ضبط النفس
المقدم:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أيها الإخوة والأخوات مرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج الراصد مع الشيخ محمد صالح المنجد
أهلا وسهلاً ومرحباً بكم يا شيخ محمد ؟
الشيخ محمد:
حياكم الله أهلاً وسهلا
المقدم:
يا شيخ محمد حلقة تكلمنا في الأسبوع الماضي عن قضية ضبط النفس واليوم نكمل هذا الموضوع إن شاء الله تعالى ، وتكلمنا وقلنا إن النفس لها إقدام على الخير أو على الشر لا قدر الله وكذلك إحجام عن الشر ، وأحياناً إحجام عن الخير ، وأن الإنسان المسلم عليه أن يربي نفسه على طاعة رب العالمي، وذكرتم بعض الوسائل الشرعية للقيام بذلك ، واليوم نكمل هذا الموضوع يا شيخ محمد ، اللسان لسان الإنسان كثير من الناس يطلقون ألسنتهم من غير ضابط أليس حري بالإنسان المسلم ، أن يجعل للسانه ضابط ؟
الشيخ محمد:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد ، فضبط النفس وضبط انفعالات النفس ، وضبط الجوارح وضبط اللسان ، هذه عملية متكاملة الإنسان مسئول عن تصرفاته ? إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ? واللسان من هذه الجوارح والنبي ? قال : « يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم » ، ولذلك كان لابد للمسلم أن يكبح جماح نفسه ويضبط لسانه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ، من صمت نجا هكذا جاء في الأحاديث الصحيحة .
المقدم:
طيب يا شيخ محمد ما هي الأمور التي تعين على كبح اللسان ؟
الشيخ محمد:
أن يعلم أنه محاسب على الألفاظ ، وأنه إذا سكت سلم ، وإذا نطق فهو على خطر فقد يقول قال خيراً فيغنم ، أو قال شراً فيأثم ، ولذلك السلامة إحدى الغنيمتين ، يعني من سكت سلم ، قال ابن مسعود ، والله ما على الأرض أحق بطول سجن من اللسان ، لأنه شيء سريع الحركة .(1/1)
كذلك مما يعين الإنسان على ضبط لسانه ، أن يعلم بأن الكلمة التي تخرج أنت تملكها، وإذا خرجت هي التي تملكك ، ومن تكلم فهو مسئول عن كلامه ، والإسلام يحمل الإنسان المسئولية عن لسانه ، وإذا واحد طلق مثلاً يتحمل مسئولية الطلاق يتحمل الطلاق وهكذا ، وأن اللسان شاهد عليه وأعضاءه شاهدة عليه تشهد عليهم ألسنتهم ، والملكان يشهدان عليه ، ورب العالمين يشهد عليه وقد قال تعالى عن ضبط كلام هذا الإنسان : ? ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد? ولذلك المسلم إذا علم أن كل كلمة ينطق بها فإنه سيحاسب عليها ، فيندفع لضبط لسانه ، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يأخذ بلسانه ويقول هذا الذي أوردني المهالك ، وبعض السلف لو شاء المرء لعد كلامه من قلته ، ومعنى ذلك أنهم يقدرون أن قضية اللسان هذه من القضايا الخطيرة ، وكان الواحد يفكر قبل أن يتكلم .
المقدم:
نعم يا شيخ محمد موضوع له علاقة باللسان المتزوجين إذا حصل أحياناً شجار بين الرجل وزوجته يتسرع أحياناً بإطلاق ألفاظ ربما يكون فيها سب أو إهانة أو أحياناً حتى الطلاق ، فما هي النصيحة التي ننصح بها الأزواج في هذا الموضوع ؟
الشيخ محمد:
لا شك أن المسلم إذا ما ضبط لسانه يتأذى كثيراً ، وبعض الأزواج إذا غضب ما عنده حد فيطلق لسانه بالسباب والشتائم لزوجته ، ويلعنها ويلعن أهلها وهذه قصص كثيرة ووقائع تشتكي النساء من أزواجهن فيها ، أن هذا الزوج إذا غضب خلاص ما عنده حد ، وقضية طبعاً أن يطلقوا عدة مرات مصيبة هذه ، والإنسان المسلم يعلم بأن زوجته ، كما قال ? : «لا يفرك مؤمن مؤمنة » يعني لا تخلوا من شيء إيجابي «إن كره منها خلقاً رضي لها آخر» رواه مسلم .(1/2)
فلا يبغضها إذا كانت مؤمنة ، ولو كان فيها خلق غير مرضي ، لأنه سيكون هناك شيء مرضي في المقابل ، وإلا ما صارت مؤمنة إذا كان كلها سيئة ، فقد تكون مثلاً شرسة الخلق لكنها دينة ، أو جميلة ، أو عفيفة ، ونحو ذلك ، كما قال النووي -رحمه الله- ففي الحديث إذن إرشاد إلى معاملة الزوجة بالحسنى ، وأنه ينبغي توطين النفس على حتمية وجود النقص في كلا الطرفين ، لذلك يجب الإبقاء على الاتصال ، وعلى المحبة ، وعلى غض الطرف عن المساوئ ، والكريم يتغافل ، وإن الواحد دقق على كل شيء ما يستمر على واحد ، يعني لا زوجة ، ولا صاحب ولا شيء ، فما يراه من صفات حميدة يمنعه من بغضها وكراهتها ، ويغفر لها إساءتها , وإذا حصل شيء منها من طول لسان ، يقول لكنها صاحبة دين ، لكنها تصلي وتصوم ، وتقوم وتذكر وتدعوا ، وعندها حسن تدبير للمنزل ، وعندها مثلاً اهتمام بالولد ، ورعاية للأولاد ومتابعة للأولاد وتدرس للأولاد ، وشايلة عبء عني ، يعني يتذكر حسناتها ، لما طلق النبي ? أتاه جبريل ، فقال يا محمد طلقت حفصة ، وهي صوامة قوامة ، وهي زوجتك في الجنة ، فراجعها ، أو فرَاجعها النبي ? فقد تكون الزوجة إذن عندها حدة في الطبع ، قد تكون كثيرة الطلبات ، قد تكون تهمل شيء من الزينة أمام الزوج ، لا تلبي كل رغباته لو ناداها عندها شكوى تذمر ، قد يكون فيها شيء من الكسل أحياناً ، لكن إذا كان عندها دين ، عندها إيمان ، عندها خلق يعني شيء يغطي على شيء.
المقدم:
شيخ محمد في هذه الأيام تلاحظون كثرة الطلاق بين الشباب وأزواجهن ، كنت أتكلم مع أحد الشباب أسأله لماذا طلقت ، فقال علشان أربيها يقول ، هل هذا أسلوب صحيح للتربية يتسرع الإنسان ويتعجل بالطلاق حتى يهدد الزوجة بأنها تحت الطلاق ؟
الشيخ محمد:(1/3)
هو يريد أن يربيها الواحد يربي ليستفيد من هذه التربية ، فإذا طلق أي تربية هذه ، يعني مثل اللي حكم عليه بالقتل القاضي ، وقال حكمت عليك بالقتل حتى نلقنك درساً لا تنساه ، طيب إيش الفائدة يعني ، فهذه ، وإذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية طيب الآن هو على خطر كل واحدة راحت معناها الفراق النهائي قريب ، وقد قال تعالى : ? وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيراً كثيرا ? يعني قد يكره خلقاً فيها فينجب منها ولداً يفتخر به ، الله أكبر ، قيل إن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين ليشكوا له سوء خلق زوجته ، فوقف ببابه ينتظره ليخرج ليشتكي له فسمع امرأة أمير المؤمنين من وراء الباب تستطيل على أمير المؤمنين بلسانها وهو ساكت لا يرد ، فالرجل هذا قال : إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف بحالي انصرف ، فخرج أمير المؤمنين فرآه موليًا فناداه مالك ما حاجتك ، قال : يا أمير المؤمنين جئت أشكوا إليك خلق زوجتي واستطالتها علي ، فسمعت زوجتك من وراء الباب قالت ما قالت : فقلت إن كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف بحالي ، فقال له أمير المؤمنين : يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي ، إنها طباخة لطعامي ، خبازة لخبزي ، غسالة لثيابي ، مرضعة لولدي ، ويسكن قلبي بها عن الحرام ، فأنا أحتملها لذلك ، قال الرجل يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي ، قال : فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة قصيرة ، يعني خلاص العمر ينقضي والحياة تروح ، والناس ، وهو الزوج يموت والزوجة تموت ، فيمضيها على خير ، وقد تكون أولاد بينهما والمصلحة تقتضي فعلاً يتحمل ، لكن في أحوال ما يتحمل ، قد تكون سيئة الدين والخلق ما يتحمل هذا .
المقدم:
يا شيخ محمد أحسن الله إليكم ألا يرد الرجل عن الطلاق كذلك قضية إنكسار قلب الزوجة؟
الشيخ محمد:(1/4)
يعني إذا كان رحيمًا إذا كان عنده رحمة سيخشى على قلبها أن ينكسر إذا طلقها ويتحمل حتى ما ينكسر قلبها ، قيل لأبي عثمان النيسابوري -رحمه الله- ما أرجى عمل عندك ، يعني إيش عندك عمل أنت تدخره للآخرة يعني عمل أعظم شيء سويته ، قال : كنت في شبابي يجتهد أهلي أن أتزوج فأرفض لأنه كان مشغولاً بالعبادة وطلب العلم ، فجاءت امرأة مرة ، وقالت : أسألك بالله أن تتزوجني ، فأحضرت أباها ، وكان فقيراً ، فزوجني منها ، وفرح بذلك ، فلما دخلت عليها رأيتها عوراء عرجاء فيها العلل، وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظاً لقلبها ، ولا أضمر لها شيئًا من البغض ، وكأني على جمر ، فبقيت على ذلك خمسة عشر عاماً حتى ماتت ، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها ، يعني خمسة عشر سنة يتحمل لكي لا يكسر قلب الزوجة.
المقدم:
يا شيخ محمد نريد أن ننتقل إلى موضوع آخر قضية بعض الأساليب التي يستخدمها بعض الناس في كبح أنفسهم عن الوقوع في المعاصي ولكن نستأذنكم بهذا الفاصل أيها الإخوة والأخوات فاصل ثم نواصل .
عودة مرة أخرى أيها الإخوة والأخوات ومع ضبط النفس يا شيخ محمد بعض الناس يضبطون أنفسهم عن طريق فرض عقوبات على النفس إذا هي وقعت في شيء من المعاصي أو تكاسلت عن شيء من الطاعات فهل هذا الأسلوب شرعي في الدين الإسلامي ؟
الشيخ محمد:(1/5)
طبعاً النذر منه ما هو نذر معاوضة يعني كأني يقول لربه إذا فعلت لي كذا فعلت لك كذا ، معناه إذا ما فعل له كذا ، لن يفعل له كذا ، هذا نذر مكروه أو محرم ، وقبيح في المعنى يعني ، إذا فعلت فعلت لك لا يليق معاملة العبد للرب هذا ، ولذلك نهي عن النذر ، وصرفه بعض العلماء صرف النهي إلى نذر المعاوضة ، أما نذر التبرر ، يعني نذر أعمال خير بدون مقابل بدون ، بدون ينتظر شيئًا واحد يحمل نفسه على طاعة ، فقال أن عليه نذر لله أن يختم القرآن في شهر ، لأن عنده كسل مثلاً فأراد أن يشجع نفسه يحملها ، أو مثلاً هو ضعيف أمام حرام معين ، فنذر إذا فعل الحرام هذا أن يفعل شيئًا من الطاعات ، فهذا صحيح ما هو المقام الأكمل ، المقام الأكمل أن النفس تكون مندفعة للخير من غير نذر ، ومنتهية عن الشر من غير نذر ، لكن لو أنه حملها على الخير بنذر أو منعها من الشر بنذر خصوصاً إذا ما وجد وسيلة إلا هذا فلا بأس .
المقدم:
هل هناك قصص من السلف رحمة الله عليهم في فعل هذا الأمر ؟
الشيخ محمد:
نعم يوجد عدد من السلف رحمهم الله كانوا يحملون أنفسهم على الطاعات بهذه الطريقة ، وقد روى الطبراني في الأوسط أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اشتغل مرة انشغل يعني ، فأخر المغرب حتى طلع نجمان ، فأعتق رقبتين لتأخيره المغرب حتى طلع نجمان ، مع أن هذا ما يعني أن وقت العشاء دخل يعني كونه أخره إلى هذا القدر غير المعتاد عنده عاقب نفسه بهذا ، وكذلك فاتت بعض السلف العصر في جماعة مرة ، فتصدق بأرض قيمتها مائتي ألف درهم ، الله أكبر ، وفاتت ابن عمر -رضي الله عنه- مرة صلاة الجماعة فأحيا الليل كله ، تعويض ، وفاتت ابن أبي ربيعة ركعتا سنة الفجر ، فأعتق رقبة ، وقال ابن وهب -رحمه الله- نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يومًا فأجهدني فكنت أغتاب وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم فمن حب الدراهم تركت الغيبة ، سبحان الله .
المقدم:(1/6)
كان فعلاً دافع له أن يترك المعصية بسبب العقوبة التي أوقعها على نفسه ؟
الشيخ محمد:
نعم بسبب نذره الصدقة بالدراهم ، طيب بعض الحلول ما تنفع تنفع حلول أخرى ، وهكذا الذهبي -رحمه الله- قال هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة العلم النافع ، وفي سير أعلام النبلاء أن ابن عون نادته أمه ، فأجابها فعلا صوته صوتها ، بس درجة صوته كانت أعلى، فأعتق رقبتين .
وفي كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك ، أن ابن ربيعة القرشي ، فاتته الركعتان قبل الفجر فأعتق رقبة ، فالأمر كما قال ابن قدامة رحمهم الله في مختصر منهاج القاصدين ، إذا حاسب نفسه فرأى منها تقصيراً أو رأى منها شيئاً من المعاصي ، فلا ينبغي أن يمهلها لأنه يسهل عليها حينئذ مقارفة الذنوب ، ويعسر عليه فطامها ، ولذلك ينبغي أن يعاقب نفسه عقوبة مباحة ، كما يعاقب أهله وولده ، وليس معنى ذلك أن يأخذ سوطًا ويجلد نفسه كما يفعل بعض الناس ، لا ، ولكن بصيام مثلاً ، بصدقة بمال ، ممكن يكون هو ادخر يسافر سياحة في الصيف فالآن يعني ما في .
المقدم:
يا شيخ محمد يعني قضية السفر في الصيف لو أنكم قدمتم نصيحة لإخواننا المشاهدين والمشاهدين بخصوص يعني تخطية كثير من إخواننا المشاهدين والمشاهدات إلى كثير من البلاد الكفار ، والتنزه في هذه البلاد ، فهل هذا من الأمور التي يتساهل فيها أم على الإنسان يضبط نفسه في مثل هذه القضية ؟
الشيخ محمد:(1/7)
طبعاً أحياناً يدعوا الجو المحيط إلى التقليد ، مثلاً هادول مسافرين ، هادول مسافرين ، الأولاد يقولون واحنا وين هنسافر ، وين هتخدونا ها السنة ، تتعالى الأصوات والطلبات ، ومن حوله من الناس يعني من الأسرة من العائلة ، أيضاً أقارب جيران معارف ، كله مسافر ، فيجد هو إني أنا ما أسافر الأولاد يقولون وين سنسافر ، لكن السؤال هو يعني ماذا ستفعل في السفر إلى أين ماذا ستفعل في السفر ، إلى أين ما هو القصد هل عندك ضبط وتحكم ، ترى فيه ناس يسافروا مثلاً للانفلات يذهبون إلى بيئات منفلتة ، وهناك يقول ما أحد يعرفني ولا كذا ويفسق يفجر ، بعض الناس حمل على نفسه ديون ، يعني سافر بالفيزا ، يسافر بقرض ربوي من شركة الفيزا ، ويسدد إذا رجع ، ولذلك تجدهم إذا رجعوا من الإجازات طفرانين ما عندهم شيء ، وقبل أن يسافروا استلافات وقروض ومن هنا وهنا ، دبر نفسك قرض على الراتب ، رهن الراتب ، لماذا ، ما هو بالضرورة أن يكون هو يعني محتاج للسفر ، لكن تقليد للآخرين ، اكبح جماحك يا أخي ، بعض الناس يقول يعني ما عندنا إلا شهر نرتاح فيه كل السنة شغل في شغل ، ولما صار الشهر هذا نقول طيب ما في مانع ، روح أنت وأهلك والأولاد ، المشكلة إن أولادنا يقولون هو كل السنة دراسة وكل السنة ، وهما من أكبر المهملين ، أعني أحياناً تجد بعض الأولاد ما يفعل الواجبات ولا يحضر بعدين ييجي في الصيف يقول ، والآن طفشانين من المدارس طفشان إيش إنت إيش تسوي ، شوف أحياناً النجاح شبه مضمون ، والأسئلة معروفة ، وأحياناً المدرس يلخص المنهج في صفحتين ، وإيش يعني أدلع من كده ما في ، بعدين يقول وين الضغوط ، صحيح بعض مثلاً الجامعات بعض الشباب الجادين ، يتعبون أنفسهم ، بعض الموظفين الجادين يتعبون أنفسهم ، فعلاً بعض الناس عنده ضغط في العمل وعنده وعنده ، فيعني شهر يروح يغير الجو ، هذا شيء طبيعي ، إلى أين يذهب ، صارت قضية إلى أين يذهب مشكلة ، إذا قلت له البلاد(1/8)
الإسلامية ، طيب بعض البلاد الإسلامية أفسد من بعض البلاد الأوربية ، طيب البلاد العربية صارت المسألة هو ما هو اسم البلد ولا وين ، صارت القضية المكان الذي ستنزل فيه ما طبيعته ، أين ستسكن ، وأين ستتنقل ، وماذا سترى ، وماذا سيرى أولادك وأهلك ، يعني ممكن الواحد الآن يذهب إلى مدينة في الداخل والعياذ بالله يرتكب الموبقات ، وممكن يروح إلى مكان بعيد ويخشى الله ، قد يذهب إلى بلد بعيدة ، إلى أماكن مثلاً أرياف قرى ، أدغال أماكن طبيعية بعيدة عن صخب المدينة، وفنادق وأماكن السوء التي عادة تكون موجودة في المدن الكبيرة والعواصم ، له أن يروح إلى مكان جبل شبه غابة ، مكان يعني فيه شيء من الهدوء ومنطقة ريفية ، ويمكن حافظين ، فالشاهد يكبح جماع نفسه من تقليد الآخرين ، ومن الضغوط العائلية وأيضا ليش يركب على نفسه الديون.
المقدم:
يا شيخ محمد ننتقل إلى موضوع آخر وهو أن كثير من الشباب للأسف يعني مع فتن هذا الزمان يسهل عليهم الوقوع في المعاصي فما هي الأمور والأساليب التي يستخدمها أو على الإنسان أن يستخدمها لكبح نفسه عن الوقوع في هذا المعاصي نسألكم عن هذا ولكن نستأذنكم أولاً بهذا الفاصل أيها الإخوة والأخوات فاصل ثم نواصل .
عودة مرة أخرى أيها الإخوة والأخوات ومع موضوع ضبط النفس يا شيخ محمد الإنسان عليه أن يستخدم أساليب لتجنبه الوقوع في المعاصي ، فلو ذكرتمونا ببعض هذه الأساليب ؟
الشيخ محمد:(1/9)
الحمد لله بالنسبة لضبط النفس عن الوقوع في المعاصي ، هي إذا استحضرت عظمة الله ووعده ووعيده وما في الآخرة استقامت ، أكبر حاجز يحجز النفس عن الوقوع في الشهوات المحرمة والرذائل تذكر عظمة الله وهيبته ، والخوف مما أعد للعصاة ، النفس داعية للحرام ، الشهوات الهوات ، البيئة المسمومة ، يعني موبوءة الأماكن المختلفة بالحرام ، ولقد همت به وهم بها ، لكن ما الذي حماه ، برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، فأخبر الله جل ثناءه عن آية منه زجرت عبده يوسف ، ومنعته من الوقوع في الحرام ، طبعاً ليس همه مثل همها ، هي همها تصميم وعزم ، هو خاطرة ، ثم صرفها ، وكان من تمام خوفه لله , وإخلاصه لله ، من عباد الله الصالحين ، شاب نشأ في طاعة الله ، واجتمع على يوسف ترى من الأسباب الإضلال في ظل العرش لأنه شاب في طاعة الله ، والمرأة ذات منصب وجمال ودعته إلى نفسها فقال إني أخاف الله , ما فعل الحرام وهكذا ، منع نفسه ، الرجل في قصة أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة ، وكل واحد جعل يسأل الله بعمل صالح ، فقال أحدهم يصف حاله لما قدر على المرأة بالحرام ، خلاص جلس بين يديها ، وما باقي شيء ، فقالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، قالت في رواية ، لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه ، فتحرج من الوقوع إليها وقام وانصرف ، وهي من أحب الناس إليه وترك لها المال ، ولذلك إيش الرادع ، يعني ما الذي يكبح جماح الإنسان في هذه الحالة ، مراقبة الله سبحانه وتعالى ، إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقول خلوت ولكن قل علي رقيب ، ولا تحسبن الله يغفل ساعة ، ولا أن ما تخفي عليه يغيب .(1/10)
الحسن البصري -رحمه الله- حكى قصة مؤثرة ، قال كانت امرأة بغي قد فاقت أهل عصرها في الحسن ، لا تمكن من نفسها أحدًا إلا بمائة دينار ، مائة دينار هذه ترى ثروة ، الجرام أربعة جرامات وربع من الذهب ، وإن رجلاً شوف مائة دينار يعني كم يعني قرابة نصف كيلو ذهب ، وإن رجلاً أبصرها فأعجبته ، فذهب فعمل بيديه وعالج حتى جمع مائة دينار فجاء فقال ، إني قد أعجبت بك أنت أعجبتني ، فانطلقت فعملت بيدي وعالجت حتى جمعت مائة دنيار ، فقالت ادفعها إلى الكهرمان حتى ينقضها ويزنها يعني يتأكد أنها إيش ما هي مغشوشة ، فلما فعل قالت ادخل، وكان لها سرير من ذهب ، فقالت هلم لك ، فلما جلس منها مجلس الخائن ، تذكر مقامه بين يدي الله يوم يقوم الناس لرب العالمين ، فأخذته رعدة فانطفأت شهوته خمدة ، فقال اتركيني لأخرج ولك المائة دينار فقالت ما بدا لك ، لقد رأيتني كما زعمت فأعجبت ، فذهبت وعالجت وكدحت حتى جمعت المائة دينار ، فلما قدرت علي قلت الذي فعلت ، فقال : ما حملني على ذلك إلا الخوف من الله ، وذكرت مقامي بين يديه ، فقالت : إن كنت صادقاً فما لي زوجاً غيرك ، خلاص وأنا أيضاً سئمت من حياتي أتزوجك ، قال : ذريني أخرج ، قالت : لا إلا أن تجعل لي عهداً أن تتزوجني ، قالت : لا يعني لا أعطيك العهد حتى أخرج ، قالت عليك عهد الله إن أنا أتيتك أنا تتزوجني ، يعني لما الرجل أصر وتمسك خلاص يروح ، قالت طيب عاهدني عليك عهد الله ، إن أنا جئت إليك ، قال : لعل ، فتقنع بثوبه ، وخرج إلى بلد آخر ، وارتحلت المرأة بدنياها نادمة على ما كان منها حتى عرفت بلده التي قدم إليها وسألت عن اسمه ، وعن منزله ، فدلت فلما جاءت قيل له الملكة ، شوف الناس ظنوا شيئًا الملكة جاءت بنفسك تسأل عنك ، فلما خرج ورآها شهق شهقة وغشي عليها ومات ، فأسقط في يدها ، فقالت أما هذا فقد فاتني أما له من قريب قيل بلى ، أخوه رجل فقير ، فقالت لأخيه ، إني أتزوجك حباً لأخيك ، مو لأجل(1/11)
أنا فقير ، فتزوجته فولدت له سبعة أبناء ، والقصة ذكرها ابن القيم في روضة المحبين ، وقال ابن الجوزي -رحمه الله- كان شاب فقير ، بائع يتجول في الطرقات فمر ذات يوم ببيت ، فأطلت امرأة وسألته عن بضاعته فأخبرها ، فطلبت منه أن يدخل لترى البضاعة ، فلما دخل أغلقت الباب ثم دعته إلى الحرام ، فصاح ، فقالت والله إن لم تفعل ما أريد منك صرخت وحضر الناس ، وفضحتك وأقول هذا اقتحم علي داري ، إلا السجن أو القتل ، فخوفها بالله فلم تنزجر ، فلما رأى ذلك استأذن أن يذهب إلى الخلاء ، فلما دخل لطخ نفسه بقاذورات وأوساخ ، فلما خرج صاحت من القرف ، وألقت بضاعته وطردته إلى البيت فخرج يمشي حتى وصل إلى بيته فأزال عنه القاذورات واغتسل قيل إنه لم يزل يشم منه ريح المسك حتى مات يعني ما يعني ما كان عنده طريقة ينجوا منها إلا بهذا العمل فإذا كيف استطاع هؤلاء في اللحظة الأخيرة ، أو لما جاء يعني المصيدة الحرام نصبت لهم أن ينجوا منها وكيف دبروا ، ترى واحد إذا شاف أشياء بالعكس يدبر للوقوع ولا يدبر للفرار .
المقدم:
أحسن الله إليك يا شيخ محمد هل هناك من وسائل أخرى مثلاً قضية غض البصر خصوصاً في هذا الزمان وقضية الصيام ، ألا تعتبران من الوسائل التي يستخدمها الإنسان ليكف نفسه عن الوقوع في المعاصي ؟
الشيخ محمد:(1/12)
إي هذا صحيح لا شك الصيام « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه لو وجاء » حماية ، إذاً الآن هذا يضعف الشهوة ، وحظوظ النفس ، لا تقدم على أحكام الشرع ، بل هي تنضبط بأحكام الشرع ، وغض البصر طبعاً فيه راحة للقلب وطمأنينة للنفس وحلاوة يجعلها الله في قلب من غض بصره ، والنظر عامة الحوادث التي تصيب الإنسان لأن نظرة تولد خطرة ، خطرة تولد فكرة ، فكرة تولد شهوة ، والشهوة إرادة ثم عزيمة ، ثم جزم وإصرار وفعل وإذا تكرر صار عادة ، والآن ما تخلص من العادة صعب ، فلذلك يستعان على كبح جماح النفس بماذا بغض البصر ، والصيام ، والفرار من أماكن الفتن ، يعني بعض الناس يجلس في الوسط الموبوء يقول أنا ما استطعت ، ما استطعت لأنك أنت مقيم في وسط الموبوء ، يوسف عليه السلام لما دعته للحرام هرب حاول الهروب واستبقا الباب ، وقدت قميصه من دبر ، فهو عليه السلام ، يعني أراد الخروج .
الآن يذهبون إلى الأسواق ، وإلى أماكن السوء ، وأماكن الفتن ،وأماكن التجمعات المشبوهة ، وأماكن ورود المتزينات المتبرجات ، وأماكن المعاكسات ، ويفتح القنوات على الأفلام ، ويروح مواقع الإنترنت والدردشة ، والكلام وعلى العلاقات ، ثم يقول أنا ما صمدت نفسي كذا انحدرت طيب إنت اللي ذهبت بنفسك إلى ذلك المكان ، ولذلك الهروب هذا الهروب من المعصية ، لأن الإنسان ترى ما يتحمل يقول أنا أصمد وأصمد ثم ينحدر .
قال مصعب بن عثمان -رحمه الله- ، كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجهاً بس رجل عابد صاحب دين ، في امرأة كانت تريد في الحرام ، وما كان يعني ينظر إليها ولا يفكر ويعني ، فلما بلغ بها الأمر اقتحمت عليه بيته ، وقالت الآن ، فامتنع فقالت إذاً أفضحك ، أقول هذا خطفني ، فخرج هارباً من منزله وتركها فيه .
المقدم:(1/13)
طيب يا شيخ محمد أحسن الله إليكم ألا يكون قضية التفكر في عاقبة المعاصي والعاقبة الدنيوية أو الأخروية ألا تكون هذه من القوادح التي تكبح الإنسان عن الوقوع في المعاصي ؟
الشيخ محمد:
والواحد قبل أن نقول أضرار المعاصي طبعاً لازم نركز على القضية الأولى ، وهي إنما تركها من جراءه ، بعض الناس ممكن يعني يتركها شهامة ورجولة ، ما إن دعاني الهوى لفاحشة ، إلا نهاني الحياء والكرم ، فلا على فاحش مددت يدي ، ولا مشت بي بريبة قدم ، لكن الأقوى من ذلك واللي يؤجر عليه الإنسان أن يتركها لله ، صحيح أن عواقب المعاصي روادع ، وتخلي الواحد يكبح جماح نفسه ، لكن ليست بمرتبة من يترك الشيء لله ، أحياناً ، كما قلنا يصير يعني الوفاء ، حسن العهد مثلاً ، وأغض طرفي إذا ما بدت لي جارتي ، حتى يواري جارتي مأواها ، لكن الفضائح مثلاً خشية السمعة السيئة ضرر المعاصي ، الأمراض ، أن يطرد من عمله ، أن يسجن ، أن ينظر إليه بعين النقص مثلاً ، أن يكتب عنه عن هذا الفعل المشين ، بعض الناس يتركون الفواحش مثلاً خشية الإيدز مثلاً .(1/14)
ويقال بهذه المناسبة امرأة أرادت تلقن زوجها درساً كان هذا عنده تطلع للخادمة بالحرام، ولاحظت المرأة أن الخادمة صارت تتمرد عليها ، وترفع صوتها أمامها وترفض تنفيذ طلباتها ، وإذا ذهبت لزوجها تشتكي دافع عن الخادمة وأنها مسكينة ، وأنها مغتربة ، ثم اكتشفت الزوجة أن الزوج هذا عنده علاقة محرمة ، فصبرت ، ولم يعني تفتح الموضوع حتى ذهب الزوج في سفر فاستغلت الفرصة ، وسفرت الخادمة إلى بلادها ، لما عاد وقال وين الخادمة ، قالت رحلتها إلى بلدها ، ليه ، قالت يعني صار عندها ظرف وتبين أنها مصابة بالإيدز ، فلما سمع الخبر انهار وركبه الحزن والتوتر ، ونقص عشرين كيلوا ، وراح يحتضن أولاده ، والدموع تتساقط من عينيه ، ويظن الأجل قريب خلاص ، وابتعد عن زوجته مخافة أن يعديها ، فلما رأت المرأة أن الزوج خلاص ، وصل إلى درجة يعني أشفقت عليه أخبرته بالقصة كاملة ، وإن عرفت كذا وسوت كذا ، فالزوج اعترف بخطأ طلب منها المسامحة واشترى لها بيتاً ، وأقسم لها أنه لا يخون مرة أخرى ، طبعاً هذه جاءت العاقبة حميدة بهذه النهاية ، في قصص أخرى لها نهايات أخرى يعني ، لكن الشاهد إن بعض الناس فعلاً عنده خشية الفضيحة ويمتنع عن الحرام لهذا ، أحياناً الواحد يكبح نفسه مثل الفتاة لما خشيت على نفسها من مواقع الإنترنت والأشياء هذه في غرفتها وأنها ممكن تنزلق في الحرام أخرجت جهاز الحاسوب جعلته في الصالة ، يعني أمام أبيها وأمها وإخوانها بحيث إنها يعني تكون مكشوفة ، تكون مكشوفة القضية ، فمن الروادع إن الواحد هو يضع نفسه تحت رقابة الآخرين أحياناً .
المقدم:
أحسن الله إليكم يا شيخ محمد أحياناً الإنسان قد يستطيع أن يتجنب المعاصي الظاهرة التي هي ناتجة عن أعمال مثل ما ذكرتم الوقوع في مثلاً موبقات أو معاصي أو منكرات ، لكن بالنسبة للخطرات والوساوس التي ترد على قلب المسلم ، ما هو السبيل لضبط النفس من هذه الخطرات؟
الشيخ محمد:(1/15)
طبعاً إذا كانت خواطر بالحرام ، فالإنسان يجاهد نفسه يحارب هذه الخواطر بخواطر طيبة ، وإذا ورد عليه خاطر سيء يزاحم هذا الخاطر بفكرة يتقصد أن يفكر وينتقل بذهنه وعقله وقلبه إلى شيء آخر من الخير .
المقدم:
يا شيخ محمد كذلك هناك العقوبات الإلهية ؟
الشيخ محمد:
العقوبات الإلهية ، هذه طبعاً على الذنوب ، نعم تقع ، يعني ما الذي أخرج الأبوين من دار النعيم ، ما الذي أخرج إبليس وطرده من ملكوت السموات ، ما الذي جعله ملعوناً ممسوخاً ظاهره وباطنه في أقبح صورة ، ما الذي أغرق أهل الأرض حتى عمهم الطوفان ، ما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد ، ما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة ، ما الذي رفع قوم لوط ضربت بالأرض ، ما الذي سلط على قوم شعيب الذل وضربوا بالصواعق ، ما الذي أغرق فرعون وقومه، كل هذه نتيجة الذنوب والمعاصي والآلام والمناصب ، تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار ، فإذا الواحد مثلا والعياذ بالله إذا فعل الفاحشة يصير مهموم ، نتائج المعصية يعني عقوبات ، ممكن تكون أمراض ، ممكن هذه الزانية تحمل منه ، ثم يصبح في حيرة ، هل يتزوجها ليستر الفضيحة ، وماذا يفعل بالولد ، وهل يجعلها تجهد ، وهل يقتل الولد إذا صار أربعة شهور الجنين ، وهذه شؤم المعصية .
المقدم:
أحسن الله إليكم يا شيخ محمد على ما قدمتم في هذه الحلقة وبارك الله شكراً على ما قدمتم وشكراً لكم أنتم أيها الإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات على حسن متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(1/16)