أنت صاحب القرار ...
كثيرون هم الأشخاص الذين يجعلون حياتهم نسخة أخرى من حياة أشخاص آخرين، يستمعون لكلامهم ويقتنعون به، وينسون أو يهمشون ذواتهم وشخصياتهم، هؤلاء الناس لا يملكون حياتهم، لذلك هم يسيرون في طريق الفشل، لأن جعلوا همهم إرضاء الطرف الآخر على حساب النفس. ولنضرب أمثلة واقعية على ذلك، منها عندما يصل الإنسان إلى مرحلة الدراسة الجامعية، فيجد أن كل شخص ينصحه بالذهاب إلى الكلية الفلانية، أو التخصص الفلاني، وقد يقوم الوالدين بالضغط عليه وإجباره على الدخول إلى كلية معينة (هندسة أو طب أو إدارة الأعمال كالعادة)، وللأسف هذا الشخص تأخذه نصيحة وتأتي به أخرى، فهو من جعل نفسه كقارب صغير في بحر متلاطم الأمواج. هذا الشخص لم يفكر في نفسه، لم يسأل نفسه، أنا ماذا أريد؟ وبالتأكيد سيسأل نفسه هذا السؤال بعد أن يفيق على واقع مر، وقد تكون هذه الاستفاقة بعد تخرجه أو في منتصف دراسته، لكن بالتأكيد ستأتي متأخرة، سيندم كثيراً لأنه يعمل في مجال لا يحبه. سيحزن لأنه حاول إرضاء الآخرين. مثال آخر وهو أكثر خطورة من سابقه، اختيار الزوج، تفرض بعض العوائل على أبنائها (سواء الذكور أو الإناث) زوج معين، كأن يقولون البنت لابن عمها، أو يجبرون الرجل على الزواج من البنت الفلانية لأنها ذات صلة أو قرابة بالعائلة. أستغرب من أمرين، الأول من محاولة الأهل إجبار الإبن على زوجة معينة، لا أدري من سيعيش مع هذه الزوجة، العائلة أم ابنهم؟ الثاني رضوخ الكثير من الأبناء لضغوطات العائلة مع أن الشرع يشترط الموافقة والقبول من طرفي الزواج. إن من يريد حياة سعيدة يجب أن يكون صاحب قرار نفسه، وإلا ستصبح حياته عبارة عن ورقة "يشخبط" عليها من هب ودب، ثم يصبح شخص صفر في الحياة، وسيندب حظه، وللعلم أن تتخذ قرارك بنفسك وتخطأ ثم تصلح خطأك خير من يجعلك الآخرين تخطأ طوال حياتك.
بقلم: عبد الله المهيري ...(1/1)
التدريبات الوجدانية لتقوية الشخصية
هناك بعض المبادئ الاساسية التي علينا ان نضعها نصب اعيننا وهي :
· ... ان مانحس به من عواطف لايمثل الا جزء بسيط من الطاقة الوجدانية الكامنة داخلنا
· ... العواطف المدفونة والتي نسيناها هي اكبر حجما وأشد عنفا من العواطف التي نحس بها وندركها بشعورنا الواعي
· ... نحن لانتحكم الا في المراحل الاولى من اشتعال العاطفة والانفعال ولكن ما ان ينفجر البركان نصبح كالقشة في مهب الريح ولانستطيع التحكم بها
· ... الحياة الوجدانية والعاطفية شأنها شأن - اي جزء من الشخصية- قابلة للترويض والتهذيب
· ... كلنا بحاجة في جميع مراحل حياتنا الى هذه التدريبات التي تصقل حياتنا الوجدانية وتنقي سلوكنا العاطفي مؤدية بالتالي الى تقوية الشخصية
اولا .. تدريبات التفريغ الانفعالي
التدريب الاول
هناك احزانا كثيرة داخلنا نكبتها في اللاشعور لكنها تضغط علينا من الداخل ولاسبيل للتخلص من ضغطها الا بالنبش عنها وجعلها تطفو على السطح ولتحقيق هذا النبش نفذ مايأتي:
- اغلق باب الغرفة على نفسك
- قم بتذكر احزانك الدفينة (بعض الصور الخاصة بأحبائك الذين فارقوا الحياة او سافروا بعيدا ربما تساعد على اثارة مشاعرك)
- لاتمنع نفسك من التفجر العاطفي واترك دموعك تنهمر فالدموع الساخنة فيها شفاء وراحة لحياتك الوجدانية
- حاول اجراء هذا التدريب مرة كل شهر على الاقل وستحس بالراحة النفسية بعد ان تتفجر الشحنات المكبوتة داخلك
التدريب الثاني
- احضر حوالي خمسين فرخا من الورق الفولسكاب
- اجلس في مكان هادئ وابدأ في تقطيع الورق الى ثمان قطع متساوية (بتطبيق حوافه على بعضعها البعض ثم تقطيعها)
- استمر في هذه العملية البسيطة بهدوء وبطء(1/1)
ستحس بالراحة النفسية بعد الانتهاء لأنك قد فرغت شحناتك الانفعالية المكبوتة داخلك بهذا التقطيع .. فالورق هنا يرمز الى العقبات التي أعاقت تفريغ طاقتك الوجدانية لكنك نجحت في اخراج هذه الطاقة المكبوتة عن طريق الرمز الممزق
- الورق الذي قمت بتقطيعه يمكنك حفظه والاستفادة منه .
ثانيا .. تدريبات الشجاعة والتخلص من المخاوف
علينا في البداية ان نميز بين الشجاعة والتهور فالشجاعة هي عدم الخوف من الاشياء او الاشخاص او الكائنات أيا كانت التي يجب الا نخاف منها .. اما التهور فهو عدم الخوف من الاشياء التي يجب ان نخاف منها
ولكي تصير شجاعا يجب ان تتخلص من المخاوف التي اكتسبتها في طفولتك وظللت تخاف منها حتى الوقت الحاضر في سنك هذه
وهذه التدريبات تساعدك على التخلص من المخاوف :
التدريب الاول
اذا كنت تشعر بالخوف من حيوان اليف مثلا فعليك بالمبادرة بشرائه صغيرا وقم برعايته وستجده يكبر بينما يصغر الخوف في قلبك ..
كل المخاوف عليك ان تعاملها بهذه الطريقة وعرّض نفسك تدريجيا لها - ستحس بالرعب والخوف في البداية لاشك - لكن مع تكرار تعرضك للاشياء المخيفة من وجهة نظرك ستجد انك قد تأقلمت معها وانطفأ ذلك الخوف في قلبك وستحس انك قد حققت انتصارا عظيما يعزز ثقتك بنفسك وبشخصيتك
التدريب الثاني
اذا كنت تشعر بالخوف من شخص معين مع انك تعرف ان ليس له سلطان عليك لكنه استغل خوفك منه وفرض سيطرته عليك فالجأ الى استخدام اسلوب الصدمة المفاجئة لكي تحطم هذا الخوف الوهمي كما يلي:
- انتهز اول فرصة تتقابل فيها مع ذلك الشخص واختلق موقفا متوترا وقم بمهاجمته لا باللسباب او الشتائم ولكن قل له ماهو مكبوت بداخلك نحوه بأسلوب حازم وقوي ستجده قد فوجئ بهذا الاسلوب منك وستصبح سيد الموقف وسيعمل لك الف حساب بعد ذلك ولن يساورك الخوف منه(1/2)
- لاتتردد في انتهاج هذا الاسلوب الخاطف لأنه الاسلوب الوحيد الذي يخلصك من مخاوفك في مثل هذه المواقف ويعيد ثقتك بنفسك
ثالثا تدريبات الاسترخاء النفسي والعصبي
المخ هو الجهاز المسيطر على كل كيانك وكلما كان مخك في حالة جيدة كانت قدرتك على السيطرة على سلوكك اقوى
من المفروض بعد انتهاء المواقف التي تؤدي الى توتر اعصابنا ان تعود الاعصاب الى ماكانت عليه من ارتخاء لكن هذا لايحدث بل تظل الاعصاب متوترة وكلما حدث موقف جديد يضيف توترا الى القديم وهكذا .. لذلك فنحن في حاجة الى اعادة الاعصاب الى حالتها الاولى من الارتخاء باتباع التدريبات التالية:
التدريب الاول:
خصص مالايقل عن ربع ساعة يوميا قبل النوم لاجراء تدريب الاسترخاء
- استلق على ظهرك
- استمع الى ماتيسر من القرآن الكريم بصوت احد المقرئين المحببين الى نفسك - او الى موسيقا حالمة محببة الى نفسك -
- ابدأ في التركيز على عضلات واجزاء وجهك .. هل حاجباك مشدودان بتوتر؟ استرخ .. هل تجز على اسنانك؟ هل تعض شفتيك ؟ ان كان الامر كذلك فوجه الامر الى عضلات وجهك بأن تسترخي ..
- تدرج بعد ذلك الى ذراعيك ثم فخذيك ثم ساقيك حتى مشطي رجليك
- تأكد من ان جميع عضلاتك قد صارت في حالة استرخاء
- انتظم في هذا التدريب وستجد ان حالتك المزاجية العامة في تحسن مستمر وستصبح خاليا من التوتر العصبي الى حد بعيد
التدريب الثاني
انتهز فرصة عدم ارتباطك بأعمال هامة وابتعد عن البيئة التي انت متواجد فيها
- يستحسن ان تبعد حتى عن اسرتك وتتوجه الى مكان بعيد غير مألوف لك .. فمثلا اذا كنت من اهل المدن توجه الى الريف والعكس صحيح
- ان تغيير البيئة الطبيعية والاجتماعية معا لمدة يوم او يومين كفيل باستعادتك لاسترخائك العصبي والنفسي شرط ان تنسى همومك ومشاكلك ولاتحملها معك الى البيئة الجديدة التي هربت اليها لبعض الوقت
رابعا .. تدريبات الحس الجمالي(1/3)
كثير من الناس يفقدون الشعور بالجمال بالرغم من كثرة الاشياء الجميلة حولهم . قد يعزوه البعض الى الألفة لكن هذا ليس صحيح لأن من يفقد الشعور بالجمال لايحس به اذا ماشاهد مناظر جميلة لا يألفها ويمكن تشبيه فقدان الشعور بالجمال بالصدأ الذي يغطي الآنية التي كانت تلمع ذات يوم .
لكي تستعيد شعورك بالجمال عليك بممارسة التدريبات الآتية :
لايكفي ان تكون مستهلكا للموضوعات الجمالية تقف منها موقف المتفرج السلبي بل يجب ان تكون ممارسا ايجابيا وصانعا للجمال
- حاول ان ترسم فتحس بجمال الرسم
- حاول ان تدندن مع النغمات التي تسمعها فيتدعم شعورك بجمال النغمة
- اشترك مع شريكة حياتك في تذوقها للجمال في اختيار الوان ملابسها وملابسك
- ابحث عن الجمال في شريكة حياتك وابرزه وأكد عليه فذلك سيسعدها ويسعدك
- تذوق الجمال في مأكلك ومشربك وملبسك وفي اوراقك وفي كل شيء تمتد اليه يدك
- درب نفسك باستمرار على تذوق الجمال وعلى خلقه في نفس الوقت .(1/4)
سحر الشخصية
ضياء من منتديات الحصن
المغناطيس الشخصي:
كلمتان تشيران إلى معنى واحد يجهله أكثر الناس, ولا يولونه العناية التي يستحقها, ثم لا يستثمرون الفوائد الجزيلة التي يعطيها.
بعضهم يرى أن مغناطيس الشخصية واقع تجريبي محض,وبعضهم يراه محض اعتقاد خاص, كأي اعتقاد من الاعتقادات الشائعة التي يكثر حولها الجدل, ولا ينتهي بها الأخذ والرد, إلى نتيجة حاسمة.
والحقيقة أن لكل شخص مغناطيسية تنبعث من كيانه الجسمي والنفسي, كائناً من كان, وكائنة ما كانت قيمته الاجتماعية والفكرية والسياسية.
ليس في الناس من لا يؤثر في غيره عن وعي أو عن غير وعي, وليس في الناس من لا قيمة له في بصائر الذين يحيطون به, ويتعامل معهم, ويتعاملون معه, فلكل امرئ تأثيرات خاصة, كما لكل امرأة نفوذ شخصي ـ نفسي خاص.
وهناك, إلى ذلك تأثير غير منظور, قوي أو خائر, جذاب أو حيادي, مخرب أو بناء, منظم أو مبعثر للقوى النفسية, لا ينفصل عن النشاط النفسي, ينبثق دون انقطاع من نفوسنا, ويشع وينتشر.
ذلك هو سحر الشخصية الذي أنوي التحدث عنه ملخصة لكتاب سحر الشخصية (فلسفة النفوذ والتأثير على الآخرين) تأليف/ بول جاغو..
متمنية من العلي القدير أن يوفقني لطرحه بشكل مبسط, يسهل للقارئ كشف أسرار شخصيته, ووضعها بين يديه حتى يصل إلى نتائج إيجابية قيمة .. في بناء شخصيته, وفرضها على الآخرين, بصورة عفوية هادئة.
الفصل الأول
التأثير الشخصي
أيكون تأثير المرء في غيره من الناس, سلطة خاصة يحرزها القلة الأفذاذ من البشر؟
أم هو نتاج تمارين سرية خفية يقوم بها المرء في معزل عن المجتمع, ونجوه من أعين الرائين؟(1/1)
الحقيقة أنه "ظاهرة" عامة شاملة, يمكن أن تظهر في حياة كل فرد من أفراد الإنسانية, فلا يختص به أحد, ولا يتميز به شخص دون الآخرين: لأنه ينبع دوماً من "النفسية الفردية", فهو كالفكر نفسه الذي يصدر عنه. وكل امرئ منا, يؤثر فيمن حوله, عن وعي أو غير وعي, بواسطة إشعاع خاص يمتد على مسافات تقصر أو تطول حسب الأشخاص والظروف .. ولقد أوتي كل شخص مغناطيسه الذي يتفرد به, كما أوتي الحياة نفسها, بيد أن هذا المغناطيس يختلف بين كائن وآخر, بما فيه من شدة, واستمرار, وانسجام.
من أنت
إن أقل أفكارك دوماً, واتفه ما تنطق به من كلمات عن تأمل, وأبسط ما تتخذ من قرارات, وتؤدي من أعمال, تتعاون فيما بينها جميعاً على تكوين مالك من نفوذ منظور أو محجوب, تخرجه من كل لحظة ذاتيتك المتميزة.
أنت الآن بشخصيتك الراهنة, وليد أفكارك السابقة, وأقوالك الماضية, واعمالك التي عفى عليها الزمن. وان لأفكارك وأقوالك الآن, اليد الأولى في نسج مستقبلك القريب والبعيد, فإذا تعلمت أن تحكم عوامل تأثيرك ونفوذك, تصل إلى تحقيق ما تطمح إليه, وتحصيل ما تبغي تحصيله, وتتجنب كل ما تعتبره مؤلماً أو متعباً أو مريراً.
مصادر النفوذ
من أين تنبثق مظاهر نفوذ قوى واضح؟ أيتاح لأي كان أن يوازي أقوى الشخصيات تأثيراً وأبعدها نفوذاً, أو أن ينال مرتبة محترمة من إشعاعها؟
تكاد الأبحاث والدراسات النظرية والتجريبية في هذا الموضوع , تجمع على شيء أكيد, هو أن تطبيق الإرشادات الآلية إلى تحصيل النفوذ الشخصي, والمراس المستمر الدائب لكل ما من شأنه أن يقوي المرء أو المرأة في التحصيل المغناطيسية, يؤديان دوماً إلى زيادة تأثير الشخص, وتوسيع دائرة نفوذه على الآخرين.
نظريات ابتدائية(1/2)
يحسب بعض الباحثين أن ينبوع الإشعاع الفردي قائم في الكيان الحيوي (البيولوجي). ولا ريب أن حيوية قوية صارخة, وجسماً ممتلئاً يفيض بالعافية, وصدراً واسعاً, وانتظاماً في الأجهزة التنفسية والغذائية والهضمية والدموية والعصبية, تؤدي كلها, إذا اجتمعت, إلى ايلاء صاحبها مغناطيسية قوية. والناس ينشدون عشرة "الأقوياء" ويشعرون معهم بالاطمئنان والسرور, ويقتربون منهم كما يقترب المقرور من الموقدة الدافئة في أيام الشتاء القارصة.
ولكن هنالك اشخاصاً لا يملكون من ضخامة الهيكل, ولا من العافية الطافرة ما يملكه غيرهم, وتراهم مع ذلك, على نحولهم ونحافتهم وضآلة قواهم الحيوية, يسيطرون على الآخرين, ويستحوذون استحواذاً تاماً, بما أتوا من صفات نفسية, ومعانٍ خلقية أهمها الشجاعة والانطلاق...
ومن الباحثين من يعتقد أن "المظهر الخارجي" هو المؤثر الأعظم في أكثر المواقف, ويلح تبعاً لهذا الاعتقاد, على ضرورة العناية بالهندام, والأناقة, والحلاقة, ونبرة الصوت, وثبات النظرة, ومراقبة الحركات والساكنات, ووضوح العبارات, وبيان الإشارات, وامتلاك الانفعالات.
ويرى آخرون أن ثمة رجالاً ونساء ليسوا على شيء من حسن المظهر, وأناقة الهندام, ولهم, مع ذلك, سلطة على النفوس لا تقاوم, وجاذبية لا يدفعها دافع. كما أن هناك من عرفوا بالدمامة والعنف والغلظة, وفيهم إلى ذلك كله, مغناطيس عجيب!
وهذا يردنا إلى القول بأن سحر الشخصية ينبع أكثر ما ينبع, من الحياة الداخلية التي يحياها المرء أو المرأة في الذات, وبعبارة ثانية, ينبع من فكرة جريئة, دقيقة, صارخة, عنيدة, تغلي وتغتلي حتى تطبع الشخصية كلها بطابعها الجريء الصارخ.
الغليان النفسي(1/3)
لقد أجمع الباحثون على أن التشديد النشاط النفسي, يعني تشديد المغناطيسية الشخصية. ونعني بالنشاط النفسي حرارة الإرادة وقوتها, وهي لا تنفصل عن حرارة النفرة من أمر أو طلب أمر, ولا يكون المطلب هذا مادياً أو شهوانياً بالضرورة, وإنما يضم جميع مناطق الحياة العاطفية, والذهنية, والروحية. ذلك يفيد أن أي امرئ كان, يستطيع أن يكون ذا نشاط نفسي, وبالتالي ذا مغناطيسية خاصة.
الصفات الأخلاقية
يرى كثير من رؤساء المدارس النفسية الحديثة أن الأهمية الكبرى, والمنزلة الأولى في تكوين سحر الشخصية ونموه إنما هي للمزايا النبيلة, والصفات الشريفة, والشمائل الناعمة الوديعة, من استقامة, إلى طيبة, إلى مثالية, إلى علو في الهمة, ورفعة في النفس, وما رادف وأشبه...
المهم
المهم أن يستقر في حافظة كل إنسان أن سحر الشخصية يعرف على النحو الآتي:
1ـ العنصر الحيوي (البيولوجي)
2ـ عنصر المظهر الخارجي (المحيا, الهيكل الجسماني, النظرة, الموقف, الصوت, الكلام الموحي).
3ـ العنصر النفسي الذي لا يُرى, وهو القائم على النشاط الروحي في مناحي الحياة العقلية, والعاطفية, والمعنوية).
4ـ عنصر التوازن والانسجام الناشئ عن الاستقامة والنبل الأخلاقي.
فعلى كل فرد أن يوضح لنفسه, في نفسه, هذه الناصر الأربعة التي يتألف منها سحر الشخصية, وان يجمعها ويوحد بينها, وأن يحكم بصفاء ذهني مظاهر تمثلاتها.
الفصل الثاني
النظرية والتطبيق
لا يستطيع المرء أن يمضي في تطبيق أية نظرية ما لم تتضح أمامه جوانب المشكلة التي تنطبق عليها النظرية المبحوثة, وما لم يتمثل, بوضوحٍ, المسألة التي يريد حلها.
وقد فصلنا القواعد الفكرية, والأبحاث التجريبية, والوقائع العلمية التي تبرز نظرية التأثير الشخصي, أو مظاهر سحر الشخصية, ولم يبق أما القارئ إلا أن ينتقل إلى التطبيق.(1/4)
على أنه لا بد من لحاظ الفارق بين نوعين من سحر الشخصية: الأول "التأثير الخارجي" وهو المنظور, أي الذي تقع عليه العين, ويمكن درسه بالملاحظة, والثاني "المغناطيس الشخصي" وهو الذي يكون عن بعد, ويجري به التأثير عن طريق الفكر والخيال والعاطفة.
عوامل التأثير الخارجي
هذه لائحة بالعوامل التي تجعل المرء ذا نفوذ عند الآخرين, من الخارج, أو في الظاهر, بتعبير أدق, مرتبة حسب أهمية كل منها:
1ـ الهدوء
2ـ الثبات
3ـ النظرة
4ـ الإيحاء اللفظي
5ـ المظهر المعنوي (التربية, الذوق, التعبيرات بالصمت أو الإشارة أو الابتسامة)
6ـ المثابرة وروح النضال
على كل شخص أن يفكر في هذه المعاني ـ الصورـ, ليحسن بها شخصيته, ويخضع تصرفاته الخاصة للإرادة الواعية, ويستمر في إخضاعها هذا, إلى أن تنسجم معها, حتى إذا أصبح هادئ رغم المقلقات, ثابتاً على رأيه رغم المثبطات, قوي النظرة, بليغ العبارة, مثابر على العمل, مناضلاً في سبيل مثله الأعلى, استطاع أن يوفق إلى ما يشجعه, ويشد عزمه في معركة الحياة.
نتائج التأثير الخارجي
إن استغلال عوامل التأثير الخارجي, بعد تثقيفها يمكن المرء:
1ـ من خلق فكرة إيجابية عن شخصه عند الآخرين, دون اللجوء إلى إطراء الناس, وتملق الكبار, والاعتذار والاستعطاف, فإن مجرد حضور الإنسان بكل بساطة, يكفي عندما يكون ذا تأثير شخصي, لأن يميل الناس إليه, وأن لا يعارضوه سلفاً ...
2ـ من تحصيل عادة في الإقناع تستند إلى قوانين الإيحاء, حتى يكسب الآخرين للتمسك بآرائه, وعواطفه, وقراراته, واستعداداته التي يحاول الآخرون إيحاء ما يعرضها.
3ـ من مراس سلطة خاصة فردية, متميز عن تلك التي يحققها اللقب, أو الرتبة, أو الوظيفة, أو المقام الاجتماعي.
4ـ من الاعتداد بالنفس, وصلابة الموقف أمام أي كان, وفي أي ظرف كان, حتى عندما تنجح العداوات التي يلاقيها, إلى زعزعة مقاومته, وتحطيم صلابته.(1/5)
5ـ من الاستمرار في تنفيذ ما نوى تنفيذه, والمضي في القرارات التي أنضجها درساً وتمحيصاً رغم كل القيود والإيحاءات المعاكسة الطارئة.
هذه نتائج قيمة, ثمينة. فإذا حصلت عليها وسعيت لبلوغ كمالها, لا يغب عن بالك أن النفوذ الخارجي أو المنظور معنى منفصل كل الانفصال عن سحر الشخصية العميق الأصيل, عن الحياة النفسية ونشاطها وانسجامها وحرارتها.
الانتظام الذاتي
حكم النفس يقتضي حداً أدنى من الإرادة, أو استعداداً للقيام بالأعمال الإدارية المدروسة, وما من أحد على أديم هذه الأرض إلا وهو يحمل مطاوي ذاته هذا الاستعداد.
وللانتظام الذاتي الضروري لإنماء عناصر التأثير الشخصي الخارجي, أصداؤه العميقة البعيدة في قرارة الحياة النفسية, ثم في إشعاعها اللامرئي.
هذا الانتظام الذاتي يحرك الانتباه ومراقبة النفس, وينزع إلى وضع الغرائز والانفعالات والخيالات في رقبة العقل, فهو يؤلف بذلك, ضرباً من التدريب الناجع على تقوية مغناطيس الشخصية وحسن استعماله.
منابع الطاقة
الولع أغنى ينبوع من ينابيع الطاقة النفسية, فمن أولع بالفن, أو بالأدب, أو بالعلم, أو بالفلسفة, أو بالاختراع والاكتشاف ـ دعك من الولع بالمال والجاه واللذائذ المادية ومظاهر الفخفخة! ـ كان حرياً به أن يجد الطاقة العظمى لبلوغ ما يصبو إليه.
والينبوع الثاني هو "الكراهية" فمن شعر بكراهية كبيرة نحو تصرف, نحو حالة من حالات الفرد أو المجتمع, وكانت كراهيته هذه أو "نفرته" قوية عارمة, قبض على الطاقة اللازمة لتجنب ما يكره, وابعاد ما ينفر منه.
السؤال: ماذا أريد؟
ضع أما عينك هذا السؤال, في كل موقف, وكل مقام: "ماذا أريد"؟(1/6)
فإن كل فكرة مهما كانت عابرة, يقتضي تطبيقها, هذا النوع من الطاقة التي تستقيها من الولع. ولا ينشأ الولع إلا بعد أن توضح لنفسك ما تريد, ولا تنشأ النفرة إلا بعد أن توضح ماذا تكره. والعمل بقواعد التأثير الشخصي, واتباع المناهج التي تفضي إليه, يحتاجان إلى "انقلاب نفسي" شامل, وعزم وطيد راسخ, وتغيير للعادات العتيقة, والتصرفات القديمة, والتأثيرات الخاطئة...
هذا يعني أن "الاندفاع" الضروري لبذل مثل هذه الجهود الجبارة, متوقف قبل كل شيء, على شدة ولعك, في جانب, وعرامة نفرتك, في الجانب الآخر. عليك وحدك إذن أن تتمثل ـ بوضوح ـ أهمية النفوذ الشخصي في تحقيق أغرضك, وفوائده في عملك, وقيمته في الحالتين: الاجتماعية والخاصة, وما يقتضيك من جهود وتمارين ورياضات.
إن من يقترب من الثقافة النفسية وهو يتصور أنها تمكنه من النجاح دون جهد يبذله, يصل إلى إخفاق أكيد, وهو لا يشعر بمصيره.
ابدأ من الآن إذاً ببذل الجهد: ضع لائحة بالأمور التي تنفر منها, والأمور التي يستهويك أن تنالها, وقرر أن تعمل لتحقيقها, وأن تمضي فيها مهما كانت الصعاب, ومهما وقفت في طريقك العقبات.
تحليل الذات
إذا وضعت اللائحة المشار إليها, أدركت, فور تأملها, أنك متردد, مضطرب، غير مدرب, تائه في مجاهل الأيام, شبيه بزورق تعطل مجدافه .. فهو يميل مع كل ريح.. وتتقاذفه الأمواج في كل صوب.
لا تخجل, ولتحمر إزاء هذا الواقع الذي اكتشفته في نفسك, فأنت لم تنتخب كيانك النفسي, ولم يكن لك رأي في الأشخاص الذين أنشأوك, ولا أنت مسؤول عن تكوينك الأولي الأصيل, ولا عن الظروف والعوامل والمؤثرات التي خضعت لها إبان حداثتك.(1/7)
أنت مدين من الآن فصاعداً لنفسك بنفسك فكن صادقاً مع نفسك! وإذا نظرت إلى المرأة التحليلة ـ النفسية, يصبح من مصلحتك, ثم من واجبك, أن تفحص نفسك دون تملق أو انكسار. فإذا لم تكن منصفاً ـ أي تزيد من حسناتك أو تنقص منها ـ لا تخدم قضيتك بشيء. وإذا تملكك الشعور بالضعة حيال ما تلمس من نقائض وعيوب, فعليك أن تثور, أن تتمرد على نقائصك, وتتشدد في مقاومتها, وبمجرد نفرتك منها تتغلب عليها.
أنت أهل للنجاح
لا شيء يمنعك من النجاح فيما تنوي أن تقوم به من أعمال, أو تحقق من أغراض, بعد أن عرفت ما تريد, وحللت ذاتك تحليلاً دقيقاً, وصممت على بذل الجهد, ومضيت في وضع منهج تطبقه لمقاومة العراقيل التي تحول بينك وبين نفوذك الشخصي.
الفصل الثالث
الهدوء
حجرة الزاوية في بناء الشخصية المؤثرة النافدة هو الهدوء. والهدوء ركن ترتكز عليه جميع الدارسات والرياضات والتمارين, في كل تكوين نفسي صحيح. والهدوء نفسه أكبر عامل مؤثر في تحصيل التأثير على الآخرين.
نحن نأتي جميعاً, على هذه الدنيا, ولكل منا مزاج خاص, يسيطر عليه لون خاص من ألوان الهدوء أو القلق أو البرودة أو الحدة:
الصفراويون ينزعون إلى القلق, قلما يحتفظ واحدهم برباطة جأشه. والعصبيون ثائرون دوماً متهيجون. والدمويون يراوحون عادة بين جمود يعقبه انفجار, وانفجار يعقبه خمول. أما أصحاب المزاج اللمفاوي, فإنهم هادئون في الظاهر, لكنهم معرضون لنوبات تحطم أعصابهم كلما وقعوا في مزالق حرجة, أو أصيبوا بدواهٍ مقلقة.
لا مفر للجميع من تحصيل السيطرة على النفس ودراسة وسائل هذه السيطرة, والقيام بما تقتضيه من جهود, بغية الوصول إلى الهدوء النفسي.
معنى الهدوء
ولكن ما هو الهدوء الذي ننشده؟ وما هو معناه؟
إذا كان كل ما حولك من ظروف وحالات وأوضاع شخصية, يحتم الهدوء ويفرضه, يصبح من السهل أن تكون هادئاً.(1/8)
غير أن الهدوء الذي ندعو إليه شيء غير هذا: أنه موقف تتخذه في داخلك, في سريرتك, في قرارة نفسك رغم المعارضات التي تقاومك, والمصاعب التي تواجهك, والمزعجات التي تبلبلك, والأحزان والمصائب والارزاء التي تتألب عليك في ساعة أو ظرف أو زمن. إنه ضرب من "التماسك" الذاتي الصميم يجعلك تجاه الحادث المؤلم, كأنه لم يحدث.
هذا الهدوء لا يتم في أن تحلم به, وإنما يتحقق بالاجتهاد الدائم الدائب في كل لحظة, بالانقطاع عن الماضي وما فيه من دواعي الندم والأسى والاضطراب, بتغيير نظام الحياة اليومية, واقتلاع العادات المتأصلة, وتبديل الخلطاء والعشراء, والانصراف أخيراً إلى العمل والإنتاج.
ثم يجب أن لا تخلط بين الهدوء واللامبالاة, أو بين الهدوء وبلادة الحس, فالهادئ هو الذي يضع السدود أمام أحاسيسه ويحفر لها القنوات التي تسير فيها, ويوجهها لما فيه سروره وسرور الناس من حوله.
الولع بالهدوء
أفضل ما يساعد على بلوغ هذا الهدوء الذي نصف, أن تتمثل دوماُ الفوائد التي تعود عليك منه, والمتاعب التي تتجنبها بواسطته.
هذا التمثل الذهني يوقظ في نفسك العزم والطاقة اللازمين لبذل الجهود التي يتطلبها تربية الذات, والانتظام الذاتي.
إليك صفات الرجل الهادئ مفصلة واضحة يمكنك أن تجعلها قاعدة تنطلق منها للتأملات والتمثلات الذهنية التي تولعك بالهدوء:
1ـ أعصاب الهادئ وعضلاته مرنة شديدة, وهي تحتفظ دوماً بتوازن عادي, ودرجة معتدلة من الراحة والاسترخاء, وذلك مما يسهل عليها أداء وظائفها الطبيعية في داخل الكيان الجسمي.
2ـ الهادئ يفكر باستقامة, نحو هدف تلتقي عنده جميع الأفكار الفرعية. ويظل انتباهه منصباً على ما ينفذ من قرارات, ولا يبذر طاقته الفكرية سدى.(1/9)
3ـ استقامة الهادئ تبدو في عاداته, وتتمثل في مسلكه اليومي, فهو يبدأ عمله في ساعة موقوتة, ويسير فيه دون إسراع, ويشتغل بما يعود بالنفع عليه وعلى غيره, وينال أقصى ما يستطيع من إنتاج بأقل ما يمكن من التعب.
4ـ الهادئ يفيد من أيام راحته وساعات فراغه, لأنه يعيش متملياً من حاضره, ولا يرهق نفسه بأحزان الماضي, ولا بمخاوف المستقبل.
5ـ الهادئ يمتنع بطبيعته من إظهار تبرمه في حضور الآخرين, كما يمتنع عن إبراز انهماكه بهم. وهو يصغي لما يلقى إليه دون أن يبالغ في التعجب أو التواضع أو الامتنان أو أي رد فعل داخلي.
6ـ الهادئ يسيطر على ما قد يشعر به من فراغ صبر, أو غضب, أو حدة, ويحتفظ في جميع محادثاته, باعتدال موزون كي يتمكن من التأثير في رؤسائه والخاضعين له.
7ـ الهادئ يتكلم بدقة ووضوح وإيجاز. وليس لكلامه تدفق العجول الذي يريد التخلص من عبء يرهقه, ولذا, يفهم كلامه كل من يسمعه.
8ـ حضور الهادئ يشيع الطمأنينة في نفوس الحاضرين, ويجعلهم يشعرون معه بأنس, وإقبال على الحياة.
9ـ لا يتقبل الهادئ شيئاً مما يعرض عليه من أفكار وآراء, إلا ويجيل النظر فيه, ويتثبت من صحة ما يوحى إليه, كائناً من كان الموحي. ولا يوافق أحد إلى فرض اقتناع عليه أ, انتزاع قرار منه, فهو في يقظة دائمة تتيح له تدبر الآراء, وتأمل العواقب.
10ـ المفاجآت, والمعاكسات, وخيبة الأمل, والصدمات وما إليها من الأحداث لا تفصل عن الحياة, أشياء لا تزعزع كيانه, ولا تضعضع توازنه. فهو يبتعد عن مواطن الضجة والصخب, دون أن ينفق طاقاته في النواح والعويل والارتباك والشكوى, ويتخذ بكل برود, التدابير الضرورية لمقاومة المفاجآت, وتحوير الأحداث ونزع ما فيها من أذى, وينصرف إلى ما تبقى له من وسائل العمل والإنتاج.(1/10)
11ـ إذا حدث للهادئ خطب رهيب يشل جهود أعوام أو يقضي على آمال جسام, لا يذهب به الحزن في مجاهل لا رجعة له منها, ولا يوغل به العذاب في عتمة التشاؤم الخاذل المخذل, وإنما يحتفظ بثقة في نفسه, ويستجمع قواه لتلافي النتائج السيئة, وبناء مستقبل يرضى عنه.
12ـ الهادئ يتألم موضوعياً لا ذاتياً, بمعنى أنه لا يعطف على نفسه في الملمات الكبار, ولا يحنق من أجلها, وإنما يعيد النظر دوماً في الماضي, وبكل روية وأناة, إلى أن يستعيد قوته رويداً رويداً, وتشتد معنوياته, فيستأنف خوض معركة الحياة وهو مسلح بالعبر الماضية, والمواقف السابقة, حتى إذا واجه معارك جديدة, قال في نفسه: "لقد عرفت غيرها من قبل!"
كراهية الاضطراب
المعروف عن سلوك النفس في داخلها أنها إذا كرهت أمراً, كراهية عميقة,وشعرت اتجاهه بمقت بعيد الغور, توفق إلى تحقيق نقيضه, ومحبة مضادة, ولذا, يصبح من الوسائل الناجعة في توجيه المرء نحو الهدوء, أن نرسم للراغبين فيه, صور "المضطرب" وبشاعتها وحدها كفيلة بجعل رأيها "هادئا"ً. وهذه هي مظاهر الاضطراب:
1ـ يعيش المضطرب في حالة توتر عصبي ـ عضلي دائمة, كما أن توتره الأخلاقي مستمر لا ينقطع. وهذا الأخير يتمثل في اختلال في نبضات القلب. إلى عسرة في الهضم, إلى تعطيل جزئي في انتظام التنفس, وفقدان التسلسل أخيراً في الأفكار.
2ـ المضطرب يفكر عفويا,ً بشكل منقطع, متناثر. فهو لذلك, يضطر إلى بذل جهد شاق كلما أراد أن يستجمع انتباهه ويركز في موضوع معين, لا سيما إذا كان الموضوع تجريدياً, يحتاج إلى تمثلات ذهنية لا سند لها في العالم الخارجي المادي.(1/11)
3ـ قل أن يجد المضطرب صحوه النفسي التام, ويقظته الفكرية عندما يستيقظ من نومه, فهو لا ينهض إلا تحت ضغط واجباته الملحة! وهو بالرغم من تشدده المادي, واجتهاده الحثيث في تحقيق الاستقرار والاستقامة, يجد أن سهوه كثير, ونسيانه أكثر, ويرى أن عمله يسير ببطء, فيحاول أن يعوض عما فات بحماسة تكلفه تعباً شديداً, لا يلبث أن يلمس صداه في بنائه الصحي العام.
4ـ المضطرب مرهق دوماً, فهو لا يشعر بالراحة والعافية إلا نادراً, وانتباهه يترنح غالباً بين اجترار الساعات الماضية, وتوقع ما يجري في الساعات المقبلة.
5ـ المضطرب "انفعالي النزعة", يأخذ لون الجو الذي يغمره, فأما أن يكون فرحاً مسروراً دون اعتدال, وأما منهمكاً, جافاً, ممتعضاً دون سبب, ولا يملك بين هذين أن يغير جواً أو يخلق حالة جديدة.
6ـ المضطرب قلق, فارغ الصبر, سريع الغضب, حاد المزاج, يقول في هذه الساعة ما يعتذر عنه بعد ساعة, وينفي الآن ما يؤكده غداً, ويتصرف اليوم تصرف الملائكة, وتراه بعد يوم شيطاناً...
7ـ ينزع المضطرب إلى ضرب من البيان المتقطع العجول, وذلك ناشئ عن رغبته في أن يفهمه الناس بأسرع مما يفصح. ونادراً ما يفهمونه فيحس بذلك, ويزداد ارتباكه.
8ـ إذا حضر المضطرب مجلساً ما, أوحى حضوره إلى غيره شعوراً بالانقباض الذي يخامره, حتى وإن ظل صامتاً, جامداً, لا يبدئ ولا يعيد. ذلك بأن إشعاع النفسية المصطبخة يولد تياراً مماثلاً عند الآخرين. فالسكوت والجمود لا يعنيان الهدوء ولا يدلان عليه, بل هما أبعد ما ينبئان عنه, فهناك ـ ولا شك ـ حركات طفيفة, متقطعة, واشارات خفيفة, وعلامات بارزة, لا تنقطع بانقطاع الكلام, ولا تهدأ بهدوء البدن, فإذا ترك صاحبها المجلس, شعر من فيه بالراحة والانشراح!(1/12)
9ـ يختل التوازن النفسي عند المضطرب, عادة, لدى أقل معارضة، ويكفي أن يخيب أمله مهما كان ضئيلاً في أمر بسيط كان يتوقع حدوثه, ليذهب به اليأس كل مذهب, ويطير به الخيال إلى ما لا صلة له بالواقع ولا بالحياة ولا بالمجتمع.
10ـ إذا أصيب المضطرب بكارثة حقيقية, يفقد القليل مما عنده من برودة الدم, ويرد على المصيبة فوراً دون تأمل أو استيضاح, ويضيع صفاء ذهنه, ويزيد الحالة خطورة, والموقف تعقداً أكثر مما يخفف من سوء نتائجه.
11ـ رغم أن المضطرب يميل بطبيعته إلى النقد المنهجي, ويعترض على أكثر ما يرد من أفكار, تراه ينساق دون احتياط مع كل عرض هادئ من شأنه يطامن, بمعنى من المعاني, اضطراب نفسه, ويدغدغ رغبته الدفينة في التهرب من أفكاره, فالكلمة الناعمة, والخطاب الرقيق, والبيان الفصيح, وما أشبه ذلك ورادفه يحد من معارضته ـ حتى وإن كان فيها على صواب ـ ويشل حماسته, ويقضي على منابع النشاط في ذهنه فيعطي رصاه دون تفكير, ويقرر تقريرات لا يلبث أن يندم عليها فيما بعد, أي عندما يعيد نظره فيها بهدوء وبرود.
12ـ ليس من المضطربين من يمكن أن يكون ذا شخصية ساحرة, أي موهوباً في التأثير والنفوذ , وإن كان فيهم أصحاب كفاءات وقيم رفيعة, فالمضطرب مهما علا منصبه, وتعددت مواهبه, لا يحظى بما يستحق ولا ينال التقدير اللازم, لأنه لا يخلق بطبيعة اضطرابه, مناخاً منسجماً, ولا يفكر في وزن كلماته, ولا في الاحتفاظ بمزاج معتدل, سواء في حياته العامة أو في حياته المنزلية.
الخطوة الأولى
عليك بعد أن عرفت هذين النموذجين أن تجعل الأول منهما قدوة تحتذي, ومثالاً يتبع, والثاني أداة تحذير وتجنب واحتياط.
فإذا لحظت أنك أقرب إلى المضطرب, فثق أنك تصل بالمران والاجتهاد والمثابرة, إلى مساواة الهادئ بسرعة, بل قد تفوقه في شمائلك التي تستحدثها, وجهودك التي تبدلها.(1/13)
العيب يولد المزية, هذا قانون التكامل عندما يراد الكمال, فليس في الدنيا أجرأ ممن كان جباناً, ولا أصلب ممن كان مائعاً, ولا أهدأ من كان مضطرباً.
لتكن أولى خطواتك إذن أن تضع نصب عينيك "فكرة" واحدة, واهتماماً واحداً, هو تحصيل الصلابة والهدوء. ثم تخضع جميع أعمالك وتصرفاتك ومشروعاتك وأفكارك لتطبيق القواعد الخمس التالية والأخذ بها. وسائل لما تهدف إليه, وهي:
1ـ التوازن الصحي.
2ـ مراقبة الإحساس, التي تفضي إلى الثبات في وجه الانفعالات, والوساوس, والأخيلة, والمقلقات والمزعجات من كل جنس ولون, فلا تستنزلك, من بعد, عن هدوئك ضجة, ولا فتنة, ولا متعة, ولا إغراء, ولا إرهاب.
3ـ التكلم من غير عجلة, فإن من يتدبر وجوه العواقب, ويعرف أثر كل كلمة يتفوه بها, ويحسب لكلامه وزناً, يبطئ في الكلام, ويؤثر السكوت. وقديماً قال الشاعر العربي:
الصمت زين, والسكوت سلامة .......... فإذا نطقت فلا تكن مهذارا
ما أن ندمت على سكوتي مرة .......... ولقد ندمت على الكلام مرارا
ذلك بأن الثرثرة والجدل, والاعتراض وما رادف, أشياء تشبه "الضجة" أو هي الضجة النفسية بعينها, فلا تسترسل معها, ثم لا تستجب لها إن هي راودتك عن هدوئك.
4ـ فتش عن عشرة هادئين وادعين وأماكن بعيدة عن الصخب. ثم
نظم أعمالك اليومية وفق منهج تسير عليه بعد أن تفكر فيه تفكيراً عميقاً شاملاً, ولا تسمح لنفسك أن تحيد عنه قيد شعرة,بحيث يجري وقتك في مناخ مطمئن, وإذا حدث "غير المنتظر" تستطيع أن تدفع آثاره في زعزعة هدوئك بتوقعه مع الزمن, وتلافي نتائجه, إلى أن ينتظم كل مالا تنتظر, في مناهجك اليومية والشهرية والسنوية.(1/14)
5ـ قرر الآن وتأمل جمال الهدف الذي تسعى إليه, واستلهمه الضياء والعزيمة, وأبدأ في التنفيذ, ولا تسأل عن الصعاب والعراقيل مهما عظمت أو اشتدت, ولا تفكر بغيرك فهذا ما يخصك شخصياً ولا يخصه, وحطم القيود, وتجاوز السدود, وترقب النجاح, وسر إلى الأمام ... نحو احترام نفسك, ونيل حقوقك, وارتفاع مكانتك!
اشرع من الآن في إعادة تنظيم مصيرك على جميع الجهات, رغم كل عائق, ورغم كل مانع, ورغم كل خاذل ومثبط.
كن شجاعاً ... وكن هادئاً, فأنت قادر على الظفر. فالذين ظفروا لم يكونوا أحسن منك حالاً!
الفصل الرابع
تربية النظر
الهدوء يقود إلى الثبات والمناعة, فإذا استطعت أن تطبق المبادئ, والقواعد التي تؤول إلى سكينة النفس, أمكنك حينئذ, أن تخلص من الخجل, أي أن تكون ثابت الموقف, واثقاً بنفسك, لا تبالي حركات الآخرين, ولا تكترث بآرائهم وتصرفاتهم تجاهك, كما يذوب في داخلك كل تأثير لما قد ُتمنى به من خيبة أو إخفاق, في كثير من الأحوال والظروف.
وهكذا...تخلص أيضاً من قابليتك للانفعال السريع التي تُخضع صحوك النفسي لموقف الآخرين منك ، وتفتح استقلالك بيدك إذ يسود الفكر الواعي اليقظ جميع غرائزك، وأخيلتك ، وتصبح إرادتك هي العليا شأن من شؤونك الشخصية.
تأثير النظرة
للنظرة تأثير قوي في الآخرين !
هذا هو الشائع المعروف. ولكن الأصح أن نقول :
"للنظرة تأثير قيم، في بعض الأحوال والظروف و المواقف"
والواقع أن العين لا تؤثر بنفسها، ولا تملك خصائص مؤثرة، نافذة، إلا بمقدار ما للمصباح الكهربائي من خاصة الإنارة، أي أن العيون تستقي المصباح نوره من القوة المولدة للكهرباء، فهناك وراء الآلة البصرية (العين) ينابيع الطاقة التي تمدها بالسحر والفتنة: الفكرة و العاطفة، و الحرارة العاطفية ، وما في كل واحد من قوة ، تتجمع وتتفاعل، ويولد من تجمعها وتفاعلها ، قوى مغناطيسية شخصية.
التسمر أولاً(1/15)
الأثر الذي تحدثه نظرة شخص في آخر، هو قبل كل شيء دليل على درجة قابلية الانفعال عند المتأثر.
قد تنظر شزراً لولد تريد توبيخه وتوفق معه إلى بغيتك من النظر الشزر وحده ، ولكن هذه النظرة نفسها تبدو مضحكة مع غيره، كما أنها إذا تكررت مع ولد آخر، تعودها ووقف أثرها فيه. وقد رأيت من الأولاد من يسمرون أنفسهم، ويديرون رؤوسهم عندما يشعرون بثقل النظرة، فيقاومون تأثرهم، وينخطفون بمهارة ....
إذا رأيت امرءاً يحاول أن يؤثر فيك بما يصوب إليك من نظرات، فقلد الولد: تسمر في مكانك ولا تدر رأسك عنه، ووجه نظرتك فوق مخاطبك، أو تحته، أو يمينه، أو شماله، مسافة ثلاث سنتيمترات لتتمكن بعد ذلك من وزن عباراته، وتأمل ما يقوله دون ذهول، إذ يمتنع في هذه الحالة، كل انحراف أو اضطراب يعتري حاسة النقد لديك، ويظل تمييزك محتفظاً بصفائه الطبيعي، فإذا اصبح ذلك عادة فيك، بدأت بتطبيق أول مبدأ من مبادئ تربة النظر.
هذا في المنزلة الأولى. والثانية تكون في أن تصوب نظرك، عندما يأتي دورك في التكلم، نحو النقطة المتوسطة الواقعة بين عيني من تخاطب، واضعاً في ذهنك انك لا تريد التأثير فيه، بمعنى انك لا ترغب في السيطرة عليه، وإنما تريد اجتذاب انتباهه وحصر ذهنه عند نقطة معينة.
ألوان العيون
ها أنا أضع أمامك معاني الألوان التي تظهر في مختلف العيون, كي تعمل على استظهارها وملاحظة الانطباعات التي تولدها فيك وفي غيرك من الناس, ثم لتلمس تأثير النظرة بما حول العينين من الجفون وأهداب وما فيهما من حور ودعج واتساع, بعد ذلك.(1/16)
العيون السود العميقة السواد, تخفي وراءها حرارة نفسية فائقة غير عادية, وهذه الحرارة تنشأ من هوى ملح ـ بالمعنى الأخلاقي ـ وعنف في الإحساس يتمالك ولا يتهالك, فكن واثقاً أما هذه العيون إن صاحبتها (أو صاحبها) لا تستطيع أن تحب أو تكره إلا بشكل حار شديد أعمى, فهي ذات طبع كامل, غامض, حساس, نزاع إلى رفض وصايته على كل من يحيط به من الناس, فمن الأفضل ألا تثيرها وتزيد من حدتها, على الأخص.
والعيون الزرقاء الفولاذية تنبئ عن رجل حازم, ذي عزم متين, صارم شديد.
أما العيون الزرقاء, الباهتة في زرقتها, فهي للحالمين العاطفيين السابحين في الخيال, اللامبالين بالدنيا وهمومها, فهم ابداً سادرون. ابداً سطحيون, لا يُعترف لهم بفضل, ولا يقدمون على المغامرة.
وأما العيون التي تتراوح بين السمرة والكستناوية في عديد من الألوان, فهذه لذوي الاستعدادات المثالية. وأكثر أهل الفكر يدخلون في الافاريق اللونية من ألوان العيون.
والعيون الخضراء تعني غرابة الميول العقلية والعاطفية والشهوانية, فهي طوراً عبقرية, وطوراً هوائية هبائية. وطوراً غير اعتيادية. ومثلها العيون التي تضرب حدقاتها الخضر إلى اصفرار.
والعيون الرمادية تشير أكثر ما تشير إلى استعدادات موضوعية, دقيقة, تجريبية, واعتدال في الطباع, واتزان نادر المثال.
العين: أداة لمعان
كل سطح لماع يسترعي الانتباه، ويجنح بمن يراه نحو الانكساف الذهني، وتشوه رهافة الوجدان النفسي، و انطفاء ملكة التمييز، فإذا بلغ هذا التأثير منتهاه في بعض النفوس، وقع ما يعبر عنه الناس عادة بقولهم: "افتتن" أو "خلب لبه" .وحالة الافتتان هذه ليست، في تحليلها الأخير، غير "خمود المناطق العليا من الحياة النفسية". وإذعان الإرادة والذكاء لما يمليه اللاشعور (المنطقة السفلى من الحياة النفسية).
وهذه هي صورة المناطق النفسية، كما يمكن تمثيلها:
مناطق النفسية العليا(1/17)
الوجدان النفسي: التمييز، المعيار المنطقي، التحليل الذاتي.
الفكر الواعي: العقل، الانتباه الإرادي، المقررات و الامتناعات المدروسة
مناطق النفسية السفلى
ما تحت الوجدان: الحركات الآلية، التصرفات اللامسؤولة، الخيال.
الفكر العفوي: الميول، قابيلة الانعفال، قابلية التأثر، الحساسية، الذكريات.
وحدة العين سطح لماع تمده الحياة النفسية الحارة بلمعانه، فكلما اشتدت حرارة العواطف، وقوة الأفكار، ومتانة العزم، ازداد لمعان الحدقة.
عليك، إذا أرادت أن تكون ذا عينين ساحرتين، أن تتجنب في الدرجة الأولى، كل ما يؤول إلى التسمم من الأغذية، (الكحول خاصة).
وعليك، في الدرجة الثانية، أن تكحلهما يومياً بكحل خاص، من شأنه أن يستخرج طبقة الغبار التي تتكاثف حول مدار العين، ويريح أعصاب الأجفان، ويسهل فتحها وإغلاقها.
وعليك أخيرا، أن تقوم بتمارين وتدريبات تؤدي إلى الإقلال من الرمش، وتحسين الأهداب، فإذا أخذت في الكتابة أو القراءة، حاول دقيقة أو دقيقتين، ثم طوال خمس دقائق، ثم عشر، ثم خمس عشر، وتابع المحاولة إلى أن تصل إلى الساعة ولا يطرف لك أثناءها جفن. ويساعد على هذا التمرين أن ترفع بملء اختيارك الجفن الأعلى، إلى فوق. وفي أوقات فراغك، حاول أن تصوب نظرك إلي نقطة معينة، ولا ترفعه عنها، وأنت محتفظ بصلابة جفنيك مدة طويلة.
استعمال النظرة
إذا توصلت إلى وضع عينيك, وحركات محجريك, وتعبيرات وجهك, رهن مراقبتك الفكرية اليقظة, فأبدأ إذن, من هذه النقطة التي بلغتها, باتباع المسلك الآتي:
احتفظ ببرودة مطلقة وأنت تعمل, وأنت تخاطب هؤلاء وأولئك من الناس, وأنت تصغي لما يقوله الآخرون. ولتكن عيناك مسمرتين, مفتوحتين فتحة طبيعية, عادية, لا ترمشان أبدا, ولتكن أفكارك وردود أفعالك ـ مهما عظمت وقويت ـ هادئة, سادرة, معماة.(1/18)
هذا لا يعني, طبعاً, أن تستقر جامدة, عبوساً, صامتاً, فإذا كان ثمة ما يدعوا إلى تدخلك أو مشاركتك في الحديث, فاجتهد أن تعطي وجهك, عن سابق تصور وتصميم, العبارة اللائقة, دون أن يغيب عن بالك أن ما تقوله, والطريقة التي تقول بها, أمران مهمان أكثر من النظرة وعبارة الوجه.
إياك أن يخونك القلق الذي يساورك, أو الحزن الذي يخالجك, أو الاستياء الذي يفعم سريرتك, أو الاستهجان الذي تبطنه في قراراتك. سيطر على نفسك في كل لحظة أياً كان الظرف, ومهما كانت الأجواء, تعط بذلك صورة قوية مرتاحة, ونظرتك تستولي على نظرات الذين تخاطبهم, وهم يصغون إليك بانتباه مطمئن بليغ.
وإذا خوطبت بلوم أو تأنيب فاستمع ولا تتململ, واظهر كمن يسجل ملاحظات قيمة. فإذا كان ما يوجه إليك عارياً عن الصحة, أو في غير محله, أو لا أساس له, يتضح ذلك فوراً بمجرد موقفك الهادئ, ورصانتك في الرد عليه.
وإذا كنت, على العكس, موضع تكريم, فتقبل ما يلقى إليك دون أن تبدي به سروراً زائداً, وأذكر دوماً, في مثل هذه المواقف, المبدأ العام وهو أن رأيك الشخصي المعلل, في نفسك واعمالك, أهم بكثير من آراء الآخرين فيك.
والأفضل دوماً أن تتبع القاعدة الكبرى وهي أن لا تبدي "انهماكاً" في أي موقف من المواقف, فلا احترا مات زائدة, ولا تملق, ولا إعجاب, ولا تعاطف مصطنع, فتكسب بذلك رغبة الآخرين في التقرب منك, والتودد إليك. وهنا أيضاً, ينبغي لك أن تتصون وتعتصم بالهدوء وعدم الاكتراث.
والقاعدة العامة هي: كلما منعت عواطفك وميولك ومضلاتك التي تحركك وتهزك, من الظهور والتمثل, وكلما بقيت آراؤك ومقاصدك ومعارفك "أسراراً" محجوبة, ترتفع درجة قوتك الجاذبية, وتتأكد مغناطيسية ذاتك.
المغناطيس الجسمي(1/19)
كلنا نبث, من قريب, إشاعات محض حيوية, وهي المغناطيس الحيواني الذي لا يتجاوز ميدان نشاطه مدى مترين أو ثلاثة, كما تفيض,أو تتدفق, حول كل منا, موجات مغناطيسية في دوائر ضيقة, تنبعت من أطراف الجسم الدقيقة (الشعرـ الأهداب ـ الجفون ـ أطراف الأصابع). وكل قرار أو نية حازمة صارمة بتوجيه هذه الإشاعات نحو نقطة معينة من جسم شخص آخر, تمكن الموجة من التأثير فيه. فإذا صوبت نظرك بلطف ونعومة على جبين مريض بالصداع مثلاً, وكان المريض مضطرباً, متهيجاً, لا يلبث أن تؤثر فيه تأثير ناعماً, يرده إلى حالة من النعاس الهادئ, قد ينتهي إلى غفوة لذيذة.
ويمكنك أن تفيد من المغناطيس الجسمي فوائد جمة إذا أحسنت استعماله لما فيه من تهدئة الآخرين, وإيقاظ عواطفهم الرقيقة, ومقاومة انفعالاتهم الهائجة, وحالاتهم العصبية.
الصور الذهنية
لابد أن تزيد كمية الانتباه إذا أريد التقاط صورة ذهنية, عما هو الأمر في نقطة مرئية. انتخب شخصاً تعرفه جيداً, في مظهره وفي نفسيته, بحيث يكون تمثلك الذهني له بالغاً منتهى الضبط والدقة, ثم اجلس في مكان هادئ مظلم (أو في ضوء أزرق وراء وجهك) بعد أن تكون واثقاً من أحداً لن يأتي ويزعجك, وامضِ, خلال عشرين دقيقة إلى ثلاثين, في النظر إلى الصورة الذهنية التي انتخبتها, وأعد هذا التمرين عشرين مرة إلى ثلاثين, تجد أن لقاء هذا الشخص, بعد هذا التمثل, يؤدي بك إلى النتائج التي تريدها معه, شرط لأن يكون الشخص المعني يجهل كل شيء من أمرك.
ذلك يزيد من صلابتك أمام كل من تهاب من الناس, ويجعل نظرتك إليه أثبت من قبل...
الفصل الخامس
المظهر والتصرف
للمظهر العام الذي يظهر به الشخص هيكله الجسمي, إلى هندامه, إلى طريقة لباسه, كما لتصرفه في الكلام, في الجلوس, وفي القعود, في الإصغاء, في المشي, كل التأثير في تكوين سحره الشخصي.(1/20)
هذه الدقائق هي التي يستند إليها الناس عن وعي وغير وعي في بناء أفكارهم عنه, واعطاء آرائهم فيه, وهي التي ينبغي لك أن تعنى بإدراكها عناية خاصة, لتخرج إلى مسرح الحياة منسجماً مع الأدوار التي لا مفر لك من تمثيلها, سواء رضيت أم أبيت.
الهيكل الجسمي
ما من أحد في هذه الدنيا يختار, قبل أن يولد, مكان ولادته, ولا العصر الذي ينشأ فيه, ولا مركز أهله وأجداده في الحياة العامة, ولا صفاتهم وميولهم واتجاهاتهم وعقليتهم.
كذلك لم يقدر لأحد قط, أن يختار طول قامته, ولون عينيه, ودورة وجهه, ومقدار حجمه المادي. ولكن يمكن ايلاء هذه الأشياء كلها ضرباً من الانسجام والتناسق, عن طريق الجهد والفن, يجعلهما ذات رونق وهيبة وجمال.
إن اتباع القواعد الصحية العامة, واداء التمارين الرياضية, وتحقيق الهدوء النفسي, وإزالة الغضون من الوجه, وانتظام السير اليومي في العمل والراحة والنوم الهانئ, والاجتهاد في القيام بكل ما تتطلبه النظافة, أمور تفضي حتماً بمن ينفذها بدقة وضبط, إلى جعله شخصية ساحرة.
أما ذوو العاهات الجسمية, فعليهم أن لا يرزحوا تحت نيرها, وأن لا يرهقهم أمرها, فإنهم إذا عزموا, وجدوا واجتهدوا, تحولت عاهاتهم نفسها إلى وسيلة من وسائل النجاح والتوفيق.
كان أبو العلاء المعري أعمى, وبلغ مع ذلك من رفعة القدر وبعد الصيت ما جعله إمام معاصريه.
المظهر
وإذا كانت قسمات الوجه, وتقاطيع الجسم "معطيات" ناتجة عن ضرب من القضاء والقدر يسبق وجودنا, فإن إظهار هذه القسمات والتقاطيع, وإيداعها الانسجام والقوة والجمال, أمران يدخلان في حيز الإدارة البشرية والعناية وحسن التدبر وبعد النظر والذوق المصقول المرهف.
قيادات الذات
لا شيء يجعل انسجام التصرف سهلاً يسيراً, مثل التفكير الدقيق, المتواصل, في استعمال كل يوم من أيام الأسبوع, ووضع منهج للأعمال اليومية, والسير في تطبيقه بدقة وروية.(1/21)
ذلك يجنبك كل تسرع يثير في داخلك القلق والاضطراب, ويحملك في الخارج, على تصرفات تزعجك ويضيق بها الآخرون, وقد ألححنا من البدء, على أولوية الهدوء في بناء الشخصية الساحرة.
وإذا أنت قضيت, لدى كل مساء, بضع دقائق في تصور مشاغل الغد, وتركيز فكرك في واجباتك العلمية والاجتماعية, انتهيت, بعد زمن, إلى تجنب كل تعب, والتخلص من كل اضطراب, وقوي تأثيرك وعظم نفوذك على نفسك, وعلى الآخرين من حولك, الذين يشاهدون في حياتك النظام والانسجام.
إن ذوي "الأمزجة المتغيرة" ممن يبدو عليهم دوماً فراغ الصبر, وسرعة الحدة, وينساقون مع نوبات الغضب أو الانشراح, يقودون أنفسهم في وجه معاكس كل المعاكسة لما يتطلبه سحر الشخصية وملكة التأثير. هؤلاء يحملون أعصاب غيرهم ما لا تطيق, ويجعلون انطباعاته عنهم مؤلمة, كئيبة, مقلقة, تولد فيه النفرة والكراهية. فإن من لا يضبط نفسه, ولا يتحمل ما قد يؤذيه, محافظة منه على شعور الآخرين وكرامتهم, لا يستطيع أن يحظى باعتبار صحيح, واحترام عميق.
الترصن
يستطيع المرء بقليل من الانتباه, أن يتوصل إلى حذف الصيغ والكلمات والتعابير, من أسلوبه الخاص في الكلام, التي يكررها الناس في مختلف المناسبات, دون أن يقدروا معناها الحقيقي, وقيمتها الفاعلة.
ذلك بأن ما تواضع عليه الأكثرية, أو اعتادوا بيانه, ولا يوافق عقلية السامع، ولا يتكيف معها بذوق ومرونة، فيصبح، والحالة هذه، من الأفضل أن تعتاض عن الجملة التي "تحضرك عفواً" بكلمات انتقيتها أنت ووزنتها وفكرت في صداها وأثرها، إلى أن تكوَن لنفسك بنفسك أسلوبا خاصاً، و "لغة" أو بياناً خاصاً.
اسهر إذن على "أن لا يفوت منك" ما لا ترضاه، على أن لا يمر لشفتيك لفظ لم تفكر به قبل التلفظ، وزن الألفاظ بحسك، بذوقك، فأنت تستطيع أن تقول كل ما تريد أن تقول دون أن تؤذي سمع أحد، أو تصدم أحداً.
هذا لا يعني أننا نريدك على أن تتكلف وتتصنع أو تتحذلق.(1/22)
لا.....وإنما نوصيك دوماً أن تكون واضحاً وبسيطاً، والبساطة والوضوح لا ينفيان الأصالة والابتكار، فالفروق الدقيقة بين التعابير، هي المهمة، وهي الخطيرة.
وإذا أنت أصغيت إلى البارعين في الخطابة ممن عرفوا بذاربة اللسان، وقوة العارضة،وحللت عوامل تأثيرهم في السامعين, أدركت ما لا نستطيع أن نصفه لك, أو نرشدك إليه.
الموقف
قلنا, ونؤكد أن "الانهماك" تصرف غير حميد, إن لم يكن ذميماً. وهو يختلف عن "إسداء المعونة" الذي يحمده, بل يجب القيام به في كثير من الظروف.
والفرق بين الموقفين: الانهماك وإسداء المعونة, إن الأول ينطوي ضمناً على شيء من العبودية, بينما الثاني يتطلب استعانة موجهة إليك, أو رغبة في تدخلك. ومتى حكمت أن من اللائق أن تتدخل فاعمل دون أن تعلق على تدخلك أدنى أهمية, ثم إياك أن تمنَّ بمعونة أسديتها, أو تشعر الآخرين بها, أو بقيمتها في نفسك, ولا تحتفظ بضغينة ـ حتى ولو بحق ـ على أي كان.
سجل أساليب كل امرئ أو امرأة في التصرف واتخاذ المواقف, بغية أن تستخرج منها الإلهامات التي تفيدك في مسلك تجاهه أو اتجاها, في المستقبل. ولا يغب عن بالك أن تسعة أعشار الناس يفكرون ويتصرفون بشكل آلي يحتمه عليهم تكوينهم النفسي الداخلي الذي لم ينتخبوه. فالتبعة فيه لا تقع على عاتقهم, وهذه التبعة تنزل أحياناً إلى درجة الصفر. فلنكن إذن متسامحين معهم, في الوقت الذي نأخذ فيه أقصى ما نستطيع من احتياطات في علاقاتنا بهم, وتقدير كمية الثقة التي نوليها لكل منهم.
يجب أن تقف متماسكاً, هادئاً, حيال أي شخص بالغاً ما بلغ منك الاستياء منه, وبالغاً ما بلغ خذلانه لك, فإنك تبذر طاقتك النفسية, على غير طائل, حين تظهر الغضب أو البغض...
التهذيب والتأثير الشخصي
المقصود عادة من كلمة "تهذيب" يتلخص في أن يطبق الشخص سلوكه على القواعد التي يراد منها تجنب الاصطدامات, ومراعاة شعور الآخرين, وعدم مضايقتهم وإزعاجهم إجمالاً في الحياة الاجتماعية.(1/23)
هناك لياقات تعارف الناس على العمل بها, يمكن للشخص أن يكتشفها, ويلاحظها, ويدرسها, ويمضي في تطبيقها إلى أن يملك أسرارها الخفية مع الزمن, ويصبح قادراً على ولوج أية بيئة, وأي محفل, دون ارتباك, أو اضطراب, أو انزعاج.
إن المهذب, ذا الحساسية الدقيقة, يستطيع أن يتصرف بمرونة وصفاء ذهن, حين يُعمِل ذوقه, ويستجيب لما يمليه عليه حسن الترصن, في كل موقف من الموقف, دون أن يطالع الكتب الخاصة بالتهذيب أو يطلع على "فن الحياة".
ثم أن التهذيب يزيد في قيمة المهذب, ثم يزيد في نفوذه على الآخرين, فليراقب المرء في نفسه الحركات والإشارات والمظاهر والألفاظ التي تسيء إلى فكرة الناس عن تهذيبه ودرجة تهذيبه.
روح النضال
مراس الثقافة النفسية يعني "إرجاع التيار", التيار الذي يسوق المرء على غير هدى, وينساق فيه من لم يؤت روحاً نضالية كافية ليقاوم اللجج, ويأخذ الوجهة التي يعرف أنها هي اللازمة.
لا ريب أن الاستعاضة عن التصرف الآلي, بتصرفات موزونة, واعية, أمر عسير. فالمعتاد, أو الطبيعي, يجنح بالإنسان دوماً إلى إبقاء القديم على قدمه, فهو يعود, ويعود, ويصر على العودة كلما تراخي المرء في مقاومته, واسترسل مع تهاويله.
لذلك, لابد من الثبات في حومة النضال, والوقوف الصلب الشديد في وجه العادات القديمة, والحركات الآلية, والمضي في تنفيذ القرارات الجديدة التي يتخذها الإنسان لتحقيق الهدوء, وتربية النفس, واصلاح الجسم, وتنظيم الوقت, والانصراف إلى العمل والإنتاج.(1/24)
يجب أن تنزع من ذهنك كل ما سبق إليه ورسا فيه عن "الطبع" و"العادة" و "الأساس النفسي", فكل شيء في الطبيعة الإنسانية قابل للتغير والتحول والتبدل, فمحاولاتك التي بدأتها في تحصيل النفوذ الشخصي والسيطرة على نفس, وتحويل مجرى حياتك اليومية لما فيه خيرك المقبل, وسعادة وطنك وقومك أمتك, موفقة لا محالة ... وأن تعثرت خلال سيرها بما يشل نشاط الضعاف الذين لا يثبتون في المعركة, ولا يستمرون في الكفاح.
قف في وجه التيار الذي يحاول أن يجرك إلى الماضي, واثبت أمام الصعاب, وثابر على بلوغ الأهداف التي رسمتها بعد الدرس والمذاكرة, ولاتهمنك العثرات أو السقطات التي قد تؤخر سيرك, أو تضعف همتك.
لا تتوان في النضال, ولا تخسر ثقتك بنفسك, مهما كانت تعثراتك وتردداتك, فما من عظيم حقق عظمته إلا بعد زلات وأخطاء كثيرة, وسر عظمته أنه تجاوز نفسه, وثبت في المعمعة.
اعتراض مردود
سيقول القارئ في سره: ... (ولكن هذه المراقبة الأبدية, المستمرة للذات, وهذا الجهد المتصل الذي لابد من بذله في الإشراف على سير النفس وتوجيهها, ليس مما يجذب أو يفرح. والمؤلم المزعج في الأمر, هو هذا الانضباط, والامتناع عن طلب الشهرة, والتخلي عن إفشاء أسرار النفس, وتجنب التعاطف مع الآخرين."
هذا اعتراض مردود, فإن ما يبدو مؤلما ـ بادئ الأمر على الأقل ـ في تطبيق مبادئ التأثير الشخصي, وقواعد الانتظام الذاتي, ليس قائماً فيما يتطلب هذا التطبيق من انتباه وحذر واحتياط وانطواء على النفس, وإنما تتركز الصعوبة في تغيير العادات, والاستعاضة عن التصرفات الآلية في بناء الكيان الحيوي العريقة في القدم إلى سنين متطاولة, بتوجيه جديد, يعاكس التيار القديم.
كل تغيير, يمر خلال تحقيقه, بدور تكيف عسير على النفس, شديد في معاملتها, أية كانت جاذبيته, وأياً كان إغراؤه.(1/25)
تغلب على شدة هذا الدور وعسره, واثبت وانتقل منه إلى غيره, لا يلبث أن تتعود, ويصبح من العسير عليك أن ترجع إلى أيامك وعاداتك.
أن الذي يمارس الرياضة البدنية اليومية, لا يشعر أو تمرسه بغير التعب والاسترخاء, حتى إذا قضي فيها بضعة أسابيع, أصبحت حاجة لا غنى عنها, ووجد فيها لذة كلما وصل إلى وقتها الذي خصصه لها, في الصباح.
كذلك هو شأن كل من يحمل نفسه على تغير ما فيها من هنات واضطرابات, فإنه يجد بعد أن يجتاز مرحلة التكيف, متعة لا تعدها متعة, في محاسبة نفسه, والتشدد تجاهها في كل ما يصدر عنها من حركات وتصرفات عفوية. وعندما يصل إلى قطف الثمار, من شعور بالثقة, إلى هدوء, إلى راحة ضمير, إلى إنتاج مادي ومعنوي, إلى استقلال في الرأي والتصرف, يدرك أن اعتراضاته لم تكن في محلها, وأن السعادة هي ما حققته وانتهى إليه.
انتقال
ننتقل الآن من المظاهر إلى الجوهر, أي من التأثير المنظور إلى اللامنظور, إلى سحر الشخصية الذي يتمثل في أعمال النفس, لا في إطلالة الشخص.
هنا, لن يقف الأمر عند إخضاع مظاهرك المنظورة لقواعد دقيقة فحسب, وإنما يتعداه إلى "أعظم فتح" يمكن لامرئ تحقيقه على أديم هذه الأرض, إلا وهو "حكم الحياة النفسية" والسيطرة على الذات الخفية, أي على الفكر, بعبارة موجزة. وهذا ما سنتناوله في الفصل القادم..
الفصل السادس
التأثير اللامنظور
هناك... على هامش الفعاليات العضوية الصامتة, التي تنظم البدن ووظائف الأعضاء والحركات العصبية والدموية والتنفسية, تقوم حياة داخلية أخرى هي الحياة النفسية التي يحيا بها الكائن الإنساني.
هذه الحياة معقدة, متشابكة, ولكن تتمثل في مظهرين قويين: 1ـ الحساسية, أو الميول والنزعات, والأهواء, والكراهيات والعواطف, وما شابه ذلك.
2ـ الوعي, أو التمييز, والفكر المدروس الموضوعي, والمنطق, والعقل.(1/26)
وللحياة النفسية أصداؤها أو تأثيراتها المباشرة السريعة, ليس على أنفسنا فحسب, وإنما هي ترسل أو تبث "إشعاعاً" خاصاً, ينتشر في الفضاء ويمتد مع الزمن, ويحظى بنفوذ معين على ألئك الأشخاص الذين يهمنا أمرهم, ويهمهم أمرنا, كما أن له تأثيره في العوامل العديدة التي تتجمع وتتفاعل وتولد الأحداث القريبة والبعيدة التي تنسج منها خيوط صيرورتنا المجهولة آنيّاً لدنيا, والتي تتضح بعد وقوعها.
ذلك هو التأثير اللامنظور.
النشاط النفسي
نشاطك النفسي يثير ـ أية كانت حدته ـ مغناطيسيات وكراهيات, ويخلق ممكنات ومستحيلات, ومجموع هذه الأشياء يؤلف ما نسميه "المغناطيس الشخصي".
وهكذا, نجد أن كل كائن إنساني قد وهب خاصية "إشعاعية" تختلف سطوعاً وخموداً حسب درجة نشاطه النفسي, كما تختلف نتائجها وأصداؤها حسب دقة توجيهها. فاعتبار المغناطيس الشخصي "امتيازاً" يناله المحظوظون, أو العباقرة الموهوبون, أو بعض ذوي السطوة والسلطان, أمر مخالف للحقيقة, ينأى عنها وينحرف انحرافا تاماً...
ثم لابد من الإشارة إلى أن مغناطيس الشخصية لا يحصل بمطالعة الكتب, ولا بالدرس النفسي, فالكتب إنما وضعت بعد ملاحظات وتحليلات للقوانين والقواعد التي تهيمن على الظواهر النفسية.
قلت, ألح, ولا أزال أقول: إن أي شخص يستطيع أن يحقق تأثيراً لا منظوراً, ذا قوة هائلة, مهما كان زرياً, خاملاً, بعيداً عن الأوساط النافذة, والمقامات العالية.
فإذا رافق الحياة الداخلية الحارة, الشديدة, صفاء الذهن, ووضوح في التميز, ومضاء في العزم, أصبح صاحب هذه الحياة جذاباً, مؤثراً, مهما عورض في مجتمعه, وعوسر في بلوغ أهدافه. فهو لابد واجد من يتكئ عليه, أو يستند إليه, ويحرز معونته.ولنضف إلى ذلك, إن انتصاراته الشخصية تمسي أهم وأكثر من انتصارات ذوي المظهر الرائع, لأن حرارة حياتهم النفسية الضئيلة, خافتة.
من أنت؟(1/27)
أنت الآن, في وضعك الراهن ـ وبما هو جوهري على الأقل ـ نتيجة أو "محصلة" تعاونت على إيجادها حقائق نشاطك النفسي السابق. ووضعك المقبل, القريب والبعيد على سواء, أمر داخل في حدود ما تحتم, وما تريد, وما تعمل. وانك لبالغ ما تهفو إليه, في حدود ما تبذل من مجهود في سبيل صحتك, وكرامتك, وانتظامك العملي, وزيادة معرفتك, وتوسيع دوائر إنتاجك.
إن أقل فكرة عابرة تخطر لك, تعين على إيجاد جاذبيات وأحداث. فاشرع من الآن, في توجيه حياتك النفسية, تصل بذلك إلى التأثير الواعي على الآخرين, وعلى اثر الظروف نفسها في كيانك الشخصي والعام.
العامل الكوني
هناك عامل كوني ينقل الأفكار والآراء والعواطف والخواطر, أو يبثها على المدى الأوسع الذي لا يعرف أحد سعته, ولا يملك أن يقيسها.
أما كيف نفهم هذا العامل, وكيف يصح تأكيده, وكيف نقنع من لا يقتنع بوجوده, فهذا ما لا سبيل إليه إلا عن طريق التشبيه.
وقف منذ أكثر من نصف قرن, بعض العلماء يقرون أن في الإمكان الاتصال دون سلك بأبعد الناس. وكان فيهم من يدعي أنه يعرف أسرار البرقيات اللاسلكية, فما أن تناقلت الصحف خبر هذا الاختراع حتى لوى "الواقعيون" برؤوسهم, وسخروا قائلين: "كيف يمكن نقل رسالة في الوقت الذي لا يصل بين المرسل واللاقط أي سلك؟".
ثم كانت التجربة التي أيدت ماركوني, واديسون وغيرهما من العلماء فيما ذهبوا إليه.
الأكيد هو أن "نظرية العالم المغلق" القديمة, التي يرقى بها القدم إلى آلاف السنين, كانت ترى أن هناك عاملاً كونياً دقيقاً, في منتهى الدقة, ينفذ خلال المادة مهما بلغت من الصلابة, لينقل أي إشعاع كان. وهذا العامل هو ما يسمونه "الأثير" في علم الطبيعة.
والأثير هو الذي ينقل لنا الموجات التلغرافية والموجات الإذاعية في جميع محطات العالم, والتلفزيون أدهش من التلغراف والراديو معاً لأنه ينقل الصورة خلال الأثير, بالإضافة إلى الصوت والصورة والإشارات والحركات.(1/28)
الواقع أننا نسبح جميعاً في أثير واسع, وهذا ينقل إلينا تأثيرات تفعل فعلها في كياننا, على غير وعي منا, وتتسرب داخل العناصر الغامضة التي تتولد من تجمعها وتفاعلها مع أفكارنا, من جهة, وتنتعش ـ أي التأثيرات ـ باهتزازات تبثها استعداداتنا النفسية, إشعاعيا.ً
نحن إذن على صلة دائمة, بجميع الكائنات, وبالأفراد والأشخاص الذين نعرفهم ولا نعرفهم, خاصة, ممن يتعلق بهم تحقيق ما نتمنى. وهذه الصلة هي ذلك العامل الكوني, الكامن في طبيعة الأشياء, الخفي عن الأعين خفاء كلياً, مطلقاً, تاماً.
ينابيع القوة النفسية
قلنا أن قوة الحياة النفسية, وشدة حرارتها هما اللتان تحددان مباشرة, درجة الضغط الداخلي, لإخراج المغناطيس الشخصي. فمن كانت حياته النفسية ضعيفة باردة, كان تأثيره الشخصي باهتاً, سقيماً. ومن كان قوياً في داخله, شديداً في تحقيق عواطفه السامية وأفكاره الواضحة، كان نفوذه فائقاً، غريباً، فمن رفع درجة نشاطه الداخلي، وقوة حياته النفسية ازدادت فيه خاصة الإشعاع، وحين يكون النشاط الداخلي_النفسي ضعيفاً، يضعف معه إشعاع الشخصية.
لا تخضع إذن لشيء، ولا تهن أمام عقبة كائنة ما كانت، ولا تذعن إلى صعوبة.
لا تخضع لما تستشعر أحيانا من عجز صحي، أو ضعف مادي. لا تخضع لظروفك.
تمردـ في ذهنك ـ على كل مالا يرضيك، وحافظ على ثورتك الداخلة، وقرر أن تزيد في قواك، أن تدرك المستوى الثقافي الذي يستهويك، أن تنال المنصب الاجتماعي الذي ينسجم مع ميولك ونزعاتك.
اغلق أذنيك دون الفضوليين، والقدريين والمخذلين المثبطين من كل جنس ولون. وامض إلى الأمام، بسكوت هادئ مستغرق، وأنت في صمتك البليغ هذا، مستمر في سيرك إلى الأمام، دوماً إلى الأمام، ثم لا تلبث بعد ذاك أن تجد انك قادر. فكل من عزم قادر، حين يعي ما عزم عليه.
مع الآخرين
أجمع الباحثون المحدثون على أن فعاليتنا النفسية وإشعاعها, أمران يسيران حسب قانون طبيعي دقيق يمكن وضع صيغته كما يلي:(1/29)
" الأفكار والأعمال التي هي من طبيعة واحدة تتجاذب, وتخلق أو تزيد الاعتبار والتعاطف, والثقة, والحب بين الأفراد. والأفكار والأعمال التي هي من طبيعة متعارضة تتدافع, وتفتح الباب أمام الكراهية, والحذر, وسوء الظن بين الأفراد."
لا غنى عن إعادة النظر في هذا القانون النفسي, بغية شرحه وإيضاحه, فعندما تقرر مثلاً " أن الخوف يجذب الخوف" وأن "الكآبة تجذب الكآبة" فأنت تعني بذلك الخوف والكآبة اللذين يلقي إليهما المرء بنفسه دون أن يعمل شيئاً, ففي اللحظة التي يوجد بها الخوف حالة التنبه والحذر, والتفكير باتخاذ الاحتياط والعزم الصريح على تجنب أسبابه, تأخذ النتائج التي يقضي عليها الخوف, ويشجبها كل عاقل, سبيلها إلى الانخذال والانحلال.
وإذا كان العكس, أي وقف المنخذل ـ والانخذال بداية الكآبة ـ متمرداً على شعوره, وانبثقت في نفسه النية الصارمة الصادقة على عمل شيء ما للخلاص من حالته النفسية, فإن انتقال كراهية هذه إلى الشروع بعمل إيجابي, يوازي القدرة على استغلال حالة الكآبة في استخراج الطاقة اللازمة, ليجاد الصحو والطمأنينة, إن لم يكن الفرح أو السرور!
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ... ضياء
يقول هكتور دورفيل: "إن من يحب أشباهه ولا يعاملهم إلا بما يرضون هم أن يعاملهم به, يملك بلا ريب نفوذاً شخصياً, على درجة ما, قد تكون عالية, وقد تكون وسطاً: هذا يوفر الخير إلى لغيره, ولا يمكن أن يناله أذى. وكلما كان المرء طيباً, بصورة عامة, وينفق من طيبته هذه, بحيث يكون إنفاقه منها دون استنزال فائدة, أو رغبة طامعة, تلقى طيبة الآخرين, وكوفئ, وأرتفع في نظرهم إليه!"
كن إذن دوماً صافي السريرة, طيب القلب, خير الاتجاه, منصفاً في أحكامك, مع أقرب الناس إليك خاصة, تصل إلى حالة صحو داخلي عميق, وتضعف أعداءك مهما كانوا أقوياء...
تطبيقات(1/30)
إذا كانت درجة القوة الجاذبية والمسيطرة التي يبلغها مغناطيس الشخصية, تقوم على قوة الحياة النفسية من جهة, وكان المراد إحداث التأثير الذي يلي ما نريد, من جهة ثانية, منوطاً أن يكون التأثير المشار إليه, موجهاً بوعي كامل وحزم وإنصاف, يصبح من الضروري:
1ـ أن يعمل المرء بكل قوة على حكم حياته النفسية, وعبارتها الكبرى: الفكر.
2ـ أن ينظم نشاطه النفسي المتكاثف الشديد, الحاد, تنظيماً دقيقاً.
هذا يقتضي جهوداً عظيمة.... وفي نهايتها إذا وفق إليها, ترتفع درجة التأثير اللامنظور.(1/31)
كيفية صنع القرارات
إن من أهم أسباب النجاح في الحياة إجادة صنع القرارات واتخاذها في الوقت المناسب في أي جانب من جوانب الحياة المختلفة، سواء في تعاملك مع نفسك أو في تعاملك مع غيرك وكثير من الناس يعملون، ويجتهدون ثم في لحظة حاسمة من مراحل عملهم يحتاجون لقرار صائب حاسم لكنهم بترددهم وعدم إقدامهم على اتخاذ ذلك القرار أو بسبب عدم معرفتهم وتأهلهم لاتخاذ القرار يضيعون عملهم السابق كله وربما ضاعت منهم فرص لن تتكرر لهم مرة أخرى.
وهناك عدد من الخطوات التي يسلكها الإنسان ليصل إلى صنع القرار ، وهي :
1- جمع المعلومات الكاملة والصحيحة عن الموضوع الذي يحتاج إلى اتخاذ قرار فيه، إذ أن محاولة اتخاذ القرار مع نقص المعلومات عنه أو مع عدم صحتها سيؤدي إلى اتخاذ قرار خاطيء وبالتالي ستكون النتائج سيئة وغير صحيحة.
فمثلاً طالب نجح من الثانوية وله رغبة في التسجيل في قسم من أقسام الجامعة ولكنه محتار في أي الأقسام يسجل فالواجب عليه أن يجمع المعلومات اللازمة عن كل قسم من حيث عدد الساعات فيه ونظام الدارةس والمواد والمناهج التي تدرس في والأعمال التي يُمكن أن يمارسها المتخرج من كل قسم وشروط القبول في كل قسم.
2- حصر وتحديد الخيارات الممكنة والمتاحة بناءً على المعلومات المتوافرة عن الموضوع ، ففي المثال السابق نفترض أن الأقسام المتاحة للطالب خمسة أقسام، وبعد جمع المعلومات عن الأقسام المختلفة استقر أمامه ثلاثة خيارات هي التي تصلح ويجد في نفسه استعداد للدراسة فيها ويتوقع أن يحقق نجاحاً في الأعمال الخاصة بها بعد التخرج وإن كانت شروط القبول في قسمين آخرين متوفرة فيه.(1/1)
3- ترجيح الأفضل من الخيارات الممكنة والمتاحة، فمثلاً في المثال السابق تبين أن الخيارات الممكنة هي ثلاثة أقسام لا غير ولكنه بالترجيح بينها ترجح لديه أحد الأقسام إما لطبيعة الدراسة فيه وإما لمدتها وإما لنوعية العلم الذي يمارسه بعد التخرج وإما لهذه الأمور مجتمعة جمعيها، وبالتالي استقر رأيه أن يسجل في قسم كذا.
4- إذا احتار في الترجيح ولم يظهر له أولوية لأحد الخيارات، فعليه بالاستخارة الشرعية ثم الاستشارة لأهل الخبرة في ذلك.
5- تنفيذ القرار : بعد الخطوات السابقة يكون الإنسان قد اتخذ قراره وحدد خياره ولم يبق عليه إلاّ تنفيذ القرار وهو ثمرة لكل ما سبق وبدونه لا يُمكن أن يكون لها قيمة والتنفيذ قد يكون ممن اتخذ القرار، وقد يكون من اختصاص أو صلاحيات شخص أو جهة أخرى كما أن جمع المعلومات ودراسة الخيارات قد يكون من جهة اتخاذ القرار وقد يكون من جهة استشارية أخرى توفر كل ذلك لمن يريد أن يتخذ القرار.
وفي مثالنا السابق تنفيذ القرار هو إجراءات التسجيل في القسم الذي وقع عليه الاختيار، وذلك بمعرفة مواعيد التسجيل والأوراق المطلوبة والاختبارات والمقابلات التي لا بد من اجتيازها والجهة التي يتم التقديم لها ومكانها وتنفيذ ذلك أولاً بأول ومتابعته حتى يتم التسجيل، ويبدأ الطالب الدراسة في القسم الذي وقع عليه اختياره.
المصدر/ كتاب " حتى لا تكون كلاً "
عوض بن محمد القرني(1/2)
مقاومة المقاومة
( 30 طريقة لريادة التغيير وترويض المقاومة) (1/3)
أولاً مقاومة التغيير :
الأسباب العشرون لمقاومة التغيير :
من المهم تفهم أسباب المقاومة حتى يمكن التعامل معها لتكون مدخلاً مهماً للقضاء على المقاومة أو ترويضها. وإن كان يصعب تحديد جميع الأسباب إلا أنه بالإمكان الإشارة إلى أهمها وهي كما يلي :
1. التمسك بالعادات والتقاليد, يقول الله تعالى: } وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ(23)قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ ءَابَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ(24){ (الزخرف : 23 – 24) .
2. الخوف على المصالح المادية أو المعنوية , والتوهم بأن التغيير سيكون سبباً في فقد بعض الامتيازات أو المكاسب .
3. عدم المشاركة في إعداد وتنضيج المشروع التغييري , إذ إن المشاركة في إعداد التغيير حافز للتمسك به والدفاع عنه , والعكس صحيح .
4. الخوف من تأثير التغيير على العلاقات الشخصية مع من يقع عليهم التغيير , فمثلاً قد يرفض الرئيس تغيير وظيفة أحد مرؤوسيه خوفاً من أن يتسبب ذلك التغيير في تعكير صفو العلاقة بينهما .
5. لأن التغيير قد ينطوي أحياناً على مخاطر حقيقية وواضحة , لا سيما تلك المخاطر التي تمس قيم الفرد ومبادئه ومعتقداته.
6. عدم الاقتناع بالتغيير المراد إجراؤه أو ببعض جوانبه .
7. عدم وجود مبررات وجيهة أو حجج كافية للتغيير المراد اتخاذه .
8. عدم وضوح صورة التغيير أو الجهل بحقيقته وأهدافه وإجراءاته وجوانبه الأخرى.
9. لمجرد معارضة الرؤساء وأصحاب النفوذ لهذا التغيير .
10. الإمعية والتقليد الأعمى للآخرين .
11. التكاليف البشرية والمادية الباهظة للتغيير .(1/1)
12. الخوف من عدم القدرة على التكيف مع متطلبات هذا التغيير , فقد يحتاج التغيير إلى مهارات معينة أو خبرات محددة أو قدرات متميزة لا تتوفر عند بعض الأفراد .
13. الارتياح مع الواقع الحالي والاقتناع به .
14. التشبع واليأس والإحباط وربما الملل من كثرة التجارب التغييرية الفاشلة .
15. العناد .
16. سوء العلاقة مع المغير .
17. تنافس الأقران
18. حب الصدارة والزعامة.
19. لأن المقاوم من "الحرس الثوري القديم" , حيث يعتبر نفسه أحد مهندسي الواقع الحالي , ويعتبر أي تغيير هو اعتداء شخصي على ذاته .
20. لقلة العقل والحماقة والسفه.
وسائل المقاومة العشرون :
إن الذين يقامون التغيير يلجأون لطرق ماكرة , ويعتذرون بعبارات وحجج معروفة مسبقاً يمكن تلخيصها بالتالي :
1. لا توجد أهداف واضحة لهذا التغيير .
2. هذا التغيير يخدم مصالح شخصية .
3. لا نملك الطاقات البشرية والمادية اللازمة للتغيير .
4. هذا التغيير سيخرب عملنا , فلا نحن قد حافظنا على إنجازاتنا ولا نحن حققنا شيئاً في المستقبل .
5. هذا التغيير مثالي وغير واقعي .
6. هذا التغيير جيد ولكن وقته ليس الآن , أو نحن بحاجة إلى وقت لدراسة هذا التغيير وتحقيقه .
7. هذا التغيير سيحدث بلبلة لدى العاملين .
8. هذا التغيير مخالف للمبادئ أو الأصول التي قمنا عليها.
9. إن اذين يقودون التغيير مشكوك فيهم وبمعنى آخر القيام بمهاجمة قادة بدلاً من مهاجمة التغيير ذاته .
10. دعونا نجرب هذا التغيير على نطاق ضيق فإن نجح عممناه .
11. هذا التغيير فيه استخفاف بالإنجازات والقيادات السابقة .
12. هذا التغيير لم يجرب في مكان آخر , أو جرب وفشل. وإن كان قد نجح فيتم التركيز على الفرق بين واقعنا والواقع الآخر .
13. إن المقصود من هذا التعبير هو التخلص من بعض القيادات السابقة .
14. أنتم تريدون التجريب ,ونحن لسنا محطة تجارب .
15. دعونا ندرس الأمر من جديد , ثم دعونا نتشاور .(1/2)
16. لنؤجل الأمر حتى الدورة أو السنة القادمة .
17. استعمال أساليب أقل نظافة (الكذب , النميمة , الإشاعات .. إلخ).
18. اللجوء للإضرابات أو القرارات المقيدة أو نشر البلبلة .
19. الانقلابات أو العزل .
20. التصفيات الجسدية أو المعنوية .
أنماط المقاومين الخمسة عشر :
يحسن بالمغير أن يتعرف على أنماط المقاومين وأساليب تعاملهم مع التغيير حتى لا يخدع من قبلهم , وهم خمسة عشر نمطاً كما يلي :
1) المتجارب :
وهو الذي يدعي أن عنده تجربة وخبرة طويلة , وأن تجربته أثبتت فشل هذه الفكرة التغييرية .
2) المتسائل :
وهو الذي يوجه الأسئلة الكثيرة بطريقة ملتوية خبيثة , مع التركيز على الأسئلة التي تتناول أموراً هامشية جزئية , حتى يبين فشل المشروع التغييري .
3) المتسلق :
وهو الذي يحاول التسلق إلى القيادات العليا والوصول إلى متخذي القرار , ثم يقيم معهم العلاقات الاجتماعية المتميزة , وعندها يستغل هذه المكانة والحظوة في التآمر على الفكرة التغييرية ومقاومتها ,وذلك عن طريق إقناع القيادات العليا بعدم قبول هذه الفكرة لعدم صلاحيتها .
4) المُعَمِّم :
وهو الذي يجعل من الحادثة الفردية ظاهرة عامة , حيث يضخم الأخطاء الصغيرة والقليلة ويوهم الآخرين بأن المشروع بأكمله فاشل.
5) الثرثار :
وهو الذي يكثر الكلام والحوار والتعليق دون أن يترك للمغير فرصة للحديث .
6) الملتقط :
وهو الذي يحسن الاستماع إلى المغير , ويحاول أن يلتقط بعض الكلمات أو العبارات التي يتلفظ بها هذا المغير والتي تخدم مقاومته ومعارضته للتغيير المطلوب , ثم يكتفي بهذه الكلمات ليثبت أن المشروع غير كامل وفيه ثغرات كثيرة بدليل ما تلفظ به المغير .
7) المُرَكِّب :
وهو الذي يحاول الاستفادة من جميع الكلمات والعبارات والآراء والمواقف والمشاهد , ويُركِّب بعضها على بعض ليثبت أن المشروع فاشل .
8) المسوِّف :(1/3)
وهو من أخطر أنواع المقاومين إن لم يكن أخطرهم , وهو الذي ربما يمدح المشروع التغييري , ويثني على صاحبه , ولكنه يعقب فيقول : إن وقت المشروع ليس الآن , أو ينبغي تأجيله إلى السنة القادمة .
9) الثعلب :
أي الماكر الذي يتلاعب على كل الحبال , ويتآمر بخبث ودهاء , وبتلون مع كل حال , ويتعامل بوجوه عدة , ويظهر غير ما يبطن .
10) المشاجر :
وهو الذي يقاوم العملية التغييرية ويقضي عليها عن طريق المشاجرة والعراك .
11) المنسحب :
وهو الذي يعبر عن مقاومته بالانسحاب والخروج من المكان الذي يناقش فيه المشروع التغييري , مما يسبب توتراً لدى الآخرين , أو يفض الاجتماع لعدم اكتمال النصاب .
12) الذاتي :
وهو الذي لا يفكر إلا في ذاته , ولا يريد إلا ما يخدم مصلحته الشخصية , ومن ثم فقبوله للفكرة التغييرية أو رفضه لها يعتمد أولاً وأخيراً على مدى تحقيقها لمصالحه , ليس إلا .
13) العقرب :
وهوالذي يلدغ مباشرة صاحب الفكرة التغييرية , ويشوه صورته عند الجميع , وذلك لأن زعزعة الثقة بصاحب التغيير هو في الحقيقة زعزعة الثقة في التغيير نفسه .
14) المساوم :
وهو الذي يتفاوض مع المغير ويساومه في تغييره بحيث يصلان إلى حل وسط أو حل يشوه التغيير ويخرجه عن جوهره .
15) التآمري :
وهو صاحب النفسية التآمرية التي لا تنظر إلا بمنظار التآمر , فيظن أن الآخرين يتآمرون عليه في مشاريعهم التغييرية , لذا فهو يتآمر عليهم كما (يظن أنهم) يتآمرون عليه , وشعاره "إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب" .
ثانياً مقاومة المقاومة :
مقاومة المقاومة :
كما هو معروف أن لكل تغيير مقاومة ؛ ظاهرة تارة وخفية تارة أخرى , قوية تارة وضعيفة تارة أخرى . هذه المقاومة هي التي تتسبب في إفشال العملية التغييرية , ولذا فلابد أن يتم التعامل معها بحذر وذكاء وحكمة من أجل تحجيمها أو ترويضها أو القضاء عليها .(1/4)
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو : كيف يتم ترويض هذه المقاومة أو التخلص منها ؟ وبمعنى آخر : كيف يتم مقاومة المقاومة ؟
والواقع أن هناك طرقاً عديدة وأساليب متنوعة لمقاومة المقاومة , وقبل الخوض في هذه الأساليب نود الإشارة إلى الملاحظات التالية :
1-يمكن للمغير أن يستخدم أكثر من طريقة لمقاومة المقاومة , فقد لا تجدي طريقة واحدة فيضطر إلى ممارسة طريقة ثانية وثالثة ورابعة .. إلخ .
2- يعتمد تبني أي طريقة من الطرق التالية على معايير عدة , من أهمها ما يلي :
أ- طبيعة المغيرين وإمكاناتهم .
ب- طبيعة المقاومة ومدى قوتها وهل هي فردية أم جماعية .
ج- الإمكانات البشرية والمادية المتاحة
د- الظروف والأحوال الداخلية والخارجية للمنظمة والأفراد .
هـ- الزمان والمكان .
3- الغاية لا تبرر الوسيلة , ومقاومة المقاومة ينبغي أن تكون بأسلوب نظيف وشريف .
4- رغم أننا سنذكر بعض الطرق التي لا نظن أنها تتفق والخلق الإسلامي القويم إلا أن ذكرنا لها لا يعني الدعوة إلى تبنيها والتساهل في ممارستها إلا وفق ضوابط عدة من أهمها ما يلي :
أ -أن يتم ممارستها عند الضرورة القصوى .
ب- أن لا يتم استخدامها مع الصالحين المستقيمين .
ج_أن يتم استعمالها بأدنى قدر ممكن .
د-الحذر من التساهل في الكذب والنميمة .
هـ- أن يخلص الإنسان نيته لله تعالى عند استخدام هذه الطرق في حالة الضرورة .
و- أن لا يفرح الإنسان ويفتخر باستخدام هذه الطرق .
ى- أن يكثر الإنسان من الاستغفار والتوبة .
1- كن طبيباً :
يقوم الطبيب عادة بتشخيص الداء والتعرف على أسبابه ومن ثم يحدد له الدواء المناسب , وهذا ما ينبغي للمغير أن يقوم به ابتداءً عند مقاومة المقاومة .
إن للمقاومة أسباباً ودوافع لابد أن يتعرف عليها المغير حتى يستطيع التعامل معها , إذ ربما لا يحتاج المغير إلا إلى كلمات قليلة يمكن بها ترويض المقاومة .(1/5)
لذا , فإن أول سؤال ينبغي أن يسأله المغير للمقاومين هو : لماذا تقاومون هذا التغيير ؟ .
فإن كان السبب الحقيقي هو الجهل بحقيقة التغيير؛ كان العلاج هو توضيح جوانب وأبعاد وماهية وإيجابيات هذا التغيير .
وإن كان السبب هو الخوف على المصالح الشخصية؛ فإن العلاج هو تطمينهم بعدم تأثير التغيير على امتيازاتهم ومكاسبههم الشخصية.
وإن كان السبب هو التكاليف المادية للتغيير؛ فإن علاج ذلك يكون بتبيان الأرباح الكبيرة الآجلة التي يمكن أن حققها هذا التغيير , وهكذا الحال بالنسبة لباقي أسباب ومبررات المقاومة .
2- ادع للمقاومة :
الدعاء هو السلاح الفتاك الذي يؤمن به المؤمنين , كما أنه علاقة العبد بربه , وقد أبان الرسول r أهميته فقال: "مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ" رواه الترمذي .
إن على المسلم أن لا يقلل من أهمية وتأثير الدعاء , لاسيما ذلك الدعاء الذي يخرج من قلب نقي خاشع ناصح لا إثم فيه ولا معصية ,وصدق القائل إذ يقول :
سهام الليل صائبة المرامي ... إذا وُترت بأوتار الخشوع
إننا في تعاملنا مع إخواننا المسلمين , حتى لو كانوا مخالفين ومقاومين لما نريد من تغيير , ينبغي أن لا ننسى أن لهم حقوقاً علينا , ومن حقوقهم علينا النصيحة والدعاء وإرادة الخير لهم .
وما يدري الإنسان , فلعل دعاءً صادقاً يخرج من قلب محب للخير , يرفعه الله تعالى إليه , فيستجيب له , ويجعل نار المقاومين برداً وسلاماً على المغيرين والمتغيرين , وما ذلك على الله بعزيز . وفي التاريخ الإسلامي عبر كثيرة تؤكد ما نقول , وتثبت أهمية الدعاء وتأثيره في نفوس المقاومين والمناوئين والغاضبين والمتربصين.
3- كن فطناً ذكياً :(1/6)
إن مقاومة التغيير قد لا تكون مقاومة أخلاقية شريفة , إذ ربما تحتوي على العديد من التكتيكات والحيل والتمويه , لذا ينبغي أن يكون المغير ذكياً فطناً سريع البديهة .
والذكاء وسرعة البديهة هي موهبة فطرية يهبها الله لمن يشاء , ولكن يمكن اكتسابها أو يمكن القول إنها موجودة لدى كثير من الناس إلا أنها ضامرة تحتاج إلى صقل وإظهار .
ولعل مما ينمي الذكاء وسرعة البديهة هو الاستعانة بالله , والعلم , ومرافقة الأذكياء , والاطلاع على مواقفهم .
لقد كان رسول الله r أذكى الناس وأفطنهم , روى ابن قتيبة أنه لما خرج رسول الله r إلى بدر , مر حتى وقف على شيخ من العرب , فسأله عن محمد وقريش , وما بلغه من خبر الفريقين , فقال الشيخ: لا أخبركم حتى تخبروني ممن أنتم , فقال رسول الله r " إذا أخبرتنا أخبرناك" فقال الشيخ : خبرت أن قريشاً خرجت من مكة وقت كذا , فإن كان الذي أخبرني صدق , فهي اليوم بمكان كذا, للموضع الذي به قريش وخبرت أن محمداً خرج من المدينة وقت كذا , فإن كان الذي خبرني صدق , فهو اليوم بمكان كذا , للموضع الذي به رسول الله . ثم قال : من أنتم ؟ فقال رسول الله r : "نحن من ماء" ثم انصرف , فجعل الشيخ يقول : نحن من ماء ! ماء العراق أو ماء كذا أو ماء كذا .
وأمثلة الذكاء والفطنة وسرعة البديهة كثيرة ومتنوعة ولعل من المهم ذكر بعضها حتى تتسع المدارك وتتضح الصورة .
يروي ابن خلكان في "وفيات الأعيان" (4 /95) أن الحجاج قال لأخي قطري ابن الفجاءة : لأقتلنك , فقال : لمَ ذلك ؟ قال لخروج أخيك , فقال : فإن معي كتاب أمير المؤمنين أن لا تأخذني بذنب أخي , قال : هاته , فقال معي ما هو أوكد منه , قال : ما هو ؟ فقال : كتاب الله عز وجل حيث يقول : }وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{ , فعجب منه وخلى سبيله .(1/7)
وروي أن غلاماً لقي الشاعر أبا العلاء المعري , فقال الغلام لأبي العلاء : من أنت يا شيخ ؟ فقال أبو العلاء : شاعركم , فقال الغلام : أنت القائل في شعرك :
وإني إن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطع الأوائل
فقال أبو العلاء : نعم , فقال الغلام : يا عماه , إن الأوائل قد وضعوا ثمانية وعشرين حرفاً للهجاء , فهل لك أن تزيد حرفاً واحداً ؟ فصمت أبو العلاء وأفحم ولم يستطع الإجابة .
يتبع
اسم الكتاب: مقاومة المقاومة ( 30 طريقة لريادة التغيير وترويض المقاومة)
تأليف :د.علي الحمادي
* * * * *(1/8)
إدارة الذات
وسيلتك لإدارة يومك، وقيادة حياتك نحو النجاح
المراجع:
· ... فن إدارة الوقت، يوجين جريسمان
· ... النجاح رحلة، جيفري ماير
إعداد: عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ
أنوه إلى أن مادة هذا الملف تم تجميعها وترتيبها من المراجع المكتوبة أعلاه، واجتهدت أن أختصر بقدر الإمكان في هذه المادة وكتابة الخلاصة المفيدة، حتى نعطي للقارئ فكرة مبدئية عن ماهية إدارة الذات وماذا نعني بإدارة الذات، وكيف يدير المرء ذاته، بحيث يؤدي ما عليه من واجبات، ويقوم بالأعمال التي يحب أن يؤديها ويوجد توازن في حياته بين نفسه وعائلته وعلاقاته والرغبة في الإنجاز.
ماذا نعني بإدارة الذات؟
هي الطرق والوسائل التي تعين المرء على الاستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه وخلق التوازن في حياته ما بين الواجبات والرغبات والاهداف.
والاستفادة من الوقت هي التي تحدد الفارق ما بين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة، إذ أن السمة المشتركة بين كل الناجحين هو قدرتهم على موازنة ما بين الأهداف التي يرغبون في تحقيقها والواجبات اللازمة عليهم تجاه عدة علاقات، وهذه الموازنة تأتي من خلال إدارتهم لذواتهم، وهذه الإدارة للذات تحتاج قبل كل شيء إلى أهداف ورسالة تسير على هداها، إذ لا حاجة إلى تنظيم الوقت او إدارة الذات بدون أهداف يضعها المرء لحياته، لأن حياته ستسير في كل الاتجاهات مما يجعل من حياة الإنسان حياة مشتتة لا تحقق شيء وإن حققت شيء فسيكون ذلك الإنجاز ضعيفاً وذلك نتيجة عدم التركيز على أهداف معينة.(1/1)
إذاً المطلوب منك قبل أن تبدأ في تنفيذ هذا الملف، أن تضع أهدافاً لحياتك، ما الذي تريد تحقيقه في هذه الحياة؟ ما الذي تريد إنجازه لتبقى كعلامات بارزة لحياتك بعد أن ترحل عن هذه الحياة؟ ما هو التخصص الذي ستتخصص فيه؟ لا يعقل في هذا الزمان تشتت ذهنك في اكثر من اتجاه، لذلك عليك ان تفكر في هذه الأسئلة، وتوجد الإجابات لها، وتقوم بالتخطيط لحياتك وبعدها تأتي مسئلة تنظيم الوقت.
أمور تساعدك على تنظيم وقتك
هذه النقاط التي ستذكر أدناه، هي أمور أو أفعال، تساعدك على تنظيم وقتك، فحاول أن تطبقها قبل شروعك في تنظيم وقتك.
· ... وجود خطة، فعندما تخطط لحياتك مسبقاً، وتضع لها الأهداف الواضحة يصبح تنظيم الوقت سهلاً وميسراً، والعكس صحيح، إذا لم تخطط لحياتك فتصبح مهمتك في تنظيم الوقت صعبة.
· ... لا بد من تدوين أفكارك، وخططك وأهدافك على الورق، وغير ذلك يعتبر مجرد أفكار عابرة ستنساها بسرعة، إلا إذا كنت صاحب ذاكرة خارقة، وذلك سيساعدك على إدخال تعديلات وإضافات وحذف بعض الأمور من خطتك.
· ... بعد الانتهاء من الخطة توقع أنك ستحتاج إلى إدخال تعديلات كثيرة عليها، لا تقلق ولا ترمي بالخطة فذلك شيء طبيعي.
· ... الفشل أو الإخفاق شيء طبيعي في حياتنا، لا تيأس، وكما قيل: أتعلم من أخطائي أكثر مما أتعلم من نجاحي.
· ... يجب أن تعود نفسك على المقارنة بين الأولويات، لأن الفرص والواجبات قد تأتيك في نفس الوقت، فأيهما ستختار؟ باختصار اختر ما تراه مفيد لك في مستقبلك وفي نفس الوقت غير مضر لغيرك.
· ... اقرأ خطتك وأهدافك في كل فرصة من يومك.
· ... استعن بالتقنيات الحديثة لاغتنام الفرص وتحقيق النجاح، وكذلك لتنظيم وقتك، كالإنترنت والحاسوب وغيره.
· ... تنظيمك لمكتبك، غرفتك، سيارتك، وكل ما يتعلق بك سيساعدك أكثر على عدم إضاعة الوقت، ويظهرك بمظهر جميل، فاحرص على تنظيم كل شيء من حولك.
· ... الخطط والجداول ليست هي التي تجعلنا منظمين أو ناجحين، فكن مرناً أثناء تنفيذ الخطط.(1/2)
· ... ركز، ولا تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه، وهذه النصيحة أن طبقت ستجد الكثير من الوقت لعمل الأمور الأخرى الأكثر أهمية وإلحاحاً.
· ... اعلم أن النجاح ليس بمقدار الأعمال التي تنجزها، بل هو بمدى تأثير هذه الأعمال بشكل إيجابي على المحيطين بك.
معوقات تنظيم الوقت.
المعوقات لتنظيم الوقت كثيرة، فلذلك عليك تنجنبها ما استطعت ومن أهم هذه المعوقات ما يلي:
· ... عدم وجود أهداف أو خطط.
· ... التكاسل والتأجيل، وهذا أشد معوقات تنظيم الوقت، فتجنبه.
· ... النسيان، وهذا يحدث لأن الشخص لا يدون ما يريد إنجازه، فيضيع بذلك الكثير من الواجبات.
· ... مقاطعات الآخرين، وأشغالهم، والتي قد لا تكون مهمة أو ملحة، اعتذر منهم بكل لاباقة، لذى عليك أن تتعلم قول لا لبعض الامور.
· ... عدم إكمال الأعمال، أو عدم الاستمرار في التنظيم نتيجة الكسل أو التفكير السلبي تجاه التنظيم.
· ... سوء الفهم للغير مما قد يؤدي إلى مشاكل تلتهم وقتك.
خطوات تنظيم الوقت.
هذه الخطوات بإمكانك أن تغيرها أو لا تطبقها بتاتاً، لأن لكل شخص طريقته الفذة في تنظيم الوقت المهم أن يتبع الأسس العامة لتنظيم الوقت. لكن تبقى هذه الخطوات هي الصورة العامة لأي طريقة لتنظيم الوقت.
· ... فكر في أهدافك، وانظر في رسالتك في هذه الحياة.
· ... أنظر إلى أدوارك في هذه الحياة، فأنت قد تكون أب أو أم، وقد تكون أخ، وقد تكون ابن، وقد تكون موظف أو عامل او مدير، فكل دور بحاجة إلى مجموعة من الأعمال تجاهه، فالأسرة بحاجة إلى رعاية وبحاجة إلى أن تجلس معهم جلسات عائلية، وإذا كنت مديراً لمؤسسة، فالمؤسسة بحاجة إلى تقدم وتخطيط واتخاذ قرارات وعمل منتج منك.
· ... حدد أهدافاً لكل دور، وليس من الملزم أن تضع لكل دور هدفاً معيناً، فبعض الأدوار قد لا تمارسها لمدة، كدور المدير إذا كنت في إجازة.(1/3)
· ... نظم، وهنا التنظيم هو أن تضع جدولاً أسبوعياً وتضع الأهداف الضرورية أولاً فيه، كأهداف تطوير النفس من خلال دورات أو القراءة، أو أهداف عائلية، كالخروج في رحلة أو الجلوس في جلسة عائلية للنقاش والتحدث، أو أهداف العمل كاعمل خطط للتسويق مثلاً، أو أهدافاً لعلاقاتك مع الأصدقاء.
· ... نفذ، وهنا حاول أن تلتزم بما وضعت من أهداف في أسبوعك، وكن مرناً أثناء التنفيذ، فقد تجد فرص لم تخطر ببالك أثناء التخطيط، فاستغلها ولا تخشى من أن جدولك لم ينفذ بشكل كامل.
· ... في نهاية الأسبوع قيم نفسك، وانظر إلى جوانب التقصير فتداركها.
ملاحظة: التنظيم الأسبوعي أفضل من اليومي لأنه يتيح لك مواجهة الطوارئ والتعامل معها بدون أن تفقد الوقت لتنفيذ أهدافك وأعمالك.
كيف تستغل وقتك بفعالية؟
هنا ستجد الكثير من الملاحظات لزيادة فاعليتك في استغلال وقتك، فحاول تنفيذها:
حاول أن تستمتع بكل عمل تقوم به.
تفائل وكن إيجابياً.
لا تضيع وقتك ندماً على فشلك.
حاول إيجاد طرق جديدة لتوفير وقتك كل يوم.
أنظر لعاداتك القديمة وتخلى عن ما هو مضيع لوقتك.
ضع مفكرة صغيرة وقلما في جيبك دائماً لتدون الأفكار والملاحظات.
خطط ليومك من الليلة التي تسبقه أو من الصباح الباكر، وضع الأولويات حسب أهميتها وأبدأ بالأهم.
ركز على عملك وانتهي منه ولا تشتت ذهنك في أكثر من عمل.
توقف عن أي نشاط غير منتج.
أنصت جيداً لكل نقاش حتى تفهم ما يقال، ولا يحدث سوء تفاهم يؤدي إلى التهام وقتك.
رتب نفسك وكل شيء من حولك سواء الغرفة أو المنزل، أو السيارة أو مكتبك.
قلل من مقاطعات الآخرين لك عند أدائك لعملك.
أسأل نفسك دائماً ما الذي أستطيع فعله لاستغلال وقتي الآن.
أحمل معك كتيبات صغيرة في سيارتك أو عندما تخرج لمكان ما، وعند اوقات الانتظار يمكنك قراءة كتابك، مثل أوقات أنتظار مواعيد المستشفيات، أو الأنتهاء من معاملات.
أتصل لتتأكد من أي موعد قبل حلول وقت الموعد بوقت كافي.(1/4)
تعامل مع الورق بحزم، فلا تجعله يتكدس في مكتبك أو منزلك، تخلص من كل ورقة قد لا تحتاج لها خلال أسبوع أو احفظها في مكان واضح ومنظم.
أقرأ أهدافك وخططك في كل فرصة يومياً.
لا تقلق إن لم تستطع تنفيذ خططك بشكل كامل.
لا تجعل من الجداول قيد يقيدك، بل اجعلها في خدمتك.
في بعض الأوقات عليك أن تتخلى عن التنظيم قليلاً لتأخذ قسطاً من الراحة، وهذا الشيء يفضل في الرحلات والإجازات.
ركز على الأفعال ذات المردود العالي مستقبلاً، مثل:
أنت! ... العائلة ... العمل ...
· ... قراءة الكتب والمجلات المفيدة. الاستماع للأشرطة المفيدة. الجلوس مع النفس ومراجعة ما فعلته خلال يومك. ممارسة الرياضة المعتدلة للحفاظ على صحتك. أخذ قسط من الراحة، من خلال الإجازات أو فترة بسيطة خلال يومك.الجلوس مع العائلة في جلسات عائلية. الذهاب لرحلة ومن خلالها تستطيع توزيع المسؤوليات على أفراد الأسرة فيتعلموا المسؤولية وتزيد أواصر العلاقة بينكم.التخطيط للمستقبل دائماً. التخلص من كل عمل غير مفيد. محاولة استشراف الفرص واستغلالها بفعالية. التحاور مع الموظفين الزملاء والمسؤولين والعملاء أو المراجعين لزيادة كفائة المؤسسة. ...
وما ورد أعلاه ليس إلا أمثلة بسيطة، وعليك ان تبدع وتبتكر أكثر.(1/5)
إذا كان عليك أن تنطلق فانطلق من هنا
"إن في النفس لدررا لو إستطاع الإنسان أن يكتشفها ويصقلها لتغيرت حياته نحو الأفضل الشيء الكثير".
(وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
الحالم
___________________________________________
اكتشاف الذات
عندما أكتشف ذاتي ما الذي سيستجد؟؟
سؤال يطرحه بعض الناس وهم يتناسون أنهم يحملون في داخلهم كينونة إنسانية هي من التعقيد الشيء الكبير ...
هذا العلم نبغ به الغرب لإحساسه –حسبما أعتقد- بفراغ نشأ داخليا في ذات كل إنسان هناك، قد يكون جزءا من الحل الذي ينشدونه ولكنه يبقى جزءا، فما بالنا نحن المسلمين المالكين لجوانب النشاط الروحي بين جوانبنا لا نعبأ بالواقعية التي تفوق الغرب بها علينا ... ... .
المشكلة تكمن –والله أعلم- في أننا في جوانب تربيتنا نركز على بناء الإنسان المسلم المدعم بالنظريات ولانبني في معظم الأحيان ذلك الإنسان المسلم الواقعي الذي يستمد من تلك النظريات التي يحملها واقعا مناسبا له يملك أبجديات التعامل معه وإنما نترك له التشتت هنا وهناك بين صراعات يمر بها كإنسان يعيش على ظهر هذه المعمورة وبين إنسان هو بكل فخر صاحب رسالة.
من خلال احتكاكي بكثير من الشباب-وهم عماد الأمم- وجدتهم أبعد ما يكونون عن معرفة أنفسهم فكيف بهم يدخلون بحر تغيير الأنفس والآفاق؟؟ ...
مرحلة اكتشاف الذات هي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرض ... هذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطرب ... لحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس:
من أنا ؟؟
ماذا أفعل في هذه الدنيا؟؟
ماذا أعرف عن نفسي؟؟
لماذا خلقت؟؟
كيف أريد أسلوب حياتي أهو بعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير –الذي يتفاوت من شخص لآخر- يحمل لنا العديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف في نفوسنا!!(1/1)
إنسان في وسط هذا العالم الصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة-وإن كان الإنسان في معظم الحالات هو المسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه- ، كان يحمل بين جوانبه خلفيات(نظرية) بسيطة عن دينه وعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه!!
وجد نفسه يضطرب بإضطراب هذا العالم ، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله لتفتت شخصيته ، ووجد نفسه يجاري هذا العالم في عبثه.. في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعد عن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته ...
وتوقف وتوقف و طالت وقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو(؟) وأدرك ما دوره وأدرك الكثير –وليس كل شيء لأنه لاوجود للكمال هنا-عن نفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لاتولد القيام به كما في حالة الإدراك والاستيعاب ... ما الذي حصل هنا؟؟
ما حصل هو معرفة الأنا وفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة ...
مصطلحات ضخمة أليس كذلك؟؟
ولكنها بسيطة إذا أردنا سبر أغوارها ...
هي قصة شاب أعرفه حق المعرفة، ولكنه تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي مع الآخر ... ... دعونا ندخل في صميم هذا الشاب ... ...
ولكي نعطي للموضوع بعدا آخر سنترك الشاب يروي لنا رحلة اكتشاف ذاته بنفسه!!
دخلت الجامعة ووجدت نفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتي ... الخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حولي والمجتمع الذي حولي يفرض نفسه علي ... لن أقول بأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينها ... جهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه كان دائما يؤثر سلبا على نفسيتي ... ضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمة ما ... ثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل انهيار عصبي ... كنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكن كان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته على الموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي ... ..(1/2)
في ذاك الوقت كان يتردد على مسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الاستسلام فقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني!!!
وقفت مدهوشا لهذه الكلمة التي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة ، اكتشف ذاتي؟؟ ما هذا المصطلح؟؟
بعدها بأيام عزمت على البدء، كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الردات سلبية في اتجاهها ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة، وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزان لوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط. هذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناء قراءتي لكتاب في تربية الطفل.كان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة على فلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة في أقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف. من هذه الفلسفة تعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أًصبح خلقا لأن الخلق هو عادة الفعل ...
كذلك كانت هناك العقد المتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى على القارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان ولذلك كان النسيان والتفكير لأننا نعيش هذه اللحظة وليس الماضي، فالماضي لا يجب أن يكون له ذلك التأثير السلبي على عقلية الفرد لأن الماضي وجد لكي يتخذ الإنسان منه العبر والمواعظ لا أن يؤثر في حياته فينحى بها منحى آخر ...(1/3)
هذه النقاط الثلاثة قادتني نحو التفكير الموضوعي وإدراك أساليبه وبالتالي الدخول إلى عالم النفس بكل صدق وواقعية ، أي أن المزيج الذي ظهر من تلك المكونات الثلاثة (طرد ردات الفعل، التوازن، محي العقد)أكسبني قدرة على التعامل بموضوعية مع نفسي. فصارت الحقيقة جلية أمام ناظري عندما أحكم على فعلي الذي قمت به ...
وهكذا مع قليل من الصداقة مع النفس وكثير من التقوى والصلة بالله والشفافية صرت أستطيع توجيه اللوم مباشرة إلى نفسي إن أخطأت دون التحرج من نفسي في ذلك وبالتالي توطدت العلاقة مع نفسي مما فتح الباب أمامي في الدخول إلى عالمها الرحب والبدء في اكتشافها ... ...
بداية حاولت التعرف على الأمور التي تجعلني متوترا ومكتئبا وكتبتها على الورقة، وبدأت بتفنيد كل منها على حدة ومع المصارحة والحوار الداخلي أمكنني القضاء على المحبطات لأنها من الأمور الصغيرة التي لا يجدر بنا الاهتمام بها لأنها صغائر، هذه النقطة بدأت ألمس تأثيرها على علاقاتي مع رفاقي ، فلم أعد أهتم بتلك القضايا الصغيرة التي تنشأ بين أصحاب الجيل الواحد(لنقل الأنداد) مما انعكس إيجابا على علاقاتي الاجتماعية ...
وهكذا سبرت أغوار نفسي وتعرفت عليها وتوطدت علاقتي مع ربي وفتحت لي آفاق أخرى في الاتصال مه بني البشر ... ... ... ... ... ... ...
هذه القصة أو السيرة الذاتية التي نقلها لنا صاحبها تبين لنا الكثير عن أهمية الاكتشاف الذاتي ...
فكما رأينا أدى الاكتشاف الذاتي إلى علاقة رائعة في شفافيتها مع رب العالمين ومع بني البشر ومع النفس نفسها في إصلاح أمورها ...
النقطة التي تلي الاكتشاف الذاتي هي مجال العلاقات الاجتماعية وعلاقة العبد مع ربه وعلاقة الإنسان بواقعه ومجتمعه:(1/4)
أولا: العلاقات الاجتماعية: كما قال صاحبنا فإن التخلص من العقد المتأصلة في نفوسنا سيفتح أمامنا المجالات المتنوعة لعلاقات أرحب مع الآخر ... فعندما مثلا تضع في ذهنك هذه المقولة(عند تعاملك مع الآخرين ، تعامل معهم منطلقا من لحظتك التي تعيشها الآن ! ولا تجلب الماضي البائس)، هذه المقولة لو طبقت من بعض بعض بني البشر لكان الحال مختلفا!!
وعندما نتعامل مع الآخرين بإطار أننا عندما نخدمهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لأن الأجر من عند الله فإن الفارق يظهر كالشمس في وسط النهار، ولكن! مع تطبيق التوازن نجد أننا عندما نتعامل بهذا التجريد سينشأ تعامل جاف في بعض جوانبه باعتبار أننا لا ننتظر الجزاء ، لذلك كان لزاما علينا أن نفهم الصورة التالية:
عندما نعطي شخصا ما عطاء ما -بغض النظر عن ماهية هذا العطاء- ونذر أنفسنا أصحابا للعطاء فإننا بعير قصد نطبق أقصى درجات الأنانية لماذا؟؟
لأنك عندما تعطي وتعطي ولاتترك الفرصة للآخر لكي يعطي فإنك تحرمه من العطاء هو الآخر، لأنك عندما تعطي فهذا يدل على وجود مقدار معين من المحبة عندك تجاه الذي تعطيه ... الآن انقل (الكاميرا) أو المنظور إلى الطرف الآخر وضع نفسك في مكانه، ستجد نفسك آخذا للعطاء ولكنك لا تستطيع أن تعبر للذي يعطيك ذلك الحب الذي يغلف علاقتك به؟؟
شلل نصفي أليس كذلك؟؟؟
تأخذ وتأخذ دون أن تستطيع التفكير ولو للحظة بالعطاء لكي تعبر لحبيبك عن حبك له، لجهل حبيبك بأبجديات العلاقة المشتركة بين الإنسان!!!
من هذا المثال الحي الذي يفسر الكثير من المشاكل التي تحدث في البيوت بين الزوجين ، تستطيع أن تقدر ما لنظرية التوازن من أثر ساحر، كيف؟؟(1/5)
تملي علينا نظرية التوازن في هذا الموقف أن نكون أصحاب عطاء وأيضا أصحاب أخذ وذلك لكي نترك الفرصة للإنسان الآخر لكي يعبر عن حبه الإنساني لنا وهي حاجة فطرية فينا نحن البشر لأننا بحاجة إلى التعبير عن حبنا للآخر وهذا الحب يتخذ أشكالا عديدة منها العطاء ... ... أكتفي بذكر المثالين السابقين لأنني أعتقد بأنهما وضحا الصورة جيدا ... ... ... ...
ثانيا: علاقة العبد مع الرحمن الرحيم، بسبب الاكتشاف الذاتي سوف تقوى علاقتك مع الله، كيف؟؟
عندما تطبق نظرية التوازن في سبر أغوار نفسك ستتعرف على الجوانب المادي في حياتك ونظيرتها الروحية ، وهنا سوف تبحث عن مدى الاتزان الحاصل في نفسك ، فلا يخفى عليك أخي القارئ كم سلبتنا روحانيتنا وشفافيتنا مع ربنا وأسرنا ومجتمعنا هذه المادية التي نعيشها، ولذلك كان التوازن لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويحفظ حالة من الاتزان، لذلك كان حريا بكل واحد منا أن يزود كينونته النفسية بجهاز إنذار يعلمه بأي خلل
في ذاك التوازن الذي نرتضيه لأنفسنا(وكذلك جعلناكم أمتا وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ... ... ...(1/6)
من ناحية أخرى، عندما أحقق الاكتشاف الذاتي سأصل إلى الأجزاء الناقصة في علاقتي مع ربي وأبدأ بعملية البناء لكي أنهض ببناء أقوي، بمعنى أنني مثلا قد أجد عندي نقصا في حفظ القرآن الكريم مما يعني بسبب معرفتي بنفسي وعلاقتي الصادقة معها سيكون لزام علي أن أحسن هذا الجانب، أيضا عندما أشعر بنقص في عدد مرات الاستغفار اليومية سيكون لزاما علي أن أزيدها لأنني أعلم الداء وبيدي أصبح الدواء ، وكذلك ينطبق الأمر على قيام الليل وقراءة القرآن ... .هذا من الناحية التعبدية ،، أما من ناحية أخرى،فإنك مثلا بعد أن اكتشفت نفسك وجدت أنك تميل يإتجاه العلم في المجال الهندسي مثلا، فلذلك سوف ينصب اهتمامك على الإبداع في هذا المجال لأنك صاحب رسالة وفي نيتك أنك تعبد رب الأرباب بسعيك إلى خدمة الإسلام في مجالك هذا ، وهكذا في العديد في الأمور الحياتية ... ... ... ...
ثالثا: ضغط الدم، الذبحة الصدرية، الإحتشاء القلبي ومن ثم الوفاة ... ...
نهاية مأساوية لإنسان القرن العشرين ... لماذا؟؟
من أجل نقاش حاد أو من أجل مأزق معين أو من أجل صراع في الشركة بين المدراء أو من أجل ... ... ... الخ.
هذه هي المأساة ، تخيل عدد العضلات التي تقوم أنت بإرهاقها عندما تنتابك نوبة توتر ، أحصها على أصابعك:
1.شد في عضلات الرقبة.
2.الصداع
3.ظهور العقد في الجبين
4.تصلب في عضلات الرقبة
5.شد في عضلات الفكين
6.انحناء الكتفين
7.شد في العضلات الخلفية
8.وجع معدي
9.بشكل تلقائي يتم جذب الساعدين إلى منطقة البطن مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس نتيجة الضغط على الحاجب الحاجز.
لهذه العضلات الحق في أن تشكيك لربها!!!
هذا بالطبع غير المشاكل الداخلية كالصداع وخفقان القلب السريع والإسهال وعسر الهضم والإمساك والأرق والتعب والتفشش بالأكل وضعف الذاكرة وجفاف الفم وعدم القدرة على التركيز والأيدي الباردة وغيرها الكثير ، يا لطيف!!!!
لماذا كل هذا ياعبدالله؟؟؟(1/7)
سيساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب ...
عندما تستوعب وتدرك بأنه يجب عليك أن تعيش في حدود يومك فقط! فهذا يعني عدم إشغال نفسك بأمور تريد أنت أن تستبق أحداثها، حاول إسعاد نفسك الآن لا تهتم بشأن البحث الذي سوف تلقيه غدا مثلا ، كل ما يجب عليك هو أن تخصص له وقتا معينا وكفى ...
لكن بتطبيق نظرية التوازن لا أقول بمنعك عن التفكير بالمستقبل لأنه من حقك التفكير بذلك المجهول ولكن لا تدع الأمر يتجاوز حده ووقته ... حاول أن تبتسم الآن..
مثال آخر: لديك ظروف عجيبة تمنعك عن التأقلم معها، تقف وتركض بعيدا أم تشعر نفسك بقوة التحدي وتتحدى الظروف ، وتصنع من الليمون شرابا حلوا(الغزالي)!!!
التخطيط وإدارة وقتك كل ذلك يساعدك على حياة صحية في هذا العالم المضطرب، قم بتحديد أولوياتك وأعطها سلما من الأفضلية ولا تنسى وجود الكثير من الأمور الغير مهمة، وضعها على الورقة فمع الورقة والقلم يحلو السمر ...
عندما تصيبك مشكلة ، لا تفكر في المشكلة فقط فكر في المقدمات التي تدركها عن المشكلة وعندما تحيط إحاطة جيدة بهذه المقدمات توكل على الله وابدأ في حل المشكلة انطلاقا من المقدمات التي تعرفها تمام المعرفة فأنت لها يا عنترة ...
عندئذ ستصل إلى النتيجة بعد توفيق الله لك ... ...
هذه بعض الأمور التي تفيد في حياتنا اليومية كبشر نعيش على ظهر هذه المعمورة ... ...
وأنا أرى أن تتكامل هذه العلوم الإدارية النفسية مع مناهج التربية التي يضعها الأخصائيون لكي تعطينا إنسانا صالحا ومصلحا قادرا على التعامل مع واقعه بكل ليونة وديناميكية من منطلق خلفية ثقافية إسلامية,,,,,,,,
إعداد الأخ حسام(1/8)
اكتشاف الذات
بقلم: حسام
عندما أكتشف ذاتي ما الذي سيستجد؟؟
سؤال يطرحه بعض الناس وهم يتناسون أنهم يحملون في داخلهم كينونة إنسانية هي من التعقيد الشيء الكبير ...
هذا العلم نبغ به الغرب لإحساسه –حسبما أعتقد- بفراغ نشأ داخليا في ذات كل إنسان هناك، قد يكون جزءا من الحل الذي ينشدونه ولكنه يبقى جزءا، فما بالنا نحن المسلمين المالكين لجوانب النشاط الروحي بين جوانبنا لا نعبأ بالواقعية التي تفوق الغرب بها علينا ... ... .
المشكلة تكمن –والله أعلم- في أننا في جوانب تربيتنا نركز على بناء الإنسان المسلم المدعم بالنظريات ولانبني في معظم الأحيان ذلك الإنسان المسلم الواقعي الذي يستمد من تلك النظريات التي يحملها واقعا مناسبا له يملك أبجديات التعامل معه وإنما نترك له التشتت هنا وهناك بين صراعات يمر بها كإنسان يعيش على ظهر هذه المعمورة وبين إنسان هو بكل فخر صاحب رسالة.
من خلال احتكاكي بكثير من الشباب-وهم عماد الأمم- وجدتهم أبعد ما يكونون عن معرفة أنفسهم فكيف بهم يدخلون بحر تغيير الأنفس والآفاق؟؟ ...
مرحلة اكتشاف الذات هي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته على هذه الأرض ... هذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم المضطرب ... لحظات تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس:
من أنا ؟؟
ماذا أفعل في هذه الدنيا؟؟
ماذا أعرف عن نفسي؟؟
لماذا خلقت؟؟
كيف أريد أسلوب حياتي أهو بعيدا عن الناس أم وسط زحمة هذا العالم أم في عداد حاملي الرسالات؟؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير –الذي يتفاوت من شخص لآخر- يحمل لنا العديد من الإجابات المريحة التي تضع النقاط على الحروف في نفوسنا!!(1/1)
إنسان في وسط هذا العالم الصاخب وجد نفسه في غربة لظروف كانت قاهرة-وإن كان الإنسان في معظم الحالات هو المسؤول عن ظرفه لأنه من صنعه- ، كان يحمل بين جوانبه خلفيات(نظرية) بسيطة عن دينه وعن أصدقائه وعن أهله وعن كل شيء ولكن لاوجود لشيء عن نفسه!!
وجد نفسه يضطرب بإضطراب هذا العالم ، وجد نفسه يقع في تحديات خطيرة لولا الله لتفتت شخصيته ، ووجد نفسه يجاري هذا العالم في عبثه.. في وقت ما شاءت العناية الإلهية أن يتوقف ويبتعد عن عجلة الزمان لبعض الوقت وكان هذا هو المفترق الخطير في حياته ...
وتوقف وتوقف و طالت وقفته ولكن بعد ذلك ولد من جديد أدرك من هو(؟) وأدرك ما دوره وأدرك الكثير –وليس كل شيء لأنه لاوجود للكمال هنا-عن نفسه وأقول أدرك ولا أقول عرف لأن المعرفة بالشيء لاتولد القيام به كما في حالة الإدراك والاستيعاب ... ما الذي حصل هنا؟؟
ما حصل هو معرفة الأنا وفك لغز هذه الكينونة الداخلية بكل بساطة ...
مصطلحات ضخمة أليس كذلك؟؟
ولكنها بسيطة إذا أردنا سبر أغوارها ...
هي قصة شاب أعرفه حق المعرفة، ولكنه تحول إلى إنسان أجاد فن التعامل مع نفسه وبالتالي مع الآخر ... ... دعونا ندخل في صميم هذا الشاب ... ...
ولكي نعطي للموضوع بعدا آخر سنترك الشاب يروي لنا رحلة اكتشاف ذاته بنفسه!!
دخلت الجامعة ووجدت نفسي في عالم يدور وأنا لا أدرك دورانه لجهلي ولبساطة فطرتي ... الخجل يلفني والرعب من المستقبل القادم يضرب طوقا حولي والمجتمع الذي حولي يفرض نفسه علي ... لن أقول بأنني كنت كاللقمة السائغة لمن حولي ولكن كنت أنا تلك اللقمة بعينها ... جهلي بالتعامل مع الواقع الذي أعيشه كان دائما يؤثر سلبا على نفسيتي ... ضغطي يرتفع كلما تعرضت لأزمة ما ... ثقتي بنفسي بدأت بالتلاشي بعد كل انهيار عصبي ... كنت أعتبر نفسي حاملا لرسالة ما ولكن كان الواقع المؤلم يمنعني من أداء هذه الرسالة لأنه تفوق علي وأحكم سيطرته على الموقف وبدأ الاستسلام كرد فعل منطقي ... ..(1/2)
في ذاك الوقت كان يتردد على مسامعي من الداخل صوت قوي يخرج من أعماق غائصة في نفسي وهي تسألني لماذا الاستسلام فقلت لها وماذا تريدين مني أن أفعل تجاه هذا الواقع فقالت اكتشفني!!!
وقفت مدهوشا لهذه الكلمة التي وقعت على مسامعي وترددت في أصدائي للحظات عديدة ، اكتشف ذاتي؟؟ ما هذا المصطلح؟؟
بعدها بأيام عزمت على البدء، كثير من تصرفات الفرد يكون منشؤها ردات الفعل وغالبا ما تكون هذه الردات سلبية في اتجاهها ومسيطرة في طرحها إلى حدود تمنع العقل من الرؤية الشاملة للنقطة، وقمت بإصلاح الخلل والبعد عن الردات ولكن ينقصني التوازن الذي سيكون هو الميزان لوزن الأمور وتجنب الإفراط والتفريط. هذه النقطة وهي التوازن حصلت عليها أثناء قراءتي لكتاب في تربية الطفل.كان هذا الكتاب يعتمد على منهاج التوازن للدلالة على فلسفته، فلقد كان يعرض الموقف ويعطي الحل لهذا الموقف تارة في أقصى اليمين وتارة في أقصى اليسار وإذ بالحل المتوسط والمتوازن يظهر لوحده في المنتصف. من هذه الفلسفة تعلمت هذا المبدأ وأدركته وبدأت تطبيقه عمليا في كل موقف يواجهني وبالتالي أًصبح خلقا لأن الخلق هو عادة الفعل ...
كذلك كانت هناك العقد المتأصلة في النفس من تجارب الماضي وكان لي معها معارك شتى لمحوها، لا يخفى على القارئ ما لهذه العقد من عظيم تأثير على تفكير الإنسان ولذلك كان النسيان والتفكير لأننا نعيش هذه اللحظة وليس الماضي، فالماضي لا يجب أن يكون له ذلك التأثير السلبي على عقلية الفرد لأن الماضي وجد لكي يتخذ الإنسان منه العبر والمواعظ لا أن يؤثر في حياته فينحى بها منحى آخر ...(1/3)
هذه النقاط الثلاثة قادتني نحو التفكير الموضوعي وإدراك أساليبه وبالتالي الدخول إلى عالم النفس بكل صدق وواقعية ، أي أن المزيج الذي ظهر من تلك المكونات الثلاثة (طرد ردات الفعل، التوازن، محي العقد)أكسبني قدرة على التعامل بموضوعية مع نفسي. فصارت الحقيقة جلية أمام ناظري عندما أحكم على فعلي الذي قمت به ...
وهكذا مع قليل من الصداقة مع النفس وكثير من التقوى والصلة بالله والشفافية صرت أستطيع توجيه اللوم مباشرة إلى نفسي إن أخطأت دون التحرج من نفسي في ذلك وبالتالي توطدت العلاقة مع نفسي مما فتح الباب أمامي في الدخول إلى عالمها الرحب والبدء في اكتشافها ... ...
بداية حاولت التعرف على الأمور التي تجعلني متوترا ومكتئبا وكتبتها على الورقة، وبدأت بتفنيد كل منها على حدة ومع المصارحة والحوار الداخلي أمكنني القضاء على المحبطات لأنها من الأمور الصغيرة التي لا يجدر بنا الاهتمام بها لأنها صغائر، هذه النقطة بدأت ألمس تأثيرها على علاقاتي مع رفاقي ، فلم أعد أهتم بتلك القضايا الصغيرة التي تنشأ بين أصحاب الجيل الواحد(لنقل الأنداد) مما انعكس إيجابا على علاقاتي الاجتماعية ...
وهكذا سبرت أغوار نفسي وتعرفت عليها وتوطدت علاقتي مع ربي وفتحت لي آفاق أخرى في الاتصال مه بني البشر ... ... ... ... ... ... ...
هذه القصة أو السيرة الذاتية التي نقلها لنا صاحبها تبين لنا الكثير عن أهمية الاكتشاف الذاتي ...
فكما رأينا أدى الاكتشاف الذاتي إلى علاقة رائعة في شفافيتها مع رب العالمين ومع بني البشر ومع النفس نفسها في إصلاح أمورها ...
النقطة التي تلي الاكتشاف الذاتي هي مجال العلاقات الاجتماعية وعلاقة العبد مع ربه وعلاقة الإنسان بواقعه ومجتمعه:(1/4)
أولا: العلاقات الاجتماعية: كما قال صاحبنا فإن التخلص من العقد المتأصلة في نفوسنا سيفتح أمامنا المجالات المتنوعة لعلاقات أرحب مع الآخر ... فعندما مثلا تضع في ذهنك هذه المقولة(عند تعاملك مع الآخرين ، تعامل معهم منطلقا من لحظتك التي تعيشها الآن ! ولا تجلب الماضي البائس)، هذه المقولة لو طبقت من بعض بعض بني البشر لكان الحال مختلفا!!
وعندما نتعامل مع الآخرين بإطار أننا عندما نخدمهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) لأن الأجر من عند الله فإن الفارق يظهر كالشمس في وسط النهار، ولكن! مع تطبيق التوازن نجد أننا عندما نتعامل بهذا التجريد سينشأ تعامل جاف في بعض جوانبه باعتبار أننا لا ننتظر الجزاء ، لذلك كان لزاما علينا أن نفهم الصورة التالية:
عندما نعطي شخصا ما عطاء ما -بغض النظر عن ماهية هذا العطاء- ونذر أنفسنا أصحابا للعطاء فإننا بعير قصد نطبق أقصى درجات الأنانية لماذا؟؟
لأنك عندما تعطي وتعطي ولاتترك الفرصة للآخر لكي يعطي فإنك تحرمه من العطاء هو الآخر، لأنك عندما تعطي فهذا يدل على وجود مقدار معين من المحبة عندك تجاه الذي تعطيه ... الآن انقل (الكاميرا) أو المنظور إلى الطرف الآخر وضع نفسك في مكانه، ستجد نفسك آخذا للعطاء ولكنك لا تستطيع أن تعبر للذي يعطيك ذلك الحب الذي يغلف علاقتك به؟؟
شلل نصفي أليس كذلك؟؟؟
تأخذ وتأخذ دون أن تستطيع التفكير ولو للحظة بالعطاء لكي تعبر لحبيبك عن حبك له، لجهل حبيبك بأبجديات العلاقة المشتركة بين الإنسان!!!
من هذا المثال الحي الذي يفسر الكثير من المشاكل التي تحدث في البيوت بين الزوجين ، تستطيع أن تقدر ما لنظرية التوازن من أثر ساحر، كيف؟؟(1/5)
تملي علينا نظرية التوازن في هذا الموقف أن نكون أصحاب عطاء وأيضا أصحاب أخذ وذلك لكي نترك الفرصة للإنسان الآخر لكي يعبر عن حبه الإنساني لنا وهي حاجة فطرية فينا نحن البشر لأننا بحاجة إلى التعبير عن حبنا للآخر وهذا الحب يتخذ أشكالا عديدة منها العطاء ... ... أكتفي بذكر المثالين السابقين لأنني أعتقد بأنهما وضحا الصورة جيدا ... ... ... ...
ثانيا: علاقة العبد مع الرحمن الرحيم، بسبب الاكتشاف الذاتي سوف تقوى علاقتك مع الله، كيف؟؟
عندما تطبق نظرية التوازن في سبر أغوار نفسك ستتعرف على الجوانب المادي في حياتك ونظيرتها الروحية ، وهنا سوف تبحث عن مدى الاتزان الحاصل في نفسك ، فلا يخفى عليك أخي القارئ كم سلبتنا روحانيتنا وشفافيتنا مع ربنا وأسرنا ومجتمعنا هذه المادية التي نعيشها، ولذلك كان التوازن لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويحفظ حالة من الاتزان، لذلك كان حريا بكل واحد منا أن يزود كينونته النفسية بجهاز إنذار يعلمه بأي خلل
في ذاك التوازن الذي نرتضيه لأنفسنا(وكذلك جعلناكم أمتا وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ... ... ...(1/6)
من ناحية أخرى، عندما أحقق الاكتشاف الذاتي سأصل إلى الأجزاء الناقصة في علاقتي مع ربي وأبدأ بعملية البناء لكي أنهض ببناء أقوي، بمعنى أنني مثلا قد أجد عندي نقصا في حفظ القرآن الكريم مما يعني بسبب معرفتي بنفسي وعلاقتي الصادقة معها سيكون لزام علي أن أحسن هذا الجانب، أيضا عندما أشعر بنقص في عدد مرات الاستغفار اليومية سيكون لزاما علي أن أزيدها لأنني أعلم الداء وبيدي أصبح الدواء ، وكذلك ينطبق الأمر على قيام الليل وقراءة القرآن ... .هذا من الناحية التعبدية ،، أما من ناحية أخرى،فإنك مثلا بعد أن اكتشفت نفسك وجدت أنك تميل يإتجاه العلم في المجال الهندسي مثلا، فلذلك سوف ينصب اهتمامك على الإبداع في هذا المجال لأنك صاحب رسالة وفي نيتك أنك تعبد رب الأرباب بسعيك إلى خدمة الإسلام في مجالك هذا ، وهكذا في العديد في الأمور الحياتية ... ... ... ...
ثالثا: ضغط الدم، الذبحة الصدرية، الإحتشاء القلبي ومن ثم الوفاة ... ...
نهاية مأساوية لإنسان القرن العشرين ... لماذا؟؟
من أجل نقاش حاد أو من أجل مأزق معين أو من أجل صراع في الشركة بين المدراء أو من أجل ... ... ... الخ.
هذه هي المأساة ، تخيل عدد العضلات التي تقوم أنت بإرهاقها عندما تنتابك نوبة توتر ، أحصها على أصابعك:
1.شد في عضلات الرقبة.
2.الصداع
3.ظهور العقد في الجبين
4.تصلب في عضلات الرقبة
5.شد في عضلات الفكين
6.انحناء الكتفين
7.شد في العضلات الخلفية
8.وجع معدي
9.بشكل تلقائي يتم جذب الساعدين إلى منطقة البطن مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس نتيجة الضغط على الحاجب الحاجز.
لهذه العضلات الحق في أن تشكيك لربها!!!
هذا بالطبع غير المشاكل الداخلية كالصداع وخفقان القلب السريع والإسهال وعسر الهضم والإمساك والأرق والتعب والتفشش بالأكل وضعف الذاكرة وجفاف الفم وعدم القدرة على التركيز والأيدي الباردة وغيرها الكثير ، يا لطيف!!!!
لماذا كل هذا ياعبدالله؟؟؟(1/7)
سيساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب ...
عندما تستوعب وتدرك بأنه يجب عليك أن تعيش في حدود يومك فقط! فهذا يعني عدم إشغال نفسك بأمور تريد أنت أن تستبق أحداثها، حاول إسعاد نفسك الآن لا تهتم بشأن البحث الذي سوف تلقيه غدا مثلا ، كل ما يجب عليك هو أن تخصص له وقتا معينا وكفى ...
لكن بتطبيق نظرية التوازن لا أقول بمنعك عن التفكير بالمستقبل لأنه من حقك التفكير بذلك المجهول ولكن لا تدع الأمر يتجاوز حده ووقته ... حاول أن تبتسم الآن..
مثال آخر: لديك ظروف عجيبة تمنعك عن التأقلم معها، تقف وتركض بعيدا أم تشعر نفسك بقوة التحدي وتتحدى الظروف ، وتصنع من الليمون شرابا حلوا(الغزالي)!!!
التخطيط وإدارة وقتك كل ذلك يساعدك على حياة صحية في هذا العالم المضطرب، قم بتحديد أولوياتك وأعطها سلما من الأفضلية ولا تنسى وجود الكثير من الأمور الغير مهمة، وضعها على الورقة فمع الورقة والقلم يحلو السمر ...
عندما تصيبك مشكلة ، لا تفكر في المشكلة فقط فكر في المقدمات التي تدركها عن المشكلة وعندما تحيط إحاطة جيدة بهذه المقدمات توكل على الله وابدأ في حل المشكلة انطلاقا من المقدمات التي تعرفها تمام المعرفة فأنت لها يا عنترة ...
عندئذ ستصل إلى النتيجة بعد توفيق الله لك ... ...
هذه بعض الأمور التي تفيد في حياتنا اليومية كبشر نعيش على ظهر هذه المعمورة ... ...
وأنا أرى أن تتكامل هذه العلوم الإدارية النفسية مع مناهج التربية التي يضعها الأخصائيون لكي تعطينا إنسانا صالحا ومصلحا قادرا على التعامل مع واقعه بكل ليونة وديناميكية من منطلق خلفية ثقافية إسلامية,,,,,,,,(1/8)
ثقتي بنفسي كيف أبنيها
المراجع
· ... العبقرية السهلة، تأليف ديفيد شوارتر
· ... ما عندي ثقة في نفسي، د.فوزية الدريع
إعداد : سمرقند
إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع إنسان حين ولد ، فهؤلاء الأشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل و التأقلم في أي زمان أو مكان هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم..اكتسبوا كل ذرة فيها.
انعدام الثقة في النفس :
ماذا تعني كلمة نقص أو انعدام الثقة في النفس؟؟..أننا غالبا ما نردد هذه الكلمة أو نسمع الأشخاص المحيطين بنا يردون إنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس؟!..
إن عدم الثقة بالنفس سلسلة مرتبطة ببعضها البعض تبدأ:
أولا: بانعدام الثقة بالنفس.
ثانيا: الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك و سلبياتك.. وهو ما يؤدي إلى:
ثالثا: القلق بفعل هذا الإحساس و التفاعل معه.. بأن يصدر عنك سلوك و تصرف سيئ أو ضعيف ، وفي العادة لا يمت إلى شخصيتك و أسلوبك وهذا يؤدي إلى:
رابعا: الإحساس بالخجل من نفسك.. وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية.. وهي انعدام الثقة بالنفس وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي اتجاه نفسك و قدراتك.. لكن هل قررت عزيزي القارئ التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية،والتي تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك ؟ إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن إلام نفسك و تدميرها.. ابدأ بالخطوة الأولى:
تحديد مصدر المشكلة:(1/1)
أين يكمن مصدر هذا الإحساس ؟؟ هل ذلك بسبب تعرضي لحادثة وأنا صغير كالإحراج أو الاستهزاء بقدراتي ومقارنتي بالآخرين ؟ هل السبب أنني فشلت في أداء شيء ما كالدراسة مثلا ؟أو أن أحد المدرسين أو رؤسائي في العمل قد وجه لي انتقادا بشكل جارح أمام زملائي؟هل للأقارب أو الأصدقاء دور في زيادة إحساسي بالألم؟ وهل مازال هذا التأثير قائم حتى الآن؟؟ ... ... أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحل ... كن صريحا مع نفسك .. ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها ،حاول ترتيب أفكارك استخدم ورقة قلم واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك ، تعرف على الأسباب الرئيسية و الفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة .
البحث عن حل:
بعد أن توصلت إلى مصدر المشكلة..أبدا في البحث عن حل .. بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول قي الظهور ... اجلس في مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك ... ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي و أستعيد ثقتي بنفسي ؟
إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفا أو عامل رئيسي في فقدانك لثقتك ..حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر بل يسهم في هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة.
أقنع نفسك وردد:
· ... من حقي أن أحصل على ثقة عالية بنفسي وبقدراتي .
· ... من حقي أن أتخلص من هذا الجانب السلبي في حياتي.
ثقتك بنفسك تكمن في اعتقاداتك:
في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك..فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب مهما أي أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك ... لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك
بالثقة وحاول زرعها في دماغك.(1/2)
انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق و استمع إلى حديث نفسك جيدا واحذف الكلمات المحملة بالإحباط ،إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك ..اعتبر الماضي بكل إحباطا ته قد انتهى ..وأنت قادر على المسامحة أغفر لأهلك ... لأقاربك لأصدقائك أغفر لكل من أساء إليك لأنك لست مسؤولا عن جهلهم وضعفهم الإنساني.
ابتعد كل البعد عن المقارنة أي لا تسمح لنفسك ولو من قبيل الحديث فقط أن تقارن نفسك بالأخريين ... حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر إنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شئ..فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف أبرزه، وحاول تطوير هوايات الشخصية ... وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون..ومن المهم جدا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين وكيف قادتهم قوة عزائهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوا ... اختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه في الحياة ولن تجد أفضل من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، مثلا في قدرة التحمل والصبر والجهاد من أجل هدف سام ونبيل وهو إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه.
بنك الذاكرة:(1/3)
يقودنا النقص الزائد في الثقة بالنفس مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة فالعقل يشبه البنك كثيرا، إنك تودع يوميا أفكارا جديدة في بنكك العقلي وتنمو هذه الودائع وتكوِن ذاكرتك ... حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك في الواقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك: ما الذي أعرفه عن هذه القضية ؟.. ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب ..بالتالي مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة ..أي أنك عندما تواجه موقف ما ..صعبا ... فكر بالنجاح ،لا تفكر بالفشل استدعي الأفكار الإيجابية..المواقف التي حققت فيها نجاح من قبل ... لا تقل : قد أفشل كما فشلت في الموقف الفلاني..نعم أنا سأفشل ... بذلك تتسلل الأفكار السلبية إلى بنكك ... و تصبح جزء من المادة الخام لأفكارك . حين تدخل في منافسة مع أخر ،قل : أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلا، إجعل فكرة (سأنجح)هي الفكرة الرئيسية السائدة في عملية تفكيرك . يهيئ التفكير بالنجاح عقلك ليعد خطط تنتج النجاح، وينتج التفكير بالفشل فهو يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل. لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط في بنك ذاكرتك،واحرص على أن تسحب من أفكارك إيجابية ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانا في بنك ذاكرتك.
عوامل تزيد ثقتك بنفسك:
· ... عندما نضع أهداف وننفذها يزيد ثقتنا بنفسنا مهما كانت هذه الأهداف.. سواء على المستوى الشخصي.. أو على صعيد العمل.. مهما كانت صغيره تلك الأهداف.
· ... اقبل تحمل المسؤولية.. فهي تجعلك تشعرك بأهميتك.. تقدم ولا تخف.. اقهر الخوف في كل مرة يظهر فيها.. افعل ما تخشاه يختفي الخوف.. كن إنسانا نشيطا.. اشغل نفسك بأشياء مختلفة..استخدم العمل لمعالجة خوفك.. تكتسب ثقة أكبر.(1/4)
· ... حدث نفسك حديثا إيجابيا..في صباح كل يوم وابدأ يومك بتفاؤل وابتسامة جميلة.. واسأل نفسك ما الذي يمكنني عمله اليوم لأكون أكثر قيمة؟ تكلم! فالكلام فيتامين بناء الثقة.. ولكن تمرن على الكلام أولا.
· ... حاول المشاركة بالمناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات.. كلما شاركت في النقاش تضيف إلى ثقتك كلما تحدثت أكثر، يسهل عليك التحدث في المرة التالية ولكن لا تنسى مراعاة أساليب الحوار الهادئ والمثمر.
· ... اشغل نفسك بمساعدة الآخرين تذكر أن كل شخص آخر، هو إنسان مثلك تماما يمتلك نفس قدراتك ربما أقل ولكن هو يحسن عرض نفسه وهو يثق في قدراته أكثر منك.
· ... اهتم في مظهرك و لا تهمله.. ويظل المظهر هو أول ما يقع عليه نظر الآخرين.
· ... لا تنسى.. الصلاة وقراءة القران الكريم يمد الإنسان بالطمأنينة والسكينة.. وتذهب الخوف من المستقبل.. تجعل الإنسان يعمل قدر استطاعته ثم يتوكل على الله.. في كل شيء.(1/5)
كيف تنمّي شخصيتك
دليلك نحو قوة الشخصية
المراجع:
· ... مقال د. عبد الكريم بكار في مجلة الفيصل عدد 245 ( تنمية الشخصية )
· ... شريط للشيخ / علي بادحدح ( الطريق إلى الشخصية المؤثرة )
إعداد: حمد عتيق القحطاني
ماذا نعني بالشخصية ؟
اختلف علماء النفس كثيراً في تعريف الشخصية ، حتى وصل عدد تعاريف الشخصية إلى أربعين تعريفاً.
ويحددها بعض الباحثين على أنها: ( مجموعة الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه وتميزه عن غيره )
لماذا الاهتمام بالشخصية ؟
· ... بسبب الواقع العالمي المنكوس حيث بات الإنسان يعيش غريباً معزولاً عن أعماق ذاته ، ويحيا مقهوراً من أجل الوسط المادي الذي يعيش فيه .
· ... إن خلاص الإنسانية الأكبر لن يكون إلا بالنمو الروحي والعقلي للإنسان ، وتحسين ذاته وإدارتها على نحو أفضل ، وليس في تنمية الموارد المحدودة المهددة بالهلاك .
· ... إن تنمية الشخصية لا يحتاج إلى مال ولا إمكانات ولا فكر معقد ، وإنما الحاجة تكمن في الإرادة الصلبة والعزيمة القوية .
· ... تعلمنا تجارب الأمم السابقة أن أفضل طريقة لمواجهة الخارج وضغوطه الصعبة هي تدعيم الداخل وإصلاح الذات واكتساب عادات جديدة ثم يأتي بعد ذلك النصر والتمكين .
ما شروط تنمية الشخصية ؟
لا تنسى هدفك الأسمى
ونقصد ذلك الهدف الأعلى الذي يسمو فوق المصالح المادية والغايات الدنيوية ، ولا يواجه المسلم مشكلة في تحديد الهدف الأكبر في وجوده ، ولكن المشكلة تكمن في الغرق في تفاصيل الحياة وتعقيداتها ، وبالتالي يصبح إحساسنا وشعورنا للهدف ضعيفاً رتيباً ، مما يجعل توليده للطاقة التغييرية لا تصل إلى المستوى المجدي لتنمية الذات.
القناعة بضرورة التغيير(1/1)
يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ على كل حال ، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكاناته محدودة ، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره !! ، والحقيقة أن المرء حين يتطلع إلى التفوق على ذاته والتغلب على الصعاب من أمامه سوف يجد أن إمكانات التحسين أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه ...
الشعور بالمسؤولية
حين يشعر الإنسان بجسامة الأمانة المنوطة به ، تنفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ما ، يجب أن يضع نصب عينيه اللحظة التي سيقف فيها بين يدي الله عز وجل فيسأله عما كان منه ، إن علينا أن نوقن أن التقزم الذي نراه اليوم في كثير من الناس ما هو إلا وليد تبلد الإحساس بالمسؤولية عن أي شيء !!
الإرادة الصلبة والعزيمة القوية
وهي شرط لكل تغيير ، بل وشرط لكل ثبات واستقامة ، وفي هذا السياق فإن ( الرياضي ) يعطينا نموذجاً رائعاً في إرادة الاستمرار ، فهو يتدرب لاكتساب اللياقة والقوة في عضلاته ، وحتى لا يحدث الترهل فإن عليه مواصلة التدريب ، وهكذا فإن تنمية الشخصية ما هي إلا استمرار في اكتساب عادات جديدة حميدة .
ما هي مبادئ تنمية الشخصية ؟
تنمية الشخصية على الصعيد الفردي :
التمحور حول مبدأ
إن أراد الإنسان أن يعيش وفق مبادئه ، وأراد إلى جانب ذلك أن يحقق مصالحه إلى الحد الأقصى ، فإنه بذلك يحاول الجمع بين نقيضين !! ، إنه مضطر في كثير من الأحيان أن يضحي بأحدهما حتى يستقيم له أمر الآخر ، وقد أثبتت المبادئ عبر التاريخ أنها قادرة على الانتصار تارة تلو الأخرى ، وأن الذي يخسر مبادئه يخسر ذاته ، ومن خسر ذاته لا يصح أن يقال أنه كسب بعد ذلك أي شيء !!
المحافظة على الصورة الكلية(1/2)
إن المنهج الإسلامي في بناء الشخصية يقوم على أساس الشمول والتكامل في كل الأبعاد ، وليس غريباً أن نرى من ينجذب بشكل عجيب نحو محور من المحاور ويترك باقيها دون أدنى أدنى اهتمام ،وحتى لا نفقد الصورة الكلية في شخصياتنا يجب أن نقوم بأمرين :
· ... النظر دائماً خارج ذواتنا من أجل المقارنة مع السياق الاجتماعي العام
· ... النظر الدائم في مدى خدمة بنائنا لأنفسنا في تحقيق أهدافنا الكلية
العهود الصغيرة
إن قطرات الماء حين تتراكم تشكل في النهاية بحراً ، كما تشكل ذرات الرمل جبلاً ، كذلك الأعمال الطيبة فإنها حين تتراكم تجعل الإنسان رجلا عظيماً ، وقد أثبتت التجربة أن أفضل السبل لصقل شخصية المرء هو التزامه بعادات وسلوكيات محددة صغيرة ، كأن يقطع على نفسه أن يقرأ في اليوم جزء من القرآن أو يمشي نصف ساعة مهما كانت الظروف والأجواء ، ليكن الالتزام ضمن الطاقة وليكن صارماً فإن ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل )
عمل ما هو ممكن الآن
علينا أن نفترض دائماً أننا لم نصل إلى القاع بعد ، وأن الأسوأ ربما يكون في الطريق ! ، فذلك يجعل الإنسان ينتهز الفرص ولا ينشغل بالأبواب التي أغلقت ، ويجب أن تعتقد أن التحسن قد يطرأ على أحوالنا لكننا لا ندري متى سيكون ، ولا يعني ذلك أن ننتظر حنى تتحسن ظروفنا بل ليكن شعارنا دائماً : ( باشر ما هو ممكن الآن )
المهمات الشخصية
يجب أن تكون لدينا مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارنا في حركتنا اليومية ، وهي بمثابة مبادئ ثابتة :
· ... اسع لمرضاة الله دائماً
· ... استحضر النية الصالحة في عمل مباح
· ... لا تجادل في خصوصياتك
· ... النجاح في المنزل أولاً
· ... حافظ على لياقتك البدنية ، ولا تترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف
· ... لا تساوم على شرفك أو كرامتك
· ... استمع للطرفين قبل إصدار الحكم
· ... تعود استشارة أهل الخبرة
· ... دافع عن إخوانك الغائبين
· ... سهل نجاح مرءوسيك
· ... ليكن لك دائماً أهداف مرحلية قصيرة(1/3)
· ... وفر شيئاً من دخلك للطوارئ
· ... أخضع دوافعك لمبادئك
· ... طور مهارة كل عام
تنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين:
تحسين الذات أولاً
في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار ، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا ، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه ، قليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويفهم مطالبهم ، إن الأب الذي يريد من ابنه أن يكون باراً مطالب بأن يكون أباً عطوفاً أولاً ، والجار الذي يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل لهم العون وهكذا ... ، ليكن شعارنا : ( البداية من عندي ...)
الإشارات الغير لفظية
إننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين ، إن الإشارات الغير لفظية والتي تمثل عيادة المريض أو تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة أو حتى الصفح عن زلة لهو في الغالب أشد وأعمق تأثيراً في النفس البشرية ، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة ومران وتمرس لكي نتقنه ...
المسافة القصيرة
ما أجمل أن يصطفي الإنسان من إخوانه من يكون له أخاً يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه ، فيسقط معه مؤونة التكلف من جراء تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها ، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء ، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصاً يثقون به وقريباً منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب ، بل وإن بعض صور الاضطراب العقلي تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون من يسانده ، لذلك إن وجد الإنسان ذلك الأخ الحميم ، فليحسن معاشرته ، وليؤد حقوقه ، وليصفح عن زلاته .
الاعتراف والتقدير(1/4)
من الأقوال الرمزية : كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول : ( من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم ) ، فكلما وقع اتصال بين الناس تناقلوا بينهم رسالة صامتة تقول : ( فضلاً اعترف بكياني ، لا تمر بي غير آبه )، فالإنسان مهما كان عبقرياً وفذاً وناجحاً فإنه يظل متلهفاً لمعرفة انطباع الناس عنه ، وكثيراً ما يؤدي التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة ، وكان ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم ، إن اكتشاف الميزات التي يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة والإبداع ، وقبل ذلك الاهتمام ...
تأهيل النفس للعمل ضمن فريق
إن الواقع يشهد أننا نعيش في عالم يزداد فيه الاعتماد على المجموعات في إنجاز الأعمال ، وذلك لتعقد المهمات في العمل الواحد ، وحتى يرتفع مستوى الأداء والإنتاجية في العمل ، إن كثير من الناس يعيش حالة من النمو الزائد في الفردية ، فتجده ينجح في أعمال كثيرة تتطلب عملاً فردياً ، فإذا ما عملوا في لجنة أو مجموعة فإنهم يسجلون نتائج سلبية وغير مشجعة ، ومردود ذلك على نهضة الأمة في منتهى السوء !! ، وحتى يتأهل الإنسان للعمل ضمن فريق فإنه بحاجة لأن يتدرب على عدة أمور منها :
· ... حسن الاستماع والإصغاء لوجهة نظر الآخرين
· ... فهم كلاً من طبيعة العمل ودوره في ذلك العمل
· ... فهم الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتعاون معها
· ... الحرص على استشارة أفراد المجموعة في كل جزئية في العمل المشترك تحتاج إلى قرار
· ... الاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه
· ... عدم الإقدام على أي تصرف يجعل زملاءه يسيئون فهمه
· ... عدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصه
· ... المبادرة لتصحيح أي خطأ يصدر من أي فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة
· ... تحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد واحتساب ذلك عند الله تعالى(1/5)
· ... إذا تعذر عليه الاستمرار ضمن الفريق فعليه أن يفارقهم بإحسان وأن يستر الزلات(1/6)
مهارة توكيد الذات
المراد بتوكيد الذات
قدرة الشخص على التعبير الملائم " فظاً وسلوكاً " عن مشاعره وأفكاره وآرائه ومواقفه تجاه الأشخاص والأحداث والمطالبة بحقوقه دون ظلم أو عدوان
ويتركز توكيد الذات على تقدير الذات " أي : رؤية الفرد نفسه وما فيها من قدرات وكفاءات " وتقييم الفرد لتقدير الآخرين له " مدى احترامهم له ومكانته عندهم " فالمتزن يقدر نفسه حق قدرها دون غطرسة ، بخلاف المتكبر والبخس نفسه حقها .
فوائد السلوك التوكيدي
يولد شعوراً بالراحة النفسية ويمنع تراكم المشاعر السلبية .
به يحافظ الشخص على حقوقه ومصالحه ويحقق أهدافه .
يقوي الثقة بالنفس .
يعطي انطلاقاً في ميادين الحياة " فكراً وسلوكاً " بعد التخلص من المشاعر السلبية المكبوتة .
خصائص السلوك التوكيدي السليم
أنه وسط بين الإذعان للآخرين بغباء وبين التسلط والاعتداء عليهم .
أنه وسط في مراعاة مشاعر الناس وحقوق الذات .
يتوافق فيه السلوك الظاهري " من أقوال وأفعال " مع الباطن " من مشاعر ومرغبات وأفكار "
أعراض وعلامات ضعف توكيد الذات
مجاملة الآخرين ومسايرتهم والاستجابة لرغباتهم وسعي الشخص لإرضائهم ولو على حساب نفسه ووقته وماله وسمعته ... ... ..
وهذا يتضح من خلال عدة جوانب
الإكثار من الموافقة الظاهرية : نعم _ أبشر _ حاضر ... ...
ضعف القدرة على الرفض المناسب في الوقت المناسب
تقديم مشاعر الآخرين على مشاعره وحقوقه
كثرة الاعتذار للآخرين عن أمور لاتدعو للاعتذار
ضعف القدرة على التعبير عن المشاعر والرغبات والانفعالات
ضعف القدرة على إظهار وجهة نظر تخالف آراء الآخرين ورغباتهم
ضعف الحزم في اتخاذ القرارات والمضي فيها وتحمل تبعاتها
ضعف التواصل البصري بدرجة كبيرة
عواقب ضعف توكيد الذات
تختلف باختلاف الأشخاص والظروف ، ولكن كثيرا ما يصاب هؤلاء بإحدى العلل التالية:
الاكتئاب ... - ... القلق ... ... - ... الرهاب الاجتماعي(1/1)
اضافة الى المضاعفات الاجتماعية والوظيفية والتعليمية ونحو ذلك .
مفهومات خاطئة حول ضعف توكيد الذات
أن هذا من التواضع ولين الجانب والعريكة .
أن هذا من الحياء المقبول شرعا وعرفا
أن هذا من الإيثار المطلوب والمحمود في الشرع والعرف
السعي إلى إرضاء الناس كلهم والقبول لديهم جميعا
فنيات التدريب على السلوك التوكيدي
وضع مدرج للسلوك التوكيدي المراد طبقا لواقع الشخص وما يعانيه ، بحيث يبدأ بالأهون ثم الأشد منه وليس العكس .
ممارسة أسلوب التكرار والإعادة " تطبيق عملي بمثابرة " بإعادة السلوك والتدرب عليه مراراً حتى إتقانه
استخدام أسلوب الاستجابة الفعالة : استعمال السلوك التوكيدي الذي يحقق المطلوب الأدنى بأدنى ثمن نفسي ، والبدء بذلك قبل ماهو أشد منه .
استخدام أسلوب التصاعد في السلوك التوكيدي .
المصدر : مجلة شباب د/ محمد الصغيّر
العدد العاشر(1/2)
بسم الله الرحمن الرحيم
صناعة الذات
أ. مُريد الكُلاّب
صناعة الذات هي الفكرة التي تحدونا نحو هدف نسعى إليه بعزيمتنا , و نعرف أننا حقّقنا نجاحنا إذا استطعنا أن نصل إلى ما نريد .. إلى ذلك الهدف .. إلى ذلك النجاح .. هل أنتَ ناجح ؟ هل أنتِ ناجِحة ؟ هل نحن ناجحين في حياتنا ؟ دَعوني انطلق معكم في قصة ربما ترغبون سماعها .. ربما تريدون أن تسافروا معي إلى أحداثها .
قصة طموح , قصة نجاح , تلك القصة كانت شرارة انفجار لثورة من التقدم و الرّقي و الحضارة في اليابان تلك القصة هي قصة شاب اسمه تاكيو اوساهيرا ذلك الشاب خرج من اليابان مسافراً مع بعثةٍ تحوي مجموعة من أصحابه و أقرانه متجهين إلى ألمانيا , وصل إلى ألمانيا و وصل معه الحلم الذي كان يصبو إليه , و يراه بعينيه ذلك الحلم هو أن ينجح في صناعة محرك يكون أول محرك كامل الصّنع يحمل شعار صُنع في اليابان , ذلك حلمه , بدأ يدرس و يدرس بجد أكثر و عزيمة أكثر مضت السنوات سراعاً كان أساتذته الألمان يوحون إليه بأن نجاحك الحقيقي هو من خلال حصولك على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا , كان يقاوم تلك الفكرة و يعرف أن نجاحه الحقيقي هو أن يتمكن من صناعة محرك , بعد أن أنهى دراسته وجد نفسه عاجزاً عن معرفة ذلك اللغز ينظر إلى المحرك و لازال يراه أمراً مذهلاً في صنعه غامضاً في تركيبه لا يستطيع أن يفكِّك رموزه .
جاءت الفكرة مرة أخرى ليحلق من خلالها في خياله و ليمضي من خلال خياله نحو عزيمة تملكته و شعور أسره , تلك الفكرة : ( لابد الآن أن أتَّخذ خطوة جادة من خلالها أكتشف كيف يمكن أن أصنع المحرك ) .(1/1)
إخواني الكرام , أخواتي الكريمات : صدقوني النجاح الذي نحصل عليه ينطلق من خلال فكرة نصنعها نحن و نمضي نحن في تحقيقها , تلك الفكرة مضى ذلك الشاب ليحققها , فحضر معرض لبيع المحركات الايطالية , اشترى محرك بكل ما يملك من نقوده , أخذ المحرك إلى غرفته , بدأ يفكك قطع المحرك قطعةً قطعة , بدأ يرسم كل قطعة يفكِّكها و يحاول أن يفهم لماذا وُضعت في هذا المكان وليس في غيره , بعد ما انتهى من تفكيك المحرك قطعة قطعة , بدأ بتجميعه مرة أخرى , استغرقت العملية ثلاثة أيام , ثلاثة أيام من العمل المتواصل لم يكن ينام خلالها أكثر من ثلاث ساعات يومياً كان يعمل بجدٍّ و دأب , في اليوم الثالث استطاع أن يعيد تركيب المحرك و أن يعيد تشغيله مرة أخرى , فرح كثيراً , أخذ المحرك , ذهب يقفز فرحاً نحو أستاذه , نحو مسئول البعثة و رئيسها : استطعت أن أعيد تشغيل المحرك , بعدما أعدت تجميع القطع قطعة قطعة , تنفس الصعداء , شعر بالراحة : الآن نجحتُ , لكن الأستاذ أشار إليه : لِسّا , لِسّا ما نجحت , النجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك , و أعطاه محرك آخر : هذا المحرك لا يعمل , إذا استطعت أن تعيد إصلاح هذا المحرك فقد استطعت أن تفهم اللغز , تجربة جديدة , أخذ المحرك الجديد , حمله و كأنه يحتضن أعزّ شيء إليه , إنه يحتضن الحلم , إنه يحتضن الهدف , وراح يمضي بعزيمة , دخل إلى غرفته , بدأ يفكك المحرك من جديد , و بنفس الطريقة , قطعة قطعة , بدأ يعمل على إعادة تجميع ذلك المحرك , اكتشف الخلل , قطعة من قطع المحرك تحتاج إلى إعادة صهر و تكوين من جديد , فكر أنه إذا أراد أن يتعلم صناعة المحركات فلا بد أن يدرس كعاملٍ بسيط , كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية صهر و تكوين و تصنيع القطع الصغيرة حتى نستطيع من خلالها أن نصنع المحرك الكبير .(1/2)
عمل سريعاً على تجميع باقي القطع بعد أن اكتشف الخلل و استطاع أن يصلح القطعة , ركب المحرك من جديد , بعد عشرة أيام من العمل المتواصل , عشرة أيام من الجد و العزيمة , لم ينم خلالها إلا القليل القليل من الساعات , في اليوم العاشر , طربت أذنه بسماع صوت المحرك و هو يعمل من جديد , حمل المحرك سريعاً و ذهب إلى رئيس البعثة: الآن نجحت , الآن سألبس بدلة العامل البسيط و أتّجه لكي أتعلم في مصانع صهر المعادن , كيف يمكن لنا أن نصنع القطع الصغيرة , هذا هو الحلم , وتلك هي العزيمة , بعدما نجح رجع ذلك الشاب إلى اليابان , تلقّى مباشرة رسالة من إمبراطور اليابان , وكانوا ينظرون إليه بتقديس و تقدير , رسالة من إمبراطور اليابان ! ماذا يريد فيها ؟ : أريد لقاءك و مقابلتك شخصياً على جهدك الرائع و شكرك على ما قمت به .(1/3)
رد على الرسالة : لا زلت حتى الآن لا أستحق أن أحظى بكل ذلك التقدير و أن أحظى بكل ذلك الشرف , حتى الآن أنا لم أنجح , بعد تلك الرسالة , بدأ يعمل من جديد , يعمل في اليابان , عمل تسع سنوات أخرى بالإضافة إلى تسع سنوات ماضية قضاها في ألمانيا , كم المجموع ؟ أمضى تسع سنوات جديدة من العمل المتواصل استطاع بعدها أن يحمل عشرة محركات صُنعت في اليابان , حملها إلى قصر الإمبراطور الياباني , وقال : الآن نجحت , عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني و هي تعمل تَهلّل وجهه فرحاً , هذه أجمل معزوفة سمعتها في حياتي , صوت محركات يابانية الصّنع مئة بالمئة , الآن نجح تاكيو اوساهيرا , الآن استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد يوم , عندما وصل إلى ذلك الهدف استطاع أن ينجح , في ذلك اليوم صنع ذاته , صناعة الذات انطلقت من ذلك الشاب ليتبنّاها كلّ عامل ياباني يرفع شعار : إذا كان الناس يعملون ثمان ساعات في اليوم سأعمل تسع ساعات : ثمان ساعات لنفسي ولأولادي و الساعة التاسعة من أجل اليابان , تلك المعنويات جعلتنا نقول العالم يلهو و اليابان يعمل , جعلتنا نفتخر بملبوساتنا و بمقتنياتنا لأنها صُنعت في اليابان .(1/4)
كلام رائع , كلام جميل , أعرف ما يدور في أذهانكم , أين الفرصة ؟ أين الظّروف المواتية ؟ أنت تتكلم عن ظروف مُهيأة ! صناعة الذات اذهب و اعمل على إلقائها في مكان آخر , أنا أمامي الكثير من العقبات , أمامي الكثير من الحواجز , و أنت تحدّثني عن الفكرة و الطّموح و العزيمة و الأهداف , حَدِّثني عن المشاكل التي تُحيطُ بي أولاً , أليسَ كذلك ؟ ربّما تدور هذه الفكرة في عقول بعضنا الآن , دعوني أحدّثُكم عن واقع آخر و عن تجربة أخرى , هي أكثر تألّقاً وأكثر طُموحاً , تجربة بدأت و انطلقت من رَصيف في بيروت عاصمة لبنان , ذلك الرصيف كان ينام عليه شابٌ صغير , من أين أتى ذلك الشاب إلى هذا الرصيف ؟ أتى من بيت عمه الظّالم , عمه القاسي بعد أن تُوفيت أمه و تُوفي أبوه ولم يَعد له أحد غير ذلك العم , الذي قال له يوماً وبصراحة : لقد أَثقلتَني و لم أعد قادراً على تَحمُّل مصاريفك , اذهب إلى الشارع , خرج الطفل الصغير نحو الطريق الواسع , راحت خُطواته تتبعثر حائرة : إلى أين أذهب ؟ وجد المكان المناسب , رصيف ممتد ! فوق الرصيف إنارة صفراء ! وبجواره صندوق كبير للمهملات و النفايات ! موقع رائع ! الرّصيف هو المأوى والنور هي مصدر الأُنس و صندوق النفايات هو المصدر للطعام , كانت تلك هي المواصفات , تلك هي البيئة بدأ الشاب ينام فوق الرصيف و تحت الإنارة و يأكل بقايا الطعام التي كان يجدها ملفوفة في بعض الصُّحف المرميَّة , بعدما يأكل كان يتصفّح الصحيفة و بالكاد كان ينظُر إلى الصور التي يختفي أجزاء منها نتيجة بُقع الزّيت العالقة كان يقرأ بالكاد بعض الأسطر و الكلمات .(1/5)
انقَدحت في ذِهنه فكرة , حلَّقت في ذهِنه فكرة , بينما كان يُقلِّب عينيه في صحيفة ممتلئة ببقايا الطعام , فكّر لماذا لا أَكون صحفياً ؟ لماذا لا أكون كاتباً ؟ لماذا لا أكتب و أنا صاحب تجربة كبيرة ؟ كم من الناس نام فوق الرّصيف بجوار صندوق النِّفايات و تحت الإنارة الصفراء ؟ أنا ! تلك ميزة , أنا متميز ! لا بد أن أَتعلّم حتى أكون صحفي و حتى أَتعلم لابُدَّ أن اعمل , أشرق الصباح و أشرق الطُّموح في نفسه , انطلق صاحبنا يبحث في العاصمة عن مُؤسسات صحفية تفتح له ذِراعها حتى يعمل فيها أيّ شيء . بحث و بحث , بحث حتى كَاد أن يَيأس لكنه أَخيراً وجد الفُرصة , وظيفة مُناسِبة , وظيفة يعمل فيها بالمساء حتى يدرس صباحاً تِلك الوظيفة عامل بسيط يمسح الطّاولات , طاولات الموظفين , و المكائن , مكائن الطباعة , وظيفة مُناسِبة على الأقل تَضمن له أن يقرأ كل يوم صحيفة نفس اليوم بدون أي بُقع و بدون أي زيت يلطِّخ الصور و أسطر المقالات بدأ يعمل , كان يعمل بعزيمة , كان يعمل على تنظيف الطاولات و كأنه رئيس تحرير تلك المؤسسة , لأنه يعمل و يرى بعينيه الطموح و الهدف الذي يسعى إليه .(1/6)
كان يعود إلى ذلك المكان و ينطلق بكتابة مُذكراته و خواطره و يكتب و يكتب صنعت منه التجربة كاتب يفجر المعاني من خلال كلمات مُتألقة في يوم من الأيام كان يحمل الدفتر و يمشي ببراءة الشاب الصغير يمشي بخطى سريعة في أحد أسياب تلك المؤسسة و أحد ممراتها فجأة ارتطم برجل يظهر عليه الكِبر في السن : أنا آسف , ذلك الرجل كان مُؤدباً و كان من أدبه أنه التَفَت إلى الدفتر الذي وقع على الأرض من يد ذلك الشاب عندما وقع الارتطام و وقع الحادث عندما اصطدم , نزل ذلك الرجل و أخذ الدفتر و اعتذر من الشاب الصغير و قدم الدفتر له ثم تَساءَل : هل تعمل في هذه المؤسسة ؟ قال : أنا أعمل منذ أشهر , أوه ما شاء الله تعمل عندنا , أنا رئيس تحرير هذه الجريدة , ما هذا الدفتر الذي في يَدك ؟ هذي خَواطِري أكتُب فيها وو ,,, ( الآن جاءت الفرصة ) : هذه خواطري أكتب و أنظر لعلّك تقرأ بعض الصّفحات , قال : تفضّل معي في مكتبي حتى أقرأ خواطرك , ذهب معه إلى المكتب , بدأ يقرأ الخواطر , فإذا بها تنطِق عن تجربة و تنطِق بمعاناة و تَتحدث عن مأساة و لذلك كانت صادقة , أعجب بهذه الموهبة الواعِدة , وعده أن يدعمه حتى يستمر في التطوير ونشر له مقال في تلك الجريدة فكانت أول انطلاقة , كان ينظر للمقال فلا يرى فيه مقالاً من عِدة أسطر و إنما يرى فيه الحلم , يرى فيه الطموح , يرى فيه الهدف , استمر ذلك الشاب ... لن أسرد عليكم باقي القصة بأكملها , القصة طويلة لكني أريد أن أقول لكم أن ذلك الشاب استطاع أن يكون رئيس تحرير تلك الجريدة ثم استطاع أن يمتلك تلك الجريدة ثم استطاع أن يمتلك أكبر مؤسسة صحفية في لبنان , استطاع أن يصنع ذاته , من أين بدأ رحلته مع صناعة الذات؟ بدأ بفكرة , تلك الفكرة التي انعكست من خلال ميزة رآها في نفسه تلك الميزة كانت كَفيلة بأن تجني عليه وأن تقضي عليه , تلك الميزة هو أنه شاب صغير يتسكّع في الطّريق بلا عائل و بلا مأوى .(1/7)
تلك ميزة ؟ أم سلبِيّة ؟ تلك إيجابية ؟ أم مصيبة ؟ لو نظر لها على أنها سلبية لكانت قادرة على أن تُحطم حياته لكنّه نظر إليها على أنّها ميزة يمتاز بها و فكر كيف يستطيع أن ينطلق من خلالها حتى يستطيع أن يأسر قلوب الناس عندما يكون صحفي يتكلم عن معاناته , أنا أسألكم سؤال , أخواتي الكريمات , أسألُكن سؤالاً : كُلٌّ منا يسأل نفسه , ما هي مميزاتي , ايش هي الأشياء التي أَمتازُ بها , هل عندكَ مميزات , هل عندكِ مميزات , من خلال تلك الميزات هل نستطيع أن نكون أفضل ؟ هل نستطيع أن نوظِّفها حتى نصنع ذواتنا ؟ حتى نُحقِّق نجاحنا ؟ هل نظر الواحد مِنا مرة إلى المرآة ؟
بالتَّأكيد , تذكر آخر مرة نظرت فيها إلى المرآة , تذكري أختي الكريمة آخر مرة نظرتي فيها إلى المرآة , ماذا وجدتم ؟ ماذا رأينا في المرآة ؟ وجدت نفسك بالتأكيد ! عندما وجدت نفسك , ايش وجدت فيها ؟ ماذا رأيت في نفسك من ميزات ؟ هل جلسنا لنفكر , ما هي الأشياء الحقيقية اللي احنا نمتلكها , و من خلالها نستطيع أن نكون أفضل ؟(1/8)
اتصلت عَليَّ إحدى الأخوات , لا أعرفها , سألتني سؤالاً كان يحكي المعاناة , و يحكي التجربة المريرة , و يحكي الّلوعة التي تجدها في نفسها , كان ختام سؤالها : أُريد أن أنتحر اليوم ! ايش رأيك ؟ ما هي قِصتها التي جعلتها تُفكر بأن تنتحر ؟ تقول : عندما كنتُ صغيرة , في سن العاشرة أو التاسعة من عمري , احترق المطبخ , و كنت في داخل المطبخ , فاحترق جسمي , و احترق وجهي , واحترقَت أرجلي و يديها احترقت , وكلها احترقت , و أُصيبت بتشويه بالغ جداً جداً , وبالرغم من كُل عمليات التجميل إلا أنها استمرت مُشوَّهة إلى درجة تُعبر عنها بأنها درجة مُقزّزة لمن ينظر إليها , تقول : و مع ذلك , حاولت أن أصبر , حاولتُ أن أتكيّف مع الحياة , أكملت دراستي , أنهيت دراستي المتوسطة , أنهيت دراستي الثانوية , دخلتُ الجامعة , كنت أنظر لنظرات الأخريات إليّ فأجد اللوعة تعتصِرُني , كانوا ينظُرون إليّ برحمة , لكني كُنت أحترق , أحترق , أحترق من تلك الرحمة التي أراها في قسمات وجوههم , لا أُريد أحد أن يرحمني , لا أريد أحد أن يُشفق علي , لا أريد أحد أن ينظر إليّ لا أريد أحد أن يتعاطف معي , كانت تلك المشاعر تخنُقني و بالرغم من ذلك أكملت دراستي الجامعية , و أنا الآن وصلتُ إلى الصفر لا أستطيع أن أواصل , عندما أنهت حديثها , قلتُ لها : أختي الكريمة , هل تسمحي لي أن أتحدث إليك بميزة رائعة اكتشفتُها فيك , خلال هذي الدّقائق التي تحدثتِ معي من خِلالها اكتشفت فيكِ ميزة رائعة , أريدُكِ أن تكتشفيها في نفسك , و إذا اكتشفتيها في نفسك , حرام عليك أن تهدري هذه النّفس الرائعة التي تمتلك تلك الميزة الفذّة , تساءَلَت : أنا عندي ميزة , كيفَ عرفت ؟ و ايش هي الميزة ؟ أنا أمتلك شيء جيد , ما هو ذلك الشيء الجيد ؟ كانت تتساءل بذُهول , بِحَيْرة , قلت لها : أُختي الكريمة : أَنتي تمتلكين إِرادة , أَنتي تَمتلكِين عَزيمة , أنتي تمتلكين صبر لا يُذكِّرني(1/9)
إلا بقول ذلك الشاعر الذي كان يقول :
صابرَ الصبرَ الصبورُ حتى قال الصبرُ للصبور دعني
هذا واحد صبور , جاء الصبر يتحداه , الصبر يتحدى الصبور يقول له : أنا أتحداك أن تصبر أكثر مني , و بدؤوا في المنافسة .
صابرَ الصبرَ الصبورُ حتى قال الصبرُ للصبور دعني
فُكّني , خلاص ارحمني , أنا لا استطيع أن أنافسك .
والله أنتِ تمتلكين إِرادة أكثر من طبيعية , بدأت نفسها تَتفتّق أملاً , بدأ الطُّموح يُشقّق بيضة اليأس لِيُخرج رأسه و ينظر إلى الحياة المشرقة التي يمكن لها أن تنطلق إليها إذا ما اقتنت تلك الفكرة و حملتها معها .
وماذا أستطيع أن افعل من خلال تلك الميزة !
اووه , تستطيعين أن تفعلي الكثير , تستطيعين أن تكوني أكثر من عادية في خِدمتك للأُمة و للمجتمع و للناس لأنَّك أكثر من عادية من خلال هذه العزيمة و الإرادة القوية , أنا أعرف الكثير من الناس لو امتلكوا خَمسة بالمئة من تلك العزيمة لنقلوا الجبال من أماكنها , تَشجَّعت , تَحَمّست , انطلقت ...
جاءتْني الأخبار بأنّها الآن وفي هذا اليوم الذي أُحدِّثكم فيه تدير أكبر و أنشط و أوسع مدرسة لتحفيظ القرآن , تخدم النساء في مدينتها , وفي منطِقتها التي تسكن فيها , إذا نَظرنا إلى النُّقطة المظلمة فلن نُشاهد المساحة البيضاء من حولنا , إذا نظرنا إلى نُقطة الضعف فلن نَنظر إلى مزايانا التي نجدها و نحصل عليها بمجرّد أن نراها , هل نعرف ما هي مُميِّزاتنا ؟ هل نعرف ما هي الأشياء التي يمكن من خلالها أن نُحقِّق نجاحاتنا كُلكم تريدون أن تعرفوها و أهم من أن نعرف مُميزاتنا , هو أن نُفكِّر كيف يُمكن لنا أن نُحوِّلها إلى نجاح ؟ و أن نُحوِّلها إلى خطوات نصل من خلالها إلى ما نريد .(1/10)
صديقي خالد , حبيبٌ إلى قلبي , كان يمتلك ابتسامةً أجمل إشراقاً من البدر المُتلألئ في ليلةِ الخامس عشر من الشهر ابتِسامتُه كانت أخّاذَة , قلت له مرةً : أنت تمتلك ميزة رائعة , ابتِسامتك الفذّة , ابتِسامَتك المُنْسابة على قَسمات وجهك والتي تسحر الأنْظار التي ترنوا إليك تجعل منك بارعاً في الاتّصال بالآخرين و في تكوين العلاقات معهم , كان صاحبي موظف بسيط في أحد الشركات الكبيرة, ترنّحَت في عقله تلك الفكرة , قَلّبها أكثر , رَاجعها , درسها , اتّصلَ علي : أنت تقول أن هذه الابتسامة مِيزة , و من خلالها استطيع أن أكون رجل علاقات عامة ناجح , صح , ما رأيك بأن أضع نصب عيني هذا الهدف أريد أن أكون مدير علاقات عامة في شركتنا العملاقة و الضخمة , ممتاز ماذا ينبغي علي أن اعمل ؟ أضف إلى ابتسامتك مهارات في الاتصال , أضف إلى ابتسامتك مهارات تحتاجها في العلاقات العامة و ضع على رأسها ابتسامتك لكي تُتَوِّجها , عند ذلك تنجح , لم يكن المشوار طويلاً , سنة ونصف , قفز قفزة , كان صاحبي يتقَاضى راتب مقداره ألفين و خمسمئة ريال , صاحبي اليوم يَتقاضى راتب مقداره ستة عشر ألف ريال , الطموح انطلق من خيال , بدأ من فكرة , انتهت الرحلة بالهدف الذي نريده و ليتنا نستمر مُحلِّقين في تلك الأفكار , لكن تعال بنا يا مُحدِّثنا إلى الواقع , الكثير من الظروف , البيئة , المجتمع , الناس من حولنا , أحد الذين يديرون في رأسهم تلك الفكرة يذكرني بصديق لي اسمه أحمد ماهر و أُسمّيه أحمد ماهر صاحب الحظِّ العاثر , و استأذَنتُه بأن أتحدث عن اسمه و عن تجربته في أيّ لقاء ألتقي من خلاله أحبة لي أمثالكم أيها الكرام , أحمد ماهر صاحب الحظ العاثر عندما كان يدرس في المرحلة الثانوية كان بليداً متأخراً في دراسته , ايش المشكلة يا أحمد ؟ الأساتذة لا يُحسنون الشرح ! و الله غلطانين ! أحمد ماهر بخطىً متثاقلة تجاوز الثانوية و دخل إلى الجامعة , بعد أول ست(1/11)
أشهر من الجامعة عمل على تحويل القسم الذي يدرس فيه , ليش يا أحمد ؟ عندي دكتور لا يفهم ! المشكلة أن التخصص الجديد الذي انتقل إليه للأسف وجد فيه دكتور آخر لا يفهم ! ترك الجامعة ! أحمد ماهر بحث عن وظيفة , أحمد ماهر وجد وظيفة , أحمد ماهر بعد شهرين , طُرد من وظيفته , ليش يا أحمد : مُديري مُتسلِّط , مديري لا يريد مصلحة العمل , مديري لا يفهمني , أحمد ماهر تزوج , مبروك يا أحمد , أحمد ماهر بعد ست أشهر طلق زوجته , ليش يا أحمد , زوجتي لا تفهم , أسألكم سؤال , أسألكنّ سؤال : من الذي لا يفهم ؟ أحمد ماهر صاحب الحظ العاثر لا يفهم لأنه يلقي بالمسؤولية على عاتق أي أحد , كثير منا في رحلته لصناعة الذات أول ما يجد كبوة أو عقبة يلتفت حوله : من المسئول ؟ من المسئول ؟ من المسئول ؟ كان الأحرى به أن يفكر كيف يمكن لي أن أعالج هذه المشكلة بنفسي كيف يمكن لي أن أتحمل المسؤولية و أن أفكر في الحل .(1/12)
دعوني أحدثكم عن قصة إذا تحدثت عنها وقفتُ إجلالاً لبطلة تلك القصة , بطلة تلك القصة أراها دائماً كلما رأيتها ضربت لها تحية إجلالاً و احتراماً و تقديراً , بطلة تلك القصة أعرفها تماماً وكل واحد منكم في هذه القاعة يعرفها تماماً , أنا رأيتها وكلٌ منكم سبق وأن رآها , تلك البطلة نراها في بعض المرات تمشي على الجدار تتسلق بعزيمة و بطموح و بقوة وبأمل ترى هدفها بعيداً , قريباً من السقف ربما يكون هدفها نقطة أو حبة سكر وربما يكون هدفها شيئاً حلواً يسيل على طرف الجدار وربما يكون هدفها أن تعود إلى مسكنها في ثقب أحد أفياش الكهرباء في الجدار و هي تحمل على كتفها حبة أرز حملتها مشواراً طويلاً تصعد إلى لجدار فيأتي أحد العابثين يضربها بيده فتسقط على الأرض و مع ذلك تقوم بسرعة و بنشاط و بطاقة عالية تحمل حبة الأرز و تعود لتصعد من جديد لأنها هي المسئولة عن الوصول و ليس الذي ضربها تلك البطلة المحترمة هي النملة من منكم سبق له و أن وطأ نملةً بقدمه , حرام عليه حبيبتي النملة لا تطؤوها بأقدامكم , النملة إذا سقطت على الأرض تعرف أنها هي المسئولة عن النجاح الذي تريد أن تحققه و لو استجابت لك وأنت تلاحقها بأطراف أصابعك أو لو استجابت لكي و أنتِ تلاحقينها بأطراف أصابع المكنسة لما حققت هدفها يوماً من الأيام تلك النملة علّمتنا كيف نتحمل المسؤولية و علّمتنا كيف يكون الذي يتحمل المسؤولية محترماً مقدراً لدرجة أنه يذكر في القرآن , كلّنا قرأنا قوله سبحانه و تعالى ((حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )) هل قرأتم تلك الآية ما هي قصتها ..(1/13)
سليمان عليه السلام يسير وخلفه الجيش الكبير يسيرون سراعاً أمامهم من بعيد مجموعة من النمل يسعون في طلب الرزق حول بيتهم , النمل ينظر مذهولاً للجيش القادم من بعيد , من بين النمل الذي أطال النظر للخطر القادم نملة واحدة كانت مبادرة راحت تصرخ : أيها النمل ادخلوا مساكنكم , راحت تحذرهم , تلك النملة هل كانت مديرة النمل هل كانت قائدة النمل ؟ ربما كانت الشغالة و ربما كانت السائق الله أعلم , لكنها هي التي ذكرت في القرآن لأنها هي التي تحملت المسؤولية وهي التي راحت تصرخ محذرةً النمل : اهربوا , عودوا إلى مساكنكم احذروا من الخطر القادم , تلك النملة كانت حَريةً بأن نحترمها و أن نقدّرها هل سبق لأحدِنا أن كان ماراً في الطريق و شاهد زجاجةً منكسرة على الأرض فتركها وقال هذا شغل البلدية , لو كان ذلك الشخص يمتلك مبادرة النملة لجمع الزجاج و قال ليست المسؤولية مسؤولية البلدية و إنما نحن جميعاً نتحمل المسؤولية , تلك المسؤولية على الأقل من باب إماطة الأذى عن الطريق , الذي يتحمل المسؤولية سيجد مئة مبرر لكي يحملها و أول تلك المبررات هو أن السبيل الوحيد نحو النجاح هو تحمل المسؤولية , بإمكاننا أن نبقى طويلاً داخل خيمة الفشل و نرمي على عاتق الآخرين كل ما يُصيبنا و كل ما يُعيقنا وكل ما يقف في طريقنا , و بإمكاننا أن نفكر كيف يمكننا أن ننطلق برغم الظُّروف التي نحن فيها , كيف يمكننا أن نكون أفضل برغم ما نحن عليه الآن ؟ شيءٌ واحد هو الذي يجعلك تندفع نحو إيجاد الحل لأي مشكلة تواجهك في طريق رحلتك لصناعة ذاتك ذلك الشيء هو أن تفكر بأن هناك العديد من الحلول هناك العديد من الأشياء التي يمكنك أن تصل إليها بمجرد أن تراها , أجدني مضطراً لأن أحكي لكم هذه القصة التي تحرك في نفسي مشاعراً لستُ أُدرك معناها ولستُ أفهم محتواها تلك القصة سأخبركم بها كما حدثت , كان والدي يُحب أن يبذل الخير للناس يحب أن يساعد الآخرين يحب أن يقف(1/14)
إلى جانبهم , كان محبوباً منهم جميعاً , كانوا يحبونه , و في يوم من الأيام ركب والدي سيارته و سافر من المدينة التي يسكنها إلى مدينة أخرى , بينما هو في الطريق شاهد رجلين يؤشران له : توقف , و أوصلنا على طريقك , مباشرة أوقف السيارة , للأسف الشديد لمجرد أن أوقف لهما السيارة أقبلا على السيارة بسرعة فتحا الباب , أنزلاه من السيارة , أخذا ما معه من نقود , ضرباه , فتحوا شنطة السيارة و رموه في الشنطة و أغلقوا عليه الشنطة , لماذا ؟ أخذتم النقود , اتركوه , لا , حتى لا يستطيع أن يتصل بالشرطة و تدركنا على الطريق , حتى يكسبوا وقت أكثر , والدي داخل حقيبة السيارة داخل شنطة السيارة , يصرخ , أخرجوني , ساعدوني , أنقذوني , بدأ يصرخ يصرخ يصرخ لا أحد يستمع , لا أحد يجيب لم يكن بقرب السيارة أي أذن تصغي إليه ولا أي عين تنظر إليه مضى الوقت بطيئاً بطيئاً بطيئاً كان يعاني من حرارة وجوده داخل شنطة تلك السيارة , في اليوم الثاني تفاجأ أحد المارّة تفاجأ بأنه مرّ أكثر من مرة و وجد نفس السيارة واقفة , اتصل مباشرة على الشرطة , احضروا هناك سيارة واقفة في مكان غريب , اقتربوا من السيارة بدؤوا ينظرون إليها فتشوا السيارة , فتحو الحقيبة وجدوا والدي داخل حقيبة السيارة لقد توفى , أخرجوه من الحقيبة , بدأ العزاء , جاء الناس يُعزّون جئتُ أنا منذهلاً مستغرباً حزيناً متسائلاً نظرت إلى السيارة نفس السيارة كانت تقف عند باب البيت , فتحت حقيبة تلك السيارة دخلت إلى داخلها , أغلقت على نفسي باب الحقيبة بدأت أتساءل كيف حصل الموقف , شاهدتُ في سقف الباب بعض الضّربات التي كانت تدُل على أنه كان يضرب بقوة لعله يسمع صوته لأحد, أيّ أحد بدون جدوى نظرت فوجدت ركن الإنارة الخلفي مكسور يبدو أنه كسر ركن الإنارة لعله يتنفس بعض الهواء , عرفت السبب , لقد مات من شدة الحرارة , الآن أنا انتبهت , طيب أنا الآن أريد أن أخرج من شنطة السيارة , السيارة(1/15)
نسيت أني أغلقت شنطتها أغلقت الحقيبة أريد أن أخرج , بدأت أطرق في نفس المكان الذي كان يطرق عليه والدي بدأت أصرخ , لكن أحداً لم يستمع إلي , نظرت إلى ركن الإنارة الخلفي المكسور , كسرته أكثر , أخرجتُ يدي , لعلّ الأذن التي لا تستمع لي تنتمي إلى وجهٍ فيها عين تنظر إليّ بالفعل نجحت بدأت أؤشر , أخي من بعيد نظر إلى يدي تخرج من حقيبة السيارة , عرف أنني في داخلها , اقترب : ايش اللي دخلك داخل حقيبة السيارة, أخرجني الآن و بعدين نتفاهم , يا أخي يدك خارج الحقيبة الآن , اضغط على مفتاح الشنطة ستفتح لك الشنطة وستخرج منها , أضغط على مفتاح الشنطة ! صح , ضغطت على مفتاح الشنطة و انفتح الباب خرجت , لكن والدي بقي يومين داخل الشنطة ولم يضغط على المفتاح و لم يخرج و مات , تلك القصة جعلتني أفكر , تلك القصة واقعية , هي بالفعل لم تحدث مع والدي , لكنها حدثت مع والد شخص آخر , تلك القصة قرأتها و كما قرأتها نقلتها لكم نصاً تلك القصة أفادتني بأنّنا مهما بقينا نفكر في المشكلة فلن نصل إلى الحل أبداً , كان ذلك الرجل والد ذلك الرجل في داخل حقيبة تلك السيارة يفكر لمدة يومين أنه داخل السيارة و أنه داخل الحقيبة , و أنه لا يستطيع أن يخرج منها , كل تلك الأفكار كانت تدور في دائرة واحدة , تلك الدائرة هي المشكلة كل اللي كان ينبغي عليه أن يبحث عن الحل وليس عن المشكلة , بمجرّد أن يبحث عن الحل سيُخرج يده ويضغط على مفتاح شنطة السيارة , كثيرٌ منا عندما يجلسون يتحدثون , أرخوا آذانكم إلى حديثهم , ثمانين بالمئة من أحاديثنا تدور في دائرة المشكلات , في دائرة الهموم , في دائرة الأشياء التي لا نستطيع أن نغيِّر فيها شيئاً , لو استطعنا أن نجعل هذه النسبة ثمانين بالمئة من حديثنا عن الأشياء التي نستطيع أن نغيِّر فيها , عن الأشياء التي نستطيع أن نقوم بها , فكّر دائماً , فكّري دائماً , كل ما نقع في مشكلة ينبغي أن نُفكّر , إذا أردتُ أن(1/16)
أصنع ذاتي ماذا أستطيع أن أفعل أنا حتى أصل إلى ما أريد ؟ و ليس ما يفعله الآخرون , دعوني أضرب لكم مثل بسيط , خرجتَ إلى عملك , و أنت في الطريق تفاجئت الزحام المعتاد , ياالله , زحامُ الصباح , السيارات المزدحمة التي تملأ الطريق و الدقائق الميتة التي تضيع سدىً و اللحظاتُ الثقيلة التي تجعل النفس مريضةً مكتئبة , كل يوم على هذه الحالة , أليس كذلك , ما رأيُكم , هذه التجربة اللي يمر بها الكثير , هذا متضايق و ذلك يتأفّف و الآخر عينه تقدح شرراً حتى أنك لو نويت أن تتجاوزه , صرخ في وجهك , كيف عرفت أنا نويت , مجرد أني نويت , متحفز , كل التفكير في المشكلة أليست مشكلة ؟ دعونا ننتقل من دائرة التفكير في المشاكل دعونا ننتقل من دائرة الهموم دعونا نفكر في الحل لأنني مهما بقيت أقول أنه هذه مشكلة سأبقى حتى بعد عشرين سنة وأنا أقول هذه مشكلة دعونا نفكّر في الحل , لمجرد أن تلتفت للتفكير في الحل ماذا ستجد , حلاً واحداً , عشرة حلول , مئة حل , أنا أعطيكم , أحد تلك الحلول التي يمكن أن تراها لمجرد أن تلتفت إلى الحل , و أنت في زحام الطريق حوِّل تلك الدقائق الميتة إلى دقائق عالية الإنتاج , حوّل تلك النفس المُتضايقة إلى نفس مُفعمة بالحيويّة و النّشاط هل تستطيع أن تحوِّل طريقك المزدحم و بقاءك في سيارتك إلى برنامج علمي , إلى محاضرة تستفيد منها , إلى دورة تدريبية تحضرها , اقتني العديد من ما يفيدك استماعه واجعله معك في سيّارتك بدلاً من أن تتأفّف في الزِّحام استمع لما يدعوك إلى التفاؤل , ستصل إلى عملك أو ستصل إلى بيتك و أنت عائد إليه وأنت مُفعم بالحيوية و الطاقة و النشاط , اتركوا تلك الفكرة , خذوا فكرة أخرى رآها بعضكم ربما , أكتب مجموعة من الأبيات الشعرية , بيت واحد في بطاقة ورقية و احملها معك طوال ما أنت في الطريق كرِّر تلك الأبيات , احفظها , أنا أعرف أحد الإخوة الذين جرّبوا هذه الطريقة , خلال فترة وجيزة ,(1/17)
استطاع أن يحفظ ألفين بيت , ألفين بيت من الشِّعر استطاع أن يحفظهم , يقول حوَّلتُ رحلتي المضنية إلى عملي ذهاباً و من عملي إلى بيتي إياباً إلى روضةٍ أدبية و استطعت أن أجني من خلال تلك اللحظات , قمّة الإنتاج و غاية الاستفادة و حفظت كل تلك الأبيات .
دعوني من هذا و من ذاك و استمعوا إلى قِصة تلك المرأة التي كانت تشتكي دائماً من المشكلات , أنا كُل يوم في مطبخي , هذه مشكلة ليس لها حل , لا بد أن نطبخ الغداء و لا بد أن نطبخ العشاء و لابد أن نغسل الصحون و لابد أن نجهِّز الطعام , أتحداكم تصلوا من خلال ما يقول عنه هذا المتحدث إلى حل لهذه المشكلة , هذا الكلام سمعته بأذني من أحد الأخوات التي اتصلت بي , وقال أنتم تتحدثون عن أشياء غير واقعية , احنا عندنا مشاكل ليس لها حل , اقترحت عليها فكرة , أخبرتني بعد ذلك بنتيجة تلك الفكرة , قلت لها هل تريدي أن تُصبحي طالبة علم , طالبة علم ! ما عندي وقت أحضر دروس , لا لا لا أبداً كوني طالبة علم و أنتي في المطبخ , أصلاً أنتي لو عندك وقت تحضري دروس كان أعطيتك نصيحة أخرى , إحنا نريد وقت المطبخ , يكفينا الآن , طبَّقت النصيحة ثم اتصلت بي بعد ستة أشهر , قال هل تصدق أنني الآن أحفظ أكثر من ثلاثمئة حديث و أعرف شرحها شرحاً و لو أردت أن أُلقي في كل حديث من هذه الأحاديث محاضرة لاستطعت , كل الذي قامت به أنها أخذت مجموعة أشرطة لأحدِ العلماء , مجموعة دروس لشرح تلك الأحاديث من أحد الكتب وبدأت بينما هي تعمل تصغي إليها و تستمع إليها , نجحنا في التحدي , أوجدنا حلاً, وسننجح في التحدي دائماً , أنتم وأنتن الكل سينجح في التحدي إذا كنا قادرين على التَّحليق في دائرة اسمها دائرة القدرة , ماذا أستطيع أن أعمل أنا , ماذا أستطيع أن أفعل بنفسي , هنا سنصل , سيعود شخص آخر و يقول : يا شيخ هنالك بعض التجارب السلبية السابقة هي التي تقف أمامنا و هي التي تعيقنا , خليك منطقي شوي , كم مرة(1/18)
حاولت أن أصنع ذاتي , كم مرة حاولت أن أحقق نجاحاتي لكنّ الفشل السّابق يسحبني إلى الوراء مررت بتجربة قاسية , لا أستطيع أن أتجاوزها و لا أستطيع أن أنساها , أقول له الناجحين ليس في حياته فشل , الناجح لا يحمل في خارطته الذِّهنية شيئاً يُسمى فشل بل يعرف ما يسمى بتجربة نحن لا نفشل نحن نخوض غمار التَّجارب الضَّربة التي لا تقصُم ظهرك تُقوِّيك أي تجربة مررتَ بها إن كُنت تشعر بأنها كانت فشلاً فقد أخطأت و إنما هي تجربة , أعلنتُ مرةً في أحد الصحف , أبحث عن موظفين , أبحث عن مدير تسويق , حضر مجموعة أشخاص و قدموا سيرهم الذاتية , من بينهم شخص عندما قابلته والتقيت معه : ايش هي مؤهلاتك , قال : مؤهلاتي : أكثر من مئة مؤسسة فاشلة , عملتُ على إدارة تسويقها , و أُبشّرك فشلت !! , الله يبشرك بالخير ! وإحنا كم رقمنا إن شاء الله , قال :لا لا لا , هذي مؤهلاتي الحقيقية , كل تلك التجارب التي دفعتْ ثمنها تلك المؤسسات غالياً ستجنيها أنتَ اليوم , والله ! أريد أن أتفاءل , أريد أن أُصدِّقك , قال :لا ..(1/19)
اسمح لي أن أُحدثك عن الخبرة التي حصلت عليها من خلال كل تلك التجارب , عندما استمعتُ إليه تمنّيت أنني أدرتُ أكثر من مئة مؤسسة فاشلة , حتى أحصل على خِبرته التي وصل إليها , بمجرّد أنه اعتقد أن التجارب التي مر بها هي خِبرات نتيجة تجارب , استطاع أن يكون واثق من نفسه وأن ينطلق من جديد , صدِّقوني لو حوّل الفكرة واعتقد أنه فشل لَترك العمل مُنذ أول تجربة , من بعد أول مؤسسة سكَّرها , رُبما لا يبحث عن عمل بعد ذلك لكنه كان ينظر إلى تجاربه نظرة إيجابية , تذكر هذه الكلمة , انظر لحياتك من الزاوية المشرقة , انظري إلى حياتك من الزاوية المشرقة , إذا استطعنا أن نمتلك تلك النظرة نستطيع أن نصنع ذواتنا , رحلتي مع صناعة الذات بدأت بقصة , سأختمها بقصة , قصة لن أنساها , قصة واقعية حصلت معي فعلاً , قصة تؤجِّج المشاعر في نفسي و أنا أتحدث عنها , عندما أُدير شريط تلك القصة في مخيلتي أشعر و كأنّني سأسقط من فوق هذه المِنصّة , كانت تجربة , دعوني أُحدثكم عنها , عندما كنت في الصف الثاني متوسط , و في شهر رمضان بالتحديد صليت التراويح خلف الإمام كان خاشعاً بِالقدر الذي ملأ المصلين بالخشوع و كنت أحدهم تأثرتُ من دعائه للمسلمين و نصرة المسلمين فخرجتُ و نفسي عَبِقة مُتألِّقة مشاعراً ايجابية و قمت أتساءَل و أنا في هذا العمر كيف أستطيع أن أخدم الدين و كيف أستطيع أن أخدم أمتي , كانت فكرة تعتصرني , فكرة تقتلع عليّ أُنسي و سروري فتحوله إلى حزن وكدر , تلك الفكرة أن الشباب الصغار في عمري يضيِّعون أوقاتهم سدىً بدون أيةِ فائدة وبينما أنا أسير عائد من المسجد إلى البيت , أشاهد مجموعة من رفاقي في عمري يلعبون الكرة و يترامونها و يتراشقونها من خلف الشبكة : يا الله ! هؤلاء ضحية المؤامرة على الأمة الإسلامية , بقيت مشاعري متأججة , كنت أتقلب على فراشي , جاء الصباح فانطلقت إلى المدرسة , أول ما وصلتُ اتجهت إلى الأستاذ عبد الله ,(1/20)
الأستاذ المسئول عن النشاط : يا أستاذ لو سمحت أريد أن أُلقي كلمة بعد صلاة الظهر: جميل رائع ! أعطيني الكلمة حتى اقرأها , آآه و الله أنا للأسف ما كتبتُ الكلمة , ما كتبتَ الكلمة ! طيب كيف ستُلقي ؟ , سأُلقي ارتجالاً أنا عندي أفكار و سألقي ارتجالاً , اسمحوا لي أن أقول لكم سر لا تخبروا به أحد , حتى تلك اللحظة لم أكن قد وقفتُ و ألقيتُ في حياتي , و لا مرة , للأسف الأستاذ وافق على طلبي , مضى الوقت بطيئاً , صلّينا الظهر , كنتُ أصلي , كان قلبي يرتجف ارتجافاً , أنا لا أعرف هل هو خشوع في صلاة الظهر , سَلَّم الإمام أردت أن أقف , فشعرتُ أنّ قلبي يزداد ثِقلاً و الثقل يزداد حتى انه يمنعني من الوقوف , قلت في نفسي , و أنا ايش اللي جابني للمشكلة هذي لكن , لا مناص تحاملتُ على خطواتي مشيت تقدمت وقفت أمام الطلاب انظر إليكم و كأني انظر إليهم , كانوا أمامي عدد الصفوف خمسة صفوف , و الأستاذ عبد الله صلى بنا إماماً و يجلس بجواري الأستاذ عبد الله قال لي : إذا أطلتَ سأسحبُ ثوبك : بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ... سورة الفاتحة .. أما بعد : المدرسة كُلها بدأت تضحك , حتى الجدران كانت تضحك , أحد المدرسين كان سمين جداً لم يردني أن انظر إليه و هو يضحك وضع يديه على فمه كنت انظر إلى بطنه يضحك ..(1/21)
المدرسة كلها كانت تضحك , يا الله , اسألني عن أعظم أمنية , سأقول لك , أتمنى أن تنشق الأرض و تبتلعني , اشعر بتنميل في أطرافي , اشعر بأن رُكبي تنتفض , أشعر بأن قلبي ذهب و تَركني , اشعر بأن شخص عَصَر ليمونةً فوق رأسي , أكاد أن أنكمش و أتضاءل كانت تلك هي مشاعري , اسألني عن أيِّ أُمنيةٍ لا أتمنّاها سأُجيبك بكلمة واحدة : لا أتمنى أن يراني أحد لا أتمنى أن يسمعني أحد لا أتمنى أن يشعر بي أحد أتمنى أن اختفي , تقدمتُ بخطوات متثاقلة و الضحكات تنسحبُ شيئاً فشيئاً , كنت أجلس قبل الصلاة و أثناء الصلاة في الصف الثاني , تقدمت حتى وصلتُ إلى الصف الثاني جلستُ في مكاني أنزلتُ رأسي اصطَكّت رأسي برُكبتي كان الجالس عن يميني يضحك و يضربني ضربات بسيطة فأميلُ إلى اليسار فيضحك الجالس عن يساري و يضربني ضربات بسيطة أنقذني صوت المدرس , أحد الأساتذة بدأ يصرف الصفوف حتى يعودوا للحصة بعد الصلاة , الصف الأخير يتحرك الصف الذي يليه يتحرك الصف الثالث يتحرك الصف الثاني يتحرك وصلني الدور , وقفوا جميعاً حتى يغادروا وقفتُ و كبَّرتُ السُّنة , انصرفوا جميعاً , بعد أن انتهيت التفتُّ يمين , التفتُّ يسار لا يوجد أحد الآن اهرب الآن أقف , ذهبت إلى فصلي , يا الله نسيت إذا كنت آخر من يغادر المصلى سأكون آخر من يصل إلى الفصل , كل السخرية تنتظرني داخل الفصل , فتحتُ باب الفصل : قاه قاه قاه قاه , الكُل بدأ يضحك , من نعمة الله عَلي أن طاولتي كانت الطاولة الأولى , سحبت طاولتي و جلست , بدَأت العبارات تتراشق كل منهم يضربُ رأسي بعبارة , أخرجت كتاب و دفنت وجهي فيه , أأبكي ؟ كيف أُعبِّر عن مشاعري ؟ كيف أُفجِّر يأسي ؟ كيف أُحدِّثكم عن إحباطي ؟ تخيلوا تلك الكثافة السلبية العالية التي تكدَّست في نفسي , بينما أنا كذلك , ضربة قوية على الطاولة , رفعتُ رأسي : مدرس اللغة العربية , سحبني من يدي أخرجني, أوقفني أمام الطلاب , الأستاذ إبراهيم كان(1/22)
قاسياً , يمتلك كف لم أذُقها ولكنني رأيتُ من سقط على الأرض لأنَّه ذاقها , يا ساتر أمسكَ بيدي , ماذا يريد , أوقَفَني أمام الطلاب , عاقَبني لوحدي , تفاجئتُ بأن يده التي كانت تمسكُ بيدي كانت ترسلُ لي مشاعرَ المحبة مشاعر مُفعمة بالحميمية , رفعَ يدي عالياً : أحسنتَ يا مريد , أحسنتَ يا مُريد , كأني مُنتصر في حلبة المصارعة , أنا لا أكتُمكم في البداية كنت مُطأطئ و نظري يصافح الأرض , لما رَفع يدي إلى الأعلى : أحسنتَ يامريد , ليش ايش سويت بدأت , قال الأستاذ إبراهيم : مريد هو الشخص الوحيد الذي وقف أمامكم و لم يتحدثْ و لم يقف منكم أي شخص و لم يتحدث منكم أي شخص , مريد وقف ولم تقفوا , الذي وقفَ اليوم ولم يتحدث يقف غداً و يتحدث , آآه صح : أقف غداً و أتحدث أنا لم أفشل أنا مررتُ بتجربة , الأستاذ إبراهيم جعلني انظر إلى التجربة من الزاوية الايجابية , جعلني انظر إليها من الزاوية المشرقة , ماذا تتوقعون النتيجة اليوم الثاني وبعد صلاة الظهر وقفتُ أمام الطلاب و قلت أما بعد ثم تحدثت و تكلمت , ترى لو أنني لم انظر إلى تلك التجربة بزاويةٍ ايجابية ما الذي كان سيحدث ؟ ما كنتُ سأقف أمامكم في هذه اللحظات .
لن أنسى كلمةً أخيرة قرأتُها عندما كنتُ صغيراً في أحد الكتب قال مؤلفُ ذاك الكتاب ما احترق لسانٌ بقوله نار , و لا اغْتَنى فقيرٌ بقوله ألفَ دينار , قُل ألف دينار إلى الأسبوع القادم لن تجد في جيبك و لا حتى ديناراً واحداً , قل نار إلى الشهر القادم لن يحترق لسانك , و لكن قل فِكرتك بعد أن تُعمِلها في ذِهنك , تحدَّثْ بها , ثم اكتُبها , ثم خطِّط لتنفيذِها , ثُم انطلق بعزيمة , ستُحقِّق ذاتك , سَتصِل إلى ما تُريد و ستكون كما تُريد , و ذلك ما تُريدون , و ذلك ما أُريد .
اسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعلنا كما نطمح و كما نأمل وكما نُريد أن نكون .(1/23)
الحياة تجربة و صناعة الذات فكرة تخلق الأمل و الأمل لا بد أن يحذوه العمل وبذلك نستطيع أن نكون و نستطيع أن نحقق ذواتنا .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
قام بعملية التفريغ و التنسيق : الحب المستحيل
لا تنسونا من دعوة صالحة
في ظهر الغيب
للمراسلة و الاقتراحات
البريد الاليكتروني
Impo7ible_love@yahoo.com(1/24)
مهارة الإدارة بالأفكار
تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها ، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في الوقت الذي تكون فيه مشغولا بأعمال أخرى أو مشتركا في محادثة أو منصتا إلى محاضرة آو قائما بالتدريس أو عاكفا على قراءة كتاب أو مسترخيا بالمنزل ، وحتى لو بدت هذه الفكرة لحظة ورودها واضحة تماما أو مهمة للغاية بحيث يستحيل نسيانها فهناك دائما احتمال أن تضيع منك فيما بعد .
لذلك حينما تنبن في عقلك نواة لفكرة احفظها مباشرة كتابة للاستفادة منها في المستقبل ، فالاحتفاظ بمذكراتك منظمة أبان البحث يستثير التفكير الناقد ويؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة .
" ديوبولد فان دلين "
مقدمة
الإدارة بالأفكار أسلوب إداري جديد لإنجاز الأعمال المطلوبة في المؤسسات الخاصة والعامة ، وفي الواقع أن تجربة الإدارة بالأفكار يمكنك من خلالها تحقيق عدة فوائد :
الأولى : نسبة إنجاز للأعمال كبيرة جدا مقارنة بالاسلوب القديم نسبة لا تقل عن 100% إلى 200%
الثانية : تفاعل جيد مع من تتعامل معهم في عملك اليومي
الثالثة : اكتشاف طرق جديدة في تبسيط الأعمال الإدارية اليومية مما يحقق السرعة في الإنجاز
الرابعة : استغلال الوقت بما هو نافع ومفيد للمؤسسة التي تعمل بها
الخامسة : الاستمتاع بالعمل الإداري اليومي من كثرة ملاحقة الأعمال المراد إنجازها
الأفكار في التراث الإسلامي
الأفكار أو الخواطر كما جاءت في بعض المراجع كان لها الاهتمام الكبير من قبل المفكرين والمبدعين الإسلاميين في العصور السابقة ، لقد كان سلفنا الصالح حريص اشد الحرص على استثمار كل لحظة من لحظات عمره بما في ذلك استثمار ما ينتجه العقل البشري من أفكار جديدة(1/1)
في المعجم الوسيط " الخاطرة " هي ما يخطر بالقلب من أمر أو رأي أو معنى ، أما " الفكرة " فهي إعمال العقل في العلوم للوصول إلي المجهول
وجاء في سيرة الإمام الشيخ أبى الوفاء ابن عقيل الحنبلي " المولود سنة 431هـ ، والمتوفى سنة 513هـ " وهو أحد الأعلام في الإسلام : انه كان يقول " إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرةٍ ومناظرة ، وبصري عن تطلعاته ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا انهض إلا وقد خطر لي ما اسطره ، أني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عمر الثمانين اشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة
وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ، حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز ، لأجل مابينها من تفاوت المضغ ، توفرا على المطالعة ، أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وان اجل تحصيل عند العقلاء هو الوقت فهو غنيمة تنتهز فيها الفرص ، فالتكاليف كثيرة 0
قال تلمذه ابن الجوزي : كان الإمام ابن عقيل دائم الإشتغال بالعلم ، وكان له الخاطر العاطر ، والبحث عن الغوامض والدقائق ، وجعل كتابه المسمى بـ (الفنون) مناطا لخواطره وواقعاته0
وقد ضرب الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله مثلا ظريفا للخواطر والأفكار التي تخطر في ذهن الإنسان فقال: (وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى ، ولاتبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لابد لها من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك! فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه !)
ومن الذين طحنت رحاه حبا نفع به نفسه وغيره الإمام ابن الجوزي صاحب الكتاب المشهور صيد الخاطر وهو كتاب ألفه من هذه الأفكار والخواطر التي ترد إلى ذهنه في يومه وليلته قال في مقدمة هذا الكتاب النافع :
((1/2)
لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها ، ثم تعرض عنها فتذهب ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا ينسى ، وقد قال عليه الصلاة والسلام (قيدوا العلم بالكتابة)، وكم قد خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه ورأيت من نفسي إنني كلما فتحت بصر التفكر فتح له من عجائب الغيب مالم يكن في حساب ، فأنثال عليه من كثيب التفهيم مالا يجوز فيه التفريط فيه ، فجعلت هذا الكتاب قيدا 000لصيد الخاطر000)
كيف تتكون الفكرة الجديدة
الأفكار التي تحمل التجديد والابتكار وحل المشاكل في العمل الإداري كثيرة ، تمر علينا هكذا كالبرق الخاطف فنأنس بها .... ولكن .... حالما تنقضي الثواني التي بزعت فيها هذه الفكرة ننساها في خضم أعمال الحياة اليومية ، ثم تبرز في يوم آخر أو في نفس اليوم فكرة أخرى جديدة..... ثم تذوب كما ذابت أختها .
ترى لو عمدنا إلى تسجيل هذه الأفكار وتنفيذها الن يكون ذلك أحد الطرق السريعة لتغير الواقع الذي نعيشه .
يقول دلين " تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها ، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في الوقت الذي تكون فيه مشغولا بأعمال أخرى أو مشتركا في محادثة أو منصتا إلى محاضرة أو قائما بالتدريس أو عاكفا على قراءة كتاب أو مسترخيا بالمنزل ، وحتى لو بدت هذه الفكرة لحظة ورودها واضحة تماما أو مهمة للغاية بحيث يستحيل نسيانها فهناك دائما احتمال أن تضيع منك فيما بعد .
لذلك حينما تنبن في عقلك نواة لفكرة احفظها مباشرة كتابة للاستفادة منها في المستقبل ، فالاحتفاظ بمذكراتك منظمة أبان البحث يستثير التفكير الناقد ويؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة "
تنفيذ الفكرة(1/3)
يوضح الشكل " 1 " مراحل تنفيذ الفكرة الجديدة ، فهي أولا ترد في ذهن الإنسان ، ومن ثم إما أن تدون في ورقة أو في مذكرة وهذا سبب أساسي لحياتها ونشاطها ، و أما ألا تدون وهنا نحكم عليها بالزوال وعدم الاستمرارية .
ومن خلال تدوين الفكرة تأتي المرحلة التالية وهي مراجعتها مع النفس أكثر من مرة مما يعطي للنفس الفرصة للحكم عليها ، فهي أما أن تكون جيدة أو غير جيدة ، وبفرض أن الفكرة جيدة فهي تحتاج أيضا إلى مشورة الآخرين ، والنتيجة أما أن يحكم الآخرين بعدم جديتها وعدم صلاحيتها أو أنها فكرة جيدة مما يؤدي بالتالي إلى تنفيذها واخراجها إلى حيز الوجود.
الشكل " 1 "
مراحل تنفيذ الفكرة الجديدة
توليد الأفكار الجديدة
أولا : احرص على الساعات الأولى من النهار :
اجعل الساعات الأولى من عملك اليومي مخصص للتفكير في تطوير المؤسسة ... بمعنى آخر لا تنشغل في هذه الساعات بأعمال بالإمكان عملها في الساعات الأخيرة من العمل أو في وسط العمل .
ثانيا :اجتماعات مبكرة :لتكن اجتماعاتك مع مرؤسيك أو مستشاريك في الساعات الأولى من العمل .
ثالثا : اقضي على قواطع التفكير :
ومن أهمها الهاتف ، والمراجعين ، الزوار وذلك من خلال تخصيص وقت معين يخلو الإنسان بنفسه في العمل للتفكير والتخطيط
.رابعا : رتب المعلومات :
أن الفكرة الجديدة تحتاج إلى معلومات متوفرة فاحرص على ترتيب معلوماتك من خلال الأرشفة أو استخدام الحاسب الآلي .
خامسا : دفتر الجيب :
يستفاد منه في كتابة الأفكار الجديد وترتيبها .
سادسا : المكان المناسب :
للمكان دور مهم في توليد الأفكار ، فالمكان الهادئ يساعد كثيرا على التركيز .
سابعا : أوجد الحافز :
وجود الحافز الدنيوي أو الأخروي له دور في إيقاد الحماس للعمل ومن ثم توليد الأفكار .
ثامنا : الحرص على الطاعات :
الطاعات والتقرب إلى اله بالأعمال الصالحة توجد انشراحا في الصدر مما يؤدي إلى توليد الأفكار الجديدة(1/4)
الإدارة بالأفكار أسلوب إداري جديد
في عالم الغرب وبالتحديد في السبعينات ظهر أسلوب إداري جديد أسموه الإدارة بالأهداف ، وهي كما عرفها الغمري في كتابه " نظام الإدارة بالأهداف " ( طريقة إدارية يقوم فيها الرئيس والمرؤوس بتحديد الأهداف الوظيفية المسئول عنها المرؤوس والمعايير الموضوعية التي ستستخدم لقياس مدى تحقق تلك الأهداف )
وفي الواقع أن الفكرة تأتى إلى ذهن الإنسان قبل الهدف ، بل أحيانا بسط الهدف بصورة أشمل أوضح مما يؤدي الى نجاح تحقيق الهدف وهو الأمر الذي أوجد هذه الطريقة الجديدة " الإدارة بالأفكار " وهي أسلوب إداري جديد يقضي تجميع هذه الأفكار ومن ثم دراستها وتنفيذ الصالح منها من خلال الخطوات التالية :
عود نفسك اذا خطر على بالك فكرة أن تبادر إلى تسجيلها
اكتب الفكرة كما كما هو في شكل التالي
الفكرة
حدد متى تريد تحقيق الفكرة .
1@تنفذ الفكرة في يوم .................... الموافق ........./............./.............1هـ
ضع لهذه الفكرة رقم
رقم الفكرة
اكتب متى بدأت
1@بدأ تنفيذ الفكرة في يوم .................... الموافق ........./............./.............1هـ
حدد ماهي الاجراءات التي اتخذتها نحو تنفيذ الفكرة
الاجراءات المتخذه
1-
2-
3-
بعد كل إجراء حدد الموعد الذي تحقق فيه العمل
0@متابعات
هل تود أن ترى ورقة الفكرة
يوميا ... أو كل يوم ......................
المصدر مذكرة بعنوان " الإدارة بالأفكار " إعداد علي آل إبراهيم
قطر
مركز شباب الدوحة
1993م(1/5)
الإدارة من موقع الأحداث ...
كتب الكاتب الياباني ماساكي إيماي كتاباً أسماه "جمبا كايزن" وجمبا تعني باليابانية الموقع الفعلي، وكايزن هو الأسلوب الياباني المعروف والمشهور الذي يدخل تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية والوفر، ويمكن ترجمة الكلمتين إلى "الإدارة من موقع الأحداث". يقول ماساكي: يكتفي كثير من المديرين بالجلوس إلى مكاتبهم ومتابعة الأمور عبر زجاج البرج العاجي الذي يطلقون عليه: مكتب المدير العام، إنهم لا يعرفون شيئاً عن منتجاتهم وخدماتهم إلا من خلال الأوراق والتقارير، ولا يفكرون في موظفيهم إلا عندما يوقعون كشوف المرتبات!! هؤلاء المديرون لا ينزلون إلى مواقع الإنتاج الفعلية في مصانعهم وشركاتهم. لذا فهم غرباء عن ما يحدث فيها من مشكلات لا يمكن صياغتها على الورق، وعندما تنفصل علاقتهم الحقيقية بموقع الأحداث على هذا النحو تنفصل أيضاً علاقتهم الحقيقية بشركتهم وبموظفيهم وبعملائهم. قد تقول أن المؤلف يتكلم عن المؤسسات التجارية، لكن هذا القول ينطبق تماماً على الإدارات الحكومية، ولا أعتقد بأن أحداً ينكر أن اليابانيون غزوا الدنيا بمنتجاتهم وخدماته وانظر إلى منزلك لتجد الأدوات والسيارات اليابانية، ما حدث في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لهو معجزة يجب أن نستفيد منها، هذه المعجزة كان من مقوماتها الإحساس بالمسؤولية، الثورة الإدارية الغير عادية وهم أمراء الأساليب الإدارية الحديثة، ولا استطرد في الحديث عن تطور اليابان لأنه حديث متشعب ويكفي أن تنظر إلى الكتب التي كتبها اليابانيون أنفسهم عن التطور بعد الحرب.(1/1)
تغير الحال هو المحال، هذا القول ينطبق تماماً على إداراتنا، ليخبرني كل مدير ما هي التغييرات الجذرية التي أحدثها في إدارته؟ هل يستطيع أي مدير أن يعطني تصور واضح لما ستكون عليه إدارته بعد 5 أو 10 سنوات؟ التغيير والتطوير سنة الحياة، وإن توقفنا عن التطور أصبحنا متخلفين عن الركب، فالواقف والمتخلف كلهما يعتبر في نفس الوضع! أخيراً أقول، ليستشعر الجميع المسؤولية، ولنقم بخطوات عملية بسيطة "كايزن" ولنزل إلى أرض الواقع لنرى كيف نطور الأساليب "جمبا"، ودعونا من الكلام الفارغ والوعود الهلامية، فإنها لا تقدم بل تأخر، ولنطبق نظام من أبسط النظم الإدارية وهو الإدارة المرئية، أو الإدارة على المكشوف، وسترون النتائج!
بقلم: عبد الله المهيري ...(1/2)
الإدارة هي السبب ...
سؤال أوجه لكل مدير ومسؤول، هل تستطيع أن تخبرني ما هي آخر التطورات في مجال الإدارة والمجال التقني؟ إذا كانت معرفتك ممتازة بهذين المجالين وتقوم بتطوير قسمك أو مؤسستك بتطور المجالان المذكوران فإني أتوقع مستويات خارقة من الأداء وسرعة في العمل، وإنتاجية تقفز قفزاً بخطوات واسعة نحو الأفضل، وتعاون بين الجميع ممن يعملون معك، الاحترام متبادل والآراء مسموعة، والإبداع أساس من أسس التجديد والتطوير المستمر، موظفون يحضرون قبل ساعات الدوام ويخرجون بعده، الصلاحيات المالية والإدارية مكفولة للجميع، والثقة عالية، مكان العمل نظيف ومرتب ومريح للنظر، مراجعون أو عملاء راضون تماماً عن الخدمات التي تقدمها، أرباع عالية وتكاليف منخفضة، هل تبدوا هذه الصورة حالمة؟ لا... هناك مؤسسات ناجحة تكون بيئة عملها بهذه الصورة. أما إذا كنت جاهلاً بما سبق، فالعكس صحيح لكل ما ورد أعلاه، وقد يستغرب أحدكم ويتساءل، هل الإدارة هي السبب الوحيد لنجاح أو فشل أي مؤسسة سواءً حكومية أو خاصة؟ دعوني اختصر عليكم الإجابة، نعم هي السبب، لذلك ابتكرت قانوناً إدارياً اقتبسته من أحد الكتب الإدارية وغيرت فيه، يقول القانون رقم واحد: إذا وجدت مؤسسة فاشلة فانظر إلى الإدارة فهي السبب لهذا الفشل ويقول قانون رقم اثنان: إذا لم تجد الإدارة هي السبب فانظر إلى القانون رقم واحد!! الإدارة هي الأساس في كل مؤسسة فبدونها يكون العمل في المؤسسة خبط عشواء، وبها يسير العمل إلى الطريق الصحيح، لكن إذا اعوجت أعوج العمل معها وإن صلحت، صلحت المؤسسة، فهي بمنزلة العقل للإنسان والعقل إذا لم يطور تجمد بل تحجر.(1/1)
والإدارة لا تقتصر على شخصاً واحد بل على عدة أشخاص يقودهم شخصاً واحد أو ما نسميه المدير العام، ولهذا المدير مسؤولون سواءً للمالية والحسابات أو لإدارة المشتريات أو خدمة العملاء وهكذا، وكل هؤلاء يطلق عليهم لفظ الإدارة، والإدارة تملك في يديها الموارد البشرية والمادية ولها الحق في تصريفها وترتيبها بطريقة معينة للقيام بأكبر إنتاجية. الفقرة السابقة هي تعريف بسيط لشكل الإدارة، وذكرنا في هذا التعريف حق الإدارة في تصريف مواردها، لكن وسائل ترتيب الموارد البشرية كثيرة ومنوعة، فأي الطرق يستخدم مديرك؟ هل هي طريقة حديثة لا مركزية، أم أسلوب متسلط مركزي؟ الأسلوب المتسلط يقوم على نظرية أن الموظفين كسالى، يجب أن تفتش عملهم كل دقيقة، عديمي الأمانة فيجب أن تحكم الرقابة عليهم وتبتكر القوانين الصارمة، إنهم أقل ذكاءً وفهماً منك، فيجب أن تضع أهدافاً للأداء لهم أو حتى لا تخبرهم بذلك بل يكفي أن تكلفهم بمهام وسينفذونها من دون تفكيراً كالآلات!! ليس لهم الحق أن يسألوا لماذا؟ إنهم فقط يؤدون ما عليهم من واجب فلا يستحقون أي حوافز سواءً مادية أو معنوية، لا رأي لهم أو استمع لآرائهم ولا تلقي لها بالاً لكي تخدعهم وتجعلهم يظنون أنك تستمع إليهم.(1/2)
أما الأسلوب الحديث فيبنى على أسس متينة عماده الثقة والإخلاص وحب العمل والتعاون، فالمدير هنا يسمى قائد لأنه يحفز الآخرين نحوا أهدافاً اتفق عليها الجميع، وكل شيء في هذه المؤسسة يناقش من المبادئ والأخلاقيات العامة حتى الأساليب التطبيقية، مروراً بالشؤون المالية والإدارية، فكل موظف له الحق في إبداء رأيه وله الحق في أن يسمع، كل شيء يناقش في جو من الاحترام المتبادل والكل يضع عصارة فكره وإبداعه، وتتطور المؤسسة فتلغي الإجراءات العقيمة لتحل محلها إجراءات أكثر بساطة وإنتاجية، وتلغى النظم المعقدة المركزية إلى نظم لا مركزية، يتحمل الموظفون المسؤولية كاملة ودور المدير هنا أن يكون موجهاً ودرباً ومعلماً وقدوة، فعله أكثر من كلامه، والمعلومات يتيحها للجميع إذ لا سرية كما في النظام المتسلط. كان ذلك في المجال الإداري، أم المجال التقني فهو وسيلة قوية في يد الإدارة الحديثة ووسيلة تفاخر في يد الإدارة المتسلطة... والمجال التقني يفتح آفاقا واسعة لتخفيض الكلفة والزمن لتحقيق المهام وتكون فعالة إذا ما استخدمت بالطريقة الصحيحة. وأخيراً هذا بعضاً مما لدي أحببت أن أشارككم فيه، وتناولت في هذه العجالة بعض المبادئ الإدارية، وغطينا جانب صغير جداً من الإدارة، ذلك أن الإدارة هي بحراً واسع لكني لا أكل من السباحة فيه، وأنصح كل شخص يود أن يطور نفسه ومؤسسته من الناحية الإدارية والقيادية أن يشتري بعضاً من الكتب الإدارية البسيطة ويقوم بتطبيق ما فيها إذا اقتنع بما فيها!! واقرؤوا كتاب البحث عن الامتياز لتوم بيترز، وكتاب الثورة على الفوضى لنفس الكتاب، ولتعلم المبادئ الأساسية للإدارة فقرؤوا كتاب ممارسة الإدارة لبيتر دراكر، قد أطلت الكلام عليكم... سامحونا!
بقلم: عبد الله المهيري ...(1/3)
التفكير
طريقك نحو قيادة المستقبل
المراجع:
· ... تنمية المهارات الإشرافية والإدارية. إعداد: مركز الخبرات المهنية للإدارة (بيمك)
· ... تنمية التفكير. إعداد: د. عبد العزيز الحر.
إعداد: خالد الحر
ما هو التفكير ؟
تعددت تعاريف التفكير، ولا يوجد تعريف واحد مرض. فمعظم التعريفات تتناول جانب من جوانب التفكير.
يصف البعض التفكير بأنه (نشاط عقلي) قائلين "بصورة عامة، التفكير هو أي عملية عقلية بصرف النظر عن الوصول إلى نتيجة". وهو تعريف صحيح لأنه يشمل كل شيء، لكنه مع ذلك، ليس تعريفا شافيا تماما.
نرى على الجهة الأخرى تعاريف تصف التفكير بأنه (المنطق وتحكيم العقل) فتقول "التفكير عملية ذهنية لإخضاع المواقف للمبادئ العقلية ومحاولة الوصول إلى نتيجة ما تتعلق بأشياء معينة". لكن هذا التعريف أيضا يشمل مظهرا واحدا فقط.
وإليكم التعريف الذي اخترناه "التفكير هو التقصّي المدروس للخبرة من أجل غرض ما". قد يكون ذلك الغرض هو الفهم، أو اتخاذ القرار، أو التخطيط، أو حل المشكلات، أو الحكم على الأشياء، أو القيام بعمل ما، أو الإحساس بالبهجة، أو الخيال الجامح، أو الانغماس في أحلام اليقضة، وهلم جرا.
لماذا نحتاج تفكير جديد عن التفكير؟
إن حياتنا عبارة عن التخاذ قرارات، نتخذ قرار بأن نذهب للماكن الفلاني، أن نأكل هذا الطعام أو نشرب ذلك الشراب، أن نشتري الشيء الفلاني، أن نلبس هذا اللباس أو ذاك. وهنالك قرارات اعمق، كأن نتاجر بسلعة معاينة، او نتخصص في أمر ما. وهكذا. واتخاذنا لهذه القرارات مبني على معلومات. إلا أن المعلومات وحدة لا تكفي لاتخاذ القرارات. فنحن بحاجة للتفكير لكي:
· ... الاستفادة من المعلومات.
· ... تصنيف المعلومات.
· ... التعامل مع المستقبليات.
· ... تطوير المعلومات
إذن: المعلومات وحدها ليست كافية لتسيير الحاضر وصنع المستقبل، لذلك نحن بحاجة للتفكير.
هل الذكاء والتفكير شيء واحد؟(1/1)
إن الاعتقاد بأن التفكير والذكاء شيء واحد يقودنا لنتائج خاطئة مثل:
· ... أن الأشخاص مرتفعي الذكاء لا يحتاجون أي نوع من التدريب على الفكير، فهم مفكرين بشكل تلقائي.
· ... أنه لا يمكن عمل أي شيء مع الأشخاص منخفضي الذكاء لتطوير تفكيرهم، فمن المستحيل جعلهم أناسا مفكرين.
للتفكير عدة أساليب لنتعرف على بعض منها:
1- التفكير الطبيعي ... 2- التفكير المنطقي ... 3- التفكير الرياضي ...
وأحيانا يطلق عليه التفكير المبدئي، الأولي، الخام، حيث لا توجد مسارات صناعية للتدخل في أنماط التفكير الأولية، ويصبح تدفق النشاط بالسلوك الطبيعي. وتتسم خصائص التفكير الطبيعي بما يلي: التكرار. التعميم والتحيّز. عدم التفكير في الجزئيات والتفكير في العموميات. الخيال الفطري والأحلام. معرض للخطأ. ... يمثل التحسن الذي طرأ على طريقة التفكير الطبيعي من خلال المحاولة الجادة للسيطرة على تجاوزات التفكير الطبيعي أو الفطري وذلك من خلال وضع عقبات أمام ممرات الفكر الطبيعي الأولي. إن وضع كلمة (لا) أمام التفكير الطبيعي سيجبر المرء على اتباع طرق أخرى، لذا يعد التفكير المنطقي متقدما بمراحل على التفكير الطبيعي وإن كان يفرض عددا من القيود على عملية الاستفادة من المعلومات المتاحة، كما أنه لا يسمح بحدوث التحول الفكري اللازم لإعادة استخدام أو ترتيب المعلومات المتاحة وبالتالي التعامل مع مواقف مستقبلية نظرا لما يوفره من أنماط فكرية محددة. ... ويشمل استخدام المعادلات السابقة الإعداد والاعتماد على القواعد والرموز والنظريات والبراهين، حيث تمثل إطارا فكريا يحكم العلاقات بين الأشياء، وعلى العكس من طريق التفكير الطبيعي والمنطقي فإن نقطة البداية تكمن في المعادلة أو الرمز حتى قبل توفر بيانات أن هذه القنوات السابقة (المعادلات، الرموز) ستسهل من مرور المعلومات بها وفق نسق رياضي سابق التحديد. ...
لكن هل للتفكير الرياضي عيوب؟(1/2)
قبل الإجابة على هذا السؤال، ما رأيك أن تحاول حل هاتين المسألتين؟
المسألة الأولى: قطعة شيكولاتة تحتوي على 32 قطعة صغيرة (ثمانية قطع طول، أربعة قطع عرض). طلب منك تقسيمها إلى هذه القطع، ما هو أقل رقم لعدد الكسرات اللازمة لتحويل القطعة الكبيرة إلى 32 قطعة صغيرة؟
المسألة الثانية: وقع الاختيار على (111) لاعبا من بين العاملين بالشركة للدخول في مسابقة الشطرنج التي تنظمها، وطلب منك تحديد عدد المباريات اللازم إجرائها للتوصل إلى اللاعب الفائز، وذلك لإنجاز إجراءات تنفيذ المسابقة مع أحد الفنادق. فكم مباراة سنحتاج للتوصل للاعب الفائز بالبطولة؟
والآن لنسجل معنا عيوب التفكير الرياضي:
· ... أن نتائج التفكير مرتبطة بمعطيات الرموز والمعادلات وبالتالي يصعب على الفرد الخروج على الإطار الرياضي وهو طريقة لحل مشكلة قد لا تحتاج بالضرورة إلى هذه الطريقة.
· ... قد يكون من المفيد استخدام أسلوب التفكير الرياضي في التعامل مع الأشياء، لكن قد لا ينفع تطبيق هذا الأسلوب على الأفراد.
4- التفكير الإبداعي:
إن الغرض من التفكير الإبداعي هو مواجهة أخطاء وقيود الذاكرة والتذكر، هذه الأخطاء التي قد تقود إلى استخدام غير سليم للمعلومات، وتلك القيود التي تمنعها من فضل استخدام يمكن للمعلومات المتاحة.
لماذا التفكير الإبداعي؟
يشوب كل أسلوب من أساليب التفكير الأخرى بعض السلبيات. مثل:
· ... التفكير الطبيعي – به أخطاء التحيز والتعميم.
· ... التفكير المنطقي – يستخدم لتجنب هذه الأخطاء، لكنه يمنعنا من توليد أفكار جديدة.
· ... التفكير الرياضي – يجنبنا أخطاء التفكير الطبيعي، لكنه ينمط أساليب التفكير ويركز على الإطار أكثر من المضمون.
وتتم مواجهة هذه الأخطاء والقيود باستخدام أسلوب التفكير الإبداعي الذي يتميز بما يلي:
توفير بدائل عديدة لحل المشكلة.
تجنب التتابعية المنطقية.
تجنب عملية المفاضلة والاختيار.
البعد عن النمط التقليدي الفكري.(1/3)
تعديل الانتباه إلى مسار فكري جديد.(1/4)
كيف تكون منتجا ونافعا
المرجع: شريط كيف تكون منتجا ونافعا ، للشيخ محمد الدحيم .
إعداد: هاجس
ابدأ بنفسك ( أنت المبتدأ ومنك المنطلق )
حاول أن تنجح في إدارة ذاتك ، وفي تعاملك مع نفسك ، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ثق بنفسك فعدم الثقة يؤدي إلى التكاسل عن الخير ، لأنك ترى نفسك ضعيفة ودونيه .. والثقة بالنفس لا تكون إلا بالثقة بالله عز وجل .
قد تتسئال الآن: كيف أبني الثقة في نفسي ؟!!
إليك هذه الخطوات العملية لبناء الثقة في النفس:
أعرف نفسك :
· ... تعرف على المميزات التي بداخلك وكيف تستخدمها .
· ... لا تربط نفسك بمجال معين .
· ... افتح عقلك في اكثر من أمر وأكثر من مجال .
· ... استعن بالأصدقاء الذين يصدقونك القول ( يبينون لك أنك مبدع في هذا المجال وأقل في المجال الآخر ) .
· ... استعن بالمعلم سواء في المسجد أو المدرسة أو الجامعة .
· ... ردد الكلمات اللي تدفعك للنجاح مثل ( أحاول – سوف أتعلم – أفكر في هذا الموضوع ) ولا تردد الكلمات المثبطة ( لا اقدر – لا استطيع ) .
· ... حدد نقاط القوه لديك .. خذ ورقه واكتب فيها المميزات والقدرات التي لديك .. وإذا أردت أن تعمل قارن هذه المميزات والقدرات بالعمل الذي تقوم به .
ولعل بعض الناس ليس لديهم نقاط قوة ( هكذا يحدثون أنفسهم ) نقول لهم نعم .. ولكن هل بحثت ووجدت بذرة خير صغيره في داخلك .. نعم بالتأكيد لديك بذرة قوة .. تعدها بالسقي ، وستصبح نقطة انطلاق لنفسك ، لا تهملها ، لأنها إذا توقفت عن النمو فهي توقفت عن الحياة ..
طور نفسك :
بعد تحديد نقاط القوة عندك ، انتقل إلى المرحلة القادمة وهي طور نفسك .. وذلك بالترقي والتدرج والثبات ، لا تكثر على نفسك ثم تنقطع ، قال صلى الله عليه وسلم ( أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ) . مارس دائما ولو فشلت .. فالفشل يبقى في الماضي وأنت في الحاضر .
تخلص من عيوبك :
لكل إنسان عيوب وهي تحد من النجاح..
كيف تتخلص من عيوبك ؟(1/1)
اعترف بعيوبك ، اكتب النقائص التي فيك على ورقه مثل : استعجال – عدم الثقة في الآخرين – إفراط في الثقة في الآخرين .
ثم ابدأ بعلاج نفسك ..
واعلم أخي أن سعيك بإصلاح نفسك والقضاء على نقاط الضعف هي من أعلى نقاط القوه فيك وهي البداية الصحيحة .. (ومن صحة بدايته صحة نهايته ) .
شد خيوطك :
لقد وثقت بنفسك أخي العزيز ، ثم طورت نفسك وتعرفت على عيوبك .. الآن شد خيوطك ..
أنت شخصية مستقلة .. بداخلها شخصية مستقلة أخرى .. وهذه الشخصيات لا بد أن تكون عون لك .. مثال :
عبدالله من الناس ( شخصيه مستقلة ) وبداخله شخصيه والد وطفل مع أنه متقدم في السن ..
شخصية الوالد وذلك بحرصه على أبناءه وتربيته لهم واهتمامه بهم ، فأنت عندما تحرص على نفسك ففيك شخصية الوالد .
أما شخصية الطفل تتمثل في روح المرح لديك ..
فعندما تكون مرح دائما لا تهتم .. فتكون شخصية الطفل لديك تغلبت عليك أصبحت هي السيد وأنت الخادم ..
لذلك اجعل الشخصيات التي بداخلك تنشد وتخدم نفسك .. ابدأ من الداخل .. وتأمل الدعاء القرآني ( وأصلح لي في ذريتي ) لم يقل وأصلح لي ذريتي .. وكذلك قال تعالى ( حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ولم يقل ( حتى يغيروا أنفسهم )..
الإرادة الصلبة :
الإرادة هي القوة الخفية لدى الإنسان وهي تعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما ، وتجد أنها راغبة فيه ومدفوعة إليه .. الإرادة قوة مركبة من = رغبة + حاجة + أمل
للإرادة شروط :
· ... تحديد الهدف .. حدد هدفك وبين وجهتك ، وليكن هدفا عاليا.. ( مثلا : أن أكون طبيبا / أن أكون مديرا ناجحا ) .. وتصور هدفك .. أي تصور أنك مدير ناجح ..
· ... الثقة بالنفس ( وقد سبق الحديث عنها )
تخلص من أمراض الإرادة :
فقدان الاندفاع ( لا تجد حافز للاندفاع ) .. فأنت في مرحلة التجميد .. ويجب أن تتحول إلى سائل لتتحرك ..
فرط الاندفاع وهو الزيادة في الاندفاع .
ضعف مستوى التدين ( يفهم الدين بطريقه خطأ ) .(1/2)
المجتمع ( إذا كان لا يعينك على النجاح ) .
الفقر والمرض .
كيف تقوي إرادتك :
الإقناع .
ثقف ذهنك .
التدرج .
حبب إلى نفسك النظام والتقيد به ( ضع لكل شيء مكان ، وضع كل شيء في مكانه ) .
استمر ، ولا تنقطع .
احرم نفسك شيئا اعتده ..
استبدل العادات السيئة بالحسنة .
ابتكر ، وأبدع .
الشخصيات الناجحة ( تعرف عليها أقرا عنها ) .
غير بيئتك .
أمور تزيد على الإنتاجية والفاعلية :
تحديد الأهداف وتقسيمها إلى : أهداف كبرى ، أهداف جزئيه صغرى .. اجعل الأهداف الجزئية في خدمة الهدف الأكبر . وقدم دائما ( ماذا ) على ( كيف ) .. أي ماذا سأفعل ؟ ، ثم كيف سأفعل ؟
نظم وقتك .
قوي علاقتك بالآخرين . اكسب الأصدقاء .
تقويم الأداء .. بعد فتره قف .. وراجع عملك .
كن متفائلا .
أخيرا حقائق مهمة لك :
· ... من لا يتقدم لا يبقى في موقعه بل يتقهقر .
· ... إن قوة الأفكار لا تجدي ما لم تقترن بالعمل .
· ... الإبداع ليس سوى التحرر من أثر النمطية .
· ... العقل خلق ليعمل .(1/3)
الحسم في السلبيات
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))
(( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ))
ما زلنا نبحث عن وسائل متعددة لإصلاح الأسرة المسلمة هذه الأسرة التي هي مفتاح الهزائم ومفتاح الانتصارات .. فبقدر ما تكون قريبة من الإسلام فإنها تكون سعيدة منتجة وبقدر ما تكون بعيدة عن الإسلام تكون شقية متفرقة.
ذكرنا نقاطا :
• تخفيف مثيرات الشهوة في البيوت " صيد الفوائد تربة الأبناء "
• اشاعة ثقافة المصارحة في البيوت . "
• مراعاة الفروق الفردية في الأسرة
نتابع اليوم:
الحسم في السلبيات :
إن الإسلام جاء للعالم كله وهذا يعني أنه منفتح على العالم كله قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (107) الأنبياء
ونتيجة لهذا الانفتاح الذي هو ميزة لهذا الدين قد يتسرب للمجتمع المسلم بشكل عام وللأسرة المسلمة بشكل خاص بعض الأمور والحيثيات الغربية أو الشرقية والغريبة عن المجتمع المسلم وعن مبادئه وأهدافه .
ومن هنا يكمن دور الأسرة في تحصين البيت من هذه السلبيات المختلفة وهي مسؤولية عظيمة وجسيمة تقع على أكتاف وأعناق الآباء والأمهات ذلك أن هذا الانفتاح الخطير والاختلاط الكبير جعل كثيرا من الأمور السلبية تتسرب إلى بيوتنا ونحن عنها غافلون وربما الكثير الكثير من المسلمين لا يلقون لها بالا وهي أشد أخطر وأكثر ضررا.
ولقد حذر النبي عليه السلام في كثير من أحاديثه من هذا التقليد الأعمى فقال " لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه " البخاري
ووقف أمام هذه الواردات الغربية والشرقية موقفا منهجيا علميا :
1- فما وافق الأصول الإسلامية ووافق الأهداف الإسلامية قبله .(1/1)
فعندما قدم تميم الداري رضوان الله عليه من بلاد الشام وتعلم من هناك كيف تشعل السرج وأنار بها المسجد النبوي دعا له النبي عليه السلام بأن ينور قبره وقبل منه هذا الوافد الجديد الذي لا يخالف أصولا إسلامية بل يفيد الدعوة ويفيد الأمة
2- ماخالف هذه الأصول والأهداف رفضه رفضا قاطعا لا هوادة فيه حرصا منه على استقلالية الإسلام والمسلمين . روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد "
ومن هذا القبيل أمره عليه السلام بمخالفة اليهود والنصارى فعن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتبع الجنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد فعرض له حبر فقال هكذا نصنع يا محمد قال فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال خالفوهم قال أبو عيسى هذا حديث غريب
وهكذا يجب أن يكون تعامل المسلمين اليوم مع هذه الواردات المختلفة.
إن الأسرة تولد كما يولد الطفل وإن الفترات الذهبية لتربية الأسرة هي تلك الفترات الذهبية لتربية الطفل أي في السنوات الأولى من ولادتها
لكن ويا للأسف الشديد فإن كثيرا من الأزواج يبدؤون حياتهم الزوجية وهم غير ملتزمين بالإسلام فتبدو الأسرة في الفترات الذهبية لتربيتها ضائعة لا تعرف منهجا ولا طريقا وينشأ قسم من الأولاد على هذا المنوال
ثم يبدأ الأب والأم بالتوبة عندما يقتربون من الثلث الأخير في أعمارهم ويريدون أن يزيلوا كل السلبيات التي كانت دفعة واحدة فيحصل الصدام بين الأزواج أو بين الأب والأم من جهة وبين الأولاد من جهة أخرى
لقد كان منهج النبوة في السلبيات التي توجد في البيت منهجا واضحا وصريحا هو عدم السماح لهذه السلبيات أن تبيت ليلة واحدة في البيت لقد كان منهجه هو الحسم في السلبيات .(1/2)
فعن عائشة قالت جعلت على باب بيتي سترا فيه تصاوير فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل نظر إليه فهتكه قالت فأخذته فقطعت منه نمرقتين " روه الإمام أحمد وأصله في الصحيحين
فالنبي عليه السلام كان موقفه عندما رآى شيئا مخالفا وسلبيا في بيته هو الحسم في هذه السلبية حتى أنه نزع هذه التصاوير بيده كما صرح الإمام أحمد في روايته
ومرة تتكلم السيدة عائشة عن صفية فيكون موقف النبي حاسما فقد روى أبو داود في سننه
عن عائشة قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا قال غير مسدد تعني
قصيرة فقال " لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته "
إن الحسم في السلبيات في السنوات الذهبية من عمر الأسرة له الدور الكبير في سير هذه الأسرة في الطريق الصحيح والسليم
لكن إذا تأخر الرجل في الحسم وإنهاء السلبيات من بيته حتى سن متأخرة فهذا لا يعني اليأس لكنه مكلف شرعا بإزالته ولكنه يحتاج إلى جهد أكبر يرافقه حكمة بالغة
إن السكوت عن السلبيات المختلفة في الأسرة يجعلها تتراكب وتتواكب لتشكل سدا منيعا في طريق إصلاح الأسرة التي كلفنا الله سبحانه وتعالى بإصلاحها والأخطر من ذلك هو أن القائمين على الأسرة من الآباء والأمهات هم الذين يكرسون هذه السلبيات المختلفة فتنشأ الأسرة بعيدة كل البعد عن المنهج القويم والصراط المستقيم والأمثلة على ذلك كثيرة فمن ذلك التدخين أمام الأولاد والجلوس في البيت والأب ذو عورة مكشوفة ومتابعة الساعات الطوال على شاشات الفضائيات وغير ذلك مع أن الله جعل الأب حاكما على بيته فمن يمنعه على الأقل من تطبيق الإسلام في بيته "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون "(1/3)