عوائق الهداية 1
المقدم:
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم الراصد ويمتد ترحيبنا عاطراً إلى الشيخ محمد صالح المنجد المشرف العام على مجموعة مواقع الإسلام ، وجوال زاد أهلاً في مطلع هذا اللقاء المبارك نرحب بشيخنا أجمل ترحيب فأهلاً ومرحبا بكم فضيلة الشيخ ؟
الشيخ محمد:
الله يحييكم أهلاً وسهلاً بكم وبالإخوة والأخوات جميعاً.
المقدم:
مشاهدينا الكرام مع تسارع عجلة الحياة وكثرة الملهيات والمشغلات بات المسلم محاطاً بعشرات الوسائل التي تصده عن الهداية والاستقامة ، وفي جو كهذا أضحت الهداية والاستقامة على دين الله الأمان الوحيد الذي يحفظ المسلم بإذن الله من الانجراف في مزالق الغواية والضلالة ، وعندها لنا أن نتساءل ما الذي يمنع من الاستقامة على طاعة الله هل تفصيل أسباب الهداية متاح للمسلم ، أم يمكنه أن يتعذر بأن الهداية بيد الله ، لماذا يمتنع الكثيرون عن تحصيل أسباب الهداية بحجة صعوبة ترك الشهوات ، أو خوفاً من استهزاء الأقوام بهم أو غيرها من الحجج ، أسباب وموانع الهداية ، موضوع حلقتنا لهذه الليلة من برنامجكم الراصد ؟
شيخنا الفاضل لعل من نافلة القول أن نذكر أن المسلم في حياته وفي يومه وليلته يسأل الله -سبحانه وتعالى- الهداية ، لكن ربما لا يستشعر معنى هذه الهداية، ويظن أنها فقط أشياء يقولها بلسانه ، كيف صور الإسلام أهمية الهداية في حياة المسلم؟
الشيخ محمد:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد .(1/1)
فما أحوجنا إلى الهداية ونحن نسأل الله في اليوم أكثر من سبع عشرة مرة في الصلاة اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم اليهود ، و لا الضالين النصارى ، ما أشد حاجة العبد إلى الهداية ، نحن نتعرض يومياً إلى فتن ، من شهوات الشبهات ، الحياة تقودنا في المعمعة التي تأتينا فيها الأمواج الهادرة ، بأنواع من الانحرافات من الشرق والغرب ، من مراكز متعددة ، من قنوات ، من مجلات ، من جرائد ، من حتى شاشات الجوال ، من هذه الشبكة العنكبوتية ، من قرناء أناس يخالطوننا انحرافات تصد ، وأنواع من مغبشات التي تغبش النظر والرؤيا وكذلك التي تجعل العبد ينحرف عن مسيره إلى الله ، ولذلك نحن كما قال ابن القيم -رحمه الله- الواحد فينا ليس هو إلى شيء أشد فاقة وحاجة منه إلى الهداية ، فإنه محتاج لها في كل نفس وطرفة عين ، العبد أحوج إلى أن يسأل الله كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم لماذا يكرر ذلك إنه يريد الهداية تعريفاً وبياناً الصراط المسقيم وإرشاداً وإلهاماً وتوفيقاً وإعانة ، فيعلمه إياه ويعرفه به ويجعله مريداً له قاصداً لاتباعه ليخرج عن المغضوب عليهم والضالين ، ولذلك كان هذا الدعاء من أجمع الأدعية هذا من أحوج ما يكون اللسان إليه ، هب أن شخصاً عنده شيء من التدين ويعني إرادة الخير ، لكن ما اهتدى إلى الصراط المستقيم ، ما الفائدة .
المقدم:
البعض يقول يا شيخ إنه يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها ويؤدي شعائر الدين عامة ، هو يظن أنه يعني مهتدي بهذه الكيفية فهل هناك هداية أبعد من ذلك؟
الشيخ محمد:(1/2)
أينعم لا شك أن الهداية إذا صحت العقيدة الهداية للتوحيد ، الهداية إلى الإخلاص لله ، الهداية على وفق السنة ، لأن هنالك كثير من الناس في الأرض لا يعبدون الله ، ومنهم من يشرك به ، ومنهم من يعبده لكن بالهوى ، أو بالبدع ، كثير من الناس يعبدون بالبدع ، والآن يعني في غمرة كما قلنا الانحرافات الموجودة ، الشبهات الأمور التي تزلزل الإنسان تحرفه عن دينه ، يعني الذكور والإناث ، فالهداية صارت الآن يعني حاجة ملحة لشبابنا لفتياتنا ، لنا نحن ، بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً ، يمسي مؤمنا ، ويصبح كافراً ، فالتغيرات المتتابعة هذه التي نشهدها اليوم ، انتكاسات ، تنازلات ، ناس كانوا شيء صاروا تحت ، ناس كانوا يعني يشار إليهم بالبنان في العلم ، انشغلوا بالدنيا ، ناس كان يشار إليهم بيعني التمسك بالصراط المستقيم ، صار عندهم أنواع من الانتكاسات الانحرافات ، والتنازلات والتساهلات ، يعني في غمرة ما يريده اليوم أعدائنا من إسلام آخر غير الإسلام الذي وصى الله به محمداً -صلى الله عليه وسلم- أو مختصر الإسلام ، أو إسلام ناعم ، إسلام لطيف كما يقولون يعني لا يريدون إسلاماً فيه أي نوع من أنواع أي ما إسلام فيه عزة للمسلم ، يريدون إسلام يعني على ما يفصلونه هم بالنسبة لنا ، ولذلك صرنا نحن الآن نحتاج في غمرة الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة التي يعني تلقي بظلالها المظلم على القلب يحتاج الإنسان فعلاً أن يرجع إلى الله -سبحانه وتعالى- أن يهتدي إليه ، فالهداية مصدرها من الله رب العالمين ، كما يتضح من قول الصحابة اللهم لولا أنت ما اهتدينا ، ولا تصدقنا ولا صلينا ، فهذه حاجة ماسة لنا اليوم ولأبنائنا الهداية المطلب العزيز العظيم الذي نشتاق إليه .
المقدم:(1/3)
جميل ، فضيلة الشيخ البعض يقول هذا نشاهده كثيرا حقيقة يقول : يعني لديك تقصير في جانب العبادات ، تقصير في تقوى الله -سبحانه وتعالى- يقول يا شيخ ادعي لنا بالهداية ، وكأن هذه الهداية أمر يعني أمر غير متحصل أو لا يمكن أن يحصل هذا الأمر ويعني بيد الآخرين ، وهو لا يستطيع أن يحصله ، فيأتي السؤال فضيلة الشيخ كيف يمكن تحصيل أسباب الهداية ؟
طيب الدعاء يجي واحد يقول لك يا شيخ والله ادعي لنا شيء جميل لكن هل هو يريد بهذا الكلام أنه لا يعني هو من جهته لن يبذل شيئاً بس على الشيخ أن يدعوا له بالهداية وهو ما يفعل شيء .
هو بيظن أنه قد امتنعت الهداية عنه ؟
الشيخ محمد:
هذا سوء ظن بالله ، هذا أولاً ، ثانياً ، الإنسان عليه أن يدعوا لنفسه أولاً، كل و احد مكلف أن ينجي نفسه من النار أولاً ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي بن أبي طالب : يا علي سل الله الهدى ، والسداد .
حديث صحيح .
وجاء في صحيح مسلم ، قل : اللهم اهدني ، وسددني .
واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهل ، يعني تذكر في حال دعائك بهذين سؤال الهدى والسداد ، هداية الطريق ، ومسدد السهم الذي يحرص على تقويمه ، ولا يستقيم رميه حتى يقومه ، وكذلك ا لداعي عليه أن يحرص على تسديد علمه ، ولزومه السنة ، وكان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- : رب أعني ولا تعن علي ، وانصرني ولا تنصر علي ، وامكر لي ولا تمكر علي ، واهدني ويسر الهدى لي ، رواه الترمذي وهو حديث صحيح .(1/4)
إيش علم النبي -صلى الله عليه وسلم- الحسن بن علي -رضي الله عنه- في دعاء القنوت : اللهم اهدني فيمن هديت ، ماذا جاء في الدعاء المشهور : يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، فلو جاء أحدهم قال يا أبي يا أمي ادعوا لي بالهداية ، ادعوا لي بالهداية ، طيب إنت ماذا فعلت في هذا الموضوع هل دعوت بها أم لا ، أم بس تريد الآخرين يدعوا لك ، وأنت عطال بطال ، ولذلك فلابد من الأخذ بالأسباب ، ومنها الدعاء أولاً ، وثانياً كذلك الإيمان ، ( ومن يؤمن بالله يهدي قلبه ) ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ) فالله أخبر أن الإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، هذا من أعظم أسباب الهداية ، وكذلك التوبة والإنابة إلى الله -عز وجل- كما قال تعالى : ( ويهدي إليه من أناب ) يعني يهدي من أناب إليه ورجع واستعان به وتضرع فهذه الإنابة ، هي التي جعلتهم أهلاً للهداية ، كذلك فهم قراءة القرآن والإقبال على القرآن معرفة معاني القرآن ، ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) .
المقدم:
طيب عفواً فضيلة الشيخ عفواً على المقاطعة في النقطة التي ذكرتموها ، بالتوبة البعض يا شيخ يقول أنه سيرجع إلى الله ، هو ينوي أن يرجع إلى الله ، وأن يتوب إلى الله لكن يقول يعني بعد مضي مرحلة الشباب ، وأن يستمتع بهذا الشباب ربما بعد ما يتزوج ربما بعد ما يؤدي فريضة الحج ، ربما يعني بعد ما يمضي من السنين قليلاً لكن مرحلة الشباب هذه يصعب فيها أن يتوب إلى الله -سبحانه وتعالى- هكذا يتصور ، لأنها مرحلة يجب أن يكون فيها نوع من المتعة ، والأنس وإلى آخره وبالتالي يؤجل التوبة ؟
الشيخ محمد:
لا أعظم من المتعة متعة الشاب بطاعة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ولا أعظم من الأنس للشاب مع الله -سبحانه وتعالى- يستأنس بربه .
المقدم:(1/5)
كانوا يا شيخ يقول إنه إذا تاب إلى الله سيمتنع من مشاهدة الأفلام ، سيمتنع من سماع الأغاني ، سيمتنع من بعض الأشياء التي ربما تكون يعني من المحرمات ، وبالتالي هو يظن أن هذه هي التي يستمتع فيها حقاً ؟
الشيخ محمد:
طيب هي حفت الجنة بالمكاره ، يعني نحن الآن لا نستطيع أن نصل الجنة إلا عبر اقتحام المكاره ، حفت النار بالشهوات ، عطي نفسك الشهوات خلاص ، هي طريق إلى النار سهل ، الذين يريدون الجمع يقول أنا أجمع بين اللهو الآن والاستمتاع ، وبعد ذلك التوبة ، وبعدين خلاص يعني نكون استمتعنا بالدنيا ورحنا على الجنة في الآخرة ، أو كأنه في الضمان وممكن يموت الآن وهو يستمتع بالمحرمات ، ثانياً عند الله ميزان يعني سيوذن كل ما عمله في حياته الشباب ، يعني خلاص ، اللي عمله في مرحلة الشباب هذا سيمحى هكذا بدون يعني أي سبب ، كله مسطر عند الله فنفترض إن فرحة الشباب هو يتصل على الفتيات ويقيم علاقات محرمة ، ويستمتع استمتاعات محرمة ويشاهد أشياء محرمة ، إلى آخره يذهب مع صحبة بعلاقات محرمة ، يعملون أعمال محرمة الآن هذه الأشياء التي هم يعني الآن الحياة صارت فيها ترف ، وأجهزة ، وسياحات ، وأموال تهدر ، وأشياء تلهي وتطغي هذه الأشياء الحاصلة الآن لأكثر الناس ترى ما يرون الآخرة في غشاوة ، ما يرون الآخرة ، ويقولون نريد أن نستمتع بهذا الشباب وبعد ذلك نكمل .
المقدم:
طيب لعله يكون يا شيخ هناك نقطة هامة الرفقاء والصحبة ، وأثرها في تحصيل أسباب الهداية ، بعد فاصل قصير ثم نعود بإذن الله تعالى ؟
مشاهدينا الكرام فاصل قصير ثم نواصل المسير فابقوا معنا .(1/6)
أهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام ، بعد هذا الفاصل ، وفي هذه الحلقة التي نتجاذب فيها أطراف الحديث مع الشيخ محمد صالح المنجد عن موضوع هام وهو أسباب وموانع الهداية ، ذكرنا حقيقة طرفا من أسباب تحصيل الهداية ، وتوقفنا فضيلة الشيخ عند الصحبة وكيف أثرها في تحصيل أسباب الهداية ، فنذكر يا شيخ بعض الإشكاليات التي تحصل في جانب الصحبة ، البعض في مثال مثلاً يكون في صحبة يدخنوا وهو أيضاً يدخن ، وحينما يريد أن يقلع عن التدخين يقول هذه يعني صحبتي ، هؤلاء زملائي في العمل هؤلاء الذين أختلط فيهم فبالتالي يصعب علي أن أترك التدخين وهم زملائي ، ما أثر الصحبة في تحصيل الهداية في مثل هذه المسائل ؟
الشيخ محمد:
يعني الصحبة طبعاً تنقسم إلى صحبة طيبة وصحبة سيئة ، والصحبة الطيبة درجات والصحبة السيئة درجات ، الصحبة الطيبة إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا ، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا ، وإخواننا يذكروننا بالآخرة ، الصحبة الطيبة ترضي الإنسان ، إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ، ولا تصحب الأردى فتردى مع الردِي ، هذه الصحبة التي تحمل الإنسان على الهداية ، وتحمله على الغواية يجب انتقاءها بعناية ، والإنسان ما هو معذور اللي يمشي معهم ، لأن هؤلاء يمكن يكونوا يوم القيامة ، يعادي بعضهم بعضا ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) وكذلك فإن من أسباب يعني الهداية الاعتصام بالله -سبحانه وتعالى- ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ، اللجوء إليه ، دعاء الله، مناشدة الله ( فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيما ) نلاحظ أن بعض الناس يمكن يهتدي ، يعني تحدث له مواقف يهديه الله بها ، الهداية هذه نوع يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده بعض الناس يهتدي من خطبة بعضهم يهتدي بعد محاضرة ، بعضهم يهتدي من موعظة ، بعضهم يهتدي من دعاء التراويح .(1/7)
بوفاة قريب أو صديق له ، حج ، عمرة ، حادث ، مصيبة فقد وظيفة ، موت قريب ، كما قلت يمرض ، فيشعر بالضعف يعرف حقيقته ، ويعرف حجمه ، يعرف قدرة الله -عز وجل- بعضهم يهتدي من دعوة ، دعاه بها المدرس ، أو داعية، بعضهم يهتدي من رؤية نكبات المسلمين وما أصابهم ، فأسباب الهداية كثيرة نحن يجب أن نتعرض لها ، طبعاً في أشياء بيدنا بمقدورنا مثل : المجاهدة والمثابرة، والقرآن والصحبة الطيبة ، وفي أشياء يعني رؤية لا يستطيع يتحكم بالمنامات حتى يري نفسه شيئاً يتأثر به وكذلك هذه الحوادث الأشياء التي تقع تقدير من الله -سبحانه وتعالى- .
المقدم:
يعني هناك يا شيخ هداية توفيق وإلهام ، وهناك هداية إرشاد أو توجيه ؟
الشيخ محمد:
نعم يعني نحن إذا كان لدينا تعرض لهداية الإرشاد ستأتي تبعاً لذلك من الله هداية التوفيق والإلهام .
المقدم:
جميل ، فضيلة الشيخ نأتي الآن إلى القسم الآخر بعدما عرفنا مجموعة من أسباب الجانبي للهداية ، ما الموانع التي تمنع الإنسان من تحصيل الهداية ؟
في الحقيقة هناك يعني موانع كثيرة من خلال الاستقراء أو مشاهدة من الحالات التي يريد الإنسان أن يرجع إلى الله -سبحانه وتعالى- ولكن هناك عقبات هناك أشياء ، أنا أسأل بداية يا شيخ ، هل الموانع يعني هي من ذات الإنسان ، أم أنها مؤثرات خارجية ، تمنع الإنسان من الهداية ؟
الشيخ محمد:(1/8)
الجواب: كلاهما هناك موانع داخلية ، وهناك موانع خارجية ، مع اختلاف العصور والأزمان ترى تزداد الموانع تتنوع أيضاً ، الموانع الداخلية نوع من الشخص نفسه ، مثل النفس الأمارة بالسوء الهوى مثلاً ، هذه الموانع داخلية ، من الإنسان أحياناً مثلاً العادة والتقليد ، اتباع ما حوله ، تعظيم الأسلاف ، ضياع الشخصية للذوبان في الجماعة التي هي مقيمة على الباطل صار كل جيل يرث مجموعة من العادات والتقاليد ممن سبقه ، بركام توالى عبر العصور ، بعضه بعيد عن الوحي تماماً ، لذلك يعيش الواحد تناقضات يريد أن يتدين ، ولكن يجد أن الوضع الاجتماعي والناس المحيطين به ، والعرف ، والعادة للقبيلة ، والجماعة والعائلة ، والناس المحيطين به على شيء آخر غير الكتاب والسنة ، وبعض الناس يخلي التقليدة ناعمة وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ، أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ، وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، وهل يعذرهم عند الله ، الأتباع سيتبرءون ، المتبوعون يتبرءون من الأتباع ، والأتباع سيتمنون فرصة للتبرؤ ( ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار ، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً ) أنتم قادة ونحن أتباع ( فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ، قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ) تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبَعوا ، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ، إيش قال الله -عز وجل- عن بلقيس لما دعاها سليمان إلى الإسلام ، طبعاً في البداية تمنعت ، وحاولت بالهدية وبالرشوة ، وأن يسكت عنهم سليمان ، لكن سليمان ما قبل الرشوة ، والهدية أصلاً ولا سكت عن جهادهم ، وأرسل لهم ، مهدداً ومتوعداً فجاءت ، قال الله عنها : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين )(1/9)
فالأشياء التي كانت تعبدها من دون الله صدتها عن عبادة الله والقوم الكافرون المحيطون بها صدوها عن سبيل الحق أيضاً ، وهكذا فإن هنالك يعني أسباب ، تتعلق بموانع إذا الإنسان استجاب لها ومشى عليها ، فإنه لن يهتدي والشهوات هذه الآن الكثيرة ، المتراكمة ، الموجودة ، التي لها أسباب من رؤية الشاشات ، والقنوات ، والمحطات ، والمواقع ، والمجلات ، الغالبية العظمى من الشباب تتابع متابعة كاملة ، يا أخي الجيل هذا مبرمج ، يعني القنوات توجهه ، أباطرة الإعلام في العالم ، هم يصوغون عقول ا لناس ، الشاشات توجههم الأجهزة الآن مايكروسوفت تقول للناس ، نوكيا تقول للناس ، وهكذا حسب ما يحطوا له في الأجهزة يمشوا عليها ، كذلك يعني حتى شركات الأطعمة مأكولات السريعة تقود الناس توجه الناس ثقافات معينة إيوه تؤثر عليهم ، في بيئة رهيبة للتأثير ، نسبة التأثير الخارجي على الناس كبيرة جداً ، المشكلة في الانسياق ، الاستسلام ، الاستهلاك ، القبول بأن يكون تاجراً ، غالبية من الشباب الآن خلاص الأفلام العربية والأجنبية والممثلون ، طبعاً هذه كلها أشياء مبرمجة متفق عليها ، وتصب في يعني معروف توجه ، وبعض المنتجين ، يقول لك كده التوجه ، وبناء عليه ، ينتج ، ويشتغل ، ولقطات فاتنة ومثيرة وأشياء يعني الآن يعني من الصور والعلاقات الآن مثلاً فيه تشجيع على اختراق الجنسين خلاص أي مكان تجد فيه الفتاة المرأة وعادي يطلع معها وإلى آخره ، فالآن .
المقدم:
بالنسبة فضيلة الشيخ فيما يتعلق بمشاهدة الفضائيات التي فيها مضامين لا تتناسب مع قيم الإسلام مثل مسلسلات ، التي تحوي بعض اللقطات الغير أخلاقية وإلى آخره ؟
الشيخ محمد:
يتعلل بعض الشباب أن لديهم أوقات فراغ وأن هذا هو الذي يقدم له ، وبالتالي الذنب يقع على أصحاب الأفلام هذه ، وأصحاب شركات الإنتاج ، وأصحاب القنوات ، أما أنا كشاب ، فإنني أعاني من الفراغ وبالتالي سأشاهد مثل هذه الأشياء .
المقدم:(1/10)
هل هو مبرر الشاب مشاهدة مثل هذه الأشياء ؟
الشيخ محمد:
يعني هل يرضى بأن يكون مستهلكاً ويؤجر عقله لغيره ، هل يرضى بأن يكون تابعاً ومقلداً تقليداً أعمى ، هل يرضى بأن يكون هو شاشة تعرض عليها منتجات الآخرين ، يعني لماذا ، لماذا يطلق شبابنا وفتياتنا لأنفسهم العنان ، في استهلاك هذه الأشياء ويقبلون أن يكون مرددين وناظري ومستمعين لما يسمعه الآخرون .
المقدم:
هذه حب الشهوات ذكرتموها يا شيخ ؟
الشيخ محمد:
أينعم قضية التبعية القبول بالتبعية ، أنا أسمع ، وأرى وأردد ما يسمع من أجلي ، لحرفي تلفيزيون إذاعة ، شريط كاسيت ، اسطوانات مدمجة إلى آخره إم بي ثري ، إم بي فور هذه كلها قضية جوالات ، حواسيب ، ساعات سنترالات ، يعني ألعاب أطفال ، يعني أشياء كلها يعني فيها هذا الذي روج ، حفلات سهرات مبرمجة ، أشياء جلسات أنس طلب ، طيب قنوات 45 قناة ، غنائية ، أكثر على قمر صناعي ، أشياء .
المقدم:
45 قناة فضائية ما بها يا شيخ ؟
الشيخ محمد:(1/11)
غنائية متخصصة في الغناء عربية ، ولا فيديو كليب ، أيوه ، على قمر صناعي واحد عربي ، كيف تأتي الهداية مع سكرة الأغاني ، قال ابن القيم -رحمه الله- اعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ، ونباته فيه كنبات الزرع في الماء فمن خواصه أنه يلهي القلب ، ويصد عن فهم القرآن والعمل بما فيه ، والقرآن والغناء لا يجتمعان ، حتى يطرد أحدهما الآخر ، إنه يهيج النفوس إلى شهوات الغي ويحركها إلى كل قبيح ، و يسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح ، فهو والخمر رضيعا رهان ، وفي تهييج الشهوات على القبائح فرسا رهان ، ولذلك لابد اللي يختار الإنسان ، قنوات الأفلام الفضائية مثلاً ، هذه التي نسمع عنها الآن الواحد ممكن يشوف فيها فيلم أكثر من عشر مرات ، يعني كل ما يوجد في الفيلم من الأشياء غرس غرساً في نفسه ، أشربوا في قلوبهم حب هذه الأفلام ، بعض القنوات العربية تسجل نسبة الأعلى للمشاهدين في العالم العربي ، ماذا تعرض أفلام أجنبية ، قنوات عرض الأفلام الأجنبية المدبلجة والمترجمة بالعربي رقم واحد ، لماذا طبعاً فيها أكشن ، وفيها حب ، وغرام وقصص وأشياء ، وإثارة غرائز ومفاتن النساء إلى آخره ، إطلاق البصر فيها ، فيها يعني أشياء مرة كوميدية ، وتراجيدية ، ودرامية ، وأشياء لكن يعني ماذا فيها من حب الله ورسوله .
المقدم:
السؤال يا شيخ ما البديل ، إذا كان شاب يقول ما البديل من هذه الأفلام وأقضي وقتي ما البديل ماذا أفعل ؟
الشيخ محمد:
يعني أنا ما أستخرج الحق وخلاص أبقى هكذا يعني رهينة لما يعرض علي.
المقدم:
المشكلة يا شيخ هو يستسلم للواقع ، هذا الواقع الفضائيات ؟
الشيخ محمد:(1/12)
فنحن لا نريد من الشباب أن يستسلموا للواقع ، يعني هنالك أشياء كثيرة يمكن أن يعملوها ، حتى من جهة الإنتاج الدنيوي ، يمكن أن يعملوها ، وتقع مسئولية كبيرة على من يوجه الشباب ، وعلى من يعرض الأشياء على الشاشات ، لكي ينتجوا مواد تنشر فضيلة ، تنشر علم شرعي ، فيها تأثير على الناس اتجاه للدين ، فيها فتاوى ، فيها حل مشكلات الناس على ضوء الكتاب والسنة ، فيها مشاريع علمية نافعة ، فيها أشياء يعني تؤدي إلى تحسين حياة الناس المعيشية ، يعني ما في إلا يعني لازم فساد إجباري يعني ، ولذلك نحن يعني نعرف بأن الأفلام والقنوات الأفلام هذه لها يعني مفاسد ، لها آثار خطيرة جداً على عقائد الناس ، وعلى التبعية للغرب ، وعلى الدعوة للفاحشة ، والاستهزاء ، التبرج السفور ، السخرية بالقضاء والقدر ، الآن السيطرة على الناس ، قضية المتعة حتى في القراءة يقرأون ماذا الروايات الأجنبية ، الروايات الأجنبية ماذا فيها هي الأكثر انتشاراً وأوسع خطراً روايات يقرأوها طبقات مثقفة ، من الكتاب كفار غير مسلمين لكن دور تترجم وتنشر ، ماذا يوجد في الروايات تحكي واقعاً غربياً أو واقعاً شرقيا، تعزل القارئ عن الكتاب والسنة .
المقدم:
بالتالي يا شيخ الموانع هذه ليست فقط تركز على جيل الشباب ، أو الجيل الناشئة ، تعدت إلى الأجيال المثقفة والنخبوية ، حتى تمنعهم عن تحصيل الهداية ؟
الشيخ محمد:
حتى أفلام الكرتون تحرف الأطفال ، والأفلام تحرف الشباب الكبار والصغار ، حتى الشيب ، لأن أيضاً هذه الأشياء موجهة للجميع ، الذكور والإناث، اتباع الهوى هذه مشكلة ، أن الإنسان يسلس قياده لغيره ، ويسلم نفسه لغيره ، ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) الهوى أساس كل فتنة ، يعني الذهاب مع ميل النفس هذا هو الهوى ، الهوى أن ترخي العنان لنفسك ، اتباع الهوى .
المقدم:(1/13)
سواء يا شيخ الميل ، أو اتباع الهوى في الشهوات ، أو في الشبهات ؟
الشيخ محمد:
أينعم هو الهوى في الشهوات أميز وأوضح يعني إلى الشهوات لكن الشبهات ممكن يطلق لنفسه العنان في سماع الشبهات .
المقدم:
يعني هل نفهم من كلامك يا شيخ أن هذه يتتبعون الرخص في فتاوى مثلاً النواحي الاقتصادية ، والبيع ، ويذهب مع فتوى هذا الشيخ الفلاني ، وهذا الشيخ الفلاني حتى تتناسب مع صفقات تجارية ، هل يعتبر هذا اتباع الهوى في المجال الاقتصادي ، أو في مجال البيوع ؟
الشيخ محمد:
مجال الفتوى اتباع للهوى في مجال الاستفتاء ، ولذلك يقول وين الشيخ السهل وين الأسهل ، ما عجبه جواب الشيخ يروح يدور على شيخ ثاني ، هذا الشيخ الممتاز ، ليش لأنه قال جائز الشيء اللي يهواه ، يبحث عمن يفتيه بالجواز ، اتباع الهوى ، لكن اتباع الهوى أيضاً ، فيه إطلاق أيضاً السمع لكي يسمع من الشبهات ما يسمع بدون أن يجهز نفسه في يصد نفسه عنها ، ولذلك جهاد الهوى مهم عند السلف لما جاء رجل قال يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل ، قال جهادك هواك ، يقول ابن القيم :(1/14)
وسمعت شيخ الإسلام كان يقول جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين ، فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجهز نفسه وهواه أولاً ، حتى يخرج إليهم ، ولذلك الله -سبحانه وتعالى- قرر الاستقامة نهى عن اتباع الأهواء قال سبحانه ( واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم ) فاتباع الهوى يصد عن فهم القرآن، ولذلك قال علي -رضي الله عنه- إنما أخشى عليكم اثنتين ، طول الأمل واتباع الهوى ، فإن طول الأمل ينسي الآخرة ، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق ، وهذا الذي يمنع الإنسان من الإيمان حتى لو سمع الآيات ، وحتى لو سمع القرآن ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكروه ) فتجد واحد شاب مثل الجدار يتكلمون معه لا يسمع ، يعظونه لا ينصت ، لا يتأثر يعرضون عليه الحق معرض ، معرض .
المقدم:
طيب هنا يا شيخ قضية أبعد من ذلك أتصور ، الذي يتبع هواه ويظن أنه على حق وهو على باطل ، ومع ذلك يستمر في غيه وفي ضلاله ، لأنه يظن حقيقة في قناعة نفسه أنه يسير على الطريق الصحيح ، وإذا خاطبه أحد أو حاوره أو ناقشه في مثل هذه المسائل يقول أنا على الحق سنعرف الجواب إن شاء الله تعالى بعد هذا الفاصل .
مشاهدينا الكرام فاصل قصير ثم نعود إليكم بإذن الله تعالى فابقوا معنا ؟
أهلاً ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام بعد هذا الفاصل القصير ، ولعلنا في هذه الدقائق ، أن نتابع وإياكم تقريراً أعده فريق البرنامج ، عن هذه القضية تحديداً ثم نعود إليكم بإذن الله تعالى ؟
الشيخ محمد:
فالهداية في الأول والآخر من الله -سبحانه وتعالى- ولكن هي أسباب ممكن رب العزة يسبب سبب ، مثلاً صديق صالح يهديك لطريق الصلاح ، موقف معين يحصل في حياتك ؟
في بعض الناس إذا شاف موقف قدامه ، وربي إنه مكتم إنه يشوف اليوم هذا ، وهذه المواقف اللي ربنا -سبحانه وتعالى- يخلي الناس تشوف بعيونها على أساس عظة وعبرة ؟(1/15)
لأن الإنسان إذا راح ما يرجع ؟
دعاء الوالدين يدعوا لأبناءهم وإن دعاء الوالدين مستجاب له ؟
مثل عبد يتقرب من ربه كده ويصلي ويصوم ويكون قريب من ربه ؟
الدعاء لله -سبحانه وتعالى- ، الإخلاص في العمل ، التوبة الصالحة ؟
نصيحة شيخ أو داعية ، أو إنه يصير له موقف يخليه يتغير مسار حياته 180 درجة .
المقدم:
مشاهدينا الكرام أهلاً ومرحباً بكم بعد أن تابعنا وإياكم هذا التقرير الذي رأينا فيه بعض الآراء حول قضية الأسباب الحصول على الهداية ، والموانع التي تمنع الإنسان من تحصيل هذه الهداية ، فضيلة الشيخ توقفنا عند الذي قد زين له حسن عمله فرآن حسنا ، هناك بعض الإشكاليات في اتباع الهوى ، خاصة في بعض القناعات وبعض الأفكار ويظن أنه على حق ، ويستمر في هذا الطريق ، وإذا أتى رأي مخالف للرأي الذي هو يسير عليه خطأه وامتنع عن قبول هذا الحق ما توجيهكم حيال هذه القضية ؟
الشيخ محمد:(1/16)
يعني قبل أن نتكلم فيها أريد أن أعلق على شيء ورد في التقرير قضية يعني إن يعني جمهور الناس يريدون أن تأتي الهداية من مصدر خارجي هو لا يريد أن يعمل ، أو ليس عنده همة ليعمل ليهتدي ، هو ينتظر أن تأتي الهداية من رب العالمين هكذا يعني ، هو ينتظر أن يأتي دعاة ينتشلونه من واقع ، هو ينتظر دعوة من والدين ولا من شيخ ، لاحظ أكثر الكلام يدور على قضية انتظار شيء ، الهداية انتظار شيء يأتي من ربي ، انتظار دعوة والدين انتظار حاجة كده يعني تقيض ، هو يجهاد نفسه ليصل الهداية لا ، يعاكس هواه ليصل الهداية لا ، يقبل على القرآن وعلى التفسير ليهتدي ، لا يريدون هداية من غير تعب ، وهذه المشكلة ، لازم يتعب الواحد يصل الهداية ، أصحاب الكهف هداهم الله ، لكن ألم يفارقوا الأوطان، ألم يتغربوا ويذوقوا مرارة البعد عن الأهل ، ألم يخرجوا متوكلين على الله، ويمكن ما عندهم إلا دراهم تكفي لفترة محدودة ، مدة محدودة ، لكن الله -عز وجل- هداهم ، هداهم بإخلاصهم ، هداهم بما بذلوا من جهد ، الصحابة بذلوا جهد ، هداهم الله .
المقدم:
وفي تضحيات يا شيخ يعني الهداية لا تأتي على طبق من ذهب هناك تضحيات ربما يعارضه الكثير ، ربما يفتقد بعض الأشياء ؟
الشيخ محمد:(1/17)
وهذا ما نريده تماماً ، لازم نعمل لنهتدي ، لابد أن نعمل لنهتدي ، لابد نبذل جهد حتى نهتدي ، ونقاوم أهوائنا ، ثلاث مهلكات ، شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه ، قالوا الهوى المتبع ، الهوى يتخبط بالإنسان في طريقه (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) نريد أن نبعد هذا الهوى ، إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله في ظله ، يوم القيامة ، ستجد الإيمان ، العهد الذي قاوم هواه في الظلم وعدل ، ستجد الشاب ، الذي قاوم هواه ، في اتباع الاستمتاعات الشبابية ، وقام بطاعة الله ، ستجد الرجل الذي قاوم هواه ما راح لأي مكان ، ولا أي سوق ولا، راح للمسجد قلبه معلق بالمساجد ، ستجد متصدق اللي يقاوم هواه في الدعاية والرياء والإعلان ، وأخفى صدقته ، وستجد الذي دعته المرأة الجميلة فقاوم هواه في هذا ، الحق ثقيل على النفوس ، الهداية ، لازم شغل .
المقدم:
يعني يا شيخ الهداية لا تقتصر على المقصرين مثلاً في جوانب العبادات ، ربما يكون يا شيخ بعضهم متمسك بالدين ، وكذلك لديه بعض الطاعات ، لكن أيضاً يحتاج إلى الهداية ، هل الهداية فقط للذين عندهم تقصير في جوانب شرعية ، أو كذلك المهتدون يحتاجون إلى هداية أيضاً ؟
الشيخ محمد:(1/18)
كبار العلماء وهم يبحثون في المسائل ليلاً نهاراً ، هؤلاء الذين عكفوا على العلم ، الواحد فيهم تستغلق عليه مسألة فيعفر وجهه يسأل ربه ، يا معلم إبراهيم علمني ، ويا مفهم سليمان فهمني ، حتى يفتح الله عليه ، يصلي ويدعوا ، ويبتهل ، يقوم الليل حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك يقول في قيام الليل ، فالمهم أن نعلم جميعاً أن الحق ثقيل والطريق طويل ، والعبء كبير ، ولابد من عزيمة ، ولابد من قوة ، ولابد من صبر ، ولابد من امتناع عن الكسل ، وبعد عن قضية الاسترخاء ، حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، هذا هو الطريق ، الحق ثقيل : ( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) الواحد يهد السورة لكن فيها من المسؤليات والأعمال ، والفرائض والحدود والطلبات والواجبات شيء عظيم .
المقدم:
يعني سبحان الله يا شيخ المتأمل في بعض المشاهدات حينما يشاهد البعض حينما مثلاً يؤدي بعض الرقصات الشعبية وإلى آخره يتثاقل بالصلاة ويقول قدامنا ربع ساعة أو عشر دقائق ، لكن يبقى في هذه الرقصة إلى منتصف الليل ، وهو لا يشعر بتعب ، مع ذلك تجد إنه سنه فوق الستين والسبعين عاماً فسبحان الله في جانب الطاعات يعني ثقلت عليه العشر دقائق ، أما في جانب اللهو والمرح ، فهو يقضي ساعات طويلة ؟
الشيخ محمد:(1/19)
يتسمرون ساعة ونصف ، وأحياناً إلى ثلاثة ساعات طيب إيش هذا ، لماذا قال مطر الوراق ، أتيت الحسن فقلت يا أبا سعيد ، أتيتك والله ما كدت أقطعك إلا في شدة الوحل تحت قدمي ، والمتاعب على رأسي ، فقال الحسن يا مطر إن هذا الحق ثقيل ، فقد جهد الناس وحال بينهم وبين كثير من شهواتهم ، وإنه والله ما سيرى على هذا الحق إلا من عرف فضله ، يعني فضل الحق ، ورجع فيه ، فإذا كان الواحد يعرف فضل الحق سيأتي ، سيتحمل ، لما حضر أبا بكر الوفاة دعا عمر ، قال اتق لله يا عمر واعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وعمل بالليل لا يقبله بالنهار ، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم فإذا هم تحملوا ، فإذا نحن لابد من قيامنا بالتكاليف .
المقدم:
يعني هل نستطيع القول يا شيخ إنه في البداية هناك ثقل لكن إن شاء الله تعالى العواقب تكون أجمل ويشعر بلذة الإيمان يعني الثقل هل هو فقط في البداية أو مع طول الطريق ؟
الشيخ محمد:
إي إذا لاح فجر الأجر هان عليه ثقل التكاليف وهو يقطع الطريق في شدة وظلمة ، ظلمة الشهوات والشدة التي يقابلها من المغريات والعواقب التي تعترض طريقه ، ولذلك لابد من وجود ابتلاء ، ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ، ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) فيه ضريبة للطريق لابد من قطعها الجنة ليست سهلة ، والناس يريدون اليوم يدخل الجنة على البارد .
المقدم:
يعني يا شيخ الذي يريد أن يلتزم وحينما يقول له واحد كلمة مطوع أو ملتزم يترك الالتزام بالدين فقط لأجل هذه الكلمة ؟
الشيخ محمد:(1/20)
إيوه لأنه ما صبر على أذية كلمة ، بعض الناس مو مستعد أن ينتقد ولا يصبر على أي أذية ، طيب كيف هذا طريق الأنبياء ، ثم الإلمام ترى ، يعني لابد يكون عندنا نظرة في هذه النظرة تعرفنا حقيقة الشر ، حقيقة الباطل إذا ما كنا نعرفه يروج علينا : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً ) ، وبالعجب إنه أحياناً بعض الناس ، يصبر عن حرام ولا يصبر عن حرام آخر ، كيف يا شيخ ، لما كان الأعشى بمكة أو قريبا منها اعترضه بعض المشركين من قريش ، فسأله بعض المشركين ليش جاي على مكة ، قال جئت أريد محمداً -صلى الله عليه وسلم- فقالوا له شوف الخبث يا أبا بصير ، إنه يحرم الزنا ترى في أشياء راح تروح استمتاعات شهوات ، قال : والله إن ذلك لأمر ما لي فيه من أرب ، يعني بعض عقلاء الشعراء والكبار يمكن ما عنده ها المجال ، فقالوا له يا أبا بصير ، فإنه يحرم الخمر ، قال : أما هذه فوالله إن في النفس منها لعلالات ، ولكني منصرف فأتروى منها عامي هذا أعبي خزانات الاحتياطي ، ثم آتيه فأسلم ، لكن مسكين انصرف ومات في ذلك العام ما جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- .
المقدم:
سبحان الله ، يعني هذا يقودنا فضيلة الشيخ أيضاً إلى قضية التسويف البعض يسوف يا شيخ التوبة والعودة إلى الله ، ولعله يكون هذا كذلك من الموانع حقيقة أو من العوائق التي تعوق الإنسان عن سرعة العودة إلى الله ، سرعة العودة إلى الله ، كيف ننصح الذين يسوفون ، وكأنه يعني يعلم متى سيموت ؟
المقدم:
طبعاً هو إذا عرف الحق ، فلابد أن يؤثره ، ولابد أن يصبر عليه ، ولابد أن يبادر إليه ، المسارعة ، التسويف يناقض هذا ، كلما جاء طارق الخير ، طلع له بواب لعل وعسى ، إيش تبغى بعدين ، تعال الواحد إذا عرف الحق لابد أن يعتنقه مباشرة ، ويسأل ربه الثبات عليه ، اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، حديث صحيح .(1/21)
فإذا عرفت لا تسوف أبداً في اعتناقه ، ولا تقل أستقيم بعد الزواج أتدين بعد ما أتخرج ، أتوب بعد ما أحج، لأنك لا تدري متى تتخطفك المنية ، ثم الإنسان إذا استمر على يعني في الغي ، خلاص يمكن ما يصير عنده رغبة في الحق أصلاً ، يعني يمكن يصير عمره سبعين سنة وما يبغى .
المقدم:
لأنه شب عليه ؟
الشيخ محمد:
خلاص تعود على ثم إذا جاءت المفاجأة بالموت تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ، ويقول يعني عند الموت أنظرني وأخرني ، كلا ، إنها كلمة هو قائلها ، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ، ستعيش في القبر هذه المدة الطويلة ، قاعد في القبر في حسابات ، طيب فيه جزاء وفتن نعم.
المقدم:
طيب يا شيخ بما أن الوقت حقيقة يداهمنا ولدينا بعض إشكاليات بما يتعلق بعوائق الهداية ، البعض فضيلة الشيخ يتعذر بأنه يريد حقيقة أن يهتدي ، ويريد الرجوع إلى الله ، لكن يقول ينقصه التوفيق من الله لم تأتي الهداية من الله ، وكأنه يعتقها بالقدر أو بالقضاء والقدر ، وأن هذا الشيء خارج عن إرادته وخارج عن قدرته وهو توفيق من الله ، لم يأت هذا التوفيق ، فهل هذا مسوغ له ؟
الشيخ محمد(1/22)
الاعتذار بالقدر هذا شأن الكسالى ، يقول القدر الله ما قدر لي ، ليش لو انك اشتغلت لحصلت على هذا ، فالذي يحول بينه وبين طريق الاستقامة بزعمه إنه ما كتب إلى الآن ما قدر الله إلى الآن ، ما وفق الله إلى الآن ، لسه الله ما هدانا ، يعني كيف هتأتيك الهداية إذا أنت ما عملت لها ، تبغى حادث ، تبغى تهتدي أو تتعظ بموت أحد ، ولا تبغى مرض ، يأتيك فيقعدك ، فيعرفك حقيقة عجزك وضعفك حتى تقبل على ربك يعني ، يعني ليش الناس واحد ما يهتدي في حال الرخاء ليش والصحة ، لازم تضيق عليه الدنيا ولازم يمرض ، ولازم يصير له حادث حتى يرجع إلى ربه ، ثم الله ينتقم يعني إذا العبد أعرض وأعرض وأعرض ، ممكن يأخذه يقسم ظهره ، يأخذه أخذ عزيز مقتدر .
المقدم:
الله المستعان شيخنا الفاضل ، البعض يمتنع عن الهداية لأنه يقع منه تكرار في الوقوع في المعصية يقع في المعصية مرة أولى ، ثم يتوب إلى الله ثم يقع فيها ، وبالتالي يقول أنا سأقع في المعصية أكثر من مرة ، وبالتالي سأمتنع عن الهداية ، ماذا نقول لهؤلاء ؟
الشيخ محمد:
طبعاً هذه شبهة ، هذا من قسم الشبهات ، طيب ، فبعضهم يقول ، يعني أنا أدخن أترك أدخن ، أترك أدخن ، أنا أسمع الأغاني ، أترك أسمع الأغاني ، أنا أترك وأرجع لا ما هو طيب خلاص ، إيش طيب الحل عندك قال : خلاص أنا أستمر على ما أنا عليه ، ليه ، طيب إنت الآن لما فعلت وتبت ، وفعلت وتبت ، وفعلت وتبت ، التوبة كان فائدتها أنها تمحوا الذنب ، يعني كان فيه فائدة في التوبة أنت الآن شطبت التوبة ، وتقول تريد أن تستمر على منوال واحد ، وبعدين يعني هل الذي يدخن و يترك ، يدخن ويترك ، ويدخن ويترك أحسن ، ولا اللي يدخن على طول الخط .
المقدم:
الذي يدخن ويعود ويتوب إلى الله ، ويدخن ويعود ويتوب إلى الله ؟
الشيخ محمد:
أيوه على الأقل هذا فيه عنده انقطاعا ، لكن هذا كلها مسجلة عليه سيئات متواصلة .
المقدم:(1/23)
شيخنا الفاضل يعني في هذا التدفق الجميل وهذه الكلمات التي نسأل الله أن ينفع بها في نصف دقيقة في ختام هذا البرنامج كلمة ختامية كيف يمكننا أن نرجع إلى الله -سبحانه وتعالى- وأن نتمسك بالهداية ؟
الشيخ محمد:
نحن يعني في سؤالنا ربنا الهداية فإننا يجب أن نعمل وأن نبادر ، وقلنا قضية التأجيل والتسويف هذه لا تصلح وخصوصًا أن الواحد إذا سوف تربى في نفسه عوائق كثيرة مثل الذي كان عنده نبتة خبيثة ، أو نبتة ضارة ، فقال غداً أقلعها ، غداً أتخلص منها بعده أتخلص منها ، وهي تكبر وتنموا ، وتكبر وتنموا وتشتد ، وتقوى في الأرض حتى لما صارت شجرة كبيرة جاي يتبعها ما استطاع ، قضية إنه يا جماعة يعني إيش اللعب هذا تتوب وتستغفر تذنب وتستغفر ، هذه لعبة وهذا ، طيب ، لما جاء رجل للحسن قال : يا إمام ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود ، فقال الحسن ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا فلا تملوا من الاستغفار ، كذلك فإن الله -سبحانه وتعالى- لا يتعاظمه شيء ، لأن في بعض الناس يقول ذنوبي كثيرة يعني الآن لو تبت راح يتوب علي نقول : إي يتوب عليك ، لو جئته بقراب الأرض خطايا ، سيأتيك بقرابها مغفرة ، من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب ، غفرت له ولا أبالي ، والله -عز وجل- قال : (إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) .
المقدم:
أحسن الله إليكم لعلنا بهذا الأمل ، وسعة رحمة الله -سبحانه وتعالى- نختم هذه الحلقة ونقول نسأل الله أن يفتح قلوباً للهداية ، وأن يثبت من هداهم على طريق الحق ، شكراً لكم فضيلة الشيخ محمد ، ونلتقي وإياكم في حلقة قادمة بإذن الله تعالى شكراً يا شيخ ؟
الشيخ محمد:
حياكم الله .
أهلاً وسهلاً.
المقدم:
مشاهدينا الكرام نصل وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة إلى لقاء متجدد من برنامجكم الراصد نترككم في حفظ الله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .(1/24)
مشاهدينا الكرام ها نحن وإياكم نصل إلى نهاية هذا اللقاء المبارك إلى لقاء متجدد من برنامجكم الراصد نترككم في حفظ الله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(1/25)