المقدمة
... الحمد لله الذي أعزنا بالقرآن وشرفنا بحفظه وتلاوته حمداً وشكراً دائمين دوام كمال وجمال إلى ما شاء الله فهو كلامه الحكيم ودستوره العدل الرحيم ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين ومن اتبع هديه إلى يوم الدين . ... وبعد .
فإن الله - سبحانه وتعالى - أنزل من السماء نوراً مبيناً وحبلاً متيناً وميزاناً عدلاً قويماً ليسعد الإنسان دنيا وديناً ، ألا وهو القرآن الكريم قال تعالى : { ذلك الكتابُ لا رَيبَ فيهِ هَدىً للمُتقين } (1)
فالمسلم بدون القرآن لا قيمة له ، فمن تعلمه وحفظه وعمِل بما فيه فقد أوتي خيراً كثيراً ، ومن ثَمّ فالقرآن هو نور حياتنا وزاد أرواحنا ومهجة قلوبنا .
إن قلوب المسلمين تهفو إلى حفظ كتاب الله تعالى كله أو بعضه وتهفو إلى معرفة الطريقة الصحيحة التي تأخذ بأيديهم إلى تعلم كتاب الله .
لذا أردت أن أكتب في موضوع البحث الأول من المحور الثالث وهو ( طرق تدريس القرآن الكريم لكبار السن وغير المتعلمين ) أسأل الله أن ينفع به الباحث والقارئ .
وقد التزمت بالعناصر الموجودة في التعميم وقمت بإضافة بعض العناصر التي تدور حول الموضوع وتخدم المعلم في تدريسه للكبار .
وسبب اختياري لهذا الموضوع هو أنني أعمل مدرساً بالجمعية منذ عدة سنوات في تدريس الكبار في حلقة بعد العشاء بمسجد السديس بالحوية ، ومن أول هذا العام بدأت أقوم بالتدريس في دورة الحفظ الكامل لغير المتفرغين ومقرها الجمعية ، ولا يخفى ما في تعليم القرآن الكريم للكبار من فوائد على رأسها أن الطالب الكبير له تأثيره على غيره ممن يتعامل معهم من أصدقاء ، أو جيران أو زملاء ، أو ممن يعيش معهم في البيت من زوجة وأولاد .
__________
(1) سورة البقرة 2(1/1)
فإذا تعلم الطالب الكبير شيئاً من القرآن الكريم وانتفع به وتخلق بأخلاقه انعكس ذلك على غيره ، فتعم الفائدة بإذن الله وبالأخص إذا غرس المعلم فيه معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) (1) ، ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مُكمّل لنفسه ولغيره ، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل وهو من جملة من قال الله فيهم : { ومَن أحسنُ قَولاً ممنْ دعَا إلى الله وعَمِل صَالحاً وقال إنني من المسلمين}(2) والدعاء إلى الله يقع بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن الكريم .
نفع الله الجميع بهذا البحث وجعله عملاً خالصاً لوجهه الكريم ، وهذا عمل قاصر وجهد مُقِل فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت فمن نفسي والشيطان .
فأسأل الله - عز وجل - أن يجزي الأخوة الفضلاء في وحدة المتابعة والتطوير بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف خيرا إذ أتاحوا لي الفرصة بالمشاركة في موضوعات الدورة التربوية الرابعة للمعلمين بالجمعية .
... ... ... ... ...
الفصل الأول : طرائق التدريس .
المبحث الأول : مفهوم طرق التدريس .
أولاً : تعريف الطريقة في اللغة .
الطريقة : من أصل ( طَرَقَ ) أي ضَرَبَ ، ومنه سُميت مِطْرَقة الصائغ والحداد ؛ لأنه يطرق بها أي يضرب بها
والطرق : " هو الضرب بالحصى وهو ضَرْبٌ من التّكهُّن ، وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بالعودِ . أي ضربُ الصوف والشعر بالقضيب لينفشا " (3)
والطريق : هو السبيل الذي تطرقه أرجل السالكين، ويُطْلَق على المسلك الذي يسلكه الإنسان محموداً أو مذموماً .
__________
(1) رواه البخاري .
(2) سورة فصلت آية 33
(3) انظر : لسان العرب لابن منظور ، ج10 ، ص 215 رقم 6222 باب ( طرق ) ، دار صادر للطباعة ، بيروت ، لبنان 1990م(1/2)
والطريقة : هي الحال والسيرة الحسنة أو السيئة ، وجمعها طرائق ، وطريقة القوم أمثلهم وخيارهم ؛ أي الذين يجعلهم قومهم قدوة ، يسلكون طريقتهم(1)
من خلال ما سبق : يتبين أن الطريقة تُطلق على معان عديدة ، منها أنها هي المسلك الذي يسلكه الإنسان والنهج الذي يتبعه في حياته ، وأسلوبه الذي يسير عليه لإيصال كلامه ومقصوده إلى غيره بقصد التعليم والتربية .
ثانياً : الطريقة في القرآن الكريم :
وردت مادة ( طَرَقَ ) في القرآن الكريم بمشتقاتها إحدى عشرة مرة .
وردت بصيغة المفرد المذكر لتدل كما أسلفنا على المسلك الذي يسلكه الإنسان مذموماً كان أو محموداً ، كما قال - سبحانه وتعالى - : { إن الذينَ كفروا وظَلمُوا لم يَكنِ الله لِيغفِر لهم ولا لِيهديَهم طريقاً } (2)
ووردت بصيغة اسم الفاعل ، كما قال - سبحانه وتعالى - : { والسمَاء والطَّارِق } (3)
ووردت بمعنى ملة الإسلام وشريعته وطريقته قال - سبحانه وتعالى - { وألّو استقَامُوا على الطّريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً } (4)
ووردت بصيغة الجمع معبرة عن المذاهب في قوله تعالى : { وأنَّا منّا الصَّالحون ومنّا دونَ ذلكَ كُنَّا طرائقَ قِدداً } (5) ومعنى الآية : أي كنَّا طرائق أي ذوي مذاهب مختلفة . أي فرقاً شتى - قاله السدي ، وقال الضحاك : أدياناً مختلفة " (6)
من خلال ما سبق : يتبين أن مادة ( طَرَقَ ) اشتُقت منها صيغٌ متعددة ، وألفاظٌ كثيرة مختلفة ومتباينة .
ثالثاً : الطريقة في التدريس :
__________
(1) انظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، مادة ( طرق )
(2) سورة النساء آية 168 ، 169
(3) سورة الطارق آية 1 ، 2
(4) سورة الجن آية 16
(5) سورة الجن آية 11
(6) انظر : تفسير حاشية الجمل على تفسير الجلالين ، المجلد الثاني ، تفسير سورة الجن .(1/3)
الطريقة في التدريس لا تعدو أن تكون إعداداً للخطوات اللازمة للقيام بعمل من الأعمال ، فلكل إنسان طريقة في حياته تظهر في عمله وسلوكه ، ولكل معلم طريقته في التدريس ، وديننا الإسلامي دين النظام ، ونحن نعمل جميعاً في حقل واحد وهو حقل القرآن وتدريسه وتعليمه للناس من خلال صرح تعليمي شامخ وهو الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف ، فإذا كان النظام والترتيب هما المسلك الذي يسلكه المعلم في تدريسه والمربي في تربيته والطبيب في تطبيبه والمهندس في هندسته والعامل في عمله ، كان الوصول إلى الهدف المنشود أدق وأعمق وهدفنا جميعاً هو أسمى الأهداف وأعظمها ، ومهمتنا هي مهمة الأنبياء والرسل .
إن معلم القرآن وبالأخص معلم حلقات ودورات الكبار وغير المتعلمين ، يتوجب عليه أن يدقق النظر في اختيار طريقته ، ولا شك أن الطرق المنظمة في التدريس تمكّن المدرس من الوصول إلى هدفه ، وإذا دقق الإنسان النظر في كتاب الله يجد أنه قد اشتمل على قواعد عامة لطرق التدريس سوف نجملها في المبحث التالي .
المبحث الثاني : قواعد طرق التدريس .
أولاً : العناية بالمتعلم .
إن من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم الاهتمام بالسائل والمتعلم ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يحدّث أصحابه ذات يوم فجاءه رجل فسأل عن الساعة فمضى في حديثه ، فقال قوم : سمع ما قال فكره ما قال ، وقال قوم : لم يسمع ، ثم سأل أخرى : متى الساعة ؟ فمضى في حديثه فلما انتهى من حديثه قال : أين أراه السائل عن الساعة ؟ فقال أنا ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ) ، قال وما إضاعتها ، قال : ( إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) (1) .
__________
(1) رواه البخاري .(1/4)
فهو - صلى الله عليه وسلم - رغم أنه لم يقطع حديثه لم ينس هذا السائل ولم يُهمله وهذا من اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بالمتعلم فمن هديه - صلى الله عليه وسلم - نتعلم أنه يجب علينا أن نهتم بالمتعلم ، وعلى المعلم أن يجتهد في تعليم طلابه ، قال الإمام النووي (1) : ( أن يكون باذلاً وسعه في تفهيمهم ، وتقريب الفائدة إلى أذهانهم ، حريصاً على هدايتهم ويفهم كل واحد بحسب فهمه وحفظه فلا يعطيه مالا يحتمله ، ولا يقصر به عما يتحمله بلا مشقة ، ويخاطب كل واحد على قدر درجته ، وبحسب فهمه فيكتفي بالإشارة لمن يفهمها ويوضع العبارة لغيره ويكررها لمن لا يحفظها إلا بتكرار"(2) .
ثانياً : معرفة المعلم لقدرات الطلاب وإدراكهم .
إن معرفة معلم القرآن لقدرات إخوانه الطلاب من الكبار وغير المتعلمين تنعكس على تدريسه إياهم وعطائه لهم ، فالذي يعرف طلابه معرفة دقيقة هو القادر على أن يختار لهم الطريقة المناسبة ، فكان - صلى الله عليه وسلم - ( المعلم ) يعرف قدرات ومواهب أصحابه ( الطلاب ) فكان يقول - صلى الله عليه وسلم - : (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقرأهم لكتاب الله أُبي ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ) (3) .
أليس هذا مظهراً من مظاهر إدراكه - صلى الله عليه وسلم - لمدارك وقدرات أصحابه ؟
__________
(1) هو الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين النووي ، نسبة إلى نوى وهي قرية سورية ، ولد سنة631هـ ، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، توفي سنة 676هـ ، له مصنفات كثيرة ، كبير الفقهاء في زمانه .
(2) انظر المجموع شرح المهذب ( 1 / 31 )
(3) رواه البخاري(1/5)
وكان يقول لأبي هريرة - رضي الله عنه - حين سأله عن الشفاعة : ( لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أول منك لما أعلم من حرصك على الحديث ) (1)
ثالثاً : التدرج من البسيط إلى المركب .
خاطب القرآن الكريم الأمة كلها بكافة مستويات الإدراك فتدرج في هدايتها وتربيتها من البسيط إلى المركب حتى يصل بهم إلى الإقرار بوحدانيته سبحانه وتعالى ، فما أجمل المعلم أن يتدرج مع الطلاب في تعليمه الأداء فيحرص في البداية على إجادة نطق الكلمات والحروف ومساعدتهم على التخلص من عيوب الكلام والتخلص من تأثير اللهجة التي درجوا عليها ، ثم بعد ذلك يدربهم على إتقان الأداء وتجاوز اللحن الخفي شيئاً فشيئاً .
رابعاً : دقة الحفظ وسلامة الأداء .
إن دقة الحفظ في البداية تساعد الطالب على عدم تَفلت محفوظه بسهولة ، فينبغي للمعلم ألا يسمح للطالب الذي تكثر أخطاؤه بالانتقال من مقطع إلى آخر ، ولا سيما إذا كانت الأخطاء في الحركات ونطق الكلمات حتى يُتقنه ، وذلك لأنني من خلال تجربتي في تدريس الكبار أرى أن معظم الطلاب يهتمون بالكم لا بالكيف فيريدون أن يُتموا السورة وينتقلوا إلى أخرى ، كما لا ينس المعلم أن يكلف كل طالب وفق طاقاته وقدرته حتى لا يشعر بالعجز ، ومن ثَمّ الإحباط ، وقد يتكاسل عن الحضور للحلقة عندما يشعر أنه غير قادر على الحفظ ، فعلى المعلم أن يكسب وُدَّ طلابه ويُلزمهم بالدقة ، فقد كان الصحابة والتابعون والسلف الصالح يجتهدون في دقة الحفظ ، عن مجاهد قال عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت (2)
خامساً : عظمة القرآن الذي نتعلمه .
__________
(1) رواه البخاري
(2) انظر : مع القرآن وحملته ، لعبيد الشعبي ، دار الشهاب للنشر بالرياض ، 1412هـ ص 44(1/6)
من المعلوم لدى الجميع ما في القرآن من عظمة وأهميته في حياة المسلمين ، فعلى المعلم توضيح هذا الأمر للطلاب ويوضح لهم أيضاً ما اشتمل عليه من هداية إلى العقائد الصحيحة والعبادات الحقة والأخلاق الكريمة والتشريعات العادلة وما اشتمل عليه من تعاليم بناء المجتمع ، فالقرآن الذي نُدرّسه هو كتاب الله الخالد إلى يوم القيامة .
إن المسلمين لو جددوا إيمانهم بأهمية هذا الكتاب ، وكانوا جادين في الالتزام والطاعة لما فيه من أوامر وتوجيهات إلهية حكيمة ، فإنهم يجدون ما يحتاجون إليه من حياة روحية طاهرة وثروة حضارية ونِعَم لا تُعد ولا تُحصى (1) .
المبحث الثالث : أهداف تدريس القرآن لكبار السن .
1 - توثيق الصلة بين المتعلم وكتاب الله تعالى ليضمن استمرار سلامة الفطرة .
2 - تثبيت الإيمان بالله بتوحيد الألوهية والربوبية وتوحيد الأسماء والصفات .
3 - تربية ملكة التأمل والنظر في آيات الله ومعجزاته في النفس والكون من حوله .
4 - الإيمان الصادق والتسليم المطلق بكل ما في القرآن { أفَلا يتَدَبّرونَ القرآنَ أم على قلوبٍ أقفالها } (2)
5 - تنمية قدرة الدارس على التلاوة الصحيحة تحقيقاً لقوله تعالى : { ورَتل القُرآن تَرتِيلاً } (3)
6 - تنمية ملكة التذكر وتنمية القدرة على الاستدعاء المنظم للمعلومات المحفوظة .
7 - تنمية القدرة على التعبير الصحيح وتقويم اللسان من اللحن في اللغة .
8 - تربية الدارسين على اتخاذ القرآن سلوكاً وطريقة لهم ( كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن )(4)
الفصل الثاني : كبار السن وغير المتعلمين .
المبحث الأول : مبادئ تعليم القرآن لكبار السن وغير المتعلمين :
__________
(1) انظر الواضح في علوم القرآن للدكتور مصطفى البغا ، دار العلوم الإنسانية للطباعة بدمشق ، ط.1417هـ ص 28 ...
(2) سورة النساء آية 82
(3) سورة المزمل آية 4
(4) رواه مسلم في صحيحه برقم 746 باب جامع صلاة الليل .(1/7)
إن القرآن الكريم هو كتاب الله - عز وجل - أنزله على أمةٍ أُميّة لا تَقرأ ولا تَكتب فتعلموه وفهموه وأخذوه منهجاً في حياتهم فرفعهم الله - عز وجل - بين الأمم وجعلهم خير أمةٍ أخرجت للناس ، ولقد اشتمل القرآن الكريم على مبادئ عديدة للتعليم فاقتدى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه لهذه الأمة الأميّة ومنها ما يلي :
أولاً : وضوح الهدف :
على معلم القرآن قبل أن يشرع في تعليم القرآن الكريم لكبار السن أن يوضح الهدف من تعلم كتاب الله - عز وجل - .
وعلى رأس هذه الأهداف التقرب إلى الله بالعبادة وإفراده بالألوهية والربوبية وإخلاص العبادة له ، والغاية من خلق الإنسان هي تحقيق العبودية الكاملة لله تعالى وإسلام الوجه لله تعالى . قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين } (1)
إن وضوح الهدف من دراسة القرآن الكريم يساهم مساهمة فعالة في دفع الدارس نحو إجادة تلاوة القرآن الكريم وحفظه ودراسته وفهم معانيه ، مما يؤثر على سلوكياته وأخلاقه .
إن تلاوة القرآن الكريم عبادة بل من أعظم العبادات وما خُلقنا في هذه الحياة إلا لتحقيق هذه العبودية قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } (2)
ثانياً : تقوية الدافع للتعلم .
__________
(1) سورة الأنعام آية 162 ، 163
(2) سورة الذاريات آية 56(1/8)
على المعلم أن يعمل جاهداً على تقوية الدوافع الذاتية على الحفظ وذلك بترغيب الطالب بما ورد في النصوص الصحيحة من القرآن والسنة في فضل القرآن وحملته والتالين له والعاملين بما فيه . قال ابن عباس - رضي الله عنه - : "للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ، ما بين كل درجتين خمسمائة عام " (1) .
قال تعالى : { إنما يَخشَى الله مِن عِبادِه العُلَماءُ } (2).
قال الشاطبي (3) رحمه الله:
وإن كتاب الله أوثقُ شافعٍ ... ... وأغنى غناء واهباً مُتّفُضلا
وخير جليسٍ لا يُملُّ حديث ... ... وتَردَادُهُ يزداد فيه تجملا
قال ابن القاصح (4) : ( وهذا حث على التمسك بالقرآن والعمل بما فيه ليكون القرآن شافعاً له كافيه ، وهو أوثق شافع ، فالقرآن خير جليس وهو أحسن الحديث لقوله تعالى : { الله نزّل أحسن الحديث } (5) )(6)
ولا ينس المعلم أن يمزج هذا الترغيب بشيء من الترهيب وذكر آيات الوعيد كقوله تعالى : { ومَن أعَرَض عَن ذِكري فَإن له مَعيشة ضنكاً وَنحشُره يَومَ القيامة أعْمى قال ربِّ لِمَ حشَرتني أعْمَى وقَدْ كنتُ بصيراً قالَ كذلكَ أَتَتَكَ آياتُنا فنسِيتها وكَذلك اليومَ تُنسَى } (7) ومعلوم أن أفضل الذكر تلاوة القرآن .
__________
(1) انظر : مختصر منهاج القاصدين ، لابن قدامة ، تحقيق د. سعد شلبي ، أندلسية للنشر ، المنصورة ، مصر ، 1419هـ ص 15
(2) سورة فاطر آية 28
(3) هو أبو محمد القاسم بن فيرة بن أبي القاسم الشاطبي ، ولد سنةثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة بالأندلس أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل وتوفي سنة تسعين وخمسمائه بمصر بالقرب من سفح جبل المقطم .
(4) هو أبو القاسم علي بن عثمان بن محمد البغدادي المقرئ نزيل القاهرة توفي بها سنة 801هـ وله تصانيف كثير
(5) سورة الزمر آية 23
(6) انظر سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي لابن القاصح ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان 1419هـ ص9
(7) سورة طه آية 126(1/9)
قال ابن الجوزي(1) : " وإن أقواماً يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه ، وإن كان كل العلوم حسناً ولكن الأولى تقديم الأهم والأفضل ، وأفضل ما تشاغل به حفظ القرآن ثم الفقه ، وما بعد هذا بمنزلة تابع " (2)
من أنجح الوسائل التي يستخدمها المعلم مع طلابه أن يقوي لديهم الدافع للتعلم وأن يوضح لهم معنى قوله تعالى :
{ قُل هلْ يَستوي الذينَ يعْلَمونَ والذينَ لا يَعْلَمون إنما يَتَذكّرُ أوُلوا الألبابِ } (3) .
يقول الشهيد سيد قطب - رَحِمَهُ الله - : " فالعلم الصحيح بالله تعالى يجعل القلب موصولاً بربه - عز وجل - فلا يكاد ينتهي من عبادة حتى يشتغل بأخرى ولا يمنعه ذلك من السعي على معاشه وكفالة أهله وكفايتهم ، فالعلم الصحيح لا ينفي الأخذ بالأسباب الظاهرة بل يصحبها بالتوكل على الله"(4)
وبهذا يكون ممن رفعهم الله - عز وجل - { يَرفِعِ الله الذينَ آمنوا مِنكُم والذينَ أُوتوا العِلْمَ درجَاتٍ } (5) .
قال - صلى الله عليه وسلم - : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة )(6)
__________
(1) هو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن القاسم القرشي ، علامة عصره وإمام وقته في الحديث ، ولد سنة 510هـ توفي سنة 597هـ عُرف بالجوزي لجده حيث كانت في داره جوزة بواسط ، توفي والده وعمره ثلاث سنوات وتكفلت به عمته .
(2) انظر صيد الخاطر ، لابن الجوزي تحقيق د.السيد شلبي ، سيد إبراهيم ، دار الحديث بالقاهرة ، ط 1416هـ ، ص 192 .
(3) سورة الزمر آية 9
(4) انظر : في ظلال القرآن ، للشهيد سيد قطب المجلد الخامس ص 342
(5) سورة المجادلة آية 11
(6) رواه الترمذي(1/10)
وإلى جانب ذلك فلا ينس المعلمُ القصةَ وما فيها من المشوقات والمرغبات وأخذ العبر والعظات منها فتكون دافعاً قوياً يترك أثراً طيباً في نفس الطالب قال تعالى : { لَقدْ كَانَ في قَصَصهِم عِبرةٌ لأُوْلى الألْبابِ } (1)
ثالثاً : الرفق والرحمة بالمتعلم .
إن القرآن الكريم يقرر مبدأ هاماً من مبادئ التعليم ألا وهو الرحمة والرفق بالمتعلم .
قال تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } (2) ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغ الرحمة يترفق بالجاهل حتى يعلمه . ومدرس القرآن الكريم يجب أن يكون له في رسول الله الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة لينهض بأمانته في مجتمع التعليم فيحمل طلابه على الإحسان والصلاح والتقوى ويعلمهم ما ينفعهم والمعلم هو الذي يتعامل مع الطلاب بما يناسب كل واحد منهم ، ويبعث في نفوسهم الشعور بالمحبة كيلا ينفروا منه ليتعلموا بشوق ورغبة ، والمدرس يكون ليناً في غير ضعف . فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه
رابعاً : الانتباه .
إن القرآن الكريم قد نوّه بأهمية تركيز الانتباه في عمليات استيعاب المعلومات ، بل إنه أوجب الانتباه عند دراسة القرآن وقراءته والاستماع إليه على وجه الخصوص . قال تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون } (3) أي إذا قرأ عليكم قارئ غيركم فاستمعوا له سماع تدبر وتفكر (4)
المبحث الثاني : ما يجب على معلم الكبار وغير المتعلمين .
1 - الابتسامة كنز لا يكلف درهماً :
__________
(1) سورة يُوسف آية 111
(2) سورة الأعراف آية 204
(3) سورة الأعراف 204 ...
(4) انظر : القرآن الكريم تاريخه وآدابه . لإبراهيم عمر ، مكتبة الفلاح الكويت ، 1404هـ ص184(1/11)
إن الابتسامة مفتاح كل خير ومغلاق كل شر والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ( تبسُّمك في وجه أخيك صدقة )(1) فالابتسامة في وجه الدارس الذي يثني ركبه بين يديك ليتعلم منك كلام الله - عز وجل - لها مفعولها السحري وأثرها العجيب وخير شاهد على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق )(2)
فما أجمل أن يلقى المعلم طلابه بابتسامة وبشاشة حتى يقبلوا على تجارته ، فمعلم القرآن صاحب تجارة بل أعظم تجارة فهي تجارة لن تبور قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصّلاة وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وعلانِيَة يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ } (3)
ويقول المثل الصيني : " إن الذي لا يُحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجراً "(4)
فالمعلم الذي يُقبل على طلابه وهو يبتسم يكون أكثر جاذبية للطلاب من غيره .
يقول الإمام النووي : "وينبغي أن يُظهرَ لهم البشاشة وطلاقة الوجه ، ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم"(5)
2 - ترفّع عمّا في أيدي الطلاب تكن محبوباً لديهم :
__________
(1) رواه الترمذي .
(2) رواه مسلم
(3) سورة فاطر آية 29
(4) انظر : كتاب كيف تكسب الأصدقاء ، دايل كارنيجي ، دار ومكتبة الهلال ، بيروت ، غير محدد سنة الطبع ص 30
(5) انظر : التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ، تحقيق محمد الحجار ، دار ابن حزم ، بيروت ، لبنان 1417هـ ، ص 43(1/12)
المعلم بصفة عامة ومعلم القرآن بصفة خاصة ينبغي له أن يرتفّع وأن يزهد عما في أيدي الآخرين وبالأخص طلابه ، حتى لا يكون لأحد منهم عليه منة وبذلك يستقبلون منه العلم ويكون قدوة لهم ، وليعلم معلم القرآن أن من علو النفس وسمو الخلق أن يترفّع عن سؤال الطلاب حاجة ولو كانت يسيرة كأن يترفع - ما أمكن - مثلاً عن سؤالهم إيصاله إلى مكان ما ، أو حملهم لأمتعته أو حتى مناولته كأساً من الماء أو دفتراً ، أو مصحفاً أو غير ذلك فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( عِزّ المؤمن استغناؤه عن الناس )(1)
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لابنه الحسن في وصيته : " يا بني إن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً ، فإن اليسير من الله تعالى أكرم وأعظم من الكثير من غيره وإن كان كل منه كثيراً "(2)
3 - اجعل الطالب يشعر بأهميته لديك :
إن أصعب شيء على الطالب أن يشعر بأنه مهمّش وغير مُهتم به ، ولذا فالمعلم الذي لا يُشعِر إخوانه الطلاب بأهميتهم فإنه من الصعب الوصول إلى قلوبهم ، وبالتالي يصعب إيصال المعلومة لهم ، إن إشعار الطلاب بأهميتهم يكون عن طريق التأكيد على جودة قراءتهم وتلاوتهم ودرجة إتقانهم للحفظ ، أو أن يشيد المعلم بصفات حميدة يتصف بها طلابه ، أو سلوكاً معتدلاً يسلكونه في حياتهم .
ولكن .... على المعلم أن يكون حريصاً في المدح فلا ينفخ البالونة كثيراً حتى لا تنفجر .
__________
(1) رواه الطبراني في الأوسط ، والحاكم وصحح إسناده .
(2) انظر : الكنز الذي لا يكلف درهماً ، د.علي الحمادي ، ص 52 ، دار ابن حزم ، بيروت ، لبنان 1997م(1/13)
إن هناك فرقاً واضحاً بين التشجيع والثناء والمدح المتزن وبين النفاق ، فالأول فيه قدر كبير من الصدق والإخلاص ، والثاني فيه قدر كبير من الكذب والخداع ، فما أجمل أن يتصف معلم القرآن بصفة المدح المتزن لطلابه الذي ينبو عن صدق وإخلاص ، وليحذر المعلم من الإفراط في المدح .
فإذا أفرط في مدحه فرح الطالب وفتر عن المواصلة ورضِيَ عن نفسه ، ومن أُعجب بنفسه قَلَّ تشميره للخير .
4 - معلم الكبار يقبل عذر من يأتيه معتذراً :
إن قبول المعلم لاعتذار الطالب عن عدم الحفظ أو الغياب خلق كريم يدل على فضله وعلو شأنه ولا يليق به أن يرد هذا الاعتذار لا سيما إذا كان الطالب من الطلاب المجتهدين .
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً
فقد أطاعك من يرضيك ظاهره ... إنْ برَّ فيما قال أو فجرا
وقد أجلك من يعصيك مستترا
ولا يكون قبول اعتذار الطالب في جميع الأحوال ؛ حتى لا يعتاد الغياب وتضعف عزيمته ويقل حفظه .
الفصل الثالث : طرائق تدريس القرآن للكبار وغير المتعلمين .(1/14)
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلم أصحابه الأدعية الضرورية والآيات القرآنية تعليماً عملياً والصحابي لا يقرأ ولا يكتب ، فكان يردد ها الصحابي أمام الرسول حتى يحفظها ، وفي ذلك ورد حديث فيه تعليم كلمات تقال قبل النوم : عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا أتيت لمضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : " اللهم إني أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت " فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به " قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت " ورسولك " قال لا ونبيك الذي أرسلت ) (1)
أما تعليم القرآن : فقد أشار إليه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن .... الحديث ) (2)
والشاهد قول جابر : " كما يعلمنا السورة من القرآن " فدل على أن لتعليم القرآن أسلوباً نبوياً خاصاً .
المبحث الأول : الطريقة العملية لتحفيظ الكبار .
أولاً : طريقة العرض للطلاب الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة .
بالنسبة للطلاب الذين يعرفون القراءة من المصحف تستخدم معهم طريقة العرض من المعلم وذلك كما يلي :
1 - تحديد المقدار الذي يستطيع الطالب حفظه في جلسة واحدة ، مراعياً في تحديده لهذا المقدار ما يلي :
أ- تناسبه مع قدرة الطالب . ... ... ... ... ... ب- نشاطه وهمته ودرجة إقباله .
__________
(1) رواه البخاري ومسلم ، انظر الترغيب والترهيب ، المجلد الأول ص177 ط عيسى البابي الحلبي .
(2) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، انظر الترغيب والترهيب المجلد الأول ص211(1/15)
ج- وقته وانشغاله لا سيما إن كان مسؤولاً أو صاحب أسرة . ... د- زمن الحلقة ومدى سهولة الآيات
2 - يقرأ المدرس ذلك المقدار أمام الطالب والطالب يردد خلفه مع المتابعة في المصحف ، ويمكن أن يدع المدرس الطالب يقرأ عليه المقطع من المصحف وهو يستمع إليه ، ويصوب خطأه ويُقوّم أداءه .
3 - في حالة تبين المدرس صعوبة الكلمات على الطالب ، وعجزه عن قراءتها من المصحف فإنه يقوم بتلقينه إياها ؛ حتى يتمكن الطالب من قراءتها بشكل جيد .
4 - بعد التأكد من صحة قراءة الطالب يُوجَّه الطالب إلى تنفيذ الخطوات الآتية :
... * قراءة المقدار المحدد للحفظ من المصحف عدة مرات حتى يتمكن من إجادتها .
... * إذا كانت الآية طويلة كآية الدَّين قسمها إلى مقاطع وحفظها مقطعاً مقطعاً مع الربط بينها .
... * يحفظ آيات المقطع آية آية ويقوم بربط الآية الثانية بالأولى والثالثة بالأولى والثانية ... وهكذا .
... * أن يرفع صوته بتوسط أثناء الحفظ ؛ لكي يتم استخدام حاسة السمع والبصر والنطق في عملية الحفظ .
... * تلاوة الآيات في بداية الحفظ بترتيل وتمهل ، ثم يسترسل في القراءة ليسهل الحفظ والربط .
... * أن يُسمِّع على نفسه ما حفظ بعد إتمام حفظه عدة مرات .
... * أن يقوم بقراءة المقدار المحفوظ من المصحف بتركيز بعد تسميعه على نفسه للتأكد من سلامة الحفظ .
5 - بعد إجادة الحفظ وإتقانه يقوم المدرس بالتسميع للطالب و يمكن تكليف أحد إخوانه بالتسميع له .
6 - ثم بعد ذلك يقوم بربط أول السورة بآخرها ، أو أول الصفحة بآخرها ؛ حتى يتم إتقان الحفظ(1) .
الطريقة الثانية : طريقة التلقين للطلاب الذين لا يعرفون القراءة من المصحف .
أولاً : تعريف التلقين .
__________
(1) انظر : نحو أداء متميز لحلقات تحفيظ القرآن ، المنتدى الإسلامي ، مطبعة النرجس بالرياض 1419هـ ص 20-21(1/16)
اللقن هو الفهم ، تلقنه أي فهمه ، لقن أي فهم ، لقنني فلان كلاماً أي فهمني منه ما لم أكن أفهم (1) و اللقن هو سرعة الفهم ، التلقين هو سرعة التفهيم (2)
ثانياً : أهمية التلقين .
لما بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل الله إليه سيدنا جبريل - عليه السلام - فلقنه أول خمس آيات من سورة العلق . وهذه تعتبر الطريقة المثلى في تعليم القرآن الكريم خاصة وهي الطريقة الأجدر لإعداد الطالب الجيد مع الرغم أنها أكثر استغراقاً للوقت فمن لقن لم يلحن ، قال الله تعالى : { وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم }(3) أي تُلقّن وتُفهّم وتأخُذ وتحفظ ، قال ابن الجزري : " لا شك أن هذه الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن الكريم وإقامة حدوده متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - " (4) والتلقين يكون بإحدى طريقتين :
1 - التلقين الفردي :
وهو التلقين لطالب واحد أي يقرأ المعلم الآية ويرددها الطالب بعده ، وهذه الطريقة هي الأصلح للطالب بلا شك فإن كان لدى المعلم عدد قليل من الطلاب فالأصلح لهم أن يقرئ المعلم كلا منهم على انفراد حتى يتم الضبط والإتقان .
2 - التلقين الجماعي :
وهي قيام المعلم بتلقين مجموعة من الطلاب بأن يقرأ لهم الآية ثم يرددها الطلاب خلفه حتى يضبطونها وهكذا حتى يتم الحفظ والإتقان .
ثالثاً : ضوابط تنفيذ طريقة التلقين .
1 - أن يكون عدد الطلاب قليلاً .
2 - أن يقرأ المعلم قراءة نموذجية متأنية موجهاً إياهم إلى دقة الاستماع ، وحسن الترديد .
__________
(1) انظر لسان العرب لابن منظرة ، مادة ( لقن ) ...
(2) انظر : القاموس المحيط ، للفيروز آباد ، مادة ( لقن ) ...
(3) انظر : النشر في القرءات العشر لابن الجزري . ...
(4) انظر طرق تدريس القرآن ، مذكرة من إعداد الشؤون التعليمية بالجمعية .(1/17)
3 - أن تكون المقاطع المقروءة قصيرة نسبياً حتى يتم تلافي انقطاع نفس الطلاب أثناء القراءة .
4 - إلزام جميع الطلاب بإمرار أيديهم على الكلمات المقروءة وملاحظة ذلك باستمرار .
5 - الوقوف على رؤوس الآي ، والالتزام بعلامات الوقف وضبط الحركات والسكنات .
6 - أن يكون صوت الطلاب في الترديد معتدلاً ومنظماً حتى لا يتعبهم وليتمكنوا من النطق بالتجويد .
7 - المتابعة الدقيقة من المعلم لأفواه الطلاب عند الترديد .
8 - تكرير الكلمات الصعبة حتى يتم ضبطها .
9 - التأكد من سلامة النطق لكل طالب على حدة بعد الانتهاء من التلقين .
10 - يستمر المعلم في الترديد ولا يقتصر على مرة أو مرتين ، حتى يتم الإتقان .
11 - يعاود المعلم قراءة سطر سطر ، ثم سطرين ثم ثلاثة وهكذا .
12 - بعد الانتهاء من القراءة الترديدية يبدأ المعلم بالاستماع إلى بعض الطلاب .
ملحوظة : يمكن استخدام مرسم والتأشير على الكلمات الصعبة لكل طالب في مصحفه .
رابعاً : أهداف هذه الطريقة .
1 - تخليص ألسنة الطلاب من عيوب النطق ومنع سريان اللهجة العامية على ألفاظ القرآن الكريم .
2 - تعريف الطلاب باصطلاحات الضبط كعلامات المد ، والوقف ، ورؤوس الأحزاب والأرباع والأجزاء .
3 - تمكين ضعاف القراءة من إتقان القراءة من المصحف ، وخاصة الكلمات التي يجدون صعوبة في نطقها .
4 - تعويد الطلاب على تدبر الآيات من خلال الوقف على بعض الآيات المؤثرة ولفت أنظار الطلاب إليها .
5 - تعريف الطلاب بأحكام التجويد الأساسية وكيفية تطبيقها عند المرور على أمثلة منها أثناء القراءة .(1/18)
الطريقة الثالثة : طريقة الحفظ على مدار اليوم ( طريقة عملية مُجربة )(1) :
وهي طريقة الخمس آيات .
إن أول ما نزل على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من القرآن خمس آيات من سورة العلق ولذلك أقترح بأن يكون الدرس خمس آيات في بداية الأمر هذا بالنسبة للسور الطويلة ، وأما إذا كانت بداية الحفظ من جزء النبأ ، فتكون سورة قصيرة كل يوم ، ولكن بعض الناس يقول الوقت ضيق ولا أستطيع الحفظ فقد اقترحت على بعض الطلاب هذه الطريقة وهي طريقة حفظ آية واحدة في كل صلاة من الصلوات الخمس .
هل حفظ آية واحدة قبل أو بعد كل صلاة من الصلوات الخمس تشغل الطالب عن قضاء مصالحه ؟ كلا … فإذا حفظ الطالب آية واحدة في كل صلاة يكون مجموع ما يحفظ في اليوم خمس آيات وذلك بعد تصحيح نطقها على المعلم ، ثم يقرأ الآيات الخمس التي حفظها في الركعة الأولى بعد الفاتحة من راتبة العشاء ويكررها في الركعة الثانية . وهكذا كل يوم ، فيكون مجموع ما يحفظ في 7 أيام بدون أي كُلفة ولا مشقة 35 آية ، ثم يأتي يوم الجمعة ويذهب إلى المسجد مبكراً لينال أجر التبكير إلى الجمعة ويراجع ما حفظه خلال الأسبوع وهو 35 آية ، وهكذا … فتحفظ في اللثلاثين يوماً بعون الله 150 آية .
بذلك حفظ سورة البقرة كاملة في شهرين تقريباً ، حيث أنها 286 آية . وسورة آل عمران مثلاً 200 آية سوف يحفظها في أربعين يوماً تقريباً ، وسورة النساء في 35 يوماً . هذا إن التزم الطالب بحفظ آية واحدة في كل صلاة بشرط ألا يترك اليوم يمر بدون حفظ الآيات الخمس .
وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل . والمهم الاستمرار والمواظبة
__________
(1) مختصر من المطوية السابعة بعنوان ( كيف تحفظ القرآن ) قمتُ بإعدادها وتوزيعها على طلاب حلقة الكبار بمسجد السديس بالحوية ضمن سلسة مطويات في علوم القرآن . وهذه السلسلة تحت الطبع بإذن الله في كتيب بعنوان ( أم على قلوب أقفالها ) بدار ابن الأثير للنشر بالرياض .(1/19)
وهذه الطريقة نجحت ولله الحمد وآتت ثمارها بحلقة الكبار ( متعلمين وغير متعلمين ) بمسجد السديس بالحوية ونرحب بزيارتكم بها أو السؤال عنها وقد وصل بعض الطلاب إلى حفظ 26 جزءاً ولله الحمد ، وأقوم الآن بتطبيقها في دورة الحفظ الكامل لغير المتفرغين ومقرها الجمعية يومي السبت والثلاثاء - بعد المغرب - وإن كان من الصعب الالتقاء بالمعلم يومياً يمكن تصحيح خمس عشرة آية كل ثلاثة أيام . أو ما يعادل ربع الحزب.
ملاحظة : لا شك أن هذه الطريقة لا تصلح لجميع الطلاب ، فبعض الطلاب يستطيع أن يحفظ الآيات الخمس دفعة واحدة ، وللطالب الاختيار حسب وقته وظروفه .
الطريقة الرابعة : اتباع هدي السلف في تدريس القرآن .
كان لمدارسة القرآن الكريم عند الصحابة والسلف الصالح أهمية خاصة ومن التطبيقات التربوية على قيامهم بهذه المهمة ، مهمة تعليم القرآن ما ذكره مسلم بن مشكم إذ يقول : قال لي أبو الدرداء : اعدد من في مجلسنا قال : فجاء ألف وست مائة ونيفاً فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة ، فإذا صلى الصبح انفتل وقرأ جزء فيحدثون به ، ويسمعوا ألفاظه ، وكان ابن عامر مقدماً فيهم (1)
فهذا مؤسس الحلقات القرآنية أبو الدرداء - رضي الله عنه - قسم طلابه عشرة عشرة ، ولكل عشرة منهم ملقن ، وكان يطوف عليهم قائماً فإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء وقرأ عليه (2)
__________
(1) انظر علو الهمة ، لمحمد أحمد إسماعيل ، مكتبة الكوثر بالرياض ، 1416هـ ص144 .
(2) انظر مهارات التدريس في الحلقات القرآنية ، للدكتور علي الزهراني ص47(1/20)
وهذا ابن الأخرم (1) رحمه الله كانت له حلقة عظيمة بجامع دمشق ، يقرأ عليه الطلبة من بعد الفجر إلى الظهر ، وقد قال محمد بن على السلمي : قمت ليلة لأخذ النوبة على ابن الأخرم ، فوجدت قد سبقني إلى حلقته ثلاثون قارئاً وقال : لم تدركني النوبة إلا بعد العصر (2)
كان العلامة شمس الدين الشيخ محمد بن الجزري(3) لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع ، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة ، فلم يكتفِ بقراءته . وقد كان الشيخ السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم ( أي يصحح خطأهم إذا أخطأوا )(4)
وطرق تعليم القرآن عند هؤلاء الأعلام من السلف كانت بإحدى ثلاث :
1 - أن يقرأ المعلم ويردد خلفه المتعلم بعد السماع ليصحح له الشيخ إذا أخطأ .
2 - أن يسمع المتعلم من الشيخ إلا إذا شك المتعلم بقدرته على أداء جملة فيستوقف الشيخ ليقرأها عليه .
3 - أن يقرأ المتعلم ويسمع له الشيخ ثم يصحح له إذا أخطأ ، ثم ينطلق يحفظ ما قرأ ، ثم يسمع للشيخ .
المبحث الثاني : المراجعة .
__________
(1) هو العلامة أبو الحسن محمد بن النضر بن مر الربعي الدمشقي ابن الأخرم ، مقرئ دمشق ، تلميذ هارون الأخفش الدمشقي ، توفي سنة 341هـ
(2) انظر : مع القرآن وحملته في حياة السلف الصالح ، لعبيد الشعبي ، دار الشهاب للنشر بالرياض ، ص 25 - 26 .
(3) هو الحجة الثبت فريد العصر نادرة الدهر محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي ، كنيته أبو الخير ولد سنة 751هـ في دمشق ، حفظ القرآن وهو ابن 14سنة توفي سنة833 ، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات .
(4) انظر : أصول التربية الإسلامية وأساليبها ، عبد الرحمن النحلاوي ، ص 240-241 ، دار الفكر ، دمشق 1979م .(1/21)
القرآن الكريم هو كلام الله - عز وجل - ويحتاج إلى التعاهد والمراجعة كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( تعاهدوا هذا القرآن ، فوالذي نفسُ محمد بيده لهو أشدُّ تفلتاً من الإبلِ في عُقُلها ) (1) ولمراجعة القرآن الكريم دور كبير في بقاء المحفوظ عدم زواله ، ولما للمراجعة من دور كبير في تثبيت المحفوظ وعدم نسيانه لابد للمعلم أن يعتني بها ويُلزم طلابه بها ويغرس في نفوسهم أن مراجعة المحفوظ أولى من حفظ الجديد .
" وقد فصل بعض السلف ونقلوا عن الصحابة كراهية أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف " (2) وكنت ولله الحمد والمنة دائماً أُذكّرُ طلابي من حلقات الكبار بالمراجعة من خلال هذا المثال أقول لهم أنتم أشبه برجل تعِب واجتهد وجمع قدراً من المال هل بعد أن يجمع قدراً من المال يتركه في الشارع أو على قارعة الطريق عُرضة للضياع أم يحافظ عليه ويستفيد منه . فمن حفظ جزءاً من القرآن ينبغي عليه أن يتعاهده ويستفيد منه ويصلي به ويعمل بأحكامه .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إنما مثلُ صاحب القرآن كمثَلِ الإبل المعلَّقة إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت )(3)
قال القرطبي : " من حفظ القرآن أو بعضه ، فقد علت رتبته ، فإذا أخل بهاتيك المرتبة حتى خرج عنها ناسب أن يُعاقب فإن ترك تعاهدِ القرآن يُفضي إلى الجهل ، والرجوع إلى الجهل بعد العلمِ شديد " (4)
الأوقات المقترحة للمراجعة .
1 - كل وقت فراغ لابد وأن يُشغل . ... ... 2 - وقت السحر لأنه وقت سكينة وخشوع .
3 - بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس . ... 4 - القراءة من المحفوظ في الصلوات .
__________
(1) رواه البخاري ومسلم .
(2) انظر : الإيقاظ لتذكير الحفاظ ، لجمال عبد الرحمن ، دار أم القرى للنشر ، مكة المكرمة ، 1416هـ ص 20
(3) رواه البخاري ومسلم
(4) انظر : التبيان في آداب حملة القرآن ، للنووي ، تحقيق محمد الحجار ص 67(1/22)
5 - بين الأذان والإقامة . ... ... ... ... 6 - يوم الجمعة قبل الخطبة إذا بكّر بذهابه إلى المسجد .
7 - مع الأصدقاء وأثناء تبادل الزيارات . ... ... 8 - قبل النوم ولو بنصف ساعة .
وفي أحد هذه الأوقات الكفاية إذا استمر الطالب عليها وذلك وفق جدول معين وثابت يومياً ، ولابد من الاطمئنان على الكمية التي يتم مراجعتها وذلك من خلال عدة أسئلة متفرقة من الشيخ للطالب لتحديد درجة إتقانه للمراجعة ، والتسميع والمراجعة على الغير ما أمكن أفضل من المراجعة الفردية لأنه قد يُخطئ الإنسان ولا يدري أنه أخطأ . "
ونود أن نشير إلى بعض الأوقات المباركة التي ينبغي انتهازها لمريد الحفظ وهي : ( الأسحار والأبكار ، وما بين المغرب والعشاء ، والعبرة لا شك بالوقت الذي يصفو فيه الذهن وتقل فيه الحركة بعيداً عن الشواغل والشوارد "(1)
المبحث الرابع : كيف ينجح المعلم في طريقته ؟
أشار القرآن الكريم إلى دور المعلمين من الأنبياء وأتباعهم إلى أن وظيفتهم الأساسية دراسة العلم الإلهي وتعليمه للناس وذلك في سورة آل عمران بقوله تعالى : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتابَ والحُكم والنبوة ثم يقولَ للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلّمون الكتاب وبما كنتم تّدرُسون } (2)
وأشار - جل جلاله - إلى أن من أهم وظائف الرسول تعليم الناس الكتاب والحكمة وتزكية الناس أي تنمية نفوسهم وتطهيرها بقوله تعالى : { ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم } (3)
__________
(1) انظر : الإيقاظ لتذكير الحفاظ ، لجمال عبد الرحمن ، دار أم القرى للنشر ، مكة المكرمة ، 1416هـ ص 13 .
(2) سورة آل عمران آية 79
(3) سورة البقرة آية 129(1/23)
وقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهمات التي كلف بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - { لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } (1)
من أجل ذلك ينبغي أن يجتهد في أن يكون ناجحاً في مهمته ومن صفات المعلم الناجح ما يلي :
1 - أن يكون هدفه ربانياً كما صرح بذلك في قوله تعالى : { ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلّمون الكتاب وبما كنتم تّدرُسون } (2) وبدون هذه الصفة لا يمكن للمعلم أن يحقق هدفه وهو تعليم القرآن .
2 - أن يكون مخلصاً ، وهذا من تمام صفة الربانية وكمالها . فإذا زال الإخلاص حل محله التحاسد بين المعلمين .
يقول الدكتور أحمد السهلي(3) : " ينبغي أن تكون حياتنا امتداداً لحياة أولئك الأبرار ، ذلك الجيل القرآني الفريد والموكب الإيماني المضيء ، الذي سبقنا على درب الإيمان والدعوة والجهاد فكانت له تجارب إيمانية صادقة إلى المعاني لا يعرف التردد ، وما ذاك إلا لأنهم تربوا على مائدة القرآن الكريم ، وشهدوا ميلاد الهدى وتنزّل القرآن (4)
3 - أن يكون صبوراً على المعاناة التي يلاقيها من الطلاب والمشقة التي يجدها في تقريب المعلومة إلى أذهان الطلاب لأن تدريس القرآن للكبار يقتضي تكراراً وتنويعاً للأساليب وذلك لأنهم جميعاً ليسوا على مستوى واحد من القدرة على التعلم .
4 - أن يكون صادقاً فيما يدعو إليه ، وعلامة صدقه أن يطبقه على نفسه ، فإذا طابق علمه عمله اتبعه الطلاب وقلدوه في أقواله وأفعاله .
__________
(1) سورة آل عمران 164
(2) سورة آل عمران 79
(3) هو الدكتور أحمد بن موسى السهلي ، رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف .
(4) انظر : من صفات أهل القرآن ، للدكتور أحمد السهلي ، المطبعة الأهلية بالطائف ص43-44(1/24)
5 - أن يكون دائم التزود بالعلم والمدارسة له ، وأن يكون على نصيب وافر من المعرفة بالقرآن وتجويده وأحكامه وأسباب نزوله وقراءاته ورواياته وطرقه ، وناسخه ومنسوخه ... إلخ ، وذلك لأن كثرة الأخطاء عند المعلم وعدم إتقانه للحفظ تقلل من ثقة الدارسين بمدرسهم .
6 - أن يكون صاحب فن في توصيل المعلومة وتنوع الأسلوب متقناً لتلك الأساليب ، عارفاً بالأسلوب الذي يصلح لكل طالب مقدراً مكانة الطالب الاجتماعية والتعليمية .
7 - أن يكون قادراً على الضبط والسيطرة على الطلاب متابعاً لهم ، حازماً يضع الأمور في مواضعها ، وفي نفس الوقت يكون محبوباً من الطلاب رحيماً بهم من غير تفريط حريصاً على مصلحتهم . يسامحهم أحياناً دون أن يترك لهم مجالاً للتراخي والكسل .
8 - أن يكون عادلاً بين طلابه لا يميل إلى أي فئة منهم ولا يفضل أحداً على أحد إلا بالحق وبما يستحق كل طالب حسب علمه ومواهبه .
الفصل الرابع : الوسائل التعليمية .
المبحث الأول : الشريط المسموع أو المرئي .
أولاً : أهمية الاستماع .
إن من أنجح الوسائل التي يجب أن يستخدمها معلم الكبار هي الأشرطة المسموعة والمرئية وذلك لما للاستماع من أهمية كبرى في حياة الكبير أو غير المتعلم .
وذلك لأن الاستماع من الوسائل التي يتصل بها الإنسان في بداية حياته مع الآخرين ، وعن طريقه يكتسب المفردات ويتعلم الجمل والتراكيب ، ويتلقى الأفكار والمفاهيم ، وعن طريقه يكتسب المهارات الأخرى للغة ، بل إن الاستماع الجيد يحمي الإنسان من مخاطر عديدة ، إن الأصم يتعرض في حياته إلى مخاطر لا يستطيع أن يدرك مصدرها أو أن يحدد اتجاهها .
ولقد ثبت من أبحاث كثيرة أن الإنسان العادي يستغرق في الاستماع ثلاثة أمثال ما يستغرقه في القراءة "(1)
__________
(1) انظر : طرق تدريس التربية الدينية ، للدكتور محمود رشدي خاطر ، ص 163 ، الطبعة الثالثة 1986م ، غير محدد دار النشر .(1/25)
إن الاستماع يمثل من حياتنا مكانة كبيرة ومنزلة خاصة ، من أجل ذلك نجد القرآن الكريم قد أولى هذه المهارة ما تستحقه من أهمية .
ثانياً : الوسائل التعليمية الحديثة :
إن استخدام الوسائل التعليمية الحديثة واستخدام التقنيات العصرية الآن في تعلم القرآن الكريم أصبح شيئاً ضرورياً خاصة لتدريس غير المتعلمين والكبار ، فمن ذلك :
1 - التسجيلات الصوتية .
في هذا العصر ولله الحمد ما يخلو بيت من بيوتات المسلمين من مسجل صوتي للقرآن الكريم على أشرطة الكاسيت أو اسطوانات الليزر الحديثة ، لقد أثبتت التجارب التربوية جدوى استخدام هذه الوسيلة في تعليم تلاوة القرآن وذلك من خلال استماع الطالب إلى تلاوة نموذجية "(1)
2 - استخدام الحاسوب في تعليم القرآن الكريم .
يعد الحاسوب من أحدث التقنيات التربوية وأسرعها تطوراً ومن ثم يمكن أن يستفيد الطالب أو الدارس بعدما يتلقى الدرس على يد معلمه بالحلقة إذا عاد إلى منزله من خلال برنامج القرآن الكريم الذي يتضمن مجالات عديدة منها تحفيظ القرآن الكريم وذلك كأن يختار الطالب مثلاً الآية التي يريد حفظها أو السورة القصيرة ثم يعطي الأمر إلى الحاسب بأن يكرر هذه الآية عشر مرات مثلاً ، لا شك أنه سيستفيد منها بإذن الله تعالى ، وهذا أمر قد جربته بنفسي وأطبقه مع أولادي ووجدت ثماره والله سبحانه وتعالى هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
3 - جهاز الفيديو .
يسهم جهاز الفيديو في تسهيل تعليم القرآن الكريم حيث أنه يقدم التلاوة بالصوت والصورة فيسمع الدارس التلاوة وينظر إلى فم الشيخ أثناء نطقه فيشترك في التعليم حاستا السمع والبصر ومما لا شك فيه أن استخدام أكثر من حاسة في التعليم يثبت الحفظ ويرسخ في الذهن فتكون الفائدة أكثر والتأثير أبلغ .
__________
(1) انظر : أصول التربية وتاريخها ، أحمد عبد الرحمن عيسى ، ص 146 ، دار اللواء للنشر بالرياض 1398هـ .(1/26)
" ولذلك أصبحت الوسائل التعليمية ضرورة تربوية في الحلقات القرآنية لأنها تسهم في توظيف جهد المدرس بطريقة أفضل والمحافظة على وقته ووقت الطالب وبالتالي تحقيق الأهداف لا سيما إذا اقترنت حاسة السمع والبصر في التعلم بالوسيلة "(1)
( وقد أظهرت تجارب تربوية عن أهمية الوسائل التعليمية أن نسبة التذكر والاستظهار ترتفع إذا اشتركت حاسة السمع والبصر وذلك بالنسب التالية :
1 - بالقراءة تكون نسبة التذكر 10% . ... ... ... 2 - بالسمع تكون نسبة التذكر 20% .
3 - بالنظر تكون نسبة التذكر 30% . ... ... ... 4 - بالسمع والنظر تكون نسبة التذكر 50% .
5 - بالتطبيق والعمل تكون نسبة التذكر 90% )(2)
المبحث الثاني : النسيان ( أسبابه وطرق علاجه(3) ) .
أولاً : تعريف النسيان .
هو عدم القدرة على استرجاع المحفوظ ، وهو عكس التذكر وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ، فنسيان القرآن الكريم سواء كان لفظاً أو عملاً هو ظاهرة خطيرة وداء عضال يجب الوقوف على أسبابه وطرق علاجه .
ثانياً : أسباب النسيان
1 - عدم الإخلاص لله . ... ... 2 - المعاصي والذنوب . ... 3 - الحفظ في حالة التعب .
4 - عدم تكرار ما تم حفظه . ... 5 - إرهاق الذهن بالحفظ . ... 6 - عدم الثقة بالنفس .
ثالثاً : علاج النسيان .
1 - الإخلاص والدعاء والاستغفار . 2 - افهم ثم احفظ . ... 3 - صمم على تسميع ما تحفظ .
4 - قسم الحفظ إلى مقاطع . 5 - وزع الحفظ على فترات . 6 - كرر ثم كرر ثم كرر .
__________
(1) انظر : مهارات التدريس في الحلقات القرآنية ، للدكتور على الزهراني ، دار بن عفان للنشر ، الخبر ، 1418هـ .
(2) انظر : انتقادات موجهة لمناهج التربية الإسلامية ، مجلة التربية ، لمحمد عبد القادر أحمد ، ص189
(3) مختصر من مطوية بعنوان ( نسيان القرآن أسبابه وطرق علاجه ) قمت بإعدادها وتوزيعها على طلاب حلقة الكبار بمسجد السديس بالحوية ضمن سلسلة مطويات في علوم القرآن .(1/27)
7 - استخدم أكثر من حاسة . ... 8 - قاوم النسيان . ... 9 - احفظ قبل النوم . ... ...
10 - كن واثقاً من نفسك . ... 11 - قم الليل بما تحفظ . ... 12 - صاحب الأخيار .
فهرس الآيات القرآنية
م ... طرف الآية ... السورة ورقم الآية ... رقم الصفحة
{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين .... } ... البقرة 2 ... -
{ ومَن أحسنُ قَولاً ممنْ دعَا إلى الله ... } ... فصلت 33 ... -
{ إن الذينَ كفروا وظَلمُوا لم يَكنِ الله لِيغفِر لهم .... } ... النساء 168 ... 1
{ والسمَاء والطَّارِق ... } ... الطارق 1 ... 1
{ وألّو استقَامُوا على الطّريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً ... } ... الجن16 ... 1
{ وأنَّا منّا الصَّالحون ومنّا دونَ ذلكَ كُنَّا طرائقَ قِدداً .. } ... الجن11 ... 1
{ ورَتل القُرآن تَرتِيلاً ... } ... المزمل4 ... 3
{ أفَلا يتَدَبّرونَ القرآنَ أم على قلوبٍ أقفالها ... } ... النساء82 ... 3
{ قُلْ إِنَّ صَلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ ... } ... الأنعام 162 ... 4
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } ... الذاريات56 ... 4
{ إنما يَخشَى الله مِن عِبادِه العُلَماءُ ... } ... فاطر28 ... 4
{ الله نزّل أحسن الحديث .. } ... الزمر23 ... 4
{ ومَن أعَرَض عَن ذِكري فَإن له مَعيشة ضنكاً ... } ... طه126 ... 5
{ قُل هلْ يَستوي الذينَ يعْلَمونَ والذينَ لا يعلمون .. } ... الزمر9 ... 5
{ يَرفِعِ الله الذينَ آمنوا مِنكُم والذينَ أُوتوا العِلْمَ ... } ... المجادلة11 ... 5
{ لَقدْ كَانَ في قَصَصهِم عِبرةٌ لأُوْلى الألْبابِ } ... يوسف 11 ... 5
{ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ ... } ... آل عمران 159 ... 5
{ وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون } ... الأعراف204 ... 6
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصّلاة وَأَنْفَقُوا .. } ... فاطر 29 ... 6(1/28)
{ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتابَ والحُكم والنبوة .. } ... آل عمران 79 ... 13
{ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك .. } ... البقرة 129 ... 13
{ لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً .. } ... آل عمران164 ... 13
{ ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تُعلّمون الكتاب ... } ... آل عمران79 ... 13
فهرس الأحاديث النبوية
م ... طرف الحديث ... رقم الصفحة
( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، .... ) ... 2
( إذا أتيت لمضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع .. ) ... 8
( إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ) ... 2
( إنما مثلُ صاحب القرآن كمثَلِ الإبل المعلَّقة إن عاهد ... ) ... 12
( تبسمك في وجه أخيك صدقة ... ) ... 6
( تعاهدوا هذا القرآن ، فوالذي نفسُ محمد بيده لهو أشدُّ ... ) ... 12
( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ... -
( عِزّ المؤمن استغناؤه عن الناس ... ) ... 6
( كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن ) ... 3
( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها .... ) ... 8
( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ... ) ... 6
( لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أول منك لما .... ) ... 2
( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة ) ... 8
فهرس المراجع
القرآن الكريم .
أدب الدنيا والدين ، علي بن محمد الماوردي .
أصول التربية الإسلامية وأساليبها ، عبد الرحمن النحلاوي .
الإيقاظ لتذكير الحفاظ ، لجمال عبد الرحمن .
انتقادات موجهة لمناهج التربية الإسلامية ، لمحمد عبد القادر أحمد .
التبيان في آداب حملة القرآن للنووي .
الترغيب والترهيب .
تفسير حاشية الجمل على تفسير الجلالين .
سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي لابن القاصح .
طرق تدريس التربية الدينية ، للدكتور محمود رشدي خاطر .(1/29)
طرق تدريس القرآن الكريم . الشؤون التعليمية بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف
علو الهمة ، لمحمد أحمد إسماعيل .
في ظلال القرآن ، للشهيد سيد قطب .
القرآن الكريم تاريخه وآدابه . لابراهيم عمر .
كتاب كيف تكسب الأصدقاء .
الكنز الذي لا يكلف درهماً ، د.علي الحمادي .
لسان العرب لابن منظور .
مختصر منهاج القاصدين ، لابن قدامة ، تحقيق د. سعد شلبي .
مع القرآن وحملته ، لعبيد الشعبي .
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم .
من صفات أهل القرآن ، للدكتور أحمد السهلي .
مهارات التدريس في الحلقات القرآنية ، للدكتور علي الزهراني .
نحو أداء متميز لحلقات تحفيظ القرآن ، المنتدى الإسلامي .
النشر في القراءات العشر ، لابن الجزري
الواضح في علوم القرآن للدكتور مصطفى البغا .
فهرس الموضوعات
م ... الموضوع ... رقم الصفحة
المقدمة ... 1
الفصل الأول : طرائق التدريس ... 3
المبحث الأول : مفهوم طرق التدريس ... 3
أولاً : تعريف الطريقة في اللغة ... 3
ثانياً : الطريقة في القرآن الكريم ... 3
ثالثاً : الطريقة في التدريس ... 3
المبحث الثاني : قواعد طرق التدريس ... 4
أولاً : العناية بالمتعلم ... 4
ثانياً : معرفة المعلم لقدرات الطلاب وإدراكهم ... 4
ثالثاً : التدرج من البسيط إلى المركب ... 5
رابعاً : دقة الحفظ وسلامة الأداء ... 5
خامساً : عظمة القرآن الذي نتعلمه ... 5
المبحث الثالث : أهداف تدريس القرآن لكبار السن ... 5
الفصل الثاني : كبار السن وغير المتعلمين ... 6
المبحث الأول : مبادئ تعليم القرآن لكبار السن وغير المتعلمين ... 6
أولاً : وضوح الهدف ... 6
ثانياً : تقوية الدافع للتعلم ... 6
ثالثاً : الرفق والرحمة بالمتعلم ... 8
رابعاً : الانتباه ... 8
المبحث الثاني : ما يجب على معلم الكبار وغير المتعلمين ... 8
1 - الابتسامة كنز لا يكلف درهماً ... 8
2 - ترفّع عمّا في أيدي الطلاب تكن محبوباً لديهم ... 9(1/30)
3 - اجعل الطالب يشعر بأهميته لديك ... 9
4 - معلم الكبار يقبل عذر من يأتيه معتذراً ... 9
الفصل الثالث : طرائق تدريس القرآن للكبار ... 10
المبحث الأول : الطريقة العملية لتحفيظ الكبار ... 10
الطريقة الأولى : طريقة العرض للطلاب الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة ... 10
الطريقة الثانية : طريقة التلقين للطلاب الذين لا يعرفون القراءة من المصحف ... 11
أولاً : تعريف التلقين ... 11
ثانياً : أهمية التلقين ... 11
1 - التلقين الفردي ... 11
2 - التلقين الجماعي ... 11
ثالثاً : ضوابط تنفيذ طريقة التلقين ... 11
رابعاً : أهداف هذه الطريقة ... 12
الطريقة الثالثة : طريقة الحفظ على مدار اليوم ( طريقة عملية مُجربة ) ... 12
طريقة الخمس آيات ... 12
الطريقة الرابعة : اتباع هدي السلف في تدريس القرآن ... 13
وطرق تعليم القرآن عند هؤلاء الأعلام من السلف كانت بإحدى ثلاث ... 13
المبحث الثاني : المراجعة ... 14
الأوقات المقترحة للمراجعة ... 14
المبحث الرابع : كيف ينجح المعلم في طريقته ؟ ... 15
الفصل الثالث : الوسائل التعليمية ... 17
المبحث الأول : الشريط المسموع أو المرئي ... 17
أولاً : أهمية الاستماع ... 17
ثانياً : الوسائل التعليمية الحديثة ... 17
1 - التسجيلات الصوتية ... 17
2 - استخدام الحاسوب في تعليم القرآن الكريم ... 17
3 - جهاز الفيديو ... 17
المبحث الثاني : النسيان ( أسبابه وطرق علاجه ) ... 18
أولاً : تعريف النسيان ... 18
ثانياً : أسباب النسيان ... 18
ثالثاً : علاج النسيان ... 18(1/31)