فما يرسله حتى يكبه على وجهه في النار" نعوذ بالله من النار يا أمة القرآن في شهر القرآن قفوا عند أحكام القرآن و اتلوه في كل حين وآن فهو شافع مشفع مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار و بئس القرار .
* يا حامل القرآن : إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها و إن أطلقها ذهبت .
خاتمة رجل من أهل القرآن(1/22)
كنت في غرفة الإنعاش عند ما جاء إلىّ أحد الشباب مسرعاً ... قال : يا دكتور خالد جزاك الله خيراً الوالد يحتضر... تعال لتلقينه الشهادة ... فقلت : لعلكم أحرص مني على أبيكم ... وأنتم أكثر عاطفة فاجتهدوا بارك الله فيكم... فأصرّ علىّ أن أذهب معه وأخبرني أن هذه رغبة إخوانه جميعاً فأجبته إلى طلبه وذهبت معه فماذا رأيت ؟! رجل قد تعطلت جميع أعضائه تقريباً... فقلبه ضعيف والرئة قد توقفت ... والدماغ كذلك متوقف... وهو يحتضر... كان ضغطة العالي من ثلاثين إلى أربعين ونبضه من عشرين إلى ثلاثين فقلت : فلان ... قل أشهد أن لا إله إلا الله...
فحرك إصبعه ولسانه بالشهادة... والعجيب حقاً...أن ضغطه أرتفع وهو يتشهد حتى وصل إلى 130 /140 ونبضه كذلك وصل إلى 100 /110 . حتى أن الممرضة صعقت ودهشت وتعجبت مما حصل فكنت ولا زلت أذكرّها بهذا الموقف وأقول لها إنه حجة عليك... وعليك أن تدخلي في هذا الإسلام
ثم الّتفت إلى أبناءه الصالحين الذين كانوا خير مثال لبر الأبناء مع أبيهم وحرصهم وتناوبهم عليه ... فقد كانوا يتناوبون عليه ليل نهار وقد قسموا يومهم إلى ستة أقسام على عددهم _ وفقهم الله وأصلح حال الأبناء _ قلت لهم : لعلكم تقرأون عليه شيئاً من القرآن ففعلوا جزاهم الله خيراً ... وبقى الأب على هذه الحال ثلاثة أيام وضغطة من 130 إلى 140 وهم مستمرون على قراءة القرآن ليلاً ونهاراً ...
ثم توفى رحمه الله ...فسألت أبناءه هل كان صاحب قراءة للقرآن ؟! فقالوا لقد كان رحمه الله يختم القرآن أسبوعياً وأحياناً يختم في الأسبوع أكثر من مرة... فرحمه الله وجمعنا به في دار كرامته...قال أبو مصعب _ أحسن الله خاتمته ووالديه والمسلمين _ ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال
(أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2528 في صحيح الجامع .
أخيرا يا أخي أذكرك ...
إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً(1/23)
يرفع الله به من اتبعوه وتدبروه ويضع من أعرضوا عنه فلم يقرءوه ولم يتدبروه ولم يعملوا به
قال [عمر بن الخطاب] رضي الله عنه لأحد ولاته على <مكة> وقد ترك <مكة> ولقيه في الطريق : كيف تركت <مكة> وأتيتني قال : وليت عليها فلاناً يا أمير المؤمنين قال و من هو ذا قال مولى لنا وعبد من عبيدنا قال [عمر] ثكلتك أمك تولى على <مكة> مولى قال يا أمير المؤمنين إنه حافظ لكتاب الله عالم بالفرائض فدمعت عينا عمر وقال صدق رسول الله "إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شيء و عليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام و عليك بذكر الله تعالى و تلاوة القرآن فإنه روحك في السماء و ذكرك في الأرض
( حسن ) انظر حديث رقم : 2543 في صحيح الجامع .
القرآن القرآن
جعله الله لكم مخرجاً من كل فتنة ، ونجاة من كل بلية، جعله لكم هدى ونوراً ورحمة وشفاءً وبركة ، جعله خيراً محضاً . فتلاوته واستماعه طاعة لله ، والعمل له والدعوة إليه طاعة لله لا سلامة لكم ولا نجاة ،إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالقرآن الكريم قولاً وعملاً واعتقاداً ، بالعمل بمحكمه والإيمان بمتشابهه، والتصديق باخباره ، فهو حبل الله القائم بينكم وبينه إن تمسكتم به وصلتم إلى الله ، وإن أفلتموه انقطعتم عن الله .
من قرأه بارك الله في عمره و بارك في ولده و بارك في ماله و من أعرض عنه محق الله عمره و أزال هيبته و أفنى كابره و صاغره و جعل معيشته ضنكا و حشر يوم القيامة أعمى ولذلك كان عليه الصلاة والسلام ينادي الناس جميعاً لقراءة القرآن والتلذذ بتلاوته و ألا يهجروه .
فلو داواك كل طبيب داءٍ
بغير كلام ربي ما شفاك
يا أخي إن تعاهدت كتاب الله كل يوم بالقراءة
فهل يشغلك هذا عن شئ؟؟
هل يعطلك عن عملك؟؟(1/24)
لا والله ..ولكنها همتك الدنية..وزين الشيطان لك البلية فرأيت أن التكاسل عن كتاب الله يمنحك وقت فراغ تعمل فيه ما تشاء
فاليوم لا يحتمل كل هذا الذكر والتلاوة والصلاة والقراءة و..و..و
ولقد كذبك وغرر بك ...وان أطعته وفرطت في طاعة تلاها بأخرى وأخرى وأخرى حتى يصل بك إلى التفريط في الفرائض
يا أخي
القرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها .
ألا تعلم أن القرآن يأتيك شفيعا يوم القيامة؟؟
يوم يرى كل إنسان عمله أمامه
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7) سورة الزلزلة
ألا تعلم أن الحرف بحسنة والحسنة بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء؟؟
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه أما إني لا أقول { ألم } حرف و لكن ألف عشر و لام عشر و ميم عشر فتلك ثلاثون .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 1164 في صحيح الجامع .
تذكر ...
الوقت بيد الله إن استخدمته في الطاعة بارك الله في وقتك وأطاله وإلا أضاع منك يومك دون أن تدري كما يحدث لك الآن..
فابدأ يا أخي بتهذيب نفسك وإحياء قلبك
وتذكر يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون
{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89) سورة الشعراء
ذكرى
{حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}
يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب .
قال الحسن البصري: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسرة ....
كان جالسا بين أبنائه يداعب هذا ويلاعب ذاك .... يمزح مع أحدهم ويعد الآخر بلعبة طلبها منه , فجأة ضاقت أنفاسه وبدأ يختنق ...(1/25)
يشعر وكأن السماء انطبقت على الأرض وهو بينهما ...
اختفى هذا المشهد من حوله , أحاطت به وجوه ليست بوجوه إنس ولا بوجوه جان , ثم سمع من يناديه
أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى نار ونيران ورب منتقم غضبان ..
يفرق من الفزع , يتذكر ...
سنوات عمره التي مرت عليه بدون أن يسجد فيها لله سجدة ..
يتذكر ...
أمواله التي كنزها ولم يخرج حقها...
يتذكر ...
زوجته التي لم يأمرها بالحجاب
يتذكر ..
أبناؤه الذين لبى لهم كل مطالبهم ووفر لهم كل سبل الراحة
ولم يهتم بتعليمهم حرف من كتاب الله
يتذكر غدراته ...
و يتذكر فجراته ...
يتذكر إعراضه و إهماله ..
ثم ينادي
رَبِّ ارْجِعُونِ
رَبِّ ارْجِعُونِ
رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا
فيجاب
كلا
أين أنت قبل ذلك؟!.
آلآن تراجع حسابك، آلآن تتوب، آلآن تكف عن المعاصي، يا مدبراً عن المساجد ما عرفت الصلاة، يا معرضاً عن القرآن، يا منتهكاً لحدود الله، يا ناشئاً في معاصي الله، يا مقتحماً لأسوار حرسها الله، آلآن تتوب، أين أنت قبل ذلك؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي إخواني لمثل هذا فأعدوا
لقد رحل إلى القبور الأصحاب والأحباب , وسكنها العزيز والذليل , والثري والفقير ,
والله لقد تركوا المال والوطن وندموا على التفريط في الأعمال ...
وستندمون ..
وتأسفوا على أيام الإهمال
وستتأسفون ,
وشاهدوا مالهم عند المنون
وستشهدون
فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} (19) سورة ق
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدباء محمول
يا هذا أما سمعت نداء النعش ؟؟
أنظر إلي بعقلك
أنا سرير المنايا
أنا المعد لحملك
كم سار مثلي بمثلك(1/26)
فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف
قل للمفرط يستعد
قد أخلق الدهر الشباب
أو ما يخاف أخو المعاصي
يوماً يعاين موقفاً
فإلام يشتغل الفتى
أبداً مواعيد الزمان
يا من يؤمل أن يقيم
وتروح داعية المنون
يختال في ثوب النعيم
والعمر يقصرُ كل يوم
ما من ورود الموت بدُ
وما مضى لا يُستردُ
من له البطشُ الأشدُ
فيه خطوب لا تجد
في لهوه والأمر جدُ
لأهله تعب وكد
به وحادي الموت يحدو
على مؤملها وتغدو
ودونه قبر ولحد
ثم في الآمال مدُ
و إني سائلك يا أخي ....
أترضى أن يكون هذا حالك ؟؟؟
أترضى أن يناديك ملك الموت بالنفس الخبيثة ؟؟
أترضى أن تلاقي ربك وهو عليك غضبان ؟؟
أترضى بأن يكون آخر عهدك بالدنيا وأول عهدك بالآخرة هو البشرى بالنار والعذاب ؟؟؟
أترضى أن تلاقي أخراك بصحيفة سوداء لا خير فيها ؟؟
إن كنت لا ترضى كل هذا ..
فلماذا التمادي في المعاصي ولماذا التفريط في الطاعات ؟؟
أما والله لو علم الأنام
لقد خلقوا لما لو أبصرته
ممات ثم قبر ثم حشر
ليوم الحشر قد عملت أناس
ونحن إذا أمرنا أو نهينا
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
وتوبيخ وأهوال عظام
فصلوا من مخافته وصاموا
كأهل الكهف أيقاظ نيام
يا أخي تذكر ...
الموت ....
يا هذا ..
إلى متى تؤمل الخلود ؟؟؟؟
أنظر وتبصر ...
هل ترى حولك أحدا من الأنبياء أو المرسلين ؟؟
هل ترى خير الرسل محمدا - صلى الله عليه وسلم - الآن ؟؟
هل ترى أحدا من أصحابه ؟؟؟
أما ماتوا و هيل عليهم التراب وهم خير الناس ؟؟
ثم أعد الكرة وأنظر ....
أين فرعون وهامان ؟؟ أين شداد و ساسان ؟؟ أين النمروذ ؟؟؟ أين عاد وثمود ؟؟؟(1/27)
أين الملوك، أين الوزراء، أين الأمراء، أين الرؤساء، أين الخلفاء؟ أين الذين ذهبوا، أين الذين ملكوا،أين الذين نالوا، أين الذين جمعوا ؟ أين الأثرياء؟ أين الكبراء؟
لقد ودعوهم وودعناهم في حفرةٍ لا فراشَ فيها ولا خادم فيها، ولا مائدة عندها، ولا باب إليها، ولا نورَ يضيئها، ولا هواء يهويها.
لا شيء فيها إلا خرقة بيضاء يحسدُك الدودُ عليها فينتزعُها من جسمك ولا يتركها لك.
حتى كفنُك ينازعُك الدودُ فيه فيقرضه منك خيطاً خيطاً، وشعرةً شعرة ينتزعه من جسدك.
الأعين التي التذت بالحرام سالت على الوجنات , والأقدام التي سعت في الحرام دفنتها الرمال , والأيدي التي بطشت وسرقت قطعت من مفاصلها , والوجوه الناضرة والشعور الساحرة والقوام الأهيف كل هذه غزاها الدود و علاها ..
لعمرك لو كشفت الترب عنهم *** فما تدري الغني من الفقير
ولا الجلد المباشر ثوب صوف *** من الجلد المباشر للحرير
إذا أكل الثرى هذا وهذا *** فما فضل الغني على الفقير؟
قال ابن زياد لعمر بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين، رأيناك وأنت والي مكة، قبل أن تتولى الملك، في نعمة وفي صحة وفي عافية، فمالك تغيّرت، فبكى حتى كادت أضلاعه تختلف، ثم قال: كيف يا ابن زياد، لو رأيتني في القبر بعد ثلاثة أيام، يوم أجرد عن الثياب، وأتوسد التراب، وأفارق الأحباب، وأترك الأصحاب، كيف لو رأيتني بعد ثلاث.. والله لرأيت منظراً يسوءك، فنسأل الله حسن العمل.
فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى ؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة ؟!
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } (57) سورة العنكبوت {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} سورة الرحمن { َ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (88) سورة القصص
تذكر القبر ...
وكلامه(1/28)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟))
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا
والناس حولك يضحكون سروراً
في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
تذكر القبر ...
وضمته
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))
تذكر القبر ...
وفتنته
اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا.
فإن منّ اللهُ عليك وكنتَ من الصالحينَ تُفتح لك أبوابُ الجنةِ ويضاءُ لك القبرُ وتأنس بعملِك الصالحَ وتبقى زاهياً متغنياً تقولُ: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة.
وإن كنت من أهلِ الشقاءِ، من أهل الضياع، من الذين ضاعت أموالُهم في الربا، وتركوا المساجدَ وغفلوا عن الجماعات، وضيعوا حقوقَ الله وضيعوا محارمَ الله في كل سفرٍ، وفي كل ذهابٍ وإياب لا يرعون حرماتِ الله، يواقعون الفواحش لا يبالون.
فإنك لا تجني من الشوك العنب، وكل سيلقى عمله أمامه.
يا غافلاً عن العمل
الموتُ يأتي بغتةً
وغرَه طولُ الأمل
والقبرُ صندوق العمل(1/29)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و يخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين و أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله فيقولان له : و ما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به و صدقت فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة و ألبسوه من الجنة و افتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و يفسح له في قبره مد بصره و يأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول : أنا عملك الصالح فيقول : رب أقم الساعة رب أقم الساعة ؟ حتى أرجع إلى أهلي و مالي ; و إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء(1/30)
ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله و غضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح و يخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ ! فيقولون : فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ : { لا تفتح لهم أبواب السماء } فيقول الله عز و جل : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ; و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي فأفرشوه من النار و افتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول : من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول : رب لا تقم الساعة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 1676 في صحيح الجامع .
والله لو عاش الفتى في عمره
متنعماً فيها بكل لذيذة
لا يعتريه الهم طول حياته
ما كان ذلك كله في أن يفي
ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلذذاً فيها بسكنى قصره
كلا ولا ترد الهموم بصدره
فيها بأول ليلةٍ في قبره
فإلى كم تماطل بالعمل، و تطمع في بلوغ الأمل، وتغترّ بفسحة المهل، ولا تذكر هجوم الأجل؟ ما ولدت فللتراب، وما بنيت فللخراب، وما جمعت فللذهاب، وما عملت ففي كتب مدّخر ليوم الحساب.
ولو أننا إذا متنا تركنا (1/31)
ولكنّا إذا متنا بعثنا
لكان الموت راحة كل حيّ
ونسأل بعدها عن كل شيء
يا أخي تذكر ...
إنك مقبل على موقف من شدة هوله يشيب الوليد , مقبل على رب رآك وأنت على معاصيه عنيد , وكتاب به أعمالك أحصيت عليك , وستشهد جوارحك والحفظة عليك , يوم تطاير الصحف وفضح الأسرار , فآخذ باليمين وآخذ باليسار , يوم يفضي الخلائق إلى ما قدموه , يوم تبيض وجوه وتسود وجوه , يوم يفوز المتقون بالنعيم , و يكب المجرمون في دركات الجحيم ..
فماذا أعددت لهذا اليوم ؟؟؟
أتخطب الحور لم تهد الصَدَاق لها
أم تشترى الخلد بالمغشوش من عملٍ
ولم تقدم لها عقدًا ولا قِرْطًا
وسلعة الله لا تُشرى بما خُلِطَا
فاز، والله، المخفون من الأوزار، وسلم المتقون من عذاب النار، وأنت مقيم على كسب الجرائم والأوزار.
قال يحيى بن معاذ رضي الله عنه : من أعظم الاغترار عندي : التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة ، وتوقع القُرب من الله تعالى بغير طاعة ، وانتظار زرع الجنة ببذر النار ، وطلب دار المطيعين بالمعاصي ، وانتظار الجزاء بغير عمل ، والتمني على الله عز وجل مع الإفراط . ومن أحب الجنة انقطع عن الشهوات ، ومن خاف النار انصرف عن السيئات .
يا معرضا عن عرضه وحسابه
متعللا بعياله وبماله
متناسيا لمماته وضريحه
القول قول مصدق والفعل
من قال قولا ثم خالف قوله
لا يستعد ليوم نشر كتابه
متلهيا في أهله وصحابه
ونشوره ووقفه ومآبه
فعل مكذب بثوابه وعقابه
بفعاله ففعاله أولى به
فيا من يسير بعمره وقد تعدّى الحدود، ابك على معصيتك فلعلك مطرود. يا من عمره ينتهب وليس الماضي يعود، كم أعذار؟ كم كسل؟ كم غفلة؟ ما أجدك يوم الحساب معذور. بيت وصلك خراب، وبيت هجرك معمور.
ذهب العمر وفات
ومضى وقتك في
يا أسير الشهوات
لهو و سهو وسبات
فاتق الله ....
فكم أمهلك فتماديت
وكم ناداك فأعرضت
وكم بصّرك فاستحببت العمى
كل هذا وهو الغني عنك وعن العالمين وأنت الفقير إليه(1/32)
إن جسدك لا يقوى على النار .....
ومع ذلك تسعى إليها وكأن بينك وبينها رحما ..
تطلب من الدنيا ما لا تدركه، وتتقي من الآخرة ما لا تملكه، لا أنت بما قسم الله من الرزق واثق، ولا أنت بما أمرك به لاحق.
قال الإمام بن القيم : لعن إبليس وأهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أمر بها, وأخرج آدم من الجنة بلقمة تناولها, وحجب القاتل بعد أن رآها عيانا بملء كف من دم, وأمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحل, وأمر بايساع الظهر سياطا بكلمة قذف أو بقطرة من مسكر, وأبان عضوا من أعضائك بثلاثة دراهم (قطع يد السارق إذا سرق ما مقداره ثلاثة دراهم), فلا تأمنه أن يحبسك في النار بمعصية واحدة من معاصيك: {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} (15) سورة الشمس
فويل لمن كان له الويل وهو لا يشعر!!
لاه بدنياه والأيام تنعاه
يلهو ولو كان يدري ما أعد له
أو ما جنت يده لو كنت تعرفه
والقبر غايته واللحد مثواه
إذا لأحزنه ما كان ألهاه
ويلاه مما جنت كفاه ويلاه
يا أخي تصور نفسك
وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك: أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك وجميع جوارحك من شدة الخوف، قد تغير لونك، ويحل بك من الهم والغم والقلق ما الله به عليم.
وتصور وقوفك بين يدي بديع السماوات والأرض، وقلبك مملوء من الرعب، وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل. قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخلك الخجل والحياء من الله الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساتراً . فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فلعلك وعظيم جرمك؟ وبأي قدم تقف غدا بين يديه؟ وبأي طرف تنظر إليه؟ وبأي قلب تحتمل كلامه العظيم الجليل، ومسائلته وتوبيخه؟
وكيف بك إذا ذكرّك مخالفتك له، وركوبك معاصيه، وقلة اهتمامك بنهيه ونظره إليك، وقلة اكتراثك في الدنيا بطاعته؟!
يا حسرة العاصيين يوم معادهم (1/33)
لو لم يكن إلا الحياء من الذي
ولو أنهم سيقوا إلى الجنات
ستر الذنوب لأكثروا الحسرات
ماذا تقول إذا قال لك: يا عبدي، ما أجللتني، أما استحييت مني؟! استخففت بنظري إليك؟! ألم أحسن إليك؟! ألم أنعم عليك؟! ما غرك بي؟
آهٍ من تأوهٍ حينئذ لا ينفع ومن عيون
صارت كالعيون مما تدمع
يا كثير السيئات ..
غداً ترى عملك، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك؟ أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك؟ واعجبا لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك!! أين فطنتك ويقظتك وتدبير عقلك؟ أما بارزت بالقبيح فأين الحزن؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن؟ ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن، وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن.
يا أخي .. ألا تحذر من ..
سوء الخاتمة
الخاتمة السيئة هي أن تكون وفاة الإنسان وهو معرض عن ربه جل وعلا، مقيم على ما يسخطه سبحانه، مضيع لما أوجبه الله عليه ولا ريب أن تلك نهاية بئيسة ، طالما خافها المتقون، وتضرعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنبهم إياها.
ومن أسباب سوء الخاتمة أن يصر العبد على المعاصي ويألفها، فإن الإنسان إذا ألف شيئاً مدة حياته وأحبه وتعلق به، فالغالب أنه يموت عليه.
قال ابن كثير رحمه الله: (إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت).
يقول ابن القيم رحمه الله: وسوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه.
إنما تكون لمن له فساد في العقيدة، أو إصرار على الكبيرة ، أو إقدام على العظائم ، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل عليه الموت قبل التوبة، فيأخذه قبل إصلاح الطوية ويصطدم قبل الإنابة والعياذ بالله.
ومن مات على شيء بعث عليه ...
صور من سوء الخاتمة
قيل لبعضهم قل لا إله إلا الله فقال كلما أردت أن أقولها فلساني يمسك عنها.(1/34)
أن رجلا ذهب إلى أحد البلاد المعروفة بالفساد، وهناك في شقته شرب الخمر أعزكم الله، قارورة ثم الثانية ثم الثالثة، هكذا حتى شعر بالغثيان، فذهب إلى دورة المياه ليتقيأ.
أتدري ماذا حدث له؟
مات في دورة المياه، ورأسه في المرحاض أعزكم الله.
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
ومنها أن شابا كان لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، وكان لا يصلي أضاع طريق الهداية، وعندما نزلت به سكرات الموت قيل له قل لا إله إلا الله، يا لها من لحظات حرجة، كربات وشدائد وأهوال.
أتدرون ماذا قال: أخذ يردد أنه كافر بها. نسأل الله حسن الخاتمة.
وهذا موقف آخر، قال أبو عبد الله:
لا أعرف كيف أروي قصتي التي عشتها قبل فترة والتي غيرت مجرى حياتي كلها، والحقيقة أنني لم أقرر الكشف عنها إلا من خلال إحساسي بالمسؤولية اتجاه الله عز وجل، ولتحذير بعض الشباب الذي يعصي ربه، وبعض الفتيات الآتي يسعين وراء وهم زائف أسمه الحب، يقول:
كنا ثلاثة من الأصدقاء يجمع بيننا الطيش والعبث، كلا بل أربعة فقد كان الشيطان رابعنا، فكنا نذهب لاصطياد الفتيات الساذجات بالكلام المعسول ونستدرجهن إلى المزارع البعيدة، وهناك يفاجئنا بأننا قد تحولنا إلى ذئاب لا ترحم، لا نرحم توسلاتهن بعد أن ماتت قلوبنا ومات فيها الإحساس.
هكذا كانت أيامنا وليالينا في المزارع وفي المخيمات والسيارات وعلى الشاطئ.
إلى أن جاء اليوم الذي لن أنساه، ذهبنا كالمعتاد للمزرعة، كان كل شيء جاهز الفريسة لكل واحد منا، الشراب الملعون، شيء واحد نسيناه الطعام.
وبعد قليل ذهب أحدنا لشراء طعام العشاء بسيارته، كانت الساعة السادسة تقريبا عندما أنطلق.
ومرت الساعات دون أن يعود، وفي العاشرة شعرت بالقلق عليه.(1/35)
فانطلقت بسيارتي أبحث عنه، وفي الطريق شاهدت بعض اللسنة النار تندلع على جانب الطريق، وعندما وصلت فوجئت بأنها سيارة صديقي، والنار تلتهمها وهي مقلوبة على حد جانبيها.
يقول أسرعت كالمجنون أحاول إخراجه من السيارة المشتعلة، وذهلت عندما وجدت نصف جسده قد تفحم تماما، لكنه كان ما يزال على قيد الحياة.
فنقلته إلى الأرض وبعدد دقيقة فتح عينيه وأخذ يهذي النار النار.
فقررت أن أحمله بسيارتي وأسرع إلى المستشفى.
لكنه قال لي بصوت باكي لا فائدة لن اصل، فخنقتني الدموع وأنا أرى صديقي يموت أمامي.
وفوجئت به يصرخ ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟
نظرت إليه بدهشة وسألته من هو ؟
قال بصوت كأنه قادم من بئر عميق، الله.
أحسست بالرعب يجتاح جسدي ومشاعري وفجأة أطلق صديقي صرخة مدوية ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
ومضت الأيام لكن صورة صديقي الراحل وهو يصرخ والنار تلتهمه: ماذا أقول له؟ ماذا أقول له ؟
وجدت نفسي أتسأل وأنا ماذا سأقول له ؟
وليتساءل كل محروم ماذا سيقول لله ؟
يقول ففاضت عيناي واعترتني رعشة غريبة، وفي نفس اللحظة سمعت المؤذن لصلاة الفجر ينادي:
الله أكبر، الله أكبر حي على الصلاة.
أحسست أنه نداء خاص بي يدعوني لأسدل الستار على فترة مظلمة من حياتي، يدعوني إلى طريق النور والهداية، فاغتسلت وتوضأت وطهرت جسدي من الرذيلة التي غرقت فيها لسنوات.
أديت الصلاة ومن يومها لم يفتني فرض واحد. انتهت من رسالة لطيفة بعنوان (للشباب فقط).
مشهد مريب في المغسلة(1/36)
في هذا اليوم الثلاثاء 20/3/1422هـ خرجت إلى مقر عملي صباحا قبل الساعة السابعة وعدت كالمعتاد قبل صلاة العصر بحوالي نصف ساعة ، ثم تناولت طعام الغداء سريعا وإذا بجرس الهاتف يدق ... وإذا به مسؤول مغسلة الموتى القريبة من المنزل يطلب مني مساعدته في تغسيل أحد الأموات للصلاة عليه بعد صلاة العصر ... لم يتبق على وقت الأذان إلا خمس دقائق ... استعنت بالله وسارعت إلى المغسلة ووصلت وقد شرع المؤذن بالأذان ...
هذه ليست أول مرة لي أشارك في تغسيل الأموات فقد شاركت في العديد قبلها .. ولكن الذي دعاني هذه المرة للكتابة هو ما رأيته بأم عيني من حال هذا الميت نسأل الله لنا ولكم حسن الختام ..
دخلت باب المغسلة وكانوا قد أنزلوا الميت من السيارة قبل وصولي وإذا برائحة قوية تفوح في المغسلة وكان الميت مغطى بالكامل لم يظهر من أي شيء ...
بدأنا بفك الغطاء عنه وذا بي أرى جسم الرجل يميل إلى البياض مع وجود صفرة خفيفة ...
وكانت هول المفاجأة عندما نظرت إلى وجهه ورأسه ... لقد رأيت وجها أسودا ومتجها إلى الجهة اليسرى ... حاولنا توجيه وجهه أثناء التغسيل وتعديل رقبته إلى الوضع الطبيعي أو إلى الجهة اليمنى ولكن دون جدوى فرقبته قد تصلبت ولا يمكن لأحد تحريكها ....
أتممنا تغسيلة وتكفينه ... ثم حملناه أنا ومعي ثلاثة رجال أشداء ،ووضعناه على النقالة لنذهب به إلى المسجد للصلاة عليه ...
حملناه على النقالة وكانت المسافة إلى المسجد حوالي 100 متر ، لقد كان وزنه ثقيلا لدرجة أن يدي كادت أن تتقطع وتألم ظهري من ذلك ...
حمدت الله أن تمكنت من توصيله معهم ...
وما أن وصلنا حتى سلم الإمام من صلاة العصر...
ثم صلوا عليه .. أما أنا فلم أتمكن من الصلاة عليه لهول ما رأيته منه ...
سألت أحد الذين حضروا من أصدقائه عنه فقال إنه طبيب باطنية وعمرة قرابة الخمسين عاما ...(1/37)
ثم سألته كيف مات هذا الرجل فقال لي جاءته ذبحة صدرية مفاجأة وهو في الحمام ليلة أمس وسقط ومات فورا داخل الحمام ... نسأل الله حسن الختام ... لم أستطع بعدها أن أسأل عن حاله مع الصلاة أو أشياء أخرى خشية أن يخرج مني كلاما يفضح أمره ،،، عدت إلى منزلي متأثر بما رأيت وأخذ العرق يتصبب من جسمي بغزارة والألم يعتصر قلبي لحال هذا الرجل ...
هذا المنظر جعلني أبدأ في إعادة حساباتي مع الله من جديد ... وأرجو من كل من قرأ هذه القصة مراجعة حساباته والعودة الصادقة إلى الله والبعد عن المعاصي فإنها سبب لسوء الخاتمة فقد تموت وأنت على معصية فتخسر الدنيا والآخرة ...
قال أحد الأطباء:
دخلت إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى ، ولفت انتباهي شاب في الخامسة والعشرين من عمره مصاب بمرض ( الإيدز ) .. حالته خطرة جداً ..
كلمته برفق فأجاب بكلمات غير مفهومة .. اتصلت بأهله .. فحضرت أمه ..
سألتها عن حال ابنها ..؟
فقالت : كان حاله على ما يرام ، حتى تعرف على تلك الفتاة ..
قلت : هل كان يصلي ؟
قالت : لا .. لكنه كان ينوي أن يتوب ويحج في آخر عمره ( !! ) ..
اقتربتُ من الفتى المسكين .. فإذا هو يعالج سكرات الموت ..
اقتربت من أذنه وقلت : لا إله إلا الله .. قل : لا إله إلا الله ..
بدأ يفيق وينظر إليّ .. المسكين يحاول بكلّ جوارحه .. الدموع تسيل من عينيه .. وجهه يتغير إلى السواد ..
وأنا أردد .. قل : لا إله إلا الله ..
بدأ يتكلم بصوت متقطع : آه .. آه .. ألم شديد .. آه .. أريد مسكناً للألم .. آه .. آه ..
بدأت أدافع عبراتي وأقول : قل : لا إله إلا الله ..
بدأ يحرك شفتيه بصعوبة .. فرحت .. سينطقها الآن .. لكنه قال :
لا أستطيع .. لا أستطيع .. أريد صديقتي .. لا أستطيع ..
الأم تنظر وتبكي .. النبض يتناقص .. يتلاشى .. لم أتمالك نفسي .. أخذت أبكي بحرقة ..
أمسكت بيده .. عاودت المحاولة : أرجوك قل لا إله إلا الله ..(1/38)
وهو يردد : .. لا أستطيع .. لا أستطيع .. ثم بدأ يشهق .. ويشهق ..
توقّف النبض .. انقلب وجه الفتى أسوداً .. ثم مات .. انهارت الأم .. وارتمت على صدره .. تصرخ .. وتصرخ ..
وأنى ينفعه صراخها .. أو حزنها ونحيبها ..
نعم ..
قد مضى الفتى إلى ربه .. لم تنفعه شهواته .. ولا ملذاته .. طالما اغتر بشبابه .. وجمال سيارته وثيابه .. ثم هو اليوم تجالسه في قبره أعماله .. وتحيط به أفعاله .. ما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ..
قارن حال هذا الشاب .. بذلك الشاب .. الذي بلغ من عمره ستة عشر عاماً .. كان في المسجد يتلو القرآن .. وينتظر إقامة صلاة الفجر ..
فلما أقيمت الصلاة .. رد المصحف إلى مكانه .. ثم نهض ليقف في الصف ..
فإذا به يقع على الأرض فجأة مغمى عليه ..
حمله بعض المصلين إلى المستشفى ..
فحدثني الدكتور الجبير الذي عاين حالته .. قال :
أُتي إلينا بهذا الشاب محمولاً كالجنازة .. فلما كشفت عليه فإذا هو مصاب بجلطة في القلب .. لو أصيب بها جمل لأردته ميتاً ..
نظرت إلى الشاب فإذا هو يصارع الموت .. ويودع أنفاس الحياة ..
سارعنا إلى نجدته .. وتنشيط قلبه ..
أوقفت عنده طبيب الإسعاف يراقب حالته .. وذهبت لإحضار بعض الأجهزة لمعالجته ..
فلما أقبلت إليه مسرعاً .. فإذا الشاب متعلق بيد طبيب الإسعاف ..
والطبيب قد الصق أذنه بفم الشاب .. والشاب يهمس في أذنه بكلمات.. فوقفت أنظر إليهما .. لحظات..
وفجأة أطلق الشاب يد الطبيب .. وحاول جاهداً أن يلتفت لجانبه الأيمن ..
ثم قال بلسان ثقيل : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. وأخذ يكررها .. ونبضه يتلاشى .. وضربات القلب تختفي.. ونحن نحاول إنقاذه.. ولكن قضاء الله كان أقوى.. ومات الشاب..
عندها انفجر طبيب الإسعاف باكياً.. حتى لم يستطع الوقوف على قدميه..
فعجبنا وقلنا له : يا فلان .. ما لك تبكي.. ليست هذه أول مرة ترى فيها ميتاً.. لكن الطبيب استمر في بكائه ونحيبه..(1/39)
فلما .. خف عنه البكاء سألناه : ماذا كان يقول لك الفتى ؟
فقال : لما رآك يا دكتور .. تذهب وتجيء .. وتأمر وتنهى.. علم أنك الطبيب المختص به .. فقال لي :
يا دكتور .. قل لصاحبك طبيب القلب.. لا يتعب نفسه.. لا يتعب.. أنا ميت لا محالة .. والله إني أرى مقعدي من الجنة الآن ..
الله أكبر ..
{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }
أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة والفوز بالجنة والنجاة من النار
يا أخي احذر أن يحبط عملك ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم و من جلدتكم و يأخذون من الليل كما تأخذون و لكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 5028 في صحيح الجامع .
إنهم أناس من بيننا ..
يصلون كما نصلي , بل يقومون الليل
إذا برزوا للناس فعباد زهاد ..
وإذا خلوا فهم كشيطان في الفساد..
أسروا المعاصي وتمادوا في العناد ...
{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى } (108) سورة النساء
فيا تائها بوادي الهوى، انزل ساعة بوادي الفكر، يخبرك بأن اللذة قصيرة، والعقاب طويل، واعجبا لمن يشتري شهوة ساعة، بالغم والنكد! كانت المعصية ساعة لا كانت، فكم ذلت بعدها النفس! وكم تصاعد لأجلها النفس! وكم جرى لتذكارها دمع! أعاذنا الله جميعا من الغفلة، ومن سوء المنقلب في المال والأهل والولد.
فهلا انتهيت ؟؟؟(1/40)
لعلي بك تسال ..
وما العمل ؟؟ وكيف النجاة وأين المفر ؟؟
كيف أترك ما أنا عليه وعليه تربيت وبين أحضانه نشأت ؟؟
والجواب ...
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ }
(50) سورة الذاريات
احمد الله أنك في فسحة من الوقت , فغيرك قد عوجل بالموت , وما أسعفه الوقت للتوبة , فأفضى إلى ما قدم , {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (40) سورة العنكبوت...
ونقول إنك مرتبط بعادات أرضية.. فتريد أن تسمو عن الأرض إلى سماء الطاعة.. انظر إلى تقنية الصواريخ.. إنها تحتاج لقوة دفع خارجة للصعود بالصاروخ والتخلص من الجاذبية الأرضية... فساعة أن يتخلص عن تلك الجاذبية الأرضية فإن الصاروخ يسبح في الفضاء الخارجي.. وهذا بالضبط ما تحتاجه أنت.. إنك تحتاج إلى قوة دافعة كبيرة في البداية وبعدها تسبح في سماء الطاعة..
قال أحد السلف " عالجت قيام الليل سنة ثم تمتعت به عشرين سنة" وقال آخر " ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى انساقت إليه وهي تضحك" حاول.. حاول وستنتصر.. إنّ النصر مع الصبر
شروط التوبة :
* الإقلاع عن الذنب.
* الندم على ما فات.
* العزم على أن لا يعود.
* إرجاع الحقوق إلى أهلها من مال أو غيره.
قل لي بالله ..
ألا يستحق الله أن تتعب لكي ترضيه ؟؟
ألا يستحق أن تفقد روحك من أجله ؟؟
فقد طلب منك أهون من ذلك
أن تترك المعاصي وتقبل على طاعته
اتق الله يجعل لك مخرجا ويكن لك معينا
ذكر ابن قدامة في التوابين ..
أن بني إسرائيل .. لحقهم قحط على عهد موسى عليه السلام .. فاجتمع الناس إليه ..
فقالوا : يا كليم الله .. ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ..
فقام معهم .. وخرجوا إلى الصحراء .. وهم سبعون ألفاً أو يزيدون ..
فقال موسى عليه السلام : إلهي .. اسقنا غيثك .. وانشر علينا رحمتك .. وارحمنا بالأطفال الرضع .. والبهائم الرتع .. والمشايخ الركع ..
فما زادت السماء إلا تقشعاً .. والشمس إلا حرارة ..(1/41)
فقال موسى : إلهي .. اسقنا ..
فقال الله : كيف أسقيكم ؟ وفيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة .. فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم .. فبه منعتكم ..
فصاح موسى في قومه : يا أيها العبد العاصي .. الذي يبارز الله منذ أربعين سنة .. اخرج من بين أظهرنا .. فبك منعنا المطر ..
فنظر العبد العاصي .. ذات اليمين وذات الشمال .. فلم ير أحداً خرج .. فعلم أنه المطلوب ..
فقال في نفسه : إن أنا خرجت من بين هذا الخلق .. افتضحت على رؤوس بني إسرائيل .. وإن قعدت معهم منعوا لأجلي .. فانكسرت نفسه .. ودمعت عينه ..
فأدخل رأسه في ثيابه نادماً على فعاله .. وقال : إلهي .. وسيدي .. عصيتك أربعين سنة ..وأمهلتني .. وقد أتيتك طائعاً .. فاقبلني .. وأخذ يبتهل إلى خالقه ..
فلم يستتم الكلام .. حتى ارتفعت سحابة بيضاء ..فأمطرت كأفواه القرب ..
فعجب موسى وقال : إلهي .. سقيتنا .. وما خرج من بين أظهرنا أحد ..
فقال الله : يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم ..
فقال موسى : إلهي .. أرني هذا العبد الطائع ..
فقال : يا موسى .. إني لم أفضحه وهو يعصيني .. أأفضحه وهو يطيعني ..
فيا عبد الله؛ اعرف عزة الله في قضائه، وبرِّه في ستره وحلمه في إمهالك، وفضله في مغفرته، فلله عليك أفضال و أفضال؛ أولها: ستره عليك حال ارتكابك للذنب، أما -والله- لو شاء الله لفضحك على رءوس الخلائق، فما جلست مجلسًا، ولا حضرت مَجْمَعًا إلا وعُيِّرت بذلك الذنب. فكم من عاصٍ نفس معصيتك فُضِحَ وسترك الله الذي لا إله إلا هو. ويا عجبًا لأقوام باتوا يسترهم الله، فأصبحوا يتحدثون بذنوبهم، قد هتكوا ستر الله عليهم!، أولئك غير معافين، إنهم المجاهرون، وكل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- معافى إلا المجاهرين، فاشكر ربك أنْ سترك، وتب إليه قبل أن يفعل بك ما فعل بغيرك، وقل: اللهم استر واجعل تحت الستر ما تحب، اللهم استر واجعل تحت الستر ما تحب.(1/42)
ثانيها: حلم الله عليك، حلم الله عليك في إمهالك، ولو شاء الله لعاجلك بالعقوبة، فما كنت ممن يسمع الآن سعة رحمته.
روى [المنذري] بسند جيد عن [عبد الرحمن بن جبير] قال:" أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- شيخ كبير هَرِم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدَّعمُ على عصا -أي: متكئًا على عصا- حتى قام بين يديْ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها، لم يترك داجَّة ولا حاجَّة إلا أتاها، لو قُسِّمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقتهم -لأهلكتهم-، أله من توبة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: هل أسلمت؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟ قال: نعم، وغدراتك وفجراتك، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادَّعم على عصاه، فلم يزل يردد الله أكبر حتى توارى عن الأنظار".
يا من جلّت غفلته، وطالت سكرته، تأمّل عطف المولى عليك، و إحسانه إليك و لا تظن أن الله لا يغفر لك مهما كثرت ذنوبك ففضل الله واسع، لا تقتحمه العبارة، ولا تجسر إليه الإشارة، لا يهلك إلا هالك، ولا يشقى إلا شقي، فلا تيأس من رحمة ولا تجترئ على معصية الله، وتب كلما أذنبت..
قال بعضهم لشيخه: إني أذنب، قال: تب، قال: ثم أعود، قال: تب، قال: إلى متى؟ قال: إلى أن تحزن الشيطان، ودَّ لو ظفر منك باليأس والقنوط .
فإن هوى بك إبليسُ لمعصية
بسجدة لك في الأسحار خاشعة
فأَهْلِكَنْه بالاستغفار يَنْتَحِبِ
سجود مُعْترف لله مُغْتَرب
فبالله عليكم، حطّوا بالتوبة عن ظهوركم، واغسلوا وجوهكم بقطرات الدموع، و اشتملوا بأردية التذلل والخضوع.
ركبت مآثمي فلقيت ذلا
وصرت أعاتب القلب المبلا
إلى مولاه يا مولى الموالي
وسالت عبرتي طلا ووبلا
إلى من يشتكي المملوك إلا
فلطفك بي اله العرش أولى
بشارات للتائبين(1/43)
البشارة الأولى : أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه وزللَه وإجرامه مهما بلغ عظم ذلك الذنب حتى لو كان كفراً وشركاً بالله يا من أسرفت على نفسك بالمعاصي اسمع إلى الكريم سبحانه الحليم ماذا يقول لك : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر
(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) هنيئاً لك يا مذنب يا عاصي بتوبة الله عليك إذا أقبلت عليه .
البشارة الثانية : -أبشر يا صاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (67) سورة القصص فلاح عام في دنياك وأخراك في كل مأمورك تفلح وترشد وتسدد فهذا كله من بركات التوبة {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النور ، التوبة مجلبة للخيرات ورضا رب الأرض والسماوات يقول سبحانه {وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه}ُ (5) سورة هود ويقول ربنا جل وعلا عن هود عليه السلام : {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ} (52) سورة هود.(1/44)
البشارة الثالثة: ابشر يا صاحب التوبة إن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا لا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملأ الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وربنا ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويقول ( هل من مستغفر فأغفر له )،واعلم أن الأمم السابقة قبلنا كبني إسرائيل كانت إذا أرادت أن تتوب كانت تقتل نفسها حتى تتوب إلى الله فاللهم لك الحمد ما أكرمك وما أحلمك عن عبادك .
البشارة الرابعة : أبشر يا صاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات يا الله ما أكرمك ما أكرمك يا كريم يا حليم ما أعظمك وما اشد تقصيرنا في حقك
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) } سورة الفرقان.(1/45)
البشارة الخامسة :- التوبة تجب ما قبلها وتهدم ما قبلها و لا عيب عليك بعدها وقد تكفل الإسلام بحفظ حقك وتمارس حياتك بكل شموخ وإباء ولا خجل ولا حياء بل تعيش مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية حياة الذلة والمسكنة وحياة الطاعة حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
-وجاء في البخاري عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبْزَى سَلْ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَقَوْلِهِ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ حَتَّى بَلَغَ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَى قَوْلِهِ غَفُورًا رَحِيمًا.
-وأيضا جاء في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ)
الله أكبر .... ,(1/46)
لما ترك المعصية وتاب لم تمنعه توبته من أن يشارك في الغزو ويعمل الصالحات بل كانت من أكبر الدوافع على الاستمرار مع أنه قتل مسلما قبل ذلك.
البشارة السادسة : إذا صدقت توبتك ييسر الله لك أمرك ويحسن ختامك على الخير وعلامة صدقك ترك رفاق السوء وكل ما يذكرك بالمعصية فإن الله عز وجل إذا علم صدقك ألان لك الحديد وسخر لك الجبال الرواسي وكل الكون معك أيها التائب الحبيب
فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ.(1/47)
البشارة السابعة : أبشر يا صاحب التوبة يا من أقبلت على الله أن من وقع في الموبقات نزع منه الإيمان فإن تاب عاد إليه إيمانه الذي في القلب ، فيا لله ما أعظمها من نعمه ولو افتديت بها كل ما تملك ،فقد جاء في الحديث في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ
البشارة الثامنة : أن الله الغني الكريم يفرح فرحاً عظيماً بتوبتك ، والله لو لم يكن فضل وشرف للتوبة إلا فرح الله بها لكفى بها لك حافزاً للمبادرة إلى التوبة ،فقد جاء في البخاري ومسلم واللفظ له عن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ.(1/48)
البشارة التاسعة : ابشر يا صاحب التوبة أنت حبيب الله قال سبحانه { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222) سورة البقرة وقال سبحانه {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ } (27) سورة النساء
البشارة العاشرة : هجرة لا تنقطع ..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
المهاجر من هجر الخطايا و الذنوب .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6658 في صحيح الجامع .
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (186) سورة البقرة
يا أخي ..
دعاك رب بالندى يعرف
لا تقنطوا من رحمتي واعرفوا
يا من على أنفسهم أسرفوا
إني لغفار الذنوب العظام
فانهض و بادر ..
يا من تخلف حتى شاب هذا بياض الشيب ينذر بخراب الأوطان، ، بادر والحق فقد رحلت الأظعان
نزه مشيبك عن شيء يدنّسه
إن البياض قليل الحمل للدنس
يا من صحيفته سوداء، اغسلها بالدموع، وتعرّض لمجال المتهجدين، وقل: ضال ضل عن الطريق مقطوع، وهذا مأتم الأحزان، إلى أي وقت تدّخر الدموع؟؟؟، هذا مجلس الشكوى، هذا وقت الرجوع.
قد أسمعتك المواعظ من إرشادها نصحا، وأخبرك الشيب أنك بالموت تقصد و تنحّا، وناداك لسان الاعتبار{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} (6) سورة الإنشقاق
يا أخي: هذا أوان الرجوع والاستغفار والإقلاع عن الذنوب والأوزار...
بدر عساك تجبر بالتوبة وتعود مجبور، سجدة واحدة واصل بها السحر وتنجو من الأهوال، {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ*} (15) سورة الرعد.
قم في جوف الليل وناده والناس نيام ابك بين يديه , أخبره عن حالك , أطلب منه عفوه , استغفره , زد من دموعك و زد من استغفارك و والله إن الله أكرم من أن يردك ..
أيا ملك الملوك اقل عثاري (1/49)
وأمرضني الهوى لهوان نفسي
أيا ديان يوم الدين فرج
فإني عنك أنأتني الذنوب
ولكن ليس غيرك لي طبيب
هموما في الفؤاد لها دبيب
قم في جوف الليل وابك بين يدي ربك و ناده {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } (88) سورة يوسف
قم في الليل وناده في الظلمات { أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (87) سورة الأنبياء { وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} (47) سورة هود
يا من وسِعْتَ برحمةٍ كل الورى
إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ
من قد أطاع ومن غدا يتأثَّمُ
فبمن يلوذ ويستجير المُجْرمُ
علامات قبول التوبة
أخي الحبيب:
وللتوبة علامات تدل على صحتها وقبولها، ومن هذه العلامات:
* أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها: وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه، فمن كان بعد التوبة مقبلاً على الله، عالي الهمة قوي العزيمة دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها.
* ألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب مصاحباً له: فإن العاقل لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر حتى يسمع الملائكة الموكلين بقبض روحه: أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، فعند ذلك يزول خوفه ويذهب قلقه.
* أن يستعظم الجناية التي تصدر منه وإن كان قد تاب منها: يقول ابن مسعود رضي الله عنه: { إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال له هكذا }. وقال بعض السلف: (لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر الى من عصيت).(1/50)
* أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذلاً وتواضعاً بين يدي ربه: وليس هناك شئ أحب الى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً منيباً، رطب القلب بذكر الله، لا غرور، ولا عجب، ولا حب للمدح، ولا معايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم. فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته، وليرجع الى تصحيحها.
* أن يحذر من أمر جوارحه: فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام، ويشغله بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه. ويحذر من أمر بطنه، فلا يأكل إلا حلالاً. ويحذر من أمر بصره، فلا ينظر الى الحرام، ويحذر من أمر سمعه، فلا يستمع الى غناء أو كذب أو غيبة، ويحذر من أمر يديه، فلا يمدهما في الحرام، ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما الى مواطن المعصية، ويحذر من أمر قلبه، فيطهره من البغض والحسد والكره، ويحذر من أمر طاعته، فيجعلها خالصة لوجه الله، ويبتعد عن الرياء والسمعة.
ذكرى
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }
قال عمر بن عبد العزيز : الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبرة ...
* شاب يسير بسيارته وقد رفع صوت المسجل على أغنية حتى إنك لتشعر بالأرض تهتز من شدة الصوت ...
* محل منذ أن يفتح أبوابه إلى أن يغلقها لا ينبعث منه إلا صوت الغناء والموسيقى
* شاب منذ أن يستيقظ إلى أن ينام و لا شغل له إلا سماع الغناء ...
والسؤال :
- لماذا الغناء ؟؟
سؤال إلى كل من يستمع الغناء يمضي فيه الساعات والأيام ساهيا لاهيا ...
لماذا تستمع إلى الغناء ؟؟
ما هي الفائدة التي تعود عليك من هذا السماع ؟؟
سيقول قائل : أقتل الوقت
فنقول : عجبا لك وهل تدري كم عمرك لتقتل منه ساعات وأيام وتضيعها؟
" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6778 في صحيح الجامع .(1/51)
فإذا كان لديك وقت فراغ فلماذا لا تشغله بما يقربك من الله
تعلم شيئا عن دينك إقرأ شيئا من المصحف الذي اشتكى من كثرة ما علاه من التراب
إن كل ساعة تمر عليك لا تذكر فيها الله ستتحسر عليها يوم القيامة
ثم إنك محاسب على هذا العمر
لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ؟ و عن شبابه فيم أبلاه ؟ و عن ماله من أين اكتسبه ؟ و فيم أنفقه ؟ و ماذا عمل فيما علم ؟ .
( حسن ) انظر حديث رقم : 7299 في صحيح الجامع .
فسؤال عن العمر عامة وآخر عن الشباب خاصة ,
فهل أعددت الجواب ؟؟
بم ستجيب ربك ؟؟
قضيته في البحث عن المحرمات ؟؟
قضيته في استماع الاغنيات ؟؟
قضيته في متابعة الأفلام والمسلسلات ؟؟
قضيته في متابعة المباريات ؟؟
قضيته في قراءة أخبار الساقطين و العاهرا ت ؟؟
قضيته في اللعب ومشاهدة الرسوم المتحركات ؟؟
للأسف الشديد إن كثيرا جدا من شبابنا يحفظ كلمات الأغاني عن ظهر قلب , ويحفظ تاريخ حياة المطرب المفضل له , ولا يجد حرجا من أن يظل يسأل عن آخر شرائطه ....
ولكن ماذا يعلم عن دينه ؟؟
كم يحفظ من القرآن ؟؟
ماذا يعلم عن رسوله- صلى الله عليه وسلم -؟؟؟
للأسف تكون الإجابة واحدة دائما
لا شيء ...
تأمل حال مستمع الغناء حين يسمعه ...
تجده خاشعا ...
يرق قلبه لما يسمع من الفسق ...
تسكن جوارحه ....
تدمع عيناه .....
ثم انظر لحاله حين سماع القرآن
تجده مشغول الفكر ...
زائغ النظرات ...
مضطرب ..
يحاول التملص بأي وسيلة من سماعه فهو على قلبه كالجبل ..
أتدرون لماذا ؟؟
لأن القرآن حق ولا تتأثر به إلا القلوب الحية المتعلقة بالله ، أما القلوب المتعلقة بالباطل فقد ماتت وفقدت الإحساس - وما لجرح بميت إيلام -
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت " .(1/52)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( فإنهم متفقون - أي الأئمة الأربعة - على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود ونحوه ) ..
و قد حكى الإجماع على تحريم المعازف الإمام القرطبي .. وأبو الطيب الطبري .. وابن الصلاح .. وابن رجب الحنبلي .. وابن القيم .. وابن حجر الهيتمي .. وغيرهم ..
فهل بعد هذه الأقوال من قول في إباحة هذه الآفة.. هل بعد هذه الأقوال من متفلسف يقول لنا :
الغناء قسمان : قسم فيه فجور وخنا وهو حرام .. وقسم يباح إذا لم يكن فيه ذلك ..!!
هل يؤخذ بعد ذلك قول أحد ؟!! إلا أن يكون الدافع إلى ذلك الهوى والشهوة .. وإنا نعوذ بالله من زيغ الهوى .. وتحكم الشهوة ..
لقد اعتدى هؤلاء المغنون على الشريعة وما أبقوا عزيزاً إلا أذلوه ..
ولا غاليا إلا لطخوه ..
أصلاً .. لو تأملتم من كتب كلمات هذه الأغاني .. ابن تيمية .. ابن القيم .. ابن باز ..
كتب كلماتها في الغالب شاعر فاجر .. إما عاشق ماجن .. أو فاسق خائن .. أو ضال لا يسجد لله سجدة ..
أو قد يكتب الكلمات نصراني .. ويلحنها يهودي .. ويعزف لها بوذي .. ويغنيها فاجر أو فاجرة ..
وإن شئت فانظر إلى أشرطة الغناء ..
واقرأ أسماء المغنين .. ستجد من بينهم نصارى .. سواء من نصارى العرب أو غيرهم .. وستجد لا دينيين .. وستجد فجرة كفرة .. لا يصلون ولا يعظمون الدين ..
فهل سمعتم مغنياً غنى يوماً في التحذير من الزنا وشرب المسكرات ؟
أو الأمر بغض البصر والعفة عن الشهوات ؟
أو حفظ أعراض المسلمين ؟!! أو شهود صلاة الجماعة مع المؤمنين ؟
كلا.. ما سمعنا عن شيء من ذلك .. بل يبدأ أغنيته بقوله ..
يا حبيبي .. يا بعد روحي .. ثم يصف الخد والقد .. والعينين والوجنتين .. وهذا ظاهر من أسماء الأغاني نفسها .. فأغنية بعنوان :
آه يا زين .. آخر غرام .. الهوى ما هو كلام ..ليلة حبيبي .. سألت علي بحبها .. يا اهل الهوى .. آه يا ويلي ..
وما تكاد تسمع فيها إلا الحبَّ والغرام.. والعشق والهيام ..(1/53)
وفي كثير منها محادة لله ولرسوله .. وشرك أكبر وأصغر ..
وتعدٍّ على الرسل الكرام ..
واعتراض على رب العالمين .. واعتداء عليه وعلى ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ ..
وغير ذلك .. مما يردد ويسمع ويذاع ..
فقد لحَّنوا الكفر الصريح .. في قصيدة الشاعر النصراني الذي يقول :
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ** ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت ** وسأبقى سائراً فيه إن شئت هذا أو أبيت !!
كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري !!
وتقول قائلتهم : لبست ثوب العيش ولم أستشر .. تعني خلقني ربي وما استشارني !!
كما أنهم يصرحون بعبادة المحبوب ولأجله يعيشون في الدنيا .. بل يقولون إنهم ما خلقوا في هذه الدنيا إلا من أجله .. قال قائلهم .. أو قائلتهم ..
عشت لك وعلشانك .. والله يقول قل إن صلاتي ونسكي ومحيياي ومماتي لله رب العالمين ..
وتجد منهم من يغني تصريحاً بعبادة المحبوب كقول أحدهم : أعشق حبيبي وأعبد حبيبي .. وآخر يقول : أنا أعبدك ..
وقول الآخر: قلت المحبة عندي لو تعلمين عبادة ..
وبعضهم ينافي ويضاد ويكذب على الله يقول : الله أمر .. لعيونك أسهر .. سبحان الله قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..
أما اعتداؤهم على أنبياء الله ورسله فاسمع إلى قولهم في فراق المحبوب : صبرت صبر أيوب .. وأيوب ما صبر صبري .. اعتداء فاحش على نبي الله الكريم الذي ابتلاه مولاه سنوات طويلة فصبر .. حتى قال الله عنه إنا وجدناه صابراً نِعمَ العبد إنه أواب ..
أما الاعتراض على القضاء والقدر ولوم الرب عز وجل .. فلهم فيها النصيب الأوفر .. يقول قائلهم :
ليه القسوة ؟ ليه الظلم ؟ ليه يا رب ليه ؟
هكذا يتهم الله - تعالى الله - بالقسوة والظلم .. وهذا المغني هو الآن تحت أطباق الثرى .. الله أعلم ماذا يفعل به .. نسأل الله حسن الخاتمة والستر في الدنيا والآخرة ..(1/54)
ومنهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى جهنم مع محبوبته : يا تعيش وإياي في الجنة .. يا أعيش وإياك في النار .. بطلت أصوم وأصلي .. بدّي أعبد سماك .. لجهنم ماني رايح إلا أنا وإياك ..
وآخر يقول :
خذي لك الجنة وعطيني النار .. ما دام هذا كل ما تشتهينه ..
بل حتى منزلة الشهداء .. الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون .. ادعوا الوصول إليها بالغناء ..
كما يقول أحدهم : يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب ..
بل لهم مخالفات في العقيدة .. كقولهم :
قالت والخوف بعينيها .. تتأمل فنجاني المقلوب ..
قالت يا ولدي لا تحزن .. فالحب عليك هو المكتوب ..
اشتمل هذا الكلام على جلوس هذا الفاجر مع امرأة كاهنة مشعوذة تقرأ الفنجان .. وتدعي علم الغيب ..
بل اشتمل على الكذب على الله في أنه كتب الحب على هذا الرجل ..
وفي أغانيهم الاستعانة بغير الله .. ونداء الأموات .. فيقول قائلهم : مدد يا نبي مدد ..
أما الحلف بغير الله فهو كثير .. كقولهم في أغانيهم .. وحياتك .. وحياة عينيك .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ..
ويشيع عند المغنين سب الدهر والساعة والزمان والعمر يقولون : الله يلعن اليوم .. ملعونة الساعة .. جابني في زمان غدار .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تسبوا الدهر ) ..
ثم هم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال أحدهم : الفرح مسطر غلط مكتوب .. يعني أن الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ غلط ..
تعالى الله وجل الله .
من أسماء الغناء
اللهو واللغو والباطل والزور والمكاء والتصدية ورقية الزنا وقرآن الشيطان ومنبت النفاق في القلب والصوت الأحمق والصوت الفاجر وصوت الشيطان ومزمور الشيطان والسمود
أسماءه دلت على أوصافه
تبا لذي الأسماء والأوصاف
تحذير العلماء من الغناء
في المسند : أن ابن عمر أنه خرج يوماً في حاجة .. فمر بطريق فسمع زمارة راعٍ وضع إصبعيه في أذنيه حتى جاوزه ..(1/55)
فقل لي - بالله - : أزمارة راع أولى بالتحريم والترك .. أم هذا الغناء الذي يتغنج فيه المطرب والمطربة .. فيفتن القلوب .. ويشغل الأرواح عن علام الغيوب ..
وقال عمر بن عبد العزيز لأبنائه : احذركم الغناء .. أحذركم الغناء .. أحذركم الغناء .. فما استمعه عبد إلا أنساه الله القرآن ..
وكتب إلى مؤدب ولده : ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغضَ الملاهي التي بدؤها من الشيطان .. وعاقبتها سخط الرحمن .. فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء ..
وجاء رجل إلى بن عباس رضي الله عنهما .. فقال :
أرأيت الغناء أحلال هو أم حرام؟
رجل يسأل عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف .. وليس فيه تصوير .. ولا فيديو كليب .. ولا لباس عارٍ .. ولا قصات فاتنة .. ورقصات ماجنة ..
غناء الأعراب في البوادي .. حلال أم حرام .. يا ابن عباس ..
فقال ابن عباس .. أرأيت الحق والباطل .. إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء ؟
قال الرجل: يكون مع الباطل .. قال ابن عباس: فماذا بعد الحق إلا الضلال .. اذهب فقد أفتيت نفسك ..
أما أبو بكر رضي الله عنه .. فكان يسمي الغناء مزمار الشيطان..
و قال عمر بن عبد العزيز : الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن ..
وقد قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية .. إياكم والغناء .. فإنه يذهب الحياء .. ويزيد الشهوة .. ويهدم المروءة .. وإنه لينوب عن الخمر .. ويفعل ما يفعل السكر .. فإن كنتم لابد فاعلين .. فجنبوه النساء .. فإن الغناء داعية الزنا ..
وسمع سليمان بن عبد الملك صوت غناء .. فغضب وأحضر المغنيين .. وقال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة .. ( يعني إن الذكر من الخيل يصهل فتسمعه الأنثى فتستعد للوطء ) ..
وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة ..
وإن التيس لينبّ فتستحرم له العنز ..(1/56)
وإن الرجل ليتغنى فتشتاق له المرأة .. ثم أمر بخصائهم .. ليحمي منهم النساء ..
وقال بعض السلف : الغناء يورث النفاق في قوم .. والعناد في قوم .. والكذب في قوم .. والخبث في قوم .. والرقة ( أي الميوعة ) في قوم ..
قال معمر بن المثنى : رحل الحطيئة الشاعر مع بناته .. فجاور قومًا من بني كلب ..
فخافوا أن يرى منهم شيئاً يكرهه فيهجوهم .. فأتوه فقالوا :
يا أبا مُليكة إنه قد عظم حقك علينا .. بتخطيك القذى إلينا .. فمُرنا بما تحبه فنأتيه .. ومرنا بما تكرهه فننهيه ..
فقال : لا تأتوني كثيرًا فتُمِلوني .. ولا تسمعوني أغاني شبيباتكم فإن الغناء رقية الزنا .. وإن ههنا بُنيّات ..
وكان مشهوراً عند العرب .. أن الرجل إذا أراد امرأة على الفاحشة فأبت .. اجتهد أن يُسمعها صوت الغناء فإن سمعت المرأة صوت الغناء لانت وهانت عليها الفاحشة ..
سئل مالك رحمه الله عما يرخص فيه أهل المدين من الغناء ؟ فقال : إنما يفعله عندنا الفساق
وأبو حنيفة يجعل الغناء من الذنوب وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب ( فكيف بآلات اليوم ؟؟؟ )
بل بالغ أصحابه في النهي عن السماع فقالوا : سماع الأغاني فسق والتلذذ بها كفر .. ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه.
وكذلك مذهب أهل الكوفة كسفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم ولا خلاف بينهم في ذلك ولا نعلم خلافا أيضا بين أهل البصرة في المنع منه كما ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان .
وقال الشافعي الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته
وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه
أما إمام أهل السنة الإمام أحمد ابن حنبل فقال عبد الله ابنه سألت أبي عن الغناء ؟ فقال الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم ذكر قول مالك " إنما يفعله عندنا الفساق
فهؤلاء أئمة المذاهب الأربعة مجتمعون على تحريمه وكما سمعت من الشيخ أبو إسحاق الحويني ما معناه(1/57)
لا يوجد عالم واحد ممن تدور عليهم الفتوى أفتى بحل الغناء إلا الإمام ابن حزم وقد رد عليه العلماء
يا سامع الغناء ...
يقال لصاحب القرآن : اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 8122 في صحيح الجامع .
ففي ظنك ...,
ماذا سيقال لك ؟؟
عمرك عمرك
لا تضيع منه لحظة فإنك عليها نادم يوم القيامة ولابد
فماذا لو استفدت من وقتك الضائع في الغناء لحفظ القرآن ؟؟
ماذا لو استغللت هذا الوقت في الدعوة إلى الله ؟؟
ماذا لو استغللت هذا الوقت في نصرة هذا الدين ؟؟؟
العزف والرقص والمزمار عدتنا
تقود أمتنا في الحرب غانية
كم بددوا المال هدرا في مباذلهم
والخصم عدته علم وآلات
والجيش في الحرب قد ألهته مغناة
وفي ليالي الخنا ضاعت مروءات
صور من خاتمة من يستمعون الغناء
شاب يتوفى و آخر عهده بالدنيا سماع أغنية
في رمضان 1418هـ بعد صلاة الفجر ذهبت إلى طريق الملك فهد لبعض حاجة، وأنا مار وجدت شاباً عمره تحت العشرين انقلبت سيارته ـ حفظنا الله وأبنائنا وابنائكم وأبنائكم وأبناء المسلمين ـ . نزلت ووجدته قد توفى . وماذا أسمع، أسمع شريط أغنية تتردد في مذياع السيارة أو مسجل السيارة ، شتان بين هذا وذاك ، من منا يا إخوان يريد أن يموت وآخر عهده من الدنيا لا إله إلا الله أو سماع قرآن أو سماع ذكر ، ومن منا يريد أن يموت ويكون آخر عهده أغنية في شريط أو موسيقى تصويرية لمسلسل ما بعد الأخبار، أو نظر إلى امرأة في مسلسل . أخي: قبل أن تضع راديو سيارتك على تلك الإذاعات التي تروج الأغنية والفحش والمنكر تذكر أنك قد تموت ويكون آخر عمل عملته في الدنيا سماع أغنيه إن قلت إنك حريص في القيادة يأتيك واحد مهبول يقطع الإشارة يصدمك وتموت .(1/58)
أخي قبل أن تضع شريط الأغنية في سيارتك تذكر أنك قد تموت في مشوارك هذا أخي عندما تسمع الموسيقى التصويرية لأي فيلم أو لأي مسلسل بعد الأخبار تذكر أنك قد تموت الآن.
د/خالد الجبير
وقيل لبعضهم قل لا إله إلا الله فأخذ يهذي بالغناء.
ومنها أن شابا حصل له حادث على إحدى الطرق السريعة.
فتوقف بعض المارة لإسعافه فوجدوه يحتضر والموسيقى الغربية تنبعث بقوة من مسجل السيارة.
فأطفئوه وقالوا له قل لا إله إلا الله، فأخذ يسب الدين ويقول لا أريد أن أصلي، لا أريد أن أصوم ومات على ذلك والعياذ بالله.
يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي.
فإذا سيارة مرتطمة بسيارة أخرى، حادث لا يكاد يوصف، شخصان في السيارة في حالة خطيرة.
أخرجناهما ووضعناهما ممددين، وأسرعنا لإخراج صاحب السيارة الأخرى فوجدناه قد فارق الحياة.
عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الاحتضار، هب زميلي يلقنهما الشهادة، لكنا اللسنتهما ارتفعت بالغناء، أرهبني الموقف، وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت.
أخذ يعيد عليهما الشهادتان وهما مستمران في الغناء، لا فائدة.
ثم بدأ صوت الغناء يخفت شيئا فشيئا، سكت الأول وتبعه الثاني. فقدوا الحياة لا حراك.
يقول لم أرى في حياتي موقفا كهذا، حملناهما في السيارة وقال زميلي إن الإنسان يختم له إما بخير أو بشر بحسب ظاهره وباطنه.
أيها اللاهي بلا أدنى وجل *** اتق الله الذي عز وجل
واستمع قولاً به ضرب المثل *** اعتزل ذكر الأغاني والغزل
وقل الفصل وجانب من هزل
كم أطعت النفس إذ أغويتها *** وعلى فعل الخنا ربيتها
كم ليالٍ لاهياً أنهيتها *** إن أهنى عيشة قضيتها
ذهبت لذاتها والإثم حل .
ذكرى
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}
قال الإمام بن القيم : إطلاق البصر ينفش في القلب صورة المنظور, والقلب كعبة, والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/59)
عبرة ...
ذكر الحافظ [ابن كثير] -رحمه الله- في البداية، في حوادث سنة ثماني وسبعين ومائتين ما يلي بتصرف، قال: وفيها توفي [ابن عبد الرحيم] -قبَّحه الله- هذا الشقي، كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم، فلمَّا كان في بعض الغزوات، والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم؛ إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن، ما غضَّ بصره، والله يقول: (قُل للْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) أتْبَع النَّظْرة النظرة، والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل والآلام والحسرات.
كان كمن أدخل في جحر يدا
فأخطأ الأفعى ولاقى الأسْوَدَ(1/60)
نظر فهَوِيَهَا، ثم راسلها، هل إليك من سبيل؟ فقالت: لا سبيل إلا أن تتنصر وتتبرأ من الإسلام، ومن محمد -صلى الله وسلم على نبينا محمد- فأجابها، وقال -ونعوذ بالله مما قال-: هو بريء من الإسلام، ومن محمد، وتنصَّرَ وصعد إليها. لا إله إلا الله، نعوذ بالله من الحَوَر بعد الكَوَر، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، نعوذ بالله أن نردَّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله. المعاصي بريد الكفر، المعاصي بريد الكفر. كم من معصية جرَّت أختها وأختها وأختها، حتى كانت النهاية أن سُلب إيمان العبد، وهذا مَثَلٌ من الأمثلة. ما راع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتمَّ المسلمون لذلك غمًّا شديدًا، وشق عليهم ذلك مشقة عظيمة، صَدْرٌ وَعَى القرآن يعود ليعبد الصُّلبان، لما كان بعد فترة مرُّوا عليه، وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن، عليه ذلّ الكفر وغبرته و قترته، فقالوا: يا [ابن عبد الرحيم] ما فعل علمك؟ ما فعلت صلاتك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعل القرآن؟ فقال في حمأة ذل الكفر: أُنْسِيتُه، ما معي منه سوى آيتين، لكأنه المَعْنِيُ بهما {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِين (2) {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُون (3) َ} سورة الحجرَ ولقد صار لي فيهم مال وولد؛ يعني صار منهم( 2 )
أيها الأحبة ...
كم رأينا ونرى في الطريق من شاب أو فتاة ..
يطلقون سهام النظر بلا وجل وبلا حياء ..
كم نراهم يهفون لكل صورة جميلة , يتطلعون إليها , ويتملون فيها ,
يحسبون أن المتعة في النظر
وكذبوا ...
والحادث المذكور هو أبلغ شاهد ...
رجل على ذروة سنام الإسلام , مجاهد خرج بحياته وقد لا يعود ...
لم يراقب الله ...
وأعمل نظره في ما لا يحل له ...
فكانت النتيجة أن سلب إيمانه ..
فما يؤمنك أن تصير إلى ما صار إليه ؟؟
أن يسلب إيمانك ...
أو أن يقسو قلبك ...
أو أن يموت ...(1/61)
كم شكا الشباب من عدم تأثرهم بالقرآن ..
كم شكوا من عدم الخشوع في الصلاة ...
والسبب واحد ...
إطلاق البصر في ما لا يحل ...
عواقب النظر المحرم :
1) أنه باب من أبوب الزنا ومن أخطر وسائله وذرائعه الموصلة إليه :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال :مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ . رواه البخاري 5774
عن أبي موسى قال : كل عين فاعلة يعني زانية . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17231)
قال الغزالي : ونبه به على أنه لا يصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر وحفظ القلب عن الفكرة وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع فإن هذه محركات للشهوة ومغارسها
قال عيسى عليه السلام : إياكم والنظر فإنه يزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة ثم قال الغزالي : وزنا العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى الكبيرة الفاحشة وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ دينه . فيض القدير ج: 4 ص: 65
2) أن النظر المحرم في بيوت المسلمين يبيح فقأ عين الناظر :(1/62)
عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ. رواه البخاري6392 و مسلم ج: 3 ص: 1698 ( المدرى ) : شيء يُعْمل من حَديد أو خَشبٍ على شَكْل سِنٍّ من أسْنان المُشْطِ وأطْوَل منه يُسرَّح به الشَّعَر المُتَلبِّد ويَسْتَعْمله من لا مُشْط له . النهاية 2/115
• قال ابن تيمية في تقرير هذا الحكم :
وقد ظن طائفة من العلماء أن هذا [ أي حديث فقأ العين ] من باب دفع الصائل لأن الناظر متعد بنظره فيدفع كما يدفع سائر البغاة و لو كان الأمر كما قالوا لدفع بالأسهل فالأسهل ولم يجز قلع عينه ابتداء إذا لم يذهب إلا بذلك والنصوص تخالف ذلك فإنه أباح أن تخذفه حتى تفقأ عينه قبل أمره بالانصراف وكذلك قوله لو أعلم أنك تنظرنى لطعنت به في عينك فجعل نفس النظر مبيحا للطعن فى العين ولم يذكر الأمر له بالانصراف وهذا يدل على أنه من باب المعاقبة له على ذلك حيث جنى هذه الجنابة على حرمة صاحب البيت . مجموع الفتاوى 15 /379
3) أنه يورث الغفلة واتباع الهوى وانفراط الأمر:
فإن صحة القلب أن يفرغه للفكرة في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه قال تعالى { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحبسه . الجواب الكافي ج: 1 ص: 127
4) - وهي من أعظمها -أنه من أسباب فساد القلب :(1/63)
وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته روضة المحبين ج: 1 ص: 92
وبيان ذلك : أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر وإن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده فإذا فسد القلب فسد النظر وإذا فسد النظر فسد القلب وكذلك في جانب الصلاح فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ فلا يصلح لسكني معرفة الله ومحبته . الجواب الكافي ج: 1 ص: 127
فإن داعي الإرادة والشهوة إنما يهيج بالنظر والنظر يحرك القلب بالشهوة وفي المسند عنه : النظرة سهم مسموم من سهام إبليس وهذا السهم يشرده إبليس نحو القلب ولا يصادف جنة دونه وليست الجنة إلا غض الطرف أو التحيز والانحراف عن جهة الرمي فإنه إنما يرمى هذا السهم عن قوس الصور فإذا لم تقف على طريقها أخطأ السهم وان نصبت قلبك غرضا فيوشك أن يقتله سهم من تلك السهام المسمومة .
عدة الصابرين ج: 1 ص: 42 تنبيه : حديث (النظرة سهم من سهام إبليس ) ضعيف جداً السلسلة الضعيفة ح (1065)
5) تعلق القلب بالصور ودوام حسرته وعذابه :(1/64)
فمن أطلق لحظاته دامت حسراته فإن النظر يولد المحبة فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظور إليه ثم تقوى فتصير صبابة ينصب إليه القلب بكليته ثم تقوى فتصير غراما يلزم القلب كلزوم الغريم الذي لا يفارق غريمه ثم يقوى فيصير عشقا وهو الحب المفرط ثم يقوى فيصير شغفا وهو الحب الذي قد وصل إلى شغاف القلب وداخله ثم يقوى فيصير تتيما والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذا عبده وتيم الله عبد الله فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هو عبدا له وهذا كله جناية النظر ، فحينئذ يقع القلب في الأسر فيصير أسيرا بعد أن كان ملكا ومسجونا بعد أن كان مطلقا يتظلم من الطرف ويشكوه والطرف يقول أنا رائدك ورسولك وأنت بعثتني وهذا إنما تبتلي به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له فإن القلب لابد له من التعلق بمحبوب فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلابد أن يتعبد قلبه لغيره قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام
{ كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } [يوسف : 24] فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه مع كونها ذات زوج ويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزبا غريبا مملوكا . إغاثة اللهفان ج: 1 ص: 47
قال الأصمعي : رأيت جارية في الطواف كأنها مهاة فجعلت أنظر إليها وأملأ عيني من محاسنها فقالت لي :يا هذا ما شأنك قلت :وما عليك من النظر فأنشأت تقول :
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
رأيت الذي لا كله أنت قادر
لقلبك يوما أتعبتك المناظر
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل :
كل الحوادث مبداها من النظر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
يسر مقلته ما ضر مهجته
ومعظم النار من مستصغر الشرر(1/65)
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
في أعين الغيد موقوف على الخطر
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر فهو إنما يرمي قلبه ولي من أبيات :
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له
أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
توقه إنه يأتيك بالعطب .
روضة المحبين ج: 1 ص: 97
6) أنه يتدرج بالعبد إلى أن يقع في فاحشة الزنا :
قال الله تعالى : { يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}
والنظر أصل عامة الحوادث التى تصيب الانسان فإن النظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع وفى هذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر علي ألم ما بعده . الجواب الكافي ج: 1 ص: 106
7) أنه من الأخلاق الرذيلة والخصال الدنيئة التي يتنزه عنها العقلاء ذوي المروءة فضلاً عن الأتقياء ذوي الديانة .
قال عنترة :
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواه
ثمرات غض البصر :
1) أنه امتثال لأمر الله :
الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من إمتثال أوامر ربه تبارك وتعالى وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره وما شقي من شقى في الدنيا والآخرة الا بتضييع أوامره . الجواب الكافي ج: 1 ص: 125
2) أنه من أسباب دخول الجنة :
• عن أبي أمامة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكفلوا لي بست أكفل لكم الجنة إذا حدث أحدكم فلا يكذب وإذا وعد فلا يخلف وإذا اؤتمن فلا يخن وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم . رواه الطبراني في المعجم الكبير ج: 8 ص: 262 والمعجم الأوسط ج: 3 ص: 77 ( 2539) والخرائطي في مكارم الأخلاق ج: 1 ص: 45( 116) ، وانظر مجمع الزوائد ج: 10 ص: 301 وحسنه الألباني في السلسلة ( 1525) ، وصحيح الجامع 1225(1/66)
قال ابن تيمية : فقد كفل بالجنة لمن أتى بهذه الست خصال فالثلاثة الأولى تبرئه من النفاق والثلاثة الأخرى تبرئة من الفسوق ،والمخاطبون مسلمون فإذا لم يكن منافقا كان مؤمنا وإذ لم يكن فاسقا كان تقيا فيستحق الجنة. ا.هـ مجموع الفتاوى 15 / 396
3) حلاوة الإيمان
ولذته التي هي أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى :
فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه . إغاثة اللهفان ج: 1 ص: 47
• وقد روي في هذا المعنى حديث في إسناده ضعف عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : مامن مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها. رواه أحمد 5/264 ح 22332 ، وقال ابن كثير :وروي هذا مرفوعا عن ابن عمر وحذيفة وعائشة رضي الله عنهم ولكن في أسانيدها ضعف إلا أنها في الترغيب ومثله يتسامح فيه. تفسير ابن كثير 3 / 283 ، وضعفه الألباني في الضعيفة (1064 ) .
4) نور القلب وصحة الفراسة :
قال أبو شجاع الكرماني : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة .
وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به ثم قال بعد ذلك {: إن في ذلك لآيات للمتوسمين } [الحجر : 75 ] وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة ، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم : { الله نور السموات والأرض ) [النور: 35 ] .(1/67)
وسر هذا : أن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى . وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه فإن القلب كالمرآة والهوى كالصدأ فيها فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صور الحقائق كما هي عليه وإذا صدئت لم تنطبع فيها صور المعلومات فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون . إغاثة اللهفان ج: 1 ص: 47
قال محمد بن سعيد الوراق : من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه ومن غض نفسه عن شبهة نور الله قلبه نورا يهتدي به إلى طريق مرضاة الله. البداية والنهاية ج: 11 ص: 167
ويتفرع عن هذه الثمرة أن نور القلب وإشراقه يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه . روضة المحبين ج: 1 / 97
5) أنه يسد عنه بابا من أبواب جهنم
فإن النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعة الفعل وتحريم الرب تعالى وشرعه حجاب مانع من الوصول فمتى هتك الحجاب ضري على المحظور .
• وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كل عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في سبيل الله وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله . رواه الحاكم ج: 2 ص: 92 و الدارمي ج: 2 ص: 267 و أبو يعلى ج: 1 ص: 186 . وانظر الترغيب والترهيب ج: 2 ص: 160 ، وضعفه الألباني في الضعيفة (1562 )
6) أنه يقوي عقله ويزيده ويثبته
فإن إطلاق البصر وإرساله لا يحصل إلا من خفة العقل وطيشه وعدم ملاحظته للعواقب فإن خاصة العقل ملاحظة العواقب . ومرسل النظر لو علم ما تجني عواقب نظره عليه لما أطلق بصره .
7) أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه أسبابه(1/68)
وذلك بسبب نور القلب فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات وانكشفت له بسرعة ونفذ من بعضها إلى بعض ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم وانسد عليه باب العلم وطرقه .
8) أنه يورث القلب سرورا
وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر وذلك لقهره عدوه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه .
9) أنه يخلص القلب من أسر الشهوة
فإن الأسير هو أسير شهوته وهواه ، و يخلصه من رقدة الغفلة فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق .
الفوائد من 5 إلى 9 من روضة المحبين 1 / 97
علاج النظر المحرم :
1) مراقبة الله تعالى واستحضار اطلاعه وعلمه الذي وسع كل شئ ومعيته لعبده :
وقد تقدم قوله تعالى :{ وما تكون في شأن ...الآية } ، { يعلم خَائِنَةَ الأعْيُنِ وما تخفي الصدور } ، { وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير } .
• عن ابن عباس قال كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله تعالى :{ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } . رواه أحمد (2779) والترمذي (3122 ) والنسائي (870 ) وابن ماجه (1046) وصححه الألباني في الصحيحة (2472) .
قال ابن رجب : وكان وهب بن الورد يقول خف الله على قدر قدرته عليك واستحي منه على قدر قربه منك وقال له رجل :عظني فقال له اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك 000
وسئل الجنيد بم يستعان على غض البصر قال :بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره .
وكان الإمام أحمد ينشد :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
خلوت ولكن قل على رقيب
ولا أن ما يخفى عليه يغيب
ا.هـ جامع العلوم والحكم ج: 1 ص: 162
2) الاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه بالدعاء :(1/69)
ومن ذلك الدعاء المشهور : اللهم طهر قلبي من النفاق و عملي من الرياء و لساني من الكذب و عيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
وقد روي هذا الدعاء مرفوعاً رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ج: 2 ص: 227 والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/267 من حديث أم معبد وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح ( 1209 )
3) فضل الوضوء وتكفيره خطايا العين :
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب .رواه مسلم 1/215 ح244
• والنظر المحرم الذي هو متعلق التكفير في الحديث هو ما كان من باب الصغائر ، أما من أدمن النظر وأصر عليه فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب إذ لا صغيرة مع الإصرار ، وعلى هذا فلا يكفر إلا التوبة لقوله تعالى { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } الآية والله أعلم .
4) سد الذرائع والابتعاد عن مواطن الفتنة :
• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها . رواه البخاري (4942 )
• عن أبي قلابة قال :لا يضرك حسن امرأة ما لم تعرفها .رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6( 17223)
• عن أيوب قال :كان طاوس لا يصحب رفقة فيها امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17226)(1/70)
• قيل لهند بنت الخُسّ ـ وكانت إحدى أميرات العرب في الجاهلية المشهورة بالعقل والذكاء والفصاحة والحكمة ـ وقد زنت بعبدها : لم زنيت بعبدك وأنت سيدة قومك ولم تزني بحر؟ وما أغراك به ؟ فقالت : قرب الوساد وطول السِّواد ) السِّواد : المناجاة والمحادثة سراً . تعليق أبي غدة على رسالة المسترشدين للمحاسبي /177
• من ذرائع الفتنة في عصرنا :
أ) أماكن الاختلاط كالأسواق والمستشفيات ومدن الألعاب والشواطيء وغيرها .
ب) الجلوس أمام شاشات التلفاز وشبكات الإنترنت .
ج) المجلات والصحف الماجنة التي تتخذ صور النساء وسيلة لرواجها بين ضعفاء الإيمان والمروءة .
ومن أساليبها: فتاة الغلاف ، اللقاءات مع الفنانات ، ركن التعارف ، عروض الأزياء ، بل وحتى الإعلانات التجارية عن سلع لا تمت للمرأة بأي صلة .
5) تجديد التوبة :
• قال شيخ الإسلام : وفى هذه السورة ذكر آية النور بعد غض البصر وحفظ الفرج وأمره بالتوبة مما لابد منه أن يدرك ابن آدم من ذلك 15 / 396
بل قد ذكر الفقهاء أن التوبة من النظر المحرم لا تسقط حتى عن الأعمى لأنه قادر على الندم فيتوب قدر استطاعته.
قال ابن عبد السلام : التوبة مركبة من ثلاثة أركان العزم والندم والإقلاع ، وقد تكون التوبة مجرد الندم في حق من عجز عن العزم والإقلاع فلا يسقط المقدور عليه بالمعجوز عنه كما لا يسقط ما قدر عليه من الأركان في الصلاة بما عجز عنه وذلك كتوبة الأعمى عن النظر المحرم وتوبة المجبوب عن الزنا وهذا مبنى على قاعدة مستفادة من قوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم . قواعد الأحكام1/187
6) إعفاف المرء نفسه بما شرع الله له من الأمور المشروعة :(1/71)
• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء . رواه البخاري ج: 2 ص: 673 ح 1806 و مسلم ج: 2 ص: 1018 ح1400
• وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال :إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه . رواه مسلم ( 1403 )
قال النووي : (تمعس ) : المعس : الدلك . ( منيئة ) :الجلد أول ما يوضع في الدباغ .
وقال : قال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل الى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن في شبيهة بالشيطان في دعائه الى الشر بوسوسته وتزيينه له .
ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا ا.هـ شرح مسلم (9/178 )
• ومن اللطائف ما ذكره بعض العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة) . قال ابن حجر: وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه . فتح الباري ج: 2 ص: 366
7) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على أيدي الشباب والحيلولة بينهم وبين الوقوع في الفتنة :(1/72)
عن عبد الله بن عباس أنه قال :كان الفضل بن عباس رضي الله عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر قالت يا رسول الله ان فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال :نعم وذلك في حجة الوداع . رواه مسلم ج: 2 ص: 973
• قال ابن أبي شيبة :حدثنا حسين بن علي عن موسى الجهني قال :كنت مع سعيد بن جبير في طريق فاستقبلتنا امرأة فنظرنا إليها جميعا قال :ثم إن سعيدا غض بصره فنظرت إليها قال :فقال لي سعيد :الأولى لك والثانية عليك . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17219)
• نظر رجل إلى امرأة عفيفة فقالت : يا هذا غض بصرك عما ليس لك تنفتح بصيرتك فترى ما هو لك . نفح الطيب للتلمساني 5 / 314
نماذج من حياة السلف:
• من آداب النبوة :
عن عبدالله بن بسر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول السلام عليكم السلام عليكم . رواه ابو داود 5186 و احمد 17730 وصححه الألباني في صحيح الجامع (4638)
• في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين :
قال ابن جرير { : إن خير من استأجرت القوي الأمين } تقول إن خير من تستأجره للرعي القوي على حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها الأمين الذي لا تخاف خيانته فيما تأمنه عليه ، وقيل إنها لما قالت ذلك لأبيها استنكر أبوها ذلك من وصفها إياه فقال لها وما علمك بذلك فقالت أما قوته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السقي على البئر وأما الأمانة فما رأيت من غض البصر عني ، وبنحو ذلك جاءت الأخبار عن أهل التأويل . تفسير الطبري ج: 20 ص: 63(1/73)
• عن وكيع قال :خرجنا مع الثوري في يوم عيد فقال :إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض البصر . حلية الأولياء 7 / 23
• وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ : إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ قَالَ :اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ . رواه البخاري معلقاً بالجزم 5/2299
• عن أبي عمرو الشيباني قال :قال أبو موسى : لأن تمتلئ منخري من ريح جيفة أحب إلي من أن تمتلئان من ريح امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17229)
• عن إبراهيم قال :قال عبد الله : لأن أزاحم بعيراً مطلياً بقطران أحب إلي من أن أزاحم امرأة . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17230) .
مصدر هذه الرسالة :
سلسلة رسائل إصلاح الأسرة
الرسالة الأولى : تكريم النظر بغض البصر
جمعها أخوكم / سامي بن خالد الحمود
موقع صيد الفوائد ttp://www.saaid.net
هل من مشمر؟؟
{ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ }
قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس .
قال ابن تيمية : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون السمك إذا فارق الماء ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبرة ..
الوجود كله ذاكر لله مسبح له، قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (44) سورة الإسراء
الجماد: قول النبي : ((هذا جمدان (اسم جبل) سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرت))
الحيوان: قول النبي : ((فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله منه))(1/74)
الطير: قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} (10) سورة سبأ. أوّبي: أي سبحي، والتأويب الترجيع فأمرت الجبال والطير أن ترجع معه بأصواتها.
ثم يثور السؤال ...
أوقات المسلمين أين تنفق ...؟؟؟؟
سؤال لك يا أخي ..
أين تنفق وقتك طوال اليوم ؟؟
ينظر الناظر إلى أهل الكفر والضلال والإلحاد فيجد ماذا ؟؟
يجدهم لا يدخرون مالا ولا وقتا ولا جهدا في محاربة هذا الدين والكيد له و محاولة النيل منه ,
ثم ينظر إلى أبناء هذا الدين , أحفاد الصحابة , أتباع الرسول صلى الله عليه سلم ...
فماذا يجد ؟؟؟
سهو ولهو وغفلة ..
ضياع وتشتت ..
تواكل وتواني وخور ..
إلا من رحم الله منهم ..
يا أخي ..
إن لم تنفق وقتك في نصرة هذا الدين ..
وفي تنمية حسناتك ..
ففيم ستنفقه .؟؟
أيها الحبيب
ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال ، وأطهر ما يمر بالفم ، وتنطق به الشفتان ، وأسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي ، والناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب ، وهم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت ، أو يدفعوها إذا أوشكت ، ومع ذلك فإن ذكر الله عز وجل ، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله ، وأنه على كل شيء قدير ، وأن شيئا لن يفلت من قهره وقوته ، وأنه يكشف ما بالمعنى إذا ألم به العناء ، حينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد
في حضارتنا المعاصرة ، كثر المثقفون ، وشاعت المعارف الذكية ، ومع ذلك كله ، فإن اضطراب الأعصاب وانتشار الكآبة داء عام . ما الأمر وما السبب في ذلك ؟ إنه خواء القلوب من ذكر الله ، إنها لا تذكر الله كي تتعلق به وتركن إليه ، بل كيف تذكر ، من تتجاهله ؟!!!(1/75)
إن الحضارة الحديثة ، والحياة المادية الجافة ، مقطوعة الصلة بالله إلا من رحم الله ، والإنسان مهما قوي فهو ضعيف ، ومهما علم فعلمه قاصر وحاجته إلى ربه أشد من حاجته إلى الماء والهواء ، وذكر الله في النوازل عزاء للمسلم ورجاء {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد . ولو تنبه المسلمون لهذا ، والتزموا الأوراد والأذكار ، لما تجرأ بعد ذلك ساحر ، ولا احتار مسحور ، ولا قلبت بركة ، ولا تكدر صفو ، ولا تنغص هناء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى الذكر :
للذكر معنيان:
أ- عام: كل ما يتقرب به العبد لربه فهو ذكر لله عز وجل، فجوارح العبد لم تتحرك للطاعة إلا وذكر الله تعالى قد ساقها.
ب - خاص: هو ما يجري على اللسان والقلب من تسبيح وتنزيه وحمد وثناء على الله عز وجل.
الحث على الذكر ..
قال تعالى: {فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]
وقال تعالى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصّافّات:143]
وقال تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ والنَّهارَ لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء:20].
عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذي لا يَذْكُرُهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ".
عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أَلا أُنْبِئُكُمْ بِخَيْرِ أعمالِكُمْ وَأزْكاها عنْدَ مَلِيكِكُمْ، وأرْفَعِها في دَرَجَاتِكُمُ، وخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْر مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ؟ قالوا: بلى، قال: ذِكْرُ اللَّهِ تَعالى". قال الحاكم أبو عبد اللّه في كتابه المستدرك على الصحيحين: هذا حديث صحيح الإِسناد.
من فوائد الذكر ..(1/76)
1ـ يطرد الشيطان
2ـ يرضي الرحمن
3ـ يزيل الهم والغم
3ـ يجلب البسط والسرور
4ـ ينور الوجه
5ـ يجلب الرزق
6ـ يورث محبة الله للعبد
7ـ يورث محبة العبد لله ومراقبته ومعرفته والرجوع اليه والقرب منه
8ـ يورث ذكر الله للذاكر
9ـ يحيي القلب
10ـ يزيل الوحشه بين العبد وربه
11ـ يحط السيئات
12ـ ينفع صاحبه عند الشدائد
14ـ سبب لنزول السكينه وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة
15ـ ان فيه شغلا عن الغيبة والنميمة والفحش من القول
16ـ انه يؤمن من الحسرة يوم القيامة
17ـ انه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله للعبد يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله
18ـ انه آمان من نسيان الله
19ـ انه آمان من النفاق
20ـ انه أيسر العبادات واقلها مشقة ومع ذالك فهو يعدل عتق الرقاب ويرتب عليه من الجزاء ملا يرتب على غيره
21ـ انه غراس الجنة
22ـ يغني القلب ويسد حاجته
23ـ يجمع على القلب ما تفرق من إرادته وعزومه
24ـ ويفرق عليه ما اجتمع ما اجتمع من الهموم والغموم والأحزان والحسرات
25ـ ويفرق عليه ما اجتمع على حربه من جند الشيطان
26ـ يقرب من الآخرة و يباعد من الدنيا
27ـ الذكر رأس الشكر فما شكر الله من لم يذكره
28ـ أكرم الخلق على الله من لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله
29ـ الذكر يذيب قسوة القلب
30ـ يوجب صلاة الله وملائكته
31ـ جميع الأعمال ما شرعت إلا لإقامة ذكر الله
32ـ الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته
33ـ يسهل الصعاب ويخفف المشاق وييسر الأمور
34ـ يلب بركه الوقت
35ـ للذكر تأثير عجيب في حصول الأمن فليس للخائف الذي اشتد خوفه انفع من الذكر
36ـ سبب للنصر على الأعداء
37ـ سبب لقوة القلب
38ـ الجبال والقفاز تباهي وتبشر بمن يذكر الله عليها
39ـ دوام الذكر في الطريق وفي البيت والحضر والسفر والبقاع تكثير لشهود العبد يوم القيامة
40ـ للذكر من بين الأعمال لذة لا يعدلها لذة .
فضائل الذكر:
لَوْ يَعلَمُ العَبدُ مَا فِي الذِّكْرِ مِنْ شَرَفٍ (1/77)
لَوْ يَعْلمُ النَّاسُ مَا في الشُّكْرِ مِنْ شَرَفٍ
ولم يُبالُوا بأوراقٍ ولا ذهبٍ
أمْضَى الحياةَ بتسبيحٍ وتَهْليلِ
لَمْ يُلْهِهِم عَنْهُ تَجْمِيعُ الدَّنانيرِ
ولَو تجَمَّع آلافُ القناطيرِ
1 - لا طمأنينة للقلب إلا به ، قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد
2 - يستدرك العبد بالذكر تقصيره للحديث: ((أن رجلا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبروني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطبا بذكر الله)).
3- مطردة للشيطان ووساوسه: للحديث: ((إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس)).
4- مغفرة للذنوب: فعن أنس : ((أن رسول الله أخذ غصنا فنفضه فلم ينتفض ثم نفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فانتفض، فقال رسول الله : إن سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها)).
5- غراس وبناء: عن ابن مسعود ، قال: قال رسول الله : ((لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسرى بي، فقال يا محمد: أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان (أي مستوية منبسطة) وأن غراسها سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر)).
6- الحصن الحصين من الآفات والأمراض والشرور: للحديث: ((من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، لم يصبه ذلك البلاء)).
7- معية الله ورحمته وتوفيقه لذاكره سبحانه: للحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي وأن معه إذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).
8- سبب للنجاة من عذاب الله: للحديث: ((ما عمل آدمي قط أنجى له من عذاب الله من ذكر عز وجل)).
فأكْثِرْ ذِكرهُ في الأرضِ دأبًا
ونادِ إذا سَجدتَ لَهُ اعْترافًا
وسَلْ منْ رَبِّك التوفِيقَ فيها (1/78)
ولازم بابه قرعًا عساهُ
لتُذْكَرَ في السَّماءِ إذا ذَكَرتَ
بما ناداهُ ذو النون بنُ متَّى
وأخلصْ في السُّؤال إذا سَألتَ
سيُفتحُ بابه لك إن قَرعتَ
ولسائل أن يسأل
: ما بال ذكر الله سبحانه، مع خفته على اللسان وقلة التعب منه ، صار أنفع وأفضل ، من جملة العبادات مع المشقات المتكررة فيها ؟
فالجواب : هو أن الله سبحانه جعل لسائر العبادات مقدارا ، وجعل لها أوقاتا محدودة ، ولم يجعل لذكر الله مقدارا ولا وقتا ، وأمر بالإكثار منه بغير مقدار ، لأن رؤوس الذكر هي الباقيات الصالحات ؛ لما ثبت عن النبي أنه قال : ((خذوا جُنتكم . قلنا : يا رسول الله ، من عدو قد حضر ؟ قال : لا ، جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله، والله أكبر . فإنهن يأتين يوم القيامة منجبات ومقدمات وهن الباقيات الصالحات )) رواه الحاكم وصححه .
أحوال الذاكرين
من الذاكرين من يبتديء بذكر اللسان وان كان على غفلة, ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه فيتواطأ على الذكر. ومنهم من لا يرى ذلك ولا يبتديء على غفلة بل يسكن حتى حتى يحضر قلبه فيشرع في الذكر بقلبه, فاذا قوي استتبع لسانه فتواطآ جميعا. فالأول ينتقل الذكر من لسانه الى قلبه. والثاني ينتقل من قلبه الى لسانه, من غير أن يخلو قلبه منه, بل يسكن أولا حتى يحس بظهور الناطق فيه. فاذا أحس بذلك نطق قلبه ثم انتقل النطق القلبي الى الذكر اللساني ثم يستغرق في ذلك حتى يجد كل شيء منه ذكرا, وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب اللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.(1/79)
وليعلم كل مسلم صادق ، أن المؤثر النافع ، هو الذكر باللسان على الدوام ، مع حضور القلب ؛ لأن اللسان ترجمان القلب ، والقلب خزانة مستحفظة الخواطر والأسرار ، ومن شأن الصدر ، أن ينشرح بما فيه من ذكره ، ويلذ إلقاءه على اللسان ، ولا يكتفي بمخاطبة نفسه به في خلواته حتى يفضي به بلسانه ، متأولا قول الله عز وجل : {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} (205) سورة الأعراف
فأما الذكر باللسان ، والقلب لاه ، فهو قليل الجدوى ، قال رسول الله : ((اعلموا أن الله لا يقبل الدعاء من قلب لاه )) رواه الحاكم والترمذي وحسنه .
وكذا حضور القلب في لحظة بالذكر ، والذهول عنه لحظات كثيرة ، هو كذلك قليل الجدوى؛ لأن القلب لا يخلو من الالتفاف إلى شهوات الدنيا ، ومن المعلوم بداهة أن المتلفت لا يصل سريعا ؛ ولذا فإن حضور القلب على الدوام أو في أكثر الأوقات هو المقدم على غيره من العبادات ؛ بل به تشرف سائر العبادات وهو ثمرة العبادات العملية .
ولذا فإن رسول الله حذر من أن تنفض المجالس دون أن يذكر الله عز وجل فيها بقوله : (( ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة )) رواه أبو داود والحاكم .(1/80)
فهذا رسول الله يمقت مجالس الغافلين ، وينهى عن كل تجمع خلا من ذكر الله ، وأن المجالس التي ينسى فيها ذكر الله ، وتنفض عن لغط طويل ، حول مطالب العيش ، وشهوات الخلق ، في تهويش وتشويش ، وهمز ولمز ؛ هي مجالس نتنة ، لا شيء فيها يستحق الخلود ، إنما يخلد ما اتصل بالآخر سبحانه وتعالى ، ولذا فقد قال صلوات الله وسلامه عليه : ((من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك . إلا كفر الله له ما كان في مجلسه ذلك )) رواه الترمذي وابن ماجة .
صور من الذكر ..
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتانِ على اللِّسانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ، حَبيبَتَانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظيمِ" وهذا الحديث آخر شيء في صحيح البخاري.
عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه قال:
قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ألا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الكَلامِ إلى اللَّهِ تَعالى؟ إِنَّ أحَبَّ الكَلام إلى اللَّه: سُبحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، وفي رواية: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيّ الكلام أفضل؟ قال: "ما اصْطَفى اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ أوْ لعبادِهِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ". صحيح مسلم
عن سَمُرة بن جندب قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:" أحَبُّ الكَلامِ إلى اللَّهِ تَعالى أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، وََلاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرّكَ بِأَيَّهِنَّ بَدأتَ". صحيح مسلم
عن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، والحَمْدُ لِلِّهِ تَمْلأُ المِيزَانَ، وَسُبْحانَ اللَّه والحَمْدُ لِلِّهِ تَمْلآنِ، أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ".(1/81)
عن جُويريةَ أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها، أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم خرج من عندها بُكرة حين صلَّى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة فيه، فقالَ:
"مَا زِلْتِ اليَوْمَ عَلى الحالَةِ الَّتي فارَقْتُكِ عليها؟ قالت: نعم، فقال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلماتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وزِنَتْ بِما قُلْتِ مُنْذُ اليَوْمِ لَوَزَنَتُهُنَّ: سُبحانَ اللَّهِ وبِحمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، َوزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِماتِهِ" وفي رواية "سبحانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِماتِهِ".
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لأَنْ أقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِليَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ".
عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال:"مَنْ قَالَ لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كانَ كَمَنْ أعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ".
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه(1/82)
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ في يَوْمٍ مائَةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عِدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مئة حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عَنْهُ مئةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطانِ يَوْمَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسيَ، ولَمْ يَأتِ أحَدٌ بأفْضَلَ مِمَّا جاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ. قال: ومَنْ قالَ سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ في اليَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".
عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال:
سمعتُ رسولَ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "أفْضَلُ الذّكْرِ لا إلهَ إلاّ اللَّهُ" قال الترمذي: حديث حسن.
عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال:
جاءَ أَعْرَابيٌّ إلى رسول اللَّه صلى اللّه عليه وسلم وقال: "علِّمني كلاماً أقوله، قالَ: قُلْ: لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، والحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبّ العالَمِينَ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ" قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال: قُل: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وَارْحَمْنِي، وَاهْدِني وَارْزُقْنِي".
عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال:
"كنّا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ في يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدُنَا ألف حسنة؟ قال: يُسَبِّحُ مئة تَسْبِيحَةٍ فَتُكْتَبُ لَهُ ألفُ حَسَنَةٍ، أَوْ تُحَطُّ عَنْهُ ألْفُ خَطِيئَةٍ"
عن أبي ذر رضي اللّه عنه(1/83)
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "يُصْبحُ على كُلّ سُلامَى مِنْ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيجْزِىءُ مِن ذلكَ ركْعَتانِ يَرْكَعُهُما منَ الضُّحَى" قلت: السلامى بضمّ السين وتخفيف اللام: هو العضو، وجمعه سلاميات بفتح الميم وتخفيف الياء.
عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال:
قال لي النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: "ألا أدُّلُّكَ على كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَةِ؟ فقلت: بلى يا رسول اللّه! قال: قُل: لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ".
عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه:
أنه دخل مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوىً أو حصىً تُسَبِّح به، فقال: "ألا أُخْبرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أو أَفْضَلُ؟ فَقالَ: سُبْحانَ اللّه عَدَدَ مَا خَلَقَ في السَّماءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ ما خَلَقَ في الأرْضِ، وسُبْحانَ اللَّهِ عَدَدَ ما بَيْنَ ذلكِ، وسُبحَانَ اللّه عَدَدَ ما هُوَ خالِقٌ، واللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذلكَ، والحَمْدُ لِلَّهِ مثْلَ ذلكَ، ولا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ مثْلَ ذلكَ، ولا حَوْلَ وَلا قُوَّة إلاَّ باللّه مِثْلَ ذَلكَ" قال الترمذي: حديث حسن.
بإسناد حسن عن يسيرة ـ بضم الياء المثناة تحت وفتح السين المهملة ـ الصحابية المهاجرة رضي اللّه عنها:
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمرهنّ أن يُراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهنّ مسؤولات مستنطقات.
بإسناد حسن، عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما قال:
رأيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعقد التسبيح. وفي رواية "بيمينه"(1/84)
من قال حين يسمع المؤذن : و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه .
(صحيح) انظر حديث رقم: 6422 في صحيح الجامع.
ــ من قال حين يسمع المؤذن : و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه .
(صحيح) انظر حديث رقم: 6422 في صحيح الجامع.
عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ رَضِيتُ باللّه رَبّاً، وبالإِسلام دِيناً، وبمُحَمَّدٍ صلى اللّه عليه وسلم رَسُولاً وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ".
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6428 في صحيح الجامع.
عن عبد اللّه بن بُسْر ـ بضم الباء الموحدة وإسكان السين المهملة ـ الصحابي رضي اللّه عنه:
أن رجلاً قال: يا رَسُول اللّه! إن شرائع الإِسلام قد كثرتْ عليّ فأخبرني بشيء أتشبث به، فقال: "لا يَزالُ لِسانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى". قال الترمذي: حديث حسن.
عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لَقِيتُ إبْرَاهِيمَ صلى اللّه عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي، فقالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَقْرىء أُمَّتَكَ السَّلامَ، وأخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وأنها قِيعانٌ، وأنَّ غِرَاسَها: سُبْحَانَ اللَّه، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ" قال الترمذي: حديث حسن.
عن جابر رضي اللّه عنه
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قالَ سُبْحانَ اللّه العظيم وبِحمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ" قال الترمذي: حديث حسن.
عن أبي ذرّ رضي اللّه عنه قال:(1/85)
قلت يا رسول اللّه! أيّ الكلام أحبّ إلى اللّه تعالى؟ قال: "ما اصْطَفى اللَّهُ تَعالى لمَلائِكَتِهِ: سُبْحانَ ربِّي وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ رَبي وبِحَمْدِهِ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخيرا اعلم يا أخي
ذكر الله تعالى ، منزلة من منازل هذه الدار ، يتزود منها الأتقياء ، ويتجرون فيها ، وإليها دائما يترددون ، الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ، وعمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت دورا بورا ، وهو السلاح الذي يقاتل به قطاع الطريق ، والماء الذي يطفأ به لهب الحريق .
بالذكر أيها المسلم ، تُستدفع الآفات ، وتستكشف الكربات ، وتهون به على المصاب الملمات ، زين الله به ألسنة الذاكرين ، كما زين بالنور أبصار الناظرين .
فاللسان الغافل ، كالعين العمياء ، والأذن الصماء ، واليد الشلاء .
الذاكر الله ، لا تدنيه مشاعر الرغبة والرهبة من غير الله ، ولا تقلقه أعداد القلة والكثرة ، وتستوي عنده الخلوة والجلوة ، ولا تستخفه مآرب الحياة ودروبها .
ذكر الله عز وجل ، باب مفتوح بين العبد وبين ربه ، ما لم يغلقه العبد بغفلته .
قال الحسن البصري رحمه الله : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة ، وفي الذكر ، وقراءة القرآن ، فإن وجدتم ، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق .
إن الذنوب كبائرها وصغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم ، إلا في حال الغفلة والنسيان لذكر الله عز وجل ؛ لأن ذكر الله تعالى ، سبب للحياة الكاملة التي يتعذر معها أن يرمي صاحبها بنفسه في أتون الجحيم ، أو غضب وسخط الرب العظيم ، وعلى الضد من ذلك ، التارك للذكر ، والناسي له ، فهو ميت ، لا يبالي الشيطان أن يلقيه في أي مزبلة شاء .(1/86)
قال تعالى : {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (36) سورة الزخرف وقال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (124) سورة طه
ذكرى
{ ألا تحبون أن يغفر الله لكم }
أخي الحبيب :
إن الشيطان قال : و عزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الرب : و عزتي و جلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني .
( حسن ) انظر حديث رقم : 1650 في صحيح الجامع .
كم أيام مرت علينا ؟؟
وكم ذنب فيها أتينا ؟؟
فهل تريد أن تمحى عنك هذه الذنوب ؟؟
قال الله تعالى : يا ابن آدم ! مهما عبدتني و رجوتني و لم تشرك بي شيئا غفرت لك على ما كان منك و إن استقبلتني بملء السماء و الأرض خطايا و ذنوبا استقبلتك بملئهن من المغفرة و أغفر لك و لا أبالي .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 4341 في صحيح الجامع .
فلا تتكاسل و افعل ما يلي :
1 - بادر بالتوبة و الاستغفار :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتبت واحدة .
( حسن ) انظر حديث رقم : 2097 في صحيح الجامع .
2 - عند سماع الأذان :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من قال حين يسمع المؤذن : و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6422 في صحيح الجامع .
2 - الوضوء و الصلاة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(1/87)
إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أضفار يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أضفار رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد و صلاته له نافلة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 449 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من توضأ مثل وضوئي هذا ثم قام فصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6175 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6177 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه و كانت صلاته و مشيه إلى المسجد نافلة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6178 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
( صحيح ) انظر حديث رقم : 395 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه و لا تغتروا .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6174 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 705 في صحيح الجامع .
3 - بعد الانتهاء من الطعام :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(1/88)
من أكل طعاما ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و من لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .
( حسن ) انظر حديث رقم : 6086 في صحيح الجامع .
5- في شهر رمضان :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6326 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6440 في صحيح الجامع .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6441 في صحيح الجامع .
6 - غفران الذنوب و إن كانت مثل زبد البحر :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من قال : سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6431 في صحيح الجامع .
7 - صوم يوم عرفة
يكفر سنتين ماضية ومستقبلة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية و السنة المستقبلة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 3805 في صحيح الجامع .
8 - صوم يوم عاشوراء :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صوم عاشوراء يكفر سنة ماضية
( صحيح ) انظر حديث رقم : 3806 في صحيح الجامع .
9 - موجبات المغفرة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن موجبات المغفرة بذل السلام و حسن الكلام .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2232 في صحيح الجامع .(1/89)
( إن من موجبات المغفرة ) أي من أسباب ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها ( بذل السلام ) أي إفشاؤه بين الناس على كل من لقيته عرفته أم لا سيما الفقراء والمساكين ( وحسن الكلام ) أي إلانة القول للإخوان واستعطافهم على منهج المداراة لا على طريق المداهنة والبهتان .
10 - المداومة على قراءة سورة الملك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له و هي :
{ تبارك الذي بيده الملك } .
( حسن ) انظر حديث رقم : 2091 في صحيح الجامع .
11 - كلمات إذا قلتهن غفر الله لك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك و إن كنت مغفورا لك ؟ قل : لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحكيم الكريم لا إله إلا الله سبحان الله رب السموات السبع و رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2621 في صحيح الجامع
12 - التسامح في المعاملة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا اقتضى .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 4162 في صحيح الجامع .
قوله ممن كان قبلكم كالحث لنا على امتثال ذلك لعل اللّه أن بغفر لنا وهذا الحديث قد تعلق به من جعل شرع من قبلنا شرع لنا لأنه تعالى ذكره لنا على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ذكراً ووعظاً والحديث [ ص 406 ] أصل في تكفير السيئات بالحسنات وتمسك به من فضل الغنى على الفقر قالوا : فإذا كان هذا الغفران في مجرد المساهلة فما بالك بمن تصدق وأطعم الجياع وكسى العراة؟ .
13 - الرفق بالحيوانات :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 4163 في صحيح الجامع .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/90)
بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسك بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله فغفر له في كل ذات كبد رطبة أجر .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2873 في صحيح الجامع .
14 - الوضوء و صلاة ركعتين :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله بذلك الذنب إلا غفر الله له .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 5738 في صحيح الجامع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه و وجهه إلا وجبت له الجنة و غفر له .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 5802 في صحيح الجامع .
15 - صلاة الجمعة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل و تطهر فأحسن الطهور و لبس من أحسن ثيابه و مس ما كتب الله له من طيب أو دهن أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ و لم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه و بين الجمعة الأخرى .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 6064 في صحيح الجامع .
16 - صلاة التسابيح :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/91)
يا عباس ! يا عماه ! ألا أعطيك ؟ ألا أمنحك ألا أحبوك ؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله ذنبك أوله و آخره قديمه و حديثه خطأه و عمده صغيره و كبيره سره و علانيته ؟ عشر خصال : أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و سورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة و أنت قائم قلت : سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها و أنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها و أنت ساجد عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا فذلك خمس و سبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات فلو كانت ذنوبك مثل زبد البحر أو رمل عالج غفرها الله لك إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 7937 في صحيح الجامع .
17 - ذكر الله :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/92)
إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجاتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم و هو أعلم منهم : ما يقول عبادي ؟ فيقولون : يسبحونك و يكبرونك و يحمدونك و يمجدونك فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا و الله ما رأوك فيقول : كيف لو رأوني ؟ فيقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة و أشد لك تمجيدا و أكثر لك تسبيحا فيقول : فما يسألوني ؟ فيقولون : يسألونك الجنة فيقول : و هل رأوها ؟ فيقولون : لا و الله يا رب ما رأوها فيقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا و أشد لها طلبا و أعظم فيها رغبة قال : فمم يتعوذون ؟ فيقولون : من النار فيقول الله : هل رأوها ؟ فيقولون : لا و الله يا رب ما رأوها فيقول : فكيف لو رأوها ؟ فيقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا و أشد لها مخافة فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة ! فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2173 في صحيح الجامع .
18 - اليقين بقدرة الله على المغفرة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له و لا أبالي ما لم يشرك بي شيئا .
( حسن ) انظر حديث رقم : 4330 في صحيح الجامع .
19 - الذكر دبر الصلوات :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا أبا ذر ! ألا أعلمك كلمات تقولهن تلحق من سبقك و لا يدركك إلا من أخذ بعملك ؟ تكبر دبر كل صلاة ثلاثا و ثلاثين و تسبح ثلاثا و ثلاثين و تحمد ثلاثا و ثلاثين و تختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير من قال ذلك غفرت له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 7821 في صحيح الجامع .(1/93)
20 - غفران الذنوب ودخول الجنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن للصلاة و يصلي فيقول الله عز و جل : انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي و أدخلته الجنة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 8102 في صحيح الجامع .
21 - سيد الاستغفار :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ألا أدلك على سيد الاستغفار ؟ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت و أبوء لك بنعمتك علي و أعترف بذنوبي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت لا يقولها أحد حين يمسي فيأتي عليه قدر قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة و لا يقولها حين يصبح فيأتي عليه قدر قبل أن يمسي إلا وجبت له الجنة .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2612 في صحيح الجامع .
22 - إماطة الأذى عن الطريق :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 2874 في صحيح الجامع .
23 - الاستغفار في ثلث الليل الآخر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل فيعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 802 في صحيح الجامع .
24 - الشهادة في سبيل الله :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 8119 في صحيح الجامع .
?
الآيات :
منسوخة من برنامج قالون للقرآن الكريم
الأحاديث:
الموسوعة الحديثية المصغرة
الجامع الصغير وزياداته
مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة
الكتب
الكتاب
المؤلف
الأذكار
الإمام النووي
بحر الدموع
ابن الجوزي
صفقات رابحة
د. خالد أبو شادي
الفوائد
الإمام ابن القيم
كيف أتوب(1/94)
الشيخ محمد حسين يعقوب
رسائل ومقالات
موقع كلمات
http://www.kalemat.org
الرسالة
الكاتب
كفى بالموت واعظا
القسم العلمي بدار الوطن
رحلة إلى دار القرار
القسم العلمي بدار الوطن
كيف أتوب
دار الوطن
موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net
الرسالة
الكاتب
أهمية التدبر في القرآن العظيم
م. عبد اللطيف البريجاوي
الفن والشعر والغناء .. والإحساس المزيف
تباع الأثر
كيف تختم القرآن الكريم كل شهر؟
الماحي السني
من سمات الصالحين البكاء من خشيه الله
د/ خالد سعد النجار
من فوائد الذكر
نور العدواني
وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون
د.ناصر بن يحيى الحنيني
شبكة السلفيون
الرسالة
الكاتب
القرآن عصمة
عبد الله بن حسن القعود
خطب وحاضرات
من موقع زاد الداعي
اسم المحاضرة
الشيخ
المحرومون
إبراهيم الدويش
حسن الخاتمة وسوءها
إبراهيم الغامدي
هل من عودة قبل الموت
سعد البوريك
ولذكر الله أكبر
سعود الشريم
حياض النجاة
علي القرني
هلموا إلى القرآن
علي القرني
القرآن العظيم
هاشم محمد علي المشهداني
عذاب القبر
هاشم محمد علي المشهداني
الذكر
هاشم محمد علي المشهداني
أول ليلة في القبر
عائض القرني
ذكريات تائب
محمد العريفي
ألحان وأشجان
محمد العريفي
* من هنا وحتى نهاية الرسالة من فصل اسكب العطر الحلال في كتاب صفقات رابحة - د.خالد أبو شادي بتصرف يسير
( 2 ) حياض النجاة - الشيخ علي القرني
??
??
??
??
- 10 -(1/95)