فتح آفاق للعمل الجاد
تأليف
فهد بن يحيى العماري
مكة المكرمة
تقديم فضيلة الشيخ علي القرني
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين ...
صلى عليه الله ماجن الد جى *** وماجرت في فلك شمس الضحى
أما بعد : فإن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته في النعيم المقيم أو حياته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمر مر السحاب فما كان لله فهو حياته وماكان غير ذلك ليس محسوباً من حياته ، والنفس بطبيعتها إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، وعلى هذا فقد اطلعت على هذه الرسالة القيمة المعنون لها بـ: ( فتح آفاق للعمل الجاد ) لفضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن فهد بن يحي العماري وفقه الله
فألفيتها تدعو كل متوقف ينشد عملاً ، وكل متفاعل غير منفعل يسعى ويكدح لتغيير واقع نفسه وأمته من الغثائية إلى الربانية والخيرية . وتقول له وأقول : حيهلا إن كنت ذا همة ، فكل شيء شجرة وأنت الثمرة وصورة وأنت المعنى وصدف وأنت الدر ومخيض وأنت الزبد . فاعرف قدر نفسك وارق بها عن حب الوسادة لتلحق بالسادة ، فمن آثر الراحة فاتته الراحة . خذ من هذه الآفاق مايجعلك فاعلاً رحب الأفق .
كتب الله لي ولك ولكاتبها القبول وفتح لها القلوب والحمد لله علام الغيوب .
كتبه فضيلة الشيخ :
علي بن عبدالخالق القرني
المدرس بالمعهد العلمي في مكة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :(1/1)
أخي المسلم المتمسك بدينه فإنه من منطلق الإيمان بضرورة العمل الجاد وإعداد الإنسان نفسه ومن تحته من بنين وبنات وطلاب وطالبات وأسر وجمعيات إعداداً علمياً وتربوياً وإيمانياً والإيمان بضرورة اغتنام الأوقات والدقائق والساعات في كل زمان ومكان ليس في الإجازات والامتحانات فحسب كما يفعل ويفهم البعض ، ومن منطلق الأخوة الحقة والمحبة الصادقة وخدمة دين الله والتعاون على البر والتقوى وكل واحد منا يعين أخاه ونحن مسافرون إلى الله والأمة كالجسد الواحد .
فإني أضع بين يدي أخواني الأئمة والمؤذنين والدعاة والآباء والأمهات والمربين والمربيات والصغار والكبار والذكور والإناث المؤمنين بكل ذلك هذه المجالات على عجالة تذكيراً وانتهازاً للفرصة واغتناماً للأوقات ومسارعة للخيرات قبل الفوات وانتشالاً للخليقة من الرذيلة إلى الفضيلة .
دعوة لكل من يحمل هم هذا الدين وعبء رسالة سيد المرسلين ، إهداء للعاملين في محاضن التربية ودُور التوجيه صُنَّاع الرجال إلى الذين يحرقون أنفسهم ليضيؤا الطريق للآخرين ، إلى القضاة والأطباء والمهندسين وكل مسلم غيور على هذا الدين ، نداء إلى الذين يشتكون من الفراغ والفوضى في الأوقات والعلم والدعوة والإيمان ، إلى الذين آثروا حب القعود والدعة والسكون ، إلى الذين يحبون أن يعيشوا تحت الظل والبعد عن حر الشمس وبين الأهل والإخوان ، إلى الذين يأخذون ولا يعطون ويسمعون ولا يبلغون ، يستهلكون ولا ينتجون ، إلى الذين يتقنون فن التهرب من المشاركة في تبليغ هذا الدين بأعذار واهية وحيل نفسية زائفة ، دعوة لقتل السلبية والعطالة والبطالة بسكين العمل وبدء الحياة من جديد ،(1/2)
إلى الذين يقتلون أنفسهم والآخرين بأيديهم فيعطلون العقول والمواهب والقدرات ، إلى عشاق السَّمر على ضوء القمر وهواة صيد البر والبحر والشوي على جمر السَّمُر بلا هدف عال وغاية نبيلة بل قتل للأوقات في القيل والقال والتعصب والتحزب والتفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب وبث الإشاعات والتجريح والتصنيف وكثرة الجدال والتفتيش عما عند فلان وفلان وتتبع السقطات وكثرة السؤال عما لا يعني ولا يفيد لا في أمر دنياً ولا دين متفرجين وناقدين ومحوقلين ولا عجب فهكذا يصنع الفراغ ، إلى أصحاب جلسات الاستراحات المليئة بالركام من الآفات ، إلى اليائسين والفاترين والفوضويين والالتزام الأجوف ، هتاف يستحث الجميع للتجديد ولتربية النفوس والسير بها لما يرضي الملك القدوس ، وهي فتح آفاق للعمل الجاد المثمر المتعدي نفعه .
فتح آفاق لمن حُجبت عنه بعض الآفاق .
فتح آفاق لمن عجز حساً أو معنى عن بعض الآفاق .
فتح آفاق لمن ظن أن الدعوة في محاضرة أو شريط أو كتاب .
ما هي إلا تقليبات نظر وتلاقح أفكار وإرصادات فكر وجمع من بطون الكتب ، أضعها بين أيديكم وفيكم العالم والكبير والفاضل والمربي المحنك ، أردت بها الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين فعذراً للجميع ولكن كما قال النووي رحمه الله : ( لا بأس أن يذكر الصغير الكبير والمفضول الفاضل ) ولست في مأمن من العثار ، ولا بمنجى من الخطأ فحسبي أني اجتهدت لا آلو . جعلها الله خالصة لوجهه ونفع بها من تناولها وجعلها كلمة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذنه تحرك القلوب وتوقظ النفوس وتثير العزائم وتعلي الهمم
وقد قسمتها إلى عدة أعمال :(1/3)
إيمانية وعلمية ودعوية وتربوية وأمور عامة ومسابقات وإشارات وتوجيهات وكلها يستفيد منها الإمام في مسجده وحيه والمدرس في مدرسته وحلقته والداعية في نفسه وأسرته وعمله ومع الناس عموماً والعاملون في مراكز الدعوة والمؤسسات الخيرية والقضاة والأطباء والعسكريون ،كل واحد منهم يأخذ منها ما يناسبه في مجاله ، فوضعت تقسيماً تقريبياً يسهل على كل واحد الوصول إلى مراده من خلال محيطه وعمله .
نريد من القضاة أن يكونوا دعاة قبل أن يكونوا قضاة .
نريد من الأطباء أن يعالجوا القلوب قبل أن يعالجوا الأبدان .
نريد من الجنود أن يكونوا حماة للدين قبل أن يكونوا حماة للأوطان.
فإليكها عبد الله واستعن بالله واقرأها بعين الرضا رضي الله عنا وعنك .
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ، وجعل لي ولك غنمها وعفا عن غرمها :
الأعمال الإيمانية : (1)
1- المحافظة على السنن اليومية كالرواتب والجلوس إلى الإشراق وركعتيه وسنة الضحى وقيام الليل والوتر وترديد الأذان والإقامة وقراءة القرآن وأذكار الصباح والمساء ( وليكن لسانك رطباً بذكر الله ) (2) وانتظار الصلاة إلى الصلاة ولو من المغرب إلى العشاء في بعض الأيام (فبه تمحى الخطايا والآثام وترفع الدرجات ) (3) وتهذب النفوس وتعلَّق ببيوت الله .
2- القيام ببعض العبادات ولو جماعية كقيام الليل وصيام الاثنين والخميس والذهاب للحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والذهاب للجمعة وصلاة الاستسقاء والكسوف مع الأهل أو اختيار الرفيق المعين والمناسب وحديثي العهد بالتمسك والتعاون على الخير قال شيخ الإسلام ( لو أن قوماً اجتمعوا في بعض الليالي على صلاة التطوع من غير أن يتخذوا ذلك عادة راتبة لم يكره ) الفتاوى <ج23-33>.
3- زيارة المقابر وحضور الجنائز بين كل فينة وأخرى ، لتهذيب النفوس وتحصيل الأجور وترقيق القلوب ودعوة الناس والإخوان لذلك وتذكير الإمام الناس بذلك .(1/4)
4- التبكير يوم الجمعة وقراءة سورة الكهف مع مراجعة بعض المتون أجر وغنيمة والاجتهاد في الدعاء في آخر ساعة منه قال عليه الصلاة والسلام ( فيها ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر ) رواه أبو داود وصححه الحاكم
الأعمال العلمية :
5- حفظ كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض المتون التأصيلية مع مراعاة التدرج في جدية واختيار المعين الجاد لحفظ ذلك ومراجعته والانتظام في حلقات تحفيظ كتاب الله متعلماً أو معلماً ( وخيركم من تعلم القرآن وعلمه ) رواه البخاري .
6- بحث بعض المسائل العلمية وتدارسها وإحالة المشكل منها إلى العلماء ليزيلوا عنها الإشكال .
7- إعداد المناظرات العلمية الجادة .
8- استماع شريط تارة فردياً وتارة جماعياً مع مناقشته واستخراج الفوائد منه .
9- دراسة فن التخريج باختصار وتكليف البعض بتخريج بعض الأحاديث تدريباً وفائدة عن طريق الكتب أو برامج الحاسب والقيام بتخريج أحاديث بعض الكتب والرسائل ولو عزواً إلى مصادرها وتكليف البعض بذلك .
10- إعداد الدروس والبحوث العلمية والمواضيع النافعة مع الجدية في الطرح والاختيار الأمثل .
11- القراءة في بعض الفتاوى قراءة فردية أو جماعية كفتاوى سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين رحمهما الله واللجنة الدائمة ومجلة البحوث الإسلامية مع الاهتمام بفتاوى المسائل المعاصرة .
12- القراءة في كتاب علمي أو تربوي أو في كتب السيرة قراءة فردية أو جماعية على أحد المشايخ وطلاب العلم مع مدارسته ومناقشته .
13- الاستماع للأشرطة التربوية لشرح متن من المتون أثناء قيادة السيارة فالإنسان يقضي في سيارته يومياً ما لا يقل عن ساعة وكذا في السفر فتجد البعض ينهي متناً بشرحه في رحلة فردية أو جماعية مع التعليق على الكتاب إن تيسر .(1/5)
14- الاستعداد لمواسم العبادة كرمضان والحج علمياً كالقراءة في فتاوى اللجنة الدائمة للمبتدئين وأما الدعاة وطلبة العلم الذين يتعرضون للفتوى فالقراءة في الكتب المطولة وكذا الفتاوى لترسيخ العلم ومراجعته .
15- ارتياد المكتبات العلمية والأندية الأدبية ومكتبة الحرمين بمكة والمدينة وتعويد الأبناء والطلاب على ارتيادها والاستفادة منها .
16- إعداد الدورات العلمية للرجال والنساء في الإجازات الصيفية وقبل الحج ورمضان لتعليم الناس أمور دينهم وكذا إعداد الدورات البسيطة في القرى والهجر وبعث طلبة العلم إليها من المدن المجاورة لها لكي يسهل التنقل إليها وتخف المئونة ولمعرفتهم بأماكن قراهم وعاداتهم وتقاليدهم .
17- فهرست بعض الكتب موضوعياً وتكليف البعض بذلك (4) .
18- جمع بعض الفتاوى المتعلقة بنزول نازلة أو وقوع حدث أو بدعة أو محرم في بيع أو شراء أو ملبس أو زينة أو أي أمر من الأمور وسؤال أهل العلم عنها وإخراجها في كتاب أو مطوية تفيد الأمة .
19- متابعة الدروس العلمية والمحاضرات العامة ودعوة الناس إليها وتذكير الإمام الناس بذلك أعقاب الصلوات وحضور مناقشة الرسائل العلمية في الجامعات .
20- تلخيص الكتب المفيدة وتفريغ الأشرطة وتقييد الفوائد في دفتر مستقل أو داخل الكتاب مع استشارة طلاب العلم ومراعاة الاختيار الأمثل وتكليف البعض بذلك .
21- الاستماع إلى إذاعة القرآن وبرنامج نور على الدرب والجلوس مع الأهل للاستماع له وإيصائهم به والاطلاع على هيكل برامج إذاعة القرآن الكريم وتوزيعه ويطلب من مجلة الأسرة .
22- الاهتمام بدفتر الفوائد اليومية بحيث تسجل الفائدة ومصدرها وتصنف الفوائد في آخر كل عام تحت موضوعات معيَّنة .
23- إعداد دروس مختصرة للتعريف ببعض الكتب بذكر المؤلف ومنهجه وأهم المواضيع مع طرح واحد منها وعدد أجزاء الكتاب وأحسن طبعاته .
24- تكليف بعض الأفراد بتفسير بعض الآيات ومعاني بعض(1/6)
الكلمات وإعرابها وكذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
25- إعداد مكتبة صغيرة متنقلة تحوي أهم الكتب للاستفادة منها في الرحلات والأسفار .
الأعمال الدعوية والتربوية :
وقد قسمتها إلى عدة محاور كل محور تحته أهم الأعمال التي يتميز بها عن غيره مع الاشتراك والتداخل في غالبها .
أولاً : المسجد والحي .
ينطلق من خلالها الإمام والمؤذن لتحريك القلوب والرحيل بها إلى علام الغيوب ، لينفثوا فيها حلاوة الإيمان وروح القرآن ، فهيا بدون عجز وانتظار وتكاسل وتوان فالناس في عطش ولهف ولسان الحال ( أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) وأرجو أن يكون من ماء الهداية العذب الزلال ما يلي :
26- مبادرة المؤهلين إلى إمامة المساجد والقيام على الأذان عن طريق الأوقاف لتفويت الفرصة على غير المؤهلين وإفادة الناس (5) .
27- دعوة الناس للخير وغرس الإيمان في قلوبهم وتفقد أحوالهم وزيارتهم والعناية ببيوت الله ورعايتها والتواصي مع أئمة المساجد ومؤذنيها في ذلك .
28- تشجيع الأطفال الصغار المحافظين على الصلاة وخاصة الفجر بإعطائهم جوائز تحفيزية .
29- مناصحة المتخلفين عن الصلاة وأصحاب المنكرات بأسلوب دمث مؤثر وإهداء الهدايا بين يدي النصيحة لتأليف قلوب البعض (تهادوا تحابوا ) (6).
30- دعوة العلماء وطلاب العلم لإلقاء الدروس والمواعظ في المساجد .
31- إقامة إمام المسجد لقاءً دورياً مع جماعة المسجد مع العوام وآخر مع الفاعلين المتفاعلين غير الكسالى والمثبطين يُطرح في كل منهما ما هو مناسب ومفيد وجديد وحل قضايا الحي ومشكلاته واستضافة طلاب العلم فيه وكل من يمكن الاستفادة منهم في مجالات الحياة .(1/7)
32- إرسال هدية لجيران المسجد والعمالة والخدم في المنازل وأماكن عملهم تحتوي على ما فيه نفع وفائدة بين كل فينة وأخرى كرمضان والعيد والإجازات وغيرها ودعوة العمالة والخدم لزيارة مكاتب توعية الجاليات والاستفادة من برامجها أو يجعل الإمام لقاء للسائقين في الحي وغيره أسبوعياً أو شهرياً يطرح فيه المفيد بالتعاون مع الجاليات .
33- التعاون بين الإمام والمؤذن في إلقاء الكلمات في المسجد والقراءة من الكتب الميسرة (7) .
34- إيجاد صندوق في المسجد وغيره لوضع المقترحات والأسئلة وغيرها وصندوق آخر يوضع فيه كل مفيد من فتاوى ومطويات ورسائل وتوجيهات .
35- إعداد لوحة في المسجد من خلالها توضع كثير من هذه المجالات من غير إكثار حتى تسهل قراءتها مع الجدية والتنويع في الاختيار وتكليف البعض بذلك وهي عمل جليل ورسالة هادفة للمصلين إذا وجدت كثير اهتمام مع إشراف الإمام عليها .
36- إقامة حلقات تحفيظ القرآن للصغار والكبار والذكور والإناث والتعاون معهم والشد من أزرهم .
37- دعوة الإمام الناس أعقاب الصلوات لحضور الدروس والمحاضرات .
38- تحريك القلوب بآيات الوعد والوعيد ، فكم من آيات تُليت كانت سبباً في هداية كثير من الناس ( فحركوا به القلوب ولاتنثروه نثر الدقل ولاتهذوه هذ الشعر ) فأسمعوا الآذان ما يوقظ الجنان .
39- تعاهد المعتكفين وقضاء حوائجهم وتيسير أمورهم .
40- زيارة أهل الحي والتجار وتوثيق الصلات معهم ودعوتهم لزيارة الدعاة والأئمة وكسبهم من أجل الدعوة وإزالة الحواجز ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم حضوراً وخدمة .
41- التركيز على بعض الأسر والشباب دعوياً والتفاف الأخيار حولهم .
42- إعداد حفل مصغر للطلاب الناجحين في الصفوف الأولى مع حضور أولياء الأمور وتقديم النافع من خلاله وتعليقهم ببيوت الله خاصة طلاب التحفيظ الذين آثروا بالتحفيظ عن كل متعة .(1/8)
43- تسهيل المشاركة لأهل الحي في الاشتراك في المجلات الإسلامية بحيث تسجل أسماء الراغبين في ذلك عن طريق الإمام واختيار العناوين البريدية المناسبة للجميع .
44- إقامة موائد الإفطار الرمضانية للعمالة وتقديم النافع من غذاء الأرواح .
45- إقامة حفل معايدة يتخلله بعض الفوائد والهدايا ومأدبة بسيطة يُدعى لها الجاليات المسلمة العربية وغير العربية .
46- المشاركة الجماعية لمن أراد الحج والعمرة من أهل الحي أفراداً أو عائلات مع إحدى الحملات أو غيرها مع إمام المسجد .
47- إعداد كلمة شهرية أو فصلية مختصرة ومتقنة تناسب الزمان والمكان والتنقل بها في مساجد الحي وغيره أو المحاضن التربوية والاجتماعات بأنواعها تربوية أو عائلية أو في زواج وعقيقة وغيرها (8).
48- الاستفادة من الصناديق التي توضع عند أبواب المنازل بدعوة أصحابها .
49- تلمس أحوال الفقراء والمساكين ونقل أحوالهم للأغنياء ليساعدوهم .
50- تنظيم لقاءات شهرية في القرى مع الدعاة وطلبة العلم للإجابة على أسئلة الناس مع الإعداد المسبق لها وإخبار الناس بذلك وجمعها عن طريق أئمة المساجد وكذا استخدام الهاتف للإجابة أثناء بقائه في القرية على الأسئلة إن وجد .
ثانياً : المحاضن التربوية .
أيها المربون والمربيات أرسل إليكم الآباء والأمهات فلذات الأكبدات أرسلت إليكم الأمة أعز وأغلى ما تملك ، أرسلت إليكم أجساداً لكي تنفخوا فيها روح الإيمان وأوعية لتملؤها بوحي الله ولبنات لتجعلوها حصناً لهذا الدين وثماراً تؤتي أكلها كل حين ونوراً يهدي به الله من يشاء ، فليست القضية أن تُملأ العقول بالنصوص ومن ثم تُلفظ على الأوراق وتُنال الشهادات أو يحفظ القرآن في الصدور وتجرى عليه المسابقات .
إن الأمة تنتظر أن تُخرجوا لها أُسْداً بالنهار ورهباناً بالليل عالمين عاملين .(1/9)
أفلا حياء من الله أن يعيش المربي عشرات السنين في محاضن التربية ولم يقف يوماً بكلمة تؤثر في النفوس فتدمع العيون وتُترجم واقعاُ عملياً في حياة النشء والقدوة القدوة يا أيها المربون (لنكن دعاة صامتين قبل أن نكون متكلمين) ومما يساعد على تلك التربية أمور منها :
51- غرس الإيمان وحب العلم وخدمة دين الله في قلوب الناشئة وتربيتهم تربية جادة نحو التمسك الصحيح والاهتمام بهم وتوجيههم لكل خير كل بحسب قدرته ومايناسبه وغرس الثقة فيهم وأنهم يعيشون لله ومن أجل دين الله لا لأنفسهم { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ..} والترقي بهم نحو أهداف منشودة وغايات نبيلة في معارج الخير والفضيلة وليلمسوا منا الشفقة عليهم والحب لهم أثناء التوجيه .
52- ربط الشباب حديثي العهد بالتمسك بالصالحين وإيصائهم بهم كإمام المسجد ومدرس التوعية في المدرسة ومدرس الحلقة وطلاب العلم وتوثيق الصلات بينهم بالطرق المناسبة .
53- متابعة حديثي العهد بالتمسك عن طريق زيارتهم والسؤال عن أحوالهم وتوجيههم لكل خير ودعوتهم واصطحابهم لحضور المحاضرات واللقاءات المفيدة والدال على الخير كفاعله وإهداء المفيد وكسب قلوبهم والسفر معهم لأداء العمرة وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والارتباط بهم ببرامج مفيدة ومنوعة دون تضييع للأوقات وكثرة اللقاءات والعشوات والسهر إلى ساعات متأخرة ربما كانت سبباً في ضعف الأخوة والانقطاع وعدم الاحترام والتقدير المتبادل والقيل والقال والتكاسل عن قيام الليل والوتر وصلاة الفجر وطلب العلم وحقوق الأهل والدراسة النظامية وغيرها من الواجبات ( وأعط كل ذي حق حقه ) رواه البخاري (9) .(1/10)
54- إعداد جلسة فوائد منوعة أو تحت موضوع معين توزع على الجميع عناصره بحيث يأتي كل واحد بفائدة مع ذكر مصدرها والإعداد المسبق لها أو إعداد جلسة مكتبية تلحقها جلسة الفوائد في الوقت المناسب وتعطى جائزة لصاحب أحسن فائدة (راجع رقم 15) .
55- الالتحاق بالمراكز الصيفية الهادفة والبناءة ومن ثم الصلة بعد ذلك بمن يلمس منهم الحرص والاستفادة والخير وتكليف البعض بذلك .
56- تكليف أفراد المحضن التربوي أو أفراد العائلة بالتنسيق والتنظيم للمواعيد والزيارات وغير ذلك .
57- المشاركة الفعالة طلاباً ومدرسين في الأنشطة المدرسية وغرس الخير في قلوب الناشئة من خلالها وتحبيبهم بالبرامج المفيدة والشيقة وحث الآباء على التعاون في ذلك واستغلال المدرسين هذه الآفاق في حصص الانتظار أو العشر دقائق الأولى من حصص المراجعة وفي بداية العام قبل بدء المناهج وفي نهاية العام عند الانتهاء وفي حصص النشاط ودعوة الدعاة لإلقاء المحاضرات في مدارس البنين والبنات.
58- الاهتمام بالوافدين من الدارسين والعاملين وتوجيههم حتى يعودوا إلى أوطانهم وهم أصحاب رسالة .
59- زيارة العلماء والدعاة والقضاة وطلبة العلم ومراكز الهيئة للاستفادة منهم ونقل ما قد يخفى عليهم من أخبار المجتمع المسلم .
ثالثاً : المنزل والعائلة (10) .
وابدأ بأهلك إن دعوت فإنهم *** أولى الورى بالنصح منك أقمن
والله يأمر بالعشيرة أولا ً *** والأمر من بعد العشيرة هين
والله يقول ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ومن طرق البلاغ والإنذار مايلي :(1/11)
60- الجلوس مع الأهل وتعليمهم الخير بأي وسيلة وأي طريق والسعي في خدمتهم ومساعدتهم داخل البيت وخارجه وتحين الفرص المناسبة كسماع بعض الأشرطة أثناء ركوبهم السيارة والقراءة عليهم من كتاب أو مقال أو طرح بعض المسائل والمسابقات ودعوة الأمهات والبنين والبنات للالتحاق بحلق القرآن وإدخال السرور عليهم أثناء الجلوس لتناول الشاي والطعام أثناء الرحلات مع مشاركة الجميع في ذلك وأهلك أولى الناس بالدعوة لكل خير بالرفق واللين والبرامج الدعوية وهذه المجالات والدعاء لهم بالهداية وحسن الاستقامة {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة } والقدوة القدوة ففعل رجل في ألف رجل أعظم من قول ألف رجل في رجل .
61- استغلال اللقاءات العائلية والأسرية بتقديم النافع ودعوة أحد الدعاة للاستفادة منه (11) .
62- الاهتمام بالحاسب الآلي وجعله عنصراً مهماً في خدمة دين الله ودعوة الناس للخير من خلال قنواته المتعددة والمتنوعة في جدية وتفكير وتجديد وتعليم الأهل ذلك ذكوراً وإناثاً ، صغاراً وكباراً والاستفادة من برامجه ومشاهدتها على مستوى الفرد والأسرة والجماعة وجعله بديلاً عن كل ناقص ورذيل .
63- إنشاء مكتبة صوتية ومرئية داخل المنزل وترتيبها ومعاهدتها بين الفينة والأخرى وفهرستها مع إنشاء مكتبة صغيرة الحجم في مجلس الرجال ومجلس النساء وتكليف الأهل بكل ذلك .
64- المشاركة في اقتناء إحدى المجلات الإسلامية كالبيان والأسرة والشقائق وسنان وشباب وتكليف الأهل أو أفراد المحضن التربوي بفهرستها موضوعياً وجمع بعض المقالات المفيدة ونشرها لكي تعم الفائدة وحين الاستغناء عن المجلات تعطى للآخرين للاستفادة منها وكذا وضعها في محلات الحلاقة والمكاتب العقارية وكبائن الاتصالات وأماكن انتظار المراجعين في المحاكم والمستشفيات وغيرها .(1/12)
65- إرسال ما بقي من ولائم وما كان قديماً من ملبس وأثاث وحذاء وأوان منزلية وغيرها إلى جمعيات البر ، وتذكير الأهل والإخوان والناس وتكليف بعضهم بذلك بين كل فينة وأخرى وعند الأعياد وتغيير المساكن وغيرها .
66- توزيع المهام بين أفراد العائلة وغرس الثقة فيهم وتعويدهم على تحمل المسؤولية مما يساعد على ملء أوقاتهم وبعدهم عن الفراغ وأصحاب السوء مثل مسؤول عن الفواتير وتسديدها وآخر عن المشتروات وإصلاحات السيارة والبيت وآخر عن متطلبات النساء والصغار وصندوق البريد وغيرها مع تغير المهام بينهم كل فترة وأخرى .
67- زيارة الأرحام والأقارب وتقديم النافع لهم واصطحاب الأبناء والتنسيق بين شباب العائلة الأخيار في ذلك لغرس الخير من خلال ذلك .
68- دعوة ذوي الفضل والصلاح لزيارة الأهل والإخوان وزيارة أهلك لهم للتعرف عليهم وإيصائهم بأهلك خيراً عند وجودك وأثناء غيابك .
69- تعليق نصيحة مختصرة أو إعلان محاضرة بجانب باب المنزل بحيث يقرؤها الزوار وأهل المنزل .
رابعاً : أمور عامة (12) .
70 ـ زيارة الإخوان من غير إفراط ولاتفريط حتى لاتذهب لذتها وتفقد حلاوتها ولقاء الإخوان يجلي الأحزان ويقوي الإيمان .
71- احتواء سيارتك ومكتبك ومتجرك ومنزلك على كتب وأشرطة ونصائح دعوية وإهدائها إلى من هم بحاجة إليها ومن تجد في الأماكن التي ترتادها كالمستشفى والمحلات التجارية وحراس الأمن الذين معظمهم من الشباب .
72 - الكتابة إلى المسؤولين والاتصال بهم لإبداء الاقتراحات مع الشكر على كل خير يقدمونه لدينهم ومجتمعهم ( ومن لايشكر الناس لايشكر الله ) (13) .
73- طرح القضايا الدعوية والتربوية والاجتماعية للنقاش والخروج بفائدة مكتوبة ولو أدى ذلك إلى إجراء استبانات ميدانية ومن ثم إخراجها في كتاب يفيد الأمة .(1/13)
74- متابعة بعض الصحف والإذاعة لمعرفة أخبار المسلمين في كل مكان وجمع المقالات المفيدة والرد على الشبه والفرى وتكليف الأهل أو أفراد المحضن التربوي بذلك ( وليس منا من لم يهتم بأمر المسلمين ) (14).
75- حمل البطاقات الدعوية ذات المنظر الجميل التي تطرق جملة من المخالفات الشرعية وتوزيعها على أصحاب المنكرات وبهذا ستنكر عشرات المنكرات في وقت قصير .
76- متابعة البعض للجرائد والمجلات وأخذ عناوين هواة المراسلة لدعوتهم عن طريق الرسائل في الداخل والخارج .
77- ضع صندوقاً لأفكارك ومشكلاتك من أمر دنياً أو دين ثم اعرضها على ذوي العلم الراسخ والرأي السديد وأصحاب التخصص ، ولا تنس اصطحاب المفكرة والأوراق الصغيرة لكتابة تلك الأمور والأشياء السريعة والمواعيد ولاتنس أن تلقي نظرة سريعة كل يوم في دفتر المواعيد تلافياً لنسيانها والازدواجية فيها .
72- الشفاعة الحسنة للمسلمين من ذوي الوجاهة ( اشفعوا تؤجروا ) (15) .
73- مشاورة من جرب الأمور وأخذ مشورته بعين الاعتبار وتسجيلها كفائدة ربما تحتاجها بعد حين .
74ـ الاتصال المستمر بالخطباء والمحاضرين وطرح بعض الأفكار والموضوعات والنصوص والفوائد عليهم ليفيدوا الناس من خلالها .
75- التعاون مع مراكز الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بإلقاء الدروس والمحاضرات والكلمات وتوزيع الإعلانات والمشاركة معهم في الأعمال الدعوية مع تقديم الاقتراحات والأفكار البناءة .
76- إعداد الدروس والمحاضرات والخطب وحملها في الرحلات لإفادة الناس إذا وجدت الفرصة مناسبة في مسجد واجتماع أو زواج ( والمؤمن كالغيث أين ما وقع نفع ومبارك أين ما كان )جعلنا الله كذلك .
77- نداء لذوي المكانة والجاه والكلمة المسموعة وكبار السن للسعي في الإصلاح بين الناس وجمع القلوب وتحين الفرص المناسبة كرمضان والعيد وغيرها .
78- تهيئة النفوس لمواسم الخير كرمضان والحج وغيرها والاستعداد لها عبادة ودعوة .(1/14)
79- الاهتمام بتعلم السباحة وركوب الخيل ورياضات الدفاع عن النفس .
80- المساهمة الجادة في كتابة المقالات وإرسالها إلى الصحف والمجلات وبرامج الإذاعة وكل قناة ووسيلة يمكن نشرها من خلالها لكي يعم النفع ولا تحقرن من المعروف شيئاً فرب كلمة صادقة يكتب الله لها القبول فيهدي الله بها الفئام من الناس (ولئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم )رواه البخاري .
81- الاتصال الهاتفي نعمة من الله فلتسخر في نيل العلم والدعوة إلى الله والتناصح والتواصي بين المسلمين وصلة الأهل والأرحام والإخوان والجيران والمرضى وكثير مما تقدم بلا تفريط وإهدار للأوقات مع مراعاة آدابه (16) .
82- الاشتراك في الدورات الكشفية كالحاسب الآلي والخط والدورات المهنية كالنجارة والكهرباء وغيرها مما يخدم الدعوة ودين الله والناس .
83- إقامة مخيمات دعوية في مواسم الإجازات والأعياد على مستوى المدينة والحي _إن تيسر _تحت إشراف مراكز الدعوة خاصة في المدن السياحية وفي مكة والمدينة والإعلان عنها في المطارات والمداخل البرية وتوضيحها حتى يسهل الوصول إليها وتقديم هدية للمصطاف من خلالها تحوي المفيد ولهو الأطفال المباح.
84- إقامة جلسات أدبية وأمسيات شعرية .
85- إنشاء مكتبات في أماكن الانتظار والمصليات في الدوائر الحكومية وغيرها .
86- الاستفادة من ذوي اللغات الأجنبية في توجيه الجاليات وكتابة الإرشادات وترجمة بعض المقالات والكلمات المحرمة للتحذير منها ونشرها لكي تعم الفائدة .
87- إعداد بعض البرامج للرحلات والمخيمات والإجازات وحفلات الزواج والأعياد وغيرها مع مراعاة التنوع والإفادة في جدية وتناسب .
88- إعداد اللوحات التوجيهية والنصائح التذكيرية على جنبات الطرق السريعة ومساجدها وداخل المنزل وتكليف أفراد المحضن التربوي والأهل بذلك .(1/15)
89- اصطحاب الكتب والأشرطة والمطويات أثناء السفر وإعطائها المسافرين جواً أو براً أو بحراً ووضعها في مساجد الطرق ومحطات الوقود وأماكن استئجار السيارات لتوزيعها على أصحاب الأجرة ليكونوا دعاة للركاب والمسافرين (17) .
90- زيارة المرضى في المستشفيات ودور الرعاية والملاحظة وإدخال السرور عليهم وتقديم الهدايا لهم واصطحاب الإخوان في ذلك .
91- زيارة إخواننا في القرى والهجر مع تقديم النافع والمفيد وإعانة الفقراء منهم .
92- زيارة الحجاج والمعتمرين في أماكنهم ومعرفة أحوالهم وتوجيههم لما يصلح عقيدتهم ونسكهم والاستفادة منهم ومعاملتهم بالحسنى حتىيرجعوا إلى أوطانهم وهم أصحاب رسالة
قال عليه الصلاة والسلام : ( إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه أبو يعلى وصححه الحاكم مع مشاركة التوعية في الحج لتحقيق الأهداف البناءة .
93- زيارة الشباب المقصرين والذين يلمس منهم الخير والحياء وكذا أصحاب كبائن الاتصالات الذين غالبهم من الشباب وتعاهدهم بالهدايا المفيدة والتقرب إليهم وإزالة الحواجز والتودد إليهم .
94- إبداء الاقتراحات والملاحظات والأفكار وتطويرها تجاه ما يطرحه المحاضرون والخطباء والمؤلفون ومراكز الدعوة وغيرها .
95- الشراء من المحلات التي لاتبيع المحرمات وتشجيعهم وهجر من عداهم وإن بعدت المسافة فاحتساب الأجر عند الله والتواصي على ذلك وتذكر عناء أهل الباطل في باطلهم .
96- استغلال حملات الحج والعمرة في كل مافيه نفع وفائدة من دروس ومحاضرات ومشاركة الدعاة وطلبة العلم معهم لغرس الخير من خلال الجو الإيماني الذي يعيشونه والتعارف من خلال تلك الرحلات وأخذ العناوين والهواتف والاتصال بعد ذلك مع من يلمس منهم التأثر.
97- النصيحة عن طريق الهاتف والرسالة في حسن عبارة وقوة دليل مطلب ضروري يحتاج إلى إعداد .(1/16)
98- زيارة الدعاة وطلبة العلم السجون للإصلاح عن طريق مكاتب الدعوة والشؤون الدينية في الأمن العام وتقديم النافع لهم من خلال هذه الآفاق وهي موطن قد غُفل عنه وتخصيص البعض لهذه المهمة (18)
فالتركيز من أسباب النجاح وكذا زيارة القطاعات العسكرية وإنشاء مندوبيات دعوية داخل السجون .
يا رجال الأمن : نريد من بين الصفوف من يحمل هم الدين ، نريد منكم دعاة للمجرمين داخل السجون لكي يخرجوا منها تائبين ، صالحين ومصلحين .
99- إنشاء لجان مستقلة في كل مدينة أو في المكاتب الدعوية لحل المشكلات الأسرية والمشكلات التربوية عند الشباب والفتيات يقوم عليها بعض الدعاة والمربين وأصحاب التخصص في علم الاجتماع والنفس وتحدد الأيام على حسب المشكلات ويكون ذلك عن طريق الهاتف وغيره ومن ثم تخرج بحوث في علاج تلك المشكلات،لأن الأمة بدأت تعيش حياة التعقيد والانفتاح على العالم كله (19) .
100- التبادل بين الخطباء في المساجد في بعض الجمع للتجديد والنفع .
101- متابعة الجديد من الكتب والأشرطة النافعة وتكليف البعض بذلك ومن ثم إخراجها في ورقة تتضمن اسم الكتاب والشريط ونبذة عنهما والمكتبة وتعليقها في لوحة المسجد ودور التعليم وأماكن الانتظار وغيرها وحث الناس على شرائها لكي تعم الفائدة وخدمة لدين الله وللعلم وطلابه وذلك عن طريق :
أ- زيارة المكتبات المرئية والصوتية .
ب- زيارة معارض الكتب مع اهتمام بالغ بكتب التراث .
102- التواصي على ألا غيبة بيننا فلا نغتاب أحداً ولا نجالس مغتاباً ولا ننصت له وإنها لكبيرة .
103- الدعاء بصدق للأهل والإخوان والمستضعفين وأصحاب الحاجات والموتى وما أعظمها من خلة تدل على صدق الأخوة وفوق ذلك ولك مثله .(1/17)
104- طرق القلوب وكسبها ومعرفة دخائل النفوس والسير بها إلى الملك القدوس ضرورة في حياة الداعية وملاك ذلك حب الله وتقواه والقدوة الحسنة وقضاء حوائج الناس والاهتمام بهم والسؤال عنهم ولو هاتفياً وغرس الثقة فيهم وإفشاء السلام (والكلمة الطيبة صدقة) (20) (وخالق الناس بخلق حسن) (21) ( والقلوب جبلت على حب من أحسن إليها ) (22) .
105- إرشاد الرجل في أرض الضلالة وإعانة المسلم على حمل متاعه وإدخال السرور عليه وكشف كربته وقضاء دينه وطرد جوعه والمشي في قضاء حاجته قال صلى الله عليه وسلم ( وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي ديناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في مسجدي شهراً ومن مشى في حاجة أخيه حتى يثبتها ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ) (23) ( وإذا أراد الله بعبد خيراً صيَّر حوائج الناس إليه) (24) ( وصنائع المعروف تقي مصارع السوء ) (25) ولو طرقت الأبواب الآن لحاجة لأغلقت ولو سمعت الآذان نائبة لصمت إلا ما شاء الله ولكن الجود والخير بحار مغلقة قلَّ واردها وندر من أبحر فيها قال ابن خارجة رحمه الله ( ما سألني أحد حاجة إلا رأيت له الفضل عليّ ) .
106- ادخار جزء من الراتب شهرياً لأعمال الخير وحث التجار على ذلك .
107- أخص بها أهل مكة فهنيئاً لكم الطواف وهنيئاً لكم رؤية الكعبة فما ألذها من نظرة ، هنيئاً لكم حرم الله والصلاة فيه ، فلا تكونوا من أزهد الناس فيه ، وهي كذلك لأهل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل طيبة .
خامساً : المسابقات .
إعداد المسابقات الثقافية الأسبوعية والشهرية والموسمية المنوعة والمفيدة والشيقة على مستوى الأسرة والحي والمدينة وإعداد الجوائز للتحفيز وإثارة الهمم وهي أسلوب ناجح ،جمع بين الدعوة والترفيه وشغل الأوقات وتكليف البعض بذلك وإعطائها الآخرين للاستفادة منها ومن ذلك :(1/18)
أ- وضع أسئلة على شريط وكتاب مع الاختيار المناسب والتنويع في ذلك إيمانياً وعلمياً وتربوياً ودعوياً ثم إخراجها في كتاب مسابقات يستفاد منه .
ب- وضع أسئلة على شخصية من السلف مع القراءة المسبقة في كتاب معين يتحدث عن سيرته .
ج- وضع أسئلة علمية لا تقتصر على فن معين .
د- مسابقة الحروف الهجائية بحيث تبدأ الإجابة بحرف السؤال المرقم به لا نفس السؤال مرتبة على الحروف الهجائية .
هـ- مسابقة في تفسير بعض سور القرآن وآيات الأحكام .
و- مسابقة في إعداد البحوث العلمية والتربوية أو عن مشكلة وظاهرة في المجتمع .
ز- مسابقة في باب من أبواب الفقه كالصيام والحج قبل قدومهما في كتاب ميسر ومختصر أو شريط مناسب في ذلك .
ح- مسابقة في حفظ المتون العلمية المختصرة .
ط- مساجلة شعرية .
ي- مسابقات في الخط والخطابة والشعر والرسالة والقصة والمقال وتشجيع أصحاب تلك المواهب وتوجيهم لخدمة دين الله .
آخر الآفاق
للرسالة أثر بالغ في هداية الخلق وتبليغ دين الله بعد توفيق الله ، فكم أمة دخلت في دين الله وهدى الله من البشر بسبب الرسالة .
كم لذة هجرت ومعصية تركت ودمعة سكبت وتوبة أعلنت ومشكلة فرجت وقلوب تآلفت ورحم وصلت وحوائج قضيت بسبب الرسالة .
كم معروف سدد وأعين وشر خفف أو أزيل وأهين بسبب الرسالة كم مشروع نجح وفكرة تطورت .
الرسالة والمراسلة جهد يسير لكنه عمل جليل وأسلوب دعوي مؤثر وناجح ، ركيزة دعوية مهمة ومفيدة ، ليس لأحد عذر في عدم القيام بها، عمل أساسي في دعوة الأنبياء والمرسلين والسلف الصالح والدعاة في كل زمان ومكان .
أختصره لك أيها القارئ في إشارات :
1- لماذا استخدام الرسالة كأسلوب دعوي ؟
* عظيم فائدتها .
* حب الناس للمراسلة .
* سهولة القيام بها
فالجميع يستطيعها بخلاف الخطابة والتأليف .
2- خصائص المراسلة :
أ- أنها قريبة إلى نفس المرسل إليه ، لأنها حديث خاص به ، حيث يأخذ كل كلمة بجد وعناية وتأمل .(1/19)
وحديث الروح للأرواح يسري *** وتدركه القلوب بلا عناء
ب- كثير من الكلام لا يمكن أن يقال مشافهة لكن يمكن كتابته .
ج- كثير من الناس لا يمكن مقابلتهم لكن يمكن الكتابة إليهم .
د- المراسلة لا يضبطها زمان ولا مكان بخلاف المقابلة والهاتف وغيرها .
هـ- انتقاء العبارة المؤثرة والأسلوب الرائع والحجة القوية والحوار المقنع .
و- يغلب على الرسائل الأسلوب العاطفي ( والعواطف تفعل في النفوس ما لا تفعل السيوف ) .
ز- لا تحتاج إلى جهد كبير ومال كثير .
3- تنوع الرسائل: فلا يشترط أن تكون الرسالة خطية بل يمكن أن تكون كتاباً وشريطاً ومطوية .
4- من يُراسَل ؟ العلماء والدعاة والخطباء والمسؤولون ، زملاء الدراسة والأقارب والجيران ، أصحاب المنكرات والمراكز الدعوية وكل فئات المجتمع .
5- قبل كتابة الرسالة يراعى ما يلي :
أ- الإخلاص والدعاء بالتوفيق والقبول .
ب- تحديد الهدف من الرسالة ( شكر وثناء ، نصيحة واقتراح ، ملاحظة وتنبيه ، مواصلة ووفاء ) .
ج- معرفة المرسل إليه (عمره ، ثقافته ، شخصيته ، عمله ) .
6- أثناء كتابة الرسالة يراعي ما يلي :
• إظهار كلمات الصدق والمحبة والشفقة .
• معرفة المرسل إليه سبب الرسالة
• كتابة اقتراحات لا أوامر .
• التلميح يغني عن التصريح .
• تنزيل الناس منازلها في الخطاب والأسلوب.
• ختم الرسالة بالدعاء مع وعده برسائل أخرى وطلب الإرسال منه.
7- طرق الحصول على العناوين : البريد الإلكتروني ، الصحف والمجلات المطبوعات والرسائل ، غرف المحادثة في الإنترنت .
أخيراً : رسائل الجوال قناة للتناصح وإنكار المنكرات والتواصل والتذكير بالمحاضرات والمواعيد وجديد الكتب والأشرطة بدلاً مما لا فائدة فيه (26) .(1/20)
فتى الإسلام : إن أمامك طريق طويل يحتاج إلى مزيد من الهمة العالية والعزيمة الماضية والنفس الصادقة والنية الخالصة واغتنام الأوقات وبالحزم مع النفس والآخرين تتجاوز كل عادة وتقليد ومجاملة وكما قيل العصا من أول ركزة مع مراعاة الأولويات والأهم فالأهم وكل الصيد في جوف الفرى وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل وقطع ألف ميل بدايته خطوة والتنظيم وتحديد الأهداف والاستشارة والدقة في الوقت مع التفنن في إدارته والانضباط في المواعيد مطلب وضرورة في حياة الداعية وطالب العلم وهي طريق للوصول والنجاح بإذن الله وتلاف للازدواجية في الأعمال وتزاحمها ولا تنس التخصص فإذا سلكت طريق اليمن فلا تلتفت إلى الشام وقبل ذلك وبعده طلب العون من الله مع اتهام النفس دائماً وأبدا ًوكل ذلك بلا توقف وتوان في صبر ومجاهدة ودوام إلى آخر لحظة في الحياة {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين }{استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين } .
واصل مسيرك لا تقف مترددا *** فالعمر يمضي والسنون ثوان
إذا كنت في الدنيا عن الخير عاجزاً *** فما أنت في يوم القيامة صانع
شعارك :
ماض وأعرف ما دربي وما هدفي *** والموت يرقب لي في كل منعطف
وما أبالي به حتى أحاذره *** فخشيت الموت عندي أبرد الطرف
ماض فلو كنت وحدي والدنا صرخت *** بي قف لسرت فلم أبطء ولم أقف
أنا الحسام بريق الشمس في طرف *** منِّي وشفرة سيف الهند في طرف
فلا أبالي بأشواك ولا محن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي
ولسان حالك ومقالك :
أغار على أمتي أن تتيه *** بهوج العواصف في العيلم
وتقعد صماء مغرورة *** وتطربها لغة الأبكم
وتشغلها سفسفات الأمور *** عن الفرض والواجب الأقدم
وتدفن آمالها بالضحى *** وتمسي وتصبح في مأتم
تناشد أبنائها عروة *** من الدين والحق لم تفصم
وترجو لعلائها مرهماً *** وليس سوى الدين من مرهم(1/21)
أخي لاتلن فالأولى قدوة *** لمثلي ومثلك في المأزم
تقدم فأنت الأبي الشجاع *** ولا تتهيب ولا تحجم
فلا تتنازل ولا تنحرف *** ولا تتشاءم ولا تسأم
ولاتكن من معشر تافهي *** يقيس السعادة بالدرهم
يعيش وليس له غاية *** سوى مشرب وسوى مطعم (27)
وليكن دعاؤك: اللهم إني أسألك الهمة العالية والعزيمة الماضية والنفس الصادقة والنية الخالصة واغتنام الأوقات والثبات حتى الممات ودخول الجنات .
وكلما دَبَّ إليك الضعف أو كلت النفس أو أحسست بنقص :
فتذكر الجنة والنار ، وحال الرسول المختار وصحبه الأبرار ، والسلف الأخيار كيف كانوا يكدون ويجدُّون ليلاً ونهاراً لا يفترون وزر أصحاب الهمم من العلماء والصالحين ، وانظر إلى أهل الدنيا في دنياهم وأهل الباطل في باطلهم وأهل الفسق والفن في فسقهم وفنهم ودعاة البدع والخرافات والمجون والإباحية كيف يكدحون ويخططون وينظمون لا يسأمون ولا يعتذرون ، وتذكر ما فات من الأوقات والساعات والفضائل والخيرات وما اقترفت من السيئات والخطيئات وتأمل سرعة تصرم الأزمان وعداوة الشيطان وحرصه على إغواء بني الإنسان ، تذكر ما وهبك الله جل وعلا من النعم التي تحتاج منك إلى مزيد من الشكر بالقلب والقول والعمل ، وتذكر مواكب الأنبياء والمرسلين والعلماء والصالحين وهم يسيرون إلى جنات النعيم في ذلك اليوم وما حالك حين ذاك إن فرطت أو قصرت ؟ فأدنى وقفة لهذه الأمور مع التنقل بين تلك المجالات كافية بإذن الله لأن تعود النفس فتنشط وتقوى وتعاود التحليق والجد من جديد فتسمو ووجه الله المبتغى والجنة المقصد وهكذا حتى تلقى الله وسددوا وقاربوا واعلموا أنكم لن تحصوا ( والقصد القصد تبلغوا ) (28)
(ولن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة ) (29) ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة .
فاضرب بسهم في سهام أئمة *** سبقوك في هذا السبيل القيم
وافتح مغاليق القلوب لتهتدي *** وعلى إلهك فاعتمد واستعصم(1/22)
وإذا ألح عليك خطب لا تهن *** واضرب على الإلحاح بالإلحاح
"واعلم أن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً فأما الكبير الذي يحمل هم العلم والعمل والدعوة وهم رضا الله والجنة فماله وللنوم ؟ وماله وللراحة ؟ وماله وللفراش الدافئ والعيش الهادئ والمتاع المريح ؟ (30) { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين }
عبد الله : استغل اندفاع الأنفس للخيرات فالنفس لها إقبال وإدبار .
إذا هبَّت رياحك فاغتنمها *** فعقبى كل خافقة سكون
وإذا أعجبتك نفسك فأردت أن تحقر عملك فيكفيك رادعاً وزاجراً
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لن يُدخل أحد منكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة ) رواه مسلم .
وكلما عملت عملاً قلت في نفسك لعل هذا لا يبلغني رضى الله والجنة فإلى آخر وإلى آخر حتى تلقى الله -رزقنا الله وإياك رضاه- .
يا أخوتي : "إن الفراغ باب الأماني ومفتاح الوساوس والأفكار المضطربة ، إنه بيت الجنون وخربة الشيطان ومزرعة العصيان ، سبب للانحراف والفتور، إنه لص محترف وأنت الفريسة ، إنه فرصة لروغان الذهن عن الجادة ،إنه طريق للوقوع في شباك الرذيلة وطرق الفساد والمخدرات .
في الفراغ تعطل الواجبات وتصادر المهمات وتعظم السخافات وتذبح الحياة ويقل الحياء ويكثر المزاح، في الفراغ تشتعل نار الإشاعة وتعظم شجرة الغيبة والوشاية .
في الفراغ تجرح المشاعر ويكثر الغلط واللغط ويقل الاحترام والتقدير.
الفراغ سبب لكثير من المشكلات على مستوى الشباب والكبار والفرد والأسرة والجماعة وبين الزوجين .
الفراغ مجمع النقاد والكسالى والبطالين والعابثين .
الفراغ مرض قديم ، طبه العمل وعلاجه الجد والمثابرة وإلا فتك وقتل .(1/23)
إن الفارغ واقف ينتظر وجامد لا يتحرك وقائم لا يمشي ، إنه إنسان عادي قليل البذل في الخير ، سراب بقيعة ، إنه يقتل نفسه لأنه فقد معنى الحياة و قيمة الوقت والزمن وجلالة العمر (31) .
إن على المربين والآباء ملء أوقات الأطفال والشباب والفتيات ووضع البرامج المفيدة والشيقة وكل ما فيه نفع في الدنيا والآخرة وتعويدهم على حب القراءة مع اختيار الكتاب المناسب وتكليفهم بعد فترة من الزمن بوضع برامج لأنفسهم ومساعدتهم في ذلك حتى يصبحوا قادرين على حفظ أوقاتهم (32)
أخيراً : الطرق كثيرة والوسائل متنوعة والإخلاص والتفكير (33) الإبداعي والقوة والتجديد والابتكار وإيجاد البديل لكل رذيل مطلب وضرورة وفق الضوابط الشرعية ، لأن زمن الرتابة انتهى ومضى في جميع مجالات الحياة لأننا في زمن التجددوالسرعة والانفتاح والتقدم.
إننا بحاجة إلى دعاة وشباب مفكرين منظرين وعلماء أقوياء ربانيين يتقنون فن الحوار والمناظرة ، يفندون كل شبهة ويتصدون لكل نازلة لأننا نعيش عصر الصراع والتحديات والفتن والمضلات وكل يريد أن يكثر سواد قومه وكل حزب بما لديهم فرحون .
يا حملة الإسلام : نريد من الجميع حمل هم الإسلام ومضاعفة الجهد وتكثيف العطاء والتفكير الجاد ومناقشة الأفكار حتى تنمو وتتلاقح ويتحقق النجاح بإذن الله ، نريد جمع القلوب وسلامة الصدور والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، ولا يتحول الخلاف الفكري إلى خلاف شخصي ولا إنكار في مسائل الاجتهاد كما قال شيخ الإسلام رحمه الله (34) .
فلينطق كل فرد حسب طاقته *** يدعو إلى الله إخفاء وإعلانا
ولنترك اللوم لا نجعله عدتنا *** ولنجعل الفعل بعد اليوم ميزانا
أخي الداعية وطالب العلم :(1/24)
شمر عن ساعد الجد وامض راشداً في مجالات الخير فالمؤمل فيك أكبر والمرجو منك أكثر وليس الأمر بالعسير ولا الجد الخطير ، وطِّن نفسك وإخوانك على مخالطة الناس ، والصبر على أذاهم والعمل لوجه الله لا سواه ، ولا تستعجل الثمر ولا تستبطئ النصر والنجاح فما عليك إلا العمل وما أنت إلا عبد لله تعمل كما أراد الله واعلم أن الدين لله ، وإذا اعترضك عائق فلا تنظر يمنة ولا يسرة ولكن مباشرة انظر بعين بصيرتك إلى دار باقية ومنازل زاكية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
أخا الإسلام :
وفي النفس حاجات وفيك فطانة *** سكوتي بيان عندها وخطاب
أخوة الإيمان :
فلنعلن ساعة النفير للإقبال على الله ولتتأهب النفوس فغداً الرحيل وملاقاة الجليل فالبدار البدار ما دمنا في زمن الإمهال فالتجارة قائمة والفرصة باقية والعمر محدود .فالصلاة خير من النوم والتجلد خير من التبلد ومن عزّ بزّ.
فثب وثبة فيها المنايا أو المنى *** فكل محب للحياة ذليل
فما العمر إلا صفحة سوف تنطوي *** وما المرء إلا زهرة سوف تذبل
فلنخض ميدان التنافس بجد وثبات ولا نستوحش من قلة الرفاق ولا نكن ممن طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وذوت أغصانهم وتساقطت أوراقهم وانقطعت ثمارهم فهم في حر السموم ينقلبون فقالوا أين الركب الذين كانوا معنا ؟ فرأوهم من بعيد في قصور عالية وغرف فارهة يتمتعون بأنواع النعيم فتضاعف عليهم الحسرات وحيل بينهم وبين ما يشتهون (35) .
اللهم إنا نسألك الهمة العالية والعزيمة الماضية والنفس الصادقة والنية
الخالصة واغتنام الأوقات والثبات حتى الممات ودخول الجنات نحن والوالدان والإخوان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
دعوة للمصارحة:(1/25)
إن مما يفرح القلب ويثلج الصدر مانراه من إقبال فئات المجتمع وخاصة الشباب على التمسك بكتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام مع كثرة المحاضن التربوية التي تحتضنهم لكن هذه الأفواج تتلمس من المربين الرعاية والتوجيه وبذل النفس والنفيس والأوقات والأعمال والطاقات حتى تستقيم حق الاستقامة وتثبت على هذا الطريق إلى أن تلقى الله ، منضبطة بقواعد الشرع ونهج من سلف ، الحكمة سبيلها والكتاب والسنة دليلها ، والسلف الصالح قدوتها ، بعيدة عن التهم التي توجه إليها من كل حدب وصوب ، فهي أمانة في الأعناق ، لا نجعلهم عرضة للمز والهمز وتصيُّد الأخطاء وحديث المجالس والعوام والركبان ، لا توضع بأيدٍ لا تتقن فن التربية والتوجيه فيُنشؤا جيلاً هزيلاً ، صورته ضياء وباطنه خواء ، فلا قرآن يُحفظ ولا دروس للعلم تُحضر ولا كتب تُقرأ ولا همٌّ للدعوة يُحمل ، تجرؤٌ على الفتوى وعدم انضباط في المواعيد وتساهل في الأوقات وتقصير في النوافل وتأخر عن الصفوف الأولى في الصلوات ويوم الجمعة ، ضعف في التعامل والأخلاق مع العوام وقلة إفشاء السلام،تعلق برواسب الماضي وعد م تحرر من أصدقاء زمن الغواية والحنين إليهم وتأثيرهم عليه لمعرفتهم نقاط الضعف فيه (36) ، في بدايات الدروس والدورات العلمية إقبال يعقبه إدبار ، في البداية يكون الحرص على فعل السنن وترك المكروهات والقوة في التمسك ثم يدب الضعف ، التفكك والضعف داخل محاضن التربية ، التغير والشقاق عند أدنى حدث وهزة، تراشق بالعبارات الجارحة وتبادلٌ للاتهامات الباطلة عند أدنىخلاف ، الجدل على أمور اجتهادية لكل واحد فيها حظٌ من النظر أولا طائل من ورائها ، فنتساءل أين سمْت العلماء ونضارة العبَّاد وزهد الصالحين ونور الصادقين وخلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وأخوة الدين، أين التناصح والتماس الأعذار ودفن الأخطاء وستر المعايب والإيثار ، أين سلامة الصدور وطهارة القلوب عند أدنى خلاف ؟ أين حمل(1/26)
همِّ الدعوة وطلب العلم واتهام النفس والرأي ؟
أين تربية الأجيال على سِيَر أؤلئك الرجال { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فهل الحقيقة كالخيال !!؟ كل ادعاء لابد له من بينة وإلا :
فكل يدَّعي وصلاً بليلى *** وليلى لاتقر لهم بذاكا
أخوة الإيمان : وبعد هذا كله نتساءل لماذا هذا الضعف ؟ لنقف على نتف وإشارات سريعة وصريحة حول أسباب ضعف العمل الدعوي وضعف آثاره من قِبل الدعاة والمدعوِّين، أردت بها الترقي في السير بركبهم في طريق الدعوة إلى الله نحو الكمال النسبي الذي يؤتي أكله كل حين بإذن ربه ، ومشاركة في دفع العجلة التربوية ، ولاشك أن هناك من الدعاة والمربين بلغوا مبلغاً عظيماً في النفع بقوة إخلاصهم وطرحهم وعملهم وتوفيق الله لهم ، ولذ ا نرى كمّاً هائلاً من المتلقين والمتربين قوة في الإيمان والعلم والدعوة إلى الله وتربية النفس تربية جادة . لكن أردت بها التذكير لمن غفل عنها أو جهلها أو قصَّر فيها وهي اجتهادية أشكر لمن أهداني فيها عيبي ونقصي ، فهاكها وعلى الله قصد السبيل .
أولاً : من جهة الملقي .
1- مجانبة الإخلاص في هداية المتلقي بوحي الله أو عدم استحضاره بسبب الانشغال بالعمل وزحمته .
2- صدور الكلام نياحة من قلب غير متأثر .
3- نسيان الدعاء بالقبول وصدق اللجوء إلى الله في ذلك (37) .
4- عدم الإعداد المسبق الجاد المتمثل في ضعف المادة العلمية .
5- عدم احترام العقول وجهل أو تجاهل مستوى المتلقي ( إن مما أورث الناس السامة أن أكثر ما يسمعونه أقل أهمية مما ينبغي أن يسمعوه ) .
6- عدم التجديد والتنويع .
7- الطول الممل والقِصر المخل .
8- التكرار الممل والركام الهائل مما هو مكرر في مكتباتنا من كتب وأشرطة ومطويات سواء اتفقت العناوين أو اختلفت .
9- ضعف الإلقاء والأسلوب .
10- الاستعلاء على السامعين .
11- عدم اختيار الوقت والمكان المناسبين لطرح مالديه .
12- كثرة استخدام الألفاظ الغريبة .(1/27)
13- عدم اختيار الموضوع المناسب .
14- عدم التفاعل من المتكلم مع ما يقول وانعدام العاطفة الجياشة الآسرة .
15- التركيز على بعض المتلقين دون غيرهم .
16-إهمال المتلقي فلا حوار ولا نقاش ولا سؤال وهذا في الدروس العلمية واللقاءات الخاصة وأما المحاضرات والخطب فليس مناسباً .
17- الخروج عن الدرس وعدم التركيز .
18-عدم استخدام الشعر فهو يهز الوجدان ويحرك المشاعر ( وإن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة ) رواه البخاري .
19- إهمال العنونة للمواضيع وعدم اختيار العناوين المناسبة .
20- ترك ضبط المستمعين .
21- الكلام في غير التخصص بما لا يعلمه أو يجيده فإن كان ولابد فعند الضرورة مع تعلمه والرجوع إلى أهل التخصص .
22- عدم الواقعية والبعد عن واقع المتلقين وتارة يكون الموضوع ولغة التخاطب أكبر من المستمعين أو أقل منهم .
23- التصريح بما حقه التلميح .
24- التصدر قبل النضوج .
25- عدم حصر الدرس في نقاط محددة .
26- خدش الهيئة والسمت والوقار بما لا يليق (ضعف القدوة) .
27- ضعف فراسة المتكلم في فهم مداخل النفوس وطريق التأثير عليها .
28- إغفال آراء الآخرين وعدم استشارتهم في الموضوع وعناصره .
29- إغفال جانب القصص الصحيح والمؤثر .
30- عدم التنويع في الملقين .
31- عدم الاهتمام بالجوانب الشكلية والإخراج فيما يحتاج فيه إلى ذلك .
32- تضييع العمر في طلب الإجماع على مسائل لا تقبل بطبعها وحدة الرؤية .
33-عدم استغلال الفرص المناسبة للتذكير عند وقوع المصائب والحوادث والمناسبات .
34 - أصبح الكتاب والشريط عند البعض باباً من أبواب الرزق والتجارة فذهبت البركة مع الإخلاص وضعف انتشاره والله المستعان .
35- كثرة التقطع في الدروس العلمية والتوسع في شرحها والمؤدي إلى طول الوقت وملل الشيخ والطلاب والتوقف وعدم الاستمرار (39)
36- الارتباط بين الشيخ والطلاب لا يتجاوز الحلقة .(1/28)
37- عدم ربط الطلاب أثناء الدرس بأعمال القلوب وتخولهم بالموعظة .
38- قلَّّ الاهتمام والعناية بركيزة الوعظ والتذكير وهي ركيزة تربوية مؤثرة ومفيدة يحتاجها الجميع-الجاهل والعالم والمتعلم- وللأسف نجد من يزهد في شريط ومحاضرة وعظية ، حينها تعطلت الطاقات الإيمانية وأصبح علم أعمال القلوب والوعظ من العلم المفقود وعلم الفضلة .
إن صح أن الوعظ أصبح فضلة *** فالموت أرحم للنفوس وأنفع
فلولا رياح الوعظ ما خاض زورق *** ولا عبرت بالمبحرين البواخر
أقبل البعض من الناس والشباب والدعاة على العلم وتركوا الوعظ
وأعمال القلوب نتيجة لردود الأفعال والتوازن مطلوب كحال الرسول صلى الله عليه وسلم .
حلاوة المعاناة (40) :
لا يفيد الإنسان ولا يبرع في فن من الفنون حتى يذوق المعاناة ، يحترق بنار الجهد والدأب ليكون عطاؤه نابعاً من قلبه ووجدانه .
عشرات الكلمات والخطب والدروس والمؤلفات والبرامج والمخيمات جثث هامدة ، لا روح فيها ، لأنها قدمت بلا تعب و معاناة ، فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن الإكثار شيء والجودة شيء آخر، فعلى الباردين في عواطفهم وإعدادهم أن يعيشوا معاناة مايحملون وهمَّ مايريدون حتى يصلوا إلى مايريدون ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً{فبقدر ماتتعنى تنال ماتتمنى وابتناء المناقب باحتمال المتاعب والأجر على قدر المشقة} (41)
ثانياً : من جهة المتلقي .
1- الكبر والغرور التعالي المتمثل في :
أ ) احتقار المتكلم .
ب) شعوره بأنه لا جديد يُذكر .
ج ) اعتقاده بأن المخاطب بالدرس غيره .
د ) عدم الشعور بحاجته إلى الموضوع .
2- التحزب حائل .
3- عدم الاهتمام بإصلاح النفس والترقي بها والرضا بالدون .
4- عدم الحرص على الفائدة وعدم تقييد الفوائد .
5- اليأس المخيم على نفسه ومن حالته التي يعيشها والاستسلام لها.
6- السمعة السيئة للمتكلم عند السامع .
7- الفهم الخاطئ .
8- شرود الذهن وتشعبه في أودية الدنيا .
9- عدم التهيؤ للدرس .(1/29)
10- الآثام والذنوب .
11- الانشغال بتتبع السقطات لغوية وغيرها .
12- الاهتمام بالمتكلم وشهرته دون الفكرة والموضوع .
13- عدم استشعار فضل ما هو فيه .
14- تدني مستوى المتلقي في الذوق والوجدان .
15- تدني مستوى المتلقي في فهم العربية .
16- عدم احترام آراء المتلقي ووجهات نظره .
17- المداخلات أثناء ما يطرح سواء كانت حسية أو معنوية كالطعام والشراب والدخول والخروج والأسئلة وغيرها .
18- فساد البيئة في البيت والمدرسة والحي والأقارب وعدم وجود الصاحب الصالح المعين بعد الله جلَّ وعلا .
ثالثاً : الأسباب العامة.
وتتعلق بالمراكز الدعوية والمؤسسات الخيرية والمحاضن التربوية وغيرها على المستوى الجماعي والفردي .
1- الإعلان المتأخر عن ما يراد طرحه أو عدم انتشاره أو إخراجه بطريقة بدائية لاقوة ولا تجديد فيها .
2- عدم تهيئة الجو المناسب من حيث البرودة والتدفئة .
3- ضيق المكان وعدم معرفته وعدم وضع رسم بياني يوضحه .
4- ضعف أجهزة الصوت وعدم تفقدها قبل الاستخدام .
5- الإطالة في التقديم للملقي أو ما يراد طرحه .
6- عدم ذكر ضوابط لما يراد طرحه والشرح المبسط لكيفية القيام به .
7- الفوضوية بكل معانيها وصورها من برامج وأساليب دعوية ورحلات ودروس وانتقاء لأفراد المحضن التربوي .
8- ضعف التنظيم والإدارة وعدم التركيز والدقة في الأعمال .(1/30)
9- الازدواجية والجماهيرية في العمل من أسباب الفشل مما يؤدي إلى عدم التوفيق بينها والاتقان فيها وتزاحمها وقلة الإنتاج ولها صورمنها : العمل في أكثر من مركز ومؤسسة دعوية أو علمية أو مجموعة أو لقاء سواءً مسؤولاً أو عضواً فيكون مشتت الذهن والأفكار مع وجود كثير من الطاقات والعقليات المغمورة داخل الجامعات والمدارس وغيرها لم يُبحث عنها ولم تُوجه للعمل وإنما التركيز على بعض الأفراد في كثير من الأعمال وهذا فيه قتل للجميع بل يجب علينا جميعاً أن نتعاون على تجديد العاملين في جميع الميادين وأن ندفعهم إلى الأمام مع شيء من الإلحاح إذا وثقنا في القدرات ونكون الدليل إليهم حتى يُعرفوا فيشاركوا ويعملوا ومنها وجود أكثر من عمل دعوي أو إغاثي في مكان واحد كتقديم الكتب والأشرطة وإفطار صائم وهدايا وصدقات الحجيج فيلاحظ فائض كبير بين أيديهم والأولى التنسيق بين المؤسسات في ذلك (42) .
10- عدم تحديد الأهداف التربوية التي يراد الوصول إليها والتي من خلالها توضع الوسائل الموصلة إليها سواء على مستوى العموم أو الأفراد ( فمثلاً الجدية وقيام الليل والعلم أهداف تغرس بواسطة بعض البرامج ) .
11- عدم الانضباط في المواعيد والدقة في الوقت التي تؤدي إلى الخلل في كثير من البرامج وتأخرها وعدم الحزم في ذلك من قِبل المربين .
12- عدم وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب كلٌ حسب طاقته وتخصصه .
13- التركيز على الدعوة والتربية الجماعية والتقصير في الدعوة والتربية الفردية .
14- عدم التقييم لما يُطرح بين كل فينة وأخرى ومعرفة الأخطاء وأسبابها ومحاولة تلافيها فالسكوت عن الأخطاء يشجع على تكرارها .
15- عدم الاستفادة من تجارب الماضي والآخرين .
16- الاستعجال في إدخال بعض الأفراد للعمل .
17- الأحكام السريعة والتصرفات غير المنضبطة نتيجةً لردود الأفعال والأحداث (43) .(1/31)
18- الاهتمام بالكم لا الكيف أو العكس وجعله قاعدة مطلقة ليس بصحيح وإنما كل قضية لها مايناسبها من ذلك وتارة نحتاج إلى إحداهما في البداية والأخرى في النهاية .
19- عدم العتاب بالأسلوب المناسب لمن استحق ذلك والتشجيع لمن أحسن .
20- العمل على انفراد وتحمل الأعباء دون التعاون مع الآخرين عند وجودهم .
21- العمل في مكان ما لفترة طويلة ثم تركه والانتقال عنه دون وضع الإنسان المناسب لمواصلة ما بدأ به .
22- عدم العناية بالتربية العملية كتوجيه المتربين للانضمام للدروس العلمية والقيام بأعمال دعوية كلٌ حسب قدرته وتخصصه .
23- الشكوك والظنون وتناقل الشائعات وفتح باب القيل والقال وتفضيل بعض الأشخاص على بعض بدون مبررات ودخول آفة الإعجاب والتعلق بين أفراد المحاضن التربوية أو تعلق المتربين بالمربين وكل ذلك يؤدي إلى الفرقة والخلاف وهدم دُور التعليم والتوجيه والانتكاسة والانحراف بين الأفراد وحدوث الضعف والفتور والشقاق بين المربين .
24- المركزية لدى بعض المربين وعدم توزيع الأعمال على الآخرين وإعداد القيادات البديلة .
25- عدم مراعاة التناسب بين البرامج بأنواعها مع الوقت والمكان وقدرات المتلقين والفوارق الفردية بين المتربين من حيث السن والمراحل الدراسية مما يؤدي إلى عدم استفادة البعض من البرامج المطروحة إما أكبر من مستوى البعض أو أقل .
26- أسبوعية اللقاءات للشباب أنفسهم مع عدم وجود ما يشغل أوقاتهم تماماً ويشبع تطلعاتهم خلال الأسبوع كله في منازلهم أو كثرة اللقاءات الجماعية فيما بينهم التي يعتقد المربون أنها أحفظ للأفراد من الضياع والانحراف ولو كانت مبرمجة وهذا له سلبيات والأولى أن يكلف الشباب بما يحفظ أوقاتهم في منازلهم (44) . ولنعود الشباب على التربية الذاتية ومساعدتهم على ذلك .(1/32)
27- ذكر بعض المربين أخطاء المربين الآخرين أمام المتربين بأسمائهم مما يؤدي إلى عدم قبول توجيههم ونصحهم سواء كانت أخطاء شخصية أو اجتهادات دعوية .
28- التركيز على بعض الأشخاص مع إهمال الأكثرين بحجة اعتذارهم عن المشاركة دون محاولة التكرار عليهم ومعرفة الأسباب لذلك فإن قال : لا أقدر .. فقل : حاول .. وإن قال : لا أعرف .. فقل : تعلم .. وإن قال : مستحيل . فقل: جرب . وبهذا يستطيع الجميع أن يشارك ويعمل وتغرس الثقة فيهم .
29- اهتمام بعض المربين بأشخاص لفترة طويلة وليس عندهم _ أي المتربين _ استعداداً لتغيير واقع أنفسهم وإنما يأتي للمحضن من أجل الأنس واللقاء أو يعتريه الضعف لحداثة تمسكه والأولى عدم الاهتمام به على حساب الآخرين وأعمال المحضن وعلاجه على نحو الدرجات التالية اجتهاداً لاتوقيفاً :
أ- الاهتمام به فترة من الزمن فقط .
ب- معرفة أسباب عدم الاستفادة ومحاولة العلاج بعد ذلك .
ج- الاهتمام به من قبل آخرين .
د- مناصحته ومصارحته .
هـ- نقله إلى محضن آخر وسيأتي مزيد تفصيل إن شاء الله .
30- ضعف المربي في الجوانب العلمية والإيمانية والتربوية وإقحام بعض الشباب في ميدان رعاية محضن تربوي وليست عنده القدرة على ذلك لضعفه أو لصغر سنه أو لعدم تفرغه ثم النتيجة فقد الأفراد الثقة في قدرات المربي والانسحاب من عنده وضعف المتربين وكثرة الأخطاء والمشاكل داخل المحضن ثم سقوطه وتفرقهم وفتور كثير منهم كما هو واقع بعض المحاضن .
31- عدم المرونة في المناقشة وقبول الأعذار والتخلص من المواقف الحرجة والعجلة في إصدار الأحكام دون تأمل ومداولة للآراء وتأجيل البت فيها حتى تحمل قوة وقناعة وقبولاً من المتربين. (من ظلال التربية /للشيخ:عبد الله السلوم ) .
32- الإكثار من الترفيه بحجة عدم الإثقال وكسب القلوب ( الإسلام دين يسر ) ثم النتيجة ( تربية غير جادة ) .(1/33)
33- اعتماد المربين على بعض الأشخاص في الأعمال البدنية كإعداد الرحلات والمشتروات وغيرها دون أن ينالوا حظهم من الدروس وغيرها مستمعين أو ملقين والأولى توزيع الأعمال البدنية على الجميع حتى يتعودوا تعلمها وبذل الجهد وحتى لا تتوقف الأعمال بسبب غياب فلان وفي نفس الوقت تربية للنفس على التواضع وخدمة الآخرين .
34- دخول بعض الشباب في بداية التمسك وهم أقوياء محاضن يسودها الضعف مما يؤدي إلى ضعفهم أو رجوعهم .
35- عدم ارتباط بعض المحاضن بالدعاة وطلاب العلم والاستفادة منهم علماً وعملاً ودعوة والرجوع إليهم فيما يشكل عليهم كلٌ حسب تخصصه وهذه من المسائل التي ينبغي التنبه لها في فقه الاستشارة ويخلط فيها كثير من الناس فإذا كان الإنسان لا يعيش واقع الشباب ومشكلاتهم فلا يُسأل عن ذلك وإن سُئل فيعتذر عن الجواب .
36- التركيز على الجانب العلمي أو الإيماني أو التربوي والأولى التنويع بين تلك المجالات من خلال الدروس والبرامج بأنواعها حتى تتكامل وتتوازن شخصية المتربي .
37- عدم الاهتمام بالأذكياء وأصحاب القدرات وإهمالهم ثم النتيجة ضياع تلك القدرات وإنما الاهتمام عند البعض بأصحاب الطرافة والمظاهر والمصالح الشخصية أو على الأقل أشخاص عاديون .
38- حرص المربي على ألا يتلقى المتربي التربية والتوجيه إلا منه فقط والحساسية الزائدة والتضجر إذا تلقى من غيره أو رُؤيَ مع غيره إلا إذا رؤي مع أشخاص في منهجهم خلل غير قابل للاجتهاد أو ضعيف أو مخالف للكتاب والسنة فينبهون بالطرق المناسبة المقنعة بدون أن تحدث ردود أفعال .
39- اعتبار بعض الشباب هذه المحاضن أنها للنزهة والترويح عن النفس في الدرجة الأولى وأنها ليست للتربية والتعليم والتعاون على الخير .(1/34)
40- ذهاب بعض الشباب إلى أصحاب الخبرات القليلة والذين ليس عندهم تمكن في علاج المشاكل التربوية لحل مشاكلهم لأنهم مكثوا سنيناً في المحاضن التربوية وهذا لا يعني تمكنهم في ذلك وفي المقابل إبداء الطرف الآخر الرأي والحل وتكون النتائج غير مرضية .
41- تسرب أخطاء أو مشاكل المتربين بين أفراد المحضن من قبل المربي سواء خطأً أو عمداً مما يؤدي إلى انتكاسة المتربي وتركه والأولى الحرص على السرية في مشاكل الأفراد ومعالجتها وعدم إدخال الأفراد في حلولها .
42- كثرة مخالطة المربي مع المتربين فيما لا فائدة فيه مما ينتج عنه قلة الهيبة والتقدير له وعدم أخذ كلمته بجدية والاطلاع على أخطائه التي لا تُعرف إلا مع كثرة المخالطة ثم النتيجة ضعف القدوة .
43- قلة اللقاءات التربوية بين المربين التي تعالج المشكلات بصورة جماعية مع ظهور الفردية في حل أي مشكلة وذلك يضعف الحلول .
44- ضعف التناصح والمصارحة والوضوح في العمل بين المربين أو المتربين أو كلٌ مع الطرف الآخر وبين الدعاة والعاملين في طريق الدعوة .
يا أيها الدعاة والعاملون : لابد من المصارحة والمناصحة حتى نسير على الطريق ونحقق المقصود ولا تتبعثر الجهود فالغاية واحدة .
45- عدم اتخاذ أسلوب المناصحة المكثف والمنوع مع من يرى عليه الفتور أو شيء من المعاصي من البداية فالسكوت يؤدي إلى اتساع الضعف ومن ثم تصعب المعالجة إلا أن يشاء الله .
46- تحكيم العواطف والتعلق بآراء الأشخاص والذوات لا الكتاب والسنة في تربية النفوس ومواجهة الفتن والأحداث والتسليم بقبول آراء الأشخاص لذواتهم بغض النظر عن تأمل القول مع وجود القدرة على ذلك ، وإذا خالف أحد قول داعية أو عالم مع تمسكه بأدب الخلاف وجهت له التهم بالجهل والحسد وعدم احترام أهل العلم وهجر .
47- عدم مراعاة أوقات الدروس العلمية في المساجد مع أوقات البرامج الخاصة بالمحضن التربوي .(1/35)
48- تقديم بعض المربين والدعاة بعض الشباب المبتدئين في بعض المهمات وتفضيلهم على غيرهم ورفعهم فوق منزلتهم وهذا فيه زج بهم إلى مزالق خطيرة منها الغرور بالنفس والتحدث بما لا ينبغي التحدث به وربما أوقع المربي بما لا تحمد عقباه وربما يلام المربي على بعض الأخطاء التي تصدر من هذا المتربي لقربه منه وملازمته له .
49- الحكم على الشخص ووضعه في القائمة السوداء من خلال بعض الأخطاء والتشهير به في كل مجلس وربما هجر وترك ولم يُدع للمشاركة في البرامج الدعوية ، نُسيت الفضائل وبقيت الرذائل ، نسي ( أن كل بني آدم خطاء ) .
من ذا الذي ماساء قط *** ولم تكن له الحسنى فقط
والمعاصي تتفاوت وهناك فرق بين المجاهر من عدمه والخطأ في حق الله وحق الأشخاص قال ابن المسيب رحمه الله : ( ومن الناس من ينبغي ألا يذكر عيبه ويوهب نقصه لفضله) وأقل الأحوال مسلم لا تجوز غيبته ولاندع لأنفسنا باب التأول في ذكر معايبه كما يفعل البعض .
50- تفلت المحضن وأفراده وتوقف البرنامج عند غياب المربي عن البرنامج اليومي أو لفترة من الزمن والأولى إيجاد البديل المناسب المؤقت من نفس المحضن أوغيره لإتمام مابدئ به ،لأن الغياب يؤدي إلى سلبيات كثيرة .
51- انشغال المربي أو بعض الأفراد بإنسان انحرف بعد الاستقامة وهذا الانشغال يكون على حساب الآخرين مع أن غيره أحوج إلى بذل الجهد .( فالمقبل أولى من المدبر ) ( ولا ننسى أن الكلام الذي يقال للمنتكس.. يوماً من الأيام هو كان يقوله للناس !! ) .
52- دخول المحضن التربوي غير الملتزمين أو أناس يريدون الالتزام لكن مازالت رواسب الماضي قوية التعلق بهم فالأولى عدم إدخال الصنف الأول والاهتمام بالصنف الثاني والارتباط بهم خارج المحضن وتهيئتهم للدخول فيه حتى لايؤثروا في أفراد المحضن سلباً .(1/36)
53- عدم التجديد في الأفراد بين كل فترة وأخرى واستقطاب الشباب للمحضن مع مراعاة الاختيار الأمثل ،فالتجديد يورث النشاط والحيوية والعكس يؤدي إلى الضعف والتفكك والملل .
54- عدم المصارحة بكل ماله صلة بالموضوع ويؤثر فيه عند الاستشارة في أمر من الأمور أو إخفاء بعض العيوب والأخطاء التي كانت بسببه _ أي المستشير _ أو يستشير وليس عنده القناعة بما يستشير فيه أو يشار عليه به ثم النتيجة يبرر لنفسه ولأخطائه في خاصة نفسه أولمن حوله إذا لامه أنه استشار فلان ونسي أن الاستشارة بنيت على غير حقائق وهذا أمر مشاهد في الناس وفي مشاكل المحاضن التربوية من قبل المربي والمتربي ، فليتنبه الجميع وعلى المستشار عدم الاستعجال في إبداء الرأي في ما يخص المحاضن وغيرها والتحري في الأمور ( والمستشار مؤتمن ) حديث رواه أبوداود .
55- التحدث مع الشباب المبتدئين أو حين وجودهم عن بعض المشكلات والخلافات قبل نضجهم العلمي والفكري فيحدث لهم ردة فعل تكون سبباً في رجوعهم وبعدهم عن التمسك وإن كان ولابد فإعطاؤهم قواعداً في فقه الخلاف وموقف السلف منه حتى لا يحدث عندهم اضطراب أو يأتي من يلبس عليهم الحق بالباطل .
56- ضعف الصلة بين أفراد المحضن أو المربي مع من يترك المحضن لسفر بسبب التعلم أو الوظيفة أوغيرها وعدم الاتصال بهم هاتفيا أو زيارة أو مراسلة أو ربطهم بالدعاة والأخيار في البلد الذي انتقلوا إليه وهذا أمر مشاهد وملموس ولذا نرى الفتور وتقديم التنازلات بسبب الغربة والوظيفة وعدم وجود الرفقة الصالحة والاضطرار إلى العيش مع الرفقة السيئة أو على الأقل لوحده والفراغ مفسدة.(1/37)
57- عدم المرجعية عند كثير من الشباب والمربين عند النزاع فلا يرجع عند الخلاف إلى العلماء وهذا يجرنا إلى ويلات لانهاية لها كما هو مشاهد وملموس ، والخلاف أمر لابد منه لكن لايصل إلى حد الاتهام بالباطل والوقيعة في الأعراض والحزازيات في الصدور والتوقف عن العلم والدعوة بل تؤدى الفرائض والنفوس منشغلة ومشتعلة تضيع الجهود وتبعثر ، تهدر الأوقات وتخسر الأموال والقدرات والكتب والأوراق وكثير من الصالحين والمفكرين والأخيار ومن نحبهم في الله ومن المستفيد يا حملة الإسلام والعلم والإيمان ..؟ إنه الشيطان وحزب الشيطان والله المستعان ولاحول ولاقوة إلا بالله .
قال صلى الله عليه وسلم (يئس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم ) رواه مسلم والترمذي وأحمد .
فيا أيها الشباب : هيا إلى التلاحم والتناصح والأخوة الحقة والمحبة الصادقة يكفي ما مضى ، لنستدرك ما فات ، سنوات مضت ، لنأخذ العبرة ولا نعيد الكرة كفى وكفى وألف كفى .
يا أمل الأمة ويا ملح البلد ، ما يصلح الملح إذا الملح فسد !!؟
58- التكلفة الباهضة لإعداد المشاريع الدعوية من حيث البناء ومستلزماته مما يؤدي إلى التأخر في البدء بالمشروع لعدم وجود المال الكافي أو لكبره وكذلك يؤدي إلى بذل الأموال الطائلة التي يمكن الاستفادة منها في أكثر من مشروع ، كذلك يؤدي إلى نزع ثقة التجار في القائمين عليها بسبب الإسراف والاعتذار عن المساهمة (45) .
59- الحماس غير المنضبط المؤدي إلى الخطأ والاستعجال وتراكم الأعمال وكثرتها وطولها وعدم التناسب مع القدرات والإثقال على النفس والآخرين ثم الملل والاعتذار والانقطاع .(1/38)
60- الاهتمام بالتجديد كوسيلة حتى يضعف المضمون وتفقد الغاية وهذه قضية ينبغي التنبه لها ، لأننا نلحظ هذا الجانب بدأ يظهر في أوساط الذين يهتمون بجانب التجديد حيث يغلبونه على القضية الأساسية للفكرة وهي الدعوة إلى الله وهداية الخلق وإفادة الناس والتجديد لاشك أنه مطلب في ميدان الدعوة وأقترح على كل فرد و محضن ومؤسسسة دعوية أن تجند أصحاب التخصص لكي يفكروا ويبتكروا في مايجيدون فيه كل حسب تخصصه (46) .
أخي الداعية والمدعو والمربي والمتربي :
عذراً على هذه الكلمات فليست نظرة سوداوية أو نظرة يائس و متشائم أو تتبع للأخطاء والتفنن في عرض السقطات أوطلب للمثالية الزائدة أو متناس أن كل بني آدم خطاء وكل عمل لايخلو من خطأ و صواب وأن الكمال لله والناقد بصير .. كلا بل هو واقع نلمسه وحياة نعيشها .
إن كثيراً مما تقدم تعيشه الأمة كلها على جميع مستوياتها وليست تلك النقاط في طريق الدعاة والمدعوين فقط لكن الحديث جاء موجهاً لهم لأنهم أمل الأمة بعد الله وهم حملة الرسالة وأتباع الأنبياء ومحل النظر والاقتداء .
إن ذكر الأخطاء ولَّد عندنا ردود الأفعال، فلم يفرق البعض بين ذكر الأخطاء وطريقة عرض الأخطاء وتفسير النيات والبعض يقول إن ذكر الأخطاء يزيد الغم غمين ويكفينا تربص الأعداء فالحال غير مناسب .
فيقال : إن ذكر الأخطاء أمر جآءت به الشريعة والقرآن والسنة مليئان بذلك ، بل إن المتأمل لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في بدايتها وما واجهته من أحداث ومعارضات وما كان ينزل من القرآن نحو قوله تعالى{عبس وتولى..} قصة ابن مكتوم رضي الله عنه وقوله {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا ً..} وغيرها لدليل على أن ذكر الأخطاء وتصحيح المسار أثناء المسير مطلب لاغبار عليه والسكوت عن الأخطاء يشجع على تكرارها وترك الداء بلا دواء يؤدي إلى قتل الجسد لكن نحتاج إلى مراعاة ما يلي :(1/39)
أ- أن نفرق بين الخطأ والظاهرة من حيث ماهيتهما قلة وكثرة .
ب- أن نفرق في وسيلة العرض عند الحديث عنهما ، فهناك محاضرة وخطبة وشريط وكتاب ومقال ورسالة واتصال هاتفي ولقاء وغيرها وكل منها له ما يناسبه .
ج- أن نفرق بينهما من حيث الفئة المرتبطة بكل منهما من الناس فتارة الارتباط بشخص وتارة بشريحة من المجتمع وتارة بالمجتمع .
د- عدم ذكر التفاصيل ودقائق الأمور التي لا تكون إلا في حالات يسيرة ونادرة وقضايا عينية .
هـ- إذا كان التلميح يغني عن التصريح كان أولى .
و- الموازنة في عرض السلبيات والإيجابيات بل إن ذكر الجميع من العدل والإنصاف وحديثي عن أخطاء فئة من المجتمع ليس أشخاص بأعينهم فأخطاء الأشخاص موضوع مستقل .
ز- إشعار الناس بأن الخير موجود في الأمة كما أن الشر موجود وعدم إغفال ذكر الخير وصوره في الناس إذا ذكرت الصور المأساوية لبعث الأمل في الأمة والناس وليعلم الميْت أن في الأمة أحياء فيحيا بذكرهم .
ح- عدم ذكر ماكان مخفياً ومستوراً وضئيلاً كبعض المنكرات التي لا يعرفها إلا القليل .
ط- عدم ذكر القصص التي تأخذ حكم النادر وفيها من البشاعة والقذارة مالا يمكن وصفه وتردادها على مسامع الناس حتى لا يكون المتحدث عرضة للتكذيب والاتهام بالمبالغة وحتى لا يعتادها الجميع وتصبح أمراً عادياً وإن كان ولابد فذكرها مختصرة دون الإكثار وذكر التفاصيل فإنها تقسي القلب وكثرة المساس تقلل الإحساس وتبعث الإحباط في النفس والقرآن والسنة مليئان بالقصص التي تقرع القلوب وليس فيها كثرة تفصيل للأحداث .
ط- مراعاة المكان والمستمعين عند الحديث عن خطأ أو ظاهرة وهل هم بحاجته وهل كثير منهم يدركونه ويلمسونه ؟
إشكال : يرد ويتكرر ونسمعه عندما يتكلم عن مشكلة فتجد البعض يقول لماذا الحديث عن هذا الموضوع فلا ألمسه وكذا مثلي سيقرؤه ويسمعه وهو لا يدركه ؟(1/40)
فيقال : ليس من المعقول أن يسكت عن ظاهرة من أجل أن واحداً أو اثنين أو عشرات لا يدركونها وفي المقابل مئات يعيشونها ومئات يرونها ومئات ضحايا بسببها بل لا يمكن أن يسكت حتى يؤتى على الأخضر واليابس .
فالمستمع إما : صاحب المشكلة أو قريب منها يحوم حولها بقصد أو بدونه أو داعية أو مسؤول أو متعلم ينبغي عليه معرفة الواقع أو مربي في بيت أو محضن يحتاج إلى معرفة ذلك أسباباً ومظاهراً وعلاجاً أو بعيد عن كل ذلك فالعلم به علم ( والوقاية خير من العلاج ) والشريعة جاءت مقررة لهذه القاعدة .
فإن لم يكن ذلك كله فدعه لمن يهمه ذلك وإن أبيت إلا الملام فبابه مفتوح والناقد بصير .والموضوع قابل للاجتهاد وهذا وسعي بعد تأمل واستشارة وأخذ للآراء والرأي معرض للخطأ والصواب .
إشكال : وهو أن بعض الأشخاص عنده شيء من المعاصي سواء كانت باطنة أو ظاهرة ولو ناصحته جفاك وأبعد عنك وبينك وبينه شيء من التقدير والاحترام وإذا ذهب عنك سيزداد انتكاسة (47) وضعفاً..!! الجواب :إن تأخير النصح والإنكار بل السكوت عنه أمر جآءت به الشريعة إذا كان لمصلحة كما هو مقرر عند أهل الأصول بقولهم :(درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) ولذا يقال في هذه الصورة :
أ- إن ترك النصح وتأخيره من المصلحة إذا كان يؤدي إلى مفسدة أعظم .
ب- إن النصح لا يتوقف على الأسلوب المباشر بل يمكن المناصحة بأسلوب غير مباشر كالكتاب والشريط وكتابة الرسالة بدون ذكر الاسم أو البحث عن إنسان آخر يناصحه يكنُّ له _المنصوح _ الإجلال والتقدير .
ج- محاولة إصلاح الجوانب الأخرى كأعمال القلوب وصلاح الباطن فإذا صلح الباطن صلح الظاهر وللأسف أن عندنا تعظيم للمعاصي الظاهرة أكثر من الباطنة وقد تكون الباطنة أعظم من الظاهرة .
وهذا خلل أدى إلى ما يسمى ( الالتزام الأجوف ) أو تشخيص بعض المربين لهذه الحالة بقولهم :(فلان عنده انتكاسة داخلية ) .(1/41)
تنبيه : وهو أن الإنسان لا يصل إلى درجة الانتكاسة الظاهرية إلا بعد العيش فترة من الزمن والضعف ينخر فيه داخلياً .
بمعنى أن الإنسان لا يأخذ من لحيته أو يسبل ثوبه أو غير ذلك إلا بعد ضعف الإيمان في القلب والخوف من الله جل وعلا ،فلا يفسد الظاهر إلا بعد فساد الباطن ولا ينتكس الإنسان ظاهرياً بين يوم وليلة .
من فنون التعامل :
إن الناس في هذه الحياة أصناف متقاربة ومتباعدة في غالب شؤون الحياة ولذا كان لزاماً تنزيل الناس منازلها في ما يستوجب ذلك في الخطاب والتعامل وغيرها والتعامل كما قيل (فن من الفنون ) وقدوتنا في ذلك خير الأنام صلى الله عليه وسلم ولا يختلف في ذلك عاقلان ، وبدأت تظهر في أوساط الشباب ظاهرة أزعجت الكثير من المربين واختلفت آراؤهم في كيفية التعامل مع أصحابها وهي ظاهرة التعلق وقد تحدثت عنها في رسالة ( وفي الصراحة تكون الراحة ) وكيف الخلاص من هذه الآفة ، وفي هذه العجالة سيكون الحديث عن موقف المربين نحو هذه المشكلة وكيف التعامل مع الشباب الذين يتصفون بشيء من حسن الصورة أو التميع باختصار وخاصة أن هذا النوع بدأ في ازدياد نظراً لتغير مجريات الحياة ووجود الترف ودواعيه وانفتاح حضارة الكفر على المسلمين والتنافس بين الشباب في هذا الأمر وحب المظهرية ، فليس من المعقول أن يتجاهل أو لا يتكلم عنه فالواقع يفرض ذلك وأعتذر من القارئ للاختصار ولكثرة التفريعات والموضوع له صور كثيرة نتيجة لتنوع أسبابه وأنواعه واختلاف السن والمحاضن فيصعب التشخيص والتقعيد لكل حالة بعينها لكن مالا يدرك كله لايترك جله أو بعضه وكم ترددت في الكتابة عن هذا الموضوع كثيراً ولما رأيت كثرة الأسئلة عنه والإشكالات تجاهه ووجود هذه النوعية في المحاضن التربوية وبعد استشارة في طرحه وتتميماً للرسالة السابقة كانت النتيجة كالتالي :
مواقف المربين وآراؤهم :
أولاً : موقف التفريط ولهم رأيان .(1/42)
1- عدم قبوله في المحضن وذلك لأسباب أهمها :
أ- ردة فعل لبعض المشكلات داخل المحاضن التربوية.
ب- خوفاً على نفسه وعلى محضنه وأفراده من التعلق به وحدوث المشكلات والتهم .
ج- أنه يحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام .
د- صعوبة التعامل مع هذا النوع .
هـ- أن هذا النوع لايعول عليه في شيء .
2- قبوله لكن عدم المبالاة به والإعراض عنه وتهميشه لأسباب أهمها :
أ- أن هذا هو الأسلوب المناسب لتربيته .
ب-أن وجوده تحصيل حاصل .
ج- عدم معرفته بآثار إهمال هذا النوع .
هـ- أن يكل أمره لأحد الشباب .
نتائج هذا الموقف وآثاره :
أ- ضياع الفرد وتلقف أهل الشر له ومحاولة إفساده والعبث به والزمن هذا ليس كالزمن السابق فزمن السلف رحمهم الله ليس زمناً موبوءاً بالفساد وإذا لم يقبل في المحضن فإنه لن يذهب إلى أهل الشر أو يبحثون عنه ويدبرون المؤامرات له [ وهذا على رأي عدم القبول ] .
ب- وجود التعلق به وآثاره من قبل الأفراد [ وهذا على رأي الإهمال ] .
ثانياً : موقف الإفراط .
وهو الاهتمام والعناية به بشكل كبير وله أسباب أهمها :
أ- الحفاظ عليه من الفساد ومحاولة إصلاحه .
ب- حتى لا يتعلق به أحد من الأفراد .
ج- محاولة كسبه وتألفه .
نتائج هذا الموقف وآثاره :
أ- انشغال المربي به عن كثير من الأفراد والقدرات والأعمال .
ب- إساءة الظن بالمربي وفتح باب القيل والقال .
ج- اهتمام الآخرين بمظهرهم حتى يهتم بهم .
د- محاولة الإفساد بين المربي وهذا الفرد من قبل الأفراد وغيرهم .
هـ- التفكك داخل المحضن ووجود المشكلات والتحزبات والشحناء .
و- ضياع الأوقات معه بلا فائدة ومراقبته ومتابعته والدخول في دوامة لانهاية لها إلا الفشل الذريع .
ز- تجرؤ الفرد ذاته على المتربي لكثرة الخلطة معه ولين الجانب له.
ح- تفضيل المربي لهذا الفرد وتقريبه منه واستشارته والأخذ برأيه .
ط- عدم العدل بين الأفراد مما يشكك الأفراد في مصداقية التزام المربي وسلامة منهجه .(1/43)
ي- إعجاب الفرد بذاته وغروره والتعالي على الأفراد ومن ثم تضيق به الدنيا ويكره المحضن وأفراده و المربي ثم النتيجة الخروج من المحضن والسقوط والانتكاسة والعياذ بالله .
ثالثاً : موقف الاعتدال والوسطية (وأمتنا أمة الوسط) .
وهو لا إفراط ولا تفريط ، قبوله بلا إهمال ولا شدة اهتمام .
كيفية التعامل في منهج الوسط من خلال النقاط التالية :
منها ما هو وقائي قبل أن يتعلق به أحد ومنها ما هو حين وقوع التعلق وبينهما تداخل مع مراعاة السن حينما يكونان كبيرين أو صغيرين أو أحدهما كبير والآخر صغير .
1- غرس قضايا التواضع في الملبس والزهد في الدنيا وأن العبرة بجمال الباطن لا الظاهر وأن الله ينظر إلى القلوب لا الأشكال والأجسام (وأن البذاذة من الإيمان) (48) ومن أهم العوامل المساعدة على ذلك :
أ - القراءة في سير السلف الصالح .
ب- زيارة العلماء الزاهدين .
ج- تأمل أحوال الفقراء والمساكين .
د- رؤية ذلك على المربي .
2- زجر المتربين عن تربية الشعور ولبس الملابس الفاتنة وغيرها.
3- بيان حقيقة الأخوة في الله جل وعلا .
4- بيان حقيقة التعلق وأنواعه وآثاره ( والوقاية خير من العلاج ) .
5- بيان مقومات الصديق الصالح وكيفية اختياره .
6- ملء أوقات الأفراد وتكليفهم بما يقضي على الفراغ وهم في منازلهم وإذا تربى هذا النوع تربية جادة ووجه للعلم وغيره فإنه إن شاء الله لن تميل به الأهواء ويوجد من هذ النوع من هو جاد في حياته في كثير من المحاضن .
7- الارتقاء بهم نحو أهداف سامية وغايات منشودة .
8- تكليف هذا النوع بالأعمال البدنية حتى يتعود على الخشونة واستخدام أسلوب الشدة معه في بعض الأحيان .
9- عدم الارتباط به كثيراً والبعد عن الخلوة به .
10- عند بعثه للقيام بعمل إما بعثه منفرداً أو على الأقل اثنين معه .(1/44)
11- محاولة تغيير من يذهب معه لإيصاله إلى منزله إذا كان صغيراً أو للقيام بعمل وإذا ذهب المربي معه فيأخذ معه كذلك بعض الأفراد .
12- محاولة مراعاة تقسيم الأفراد في التقسيم الأسري في لأنشطة والرحلات والحراسة في المخيمات وأثناء الانتقال في السيارات وليكن لكل منهما عمل كنواب مشرفي الأسر أو الثقافي وغيرها بحيث ينشغل كل منهما عن الآخر بالعمل الذي كلف به .
13- التشديد في مسألة اللباس أثناء السباحة والرياضة ومتابعة الأفراد .
14- محاولة منع التجوال الثنائي في الرحلات والسفريات وإن كان ولابد فثلاثياً كالذهاب للحرم أثناء الصلوات عند الذهاب إلى مكة وليكن الطرف الثالث ممن له تقدير عند أحدهما أوكلاهما بحيث لا يحاولان إظهار التبرم منه والانفراد عنه .
15- عدم الاستماع للأفراد حول أي شخصين تثار حولهم قضية التعلق والتشديد في ذلك وعدم إتاحة الفرصة لأحد ولو كان من المقربين سداً لذلك الباب ومن ثم التأكد من ذلك دون شعور أحد بذلك .
16- عدم إدخال الأفراد في حلول قضايا التعلق مهما لزم الأمر .
17- إن كان المتعلقان اجتماعهم أمر لابد منه فإشغالهم بما يملأ وقتهم سوياً إن كان هذا التعلق لا يصل إلى فعل مكروه أو محرم أو يؤثر أحدهما على الآخر التزاماً .
18- استشارة المربين وأصحاب الخبرات .
19- التأني وعدم الاستعجال في اتخاذ القرارات .
20- عدم تكبير القضايا عند أدنى شك فهذا يسبب الانشغال الذهني والانصراف عن القضايا الأساسية في التربية .
21- أسلوب المصارحة مع المتعلقين عن قضية التعلق بحد ذاتها أمر له تبعات وسلبيات فالأولى تركه لكن يمكن الحديث معهما عن قضايا واضحة للعيان ككثرة اللقاءات والسفريات والسهر في غير فائدة وأمور تصل إلى درجة التحريم عند التأكد منها أو فعل ما لا ينبغي ويؤثر على التزامهم .(1/45)
22- لنعلم أنه من خلال التجربة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت فلا بد لها من النهاية أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية إن كانت خالصة لله جل وعلا لأسباب ليس بسطها في هذا الموضع ولذا لا يستطيل المربي المشكلة وعلاجها .
23- الحذر من موقف الإفراط والتفريط خشية الوقوع في آثارهما .
24- آخر العلاج الكي فإذا تأزم الأمر واستفحلت المشكلة وأصبح الأمر يشكل بداية الانحراف والفتور لزم التفريق بينهما بنقل أحدهما إلى محضن آخر بأسلوب غير مباشر يظهر منه الايجاب لا السلب كأن يقال المحضن الآخر بحاجة إليك أو أنه أقرب إليك أو نقله إلى محضن أفراده كبار في السن إذا كان مقارباً لهم في السن حتى تستفيد وتفيد أكثر وإلا يمكن افتعال مشكلة يكون النقل عقاباًله فيها أو بمجرد خطأ يصدر منه يستحق النقل أو يحول من البداية إلى أحد المربين الذين يتقنون فن التعامل مع هذا النوع .
أيها الجيل :
إ نه مع إشراقة الشمس المتكررة كل يوم وبزوغ الفجر مع كل صبح ينمو الطفل حتى يصير رجلاً والغرس حتى يصير شجراً والشجر حتى يكتسي ثمراً والهلال حتى يصير بدراً وهكذا سنة الله .
كثير من المخلوقات ينمو ويتحرك ، الكل في حركة وسباق ، الزمن يمر مر السحاب والصوت يسعى إلى منتهاه والضوء ينطلق إلى مداه.. لكن العجب كل العجب أن ترى ذلك المخلوق الموهوب عقلاً يفكر به ويتأمل وينظر .. وقلباً يحس به ويشعر ويتلمس .. ساكن .. مع أن دوام الحال من المحال .
تنقلب الحقائق وتتغير سنن الفطرة فيقف العقل عن التفكير والقلب عن الإحساس ، جمود ووقوف ، سكون ودعة دون تقدم وتحرك وتيقظ .
نعم تلتقي بإنسان في عهد الطفولة أو ريعان الشباب والفتوة ثم تغيب عنه حقبة من الزمن تكثر أو تقل فتلتقي به مرة أخرى وإذا به نما وشب وترعرع طال جسمه وعرضت مناكبه وتغيرت سيارته ومنزله وملبسه لكن العقل هو العقل والتفكير هو التفكير والحديث هو الحديث وربما الإيمان هو الإيمان .(1/46)
لم يكتسب خلقاً ولم يزدد علماً وإيماناً ولم يترق في معارج الخير والفضيلة هو هو .. عبادة وعلماً ودعوة وثقافة فلماذا هذا الجمود ؟
مع أن الوقوف يعني الهبوط كما قال ابن القيم رحمه الله : ( فالعبد سائر لا واقف : فإما إلى فوق وإما إلى أسفل ، إما إلى أمام وإما إلى وراء ...ليس هناك وقوفٌ البتة ما هي إلا مراحل تطوى إما إلى جنة وإما إلى نار ) وإذا بابن الجوزي رحمه الله يقول :( كتبت بأصبعي ألفي مجلد وتاب على يدي مائة ألف وأسلم على يدي عشرون ألف ) تذكرة الحفاظ 2/712 .
فيا أيها الجيل المنتظر : لابد من التحرك والحيوية والنشاط في الطريق إلى الله فكلٌ يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها فأيُّ الغاديين أنت؟ الحركة ولود والسكون عقيم ، الحركة بداية والسكون نهاية.
فيا من عرف طول الطريق وقلة الزاد وبعد السفر ونفاسة المطلوب وخساسة الدنيا ...حدد الأهداف وارسم الطريق والمبتغى رضا الله والجنة وهكذا حتى تلقى الله .
فالعبادة باسمها الجامع طريق إلى الجنة والدعوة إلى الله وطلب العلم والجهاد كلها طرق إلى الجنة وكلها طرق لصلاح النفوس وتهذيب القلوب فاسلك الطريق وعليك السؤال إن أردت الوصول واحدو نفسك إن شئت لسماع شريط ( كلانا على خير للدويش ) وقراءة كتاب ( التنازع والتوازن لموسى بن عقيل ) حتى لا تتيه وتتخبط يمنة ويسرة فتمل وتخفق وينقطع بك المسير كما هو حال الكثير ..
إذا أنت ضيعت الزمان بغفلة *** ندمت إذا شاهدت مافي الصحائف
فهبوا أيها الشباب إلى تلك المجالات ، كل واحد منا يعمل على قدر استطاعته وتخصصه هاهم العلماء يرحلون كنظام قُطع سلكه وقد قدموا الكثير والكثير وجاء دوركم أيها الجيل ..
الزمن القادم في انتظار . . فمن يمسك بالزمام !؟
إني رأيت وقوف الماء يفسده *** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما فترست *** والسهم لولا فراق القوس لم يصب(1/47)
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة *** لملّها الناس من عجم ومن عرب
غيِّر وسطك تنطلق
البعض من الناس يعيش فترة من الزمن في وسط ما ، وإذا به يقلب أوراقه وصفحات عمره والسنين الطوال التي قضاها داخل المحضن فيجد أنه لم يزدد من الخير إلا قليلاً أو ما يزال في نقص مستمر وتقهقر دائم ، عاجز عن فعل الفضائل والتقدم نحو المكارم وربما أصاب شيئا من المحرمات والكبائر ، أصبح الرضا بالدون سبيله والوقوف عند الواجبات غايته ، رفع شعار العجز والاعتذار ، وحفر حفرة لدفن المواهب والأفكار ، نصب راية مكانك سر وعند البعض المهم النجاح دون النظر إلى التفوق والسمو .
وإذا به بعد تفكير دائم يريد أن يغير حياته ويتقدم لأن دوام الحال من المحال . لكن المحيط الذي يعيش فيه يكون عائقاًله عن ذلك : إما لعدم المعين وإما لأنه قد عُرف عنه الضعف وعدم الجد أو لمعرفة الآخرين بعض أخطائه وعيوبه . فإذا جدّ وبذل ونصح واقترح وجدَ من يهزأ به أو لايتقبل منه أو من يعيره ، حينها كان لزاماً عليه تغيير الوسط والمحيط وكما قيل ( غير وسطك تنطلق ) .
كلمة رائعة وقاعدة ثابتة وعلاج شرعي نافع وميدان مجرب ونصيحة المربين ودواء لمن اشتكى من داء السآمة والملل والضعف والرجوع إلى الوراء .(1/48)
فمن العوامل المساعدة على تجديد الحياة والانطلاقة من جديد نحو تربية جادة والارتقاء بالنفس نحو غايات نبيلة وأهداف سامية تغيير الوسط وقد أرشد القرآن والسنة إلى هذا العلاج قال تعالى في قصة بلقيس :{ وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين } وفي قصة القاتل مائة نفس أرشده العالم إلى التوبة وأن يغير بلده فإنها بلد سوء ونصه {اخرج من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا وكذا } (49) وكذلك كان من دواعي الهجرة إلى أرض الحبشة والمدينة تغيير البيئة والمحيط وإيجاد المعين والناصر بعد الله . لذا كان على المربين فيما بينهم إحداث تنقلات بين الأفراد الذين يمكثون سنين طويلة في محاضنهم ولا يُرى عليهم كثير تغير وصلاح أو عند أحدهم مشكلة داخل المحضن أو أن المحضن ابتداءً غير مناسب له من حيث الفروق الفردية والتربوية إما أقل منه أو أكبر (50) .
وأضع لتلك النقلة شروطاً اجتهادية :
أ- ألا يترتب على تلك النقلة تأثيرات سلبية على الفرد ذاته أو المحضن المنقول إليه .
ب- ألا يتسرب سبب نقله إلى أفراد أحد المحضنين إلا إذا وجدت المصلحة سواء كان الإخبار على مستوى الفرد أو المحضن كله .
ج- أن يوليه المربي الآخر بشيء من الاهتمام ولا يفضله تفضيلاً واضحاً أمام المتربين السابقين ويقدمه عليهم مباشرة .
د- ألا يُخبَر المربي الآخر بكل شيء فعله المنقول أو صفاته السلبية وأخطائه إلا في حدود ضيقة جداً وإذا لزم الأمر .
هـ- ألا يغادر المحضن الأول إلا بعد تهيئة المحضن الثاني المناسب له من حيث الفروق الفردية والتربوية كالعمر والمستوى الدراسي والقدرات .
و- مباشرة الانتقال للمحضن الآخر بعد الأول بحيث ألا يوجد بينهما وقت كبيرلئلا يفتر المنقول أو تتنازعه الأهواء والأفكار وشياطين الإنس .(1/49)
تنبيه : إذا رفض المتربي الانتقال أو إذا انتقل فإنه لن يذهب إلى المحضن الآخر ، حينئذ بقاؤه أولى إلا إذا كان فيه مفسدة متعدية .
ز- أن يكون النقل آخر العلاج .
ح- أن يكون النقل بالتدرج إذا احتيج إليه ( أي التدرج ) .
ط- تهيئة من يقوم بأعمال المنقول للقيام بعمله حتى لا يتوقف العمل.
وعلى المتربي إذا انتقل ألا يُخرج عيوب وأخطاء المحضن الأول أو المربي السابق على سبيل التشفي أو النقد أو غير ذلك متأولاً ومبرراً لنفسه بعض الأمور وأن النقل لا يعني قطع العلائق ونسيان الود والأخوة .
وربما المربي يرفض نقل المتربي والسماح له فيضطر المتربي حينئذ لافتعال المشكلات بينه وبين المتربي أو الأفراد ليترك المحضن فعلى الجميع حينئذ النظر إلى المصالح والمفاسد وإيجاد الحلول والبدائل .
وتارة يكون المربي هو الذي يحتاج إلى النقل لأي سبب من الأسباب سلباً أو إيجاباً :إما لخطأ صدر منه أفقده شخصيته أو لوجود مشكلة وغيرها فيحتاج النقل إلى حكمة ومعالجة دقيقة حتى لا يفتقد في أي مجال من مجالات الإصلاح ولا ننسى أن الأخطاء تارة تكون في حق الله وتارة في حق الأشخاص وتارة اجتهادية لاتصل إلى محرم وكلٌ له طريقة في العلاج والعقاب ولنزن الأمور بميزان العدل والتعقل ولا يأخذنا الحماس غير المنضبط والعجلة في الأحكام والانتصار لأنفسنا ولنتأمل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في معالجة الأخطاء (51) .
برنامج مقترح لطالب العلم المبتدئ :
إن طلب العلم اختلفت طرائق العلماء ومناهجهم فيه وذلك لعدة أسباب :
1- المدينة التي يسكنها الإنسان وتوفر العلماء والدروس فيها .
2- الظروف التي تحيط بالإنسان من حيث الوقت والعمل والحالة الاجتماعية .
3- فهم الإنسان ومداركه وقدرته وجلده في التلقي والقراءة .(1/50)
وبالنظر إلى من يطلب العلم الشرعي تبين أن بعضهم طلاب علم أقوياء أذكياء فصحاء ،حديثهم درر من العلم لا تمل جلوسهم يذكرونك بالعلماء ومنهج العلماء والبعض الآخر يتخبطون على غير منهج يبدأون من وسط الطريق أو من آخره فضلَّ فهمهم ولم يحصلوا علماً ولم يتقنوا فناً ولم يسترشدوا ويسألوا بم يبدأون ؟ أو أنهم دائماً يسألون كيف نبدأ وبم نبدأ ؟ وكلما رأوا طالب علم أو داعية سألوه هذا السؤال حتى أصبحوا في حيرة من أمرهم أو قلَّ حماسهم وأصبح شغلهم الشاغل السؤال لا طلب العلم .
فبناء على ذلك فقد وُضع هذا المنهج قريباً من منهج الأولين اجتهاداً بعد استشارة وأخذٍ للآراء فيه من بعض الدعاة وطلاب العلم سائلاً المولى أن ينفع به وقد قسمته إلى قسمين :
كان السلف رحمهم الله أول ما يبدأون بحفظ كتاب الله مع تجويده فإن لم يتيسر فيكون مواكباً لطلب العلم وللأسف نجد أن بعض الشباب لا يهتم بحفظ كتاب الله ،يمكث سنوات في حياة الالتزام ولم يحفظ ولو جزء يسيراً أو يحدث نفسه بالحفظ ،فكيف يقوم الليل ، وكيف يأمر أبنائه وإخوانه بالالتحاق بحلق القرآن ، وكيف يؤم المصلين ويكون من الذاكرين ويعظ الناس بكتاب رب العالمين ، فالبدار البدار لحفظ القرآن ولاتكن من المحرومين .
هبوا إليه لحفظه وتأهبوا *** وارجوا رضا الرحمن صبحاً والمسا
الأول : ويندرج تحته عدة علوم .
1- أول ما يجب على الإنسان تعلمه هو: التوحيد لتصحيح إيمانه الذي سيلقى به ربه ويُنصح المبتدئ بكتاب الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد ومسائل الجاهلية للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - .
2- فقه الأحكام لتصحيح العمل : عمدة الفقه لابن قدامة رحمه الله .
3- الحديث : الأربعين النووية مع زيادة ابن رجب وشرحها جامع العلوم والحكم مع عمدة الأحكام حفظاً وشرحاً .
4- التفسير : تفسير ابن سعدي - رحمه الله - أو الجلالين مع التنبه لما فيه من الملاحظات .(1/51)
5- السيرة : الفصول في اختصار سيرة الرسول لابن كثير .
6- النحو والصرف : الأجرومية .
ثانياً : ويندرج تحته عدة علوم .
1- أصول الفقه : الورقات للجويني .
2- المصطلح : البيقونية .
3- الفرائض : الرحبية .
4- علوم القرآن : مقدمة التفسير لشيخ الإسلام .
5- مفردات اللغة : القاموس المحيط .
6- البلاغة : التلخيص للقزويني .
وصايا :
أ- أخلص عملك فإنما الأعمال بالنيات .
ب- احرص على القراءة على شيخ (52) متقن بعد حفظ متن العلم المراد .
ج- استغلال الوقت مع تنظيمه ما بين قراءة وحفظ ومراجعة وراحة دتدرج داخل العلم الواحد فابدأ بالسهل ثم المتوسط ثم العالي .
هـ- لابد لك من قدر من الذكاء فإن لم يكن فتعلم فروض الأعيان ثم اتجه إلى حقل تفيد الأمة فيه .
و- اجمع بين العلم والعمل ولا تكن فتنة للناس .
ز- لا تفتك فائدة حتى تكتبها فالعلم صيد والكتابة قيده .
ح- لا تطلب على مبتدئ أو مبتدع .
ط- تواضع لمن تأخذ عنه ومن تصاحبه .
ي- عليك بالدعاء إذا استشكل شيء عليك واصحب ذلك بالسؤال .
ك- اسأل من تقرأ عليه ما الكتاب الذي تنتقل إليه بعد ضبط ما أخذت عليه .
ل- إياك والفتيا بغير علم وعود لسانك على قول لا أدري إذا كنت لاتدري .
م- ليكن لك مرجعية في تحصيل العلم والزم يا طالب العلم مبدأ الشورى في شؤون حياتك واحدو نفسك لسماع شريط ( فقه الاستشارة للشيخ / ناصر العمر )
كتب للقراءة العامة :
أخي طالب العلم : إن العلم لا يكون بالتلقي فقط بل لا بد من القرآءة والعكوف عليها ولا يمكن لطالب العلم أن يكون طالب علم قوي التأصيل والاستدلال والحجة، فصيح اللسان ، متكلماً واعظاً حتى تصبح القراءة شغله الشاغل فلاتكاد تراه أو يعيش فراغ أو يشعر بملل وسأم بل أصبحت الكتب ضرائر لأهله ومحبيه لأنها أخذت قلبه وعقله عنهم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء .
ماتطعمت لذة العيش حتى *** صرت للبيت والكتاب جليساً
ليس شيء عندي أعز من العلم *** فما أبتغي سواه أنيساً(1/52)
فعود نفسك على ورد يومي من القراءة والاطلاع ولو قلَّ وشيئاً فشيئاً حتى تصل ( والقطرة الدائمة تصبح سيلاً عظيما ً) .
وأضع بين يديك كتباً للقراءة العامة جعلتها على مرحلتين اجتهاداً :
الأولى :
1- جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر .
2- الأخلاق والسير لابن حزم .
3- حلية طالب العلم لبكر أبو زيد .
4- التبيان في آداب حملة القرآن للنووي .
5 - رسائل عبد الملك القاسم .
6- علو الهمة لمحمد المقدم .
الثانية :
1-غذاء الألباب للسفاريني .
2- تهذيب مدارج السالكين للعزي .
3- معجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد .
أخيراً :
يا أخوتي ليس لي منكم سوى طلب *** هل يخذل الأخ من في الله آخاه
فلا تخلُّ أخاكم من دعائكم *** بظهر غيب وستر الليل أرخاه
جعلنا الله وقراء هذه الكلمات ممن قصد وجه الله فرضي الله عنه وأرضاه وإلى لقاء آخر يسره الله بمنه وكرمه على طريق الدعوة والداعية والمدعو وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
فهد بن يحيى العماري
مكة المكرمة
ص.ب : 20268
ammare1395@maktoob.com
(1) الأعمال الإيمانية والعلمية ينتقي كل من الإنسان نفسه والإمام والمربى والداعية في بيته ومحيطه منها ما يناسبه ولم أقسمها لتداخلها وقلتها .
(2) رواه أحمد والبيهقي .
(3) رواه مسلم .
مسألة : هل ركعتا الإشراق هي ركعتا الضحى ؟ رجح جمع من العلماء أنها واحدة منهم الشوكاني في كتاب فتح القدير 4/427.
مسألة : رجح الشيخ ابن باز رخمه الله أن الإقامة تردد كالأذان .
(4) كفهرست كتب السير وغيرها موضوعياً فمثلاً ( ص1 - ج1 - فيه قصص عن الإخلاص وغيره ) فيخرج كتاب مفهرس موضوعياً يستفاد منه ،كأن يتولى فهرست كتاب صفة الصفوة مركزاً صيفياً أو محضناً تربوياً .(1/53)
(5) أيها الأئمة والمؤذنون اتقوا الله في هذه الأمانة فهي رسالة ومسؤولية عظيمة والبعد البعد عن كل ما يثير التنازع والشحناء وفرض الآراء وتتبع الأخطاء فما أجمل الشورى والتناصح والتعاون ونقاء القلوب والتماس الأعذار فأنتم القدوة وكل يحاول سد ثغرة الآخر والذب عنه أمام الذين لاهمَّ لهم إلا الإمام والمؤذن نقداً وتجريحاً وتتبعاً للزلات وتناسوا أن كل بني آدم خطاء وأن اختلاف وجهات الأنظار أمر لابد منه ، فكم كانوا سبباً في التحريش والإفساد وارتفاع الأصوات في المسجد فأصبحوا أحزاباً وجماعات متهاجرين ومتقاطعين ، فالله الله أيها المسلمون أن تكون المساجد مرتعاً لتلك الأمور وعلى الأئمة والمؤذنين أن تتسع صدورهم لما يسمعون .
(6) رواه الطبراني ومالك وحسنه الألباني في الجامع رقم 3004 .
(7) وصايا في ذلك :
- تحديد أيام الكلمات و الدرو س وأوقاتها المناسبة حتى تعلم لدى جماعة المسجد .
- يقترح لو يكون هناك قراءة بعد العصر وبين أذان العشاء والإقامة أو بعد الصلاة .
- التنوع في القراءة مابين فتاوى وأحاديث وتفسير قصار السور وأحكام ومشكلات
- تربوية واجتماعية وآداب والسيرة .
- عدم الإطالة في ذلك .
(8) أنصح أخواني الدعاة وأئمة المساجد وطلاب العلم بهذه الفكرة والمشاركين في الحج مع التوعية أو بدونها ، فقوة الطرح والإعداد المسبق والتنظيم من أسباب النفع والتأثير وللأسف نجد أن البعض يُغفل هذه كلها أو بعضها ويرجو النفع بقوله والاستماع لحديثه ( ومن يحترم عقول الآخرين يُحترَم حديثه ) .
(9) ومن مفاسد تأخر بعض الشباب ليلاً غضب آبائهم ومنعهم من الذهاب مع المحاضن التربوية ونقل صورة خاطئة في أذهان الأسر عن هذه المحاضن والنتيجة انتكاسة أولئك الشباب وحرمانهم من الخير فحري بالمربين التنبه لهذا الأمر .(1/54)
(10) مضمون الرسالة القادمة عن كيفية علاج المنكرات داخل البيوت وأسباب ضعف الدعوة داخل البيوت وعوائقها والأساليب الدعوية ، فأرجو من القراء المشاركة في هذا الموضوع على العنوان البريدي في آخر الكتاب من خلال العناصر السابقة .
(11) أنصح أحبتي بقراءة كتاب الدعوة العائلية للعريني .
(12) يستفيد منها الفرد والإمام والمربي والداعية في محيطه .
(13) رواه الترمذي وأحمد والطبراني وصححه الألباني في الجامع رقم (7720) .
(14) رواه الطبراني .
(15) رواه الشيخان .
(16) نصائح عند استخدام الهاتف :
- حدد أوقات الاتصال مالم تكن الحاجة تقتضي سرعة الاتصال في الحال .
- حدد مهام الاتصال قبل الاتصال . - اجعل اتصالاتك في أوقات الراحة .
_ استخدم جهاز إظهار رقم المتصل . - استخدم جهاز تسجيل المكالمات .
- إذا ابتليت بثقيل فاعتذر منه بكل أدب وحكمة .
(17) ومن ذلك لو أخذت معك مجموعة أشرطة تعطيها من بجوارك في الطائرة أو النقل الجماعي أو أصحاب الأجرة أثناء التنقل من المطار وإليه وداخل المدينة فمن يحمل هم الدين ..!؟
(18) والمتأمل لحال السجناء وأسئلتهم يجد أنهم في جملتهم مقبلين على التوبة ولكن هناك عوائق تبقى في طريقهم ولذا علينا أن نتعاون مع السجين إذا خرج ونلتف حوله فإن لم يتيسر ذلك فلنقدم له الأشرطة والكتب والمعاملة الحسنة ولو من بعد وأقترح إعداد مظروف يحتوي على أشرطة وكتب وأرقام بعض الدعاة والمربين ومكاتب الدعوة يعطى للسجين عند خروجه ويمكن الاستفادة في هذا الجانب من مندوبية الدعوة في سجون مكة حيث إنها أول مندوبية في المملكة في السجون ولو ينشأ شبكة تلفزيونية وإذاعية داخل السجون ويطرح المفيد من خلالها فصلاح السجناء يشكل نسبة كبيرة من صلاح المجتمع والفساد .(1/55)
(19) وبدأت جمعية البر بالرس في هذا المشروع وكانت بداية ناجحة وموفقة وأنصح القائمين عليها بأن ينشروا الفكرة وأنصح الدعاة بالاستفادة منهم وإقامة مثل هذه الأمور ولو ينشأ موقع على الإنترنت سيجد قبولاً ونتائج كبيرة .
(20) رواه البخاري .
(21) رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في الجامع رقم 97 .
(22) ذكره ابن الجوزي في العلل .
(23) رواه الطبراني وحسنه الألباني في الجامع رقم 176 .
(24) رواه الديلمي 938 .
(25) رواه الترمذي والطبراني .
(26) مجلة مساء بتصرف .
(27) من ديوان الأعظمي .
(28) رواه البخاري .
(29) رواه الترمذي والحاكم .
(30) في ضلال القرآن بتصرف .
(31) حدائق ذات بهجة .
(32) أنصح الأباء والمربين بقراءة كتاب [ مسؤولية الأب المسلم / عدنان باحارث]
(33) أنصح إخواني بسماع شريط [ التفكير للشيخ / ناصر العمر ] .
(34) أنصح إخواني بقراءة كتابي [ لا إنكار في مسائل الخلاف لفضل إلهي والإنكار في مسائل الاجتهاد للطريقي ] .
(35) أنصح إخواني بقراءة كتاب (كلمات في الالتزام )لعادل عبد العال قراءة فردية وجماعية ووضع المسابقات عليه .
(36) وهذه قضية مهمة بدأت في أوساط بعض الشباب ،فتجد أن له نوعين من الأصحاب ،ملتزمين وغير ملتزمين ويحاول أن يصحب كل منهما ، ويظهر لكل منهما أنه على نفس طريقه ،لئلا يخسر الجميع ،فتجده حذر في التعامل مع الجميع ،إن كان مع الملتزمين تكلم بلسانهم وإن كان مع اللاهين تكلم بلسانهم ويجعل ثوبه على الكعب ويأخذ من لحيته دائماً بحذر وشكل دقيق حتى لا يظهر ذلك والموضوع له أسباب ومظاهر ونتائج أدعو أحد المربين للكتابة فيه .
(37) ونرى ونسمع أن بعض الدعاة قبل المحاضرة وغيرها يلجأ إلى الله بإلحاح في أن يتقبل منه العمل وأن ينفع به فتكون كلماته وأفعاله كالقذائف تخرج منه فتقع في القلوب فتورثها الندم والتوبة والإقبال .(1/56)
(39) وللأسف نجد أن بعض الدعاة والطلاب يتخلف عن الدرس لأدنى سبب وفي الأعمال الدنيوية تجد الواحد يمكث سنوات ويحال للتقاعد ولم يتخلف يوماً من الأيام أو أياماً قلائل وليس هناك مراجعات للعلم واعتناء بالطلاب وتشجيعهم والتوجيه المستمر لهم والترابط بين الشيخ والطلاب ولذا كثير من الدروس تفشل ولاتستمر .
(40) حدائق ذات بهجة بتصرف .
(41) علو الهمة للمقدم
(42) يقترح أن يعطى الحاج والمعتمر عند دخوله ما يحتاجه من كتب وأشرطة في حجه وعمرته وما عدا ذلك فيعطى عند رجوعه إلى بلده فإنه يلاحظ عليهم أنهم يملئون بالكتب والأشرطة ثم يتركونها أو تضيع منهم ويقترح إعداد لجنة تتكون من مندوبين للمؤسسات الخيرية تحت إشراف الشؤون الإسلامية لتتولى توزيع الأعمال الإغاثية والدعوية حسب التخصص من حيث العمل والمكان حتى لايصبح تكرار وازدواجية ومن ذلك أن تتولى كل جهة نوعية من الكتب تطبعها وتوزعها .
تنبيه : نجد أن بعض المراكز الدعوية وغيرها تحاول أن تستقطب في مجلس إدارتها كبار طلبة العلم والدعاة وهذا مطلب لكن نجد أنهم مشغولون بأعمال كثيرة ولا يرون إلا عند الاحتفالات وهم أصحاب الكلمة فيها والشكر لله ثم لهم ولا يعرفون إلا بالتوقيعات والذين يعملون بالليل والنهار ينسون حينها وهذا يسبب إشكالات كثيرة وليس من العدل وكذلك لابد أن نبرز شخصيات جديدة في العمل الدعوي حتى يأتي الجديد بالفكرة الجديدة ويستمر العمل فليس شرطاً أن لاتطلب المحاضرة إلا من كبار المحاضرين والدرس إلا من كبار العلماء.(1/57)
(43) لقد أكثرت من كلمة ردود الأفعال كثيراً وهو موضوع جدير بالاهتمام لأن كثيراً من تصرفاتنا وأقوالنا مبنية على موقف وحماس و ردود أفعال ليست على الدليل والحجة والمصلحة شرعاً أو عقلاً ولذا نجد كثرة الآراء والمواقف للشخص الواحد ومن ثم الجموع المتبعة له سواء على مستوى المحضن وغيره أو الأمة كلها يوم أن عظمنا الرجال ولم نعظم الدليل وعرفنا الحق بالرجال ولم نعرفه بالدليل عذراً أخوتي عذراً فالحقيقة مرة ،لكن يكفى ما نحن فيه وكم أتمنى أن ينبري لهذه القضية أحد الكتاب أسباباً وعلاجاً ومظاهراً حتى نخرج من التيه والتبعية والفوضوية التي تعيشها أمتنا نتيجة لردود الأفعال والتي ضحيتها شباب الأمة المتمسك ومن المسؤول يا أيها الدعاة والمربون وأصحاب الكلمة المسموعة ..؟ فأين أمانة الكلمة والرأي والمشورة التي سيحفظها ويعمل بها ويتخذها جيل الأمة نبراساً ومشعلاً في حياته وزاداً في طريقه إلى الله في محاضرة أو شريط أو كتاب أو مقال أو غيرها والله المستعان !؟
(44) وللأسف نجد أن بعض الشباب جعل جل وقته مع الشباب لا يراه أهله إلا وقت الغداء ووقت النوم ، مقصر في خدمة أهله ومتفانٍ في خدمة الشباب خيره في غير أهله مالاً وخدمة وشفاعة وتعاملاً وكثير من الآباء والأمهات يشتكون من هذا الأمر قال صلى الله عليه وسلم (خياركم خيركم لأهله) .
(45) وللأسف نجد أن كثيراً من الشباب عنده إسراف في تكلفة الرحلات والمخيمات وغيرها التي تصل إلى مبالغ طائلة وكذلك في جانب إنشاء المساجد وملحقاته والمكتبة التابعة له التي ربما لا يرتادها إلا القليل أو تكون مقفلة ، فعلى المربين والدعاة الاقتصاد ومحاسبة المتربين في ذلك .
(46) شريط اللقاءات التربوية للدويش بتصرف .
(47) لفظ الانتكاسة لفظ صحيح يطلق على الفتور ويدور في اللغة على معان منها : الميل والضعف والعجز والخيبة والخسران وقلب الشيء على رأسه . لسان العرب .(1/58)
(48) رواه أبوداود وابن ماجه والحاكم وصححه الألباني في الجامع برقم2877 والمعنى التواضع في اللباس والتجوز في الثياب .
(49) رواه البخاري .
(50) نجد أن بعض الشباب ذكي وجاد لا يقبل برامج المحضن لكونها أقل منه فتجده يثير إشكاليات مع المربي لا يوافقه عليها أو يكثر تخلفه ومصادماته مع المتربين في بعض الأمور أو لا يقبل بعض التصرفات فيمكن إيجاد برامج مقوية له ولا يفرط به وإذا لم يتوصل لحل مناسب فيمكن نقله إلى محضن مناسب له .
(51) أنصح بقراءة كتاب الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس للمنجد .
(52) نجد بعض الشباب لا يجد لأحد المشائخ درساً في الكتاب الذي يريد أن يقرأه أو تجده لابد أن يطلب العلم على كبار المشائخ المشهورين وهذا مطلب لكن إن لم يتيسر فالتوقف أو الانتقال إلى فن أو كتاب أعلى ليس حلاً وليقرأ على غير المشهورين أو طلبة العلم المتقنين ولقد قال ابن المبارك رحمه الله " إنما ينقل الأصاغر العلم عن الأكابر" فإن لم يتيسر فيقرأ مع بعض زملائه أو لوحده في الشروح الميسرة أو الاستماع للأشرطة مع تقييد المشكل واختيار أحد المشائخ في تخصصه وسؤاله عن المشكل ولو هاتفياً أو الذهاب إليه إن تيسر .
??
??
??
??
فتح آفاق للعمل الجاد .. تأليف / فهد بن يحيى العماري(1/59)