طبيعة النفس البشرية في مرحلة التكليف في ضوء القرآن الكريم
إعداد
د.سهاد عبدالله بني عطا د. عاطف حسن شواشرة
وزارة التربية والتعليم/ الأردن الجامعة العربية المفتوحة/فرع الأردن
طبيعة النفس البشرية في مرحلة التكليف في ضوء القرآن الكريم
إعداد
د.سهاد عبدالله بني عطا د. عاطف حسن شواشرة
دكتوراه/مناهج وأساليب تدريس تربية إسلامية دكتوراه/ علم نفس تربوي
وزارة التربية والتعليم/ الأردن الجامعة العربية المفتوحة/فرع الأردن
ملخص
هدفت هذه الدراسة إلى استجلاء مفهوم النفس في القرآن الكريم، وتبيان دلالاتها وخصائصها، وتحديد طبيعة الغرائز والشهوات فيها، كما هدفت إلى تحديد المبادئ النفسية التي تفسر طبيعة النفس البشرية في مرحلة التكليف في القرآن الكريم ، من خلال منهج تحليل المحتوى، وتتبع آيات القرآن الكريم جميعها، وقد وجدت الدراسة أن القرآن الكريم ينظر للنفس البشرية بوصفها كلا متكاملا، وأن لفظة النفس قد وردت بدلالات متعددة، كما أن النفس تمتاز بمجموعة من الخصائص الثنائية التي تتراوح بين الخير والشر، كما وجدت الدراسة أن النفس البشرية ميالة بطبيعتها إلى الشهوات التي هي جزء من التكوين البشري، وأنها تخضع للمبادئ التي تحكم طبيعتها، وفي النهاية خلصت الدراسة إلى القول بأهمية دراسة النفس البشرية كما يصورها خالقها سبحانه وتعالى، وأن توجه البرامج التربوية والمناهج الدراسية في المدارس والجامعات لتراعي طبيعة النفس البشرية كما يؤصلها القرآن الكريم.
Human nature since puberty the light of Holy Quran
By
Dr. Suhad Abdullah bani-Ata Dr. Atef Hassan Shawashreh
Ministry of Education/Jordan Arab Open University/Jordan
ABSTRACT(1/1)
This paper aims at investigating human nature as it is shown in the Holy Quran: its nature, sings, and traits. It goes into the revelation concerning how an individual is characterized and referred to in various terms. Holy Quran tells us about the good and evil tendencies that an individual’s behavior may show. The study concludes by pointing to the need for life education to cater for the development and growth of the individual along the lines of the Holy Scripture, the Holy Quran.
تقديم
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
خلال سنوات ماضية والشاب المسلم يعيش في أجواء فكرية حملتها تيارات متعددة ، وطرحتها في ساحة العمل الإسلامي ، وقد لا نستطيع أن نجزم كم كانت هذه القضايا تمس واقع المسلمين أو حاجتهم الملحة ، ولكننا لا ننكر أن من بينها قضايا هامة ومواضيع أساسية عالجت واقعا في حينه ، أو جانبا من الواقع ، وربما تجاوزت بعض القضايا واقعا مؤلما ، أو أخذت حجما من حقيقتها ، أو اضطربت بين أمواج الجدل أو الخلاف .
وعندما نستعرض الفكر الإسلامي الذي حملته المكتبة الإسلامية فإننا نلاحظ أن ذلك الفكر لا ينبع من مصدر واحد ، فالمصادر شتى والمنابع متعددة ، ونلاحظ غياب النهج والتخطيط ، وتضارب الجهود وتبدد الطاقات ،والتأثر بالفلسفة اليونانية ، والخلط الواضح بين التاريخ الإسلامي والدين الإسلامي ، وتقديس كلام بعض البشر كما لو كان جزءا من القرآن أما علاج هذا الغياب المنهجي وهذا الخلط والتخبط فيجتمع في قاعدتين أساسيتين هما :(1/2)
* الأولى: انه يجب أن يكون للفكر الإسلامي دائما وأبدا مصدر واحد ، ونبع واحد على مختلف العصور والأجيال وتغير الشعوب والأقوام ، انه النهج الرباني الذي انزله الحق سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المفسرة له ،ذلك انه المنهاج المتميز عن كل ما يمكن أن يأتي به البشر حتى تقوم الساعة ، انه المنهاج الوحيد الذي لا يحمل معه باطلا أبدا .
* الثانية : هي ضرورة فهم الواقع البشري فهما نابعا من خلال المنهاج الرباني، وان فهم هذا الواقع ضرورة لا غنى عنها حتى يتيسر لنا أن نحسن تطبيق منهاج الله في هذا الواقع ، وحتى نحسن ممارسته بأمانة وصدق.
وهذان الخطان المتلازمان ضروريان ، حتى يرفع المسلمون عنهم الغفلة والغيبوبة، وهما ضروريان لحسن ممارسة العبودية لله رب العالمين ، وهما ضروريان حتى لا يتحول الفكر الإسلامي الى شتات أو مراء وحتى يضل الفكر الإسلامي متميزا عن كل فكر بشري بتصوراته الإيمانية الصادقة وبتطبيقه الواقعي، وحتى يظل الفكر الإسلامي والعمل الإسلامي ناميا متطورا ، يعالج أحداثا متطورة ، ووقائع متجددة متسارعة . ( النحوي ، 1997)
لقد خلق الله الأرض وسخرها ميدانا للإنسان ، خليفة الله في الأرض ومن بين كل المخلوقات كرمه ورفعه ، فأعطاه العقل ، وجعله في أحسن تقويم، فالإنسان هو مدار الحياة ، وفلك الوجود ، وهذه الأرض له وطن ، والحجر والشجر والحيوان ما هي إلا ليعمر ويستظل ويأكل وكل ذلك ليعينه على تأدية رسالته في هذا الوجود المتمثلة بعبادة الله وحده :
قال تعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون " (الذاريات :56-57) .(1/3)
إن من أولى أولويات الباحث في النفس البشرية أن يعي هذه النفس كما يصورها خالقها. وإلا فأي نفس تلك التي يعلم بها ويدرسها إن لم يعيها من وجهة نظر خالقها وفاطرها ، والتعامل معها كأرض تفلح لتلقي تعاليم الله فيكون أزكى غرس وأطيب محصول ، فوز في الدنيا وفي الأخرى جنات علا ، والاحاطة بخصائصها مع البعد عن التطرف ، فالنفس روح وجسد ، فيها من نورانية الروح نفخ سجدت له الملائكة .
قال تعالى : "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سوته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " (ص:71-72).
مشكلة الدراسة:
لقد حيرت النفس الإنسانية الفلاسفة والعلماء والمربين ، بدأها بجد وعزيمة ( أرسطو ) قبل 2300 عام بنقطة ، وما خرج العلماء منها حتى الآن ، وحاول علماء النفس في القرن المنصرم تفهمها ، ولكنها ما زالت لغزا صعب المنال ، ومدارس علم النفس شاهد على ذلك ، ولقد سمي هذا العلم بعلم النفس ، وواقع الحال هو علم السلوك – أو ظواهر النفس الإنسانية ، قال تعالى : "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " (الروم : 7 ) .
عن تعليمنا في الوطن العربي ما زال يلهث وراء النظريات الغربية وإن أجيالنا الحاضرة لم تتعلم وفق النهج الذي ارتضاه الحق لنا ، فأصبحنا في منأى عن حقيقة الأمور ، أو أن هناك فصما في عرى العلاقة بين الشباب المسلم وبين حقيقة الفكر الإسلامي ، والنهج الإلهي ، ولذا تأتي هذه الدراسة محاولة لتأصيل الفكر النفسي في القرآن الكريم
وفي هذه الدراسة سوف يتناول الباحثان النفس الإنسانية في ضوء القرآن الكريم ، من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية:
أولا: ما دلالات النفس في القرآن الكريم؟
ثانيا: ما خصائص النفس البشرية في القرآن الكريم؟
ثالثا: ما طبيعة الغرائز والشهوات البشرية في القرآن الكريم؟
رابعا: ما المبادئ النفسية المشتقة من القرآن الكريم؟
النفس كما يصورها القرآن الكريم(1/4)
لقد نظر القرآن الكريم إلى النفس نظرة شمولية، (عبدا لعال ، 1985 ، ص251) ، وتدل النفس في القرآن الكريم على الجسم والروح معا، وهي تدل على الإنسان ككل أو الذات الإنسانية بعنصريها المادي والمعنوي ، ويدل كل منها على الإنسان ككائن حي ذي أصل واحد يتكاثر ، ويكسب ، ويشتهي ، ويغضب ، ويموت ثم يجازى على عمله ، (زريق ،1989 ، ص14) .
قال تعالى : " قال ربي إني لا أملك إلا نفسي وأخي فأفرق بيننا وبين القوم الفاسقين " (المائدة :125)
وقال تعالى : " قال ربي إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون " (القصص :33 )
وقال تعالى : "...وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ..." (الأحزاب : 50 ) .
" أن النفس وماهيتها في ضوء الفكر الإسلامي تختلف بشكل حاد عن ماهيتها في ضوء الأقوال والآراء التي تمخضت عنها الدراسات الإنسانية . فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يتجسد فيهما القول الفصل في هذا الموضوع الهام فقد ورد لفظ النفس في القرآن الكريم مئات المرات في ألفاظ متعددة وهي : النفس ونفسك ، ونفسه ، ونفسها ، ونفسي ، والنفوس ، ونفوسكم ، والأنفس ، وأنفسكم وأنفسنا ، وأنفسهن ، والمتأمل في جميع الآيات القرآنية الحكيمة يجد أنها تخاطب الإنسان وليست جزءا منه كما اعتقد بعضهم " . ( الحياري ، 1993 ، ص 40 ) .
قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " (الحشر :18)
وقال تعالى : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " (البقرة :286 )
تعريف النفس(1/5)
قال أبو إسحاق : النفس في كلام العرب يجري على ضربين :أحداهما قولك خرجت نفس فلان ، أي روحه ، وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا أي في روعه ، والضرب الآخر معنى النفس فيه معنى جملة الشيء وحقيقته والجمع من كل ذلك أنفس ونفوس . ( ابن منظور ، 1968 ، ص233 )
والنفس يعبر بها عن الإنسان جميعه كقولهم عندي ثلاثة أنفس ، وكقوله تعالى : " أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله " (الزمر :39 ) ، وقال ابن سيده : وقوله تعالى : "تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك " (المائدة : 116)
روي عن ابن عباس انه قال :كل إنسان نفسان : إحداهما نفس العقل الذي يكون به التمييز ، والأخرى نفس الروح الذي به الحياة ، وقال أبو بكر الأنباري : من اللغويين من سوى النفس والروح وقال هما شيء واحد إلا إن النفس مؤنثة والروح مذكر (ابن منظور : 1968 ، ص234) .
وفي قطر المحيط : النفس الروح ، يقال خرجت نفسه أي روحه ، ويراد بالنفس الإنسان بجملته (البستاني : 1968 ، ص221) .
ويتضح مما سبق أن هناك خلط في معنى النفس الإنسانية بين النفس والروح ، ولكن الحقيقة أن الآيات القرآنية قد حددت معنى النفس الإنسانية بالإنسان ذاته كلا متكاملا ، وبشكل واضح وجلي :
قال تعالى : " ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها " (الشمس :7-10)
وقال تعالى : " ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " (السجدة : 13)
وقال تعالى : " إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى" (طه :15) .
وقال تعالى : : " فانطلقا حتى اذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " (الكهف : 74) .
وقال تعالى : " ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه " (التوبة :120) .(1/6)
ويتضح من التأمل في الآيات القرآنية الكريمة السابقة أن النفس تدل على الذات الإنسانية ككل متكامل ، ومن الخطأ النظر الى النفس على أنها الروح فقط أو المشاعر والوجدان بمعزل عن الجسد .
دلالات النفس في القرآن الكريم
ورد لفظ النفس في القرآن الكريم في (367) موضعا ، ويدل كل منها على الإنسان ككائن حي ذي أصل واحد يتكاثر ويكسب ويشتهي ويغضب ثم يجازى على عمله ، وقد استعملت بدلالات مختلفة وهي: ( زريق ، 1989 ، ص14-15):
1) الدلالة على الإنسان : قال تعالى : " واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا " (البقرة : 48 ) .
وقال تعالى : " لا تكلف نفس إلا وسعها " (البقرة : 233 ) . وقال تعالى : " أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " ( المائدة : 32 ) .
وقال تعالى : "قوا أنفسكم وأهليكم نارا " (التحريم : 6 ) .
وقال تعالى : " وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين " (الزخرف ، 71 ) 2) الدلالة على أشخاص معينين : ونذكر من هؤلاء الأشخاص الذين عناهم القرآن الكريم :
أ-محمد عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : " فلعلك باخع نفسك على آثرهم " ( الكهف : 6 ) .
ب- إسرائيل ، هو اسم لقب به يعقوب ، وبنو إسرائيل هم العبرانيون ، قال تعالى : " كل الطعام كأن حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه " ( آل عمران : 93 ) .
ج- يوسف عليه السلام : " قال تعالى على لسان يوسف عليه السلام : " هي راودتني عن نفسي " ( يوسف : 26 ) .(1/7)
3- الدلالة على الذات الإلهية : صور الله تعالى اصطناع الخلق لنفسه فقال تعالى : " واصطنعتك لنفسي " ( طه : 41 ) ، وفي مناسبة أخرى ، يعطينا الحق سبحانه وتعالى صورة دقيقة عن نفسه ، فيها القوة والرأفة ، قال تعالى :" ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد " ( آل عمران : 30 ) ، وقال تعالى : " تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك " ( المائدة : 116 ) ، وقال تعالى : " قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة " ( الأنعام : 12 ) .
4- الإشارة الى ضمير الإنسان وما يبطن من أسرار : فقد أكد الله تعالى أنه خالق الإنسان ، وهو الوحيد الذي يعلم خفقات ضميره ووساوس نفسه قال تعالى : "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه "( ق : 6 ) ، وما دام الله خالقنا فهو اعلم بطبيعة نفوسنا ، ودواخل أعمالنا وجواهر ذواتنا ، قال تعالى : " ربكم اعلم بما في أنفسكم أن تكونوا صالحين " ( الإسراء : 25 ) ، وإذا أردنا أن نغير أحوالنا ونبدل أوضاعنا الى ما هو أفضل ، فلا بد لنا أن نغير جوهرنا من الداخل قال تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ( الرعد :11 ) .
5- الإشارة الى اصل البشر : فالنفس الواحدة هي اصل البشرية جمعاء ومن النفس الواحدة خلق الله كافة النفوس الإنسانية ، قال تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة "(الأعراف : 189 ) وإذا كان الأمر كذلك فعلينا أن نتقي رب العزة الذي خلقنا من نفس واحدة ، قال تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء " (النساء : 1).
خصائص النفس الإنسانية :(1/8)
النفس مصدر أساسي للسلوك الإنساني ، وهي – في ضوء طاقتها – المسئولة عن تحديده ، أن السلوك تتحكم فيه الملكات العقلية ، التفكير والإدارة والتعلم والانتباه والتذكر والتحليل ، وكذا الانفعالات الوجدانية كالإحساس باللذة أو الألم أو الفرح أو الحزن أو الخوف أو الغضب ، وما يرغب به أو ينفر منه .
والقرآن الكريم يشير الى أن النفس مستودع الكثير من الدوافع السلوكية والإنسان مسئول عن جميع سلوكاته ، قال تعالى : "يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " (النحل : 111 ) ، أي بما كسبت من أعمال إذ هي المسئولة ، فهي لا غيرها التي تجادل عما عملت ، قال تعالى : " كل نفس بما كسبت رهينة " ( المدثر : 38 ) ، فالنفس تكسب عملها بمحض حريتها واختيارها ، وإرادتها ، إذ أنها رهينة عملها الذي سيحاسبها به الله عز وجل .
والمتأمل بالآيات القرآنية الكريمة يجد أن النفس الإنسانية قد اتصفت بالخصائص التالية :
الخاصية الأولى : النفس مفطورة على معرفة الله :
وهي ما تسمى بالشعور الديني الفطري في الإنسان ، قال تعالى : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون " ( الأعراف : 172 – 173 ) .
الخاصية الثانية : التقلب والتطرف والخروج عن حد الاعتدال :
لقد أوضح الله تعالى أن الإنسان شديد الانفعال ، متطرف العواطف ، ما لم يرجع الى نهج الله سبحانه ، لأن الإيمان بالله ، والعمل على نهجه ، هو السبيل الذي يعيد الإنسان الى حالة من التوازن ، والاعتدال ، يصبح سلوكه معها بعيدا عن التعصب والتطرف .(1/9)
إن الإنسان بحكم طبيعته البشرية اذا أحب شيئا ، أقبل عليه بكليته ، وإذا كره شيئا ، ابتعد عنه بكليته ، ولذا يريد الله أن نلزم جانب الاعتدال في حبنا ، وفي بغضنا ، وفي مأكلنا وفي مشربنا وفي أي عمل نقوم به . ( عدس ،1985 ، ص95 ) .
قال تعالى : " فلا تميل كل الميل فتذروها كالمعلقة " ( النساء : 129 ) ، وأن الانسياق وراء العواطف لا يجدي نفعا ، ولا يحل لنا مشكله حتى ولو قتلنا أنفسنا حنقا وغيظا .
قال تعالى : " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيض " ( الحج : 15 ) ، وكذلك الحال عندما يصيبنا الفرح والسرور فقد يخرج الحال بنا عن حد الاعتدال الى حال الإعجاب بالنفس ، والفخار بها والتباهي على الغير ، قال تعالى : " إن الله لا يحب كل مختال فخور "( لقمان : 8 )
وقد طلب الله منا سبحانه وتعالى أن نكظم غيظنا ونسيطر عليه ونتسامح مع من أساء إلينا ونعفو عنه ، قال تعالى : " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " ( آل عمران : 134 ) .
وقد جعل الله سبحانه وتعالى من الصبر والقدرة على الاحتمال العلاج الواقي لنا في مثل هذه الحالات ، قال تعالى : " إن الإنسان خلق هلوعا ، اذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين"( المعارج : 19 )
الخاصية الثالثة : في النفس معرفة الخير والشر :
قال تعالى : " ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد افلح من زكها * وقد خاب من دساها " ( الشمس : 7 – 10 ) ، فالإنسان ألهم فطرة معرفة الخير ، كما ألهم معرفة الشر ، قال تعالى : " وهديناه النجدين " ( البلد : 10 ) .
الخاصية الرابعة : النفس شديدة الحرص على الخير وجزوعة من الضر ( الزين ، 1991 ، ص141 ) :(1/10)
فالإنسان يطلب الخير دائما ، فأن أعطاه الله بطر وتعالى على الآخرين ، حتى اذا مسه ضر قليل ضعف وتخاذل ثم لا يلبث بعد كشف الضر أن يعود الى استعلائه وغروره حتى يصل به الحال الى التوهم في هذه الدنيا ، قال تعالى : " لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وان مسه الشر فيئوس قنوط " ( فصلت : 49 ) .
الخاصية الخامسة : العجلة والتسرع :
إن العجلة والتسرع دون تمحيص للأمور هو طبع متأصل في النفس الإنسانية ، قال تعالى : " خلق الإنسان من عجل " ( الأنبياء : 37 ) ، إن الإنسان يريد من الله أن يهبه الخير ، وبأسرع ما يمكن ويبدو عليه القلق إزاء أي تأخير في ذلك ، قال تعالى : " لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وان مسه الشر فيؤوس قنوط " ( فصلت : 49 ) ، وقال تعالى : " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم اجلهم " ( يونس : 11 ) ، وقال تعالى : " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا " ( الإسراء : 11 ) ، وقال تعالى : " وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب " ( ص: 16 ) ، وقال تعالى : " يستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين " ( العنكبوت : 54 ) ، وقال تعالى : " ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل غير مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون " ( العنكبوت : 53 ) .
الخاصية السادسة : التردد والضعف :
قال تعالى : " وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فإليه تجأرون " ( النحل : 53 ) .
وقال تعالى : يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا " ( النساء : 28 ) .(1/11)
فالضعف خاصية من خصائص النفس الإنسانية ، فالإنسان لا يكاد يستقر على شيء ، ولا يثبت على قاعدة بل يستجيب للمؤثرات المتعارضة ، ويتلون بألوان مختلفة ، ويبدو بوجوه متعددة ، قال تعالى : "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه " ( يونس : 12 ) ، وقال تعالى : " ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني انه لفرح فخور " ( هود : 10 ) .
الخاصية السابعة : التمرد والمكابرة والعناد :
إن الإنسان ليتعامى عن الحق ، ويتجاهل الأدلة الدافعة على وجوده تعالى ، ومع أن الكافر يصل في قرارة نفسه الى صدق الحق إلا انه يأبى أن يتراجع عن عناده وخصومته لهذه الدعوة .( عدس ، ص108)
قال تعالى : " وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون*وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين"(سبأ :34-35) ، قال تعالى :" أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه * قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا انتم منه توقدون " ( يس : 77 – 80 ) ، وقال تعالى : " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " ( البقرة : 206 ) ، وقال تعالى : " فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين " ( النمل : 13 ) .
وقال تعالى : " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين " ( النمل : 14 ) .
الخاصية الثامنة : الجحود :(1/12)
قال تعالى : " فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم اذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون " ( الزمر : 49 ) ، وقال تعالى : " وقليل من عبادي الشكور " ( سبأ : 13 ) ، ويقول تعالى: " إن الإنسان لربه لكنود * وانه على ذلك لشهيد *وانه لحب الخير لشديد "( العاديات : 6 – 8 ) .
أي أن الإنسان جحود لنعم الله ، فلا يعترف بفضله عليه ، ولا يشكره حق شكره ، قال تعالى : "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " ( السجدة : 9 ) .
الخاصية التاسعة : شدة الحرص والتكالب على جمع المال :
لقد قرر سبحانه وتعالى حب النفس الإنسانية للمال والحرص على جمعه في قوله تعالى : " وتأكلون التراث أكلا لما * وتحبون المال حبا جما " ( الفجر : 19 – 20 ) ، وقال تعالى : " كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى " العلق : 6 – 7 ) .
إن الإنسان لا يدرك كنه حكمته تعالى من بسط الرزق له أو الضيق به عليه ، وإنما هو دوما ملهوف وفي عجلة من أمره ليحصل على اكبر قدر مستطاع منه ، قال تعالى : " الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم " ( العنكبوت : 62 ) ، وقال تعالى : " أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون " ( الروم : 37 ) ، وقال تعالى : " يا أيها الذين امنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " (المنافقون : 9 ) .
الخاصية العاشرة : أحكامها عاطفية تبعا لانفعالاتها :
فالنفس الإنسانية فيها مجموعة من العواطف تدل عليها النصوص القرآنية فمثلا عاطفة الإشفاق والألم المعنوي ، قال تعالى : " فلعلك بخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين " ( الشعراء : 2 ) ، وقال تعالى : " فلعلك بخع نفسك على آثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا " ( الكهف : 6 ) .
عاطفة الحزن : قال تعالى : " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " ( فصلت : 31 ) .(1/13)
عاطفة الخوف : قال تعالى :"فأوجس في نفسه خيفة موسى "(طه : 67 ).
عاطفة الحب والميل النفسي :
قال تعالى : " إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس " ( النجم : 23 ) .
الخاصية الحادية عشر : الشهوة والتذوق والاستمتاع ( زين العابدين ، 1996 ، ص101 ) .
قال تعالى : " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " ( يوسف : 32 ) ، ففي النفس ميل جنسي كما إن فيها إباء وتساميا ، وفيها التذوق والاستمتاع للطعام والشراب والجمال الطبيعي والجمال المعنوي ، قال تعالى : " ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون " ( فصلت : 31 ) وان ( ما تدعون ) تشتمل الأخيله والتصورات والأماني الإنسانية ، ومع أن هذين النصين يخصان أهل الجنة إلا إن فيهما إشارة واضحة الى أن النفس الإنسانية تتذوق وتشتهي وتستمتع ولو لم تكن كذلك لما استشعرت بنعيمها المنشود في الجنة .
الخاصية الثانية عشر : الخوف والرجاء :
حيث يولد الإنسان وفيه هذان الاستعدادان متحاورين ، يخاف الظلمة والوحدة ويخاف السقوط ، ويخاف المناظر التي لم يألفها والأشخاص الذين لم يألفهم ، وينمو الإنسان وينمو معه هذان الخطان المتقابلان ، وتتنوع المخاوف ، ويتنوع الرجاء ، ( ولكن هذين الخطين هما ) في تقابلهما وازدواجهما يحددان له مشاعر الحياة واتجاهاتها .
إن الإسلام في كتابه القرآن الكريم وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقاوم هذه الرغبة الانفعالية ، وإنما ينظمها ويقوم مسارها ويحدد لها الاتجاه الصحيح في مثل قوله تعالى : " ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما " ( النساء : 100 ) .
الخاصية الثالثة عشره : الشح والبخل :(1/14)
الشح والبخل من صفات الإنسان التي وردت في القرآن الكريم وهي صفة تقوى وتشتدد كلما ضعف إيمان الإنسان بخالقه تعالى ، وضعف اعتماده عليه في طلب رزقه ، قال تعالى : " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"(الحشر :9) وقال تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم " ( الإسراء : 31 ) ، وقال تعالى : " قل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي اذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا " ( الإسراء : 100 ) ، وقال تعالى :" الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله"( النساء : 37 )
الغرائز النفسية في القرآن الكريم
الغرائز شهوات فطرية ترغب فيها النفس وتميل إليها ، وقد وهب الله سبحانه هذه الغرائز للإنسان وجعلها جزءا من تكوينه ليؤدي دوره في الحياة ويسعى في صلاحه وتحقيق ما يجلب له الخير ويدفع عنه الشر ويحفظ بقاء الجنس البشري ، وقد عبر الله سبحانه وتعالى عن هذا الميل الفطري في الإنسان لكل ما يجلب له الخير ويدفع عنه الشر قال تعالى على لسان النبي –صلى الله عليه وسلم -: "ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ..."(الأعراف : 188) ، وقال تعالى : "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب*قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهره ورضوان من الله والله بصير بالعباد" (آل عمران : 14-15) .(1/15)
وهكذا يظهر خطر الانحراف بسبب الشهوات ، وتحولها الى مرض يفتك بالنفس ويحيل الإنسان الى حيوان كاسر ، شغله الشاغل أن يرضي أهواءه ولو على حساب إيذاء الآخرين وظلمهم (كرزون ،1997) ، والأصل الذي يؤدي الى هذا الانحراف والطغيان إتباع الهوى وتقديم حب الدنيا على طاعة الله ورسوله ، قال تعالى : "فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" (النازعات :37-41) .
أولا : شهوتا حب الذات وحب الجاه :
من أقوى الشهوات وأكثرها عمقا في النفس حب الإنسان لذاته وحرصه على جلب الخير لها ودفع الضر عنها وتحقيق ما يمكن من الكمال لها ، ومن هنا تبرز أهمية شهوة حب النفس وخطر انحرافها وتحولها عن منهج الإسلام في تزكية الأنفس ، وتماديها حتى تبحث الكمال المزيف الموهوم وهي تضن أن هذا هو الذي يحقق سعادتها ، فتصاب بمجموعه من الأمراض مثل الرياء والكبر والتعالي على الناس ، والإعجاب بالنفس وحب المدح من الناس والأنانية والشح والحسد وكثرة الغضب ، والنماذج القرآنية التالية خير دليل على ذلك . (كرزون ، 1997) .
قال تعالى : "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ... " (البينة : 5) .
وقال تعالى : "ولا تصغر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال كفور" (لقمان :18) .
وقال تعالى : "ألم تر الى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا*انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا" (النساء : 49-50) .
وقال تعالى : "فلا تزكوا أنفسكم هو اعلم بمن اتقى" (النجم :32) .
وقال تعالى : "ولا تحسبن الذين يفرحون بما آتوا ويحبون أن يمدحوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم" (آل عمران : 188) .
وقال تعالى : "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ... " (النساء : 54) .(1/16)
وقال تعالى : "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ..." (آل عمران : 134) .
ثانيا_ شهوة حب المال :
إن حب المال والتملك غريزة فطرية عند الإنسان ، وهو مرتبط بشهوة حب النفس لأن المال يتوصل به الى أغراض النفس والحصول على مشتهياتها ولذلك تعلقت به كثيرا ، وكلما ازدادت شهوة حب النفس ازدادت شهوة حب المال ، قال تعالى : "وتحبون المال حبا جما" (الفجر : 20) ، وقال تعالى : "وانه لحب الخير لشديد" (العاديات :8) .
وقد يكون حب المال فضيلة اذا جمع من حلال وأدي حق الله فيه وانفق في وجوه الخير والطاعة ، قال صلى الله عليه وسلم : "نعم المال الصالح للرجل الصالح" (رواه احمد والطبراني) ، ولكن شهوة حب المال فتنة قل من يصبر عليها ويسلم من آفاتها ، قال تعالى : "إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده اجر عظيم فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وانفقوا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" (التغابن : 15-16) .
والواقع إن شهوة حب المال منزلق خطير ، وكثيرا ما تقود صاحبها الى حد البغي في الأرض والاستغراق في الطمع والجشع ، والتعدي على الآخرين ، قال تعالى : "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير" (الشورى : 27) .
وقال تعالى : "يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" (البقرة : 278-279) .
وقال تعالى : "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى*وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى*وما يغني عنه ماله اذا تردى" (الليل : 5-11) .
ثالثا_شهوة البطن والطعام :(1/17)
شهوة البطن لا يستغني عنها بشر ، لان حاجة الإنسان الى الطعام والشراب أساسية لا بد منها وبها قوام حياته ، ولكنها كثيرا ما تسيطر على صاحبها فيتحول أسيرا لهوى نفسه ، ووساوس شيطانه ولذلك حذرنا رب العزة من ذلك . (كرزون ،1997) .
قال تعالى : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين" (البقرة : 172) .
كما ارشد الله سبحانه وتعالى الى الاعتدال في الطعام والشراب لئلا يؤدي ذلك الى تسلط شهوة البطن وانحرافها ,
قال تعالى : "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين"(الأعراف : 31) .
وطغيان شهوة البطن لا يعني كثرة الأكل فحسب ، بل هو شره في النفس وماديتها وتحول الطعام من وسيله الى غاية حتى يصبح الإنسان كالبهائم التي تسيرها شهواتها ، قال تعالى : "والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم" (محمد :12) .
رابعا_ شهوة الفرج ودافع الجنس :
الشهوة الجنسية غريزة جبلت عليها النفس البشرية ، فقد جعل الله سبحانه هذا الميل الغريزي في كل من الرجل والمرأة لتحقيق هدف سام ، وهو بقاء النوع الإنساني ، ولولا هذا الدافع الجنسي لما كان التناسل والتكاثر ، وقد سمى الله سبحانه الانحراف في هذه الشهوة مرضا . (كرزون ، 1997) .
قال تعالى : "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض*وقلن قولا معروفا*وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" (الأحزاب : 32-33) .
وقال تعالى على لسان يوسف عليه السلام : "معاذ الله انه أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون" (يوسف : 23) .
أما نتائج طغيان شهوة الفرج فهي قسوة القلب وضعف الإيمان ، وكثرة الوقوع في المعاصي ، وذهاب الحياء ، ولذلك آمر الإسلام بغض البصر وستر العورة .(1/18)
قال تعالى : "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون*وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن" (النور : 30) .
كما أمر الإسلام بتحريم الاختلاط والأمر بحجاب النساء ، قال تعالى : "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" (الأحزاب : 59) .
وقال تعالى : "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن" (الأحزاب : 53) .
الصحة النفسية والعلاج النفسي في القرآن الكريم
"عندما شاءت إرادة الله عز وجل أن يجعل الإنسان خليفة له على هذه الأرض ، شعر الملائكة بالحيرة تجاه هذه المشيئة الإلهية ، فتساءلوا عن الحكمة من وراء ذلك، قال تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون " ( البقرة : 30 ) .
فالملائكة كانوا يرون أن مجتمع الإنسانية سيكون مجتمعا يتخبط في الفساد والقتل والدماء ، ولكن الله عز وجل كان يعلم غير علمهم .
كان يعلم انه سيكون هناك من الناس من يؤمن بالله عز وجل إلها وربا ، وهناك من الناس من سيستمر بعمل الخير في كل زمان ومكان وهؤلاء هم الموعودون بالخلافة ، قال تعالى : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض " ( النور : 55 ) .
والمهمة الموكولة لهذا الإنسان هي مهمة الاعمار والبناء المادي والمعنوي والتي تتطلب الإنسان السوي والسليم جسديا ونفسيا .(1/19)
ومع أن الصحة النفسية عند علماء النفس تعني حالة من التوازن والتوافق بين الإنسان ونفسه ، وبين الإنسان والمجتمع ، وهذا التوافق يجعل الإنسان يعيش حالة من الشعور بالطمأنينة والرضا والارتياح ، إلا إن علماء النفس المسلمون يرون أن الصحة النفسية هي حسن الخلق مع الله ، ومع الذات ، ومع الناس " (عيسى ، 1997 ، ص146 – 148 ) .
وحسن الخلق لا بد له من إيمان حقيقي وقوي ،يكون هو الدافع للتعامل بصدق وإخلاص مع الله عز وجل ومع النفس ومع المجتمع ، وبالتالي الابتعاد عن القلق والخوف والوساوس على اختلاف أشكالها ، قال تعالى : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا " ( القصص : 77 ) .
أما الإنسان السوي في نظر الإسلام فهو الشخص المؤمن الذي تبرز فيه أفضل السمات والصفات الأخلاقية ، والقادر على الحب والبذل والعطاء لنفسه ولمن حوله من الناس ، قال تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا "( الأحزاب : 21 ) .
العلاج النفسي في القرآن الكريم
إن إنسان هذا العصر مادي بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى فهو يحاول جهده أن يجمع المال ، ويدخره خوفا من الفقر ، ويحاول أن يخترع السلاح الفتاك ويكدسه خوفا على نفسه من الغير ، ويحاول أن يستمتع بشبابه ، فيلهو ويعبث ما شاء له اللهو والعبث .
لقد أصبح الهم والقلق في هذا العصر سمة غالبة عليه ، فسلب نعمة الكثيرين من أهله طعم الأمن ، ولذة الاطمئنان ، وباتوا يجدون أنفسهم مهددين في كل لحظة من حياتهم من خطر يخشونه على أنفسهم وأهليهم .(عدس ، ص71 ) .
والدين هو عنصر هام في معالجة النفس مما قد تصاب به من اضطرابات وأمراض نفسيه ، لأن الدين هو الطريق الى العقل كما هو الطريق إلى القلب ، كما أن الدين أعظم معين للإنسان للتغلب على التوترات والصراعات التي يتعرض لها ، (طبارة ، ص22 ) .(1/20)
يعتبر الإيمان بالله عز وجل انجح علاج نفسي يقي الإنسان من أمراض هذا العصر المتعددة ، والمتمثلة في أكثر مظاهرها (الخوف والقلق)، والإيمان يبعد الإنسان عن كل هذا ، فهو يعلم أن مصيره بيد الله ، وان مصائر الأمور جميعها هي أيضا بيده سبحانه ، قال تعالى : " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " ( التوبة : 51 ) .
أولا : العلاج النفسي للأخطاء السلوكية :
*مساعدة الفرد على الاعتراف بخطاياه :
فالإسلام يقر بنظرية الاعتراف ، ولكن هذا الاعتراف يكون بين الإنسان وربه ، فالإنسان في حال اقترافه ذنبا وشعوره بفداحة خطيئته وتأنيب ضميره يستطيع أن ينفس عن مشاعره بالالتجاء الى ربه بالصلاة التي تكفر الخطايا ، والاعتراف لله بذنبه وطلب المغفرة منه .
وقد صور لنا القرآن الكريم بعض هذه الاعترافات حتى يأخذ بها المؤمنون لتكون لهم شفاء من الشعور بالخطيئة وحافزا لهم لتفسير مجرى حياتهم نحو الأفضل ، فهاهما آدم وحواء يقولان بعد عصيانهما : " ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " ( الأعراف : 43 ) ، ويذكر القرآن قول نبي الله موسى معترفا بذنبه : " قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له " (القصص :16)
ويدعوا الله المؤمنين الى طلب الغفران من الله على ما اقترفوا من ذنوب ، مبينا لهم أن الله غفور رحيم .
قال تعالى : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " (النساء :110)
وقال تعالى : "واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " (المزمل : 20)
فطلب الإنسان الغفران من الله على ذنوب اقترفها هو اعتراف صريح بالذنب أمامه ، وإذا تيقن المذنب بأن الله سيغفر له ، وانه غفور رحيم ، فلا ريب أن ذلك سينزع عنه الشعور بالإثم ويدخل الى قلبه الطمأنينة التي هي المدخل الى الصحة النفسية . (طبارة ، ص25) .
*التوبة والتكفير :(1/21)
فالتوبة أسلوب من أساليب التكفير ، كما أنها أسلوب من أساليب تطهير النفس من الآثام والذنوب ، والتوبة هي المدخل الى المغفرة ، فهي التي تسمح بإيجاد مصرف للمشاعر الثائرة التي أوجدها الفعل الذي يتنافى مع القيم الأخلاقية والاجتماعية والروحية ، والندم الذي تولده التوبة له اثر عظيم في تغير سلوك الإنسان من سيء الى حسن ، وذلك انه يظهر خطورة الخطيئة لدى فاعلها ، ويعرض ما يترتب عليها من مغبات وآثام ، (طبارة ، ص25 ) ، قال تعالى : "وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " ( النور : 31 ) .
وجعل الله سبحانه وتعالى التكفير عن الخطايا مرهونا بالتوبة ، قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار " (التحريم : 8) ، وقال تعالى : "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " (البقرة : 222) .
والإسلام يقرن التوبة بالعمل الصالح لنيل غفران الله فيجعل عمل الخير تكفيرا للاثم ، قال تعالى : "واني غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (طه : 82) ، وقال تعالى : "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " (الفرقان : 70) .
وقد جعل الله سبحانه وتعالى الصلاة كفارة للخطايا ، وباب الى مغفرة الله ، لذا كان للمسلم في كل صلاة توبة ، قال تعالى : "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " (هود : 114) .
ثانيا : العلاج النفسي للاضطرابات النفسية:(1/22)
الخوف والقلق : الخوف شعور إنساني طبيعي ، وغريزة بارزة عند التعرض لعامل مخيف ، فهو الحافز للإنسان على اتخاذ احتياطياته ووسائل الدفاع المناسبة في وجه هذا القادم ، والخوف يمكن أن يكون ايجابيا ويمكن أن يكون سلبيا ، فالخوف الايجابي هو الذي يدفع الإنسان الى العمل لمرضاة الله رجاءا في ثوابه ومخافة عقابه ، قال تعالى : "ولمن خاف مقام ربه جنتان " (الرحمن : 46) .
فهذا الخوف هو الباعث على التقوى والعمل لإعمار هذه الأرض ، أما الخوف السلبي فهو الذي يشوش الفكر والسلوك ، ويشعر الإنسان بالعجز والاضطربات الذي يولد عنده حالة من التردد والشك بكل ما حوله ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"...ودع ما يريبك الى مالا يريبك " (رواه الترمذي ) .
والإسلام يجعل من الإيمان وذكر الله تعالى ، والاتصال به أساس الاطمئنان والانشراح ، قال تعالى : "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (الرعد : 28) ، وبعد الإيمان يأتي دور العبادات والمواظبة عليها ، وعلى رأسها الصلاة فهي عمود الدين ، والأساس في قيام الدين والوصول الى حقيقة الإيمان ونبذ الخوف .
قال تعالى : "إن الإنسان خلق هلوعا*اذا مسه الشر جزوعا*وإذا مسه الخير منوعا*إلا المصلين *الذين هم على صلاتهم دائمون " (المعارج : 19-23) ، فالصلاة تعلم الإنسان كيف يستمر في الوصول الى حالة الهدوء النفسي وبالتالي تخف التوترات العصبية وحالات القلق .
وفي الصوم ابتعاد عن الشهوات ، ويتعلم الإنسان الصائم الصبر وهذا الصبر له الأثر الكبير في التغلب على القلق والتوتر ، قال تعالى : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " (البقرة : 155) .
*الرهاب :(1/23)
هو الخوف من أمور معينة ، غير مخيفة في الأحوال العادية ، والدين الإسلامي يحرص على أن ينشأ الإنسان تنشئه قوية ، فيكون جريئا قادرا على مواجهة المخاطر بدلا من الخوف والهروب منها ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " (رواه مسلم) ، ويقول الإمام علي رضي الله عنه : "اذا هبت شيئا فقع فيه فإن الوقوع فيه خير من توقيه ".
فيتعلم الإنسان الجرأة في الحق ، وعدم الخوف مما لا يخيف ، ويضع الخوف في نصابه الحقيقي ، ولا يبالغ فيه ، وينشأ المؤمن وهو يعلم أن الله عز وجل هو الأحق بالخشية وليس الناس ، قال تعالى : "فلا تخشوا الناس واخشون " (المائدة : 44) .
وعندما يكون الإنسان مؤمنا بقضاء الله وقدره ويسير ويخوض هذه الحياة تحت شعار قوله تعالى : "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " (التوبة : 51) ، وعندما يتأمل الإنسان الآيات القرآنية فلا مكان في حياته لرهاب الموت ، قال تعالى :"كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون" (العنكبوت :57) .
*الوسواس :
وهو التصرف الذي يجد الإنسان نفسه مجبرا عليه ، نتيجة لأفكار معينه تعاوده باستمرار ، وهو لا يستطيع منها فكاكا ، كغسل اليدين ، وعد الأشياء ، والتأكد من إغلاق الباب .
والوسواس تشويش ينفثه في روعنا الشيطان ، لذلك أمرنا الله أن نتعوذ من الشيطان الرجيم ، قال تعالى : "قل أعوذ برب الناس *ملك الناس* اله الناس*من شر الوسواس الخناس*الذي يوسوس في صدور الناس*من الجنة والناس" (الناس : 1-6) .
لذلك لابد من مقاومة كل ما يؤدي الى الوسوسة من ظن أو ريبه ، أو تشاؤم ، قال صلى الله عليه وسلم : "ثلاث لا يسلم منهن احد ، الظن والطيرة والحسد ، فإذا ظننت فلا تحقق ،وإذا تطيرت فلا ترجع ، وإذا حسدت فلا تبغ" (أخرجه الطبراني) .
*الاكتئاب :(1/24)
الاكتئاب هو حالة من الأمراض النفسية التي تتجلى بالحزن وتصل الى درجة اليأس الشديد ، وربما أدت في بعض الأحيان الى الانتحار ، وقد ركز القرآن الكريم على علاج هذه الحالة ، قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصالحين" (البقرة : 153) ، وقال تعالى : " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " (الحديد :22-23 ) ويعلم المؤمن ما وراء هذا الصبر من الثواب والمنزلة الرفيعة عند الله فينشرح صدره لهذا ، قال تعالى : "ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين*الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون*أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" (البقرة 155-157) .
وعندما يعلم المؤمن قصص الأنبياء والصالحين والذي أصابهم من البلاء تهون عليه مصائبه ، قال تعالى : "لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين*فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" (الأنبياء : 87-88).
والمؤمن مهما عظمت مصيبته فلن يقدم على الانتحار ، قال تعالى : "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" ( النساء : 29) .
من المبادئ النفسية في القرآن الكريم :
قام الباحث باستعراض الآيات الكريمة في كتاب الحق سبحانه وتعالى وتوصل إلى المبادئ النفسية التالية التي تفسر طبيعة النفس البشرية:(1/25)
1. هناك علاقة بين الحالة النفسية، وتعبيرات الشكل الخارجي للجسد : ففي القرآن الكريم تعبيرات وملامح وإيماءات جسدية ، تعبر عن الحالات الانفعالية للإنسان ، من فرح وغضب وسرور واندهاش وتعجب ، قال تعالى : " أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين " ( البقرة :19 ) ، وقال تعالى : "هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور " ( آل عمران : 119 ) ، وقال تعالى : " وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا " ( الكهف : 42 ) ، وقال تعالى : "فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم " ( الذاريات : 29 )
2. علاج النفس من الآثام والأمراض يكون بتعويدها على الصبر والصلاة ، قال تعالى : " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " ( البقرة :45 ) ، وقال تعالى :"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " ( البقرة : 153 ) ، وقال تعالى :" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " ( البقرة : 155-156 )
3. إن استغراق النفس الإنسانية في الظلم والشرك يجعلها تكره الموت وتحب الحياة الأبدية الدنيوية ، قال تعالى : " ولتجدنهم احرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود احدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون " .
4. يجب عقاب النفس الإنسانية الباغية حسب الذنب الذي اقترفته وعلى مرأى من الناس ، وذلك لأن في ذلك علاج للنفوس الإنسانية المريضة ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر(1/26)
بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم * ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون " (البقرة : 178-179 ).
5. يجب تهذيب سلوك الفرد مع الجماعة ، (علم نفس اجتماعي ) ، ومن ذلك ضرورة الاستئذان قبل الدخول ، وعدم الدخول من أبواب غير شرعية ، قال تعالى : "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى واتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون " ( البقرة :189 ) .
6. عدم الاعتداء على الآخرين ، وإلزام النفس الإنسانية بقواعد الحق في التعامل الإنساني حتى مع الأعداء ، قال تعالى :"وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"( البقرة :190 ) .
7. النفس الإنسانية تميل الى الإنجاب وحب الأطفال ، وتتضح هذه الرغبة على لسان نبي الله زكريا وهو النبي المرسل ، قال تعالى : " هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء " ( آل عمران : 38 ) .
8. القدوة والنموذج هما خير معلم في علم النفس الاجتماعي ، وإذا كان القدوة قائدا فيجب أن يتمتع بصفات اللين والرحمة والابتعاد عن الغلظة والفظاظة ، وقد سبق القرآن الكريم علماء نفس التعلم والتعليم وعلماء الاجتماع عندما قرر هذه الحقيقة، قال تعالى : " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين " ( آل عمران : 159 ) .
9. النفس الإنسانية خلقت ضعيفة ، وقد تكون هذه واحدة من خصائصها ،قال تعالى : "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا " (النساء : 28 )(1/27)
10. في علم نفس الفروق ، هناك فوارق تعود للجنس ، نظرا لاختلاف طبيعة كل من الرجل والمرأة ، والرجال قوامون على النساء ، قال تعالى : "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ..." (النساء : 34) .
11. من أساليب التعامل وعلاج نفسية المرأة الموعظة والهجر والضرب ، وكل أسلوب في مرحلة معينة وضمن شروط معينة ، قال تعالى : ".. والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليما خبيرا " (النساء :34 ) .
12. تحريم الاعتداء على النفس الإنسانية إلا بالحق ، وبناء عليه ضرورة اخذ الحيطة والحذر الذين بغيابهما قد تقتل النفس ، قال تعالى : " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة الى أهله إلا أن يصدقوا .."(النساء : 92 ) ، وقال تعالى :" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا " ( الإسراء : 33 )
13. عدم قدرة النفس الإنسانية على التحكم بعواطفها تجاه تعدد الزوجات ،وعدم استطاعتها العدل المطلق بينهن ، قال تعالى : "ولن تستطيعوا أن تعدلوا ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا وتتقوا فان الله كان غفورا رحيما" ( النساء :129 ) .
14. التعلم بالملاحظة أو تقليد النموذج ، إحدى طرق تعليم النفس الإنسانية ، قال تعالى : "فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين " ( المائدة : 31 ) .
15. من وسائل علاج بعض الأمراض الاجتماعية والنفسية ، الحدود التي أمر الله بها أن تطبق ، قال تعالى : "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " ( المائدة :38 ) .(1/28)
16. عدم قدرة النفس البشرية على الصبر على شيء غير منطقي أو غير خير أو أي أمر مستهجن لا تعرف الحكمة منه اذا أتى من بشر ، وهذا ما حصل مع سيدنا موسى وهو نبي الله المختار ، ولهذا يجب إحاطة المتعلمين والطلبة والبشر عموما بفلسفة تعلم الأشياء، والحكمة من ذلك التعلم، قال تعالى : "قال انك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " ( الكهف : 68 ) .
17. من طبيعة النفس الإنسانية أنها ضعيفة عند التعرض للابتلاء ، وتطلب النجاة والرحمة من الله سرا وعلانية ، ثم بعد زوال الخطر تعود للشرك والتجبر والكفر ، قال تعالى : " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم انتم تشركون " ( الأنعام : 63-64 ) ، وقال تعالى : "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون " (يونس : 12 ) ، وقال تعالى : "هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجاهم اذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون " ( يونس :22-23 ) ، وقال تعالى : "وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فإليه تجئرون * ثم اذا كشف الضر عنكم اذا فريق منكم بربهم يشركون " (النحل : 53-54)، وقال تعالى : " وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم اذا أذاقهم منه رحمة اذا فريق منهم بربهم يشركون " (الروم : 33)(1/29)
18. من طبيعة النفس الإنسانية الحاجة الى وجود خالق مسيطر على هذا الكون ، وبحثه المستمر عن هذا الخالق عن طريق التأمل في ملكوت الله ، قال تعالى على لسان نبيه إبراهيم : "وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " ( الأنعام : 75-9).
19. إن أكثر النفوس البشرية ضالة عن سبيل الله وان إطاعتها تقود الى الضلال ، قال تعالى : "وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون " ( الأنعام : 116 ) .
20. من طبيعة النفس الإنسانية الجحود وقلة الشكر لله ، قال تعالى : "ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون " ( الأعراف : 10 ) ،وقال تعالى : "وهو الذي انشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " (المؤمنون : 78 ) ، وقال تعالى : "وان ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون " (النمل :73 ) ، وقال تعالى : " ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " (السجدة : 9 ) ، وقال تعالى : " ...وقليل من عبادي الشكور " ( سبأ : 13 ) ، وقال تعالى : "قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون " (الملك : 23 ) .(1/30)
21. يجب تربية النفوس على القوة والشجاعة والثبات والتكاتف وعدم التنازع ، قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا الى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " (الأنفال : 15-16 ) ، وقال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " ( الأنفال : 45 ) .
22. يجب تربية النفوس على الابتعاد عن الفخر والتكبر على الآخرين ، والابتعاد عن الخيلاء في المشي والحركة ، قال تعالى : "ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا " ( الإسراء : 37 ) ، وقال تعالى : " ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " (لقمان : 18-19 ) .
23. من خصائص النفس الإنسانية العجلة دائما ، قال تعالى : "ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا " (الإسراء : 11 ).
24. من خصائص النفس الإنسانية أنها قليلة العلم ، وأنها لا تستطيع أن تصل الى العلم المطلق ، قال تعالى : " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون " (الروم : 30 ) ، وقال تعالى : "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون " (سبأ : 28 ) ، وقال تعالى : " قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ( سبأ : 36 ) .(1/31)
25. مراحل نمو النفس الإنسانية وقوتها ثلاثة مراحل وهي الطفولة ويتسم فيها الإنسان بالضعف ، ثم مرحلة الشباب والرجولة ، ويتسم فيها الإنسان بالقوة والحيوية ، ثم مرحلة العجز والشيخوخة ، ويتسم فيها الإنسان بالضعف ، كما بدأ أول حياته ، قال تعالى : " الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير " (الروم : 54 ) .
26. النفس الإنسانية لا تحتمل الخير الكثير أو البسط في الرزق ، وقد يؤدي ذلك الى الانحراف عن جادة الحق ، والى البغي في الأرض ، قال تعالى : "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير " ( الشورى : 27 ) .
27. النفس الإنسانية لا تحب الحقيقة ، وأكثر النفوس البشرية تكره الحق ، قال تعالى : "لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون " ( الزخرف :78 ) .
28. من وسائل العلاج النفسي للمصائب والنوائب ، وما يكسب الإنسان من مغانم أن دعا القرآن الى الإيمان بأن كل ما يصيبنا هو مكتوب علينا قبل أن نخلق وذلك لتخفيف الحزن والفرح والاعتدال فيهما ، قال تعالى : "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور"(الحديد :22-23 ) ، وقال تعالى : "ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم" ( التغابن : 11 ) .
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين الذي دعا الناس الى تهذيب النفس وإصلاح شأنها ، والصلاة والسلام على رسولنا الصادق الأمين الذي نصح الأمة وعلمها مكارم الأخلاق وبعد :(1/32)
لقد أولى القرآن الكريم النفس الإنسانية اهتماما كبيرا؛ إذ وضعها في كفة واحدة مع الكون بما فيه من عوالم، فقد قال الله تعالى: "نريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (فصلت:53)، والنفس تجمع كثيرا من الصفات والخصائص الإنسانية التي تؤثر بشكل ظاهر في السلوك الإنساني، فالنفس تهوى، ولها شهوات، وتشعر بالمشقات، وتصبر أو تضجر، وتجود وتبخل وتشح، وتفرح أو تحزن ، وهي تعمل وتكسب أعمال الخير والشر عن وعي كامل، فهي صاحبة إرادة حرة مسئولة مكلفة لذلك فالجزاء هو ثمرة المسؤولية وتوفى كل نفس ما كسبت يوم القيامة، وقد عالج القرآن الكريم بتربيته العظيمة كل خصائص النفس الإنسانية، وكل صفاتها، فهي تربية تهتم باستخدام العقل، وتقوية الجسم، وتزكية النفس، وتطهير القلب في تناسب وتناسق وانسجام بين قوى النفس وعلاقتها بالله سبحانه وتعالى والكون والحياة، وفي ضوء ذلك فإنه من المهم أن نراعي هذه الخصائص في جوانب حياتنا المختلفة، وأن تتعامل البرامج التربوية، والمناهج الدراسية والأنظمة التعليمية مع النفس البشرية في ضوء الخصائص التي بينها القرآن الكريم .
المراجع
1. القرآن الكريم .
2. عبدالعال، حسن إبراهيم (1985). مقدمة في فلسفة التربية الإسلامية ، دار عالم الكتب ، الرياض .
3. زريق، معروف (1989). علم النفس الإسلامي ، دار المعرفة ، دمشق .
4. الحياري، السيد الدكتور حسن (1994). أسرار الوجود وانعكاساتها التربوية ، دار الأمل ، اربد .
5. الحياري، السيد الدكتور حسن (1993). أصول التربية في ضوء المدارس الفكرية- إسلاميا وفكريا ، دار الأمل ، اربد.
6. ابن منظور، العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الإفريقي المصري، (1968). لسان العرب ، دار الفكر ، بيروت ، المجلد السادس .
7. البستاني، المعلم بطرس (1968). قطر المحيط ، مكتبة لبنان.(1/33)
8. مجمع اللغة العربية (1994). الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث ، المعجم الوسيط ، مصر .
9. البستاني، محمود (1992). الإسلام وعلم النفس ، مجمع البحوث الإسلامية، بيروت .
10. زين العابدين، أ.د عابد توفيق (1996). النفس الإنسانية بميزان القرآن الكريم والكتاب المقدس ، دار التضامن ، بيروت .
11. الزين، سميح عاطف (1991). علم النفس : معرفة النفس الإنسانية في الكتاب والسنة ، مجمع البيان الحديث ، دار الكتاب اللبناني ، المجلد الأول.
12. سابق، السيد (1973). عناصر القوة في الإسلام ، دار الكتاب العربي ، بيروت.
13. الزعبلاوي، د.محمد (1996). تربية المراهق بين الإسلام وعلم النفس ، مؤسسة الكتاب الثقافية ، الرياض.
14. عدس، محمد عبد الرحيم : من خصائص النفس البشرية في القرآن الكريم ، مكتبة المنار ، الزرقاء ، 1985 .
15. النحوي، د.عدنان رضا (1997). المسلمون بين العلمانية وحقوق الإنسان الوضعية ، دار النحوي للنشر والتوزيع ، الرياض .
16. طبارة، عفيف عبد الفتاح (1996) . الخطايا في نظر الإسلام ، ط3 ، دار العلم للملايين ،بيروت .
17. كرزون، أنس احمد (1997). أمراض النفس : دراسة تربوية لأمراض النفوس ومعوقات تزكيتها وعلاج ذلك ، ط1 ، دار ابن حزم ، بيروت .
18. عيسى، د.نضال سميح، (1997). الطب الوقائي بين العلم والدين ، ط1 ، دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع ، دمشق .(1/34)