عارف عبد الرزاق: لا، أنا لو مهلتني للكلام، أنا.. أنا بعد أن بقيت في بغداد حوالي 3 أيام سافرت إلى الموصل، التقيت مع شخص مدنيين هناك الساعة 2 أكو أشوفه في محل معين حتى يوديني إلى بيت هو كان بينتخبه، فنقلني ضابط مقدم اسمه داوود عبد الجبار وشاكر محمود، وأنا وممتاز بهويات مزورة طلعنا بالنهار حتى نصل بالليل على الساعة 2 مسافة حوالي 200 كيلو متر، فاضطريت أسوق أنا بالطريق وكلفت بيها، وهو فعلاً الساعة 2 بالضبط وصلت للدليل الموجود لو تأخرنا شوية، كان ممكن يتوهوا وننكشف، فسكنا في هذا البيت وكنا نرسل.. نبعثه يجيب ضباط موالين وضباط معتمدين عليهم، من جملتهم كان قائد الفرقة يونس طه العطار باشا، وهو من دورتي وأنا اللي مخليه قائد فرقة، فتعهد إنه راح يكون معنا بالموضوع، إحنا كنا نجلب بأكثر موالين للموضوع.
أحمد منصور: عدد الضباط كانوا كم تقريباً؟
عارف عبد الرزاق: الضباط القوميين؟
أحمد منصور: الذين كنت ستتحرك بهم في الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: يعني أنا ما عندي تعداد بالضبط لعدد الضباط، بس هي.. هي الموضوع كان القوة الجوية كلها كاملة لدي..
أحمد منصور: كانت معك؟
عارف عبد الرزاق: كلها معي.
أحمد منصور: لكن التفاصيل بعد ذلك أثناء التنفيذ بتؤكد إنها ما كانتش القوة الجوية كلها.
عارف عبد الرزاق: لا كلها موجودة كان معي..
أحمد منصور: حينما ذهبت إلى القاعدة ورفض قائد القاعدة وآمرها أنك..
(11/397)
عارف عبد الرزاق: قائد الفرقة اتغير أيضاً، قائد الفرقة اللي دا.. بالليل، إحنا بعثنا على (الأمين كرواتشي) اللي هو كان مرسال بالطريق، في يوم 30 يوم الصبح يوم الخميس، الفكرة أولاً الخطة، الخطة هذه صار بيها نقاش كبير، إحنا بنريد أكثر ساعة من ساعات النهار، لأن إحنا قوة جوية ودروع، عرفان وصبحي عبد الحميد أصروا إنه يكون الساعة 3، لأنه يكون الجنود نزلوا ويكون الضغط أخف وإنه ساعة النهار تبقى عندنا خمس ساعات إلى الساعة 8 فيكون كافي لـ..
أحمد منصور: دايماً الانقلابات بتكون الصبح الساعة 3 خلاص كله روح.
عارف عبد الرزاق: كله يروح ما هو يعني الفكرة موجودة أنا يعني كنت أطول ساعات النهار يعني لو طولنا الصبح كان نجحنا يمكن، على كل حال هذا قدر ربك وموجود بيها.
الفكرة إنه تقوم القوة الجوية من الموصل أو من كركوك.. من اثنين يعني لو فشلت الموصل، آخد كركوك مكانها، عشان تبقى اثنين موجودة حبانية إذا احتاجين.. إذا احتاجين عدد من الضباط لا تبقون لا ترسلوا الناس إلى الحبانية، وإذا كان عدد كبير من الضباط أرسلوا إلى الحبانية عدد ليسيطروا عليها الحبانية كانت يعني خلاص خلصت أهميتها.. أهمية ثانوية عدا القاصفات التي كانت موجدة بيها، ومع هذا.. والخطة -مع الأسف- يعني كان عندنا.. كان سرية دبابات في القصر الجمهوري، سرية دبابات من 17 دبابة، كان ثلاثة منهم رعيل دبابات في محطة الإذاعة بأبو غريب وبعثت على الضباط من سرية الحرس كم تستطيعون أن تطلعوا إلنا دبابات في ساعة الصفر؟ فقال بمجيء معاونين الضباط نستطيع أن نطلع ثمانية إلى عشر دبابات، ومن دونهم نستطيع أن نطلِّع ست دبابات. يا عرفان ابعث ضباط ونحسب حساباتنا ستة، كان عندنا 14 دبابة كان دول كانت مسلحين، كان كل دبابة مسلحة بين 33 طلقة و35 طلقة..
(11/398)
أحمد منصور: يعني المشاهد مايهموش التفصيلات الدقيقة، كم طلقة وكم دبابة، إحنا في المحصلة العامة، القوى التي كانت معك التي كانت ستتحرك في هذا الموضوع وكيف فشلت في السيطرة وأنت تقول..
عارف عبد الرزاق[مقاطعاً]: فشلت السيطرة لأنه لم يوجد ضابط كبير يوجه للضباط الصغار، ماذا يعملون؟
أحمد منصور: كيف يقوم انقلاب بهذه الطريقة؟
عارف عبد الرزاق: مع الأسف أنه كان.. قائد كل الضباط الكبار بقوا في محطة الإذاعة عدا عرفان عبد القادر وجه عرفان عبد القادر وجد.. بعد ما شاف نفسه وجد وحيداً بالقيادة وأنه سمع عن دبابات اتحركت إلى الإذاعة واستولت عليها، مع إنه يعرف أنه هاي الدبابات دبابات موالية، ترك الساحة وهرب، وإحنا بقينا للساعة 8.30 نضرب، إلى الساعة 8 نضرب إحنا من الموصل.
أحمد منصور: أنت كنت في الموصل في ذلك الوقت وكانت الطائرات تخرج لتضرب بغداد ليس لديك قيادات لتحرك القوات الموجودة في بغداد..
عارف عبد الرزاق: إحنا أعطينا واجبات..
أحمد منصور: القائد الأساسي، معظم الضباط راحوا اتكتلوا في الإذاعة يمضوا علشان كل واحد يذيع البيان وينسب لنفسه قيام الثورة ويعني.. الفوضى التي ربما حصلت..
عارف عبد الرزاق: لا، المذيع واحد، لكن كل ما هنالك يعني.. يعني مع الأسف أقوله بس هي علامة من علامات الجبن، يعني ضباط كلهم كانوا يتكتلون وبعدين كلهم يروحوا بسيارات لا ينوون على أمر..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هذه المرة الثانية التي تتكرر فيها نفس الأخطاء في محاولة انقلابية ثانية.
عارف عبد الرزاق: نفس الأخطاء، نعم.
أحمد منصور: لم تستفد من المحاولة الأولى.
عارف عبد الرزاق: استفدنا بالمرة الثالثة لكن لم تنجح.
أحمد منصور: ابقى خدني معاك في المرة الرابعة بقى.
عارف عبد الرزاق: إن كنت جاهز هآخدك معايا.
أحمد منصور: أذيع لكم البيان على الأقل.. فشلت المحاولة الانقلابية الثانية التي قمت بها في 30 أيلول/ سبتمبر 66.
(11/399)
عارف عبد الرزاق: ما هو عجز الضباط إنه يجيبوا يجندوا كل الضباط اللي موجودين في الوحدة، بعد.. بعد توقيفنا أُخذنا 11 ضابط كرهائن في القصر الجمهوري في الفوج الثاني الحرس الجمهوري، خوفاً ألا يقتل.. لأن القوميين هددوا باغتيال بعض ضباط الحرس الجمهوري وأخذونا كرهائن، حتى إذا قتل أحد منهم يقتلونا، خدنا الضابط اللي كان يفتش الشنطة مثل ما نكون.. وأنا جاي من المعتقل، فبص.. نظر إلي ووضع ورقة في الشنطة بتاعتي، فقرأت الشنطة قال إحنا سبع ضباط..
أحمد منصور: لا، أنا لسه قبل السبع ضباط اسمح لي، كيف قُبض عليك أنت والضباط الآخرين؟
عارف عبد الرزاق: أنا بعد الساعة 8، 8.30 اتحركت.. عزل رئيس الجمهورية قائد الفرقة وعين قائد فرقة ثاني، فبعث نذير إلنا أنه لا يحطموا الطائرات خليهم يجوا يسلمون، فأنا وافقت على التسليم، لأنه أنا ما أردت الطائرات تتخرب، وبعدين القوات الجوية بالليل ما تقدر تسوي شيء، فالساعة 8.30 رحت إلى مقر الفرقة هناك، وكان موجودين حوالي 50 ضابط هناك من ضباط الفرقة أحدهم كان معرفة لي، فأنا كنت في حالة شبه هستيريا، فقال أنا لو كنت.. ما كنت.. فشتمته وقلت له اقطع الكلام ولا تتكلم ولا كلمة..
أحمد منصور: حاولت الانتحار مرة أخرى..
عارف عبد الرزاق: واحتفاظ بالمسدس مالي إلى الساعة 12، إلى الساعة 12 بالليل ما أعطيتهم إياه، لكن أنا اللي حز في نفسي أنه ليش فشلنا؟ أنا وضعت كل ما عندي من علم في هذه الخطة..
أحمد منصور: شيء عادي.. لكن لم تعتمد على رجال..
عارف عبد الرزاق: ليش فشلنا.. ليش فشلنا؟
أحمد منصور: لم تعتمد مثل المرة الأولى..
عارف عبد الرزاق: فأنا.. أنا كنت أعتقد أن كل الضباط ماتوا، ما أعتقد أنهم كلهم جبناء، هذا اللي خلاني أقول حتى شوف النتيجة ليش، فبعدين خدونا إلى عبد الرحمن..
أحمد منصور: يعني باختصار جبن الضباط المشاركين معك هو اللي أفشل..
عارف عبد الرزاق: القادة..
(11/400)
أحمد منصور: القادة..
عارف عبد الرزاق: القادة منهم..
أحمد منصور: للمرة الثانية؟
عارف عبد الرزاق: للمرة الثانية.
أحمد منصور: فكرت في الانتحار مرة أخرى..
عارف عبد الرزاق: مرة أخرى واللي منعني ممتاز سعدون وقال الدنيا تصير بها الشكل، كله الحقيقة يعني.. الحقيقة الأخرى إنه أشوف ليش فشلنا ليش؟ يعني لماذا؟.. يعني شنو الخطأ فيها؟ وين؟ يعني كان عندنا بالتاجي عنده 14 دبابة كان يستطيع بالمعاونة شايفها 8، وبالمناورة شايفها ستة، فأرسلنا له قلنا له ونزل 14 دبابة وبالحرس الجمهوري طلع 12 دبابة وستة من أبو غريب، يعني 6، 14 = 20 و12 = 32 دبابة، 32 دبابة تمحي الدنيا كلها فشنو نخسر؟
أحمد منصور: غير الطيارات، غير..
عارف عبد الرزاق: غير الطيارات وغير..
أحمد منصور: غير الإذاعة..
عارف عبد الرزاق: غير.. لا، الإذاعة مع الأسف.. سكتت ما هي.. ما هو الخط انقطع الكهرباء عننا لو الكهرباء باقي عندنا كنا نجحنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: التقى بكم الرئيس عبد الرحمن عارف طبعاً نادراً ما يحدث إن مجموعة تقوم بانقلاب ورئيس الدولة يجلس معها.
عارف عبد الرزاق: ما هو جابنا للإذلال تقريباً أو للسؤال فيها، دخلنا إحنا تسع ضباط جايين من الموصل من ضمننا قائد الفرقة اللي انقلب هنا وهنا، وهو آمر القاعدة، وعدد الضباط الآخرين السبعة اللي هم ما معايا من.. يعني قوى ضباط طيارين، فدخلت عليه أنا وكانت رشاشات موجهة حواليه، ست، سبع رشاش.. رشاشة كلها موجهة عليَّ فدخلت أنا لا سلام ولا كلام عليه، وكان هو ينظر إلى المنضدة بتاعته، وكان من الروشة شايل رشاشة وحاططها بين رجليه، أنا ذاك الوقت الدنيا ما تسوى عندي السيجارة اللي أشربها، السيجارة اللي أشربها كانت أغلى من حياتي..
أحمد منصور: ما خسرت كل حاجة.
عارف عبد الرزاق: فأنا خسرت كل حاجة وما بدي..
أحمد منصور: وبعدين..
(11/401)
عارف عبد الرزاق: فشال راسه هو وقال هذا عارف ليش هذا.. ليش؟ ما دار بيني وبينه بالنص و.. للحقيقة والتاريخ.
أحمد منصور: إن فيه روايات كثيرة حول هذا الموضوع..
عارف عبد الرزاق: والله فيه روايات كثيرة نقلتها الجرائد كاذبة، لكن الحقيقة، والله.. والله ما دار بيني وبينه وهو –حي لا يزال- قال لي: ليش عارف ليش..
أحمد منصور: هو لا يزال حي ويعيش في العراق..
عارف عبد الرزاق: قلت له بالمحاكمة تبين إلا إذا شئت أن تقلب هذه إلى محكمة الكلام فيها لا يفيد، يعني.. فقال: من بيقول إن إحنا سوينا؟ قلت له: أنت والله ما هتاخد في بالك، بس أنا خلقت لوحدة عربية وعشت لسبيلها وأموت في سبيلها، قال: يعني الوحدة العربية تسير قبل الوحدة الوطنية؟ قلت له هذه أسطوانة مجتها الأسماع، لا يمكن أن تكون وحدة وطنية، الوحدة الوطنية مستحيلة.
أحمد منصور: مستحيلة في العراق؟
عارف عبد الرزاق: آه مستحيلة.
أحمد منصور: إلى الآن تقول هذا؟
عارف عبد الرزاق: مستحيلة.. إلى.. إلى الحين إلا.. مستحيلة، إلا بالقوة مستحيلة العراق اللي يتكون من.. من ملل كثيرة وأديان كثيرة..
أحمد منصور: يعني إلا بقهر الناس يعني..
عارف عبد الرزاق: لأ، يعني.. يعني.. ما أعتقد يعني فيه.. فيه مناوئين للوحدة ماكو شك، فيه كتير بس مو أقلية.. مو كثرة يعني بس فيه أعداد كثيرة هنا وهناك.. فقال إحنا طلعنا أصحابكم.. قلت له مين أصحابنا؟ أنت دول اللي وقفتهم دول أبرياء مننا.. كان بيقصد بقايا الضباط.. حوالي ضباط في محاولة
أحمد منصور: بتوع المحاولة الأولى، نعم..
(11/402)
عارف عبد الرزاق: قلت له هادول أبرياء أنتوا اعتديتو عليهم.. قال شو أيدتوا الوحدة الوطنية. كان أنا لما تركت البيان.. ما كان.. كان بالليل صار صبح مع عبد الرحمن البزاز والأكراد.. فقلت لهم وأنا أقول لك أنا ضد الأكراد.. بودي كل عراقي يصير أخ للعراقي الآخر، فقال للمحكمة، وانتقل إلى ضباط آخرين مقولتهم يوم 19،24، فقال أنا ضربته ورميته قال له: أنت تروح تأخذ.. ما بتعرف عارف عبد الرزاق.. تروح لك بالليل تاخد لك ثلاثة جنود وتروح توقف عارف عبد الرزاق.. تأخذ سرية وتروح؟ فوقفوا وقالوا: زي ما المحكمة تروح.. ضابط آخر صباح عبد القادر حدثه على القومية العربية وما قومية عربية.. فقال له: إحنا عجم ولاد كلب.. ابن الكلب.. فـ.. لما أخذونا في غرفة تحت الملشايشي والسرير قعدونا وقطعوا التليفون عندنا، اخذوا ممتاز سعدون وضربوه ضرباً مبرحاً، لكن هذا الرجل صبر كما يصبر الحمار على حمل الأثقال، لم يقل أخ، لم يقل أخ، وبمرأى من عبد الرحمن البزاز، وبمشهد منه، ونسمع الضرب إحنا من هناك، وأخذوا صباح عبد القادر لأنه بيناقش رئيس جمهورية، وضربوه ضرباً لكن هذا كان طفل، فزعيقه بقى على الصياح كلها، فمع الأسف يعني.
أحمد منصور: لكن أنت لم تتعرض لأي ضرب.
عارف عبد الرزاق: أنا لم أتعرض لأي ضرب.
أحمد منصور: سجنت.
(11/403)
عارف عبد الرزاق: أخذونا بعدين لمدرسة المشاة، أخذونا للواء الحرس الجمهوري ليومين أو ثلاثة.. وبعدين أخذونا لمدرسة المشاة.. وكان معنا سرية بمعداتها وكنا مركبين حتى العتاد في السبطرانه.. حتى واحد من الجنود كان سها وضرب ثلث أربع رصاصات قتل الجندي اللي أدامه، وإحنا هنسير بالسيارات، فبعدين قمنا نعد العدة.. وإحنا ما أخذونا.. أخذونا أسرى.. بعد أن هذا الضابط أعطاني.. سبع ضباط وقال إحنا حاضرين نقتل عبد الرحمن عارف.. أو نخرجكم من السجن أو أي شيء تأمرونا به، فقعدنا.. قلنا له لأ ابق في مكانك.. وأعطينا وافينا بأخبار.. كان يشتغل هو نائب مساعد.. فكان يجتمعون لدى الضباط المناوئين لنا اللي مع عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود وعبد القادر الراوي وسعد الحدان وشلة كبيرة، فكان يوافينا بالأخبار.. فهم قرروا القيام بانقلاب على عبد الرحمن عارف إذا لم يُقِل عبد الرحمن البزاز بعد رجوعه من روسيا.. فسمعنا بهذه الأخبار.
أحمد منصور: دي المحاولة اللي قام بها سعيد صليبي.. في مايو 67.
عارف عبد الرزاق: نعم، لا.. لا.. لا.. هذه وإحنا بالسجن قبل.. قبل وإحنا بعدنا بالسجن.
أحمد منصور: آه.. أنتو كنتو لسه في السجن بـ 31 مايو.
(11/404)
عارف عبد الرزاق: إحنا لسه.. لسه في 66.. لسه في 66.. فلأول مرة.. اتصلت بآمر السرية اللي موجود بالإذاعة وتبرع إنه يكون هو (...)، فكان عندنا ناقلات جنود اثنين للحراسة، فقلت للضابط إنه يكتب تقرير إنه الحراسة قليلة فيزيدها إلى خمسة.. فعلاً زادها إلى خمسة.. فكان عندنا.. كان عندنا حوالي 70ضابط، وحوالي 250 عسكري في مدرسة المشاة.. فقلنا نقوم بحركة خروج.. ولأول مرة بعثنا برقية إلى مصر، ووصفنا له أن الجماعة يعدون العدة للانقلاب على عبد الرحمن البزاز.. على عبد الرحمن عارف.. إحنا باستطاعتنا إن نقوم بحركة خروج.. هل نستطيع أن نضع قواتكم في حساباتنا؟.. لأول مرة قالوا: نعم على بركة الله.. المرة الوحيدة والأخيرة.
أحمد منصور: يعني.. المصريين كده ادواكم ضوء أخضر على لإمكانية المشاركة.
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: كان رد فعلهم أية على فشل المحاولة الثانية؟ 30 مايو.
عارف عبد الرزاق: والله رد فعلهم ما عرفتوش أنا.. قضاء وقدر.
أحمد منصور: هذا طلبتم المساعدة من المصريين وأنت كنت لازلت في السجن.. هذه المحاولة التي كنت يتوقع أن تنجح لكنها لم تقم.
عارف عبد الرزاق: لا هم.. هم ما قاموا بالعملية.. هم ما قاموا بانقلاب مع العدو.
أحمد منصور: بقيت في السجن إلى 31 مايو 67.
عارف عبد الرزاق: 67.
أحمد منصور: بدون محاكمة.
عارف عبد الرزاق: بدون محاكمة.
أحمد منصور: كنت تعامل معاملة كريمة.
عارف عبد الرزاق: في البداية لأ يعني قاسية، لكن بالأشهر الأخيرة لا معاملة كريمة.
أحمد منصور: معظم الضباط أفرج عنهم الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية معك.
عارف عبد الرزاق: قليل.. لا.. كم واحد بس.
[فاصل إعلاني]
مشاركة عارف في حرب يونيو 67 وأسباب الهزيمة
أحمد منصور: في 31 مايو 67 كانت نذر حرب يونيو كانت على الأفق حينما أفرج عنك طلبت المشاركة في الترتيب للحرب؟
(11/405)
عارف عبد الرزاق: لأ.. هو.. أنا أفرج عني يوم الأربعاء 31/5 والحرب صارت يوم الاثنين 5 حزيران.. أنا في بيتي وسمعت.
أحمد منصور: 5 يونيو.
عارف عبد الرزاق: يونيو.. حزيران كله اسم واحد.
أحمد منصور: أيوه.. أيوه.. أيوه حزيران 5 مش 2 يعني..
عارف عبد الرزاق: خمسة أنا قلت خمسة.. يوم الاثنين.
أحمد منصور: آه يوم الاثنين/خمسة.
عارف عبد الرزاق: يوم الاثنين/خمسة.. رحت بملابسي ورحت إلى القوة الجوية وقلت لهم أنا أتطوع جندي بالقوات الجوية..
أحمد منصور: وأنت حريف انقلابات وخايفين منك.
عارف عبد الرزاق: أنا.. لأ.. الظروف.. الظروف تختلف الآن فالطيارين كلهم شافوني.. استأنسوا بوجودي معهم حتى إن ضباط قائد السرب اللي كان رايح.. كان هو عايز يبعث سرب إلى المفرق.. فقلت له أبوس أيدك لا تبعث سرب إلى المفرق.
أحمد منصور: ده مين؟
عارف عبد الرزاق: قائد القوات الجوية.. جسام محمد الشاعر.. قلت له أبوس أيدك لا تبعث قوة إلى المفرق لأن أنت تعطيه هدية لإسرائيل يقتلوهم، فقال أنا آمر، فهو كان راجل يخاف من المسؤولية فقال هذا أمر مرتب ما أقدر أخالفه، وإحنا بالحوار أي أو لأ وما أعرفش أيه.. وصلتنا برقية إنه 22 طيارة هنتر أردنية أبيدت على الأرض وكان فيه طيارة.
أحمد منصور: كانت في..
عارف عبد الرزاق: على مطار المفرق.. فقلت له جالك خبري.. وإحنا الساعة 12.. بعد الساعة 12 جت برقية من عبد الناصر تطلب..
أحمد منصور: يعني إسرائيل ما خلتش.. كل الطائرات العربية في الدول المواجهة قامت بالهجوم عليها.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا كاتب تقرير سنة 58.. وأنا كنت آمر سرب.. تقرير عن مطار المفرق.. وكاتب به.. وموجود نسخة منه بالقوات الجوية الآن، بأقول أنه نجد في المقارنة بين إسرائيل والبلاد العربية نجد إسرائيل في موضع الهجوم والدول العربية –مع الأسف- في حالة الدفاع، وأن النقطة صفر ستكون من جانب..
(11/406)
أحمد منصور[مقاطعاً]: دفاع أي.. أي يا سيدي هجوم.. وأنتم الآن متفرغين لعمل الانقلابات على بعض؟ يعني الرئيس عبد الناصر كان يرتب للانقلابات اللي بتتم في العراق واللي بتتم في سوريا، 70 ألف جندي.. 70 ألف جندي...
عارف عبد الرزاق: أنت بتحاول ترجع إلى العقدة اللي عندك مع الأسف.
أحمد منصور: أنا ما عنديش عقد يا سيدي.. أنا ما عنديش عقد.. عفواً.. عفواً.
عارف عبد الرزاق: إحنا جينا حتى نبين حتى نكون أقوياء.
أحمد منصور: ما عنديش عقد إحنا الآن في واقع.
عارف عبد الرزاق: إحنا جينا نعمل لنكون أقوياء.. يا حبيبي الأمة العربية سنة 48 فشلت في القيام بها لأنها كانت مشتتة وبالـ 67 فشلت لأنها أيضاً كانت مشتتة.
أحمد منصور: ولأن كان كل الحكام متفرغين للتآمر على بعض والانقلابات على بعض، إسرائيل لم تكن.. من أول ما سعادتك بدأت تحكي عن انقلاب 58.
عارف عبد الرزاق: خليني نكمل.. خلينا نكمل قبل ما نخوض.
أحمد منصور: بس خلينا.. بس برضو بس أكمل هذه النقطة.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا أريد أن أكمل التقرير اللي كتبته.. لا تقاطعني فيه أرجوك.. التقرير اللي كتبته أنا قلت أن.. أن أي طيارة تبقى خارج حدود إسرائيل تُبقى مستقبل إسرائيل متأرجح بين البقاء والفناء.. وعليه أنه بما أن أرخص طريقة للتخلص من الطائرات المعادية لإسرائيل هي ضربها على الأرض، لابد وأن تنهج إسرائيل هذه الخطة وعليه أنصح بإرسال كل القوات الجوية خارج مدى الطائرات الإسرائيلية لأن ولا تنتقل إلى الغمام إلى بعد أن تتطور المعركة الجوية لصالحنا.. هذا التقرير كاتبه أنا.. وأنا آمر سرب سنة 58.
أحمد منصور: لكن بقيت كل الطائرات حتى الطائرات الأردنية حينما خرجت ذهبت إلى المفرق وضربت على الأرض.
عارف عبد الرزاق: ما هي كانت بالمفرق.. ما كانتش في المفرق لكن كانت بتاعة السرب العراقي كانت هناك.. فأنا منعته إنه يروح.
(11/407)
أحمد منصور: طيب.. أنا أرجع أنا إلى النقطة اللي أنا أقولك عليها.. في 67 حينما وقعت الهزيمة.. لم يكن هناك أي استعداد عربي للمواجهة مع إسرائيل، اللي إحنا بنقرأه في شهادتك من البداية هو إن كانت الفترة كلها فترة تآمر وفترة.. بين الحكام العرب وكل شخص يريد التخلص من الآخر، ودعم انقلابات هنا وانقلابات هناك، ولم تكن إسرائيل في خطة أحد.
عارف عبد الرزاق: لا هذا غير صحيح.
أحمد منصور: لم تكن هناك خطة.
عارف عبد الرزاق: هذا غير صحيح.
أحمد منصور: قل لي.. قل لي الصح.
عارف عبد الرزاق: تشكلت قيادة عربية بعد أن قام السياسيون العراقيين بوضع سد.. سد الخيمة على نهر اليرموك.
أحمد منصور: سنة كم اتشكلت القيادة؟
عارف عبد الرزاق: 64.
أحمد منصور: في مؤتمر القمة.. والرئيس أمين الحافظ أدلى بشهادته عليها، وقال: كيف صار موضوع القيادة دي؟ من 64، إحنا الآن في 67 وأنت شاركت مع عبد المنعم رياض في الموضوع، هل رأيت إن.. إن القيادة العربية اللي بدأت في 64 إلى 67 في وقت الحرب.. كان فيه خطة واضحة في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: الخطة موجودة.. لكن الخطة كانت مبنية على أساس خاطئ أيضاً.
أحمد منصور: طيب.
عارف عبد الرزاق: لأنه حسين قال لا يسمح بوصول أي قوات أجنبية عربية لكي لا تستفز إسرائيل.
أحمد منصور: الملك حسين.. الملك حسين.
عارف عبد الرزاق: الملك حسين.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وكانت الخطة على أساس.
أحمد منصور: والسوريين لم يسمحوا بأن القوات العراقية تذهب إلى هضبة الجولان للدفاع عنها.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ.. لأ.. لم يحدث هذا، لم يحدث هذا.
أحمد منصور: السوريين لم يسمحوا بأن القوات العراقية تتحرك من على الحدود لتذهب إلى هضبة الجولان، هزيمة 67 لما وقعت ألم تكن قواتكم على الحدود السورية ولم يسمح لها بالدخول؟
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ.
(11/408)
أحمد منصور: دكتور عبد الرحمن البيضاني في شهادته قال أنه رفض.. قال أنه رفض.
عارف عبد الرزاق: دعك.. دعك من.. دعك من اللغط.. دعك من اللغط.
أحمد منصور: يا سيدي عفواً.. أرجوك.
عارف عبد الرزاق: دعك من اللغط.
أحمد منصور: أرجوك أنا بس.. أرجوك فيه شيء أنت لا تلقي عليَّ الكلام بهذه.. أي لغط؟
عارف عبد الرزاق: لم يكن.. كان اللواء الأول كان تحرك على سوريا وأتغير في يوم واحد بعد مجيء.
أحمد منصور: دخل؟ دخل؟ في نهاية يونيو.
عارف عبد الرزاق: الملك حسين وافق على إرسال قوات عراقية يوم الأربعاء.. يوم 31/5، واتغيرت الخطة العراقية من إرسال اللواء الأول إلى الشام.. إرساله إلى الأردن، يا حبيبي.
أحمد منصور: لكن الفترة دي.
عارف عبد الرزاق: سوريا لم ترفض.. سوريا لم ترفض..
أحمد منصور: لحد نهاية.
عارف عبد الرزاق: إحقاقا للتاريخ.
أحمد منصور: سوريا لم ترفض! إذا وزير الدفاع العراقي ظل موجود عدة أيام في سوريا ولم يقابله أحد على حسب رواية البيضاني، والبيضاني مسؤول عن روايته.. وأوفد من جمال عبد الناصر إلى السوريين والتقى بهدف الضغط على السوريين حتى يقبلوا دخول القوات العراقية إليها.
عارف عبد الرزاق: لأ.. هذا غير صحيح.
أحمد منصور: خلاص.. هو الكلام.. الكلام....
عارف عبد الرزاق: هذا غير صحيح.
أحمد منصور: الكلام اللي بتقوله.. قل لي أيه الصحيح وأنت كنت في السجن.
عارف عبد الرزاق: الصحيح.. الصحيح.
أحمد منصور: كنت في السجن إلى 31/5..
عارف عبد الرزاق: أنا كنت لـ31/5.
أحمد منصور: طيب يعني لم تكن على علم بما يحدث في تلك الفترة في الخارج.
عارف عبد الرزاق: في الخارج، لأ معروفة.. عرفت بعدين عرفت من.. وأنا حضرت النقاش اللي صار.. بعد.. بعد 5 حزيران.
أحمد منصور: طب علشان ما أدخلش.. عشان ادخلش في حاجات مالكش دور مباشر فيها.. أنا آجي لدورك المباشر 67، حينما ذهبت للتطوع للقوات الجوية وذهبت إلى الأردن..
(11/409)
عارف عبد الرزاق[مقاطعاً]: أرسلوني إلى الجبهة كي يتخلصوا مني أحسن شيء يودوني.. فجيت شفت عبد المنعم رياض.. لما وصلت في اليوم الأول.. إحنا ما وصلنا إلا (...) الصبح.. فشوفت أنا اليوم الأول إحنا خسرنا طيارة (...) Tu 16 بقيادة حسين محمد حسين.
أحمد منصور: ما أقدرش أدخل في تفصيل، بقى لي عشر دقائق، عايز ألم فيهم الحاجات الأساسية الأسباب الأساسية للهزيمة؟
عارف عبد الرزاق: قوة وضعف، أولاً بعتوا مصر ومصر لم تقاتل وإرسال قوات جوية إلى مصر هدية كان لإسرائيل أن تقتلها. إما كان المصريين كان يا إما يبعثوا بقوات ويهجموا، وإما لا يبعثوا بالقوة الجوية إلى إسرائيل، هذا واحد من الأخطاء.
الخطأ الثاني: لا يوجد جيش (...) تمنع إسرائيل إحجام من إرسال جيش لهناك، وبعدين إرسال قطاعات، يعني خلاف الخطة الموجودة.. مع.. مع عبد المنعم رياض، المفروض الخطة.. المشكلة كانت مشكلة المياه عندنا في H 3.
H3 كان منبع المياه ما.. ما يكفي 50 ألف جالون، 50 ألف جالون لا يكفي إلا أن تعسكر.. أكثر من.. جحفل لواء، لا يكفي لأكثر من هذا. فكان إحنا ما نقدر نهيأ قوة قريبة على الحدود، على سوريا أو على الأردن أكثر من جحفل لواء، فما كان.. يعني تمنع أو تردد القوى الجوية و.. مباغتتها، يعني يخلوا هم الإسرائيليين هم اللي يقوموا بالعملية،.. هم.. وهو أحد الأخطاء اللي صار.
انقلاب البعثيين وأسباب نجاحهم وخروج عارف من العراق
أحمد منصور: وقعت الهزيمة، قام الانقلابيون.. البعثيون بانقلابهم في 17يوليو 68 والثاني في 30 يوليو وقضوا على الذين شاركوهم في التحرك الأول، وقامت.. ثورة البعثيين في يوليو 68، قُبض عليك في أعقابها وبقيت في السجن إلى 24 أكتوبر 68، أضربت عن الطعام حتى أُفرج عنك في يناير 69.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ، أنا.. إلى.. إلى 31/1، أنا دخلت.
أحمد منصور: في 24 أكتوبر أضربت عن الطعام.
عارف عبد الرزاق: لأ، دخلت السجن.
(11/410)
أحمد منصور: دخلت السجن في 24 أكتوبر 68، أُفرج عنك في 31 يناير 69.
عارف عبد الرزاق: 31.. 31 كانون الثاني.
أحمد منصور: كانون الثاني، بعدما أضربت عن الطعام.
عارف عبد الرزاق: بعدما أضربت عن الطعام.
أحمد منصور: قُبض عليك ليه؟ لآي سبب؟
عارف عبد الرزاق: أبداً، مفيش، لم.. لم توجه لي أي تهمة.. لم توجه لي أي تهمة..
أحمد منصور: مجرد إن البعثيين كانوا متخوفين منك، ليه البعثيين نجحوا في انقلاباتها وانتو لم تنجحوا في انقلاباتكم؟
عارف عبد الرزاق: لو بقي.. البعثيين ألف سنة لما نجحوا لولا تواطؤ عبد.. عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود، هم آمرين قوات اللي موجودة تحافظ عبد السلام.. عبد الرحمن عارف. تواطؤهم واشتراكهم معهم.
أحمد منصور: إحنا في النتائج في النهاية.
عارف عبد الرزاق: في النتائج.. نتائج مين؟ ما هي النتائج.
أحمد منصور: النتائج هم نجحوا وأنتوا ما نجحتوش.
عارف عبد الرزاق: هم.. هم أخذوا القوات.. هم أخذوا القوات..
أحمد منصور: في كل مرة نجحوا، حينما تحركوا في 63 نجحوا، حينما نجحوا 68.
عارف عبد الرزاق: يا عزيزي.. يا عزيزي في مذكراتي راح تكتب هذه الأسباب كلها، لأنه نحنا كان عبد الرحمن..
عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود كانوا يتحركون لمصلحة ذاتية من زمن بعيد، وغازلوا كتير من الناس، غازلوا عبد الغني الراوي أن يكون معهم، وغازلوا..
أحمد منصور: طبعاً هم اشتركوا..
عارف عبد الرزاق: بس دقيقة أكمل لك، وغازلوا عزيز العقيلي أن يكون معهم، وغازلوا البعث، وغازلوا رجب عبد المجيد أن يكون معهم، ورجب عبد المجيد اعترف لي أنهم هم فاتحوه، وكان على أساس يعينون أحمد حسين بكر رئيس جمهورية، ورجب عبد المجيد رئيس وزراء.
(11/411)
وتعيين مجلس الوزراء شطب رجع.. عدد منهم قال هادول بعثيين أكثر من اللزوم ما يصير يسوا..، لكن هم أيضاً.. استطاع لباقة حردان وأحمد حسين بكر أن ينبهوا عبد الرزاق النايف وإبراهيم داوود، ليش يجيبون رئيس وزراء من الخارج؟ فهل رجب عبد المجيد أبرع وأشطر من عبد الرزاق النايف؟ أو هل أن أي وزير دفاع أحسن من إبراهيم الداوود؟ فدول شافوا نفسهم، آه ما.. تاهوا بالمديح، ما قلنا الناس تتيه بالمديح، فقالوا آه والله صحيح.
أحمد منصور: والشعوب تدفع الثمن.
عارف عبد الرزاق: تدفع الثمن.
أحمد منصور: أُفرج عنك في 31 يناير 69 وكان من شروط الإفراج عنك أن تخرج خارج العراق.
عارف عبد الرزاق: آه، نعم.
أحمد منصور: إلى أي دولة اخترت في البداية؟
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا ترددت بعدما أخرج أنى ترددت 18 يوم، بقيت هل أذهب أو لا أذهب؟، إحنا.. آكو حلقة فارغة أنا بعد الفترة اللي طلعت بيها من السجن، كان آكو تشكيل الوحدة الاشتراكية واتحاد.. الطلائع المصرية و..
أحمد منصور: التنظيم الطليعي.
عارف عبد الرزاق: تنظيم الطليعي، انضمينا بيه وصلنا إلى أن صار انقسام بين خيري حسيب وبينا وشكلنا حزب اسمه حزب الوحدة الاشتراكي، الرؤساء خمسة أنا وصبحي عبد الحميد، ورجب عباس التكريتي، وخالد علي الصالح، وواحد اسمه نور الأزرق، هادول اللجنة الرئيسية، بخلال أقل من 6 شهور وصل عددنا أكثر من 10 آلاف شخص، وكان تنظيم جيد، وكان بيستمر لو كان استطاع الوقت أن يمر على.. يقف على رجليه، كان يعمل أشياء كثيرة.
أحمد منصور: كل حاجة كان ممكن بس ما تمتش.. يعني..
عارف عبد الرزاق: القدر يعني.. أنا أعتقد أنه.. أنه مشيئة الله كان.
أحمد منصور: لم تنجوا في كل الحاجات التي سعيتم إلى القيام بها فيما نجح الآخرون.
عارف عبد الرزاق: آه، توفيق من عند ربنا، دا صحيح، أنا لا أدعي إنه هو..
أحمد منصور: اخترت المنفى إلى مصر، وذهبت إلى مصر.
(11/412)
عارف عبد الرزاق: لأ، هم خيروني أن أذهب إلى أي مكان ما عدا بيروت.
أحمد منصور: تذهب إلى أي مكان ما عدا بيروت.
عارف عبد الرزاق: ما عدا بيروت.
أحمد منصور: اخترت مصر.
عارف عبد الرزاق: اخترت مصر.
أحمد منصور: وذهبت إلى مصر.
عارف عبد الرزاق: قبل المصريون أن يمنحوك حق اللجوء هناك.
عارف عبد الرزاق: قبل.. نعم.
أحمد منصور: ومنذ العام 68 وحتى الآن وأنت تعيش خارج العراق.
عارف عبد الرزاق: نعم.
تقييمه للأعمال التي قام بها وتعليقه على الأحداث
أحمد منصور: كيف تُقِّيم الأدوار التي قمت بها، والتي لم تنجح في تحقيق آمالك من خلالها؟
عارف عبد الرزاق: والله أدوار، أنا.. أنا.. أنا.. أنا وهبت نفسي لأمتي، ومع الأسف لم أكلَّل بالنجاح، وهذا قدر الله وشأنه، لكن –إن شاء الله- أهو هناك غيري من سيحقق هذه، أملي بهؤلاء، تعزيتي بهؤلاء..
أحمد منصور: لو استقبلت من أمرك ما استدبرت، ما هي الأشياء الأساسية التي ترى أنك أخطأت فيها؟
عارف عبد الرزاق: أنا ما أخطأت كثيراً في هذا، يعني أنا اعتمدت على أصدقائي الأولنيين وبقيت معاهم للأخير، ما حاولت أغيرهم، أخلاقي منعتني إن أنا أنبذهم، يعني ما صرت أردد بين هؤلاء وبين هؤلاء، وما استبدلتهم بغيرهم حتى رغم كل الوصايا اللي منحوني بيها، ما رضيت أبدلهم.
أحمد منصور: ألم تتحملوا مسؤولية فيما آل إليه وضع العراق الآن، وما آل وضع الشعب العراقي؟
عارف عبد الرزاق: أنا ما أكون سبب في القيام.. خيانة عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداوود لم أكن سبب فيها. الشعب العراقي غير...
أحمد منصور: أنت الأشياء التي قمت بها، قمت بأكثر من محاولة انقلابية فاشلة، وصلتك رئاسة الوزراء.
عارف عبد الرزاق: أي نعم، لأ مش كلها فاشلة، ثلاثة منهم نجحوا، وثلاثة فشلوا.
أحمد منصور: إيه الثلاثة اللي نجحوا؟
عارف عبد الرزاق: نجح 14 تموز نجحت.
(11/413)
أحمد منصور: 14 تموز شاركت فيها ولم تكن تعلم من الذي كان يتحرك، 63.
عارف عبد الرزاق: لأ، إزاي.. إزاي.. إزاي ما.. إزاي.. إزاي ما كنتش أعرف إنها؟
أحمد منصور: تحرك الونداوي وأنت كنت نائماً، لم يكن هناك تنسيق، أنت لقيت فيه ثورة اتحركت، لكن لم يكن نص شهادتك.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ.. لأ هذه تجني على الحقيقة.. هذا تجني على الحقيقة.. هذا تجني على الحقيقة.
أحمد منصور: نص شهادتك.. يا سيدي نص شهادتك كده. شهادتك أنك لم تكن تعلم ساعة الصفر وأنك حين.
عارف عبد الرزاق: ساعة الصفر آه، لكن ما.. ما..
أحمد منصور: حينما وجدت أن الآخرين تحركوا تحركت..
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا تحركت قبل أن يتحرك الآخرين، وأنا قلت لك إنه أخبرني شرطي.. أخبرني ضابط أنه هناك حركة غير اعتيادية (...) وتحركت بدون أن يُخبرني أحد.
أحمد منصور: فيه محاولات.. فيه محاولات مباشرة أنت قمت بها ولم تنجح فيها.
عارف عبد الرزاق: صحيح.. صحيح، وفيه محاولات أخرى، قمت بيها ولم.. ولم تعرفها أنت.
أحمد منصور: مش مهم..
عارف عبد الرزاق: مش مهم.
أحمد منصور: ليس من المهم أن أعرف كل شيء وأنا لا أعرف كل شيء، وليس من أهمية الناس برضو أن يعرفوا كل شيء.
عارف عبد الرزاق: أن يعرفوا كل شيء.
أحمد منصور: الناس بتعرف الأمور الأساسية التي أدت إلى الانتكاسات التي يعيشها العرب الآن، والتي كلها....
عارف عبد الرزاق[مقاطعاً]: أنا لا أعرف الانتكاسات اللي يعيشها العرب. الانتكاسات اللي يعيشها العرب دائماً خوفاً على المصالح الشخصية والأنانية، هذه.. هذه التي يعيشها العرب.
أحمد منصور: ما هو دا اللي إحنا عايزين نعرفه.
عارف عبد الرزاق: ما.. إحنا كنا بنريد أن نزيل هذه.. هذه الطبقات.
أحمد منصور: أنتم أيضاً كنتم بتتحركوا بتحركات (...) وأنانية.
(11/414)
عارف عبد الرزاق: فيه قسم منا، مش كلنا، لأ، كلنا.. أكثرنا كنا نشتغل للمصلحة العامة، أكثرنا كلنا كنا نشتغل المصلحة العامة، عدا نفر قليل.
أحمد منصور: والشعوب تدفع الثمن إلى الآن.
عارف عبد الرزاق: لأ، الشعوب ما دفعتش الثمن، إحنا ندفع
أحمد منصور: بتدفع، أنتم لم تدفعوا ثمن شيء.
عارف عبد الرزاق: دفعنا كل.. الضباط اللي ماتوا من عندنا.. كانوا هدايا لكم يعني؟!
أحمد منصور: أنت بتعتقد إنك دفعت الثمن؟ أنتم كنتم الضباط دول ماتوا في سبيل كانوا عايزين يحكموا البلد.
عارف عبد الرزاق: يا عزيزي، أنا دفعت الثمن، أنا كنت ضابط لا بأس بيَّ، وطيار لا بأس بيَّ، فالمناصب كانت هتأتيني لو كنت اهتديت بقيت كانت المناصب هتأتيني.
أحمد منصور: جاءتك حتى رئاسة الوزراء، لكنك طمعت في رئاسة الدولة.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ هذا غير صحيح، هذا تجني، وهذا غير صحيح، ولا أقبله من أحد، لأنه أنا موجود...
أحمد منصور[مقاطعاً]: كل المؤرخين كتبوا عن كده، وليس كلامي أنا.
عارف عبد الرزاق: كل المؤرخين قول لي اسأل أي ضباط قل له: هل كان في منهجكم تشكيل رئيس.. رئيس جمهورية؟ لأ هذا ليس.. هذا تجني.. هذا تجني.
أحمد منصور: كيف تنظر إلى المستقبل بعد هذا التاريخ الحافل بالأحداث.
عارف عبد الرزاق: لا انظر للمستقبل إذا كان الناس من.. من.. من صنع نعم، وأهلاً وسهلاً وسياسة. أنا انظر لمستقبل العرب إذا لم ينحو منحي العلم أولاً، ومنحى الرؤية الصحيحة لبلادهم ووضعهم الحالي، وتجمعوا بنوع من الاتحاد والوحدة وتقوى رابطتهم، أما أقرأ عليهم السلام. هذه الكلمة الأخيرة أقولها.
أحمد منصور: تحملتني كثيراً، أشكرك على سعة صدرك وعلى...
عارف عبد الرزاق: شكراً.
أحمد منصور: تحملك لي طوال الأيام الماضية، بل طوال عام كامل من زيارات متكررة لك في القاهرة وبريطانيا.
عارف عبد الرزاق: إن شاء الله.
أحمد منصور: آخر كلمة في هذه الشهادة.
(11/415)
عارف عبد الرزاق: آخر كلمة كل ما أقوله أدعو للجيل الناشئ أن يضع الأمور في نصابها، وأن يسعى.. وينحى منحى علمي، لأنه شو..، الانتقال إلى.. العالم الخارجي، العالم ينتقل من عالم يفتقر إلى علوم.. إلى علوم تكنولوجية عالية في العليا، ما لم نواسيهم ونمشي معهم سنكون في الدرك الأسفل، ونكون.. سنكون نستجدي حياتنا وعيشنا.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
عارف عبد الرزاق: أشكرك.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقةٍ قادمة مع شاهدٍ جديدٍ على العصر. هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/416)
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين(11/417)
الأربعاء 16/10/1424هـ الموافق 10/12/2003م(آخر تحديث) الساعة 09:40(مكة المكرمة), 6:40(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
07/12/2003
- نشأة فريد عبد الخالق
- أسباب انتمائه للإخوان المسلمين
- شخصية حسن البنا وتأثيره على فريد عبد الخالق
- قدرة وأساليب حسن البنا في التأثير على الآخرين
- المفاهيم الأساسية لفكر الإخوان المسلمين
أحمد منصور:
وُلِدَ فريد عبد الخالق في مدينة فاقوس محافظة الشرقية بمصر في الثلاثين من نوفمبر عام 1915 للميلاد.
انتقل مع عائلته بعد ذلك إلى مدينة القاهرة، وأكمل دراسته حيث تخرج عام 36 من معهد التربية العالي.
عمل مدرساً للرياضيات، ثم درس الحقوق بعد ذلك، وأعد رسالة الدكتوراه في القانون.
التقى بالإمام حسن البنا (مؤسس جماعة الإخوان المسلمين) للمرة الأولى عام 1941، فلزمه ولزم الجماعة منذ ذلك الوقت، وحتى الآن.
أصبح أحد المقربين إلى الإمام حسن البنا، وسرعان ما تدرَّج في المسؤوليات داخل جماعة الإخوان، حيث أصبح رئيساً لقسم الطلبة من العام 1942 وحتى العام 51، ثم رئيساً لقسم الخريجين حتى العام 54.
كما عيَّنه الإمام البنا مسؤولاً عن صحيفة "الإخوان المسلمين" اليومية من العام 46 وحتى توقفها عن الصدور عام 48.
أما على المستوى التنظيمي، فقد اُختير عام 1943 عضواً بالهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، ثم عضواً بمكتب الإرشاد أعلى سلطة تنفيذية في الجماعة، حيث شارك في كافة القرارات المصيرية التي اتخذتها الجماعة حتى صدور قرار حلِّها عام 54.(11/418)
اعتُقل نهاية العام 46 على ذمة قضية قنابل أعياد الميلاد، التي اتُّهم فيها النظام الخاص للجماعة، ثم اعتُقل عام 48 مع كافة قيادات الإخوان التي تم اعتقالها قُبيل مقتل مؤسِّس الجماعة الإمام حسن البنا في الثاني عشر من فبراير عام 49.
بقي في السجن إلى بداية العام 50.
كان أحد القيادات التي اختارت المرشد الثاني للجماعة المستشار حسن الهضيبي عام 51، كما كان أحد قيادات الإخوان التي تفاوضت مع جمال عبد الناصر قبل وبعد قيام ثورة يوليو عام 52.
اعتُقل في يناير عام 54 مع كافة قيادات الإخوان بعد قرار حل الجماعة، ثم أُفرج عنه في مارس، ثم اعتُقل مرة أخرى في أكتوبر عام 54، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات في القضية التي اتُّهم فيها الإخوان المسلمون بمحاولة قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر، ثم أُفرج عنه عام 58.
كان على علاقة خاصة مع (مفكر الإخوان البارز) سيد قطب، حيث راجع له بعض كتبه قبيل طباعتها، ثم اعتُقل معه ومع آلاف الإخوان مرةً أخرى عام 65، وبقي في السجن إلى العام 71.
تدرَّج في وظائف مدنية عديدة ومميَّزة، كان من أهمها أنه عمل مديراً عاماً لدار الكتب المصرية، ثم وكيلاً لوزارة الثقافة.
نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر الإخوان المسلمين.
نشأة فريد عبد الخالق
أستاذ فريد، مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً بكم.
(11/419)
أحمد منصور: أسَّس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية عام 1928، حيث كان يعمل مدرساً للمرحلة الابتدائية هناك، بقي هناك إلى العام 1932 حيث انتقل من الإسماعيلية إلى القاهرة، ومعه انتقلت دعوة أو جماعة الإخوان إلى القاهرة، كانت المرحلة الأولى من حياة الإخوان مرحلة جماعة دعوية أخذت تتبلور شيئاً فشيئاً وتتسع في نطاقها، وأصدر البنا في العام 33 أول رسالة، عقد في العام 1939 المؤتمر الخامس الذي كان بدايةً لبلورة مراحل هامة في تاريخ الجماعة، وفي 9 يناير 1941 عُقد المؤتمر السادس الذي كان آخر المؤتمرات العامة التي عقدها حسن البنا، والذي بلور فيه كثيراً من الأفكار السياسية والرؤية التنظيمية للجماعة، حيث أن المؤرِّخين يقولون بأن حسن البنا نقل الإخوان في هذا المؤتمر من مجرد جماعة دعوية إلى حركة سياسية عالمية.
في هذه الفترة أنت انتميت للإخوان المسلمين 1941، قبل أن تنتمي إلى الإخوان باختصار شديد كيف كانت نشأتك، وما هي معلوماتك أو صورة الإخوان عنك قبل هذا الانتماء؟
فريد عبد الخالق: بإيجاز كانت حياتي مثل حياة غالبية الجيل، اللي أنا كنت أعيشه الآن اهتماماته الفكرية والسياسية، كان يستغرقها الوضع الوطني المتأزم المتجسِّد في الاستعمار والرغبة في إجلاء الاحتلال عن مصر والسودان أو وادي النيل، وكان يعني الوضع الوطني هو الشغل الشاغل للشباب من الناحية السياسية، وأما الحياة الأخرى فكانت يعني حياة عادية متأثرة بما عليه حياة الغرب لأن فكرة السلوكيات السائدة ما كانش لها طابع محدد، يعني كان الفكر السياسي بينعكس على الأوضاع، والأوضاع الاجتماعية ما هياش مرتبطة إلا بمورثات، يعني مثلاً ما يتعلق بالإسلام كما ورثه المسلمون والأقباط، وهكذا المجتمع كان بيعيش بمورثاته اللي والمنطلقة من نفسه أو معلوماته.
أحمد منصور: مؤثرات البيئة اللي نشأت فيها أيه عليك؟
(11/420)
فريد عبد الخالق: آه، فأنا نشأتي أنا الخاصة أول نشأة أثرت فيَّ، إن أنا نشأت في الريف صغيراً.
أحمد منصور: في أي منطقة؟
فريد عبد الخالق: في.. في الشرقية، في بلد اسمها فاقوس، ولازال لتأثير الريف ببداوته وبراءته آنذاك أكثر مما هو الآن، تركت في نفسي (..) بصمة في مشاعري وكده، وأنا كان.. كنت وحيد أبويَّ أبي وأمي، فكان دا بيديني فرصة إن أنا يعني أُصنَّف في قائمة المدلَّلين أكثر، ولذلك يعني دي أثَّرت فيَّ، لدرجة إن أنا يعني ما عنديش في حياتي بسهولة النزعة الاستقلالية إن أنا أتحمل مسؤولية أدير حياتي، وأعمل بتاع دا، إنما اللي ليه الفضل في تطوير النقص دا هو.. هي.. هي الدعوة، لأن أنا عانيت داخل الدعوة وفي درب حياتي مواقف شدة، عرفت فيها يعني لما ألاقي علبة بتاعة مشروبات من اللي بنلقيها في الشوارع، بقينا إحنا نحتفظ بيها، لأن من قلة الحاجة حولناها بضغط الظروف إلى مشاعل نسخِّن عليها الأكل، فأصبحت أي حاجة لما.. مش أي حاجة، لغاية الآن عندي انطباع إذا.. أحب أحافظ على أي شيء ألاقيه، كأنه جوايا مخافة إنه يروح مني أو ما ألاقيش بديل، أو أخش ثاني السجن ما ألاقيهوش، فيعني بتجعل حياة الإنسان، بتترك في أعماق نفسه نوع إنه يشكل يعني، يعني بيعمل الشاكلة.. شاكلة، فأنا يعني..
أحمد منصور: كنت وقتيها في هذا الوقت 1941 كنت تعمل تدرس؟
(11/421)
فريد عبد الخالق: أنا كنت لأني أصل أنا.. بدأت أنا يعني حياتي في الريف ما كملتش إلا لغاية لسنوات ثلاثة أربعة، ولازلت أذكر الكُتَّاب اللي بأروحه ولوح الإرتواز اللي بأخذه، وإزاي أنا كنت يعني أذهب من البيت إلى الكُتَّاب، يعني مازال في نفسي الأثر دا، لأنه مكان الحقيقة مكان ساذج، بس له أثر فينا، وكان العلاقة اللي بين الأولاد وبين المدرس ونفس المؤسسة المتواضعة علاقة مهمة، فكنا عندنا قيمة التعليم لاسيما كان أبويا يعني متعلم، وأمي يعني ما كانتش متعلمة، إنما عندها محبة للعلم شديد جداً، فأنا يعني تولَّد عندي هذا، وكان من الناحية الإيمانية والتدين يعني بارز عنصر بارز في تفكيره، فأنا فعلاً أخذت الانطباع دا أو التوجُّه دا، الحاجة يعني اللي تركت فيَّ بعد كده لما نزحنا من الريف إلى القاهرة كمدينة، لأن أم.. أبي يعني انتقل بعمله إلى المدينة القاهرة، فطبعاً أنا دخلت بقى المدارس في القاهرة، ولقيت جيل..
أحمد منصور: عالم آخر ودنيا أخرى.
فريد عبد الخالق: أفندم آه، عالم آخر، وإنما زي ما بتقول تعايشت معاه، وأفدت منه، وحسيت فيه إن هو زي ما تقول النقلة بين الريف والمدينة تجسدت في العلاقات وتركت آثارها، ولذلك النهارده أنا لما بأرجع لتاريخ حياتي الأول بيني وبين نفسي وأعمل مقارنة داخلية بين الطابع الأساسي الغالب للريف منذ عقود والريف الآن، والمدينة منذ كانت والآن أجد إنه فيه يعني تغيُّر ملحوظ، كنت أحب إني أقول إنه تغير نحو الأفضل بإطلاق، يعني أتمنى إن كنت، إنما بأتحفظ في الحكاية ديت، وأقول: ما.. ما أقدرش أعمِّم، لا إلى كله إلى السوء، ولا إلى كله إلى.. إلى لفوق، فيه من.. من هذا وذاك.
أسباب انتمائه للإخوان المسلمين
(11/422)
أحمد منصور: طب أنت انتقلت الآن إلى القاهرة، والقاهرة في هذا الوقت كانت تموج بالحركات السياسية، كان هناك الوفديين، والسعديين، والحزب الوطني، والكتل المختلفة، وكان هناك الإخوان المسلمون، ألم تفكِّر في الانتماء إلى أي من التنظيمات الأخرى؟
فريد عبد الخالق: آه.. آه.. آه، في الحقيقة أنا في إيجاز برضو وجدت البيئة زاخرة بتيارات فكرية، وقضية الناس كلها مشغولة بيها اللي هي القضية الوطنية، وكان هناك الحالة الاجتماعية كان زي ما تقول رتيبة أو بطيئة الإيقاع، سهلة التناول غير معقدة، فكان السلوكيات بين الناس بسيطة من السهل أن يعرف الإنسان الآخر، من السهل إن يكون فيه يعني إفضاء أحد إلى الآخر بنفسه، إنما النهارده دا فيه تراجع، سواء في نوع العلاقة، العلاقات من الناحية الإنسانية تراجعت شوية، من الناحية القيمية برضو فيها شوية تراجع، يعني كان حتى الشارع مثلاً وأنا فاكر وأنا صغير لا يمكن ولد يعاكس بنت، كل واحد.. النهارده لو واحد قرب يغتصب واحدة، كل واحد يمشي في حاله، يعني كان الأول النخوة والغيرة، والحفاظ على الطابع الغالب للمجتمع إن فيه انتماء ديني..
أحمد منصور: تغيَّر المجتمع.
فريد عبد الخالق: تغيَّر.
أحمد منصور: ما الذي جذبك إلى جماعة الإخوان المسلمين؟
فريد عبد الخالق: الذي جذبني شيء خارج عن إرادتي، يعني لم أفكِّر به تفكير أرَّقني أو يعني حدَّد علاقتي بها.
أحمد منصور: كيف؟
فريد عبد الخالق: أنا كنت يمكن كأي شاب غيور على بلدي، أحب وطني، وكنت أنا عندي نزعة الأدب، أنا كنت بأحب الأدب، وأكتب الشعر وأنا طالب، والعقاد كان ينشر لي وأنا لسه في مرحلة مبكرة.
أحمد منصور: ينشر لك فين؟
فريد عبد الخالق: في.. في صحيفة أسبوعية، في جريدة "الجهاد" اللي كان بيتولى الإشراف عليها عباس العقاد، يعني من سن مبكِّرة، وأنا كنت أقرأ الديوان بتاع دا بولع، فكان عندي يعني زي ما تقول أحب الموسيقى، وكنت أحب الشعر.
(11/423)
أحمد منصور: ولازلت.
فريد عبد الخالق: وأحب.. ولازال يعني رشحاته في نفسي بقدر ما يتاح قائمة، وصادف في نفسي.
أحمد منصور[مقاطعاً]: وتُميِّز بين السيمفونيات المختلفة.
فريد عبد الخالق: ياه.. أسمع موسيقى وأحبها، ويعني أنا أجد إن الكون كله موسيقى، وإن ربنا خلق الكون تقريباً يعني موزون، كل شيء فيه موزون، وموزون معناه إنه هو مش (..)، وكل شيء فيه بحساب، كل شيء بمقدار، يعني موسيقى، ما هي دي كل شيء بحساب، فالكون نفسه قائم على..، العنصر الجمالي ليس عنصر دخيلاً، الكون مبني على الجمال، فعشقه من.. من الإيمان.
أحمد منصور: كيف دون شعور منك أحببت الإخوان، أو انتميت للإخوان؟
فريد عبد الخالق: نعم، أنا الحقيقة كنت يعني أحافظ على ما أمرنا الله به من الأديان تلقائياً، يعني لم.. لم أقارف إثماً –الحمد لله- عصمني الله من هذا، يعني كنت أنا بطبيعتي مانيش من النوع اللي منطلق، ومش منعزل، إنما متحفِّظ، فأنا كنت يعني الحمد لله، إنما كفكرة انضمامي إلى الإخوان لم تكن حقيقة سابقة، إنما فيَّ الانشغال أنا كنت يعني أقعد أكتب مذكراتي وأقرأ أدب، وأدب إنجليزي وأعمال.. أقرأ، أنا قريت كل كتب (..) وأنا في ثانوي وقريت كتب (برنارد شو) كلها بالإنجليزي، كل ما آخذ فلوس من أبي وأمي.. أروح أشتري به كتب، فأنا فاكر ومتأثر، ولغاية دلوقتي بتأثر فيَّ يعني، إنما المهم إني أنا لما جت صدفة خارجة عن إرادتي جمعت بيني وبين حسن البنا.. الإمام حسن البنا.
أحمد منصور: يعني أنت تعرفت على الإخوان من حسن البنا مباشرة؟
فريد عبد الخالق: مباشرة.
أحمد منصور: ليس من أحد آخر؟
فريد عبد الخالق: لأ.
أحمد منصور: لم يدعوك أحد إلى لقائه؟
فريد عبد الخالق: لأ، أنا دُعيت، لأ في الآخر ربنا خيَّرني كُل شيء له سبب، يعني أنا عندما يشاء الله شيء، كان لنا صديق من الإخوان، اللي هو صالح أبو رقيق.
أحمد منصور: طبعاً معروف.
(11/424)
فريد عبد الخالق: وكان بلده في البحيرة.
أحمد منصور: الدلنجات بحيرة.
فريد عبد الخالق: وكان قريب في مكان بلده من زوج شقيقتي اللي هو صلاح شادي، وكان هو ضابط النقطة، فكان بين صاحب الأرض وضابط النقطة في..
أحمد منصور: صلاح شادي كان ضابط النقطة؟
فريد عبد الخالق: كان ضابط آه، فأنا.. فأنا يعني بحكم الألفة ديت، ونزعة الإخوان.
أحمد منصور: وصلاح شادي زوج شقيقتك.
فريد عبد الخالق: زوج شقيقتي آه، فهو دا صالح أبو رقيق دعانا، قال أنا داعيكم إلى لتشهدوا حفل للإخوان المسلمين.
أحمد منصور: دا كان في الدلنجات بحيرة.
فريد عبد الخالق: في الدلنجات، فقلنا له حقيقة يعني التجارب مع طبيعتنا العادية يعني كلام المشايخ مألوف ومكرَّر، وأنا لأ تعال نحن ندعوك للسينما في دمنهور، فنذهب لمشاهدة السينما والاستمتاع بها؟ دخلت أنا المكان اللي.. اللي كله يعني متاعب وأبدلت مشاهدة السينما..
أحمد منصور: ورطك يعني؟
فريد عبد الخالق: لأ حقيقة أنا بس أنا سعيد بهذا التوريط، يعني أنا كنت من غيره هأكون مفقود.
أحمد منصور: يعني لو رحت السينما كان زمانك الوقتي..
فريد عبد الخالق: لا يعني كان امتداد رخيص وسيئ لما كنا عليه، يعني مشغولين بالحياة الدنيا، فهي عامةً نقلة نوعية لها تداعياتها وغيَّرت طبعاً كل نظام حياتي، يعني الإنسان..
أحمد منصور: يعني أنت وصلاح شادي انتميتما للإخوان في يوم واحد؟
فريد عبد الخالق: في يوم واحد فعلاً، ووجد من.. وجد كلامه وتأثيره عندما كنا..
شخصية حسن البنا وتأثيره على فريد عبد الخالق
أحمد منصور: لأ، قل لي الأول الآن، أنت ذهبت معه، كيف ترك حسن البنا؟ أو كيف كان رؤيتك لحسن البنا؟ أيه اللي سمعته منه؟ أيه اللي جذبك ليه؟ أنت رجل الآن بتقرأ لبرنارد شو، بتقرأ روايات في الأدب الإنجليزي.
فريد عبد الخالق: أيوه..، صحيح.
(11/425)
أحمد منصور: تسمع سيمفونيات عالمية، تعيش حياة نستطيع أن نقول ليست مترفة وإنما قريبة من الترف، ومن الحياة الواقعية، ويعني لم يكن في ذهنك إنك تروح شيخ.. لشيخ تسمعه، أيه اللي جذبك في حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: نعم، فعلاً، اللي جرى إني أنا يعني وجدت من داخل نفسي ما دفعني إلى إني أنا أتفهَّم ما يُقال واقتنع به و..
أحمد منصور: قال أيه حسن البنا جذبك يعني؟
فريد عبد الخالق: آه أصل هو.. هو أولاً أنا كان في المتوقع هو زي ما تقول أخلف ظني، أنا فاهم شيخ هيكلمني، كما يكلمني الشيوخ عن الصلاة والصوم والعبادة والجنة والنار وإلى آخر المفاهيم، جيدة ولكنها مألوفة، جاي بتكلمني تناول حضاري، تناول يتعلق مثلاً بتغيير الهياكل، وتغيير المجتمع اللي إحنا فيه، وإن الإسلام بيدعونا إلى كده، لما أنا حسسني إن الدين وظيفته الكبرى ليست هي مجرد ما يعني يشغل المسلمين عادة، وحتى الأديان كلها اللي هي الناحية العبادية، خلاني أحس إن العبادات دي وفهمني في الكلام إن كل العبادات دي اللي هي الشغل الشاغل الصلاة، والصوم، وكل دي.. دي وسائل، إلى إنها تعين الفرد على إنه يؤدي دور نهضوي لأمته ويغير التاريخ إلى ما هو أفضل، التناول الحضاري كان جديداً، إن الشمولية دي في الإسلام، وعدم المحدودية، إنه هو بيُعنى بالإصلاح الاجتماعي والإصلاح الاقتصادي، وإنه قائم على كده، وإني أنا يعني إن كنت بأعرف حاجة عن النظام الرأسمالي أو النظام كذا، لقيته بيحتوي دا، ولقيته لخَّص المال، يقول لي المال دا يعني فيه ناس يعني اختلفوا عليه الناس، جعلوا العمومية فيه مافيش خصوصية، لأ، هو فيه خصوصية ملك، وعمومية نفع، التركيبة دي لخصت الاقتصاد عندي، يكلمني عن الاجتماع والعلاقة..
أحمد منصور: كل دا قاله وهو بيخاطب جمهور من المفترض.
فريد عبد الخالق: اللي هو بيقوله.. اللي هو بيقوله.
أحمد منصور: من المفترض.. من المفترض إنه جمهور فلاحين، أو أرياف.
(11/426)
فريد عبد الخالق: أيوه.. هو عنده كان مهارة، حقيقة ربنا يعني يسر له أمره، وربنا بييسر للإنسان الأمور، ومن تيسيره إنه يهيئ الإنسان، هو كان يستطيع إنه ويخاطب الفلاح والعامل، ويخاطب الثري، يخاطب الفقير، ويخاطب المسؤول، ويخاطب عامة الناس، يتحدث..
أحمد منصور: إزاي يعني.. هل نستطيع نقول إنه إنسان بيتلون يعني؟
فريد عبد الخالق: إزاي؟ أنا هأديك أمثلة يعني المعنى الكبير اللي بأقوله أنا دا.. دا.. أنا بأفهمه يمكن بقدر استعدادي، فهو الخطاب يسمح بهذا، كما تسمح يعني ثقب المفتاح بأن أرى السماء، ممكن ثقب الباب أقدر أرى منه السماء الواسعة، فهو كان يقول مثلاً للفلاح عايز يفهمه إنه الدعوة الإسلامية كلها مش جاية لأغراض بسيطة، جاية لغرض كبير، في إن احنا كمسلمين مثلاً ومكلفين بأننا نحسن العبادة، ونتقي الله، ونؤدي الأمر والنهي ننتهي عنه كويس، دا هأسألكم سؤال، أنتم أهم زرع عندكم أيه؟ القطن، قالوا أيوه، القطن بيأخذ يوم، قالوا لأ دا بيأخذ كذا شهر، طب الكذا شهر دي تتركون الأرض فيها حتى.. حتى يحين وقت الحصاد، قالوا: لا بنستخدم بنعمل زرعة برسيم، حشة..، قال: أيوه أهي دي دعوة الإخوان فيها حشة البرسيم وفيها القطن، القطن دا هو التغيير الكبير لوضع الأمور على الجادة، وإزالة الفوارق اللي راجعة للناس كذا، وإقامة العدل فيها، التغيير اللي.. الكبير دا هو زرعة القطن، أما إن إحنا نعمل مستوصف، نعطي الفقير، إنه إحنا نعمل جمعية كذا، ديت إحنا بنأتي من الثمار المتاحة إلى حين يأتي القطاف الحقيقي، فهو كان يعني إدى له فهم ما بين الأمور العاجلة، والأمور البعيدة ذات الأثر وخلاَّه يفرق، وعرف فقه الأولويات، وعرف إن دي ممكن تنعم عليك، بس مش هي.. يعني كان..
(11/427)
أحمد منصور[مقاطعاً]: أنا بأسألك السؤال دا لشيء مهم جداً، يعني وأنا أُحضِّر وجدت إن في.. في هذه المرحلة تقريباً الذي انتميت أنت فيها، ونستطيع أن نقول أنها مرحلة انطلاقة الإخوان الأساسية في الفترة من 41 إلى 49، مرحلة حسن البنا، كثير من الشخصيات انتمت إلى الإخوان، باشاوات، ناس سياسيين، حتى عباس محمود العقاد اتصل بالإخوان عن طريق عبد الحكيم عابدين، حتى كثير من.. علي ماهر باشا كان له صلة بحسن البنا، وأصبح.. وكان رئيس وزراء في تلك المرحلة تحديداً قبل..
فريد عبد الخالق: نعم.. آه زي صادق الرافعي وزي..
أحمد منصور: مصطفى صادق الرافعي كتب عن الإخوان المقالة بتاعته المشهورة "الأيدي المتوضئة"، الآن صار كل واحد متأثر بحسن البنا، وحسن البنا كان بيخاطب كل الناس، أنت تقول أنك حضرت فتغير مجرى حياتك بعد هذا الأمر، عايز أتكلم معاك في حاجات محددة عن شخصية حسن البنا، باعتبارك رفيق حسن البنا من الناس الذي لازمته بعد ذلك، متى جلست معه وجهاً لوجه بعد هذه المحاضرة؟ ما الذي حدث بينك وبينه؟ أيه اللي وثَّق صلتك بيه، وأصبحت فجأة في فترة قصيرة جداً ملاصق لحسن البنا ومرافق له؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، يمكن أنا بأستأذن في دقيقة مش أكثر، بأعتبرها بداية منطقية بالنسبة للي هأقوله، للربط يعني.
أحمد منصور: اتفضل.
فريد عبد الخالق: هو بادئ بداية في حياته أثرت فيه إلى ما بعد لغاية.. للتصوف، يمكن دي تركت بصمة في العلاقة اللي بيني وبين الإخوان، اللي بعض الناس قد يحسن الظن بها، وبعض الناس يسيء يقول دول جماعة بتاع السمع والطاعة، يقول هو الأخ من دُوُل زي المريد مع الشيخ زي اللي بيغسل وكالميت يُسلَّم للمغسَّل.
أحمد منصور: هكذا قال عمر التلمساني، قال أنا كنت بين الإمام البنا كالميت بين يدي مغسله.
(11/428)
فريد عبد الخالق: يعني حتى لا يُقال، لأنه هو عنده تصوف، هي دي لا تعبِّر عن الإخوان، دي تعبر عن نزعات الشخص القائل، إنما النزعة السائدة ما كانتش كده، لأنه..
أحمد منصور: لأ أنا هأناقشك فيها واحدة واحدة، يعني في مثل هذه الأشياء هأناقشك فيها، لأن كأنما الإخوان يسلبون الإنسان إرادته، وكأن السمع والطاعة هذه هو إنه الإنسان يتحول إلى أداة يؤمر فيطيع، ويسمع.. ويكون بين مثل الميت بين يدي مغسِّله، يقلِّبه شمال، يقلبه يمين، هو بيسمع الكلام، أكمل لي هذه، وسآتي معك تحديداً إلى مثل هذا الكلام.
فريد عبد الخالق: هذه المقولة يلحقها الشطط وعدم يعني تحرير المعنى، هو كان فيه ثقة فعلاً وحب يعني ليس له نظير في علاقة رئيس في هيكل تنظيمي، أو جماعة أخرى، الحقيقة، فالرؤية لهذه العلاقة المتميزة والمحبة يعني العالية الوزن والقدر، ليست بالحتمية إنها هي تستتبع السمع والطاعة وفقد الإنسان لاستقلاله الفكري والتبعية، غلط، لأني أنا عشت مع حسن البنا وعشت في وسط الجماعة، وأقرر من على أساس يعني التجربة والشهادة اللي تؤدى يعني على ما عشته، إنه إحنا كنا بنعيش متمتعين بالشورى على وجهها الحقيقي.
(11/429)
أحمد منصور: أنا هأجي معاك واحدة واحدة أستاذي، أنا سأتدرج معاك، ولكن أنا الآن في الموقف الأول بينك وبين البنا، الذي جعلك تقفز على أناس كانوا يرافقون البنا قبلك بأربعة عشر عاماً، أيه اللي خلَّى حسن البنا يصطفيك دوناً عن الآخرين؟ وتكون من حوارييه ومرافقيه؟فريد عبد الخالق: ما.. هو الحقيقة زي .. الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، الحقيقة أنا أنست منه.. أنست منه وعي متميز، وأنا شخصياً محب للفكر أصلاً، وباحث عن الحقيقة، فاستهواني منه الغزارة في العلم، فوجدته هو يعني يعتبر موسوعة أدبية وشعرية، وفي الوقت نفسه موسوعة فقهية، وفي الوقت نفسه هو مدرك للواقع الاجتماعي وضرورة الإصلاح الموجود، وإزاي الإقطاع سبِّب مشاكل فقر ومشاكل.. وبيتكلم عنها في المؤتمرات، فهو كان يعني الغزارة دي في المعلومات والشمولية في الظروف.. دا نمرة واحدة من الناحية العقلية.
أحمد منصور: بالنسبة لك أنت.
فريد عبد الخالق: وطبعاً لي ولغيري.
أحمد منصور: بالنسبة له هو.
فريد عبد الخالق: هو بقى أنس مني إني أنا فعلاً يعني نَفذت إلى ما يريد، واهتميت بما يسمى بالأصول مش العرض، يعني هو سره مني إن أنا فعلاً متأثر، يعني أدركت الأبعاد المستهدفة سواء من تعبيره هو عن الإسلام وجدتها عيوباً ماشي، فهو آنس مني التقاء فكري، وتجاوب روحي، لأن أنا فعلا قدَّرته ونزل من قلبي منزل خاص فعلاً يعني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لست وحدك، يعني أنا لما قرأت عن.. وأنا بأحضر لك، جمعت فوجئت بأن ربما يكون حسن البنا من بين الزعماء للحركات أو للسياسيين أو للأحزاب أو المؤسسين القلائل اللي حجم ما كتب عنه من تلامذته يعتبر الأكبر، كل واحد كاتب عن حسن البنا عشرات الكتب مكتوبة عن حسن البنا.
فريد عبد الخالق: آه. صحيح.
(11/430)
أحمد منصور: من زوايا مختلفة، وكأن هذا الرجل يعني ينظر إليه على أنه منزه من الأخطاء، على أنه يعني.. رغم إن حسن البنا عاش حياة قصيرة وقُتل وعمره 44 عاماً في العام.. وهو مولود 1906..
فريد عبد الخالق: أقل.. أقل..
قدرة وأساليب حسن البنا في التأثير على الآخرين
أحمد منصور: مولود في 1906، وقتل في 49، هل كنتم تنظرون إلى حسن البنا كمربي أم كشيخ طريقة صوفية، أم إمام؟ يعني كيف نظرتكم أنتم لحسن البنا؟
فريد عبد الخالق: نظرتنا إليه إنه إنسان آتاه الله ما استكمل به مقومات الإنسان كما يحب الله للإنسان أن يكون، كان إنساني النزعة، كان واسع النظرة كان يحب أتباعه حباً ولا يسعى إلى سلطة ولا يسعى إلى جاه، البيت الذي أنا عرفته فيه ظل حتى في يعني توسعه وشموخ الدعوة والنشاط وكثرة الأتباع البيت المتواضع جداً الذي كنت أزوره فيه لأول مرة في (سنجر الخازن) في الشقة الأرضية اللي لم أكن أصل بها 3 – 4 سلالم كان أجد أمامي الباب الأوسط للناس كلها، والباب الأيمن لمكتبه وكنا نعبر سلالم متهرئة، يعني كنا في الظلمة الواحد ممكن يتعثر إلا إذا كان حافظ الطريق، بسيط جداً. دعاني إلى أني آكل معه، فوجدت الأكل اللي بيأكله أكل في غاية البسيط، لبسه في غاية البساطة، ووجدته حتى في فقهه في لبسه، في فهمه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما لأنه لا يملك إلا ذلك، مدرس ابتدائي، راتبه بسيط جداً، وهذه حياته يعني.
(11/431)
فريد عبد الخالق: آه.. آه، والله هو شوف يعني دا النشأة قد تكون لها سبب، إنما أنا عايز أقول ليس كل من نشأ نشأة فقيرة بيستقيم عليها، ممكن يكملها بأشياء أخرى، إذا كان هو مولع بالغنى ومولع بكذا، وممكن يكملها بطرق ليست مستساغة، بس تبقى لها إلحاح، ودا سبب الفساد، إنما هو ما عملش كده، هو كان عنده زهد حقيقي، يعني أنا أذكر مرة في الإسكندرية وإحنا قاعدين في وسط الجماعة في مكتب في.. في يمكن 46.. 47 حاجة زي كده، وكنا بنزور المكتب الإداري وكان أياميها مختار عبد العليم.. وبعدين فيه واحد ثاني كان هيخلفه كان فيه قضية ملء فراغ قيادي في مكتب الإداري، ودي طبعاً شغله الشاغل إنه، فأنا لازلت أذكر إن أنا وإحنا قاعدين، وهو خلع نعله علشان يستعد للوضوء والصلاة، فأنا يعني عيني وقعت على الشراب وهو بيخلعه إنه ممزق من الداخل، فعز عليَّ إن الرجل بمكانه ولو طلب من الناس إنها تفتديه بأيه تفتديه، ومع ذلك هو حط.. حط الشراب بنعله، فأنا زي ما تقول بعد ما حط الشراب جوه النعل وقام يتوضأ نزلت في الشارع بلا تفكير، وبحسن الحظ إن ربنا أعثرني على الهدف، وجدت المحلات تبيع شرابات ما أعرفش اسمها أيه والمناديل، هي لها اسم كده (خرداجيه) مش عارف بيسموها أيه.
أحمد منصور: خردوات.
فريد عبد الخالق: خردواتي، فأنا اشتريت شراب ورجعت على طول أسود زي.. زي بتاعه، ورحت.. شلت الشراب المقطع وحطيت الشراب دا، كل دا تم في دقائق، فلما هو جاي يلبس عينه وقعت على عيني وقالت لي: شكراً ما كانش فيه داعي، أنا قانع بها، لم أكلمه ولم يكلمني هذا داخل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى هذا الحد وضعه يعني؟ وضعه.. وضع..؟
فريد عبد الخالق: لأ، بس هو.. أنا عايز أفهمك حاجة، هو كان يعني مشهور ومعروف إنه رغم تواضعه دا أنيق ونظيف وتمام..
أحمد منصور: عايز أسألك في دي، حسن البنا مرة يلبس طربوش.
فريد عبد الخالق: أيوه.
(11/432)
أحمد منصور: مرة يلبس بدلة، مرة يلبس عمامة، مرة يلبس جلابية..
فريد عبد الخالق: أي نعم، صحيح.
أحمد منصور: مرة يبقى أفندي، مرة يبقى شيخ.. مرة..
فريد عبد الخالق: صحيح.
أحمد منصور: يعني هذا يعني لابد من وجود هوية في الزي، لِمَ كان يفعل؟ مرة لبس الجوالة، لِمَ كان يفعل هذا حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: آه.. أي نعم، هو يعني من الحاجات اللي أنا بأحطها في اللمسات ذات الدلالة على شخصيته ومنهجيته في تفكيره وقضيته إن هو زي ما تقول كان مولع بأن الناس تصب اهتمامها كله فيما يقول وما يحدد من طريق اختاره لصلاح المجتمع، ولذلك هو نفسه قال لي في القضية دي، قال: أنا ألبس الجلباب، وألبس العمامة، وألبس البدلة، حتى لا يعرفني الناس بزي معين، قضية الزي دي أخشى إنه يقول دا الشيخ اللي مربي لحيته ويقبل إيديه ويحجَّم دوري، أنا عايز ما يتعلق بالشكل دا، يقلعها ويتبقى الجوهر بتاعه المضمون إن أنا جاي لإحياء دعوة، وتغيير أمة، وتحريك لكل شخص عشان يؤدي دوره فيها فكان.. فكان دا اقتضاه إن هو ما يخليش للزي يعني زي ما تقول مَعلَم معين يعرف هو به، والدليل على كده إنه هو كان مولع، الزي له فلسفة فيها، أنا نازل معاه مرة على سلم المركز العام في صحبته، أنا معاه كما أنا، وإحنا على السلم صعد.. إحنا نازلين وصعد فتواجهنا مع أحد الإخوة اللي هو اسمه الدكتور محمد سليمان اللي كان (نائب مدير جامعة القاهرة) يوماً ما وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً وقتها كان طالب لسه..
(11/433)
فريد عبد الخالق: كان أيامها طالب في كلية الطب في السنوات الأخيرة، فاستوقفني مع حسن البنا ما استوقفه مع.. بس أنا ما كنتش واخد بالي يعني، لقيته أطلق لحيته زي بعضه فإنما أنا بيكلمني أنا بأتكلم عن فلسفة وبعد النظر كفن دعوة فيما يتعلق بالأمور ومن الأشياء ما يأخذهاش هو لأ الأخذ الساذج، ودي ميزة له، فلما شافه قال له: أيه دا يا سليمان؟ قال له: اللحية سُنة قصدتها، قال له: طب روح البيت احلقها وتعال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البنا قال له روح احلق لحيتك؟
فريد عبد الخالقق: أيوه.. أيوه قال له كده وأنا كنت حتى موجود فيعني هي برضو.. يعني وقفت أنا..
أحمد منصور: ودا برضو الناس كلها بتاخد على الإخوان وحضرتك واحد منهم ومقرب وعضو مكتب إرشاد ولك تاريخك وبدون لحية، وكنتم كثير من الإخوان مش ملتحين، الإخوان لا ينظروا لهذا ودا مظهر من مظاهر السُنة..
فريد عبد الخالق: لأ، بس هو فيه فكرة أنا أتكلم عن الفكرة.. ليه..
أحمد منصور: طيب اتفضل.
فريد عبد الخالق: ليه نصح سليمان وهو طالب في الجامعة وحواليه يعني جيل متعطش للمعرفة وعايز يوصل له رسالة، فقال له.. مما يعني يسهل معه توصيل الفكر إلى الآخر إنك أنت لا تتحيز بشكل معين، لأن هيقولوا لك دا.. دا سني أصله خلاص بينتمي، أخرجك وأخرج نفسه من دائرة الإنصات لك.
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا في عملية التصنيف حينما يتكلم في أي شيء.
(11/434)
فريد عبد الخالق: آه، فهو حب إنه يعني يحرره كداعية وعايز يعني يقدم فكرة من أنه يأخذ شكل معين يصنفه في الناس تحت تصانيف لها عند الناس معاني، يقول لك دا أصله شيخ، أصله من أهل السُنة، أصله كذا، فيقول لك يعني كأني أنا مختلف عنه، واخد بالك؟ فعايز يقول له: خليك قريب من الناس حتى في شكلهم قدر الإمكان، علشان تقلل المسافة وتخلي فرص الاستماع أكثر، يعني أنا.. أنا بأتكلم على.. ولذلك الكلام عن الزي اللي هو شغل.. الشغل الشاغل النهارده فيما يتعلق بما يظهر من المرأة وما لا يظهر، ومن النقاب وكذا.. والكلام القضايا المثارة على مستوى العالم العربي والإسلامي كله، قضية كبيرة قضية الزي دي لم.. ما كنا نسمع عن حكاية قضية الزي دي أبداً، كل الزي كان عندنا يتخلص فيما لخصه في القرآن من اشتراط ما اشترطه في المجتمع إنه يكون مجتمع فاضل، وما يكونش فيه فتنة وألا ينشغل الناس بما ينشغل به الناس في الغرب اللي هو الجنس والمظهر، فحرص الإسلام، كل اللي قاله فيما يتعلق بالزي أن عايزين الاحتشام و..
أحمد منصور: والحجاب؟
فريد عبد الخالق: وعدم إشاعة يعني الأشياء اللي تسيء إلى الشباب وتشغله بنوازع السوء، يعني دي.. دي في فلسفته، ولذلك إحنا ما كناش نتكلم، زي المرأة دي قضية جديدة، هي أني لا أقلل من شأنها، بس فيه حدود اللي الشرع والقرآن اهتم بها، إن إحنا مطلوب من المرأة، لأن..
أحمد منصور: يعني الالتزام.. الالتزام بما أمر به الله دون الدخول في تفصيلات وتشديدات وأمور.. وأمور..
فريد عبد الخالق: آه، هو كان بعيد عن الغلو وعن التشدد في الشكليات والحرص على المضامين بس.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف كنتم بتنادوا أو تتعاملوا مع حسن البنا؟ الآن بتقولوا الإمام البنا، مين اللي خلع عليه الإمام البنا؟
(11/435)
فريد عبد الخالق: والله هو شوف يعني الإمام بتقال لناس كثير، الإمام الشيخ محمد عبده وإمام الأزهر، يعني الإمام دي أصبحت يعني زي ما تقول تعبير يعني اصطلح الناس عليه على تفضيل أهل الفضل من العلماء، فهو يعني الإمام يعني يؤتم به.
أحمد منصور: من الذي كان.. كان في حياته كنتم تقولوا له الإمام؟
فريد عبد الخالق: لأ كان في حياته المرشد.
أحمد منصور: المرشد.فريد عبد الخالق: إنما هو الحقيقة يعني زي ما تقول الإمام ديت خلعت عليه من عارفي فضله من العلماء أيضاً يعني لأنه حقق ما من شروط الاجتهاد ومن العلم والفقه ما يستحق به أن.. أن يؤتم به.
المفاهيم الأساسية لفكر الإخوان المسلمين
أحمد منصور: المفاهيم الأساسية مثل السمع والطاعة وما يقوم عليه والجندية ومثل هذه الأشياء، أليست تقوم على أن يُسلَب الإنسان من أول انتمائه للإخوان، شخصيته ورأيه، ونقاشه، ويتحول إلى واحد شخص مثله عَمَّال يصدر له أوامر ويقول له اعمل، نفذ، روح، تعالَ.
فريد عبد الخالق: هي القضية دي قضية يعني اللي حضرتك أثرتها حساسة، ولها أهمية، ويمكن يقال فيها كلمة فيما يتعلق بالقضية الخاصة بالتعاون بين الإخوان، أنا عشت ويقولوا إن فيه البيعة والظلام ومش عارف أيه والقرآن، أنا.. أنا.. أنا لم أبايع حسن البنا، يعني ما فيش الأشكال دي، دي حاجات أنا هي حاجات..أحمد منصور: المصحف والمسدس؟
فريد عبد الخالق: أبداً، هي أنا آمنت بالفكرة، وأنا صميمي إن أنا.. وأنا أعمل فيها، والتقينا على عمل كانت..
أحمد منصور: كيف بقى؟ كيف أنت..
فريد عبد الخالق: كيف..
أحمد منصور: ارتبطت بحسن البنا؟ كيف ارتبطت به؟
فريد عبد الخالق: آه، ارتبطت به بإن أنا ظهر مني بدليل قاطع من استجابتي أنني مؤمن بالدعوة.
أحمد منصور: قل لي واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، أيه اللي أنت آمنت به؟
فريد عبد الخالق: فأنا يعني بدأت بإني أنا أُحسن صلتي بربي، وأعرف إن الإيمان..
(11/436)
أحمد منصور: قل لي بعد..
فريد عبد الخالق: أكثر مما كان..
أحمد منصور: أستاذي..
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: قل لي بعد لقاء الدلنجات أيه اللي حصل بينك وبين حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: بعد.. أول ما التقينا ولقي كلامه اقتناعاً وتفهُّماً، وعُبِّر عنه بدون يعني شكليات، بدون يعني..
أحمد منصور: من أول نظرة؟
فريد عبد الخالق: من أول..
أحمد منصور: يعني حُب من أول نظرة؟
فريد عبد الخالق: يعني سميه زي ما حضرتك تسميه، إنما هو جاي عن إعمال عقل وإحساس قلب، وإدراك..
أحمد منصور: في نفس اليوم اللي فيه المحاضرة؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، وجدت أنا كلام جديد، فقه جديد فعلاً، فأنا أكبرت منه إنه ليس الفقه التقليدي، كونه يقدِّم لي الإسلام على إنه دين إحياء، دين بعث، دين حضارة، وإن الإسلام دين دولة، وإن الإسلام سياسة واجتماع وإصلاح، دا غير المفهوم السائد، دا حتى الأزهر نفسه أُصيب بهزة في فكره، ما كانش برضو التيار الإسلامي بهذا المفهوم واخد يعني الحيِّز اللي يستحقه، فحيز.. يعني يعتبر فهم جديد ليس فقط على العامة، بل لكثير من العلماء كمان، ولذلك إحنا الدعوة كسبت من العلماء مَنْ آمنوا إيمان الداعية، وظلوا للآن بعد وفاته يحملون الرسالة بنفس النَضَارَة، ونفس الحيوية، وأمثلة كثيرة معروفة، أمثلة كثيرة، يعني وُجِدَت فعلاً للآن، يعني بريق الدعوة ويقظة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان شغلك فين وحياتك فين وقتها؟
فريد عبد الخالق: نعم، أنا في الفترة دي كنت مدرس ثانوي، وأنا عرفت وكنت..
أحمد منصور: بتدرس أيه وقتيها؟
(11/437)
فريد عبد الخالق: بأدرِّس رياضة بحتة، يعني حسب تخصصي، فكنت بأدِّرس حساب مثلثات وهندسة وكذا وكذا..، ولذلك دا ترك في نفسي نوع كويس خلاني أحب إن أنا زي ما تقول الناحية المنهجية، الناحية التنظيم والربط بين المعلومات يكون واضح، ما يكونش يعني النوازع العاطفية هي السائدة، يعني أحب برضو يعني اجتمعت عندي العقلانية مع العاطفية الطبيعية اللي عندي، فعملوا مزاوجة يعني أنا بأحس إنها من فضل الله عليَّ، فأنا أحب..
أحمد منصور: كنت عايش فين؟
فريد عبد الخالق: أنا كنت عايش في القاهرة.
أحمد منصور: وبتدرِّس في القاهرة؟
فريد عبد الخالق: عايش في القاهرة ولم أكن قد تزوجت بعد.
أحمد منصور: 41؟
فريد عبد الخالق: آه.. فكنت أنا.. الزواج لأ، أيوه..
أحمد منصور: أنا بأكلمك على 41 ولقائك الأول بحسن البنا؟
فريد عبد الخالق: لأ لسه، فأنا لما اتصلت بيه وتابعته في الرحلات، يعني ترك الدلنجات راح لبلد ثانية..
أحمد منصور: مباشرةً؟
فريد عبد الخالق: ثاني ليلة..
أحمد منصور: ثاني بعد هذه المحاضرة مباشرةً مشيت مع حسن البنا خلاص؟
فريد عبد الخالق: آه، رحت معاه، وهو طبعاً استقبلني استقبال، كوني أني رحت تاني يوم.. مش سمعت وخلاص يعني، الشيء الطبيعي هنا أنا شوفت الشيء وحصلَّت فيه..
أحمد منصور: وصلاح شادي؟
فريد عبد الخالق: وأنا وشادي، أنا وصلاح روحنا على طول ثاني ليلة كان البلد ثانية عنده جنب الدلنجات ورحناها، فالراجل يعني حس وكان مرهف الحس، وكان له حضور قلب، وكان له فراسة في معرفة الناس، لذلك هو بيتكلم يعني أنا لا.. لا أنسى اللحظات اللي وقفها وعلى المنصة وعينه في أعيننا كأنما يقول أنا كنت في انتظاركم، الحاجات دي حاجات تعتبر بسيطة، إنما هي ربنا أودع في قلوبنا أشياء إحنا لا نعرف قدرها، يمكن لفتة، يمكن كلمة عارضة تغير حياة أمة وحياة بشر، يمكن.. ويمكن كمان كلام كثير لا يؤثر فينا، فلذلك..
(11/438)
أحمد منصور: سمعت منه كلام جديد ثاني يوم؟
فريد عبد الخالق: أخذت كلام جديد، وأنا على طول فعلاً، يعني زي ما تقول أُشربت، وكأني أنا وجدت نفسي، وأشياء كانت غامضة اتضحت، أشياء كانت أنا مبهمة عُلِمَت، وقصور في الرؤية تحررت منها..
أحمد منصور: من ثاني يوم مباشرة؟
فريد عبد الخالق: آه من الكلمة، أثَّر فيَّ قوي، لذلك أنا كل إنسان له محطات في الحياة يفرح بيها، ويتأثر بيها يخرج.. يحصل على إجازته العلمية، عمله الجديد يُقبل عليه، يتجوز، لقائي بيه أكثر من كل الحاجات دي، تركت في نفسي بتداعياتها وتغيير مجرى حياتي تأثير عميق ومتسع، لدرجة إن أنا يعني أصبحت والحمد لله هي قضيتي وهي شغلي الشاغل.أحمد منصور: لما روَّحت أيه اللي صار؟
فريد عبد الخالق: لما روَّحت أنا روَّحت طبعاً، القرآن الذي كان مهجوراً إلا من قليل، أقبلت عليه، حسيت لما بيتكلم هو مثلاً عن إن الإسلام يوصينا الله فيه بإيتاء ذي القربى وصلة الرحم ما كُنتش يعني أنا شغوف، غيَّرت مجرى حياتي مع أقربائي بقيت يعني.. وناس بعيد أو بعيد، حتى تغيرت حتى علاقاتي الاجتماعية، فأنا بدأت أشعر إن فيه تغير جديد انعكس على.. بل فكري ووجداني انعكس على سلوكي وتصرفاتي.
أحمد منصور: بعد ثاني يوم لما رحت معاه؟
فريد عبد الخالق: ثاني يوم رحت وواصلت وبعدين تالت، وبعدين بعد كده خلص الرحلة ولقاني في القاهرة في المركز العام، استقبلني كما استقبلني في الحفلتين اللي سبقوا، وبدأت أنا، قال لي: خلاص يا فريد اشتغل مع عبد الحفيظ الصيفي اللي هو رئيس قسم الطلاب، ودا موظف بوزارة الداخلية، وله يعني سابقة عمل.
أحمد منصور: يعني زمان كانوا بتوع الداخلية بيشتغلوا.. كانوا بينتموا للإخوان..
فريد عبد الخالق: كانوا بيشتغلوا.. فعبد الحفيظ الصيفي -رحمة الله عليه- كان هو رئيس القسم، وأنا اشتغلت معاه، مافيش شهرين ثلاثة، أربعة حتى هو يعني حليت محله..
أحمد منصور: أصبحت..
(11/439)
فريد عبد الخالق: بدأت حياتي.. بدأت عمل..
أحمد منصور: بعد أشهر قليلة من انتمائك بدأت تتدرج في مناصب عليا.
فريد عبد الخالق: أيوه، اشتغلت..
أحمد منصور: رئيس لقسم الطلاب..
فريد عبد الخالق: رئيس لقسم الطلبة، وأصبح قسم الطلبة ممتد من القاهرة إلى.. إلى المحافظات فعرفتني المحافظات، وربنا أتاني قدرة -الحمد لله- على إن أنا أقدر أؤدي العبارة بخطابة تؤثر أو تقنع، فبقيت أنا أُدعى إلى إني أنا أكون أحد الخطباء، ولقيت في نفسي أحد الخطباء.
أحمد منصور: قسم الطلاب كان من أهم الأقسام للجماعة يمكن؟
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: استمريت مسؤول لقسم الطلاب من 1941 إلى 1953.
فريد عبد الخالق: لغاية.. لغاية.
أحمد منصور: 51.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: عشر سنوات وبعدين أصبحت رئيس قسم الخريجين؟
فريد عبد الخالق: أيوه.أحمد منصور: لكن الأخطر من ذلك هو أن جماعة الإخوان المسلمين في العام 1941 بدأت تتبلور فيها المؤسسات والتنظيمات، بدأ يصبح هناك الهيئة التأسيسية وضعها حسن البنا، الهيئة التأسيسية تختار مكتب الإرشاد، مكتب الإرشاد يكون هو الهيئة العليا للجماعة التي تُناقش المرشد وتختار المرشد وغيره، أصبحت عضو هيئة تأسيسية مباشرة، ثم عضواً في مكتب الإرشاد.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: لأكثر من عشر سنوات أيضاً بعد ذلك، قل لي أيه هي الهيئة التأسيسية؟
فريد عبد الخالق: قل لي أيه؟
أحمد منصور: ما هي الهيئة التأسيسية؟
(11/440)
فريد عبد الخالق: آه، أنا طبعاً دخلت أنا بكلي في صميمي العمل الدعوي، يعني (….) حياتي، وما كانش فارق السن كبير حتى بيني وكانوا كبار فكنت أنا كأحدهم وكان أنا الصلة اللي بيني وبينهم صلة عميقة، وللآن الصلة دي حية حتى بعد فارق السن أو بعد العمر ما تقدم، يعني لو أرى أحد منهم، مثلاً حسان حتحوت، اللي أصبح النهارده في أميركا ويوسف القرضاوي اللي هو شيخ كبير، وأصبح ليه مكانه كعالم النهارده له من أبناء..
أحمد منصور: كل دُول كانوا عندك في قسم الطلاب؟
فريد عبد الخالق: الدكتور عز الدين إبراهيم، لغاية الآن حيوية الصلة السابقة كطلبة يجمعنا قسم، ونعمل فيه لأغراض سامية سواء وطنية أو دينية أو اجتماعية، لازال الرابطة دي حية، وما لَقِيَ أحدنا الآخر إلا ذكره بالأيام التي كنا فيها كذا، فهي الحقيقة يعني العمل في القسم ليس كما قد تصوره الناس إن واحد بيمارس عمل في حقل وبس، لأ كان صلة وطيدة شَمِلَت كل الأبعاد المكوِّنة للإنسان، سواء معتقداته أو فكره أو سلوكه، أو واجباته، أو تبعاته، ويعني لازلت أنا أشعر بالمشاعر ديت كاملة.
أحمد منصور: طيب اسمح لي في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه المرحلة، الدور التنظيمي الذي بدأت تلعبه في الهيئة التأسيسية في مكتب الإرشاد في قسم الطلبة، مرافقتك الدائمة لحسن البنا في سفراته وترحاله.
فريد عبد الخالق: أيوه، أي نعم.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (رفيق حسن البنا، عضو الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين، وعضو مكتب الإرشاد السابق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/441)
الحلقة2(11/442)
الأربعاء 23/10/1424هـ الموافق 17/12/2003م(آخر تحديث) الساعة 16:03(مكة المكرمة), 13:03(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
14/12/2003
- البناء التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين
- كيفية تعامل حسن البنا مع أعضاء مكتب الإرشاد
- مدى التقارب بين الوفد والإخوان
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق، أحد مرافقي حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين (عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد السابق في الجماعة).
أستاذ فريد عبد الخالق، مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً بكم.
أحمد منصور: في الفترة بين عامي 1939 و 1945 انتهت.. كانت فترة الحرب العالمية الثانية.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
البناء التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين
أحمد منصور: وفي هذه الفترة قام حسن البنا بوضع البناء التنظيمي المتكامل للجماعة، انتميت أنت للإخوان في العام 1941، وفي تلك الفترة وُضعت الأنظمة المختلفة نظام الأسر، الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين، مكتب الإرشاد وغيرها من الأمور التنظيمية الأخرى، من أي شيء استقى حسن البنا هذا النظام؟
فريد عبد الخالق: التنظيم؟
أحمد منصور: نعم.
(11/443)
فريد عبد الخالق: هو كان واسع الاطِّلاع، وأنا آنست منه يعني أكثر مما نتصور، يعني مثلاً لما يكلمني هو في السياسة في كلام عابر ويقول لي: إحنا يا فلان ما عندناش كوادر سياسية، يعني مدرك بالضبط هو، وعنده نقد ذاتي، وعارف بالضبط أيه اللي تم وأيه اللي ما تمش، ماهواش، واقترح اقتراح في إن إحنا ممكن الكلام اللي كنت قلته كاقتراح إحنا ممكن يحصل تعاون مع منظمة سياسية في مصر نظيفة وبلا شعبية، وممكن نتعاون دا طريق، والطريق الثاني ممكن نتبع نظام زي نظام (الفيبيانز) في النظام البريطاني كمؤسَّسة كانت في القرن التاسع عشر اللي تحولت بعد كده إلى حزب العمل، فلقيت إن هو يعني كونه يعرف بيدور على أنظمة، دي نظرة يعني ليس فقط مجرد..
أحمد منصور: يعني حسن البنا فكر في لحظة من اللحظات التاريخية في تاريخ الجماعة أن يندمج الإخوان مع أحد الأحزاب السياسية في مصر؟
فريد عبد الخالق: آه، أي نعم، تفكيراً.
أحمد منصور: هل حدَّد هذا الحزب؟
فريد عبد الخالق: الحزب الوطني.
أحمد منصور: الحزب الوطني.
فريد عبد الخالق: اللي هو كان في.
أحمد منصور: اللي هو امتداد لمصطفى كامل.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: الحزب اللي أسسه مصطفى كامل.
فريد عبد الخالق: مصطفى كامل واللي من تبعه فيه من..
أحمد منصور: كان فتحي رضوان.
فريد عبد الخالق: فتحي رضوان، ونور الدين.. نور الدين طراف، والأشخاص يعني..
أحمد منصور: هذا الموضوع تحديداً كيف عرضه عليكم حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: آه، دا عرضه أولاً هو فكر فيه قبل ما يعرضه، وعرضه في مكتب الإرشاد، ولما عرضه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كم تفتكر؟
فريد عبد الخالق: دا الكلام دا حصل بعد الحرب العالمية.
أحمد منصور: يعني نقول 1946؟
فريد عبد الخالق: آه، قول كده تقريباً.
أحمد منصور: 45.
فريد عبد الخالق: أيوه، 46، لأن بدأ نضج سياسي وبدأ يبقى للدعوة.
(11/444)
أحمد منصور: 46، 48 كانت فترة نضج سياسي؟
فريد عبد الخالق: أيوه، لأن بدأ التواجد السياسي يوجد، وبدأ هو حتى يحصل تعامله مع رؤساء للدول، ويكتب لهم.
أحمد منصور: يعني في فترة متأخرة من تاريخ الجماعة.. من تاريخ حياة حسن البنا.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: شعر حسن البنا عدم وجود كوادر سياسية في الإخوان تواكب الوضع الذي كان موجوداً آنذاك.
فريد عبد الخالق: أيوه أي نعم.. نعم.
أحمد منصور: ففكر باندماج بين الحزب الوطني وبين الإخوان المسلمين.
فريد عبد الخالق: آه..
أحمد منصور: فكرته أيه في الاندماج؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: ما هي فكرته في الاندماج؟
فريد عبد الخالق: فكرته في الاندماج هو اللي.. إن يعني تناول الشق السياسي وأداء الدور السياسي اللي هو يتعلق بنظام الحكم، ويتعلق بالوصول مع الشعب إلى المشاركة والحضور في القرار، يعني لهذا الاحتكاك تقوم به كيان عايز يغير، لأن لا تغيير من غير رأي عام.
أحمد منصور: يعني هو الآن كجماعة تملك تيار واسع، ويقال في 46 كانت الإخوان تنصف بالجماعة.. توصف بأنها الجماعة المليونية.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: لم يكن فيها كودار سياسية، الحزب الوطني كان فيه كوادر سياسية، وليس فيه شعب.
فريد عبد الخالق: شعبية.
أحمد منصور: شعبية.
فريد عبد الخالق: آه، هو طبعاً مش معناه.. معناه إن الساحة خالية، لأ، يوجد، إنما عايز يقول العمل أكبر من كده، يعني إحنا يمكن ما استكملناش دورنا اللي يؤهلنا إلى وجود كوادر سياسية كافية لتغطية متطلبات العمل السياسي.
أحمد منصور: أنت عايز تفهمني هنا إن حسن البنا كان بيستشير مكتب الإرشاد، وكان بيستشير الهيئة التأسيسية، وكان بيرجع لكم يعني.
فريد عبد الخالق: أي نعم.. أي نعم، هو..
أحمد منصور: أي نعم إزاي؟
(11/445)
فريد عبد الخالق: ودي حتة يعني جديرة بالذكر الحقيقة، فكرة الاستشارة كانت أساس عنده ليس شخصياً، ولكنه من المفاهيم الأصيلة في الإسلام نفسه، لأن الإسلام (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، يعني فكرة الشورى دي زي ما تقول أصل في بناء الإسلام نفسه، وحطها..
كيفية تعامل حسن البنا مع أعضاء مكتب الإرشاد
أحمد منصور: أنا عايز أعرف حسن البنا كيف كان يتعامل معكم أنتم في مكتب الإرشاد؟
فريد عبد الخالق: كان يتعامل معنا سواء في مكتب الإرشاد أو في غير مكتب الإرشاد بانفتاح على الآخر كامل، يعني كان يستطيع مثلاً الفلاح في أقاصي الريف يأتي ويدخل عليه مكتبه ويراجعه في الأعمال، وأنتم ليه عملتوا كده؟
أحمد منصور: إزاي دا؟
فريد عبد الخالق: آه، يعني..
أحمد منصور: والمعروف إن يعني كأنما حسن البنا وضع في.. في نظام السمع والطاعة والأسس التي وضعها في العلاقة بين المسؤول وبين الجندي نظام من الديكتاتورية المستبدة المقنن بغطاء إسلامي.
فريد عبد الخالق: لأ، اسمح لي بقى عشان خاطر نصحِّح ونحرِّر الكلام أكثر، لأن زي ما قلت أنا يعني من آفة الكلام إن يحصل فيه نوع من عدم التحرير، فيما يتعلق بالشق بتاع النظام العسكري دا قائم بطبيعته، لأن هو عبارة عن جندية.
أحمد منصور: النظام الخاص يعني؟
فريد عبد الخالق: نعم.. نعم.. إنما النظام العام..
أحمد منصور: سنتحدث عنه وحده.
فريد عبد الخالق: إنما النظام العام لأ، يعني كان الفكر قد يكون فيه نوع، ودا موجود في الحياة يعني، هل كل حزب أو كل مؤسسة أو كل نظام كلهم عندهم نزعة استقلالية؟ يوجد من هو قابل للاستماع وإن هو يعني يرجع في قراره إلى الآخر، وفيه عنده قدرة.
أحمد منصور: لكن كان هناك نظام.
فريد عبد الخالق: إنما..
أحمد منصور: كان هناك نظام الأسر، ونظام الأسر كان نظام مفتوح، لم يكن نظام عسكري سري مثل النظام الخاص.
(11/446)
فريد عبد الخالق: لأ، لأ ما هو.. هو فيه شيء، وفكرة أنا عشت في الإخوان فترة طويلة، ويعني دخلت في كل الأقسام وكل الأعمال تقريباً، فما آنست لا من المرشد نفسه ولا من كون دا نظام مُملى على الجماعة، وأصبح متبَّع، إن فكرة الانقياد والسمع والطاعة دا، أنا ما أعرفش.
أحمد منصور: اضرب لي أمثلة.
فريد عبد الخالق: هأضرب لك أمثلة.
أحمد منصور: بتقول لي الآن أنتم حسن البنا جاء يستشيركم في.. في انضمام الإخوان إلى الحزب الوطني.
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: احكي لي اللي حصل.
فريد عبد الخالق: هو..
أحمد منصور: إزاي بيستشيركوا وإزاي بيأخذ رأي، لأن أنا عندي ضد هذا الكلام؟
فريد عبد الخالق: كويس أنا أرحب.. أنا أرحب..
أحمد منصور: قل لي ما عندك.
فريد عبد الخالق: لأن إحنا كلنا نبغي وصول الحقيقة.
أحمد منصور: اتفضل.
فريد عبد الخالق: يعني لسنا يعني خصوم، نحن شركاء في البحث عن الحقيقة.
أحمد منصور: لأ أنا خصم لك في هذا الحوار.
فريد عبد الخالق: لأ أنا مش.. مش.. صديق مش خصم، لأن أنا أرحب.. أصل أنا حياتي..
أحمد منصور: برضو مش.. مش هأنحاز لك مطلقاً.
فريد عبد الخالق: لأ.. لأ، أصل كويس اللي أنت قلتها، أصل أنا طبيعتي كده، أنا أحب الرأي الآخر، ولا يغنى البشر من وجود رأي آخر، لأن.. وربنا خلق كده الازدواجية دي، خلق ليل ونهار وخلق ذكر وأنثى، يعني طبيعة لأن دا فيه حياة أكثر، فأنا أرحِّب جداً والإسلام يرحِّب، وربنا أقام الحوار دا جزء من الإسلام نفسه.
أحمد منصور: مع هذا الترحيب ارجع لي للموضوع، تقول لي حسن البنا جاء إلى مكتب الإرشاد في سنة 46.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: وعرض على مكتب الإرشاد عملية اندماج بين الحزب الوطني وبين الإخوان المسلمين.
(11/447)
فريد عبد الخالق: آه.. آه، هو كان الفكرة كما سمعتها أنا منه من قبل فكرة بتراوده كمخرج لمأزق أو أزمة اللي هو غشيان الحقل السياسي، ووجود يعني الوفاء بمتطلباته محتاجة إلى كوادر وأصحاب خبرة في الحقل السياسي.
أحمد منصور: أنا عايز يا أستاذي اللي حصل في الحوار أيه؟
فريد عبد الخالق: اللي حصل بالحوار، إن هو فعلاً اقترح على مكتب الإرشاد الفكرة.
أحمد منصور: مين أعضاء مكتب الإرشاد اللي كانوا قاعدين آنذاك؟
فريد عبد الخالق: أعضاء مكتب الإرشاد يعني اللي أذكر منهم يعني الشيخ الباقوري، والأستاذ طارق خشاب، الدكتور كمال خليفة، اللهم صلي على سيدنا محمد، عبد الرحمن.. أخوه عبد الرحمن.
أحمد منصور: عبد الرحمن البنا.
فريد عبد الخالق: عبد الرحمن البنا، عبد الحفيظ السيفي.
أحمد منصور: صالح عشماوي كان فيه؟
فريد عبد الخالق: وصالح عشماوي طبعاً طبيعي لأنه كان وكيل الجماعة..، يعني نخبة من..
أحمد منصور: وأنت كنت عضو مكتب الإرشاد.
فريد عبد الخالق: وعبد الحكيم عابدين.
أحمد منصور: عبد الحكيم عابدين.
فريد عبد الخالق: وعبد الحكيم عابدين، فكان فيه يعني اعتبروا..
أحمد منصور: حسن البنا كان يستشير..
فريد عبد الخالق: وكان.. وكان فيهم حامد أبو النصر اللي بقى مرشد بعد كده.. حامد أبو النصر.
أحمد منصور: نعم، حسن البنا كان يستشير هؤلاء أو كان..
فريد عبد الخالق: كان بيعمل..
أحمد منصور: هو المرشد، وكان افعلوا، نعم.. حاضر.. طيب؟
فريد عبد الخالق: لا.. لا.. لا، مافيش كنا بنناقش الرأي ما له وما عليه، واللي يرجح كفته بنتبعه، فهو كان بيعرض الموضوع للنظر وتبادل الرأي فيه.
أحمد منصور: حينما عرض الموضوع كيف ناقشتموه؟
(11/448)
فريد عبد الخالق: آه، الموضوع دا بالذات كان له خصوصية في هذا العرض، لأن أنا استدركت عليه لما طُرح الموضوع دا، وأنا.. وعُرض على مكتب الإرشاد وقال لي أنا أعرضه باعتباري أنا كنت يعني زي أمين سر المكتب، وحضَّر.. وهو أملى عليَّ قبل ما ندخل جدول الأعمال، فكان نمرة واحد هي الموضوع دا، فأنا الحقيقة يعني طرحته بلسانه يعني، وبدأ الإخوان يرفع بعضهم إصبعه بالكلام، وأنا كمان رفعت إصبعي، فهو حتى قال يعني إن أنا أفسح لغيري لأني أنا كثير الصلة به، فأنا قلت له: لأ، أنا هأتكلم في الشكل، فالإخوان لما سمعوا مني هذا، قالوا: لأ، الكلام في الشكل يسبق الكلام في الموضوع، فأنا وجهت كلام له ناقداً، قلت له: هذه الفكرة التي تعرضها هل سبق لك قبل عرضها والاتفاق عليها أنك اتصلت ببعض الأطراف المعنية من الحزب الوطني، أمثال فتحي رضوان ونور الدين طراف، فناقشت معهم الموضوع أم.. أم هذه هي البداية؟ طلع إن هو سبق له جس نبض، وهو استشعر بإن هو سبق بما قام به من جس نبض قبل أن يرجع المكتب، وكان الأَوْلى إن هو يطرح الموضوع ويتخذ فيه قرار ثم يشرع، هو شرع يعني سمح لنفسه جس نبض يعني أنا.. أنا لا أعتذر عنه، وإنما أقول ما شاهدت منه إن هو اعترف ضمنياً بأن ليس هو دا النهج الأقوم، وإنه كان ينبغي إن لا يمس موضوع مع الآخرين قبل عرضه واتخاذ قرار فيه من المكتب.
أحمد منصور: يعني اعترف حسن البنا أمام مكتب الإرشاد بخطئه في.. في هذا؟
فريد عبد الخالق: أيوه، في جوه المكتب، أنا لا أجد بأس من كوني أنا أواجهه، مافيش حكاية سمع ولا طاعة، ولا سيطرة ولا رياسة، كلنا يعني طلاب.
أحمد منصور: هذا المظهر كان يتكرَّر إزاي؟
(11/449)
فريد عبد الخالق: يتكرر.. يتكرر في كل حاجة، يعني هو يعني فكرة الاستشارة والعمل بالشورى، دي كان يعني أمر أنا بأعتبره من مقوِّمات الإسلام الأساسية، لا يمكن واحد يعلم عن الإسلام علماً مثل علمه ويلتزم به مثل التزامه، ويستعمل ما نهى الله عنه للسيطرة يقول (لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ) إذا كان ربنا قال لرسوله.
أحمد منصور: طيب أنا هأقول لك شيء يناقض هذا الكلام.
فريد عبد الخالق: (لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ) مش معقول يعني.
أحمد منصور: حينما اختار أو فرض الإنجليز مصطفى النحاس رئيساً للوزراء في حكومة 4 فبراير حادث 4 فبراير الشهير.
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: رشَّح حسن البنا نفسه في الانتخابات.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: ولكن مصطفى النحاس استدعى حسن البنا.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: وقال له: إن هناك ضغوط من البريطانيين، ويرجى منك سحب ترشيحك من الانتخابات..
فريد عبد الخالق: صحيح.. نعم.. دا صحيح.
أحمد منصور: سحب حسن البنا نفسه من الانتخابات..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: حينما رجع حسن البنا إلى الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد رفضوا انسحابه من الانتخابات وطلبوا منه أن يبقى، ولكنه انسحب مخالفاً مكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية صح؟
فريد عبد الخالق: آه.. آه هذا.
أحمد منصور: كنت أنت عضو مكتب إرشاد وهيئة تأسيسية؟
(11/450)
فريد عبد الخالق: آه كنت عضو مكتب الإرشاد، هو دا اتعمل إزاي؟ هو اللي حصل عندما يعني هو تكلَّم بهذا الكلام اللي تم بين النحاس باشا وبين.. بينه، أنهاه إلى المكتب فرفض البعض، واعتبار دا يعني زي ما تقول تحايل على إبعاد من الدعوة وخسارة، والبعض يعني قَبِل فهو وجد إن فيه يعني انقسام في الرأي ما بين رَضِي رأيه وبين من اعترض عليه، فهو.. اللي يحل الإشكال هو كان مؤمناً تمام الإيمان بإن هو القبول بما طلبه إليه النحاس باشا باعتباره عمل وطني وإنه مصلحة عامة، مقدم على مصلحة الدعوة، لأنه كان عنده الفكرة دي سائدة، فهو لما رأى البعض توقف استأذن، هل يؤذن له بأنه هو يعني يشرح رأيه ويعرضه وإن خالف، فرحبنا لمنزلته عندنا، فهو قعد يرصد في المسألة ويوضِّح لنا أيه الإيجابيات وأيه السلبيات اللي هتترتب على كلا الموقفين، فوصلنا فعلاً إلى إن فعلاً الأرجح نقبل، ليه؟ لأن النحاس باشا أبدى تقديره والدعوة كانت مضطهدة ومُضيق عليها، وقال له: أنت رجل بتدعو دعوة يعني طيبة وأسلوب مع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني عقد صفقة مع النحاس؟
فريد عبد الخالق: ما تعتبرش صفقة، هو قبل منه.. قبل منه..
أحمد منصور: شيء مقابل شيء.
فريد عبد الخالق: يعني إنه.. إنه أيوه.. بس هو.
أحمد منصور: تعتبر صفقة.. يعني تنازل عن الترشيح في مقابل امتيازات حصل عليها.
فريد عبد الخالق: لأ، وجد أن الإجابة للمصلحة العامة أَوْلى، وإنه كمان يعني فيها إن الراجل يعني حصل نوع من التجاوب وهو كان دائماً حريص على إن يحصل بينه وبين الحكام نوع من التفاهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب في سنة 44..
(11/451)
فريد عبد الخالق: لسه.. لسه يعني، فهو لما عرض وأبدى وجهة نظره، الحقيقة وصلنا كلنا بقناعة إن إحنا قبلنا تفويضه في الأمر، وإن فعلاً.. وطبعاً الأيام دلت على إنه أصح، لأن إحنا كسبنا كسب فعلي، يعني فيه حاجات كنا بنطلب (...) ماكنش تيجي، كان أيامها مسموح بالخمور حتى في المواسم منعها، كان فيه بيوت الدعارة مرخص لها مُنع، كان فيه أشياء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل هذا مقابل إن حسن البنا ينسحب من..؟
فريد عبد الخالق: الدعوة.. الدعوة. اعتبرها مقابل.. اعتبرها ثمرة للتفاهم، يعني بس أصلي أصبحت العبارة دي عبارة زي متهمة يعني كلمة صفقة، يعني حتى لو واحد عمل صفقة مع الله، يبقى ناقص إنه يشوهها، يعني صفقة مع الله أنا أتوب عن ذنبي وتقبل الذنب مني، أصبح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي أعطاه؟ ما الذي أعطاه النحاس لحسن البنا مقابل..؟
فريد عبد الخالق: اللي عطاه أن.. أن ينفذ الكلام دا.
أحمد منصور: ما هو؟
فريد عبد الخالق: اللي هو منع التصريح لبيوت الدعارة، اللي هو كان قائماً، منع في المحلات كلها في المواسم كرمضان شرب الخمر، احترام، لا.. منع أو كف الأجهزة الأمنية عن التضييق على نشاط الإخوان والإعلان بدعوتهم في المجتمع، وقال له لأ، أنا هأذلل لك العقبات، وحصل فكسب طبعاً إن..
أحمد منصور: كل دا في مقابل إن حسن البنا فقط يسحب ترشيحه..
فريد عبد الخالق: أصل هو..
أحمد منصور: من الانتخابات؟
فريد عبد الخالق: أيوه، لأن هو قال له إنه صريح العبارة إن ترشيحك دا مطلوب مني بصراحة أنا بأقول لك، والمستعمر البريطاني لأسباب أنا يمكن مش قادر أقدرها، لأن أنا لا أرى فيك الخطر دا.
(11/452)
أحمد منصور: بس المعروف هنا حسن في.. حينما قرأت بعض الذين كتبوا بعض التحليلات بعيد عن كتب الإخوان وكتب السياسيين، بعض المؤرخين الذين رصدوا المرحلة قالوا أن مصطفى النحاس لم يكن يعلم شيئاً عن حسن البنا وأنه فوجئ بأن فيه مدرس ابتدائي وكان لا يزال يعمل مدرس ابتدائي..
فريد عبد الخالق: أي نعم..
أحمد منصور: البريطانيين طالبين من النحاس إن هذا يسحب، فلما اطَّلع على أوراقه في الداخلية فوجئ إنه مدرس ابتدائي وبريطانيا مهتمة به..
فريد عبد الخالق: كبرت.. دا صحيح، أنا تقريباً يعني أنا مش.. لم أفارق ولم أبعد عن كلام حضرتك، بأقول لك أنا إنه فعلاً هو أطلعه بصراحة، الراجل كَلِّمه كان بصراحة على الموقف، ما أخدش الموقف يعني لأ، فهو لما الموقف اتضح..
مدى التقارب بين الوفد والإخوان
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا خلَّى بعض المؤرخين يقولوا إن هذه الفترة شكلت نوع من التحالف بين الوفد وبين الإخوان.
فريد عبد الخالق: هو.. هو تقدير.. أصل كان جت الفترة من فترات في الوضع الاجتماعي والخلافات السياسية، وتنافس الأحزاب اللي بينها، جا يوم رأى بعض المسؤولين في الأحزاب اللي بيغلب عليهم العلمانية إن التوجُّه الديني دا غير مرغوب فيه لا في الخارج ولا.. وقد يشكل في الداخل خطر، فاتخذوا مواقف فيها تحفظ في نشاط الإخوان، فدا وُجد فعلاً في الساحة، إنما عايز أقول إن هو الرجل كان عنده طيبة، ويعني ليس علماني النزعة بالمفهوم العلماني الضيق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تقصد النحاس..
فريد عبد الخالق: اللي هو البعد عن الدين، آه، فهو الرجل رحب بالنشاط..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل النحاس هل صحيح الإخوان كانوا يتمتعوا بعلاقة خاصة، أو حسن البنا تحديداً مع علي ماهر الذي كان رئيساً للوزراء والبريطانيين هم الذين طلبوا إبعاده بسبب مواقفه الوطنية؟
(11/453)
فريد عبد الخالق: آه، لألم يكن هناك إلا التقدير الذي شاع، علي ماهر كان يتمتع في المجتمع المصري كله بأنه صلب في الحق وإنه هو وطني علي ماهر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يصفوا حكومته إنها كانت من أقوى وأنظف الحكومات التي جاءت في ذلك الوقت.
فريد عبد الخالق: أيوه أي نعم، إحنا قدَّرناه وشجعناه، وحصل يعني نوع من التراجع شوية لما الأمور ما مشيتش كما يعني يريد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أحمد ماهر بقى الذي جاء بعد النحاس..
فريد عبد الخالق: آه، أحمد ماهر اللي هو..
أحمد منصور: حينما طلب من حسن البنا..
فريد عبد الخالق: اللي هو السعديين..
أحمد منصور: من السعديين، حينما طلب من حسن البنا أن يتنازل عن الانتخابات رفض حسن البنا أن يستجيب له في الوقت الذي استجاب له.. للنحاس من قبل.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: لماذا رفض في 44 أن ينسحب من الانتخابات واضطروا طبعاً إن هم يسقطوه في الانتخابات..
فريد عبد الخالق: آه.. آه.. أي نعم يبقى دي ممكن تعد تناقض ويستحق علامة استفهام، فطرح السؤال له قيمة، إنما الحمد لله يعني إنه رده حقيقي من واقع معايشتي حاضر كممثل..
أحمد منصور: ما هو رده؟
فريد عبد الخالق: وأيضاً رد، إن لما هو طلب مني –أحمد ماهر- طلب فعلاً النحاس كما طلب من حسن البنا وواحد آخر تاني طلب منه سوداني.
أحمد منصور: كان سوداني نعم.
فريد عبد الخالق: سوداني، فلم يجبه إلى طلبه الذي أجاب إليه لسببين، إن ليست حكومة السعديين مثل كان حكومة الوفديين، لا في الشعبية ولا في المصداقية هي نفس حكومة السعديين بتصرفاتها في القضية دلَّت على إن هي فيه خلاف، فهناك خلاف نوعي ما بين علي ماهر وحكومته.. بين النحاس وحكومته.. وزارته وبين أحمد ماهر ووزارته، الحاجة الثانية: إنه هو لما جه بعد حكومة وزارة الوفد كان مطلوب تحلية صورته لأنه مُتهم إنه جه بعد الوفد.. واخد بالك؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: أحمد ماهر؟
(11/454)
فريد عبد الخالق: أيوه، فكان من تحلية صورته وتجميلها عند الناس إنه لا يعُرَّض به على إنه بيصادر الحريات ويمنع الناس من الترشيح، فهو طلب الطلب دا وأجاب.. وجه الإنجليز ووجدوا سيناريو جديد، حل الإشكالية خلَّى الإنجليز همَّ ينفذوا دور والحكومة تنفذ دور، وينتهوا لنفس النتيجة اللي هو إقصاؤه أو فشله في الانتخابات من غير ما يعملوا العملية بتاعة إنه يحملوه على إنه يترك الانتخابات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليه حسن البنا كان مصمم إنه يدخل الانتخابات؟
فريد عبد الخالق: كان مصمِّم على دخول الانتخابات كوسيلة من الوسائل المتاحة الدستورية إنه هو يجد منبر كالبرلمان يعبر فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانت الدنيا مفتوحة أمامه ليس مثل وضع الإخوان الآن..
فريد عبد الخالق: طب ودا يمنع إنه يكون أنا يعني عندي وسيلة أضيف إليها وسيلة أخرى؟ مادام الدستور بيسمح بها لِمَ تمنعني؟ يعني دا يعتبر اجتهاد في إنه أنا أحصل أكبر الوسائل علشان أجيب أكبر أوسع مساحة تسمع الرأي اللي أنا بأقوله..
أحمد منصور: في 17 مايو 1943 قام فؤاد سراج الدين ممثلاً عن الوفد مع مجموعة من وزراء الوفد أثناء حكومة النحاس هذه بزيارة المركز العام للإخوان المسلمين.
فريد عبد الخالق: أي نعم صحيح.
أحمد منصور: حتى أن فؤاد سراج الدين قال لحسن البنا اعتبرني جنداً من جنودك كما نقلت بعض المصادر حول هذا الكلام، هل كانت هذه الزيارة رد لجميل موقف حسن البنا من النحاس، أم كانت أيضاً من ألاعيب السياسة آنذاك التي يوصف الإخوان أنهم أيضاً كانوا انتهازيين فيها؟
فريد عبد الخالق: آه، هو الحقيقة يعني إحنا قبل ما نبدأ بالاتهام نبحث الموضوع نخلي الاتهام هو آخر حاجة، يعني نبدأ بحسن الظن، وإذا تعذر والوسائل دلت عليه كده يبقى انقياداً للحقيقة ممكن نخش في اتهامات بأي اسم.
أحمد منصور: إحنا شغلتنا هنا نتهم أنا شغلتي أعمل اتهامات.
(11/455)
فريد عبد الخالق: أنا فاهم، معلش.. معلش أنت.. أنا إذا كنت أنا يعني تقريباً بآخذ دورك المرة دي..
أحمد منصور: اتفضل.
فريد عبد الخالق: فيعني ليس تنقُّصاً منه، ولا يعني عدم إعطائك حقك.
أحمد منصور: لأ، اتفضل.
فريد عبد الخالق: فأنا بأقول إن هو الفترة اللي كان الصحف الوفدية في.. و"صوت الأمة" وبتاع مالهاش شغلانة إلا السب في حسن البنا والسب في الإخوان، حصل هذا، وبعدين وُجد يعني شواهد لهم إن النظر دا غلط، لأن وجدوا إن ما يُتهم به الإخوان مما يجعلهم يتخذون منهم موقف عدائياً دا غلط، لقوا الناس ماهماش لا هم كارهين للحزب ولا كارهين لأشخاصهم، وممكن جداً يكون لي أنا ننتفع بالقوة دي بدل ما نعاديها، هم راجعوا نفسهم يعني الدكتور صلاح الدين وزير الخارجية وفؤاد سراج الدين وكان راجل سياسي وجدوا إن هم يعني أخطأوا في المعاداة وفي شن الحرب بطريقة يعني مُبتذلة، وإن الشعب بدأ يكرهها، لأن كان له شعبية، الإخوان بقى لها شعبية، وزي ما قال كل الكُتَّاب زي إحسان عبد القدوس وفي شهادته لهم وآخرين لما اتكلموا عنه من الناحية دي قالوا إن شعبيته.
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى إحسان عبد القدوس كتب وقال..
فريد عبد الخالق: ما هو إحسان عبد القدوس..
أحمد منصور: إذا قال.. إذا عطس واحد من الإخوان في الإسكندرية..
فريد عبد الخالق: طيب.. يعني أصبح.. يعني.
أحمد منصور: يرد عليه واحد من أسيوط يقول له يرحمك الله..
فريد عبد الخالق: أه، يعني أصبح إن حتى رغم حرمان من المظلة القانونية في الحرية القانونية لمباشرة العمل، لأنهم كان لهم وجود فعلي ودي أزمة النهارده لغاية النهارده الأزمة دي موجودة فيه وجود فعلي ما حدش ينكره، بيتمثل في أشياء كثيرة..
أحمد منصور: طيب صحيح فؤاد سراج الدين من خلال هذه الزيارة فتح المجال أمام الإخوان في مجال الزراعيات والتعاونيات وفتح لهم فرصة لكي تنمو الجوانب المادية عند الإخوان؟
(11/456)
فريد عبد الخالق: لأ، هو التقارب اللي حصل يمكن انعكس أكثر وشفناه، لأن كان نفس فؤاد.. فؤاد سراج الدين الوفد يعني استطاع إن هو يؤدي دور للدعوة حسن لما حصل الإفراج عن الإخوان كنا في السجون، وكنا في الطور وعيون موسى وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ هذا متأخر هذا..
فريد عبد الخالق: آه.. بس.
أحمد منصور: أنا الآن في سنة 43.
فريد عبد الخالق: آه.. بس يعني هو له يعني مواقف تذكر له..
أحمد منصور: أنا في سنة 43 الآن.
فريد عبد الخالق: يعني عايز أقول أن الخصومة دي كانت مفتعلة وسبقها نوع من التفاهم، هم قالوا عادوا إلى الأصل، ودا..
أحمد منصور: طيب، عايز أرجع معاك لجزئية معينة حتى يفهمها المشاهد، ما هي الهيئة التأسيسية للإخوان؟
فريد عبد الخالق: الهيئة التأسيسية للإخوان هي زي الجمعية العمومية في أي مؤسسة بتشكل أكبر عدد ممن يمثلون المؤسسة، ويمثلون الرأي فيها، والقدرات اللي فيها، وهم..
أحمد منصور: هل كانت بالتعيين أم بالانتخاب؟
فريد عبد الخالق: العناصر البارزة، ذات القيمة، ذات الفهم، اللي ليها مكانها الاجتماعي، يعني بحيث يعتبر لهم مرجعية.
أحمد منصور: بالتعيين أم بالانتخاب؟
فريد عبد الخالق: لأ هي كان أول، في أولها كان بالتعيين، وبعدين بدأ يُعاد النظر فيها بعد ما وُجد الاتساع.
أحمد منصور: من الذي كان يُعيِّن؟
فريد عبد الخالق: اللي يعين كان الأول يعني حسن البنا بنفسه كان يعني له دور باعتباره هو محتك شخصياً بالشُعَب، وأعرف الناس بهم، فكان بيختار..
أحمد منصور: ما هو مكتب الإرشاد؟
فريد عبد الخالق: مكتب الإرشاد هي المجموعة التي ينتخبها الهيئة التأسيسية العامة ديت، ممثلين لفكرهم، معبرين عن إرادتهم، وبالتالي عن إرادة الإخوان عامة، فهم يعتبروا زي ما تقول جمعية مُصغَّرة، زي ما هو موجود في أي مجلس إدارة وجمعية عمومية.
أحمد منصور: يعني تقدر تقول الهيئة التنفيذية للإخوان هي مكتب الإرشاد..
(11/457)
فريد عبد الخالق: بيكون الهيئة التنفيذية، وكمان بأنها هي بتعبر عن ناحية..
أحمد منصور: كيف مكتب الإرشاد يكون حر في اتخاذ قراراته، في النقاش مع المرشد، في رد آراء المرشد، والمرشد هو اللي معين الهيئة التأسيسية اللي بتعين مكتب الإرشاد؟
فريد عبد الخالق: آه، شوف الهيئة التأسيسية حتى لو عيَّنها، أو عيَّن منها من عيَّن المرشد، ما كانش فهمنا لديننا يسمح بأنه يجعل له يد عليَّ، ولا على الحق، كان الحق عندنا أعلى من حسن البنا، وليس لحسن البنا قدسية عندنا، وبنعتبره كأحد الإخوان، أو..
أحمد منصور: إزاي مالوش قدسية، ومرشد الإخوان عمر التلمساني يقول نحن بين.. مثل الميت بين يدي مغسله.
فريد عبد الخالق: ما قاله.. ما قاله ليس، هو حجة عليه وليس حجة على الدعوة.
أحمد منصور: يعني أنت كنت بتواجه حسن البنا، وتقول له لأ أنت غلط؟
فريد عبد الخالق: أيوه.. أيوه يعني كان اللي بينا وبينه، اللي بينا وبينه ما كانش تبعية إطلاقاً كما قد تصوَّر الناس، الحقيقة دا شهادة لله، لأني أنا لو قلت كده أبقى ظلمته.
أحمد منصور: أنت صاحبت حسن البنا في الأسفار كثيراً.
فريد عبد الخالق: صاحبته في أسفار كثيرة..
أحمد منصور: اضرب لي نموذج بسفرة واحدة أنت سافرت معاه فيها.
(11/458)
فريد عبد الخالق: يعني هي أول سفره أنا بأعتبر لها أهمية كبيرة في حياتي كلها، وأنا بأعتبر هو مارس فيها دور خاص، وتميز هو به، كما تميَّز عن أسلافه من الناحية العلمية، أو الدعاة المفكرين زي جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، دي كلها مدرسة سبقت حسن البنا، وأثَّرت، وتعلَّم منها واستفاد منها، إلا أنها كان يغلب عليها الناحية العلمية البحتة، مافيهاش ناحية مؤسسية، هو يتميز بأنه حوَّل الفكر إلى حركة، فأصبح هو ليس فكراً مطلقاً، بل فكراً حركياً –إذا صح التعبير- وبحيث إنه ترجم الفكر النظري إلى واقع تمثَّل في أسر وآليات وأنظمة موجودة، فدي الميزة بتاعته، ولذلك هو كان يقول أنا يعني يمكن ما تركتش فيكم سبت طويل من المؤلفات النظرية، إنما أنا كان كل مهمتي أمام الله، إنني أنا أؤلف رجال، وفعلاً الرجال الذين ألفهم لازال للآن، يقومون بدور أكبر من دور المجلدات، يعني أنا لما أنظر مثلاً المسلمين في أوروبا، المسلمين في أميركا، وأشوف المنطلق بتاع التعبير عن حقوق المسلمين، ومناهضة دعاة الصهيونية إلى النقيض بتاع دا، أجد لهم دور، أنا لما أتكلم على الإنترنت كوسيلة اتصال أجد يوسف القرضاوي كإسلام أون لاين، هو بدأ يشوف وبيشتغل، كل دول رجال الدعوة، لما أجد ناس.
أحمد منصور: طب خليني في الرحلة بتاعتك.
(11/459)
فريد عبد الخالق: لما أجد ناس الشخصيات النهارده بارزة في الدعوة، وتتعاون مع الدولة في مسائل كثيرة، أجدهم من تلاميذ الدعوة، زي الدكتور محمد كمال أبو المجد هو من تلاميذ الدعوة، مع استقلاله الفكري، ومع هو شموله في العمل، ومع كل الاعتبارات التي لا تنسى، يعني إنما هو أنا بأعتبره من ثمار والغراسة الطبية اللي نشأت في حضن الدعوة، وتربت على الإسلام وشربته، وكان لحسن البنا له الدور، وهم لا ينكرونه، فأنا عايز أقول الرجل كجانب دوره دا، الواسع الغزير، وربَّى في رجاله، والرجال لهم أثر للآن، في أوروبا وأميركا، وفي الصراعات والأزمات اللي بتواجه الأمة الإسلامية النهارده.
أحمد منصور: في أي سنة رحلتك الأولى كانت معاه؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: في أي سنة؟
فريد عبد الخالق: دي.. دي كانت مبكرة قوي، يعني أنا كان في سنة يمكن.
أحمد منصور: 42.
فريد عبد الخالق: لا بعد يجي 43 حاجة زي كده.
أحمد منصور: 43، رحت معاه فين؟
فريد عبد الخالق: رحت معاه رحلة يعني أنا طلبني إني أنا أصحبه، وطبعاً لم أكن يعني أعلم لماذا هو طلبني، وإلا إن الصحبة العامة، يعني كويس.
أحمد منصور: كنت أنت وقتها عضو هيئة تأسيسية.
فريد عبد الخالق: كنت أي نعم.
أحمد منصور: عضو مكتب إرشاد.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: مسؤول عن الطلبة، فيه.. فيه حاجات أخرى؟
فريد عبد الخالق: أيوه، فجيت بقى لأ، فجيت.
أحمد منصور: لسه.. كل شيء كان يقول فريد عبد الخالق.
فريد عبد الخالق: أي نعم هو حصل ما أنا اتُّهمت..
أحمد منصور: هآجي لك، بس كل..
فريد عبد الخالق: ما أنا يعني اتُّهمت فيها، أو يعني وُجه لي سؤال ليه هو شخصياً، نهايته لما يجي الوقت اللي حضرتك تشوفه مناسب، نهايته هو.. وبدأنا الرحلة، قلت له أنا أرحب بالرحلة.
أحمد منصور: رايحين فين؟
فريد عبد الخالق: الصعيد.
أحمد منصور: الصعيد.
(11/460)
فريد عبد الخالق: وكنا في الصيف، فأنا حتى بأضحك معاه، قلت له الناس بتروح الصعيد في الشتاء، وأنا واخد لسه.. لسه أنا على أبواب الحياة العامة الأخرى، اللي أقرب إلى الحياة المترفة – إذا صحت يعني التعبير- مش مشقات الدعوة، فقال لي: لأ، إحنا هنروح، يعني المشقة تجعل لنا اعتبارات أخرى مع الدعوة، غير الاعتبارات الترفية دي، طيب، كنت..
أحمد منصور: كنتم رايحين مجموعة؟
فريد عبد الخالق: لأ أنا وهو لوحدنا، المرة دي يعني كان بينَّا..
أحمد منصور: وحسن البنا لم يكن يتحرك وحده؟
فريد عبد الخالق: لأ.. لأ هو خدني أنا، وبالتالي أنا ما أعرفش ليه؟ أتاريه عايز ينفرد بي -إذا صح التعبير- يعني هو كان عايز بأنه.. فيه شواهد كثيرة دلت على إنه يعني غيَّر فيَّ، يعني مثلاً هو عاهدني إني أنا أحب الأدب، وأحب.. وأكتب حتى قصص، وراجل عندي النزعة دي، ولي مذكرات، فقرأ المذكرات وكتب عليها كلام يعني لا أنساه، ولو إنه المذكرة راحت مع أشياء كثيرة، أخذوها في أشولة، وهم بيعتقلوا، أثناء الاعتقال لبياعين الترمس، فأنا لقيته بيقول لي كلام مثلاً يقول لي: أنا يعني لعل الله أن يعني يوفقك إلى ما ترجو إليه، إنك أنت تتطلع إلى شيء لم تصل إليه بعد، فيه كلام اللي بيقول عليه إنك تبحث عن شيء، لعل الله يكون.. يجعل الشيء دا هو العمل لله، وكنت معتز بالمذكرة دي، وفيها كلام كثير راحت.
أحمد منصور: رحتم في عربية أم في القطر؟
فريد عبد الخالق: لأ رحنا بالقطر، ما هو اللطيف بقى، إن أول بداية الطريق بدأنا يعني سميه بقى، بدأنا الأمور تتكشف بقى، وبدأنا المتاعب بقى إذا صح التعبير.
أحمد منصور: إزاي؟
(11/461)
فريد عبد الخالق: أولاً: قال لي خد أجرة تذكرة درجة ثالثة، هات لي تذكرة وهات لروحك تذكرة، فأنا كنت اللي أعرفه عن الجماعات، والمعلومات البسيطة والأحزاب وبتاع، فخفخة بقى، مسافر بقى هأروح درجة أولى بقى وعلى حسابهم، ويمكن آخد مصاريف انتقال، لقيت الحكاية بيقول لي: لأ، الدعوة بقى إحنا بنصرف على روحنا، والدعوة زي القضية الخاصة، وكل واحد بيصرف عليها، قلت له: لأ دا أنا ماعنديش مانع.
أحمد منصور: يعني إداك ثمن تذكرته هو لوحده؟
فريد عبد الخالق: آه، وأنا..
أحمد منصور: وقال لك أقطع تذكرتك من جيبك؟
فريد عبد الخالق: أيوه، بيعلمني إني أنا أتحمل مسؤولية عملي، ما أنتظرش من الدعوة، أعطي ولا آخذ، ولا أنتظر، ونهايته أنا الدرجة، اللي كان مش كده يا أستاذنا، اللي ركبنا الدرجة الثالثة، أنا عمري ما ركبت درجة ثالثة، بصراحة، أنا كنت بأركب درجة ثانية فما فوق رايح إسكندرية، والدرجة الثالثة أنا كنت اتطلع عليها كده كان ناس يعني يُرثى لهم، واللي هيخش هنا من المنكوبين، فأنا إذا كان الراجل هو المرشد وهو اللي ليه مكانة يعني في الدعوة، والناس كلها بتتحدث عنه، ويركب درجة ثالثة، وأنا أستعلي قبلت مذعناً، وأول ما دخلت لقيت المقاطف والقفف، ولقيت مافيش مكان أعرف أنا أحط، أقعد فيه، نهايته هو شاف في.. في عيني الحيرة والارتباك يعني، فقال لي: اقعد هنا، جاب لي مكان وقعد قصادي قعدت وأمري إلى الله، وبعدين.. بعد شوية القطر قام، فلقاني أنا متوتر وقلق يعني، لأن الخشب بيضايقني، الخشب صعب.
أحمد منصور: الدرجة الثالثة يعني.
(11/462)
فريد عبد الخالق: درجة ثالثة صلبة، وما اتعودتهاش، وهو قاعد مستقر، فهو فطن، وكان الفطنة من..، وثاقب النظر، قال لي تحب يعني.. يعني يعمل نوع من التخفيف، قلت له كيف؟ قال لي تحب تغير، أهو التغيير.. أهو التغيير فيه راحة، قلت له أيوه أغير، يعني هو هيبدل مكاني وأنا، قال لي: لا، الله لأ ليه خير، وقال لي يحيا الثبات على المبدأ، قلت له: إيش دخل الثبات على المبدأ في تغيير الكرسي؟ دخلني.. خلَّى الدعوة دخلت أقحمت وببساطة، وخلاني أنا ما آخذ نفسي على إني في وضع تاني، وإنسان مش.. مش منشغل بالخشب اللي هأقعد عليه، أنا منشغل بالقضية اللي تعمر رأسي، والهموم اللي بتشغل فكري، وأيه اللي أنا مرتبه علشان أبرأ ذمتي أمام الله، يعني غيَّرني، فأنا قبلت الدعوة ورضيت خلاص وقعدت، وبعدين أنا يعني كنت أياميها بأدخن بصراحة، فطلعت علبة السجاير ودخنت.
أحمد منصور: وهو قاعد.
فريد عبد الخالق: وهو قاعد.
أحمد منصور: يعني ما أنتش خايف دا المرشد بتاعك، والإمام بتاعك؟
فريد عبد الخالق: بدون تكليف ولا.. ولا تكليف ولا حاجة، طبعاً ولا تعاقبت، يعني تعمقت، كنت أستحي، إنما يمكن لسه يعني حديث عهد بالحرية الكاملة، وولعت السجاير وتركني حتى دخنت.
أحمد منصور: ما عزمتش عليه بسيجارة؟!
فريد عبد الخالق: لأ، ثم همس إلي همسة رقيقة، دخل بي في الموضوع اللي أنا ذكرته إنه الموضوع ما انتهينا على كده، أنا شربت وخلصت، فقال لي هامساً، أحب أقول لك حاجة، بمودة: أنت في طريق دخلت فيه، الطريق دا بقى هيؤدي بيك راضياً أو كارهاً إلى أن تخش السجن، أول مرة.
أحمد منصور: في أولها كده.
(11/463)
فريد عبد الخالق: هو قال كده، أول مرة، أو الاعتقال، قلت له أول أنت أيه اللي بتفكر فيه، أنا فكرة الاعتقال والسجن كانت لسه جديدة، بالنسبة للإخوان ما كناش لسه يعني تمرَّسنا بالسجون، وبعدين أنا يعني لما.. قال لي: لما هتكون دي عادة، وأصبحت أنت لا تستغنى عنها، هتتحكم فيك، وهتضطر إنه أنت في الزنزانة تشحت أو تستجدي من العسكري اللي واقف عليك يديك السيجارة شوف المذلة والهوان، اللي أنت هتبقى فيه، شوف الموقف السيء، اللي أنت هتتعرض ليه.
أحمد منصور: ما دخلش معاك لا في حرام ولا حلال، ولا أي حاجة؟
فريد عبد الخالق: لا قال لي حرام ولا حلال، ما دخلنيش في الحكاية دي، ولا ناقشت الموضوع من أصل الشرعية، أي، ولا دخل في.. في.. في متاهات، هو حطها في القضية الواقعية اللي بتنتظرني، صحاني لما ينتظرني، ونبهني إلى ما كنت غافلاً عنه، وإزاي دي عملية فعلاً أساسية، حطيت نفسي في الموضع دا، وجدت نفسي مش هأقدر.. لأن عندي كرامة، كوني أشحت من عسكري بمذلة، فأنا رحت على طول ماسك علبة السجاير اللي في جيبي وهي من أرفع أنواع السجاير آنذاك.
أحمد منصور: كان نوعها أيه؟
فريد عبد الخالق: كانت بتاع دا اسمها (ستريك) دي نوع أميركاني عالي، ورحت راميها من الشباك خلصت العملية.
أحمد منصور: كيف كان معك في السفر حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: السفر للصعيد طويل، كيف رأيته في السفر؟
(11/464)
فريد عبد الخالق: آه، ما أنا بأقول لك أنا.. أنا فعلاً.. حضرتك.. هو كل شوية يفاجئني بشيء جديد، لقيته طلع من الشنطة بتاعتة كتاب في الفقه الدستوري، أنا كنت أنا دارس قانون، لأن أنا غيرت حياتي من التعليم والرياضة والمدارس لأسباب، خلَّتني أدور على حاجة ما يتحكمش فيها وزارة المعارف تنقلني، لأن هو نقلوني فجأة وأنا كنت في الخديوية، راجل محترم وبأدرس في أحسن مدرسة، وبأدرس حاجات عالية، لقيت جه أمر من وزير.. من وزير التعليم لناظر المدرسة، قال له: فريد عبد الخالق ينقل فوراً في 24 ساعة، لأنه هو اللي بيحرك الطلبة في الجامعة، فلما قال لي، قلت له طب هأروح فين؟ قال لي: تروح فرشوط، قلت له: أنا فرشوط دي عمري ما سمعت عنها.
أحمد منصور: فرشوط دي في الصعيد؟
فريد عبد الخالق: أيه فرشوط دي فين دي؟ قال لي: في الصعيد في أعماق الصعيد، ورحت فرشوط، أمري إلى الله مذعناً، ومن يوميها بقى، وطبعاً لما رحت فرشوط، يعني حصل ما ليس سهلاً عليَّ فيكفي إن أنا في فرشوط راجع لأن أنا متهم من الوزارة بالشغب وإن أنا بأثير الطلبة المظاهرات وإن أنا.. الطلبة بيقتلوا الإنجليز في أعياد الميلاد، وإن هم بيطالبوا بالتحرير ومزعجين للاستعمار، وفيه.. في يعني ورايا اتهامات قائمة طويلة، قام لقيت وأنا واقف مع المدرسين كانوا يستقبلوني يعني يطيبوا خاطري باعتباري جاي من القاهرة إلى فرشوط دا يرثى له يعني، ويعزى، إلا والولد اللي في الفصل اللي أنا قصادي، كنت أنا بأدرس فيه لقيت الولد خارج وجاي لي بشكل مثير، قلت له: أيه مالك أيه يا ولد، فيه أيه، قال لي: الولد أحمد قتل محمد؟ قلت له: قتل طب دا أنا، دا أنا جاي لكم علشان أضع حد للتهم دي، أنا أول درس أحضره ألاقي ولد قتل الثاني وقعتك سودة، فدخلت جري سيبت المدرسين ورحت جري، فين الولد القتيل دا يا ولد؟ قال لي أهو، قلت له: دا دا حي، يا وولد، قال لي: ما هو قتله.
أحمد منصور: ضربه يعني..
(11/465)
فريد عبد الخالق: الطلبة في الفصل قالوا لي يعني ضربه، أتاري لغة الصعيد قتله يعني ضربه، وأنا داخل باللغة يعني بعد كده أنا غيرت ودخلت فأنا معه..
أحمد منصور: أنا هنا فيه نقطة مهمة طالما ذكرت إنك أنت اتنقلت إلى الصعيد، لأن أنا في.. فوجئت أيضاً إن حسن البنا ظل يعمل في التدريس لفترة متأخرة، كمدرس ابتدائي، وأنه نقل في عهد حكومة حسين.. محمد حسين هيكل باشا، لأن كان محمد حسين هيكل لم يكن يحب الإخوان أو كان بينه وبين الإخوان حاجة، فنقل حسين البنا إلى الصعيد سنة 44، هل.. كيف كان حسن البنا بيقوم بواجباته الوظيفية وبيتقاضى عدة جنيهات كمدرس ابتدائي، ويقود جماعة بتلتقي مع رئيس الوزراء ويقوم بهذا؟
فريد عبد الخالق: آه،.. السؤال الذي يسأل دا أو يطرح بيقاس بمقياس الحاضر ويغلب عليه المادية، الرجل كان بيكفيه لقمة العيش السهلة في بيته، وأنا دعاني مرة كنت عنده في البيت قال لي تعال كل معايه، أنا هاكل، فأنا لقيت صحن.. صحن واحد وفاكره، صحن واحد فيه بامية بالدمعة وصحن فيه رز وبيأكل إحنا الاثنين وكل واحد معاه رغيف، أكل بسيط، يعني لا تقدمه أنت..
أحمد منصور: غير الأكل البسيط..
فريد عبد الخالق: واللبس بتاعه لبس بسيط
أحمد منصور: الوقتي الآن قيادة.. قيادة جماعة زي دي تنظيمها والسفر والمرواح والمجي وكان يجوب القطر كله، إمتى كان بيحضر دروسه وإمتى كان بيروح يدرس للطلبة؟
فريد عبد الخالق: كان.. أولاً: هو كان عنده قدرة إن هو يعني ينام فترة قليلة فتكفيه عن الكثيرة.
أحمد منصور: كم ساعة كان بينام في اليوم؟
فريد عبد الخالق: كان يقول لي أنا.. أنا لما بأنام ساعات معدودة كأن واحد نام يعني ليل.. ليل بطوله.
أحمد منصور: أنت سافرت معاه كثير.
فريد عبد الخالق: أنا سافرت معاه.
أحمد منصور: كان.. كان بينام كم ساعة؟
فريد عبد الخالق: ما أنا سافرت معاه في الصعيد ما كملتلكش أنا، يعني هو في الصعيد لما مر معاي..
(11/466)
أحمد منصور: أنا هأرجع للصعيد، بس قل لي الأول: إزاي كان بيقدر يقوم بواجباته الوظيفية وبيقود جماعة ضخمة زي دي؟
فريد عبد الخالق: هو زي ما.. هو أولاً: قيادته للجماعة قيادة زي ما تقول قدرة وملكة عقلية وتنظيمية وهو صغير، طالب كان بيشكل جمعيات..
أحمد منصور: لم يكن حسن البنا..
فريد عبد الخالق: هو صغير طالب.
أحمد منصور: لم يكن..
فريد عبد الخالق: هو طبيعته عنده نزعة.
أحمد منصور: الوضع اختلف الآن، لم يكن لحسن البنا مورد رزق حتى هذه الفترة إلا الراتب بتاعه بتاع المدرس الابتدائي؟
فريد عبد الخالق: لأ.. لأ فيه حاجة.. فيه حاجة، ربنا عوضه بإن زوجته أبوها يعني والدها عبد الله الصوري، من أعيان الإسماعيلية، فكان حقيقة إن ربنا فتح عليه رافد رزق بأن هو مصاهر أسرة مقتدرة، فكان لا شك ما يحصل ما بين الأسرة المتصاهرة من هذا النوع.
أحمد منصور: كان حسن البنا بيروح يدرس الصبح إزاي ويرجع بعد الظهر زيه زي الموظفين؟
فريد عبد الخالق: أيوه، كان أول الحضور إلى الفصل، وآخر المنصرفين، وكان يؤدي عمله على.. كأنه هو ليس صاحب دعوة ولا مشاكل لنظام طويل عريض، ولا عنده القضايا كلها، منفرد تماماً، كان يفرق بين الواجبات التي تؤدي ويحرص على إنه يكون كل واجب يأخذ حقه.
أحمد منصور: وأنتم رايحين الصعيد طلع كتاب في الفقه الدستوري.
(11/467)
فريد عبد الخالق: في.. في الصعيد مثلاً من العملية، طبعاً أنا بدأت أتبين إن أنا بأستفيد، وإنه هو قاصد عمداً بأنه يعمل العملية دي فيَّ، سواء في تغيير، المدركات أو الفكر، أو في تغيير السلوك أو في تغيير استقبالي للأحداث في الطريق، والتعامل معها، فمثلاً طلع الكتاب وقرأه فأنا.. فأنا استغربت، قلت له: الكتاب دا.. دا كتاب علمي قانوني عايز واحد يقعد في بيته يعني ويرتاح، إنما في وسط الغلق والمقاطف والحالة اللي إحنا فيها دي وتقرأ الكلام دا؟ إزاي دا وفي رحلة؟ فقال لي شيء جديد، قال لي: أنا حرصاً مني على إني أنا أحسن استخدام وقتي، لأن الأوقات قليلة والأعمال كثيرة دربت نفسي بعد اكتشفت من نفسي كيف إن الكلام أنا أديره، وجدت إن فيه حسب تكوين الله لينا، إن وأنا بأمضي بعيني على ما أقرأ يتحرك عضلة لساني دون أن أشعر، فأنا تريحت في إسكات ما عدا عيني، فبقيت أمر بعيني فالذي أقرأه في دقيقتين تقراه أنت في ربع ساعة، والحاجة الثانية ربنا أداني بعد الكتاب أديه لك أهو، اسألني عن أي حاجة فيها مش بس هأقول لك: أقول لك هي في الصفحة اليمين أو الشمال، وأقول لك فين.
أحمد منصور: إلى هذا الحد؟
فريد عبد الخالق: دا ربنا أعطانيه، قال لي: دا ربنا أعانني.
أحمد منصور: فقط يمر حسن البنا بعينه على الكلام.
فريد عبد الخالق: أيوه والله.
أحمد منصور: فينطبع.
فريد عبد الخالق: تكفي آه.
أحمد منصور: كأنه Scan يعني؟
(11/468)
فريد عبد الخالق: أي والله هذا منه، ويشهد الله إنه لو درجه لو سألتني عن أي قضية أو حقيقة أثارها الرجل القانوني الفحل السنهوري أقول لك هي فين، فكان عنده قدرة ذاكرة خارقة وشوفناها إحنا كثير، يعني إحنا شوفناها فعلاً في واقع حياته، كان اللي يروح معاه في نجوع القاهرة ومختلف المحافظات، كان يسأل الأخ الفلاح ويسلم على كل واحد، ولادك عاملين أيه، أنت البقرة بتاعتك اللي كانت معاك بتشتكي شفيت أو لسه؟ ويسأله عن خاصة.. إزاي.. إزاي يعني ذاكرة تستوعب تفاصيل ومع كل الناس، لدرجة أنا مرة جاء لي واحد كنت أعرفه دخل الدعوة ثم غاب لسبب، وقال لي بعد سنة أو أكثر قال لي: أنا أود لو سلمت على حسن البنا، قلت له: تعالَ الباب مفتوح، فأخذته بعد درس الثلاثاء، وانتقلنا إلى المركز العام القديم حيث مكتب متواضع لحسن البنا، وأنا لسه وهو على الباب، لا أنسى هذا الموقف والله يا أستاذ أحمد شيء غريب، ابتدرني بشيء حكى لي الأخ بعد كده إن ارتعدت له ركبتاه، قال له: تعال يا محمد باسمه قال لي: مش يعني حط رأسه كده يهرش يعني يحاول يسترجع اسم بقى له سنة لم يعرف شخصه إلا في يوم سلم عليه عقب درس الثلاثاء، حيث سلم الناس وذكر اسمه، الذاكرة دي..
أحمد منصور: مجرد ذكر اسمه مرة واحد في درس الثلاثاء فيه مئات من الناس اللي بتسلم عليه..
فريد عبد الخالق: قاعد سلموا عليه، ما هو عنده قدرة واعية ربنا أعطاه إياها فعلاً يا أستاذ أحمد، دي ميزة، وأنا بأعتبر إن ربنا بيهيئ الإنسان (فَخَلَقَ فَسَوَّى) لما بيخلي واحد مكلف بشيء بييسر له الأسباب.
أحمد منصور: هذه.. هذا الشيء ما كانش بيخليكوا أنتم تنزلوه منزلة يعني فيها نوع من..
فريد عبد الخالق: (...) يعني.
أحمد منصور: مثل منزلة الصوفية للمريدين.
فريد عبد الخالق: آه، هو.. هو بقى، يعني هو يعني مثلاً وأنا معاه في الرحلة أطلعت على شيء لم أكن مطلع عليه من قبل.
أحمد منصور: ما هو؟
(11/469)
فريد عبد الخالق: ما هو؟ كنا في أبو تيج، واختلف أخوان كريمان لكل منهما شأن في بلده، إن حسن البنا لشرفٍ يحصل عليه أن يكون مبيت ليلته في بيته، فقال لهما يعني اتفقا على أحدكما، فأصر كل منهما على مطلبه ولم يعطِ الآخر يعني يزعل، فلما اختلفا، ساءه أن يختلف الأخوان ولا يستطيعان للتفاهم، فمن عجز عن التفاهم في شيء زي كده، لا يستطيع في غيره، هو عايز أمة تستطيع أن يفهم بعضها بعضاً، وينزل بعضهم للآخر، ويبقى فيه إيثار بدل الأثرة، عايز يربي على المعاني دي حتى في يدعى أن ينام، يعني لا يفارقه التربية والتدريس والتلقين الأصول اللي عايش فيها منهج الدعوة، شيء غريب قوي، فلما اختلفنا وأنا قاعد معاهم علشان أشوف نصيبي، أنا في انتظار نصيبي أنا راخر، أنا أود طبعاً أروح البيت ألاقي سرير كويس ويمكن..
أحمد منصور: مش درجة ثالثة..
فريد عبد الخالق: ولقمة كويسة بدل المقاطف أغير شوية، لقيته.. لقيته فاجأني بحاجة ثانية، فقال لهم: لقد قررت أنا أقضي ليلتي في المكتب الإداري بتاع أبو تيج، فزعا، وفزعت.
أحمد منصور: أنت اللي فزعت أكثر.
فريد عبد الحق: وفزعت أنا الآن بدون أن يشعروا، وبعدين قال لهم ليه؟ لأنهم لم ينجحا في أن يؤثر أحدهم الآخر، ودا درس مهم، فأنا لما قال لي كده.. حاولوا قال: لأ، خلاص أنا نزلت علشان يبقى الدرس يؤتي ثمرته أصر، واضطرا كما أمرهما أن يبرحا وخلا المكان المكتب الإداري دا عبارة عن أوضة واسعة، وفيها دكك خشبية وعليها بتاع غطا صوف أحمر كده فاكره..
أحمد منصور: دا أنت ما نسيتش..
فريد عبد الخالق: هه؟
أحمد منصور: بعد ستين سنة ما نسيتش..
(11/470)
فريد عبد الخالق: لا مش ناسي لأ ما باعتبار اللي جاي ها أقول لك ليه ما نسيتهوش قال لي: نام يا فريد على الكنبة دي، وأنا هأنام على الكنبة المقابلة، ونام.. ونمنا وخلاص..خلاص بعد قليل يمكن لا يزيد عن دقائق عشر دقائق، نادى علي بصوت عال قال: يا فريد، أنمت؟، قلت له: لا، قال لي: ولا أنا، أنا عرفت وهو عرف، ليه؟ سرح علينا البق، الذي كان راقداً في الكنب الخشبي والبتاع.. البتاع الأحمر..
أحمد منصور: الغلالة الحمراء..
فريد عبد الخالق: الغلالة الحمراء زي.. زي صوف هي، البتاع افترسنا، وبدل ما أنا قلت هأروح أنام على السرير وآكل أكلة، خلصت أنا من المقاطف والخشب دخلت في البق، فجت ثالثة الأثافي، فقلت له: قال لي: اسمع هو كان لما يجي مشكلة سريع البحث عن الحل، عملي أنا مش عارف أعمل أيه قدري كده بقى، لكن هو ما سلمش، قال لي لِمَّ لي الكراسي الخزران، قلت له: طب دي عملية بسيطة، قال لي: لمها، لميت الكراسي الخرزان، قال لي حطها خلف خلاف، حطيتها خلف خلاف..
أحمد منصور: أستاذ فريد، اسمح لي هأوقف المشاهدين عند المشهد دا.
فريد عبد الخالق: طيب.
أحمد منصور: وأكمل معاهم الحلقة الجاية، أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (مرافق حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد السابق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/471)
الحلقة3(11/472)
الأربعاء 1/11/1424هـ الموافق 24/12/2003م(آخر تحديث) الساعة 10:21(مكة المكرمة), 7:21(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
21/12/2003
- خشوع حسن البنا وأوراده اليومية
- أسباب محاباة حسن البنا لفريد عبد الخالق
- مدى تساهل أو تشدد حسن البنا في الأحكام الفقهية
- دور طلبة الإخوان في مظاهرات فبراير 1946
- حقيقة علاقة حسن البنا والمحتل البريطاني
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (مرافق حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، عضو الهيئة التأسيسية، وعضو مكتب الإرشاد الأسبق)، أستاذ فريد، مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً.
أحمد منصور: وقفنا في الحلقة الماضية عند زيارتكم لأبو تيج، وقرار الإمام البنا أن تناموا في المكتب الإداري، وبدأ البق يهاجمكم.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: بعد خلاف اثنين من الإخوان.
(11/473)
فريد عبد الخالق: آه، هو حصل إن أنا بصرف النظر عن الحدث يعني مش هو المهم، المهم هو الدرس اللي.. الخلاف اللي بين الإخوان دا يعني عايز يستغله كدرس يعني، وإن عاقبة الخلاف إن إحنا حصل اللي حصل، (...)، نهايته فلما حصل وجبت الكراسي، طلب مني إن أنا أضع الكراسي خلف خلاف كما يقولون، وطلب مني الشنطة بتاعته، فأنا أتيته بالحقيبة، ولا أعلم ماذا في ترتيبه، وماذا في تصوره، فوضع الحقيبة عند أول الكراسي، وأصبح المكان بتاع الكراسي المتقابلة فاضي، واتخذ جانباً ونام، وحط رأسه على..، وطلب إليَّ، قال لي: نام بقى.. نام ورايا بقى، فأنا طبعاً أذعنت، أصل ما فيش بديل فنمت وراه، وحريص على إن أنا لا أتمس معاه حتى لا أزعجه لأنه تعبان، وإجهاد ملاقاة الناس والخطب فيهم وبتاع، فقال لي نام ونمت، فهو بعد شوية نادى عليَّ، فأنا أجبته، قلت له: نعم، قال أنت يعني ارتحت كده، قلت له: الحمد لله، إنما أنا حسيت يعني إن السؤال يعني مش مقنع، ولا الإجابة عليه ذات قيمة يعني، نمت فاستأنف النوم، واستأنفت أنا كذلك النوم، وبعدين بعد قليل ناداني مرة أخرى، في الحقيقة أنا بقى بأعتبر دا يعني زي.. سوء أدب إذا حبيت يعني.. أوهمته إن أنا نمت، ما رديتش عليه.
أحمد منصور: تناومت.
فريد عبد الخالق: أنا قلت سيبه شوف الراجل ده هيعمل أيه، أنا كفاية كده، وأنا هأنام وخلاص، وجدته تسلل بلباقة وبهدوء تام من الكراسي دي، ولاحظت أنا كده، وأنا مدَّعي النوم يعني، وعرفت إنه هو راح جدَّد وضوءه، وإلى جانبي أغرق في صلاة القيام، لقيته بيؤدي صلاة القيام، قلت: سبحان الله فيه متاعب الناس يعني آذت أجسادنا وآذت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي في أول ليلة سفر؟
خشوع حسن البنا وأوراده اليومية
فريد عبد الخالق: في أول ليلة، فلقيته مستغرق في صلاة القيام يؤديِّها مؤدياً القرآن والصلاة.
أحمد منصور: بدون صوت طبعاً لأنك نائم.
(11/474)
فريد عبد الخالق: لأ، والله كان فيه.. كان له نشيج يبكي وهو يصلي، لم يستطع أن يحبسه، وأدركت أنا ما أدركت من صلاته للقيام بخشوع لم يسبق لي إن أنا وصلت ليه أو أعرفه، واستغراقه في البكاء والنشيج في الصلاة، ويعني عرفت كيف إن ربنا بيسترد في القليل الخير الكثير، ويخلي المتعب بيدي له راحة، بالعطاء (اللدني) الداخلي دا، بعطاء من الله.
أحمد منصور: إمتى نمت؟
فريد عبد الخالق: يعني نعم؟ بعد كده بقى أدَّى الصلاة وانتهينا، أنا.. أنا.. أنا استغرقت في النوم فعلاً بعد كده، هو نام برضو عاد إلى نومه، ونمنا، اللي.. اللي أنا يعني استوقفني منه ما أشرت إليه إن هو مربي في كل موقف، وباحث عن حل عملي لما يستجد من مشكلة..
أحمد منصور: يعني هو كان عايز يقوم يصلي بعد نومك.
فريد عبد الخالق: لأ، هو كان عايز..
أحمد منصور: بحيث يتأكد أنك نمت..
فريد عبد الخالق: هو عايز يؤدي صلاة.. صلاة القيام عبادة.. عبادة، هو كان يعني..
أحمد منصور: حتى لا تتحرج، وتصلي وأنت متثاقل معه؟
فريد عبد الخالق: يعني هو كان يقول لي.. قال لي: أنت لا تحاكيني في قلة النوم، لأن دا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هو كان له مقدرة خاصة، كان له قدرات خاصة؟
فريد عبد الخالق: آه، قال لي.. حتى قال لي.. قال لي: يعني لا تحاكيني، خذ راحتك.. خذ راحتك، لأن هو فعلاً طلع عملياً بواقع الحياة إن هو عنده القليل بيبقى كثير، ما أعرفش ربنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل هذه من الأشياء التي أسرت من حوله، وجعلت الكبار والصغار يشعرون بشخصية حسن البنا بشكل أساسي؟
فريد عبد الخالق: هو الأشياء دي كان يعني يأتيها متستِّراً، لا يُطلع الناس على ما قد يفتنون به، ويصل بهم إلى نوع من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: باختصار أيه المواقف الثانية اللي شفتها منه باختصار؟
(11/475)
فريد بعد الخالق: في.. في نفس.. بالمرة أكمل لك الرحلة ديت، لأن هو لما استأنفنا السفر وصلنا من بلد إلى بلد قاربنا الأقصر، وقاربنا الصعيد في نهاية الطريق، طلع ناس كثير في الدرجة الثالثة.. اللي بيركبوا عامل زي القاطرة اللي كل شوية..
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: ناس كثير فيظهر عارفين ومنتظرين إنه جاي في البلد ديت، ورايحين يحضروا، فأقبلوا عليه يعني يقبِّلون يده، ويعانقونه، فلقيت إن هو ليس مشجعاً على تقبيل اليد.
أحمد منصور: أنا كنت هأقول لك أيه حكاية تقبيل اليد دي؟
فريد عبد الخالق: ما أنا هأقول لك أنا.. أنا لاحظت دي وخذت بالي منها، بدليل إن هو صرف انتباه المجموعة اللي تكاتفت حوله، وأعطته أكثر مما.. يحب أن يعطيه الناس، مما يشبه كأنه يعني التقديس أو كذا، إن كان يعني حريص لا يقبله لنفسه ولا يحبه لغيره، مش هيصلب إيده.. لأ، ودا كان بدليل إنه فجأة لقيته غيَّر الكلام واتكلم معايا، وأشار إلى.. إلى النافذة، قال لي: شوف يا فريد في النافذة ديت، وأدارنا كلنا وأنا بالذات اللي وجَّه لي الحديث إن أبص من النافذة، فأنا أدركت إن هو يريد أن يحول ويصرف الناس عن الالتفاف حوله، واندماج دا بطريقة، وساعة لما جه الوقت وهنخرج، لقيته عمد إلى حقيبته، وناداني جنبه، وقفت وطلع من.. إلى جانب كتبه وجانب متعلقاته لقيت فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان بيقرأ في أيه غير الفقه الدستوري؟
فريد عبد الخالق: القرآن، كان..كان يعني هيحافظ على أوتار.. على القرآن وأوراده يومياً، وكان يطَّلع على كل الكتب المعرفية المختلفة، ما يتعلق منها بالسياسة بالذات –فاهمني- والاجتماع.
أحمد منصور: يعني The scan الراجل يعني.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: بيمر بعينه ويحفظ الصفحة، ويحفظ رقمها ومحتوياتها.
(11/476)
فريد عبد الخالق: آه.. آه، شيء غريب.. شيء غريب، وكان يستطيع يقول لي يعني الكتاب اللي أنا أقرأه في.. اللي أنت تقرأه في.. في.. في يومين، أنا أقرأه في.. في الرحلة..، وأعي ما فيه وأذكره، قلت له: خلاص لله في خلقه شؤون.
أحمد منصور: بعد هذه الرحلة مع حسن البنا.
فريد عبد الخالق: لأ، المهم أنا بعد ما فتح الشنطة طلع الفرشة، وقال لي: أقف، وقفت، بنعدل هدومنا، وفرَّش لي الجاكتة، قلت له: طب وأنا.. وقال لي. وقال لي: وفرشت له الهدوم، قال لي: عشان نخرج بهيئة من النظافة تليق بينا مع الناس، القصد لقيته شوف.. شوف البعد، عايز يظهر دعوته، يظهر الإسلام كنظافة وكان يقول لي: الإسلام دا لو حد قال لي: لخص الإسلام هأقول له: نظافة، نظافة عقل من الشرك، نظافة قلب من الأمراض والحسد، نظافة بدن من..، هو نظافة، الدين أيه؟ هو نظافة فقط إن حبيت ألخص..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كونه يعني لم يكن شيخ تقليدي أو داعية تقليدي أو كذا..
فريد عبد الخالق: لا.. لا لم يكن.. لم..
أحمد منصور: هذا الذي جعل الكل يلتف حوله ابتداءً من طبقة السياسيين إلى طبقة البسطاء والفلاحين من الناس.
فريد عبد الخالق: آه، ولذلك كان أصدقاؤه وأعداؤه الكل يحترمه، وهذا معروف، كتب عنه (جون كينش) وكتب عنه (..)، وكتب عنه (ريتشارد نيتشي)، اللي خد رسالة الدكتوراة بتاعته في الإخوان المسلمين.
أحمد منصور: عن الإخوان المسلمين.
فريد عبد الخالق: وكتب عنه ناس كثير ليسوا. وكانوا كلهم، والراجل اللي كتب عن مائة من العلماء اللي يستحقوا الذكر في العصر، قال محمد، قال.. قال حسن البنا ذكر فيه.
أحمد منصور: يعني أنا لم أجد حد بيناله بشكل شخصي يعني، قضية الاحترام دي موجودة عند الكل، ولكن قضية السلوكيات، وقضية تفخيم وتضخيم الإخوان، وقضية تقبيل اليد، وقضية التعامل الصوفي، ويعني النظرة للقائد نظرة كده فيها نوع من التقديس
(11/477)
فريد عبد الخالق: بأقول.. هأقول لحضرتك ليه..
أحمد منصور: هذه الأشياء بتؤخذ على الإخوان في سلوكياتهم تجاه الرجل.
فريد عبد الخالق: لأ، هأقول لحضرتك ليه، يؤخذ الإخوان لازم يمارس سلوك البعض، لإن سلوك البعض كل واحد سلوكه حجَّة عليه، إنما ما هواش حجة على الفكر..
أحمد منصور: أو كونه يسمح بهذا أيضاً أو يقبله هو نوع من.. من المأخذ عليه..
فريد عبد الخالق: لا.. لا.. لا، هو.. هو.
أحمد منصور: كان لازم ينهى الإخوان عنه..
فريد عبد الخالق: لأ، ما أنا قلت لحضرتك كان يعني ينهي عن هذا، وكان يقول كثيرا ما يفهمنا إن الإسلام لا يقوم على السيطرة حتى من الرسول مع الصحابة، وكان يقوم على العقل، هي كان حاجتين دايماً يؤكد عليهم يقول.. يقول أدعو إلى الله على بصيرة، إذن الدعوة تكون لازم بعقل، ويكون كمان قائمة على أساس (لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ)
أحمد منصور [مقاطعاً]: مسؤولية..
فريد عبد الخالق: ولا إكراه، وكان دايماً يقول: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، فمن باب أولى بالدنيا، فالحرية أصل، الإكراه والقهر خطأ، التقديس غير.. غير وارد، الكل على قدم المساواة، وإن ما كانش كده يبقى دا خروج عن الإسلام، فكان.. إنما الناس.. الناس نفسها في المجتمع أحياناً لما بيكون فيه تخلف بيعكسه على تصرفاته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو جاء ليزيل هذا التخلُّف عند المجتمع.
فريد عبد الخالق: آه، بيزيله، وزاله فعلاً، ولذلك السِّمة الغالبة النهارده للإخوان ليست هذا، الحقيقة يعني، والذي أنا شاهدته بعيني..
أحمد منصور: ليست هذا إزاي؟
فريد عبد الخالق: شاهدته بعيني ومارسته معاه..
أحمد منصور: بيؤاخذ على الإخوان الآن كثير منهم إن همَّ..
فريد عبد الخالق: ما أنا هأقول..
أحمد منصور: بيرسخوا قضية الاستبداد، وقضية السمع والطاعة.
فريد عبد الخالق: شوف هناك..
(11/478)
أحمد منصور: وقضية سلب الناس، وعدم إعطاء الناس الفرصة، إن الناس تقول رأيها، وإن الناس تخالفها، ونقرأ كل يوم أشياء من هذا..
فريد عبد الخالق: أنا.. أنا هأقول حضرتك: يعني مما يقال الرد عليه قائم فعلاً لو كان فيه نزاهة، إنما فيه ناس من هذا ومن ذاك، فيه معارض يبحث عن الحقيقة ويجهلها، فإذا علمها آمن بها، وفيه واحد فيه دوافع أخرى.. في الناس موجودة.
أحمد منصور: هل كان يبني فيكم قضية الاعتراض والنقاش وإبداء الرأي، وهذا..
فريد عبد الخالق: أيوه، أنا هأقول لحضرتك ليه.. أنا أقول لحضرتك ليه؟ يعني مثلاً الذي يعني أنسناه في أنفسنا وتعاوننا معاه كان قائم على النصيحة، وقائم على الاعتراض، وكان هو يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت بتعترض عليه دائماً؟
فريد عبد الخالق: كنا وغيري، يعني فكرة الاعتراض أنا شفت بأقول لحضرتك أنا الفلاح البسيط اللي جاي يقول له: أنتم ليه عملتوا كده مع.. في كذا، في قضية أنا ناسيها، إنما يسأله: ليه عملتوا كده؟ فهنا أستغرب الفلاح الريفي البسيط الساذج، اللي معلوماته بسيطة يسأله عن موقف وعن تصرُّف، وليه، وهو يتسع.. يتسع ما يقولش دا جاهل ولا أمي، ووجدت إن هو نجح في إن هو الفوارق اللي بتفرق بين الناس استطاع إن هو يجد جسور، بقى كمال خليفة أستاذ الخرسانة في جامعة كذا تجد معاه في الأسرة واحد بسيط عامل أو فلاح، يعني يخلي الناس تحس إن كلنا سواء، ما فيش تفاخر بالمنصب الاجتماعي، ولا منزلة كذا، فهو نجح نجاح عملي نفس الأسرة وتشكيلها تشهد له بذلك.
أحمد منصور: حكومة 4 فبراير اللي هي حكومة النحاس انتهت في سنة 44.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: وجاءت حكومة أحمد ماهر التي لم تكن علاقتها حسنة بالإخوان، وبعد ذلك جاءت حكومة النقراشي الثانية من ديسمبر 46 إلى أن اغتيل في 28 ديسمبر 48، الفترة.. لأ أنا.. أنا جيت الفترة من 45 لـ48 كان فيه 3 وزارات 3 حكومات.
(11/479)
فريد عبد الخالق: أيوه صدقي..
أحمد منصور: وزارة النقراشي الأولى من مارس 45 لفبراير 46 بعد ها وزارة إسماعيل صدقي من فبراير لديسمبر 46..
فريد عبد الخالق: أيوه.. وبعدين.. ثم النقراشي..
أحمد منصور: وبعدين النقراشي الثانية إلى أن تم اغتياله، هذه الفترة من 46 لـ48 تحديداً، هذه الفترة كانت فترة صراعات وفترة سخونة شديدة جداً..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أسباب محاباة حسن البنا لفريد عبد الخالق
أحمد منصور: وقتها كانوا الإخوان يصدروا مجلة "الإخوان المسلمين"، حوَّلوها إلى جريدة يومية في سنة 46، وأضيف إلى مسؤولياتك مسؤوليات الجريدة اليومية..
فريد عبد الخالق: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وأصبح فريد عبد الخالق عضو مكتب إرشاد، عضو هيئة تأسيسية، مسؤول الطلبة، مسؤول جريدة.. وكل يوم والثاني يضيف لك حسن البنا مسؤولية جريدة، إشمعنى فريد عبد الخالق؟
فريد عبد الخالق: ما هو السؤال اللي حضرتك اللي بتقوله دا، اللي هو يعني سبب لي يعني نوع من.. مش.. مش الاستقبال، الإزعاج لأنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني الإخوان كانوا بينتقدوا هذا أيضاً؟
(11/480)
فريد عبد الخالق: خاصة اللي حضرتك قلته قاله أحد الإخوان وأذكر اسمه، اللي هو الدكتور الصيدلي.. اللي هو الدكتور جمال عامر.. استنى هأجيب.. المهم إن هو صاحب صيدلية قريبة من مركز الشبان المسلمين الجمعيات، وكان هو يعني سليط اللسان شوية يتكلم بحرية، وكان هو أحد أعضاء الهيئة التأسيسية في القاهرة، ومرة دعا حسن البنا –رحمة الله عليه- الإخوان بتوع أعضاء الهيئة في القاهرة للتشاور في الأمور، فطلع الأخ جمال عامر دا طلب من المرشد الإجابة عن سؤال، قال له المرشد اتفضل، فلقيته السؤال ما كانش مُتوقع، قال له: لماذا أكثر الأمور تعهد بها إلى فريد عبد الخالق؟ فكأنه هو بيؤثرني أو يخصِّني، فأنا شخصياً يعني لم أرتح للسؤال، وبعدين الكل سكت ليسمع الإجابة، فقرر ألا يجيب على السؤال وقال له اتفضل يا دكتور جمال وامتنع وأجاب على سؤال آخر لواحد آخر، وسكت عن القضية المثارة، ولم أتصور إنه سيأتي يوم يجيب عن السؤال بعد مرور أكثر من سنة، فكان المدة عن السؤال والجواب أكثر من سنة.
أحمد منصور: كيف كانت الإجابة؟
فريد عبد الخالق: كيف هذا؟ لما كنا مجتمعين في مكتب الإرشاد وجلسة من جلساته وأنا اعترضت فيه كما قلت على حكاية الاندماج وإن هو عرض الموضوع قبل إزاي، فأنا زي ما تقول صادرت رأيه وصدمت يعني.. لدرجة إلغاء.. لدرجة إنه أمر بإلغاء الموضوع كله، باعتباره إنه هو تجاوز فيه وكان يجب إنه يراعي الشورى من البداية، فهو اعتبر دا يعني، ومن أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه، فالخط اللي هو عند الأخ أجاب عليه، لدرجة إنه هو لما قال لي اشطب.. اشطب القضية دي وحط إيده على كتفي وقال: آدي اللي بيقولوا عليه صاحبي، يعني الدعوة ما فيهاش صحوبيات شخصية ولا شللية، لأ دي صداقة عمل وود في الله، يعني جادة ما فيهاش ما قد يُعاب عليها، ما فيش لا شللية ولا الانتهازية ولا.. ولا منافع..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لا شللية، خليني أقول لك بقى، أنتم كنتم شلة..
(11/481)
فريد عبد الخالق: طبعاً فأنا عرفت.. أنا عرفت على طول إنه هو بيرد على السؤال بتاع أبو عامر..
أحمد منصور: أستاذ، أنتم كنتم شلة يعني اسمح لي في الكلمة يعني.. حوالين حسن البنا أنت، منير دله، صلاح شادي، عبد القادر حلمي، كنتم لكم علاقة خاصة بحسن البنا، وأنتم الذين جئتم بحسن الهضيبي بعد ذلك، كنتم تسموا مجموعة الحواريين، يركب العربية معاكم، ويروح معاكم، ويجي معاكم مش دي كانت شلة؟
فريد عبد الخالق: اللي أرجوك برضو يعني قراءة لكيف؟ كيف حصل؟ يعني سؤال قبل لماذا؟ كيف؟ كيف حصل؟ حصل إن المجموعة دي أصلها متقاربة، فلما يعني انجذب بعضهم، انجذب الكل، فهي ليست يعني مسألة مقصودة، هي مسألة طبيعية، يعني فيه هناك قرابة.. قرابة رحم بين منير دله، وعبد القادر حلمي وبين حسن العشماوي، واخد بالك؟ وكان فيه صداقة حميمة توَّلدت بيننا وبين حسن وبين.. عن طريق والده، لأني أنا كنت ووالده اللي هو رجل قانون مشهور وبتاع، كان ليَّ أنا صلة به..
أحمد منصور: كان باشا أظن..
فريد عبد الخالق: لأنه كان.. كان أياميها وزير معارف واستدعاني في مكتبه وحصل كلام لما صالحني..
أحمد منصور: .. حسن العشماوي..
فريد عبد الخالق: لما صالحني بعد فرشوط قال لي إحنا بنقدرك وبتاع، ووجدوا إنه ما فيش داعي للاستمرار في الإبعاد وممكن يعني يحصل، نهايته فهي يعني زي ما تقول ظروف معينة طبيعية أوجدت مثل هذه العلاقة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني لم يكن حسن البنا يؤثركم لأنكم ناس ميسورين وعندكم فلوس ومترفين ولكم وضع معين؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: لم يكن يؤثركم ويقربكم..
فريد عبد الخالق: لا هأقول لحضرتك.. هأقول لحضرتك..
أحمد منصور: لأنكم مجموعة من المترفين؟
(11/482)
فريد عبد الخالق: هو فيه.. هو فيه نوع من التقدير، ما أنكرش، نوع من التقدير أنا أديك أمثلة، مثلاً ليه.. يعني مثلاً في أثناء الجريدة وأنا كنت مسؤول عنها جت أزمة، الورق مع يهودي وما عندوش ثمن القديم وأصبحنا.. أي واحد يعرف يجيب.. مُنيت بالوقوف عن النشر، فحسن البنا وجد الموقف دا عايز إنقاذ سريع، منير دله يعني موسر أو من أكثرنا يساراً، وأكثرنا تعلُّقاً بالدعوة وحبَّاً، فاتصل بالبيت ردت عليه زوجته اللي هي بنت العشماوي باشا اللي هي الحاجة آمال رحمة الله عليهم جميعاً..
أحمد منصور: أخت حسن العشماوي..
فريد عبد الخالق: اللي هي أخت حسن العشماوي، شوف الرابطة؟ فدول كلهم يعني روابط شريفة وعائلية طبيعية، فقال لها: أنا عايز منير، قالت له: ليه؟ منير في مجلس الدولة حيث عمله. قال لها: أنا عايزه عشان خاطر فيه ظروف.. قال لها على الظروف.
أحمد منصور: عايز فلوس يعني؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، قال لها: دا الجريدة هتتوقف، وأنا عايزه عشان نقدر نشوف إزاي.. أيه اللي نعمله، فهمت طبعاً، هي خريجة حقوق ومثقفة مستنيرة، فعرفت الأزمة، حطت السماعة، خرجت للصاغة، وهي تحمل كل مصاغها وباعته على طول يعني، ما فيش كلام يا دوبك راحت الصاغة وباعت كل ما تملكه من مجوهرات وراحت لحسن البنا، وقالت له: دا باعته منير دله الفلوس دي، لإنقاذ الموقف خلاص، الراجل ما يعرفش أكتر من كده حاجة، هي لما يجي منير من الشغل رجع على البيت، قالت له بكل عفوية وبساطة وبإيمان: آخذني إني أنا اضطريت أتصرف من غير إذنك وعملت كذا وكذا، لأن فيه أزمة، قال لها: نعم الذي عملت وشكر لها، لأن عمل.. فالعلاقة دي خلت فيه تقدير ومحبة، لدرجة إنه كانت في دروس الثلاثاء ويقولوا له أنت يا فضيلة المرشد يعني –ما شاء الله- كل يوم تركب عربية شكل، قال: لأ دا أنا عندي عربيات، واللي بيسوقها كمان مسؤولين في مجلس الدولة..
أحمد منصور[مقاطعاً]: على منير دله و..
(11/483)
فريد عبد الخالق: بيرد على السائل اللي جاي يحرجه..
أحمد منصور: حسن العشماوي.
فريد عبد الخالق: بيرد بطريقة فكهة يعني فإحنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: حسن البنا كان بينكِّت؟ كان..
فريد عبد الخالق: كان مرن ويحب.. يعني.. ولطيف يعني، حلو العشرة، يعني ما كانش متشدد، بالعكس يعني كان حلو.. ويعني زي ما تقول يألف بسهولة، كان بهي الخولي كان أستاذ وداعية، فكان بيدِّي دروس للسيدات في بيت منير دله عند الحاجة آمال العشماوي، كان داعية بيعلم الإسلام، وأنا أيضاً كنت بأدي نفس الدروس باعتباري..
أحمد منصور: وأنت كنت لسه عازب..
فريد عبد الخالق: كنت بأدي آه.
أحمد منصور: كنت لسه عازب وتروح تدي دروس للسيدات؟
فريد عبد الخالق: بس لو سألتني عن وش واحدة منهم ما أعرفوش. دي حقيقة لدرجة إن بعد كده قريبت تزوجت أخت.. تزوجت شقيق زوجتي قالت لي: أنا كنت بأشوفك عند الحاجة آمال، قلت لها: أنا لا أذكرك، فنهايته أنا مش بأدافع عن نفسي.. بس هو كان جو.. عشنا جو ملائكي..
أحمد منصور[مقاطعاً]: خليني أسألك هنا نقطة مهمة عايز.. أنت عايز تكمل حاجة هنا؟.. عايز تكمل حاجة في قضية الدروس في بيت منير دله؟
فريد عبد الخالق: فهي يعني أنا عايز أقول إن هي كان بيتكلم عن التماثيل بهي الخولي ويقول إن التماثيل دي مكروهة، وإن الملائكة لا تدخل بيت فيه تماثيل، ولو أن التشدد دا أنا شخصياً مش موافق عليه، ويمكن حسن البنا ما يوافقش عليه، لأنه يقول لك التمثال زمان كان يعني في مظنة.. في مظنة..
مدى تساهل أو تشدد حسن البنا في الأحكام الفقهية
أحمد منصور[مقاطعاً]: بيقولوا حسن البنا كان.. كان متساهلاً في قضية الأحكام الفقهية..
فريد عبد الخالق: لأ، كان عنده أفق واسع، وكان يأخذ الأحكام المعللة.
أحمد منصور[مقاطعاً]: إزاي يعني؟
فريد عبد الخالق: يعني الحكمة إنه الحكم له علة، فحيث لا تتوفر علة يبقى الحكم يعني ما كانش..
(11/484)
أحمد منصور[مقاطعاً]: إزاي.. اضرب لي مثل كده كيف كان؟
فريد عبد الخالق: هأضرب مثل، يعني مثلاً عندنا في الإسلام فيه نص اللي فيه سهم توزيعها شرعاً وسهم المؤلفة قلوبهم، من ضمن المجتهدين لما جاء عمر بن الخطاب خليفة، لقى إن ما فيش حد يؤلف قلبه، النهارده خلاص الإسلام عز، ومش محتاجين واحد نؤلف قلبه، فأبطل سهم المؤلفة وهو منصوص عليه، إذن فيه اجتهاد حتى مع النص، لأن الأحكام معلَّلة وزي ما تقول..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ودي بتحتاج اجتهاد وأفق واسع.
فريد عبد الخالق: بتحتاج اجتهاد وأفق واسع، ولذلك ديت يعني بيملكها الندرة، أنا يعني.. بيقول لك أنا يعني من اجتهاده الذي يُذكر، أنا لما كنت معاه مرة، معلش أنا هأحود تحويدة، بس..
أحمد منصور[مقاطعاً]: صغيرة ما تحودش تحويدة كبيرة..
فريد عبد الخالق: صغيرة.. صغيرة، أنا كنت معه مع حسين عبد الرازق في بني مزار وفي دعوة مهمة.. دعا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: مين حسين عبد الرازق باختصار؟
فريد عبد الخالق: حسين عبد الرازق من يعني علية القوم بتاع آل عبد الرازق مشهورين في بني مزار، له مكانة.
أحمد منصور: اللي هو عيلة علي عبد الرازق وحسين.. والشيخ..
(11/485)
فريد عبد الخالق: وله أرض واسعة هناك، ولهم شأن، فجنبه ناس بعد ما هو شرب الدعوة، جنبه بيت له عراقة وله ابن برضو.. والده تُوفي، والولد أصبح يملك الأرض والناس معاه فلاحين كويسين، فحباً في الدعوة ونشرها حبَّب حسين عبد الرازق حسن البنا –رحمة الله عليه- في إنه يعني يلقي درس في العزبة ديت، وصاحب العزبة مش متوقع إنه هو، وراح ورحت.. رحت أنا معاه –باختصار بقى عشان ما نخشش في المواضيع- إنه هو الشخص اللي هو صاحب العزبة الشاب دا، قال له: بص أنا بأحب الصلاة فاستحسن، وقال له شيء طبيعي وأنت من بيت صالح، قال له: بس أنا مش عايز أتوضأ، قال له: خير، قال له: أصل أنا مترف وبأقعد ساعة في البانيو الصبح وساعة في البانيو بالليل قبل ما أنام، فأنا طاهر على طول، قال له: خلاص، مادام أنت طاهر على طول صلِّ من غير وضوء، أنا الحقيقة فزعت بصراحة، وقرأ في عيني يعني استنكار عجيب.. فالوضوء.. هنفتي في الوضوء ونقول نصلي من غير وضوء إزاي دي؟ الفتوى لقيتها تجاوزت الحد والشيء، هو لاحظ في دي لأنه كان ذكي وساكت، أول ما خرجنا من العزبة ومن البيت، قال لي: أظن مش عاجبك الكلام اللي قلته؟ قلت له: أيوه مش عاجبني لأن أنت حاربت في حتة فيها نص، يعني لأ حيث يوجد النص ما فيش اجتهاد، قال لي اسمع، خليك راجل عملي، إما أنه سيصدق مع الله، ويحسن الصلاة فسيحسن الوضوء، وإلا ما خسرنا شيئاً، ومرت على هذه الواقعة، وأنا بأندهش لها، لأن دي اعتبرتها شجاعة واجتهاد واسع، وانطلاق لمناط الحكم بشكل..
أحمد منصور: بس فيها شيء من الفراسة أيضاً أكثر منها..
(11/486)
فريد عبد الخالق: فراسة، فلما لقيته أنا قال خلاص أنا هأقفل، (..) فلما رجعنا فات شهر تقريباً أو نحوه، لقيت مصطفى عبد الرازق جاني، على ما جاني في المركز العام، حيث أنا أشتغل.. ومهللاً قال لي الراجل اللي كنا عنده -ما شاء الله- يعني يحسن الصلاة، ويسبغ الوضوء، وبقى فحصل، فأنا قلت فراسة زي ما كان قال لي لا تنزعج هو كذا، أنا عايز أقول كان هو أفقه واسع، ودي.. ودي الإسلام، يعني اللي جم.. اللي جُم لرسول الله يقولوا له: فلان يصلي معك ويسرق ويعمل.. ويعمل، قال لهم ما ثارش عليه وقال دا زنديق، ما عملش الكلام دا، الأفق الضيق دا، قال: ستنهاه صلاته، فهو شرف.. شرف.
دور طلبة الإخوان في مظاهرات فبراير 1946
أحمد منصور: في 9 فبراير 46، وقعت مظاهرة كوبري عباس الثاني، وقُتل بعض الطلبة، وفقد عشرات آخرين.
فريد عبد الخالق: وأصيب الكثيرون.
أحمد منصور: أنت كنت.. أنت كنت مسؤول الطلبة في الإخوان، أيه كان دور طلبة الإخوان في مثل هذه المظاهرة؟
فريد عبد الخالق: أيوه.. آه هأقول لحضرتك هو كان هناك مظاهرة احتجاج أو تفكير في مظاهرة احتجاج، يومها كان النقراشي، وعرض القضية وبتاع، والإنجليز كان رفضوا التفاوض، وبعدين جه النقراشي.. علي ماهر جاب فكرة طرح القضية على مجلس الأمن يعني، يعني تطورت القضية، لما رفض الإنجليز وحصل احتجاج، وجت حكومات زي حكومة النقراشي حصل.. قبلت المهانة دي، قالوا لأ دا ما يعبرش عن القضية، يعني عايز أقول: كان كلها اعتبارات وطنية، وبتخلي الناس تقبل زي الإخوان للتشجيع، فإذا خرج عن الخط اللي هو بيعبر عن إرادة الأمة، قالت له لأ، يعني كان الناس عندها وطنية وجراءة أكثر من كده، ما فيش نفاق، الناس النهاردة غير كده، بيبحثون عما يرضي الحاكم عما يرضي الحقيقة، نهايته فلما اتفقنا، وأنا كنت في المركز العام الرئيسي الخاص بالطلبة، ونبهت عليهم، وقلت الجامعة مهيأة للاحتجاج، وهتخرج معاكم كل الأحزاب محتجَّة.
(11/487)
أحمد منصور: مين اللي حرك المظاهرة دي؟
فريد عبد الخالق: ما أنا هأقول لحضرتك، كان منظور من دايماً من الحكم، كان ليه القدرة اللي هو مصطفى مؤمن، قدرة خطابية، تستطيع إنه هو بصيغته الخاصة يكون تحظى بقبول وتقبُّل من الآخرين، وانقياد به، بداية عمله عقد مؤتمر داخل الجامعة، ودا نبهنا اوعوا تخرجوا، إذا لزم الأمر اعقدوا مؤتمر، قولوا مطالب الشباب والوطن.
أحمد منصور: معنى كده إن دا اللي الإخوان عاملينه يعني؟ مصطفى مؤمن..
فريد عبد الخالق: أفندم؟
أحمد منصور: المؤتمر دا الإخوان همَّ اللي عملوه؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، وهو دا كان الحقيقة اللي كان ما أقدرش أنا أنفرد بالشرف دا،… كانت دعوة وطنية من..
أحمد منصور: كل القوى الوطنية
فريد عبد الخالق: الحقيقة، فدلوقتي هو وإحنا قاعدين دايماً بالمعنى دا، فلما اتفقنا في المركز العام فوق سطح الدار، وأنا كنت حتى يعني بأقول لهم نعمل أيه؟ وبتاع على الواقع، وتقفوا فين؟ وما تقفوش فين؟ كنت أفصل يعني معاهم إزاي التكتيك، واتفقنا معاهم إن لا خروج، لأن الخروج مع التربص بينا، والشرطة هيحصل فيه، إنه كان الأمن مُصِّر على وقف.. وقفنا..
أحمد منصور: منع المظاهرة.
فريد عبد الخالق: مما لا يحمد مغبته، بل يُنتظر منه عواقبه، مين اللي خرج على الحكاية ديت بقى عن الاتفاق، ووصلنا إلى.. إلى القرار، اللي كان محظور؟ مصطفى مؤمن، ليه؟
أحمد منصور: مصطفى مؤمن من الإخوان.
فريد عبد الخالق: أي نعم طلبه الإخوان ليعتلي المنصة، فقال: أنا أما كلامي، ولازلت أذكر، أما كلامي فخارج الجامعة، أذكر فتحوا الأبواب الأولاد وخرجوا ومشي بهم على كوبري عباس، وحصلت الواقعة، فالحقيقة إن هي سوء تقدير للأمور، إنما كان دي نهاية النقراشي.
أحمد منصور: لأنه فعلاً حكومته استقالت في 14 فبراير بعد 5 أيام فقط من مظاهرات 9 فبراير 46.
فريد عبد الخالق: نهاية النقراشي. نهاية النقراشي..
(11/488)
أحمد منصور: لكن كده فيه مسؤول من الإخوان تحمَّل.. تحمل الخطأ الأساسي.
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: مصطفى مؤمن من الإخوان، هو الذي حمس الناس للخروج، رغم أوامر منكم بعدم الخروج من الجامعة.
فريد عبد الخالق: ولأنه مصطفى مؤمن الحقيقة يعني شاب متحمِّس ومتأثر بشخصية مصطفى كامل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكان شخصية قيادية، وكان لها تأثير.
فريد عبد الخالق: وكان شخصية، كان ليه شخصية، كان لها، بس هو.
أحمد منصور: لكن الإخوان بيقمعوا كل الشخصيات القيادية.
فريد عبد الخالق: لأ.. لأ أهو دا بقى مش كده، كان غير ملتزم، يعني مثلاً حسن البنا اضطر احتراماً للمنهج اللي ارتضاه، إنه ينظر للمؤتمر الخامس، من مجموعة من الشباب الكويسين من العلماء والشباب، يعني شباب محمد، قال لهم: أنا أعلن من.. من.. من هذه المنصَّة، إنه إحنا لسنا مع الثورة كوسيلة من وسائل تحقيق أهداف الدعوة، ومن تعجَّل أوتحمَّس عشان يجني الثمار قبل بدوه ليس منا.
أحمد منصور: اسمعني بقى أنا عندي كلام يناقض هذا الكلام اللي أنت بتقوله، لأن حسن البنا.
فريد عبد الخالق: أنا أرحب.
أحمد منصور: حسن البنا في رسالة المؤتمر.. في رسالة المؤتمر.
فريد عبد الخالق: أنا عارف، لو اجتمع لي كذا، فسأخوض بكم البحار.
أحمد منصور: لأ اثني عشر ألفاً، فإذا اكتملتم اثنى عشر ألفا، فأمروني أخوض بكم الدنيا وسأفعل.
فريد عبد الخالق: أيوه سأخوض.. أخوض بكم.. أخوض بكم البحار.. أي نعم.. أي نعم.
(11/489)
أحمد منصور: لكن.. لكن هناك جملة وعبارة أخرى، قالها في اجتماع رؤساء المناطق سنة 45، قال لهم: الشعب على أتم استعداد للبذل، ولكن في طريق واحدة، واضحة، مرسومة، تؤدي إلى الحرية أو الشهادة، بقيادة حكومة حازمة، ترسم له في قوة وإخلاص مراحل هذا الطريق، أما إذا استمرت الحكومة في ترددها، وتراضيها، واضطرابها فلن تؤدي بالشعب إلا إلى أحد أمرين، إما أن يثور وإما أن يموت، هنا الخطاب تغير، حسن البنا يدعو إلى الثورة بشكل أساسي.
فريد عبد الخالق: صحيح.. لا هو.. هو ليس.. ليس.. حضرتك حطيتنا على حتة مهمة جداً، ما أذكاك؟ وما أجمل ما تُوصِلنا إليه من نقط محتاجة فعلاً للوقف، هو كان يتبنى دعوة الإمام مالك، يقول: لو كان لي دعوة مستجابة لتوجَّهت بها إلى الحاكم، فإنه إذا صلح صلحت الأمة، أو صلح كثير من خلقه، هو ما كانش أبداً من أنصار وجود فجوة، ولا فجوة بين الحاكم على غير بعض الجماعات، هو كان يرى إن تضافر القوى كلها حكام ومحكومين، شرط لنجاح العمل، هو كان حريص على هذا، وليس مع تقييد.. والتباعد واتهامات، ووجود فرقة لأ، فكان هو بيعمل ويتمنىَّ، ويرسل خطاباته للملوك من الأمراء، وللحكومات كلها، وينصحهم بهذا، وكان يقول لهم.
أحمد منصور: كان فيه نصيحة في فترة قبل الأربيعينات، خطاب الإخوان في فترة 28 لـ 42 كان فيه نصح، لكن بعد ذلك كان فيه نوع من الندية، وكان فيه نوع من الدخول في المواجهات.
(11/490)
فريد عبد الخالق: لما تأزمت.. لما جت الحرب العالمية الثانية وتأزمت الأمور، ورجعنا قضية الجلاء، وبدأ الشعب يا إما ياخد حقه، يا الاستعمار يستمر في طغيانه، والشعب يتأجَّج فيه الشعور دا، لما وصلنا لكده، كان لازم يكون فيه مواجهة، لأ أنا بس عايز أقول، إنه هو كان يصر على إن الثورات غير مأمونة العواقب، ولها يعني تداعيات بتجيب نتائج سيئة، وإن الحلول لما بتأتي بالوعي والرأي العام المستنير، المتضافر ويتعاون الحاكم مع المحكوم في تحقيق إرادة الشعب، هو دا الحل الإسلامي الأول، المؤمن، ودا منهاج الدعوة، ولذلك هو اعترض على المتعجلين.
أحمد منصور: يعني أنت بتقول هنا إنه هو من خلال هذا بيحذر، بيقول إن لم تكن هناك حلول سلمية داخلية من الحكومة تجاه الشعب، فالشعب سوف يثور، وليس دعوة إلى الثورة.
فريد عبد الخالق: لأ.. لأ.. لأ.. لأ، كان بيقول إن الحكام إذا تداركوا الفساد، ووقفوا على قلب رجل واحد ، واستطاعوا يقولوا لأ للحاكم، هيقدروا ينقذوا البلد مما قد تتعرض له مما تعرضت له ووقعت له الثورة، ولذلك..
أحمد منصور: لكن حسن البنا كان يعد لثورة تصحيح ، كان يعد لتغيير.
فريد عبد الخالق: بأقول لك على شيء، بأقول لك لو أذنت.. ولو أذنت، أقول لك على شيء مهم، اللي فهم الكلمة ديت، وعمل حسابها المستعمر، ولذلك كان له دور في قيام الثورة يؤمِّن نفسه ويؤمِّن مصالحه، قبل قيامها.
أحمد منصور: خليني الآن أنا ما بأفسرش مواقف، أنا معاك في أشياء صريحة وواضحة، حسن البنا كان يعد هذه الجماعة لعمل انقلاب وثورة والسيطرة على الحكم.
(11/491)
فريد عبد الخالق: أقول لحضرتك حاجة، كلمة يعد لـ 12 ألف من أمثال كذا، دا مطلب مش.. مش عاوز أقول إنه مطلب متكلف، أو مصطنع، دا مطلب طبيعي، وكلمة أنا أقود بكم.. عايز يقول إن.. إن لا يستطيع أحد إنه هو حتى لو توفر له السلاح، إنه يغير به مواقف، لأنه مش مهم السلاح قد الراجل اللي بيحمل السلاح، يعني عايز يقول لنا إحنا محتاجين تربية، انشغلوا بتربية أنفسكم، وتعمير عقولكم بالمفاهيم الصحيحة، وأهِّلوا نفسكم.. قبل ما تفكروا الفكرة ماهيَّاش.. ماهيَّاش فكرة حض على الثورة، هي فكرة تنبيه لأن مسألة..
حقيقة علاقة حسن البنا والمحتل البريطاني
أحمد منصور: سنة 46 كانت سنة مليئة بالأحداث الجسيمة، في سنة 46 طلب السفير البريطاني مقابلة مع حسن البنا، والتقى به، ويقال إنه هذا كان يعني حلقة في سلسلة من حلقات التواصل بين حسن البنا وبين المحتل البريطاني وأن البريطانيين كانوا يدعموه بالمال.
فريد عبد الخالق: أولاً الموقف دا فيه جزء يعني من الحقيقة المتفق عليها الموثقة، بعدين نشوف الحاجة الثانية. هنشوف اللي..
أحمد منصور: إيه هي الحقيقة الموثقة دي؟
فريد عبد الخالق: إنه هو فعلاً أثناء لما تقوم الجريدة بنشاطها الدعوي والسياسي، حصل لقاء رسمي بين رجل السفارة باسم الحكومة البريطانية مع حسن البنا في مكتب حسن البنا نفسه، في المركز العام، وأنا حضرت اللقاء وقال..
أحمد منصور: أنت حضرت اللقاء؟
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: مين تاني حضر اللقاء؟
(11/492)
فريد عبد الخالق: لا.. لا أذكر من معي؟ المهم كان فيه حد تاني، حد تاني كان يمكن أكثر تمكن من الترجمة بين الاثنين، يعني كان دوره الأساسي، لكن اللي بيهمني من الواقعة قال له نحن نشجع كحكومة جلالة الملكة النشاط الذي يقوم به جريدة الإخوان في نشر المفاهيم الدينية، والتعزير أو الإبعاد بالناس عن الإلحاد، لأن إحنا فعلاً ضد الإلحاد، ولذلك إحنا لينا موقف مع.. مع الاتحاد السوفيتي باعتباره، إنه هو قائم على علمانية إلحادية، وعلى إنه هو بيدرس الإلحاد في مدارسه، فإحنا واخد بالك؟ هم كانوا حريصين من الحرب العالمية الثانية على ما وصل إليه في.. في.. في أحداث سبتمبر، اللي هي تصفية مراكز القوة ومواقع القوة، فهو من الفكرة دي فكرة قديمة مش.. فلذلك كثير من الأحداث كلها دلت.. أدت إلى بعض، فهو عبر عن كده، ولذلك النتيجة.. قال أيه؟ قال: رتبها إن .. أنتم ضد الإلحاد وإحنا كمان ضد الإلحاد، وأنتم مع الأديان وإحنا مع الأديان وإحنا حريصين إن النشاط دا يستمر، فإحنا علمنا إن الجيل دا في أزمة، صحيح كان فيه أزمة، وعندكم شيك على بياض نودعه لدعم منا لما فيه مصلحة مشتركة، المصلحة ديت لا غبار عليها اللي هي نشر المفاهيم الإسلامية، وأنا سمعت الكلام دا، الحقيقة أنا بصراحة يعني فُوجئت بالسؤال وحرجه إن قبلنا أو رفضنا الاثنين فيهم خطورة، يعني فالرد الحصيف الحقيقة اللي قاله هو دا.. إذا قلت الحصيف.
أحمد منصور: عرض مبلغ قد أيه؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: أيه المبلغ اللي عرضه؟
فريد عبد الخالق: قال.. دا على بياض يعني حتى؟
أحمد منصور: شيك على بياض.
(11/493)
فريد عبد الخالق: يعني أي مبلغ تطلبوه، يساعد الجريدة للوقوف، فالرد اللي أنا سمعته منه، يعني وأُشهِد الله عليه في غاية اللباقة، وفي غاية الحصافة، وفي غاية..، قال له.. لو قال.. أنا.. أنا أُقدِّر لكم هذا التوجُّه، وإحنا كلنا كفاية بيجمعنا الحرص على الدين وعدم الوقوع في الإلحاد، والمروق عن الدين، لأنه دا مش في مصلحة البلد كوضع عام ولكن قبولي.. قبول الإخوان لأي دعم مالي هيكون ضد تحقيق المصلحة اللي أنتم حريصين عليها.
أحمد منصور: لكن فيه معلومات بتقول إن الإخوان عُرِضَ عليهم من البريطانيين..
فريد عبد الخالق: لأ أنا.. أنا بأقول..
أحمد منصور: أموال قبل ذلك..
فريد عبد الخالق: حضرتك تسألني كشاهد، وأنا بأؤدي الأمانة، وعدم الشهادة زور، والزور أنت عارف من كبريات.. من الكبائر، مش مستعد أنا.. إن أنا أتي كبائر.. أنا مش مستعد، الراجل قدَّر وفهم، ومن هذا اليوم قدَّروا أن الراجل دا ولا الدعوة تُشترى.
أحمد منصور: هذه المرة الوحيدة اللي البريطانيين زاروا فيها حسن البنا..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: هذه المرة الوحيدة التي رأيت البريطانيين فيها يلتقون بحسن البنا؟ هذه هي المرة الوحيدة؟
فريد عبد الخالق: أيوه، أيوه هذا.. دا لقاء لأنه فيه حاجات غلط موجودة في السوق والساحة يعني لم يحصل مثلاً أن قابل حسن البنا فاروق، فيه مساعي حصلت إنما لم تُكلَّل بالنجاح.
أحمد منصور: لأ لأ فيه يقولون التقى مع فاروق.
فريد عبد الخالق: لأ لا.. لا.. لأ حسن البنا لم يلتقِ..
أحمد منصور: أقول لك أنا التقى مع فاروق فين، أقول لك.. أنا أقول لك التقى مع فاروق وذاكرها.
فريد عبد الخالق: لا لا.
أحمد منصور: محمود عبد الحليم ذاكرها في كتابه "أحداث صنعت التاريخ"، وقال إن في بدية عهد فاروق سنة 37 رتَّب أحمد.. رتَّب علي ماهر مقابلة لحسن البنا بجوالة الإخوان في الإسكندرية.
(11/494)
فريد عبد الخالق: آه.. ولم.. أنا.. صدقني أنا عارف دا، عارف كويس، ولم تتم لأن فيه دعاة حرب وتفرقة وحصل نوع من اللقاء بس مش باللقاء بالمصافحة ولا المجالسة، في يوم أول ما تولى حشد الجوَّالة وحتى هو لبس الجوالة ووقف في عابدين.
أحمد منصور: بالضبط.
فريد عبد الخالق: يحييه.
أحمد منصور: قدام مسجد أبو العباس في إسكندرية.
فريد عبد الخالق: بصرف النظر، حصل التحية فدا إعراب عن إنه هو يستقبله استقبال ولاء وتأييد ودعاء له إنه يوفق، فلما حصل اللي حصل والأمور تغيرت تغيرت المواقف إلى حاربوا الإخوان وعدم رضاءه عن العمل السياسي والدين والدولة ورجع للفكر التاني..
أحمد منصور: إزاي أنت بتقول الأخوان كانوا عاملين نظام مؤسسات، مؤسسات، وحسن البنا يحطك مسؤول عن الجريدة وفيه صحفيين من الإخوان، يعني محترمين صحافة وأنت مش محترف صحافة ويحطك مسؤول عليهم؟
فريد عبد الخالق: هو هل الاستعانة بواحد حتى لو لم يكن مؤَّهل أكاديمياً إنما مؤهل عملياً إنه.. يبتدي.
أحمد منصور: كنت بتعمل أيه في الجريدة؟
فريد عبد الخالق: يبتدي بالخير..
أحمد منصور: كان دورك أيه؟
فريد عبد الخالق: كان دوري وليه أسبابه، هو قال لكل الموجودين، إن أنا لاحظت مآخذ لي ويمكن لآخرين على الجريدة، إنها كانت تعالج قضايا ينشأ عنها أزمات حادة بلا جدوى، وتوقع الحكومة مع الإخوان بلا مبرر في تناقضات تؤدي إلى التضييق على الدعوة و.. و.. و مصادمات، وإحنا مش عايزين نصفي من غير لزوم، فأنتم كنتم ما بتحسنوش اختيار المواضيع ولا بتحسنوا..
أحمد منصور: يعني كانت الجريدة بتورط الإخوان؟
(11/495)
فريد عبد الخالق: يعني بتخرج عن الخط المرسوم الحاجة الأولى..، الحاجة الثانية: أنا كنت أنا أقرأ.. أقرأ الخبر هنا وأجد نقيضه في الصفحة الثانية، حتى ما فيش ضبط للأخبار ما فيش كنترول على الأخبار نفسها، فأنا أنست في فريد عبد الخالق إن إن أنا أسند إليه العمل دا لضبط العمل دا، وآمل له بأن هو عنده ما يستطيع أن يحقق المطلوب دا، وفعلاً قبلوا، لذلك كان موجود في الاجتماع صالح عشماوي، والسيد محب الدين الخطيب العالم الجليل المعروف..
أحمد منصور: معروف.
فريد عبد الخالق: وآخرين، لذلك أنا وجدت حرج، كيف أنا ولست كما تفضلت أنت لا أنا عندي أكاديمية دراسية صحفية تخصص، ولا أنا مثلاً خبرتي تسمح، فيعني..
أحمد منصور: وبعدين أنت مشغول في خمسين حاجة ثانية.
فريد عبد الخالق: معلش.. معلش.. معلش، بس أنا بأقول لحضرتك ليه؟ عايزين نفهم ليه؟ فهو اجتهد وشاء الله إن همَّ لحسن الحظ بقى تعتبره زي ما تعتبره إن همَّ نفسهم اعترفوا بأيه جدوى هذا التغيير، سواء للإخوان أو ليَّ نفسي شخصياً، يعني أنا آتاني ويشهد الله محب الدين الخطيب، يقول لي: أنا لأول مرة أشعر إن فيه جريدة اسمها جريدة الإخوان منتظمة وكل ما يصدر عنها فيه رابطة تجمعه، وإن ما فيش متناقضات، لأول مرة.
أحمد منصور: يعني أنت كده كنت بتشرف على فكر الإخوان تقريباً اللي بيخرج إلى الناس.
(11/496)
فريد عبد الخالق: لأ، المهم إن فيه حصل عطاء وحصل ترسيخ.. والحاجة الثانية: اللي قال لي عليه.. أنا بأتكلم، المخبرين الصحفيين قالوا لي إحنا كنا نسَّرح لنأتي بما نستطيعه من منتجعات الأخبار في الوزارات، أي حاجة يجي نجيبها، النهارده أنت بتدينا أشياء محددة، وتقول لي ابحثوا لي القضية دي، الوزارة عندها قضية كذا شوفوا لي أيه اللي تم فيها، أنت في وزارة الزراعة شوفوا لي أيه اللي تم في كذا، أصبحت عندنا مهام نكلَّف بيها محددة، بقى لي.. قالوا لي لأول مرة، فالحمد لله يمكن يعني ربنا بما قلت لك إن أنا يعني دارس قانون، وكمان دارس رياضة، أنا بأعتبر التزاوج بين العقلية العلمية البحتة وبين العقلية القانونية الحمد لله، بتوفيق الله من قبل ومن آخر، إن أنا وصلنا إلى خير، وأمين إسماعيل فرح بهذا، وكان مسؤول عن الجريدة، وأصبح تراضي، وأصبحت أنا موجود، وبأكتب في الجريدة المقال الافتتاحي، وبأكتب فيها حتة اسمها.. اسمها "عزيزي القارئ"، مستمرة، وفيها انفتاح مش محددة، انفتاح كده بصرف النظر عن الانتماءات السياسية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أيه معنى إنك أنت عندك مسؤوليات كثيرة وتحط عليك مسؤولية الجريدة مرة أخرى؟ لماذا لم يأتِ بشخص آخر؟
فريد عبد الخالق: والله.. والله..
أحمد منصور: ما فيش كفاءات في الجماعة؟
فريد عبد الخالق: والله أنا، يعني شخصياً لم أسَع لاختيار شيء لشخصي، بل بالعكس لأن أنا ما كنتش كده، مش طبيعتي حتى، أنا ما أنيش من عشاق الظهور ولا مراكز السلطة، مش من عشاق..
أحمد منصور: لا أنا بأقصد إن حسن البنا كان بيحط على ناس معينين مسؤوليات كثيرة.
(11/497)
فريد عبد الخالق: لأ.. والله كان يعني من يأنس فيه قدرة، ويسد بيها الفراغ، كان بيستخدمه، ولو ما عملش كده يبقى ما وصلش الأمر لأهله ولا ما انتفعش باللي حواليه، فدي أنا بأعتبرها ما هيش سُبه، ما لهوش سوء قصد، ما جاش للشخص دا وأغدق عليه أموال ولا حطه كدا.. إدى له جاه ولا ميَّزه عن الناس ما حصلتش، ما فيش مردود مادي حد خده، كل دُول دخلوا السجون من.. من جراء الكلام ده، ودفعوا الثمن، فيعني إحنا قدام، أصل فيه حاجة كمان تحطها في الاعتبار أساسية، معروف إن الصحافة تعيش على الإعلانات، كانت الإعلانات تقريباً باب مغلق بالنسبة للإخوان، لأن الانتماء للإسلام، كان أيه الإعلام أيامها، ملاهي، الإعلان عن سينمات، إعلان عن سجائر، إعلان.. واخذ بال حضرتك، ودي كان الإخوان كان عندهم حساسية شديدة، فأشياء حتى من الأشياء المفتوحة، بالنسبة للجرائد اليومية تديهم باب الإعلانات اللي هو، يعتبر هو الباب الأساسي في الناحية المالية، كانت محرومة بحكم الانتماء الدعوي، لا، فلها ظروف خاصة بها.
أحمد منصور: طبعاً الإخوان أصدروا عدة صحف ومجلات في 1933 أصدروا "الإخوان المسلمون"..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: أصدروا عدة صحف ومجلات 1933، أصدروا لمدة أربع سنوات "الإخوان المسلمون"، "النذير" 1939، وخرجت مع شباب محُمد حينما انشقوا على الجماعة، "المنار" 1939، 1942 كانت "الإخوان المسلمون" أسبوعية وحُوِّلت في 46 إلى جريدة يومية، وبقيت إلى أن تم حل الإخوان في 1948، بقيت تُشرِف على الجريدة إلى أن توقفت؟
فريد عبد الخالق: لا.. لا انتهت بعد.. حال توقف الجريدة.
أحمد منصور: توقفت الجريدة.
فريد عبد الخالق: آه توقفت الجريدة لأن هو..
(11/498)
أحمد منصور: في.. في سنة 46 تولى إسماعيل صدقي الوزارة في الفترة من فبراير إلى ديسمبر 46، هل صحيح أن إسماعيل صدقي كان يرجع إلى الإخوان في بعض الأشياء، وإنه اجتمع.. المرشد اجتمع بالهيئة التأسيسية وعرض عليهم ما حدث بينه وبين إسماعيل صدقي؟
فريد عبد الخالق: إسماعيل صدقي زي اللي حصل مع علي ماهر، وزي ما حصل مع غيره، كان البدايات الوطنية تلقى يعني تشجيع، فإذا خُيِّب الرأي العام في مطلب الجلاء والتحرير، وكان فيه كثير من الحكومات خصوصاً في الوضع المتهرئ دا ما كانتش قادرة، يعني هي الفترة اللي هي حضرتك أشرت إليها دي فترة عصيبة، هي فترة زي ما تقول منحنى نزل بالحكم وبالسلطة إلى نهايته، ولذلك هي على طول بعد ما حصل علي ماهر ما بين قرار الحل وبين اغتيال المرشد ما فيش أي يعني.. ما فيش شهر وشوية، الحوادث كلها وصَّلت إلى بعضها.
أحمد منصور: هي كانت الفترة من 45 فترة أحداث سريعة جداً وإيقاعات سريعة ووزارات تتغير وتغيرات حتى داخل الإخوان على اعتبار إن الإخوان الآن أصبحوا قوة سياسية رئيسية، وخرجت من طور أنها مجرد أنها جماعة دعوية، تحوَّلت إلى حزب سياسي، دخلت أصبح هناك تنظيم عالمي وبدأت الإخوان، دخلوا السودان، ودخلوا إلى الكويت، ودخلوا إلى سوريا، ودخلوا إلى فلسطين، وأصبح ليهم امتداد خارجي، وأصبحوا تحت البؤرة العالمية، سنة 46 شهدت أحداث كبيرة، 26 نوفمبر 46 وقعت حوادث دامية في أنحاء القاهرة احتجاجاً على مشروع صدقي..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: احتجاجاً على مشروع صدقي بيه..
فريد عبد الخالق: أيوه.. أيوه.
أحمد منصور: وقعت أحداث دامية في 26 نوفمبر، حوصر المركز العام للإخوان المسلمين في ذلك الوقت.
فريد عبد الخالق: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: فتِّشت الجريدة وأصبح الإخوان على خط المواجهة مع الحكومة، سنة 46 قُبض عليك، قُبض عليك للمرة الأولى سنة 46.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
(11/499)
أحمد منصور: وذهبت إلى السجن.
فريد عبد الخالق: سجن الأجانب، سجن محترم.
أحمد منصور: وقضيت فيه عدة أشهر.
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: أبدأ معك في الحلقة القادمة من هذا.
فريد عبد الخالق: طيب إن شاء الله.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً.
فريد عبد الخالق: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام علي حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق في جماعة الإخوان المسلمين)، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/500)
الحلقة4(12/1)
الأربعاء 8/11/1424هـ الموافق 31/12/2003م(آخر تحديث) الساعة 15:23(مكة المكرمة), 12:23(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
28/12/2003
- حقيقة دور الإخوان في مفاوضات صدقي مع البريطانيين
- دور الطلاب في تأسيس مراكز للإخوان خارج مصر
- دواعي نشأة النظام السري للإخوان المسلمين
- مدى إضفاء النظام الخاص قوة إضافية على الإخوان المسلمين
- مدى تهديد النظام الخاص للإخوان للنظام الداخلي المصري
- تداعيات أخطاء النظام الخاص للإخوان
- إجراءات حسن البنا لتحجيم النظام الخاص للإخوان
- القبض على فريد عبد الخالق في 1946
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وعضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة) أستاذ فريد، مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: مرحباً.
حقيقة دور الإخوان في دعم مفاوضات صدقي مع البريطانيين
(12/2)
أحمد منصور: كان عام 1946 من الأعوام المليئة بالمظاهرات وبالأحداث الكبيرة في تاريخ مصر السياسي الحديث، كانت جماعة الإخوان المسلمين بدأت تتبوأ مكانة سياسية لا يمكن تجاهلها في الحياة المصرية آنذاك، قامت مظاهرات الجامعة الثانية التي كانت كوبري عباس.. كوبري عباس في 9 فبراير 46، وكما قلت أن مصطفى مؤمن (أحد قيادات الإخوان الطلابية) هو الذي أخرج المظاهرات إلى خارج الجامعة، اضطُرت حكومة النقراشي الأولى إلى الاستقالة بعد ذلك في 16 فبراير.. في 14 فبراير، بدأت الأمور تتطور وجاء إسماعيل صدقي إلى رئاسة الوزراء، وبدأ إسماعيل صدقي ينسج علاقات مع الإخوان لمحاولة دعمه في قضية الاستقلال والمفاوضات مع البريطانيين، وظهرت ما يسمى بمفاوضات صدقي ديفن، التي قامت مظاهرات كبيرة من أجلها، هل صحيح أن إسماعيل صدقي التقى مع مرشد الإخوان حسن البنا في محاولة للحصول على تأييد الجماعة لمفاوضاته مع البريطانيين؟
فريد عبد الخالق: والله لقيت قرائن كثيرة تدل على إن كان فيه خيوط ممتدة، إنما أنا لا علم لي..
أحمد منصور: بدقة..
فريد عبد الخالق: تنفيذ.. التنفيذ، إنما نعلم كلنا إن فعلاً فيه استقبال على أساس إن فيه دور وطني بيقوم به، ويجب مساندته، لا سيما وإن هو أبدى مشاعر حسنة يعني.
أحمد منصور: هل تلقيتم دعماً خاصاً من إسماعيل صدقي بالنسبة للإخوان، مالياً أو غيره؟
فريد عبد الخالق: آه، والله أنا أحب أقول كلمة يمكن توفر عن أسئلة أخرى: الإخوان لم يطرقوا هذا الباب ولم يأخذوا أي معونة، حتى المعونات اللي عُرضت بالخارج رُفضت، وهو كان دايماً عنده كلمة يقول نحن نعيش بالملاليم وتقتلنا الملايين، فكان هو عنده فكرة الاعتماد على الذات.
أحمد منصور: بصفتك مسؤول عن جريدة الإخوان آنذاك، الجريدة اليومية "الإخوان المسلمون"، هل تلقيتم مساعدات من صدقي، إسماعيل صدقي.. من الحكومة..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لأ، لم.. لم.
(12/3)
أحمد منصور: رغم المعاناة التي كانت تمر بها الجريدة؟
فريد عبد الخالق: لأ، لأ، لم.. لم وهذا.. يعني أنا ما واثق منه، يعني وأنا لا أقول إلا ما أثق فيه، لم نتلق.. هو كان فيه فكرة مسيطرة على الرجل فعلاً، يعني إحنا يوم ما حب يشتري المركز العام، وكان عنده.. عايز مبلغ عشرات الألوف فيه، كبير علينا آنذاك، الناس كيف تشتري القصر الكبير دا اللي هو دلوقتي أصبح تستعمله الشرطة..
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: مشهور برضو قصر عظيم وسط..
أحمد منصور: شرطة الدرب الأحمر.
قريب عبد الخالق: أيوه، فالمبنى دا كله، دا تصور لما إحنا تهيئت الأسباب لشرائه في أقل من يوم جُمعت الأموال دي من الإخوان، أقل من يوم..
أحمد منصور: ليس من الخارج.
فريد عبد الخالق: ولذلك بعض الصحفيين يعني اعتبر دي دلالة على قدرة إن إزاي بتغطى عن طريق الشُعَبْ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وبعضهم أتهمكم إنكم بتتلقوا معونات من البريطانيين.
فريد عبد الخالق: لأ، لم..لم.. وأصل هو الناس أحياناً يعني يستقر في أذهانهم مفاهيم، ويبتدي يبقى هو يعني متأثر بها في أحكامه، في الحقيقة أننا لم..، هذا الباب كان مغلق.
دور الطلاب في تأسيس مراكز للإخوان خارج مصر
أحمد منصور: في تلك الفترة أيضاً من 45 لـ 49 فترة 46 بدأ الإخوان المسلمين يصبح لهم كيان سياسي، ربما يتخطى النطاق خارج مصر.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: بصفتك كنت مسؤول عن الطلبة في..
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: في ذلك الوقت، بدأ الإخوان يذهبوا إلى سوريا، إلى فلسطين يؤسسوا شعب، إلى السودان، إلى بعض الأقطار العربية، هل الطلاب لعبوا دور في عملية تأسيس الشعب وتأسيس مراكز للإخوان خارج مصر في ذلك الوقت؟
(12/4)
فريد عبد الخالق: لأ، هو.. هو أصل طبيعة مصر بمكانها كان بتشد إليها وتجذب كثير من طلاب العلم في الأقاليم دي، فكان كثيرا ما إن دُول يتلقوا مفاهيم الدعوة ويقتنعون بها، فإذا عادوا في الإجازات تولوا هم مع بني جلدتهم إقامة الـ.. أكثر من إن..، يمكن إحنا بالنسبة لنا كطلاب كان يقدروا لما يرجعوا في إجازاتهم إلى الريف، أو إلى حتى أي مكان بيبتدي إنه يؤدي دروه سواء في محو الأمية كعمل طوعي تطوعي للخير، أو نشر الدعوة أو.. وهكذا يعني، فأنا الذي.. الذي أنشأ الحركة في السودان، هم من أبناء السودان الذين كانوا يتلقون التعليم الثانوي أو العالي عندنا، فلما عادوا عادوا بالفكر وهم تولوا الأمر.
أحمد منصور: هل لديك أي دور في عملية انتشار دعوة وفكر الإخوان خارج مصر في ذلك الوقت؟ مصطفى السباعي أسس، وكان أول من أخذ لقب مراقب عام للإخوان المسلمين بالنسبة لسوريا، أيضاً جاء إخوان من السودان أسسوا مركز للإخوان في السودان.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: وكان عبد الحكيم عابدين ربما يوفد في هذه الأشياء، هل كان لك دور في مثل هذه الأمور؟
(12/5)
فريد عبد الخالق: كان الدور الذي يعني متاح.. أنا دُعيت لمثل هذه الأقطار باعتبار إن هم الطلاب اللي تخرجوا من الجامعة لعبوا دور كبير في التأسيس صحيح، إن هم شربوا الدعوة وانتقلوا بها إلى بلادهم، فهم كانوا طبعاً أقرب الناس إليهم اللي كان الناس دول يعمل معاهم في قسم الطلاب، فأنا زرت وعرفت الإخوان في السودان وفي غير السودان، فجت من طبيعة دوري وموقعي بالنسبة لنفس أبناء البلاد ديت من معايشة، ومن موقع يعني واحد مسؤول، عاش معاهم في.. وثم الحاجة الثانية أنا كنت.. فيه كلمة كنت أنا لازلت أذكرها بأرددها عليهم بأقول: الدعوة عبارة عن فكر وعبارة عن روح و.. و..، تتمثل في عزيمة، يعني فيه رغبة وفيه قضية، فأنا أتمنى إن كل واحد منكم لا يكون ممن يبحثون عن تيار يحمله كما تحمل القشة، كل واحد منكم يعد نفسه على إنه ينوط بنفسه أو يهيئها إنه يكون هو ينشئ تيار.
أحمد منصور: هل كان حسن البنا يدرك في ذلك الوقت أن خروجه بالإخوان خارج إطار مصر، ومحاولة مدها عالمياً كما يقال، حتى وصل وجود الإخوان في ذلك إلى أكثر من 70 دولة الآن، هل كان يدرك أنه سيؤلِّب عليه القوى الكبرى، وأنه سيصبح حجمه خارج نطاق الضوء الأخضر المتاح، وأن هذا سيكون بداية لبداية تقليص الجماعة وربما قتله كما حدث بعد ذلك؟
فريد عبد الخالق: أعتقد إن الشواهد كثيرة من سلوكياته وتصرفه ومواقفه، دلت على هذا..
أحمد منصور: عندك شواهد؟
فريد عبد الخالق: مثلاً، عندي شواهد مثلاً قال لي كلمة فيما يتعلق بحركة التطوع اللي شغلت الوطن العربي كله..
أحمد منصور: في فلسطين..
(12/6)
فريد عبد الخالق: علشان مواجهة العصابات، وخصوصاً لما جت مذابح في دير ياسين وغيرها، فقال لي كلمة الحقيقة يعني لازلت للآن أذكرها وهي بعيدة.. بعيدة، قال لي: يا فلان، لن يحل قضية فلسطين مثل هذا التطوع، رغم إنه له قيمة وله أثر، القضية أكثر تعقيد، ومستقبلها يعني ليس بالبساطة، ودا محتاج إلى تغيير نوعي في التعامل مع القضية هيتطلب أشياء إحنا لسه ما تهيأناش لها، يعني لازلنا كحكام أو محكومين بنشتغل على نطاق محلي، و.. وكل واحد ممكن يعني ينفرد بعمله، أنا شايف الأحداث مش هينفع معها التفكير ده، فالقضية أكبر من كده.
أحمد منصور: يعني كان يرى في ذلك الوقت إن قضية فلسطين ستدخل إلى أطوار معقدة..
فريد عبد الخالق: أي نعم معقدة، يعني كان بيقول لي داخلين لحرب، وطول ما أنا مش هأقابل جيش بجيش مش هينفع، فلازم الحكام كمان يكون عندهم استعداد، وتتهيأ عقولهم، إن يعني اللي بيؤخذ بالقوى -كما قال مرة عبد الناصر- يسترد بالقوة.
دواعي نشأة النظام السري للإخوان المسلمين
أحمد منصور: في عام 1940 دعا حسن البنا خمسة هم: صالح عشماوي، وحسين كمال الدين، وعبد العزيز أحمد ومحمود عبد الحليم، والرواية لمحمود عبد الحليم في كتابة: الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ" وعرض عليهم الدواعي التي تقتضي إنشاء ما عرف باسم النظام الخاص، أو الجهاز السري للإخوان المسلمين
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: أحمد عادل كمال في كتابه: نقط فوق الحروف" وهو أحد قادة النظام الخاص..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: له رواية أخرى يقول أن عبد الرحمن السندي هو الذي شكل الجهاز في سنة 1938 بتكليف مباشر من حسن البنا، باختصار ما هي معلوماتك عن الجهاز السري أو النظام الخاص للإخوان المسلمين آنذاك؟ طالما أنت تكلمت عن حرب فلسطين على أساس كان له دور فيها، تفضل.
(12/7)
فريد عبد الخالق: هو النظام الخاص نشأ للدواعي اللي أملته، يعني ما فيش شيء من فراغ..
أحمد منصور: ما هي الدواعي اللي أملته؟
فريد عبد الخالق: الدواعي الأساسية.. الحقيقة إن لما حصل الموقف الدولي والأوضاع دلت على إن فيه يعني توجُّه واقعي إلى إن الفلسطينيين معَّرضين لتغير جذري قد يصل إلى إن يفقدوا أرضهم..
أحمد منصور: دا اتضح بعد..
فريد عبد الخالق: فلما حصل هذا..
أحمد منصور: بعد 36.. 38 الثورة الأولى يعني 38..
فريد عبد الخالق: وتضاعفت.. تصاعدت من بعد ما خدوا وعد (بلفور) وأسسوا الدولة، وقرار التقسيم خدمهم، إداهم أرض وشرعوا فعلاً.. يعني هم يوم ما خدوا قرار التقسيم إحنا قلنا لأ، دا فيه ظلم.. هم.. هم..
أحمد منصور: قرار التقسيم كان سنة 47، لكن أنا بأكلمك الآن في نشأة الجهاز في بداية الأربعينات.
فريد عبد الخالق: ما أنا هأقول حضرتك أنا، يعني فيه حركة زي ما تقول منحنى بيطلع وحركة تصعيد في الأحداث، فهو الكلام أساساً كان مع المفتي أمين الحسيني، كصاحب قضية مباشر، وكان له يعني علاقات حميمة وفهمه مشترك للإسلام ومقتضياته إن لازم المسلمين يساعدوا بعض في درء الاحتلال وإلى آخره، شيء معروف دا، فكان التخطيط الفكرة اللي هم اشتركوا فيه، واعتبروا إن هم شركاء فيها وانتقلت إلى بعدهم إلى ما بعدهم، إن إحنا لازم نقابل التنظيمات والعصابات بمثلها، يبقى إحنا عندنا أجيال موجودة متحمسين، ممكن يُدرَبوا تدريب متقدم ويواجهوا بحيث القوة تواجه قوة مثلها، الطيار لازم يواجه طيار مثله، فنشأت الفكرة، أنا أعتقد إنها وليدة تفكير منه ومن أمين الحسيني المفتي..
أحمد منصور: يعني النظام الخاص للإخوان المسلمين وليد فكر مشترك بين الحاج أمين الحسيني (مفتي فلسطين) وبين حسن البنا (مرشد الإخوان).
فريد عبد الخالق: آه، أيوه، دوت صاحب القضية المباشر، ودوت صاحب قضية كمسلم.
(12/8)
أحمد منصور: يعني هدف تأسيس النظام الخاص كان فلسطين واليهود بالدرجة الأولى؟
فريد عبد الناصر: لأ، التنظيم الخاص أساس الحقيقة كان معمول ليس له أي مصلحة داخلية، لأنه هو ضد أي تعامل بالعنف مع الأنظمة، وطالما كرر في كل رسائله. أنا أحترم الدستور، ونحترم القانون ولا نبيح العنف، وإن الثورة طريق غير مجدي، ولا يصح أن يبشر..، يعني كان عنده قناعة..
أحمد منصور: سآتي معك إلى ما يخالف ذلك بالنسبة للنتائج، هل انتميت أنت إلى النظام الخاص أو كنت على علاقة به في أي مرحلة؟
فريد عبد الخالق: لا، أنا لم أنتمِ، هم حاولوا، فلم ينجحوا..
أحمد منصور: مين اللي حاول يدعوك للانتماء؟
فريد عبد الخالق: هنيجي عن اللي.. اللي حاول عبد الرحمن السندي، يعني فعلاً دعاني أروح لهم بيت كان لازلت أذكره في بولاق، ورحت له، وقال لي بقى يعني.. في نفسه بقى: دا مرشح ثمين، لأنه هو أنت رئيس قسم الطلبة و.. ويدوروا على القيادات، علشان هم كان عندهم تطلع إنه يملك أقوى قوة لغاية لما يوصل بهم إلى التنقل اللي حصل بيننا نفسه، لدرجة إن إحنا بعد ما وصلت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سآتي معك تفصيلاً لهذا، خليني معاك مرحلة مرحلة، الآن في مرحلة دعوتك أنت للانتماء للنظام الخاص..
(12/9)
فريد عبد الخالق: لا ما هأقول حضرتك أنا، وكلفوني حاجة يعني كتدريب.. (...)، هو الكلام العام أنا.. عارفين إن أنا في غنى عنه أنا أكثر علم يمكن منهم، إنه إحنا عايزين نكون.. الإسلام عايز قوة، وإن إحنا أعداءنا وإصلاحنا عايز قوة، وربنا يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم) شيء كويس، إنما التنفيذ بقى، لما جم التنفيذ بقى فاختلفنا، بقينا نتفاهم غلط، كما كان أفهم، يعني هم قالوا لي أيه؟ خذ الشنطة دي، واركب تاكسي، وروح وديها عند الجراج قصاد بيت حسن البنا في.. في سنجر الخازن، لازلت أذكر الواقعة دي، فأنا يعني قلت يمكن أنا ما أعرفش اللي جواها، أنا قلت هم يعني الحقيبة خدمة يعني عامة، ما دخلتش في نطاق الاختبار اللي هم عايزينه بالنسبة لي، إنما أنا كنت غلطان ليه؟ السائق قال لي فيه ريحة، فيه ريحة غريبة في الشنطة دي، أتاري فيها T.N.T وحاجات من دي، وأنا.. أنا ما أنيش خبير لسه في الحكاية، فالسواق قلت له على كل حال البيت خلاص أنت هتوديني، إحنا قربنا، فالراجل استسلم ووصلني، بعد كده أنا حصل مراجعة لهم، قلت له إزاي تخليني أحمل شيء، وأجهل طبيعته، ودا من حقي إن أنا أشوف.
أحمد منصور: دي كان اختبار لك..
فريد عبد الخالق: فأنا قلت له لأ أنا.. أنا غير مستعد، فهم بدءوا يشعروا إنه أنا هم عايزين السمع والطاعة، وإن الشخص ينفذ اللي تقوله وهو مقتنع، فوجدوا إنه أنا غير مستعد لحكاية الاقتناع بدون حجة، ولا بدون برهان ولا بدون عقل، النوع دا ما ينفعش، اللي بيستخدم عقله ويقف كده في مواجهة الرأي، ما ينفعش..
أحمد منصور: لا يصلح للعمل السري.
فريد عبد الخالق: ما يبقاش جندي صالح دا.
أحمد منصور: لا يصلح للعمل السري..
(12/10)
فريد عبد الخالق: الجندي الصالح اللي عايز يؤمر فيطيع، ويقدر يعمي عينيه أو يعمي عقله، أو يلغي عقلي يعمله، لازم، ولذلك إحنا.. إحنا.. إحنا نلنا والدعوة نالت الكثير من تحت هذا الوضع، وضع الفهم يعني التربية اللي تمت في النظام الخاص دي خطأ جسيم، ولذلك أنا بأعتبر إن حسن البنا يعني مات وهو يشعر بالمسؤولية أدبية عن كل التصرفات..
أحمد منصور: يعني هل معنى ذلك إن النظام الخاص كان يتحرك بشكل تام بعيداً عن علم حسن البنا بما يقوم به النظام؟
فريد عبد الخالق: تقريباً هي أصلاً كانت.. كان النظام، باعتبار دا نظام خاص وسري، وإذا يعني دخل في الوضع العام، هيجر مشاكل قانونية وإجرائية معروفة، فكان بطبيعة تشكيله، إنه بيمارس يعني أعمال لا تتعارض مع الدين ولا مع النظام.
أحمد منصور: لكن هل حسن البنا كان يشرف إشرافاً مباشر على كل ما يقوم به الإخوان؟
فريد عبد الخالق: كان آه، أيوه أي نعم.. لأ، كان هو عبد الرحمن السندي كان باعتباره كمرفق من المرافق، أو آلية من الآليات، وكلها طبعاً المرشد العام، ففيه نوع من الصلة، فكان يعني يستأذن يخبر علم، ولذلك هو لما جات.. مقتل الخازندار راعه، وأوصله إلى حالة سيئة، إن تمت أمور خطيرة زي دي بدون علمه وبدون إذنه.
مدى إضفاء النظام الخاص قوة إضافية على الإخوان المسلمين
أحمد منصور: هل أضفى النظام الخاص قوة إضافية على قوة الإخوان الشعبية، التي كانت تتنامى آنذاك؟
فريد عبد الخالق: والله هو في أول الأمر كان يعتبر زي إضافة، لأن زي ما تقول أنت أضفت قوة إلى.. إلى جنب القوة الشعبية، قوة عسكرية، بس ليس يكفي عشان خاطر أنا أقدر المسألة دي وأديها حقها، إنني أعلم بها، دون أن أعلم كيف تُستخدم؟
أحمد منصور: لكن كان هناك القمصان الزرقاء والقمصان الخضراء (..) ومصر الفتاة، على اعتبار أنها جهاز..
فريد عبد الخالق: كان فيه، وحتى.. حتى الوفد كان له.. حتى الوفد كان له لأنه طبعاً..
(12/11)
أحمد منصور: نعم الوفد المصري..
فريد عبد الخالق: لأن طبعاً إحنا خدنا من الغرب، و(هتلر) وشموخه، وتأثرنا بإيطاليا، والحرب جابت لنا مفهوم القمصان الملونة دي..
أحمد منصور: أيوه لكن أنت عندك فكر حسن البنا في تكوينه للنظام الخاص، استقى الفكرة دي من أي.. من أي مرجعية؟ يعني عسكرية سواء غربية أو شرقية؟
فريد عبد الخالق: الله هو.. هو الفكرة طبعاً لاشك إن النموذج الغربي، إنه فيه يعني ناس بتعد، وإنها تقدر تقوم بدور، الواحد بياخد بيتعلم من الآخرين، إنما هي الفكرة.. الفكرة هي ببساطة، أنه فيه عصابات تؤدي دور خطير على مستقبل فلسطين وواقعه، ولابد من مقابلة الشيء بمثله، لازم.. لازم ندرب يعني، أصبحت إملاء واقع أكثر منها، حتى اجتهاد في تفكير في طريقة..
مدى تهديد النظام الخاص للإخوان للنظام الداخلي المصري
أحمد منصور: لكن النظام الخاص ألم يخفِ النية السيئة والمبيتة للإخوان تجاه النظام القائم آنذاك، نظام الملك؟
فريد عبد الخالق: لأ بعدما حصل التصرفات، اللي اعتبر خروج..
أحمد منصور: لسه ما جتش للتصرفات، أنا بأتكلم الآن في المراحل الأولى.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: هل كان هناك توجُّه من النظام الخاص إلى النظام الداخلي في البلد؟ ألم يكن هذا تهديد للنظام الداخلي في مصر..؟
فريد عبد الخالق: لأ ما كانش حد شعر بالشعور دا، إنما.. لم يفطن أحد إلى المخاطر والنتائج ديت، إلا بعد ما اكتوينا بنارها في تصرفهم الأول بتاع الخازندار، بدأ ننتبه، حصل تنبُّه.
أحمد منصور: هل كان النظام الخاص شيء من الأشياء التي عجلت بالوبال على الإخوان السلمين بعد ذلك؟
(12/12)
فريد عبد الخالق: أعتقد إن يعني مورثات وحصائل النظام الخاص صُبَّ سلباً في مصلحة الجماعة، خلت الغرب ينافسوا، إذا كان عنده يعني تنبه، والتقدير زاد، وأصبح الخطر اللي كان بيتصوره، يعني دا يتجسد، لأنه هو فيه خطر مقيم في فكر الغرب، لأنه هو لم يفهم المسلمين فهماً حسناً..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن حاجة زي يعني كتائب عز الدين القسام مثلاً في فلسطين، تكاد تشبه النظام الخاص اللي أسسه حسن البنا في بداية الأربعينات؟
فريد عبد الخالق: أنا أعتقد إنه فيه وجه شبه، سواء في الفكر، أو في التكوين والأداء، بين كل الأنظمة ديت، وفيه تجربة خرجنا بها كلنا، ويجب العالم كله يعرفها وإحنا في مستقبلنا، إن ما فيه مؤسسة فيها جناحها السلمي، وجناح عسكري، إلا وجاء يوم الجناح العسكري دا سبِّب للجناح السياسي دا متاعب، ليه؟ لعدم فقدان..
أحمد منصور: حتى لو حركة تحرر.
فريد عبد الخالق: في فقدان التوازن.
أحمد منصور: حركات التحرر معظمها قامت بهذه الطريقة، فيه جناح عسكري وفيه جناح سياسي، وفيه تواؤم بين الاثنين.
فريد عبد الخالق: أيوه، بس هو يجب يكون دائماً هناك بين الخط السياسي والخط العسكري يعني تناغم، بل بالعكس تفاهم كبير جداً، حتى..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن الأخطاء هي التي يمكن أن تسبب المشاكل.
فريد عبد الخالق: طبعاً.
أحمد منصور: لكن إذا هناك تناغم بين الاثنين في..
فريد عبد الخالق: لا.. لا هي الفكرة.. هو الفكرة إنه يعني هو.. هو ربنا لما دعانا للسلم، ما هو دعانا برضو للقوة، وقال (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ) يعني هو القوة مطلوبة بحسب الأوضاع حتى الاجتماعية،، والسنن العمرانية، في قيام الأمم وحفظ حقوقها، ما ضروري، لأنه لقد يأتي عليهم أجنبي على أرضه أو حقه، فلازم أرد عليه، فالقوة يعني زي ما تقول شبه (...) الواقع...
أحمد منصور: تعرف من الذي اختار السندي لقيادة الجهاد؟
(12/13)
فريد عبد الخالق: حسن البنا اختاره بناءً على نصيحة، وأنا.. أنا قرأت ممن قالوا..
أحمد منصور: هل النصيحة كانت من محمود عبد الحليم كما ذكر هو في مذكراته؟
فريد عبد الخالق: أنا نعم.. أنا.. أنا الذي أعلمه فعلاً، إنه محمود عبد الحليم بحكم قربه، كان هو بيلي العملية ديت، هو..
أحمد منصور: هو اللي وصل..
فريد عبد الخالق: هو.. هو تولى العملية دي، فلما انتقل إلى بلده في فوه، والفراق كان له به صلة، وهو حتى أنا أشعر إنه هو أخطأ، لأنه اختار واحد مريض، هو اختار واحد ليس مكتمل لما تتطلبه العملية من وعي وإدراك.
أحمد منصور: لكن أحمد عادل كمال في "النقط فوق الحروف"، دافع دفاعاً مستميتاً عن السندي، وقال إن السندي قام بدوره كقائد للجهاز بشكل أساسي، وأن محاولات النيل منه، يعني هي محاولات لاسيما من الأستاذ صلاح شادي في.. في كتابه "حصاد العمر"، كانت محاولات تستهدف تغطية صلاح شادي على ما قام به بعد ذلك.. بالنسبة لعبد الناصر..
فريد عبد الخالق: لا هو لما جات قسم الوحدات، واشتغل.. واستقدمه حسن البنا رحمة الله عليه..
أحمد منصور: صلاح شادي.
فريد عبد الخالق: أيوه، وقال له أنت تخليك تنظم من يتعلق بالشرطة، باعتبارك أنت من الشرطة، إنهم يفهموا الدعوة، وتتحسن أخلاقهم، الحقيقة يعني وهو يعتبروا دُول يعني زي ما تقول نواة في وسط الشرطة تحسن، في المستوى الوعي، والمستوى الأخلاقي، ودا من أهداف الإسلام، ويعتبر.. أنا بأعتبر دا كان محاولة، ولو أنها غير يعني منطوق بها علناً، يعني إنما كان محاولة لتضييق أو تقليص سلطة السندي، بحيث ما تستوعبش الكل، العسكريين والشرطة، وعامة الناس، هو نوع.. نوع من التقليص، ولذلك هو عبد الرحمن السندي فهم، أو أحس، ليه؟ لأن أول ما جمع حسن البنا كلاهما معه، لتفهيم أدوارهم، عبد الرحمن السندي أبدى استياءه.
أحمد منصور: حضرت شيء من هذا.
فريد عبد الخالق: أبدى استياءه، وحس إنه..
(12/14)
أحمد منصور: عايشت أنت هذا الجمع بين الاثنين؟
فريد عبد الخالق: عشان خاطر أصبح فيه؟
أحمد منصور: عايشته أنت؟ حضرته؟
فريد عبد الخالق: لأ ما حضرتش الاجتماع، إنما عايشت الواقعة، يعني وعارفها، فهو زي ما تقول فيه زي ما تقول، فيه فعلاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني نقدر نقول إنه كان هناك حساسية بين صلاح شادي وبين عبد الرحمن السندي..
فريد عبد الخالق: أي نعم، كان فيه حساسية.
أحمد منصور: ورجال النظام الخاص بشكل عام، على اعتبار أن صلاح شادي كلِّف بتشكيل الوحدات، اللي هي القوات الشرطة المنتظمة، كان لتقليص دور النظام الخاص.
فريد عبد الخالق: كأنما جاي.. كأنما، أي نعم، كأنه جاي له في مجيئه ومؤهلاته مسجد ضرار يعني.
أحمد منصور: وهذا الذي جعل صلاح شادي يكتب بشكل فيه قسوة كثيرة على عبد الرحمن السندي..
فريد عبد الخالق: والله هو كتب –الحقيقة- صلاح شادي أنا كما يعني قرأت له، وأعرفه..
أحمد منصور: طبعاً صهرك صلاح شادي.
فريد عبد الخالق: نعم، الحقيقة إنه هو يعني يخشى ربه، ويقول الحقيقة، وهو أنصف في كتابه، أنا قريت في آخر الكتاب..
أحمد منصور: والآخرين أيضاً يعني..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: والآخرين أليسوا كذلك يعني فيما كتبوا؟
فريد عبد الخالق: لأ والله هو زي ما تقول أحياناً بيبقى الإنسان أكثر.
أحمد منصور: حظوظ النفس، يعني ألم يكن يعني الإخوان دُول ملايكة يعني؟ ما فيش حظوظ للنفوس عندهم؟
(12/15)
فريد عبد الخالق: لا أبداً، كلنا.. دا آخر ما كان يقوله حتى نفسه حسن البنا، اللي هو يعتبر هو المربي والمعلم، وهو القائد والمؤسس وله المكانة دي كلها، أنا لازلت أذكره والله على المنبر الثلاثائي، في.. لما تيجي فرصة لتصنيف الناس في القرآن، كانوا يقولوا فيه نوع كده يعني نسأل الله نكون زيهم، يقول (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) يقول زينا كده زي حالاتي يعني هو من النوع اللي يعني زي ما تقول خشيته لله، تخليه يبقى عنده دايماً استعداد إنه يعني يتهم نفسه قبل أن يعني يضفي عليها..
أحمد منصور: الشيخ أحمد حسن الباقوري وكان أحد قيادات الإخوان، وهو الذي وضع نشيد الإخوان الرئيسي الذي كان الإخوان يرددونه، يا رسول الله هل يرضيك أن، هذا النشيد الذي وضعه أحمد حسن الباقوري، أحمد حسن الباقوري اللي وضعه..
فريد عبد الخالق: والله اللي أعرف عبد الحكيم عابدين كان شاعراً.
أحمد منصور: عبد الحكيم عابدين حط.. وضع نشيد ثاني سماه نشيد "الكتائب" دا كُلِّف.. يقول أحمد حسن الباقوري في مذكراته يقول: أنه كُلِّف من حسن البنا بوضع نشيد للإخوان ووضع هذا النشيد، ووضع عبد الحكيم عابدين نشيد آخر أيضاً سموه نشيد الكتائب، يقول الباقوري في مذكراته، والباقوري كان أحد.. كان مرشد للإخوان بالإنابة بعد.. بعد مقتل حسن البنا..
فريد عبد الخالق: أنا..
أحمد منصور: وكان أحد المرشحين لكي يكون مرشد للإخوان.
فريد عبد الخالق: ممكن.. دا صحيح.
تداعيات أخطاء النظام الخاص للإخوان
(12/16)
أحمد منصور: بعد ذلك، لكنه اختلف مع الإخوان في سنة 54، يقول في كتابه: إن بدأ.. أُلصقت بالإخوان في تلك الفترة 46، 48 كثير من الاتهامات، قاموا باغتيال القاضي أحمد بك الخازندار (رئيس محكمة الاستئناف) في 22 مارس 1948 وقُتل على يد اثنين من النظام الخاص هما حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم، وصدر عليهم الحكم في 22 نوفمبر.. في 22 نوفمبر 48 بالأشغال الشاقة..
فريد عبد الخالق: حسن حافظ..
أحمد منصور: المؤبدة.
فريد عبد الخالق: دُول كانوا في مقتل الخازندار.
أحمد منصور: آه، ما بأقول لك هم الاثنين قتلوا الخازندار وحُكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وأيضاً في 12 نوفمبر 48 تم نسف شركة الإعلانات الشرقية الخاصة باليهود آنذاك، وكان فيه نسف لشيكوريل وسينمات وأشياء متعلقة باليهود آنذاك.
فريد عبد الخالق: صحيح، فعلاً.
أحمد منصور: تقييمك أيه لمثل تلك العمليات وبداية أخطاء النظام الخاص كما يقال؟
فريد عبد الخالق: والله العمليات اللي تمت دي كلها في الفترة الحرجة ديت وتركت تداعيات..
أحمد منصور: كنت أنت في السجن؟
فريد عبد الخالق: بعضها كنت في السجن وبعضها كنت بره.
أحمد منصور: بعضها كنت بره، كان وقعها أيه على حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: آه عايز أقول إن الحقيقة، كان ليها زي رد فعل، يعني كان الاحتلال و.. وزي ما تقول وتعدياته علينا واستفزازه للشعور الوطني وعدم..
أحمد منصور: الخازندار تقصد.
فريد عبد الخالق: عبأ.. عبأ الشعور الوطني الحقيقة..
أحمد منصور: لأ أحمد حسن الباقوري في مذكراته يقول: إن.. إن الشيخ البنا آنذاك غضب مما حدث وكان ثائراً، وقال يعني ليس معنى أنه يخطئ قاضٍ في حكمه أن يقتل، وأن ما حدث لم يعلم به الإمام البنا في مخالفة صريحة، وكأن فتوى قتل الخازندار أو قرار قتله اتخذ
فريد عبد الخالق: آه، نعم، نعم، نعم.
(12/17)
أحمد منصور: بعيداً عن الرجل، ألم يكن هذا بداية انفلات النظام الخاص وعدم رجوعه للمرشد في قرارات خطيرة، يعني في إسرائيل مثلاً..
فريد عبد الخالق: أي نعم، أولاً..
أحمد منصور: في إسرائيل لابد قرار.. رئيس الوزراء الإسرائيلي لابد أن يوافق على مقتل زعيم أو قائد أو.. أو مسؤول في حماس مثلاً يعني، لكن هنا النظام الخاص لم يرجع للبنا في هذا القرار.
(12/18)
فريد عبد الخالق: أي نعم.. الذي قاله في حقهم سليم، وأنا أضيف أيضاً إني أنا حضرت كشاهد عيان للمواقع ديت لإن يوم مقتل الخازندار، أنا قابلت في نفس الصباح الإمام حسن البنا -رحمة الله عليه- يسأل ويستفسر عن الحادث دا يبحث له عن صاحب مَنْ أمر به؟ لأنه هو افتكر دُول أصلهم من الطلبة، إن أنا لي صلة وعلى الأقل أعرف، فبعث إليَّ ابنه الأستاذ سيف كان طالباً في الإعدادية أيامها فقال لي الوالد عايزك، وأنا كالعادة.. قلت له يعني قلت له: أنا كنت مع الوالد إلى هزيع الليل من.. الأخير من الليل، عايزني في أيه ثاني دلوقتي أنا لسه يا دوبك ما نمتش ساعة، قلت له حاضر قال لأ عايزك ضروري، لبست ورحت: خير يا فضيلة المرشد فقدم لي "الأهرام" وفيه في صدره الحادث بتاع الخازاندار، قال لي أأنت أمرت؟ قلت له لا أمرت ولا أعلم، قال لي سبحان الله، أنا أبني وهم يهدمون، ما معنى هذا؟ دا القضاء هو الحصن الحصين للأمة كلها ولينا، هو اللي بيحفظ حقوق الناس النهارده يعني آخر ما إحنا بنحافظ عليه، فإزاي التصرف دا اللي عمل التصرف دا، حتى لو عمل حاجة لها دلالة، دي دلالة عكسية، يعني هو يعني أخطأ خطأ جسيماً، ولدرجة إنه خرج عن طوره لأول مرة وهو الرصين الرزين كما عهدته، إنه شد في شعره قدامي، نُكب نكبة يعني تصورها، وقدَّر إن دي لها عواقب وخيمة، وإن البناء اللي تعب فيه واللي أمضى العشرين سنة من عمره كلها اللي هي كل عمره نذر حياته لها، إنه ينتهي بالنهاية ديت فاجعة، لقصر نظر ولانفعالات غير مدروسة ورؤية قاصرة، إن كل دا اتهدم، فهو الحقيقة الحادث دا سبب له يعني زي ما يشبه الترويع إنه أبصر بعين.. بعين المستقبل إلى.. ولذلك إحنا لغاية النهارده إحنا بنلاحق بهذه العملية..
أحمد منصور: بسبب الخازندار..
فريد عبد الخالق: رغم إن كل الناس علمت في الغرب والشرق إن الرجل بريء ولم يعلم، ولم يعطِ أمراً وأنكر..
(12/19)
أحمد منصور: لكن الجهاز.. الجهاز.. الجهاز الخاص هو الذي أصدر القرار وهو المسؤول.
فريد عبد الخالق: آه، بس.. قال هو كان الكلام قال يعني ليس خطأ فرد أو حتى خطأ جماعة، تنسب على الجماعة كلها، يعني (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وإحنا.. وهو علشان كدا حصل اجتماع خطير بعد الخازندار، حضره عبد العزيز كامل وحضره بعض الإخوان كمان..
أحمد منصور: حضرته أنت؟
فريد عبد الخالق: لأ، إنما كان عبد العزيز كامل ليه علاقة، كان مستشار ما كانش مجند في النظام، إنما لأمر ما كان فيه..
أحمد منصور: ما الذي دار في هذا الاجتماع..
فريد عبد الخالق: دار فيه..
أحمد منصور: بصفتك عندك..
فريد عبد الخالق: عندي
أحمد منصور: المذكرات السرية الخاصة لعبد العزيز كامل..
فريد عبد الخالق: عندي فيه ودا ترك يعني زي ما تقول من الآثار اللي تركت بصماتها في.. في نفسية الدكتور عبد العزيز كامل، وعبَّر عنها في مذكراته، لأنه هو رُوِّع بالخازندار وقتله لأن دا شيء غير شرعي وغير عقلي وغير سياسي بعد، وبعدين حبَّ يبحث عن الحقيقة ما عرفهاش، فطلب من المرشد إن يحصل لقاء، فاستدعاه وكان أياميها عبد العزيز كامل في الصعيد يُدرِّس في إحدى المعاهد، وحضر ووجَّه سؤال، أنا سمعته..
أحمد منصور: مين الحضور الأول؟
فريد عبد الخالق: الحضور كان بدرجة أساسية السندي وحسن البنا، عبد العزيز كامل، وآخرون من النظام قيادات النظام، زي ما تقول أحمد عادل كمال والحارثي والجماعة دُول اللي موجودين دُول، ومصطفى مشهور يجوز يعني من القيادات، اللي حسب طلبه، فبيقول أنا عايز أعرف آه أو لأ، مَنْ أمر بقتل الخازندار؟ أنا أسأل هنا وهنا فلا أجد الإجابة ولازم.. لازم لا تخرج عن اثنين، أنا أوجه سؤال السندي؟ قال: لا، وسأل حسن البنا أنت تقول لا إذن مَنْ؟ إذن فيه واحد يعني بيكذب، واستاء الحقيقة.
أحمد منصور: عبد العزيز كامل يعني..
فريد عبد الخالق: استاء حسن البنا..
(12/20)
أحمد منصور: آه استاء حسن البنا..
فريد عبد الخالق: إنه يعني يضعه في هذا الموضع دا، وكان يعني يود لو إنه المعاشرة ووعيه بشخصيته كافية إن هو يعني يبرأ بيه عن إنه يكذب كثير، أو يضعه على الأقل في موضع التهمة حيث نفاها، كان يجب أن يتمتع بنوع من التقدير أكثر..
أحمد منصور: تقصد..
فريد عبد الخالق: عبد العزيز كامل قال لي بنفسه الكلام دا أنا ليس استنتاجاً، في مرض الموت أنا رُحت زرته في المستشفى التخصصي قصاد (برلنت) في مستشفى ناسي اسمه، وزرته في آخر مرض الموت، وقلت له كلاماً..
أحمد منصور: تفتكر مات سنة كام؟ قريب..
فريد عبد الخالق: عبد العزيز كامل بقى له سنوات يمكن دلوقتي حوالي عقد من الزمن..
أحمد منصور: عشر سنين.
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: يعني قول 93.
فريد عبد الخالق: فأنا كان قلت له يا أخ عبد العزيز إن شاء الله كده تبرأ واطمئن كده.. قلت له بمناسبة وجودي معاك، فيه سؤال حائر ويهمني يكون ليه إجابة وإجابته عندك، قال لي تفضل، رغم إنه كان نائم على السرير وتعبان، ومعاه زوجته وأهله وبتاع، وأنا معايا الدكتور صلاح عبد المتعال ويمكن آخر من الإخوان، قلت له.. قال لي: أيه الحكاية؟ قلت له قال لي حسن البنا في حقك كلاماً، وآن الأوان أن أعلم حقيقته منك وليه قاله؟ قال لي أيه؟ قال لي بعد أحداث الخازندار والمحاكمات وتساؤل الإخوان، قال لك.. قال لي عن إني أنا يعني زي ما تقول آسف لموقف عبد العزيز كامل في الذي وقفه مني، وأنا كنت أعده ليكون مرشداً..
أحمد منصور: كان حسن البنا يعد عبد العزيز كامل..
فريد عبد الخالق: قال لي هذا..
أحمد منصور: ليكون مرشداً للإخوان.
فريد عبد الخالق: فأنا سألته لماذا فوجئ؟ واعترف لك بأنه كان يعدَّك لأن تكون مرشداً معناها منزلة كبيرة ليست سهلة، فأنا سألته قلت الكلمتين دُول فكانت الإجابة سبق اللسان.. الدموع سبقت اللسان..
أحمد منصور: دموع عبد العزيز كامل.
(12/21)
فريد عبد الخالق: أي نعم، والكلمة قبل ما يديني الإجابة اللي أنا عايزها قال عكس ما في نفسه، قال لي لقد ظلمت الرجل وظلمت الدعوة، واستغفر ربه مما حكى منه يوم أن يواجه وقال لي بقى الحكاية، حصلت مواجهة وحصل كذا، والحقيقة إن يعني كان الأولى بي والشواهد قائمة كثيرة على مصداقية الرجل وعلى يعني إنه زهده وتقواه وإيمانه وكلنا نشهد له به لا يتفق مع إنه ما جربنا عليه كذباً، فاشمعنى هيكذب المرة دي؟
أحمد منصور: هل خرج التحقيق بشيء عمَّن..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: هل خرج التحقيق، هل هناك شيء باقي في رواية عبد العزيز كامل؟
فريد عبد الخالق: لا عبد العزيز كامل في الحكاية ديت زي ما تقول.. يعني عبر فقط عن أسفه الشديد، لأنه كان يجب يعني يكون مصدقاً لرواية.. وإذا كان حتى على سبيل.. طلع إن الموقف هو نفسه كان.. طلع الموقف فيه تلبيس، يعني كلاهما كان صادق، إزاي؟ هو فعلاً المرشد لم يعلم ولم يعرف..، دا صحيح، والحقيقة الثانية اللي هي عبارة عن نصف حقيقة أو اللي هي بتبقى أشد خطراً من أي كلام، إن بعد تصرفات الخازندار دا ما وصلت للرأي العام في الصحف قال الرجل دا الرجل دا يعني دا يعني ربنا يريحنا منه..
أحمد منصور: آه.
فريد عبد الخالق: هو يقصد يعني يعني ربنا بيأخذ من علشان خاطر..
أحمد منصور: حسن البنا الذي قال ذلك..
فريد عبد الخالق: وهو أصل.. عبد الرحمن السندي افتكر إن دي إشارة يعني له، بس يعني مغطاة حتى يعني لا ينكشف المرشد عن إرادته الصريحة فاتخذ دي ذريعة ونفذ، فعبد العزيز كامل بيقول لي أنا عرفت قلت له: لأ هل.. هل فيه سفك دم؟ يؤخذ الكلام كده بالاستنتاج، دي قضية كبيرة يا بني، قضية كبيرة عن الإنسان، يعني "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه حتى يسفك دماً".
أحمد منصور: أحمد عادل كمال في "النقط فوق الحروف" يقول: إن مرشد الإخوان كان غاضباً، وقال: إن اغتيال القاضي غير جائز شرعاً.
(12/22)
فريد عبد الخالق: أي نعم.
إجراءات حسن البنا لتحجيم النظام الخاص للإخوان
أحمد منصور: لكن ما الذي اتخذه حسن البنا أو الإمام البنا من إجراءات لتحجيم النظام الخاص..
فريد عبد الخالق: أي نعم، أي نعم، هو اتخذ..
أحمد منصور: ووضع حد لمثل تلك العمليات التي تستهدف دماء الناس؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، هو حصل يعني تحقيق وانبنى عليه موقف بينهم تم بعدين..
أحمد منصور: تحقيق مع مَنْ؟
فريد عبد الخالق: مع اللي.. قيادات النظام على إن دي مسؤولية ومسؤولية جسيمة وبتاع، و.. وبدأ.. كان عبد الرحمن السندي متهم في قضية السيارة الجيب..
أحمد منصور: الجيب دي سنة 48.
فريد عبد الخالق: وكان في السجن، فهو عايز.. فاختار سيد فايز من النظام بس.. يعني معروف بإن هو زي ما تقول أكثر طاعة للمرشد، وأكثر قدرة على كبح يعني الأمور ووضعها في نصابها، فقال له يا سيد يا فايز أنت أنا أعهد إليك بأنك أنت تنقي النظام مما لحق به من.. من.. من سوء، بحيث الأمور تفلتت يعني، مش هأخش في التفاصيل لأن دي قصة ثانية، لم ينجح سيد فايز في الآخر، وانتهت حتى بقتله.
أحمد منصور: قُتل سيد فايز.
فريد عبد الخالق: وجرت.. وجرت تساؤلات: مَنْ قتل سيد فايز؟ وكانت قضية كبيرة، وذهبت يعني الناس مذاهب شتى، وأصابع الاتهام طالت من طالت يعني.
أحمد منصور: طيب، كان وقع..، دا بالنسبة لمقتل الخازندار، لكن حينما كان يتم قصف أماكن اليهود، أو قتل اليهود، كان فيه اغتيالات كثيرة لليهود بتتم، أو قتل جنود بريطانيين، أو نسف (شيكوريل) مثلاً.. كان وقع دا أيه على الإمام البنا؟
فريد عبد الخالق: والله التصرفات اللي هي.. زي حارة اليهود وما جرى فيها، وزي شيكوريل و (إريكو) كمان كان.. و.. والشركة.. الشركات..
أحمد منصور: وسينما..
فريد عبد الخالق: وشركة الـ..
أحمد منصور: الإعلانات الشرقية.
(12/23)
فريد عبد الخالق: الإعلانات الشرقية، الأحداث دي فعلاً وقعت.. وقعت من.. بتدبير من النظام، واعتُبرت رد على ما يجري في فلسطين من عدوان على الشعب الفلسطيني.
أحمد منصور: يعني إنتم اعتبرتم.. يعني كان المرشد ينظر نظرة مختلفة لمثل هذه العمليات عن نظرته لمقتل الخازندار؟
فريد عبد الخالق: لأ مقتل الخازندار أصل دا يعني زي ما تقول كنا بيقابل العدو في بلده، يعني بيقابل العدو في بلده، إنما دا مواطن وله كافة الحقوق ولا يجوز إطلاقاً حتى قتال مسلم لمسلم حتى فضلاً عن قتال..
أحمد منصور: من بين العمليات اللي كان يقوم بيها النظام الخاص ما حدث في ديسمبر في العام 1946، قبلها في 26 نوفمبر 46، وقعت حوادث دامية في أنحاء القاهرة احتجاجاً على مشروع صدقي بيفن، حوصر المركز العام للإخوان المسلمين.
فريد عبد الخالق: آه و..
أحمد منصور: وفتَّش، وفتشت الجريدة وأنت كنت مسؤولاً عنها، وأصبح الإخوان على خط المواجهة مع الحكومة؟
فريد عبد الخالق: آه، حصل هذا، وأنا حضرت اللي هو مسؤول المباحث..
أحمد منصور: آنذاك.
فريد عبد الخالق: آه..
أحمد منصور: عبد الرحمن عمار؟
فريد عبد الخالق: لأ، مش عبد الرحمن عمار.
أحمد منصور: سليم زكي؟
فريد عبد الخالق: ولا سليم زكي المسؤول..
أحمد منصور: محمد الجزار؟
فريد عبد الخالق: المسؤول بتاع القلم السياسي.
أحمد منصور: محمد الجزار.
فريد عبد الخالق: لأ، بتاع القلم السياسي هو اللي جه بنفسه، وأنا شوفته.. وشاف فعلاً أسلحة مما تستخدم يعني في مثل اللقاءات ديت، وحصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: شاف أسلحة فين؟
فريد عبد الخالق: في المركز العام، في أوضة، فهو..
أحمد منصور: آه، يعني علني كده ولا هاممكم.
فريد عبد الخالق: لأ، أصل.. طلع لقى هو..، تدخل في المسألة عبد الرحمن عزام وقال أنا أعلم..
أحمد منصور: اللي هو كان..
فريد عبد الخالق: أنا أعلم..
أحمد منصور: أمين عام الجامعة العربية.
(12/24)
فريد عبد الخالق: ودي.. ودي محفوظة لعملية المتطوعين، تدريبهم.
أحمد منصور: لحرب فلسطين.
فريد عبد الخالق: حرب فلسطين، إنما ليست.. وفعلاً هم يعني تقبلوا هذا، لأن الدلائل دلت عليه. هيعمل أيه ما فيش.. ما فيش ما يدعو إن إحنا نقتني..، ليه؟ ليه؟ فهو يعني كانت القرائن والأدلة خلت يعني أصابع الاتهام يبتعد عن العمل العام والإخوان المسلمين بصفة عامة، كجماعة يعني، وانحصرت في.. فأنا حضرت فعلاً الواقعة ديت..
القبض على فريد عبد الخالق في ديسمبر 1946
أحمد منصور: طيب، في ديسمبر.. في ديسمبر سنة 46 قام النظام الخاص بما يسمى بعملية كبيرة في أنحاء القاهرة سُمِّيت بقنابل أعياد الميلاد.
فريد عبد الخالق: بـ..؟
أحمد منصور: قنابل أعياد الميلاد.
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: في سنة 46.
فريد عبد الخالق: آه.
أحمد منصور: أنت قُبض عليك في هذه المرحلة، وأنا حاولت أن أعرف تاريخ القبض عليك، أنت لم تعرف..، ولكن أنا وجدت أحمد عادل كمال كاتب عنك سطرين، وقال إنك أنت بصفتك مسؤول الطلاب..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: قُبض عليك على اعتبار إن فيه تخمين إن الطلاب هم الذين قاموا بهذا العمل، ولم يكن النظام الخاص آنذاك إلى تلك الفترة معروفاً لدى الحكومة أن لديها نظام سري، وأن النظام السري للإخوان هو الذي يقوم بمثل هذه العمليات، قُبض عليك في ديسمبر 46..
فريد عبد الخالق: أي نعم..
أحمد منصور: وقُبض على سعد الدين الولي اللي مسؤول الجوالة، على اعتبار إن شكّوا أيضاً أن تكون الجوالة، ولكن كان وراء الأمر طلبة أيضاً، ولكن يتبعوا النظام الخاص.
فريد عبد الخالق: صحيح. هو من ناحية الطلبة أنا أُتيت.. مش من ناحية..
أحمد منصور: آه، يعني الطلبة سببوا لك مشاكل.
فريد عبد الخالق: سببوا لي مشاكل وطبعاً هم معذورين فيها لأن هُمَّ من النظام الخاص.
أحمد منصور: لم يكن أنت لك سلطة عليهم فيما يتعلق بالنظام الخاص؟
(12/25)
فريد عبد الخالق: لا، بل بالعكس أنا لم أكن أعلم.
أحمد منصور: لم تكن تعلم.
فريد عبد الخالق: وحتى أنا اشتكيت للمرشد في واقعة جمعت.. خليته يجمع بيني وبين السندي، ونهاه نهره، قال له: لا تأخذ من وراء ظهر فلان من تجنده في النظام الخاص، لأنه بتعمل ربكة، لأنه فعلاً الإخوان اشتكوا لي، يعني أنا أذكر واحد اشتكى لي حسان حتحوت، مثلاً راجل محترم، ولد كويس من وهو طالب وهو لسه كبير، فبيقول لي أنا معايا شباب كويسين قوي ومتربيين تربية حلوة وبنقعد مع بعض، نقرأ قرآن، نزداد علماً بديننا، فلقيت واحد منهم، وذكر لي اسمه، نهايته بيقول لي أنا بأدعيه زي كل مرة اجتماعنا يوم كذا..، قال لي لأ أنا عندي مواعيد في سينما ورايح أتفسح وبتاع..، قال له أنت تجننت؟ ما.. ما.. يعني شيء.. رد غريب يعني، فاكتشف إنه هو مكلف أن يتوارى بما يعني انتظم.. بانتظامه في النظام ودي التعليب، دول تحت الأرض بقى، دُول اسمهم جنود تحت الأرض، فما يصحش إن اللي فوق الأرض يعرفوا، فاضطر يجيب الأعذار الممجوجة الأعذار..، لسوء يعني عقل وسوء تربية يعني من النظام الخاص، رايح سينما! رد حتى مش..، نهايته فاشتكى لي حسان حتحوت وقال لي أنا عرفت بقى إنه هو النظام الخاص، فمش طريقة ديت إن إحنا نشتغل مع ناس، ولهم وضعين و.. وإنه يُباح له مفهوم يعني.. بنتحلى بالصدق والفضائل وإحنا بنكذب! مش ممكن، مش تربية ومش نظام، وكان حسان له يعني جرأة في المواجهة.
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: معهودة منه في مواقف أخرى، نهايته أنا رحت قلت للنظام الخاص.. قلت اشتكيت للمرشد فجاب السندي على طول، وقلنا الواقعة ونُهِّر ونُهي عن هذا، فالممارسات دي اللي من النوع دا هي الحقيقة بيني وبينك لما أبحث أكثر يعني هل هو السمع والطاعة المطلقة؟ هل هو يعني مبادئ أو مفاهيم يعني..
(12/26)
أحمد منصور: هو الخلاف ما بين العمل السري، وما بين العمل المعلن. يعني العمل السري له ضوابط وقوانين ونظم، والذي يقبل أن يعمل في العمل السري لابد إنه يلتزم بهذه القوانين والضوابط، وإلا لا فارق بينه وبين العمل المعلن.
فريد عبد الخالق: لأ، صحيح ، أنا أحدهم، وأنا مشيت مانفعتش، وهم كان دربوني شوية برضوا في الصحراء إزاي أمسك البندقية وإزاي أفكها..
أحمد منصور: لكن في الآخر لقوك ما تنفعش.
أحمد منصور: يعني لقيت الحكاية ديت، مش.. مش راكبة معايا.
أحمد منصور: طيب، كيف قُبض عليك؟ والفترة التي قضيتها في السجن؟
فريد عبد الخالق: أنا قُبض عليَّ كان أول مرة طبعاً أعرف كيف يقتحم بيتي الآمن، ضابط..
أحمد منصور: إحنا بنتكلم عن ديسمبر 46.
فريد عبد الخالق: أي نعم، فأنا فوجئت بهذا المسؤول الكبير في وزارة الداخلية، معروف هو كان رئيس القلم السياسي بس أنا ناسي اسمه، نهايته فدخل علي البيت وفتش المكتب وأوراقي، حتى طلع كده ورقة فيها أسماء، بأشتغل.. بأشتغل مع قسم الطلبة و..، وبعضها عليها تعليقات كده..، يعني مثلاً من ضمنهم ورقة واحد مقدم من الطلاب، مشروع بيقول لي مشروع دستور، كويس، اجتهد وأنا عرضه عليَّ وأنا معلق عليه، إنما طبعاً الكلام دا بيُفسر تفسيرات أخرى.
أحمد منصور: طبعاً، عايزين تقلبوا الدولة.
فريد عبد الخالق: لاسيما في ظروف حرجة غير عادية، نهايته أنا.. قبض عليَّ وخد الأوراق ديت، وقال لي تفضل معايا بقى، قلت له حاضر، ورحت أنا معاه أنا وهو في سيارة (لوميزينو) جميلة محترمة..
أحمد منصور: يعني مش box و..
فريد عبد الخالق: مما دل على إن بيقول لي أنا خدتك معايا مخصوص وما سيبتكش للعربيات السودا إياها، نهايته أنا رحت دخلت سجن الأجانب، فوجدت طبعاً سجن يعني كان مضللاً لي.. لأن افتكرت السجون كده..
أحمد منصور: كيف التحقيق.. التحقيق معاك كان شكله أيه؟
(12/27)
فريد عبد الخالق: التحقيق معايا كان تحقيق مهذب، أنا قلت لحضرتك..
أحمد منصور: يعني مافيش كرابيج..
فريد عبد الخالق: لا لا لأ،..
أحمد منصور: ولا فيه صفعة ولا فيه تعليق ولا كلام من دا؟
فريد عبد الخالق: ما كانش فيه أي، لا لا.. لا، الحقيقة يعني، يعني أقصى ما فيه كنت أنا يخلوني .. يدخلوني عند النائب العام وعند أنور حبيب، وواحد اسمه شفيق تاني وكيل.. وكيل نيابة، الاتنين كانوا مساعدين ومعاهم ورقة جاهزة ويسألوني، هو والنائب العام، وأيه الحكاية وأيه صلتك وكذا؟ وأيه الورقة ديت؟ الورقة اللي مكتوبة بالأسماء ديت، والورقة ديت فيها تواريخ وفيها..
أحمد منصور: بلغوك بتهمة معينة؟
فريد عبد الخالق: آه، قالوا لي طبعاً إنك أنت.. عرفت التهمة إني أنا يعني أعطيت أوامر لجريمة استخدام قنابل عيد الميلاد ضد الـ..
أحمد منصور: ضد البريطانيين..
فريد عبد الخالق: نعم، وحصل تحقيق معهم وتحقيق معي، وفي سجن الأجانب بقى يعني أنا كنت يعني خدت أول جرعة من السجون اللي جت بعد كده تعددت لأني تقريباً زرت يمكن كل سجون القاهرة، من الاستئناف لسجن مصر لسجن بتاع..، فوجدت طبعاً حاجة يعني معقولة..
أحمد منصور: يعني سجن نقول خمس نجوم؟ سجن..
فريد عبد الخالق: آه خمس نجوم، بالنسبة للي شفته بعد كده..
أحمد منصور: أوصف لنا زنزانتك كان شكلها أيه؟
فريد عبد الخالق: بلا.. دوكها بلا نجوم نهائي، مش نجمة واحدة، بلا نجوم..
أحمد منصور: الزنزانة كان شكلها أيه؟
فريد عبد الخالق: الزنزانة أولاً يعني كانت شبابيكها ليست في أعلى السقف، بحيث أنا يعني أُحرم من النور ولا..، لأ كان في متناولي أستطيع إن أنا أرى الشارع، وكان فيه السرير يعني وكان في جنب السرير ترابيزة، وعليها طبق صاج كبير وشفشق مليان ميَّه، و.. يعني حاجة كويسة يعني، وبعدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سجن الأجانب دا كان موجود في محطة مصر؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
(12/28)
أحمد منصور: كان موجود في محطة مصر؟
فريد عبد الخالق: في محطة مصر، آه.
أحمد منصور: في وسط البلد.
فريد عبد الخالق: وأُزيل دلوقتي، بقى محطة بنزين أو ما أعرفش بقى أيه.
أحمد منصور: أيه..، سموه سجن الأجانب ليه؟
فريد عبد الخالق: لأن فعلاً اللي بنوه الأجانب، الإنجليز لما جُم حصلت الحرب بنوه، علشان كانوا بيجيبوا الأسرى الألمان ويحطوهم فيه..
أحمد منصور: آه علشان الـ..
فريد عبد الخالق: ولذلك أنا.. أنا جت فرصة أطل على العسكر الألمان في.. يعني أنا في ديت شفت يعني حاجات ما كنتش أراها إلا في سجن الأجانب.
أحمد منصور: أيه أهم الحاجات اللي شفتها؟
فريد عبد الخالق: أهم حاجة مثلاً إن أنا اكتشفت من ثقب الباب في أثناء مرورهم، وهم كانوا يسمحوا لهم بفرصة أكثر، فكان يتفسحوا في الطُّرقة، فأنا كنت أطل على هؤلاء الأسرى الألمان، اللي هم أصحاب قضية وعملوا اللي عليهم..
أحمد منصور: اللي أُسروا في الحرب العالمية الثانية..
فريد عبد الخالق: لقيتهم. لقيتهم يجمعون بقايا السجاير.
أحمد منصور: أعقاب السجاير.
فريد عبد الخالق: أعقاب السجائر وبعدين خلاص، ثم أنا وجدتهم مرة أخرى وفي صحبتهم رئيس مسؤول عن المعسكر البريطاني علشان خاطر يتفقد حال الأسرى، فكان شوفته وهو يفتح علبة الدخان، ويقدم السجاير للذي رأيته يلتقط الأعقاب فأبى، فبين الإباء وهذه المذلة مسافة كبيرة، فأنا حسيت إن الناس دول عندهم برضو يعني..
أحمد منصور: يعني يرفض من البريطاني سيجارة علشان هو بيعتبره عدوه..
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: ويقبل إنه يلم أعقاب السجاير.
فريد عبد الخالق: أيوه، عنده الإباء والكرامة، الألمان دُول على فكرة لهم طبيعة.. يعني ليست سهلة يعني، وعندهم.. ولذلك هم الوزيرة الوزيرة اللي استقالت.. مشهورة اللي قالت لبوش أنت كذا..
أحمد منصور: نعم..
(12/29)
فريد عبد الخالق: فاستقالت، قالت له أنت (هتلر) الجديد، نهايته.. فمش موضوعنا، المهم إنه هو أنا شفت الألمان في.. وشفتهم كده، وبعدين هم خدوا عليَّ، لغاية.. في الصحبة قدموا لي نصيحة كانت غالية وقتها، وأرجو من الله أن لا أحتاج لها مرة أخرى، فهو لما.. قال لي تحب تخاطب من جوارك لأنه عرف إني إحنا شركاء في قضية و..
أحمد منصور: كان معاك إخوان معتقلين..
فريد عبد الخالق: معايا.. معايا الاثنين اللي كانوا متهمين، عبد السميع ودُول كانوا لسه في ذروة التحقيق، فهو قال لي تحب تخاطب معهم؟ قلت له طبعاً لأن فيه قضايا مشتركة، أحب فنبهني مش عايز أخش في تفاصيل، قال لي عارف الكوب الصاج الذي أمامك؟ قلت له: آه فيه عندي كوب صاج، قال لي تحكم وضعه على جدارك قرب الباب، والذي في الحجرة المجاورة اللي تريد التهاتف معه يضع برضو فوهة قصاد فوهة، وتتكلمان من خلف الفوهة، من الظهر ويعني تنقر لغاية لما تحكم الفوهتين متقابلتين تماماً، وكلما أحكمت كلما ازدادت قدرتك، وسمعته وكلمته وحكى لي كل حاجة، فأنا يعني عرفت وتبادلنا الكلام اللي أتقال، حتى اللي يحصل قدام وكيل النيابة..
أحمد منصور: يعني أنت ممتن للألمان بهذه النصيحة؟
فريد عبد الخالق: وممتن لهم بالنصيحة دي وكنت..، نهايته هو..
أحمد منصور: نهايته في الحلقة الجاية أكمل معك فترة وجودك في سجن الأجانب، حيث قضيت فيه عدة أشهر وأفُرج عنك بعد ذلك.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق (مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/30)
الحلقة5(12/31)
الأربعاء 15/11/1424هـ الموافق 7/1/2004م(آخر تحديث) الساعة 18:42(مكة المكرمة), 15:42(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
4/1/2004
- فترة الاعتقال في سجن الأجانب
- العلاقة بين جمعيات الشبان المسلمين والإخوان
- موقف حسن البنا من قضية المرأة
- كيف كانت العلاقة بين الإخوان والأقباط؟
- دور الإخوان في حرب فلسطين
- علاقة الضباط الأحرار بالإخوان
- حكاية السيارة الجيب مع الإخوان
- كيف تم اغتيال محمود فهمي النقراشي؟
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر، حيث نُواصِل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مُرافِق الإمام حسن البنا مُؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، أستاذ فريد مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً بكم.
أحمد منصور: وقفنا في الحلقة الماضية عند اعتقالك بناءاً على ما حدث من تفجيرات في قنابل أعياد الميلاد التي قام بها بعض طلاب النظام الخاص في جامعة الإخوان..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: فاهم.
أحمد منصور [متابعاً]: المسلمين في ديسمبر سنة 1946 وقُبض عليك على اعتبار أنك مسؤول الطلاب في الجماعة، في الوقت الذي كُلِّف به هؤلاء بالقيام بعملياتهم من عبد الرحمن السندي مسؤول الجهاز الخاص وليس منك أنت.. قلت أنك كنت في سجن الأجانب ووصفت جانباً مما حدث، كم الفترة التي قضيتها؟ كم هي الفترة التي قضيتها في سجن الأجانب؟
فريد عبد الخالق: هي بِضعة أشهر يعني أقل من سنة يعني و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قضيت الفترة كلها في سجن الأجانب؟
(12/32)
فريد عبد الخالق: لا هما.. النيابة.. المحققين حولوني من سجن الأجانب إلى سجن مصر، وطبعاً ديت بقى نقلة صعبة ونحمد ربنا على العموم على إن أنا بدأت بالأولى وثنيت بما دونها
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني، يعني كان مُرَفَه سجن الأجانب..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لا جداً طبعاً.
أحمد منصور [متابعاً]: مُقارنةً بسجن مصر؟
فترة الاعتقال في سجن الأجانب
فريد عبد الخالق [متابعاً]: سجن الأجانب يعني سجن فيه أجانب، يعني مُعدَّل، إنما دوكها احتفاظ الإنسان بآدميته فيه عملية صعبة.
أحمد منصور: لما أخبرك الألمان بالطريقة التي تتحدث بها معهم،
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أه.. تكلمت مع..
أحمد منصور [متابعاً]: نسقت معهم الأقوال بحيث..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: تكلمت مع اللي جالي بقدر الإمكان، وأصبحت زي ما تقول دية آلية جديدة أُضيفت إلى يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خبرتك في السجون.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: صلاحيات السجناء، فلما رحنا بقى البتاع ده مفيش مجال لأنه مكنش جنبي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل إحتكيت بالألمان
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ولا يكون باين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل إحتكيت بالألمان بمعتقلين آخرين في السجن؟..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا احتكاك فقط زي ما تقول في فترات الفسحة.. يعني فترات قليلة.. نخرج من الزنزانة عشان خاطر نمشي في الممر فقط بتاع الطابق.. نوع من يعني التغيير، المهم النقلة والتانية ديت جرى فيها التحقيق برضو واستكملوه وكان أنا بردو بقضي الحاجة بس لم يتيسر تنفيذها لعدم وجود لا مواعين ولا طبق ولا بتاع ده ولا كباية ولا حاجة، دي عبارة عن زنزانة من الإسفلت وبرش وبس فا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: المعاملة كانت شكلها إيه في سجن مصر؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا زي.. المعاملة غير متعمدة هي المعاملة العادية عندهم كده يعني هو ده اللي..
(12/33)
أحمد منصور [مقاطعاً]: دخلت السجن الحقيقي بأه هنا.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: دخلت السجن الحقيقي بأه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل وُجِّهَت لك تُهمه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا هما كانوا بيكملوا معايا التحقيق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد انتهاء التحقيق ما الذي حصل؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: دا بعد انتهاء التحقيق، خلاص أفرجوا عنا.. لأنه أعتبر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أفرجوا عنك..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حفظ القضية لأن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس أنت لا تذكر متى أُفرِج عنك تحديداً؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا.. في نفس السنة برضو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في سنة 1947 ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما طولتش يعني.
أحمد منصور: أنا حاولت قدر المُستطاع أبحث في الكتب حتى أجد أسمك متى أُفرِج عنك..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: ومما يعني زي ما دام جبت حضرتك السيرة ديت، مما يعني يُذكر يمكن يكون يعني لا يقل طرافة عن الاهتداء إلى آلية الكوب ديت، هما كانوا يسمحوا لنا في إنه حسب النظام اللي في السجن دقائق.. عشرة دقائق زي ما تقول نروح الدورة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فخدونا وأنا معاهم مع الشخص اللي كان في التحقيق، بس ما يستطيع أن يُحدِّث أحدنا الآخر، لأنه كل واحد معاه العسكري والعسكري هايمنع.. ممنوع الاتصال وهم عارفين إن في التحقيق يُشدد عدم تبادل المعلومات، شاء الله عز وجل أنه يعني.. يعني يعطيني كما أعطى يعني بالكوب لأسمع أتاني بإن هذا الأخ ده ربنا أجرى يعني.. على عقله أنه يفكر تفكير لم يرد على باله خلاني أعلم كل صغيرة وكبيرة مع وجود السَجَّان الذي يمنع الحديث..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي؟
(12/34)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إزاي.. الأخ ده خِريج جامعة أو في الجامعة هنا هوه وذكي.. غايب عن اسمه بس، أنا لا زلت أذكره شكلاً.. نهايته.. تحادث مع العسكري لغاية لما كسب ثقته، قاله يا عمي أنا فلان وتودد إليه في الكلام.. أنا أصلي يتيم ومعايا أمي بس في البيت وأمي عامية وأنا اللي بَسْأيِها وأكلها وهي لوحدها دلوقتي ملهاش حد، قاله يا بني طب وأنت يعني لوحديها!! وقال: يحققوا معايا وعايزين.. قاله: قالولك إيه؟! أعد يقوله قالولك إيه؟.. وهو يقول: قالولك إيه.. هو يقوله كمان طب يا إبني ميهمكش وكمان قالولك إيه! وطلع وتم اللي أنا عايزه بحديث جرى بين الذي عليه أن يمنع الحديث والطرف التاني الأخ اللي هو متهم زيي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت قاعد بتسمع..
فريد عبد الخالق [متابعاً]:بقيت أنا بين يعني أكظم ضحكي وأَحمَد ربي وخرجت فعلاً بكل المعلومات اللي أنا عايزها ورجعت زنزانتي يعني ربنا بيهيئ الأسباب لنا غير وأنا كثيراً ما رأيت تدخل إلهي في سجوني سواء في القلعة أو في السجن الحربي أو هنا وهنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنأتي لها تباعاً.. أنت خريج سجون كل مصر.
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: كل سجون مصر اتخرجت منها.
فريد عبد الخالق: كتير..
أحمد منصور: لَفيت عليها كلها.
فريد عبد الخالق: يعني.. أنا رُحت سجن السرداب ورُحت سجن مصر ورُحت أبو زعبل رُحت كتير وحصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنأتي تباعاً لكن أنت الآن أُفرِج عنك بعد هذا حينما لم يفرج..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: كان عندي دراسة مُكثَّفة بذاكرها خارج موضوعك عن الإفراج..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تم الإفراج عنك؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: حقيقي يعني..
(12/35)
أحمد منصور [متابعاً]: تم الإفراج عنك بعد أنه لم يثبت، لكنك لا تذكر التاريخ بالظبط، لكن هاسألك عن حادث وأشوف هل أنت كنت خرجت من السجن ولا لأ؟.. في 26.. في 24 مارس 1947 صالح حرب باشا أعدَّ بياناً اشترك فيه الإخوان مع كثير من القيادات الوطنية آنذاك وانتقضوا فيما تقوم به من حكومة النقراشي من مفاوضات مع البريطانيين، هل كنت خارج السجن أم كنت داخل؟.. مارس!
فريد عبد الخالق: والله
أحمد منصور [مقاطعاً]: 1947 تفتكر البيان ده؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: البيان.. أفتكر هو أفتكر أصل هو الحقيقة صالح حرب شخصية من.. مَعدودة من وطنيتها وشهامته وكان ليه دور حَسَن يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكانت علاقته بحسن البنا قوية.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حَسَن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكان يُرتب معه كثيراً من الأمور.
فريد عبد الخالق]متابعاً[: ولدرجة إن هو لما يعني أُحيل بين حسن البنا وبين ما له من دور راحت والأمة كلها راحت فوسعه في جمعية الشبان المسلمين..
العلاقة بين جمعيات الشبان المسلمين والإخوان
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان صالح باشا حرب هو رئيس جمعية الشبان المسلمين.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حضرنا أنا مؤتمر.. وحضرنا مؤتمر كبير أنا الأخير أنا حضرته في.. فكان في تعاون كبير أوي بين جمعيات الشبان المسلمين وبين الإخوان المسلمين كبير الحقيقة.
أحمد منصور: طيب في 2.. في 26 يوليو 1947 قرر حسن البنا القيام بحركة عالمية ووضع الإخوان في بُؤرة الحدث العالمي آنذاك فأوفد مصطفى مؤمن، ومصطفى مؤمن تلميذك
مصطفى مؤمن زعيم الطلبة في الجامعة..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أينعم.
(12/36)
أحمد منصور [متابعاً]: أوفَده إلى الأمم المتحدة وتمكن مصطفى مؤمن من حضور جلسة مجلس الأمن بعدما تَسلق من على السلم أثناء مناقشة النقراشي في إلقاء كلمته ودخل إلى قاعة مجلس الأمن في شيء غير مسبوق وألقى كلمة تُعبِّر عن رفض مفاوضات النقراشي وتحدث بإسم.. بإسم الوطنيين آنذاك، فاجتمع عليه الحراس بِطلب من رئيس مجلس الأمن وأخرجوه ورجع في اليوم التاني وفي اليوم التالت ودي كان نوع من التحدي إن حسن البنا بدأ يتحدى بجماعته.. برجاله
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أيوه..
أحمد منصور [متابعاً]: المجتمع الدولي ويُظهِرهم بشكل أساسي.
فريد عبد الخالق: هو يمكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت في السجن ولا كنت طلعت؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا.. أنا كنت الفترة دِيَت موجود.
أحمد منصور [مقاطعاً]: معلوماتك إيه عن إيفاده لـ مصطفى مؤمن؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: معلوماتي أنا.. أولاً لم يوفده حسن البنا هو أستأذن، اللي أفادوه مجموعة حواليه من الطلبة.. هو أصل كان عنده زي ما تقول حماس خاص غير.. غير مُجرد انتمائه إلى الإخوان، هو كان عنده خصوصية زعامية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فهو الحقيقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الكتب اللي تحدثت عن الإخوان..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني هي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وعن الإخوان قالت إن الحسن البنا اللي أوفَده..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لأنه.. أفندم!
أحمد منصور [متابعاً]: المراجع المختلفة قالت إن حسن البنا هو اللي أوفَده.
فريد عبد الخالق: لا.. علمي لأ.. ليه.. لأنه هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا أسألك باعتبارك مسؤول الطلبة كنت..
فريد عبد الخالق: هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مسؤول آنذاك.
(12/37)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: استأذن قبل سفره فَأُذِن له، إنما الترتيب بتاع العملية ويمكن أُعِينَ مادياً ولغاية دلوقتي.. إنما نفس الفكرة حقيقة إن هي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أُعِين مادياً من، من الإخوان؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: من الإخوان طبعاً باعتبار سفره ده.. يعني فهو.. موافقة تمت الإذن يعني والمعاونة تمت، إنما أصله كان زي ما بيقول أنه في تحفظ إنه.. قد يكون في الكلام بتاع.. زي ما تجاوز في حكاية كُبري عباس..
أحمد منصور: أيوه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إن قد يحصل تجاوزات مش ما.. في مسائل عايزة تنضبط أكثر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكان عنده زعامة هو..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ..أه عنده أكتر، فكان في بيبقى في نوع من الحظر.
أحمد منصور: هل صحيح هو عمل كما ذكر أحمد عادل كمال عمل جهاز خاص ليه هو بعد لما لقي الجهاز الخاص بيعمل دور كبير في الجامعة، فهو شكل مجموعتين خاصين بيه وبعد ذلك حسن البنا طلب منه أن يَحِّل هذه المجموعات؟ عندك فكرة عنها؟
فريد عبد الخالق: هو أنه يعين كما أنا أشرت ضِمنا أن هو النزعة الخاصة استوجبت بالتَبعة أن هو كان في.. وده شيء طبيعي بالبشر يعني أن من يُعجب به مجموعة من الشباب بشخصيته وبكفاءته في التحرك في خطابته وكان يعني ليه قُدرة خطابية خاصة فهو كان يعني فالمجموعة التي حَظيَ عندها بقبول خاص شَكَّلت هي بالتبعية زي شِلَّة كده أو زي مجموعة حواليه، إنما هو الحقيقة بقى بدأ هو يأخد دور مُتزايد أكتر من حجمه وأكتر من الحقيقة لدرجة أنه في ناس بدءوا في سوريا بالذات وبلاد عربية يصَوَّرا أن في دور لـ مصطفى مؤمن أكتر مما هو يعني قائم وأن أصبح كأن هو ليه وجود مستقل يعني.
أحمد منصور: ما الذي يمنع يعني وبيؤخذ على الإخوان قمع وعدم استيعاب الطاقات الموجودة، الآن في طاقة، لماذا لا تُستغل هذه الطاقة وتُصبح في الآخر
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: هو
(12/38)
أحمد منصور [متابعاً]: بِتصُب في صالح الجماعة يعني لازم كل واحد يبقى سمع وطاعة
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لا..لا أنا هَجَاوب
أحمد منصور: وجندي وبتاع ولا وروح وتعالى؟
فريد عبد الخالق: لو تفضلت والله هو مش كده لأن هو بدأ أنا حضرت يعني بدأ في السجن لما رجعنا المُعتَقل وجمعنا المُعتَقل ورجع ولما رحت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مُعتَقل إمتي ما أنت رُحت مُعتقلات كتير، جيه معاك المُعتقل امتي؟
فريد عبد الخالق: قبل مقتل حسن البنا
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيوه 1948
فريد عبد الخالق: لما رُحنا الهايكستب ورُحنا الطُور وعيون موسي وخد بالك
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي سنة 1948حينما قُبِض
فريد عبد الخالق: فكان ليه كلام
أحمد منصور: على الإخوان المسلمين
فريد عبد الخالق: فكان ليه كلام
أحمد منصور: بعد قرار الحرب
فريد عبد الخالق: فكان ليه كلام مع أتباعه دول أو المجموعة دي، وده عيب وخطر يعني تشكيل بُؤر في الكيان العام بتبقى زي البؤر اللي بِتعمل إفرازات.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أحمد عادل كمال يقول انه امتثل حينما طلب منه الإمام حسن البنا حَلْ هذه الجماعات المجموعة اللي بعدها.
فريد عبد الخالق: حَلْ الجماعة لا هو فهو يعني بس بدأ يتكلم يقول المرشد لازم يعرف لغات بدء يقول مواصفات يعني لازم تكون موجودة كأنه أصبح يعني دخل في دور منافسة حتى الناس العقلاء.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل صحيح المرشد اللي استدعاه قاله أنت المرشد أم أنا وفَرض عليه بعض الأشياء؟
فريد عبد الخالق: لا هو حصل كلام مش بالصورة دية، هو حصل كلام أن هو قاله يا مصطفى أنت ليك قُدرتك الزعامية وممكن تِخدم بلدك وإحنا معاك، بس أنت عندك يعني خُصوصية عمل فممكن أنت تنفرد بهذه الخصوصية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: على اعتبار أنه خرج عن خط الجماعة إلى حد
فريد عبد الخالق: فهو يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: في بعض المواقف
(12/39)
فريد عبد الخالق: لم يَنهَروه ولم يَستَبِعدوه ولم يُوجِد بينه وبينه مسافة، بس قالوا أنت بِاستقلاليتك مُمكن تخدم أكتر، الفكرة أن أي جماعة بيبقي فيه قدر يعني عشان يحفظ عليها تماسكها من الولاء، مش لازم يعني يكون الولاء الذي يَقتُل الشخصيات ويمنع حرية الرأي، لا ما هي عايزة توازن، يعني إنما كمان اللي ما يتفلتش فيه الجماعة يعني في.. فلما بيحصل أن أي واحد مسؤول بدأ يخرج بخصوصيته بدأ عند الإخوان يأخد وضع خاص كأن فيه انقسام وشرخ، ميصحش أترك الشرخ ده يعني من حق برضه اللي بيعمل يبقى يعني في خيط رفيع ما بين سُوء الاستخدام للحق ده وبين حسن استخدامه، لان بَرضه أنا ربنا لما يكون في جماعة وبتَعمل للحق وأنا بَنتمي إليها لازم نتعاون.
أحمد منصور: كيف حسن البنا
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: يتعاون
أحمد منصور: كان يتعامل مع مثل هذه الشخصيات؟
فريد عبد الخالق: لا والله الحقيقة يعني هو عنده أكتر من تجربة هي تجربة الشباب شباب محمد
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم
فريد عبد الخالق: ودول كانوا ناس كويسين جداً وأزهريين بعضهم وبعضهم غير أزهري وكانوا مُتعجلين وكانوا يقولوا يا مُرشد أنت ينقصك الشجاعة وينقصك الجراءة، إحنا عايزين نِخُش على الأوضاع ديت ونبتدى... فهو كان من أنصار ودي كان زي ما تقول.
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي كانت سنة 1940: 1941
فريد عبد الخالق: انه لا يحب القفز على النتائج ولا يحب تعجل الخُطى وقال لهم أنا اللي عايز يُصبر معايا على الطريق الطويل وطريقه ده مرسوم ومعروف وتدرج أساسي فيه، مفيش فيه قفز، اللي مش هيقدر على التحمل والنَفَس الطويل يَستقل بعمله وخَلُّوا كل واحد يعمل بطريقته إنما أنا غير مُستعد إني أتعجل بِتعجلكم فكان فهما لما تَعجَّلوا خرجوا باسمه في المؤتمر الخامس كان يتكلم عن الشباب المتحمس ويتكلم عن
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة 1939
فريد عبد الخالق: زيادة التحمل .. أفندم
(12/40)
أحمد منصور: في عام 1939
فريد عبد الخالق: أيوه قال فيه أن أنا يعني لا أوافق على أسلوب التعجل للنتائج والتحمس في التصرفات.
موقف حسن البنا من قضية المرأة
أحمد منصور: عايز أسألك عن حاجتين خطيرتين ومهم أنك أنت تُوضَحهم باعتبارك رافقت حسن البنا ربما ثماني سنوات، إيه موقف حسن البنا من قضية المرأة؟ يعني قضية المرأة قضية خطيرة الآن وبتلاك في كل لحظة الموقف من المرأة .. الموقف من المرأة .. الموقف من المرأة؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور: وأنت قُلت أن كان فيه كان مُهتم وعامل تجمع للأخوات
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: صحيح
أحمد منصور]متابعاً[ : المسلمات
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: صحيح
أحمد منصور: وأنت كنت بتحاضر
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور: أحد الذين يحاضرون في المنزل
فريد عبد الخالق: هو الحقيقة يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس أَوجِز لي هذا
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: حاضر
أحمد منصور: بإيجاز ومباشرة
فريد عبد الخالق: إحنا كنا يعني في أشياء يعني نُؤتَي منها من عند الآخرين نقضاً أو أكثر من نقض، من ضمنها قضية المرأة، وحقوق المرأة ودي قضية الحقيقة يعني كبيرة وعُني بها القرآن عناية كبيرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مَكَتَبش فيها حسن البنا دي؟
فريد عبد الخالق: أنا حتكلم أنا فهو الرجل كان يعني باعتبارنا مرجعيتنا هي القرآن وهي الإسلام المرأة عنده خوطبت بما خوطب به الرجل في كل التكاليف الشرعية وتتمتع بكل الحقوق المدنية، الذمة المالية مستقلة، اسمها لا يضاف إلى اسم الزوج كما عند الغربيين، لها تتصرف ولها كذا، فهو شايف أن المفاهيم السائدة مفاهيم والتقاليد اللي كانت سائدة أياميها كانت بِتَبخس المرأة حقها تقريباً من حق العمل، حق التعلم، وموجود بدول كبيرة عربية شقيقة يعني لغاية الآن يمكن لا تستطيع أنها تقود سيارتها لا تستطيع أنها يمكن تستمتع بحقها في العمل.
(12/41)
أحمد منصور: هذا من ناحية الفكر؟ من حيث التطبيق العملي؟
فريد عبد الخالق: من حيث التطبيق العام هو بدأ يُؤسس مدارس للبنات، بدأ يَستعين بيهم ويقولوهم أنتوا شركاء في العمل العام وعليكوا دور يعني دَعَوي زي الرجل تمام، بحيث لما جاءت مِحنة التَطوع واحتاج المتطوعين إلى ملابس زي بلوفرات صوف وبتاع مما يجيده النساء قالهم يعني حاولوا تساعدوا في القضية، فكان يعني في مما يُعني به قسم المرأة المسلمة في الإخوان المسلمين بتكوين منه هو إنشاء مدارس، مساعدة مُتطوعين بتزويدهم بالملابس أي عمل دَعَوي أو عمل عام من حقهم وكان يقول الآية دي دائما كثير، يعني تتردد في هذا الميدان {ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوف} أن الرِجال والنساء وديه مَقولة بتفكرني بكلام لـ عمر، عمر وقف على المِنبر رضي الله عنه قال "والله كُنَّا ننظر للنساء وليس لهن حق وما جعل لهن كرامة عندنا إلا رسول الله والقران."
أحمد منصور [مقاطعاً]: عليه الصلاة والسلام
فريد عبد الخالق: يعني هو في النقلة دي نقلة كبيرة في تاريخ الإسلام نفسه يعني في الحقيقة المرأة
أحمد منصور [مقاطعاً]: النقطة التانية الأقباط
فريد عبد الخالق: خدت دور.. نعم
أحمد منصور: الأقباط
فريد عبد الخالق: نعم.
كيف كانت العلاقة بين الإخوان والأقباط؟
أحمد منصور: من الحاجات الحساسة جِداً في المجتمع المصري، قَضية الأقباط والحديث عن الأقباط وحقوق الأقباط ويعني مثل هذه الأمور في الحقيقة، كيف كان حسن البنا يتعامل معهم وكيف موقفه العقائدي؟
فريد عبد الخالق: والله أحسنت يا أستاذ أحمد وطالما أنت تُحسِن بقولك، أنا السؤال أنت حَطيت يعني باختصار، كان حاضر الذهن في الثغرات التي تُؤتي بها حركة الإخوان، ليه الأقباط؟ عشان الشريعة إزاي هنطبق الشريعة وعندنا مواطنين أقباط وحقهم
أحمد منصور [مقاطعاً]: قضية الوحدة الوطنية وغيرها مما شابه.
(12/42)
فريد عبد الخالق: الوحدة الوطنية والحاجة التانية كانت المرأة، فهو تصدى للإتنين، أولا آخى وشارك أهل الدارية من القيادات السياسية وغيرها، لا أذكر منهم سوى لويس فانوس وفي معروفين، معروفين في أيامهم فكان يجلس إليهم جلسات تكاد تكون دورية ويقول أنا بَجلِس إليكم للاستشارة وأستشيركم، واعرض عليكم ما عندنا ولذلك وُجِد بينهم جيل يقول نحن في حضن الشريعة أأمن منا في حضن غيرها.
أحمد منصور: صحيح عرض على حد من الأقباط الدخول في مكتب الإرشاد؟
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: هل عرض على أحد أن يدخل في مكتب الإرشاد أو يكون مستشار أو شيء من هذا.
فريد عبد الخالق: والله هو الخطوة ديه لم تتم
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهيب دوس
فريد عبد الخالق: حينما تمت بأنه عمل يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهيب دوس
فريد عبد الخالق: مكتب موازي
أحمد منصور [مقاطعاً]: تعرف وهيب دوس؟
فريد عبد الخالق: مكتب موازي
أحمد منصور: تعرف وهيب دوس
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: وهيب دوس
فريد عبد الخالق: وهيب دوس ولويس فانوس أسماء من الأسماء الكبيرة دية معروفين يمكن في مراجع مش موجودة في ذاكرتي دلوقتي، كنا نعرفهم وقتها إنما مع العقود والأحداث يعني أصبحت الذاكرة لا تُمسِك بكل التفاصيل
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 15 ديسمبر
فريد عبد الخالق: حق المواطنة في الحقيقة.
أحمد منصور: 1947
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: أعد الإخوان المسلمون مُظاهرة ضخمة من أجل فلسطين في ميدان العتبة
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: وحضر في هذه المظاهرة وخَطَب فيها كلا من رياض الصُلح رئيس وزراء لبنان الأمير فيصل بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية الشيخ محمود أبو العيون جميل مردم بيك وصالح حرب باشا والقمص متياس الأنطوني وإسماعيل الأزهري من السودان وحسن البنا كان قائد المظاهرة، حضرت هذه المظاهرة؟
(12/43)
فريد عبد الخالق: حضرت المظاهرة إنما يعني ... فيما يتعلق بالأسماء بالتحديد لا تحضرني إنما إني أعلم طبعاً إن فيها كلام مِِنَّا ... ومن أقطاب أخرى.
أحمد منصور: أما يعني ظهور هؤلاء مع الإخوان في مظاهرة على رأسها حسن البنا هو أن الإخوان أصبح حجمهم أكبر مما ينبغي أن يكون وأصبحوا بذلك يعني يتحدون السلطات الموجودة ويتحدون المُحتَل بشكل يدعوا إلى تحجيمهم والقبض عليهم وإنهاء وجودهم؟
فريد عبد الخالق: والله شوف حضرتك برده السؤال أنا يعني ... أنا أرى فيه أهمية ليست تاريخية مُتحفية كما دعاها العصر، قديمة ده حاجة قديمة وجديدة وهتظل، الصلة ما بين السلطة والتيار الإسلامي دي قضية، وساعة لما قويت طبعاً شعبية الإخوان لا شك إن الحكام مش بسهولة إنهم يرحبوا بأي واحد بأي شعبية خصوصاً لما يكون لها فكر وقد تتعارض مع مصالحهم وقد ... ففي شرخ، الشرخ ده بدأ يُوجَد مع نمو حركة الإخوان يعني الأول لما كانت مجهولة مَكَنش حد بيلتفت إليها، لما أثبَتت وجودها وبقالها شعبية وبدأ التيار يعني يبقى ليه تواجد بدأ بعض الحكام يرى إن في ده ما قد يُخشَى منه واللي رأى الرأي ده أكتر طبعاً المُستَعمر والمُحتَل يعني الأجنبي الحقيقة وإذا كانت للأجنبي مخاوف قد تنعكس على المخاوف الداخلية.
دور الإخوان في حرب فلسطين
أحمد منصور: في 18 يناير 1948 إتُخِذ قرار تقسيم فلسطين، وكان العام 1948عام حافل بالأحداث التي قام بها النظام الخاص وبدأ الإخوان يحشدوا للمواجهة والمشاركة في حرب فلسطين، معظم الكتب التاريخية كتبت عن دور الإخوان وأفرَدَ كامل الشريف كتاباً خاصاً عن الإخوان المسلمين في حرب فلسطين، لن أدخل معك في التفاصيل ولكن ما هي طبيعة الاستعدادات التي بدأ الإخوان يقومون بها لحرب فلسطين؟
(12/44)
فريد عبد الخالق: حرب فلسطين الدافع ليها طبعاً مش محتاج قول، لأنه شعور عام الحقيقة لأن وحدة المنطقة دي على فكرة ليست مما يُعطيه حاكم ولا تُعطيه جماعة هي ليها وجود سياسي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا بس أريد أُصَحِّح إن الجمعية العامة أصدرت قرارها بتقسيم فلسطين في 29 نوفمبر سنة 1947 و 18 يناير أصبح قرار التقسيم عملي بس كتصحيح تاريخي مني
فريد عبد الخالق: قرار التقسيم
أحمد منصور: الجمعية العامة اتخذته في 29 نوفمبر 1947 وفي 18 يناير أصبح قرار التقسيم مرفوض 1948 تفضل
فريد عبد الخالق: طبعاً قرار التقسيم، وَوُجِه بصاحب حق يرى إن في واحد عايز يعتدي على حقه بإجلائه من أرضه و بناء مُستعمرات فطبعاً طبيعي جداً إنه يرفض قرار التقسيم في الأول، ولو أن في ناس بيقولوا ليتنا كنا قبلناه وبدأنا منه كما بدءوا هم ونشتغل على العموم الطريق واحد لأنه هو يعني السياسة التوسعية واللي هي حقيقة ثابتة في تاريخ الصهاينة لم تتغير
أحمد منصور: دُوركم إيه، دَورك كمسؤول للطلبة إيه في ترتيب قضية حرب فلسطين؟
فريد عبد الخالق: والله أنا كنت يعني كأحدهم مش كرئيس ده كأحدهم الشعور بينتابنا كلنا وبينتاب المسلمين كلهم إن إحنا لابد من وقفة أمام هذا العدوان
أحمد منصور [مقاطعاً]: رؤية حسن البنا إيه كانت لهذا الموضوع؟
(12/45)
فريد عبد الخالق: بس هو قاللي كلمة جيدة يعني في الموقع ده عايز تتفادى الحقائق دي حاجة أنا سمعتها منه يعني وأنا كنت أشتغل بنعرف من سيذهب والكتائب اللي هتروح وهل أستوفت تدريبها يعني كنت مُباشِر للعملية فهو نَبَهني إلى شيء لم يكن في بالي واستحسنته وطبقته قال لي "الذي أراه الآن أنكم تجمعون خُلاصات طلابية إخوانية وتبعثون بهم وحدهم إلى الميدان، هذا ليس الصحيح، الصحيح إن إحنا عايزين إحياء الشعور المُجتمعي بالقضية هذا ينبغي أن التشكيلة لا تقتصر على الإخوان، أخوان وغير أخوان لأن الشعور الوطني موجود عند الناس أنتم لم تصادروه ولم تحتكروه فأنا وطني وعايز أدافع عن بلدي وعن بتاع ده .... ولست من الإخوان يفصح له قبل الإخوان لأن لما يكون التشكيلة بالنوع ده التيار هينتقل لبيته ولمدرسته من الإخوان وللشارع ... ليس هذا كله من الإخوان فالقضية تكتسب مساحة وتكتسب تعالياً أكتر" فأنا استحسنته ففعلاً بقينا نقول قالي "يكفي واحد من الإخوان صميم ومعاه تسعة من الغيوريين إللي عايزين يَنضموا لماذا تحبس الخير وتُضَيق ما وسعه الله." فأنا استحسنت الإستراتيجية والأسلوب التكتيكي ده، لأن فعلاً بدأت البيوت إذا ما قُتل لها شهيد إذا أُصيب لها شهيد بدأ المجتمع يشعر بالقضية
أحمد منصور: كنتوا تأخذوا من كل فئات الشعب؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: نعم
أحمد منصور: كمتطوعين يعني؟
فريد عبد الخالق: متطوعين عايزين
أحمد منصور: دور النظام الخاص إيه هنا بقى والنظام الخاص أُسِس من أجل فلسطين
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: والله النظام الخاص بيُعتبر، النظام الخاص ذاب يعني بقى التواجد أكتر للإقبال على التطوع وكان بيمارسوه الإخوان بالتدريب عن طريقهم هما نفسهم وحتى يعني ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: مشاركتش أنت؟ لم تشارك في...
(12/46)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: جه وقت على الحكومة يعني بقى مثلاً حصل دور في الجامعة يقوم على التدريب وعلى التنوير يعني بدأت تاخد الحركة حركة عامة...
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني اختلط عمل الإخوان مع اللجان الشعبية مع الحكومة مع كل شيء
فريد عبد الخالق: آه أيوة
أحمد منصور[مقاطعاً]: واصبح هناك تَدَاخل في الأشياء
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: جداُ لدرجة إن إحنا متطوعين انطلقوا برغبتهم من داخل الحكومة يعني الحكومة نفسهم فتحت لهم مجال أنه الجوالة تتدرب زي ما عمل إسماعيل رصغي الدقيقة 26:00) سمح... بدأو يشعروا إن إحنا محتاجين الشعب محتاجين لقوة فبدأ يحصل
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني المتطوعين لم يكونوا من الإخوان فقط ...
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: مش كلهم لأ لأ هو أكثرهم ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: إنما الإخوان شاركوا في هذا الموضوع ...
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: آه و يعني إنما ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل شاركت أنت في التدريب وذهبت للحرب؟.
علاقة الضباط الأحرار بالإخوان
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أنا.. كنا ده أغلبية الضباط الأحرار كانوا إخوان هو كان شيء طبيعي
أحمد منصور[مقاطعاً]: أريد أن أسألك هنا فعلاً لأن هنا في هذه الفترة معظم من كَتَب مذكراته من السياسيين أو الشخصيات السياسية التي عاشت تلك الفترة أو العسكريين أو ممن حكموا مصر قالوا إحنا كان لينا علاقة وانتماء بالإخوان ومعظمهم مروا على النظام الخاص حتى خالد محي الدين قال إنه مَرَّ على النظام الخاص للإخوان ... جمال عبد الناصر، أنور السادات...
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أنا حَضَرت جمال عبد الناصر يُدَرِّب الإخوان في الصف من أعمال الجزة الصف مع أخونا حسني عبد الباقي
أحمد منصور[مقاطعاً]: بيدربهم على إيه؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: بيدربهم على السلاح
أحمد منصور: عشان إيه؟
فريد عبد الخالق: عشان خاطر كان فلسطين
أحمد منصور: عشان فلسطين
(12/47)
فريد عبد الخالق: أي نعم، يعني هو شارك لأن هو بايع وبايع غيره وكمال حسين ولغاية آخر وقت بيحافظ.. يعني الحفاظ بالولاء للحركة الإسلامية باعتبار هي الوضع الطبيعي للمنطقة عشان تكون قوية.
أحمد منصور[مقاطعاً]: إيه أثر مشاركة الإخوان في حرب فلسطين عليهم؟
فريد عبد الخالق: أثرها؟
أحمد منصور: أثرها إيه؟
فريد عبد الخالق: أثرها إنها أولاً يعني.. كما قال حسن البنا كلمة مشهورة يمكن تعبر عن الحكاية دي تعبير كويس لما عبَّر عن رأيه في الأسلوب اللي بتعالج بيه القضية هو رأى أنه مجرد إرسال متطوعين مش هينهي القضية، القضية أكبر من كدة، ووراها ترتيبات أكتر من كدة وعايزة يعني شيء أبعد مش..
أحمد منصور[مقاطعاً]: نعم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قال كلمة نُقِلَت عنه عني مني وغيري أن هو قال "إن هذه القضية لا يكفي في حَلَّها ما يتم من إرسال متطوعين، القضية أكبر من هذا ولكن الإخوان لو سَكَتوا عنها لن يَرحمَهم التاريخ ولن يُقبَل منهم، فإحنا لابد من الاشتراك فيها بكل قوة ولو أن ده ليس السلاح النهائي ولا الحل .... المنهي، القضية كبيرة ومحتاجة إلى ترتيب أكتر وتعبئة للقوة بشكل أكثر نظام ويمكن كان اللي خلى ساعة .. إن لما حصل أزمة بين الإخوان والتطوع ... عبد الرحمن عزام الله... رحمة الله عليه... يعني... بقى الإخوان يخرجوا تحت عباءة جامعة الدول العربية.
أحمد منصور: صحيح الإخوان لعبوا دور في وصول عبد الرحمن عزام؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لأ... دخلوا .. يعني بقوا يرسلوا كم الشهادات اللي جتلهم من قادة الجيش نفسه شهادات مُشَرِّفة ذكرت أمام المحاكمات ...
حكاية السيارة الجيب مع الإخوان
(12/48)
أحمد منصور: جايلك في المحاكمات في عام 1984 قامت عمليات كثيرة قام بها النظام الخاص ضد المصالح اليهودية في مصر وفي 15 نوفمبر 1948 كُشِفَت قضية السيارة الجيب التي تُعتبَر أكبر من أكبر القضايا الخاصة بالنظام الإخوان... بالنظام الخاص التي كُشِفَت في عهد الملكية وكَشَفَت قضية السيارة الجيب أن النظام الخاص للإخوان عبارة عن نظام قوي يملك جهاز استخبارات عالي لديه إحصائيات دقيقة بأماكن تجمع اليهود وشركاتهم ومؤسساتهم واجتماعاتهم.... ما هي أهمية قضية السيارة الجيب في تاريخ الإخوان؟
فريد عبد الخالق: هو قضية السيارة الجيب الحقيقة هي غَلطة لأنه هما الحقيقة يعني غلطة حتى بالنسبة لهم لأن هما حَطُّوا كل أوراقهم في سيارة واحدة ومشيت في الشارع
أحمد منصور[مقاطعاً]: باختصار قول لنا إيه قضية السيارة الجيب؟
فريد عبد الخالق: قضية السيارة الجيب أن هما رأوا إن في تضييق
أحمد منصور[مقاطعاً]: النظام الخاص يعني
فريد عبد الخالق: أي نعم، وإن اليد هتصل إليهم والتعريف والمحاكمة، باعتبارهم ناس... يعتبروا بيهددوا نظام الحكم وبيمارسوا أعمال... فهداهم تفكيرهم إلى أن يَتَخَلصوا من هذه الأوراق من المكان اللي هما كانوا...
أحمد منصور[مقاطعاً]: أوراق وأسلحة وقنابل و..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لا هي كان أوراق
أحمد منصور[مقاطعاً]: أوراق
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فهي... الأسماء دي كلها تُعرِّف بيها على جميع الإخوان أصبحت الذي كان يحرصون على أن يعلن أصبحوا بأديهم هما لما اللي السيارة ضُبِطت ووصلت طبعاً إلى الجهات ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعاً السيارة تَعطَلت والبوليس قبض عليهم
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: بالفعل
أحمد منصور [متابعاً]: وكان فيها مصطفى مشهور وهرب وجري وقبض على أحمد علي كمال
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: كلهم ...كل الموضوع مصطفى مشهور و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقُبِض تقريباً على التنظيم في هذه
(12/49)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: آه فأصبح التنظيم بأشخاصه معروفين ولذلك... يعني... دي مسألة لها تداعياتها...
أحمد منصور[مقاطعاً]: لُوحِظ إنه في متابعات القضية التي حُكِم فيها بشكل نهائي في سنة 1951، حضر رئيس الوزراء اللي أدلى بشهادته إبراهيم عبد الهادي، الحاج أمين الحسيني جه حد أدلى بشهادته، اللواء أحمد المواوي أول قائد عام لحملة فلسطين أدلى بشهادته اللواء أحمد صادق قائد القوات المصرية في حرب فلسطين أدلى بشهادته .... وقعت أزمة دبلوماسية في هذه المحاكمة حينما عرض شمس الدين الشناوي وثيقة قال إنها من
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور[مقاطعاً]: الحكومة البريطانية تُوصِي الحكومة المصرية بِحَلّ جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما وأن الجماعة حُلَّت بعد ذلك بأيام
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور [متابعاً]: قليلة... حادث... السيارة الجيب يُعتبر.. يعني.. مِفصَل تاريخي في تاريخ الجماعة تعتبره؟
فريد عبد الخالق: أنا أعتبره فعلاً لأنه على الأقَل كشف الأوراق
أحمد منصور: موقف الإمام البنا إيه من هذا الحادث وانعكاساته عليه وأنت من المُفتَرض إنك كنت قريب منه.
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: هي السيارة الجيب تاريخها امتى؟
أحمد منصور: تاريخ السيارة الجيب 15 نوفمبر 1948 أنت كان مقبوض عليك في ذلك الوقت؟
فريد عبد الخالق: كان مقبوض عليا
أحمد منصور: أنت قُبِض عليك امتي؟
فريد عبد الخالق: أنا قُبِض علي... في أواخر 1948 يمكن...
أحمد منصور[مقاطعاً]: طب ما أنا هقولك تاريخ حل الإخوان 8 نوفمبر
فريد عبد الخالق: أيوه.. قرار الحَلّ...
أحمد منصور[مقاطعاً]: تاريخ حل الإخوان 8 ديسمبر عفواً
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور[مقاطعاً]: قرار حَلّ الإخوان في 8 ديسمبر 1948
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أيوه
أحمد منصور[مقاطعاً]: قرار الحَلّ في 8
(12/50)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: ده أول قرار حَلّ في العهد ملكي يعني
أحمد منصور[مقاطعاً]: أيوه... هل أنت قُبِض عليك قبل قرار الحَل ولا بعديه؟
فريد عبد الخالق: لأ أنا قبض علي... في... قرار الحَلّ اللي كان موجود لأن أنا قُبِض... لأن أنا اعتُقِِلت قُبَيل مع آخرين يعني اختياري مرشد في سنة 1949 بحوالي 3-4 أشهر
أحمد منصور[مقاطعاً]: 3-4 أشهر، يعني أنت حادث السيارة الجيب كنت أنت داخل السجن أم خارجه؟
فريد عبد الخالق: ده حسب التاريخ
أحمد منصور[مقاطعاً]: نوفمبر أنا بقولك نوفمبر 15 نوفمبر 1948
فريد عبد الخالق: لأ أنا كنت في السجن
أحمد منصور[مقاطعاً]: كنت في السجن
فريد عبد الخالق: كنت في السجن
أحمد منصور[مقاطعاً]: بتهمة إيه قبضوا عليك؟
فريد عبد الخالق: على مين
أحمد منصور: بتهمة.. بأي تهمة قبضوا عليك؟
فريد عبد الخالق: علي أنا
أحمد منصور: آه
فريد عبد الخالق: لأ أنا كنت مُعتَقَل
أحمد منصور: مُعتَقَل بأي اتهام يعني؟
فريد عبد الخالق: والله هو ماكنش... هو ده يدل.. هذه من أحد القرائن هو قبل اغتيال البنا إتُخِذَت خطوات يعني هما رأوها... زي الخطوة التكتيكية .. فهم عَمَدوا إلى اعتقال مجموعات كبيرة من الإخوان لا سيما الإخوان العناصر الناشطة
أحمد منصور [مقاطعاً]: أيوه
فريد عبد الخالق: وبعدين مكناش حتى عارفين بالظبط إحنا إيه سبب أكثر من أن الجو كان جو كله مشحون بـ....
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الإخوان بدءوا ياخدوا حجم أكبر من حجمهم ولابد من القضاء عليهم
فريد عبد الخالق: هما ما هي الأحداث ... تدل على إن المُحتَل قرر بإن دية.. يعني وضع لابد من التصرف حياله لمصالحه والحكومات كذلك
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان هنا الوزارة
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لمصالحه والحكومات كذلك
(12/51)
أحمد منصور: وزارة النقراشي كانت في ديسمبر 1946 إلى أن أُغتِيل في 28 ديسمبر 1948، أنت قُبِض عليك قبيل حادث السيارة الجيب مع مجموعات من الإخوان كانت بدأت عملية القبض
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: آه
أحمد منصور [متابعاً]: وكان بدأ يُقبض على كثير من الإخوان اللي شاركوا في
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور [متابعاً]: اللي شاركوا في حرب 1948 وأُودِعوا في مُعتَقَل الطور
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: عندهم الأسماء كلها وبتاع
أحمد منصور: نعم، لأ اللي كانوا شاركوا في الحرب نفسهم اعتقلوا
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: اعتقلوا
أحمد منصور [متابعاً]: وذهبوا إلى معتقل الطور وكثير منهم كتب عن ذلك
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أي نعم
أحمد منصور [متابعاً]: في مذاكراته، في 8 ديسمبر 1948 أعلنت حكومة النقراشي حَلّ جماعة الإخوان المسلمين، كنت أنت في السجن
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: آيوة طبعاً
أحمد منصور: وصلك الخبر أمتى؟
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: مفيش .. يعني
أحمد منصور: أيه وَقْع الخبر حَلّ الجماعة عليكوا
فريد عبد الخالق: قرار الحَلّ لما وصل لنا أنت عارف، لم يكن يعني .. زي ما تقول لأنه هو كان سبق كلام في مقدمات له
أحمد منصور: يعني كنتوا تتوقعوا حَلّ الإخوان
فريد عبد الخالق: والله يعني كنا لأن حصل زي نُذُر ومُقدمات
أحمد منصور: إيه الاحتياطات اللي عملتوها لمواجهة هذا الأمر؟
فريد عبد الخالق: لأ.. يعني كان المحاولات اللي بذلها حسن البنا بأنه يعني عَمِدَ إلى وسطاء خير لتفادي التأزم وتصعيد الصِدام
أحمد منصور: مين أهم الوسطاء دُول هؤلاء؟
فريد عبد الخالق: كان زي.. صالح حرب مثلاُ وأنا قُلت المجموعة اللي كان معاه ديه اللي هما راحوا لمحاولة التقارب و يعني.. إيجاد فرص استيعاد الثقة
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم
فريد عبد الخالق: حصل جهود كبيرة إنما مُنيَت بالفشل.
(12/52)
أحمد منصور: 8 ديسمبر 1984 الأمر العسكري رقم 63 لسنة 1948 بِحَلّ جماعة الإخوان المسلمين.
فريد عبد الخالق: نعم.
كيف تم اغتيال محمود فهمي النقراشي؟
أحمد منصور: وبعد عشرين يوماً فقط أي في 28 ديسمبر 1948 أُغتِيل رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي على يد مجموعة من شباب النظام الخاص عبد المجيد أحمد حسن هو الذي قام بعملية اغتياله بعدما ارتدى زي ضابط شرطة وقتله أمام المصعد في وزارة الداخلية، نُفِذ فيه حكم، ونُفِذ فيه حكم الإعدام في 25 أبريل 1950، كنت تعرف عبد المجيد أحمد حسن؟
فريد عبد الخالق: أعرفه كطالب معي.
أحمد منصور: تعرفه كطالب.
فريد عبد الخالق: منيش.
أحمد منصور: لكن لم يكن لك احتكاك به؟
فريد عبد الخالق: لا مش احتكاك خاص كأحد الطلبة يعني اللي يعرفه كويس أوي ومواهبه واستعداداته الخاصة كمُدَرَب طبعاً النظام الخاص، إنما بالنسبة لي أحد الطلبة العاديين.
أحمد منصور: وُصِفَت عملية اغتياله؟
فريد عبد الخالق: ولم تكن لي أهميته لأن كان الناس كلهم بيشهدوا له أن هو كان يعني تدريبه على مستوى عالي.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان واضح وعنده جرأه شديد من خلال التخطيط للعملية بالشكل الذي، لم يكن الإمام البنا على عِلم؟
فريد عبد الخالق: يعلم، ده كان منع يعني حتى السنة دي وهو محبوس على ذمة القضية الجيب، أرسل من يقول له المرشد بيقولك اتركوا أي عمل فيه عنف، أي عمل لأن ده فيه ضَرر علينا وعلى الوطن وليس في أي مصلحة وخطأ.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كان واضح في المرحلة أن النظام الخاص.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لذلك.
أحمد منصور [مقاطعاً]: انفلت من عُقال....
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم ده كل الدلائل يعني تَقطَع بكل الشواهد تقطع بأنه حصل يعني أنه خرج عن أنه هو.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هنا إدانة للإخوان فيما قاموا به.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم.
(12/53)
أحمد منصور: هنا إدانة للإخوان فيما قاموا به، إدانة للإخوان.
فريد عبد الخالق: هو الإدانة للإخوان كجماعة؟
أحمد منصور: طبعاً لأن اللي قاموا أفراد من الإخوان.
فريد عبد الخالق: لا اللي قاموا، أصلي النظام الخاص خَدَت استقلالية تسمح بأن نَقِف وقفه، يعني لأكون أنا أكون عادل يعني إذا كان النظام العام يرفُض ويُدين ويمنع بكل قوة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الإمام البنا لم يَتَبَرأ
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين يتفلت واحد أو اثنين ويقود الناس اللي بيسمعوه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يَتَبَرأ منهم يا سيدي.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: تَبَرأ.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يَتَبَرأ.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ليسوا إخوان وليسوا مسلمين هيقول أية أكثر من كده، ده أصدر بيان يعني أنا بستغرب والله أنا بحسده على الشجاعة أنه رجل بعد ما نجح النجاح ده كله وأحرز المشوار الطويل ده والناس كلها تسمع له أنه يستطيع أن هو يقول كأنه شاهد شهادة ضد نفسه بَرأ هذه المجموعة التي خرجت بهذه التصرفات أنهم ليسوا إخوان إذ أنها رسالته وليسوا مسلمين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد حادث الخاذندار.
فريد عبد الخالق: هيقول أيه أكتر من كده.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد حادث الخازندار ألم يكن أولى بكم أنت كهيئة تأسيسية ومكتب إرشاد، من المُفتَرض أنه هو القائد الحقيقي للجماعة كهيئة تأسيسية وكمكتب إرشاد أن تَحُلُّوا النظام الخاص أو تغيروا قيادة النظام الخاص وتضعوا إنسان منضبط على رأسها، بدلاً من تكرار هذه الحوادث ووَصم تاريخ الإخوان وتلطيخه بهذه الأعمال؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: السؤال زي ما تقول تناول أكتر من حاجة فعشان خاطر حاول بقدر الإمكان نمرة واحد أن حصل فعلاً أن عَمِد حسن البنا رحمة الله عليه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت قلت لنا قصة سيد فايز قبل كده.
تصاعد الصدام بين الثوار والإخوان
(12/54)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قال له نَقي النظام من هؤلاء الذين يخرجون علينا بالتصرفات خِلصت نمرة واحد، نمرة اثنين أنه حَصل تحقيق لجنة تحقيق فعلاً للإدانة وحصل بعد كده فَصل لهم لمعروف فصل اللي، الفصل ده لما أُدين، لما حصل هذا الفصل بان عليه تصرفات أشَدّ منهم هما أصبحت تَحدي أصبحت في زي ما تقول حُصان له رأسين، جواد له راسين دِلوقتي والتحدي أصبح واضح وكان في ظروف صعبة اللي هي تصاعد الصدام بين الثورة وبين الإخوان فأصبح دي يعني مما نُؤتى منه وحصل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد ذلك.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وحصل في خُطورة يعني أصبح اجتمع على الإخوان مخاطر شديد جداً دلت تماماً على أن النظام الخاص استقل بنفسه وخرج عن الجماعة وعَمِد إلى أشياء نُهي عنها فأتاها، فأنا بستغرب أنا يعني من العدل أني أتوقف قليلاً عندما نَحكم حُكم عادل وأعتقد أن كلنا يعني يبحث عن الحق والعدل إلا إذا كان الجماعة وقفت هذا الموقف الصريح الجريء واتخذت كل ما يمكنها سواء بتغيير أشخاص أو بإعلان بيان صعب والبيان اللي طَلَّعوه قبل كده في بيان كان طَلَّعوه قبل كده وكمان البيان التاني اللي نشروه بعد ما قُتل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين.
(12/55)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين، يعني ده معناه أن الجماعة الحقيقة أبْرَأت ساحتها والخطأ وارد، يعني وهو لا يزال أنا وغيري أعتقد أن هو برضو لا يَخلوا من مسؤولية أدبية، لأن هما دُول برضوا مهما كان هو اللي أنشأهم فكان هو حصل انحراف كان من الأول يُبادِر من أول الانحراف من الأول، يكون عنده الشجاعة الكافية يقول النظام بكل، إنما هو كان خد في اعتبار يعني، لازم يرد، إنه خاف تحصل فتنه خاف الحَلّ يحصل النظام بقى خرج عن طوعه ومُمكن ومعاه سلاح وممكن يعني يحصل حرب أهلية، فهو برضو كان يجب مسؤول عن جميع الناس وحقنها فهو لقى أن من الحكمة الاحتواء قبل الاصطدام، فكان عنده هو الحقيقة ودي أي واحد قائد يضع نفسه موضوعه مع ناس معاهم سلاح وفَلت عيارهم وممكن يعملوا أي حاجة مقدرش أنا أواجههم بالمواجهة النهائية اللي قد تعمل رد فعل شديد وتؤدي إلى عواقب وخيمة وزي ما قُتل سيد فايز يُقتَل غيره بقى ويحصل حكاية أن دماء الناس...
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفتكر آخر مرة شفت فيها حسن البنا امتى؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حسن البنا شفته.
أحمد منصور: آخر مرة.
فريد عبد الخالق: قبل اعتقالي.
أحمد منصور: قبل اعتقالك، فاكر أخر حاجة حصلت بينك وبينه؟
فريد عبد الخالق: أنا مهو أنا شفته في الفترات الصعبة الحرجة جداً شفته فيها.
أحمد منصور: كان وضعه أية؟
فريد عبد الخالق: كان وضعه زي قائد فُجِع في من كان يعني تنتظمهم الجماعة وإن كان لهم شكل خاص أنهم يعملوا مثل هذه التصرفات، رغم أنه أكد بكل الطُرق أن يجب تجنب العنف وعدم ارتكاب كفاية بعد الخازندار عمل تنبيه كفاية مكفوش لم ينتهوا، قالك الورق ده الورق بتاع الاستئناف ده يخصنا نضرب السهم دلوقت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كان فرحان بهذه القوة الكبيرة؟
فريد عبد الخالق: مين.
أحمد منصور: التي وصلت لها الجماعة؟
(12/56)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا أنا أقطع بما رأيت وأنا ألقى الله عليه، أنه هو رأى أن شَرُّه أكتر من خيره وأنه كان من الأولى عدم تكوينه وكلامي يُنبِؤ عن هذا ولذلك هو قال آخر كلمة لا تنسى "لو استَقبَلت من عُمري ما استدبرت لعُدت كما كنت في أول يوم بدأت العمل في الجماعة، أُعَلِّم وأُرَبِّي يعني إذن هو حتى السياسة ما عاد فيها، تراجع
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا عاوز أقولك الآن
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فما بالك.
أحمد منصور [مقاطعاً]: في هناك استِغراق، الإخوان كأنهم استغرقوا في العمل السياسي وشعروا بأنهم قوة ضخمة وأخذوا يعملون المؤتمرات والندوات ويُؤثِروا على رئيس الوزراء وعلى هنا وعلى هنا وعلى هنا أين العمل الدَعَوي والتَربوي في تلك المرحلة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: العمل الدَعَوي كان في الفترة مُتمَثِل يعني هو فكرة الحقيقة يعني هو نبه، يعني كل خطاباته اللي بعتها حتى اللي في مؤتمرات والرسائل اللي بعتها كلها تَنُم عن حِرص على الرابطة اللي بينه وبين الحكام والمحبة اللي تَسود الأمة كلها تدل على كده لدرجة أن هو قال في المؤتمر الخامس – لعلي- قال إن أنا الإخوان لا يؤمنون بالثورة ولا يتخذون
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أنا عايز أن أقِف معاك وقفة في الجملة اللي.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ولا يتَخِذونها وسيلة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقفة في الجملة اللي أنت قلتها.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الحاجة التانية وقال "أنا أُنَبِّه وأُحَذِّر المسؤولين أنه إذا تُرِكت الأمور تسير على هذا المِنوال ويَستَشري الفساد ستؤدي الأمور حتماً إلى ثورة الإخوان ليسوا مسؤولين عنها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت قولت جملة خطيرة الآن، أن حسن البنا في أواخر عهده قال لو "استقبلت من أمري ما استدبرت لعُدت إلى ما بدأت"
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أُعَلِّم وأُرَبي وجد لأن هو اكتشف.
(12/57)
أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أنه في المرحلة الأخيرة كان في قُصور في التعليم والتربية؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه لأن هو عايز يقول مهو أعتبر برضو أن العلم الصحيح كان يجب العلم الصحيح يصل لهؤلاء اللي بيشتغلوا تحت مِظَلة النظام الخاص والتربية تكفل أن يسمح الكلام في الثورة ويرجع للشورى.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهل ترى أن دَور الإخوان فعلاً أو دور الدَعوى من خلال هذا الموضوع كإخوان أنكوا لازم ترجعوا حتى الآن إلى هذه الجملة مما قاله حسن البنا الاقتصار على التعليم والتربية.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أقول لك هذا صحيح ولكن يمكن يَرِد عليه تَحفُظ بسيط عشان يكتمل استوائه، إزاي أنا ممن يؤمنون ويؤمن معي كثيرون وحسن البنا على رأسهم وكل واحد عاقل بينظر الأمور للتغيير والإصلاح يرى أنه لا يمكن يحصل أي تغيير ولا إصلاح ولا يختلف الناس كما يختلفون أيهما نبدأ الإصلاح السياسي ولا الاقتصادي، قبل الإصلاح السياسي من هو الشخص اللي هيقدر يحقق الإصلاح، إذن التربية فإحنا ينقصنا كثيراً قبل الإصلاح أيهما يسبق البيضة ولا الفَرخة نقول الأول لا أحنا عايزين من هو الشخص فين، فإحنا ينقصنا فعلاً وَعي حقيقي بالإسلام بحيث مَيحصلش اغتيالات لأن الاغتيالات دي مثلاً منهج غير إسلامي ومَنهي عنه، فلو أنا عندي وعي صحيح إسلامي من غير منتظم ولو حتى كلفني، الله هو ليه الشباب المسلم خرجوا متعرفش أن في أثناء السجن جمع السجن بين سَندي وكبار القادة وبين الشباب زي نفيس حمدي وزي صلاح عبد المتعال وزي الناس دول كلهم وحصل مواجهة قالوا لهم أنتوا إلى أين تقودون واحنا معاكم، وإحنا غلط بِنخطَّأكم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: في أي سجن ده؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: سجن مصر على ما اعتقد.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده قضية السيارة الجيب يعني..
(12/58)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يجوز، المهم أنا عَلِمت منهم، هما لا زالوا موجودين أن هم كشباب مُسلم واجهوا قادة النظام الخاص بأن التربية ليست تربية شُورية وأن السمع والطاعة خطأ وأن المنهج الذي نهجوه بالعنف وبتاع، منهج واستقلوا قالوا إحنا إنا تاركوكوم، فارقوهم ولذلك خرج الشباب المسلم بمفهوم جديد وهو المفهوم الصحيح وده مما يدل على أن يعني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن معملوش حاجة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الخَبَث يزول يعني زي ما تقول أن الجسم الصحيح بيستطيع أنه يتخلص من السموم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 12 فبراير 1949.
(12/59)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والنظام الخاطئ النهارده على فكرة، البقايا الباقية أنا مقدرش أخش الأغوار والضمائر، إنما أنا اللي بسمعوا منهم وأشفهم النهارده في تطليق كامل للرجوع لها والاعتبار بالدرس اللي حصل، يعني إحنا لما نيجي كجماعة والتيار عايز يصلح إلى أن وُضِعت العوائق وقرار حَلّ الأول في العهد الملكي والتاني في عهد حكومة عبد الناصر ولا زال الآن ساري كتعويق، إذن ليس من الحِكمة أن أنا أضع العوائق أمام واحد عايز على الأقل يقول كلمة الحق، فلذلك غلط وكذلك يعني أنا بعتبر أقدر أقول وأنا مطمئن الإخوان المسلمين كجماعة وكأصحاب فكر ودعوى وحركة لها تاريخها ولها جهودها أصابت في أشياء وأخطأت في أشياء، تَيَسَّر الله لها أن تُنجِز أشياء وأن لا تنجز أشياء، لأن مش ممكن يحصل الكمال لحد، ولا الإيجاز لأي جماعة، إنما هي أبلت بلاء في كذا، خيره أكثر من شره والنهار دة التيار الإسلامي للنهوض ملوش صاحب، النهارده في تيار إسلامي طبيعي، مهواش بيبحث عن صاحب، النهارده الصحوة الإسلامية دي، اللي يقولك دول تبعي غلطان، هي أصبحت النهارده تيار سائد نتيجة أفعال خَلِّت الشعب يصحى بدوره وشافت العدوان عليه وَحشي وغير مُبرر بدأت تبحث هي عن نفسها لأن أولاً وأخيراً الشارع نفسه هو اللي هينضَر بصرف النظر اليَفْطه اللي هيشتغل تحتها، النهاردة اليُفط دي نزل دورها وكبر دور الشعوب نفسها في تيار مُتواجد وصحوة متواجدة نتيجة تاريخ.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهو بحاجة إلى من يقودها ويوجه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هي تبحث أن أُمة يعني النهادرة على فكرة مش محتاجين اللي حصل بنا بس عشرات من أمثال حسن البنا من كل الأفزاز ومش عايزين تيارات لأن مش هخش الجنة تحت اسم الإخوان المسلمين ربنا مش هيصَنَّفنا الإخوان المسلمين يجوا هنا والجمعية الشرعية تيجي هنا مفيش كلام من ده كلكم آتين يوم القيامة فرداً.
(12/60)
أحمد منصور [مقاطعاً]: في 12 فبراير 1949 اغتيل حسن البنا، مؤسسة جماعة الإخوان المسلمين بعد حَلّ الجماعة في 8 ديسمبر واغتيال النقراشي في 28 ديسمبر 1948 أبدء معك في الحلقة القادمة من مقتل حسن البنا، أشكرك شكراً جزيلاً.
فريد عبد الخالق: عفواً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن مُتابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق أحد مُرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية، وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/61)
الحلقة6(12/62)
الأربعاء 22/11/1424هـ الموافق 14/1/2004م(آخر تحديث) الساعة 10:38(مكة المكرمة), 7:38(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
11/1/2004
- حالة الإخوان بعد قرار الحل وإغلاق المركز العام
- لماذا لم يتم اعتقال البنا مع الإخوان؟
- ذكريات الاعتقال وحكاية قسم شرطة المُوسكي
- التنصت على الإخوان في المعتقلات
- شهر عسل داخل المعتقل
- أسباب فرحة الغرب بمقتل البنّا
- مَقتل البنا وأوامر للأطباء بتركه ينزف حتى الموت
أحمد منصور:
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقةٍ جديدةٍ من برنامج (شاهدٌ على العصر) حيث نُواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق، أحد مُرافقي الإمام حسن البنا مُؤسس جماعة الإخوان المسلمين عُضو (الهيئة التأسيسية) وعُضو (مكتب الإرشاد) الأسبق في الجماعة، أستاذ فريد مرحباً بك
فريد عبد الخالق: أهلاً وسهلاً
أحمد منصور: في الثاني عشر من فبراير عام 1949 قُتل حسن البَنّا في شارع رمسيس بعد خروجه من جمعية الشُّبان المسلمين في القاهرة، حيث كان مقرراً أنْ يجتمع مع بعض، أو مع أحد المسؤولين في الجمعية لحل الإشكالات التي كانت قائمة بين الإخوان والحكومة آنذاك، هناك ظروف كثيرة وعديدة سبقت عملية اغتيال حسن البَنّا ما هي أبرز تلك الظروف في نقاط واضحة؟
فريد عبد الخالق: أيوه .. الظروف ليست من فراغ، أنا بعتبر الظروف اللي حصلت دية هي جزء مُخطط واستراتيجية كانت موضوعة وبعدين الظروف دية العامل المُهَيِّء والمساعد اللي حدد المكان وحدد الوقت، إنّما تجربة القصر وتجربة المُحتل مع الرجل دلت على إن الحل الوحيد له ليس إيجاد قنوات اتصال وإنّما وضع نهاية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم يكن هناك أمل لدى حسن البَنّا في حل المشكلة مع الحكومة؟
(12/63)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بشكل تفاوض؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو.. هو حاول بإنه يعني وجد من يتوسطون من أهل الخير، أمثال صالح باشا حرب و الناغي و مصطفى أمين وآخرين من النوع ده، حاولوا فعلاً إيجاد فرصة لتسوية الخلاف ولأن إيمان منهم بإنه يعني دي خسائر تعود علينا وطبعاً تفاديها أحسن
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل تعتبر إن قرار حل الأخوان في 8 ديسمبر 1948 كان جُزء من خطة اغتيال حسن البَنّا وتصفيته؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طبعاً أنا بعتبر إن ده جزء وكمان كمقدمة يعني زي ... مش هو لوحده، يعني هو قرار، الحل ده يعني جزء مما يدل على إنه هو جزء من كل إنه أعقبه ما يُكمِّله، يعني مثلاً لما جت الوقت.. أقتوه للخطة، غَيَّبوا كل الإخوان، مكتب إرشاد وهيئة وناس مسؤولين كتير، كل العناصر النشطة غَيَّبُوها
أحمد منصور [مقاطعاً]: اغتيال... القبض على أعضاء مكتب الإرشاد
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكنت أحدهم، القبض أعضاء الهيئة التأسيسية وكنت أحدهم، القبض على الإخوان... القيادات كلها
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طبعاً دي ما تكون عفواً ده...
أحمد منصور [مقاطعاً]: القبض على الإخوان اللي راجعين من حرب فلسطين كل هذا كان تمهيد لاغتيال حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طيب.. لإخلاء الجو وتهيئة المناخ وطبعاً قد َيَسأل سائل.. وطب فين الإخوان الآخرين ... الإخوان
أحمد منصور[مقاطعاً]: ده سؤالي المهم الآن حسن البَنّا كان بيَحْشُد كما يقول مليون من الشعب المصري ينتمون إلى الإخوان.. أيْنَ هؤلاء؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. الذين ينتمون إلى الإخوان وهم كثير كما تفضَّلت، يعني ومع اختلاف في العدد، إنما لا شك لهم شعبية كبيرة ولها ثِقَلها وأثبتت وُجودها، إنَّما القوة دي كلها كانت مَشلولة عن الحركة لأن لا مكتب
أحمد منصور [مقاطعاً]: بالفعل؟
(12/64)
حالة الإخوان بعد قرار الحل وإغلاق المركز العام
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مَفِيش مكتب يتخذ قرار، مكانش يتعودوا يتصرفوا بطريقة تلقائية عفوية، هم عايزين قرار مدروس من جهة مسؤولة ويتحرك الناس، فَدَهْ غائب.. فهم يعني غَيْبة القرار وغيبة من يُصدره وأصبح الإخوان عبارة عن قوة مُعطلة وملهاش من يعني يُوجِّهُها
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد حَلْ الإخوان وإغلاق المركز العام وإغلاق الشُعَب
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: الإخوان شعروا إنّهم أصبحوا في الشارع مثلاً؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طبيعي كما أنها فترة زي فترة ضياع في الوجود، يعني الطبيعي لهم، الشُّعبة والمكتب الإداري
أحمد منصور [مقاطعاً]: وإخوان النظام الخاص؟
فريد عبد الخالق: النظام الخاص هو اللي كان معمول ... بس للأسف النظام الإخوان الخاص كان مُمكن يُؤدي دور أحسن مما أدّاه لو كان هو ماشي في الطريق اللي كانش يُمكن
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن قيادات النظام الخاص كانت مُعتقلة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: النظام الخاص نفسه من أحد الأسباب الرئيسية في وُصولنا إلى الحالة دية، يعني .. يعني الدعوة كانت ضحية من الضحايا فعلاً، سُوء تكوين.. ونظام ..النظام الخاص
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن النظام الخاص أيضا كان عنده قضية السيارة الجيب وقُبض فيه معظم قياداته، هل ده لعب دور أيضا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا.. لاشك أن
أحمد منصور [مقاطعاً]: في عدم تحرك النظام الخاص؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا شك .. لا شك إن هو كمان أُفقد القدرة على التحرك يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان ممكن النظام الخاص
فريد عبد الخالق [متابعاً]: النظام العام والنظام الخاص تقريباً كانوا في حالة شَلل فعلاً يعني
(12/65)
أحمد منصور: أنا لاحظت هُنا في.. وأنا أُتابع بين الكتب المختلفة، هناك كتب كثيرة تحدثت عن قضية اغتيال حسن البَنّا، محسن محمد في كتابه مَنْ قتل حسن البَناّ كَتَب كُل الروايات تقريباً، أنور الجندي في كتابه عن حسن البَنّا أيضا حاول أن... يعني يُحقِّق في الموضوع بشكل جيد، محمود عبد الحليم عباس، عشرات من الإخوان ومن غير الإخوان، من الذين كتبوا في المسألة قِصَص مختلفة، لكن أنا لاحظت أن حسن البَنّا كان يَشعر كأنه أصبح وحيداً، سلاحُه الخاص أخذوه منه..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: صحيح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أخوه الذي كان يُشارك في حراسته وكان ضابط بوليس أعتقد، أُعتُقِل هو الآخر وشعر الرجل أنّه كأنما تُرك وحيداً وانفضَّ الكل من حَوْلِه ولم يعد حسن البَنّا ذلك.. ذلك الزعيم الذي كان يُقعِد الناس ويُقِيمُهم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم..أنا أَحب أقول لحضرتك حاجة، إيمان الإنسان بفكرة وقدرته على الزَّعامة دي صفات لا تَزول، حتى لو كان لوحده، مَحبوس في الزنزانة، العظيم.. عظيم في زنزانة، أو موجود في.. بين أتباعه، يعني دي مسألة إنِّما هو
أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا لم يقبضوا على حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مش مَشلول .. أنا عايز أقول في فَرْق بين مشلول.. زي واحد غَني ورأس ماله مُعطَّل مش عارف يشغله.. ما هو زيّ الفقير المُعدم، إنِّما ماهواش فقير هو غَني، فأنا عايز أقول بدليل .. بدليل .. أنا بقول الكلام ده ليه.. إن حيوية الجماعة كانت أقوى من عوامل إبادتها، يعني لدرجة إنّه كانوا مُتوقعين في حساباتهم إن الدعوى هتضمحِّل وتتلاشى، لأ طلع.. لأ طلع النهارده رغم إن هي عايشة في قرار الحَلْ بألها كام سنة منذ أُصيبت بالحَلْ عُقود مرَّت
أحمد منصور [مقاطعاً]: الحَلْ الثاني في 1954
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ومع ذلك النهاردة لها وجودها إيماناً بفكرة
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني خمسين سنة
(12/66)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إيماناً بالفكرة، بدليل يعني الاختبار السياسي الشعبي أثبت إنهم لهم وجود فعلاً، رغم كل الضغوط وكل الظروف وكل الضربات اللي وُجهت إليهم، كان في تَوَقُّع إنها تنتهي وأنا بعتقد إن أي جماعة لولا هي عندها صَلابة عُود وعندها قُوة إيمان وعندها هذا ..ماكنتش تقدر تستمر
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلِّيني في حسن البَنّا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني كانوا يعملوا انتخابات... يطلع الإخوان
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلِّيني في حسن البَنّا يا سيِّدي
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا الآن في ظروف مَقتل حسن البَنّا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا يعني أنا عايز أقول لحضرتك لماذا يعني القوة دي ما عطلتش هي عطلت عن العمل إنما هي موجودة ودلت على حيويتها بدلائل ثابتة
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا خليني معلش أنا عايز أتكلم بشكل محدد ودقيق في
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وأنا برده بجاوب إجابة مُحددة وبقول إن يعني حيوية الحركة لا تُقاس بأي عملية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لماذا لم يعتقلوا حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعتقلوا حسن البَنّا.. أولاً دي حاجة اللي عملها هم مُخططين العملية، لهم حساباتهم وقد يَختلف الناس معها من خبراء في العمليات دي، إنما هم رأوا أنّه الإبقاء عليه وحده يعني فيه زي ما تقول تمكين لهم أكتر لما يغَيِّب القاعدة كلها ويهيأ القاعدة العامة إلى خُطُر .. إلى خَطَر ونُذُر جديدة بتخلي هو مش هيحصل يعني رَدْ فعل عنيف جداً إذا هو أُغْتيل، يعني بتْمَهِّد نفسيِّة الناس لتَقَبُّل الحدث اللي هم عارفينه
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو كان حسن البَنّا مُستعد أو يدرك إنه
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم.. كان مُستعد
أحمد منصور [مقاطعاً]: سيتم تصفيته؟
لماذا لم يتم اعتقال البنّا مع الإخوان؟
(12/67)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو ساعة لما هم اعتقلوا الإخوان وطلب منهم أن يَعتقلوه معهم رفضوا.. الطلب .... أنا ... لماذا تعتقلونهم وتتركونني؟ لماذا؟ بس ده.. فلم يُجيبوه إلى طلبه لأن دي جزء من الخطة وهو دلوقتي ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل تحدث أمامك بما يُوحي بأي شيء بأنَّه يُمكن أن يتم تَصفِيَته أو قتله؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لأ.. أنا كُنت في السجن
أحمد منصور [مقاطعاً]: قبل أنْ تصل إلى السجن..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الذي كان يَلقى الناس به إن ما في درس الثلاثاء إلا ما قال "الله ما ارزقني الشهادة"
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ.. أنا بكلِّمك عن مَقتله تحديداً..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بس بقولك هو عنده حالة تهيؤ وعارف إن بيعمل كده عُرضة إن.. هو.. هو عارف إن طبيعة الذي يقوم بالإصلاح مع بيئة وظروف زي دي.. مُحتل لأطماع وصهاينة لهم يعني.. لهم أطماع مُحددة في المنطقة تَتَنافَى وتتعارض مع وجوده
أحمد منصور [مقاطعاً]: بصفتك كنت عضو مكتب إرشاد حسن البَنّا كان يُلح على الحكومة قبيل مقتله بأن يلتقي مع أعضاء مكتب الإرشاد في السجن وهم رفضوا ذلك، هل كان لدى مكتب الإرشاد معلومات لا يعلمها المُرشد؟
فريد عبد الخالق: يلتقي بينا، في.. التقائه بالمكتب ليس لتَصَيُّد معلومات خاصة به، هو كان عايز يَتَفاهم معنا، لأنه عنده نُذُر، بالنهاية عايز يُوصي بوصية، اللي أعلنها جهاراً، قال أنا هبدأ أَعَلِم وأَرَبِّي، كان ممكن يقولها لـ مكتب الإرشاد يا جماعة نُراجع أنفسنا والنقد الذاتي وارد وأنا شايف المراجعة دي إن إحنا يُمكن أسْرَفنا في الثِقَل السياسي أكتر مما تحملته الأوضاع، فيصح يكون له يعني وصايا وقالها هو...
(12/68)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كُنت تعلم شيء عن الإذاعة الخاصة التي كانت تبث في الساعة السابعة صباحاً والتي كان النقراشي يُلح دائماً على البَنّا بأن يُرشد عن مكان تلك الإذاعة وحسن البَنّا يقول أنا لا أعرف مكانها فين؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا أنا لا أعلم شيء عن الإذاعة دي
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولم تقرأ عنها في الكتب؟
فريد عبد الخالق: ولم.
أحمد منصور: كل الكُتب التي تناولت مقتل حسن البَنّا تحدثت عن أنّ المطلب الأساسي من الحكومة قبل أن يَجلسوا مع حسن البَنّا، أو يتكلموا معه، أن يُرشد عن مكان الإذاعة التي تبث من السابعة صباحاً فقال لهم ربما يعلم مكتب الإرشاد عنها ما لا أعلمه وكان هذا مطلبه أن يجلس مع مكتب الإرشاد.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الحقيقة أنا شخصياً لا عِلم لي بالإذاعة ولا عِلم لي حتى بأن أنا أقدر أقول حاجة في ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان مطلوب من حسن البَنّا أيضا أن يُرشد عن أماكن الأسلحة، هل كان لديك شيء أو علم بأماكن الأسلحة التي كان يُخفيها النظام الخاص أو تخفيها الجماعة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا هو تَرك كل ما يتعلق بالأسلحة والنظام الخاص فعلاً لـ عبد الله السندي كان قائد مسؤول ومن معه من أعوانه، النظام، إنما هو فعلاً كان
أحمد منصور [مقاطعاً]: ودُول كانوا مُعتقلين في تلك الفترة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: على ذمة قضية السيارة الجيب!
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم كان في السيارة الجيب، إنّما هو نفسه الحقيقة كان يعني مُنقطع للعمل العام وإلى العمل الخاص فقط كان يعني ينبغي إن هو لا يُقدم على أي عمل من النوع ده زي العمل الجسيم دون رجوعه.. فلم يرجع
(12/69)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل طَلَب حسن البَنّا لمعلومات أنه طَلب، كل المصادر أيضا تؤكد إنه طَلب من السلطات آنذاك أن يَسمحوا له بالسفر خارج مصر، أو أنْ يذهب إلى إحدى القرى ليُقيم فيها؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لأ.. هو الأمر مجاش بالطريقة دي، هو حصل شيء من النوع ده بطريقة أخرى إزاي؟! لمَّا عُرض عليه إن هو يترك القاهرة وسكنه ويروح عند الأخ المعروف الذي قال يعني يأويه ويحميه يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم، تعرف من هذا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم؟!
أحمد منصور [مقاطعاً]: تذكره، تذكر اسمه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: اسمه معروف، بس وليس في بالي
أحمد منصور [مقاطعاً]: في المنوفية أظن؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هه!
أحمد منصور [مقاطعاً]: في المنوفية كان مكانه، أو في القليوبية؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا كان في بَنها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أو في الصعيد؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: في بَنها
أحمد منصور [مقاطعاً]: في بَنها نعم .. نعم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فهو معروف اسمه، موجود في الكتب، فدلوقتي هو ... هم رفضوا ما ماكنوشي (لم يمكنوه) يعني انتزعوا ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أليْس هذا ضعفاً منه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: من مين؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البَنّا كان يَشعر بالضَّعف الشديد قبيل مَقتله؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله أنا ماكنتش معه عشان أَحكم عليه، إنّما أنا أعلم منه الحقيقة، إن هو كان النُذُر لأي واحد حتى أَقل منه، يعني استعداد يرى إن هو مَطلوب، هو كان بيستحضر، اللي كان بيسأله ربنا دايماً
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل شخصية
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الشِّهادة
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل شخصية حسن البَنّا كما عَرِفتها أنَّها شخصية يُمكن أن تَضعف أمام المُلِمَّات؟ وكانت المُلمَّات عليه صعبة في ذلك الوقت؟
(12/70)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله يعني السؤال ده يعني رغم أهميته إلا إن الإجابة عنه لا تُتاح إلا للبني آدم نفسه، اللي عارف نفسه، إنّما أنا بمقدار يعني خبرتي ليه واحتكاكي به ورؤيتي فيه في مواقف صعبة مثلاُ، لا أرى في الرجل إن هو نُكُول أو ضَعف عنده.. عنده، مكانش يَعني يقوم بالدعوة دي إلا رجل عنده صلابة فهي الفكرة مش
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا المش...
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مش ضعف هي الفكرة إن هو كان بيتحرك برده تحركات معقولة على اعتبار إن المجموعة ذات الشأن، اللي معنية بتصفية الموقف مع الحكومة، إنها بيديها فرصة لـ... فميقدرش يأتي هو أي تصرف
أحمد منصور [مقاطعاً]: مع وَصْفك أنت من خلال مُعايشتك لـ حسن البَنّا ومن خلال كل ما كتب عنه باعتباره من أكبر الشخصيات التي حَظيت باهتمام وكتابات في خلال القرن الماضي من ...
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى كُتَّاب غربيين وعرب
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: أكاد أرى الرجل في هذه المرحلة حيران، مليء بالحيرة ولا يدري كيف يخرج من هذا المأزق الذي كان يعيشه وكأنَّ الدنيا انفضَّت من حوله
فريد عبد الخالق: والله الشعور بالتراجع، أو الشعور بالحصار، أو الشعور بالهزيمة الداخلية دي، أنا الحقيقة لم أَرَها عشان أشهد بها، اسمح لي يعني، رغم الظروف قد تسمح بهذا الفكر، أنا لم أَشهد منه إلا الشُموخ وقوة وصلابة، الحقيقة وإن هو أخرتها إيه! ما هو قال يعني الشهادة إحنا عايزينها، فهو كان يعني واضح قوي مع نفسه ومع الأحداث، إن هو واضح في نفسه، إن الذي يتصدى لمثل الذي يعمل عُرضة في التاريخ كده وفي من سبقه كِده أن هو عُرضة لي.
(12/71)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل ترى إن هو آثر أن يُضحِّي بنفسه، أن يُضحي بنفسه وأن يُقتل وكانت النُذر كلها توحي بقتله حتى أنَّه قال في حوار نشرته جريدة المصري في شهر ديسمبر في سنة 1949 قال فيه إن .. إن صحيفة المصري نشرته في أول أكتوبر عام 1949 عفواً قبل الحَل، أول أكتوبر 1948 قبل الحَل، قال "إن هناك ضغوط خارجية على مصر لحل الإخوان" وأنت كذلك ذكرت في كتابك "الإخوان المسلمون في ميزان الحق"
فريد عبد الخالق: آه
أحمد منصور: شيء من هذا القبيل وكأنّ الرجل أَدرك إن المعركة خرجت من نطاق أن تكون معركة داخلية إلى معركة خارجية، هل كان حسن البَنّا هنا لما رَفض يحرك الإخوان وكان عنده أمل أن يكون هناك حل، آثر أنه ما يدخلش في مواجهة على اعتبار إن هو كان بيكره المواجهة الداخلية كما حدث من مواقفه مما فعله النظام الخاص مثلاُ؟
فريد عبد الخالق: مواجهة داخلية مع مَنْ.. مع الحكومة؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: مع الحكومة، نعم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مكانش يصلح لمواجهة داخلية مع مَنْ .. بشخصه
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش بشخصه بالإخوان اللي موجودين بَره
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الإخوان مش مهيَّئين، اللي هم خدوا كل العناصر النشطة المسؤولة يعني اختاروهم مش اختيار...
أحمد منصور [مقاطعاً]: تقديرك كم للعدد اللي أُعتقل؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آلاف
أحمد منصور [مقاطعاً]: آلاف!
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وهم أخدوهم مدروسين
ذكريات الاعتقال وحكاية قسم شرطة المُوسكي
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت ظروف اعتقالك إيه في الفترة دي قبل مَقتل حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق: وجدت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كعضو مكتب إرشاد؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وجدت من طَرَق علىّ الباب واصطحبني إلى السجن
أحمد منصور [مقاطعاً]: بأدب شديد؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أو طلبني إلى السجن
(12/72)
أحمد منصور [مقاطعاً]: قالوا لك إيه التهمة بتاعتك؟
فريد عبد الخالق: لا التهمة إن أنا فريد عبد الخالق وإن أنا مسؤول وإن لي نشاط عُرف به يَنُّم على إن أنا ليا عندهم وزن كذا
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى أي سجن أخدوك؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى أي سجن أخدوك؟ إلى أي معتقل أخدوك؟
فريد عبد الخالق: في قبل ... خدوني إلى الهايكستب
أحمد منصور [مقاطعاً]: الهايكستب.. رأيت هناك حد من الإخوان؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هم .. هم خدوني الأول فترة بسيطة، أنا كنت أياميها مُغيَّب، محكوم عليها بإن.. بأن أكون بعيد عن القاهرة، لتقليل أو تحديد النشاط، فنقلوني أنا إلى الرقابة التعليمية في
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه.. طبعاً إحنا هنا نسينا وضعك الوظيفي..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الرقابة التعليمية، نقلوني أنا من أستاذ للرياضة في الخديوية ونُقلت إلى
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت في الخديوية الثانوية؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. إلى أسيوط، فلما رُحت أنا أسيوط
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد فرشوط دي رجعت تاني؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فرشوط دي رجعت وبعدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ودوك تاني أسيوط؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا دي مرة تانية .. مرة تانية .. دي مكان استعداد لتصرف أكبر من كده، فأنا لما جيت ودخلت ورحت القسم المُوسكي يعني أسوء وَضْع بقى يعني متقولش بقى
أحمد منصور [مقاطعاً]: قسم شرطة المُوسكي؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ده حاجة يعني لا يَتصورها عقل، عِبارة عن سُوق فيه أشباه آدميين مجرمين وبتاع.. وحاجة يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده الكلام ده سنة 1947، إنما دلوقت حاجة تانية، إحنا في القرن الواحد والعشرين
(12/73)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ليكن يعني، كنت حاسس ذلك .. السجون لا تتحسن، السجون تزال.. نهايته فدلوقت أنا دخلت .. فحتى أنا بدأت أنا أقول .. لاقيت واحد كده ما عرفه أنا من قبل، فوجئت به
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الدكتور ضياء الدين الريس، دكتور ضياء الدين الريس ده أستاذ دار العلوم بيدرس تاريخ إسلامي وراجل عظيم وأنا عارفه من قبل، فبقوله الله!! من أتى بك؟ قال أنا أتوا بيا بطريقة غير معروفة وأنا لا علاقة ... هو لا علاقة له
أحمد منصور [مقاطعاً]: ملوش علاقة بالإخوان ؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: صديق بس للنظام، صديق الإخوان فقط، إنما هو رجل مُتفرغ لعمله
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فقالي أنا جيت قالوا إحنا بندور نبحث على واحد عندنا في الأوراق اسمه ضياء وأنت اسمك ضياء، هنجيب كل الضياءات
أحمد منصور [مقاطعاً]: [مبتسماً].
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وأنت جيت معاهم، قلتله طب وأمتى؟ قالي لسه بقى لما تثبت إنك أنت مش ضياء الحقيقي، هتقعد شوية، فالراجل قاللي أنا بستغرب مندهش مع إني أنا سايب زوجتي في حالة وَضْع وقاعد أنا أصحح أوراق الامتحانات ومنتظر الوَضْع عشان خاطر أقوم بما أستطيع أن أُعين به، قالولي لا ده أنت هاتيجي يعني مسافة ساعة وترجع وطبعاً الساعة دية امتدت شهور وبعدين أنا ما أعرف إيه اللي .. اللي .. ماذا .. من وَضَعَت؟ وكيْف؟ وسِبْت البيت.. وسبت الدنيا عشان اسم ضياء وهم يبحثوا عن ضياء وجمعوا كل الضياءات عفوياً، فأنا.. يقف عند البواب في عندكم ضياء؟ أيوه في عندنا.. هاتوه، نهايته راح الراجل في العملية الهمجية دية غير إنسانية، فأنا قعدت أصبّره شوية وأقوله معلش يعني أنت مهما كان محنة و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت بقيت رد سجون، بقى وعارف النظام رايح جاي عليهم..
(12/74)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فقلتله يعني دي محنة وإن شاء الله كده تنتهي أنت يعني أنت تَجَمَّل بالصبر اللي حِيلْتك، يعني فتَجَمَّل بالصبر وإن شاء الله كده كل شيء هينتهي بخير، يعني أحاول أشجعه، الراجل يعني وحتى مودوهش لم يضعوه مثلاُ.. في يعني.. موقع يَحتمله آدمي، فأنا بقول لحضرتك أنا دخلت الموسكي وجدت حاجات عجيبة، ناس قاعدة على الأرض وأما أسفلت، مفيش حتى بُرش وحاجة وشكلهم شكل إجرامي
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي التخشيبة.. دي اللي في الأول
فريد عبد الخالق [متابعاً]: زي كده ودورة الميه مكشوفة كده أي حد
أحمد منصور [مقاطعاً]: مفيش حاجة أتغيرت كل حاجة زي ما هي
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني لو فيه وحشة ميقدرش يعيش فيها وحتى الإخوان يعني زي ما تقول صِعِبْت عليهم فتَحَلَّقوا حَلَقة كده وقاعدين حَطُّوا راسي على رجل واحد منهم وقالي، كان هو مِعَلِّم في الدرب الأحمر، يعني بيكلمني بلغة قالي على عيني اللي أنت فيه ده يا سي فريد على عيني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وعِرفوك يعني؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: عِرفوك؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عِرفوا .. طبعاً عِرفوني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس دول مجرمين ولا دول إيه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا دول إخوان كمان، كان فيه إخوان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين الإخوان كمان اللي لقيتهم في السجن؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله لقيت من تَبَع الشُعب
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه بس مش فاكر حد بارز فيهم؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هما يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا عارف أن أنا يعني بَجْهِدَك في أن
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا .. لا
أحمد منصور [مقاطعاً]: إني أَعْصُر ذهنك في
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا
أحمد منصور [مقاطعاً]: أشياء مر عليها ما يقرب من 60 سنة
(12/75)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو أن المجموعة حلوة قوي ويعني قابلتني زي ما تقول بكل ما يَملكون من توفير نوع من الراحة، لأن هم كانوا يخافوا عليّ من المجرمين .. المجرمين دُول يعني يضرب أي حد.. بتاع .. فهم تحلَّقوا عليا عشان خاطر ... حلقة كده عشان خاطر تأمين وأنا صعبان عليا
أحمد منصور [مقاطعاً]: الدكتور الريس
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الدكتور الريس .. فأنا بقيت أجيبه جنبي.. خليك في الحته دي.. لأني عارف هو ... اقعد معانا.. نهايته.. بقيت مشغول به وبعدين أنا وجدت السجن بعد شوية راحوا خدوني لوحدي، قلت الله يمكن يكون فرج، نقلوني حطُّوني في زنزانة لوحدها قلت ... لاقيت زنزانة جنبهم وحدها صغيرة حشروني فيها
أحمد منصور [مقاطعاً]: رقُّوك بقى ما أنت قائد
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه حطوني لوحدي، لأي اعتبار بقى، المهم أنا وجدت نفسي في سجن لوحدي ومفيش كرسي ولا ترابيزة ولا سرير
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني سجني الأجانب أحسن؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إلا سجن الأجانب.. بقولك ده خمس نجوم وده حاجة يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده تِرْسُو ده.. [يضحك]
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ولا تِرْسُوا، فنهايته دي حاجة غير آدمية .. دي حاجة غير آدامية أكتر من غوانتانامو
أحمد منصور [مقاطعاً]: كمان!
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فأنا دلوقتي دخلت .. أنا لما دخلت لقيت رجعوا تاني طلبوني.. رجعوني ليه؟ إيه الحكاية؟ قالوا لا ده إحنا جايبين هنا ناس مجرمين هيروحوا لمحكمة الاستئناف ويحضروا من الصبح، فأنت هناخدك، قلت زي بعضه ما الحكاية ماتفرِقْش هنا ولا هناك يمكن هناك أَتْونِّس
أحمد منصور [مقاطعاً]: المهم الآخر رُحت سجن إيه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: رحت تاني وبعدين أنا لما قعدت الفترة الرهيبة في الموسكي دية
أحمد منصور [مقاطعاً]: قعدت أد إيه في الموسكي؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قعدت لتاني يوم
(12/76)
أحمد منصور [مقاطعاً]: يومين بس؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه يومين بس
أحمد منصور [مقاطعاً]: يومين كانوا طوال كده؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طوال يعني لا تتصور، لا حَكَمَ الله على أحد
أحمد منصور [مقاطعاً]: آمين.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين طلبوني وغيري روحنا الهايكستب وخدوا معانا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سجن الهايكستب
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الهايكستب وخدوا معانا الأخ الدكتور
أحمد منصور [مقاطعاً]: الدكتور الريس
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الريس
أحمد منصور [مقاطعاً]: لحد ما بان إن هو ضياء اللي مطلوب ولا لا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لسه بقى بدري ده راح السجون في انتظار هل هو ضياء المطلوب ولا ضياء تاني!
أحمد منصور [مقاطعاً]: [مبتسماً]
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ده ملوش يعني حد.. يعني يسْتَنَّى مفيش استعجال عليه، يعني نهايته فروحنا الهايكستب وجدنا الإخوان مَلْيين الهايكستب
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين من الإخوان شفته في الهايكستب؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كتير بقى كل الإخوان.. أكثرهم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين من أعضاء مكتب الإرشاد؟
فريد عبد الخالق: آه.. كان في كمال الدين حسين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسين كمال الدين ولاَّ كمال الدين حسين
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حسين كمال الدين قصدي ويا ربي مين كمان.. مجموعة تانية.. و طاهر الخشاب، محامي و..و
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن عشماوي اسمه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا .. لا
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولا اسمه أيه صالح عشماوي؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا مش فاكر مين.. يجوز يكون صالح، المهم مجموعة من القيادات، المكتب كامل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: المكتب كامل كان هناك؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والهيئة التأسيسية؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين قعدونا في الهايكستب
(12/77)
أحمد منصور [مقاطعاً]: عذبوكم؟
فريد عبد الخالق: لا مفيش تعذيب
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس قاعدين معتقلين بس
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هي بس سوء المعاملة ويعني أكل لا يُؤكل ومعاملة سيئة مش مُحتملة، يعني بعد صُحبة السجن وجدت أشياء لا تُذكر
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قعدت أد إيه في الهايكستب؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قعدنا كتير، قعدنا أكتر من
أحمد منصور [مقاطعاً]: شهرين.. تلاتة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حوالي شهرين كده.
أحمد منصور [مقاطعاً]: شهرين؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين لما ... بعد فترة جَمعوا جميع أعضاء المكتب لوحدهم في مكان داخل السجن حيث يوجد الإخوان في الحجز المجاورة.. إنما هو مجاور
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب تفتكر مين اللي كان معاك في المكان ده؟
فريد عبد الخالق: ما أنا فاكر
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس فاكر اتنين بس! انتو كنتوا 12، أعضاء المكتب
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أعضاء المكتب كانوا موجودين كلهم الحقيقة
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نهايته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا بيعاملوكم معاملة خاصة كأعضاء المكتب؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما أنا قلت .. هقول لحضرتك حاجة أنا لما وَدُّونا اقتادونا إلى مكان مُغلق
أحمد منصور [مقاطعاً]: مغلق لوحده؟
التنصت على الإخوان في المعتقلات
(12/78)
فريد عبد الخالق: الإخوان قاعدين شايفنا، بس إحنا في أوضه وإحنا بنمر حيث يعني دُفع بنا إلى المكان ده وأُغلق علينا أثناء ده كده سمعنا كأنّها تلاوة قرآن، قلنا الإخوان، شكلها كده يعني اللي بيتكلم، بيتكلم باللهجة في التلاوة المعروفة من الشيوخ يعني وأتابيه تبين لي إنه كلام بيقول كلام، بس بطريقة يعني مِثل القرآن، يقول إيه احذروا فإن المكان الذي ستذهبون إليه، كأنّه قرآن يُتلى والعساكر مش فاهمة حاجة، إنه مجهز بالميكروفونات ويُسجل عليكم كل كلام
أحمد منصور [مقاطعاً]: [مبتسماً]
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هما فاهمين إن ده قرآن وإحنا عرفنا القصة ودخلنا وَجدنا فعلاً المكان مثلغّم بسماعات عشان يعني إذا تحدثنا يُنقل، فنُقل إلينا من الإخوان يعني اجتهدوا اجتهاد عجيب قوي، فلم يعرف حُراسنا ولا في السجن أي أحد وعرفنا إحنا كل شيء، فدخلنا السجن وقعدنا وعارفين إحنا في تنصت وإن كل كلمة بتتسجل وشفنا عندنا بقى ناس خُبراء، مهندسين كبار وأساتذة في الجامعة، بكالوريوس هندسة
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفتكر مين منهم؟
فريد عبد الخالق: ما أنا قلتلك اللي أذكرهم، أنا.. كمال الدين
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسين كما الدين
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حسين كمال الدين مثلاُ
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده كان أستاذ في الجامعة ولا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ده كان رئيس مكتب الإداري بتاع القاهرة، مشهور
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه
فريد عبد الخالق [متابعاً]: واللي كان رُشِّح إنه كان مُرشد بعد أيام حامد أبو النصر لما اتفقوا اللي أكبر السن وكان هو، عُدِل عنه للأسباب هم عايزنها
أحمد منصور: مين اللي عايزها؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كانوا عايزين حمزة أبو النصر
أحمد منصور: مين اللي عايز حمزة أبو النصر؟ الإخوان؟ يعني المجـ....
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الإخوان المسؤولين
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه
(12/79)
فريد عبد الخالق: فنهايته.. فإحنا عرفنا المطلوب إيه فإحنا طبعاً التزمنا أن لا نتكلم كلاماً قد يُساء فهمه وبعد شويه صغيره مفيش يومين تلاتة يئسوا منا، أو يعني تعدينا خدونا تاني، ندهونا(نادوا علينا) فخرجنا جنبهم وقالوا إنتو ترحلون إلى الطور
أحمد منصور [مقاطعاً]: الطور في سينا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه
أحمد منصور [مقاطعاً]: سجن الطور في سينا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. وانتقلت أنا من الموسكي إلى
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى الهايكستب؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الهايكستب
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى سجن الطور؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إلى المكان الخاص المراقب ده، اللي ربنا هُدينا بالإخوان إلى ما يجري
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وتحفظات.. وبعدين أُخدنا.. مجموعتنا كلها قالوا هاتروحوا عيون موسى، هاتروحوا الطور وذهبنا إلى الطور وكان معانا يعني مجموعة كبيرة منهم (يوسف القرضاوي) ومنهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقايل قصايد كتيرة في مذكراته اتكلم عن هذا الموضوع
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. يعني مجموعة كتيرة من الإخوان واترحَّلنا تَرْحيل، يعني أَتْعَب ما شقيت به في الرحلة في الصندل البحري ده اللي ودوني به اللي هو مُعد للحمولات والفحم
أحمد منصور [مقاطعاً]: ودوكوا منين لفين فيه ده؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قعدنا تحت في المركب عشان نروح الطور
أحمد منصور [مقاطعاً]: المركب ده منين؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عشان نروح الطور
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما إنتوا رحتوا فين ده عشان سينا يعني
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عشان نروح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبور قناة السويس يعني
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا.. ودوني المَحْجر بتاع الحجاج
أحمد منصور [مقاطعاً]: تكسروا حجارة؟
فريد عبد الخالق: هه؟
أحمد منصور:تكسروا حجارة يعني ولا إيه؟
(12/80)
فريد عبد الخالق: لا.. بس للبُعد عن المدينة وعن .. لأنّه مكان بعيد، يعني ولبثنا في الطور وبعدين حصل اللي حصل..
أحمد منصور: ايه اللي حصل ما إحنا مش عارفين إيه اللي حصل؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: حصل إيه؟
فريد عبد الخالق: لا يعني عشنا يعني الإخوان عاشوا في الطور وشفنا بقى اللي ما شفنهوش لغاية بعد شوية سمحوا بالطرود تجينا من البيوت، بعد شوية كان ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبيعة الحياة في السجن ده كان شكلها إيه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله الحياة في السجن
أحمد منصور [مقاطعاً]: الطور؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حياة طبعاً.. الحُراس يعني يتقاضون مكافأة على الغِلظة بَدَل سوء معاملة للمسجون ده يُجازى، فيعني المعاملة وكل واحد خايف إنه يُتهم بأنه يعامل الناس، فكان الإخوان.. الضباط أو الحرس اللي معانا وإحنا هنروح فين يعني مكانش فكرة الخوف إن إحنا نهرب واردة، لأن هنروح فين من الطور؟ هنروح ماشيين فين؟ فنهايته.. قعدنا الفترة دية.. جت الحجاج عايزين يستعملوا المكان عشان خاطر الحَجْر الصحي ودُّونا عيون موسى فلقينا هناجر مبنية بناها الإنجليز هناك والمستعمرين وحاجة كبيرة قوي وعِشنا في عيون موسى وكان معانا عبد الحفيظ صيفي كان عضو مكتب من ضمن الموجودين
أحمد منصور [مقاطعاً]: ذكرت كان معاكم عُمر التلمساني
فريد عبد الخالق: آه.. نعم
أحمد منصور: عمر التلمساني كان معاكم؟
فريد عبد الخالقو عمر التلمساني
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأنه في مذكراته فعلاً
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه.. كان معانا كل المجموعة دي كانت معانا وبعدين كمال خليفة الدكتور كمال خليفة اللي هو أستاذ الخرسانة في جامعة.. كلية هندسة، اللي أميركا قالت إحنا عايزينه، إحنا محتاجينه في جامعتنا، اسمحوا لنا به، مسمحوش.. راجل له سمعة عالمية يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]: نعم
(12/81)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو جاهل أمي يعني أي حد، فعِشنا
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنتم كنتم معزولين عن العالم ولا كانت في أخبار بتجيلكم؟
فريد عبد الخالق:لا كنا منعزلين تماماً.
أحمد منصور: لا تعلمون شيئاً عما يحدث في القاهرة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا يعني معزولين تماماً.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا تعلمون شيئاً عن عملية..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كنا عايشين مع بعض..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مؤامرات الاغتيال للمرشد وغيرها؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني كنا عايشين مع بعض، نُثقِّف بعضنا بعضاً، يعني إذا كان مثلاً يعني واحد زي دكتور يوسف القرضاوي بعِلمه يستطيع أن يقول كلمة إذا طُلب عبد العزيز كامل يقول كلمة، إذا طُلبت أنا، يعني كنا عايشين في جو مَكَنش زي ما حد يتصور برضه، إحنا حاولنا ننتفع به بقدر الإمكان يعني نزداد .. نزداد عِلم على الأقل، فيعني عِشنا يعني زي ما تقول بقدر الإمكان وشوفو..الواحد شاف فيه يعني حاجات صعبة أوي.. يعني الواحد أنا في حاجات لا يُمكن أنساها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: زي إيه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مقطوعين.. وأهل كل واحد لا يعرفون شيء، بالكتير سمحوا إنه يبعتوا طُرود، تيجي لنا طرود، كان ملبس حاجة زي كده، فأنا حتى لا أذكر واحد من أهل الريف، من أقاصي الريف وإحنا طبعاً بننتمي إلى يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل محافظات مصر طبعاً
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. أمناء وانتماءات اجتماعية مختلفة، فمثلاً الواحد يعني يجي له غِيارات صوف وجديدة من أحسن .. والتاني بيجيلوا حاجات بسيطة يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على الأد يعني..
(12/82)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فيعني كانت فترة صعبة وواحد أهله بيسألوا عنه بالجوابات وواحد مُنقطع مبيسألوش، فوجدت حالة زي مؤلمة، يعني للبشرية، لدرجة أن إحنا ضبطنا أو عرفنا إن بعض الإخوان الذين لا أهل لهم أو لا قدرة للأهل لهم أن يتصلوا بهم بقى يبعت بجوابات يديها لعسكري ترجع له تاني عشان اسمه خد جواب.
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه الحالة النفسية يعني
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني يكتب جواب لنفسه عشان
أحمد منصور [مقاطعاً]: عشان الحالة النفسية إن اسمه يتنده إن له أهل
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يكتب الجواب بنفسه ويوصَّله باعتبار شايف الناس بعضهم بيجي لهم، فمن الألم وبعضهم جالوا أنا أُدامي اللي جنبي جه أخد غيار وأنا مثلاً معايا غيارات جاهزة بدِّيه ونتعاون يعني من عنده يِدِّي يعطي من لا ملبس له وهكذا، شيء طبيعي يعني، فأنا لا يُمكن أنسى الفرحة التي يواجه الريف القُح الزارع البسيط ده وهو يُمسك بالثوب الذي ..وكان يعني حتى اسمح لي كان ثوب طويل كده يُلبس تحت جلباب.. يعني كأنه ملابس داخلية كبيرة.. ويقول شوفوا زوجتي شوف رقَّعتها ترقيع عظيم.. مُرقع ترقيع عظيم وفرحان بأن رقعة الترقيع حصلت.. بقت دي تستغرب على النفس البشرية دي إزاي بتستوعب ده وإزاي هو قِِدر يعني يرى إيد زوجته والحركة الناعمة من بعيد والعاطفة اللي بينه وبينها ستين حاجز ممثلة في أنها مرقعة الملابس الداخلية.
شهر عسل داخل المعتقل
أحمد منصور [مقاطعاً]: قولي أنت كنت اتجوزت؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني أنا شفت حاجات غريبة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت اتجوزت؟
فريد عبد الخالق: أنا كنت عقدت ولم أتزوج مهو أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: امتى عقدت؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا عقدت في .. في الـ 1948
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني قبل ما تتدخل السجن على طول؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. شهر العسل قضيته في السجن
(12/83)
أحمد منصور [مقاطعاً]: [مبتسماً]
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا عقدت الليلة عقد الزواج، حتى أهل زوجتي يعني هم لست غرباء عن الإخوان ومنها أخ عزيز ولقيته التاني أخوها التاني أستاذ في كلية الهندسة رئيس القسم المدني، يعني فكان يعني منهم من استطاع لمدة وأنا رايح هناك وكأني يعني لا عودة فهي كانت بتقول لي بعد مارجعت أن يعني كنت، كنت أسمع كلاما يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا عايزين قبل ما تِرجع لسه الظروف اللي إنت اتجوزت فيها إيه؟ وإنت طالع من سجن ورايح سجن الظروف التي تزوجت فيها؟
فريد عبد الخالق: ما أنا تزوجت .. عقدت القران وحضروا الإخوان كلهم أعضاء المكتب.. وبتاع ده في وسط الـ 1948
أحمد منصور [مقاطعاً]: المُرشد حضر؟
فريد عبد الخالق: لا المُرشد ماحضرش المُرشد ما حضرش، اللي حضر الإخوان والمسؤولين، المُرشد جه بعد كده يعني خاص .. أنا هشوفه تاني يوم يعني هشوفه في المركز العام زي ما أنا ما إحنا برضوا الزواج
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني بتروح المكتب؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنا حضرت يوم الزواج ده بمنظر يعني غير معهود..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إزاي!
أحمد منصور [مقاطعاً]: وزوجتي عبَّرت عنها تعبيرات يعني في غاية التألم وعجيبة، بتقول لي أولاً إنت.. يعني بعد ما التقينا وأصبح فيه فرصة للكلام.. قالت لي إنت اللي حصلت يوم عقد القران وجيت أنت جيت آخر واحد
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي!
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لدرجة أن أنا بصراحة أصارحك قلت إن فيه ناس بتَعْدِل ويمكن ده غير وجهة نظري فأنا أسأت بك الظن
أحمد منصور [مقاطعاً]: العريس هرب يعني!
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قالت لي مش معقول كل أهل جُم وأهلي جُم والباقي هو العريس، مش معقول دخلنا على الساعة 9 وأنت مجتش، فأنا حكيت لها قلت والله أصل أنا قمت أنا نمت.. قالت لي يلعن ده عذر!
أحمد منصور [مقاطعاً]: [مبتسماً]
(12/84)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]:.. حد ينام في.. قلت لها والله اللي حصل أنا تعبان من المركز العام والشغل وخدني نمت شوية فرحت في النوم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: نمت .. يعني نسيت أن فرحك النهاردة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما هي دي اللي استعجبته، قلت لها رحت في النوم قالت لي.. قلت لها ده اللي حصل وبعدين بعد كده يعني تصافحنا وهي عذرتني وقلتها أنا يعني حبيت أنا أظهر في زينة معقولة شعري طويل أني مفيش فرصة فُت على حلاق وقلته أنا لي شرط عليك ..خمس دقائق وأديك ضِعف الأجر.
احمد منصور [مقاطعا]: دي حلقة عريس ..
فريد عبد الخالق [متابعا]: فحلق عليا وضَّب لي شعري في خمس دقائق، فرُحت وخدت تاكسي ورحت.. والناس بين مُصدق ومُكذب وعيونهم كلها متساءلة مع الإنكار علي إزاي وأهلها تقريباً يعني كأنما يعني يتألمون وأنا نَفسي بقيت مندهش اللي حصل وبعدين أول ما دخلت لقيت صالح عشماوي، معايا في الجريدة
أحمد منصور [مقاطعا]: آه طبعاً
فريد عبد الخالق [متابعا]: وأنا في وسط الاستقبال ده أخرجت
أحمد منصور [مقاطعا]: كنت وقتها مُشرف على جريدة الأخبار؟
فريد بعد الخالق [متابعاً]: من جيبي ورقة وقلت له خد ده الكلمة دي لأنها للنشر بكرة في الجرنال، قال لي يا أخي إنت فيه إيه.. قلت له لا أنا دي محضَّرها عشان بكرة.. قال لي محضر إيه قلت له محضر الكلمة بتاعة الجريدة لبكرة
احمد منصور [مقاطعا]: والعروسة اللي مستنياك [مبتسماً]
فريد عبد الخالق [متابعاً]: في الحقيقة أنا الرجل نجح في إنه يعيشنا في جو الدعوة، لا يعلمه إلا من ذاقه.. نهايته كانت الدعوة هي قضيتنا وهي حياتنا
احمد منصور [مقاطعا]: ما هي برضه الحياة جزء منا..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نهايته.. وترجع تسألني تقولي الإخوان ماتوا؟ ما ماتوش ..نهايته فأنا قعدت معهم واتكلمت وطيِّبت خاطر زوجتي وانصرف الإخوان وتاني يوم الُصبح رُحت الجريدة وبعدين أنا بقى كده رجعت
(12/85)
احمد منصور [مقاطعا]: رحت السجن
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بعد كده انسحبت
احمد منصور [مقاطعا]: يعني إنت أُعتقلت أيضا قبل حَل الإخوان؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: أُعتقلت قبل حَل الإخوان؟
فريد عبد الخالق: أعتقلت قبل حَل الإخوان ده..ده
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني بس عشان كده نقول..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. لا
أحمد منصور [مقاطعاً]: إن تقريباً
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا أنا..أنا
أحمد منصور [مقاطعاً]: إن ممكن تكون أُعتقلت في نوفمبر
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الذي تم
أحمد منصور [مقاطعاً]: أو في أكتوبر
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كان مجرد عقد قران وبعد كده رجعت لعملي كان في أسيوط ما أنا مُبعد
أحمد منصور [مقاطعاً]: وبعدين كمِّلت الفترة في السجن؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وبعدين بقى من أسيوط ما شوفتش زوجتي
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما شفتهاش؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ولا مرِّيت عليها، اصطُحبت إلى آخر المشوار الذي ذكرته إلى قسم المٌوسكي إلى الهايكستب
أحمد منصور [مقاطعاً]: امتى رجعت من السجن؟.. امتى طلعت من السجن؟ .. امتى طلعت من السجن؟
فريد عبد الخالق: بعد لما جات حكومة الوفد خرجنا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه.. دي سنة 1950 بعد نهاية 1949 - 1950 طيب امتى عرفتم إن حسن البَنّا قُتِل؟
فريد عبد الخالق: في داخل السجن طبعاً.
أحمد منصور [مقاطعاً]: عِرفتم؟
فريد عبد الخالق: آه طبعاً
أحمد منصور [مقاطعاً]: قُتل في 12 فبراير إنتم عِرفتم بتاريخ كم؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بعديها مفيش يومين عرفنا.
احمد منصور[مقاطعاً]: مين اللي بلّغكم بمقتله؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا أذكر يعني في ناس أهلهم بتيجي والعساكر يعنى..
احمد منصور: إيه واقع مَقتل حسن البَنّا؟
(12/86)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: واللي قالوا لنا الضباط برضه في صِلة يقولونا الخبر.. خبر مُهم
أحمد منصور [مقاطعاً]: قوللي إزاي استقبلتم خبر مَقتله في السجن؟
فريد عبد الخالق: والله استقبلنا الخبر.. خبر فاجِع نسَّانا السجن ونسانا كل ما تعرضنا ليه، لأن الرجل بالنسبة لينا يعني كان الحقيقة ليس فقط زعيماً لحركة، إنّما كان الحقيقة يعني زي ما تقول له في القلوب مكانة وله قَدره.. يعني كبير قوى.. ده حتى دي مش روحت بس دا سيد قطب كتب "أنا لم أعرف الإخوان ولم أتصل بيهم لإلا بناء عن مَقتله قولنا" له إزاي وكتب هو الكلام ده سيد قطب "رحمة الله عليه"
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يكن من الإخوان حينذاك؟
أسباب فرحة الغرب بمقتل البنا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قال أنا كنت أُعالَج في مستشفى بأميركا وحوالي أطباء وممرضات وهكذا فوجدتهم فجاءة في حالة فرح غير عادية ويشربون الخمر يتبادلون
أحمد منصور [مقاطعاً]: الأنخاب يعني
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الأنخاب مرة واحدة كِده، فأنا سألت فيمَ الأنخاب؟ وماذا حصل لكم في هذه الساعة، قالوا قُتل البَنّا قال أنا والله سمعت هذه الكلمة فكأنّما لي به صِلة لا.. ودخلت الدعوة و البَنّا أصبحت الرجل اللي هو داعية لله ويُقتل هكذا ويفرح له الغرب إلى حد يتساقون الخمر ويقولون قتل البَنّا، الله دا إيه الحدث الكبير ده اللي هز العالم ولذلك أنا بقول إن المسالة مخططة وكبيرة أكتر من الظواهر ديت يعني سيبك من الحوادث اللي حصلت كلها، إنّما هي كانت فكرة تصفية ومحاولة إجهاض وتكميل عارف.. عارف القرار بتاع التقسيم عارف وعد بلفور ده زيه
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلى هذا الحد تعتقد؟
(12/87)
فريد عبد الخالق: إلى هذا الحد.. نعم إحنا .. إحنا بنتصور أعداءنا يخططون ولكل خطة يعني بدائل عشان تستقبل التغيرات اللي بتحصل وإحنا بنعيش يعني باليوم إذا عشنا وننظر تحت أقدمنا وهم ينظرون إلى بعيد نهايته، فأنا يعني بعد كده خرجت ورجعت بيتي بعد العملية دي ويعني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي تذكره كرواية بسيطةعن مَقتل..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عشت فترة بسيطة
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عشت فترة بسيطة وجات الثورة.. وتاني وخرجت برضه من البيت وزوجتي تشجعني وتقول يعني شد حيلك بسيطة وبعد كده لما التقينا لما سمح بعديها بسنة يمكن
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بزيارات في السجن الحربي فيما بعدين بقه
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ.. أنا لسه في سنة 1949
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه 1949 ما أنا خلاص
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب دلوقتي إيه الرواية اللي تذكرها لمقتل حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي الرواية التي تذكرها لمقتل حسن البَنّا؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مَن؟.
أحمد منصور [مقاطعاً]: الروايات اللي إنت سمعتها قلنا خُلاصة الرواية
فريد عبد الخالق: الروايات اللي سمعنها الحقيقة أنا شخصياً
أحمد منصور [مقاطعاً]: وليه هي موجودة في الكتب يعني؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله أنا شخصياً أحد اللذين لم يستغربوا لم يندهشوا صحيح عَزْ عليا وحسيت بفداحة الخَطب اللي خلى بعض علماء الشريعة وهاذكره لأنه هو أستاذ لي أنا وأنا بحضَّر رسالة.. كان لي به صلة
أحمد منصور [مقاطعاً]: رسالة الدكتواره؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم.. كان لي صِلة به فهو قالي كلمة نقلها لإيطاليا قال والله أول ما هذا الشيخ ..بس أفتكره شيخ جليل اللي هو صاحب الموسوعة الفِقهية طَلّع موسوعة فقهية
(12/88)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هنفتكره ماشي
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ماشي.. فهو يعني الرجل ده رجل عظيم نهايته .. لما قال دخل قال.. لما دخل علي المدرج قال كلمة هزّت قلوبنا قال "أن بلداً يُقتل فيها حسن البَنّا لن تَرى خيراً"
أحمد منصور [مقاطعاً]: مَنْ الشيخ أبو زهرة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه نعماً فعلت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: الشيخ محمد أبو زهرة
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم فذكره الإخوان الذين لي قالوا والله أبو زهرة برأت ذمته من الله أول كلمة نطق بها عندما دخل الجامعة ودخل على .. قال "أنّ بلداً يقتل فيه حسن البَنّا لن تَرى خيراً"، نهايته.. وكان لي معه صوْلات وجوْلات بعد كده لأن أنا اشتركت معاه في الموسوعة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل الناس عايزة تعرف باختصار الرواية اللي قُتل.. الظروف اللي قُتل.. لحظة قتل حسن البَنّا كيف تمت؟
فريد عبد الخالق: والله يعني أنا شخصياً لم أعاين إنما أنا اللي ترك في أثري أن الروايات المستقرة اللي أصبحت موثقة ومتواترة إن هو الرصاص أُطلق عليه وهو جنبه صِهره، زوج أخته
أحمد منصور [مقاطعاً]: أخو زوجته.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عبد الكريم منصور
أحمد منصور [مقاطعاً]: أخو زوجته.
مَقْتل البَنّا وأوامر للأطباء بتركه ينزف حتى الموت
فريد عبد الخالق [متابعاً]: آه.. فهو لما شاف الرصاص بينضرب قالوا إنزل في العربية وجات له هو الضربة في مَقتل، ففتح الباب بإيده كما عَلمنا من شهود اللي وضع إيده على النزيف وصعد السلم الطويل الرخامي بتاع
أحمد منصور [مقاطعاً]: جمعية الشبان
فريد عبد الخالق [متابعاً]: جمعية الشبان وقد ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التي في شارع رمسيس ولم تتغير إلى الان
(12/89)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم في شارع رمسيس.. وقد قال لمن معه .. من حوله اطلبوا الإسعاف، قالوا إحنا لا نعرف لا نذكر النمرة، ليس عندنا حُضور، لهذا قال هاتوا التليفون، حكوا لنا وجابوا هو ليه التليفون وهو اللي طلب القصر العيني وعنده حُضور أكثر من حضور الأصحاء
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهو مُصاب برصاصة قاتلة
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أي والله بقت إيد على كده [يضع يده على صدره] وإيد ضربت التليفون وجاء إسعاف القصر العيني وخدوه وبعدين يعني طلع أن النزيف لما راح هناك كان مستمر وعندي شهادة
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا.. من عند من أحد الأطباء المشهورين اللي شارك الأطباء في استقبال حسن البَنّا وكتب وثيقة قال فيها لقد أُمرنا بأن نتركه ينزف حتى يموت.
أحمد منصور: اطلعت على هذه الوثيقة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: سمعت الطبيب نفسه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم فديه كلها يعني أمور
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه حرج تذكر اسمه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: الحقيقة .. الحقيقة أنا دلوقتي اسمه غاب عنى.. غاب عني
أحمد منصور [مقاطعاً]: إذا ذكرته في الحلقة القادمة تقوله؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نهايته.. على العموم اللي بقوله ده ما يعتبرش أسرار، لأن لا أحد النهارده يجهل أن العملية عملية مُدبرة يعني ومؤامرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كان المَلك وراء العملية بالفعل
فريد عبد الخالق: طبعاً ماهو المُستفيد، حضرتك دارس للقانون تَعلم أن إصبع الاتهام إنما تصيب وتنزل المُستفيد
(12/90)
أحمد منصور [مقاطعاً]: عمر التلمساني، المُرشد الجماعة الأسبق ذاكر رواية في مذكراته، كتابه المذكرات.. لمذكرات في صفحة 105 بيقول إنهم تركوا الإمام البَنّا ينزف حتى مات وقبل أن يلفظ النفس الأخير جاء فاروق إلى القصر العيني شامتاً ومتشفياً وبَصَق على الإمام فَفتح عينه وقال لـ فاروق "مزَّق الله مُلكك" وكانت أبواب السماء مفتوحة فاستجاب الله الدعاء، الرواية ديه مش مقبولة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله أنا شخصياً استبعد هذا مع احترامي للقائل
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأنه مش ممكن فاروق يكون من الغباء بحيث أنه هو يجيء ويَحْدُث هذا السيناريو
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا.. لا بالعكس هو كان حوليه من يُدبر الأمور بحُنكة
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى وإن اتُّهِم فاروق وطبعاَ حُوكم من قتلوا حسن البَنّا بعد ذلك بعد الثورة حكموهم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أينعم
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة 1953
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بس ما وصلناش
أحمد منصور [مقاطعاً]: بغض النظر ولكن كأنّ الاتهامات كلها كانت تُشير إلى البوليس السياسي والقصر
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه..أيوه طبعاً.. البوليس السياسي نفَّذَ
أحمد منصور [مقاطعاً]: والضابط محمد الجزار المشهور
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والقصر أمَرَ والحكومة موافقة يعني ده يشيع
أحمد منصور [مقاطعاً]: وحُوكم
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بالمثلث ده..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بالسجن المَؤبّد على الذين..على الذين اتهموا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: المثلث.. المثلث اللي مش عارف أوصفه إيه لا هو ذهبي ولا فضي، المثلث ده كله طبعاً مشترك وعالِم والعدو الأجنبي صاحب التدبير الأول.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو الفراغ الذي تركه مقتل حسن البَنّا لدى الجماعة؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: الفراغ اللي تركه مقتل حسن البَنّا في الجماعة
(12/91)
فريد عبد الخالق: الفراغ.. طبعاً فراغ قيادي لا يُعوض لأن الرجل فعلاً، كما قُلت، بعيد عن التقديس وبعيد عن التغالى.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ألا يؤخذ على حسن البَنّا أنه لم يستخلف خليفة قوي، أو لم يستطع أن يُعِد مُرشد بديل بالنسبة له؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا هو لما حصلت الظروف دي أرسل إلى الباقوري وقال اخلُفني في الإخوان
أحمد منصور [مقاطعاً]: الباقورى ذكر هذا في مذكراته
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وقال أن حسن البَنّا استخلفه على الإخوان
فريد عبد الخالق [متابعاً]: على الإخوان.. نعم .. وبعدين طبعاً الأمور لم تستقر لأنّ
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هذا اخلُفني عن الإخوان هل معنى هذا أنه عيّنه مُرشداً أو أصبح الباقوري مُرشدا أم أنّها فترة مؤقتة؟
فريد عبد الخالق: هي زي ما تقول تكليف مؤقت لأنّه عارف ده هو لا يَملكه، عشان يعطيه وعارف إن الإخوان هي اللي تملك وهي من حقها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البَنّا قُتل وعمره ثلاثة وأربعون سنة فقط
فريد عبد الخالق: أيو.. أقل من كده يعني 41 وشهور
أحمد منصور: يعني الثابت إنه من مواليد 1906 وأُغتيل في 1949 يعني 43 سنة
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: يعني ألَمْ يكن جديراً به أن يُعِد من يعني بعد 20 سنة.. 21 سنة في الجماعة ويُعِد أكثر من شخص يصلح أن يكون مُرشد بدون الصراع اللي حصل ده؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله هطمن حضرتك .. هطمن حضرتك.. ليس فرداً واحداً لأنّ كثيرين الحقيقة الحمد لله الجماعة .. الجماعة ليست فقيرة لمن يُحسن فَهم دينه ويُحسن تنظيم الجماعة ويستمر بالمشوار.. موجود الكثير هو عارف هو
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب في الحلقة القادمة أبحث معك هذا الكثير الذي يُقال أنه كان يصلح لخلافة حسن البَنّا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مَنْ؟
(12/92)
أحمد منصور [مقاطعاً]: الفَراغ .. الفَراغ الضخم الذي تركه حسن البَنّا في قيادة الجماعة والمطامع التي حدثت في استخلافه وكيف أنّ الجماعة تُركت فيما يُشبه الفراغ إلى سنة 1951 إلى أن تم اختيار حسن الهضيبي مُرشداً عاماً ثانياً للجماعة.. أشكرك شكراً جزيلاً
فريد عبد الخالق: الله يخليك
أحمد منصور: كما أشكركم مُشاهدينا الكرام على حُسن مُتابعتكم
فريد بعد الخالق: شكراً
أحمد منصور: في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق، أحد مُرافقي الأمام حسن البَنّا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يُحيِّيكم والسلامُ عليْكم ورَحمةُ الله وبَركاتُه.(12/93)
الحلقة7(12/94)
الخميس 30/11/1424هـ الموافق 22/1/2004م(آخر تحديث) الساعة 09:18(مكة المكرمة), 6:18(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
18/1/2004
- وثيقة الطبيب الذي شاهد وفاة حسن البنا
- جثمان البنا يحمله النساء ويمنع حضور عزائه أحد
- الإخوان بعد وفاة البنا
- حقيقة دور حسن البنا في الدعوة
- ما هي وسائل إعداد مرشد للجماعة؟
- فشل الإخوان في اختيار مرشد يخلف البنا
- هل هناك نظامان سريان داخل الجماعة؟
- اختيار حسن الهضيبي مرشدا؟
- من هم المرشحون لتولي الإرشاد؟
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق أحد مرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة أستاذ فريد مرحباً بك.
فريد عبد الخالق : أهلاً بكم.
(12/95)
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند مِفصل هام في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين هو مقتل مؤسس الجماعة ومرشدها الإمام حسن البنا في الثاني عشر من فبراير عام 1949 أمام جمعية الشبان المسلمين في شارع رمسيس في القاهرة، لكن حتى أضع المشاهد في أجواء ما حدث اسمح لي أعود قليلاً إلى الوراء بداية اُذكِر بشيء ربما ذاكرتك وأنت في السابعة والثمانين أطال الله عمرك لم تُسعفك فيه وهم الذين كانوا متهمين معك في قضية قنابل أعياد الميلاد حيث سُجِنت عاماً سنة 1946 .. في ديسمبر 1946 هم حسين عبد السميع وعبد المنعم عبد العال ربما تَذكرتهم الآن، قبل مقتل حسن البنا وقعت أحداث من المهم أن نسلط الضوء عليها بشكل سريع، في 15 نوفمبر 1948 كُشِف .. كُشِفت قضية السيارة الجيب التي كَشفت أسرار التنظيم السري أو .. النظام الخاص للإخوان المسلمين، في 22 نوفمبر 1948 حُكِم على الشابين اللذين قَتلا القاضي الخازندار وهما حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم من شباب النظام الخاص بالأشغال الشاقة المؤبدة وكان لهذا الحادث أثر سيئ على الأخوان، في 8 ديسمبر 1948 أصدر محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين، بعد ذلك بعشرين يوماً في الثامن والعشرين من ديسمبر قُتِل محمود فهمي النقراشي على يد أحمد عبد المجيد أحمد حسن وهو أحد شباب النظام الخاص للإخوان المسلمين في عملية ذكرها أحمد عادل كمال بالتفصيل في كتابه النقط فوق الحروف. جاءت بعده حكومة إبراهيم عبد الهادي وقُتِل حسن البنا بعد هذا في 12 فبراير 1949. لو عدت بك لا سيما وأنك قلت أنك التقيت بأحد الأطباء الذين عايشوا وفاة حسن البنا في القصر العيني وقلت أنك لا تذكر اسمه لكن وعدتني بأن تبحث في الأمر وأتمنى أن تكون قد بحثت فيه، هل لديك معلومات عن هذه الملابسات؟
فريد عبد الخالق: أعطاني هو بعد فتح الموضوع معاه في لقاء كنت أزور الدكتور إبراهيم بدران وهو أخ عزيز ..
(12/96)
أحمد منصور [مقاطعاً]: وزير الصحة المصري الأسبق.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إبراهيم كان وزير أسبق.
أحمد منصور: نعم
فريد عبد الخالق: وهو ليه مستشفى.
أحمد منصور: نعم
فريد عبد الخالق: فأحد الذين يعني يعملون في فريق الأطباء عنده متخصص أستاذ في البنج.
أحمد منصور [مقاطعاً]: التخدير نعم.
وثيقة الطبيب الذي شاهد وفاة حسن البنا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: التخدير أي نعم وهو يعتبر رئيس قسم التخدير في قصر العيني اللي هو الأخ رشيد، فلما جرى كلام عن هذا قال أنا عندي .. وأنا كنت أحد فريق العمل الذين استقبلوا حسن البنا رحمة الله عليه عندما أُصيب بالرصاص أمام الشبان المسلمين كما تفضلت حضرتك بالكلمة، فوعدني بأن يقدم لي ورقة بخطه عما وقع يُنبئ فيها عما وقع.
أحمد منصور: الطبيب هذا؟
فريد عبد الخالق: أي نعم، فأنا يعني رحبت لأن دي وثيقة تعتبر دي وثيقة في موضوع مهم وفي مسألة شغلت الناس وما تشغلهم .. ولازلت تشغلهم، فأنا حصلت يعني هي عندي معتز بيها وقد يعني أتيتك بها ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: معك الآن يعني؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وهي الآن معي وإذا شئت يعني تشوف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ممكن أقرأها بعد إذنك؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم أتفضل هاهي.
أحمد منصور: هذه بخط يد الطبيب؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: بخط يد الطبيب؟
فريد عبد الخالق: خط يد الطبيب.
أحمد منصور: ورق أصفر قديم، منذ كم سنة أعطاها لك؟
فريد عبد الخالق: لعله لم يثبت التاريخ؟
أحمد منصور: لأ للأسف ليس عليها تاريخ
فريد عبد الخالق: دي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من عشر سنين، عشرين سنة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه لا تزيد ويمكن أقل.
أحمد منصور: عشرة أو عشرين؟
فريد عبد الخالق: لا.. لا.. لا .. حوالي .. لا تزيد .. حوالي العشر يعني.
(12/97)
أحمد منصور: عشر سنين مع أنها قديمة، اسمح لي أحاول أقرأ بعضها لأن دي تعتبر وثيقة، هو الدكتور محمد يسري رشيد أستاذ ورئيس قسم التخدير السابق في القصر العيني.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: وهي بخط يده كما تقول أنت "شاهد على اللحظات الأخيرة من مصرع الإمام الشهيد حسن البنا."
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور [يقرأ الوثيقة]: "أكثر من ثلاثة وأربعون عاماً مضت ولازالت محفورة في ذاكرتي بكل تفاصيلها ومأساتها، هذه اللحظات التي شاهدت خلالها مصرع الأستاذ الإمام حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين ومكثت إلى جانبه إلى لحظة وفاته رحمه الله رحمة واسعة كان ذلك مساء يوماً من أيام فبراير 1949 وكنت اعمل حينئذ نائباً مقيماً للتخدير بمستشفى قصر العيني والله على ما أقول شهيد، كانت أخر كلماته لا اله إلا الله محمد رسول الله. دكتور محمد يسري رشيد أستاذ ورئيس قسم التخدير السابق بكلية طب قصر العيني.
فريد عبد الخالق: رحمة الله عليه.
أحمد منصور: أنا أيضا لأن جنازة حسن البنا كانت جنازة غريبة لم يحضرها أحد.
فريد عبد الخالق: صحيح.
أحمد منصور: هذا الرجل الذي كان يتبعه ما لا يقل عن نصف مليون كما تشير كثير من التقديرات.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: لم يشهد جنازته سوى رجل واحد هو أبوه.
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: ومعاه مَنْ لم يكن يتوقعه أحد، مكرم عبيد معاه.
أحمد منصور [متابعاً]: مكرم عبيد راح إلى .. أنا يعني برضه حاولت أن ابحث في الكتب حتى اصل إلى شكل للجنازة، أنت وقتها في هذا الوقت كان الإخوان معظمهم في السجون.
فريد عبد الخالق: لان الإخوان كانوا في السجن و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مكتب الإرشاد في السجن الهيئة التأسيسية في السجن الإخوان الذين ذهبوا إلى حرب فلسطين كانوا في السجون ..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: وأعضاء الـ ..
(12/98)
أحمد منصور [متابعاً]: وإخوان النظام الخاص كانوا في قضية السيارة الجيب أيضا مُعتقَلين، لم يكن في الخارج إلا قليل من الإخوان منهم أحمد حسن الباقوري الذي قال في مذكراته أن حسن البنا كلفه بأن يكون هو ..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: مسؤول ..
أحمد منصور [متابعاً]: مسؤولاً عن الإخوان في حالة غيابه.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: وجدت وصف للجنازة اسمح لي ..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: أن أرويه للمشاهدين لأنه ليس عندك وليس عند أحد وإنما هو وصف والده ذكره أنور الجندي في كتابه حسن البنا الإمام الداعية المجاهد ونُقِل في كل المصادر تقريباً نقلاً عن مصدر واحد هو جريدة الكتلة التي كان يرأسها التي كان يصدرها حزب الكتلة التي كان يرأسه مكرم عبيد.
فريد عبد الخالق: أيوه.
جثمان البنا يحمله النساء ويمنع حضور عزائه أحد
(12/99)
أحمد منصور: وهو الشخص الوحيد الذي تمكن من العزاء في حسن البنا وهو كان مسيحياً، هذه الرؤية نقلاً عن أحمد عبد الرحمن البنا والد حسن البنا يقول: "أُبلِغت نبأ موته في الساعة الواحدة وقيل إنهم لن يسلموا جثته إلا إذا وعدتهم بأن تُدفن في الساعة التاسعة صباحاً بلا احتفال وإلا فإنهم سيضطرون إلى حمل الجثة من مستشفى قصر العيني إلى بيته فأُلقِي عليه نظرة أخيرة واضطررت إزاء هذه الأوامر إلى أن أعِدُهم بتنفيذ كل ما تطلبه الحكومة رغبة مني في أن تصل جثة ولدي إلى بيته فأُلقِي عليه نظرة أخيرة وقبيل الفجر حملوا الجثة إلى البيت متسللين فلم يشهدها أحد من الجيران ولم يعلم بوصولها سواي وظل حصار البوليس مضروباً حول البيت وحده بل وحول الجثة نفسها لا يسمحون لإنسان بالاقتراب منها مهما كانت صلته بالفقيد وقمت بنفسي" - والكلام هنا أيضا لوالد الإمام البنا – "وقمت بنفسي بإعداد جثة ولدي للدفن فإن أحداً من الرجال المختصين بهذا لم يُسمح له بالدخول، ثم أُنزِلت الجثة حيث وُضِعت في النعش وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير، طلبت إلى رجال البوليس أن يحضروا رجالاً يحملون النعش فرفضوا، قلت لهم ليس في البيت رجال فأجابوا فليحمله النساء وخرج نعش الفقيد محمولاً علي أكتاف النساء ومشت الجنازة الفريدة في الطريق فإذا بالشارع كله قد صُف برجال البوليس وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تصرخ ببريق الحزن والألم والسخط على الظلم الذي احتل جانبي الطريق وعندما وصلنا إلى جامع قيسون للصلاة على جثمان الفقيد كان المسجد خالياً حتى من الخدم وفهمت بعد ذلك أن رجال البوليس قد قَدِموا إلى بيت الله وأمروا من فيه بالانصراف ريثما تتم الصلاة على جثمان ولدي وقفت أمام النعش اصلي فانهمرت دموعي، لم تكن دموعاً بل كانت ابتهالات إلى السماء أن يدرك الله الناس برحمته ومضى النعش إلى مدافن الإمام الشافعي فوارينا التراب هذا الأمل الغالي وعُدنا إلى(12/100)
البيت الباكي الحزين ومضى النهار وجاء الليل ولم يحضر أحد من المُعَّزِين لأن الجنود منعوا الناس من الدخول، أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء فلم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم فقد قُبِض عليهم وأُودِعوا المعتقلات إلا شخصاً واحداً هو مكرم عبيد باشا الذي كان يتحدى الظالمين، ما رأيك في هذا المشهد؟
فريد عبد الخالق: المشهد معبر الحقيقة عن تعبير لا يحتاج إلى المزيد، إنما الواحد بيقف قدام أمام حكمة الله عز وجل في كيف أن يعني يُيسر للعبد هذا الحظ من الإيمان وييسر له العمل بمقتضاه فيؤثر في حياة أمة بأسرها ويترك وراءه وما بعده أشياء كثيرة لازالت قائمة حتى الآن كما هي شأن صاحب العلم الذي يترك في الناس علمه فيظل حياً بعده، فالحقيقة الكلمة التي قيلت في تصوير هذا المشهد هي معبرة وفيها بيان لحكمة الله عز وجل التي يعني سبحانه وتعالى لا يعلمها إلا هو سبحانه الذي أحاط بكل شيء علماً كأنها مفارقة يعني .. قد يعني يحقق الإنسان أوج الشهرة والمقدرة ومع ذلك عندما يذهب إلى ربه يذهب فرداً ولا يكاد يجد أحداً معه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البنا الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لم يجد من يحمل نعشه حتى يواريه التراب.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لعل الملائكة كانت فعلاً .. أنا اعتقد أن الله يعني أبدل بالغائبين ملائكة لأن الرجل حقيقة يعني يستحق عند الله بما وصف الله في كتابه أن الله بيعطي الناس ما لا يعلمه إلا الله.
أحمد منصور: وقعت جماعة الإخوان المسلمين في ورطة كبرى بعد مقتل حسن البنا حيث لم يتواجد قائد يستطيع أن ينتشل الإخوان من هذه المرحلة، هل كان حسن البنا مثل معظم مؤسسي الحركات السياسية مصاباً بأنانية القائد ولم يسع إلى أن يُنمِي فيكم ويختار منكم مَن يمكن أن يقوم بقيادة الجماعة من بعده؟
(12/101)
فريد عبد الخالق: هو فيما يتعلق بمنهجه العملي الذي مارس به تحقيق أهداف الدعوة كان مُركِز على إن التربية والإعداد وما يبذله في الإعداد كان قائم وفعلاً هو وُجِد النهارده من يثبت إنه هو كان يعني بذل كل جهده يعني ليُوجِد رجال من وراه.
أحمد منصور: هل كان يربي فيكم الزعامة والقيادة وهذه الأشياء؟
فريد عبد الخالق: كان يربي فينا المسؤولية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي؟ اضرب لي .. أمثلة.
حالة الإخوان بعد وفاة البنا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه، يعني نمرة واحد إن هو كان على علو قَدَمه في المعارف وعلى خصوصيته النفسية والطاقة أبلى كان بيتمتع بِها دية لم يستعل ولم يمارس الأمور بسلطة بل كان يحترمه، أنا قال لي مرة كلمة أنا هأذكرها لأهميتها يمكن تثور في الناس فكرة الفراغ الذي تُرِك ومن يملأه وليس على المستوى الذين هكذا وإن ده ترك أثر في الناس كيف يستقبلون؟ وجدوا قبل كده من كان هو ممثلاً لدعوتهم وحفيظاً على نموها متمتع بصلاحيات كبيرة من حيث الخطابة ومن حيث الفكر ومن حيث القدرة الحركية ومن حيث تغطية أشياء كثيرة وديه شيء فعلاً مثير يعني إذا يمكن نظر بنفس المنظار إلى من يأتي بعده هيشعر إن فيه فارق والفارق ده هل أثره مرددوه إيه بالنسبة للجماعة وماذا صنع وكان ديه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قال لك شيء بخصوص هذا؟
فريد عبد الخالق: أفندم؟
أحمد منصور: هل قال لك شيئاً بخصوص هذا؟
فريد عبد الخالق: أيوه، قال لي كلمة مهمة جداً وأنا باعتبرها يعني زي تعليم وتربية ولذلك أنا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ماذا قال لك؟
(12/102)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فكرها، يعني الكلمة دية قيلت من فترة طويلة، إنما من الأفكار أو من الكلام الذي احتل مكانه في عقلي وأثر في تصوراتي للأمور واتصل بمنهج الحركة وتحمل الأمانات قال لي إيه عندما خرجنا من الهيئة التأسيسية في النصف الأول من الأربعينات وقد اعتراض الإخوان في الهيئة التأسيسية على بعض الإخوان .. تصرفاتهم كما هو مشهور عن أحمد السكري وإبراهيم حسن كان معه فحصل طلب من الهيئة إن التصرفات التي تصدر عنهم ينبغي أن يعني تكون غير يعني تشوب القائد الذي يتصدر، يعني كان يدخن كان مثلاً إنه هو يسعى في ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو كان وكيل الجماعة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو كان وكيلها، فرأى الإخوان إن اللي يعبر عن الدعوة لازم يكون متجرد أكتر يكون عنده قدرة على إنه يعطي نموذج ويعطي صورة متميزة.
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: ما يشوبهاش لا يشوبها أي شيء مما يُعاب على الناس، فهما من حق الدعوة قالوا إحنا نعفي الدكتور إبراهيم فحصل ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فتنة، سميت فتنة في تاريخ الجماعة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني لما اُعفِي هو وأنا آنذاك موجود في عضو الهيئة ومشارك بل بالعكس أنا كنت كمان مع الأخ عبد الحكيم عابدين رحمة الله عليه كنت مسؤول عن موقع المرابط فكنت أنا أُلِح في الكلام بالكتابة وإثباته عشان يحصل تكامل، أخر الليل بعد ما انتهت الهيئة التأسيسية في الهزيع الأخير من الليل في يوم وجو عاصف ..
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: لأن أحمد السكري تاريخ لا يُنسى وله وجود في الجماعة لا يُغفّل ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأنه أحد مؤسسي الجماعة.
(12/103)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أحد مؤسسين الجماعة، فليس سهلاًَ يعني فكون إنه تمر الأمور بسهولة كده والإخوان ينتهي .. دون سب فيه أو انتقاص منه لأن الوحيد الذي دافع عنه ودعا الناس كأنه إلى إن يعني الأمور التي تُعاب عليه ديه ليست فيها منقصة وإن خيره أكثر من شره وإن ديه يعني نظرة .. هو يدافع عنه الذي يدافع عنه هو حسن البنا، المهم إحنا بعد ما انتهى الليل ورَوحنا جات العودة في الوقت المتأخر وكان زي ما بيحصل يعني كثيراً الحقيقة وده بدون تحدث عن نفسي كدت اصطحبه إلى المنزل فـ .. وحدي احمل الأوراق اللي تعتبر مضابط ومضينا في الطريق إلى البيت الذي كان قريباً من المركز العام في زنجر الخازن و.. وحدنا فقال لي كلمة قال لي: "الحمد لله الذي يعني يَسَّر الموقف لأنه كان موقف يعني ليس سهلاً إن يعني الجماعة لا يحصل اختلاف في الرأي ولا تشتت وإن الناس كلها الهيئة تقبلت وتفهمت، فده الحمد لله إن تم هذا وأنا عايش يمكن لو أنا كنت مش موجود يمكن فيه صعوبة وننتهي يعني كان يحصل انقسامات، ناس يتعصبون له، يحصل شرخ الراجل ليه.."، فأنا كان ردي عليه مكانش في الشارع لأنه كنا قد بلغنا أو اقتربنا من المنزل، فصعدنا السلالم المتهرئة تقريباً هي أربع أو خمس درجات لأنه كان يسكن في الطابق الأرضي البسيط ده ولم يغيره يعني في أثناء ما كان متيم به ستة إلى ما لا يحصى عدده كما قال الناس، لم يغير منزله هو نفس البساطة، جيت ودخلنا البيت وكان هو على اليمين باب يفضي إلى المكتب الخاص وفي المواجهة كان الباب العام، فأنا قلت له بعد ما أطمئن كده وقعدنا قلت له: "بص يا مرشد بلاش ذكر الموت ورحيلك لأن إحنا تعبانين وأنت موجود فما بالك إذا غبت، فأدعو الله أن ربنا يطيل عمرك وتشيل هذا الهم الكبير"، فابتدرني بإجابة لازلت أذكرها رغم مرور الزمن وأحداث مرت يعني كثيرة، قال لي مستنكراً كلامي بس بالطريقة المهذبة المألوفة، قال لي: "ليه يا فلان؟ ليه يعني(12/104)
تخشى على موتي وتركي الجماعة؟ ليه؟ هل ستقولون يومئذٍ لنحن بإمامنا الراحل أحيا منا بإمامنا المقيم" واضح؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهذا ربما ما حدث فيما بعد.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه هو والله .. والله - بقية كلامه - والله إن قلتموها فما أكون قد ربيت أحداً، نبهني إلى أن تقدير القائد وحقه المشروع في أن يعني ينصح وتتم الشورى ويأخذ حقه من التقدير عشان تتماسك جميعها وتستطيع أن تكمل مشوار دا حق ملوش دعوة بالشخص، ينبغي إن .. يعني ليس أُحكِم فيه ذوقي ولا رأيي الشخصي في قدراته.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن حسن البنا كان يملأ فراغ لم يستطع أحداً من بعده ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لو قدرت إن .. أنا بس أقف عند الدرس إن تقدير القائد لأن هو القائد في الدعوة بل بالعكس ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا هنا بقى أسمح لي يا أستاذ فريد أنا في البرنامج بقف عند الأحداث مبقفش دايماً عند التفصيلات المتعلقة به.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه هو ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآن هنا أنا عندي حدث مهم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه.. لو سمحت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو أن حسن .. أه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو أحياناً الحدث لا يفهم إلا بفلسفته وفكرته.
أحمد منصور: نعم.
حقيقة دور حسن البنا في الدعوة
فريد عبد الخالق: أحياناً، فأنا بقول لحضرتك إن هو دوره في الدعوة كان دور بذر البذور، بذر البذور ده وضع الآليات وضع البناء ده زي ما تقول حاجة أساس - لو سمحت - طبيعة اللي بيعمل بذر البذور غير اللي طبيعة .. الشجرة كبرت وعايز نجني الثمار دي، عايزه واحد تخصص تاني
أحمد منصور [متابعاً]: إذا لم يكن الشخص الذي جاء لجني الثمار يعرف الجهد الذي بُذِل في قضية البذرة وقضية الرعاية أحياناً ربما يُفسِد.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه ولكن من حسن الحظ ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: القصد.
(12/105)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: من حسن الحظ ومن توفيق الله بلاش الحظ دي .. توفيق الله لأن الدعوات دية لها عند الله حساب كبير زي ما يقول ربنا يقول مثلاً يخاطب لما سيدنا موسى مهيأ يقابل فرعون..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلينا هنا بس..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: قال له: { ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} يعني تحركات المسؤولين في العمل بتبقى محسوبة عند الله ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلينا .. خلينا نفهم هنا نقطة مهمة جداً، لابد أن نفرق تفريقاً كبيراً جداً بين تكليفات الأنبياء والأشياء الإلهية وبين اجتهادات البشر.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هذه قاعدة، أنا بكلمك في ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هنا فيه قضية اجتهاد، هنا في قضية اجتهاد تخضع للصواب وتخضع للخطأ وتخضع للصواب في نفس الوقت، حسن البنا حينما قُتِل ترك فراغاً هائلاً لدى الإخوان لم يظهر هناك قائد يستطيع أن يملأ شيئاً من فراغ البنا وعاش الإخوان في فراغ منذ مقتل الإمام البنا في 12 فبراير 1949 إلى حين اختيار ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أي نعم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن الهضيبي بعد ذلك في سنة 1951.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا أقر أنه ترك رجالاً وترك قادة ليست لهم نفس المواهب كلها يمكن يعني شيء .. إنما يعني .. بدليل إحنا النهادرة عندنا في كل موقع في العالم الغربي والمسلمين تلاميذ له يحملون الآن عبء الدعوة ومعروفة أسمائهم ولها شهرة فهو ترك رجال لا يمكن يبخس حقه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: خصوصيات المؤسس دائماً تختلف عن الاتباع.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو يعني هو يوم ما عاهد مثلاً إلى الأخ الباقوري.. الشيخ الباقوري.
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: وكان قريب منه قال له يعني بعد ما يعني إذا غاب يهدي الأمور حتى يتحقق لكم اختياره.. فالتربية قائمة وخلف رجالاً للآن لهم أثر ودور فاعل في مجرى الأمور العامة.
(12/106)
أحمد منصور [مقاطعاً]: سأتي معك بالتفصيل هل كان حسن البنا يقدم..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: محمد الغزالي نفسه قال: "أنا تلميذ حسن البنا" ألا يكفيك محمد الغزالي، يوسف القرضاوي وله ما له يقول: "أنا تلميذ حسن البنا هو اللي علمني". ويقول كذلك كثيرين من الـ .. أسماء كتيرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ فريد أنا لا أقف عند العلماء وعند المختصين وإنما أقف عند القيادة لأن الآن أي جماعة في الدنيا وأي تنظيم وأي حزب وأي هيئة سياسية وأي دولة لا يوجد فيها قائد فذ يستطيع أن يستلهم همم الناس ويقودهم بالشكل الذي قاد به حسن البنا الجماعة كما يُجمِع كثير من الناس لا شك إنها ممكن تتسبب في نكسات تتسبب في إشكالات تتسبب في أشياء كثيرة وهذا ما آتي له، الآن عاش الإخوان مِحَّن بعد حسن البنا.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا والمشاهدين معي الذين يستمعون ويتأملون الكلام عشان خاطر يفهموا، معك في هذا بس فيه شيء ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنا جاي معاك في الأحداث واحدة واحدة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لأ غير الأحداث شيء أساسي أنا لو استأذنك يعني، شيء أساسي.
أحمد منصور: أتفضل.
فريد عبد الخالق: إن طبيعة المرحلة اللي تمر بها الدعوة لها مواصفات وتتطلبها ويبقى هو .. يعني لو أن حسن البنا نفسه استمر به وطال به الأجل يمكن لا يحتاج إلى خَطَابة كثيرة إنما يمكن يحتاج مثلاً إلى خصوصيات أخرى ومواهب أخري، كيف يدير الحركة السياسية مثلاً؟ وكيف إن هو يقدر يملأ فراغ آخر ويجد؟ إذن ليس كل الذي حققه والصلاحيات التي كانت له هي كل ما يحتاجه للدعوة في مراحلها المختلفة وأحب أقول لحضرتك حاجة من توفيق الله أن انتهت الجماعة إلى اختيار رجل هناك إجماع، يعني شَهِد له شوكت التوني في كتابه، شوكت التوني محامي مشهور و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: معروف كان محامي الإخوان سنة 1954، أنا لسه مجتش للمرحلة دي بس خليني ..
(12/107)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بس أنا أقول لك يعني إن هو رجل يتمتع ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا سآتي معك بالشواهد وبالأحداث، أنا الآن في نقطة تانية مهمة.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أتفضل.
أحمد منصور: هل كان حسن البنا يقدم أيا منكم للقيام بالأدوار التي كان يقوم بها سواء في الخَطَابة في أحاديث الثلاثاء سواء في مهام لمقابلة المسؤولين سواء كان في وفادات معينة خاصة وأنا سألتك عن مصطفى مؤمن إذا كان قد أوفده، أنت قلت لم يفده ولكن أكد محمود عبد الحليم على إن هو الذي أوفد مصطفى مؤمن ومصطفى مؤمن لم يذهب.
فريد عبد الخالق: هو قَبِل مصطفى محمود معبراً عن الطلبة ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مصطفى مؤمن.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: عن طلبة الجامعة أستأذن فأُذِن له ودعونا له وساعدناه بس ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كان يكلفكم أنتم بأعمال أخرى في القيادة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: نعم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل فيها زعامة؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني أنا إذا أذِنت لي خارج دائرة الكلام عن الإنسان عن نفسه يعني أو التزكية أو مش واردة بس أنا بقول هي لإثبات حقائق يعني، يعني مثلاً أنا في دوري معه منذ دخلت الدعوة حَملت ما حُمِلت من مسؤوليات تعهدني كثيراً بتكميل جوانب فيها حاجة إلى التكميل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مثل؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مثلاً أنا قلت لحضرتك أنا لما رحت معاه الرحلة اللي كنت تكلمت عنها في مرة، الرحلة دي أنا اترفدت فيها.
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلاص الرحلة خلصت.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: خُلصِت.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إية تاني وبكلمك هنا عن صناعة القائد.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني مثلاً ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: صناعة قيادات وليس ..
(12/108)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هأقول لحضرتك حاجة .. هأقول لحضرتك .. يعني أنا مثلاً عَهِد إلي في مواقف يعني تعتبر صعبة لا يستطيع .. إن أنا ألقي درس الثلاثاء وبعدين أنا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تُلقِي درس الثلاثاء مكانه؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أه، يعني طِلع قال لي قوم فأنا يعني حتى زي ما تقول تهيبت لأنه عُرّف خلاص، إنما هو كان بيربي وبيعلم وبيعطينا ثقة ودليل .. بدليل هذا إن أنا بعد ما ألقيت الدرس أكد لي هذا المعني إنه كان في أخر الصف فعندما خرجت من المنصة ودَرجت نحو الباب لقيته في انتظاري صافحني وقال لي: "يا فلان لقد أَجَزتك"، التعبير اللي قاله كلمتين "قد أَجَزتك" وأوصاني في طريقة الكلام قال لي: "أنت مطلوب منك عشان خاطر تؤدي للمشاهد الذي يسمع ما تريد أن تقوله محتاج أكتر إنك أنت تعطي الحروف ومخارجها أكتر." يعني نصحني حتى في إزاي أنا استفيد، فهو وأجازتي لما جاب مثلاً إخوانا في خطبة العيد في مكان مهم اللي هو في القلعة حيث كل الجماعات الدينية أنصار السُنة على جمعية الرعاية الشرعية إلى أخر كل الناس الميدان كبير، فا الإخوان اللي قائمين على القلعة وميدان القلعة الكبير ده قَدِموا إليه وطلبوا منه أن يخطب الجمعة فقال لي: "قم يا فلان أنت قم تولى أنت يا فلان خطبة العيد." فده .. فهو تدريب عملي، فهو وضعنا فعلاً في تجارب وتدريب كَمِل ملَكاتنا أفادنا خبرة وبيعد كل ده إعداد ..إعداد للفرد.
أحمد منصور: كان .. أنت قلت لي قبل ذلك أنه كان يعد الدكتور عبد العزيز كامل الذي أصبح نائب ..
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: رئيس الوزراء ووزير الأوقاف قبل ذلك لكي يصبح مرشداً للإخوان.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
ما هي وسائل إعداد مرشد للجماعة؟
أحمد منصور: كيف كان يُعِده كي يكون مرشد؟ إيه وسائل إعداد مرشد للجماعة يخلف حسن البنا بشخصية حسن البنا بقيادة حسن البنا بزعامة حسن البنا؟
(12/109)
فريد عبد الخالق: هو كان يركز على حاجة أساسية الحقيقة وقالها حتى في خطابه لما الوفد جه يصالح الإخوان بعد فترة وحضروا في المركز العام فؤاد سراج الدين
أحمد منصور [مقاطعاً]: إيه اللي حصل؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو قال كلمة يعني لهم إن: "قد يقال إن أنا على علم يعني واسع وقد يقال إن أنا استطعت كذا وكذا، هناك من هو على علم مثلي أو أكتر إنما هي أنا بعتبر إن الميزة إن الله تفضل علي بفضله إن أعطاني شيء من الإخلاص، إخلاص صاحب الدعوة لدعوته هو سر نجاحه، ليس مجرد واسع علم ولا كثير عمل، مطلوبين بس هناك سر إلهي." وفعلاً أنا لاحظت في حياتي إن ربنا أعطاه هذه الخصوصية فدي الخصوصية دية لأي زعيم ولأي قائد يحل محله يتعلق به إن هو يكون عنده فعلاً مثل الإخلاص ده..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التجرد.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والتجرد هو كان عنده حسن إخلاص وتجرد.
أحمد منصور: يعني إحنا هنا لابد أن يعني يكون هناك نوع من الفصل التام بين تاريخ الإخوان في عهد حسن البنا منذ قيام الجماعة 1928 إلى مقتله في 12 فبراير 1949، نحن أمام خصوصية مرحلة خصوصية تاريخ خصوصية تأسيس، جماعة الإخوان بعد 12 فبراير 1949 هي شيء آخر لا يحمل الروح التي حملها حسن البنا.
فريد عبد الخالق: لو سمحت لي كمان مرة يعني أنا بستأذنك يعني.
أحمد منصور: أتفضل.
فريد عبد الخالق: الإنسان يمر بمراحل في عمره ومراحل في تعليمه، بيبقى طفل ويبقى صبي ويبقى مراهق ويبقى بالغ هو هو يعني، كل المراحل دي هو هو متغيرش.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا أنا هثبت لك إنه مش هو هو.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: معلش أنا اسمح لي لسه .. والتعليم مر بابتدائي إلى ثانوي إلى التعليم الجامعي هو هو بيكمل، يعني عايزين مفيش فواصل، أنا كجسم إنسان عندي أعضاء مختلفة مفيش.. يمكن العضو يستقل ..
(12/110)
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب في المراحل دي الإخوان تسميها إيه في فترة حسن البنا؟ تسميها مرحلة إيه؟ الفتوة والشباب؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أنا قلت كلمة في أثناء الحديث إنه كان عليه بذر البذور .. جديدة يحط مفاهيم بيحط أفكار يحط مدرسة يحط توجهات ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا حتى لأني أنا أتكلم في تاريخ وفي أحداث أنا عايز أسقط هذه الأشياء التي نتحدث عنها عن الواقع.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هي عن التأسيس مرحلة تأسيس.
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآن نقول إن الإخوان بدأوا في 12 فبراير 1949 بعد مقتل حسن البنا.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
فشل الإخوان في اختيار مرشد يخلف البنا
أحمد منصور: مرحلة جديدة في حياتهم فشلوا خلالها طوال عامين في إيجاد وترشيح مرشد للجماعة واجتمع الذين كانوا مرشحين، عبد الحكيم عابدين عبد الرحمن البنا، أحمد حسن الباقوري، صالح العشماوي عدة مرات لاختيار أحدهم وفشلوا في ذلك، ما معنى أن يفشل الإخوان طيلة عامين في اختيار مرشد جديد ليخلف حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: والله لم يعني .. ده أصله واقع يعني واقع لا تستطيع إنك تعلق عليه ده شأن البشر يعني عندما اجتمع كل منهم ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت ببتكلم الآن عن دعوة ربانية.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الناس لابد أن تتجرد، فين التجرد هنا وكل واحد طمعان يبقى مرشد؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مش.. هو ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أو لا يقبل أن الآخر يصبح مرشد؟
(12/111)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما أنا هقول لحضرتك أن سبحان مدبر الأمور إحنا لا إحنا بنعمل بنجتهد بقدر الإمكان ولكن الله غالب على أمره حتى يستقيم أمر الناس، لما .. يعني أراد الله فعلاً لأن ليس يعني الذي توفر في شخصية المرشد من بعد ذلك اللي هو حسن الهضيبي كما عاهدناه وشفناه وعايشناه وأستطيع أن أثبت وبأكتر من دليل إنه فعلاً أكفأ من كلهم دُول ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب خليني الأول في دُول هؤلاء.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أكفأ من دُول.. يعني أراد الله ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا قبل ما أجي لحسن الهضيبي لأن حسن الهضيبي أيضاً لم يكن عضواً منتظماً في الإخوان المسلمين وحينما فشل الإخوان في اختيار مرشد تطلعوا إلى خارج الجماعة وأتوا بشخص لم يكن منتظماً في الجماعة ليصبح مرشداً لها ودي بردوا مرحلة تاريخية مهمة وحدث ليس بسيط لأن دائماً التنظيمات السياسية أو الأنظمة أو غيرها حينما تأتي لتحل مشاكلها لا تأتي بشخص من الخارج، إذا عجزت هي عن أن تختار شخصاً من داخلها فمعنى ذلك هناك فشل وخلل في التأسيس في الفكر في أي شيء تاني.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طيب كويس أوي، السؤال سؤال جديد وإن شاء الله كده على قدر يعني أهمية السؤال يكون إن شاء الله يعني يؤذن للإجابة عنه بـ ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أتفضل أنا مش ساكت.. أنا مش..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: في التلقي يعني ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا بسألك عشان اسمع إجابات.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوة، أنا هأقول لحضرتك حاجة، صلتي بالدعوة لا تتوقف على مَن القائد ولا صلتي بالقائد، هي حاجة تتعلق بأنا، أين أنا من الفكرة الإسلامية؟ أين أنا من استعدادي لتحمل تبعات ومشاق الدعوة؟ أين مني أنا العلم والإخلاص والحسم واتخاذ القرار والقدرة التي أتمتع بها؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي دروس تقولوها للإخوان.
(12/112)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا .. لا دي مهمة، أصل ليست المسألة كما يتصور الناس هي .. هو مين الإخوان المسلمين؟ يعني حضرتك أو أي إنسان تتوافر عنده غيرته على دينه وعيه بحقائق الإسلام، الإخلاص والعمل من أجل يعني تربية الأمة، عليه ونقلها من ضعف إلى قوة هو مِن الإخوان ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ فريد
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني أنا
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا دلوقتي..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: مواصفات ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي بيقرأ في رسائل حسن البنا حتى لو هو إنسان غير مسلم ..
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: يجد نفسه بيُحلِق في معاني جميلة جداً، عبارات راقية، إنسان أديب إلى أبلغ المستويات بيوظف النص القرآني توظيف عالي، بيقرأ نصوص عالية تحلق بالناس، حسن البنا كان يُحلِق بالناس، لقاء الثلاثاء سَمُوه عاطفة الثلاثاء لأن كانت الناس تجتمع تُحلِق فيها، الآن هؤلاء الناس الذين كانوا يُحلِقون في هذا الفضاء في هذه الروحانيات قاعدين يتصارعوا فيما بينهم على مين يبقى مرشد بعد حسن البنا ولم يجدوا كما قلت أنت فيما بينهم شخصاً هو الأكفأ والأصلح لكي يتولى هذه القيادة، ماذا كان يفعل حسن البنا طوال أكثر من عشرين عاماً؟
فريد عبد الخالق: حسن البنا أدى دوره بإنه علَم ورَبى وأما التبعة تقع على الآخرين لأن هما إتعلموا وإتربوا ولذلك بيقولي أنا: "يوم ما تفشلوا كأن أنا ما ربيت أحداً لو تقولوا إنتوا على القائد إن إحنا عايشين بقائد .."
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب ده خلل في التربية ومن القائد ولا خلل في المربية .. المُتَرّبيين؟
(12/113)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والله لأ أنا اعتبر دي طبيعة الأشياء، في فرق حاجة اسمها طبيعة الأشياء حاكمة، يعني سبحان الله أصل لازم أنا أؤمن بإن الأمور في الأخر يعني خلق فهدى أو خلق فسوى أو خلق فهدى فربنا سبحانه وتعالى بيُعد الناس ودي حكمة- الله - هو سيدنا موسى وأخوه هارون كَلِفوا إنه يبلغ .. أرسله إلى فرعون عشان يقوله إيه التوحيد وإيه الله وإيه أنت ويغيره كان سيدنا .. فرعون بيقول: "أرسل مع أخي فهو أفصح مني لسانا".
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ فريد أنا مش عايز دروس أنا عايز تفسير أحداث تاريخ.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما هو تاريخ أُمْال، دي قواعد أصل أنا مبتكلمش دي مش أحداث كدة ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا بتكلم عن الإخوان هنا.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: ما هي الإخوان ليست إلا يعني، دي طبيعة .. دي قانون يعني سائد في كل وقت تاريخ وبالنسبة لكل عمل.
أحمد منصور: طب أنا لاحظت حاجة في المراجع المختلفة، يعني مثلاً صلاح شادي قال إن: "الإمام البنا أوصى أن يكون البهي الخولي مرشداً عاماً للإخوان المسلمين مرشداً عاماً للإخوان وصلاح شادي مرشداً خاصاً للإخوان"، ده الباقوري ذاكر ده في مذكراته ولكن رُفِض هذا.
فريد عبد الخالق: أنا ..
هل كان هناك نظامان سريان داخل جماعة الإخوان؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: أول مرة تسمع هذا الاقتراح، لأن صلاح شادي كان مسؤول الوحدات والوحدات كانت الجهاز العسكري الذي يعمل في الجيش وكان عبد الرحمن السندي يرأس النظام الخاص وهنا الباقوري بيقول إن: "كان فيه نظامين سريين في الجماعة، النظام اللي بيقوده صلاح شادي والنظام اللي بيقوده عبد الرحمن السندي."
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: اللي هي قسم الوحدات.
(12/114)
أحمد منصور [متابعاً]: ودول كانوا بيتصارعوا مع بعض كلا الرجلين وبالتالي صلاح شادي يتكلم بقسوة على النظام الخاص ورجال النظام الخاص يتكلموا بقسوة على صلاح شادي، الباقوري قال إن حسن البنا استدعاه إلى مقر الشبان المسلمين في الوقت اللي كان معظم الإخوان فيه في السجون وكلفه بأن يقود الجماعة من بعده وعملياً الباقوري كان بيقود الجماعة من بعده وإنتوا في السجون.
فريد عبد الخالق: فترة انتقالية دي.
أحمد منصور: فترة انتقالية.
فريد عبد الخالق: اللي ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب خليني أرجع للتاريخ.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بس هنا أنا يعني إسمح لي ليس لأحد ودي يعني تعتبر يعني خطأ من أي شخص إنه يزعم أن لنفسه الحق في إن هو يرشح المرشد، مش ممكن دي غلطة يعني يوم ما يعمل كده إحنا .. إن إحنا نعمل مبايعة لواحد بطريق شخصي ده يبقى فقد شرعيته إنما لازم تتم المواصفات الشرعية عشان يحصل مبايعة لأحد بالإمامة أو القيادة.
أحمد منصور: هنا فراغ هائل اللي تركه حسن البنا.
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: يبدو الفراغ الذي تركه حسن البنا بعد مقتله هائلاً.
(12/115)
فريد عبد الخالق: هأقول لحضرتك حاجة كمان برده، هو ترك فراغاً لا شك لأنه هو الشخص الذي توطدت العلاقات بينه وبين الأعضاء ولهم تاريخ، فلا شك إن من له مع الآخرين مثل هذه العلاقة بيكون أقدر على فهمه ودوكها كان أقدر على إطاعته لأن فيه ثقة وفيه تجربة تركت رصيد، خليته يعرف هو المتبوع والمتبوع بيعرف اللي يعني التابع ليه يعني حصل، فعندما يعني يحصل هذا بياخد الميزة، دي توفرت في حسن البنا ولو أنه .. لو فرضنا إن الدعوة يعني فقدت حسن البنا لن تموت وكمان لو إن حسن البنا عاش النهارده هيقف عنده أساليب جديدة يعني لإن عايز أقول متطلبات العمل، هو بيتجاوب مع متطلبات العمل وزي ما قلت لحضرتك في الأول وأنت ما خدتش بالك معايا كتير بالقدر الكافي، بقول لحضرتك هو كان عليه يبذر بذور، الراجل يبذر بذور بيبقى حاني ورقيق خايف عليها من الهوا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا مبفكرش بالعقلية دي ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لأ دي مهمة ولذلك كان حسن الهضيبي بس اللي بعديه بدون تزكية ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا أستاذ فريد، دي دروس للإخوان تقولوها، أنا قدامي أحداث بناقش أحداث.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه، أنا كما معاك بس اللي حدث ياخذ حظه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا قدامي تواريخ بناقش تواريخ، تواريخ بناقشها إنما دي بذرة ودي شجرة ودي كذا أنا ماليش علاقة بدي ،أنا ليَ علاقة الآن بتجرد أنا بنظر للتاريخ بتجرد ولقيت فيه صراعات قائمة بين الإخوان، لقيت إن حسن البنا مات ولم يترك خليفة، سنتين والإخوان يتصارعون هؤلاء الناس الذين يتحدثون عن الربانية، يتحدثون عن الدعوات، يتحدثون عن الأشياء هذه، يتصارعوا فيما بينهم وأنت قلت الآن إنه لم يكن ما بين المجموعة من يصلح أن يكون مرشداً حتى جاء حسن الهضيبي، باعتبارك أنت واحد من المجموعة ..
(12/116)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لأ بس أنا عايز أَمن على كلامك يعني وأنا معك يعني حضرتك إحنا مش مختلفين، أنا معك في إن أنا عايز التاريخ والوقائع ويعني نستوعبها ويعني ما .. لا نُحلِق لا في مجرد معاني عامة ولا قيم عامة، نتكلم عن الواقع وما تم، هل فيه يعني إنجاز ولا مفيش إنجاز؟ هل هو نجح في إنه يِكَون من يصلحون لكذا ولا لأ؟ هل هو عمل لهذا ولا لم يعمل؟ أنا عايز أشهد من واقع حياتي وإلا هأبقى مسؤول إنه كان معنياً بإنه يعلم من معه ويِدخلهم في تجارب ويعدهم إعداد كامل بحيث كل واحد منهم يكون ناجح في إنه يحمل الدعوة إذا تُرِكت بدون حد يملأه، يعني أنا عايز أقول ولذلك كل .. يعني لا يُقاس صلاحية أحد إنه يحمل دعوة بأد إيه هو كان يعني موجود في الجماعة من قبل، يعني مدى .. لم يُقاس بكده لأنه قد يكون واحد عاش معاه طول الوقت إنما مفهمش مترباش معندوش استعداد وواحد كان معاه زي مثلاً مش عايز أخش في أسماء أنت بتقولي لأ، يعني واحد مش لازم يكون بالتاريخ ولا بالمصاحبة وقد يكون مصاحب ولم يستوعب ولم يعني لم يستفد ويمكن واحد عنده قدرة بإنه يهضم الفكرة الإسلامية حتى لوحده لدرجة إن هو يبقى زي حسن البنا من غير ما يتعلم منه - واخد بالك- يعني عايز أقول مسألة أد إيه الشخص حَصَّل في عقله وفي قلبه وفي إرادته وفي فكره من صلاحيات فهم وحمل أمانة.
أحمد منصور: كان هناك مجموعة تحيط بحسن البنا.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: منير دَلّه، سيادتك، صالح العشماوي، صالح أبو رقيق وعبد القادر حلمي، كنتوا أنتم المجموعة اللي سبق وقلت كلمة شلة الإمام وبعدين أنت قلت مش عايزين شلة، صح؟
فريد عبد الخالق: أه.
(12/117)
أحمد منصور: أنتم الذين جلستم فيما بعد وقررتم اختيار مرشد بديل لكن أنا عايز برده الأحداث التاريخية أَمُر بِها، في نهاية العام 1949 انتهت حكومة إبراهيم عبد الهادي وجاءت حكومة حسين سري الذي أعاد الإخوان مرة أخرى وأخرج الإخوان من السجون وعدتم .. خرجتم من السجون وحصلت بعض التطورات في تلك المرحلة، هنا إحنا في نهاية العام 1949، في تلك الفترة بعد ما خرج الإخوان استأجروا مجلة المباحث القضائية تماماً كما يستأجرون الآن مجلة آفاق عربية ورأَّس تحرير المباحث القضائية صالح العشماوي وصدرت في يونيو 1950 إلى 23 يناير 1951، في 30 يناير 1951 أصدر الإخوان مجلة الدعوة
فريد عبد الخالق: أيوة.
أحمد منصور: التي ظلت تصدر في السبعينات كان يرأسها عمر التلمساني إلى أن انتهت بوفاة صاحب .. صالح العشماوي الذي كان صاحب الامتياز، جاء الوفد إلى الحكم في منتصف يناير 1950.
فريد عبد الخالق: أي نعم
كيف تم اختيار الهضيبي مرشداً؟
أحمد منصور: وبعد ذلك بدأ الإخوان يدخلوا في ترتيب قضية منع بيع المكتب المركز العام وبدءوا الإخوان يتواجدوا كقوة أساسية موجودة على الساحة، بعد ذلك أصبح لهم مجلة، أصبح لهم حضور، أصبحوا يشاركون في الأمور المختلفة، ألغيت معاهدة 1936 في 10 أكتوبر 1951 ألغاها النحاس، اُختير الهضيبي مرشداً عاماً للإخوان المسلمين في 19 أكتوبر 1951، صح؟
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: كنت أحد الذين اختاروه؟
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: ما هي الأجواء التي اخترتم فيها حسن الهضيبي كمرشد؟
فريد عبد الخالق: أنا يعني .. لست منفرداً بهذا الحقيقة، كمان يعني عايز أقول إذا حضرتك إن المجموعة الذي يعني وصِفت بأنهم كانوا قريبين منه يعني لسنا وحدنا كثيرين - حرام - يعني عندنا أمثلة يعني واحد زي مثلاً محمود عبد الحليم بماضيه وتاريخه كان قائم وغيره كتير ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: واضح من كتابه إنه كان مُقرَّب جدا.ً
(12/118)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: طيب وكتير مش .. هو الفكرة إن ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولكن هو في الفترة الأخيرة في السنوات الأخيرة حينما نُقِل إلى الصعيد أصبحتم أنتم أكثر قرباً من حسن البنا منه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو نقل لإسكندرية في الفوة بلده هناك في المحالج بتاعت القطن.
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: لأ هو أنا عايز أقول أولاً الدعوة غنية بالكثيرين ممن هم يعني خيراً منا، يعني ليست الحكاية .. وإلا يبقى إحنا ظلمنا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن دائماً القائد أو الزعيم ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو الفكرة ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يستشير من حوله القريب منهم.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: هو أصل الفكرة حقيقة في حاجة زي ما تقول حتى الإنسان نفسه في ممارسة حياته بيحب يعني زي ما تقول إنه يعمل عملية تجديد عن طريق الإطلاع، عن طريق الخبرة، عن طريق التجارب، عشان يحصله تجديد، فإحنا كنا دخلنا في فترة حرجة وصعبة وكان المجموعة يعني لها حظ يعني من الفكر والتواجد وأثبتت بالنسبة لِي استعداد لحمل المسؤولية ولذلك عَهِد إليها، يعني كان زي ما حصل الكلام وكان يقولي هو اعمل ده يا فلان واعمل ده يا كذا كثير ليعينك وكان يقولي: "إذا كَلِفت كَلِف منشغلاً ولا تكلف خالياً فإن المنشغل يضيف عمل إلى عمله .."
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهل ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: "وأما الخالي يبدأ عمل من جديد." فهو كان يعني موجودين ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لذلك كان حسن البنا دائماً يلقي بالأعباء على مجموعة محدودة من الناس؟
(12/119)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: يعني هو الحقيقة لو أنا قلت كده يبقى أنا أعطيت نفسي أكتر من حقي وبخست حق الآخرين، أنا بس عايز أقول النَصَّفة العدل يعني الدعوة غنية فعلاً بمن فقهوا وتربوا وإن إحنا بس كنا زي ما تقول جِدّيَة الوجوه، زي دم جديد زي إضافة جديدة فبتستفاد منها وتتربى وتُصقَل، يعني ليست تحيزاً، مفيش تحيز وليست يعني إيثار أحد على أحد، فأنا .. إنما هي حسن يعني زي ما تقول استفادة وحسن إعداد لمن يُتاح له اللقاء بهم، فأنا بعتبر هي من دور التربية والإعداد وإنه وجد فيهم صلاحيات فبيحملهم مسؤولية عشان خاطر يحصل نمو في الشخصية واستعداد للمستقبل إذا طُلِب منه عمل.
من هم المرشحون لتولي الإرشاد؟
أحمد منصور: مين الشخصيات اللي كانت مرشحة من جوه الجماعة أن تتولى الإرشاد وغير الأربعة اللي أنا ذكرتهم؟ تداولتم أسماء أخرى؟
فريد عبد الخالق: هو اللي أولاً غير الأربعة، الأربعة دول هؤلاء لم ينزل بيهم يعني وحي ولم حد يعني يقول عليهم، الأربعة دول أصلهم وجِدوا طبيعي يعني زي .. ناس قرايبه أخوه وزوج بنته، شيء طبيعي ولهم دور في الجماعة يعني وناس تانيين برده صالح ليه مش عارف بتاع ده والنظام الخاص وكان الفكرة التي أساءت إلى الدعوة وكلفتنا الكثير ودخلت في الأحداث وكان لها دور في اغتيال من اُغتِيل واُغتال البنا نفسه، النظام الخاص مثل في الدعوة زي ما تقول حركة متمردة عن الجماعة ودي فعلاً خلتني آخذ فكرة أنا لأن أنا مع التيار العام واللي انتهى إليه حسن البنا قبل ما يفارق وكذلك الهضيبي من وراه إن النظام الخاص ده نظام لا يصلح وإن العمل لازم يكون عمل عام مفيش تحت الأرض وحتى كان يقولنا إن هو ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن النظام الخاص كان قام بعمليات كان هدفه مقاومة اليهود في فلسطين
فريد عبد الخالق [متابعاً]: العمل الخاص أدى دوره ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والبريطانيين سنة 1951 في القناة.
(12/120)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: العمل الخاص - حتى بنسميه خاص - العمل الخاص ده لأن ليه دواعي اللي هي المحتل وأساليبه وفي القنال عمل كذا ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا سأتحدث
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كان لابد من قوة
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ فريد النظام الخاص ..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: إسرائيل بتعمل لابد من قوة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: النظام الخاص سأعود إليه لكن أنا مبحبش الأمور تدخل في بعضها، أنا الآن في اختيار مرشد خليفة لحسن البنا.
فريد عبد الخالق: أه أيوه.
أحمد منصور: أبدأ معك الحلقة القادمة من اختيار حسن الهضيبي والظروف التي تم اختياره بها.
فريد عبد الخالق: كذلك إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
فريد عبد الخالق: عفواً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل إليكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/121)
الحلقة8(12/122)
الأربعاء 6/12/1424هـ الموافق 28/1/2004م(آخر تحديث) الساعة 09:23(مكة المكرمة), 6:23(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
25/1/2004
- ظروف اختيار حسن الهضيبي
- رد الفعل على اختيار الهضيبي
- لقاء الملك فاروق بحسن الهضيبي
- علاقة الهضيبي برئيس الحكومة علي ماهر
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقةً جديدة من برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق أحد مرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو مكتب الإرشاد وعضو الهيئة التأسيسية في الجماعة، أستاذ فريد مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً بكم.. يا مرحبا
ظروف اختيار حسن الهضيبي
أحمد منصور: عاد الإخوان مع عودة حكومة حسين سري، وأُلغيت معاهدة 1936 في عشرة أكتوبر 1951 في عهد حكومة الوفد واختير الهضيبي مرشداً عاماً للإخوان المسلمين في 19 أكتوبر 1951 حيث اجتمعت الهيئة التأسيسية في هذا اليوم 19 أكتوبر 1951 وبقي الهضيبي مرشداً للإخوان إلى ثمانية نوفمبر 1973 حيث توفي وعمره 83 عاما، ما هي الظروف التي اخترتم فيها حسن الهضيبي؟
فريد عبد الخالق: بالنسبة للجماعة بعد ما لم يتفق أحد من الذين يُظن بهم بحكم واقعهم، الصلاحية للمرشد فكان لابد من ملء الفراغ، فطُرح اسم المستشار حسن إسماعيل الهضيبي..
أحمد منصور: من الذي طرحه؟
فريد عبد الخالق: الذي طرحه منير دله..
أحمد منصور: من هو منير دله؟
فريد عبد الخالق: منير دله أحد أعضاء مكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية والذي يعني عاش الدعوة واستوعبها وآمن بها وأخلص لها الحقيقة بواقع حياته، وكان بذله في سبيلها بذل مال وجهد نفس..
أحمد منصور: ما الذي جعل منير الدله ينظر إلى خارج الجماعة وليس داخلها؟
(12/123)
فريد عبد الخالق: منير دله عندما.. بطبيعة الأشياء لم يحصل مليء الفراغ نبه إلى أن ثمة رجلا عظيما لا يعلمونه، هوه كان يعلمه لإن ده قاضي وله خصوصية وظيفة لا تسمح للإعلان، فكان العلاقة شخصية بين حسن البنا رحمة الله عليه وحسن الهضيبي رحمة الله عليهما، مراعاة لوظيفته كقاضي ليس له علاقة بالأحزاب ولا يتصل بها، فكان الذي يحمله إليه منير دله في سيارته، فكان لما يقابل المرشد يعني ينبئه في الطريق بالذي حدث، فتكونت عند منير فكرة إن هذا رجل مستشار يعني مستشار يعني لأن كان في أمور الخطيرة يرجع إليه فيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مثل.. إيه الأمور الخطيرة اللي رجع حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: لما عندنا حصلت الأزمة وبدأت الحكومة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تقصد الأزمة.. بعد حل الإخوان في 8 ديسمبر 1948؟
فريد عبد الخالق: أينعم. العلاقات كانت قوية إنما زادت لأنه وُجد أمور خطيرة يعني مثلاً عُرض على حسن البنا إنه عشان نصل إلى تفاهم ونستعيد العلاقات عايزين تقولوا لنا كل أسماء النظام الخاص وإذا كان عندكم أسلحة كله يسلم لنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والإذاعة السرية وأين تبث..
فريد عبد الخالق: أفندم؟
أحمد منصور: والإذاعة التي كانت تبث في السابعة صباحاً
فريد عبد الخالق: كل الأمور اللي عندكم تدوها، في الحقيقة هوه حريص على إن الدعوة.. وضنين على إن الإخوان لا تتعطل ويعني.. فكان في مسألة هل يعني ما الموقف فعرض القضية برمتها على المستشار الهضيبي، فقال له كما سمعت أنا من المرشد قال له لا تعوِّل على وعود هؤلاء الناس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سمعت من أي مرشد؟
فريد عبد الخالق: سمعت عن طريق الذي نُقل الكلام ده منه، يعني مثلاً..
أحمد منصور: آه يعني أنت لم تسمع من حسن البنا لأنك كنت في السجن.
(12/124)
فريد عبد الخالق: هو أنا سمعته عن طريق يعني منير قال لي يعني.. فلما قال له أن لا تعول على وعود هؤلاء الناس دول ناس يعني.. للحكم إملاءات ووراء الحكومات قوى أجنبية لا يمكن تجاهل مكانها ودورها، فأنا أعتبر أنه هو مش بُرءاء ولا يملكون الأمور لوحدهم فيبقى الكلام أنك تعطي يعني ليس شرطاً لأن يفوا بوعدهم وتعود الجماعة، يعني المسألة عايزه شيء من الحذر في القبول واتخاذ الخطوة. مثلاً فيما يتعلق بمشاكل الدعوة حتى الداخلية أنا علمت برضه عن طريق من نقل إليه لأنه كان بيكلم بطريقة ضيقة مكلمناش إحنا كدعوة ولا كمكتب إرشاد مَن.. مَن الهضيبي هو تكتم عليه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني معرفة الهضيبي كانت محدود بمنير الدله؟
فريد عبد الخالق: لا معروفة.. لا هي محدودة بحسن الهضيبي إنما لأنه بيحمله في السيارة طبيعي بيتكلم إليه وهو ليس غريباً وليس كذا..
أحمد منصور: تقصد إن حسن البنا كان يُسِر بما في علاقته الخاصة بحسن الهضيبي إلى شخص واحد فقط هو منير الدله؟
فريد عبد الخالق: والله أنا يعني مش شايف..
أحمد منصور: لكن حسن العشماوي في مذكراته قال أن حسن البنا، أن الإمام حسن البنا أسرّ إليه ببعض الأشياء عن حسن الهضيبي وهو حينما ذهب إلى حسن الهضيبي في بيته، فحسن الهضيبي قال له أنا لست من الإخوان ورفض أن يلتقي به أو يتحدث معه..
فريد عبد الخالق: مَن حسن البنا.. حسن الهضيبي؟
أحمد منصور: حسن الهضيبي ولكنه حينما قال له إن حسن البنا قال لي كيت وكيت، فأجلسني إلى جواره واطمئن لي وأخذ يتحدث معي.
فريد عبد الخالق: هو عايز أقول لحضرتك حاجة هو الصلة اللي بينهم ده مؤكدة وأنه محل استشارة ده مؤكدة نأخذ القدر..
أحمد منصور: هل هذا كافي لكي يصبح هذا هو مرشد الإخوان؟ الإخوان دي جماعة، تنظيم، قيادة، شُعَب، إدارة، واحد من بره كان بيُستشار شيء وأن يصبح رئيس للإخوان شيء آخر.
(12/125)
فريد عبد الخالق: هوه نفس استشارته دليل على تقدير مكانه، يعني هوه..
أحمد منصور: هل كان وحده هو الذي يستشيره حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: لا كان يستشير، بالعكس..
أحمد منصور: ألم تكن أنت مستشار لحسن البنا؟
فريد عبد الخالق: أينعم، بس أنا عايز أقول لك حاجة..
أحمد منصور: هل هذا يكفي أنك تصبح مرشد للإخوان؟
فريد عبد الخالق: أصل ده راجل يعني زي ما تقول رجل قانون ورجل قاضي وله تاريخ معروف..
أحمد منصور: عبد القادر عودة كان أكثر قانونية منه، وكان وكيل للإخوان لماذا لم تختاروا عبد القادر عودة؟
فريد عبد الخالق: ما هو عبد القادر عودة.. لا أصل هو أكثر تاريخاً.. وأكثر.. أحب أقول فيه حاجة تانية الرجل بيتميز بشيء أنا ما كنتش لأول مرة أنا أعرفه لما قرأت كلام مصطفى أمين أنا ما كنتش قرأته مذكرات مصطفى أمين قال أسرّ إليه وقال لي ما لم يقله لأحد اللي كان طبيعته كتوم وحذر وحتى بيقول أنا بستغرب إزاي أنا وصلت معه أنه قال لي عن تاريخه أيام إبراهيم الورداني وأيام مصطفى كامل وإزاي محمد فريد وإزاي كان هو عضو في اللجنة السرية لمقاومة الاستعمار وإزاي دوره، يعني قال لي أشياء يعني أماط اللثام عنها، وأثبت مصطفى أمين، مصطفى أمين له مكانه وكلامه يعني له منزلة وأقرّ أن هذا الرجل له تاريخ وطني لا يعلمه الناس وإنه كان له دور كبير جداً حتى في مسألة لما جاء..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد أنا الآن مبتكلمش في وطنية حسن الهضيبي، لا أتحدث عن إن حسن الهضيبي قاضي ومستشار وكان يرجع له حسن البنا ولكن أنا أتحدث في اختيار الإخوان لحسن الهضيبي لكي يصبح مرشداً لهم في أعقاب حسن البنا بعدما فشلوا في اختيار مرشد من داخلهم، حسن الهضيبي لم يكن له أي علاقة تنظيمية بالإخوان المسلمين لم يكن له علاقة تنظيمية بالإخوان المسلمين..
فريد عبد الخالق: اسمح لي يعني إزاي أنا قطعت الحديث بـ..
أحمد منصور: اتفضل
(12/126)
فريد عبد الخالق: اسمح لي يعني ليست بمهم تاريخه في الدعوة ولا صلته بالإخوان، ده كله أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أُمال إيه مهم؟
فريد عبد الخالق: لا.. المهم صلاحية الشخص، هل هو عنده قدرة على الاستيعاب الكاف هل عنده قدرة اتخاذ القرار؟ هل يستطيع أنه يقود جماعة؟ هل عنده..
أحمد منصور: ده مكنش متوفر في حد فيكم؟
فريد عبد الخالق: بس توفر فيه بطريقة غير عادية ما هو راخر ليس..
أحمد منصور: حبقى أشوف معك الطريقة الغير عادية، اتفضل
فريد عبد الخالق: أحب أقول لك حاجة أنا عايشت حسن الهضيبي معايشة شخصية، وليس من عاش كمن سمع أو كمن قرأ أنا عايشت منه وأرجو أن يكون طبعاً إذا قلت أنا كده لا أعني إن أنا بنفرد بالحكم عليه إنما واقع لازم أنا أشهد بيه، الراجل فعلاً أنا بعتبره إنه لا يقل إطلاقاً عن صلاحياته للزعامة مع حسن وإن ده كان مؤهل للدور وده مؤهل للدور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سآتي معك تفصيل.. سآتي معك تفصيل ولكن أنا الآن كيف اقتنع الإخوان بأن حسن الهضيبي يمكن أن يصبح مرشداً؟
فريد عبد الخالق: اطلعوا لأنهم سألوا يعني أن جبت لك مثلاً كلام قاله الآخرين عنه بما ليه كيف.. الكلام اللي قاله شوكت التوني ده راجل محامي كبير وكتب كتاب..
أحمد منصور: شوكت التوني قال الكلام ده بعد سنة 1954 أنا بكلمك الآن على 1951.
(12/127)
فريد عبد الخالق: شوكت التوني لما تعرض عن القضاء الجالس والقضاء الواقف اللي هو المحاماة قال والنموذج الوحيد اللي أنا بضرب به مثل للقضاء الجالس هو حسن الهضيبي لأنه كان يمتاز وذكر ما لا يذكر لغيره، قال هو ده الوحيد طبعاً إيه اللي خلاه الاختيار ده يقول ده كان أكثر استيعاباً أكثر قدرة على النفاذ إلى الرأي، أكثر قدره على الشجاعة إنه يقول ده رأيه، وقال لنا حاجة أنا برضه مكنتش عارفها أنا ومصطفى قال المضابط أعلى مركز تشريعي له هو مجلس الشيوخ يعمل في مضابطه دفاع عن الشريعة الإسلامية وأن يكون مصدر للقوانين لم يتوفر إلا للهضيبي لأن هما طلبوه بالشخص يعني عندهم إتعملت لجنة اختاروا هما المعنيين لجنة التشريعية، اختاروا الهضيبي يسمعوا منه فدافع عن الشريعة وكيف أنها غنية وتصلح أنها تمدنا بكل القوانين حتى يتصلح حالنا..
أحمد منصور: الآن كيف بعد ترشيح منير..
فريد عبد الخالق: الراجل كان ليه مكان إذا كان هو يُختار وحده أمام أعلى مجلس تشريعي أعلى مجلس تشريعي إذا كان هوه..
أحمد منصور: أستاذ فريد بعد ترشيح منير الدله له كيف أنتم أقررتم هذا الاختيار وأصبح الهضيبي مرشداً للإخوان؟
فريد عبد الخالق: عُرض هذا الكلام بدأ هو يلتقي بالإخوان، والإخوان بدؤوا يتصلوا به ويسمعوا منه يتبينوا، فحصل رأي عام فعلاً بدليل إنه هو لما طلب إن هو يبايع كان متردد خالص وكان يعني رافض لدرجة يعني.. حييئس الإخوان، يعني أقول لك كادوا ييئسوا وهوه الحقيقة يعني أنا لا يعني دموع يوسف طلعت لا أنساها..
أحمد منصور: أنت كنت حاضر يعني؟
(12/128)
فريد عبد الخالق: أيوه يوسف طلعت لما قال لي اقبل المرشد إحنا محتاجين لك الدعوة عايزة رد اعتبار بعد اللي حاصل من النظام الخاص والناس تصوروا إن إحنا يعني أهل عنف إحنا محناش كده، فوجودك كقاضي وتقبل هذه المهمة رد اعتبار هيخلي نفس الساحة القضائية تسترد ثقتها وأنا حضرت في مكتب الإرشاد مع الموجودين من أعضاء المكتب ذات يوم وهو يتكلم في التليفون ويتكلم معه العِلْيا من أهل الفكر.. قالوا له كلام..
أحمد منصور: مين؟
فريد عبد الخالق: ناس من الخارج طلبوا حسن الهضيبي وهو جالس على المكتب وإحنا معاه بعد الثورة بأيام قليلة، وقال انظروا الناس اللي هما لهم مكانة في الرأي العام وأهل نظر يقولون نحن لا نعرف هؤلاء الضباط الأحرار نحن نعرفكم..
أحمد منصور: هل كنتم تنظرون إليه لحظة اختياره على أنه اختيار مؤقت أم اختيار دائم؟
فريد عبد الخالق: لا اختيار دائم.
رد الفعل على اختيار الهضيبي
أحمد منصور: ألم يكن هذا يمثل مرحلة بالنسبة لكثير من الطاعمين.. الطامعين في قيادة الإخوان وأن يكون الهضيبي هو الحل الوسط في هذه المرحلة للخروج من مأزق المرشد؟
فريد عبد الخالق: لم يكن عندما حصل الفراغ بتاع حسن البنا الناس عندنا بقوا تقريباً وضحوا، ناس من النظام الخاص رفضوا الهضيبي وأصروا على إن من منهم اللي هوه صالح العشماوي والعقل لأن كان عندهم تطلع.. تطلع ده في أثناء حياة حسن البنا ظهر لما لم يسمعوا له الكلام في الانتهاء عن الاغتيالات بدأ يأخذوا دور هما أكثر من حجمهم وظل هذا حتى لوقت طويل وكان ده محل يعني تسبب يعني فهم كانوا غير راضيين ولذلك هم يعني أنا أحد الذين حُرِبوا لقربي من هذا الهضيبي فاعتبروني كأن أنا ضالع فيما يكرهون فاتبعوني به يعني عايز..
أحمد منصور: يعني هذا رد فعل النظام الخاص على اختيار الهضيبي، النظام الخاص لم يكن راضي عن اختيار الهضيبي مرشداً للإخوان؟
(12/129)
فريد عبد الخالق: أينعم لأنه كان طامع في إن يكون منهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي الطبقات الأخرى داخل الجماعة التي رفضت الهضيبي أيضاً؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: من هم الآخرون؟ هل قبل الجميع الهضيبي؟
فريد عبد الخالق: ما هوه أصل النظام الخاص كان له شخص..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآن النظام الخاص عرفنا قصته، الآخرين النظام العام؟
فريد عبد الخالق: النظام العام وثق في الرجل وجلس إليه كثيرون وانتقل إلى الرأي العام أن الرجل ده فعلاً يصلح تماماً.
أحمد منصور: إزاي يصلح تماماً؟ أنا معاك واحدة .. واحدة، حسن البنا كان رجل عنده كاريزمة وعنده حضور وكان رجل خطابي يؤلف القلوب ويجمع الناس، الآن جبتوا واحد صامت لا يتكلم، لقاء الثلاثاء كان يمتد إلى ثلاث ساعات صدم الهضيبي الإخوان حينما طلع وتحدث خمس دقائق ثم نزل، الناس جاية بعاطفة مشبوبة جاية بروح الإخوان تستعيد مجد الإخوان، بصوا لقوا مرشد طالع يتكلم أربع كلمات ونزل.
فريد عبد الخالق: كويس أنا لا أستطيع يعني مع تقديري ورأيي في أنك أنت لك وجهة نظر..
أحمد منصور: أنا بقول لك حدث.. مش ده اللي حصل؟
فريد عبد الخالق: لا أنا أسف عايز أقول لك لا؟ ليه.. خد بالك ليه ما زي ما أنت باحث عن حقيقة تتقبل الرأي الآخر.
أحمد منصور: نعم.
فريد عبد الخالق: أقول لحضرتك حاجة أن الرجل في قلة كلامه هذا بصمة من بصمات قضائه، الرجل القاضي بيسمع الطرفين ويقول كلمه ينطق بالحكم هو طبيعته كده..
أحمد منصور: أنتم عايزين قاضي؟ أنتم عايزين زعيم.. عايزين قائد.
فريد عبد الخالق: بقول لك دي من بصمات المهنة فهو الحقيقة قليل الكلام، إنما ليست قلة الكلام هي الميزان إنما هل هو يُحسن أو لا يحسن، إذا تكلم كلمة فأصابت الحقيقة أحسن من كلام طويل لا، فأنا عايز أقول إن هو عندما واجهة مواقف.
أحمد منصور: أنتم جماعة شعبية، جماعة شعبية محتاجة نوع من الحضور والزعامة وجمع الناس.
(12/130)
فريد عبد الخالق: أيوه حاقولك.. هقول لحضرتك أولا أنا بعتبره كدعوة واستيعاب مفاهيمها واستيعاب خطواتها ومراحلها شرب من حسن البنا الكثير وأنا بعتبره في هذا المجال تلميذ للبنا رغم أنه مكنش بيروح المركز العام وإن قلة المعلومات عنه وإنما هو ليه؟ لأن كثير من المواقف واجه بها النظام الخاص وردد عليهم ما قاله المرشد في الرسائل بتاعته وقال لهم..
أحمد منصور: أنا هرجع للنظام الخاص وهتكلم معاك بالتفصيل فيه..
فريد عبد الخالق: لا نختلف على استيعاب الرجل الدعوة..
أحمد منصور: كان حسن البنا يعيش بين الإخوان، حينما ذهب معك للصعيد نام على الأرض، يرتدي جلباب، بين العلماء يرتدي زي العلماء، بيقابل رئيس الحكومة يرتدي البدلة والطربوش كان مع الجوالة يرتدي زي الجوالة حسن البنا، حسن بك الهضيبي كان بالبدلة وجاي يجلس في وسط الإخوان قاضي، مش جاي يجلس في وسط الإخوان كواحد منهم، شخصية حسن البنا كانت شخصية بتسع الإخوان على أي وضع، شخصية حسن الهضيبي كانت مع البشوات اللي هو حضرتكم بس يجلس فيما بينكم بالبدلة وأنتم كلكم قاعدين حواليه بالبدلة، فين عموم الإخوان؟
فريد عبد الخالق: هو اتصل وزار ومر على كل المكاتب الإدارية كلها كما كان يفعل حسن البنا، وأنا أقول لك إنه على قلة كلامه لقي عند الناس ارتياح لأنه مخلص وفاهم وحريص على الدعوة، فالحقيقة أن الصفات دية أوجدت له شعبية حقيقية وده أنا عشته وأنا بشهد بما.. أنت بتسألني كشاهد على العصر بقولك أنا جلست معه.. مع الإخوان عمال وفلاحين وطلبة فقرأت في تصرفاتهم وفي مشاعرهم اقتناع بالرجل وثقة فيه، فده حقيقي حصل يعني أنا عايز حضرتك يعني متخليش تتسلط عليك فكرة المسألة الزمنية هل هو أد إيه اتصل بالإخوان؟ أد إيه احتك بالإخوان؟ أد أية هو بيتكلم..
أحمد منصور: أنا بكلمك عن الواقع.
فريد عبد الخالق: الواقع أنا بتكلم برضه عن الواقع اللي أنا شفته الواقع أناعشته..
(12/131)
أحمد منصور [مقاطعاً]: جاء الهضيبي مرشداً للجماعة لا يعرفه أفرادها من قبل ولا يعرفهم لكن الفريق الذي أتى به وهم منير الدله وحسن العشماوي وفريد عبد الخالق وعبد القادر حلمي وصالح أبو رقية هم الذي كانوا يُسيِّرون الجماعة وكان الرجل يعتمد عليهم.. طبعاً كلام مش هيعجبك لأحمد عادل كمال.
فريد عبد الخالق: أنا.. أولاً كل كلام من أي أحد حتى من أكبر واحد حتى من حسن البنا نفسه ليس كل كلام أسمعه حُجة على الحقائق التي يجب أن تحكم الأمور، أنا هقول لحضرتك حاجة الأخ عادل أنا أعرفه وأعرفه كويس وإنسان مجتهد وكويس أوي وربنا يعني ينفع به، بس أنا عايز أقول لك حاجة أن أنا عشان أحكم على الأمور لازم أحكم بغير متأثر بوضع جزئي أو حالة معينة، أنا عايز أخذ يعني زي ما تقول عموم الرأي عشان أوصل أنا إلى الكبد يعني الحقيقة، الرجل تحمل الدعوة والظروف التي وجد فيها حسن البنا قلت لك كانت ظروف أمنه وهادئة استطاع أن هوه يحط البذور في الأرض ويسقيها ويحافظ عليها دُكها إحنا دخلنا في سجن، حسن الهضيبي كل حياته داخل السجن 1954- 1955..
أحمد منصور: هوه اللي دخلكم السجن.
فريد عبد الخالق: لا مش هوه اللي دخلنا السجن اللي دخلنا السجن مش هو ولا 1965 دخلنا السجن في 1954 كأشخاص ده إرادة الله طبعاً وإحنا.. وبلاء من الله عشان يربينا، هيه كده سنة الله كده.. سنة الله في هذه الدعوات من يتصدر لازم يُبتلى، مفيش نبي ولا رسول جاء بدعوة إلا ابتلي وأكثر الذين ابتلوا محمد عليه الصلاة والسلام..
أحمد منصور: عليه الصلاة والسلام
فريد عبد الخالق: فالابتلاء ده ليس شيء ده من طبيعة الأشياء هي..
أحمد منصور: يا أستاذي.. الابتلاء من طبيعة الأشياء ولكن أيضاً أخطاء البشر تلعب دوراً في حدوث الابتلاء..
فريد عبد الخالق: ما أنا قلت لحضرتك حاجة أنت سألتني سؤال معرفش أنت حر بقى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا خليني أجيلك هنا
(12/132)
فريد عبد الخالق: أنت حر بقى في هل ده في مكاني ولا مش في مكاني..
أحمد منصور: هل شعر الإخوان وأدركوا أن مرشدهم الجديد يختلف اختلافا جذرياً عن المرشد الأول؟
فريد عبد الخالق: هذا الخلاف الذي تقول حضرتك عنه هو خلاف في المواهب، إنما كصاحب دعوة لا، صاحب دعوة آمنوا أنه على قدر حسن البنا وأنه يؤمن بالله ورسوله وإنه فقيه
أحمد منصور: حسن الهضيبي لم يكن له خبرة سياسية واجتماعية كافية مثل التي كانت عند حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: الخبرة السياسية أنا بقول لحضرتك، كان له خبرة سياسية حركية من أيام مصطفى كامل وأيام محمد فريد وكان ليه يعني كان رئيس الجمعية اللي بيشتغل فيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتم كإخوان لم تكونوا تعرفوا عنه ذلك لأن الراجل كان كتوم..
فريد عبد الخالق: لا..
أحمد منصور: محدش يعرف حاجة عنه
فريد عبد الخالق: يعني رجل سياسي ووطني وبذل في سبيل بلده تماماً، ليه تاريخ مشرف
أحمد منصور: هل كانت له قدرة خطابية ولسانية وكاريزمة يجمع بها الإخوان؟
فريد عبد الخالق: له كاريزمة الإنسان اللي بقعد أنا معاه بسيط وأجد إن هو صادق فصدقه يشدني إليه مش لازم خطبته، قلت لحضرتك أنا مثلاً مش شرط تسمعه بقولك أنا لم ينقص من قدر موسى إن هارون أفصح منه إن كان على الفصاحة والكلام وطلب منه إنه يخلي هارون معاه لأنه أفصح منه لسان إذاً الحكاية مش فصاحة لسان ولا طول كلام لا ده مواهب تانية، وصالحية كل إنسان لزمنه يعني جه موسى وراح لقاء ربه وجه هارون إستخلفه فيه وقال له اخلفني في قومي وبعدين جه لقى السامري وحصل الفتنة اللي أنت عارفها، فهوه سيدنا موسى حاد قوي ومسك لحيته قال أنت لي مابتتبعش ذكري وكنت حاربتهم؟ فقال له إيه قال شوف الفقه اللي غاب كمان عن سيدنا موسى، قال له أنا خشيت أن تقول فرقت بين إسرائيل.. قومي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: {بَيْنَ بَنِي إسْرَائِيلَ ولَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}..
(12/133)
فريد عبد الخالق: فأنا.. كان الإبقاء على الوحدة عنده أهم من ردة الكفر بتاعة السامري..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ..
فريد عبد الخالق: شوف الفقه إذن هو فقيه وذري باللسان وراسي، دوكها التاني بقى يعني في يعني كل {واحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} مش عارف حتى..
أحمد منصور: برجع وأقول لحضرتك
فريد عبد الخالق: مش هيه ده الضوابط ولا هي دي الشروط ولا هي دي المواصفات، المواصفات أعمق
أحمد منصور: طب خلينا في المواصفات، هاجيلك على شيء واقعي وعملي ونقيِّمه مع بعض..
فريد عبد الخالق: أنا قلت لك حضرتك دلت التجارب على أن الرجل..
أحمد منصور: أنا في تجربة أهه هاجيبها لك..
فريد عبد الخالق: أنا عشت معاه بقى في السجن في فترة صعبة وجدته
أحمد منصور: أنا لسه ماجيتش للسجن
أحمد منصور: أنا قبل السجن، اللي وداكوا للسجن أنا في اللي وداكوا للسجن..
فريد عبد الخالق: ما هو إحنا بندور على المواصفات يا أستاذي العزيز..
لقاء الملك فاروق بحسن الهضيبي
أحمد منصور: أستاذ في 21 نوفمبر 1951 التقى حسن الهضيبي مع الملك فاروق عندك فكرة عن هذا الموضوع؟
فريد عبد الخالق: أيوه عندي..
أحمد منصور: طيب قول لي اللي تعرفه عن هذا اللقاء
(12/134)
فريد عبد الخالق: اللي أعرف إن هذا اللقاء هو استُدعي، وكريم ثابت هو اللي سعى في الحكاية دي، كان الملك والقصر كان متأزم وأوضاعه صعبة لأن التيار الوطني جارف وأي حكومة يحاول يعينها إنها تقف مقدرتش لأن التيار الوطني كان أقوى من كل حكومة فهو لقى الإخوان لهم شعبية فقال طب أنا أقدر أستعين بيهم بقى كما استعان غيره شيء طبيعي لاسيما الإنجليز كان لهم يعني شروط إنه التيار الوطني ده لازم يشوف له حد وأنا كنت بعتبر أنا إن القضاء على التيار الوطني اللي المستعمر بيضيق بيه دائماً وعايز يوقفه وبيعتبر بقاؤه رهن لكدة، هما اللي خلاهم يستعجلوا بوجود نظام عسكري جديد وجدوا إن النظام بتاع الملك ده انتهى مش قادر وإن التيار الشعبي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خليني في لقاء الملك مع حسن الهضيبي
فريد عبد الخالق: ما هو بقول لك أنا، فلقاؤه بالملك كان لقاء هو اللي طُلب إليه ولما عبّر عنه..
أحمد منصور: أنت كعضو مكتب إرشاد وهيئة تأسيسية هل استشاركم حسن الهضيبي وعرض عليكم الأمر؟
فريد عبد الخالق: أيوه قال لنا..
أحمد منصور: آه ماذا قال لكم؟
فريد عبد الخالق: وأنا أودعت حتى قال لنا كلام قال الناس دول طالبين مني من ضمن الكلام اللي قاله..
أحمد منصور: لا أنا عايزك تقول لي اللي قاله بالضبط
فريد عبد الخالق: قال أنا دُعيت عن طريق كريم ثابت إن الملك عايز يقابلني، قلنا له كلنا شيء طبيعي روح شوف إيه الحكاية، الحاجة التانية حتى من ضمن التباسط، معانا قال طالبين مني ريدين كوت، وأنا معنديش ريدين كوت
أحمد منصور: بدلة يعني بدلة
فريد عبد الخالق: رسمية عشان مقابلة الملك لا تتم إلا بالرداء الرسمي وكانوا يسموه ريدين كوت ده فهوه حتى بعت له بدلتين..
أحمد منصور: كريم ثابت؟
(12/135)
فريد عبد الخالق: آه، شوف بقى احترام الرجل لنفسه قال والله أنا لا ألقاه إلا بملابسي الطبيعية وأنا ماليش أنا هو اللي طالبني مش أنا اللي طالبه ميشترطش عليا وعنده كده نوع من زي الاعتزاز ونوع من..
أحمد منصور: الاستكبار نوع من الكِبر..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: تقدر تقول كِبر
فريد عبد الخالق: لا وليه مقولش اعتزاز وليه أنا..
أحمد منصور: ملك البلاد هو الذي أرسل..
فريد عبد الخالق: مقدرش أقول كِبر، أصلي عايشته لاقيته بسيط ويؤاكل أقل الناس وينام على الأرض، شفته معندوش كِبر ما أنا أصل يعني أعمل إيه إذا أنا قلت كده دلت حياته الواقعية معنا إنه راجل متواضع إنسان متواضع أنا شفته..
أحمد منصور: طب كمل لي الموقف..
فريد عبد الخالق: فأنا بأحمل الحمل طبيعي ده أفضل فهو كان عنده اعتزاز بالدعوة، ويقول لك يعني أنا الملك هيتصور إن أنا بقى ما صدقنا يعني دُعينا فهنقدم فروض الطاعة ده فهم غلط، إحنا ناس أصحاب دعوة ولا نشتري ثمناً قليلاً بدعوتنا أو كثيراً فهو أنا عايزه يفهم إن إحنا أهل صلابة في الحق مش النوع اللي يُشتري فإذا كان غيرنا يفرح بأنه يلقى الملك مش إحنا، إحنا مبنفرحش بلقاء ملوك إحنا نفرح بنجاح الدعوة {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}
أحمد منصور: سيدنا موسى لو هاتجيب لي قرآن وهاتجيب لي حاجات، الرسول صلى الله عليه وسلم حتى حينما خاطب كان يخاطب الملوك عشان الناس على دين ملوكهم..
(12/136)
فريد عبد الخالق: ما راح خاطبه وقال إن كل اللي سمعته منه قال إن أنا ليه الإخوان بيكرهوني اللي شاغلاه قالها مرات.. قالها مرات.. كلمة ليه الإخوان يعني أبدى يعني أفصح عن مقصوده إنه هو عايز يجد في الإخوان قبول ويجد في الإخوان مساندة عشان موقفه بس هو كان بقى اللي بيخلي كلامه الواحد يتحفظ عليه إنه كان مشهور بالفساد، صلاح الدين كوزير بقى يروح يوقع القرارات في مونت كارلو على موائد القمار كان فسد هوه إيه اللي ضيع فاروق؟ اللي ضيع فاروق كان استُقبل استقبال حسن.. بؤرة فساد المجموعة اللي حواليه، ضيعته..
أحمد منصور: طب خليني بقى معاك هنا في هذا الموقف لأن ده موقف تاريخي للإخوان يجب أن نقف عنده وقفه طويلة جداً، في الوقت الذي كان حسن البنا يسعى إلى لقاء فاروق حتى إنه رتب له علي ماهر مقابلة أمام مسجد أبو العباس في الإسكندرية سنة 1938 تحدث عنها محمود عبد الحليم في كتابه الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، وقال إن ذهب حسن البنا مع جوالة الإخوان، فقط حتى يرى الملك جوالة الإخوان، حسن البنا الذي اغتيل وقبل اغتياله سعى لمقابلة أي مسؤول في الدولة بما فيهم الملك، رئيس الوزراء، لكي يُنقذ الإخوان، من هذه الورطة جاءت المقابلة على طبق من ذهب إلى حسن الهضيبي، ماذا فعل حسن الهضيبي؟ جلس مع الملك ساعة.
فريد عبد الخالق: حسن الهضيبي وجد إن فيه جماعة حُلت وإن السعديين هما اللي قاموا بالعملية دي وأصروا عليها ووجد إن هو مفيش استعداد لأن صالح وكان.. ووجد إن يعني الطريق غير مهيأ إلا إنه هوه يعتمد على الشعب، لذلك كان هو حسن الهضيبي الحقيقة عُنِي كما عُنِي من قبله اللي هوه حسن البنا بالتركيز على القوى الشعبية..
(12/137)
أحمد منصور: إحنا هنا في 21 نوفمبر 1951 اللي هيه مقابلة الهضيبي مع الملك، قبليها الإخوان في 30 يناير 1951 أصدروا مجلة الدعوة الحكم في حادث السيارة الجيب وقع في 17 مارس 1951 ومعظم الإخوان أفرج عنهم، والقاضي الذي حكم الإخوان، دخل في الإخوان بعد ذلك وأصبح واحداً منهم وأجريت معه صحيفة أخبار اليوم مقابلة طويلة حتى أنه أصبح أحد مسؤولي الإخوان في الإسكندرية أحمد كامل بك رئيس محكمة جنايات مصر..
فريد عبد الخالق: صحيح
أحمد منصور: حكم الإخوان في قضية السيارة الجيب أصبح مسؤول اللجنة الاستشارية للإخوان المسلمين في الإسكندرية، بعد ما كان بيحاكم الإخوان، 16 يناير 1950 صدر حكم مجلس الدولة بوقف بيع المركز العام للإخوان المسلمين، تسلم الإخوان المسلمين الدار في 17 ديسمبر 1950
فريد عبد الخالق: ألف وتسعمائة؟
أحمد منصور: و1950
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: في 30/6/1952 صدر الحكم ببطلان قرار حل الجماعة الذي سبق وأن أصدرته حكومة النقراشي في ثمانية ديسمبر 1948 بين هذه الأجواء كلها التقى الملك طلب اللقاء مع حسن الهضيبي والتقى به سنة.. في 21 نوفمبر 1951 حسن الهضيبي جلس ساعة مع الملك وضع ساق على ساق زي ما هو قايل محمود عبد الحليم في كتابه، وقعد يسمع الملك ساعة الملك يقدم اعتذاريات للإخوان لماذا يكرهني الإخوان أنا لم أسيء إلى الإخوان، رؤساء الوزارات هما اللي أساءوا للإخوان، أنا لم أقتل حسن البنا رؤساء الوزارات.. يعني الملك كان بيقدم قرابين إلى حسن الهضيبي، وحسن الهضيبي لم يعلق بشيء ولم ينتهز الفرصة وإنما جلس مثل القاضي الذي ينتظر أن يصدر حكماً في النهاية في المقابل حسن البنا عمل إيه سنة 1942 حتى أبين لك الفرق ما بين الاثنين..
فريد عبد الخالق: هو لم يقابل حسن البنا
أحمد منصور: حسن البنا حينما التقى مع النحاس سنة 1942 وطلب منه النحاس أن يتنازل عن الإخوان..
فريد عبد الخالق: تنازل أبوه
(12/138)
أحمد منصور: تقدم حسن البنا بقائمة من المطالب حقق فيها للإخوان ما كان سيعجز عنه لو كان دخل إلى مجلس النواب انتهز الفرصة، انتهز المبادرة، كان حسن البنا رجل صاحب مبادرة وصاحب فرصة، حسن الهضيبي رجل قاعد يسمع للملك ساعة ولم يحقق منه مكسب واحد للإخوان قول لي الموقف ده تاريخياً تفسيرك له إيه؟ أليس هذا خسارة عظيمة للإخوان بسبب أن المرشد رايح إيد فاضية وإيد قدام بس عنده مطالب لم ينتهز الفرصة لم يرجع إلى الملك قال للملك سأرجع إليك ولم يرجع إليه؟
فريد عبد الخالق: هو يعني كمسؤول وحصل اللقاء ده مع الملك، لم يجد فيه دخول فيما هو جدي من الأمور اللي هو تغيير الأوضاع، يعني هو نجد الكلام يعني زي ما تقول ظاهر السطحية
أحمد منصور: مقدمش مطالب ليه؟
فريد عبد الخالق: مظاهر السطحية.. ما هو معروف إنه دوره يعني لا يستطيع أحد أن يفسر الماضي ده كله من غير..
أحمد منصور: أنت كنت عضو مكتب إرشاد وكنت عضو هيئة تأسيسية..
فريد عبد الخالق: أينعم..
أحمد منصور: مسألتوش المرشد ماحسبتوهوش مقولتلوش إنت أتيحت لك فرصة الآن أن تخرج بالجماعة من المأزق وأنت جلست مستعلياً على الملك وخرجت تقول إنه كان كالطفل كما ذكر محمود عبد الحليم..
فريد عبد الخالق: هو يعني تكلم معنا وتكلمنا معه وهو كان مقتنع تماماً كرجل له زي ما تقول فراسة في الناس وله الحقيقة إن شايف إن هي الدور كله ليس جدياً، الدور كله استغلالياً، وإن هو في وقت صعب وعايز يعني يحل مشكلة البقاء بدليل إن هو معندوش صلاحية حتى أخلاقية وعنده الناس والشعب كله ضاق بيه وأنت لا تنسى إن الشعب اللي فرح الشعب الانقلاب والثورة إنه وجدوا إن الملك
أحمد منصور: لماذا لم تحاولوا معه أتتكم فرصة على طبق من ذهب للمحاولة مع الملك؟
فريد عبد الخالق: هي الفرصة لم
أحمد منصور: ربما ربنا كان يهديه في هذه اللحظة
(12/139)
فريد عبد الخالق: هو كان لا يملك شيء والله.. الوزارات اللي جت دي كل واحدة تقعد فترة أو يرشح أكتر من وزارة يعني كان في فترة اضطراب
أحمد منصور: أنا مش هاقول لو أنا مش هاقول لو لكن مضطر أقول لك لو أن حسن البنا الذي كان في هذا الموقف كان سيتصرف مثل هذا التصرف؟
فريد عبد الخالق: أصل في فرق بين النحاس باشا وشخصية الملك
أحمد منصور: لا أنا بقول لك الآن حسن البنا راح للملك، الملك نادى له وقدم له هذه الاعتذاريات، كان حسن البنا هايقعد يحط رجل على رجل ويسمع من الملك وبعدين الآخر يرجع مايردش حتى عليه، ويرفض أن يدلي للصحف بأقوال رفض الهضيبي أن يتكلم إلى الصحف بأقوال؟
فريد عبد الخالق: كان الذي يحكم هذا الموقف ليس الكِبر وليس البعد عن الدعوة ومصالحها، إنما الذي كان يحكمها في تقديره وده من حقه أنه يتكلم عن ملك فقد صلاحياته وإن هو شخصياً فاسد..
أحمد منصور: هاجيلك بقي لحد معه صلاحيات
فريد عبد الخالق: حتى قال كلام قال كلمة كيف والعود أعوج يعني هو كيف يستطيع أنه يعطي هوه؟ هوه أعوج..
أحمد منصور: أستاذ
فريد عبد الخالق: يعني هو كان بيطبق قاعدة
أحمد منصور: أنا.. أنا الموقف ده لو جينا نقيسه على مواقف الزعماء ورجال السياسة ورجال الدولة يؤخذ على الإخوان ويؤخذ على الهضيبي بتجرد، بكلمك الآن واحد أتيحت له صاحب جماعة في محنة ويستطيع أن يحقق بها الكثير أتيحت له أن يلقى الملك وأن يجلس صامتا ساعة من الملك لا يتكلم ويخرج ولا يرد على الملك، وأنتم كمكتب إرشاد بصمتوا بالعشرة على اللي قاله ولم تنتهزوا الفرصة ولم تحملوه أصلا مطالب يذهب يطلبها إلى الملك
فريد عبد الخالق: يعني عشان خاطر برضه ندي النقطة دية حقها بقدر الإمكان يعني..
أحمد منصور: اتفضل
فريد عبد الخالق: لأن ليس الفكرة أن أنا عايز أبطل سؤال ولا أدافع عن شخص، لأني أنا مؤمن به كل إنسان يُخطئ ويصيب يعني وحسن البنا برضه أيضا يخطئ ويصيب
(12/140)
أحمد منصور: كل إنسان..
فريد عبد الخالق: كل إنسان..
أحمد منصور: ماعدا الأنبياء لهم العصمة
فريد عبد الخالق: طيب فإذن أنا
أحمد منصور: ده اللي إحنا عايزين نقوله لأن أنتم أحيانا بترووا التاريخ تاريخ الإخوان، تاريخ المرشدين، كإن المرشدين دول أشباه الأنبياء ولا يخطئون وهما المسؤولية على الطرف الآخر..
فريد عبد الخالق: اسمعني هذا المأخذ أنا احترم توجيهه لأنه مهم بس الواقع يكذّبه، يعني أنا أحد الذين عاشوا لصيق من المسؤولية مع.. عمري ما حسيت الأمور تساس بالشكل ده فإذا إضافة ده علينا.. للمجتمع السمع والطاعة تقديس أشخاص إنهم يتبعون ولا يفكرون، محصلش وأنا شخصيا وغيري قال لا له، فمش موجود، فأنا اضطر أنا لا يحملني شكل الشك مع احترامي لوجهة نظره إنه أنا أبطل يقيني أنا يعني مهما على صوته ومهما كان مركزه يسمح بس أنا أشهد بما علمت، وهأُسأل عنه فأنا أقول لك إن مكتب الإرشاد والمرشد، كانوا على قلب رجل واحد في هذا الفكر، إن هو دُعي، طب ما كان من زمان طلب منه اشمعنى النهاردة كان في آخر الأيام..
أحمد منصور: ما هو لسه مرشد مبقلوش فترة بسيطة
فريد عبد الخالق: كان فيه محاولات كتيرة إنما من حسن البنا محاولات كثيرة وكان بيرفض..
أحمد منصور: طب أنا هنا بس فيه نقطة مهمة في هذه الحادثة تحديدا أنا رجعت لمذكرات كريم ثابت الذي كان المستشار الخاص بالملك، والذي قيل أنه رتب هذه المقابلة لم أجد فيها كلمة واحدة هي جزئيا أصدرتهم دار الشروق لم أجد كلمة واحدة عن هذه المقابلة حتى أن كريم ثابت في مذكراته يقول أنه قدم استقالته..
فريد عبد الخالق: من؟
أحمد منصور: كريم ثابت..
فريد عبد الخالق: أينعم
(12/141)
أحمد منصور: يقول أنه قدم استقالته بشكل نهائي في منتصف أغسطس عام 1951 وانقطعت صلته بفاروق حتى مايو 1952 في الوقت اللي المقابلة ده في نوفمبر 1951، إزاي الرجل استقال في أغسطس 1951 وهو اللي رتب المقابلة للمرشد في 21 نوفمبر 1951.
فريد عبد الخالق: رتبها قبل.. قديم.. وتمت وهو صح مش لازم يكون هوه.. إنما هوه صاحب المبادرة الفكرة ده لا يمنع إنه هو بعد كده
أحمد منصور: لكن محمود عبد الحليم لما ذكرها..
فريد عبد الخالق: بس هو شوف..
أحمد منصور: أن كريم ثابت اللي بعتها البداية
فريد عبد الخالق: يعني ليس هذا دليلا، يعني نفس كريم اللي هو ضالع ضالع معه تركه لأنه لا يصلح.
علاقة الهضيبي برئيس الحكومة علي ماهر
أحمد منصور: عندي موقف ثاني أيضا، موقف سياسي لحسن الهضيبي في تلك المرحلة في اتنين مارس 1952..
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: دي استقالة حكومة..
فريد عبد الخالق: علي ماهر
أحمد منصور: علي ماهر، وأعلن أنه يشعر بعقبات في سبيل مهمته لكن علي ماهر كان وثيق الصلة بالإخوان من قديم..
فريد عبد الخالق: كان
أحمد منصور: وثيق الصلة بالإخوان من قديم..
فريد عبد الخالق: أينعم
(12/142)
أحمد منصور: وحتى بعد ذلك حينما تولى الوزارة بعد الثورة، الإخوان هم اللي رشحوه لهذا الموقع على اعتبار أنه شخصية وطنية نظيفة، حسن الهضيبي.. كان علي ماهر كان رجل وطني كما وُصف في كتب التاريخ ومواقفه كانت واضحة، كُلف بأن يكون رئيسا للوزراء في تلاتة فبراير، كلف أن يكون رئيسا للوزارة في بداية سنة 1952 في تلاتة فبراير 1952 قام بزيارة حسن الهضيبي مرشد الإخوان، حضرت هذه المقابلة؟ تلاتة فبراير 1952 علي ماهر رئيس الوزراء زاركم في المركز العام للجماعة، في خمسة فبراير أصدر أوامره بالتدريب العسكري لكل شباب مصر لأن حسن الهضيبي طالبه بإن يكون في تدريب عسكري كانوا شباب الإخوان وقتها بيحاربوا في قناة السويس وكتب كامل الشريف كتاب كامل حول هذا الموضوع سماه المقاومة السرية في قناة السويس مثلما كتب كتابا عن الإخوان المسلمون في حرب فلسطين، وسعى لجمع القوى الوطنية في 27 فبراير 1952 علي ماهر دعا حسن الهضيبي لاجتماع آخر، علي ماهر رئيس الوزراء دعا حسن الهضيبي لاجتماع آخر في مجلس الوزراء حينذاك
فريد عبد الخالق: اللي حضر فيه الآخرين
(12/143)
أحمد منصور: أيوه.. كويس أنت كده معايا جمّعت معايا الموضوع، اللي حضر فيه الآخرين زعماء الأحزاب السياسية الأخرى حضروا، دخل حسن الهضيبي وجد زعماء الأحزاب السياسية الآخرين موجودين اشتاط غضبا، يريد أن يتميز وحده وأن يكون الاجتماع معه وحده وأدلى بتصريحات مقتضبة للصحف وصحيفة المصري نشرت في 29 فبراير في 1952 شيء من هذا القبيل، اللي يتابع التصرفات دية تصرفه مع الملك وتصرفه الآن مع رئيس الوزراء.. رئيس الوزراء جمعه مع الآخرين لا يريد من الآخرين أن يكونوا موجودين، في الوقت الذي كان حسن البنا يجمع كل القوى السياسية، ويلتقي مع كل القوى السياسة ومنهجية الإخوان قائمة على الالتقاء بكل القوى السياسية، والإخوان في هذه الأيام بيتمنوا أن يكونوا جزءا من القوى السياسية وأن يكونوا جزء من الحوار الوطني، حسن الهضيبي يريد أن يملي على رئيس الوزراء شيء وأن تكون علاقته خاصة برئيس الوزراء وجلس غاضبا وقام غاضبا، هل هذا ما جاء به حسن البنا؟ هل هذا منهج حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: أه، يعني برضه إحنا بنوقف وقفة كده بسيطة كده، عايز أقول حضرتك لو كنت قائد مسؤول عن جماعة..
أحمد منصور: منفعش أنا منفعش
فريد عبد الخالق: لا يعني، من حقك أنك تزن الأمور بميزان الدعوة مش الميزان الشخصي، يعني ليس عيبا إنه هو يري.. لأن كان هو قبل كده، حتى نفسه علي ماهر اعتذر له هو كان كل يعني شغل كان كل مرة بيلقاه وقال له تعالى القاني بدون مقدمات لقاء شخصي وكان هوه بيحب يتفاهم معاه، لأن الفترة الأخيرة دية، أحب يكون دي برضه واضحة في التاريخ الوطني لنا، أن الأحزاب أثبتت الحقيقة نوع من التهرؤ ونوع من عدم القدرة على إن هيه تسير في الطريق الوطني وتقود الشعب إلى مطالبه بدأت تأخذ دور متخاذل ونشأ متاعب كثيرة من يعني الدور..
أحمد منصور: هل الحل اجتناب الأحزاب أم محاولة شدها وجمعها وإحياء الوطنية فيها؟
(12/144)
فريد عبد الخالق: الأحزاب السياسية في الفترة الحرجة اللي كانت قبيل الثورة، لم تؤد ما يطمع فيه البلد فيما يتعلق مثلا بطرد الاستعمار والحفاظ على السودان اللي كذا.. يعني كان فيه مسائل وطنية الأحزاب عجزت، كان فيه أحزاب عاجزة خلت قيمتهم هبطت في السوق، أصبحت حتى بين الشعب نفسه لا يطمئن للقاء الأحزاب دي، ساءت فكرة الشعب عن الأحزاب لتهافتهم وعدم اطلاعهم بأمانتهم على الوجه القوي..
أحمد منصور: يا أستاذ
فريد عبد الخالق: فسقطوا.. سقط اعتبارهم..
أحمد منصور: أستاذي هذا وضع الأحزاب طوال فترة..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: هذا وضع الأحزاب طوال فترة الأربعينات حتى قيام الثورة، ولكن حسن البنا كان يتعامل معها بشكل آخر، هنا بدأ حسن الهضيبي في موقفه مع الملك بدأ حسن الهضيبي في موقفه مع رئيس الوزراء علي ماهر، شخص متغطرس متعجرف مستعلي، ويؤسفني إن أنا محمود عبد الحليم أكد على هذا يقول أن الملك.. أن المرشد كان يريد لقاءا على انفراد لأن المرشد لا يتساوى مع رؤساء الأحزاب الآخرين، لأن رؤساء الأحزاب الآخرين من أصحاب مبادئ وضعية وأفكار بشرية وأهداف محدودة بالأرض وهذه دعوة الإخوان هي دعوة أما أصحاب الدعوات ودعوة الإخوان فيعني يجب أن يكون لها وضع آخر وألا تتساوى مع الآخرين، يعني عفوا يعني أنت..
فريد عبد الخالق: آه.. مثلا
أحمد منصور: عايز تقول للناس عندك أنتم دعوة وأصحاب دعوة وكذا قول لهم وربيهم على هذا المعنى لكن لما تتعامل مع الناس..
فريد عبد الخالق: أنا.. أنا معاك..
أحمد منصور: ما ينبغي..
فريد عبد الخالق: لا.. لا أنا..
أحمد منصور: هل هذا..
فريد عبد الخالق: أنا كشخص يعني له حظ من فهمه لدعوته ولي حظ في الممارسة أقولك أن إحنا كعمل إسلامي وبنقوله النهاردة وبكرة لازم نكون منفتحين على الآخرين، أنا مش بصدد محاكمة حسن الهضيبي، مش هيه دية القضية لأن القضية هتكلم عنها..
(12/145)
أحمد منصور: اصل مثل هذه التصرفات ربما هي التي قادت إلى محن الإخوان بعد ذلك..
فريد عبد الخالق: لا مش هيه التصرفات دية، ليه؟ هقولك ليه، لأن أنا شفت الرجل وعايشته في السجن الحربي لقيت إن هوه شامخ بالإسلام، شامخ بالبلد وقِدر يكتب بصراحة العبارة اللي جمال عبد الناصر داخل السجن الحربي وأنا جانبه الخطاب اللي نشره الرسالة اللي نشرها المصري وأغلق، وقالوا إحنا اتفقنا والبلد هذا
أحمد منصور: أحمد أبو الفتح ذاكرها في كتابه جمال عبد الناصر
فريد عبد الخالق: فهو رجل..
أحمد منصور: لكن أنا أصلا في المرحلة دية..
فريد عبد الخالق: قوي..
أحمد منصور: يا أستاذ..
فريد عبد الخالق: ويستطيع يجابه أي واحد وجها لوجه ويقول لا فأنا مقدرش..
أحمد منصور: أستاذ فريد..
فريد عبد الخالق: أبدا أنا..
أحمد منصور: أستاذ فريد.. أستاذ فريد الشخصية التي تقود تنظيم..
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: الشخصية التي تقود تنظيم أو جماعة أو هيئة سياسية أو حزب إما أن تنجح وتنجو بهؤلاء الناس، وإما إنها تودي بهؤلاء الناس إلى المهالك، حسن الهضيبي شخصية القاضي الذي لم يكن يبادر، القاضي بينتظر القضية تجيله، حسن الهضيبي كان دائما ينتظر الناس أن يأتوا إليه، لم يكن يبادر ويذهب للناس كما كان حسن البنا، وأصحاب الدعوات إذا هتقول لي أصحاب الدعوات، الأنبياء سيرهم كلهم بيذهبوا إلى الناس، الرسول صلى الله عليه وسلم كان بيروح الطائف بيروح هنا بيروح..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: صاحب الدعوة لازم يروح لأي..
أحمد منصور: يذهب إلى الناس..
فريد عبد الخالق: مكان
أحمد منصور: هو الذي يبادر..
فريد عبد الخالق: صحيح
أحمد منصور: هو الذي يذهب..
فريد عبد الخالق: معاك
أحمد منصور: هو الذي يسعى لاستيعاب الناس..
فريد عبد الخالق: معاك
أحمد منصور: هنا مفيش استيعاب، هنا في عجرفة، هنا في استعلاء، هنا في استكبار
(12/146)
فريد عبد الخالق: آه.. والله شوف أما أقول لحضرتك حاجة، أنا لا أستطيع أن أحملك على إنك تترك رأيك..
أحمد منصور: لا أنا مبقولش رأي أنا باقول واقع أهوه بقول محل التصرف
فريد عبد الخالق: ورأيي أي لا.. بس قراءة.. قراءة الأمور ما هيه حتى النص عايز قراءة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قولي قراءتك
فريد عبد الخالق: والقراءة قد نختلف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنا بقولك عشأن تقول لي قراءتك
فريد عبد الخالق: أنا شخصيا باقولك أنا الذي غلب علي في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا بس.. بس متقوليش قراءة بقى سنة 1955 - 1956
فريد عبد الخالق: لا..
أحمد منصور: أنا الآن في سنة 1951
فريد عبد الخالق: أيوه سنة 1951 حيث كانت الأمور كما هي تعلم في آخر مراحل الانحدار بالأوضاع الداخلية داخل البلد، وكل الحكومات شهد الناس كلهم إنهم عجزوا عن إنهم يحلوا مشاكل.. الوطنية والتيار الشعبي الوطني متأجج إلى آخره، فدول الشعب زي ما تقول خلع عنهم ثقته فهوه لو أعطاهم هذا سيُعاب عليه يقولوا أنت ضد إرادة الشعب.. الشعب أسقط اعتبار هؤلاء لأنهم فرطوا في حق الشعب فهوه كان متجاوب مع الشعب وهما أولى من التجاوب مع رئيس الحكومة، لأنه رئيس الحكومة شاف الشعب أصدر رأي عام قبل الأحزاب المتهافتة دية إنها مفرطة في الحق الذي قرره الوطن وإرادته التي أعلن عنها، إنه عايزين كذا وعايزين كذا عشان خاطر الاحتلال ينتهي وتعود لنا استقلالنا ويتم لنا وحدة وادي النيل إلى آخر الأسباب الطويلة، كان متأجج الشعور بكده فموجدش التجاوب من رؤساء الحكومات..
أحمد منصور: حضرتك عشت الأحداث..
فريد عبد الخالق: فأنا أثق فيه إزاي إذا كان رؤساء الأحزاب فرطوا في إرادة الشعب..
أحمد منصور: أنا ما بختلفش معاك أنك تختلف مع الآخرين لكن لا تنظر لهم باستعلاء لا تعتبر نفسك إنت رباني بيجيلك الوحي..
فريد عبد الخالق: لا
(12/147)
أحمد منصور: والآخرين دول ناس ذات أهداف بشرية ونوازع شخصية وهكذا، التخاطب مع الناس بهذه الطريقة يختلف تماما مع جاء به حسن البنا، يختلف تماما مع الإسلام، لأن الإسلام جاء حتى يرشد الناس ويهدي الناس، إذا أنت بتحمل دعوة الإسلام تواضع إلى الناس وانزل إليهم وتحملهم على أوضاعهم، لا أن تنظر لهم بهذا الاستعلاء
فريد عبد الخالق: أنا معك في إني يعني أنا لا أستطيع إن أخالف إن الإسلام مفتوح وإن أنا صاحب الحق أنا اللي أبادر وأنا اللي أسعى للناس وإن ضاقوا بيا
أحمد منصور [مقاطعاً]: كواحد بقرأ تاريخ..
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: بنظر لأحداث قدامي وقائع، بجد فجوة هائلة ما بين حسن البنا كشخص قاد الجماعة وما بين ما آلت إليه الجماعة بعد ذلك، بالذات على يد حسن الهضيبي
فريد عبد الخالق: طب أنا أقول لحضرتك على حاجة تسمح لي أقولك على حاجة يعني
أحمد منصور: اتفضل
فريد عبد الخالق: إذا كنا بصدد تقييم مثلا شخص له بك صلة أنت حتى ووجدت أمور لك عليها فيها مآخذ، وأمور أخرى تستحسنها، أليس من الإنصاف أنك أنت لا تحاكمه فقط بالسلبيات، ولا يعني تجمع ما بين هذا وتصدر حكمك، لأن زي ما بقولك لأن..
أحمد منصور: أصل هذه سلبيات كبيرة على القيادة.. على القائد
فريد عبد الخالق: لا ده تقديرك أو تقدير الشخص..
أحمد منصور: لا مش تقديري هذا
فريد عبد الخالق: هو حر
أحمد منصور: مسار التاريخ
فريد عبد الخالق: لا ده إيه لا ده مش التاريخ ولا التاريخ ده.. دا قراءتك للتاريخ مش التاريخ
أحمد منصور: قراءتي أنا
فريد عبد الخالق: قراءتك أنت ودي قراءات مختلفة وكل واحد ليه أدلته وليه حجته وإحنا لا نختلف
أحمد منصور: ما أنا بقولك جيب لي الحجة في هذا
فريد عبد الخالق: أنا شخصيا أسع رأيك فأنت كمان تسع رأيي أنا بأقول لحضرتك أنا
(12/148)
أحمد منصور: أنا بأقول مثل هذه التصرفات هي التي جعلت فجوة بين الإخوان، وبين ما يحدث حولهم جعلت المرشد قاعد معزول لا يعايش الواقع ولا يتعامل معاه ولا يحاول أن يغيره ولكن ينتظر الواقع أن يأتي له ثم هوه يصدر حكمه عليه إحنا أصلا أمام قاضي مش أمام قائد جماعة ولا تنظيم
فريد عبد الخالق: هو عمل في المجال باستيعاب لكل فكر الإخوان وهضم ما قاله حسن البنا كأستاذ للدعوة، واستشهد به في المواقف المهمة زي ما الإخوان ما كانوا قالوا إحنا جاء قانون الأحزاب بعد كده وهم قالوا أيوه نسجل نفسنا، هو قال لهم لا حسن البنا قال لكم إن إحنا محناش حزب سياسي إحنا كذا وكذا يعني هو رجل بيستشهد، درس الفقه بتاع الإسلام وبيشتغل بيه، فهو ليه وجهة نظره وليه دراسة وليه حجيته، فأنا مثلا عايز أقول لحضرتك حاجة إن كل إنسان يخطئ ويصيب فحتى لو عاب تصرف ما هذا الرجل، ليس من الإنصاف أن يتخذ حجة عليه فنسقط اعتباره ونقول ده هو سبب الخراب هوه لا يصلح لا لأن بنشوف مواقف أخرى أنا قلت لك أنا شفت مواقف أخري له على الواقع والطبيعة، شهدت له عندي وعند من كان في موقعي إن الرجل شامخ بدعوته مُصر على كتاب الله إنه لا يشتري ثمنا قليلا في البتاع دية، شفته يعني مش عايز أنا أسبق فأنت تقولي لا..
أحمد منصور: أنا معاك في 1951 - 1952
فريد عبد الخالق: لا أنا عايز أقول يعني لعل من الإنصاف الذي يرضي الله ويرضي برضه اللي يعني الاتزان أو النظرة المتكاملة أن إحنا عندما نكون بصدد حكم على شخص، نشوف سلبياته ونشوف إيجابياته ولا ننحصر فقط في الإيجابيات فنعبده ولا في السلبيات فنسقطه، إنما نكون أهل نظر ونشوف ده ونشوف ده لا ونشوف..
أحمد منصور: ما هو أنتم كإخوان بتركزوا على الإيجابيات بس
فريد عبد الخالق: لا إحنا
أحمد منصور: وبتخلوا الشخص كأنه مُنزل ومُوحى إليه
فريد عبد الخالق: لا معندناش
(12/149)
أحمد منصور: والسلبيات لا تتدارسونها ولا تقفون عندها ولا تنظرون عن أخطاؤهم أصلا
فريد عبد الخالق: لا.. لا إحنا بنتدارك السلبيات وعلى رأس الذي ينقض نفسه ويتدراك السلبيات، حسن البنا رمز الدعوة هو اللي وقف كده، وقال ليسوا إخوان وشهد على نفسه لا دي أنا سبق وقلت شجاعة منقطعة النظير، أنا عمري ما شفت زعيم لجماعة ناجحة ومدت خيوطها في كل العالم ويقدر يشهد على نفسه بالخطأ، قال إن اللي عامل النظام الخاص ده والاغتيالات دية خطأ.
أحمد منصور: في 31 ديسمبر 1951 أجريت انتخابات نادي الضباط الجيش وفاز اللواء محمد نجيب رئيسا للنادي وفاز المرشحون المناوؤون للملك، في 25 يناير 1952 هاجمت القوات البريطانية قوى من البوليس المصرية في الإسماعيلية و26 يناير قامت مظاهرات في القاهرة ووقع حريق القاهرة، وهنا صلة قوية بدأت بين جمال عبد الناصر وبين الإخوان ابتداء من هذا الحادث وتوطدت العلاقة بين الإخوان وبين الضباط الأحرار ، في الحلقة القادمة نبدأ من العلاقة بين الإخوان والضباط الأحرار وثورة يوليو. أشكرك شكرا جزيل،ا أرهقتك اليوم.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/150)
الحلقة9(12/151)
الثلاثاء 12/12/1424هـ الموافق 3/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 15:23(مكة المكرمة), 12:23(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
1/2/2004
- عبد الناصر وحريق القاهرة
- علاقة عبد الناصر بالإخوان المسلمين
- حقيقة ما كان يدور بين عبد الناصر والإخوان
- أوجه الاتفاق وبداية الصدام
- جلسات الترتيب لقيام الثورة
- الإخوان والثورة
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق أحد مرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً .
عبد الناصر وحريق القاهرة
أحمد منصور: في 26 يناير عام 1952 عمت مظاهرات في القاهرة احتجاجا على ما وقع في الإسماعيلية في 25 يناير من قيام القوات البريطانية بالهجوم على قوات الشرطة وقتل العديد من رجال الشرطة المصريين واندلع حريق القاهرة الذي أتى على مصر بما هي معروفة به من محلات عريقة ومن شوارع ومن غيرها، أقال الملك حكومة الوفد في 27 يناير التي كانت قد فازت في الانتخابات في منتصف يناير 1950 أقالها في 27 يناير 1951 وعين علي ماهر رئيس للوزراء واستمر علي ماهر لمدة 35 يوما وتحدثنا عن لقاؤه مع الهضيبي، يعني هناك علامات استفهام كثيرة تدور حول حريق القاهرة لا سيما وأن حسن العشماوي في مذكراته وهو أحد قيادات الإخوان صلاح شادي في مذكراته وهو أحد قيادات الإخوان تحدث عن علاقة بشكل ما لـ جمال عبد الناصر فيما حدث.
فريد عبد الخالق: أينعم، حضرتك عايز رأيي أو ماذا أعلم؟
أحمد منصور: نعم.
(12/152)
فريد عبد الخالق: حريق القاهرة كحدث غير مسبوق وحدث يعني غير عادي داخل في المخطط اللي كان بيحكم المنطقة آنذاك فهو لا يُعَالج بنظرة أحادية أو جزئية إزاي أساسا كان في تيار وطني شديد جدا ضد القنال دي حقيقة، الحقيقة دي أثرت على الوزارات وسقوطها وأثرت على المواقف وأثرت كلها وهي اللي كانت السبب إزاي لما استحكمت القوى دي والإنجليز حاولوا إنهم يضعوا حد للمقاومة لأن مستقبلهم ومستقبل العلاقات والمعاهدة وكل حاجة مربوط ومنوط بأن القوى الشعبية دي تُكبَح جماحها إنما لا يمكن مع القوى دية وكده وجود المقاومة الحادة الشديدة المتنامية وهو يقر له قرار دي قاعدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: المقاومة هذه كان فيها قوى مختلفة، كان بتدعمها حكومة الوفد وكان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية آنذاك كان يدعم المقاومة ضد الاحتلال البريطاني في منطقة السويس والإخوان كان ليهم دور في هذا وكذلك كافة الأحزاب والقوى الوطنية والأخرى.
فريد عبد الخالق: وعلي ماهر أحد الذين يدعمون كان في فعلا العناصر الوطنية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا سبب إقالة علي ماهر بعد 35 يوما.
فريد عبد الخالق: أينعم هي دي المسألة ما أنا عشان كده بقول لحضرتك أن دي المشكلة الأساسية اللي نشأ عنها تداعيات كثيرة لا تُفسر إلا بها.
أحمد منصور: لكن هنا في نقطة مهمة حسن العشماوي في مذكراته وصلاح شادي صهرك في مذكراته صلاح شادي كان مسؤول الوحدات في الإخوان المسلمين ذكر إن جمال عبد الناصر جاءه في يوم حريق القاهرة وهو مضطرب للغاية وطلب منه أن يتم نقل صناديق مليئة بالـ (TNT) ومتفجرات وغيرها من الأشياء إلى مكان آمن، المكان الآمن اللي اختاروه، هو جراج حسن العشماوي..
فريد عبد الخالق: دي عزبة..
أحمد منصور: لا اختاروه الأول جراج بيته وبعد ذلك حسن العشماوي نقل هذا إلى عزبة محمد باشا العشماوي.
فريد عبد الخالق: أبوه.
(12/153)
أحمد منصور: أبوه ودفنت بعد ذلك بمعرفة جمال عبد الناصر..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: بمعرفة جمال..
أحمد منصور [متابعاً]: وهذه التي استخدمت ضد الإخوان في سنة 1954 لكن أنا الآن في هذه الرواية يستشفون منها ومعهم أحمد أبو الفتح في كتابه جمال عبد الناصر إلى إن هناك علاقة لجمال عبد الناصر بحريق القاهرة واستدلوا على الخطاب اللي ألقاه عبد الناصر سنة 1960 في افتتاح مجلس الأمة حينما قال، لقد كان حريق القاهرة أول بادرة للثورة الاجتماعية على الأوضاع الفاسدة وحريق القاهرة هو تعبير شعبي عن سخط الشعب المصري على ما كانت ترزح فيه مصر من إقطاع واحتكار واستبداد رأس المال.
فريد عبد الخالق: والله الحقيقة أنا شخصيا وقفت قدام الحتة دي ووقف كل المؤرخين والسؤال لازال قائم والقضية يعني للآن هي يعني قضية للآن بتاعة الحريق هي لا تظل لغز تاريخي، للآن لم يهتد الناس بعد إلى رأي موثق نهائي فيها.
أحمد منصور: لكن المؤرخين وقفوا عندما ذكروا حسن العشماوي وعندما ذكروا أحمد أبو الفتح وعندما ذكروا صلاح شادي وقالوا أن هذا ليس دليلا على تورط عبد الناصر في الموضوع.
فريد عبد الخالق: أنا شخصياً بقول يمكن في فرق واحد بيستغل ويوظف الحدث وبين ينشئه، إنشاء الحدث شيء وتوظيفه شيء آخر جمال وظفه ده بيجوز يقيني يعني إنما أد إيه هل ضالع هل ليه دور الله أعلم مفيش دلائل قط، حتى ناس قالوا إن يوم حريق القاهرة شفناه في الأوبرا ودخل جوه المحلات واشترى أسلحة وبتاع وحاجات من دي كأنه كان متواجد يعني في يوم حريق القاهرة شافوه بعنيهم إنما ده مش كفاية برده.
أحمد منصور: صلاح شادي لم يرو لك شيئا مشافهة؟
فريد عبد الخالق: لا والله هو اللي كتبه في كتابه فقط.
علاقة عبد الناصر بالإخوان المسلمين
أحمد منصور: باعتبار أنت أحد الذين كُلفوا من الإخوان وكان لك علاقات قوية بجمال عبد الناصر كيف بدأت علاقات جمال عبد الناصر بالإخوان المسلمين.
(12/154)
فريد عبد الخالق: دي علاقات عريقة وهي كمان تختلف عراقتها بالنسبة لي وبالنسبة للإخوان والضباط الأحرار يعني حسين الشافعي غير ده وغير ده كلهم دخلوا بس واحد يمكن واحد سنة 1941 منهم من 1941 التحق بالإخوان ويعني واتصل بيهم وبايع المرشد وبايع حتى السندي واشتغل معنا، ده في أوقات مختلفة قديمة انتظمت الضباط علاقات موثقة بالإخوان وبعضهم مارس عمليا كما مارس جمال عبد الناصر عمليا تدريب الإخوان ودي نقطة حساسة في التعبئة ضد الحرب في فلسطين، فهم لهم دور سواء على مستوى تَقبُل أو على مستوى المبايعة.
أحمد منصور: أنت عرفت جمال عبد الناصر أول مرة متى؟
فريد عبد الخالق: والله أنا عرفته الحقيقة بطريقة ضمنية مش طريقة مباشرة.
أحمد منصور: إزاي؟
فريد عبد الخالق: إزاي، هو كان سبق الاتصال مع حسن عشماوي وكان مكتب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو أتعرف على حسن العشماوي كما ذكر حسن العشماوي في مذكراته عن طريق صلاح شادي في سنة 1951 أنت أتعرفت عليه قبل 1951 ولا أول مرة تعرف 1951؟
فريد عبد الخالق: لا أنا أتعرفت في الفترة اللي أتعرف بها حسن أنا أتعرفت فيها ليه أصلها جت يعني طبيعية لأن كان اجتماعه لقاء جمال الآمن في مكتب محمد العشماوي، محمد العشماوي بالنسبة لي في علاقة كبيرة وصلة، فأنا كنت بروح معاهم فاللقاء ده في المكتب عرفني بيه فلما أتعرفنا وصارت، يعني تكررت اللقاءات وبصور مختلفة بدأت توجد نوع من التفاهم ونوع من الثقة فينا لدرجة إن أنا أخذت عنده يعني من الثقة بحيث أن أنا أحد اللذين عرفوا بساعة الصفر قبليها بأيام.
أحمد منصور: ثورة يوليو، يعني كنت على معرفة بتاريخ اندلاع الثورة؟
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: قبلها بأيام.
فريد عبد الخالق: قبلها بأيام كمان مش يوميها.
(12/155)
أحمد منصور: طيب أنا الآن سآتي لك تفصيلا إلى هذا لأن محاضر الاجتماعات اللي دونها حسن العشماوي فيها اسمك كمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة ذكر أنه اجتمع بك أنت مع عبد الناصر قبيل الثورة بيوم واحد أنا الآن قبيل هذه الأحداث عبد المنعم عبد الرؤوف أحد ضباط الإخوان وأحد مؤسسي تنظيم الضباط في الإخوان..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: صحيح وأبو المكارم..
أحمد منصور [متابعاً]: لا أنا بتكلم على مذكرات الناس عبد المنعم عبد الرؤوف في مذكراته أرغمت فاروق على التنازل عن العرش يقول إنه تعرف على وخالد محي الدين في مذكراته وأيضا..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: كمال حسين يمكن.
(12/156)
أحمد منصور [متابعاً]: كمال الدين حسين فيما ذكره عبد اللطيف البغدادي كلهم رجعت إلى مذكراتهم، صلاح شادي في مذكراته يقولون إن خالد محي الدين يقول إنه تعرف على جمال عبد الناصر سنة 1944 عن طريق ضابط من الإخوان هو عبد المنعم عبد الرؤوف يعني عبد المنعم عبد الرؤوف هو الذي عرّف خالد محي الدين على جمال عبد الناصر في سنة 1944، صلاح شادي في مذكراته بيقول إن الإخوان بدؤوا نشاطهم في الجيش سنة 1933 لكن أول نشاط بدؤوه سنة 1944وكانوا سموا التنظيم تنظيم الجنود الأحرار، هناك ضابط من الضباط الأحرار اسمه حسين حمودة، لكن كتب كتاب سماه أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمين وقال إن هناك سبع ضباط شكلوا أول خلية لتنظيم الضباط داخل الجيش في سنة 1946 وعبد المنعم عبد الرؤوف أكد على نفس هذه الرواية وكذلك وجدت خالد محي الدين أكد على نفس الرواية وتقريبا كل من كتب منهم، هؤلاء بايعوا على المصحف والمسدس في غرفة مظلمة، النقيب عبد المنعم عبد الرؤوف من الكتيبة الثالثة مشاه، النقيب جمال عبد الناصر الكتيبة الثالثة مشاه، الملازم أول كمال الدين حسين، الملازم أول سعد حسن توفيق، الملازم أول خالد محي الدين، الملازم أول حسين حمودة، الملازم أول صلاح الدين خليفة، هذا يبين العلاقة المبكرة لجمال عبد الناصر بالإخوان المسلمين، اللي بدأت سنة 1944 –1946 لكن أنت تعرفت على جمال عبد الناصر في سنة 1951...
فريد عبد الخالق: أينعم.
(12/157)
أحمد منصور: خالد محي الدين بيقول في مذكراته إن علاقته هو وجمال عبد الناصر بالإخوان المسلمين أصبحت علاقة باهتة سنة 1947 وتكاد تُجمِع المصادر بما فيها عبد المنعم عبد الرؤوف وغيره إن هؤلاء هم دربوا الشباب الإخوان كانوا بيدربوهم على القتال في أحد ضواحي القاهرة على حرب سنة 1948، يقال إن كان هناك تنظيم أسسه حسن البنا في الجيش بيقوده الصاغ محمود لبيب ومحمود لبيب كان القائد الحقيقي لهذا التنظيم وفي سنة 1949 كما ذكر حسين حمودة في مذكراته كان هو بيزور محمود لبيب اللي توفي في يناير 1951 هو وحسين حمودة محمود لبيب كان وكيل جماعة الإخوان وكان نائب المرشد وكان على وشك الموت فقال لحسين حمودة وعبد الناصر سأعطيكم تفصيلات بكافة أسماء الضباط..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: صحيح ووصلت لجمال عبد الناصر.
أحمد منصور [متابعاً]: كافة أسماء الضباط اللي موجودين في الجيش أخذ عبد الناصر هذه القائمة وأسس منها تنظيم الضباط الأحرار وفق رواية حسين حمودة.
فريد عبد الخالق: صحيحة، صحيح الكلام ده.
أحمد منصور: معلوماتك إيه؟
فريد عبد الخالق: صحيح الكلام ده وهو يعني كمان يعني إضافة بسيطة أوي هو في أثناء المشوار ما بين البدايات المبكرة دية مع الاقتراب من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على فكرة السادات برده قايل نفس الكلام في كتاب البحث عن الذات أو قريب منه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: السادات كان بيقول إن هو صاحب التنظيم وهو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قال إنه أسس 1942-1944 التنظيم.
فريد عبد الخالق: المهم إن هو الفكرة إنه لما اقترب موعد الثورة حصل تغيير في طريقة التفكير وانبنت عليها مواقف تعرف إيه هي؟
أحمد منصور: ما هي؟
(12/158)
فريد عبد الخالق: هو بدأ يفكر إنه هو لو دخل مع الإخوان أو جاب اللي هيتصلوا بالإخوان داخل الجيش معاه ولهم ولاء بالإخوان ده لازم يُغيَر ويجب يكون الولاء غير متعدد وملوش دعوة بأي تيار خارجي ويرتبط الولاء به شخصيا.
أحمد منصور: وهذا ما دفع عبد المنعم عبد الرؤوف إلى أن يخرج من التنظيم سنة 1951 بعدما أصر عبد المنعم عبد الرؤوف على ضرورة علاقة التنظيم بالإخوان ولكن عبد الناصر رفض.
فريد عبد الخالق: آه فهو عبد الناصر يعني كان فلسفته ورؤيته والتكتيك اللي اتبعه عشان تنفيذ العملية إن كل المجموعة من الضباط تتحرر من الاتصال بولاء لغيره وكان بيبرر ده عند الإخوان لما شاف التحرك ده قال أصل لو كانواه هم حيبقوا إخوان مسلمين أو كذا الأمور هتبقى مش محكومة فهيحصل اضطراب مينفعش مركب من غير قائد فأنا اللي مسؤول ولازم يكون ولاء معايا أنا فالحقيقة إن الحتة دية كانت نقلة كبيرة أنا شخصيا بربطها بعد كده بإن هو يعني حرصه على إن لا يكون هناك ولاء بين الضباط اللي في الجيش بغيره دي فكرة متأصلة فيه وتكتيك ثابت فيه وهو ده اللي بعد كده قبل الحركة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وذكاء عنده.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: ذكاء.
فريد عبد الخالق: ذكاء أنا بعتبره والله.
أحمد منصور: طبعا لأن هو نجح في استغلال الإخوان وفي استغلال كل التيارات السياسية الموجودة لتحقيق ما كان يهدف إليه.
فريد عبد الخالق: أينعم بس بقول لك أنا باعتباري محتك بيه ده أكبر منه لذلك أنا المَشُورة بتاعة المخابرات اللي هي معروف في العالم كله تتمتع بصلاحيات خطيرة وأثرت في مجريات الأمور في العالم كله ولها أعوان في كل حتة وبتسبق الحوادث مش تستنى الحوادث بتسبقها هم وهم كانوا بيقولوا عن طريق روزفلت وعن طريق كوبلن في كتابه إن إحنا وجدناهم يعني محتاجين لمن يعلمهم ومن يقول لهم يعملوا إيه.
أحمد منصور: أنت هنا عايز تستند إلى كلمة روزفلت؟
(12/159)
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: الذي بقى في مصر قبيل الثورة ثلاثة أشهر الذي طلع إنه كان على علاقة..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: لا وكانوا قاعدين وكان وموجود في الأول.
أحمد منصور [متابعاً]:وده اللي ذكره مايلز كوبلن في كتابه.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: بس يعني هذه الأشياء يعني لم تثبت إلى الآن؟
فريد عبد الخالق: والله تحقيق دكتور محمد الصادق تحقيق لأنه راجل يعني على علم ومتخصص مجابش روايات كده يعني.
أحمد منصور: إذا كان جمال عبد الناصر فعل هذا فهو نجح في استغلال الإخوان المسلمين بكل طاقتها.
فريد عبد الخالق: باستغلال وغير الإخوان وأتاريه كان فاتح خطوط مع الجميع مع الشيوعيين ومع الوفديين وأوهم كل واحد إن المصلحة وإن الرباط الوحيد والتأييد الوحيد والاعتماد الوحيد على العلاقة الخاصة دية فهو فعلا بس أنا بقول إن الفكرة دي فكرة شيطانية دي الفكرة دية يعني في واحد يدير يعني زي ما تقول حركة انقلاب وفي خوف الملك أو النظام يمسكه فهيدبحه يعني ماهواش قاعد على طرابيزة بيلعب دا داخل في ميدان أي كشف لورقه فيه معناه الموت والنهاية يعني مش أنا شايف إن التخطيط ده تخطيط محكم أوي ومرسوم بعناية وعنده زي ما تقول سيناريوهات كتيرة يعني راسم سيناريوهات متعددة، بحيث...
أحمد منصور [مقاطعاً]: حينما يعني لو جيت أقف عند روايات الإخوان في مذكراتهم كتير منهم كتبوا مذكرات، في هذه الأثناء عبد الناصر حينما عاد إلى الإخوان بعد ما أخذ من محمود لبيب القوائم بالضباط يقال إن عبد الناصر في علاقته مع حسن البنا، حسن البنا قال له إنه سيعطيه خصوصية للتنظيم بحيث إنه يدخل فيه كل الضباط على اعتبار إن التنظيم الخاص للإخوان المسلمين وجماعة الإخوان بتشترط شروط أخلاقية عالية فيمن ينتمي إليها ودي لم تكن متوفرة عند الضباط فبالتالي أعطاه خصوصية أن تكون هناك حركة للضباط تشمل الضباط..
(12/160)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: هو قال كده، قال كده هتضيقوا واسع أنا عايز أكبر عدد ما أأنتوا لما تقولوا عايزين واحد فيه مواصفات معينة وبتاع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حسن البنا قال كده؟
فريد عبد الخالق: لا ده جمال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبد الناصر أيوه.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: حسن البنا لما جمال أتقابل معاه وحصل المعروف قال له أنا هعهد إليك وجابوا الصاغ محمود لبيب قال ده وكيل الجماعة وراجل عسكري وراجل ليه كذا وسوابقه التاريخية معروفة فهو صلتك بيه هو، مين بقه اللي كسب؟ شوف بقى هو كسب محمود لبيب ده لدرجة لا تتصورها ومحمود لبيب تفهم وتقبل وجهة نظره في إن هو يبقى الولاء ليه وبعيد عن الإخوان يقولك كده هتبقى هتجر مسائل وهتضيق واسع وإحنا مش عايزين يوجد أي ولاء خاص فمحمود لبيب اقتنع بالكلام ده لدرجة إن هو اعتبر جمال الشخص فعلا المؤهل للزعامة كسب ثقته.
أحمد منصور: صلاح شادي في مذكراته في الفصل الذي تحدث فيه عن دور الإخوان في ثورة 23 يوليو أو في حركة 23 يوليو كما سماها في صفحة 169 يقول بعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952 نشطت لقاءات عبد الناصر بينها وكان يحضرها عادة المرحوم حسن العشماوي والأستاذ صالح أبو رقية والأستاذ فريد عبد الخالق أحيانا..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: أحيانا..
حقيقة ما كان يدور بين عبد الناصر والإخوان
أحمد منصور [متابعاً]: بما أن الجميع توفاهم الله وأنت الوحيد الموجود على قيد الحياة من المجموعة هذه، ما الذي كان يدور بينكم وبين جمال عبد الناصر؟
(12/161)
فريد عبد الخالق: القدر المشترك اللي كان مباح وأنا معرفش إحنا بنسمع من ناس فنتلقى ما تقوله الألسن أما ما تكنه الضمائر ده لا يعلمه إلا الله هو كان فعلا معانا مية المية على أساس إن الإصلاح لازم يكون إصلاح أخلاقي يعني إصلاح ديني أساسه وإن إحنا لا حواجز بيننا وإن الحركة هي بتعبر عن حركة الإخوان حتى ولو أنا نزعت عنها الواجهة الإسلامية لأسباب هو بررها بها ولاقت حتى قبول عند البعض ومنهم محمود لبيب، فكان الكلام ماشي على كيف وإزاي الإخوان يكون دورهم لحماية الثورة، في جزء كان مستخبي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من البداية كان هناك حديث عن ثورة أو انقلاب؟
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: من أول ما جلست أنت كان هناك حديث عن ثورة أو انقلاب؟
فريد عبد الخالق: آه لما جت الانتخابات حركة الانتخابات في الجيش هي وظيفة هذه الانتخابات، هي الأمور بدأت على فكرة تتصعد وتتحدد أكتر بحكم الواقع يعني الواقع كان ليه دور في صياغة الأمور مش فقط الرؤية اللي يعني الرؤية اللي هي مسبقة الوحيدة.
أحمد منصور: اللي هي انتخابات الضباط اللي كانت في ديسمبر 1951.
فريد عبد الخالق: أيوه وجاء محمد نجيب أخذ كذا فهو ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: 31/12 /1951.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: فهو بقى دلوقتي بَرضُه حتى يصل إلى طلع إن صاحب الغرض الواضح والسياسة المحددة اللي عارف هدفه تمام وراسمه كما ظهر في الآخر وكما ظهر في لقاءاته مع الأميركان وغير الأميركان وفي العناصر الداخلية إن هو راسم على أساس يستخدم الجيش في انقلاب وإن هو يستولي على الحكم عن طريقه وإن هو يبقى صاحب السلطة الوحيد وإنه لا يسمح بغيره.
أحمد منصور: إنسان ذكي.
فريد عبد الخالق: إنسان ذكي أو يعني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش أو..
(12/162)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بقول لك أنا هي الأمور كون يعني الخداع وارد يعني وربنا أمنَّا منه يعني حتى بيقول في الصلح لما أقول يعني إذا دعوكم للصلح أقبلوا وإن يريدوا أن يخدعوك ماتسبهمش فإن الله يعني يكفيك.
أحمد منصور: فإن حزبك الله، أنا هنا في يعني عشان متدخليش الأمور في بعضيها هل كان منهج الانقلابات العسكرية والثورات هو منهج إخواني؟
فريد عبد الخالق: لا..
أحمد منصور: أمال ليه شاركتوا الضباط ودعمتموهم ووقفتوا مع عبد الناصر فيها؟
فريد عبد الخالق: هو أصل الفكرة مكانش زي ما كان بيقول،أصل الفكرة كان حركة الجيش للتطهير أصل هي بدأت بدايات غريبة هي الجيش والأسلحة الفاسدة ومش عارف وضياعنا وسقوط والحرب 1948 وخسرناها في فلسطين خلت الجيش ليه كيان وليه يعني منطلقاته فكانت الحكاية بدأت فعلا بتطهير الجيش وإذا نجح في إن إحنا يطهروا الجيش هيسلموا كل الأمور إلى المدنيين فأصبح مافيش ثورة عسكرية الحقيقة هي كده هو اللي دورها من وراء ظهورنا كلنا وحولها بعد ما وصل إلى اللي عايزه، تخلص منها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خليني الآن أنا..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وتخلص من محمد نجيب وتخلص من كل العناصر وانفرد بالسلطة.
أحمد منصور: أنتو السبب أنتو بتتحملوا كإخوان إذا كان هناك مساوئ فأنتم كإخوان إذا كان هناك مساوئ تتحملوا المسؤولية الكبرى فيها لأنكم أنتم الذين جئتم بالعسكر على حساب وأنهيتم النظام الديمقراطي وأنتم الذين دعمتم الجيش ليستولي على السلطة.
فريد عبد الخالق: لأ إحنا لم نأت بهم أصل كان في أكثر من تنظيم جوا الجيش الأمر الواقع كان هناك جملة تنظيمات داخل الجيش منها الإخوان المسلمين ومنها اللي سموا الضباط الأحرار دول في سنة 1948 الحزب ده جه أخيرا إنما كان فيه حركات.
أحمد منصور: لكن حسين حمودة بيقول إن عبد الناصر أسس تنظيم الضباط الأحرار من ضباط الإخوان المسلمين الذين كانوا داخل الجيش ومن غيرهم.
(12/163)
فريد عبد الخالق: أينعم هو عمل كده وهمّا لما جت الحركة يعني لو حسبتها بالأعداد وفرزت الأنواع أغلبية اللي كانوا المِيت واحد دول اللي كانوا بيـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 99..
فريد عبد الخالق: قول 99- 100 دول باعتراف جمال أكثرهم إخوان فعلا.
أحمد منصور: يا أستاذ فريد إحنا الآن بنتكلم.
فريد عبد الخالق: أنت عايز تاخد رأيي أنا إن في مسؤولية بس مسؤولية لأن مسؤولية مثلا إيه، إحنا فعلا وده تصريحا وممارسة من حسن البنا وغيره إنه أعلن بصراحة لا تقبل الشك إن منهج الثورة ليس من أساليبنا لأنها عادة بتؤدي إلى مضار.
أحمد منصور: يعني إنتوا كده انحرفتوا عن منهج حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: والله أصل إحنا معملناش انقلاب، بس إحنا الانقلاب فرض علينا.
أحمد منصور: دعمتم العسكر دعمتم الانقلاب وظللتم إلى جوار عبد الناصر سنتين تدعموه إلى أن أكلكم في النهاية.
فريد عبد الخالق: هو أصل يعني الحتة دي كمان كويس في حاجة مهمة، الاتفاق اللي تم سواء كان بقه كان الاتفاق مخدناش يعني حظه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي اتفاق، الاتفاق أنتو بتقولوه بس.
فريد عبد الخالق: هو قال الاتفاق اللي حصل صراحة وأقره وكل الموجودين مع عبد الناصر وأقروا بيه وذكرته إن إحنا قلنا حركة نوصل بها إلى إن يوجد قيادة للجيش زي محمد نجيب ونقود الجيش ونطهر الجيش ونسلم الأوضاع بتاعت البلد للمدنيين ده كان الاتفاق فعلا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أنت حضرت الاجتماع الذي قال فيه عبد الناصر للإخوان وكان صلاح شادي يجلس قال له نحن نعرف أن موقف الأميركان سيكون مساند للحركة فقال له صلاح شادي ونحن نعرف أن موقف البريطانيين أيضا سيكون مساند فأهتز عبد الناصر كما قال صلاح شادي في مذكراته وقال من أين للإخوان بعلاقات بالبريطانيين، حضرت هذا الاجتماع؟
فريد عبد الخالق: لا أنا محضرتوش.
(12/164)
أحمد منصور: هو صلاح شادي بيقول أن الإخوان كانوا بعلاقة بالمستشار محمد سالم وهو كان على علاقة بالبريطانيين وأنه كان يتبادل المعلومات مع الإخوان ويُبلغ بها البريطانيين وينقل معلومات من البريطانيين للإخوان.
فريد عبد الخالق: يجوز مش بعيد هذا لأنه كان له دور في المعاهدة والاتصال بالإخوان.
أحمد منصور [مقاطعاً]: المستشار محمد سالم؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: كان ليه دور إنما المهم اللي حصل فعلا أن يعني سميه أن إحنا خدعنا سميه يعني زي ما تسميه حتى لو...
أحمد منصور [مقاطعاً]: خدعتوا إيه تاريخ البلد كله أتغير..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: معلش، لا بس أحب أقول حاجة عشان خاطر بس الأمور تبقى موضوعة في مواضعها يوم ما حصل اتفاق وبناء عليه خذ تأييد مكانش انقلاب عسكري يحكم البلد كان قال أن حركة الجيش اللي نجحت في الانتخابات ممكن أنها تِخلص من سلطان الملك اللي كان بينافس إلى أن إحنا نخلي الجيش يطهر نفسه عشان مأساة 1948 متكررش وعشان كذا وان إحنا هنسلم البلد من الحكم للجيش إلى الحكم المدنيين قال كده ولذلك ده شرط.
أحمد منصور: ده كلام أنتو بتقولوه لكن لا دليل عليه.
فريد عبد الخالق: لا دا حقيقة ده هو اعترف بها وثابت في أكثر من كتاب.
أحمد منصور: اعترف بها فين؟
فريد عبد الخالق: اعترف بها في مذكرات موجودة لا أذكر لمن.
أحمد منصور: لا ده أنا أقولك بقى انه هو أنكرها يوم 27 يوليو في المحاضر التي دونها حسن العشماوي، حسن العشماوي دون في كتاب مستقل عشر محاضر بين الإخوان وبين ضباط الثورة وجمال عبد الناصر وأنت حضرت بعض هذه الاجتماعات واسمك مكتوب فيها والكلام اللي أنت قولته، شفت الكتاب ده؟
فريد عبد الخالق: لا هو يعني..
(12/165)
أحمد منصور [مقاطعاً]: الكتاب ده دار الفتح في بيروت نشراه وأنا عندي واطلعت عليها بالكامل وقرأت أنت حضرت ثلاث اجتماعات من هذه الاجتماعات العشرة واسمك مدون فيها وكلها كانت مع جمال عبد الناصر وحسن العشماوي كان هو الشخص الرئيسي فيها، يقول حسن العشماوي إنه في 27 يوليو اجتمع مرشد الإخوان حسن الهضيبي مع جمال عبد الناصر..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: في بيت صلاح أبو رقيق.
أحمد منصور [متابعاً]: في بيت صلاح أبو رقيق وفي هذا الاجتماع ده 27 يوليو 1952 يعني بعد الثورة بأربع أيام بس.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أوجه الاتفاق وبداية الصدام
أحمد منصور: كان الملك ثاني يوم الملك قبلها بيوم فقط خرج من مصر، المرشد تكلم بنفس الطريقة المتعجرفة التي يتحدث بها مع الآخرين حتى أن جمال عبد الناصر غضب وقال لحسن العشماوي يتكلم معي وكأني طفل لا يحترمني إن أنا ضابط وغيرها ولكن المرشد قال له ماذا بشأن الأشياء التي اتفقت فيها مع الإخوان قال له لم اتفق مع أحد على شيء..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: شوف هو العموم حتى..
أحمد منصور [متابعاً]: ونظر للعشماوي وعبد الناصر قال أحدكما كاذب.
فريد عبد الخالق: هو قال لحسن العشماوي أهذا هو الذي اتفقتم عليه طلع لا حسن العشماوي حتى هاجمه قال لا إحنا متفقناش على كده طلع جمال بكلام يعني غير مقبول حتى منطقا قال إحنا متفقناش على أن إحنا نتفق وليس كل قرار في مجلس الثورة اعرضوا عليكم قبل ما أنزله وإلا أنت تبقى وصاية وأنا لا أقبل الوصاية لآخر الكلام اللي أنت عارفه فدلوقتي هو حصل نقض و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا الكلام بعد الثورة وبعد الحركة بأربع أيام.
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: لماذا لم تنسحبوا كإخوان من دعم جمال عبد الناصر في تلك المرحلة المبكرة إذا كنتم تريدون أن تكونوا برأء في التاريخ كما تقول وظللتم تدعمونه إلى أن حل الإخوان في 1954 وقضى عليكم بعد ذلك؟
(12/166)
فريد عبد الخالق: هو ما تريد بكلمة الدعم هو ما قامت الثورة دعم في إيه هو مش عايز دعم هو دلوقتي مبقاش دعم دلوقتي بقت زي ما تقول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي كان في وضع ضعيف للغاية؟
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لا مكنش فيه دعم خالص انتهى.
أحمد منصور: هو كان جمال عبد الناصر في وضع ضعيف للغاية في ذلك الوقت.
فريد عبد الخالق: لا هو الوقت هو لما أمن من ناحية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هو من رابع يوم قال لكم ما فيش بيني وبينكم اتفاق أي كلام منكم أن في اتفاقات كلام غير صحيح.
فريد عبد الخالق: هو لم يقل هذا الكلام إلا بعد ما تم له الثقة في التأييد الأميركي بصراحة وضمان عدم تحرك القوات العسكرية بتاعت البريطانيين ساعة لما وصل إلى الثقة دية انتهت دور الإخوان بقى دور شكلي مش محتاج لهم هو ولا إحنا نقدر نقدم ولا ناخر أصبحت واقعة وكارثة عامة.
أحمد منصور: لا يا أستاذ فريد خليني أقولك حاجة كمال الدين حسين في كتاب سامي جوهر الصامتون يتكلمون قال إن الثورة قامت فجر 23 يوليو وفي صباح اليوم السابق اللي هو 22 يوليو ذهبت أنا وجمال عبد الناصر إلى لقاء عدد من زعماء الإخوان في منزل كان يقيم به صالح أبو رقيق والمرحوم منير دَله والمرحوم حسن العشماوي وفريد عبد الخالق وعبد القادر حلمي وأبلغناهم بقرب موعد قيام الثورة، أنا عايزك هنا قبل 23 يوليو أنت حضرت الاجتماع ده أنت اسمك موجود وأنت الوحيد ربنا يطيل عمرك الوحيد الحي من بين المجموعة ديه إيه اللي دار بينكم وبين عبد الناصر قبل الثورة بيوم واحد؟
(12/167)
فريد عبد الخالق: لا مفيش حاجة اللي تصورا إنه هيدور أو يجب دار فعلا من قبل اللي هو اتفاق على شروط معينة غير الإصلاح الزراعي وإصلاح الجيش دا وارد إنما الحاجة اللي ركزنا عليها كلها واضطر هو يلف حواليها ويدور وغير سياسته أن العسكر لا يحكمون وقالها ببقه جمال عبد الناصر في مجلس الثورة قال لهم أنا ضد حتى أنا حجيب لك الكلام ده ضد أن العسكر تحكم لان ساعة لم تحكم العسكر ومعهم الجيش والسلاح بيطغوا ويجي الطغيان ويجي ضرر على البلد ولذلك يجب يكون الحكم حكم نيابي وهو ده اللي خلي الرابطة بيني وبينه أن البلد هتحكم بحكم شعبي لنفسه هو بقى حصل إنُه نكس العهد.
أحمد منصور: في تلك الفترة أنت علاقتك توثقت مع جمال عبد الناصر قبل الثورة وقلت إنك أنت كنت تعرف ساعة الصفر تحديدا من جمال عبد الناصر.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: اللي دار بينك وبين جمال عبد الناصر عرفت فيه تاريخ قيام الثورة؟
(12/168)
فريد عبد الخالق: لم أكن أنا احضر ولا اللي هو قال أحيانا الاتفاق اللي زي ما تقول اللي هو نفس قيام الحركة والإجراءات الحركية والجيش وقوات الإخوان في الجيش وقوات القوام من غير إخوان التكتيك في التنفيذ ده أنا مكانش لي لزوم فيه لا أنا منيش عسكري ومليش صالح له إنما كان الفكرة بما يتعلق بالأفكار اللي هتحكم الحاجات ديه كنت أنا حريص وواضح جدا على أن تحرير الحركة من إن في حكم عسكري ديه كان شغلي الشاغل ولذلك أنا يعني هيه ديه اللي أنا بعتبر هيا المبرر الوحيد أمام التاريخ وأمام الناس وأمام الله إن إحنا لما دخلنا مدخلنش على أن انقلاب عسكري يحكم على أن عسكر هينجحوا في إنهم يخلصوا البلد من العملاء والحكام والملك باعتبار دول مصادر فساد ويسلموا البلد لتعمل انتخابات حرة ويجي برلمان حر وتحكم هو دا كان اللي نشهد الله عليه أما هو بطريقة أخرى وصل الأمور مرة بالاعتقال ومرة بالسجن الله، أنت مش فاهم حضرتك أنت يعني هو خد دور طويل عشان خاطر يوصل لكده مش بسهولة يعني الخدعة دية كلفته.
أحمد منصور: يعني الإنسان بيخدع مرة واحدة وللحظة واحدة ويستطيع أن يستدرك مواقفه ولكن إنتوا أنا هاجي معاك تحديدا بالتاريخ وباليوم من 23 يوليو 1952 إلى أن حل الإخوان في يناير 1954 والى أن وقع حادث المنشية بعد ذلك في أكتوبر 1954 ودخول الإخوان في تلفيقات مع عبد الناصر، الفترة هذه وهي فترة خطيرة وحساسة للغاية من 23 يوليو 1952 بعدها عبد الناصر أصدر قانون الإصلاح الزراعي وأنتم دعمتم الإصلاح الزراعي.
فريد عبد الخالق: القانون بتاع الأحزاب.
أحمد منصور: الإصلاح الزراعي.
فريد عبد الخالق: الإصلاح الزراعي.
أحمد منصور: حل الأحزاب دعمتم حل الأحزاب أنتم في الهيئة التأسيسية عرض عليكم قرار حل الأحزاب دعمته أم رفضته؟
فريد عبد الخالق: لا ما حصل في انقسام.
(12/169)
أحمد منصور: أنا هاجيلك تحديدا لكن أنا عايز بس الظروف اللي قبيل ثورة 23 يوليو يفهمها المشاهد معايا، أحمد نجيب الهلالي الذي تولى الحكومة بعد علي ماهر قدم استقالة حكومته في يونيو 1952 يعني كل شهرين حكومة وسقطت وزارته في 30/6/1952 جاءت بعده حكومة حسين سري، حسين سري اللي تولى الحكومة بعد إبراهيم عبد الهادي ورجع الإخوان سنة 1949 رجع مرة أخرى في أول يوليو 1952 واستمر إلى أن سقط في 23 يوليو 1952، من كان يستعمل الآخر، هل الإخوان كانوا يستعلموا الضباط الأحرار أم الضباط الأحرار كانوا يستعلموا الإخوان؟
فريد عبد الخالق: والله هو يعني بدون زي ما تقول تزويق في الكلام ومحاولة يعني تحسين الصورة لأن ده تاريخ يجب الناس تفهمه يعني الإخوان مما يعني أنا شخصيا عرفت أن دية يعني خطأ كواحد عايز يعني يقرأ الدروس ويعتبر مش عيب إن كان التوجه الوجداني والعاطفي خد أكتر من حقه.
أحمد منصور: مع مين؟
فريد عبد الخالق: مع الانقلاب والملك الفاسد وإن اللي هيحصل كذا يعني زي ما تقول الناحية الديمغوغية ديه أو العاطفية ديه خدت اكثر من حيزها وديه غلطة يظهر أن إحنا كان ينبغي إنُه نكون موضوعيين وعقلانيين وحذرين اكثر من المد العاطفي اللي اجتاح البلد، فده الوحيد بصراحة أمام الله وأمام التاريخ الذي وقف ضد التيار لدرجة إن حصل فيه خلاف حسن الهضيبي وقف عارض هذا وقال في درس الثلاثاء وده اللي زعل جمال عبد الناصر وبعد كده قال هذه الحركة ليست حركة إسلامية وإنما ديه حركة إصلاحية إذا كان يراد بها وجه الله وإن مش أكتر من كده تنصل منها وفصل ما بينها وبين الإخوان المسلمين وقال لا دية ضباطها جمال ومن معه لهم توجه آخر.
أحمد منصور: إمتى الكلام ده إمتى؟
فريد عبد الخالق: قال له بعد الثورة بأيام وبلغ هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: جمال عبد الناصر في محضر..
(12/170)
فريد عبد الخالق [متابعاً]: بلغ ده جمال عبد الناصر وبعت لحسن قال له يصح المرشد يقول علينا كده..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هنا..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: وحتى هو كمان مجاش التشريفة الملكية ويهنينا كل الناس جم الوفد وكل الأحزاب إلا هو وهو قال كده بصريح العبارة هذه يا أخوان حركة لا علاقة لها بالشريعة ولا بالإسلام دي حركة بالكثير إصلاحية إذا كان أصحابها لهم نية حسنة.
أحمد منصور: يعني الإخوان بنص كلامك كده اللي بدؤو الصدام مع الثورة إنتم اللي بدأتم الصدام مع الثورة؟
فريد عبد الخالق: لا ديه الحقيقة بقى ما هي الأمور تعرت بقى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما حقيقة بقى يعني فيه صدام.
فريد عبد الخالق: لا ما هو حضرتك بتقولي ليه موقفتوش موقف فأنا أم آجي أقولك وقفنا موقف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: استنى بقى عليا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا لا ما أنا بقولك أهوه.
فريد عبد الخالق: ما أنت بتقولي ليه من الأول لما عرفت هذا التوجه ما أنكرتوش فلما أجي أقولك أن إحنا أنكرناه تقولي لا ده أنا بقول بردد كلامك.
أحمد منصور: لا أنا مش بقولك لأ ولكن أنا أمامي معطيات أخرى من مذكرات الإخوان في السابق.
فريد عبد الخالق: هو كمان برضه أضيف حاجة إن هُمّا نجحوا فعلا وأصبح أمر واقع فعلا وأصبحت البلد عاطفيا وحتى في مد من خارج الشعب بتاع مصر بدأت يعني الشعوب العربية المتطلعة للحرية وإنهاء أنظمة الحكم، يعني بدأت الثورة تأخد دور خارج عن إرادتنا إحنا وبقت هي أمر واقع فإحنا دورنا انتهى في أن إحنا أعلنا أن إحنا لسنا معها وان هم لهم توجه خاص غير التوجه اللي هو الإصلاح المدني فإحنا عملنا قدام الشعب الحقيقة أعلنها أم أن هم أمر واقع واصبح جيش قائم وفعلا مارس سلطته ضدنا الله هي 1954 اللي حصلت دية ما هيا كان إسكات أي صوت معارض لهم.
(12/171)
أحمد منصور: يا أستاذ فريد انتووا اللي قودتوا إلى هلاككم بسياستكم الغير واضحة..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: إحنا بقى لما نيجي نعلن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ونجاح الآخرين.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: لما نعلن الحقيقة يبقى يؤخذ علينا وان سكتنا عن الحقيقة نُلام لا، فأنا ساعة لما الأمور تبلجت أبرأنا ذمتنا وحددنا المعالم اللي إحنا مختلفين فيها.
أحمد منصور: أبرأتوا زمتكوا في إيه إنتوا أيدتوا..
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: إن إحنا قلنا له في خطابات رسمية طلعت من داخل السجن الحربي ونشرها الصحف أن إحنا لا نقر ما عليه الثورة كلها في توجهها بالحكم العسكري ونطالب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما إنتوا اللي دعمتوه وإنتوا اللي جبتوه؟
فريد عبد الخالق: ده اللي دعمه غيرنا هو كان موجود بغيرنا والله كان زعم التأييد الشعبي للإخوان ده أنا شخصيا مبدهش الحجم اللي هو معروف.
أحمد منصور: إزاي وكل الإخوان عاملين يزعموا في مذاكرتهم أن الإخوان هم اللي حرسوا السفارات الأجنبية هم اللي كانوا موجودين على طريق الإسماعيلية.
فريد عبد الخالق: ما كانش له لزوم طلع إن هو دفاع في غير طائل لأن هم كانوا واخدين كارت بلانش واخدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني انتوا اُستُغفِلتم كإخوان في هذا الموضوع؟
فريد عبد الخالق: مش استغفلنا هو كون أنا يجيلك واحد يخدعك طب ما هي الخديعة يحاسب عليها.
جلسات الترتيب لقيام الثورة
أحمد منصور: ما إنتوا كان عندكم اجتماعات من قبلها 18 يوليو 1952 كان تاريخ جلسة عُقدت ما بين الإخوان وما بين الضباط الأحرار جلسة ترتيب لقيام الثورة 18 يوليو حضرت أنت الجلسة ديه؟
فريد عبد الخالق: لا.
أحمد منصور: 19 يوليو، 21 يوليو حضرت أنت 21 يوليو اسمك مكتوب فيها حسن عشماوي كاتب اسمك؟
فريد عبد الخالق: اللي هو خاص بإيه؟
(12/172)
أحمد منصور: وقال إنك أنت مع عبد الناصر عشان ترتيب الثورة وقال مع الضباط الأحرار وقال أنت كنت أحسنهم حالا الباقيين كانوا مرهقين وأنت اللي ما شاء الله كنت مصحصح في المجموعة هكذا قال حسن العشماوي في نفس اليوم عُقدت جلسة مسائية 23 يوليو عُقدت جلسة بين صلاح شادي وحسن العشماوي في 26 يوليو عُقدت جلسة في قاعة اجتماعات إدارة الجيش بمنشية البكري حضرها جمال عبد الناصر وحسن العشماوي وجيه حضرها المرشد 27 يوليو حضر المرشد الهضيبي وقال طالب عبد الناصر بعجرفة شديدة زي ما كان بيطالب الملك إنُه يطبق الاتفاق فقال له مفيش بينا اتفاق وحدث ما حدث في ذلك اليوم.
فريد عبد الخالق: هو اللي حصل منه بالتحديد اللي حضرتك بتبحث عنه أن هو ساعة لما قال الكلمة دية قال إنتوا عملتوا حاجات لها أثر في مجريات الأمور زي قانون الإصلاح الزراعي والحاجات ديه، ليه متمش الحاجات ديه باعتبار إحنا شركاء في التأييد أو شركاء في العملية الأولى، العملية الأولى اللي هي بمفهومها الصحيح إن العسكر هيعملوا عملية الانقلاب لتسليم البلد للمدنيين ويشهد الله أن ده اللي هيكون وهو من خالف البتاع ده نكس بالعهد من وراء ظهورنا لأسباب ووسائل أخرى أنا مش مسؤول عنها واخد بالك، أنا مسؤول عما أملكه ومسؤول عنه ومقدرش أنا أن أنفذ إلى ضمائر الناس ده يعلمه الله.
أحمد منصور: مكتب الإرشاد أصدر بيان في 2 أغسطس 1952 أيد فيه قانون الإصلاح الزراعي قانون الإصلاح الزراعي ده مش فيه ظلم على الناس؟
فريد عبد الخالق: قانون الإصلاح الزراعي إحنا كنا اختلفنا معاه بعدم تفتيت الملكية هو كان قال حد يعني فلاقينا الخبراء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دلوقتي بقى كل واحد عنده قيراط وقيراطين.
فريد عبد الخالق: آثار الثورة.
أحمد منصور: وتفتت الأرض الزراعية.
فريد عبد الخالق: لا دي حاجة ثانية بقى ممكن تسألني سؤال ثاني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما كل ده من آثار الثورة.
(12/173)
فريد عبد الخالق: لا تسألني سؤال هل الثورة بما قامت عليه أنجزت الوعود دي ولا لأ إنما أنا مالي، هو أنا اللي كنت بحكم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنت اللي دعمت طب أنا هُوُ هقولك تهمة كبيرة ليكم.
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: هو أنا دعمت إنسان على ما فيه الخير وهو نكس العهد وقلب ظهر المَجن واشتغل فيها لحسابه هنعمله إيه يعني هعمله إيه.
احمد منصور: هو أنت عملت معاه هو في اتفاقات، في اتفاقات على مستوى دول يعني ناس بتم مشافهة كده فين العهد اللي بينكم وبين عبد الناصر وقولي أنا بينا وبينه وثيقة مكتوبة؟
فريد عبد الخالق: أنا اللي باقول الكلام ده ده أنا اللي بقوله لذلك أنا أعيب على الذين تصدوا للاتفاق على الشروط إنهم لم يكونوا على مستوى ضمان جدي حقيقي يضمن عدم انحراف الضباط إلى غير ما قولناه مخدناش ولذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كده صلاح شادي وحسن عشماوي أخطؤوا؟
(12/174)
فريد عبد الخالق: هاقولك أنا، غلطوا، أقولك أنا لدرجة أن أنا سمعت من حسن الهضيبي لما حصل بقى يعني العداء بقى والخصومة وانكشفت بقى كل اللي كان البريق الأول ده راح وبدأت الحقائق تتكشف قال كلمة قال الآن يستطيع بقى صلاح شادي وحسن عشماوي يفرحوا بقى باللي كانوا بيقولوه لأن طلعت الحقائق والواقع يجعل إن كل اللي تم مكنش يعني واخد مستواه اللي يعتد به ويصبح اتفاق يعني كانوا سذج وأغرار في عيب حصل في عيب، أيام حسن العشماوي.. أيام حسن البنا حصل في الدعوة شرخ لما تمرد الجهاز واستقل وأصبح كأنه بينادي بغير منهج الإخوان وقالك إحنا دلوقتي أقوياء ومستعدين نعمل ثورة وانقلاب فقلنا له له إن ده مش منهج الإخوان وبعدين حسن البنا حاول إنه يعني يستعمل السياسة فأصبح كأنه زي ما قلت لك جواد برأسين واحد بيدور عايز إن ده في وقت إن أنا اعمل انقلاب وعسكري وأغير الدنيا وحسن البنا بيقوله لا ده مش المنهج، المنهج السليم هي التربية ونفس طويل وإن الشعب يقتنع بالرأي ده وأنا غير ضد الانقلاب العسكري ده لأنه مش مأمون وميبجبش النتائج، الشرخ ده بالضبط غرر تاني للأسف أيام حسن الهضيبي بقى حسن الهضيبي له رأي وحسن عشماوي وصلاح شادي وناس كثير برضه كانوا متأثرين بجمال أكثر من اللازم الرجل اللي هو أنا بأشهد له أكثر الإخوان حصافة وأكثرهم بعد نظر وأسلمهم حكم على الثورة وإنها ليها مطامع خاصة واللي بتقوله الناس غير الحقيقي حتى دعاوى حكم نيابي مكنش جادين فيه وهم محاربوناش إلا للإصرار على ولا حاربوا محمد نجيب إلا لأنه كان معنا في ضرورة الحكم النيابي فهو الخلاف مكنش خلاف كما يتصوره الناس مهواش يعني إن إحنا صراع سلطة لا هو خلاف مبدئي موضوعي وعلى الصح.
أحمد منصور: أنت كنت فين كنت مع موقف حسن الهضيبي ولا كنت معهم؟
فريد عبد الخالق: مع حسن الهضيبي مية المية.
(12/175)
أحمد منصور: أمال كنت بتحضر الاجتماعات ليه مع عبد الناصر وصاحب وصديق عبد الناصر اللدود أنت؟
فريد عبد الخالق: لا، مكنتش صديق بعد كده الصداقة دية مكنتش لها قيمة انتهت الصداقة أنا من يوم قبل الثورة انتهت أنا من يوم ما التقيت به في آخر في ديسمبر 1951/ 1952 يوم الثورة لما السماء والعلاقات تلبدت وتنذر بصدام لإن زادت بسرعة قانون الأحزاب وحل الأحزاب.
الإخوان والثورة
أحمد منصور: أنا هاجي معاك تفصيلا لهذا التاريخ ولكن حسين حمودة في مذكراته في كتابه الإخوان المسلمون.. أسرار حركة ضباط والإخوان المسلمين يقول، الإخوان اشتركوا في ثورة 23 يوليو 1952 بواسطة الضباط المنتمين للجماعة الذين كانوا يشكلون أغلبية في تنظيم الضباط الأحرار والذي قام بالثورة في ليلة 23 يوليو.
فريد عبد الخالق: صحيح.
أحمد منصور: يعني إنتوا والضباط اللي عاملين من الإخوان لقد نُفذت الثورة بواسطة 99 ضابطا من ضباط الجيش كان معظمهم من الإخوان المسلمين..
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: كما اشترك الجهاز السري للإخوان في ثورة 23 يوليو وعلمت ذلك من جمال عبد الناصر شخصيا حينما توجهت إلى مكتبه في قيادة الجيش يوم 27 يوليو 1952 وأبلغته التفاهم التام بين حسن الهضيبي والثورة وأن متطوعين من الإخوان يقومون بحماية السفارات الأجنبية والمنشآت الإدارية، الآن إنتوا كإخوان إذا هناك شيء تدهور فيه الوضع من حيث الحرية من حيث حقوق الناس من حيث الديمقراطية من حيث إنهاء الحياة النيابية وترسيخ حكم الفرد فأنتم مسؤولون عنه من خلال هذا الكلام.
(12/176)
فريد عبد الخالق: طبعا شوف برضه أنا بحثا عن الحقيقة وإقرارا لما هو حق دون دفاع لا عن رأي ولا عن ناس ولا عن نفسي إحنا حصل فعلا زي الشرخ اللي حصل أيام حسن البنا مع النظام حصل تاني في موقف الإخوان من ثورة يوليو أو انقلاب يوليو فيه ناس حسن الهضيبي كان واخد خط أنه التأييد غلط وإن دول لا يؤمن معهم مصير الحركة وإنه دول متطلعين للحكم وإن اللي قالولكم عليه ده إن هي لتطهير الجيش وعمل إصلاحات وتسليم البلد لدى كل ده كلام غير صحيح لدرجة إن أنا حصل وأنا قاعد مرة في بيت منير دله ومع صلاح تاج وهو وعبد القادر حلمي وبنتكلم فلقيت كلمة نجت من كلام صلاح شادي قال طيب ما إحنا حاجة واحدة وأنا بأرى أن عرض جمال إن الإخوان يندمجوا في هيئة التحرير ما هو ده صحيح ليه الخلاف فأنا قلت له اللي أنت بتقوله ده كلام غلط في أساسه وأنا لا أقبل أن أنا أستعمله لأن ده تصور خاطئ وكلام خاطئ ويحتاج للمراجعة وأنا زعلان من الكلام ده، لأن لا هيئة التحرير هيئة التحرير دي حزب الحزب الحاكم اللي إحنا ابتلينا به اللي هو إذا الحاكم قعد والحزب بتاعه قعد مفيش بقى بديل فهيئة التحرير دي معمولة حزب حكومي فأنت لما تحط الدعوة فيه يبقى أنت خربت الدعوة وخربت الحزب الحاكم، فأنا قلت له لذلك أنا قمت زعلان منير دله جالي في البيت يصالحني وقالي أنت كلامك صحيح بس إنت متزعلش طيب أنت لم تقوله له وتغلطه فأنا قلت له أعمل إيه كلام ما يتقبلش كلام يعني يدل على أن إحنا مش فاهمين الواقع ولا مقدرين نتائج وإن إحنا نتحمل المسؤوليات غلط لأنني كان رأيي واضح ولدرجة إني أنا اضطريت أصالح حسن الهضيبي مع صلاح شايب وحسن عشماوي لإنه زعل رآخر مني في الشارع وأنا فاكر الحتة اللي ماشيين فيها عند نادي المعلمين لا أنساها لما قالهم إنتوا كده بالطريقة اللي بتتناولوا بها الأمور والنظرة القصيرة اللي بتعالجوا بها والعلاقات اللي إنتو متوهِمنها بتقودونا وتقودوا البلد إلى خطر(12/177)
وخطأ حصل هذا شرخ حصل وأنا أقره.
أحمد منصور: هذا أحمد عادل كمال في مذكراته يقول فعلا إن هذه المجموعة سلمت رقاب الإخوان إلى جمال عبد الناصر في الحلقة القادمة أبدأ معك بعلاقة الإخوان مع عبد الناصر من بعد الثورة إلى حل الإخوان في يناير 1954، إلى حادث المنشية في أغسطس 1954 ودخول الإخوان إلى المعتقلات ومحاكمتهم أمام محكمة الشعب.
فريد عبد الخالق: إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا.
فريد عبد الخالق: عفوا.
أحمد منصور: أرهقتك اليوم.
فريد عبد الخالق: لا بالعكس أنا لا يرهقني البحث عن الحقيقة وما فيه مصلحة للبلد أنا الأيام الباقية من عمري أنا نذرتها لله وكل يوم أقدر أقول فيه حاجة تنفع الناس وتعرف الحقيقة وتمحص الأمور ولا تختلط الأوضاع، لأن خلط الأوضاع بيفسد الحكم ويفسد الرؤية وإحنا مش حريصين يعني يضيع الود بيننا ويسيء الظن بعضنا البعض لأن دي فرق تسد اللي هي أسلوب الاستعمار اللي موجود لغاية النهارده من أيام الإنجليز في القنال للأميركان في العراق.
أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/178)
الحلقة10(12/179)
الثلاثاء 19/12/1424هـ الموافق 10/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 10:42(مكة المكرمة), 7:42(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
8/2/2004
- عبد الناصر يطلب دعم الإخوان للثورة
- اتفاقيات بين الإخوان وجمال عبد الناصر
- منهج الإخوان ونظرتهم للثورة
- تلاعب عبد الناصر بالإخوان
- الإخوان يرفضون المشاركة في الوزارة
- الإخوان وقانون تنظيم الأحزاب السياسية
- نصائح الإخوان لعبد الناصر لتفادي الصدام معه
- اختلاف الإخوان وعبد الناصر
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، أستاذ فريد مرحباً بك.
فريد عبد الخالق: أهلاً بكم
أحمد منصور: دخلنا إلى مرحلة الثورة 23 يوليو 1952
فريد عبد الخالق: أينعم
عبد الناصر يطلب دعم الإخوان للثورة
(12/180)
أحمد منصور: وتحدثنا قليلاً عن العلاقة التي قامت بين الإخوان وبين الثورة، لكني وجدت تشابكاً كبيراً في الكتب في تلك الأحداث وحاولت أن أضع مربعات الصورة إلى جوار بعضها البعض حتى نحاول فهمها وكذلك المشاهدين مع الروايات التي تحدثت عن علاقة قديمة سابقة قامت في عهد الإمام حسن البنا حول انتظام بعض الضباط في النظام الخاص وما قيل عن أن جمال عبد الناصر أخذ أسماء ضباط النظام الخاص من الصاغ محمود لبيب قبيل وفاته واستغلهم للقيام بالثورة، بدأت هناك علاقة قريبة أخرى بدأت سنة 1950 بين صلاح شادي وبين عبد الناصر وصلاح شادي أحال العلاقة إلى حسن العشماوي الذي قامت بينه وبين عبد الناصر علاقة وثيقة هناك رواية جاءت على لسان كمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة رواها لسامي جوهر في كتابه الصامتون يتكلمون وجدتها أيضاً في كتاب صلاح شادي في مذكراته عضو مكتب الإرشاد وجدتها أيضاً في كتاب حسن العشماوي في مذكراته وجدتها أيضاً رويت على لسان صالح أبو رقيق عضو مكتب الإرشاد والمستشار في الجامعة العربية ورويت أيضاً على لسان عبد القادر حلمي الذي كان يسكن في البيت التي جرت فيه هذه المقابلة في 18 يوليو 1952 أي قبل الثورة بخمسة أيام وكنت أنت أحد الحضور. شهد هذا الاجتماع معظم.. البيت معظم الاجتماعات التي دارت بين الإخوان وبين عبد الناصر وبعض الضباط هل تذكر هذا الاجتماع 18 يوليو 1952 جاء عبد الناصر إليكم وطلب منكم دعم الإخوان للثورة؟
(12/181)
فريد عبد الخالق: أي نعم هو طلب الدعم سابقاً يعني ليس بدءاً ده ليس بداية هو توكيد لما سبق لإن هو منذ التقى عبد الناصر وآخرون كما قالوا في مذكراتهم أمثال أعضاء مجلس الثورة المعروفين يعني عبد الحكيم عامر وكمال حسين وبغدادي والشافعي كثير منهم كانت لهم صلة للإخوان قبل الثورة على أعوام متفاوتة وأكثرهم قال هذا فيما روي عنهم أو كتب في مذكراته، فصلة أعضاء مجلس الثورة بالإخوان أيام حسن البنا ليست محل شك بل منهم من بايع كأنه أحد الإخوان
أحمد منصور: خالد محي الدين أحد الذين بايعوا وأكد ذلك في كتابه وكذلك كمال الدين حسين
فريد عبد الخالق: وكمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر بل منهم كان جمال عبد الناصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وعبد الحكيم عامر وجمال عبد الناصر طبعا
فريد عبد الخالق [متابعاً]: شارك عملياً في تدريب الإخوان وحضر اجتماعاتهم فهو على صلة تماماً بالسندي..
أحمد منصور: أشرنا لهذا من قبل
فريد عبد الخالق: آه، فالمقابلة دية كانت يعني زي ما تقول دخول في المرحلة التنفيذية
أحمد منصور: ماذا طلب منكم عبد الناصر تحديداً؟
فريد عبد الخالق: طلب عبد الناصر هو يعني إنه الثورة عُرضة لمفاجآت ومحتاجة فعلاً إلى تأييد شعبي قوي وأنتم مؤهلون لهذا بل أنتم سبق الاتصال بينا والتفاهم على إن نفس القيام بالثورة دية وتنظيمها فهو جاه يُخطرنا بساعة الصفر جاي يكلمنا عن المرشد مكانش موجود كان في إسكندرية ولابد أن يُخطر ويُستأذن فكان هي مراحل تنفيذية
أحمد منصور: ماذا كان ردكم عليه؟
فريد عبد الخالق: كان ردنا عليه ليس هناك رد آخر غير استكمال ما سبق إن إحنا اتفقنا عليه
أحمد منصور: والمرشد ورأيه؟
فريد عبد الخالق: رأي المرشد ده كان إحنا بالموافقة الأخيرة لم يكن موجود فأمهلنا يومين تلاتة عشان خاطر نذهب إليه في إسكندرية
أحمد منصور: شكلتم وفداً للذهاب إليه؟
فريد عبد الخالق: نعم
(12/182)
أحمد منصور: شكلتم وفداً للذهاب إلى المرشد؟
فريد عبد الخالق: في نفس اليوم إحنا مادام
أحمد منصور: كنت أحد.. أنت أحد الذين ذهبوا للمرشد
فريد عبد الخالق: أنا أحدهم أيضاً
أحمد منصور: كان عبد الناصر ينتظر الجواب على أحر من الجمر
فريد عبد الخالق: أينعم وكأنه علق القيام على موافقة الثورة لإنه في رابطة قديمة وفي..
أحمد منصور: قولي ماذا دار بينكم وبين المرشد؟
فريد عبد الخالق: دار بين المرشد إحنا أخطرناه بالحديث الذي جرى وإن عبد الناصر يحمل إليكم طلب عن طريقنا بإن إحنا نبلغكم بإن إن شاء الله يحظى بالموافقة وبالتأييد عشان خاطر يشرع وهو مطمئن فتوقف الحقيقة هو تُوقف القاضي عندما يسمع ولا يُعجِّل بالنطق فقال يعني أأنتم على علم به تماماً وتعرفون منطلقاته وأهدافه تماماً يعني لأنني ليس لي هذا الحظ من العلم الموثق القريب الكامل إنما أنا أثق طبعاً فيكم
أحمد منصور: من الذي كان معك في هذا؟
فريد عبد الخالق: أنا كان معايا حسن العشماوي ومعايا عبد القادر حلمي ومعايا..
أحمد منصور: منير الدله
فريد عبد الخالق: صالح أبو رقيق نعم
أحمد منصور: صالح أبو رقيق، منير الدله معكم؟
فريد عبد الخالق: أعتقد كان منير الدله كان معانا كنا مجموعة فالراجل استمع ويعني..
أحمد منصور: من الذي شرح الأمر للمرشد فيكم؟
فريد عبد الخالق: والله يعني تبادلنا القول يعني لا أستطيع أن أحد تركز كنا يُكمل أحدنا الآخر عندما يحتاج الكلام
أحمد منصور: كنتم كلكم على قناعة بهذا؟
اتفاقيات بين الإخوان وجمال عبد الناصر
فريد عبد الخالق: على قناعة بأن يعني استكملت الثورة عناصر النجاح فيما يتعلق بأهدافها الإصلاحية لا سيما إحنا لم يغب عنا وأخبرناه إن من الشروط المعلنة بينا وبينهم والاتفاقيات المبرمة..
أحمد منصور: مبرمة فين دي؟
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: مبرمة فين؟
فريد عبد الخالق: بين جمال عبد الناصر وبين اللي تحدثوا فيها.
(12/183)
أحمد منصور: إيه المبرمة يعني مبرمة فين يعني مشافهة يعني؟
فريد عبد الخالق: لا هي مشافهة الحقيقة ويمكن ده يعني يعتبر إذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: صلاح شادي يقول في مذكراته أنا قرأت الفاتحة مع جمال عبد الناصر..
فريد عبد الخالق: آه
أحمد منصور: مش عارف قرأت الفاتحة دي نحطها تحت أي بند من بنود الاتفاقات ..
فريد عبد الخالق: والله ..
أحمد منصور: التي تقوم والمواثيق التي تقوم بين الناس؟
فريد عبد الخالق: والله يعني إذا أُخذت بالمعيار الموضوعي الرسمي والقانوني تعتبر غير كافية إنما يعني هي الثقة اللي كانت موجودة الحقيقة لإن هو نجح في كسب ثقة..
أحمد منصور: في مصير بلد بيقوم على الثقة؟
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: مصير تحديد مصير بلد يقوم على الثقة؟
فريد عبد الخالق: آه هو الحقيقة يعني..
أحمد منصور: وعلى قرأنا الفاتحة إحنا بنشتري.. بنشتري بنعقد صفقة..
فريد عبد الخالق: لا، لا أنا معك إن هو ليس لم يكن الأمور واضحة ولا مقننة ولا ليها حجية..
أحمد منصور: الأمور كانت واضحة عندكم جميعاً مثل وضوحها لدى صلاح شادي الذي كان يتفق في أمور دقيقة مع عبد الناصر؟
فريد عبد الخالق: هو طبعاً بحكم صلته المباشرة ويمكن أقدر أقول إن عبد الناصر يعني استكمل الثقة فيه المتبادله بشكل طبعاً شديد لدرجة إن يعني القليل عنده يكفي ويمكن ما يكُنش مقنع وكافي عند غيره لذلك إحنا برضه يعني إحنا أحد اللي قلنا له يعني إن قراءة فاتحة لا تكفي في مثل هذا الموقف يعني.
أحمد منصور: قلتم له هذا في حينه؟
فريد عبد الخالق: أيوه وكان قال يعني قال الثقة مش واقفة على هذا ده إحنا جوه بعض داخل جيش وعندنا عبد المنعم عبد الرؤوف وعندنا أبو المكارم وعندنا رجالتنا جوه معاهم والمسألة مسألة كبيرة مهياش مجرد.. وهو أعطانا كلمة واضحة وهو وثقوا فيها وإحنا كمان بالتالي الحقيقة يعني اقتنعنا.
أحمد منصور: قول لي بدقة ماذا قال المرشد؟
(12/184)
فريد عبد الخالق: المرشد الحقيقة توقف وطلب إن قال أنا لست على علم كاف يسمح لي بإن أنا يعني أكون مبتدأً بآه أو لا لإن مش مستكملة عندي العناصر إنما إنتو بتقولوا إنكم إنتو جلستوا إليه وقال إن أنا الكلام شورى بينا وبينكم وأقر بمبدأ الشورى والتفاهم بينا قائم في الإصلاح وإن حياة نيابية وضعها الأول وقلتوا لي إن هو جمال عبد الناصر قال وده حصل فعلاً قال أنا ممن يؤمنون بإن يعني إذا جينا بأه للحكم العسكر يُستبعدون لأن العسكر عادة إذا وجدوا الجيش والشرطة في أيديهم عادة يطغون ولذلك النظام.. أنا من أنصار إن الحياة تعود إلى أهلها اللي هي الحياة النيابية السليمة.
أحمد منصور: هل صحيح أن عبد الناصر قال لكم إذا نجحت الحركة سيقوم بتسليم الحكم للإخوان المسلمين؟
فريد عبد الخالق: لا، لم يحصل بل بالعكس قال غير كده قال أنا بحب أبعد الإخوان المسلمين لأنها لو خدت اليافطة دية الحركة هيكون رصيد سلبي لها عند الغرب وعند البعض فعدم انتمائها إلى أي حزب أو أي توجه أفضل لها وتوفير لعناصر النجاح أكثر، فهو كان بيرى اجتهاد منه وإحنا يعني صدقناه لأن بَعَدَها عن صفة الإخوان مما يؤهل لها إنها تجد انتشار أوسع وتأييد أكبر.
أحمد منصور: في نقطة تاريخية هنا مهمة.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: إن الحركة هي من بنات أفكار جمال عبد الناصر والضباط الذين معه ودور الإخوان فقط هو دور دعم لهذه الحركة ولم يكن دوركم هو صناعة الحركة، الحركة من صناعة عبد الناصر هل تتفق معي في هذا؟
فريد عبد الخالق: أنا عشان.. أنا بقول لحضرتك إن الحركة تجاوزت الإخوان بل تجاوزت عبد الناصر وأقول إنها فعلاً واخده حاجة أبعد من كده وأنا محبش يعني..
أحمد منصور: إزاي فَهِّمنا دي؟
(12/185)
فريد عبد الخالق: يعني أنا بقولك كده يعني هو الثابت تماماً اليقين بالوثائق إن كان في يعني اتفاق أو تفاهم على الأقل كبير ما بين أميركا على لسان المحدثين زي روزفلت وغيره الآخرين اللي التقوا بيه التقاء ومسجل هناك في وثائقهم وقبل الحركة شهرين وتلاتة وستة واتفقوا معاه على شهور قالوا لا للإسلام الإخوان لا للشيوعيين وآه لحل قضية فلسطين مع إسرائيل تلات أمور دول فلما وجدوا منه استجابة بَلغ روزفلت بَلغ رسمي في وثيقة طيرها للبيت الأبيض وقال لهم التفاهم مع الناس دول كويسين وبالتالي همَ ضمنوا عدم تحرك الجيش البريطاني في القنال.
أحمد منصور: الكلام ده ذكره طبعاً في كتابه لعبة الأمم..
فريد عبد الخالق: كوبلاند
أحمد منصور: كوبلاند.. مايلز كوبلاند وطبعاً كلمة روزفلت كان هو مسؤول مخابرات الأميركية هنا في السفارة في القاهرة وهذه الرواية في كلام كثير عليها على إنها كان مسلسل من بين المسلسلات أنت الآن بتشير إلى أن الأمر كان متجاوز الجميع يعني أيضاً الإخوان كانوا لعبة أو كانوا جزء من هذه اللعبة واُستِخدِمُوا آداه لتنفيذها
فريد عبد الخالق: والله يعني أنا مش ليس دفاعاً عن الإخوان وليس دفاعاً ولا هجوماً لأحد أنا بقول فعلاً الظروف اللي كان الظروف لها حكمها كان البلد كلها كانت في حالة تأجج وطني وحالة رفض للأوضاع الموجودة والوزارات المتهرئة اللي مرت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن مع ذلك..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: البلد كان في حالة زي ما تقول مهيأة تماماً كبيت بيت بينهار..
أحمد منصور: البلد كانت مهيأة تماماً ومع ذلك الإخوان لم يسعوا لعملية التغيير في البلد بل حتى حينما ذهب المرشد إلى الملك وجلس معه لم يقدم أي مطالب ولم يكن لديه أي مشروع وحينما أهداه المرشد صورته كما ذكر كمال ثابت.. كريم ثابت في مذكراته بدلاً من أن يعلق المرشد صورة الملك وهي مهداه وكانت أعز شيء كريم ثابت يقول..
(12/186)
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: أعز شيء كان يهديه الملك إلى أحد هو صورته موقع عليها..
فريد عبد الخالق: أقول لحضرتك برضه..
أحمد منصور: حتى النحاس لم يهديه صورته أهداها للمرشد المرشد رماها في الحمام
فريد عبد الخالق: والله شوف ده حصل وأنا بقول حاجة صورة الملك لدى الشعب مع المد الوطني غير المسبوق لعب دور كبير في تاريخ مصر لدرجة خلى الإنجليز.. الأميركاني والإنجليزي يستعجلوا الثورة ليه عايز يسحبوا البساط من تحت رِجل الشعب اللي قد يثور ولا يملكه أحد فكونه يعني تُسند إلى من بينهم وبينه علاقة خير من أن تترك لثورة وطنية لا يعرف لا أحد كيف تبدأ وكيف..
منهج الإخوان ونظرتهم للثورة
أحمد منصور: مشروع الإخوان فين مش كان عندكم مشروع؟
فريد عبد الخالق: آه الإخوان الحقيقة أنا أقول لحضرتك منهج الإخوان وده يمكن عمل شرخ اللي حضرتك بتقوله ده سبب شرخ في فكر الإخوان الحركي ومواجهة الظروف السياسية الكبيرة لدرجة إن يعني مثلاً حسن البنا في المؤتمر الخامس أعلن بوضوح إن الثورة ليست أحد الوسائل وإنه لا يؤمن بها وإن هي مسألة عايزة تربية شعب وتوعية ونفس طويل وتغيير من تحتـ..
أحمد منصور: لكن إذا جاءت؟
فريد عبد الخالق: والله أقول لحضرتك حاجة الثورة يعني كانت زي ما تقول إحنا مش مقتنعين بيها بوسيلة يعني ناجحة لإحداث تغيير حقيقي في شعب لإن أنا شعب... إزاي أغير وهو حاول..
أحمد منصور: إحنا في النهاية قدام نتائج تاريخ يا أستاذ فريد إحنا حينما نتناول التاريخ لا نتحدث عن نوايا ولا نتحدث عن آمال
فريد عبد الخالق: لا، لا معك
(12/187)
أحمد منصور: النوايا والآمال للمستقبل ولكن حينما نتحدث عن التاريخ نتحدث عن وقائع وعن حقائق وعن نتائج بعيداً عن النوايا، إحنا الآن أمام نتائج إن الإخوان استُخدموا في الثورة وأنت قلت الآن إن الأميركان هم الذين حركوا هذا لكن الإخوان كانوا أداة، كمال الدين حسين في شهادته يقول إن عبد الناصر كما نجح في استقطاب ضباط من الإخوان نجح في استقطاب ضباط من غُرز الحشيش ومن الخمارات أيضاً وشاركوا في الثورة..
فريد عبد الخالق: صحيح
أحمد منصور: وهؤلاء كما قال هو كان هم الخطر الداهم على الثورة لأنهم حينما وصلوا إلى الحكم تشبثوا به ورفضوا العودة إلى الثكنات
فريد عبد الخالق: أنا أوافقه والكلام ده على فكرة.. هذا التناول السريع الفج اللي أخذ الناس من غير نوعية تصلح للمسؤولية أتبنى عليه خسارة وكبيرة للبلد كلها.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: في 22 يوليو عقد اجتماع آخر عُدتم أنتم من الإسكندرية عُقد اجتماع آخر في بيت عبد القادر حلمي في الهرم حضرته أنت أيضاً
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: وجاء جمال عبد الناصر ومعه كمال الدين حسين وكمال الدين حسين أكد هذه الرواية
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: أيضاً وقال ذهبنا إلى بيت عبد القادر حلمي لنسمع رأي الإخوان ورأي المرشد تحديداً في هذا الموضوع ما الذي بلغتم به عبد الناصر؟
فريد عبد الخالق: إنت حضرتك بتتكلم كلام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا 22 يوليو لسه.. لسه 23 يوليو مجاش إنتو الآن رحتوا للمرشد وجبتوا رد.
فريد عبد الخالق: هو كان كل الكلام عبارة عن زي ما تقول هو واضح فيما يتعلق بإنه حريص على إن الانتماء والولاء يكون ليه شخصياً تحت دعاوى إن دي أحسن للثورة..
أحمد منصور: إنسان ذكي استخدمكم لتحقيق ما يريد
فريد عبد الخالق: والله يعني إذا كان ده نوع من الاستخدام مكانش إلا إنه عزوف منا على إن إحنا يكون لنا يعني مواقف سلطة يعني إنما..
(12/188)
أحمد منصور: يا أستاذ فريد الكلام ده ما ينفعش يتقال الآن لا عذر لكم فيما حدث
فريد عبد الخالق: الدور الذي ممكن يُسأل عنه الإخوان فعلاً، هل الإخوان أخذوا الضمانات الكافية المسؤولة أمام التاريخ بحيث يُحاسب على مقتضاها الثورة وغيرها إذا خرجوا عن الخط يعني هو قالوا مثلاً إحنا التزمنا بإن إحنا العسكر لا يحكمون وإن الثورة عندما تنجح ستضع البلد أمام..
أحمد منصور: أجبني على هذا السؤال الذي طرحته
فريد عبد الخالق: وهي تطهير الجيش والإصلاح الزراعي إلى آخر الكلام ده يعني همَ أقروا هذا ولكن وقت اللزوم تنكروا له.
أحمد منصور: الثورة نجحت باثنين من الضباط هم الذين أطلقوا الرصاص يوسف منصور صدِّيق وكان ضابطاً شيوعياً وهو الذي تحرك قبل الموعد بساعة..
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: واستطاع في خلال هذا أن ينجح بالثورة في الوقت الذي كانت قيادة الجيش تُعد للقبض على هؤلاء الضباط بعدما كُشفوا، الضابط الثاني هو عبد المنعم عبد الرؤوف وهو من الإخوان المسلمين وهو الذي أخرج الملك حينما ذهب وحاصر قصر رأس التين في الإسكندرية، يعني إذا عبد الناصر استخدم الكل لتحقيق هذه الحركة في 27 يوليو.. 26 يوليو خرج الملك من مصر 27 يوليو عُقد اجتماع آخر حضره المرشد العام للإخوان المسلمين وعبد الناصر وحسن العشماوي وحسن العشماوي ذكر تفصيلاته بعد أربع أيام فقط من الثورة..
فريد عبد الخالق: في بيت صلاح أبو رقيق؟
أحمد منصور: في بيت صلاح أبو رقيق، حضره منير الدله وبعد القادر حلمي وصلاح أبو رقيق
فريد عبد الخالق: أيوه
(12/189)
أحمد منصور: الهضيبي سأل عبد الناصر، قال له أكان هناك اتفاق بينك وبين الإخوة على أمر معين، فقال عبد الناصر مستنكراً لا لم نتفق على شيء إطلاقا،ً يعني بعد الثورة بأربعة أيام الأمور كانت واضحة تماماً الأمور واضحة عند عبد الناصر بس مش واضحة عندكم إنتو، نظر المرشد إلى حسن العشماوي وقال لابد أن هناك كاذب في الموضوع ثم كررها بعد ذلك مشيراً لعبد الناصر.
فريد عبد الخالق: هو يمكن اللي أتكلم يمكن تعبير الكلام بالضبط اللي قيل لأنه لما راجع واجه المرشد حسن العشماوي بما قاله عنه إن في اتفاق كذا وكذا وواجهه بجمال عبد الناصر وكان الحكاية بدأت إن هو يتخذ قرارات تتعلق مثل بالإصلاح الزراعي وكميته فقالوا دي مسائل كبيرة يا حسن ويا جمال كيف لا ترجعون فيها للإخوان وإحنا لينا دور التأييد الشعبي بنتحمل معاكم المسؤولية فقال له إحنا لم نتفق على أن نتفق ومش معقول إن أنا هاقبل وصاية أحد الثورة..
أحمد منصور: من أول يوم عبد الناصر كان واضح
فريد عبد الخالق: آه فعلا عبد الناصر تنكر لوعوده
أحمد منصور: الآن تنكر ليكم بعد أربع أيام؟
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: لماذا بقيتم في تأييده إلى النهاية؟
فريد عبد الخالق: لا التأييد الحقيقة تغيير وأصبح..
أحمد منصور: لم يتغير شيء
فريد عبد الخالق: لا تغير
أحمد منصور: في اثنين أغسطس يا أستاذ فريد بعد أربعة أيام..
فريد عبد الخالق: هاقول لحضرتك تغير إزاي..
أحمد منصور: اتفضل
فريد عبد الخالق: تغير بإن حسن الهضيبي كمرشد عن للإخوان المسلمين جاهر بالرأي أمام الرأي العام كله على منصة درس الثلاثاء يقول إن هذه الثورة ليست ثورة يعني تقوم على إصلاح ديني يعني عايز.. مالهاش علاقة بالإخوان وإن هي بالكتير تكون إصلاح وطني إذا أخلص العاملون لها وكان عنده شجاعة يقول كده
أحمد منصور: درس الثلاثاء شيء
فريد عبد الخالق: ما هو ده قرار المنصة أعلن بيها الرأي الرسمي
(12/190)
أحمد منصور: في مائة واحد قاعدين ولا ألف ولا خمس آلاف
فريد عبد الخالق: لا، لا عرفت ما هو كمان
أحمد منصور: يا أستاذ فريد عدد سكان مصر سنة 1952 كان 22 مليون نسمة مساحة الأرض الزراعية لا تزيد كانت في وقتها عن ستة مليون فدان كما يقول عبد اللطيف البغدادي في مذكراته لم تزد هذه المساحة منذ عشرات السنين ونفسها التي كان يعيش عليها من قبل ثلاثة ملايين مصري فقط يعني نفس المساحة اللي كانت بتأكّل ثلاثة مليون مصري ربما لسه بتأكل سبعين مليون إلى الآن، أصدر جمال عبد الناصر قانون تحديد الملكية بمائتين فدان في تسعة سبتمبر وأصدر مكتب الإرشاد بياناً بتأييد هذا القرار
فريد عبد الخالق: بتأييد
أحمد منصور: أيدتم قرار الإصلاح الزراعي، المرشد طلب خمسمائة
فريد عبد الخالق: اعترضنا على الـ..
أحمد منصور: اعتراض على الكمية وليس على المبدأ
فريد عبد الخالق: آه عشان ده في تفتيت للثورة.. للثروة..
أحمد منصور: وبعد ذلك..
فريد عبد الخالق: قلنا له ده تفتيت للثروة
أحمد منصور: تم الإخوان وافقوا بعد ذلك وطلعوا في اثنين أغسطس بيان لدعم الثورة اثنين أغسطس طلعتم ببيان لدعم الثورة..
فريد عبد الخالق: هي إيه؟
أحمد منصور: تأييد الثورة هو عبد الناصر طلب من المرشد أن يصدر بيان تأييد أصدر بيان مايع كما قيل كما وصف بأنه مايع في اثنين.. ألم يكن هذا من البداية استعداء من الإخوان لعبد الناصر عليهم؟
فريد عبد الخالق: لا هو قائم الأمور بقى أنا هاقول لحضرتك حاجة كان يرتدي على وجهه قناعاً وإحنا تعاملنا مع القناع ولم نتعامل مع الحقيقة أكتر الحقيقة لأن هو أول ما قامت الثورة وأحس إنه نجح تغيَّرَ تغير 180 درجة.
(12/191)
أحمد منصور: كان في لديكم القوى الشعبية كل المصادر تؤكد أن القوى الشعبية بعد قيام الثورة كانت في يد طرفين لا ثالث لهما الإخوان والوفد وكانوا الإخوان ربما أكثر تأثيراً من الوفد لأن الوفديين انكمشوا على أنفسهم بعد الثورة، صح؟
فريد عبد الخالق: الإخوان كان يغلب على الشعب كله لأسباب مختلفة يعني وإنما الناحية الوطنية لا شك هي الأساس إن التغيير ده تغيير من نظام ملكي لواحد غريب عن المصريين إلى واحد مصري وإن ده إيذان بتغيير في الأوضاع والآمال اللي كانت تُعقد، كان في موجة عارمة الحقيقة يعني سرت في الشعب، سرت في الشعب فعلاً لم يحكمها أحد إلا مجرد إن الشعب كان عايز يحرر نفسه من الاحتلال عايز يصل إلى حال أفضل في المعيشة فوضعوا آمالهم ولذلك خابت الآمال لذلك هو نفسه هو نفسه عبد الناصر نفسه بعد ما نجح والأمور يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبد الناصر بقي إلى سنة 1954 لا نستطيع أن نقول أنه نجح، بقي عبد الناصر سنتين في وضع ضعيف..
فريد عبد الخالق: قلق
تلاعب عبد الناصر بالإخوان
أحمد منصور: وفي تضارب وفي قلق والإخوان أيضاً كانوا مشوشين وضائعين كما يأتي من تسلسل الأحداث بعد ذلك إن عبد الناصر كان يتلاعب بهم وهم ليس لديهم رؤية واضحة أيضاً أنتم لم تكن لديكم رؤية واضحة، كان المرشد يقول عبد الناصر كذا وكان باقي الإخوان في اتجاه آخر مضاد لرأي المرشد، في 23 أغسطس 1952 المَنشط الرئيسي لجريدة المصري التي كان يرأس تحريرها أحمد أبو الفتح يقول المرشد العام يقول ليس هناك صلات سابقة بين الجيش والإخوان ما معنى ذلك والإخوان عمالين يطنطنوا في كل كتبهم إن الثوار هؤلاء كلهم كانوا من الإخوان من سنة 1944؟
(12/192)
فريد عبد الخالق: الذي.. تسجيل هذه الحقيقة ليس انتقاصا من رصيد الإخوان ده انتقاص من الرصيد الذي خرج على عهده ولم يُوفّ بوعده والبلد نكبت، يعني هو نفسه اضطر يغير البناء اللي بناه واصطدم بنا فيه يعني هيئة التحرير نفسها هيئة اللي قام عليها الكلام هو نفسه قعد (كلمة غير مفهومة) للأسف فيها وغيّرها يعني بعد فترة بسيطة غيّرها..
أحمد منصور: دي هيئة التحرير كانت في ديسمبر كانت في ديسمبر 1952 أنا ماشي معاك في الأحداث يعني شيء وراء شيء أنا بقصد الآن الاجتماعات التي عقدت والتي دونها حسن العشماوي إلى منتصف العام 1953 حوالي تسعة أو عشرة اجتماعات دوّنها كان هناك لقاءات متواصلة بينكم وبين عبد الناصر كان يعرض عليكم الأمور وكان يتشاور معكم وكان حجم الخلاف بينه وبينكم كبيراً ومع ذلك لم تعلنوا موقفاً واضحاً ولم يكن لديكم رؤية واضحة تجاه حركة الضباط، صح؟
فريد عبد الخالق: آه هو..
أحمد منصور: كنتم منقسمين على بعضكم البعض
فريد عبد الخالق: والله هو شوف حضرتك حاجة في الـ.. يعني هاقول لحضرتك حاجة ما بين التوجه العاطفي شيء والتوجه العقلاني شيء..
أحمد منصور: من كان يمثل التوجه العاطفي؟
فريد عبد الخالق: يعني أنا شخصياً أحد الذين تيقن تماماً وده شيء مش جديد ولا غريب على أي حد دارس أو باحث يعني إن الأمور العامة دي ينبغي أن يستبعد فيها العاطفة 100% اللي إحنا.. اللي حصل بالنسبة للثورة والرغبة في التغيير وشعور باستبشار اجتاح الشعب وكان ينبغي ألا يمس عند الإخوان أي اعتبار وكان الأمور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل كانت الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد على علم بالخلاف القائم بين الإخوان وعبد الناصر من البداية؟
(12/193)
فريد عبد الخالق: طبيعي كل الإخوان الخلاف الذي كان يحصل كان يعني يحصل يعني في تنامي ويتعاظم قدره وكل ما يتمكن هو بتمر عليه يوم والسلطة في إيده ويزيد سلطانه بيستعدي أكتر لأنه طلع إحنا اكتشفنا أن إحنا فعلا خُدعنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اكتشفتوا أنكم خُدعتوا بعد أربع أيام ومع ذلك بقيتم مخدوعين إلى اليوم الأخير..
فريد عبد الخالق: لا..
أحمد منصور: إلى أن عُلِقتم على أعواد المشانق في سنة 1954
فريد عبد الخالق: لا، لا إحنا خدعنا لأن إحنا صدقناه والعهود والوعود اللي قطعها أمامنا..
أحمد منصور: إمتى اكتشفتم إنكم خدعتم؟
فريد عبد الخالق: لما بدء هو يتنكر مثلا في لقاءه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم تتخذوا لماذا موقفا طالما أنك خُدعت من طرف آخر هل تظل تعيش الخديعة إلى النهاية كما عشتموها؟
فريد عبد الخالق: الموقف اللي اتخذناه هي الحقيقة يعني ماكنش موقف صدام إحنا وجدنا إن هو في موقع لو حصل وقفة شعبية ضده هتؤدي إلى حرب داخلية زي الجزائر وأكتر يعني إحنا كنا ليه لأن هو كان خلاص سبق هو سبق وقبض على أزمة الأمور وبقي الجيش معه وبقي الشعب وبقي..
(12/194)
أحمد منصور: يا أستاذ فريد لسه ده حصل في 1954 شوف أنا يعني أكثر من ستين كتاب وأنا فاتحها كلها أمامي أحاول أن استكمل الصورة في كل يوم لتطور الأحداث يعني عانيت كثيرا طوال الأيام الماضية شهر كامل وأنا يعني في شبه عزلة بين الكتب بعيد عن أولادي بعيد عن كل شيء أحاول أن أفهم الصورة لأن فهم هذه الصورة متعلق بفهم ما حدث في مصر بعد ذلك الفترة من 1952 إلى 1954 من أخطر الفترات التاريخية في تاريخ مصر وكثير من السياسيين كتبوا مذكرتهم وبالتالي أنا لا آخذ الصورة من زاوية واحدة وإنما من جميع الزوايا، حسن العشماوي في مذكراته يقول أن عبد الناصر أتصل عليه في سبعة سبتمبر 1952 أنا ماشي معاك الآن أغسطس سبتمبر بقينا والتقاه في إدارة الجيش يوم ثمانية سبتمبر وأبلغه باعتقال ثلاثة وسبعين من رجال السياسة والقصر الملكي وعرض عليه اشتراك الإخوان في الوزارة الجديدة على أن يكون واحدا منهم، طبعا على ماهر استقال لأن على ماهر لما بقي في السلطة رفض قانون الإصلاح الزراعي ورفض أن يكون أداة في أيدي الضباط..
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: فاستقال فشكلوا حكومة برئاسة محمد نجيب، طالبوا مشاركة الإخوان وفي رواية من روايات أحد قيادات مجلس قيادة الثورة عبد اللطيف البغدادي يقول اتصلنا على المرشد ووافق على ترشيح ثلاثة من الإخوان هم حسن العشماوي ومحمود أبو السعود ومنير الدله.
فريد عبد الخالق: الرواية دية أنا حسب حضوري كعضو مكتب ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قول لنا بقي عضو.. روايتك أنت للأمور.
(12/195)
فريد عبد الخالق: كروايتي أنا محصلش اللي حصل كله حول الوزارة يعني عروض متعثرة ما تدلش على مصداقية يعني لما فُوتِح حسن عشماوي مع عبد الناصر اللي إحنا بصدد تشكيل وزارة ويقول إنه جري إنه طلب من الإخوان إنهم يشتركوا الأمور دية لم تكن صحيحة إطلاقا الصحيح فيها إنه هو كان بيحاول فعلا أن هو يناور عايز يخطي المسالة لأن هو كان راسم تماما إبعاد الإخوان كعناصر فاعلة هو مكانش صادق ولذلك هو انتهز الحكاية بإنه لما اتكلموا عن الإخوان قال الإخوان يعني دارويش..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده اللي ماقالش لا، اللي قال الإخوان فُقَها هو عبد الناصر حينما عرض على حسن العشماوي ودية رواية ذاكرها أحمد حسن الباقوري في مذكراته وأيضا الرواية مذكورة في كتاب الصامتون يتكلمون كان يقف منصور صديق اللي هو شيوعي ضابط شيوعي يوسف منصور صديق فعبد الناصر قال لحسن العشماوي إحنا عايزين ثلاثة من الإخوان في الحكومة قال له يعني أنت هتقلب الحكومة فُقَها فرد حسن العشماوي على يوسف منصور صديق وتلاسنا، لكن هناك اتصال على المرشد موثق في كل المصادر إلا إن المرشد في النهاية رشح ثلاثة من غير الإخوان وقال له مكتب الإرشاد رفض أن يدخل الإخوان في الوزارة..
فريد عبد الخالق: ده صحيح.
أحمد منصور: فقال له إحنا أبلغنا الباقوري والباقوري وافق.
فريد عبد الخالق: شوف.. المتفق عليه والذي أنا يعني لا أرويه عن أحد إنما أنا أعبر فيه عن رؤيتي شخصيا وأنا كنت حاضر لمكتب الإرشاد وعلى رأسه حسن الهضيبي والعرض قائم ومشكلة الوزارة وتشكيلها هي الشغل الشاغل بتاع عبد الناصر وبتاع البلد المعنيين المتابعين المكتب فعلا حصلت مداولة ما هو بصرف النظر عن أشخاص واحد أو اتنين ومين همَ الأول المبدأ إحنا موافقين ولا مش موافقين..
أحمد منصور: ليه رفضتم تشاركوا؟
فريد عبد الخالق: رفضنا
أحمد منصور: لماذا؟
(12/196)
فريد عبد الخالق: لإنه طلع إنه العناصر اللي ما بدا اللي حضرتك قلته ما بدا من تصرفات لا تنم على إن إحنا هنحط أيدينا فيما نثق معهم فيه..
أحمد منصور: وإنتو ليه بتحكموا على النوايا ليه ماتحكموش بشكل واقعي؟
فريد عبد الخالق: لا مش نوايا إحنا شايفين تصرفاته.. شايفين تصرفاته
أحمد منصور: ألم يكن هذا استعداء منكم لعبد الناصر؟
فريد عبد الخالق: يعني مثلا شايفين تصرفاته يعني تاني يوم لما قعد عبد الناصر مع الهضيبي والآخرين أنكر إن فيه اتفاق على أي حاجة رغم إن الاتفاق كان موجود وحسن كان موجود وقال له إحنا لن نقبل الوصاية
الإخوان يرفضون المشاركة في الوزارة
أحمد منصور: أليس حُسن نية من عبد الناصر أن يعرض عليكم المشاركة في الحكومة؟
فريد عبد الخالق: ليس يا سيدي حُسن نية وهو غير صادق فيها لأن الدلائل تدل على كده..
أحمد منصور: عيَّن الباقوري في الحكومة
فريد عبد الخالق: ما هو عين الباقوري هو أصل الباقوري هو يعني ارتضاه وهو يعلم..
أحمد منصور: وعرض على حسن العشماوي أن يشارك
فريد عبد الخالق: لا حسن لم.. حسن العشماوي قال له ده بيتعلق بالمكتب الإرشادي مش بشخص
أحمد منصور: لكن لم يلتزم
فريد عبد الخالق: إنما إحنا قال له.. واللي حصل بقه إن لما حصل مداولة يعني المداولة دية دخل فيها أبعاد كبيرة ما يريد هؤلاء الناس إلى أين هم سيذهبون إلى أي مصداقية هنقدر نضعها في أعناقهم في التاريخ حصل زي ما تقول تردد وتوقف فإحنا قولنا لا نتحمل مسؤولية تصرفاتهم اللي في الحكومة دية لا نتحملها
أحمد منصور: الرئيس نجيب في مذاكرته أحمد حسن الباقوري في مذكراته سامي جوهر في روايات نقلها صلاح شادي في مذكرات.. صلاح شادي وحسن عشماوي كلهم أجمعوا على أن عبد الناصر عرض ثلاث وزارات والإخوان هما اللي رفضوا أن يشاركوا
(12/197)
فريد عبد الخالق: والله الذي أعرفه وأنا أُسأل عنه إن هو ترك الباب مفتوح لأن يعيّن فحصل المكتب قرر أخذ مبدأ عدم المشاركة لعدم الاطمئنان.
أحمد منصور: خلي بالك أنا ماشي معاك واحده واحده الإخوان هنا سلبيين جدا ليس لديهم مشروع بينتظروا دائماً أن يبادرهم عبد الناصر ثم يردوا عليه بالرفض ليس لديهم مشروع واضح لشيء، الآن إحنا بقينا في شهر سبتمبر 1952، أنا معاك واحده واحده استقال أحمد حسن الباقوري من الإخوان وكان أحمد حسن الباقوري مرشد الإخوان بالإنابة مكلفاً من حسن البنا بعد اغتياله في 1949
فريد عبد الخالق: في الفترة الانتقالية
أحمد منصور: قدم استقالته من كل مسؤوليات الإخوان
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: صلاح شادي راوي رواية عن الباقوري بيقول إن الباقوري ذهب للمرشد المرشد ذهب تاني يوم إلى الباقوري وهنأه وقال الباقوري قال له شهوة نفس يا مولاي فقال له اهنأ بها، الباقوري في مذكراته قال كلام آخر غير هذا لم يتعرض لهذا وقال إن فلسفة قبول الوزارة لديه هي مستندة إلى ما تربى عليه من حسن البنا ومن فهم حسن البنا ومن فكر حسن البنا وإنه استطاع أن يخدم الدعوة والإخوان من خلال هذه الوزارة أكثر من بقائه في الإخوان
فريد عبد الخالق: والله شوف التقديرات الشخصية دية لاسيما من شخص يعني متهم لأن هو خرج عن الجماعة وراح أعتذر للمرشد وقال له طبعا إنت عارف إيه نتيجة خروجك على قرار المكتب وأنت عضو فيه شاركت في القرار يبقي فقال له الاستقالة قال له خلاص أنت حر وأنا أتمنى لك التوفيق..
أحمد منصور: كنتم تدركون وأنتم تتخذون هذه القرارات بأنكم تستعدون عبد الناصر عليكم كل يوم؟
فريد عبد الخالق: لا، لا لم يكن بالعكس هو توقي الخطر الأكثر إن إحنا لو اشتركنا في هذا الطريق وتحملنا مسؤولية مع من لا نثق في أعماله يبقى هيكون موقفنا أصعب
(12/198)
أحمد منصور: هل صحيح أن الهضيبي كان يرى أن مشاركة الإخوان في الحكومة ستضفي شرعية وشعبية إلى الثورة هو كان لا يريدها في هذا الوقت؟
فريد عبد الخالق: يعني أي مصلحة للهضيبي في الموقف ده يعني الهضيبي وغيره من رجال الفكر والرأي في البلد كلهم كانوا يتمنوا إنه يكون في إصلاح فعلاً يعني مكانش عداء شخصي لعبد الناصر ولا للضباط إنما إحنا رأينا منهم للأسف عدم وفاء بالشروط اللي أعلنوها على الناس يعني أنا شخصيا وأنا أحد أعضاء المكتب وأنا على صلة بجمال ورحت اتكلمت معاه في مواقف صعبة جداً الحقيقة لمست منه ما ينزع الثقة فيه تماماً
أحمد منصور: زي إيه؟
فريد عبد الخالق: زي اللقاء اللي حصل بيني وبينه والتقينا في كلام بيني وبينه
أحمد منصور: متى.. متى؟
فريد عبد الخالق: ونُشر في أكتر من كتاب
أحمد منصور: لا ده لسه في 29 ديسمبر ده لسه أنا ماجيتش.
فريد عبد الخالق: لما يجي وقته
أحمد منصور: تسعة سبتمبر 1952
فريد عبد الخالق: لما يجيء وقته.. يعني أنا عايز أقول لازالت الأيام تكشف من أمره وحقيقة نواياه تماماً ما تنزع الثقة منه
أحمد منصور: طب واحد بانت نواياه سيئة تجاهكم أنتم كان في لديكم القوة التي تستطيع..
فريد عبد الخالق: ما إحنا عارضناه ودخلنا السجن وأُعدمنا ما إحنا عارضناه ودفعنا التمن
الإخوان وقانون تنظيم الأحزاب السياسية
أحمد منصور: يا سيدي أنا بكلمك الآن لسه بدري قبل ما تعارضوه وقتكم تحركتم متأخرين تسعة سبتمبر 1952 صدر مرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بشأن تنظيم الأحزاب السياسية..
فريد عبد الخالق: أيوه
(12/199)
أحمد منصور: وأُستثني الإخوان من هذا، الباقوري هنا بيقول إيه بيقول إنه تدخل لدى عبد الناصر بطلب من المرشد حسن الهضيبي لاستثناء الإخوان من قانون الأحزاب ومحمد نجيب في مذكراته صفحة 169 يقول إن عبد الناصر طلب عدم اعتبار الإخوان حزباً حتى لا يُطبق عليهم القانون وقال للرئيس نجيب إن جماعة الإخوان كانت من أكبر أعوان الحركة قبل قيام .. الرجل نيته حلوة تجاهكم.. عبد الناصر بيقول إن جماعة الإخوان كانت من أكبر أعوان الحركة قبل قيامها ولا يصح أن يطبق عليها قانون الأحزاب لكن الرئيس نجيب رفض طلب عبد الناصر فلجأ عبد الناصر حسب رواية الباقوري إلى زيارة سليمان حافظ في مكتبه اللي كان وزير داخلية وكان نائب رئيس مجلس الدولة وكان كل شيء بيرتب له قوانينه ووجد مخرجاً قانونياً مناسباً للإخوان، ألم يكن سكوت الإخوان على حل الأحزاب هو ترسيخ للديكتاتورية وأنهم وضعوا أنفسهم كهدف قادم بالنسبة للحل وهذا ما حدث بالفعل بعد سنة؟
فريد عبد الخالق: قانون حل الأحزاب لم يقره الإخوان لم يقروا هم سكتوا عنه بل بالعكس قالوا له إنت ليه لم تستشيرنا في الأمور دية
أحمد منصور: ألم يُعرض على الهيئة التأسيسية؟
فريد عبد الخالق: لا لم يعرض قانون حل هو..
أحمد منصور: لم يُبد الإخوان موافقتهم عليه؟
فريد عبد الخالق: دي تصرفات فردية اتخذها عبد الناصر من موقع القوة هو كان بدأت الأمور على فكرة يعني تتكشف عن صراع قائم وصدام
أحمد منصور: لكن حينما استثناكم عبد الناصر من الحل رضيتم وسكتم
فريد عبد الخالق: لأن إحنا فعلاً محناش حزب أصل هو إيه إحنا فعلاً وللآن أنا بقول حضرتك فاهم الإخوان عندهم حزب سياسي ده تضييق واسع الإخوان دعوة والدعوة ليها (Mechanism) غير الحزب وأهداف غير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنتم مسجلين في إيه مسجلين؟
فريد عبد الخالق: مش في الأحزاب
أحمد منصور: مسجلين في آيه؟
(12/200)
فريد عبد الخالق: ما كان في قانون جمعيات بس إحنا رفضناه بعد كده جه قانون جمعيات إحنا كنا زي ما إحنا هيئة.. هيئة إنما محناش حزب حقيقة يعني وإن إحنا قولنا محناش غرضنا زي كل حزب إن يكون عنده أغلبية ويتولى السلطة ويتبادل السلطة ماكنش ده الـ (Mechanism) بتاع الإخوان المسلمين إنما هي دعوة بتربي قاعدة وتوجه الشعب وتُنير الطريق للأمة نحو الأخلاق ونحو الدين ونحو الإصلاح العام الشامل يعني كان منطلق الدعوة غير منطلق الحزب
أحمد منصور [مقاطعاً]: في تسعة
فريد عبد الخالق: فإحنا وجدنه طبيعي يعني القرار ده ميعتبرش مجاملة
أحمد منصور: لماذا لم تعارضوا هذا القرار؟
فريد عبد الخالق: قانون حل الأحزاب
أحمد منصور: أيوه
فريد عبد الخالق: وإحنا قدرنا حتى نعارض الأمور التانية بتاعة عبد الناصر الإصلاح الزراعي هو بدأ ينفرد المسالة إن عبد الناصر بدأ ينفرد بالسلطة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يا سيدي ما الذي شجعه على الانفراد لأن..
فريد عبد الخالق: طبيعته
أحمد منصور: لا ليس طبيعته اسمعني أستاذ فريد
فريد عبد الخالق: بدليل
أحمد منصور [مقاطعاً]: الذي شجعه هو أن القوتين الشعبيتين الرئيسيتين في مصر آنذاك وهما الوفد والإخوان المسلمين كانوا تايهين وصامتين ومشوشين وليس لديهم أي مشروع وفي ظل هذا، في ظل هذا عبد الناصر كان ينفرد بكل شيء وكان يفعل كل شيء لو تحركتم أنتم كقوة شعبية لو الشعوب تتحرك كقوة شعبية بتستطيع أن تجبر الحاكم على إنه يمتثل لرغباتها لكن أنتم كنتم تجلسون وبالتالي تاريخيا انتم تتحملون مسؤولية ما جري لمصر بعد ذلك.
فريد عبد الخالق: والله أنا يعني لا.. لا أصادر مثل هذا الرأي وإنما أنا أقول إنه كان في اجتهاد أصل دي أمور خلافية يعني مثلا لما استحكمت الخلافات وبدأت تؤذن بصدام ما بين السلطة والشارع زي المثل اللي إحنا بنشوفه مثلا في الجزائر حاليا لما وصلنا إلى هذا الحد إحنا معناش جيش معناش الشرطة..
(12/201)
أحمد منصور: إحنا لسه ما وصلناش بس إحنا لسه في البداية..
فريد عبد الخالق: بس هو معاه فعلا يعني آنذاك كان معاه حتى لو لم يحصل نزاع كان بدأ يتمكن فلو إحنا عملنا كده على فكرة وحصل الموقف اللي حضرتك بتقوله كان هتحصل حرب أهلية
أحمد منصور: في 29 ديسمبر 1952 عُقدت جلسة بين الإخوان والثوار في منزل عبد القادر حلمي حضرها من الإخوان عبد القادر حلمي، منير الدله، فريد عبد الخالق، صالح أبو رقيق صلاح شادي وحسن العشماوي
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: من الثوار جمال عبد الناصر، عبد الحكيم عامر، أنور السادات، عبد اللطيف البغدادي، صلاح سالم، كمال الدين حسين، أحمد أنور قائد البوليس السياسي آنذاك فاكر إنت الجلسة دية؟
فريد عبد الخالق: أه فاكره طبعا
أحمد منصور: وفاكر تفصيلاتها
فريد عبد الخالق: أه فاكره
أحمد منصور: كل المصادر بتقول أنك انتحيت مع عبد الناصر جانبا وجلستما على أريكة
فريد عبد الخالق: ده صحيح
أحمد منصور: لوحدكما تتحدثان ماذا دار بينك وبين عبد الناصر؟
فريد عبد الخالق: ده يعني بلا مغالاة أنا أعتبر ده موقف تاريخي ليه لأن إحنا حصلنا فيه مكاشفة لزي ما تقول جوهر الأمور مكاشفة تماما، تمت يعني بين العبد لله فريد عبد الخالق وجمال عبد الناصر حيث كان اللقاء عام وجدت أنا الكلام عشان ياخد مجراه ويوصل إلى نتائج ويكون هادئ إن أنا يعني أذنت لنفسي بأن أنا أنفرد بيه وكان مقابله طلبت يجي جانبي على الكنبة اللي أنا قاعدها وجه جانبي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا قولي الحوار بالنص
فريد عبد الخالق: قلت الحوار قلته بدأت قلت له أولا إنت يا جمال
أحمد منصور: كده يا جمال؟
نصائح الإخوان لعبد الناصر لتفادي الصدام معه
(12/202)
فريد عبد الخالق: أه مكانش بيني وبينه تكليف الحقيقة يعني فأنا قلت له دلوقتي بوادر الخلاف تؤذن والغيوم تتلبد ولازم يكون في تقديرنا إنه لو حصل صدام بين السلطة والإخوان سيكون نتائجه ضارة للكل أنتم وإحنا وللبلد ومن العقل أن نتفادها إذا أمكن، قلت له أنا أحد الذين يؤمنون بأن إمكانية تجنب هذا الصدام بآثاره الضارة، فقال لي أعمل إيه ما انتو يا فلان بتعصوني.
أحمد منصور: عُصاة.
فريد عبد الخالق: عصاة، قلت له حتى أنا قلته عصاة دية كلمة كبيرة معناها أن إحنا يعني وقفنا وجها لوجه وبقينا يعني أعداء وده محصلش من ناحيتنا محصلش ولو إنت دعيت إلى أي موقف وطني أو احتاجت الثورة إلى إي موقف وطني هنكون إحنا أول المدافعين فإنت بتتكلم عن أمور قال لي إنتو هيئة التحرير أنا عرضتها عليكم وأنا جاء لي بخصوصها يعني من جهة جمال نفسه للكلام فيها شخصيا مع اتنين الطحاوي وطعيمة إن إحنا نتكلم في إمكان.. فأنا قلت له إن مسألة هيئة التحرير دية لها حكم تاني أقول لك أنا على حاجة إن إحنا هيئة التحرير دية حزب حكومي وإنت يعني معذور فانك تقيم فكل حاكم بيحب يكون معاه حزب حاكم يساعده إنما متقدرش تقول إن يتحتم على الإخوان إنهم يتنازلوا عن أفكارهم وصيغتهم وعن عملهم وطريقهم الدَعوِي ويندمجوا في حزب سياسي بتاع الحاكم.
أحمد منصور: طبعا هيئة التحرير دي أسسها عبد الناصر في ديسمبر 1952 وكان بيرأسها الصاغ إبراهيم الطحاوي.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: إبراهيم الطحاوي جاءك وتحدث معك في هذا الأمر.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: حتى يذوب الإخوان في هيئة التحرير وتصبح شيئا واحدا.
فريد عبد الخالق: أيوه قال لي كده.
أحمد منصور: لماذا رفضتم هذا؟
(12/203)
فريد عبد الخالق: أنا قلت له أصل مينفعش حتى أنا قلت لجمال يعني عشان أقرب له مثل حضرني قلت له أن الاتنين ممكن يساندوا بعض كقوتين، قوة توجهها توجه إسلامي وقوة توجهها قوة يعني مدني وطني فقط ممكن نتعاون مع بعض إنما الدمج ميجيش حتى قلت له ما بالك إذا جئت بقارورة وفيها زيت وفيها ميه مهما رججت الزجاجة فإذا تركتها إيه اللي هيحصل هينفصل الزيت وينفصل الميه لأن الطبيعة مش ماشية فإذا أنا لا هكسب الزيت ولا هكسب المياه أنا ننتفع بيهم أحسن من غير عملية الدمج ديه، إنت ليك طريقك وأنا لي طريقي إنت بتقول حتى إنك إنت عن طريق هيئة التحرير هتقدر تحكم البلد وأنا بقولك إن طريق الدعوة مهواش كده إحنا بقي لنا أكتر من عشرين خمسة وعشرين سنة وموصلناش لحاجة من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان له جملة مشهورة يقول يكفيني واحد مثل إبراهيم الطحاوي أحكم به مصر.
فريد عبد الخالق: نعم.
أحمد منصور: جمال عبد الناصر كان له جملة مشهورة يقول يكفيني واحد مثل إبراهيم الطحاوي أحكم به مصر.
فريد عبد الخالق: وبعدين..
أحمد منصور: طبعا حين ألغى لجنة هيئة التحرير.
فريد عبد الخالق: وبعدين هو نفسه كتب مذكراته وقد وجدت بعد كده جزاء سنمار منه.
أحمد منصور: هكذا قال الطحاوي نعم في (كلام غير مفهوم).
فريد عبد الخالق: إذا هو إذا إحنا معذورين إذا الخلافات اللي حصلت بينه هو المسؤول عنها بطبيعته.
أحمد منصور: كمّل لي الجلسة التي دارت بينك وبينه؟
فريد عبد الخالق: مع الطحاوي؟
أحمد منصور: مع عبد الناصر.
فريد عبد الخالق: مع جمال؟
أحمد منصور: مع جمال.
(12/204)
فريد عبد الخالق: بقيتها فهو يعني أنا قلت له إن صحح نظرتك للقضية عشان ممكن حلها ما تصرش على إن.. إن لم نندمج فنحن أعداء ليه إنما نحن نتعاون مع بعض بما فيه مصلحة البلد والتعاون وارد ومش لازم معاه الذوبان وأنا قلت لك الذوبان غير وارد ومش ممكن لأن ده له طبيعة وده له طبيعة تانية، قال لي حاجة تانية إنتو بتحرجوني غير العصاة إيه بنحرجك تاني بعد العصيان ده قال لي بتطالبوا بحياة نيابية وأنا لو علمت انتخابات النهاردة هيجي النحاس قلت له طب وماله هو إنت جاي تفرض وصايتك على.. إنت بتقول مفيش حد وصي على الثورة وإنت جاي تعمل وصي على البلد ما البلد حرة ولها إرادة حرة والشعب يملك نفسه ويختار من يشاء وصندوق الانتخاب هو حر يعني يقول صوته وبعد ما يقول أرادته تتنفذ وإحنا جايين عشان كده وإحنا أيدناك عشان كده بالعربي، فإنت النهاردة نكلت نكولا شديدا وأنكرت على الشعب حقه الطبيعي الدستوري وحقه الطبيعي بتقول يجي النحاس ما يجي النحاس والبلد تحرر أفرض حتى غلط قال وكأني بقي وكده يبقي إحنا عملنا إيه بقي لما يجي النحاس يبقي إحنا عملنا إيه قلت له يبقي إنت عملت الجزء الأولاني إنك إنت واجهت معاه مشاكله وهتساعده على إن الحكم.. الانتخابات انتخابات نزيهة ويبقي الحكم أحسن مما كان إنما ده متقدرش تسلب إرادة الشعب وحقه في إنه يحكم نفسه وإلا يبقي إنت خرجت عن مبادئ الثورة كلها ونقضت اللي بيننا وبينك من اتفاقات أساسية، طبعا فهو طبعا زعل من الحكاية دية وقال لي الله يعني قلت له لا يعني ده الرأي الصحيح قال يا أخي أنا يعني كلمني في أمور من النوع ده وحاولت إن أنا يعني زي ما تقول أناقشها مناقشة موضوعية وبروح أخوية بنية تفادي الصدام وكنت مؤمن إن ممكن تفادي الصدام إنما للأسف كان أتغير تاريخ البلد لو حصل تصالح ما بين السلطة والشارع وزي ما كان الأول وتقبل الإسلام وتقبل ومشي في الطريق الصحيح ده وكانت البلد النهاردة وطنية إسلامية(12/205)
وعلى قلب رجل واحد مسيحيين ومسلمين لإن كان المسيحيين كانوا مرحبين وزي ما قلت أنا موقفهم من الإخوان حتى أيام الثورة.
أحمد منصور: إلى إي شيء انتهى هذا الاجتماع؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
اختلاف الإخوان وعبد الناصر
أحمد منصور: إلى أي شيء انتهى هذا الاجتماع؟
فريد عبد الخالق: أه انتهى، انتهى عن طريقه هو لما طال المناقشة محاولة إنه هو يعني زي ما تقول يعني يفرض عليّ الإقناع بوجهات نظره وإلا فنحن أعداء يعني من ليس معي عدوي ما أنا موفقتوش للاندماج في هيئة التحرير ولا وافقته في إنه يعطل الانتخابات ولو حتى يجي النحاس فاعتبر دي صدمة لأمور جوهرية وكأنها هي قلبت المائدة على.. رأسا على عقب، فلما أعياه يعني المسايرة المنطقية في مناقشة المواضيع قال لي أنا هقولك على في نفسي وأخلص حتى أنا قلت له يا أخي أنا بقى لي ساعة وشوية عشان أوصل للي في نفسك ده ونخلص قولي إيه اللي في نفسك قال لي اللي في نفسي بقى إن أنا في وضع وأنا أشهد الله أن أنا أستعمل ألفاظه قال لي أنا يعني استقر في نفسي فكرة استولت عليّ إن أنا أستطيع خلال فترة وجيزة لا تتجاوز سنتين أو تلاتة بالكثير أبقي في وضع أستطيع إن أنا أملك ناصية الأمور بحيث لو أتك على زر البلد توقف ولو أتك على زر البلد تقعد.
أحمد منصور: هكذا؟
(12/206)
فريد عبد الخالق: أينعم، فأنا الحقيقة لما كشف عن نفسه بهذا المفهوم الذي له دلالة لا يختلف عليها اتنين أنا فُجعت.. فُجعت مكنتش ما تصور أمور يعني أنا عارف إن عنده توجه للسلطة بس مش للدرجة دية فأنا قلت له إذا بلغنا بقى فأنا أحب أقولك إن هو ده بقى اللي بيسموه الاستبداد وهو ده اسمه الحُكم المطلق وهو ده بقى اللي مُخالف تماما لكن ما بيننا وبينك في علاقتنا بالثورة وأحب أقول لك حاجة اللي إنت مُقبل عليه ده غلط وسيؤكد لك غلطه مش فريد عبد الخالق لأن دي بتقول فكرة بتقول استولت عليّ وأصبحت مسيطرة ويعني إذا إنت ماض في طريقك ولن يوقفك أحد ولن يمنعك شيء خلاص ما الحيلة بقى يبقى ده قدر البلد بقى مادام إنت خدت الموقف الاستبدادي ده وأصريت عليه ومش عايز تسمع شورى هعاملك إيه، أنا هعاملك إيه فقلت له الذي سيحكم يا جمال بيننا وبينك إذا ده كان.. لأن قال لي في آخر كلمة حتى.. لله يعني أنا مش عارف ده صح ولا غلط يعني بعد ما قال تصوره..
أحمد منصور: هو قال لك هو مش عارف.
(12/207)
فريد عبد الخالق: أي والله قال حتى أنا مش عارف ده صح ولا غلط قلت له كويس قوي اللي هيفصل بينا هل هو صح أو خطأ التاريخ وكان دي آخر كلمة واللي حضرتك بتقوله في أثناء كلامك ذكرتني أثناء ما جرى التحقيق معايا لما قُبض عليّ في 1954 وأجراه معايا محققين ومن الضباط غير النيابة قالوا لي كلمة عجيبة قوي قالوا لي إحنا في بقي باعتبارك إنت يعني من صميم الإخوان وملم بالأوضاع وليك صلة بجمال كان شيء معروف إحنا عندنا سؤال كضباط محيرنا وعايزين نسمع جوابك منه إحنا بيقال لنا إحنا بنراجع جمال يقولنا إيه منين التأييد ده المطلق وإن همَ كذا وبتدربهم وإن .. وساعة الصفر عارفينها قبل ما تكون وكذا وكذا ومرة واحدة قلبت ظهر المجن لهم والنهاردة أصبحوا في موقف عدائي لهم وأصبحت الأمور مقفرة يعني سألوه.. سألوني إيه إحنا مش عارفين نفهم إزاي حصل الـ 180 درجة دي حصلت إزاي من تأييد مطلق إلى عداء مطلق إلى صدام قائم مش عارف ممكن تقول لنا إيه الحكاية دية وعلى فكرة إحنا مش بنحقق معاك وادي دفاتر التحقيق طوينها وطووها.
أحمد منصور: تسمح لي أسمع منك بس..
فريد عبد الخالق: بس إحنا زاي مع حضرتك سألتني أنا عايز..عايزين نفهم إحنا عايزين في لغز قُدمنا هو بيقولنا كلام مش مقنع.
أحمد منصور: ممكن تحللنا هذا اللغز في بداية الحلقة القادمة؟
فريد عبد الخالق: إن شاء الله.
أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الختام أنقل إليكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/208)
الحلقة11(12/209)
الأربعاء 27/12/1424هـ الموافق 18/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 09:16(مكة المكرمة), 6:16(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 11
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
15/2/2004
- أسباب انقلاب عبد الناصر على الإخوان
- رفض الاندماج مع الثورة
- ورطة الإخوان وذكاء عبد الناصر
- انقسام الجماعة في موقفها من عبد الناصر
- فصل التنظيم لعدد من الأعضاء
- صمت الإخوان أمام ما يتعرضون له
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق أحد مرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: أهلا بكم.
أسباب انقلاب عبد الناصر على الإخوان
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند السر الذي ستكشفه عن سبب انقلاب عبد الناصر من صديق حميم إلى عدو لدود للإخوان.ِ
فريد عبد الخالق: سؤال يحتاج إلى إجابة أرجو أن تكون.. إن لم تكن شافية كافية أن تكون يعني قريبة إلى يعني للتقبل، هناك أمران الأول..
أحمد منصور: الأول قول لي.. أربط لي هذه بقصة التحقيق معك لأنك كنت تكمل أن الضباط هم الذين سألوك هذا السؤال.
(12/210)
فريد عبد الخالق: أينعم عندما أجروا معي التحقيق يعني فئة.. مجموعة من الضباط في أثناء اعتقالي وسألوني عن أشياء كثير لغاية لما شارفنا النهاية وقفوا بي عند سؤال يحيرهم وصارحوني وطلبوا إليّ الإجابة وتأمينا لي يعني من مغبة الكلام من ناحية أن يقعوا تحت طائلة مُسائلة قانونية، قالوا إحنا ليس الآن بصدد التحقيق وأهي الدفاتر أهي بتاعت التحقيق طويناها وطووها فعلا، قالوا لي إحنا كأشخاص يحيرنا فعلا كضباط كيف الأمور وصلت بين الإخوان وبين جمال عبد الناصر إلى هذا الوضع بعد ما كنا يعني نعرف منه شخصيا بأنها علاقة حميمة والتأييد كافي وكلنا مقتنعين وجدنا تشويه للصورة واتهام لكم وتغير في الموقف جذري إلى عداء واضح يعني فتفسير للـ.. فأنا قلت لهم يحضرني أنا يعني كما حضرته قالت له والله هو هناك أمران، الأمر الأولاني إن إحنا كإخوان لم تكن الأمور على أحسن ما ينبغي أن تكون عليها علاقة من الداخل بحيث الأمور تُمحّص.. والقرار..
أحمد منصور: وضعكم أنتم كإخوان.
فريد عبد الخالق:أه، فقلت لهم مثلا صلاح شادي الذي كان يعني الحميم في.. القريب..
أحمد منصور: وهو زوج أختك.
فريد عبد الخالق: لم يكن هو عضو مكتب..
أحمد منصور: إرشاد.
فريد عبد الخالق: فكان بعيد عن.. إنما هو كان مُكلّف بأنه هو يتابع ويبلغ مع حسن العشماوي كحلقة اتصال بين الثورة، الحاجة الثانية إنه هو استطاع فعلا إنه هو يكسب ثقة صلاح شادي رحمة الله عليه يعني كسبا كاملا لدرجة أنا شخصيا خالفت في جلستنا مرة بعد كده قريبة يعني رؤيته للأمور إنه هو كان يرى إن إحنا ممكن جدا نجاوب عبد الناصر في إن إحنا هيئة التحرير والإخوان فعلا لا داعي إن يعني يوجد سيفان في مزود ويحصل خلاف.
أحمد منصور: يعني هذا اسمح لي..
فريد عبد الخالق: يعني ده رأيي مثلا ما هو كان هو اللي بيتصل.
أحمد منصور: بس الرأي ده يعكس خلل في الفهم.
(12/211)
فريد عبد الخالق: ما قلت له، ما إن أنا خلفته فهذا فهم خاطئ لأن وده يقع فيه كثيرين عندما لا يفرقون بين العمل الدعوي والعمل الحزبي، فيه نقط اتصال إنما كان فيه نقط اختلاف وطبيعة مختلفة يعني ممكن الدعوة يرجع عنها حزب..
أحمد منصور: بس أستاذ فريد في المرحلة دي إنتوا لا بقيتوا دعاة ولا بقيتوا حزب، لا بقيتم جماعة دعوة وإهتميتم بالتربية وبالدعوة ولا تحولتم إلى حزب سياسي.
فريد عبد الخالق: ما أنا هقول لحضرتك حاجة هي كل دي أسئلة أنا أرحب بها لأنها بتزيد تمحيص في الأمور وإحنا عايزين فعلا نوصل، إحنا الحقيقة كنا في مرحلة الدعوة زي ما تقول بتمارس عمل سياسي، فبتمارس عمل الحزب إنما مهياش حزب يعني دي عملية يمكن شوية عايزه.. فبتبقى يعني الأمور تختلط عند البعض قد يعني يتمشى فيه بعقلية حزبية اللي جوه الجماعة وشايف أمور سياسية يدي السياسة حقها ويمكن يعمل كذا وكذا ولازال الوضع الدعوي اللي هو إقامة مبادئ وتدعيم قيم وتوضيح صلة بين كذا يعني هي طبيعة مقتربة.. أكثر انتماء لطبيعة الدعوة منه إلى الحزب فحصل في المرحلة دي اللي هي مرحلة دقيقة اللي هي ممارسة العمل السياسي من قِبَّل الدعوة يعني عملية تسييس أو العامل السياسي إنما..
أحمد منصور: حسن البنا كان يمارسها ولكن أيضا لم يغب عنها يعني كانت الأمور واضحة في عهد حسن البنا بعد حسن البنا الإخوان إتلخبطوا.
فريد عبد الخالق: لا حضرتك، بعد حسن البنا مش مسألة الشخص بعد حسن البنا طبيعة اللي زي ما تقول..
أحمد منصور: ليس الشخص ولكن المرحلة والممارسة.
فريد عبد الخالق: المرحلة دقيقة شوية ليه؟
أحمد منصور: كأنه لم يكن هناك وضوح كامل لدعوة الإخوان ولفهم الإخوان إلا عند حسن البنا.
(12/212)
فريد عبد الخالق: لا، هي يعني أنا أقول لحضرتك حاجة هو الوضوح موجود الحقيقة يعني لإن أنا شخصيا أحد الذين عاشوا حسن البنا وحسن الهضيبي بعده وعندي وضوح الحمد لله وغيري عنده وضوح أكثر يعني مش مسألة جري فإحنا فهمنا دعوتنا وعرفنا أهدافها وعرفنا طبيعتها وعرفنا وسائلها وعرفنا إحنا رايحين فين وعايزين إيه النهارده وبكرة وإيه ترتيب أولوياتنا واضح هو..
أحمد منصور: كيف هذا وعبد الناصر كان يتلاعب بكم كل يوم وإنتوا مش عارفين إنتوا عايزين إيه؟
فريد عبد الخالق: لا هو ما أنا هأقول لحضرتك حاجة الظروف اللي استجدت أحيانا الإنسان نفسه وهو صاحب يعني قضاياه وله فكرة وعقلة تستجد عليه من الظروف المحيرة تجعله يعني في وضع قلق أو اضطراب، الثورة نفسها لما حصلت والملك والعهد وانتهى بكل نظامه وأصبحنا بصدد نظام جديد لسه لم يتبلج تبلج كافي والأمور يعني في فترة انتقالية بتستدعي دي نوع زي ما تقول من عدم الوضوح في الرؤية وعدم التحديد في المعالم شوية فيُعذّر الناس، بعيد عن التماس العذر لأن إحنا مش عايزين كأننا بنعمل محكمة وندين وعايزينه يدافع عنا أنا عايز أقول إن العلاقة اللي بين الهضيبي كمرشد مسؤول مكنش بلغت الإحكام الكافي بحيث يحصل..
أحمد منصور: بينه وبين مين؟
فريد عبد الخالق: بينه وبين نفس القيادات.. لسه حديث عهد بها خالص مقعدش سنة معانا زي ما تقول قادم جديد يعني رغم إنه عارف الفكرة وعارف الدعوة فدية عملة يعني مثلا لما حصل الخلاف ودخلنا السجون والمعتقلات..
أحمد منصور: أستاذ فريد متسبقليش المراحل، لا تسبق المراحل بالنسبة لي، الآن بتقول إن الضباط سألوك وقول لي قلت السبب الأولاني اللى هو..
فريد عبد الخالق: إنه لسه قلت له كان يعني..
أحمد منصور: العلاقة بين الإخوان لم تكن هناك أزمة داخلية.
(12/213)
فريد عبد الخالق: لِجِدة المرشد وعدم تعرفه بالإخوان وليس فكان يعني مثلا حسن العشماوي وكان صلاح شادي باعتبارهم هم اللي بيتصلوا اتصال مباشر يعني توغلوا في الصلة أكثر مما يعني بقية الجماعة فيه سبقوها فأصبح فيه كأن جوه نفس جوه التحرك والحركة أصبح فيه شيء جديد بيعمل تأثير ذاتي على المسار وعلى الخطة لدرجة إن أنا أحد الذين تدخلوا بين حسن الهضيبي وبين صلاح شادي لتقريب وجهات النظر لأن حصل زي نوع من.. بدأت زي ما تقول رؤية شخصية أكثر منها رؤية الدعوية العامة.
أحمد منصور: مِن قِبًّل مَن؟
فريد عبد الخالق: من قِبَّل الأخ صلاح رحمة الله عليه فاعترض عليه لإن كان..
أحمد منصور: في جزئية أية بالضبط؟
فريد عبد الخالق: في جزئية التوغل اللي في التأييد بدون يعني التزام كافي يعني بيعتبر الالتزام ده يعني كأنه بيحط عقبات في سبيل.. تصوره كده، يعني مثلا زي ما قلت لحضرتك أنا إنه رأى إنه إحنا ومالوا أما نندمج هذا التحريب مع الإخوان وتنتهي الدعوة بالاندماج وطبعا ده أي إنسان بيفكر تفكير..
رفض الاندماج مع الثورة
أحمد منصور: لماذا رفضتم الاندماج؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: لماذا رفضتم الاندماج؟
فريد عبد الخالق: ما أنا رفض قلت لك أنا حضرتك دي طبيعة ودي طبيعة يعني بدليل إن هيئة التحرير نفسها اللي عملها عبد الناصر هو مرضاش عنها وحلها.
أحمد منصور: السبب الثاني إيه؟
فريد عبد الخالق: السبب الثاني إن عبد الناصر كان يحذق إخفاء ما عنده ويستطيع إنه هو يتعامل معك بظاهر غير الباطن وأنت قد تجد..
أحمد منصور: دهاء.
فريد عبد الخالق: يعني أنت يمكن..
أحمد منصور: هذا دهاء سياسي.
فريد عبد الخالق: عنده كان.. لم يكن يعني اعتبره دهاء سياسي بس أنا باعتبره مكر سيئ وربنا قال {ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} إلا بأهله وموجود..
أحمد منصور: أي مكر سيئ حكم البلد 16 سنة.
(12/214)
فريد عبد الخالق: لا المكر السيئ بأن هو يعني يتفق معك على أمور ثم يمكر بك ليأخذك في طريق آخر..
أحمد منصور: إنتوا اللي بتتعاملوا بحسن النوايا وبساذجة سياسية.
فريد عبد الخالق: يعني لك أن تقول هذا ولغيرك أن يقول أيضا.
أحمد منصور: الواقع التاريخي.. المعطيات كلها بتقول كده.
فريد عبد الخالق: بس أنا مبيهمنيش النهارده أنا يعني دي الحكاية دي أكثر يهمني إن أنا مفرطش في المبادئ الأساسية بصرف النظر أنا حسن النية تقدم إن أنا أعطيت ثقة أكثر من اللازم دي خطأ إنما أنا لم أتحول.. لم أتغير عن إن من حق الشعب إنه يحكم حكم نيابي ودي نقطة الخلاف اللي خلت عبد الناصر يطارد محمد نجيب ويطارد آخرين ويطاردنا لأنه كان مصر إصرار كلي على السيطرة والحكم الفردي.
أحمد منصور: أفصح لكم عما يريد في 29 ديسمبر 1952 وقال لكم أريد الشعب يقوم بزر وينام بزر ونجح بعد عامين أن يفعل هذا.
فريد عبد الخالق: ما أنا قلت أنا يوم..
أحمد منصور: وأنتم طوال عامين متنازعين فيما بينكم ومختلفين.
فريد عبد الخالق: أنا هأقول لحضرتك أنا أول ما حضر الحديث ده أنا اعتبرته إنه هو حديث خطير لأنه حديث زي ما تقول له دلالة كاشفة كبيرة.
أحمد منصور: طب ما الذي فعلتموه تجاه هذا الحديث؟ عن ماذا كشفت الأمور؟
فريد عبد الخالق: أخذنا الحذر أكثر يعني.. أخذنا الحذر لدرجة إن إحنا أعلنا الخلاف ودخلنا المعتقلات وحصل الإعدامات.
أحمد منصور: لسه يا أستاذ فريد أنا لسه في ديسمبر 1952.
فريد عبد الخالق: بس بقول إنها النتائج.. ما هي الأمور لها نتائج.
أحمد منصور: لا النتائج دي.. في أكتوبر 1954 ويناير 1954.
فريد عبد الخالق: حضرتك بتسألني عن إيه اللي حصل بقول لك اللي حصل إنه دفعنا الثمن.
أحمد منصور: إنتوا انتظرتم الآن كأن واحد قال لكم سآتي بالسكين وأذبحكم فاصطففتم صفا واحدا تنتظرون دوركم حتى تُذبّحوا، أليس هذا الذي حدث؟
فريد عبد الخالق: لا ليس هذا.
(12/215)
أحمد منصور: كان في يدكم أن تقوموا بتغيير الأمور.
فريد عبد الخالق: آه أهو الذي كان في يدنا إن إحنا نعمل ثورة داخلية على الحركة بتاعت الجيش ودي اللي إحنا فعلا تحرزنا فيها ونفس حسن الهضيبي أضطر لما لقي الخلاف استحكم هو ركب رأسه وعايز يخش بقى بعد المحاولة اللي هو بتاعت 1954 اللي هيجي وقتها بعدين يعني التغيير من الداخل..
أحمد منصور: أصل أنا الزمن عنصره مهم عندي أنا ليه ماشي معك يوم بيوم لأن في هذا الوقت كان عبد الناصر ضعيف واللي حدث في مارس 1954 حينما أُجبِر في 25 مارس 1954 على أن يقبل العودة للثكنات والضباط والحاجات دي دليل على إن الوقت كان مبكر على إنكوا تفعلوا شيء وكما تقولون أنتم إن مطالب الشعب الحياة النيابية هذه وهذه الأشياء كان يمكن أن يتحقق في هذا الوقت، في يناير 1953 صدر قرار بوقف عمل الأحزاب.
فريد عبد الخالق: والله يعني السؤال بيخليني أنا شخصيا أقف يعني موقف برضه مش سهل معك.
أحمد منصور: ما هو لابد أن..
فريد عبد الخالق: يعني أنا دلوقت وحضرتك بتكلمني وأنا بتكلم لا أخفي عنك إن أنا اعتبرت إبراهيم كروم اللي قاد المظاهرة وأرغمهم على إنه يحضروا شنطهم عشان يتركوا البلد كان أحصف من عبد القادر عودة قال لهم روحوا.
أحمد منصور: ده في 28 فبراير 1954 أنا هاجي لها.. سآتي لها، أنا في يناير 1953 صدر قانون.. لأن انتهت جلسة 29 ديسمبر على لا شيء قعدت مع عبد الناصر وتكلمت معه وفي جلسة 29..
فريد عبد الخالق: ودخلت طبعا للمرشد دخلت للإخوان كلهم.
أحمد منصور: حتى حسن العشماوي قال جملة مهمة جدا في هذا الاجتماع عبد الناصر قال.. حسن العشماوي قال إن السادات انتحى به جانبا يبدو إنكم حينما كنتم تجلسون كان كل اثنين بيقعدوا في ركن يتكلموا مع بعض هذا كان شكل الجلسة؟
فريد عبد الخالق: والله هم كانوا في حالهم أنا انفردت به فعلا.
(12/216)
أحمد منصور: يعني كان كأن يعني أنت تأخذ عبد الناصر في جنب السادات يجلس مع حسن العشماوي مثلا في جنب.
فريد عبد الخالق: السادات مكنش موجود.
أحمد منصور: لا كان موجود في الجلسة دي.
فريد عبد الخالق: يتخيلي لا بتاعت البيت دي مكنش موجود، هو جاء حضر سلمه ورق ومشي.
أحمد منصور: جايز في الفترة اللي جيه سلم ورق ده قعد دردش شوية مع حسن العشماوي.
فريد عبد الخالق: يجي إزاي وماكنش من الأول.
أحمد منصور: لأن حسن العشماوي قال إن يعني إن السادات قال له الذي سيقف في طريق عبد الناصر سيعني..
فريد عبد الخالق: شوف الطبيعة يعني إذاً إحنا..
أحمد منصور: أو أن الذي سيعادي جمال سوف يأكله بنص الكلام اللي قاله السادات لحسن العشماوي.
فريد عبد الخالق: ده صحيح.
أحمد منصور: الآن أنا في يناير 1953 صدر قانون حل الأحزاب السياسية في يناير 1953.
فريد عبد الخالق: ياريت أنا عشان أكمل حديثي الأولاني يبقى مع الضباط اللي حققوا معي.
أحمد منصور: طب إتفضل، لا كمله.
فريد عبد الخالق: الأولاني والثاني حاجة تتعلق بالإخوان إن إحنا مكناش كذا والحاجة الثانية به هو ونواياه وإنه كان مُصِر على إن يحيا حاكم مستبد وحكم شمولي وده مخالف معنا خلاف.. وتكشف مرة واحدة وعمل لنا فزع إحنا حسينا إننا في نكبة وإن خطر بيتهدد البلد والأجيال الجاية يعني فعلا ومن يومها أنا فعلا بعتبر إن فيه نوع من المسؤولية.
أحمد منصور: على الإخوان.
فريد عبد الخالق: على الإخوان.
أحمد منصور: أية شكل المسؤولية دي قول لي بقى؟
فريد عبد الخالق: والله هي مسؤولية أدبية أكثر منها مسؤولية..
أحمد منصور: إزاي أدبية؟
فريد عبد الخالق: لا أدبية.
أحمد منصور: إنتوا ماكنتوش مجرد وعّاظ إنتوا كان معكم قوة كان معك شعب لدرجة إن عبد الناصر قال..
(12/217)
فريد عبد الخالق [مقاطعاً]: يعني هأقول لحضرتك حاجة عشان أحددها كان ينبغي وقد جرى اتفاق على شروط مبرمة بين إن الثورة والإخوان إن مطالب الشعب من الثورة هي كذا وكذا وكنا لازم نجتمع بحيث وقت اللزوم لأنه هو تنكر لها قال ما فيش اتفاق كنا أبرزنا الوثيقة دي وقلنا له لا يبقى أنت خائن وممكن نستعدي الشعب عليك أقول الرجل ده اللي جِه قاد الثورة وعد بكذا وأدي إمضاؤه وتوقيعه..
أحمد منصور: من غير إمضاء وتوقيع كان ممكن تستعدوا الشعب بدون إمضاء وتوقيع.
فريد عبد الخالق: ما هو يعني كانت هتعمل إيه أكثر من كده.
أحمد منصور: استعديتوا الشعب بعديها بسنة ونصف في 28 فبراير 1954 والشعب خرج معكم في مظاهرة ضخمة كبيرة وُصِفت بأنها كانت من أكبر المظاهرات التي قامت بعد سنة 1952.
فريد عبد الخالق: ده صحيح وكان ممكن تؤتي ثمرها وتغير التاريخ إنما بقه اللي حصل قلت لك أنا اللي حصل.
أحمد منصور: كنتم دائما تجلسون تنتظرون ما سيأتي به عبد الناصر في الجلسة القادمة دون أن يكون لديكم برنامج وكان حسن العشماوي وصلاح شادي يرتبون كل شيء وأنتم تجلسون للدردشة وليس هناك شيء.. برنامج لدى الإخوان، هذه مسؤولية تاريخية كبيرة على الإخوان.
فريد عبد الخالق: بس أنا والله يعني إحقاقا للحق يعني إن الإخوان كدعوة وكحركة ولهم مسؤولين ويعني يباشرون ويراجعون أمورهم بقدر المتاح ما خسروا إنما هي فيه جزء فعلا يجب أن يعني يوضع في الاعتبار إن كان هناك خطر مُقنَّع وكان فيه إنسان غير سوي.
أحمد منصور: ولم تتخذ أي إجراءات لمحاولة استدراك هذا الخطر، انتظرتم دورك في الذبح كما يقال.
(12/218)
فريد عبد الخالق: لا إحنا الحمد لله لا إحنا يعني بنعتبر نفسنا يعني ليكن من قال إن إحنا ذُبِحنا أنا شخصيا بقول إن إحنا ما استطعنا من خير قدمناه أيام حسن البنا ثم لما حصل الثورة وحصل التغيير ده بقدر التعاون اللي فيه مصلحة البلد.. الوطن التزمنا فلما خرج الطرف الآخر خرجنا وتحملنا يعني دفع الثمن في المعتقلات والإعدامات اللي حصلت الحقيقة يعني إحنا..
أحمد منصور: تصرفاتكم.
فريد عبد الخالق: ولذلك إحنا بنقول إيه إحنا يعني في مرحلة الدور الأول ما أقدرنا الله عليه من خير عملناه وفي الدور الثاني اللي هو الابتلاء ما أقدرنا الله عليه من صبر وثبات وعدم وتغيير علمناه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا لا أريد أستبق الأمور إلى الابتلاء لأن أيضا أنتم صنعتم بأيديكم الابتلاء بأنفسكم بمواقفكم وبتصرفاتكم، في 13 يناير 1953 صدر قانون حل الأحزاب وكتب أحمد أبو الفتح في كتابه جمال عبد الناصر يقول إن جماعة الإخوان المسلمين كانت الحزب الوحيد الذي يؤيد الجيش والذي لم يكن قرار الحل قد شمله، هذه إدانة تاريخية لكم صح؟ إدانة تاريخية لكم.
فريد عبد الخالق: اللي بتسميه إدانة دية يعني أنا أتقبله منك لإن أنا مقدرش أتصدى للرأي الآخر إنما أنا بعتبره، هل كان بوسعنا يعني إحنا ماذا أنا إذا كان فيه مصلحة تجمع أطراف مسؤولة في البلد لتقريب مصلحة عامة..
أحمد منصور: تجتمعوا مع القوى السياسية الأخرى ويكون هناك موقف، هذا موقف يتعلق بالحياة البرلمانية في مصر كلها مش بالإخوان لوحدهم وكمان كان هناك تصعيد ضدكم وكان يجب أن تدركوا أنكم جزء من المرحلة.
فريد عبد الخالق: بس إحنا عارضنا، دا أنا متذكر إحنا عارضنا حل الأحزاب وقلنا بكرة يجي الدور علينا يعني إحنا قلنا كده.
أحمد منصور: اللي عارض ده بعض الناس في الهيئة التأسيسية ولكن لم يصدر إجماع من الإخوان بالعكس الإخوان صدروا.. كثير من الإخوان قالوا إن دي أحزاب فاسدة وحلها مطلوب.
(12/219)
فريد عبد الخالق: والله كلنا يعني حل الأحزاب، لا ليكن بس القرار الرسمي اللي إحنا كنا في المكتب ومسؤولين عنه إن إحنا لم نقر حل الأحزاب وقلت إن الدور هيجي علينا.
أحمد منصور: أنا لم أجد سوى اعتراض من الدكتور توفيق الشاوي حول هذا الموضوع وقال لكم ستُأكَلون يوم أُكِل الثور الأبيض ومحدش سمع كلام توفيق الشاوي، فيه ورطة كبيرة جدا تورط فيها الإخوان في شهر فبراير سنة 1953.
فريد عبد الخالق: نعم؟
ورطة الإخوان وذكاء عبد الناصر
أحمد منصور: ورطة كبيرة تورط فيها الإخوان في شهر فبراير سنة 1953 حينما عُرِض عليهم الاتصال بالمستر إيفانز المستشار الشرقي في السفارة البريطانية وقام واحد أسمه الدكتور محمد سالم للتوسط بين الإخوان وبين إيفانز وفي تسعة فبراير أجتمع صالح أبو رقيق أجتمع - لا في تسعة فبراير - كلف المرشد حسن الهضيبي اثنين من الإخوان بالاجتماع مع المستر إيفانز وأجتمع هو في 25 فبراير معه وفي 22 فبراير اجتمع مع جمال عبد الناصر، إيه اللي دخل الإخوان على الخط وهم ليسوا جزء من الدولة الآن؟ كان هناك مفاوضات طبعا مع الحكومة.
فريد عبد الخالق: اللي دخل الإخوان.. وإحنا دخلنا وأنا حضرت محمد سالم وحضرت..
أحمد منصور: طيب قولي بقى أنت كشاهد.
فريد عبد الخالق: والرجل كان بيقول إن إيفانز والحكومة البريطانية ما بتكتفيش بالآراء الرسمية وعارفين إنكوا إنتوا قوة شعبية وعايزين يشوفوا إيه رأيكوا في المعاهدة وإلغاء المعاهدة والصيغة اللي هتبقى إيه، فكان اللي استأذنا يعني عبد الناصر علم رسميا بأن إيفانز طلب إن إحنا بنقول له، ما رأيك؟ فقال لا، لا مانع لإن دا بالعكس يزيد فرصي لما تضغطوا عليه إنتوا يزيد فرص كسبي للبلد.
أحمد منصور: ألم تكن تدركون أن عبد الناصر يمكن أن يورطكم بهذه العلاقة كما ورطكم بها من بعد؟
فريد عبد الخالق: والله يعني كل اللي بينا وبينه إن إحنا أخبرناه حتى لا يُفاجأ ليس من وراء ظهره.
(12/220)
أحمد منصور: ألم يكن يعني هذا التصرف عفوا أيضا سذاجة سياسية؟
فريد عبد الخالق: لا إحنا كنا بنقول.. أصل هو قد يكون مقيد اللي على الحكم دايما مقيد شوية إنما اللي في الشارع بيبقى حر أكثر يقدر يقول رأيه فإحنا قولنا لإيفانز الجلاء الناجز الشامل الكامل اللي بدون شروط زي ما إنتوا عايزين ده الوحيد اللي ممكن الشعب في الحركة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حضرت الاجتماع مع إيفانز؟
فريد عبد الخالق: حضرت الاجتماع مع سالم.
أحمد منصور: مع الدكتور محمد سالم، لكن لم تحضر مع إيفانز؟
فريد عبد الخالق: لا.
أحمد منصور: لم تكونوا تدركون أن هذه ورطة ستتورطون فيها فيما بعد أو فخ نُصِب لكم؟
فريد عبد الخالق: لا والله ورطة ليه، إحنا بالعكس إحنا كلامنا نفع عمليا نفع لإن هو يعني هم تفهموا.. هم عارفين الثورة جات من الشعب هو نفسه عبد الناصر جيه نتيجة الثورة الوطنية والملك راح نتيجة الثورة الوطنية والإنجليز تدخلوا والأميركان من أجل الثورة الوطنية يعني كل التغيرات دي أصلها الشارع فهم عارفين الشارع ده اللي بيعبر عنه فعلا بقوة وبمبدأ هم الإخوان المسلمين فهم جم يشوفوا إيه الحكاية دي عشان يوصلوا لوضع مستقر أكثر وأكثر يعني إصابة لما فيه..
أحمد منصور: لم تحضر الاجتماع الذي عقد بين المرشد وبين جمال عبد الناصر حضره منير الدلة وخميس حميدة وصالح أبو رقيق وحسن العشماوي كان في 25 فبراير 1953، لم تحضره أنت؟
فريد عبد الخالق: لم أحضره.
أحمد منصور: ذكر التفصيلات الكاملة لهذا الاجتماع حسن العشماوي.
فريد عبد الخالق: عرفت كل ما جرى، عرفت كل ما دار.
أحمد منصور: في كتابه لأن أجتمع المرشد مع إيفانز بعد ذلك وكانت إحدى التهم الرئيسية للإخوان في سنة 1954 اتصالهم بالإنجليز.
(12/221)
فريد عبد الخالق: زي ما اتهم حسن العشماوي وإحنا قاعدين في قاعدة وقدموه للمحكمة باعتباره خد الأسلحة يوم الحريق، أسلحة من الدار المحفوظة فيها وحطها في عزبته أتهمه يعني إحنا كنا في السجن..
أحمد منصور: ذكاء سياسي بيلعب بكم.
فريد عبد الخالق: يعني بعد ما خد الأسلحة..
أحمد منصور: يلعب بكم، كان يلعب بكم، يورطكم ويأخذ عليكم.
فريد عبد الخالق: طبعا بيكذب.
أحمد منصور: بغض النظر سياسة.
فريد عبد الخالق: والله شوف ربنا بيقول يعني.. من ضمن الحاجات اللي لها دلالة قيمة من كلام الله الذي يعني كله صدق وكله يعني عبرة وعظة لنا بيقول مثلا {وإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ. وإن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} يعني هاعمل له إيه يعني أنا نيتي حسنة وبأخذ الاحتياط اللازم بالقدر اللي ممكن إنما هو بَيّت..
أحمد منصور: النوايا الحسنة لا تصلح في صناعة التاريخ.
فريد عبد الخالق: بيت شرا.
أحمد منصور: أستاذ فريد، النوايا الحسنة يحاسب عليها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
فريد عبد الخالق: أيوه بس أنا..
أحمد منصور: لكن إحنا لما بنيجي ننظر إلى التاريخ بننظر دائما إلى النتائج وإلى الأحداث.
فريد عبد الخالق: لا أنا معاك النوايا الحسنة لا تنفع خصوصا في الأعمال السياسية، أنا بس عايز أقول حاجة..
أحمد منصور: ولذلك أنا دايما أتذكر الإمام حسن البنا لما أجتمع بكم وعرض عليكم أن يشرك الحزب.. رجال من الحزب الوطني ناضجين سياسيا مع الإخوان لأن الإخوان لم يكن لديهم تجربة سياسية كان هذا واضح فعلا إن الإخوان عندهم ضعف في التجربة السياسية وكانوا يتعاملوا بحسن النوايا والأخوة في السياسة وهذا لا يصلح.
فريد عبد الخالق: لا مفيش..
أحمد منصور: جنوا على أنفسهم.
(12/222)
فريد عبد الخالق: لا على العموم فيما يتعلق يعني لا ننكر يعني ليست كل يعني أسباب القوة وأسباب النجاح متجمعة يعني مش معقول حتى يعني كل إنسان وكل جماعة يعني لها نقط ضعف ونقط قوة يعني والواحد بيوازن أيهما أكثر يعني ودي حاجة.. يعني الخير والشر لا يتمحضان في الدنيا إنما لما يكتر الخير بنقول ده خير يكتر الشر نقول ده شر فإحنا بنعمل نفعل ما نستطيع فأتوا بأمر يعني ما استطعتم.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: محمود عبد الحليم في كتابه، الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ، يقول أن عبد الحكيم عابدين روى له - كان سكرتير الجماعة سكرتير الأخوان - روى له أن صلاح سالم قد جاءه موفدا من عبد الناصر في فبراير 1953 - أنا لسه ماشي معك شهر شهر ويوم بيوم - مقدما عرض من عبد الناصر أن يشكل الإخوان المسلمون الحكومة كاملة، عندك فكرة عن هذا العرض؟
فريد عبد الخالق: لا ولا أنا يعني طب ده يتناقض مع الكلام الآخر اللي قاله آخرون يعني.
أحمد منصور: اللي هو؟
فريد عبد الخالق: حضرتك أنا رويت عنه الواقعة دية يعني فيه روايات متعددة.
أحمد منصور: هذه الرواية أنا أسأل عنها إذا كنت تعلم عنها شيئا.
فريد عبد الخالق: أنا شخصيا أقول لم تبلغني على الأقل وأنا أعتقد إنها أقرب إلى إنها تكون يعني ليست صحيحة أبدا.
أحمد منصور: في 12 فبراير 1953 ذكرى مرور أربع سنوات على اغتيال الإمام حسن البنا قام مجلس قيادة الثورة بقيادة الرئيس محمد نجيب بزيارة قبر حسن البنا ورافقه بعض الوزراء وكان في استقباله هناك المرشد العام وجمع غفير من الإخوان ونُشرت الصورة لمحمد نجيب وهو يبكي أمام قبر حسن البنا، حضرت هذا؟
فريد عبد الخالق: زيارة الشهيد محمد نجيب أعتقد إن أنا حضرتها تذكرت إن أنا..
أحمد منصور: حضرتها.
فريد عبد الخالق: حضرتها أه.
أحمد منصور: دي كانت بادرة بتحمل إيه لا سيما وأنه قيل..
فريد عبد الخالق: بتحمل نوع زي ما تقول أصل كان بدأ..
(12/223)
أحمد منصور [مقاطعاً]: قيل أنها كانت فكرة جمال عبد الناصر فالتقطها نجيب وهو الذي ذهب بها.
فريد عبد الخالق: أصله كان فيه صراع بين نجيب وبين عبد الناصر.
أحمد منصور: لأن عبد الناصر راح في 1954.
فريد عبد الخالق: أيوه بس سبقه نجيب وكان فيه صراع يعني زي ما تقول مُقنَّع وبعدين تكشّف بعد كده وحصل نتائجه لما يجي وقتها، المهم إن كان كل واحد منهم كان شايف إن هو عايز يعزز مكانه ودوره بأنه هو يزداد صلة بالمسلمين ويزداد منه حصوله على التأييد فهي كانت زيارة سياسية.
انقسام الجماعة في موقفها من عبد الناصر
أحمد منصور: في هذه الفترة وقع انقسام.. بدأ يحدث انقسام وانشقاق كبير بين الإخوان المسلمين داخل صفوف الإخوان المسلمين بدأ يحدث انشقاق وانقسام كبير كان هناك فريق من الإخوان مَفتُون بعبد الناصر على رأسه..
فريد عبد الخالق: سندي
أحمد منصور: عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص.
فريد عبد الخالق: وبعض أعضاء الهيئة.
أحمد منصور: بعض.. ليس بعض أعضاء الهيئة استطاع عبد الناصر أن..
فريد عبد الخالق: يستقطب
أحمد منصور: يستقطب حوالي 60% من أعضاء الهيئة التأسيسية في الإخوان.
فريد عبد الخالق: ستين دا مبالغ فيه مافيش ستين لأنهم كلهم ما يطلعوش..
أحمد منصور: هم كانوا 130 كان بيحضر منهم حوالي مائة مثلا في الاجتماعات..
فريد عبد الخالق: اللي كانوا بيجتمعون في مكتب المنياوي.. حلمي المنياوي.
أحمد منصور: طيب هؤلاء كان عددهم كبير، كان عبد الناصر بيستقطبهم بيستقبلهم وفي نفس الوقت انقسم الإخوان حتى إن عبد القادر عودة كان يناصر عبد الناصر واضطر المرشد أن يعين خميس حميدة نائبا للمرشد لأن كان المرشد يعادي عبد الناصر وكان وكيل الإخوان اللي هو عبد القادر عودة كان يؤيد عبد الناصر، هذه الصورة صحيحة؟
(12/224)
فريد عبد الخالق: كان فيه بين.. فعلا يعني محاولة ووجدت استجابة يعني كان فيه محاولة هادفة أغراضها ظهرت فيما بعد من جمال عبد الناصر إنه يستقطب ما أمكن من قوى داخل الصف.
أحمد منصور: ما الذي يكشفه هذا في صف الإخوان؟ انقسامات على مستوى قيادات كبيرة وشخصيات ممن رباها حسن البنا انقسام، المرشد في نفس الوقت يعني لا يُحكِم قبضته على قيادة الجماعة بشكل قوي، فيه انفلات وتفلت فيه انقسامات.
فريد عبد الخالق: أنا قلت لحضرتك حاجة في الأول فيه يعني ما يشابه أو فيها ما يصلح إن ماكنش فيه الفترة الكافية لإحكام لسبب أو آخر وكان فيه تفلت، الحاجة الثانية اللي توضع في الاعتبار إن كان التيار العام تيار محاولة عامة من الجميع تفادي الصدام يعني ده كان عند الجميع والهضيبي نفسه وكلنا مش عايزين صدام فالإخوان اللي كانوا بيلبّوا دعوة عبد الناصر كانوا برضه كلها ماشيين في الخط اللي إحنا كلنا.. لأن محدش مننا كان حريص ولا ميال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: استطاع عبد الناصر أن يستقطب كبار قيادات الإخوان.
فريد عبد الخالق: ما هو أنا هأقول لحضرتك يعني هو حاول يستقطبهم..
أحمد منصور: حينما يستقطب عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص والنظام الخاص
فريد عبد الخالق: بس أنا هأقول لحضرتك حاجة، ما أنا هأقولك حاجة..
أحمد منصور: حينما استقطب وكيل الجماعة وأعضاء من مكتب الإرشاد ثلاثة وما يقرب من نصف الهيئة التأسيسية ما الذي بقى، الآن ليس للمرشد قدرة على أن يسيطر على الجماعة ويقودها.
فريد عبد الخالق: أنا هأقول لحضرتك حاجة، أولا كان فيه توجه عام بإن التقارب بيننا وبين الثورة يعني فيه تفادي للصدام وهذا مطلوب من الكل، بدليل إنه يعني عليه أدلة كثيرة من نفس عبد الناصر.
أحمد منصور: لم يحدث التقارب بين الإخوان وبين الثورة من أول يوم، من أول يوم والاجتماعات كلها فيها مفاصلة.
فريد عبد الخالق: لا كان فيها كنا بنحضر..
(12/225)
أحمد منصور: نصوص الاجتماعات يا أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: يعني كان لما يكون بيروح بلد..
أحمد منصور: بتقعدوا مع بعض لكن كل منكم يضمر للآخر..
فريد عبد الخالق: ما هو التي يعني.. إيه المطلوب علشان يتعمل أكثر من كده أصل حضرتك..
أحمد منصور: ماكنش عندكم وضوح إنتوا في الرؤية، عبد الناصر عارف هو بيعمل إيه وأنتم مش عارفين.
فريد عبد الخالق: لا هأقول لحضرتك على حاجة أصل فيه فرق كبير جدا بين يعني الوضع الحاضر بما يكتنفه الغموض والظروف وبعدين لما بيبقى ماضي والأمور تتكشف يعني فيه أشياء حتى أنت على المستوى الشخصي فيه أمور يكون في حياتك الخاصة كانت في حكم الأمور المستغلقة وبعدين زال الاستغلاق فوضحت الرؤية وبقى لك رأي ثاني فأنا عايز أقول إحنا يعني الظروف لها دور كبير جدا معانا.. مع البشر يعني..
أحمد منصور: ما إحنا عايزين نفهم، إحنا بنعمل الحوار ده..
فريد عبد الخالق: ما هو أنا هأقول لحضرتك حاجة..
أحمد منصور: علشان عايزين نفهم هذه المرحة الدقيقة في تاريخ مصر.
فريد عبد الخالق: دلوقتي إحنا الثورة قامت وليست بإرادتنا وإن شاركنا فيها ابتغاء المصلحة العامة ولما وجدنا إن الطرف الآخر لا يفي بوعده ونكل عن هذه صارحناه ودخلنا السجون ولاقينا إعدامات ومعتقلات، هذه قصتنا فإحنا كنا منطقيين مع أنفسنا وصادقين مع بلدنا ومخلصين لدعوتنا.
أحمد منصور: لكن لم تكونوا في هذه الفترة أنتم جماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا.
(12/226)
فريد عبد الخالق: ليه حسن.. هو يعني أنا الحتة دية حسن البنا أدى دوره واغتيل وزي ما نقول اغتيال الرجل مش اغتيال الفكرة، الفكرة قامت ولسه قايمة ولن تنتهي وبل بالعكس خرجت عن الحدود وعن اليفط، فاللي عايز أقوله إن حسن البنا عمل اللي عمله واللي جيه وراه الهضيبي يعني في إخلاصه في ثباته في صبره على الأذى عدم تغييره للموقف في شجاعته في معاداته في كتابته لخطابه التاريخي اللي قفل المصري، يا ناس ده شيء يعني شيء لا أنساه وأنا جنبه في السجن الحربي وهو بيكتب الجواب اللي بيقول فيه بصراحة لعبد الناصر بيهاجمه والمصري نشر وإتقفل المصري.
أحمد منصور: يا أستاذ فريد الإخلاص والطيبة والنوايا الطبية لا تصلح لقيادة الشعوب ولا تصلح لقيادة الجماعات ولا قيادة الأحزاب ولا قيادة الحركات.
فريد عبد الخالق: لا هي بتصلح بس مش معناه أكون خبل ولا أكون غبي لا وإحنا الحمد لله..
أحمد منصور: المرشد صامت معظم الوقت لا يتكلم، يتكلم بالقطارة لا يبدي رأيه بشيء يهز رأسه للناس..
فريد عبد الخالق: لا هو حضرتك بقولك..
أحمد منصور: الأمر مش محتاج، ما هو أنا هاجي لك واحدة واحدة أهوه، يعني الآن وقعت فتنة داخل الإخوان كبيرة جدا ووقع انشقاق داخل الإخوان في 27 نوفمبر 1953 وقع انقسام داخل صفوف الإخوان حيث حوصر المركز العام وبيت المرشد الهضيبي وطلب خمسين من الإخوان الهضيبي بالاستقالة فرفض وطالبوه بأن يكون الشيخ سيد سابق مرشدا عاما وصالح عشماوي وكيله وكلا الرجلين كانا على رأس المظاهرة الدكتور عبد العزيز كامل.. ما معلوماتك عن هذا الانشقاق الكبير اللي وقع في صفوف الإخوان؟
فريد عبد الخالق: الانشقاق ده عبارة عن المحاولة الأولى لمواجهة الثورة للإخوان، كان المطلوب حصل فتنة داخلية تلهي المرشد لأنه كان هو بيقول لكثير من الإخوان أنا من الإخوان ولكني لا أستطيع أن أتفاهم مع الهضيبي بالذات فاخلعوه.
(12/227)
أحمد منصور: عبد الناصر طبعا، أنت تقصد عبد الناصر بس عشان نحدد بس.
فريد عبد الخالق: ده كان الكلام اللي بيقوله طبعا ده كلام يعني خداع فحصلت المحاولة فعلا ويعني غُرِر بمن غُرِر، السندي كان معاه، السندي كان معاه 100% السندي.. يعني الإخوان كان فيه ناس مؤيدين 100% لعبد الناصر على رأسهم السندي وبعض عناصر في الهيئة التأسيسية وبعدين إيه اللي حصل، إن كان فيه الترتيب بقه إتحط والتكتيك إتعمل وهي دي المحاولة الأولى من محنة 1954 اللي لما ما نفعتش جت المنصة اللي هي اتلمت البيت من الداخل..
أحمد منصور[مقاطعاً]: ما تدخليش الأحداث في بعضها، أنا دلوقتي فيه فتنة داخل الإخوان، فيه انشقاق داخل الإخوان، الإخوان غير نصف الإخوان تقريبا مش قابلين المرشد.
فريد عبد الخالق: لا مش نصفهم.
أحمد منصور: عدد كبير
فريد عبد الخالق: بدليل إن الإخوان أجلوا المحتلين ورجع اللي كانوا عايزين يخلعوا المرشد رجعوا صاغرين..
أحمد منصور: الآن ظهرت
فريد عبد الخالق: مش قلة.. مش كثرة دي قلة.
أحمد منصور: الآن ظهرت.. يا أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: كل اللي راحوا بيت الإخوان عشرين واحد شاب عشرين واحد راحوا
أحمد منصور: خمسين.
فريد عبد الخالق: البيت من جميع هو عشان خاطر إيه عشان خاطر يفلح، يستفيد.. أحمد منصور: ظهرت مشكلة وهي مشكلة فصل المعارضين.
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: فصل المعارضين، المرشد بدأ من يخالفه من كبار الإخوان يفصله.
فريد عبد الخالق: مش من يخالفه ده خالف الدعوة وخالف النظام وخالف كل الترتيب..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: لا ما هو فيه فرق..
أحمد منصور: الشيخ محمد الغزالي
فريد عبد الخالق: فيه فرق بين واحد..
أحمد منصور: الشيخ محمد الغزالي، الشيخ سيد سابق، هؤلاء الناس اللي كانوا من أعلام الإخوان..
فريد عبد الخالق: اللي اتصلوا بالسندي وقبلوا العملية كويس.
(12/228)
أحمد منصور: بدأ المرشد يفصل وكأن.. هي الإخوان دي وظيفة هيفصله.
فريد عبد الخالق: ما أنا هقول لحضرتك حاجة اللي حصل فعلا إن دول رجعوا أو أكثرهم رجع يعتذر لحسن البنا للمرشد حسن الهضيبي، قالوا غُرِر بنا وخُدِعنا.
أحمد منصور: مين اللي غَرر وخُدع الكبار دول؟
فريد عبد الخالق: هو السندي وقال لهم إن إحنا ممكن جدا نتفادى كل شر ونكسب الثورة لو تخلصنا من الهضيبي هل يمكن؟ فالبعض قال الله طب ما نضحي بالهضيبي ونحسم الفتنة.
أحمد منصور: هو كان واضح إن الهضيبي كان..
فريد عبد الخالق: فلما فهموا الحقيقة اعتذروا للرجل ومنهم الغزالي، أنا حضرته الغزالي قال له أنا غُرِر بي وأنا بعتذر..
أحمد منصور: متى قال الغزالي هذا الكلام؟
فريد عبد الخالق: في بيت الهضيبي.
أحمد منصور: سنة كام؟
فريد عبد الخالق: بعد.. في نفس 1954 بعد ما حصل فشل الأحوال الداخلية دي.
أحمد منصور: يعني هنا أنا الأحداث هنا 27 نوفمبر الانقسام..
فريد عبد الخالق: والأخوان كلهم تداعوا.
أحمد منصور: 29 نوفمبر المرشد أقام مأدبة عشاء حضرها جمال عبد الناصر وزكريا محي الدين وعبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين، حضرت أنت المأدبة دي؟
فريد عبد الخالق: في 29 نوفمبر؟
أحمد منصور: 29 نوفمبر بعد أحداث 27 نوفمبر بيومين بس بعد ما حوصر بيت المرشد فيه مأدبة أقامها المرشد لأعضاء مجلس قيادة الثورة والصحف سألتهم ثاني يوم ما الذي دار بينكم وبين المرشد قالوا إحنا كنا رايحين ناكل بس.
فريد عبد الخالق: ناكل بس.. ده أنا اللي رايح ياكل بس ده أنا بسقط عنه مش صفة الإخوان بسقط عنه..
أحمد منصور: لا مش الإخوان دول عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة.
فريد عبد الخالق: اللي حصل في اللقاء ده أنا حضرت اللقاء ده، اللقاء ده فيه خلط في اللي ذكر الرواية، الرواية صحيحة ولكن ليست في موضعها.
(12/229)
أحمد منصور: طب قول لي لأن فيه رواية أنا لقيتها في صحف ثلاثين نوفمبر 1953، قولي الرواية اللي عندك وأنا أقول لك اللي شفته في صحف ثلاثين نوفمبر 1953.
فريد عبد الخالق: نوفمبر 1953 لم يحصل إن اللقاء اللي حصل الخلط اللي فيه حصل بعد مارس، ده اللقاء اللي حصل في بيت المرشد وحضرته وحضره عبد الناصر وحضره بعض أعضاء مجلس الثورة بعد ما خرجنا..
أحمد منصور: ده من السجن الأولاني أنا لسه يا أستاذ فريد في 29.
فريد عبد الخالق: هو ده اللقاء اللي نعرفه.
فصل التنظيم لعدد من الأعضاء
أحمد منصور: لا أنا بكلمك الآن المرحلة دي كانت مرحلة صراعات وفُصِل فيها عدد من الأخوان، صالح العشماوي ومحمد الغزالي عضو الهيئة التأسيسية إتفصلوا وأتوقف سيد سابق و..
فريد عبد الخالق: عبد العزيز جلال.
أحمد منصور: وعبد العزيز جلال وأيضا كان فُصِل من.. عبد الرحمن السندي طبعا كان فُصِل وتخلص منه المرشد وتخلص أيضا من أحمد عادل كمال، لا دي ثانية دي في عشرة ديسمبر 1953.
فريد عبد الخالق: المجموعة اللي فصلت ما هي المجموعة اللي فصلت دية هي كانت دوكها اللي راح بها بتوع النظام بيت المرشد وسألوه عن ليه دول فصلوا وإن دول من الإخوان وهم مطالبين يعني بنوا طلب الاستقالة على..
أحمد منصور: صح أنا بس عشان مظاهرات 27 نوفمبر كانت بناء على قرار أُتخِذ في 22 نوفمبر من مكتب الإرشاد بفصل أربعة من قادة النظام الخاص عبد الرحمن السندي رئيس الجهاز أحمد عادل كمال، محمود الصباغ، أحمد زكي، الفترة دي 22 نوفمبر وقرار فصل هؤلاء الأربعة أحمد عادل كمال في كتابه، النقط فوق الحروف، يقول أني ذهبت لمكتب الإرشاد حتى أعرف سبب فصلي فرفضوا أن يعطوني سببا لهذا الأمر.
فريد عبد الخالق: لا هو عارف سببه لإن هو سببه هو تدبير يعني التعاون ضد كيان الإخوان والنظام العام للإخوان بالتواطؤ مع عبد الناصر.
(12/230)
أحمد منصور: بعد ما فُصل هؤلاء الأربعة في عشرة ديسمبر اجتمعت الهيئة التأسيسية، أنت كنت عضو في الهيئة التأسيسية وقررت فصل ثلاثة من كبار الإخوان هم صالح عشماوي ومحمد الغزالي وأحمد عبد العزيز كامل، لماذا فصلتموهم؟
فريد عبد الخالق: فصلناهم لإن هم اللي دخلوا البيت.. المركز العام واحتلوه.
أحمد منصور: اللي عملوا أحداث 27.
فريد عبد الخالق: الإخوان كلهم تداعوا وطردوهم.
أحمد منصور: إذاً الآن بقه فيه انشقاقات داخل الإخوان، الصف أتهز المرشد ليس له قدرة على إن هو يمسك زمام الأمور.
فريد عبد الخالق: والله هو يعني مقدرش أحمل الرجل أكثر من طاقته يعني مثلا هو إنسان وموقعه في الدعوة موجود ومرشد وكويس قوي يعني مقدرش نعتبر إن هو عنده عصا سحرية ولا إن عنده قدرة خرافية في إنه يحكم تصرفات البشر كل واحد مسؤول يعني هي اللي حصل اللي حصل بالضبط في كلمة واحدة إن حصل داخل الإخوان من حاول يقنع مجموعة منهم إن الذي بين الثورة وبين الإخوان ممكن يبقى يعني يزول ونبقى سمن على عسل إذا شلنا الهضيبي لإنه لا يستلطفه.. راجل صعب ولا يستلطفه، قالوا زي بعضه نخلص من الهضيبي ونأمن الدعوة شيء منطقي فانحازوا إنما رجعوا دول نفسهم وأنا محمد الغزالي منهم قال إحنا كنا خُدِعنا وتبينا إن دي كانت ضربة من الداخل فلما فشلت جت اللي بعدها الضربة، بعدها جمال قال لا بقه ده لابد من تدخلي أنا شخصيا ورُتِبت حادثة المنصة.
أحمد منصور: لسه إحنا في يناير 1954 بعيد عن حادثة المنصة.
فريد عبد الخالق: معلش بس أنا بقول لك النتيجة.
(12/231)
أحمد منصور: عبد الناصر استدعى الشيخ محمد فرغلي حسب رواية صالح أبو رقيق لسامي جوهر في الصامتون يتكلمون وحاول أن يقنعه بأن مصير الثورة والإخوان واحد وإنه يجب أن يقف الإخوان إلى جوار الثورة وكان واضح إنه عقدة عبد الناصر هي المرشد حسن الهضيبي وقال له إن حسن الهضيبي يريد أن يفرض رأيه على الثورة وإن التعاون معه أصبح مستحيلا، طب المرشد ليه ميستقلش زي استقالة المرشد أو إبعاد حسن الهضيبي هي..
فريد عبد الخالق: يستقيل إزاي دا الحكاية كلها خداع وكذب ده هو لو استقال يبقى أعان العدو على البتاع ده غرضه.
أحمد منصور: يا أستاذ فريد المرشد هنا لا يقدم أي مبادرات.
فريد عبد الخالق: الفكرة كما أشترط هو مع الأميركان إن لا للإخوان أنا هألغي الإخوان دول ولازال لغاية النهارده الحكومات كلها متأثرة ومتخذة موقف.
أحمد منصور: دليلكوا إيه على ده؟
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: دليلكوا إيه على إنه هو اتفق مع الأميركان؟
فريد عبد الخالق: الواقع دليل.
أحمد منصور: لا يكفي الواقع.
فريد عبد الخالق: الواقع، إزاي.
أحمد منصور: الواقع بيقول إن الإخوان هم اللي قادوا نفسهم إلى المحنة.
فريد عبد الخالق: الواقع الكلام..
أحمد منصور: ومرشدهم لم يكن لديه مبادرات.
فريد عبد الخالق: لا، الواقع الرجل على بينة من أمره والأمور واضحة أمامه ولا أستطيع إن أنا أسلبه هذا الحق حرام إنما أنا أقول كان يُبيت بليل مؤامرة يشترك فيها الغرب وأنظمة فاسدة للقضاء على الإخوان المسلمين.
أحمد منصور: هقول لك كلام خطير جدا حسن العشماوي قاله في كتابه الأيام الحاسمة.
فريد عبد الخالق: نعم؟
(12/232)
أحمد منصور: حسن العشماوي، يقول عُقد بينه وبين جمال عبد الناصر في 15 ثلاثة 1953 في مجلس قيادة الثورة وقال له جمال عبد الناصر ما نصه، سأكلمك بصراحة ولذلك أردت أن ألقاك وحدك لقد ثبتنا أقدامنا ولم نعد بحاجة إلى الإخوان تماما كما لم نعد بحاجة إلى محمد نجيب، كنتما ضرورتين إلى هذه المرحلة أما الآن فلا، لقد استفدنا منكما في كل.. في الداخل والخارج والإخوان عصاه ولا يمكن ترويضهم ولا استمرار التفاهم بينهم، أنا لست على استعداد لأن أظل تحت وصاية المستشار الهضيبي ومن حوله ولست على استعداد أن أأتمر بأمر صلاح شادي الذي يظن أنه قدم لنا يداً يجب ألا ننساها ولست على استعداد لتحقيق مطالب الأغبياء منكم أنا على استعداد لاستغلالهم للتخلص من سيطرة الهضيبي وصلاح شادي ولكني لست على استعداد للسير وراءهم وراء إرهابهم ويواصل عبد الناصر كلامه للعشماوي قائلا كم أنتم معشر الإخوان 30% من البلد أنا على استعداد أن أضحّي بـ30% لأنقذ السبعين، أفهمت؟
فريد عبد الخالق: شوف أي عقلية هذه، نفس الكلام يدين صاحبه هذه العقلية اللي تقول..
أحمد منصور: ده بيدينكوا إنتوا..
فريد عبد الخالق: لا بيدينه هو.
أحمد منصور: يدينكوا إنتوا لإن هو قال لكم كل شيء وإنتو قاعدين تتفرجوا.
فريد عبد الخالق: اللي يقول الكلام ده إنسان لا ضمير له ولا يخشى الله ولا يخشى مصلحة البلد ولا يفي بعهود سابقة منه دا إنسان الحقيقة أدان نفسه بنفسه، هذا الكلام تبرئة للإخوان وإدانة للثورة.
صمت الإخوان أمام ما يتعرضون له
أحمد منصور: هذا كلام إدانة للإخوان أنهم عرفوا الحقيقة وسكتوا عنها حتى وقع ما وقع.
(12/233)
فريد عبد الخالق: سكتوا عنها لإن كان الثمن اللي سيُدفّع حرب أهلية سيدي ماكناش مستعدين نعمل زي الجزائر نعمل حرب أهلية ما هو كان البديل إيه؟ الصبر على الأذى أحسن من البديل اللي يهدم البلد كلها وكان هتبقى حرب أهلية هنا يعني لا تنتهي إلا إلى خطر وشرر فظيع فإحنا يعني ده يعتبر إيثار لمصلحة البلد وحسن النوايا نحو القزى ولو كان على حسابنا دا إيه دا أنا بعتبر ده شرف للإخوان وليس إدانة حقيقة يعني أنا أضع النقط على الحروف وأذكر حقائق كما هي ليس دفاعا عن الإخوان صدقني أنا لا أدافع لا عن الإخوان ولا أتهم آخرين إنما أنا شايف الحقائق والشواهد عليها قائمة ومقدرش أنا يعني أخطئ قراءتها مقدرش شايف أنا إنسان فعلا بيقول أنا قدام عايز أخلص من محمد نجيب معنى الكلام ده محمد نجيب الذي.. محمد نجيب ده لولاه الوجه الشعبي المقبول ماكنش الثورة دي نجحت في أولها ولا بتأييد الإخوان، محمد نجيب في الجيش كان شخصية محبوبة وكان واجهة لها قيمة وبعد ما أستغله ووصل به دبحه وكذلك الإخوان وكذلك عبد الحكيم عامر هو دأبه كده.
أحمد منصور: استعملكم لتحقيق ما يريد.
فريد عبد الخالق: أيوه ميكافيلي ما دي ميكافيلية لا أخلاقية.
أحمد منصور: بغض النظر إحنا أمام نتائج ولسنا أمام نوايا.
فريد عبد الخالق: لا أنا معاك..
أحمد منصور: أمام تاريخ يصنع هو الذي كان يصنع التاريخ.
(12/234)
فريد عبد الخالق: اسمح لي أنا أقرر شيء قد نتفق فيه وقد نختلف، أنا ممن يرون أن المبادئ فوق المصالح وإن الميكافيلية مرفوضة وإن للمقاصد أو للوسائل حكم المقاصد، أنت مقصدك شريف لازم يكون الوسيلة شريفة لازم، أما الوسيلة دنيئة لا تدعي إنها تحمل شرف لا غير معقول أنا غير متقبل لهذا إنما دي ولذلك عنصر التربية ومخافة الله وتزكية النفوس نمرة واحد وإلا لا يحمل الشيء العظيم إلا عظماء مثله إنما أنا أجد واحد لا أخلاق له ميكافيلي ملوش ضمير وأقول له أنت قود بلد أنت تعمل إصلاح إزاي يبقى أنا مجنون.
أحمد منصور: إنتوا عملتوا كده، إنتوا إديتوله قيادة البلد ودعمتوه.
فريد عبد الخالق: نعم؟
أحمد منصور: أعطيتموه قيادة البلد ودعمتوه.
فريد عبد الخالق: مأعطيناهوش والله هو ومن وراءه خططوا لهذا فعلا وإحنا..
أحمد منصور: واستعملوكم لتحقيقه وكنتم أداة في أيديهم.
(12/235)
فريد عبد الخالق: إن يكن فعلا يعني أنا معنديش مانع لإن فعلا الإخوان اُستغِلوا ووالله لألقى الله وقد برأت ذمتي أنا يعني أقول تبرئة للذمة إن كان أبعدنا نظر وأصوبنا فكرا وأحسننا قرارا هو الهضيبي، لإن قال لنا في مكتب الإرشاد أنتم تتحملون أمام الله والتاريخ تأييد هؤلاء الناس لإن أنتم لم تعرفوه معرفة تكفي أو تصلح أن تكون بهذا تتحملوا معه المسؤولية، فأنصف نفسه أمامنا وأمام الله لا أنساه والله وإحنا كنا في مكتب الإرشاد كان بعيد النظر الرجل ده بس كان بقه فيه موجة عاطفية ودي غلط إحنا أوتينا من العاطفة الدعوة دي يفسدها العاطفة وأي عمل إن لم يكن العقل هو السيد والموقف فيه تأكد إن نتائجه سيئة وربنا إدانا عقل يحكم كل الأمورِ إحنا محكمناش عقلنا وده بيفكرني إن إحنا مدناش الرجل حقه لو إدناه حقه ومشينا ورا كلامه ورؤيته ماكنش حصل الشرخ ولا كان قامت البلاوي دي كلها وأنا بتذكر كلمة حسن البنا لي وأنا في بيته ويمكن قلتها في حلقة سابقة وأقولها تاني بقول، القائد الجديد لازم يُعطَّى الثقة الكافية عشان يستطيع إنه يعني يكمل المسيرة ويتحمل مسؤولية القيادة ولو إنكم منتوش بينكم وبينه العواطف مثلا اللي بينكم وبيني، إنما المسألة مش مسألة عواطف ومحبة كده لا، القائد عشان يستطيع إنه يكمل المسيرة من حقه إنه ياخد صلاحيات لازم نديها له وقال إيه يقول لي وأنا بقوله متقولش إنك هتموت لإن جت سيرة الكلام كده إحنا عايزينك والدعوة عايزاك والمشوار طويل فقال لي ليه يعني إذا مت أنا هتقولوا للقائد الجديد لنحن بإمامنا الراحل أحيا منا بإمامنا المقيم والله لو قلتها ما أكون قد ربيت أحدا، خايف هو كان من كده يجي واحد جديد ميخدش الثقة الكافية يجد الوضع متفسخ ميقدرش يقودنا.
أحمد منصور: وهذا ما حدث.
(12/236)
فريد عبد الخالق: وحصل صحيح لحد ما، يعني أنا سمعت من حسن الهضيبي كلمة لما حصلت الأزمة والسجون والمعتقلات قال لي علشان حسن العشماوي ومن معه يفرحوا بقه بالتأييد اللي كان بيدوه لعبد الناصر والنتائج أهي ظهرت أهي اللي أنا حذرتكم منها.
أحمد منصور: في 15 يناير عام 1954 أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين وكان القرار كما قال الرئيس نجيب في مذكراته بأغلبية الأصوات، في الحلقة القادمة أبدأ معك بوضع الإخوان بعد قرار الحل حيث وُضِع المئات منهم في السجون، شكرا جزيلا لك كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/237)
الحلقة12(12/238)
الثلاثاء 4/1/1425هـ الموافق 24/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:33(مكة المكرمة), 13:33(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 12
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
22/2/2004
- الأجواء التي سبقت قرار حل الإخوان
- تصاعد الخلاف داخل مجلس قيادة الثورة
- ما فعله الإخوان بعد خروجهم من السجن
- مسؤولية الإخوان عما ألم بالأمة في تلك الفترة
- محنة الإخوان وزيارة المرشد لسوريا ولبنان
- تأييد الإخوان لحل الأحزاب واختفاء المرشد
- استقالة الهضيبي من مكتب الإرشاد
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديد من برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية وعضو مكتب الإرشاد الأسبق، أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: أهلا بكم.
أحمد منصور: في 15 يناير عام 1954 صدر قرار مجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين وكان القرار كما قال الرئيس نجيب في مذكراته بأغلبية الأصوات اعتقل أربعمائة وخمسون من قيادات الإخوان على رأسهم المرشد كنت بين المعتقلين؟
فريد عبد الخالق: أينعم.
الأجواء التي سبقت قرار حل الإخوان
أحمد منصور: ما هي الأجواء التي سبقت قرار الحل؟
فريد عبد الخالق: الأجواء كانت تنذر بسوء العواقب وتُمهد لقرار الحل لأن كانوا هم وصلوا الثورة وصلت لوضع يعني مُمَهِد لهذا تماما حصل خلافات مثل اللقاء بايفنز وكلام عن معاهدات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما سردناه من خلافات بين عبد الناصر وبين الإخوان وصلت إلى حد..
فريد عبد الخالق [متابعاً]: والتجارب ومثل عرض الاندماج في هيئة التحرير ورفضها الكلام يعني كان فيه أسباب يعني صعّدت الخلاف وكشفت القناع أو أسقطته..
(12/239)
أحمد منصور: هل ما وقع في الجامعة في 12 يناير في جامعتي القاهرة والإسكندرية في 12 يناير 1954 كانت القشة التي قسمت ظهر البعير حينما احتفل طلاب الإخوان بذكرى المنيسي وشاهين الطلبة الذين استشهدوا في القناة وأيضا احتفلت هيئة التحرير ووقع صدام بين الطرفين وكان هنا نواب صفوي رئيس جمعية فدائيين إسلام الإيرانية وأدخله الإخوان إلى جامعة القاهرة في شكل من التحدي، هل كان هذا القشة التي قسمت ظهر البعير؟ كنت مسؤول عن الطلبة في ذلك الوقت أم مسؤول عن المهنة؟
فريد عبد الخالق: أينعم، هو الحقيقة يعني ظهر البعير كان قُسم من قبل فهو يعني كان بعير يُرثى له وكانت الأمور تؤذن تماما وكان هو يعني متعجل، عبد الناصر كان متعجل حتى لم يُطق محمد نجيب وتحرش بتغييره واختلف مع رجال الثورة..
أحمد منصور: أنا خليني في الإخوان دلوقتي..
فريد عبد الخالق: أيوه ما أنا عايز أقولك..
أحمد منصور: انتم الآن بعدائكم المستمر لعبد الناصر ورفضكم لكل شيء..
فريد عبد الخالق: لا مكنش عداء مستمر هو كان زي ما تقول تحرش وطلب أشياء غير مقبولة لا دينا ولا وطنية ولا دعوة..
أحمد منصور: قرار مجلس قيادة الثورة تضمن اتهامين خطيرين للإخوان الاتهام الأول هو ما ضبط في عزبة حسن العشماوي من أسلحة قيل أنه عبد الناصر أعطاها له في يوم حريق القاهرة في 12 يناير 1951..
فريد عبد الخالق: حضرتك لو أذنت لي أنا أسف إني بقاطعك يعني..
أحمد منصور: لا، تفضل.
فريد عبد الخالق: أن اللي حضرتك قولته دا ما يصحش نمر عليه بسهولة أنت قلت إيه قلت حدث مهم يعني شوف أنت النوعية..
أحمد منصور: أنا لسه هااسألك، تفضل جاوب.
(12/240)
فريد عبد الخالق: شوف النوعية يعني لجأ إليك واحد في شدة والأسلحة محتاج لها والثورة قد تفشل فأنت أنقذته بتهديد وبعرض أبوه للسجن بل للإعدام لو ضُبطت وفشلت الثورة رضيت بكل التضحية دي وبعدين يحاكمك داخل السجن بتهمة إنك أنت تحرز أسلحة شيء يعني أنا مش متصور أي نوع من الناس ده أي نوع ده..
أحمد منصور: واحد زكي طموح بيخطط جيد..
فريد عبد الخالق: مش زكي يعني إذا كان زكي بئس الذكاء ده حاجة ثانية مش عايز أوصفها أنا يعني المشاهد الكريم يقدر يجد التعبير المناسب أنا أسف.
أحمد منصور: حسن العشماوي حُقق معه في هذا الصحف نشرت الصحف المصرية في 18 يناير 1954 على صفحتها الأولى نبأ ضبط مستودع مليء بالأسلحة والمواد الناسفة في أملاك حسن العشماوي، صالح أبو رقيق له رواية إن في 29 مارس بعد إفراج الإخوان شارك وفد من الإخوان في وداع الملك سعود الذي كان يقوم بزيارة للقاهرة وأنه.. أبو رقيق صالح عاتب جمال عبد الناصر على ما فعله بحسن العشماوي من أنه أعلن عن ضبط الأسلحة في بيته وهو الذي خبأها في يناير 1951، 1952 عفوا فقال عبد الناصر حسن العشماوي لازم يشكرني إحنا عملنا له دعاية بمليون جنيه والجرائد نشرت صوره، عمل لكم دعاية بمليون جنيه.
فريد عبد الخالق: شوف النظر هو الإساءة اللي حصلت له بيبص هو للدعاية اللي عملها..
أحمد منصور: إيه ردكوا على اتهامكم بالعمالة للإنجليز؟ اتهمتوا بالعمالة للإنجليز؟
فريد عبد الخالق: يعني بدل ما يعتذر ويلوم نفسه حَولها إلي منه شيء يعني باين..
أحمد منصور: طالما ما عندكووش دراية باللعبة السياسية ولا تجيدونها فتحملوا عواقبها..
فريد عبد الخالق: يا أخي إحنا والله بئست السياسة إذا كانت بأخلاق دنيئة وأكاذيب بئست السياسة.
أحمد منصور: هي السياسة كده دخلتوها ليه؟
”
السياسة الرشيدة أن تكون نظيف الخلق تفي بوعدك وتحترم حق الآخر..
الدين الإسلامي يحكم السياسة ويحكم الاقتصاد ويحكم كل شئ
”
(12/241)
فريد عبد الخالق: لا السياسة بريئة والله، يا أخي السياسة دي تودي.. دي سياسة شيطانية إنما السياسة الرشيدة إنه يكون نظيف الخلق تفي بوعدك تحترم حق الآخر دي السياسة ولذلك هم أوروبا عايزه سياسة من غير دين، سياسة من غير أخلاق وهي دي اللي إحنا مكتويين بها إحنا الإسلام دين يحكم السياسة ويحكم الاقتصاد ويحكم كل حاجة..
أحمد منصور: حسن العشماوي تحدث بشكل مُسهب في مذكراته حول قصة هذه الأسلحة وذُكرت في محاضر التحقيق بشكل كبير.. عبد الناصر شن حملة كبيرة ضد الإخوان في ذلك الوقت، قول لي الأول كيف قُبض عليكم الذي لاقيته في السجن؟
فريد عبد الخالق: قبض عليّ كما يعني يكتب القدر على أي إنسان إنه ينتقل من الدار إلى النار فيعني..
أحمد منصور: كنت تتخيل إن عبد الناصر اللي أنت قاعد معاه تتكلم معاه..
فريد عبد الخالق: والله يعني بيني وبينك يعني شخصيا يعني أنا بقيت داخل السجن ويعني مذهول مش إني يعني متألم طغى على ألم السجن وتوقعي لشره، كيف يصل الحال بمن كان يؤكلك ويشربك ويثق فيك وتثق فيه إلى إنه يأذن وضميره يسمح بإنه يزج بك في السجن..
أحمد منصور: ما هو أنتو بتتآمروا عليه..
فريد عبد الخالق: وتقولي سياسة وتقولي ذكي..
أحمد منصور: بتتآمروا عليه من حقه أن يحمي النظام أنتم كنتم تتأمروا عليه..
فريد عبد الخالق: نعم هذا دعوة كاذبة لأن إحنا كنا نحميه بس هو اللي تجنى علينا..
أحمد منصور: الحملة التي كانت عليكم كانت من بينها أن وحيد رمضان مثلا خطب في هيئة التحرير في إسكندرية وقال إن الهضيبي ورجاله لم يكونوا من الإخوان في يوم من الأيام بل كانوا يعيشون حياتهم الماسونية في أحضان الإنجليز..
فريد عبد الخالق: حياتهم الإيه؟
أحمد منصور: الماسونية.
(12/242)
فريد عبد الخالق: هو يا أخي دعاوى الله يتحمل أصحابها هم يلقون بالكلمة ولا يعلمون أنها ستودي بهم إلى مسؤولية تشيب لها الولدان لا مسؤولية ما اهو اتهم حسن البنا بأنه ماسوني وسهلة الاتهام سهل من لا ضمير له لسانه يجري بأي تهمة ولا يخاف من لا يخاف الله لا يخاف الإنسان، سيبك من الكلام ده كله ده كلام أنا يعني..
تصاعد الخلاف داخل مجلس قيادة الثورة
أحمد منصور: في هذا الوقت الذي حُل فيه الإخوان وأُودع أربعمائة وخمسين من قادتهم في السجن كان الصراع يتصاعد داخل مجلس قيادة الثورة بين نجيب وعبد الناصر وكذلك بين الضباط في الجيش بعد مطالبات كثيرة بالعودة للحياة النيابية، في 11 فبراير وقعت حادثة غريبة جدا داخل مجلس قيادة الثورة حكاها عبد اللطيف البغدادي في مذكراته..
فريد عبد الخالق: من حكاها؟
أحمد منصور: عبد اللطيف البغدادي.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: قال أنه بعد في هذا اليوم عبد الناصر كان يخطط لزيارة قبر حسن البنا في ذكراه يوم 12 فبراير بعد حل الإخوان وإيداعهم بالسجون.. ولكن درى أن محمد نجيب يريد أن يسبقه كما سبقه في العام السابق فأرسل له من يهدده بأنه إذا ذهب عليه ألا يذهب وفي النهاية ذهب عبد الناصر إلى قبر محمد نجيب والإخوان في السجون..
فريد عبد الخالق: إلى قبر حسن البنا..
أحمد منصور: إلى قبر حسن البنا..
فريد عبد الخالق: أينعم
أحمد منصور: ووقف على قبر حسن البنا يعاهده على أنه على عهده وعلى بيعته وعلى انتمائه للإخوان الرجل عنده بيعة وملتزم بها وأنتم اللي خرجتم عن الخط فحطكم في السجون، تعليقك إيه؟
(12/243)
فريد عبد الخالق: والله هو في نوع كده يعني يفسدون ويظنون أنه يحسنون صنعا طيب وأنا أعملهم إيه إذا كان هو يظن بالسوء وربنا ذكرهم في القرآن، يعني هو ما زار حسن البنا إلا لتغطية تصرفاته بتغطية يعني تمثيلية مسرحية رديئة لا يقبلها السذج إن واقع تصرفاته تشهد إنه خالف فهي ألاعيب سياسية تافهة، الحاجة الثانية إنه هو كيف يكون هو بايعه وقد صنع كل اللي صانعه إزاي.
أحمد منصور: محمد نجيب قدم استقالته في 22 فبراير ولكنه أُقيل في 25 فبراير واندلعت المظاهرات في مصر تطالب بحق عودة محمد نجيب مرة أخرى في 28 فبراير قامت مظاهرة ضخمة جدا ذهبت إلى ميدان عابدين كان كثير من المظاهرات ينظمها الإخوان كما قال عبد اللطيف البغدادي في مذكراته بعيدا عن كتب الإخوان يُقر عبد اللطيف بغدادي إن الإخوان حركوا معظم هذه المظاهرات ولكن أكبر مظاهرة قامت في 28 فبراير وكان على رأسها وكيل الجماعة عبد القادر عودة، محمد مالك الذي كان يهتف في الميكرفون وكان من قادة الإخوان ومسؤوليهم إبراهيم كروم الذي كان من أشهر فتوات القاهرة وأصبح من الإخوان وكان المتظاهرون يحملون قمصان ملوثة بالدماء لزملائهم، هذه المظاهرة قيل إنها قامت بغرض إبعاد الضباط وعودة الحياة النيابية، لكن محمد نجيب أحب أن يصرف المظاهرة فلم تنصرف فدعا عبد القادر عودة فصعد عبد القادر عودة وخطب في الإخوان وطلب منهم أن ينصرفوا فانصرفوا، الإخوان كانوا عايزين إيه من المظاهرة دي؟
فريد عبد الخالق: دي مأساة تاريخية.
أحمد منصور: من مآسي الإخوان الكثيرة في تلك المرحلة.
فريد عبد الخالق: ليكن ما سميها مآسي الإخوان أو القدر اللي كتبها علينا أنت حرة.
أحمد منصور: المظاهرة دي مش تأكيد على إدانة الإخوان أنهم كانوا يستطيعون أن يفعلوا هذا منذ البداية ولم يفعلوه إلا متأخرين؟
(12/244)
فريد عبد الخالق: يعني إذا كان حضرتك عايز تقول إن كان فيه مواقف سابقة لمخالفات حصلت كان ممكن حسمها من البداية..
أحمد منصور: بمثل هذه المظاهرات؟
فريد عبد الخالق: بمثل المظاهرات دية حتى طب أقول لكن أنا أكثر من كده أما وقد قامت المظاهرة مع ذلك لم تستغل..
أحمد منصور: كيف كانت..
فريد عبد الخالق: صرفها الإخوان..
أحمد منصور: ما الذي يدل سذاجة سياسية من الإخوان؟
فريد عبد الخالق: لا والله هو يعني أحيانا وضع المعروف في غير أهله أسوأ حالا من سلبه..
أحمد منصور: ما الذي يمكن أن تفعله هذه المرة؟
فريد عبد الخالق: لأنه هو يعني عبد القادر عودة لما دُعي إلى الشرفة وإحنا كنا في السجن لما دعي إلى الشرفة وعبد الناصر ومحمد نجيب طلبوا إليه يعني إنه صرف المظاهرة وإعادة الحياة إلى وضعها العادي وإن يعني مفيش بينا ما يصل بنا إلى هذا الحد وبتاع استجاب عبد القادر عودة وصرف الإخوان لاستتباب الأمن وحماية البلد من الفتنة.
أحمد منصور: هل صحيح وصل الأمر بهذه المظاهرة إلى أن الضباط فكروا جديا..
فريد عبد الخالق: أينعم، أنا سمعت من بعض الضباط لا أذكر من قالوا لي نحن في هذا وناس كثير قريبين قالوا والله إن في هذا اليوم بعد المظاهرة الغير مسبوقة بالحجم ولا بالعزيمة ولا بالإصرار ولا بوضوح الرؤية إنهم عايزين الحكم العسكري ينتهي وعايزين البلد تأخذ حقها في الحكم نفسها مفيش بديل بقى يعني جم في الثورة في مقتل خلاف، ضد ميه الميه قالوا لي إن إحنا حضرنا الشنط في هذا اليوم للرحيل لولا خطبة عبد القادر عودة وصرف الإخوان وإنهاء الثورة.
أحمد منصور: سألت أنا السيد حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق والذي قام بمحاكمة الإخوان في سنة 1954 عن هذه المظاهرة وكيف يحكم بالإعدام على عبد القادر عودة وهو الذي أنقذ الضباط فقال إنه كان يحمل منديلا ملوثا بالدماء فدفع ثمن هذا الموقف.
فريد عبد الخالق: لا هو لم يحمل منديلا..
(12/245)
أحمد منصور: كان يحمل قمصان المصابين.
فريد عبد الخالق: لا بالعكس هو طلع لوحده المنصة لما طلبوه اللي كان بيقود المظاهرة فعليا شعبيا بشكل غير مسبوق تاريخي ولا ثورة سعد زغلول زيها وطنية تماما إبراهيم كروم فتوة السبتية شيء غريب..
أحمد منصور: محمد مالك..
فريد عبد الخالق: يعني ناس بتقول المثقف صاحب الرؤية هو اللي بيقود البلد أحيانا واحد ربنا بيؤتيه صفات..
أحمد منصور: هذه المظاهرة كان يمكن أن تغير وجه مصر السياسي؟
فريد عبد الخالق: أينعم أنا بعتبرها كانت من المواقف الفاصلة في تاريخ نظام الحكم في مصر في هذه الأوقات.
أحمد منصور: ولم يستغل الإخوان مثل أشياء كثيرة.
فريد عبد الخالق: لا وانتهت وبعد كده أنا حضرت بقى إبراهيم كروم وهو داخل السجن الحربي.
”
الأخطاء التي ارتكبها الإخوان في حق أنفسهم لم تكن على حساب الدعوة ولا حساب البلد..
”
أحمد منصور: سنأتي لها بالتفصيل في ثلاثة مارس بعد المظاهرة بيومين أعتقل عبد القادر عودة وعمر التلمساني وإبراهيم كروم ومحمد مالك ووهبة الفرماوي ووجه لهم عبد الناصر محاولة قلب نظام الحكم في هذه المظاهرة.
فريد عبد الخالق: حصل وإبراهيم كروم جالي يبكي والله يبكي يقول لي بعد ما قربنا نرفع عن كاهلنا المصيبة بتاعة حكمنا حكم عسكري لا صلة له بحق الشعب في إنه يحكم نفسه البلاوي اللي شايفينها دي كنا وصلنا عبد القادر عودة يضيع الثمرة اللي قطفها ومصلحة البلد كلها فيها ليه والرجل ثائر ثورة فأنا بقيت استغرب أنا، عبد القادر عودة بعيد النظر القانوني المثقف وبعدين الرجل الأمي اللي على الفطرة هو سيد الموقف بقيت أنا أستغرب.
أحمد منصور: دفع عبد القادر عودة الثمن بتعليقه على حبل المشنقة بعد ذلك.
فريد عبد الخالق: بس والله رحمة الله عليه الأعمال بالنيات الرجل يعني كان يعني عايز بالبلد خير.
(12/246)
أحمد منصور: أستاذ فريد الإخوان وقفوا مع أنفسهم وقفات تاريخية لتقييم هذه الأخطاء التي ارتكبوها في حق الشعب المصري بالدرجة الأولى، هل وقفتم مع أنفسكم وقفات تاريخية لمحاسبة أنفسكم على هذه الأخطاء؟
فريد عبد الخالق: والله يعني حضرتك بتحطها بطريقة دراماتيكية قوي يعني وده من حقك يعني ويمكن يكون أنا برضه من حقي إذا أذنت يعني أقول إن الأخطاء الجسيمة اللي ارتكبناها في حق أنفسنا دية كان كلها كما ترى يعني مهياش على حساب الدعوة ولا حساب البلد يعني كل تصرف عملناه كان لمصلحة الدين ومصلحة البلد كل تصرف حتى لو كان فيه إيثار لمن هو يخاصمنا ويحاربنا..
أحمد منصور: ألم تكن عودة الحياة النيابية لمصلحة البلد؟
فريد عبد الخالق: أنا بعتبرها دية نوط شرف في عنق الدعوة إن هي يعني كانت في موقف الإيثار من الأسرى حتى لو كانت في يدها قوة كانت بتستخدمها لمصلحة البلد.
[فاصل إعلاني]
ما فعله الإخوان بعد خروجهم من السجن
أحمد منصور: في 25 مارس أُجبر الضباط على الالتزام بعودة الحياة النيابية والعودة إلى الثكنات فيما عُرف بأزمة مارس 1954 وأُفرج عن الإخوان في نفس اليوم وذكر محمد نجيب في مذكراته أن الهضيبي زار عبد الناصر في بيته مهنئا له وعاد نجيب لممارسة الحكم غير أن صلاحيات الحاكم العسكري ذهبت لعبد الناصر، الآن بعد ما الإخوان اكتشفوا إن هم يعني حُلت الجماعة خُدعوا جرى ما جرى وحدث ما حدث لم يكن لديهم أي خطة حينما خرجوا من السجن ماذا سيفعلون؟
فريد عبد الخالق: ما هو اللي بدأ، هو اللي بدأ مع الإخوان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني انتو تستنوه لحد ما يذبحكم واحد واحد..
(12/247)
فريد عبد الخالق: لا مش ذبح بقولك لما جاه يعني المحاولة الفاشلة لما جت ثورة الشعب لمصلحة محمد نجيب وبدأ إن هو الوقت مش مناسب إنه يعادي نجيب ويعادي الثورة والإخوان في وقت واحد بل يعني الوقت مش مناسب فهو تراجع وبعت اللي يُجري الصلح ويقول إن جمال عبد الناصر هيغير سياسته ويعترف بكل حقوق الإخوان وإنه هيجيب الطلبات وهيعمل الحكم الشعبي النيابي قال كده، لذلك يعني لما حصل الرُسل اللي بعتهم يعرضوا علينا في السجن الحربي الكلام ده وعرضوه على..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين اللي جالكم؟ من الذي جاء لكم مع عبد الناصر؟
فريد عبد الخالق: اللي جاء واحد من طرفنا كان له صلة بالإخوان اللي هو عبد القادر سرور مقلد دكتور وأحد الوزراء اللي كان وزير الشؤون الاجتماعية في أول الثورة، المهم جم يعني يقولوا إن إحنا جمال بيعرض عليكم التصالح وإن هو الطلبات اللي ارتبط بها هيوفيها وكذا..
أحمد منصور: ماذا كان ردكم؟
فريد عبد الخالق: نعم
أحمد منصور: ماذا كان ردكم؟
فريد عبد الخالق: كان ردنا هو كان الكلام بادئ ذي بدء مع المرشد فقال له المرشد طب أنا أجمع الإخوان وأخذ رأيهم عشان دي مسألة مقدرش استقل أنا بها وجمعنا وقعدنا في الزنزانه بتعته وقال جاء لي من يعرض الصلح من قبل عبد الناصر وإنه يقول إنه هيعمل كذا وهيعيد للإخوان حقها ويعترف بشرعيتها وكذا.. والبلد هيعمل فيها حياة نيابية وبيعرض عليكم الصلح وإنكم تدو له فرصة يعني فانقسم الفريق وأنا كنت حاضر منهم من قال خلاص نستجيب ومنهم من تحفظ وقال دية لعبة من لعبه ولا نصدقها، فاللي حصل أخذ الرأي الراجل بحكم الأغلبية فلقى الأغلبية صوتت للقرار وقبول الصلح.
(12/248)
أحمد منصور: كان يُسمح بقيام أحزاب المجلس لا يؤلف حزبا لا حرمان لأحد من الحقوق السياسية تنتخب جمعية تأسيسية انتخابا حرا مباشرا يُحل مجلس قيادة الثورة في 24 يوليو تنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية دي كانت الست قرارات اللي كانت خاصة بـ25 مارس..
فريد عبد الخالق: صحيح..
أحمد منصور: واللي أُفرج فيها عن الإخوان كان في بعض الإخوان لهم رأي آخر محمود عبد الحليم في الجزء الثالث من كتابه أحداث صناعة التاريخ يقول كانت الفكرة التي في رأسي منذ أواخر أيام الاعتقال هي أن الإجراء الوحيد الذي علينا أن نتخذه في اليوم التالي لخروجنا هو أن نضع يدنا على مرافق البلاد ونتخذ لنا وضعا في حكومة انتقالية يشل حركة جمال عبد الناصر شللا تاما حتى نستطيع تنفيذ ما اتخذه مجلس قيادة الثورة من قرارات رغم أنف عبد الناصر وفي ظل الظروف التي سردتها لم يكن أحد يستطيع أن يقف في طريق الإخوان إذا تقدموا لاحتلال مكانهم، الإخوان كانوا هما القوة حركوا المظاهرات الكبرى كانوا هم القوة الأساسية التي خشي عبد الناصر منها حتى فاوضهم داخل السجون، كان على الإخوان أن ينتهزوا الفرصة من أول لحظة خرجوا فيها من المعتقل ليعملوا عملا إيجابيا يحقق آمال الأمة التي تنتظر منهم هذا العمل مهما أدى هذا العمل إلى تضحيات إذا ما تصدى لهم عبد الناصر مع فلوله إن كان له فلول، بدلا من ذلك قال المرشد باستقبال المهنئين في بيته ولم يحفل بإنه يبحث عن مخرج في الموضوع، أين قيادة الإخوان؟ أين رُشد الإخوان؟ دائما ينتظرون أن يُفعل بهم لا يتحركوا لفعل شيء، رأيك إيه؟
فريد عبد الخالق: والله يعني أنا رأيي له وجاهة واجتهاد يعني أنا أعطيه يعني احترام هو اللي حصل منا فعلا الكلام ده كلام اللي بيقوله القائل ده..
أحمد منصور: محمود عبد الحليم.
(12/249)
فريد عبد الخالق: محمود عبد الحليم كلام يعني يستحق فعلا النظر وأنا قد لو أحسنا يمكن تقدير الأمور كنا جازفنا ودفعنا ثمن أحسن المواجهة اللي أثنانا عن كده عن الإقدام ده أسباب أقدر ألخصها في حاجة تفسر الحاجة دية، أنا أحد الذين لما خرجوا يوم ما خرجت من المعتقل كنت راكب السيارة مع منير ويمكن يكون أحد الآخرين..
أحمد منصور: منير الدلة..
فريد عبد الخالق: الدلة.. وقلت كلمة لا زالت تتردد في نفسي قلت سنعتقل قريبا في ظروف سيئة يعني رغم في يوم ما خرجنا يعني كنت شايف النذر وإن هي دي زي ما تقول تكتيك عسكري..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم تُخدعون المرة تلو الأخرى..
فريد عبد الخالق: فهي كلام وارد إنما يمكن ولذلك كان في ناس فعلا ناس أصحاب رأي وينبغي ألا يُقلل من شأنه إنه يعني عنصر المبادرة..
أحمد منصور: كانت غيبة عنكم عنصر المبادرة..
فريد عبد الخالق: والإقدام مخدش حظه الكافي..
أحمد منصور: قيادتكم كان ليس لديها مبادرة بالمرة..
فريد عبد الخالق: لا هي كان بس مكنش ليه هقولك ليه إحنا خرجنا من السجن في ظروف صعبة كل اللي عملناه..
أحمد منصور: كانت ظروفكم قوية مظاهرتكم اللي أجبرت عبد الناصر ومظاهرات الشعب على أن يقبل إزاي ظروفكم صعبة لو ظروفكم صعبة مكنش طلعكم من السجن..
فريد عبد الخالق: دلوقتي إحنا أعطينا موثق للي جم يتفاوضوا أن إحنا قبلنا..
أحمد منصور: انتو أديتوا ميت موثق وكل مواثيقكم تُخلف..
فريد عبد الخالق: معلش، على كل حال إحنا يعني احترمنا العهد اللي قطعناه على أنفسنا {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُوا} إحنا وفينا بالعهد الحقيقة هو موفاش يتحمل مسؤوليته إنما إحنا الحقيقة قولنا مادام هو نديله فرصة لعله يبقى يعني شايف الظروف تقتضي إنه يعمل تغيير جوهري في نفسه ويرجع للحق ويعترف بالحقيقة، فلما التقينا حُسن يعني الظن غلب سوءه وآثرنا إعطائه فرصة إنه يحقق اللي هو وعده ما ده اللي حصل يعني.
(12/250)
مسؤولية الإخوان عما ألم بالأمة في تلك الفترة
أحمد منصور: محمود عبد الحليم بيقول إن أغلب الإخوان كان يغلب عليهم حسن الظن الذي جر عليهم وعلى الأمة ما جر من مصائب وأهوال.
فريد عبد الخالق: والله أنا أحترم رأيه وأقولك إن هو ليس عاريا من الصحة وإنما أقول يعني إن إحنا ملزمين يعني حسن الظن مش عيب بس المسلم ميكنش خب ميكنش يعني يُستغفل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولا يلدغ من جحر مرتين وانتو كل يوم بتتلدغوا..
فريد عبد الخالق: يعني حسن الظن غير أننا يعني أُعمي عينيا عن رؤية الخطر.
أحمد منصور: شوف بعد أربعة أيام ماذا حدث في مصر يا أستاذ فريد بعد بس أربعة أيام من موقف الإخوان هذا، يسقط الدستور، تسقط الحرية، تسقط الديمقراطية، يسقط المتعلمين..
فريد عبد الخالق: صحيح.
أحمد منصور: سمعت الهتافات دي فين؟
فريد عبد الخالق: طبعا هتافات مصطنعة هي وطبعا مأجورة..
أحمد منصور: هذه الهتافات كانت تُردد في راديو القاهرة..
فريد عبد الخالق: مدفوعة الثمن..
أحمد منصور: في الإذاعة من الحادية عشر صباحا وحتى المساء وخرجت المظاهرات انتهكت مجلس الدولة وضُرب السنهوري بالحذاء وكل شيء وانتو قاعدين تستنوا حسن الظن.
فريد عبد الخالق: والله أما أقولك يعني أنا لا أستطيع إن أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعا هنا طبعا نُقضت كل الاتفاقات والعهود التي كان تعهد بها في 25 مارس..
فريد عبد الخالق: هو الحقيقة أن..
أحمد منصور: وتحمل الإخوان مسؤولية جديدة إلى جوار ما تحملوه..
(12/251)
فريد عبد الخالق: الإخوان وغير الإخوان هو كل مواطن تحمل الخديعة دية اللي تمت الخديعة الكبرى بس إحنا بقى أنا عايز أقول حاجة يعني إحنا بنستعرض يعني أحداث ومواقف وبما أنك بتطالبني حضرتك بها أمام المشاهدين كشاهد على العصر، عايز أقول إن أنا مش مجرد في موقف مجرد أنا بردد أحداث وقعت أنا عايز أقول إن في حاجة مهمة أن إحنا إيه اللي نستوعبه إيه الدرس يعني ما يمكن الأمة تنصب تنكب مرة ثانية بعبد الناصر يبقى تتعلم بقى من الدرس ده يعني أنا شخصا شايف إن الإخوان المسلمين الدروس التاريخية دي لازم هي وغيرها يعني الإخوان المسلمين دية أو غيرها من الجماعات الإسلامية أو الجماعات الإصلاحية يجب ألا تنتظر للظالم إنه يُجهز على المظلوم يعني قبل لا تُمكن له.
أحمد منصور: انتو مكنتم له يوما بعد يوم وكنتوا قاعدين تنتظروا الذبح سنتين..
فريد عبد الخالق: والله شوف أنا يعني..
أحمد منصور: لم يكن عندكوا مشروع ولا عندكوا مبادرة..
فريد عبد الخالق: لا المشروع..
أحمد منصور: ولا عندكوا قيادة تُبادر ولا تأخذ خطوات ولا تصالح حتى، عبد الناصر مد يد المصالحة لم تصالحوه.
فريد عبد الخالق: لا المشروع موجود أمال الدعوة فين ومبادئها من أيام حسن البنا..
أحمد منصور: كلام عاطفي يا أستاذ فريد وكلام عمومي مفيش كلام محدد..
فريد عبد الخالق: موجود لا موجود يمكن الأسلوب..
أحمد منصور: عبد الناصر هو اللي كان عنده مشروع وكان بيحققه وكان ناجح فيه..
فريد عبد الخالق: مشروع إيه ده مشروع يعني هو عبارة عن بطش بالبلد وقضاء على حريتها وإخضاعها..
أحمد منصور: مهما كان عنده مشروع..
فريد عبد الخالق: ده مشروع..
أحمد منصور: مهما كان عنده مشروع ومهما كان هو الذي أخذ زمام التاريخ وصنعه على أي شكل كان.
فريد عبد الخالق: لا هو يعني التاريخ..
أحمد منصور: انتو لا كنتوا بتصنعوا تاريخ ولا أي شيء انتو مصنعتوش تاريخ..
(12/252)
فريد عبد الخالق: لا إزاي الوقفة اللي..
أحمد منصور: صنعتم لأنفسكم محن..
فريد عبد الخالق: لا أرجوك يعني يكفي دعوة الإخوان إنها ربت أجيال موجودة لغاية النهارده في الساحة وكوادر النهارده بتحمل في العالم كله كلمة التوحيد وكلمة لا اله إلا الله وإن إحنا عايزين نُحكم بشريعتنا، كل التيار دا كله هو عبارة عن ثمرة لجهود كبيرة ودفع فيها ثمن غالي وشهداء كل الشهداء اللي سقطوا دول سقطوا عشان هذه المبادئ فدمائهم إن شاء الله ستظل تُوجج عند الشعب حبه لحقه وإخلاصه لدينه وإخلاصه لبلده لن تضيع، هو النهارده الصحوة اللي الموجودة دية ليست لها صاحب هي بذور حتى في المقاومة اللي الموجودة هنا وهناك بيتكلموا عنها هي دي بذور، لما الإخوان المسلمين قالوا الظالم يقاوم وبكل حق وبكل قدرة يقاوم وبقدر إمكانهم تركوا بذور في الأرض الصالحة لازال لها دور وهتعطي دورها بكرة وإذا فات الإخوان إنهم يعملوا بأيديهم التغيير ده أو المواجهة دية غيرهم يعملوه.
محنة الإخوان وزيارة المرشد لسوريا ولبنان
أحمد منصور: فترة الإخوان عندما خرجوا في 25 مارس كانت فترة تشتت وضياع في الوقت اللي عبد الناصر كان يضيق على الإخوان ينقل الموظفين يفصل ضباط الإخوان من البوليس ومن الجيش ومن كذا، يقوم مرشد الإخوان بعمل زيارة لسوريا ولبنان، هل كان الوقت مناسب لهذه الزيارة في شهر يوليو سنة 1954؟
فريد عبد الخالق: زيارة سوريا وزيارة الإخوان والزيارات دية..
أحمد منصور: الإخوان في مصر في محنة يقف جنبهم الأول يشوف لهم حل ومخرج..
فريد عبد الخالق: ما هو شايف أن المحنة..
أحمد منصور: يحاول يتفاوض مع عبد الناصر
فريد عبد الخالق: هو بالحقيقة هو كان يرى إن محنة أي قطر مسلم هي محنة كل الأقطار لأن هتحصل واللي هيحصل في مصر هيحصل في سوريا هو اللي حصل في سوريا شوية ما هو نفس الحكاية وجدوا نفس..
أحمد منصور: واصل حربه على عبد الناصر وانتقد اتفاقية الجلاء..
(12/253)
فريد عبد الخالق: برضه الأنظمة عسكرية جت زيها بالضبط فهو يعني رايح لعله يعني.. يوضح أمور ويحثهم على أن يعني يعتبروا بالدرس اللي حصل عندنا فزيارة لا تُعاب يعني في شيء.
أحمد منصور: في بداية سبتمبر سنة 1954 اختفى مرشد الإخوان.. اختفى قائد الجماعة الذي من المفروض أن يتواجد في وسطها اختفى..
فريد عبد الخالق: هو دي فكرة ليست فكرة مش دفاعا عنه هو بعض الإخوان قالوا له إن وجودك كرمز للدعوة مهم وهم عايزين يقتلوك فأنت بقاءك أفضل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو أحسن من حسن البنا؟
فريد عبد الخالق: لا يعني هي الموت..
أحمد منصور: وبعدين انتو الإخوان بتقولوا الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.
فريد عبد الخالق: أينعم بس..
أحمد منصور: يقولوا له بس عايزين يقتلوك يخاف ويستخبى.
فريد عبد الخالق: بس هو قاعد مش عشان يدخر نفسه عن الشهادة جاي يدخر نفسه لمصلحة البلد إنما وقت الشهادة..
أحمد منصور: مصلحة البلد هي الجماعة من غيره هتموت يعني، حسن البنا قتل وبقيت الجماعة.
فريد عبد الخالق: بدليل هو بعض الإخوان اللي حوليه يعني قالوا له إحنا بننصح بإنك أنت تبعد شويه عشان إحنا نقدر نقاوم وما ننشغلش بك لأن وجود كرمز أساسي كويس.. هو رجع بقى من نفسه..
أحمد منصور: لا.
فريد عبد الخالق: لا رجع..
أحمد منصور: أستاذ فريد لا أنا معاك..
فريد عبد الخالق: لا رجع هو عاد..
أحمد منصور: أنا معاك واحدة واحدة المرشد حين أختفى في بداية سبتمبر لم يظهر إلى أن قُبض عليه بعد حادث المنشية أنا معاك واحدة واحدة.
فريد عبد الخالق: لا هو رجع.
أحمد منصور: لم يرجع يا أستاذ فريد.. يا أستاذ فريد شوف..
فريد عبد الخالق: أنا بقولك هو عاد.. عاد وقال أنا يعني هأواجه الموقف ولن أغيب عن الإخوان وده كان خطأ وبعدين..
(12/254)
أحمد منصور: هأواجه الموقف ولن أغيب عن الإخوان ما أتخذش هذا القرار غير بعد حادث المنشية أنا الآن في بداية سبتمبر أخذه حسن العشماوي إلى فيلا أو شقة في مصر الجديدة وأختفى فيها لمدة أسبوعين أختفى اختفاء أي قائد لأي جماعة لأي تنظيم لأي حزب سياسي معناه إيه لدى القاعدة العريضة من الناس؟
فريد عبد الخالق: الذي حصل إنهم أفهموه إن الإخوان كلهم حريصين وده أمر الإخوان فهو ائتمر..
أحمد منصور: هل ده رأي صواب، هل ده صواب؟
فريد عبد الخالق: أي الرجل بقائه في وسطينا يعني أنفع من قتله دلوقتي عايزينه الدعوة في محنة والإخوان عرضة للتفكك بالشكل ده هو..
أحمد منصور: هو بيعملهم إيه؟
فريد عبد الخالق: لا
أحمد منصور: معملش أي مبادرة للإخوان..
فريد عبد الخالق: لا.
أحمد منصور: قولي أنا قدامي التاريخ أهو كل يوم أفحر أشوف حسن الهضيبي عمل إيه للإخوان من ساعة ما بقى مسؤول للإخوان، حسن الهضيبي يجلس صامتا ثم يرفض يجلس صامتا وقليل الكلام ما الذي فعله حسن الهضيبي، يا أستاذ أنا من كتب الإخوان مش حتى لا أظلم الرجل من كتب الإخوان قول لي أنت مرافق للهضيبي قولي؟
فريد عبد الخالق: كويس أنا هقول لحضرتك حاجة قد يكون يعني ما قلته من بعض صفاته إنه هو قليل الكلام وإنه كان ده حصل إنما ده مش هوا مربط الفرس ومش هو ده نقطة اللي أنا احكم بها ليه أو عليه إنما الرجل هل هو فرط في دعوته ولا استمسك بها؟
أحمد منصور: يبقى فرد عادي ويستمسك، بدعوته قيادته لجماعة أو لتنظيم شيء آخر.
فريد عبد الخالق: لا بقول لحضرتك وجدوه أنا كنت موجود معاه في السجن الحربي في عز المحنة..
أحمد منصور: هو اللي جاب أنا الآن قبل السجن الحربي مثل هذه التصرفات اللي جابت السجن الحربي للإخوان.
فريد عبد الخالق: لا تصرفات مُبيتة بمؤامرة وكل الناس قالت كده كل الناس حتى الأجانب قالوا ديه مؤامرة ومُبيتة ولها أعضاء من الخارج..
(12/255)
أحمد منصور: حسن البنا أدرك أنه سيقتل ومع ذلك لم يتوان ولم ينحبس ولم يختف ولم يهرب ولم يفعل شيء وظل لآخر لحظة وقتل وهو يسعى للبحث عن مخرج للإخوان وهو مؤسس للجماعة وأعتقد أن وجود حسن البنا في وسط الإخوان أقوى من مليون الهضيبي أو أي حد ثاني في وسط الإخوان، صح؟ حسن البنا أختفى استخبى راح قعد إدارى الإخوان كانوا في السجون وهو كان يبحث عن مخرج، هنا قول لي من الناحية التاريخية اختفاء زعيم الإخوان أليس هذا أيضا خطأ تاريخي؟
فريد عبد الخالق: هو يعني ليس غريبا في فنون الحرب والقتال والصدام إن القائد يبتعد عن أنه يكون هدف لحماية جيشه أو لمطالب الجيش..
أحمد منصور: مش انتو كنتوا في حرب..
فريد عبد الخالق: إنما هل القائد ده باع دعوته خان دعوته اشتراه عدوه خان البلد محصلش.
(12/256)
أحمد منصور: يا أستاذ فريد حينما اختفى المرشد ضاع الإخوان ضاعت، أصبح هناك تخبط كان المرشد يصدر بيانات من.. طب أنا هقولك اللي حسن العشماوي قالوه لأن المرشد بعد ذلك انتقل إلى الإسكندرية في 15 سبتمبر وحسن العشماوي أقام معاه في نفس الفيلا هو وأولاده وكان تقريبا معزولين عن الإخوان خالص، حسن العشماوي بيقول إيه اعتزلت القيادة خلاص المرشد قاعد مستخبي في إسكندرية واختلف أعضاء مكتب الإرشاد في كل خطوة وكف المكتب التنفيذي عن الانعقاد وتستر أعضاء الجهاز السري على أنفسهم وأفكارهم فتبلبلت الخواطر وكان على كل صاحب رأي واضح أن يعتزل أو يسلم نفسه للاعتقال لأن عمليات الاعتقال بدأت حتى قيل إن يوم 21 سبتمبر كانوا بلغوا حوالي خمسمائة معتقل اعتزل الكثيرون حتى اقرب الناس إلينا وعشت أنا مع المرشد في بيت واحد أبعد ما نكون عن حقيقة المعركة في انتظار يوم المظاهرة فبدأت لأول مرة أرى أفراد عائلتي وأحس بهم وأعلم من أمرهم ما لم أكن أعلم، أنا استبقت هنا لأن كانوا قرروا أن الهيئة التأسيسية بعد انتخابها ستعقد اجتماع يوم 29 أكتوبر وستخرج مسيرة ينضم لها الأحزاب السياسية والجهاز السري يحرسها بالسلاح وتذهب إلى مجلس قيادة الثورة وتطالب الضباط بالتنحي وتعود الحياة النيابية لكن دي الصورة اللي آل إليها الأمر في النهاية.. قيادة معزولة جماعة لا يعرف أفرادها ماذا يفعلون كل واحد بقى بيتصرف بنفسه في عجز في مرحلة عجز وشلل أوصلت بها قيادة الإخوان آنذاك الجماعة.
فريد عبد الخالق: آه هي اللي ليست..
أحمد منصور: من كتب الإخوان مش كلامي أنا.
فريد عبد الخالق: هي كويس وجهات نظر أنا عايز أقول يعني كمان ما هو ربنا أمرنا يعني اعدلوا ولو على أنفسكم.
أحمد منصور: بالضبط قولنا بقى اعدلوا ولو..
(12/257)
فريد عبد الخالق: فأنا عايز أقول إن الوضع ده يتحمل مسؤوليته كل القوى السياسية اللي في البلد اشمعنى الإخوان المسلمين لوحدهم كل القوى السياسية ولو كان بين القوى السياسية يعني حوار وتقارب وتكاتف وإصرار..
تأييد الإخوان لحل الأحزاب واختفاء المرشد
أحمد منصور [مقاطعاً]: انتو اللي أيدتوا حل الأحزاب القوى السياسية كلها بسببكوا انتو.
”
التاريخ أحداثه تجري حسب سُنن وقواعد والعقلاء هم الذين يَعون الدروس
”
فريد عبد الخالق: لا الكل كان مؤيدين والوفد برضه وكله كان حصل اتصال بينه وبين الكل.
أحمد منصور: ألم يكن اختفاء المرشد هروب من المسؤولية هروب من مسؤولية المواجهة؟
فريد عبد الخالق: ما هو حضرتك أنا حضرت هذا، الحقيقة ده يعني مشورة خاطئة طلبوا منه وهو رجع أنا اللي أعرفه ده أنت حضرتك هتغير علمي..
أحمد منصور: هقولك رجع إمتى..
فريد عبد الخالق: اللي هو قابلوه أنا الإخوان أحاطوا به وقالوا له من مصلحة الدعوة إنك لا تتعرض للقتل هم عايزين يغتالوك فأنت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيها إيه لما يغتالوه فيه إيه لما يعتقلوه؟
فريد عبد الخالق: وبعدين هم، بس الحاجة إليه أكثر..
أحمد منصور: مش بتقولوا الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.. السجون والمعتقلات بداية المحن..
فريد عبد الخالق: ولكن كان تقديرهم إن الحاجة إليه أكثر فالرجل يعني استجاب وانصاع للأمر..
أحمد منصور: شوف الأمور وصلت لِفين يا أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: لكن هو رجع ثاني ورفض إنه يستمر..
(12/258)
أحمد منصور: أستاذ فريد أنا معاك واحدة.. واحدة أنا بقولك هو مرجعش ورفض هذا إلا متأخرا بعد أن وقع حادث المنشية يوم 26 أكتوبر، في 21 سبتمبر 1954 يعني قبل حادث المنشية آخر محاولة للإصلاح بين عبد الناصر وبين الإخوان حضرها طرف من طرف الإخوان حضرها كان طبعا المرشد مختفي وكان الناس اللي بيذهبوا إلى مكتب إلى المركز العام للإخوان يجدوا بس وكيل الإخوان خميس حميدة وخميس حميدة لم يكن يعرف مكان المرشد اللي كان بيعلم مكان المرشد كان حسن العشماوي ونفر قليل من الناس ومع ذلك بيانات نارية تصدر من المرشد وتوزع والناس القيادة غايبة والناس في وضع مشتت للغاية وصفه حسن العشماوي كما ذكرت، خميس حميدة نائب المرشد عمر التلمساني المرشد السابق الدكتور عثمان نجاتي محمد حلمي نور الدين الشيخ أحمد شريط وكان معاهم محمود عبد الحليم وبدؤوا يتناقشوا مع عبد الناصر في قضية مصالحة أخيرة، عبد الناصر كان يحمل مرارات كثيرة مما كان يفعله الهضيبي.
(12/259)
عبد الناصر يقول إنني كنت حريصا منذ قيام الثورة على أن أتشاور مع المرشد العام في الشؤون الهامة للدولة ولكني لاحظت أن المرشد العام لا يهتم بلقائي وزملائي معه بل ينظر إلينا نظرات لا تشعرنا بالتقدير حتى أنني عقب كل اجتماع لنا معه كنت أشكو هذا الشعور إلى صلاح سالم الذي كان يرافقني في أكثر الاجتماعات وكان يقول لي ربما طبيعة الرجل هي التي كانت تفعل ذلك ولكنني عقب إحدى هذه الاجتماعات التي كانت تتم عادة في بيت المرشد شعرت بمهانة وعدم مبالاة بي لم أتعودها في حياتي إلى حد أنني قررت أن انقطع عن الاتصالات، المهم في اجتماع آخر ذهب عبد الناصر يقول ذهبت مع صلاح إلى منزل المرشد وجلسنا في غرفة الصالون حتى دخل علينا وألقى السلام وجلس دون أن يتكلم وطال صمتنا وصمت الرجل الذي كنا ننتظر أن يبتدرنا بالكلام كما هو معتاد باعتباره صاحب البيت ونحن ضيوفه إلا أن الرجل اعتصم بالصمت حتى تصبب العرق من وجوهنا خجلا لأننا شعرنا كأنما نحن دُخلاء اقتحمنا على الرجل بيته دون رغبته مع أننا كنا على موعد، إنقاذا للموقف وحفظا لماء وجوهنا بدأت أنا بالكلام يا فضيلة المرشد جاءنا من أجل الموضوع الفلاني وبعد أن ألقيت السؤال عليه انتظرت أن يتكلم ولكنه لم يتكلم هو اكتفى بكلمة لا مانع، هل هذه طريقة يتعامل بها المرشد مع عبد الناصر كل يوم يستثير غضبه لا يرد عليه لا يهتم به؟ الرواية في كتاب محمود عبد الحليم وهو واحد من قيادات الإخوان وليست رواية من رجال الثورة أجبني لو سمحت على هذا الموضوع؟
فريد عبد الخالق: هي تاريخها امتى؟
أحمد منصور: حدثت هذه حينما كان المرشد مختفي في 21 سبتمبر 1954 كان المرشد في الإسكندرية، أين كنت أنت حينما كان المرشد مختفي؟
فريد عبد الخالق: أنا كنت ممن قبض عليهم أظن.
أحمد منصور: آه مبكر يعني.
فريد عبد الخالق: أه مبكر يعني.
أحمد منصور: أنت قبض عليك قبل حادث المنشية..
(12/260)
فريد عبد الخالق: قبل حادث المنشية..
أحمد منصور: من بين الخمسمائة الذين قبض عليهم بشكل مبكر..
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: أستاذ فريد قولي دي لحظات تاريخية مهمة، هذه لحظات تاريخية مهمة قولي رأيك في هذا الذي يحدث؟
فريد عبد الخالق: والله شوف أقول لحضرتك حاجة التاريخ أحداثه بتجري حسب سُنن وقواعد وإن العقلاء هم الذين يَعون الدروس وأنا يعني ليست نهاية التاريخ كما يقول فكوياما الإخوان المسلمين في 1954 تاريخ مستمر والدروس بنحتاج إليها فأنا أقصى ما أستطيع أن أذهب إليه إنه لو في من يقود أي تيار إسلامي أو أي حركة إصلاحية ويرى من خصمه مثل هذا الافتراءات ومثل هذا الظلم لا يتركه حتى تقوى شوكته وإذا استطاع إنه يقابله وهو في حال أقل منه عندما يبلغ ذروته يبقى أفضل إنقاذا للبلد، يعني بيجي أوقات الصفح مطلوب والتسامح مطلوب يجي أوقات في حكم الشرع الصفح يبقى محروم محرم إذا كان هيزيد أذى الظالم يبقى الصفح بدل ما يبقى مرغوب أو مندوب يبقى محرم، فهي الحقيقة هي دروس مرت على البلد في ظروف صعبة والنهارده يا ريت البلد تتعلم من الدروس دي للمستقبل المستقبل لسه جاي بحاجات كثير أكثر من كده، النهارده لغاية دلوقتي البلد بتدور على الحوار مش عارفة تعمله.
أحمد منصور: في 24 سبتمبر 1954 اجتمعت الهيئة التأسيسية للإخوان وانتُخِبت هيئة تأسيسية جديدة، كنت أنت في السجن؟
فريد عبد الخالق: دي أنا حضرتها.
أحمد منصور: دي حضرتها؟
فريد عبد الخالق: وليها حادثة مهمة عندي.
أحمد منصور: قولها.
(12/261)
فريد عبد الخالق: إحنا كنا في الفترة العصيبة اللي معروفة اللي هي فترة غليان فترة زي ما تقول حيرة فترة شبة تمزق شبه يعني الأمور الأرضية غير مستقرة نذر الخطر مُحدقة وكثيرة والأوضاع بينا فيها تفكك داخلي أو في جبهة اللي زي السندي خرجت علينا زي ما خرجت على حسن البنا خرجت على الهضيبي وهي سببت لنا كل الاغتيالات وبرضه جت النهارده عملت لينا النكبة لان هي عملت اللي عملته في الإخوان ظلت تلاحقنا بالضرر نهايته لما حصلت الأمور دية فكان الإخوان يعني لا يوجد بينهم رؤية واضحة تجمعهم.
أحمد منصور: زي اللي حسن العشماوي قاله..
فريد عبد الخالق: قال كده؟
أحمد منصور: آه ما أنا قرأت عليك.
فريد عبد الخالق: شوفت ازاي فأنا معاك ما أنا معاك أنا فدلوقتي أقول لحضرتك أنا هي دي اللي خلت..
أحمد منصور: تبلبلت الخواطر.
فريد عبد الخالق: هي دي الموقف اللي أنا كنت بأحكي عنه شاء الله عز وجل وأنا قاعد حضور الهيئة التأسيسية باعتباري عضو وجرت الانتخابات والحقيقة أنا كل الدوارات الانتخابية كان ينتخبونني عضو مكتب اللي يتجدد منذ، فنصحني من نصحني وقال لي دول وزعوا الهيئة النظام الخاص وزع نشرة باسمك أن فريد عبد الخالق وراء كل يعني المسائل دية وهو اللي محرك لكذا وهو اللي كذا وهو يعني بالنسبة لهم يعني العدو رقم واحد فإنه هو يعني يقول الهيئة إن إحنا لا داعي يعني أنكوا تنتخبوا واحد يسبب لنا الإزعاج، فالأمور فنصحني يعني قالي لتفريغ الشحنة وتقليل وتقليص..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أكتوبر 1954 كان السندي فصل وأصبح رئيس النظام الخاص يوسف طلعت.
فريد عبد الخالق: أيوه وماله.
أحمد منصور: وبرضه الدعوة كانت ضدك يعني قبل اغتيال عبد الناصر بأيام.
فريد عبد الخالق: هو النظام لا هو مش دي اللي جرى فيها الانتخابات.
أحمد منصور: دي جرى فيها الانتخابات بس قبل..
فريد عبد الخالق: دي أنا حضرت فيها.
أحمد منصور: قبل كده كان بالتعيين.
(12/262)
فريد عبد الخالق: لا كان بالانتخابات.
أحمد منصور: ما هو كان في أكثر من انتخابات كان في انتخابات في 1953 وكان فيه برضه في 1954.
فريد عبد الخالق: لا الانتخابات آخر انتخابات قبل المنصة.
أحمد منصور: قبل حادث المنصة آه هي دي.
فريد عبد الخالق: قبل المنصة هي دي الانتخابات اللي أنا قالي أخ منير رحمة الله عليه قال لي أنت يعني زي ما تقول متجهين نحوك اتجاه عدائي..
أحمد منصور: نعم، مغضوب عليك..
فريد عبد الخالق: وبيعتبرك أنت مغضوب عليك وأنك أنت ضد النظام وأنك أنت واقف عقبة أمامهم فأنت أحسن نمتص الغضب ده لأن إحنا عايزين نقلل الخلافات ونمتص الشحنة قالت له والله فكرة عسل أنا منيش حريص على عضوية ولا حاجة.. ووقفت فعلا في وسط الهيئة وطلبت منهم الانسحاب من الترشيح ومشيت الأمور على كده واستجابوا وخلاص وانتهينا على كده، يشاء الله أن يكون وراء دية شيء أنا مكنتش مرتبه.
أحمد منصور: ما هو؟
فريد عبد الخالق: أن أنا لما جت المحاكمات بعد كده وكانت الأحكام جاهزة عند المنصة اللي بتحكم إن عضو المكتب يا إعدام يا مؤبد وأنا فاكر المدعي العام بيقول والمنصة بتقول المنصة لأني كنت حديث عهدي أنا بعضوية المكتب مستمر معرفوش التغير الأخير ده، فجاء فريد عبد الخالق فقالوا له فريد الخالق عضو المكتب بقى وكذا وأنت، المدعي العام قال لهم ما هواش عضو مكتب قال له إزاي ده هو عضو المكتب إحنا عارفينه قال هو مش عضو مكتب فشاء الله أن يُفردني مما ينتظر كل أعضاء المكتب يا الإعدام يا المؤبد فمد الله في أجلي لحكمة هو يعلمها ليس حرصا مني على الحياة ولكن هذا قدر الله اللي شاء فأنا ولذلك لما جت الأحكام اللي كانوا عايزينوه يعدموه أو يأخذ مؤبد زي اللي راحوا الداخلية اللي راحوا في الواحات دية..
أحمد منصور: سجن الواحات..
(12/263)
فريد عبد الخالق: أخذت حكم عقوبة عضو الهيئة اللي هي عشر سنين مع إيقاف التنفيذ كمان فأنا فاكر الحادثة دي لأنها حادثة يعني كانت تتعلق بحياتي أُوجد أو لا أُوجد.
أحمد منصور: يعني أنت كنت عضو هيئة ولست عضو مكتب إرشاد في الفترة دي بالذات لكن كنت عضو مجلس إرشاد من 1943 إلى هذا التاريخ.
فريد عبد الخالق: أينعم.
استقالة الهضيبي من مكتب الإرشاد
أحمد منصور: حسن العشماوي بيتكلم عن حادثة غريبة جدا وقعت في الأيام الأولى من أكتوبر 1954، يقول سلمنا المرشد توجيهاته لنقلها إلى المرحوم عبد القادر عودة بصفته وكيل الإخوان وكان فيها ظرف مغلق وطلب أن يُسلم إلى عبد القادر عودة شخصيا ففتح عبد القادر عودة الظرف تبين أنه يحوي استقالة الهضيبي من مكتب الإرشاد والاكتفاء ببقائه عضوا في الهيئة التأسيسية.
فريد عبد الخالق: اللي هو.
أحمد منصور: الهضيبي استقالته أرسلها إلى عبد القادر عودة في أكتوبر 1954 وأنه كان ينوي تقديم كشف حساب للهيئة التأسيسية حال انعقادها في 29 أكتوبر وأن يترك قيادة الجماعة بشكل نهائي، عندك معلومات عن الموضوع ده؟
فريد عبد الخالق: لا.
أحمد منصور: معندكش، بعد ذلك حُددت إقامة عبد القادر عودة في منزله وأصبح يوسف طلعت رئيس النظام الخاص وكان الإخوان في وضع فيه حيارى لا يعلمون ماذا سيفعلون، كان عندك فكرة عن الخطة اللي كانت ستكون يوم 29 أكتوبر التي كانت تهدف إلى أن يتحرك الإخوان ومعهم القيادات الأحزاب السياسية الأخرى ويقلبوا نظام الحكم بشكل سلمي؟
فريد عبد الخالق: 29 أكتوبر أنت تاريخ اللي قولناه عن الاجتماع الهيئة التأسيسية كانت كام؟
أحمد منصور: كان 23 سبتمبر والمفروض 26 أكتوبر وقع حادث المنشية وهؤلاء كانوا سيجتمعوا 29.
فريد عبد الخالق: طيب أنا معتقل قبل حادث المنشية.
أحمد منصور: أنت اعتقلت قبل حادث المنشية؟
فريد عبد الخالق: أنا حادث المنشية ده يقينا.
أحمد منصور: بكام يوم.
(12/264)
فريد عبد الخالق: بفترة.
أحمد منصور: بفترة إزاي وأنا عمال أقولك أن اجتماع الهيئة التأسيسية كان..
فريد عبد الخالق: لا أنا حضرت الاجتماع اللي كان فيه انتخابات أنا حضرته..
أحمد منصور: الاجتماع كان فيه اجتماع كان فيه انتخابات..
فريد عبد الخالق: لا اللي فيه الانتخابات
أحمد منصور: في 24 سبتمبر..
فريد عبد الخالق: انتخابات أعضاء مكتب الإرشاد..
أحمد منصور: أنت اعتقلت قبل حادث المنشية بقد إيه؟
فريد عبد الخالق: بفترة.. بأيام.
أحمد منصور: أيام.. أيام قليلة يعني.
فريد عبد الخالق: يقينا قبل حادث المنشية لأن يقينا أنا كمان قبل حادث المنشية قابلت هنداوي دوير في الشارع.
أحمد منصور: اللي هو اتهم باغتيال عبد الناصر.
فريد عبد الخالق: اللي هو أتهم وقاللي إن إحنا عاملين حاجة.
أحمد منصور: قالك عاملين حاجة.
فريد عبد الخالق: أيوه
أحمد منصور: يعني معنى كده إن فعلا مجموعة الإخوان هذه التي..
فريد عبد الخالق: فأنا قلت له، قالي إن في يعني خلية وهنتحرك ومش عارف إيه ونعمل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب بقى أسمع منك التفاصيل في بداية الحلقة القادمة.
فريد عبد الخالق: خيرا إن شاء الله.
أحمد منصور: أرهقتك.
فريد عبد الخالق: لا مفيش حاجة.
أحمد منصور: على مدى شهر كامل.
فريد عبد الخالق: أيوه.
أحمد منصور: أرهقتك أنا.
فريد عبد الخالق: لا بالعكس أنت بتغطي حقبة خطيرة ومعلومات مهمة لازم..
أحمد منصور: لكنها أرهقتني هذه الحقبة، أرهقتني أيضا.
فريد عبد الخالق: أه شوف إزاي.
أحمد منصور: بين أكثر من ستين مرجعا وكتابا أعود إلى محاولة ربط المعلومات.
فريد عبد الخالق: لا كويس أنت لا بالعكس ده هو اللي أثرى اللقاء وأنا أشهد إن لولا حضور ذهنك وتجمع معلوماتك وترتبيها مكنش يتم شيء.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أتناول معك حادث المنشية في 26 أكتوبر 1954 ومحاولة اغتيال عبد الناصر.
فريد عبد الخالق: إن شاء الله.
(12/265)
أحمد منصور: على يد مجموعة من الإخوان أشكرك شكرا جزيلا.
فريد عبد الخالق: عفوا.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق، في الختام أنقل إليكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/266)
الحلقة13(12/267)
الثلاثاء 4/1/1425هـ الموافق 24/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:33(مكة المكرمة), 13:33(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 13
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
29/2/2004
- 1954 عام التحولات الجذرية
- الأزمة بين الثورة والإخوان
- شهادة فريد عبد الخالق على حادث المنشية
- موقف الإخوان من مطالب الشعب
- سيناريو محاولة اغتيال عبد الناصر
- حريق المركز العام للإخوان
- معاناة الإخوان في المعتقلات عام 1954
- محاكمات عام 1954
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق، أحد مرافقي الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وعضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: أهلا بكم.
1954 عام التحولات الجذرية
أحمد منصور: كان عام 1954 عاما حافلا وهاما ليس في تاريخ الإخوان فحسب ولا في تاريخ الثورة ولا في تاريخ جمال عبد الناصر وإنما في تاريخ مصر الحديث حيث تَحدَد في هذا العام من خلال أحداثه مستقبل مصر السياسي، بالنسبة للإخوان أصدر عبد الناصر في 15 يناير 1954 قرارا بحلهم أُوِدع أكثر من أربعمائة وخمسين من قيادات الإخوان السجون.
فريد عبد الخالق: نعم؟!
”
اتخذ عبد الناصر في سبتمبر عام 1954 احتياطات لخوض المعركة مع الإخوان، فعمل على فصل البوليس المشتبه في علاقاتهم بالإخوان وطالب بإعداد كشوف بأسماء الطلاب المنتمين للإخوان
”
(12/268)
أحمد منصور: أكثر من أربعمائة وخمسين من قيادات الإخوان أُودِعوا السجون على رأسهم مرشد الجماعة وأعضاء الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد، بقي آخرون في الخارج كانوا يقومون بمظاهرات كان من أبرزها مظاهرة 28 فبراير 1954 التي كادت أن تغير النظام السياسي في مصر لولا أن صرفها عبد القادر عودة وفي 3 مارس 1954 قُبض على قادة هذه المظاهرة بتهمة السعي لقلب نظام الحكم، 25 مارس بعد قرارات مارس الشهيرة تم الإفراج عن الإخوان وقام جمال عبد الناصر بزيارة المرشد العام في بيته وطلب منه إيقاف مظاهرات الإخوان وبالفعل أوقفت ولكن في 29 مارس خرجت مظاهرات مضادة نادت بسقوط المتعلمين وبسقوط الديمقراطية وسقطت الديمقراطية من وقتها، بعد ذلك سافر الإخوان في جولة إلى الخارج سوريا ولبنان عاد ثم اختفى تأزمت العلاقات بشدة بين عبد الناصر والإخوان مع اختفاء المرشد الذي كان يُصدِر من مخبئه بيانات نارية اجتمع الإخوان مع عبد الناصر اجتماعا أخيرا كان فيه محمود عبد الحليم وعمر التلمساني وكان ذلك في شهر سبتمبر 23 سبتمبر 1954 وعبد الناصر قال في هذا الاجتماع أنه سيعطي كانت 21 سبتمبر 1954 سيعطي الإخوان فرصة أخيرة إلا أن الأمور تأزمت وبدأ عبد الناصر يقبض على مزيد من الإخوان مع استمرار اختفاء المرشد، أحمد أبو الفتح وصف ما حدث في هذه الفترة قائلا اتخذ عبد الناصر عشرات الأساليب والاحتياطات لخوض المعركة مع الإخوان ففصل عشرات من ضباط البوليس المشتبه بعلاقتهم بالإخوان، نقل عشرات من الضباط من الجيش لأسباب إلى مناطق نائية لأسباب مختلفة أرسل يطلب من جميع نظار المدارس الثانوية بإعداد كشوف بأسماء الطلاب المنتمين للإخوان ليحول دون التحاقهم بالجامعات، طلب من رجال البوليس موافاته بأسماء كل من ينتمي للجماعة في مناطق عملهم وأدرك الإخوان المسلمون أن عبد الناصر يبيت لهم أمرا ولكن ثقتهم في قوتهم ومتانة تشكيلاتهم جعلتهم يستخفون بأنه بدل أن(12/269)
ينصرفوا إلى دراسة الوضع دراسة حكيمة لم يكن هناك حكمة لدى الإخوان. حسن العشماوي في مذكراته يقول بأن الإخوان حصلوا على تقرير سري أعدته إدارة المخابرات الحربية والمباحث العامة في 11 أغسطس 1954 لضرب الإخوان لكنه لم يستفيدوا منه، محمود عبد الحليم له أيضا رؤية في كيف أن الإخوان كانوا في هذا الوقت يعني غير منتبهين مطلقا لما يحدث فقال إن وقوف أصحاب الدعوات من المفاجئات التي لم تكن في حسبانهم مجدوهين جامدين هو نوع من الغفلة والبله لابد لهم من أن يتصرفوا ويغيروا من خُطَتِهم تواؤما مع هذه المفاجئات ولا أقصد من هذا أن يتناول التغيير مبادئهم ولا هدفهم ولكن أقصد أن يكون التغيير في الوسائل. مع هذا الذي وصفه محمود عبد الحليم بالغفلة والبله كان حسن العشماوي أكثر قدره على وصف الوضع المرشد مختفي الإخوان ممزقين استطاع عبد الناصر أن يجذب إليه أكثر من نصف أعضاء الهيئة التأسيسية ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد قيادة النظام الخاص عبد الرحمن السندي ومن معه ووصف حسن العشماوي الصورة فقال اعتزلت القيادة اختلف أعضاء مكتب الإرشاد في كل خطوة وكف المكتب التنفيذي عن الانعقاد دون تستر أعضاء الجهاز السري على أنفسهم وأفكارهم. وتستر أعضاء الجهاز السري على أنفسهم وأفكارهم فتبلبلت الخواطر وكان على كل صاحب رأي واضح أن يعتزل أو يسلم نفسه للاعتقال اعتزل الكثيرون حتى أقرب الناس إلينا وعشت أنا مع المرشد في بيت واحد أبعد ما نكون عن حقيقة المعركة في انتظار يوم المظاهرة. هذا الوضع الضبابي المأساوي اللي مرت به مصر واللي الإخوان حسب كُتَّابِهم يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية فيه مع قيادتهم التي كانت مختفية وكما قال حسن العشماوي أبعد ما يكونون عن حقيقة المعركة قُبِض عليك أنت وبدأ عبد الناصر يقبض على عشرات من الإخوان وأنا حرصت أن أنقل هذه الصورة السريعة عن عام 1954 لأنه يعتبر عام التحولات الكبرى في تاريخ مصر السياسي الحديث. في(12/270)
26 أكتوبر 1954 أطلق محمود عبد اللطيف أحد رجال النظام الخاص في الإخوان المسلمين عدة رصاصات على جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية وقلت في الحلقة الماضية أن هنداوي دوير كان قد أبلغك أنهم يعني ينوون السعي لقتل جمال عبد الناصر مع هذه الصورة التي
”
يقول حسن العشماوي في مذكراته: إن الإخوان حصلوا على تقرير سري أعدته المخابرات الحربية والمباحث العامة في 11 أغسطس 1954 لضرب الإخوان لكنهم لم يستفيدوا منه
”
حاولت بشكل مختصر أن أبينها للعام 1954 ماذا وقع؟
فريد عبد الخالق: التلخيص جيد وأَدرك يعني جوانب متعددة في عام من الأعوام اللي مرت بالتاريخ ولها قيمة وأهميه وتداعيات ده صحيح.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا اعتقد اللي يفهم عام 1954 يفهم كل اللي حصل في مصر بعد كده.
فريد عبد الخالق [متابعاً]: أيوه لاشك التركيز عليه مهم..
أحمد منصور: الجوانب المختلفة فيه جوانب ملهاش علاقة اللي هي علاقة الضباط مع بعضهم وبعض وغيرهم.
فريد عبد الخالق: زيادة في المقصود من أهمية توضيح 1954 لأهميته أزيد عليه بأني أقول أن 1954 ليس بداية يعني منفصلة عما سبقها.
أحمد منصور: أكيد طبعا.
”
في 26 أكتوبر 1954 أطلق محمود عبد اللطيف عدة رصاصات على جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية
”
الأزمة بين الثورة والإخوان
فريد عبد الخالق: بل هي حلقة مكملة لما سبقها عام 1953 كان من الأعوام اللي مملوؤة بأزمات ما بين الثورة وبين الإخوان معروفة سواء ما يتعلق بهيئة التحرير.
أحمد منصور: تناولناها لكن عام 1954 كان عام الحصاد.
فريد عبد الخالق: في 1953 كانت محاولة مخططة لأغراض محددة عند الثورة وعلى رأسها مجلس الثورة مع جمال عبد الناصر، النية كما كانت بإيجاز بس عشان أجيب الربط هو التخلص من محمد نجيب التخلص من الإخوان برضه بضربهم واقتراب مما يخطط هو له ويخططون معه يخططوه اللي هي إحكام القبضة..
(12/271)
أحمد منصور: على الأقل عندهم خطة أنتم معندكوش حاجة.
فريد عبد الخالق: لا مهو في الخطة موجودة إنما هو أصل هو الخطة بتعته كانت خطة عدوانية لأنه كان هو يريد أن هو لأنه كان معروف قيمته وتاريخه حافل وله شعبيته وله دوره..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد التاريخ نتائج مش نوايا.
فريد عبد الخالق: أيوه لكن أنا أوضح لحضرتك أن هو يعني خاصم لهوى في نفسه ولغرض هو يتوخاه..
أحمد منصور: لكنه نجح في النهاية.
فريد عبد الخالق: نجح أو فشل ده التاريخ يمكن..
أحمد منصور: أنتم اللي فشلتم.
فريد عبد الخالق: يختلف عليه الناس.
أحمد منصور: التاريخ بيقول أن أنتم فشلتم.
فريد عبد الخالق: والله إيه مقياس الفشل والنجاح ما هو قد يبدو لإنسان نجح حيث هو في حقيقته فشل وفشل يعني كثيرا يعني هو لما يجي مثلا دولة كبيرة وتوصل لنتائج رهيبة وتحتل بلد الناس تقول نجحت البعض يقول نجحوا والبعض يقول لا ده هو فشل وهيلقى النهاية والعواقب.
أحمد منصور: المشكلة هنا ليست في عبد الناصر أو في الضباط أو في الإخوان أو في الأحزاب المشكلة هي في مصر وتاريخ مصر وشعب مصر.
فريد عبد الخالق: أنا عايز أقول لك حاجة مهمة إن باختصار 1954 هو المرحلة الثانية المكملة لـ 1953، 1953 حاول هو احتواء الإخوان من الداخل قطعا.
أحمد منصور: ونجح.
فريد عبد الخالق: لا ما نجحش لأنه كان يحتل المركز العام وطردوا ودخلوا بيت المرشد العام هيحملوه على الاستقالة وفشلوا والجماعة تداعت وانتهت المحاولة فلما فشل في إنه يضرب الإخوان داخليا انتقل للبعد الخارجي في 1954.
أحمد منصور: حينما نجح عبد الناصر في أن يستقطب ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد استقطبهم وخرجوا براءة في محاكمات 1954 كما سيأتي فيما بعد ستين من أعضاء الهيئة التأسيسية المائة والعشرين استقطبهم عبد الناصر وكانوا معه.
فريد عبد الخالق: ده مين قاله.
(12/272)
أحمد منصور: هذا محمود عبد الحليم قاله في كتاب وأنا جايبه من مصدر أخواني مش مصدر ثورة.
فريد عبد الخالق: لا كويس بس أنا الواضح العناصر اللي هي لها قيمة..
أحمد منصور: عبد الرحمن السندي اللي هو رئيس الجهاز الخاص ومن معه تحالفوا مع عبد الناصر من الذي بقى.
فريد عبد الخالق: اللي بقيت جماعة ممثلة في القاعدة اللي هي قد تكون صامته إنما هي عليها المعول.
أحمد منصور: طب خلينا هناقشك في ده بعد كده لكن الآن خليني في حادث 26 أكتوبر.
فريد عبد الخالق: أنا عايز في حادث 26 هنتكلم عنه بس أنا بأصَّل الأمور وأقول إن 1954 هو مكمل لـ 1953.
أحمد منصور: ماشي.
فريد عبد الخالق: 1953 كان الشق الأول اللي هو احتواء وضرب الإخوان من الداخل ممثلة في الاحتلال للمركز العام ومن استجاب لهم وراحوا بيت إلى آخر الكلام المعروف لما فشل في أنه يصل لغرضه عن طريق إثارة فتنه داخلية انتقل إلى العدوان الخارجي بأنه يحكم خطة للضرب يعني فجت المنصة حادث المنصة ليكمل ما لم يستطيع أن يؤديه في 1953.
شهادة فريد عبد الخالق على حادث المنشية
أحمد منصور: ما هي معلوماتك عن حادث المنصة؟
فريد عبد الخالق: معلوماتي عن حادث المنصة كما هي يعني من خلال مشاهد ووقائع ومحللين سياسيين في الداخل وفي الخارج في..
أحمد منصور: لا الأول عايز شهادتك اللي أنت شفتها وعشتها وبعدين نأخذ المحللين.
فريد عبد الخالق: وهو كذلك فيما يتعلق بحادثة يعني المنصة القدر الذي يعني يبدو متيقن عندي ويمكن..
أحمد منصور: خلينا نقول حادث المنشية عشان ميختلطش بحادث المنصة سنة1981.
فريد عبد الخالق: حادث المنشية ما هو حادث المنشية هي حادث..
أحمد منصور: يعني كان في هنا منصة وكان في 1981 منصة بس فيه فرق اللي السادات قتل فيها عشان بس ميحصلش اختلاط.
(12/273)
فريد عبد الخالق: آه يعني حادث المنشية كان هو عبارة عن محاولة أمنية من الأمن يعني والمعنيين بالقسم المخصوص والمباحث (كلمة غير مفهومة) إن هو وده كان بمعاونة أيضا من خبراء أميركيين زي ما قلت أنا برضه يمكن أشرت قبل كده في كلام منسوب إلى حسن التهامي اللي هو حسن التهامي اللي كان نائب رئيس جمهورية وعينه جمال عبد الناصر له أهمية قال..
أحمد منصور: رئيس مخابرات سابق.
فريد عبد الخالق: يعني نشر له في الصحف وعلنية للناس قال أن إحنا أنا كنت مع جمال عبد الناصر وقدم إلينا خبير في الدعاية أميركي واقترح علينا حادث المنشة فيما معناه حادث المنشية قال إحنا عايزين يحصل للوصول إلى هدف متفق عليه إن أحد الإخوان أو الجماعة تظهر بمظهر المعتدية والذي تريد أن تعتدي على جمال عبد الناصر أو على الثورة وفي الوقت نفسه إحنا عايزين كمان نؤمن الوضع لأن ده هيحقق لأغراضه ومتفقين عليها وقالها شعبية لجمال عبد الناصر حيث كان تنحية محمد نجيب بشعبيته وانتقال السلطة إلى.. جمال عبد الناصر..
أحمد منصور: يعني نقول حادث المنشية كان الهدف منه أولا ضرب الإخوان المسلمين ثانيا بناء شعبية لعبد الناصر لسحب البساط من تحت أقدام محمد نجيب.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: واستُغِلَ الإخوان في تحقيق ذلك أيضا.
”
حادث المنشية كان محاولة أمنية بمعاونة خبراء أميركيين الهدف منه ضرب الإخوان المسلمين وبناء شعبية لعبد الناصر وتنحية محمد نجيب
”
فريد عبد الخالق: آه معنى استغل هو دلوقت يعني التعبير بتاع استغل أو الوضع آل إلى هذا المآل يعني أنت بتجتهد في الموقف الذي تقابله..
(12/274)
أحمد منصور: طب ما أنا عايز روايتك لسبب أستاذ فريد سامي الجوهر في الصامتون يتكلمون اعتمد روايتك رواية أساسية لما حدث في 1954، محمود عبد الحليم في كتابة الأحداث صنعت التاريخ قال فريد عبد الخالق عنده جزء رئيسي من الحقيقة أعطني الآن الجزء اللي عندك من الحقيقة لما حدث وبعدين قول لي المحللين قالوا والمراقبين قالوا.
فريد عبد الخالق: لا إحنا عشان خاطر نوضح..
أحمد منصور: أنا عايز اللي حصل جوه الإخوان الأول.
فريد عبد الخالق: اللي حصل جوه الإخوان ممكن يعني بدون مغالاة برضه ولا تعصب نقدر نقول إن حصل انقسام اشترك فيه العوامل اللي حضرتك قلتها غيبة المرشد إن هو استطاع أن يستقطب السندي، استطاع أن يستقطب بعض أعضاء الهيئة استقطبهم تحت فكرة مش يعني استقطاب شخصي أو هُمًّا خرجوا هو أقنعهم أنه لا يستطيع التعامل مع حسن الهضيبي ولأسباب هو أبداها وقال إن بالنسبة للإخوان يستطيع أن إحنا نتفادى كل الصدام وكل المتاعب ويفتح للإخوان الباب لأن أنا أحد الإخوان إلى أخره وممكن جدا بأن إحنا يعني إذا نحينا الهضيبي كعقبة يجدها هو أمامه في طريق الوصول إلى أغراضه وإن العلاقة تكون علاقة بين الإخوان سوية كما يقول هو التخلص من الهضيبي..
أحمد منصور: نقدر نقول إن الإخوان في هذه المرحلة انقسموا إلى ثلاث أقسام قسم انحاز بالكلية إلى جمال عبد الناصر قسم رأى أن إصلاح الأمور لن يتأتى إلا بأن يقدم الهضيبي استقالته أو يتم إقالته من الجماعة والهضيبي بالفعل كان قد قدم استقالته وأرسلها مع حسن العشماوي.. كما حسن العشماوي ذكر وتُرك لعبد القادر عودة إعلانها ولكنه لم يعلنها، القسم الثالث كان يتمسك بالقيادة أيا كان وضع القيادة ويرى أن الأمور لا يمكن إصلاحها إلا ببقاء حسن الهضيبي كما هو تحليلي ده ممكن يمشي.
(12/275)
فريد عبد الخالق: ممكن يمشي بس أصل إن كل يعني الاعتبارات الثلاثة برضه يُوضع كل واحد في وزنة يعني إذا وُجِد أكثر من اعتبار أو أكثر من سبب قد يكون لسبب أهميه من الآخر فأنا يعني أؤكد لك مما يقطع به الدليل العملي إن كان القاعدة في جملتها في مجملها كانت تعتمد الفكر اللي هو المحافظة على النظام..
أحمد منصور: الثالث اللي هو المحافظة على المرشد والقيادة.
فريد عبد الخالق: والنظام هو المرشد مش في ذاته المرشد كرمز للقيادة وجِه عن طريق اختيار مشروع وله شرعية فهما بيحافظوا على شرعيته وعلى أسس نظامهم فدي بدليل أن هُمَّا لما عملت المحاولات لضرب الإخوان من الداخل وأنه استطاع أن يستقطب من استقطب ووصل إلى حد أن دخل عليه البعض منزله وتصرف تصرفات فيها رعونة حتى أنكرها حتى بعضهم الذين اشتركوا أنفسهم زي نزع التليفون الكلام بجفاء غير لائق وكلام وأنه يجي يوقع على الاستقالة وسألوه عن لماذا فُصِل الذين فصلوا بقرار من المكتب اللي هم الأربعة المذكورين دول من النظام الخاص المعروفين.
أحمد منصور: أحمد عادل كمال..
فريد عبد الخالق: أحمد عادل كمال و...
أحمد منصور: ذكرنا أسماؤهم.
فريد عبد الخالق: والصباغ وعبد العزيز جلال يعني مجموعة الأربعة دول فسألوه وطبعا تصل الحكاية إلى إنه الرجل يعني..
أحمد منصور: أنا لا أريد أن أعيد شيء إحنا قلناه في حلقات سابقة إحنا تكلمنا في كل ده إحنا دلوقتي عند 26 فبراير.
فريد عبد الخالق: بس أنا عايز أخرج بحاجة واحدة لو سمحت بس.
أحمد منصور: تفضل.
فريد عبد الخالق: ومش هاعيد الكلام مش عايز أعيده من حق المشاهد الكريم أنه يُحتَرم الوقت.
أحمد منصور: إحنا بنعايش المشاهد في الأجواء لأن دي مرحلة حساسة.
(12/276)
فريد عبد الخالق: بس أنا عايز أقول حاجة أنا عايز أقول أن الذي ثبتت عمليا عندما حصل الانقسام ونجح فيه جمال عبد الناصر نجاح جزئي في المرحلة الأولى اللي هي الضرب من الداخل إن القاعدة كانت أقوى من كده بدليل أنه فشل كانت النتيجة وتحول من الضرب من الداخل إلى الضرب من الخارج ده ليه المنشية.
أحمد منصور: وأنتم قاعدين تتفرجوا مستنيين السكينة تيجي على رقبتكم.
فريد عبد الخالق: والله هو يعني مقدرش أقول مش منتظرين يعني إيه اللي كنت تعمله تعمل حرب يعني نحاربه هو معاه الجيش ينزل الشعب مع الجيش مثلا مهما كانت قوتنا..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد، أحمد حمروش في كتابه عن ثورة يوليو حينما استعرض في الجزء الخاص بشخصيات الضباط الأحرار ثبت أن معظم الضباط الأحرار كانت خلفياتهم خلفيات إخوان مسلمين ولما أبعد عبد الناصر كما قال أحمد أبو الفتح الضباط المنتمين في الشرطة والجيش من الإخوان كان عددهم ضخم للغاية وكان هناك انقسام داخل الجيش كان هناك كثير من الضباط على رأسهم خالد محي الدين وغيرهم..
فريد عبد الخالق: كثير.. نعم
أحمد منصور: يطالبون بعودة الضباط للثكنات.
فريد عبد الخالق: فعلا..
موقف الإخوان من مطالب الشعب
أحمد منصور: ما كنش المطلوب الإخوان يمسكوا الحكم أنتم بتقولوا مش عايزين الحكم ما حدش قالكم امسكوا الحكم..
فريد عبد الخالق: صحيح..
أحمد منصور: لكن على الأقل ترجعوا الحكم للشعب.
فريد عبد الخالق: والله إن الحياة إصلاح الدستور والحياة النيابية دي كانت زي قرار رسمي وكُتب فيه وثائق كتبت وانضم عليه أحمد أبو الفتح ونشر في الصحف وناس كثيرة ليس فقط من الإخوان من غير الإخوان وفديين وغير وفديين ركزوا على النقطة باعتبار أن ده كانت أحد يعني المطالب الأساسية اللي صرح بها مجلس الثورة أو أعضاء مجلس الثورة إن العسكر لا يحكمون وأن الأمور تُرد بعد الاستيلاء على الأوضاع دية..
(12/277)
أحمد منصور: ما هو أنتم اللي أفشلتم هذا أنتم الإخوان اللي أفشلتم هذا..
فريد عبد الخالق: ليه.. ليه..
أحمد منصور: أنتم اللي أفشلتم مطالب الشعب ولم تقفوا إلى جوار بما كان يطالب به الشعب.
فريد عبد الخالق: إحنا دفعنا الثمن.
أحمد منصور: أوقفتم المظاهرات وحينما قامت المظاهرة من أجل تلبية مطالب الشعب مَشِّيتوا المظاهرة أوقف الهضيبي المظاهرات وقال أنا عندي وعد مع..
فريد عبد الخالق: الهضيبي كان..
أحمد منصور: مع عبد الناصر..
فريد عبد الخالق: الهضيبي كان لما قامت المظاهرة المشهورة اللي الشعب عبر فيها عن أنه عايز الحياة النيابية ويرفض حكم العسكر وكان فيها يعني ناس..
أحمد منصور: اتكلمنا عنها عبد القادر عودة ومحمد مالك وغيرهم من قيادات الإخوان.
فريد عبد الخالق: يعني أنا عايز أقول المظاهرة دي تدل على أن فيه عمل عُمِل مش ليس سهلا أما كون هو دلوقتي يحصل لظروف يُعدَل المسار وتتحول الأمور إلى بدل من صدام عنيف لأن الحقيقة كان..
أحمد منصور: مش عَمل عُمل محمود عبد الحليم قالها باختصار غفلة وبله من الإخوان.
فريد عبد الخالق: والله يعني هو يعني..
أحمد منصور: جملته هو مش كلمتي أنا..
فريد عبد الخالق: يعني هو حر في..
أحمد منصور: هو من الإخوان وواحد من مسؤولي الإخوان..
فريد عبد الخالق: مش مهم من الإخوان هل كل أحد منتمي إلى الإخوان كل اللي يقوله يبقى حجة على الإخوان..
أحمد منصور: أحيانا الإنسان يقف لحظة صدق مع نفسه ويتكلم بالحقيقة..
فريد عبد الخالق: ونحن نحب هذا ونحييه..
أحمد منصور: والإخوان لازم يقفوا وقفة صدق مع أنفسهم ويكتشفوا أخطاؤهم ويعلنوها..
(12/278)
فريد عبد الخالق: دلوقتي هو فيه فكره أنا أحب أقولها فكرة مستقرة وقد تكون يعني محل مراجعة إنما زي ما تقول من المبادئ الأساسية في منهج العمل الإخواني المستقر من أيام حسن البنا الذي أرسى الأصول والقواعد فيما يتعلق بالأهداف وما يتعلق بالمنهج أن الثورة مش وسيلة عندنا لأن الثورة اللي يعني..
أحمد منصور: ما أنتم وقفتم جنب الثورة ودعمتوها من أول يوم لحد ما ذُبِحتم من الثورة ولحد ما الثورة غيرت الحياة الديمقراطية والنيابية في مصر من اللي دعمها الإخوان..
فريد عبد الخالق: تغيير الثورة للحياة النيابية دي خيانة من الثورة لأنهم هُمَّا أعلنوا على الناس في الشروط اللي أعلنوها أن المصير بتاع الحركة دية والهدف الأساسي هي أنه السلطة تسلم للشعب وأنه يحكم حكم ديمقراطي ونيابي هو اللي خرج..
أحمد منصور: لم يجدوا القوة الشعبية التي تدفعهم إلى هذا وكانت القوى الشعبية مرة أخرى وأخيرة ممثلة في اثنين الإخوان والوفد وتم ضرب الوفد والإخوان ساعدوا على ضرب الأحزاب وبعد ذلك أُكلوا وأبعدوا من الحياة السياسية ولم يقوموا بأن يحافظوا على الحياة النيابية من أجل الشعب التاريخ ده معطياته أنا قدامي حقائق وبأقولها
فريد عبد الخالق: وأنا كمان بقول لحضرتك حاجة أنا عندي أدلة واقعة وحقائق ثابتة لا خلاف عليها إنه لم يقصر الإخوان بكل الوسائل الممكنة المشروع عندهم ما عندناش منهج الثورة عندنا منهج آخر أنه إحنا لا داعي نعمل حرب أهلية في البلد ونتائجها معروفة ما هو ممكن نعمل كده والتاريخ في الحالة دي.. والتاريخ لن يرحمنا..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد مش محتاجة حرب أهلية محتاجة مظاهرات سلمية وكانت المظاهرات السلمية لها نتائج كانت بدأت تظهر بس ما كانشي فيه عقل سياسي يحرك ويجني نتائج لصالح الشعب..
(12/279)
فريد عبد الخالق: القدر الذي أستطيع إنه أنا أطمئن إليه ويعني أفضي به والباب مفتوح لقيادات أخرى وآراء أخرى تعلق سواء بالقبول أو الرفض ده شيء مفتوح إنما كجماعة مسؤولة ولها مكان ولها دور في التاريخ وعايزين نحاكمها أو نسأل عنها هل هي يعني فرطت في المبادئ هل هي نكلت عن أهدافها هي دي الأساس إنما هي وقفت ودفعت الثمن.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: هناك فرق بين المبادئ وبين الأهداف التي يمكن أن تكون سامية وغالية وراقية ليس لدى الإخوان إنما لدى أي تنظيم وبين قدرة الذين يحملون هذا المنهج أو هذه الرسالة أو هذه الفكرة على أن يحققوها في حياة الناس، لم يكن لدى الإخوان القدرة على أن يحققوا المبادئ اللي رفعوها في حياة الناس في تلك المرحلة التاريخية أنا معاك في دي الآن أنا لا أناقش مبادئ لا أناقش أفكار لا أناقش قيم أناقش أناس كان من المفترض أن يحملوا هذه المبادئ وهذه الأفكار بالشكل الذي وجدت من أجله ولكنهم لم يستطيعوا.
فريد عبد الخالق: كان ممكن أنا أجلس أو غيري يجلس إليك وتُسائِله وتحاوره أمام الناس لنعرف الحقائق لو أقبلنا على تنفيذ الفكرة وواجهنا الحكاية بصدام وتحملنا ثمنه ويعني دفعنا الشعب إلى إنه يطالب بحقوقه بالطريقة الغوغائية أو الطريقة الشعبية أو الطريقة الجيهية..
أحمد منصور: ما كانتش غوغائية المظاهرات كانت بتطلع بإشارة وتمشي بإشارة..
فريد عبد الخالق: أيوه حضرتك ما هو الشعب هيكونوا الإخوان لوحدهم الشعب، الشعب كله هيشترك هيبقى مسألة زي ما تقول تعبوية لدفع الشعب كله ليحافظ على حرياته والحياة النيابية..
أحمد منصور: خلاص الحاجات اللي كانت موجودة في الشعب آنذاك ماتت الآن..
فريد عبد الخالق: إذا بس هقول لحضرتك حاجة النجاح والفشل..
أحمد منصور: لم يعد الشعب فيه الحياة اللي كانت موجودة وقتيها..
(12/280)
فريد عبد الخالق: أنا بس حضرتك حُط دي في الاعتبار وعلى الأقل في الاعتبار يعني لو تصورنا إن كان المطلوب من الإخوان إنهم يمضوا بقوة ويجمعوا الناس بطريقة يعني عملية بحيث يكون يحصل صدام مع الثورة وإذا دافعوا عن وجودهم لأن ده شيء طبيعي فيه ضباط قاموا بالثورة ومعهم قوة من العسكر فهل لو إن حصلت العملية دي وباءت بالفشل وآلت إلى حرب أهلية كان حضرتك تقول باسم التاريخ إن الإخوان المسلمين أساؤوا لأنهم أوقعوا البلد في حرب أهلية بدل ما يجمعوا البلد على وحدة وطنية وحدة إسلامية أو وحدة دينية ورطوها في خلافات ما أقدرش أضمن نتائج.
أحمد منصور: أستاذ فريد أنا بس المعطيات دي بتأخذني إلى جملة صلاح ناصر رئيس المخابرات الأسبق قالها في مذكراته وهي مهمة الآن لأن هذه الفترة أيضا لم تدرس بشكل كاف ويعني بقائي أسابيع طويلة في قراءة كل يوم حدث في أصابني بشكل من أنها بحاجة إلى دراسة وقعت على جملة رائعة لصلاح نصر المهم أن كل الناس يسمعوها يقول صلاح نصر في صفحة 118 من الجزء الثالث من مذكراته إن الصدام بين عبد الناصر والإخوان يستحق دراسة مطولة ومحايدة بعيدة عن الأهواء وبعيدة عن الكتب الصفراء والصحف والمجلات التي تحاول بلبلة أفكار الناس لخدمة أهداف سياسية. جملة فعلا توضع بميزان من ذهب لرجل كان من المفترض أنه كان يحارب الإخوان، صلاح نصر لكن كلمة فيها عدالة وتستدعي وقفة فعلا الإخوان بيتحاملوا على عبد الناصر والناصريين والناس الآخرين والأمن بيتحاملوا ضد الإخوان لكن الفترة بحاجة إلى رؤية محايدة لبيان الحقيقة أنا الآن في 26 أكتوبر سنة 1954 ورصاصات محمود عبد اللطيف التي أطلقت على عبد الناصر..
”
صلاح نصر قال في مذكراته: إن الصدام بين عبد الناصر والإخوان يستحق دراسة مطولة ومحايدة بعيدة عن الأهواء وبعيدة عن الكتب الصفراء والصحف والمجلات التي تحاول بلبلة أفكار الناس لخدمة أهداف سياسية
”
(12/281)
فريد عبد الخالق: آه يعني أنا الذي أقوله ليس دفاعا عن الإخوان ولا يعني تعصبا لأحد حقيقة هو أنا يمكن بيني وبين نفسي ودي فرصة يعني أنك تخرج ما في نفسي وده شيء تُغبط عليه أنا شخصيا لو مكان عبد القادر عودة وطولبت إنه أنا أصرف المظاهرة المطالبة بحقوق الشعب ومن حق الشعب إنه يعارض ما كنت أستجب بالسهولة اللي استجاب إليها دية من غير شروط من غير حاجة يعني كان ممكن أنا أستجيب إذا خليت الطرف اللي عايزني أنا أصرف المظاهرة يقدم شيء عملي يقول أنا سأرجع عما كنت عليه وأرد للشعب حقوقه فلو كان يعني عبد القادر عودة كونه يكتفي بصرف المظاهرة ويعني وضع حد اللي الشعب عايز يثبت وجوده ويطالب بحقوقه ويحصل تغيير وإن العسكر عايزين يفرضوا نفسهم يرجعوا ثكناتهم وإن الشعب يؤول إليه السلطة الحقيقية اللي هي دي كما صرح هو نفسه جمال قال نفسه بس هو نكل ورجع ولم يعمل به وعمل بعكسه وضرب كل واحد يقول الكلام ضرب محمد نجيب فقط لأنه مُصِر على الحياة النيابية..
فريد عبد الخالق: وضرب الإخوان..
أحمد منصور: لكن في 25 مارس رضخ عبد الناصر والضباط، في 25 مارس رضخ عبد الناصر والضباط بسبب المظاهرات اللي الشعب كان بيقوم بها.
فريد عبد الخالق: وأنا معك وعلشان كده..
أحمد منصور: وفي 25 مارس تعهد المرشد لعبد الناصر حينما خرج من السجن أنه سيوقف المظاهرات وقفت المظاهرات فأخرج عبد الناصر مظاهراته في 29 مارس وقضى على كل آمال الشعب في عودة الحياة النيابية والديمقراطية ووصلت مصر إلى ما وصلت إليه بعد ذلك أنا في 26 فبراير، 26 أكتوبر 1954 والرصاصات التي أطلقت على عبد الناصر.
فريد عبد الخالق: يعني أنا قد أقبل وأستسيغ ومعقول إن الموقف اللي وقفه عبد القادر عودة بحسن نية إنه هو عايز يعني..
أحمد منصور: السياسة مش عايزة حسن نوايا..
فريد عبد الخالق: آي نعم معك... أنا بقول لحضرتك أنا لو مطرحه لو مكانه لا اكتفي إني أصرفهم..
(12/282)
أحمد منصور: والتاريخ لا يحكم على النوايا..
فريد عبد الخالق: لازم يكون يجيب المقابل لهذا أنه كان يتعهد أمام الناس أنه أنا هأغير طريقي وبدل ما أمشي في حياة الاستبداد والتنكر لحقوق الشعب هأرجع وهقولها صراحة أنها تكون حجة عليه..
أحمد منصور: يا أستاذ فريد أنت بتسعى لتأصيل كل حاجة عمر التاريخ ما بتصنعه مجرد مبادئ أو أفكار أو نوايا حسنة.
فريد عبد الخالق: لا..
أحمد منصور: وإنما دائما بحاجة إلى عزم وإلى رجال وإلى أناس يفهمون كيف يحققون مثل هذه الأشياء في حياة الناس، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن هكذا تمشي الحياة.
فريد عبد الخالق: آي نعم الذي نخلص من هذه الحاجة ليكن إن ده درس أنا شخصيا أنا بأعتبر حركة الإخوان المسلمين دية زي تجربة رائدة تقود البلد إلى الإصلاح وتنقلها من فساد إلى صلاح يعني تجربة وقامت بأه دور ليس حتما أنها أتمت كل مما نريده ولا نجحت في كل ما أنجزته لا ليس هذا وليس ده آخر التاريخ، التاريخ سيستمر وسيوجد ناس ثانية أمثال حسن البنا ودعاة وإصلاحيين وهينتفعوا بالدروس..
أحمد منصور: ليطلق للتاريخ الحكم على الإخوان وعلى ما قاموا به ونحن نحاول الآن أن نفهم حقيقة ما حدث من خلال من عاشوه قل لي ماذا قال لك هنداوي دوير قبل يوم 26 أكتوبر وقبل أن يقبض عليك.
فريد عبد الخالق: ما قاله لي قوبل بأن من الخطأ..
أحمد منصور: ماذا قال لك..
سيناريو محاولة اغتيال عبد الناصر
(12/283)
فريد عبد الخالق: قال لي أن فيه بعض الإخوان يعني يعدون أنفسهم من النظام وخلية ممثلة في إمبابة كما فهمت منه وإن هي بتفكر في عمل معارضة فعلية لتغيير المسار الحركة الانقلابية دية وإن التخلص من جمال عبد الناصر هو هيكون زي ما تقول الطريق الوحيد أمامهم لتغيير المسار أو تصحيح المسار فكان أنا ردي عليه إن يعني عمل انقلابي بالطريقة اللي بيقولها دي ليس هو الطريق الصحيح وأن خطأ عمل أي محاولة فعلية عملية للإنقضاض على الثورة وقتل مثلا عبد الناصر كرمز لها أنا قلت له ده المنهج ده مش هيوصل لنتائج بل بالعكس هيجيب عواقب وخيمة..
أحمد منصور: كان قبل إيه من اعتقالك قبل كم يوم من اعتقالك.
فريد عبد الخالق: يمكن ما فيش أقل من يعني لا يتجاوز شهر يعني قريب..
أحمد منصور: يعني نقول إنه في أكتوبر قبيل الحادث كان في 26 أكتوبر نقول أن ده في بدايات أكتوبر..
فريد عبد الخالق: آه ممكن كان قبيل وبعد كده أنا فوجئت لأنه أفهمني إن الكلام ده يحتاج برضه إلى مراجعة والاندفاع ليس هو الطريق السليم لأنها قد تكون أفضل لأن ما فيش تكافؤ الإخوان المسلمين وهُمَّا حتى عندهم الشعبية أو قوة أو غير إلى آخر الاعتبارات هذه ليس كافيا..
أحمد منصور: أنا وجدت في مصادر كثيرة أن هنداوي دوير كان يجهر في موضوع السعي لقتل عبد الناصر وأنت قرأت أو أنت الآن من المفترض كما أخبرتني تراجع مذكرات عبد العزيز كامل..
فريد عبد الخالق: عبد العزيز كامل أيوه..
أحمد منصور: أنت بتراجع مذكرات عبد العزيز كامل..
فريد عبد الخالق: أيوه..
(12/284)
أحمد منصور: أنا قرأت رواية ذاكرها على ما أذكر ما دونتهاش عندي هنا ولكن في زحمة القراءات قرأتها في كتاب عرفت السادات للدكتور محمود جامع بيقول نقلا عن عبد العزيز كامل إن عبد العزيز كامل قال إنه سمع من هنداوي دوير إن هنداوي دوير يسعى لقتل عبد الناصر. وأنه أبلغ عبد الناصر بشكل ما عن هذا الموضوع حتى يتم إيقافه ولكن عبد الناصر التقط الخيط وتم تدبير الموضوع بحيث يتم الاستفادة من الموضوع، عبد العزيز كامل كاتب ده في مذكراته؟
فريد عبد الخالق: لا مش كاتب أنا عندي..
أحمد منصور: مش كاتب..
فريد عبد الخالق: مش كاتب بالطريقة دي هو كان له رأي ويمكن الرأي ده خلاه يعلن وإحنا في السجن في محنة 1954 وداخل السجن الحربي أنه ترك نظام قرر أن يترك نظام الجماعة وأنه يعمل منفردا لصالح الدعوة وأن ده عنده أفضل وأوصل مما يريد.
أحمد منصور: دي برضه من المظاهر المهمة اللي حدثت في 1954، كثير من خيرة قيادات الإخوان تركوا الإخوان في تلك المرحلة خلافا مع القيادة هو والسيد ثابت والغزالي وكذا بسبب بعض المفاهيم التي سادت في تلك المرحلة وأحمد كمال أبو المجد وكلهم ناس يعني قاموا بدور بعد ذلك والباقوري وغيرهم قاموا بدور بعد ذلك عملية انشقاقات حصلت مش ده شاهدي ولكن شاهدي هل لديك معلومات أن عبد الناصر التقط الأمر وأنه استغلوا هذه الخلية من الإخوان واخترقوها لكي تقوم بعملية المنصة..
(12/285)
فريد عبد الخالق: الجزء المتيقن منه أنه علم ممن وكيف معرفهاش إنما هي صح عاوز يقول الكلام ده اللي قاله الأخ الدكتور محمود جامع فيه لا شك أنه له مصدره وموثق مثلا ما يصحش يقول كلام على عواهنه فهو التقط الخيط التقطه والأجهزة الأمنية اشتغلت اشتغلت لدرجة إن هُمَّا وصلوا إلى الخلية واستخدموها استخدام وهنداوي دوير قال نفسه اللي رشح للعملية دي هو نفسه أنا سامعه بِودني داخل القلعة بعد ما رجع من المحاكمة وهو يعني كأنه زي ما تقول مفقود فقد قدرته على التوازن لدرجة أنه يتكلم بصوت عالي داخل القلعة وقال مش ده اللي اتفقنا عليه لأنه هو اللي اتفقوا عليه أنه هو يقول كل اللي عنده ويعتبروه شاهد ملك ويبقى في الحالة دي أخرج نفسه من طائلة المسؤولية الجنائية وبعدين هما أخلفوا ظنه لأن هما عدموه أعدموه بما قال وإخفاء للسر حتى لا يعلمه أحد إنما الجزء يا أستاذ أحمد قدر المتيقن حتى نوصل لحقائق من أساسها أن جمال عبد الناصر والأجهزة الأمنية علمت بطريقة سواء عن طريق عبد العزيز كامل أو غيره الله أعلم..
أحمد منصور: يعني هنا حصلت عملية اختراق للإخوان ومحمود عبد الحليم بيقول في مذكراته أنه فوجئ بأن كثيرا من الأسرار التي كانت تدور خارج الإخوان تحدث معهم فيها عبد الناصر حينما اجتمع بهم في سبتمبر 1954 بما يشعر أو يؤكد على أنه كان هناك عملية اختراق حتى إلى مستويات عليا داخل الجماعة.
فريد عبد الخالق: الاختراق للجماعات دي ظاهرة لا يمكن أحد أنه هو يتجاهلها..
أحمد منصور: محمود عبد اللطيف حسن العشماوي في مذكراته بيقول إنه هو عرف جمال عبد الناصر على محمود عبد اللطيف سنة 1951 وأن عبد الناصر يعرف محمود عبد اللطيف كويس سنة 1951 وأختاره كواحد من أكفأ رجال النظام الخاص ليقوم بمهمة خاصة ببور سعيد لضرب البريطانيين وأن محمود عبد اللطيف..
فريد عبد الخالق: عبد اللطيف..
(12/286)
أحمد منصور: الذي أُتهم بإطلاق النار على عبد الناصر كان مشهورا بأنه يستطيع أن يصوب..
فريد عبد الخالق: هدافا..
أحمد منصور: كان هدافا ويصوب على الهدف..
فريد عبد الخالق: أينعم ده صحيح..
أحمد منصور: بشكل أساسي ومع ذلك فشل في أن يصيب برصاصاته جميعها جمال عبد الناصر مع بعض الإشارات اللي بتقول أن المسدس كان فشنك واستبدل في اللحظة الأخيرة..
فريد عبد الخالق: وحصل..
أحمد منصور: مع عملية الاختراق التي حدثت..
فريد عبد الخالق: وحصل وقائع حتى لم السلاح أو يعني مخلفات القذائف اللي هما جمعوها تختلف يعني ليست من صنع المسدس فيه أشياء تقطع بأن العملية مدبرة وهي تمثيلية يعني ده قدر متيقن..
أحمد منصور: حادث المنشية فيه صبيانية في التنفيذ مفيش تخطيط دقيق مفيش..
فريد عبد الخالق: يا سيدي التخطيط والتنفيذ جاء مفتعلا ودي يعني زي ما بالضبط زي ما حقق زي وكيل النيابة لما بيحقق مع متهم بيخليه يمثل الجريمة فهما عملوا بالضبط كده..
أحمد منصور: محمود عبد اللطيف أعترف بأن هنداوي دوير المحامي حرضه على قتل جمال عبد الناصر..
فريد عبد الخالق: أيوه زي ما قال لنا وقال لغيره زي ما قال لعبد العزيز كمال وقال لي ذاتي ده صحيح فده شيء حصل وباقية العملية وإخراجها إلى حيز التنفيذ وإطلاق رصاص وإنه يحضر اللواء حسن التهامي إلى جانب محمود عبد اللطيف فعلا وهو اللي تولي ضرب الفشنك مش هو يعني العملية كانت فيها تمثيلية واضحة..
أحمد منصور: طبعا يقولون أن رجلا عثر على المسدس في اليوم التالي ولم يكن معه مال فذهب سيرا على الأقدام من الإسكندرية إلى القاهرة وسلمه..
فريد عبد الخالق: كلام يعني بيني وبينك يعني تمثيلية فيها يعني رديئة فيها نقط ضعف يعني مهيش..
أحمد منصور: أتهم الإخوان المسلمون مباشرة بأنهم الذين دبروا الحادث وبدأت عمليات إلقاء قبض كبيرة على آلاف من الإخوان المسلمين..
فريد عبد الخالق: أيوه ده صحيح..
(12/287)
أحمد منصور: علاوة على المئات الذين كان قبض عليهم من قبل مثلك وقبض على مرشد الإخوان في 27 أكتوبر من مخبئه بالإسكندرية..
فريد عبد الخالق: أينعم.. ما هي كانت مطلوبة عشان كده هو الحادث للقبض فشيء طبيعي أنه يحصل بعد كده القبض لا ده هو القبض نتيجة مرسومة للحدث يعني الحدث الذي يومها الذي إذا كان أنا أكثر إيه عندي دليل أن اللواء حسن التهامي يصرح في الصحف ولا يغير يعني في صحيفة الأنباء الكويتية أنا قولتها وقال أن خبير أميركي في الدعاية حضر وقال..
أحمد منصور: هو قالها في أكثر من مصدر حتى في حوار تليفزيوني..
فريد عبد الخالق: وقفة طيب إذن هي يعني افتعالها شيء مقطوع بيه..
أحمد منصور: أحمد عادل كمال..
فريد عبد الخالق: فكونه هو يعتقل الإخوان ما هو عملها لأغراض أن هو يتخلص..
أحمد منصور: بغض النظر عبد الناصر نجح أن هو يعمل حيلة يقضي عليكم وأنتم..
فريد عبد الخالق: للأسف يعني أحيانا الشر بيغلب الخير وأحيانا الإنسان الملتزم قد..
أحمد منصور: الملتزم ده يروح يقعد في الجامع يصلي..
فريد عبد الخالق: لا..
”
حادث المنشية تمثيلية مدبرة بدا فيها التخطيط والتنفيذ مفتعلا، فقد علم عبد الناصر بسعي هنداوي دوير لقتله وبدلا من إيقافه تم تدبير الأمر للاستفادة منه، حيث اتهم الإخوان المسلمين بتدبير الحادث وبدأت عمليات إلقاء القبض على الآلاف منهم.
”
(12/288)
حادث المنشية تمثيلية مدبرة بدا فيها التخطيط والتنفيذ مفتعلا، فقد علم عبد الناصر بسعي هنداوي دوير لقتله وبدلا من إيقافه تم تدبير الأمر للاستفادة منه، حيث اتهم الإخوان المسلمين بتدبير الحادث وبدأت عمليات إلقاء القبض على الآلاف منهم.أحمد منصور: السياسة لها دور يا سيدي لازم يكون على مستوي أن يلعب طالما دخل يلعب سياسة يفهم اللعبة في دولة إسلامية قعدت ألف وأربعمائة سنة كانت موجودة كان في ناس بيلعبوا سياسة فيها وكانوا عارفين يعملوا إيه لم يحل هذا دون أن هُّما ناس ملتزمين أو غير ملتزمين أو مخلصين..
فريد عبد الخالق: كلمة ملتزم دية أنا مبفهمهاش الفهم ده أنا بريء كلمة الالتزام ليس أن أنا يعني أعمل شكليات أو أدعي شعارات الالتزام عندي يا سيدي..
أحمد منصور: أيوه..
فريد عبد الخالق: ليس شكلا الالتزام أن أنا أحمل لواء دعوة تدعو إلى التحرير تحرير المواطنين وكرامة الشعوب وأن يكون فيه الأمر شورى مش استبداد هي ده الالتزام عندي مش التزام بالشكل أن أنا يكون معايا سبحة ولابس جلابية طويلة ولحيتي أكثر من قبضة يعني مش هو ده الالتزام..
حريق المركز العام للإخوان
أحمد منصور: يقول أحمد عادل كمال في النقط في الحروف أخرج علوي حافظ مظاهرة من معسكر الحرس الوطني بالدرب الأحمر القريب من المركز العام تهتف بحياة جمال عبد الناصر والتنديد بالإخوان راحت وجاءت مرتين بميدان الحلمية وفي الثالثة هاجمت الدار وأُحرِقت أحرق المركز العام للإخوان المسلمين لكن علوي حافظ أنا رجعت لمذكراته..
فريد عبد الخالق: نعم؟!
(12/289)
أحمد منصور: علوي حافظ أنا رجعت لمذكراته التي صدرت تحت عنوان مهمتي السرية بين عبد الناصر وأميركا في صفحة 63 يقول لا لم أشعل النار في مركز الإخوان المسلمين أنا من الصبا كنت معهم ونحن حي فيه من مآذن القاهرة الألف ثلثها على أقل تقدير كنت بدافع الدين معجبا بالشيخ حسن البنا بهذا الشيخ الجليل حسن البنا متلهفا على محاضراته البليغة التي يستظهر فيها من آيات القران ما يملأ القلب والوجدان كنت أعتبرها دروسا في الخطابة كنت أتفوق بها في المدرسة أيام المظاهرات لا لم أشعل النار في مركز الإخوان المسلمين، أنا بس بأنقل أن الرأي الأخر للراجل بيبرأ نفسه من هذه التهمة اللي الإخوان بيلصقوها به بشكل دائم تقييمك إيه يعني..
فريد عبد الخالق: ما هو أنت حضرتك شفت ما هو (كلمة غير مفهومة) الدنيا على متهم لا يبرأ نفسه هل فيه متهم شفته يبرأ نفسه لا يمكن ما هو زي فاروق ما قال بالضبط ما قال في لقائه لحسن الهضيبي رحمة الله عليه قال له أنا متهم عند الإخوان بأني أنا وراء اغتيال البنا وإن أنا وراء كذا وده غير صحيح ومعروف أن هو صحيح يعني الإنسان، بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره الناس كل واحد بيلتقي بيلقي معاذيره والله أعلم.
أحمد منصور: أنا بأنقل اللي راجل قاله..
فريد عبد الخالق: أيوه قاله يسأل عنه إن شاء الله كما نسأل كلنا يوم القيامة إنما الحساب..
أحمد منصور: طبعا لن يُفوَّت لأحد شيء ولكن من حق الناس من حق الناس اللي بتصنع التاريخ أن تعرف ماذا حدث... ماذا حدث لكم في السجون بعد ما جمعكم عبد الناصر سنة 1954؟
فريد عبد الخالق: هناك أولا يعني مرحلتين هنسيب الأولى لأن الأولى كانت بتاعت مبكرة اللي هي..
أحمد منصور: قبل الحادث..
فريد عبد الخالق: القرار بتاع الحل وتداعياته هسيبه..
أحمد منصور: أستاذ فريد..
فريد عبد الخالق: هنيجي بقه للإعتقال بتاع أكتوبر 1954.
فريد عبد الخالق: اللي هيا حادث المنشية..
(12/290)
معاناة الإخوان في المعتقلات عام 1954
فريد عبد الخالق: ده بقة جرى فيه.. ده بقة في 1954 وما جرى فيه وده أُخِذت إلى القلعة ثم نُقِلت إلى السجن الحربي والقلعة دي كانت تحت سلطان البوليس السياسي وأما السجن الحربي فكان تبع الأجهزة الأخرى العسكرية وكان فيه نوع من التنافس أيهما أقوى في أن هو يعذب يصل للحقائق عن طريق التعذيب لأن مبدأ التعذيب وهو كان مبدأ دخيل على مصر الحقيقة وخط يعني صفحات سوداء في تاريخنا السياسي لأن جرى التعذيب على يعني بوحشية لا يقبلها يعني على ما عرفنا..
أحمد منصور: ما الذي وقع لك في التعذيب؟
فريد عبد الخالق: يعني أنا رأيت ما جرى لي وما جرى لغيري..
أحمد منصور: جرى لك إيه؟
فريد عبد الخالق: من ضمنها مثلا أنا فوجئت عشان تعرف أنها حاجات غير إنسانية أنا فوجئت وأنا في الزنزانة في انفرادي في القلعة والزنازين مبنية بطريق الإنجليز ولها طريقة خاصة كده فكانت..
أحمد منصور: أوصف لنا الزنزانة..
فريد عبد الخالق: نعم؟!
أحمد منصور: الزنزانة أوصف لنا شكلها إيه.
فريد عبد الخالق: الزنزانة كانت يعني ضيقة يعني لا تحتمل إنسان يدوبك يعني يتحرك فيها تحركات محدودة يعني مقيستهاش بمقياس إنما هيا صغيرة بتاعت..
أحمد منصور: انفرادي يعني كنت لوحدك فيها.
(12/291)
فريد عبد الخالق: أه لوحدي انفرادي فأنا لما كنت أنا انفرادي بإرادتهم أحيانا يتركونا يعني بشكل مع الآخرين وأحيانا يرون من سلامة التحقيق والوصول إلى النتائج يقتضي أن أنا أكون وحدي بقيت تحصل إنما المهم أن أنا نقلت إلى الزنزانة وفي حبس انفرادي وفوجئت إلى جانب التعذيب المألوف اللي هو الضرب والاعتداء والسب وأساليب مش يعني غير إنسانية غير آدمية لقيتهم إن أنا داخل والليل دخل والسجون لها نظام إن هي يعني أثناء لها أمنها يعني بحيث في ساعة معينة تعمل بالشمع الأحمر ومحدش يُخُش يعني نوع كده نظام يعني يعملوه والصبح يشيلوا الشمع الأحمر ويفتحوه يعني فأنا وجدت أن يعني كوكبة من الضباط والعسكر وقفوا عند باب الزنزانة وفوجئت أنها انفتحت وكانت زنزانة ليست على السطح في قاعها ليست على السطح نفسه اللي بره
أحمد منصور: منخفضة أقل..
فريد عبد الخالق: منخفضة انخفاض واسع يعني حاجة بتاعت لا تقل عن ثلاثين سم يعني فوجدت أنه يعني مجموعة من العسكر وكل واحد معه جردل مياه أحمر مليان مياه وبسرعة كل واحد أفرغ ما عنده وراحوا أغلقوا الباب وتُرِكت أنا في البركة دية وجاء الليل عليَّ وطبعا مع التعب عايز أنام.. أنام إزاي والبركة موجودة حتى حاولت محاولة يعني.. يعني فاشلة في إن أنا أجد لنفسي طريقة أن أنا يعني أنجو من الغوص في البركة دية وجدت في ركن من أركان الزنزانة وأنا لا أعلم لماذا وجدت يعني زي ما تقول حاجة خشبية كده تعلو عن الأرض يعني حوالي مائة وشويه أكثر من متر ونصف حاجة زي كده يعني واخده استدارة كده في الركن أنا معرفش ليه لماذا المهندس اللي عملها قصده إيه معرفش إنما المهم أنا فكرت أن أنا أطلع أنط وأقعد عليها عشان أسيب المياه دية وأقدر وكنا في الشتاء ففشلت فاستسلمت وبعدين غلبني النوم ولا أدري كيف ونمت.
أحمد منصور: في المياه.
(12/292)
فريد عبد الخالق: نمت وده شيء يعني أنا بأعتبر تجليات ربانية بتحصل للناس المظلومين من عند الله لا تدور بخيالهم يعني.. يعني من حيث يعني فمن يتقي الله ونحن نسأل الله أن نكون منهم أن يجعل لهم مخرجا فأنا وجدت نفسي ونمت الذي إلى جواري من الإخوان لم يجري له ما جرى معي فكان مشغول إنما رأى هو من باب الفضول والباب اللي بيحصل إنما هسيبه لأنه هيجي دوره دلوقتي فالمهم إنه أنا لما نمت والله يا أخ أحمد شيء غريب جدا يعني وده حاجات زي اللطف من الله عز وجل يعرفه الإنسان عندما يكون في ضائقة ولا يجد من يُسعِفه غير الله عز وجل لقيت إن أنا نفسي استغرقت في رؤيا أصدقك القول أن أنا ما رأيت في حياتي أجمل منها ولا أزكي..
أحمد منصور: وأنت نايم في المياه..
فريد عبد الخالق: وأنا نايم وهذا حصل فكنت وجدت نفسي إن أنا يعني أتجول في رياض واسعة ومراتع لا نهاية لها وكلها خضرة وشجار ذات ثمر وكنت آكل منها وأطعم آكل شجر مختلف من فواكه يعني لا حصر لها وأمشي كده وأتجول كأنني في جنة حقيقة يعني أنا لم أرى رؤية في حياتي للآن ولا في أي وضع لا في بيتي ولا في أي مكان مثل الراحة والاطمئنان والجمال اللي يحيط بالإنسان وإغداق الله عليه بالرزق الذي لا ينتهي فيها مثل الرؤية دية..
أحمد منصور: إيه أشكال التعذيب الأخرى اللي شفتها.
(12/293)
فريد عبد الخالق: ولم يوقظني إلا الجار لما خبط على الباب خبط على الحيطة وبعد كده لما جاه دور الفترة المسموح بها لخششان دورات المياه ولقاء البعض بالبعض فأنا عتبت عليه قلت له أنت ليه.. ليه صحتني قالي إزاي ليه أصحيك وأنت كنت في المياه إزاي وأنت كيف تنهى عليَّ إن أنا صحيتك ده شيء طبيعي قلت له أنا حكيت له كده باختصار يعني قلت له أنت أيقظتني من أجمل منام رأيته فدية بتبقي أنا عايز أقولك إلى جانب التعذيب الوحشي من الآدميين الذين لا دين لهم ولا كرامة ولا إنسانية، رحمة الله لا تنقطع لا تنقطع بل بالعكس هي تستدعي لطف الله ورحمته فدية أنا بقولها دية لأنها ديت زي ما تقول من الحاجات اللي أنا يعني أدركتها بعقلي ورأيتها بتجربتي أن الله يعني مع الإنسان في محنته لا يتخلى عنه والشدة ممكن يعني لطف الله يحولها إلى خير، التعذيب كان من ضمن التعذيب أنهم كان يحرموني من المياه..
أحمد منصور: ما تشرب..
فريد عبد الخالق: فأشتد بي الظمأ وكان يستدعوني للتحقيق وأجد زي وعاء زي الزير وعمال ينزل منه مياه وأنا أتلهف إن أنا لو المياه دية اللي على الأرض ألعقها بلساني أكون سعيد يعني تعذيب يعني سيئ ففهمت أنا إن هو يعني نوع من التعذيب النفسي يعني فكان في تعذيب نفسي وجسدي ويستخدم فيه وسائل يعني غير آدمية وحشية يعني وأنا عرفت كده من بعد كده من الإخوان لأن أنا يعني شفت من رحمة الله زي ما شفت الرؤية الجميلة اللي طيبت خاطري وأثلجت صدري ونجتني من الضائقة ديت شوفت أنا في أثناء التعذيب والعسكر والبوليس كلهم يعني يسبون ويضربون ويؤذون وتسابُق في الإيذاء لأنهم كانوا بيأخذوا بدل تعذيب يصرف لهم..
أحمد منصور: مكافآت يعني..
(12/294)
فريد عبد الخالق: يعني كل عسكري يعني يشتد في إيذاءه يعني يأخذ يتقاضى مقابل فأنا مرة كده في وسط العذاب اللي أنا فيه وأُسبِح ربي وأطمئن جوه زنزانتي لقيت الباب فُتِح عليَّ فجاءة ولمحت ضابط من الضباط قال لي كلمة ثم قفل الباب واندفع قال لي شد حيلك ربنا معاك شد حيلك ومشي لا أعرفه ولكن هذا ممن يعني ينتمي إلى فصيلة غير الآدميين الذين يعذبون كان أنا عايز أقول إن حتى تجد إنه في وسط من يكون له دور الشيطان تجد من له يعني متأثر يعني بنداوة الرحمن وأدبه ودية خلتني الواحد لا يعمم الحكم فقد يكون زي مؤمن فرعون ما جاء ينبه موسى بأن هو يطارد يعني عايز أقول أنه إحنا حتى دية درس لينا كبير يعني حتى إذا ضاقت بنا الضوائق حتى النهاردة في عصرنا لن نعدم من ينصرون المسلمين.
محاكمات عام 1954
أحمد منصور: في 9 ديسمبر 1954 بدأت جلسات محكمة الشعب لمحاكمة الإخوان المسلمين وكان يرأس..
فريد عبد الخالق: المحكمة..
أحمد منصور: المحكمة صلاح سالم وعضوية حسين الشافعي وأنور السادات واستمعنا لشهادة حسين الشافعي على العصر في هذه المحكمة وقضت المحكمة في 4 ديسمبر 1954 أي في أقل من شهر بالإعدام على كل من محمود عبد اللطيف حسن الهضيبي..
فريد عبد الخالق: والهنداوي..
أحمد منصور: يوسف طلعت إبراهيم الطيب هندواي دوير محمد فرغلي عبد القادر عودة. في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذه النقطة الحكم بالإعدام على سبعة من قيادات الإخوان خُفِفَ الحكم على الهضيبي بعد ذلك المؤبد وأعدم الستة الباقون..
فريد عبد الخالق: وأُبدل به بأشغال شاقة مؤبدة..
أحمد منصور: وأعدم الستة الباقون ثم حوكم بعد ذلك آلاف أو مئات الإخوان أمام محاكم أخرى صغيرة.
فريد عبد الخالق: أينعم آه وأنا حوكمت أمام المحكمة هذه..
أحمد منصور: تفصيلات محاكمتك الحلقة القادمة..
فريد عبد الخالق: نعم
(12/295)
أحمد منصور: تفصيلات محاكمتك في الحلقة القادمة أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضوية الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/296)
الحلقة14(12/297)
الثلاثاء 4/1/1425هـ الموافق 24/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:33(مكة المكرمة), 13:33(غرينتش)
الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق
الحلقة 14 (الأخيرة )
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
7/3/2004
- محاكمات الإخوان المسلمين
- مذبحة ليمان طرة وألوان التعذيب في السجن
- خطبة عبد الخالق في السجن وقصة الكلب
- مرحلة ما بعد السجن
- سيد قطب وعلاقته بالإخوان
- دور عبد الخالق بعد السجن وتنظيم 1965
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: أهلا بكم.
محاكمات الإخوان المسلمين
أحمد منصور: في 4 ديسمبر عام 1954 أصدرت محكمة الشعب أحكامها ضد الإخوان المسلمين المتهمين بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر وقلب نظام الحكم، حُكِم بالإعدام على سبعة منهم مرشد الجماعة حسن الهضيبي إلا أن الحكم خُفِف عليه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة حُكِم على سبعة آخرين من مكتب الإرشاد بالأشغال الشاقة المؤبدة خميس حميدة، حسنين كمال الدين، محمد كمال خليفة، منير الدالة، صالح أبو رقيق، محمد أبو النصر وعبد العزيز عطية وبالأشغال الشاقة خمسة عشر عام على أحمد شريط وعمر التلمساني وأنت لأنك لم تكن عضوا بمكتب الإرشاد حكم عليك بعشرة سنوات ولكن في محكمة أخرى بُرِئ ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد من الذين كانوا موالين لعبد الناصر هم عبد الرحمن البنا والبهي الخولي وعبد المعز عبد الستار، في 5 ديسمبر 1954 عُقِدت ثلاثة دوائر أخرى لمحكمة الشعب حاكمت مئات من الإخوان وحوكمت أنت أمام الدجوي في هذه المحاكمات كيف كانت محاكمتك؟
(12/298)
فريد عبد الخالق: المدعي العام يقوم بدوره والمحكمة تنصت ويُسأل المتهم المُحقَّق معه عن ما نُسِب إليه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي نسب إليك تحديدا؟
فريد عبد الخالق: أنا نسب إلي إن أنا كنت يعني بوصفي مسؤول في الجماعة ومشارك في وضع سياستها وإدارة أقسام فيها كما هو معلوم بمسؤوليتي عما حدث في محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فكان دوري إن أنا في الدفاع إن أنا واقع حالي والمعلوم عني بطرق أخرى بطرق أمنية أنا أولا لست ممن يؤمن بأسلوب الثورة والحركات الصدامية دية لإن ديه بتكلف الشعوب كثير مما يكون على حساب الطريق اللي يجب أن نسلكه للإصلاح الحقيقي ماينفعش والانقلابات العسكرية أنا قلت لهم إن الانقلاب العسكري قد يغير أوضاع إنما لا يبني أمة، الأمة عشان تُبنَّى عايزه مبادئ وأفكار وعقلية واستعدادات عايزه جهد يبذل إنما الانقلاب العسكري لا علاقة له بتغيير أمة ولا إصلاح شعب ما يقدرش عاجز عن كده فأنا شخصيا ممن يؤمنون بهذا العمل فأنا بطبيعة تفكيري وتوجهاتي لا أُقبِل ولا أشارك في الخطة ولذلك أنا نهيت عنه يعني من استطعت أن أتصل أو يتصلون بي سمعوا مني إن أنا أرى خطأ استخدام الأسلوب.. العنف ده أو العسكري ده، الحاجة الثانية إن أنا لست عضوا في النظام الخاص عشان خاطر أنا أكون وأنا يعني بعمل عمل عام مكشوف ومفتوح فحياتي كلها يعني مكشوفة ومعلنة والاتصال لو كان تم بيني وبينه كان هيكون معروف إنما أنا لا صلة لي بالمشتركين فأنا شخصيا كمان من ناحية أنا كفرد وفي الجماعة وعلاقتي بالحدث منقطع فيعني أنا لا أرى لمحل الاتهام، هو في الحقيقة المنصة كانت مؤمنة لأن الأحكام كانت مرتبة يعني كانت مصنفة ومكتوبة فكان عندهم فكرة راسخة إن أنا عضو مكتب وإذاً سيجري علي نفس..
أحمد منصور: ما جرى على أعضاء المكتب.
فريد عبد الخالق: فالمدعي قال لهم لا هو يعني ليس عضو مكتب الآن يعني هو كان قبل إنما هو في أخر يعني مرة..
(12/299)
أحمد منصور: الانتخاب للهيئة التأسيسية في سبتمبر لم تتم.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: نُفِذ حكم الإعدام في 7 يناير عام 1955 في ستة من الإخوان والصحفي الفرنسي جون لاكوتير مندوب صحيفة فرانس سوار حضر حكم التنفيذ ونقل عنه أحمد أبو الفتح في كتابه جمال عبد الناصر ماذا قال كل واحد من الستة قبيل إعدامه وكتب مقال كبيرا تحت عنوان درس في الشجاعة من الذاهبين إلى حبل المشنقة وصف فيه الكلمات الأخيرة لكل واحد منهم.
فريد عبد الخالق: أينعم شيء يعني جائر.
أحمد منصور: قال عن محمود عبد اللطيف قال قبل أن يدخل إلى غرفة الإعدام أشكر الله الذي منحني الشهادة التي هي أمنية الأخوان المسلمين أما عن يوسف طلعت رئيس الجهاز السري للإخوان فقال الله أغفر لي ولجميع من أساؤوا إلي يعني الكلمات الأخيرة من كل واحد بتنم عن بناء نفسي في شخصية كل واحد وعما يعتمر في داخله أما إبراهيم الطيب رئيس النظام السري في القاهرة يقول عنه أنه كان يمشي وحده وعلى شفتيه ابتسامة احتقار خفيفة لمن حوله وقال بجرأة للحاضرين أشكر الله لأني سأموت شهيدا إنهم أعداؤنا الذين كانوا قضاتنا أما هنداوي دوير الذي تدور حوله كثير من علامات الاستفهام فقد قال كنت أنتظر العفو عني من جمال عبد الناصر أما الشيخ محمد فرغلي فقد قال أنا سعيد بلقاء الله أما عبد القادر عودة الذي صرف المظاهرة في 28 فبراير فقد قال استقبل الحكم ضاحكا حسب وصف الصحفي الفرنسي وهو يقول شكرا لله ثم رفع رأسه وقال إن دمي سيكون لعنة على هذا النظام ومشى نحو المشنقة متقدما جلاديه، أنت بتقول سمعت هنداوي دوير وأنت كنت.. بيقول كلام بعد الحكم عليه ماذا سمعته؟
(12/300)
فريد عبد الخالق: سمعته يقول يعني مستنكرا موقفهم منه وهو يخالف ما وعدوه به من إنه لن يطوله عقاب وأنه سيعامل معاملة شاهد ملك وده قانونا يُعفَّى من المساءلة الجنائية فهم خافوا وده شيء طبيعي لإنه هم كانوا يريدون أن يعني السر يموت بأصحابه.
مذبحة ليمان طرة وألوان التعذيب في السجن
أحمد منصور: وهذا ما قاله محمد نجيب في مذكراته وذكره كل من كتب عن المرحلة أن هنداوي دوير مات بسره كما يقال، السجون في تلك الفترة وقع فيها تعذيب كبير وأنت تحدثت في جانب مما وقع في سجن القلعة هل صحيح كان مرشد الإخوان حسن الهضيبي يقف مثل المايسترو صباحا مع الإخوان والإخوان جميعا يغنون تحت التعذيب أغنية أم كلثوم يا جمال يا مثال الوطنية؟
فريد عبد الخالق: للأسف نعم بس هو المغالاة في إنه يعني يشتغل مايسترو ما يعرفش يشتغل مايسترو هو بيشارك فقط كان يعني إحنا حملنا على ما لا يعني قِبَّل لنا بالوقوف ضده أنا كنت أقف في الطابور معهم ويعني كثير منا يعني فقط يعني لا يشارك في هذا إلا أن يُحمَّل عليه يعني وأنا شخصيا يعني من شدة سوء التعامل مع السجناء الأبرياء دول واللي يراد بهم ما يراد كان أحد الذين أنا أحد من ضربة الشمس والوقوف مدة طويلة في التعذيب وترداد الأغنية المؤسفة دية اللي اختفت دلوقتي الحمد لله ملهاش ذكر لأنها زي ماضي قذر ودُفِن إلى غير عودة إن شاء الله، أنا أرجو أن بلادنا تأخذ من دروس التعذيب ديه أن لا يجري مصر فيها تعذيب ويبرأ حكامها ومسؤوليها منه لإن ديه يعني زي ما تقول أسوأ ما يوصف به إنسان أو نظام.
أحمد منصور: إيه أشكال التعذيب الثانية اللي حصلت لكم في السجن الحربي؟
(12/301)
فريد عبد الخالق: أنا حصل لي شيء يعني يمكن كويس قوي السؤال يعني أتاح لي فرصة لإن أنا ذكرت ما كان في القلعة وأذكر ما كان بقى مع دكها مع الشرطة والقسم وده مع حمزة البسيوني الذي اختار الله له يعني ميتة شنعاء يعني، في أخر يعني الوقت اللي دنا منه وقت الإفراج لأنه إحنا أُفرِج عنا في سنة يعني أخر من خرج في 1954 كان لم يطل بنا المقام.
أحمد منصور: في 1956 بدأت الإفراجات وامتدت إلى نهاية 1957 بداية 1958، أنت في يونيو 1957 قُتِل 21 من الإخوان فيما عُرِف بمذبحة ليمان سجن طرة، أنت كنت في سجن طرة في ذلك الوقت؟
فريد عبد الخالق: لا محضرتش المذبحة ديه.
أحمد منصور: كنت وقتها في السجن ولا طلعت؟
فريد عبد الخالق: ديه مذبحة دية راح فيها 21 شهيد و22 جريح دخلوا عليهم وجها لوجه وأطلقوا عليهم الرصاص.
أحمد منصور: وهم مسجونين.
فريد عبد الخالق: شيء يعني خارج عن أي آدمية خارج عن أي عرف قانوني خارج عن أي بلد تحترم نفسها هي سقوط كامل وقضوا على حياة..
أحمد منصور: هناك شخص أميركي كان شاهد عيان وكتب كتاب اسمه أقسمت أن أروي وأنا ناسي اسمه الآن حول هذه المذبحة وكُتِبت كثيرا في إن دُخِل على أناس وهم مقيدون وقُتِل 21 منهم أنت كنت في ذلك الوقت في أي سجن؟ كنت لا زالت في القلعة في السجن الحربي؟
فريد عبد الخالق: في السجن الحربي.
أحمد منصور: في السجن الحربي، إنتوا في المقابل في السجن الحربي ما الذي كان يحدث لكم؟
فريد عبد الخالق: السجن الحربي بقى كان التعذيب..
(12/302)
أحمد منصور: أنا عندي حكاية هنا اسمح لي قبل ما تقول لي رواها محمود عبد الحليم في الجزء الثالث من مذكراته من كتابه أحداث صنعت التاريخ بينقل عن واحد اسمه الدكتور مصطفى عبد الله يقول إن حمزة البسيوني جَوع كلبه أسبوعا كاملا ثم أدخله عليه حتى ينهشه ولكن الكلب بقي ثلاثة أيام في الزنزانة كان مثل الحارس للرجل يعني مع جوعه الشديد يقول محمود عبد الحليم إنه كان في الزنزانة المجاورة له وكان يسأل الحارس عنه الحارس يقول أفتح الباب فأجد الكلب وجهه إلى الباب كأنه يحرسه وإذا وضعنا له الطعام ما كان ليمد.. رغم جوع الكلب أسبوع كاملا كان يرفض أن يأكل الرجل كان يعطيه كان يرفض أن يأكل معه وفي النهاية بعد أن ينتهي من طعامه يعطيه البقايا فيأكلها كان يعطيه الماء يرفض أن يشرب من الماء وكان يلحس الماء الذي يتساقط من وضوئه يعني بعض الأشياء هذه أحيانا فيه حاجات فيها مبالغات من الإخوان يعني فيه حاجات فيها مبالغات وفيه حاجات يمكن أن تحدث لبعض الناس المظلومين على اعتبار إن السجن فيه مظاليم كثيرة يعني مثل هذه الروايات أليس فيها مبالغة؟
فريد عبد الخالق: في 1954 تجربة حصلت أنا كنت يعني وقعت لي وأنا أستطيع إن أنا يعني أعطي صورة واقعية حقيقة وإن شاء الله لا تكون ممن أشارت إليه إنه يكون ممن يغالون إن القضية..
أحمد منصور: لا أنا هأجي لك لحاجات فيها مبالغات كده من الإخوان ما تخشش الدماغ.
فريد عبد الخالق: يجوز شيء ويجوز على العموم إذا كان حتى فيه سوء في الكلام {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَن ظُلِمَ} الناس ما ظُلِموا إذا قالوا كلمة نهايته معفو عنها لأنه ربنا يعلم فالمهم إن إحنا في أواخر أيامنا وقد يعني الأمور آذانت من بعيد إلى الانفراج..
أحمد منصور: يعني سنة 1957.
(12/303)
فريد عبد الخالق: فوجئنا وإحنا في السجن الحربي على غير المألوف أن صدر أمر من الصول الذي يقود السجن بناء عن تعليمات طبعا بفتح الأبواب لكافة الزنازين وأمر من في الزنازين من المعتقلين أن ينزلوا إلى الفناء فناء السجن وإنه هم مسموح لهم بإنهم يعني يأخذوا قدر من الراحة وقدر من.. فإحنا فوجئنا طبعا لأول مرة يُعرَّض يعني سجن حربي غير مؤهل، مؤهل للوحشية مش مؤهل للآدمية يعني فكان ده حاجة عايزينا كلنا يعني شيء فقلنا ده يعني زي ما تقول رحمة من الله أتت الحمد لله ووجد الإخوان الذين كان لا يستطيع أحدهم أن يتحدث إلى أخيه بكلمة نزلين الحوش وجيه وقت المغرب ودُعِينا للصلاة قالوا إحنا.. وحصل وبعد الصلاة دعينا للكلام يعني اختاروا بعض من يأنسونا إنه يستطيع أن يعني فكنت أنا أحد أو.. وحصل لغيري من كان أهل ولكنه..
أحمد منصور: مين؟
خطبة عبد الخالق في السجن وقصة الكلب
(12/304)
فريد عبد الخالق: عبد العزيز كامل الأخ الدكتور عبد العزيز كامل، الحقيقة كان يعني أنا بأعتبره إن هو كان حذر أكثر مني إذا كان الحذر يعني يوصف به الموقف، أنا وجدت الإخوان في حالة يعني الناحية المعنوية محتاجة إلى تنبيه وتنشيط وإن يعود إليهم الطمأنينة التي قد يكون مساوئ السجن يعني قد أتت على بعضهم فهو اعتذر وقال لي أنا يعني سأصلي في زنزانتي وفارق الجماعة وصلى لوحده وتبعه البعض قلة والباقي هناك أكثرنا وأُذِن للصلاة وصلينا، الحاجة الثانية إن بعد ما خلاص فرغنا من الصلاة طُلِب إلي إن أنا أتحدث إليهم كلمة يعني فأنا تكلمت كلمة ولا زلت والله يعني أذكر يعني نقاط أساسية فيها قلت لهم يعني نحن الآن في موقع وفي ساحة.. ساحة سجن معتقل ويجري فيه تعذيب وشدة وإن الذين يعذبون أنتم تعرفونهم وأنتم مُعذَّبون ويعرف بعضكم بعضا لو خُيِِر أحدكم أن يختار فريقا من الفريقين فأي فريق يختار؟ في الحقيقة أجمعوا كلهم لا نكون مع المُعذَّبين ولا نكون من المُعذِبين بيرتكبون جرما وإحنا نصبر وبنحتسب..
أحمد منصور: والجنود واقفين طبعا؟
فريد عبد الخالق: نعم؟!
أحمد منصور:المُعذِبين واقفين لكم؟
فريد عبد الخالق: لا ده كان بقى أتضح إن كان كل حاجة بتسجل أنا مكنتش واخذ بالي أنا خدتها ببراءة اعتبرها بقى يعني زي ما تقول نوع من أنواع يعني إحسان الظن إذا تلطفت في التعبير وممكن تقول حاجة ثانية نسكت عنها.
أحمد منصور: هأقول بس مش قايل أفوتها يعني.
فريد عبد الخالق: نعم فأنا المهم فأنا قلت لهم دلوقتي في أي.. قالوا لا إحنا نختار إذا كان لابد نُعذَّب ولا نُعذِب فقد اختار لكم الله الأفضل إذاً.
أحمد منصور: وبعد ذلك خلصت الكلمة؟
(12/305)
فريد عبد الخالق: هنا بقى جت الموقف بقى قلنا الكلمة ويعني الحمد لله يعني لقيت حاجة عند الإخوان ونحمد الله وبعدين انصرفنا إلى الزنزانة وأنا اعتبرت القصة انتهت وحاجة جميلة قوي الحمد لله شفنا بعض وتكلمنا كأننا في درس الثلاثاء وأنا انطلقت وبتاع والحمد لله والنفوس ارتاحت ورحت بقى أنا خاطر ارتاح وإذا كان المنتظر لي بقى أشياء أخرى رهيبة جدا بقى لم تكن في حسابي.
أحمد منصور: ما الذي كان في انتظارك؟
فريد عبد الخالق: نمنا كما ننام وفي الصباح الباكر دُعِي باسمي لأنزل فلان ودعي معي بعدي تسعة آخرين وفُتِحت الأبواب ونزلنا فإذا أنا ألقى مسؤول في المباحث العامة أظن هو كان صلاح الدسوقي ومعه واحد ثاني كمسؤولين من الأجهزة الأمنية قالوا لي يا فلان بقى أنتوا بتُرَّبوا كما يربي فرعون أيام ما ربى موسى في حجر فرعون فعلمت طبعا على طول إن الكلام سُجِل ونُقِل وإن أنا بأحاسب على كل كلمة قيلت بما يستحق العقاب في نظرهم وبعدين هو يعني أنهى اللقاء بسهولة قال لي إحنا عارفين إن مفيش فائدة منك قلت له طب والله ديه شهادة وشهادة مني ما هو إنتوا اللي عايزني أبقى يعني كما تريدون وأنا عايز كما يريد الله فكويس إن مفيش فائدة مني ده فضل من الله بالناس ورحت زنزانتي وخلاص وإذا بعد الحكاية ديه جه بقى العقدة في الرواية كلها الحبكة كلها قالوا لي طلع لي العسكري على الزنزانة بتاعتي وقال لي تعالى عشان هتروح زنزانة انفرادي قلت كويس زنزانة انفرادي زي بعضه يعني هو نوع من التكريم ده والله ده فرحت زنزانة انفرادي..
أحمد منصور: ده نوع من التعذيب.
(12/306)
فريد عبد الخالق: قلت له طب ما أخذ بتاع ده أنا كان معايا يعني بعض ملابسي قال لي لا، طب ألبس الشبشب قالي لا فقلت لا ده مش تكريم بقى ديه مسألة ثانية فرحت عاري القدمين وبلا شيء وأُدخِلت في زنزانة ليس فيها إلا إناء كده كوتش كنا يعني نعرفه إن إحنا يملأ ماء لنشرب منه وممكن يُستخدَّم برضه عند الضرورة مبولة يعني مفيش مانع يعني والصبح نغسلها ونشرب منها مكانش فيه اعتبارات بأن الإنسان يتصور فيها الموت لو عملها النهارده وبعدين أنا قعدت في الزنزانة زي بعضه أهو انفرادي كده الواحد يعني يقدر يستفيد بالهدوء فإذا أنا أُفاجأ بما لم يكن في حسابي إطلاقا.
أحمد منصور: ما هو؟
فريد عبد الخالق: إقحام كلب أسود كبير على الزنزانة علي وبعدين يعني زادت الكارثة عندي أو الخطر زاد لما أغلقوا الباب وانصرفوا وأصبحت أنا وهو ولا ثالث لنا إلا الله عز وجل بقى الله ثم أنا والكلب بس.
أحمد منصور: بطبيعتك بتخاف من الكلاب.
فريد عبد الخالق: أنا لا أحب الكلاب ويعني يظهر حصل لي عقدة وأنا صغير ورثتني الخوف من الكلب فكان شيء محظور مني فأنا لقيت المحظور ولا حيلة لي إلا اللجوء إلى الله أعمل إيه ما هو مفيش..
أحمد منصور: حسيت بإيه لما الكلب الضخم ده دخل عليك؟
فريد عبد الخالق: لما الكلب دخل الحقيقة أنا زي ما تقول مرت بي لحظات ذهول ماكنتش قادر..
أحمد منصور: ورعب وخوف.
فريد عبد الخالق: ذهول وبعدين يعني إن فيه خطر داهم ووضع لا يؤمن شره بل بالعكس فكان السؤال يا ترى هو هيعمل إيه؟ السؤال ما الذي يدور برأس هذا الكلب الذي جاءني على غير إرادتي؟ وقعدت مترقب للخطر اللي حل ده هيعمل إيه فأنا قعدت في أخر الزنزانة وهو الكلب لاقيته أخد وضع آخر أدار ظهره لي وتوجه إلى الباب باسطا ذارعيه كده.
أحمد منصور: نفس القصة اللي أنا قراءتها لشخص آخر دكتور مصطفى عبد الله، أنت قرأت القصة ديه؟
فريد عبد الخالق: أه سمعت عنها طبعا.
(12/307)
أحمد منصور: سمعت عنها نفس القصة.. أكمل.
فريد عبد الخالق: بس لسه باقي اللي حصل بقى فدلوقتي أنا لما الكلب لاقيت الكلب قبل ما يقعد باسط كفيه هو قال لك كده لما أدركه النَصّب والتعب هو عمل محاولات رهيبة ليخرج.
أحمد منصور: ما ألتفتش لك مطلقا؟
فريد عبد الخالق: لا التفت للباب لأنه بحث عن الحرية زي حالاتي أنا وجدت فيه أنا وهو يعني زملاء سجن تمام أنا عايز الحرية بس بعقل يعني مفيهاش فايدة إن أنا أفتح الباب هو يعني غاب عنه ما يعني تحليت أنا به مثلا بأني عارف ده لا يُفتَّح إنما هو أتصور إنه فانتصب والله لا أنساه أنتصب بقوة وحجمه كبير وبين فيه الوحشية..
أحمد منصور: وقف على الباب يعني.
فريد عبد الخالق: لغاية الباب لغاية لما مسك حرف الباب.
أحمد منصور: لفوق.
فريد عبد الخالق: لفوق وانتصب كده أمامي؟
أحمد منصور: كان كلب ضخم يعني.
فريد عبد الخالق: كان ضخم وفضل وأنا يعني في السجن الحربي يعني رأيت بعيني ما يجعلني كمان غير الكراهية العامة كراهية خاصة لأني شوفت هو أحد الإخوان اسمه عبد الرحمن البنان لا أنساه شاب كان في حياته ومؤمن ويعني زكي النفس كده برضه عُذِب بالكلب وشوفته في السجن الحربي سُمِح يعني سُلِط الكلب عليه فأخذ قطعة من لحمه أي والله أخذ قطعة من لحمه فأنا شوفت قطعة اللحم من الإلية كده خدها الكلب خدها قطعة لحم..
أحمد منصور: قطعة شوفتها لحمة في..
فريد عبد الخالق: ضخمة فأنا يعني ساعة ما جه الكلب قلت هو ده يعني ده أنا بقى مش عارف هيختار مني إيه بس وأنا هينقض عليا فين إنما ضروري يعني لاقيته أنا شوفت بيعمل كده لاقيته بيلهث لهث وعمال يحاول بكل جهده إنه يفتح الباب أو يعني يعرب عن احتجاجه أو يعني ينادي حد يعني يعمل له حاجة اللي بيملكها لغاية لما أدركه التعب فكان الوصف اللي أنا وصفته إنه برضه لم..
أحمد منصور: وجهه إلى الباب وظهره لك وحاطط إيديه.
(12/308)
فريد عبد الخالق: وجه للباب وينتظر الفرج من الله زي حالاتي بس كل واحد بأسلوبه يعني فأنا يعني ذاهب عني الحقيقة لما وجدته كده وحسيت بالتشابه بيني وبينه رغم الفرق اللي مألوف ده إن كلانا يبحث عن حريته ويعني يحاول بذل كل ما يستطيع ليسترد اللي راح.
أحمد منصور: قامت أي شكل من أشكال العلاقة بينك وبين الكلب؟
فريد عبد الخالق: لا مفيش أبدا ولذلك أنا يعني استغربت أنا على طول تحركت يعني تلقائيا سواء يعني لاستدرار عطفه أو سواء اللي هو رحمة به إذا أحسنا الظن فهي رحمة وإلا قلت أنا بتملقه يعني فأنا أخذت المياه اللي كانت موجودة في الزنزانة وحطيتها قدامه فأتى عليها.
أحمد منصور: شربها.
فريد عبد الخالق: أتى عليها وبعدين ازداد هدوء وأنا ازددت اطمئنانا وحسيت كأن فيه يعني نوع من التفاهم غير المعلن وإن يعني أستطيع.. نام ونمت أدركني أنا ما يدرك الإنسان إذا أدركه التعب إنه بينام ونمت ونام الكلب لم يوقظني أنا والكلب إلا طرقات العسكري وهو يفتح الباب علشان يوزع الجراية بتاعت الصباح فوزع الجراية وأنا أذكرها كانت بيضتين مسلوقتين ورغيفين عيش رماهم رمي وقفل وراءنا الحارس ده فوجئ بالكلب لأنه غير زي ما تقول النوبطجية بتاعته اللي كانت مع.. فلما جه الصبح وعسكري جديد وعنده سامع من زميله أو حاجة زي كده فهو يعني فاهم.
أحمد منصور: متوقع الكلب يكون نهشك.
فريد عبد الخالق: فشاف أه حاجة زي كده مش عارف إيه اللي حصل فشاف كده لاقنا متعايشين يعني أكثر ما يتعايش البشر اللي إحنا بنشوفهم النهارده فهو الحاجة بقى التي يعني أنا بحب أقول لك إن يأسر الإنسان الخير من طبعه أن يأسر من يقع عليه ولصاحب الخير يعني مردود إلهي رباني فطري إنه يلقى ممن أحسن إليه ما يثلج صدره حتى لو كان كلبا.
أحمد منصور: ماذا وجدت في النهاية؟
فريد عبد الخالق: ماذا وجدت أنا لما خدت الجراية وأنا عارف إنه هو كلب..
أحمد منصور: جعان طبعا.
(12/309)
فريد عبد الخالق: تعب وجعان طبعا من اللي عمله ده، ده عمل عمايل تستنفذ جهد إيه فأنا رحت مقشر البيض وحطيته قدامه وكل الجراية كل الأكل حطيته.
أحمد منصور: الكلاب مبتكلش بيض.
فريد عبد الخالق: لا أنا أديتهموله ما هو أنا عايز يأكل..
أحمد منصور: عايز تسترضيه يعني.
فريد عبد الخالق: أو ترضية يعني زي ما أنت يعني قلت لك يعني يا إما تعتبرها رحمة مشكورا أو تعتبرها تملقا إذا شئت المهم إن أنا نجحت إذا كان لي أنا دور والدور دور الله الحقيقة والفعل فعل الله إنما هو أجر الله علي إن أنا.. الكلب كأنما أسره الجميل أو وصل بفطرته إلى إن هو هدأ هدوء كبير بعد ما كل المهم مش كل..
أحمد منصور: كل البيض؟
فريد عبد الخالق: كل البيضتين كلهم.
أحمد منصور: والعيش؟
فريد عبد الخالق: والعيش كل حطيت قدامه يعني شبع هو اعتبرها ديه وليمة وبعدين أنا اللي استرعى انتباهي مش الكلب اللي استرعى انتباهي صوت طرق قلبي قبل سمعي لاقيت العساكر بيتفرجوا علينا وأنا مش واخد بالي أنا مشغول مع الكلب اللي بيتعلق بمصيري ومستقبلي..
أحمد منصور: بيتفرجوا من العين السحرية.
فريد عبد الخالق: أيوه لقيتهم بيقولوا كلام وصل لسمعي وهم بيعملوا.. الصوت هو اللي سمعني صحيت يعني من انشغالي بالكلب وحاله وتسوية الأمور اللي بيني وبينه وكده لقيتهم بيقولوا إيه كلام أثلج صدري يحتاج إليه كل إنسان مظلوم وسب من أمر بحبسي وإيداع الكلب معي وقالوا والله بقى هو ده إنسان يستحق اللي عملوه ده ما عنده من طعام اللي هو بيسموه الجراية أعطاها كلها للكلب ومتصور إنه دول عساكر أصلهم من أقاصي الصعيد ممن لا يفرق بين الألف والمدنا زي ما بيقولوا فهو رأى سلوك غير متوقع أنا كمان جعان آكل أو أديله واحدة وهو واحدة يقولوا إداله البيضتين كلهم وهو بيتكلموا هو عنده البيضتين ديه كمان حاجة لها قيمة المهم أنا يعني حصلت أنا النهاية..
أحمد منصور: كيف كانت النهاية معاك؟
(12/310)
فريد عبد الخالق: سمعت أنهم يسبون الظَلمة وينتصفون للمظلومين إلى داخل السجن.
أحمد منصور: وأخذوا الكلب دون أي شكل من أشكال.. لم يؤذك الكلب وأخذوه في النهاية الكلب مشى في النهاية أخذوه.
فريد عبد الخالق: لا هو الكلب يأخذوه الصبح ويرجعوه ثاني بالليل.
أحمد منصور: كم يوم فضل معك؟
فريد عبد الخالق: والله حوالي يمكن أسبوع؟
أحمد منصور: أسبوع ولم يفعل فيك شيئا.
فريد عبد الخالق: لم يفعل بي شيء.
أحمد منصور: وكل يوم نفس القصة تقريبا.
فريد عبد الخالق: وكل يوم أنا هو خلاص أخد إن أنا هأسقيه وهأكله بقى يعني زي ما تقول يعني أنا شامم في يعني نوع من الإنسانية الكويسة يعني.
[فاصل إعلاني]
مرحلة ما بعد السجن
أحمد منصور: أستاذ فريد أفرج عنكم بعد ذلك عن كثير من الإخوان أنا عايز أفهم سر تخفيف الحكم على حسن الهضيبي من الإعدام إلى الأشغال المؤبدة إيه السبب؟
فريد عبد الخالق: لا هو القصة كانت تتعلق بالسن.
أحمد منصور: بالسن.
فريد عبد الخالق: بالسن أه.
أحمد منصور: بعد ذلك بدأ الإفراج عن الإخوان اللي أخذوا خمس سنوات وعشر سنوات تقريبا من بعد سنة 1956 وأنت أفرج عنك في نهاية 1957 بداية 1958 كيف كانت حياتكم الإخوان اللي خرجوا من السجن في ذلك الوقت؟
فريد عبد الخالق: الذين خرجوا كان صدر قرار عام بإقصاء كل موظف عن وظيفته.
أحمد منصور: كان صدر قانون اسمه الحجر السياسي أو الحظر السياسي تقريبا، نعم تفضل قانون العزل السياسي.
فريد عبد الخالق: فأصبحنا دلوقتي كلنا.. فأصبحت أنا الإخوان تحولوا إلى ناس بعد ما كان لهم أعمالهم ومحترمين في مواقعهم..
أحمد منصور: كنت وقتها أنت تعمل في دار الكتب.
فريد عبد الخالق: أنا كنت في دار الكتب ففُصِلنا كما فصل غيري وانقطعت الأرزاق وعندنا بيوت وأولاد شيء طبيعي وبعدين هم كانوا يرقبون المال الذي يأتي من الخارج..
(12/311)
أحمد منصور: كان فعلا الإخوان في الخارج كانوا بيرسلوا أموال لأسر الإخوان المعتقلين.
فريد عبد الخالق: نعم وكان بتصل أموال ويعني توزع على أصحاب الحاجة من الإخوان لسد الحاجة دية وعملوا كمان حتى في الأعمال الحرة زي وهبة الأخ وهبة الحاج وهبة رحمة الله عليه.
أحمد منصور: صاحب مكتبة وهبة.
فريد عبد الخالق: أينعم وغيره وجدوا إن كل الكتب اللي كانت عندهم جرى التصرف فيها بل المحل اللي كان يعيشون فيه أُسكِن غيرهم فيه فخرجوا للشارع بلا مكان أو محل يأويهم ولا..
أحمد منصور: طب دول تجار يستطيعون تدبير أمورهم لكن أنت كموظف ماذا فعلت؟
فريد عبد الخالق: اشتغلت في التصدير.
أحمد منصور: على طول كده مصدر؟
فريد عبد الخالق: أه والله ليه ده كلمني بعض الإخوة الكرام الذين يشغلون مواقع في الشركات أو في الشركات الصناعية اللي هي كان لها محل المقاولون العرب..
أحمد منصور: الإخوان كان لهم نفوذ كبير في المقاولون العرب.
فريد عبد الخالق: وشركة العبد بدون ذكر حتى أسمائهم وإنما المهم إن هم كلموني قالوا لي أنت يعني بتعمل إيه فأنا قلت لهم والله أنا بحاول إن أنا قالوا لي طب إحنا محتاجين إلى من يورد لنا أشياء كثيرة وتستطيع أن.. يعني أي إنسان.. وفعلا أصبحت أنا وجدت نفسي على غير سابق عهدي ولا تصور يعني كان ممكن أنا أخططه لنفسي من راجل بشتغل في دار الكتب ويعني ما يتعلق بالناحية المعرفية هي كل شغلي الشاغل وجدت نفسي أصبحت تاجر وبأجيب مسامير وبأجيب مقاطف وبأجيب حاجات بتاعة نسيت أسمائها فنية كده ملزومة للعمارة ووردت أشياء كثيرة ويعني وجدت ربنا سهلي..
أحمد منصور: رجعت متى إلى دار الكتب إلى وظيفتك؟
فريد عبد الخالق: وبعدين حتى جاء قرار بعودة..
أحمد منصور: أعتقد في 1959 تقريبا.
فريد عبد الخالق: أينعم.
سيد قطب وعلاقته بالإخوان
(12/312)
أحمد منصور: طيب الآن الإخوان بعد ما خرجوا من السجون في تلك الفترة كان هناك إخوان لم يدخلوا إلى السجون بعد وكذا سعى الإخوان بعد ذلك إلى تشكيل واستعادة تنظيمهم مرة أخرى كان سيد قطب آنذاك في السجن محكوما عليه في محكمة 1954 بخمسة عشر عاما سجنا وكان في السجن..
فريد عبد الخالق: وخرج في 1964.
أحمد منصور: خرج في 1964 لكن قبلها..
فريد عبد الخالق: بواسطة رئيس سوريا كان متعاطف مع إنتاجه الأدبي ويحبه..
أحمد منصور: سيد قطب طبعا كان أديبا قبل أن ينتمي إلى الإخوان وكان من مدرسة العقاد وكان له كتب أدبية كثيرة وكتابات في النقد الأدبي وغيره.
فريد عبد الخالق: العدالة الاجتماعية في الإسلام ومعالم في الطريق.
أحمد منصور: انتمى للإخوان بشكل متأخر في سنة 1953 تقريبا كما تشير بعض المصادر وعينه حسن الهضيبي رئيسا لقسم الدعوة خلفا للبهي الخولي الذي أنضم إلى عبد الناصر في عام 1954 ورأس سيد قطب تحرير مجلة الإخوان المسلمين وحُكِم عليه في مارس 1955 بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاما متى بدأت علاقتك مع سيد قطب؟
فريد عبد الخالق: في داخل المركز العام لأنه كان هو عرف..
أحمد منصور: سنة كام؟
فريد عبد الخالق: أيام الهضيبي رحمة الله عليه.
أحمد منصور: 1953 نقول مع بداية انتمائه للإخوان.
فريد عبد الخالق: لا هو كان متأخر عن كده.
أحمد منصور: 1954.
(12/313)
فريد عبد الخالق: هو محضرش يعني كانت هي الفترة دية هو كان في أول حياته كان وثيق الصلة بجمال عبد الناصر وكان مستشار يعني وليه فكره وليه إنتاجه وبعدين هو زي ما تقول لم يجد فيه الصورة التي تعكس فكر جمال لإنه كان هو راجل يحب الحرية وراجل كذا وكذا فحصل وأنتقد هو أنتقد العسكر وأنتقد إن فبدأ يشعر إن الشخص ده له فكر وإنما الفكر ده مش في صالحه ويجب أن يُحارَّب صاحبه يعني سلاح في إيده سلاح بس سلاح مش في خدمة عبد الناصر فحصل فخرج وكان ليه بقى دور بقى في ما سيأتي بعد اللي هي محنة 1965.
أحمد منصور: ما أنا بسألك الآن كيف بدأت علاقتك بزينب الغزالي في مذكراتها أيام الحياة بصفتها متهمة رئيسية في تنظيم 1965 تقول أنها التقت مع عبد الفتاح اسماعيل الذي أُعدِم مع سيد قطب بعد ذلك ويقال أنه القائد الحقيقي لتنظيم 1965 بالنسبة للإخوان سنة 1957 في طريقهم إلى الحج وإن التنظيم بدأ في بداية الستينات يتشكل من خلال إن عبد الفتاح إسماعيل بدأ يطوف بالقرى وبالمدن وبالأماكن المختلفة من أجل إعادة تشكيل تنظيم الإخوان مرة أخرى وتقول في صفحة 38 إنها استأذنت من المرشد حسن الهضيبي باسمها وبسم عبد الفتاح إسماعيل وكانت تبلغه بكل ما يتم من تفصيلات حسن طبعا سنة 1956 أُفرِج عن الهضيبي عفو صحي وكان تحت الإقامة الجبرية وتقول إنها في سنة 1962 التقت مع شقيقات سيد قطب حميدة وأمينة بالاتفاق مع عبد الفتاح إسماعيل وبإذن من حسن الهضيبي واتصلوا بسيد قطب داخل السجن وكان سيد قطب يرسل لهم ملازم معالم في الطريق لتدرسها إلى الإخوان آنذاك وكان هناك نوع من الاسترشاد بأفكار سيد قطب أنت إمتى علمت عن تنظيم 1965؟
فريد عبد الخالق: أنا يعني وجودي في السجن خلاني أعايش عن قرب الفكر المعروف بالتكفير والهجرة.
أحمد منصور: أنا لسه موصلتش لـ1965.
فريد عبد الخالق: ما هو ده أفكار سيد قطب كان نُسِبت إليه بسوء فهم منهم.
(12/314)
أحمد منصور: أفكار سيد قطب ديه كانت ظهرت في السجن في فترة 1955 - 1957 لما أنت كنت في السجن ولا بعد 1965؟
فريد عبد الخالق: لا بعد.
دور عبد الخالق بعد السجن وتنظيم 1965
أحمد منصور: أنا الآن لسه مجيتش للسجن ولا للتنظيم الآن أنا في فترة 1965 ديه إمتى كانت علاقتك بالمرشد إيه في تلك الفترة لما أنت طلعت؟
فريد عبد الخالق: أنا كنت المسؤول عن القاهرة.
أحمد منصور: كنت المسؤول عن القاهرة بعد 1957؟
فريد عبد الخالق: يعني أي حد جاي عايز يتكلم سواء كان من خارج مصر أو من داخل مصر..
أحمد منصور: بعد 1957 بعد ما طلعت
فريد عبد الخالق: فكان معروف إن أنا مسؤول وأنا همزة الوصل بالمرشد.
أحمد منصور: يعني أنت كنت همزة الوصل بين المرشد وبين الإخوان في أنحاء العالم وجوه مصر؟
فريد عبد الخالق: كل الإخوان سواء كان من الخارج أو من الداخل.
أحمد منصور: والمرشد كان تحت المراقبة كان تحت المراقبة الجبرية.
فريد عبد الخالق: كان تحت المراقبة أه.
أحمد منصور: كيف كنت بتلتقي به وهو تحت المراقبة؟
فريد عبد الخالق: والله كنت بروح يعني في الضرورة حتى يعني أستطيع إن أنا أروح مرة أو مرتين وكان الأمور مهياش بالصورة اللي تمنع قوي يعني.
أحمد منصور: طيب في هذه الفترة أنت كنت..
فريد عبد الخالق: يعني أنا دخلت مرة وإتكلمنا كلام..
أحمد منصور: كنت مسؤول في تلك الفترة أيضا عن الأموال اللي كان بتيجي وتوزع على أسر الإخوان مثلا.
فريد عبد الخالق: أيوه أنت حضرتك الإخوان في السعودية قرروا إرسال يعني اشتراك أموال لمعاونة أسر الإخوان المعتقلين.
أحمد منصور: أسر الإخوان المعتقلين وكانت الحاجات ديه بتيجي لك وأنت بتوزعها.
فريد عبد الخالق: فأنا الحقيقة يعني أحد الإخوان اللي كان معنيين بتوزيع الأموال على أصحابها..
أحمد منصور: إيه الدور اللي كنتم بتلعبوه في تلك الفترة غير كده؟
(12/315)
فريد عبد الخالق: أنا يعني مما يعني يذكر يعني إن هم كلمني الشخص قال لازم توافق على استلام الأموال قلت له ليه قال لي هم اشترطوا في إرسال الأموال إنها تصل إليك قلت له والله يعني أنا لا أتأخر لأن هتوزع في محلها وثقة برضه منهم أنا يعني أشكرهم عليها ومقدرش أعطل حقيقة ده يعني شهادة أمام الله يعني فأنا حمدت الله على هذا.
أحمد منصور: موقف المرشد إيه من هذا؟
فريد عبد الخالق: المرشد أولا ما ذكرته حضرتك ولو حتى نتكلم بعدين بس حتى لا يُنسَّى يعني الذي خالته الحاجة زينب الغزالي رحمة الله عليها مع تقديري لها ولجهودها ودروها مع صلاح سرية ومع.. يعني هي كان لها..
أحمد منصور: كان لها دور كبير كرئيسة لجمعية السيدات المسلمات.
فريد عبد الخالق: إنما ما ذكرته عن أن الذي جرى معها بصحبة عبد الفتاح إسماعيل وأنها أخذت إذن منه بما كانت هي تعده مع عبد الفتاح وحصل أمر في تنظيم اللي خرج بينا من محنة 1965 هذا للأسف غير صحيح.
أحمد منصور: ما ذكرته زينب الغزالي غير صحيح.
فريد عبد الخالق: غير صحيح.
أحمد منصور: والذي يستند إليه الإخوان على أن تنظيم 1965 كله كان بترتيب مع المرشد.
فريد عبد الخالق: لا غير صحيح وأنا أقول وديه مسألة برضه خطرة، خطرة ليه بقى؟
أحمد منصور: قل لي ما هو الصحيح بقى؟
فريد عبد الخالق: أنا أقول لك الصحيح أولا أنا التقيت في إنجلترا ودعوني الإخوان الليبيين اللي هم مطرودين من النظام الليبي في هذا الوقت وكانوا من الإخوان..
أحمد منصور: دعيت إمتى سنة كام؟
فريد عبد الخالق: في أثناء يعني..
أحمد منصور: بعد ما طلعت من السجن.
فريد عبد الخالق: أه طبعا بعد ما طلعت من السجن.
أحمد منصور: في عهد السادات يعني.
فريد عبد الخالق: بعد ما طلعت أه فبيقولوا لي يعني اللي حصل فأنا قلت لهم هي قالت نفس الكلام فكنا وجها لوجه.
أحمد منصور: هي كانت معك هناك؟
(12/316)
فريد عبد الخالق: في إنجلترا أه وهم دعوها ودعوني هي بما لها وأنا بما لي ودعينا وتواجهنا والتقينا وهي قالت الكلام ده فأنا الحقيقة هم سجلوه معرفش فين التسجيل ده راح فأنا قلت لها يا حاجة زينب مع احترامي الحقيقة فوق تعلو علي ولا يكون لها (كلمة غير مسموعة)..
أحمد منصور: ما هي الحقيقة؟
فريد عبد الخالق: الحقيقة إن المرشد لم يأذن..
أحمد منصور: حسن الهضيبي.
فريد عبد الخالق: أينعم وكلفني شخصيا عندما أنهيت إليه أنني علمت بهذا التنظيم قال لي أنا لم آذن به وأكلفك بأنك أنت يعني تقضي عليه.
أحمد منصور: سنة كام الكلام ده؟
فريد عبد الخالق: الكلام ده بقى قربنا بقى من المحنة.
أحمد منصور: سنة 1964.
فريد عبد الخالق: 1964 أه.
أحمد منصور: أنت كيف علمت إن فيه تنظيم أصلا؟
فريد عبد الخالق: علمت من أحد الإخوان وهو اسمه وهبة الفيشاوي لا أنساه.
أحمد منصور: ماذا قال لك؟
فريد عبد الخالق: قَدِم لي في دار الكتب وقال لي يعني هو من نظام وإنما إنسان كويس يعني متفتح وأنس إلى يعني مشكور وأنهى إلى..
أحمد منصور: أستاذ فريد قل لي كلام واضح عشان نفهمه لأن ده تاريخيا مهم.
فريد عبد الخالق: يعني أنهى إلى إنه فيه تنظيم.
أحمد منصور: جديد.
فريد عبد الخالق: جديد بيعد لعمل يعني زي ما تقول انقلاب أو القضاء على جمال.
أحمد منصور: إيه المعلومات اللي إداها لك عن هذا التنظيم؟
فريد عبد الخالق: هو؟ قال لي فيه مجموعة يجتمعون ويرتبون لمواجهة عبد الناصر والقضاء وقتله.
أحمد منصور: من أهم الأسماء اللي قال لك عليها؟
فريد عبد الخالق: أسماء يعني مش مهم ذكرها دلوقتي المهم إن هو مسؤول عنها المهم إن من إداني هذه المعلومات أنا..
أحمد منصور: من قبيل إيه كان بيبلغك إنك تشترك معاهم ولا..
(12/317)
فريد عبد الخالق: لا بلغني إن ده فيه خطر قال لي هذا فيه خطر أنت لا تعلموه وأنت مسؤول يعني أنت هل تعلم الحكاية ديه نبه إلى خطر قائم وله تداعيات ضروري إذا حصل بقى كلام من ده وإحنا لسه كنا حديثي عهد بالمنشية وكمان هنيجي الثانية على طول بعد عشر سنين بالتوقيت الثاني نهايته أنا كان جديد علي لم أكن أعلم فأنا بداية حبيت أتحرى ممن يعني يمسك بالزمام.
أحمد منصور: من؟
فريد عبد الخالق: فقال لي أنا أرتب لك اجتماع مع عبد الفتاح إسماعيل إن هو وعلي عشماوي لأن كلاهما قائم على التنظيم ده.
أحمد منصور: عبد الفتاح إسماعيل اللي يقال إنه الرئيس الحقيقي أو المنظم الحقيقي للتنظيم وعلي عشماوي يقال إنه كان مسؤول القاهرة في التنظيم.
فريد عبد الخالق: أه معاهم أهو معاهم والسلام فأنا قلت له لا أنا معنديش مانع ألقاه لأن المأمور بالرغم إن كان فيه إحنا تحت الرقابة والتحركات محسوبة وكنا بقدر الإمكان الواحد بيتفادى النتائج إلا أن يكون أمر هام بتسقط الاعتبارات الأخرى وفعلا أنا التقيت بعبد الفتاح إسماعيل وسمعت منه.
أحمد منصور: ماذا قال لك؟
فريد عبد الخالق: قال لي إن الأول قال لي إن إحنا نرمي باللقاء والتنظيم اللي عاملينه إن إحنا نعيد عند الإخوان صلتهم بالقرآن وبالإسلام وعدم تسيب اللي قد يعني يخضع إليه الشباب في..
أحمد منصور: هذا جانب فكري الجانب العملي إيه؟
فريد عبد الخالق: أخفى عني قال لي إحنا عشان نجمعهم بس لإحياء القرآن وصلتهم بالإسلام حتى لا تتفلت نفوسهم إلى السوء فأنا يعني أنا بصراحة قلت له الكلام ده يعني لا يلقى اقتناع عندي وأنت بتستشرني والمستشار مؤتمن لا قل لي الحقيقة قال لا تخرج عن.. قلت له لا أنتم لا شك في رأسكم عمل عسكري وعمل لانقلاب وعمل..
أحمد منصور: كان وهبة الفيشاوي إداك فكرة عن هذا؟
فريد عبد الخالق: نعم؟!
أحمد منصور: وهبة الفيشاوي كان أعطاك بعض الفكر عن هذا؟
(12/318)
فريد عبد الخالق: لا مقاليش.
أحمد منصور: ولا أنت استنتجت؟
فريد عبد الخالق: لا هو أشار إشارة قال لي فيه تنظيم يعني لابد من يعني الوقوف على إيه حكايته فأنا رحت مسؤول برضه فلما أنا كلمت عبد الفتاح إسماعيل الكلام ده أقنعته وقلت له يا ابني إنك أنت لو تورطت وأنت وغيرك في عمل انقلاب أو عمل مواجهة مع عبد الناصر مش هيحصل الانقلاب ولا هيحصل البتاع ده أنا سامع إن هو الآن في وضع يتمكن بقواه وجيشه وكذا وأساليبه وأنتوا لسه مجموعة مش معقول يعني فديه معركة غير متكافئة ثم كمان يعني أنا من الناحية المبدئية لا أوافق عليها فأنتوا تخلوا عن فكرة قتل عبد الناصر لأن هناك من سيقتله فبُهِت وألح علي قال لي من يعني عرفت مع إنه كان الأول بينكر إن الموضوع ده لا يهمه وإنه يعمل للقرآن فقط فأنا قلت له لا مش هأقول لك عليه فلما ألح قلت له هأقول لك عليه قلت له الذي سيقتل عبد الناصر هو عبد الناصر نفسه.
أحمد منصور: ماذا كنت تعني بهذا؟
فريد عبد الخالق: كنت أعني إن أي نظام استبدادي غير شوري ويعني انفراد بالسلطة وبالقرار وأخذ الأمور بطريقة انفرادية لا ينجح ديه سُنة الله في خلقه ولذلك أمر هو ليه أمرنا بالشورى؟ لإن هي السبيل إلى النجاة والصلاح والفلاح فهو نهايته لما أنا قلت له الكلام ده زي ما تقول قال لي طب الكلام ده قله بقى للريس لأن أنا مش الريس قلت له مين الريس قال لي الوزير السابق اللي اسمه عبد العزيز العلي قلت له طب أنا ألقاه أكمل معاك المشوار بقى.
أحمد منصور: عبد العزيز باشا علي كان وزير سابق في بداية الثورة وكان في الحزب الوطني.
(12/319)
فريد عبد الخالق: أينعم فأنا وطبعا أنا يعني التقيت بيه لأنه كان له صلة بالإخوان عبد العزيز العلي أو ميوله ميول إسلامية يعني في أثناء أول ما عُيِن وزير رحت زرته فأنا ليس غريبا علي المهم رحت أنا قعدت معاه قلت له فين أقابله إداني ميعاد قال لي هينتظرك في المكان ده أخدت العنوان العنوان جنب مكان في مصر الجديدة في بيت فيه زينب الغزالي أنا خدت العنوان ولقيت بوابة خشبية ومدخل فيه حديقة وزي القصر كده أنا ماكنتش أعرف من سألقاه أنا رايح لعبد العزيز العلي فقط وبعدين لاقيت الحاجة زينب أنا عارفها الله أنا غلطت ولا إيه يا حاجة زينب أنا بصراحة جي لفلان قالت لي ما هو موجود وهأتيح لك فرصة الانفراد بيه تحت عندنا الفيلا.. البدروم قلت لها خلاص شكرا ووجدت عبد الفتاح إسماعيل هو كان مرافق لها وقريب منها يعني يوميا هناك وكان يعني ياخد صورة اللي بيشتغل في البيت ينفض شبابيك يعمل يقضي مصالح يعني واخد الدور ده نهايته أنا قابلت الرجل وكلمته كلاما طويلا مثل الذي كلمته لعبد الفتاح قلت له ده خطأ قال لي لا أنا أصلي متمرس بالأعمال ديه لأني كنت في الحزب الوطني وكنا بنعمل أيام مصطفى كامل حاجات أكثر من كده فأنا يعني لا تتصور إن أنا خالي من التجربة قلت له حتى لو كنت مش بتجربة الطريق ده غلط الفكرة أساسها غلط وهتجيب لنا عواقب وخيمة وهندفع ثمن رهيب بلا مقابل.
أحمد منصور: وكان واضح إن هم بيستهدفوا قتل عبد الناصر وتصفيته وقلب النظام.
(12/320)
فريد عبد الخالق: أيوه هو كان ماشي على الوضع ده فأنا لما نبهته إلى الخطر ده وإن ده لا يلقى يعني ليس سليما لا من المنظور الإسلامي ولا من المنظور الإخواني كمنهج تغيير المنهج إصلاحه فقال لي طيب أنا الكلام اللي أنا فهمته أنت عايز تقول له بس أنا هرجع برضه للإخوان اللي هم معايا في التنظيم اللي هم الأعضاء عاملين زي مكتب يعني من استشارة لازم أقول لهم فممكن نتقابل ثاني بعد ما أقول لهم فأنا الحقيقة سألت سؤال كمان آخر قبل ما أنصرف قلت له هل حسن الهضيبي كمرشد مسؤول وأنتم تبع جماعة لها عليكم حقوق هل هو يعلم بما أنتم مقبلون عليه؟ أجاب برد زي رد الحاجة زينب إن هو أُستأذِن وإنها راحت له وعبد الفتاح إسماعيل وأذِن عرضت عليه وأذِن أنا الحقيقة يعني حاك في نفسي ما حاك فأنا سبته بعد الخيط اللي أنا مشيت معه عشان أتبين ماذا يدور وإيه من عدمه رحت لحسن الهضيبي.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من لقائك مع حسن الهضيبي لمعرفة تفصيلات تنظيم 1965 الخاص بالإخوان المسلمين أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/321)
ردود الفعل على الشهادة(12/322)
الثلاثاء 4/1/1425هـ الموافق 24/2/2004م(آخر تحديث) الساعة 16:33(مكة المكرمة), 13:33(غرينتش)
ردود الفعل على شهادة فريد عبد الخالق
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
فريد عبد الخالق:عضو جماعة الإخوان المسلمين
تاريخ الحلقة
21/4/2004
- أهمية الشهادة وخطورة تحريفها
- الأثر الذي تركه الإخوان في المجتمع المصري
- توضيح لما ورد بخصوص حسن الهضيبي
- أسباب عداء عبد الناصر للإخوان
- أسباب عدم قبول الإخوان تقييم أنفسهم
- نوع الصراع بين عبد الناصر والإخوان
- ابنة العشماوي وذكريات قصة الأسلحة واختفاء المرشد
- ضرورة إزالة الفجوة بين التيار الإسلامي والسلطة
أحمد منصور:
(12/323)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم على الهواء مباشرة من القاهرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود وأود في البداية أن أتوجه بخالص الشكر الجزيل إلى كافة الأخوة المشاهدين الذين اتصلوا للاطمئنان عليّ وعلى فريق الجزيرة أثناء تغطيتنا للأحداث في الفلوجة آملاً أن نكون دائما عند حسن ظن الناس بنا. أثارت شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في جماعة الإخوان المسلمين على العصر ردود فعل واسعة النطاق فقد تعدى عدد الرسائل التي تلقيتها عبر البريد الإلكتروني والفاكس تعليقا على الشهادة عن ألف ومائتي رسالة من مختلف أنحاء العالم ومن أجيال مختلفة بدءا من طلبة المراحل الدراسية المتوسطة إلى شيوخ عايشوا الأحداث وعاصروها، أما الذين طلبوا حق الرد أو التعليق على ما ورد في الشهادة على اعتبار أن ما جاء بها له علاقة بهم أو بآبائهم أو أقاربهم أو كانوا شهودا على بعض الأحداث فيها فقد زادوا عن مائة شخص على رأسهم معظم أعضاء مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين وبعض قيادات الجماعة من أنحاء متفرقة من العالم وسعيا لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من هذه الحلقة فأرجو من المداخلين أن يتجنبوا شيئين، الأول هو التركيز الشديد الذي ظهر في مقالات ورسائل الإخوان حول أسلوب إدارة النقاش ومع تفهمي وتقبلي لكل الملاحظات إلا أن هذا هو أسلوب البرنامج بشكل عام سواء كان مع الأستاذ فريد أو مع غيره من الضيوف السابقين ولمزيد من التوضيح فإن البرنامج ليس برنامجا حواريا كما يعتقد كثير من الناس وإنما هو من نوع التحقيق يدور بيني وبين الشاهد أستخدم فيه كافة المهارات والأساليب المهنية المختلفة لاستخراج المعلومات حول مراحل تاريخية قادت إلى واقعنا الذي نحن بحاجة إلى فهمه أو محاولة فهمها كما حدثت على حقيقتها من جديد، لذا فإني باختصار أقول لكل الذين كتبوا حول البرامج الحوارية وأساليب الحوار أن(12/324)
هذا ليس حوارا وإنما هو تحقيق مهني صحفي أتقمص فيه شخصية المحقق التي ربما يكرهها كثير من الناس بما فيهم أنا أيضا وأمثل الرأي المخالف للمشاهد مع السعي على الحفاظ على الشعرة التي تفصل بين التحقيق الجنائي مع الشاهد وبين التحقيق الصحفي الإعلامي مع الشاهد أيضا، أما الأمر الثاني فهو تركيز الكثيرين على ما تناولناه بخصوص المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ حسن الهضيبي وأعتقد أن هذا الأمر ليس موضع نقاش أيضا لأنه لا يختلف أحد مع الإخوان أو غيرهم على مكانة مرشد الجماعة لديهم أو أي زعيم آخر لدى أتباعه لكننا لابد أن نفرق بين الجوانب الشخصية للقادة والزعماء من الحلم والصبر والأناة والقدرة على التحمل وقوة الشكيمة والصلابة وبين ما كنا بصدده وما نحن بصدد النقاش حوله حول صناعة التاريخ وفن القيادة والتخطيط الاستراتيجي والأداء السياسي وصناعة الحياة وضرورة التصحيح والمراجعة وتطوير الأداء لأي جهد بشري لذا أرجو من المشاهدين التركيز على جوهر الموضوع والأحداث التي تناولناها والابتعاد عن أسلوب تفريغ الشهادة من مضمونها إلى مناقشات شكلية لن تقدم أو تؤخر كثيرا في المسألة وآمل أن تكون الشهادة التي قدمها الأستاذ فريد عبد الخالق مراجعة حقيقية للأداء السياسي لمرحلة هامة من تاريخ المجتمع المصري بل تاريخ الأمة العربية كلها وأن تكون بداية للاستفادة وتصحيح وتطوير الأداء السياسي ليس للإخوان المسلمين وحدهم وإنما لكل القوى السياسية على الساحة العربية لأن التاريخ لن يرحم أحدا. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على الأرقام هنا في القاهرة 8400482 00202 أو يكتبوا إلينا على الفاكس أيضا هنا في القاهرة 8400484 00202 أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net أستاذ فريد مرحبا بك.
فريد عبد الخالق: مرحبا أهلا.
(12/325)
أحمد منصور: وحمدا لله على السلامة بعد العملية التي أجريتها ونتمنى لك دوام الشفاء
فريد عبد الخالق: سلمت أنت كذلك وحمدا لله على سلامتك أنت الحمد لله.
أحمد منصور: شكرا لك يعني قبل أن أبدأ في إتاحة المجال سواء للذين يرغبون في الحديث عبر الهاتف أو مئات الرسائل التي تحت يدي والتي آمل أن أتمكن من عرض بعضها أود في البداية أن أتيح لك المجال أنت إذا كان لك مراجعة أنت لشهادتك أو شيئا تود إضافته قبل أن نبدأ.
أهمية الشهادة وخطورة تحريفها
فريد عبد الخالق: شكرا تحية لكم وتحية للمشاهدين الكرام والمشاهدات والمتابعين والمتابعات للبرنامج وتفضلهم بإبداء مداخلات يُشكروا والحقيقة إن دراسة التاريخ ليس عملا ترفيا بل هو مصدر أساسي من مكونات الأمة وتأمين مستقبلها لا سيما في زمن المخاطر أنا يعني بداية أختصر الوقت لأن الوقت ملك الحقيقة يجب أن يترك لأصحاب الكلمات، إنما أقول إن الموضوع في تقديري أنني دُعيت إلى شهادة عما سمعت بأذني ورأيت بعيني فيما يتعلق بالأحداث في فترة زمنية معينة تناولت الأربعينات ويمكن من قبل والخمسينات والستينات ويمكن بعضها من بعض المهم أن هي الأحداث ولذلك أنا يعني باستحضر إن إحنا عندما لبيت أنا الدعوة ما كان ينبغي إلا هذا {ولا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} فأنا دُعيت ولبيت وثنّى علي الله عز وجل في تحذيره {وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} وتستوقف الإنسان أن حال الإثم بالقلب اللي هو جوهر الجوارح كلها لأهمية الشهادة وخطورة التحريف أو العجز أو الإثم فيها وأنا أديتها والحقيقة كل بكل ما أستطيع ولا أزعم لنفسي أنني يعني بلغت من ذلك كل ما يرجوه فالإنسان يحدوه أثقال عمره وذاكرة قد تكون لاحقة..
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة والعافية.
(12/326)
فريد عبد الخالق: الحمد لله إنما أنا الحقيقة اجتهدت أن أرضي الله عز وجل في كل كلمة واستحضر أن يسألك الله عليها وأن يعني هو الذي اسأله أن يرضى ما قدمت وأن أكون قد أبرأت ذمتي على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل.
أحمد منصور: الأستاذ الدكتور رشاد البيومي عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين أرسل إلي ردا مطولا عنوانه ماذا جرى لك يا أستاذ منصور لقد أصبح قلبك وسيفك على هذه الجماعة المباركة وصب معظم الموضوع على أسلوب الحوار وطريقة الحوار وغيرها وأنا كما قلت ليس هذا الموضوع وأيضا ده يعني تحدث عن الأستاذ الهضيبي وكما قلت نحن لسنا بصدد تناول الجوانب الأخلاقية والنفسية للناس وإنما نحن نتناول المواقف التاريخية للقادة والزعماء تسمح لي أبدأ من القاهرة في أول مداخلة من إحدى المشاهدات وبعد ذلك أتيح المجال لكثير من قيادات الإخوان التي طلبت الرد ربما علي أنا وليس عليك أنت أو ربما بعضها لك أنت سنتيح المجال لأن من حقهم أن يردوا لكن سأبدأ بناهد محمد رياض من القاهرة تفضلي يا ناهد تريد أن تقول شيئا؟
فريد عبد الخالق: أريد لحظة حتى لا تقطع.
أحمد منصور: تفضل.
فريد عبد الخالق: كان مقصود مما كل ما أدليت به هي التبيين الحقائق لأن تبيين الحقائق أساسي فالحكم على الأمور والأمر الثاني هو الاعتبار بما حدث وهيبين بعد كده في مرات إن إحنا لازم دروس اللي مرت بنا وحكينا عنها كوقائع ووثائق وعايشناها لها مردود يجب أن يكون لها مردود لأن كل عمل في الإسلام أو كل كلام لا يستتبع نفعا يبقى عقيم مهما كانت الشهادة دي فعلا للمراجعة وأعتقد إن لها أهمية كبيرة حتى في واقعنا اللي إحنا فيه بس مش وقتها دلوقتي.
أحمد منصور: طيب سآخذ ناهد بعد فاصل قصير وكذلك باقي المداخلات نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
(12/327)
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود من القاهرة في هذه الحلقة التي نتابع فيها ردود الأفعال حول شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في جماعة الإخوان المسلمين على العصر وأنبه الأخوة المشاهدين إلى أن رقم التليفون 8400482-00202 أما الفاكس فهو 8400484 فاكس وليس تليفون أستاذ فريد أنا أبدأ بناهد محمد رياض معي ناهد.
ناهد محمد رياض: سلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام.
ناهد محمد رياض: حمد الله على السلامة أستاذ أحمد.
أحمد منصور: الله يسلمك.
ناهد محمد رياض: بعد إذن حضرتك ممن أوجه كلامي للأستاذ فريد عبد الخالق؟
أحمد منصور: آه تفضلي طبعا.
ناهد محمد رياض: سلام عليكم أستاذ فريد.
فريد عبد الخالق: عليكِ السلام.
ناهد محمد رياض: والله حضرتك أمتعتنا بأسلوب راقي في الحوار خلال فترات الحلقات اللي اتذاعت في الجزيرة وحببتنا في حاجة اسمها الإخوان المسلمين وعرفتنا معلومات ما كناش نعرفها لا عن المرحوم الشهيد حسن البنا ولا عن أي حد من الإخوان المسلمين بس لي عند حضرتك سؤال.
فريد عبد الخالق: تفضلي.
ناهد محمد رياض: بالنسبة للإخوان المسلمين اتعذبوا ودخلوا سجون طول عمرهم زي واحد زي حضرتك بس في الوقت الحالي هل من نتيجة للي عملوه الإخوان المسلمين في المجتمع اللي إحنا عايشين فيه دلوقتي؟
أحمد منصور: شكرا لكِ.
ناهد محمد رياض: سلام عليكم.
الأثر الذي تركه الأخوان في المجتمع المصري
أحمد منصور: هل من نتيجة لما فعله الإخوان المسلمين بعد ما عذبوا ودخلوا السجون في المجتمع الذي نعيش فيه الآن؟
”
التعذيب يولد فكرا منحرفا، ويولد في الأمة ما يضعف قدرتها على المواجهة ويجعلها أقرب إلى السلبية منها إلى الإيجابية
”
(12/328)
فريد عبد الخالق: هو يعني قضية التعذيب قضية واردة وتكلمنا عنها والناس كلهم يتكلمون وأنا أحب أنبه أن التعذيب ينظر إليه للأسف نظرة سطحية عندما نستحضر المُعذِّب والمُعَذَب ونتائج اللي ما أصابه من جروح أو عاهات، التعذيب له نتائج أخطر من هذا التعذيب بيولد فكر منحرف والتعذيب يولد في الأمة يعني ما يضعف قدرتها على المواجهة ويجعلها أقرب إلى السلبية منها إلى الإيجابية لأن بيربي فيها الخوف وإذا وجد الخوف سبيله إلى قلوب وإلى أمة فقل عليها السلام لأن الأمة لا تحيا إلا بشجاعة الإيمان وبالحرية فالتعذيب أخطاره أكثر مما يقع على أفراد من آلام ولا ينكر طبعا أنها شيء يجرّم ولكن الجريمة الكبرى جريمة اجتماعية وجريمة سياسية أنا حتى بفسر بها الباحثين السياسيين يقولون نحن نلاحظ ظاهرة النسبة المتضائلة في أصحاب الأصوات الانتخابية في ترددهم على صندوق الانتخابات أنا باعتبر من ضمن الأسباب إن الأمة زُرِع فيها بما جرى من تعذيب نوع من السلبية ونوع من الخوف حتى في الناحية الدينية يعني يمكن الأب والأم حريصين على أن الابن يتربى ببيئة دينية عشان تحفظ عليه يعني حياته..
أحمد منصور: هي بتقول سؤال مهم تقول بعد ده كله ما الأثر الذي تركه الأخوان في المجتمع المصري؟
فريد عبد الخالق: الأثر الذي تركه الإخوان في المجتمع المصري يتجاوز طبعا القضية دي لأن القضية دي مرت على الإخوان..
أحمد منصور: هل النتيجة توازي الثمن الذي دفعه الإخوان؟
فريد عبد الخالق: النتيجة توازي عند الله وعند التاريخ وعند المجتمع أضعاف أضعاف والتعذيب ده جاء كله في تقديري إنه جاء يعني يتجه إلى ناحية إيجابية في رصيد الأمة لأنه هو إحنا بالصمود من أجل الحق وكان ده بالدور الكبير للمستشار المرشد الثاني حسن الهضيبي لأنه هو كان رجل المحنة ربنا اختاره بصموده وباستعداده..
أحمد منصور: أستاذ فريد علشان لا نغرق لأن أنا عندي الآن أكثر من مائة سؤال.
(12/329)
فريد عبد الخالق: أنا عايز أقول..
أحمد منصور: كل إجابة عايزها في دقيقة بعد إذنك.
فريد عبد الخالق: في دقيقة أقول لك أنا..
أحمد منصور: ما هو الأثر يعني بعد اللي الإخوان كله تعرضوا له عملوا إيه في المجتمع المصري؟
فريد عبد الخالق: الإخوان الذي عملوه في المجتمع أن الحق لا يمكن إنه يقوم ولا ينتصر إلا إذا وجد ممن يحملونه الصبر والتضحية فكان وقوف الإخوان المسلمين ده بعتبره أنا تجسيد لما جاء بعد بما تدفعه المقاومة والمقاومة النهاردة بتدفع الثمن غالي ولكن ليس غاليا بالنسبة للنتائج المرغوبة منه ومفيش أمة بتتحرر إلا بندفع ثمن، ثمن غالي مفيش لا تأتي الحرية إلا بثمن يُدفع.
أحمد منصور: يعني أنت بتعتبر ما تم هو جزء من ثمن من أجل الحرية من أجل التغيير؟
”
لن يكون المجتمع قادرا على الإصلاح أو التغيير، ولن يتمكن من مواجهة الأعداء مادام أفراده يتعرضون للتعذيب
”
فريد عبد الخالق: من أجل الحرية وتعزيز مكانتها وإشعار الناس بأن الظلم ده بغيض وإنه يجب يكون كل بيت يشعر أنه مش مجرد أن فيه فلان حصل عليه أذى لا دي كأنه من قتل نفس كأنه قتل الناس جميعا لازم يشعر إن المجتمع طالما إن هو معرض للتعذيب معناه أنا أوقفت حركة نموه مش ممكن يكون فيه إصلاح ولا تغيير ولا مواجهة للأعداء ولا وصول إلى أهداف عليا كأمة رسالة ولها كذا مش ممكن والتعذيب ده قائم ولذلك التعذيب لحق من قاموا به التعذيب اللي شفناه على أشخاص تلقوا رد مباشر أمام الناس إن من يعذب الناس يعذبه الله في الدنيا وفي الآخرة..
أحمد منصور: أستاذ فريد..
فريد عبد الخالق: طب فده بيكرّه الناس في التعذيب ويفتح الباب للحرية ويخلي الشعب لا يستنيم ولا يضعف حتى وإن واجه يكون إيمانه بنفسه بقضيته ودوره يكون أقوى من كل هذه الاعتبارات وإلا ما يقدرش يؤدي رسالته ما يقدرش.
(12/330)
أحمد منصور: لو أخذنا في الإجابة على كل سؤال الوقت ده مش هناخذ غير خمسة ستة، عندي مائة واحد طالبين مداخلات غير الألف اللي باعثين لي رسائل..
فريد عبد الخالق: لا كذلك.
أحمد منصور: سأبدأ بأكبر أعضاء مجلس الإرشاد سنا الأستاذ محمد
فريد عبد الخالق: على كل حال ده يتعلق بكم أنتم كمان أصحاب البرنامج إذا كان المشاهد عايز يسأل أيهما نقدر نحكم الوقت فيه ولا نحكمه هو في الوقت أدوا له فرصة أكثر.
أحمد منصور: سنحاول.
فريد عبد الخالق: وإن شاء الله كده يغني ما..
أحمد منصور: أستاذ محمد هلال أنا باقي عندي دقيقة وأربعين ثانية على الموجز إذا أحببت أن تقول بعض الشيء الآن وتكمل بعد الموجز أو إذا أوجزت لنا في دقيقة وأربعين ثانية أكون لك شاكرا تفضل أستاذ محمد هلال تسمعني؟
محمد هلال: أعتقد مستحيل يا أستاذ أحمد يعني دقيقة وأربعين ثانية يعني مش هاقدر يعني أفتتح كلامي.
أحمد منصور: أرجو أن تبقى معي إلى بعد موجز الأنباء أستاذ فريد أنا عندي رد طويل من الأستاذ الدكتور مصطفى مؤمن ومصطفى مؤمن حينما كان في الأربعينيات كان يقود طلبة الإخوان في الجامعة.
فريد عبد الخالق: أينعم.
أحمد منصور: وأنت تعرضت له في أكثر من حادثة في الشهادة وهو كتب مذكراته وهو يعيش الآن في الإمارات وأرسل لي يعني جزء من هذه المذكرات فيما يتعلق بما قلته فيه وقعة كوبري عباس ساردها بأسلوب راقي جدا وعارضها بشكل يخالف الأشياء التي ذكرتها وكذلك أيضا إقالة وزارة مصطفى صدقي وموضوع ذهابه إلى الأمم المتحدة لتمثيل أو لعرض وجهة نظر الإخوان في مجلس الأمن ربما أعرضها بعد موجز الأنباء لكن أنا أتمنى من الجميع بقي.. مضت نصف ساعة ولم نستعرض شيئا كثيرا أرجو من الجميع أن يتيح الفرصة كل إلى الآخر على قدر ما يستطيع ونكمل بعد موجز قصير للأنباء من غرفة الأخبار من الدوحة فابقوا معنا.
[موجز الأنباء]
(12/331)
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود من القاهرة في هذه الحلقة التي نتناول فيها ردود الأفعال حول شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في جماعة الإخوان المسلمين حول شهادته على العصر، معنا الأستاذ محمد هلال أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنا، أستاذ محمد تفضل.. أستاذ محمد هلال معنا؟
محمد هلال: إن شاء الله.
أحمد منصور: تفضل يا سيدي.
محمد هلال: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: وعليكم السلام.
محمد هلال: نعم يا أستاذ أحمد.. السلام عليكم.
أحمد منصور: لديك تعليق حول فترة تاريخية معينة فيما ذكره الأستاذ فريد؟
محمد هلال: أستاذي الكريم أستاذ أحمد منصور.
أحمد منصور: أستاذ محمد تفضل إحنا على الهواء تفضل بما عندك.
محمد هلال: الصوت ضعيف شوية لكن أنا إن شاء الله أتكلم.
أحمد منصور: تفضل.. أستاذ محمد نسمعك.
محمد هلال: مداخلتي يا أستاذ أحمد ذات وجهين مداخلتي ذات وجهين يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور: إحنا سامعينك يا أستاذ محمد تفضل مباشرة لا تتوقف.
توضيح لما ورد بخصوص حسن الهضيبي
”
أراد فؤاد علام العثور على كتاب الهضيبي، فجهزت له حركة الإخوان كتابا آخر معدلا دون أن يدري، وسربت النسخة الأصلية عن طريق الزيارات إلى باقي المعتقلات
”
(12/332)
محمد هلال: الوجه الأول عتاب للأستاذ أحمد منصور لقد تناولت في شهادة أستاذنا فريد عبد الخالق على العصر سيرة مرشدنا وإمامنا حسن الهضيبي بما لا يتفق مع الحق الذي يرضي ربنا وإذا.. وأنا كنت قريبا من الرجل داخل السجن وخارجه وأحب أن أؤكد على بعض الأمور، أولا تاريخه السياسي منذ أن كان طالبا بكلية الحقوق فقد فُصِلَ من الكلية لنشاطه السياسي وكان ضمن الشباب في جمعية سرية بزعامة محمد فريد لمحاربة الإنجليز، ثانيا كان الإمام البنا يرجع إليه في كثير من الأمور للاستشارة وقد اتضح بعد توليه موقع المرشد العام أنه كان ملماً بكل ما يتصل بالجماعة من أسرار وأخبار عندما عرض عليه عبد الناصر الاشتراك في الحكم كان رده نحن لا يهمنا أن نكون في الحكم بأشخاصنا ولكن بمبادئنا، في عام 1954 اعتقل عبد الناصر الإمام الهضيبي والكثيرين من كبار الإخوان أرسل الأستاذ الهضيبي خطابه الشهير لعبد الناصر والذي جاء فيه {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وأَبْنَاءَكُمْ ونِسَاءَنَا ونِسَاءَكُمْ وأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ} إن البلاد لا يمكن أن تتحد أو تجتمع صفوفها وهذه المظالم وأمثالها قائمة، بعدها جاء صلاح سالم لزيارته الهضيبي في محبسه معتبرا وفي يده قرار الإفراج فرفض الهضيبي مشترطاً صدور بيان رسمي ينفي كل ما نسب إلى الإخوان زورا وبهتانا واكتفى عبد الناصر بزيارة منزل الهضيبي معتذرا أمام الجميع، قررت لجنة أطباء السجن وهم من الأقباط أن استمرار وجوده في السجن خطر على حياته وصدر قرار الإفراج الصحي سنة 1957 وبعد فترة أحس الرجل بشيء من العافية فأرسل إلى المسؤولين أنه يستطيع أن يعود إلى السجن ليكمل المدة التي حُكم عليه بها ليكون مع إخوانه هذا هو الرجل الذي عرفناه عن قرب، أما ما أشرت إليه يا أستاذ أحمد فليس هو مرشدنا وإمامنا بل ربما رجل آخر وأحب أن أقول لك إن مقارنة(12/333)
حسن الهضيبي بحسن البنا مقارنة في غير موضعها وهكذا فإن لكل عصر الرجل الذي يختاره الله للمهمة الصعبة الثقيلة التي تناسبه أما عن الفرية التي وردت في كتاب فؤاد علام وكيل إدارة مباحث أمن الدولة في ذلك الوقت فيقول كما ذكرت يا أستاذ أحمد سرٌ يذاع لأول مرة عنه عن كتاب دعاة لا قضاة أن حسن الهضيبي لم يؤلفه ولم يكتب حرفا واحد فيه لكن صنعته مباحث أمن الدولة وابنه مأمون الهضيبي كان هو الكوبري الذي عبرت عليه فصول الكتاب من المباحث للشيخ أقول لفؤاد علام لاعتباري كنت شاهدا على الوقائع التي تمت من خلالي في المعتقل حيث كنت في ذلك الوقت ضابط الاتصال بين الإخوان وبين إدارة المعتقل أقول أننا علمنا ممن كانوا يعملون من إخوانا في مكاتب إدارة المعتقل أن فؤاد علام يريد أن يعثر على الكتاب الذي يكتبه الهضيبي وإخوانه فجهزنا له كتابا آخر معدلا غير الكتاب الأصلي وسربناه له دون أن يدري فكان هو الكوبري الذي عبر إليه الكتاب الذي أعددناه له وسربنا النسخة الأصلية عن طريق الزيارات إلى باقي المعتقلات وهذه هي الحقيقة التي ألقى الله عليها.
أحمد منصور: دي معلومة جديدة أستاذ محمد الآن بتعلنها؟
محمد هلال: الوجه الثاني لأستاذي الكبير الأستاذ فريد عبد الخالق.
أحمد منصور: أستاذ محمد لو سمحت.. أستاذ محمد لا زالت معنا؟
محمد هلال: نعم.
أحمد منصور: أنا بس أريد أسألك هنا سؤال مهم.
محمد هلال: تفضل.
أحمد منصور: هل هذه هي المرة الأولى التي تعلنون فيها أنه تمت خدعة بينكم وبين اللواء فؤاد علام فيما يتعلق بالكتاب؟
محمد هلال: هذه أول مرة لأن الذي كان في ذلك الوقت هو محمد هلال وكنت بذلك الوقت كما قلت أنا ضابط الاتصال بين إدارة السجن وبين الإخوان ولما علمنا أن فؤاد علام يبحث عن الكتاب حدث ما قلته لسيادتكم.
أحمد منصور: يعني الآن أنتم أعددتم فعلا.
محمد هلال: أقول لأستاذي الأستاذ فريد عبد الخالق..
(12/334)
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ هلال اسمعني لأن دي نقطة تاريخية مهمة الآن أنتم أعددتم كتاب على إنه كتاب الهضيبي لكنها كان مزور وأعطيتموه إلى اللواء فؤاد علام وهو الذي يحتج به؟
محمد هلال: كان في الكتاب بعض الأمور التي لا نريد أن تصل إلى علم مباحث أمن الدولة.
أحمد منصور: طيب هذه نقطة.
محمد هلال: ففي خلال ساعات قليلة أعد بعض الإخوان وسهروا الليل ليُعدوا نسخة غير النسخة الحقيقية الموجودة وسربناها وبواسطتي إلى فؤاد علام.
أحمد منصور: يعني أنت الذي أعطيتها لفؤاد علام؟
محمد هلال: أنا بقول لفؤاد علام هو الذي كان كوبريا ولم يكن مأمون الهضيبي هو الكوبري.
أحمد منصور: طيب النقطة الثانية التي أحببت أن تتكلم عنها؟
محمد هلال: أقول لأستاذي الأستاذ فريد عبد الخالق نعم أقول له أستاذي الأستاذ فريد عبد الخالق.
فريد عبد الخالق: نعم.
محمد هلال: تفضلت سيادتكم فقلت نحن مطالبون بمراجعات جذرية في فهمنا للإسلام وتعاملنا لإحداث الإصلاح وأقول لك يا سيدي أطمئن قلبك ولينشرح صدرك فإن الجماعة التي تسلمها إخوانك وأبناؤك تسير على درب إمامها والمراجعات تسير التي تنشدها تسير وفق مستجدات العصر وليس منا من يدعي العصمة فإن العصمة لله وحده وأرجو يا أستاذنا أن تقرأ المبادرة التي أعلنها أخوكم محمد بيه عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين بنقابة الصحفيين المصرية يوم 3/3 سنة 2004 ولسوف تجد فيها ما يطمئنك يا أستاذ فريد وأقول لك يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور: في إضافة أخيرة يا أستاذ محمد؟
محمد هلال: نعم يا فندم أقول لك يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور: إضافة أخيرة تفضل.
محمد هلال: ربنا عافاك من الأميركان الذي كانوا يتربصون لك عافاك الله ونفعك بكل خير قدمته لهذه الأمة الإسلامية وجزاكم الله خيرا وشكر الله لكم.
أحمد منصور: شكرا لك، لديك تعليق يا أستاذ فريد؟
فريد عبد الخالق: هي إضافة.
أحمد منصور: تفضل.
(12/335)
فريد عبد الخالق: بقول هي إضافة لما يعني أوردنا وأنا قلت في الشهادة ما سمعت وما رأيت وليس معناه أن كل ما سمعته ورأيته هو الوحيد في القضية التي أنا بصددها في الشهادة ولذلك الباب مفتوح وحبذا لو الضمائم المختلفة تكمل بعضها بعضا حتى تتضح الصورة أكثر فأنا أرحب بكل يعني من رأى أو سمع وأصبح شاهدا أن يدلي بشهادته.
أحمد منصور: الأستاذ هلال كشف سر الآن جديد بالنسبة لبعض الأشياء ويبدو أن هناك أسرار كثيرة لدى الإخوان لم يخرجوها حتى الآن على اعتبار أن التاريخ ليس ملكا للناس حتى يكتموه وإنما يجب أن كل من عنده شهادة عليها أن يخرجها.
فريد عبد الخالق: أنا أعتقد هذا أنا معك في هذا ولذلك إحنا يعني مطالبين بتكميل الحقائق بحيث من حق الأمة أنها تشهدها متكاملة فمن عنده يعني شهادة على حقيقة لم يعني يُسمح بها للآمة أنها تتطلع عليها أن يدلي بها ويعني باعتبر ده يعني إحنا دي شهادة ولا تكتم.
أحمد منصور: الدكتور حسين الحديدي من الإمارات تفضل يا دكتور باختصار لو سمحت.. الحديثي.
حسين الحديثي: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.
حسين الحديثي: حمد لله على السلامة أنتم الاثنين الأستاذ فريد أستاذ أحمد شكر الله سعيك في الفلوجة.
أحمد منصور: الله يسلمك شكرا يا سيدي
أسباب عداء عبد الناصر للإخوان
حسين الحديثي: سؤالي واضح وبسيط ولكنه يتطلب قدر عالي من الدقة أتمنى من الأستاذ فريد أن يستطيع الإجابة عليه الحرب التي أعلنها جمال عبد الناصر على جماعة الإخوان المسلمين والتي يعني الجميع يدركها هل كانت نابعة من داخل جمال عبد الناصر فقط لأنه التيار الإسلامي يصطدم مع التيار القومي الذي كان ينادي به أم أن العداء والحرب التي أعلنها جمال عبد الناصر كان خلفها أحد أو كلا القوى العظمى آنذاك الاتحاد السوفيتي وأميركا ومن ورائها الصهيونية العالمية أنا أتمنى أن أسمع رد الأستاذ فريد على هذا السؤال.
(12/336)
أحمد منصور: دكتور حسين الحديثي من الإمارات أشكرك سؤال هام يا أستاذ فريد تفضل.
فريد عبد الخالق: لو أذنت سمعه لي.
أحمد منصور: سمعته؟
فريد عبد الخالق: لا.
أحمد منصور: هو يقول لك هل كان عداء عبد الناصر أو الحرب التي أعلنها عبد الناصر على الإخوان المسلمين كانت نابعة منه من داخله هو أم كانت نتاجا لضغوط من قوى دولية مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة ومن ورائهم الصهيونية العالمية؟
فريد عبد الخالق: والله لا نستطيع أن ننقد عم في ضميره إنما المسؤولية تقع عم يصدر عنه ويبقى بقه اجتهاد المفسرين إذا وقعت لهم حقيقة تكشف عن مصدر القرار تضاف إنما هو مسؤول عن القرار وهذا يعني القدر الذي لا خلاف عليه أما إنه يكون في عامل آخر ده موجود يعني زي ما تقول عنصر مشترك ليس قاصرا عليه يعني للأسف يعني يمكن الإصبع الأجنبي منذ الاستعمار في صورته القديمة أو الاستعمار في صورته الجديدة لا يعدم ما يجعل القرارات التي تصدر عن مسؤولين أنها يكون لها مع هذا الوجود يعني مع الإصبع الخارجي وجود لأن النهاردة يعني دي ظاهرة تكاد تكون ظاهرة تاريخية يعني فهو ليس وحده وفي ما يثبت أن هو كان في علاقة وكبولنت قال بصراحة وكذا وأن إحنا اتفقنا وأن أنا طيرت لأميركا إن الأمور مستتبة لا للإسلام لا للشيوعية وأن ممكن تحل المشاكل معهم فهذه يعني الأمر مستقر ومعروف وليس غريبا ويمكن ده من أدواء الأمة يعني.
أحمد منصور: الدكتور محمد السيد حبيب نائب المرشد العام للإخوان المسلمين تفضل يا دكتور
فريد عبد الخالق: أهلا.
أحمد منصور: دكتور حبيب معنا؟
محمد السيد حبيب: أيوه.
أحمد منصور: تفضل يا سيدي تفضل نسمعك.
محمد السيد حبيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: عليكم السلام.
فريد عبد الخالق: عليك السلام ورحمة الله.
(12/337)
محمد السيد حبيب: أرحب بالضيف الكريم الأستاذ محمد فريد عبد الخالق وأرجو الله أن يبارك صحته وعمره وأشكر لك يا أخ أحمد تقديمك لهذه الشخصية وأود في مداخلتي هذه التركيز على بعض النقاط أولا الأستاذ المرشد نعم هو يمثل الجماعة لكنه لا يتخذ قرار بمفرده بعيدا عن مكتب الإرشاد وبالتالي فالسياسة التي اتبعها الأستاذ الهضيبي رحمه الله عليه مع عبد الناصر فيما يخص موقف الجماعة إزاء الأحداث التي مرت بمصر وحتى عملية اختفائه ذاتها قررها مكتب الإرشاد، ثانيا الاختلاف بين أعضاء مكتب الإرشاد حول أي مسألة سياسية هو أمر بديهي وطبيعي ودليل على حيوية الجماعة ودليل أيضا على انتفاء أي تحكم أو سيطرة أو استبداد وقد حاول عبد الناصر بعد أن استقر له الأمر استثمار اختلاف أعضاء المكتب حول كيفية التعامل معه لاحتواء البعض منهم واستمالتهم إلى جانبه بهدف شق الصف وبذل في هذا كل الأساليب والحيل لكنه فشل وظل أعضاء المكتب ملتفين حول المرشد وهو ما أثار غضب عبد الناصر عليه وعليهم أيضا، ثالثا الأستاذ الهضيبي رحمة الله عليه شهد القاسي والداني على بعد نظره وعدم التوائه أو احتوائه أو تراجعه عن دعوته وقد تولي مسؤولية المرشد في أصعب مرحلة من تاريخ الجماعة واستطاع مع إخوانه بالصبر والثبات والصلابة والحكمة حمايتها من الذوبان أو التميع أو الاستدراج نحو العنف أو حتى الانحراف بها عن منهج أهل السنة والجماعة رغم شراسة التعذيب وضحى هو وإخوانه بأنفسهم في سبيل حماية الوطن وأبنائه من الوقوع في حمامات الدم، رابعا إجهاض المراجع التي استقيت منها يا أخ أحمد معلوماتك وهي مراجع بعضها حاقد وبعضها مغرض وبعضها الأخر نظر من زاوية واحدة كان من الضروري لك كباحث مدقق أن تقرأ لكُتَّاب آخرين من أمثال الأساتذة محمود عبد الحليم وأحمد أبو الفتح ومصطفي أمين وعباس السيسي وغيرهم، خامسا ما كان الإخوان انتهازيين يوما ما بل هم أصحاب قيم ومبادئ وإلا ما تعرضوا(12/338)
للبطش والتعذيب والتنكيل والمذابح والتعليق على أعواد المشانق وسوف يظلوا على ولائهم لدعوتهم إلى أن يلقوا الله، سادسا موضوع النظام الخاص موضوع كبير وكان له دوره الفذ في فلسطين وعلى ضفاف القناة ضد المحتل الغاصب ومازال بعض رجاله أحياء وأرجو أن تتاح لهم الفرصة ليقولوا ما عندهم وهو كثير، سابعا أما مسألة السمع والطاعة في صفوف الإخوان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لسه في كثير يا دكتور؟
محمد السيد حبيب: فهي طاعة مبصرة وفق مبادئ الإسلام وتعاليمه ويقابلها صورة ملزمة ومنهجية أكثر..
(12/339)
أحمد منصور: دكتور أشكرك شكرا جزيلا حتى أستطيع أن أتيح المجال لآخرين لكن أنا لي تعليق سريع قبل أن أترك المجال للأستاذ فريد أولا يعني أشعر كأنك لم تتابع الحلقات أنا معظم مراجعي ومصادري كانت كتب الإخوان وليس ما ذكرت الكتب الحاقدة وغيرها وتحديدا محمود عبد الحليم وعباس السيسي وكل هؤلاء كانوا مراجع أساسية بالنسبة إليّ، بالنسبة للأستاذ الهضيبي أنا أقدر موقف الإخوان من الأستاذ الهضيبي لكن أنا تحدثت وتناقشت في مواقف محددة وحتى الآن ردود الإخوان فيما يتعلق هي ردود عامة حول صلابة الهضيبي وصفاته الشخصية وأنا قلت حينما نتناول التاريخ لن نتناول مناقب الناس وإنما نتناول أعمالهم وتصرفاتهم وموضوعاتهم وكيف كان دورهم في صناعة الأحداث بشكل محدد إحنا تكلمنا في أحداث محددة من كتب الإخوان ومن غيرها لكن كتب الإخوان أيضا كانت مصدر أساسي أنا لا أريد أن أخوض في كثير من النقاش العقيم خاصة وأني في المقدمة حددت يعني طريقة التداخل حتى لا يضيع منا الوقت وأنا أريد أترك المجال للأستاذ فريد هو تكلم عن آليات العمل داخل الجماعة وقال أن كل القرارات، القرارات كلها كانت بتصدر بناء على ترتيب من مكتب الإرشاد والمرشد، ثم تحدث عن مناقب الهضيبي وبُعد نظره وكذا التي يعني من حق الإخوان أن يتكلموا عنها لكن إحنا لما تناولنا التاريخ تناولنا أحداث محددة تناولنا مواقف محددة من أراد أن يرد فليرد على الموقف وليس الدخول في عموميات ويعني شرح مفصل في أمور سأرى أنها تتكرر من شخص إلى آخر هل لديك تعليق قبل أن..
(12/340)
فريد عبد الخالق: أولا يعني في إيجاز ما يتعلق بالرجل أنا أثبته على ما أعتقد بطريقة واضحة تقطع بمكانة الرجل ودوره في الحفاظ على مسيرة الدعوة بنجاح وصلابة منقطعة النظير وأنا باعتقد أنه لولاه يمكن كان تعرضت الجماعة لمخاطر لأن إحنا المشروع جمال عبد الناصر اللي جاه كان مشروع مبني على فكر ليبرالي علماني ولو ترك للأمة من غير الدور بتاع حسن البنا في توضيح المفاهيم الإسلامية وثبات الهضيبي على هذا الفهم ودفع الإخوان ثمن غالي كان البلد تحولت إلى شيوعية أو إلى شيء بعيد عن الإسلام الحقيقة وده أنا بقولها عشان خاطر نعرف إيه الدور اللي حصل دق حسن البنا الأمة اصحي دينك كافيكي ارجعي إليه في كل أمورك فلا إصلاح بدونه وإن هو شامل لكل مناحي الحياة ده الجديد وحول كل هذا الفكر إلى حركة وأنشأها إلى واقع وجاء بهذا التراث الضخم، نُكبنا بالمحنة فأن لم يكن الثبات الكافي عليها لضاعت لأن أنا شفت من بعض حتى الإخوان اللي هم من الدعوة تأثروا بالفكر اليساري واحد زيّ خالد محمد خالد عالم أزهري جليل إنما الناس كان في تيار نظر للإقطاع والأوضاع السيئة ولدت عند الناس يعني توجه يساري لعلي فيه الإحلال الذي استطاع أن يحمي البلد من الانحراف والوقوع في هذه المذلة بيان أن الإسلام كافي لحل مشاكلنا وإخراج الأوضاع من أوضاع سيئة إلى أوضاع حسنة وإحنا بينا أيام حسن البنا وحصل الثبات على هذه الدعوة ولازال مستمرة في طريقها فالحقيقة أنا الرجل محل تقدير حقيقي وأنا أعربت عنه وأعتقد أن هو إحنا مش في مقام رفع أقدار الناس ولا خفضها إحنا مش بنحاكم حد في.. أنا شخصيا كنت أقول وقائع وليست محاكمات لا رفعا لأحد ولا خفضا لأحد إنما إحنا كنا بنبين حقائق سمعناها وأبصرناها وأصبحت من حق الأمة..
أسباب عدم قبول الإخوان تقييم أنفسهم
(12/341)
أحمد منصور: يعني اسمح لي يا أستاذ فريد لماذا لا يقبل الإخوان أن يقيموا أنفسهم؟ يقيموا رجالهم؟ يقيموا مراحلهم؟ يقيموا مرشديهم؟ لماذا لا يوضع مرحلة كل مرشد في مرحلة تقييم؟ ماذا قدم ومآخذه؟ يعني لماذا الإصرار دائما على إن يعني الكلام عن المحاسن وعدم قبول النقد إذا كان الإخوان ينتقدوا الآخرين على هذا فلمَ الآن يظهرون من خلال هذه الشهادة أيضا أنهم لا يريدون أن يعترفوا بأن هناك أخطاء؟
فريد عبد الخالق: لا شوف لا يمكن أي جماعة مهما أوتيت من يعني مقدرات ومهما تسنى لها من التعاقب يعني رجال ذوي بصيرة ومقدرة ولا تخطئ يعني مش ممكن الإنسان.. يخطئ ويصيب.
أحمد منصور: يعني مفيش حد قال إن حسن الهضيبي أخطأ كلهم بيدافعوا عن حسن الهضيبي وفي إخوان قالوا المرشد أخطأ محمود عبد الحليم وهو أحد قيادات الإخوان يعودوا ليقرؤوا كتابه قراءة صحيحة حسن العشماوي أحد قيادات الإخوان يعودوا ليقرؤوا كتبه قراءة صحيحة يعني لماذا الإصرار الآن على أن المرشد كأنه كان ملاكا؟ لماذا يقولون المرشد أخطأ في كذا وأصاب في كذا؟
فريد عبد الخالق: لا بس هو الواقع إن أنا حق النقد وحق المراجعة وحق التقييم ده وارد وأصل في العمل لأن أنا لا أستطيع أن أحسن نفسي إلا إذا ما أدرك تقصيري فإدراك التقصير للتكميل وليس للهدم وليس لبخس الناس.
أحمد منصور: هذا قلناه في مقدمة البرنامج وهذا منهجيتنا وليس منهجية تجريح الناس أو الانتقاص منها.
فريد عبد الخالق: لا ليس..
أحمد منصور: صح؟
فريد عبد الخالق: لا هو مدح ولا قدح ولا هو تبرير ولا هو محاباة ولا هو يعني الحقيقة أنا تحريت يشهد الله إن أنا أقف عند حق حتى لما يكون رأي بقول ده رأي..
أحمد منصور: نعم.
(12/342)
فريد عبد الخالق: مخلطتش بين الرأي والرأي مفتوح للجميع ولا يتناكر أصحاب الآراء إذا اختلفوا لأن ده باب مفتوح للاجتهاد أما فيما يتعلق بوقائع بعينها أنا رأيتها ده أنا أثبتها والمسؤول عنها أنا بين يدي الله وأساله حسن الخاتمة لأنه هيسألني فيها فليطمئن الإخوان وأما ما يتعلق بأقدار الرجال فأنا احتكيت به يعني أكثر من يعني اسمحوا لي عشت معه جوه السجن حضرت معه في المواقع المختلفة كنت جانبه كثير قريب جدا فأنا يعني احتككت به احتكاكا كاملا في مواقع صعبة وقرارات يعني وتحولات في جماعة تتعلق بالمسيرة والصدام مع السلطة حساسة ولها ما بعدها كنت جنبه وقريب منه فأنا آنست منه كما قلت وأنا مش عايز أقول لأن هو رجل في غنى عني ومش ده المكان كيل المديح مقامه عند الله وفي التاريخ ده أنا مطمئن إليه بس أنا باطمئن الإخوان إن إحنا المبدأ إن إحنا لابد أن يكون عندنا استعداد للمراجعة وهذه المراجعة يعني أصل من أصول الإسلام لإن مكنش أنا أراجع نفسي وأصحح خطئي ماقدرش أتقدم وإلا هاكرر نفسي ومش هاعرف أمشي فأنا لا يضير الرجل مهما بلغ قدره واعترفنا له بفضل إن يكون مصدر الموقف ده لم يكن هو الأفضل وهو لو كان راجع على وكذا، ده يعني إذا عارض شيء من هذا مثلا القاعدة دي تكون مكررة لأن ليس بخسا لا للجماعة ولا للرجل أن تجري مراجعات ويتبين فيها أخطاء والتصحيح يكون كده.
أحمد منصور: نكمل بعد فاصل قصير مشاهدينا الكرام نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود من القاهرة في هذه الحلقة التي نتابع فيها ردود الأفعال حول شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسسة جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، معي الأستاذ جميل حفظ الله من اليمن أستاذ جميل معنا.
جميل حفظ الله: نعم ألو.
أحمد منصور: تفضل يا سيدي.
(12/343)
جميل حفظ الله: سلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام.
جميل حفظ الله: أولا تحية إجلال وإكبار للذكرى الطيبة ودعوة بالرحمة للشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وكل رفاقه وأمنية أن يغفر الله لنا التقاعس عن الواجب الذي سنُسئل عنه أمام الله سبحانه وتعالى هذا أكيد وفي البداية أنا أفرق بين الإسلام الرسمي المزيف والإسلام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أستاذ جميل.. أستاذ جميل
جميل حفظ الله: نعم.
أحمد منصور: موضوعنا موضوع الإخوان المسلمين وشهادة الأستاذ فريد.
جميل حفظ الله: أدري نعم.
أحمد منصور: أرجو أن تتحدث بشكل مباشر.
جميل حفظ الله: طيب سأختصر وأسأل مباشر.
أحمد منصور: تفضل.
جميل حفظ الله: السؤال الأول هل لعب الإسلام السياسي دور في شكل.. صدف هذه الأمة من حيث لا يدري فكرة الأمة العربية مقابل الأمة الإسلامية؟ ومَن المسؤول عن هذا الشكل؟ هذا أولا، الشيء الثاني قال أنه لعبد الناصر إيجابيات أهمها أنه خرج نظيف اليد من المال العام أي إنه ما كان له إطماع عبثية أو سلطة هل كان صراعهم مع عبد الناصر على السلطة أم على أسلوب الإدارة أم على مضمون الحكم وتوجهاته الأيديولوجية؟ هذا ما أردت أن أقوله.
نوع الصراع بين عبد الناصر والإخوان
أحمد منصور: شكرا لك، ممكن تجيب على السؤال الثاني لأن الأول ليس له علاقة بموضوعنا أنت قلت أن عبد الناصر كان له إيجابيات كان من أهمها أنه خرج نظيف اليد هل كان صراعكم مع عبد الناصر هو صراع على السلطة أم صراع على أسلوب إدارة الدولة؟
(12/344)
فريد عبد الخالق: ليس صراعا على السلطة لأن إحنا قررنا ولا زلنا نقرر أن إحنا لسنا طلاب سلطة إحنا طلاب الشريعة تطبق وليس أن يطبقها نحن بالذات فنحن مش طلاب سلطة إحنا طلاب فكر يتحقق ومصلحة توجد وإسلام يجد مجاله الذي يعني الأمة في حاجة إليه عشان تصلح ما فسد فإحنا طلاب هذا، الحاجة الثانية إنه إحنا لم نكن بيننا وبينه خلاف شخصي إطلاقا حتى أنا من الناحية الشخصية أنا اعترفت له بها لأنه مكنش صراع شخصي هو كان صراع أكثر من كده كان صراع مبدئي لأنه كما قلت في الكلمة اللي فاتت هو كان صاحب مشروع سياسي ومعين وله مبرراته وكان في مشروع عند الإخوان قائم على إن الإسلام والشريعة هي أساس الإصلاح والاثنين في توجهاتهم مختلفين عز التفاهم أو عز أن إحنا يحصل تجاوز للخلافات وتأمين البلد من الصدمات ما حصلش يمكن إحنا قمنا بدور حقيقة من غير تزكية واللي قاموا فيها وطلبت منه بصراحة إن ممكن تفادي الخلاف ده مش لمصلحة أحد وممكن تجاوزه إنما هو كان له وجهة نظر الله أعلم يعني إزاي نقدر نقول تمسك بنظام الحكم إنه حكم فرد فلما كان حكم الفرد وإحنا طالبين الحكم النيابي كشرط من الأول ومعنا محمد نجيب وكل التيار الشعبي على هذا الأساس فحصل خلاف مبدئي خلاف موضوعي مش خلاف شخصي.
أحمد منصور: الأستاذ يوسف ندا مسؤول العلاقات الدولية السابق في جماعة الإخوان المسلمين من سويسرا أستاذ يوسف، أستاذ يوسف معنا؟
يوسف ندا: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله.
فريد عبد الخالق: سلام ورحمة الله.
يوسف ندا: حمد الله على السلامة أخ أحمد وتحياتي لأخونا الكبير ربنا يديله الصحة الأستاذ فريد.
أحمد منصور: الله يسلمك شكرا.
فريد عبد الخالق: شكرا.
(12/345)
يوسف ندا: أما الصفة اللي قلتها الآن يعني هذه صفة انتهت إحنا الآن محاصرين هنا أنا عندي كيلو متر مربع لا أستطيع أن أتحرك بعيد عنه وطبيعي إن الإخوان عيّنوا من يخلف هذا ومن يقوم بهذا سامحني يمكن يكون صوتي ضعيف شوية لأن أنا خرجت اليوم من المستشفى، أنا عندي ثلاث نقط أحب أتكلم فيهم لو تسمح لي النقطة الأولى هي حادث يعني عاصرته لما كنت في السجن الحربي وكان أخونا الله يرحمه هنداوي دوير كان في الزنزانة بجنبي والزنزانة الأخرى كان فيها محامي اسمه سعد زغلول وسعد زغلول كان يخرج وتقرر خروجه لأنه لم يكن له صلة بالإخوان فقال إن كان عندكم أي رسالة للعائلات ممكن أني أنا آخذها بس تكون مفتوحة تُقرأ فقلت هذا الموضوع لأخونا هنداوي دوير الله يرحمه فكتب رسالة وقرأناها قبل أن يأخذها سعد زغلول الرسالة كان فيها موضوعين الموضوع الأول هو تسمية بنته التي ولدت في هذا الوقت والموضوع الثاني كان آماله في إن هو موعود إن هو يخرج وده تأكيد لكلام الأستاذ الله يكرمه ويديله الصحة أما الموضوع الثاني فهو ما نسب للأستاذ الهضيبي الله يرحمه إنه هو كان موافق على موضوع سنة 1995..
أحمد منصور: 1965 تقصد؟
(12/346)
يوسف ندا: سنة 1995 كان اتصل بي المجموعة اللي كانت بتتحرك في هذا الوقت وأنا كنت مسافر إلى الخارج فطلبوا مني أن أنا أطلب من الإخوان في الخارج تدعيمهم وعندما تحدثت مع الإخوان في الخارج في هذا فسئلت سؤال مباشر هل فضيلة المرشد يوافق على ذلك؟ فقلت أن ما قالوه هو هذا ولكني لا أستطيع أن أؤكده فطلبوا مني أن أؤكده فسافرت إلى القاهرة وحاولت الاتصال بالأستاذ المرشد فكان الخط الأول اللي حاولت الاتصال به فوجدت أنه هو يعني متحامل إلى شيء ما عن المجموعة هذه فاضطريت آخذ خط ثاني الخط الثاني كان عن طريق الله يرحمه ويحسن إليه الأستاذ هارون المجددي وكان يستطيع الاتصال بفضيلة المرشد فاتصل به وجاء الرد أنه لم يوافق على هذه الأشياء ولا يوافق عليها وأن ما يستطيع وما يجب على الإخوان أن يعملوه في هذه المرحلة هو فقط مساندة العائلات هذا الموضوعين يعني لأنه كان يعني عاصرتهم أنا كان لابد من تكملة ما قاله الأستاذ فريد في هذا الموضوع وتأييد لما قاله أما الموضوع الثالث فهو موضوع إن الكلام الحلقة ومحاولة محاكمة فضيلة المرشد الأستاذ الهضيبي إحنا نستطيع إن إحنا نذكر أحداث نستطيع نقيّم الأحداث لكن منستطعيش نحكم على واحد وهو عاش كل المرحلة اللي عاشها مكمم فمه ولا يستطيع أن يرد على ما يقال عنه وما زال هو الحاضر الغائب ولا تستطيع أن تحكم على واحد إلا إذ سمعت منه أنت تسمع من غيره وتحكم على الأحداث من غيره ولكننا لم نسمع منه وشكرا يا أخي وتحياتنا لك وللأستاذ فريد ربنا يكرمه ويطول في عمره وله مكانة خاصة عندي وحمد الله بسلامتك والسلام عليكم ورحمة الله.
(12/347)
أحمد منصور: شكرا لك وأيضا نقل لك حمد الله على السلامة ونسأل الله لك تمام الشفاء والعافية، الحقيقة أنا كنت أتمنى إن كل واحد من الإخوان تدخل أن تكون مداخلته بهذا المستوى أن يتحدث عن أحداث محددة أن يضيف أشياء محددة لا أن يلقي خطبة عصماء بها عموميات ويذهب وقت البرنامج في عموميات هذه هي صورة الإخوان إنسان عنده معلومة عنده إضافة عنده شئ أضافه بعيدا عن الدخول في مهاترات والدخول في أشياء.. متفق معي يا أستاذ فريد؟ سمعت الأستاذ..
فريد عبد الخالق: نعم هي مش مهاترات هي تفصيلات يمكن.
أحمد منصور: يعني لا أقول يعني الحقيقة يعني لابد الناس الآن تتجاوز العواطف إلى أنها تتحدث عن أشياء محددة إحنا تناولنا التاريخ..
فريد عبد الخالق: الموضوع يتعلق بالوقائع.
أحمد منصور: بالضبط طب الآن الأستاذ فريد الأستاذ يوسف ندا الحقيقة تكلم عن ثلاثة أشياء هامة للغاية..
فريد عبد الخالق: تفضل عيدها.
أحمد منصور: الشيء الأول قال أكد على موضوع هنداوي دوير في 1954 وقال إن هنداوي دوير أرسل رسالة اطلع عليها يوسف ندا سنة 1954 في السجن وأُرسلت بواسطة محامي اسمه سعد زغلول كان يعد يقول لأهله فيها أنه موعود بالإفراج عنه هذه النقطة، النقطة الثانية أنه أكد على ما ذكرته بخصوص تنظيم 1965 وقال أنه جاء بنفسه للاستفسار من المرشد العام حسن الهضيبي واتصل به عن طريقين وفي الطريق الأساسي عن طريق هارون المجددي أكد له أن المرشد غير موافق على تنظيم 1965..
فريد عبد الخالق: وهذا ما قلته.
أحمد منصور: ودي أيضا موضوع خطير جدا وموضوع مهم.
فريد عبد الخالق: تعزيز لما قلته.
أحمد منصور: وتعزيز لما ذكرته أنت والذي اتُهمت أنك متحامل فيه على تنظيم 1965 هذه معلومة أخرى من شخص آخر أيضا يتحدث بعدالة، النقطة الثالثة إننا لم نكن بصدد محاكمة حسن الهضيبي ونحن لا نحاكم الناس في التاريخ وإنما نقيم الأحداث..
فريد عبد الخالق: وهذا ما قلته.
(12/348)
أحمد منصور: وهذا إحنا متفقين فيه مع الأستاذ يوسف.
فريد عبد الخالق: متفقين تماما.
أحمد منصور: وأعتقد حضرتك متفق وإذا أحببت أن تضيف شيء.
فريد عبد الخالق: وأنا قلت إحنا لسنا بنحاكم أحد والتي هم الجميع في ذمة الله وربنا سبحانه وتعالى يعني يتقبلهم قبول حسن ورحمته تسع الجميع.
ابنة العشماوي وذكريات قصة الأسلحة واختفاء المرشد
أحمد منصور: أنا عندي السيدة أماني حسن العشماوي ابنة الأستاذ حسن العشماوي أنا اتصلت عليها لأن اسمها ورد في كتاب أبيها أكثر من مرة.
فريد عبد الخالق: أي نعم.
أحمد منصور: سيدة أماني معنا؟
أماني حسن العشماوي: أيوه..
فريد عبد الخالق: أهلا بها.
أحمد منصور: أريد أسألك في شيء محدد بشكل وأتمنى أن ذاكرتك تسعفك في إضافة بعض الأشياء نحن نأمل في هذا الأمر أن نضيف بعض المعلومات إلى ما جاء في الشهادة والدك ذكر أنه في يناير 1952 حينما ذهب عبد الناصر إلى بيتكم ووضع كمية كبيرة من المتفجرات (TNT) وغيرها في جراج البيت حملها والدك في سيارة (Pickup) ونقلها إلى عزبة جدك محمد باشا العشماوي وقال أنه حملكم أنتم أطفاله الصغار ووضعكم على السيارة هذه الحادثة الأولى أتمنى إن ذاكرتك تسعفك وتؤكدي على هذا الأمر باعتبارك شاهدة على هذه النقطة الحساسة النقطة الثانية حينما اختفى المرشد حسن الهضيبي في الإسكندرية كنت أنتِ وأخوتك في نفس البيت الذي اختفى فيه هل تسعفك ذاكرتك في إضافة بشكل سريع معلومات حول هاتين الحادثتين.
(12/349)
أماني حسن العشماوي: أيوه، الحادثة الأولى الواقعة الأولى بتاعة الأسلحة إحنا بعد ما غادرنا مصر سنة 1958 والتحقنا بوالدي بره فمرة كنا بنسترجع ذكرياته وقلت له إحنا مرة واحدة بس اللي سافرنا البلد في الشرقية بالليل إحنا عادة كنا بنروح بالنهار وطول الطريق يغني معنا مواويل ويحكي لنا وكده فقالي أيوه قلت له مرة واحدة بس اللي سافرنا بالليل وكنا قاعدين متربعين أنا وأختي اللي فكراها أختي على حاجة مرتفعة في المقعد الخلفي للعربية وكنا بنغني وهو بيغني معنا بس أمي كانت صامتة وكانت عصبية لا تشارك فقال أن هذه هي الليلة التي نقل فيها الأسلحة لإخفائها في المخزن في أرض الجراج وأمي كانت حامل في أخويا الصغير وكانت متعبة وكانت منزعجة من جلوسنا إحنا الأولاد فوق الأسلحة والذخيرة فدي الجزء الأولاني الجزء الثاني من القصة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعا بس إضافة لهذا الجزء.
أماني حسن العشماوي : أنه أول مرة نروح الشرقية بعد كده.. نعم؟
أحمد منصور: إضافة إلى الجزء أن هذه..
أماني حسن العشماوي: أول مرة نروح الشرقية بعد كده..
أحمد منصور: آه تفضلي.
أماني حسن العشماوي: أيوه.
أحمد منصور: تفضلي نسمعك.
(12/350)
أماني حسن العشماوي: روحنا الشرقية بعد كده مع جدي وجدتي بعد ما والدي هرب في الصعيد بسنة تقريبا فهناك اتجمع حوالينا البستاني بتاع البيت بتاع الحديقة وواحد شاب ثاني معرفوش أول مرة أشوفه وحكوا لأمي إن بعد ما والدي اُعْتُقل في أوائل 1954 جاءت عربية سيارة البلد وعليها صناديق ودخلوا واقتحموا الرجالة اقتحموا الجنينة ودخلوا على الجراج وواحد منهم لابس لبس عسكري دخل مباشرة على الجراج ووقف على طرفه وعد كم خطوة وقال احفروا هنا فرجالته حفروا وفتحوا المخزن وكان مليان صناديق وبيقول إنه هو التعليق الجنايني اللي بيقول الظاهر كانوا فاكرين الصناديق مش موجودة فكانوا جايبين صناديق احتياطي معهم في العربية فلما لاقوا المخزن فيه صناديق بعثوا واحد جاب عربية ثانية فاضية حمِّلوا عليها الصناديق الثانية وأخذوها معهم ومشيوا كلهم فدي القصة دي أنا سمعتها وهم أهل البلد مكنوش يعرفوا إن البيت فيه.. إن هنا فيه مخزن والدي بس اللي كان يعرف مع خالي وصلاح شادي الله يرحمه وجمال عبد الناصر لأنه هو اللي كان مديهم الرسمة اللي فيها تصميم المخزن إنما أهل البلد مكنوش يعرفوا كانوا قافلين باب الحديقة وكانوا بيحفروا هم جوه لوحدهم فدي القصة الثانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعا دي قصة الأسلحة التي اتهم فيها الإخوان في سنة 1954 واتُهم والدك بأنه..
أماني حسن العشماوي [متابعةً]: اللي اتُهم فيها وهو نفسه سأل وكيل النيابة سأله عنها في الـ.. أيوه.
أحمد منصور: نعم.. طيب حادثة المرشد اختفاء المرشد.
(12/351)
أماني حسن العشماوي: القصة الثانية بتاعة المرشد.. كنا في إسكندرية هم.. إحنا لما رجعنا من لبنان فأنا وأختي قعدنا عن عمتي ووالدي ووالدتي مكنوش معانا معرفش كانوا فين يعني دي ذكرياتي وبعدين جه ابن خالة أمي أخذنا ودانا إسكندرية المندرة في بيت كان عم صلاح شادي هو اللي مؤجرة وكانت ماما سعادة زوجته وولاده موجودين هناك وأنا وأختي أقمنا معهم وكان عمو صلاح بيجي لزيارتنا أحيانا ووالدي كان بيجي أحيانا..
أحمد منصور: صلاح شادي.
(12/352)
أماني حسن العشماوي: وكنا إحنا وأولاده عارفين إن إحنا مستخبيين من جمال عبد الناصر وبعدين في يوم جه والدي وأخذنا أنا وأختي ودانا فيلا ثانية عرفت بعد كده إنها في سموحة وكان فيها المرشد وزوجته وابنه وبنته، ابنه المحامي الأستاذ إسماعيل وبنته عليّة وكنا بنقول لها عمتي من أيامها وهم كنا بناديهم.. جدي يعني وأمي وأخويا وأختي كانوا موجودين هناك وقعدنا معهم فترة وكان معنا بواب كنا بنقول له عم عبد الفتاح كان بواب مثقف جدا كان بيعلمنا القراءة والكتابة وكان بيلاعبنا وكان بيشتري الطلبات من السوق وهو شايل أخويا الصغير على كتفه بعد كده عرفت إن هو الأستاذ عبد الفتاح المحروقي وكان الأستاذ كمال عبد الرازق كمان بيجي أحيانا للزيارة وأحيانا يقيم أيام ووالدي أقام معنا مدة وبعدين بعد كده بقى يترك البيت أيام ويرجع ثاني وفي يوم من الأيام لقينا كده في صمت مريب في البيت وهمس بين أمي والمرشد وعم عبد الفتاح، أنا أيامها مكنتش فاهمة أية اللي حصل بعديها أخذتنا أمي أنا وأخواتي وسافرت بنا بالقطار إلى القاهرة وبرضه ودتني أنا عند عمتي ووزعت يعني أختي الثانية عند جدتي وسافرت هي وأخواتي الصغيرين المنصورة وبعديها لما رجعنا واجتمعنا بعد فترة وسألتها عن الحكاية دي فقالت إنه يومها عرفوا إن بيت عمو صلاح اتمسك وإن عمو صلاح شادي اعتقل واللي في البيت اعتقلوا فكانوا بيبحثوا مع المرشد إن هو ينتقل لبيت ثاني عشان يكون آمن فهو رفض وقال أن هو أصلا مكنش عايز يختفي وأن هو مكنش ناوي يهرب أصلا وأن هو مش ممكن يظل مختفي بينما الإخوان بيعتقلوا ورفض إنه يتحرك خالص فأمي أخذتنا وسافرت وهو اعتقل في البيت نفسه ثاني يوم أو ثالث يوم مش متأكدة بالضبط دي ذكرياتي عن الحرب.
(12/353)
أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا على هذه الإضافات يعني المتميزة أيضا إلى الشهادات منها أستاذ فريد تكون سمعت يعني أنا بعلي صوتي طبعا المشاهدين طبعا لازم يفهموا أنا بعلي صوتي عشان أساعد حضرتك في السمع ليس في شيء آخر هذه السيد أماني حسن العشماوي ابنة الأستاذ حسن العشماوي.
فريد عبد الخالق: أهلا بها.
أحمد منصور: تحدثت عن موقفين موقف يناير 1952 حينما ركبت مع أخواتها على الأسلحة والموقف الثاني حينما كانوا مختفين مع المرشد الهضيبي في الإسكندرية الآن باقي أربع دقائق وأنت تريد أن تضيف شيء في النهاية وأنا باقي عندي أكثر من ألف رسالة لم أستعرضها وكثير من الذين طلبوا مداخلات قلت أكثر من مائة والوقت لم يسعفنا لكن سأحاول إن استطعنا أن نعمل حلقة أخرى إن وافقت الإدارة لأن ده شيء استثنائي دائما بنعمل حلقة واحدة للشاهد ولكن تفضل بما عندك في ثلاث دقائق.
فريد عبد الخالق: في ثلاث دقائق دي يعني عملية ليست سهلة لأن تجربة يعني طويلة وأنا قلت إن الشهادات دي كلها بتاعة العصر دي كلها الحقيقة عندي للتبيين وللانتفاع بالدروس وفعلا حصل فيه انتفاع بالدروس أنا أقول لك عليه عمليا.
أحمد منصور: تفضل.. نعم.
ضرورة إزالة الفجوة بين التيار الإسلامي والسلطة
(12/354)
فريد عبد الخالق: يعني مثلا دلوقتي إحنا بنسمع دلوقتي إن كان التيار الإسلامي دائما في أزمة مع السلطة ودي حاجة موجودة في المنطقة ومكنش لها حل لأن التيار الإسلامي ما يقدرش يتخلى عن دعوته والسلطة مش هتقدر تسع التيار الآخر وبالتالي متأثرة بالدرجة الأولى بالتيار السائد اللي هو التيار الليبرالي والعلماني إلى آخره فكان صدام مستحكم وسبب للأمة إزعاجات كثيرة كما في الجزائر مثلا النهاردة في تغيير استفاد بالدرس اللي قلنا عليه ده النهاردة بوتفليقة النهاردة كرئيس بدأ يعني يراجع نفسه مع التيار الإسلامي والتيار الإسلامي برضه بيراجع نفسه وحاولوا يعملوا جسور مكنتش موجودة فلعل دي أنا بعتبرها درس إحنا في حاجة إليه حتى الفجوة والجفوة اللي بين السلطة والتيار الإسلامي دي تنتهي لأن النهاردة متطلبات العصر والتحديات الموجودة والأخطار المحدقة تقتضي إن جميع القوى السياسية بصرف النظر عن انتماءاتها واتجاهاتها والبلد كلها بكل مهنها وكل حتى يعني عقائدها أنها تتوحد تماما وتعرف إن قضية توحدنا وإيجاد جسور بنا مسألة نوجَد أو لا نوجَد فأنا بشوف إن إحنا محتاجين لأشياء كثيرة والدروس دلت يعني لو تصورنا مثلا إن الصدام اللي حصل بين جمال عبد الناصر وبين الإخوان ده أمكن حله وتم التعاون كما كان في الأول واستطاعت الأمة أن تستفيد من القوة المجتمع دية.
أحمد منصور: كنا وفرنا خمسين سنة صراع.
فريد عبد الخالق: كان التاريخ تغير.
أحمد منصور: كانوا خمسين سنة بناء.
(12/355)
فريد عبد الخالق: آه كان التاريخ تغير ولذلك أنا بقول إن إحنا فعلا في حاجة بالنسبة لجميع القوى السياسية بلا استثناء ومنها السلطة إنها تقف أمام التحديات اللي إحنا بنشوفها النهاردة خطيرة قدام مشروع إمبراطوري استعماري بيتزعمه أميركا وله أساس ديني بروتستانتي والمشروع الثاني الخطير اللي بيهددنا به شارون هو مشروع استيطاني توسعي أساسه ديني فلما نحارب إحنا الإسلام يبقى حرام لأن دي عقيدة بتهاجمنا وأصحاب عقيدة بيهاجمنا بظلم يعني ليس يتصور إن في عقيدة تستبيح جرائم حرب لا يمكن إذا إحنا متحاجين إن يوجد مع الإسلام والسلطة صلح حقيقي بل مع جميع القوى السياسية الموجودة صلح جديد عشان الأمة تقدر تحقق رسالتها.
أحمد منصور: أشكرك شكرا جزيلا يا أستاذ فريد وأعتذر للمئات الذين لم أتمكن من أخذ مداخلاتهم آملاً إن أتيحت الفرصة لفتح الموضوع مرة أخرى في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من القاهرة والدوحة مخرجنا في القاهرة ومخرجنا في الدوحة وجميع فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم بلا حدود من القاهرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/356)
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح(12/357)
الأحد 12/9/1423هـ الموافق 17/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:28(مكة المكرمة)،11:28(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
24/07/1999
- البيئة التي نشأ فيها أبو داود.
- اندلاع حرب 48 وتشكيل فكرة المقاومة لدى أبو داود.
- تأثير هزيمة 48 على أبو داود.
- طبيعة الحركات الأيدولوجية الموجودة على الساحة الفلسطينية في الخمسينيات.
- انجذاب أبو داود لفكر حركة فتح في الستينيات.
- رؤية أبو داود لما حدث في نكبة 67.
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة مع ضيف جديد في برنامج (شاهد على العصر).
في الوقت الذي يتوارى فيه كل من كان له تاريخ نضالي على اعتبار أن النضال والجهاد والكفاح أصبح في أيامنا هذه مرابطاً للإرهاب، في هذا الوقت يخرج شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة السيد محمد داود عودة الشهير بأبو داود ليروي لمشاهدي (الجزيرة) في شهادته على العصر جانباً من تاريخ النضال الفلسطيني الذي صنعه هذا الرجل أو شارك في صناعته مع آخرين.
ولد السيد محمد داود عودة (أبو دواد) في القدس في التاسع عشر من مايو عام 1937.
تولى أبو داود قيادة المليشيات الفلسطينية في الأردن التي كانت تضم أربعة عشر ألف مسلح، وشارك في أحداث أيلول التي عُرفت بإسم أحداث أيلول الأسود عام 1970، والتي وقعت في الأردن بين الأردنيين والفلسطينيين.
شارك في التخطيط وأشرف على التنفيذ في الهجوم الذي استهدف الفريق الإسرائيلي في دورة ميونيخ الأوليمبية عام 1972.(12/358)
قاد في عام 1973 فريقاً من الفدائيين الفلسطينيين للقيام بعمليات في عمان تهدف إلى السيطرة على مجلس الوزراء الأردني والسفارة الأميركية في عمان بهدف الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون الأردن، إلا أن العملية كُشفت، وحُكم على أبو داود ومرافقيه بالإعدام إلا أن الحكم خُفِّف بعد ذلك وأُفرج عن أبو داود بعد عدة أشهر بعد زيارة قام بها الملك حسين إليه في سجنه.
انتقل أبو داود بعد ذلك إلى بيروت، وعُيِّن قائداً عسكرياً لمنطقة بيروت الغربية وخاض حرب العامين 1975 و 76 التي وقعت في لبنان.
اختلف أبو داود مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السيد ياسر عرفات عام 78، وذلك بسبب قبول السيد عرفات وقف إطلاق النار أو باتفاق وقف إطلاق النار مع الإسرائيليين آنذاك.
تعرض أبو داود لمحاولة اغتيال في وارسو عام 1981، وأُصيب بسبع رصاصات في أماكن مختلفة من جسده، إلا أن هذه الرصاصات لم تمنعه من الركض وراء الشخص الذي حاول اغتياله في ردهات الفندق. حتى إن كثيراً من الحضور كانوا ينظرون إلى المشهد وكأنه فيلم سينمائي، وظل أبو داود ينزف طيلة ساعتين حتى وصلته سيارة الإسعاف.
عايش أبو داود الخروج الفلسطيني من بيروت عام 82، كما كان وسيطاً رئيسياً في الخلاف الذي دب داخل حركة فتح عام 83 بين أبو موسى والسيد ياسر عرفات، وانتهى بخروج عرفات من طرابلس عام 84.
صديق للإرهابي العالمي كارلوس، وقد راسله كارلوس من سجنه في باريس برسالة مؤخراً يطلب منه فيها البحث عن زوجته.
كان صديقاً لأبو نضال ثم خصماً له، حتى أن محاولة الاغتيال التي وقعت لأبو داود في وارسو كان وراءها أبو نضال.
صديق حميم لأبو إياد منذ بداية انتمائه لحركة فتح وحتى استشهاد أبو إياد بعد ذلك في تونس.
(12/359)
تفاصيل مثيرة نتناولها مع رجل يعتبره الغرب وإسرائيل إرهابياً، لكنه لا يخجل من تاريخه النضالي الطويل، بل يفخر به، محمد داود عودة (عضو المجلس الوطني الفلسطيني، عضو المجلس الثوري لحركة فتح ورئيس هيئة الرقابة الحركية في حركة فتح). سيد محمد داود، مرحباً بك.
محمد داود عودة: أهلاً وسهلاً بك.
البيئة التي نشأ فيها أبو داود
أحمد منصور: تاريخ طويل النضال والكفاح ومعايشة لأحداث هامة وصناعة أيضاً لكثير من الأحداث التي دخلت التاريخ، أشهر العمليات التي لصقت بك وهي عملية ميونيخ، لا ينساها الناس الآن في جميع أنحاء العالم وفي كل دورة أوليمبية يتم عرض ما حدث في ميونيخ عام 72.
أريد أن أبدأ معك من القدس عام.. عام 37 حيث وُلدت ونشأت وترعرعت، ما هي البيئة التي نشأت فيها؟
محمد داود عودة: الحقيقة أنا وُلدت بحي هام من أحياء القدس ،كان في ذلك الوقت يعتبر قرية، اسمها سلوان، ووُلدت في حي كان يُسمى حي اليمن نسبة لأن سكانه كانوا من اليهود اليمنيين الذين جاءوا إلى فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر، وأذكر أنني في طفولتي التي جاءت بعد إضراب فلسطيني دام ستة أشهر وهو أطول إضراب بالعالم، كان الوضع يعني بيننا وبين اليهود عادي، يعني كنا متعايشين مع بعض، وأنا كنت اترك مرات.. تتركني والدتي بسبب انشغالها بقضايا أخرى تتركني عند الجارة اليهودية، وكانت ترضعني وكان الأمر عادي جداً، وهؤلاء اليهود كانوا يتكلمون اللغة العربية طبعاً، وكانوا لهم العادات والطباع التي لكل عربي في كامل الوطن العربي، فلم نكن نشعر أننا غرباء عنهم أو هم يشعرون أننا.. أن هم غرباء عنا، حتى بدأت الصهيونية تخطط لترحيلهم من سلوان ونقلهم إلى المناطق اليهودية على الشاطيء ، فبدءوا يستأجرون مسلحين بالأجرة ليطلقوا النار عليهم بالليل ليشعلوا الرعب في أوساط اليهود اليمنيين مما اضطرهم بالنهاية إلى الرحيل.
(12/360)
أحمد منصور: يعني كان الحركة الصهيونية بتسعى لكي تجمع اليهود في مناطق.
محمد داود عودة: في مناطق
أحمد منصور: يعني ترعب هؤلاء الذي يرفضون الانتقال إلى مناطق اليهود.
محمد داود عودة: نعم، كانت لا تسمح لهم أن يبقوا متعايشين مع جيرانهم العرب، كانت تريد أن تضعهم في جيتوس يهودية صرفة، فكان لابد من ترحيلهم، فرحل اليهود اليمنيين، وأذكر أنني زرتهم مرة واحدة بعد ذلك، ذهبت أنا ووالدي، لأن والدي أراد أن يشتري بيت بجانب البيت الذي نسكنه من أحد اليهود المالكين له من جيراننا.
أحمد منصور: سنة كام؟ كان عمرها كم سنة؟
محمد داود عودة: بالـ 44 كان، عمري 7 سنوات تقريباً، وذهبنا لضاحية من ضواحي تل أبيب وقبضهم والدي الثمن ووقعوا له على الوكالة التي تؤهله أن يمتلك البيت، ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخبار هؤلاء الجيران الطيبين عنا، وأقول الطيبين، لأنهم لو بقوا على طبيعتهم اليمنية البسيطة لكنا بقينا نعيش معاً في فلسطين بدون كوارث، ولكن الصهيونية هي السبب.
اندلاع حرب 48 وتشكيل فكرة المقاومة لدى أبو داود
أحمد منصور: هل عايشت، كنت في وعي حينما وقعت أحداث العام 48 يعني عمرك ربما كان اثنى عشر عاماً.
(12/361)
محمد داود عودة: الحقيقة في الـ 48 أنا كان عمري تقريباً 11 سنة، وأذكر إن والدي كان الشهوة لامتلاك السلاح، لأنه في العهد البريطاني لم يكن مسموحاً للفلسطينيين أن يمتلكوا السلاح مع أنه اليهود كانوا يستطيعون أن يمتلكوا السلاح وشُكِّل منه فيلق أيضاً حارب في داخل الجيش البريطاني واكتسب خبرات، على العرب كان هذا ممنوع، وكان يحكم العربي على رصاصة فارغة إعدام، فعندما صار الـ 48 صارت الشهوة لامتلاك السلاح والدفاع عن الأرض شهوة عارمة، فلذلك ارتفعت أسعار السلاح، فإضطر والدي أن يبيع بقرة .. آخر بقرة عندنا يبيعها ليشتري بثمنها بندقية، وهذه البندقية كانت بندقية عثمانية قديمة فاضطر أنك لذخيرتها حتى تكون متوفرة يجيب لها ذحيرة بلجيكية.. وتخرطها عند الخراط، فكنت أنا يعني بالنهار كنا أنا وولاد عمي نحمل هذه البنادق لآبائنا، ونقف نواطير يعني مش مقاتلين ، لأعدائنا كنا مقاتلين نواطير لندافع عن أو نؤشر إن هناك تقدم على المنطقة أو على التقدم، بالليل طبعاً كان والدي وأهل بلدي وأبناء عمي يتولون الدفاع عن منطقة صاري النبي داود و جبل المكبر.
أحمد منصور: يعني كيف كان استيعابك للأحداث في ذلك الوقت، وأنت ترى أن والدك اضطر إلى أن يبيع بقرته من أجل يعني أن يشتري بندقية حتى بندقية قديمة للدفاع عن..
محمد داود عودة: كنت شاعر يعني أنا، يعني أنا كنت في ذلك الوقت أستطيع أقرأ الجريدة، وكنت شاعر إنه هناك حدث كبير جداً قادم على فلسطين، وإنه هناك غزوة إمبريالية استعمارية صهيونية قادمة للاستيلاء على الأرض.
أحمد منصور: كنت تعرف مفهوم الإمبريالية والصهيونية في ذلك الوقت؟
(12/362)
محمد داود عودة: لأ.. لأ، بس عندي شعور أن غريباً قادم ليأخذ بيتي، هذا الشعور كان واضح وزاد من هذا الشعور تأكيداً عندما حدثت حادثة دير ياسين، فأهل دير ياسين هاجروا إلى سلوان وأسكنوا في المبركة، فركبنا نحن الأطفال لنحمل لهم الأكل والشراب والملابس حتى القديمة والأغطية ورووا لنا ماذا حدث في دير ياسين، تعمق هذا في وجداني أن الخطر داهم ولابد من مواجهة الخطر بالسلاح والسلاح فقط، وبعد حادثة دير ياسين –الحقيقة- شعرت أن هذا العدو يعني ليس عدواً عادياً، وإنما هو عدو لا يرحم، ومستعد أن يقتل ويبيد ويدمر ويشرد كل الفلسطينيين من أجل الاستيلاء على الأرض، فلذلك أنا كنت حريص إن يعني من هذه.البداية إني أمارس ما أستطيع ممارسته يعني كطفل مش كمقاتل.
أحمد منصور: بعد انتهاء الحرب والهزيمة التي لحقت بالعرب، كيف كان الوضع بالنسبة لك ولعائلتك؟.
(12/363)
محمد داود عودة: يعني قبل ما أوصل للهزيمة بدي أقول لك إنه أنا شاهدت وطبعاً بعدين قرأت، شاهدت إنه الإسرائيليين أو الصهاينة في القدس الغربية كانوا في مأزق، كان الشباب المصري في.. متملك أسوار القدس ودافع عنها دفاعاً رهيباً، وكان للجيش الأردني لاشك دور كبير في هذا، ومدفعية الجيش الأردني ساهمت في تضييق الخناق على الإسرائيليين في القدس، فطلب الإسرائيليون من عبد الله التل أن يستسلم، وعبد الله التل سأل قيادته فأبلغوه أنه انتظر 24 ساعة، خلال هذه الـ 24 ساعة والتي لا يعرفها الكثيرون فُرضت هدنة على العرب، هدنة.. هدنة إجبارية، وهذه الهدنة 18 يوم على ما اذكر، خلل هذه الهدنة استطاع جنرال يهودي أميركي كان يخدم الجيش الأميركي في الحرب العالمية الثانية في بورما أن يقنع القيادة الإسرائيلية بشق طريق شبيه بالطريق الذي شُقت في بورما في ذلك الوقت، وشُق طريق بالجبال الوعرة بين الساحل الفلسطيني والقدس، هذا الطريق أعطى اليهود فرصة أن تُنقل لهم و الذخائر الأسلحة وحتى التموين والمقاتلين مما جعلهم في وضع أفضل ولا يريدون الاستسلام.
تأثير هزيمة 48 على أبو داود
أحمد منصور: أنت أشرت لنقطة وإن كان سنك ما يسمحش إن أخوض معاك كتير في ذلك الوقت وهي دور الجيش الأردني، وهناك تشكيك أيضاً في دور هذا الجيش وأنه تسبب في الهزيمة من خلال بعض القيادات المقاتلين في حرب 48 من المتطوعين وربما أشار يعني إلى هذا الأمر يعني أحد أبرز قادة المتطوعين في فلسطين إلى أن تأخُّر.. تأخُّر عمليات الإمداد من الجيش الأردني للمقاتلين أدى إلى عملية سيطرة اليهود على القدس على وجه الخصوص، لا أريد أن أخوض معك بالذات، لأن أنت كنت في مرحلة طفولة في.. في ذلك الوقت، أنت الآن طفل في الحادية عشرة أو الثانية عشر من عمرك ،بدأت هناك غزوة للاستيلاء على أرضك، على بلدك، ما هي الانطباعات والأشياء التي تُركت في نفسيتك بعد هزيمة 48؟
(12/364)
محمد داود عودة: أنا شاهدت أكتر من هيك، أنا شاهدت والدي يصاب بالمعركة إصابات بالغة ويُنقل للمستشفى تقريباً شبه ميت، ولا يسمح لي بزيارته إلا بعد أن انتعش قليلاً من أقربائه يعني، وشاهدت أعمامي وشاهدت جيراني بعضهم يُقتل وبعضهم يُصاب، يعني شاهدت المأساة.. أنا طفل صحيح، لكن الصورة أمامي ترسم سنتي سنتي حتى تكتمل هذه الصورة، واكتملت أنا حتى أكون واضح أنا لا أدافع عن الجيوش العربية في فلسطين، كلها كانت دون المستوى القتالي، وكلها وحكامها أسهموا في تشريد الشعب الفلسطيني عن فلسطين بالوعود والكلام الفاضي، أنا بأقول إنه للجيش الأردني موقعين هامين قاتل فيهما وكان شجاعاً في القتال موقع القدس وموقع باب الوادي الذي سكر على اليهود الوصول للقدس عن طريق باب الوادي، وهذا معروف تاريخياً، أما أنا لا أدافع عن الجيش الأردني في لَّد الرملة الذي تركها دون قتال، وأنا بأعرف مين كان قائد الجيش الأردني في ذلك الوقت، الذي بيقود الجيش العربية والجيش الأردني كان بريطانيا
أحمد منصور:جلوب.
محمد داود عودة: جلوب باشنت، أنا لا أتوقع من هؤلاء الشيء الكثير، أنا الانطباع اللي حُفر في وجداني هو ما شاهدته حول محيط بلدي من دير ياسين ومُهجريها من قتال أقاربي وإصابة والدي وعمي إصابات بالغة ، هذا جعلني إني أتصور إنه لابد أن يتعاقب جيل على جيل الدفاع عن أرض فلسطين، وأنا بأقول الآن وأنا تقريباً تجاوزت الستين.. على الشباب الصغير أن يدرسوا هذه التجربة ليستلموا الراية ويدافعوا عن فلسطين كما دافع اللي قبل واللي قبل واللي قبل.
(12/365)
أحمد منصور: العام 48 على وجه الخصوص وحرب العام 48 ومن عاشوا أحداثها بهذه الصورة التي عشتها أنت، يعني من الأهمية بمكان لمقارنتها بالوضع الذي آلت إليه القضية الفلسطينية الآن، لكن كون شهادتك تبدأ بهذه المأساة الكبرى، بالنكبة الكبرى كما سُميت في التاريخ العربي الحديث، وأن تشاهد فيها هذه الأشياء بأن أقرب الناس لك وهو والدك أصيب وكذلك أعمامك، هذه أيضاً انعكاسها أيه على حياتك بعد كده؟
محمد داود عودة: جعلتني أترك كل مباهج الدنيا وأمسك بأول طرف خيط نضالي وأتمسك به، أنا كنت في السعودية، ومن تركتهم خلفي في السعودية الآن أصحاب بنوك في عمان، أنا ما كنت أتصور إنه أنا بالسعودية وأنا بالكويت لي هدف ثاني غير النضال من أجل فلسطين وقضية فلسطين.
أحمد منصور: إحنا كده قفزنا قفزة كبيرة لسنة 60 تقريباً حينما ذهبت إلى السعودية، في الفترة من 48 إلى 60 بعدما أكملت دراستك انتقلت للعمل مدرس في السعودية و بعدها انتقلت للعمل في الكويت في الفترة 62
محمد داود عودة: آه.. لأ.. أنا بأمر على بس وقفة عندما كنت في الـ 58 كنت مدرساً في أريحا، وكنت أفكر أيضاً في القضية الفلسطينية، فاتفقت أنا وزميل لي أن نشكل تنظيماً صغيراً فلسطينياً، وكان إسم هذا الزميل ـ رحمه الله ـ عمر حمد، فشكلنا تنظيماً صغيراً، اضطرتني ظروفي أن أغادر للسعودية لأعمل فتُرك التنظيم بعهدة الأخ عمر الذي لم يحتمل صبراً، فقام في عيد من الأعياد بمظاهرة في أريحا، وأريحا كانت مركز لتجمعات لاجئين كبيرة جداً، فأعتقل وانتهى التنظيم عند هذا الحد.
طبيعة الحركات الأيدلوجية الموجودة على الساحة الفلسطينية في الخمسينات
أحمد منصور: في هذه الفترة لم يكن هناك.. ما طبيعة الفكر الأيديولوجي أو الحركات التي كانت موجودة على الساحة الفلسطينية؟ ألم يجتذبك شيء منها؟
(12/366)
محمد داود عودة: لأ، الساحة الفلسطينية كانت فيها الفكر القومي والفكر الماركسي والفكر .. يعني أفكار كثيرة، أنا الحقيقة يعني زاملت منير شفيق وكان شيوعياً في ذلك الوقت، وكنا نتناقش .. كان الاهتمام بفلسطين أقل عند الحزب الشيوعي، فلم يستهويني هذا، وصادقت أصدقاء كانوا بعثيين ،وكانوا يطرحون شعار تحرير فلسطين، لكن كان هناك اجتهاد تبناه عبد الله الربماوي أن الوحدة قبل التحرير أو التحرير قبل الوحدة، فكان بيقول الوحدة قبل التحرير، فلم يستهويني أن أنتظر حتى الوحدة العربية لأحرر فلسطين، وكانوا مثلاً القوميين السوريين، وكانوا مظلومين في ذلك الوقت، كنا نعتبرهم عملاء لبريطانيا، ولم أعرف حقيقتهم إلا متأخراً عندما كنت
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني غيرت مفهومك عنهم.
محمد داود عودة[مستأنفاً]: آه، حتماً بالتجربة.. بالتجربة
أحمد منصور: طب ما هو.. ما هي الأسباب في ذلك الوقت التي كانت تدفع وجود هذه التهمة عليهم أنهم عملاء للبريطانيين؟
محمد داود عودة: يمكن اختلافهم في ذلك الوقت مع الرئيس عبد الناصر واختلافهم أيضاً مع الأحزاب القومية في داخل فلسطين وسوريا ومقتل عدنان المالكي الذي اتهموا فيه، كلها عوامل ذات شك باعتبارهم عملاء.
أحمد منصور: ألم يستهويك أي تنظيم من هذه التنظيمات؟
محمد داود عودة: لأ، ما يعني أنا كان.. كان فكري منصب على فلسطين وتحرير فلسطين
أحمد منصور: لكن علاقتك بمنير شفيق..
محمد داود عودة: ما يعني ما خلتنيش أنتمي، علاقة زمالة وصداقة، بس ما انتميت أنا للحزب اللي هو كان منتمي إله .
أحمد منصور: لكن هو اعتُقل في 57 على ما أذكر.
محمد داود عودة: أعتُقل بـ.. سنة 57 ضُربت الحركة الوطنية الأردنية كلها في ذلك الوقت، وأنا طلعت ما إنسجنتش لأني ما كنتش أحد الناشطين في الحركة الوطنية الأردنية، وبعد ها انتقلت بالسعودية فبعد فترة قصيرة اطلعت على فكرة فتح.
(12/367)
أحمد منصور: متى .. سنة كام..؟ وعن طريق من؟
محمد داود عودة: يعني يمكن 63 أو 64 على ما أذكر.
أحمد منصور: عن طريق من؟
انجذاب أبو داود لفكر حركة فتح في الستينات
محمد داود عودة: عن طريق أحمد القدوة قريب لأبو عمار، فلما شوفت هذا الفكر، وكان تصدر مجلة فلسطين هنا، وكانت توصلني أقرأها، فلاحظت إنه هذا فكر جديد في المنطقة، ويدعو للتحرير.
أحمد منصور: أيه أهم الأشياء اللي جذبتك في هذا الفكر في الوقت الذي كانت توجد فيه حركات قومية مختلفة لم يجذبك أي شيء؟
محمد داود عودة: إنه الفكر الأساسي أن هذا الجهد من هذه الفئة منصب على تحرير فلسطين، وطبعاً كان التحرير يعني تحرير ما فُقد بالـ 48، ولذلك شعرت إنه هذا التنظيم هو التنظيم الذي يربي.. يلبي ما بأطمح فيه من زمان.
أحمد منصور: لكن فيه بعض الكتابات بتشير إلى أنك في هذه الفترة أيضاً أُعجبت بحزب التحرير، وكان لك صلات به
محمد داود عودة: سابقاً.. سابقاً، وأنا بسن المراهقة بتعرف إن كان عندنا في القدس مؤسس حزب التحرير المرحوم الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله، ودعونا إحنا كشباب في الثانوي لحلقات دراسة، وأنا كنت مواظب على حضور هذه الحلقات، وربما كانت هي التي أسست فهمي للفقه الإسلامي الصحيح، وأنا بأعتبر الشيخ تقي الدين النبهاني، وهذا قد يستغرب الكثير أنه من الرجال المخلصين لأمتهم ولأرضهم ولشعبه.
أحمد منصور: لماذا يستغرب الكثير يعني؟
محمد داود عودة: نعم، لأنه شُوِّه
أحمد منصور: لاتهامات..
محمد داود عودة: واتُهم كثيراً، وأنا أعرف كيف مات ـ رحمه الله ـ أبو إبراهيم الشيخ تقي الدين، مات فقيراً معدماً، ومات جاكتته ممزوعة مش لاقي أحد يخيط له إياها، ويسكن في شقة متواضعة على الطابق الخامس يمشي لها مشياً ما فيش أسانسير، رغم كبر سنه ورغم أمراضه ودفن يمكن ما مشى في جنازته 20 شخص أنا واحد منهم، دُفن ـ رحمه الله ـ في بيروت.
أحمد منصور: تفتكر سنة كام؟
(12/368)
محمد داود عودة: والله يعني بالضبط 77، 78 في من ها النوع يعني مش متذكر بالضبط.
أحمد منصور: لكن حزب التحرير لم يترك لديك الأثر الذي تنتمي أيضاً فيه إليه، وإنما أيضاً هذا كان في فترة من..
محمد داود عودة: لأ ما جعلنيش.. ما جعلنيش أتبنى كامل فكره، بس في أشياء كثيرة.. من حزب التحرير تركت في نفسي أثر، زي ما قلت لك فهمي للفقه الإسلامي
أحمد منصور: حتى الآن هذا الأثر؟
محمد داود عودة: آه، موجود، الاقتصاد الإسلامي كمان، يعني أنا قرأت كتاب الشيخ تقي الدين عن الاقتصاد الإسلامي ، لما بديت أقرأ كتب ماركسية وغير ماركسية وجدت أن المنهج الذي فسره الشيخ تقي الدين يصلح لهذا الزمان أفضل من كثير من النظريات.
أحمد منصور: في 63، 64 تعرفت على فكر فتح، بدأت تشتري مجلة فتح، كنت في المملكة العربية السعودية، بدأت تقتنع بفكر فتح على اعتبار أنها تهدف إلى تحرير فلسطين، وهذا الأمل الذي كنت تبحث عنه في كل الحركات الأخرى ولم تجده، ما الذي قررته بعد ذلك؟
محمد داود عودة: قررت أنتمي لفتح وحقيقة انتميت، لكني أنا ما طولتش بعدها تركت السعودية، وانتقلت أبحث عن عمل في الكويت.
أحمد منصور: فيه شخصيات عرفتها فتح في البداية في السعودية في تلك المرحلة؟
محمد داود عودة: في السعودية لا، عرفت واحد ثانى غير أحمد عمر القدوة عرفت واحد كان يسموه الشيخ البرقاوي، ولا أعرف اسمه الأول،يعني في ذلك الوقت ما كناش كثير ندقق بالأسماء يعني، ولا أدري أين مصيره، وكنت أقول أحمد الله أنه يعني ما التقيتش به أثناء وجودي في فتح بعدين.
أحمد منصور: ليه؟
(12/369)
محمد داود عودة: لأنه كان يحب شد كل اثنين مع بعض، فما.. يعني هاي الخصلة ما حبيتها فيه، قد يكون مات رحمه الله، لأنه أكبر مني سناً كان كبير، وبعدها انتقلت للكويت، وهناك تعرفت على أبو حسن سلامة، وربطتني فيه صداقة متينة، وهو الذي عرفني على المرحوم الشهيد أبو إياد، وربطتنا أيضاً صداقة، ورجعت أمارس في فتح عبر أبو حسن سلامة وعبر مسؤولية أبو إياد، وحدثت عام 67 .
أحمد منصور: أبو حسن سلامة وأبو إياد، يعني هاتين الشخصيتين على وجه الخصوص لك علاقة خاصة و متينة بكلاهما رغم ما حدث من خلافات بينك وبين أبو حسن سلامة، مثلاً في بعض..
محمد داود عودة: وأحياناً مع أبو إياد كمان.
رؤية أبو داود لما حدث في نكبة 67
أحمد منصور: ولكن بقيت مع أبو إياد، وبقي أبو إياد يدعمك إلى النهاية، وبقيت علاقتك.. علاقتكما علاقة وثيقة وخاصة طوال هذه المرحلة، ربما أعود بشكل من التفصيل بعلاقتك بكلا الرجلين، ولكن الآن هزيمة 67، أين كنت في العام 67؟
محمد داود عودة: كنت بأقدم لامتحان النهائي في كلية الحقوق، تعرف أنا يعني كان ميولي علمية، و..
أحمد منصور: كنت مدرس فيزياء على ما أعتقد
(12/370)
محمد داود عودة: آه، درست فيزياء ورياضيات، وكنت ميال للمواضيع العلمية، لكن أنا تزوجت صغيراً، كان عمري 20 سنة لما تزوجت، فلذلك أنا كنت أدرس حقوق، لأنه الحقوق كانت في دمشق بالانتساب، ويوم حرب 67 كنا نقدم امتحاناتنا النهائية، وفوجئنا طبعاً العالم كله العربي كان (معتقم) يعني ما كناش بنفس هذه الصورة، كنا نراقب مضايق فيران، ونراقب ما يحصل، والاستعراضات في سيناء، والتهديد على سوريا وإلى آخره، كنا متابعين هاي الأحوال، وعندما انفجر القتال كنا نحلم حلماً فوضوياً كبيراً، لأنه فتح كان عندها تفكير أن الأمة العربية هي فيل، لكن فيل مكبل بالجنازير، وأن إسرائيل هي فأر، فمن يستطيع أن يكسر هذه الجنازير فينطلق الفيل ويدعس الفأر ويمشي، فكان عندنا يعني معلومات من الصحف والإعلام المزور، إنه قوة العرب أضعاف قوة إسرائيل.
أحمد منصور: لكن ما الذي حدث بين الفيل والفأر؟
محمد داود عودة: اللي صار إنه مع الأسف إن الفيل لم يكن فيلاً، وأن الفأر أيضاً لم يكن فأراً، وطبعاً نحن بس.. أُعلن عن بداية الحرب ركضنا لنحمل السلاح، بسوريا كانوا بيوزعوا بنادق على الجامعات، وأنا مسكت بندقية من هذه البنادق فلم أعرف كيف أستعملها، لأنه ما كان عندي أي فكرة عن استعمال السلاح إلا ما تدربت في المدارس على أسلحة قديمة بالأردن، فبعدين قررنا أنا ومجموعة من الشباب أن نذهب إلى الضفة الغربية، وكان أحد زملائنا معه سيارة، فركبنا السيارة وذهبنا حتى الحدود الأردنية السورية لم نجد أحداً فيها، فقطعنا الحدود وكملنا.
أحمد منصور: كان يوم كام، 5 ولا كام؟
(12/371)
محمد داود عودة: كان يوم 5 يوم المعركة، ووصلنا عمان فكان ليل وممنوع الإضاءة إضاءة السيارات، فصاحب السيارة قال لي: أنا ما أسوقش مش مستعد، قلت له أعطني السيارة أنا بأكمل فيها، فكملت سياقة وهو معي طبعاً إلى أريحا بدون أنوار على الظلام الدامس، ووصلنا أريحا فلم نستطع أن نكمل لأنه كانوا فيه لواء أردني بيطلع على الطريق باتجاه القدس، ونمنا في..
أحمد منصور: طوال الطريق لم يقل لكم أحد، ولا أين أنتم ذاهبون؟
محمد داود عودة: لا.. لا، ولا أحد سألنا.
أحمد منصور: كان أيه المظاهر اللي موجودة في الطريق؟
محمد داود عودة: لاحظنا عند البحر الميت، عند مصرف أريحا أن هناك تحرك لدبابات أردنية .
أحمد منصور: باتجاه ؟
محمد داود عودة: باتجاه القدس في ذلك الوقت، لكن نمنا بأريحا، ثاني يوم زميلي ذهب بسيارته لوحده، فأنا ذهبت إلى القدس معظم الطريق ماشياً.
أحمد منصور: من أريحا إلى القدس.
محمد داود عودة: من أريحا إلى القدس.
أحمد منصور: ما الذي رأيته؟
محمد داود عودة: ورأيت إن ما فيه دبابات، الدبابات اللي كانت طريق إلى القدس مش رايح على القدس نقل يمكن مفرق شمال على اليمين فوصلت العزارية فوجدت دبابتين أردنيات يقصفوا باتجاه جبل (المكبر)، ولاحظت أنه بعض الجنود تقدموا في جبل المكبر، فبعد يمكن ماقصفت دبابات 5، قنابل وإذا الطيران ييجي بيقصف الدبابتين والجنود بيدمرهم، فكملت أنا على رأس العمود، من رأس العمود طبعاً لأنه أنا..
أحمد منصور: أنت لوحدك تتحرك؟ وليس معاك أحد؟
محمد داود عودة: لأ فيه ناس كثير.. فيه ناس كثير ماشيين بس الناس كلها ماشية في اتجاه معاكس.
أحمد منصور: الناس عايزه تعرف هي رايحة فين جاية منين.
(12/372)
محمد داود عودة: الناس مروحة، الناس.. مروحة على شرق النهر، يعني هلا أنا جاي لك على هذا الوضع، فوصلت رأس العمود فلم نشاهد عسكري إسرائيلي إلا بعض الجنود على بعد خطوات كانوا فيه إطلاق خفيف نار بينهم وبين بعض الجنود الأردنيين، لم تكن هناك معركة، والتقيت بأحد جيراني، وأخبرني إنه والدي ووالدتي وابني اتجهوا شرقاً مع الناس اللي متجهين شرقاً.
أحمد منصور: كنت ..كانت عائلتك تقيم في أريحا في ذلك الوقت؟
محمد داود عودة: لأ، فقط أبي وأمي بالقدس ومعهم ابني.
أحمد منصور: في سلوان.
محمد داود عودة: آه، في سلوان، ورجعت باتجاه أريحا ماشياً أيضاً، فشاهدت المنظر القاسي الرهيب التالي، آلاف الناس يذهبون باتجاه الشرق ولا يدرون ماذا يفعلون، ولم يشاهدوا جندي إسرائيلي، آلاف الجنود أيضاً..
أحمد منصور: الجنود الأردنيين؟
محمد داود عودة: جنود أردنيين يسيرون باتجاه الشرق، يلقون بأسلحتهم شمالاً ويميناً ويذهبون باتجاه الشرق، لأن الأمر جالهم بالانسحاب للخط الثاني اللي هو الخط الثاني خلف النهر.
أحمد منصور: انسحاب دون قتال.
محمد داود عودة: دون قتال.
أحمد منصور: دون مواجهة.
محمد داود عودة: دون مواجهة.
أحمد منصور: لا يوجد أمامهم أحد يقاتلونه.
محمد داود عودة: ولا فيه أحد، أنا لم أرَ جندياً، أنا قطعت النهر ولم أرَ جندي إسرائيلي إلا ثاني يوم لما رجعت يعني أفتش على ابني في هجوم الإسرائيليين، بس في اليوم الأول لم أرَ جندي إسرائيلي يعني إلا بعض الجنود زي ما قلت لك في بعض الأطراف.
أحمد منصور: دي يوم 6 يونيو.
محمد داود عودة: يوم 6، صار يوم 6 هذا فبعد ما قطعنا النهر يوم 6 قُصف جسر لمبي ودُمِّر، وصار الناس ينصبوا شوية خشب ليمروا عليها، بس الناس يعني تائهين كالغنم، لاحظت إنه..
أحمد منصور: كانوا شايلين أيه الناس؟ سايبين بيوتهم..
(12/373)
محمد داود عودة: يعني بعض دواعي، بعض الملابس الضرورية، بعض.. يعني نوع من الهلع طبق، وليس هناك أجهزة إعلام تهديء روع الناس ،وليس هناك أجهزة إعلام صادقة لتقول للناس ماذا يفعلون، فالناس كانوا ضايعين ما عندهمش أي تفكير.
أحمد منصور: كنت بتشعر إن فيه حتى تماسك لدى الناس؟
محمد داود عودة: لا.. لا، ما فيه تماسك.
أحمد منصور: يعني فرادى الناس؟
محمد داود عودة: آه.. آه، ما فيش مجموعات
أحمد منصور: ليس بالضرورة إن كل واحد واخد عائلته أو كذا يعني..
محمد داود عودة: لأ، يعني عائلاتهم آه، يعني كل واحد عائلته وكل حارة 4، 5 منها ماشيين لكن إلى أين؟ ما بيعرفوش، وأقسى ما يمكن أن هذا مورس على مخيم كبير جداً في أريحا اللي هو مخيم عقبة.. الجبل، ها دول لاجئين من الـ 48 سكنوا بالمخيم، صارت 67 فرحلوا هم ومخيم عين السلطان باتجاه الشرق، والآن شكلوا مخيم كبير جداً، اسمه مخيم البقع، ويعني لو كان
أحمد منصور: في مدخل عمان.
محمد داود عودة: آه، سهل بين عمان وجرس، ولو كان هناك توعية ولو كان هناك مؤسسات حكومية أو شعبية تفهم الناس إنه لا يرتكب الخطأ اللي ارتُكب عام 48، وبقيوا الناس مكانهم لكان الوضع الآن أفضل 100 مرة، طبعاً أنا بالنسبة إلى يعني..
أحمد منصور: لكن أنت تعتقد إن الناس دول هناك من دفعهم إلى أن يتركوا بيوتهم أم أن الهلع فقط هو الذي دفعتهم؟
محمد داود عودة: لا.. لأ، الإعلام.. الإعلام العربي، الإعلام العربي اللي كان يمارس، الإعلام العربي.
أحمد منصور: الإعلام العربي في وقتها كان عمال يشير إلى الانتصارات الساحقة والطيران الإسرائيلي الذي يتساقط.
(12/374)
محمد داود عودة: مضبوط.. مضبوط.. مضبوط، هم شايفين إعلام عربي بيشيد بها الانتصارات، وشايفين جنود إسرائيليين قريب منهم يشيروا إلى الهزيمة، فالاختلاف بين الواقعين شكل هلعاً، والناس لسه ذاكرة دير ياسين وبعض القرى في أذهانهم فخافوا، بعدين الناس يعني الإشاعة إذا ما بيكون فيه جهاز ينظم الناس، ها الإشاعة تسري سريان النار بالهشيم وليس لها من يضبطها، يعني مثلاً أنا بحيبي.. انتقل لسلوان قالوا: المذابح بالطول، مش صحيح.
أحمد منصور: ولم يكن هناك مذابح.
محمد داود عودة: ما فيه مذابح مطلقاً، ويمكن إحنا في سلوان انتقل للعزارية.. ورووا نفس الرواية إنه أهل سلوان يقولوا أن المذابح في سلوان، وأهل العزارية انتقلوا إلى أريحا ليقولوا أن المذابح في العزارية.
أحمد منصور: إذاً الناس وتكوينهم أيضاً لعب دور في المأساة.
محمد داود عودة: يعني أنا بأقول لك الناس.. الناس العاديين هم ناس عاديين مثل التربة صالحة لزراعة النبتة الكويسة والنبتة السيئة.
أحمد منصور: لكن أيه اللي تتوقعه؟ أنت قلت لو أن الناس لم يهاجروا، لم يتركوا ديارهم كان الوضع مختلفاً، ما الذي سيكون مختلفاً والإسرائيليون أيضاً سيطروا على الضفة بالكامل إلى..؟
محمد داود عودة: آه، لكن أقول لك شغلة، الآن الإسرائيليين أخطأوا خطأ يمكن يكون صدفة عام 48، تركوا 120 ألف فلسطيني، الآن أظن 120 أهل فلسطيني مليون، الآن لهم 15% من الأصوات لهم الترجيح ، لعلمك يعني ولو إنه هذا شأن.. شأن متأخر جداً باراك نجح بأصوات الفلسطينيين ليس بأصوات اليهود، باراك نجح بأصوات الفلسطينيين، لو بقيت..
أحمد منصور: هم نجحوا فعلاً..
(12/375)
محمد داود عودة: آه، لو بقيت الأوضاع نحن يعني أحمد أنا أكلمك بدون تكليف، بأقول لك إحنا القنبلة الذرية الأهم عندنا والديموغرافيا جوه، الديموغرافيا لو ما رحلش مثلاً 400 أو 700 ألف كما يقولون من فلسطين من الضفة الغربية في ذلك الوقت، للآن هادول الـ 700 ألف مليونين.
أحمد منصور: أنا في الجانب الديموغرافي وحضرتك ركزت عليه سواء فيما يتعلق بزواجك المبكر أو في ما يتعلق بما ذكرته الآن، هل تعتقد إن الإسرائيليين يمكن أن يتركوا المجال للفلسطينيين بحيث إن التركيبة الديموغرافية فعلاً يمكن أن تختل بعد 10 سنين أو 20 سنة وتصبح في صالح العرب؟
محمد داود عودة: ناقشت هذا الأمر مرة مع أحد الصحفيين الأوروبيين الإنجليز، فقلت له إنه الإسرائيليين أمامهم أحد أمرين إما إنه يحكموا الفلسطينيين (بالأوليجاركية) ،يعني بالأقلية القامعة كما كان في جنوب إفريقيا وهاي انتهت في جنوب إفريقيا، ولم يتحملها العالم طويلاً، أو أنهم يتركوا اللجان الديمقراطية هي التي تحكم، فأنا بأعتقد.. أو عندهم حل ثالث يعملوا transfer الآن شايف الـ transfer يعني ما يتحملهوش لا في كوسوفوا ولا بأي بلد بالعالم.
أحمد منصور: لكن هم بيعملوا ترانسفير بطيء.
محمد داود عودة: هم لأ.. أنا بأقول لك.
أحمد منصور: القدس على سبيل المثال
محمد داود عودة: أنا بأقول لك أحمد.. أنا.. أنا خايف من ترانسفير، وهذا يجب أن يفهموه الناس اللي جوه بالذات والقيادات المسؤولة سواء بفلسطين أو بالمجاور يفهموا شغلة هناك خطة لترانسفير اختياري، وهذا اللي بيخوفني، يعني كيف اختيار ترانسفير اختياري؟ بيجوا مثلاً يضيقوا وسائل العمل في الضفة والقطاع ويعملوا منشآت مهمة صناعية على الجانب الشرقي من النهر، ويتركوا فرص العمل في الجانب الشرقي من النهر كبيرة جداً
أحمد منصور: الأردن يعني كما تقصد.
(12/376)
محمد داود عودة: آه، فبيروح الواحد بيشتغل أول يوم، أول شهر، أول شهرين، بعدين بيجيب عائلته، بيسكنها جنبه، وهكذا نشأت مدن في الأردن،الرصيفة الزرقا..
أحمد منصور: شاهدت بعضها.
محمد داود عودة: شاهدت هناك نشأت هيك، هذا مخيف يجب أن يهتم العالم العربي بشيء مهم.
أحمد منصور: وفيه ترانسفير تاني أيضاً يعني
محمد داود عودة: نعم؟
أحمد منصور: ترانسفير توفير الفرص في العالم العربي ترانسفير إن الولايات المتحدة وأوروبا مفتوحة للفلسطينيين لمن أراد أن يهاجر منهم.
محمد داود عودة: مضبوط.. مضبوط.
أحمد منصور: فكل هذا أيضاً يدخل في.. في الإطار العام لقضية التهجير أو الترحيل
محمد داود عودة: يعني الترانسفير، عفواً الترانسفير الخارجي ممكن يكون بيلعب جزء.
أحمد منصور: ربما نعود إلى ذلك ولكن لنرجع إلى العام 1967 كنت تبحث عن أبيك وأمك وابنك في وسط هذا الكم الهائل من الناس الذين يهيمون على وجوههم من الضفة باتجاه الشرق.
محمد داود عودة: بعد ذلك طبعاً لم أجدهم في عمان، عدت اليوم الثاني على النهر ودخلت قاطعاً النهر سباحة إلى أريحا، وطبعاً في ذلك الوقت كان صار الوضع مختلف، كانوا الإسرائيليين يعملون كمائن..
أحمد منصور: يعني الإسرائيليين ارتاحوا إلى وضع الهجرة، ولا يريدون الإعادة .
محمد داود عودة: آه طبعاً، ولا يريدون أن يعودوا .
أحمد منصور: من يعود يعتبر متسلل ويُقتل
محمد داود عودة: طبعاً يُقتل، فأنا استطعت إني أتسلل، وذهبت إلى بيت أقاربي اللي بأريحا، وعرفت إنه والدي ووالدتي وابني تركوا أريحا اليوم صباحاً متجهين باتجاه عمان.
(12/377)
أحمد منصور: معلش هنا أنا في جانب نفسي مهم جداً جداً، معلش ممكن في دقيقة كده تقول لي الجانب النفسي، وضعك النفسي كان أيه؟ في هذا الوضع، أسرتك في الكويت، أنت كنت تدرس في دمشق، ابنك مع أبوك وأمك في سلوان، رجعت وجدت أرضك راحت ، بلدك راحت، الإسرائيليين سيطروا عليها وأنت تبحث ملتاعاً، أوصف لي حالة.. حالتك كمثال لآلاف أو عشرات الآلاف..
محمد داود عودة: أنا بدي أقول لك.. أنا بدي أقول لك حالتي هى الضياع الفلسطيني اللي كان سائد في ذلك الوقت، أنا همي أسرتي بالفعل بالكويت، همي إني رأيت آخر معقل يُسمى بفلسطين عليه الجندي الإسرائيلي الآن اللي هو النهر، فمعناها الضياع الكامل لفلسطين، أنا لما انتميت لفتح ما كنتش أسعى على تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة كانت already مع العرب، أنا كنت أسعى لتحرير اللي ضاع بالـ 48، فالآن شوفت إنه إحنا العرب صرنا لورا كمان الوضع كثير مأساوي، فالضياع كان ضياع كامل ومؤثر نفسياً يعني.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من تحليلك لوضع 67، أسباب الهزيمة، وما حدث فيها ما حدث من هجرة الفلسطينيين بعد ذلك والتمركز في الأردن على وجه الخصوص، معركة الكرامة في عام 68، الفصائل الفلسطينية التي تجمعت في الأردن والتوجهات المختلفة لهذه التجمعات وصولاً إلى أيلول الأسود في العام 1970.
أشكرك شكراً جزيلاً.
محمد داود عودة: شكراً لك.
أحمد منصور: كما أشكركم - مشاهدينا الكرام - على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داود عودة أبو داود.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/378)
الحلقة2(12/379)
الأحد 12/9/1423هـ الموافق 17/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:29(مكة المكرمة)،11:29(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
31/07/1999
- تحمل الأنظمة العربية لمسؤولية الهزيمة في 1967.
- الصورة السياسية للساحة الفلسطينية بعد هزيمة 1967.
- رؤية أبو داود لمعركة الكرامة عام 1968.
- تلقي أبو داود دورة تدريبية في يوليو/تموز 1968.
- اللقاء الأول بين أبو داود وياسر عرفات.
- تردي الأوضاع بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية عام 1969.
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر). حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة أبو داوود عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة فتح والمشرف على تنفيذ العملية الفدائية التي وقعت في الدورة الأوليمبية في ميونيخ عام 1972. مرحبًا أبو داوود.
محمد داوود عودة: أهلاً.
تحمل الأنظمة العربية لمسؤولية الهزيمة في 1967
أحمد منصور: أبو داوود في الحلقة الماضية توقفنا عند محور هام وهو محور هزيمة العام 67، وكنت أحد الشهود على هذه الهزيمة وتفصيلاتها على الجبهة الأردنية، ما هي في تصورك- أومن يتحمل مسئولية الهزيمة التي وقعت في العام 67؟
(12/380)
محمد داوود عودة: الحقيقة اللي يتحمل مسؤولية الهزيمة هو الأنظمة العربية اللي شاركت في القتال في ذلك الوقت، لأنه الجندي العربي بأعتقد أنه مقاتل ومش بالسوء الذي صوره في .. نتيجة هزيمة 67، على الجبهة الأردنية لم يحصل قتال مع أنه الجيش الأردني كان معروف عنه أنه جيش مقاتل،أُمر بالانسحاب بشكل يعني دراماتيكي وصُور على أن خسائره بالآلاف ولكن حقيقة إنه لم يشترك يمكن إلا في معركة أو معركتين، القدس في عهد الصليبيين دوفع عنها ودفع ثمن ذلك الدفاع 40 ألف فارس مسلم ليحافظوا على القدس، وفي معركة .. معركة 67 لم يدافع عن القدس عشرة مقاتلين استشهدوا من أجلها، وهذا شغلة مأساوية بالنسبة للقدس، أولى القبلتين واللي فيها ثالث الحرمين.. المسجد الأقصى، لم يدافع عنها ولم يدافع عن الأرض، أرض واسعة وجبالية لم يشترك فيها أحد، الشعب كمان ما كانش مؤهل، يعني أنا باعتقادي لو كان فيه سلاح موزع على الشعب لأوقعوا خسائر كبيرة بالإسرائيليين لا يتحملوها .
احمد منصور: إزاي سلاح موزع على الشعب وحضرتك ذكرت الآن بأن الناس كانت بترعب بعضها البعض.. ؟
محمد داوود عودة: ما هو لو كان .. لو كان الإنسان مسلح بيكون معنوياته أكبر من هيك، أكثر ثقة، فلو كان فيه تثقيف وأنا بأقول إنه السبب هو الإعلام كمان، اللي أرى إن ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الإعلام العربي..
محمد داوود عودة[مستأنفاً]: الإعلام العربي اللي بعض الناس الإعلام العربي يتكلم عن نصر ونصر رائع والواقع يُري المواطن بأنه هناك هزيمة لأنه الإسرائيليين يتقدمون وهذا سبب من أسباب خلق الهلع الذي .. لو كان الناس مسلحين والثقافة والإعلام تغذيهم بالمعلومات أول بأول، لكان صمودهم كبير جدًا وكان.. ليس من السهل على الجيش الصهيوني أن يجتاح الضفة الغربية بدون عناء.
(12/381)
أحمد منصور: يعني الآن على الجبهة المصرية حدث أوامر للجيش المصري بالانسحاب بنفس الصورة الدراماتيكية التي أشرت لها والتي رأيتها أنت على الساحة الأردنية الجيش الأردني نفس الوضع انسحب، هناك علامات استفهام كثيرة حول ما كان يحدث.
محمد داوود عودة: يعني بتقديري أنه.. يعني بديش أتهم ناس بالخيانة، أنا بدي أقول أنه كان فيه Misundertnation ، يعني ضعف في التقدير، إذا ما اتهمت بالخيانة، وأنا لا أحب أن أتهم أحدًا بالخيانة، أنا بأقول على الأقل جريمة المسؤولين في ذلك الوقت كانت سوء التقدير، كان لازم يقدروا عدوهم ويقدروا إمكانيات مقاتلتهم وإلا ليش يدخلوا القتال ؟ يعني كنا إحنا بدينا الآن أنا لما بأتجول بالضفة الغربية أحزن حزنًا كبيرًا، عندما أرى إنه وين كنا بقبل 67 ووين الآن إحنا؟ وما هو التغيير البنائي على الأرض، المستوطنات في الأراضي التي كانت بأيدينا، الشوارع الالتفافية تشق في الأراضي التي كانت في أيدينا في .. قبل 67، لو بقينا عند هذا الحد لكان لسه أفضل إلنا وأفضل للقضية الفلسطينية عشرات السنين.
الصورة السياسية للساحة الفلسطينية بعد هزيمة 1967
أحمد منصور: الآن أنتم كحركة فتح وأنت الدوافع الرئيسية التي دفعتك للانتماء إلى فتح في منتصف الستينات كانت تحرير فلسطين، وفلسطين هنا كانت فلسطين 48 على إعتبار أن الضفة والقطاع كانت في أيدي العرب ولم يكن في أيدي الإسرائيليين، ما هي الصورة الآن على الساحة الفلسطينية وساحة حركة فتح على وجه الخصوص بعد وقوع هزيمة 67؟
محمد داوود عودة: الحقيقة بعد وقوع حرب 67 بقيوا العرب في ركود غير طبيعي، حتى آب 1967 عندما قررت حركة فتح أن تستأنف القتال ضد العدو الصهيوني ..
أحمد منصور: حتى ذلك الوقت لم تكن فتح مسلحة؟
(12/382)
محمد داوود عودة: لا كان فيه، بس أسلحة يعني قليلة، كان أسلحة تؤهل مجموعات صغيرة للإغارة على داخل فلسطين 48 ولم يكن هناك سلاح ولا تدريب ولا كميات من البشر، بعد 67 معظم طلابنا في الجامعات الأوروبية والجامعات العربية تركوا دراستهم وإجوا التحقوا بدمشق بحركة فتح، فأفاقوا الناس من الصدمة على واقع جديد، فقررت حركة فتح أن تستأنف القتال وكان قرار صعب لأنه ما حد يسمح حدا يقاتل بعد هزيمة كبيرة، وفي آب 1967 قررت فتح إنه تستأنف القتال.
أحمد منصور: يعني بعد شهرين فقط من الهزيمة.
محمد داوود عودة: من بعد شهرين، فبدأت القتال من خلال دوريات تنطلق من وادي الأردن أو من ..
أحمد منصور: حتى ذلك الوقت – عفوًا- علاقتك التنظيمية إيه كانت بفتح ؟
محمد داوود عودة: كنت في فتح بس مش متفرغ يعني لم أكن متفرغًا.
أحمد منصور: تعمل مدرسًا في الكويت كما كنت؟
محمد داوود عودة: لأ كنت اعمل مش مدرس كنت أعمل بوزارة العدل بالكويت.
أحمد منصور: إلى أن حصلت على ليسانس الحقوق يعني .
محمد داوود عودة: آه. نعم.
أحمد منصور: تعمل في الكويت كما كنت ولكن عملك في فتح كان..
محمد داوود عودة: كان تنظيمي وبعد 67 تعرفت بلشنا نفرض على الناس، على أصدقائنا كمية كبيرة من التبرعات لأنه .. فكنت أتصل بأصدقائي وبمعارفي وأجمع لفتح كمان فلوس لنرسل للمقاتلين الذين بدؤوا يتكاثروا على الجبهة، وكنت أحيانًا أعد شباب كمان من تنظيم فتح أو من خارج تنظيم فتح وأرسلهم للأردن، للمشاركة في القتال
أحمد منصور: من الكويت؟
محمد داوود عودة: من الكويت، وحتى جاءت معركة الكرامة.
رؤية أبو داود لمعركة الكرامة 1968
(12/383)
أحمد منصور: معركة الكرامة وقعت في شهر مارس عام 1968، وكنت لا زلت أنت في الكويت في ذلك الوقت، لكن كنت على صلة بالجبهة الفلسطينية الموجودة في الأردن، بدأ الفلسطينيين يتدفقوا على الأردن بكميات كبيرة بعد هزيمة 67، بعد قرار أغسطس 67 باستئناف فتح للقتال ضد الإسرائيليين بدأت أعداد أيضًا هائلة تتقدم وبدأت عمليات تدريب وبدأ السلاح يتدفق على الساحة الأردنية، في ذلك الوقت وفي مارس 68 قررت إسرائيل أن تشن معركة للقضاء على جيوب المقاومة الموجودة على نهر الأردن في الضفة الأخرى ووقعت معركة الكرامة التي يصر الفلسطينيون على أنهم هم الذين تصدوا وحدهم فيها للمقاومة لإسرائيل وأنهم هم الذين حققوا فيها النصر، فيما قائد المعركة في الجيش الأردني الفريق مشهور حديثه الجازي .. وقد قدمنا شهادته في برنامج شاهد على العصر على مدى ست حلقات يقول: أن المعركة كانت مشتركة ولولا الجيش الأردني لما تمكن الفدائيون من إحراز أي انتصار فيها، رؤيتك إيه للمعركة؟
(12/384)
محمد داوود عودة: أنا بأؤيد الأخ مشهور حديثة برأيه، وأضيف أن الفلسطينيين.. بعض الفلسطينيين يدَّعون أنهم هم الذين قاموا بالمعركة، وأيضًا جهاز إعلامي ضخم بالأردن يقول أنه هو الوحيد الذي قاتل في المعركة، أما الحقيقة وبشهادة من اشتركوا فيها.. وإلي شخصيًا فهي الحقيقة التالية: الإسرائيليون أرادوا – زي ما تفضلت- أن يقضوا على البؤرة الأساسية للمقاومة الفلسطينية في الكرامة وتسربت معلومات ومنها بعض المعلومات من الجيش الأردني، أن الإسرائيليين سيقوموا بهجوم واسع، وتشاورت القيادة فقررت أن لا انسحاب من الكرامة وعلينا بالتصدي، وعندما بدأ الهجوم تصدي الفدائيون بالأحزمة الناسفة وبالأسلحة المتوفرة لديهم وأوقعوا خسائر، لكن قوة الإسرائيليين في ذلك الوقت كانت ممكن أن تتغلب على الفدائيين وتقضي عليهم لولا تدخل الجيش الأردني في معركة مساندة قوية بالمدفعية والدبابات، مما أوقع بالإسرائيليين خسائر على الأرض كبيرة جدًا، مما اضطرهم للانسحاب من المعركة وترك.. ولأول مرة ترك بعض آلياتهم وضحاياهم في أرض المعركة، وهاي عند الإسرائيليين مش سهلة إنه يضطر أن يترك آلياته وضحاياه على أرض المعركة..
أحمد منصور: حتى إن أحد الجنود فُقد ولا يزال مفقود حتى الآن وأخبرني الفريق مشهور حديثه أن ربما في العام الماضي 98 ذهب بعض الإسرائيليين إلى الأردن للبحث عن جثة هذا الجندي وطلبوا مقابلته ورفض، رغم أن هذه المعركة لم تستمر إلا يومًا واحدًا إلا أنها أيضًا ليس لها الحجم، كانت أول انتصار عربي على الإسرائيليين فلم تأخذ الحيز الكافي أيضًا لدى العرب من حيث الإعلام، ربما كثير من العرب لا يعلمون شيئًا عن معركة الكرامة هذه ..
(12/385)
محمد داوود عودة: صحيح، لأنه.. هي معركة أثبتت عنصرين مهمين جدًا، أثبتت إنه عندما يتعاون الفدائي والجندي يحقق نصرًا، وقد حقق النصر عندما تعاون الجندي الأردني مع الفدائي الفلسطيني، وأيضًا أثبتت أن هذا الجيش مش الجيش الذي لا يُقهر، يمكن قهره ويمكن إجباره على التراجع ولو استمر هذا الحال في معارك أخرى لخسر خسارة أكبر ولاندحر أكثر وأكثر، بس مع الأسف يعني هذا التعاون دام فترة قصيرة جدًا، ثم انتهى..
أحمد منصور: للأسف..
محمد داوود عودة: للأسف، فلو دمنا على التعاون بيننا وبين.. كفدائيين والجيش الأردني لحققنا انتصارات كبيرة.
أحمد منصور: سنأتي على ذلك، بالذات فيما يتعلق بمسؤولية الفصائل الفلسطينية، وتنوعها، في العام 68 أنت تركت العمل في الكويت وتفرغت للعمل في منظمة .. أو في حركة فتح، ما طبيعة المهام التي كُلفت بها بعد تفرغك؟ الآن انتقلت أنت إلى عمان .
محمد داوود عودة: أنا لأ. تفرغت.. أُمِرت أن أغادر الكويت إلى القاهرة للدخول.
أحمد منصور: مِن مَن؟
محمد داوود عودة: من الأخ أبو اياد.
تلقي أبو داود دورة تدريبية في القاهرة في يوليو1968
أحمد منصور: إحنا هنا علاقتك الخاصة بأبو إياد أيضًا وإن أبو إياد كان هو الذي يعطيك الأوامر بشكل دائم وطبيعة العلاقة بين أبو إياد وبين ياسر عرفات أبو عمار أيضًا، ربما أتطرق لها بشكل أساسي فيما بعد، ولكن الآن أنت انتقلت أو أُمرت بالانتقال إلى القاهرة لتلقي دورة تدريبية هناك.
(12/386)
محمد داوود عودة: نعم، وبالفعل انتقلت.. نقلت عائلتي من الكويت، وكان في ذلك الوقت يعني التعليمات أو التوجيهات من الحركة هي أوامر صارمة لا تقبل التردد، فأنا مثلاً كان فيه قانون بالكويت يعطيني الحق بستة أشهر راتب إذا استقلت، لكن جاني الأمر في وقت كان وزيري في وزارة العدل خارج الكويت، وطُلب مني أن انتظر أسبوع لآخذ الستة أشهر وأنا بحاجة إليها، فلم أوافق استقلت وتنازلت عن الستة أشهر ورأسًا نقلت عائلتي وأسكنتهم بغرفة واحدة في عَمَّان، ثم انتقلت إلى القاهرة للالتحاق بالدورة، الدورة كانت دورة ذات شقين، دورة عسكرية ودورة أمنية.
أحمد منصور: تفتكر في شهر كام بالظبط في عام 68؟
محمد داوود عودة: يعني باعتقد شهر 7.
أحمد منصور: يوليو 68.
محمد داوود عودة: آه، وطبعًا بذل الإخوة المصريين جهودًا كبيرة على مدار الساعة لتكثيف الدورة لنا وإخراج دورة ذات فاعلية..
أحمد منصور: عددكم كان كم؟
محمد داوود عودة: عشرة.
أحمد منصور: تذكر مَنْ مِنْ العشرة؟
محمد داوود عودة: بأذكر .. طبعًا بأذكرهم كلهم، بس أنا يمكن اختصر للوقت أسمي لك: أبو حسن سلامة، أبو محمد العمري- رحمه الله- الذي أبو حسن – رحمه الله وأبو محمد- رحمه الله-، من الأحياء بأذكر غسان الهوا الموجود الآن في القطاع فكنا عشرة أشخاص.
أحمد منصور: طبيعة الدورة بالظبط
محمد داوود عودة: الدورة ذات شقين أمنية وعسكرية.
أحمد منصور: يعني الاستخبارات المصرية اللي دربتكم.
محمد داوود عودة: المخابرات العامة هو اللي دربتنا المخابرات العامة
أحمد منصور: يعني كنتم بمثابة تكوين جهاز استخبارات .
محمد داوود عودة: جهاز المخابرات لنعمل على داخل الأرض المحتلة من أجل جمع معلومات مفيدة للحركة ومن إسرائيل وتحصين أيضًا الحركة من الاختراقات الإسرائيلية التي بدأت تتدفق علينا .
أحمد منصور: هل شهرين كافيين أن يخرجوا..؟
(12/387)
محمد داوود عودة: لا هو اكثر حوالي ثلاثة اشهر بس كانت مكثفة جدًا وكانت كافية يعني خلصنا مناهجنا لأنه كنا نقاصي ليل نهار للدراسة وكنا نعرف أنه إخواننا المصريين في عجلة من أمرهم وإحنا أيضًا في عجلة من أمرنا فلذلك إذا كان ..
أحمد منصور: سبب العجلة إيه من المصريين ؟
محمد داوود عودة: العجلة أن.. تعرف المعركة دايرة وإحنا كنا المفروض نكون مساعدين في نقل المعلومات، وأيضًا محصنين حركتنا من الاختراقات، فكلينا .. كلانا في خلال المعركة مستعجل، بده ينجز، فلذلك كنا نبذل جهدًا كبيرًا جدًا للإنجاز في أقصر مدة ممكنة .
أحمد منصور: صحيح التقاكم جمال عبد الناصر بعد نهاية الدورة؟
محمد داوود عودة: بعد نهاية الدورة أخذونا فسلمنا عليه وأهدانا كل واحد مصحف ومسدس، ولازال المصحف لدي حتى الآن.
أحمد منصور: والمسدس أين؟
محمد داوود عودة: المسدس راح، سلمنا إحنا..
أحمد منصور: بعدما عدتم إلى عمان ما طبيعة المهام التي كلفت بها بعد هذه الدورة ؟
محمد داوود عودة: لما نزلت عمان أنا كلفت أنا ومجيد بترتيب وضع الرصد في عمان فوجدنا أمامنا أكياس من الملفات والمعلومات الملقاة بدون فائدة، فحاولنا نفرز. فرزنا عدد كبير من المعلومات والملفات وبدأنا نؤسس جهازًا للرصد في عمان وحطينا القاعدة الأولى، فبعدين الأخ المرحوم أبو حسن استلم المقر وأنا ذهبت أنا ومجيد للشمال ..
أحمد منصور: أنت هنا حصل .. حصل خلاف بينك وبين أبو حسن.
محمد داوود عودة: لأ، لحد الآن ما فيه خلاف، لحد الآن نتعاون بجهاز واحد، فذهبنا للشمال وبدأنا نؤسس جهاز المخابرات في الشمال.
أحمد منصور: مين اللي كلفك بالذهاب للشمال؟
محمد داوود عودة: أبو إياد، لأنه أبو اياد كان هو مفوض الجهاز، يعني العلاقة مع أبو اياد هي العلاقة ..
أحمد منصور: المباشرة
محمد داوود عودة: المباشرة.
اللقاء الأول بين أبو داود وياسر عرفات
(12/388)
أحمد منصور: إمتى..إمتى حدث اللقاء بينك وبين ياسر عرفات في الفترة دي؟
محمد داوود عودة: وأنا بالشمال احتجنا لسيارة Land Rover حتى نتنقل فيها، كنا نتنقل بسيارتي أنا اللي جايبها من الكويت وكانت يعني فيه بعض المواقع صعبة ووعرة فإحتجنا إلى Land Roverلنتنقل فيها فأعطيت أمر من قائد القطاع بأني اذهب لعمان وأجيب السيارة.
أحمد منصور: كان مين قائد القطاع؟
محمد داوود عودة: كان أبو سامي معاه أبو عابد في ذلك الوقت، وذهبت لعمان ومعي كتاب من قائد القطاع فقدمته لأبو عمار، فأبو عمار قال لي أنت بتاع الشمال . المشاغب بتاع الشمال؟ قلت له أنا مش مشاغب أنا محمد له مال بلشتش حتى أشاغب، قلت له لأ مش أنا، فقال لي لأ أنت، فأصر وبدأ يرفع صوته فقلت اسمع أقول لك أنا ..
أحمد منصور: يرفع صوته يقول لك إيه يعني ؟
محمد داوود عودة: لأ يعني يقول لي أنت بالخصوص تخالفني إلى آخره من ها الكلام الفاضي، فأنا قلت له اسمع لأقول لك أنا لا احتمل إنه أحد يمس كرامتي أنا جيت من الكويت سائرًا حفاظاً على كرامتي، فلذلك لا اساوم عليها وعندما اساوم عليها أسقط كمناضل ولا أقبل، في ذلك الوقت دخل أبو اياد فرطب الجو بينا وهدأ الموضوع وأصلحنا، فبعد ما انتهينا من الشمال..
أحمد منصور: سنة 68 هذه.
محمد داوود عودة: أيوه 68.
أحمد منصور: الواقعة دية هل سببت حساسيات دائمة بينك وبين ياسر عرفات بعد ..؟
محمد داوود عودة: أنا من جهتي لأ ماأعرفش من جهته هو، أنا باستطيع أقول من جهتي أنا ما سببت، لأنه هاي بتحصل في الحركات الثورية وغير الثورية إنه واحد ما يفهمش على التاني أو..
أحمد منصور: لكن تمس مش مجرد واحد الآن ما يفهمش على التاني، يعني الآن أنت تعتبر جندي وهو يعتبر قائد لحركة فتح، فالأمر لا يتساوى، الرؤوس لا تتساوى، يعني حتى..
(12/389)
محمد داوود عودة: نعم.. نعم، مضبوط أنا .. أنا جندي بأطيع الأوامر بما يقتضي المصلحة، مش بما يمس كرامتي، يعني لا يجوز إن كمان القائد يسمع من واحد عن اسم إنه مشاغب يجي يقول له أنت مشاغب لا أنا.. أنا كنت قائد كمان ومريت بظروف كان يجيني عندي عناصر من ها النوع وتيجي تقارير عنهم، فأنا أناقشهم بصراحة وبحرية، صراحة تامة.
أحمد منصور: مين اللي قرب لياسر عرفات إنك أنت مشاغب وأراد أن يوقع بينكما؟
محمد داوود عودة: ما أعرفش، لأ يمكن .. يمكن ما يكونش حد، بس يعني هاي بحق حصلت ما أعرفش شو أسبابها.
أحمد منصور: بس أنت كنت مشاغب بعد كده.
محمد داوود عودة: لأ.. لأ ليس مع صحبي أنا يمكن أكون مشاغب بعدين، بس ما .. بها ذاك الوقت لسه دائم بدري .. يعني
أحمد منصور: الراجل استشف من بدري يعني؟
محمد داوود عودة: يعني إذا كان عنده… وبعدين عشرين سنة ممكن، فالمهم إنه بعد يعني بالشمال اشتغلنا كويس، كنا..
أحمد منصور: أيه المناطق بالضبط اللي كانت في محيط عملكم في الشمال؟
محمد داوود عودة: إربد.. منطقة إربد والأغوار اللي محاذية لإربد، وكنا لنا مشاهدات غاية بالروعة وغاية بالتضحية.
أحمد منصور: هل تذكر جانبًا منها؟
(12/390)
محمد داوود عودة: آه أذكر إني أنا كنت أنا ومجيد في يوم من الأيام بنزور قائد قاعدة في مقر التجمع، كان بيقودها ناصر يوسف اللواء الحالي، وكان في ذلك الوقت عم بيجهز دورية لتنزل على النهر، بنفس الوقت اللي كان بيجهز فيها دورية، كانت دورية عملت عملية ورجعت من النهر، وكان فيها شاب بهذه العملية أعرفه من الكويت، لأنه أنا اللي بعثته من الكويت فشافني ومسك فيَّ، قال لي علشان الله بدي أرجع للعملية هاي اللي تجهز فيها، قلت له أنت تعبان، هلا وصلت، قال لي لا تعبان ولا حاجة، أنا بدي أرجع أقاتل مرة أخرى وأصر علي إني أتوسط له عند ناصر، فكلمت ناصر ووافق اتطلعت على رجلين الشاب وإذا به شبه حافي، عاري القدمين، فقلت لمجيد أشلح البالطو بتاعك وأقعد بالسيارة معاي وأنا بأجيب لك بالطو غيره بس نوصل، فشلحت البالطو وأعطيته هذا الشاب ورأسًا عاد إلى عملية أخرى، طبعًا عمل عدة عمليات هذا الشخص ورحمه الله استشهد في أحدها، وهذا بيدلك أديش كان الناس متحمسين للتضحية ومتحمسين للقتال يعني في ذلك الظرف كان الفدائي يرى إنه أقدس مقدساته أن يقطع النهر ويقاتل عدوه الصهيوني.
أحمد منصور: في تلك الفترة بعد معركة الكرامة في العام 68 إلى العام 70 بدأت تتكاثر أعداد الفدائيين التي كانت ترد إلى عمان، بدأت الفصائل الفلسطينية أيضًا تتكاثر وتتوالد على الساحة، وبدأت تقريبًا كل دولة عربية من الدول المحيطة يكون لها فصيل تدعمه أو جماعة تدعمها هل يمكن أن توجز لنا صورة الفسيفساء الفلسطيني الموجود على الساحة الأردنية في الفترة من 68إلى 69؟
(12/391)
محمد داوود عودة: يعني خليني أقولك المآساة كانت في تعدد التنظيمات الصغيرة، كل يوم كنا نسمع بتنظيم صغير، كل واحد عنده قدرة أن يجمع عشر بنادق ويجيب له خيمة وينصب خيمة ويحيط لحاله عشر أشخاص يسمى حالة تنظيم كانت هناك تنظيمات مركزية هي التالية فتح وهي أكبر التنظيمات في ذلك الوقت، الصاعقة التي كانت تدعمها سوريا وحزب البعث في سوريا .
أحمد منصور: كان مين على رأس الصاعقة في هذا الوقت؟
محمد داوود عودة: كان الأخ باطي الجميعاني –أطال الله عمره- كان من الضباط الوطنيين الأردنيين، وكان بعثي فسُلِّم الصاعقة وكان رجلاً شجاعًا مخلصًا، و الآن موجود في الأردن، كمان كان فيه الجبهة الشعبية الجبهة الشعبية في ذلك الوقت كانت تضم الجبهة الشعبية الحالية والديمقراطية وأحمد جبريل.
أحمد منصور: تلاتة؟
محمد داوود عودة: آه، كانوا أحمد جبريل معهم.
أحمد منصور: كان مين على رأسها؟
محمد داوود عودة: كان جواد حبشي،و…
أحمد منصور: توجهها كان يساري ماركسي؟
محمد داوود عودة: كان يساري، يعني يساري مش ماركسي، بعدين اتمركست، وكان أيضًا متأخرًا الجبهة العربية، العراق لما رأووا الصاعقة على سوريا، كمان ي عمل ..
أحمد منصور: .. عملوا كمان..
محمد داوود عودة: عمل منظمة سماها على الجبهة العربية
أحمد منصور: كان مين على رأسها؟
محمد داوود عودة: كان فيه واحد اسمه عبد الجبار –رحمه الله-، كمان ضابط من الجيش الأردني سابقًا ومن الوطنيين وبعدين اتقلبت على رأسهم وإذا عبد الرحيم أحمد وغيره يعني أكثر من واحد .
احمد منصور: يعني دي كانت تتبع البعث العراقي نقدر نقول؟
محمد داوود عودة: كان البعث العراقي آه
أحمد منصور: البعث السوري كان الصاعقة،
محمد داوود عودة: الصاعقة والبعث العراقي الجبهة العربية، أما ..
أحمد منصور: والجبهة الشعبية كانت يسارية وحركة فتح نقدر نصنفها؟ لها تضيف فكري أو أيدولوجي خلال..
(12/392)
محمد داوود عودة: يعني حركة فتح لم تكن لها تصنيفات فكرية، والدليل إنه حركة فتح كان فيها اليساري وكان فيها .. بديش أسمي يميني لأنه التسمية جارحة شوية،..
أحمد منصور: إسلامي .. في .. يعني يقال إن أبو إياد كان من الإخوان المسلمين..
محمد داوود عودة: آه كتير، يعني كان عندنا قاعدة قاتلت معنا قتالاً طويلاً هي من المسلمين، كانت قاعدة من الشيوخ ..
أحمد منصور: الإسلاميين.
محمد داوود عودة: الإسلاميين، كان قاعدة الشيوخ اسمها، وبقيت حتى بعد أيلول بشوية فانحلت، ففتح ما كان فيها اتجاه فكري، كان تجمع وطني فالشعبية كانت اتجاهها يعني قومي عربي يساري، بس البعثيين كانوا قوميين معروف تمامًا المشكلة في ذلك الوقت لم تكن بهذه التنظيمات، المشكلة كانت بالفسيفساء، كل ما واحد يجمع له 12 يصير تنظيم ، حتى صارت أحداث 4/11..
أحمد منصور: 4/11/68
محمد داوود عودة: 68
أحمد منصور: بإيجاز ممكن، تقول لنا ماذا حدث؟
محمد داوود عودة: آه الجيش الأردني حاول يسيطر على عمان فتصدت له بعض الفئات وكل الناس تصدوا له منعوه من السيطرة على عمان، بس هو ركز على إنه قال هو جاي للمشاغبين اللي هم تنظيم طاهر بابلان،..
أحمد منصور: كان يتبع مين طاهر بابلان.
محمد داوود عودة: طاهر بابلان كان له تنظيم لوحده بإسمه.
أحمد منصور: اسمه تنظيم الطاهر بابلان.
محمد داوود عودة: آه اسمه، يعني إله اسم تحرير فلسطين، إشي من ها النوع..
أحمد منصور: من أين كان يُمول؟
محمد داوود عودة: كان هو من تبرعات ومن الناس هو كان ضابط سوري سابقًا بالجيش السوري، وهذا الطاهر بابلان تحمل مسؤولية كل أحداث 4/11، فلذلك السلطة الفلسطينية .. السلطة الأردنية أصرت على أن تستلمه وحرصًا على الوحدة الوطنية في ذلك الوقت أقرت قيادة فتح إنه –ممكن ولأول مرة بحياتها- بتسلم فلسطيني مين ما كان للسلطة الأردنية.
أحمد منصور: يعني تم التضحية به؟
(12/393)
محمد داوود عودة: تمت التضحية به من أجل الوحدة الوطنية في داخل الأردن وعدم الانقسام، خاصة وإنه كنا شايفين نتائج..
أحمد منصور: كان يتبعه كم مقاتل تقريبًا؟
محمد داوود عودة: هو يعني يمكن مية أو أقل حتى
أحمد منصور: أيه طبيعة المشاغبة اللي كان بيقوم بها؟
محمد داوود عودة: بيقولوا إنه كان يحط حواجز بعمان والله أنا في ذلك الوقت لم أر طاهر بابلان ولم أعرف شو نوع المشاغبة اللي كان بيشاغبها، بس تعرف في كل صدام يجب أن يتحمل ضحية هذا الصدام، وتحملها في ذلك الوقت طاهر بابلان ومات في السجن، يعني رجل يجب أن يُذكر له إنه لم يكن عميلاً لأحد ولم يكن خائنًا، ولكن اقتضت المصلحة التضحية به من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية بالأردن بين الفدائيين والجيش.
أحمد منصور: لكن ألم يكن تسليم الطاهر بابلان هو يعني تمهيد لما حدث بعد ذلك للفصائل الفلسطينية؟
محمد داوود عودة: لا، يعني ما لوش علاقة بأنه في ذلك الوقت كان أصرت السلطة الأردنية إنه المشاغب طاهر بابلان، فأثناء مفاوضات الأخ أبو عمار وأبو إياد وأبو جهاد مع الجانب الأردني، قالوا إذا كان المشكلة تنحل بطاهر بابلان، فيعني إمام المصلحة العامة فليضحي بطاهر بابلان، وبالفعل هذا اللي حصل وأنا كنت موجود في ذلك الوقت بأحرس اجتماعهم أنا وزملائي أبو حسن وكمان مجموعة حول الاستخبارات، لأنه يعني من منطق الأحداث إنه نكون حذرين كمان، وشاهدنا طاهر بابلان طلع وشافنا فدائيين وصَرَّخ يا فدائيين يا الفدائيين، لكن إحنا كنا عارفين القرار ومنطق إنه.. بس هذا لم يُطبق على التنظيمات الأخرى بدليل إحنا رغم مشاغبة بعض التنظيمات متأخرًا لم نستطع أن نضحي بهم، بل حافظنا عليهم.
أحمد منصور: طيب الآن عملية التوالد التي تمت للتنظيمات حتى صارت شيء كبير وصارت تتحدى السلطة الأردنية نفسها على أرضها وفي بلدها.
(12/394)
محمد داوود عودة: يعني فيه، هأقول لك شغلة بفتح كنا إحنا حريصين على إنه دائمًا تكون العلاقة بيننا وبين النظام الأردني علاقة مستقرة، وكان يعني أبو عمار وأبو إياد وأبو جهاد -رحمهم الله- كتير دائمًا يلجؤوا لتهدئة الأوضاع وأحيانًا يضغطوا علينا إنه روحوا هدوا الجماعة الآخرين، لكن التوالد قضينا عليه توالد صغير قضينا عليه صار التوالد الآن بالكبار، يعني مثلاً انشقت الجبهة الشعبية إلى الديمقراطية والشعبية، ويعني ولدت لنا تنظيم جديد بدأ يطرح ماركسيًا بشكل متطرف جدًا .
أحمد منصور: على رأسه من ؟
محمد داوود عودة: نايف حواتمه، فمما دفع الشعبية للتبارز معه بالطرح الماركسي، فصار فيه مقولات، لاشك إنها مقولات مؤذية يعني السلطة كل السلطة للمقاومة، ما فيه.. ما حد .. ما فيه دولة بتقبل إنه كل السلطة.. نحن الآن، إحنا الآن في وضع مشابه نرضى إنه الاخوة بحماس أن يقولوا كل السلطة لحماس في داخل السلطة؟ ما نرضاش . فلذلك كان فيه طروحات يعني صبيانية خليني أسميها متطرفة
أحمد منصور: واستفزازية.
محمد داوود عودة: واستفزازية، لكن في هذه أننا بذلنا جهودًا كبيرة لنقلل من أثر الخطأ.
أحمد منصور: لكن هذه أيضًا بدأت تتضخم، وبدأت تأخذ سلوكيات مؤذية للسلطات الأردنية.
محمد داوود عودة: مش كتير.
احمد منصور: للضباط الأردنيين حتى في الجيش الأردني، قد كان هناك تمايز ما بين الطرفين سواء في اللبس أو في نوعية السلاح أو في غيره، مما أدى إلى أن الوضع يصل إلى مرحلة إذا كان في أرباح بشر -كما ذكرت- الجيش الأردني احب أن يسيطر على عمان فلم يستطع، هذا يُعطي مؤشر خطير إن جيش دولة لا يستطيع أن يسيطر على عاصمتها بسبب مسلحين غير منضبطبن موجودين على أرضها.
(12/395)
محمد داوود عودة: يعني هأقول لك أحمد، فيه فرق بين شغلتين، كان للمقاومة أخطاء ولم يكن هذه الأخطاء ترقى إلى مستوى الخطيئة، ما حصل في أيلول من صدام يدخل ضمن إطار الخطيئة، يعني أنا بأقول إنه كان هناك فيه مارج معين للإتفاق، ولإذابة هذه الخلافات والسيطرة عليها، لكن اللي فجر الوضع مظبوط هو عملية الطيارات بعمان.
تردي الأوضاع بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية في عام 1969
أحمد منصور: أنا هأدخل هنا لقضية وديع حداد والعمليات التي يقوم بها وهي احترافه لقضية خطف الطائرات على وجه الخصوص، وتأثيرها ايضًا على موضوع المقاومة، الآن أنتم كحركة فتح كبعض الحركات الأخرى موجودين في الأردن ليس بهدف إيذاء النظام الأردني أو الدخول معه في مشاكل، وإنما الأردن هي محطة تقومون من خلالها بمواجهة الإسرائيليين لتحقيق الأهداف الأساسية لكم، لكن من الملاحظ في فترة 68،69، إن تم يعني عملية الجهد بدل ما يوجه بشكل أساسي إلى الإسرائيليين تم استنزافه وتنويعه وتفريعه في تلك المرحلة وأصبح الجهد الموجه للإسرائيليين أضعف من الذي يوجه عليكم .
محمد داوود عودة: يعني بدي.. يعني خليني أقول لك بصراحة ووضوح بقي هذا الجهد مركز على الإسرائيليين حتى نهاية 69-بعد 69 بدأت تتعقد الأمور بيننا وبين النظام الأردني.
أحمد منصور: كيف؟
(12/396)
محمد داوود عودة: بسبب هناك أخطاء من بعض التنظيمات وهناك ايضًا في داخل النظام كانت عناصر بتحرك هذه الأخطاء وتخلقها يعني مش أنا مثلاً اللي خلقت تنظيمات من اللي تابعة للاستخبارات العسكرية الأردنية تلبس ملابس فدائية وتقوم بأعمال تظهر وكأنها أعمال شغب من الفدائيين، وإحنا بفتح ألقينا القبض على تنظيم كامل تابع للاستخبارات العسكرية، كمان فيه ضمن الجيش الأردني زي ما هو مشهور حديثة شخص وطني كان مستعد أن يضع قضية الأمة العربية وقضية فلسطين في أولوياته، كان هناك ضباط ومراكز عالية يضعون السيطرة والتحكم وإنهاء الوضع بالأردن لمصلحة جهات أخرى في أولوياتهم، ما بننكر هذا فلذلك يمكن أنا ما أكنش أكثر الناس صلاحية للفتوى في هذا الموضوع بس الأخ مشهور أكيد كان أقدر مني على المس بهذا لأنه كان عايش المؤسسة
أحمد منصور: تكلم باستفاضة لكن في شهادته بالنسبة لهذا الوضع لأنه كان قائد عام ورئيس أركان للجيش في ذلك الوقت لكن أنا هنا في شق خطير جدًا شق بيمس كل دولة وكل سلطة وكل يعني حكومة ممكن أن تكون موجودة أن تجد نفسها وقد أصبحت مهددة في السيطرة على وضعها، لا أبرر هنا ما حدث في أيلول الأسود ولكن الأشياء التي أدت وقادت إلى أيلول الأسود.
محمد داوود عودة: أنا بدي أقول لك شغلة على هامش كل ها الحكي بس يعني في اجتماع لي مع الرئيس الحبيب بورقيبة.
أحمد منصور: متى؟
محمد داوود عودة: بـ 77 فأخذني على جهة، هو بدأ يعاتب ليش الفلسطينيين رفضوا مشروعه في ذلك الوقت
أحمد منصور: مشروعه اللي طرحه بـ 65
(12/397)
محمد داوود عودة: مشروعه اللي طرحه بـ 65، فقلت والله يا سيادة الرئيس لكل حادث حديث في ذلك الوقت كان مشروعك سابق لزمانه بكثير وقال لي بس أنا بإختلف عن الإخوان العرب اللي حولكم أنا على أرض الجزائر كانوا مقاتلين جزائريين وكانوا هؤلاء المقاتلين الجزائريين تدمر قرى من تونس بسببهم، أنا ما كنت أوجه مدافعي باتجاههم، كنت أوجه مدافعي باتجاه القوات الفرنسية فإحنا مع الأسف إنه اشتركوا الإسرائيليين في تحريض عرب كثيرين لتوجيه مدافعهم ضدنا أنا لا أبرر الأخطاء، أنا بأقول إنه في أخطاء لكن أفرق بين الخطأ والخطيئة، إحنا مجريات الأمور كانت بالساحة الأردنية، أنا من وجهة نظري كان ممكن الإتفاق وابقاء التعاون على ما هو عليه
أحمد منصور: كيف .. كيف؟
محمد داوود عودة: بالتعاون على ضبط المخالفين، ولكن بعدم إشعارنا بالخطأ حولنا، يعني أنا لو أُعطيت فرصة إنه ما أني خايف من الجيش الأردني، أنا باستطيع أضبط ساحتي
أحمد منصور: أنت في ذلك الوقت كنت قائد لقوات الميلشيا.
محمد داوود عودة: نعم.
احمد منصور: التي كانت تضم حوالي 14 ألف بندقية، و14 ألف مسلح، وهذا عدد يعتبر جيش يعني في ..
محمد داوود عودة: مظبوط بس هذا الجيش ماكنش موجه للجيش الأردني، هذا الجيش كان موجه ليكون دفاعًا عن الأرض ضد الإسرائيليين كمان.
أحمد منصور: كان دوره الأساسي الدفاع عن المخيمات أيضًا.
محمد داوود عودة: كان دفاع عن المخيمات لأنه فيه تهديد
أحمد منصور: ضد من؟ المخيمات مهددة مِنْ مَن إن لم يكن من الأردنيين؟
محمد داوود عودة: ليش تهدد؟ ليش الجيش الأردني يهدد المخيمات؟ لو كنا ..
أحمد منصور: يعني الأجواء التي تصاعدت أدت إلى ذلك، وأنتم شكلتم جيش للرد على ذلك.
محمد داوود عودة: مظبوط.. مظبوط، أنا من حقي إني أدافع عن نفسي، أنا من حقي أن أدافع عن نفسي، بس أنا لو أُعطيت فرصة كان أنا بأكون موجود بالغور بكل ها الثقل هذا..
(12/398)
أحمد منصور: لكن أنت الآن شكلت جندي مسلح، معنى ذلك إنك بتستفز الطرف الآخر، لو أنت مستسلم من المستحيل إن الجيش هيهاجمك.
محمد داوود عودة: طب أنا لو ما شعرت بالتهديد على من قبل هذا الجيش، كيف بأشكل جيش مسلح؟ ليش . شو سببه؟
أحمد منصور: ألم يؤدي.. ألم يؤدي هذا أيضًا إلى تصاعد الحدة وإلى إن..
محمد داوود عودة: يعني بدي أقول لك أحمد الدخول في هذا بتفصيلاته يقودنا إلى من قبل؟ الدجاجة أم البيضة؟ هناك تهديد من الجيش الأردني حدث بعد 4/11 وكنا شامين ريحته وعارفينه، ولدينا معلومات، ومن هنا بدأنا نشكِّل ميليشيات للدفاع عن مخيماتنا وهذا حقنا، لو كان ما فيه تهديد من الجيش الأردني، لو كان الجيش الأردني -كما عمل بالكرامة- درعًا لنا لنخوض معاركنا داخل الأرض المحتلة، لأمكننا أن نحرز نصرًا أكثر من هذا بكثير وأكثر حتى من الكرامة.
أحمد منصور: ما كانش وسائل لنزع الفتيل؟
محمد داوود عودة: يعني أبو .. القيادة الفتحوية حاولت جهدها، ولكن كان هناك فيه ضغط خارجي أيضًا، على النظام بالأردن أن يحسم الوضع لصالحه أو يتخلص..
أحمد منصور: مِنْ مَنْ بالظبط؟
محمد داوود عودة: من الأميركان والإسرائيليين.
أحمد منصور: من أجل ماذا؟
محمد داوود عودة: من اجل إيقاف العمل الفدائي على خط طوله 400 كيلو، يعني كان مواجه..
أحمد منصور: ألم يكن هناك.. ألم يكن هناك وسيلة يعني لدفع الأردنيين للحفاظ على الوضع أو عمل توازن بدلاً من عملية التصفية التي وقعت؟
(12/399)
محمد داوود عودة: أنا بأعتقد هذا السؤال لازم يُوجه للجيش الأردني والنظام الأردني في ذلك الوقت، ليش تصور هيك، ليش ما أتصور إنه فيه إمكانية بنزع الفتيل، مع إنه إحنا كان لنا الرغبة القصوى لهذا، إحنا كنا نتجه بسرعة نفاثة باتجاه الاتفاق معهم، لكن كان فيه منا ناس، يعني أنا.. أنا ما أستطيع أصفي الجبهة الشعبية وأنا شاعر إنه الجيش الأردني حول عمان، ما باستطيع، لكن أنا باستطيع أضبط الجبهة الشعبية عندما أشعر إنه الجيش متجه غربًا وبيدافع عني في الغرب
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أتناول معك أحداث أيلول الأسود بتفصيلاتها، ثم ما وقع في ميونيخ في العام 72.
أشكرك شكرًا جزيلاً كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة أبو داوود المشرف على تنفيذ عملية موينخ في العام 1972 في الدورة الأوليمبية وعضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة فتح.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا احمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/400)
الحلقة3(12/401)
الاثنين 23/10/1422هـ الموافق 7/1/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 23:07(مكة المكرمة)،20:07(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
7/08/1999
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة محمد داوود عودة -أبو داوود (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، والمسؤول عن تنفيذ عملية ميونخ ضد الإسرائيليين في الدورة الأولمبية عام 1972م) مرحباً يا سيد أبا داوود.
محمد داوود عودة: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند مرحلة هامة وخطيرة في تاريخ الكفاح والنضال الفلسطيني، وهي ما سبق (أيلول الأسود) سبتمبر 1970م من أحداث أدت إلى حدوث ما وقع بعد ذلك في أيلول، هل يمكن أن تصف لنا الأجواء التي سبقت اندلاع المعارك بين الفصائل الفلسطينية وبين الجيش الأردني؟
محمد داوود عودة: الحقيقة إذا بدنا نشوف إمتى بلشت هذه الأعمال، وهذا الصدام، وخلينا نحكي أسبابه يعني باختصار شديد، أنا ذكرت أنه 4/11 كان أول صدام بينا وبين السلطة الأردنية، والقيادة الفلسطينية والقيادة الأردنية تلافت هذا الصدام، وانتهى باعتقال طاهر دبلان كضحية لما حدث في 4/11..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل اعتُقِل وحده، أم اعتُقِل معاه مجموعة؟
محمد داوود عودة: اعتقل هو وبعض.. يعني عناصر قليلة منهم.
أحمد منصور: هل حُكِمُوا، أم أوعوا السجن.. ؟
محمد داوود عودة: لا، أودعوا السجن في (الجفر) وبقي طاهر دبلان بالسجن حتى توفَّاه الله.
أحمد منصور: تذكر تاريخ وفاته؟
(12/402)
محمد داوود عودة: والله لأ، بس بعد 71 أكيد، بعدها صار فيه حدث أيضاً بشهر شباط 1970م، أيضاً فوجئنا بالحكومة الأردنية تصدر إنذار للفدائيين بالخروج من عَمَّان، طبعاً الفدائيين كانوا متواجدين بالأغوار، وكانوا متواجدين بجنوب لبنان.. جنوب الأردن، ولكن كان بعضهم –أيضاً- متمركز حول المخيمات في داخل مخيمات لحمايتها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نسبة كبيرة على ما أعتقد؟
محمد داوود عودة: لأ لأ، في ذلك الوقت كان في حدود 20 ألف تقريباً.
أحمد منصور: مسلَّح؟
محمد داوود عودة: المسلح، اللي كانوا بيعملوا بدوريات ضد الوجود الصهيوني في الضفة الغربية، وكان عملهم مؤثر، يعني كان فيه شويه مبالغات صغيرة، لكن تعرف العمل الثوري دائماً بعض الأحيان يحتاج إلى مبالغات، بس كانوا يوقعوا بالعدو الصهيوني خسائر، واضطروا هذا العدوَّ الصهيوني أن يبتعد عن شاطئ النهر، إنه يرتفع إلى الخلف 4، 5 كيلو حتى يحمي نفسه.
أحمد منصور: طيب، طالما ذكرت هذا الجانب لو تذكر لنا طبيعة ونوعيات العمليات التي كانت تقوم بها الفصائل الفدائية ضد القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت؟
محمد داوود عودة: كان..نعم كان أكثر من نوع عن العمليات، فيه كان دوريات تنزل وتضرب بالعمق، حتى فيه دوريات كانت تصل لفلسطين 48 مشياً على الأقدام، وبتقوم بأعمال ضد الجيش الصهيوني في خلف الخط الأخضر –ما يسمى بالخط الأخضر- وكانت عمليات بتضرب أسلحته ودشمه المسلحة اللي على الحدود، وكانت عمليات أخرى تطلع لجبال نابلس، وجبال القدس، وجبال الخليل وبتقوم بعمليات، منهم من كان ينجح في عملياته ويعود سالمًا، ومنهم من كان يصطدم بالإسرائيليين عند العودة، ويستشهد بعض أو كل الدورية.
أحمد منصور: العمليات دي -طبعاً-كلها بتدور في إطار حرب العصابات، وعمليات الكر والفر...
(12/403)
محمد داوود[مقاطعاً]: طبعاً حرب عصابات، كانت أضرب أهرب، لأن ما كان عندنا قدرة إنا نواجه الجيش الإسرائيلي كما تواجهه الجيوش العربية.
أحمد منصور: هل كان هناك تنسيق على طول الجبهة ما بين المجموعات الفدائية التي تدخل إلى الداخل، أم أن كل مجموعة كانت تختار الوقت والمكان والزمان المناسب لتنفيذ عملياتها؟
محمد داوود عودة: لأ، معظم القوة كانت من (فتح) ويعني كان فيه تنسيق محدود جدًّا بين الفصائل بعضها مع بعض، بس في البداية كان تنسيق كبير وواسع بين هذه الدوريات وبين الجيش الأردني، وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: البداية، إمتى.. كان تاريخاً.. ؟
محمد داوود عودة: في البداية يعني من 67 –يمكن-حتى بداية 70.
أحمد منصور: حتى بداية 70.
محمد داوود عودة: آه.. آه، كان فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني حتى بعد الكرامة كان هناك تنسيق بينكم؟
محمد داوود عودة: آه كان فيه، كان فيه –يعني- مثلاً تنسيق جزئيّ، إنه كنا نلجأ لبطارية مدفعية أردنية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لحمايتكم؟
محمد داوود عودة: أو تسهيل انسحاب مجموعة إلنا، وكانوا الشباب يتجاوب معنا ويطلقوا بعض القذائف تساعد على انسحاب مجموعتنا، ببداية 70 وبشباط بالتحديد، أو فبراير.
أحمد منصور: فبراير، نعم.
محمد داوود عودة: فوجئنا بأنه.. أنا قلت لك إنه كان فيه –أيضاً- جانب من السلطة في الأردن تحرض على الاصطدام معنا، وعلى منعنا من ممارسة حقنا في الصدام مع العدو الصهيوني المحتل، يبدو أنه صار فيه ضغط، أنا لا أعرف التفاصيل بالجانب الأردني، ولكن يبدو إنه صار فيه ضغط على الحكومة إنها تصدر إنذار، وأصدرت الإنذار، وطبعاً استنفرت القوة من الجانبين، وأرسلت بعض الدوريات من الأمن العام (مقللة) باتجاه جبل (التاج) على ما أذكر.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إنه كان فيه هناك ألفين إلى 3 آلاف فدائي مسلح داخل عَمَّان في ذلك الوقت من بين المجموع..
(12/404)
محمد داوود [مقاطعاً]: آلاف فدائيين كان فيه جزء، بس الجزء الأكبر كان من التنظيم مدنيين.. المسلحة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الميليشيا؟
محمد داوود عودة: الميليشيا.
أحمد منصور: اللي هي أنت كنت بتقودها؟
محمد داوود عودة: اللي أنا كنت مسؤول عنها.
أحمد منصور: عددهم في عَمَّان كان قد إيه؟
محمد داوود عودة: بعَمَّان يمكن كان فيه 7 آلاف مسلح.
أحمد منصور: يعني شيء ليس هيناً؟
محمد داوود عودة: آه شيء كبير.. لا شيء كبير، بس في ذلك الوقت لم يكونوا بعد هم دُرِّبوا تدريب جيد،وكنا لسه باديين بدورات تأهيل وإلى آخره..
أحمد منصور [مقاطعاً]: المهم في أيديهم أسلحة؟
محمد داوود عودة: آه، المهم في أيديهم أسلحة، بس أسلحة يعني متخلفة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى لو بنادق عثمانية أيضاً.
محمد داوود عودة: آه.. فيه بنادق فيه كان (جوستاف) اللي كان نأخذه من مصر كانوا يعطونا..
أحمد منصور:رشاش بورسعيد.
محمد داوود عودة: رشاش بورسعيد، وبعض الكلاشينات القديمة اللي كنا جمعناها من.. أو جمعوها البدو من سيناء وباعونا إياها، أو جُمعت من مناطق في الجولان وباعونا إياها، فكان عندنا شوية أسلحة لا بأس بها، فصار الصدام بجبل التاج، واستشهد أعتقد اثنين فدائيين، وضربت الدورية ووجهت بنيران ما قتلش منها أحد، لكن ارتدت ورجعت فصار فيه توتر، كمان تدخلت القيادة الفلسطينية في ذلك الوقت مع القيادة الأردنية وهدَّأت الوضع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت لمَّا تقول القيادة الفلسطينية في فبراير 70، هل بتعني بها قيادة فتح، أو أيضاً الجبهة الشعبية والتجمعات الأخرى..
(12/405)
محمد داوود[مقاطعاً]: والجبهة الشعبية، والديمقراطية في ذلك الوقت، كانوا.. فيه قيادة اسمها اللجنة المركزية لحركة المقاومة الفلسطينية، وكان بيقودها أبو عمار وطبعاً قيادة فتح، وكان فيها أيضاً مستقلين، كان فيها المرحوم إبراهيم بكر وكان فيها مجموعة من السياسيين اللي منخرطين بالعمل الوطني الفلسطيني، هاي القيادة الفلسطينية، وطبعاً هدّؤوا الوضع، ورجع الوضع ساكناً، لكن التوتر موجود، والحساسيات موجودة، والأخطاء موجودة من كلا الجانبين، ولذلك التوتر مستمر، يعني مثلاً فيه يكون (لاندروفر) فدائي متحرك خارج عَمَّان يدخل مناطق فيها جيش أردني ينُمسَك، وأحياناً ينشلح سلاحه ويُسجن، وأحياناً يُضرب ويُقتل، وكانت هاي تحصل، كما إنه كان فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مناطق عسكرية يا سيدي لابد أن تُحترم.
محمد داوود عودة: لأ، مش مناطق عسكرية، المناطق العسكرية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إذا منطقة تابعة للجيش أردني لابد -والفدائيين يعلموا ذلك- لابد ألا يعتدوا عليها، لا يتجاوزوها.
محمد داوود عودة: لأ لأ، مش مناطق عسكرية، المناطق العسكرية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش جيش مناطق خاضعة للجيش؟
محمد داوود عودة: مش كلها، البلد كلها خاضعة للجيش باعتبار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا.. لابد أن يكون هناك -أيضاً- احترام لسيطرة الدولة.
محمد داوود عودة: لا إحنا.. ما هو فهو احترام سيطرة الدولة كنا حسمناه سابقاً، إنه كان ممكن التنسيق بينا وبين الدولة ويتم الاحترام عبر التنسيق، مش عبر شراع البنادق من الخلف في الظهر، هذا ما كانش يعطي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي يعطي ضمانات للجيش الأردني إن دي مجموعة فدائية، وليست مجموعة متسللة من إسرائيل أيضاً؟
(12/406)
محمد داوود عودة: كان معروفين الفدائيين، والتسلل كان بيكون من النهر، إذا حدا بيمنع التسلل لازم يكثف وجوده على النهر، مش يكثف وجوده بجرش وعجلون، يعني هذا مختلف، ومناطق عسكرية، أنا لا أعني إنه المناطق العسكرية معسكرات الجيش الأردني أو مناطق أسلحته، هاي ما حد كان يفوتها، أنا بأعني كيف كانوا بيعملوا حاجز على الطريق مثلاً، يمسكوا لاندروفر متحرك من جرش إلى إربد وهذا اللي كنت أعنيه أنا، وليس مناطق عسكرية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب من المعروف –عفواً- بشكلٍ عام في كل التحركات العسكرية، في كل الميادين، وفي كل الدول إنه لو أراد حتى جيب صغير أن يتحرك من مكان إلى آخر لابد يبقى معاه خط سير، ولابد يبقى معاه شيء واضح، حتى لو مر على نقاط الشرطة العسكرية أو غيرها، هذا في الدول التي ليس فيها قلق، فما بالك بدولة فيها مواجهة؟
محمد داوود عودة: هذا بالدول.. لأ هذا بالدول اللي فيها سلام، أما مش دولة بتواجه حرب يوميًّا، وفيه قوة فدائية تناصر الجيش في محاربة عدوه، هذا وضع مختلف.
أحمد منصور:لم يكن لديكم في ذلك الوقت تقدير للضغوط -التي ذكرتها أنت من قبل- التي يمكن أن تمارس على دولة صغيرة مثل الأردن ليس لها أي عمق استراتيجي، وفي نفس الوقت دولة صغيرة وبسيطة وقائمة على المعونات والمساعدات، ولا تستطيع أن تدخل في مواجهة مع إسرائيل، كما ذكر الملك حسين لك حينما زارك في السجن بعد ذلك في 73.
محمد داوود: بس دخلت مواجهة مع إسرائيل في الكرامة بالتعاون معنا، وحققت انتصار.
أحمد منصور: قائد المعركة هو الذي حدد دون الرجوع إلى قيادة الجيش..
(12/407)
محمد داوود [مقاطعاً]: ما هو كارثة.. هذه كارثة، إذا كان ما فيش عند القيادة الأردنية نية للصدام مع إسرائيل حتى بمساعدة الفدائيين، فهي كارثة.. معناها كان لازم الفدائيين -أخ أحمد- تعرف كان لازم شو يعمل الفدائيين يظبوا أسلحتهم وما يقاوموش الإسرائيليين مادام الدولة مش قادرة تقاوم، ومش راضية تتعاون هي وإياهم يقاوموا، إذاً كان لازم أنه ما يكونش فيه عمل فدائي من الأساس.
أحمد منصور: يعني أنا أذكر الفريق مشهور حديثة ذكر في شهادته لي على هذه الأحداث أنه تلقى أمراً بإيقاف القتال الساعة 11 صباحاً، ورفض وظل يواصل إلى الثامنة ليلاً، وهذه تعتبر في العرف العسكري فيها شيء من المخالفة، لكن -أيضاً- البعد الوطني في قضية المقاومة، هناك -أيضاً- قرار الحرب هو قرار سياسي دائماً، وليس قرار عسكري، الضغوط التي كانت فيها الأردن، الوضع الذي كان فيه الأردن نستطيع أن نقول بأنكم -أيضاً-لم تتفهموا طبيعة هذه الأمور؟
محمد داوود عودة: لأ، الوضع هو اللي فرض علينا هذا، لو الأردن أجرى صلحاً مع إسرائيل بعد 67 مباشرة، ممكن نقول إنه ما عدش فيه حرب، بس إحنا الدول العربية كاملة بما فيها مصر وسوريا والأردن بعد حرب 67، اعتبرت أن الحرب قائمة، وأن وقف إطلاق النار هذا وقف مؤقت –ما لوش دعوة- أما لو كان فرض سلام، بيكون إحنا لازم نظب أواعينا ونروح –ما لناش دعوة- نروح نفتش عن مكان آخر، بس مادام الحدود مفتوحة، ومادام عملياتنا قائمة، ومادام إنه من حقنا أن نستعمل الأرض العربية في مقاومة الاحتلال، كما ذكرت لك إنه الحبيب بورقيبة كيف كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم تكن لكم سوى الجبهة الأردنية المسموح لكم أن تتحركوا فيها؟
محمد داوود عودة: لأ، كان فيه إلنا الجبهة الأردنية، والجولان، ولبنان.. وجنوب لبنان.
أحمد منصور: لكن في ذلك الوقت كان كل تواجدكم وتكثيفكم كان في الأردن..
(12/408)
محمد داوود [مقاطعاً]: زخمنا كان.. بس كان إلنا وجود -أيضاً- في جبل (الشيخ)، في الثلج عايشين مقاتلينا، يعانوا ليل نهار من البرد والجوع وإلى آخره، وكانوا يقاوموا من جنوب لبنان، أيضاً من الجولان، كانت الجولان مفتوحة إلنا، وكنا نقاتل منها أيضاً، فكانت الجبهات الثلاثة، أيضاً يعني إلى حد ما مع الصعوبة اللي كنا نعانيها كان إخوانا المصريين يساعدوا بإدخال دوريات من جانبهم، فكانت الجبهات العربية اللي حول إسرائيل مفتوحة للقتال وللعمل، مش بس الجبهة الأردنية، وإحنا ما استضعفناش الحكومة الأردنية، وبدأنا من جانبنا حرباً ضد إسرائيل من حدودها، لأنه هي ما وقفت القتال مع إسرائيل إلا بهدنة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي دفع الجانب الذي يدعو إلى المواجهة مع الفدائيين داخل السلطة الأردنية إلى أن تكون له الغلبة على الجانب الآخر؟
محمد داوود عودة: يمكن الظروف، ويمكن الضغوط اللي أنت حكيت عنها، الضغوط الخارجية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حكيت عنها قبلي.
محمد داوود [مقاطعاً]: أنا حكيت عنها قبلك، آه، يعني بس أنت اللي ثبتها الآن، الضغوط الخارجية تكون هاي اللي لعبت دور، بس أنا عم بأسلسل لك الأحداث وما انتهت إليه حتى صدام أيلول، في شهر 6، أيضاً فوجئنا بأنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني من فبراير ليونيو الأمور كانت متوترة، هدوء مشوب بالحذر.
محمد داوود عودة: آه متوترة، لكن دون اصطدامات، في شهر 6 فوجئنا أيضاً بقرارات -وكانوا القيادة الفلسطينية معظمهم في المجلس الوطني في القاهرة- بقرارات وبمحاولة السيطرة على بعض المناطق مما شكل توتر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: داخل عَمَّان؟
محمد داوود عودة: داخل عَمَّان، فهذا التوتر أزّم الوضع، ورجعت القيادة الفلسطينية أيضاً، وعملت على تهدئته واستطاعت أن تهدئه.
أحمد منصور: إحنا نقدر نقول إنك أنت كنت مسؤول عن حماية المخيمات الآن من الناحية العسكرية، والناحية الأمنية.
(12/409)
محمد داوود عودة: نعم، نعم.
أحمد منصور: من خلال الميليشيا التي كنت تقودها، وكانت عَمَّان هي المحور الرئيسي لبؤر التوتر دائماً، دولة تريد أن تسيطر على عاصمتها، مسلحين موجودين داخل هذه الدولة -أيضاً- يحولوا دون تمكين الجيش من السيطرة عليها، فأنت كان عليك عبء أمني كبير، وهم أيضاً لديهم رغبة في أن تكون لهم سلطة على عاصمتهم.
محمد داوود عودة: يعني أقولك شغلة، السلطة.. نحن لا ننكر حق -من ناحية نظرية- لا ننكر حق الأردن بالسيطرة على عاصمتها، لكن هنا الوضع مختلف، هل تريد أن تسيطر على عاصمتها، وتتيح إلنا المجال أن نقاتل العدو الصهيوني، لو كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اخرج قاتل يا سيدي في الأحراش..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: لا.. وينا.. وين أقاتل أنا.. وين أقاتل وبنادقهم مشرعة في ظهري؟ وين أقاتل؟ ما إحنا لا أستطيع أن أقاتل، ما جربناها، بتقول لي بالأحراش، جربناها بعد ذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد 71 بعد ما صارت المذابح..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: طلعنا من عَمَّان بناءً على نوايا حسنة منهم.
أحمد منصور: لماذا لم تخرج قبل اندلاع الأحداث؟ وقد اضطررت إليها في النهاية؟
محمد داوود عودة: إذا.. لو أعطاني الأمان.. لو أعطاني الأمان وبصدق وبإخلاص، كنت أنا مستعد أروح أنتقل إلى الغور بدون تردد، لكن إحنا ليش –أصلاً- شكَّلنا قوة حماية؟ لما شعرنا بالنوايا، وشعرنا بالمنظمات اللي كانوا بيخترعوها إلنا، وشعرنا بأعباء كبيرة كانت تهدف إلى ضربنا.
أحمد منصور: ما هي المنظمات التي اختُرِعَتْ لبث القلق لديكم؟
محمد داوود عودة: اخترع منظمتين، ثلاثة، كانت الاستخبارات العسكرية بيشرفوا عليها، واعتقلنا واحدة وفيها يمكن 200 عنصر، اعتقلنا قادتها يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فلسطينيين؟
(12/410)
محمد داوود عودة: لأ، فلسطينيين وأردنيين، بالأردن إحنا ما كنا فلسطيني وأردني -حقيقة- حتى بالمنظمات التي كانت تقاتل معنا كان فيه شباب أردنيين كتار.. يعني لم نفصل بين فلسطيني وأردني أثناء هذه المرحلة.
فيه فصل بين السلطة وبين العمل الفدائي، بس العمل الفدائي كان قادة فيه أردنيين (أحمد زعرور) كان أردني، (ضافي جمعاني) كان أردني، ولا أريد أن أسمي حتى لا أنسى ناس وأظلمهم، كان كثير أردنيين.. (نايف حواتمة) أردني، كلهم كانوا أردنيين يقاتلوا، شبابهم كمان أيضًا عناصر منهم كلهم أردنيين، من الكرك ومن أربد ومن عجلون عندنا فتح كان مسؤول منطقة الصلت أردني كان يقاتل، فنتيجة هذا التوتر.. يعني بعد شهر 6 طبعاً رجعت القيادة من القاهرة وهدَّأت الوضع، بدأ التوتر الأكثر في بداية آب..
أحمد منصور: أغسطس.
محمد داوود عودة: أغسطس.
أحمد منصور: 1970م.
محمد داوود عودة: و 70، كان يوميًّا فيه صدامات خفيفة، وكنا دائماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما شكل هذه الصدمات؟
محمد داوود عودة: يعني مثلاً، هم كان لهم قوات في البريد، فجأة يمر فدائي لابس أواعيه من جنب البريد، ينضرب رصاصة ينزل قتيل، يهجموا الفدائيين على البريد، بنيجي إحنا نظب الفدائيين ونهدي الأوضاع، وكانوا حتى يسموني أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس قضية الهجوم على البريد هذه ما كانت قضية سهلة، وما كانتش قضية بسيطة، وكانت استخدمت فيها (أربجيهات)..
(12/411)
محمد داوود [مقاطعاً]: لا، لما بينتقل.. لما بينتقل عنصر ماشي بالشارع –شايف- لأنه مجرد لباسه فدائي بيطلقوا عليه النار، أنا كنت مع التهدئة في ذلك الوقت كما إنه القيادة الفتحوية كانت مع التهدئة، ولكن -أيضاً- لا أنكر أن هناك كان ناس مع التصعيد من قبل العمل الفدائي، ما بأنكرهاش هاي، بس أنا بقول لك إنه كان ممكن أن نصل إلى conpromise حتى لدرجة أنا من كثرة ما كنت أركض وأهدي وأركض وأهدي سموني قائد (ماكو) أوامر، يعني ما بأعطيش أوامر إطلاق نار، طبعاً أنا ما كنت شاعر إنه هذا إطلاق النار يفيد قضيتي، أنا صاحب قضية، أنا بيهمني إنه الكل.. كل العرب، كل جندي عربي.. كل جندي عربي وين ما كان إن شاء الله بأقصى المغرب أو بالخليج تكون بندقيته متجهة باتجاه العدو الصهيوني، وكنا رافعين شعار"كل البنادق باتجاه العدو الصهيوني" وهناك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والآخرين يرفعون شعار"كل السلطة للمقاومة".
محمد داوود عودة: فيه ناس رفعوا شعار"كل السلطة للمقاومة"ولم نكن منسجمين معهم فكريًّا ولا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أيضاً أنتم تركتموهم،لم تستطيعوا أن تقوموا بعملية استيعاب لهم؟
محمد داوود عودة: لأ، لأ ما بنقدر نسيطر عليهم مادامت مدافع الدبابات والقنابل مطوقة عَمَّان وموجهة باتجاهنا ما كان ممكن، يعني كمان الجيش الأردني أخذ مبادرة سحب كل قواته من الغور وأحاطها بعَمَّان، هذا من شهر سبعة كتير، إحنا كنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بسبب استفزازكم يا سيدي؟
محمد داوود عودة: لأ، يعني استفزازنا..أنت دائماً الآن تحكم على الصورة من خارجها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا، أنا أحكم على الصورة من الطرف الآخر، يعني حينما تفقد سلطة السيطرة على عاصمتها بهذه الطريقة.
(12/412)
محمد داوود عودة: كلامك منطقي 100% في حالة عادية جدًّا، في حالة طبيعية، مش بعد ما ينهزموا العرب في 67، ويضيعوا الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وجزء من.. والجولان، فالعرب في ذلك الوقت كان وضعهم -مش بس وضع الأردن- وضع استثنائي.
يعني موضوع عاصمة، وسيطرة جيش عليها، وحقهم، هذا بالأحوال الطبيعية، لكن أيضاً كانت العاصمة الأردنية مهددة، افترض إني أنا ما قاومتش الاحتلال، وافترض إنه مشهور حديثة لم يعط أوامره -زي تفضلت- وتفضل أبو رمزي مشكورًا أعطى أوامره بالتصدي، ما كانت الدبابات الإسرائيلية ممكن تستمر زاحفة حتى عَمَّان أو لأ؟!
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو ذكر ذلك.
محمد داوود عودة: أو.. لأ؟!
أحمد منصور [مقاطعاً]: قال: ليس لعَمَّان، لكن ربما أيضاً..
محمد داوود [مقاطعاً]: لأ ربما حتى توصل المفرق، فالوضع لم يكن استثنائيًّا، لذلك أنا ما بأقول إنه أنا من حق الجيش يسيطر على عاصمته وأنا كنت أمنعه، الوضع كان استثنائيًّا في كل دول الطوق المحيطة، لذلك كان هذا الوضع الاستثنائي -أيضاً- يحتاج إلى معالجة استثنائية من قبل الإخوان في الأردن، وأنا بأقول وتجربتنا إحنا وإياهم عندما تعاونا كنا نحقق انتصاراً، وعندما اختلفنا حققنا مزيداً من الهزائم في الوطن العربي، من هذه الزاوية أنا بأجاوب بس وخلال آب كله كان فيه صدامات، وانعقد المجلس الوطني في عَمَّان، وانعقد اتحاد طلاب عالمي في عَمَّان، وحركة وطنية عربية كلها إجت على عَمَّان لتهدأ الأوضاع، بس يبدو إنه كان هذا كله متأخر لأنه قرار الصدام كان صار يعني مأخوذ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: متى أدركتم أن هناك صدام -لا محالة- بينكم، وبين الجيش الأردني؟
محمد داوود عودة: يعني بمنتصف أغسطس، بس كنا نحاول -كمان- نمتص كل هذه الأوضاع من أجل حل الصدام.
أحمد منصور: عمليات خطف الطائرات التي قام بها وديع حداد.
(12/413)
محمد داوود [مقاطعاً]: هاي..هاي المأزق الذي زاد الطين بلة، وهذا واقع أوقعنا في مأزق، يعني أوقع المقاومة كلها في مأزق، نحن -مثلما تعرف- إحنا كنا باتجاه الغرب كل توجهنا للصدام مع إسرائيل، فإنه نفاجأ أن المطار صار في المفرق في الشرق، يعني هذا انتهاك لحق البلد في أراضيها، ونحن نقر ذلك، وقد حاولنا أن نحل المشكلة بالتي هي أحسن، وبذلت القيادة في فتح جهوداً جبارة لإقناع الإخوان بالشعبية لحل هذا المأزق وإطلاق سراح الرهائن، ولكن العناد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفجير الطائرات حتى بعد إطلاق سراح الرهائن..
محمد داوود عودة: تفجير الطائرات، ونقل الرهائن لعَمَّان، وتوزيعهم على الوحدات، وعلى مناطق أخرى، كمان ظلينا نبذل الجهود إطلاق النساء والأطفال وإلى آخره، ونجحنا في شيء من هذا القبيل.
أحمد منصور: كل هذا -أيضاً- أما يعطى مبررات قوية لدولة فقدت سيطرتها، أو في طريقها إلى أن تفقد سيطرتها على وضعها؟ فيه حادث –أيضاً- وقع، وهو اختطاف الصحفيين الغربيين في (الإنتركونتننتال) أيضاً، كلها عمليات تصعيد كلها بتدفع عملية المواجهة والصدام، وأنتم كما تقول كنتم تسيروا في تيار آخر، وليس لكم قدرة على السيطرة على ما تفعله الفصائل الأخرى أو..
محمد داوود [مقاطعاً]: لا، مش قادرة على السيطرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تركتموهم يعني، تركتموهم.
محمد داوود عودة: لأنه أيضاً.. مش تركناهم –أخ أحمد- أيضاً كنا نعي لأن في الجانب الآخر في وسط الجيش الأردنيِ قوة مُصرة على ضربنا وإنهائنا، وكانت هذه القوة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لمصلحة مين؟
محمد داوود عودة: ما بأعرفش، أنا اللي بأسألهم في ذلك الوقت كان لمصلحة مين؟ أنا بأقول إنه هاي كانت لمصلحة وحيدة وهي إسرائيل، مثلاً إحنا يوم 16 أو 15/9 توصل أبو إياد وعبد المنعم الرفاعي لاتفاق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عبد المنعم الرفاعي كان رئيس للحكومة أنذاك؟
(12/414)
محمد داوود عودة: رئيس للحكومة، وكنا مستعدين أن نطبق اتفاق اللي تم بين أبو إياد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أهم بنود هذا الاتفاق لو تذكر؟
محمد داوود عودة: إنه على ما أذكر، إنه نخفف الوجود المسلح في عَمَّان شرط إن يضمن لنا هو إنه الجيش الأردني لا يقتحم مخيماتنا، وإنه نزيد التركيز على الأغوار –كمان- هو يسحب بعض الجيش اللي سحبوه من الأغوار ويعيده إلى الأغوار لمساعدتنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من حول عَمَّان؟
محمد داوود عودة: من حول عَمَّان آه، وهذا الاتفاق كان اتفاقاً معقولاً، ويعطي المسرَّة لكل من هو بالأردن.
أحمد منصور: لكن يقال أنكم أنتم اللي عرقلتم التنفيذ؟
محمد داوود عودة: لأ ، لأ، لم نتمكن، كان الاتفاق يوم 15 ، ويوم 16 فوجئنا بتشكيل حكومة جديدة، إقالة عبد المنعم الرفاعي، وتشكيل حكومة عسكرية برئاسة محمد داوود، وحاولنا الاتصال يوم 16 بأي مسؤول أردني فما كانوش يردوا علينا، ولا راضيين يحكوا معنانا أي كلمة، حاولنا الاتصال بمحمد داوود، ومحمد داوود ما كان فيه إمكانية اتصال فيه، لأنه كان محصوراً بغرفة بالأركان، ما لوش علاقة بكل ما يدور، وكانت غرفة العمليات الرئيسية باعتراف عدنان أبو عودة إليّ أنا شخصيًّا إنه لم يكن محمد داوود له علاقة بالموضوع، كان شكلاً، مع أنه فلسطيني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من كان الذي له علاقة إذن؟
محمد داوود عودة: العلاقة كانت غرفة عمليات مُشكلة من الملك ووصفي وعدنان أبو عودة وآخرين كانوا موجودين في غرفة عمليات في القصر، وليس برئاسة الأركان.
أحمد منصور: لهذا حُمِّل وصفي التل مسؤولية ما حدث للأردنيين والفلسطينيين؟
محمد داوود عودة: لأ أعتقد بعدها –كمان- وصفي يمكن مش هذا السبب، هذا السبب كان مش واضح، بس السبب الأكبر ضربة جرش وعجلون يمكن يتحمل مسؤوليتها.
أحمد منصور: 71 بعد ذلك؟
(12/415)
محمد داوود عودة: نعم، وفوجئنا بيوم صبيحة 17، وإذا الدبابات كلها –طبعاً- عَمَّان مورس عليها قصف رهيب بشتى أنواع المدفعية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على المخيمات؟
محمد داوود عودة: على المخيمات وعلى المدينة، على كل موقع في المدينة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على كل موقع بما فيه مواقع الأردنيين؟
محمد داوود عودة: بما فيه الأحياء الأردنية السكنية، ما فيش فصل بين –أخ أحمد- أنت بدك تتخيل عَمَّان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنا رحت عَمَّان مرات عديدة، ورأيت بعض المواقع فيها يعني أماكن الفلسطينيين تكاد تكون متميزة، فيه أماكن متميزة، وفيه أماكن مختلطة.
محمد داوود: لأ.. المخيمات متميزة، المخيمات أما الأحياء -مثلاً- الآن أنا بأسكن بعَمَّان، جاري اللي بالطابق اللي تحتي، ضابط بالجيش الأردني كان، طبعاً متقاعد، وجاري بالمقابل ضابط مخابرات متقاعد، فيعني لا تميز البناية اللي أنا فيها أهي بناية فلسطينية أو أردنية، بس أنا بأقول لك: المخيمات –طبعاً- ما كان فيه أردنيين إلا قلة في المخيمات، يعني الفقراء اللي كانوا مش قادرين يسكنوا في المدينة كانوا بيلجؤوا للمخيمات بسبب رخصها، فالمخيمات متميزة، بس غير المخيمات،كامل عَمَّان غير متميزة، الأحياء فيها غير متميزة، أنا كنت ساكن بجبل النصر كل اللي جنبي أردنيين من الكرك و(..) فبُوشر إطلاق المدافع على عَمَّان دون تمييز، وبعدين تقدمت الدبابات بعد الفجر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أين كنت أنت بالميليشيات؟
محمد داوود عودة: أنا كنت في ذلك الوقت في قيادة الميليشيا اللي هي بالوحدات.
أحمد منصور: في منطقة الوحدات؟
(12/416)
محمد داوود عودة: آه، ففوجئنا بالدبابات تتقدم حتى إنه مجموعة من الدبابات وصلت قريبة من مركز قيادتي، وبعدها كان من الطبيعي إنه –أيضاً- الفدائيين يدافعوا عن أنفسهم، ويتصدوا.. الميليشيا أعني الفدائيين والميليشيا، فتصدوا لهذه الدبابات ودمر منها بعضها، وانسحب البعض الآخر، واستمر اليوم الثاني والثالث وهم يحاولون.
أحمد منصور: إلى كم يوم استمروا؟
محمد داوود عودة: 12 يوم، 12 يوم في القتال، يعني أنا لا أبرر هذه الحرب، هذه الحرب قذرة، الحرب الأهلية من أقذر الحروب بالدنيا ومؤلمة، لأنه أنا كنت أشوف الجندي الأردني لما يسقط كأنه ابني سقط أو أخويا سقط، أنا بأعتبر هذا الجندي الأردني هو دمي ولحمي، وكذلك الفدائي لما يسقط أنا كنت أشوف إنه كيف المعركة كانت عنيفة؟ بحيث إنه الضحايا من كلا الطرفين بيتساقطوا بلا مبرر، يعني ما كنش فيه إمكانية.. يعني ما كنش فيه إمكانية 100% لتجنب هذه المجزرة، ومع هذا دامت الحرب يوم ويومين وثلاثة، والحرب تولد الحقد يوم عن يوم.
أنا مثلاً مرة أُسرت دبابة أردنية، وجرح تلاتة من اللي فيها، فأنا رحت بنفسي طلعتهم من الدبابة وحملتهم حتى أحافظ على حياتهم، لأنه دبابة جاية يمكن قتلت عشرة قبل ما توصل لموقعها، فبيجي واحد وبيطلق عليهم النار ويقتلهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت تتوقع أن فيه عناصر مندسَّة، أم أن الحرب دي فعلاً قامت على تصورات الطرفين اللي يعتبروا مخلصين لكلا القضيتين أو الوضع بالشكل العام؟
محمد داوود عودة: أنا لا أنكر إنه ربما كان هناك عناصر مندسة بين الطرفين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنها وصلت إلى القيادات حتى لديكم أنتم؟
محمد داوود عودة: لأ، لدينا يعني ما بأتصورش، بأتصور لدينا فيه.. فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليه.. ليه يا سيدي؟ أكبر الاختراقات تمت لديكم في المنظمة؟..
محمد داوود [مقاطعاً]: وين هاي الاختراقات لدينا؟
أحمد منصور: إلى أعلى المستويات عندكم.
(12/417)
محمد داوود عودة: وين أعلى.
أحمد منصور: إسرائيل..
محمد داوود [مقاطعاً]: عدنان ياسين أعلى المستويات عندنا،يعني الناس بيقولوا: عدنان ياسين مخترق، بس عدنان مش أعلى المستويات، يعني أعلى المستويات يمكن الآن يعني خليني أكون صريح معاك وصريح جدًّا، يمكن الآن وصلوا بعض الاختراقات إلى مستويات كويسة، أما قبل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كويسة يعني إيه؟
محمد داوود عودة: آه يعني ذات نفوذ، أما قبل أنا بأتحدى إذا كان فيه مستوى في اللجنة المركزية، أو بالمجلس الثوري لحركة فتح أي اختراق كبير.
أحمد منصور: فيه اختراقات غير مباشرة أيضاً أرجو أن لا تغفلها.
محمد داوود عودة: آه فيه، لأ فيه، الاختراقات غير المباشرة ما حدا بيحكمها، كان إحنا كنا نخترق اليهود بطريق غير مباشر، كمان المصريين اخترقوا الإسرائيليين وجندوا منهم جنرالات، والسوريين جندوا من مدة قريبة اكتشفت شبكة فيها جنرال إسرائيلي، يعني هاي الاختراقات هاي نتيجة عادية في الحروب، فأنا بأقول: إنه أيلول.. أيلول أنا حبيت أذكر أيلول الآن، وأشكرك على إثارة هذا الموضوع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا والله يؤلمني إثارته، ويعني كثير...
محمد داوود [مقاطعاً]: وأنا يؤلمني الحكي فيه.
أحمد منصور [مستأنفاً]: كثير من الناس، يعني حتى حينما أثرته من قبل، كثير من الفلسطينيين اللي حبيت أفتح معاهم الموضوع رفضوا حتى الأردنيين.. ولكن هذا جزء من التاريخ، ومن الماضي لابد أن يتحدث عنه الذين صنعوه.
(12/418)
محمد داوود عودة: أنا حبيت أحكي في هذا الموضوع، لأنه درس قاسي سيعلمنا في المستقبل إن عمرنا ما نصطدم ببعضنا مهما كانت فيه حساسيات صغيرة، يعني الحساسيات موجودة الآن، حتى الحساسيات السياسية، أنا بأقول: أسوأ ما يستفيد منه الصهيونيين هو الاصطدام الداخلي العربي،سواء الفلسطيني -الأردني، أو الفلسطيني -السوري، أو الفلسطيني -المصري، أو المصري -الأردني، هلم جرّا. أنا بأعتقد إنه درس أيلول يجب أن يكون بحدة يقرأ، ويقرأ من كل جوانبه، وأنا ما خجلتش لما قلت لك: إنه كان عندنا أخطاء، وكان عندنا مشاكل، وكان عندنا تجاوزات، وشعارات غير منطقية وغير معقولة -شايف- وما حدث، يعني هناك شغلة مهم جدًّا تساعد على تفسير القرار الأردني السريع.
أحمد منصور: ما هي؟
محمد داوود عودة: عقد في آب 1900م.. في أغسطس 1970م مؤتمر الجبهة الديمقراطية وفي هذا المؤتمر اتخذ المؤتمر قراراً بإسقاط النظام، و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في الأردن؟
محمد داوود عودة: في الأردن.
أحمد منصور: طيب، حضرتك عايز إيه بعد كده؟!
محمد داوود عودة: أنا بأقول لك.. أنا بأقول لك، هم كانوا يقدروا يسقطوا النظام بدوننا مش ممكن، وما كناش إحنا ناوين نسقط النظام.
أحمد منصور: حتى لو لم يملك إلا بندقيتين، وأعلن هذا أو اتخذ هذا القرار.
محمد داوود عودة: ما بيقدرش.. ما هو أنا بأقول لك: أنا بأحكي لك تجربة أيلول بكامل سلبياتها وإيجابيتها على المقاومة وعلى السلطة الأردنية، فالسلطة الأردنية كانت حاضرة المؤتمر، وسجلت هذا القرار على كاسيت وأذاعته بعد أيلول، يعني هم الأردنيين كانوا متأكدين أن الديمقراطية لا تملك من القوة إن تهز شعرة من النظام، وإحنا –أصلاً- لا يمكن نسمح لها إن تهز شعرة من النظام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب..
(12/419)
محمد داوود [مقاطعاً]: لأن نحن مصلحتنا الذاتية، خليني احكي ليك بصراحة، مش بس لأنه إحنا ضد إسقاط النظام، كمان إحنا لا نرضي إنه الجبهة الديمقراطية أو الجبهة الشعبية، تستلم نظام وإحنا موجودين فيه، معناها إحنا رحنا بلاش، فلذلك من مصلحتنا الذاتية، إحنا بكل صراحة لا يمكن أن نوافق.
أحمد منصور: أبو داوود، هناك بعض الدول بتقبض على 10 أشخاص بتهمة قلب نظام الحكم، وربما ما بيكونش معهم شيء إلا شوية منشورات، الجبهة الشعبية جبهة مسلحة تقوم بعمليات، كل يوم وديع حداد عامل قلق في العالم بالطائرات اللي بيخطفها وبالعمليات اللي بيعملها، أما تريد دولة صغيرة مثل الأردن أن تقلق من مثل هذا الأمر، وأن تسعى فعلاً..
محمد داوود [مقاطعاً]: القلق شيء.. شيء وتجاوزه شيء آخر، كان عندها إمكانيات أن تقلق مظبوط، لكن كان عندها إمكانيات أن تتفاهم معنا لتفسير هذا القلق وإزالته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: للأسف التاريخ وقع، والأحداث وقعت بالشكل الذي تمت به، ونحن الآن بصدد محاولة تفسير لهذه الأحداث من أحد الشخصيات الذين صنعوها أو شاركوا فيها، وكان تحت يدك 14 ألف مسلَّح في تلك المعركة للأسف، نعم.
محمد داوود عودة: أنا قلت لك –قبل شوية- إن الوضع كان استثنائيًّا، ليس وضعاً عاديًّا، يعني عندما كان يتفق الملك حسين، وأبو عمار، وأبو إياد وأبو جهاد ويقسموا يميناً على الإخلاص فيما بينهم، كانت الأمور هادية، بس عندما كان يحنث هذا اليمين من طرف أو آخر كانت تخرب الأمور.
أحمد منصور: تعرف وديع حدَّاد؟
محمد داوود عودة: نعم.
أحمد منصور: هل تعرف وديع حدًّاد؟
محمد داوود عودة: بأعرفه.. مش كتير يعني قابلته مرة أو مرتين.
أحمد منصور: ما هي طبيعة تركيبة هذا الشخص؟
(12/420)
محمد داوود عودة: رجل ذكيٌّ جدًّا، ومخلص لقضيته جدًّا، لكن اتجه اتجاهاً آخر قد لا أوافقه عليه، هو خطف الطائرات وإلى آخره، بس لا شك أنه ذكيٌّ جدًّا، ورجل فلسطيني وطني عربي قومي رائع.. اتفضل.
أحمد منصور: هل كان بيقوم بهذه العمليات؟ أو اختار عمليات خطف الطائرات، واحترف فيها وعمل بها، أقلق العالم كله لعدة سنوات وكما يقال كانت هناك (فردة) من شركات الطيران في العالم تدفعها له مقابل عدم اختطاف الطائرات؟ صحيح؟
محمد داوود عودة: مظبوط، أه صحيح كان فيه، بس هذا الرجل بقدر ما هو نظيف، هل تعلم عندما توفي كان لديه مبلغ من المال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بسيط؟
محمد داوود عودة: حوالي 50 مليون.
أحمد منصور: بس!
محمد داوود عودة: تقريباً، تعرف أنه لم يترك لأسرته من هذه الأموال قرشاً واحدًا وإنما في وصيته أن يعيدها للجبهة الشعبية لتتصرف فيها في ميدان النضال الفلسطيني.
أحمد منصور: ما مصدر هذه الأموال؟
محمد داوود عودة: كان مصدرها من شركات الطيران ومن غيرها، وفي ذلك الوقت كانت الجبهة الشعبية على خلاف شديد معه، بس عشان يعني الرجل، ينصف، كانت في خلاف شديد معه، ومع هذا أعاد هذه الأموال كلها للجبهة الشعبية.
أحمد منصور: أنت جلساتك معاه كان إيه الموضوعات اللي دردشت معه؟
محمد داوود عودة: ما كنت .. يعني جلست أنا وأبو أياد وإياه مرة بلقاء كان جامع ناس كتير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن بشكل فردى،لم تكن لك علاقات خاصة به؟
محمد داوود عودة: لا، لم نجلس، إحنا كمان مثل (كارلوس) يعني فيه صداقات، وفيه علاقات، لكن فيه اختلاف بالخط..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنأتي إلى كارلوس فيما بعد.
محمد داوود عودة: آه، يعني فيه اختلاف بالخط.
أحمد منصور: ما هي النتائج التي تمخضت عنها معركة أيلول الأسود؟
(12/421)
محمد داوود عودة: يعني كاريثة بالنسبة لكلا الطرفين أولاً.. أولاً نحنا نحن خسرنا كادر كويس في المعارك، وأعتقد أن الجيش الأردني أيضاً خسر دبابات وسلاح، وما حققش أهدافه، ولا إحنا كمان كان عندنا أهداف أبعد من اللي عملناه، هو الدفاع عن المخيمات.
أحمد منصور: صحيح أنت كنت سافرت إلى موسكو لعقد صفقة سلاح للمنظمة من أجل هذه المعركة..
محمد داوود [مقاطعاً]: لأ.
أحمد منصور: لكنها تأخرت في الوصول إلى الأردن؟
محمد داوود عودة: لأ، أنا ما سافرت إلى موسكو لعقد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لدولة شرقية، أوروبا شرقية؟
محمد داوود : لا.. لا، أنا حقيقة كان.. كنت عاقد اتفاق (جنتلمان) مع السفير الصيني في دمشق، وبالفعل كنت طلبت منه أسلحة، وأسلحة مش بس للدفاع عن المخيمات، كمان أسلحة للعمل ضد العدو الصهيوني، أنا قلت لك – قبل- إنه كنا دربنا الميليشيا شوية تدريبات أعلى، وكنا ننزلهم على الأغوار يقاتلوا، فكنت أنا بدي هذا السلاح لدعم قتالهم بالأغوار، وهم عدد كبير.. عدد ضخم ، مع الأسف الصفقة لم تصل إلا متأخرة بعد أيلول وصلت للبصرة، واستولى عليها أبو نضال.
أحمد منصور: سنأتي -أيضاً- لأبو نضال وعلاقتك بيه، ما الذي تمخضت عنه المعارك؟ الفلسطينيين يقولون: إن فيه 30 ألف قتيل.
محمد داوود عودة: لأ، هذا الرقم رقم مبالغات الأخ أبو عمار.
أحمد منصور: يعني أبو عمار يبالغ في هذا الرقم؟
محمد داوود عودة: آه بالأرقام أبو عمار يتبحبح شوية.
أحمد منصور: بالذات في هذه الأمور؟
محمد داوود عودة: آه بهاي الأمور.
أحمد منصور: وفي الأموال أيضاً؟
محمد داوود عودة: آه كمان بالأموال بيتبحبح.. يعني هاي شغلة في أبو عمار ونحن نعرفها فيه دائماً نقول له من شان الله خفف لنا شوية بالأرقام والأموال، ولكن هاي طبيعة لا يغيرها إلا الله سبحانه وتعالى.
(12/422)
أحمد منصور: طيب، أنت كنت قائد المليشيا ومسؤول عن حماية المخيمات في عَمَّان، يعني تعتبر شهادتك في هذا الأمر شهادة –تاريخياً- من المفترض أنها شهادة ليست مجرد مقبولة وإنما يعتد بها، بأمانة كم عدد القتلى الفلسطينيين طوال معارك أيلول 70؟
محمد داوود عودة: بأمانة، المدنيين يمكن بحدود الألفين.
أحمد منصور: فقط.
محمد داوود عودة: آه فقط والعسكريين من فتح 970.
أحمد منصور: بالرقم يعني؟
محمد داوود عودة: آه بالرقم، ها دول العسكريين.
أحمد منصور: بما فيهم ميليشيات، و..
محمد داوود [مقاطعاً]: لأ، المليشيا تقريباً فيه عندنا حوالي ألف مع المدنيين يعني مدنيين وميليشيا..
أحمد منصور: يعني أنت بتضم المليشيا للألفين اللي قتلوا 970.
محمد داوود عودة: للمدنيين آه.
أحمد منصور: و 970.
محمد داوود عودة: آه 970 فدائي..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول: إن العدد لا يتجاوز 3 آلاف.
محمد داوود عودة: 3 آلاف آه.
أحمد منصور: وإن كان ينظر إليه على أنه صغير، لكن بكل المعايير هو –أيضاً- هو عدد كبير.
محمد داوود عودة: خلينا نقول أنا ما شملت المنظمات الأخرى، لأنه ما عنديش إحصائية لها، يعني بتقدر تقول 4 آلاف قتيل في كل أيلول، ورقم كبير أيضاً، رغم إنه انخفض عن تقديرات الأخ أبو عمار بس رقم ليس سهلاً، ولا أعرف كم عدد الجنود الذين قتلوا.
أحمد منصور: من الأردنيين؟
(12/423)
محمد داوود عودة: آه ما عنديش فكرة، بس تقديراتي إنه كمان بحدود الألف، وهذا رقم كبير وخسارة ..خسارة كبيرة جداً بعد -طبعاً- ذلك أثناء المعارك تنادى الرئيس عبد الناصر لعقد قمة عربية، ومعروف قصة اعتقال أبو إياد، وأبو طف لدى المخابرات الأردنية، وبعدين طلب عبد الناصر من النميرى إنه يجيبهم معه، ومحاولة أيضاً أبو إياد وأبو لطف حل وقف إطلاق النار مع الملك حسين، لكن كانت الشروط قاسية، يمكن الملك حسين كشخص كان بيرغب في وقف إطلاق النار، لكن البطانة اللي كانت موجودة، كانت هيئة أركان متحمسة للقضاء على الفدائيين.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة، أتناول معك ما بعد أيلول الأسود، الخروج إلى لبنان، تأسيس منظمة أيلول الأسود، وعملية ميونخ، وأشكرك على هذه الصراحة التي تحدثت بها بالذات عن أحداث أيلول، التي ربما يتجنب الكثيرون الحديث فيها، أو يهربون -بالأحرى- من الكلام عنها.
شكراً جزيلاً أستاذ أبو داوود، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل، الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة -أبو داوود (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وأحد شهود وصناع النضال الفلسطيني) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/424)
الحلقة4(12/425)
الاثنين 23/10/1422هـ الموافق 7/1/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 23:04(مكة المكرمة)،20:04(غرينيتش)
محمد داوود عودة
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
14/08/1999
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة أبو داوود (عضو المجلس الشورى لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وأحد مؤسسي منظمة أيلول الأسود) سيد أبو داوود مرحباً بيك.
محمد داوود عودة: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند أحداث أيلول الأسود ونهايتها ونتائجها التي تمخضت عنها، ثم وصلنا إلى مؤتمر المصالحة الذي عُقد في القاهرة، والذي دعا له الرئيس عبد الناصر، والذي توفي الرئيس عبد الناصر في نهايته في 28 سبتمبر 1970م، ما هي النتائج التي تمخضت عنها المعركة من الناحية السياسية، ومن حيث وضع القوات الفلسطينية في الأردن؟
محمد داوود عودة: نتيجة مؤتمر القمة عُقد ما يسمى اتفاق (القاهرة-عمان) وشكلت اللجنة العربية لتشرف على تنفيذ الاتفاق، وبالفعل جاءت اللجنة العربية برئاسة المرحوم (الباهي الأضغم) وكان فيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان وزير خارجية تونس؟
محمد داوود عودة: كان.. كان رئيس وزراء تونس السابق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رئيس وزراء تونس، نعم.
(12/426)
محمد داوود عودة: وفي ذلك الوقت كان مندوب الرئيس بورقيبة لمؤتمر القمة، وتشكلت اللجنة برئاسته، وكانت تضم أطراف عربية أخرى، وبالفعل جاءت اللجنة إلى عمان، وبدأت تحل المشاكل اليومية الناجمة عن القتال، إخراج المسلحين، وبعض البيوت اللي كانت على خط التماس ما بين (..) فالمهم أن هاي اللجنة عقدت اجتماع مصالحة –على ما أذكر- بين الضباط الأردنيين وبين الفدائيين، وعقد هذا في مساء يوم من الأيام لا أذكر التاريخ في فندق الأردن (انتركونتيننتال) والتقينا مع بعضنا وتعاتبنا، وتقريباً لا أستطيع أن أقول تصافت القلوب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مَنْ كان ممثلي الوفد الفلسطيني؟
محمد داوود عودة: كانوا كتار معظم الضباط اللي كانوا موجودين في عَمَّان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت أحد هؤلاء؟
محمد داوود عودة: آه، كنت أنا واحد منهم، فتعاتبنا، لا أقول تصافت القلوب، وإنما خفت حدَّة الأحقاد نتيجة القتال.
أحمد منصور: أيه طبيعة الكلام اللي قيل في العتاب في عملية فيها قتلى وفيها معارك؟
محمد داوود عودة: مثلاً.. مثلاً.. لأ مثلاً كنا نتعاتب مين اللي بدأ القتال، فكان واضح إنه الإخوان في الأردن هم اللي بدؤوا القتال مش إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هم اتهموكم أيضاً بأنكم الذين بدأتم القتال.
محمد داوود عودة: لأ، لأنه ما بيقدروش يظلمونا، اللي هجم على عمان هم، ما.. لا.. يعترفوا، لا يمكن إنه حد يقول إنه الفدائيين بدؤوا، الفدائيين كان موقفهم دفاعي، ودائماً المدافع هو الأضعف.
أحمد منصور: بدؤوا بالشعارات على الأقل.
محمد داوود عودة: إذا اعتبرت الشعارات مثل المدافع فأنا بأوافقك إذا كان الشعار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وفي كثير من السلوكيات والتصرفات.
محمد داوود عودة: لأ.. يعني سبق وإن تحدثنا بالتفصيل عن هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا نريد أن..
(12/427)
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: لا نريد الإعادة، لأنه فيه أمامنا مجال كتير نحكي فيه.
أحمد منصور: نعم.
محمد داوود عودة: نتيجة وجود اللجنة العربية والاتفاقات خفت -طبعاً- في ذلك الوقت توفي الرئيس جمال عبد الناصر -رحمه الله- وماعادش يعني فيه سيطرة كبيرة على الطرفين من قبل بعضهم البعض، المهم صار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت تريد أن تقول هنا إن عبد الناصر كان بيلعب دور كبير في ضبط الأمور قبل..؟
محمد داوود عودة: طبعاً كان كلمته كبيرة في الوطن العربي اختلفت، اتفقت معه.. كلمته كبيرة في الوطن العربي، ولو عاش لما أدت النتائج إلى خروجنا من جرش وعجلون، فالمهم إنه بعد ذلك بفترة بدأت المفاوضات بيننا وبين الإخوان الأردنيين، وكان يقوم بهذه المفاوضات أبو إياد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت مقرب من أبو إياد؟
محمد داوود عودة: كنت تقريباً أنا وإياه مع بعض باستمرار يعني.
أحمد منصور: كنت تحضر معه المفاوضات؟
محمد داوود عودة: حضرت مرة واحدة مقابلة معه لوصفي التل.
أحمد منصور: ما أهم ما دار فيها؟
محمد داوود عودة: يعني كان وقتيها وصفي التل يعد أبو إياد بأنه إذا استطعنا أن ننظم عَمَّان، وإنه نسحب السلاح الثقيل من عمان، وأن نركزه في جرش وعجلون، فأنا بأعطيك وعد قاطع إني أعطي الفدائيين حرية التحرك باتجاه فلسطين من غرب الخط، أي غرب الطريق الموصلة بين دمشق وعمَّان، وأبو إياد كان مقتنع إنه المهمة الأساسية للعمل الفدائي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ... الأغوار بالكامل...
محمد داوود عودة: آه طبعاً من جرش وعجلون إلى الأغوار والعودة –شايف- من إربد مثلاً إلى الأغوار من قيس والعودة.
أحمد منصور: ما طبيعة الأسلحة الثقيلة التي كنتم تملكونها في ذلك الوقت والتي كانت في عمان؟
(12/428)
محمد داوود عودة: كان عندنا أسلحة متواضعة يعني، بس كانوا يسموها ثقيلة مثلاً (دوشكا) الرشاش (12،17) كانوا يسموه ثقيل، كان عندنا 106.. مدافع 106، كان عندنا مدافع 75، كان مدافع هاون، هاونات يعني أكبر هاون كان 120، هذه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده مش بسيط ده..
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: آه طيب مش بسيط بس قياساً بالهاوزر و.. كذا رطل يعني اللي كانت عند الآخرين كانت أسلحتنا متواضعة، بعدين صار عندنا مدفعية ثقيلة إحنا بلبنان، وكنا نقصف جنوب لبنان.. نقصف المستعمرات في شمال فلسطين، وكانت مؤثرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ أنا هنا في الأردن.
محمد داوود عودة: في الأردن هذه الأسلحة الثقيلة لدينا، فوافق أبو إياد، لأنه كان -رحمه الله- كمان مثل كل قيادة فتح يرى إنه التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني.
أحمد منصور: أين كان أبو عمار في ظل هذا الوضع؟
محمد داوود عودة: في ذلك الوقت كان أبو عمار بيجي ويطلع بس أيام المفاوضات بين وصفي وبين أبو إياد كان أبو عمار بسوريا.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن أبو إياد هو الذي قاد المفاوضات الرئيسية بين الأردنيين والفلسطينيين؟
محمد داوود عودة: طبعاً، بالتشاور مع أبو عمار ومع الآخرين، يعني كان فيه كمال عدوان وكان فيه أبو جهاد في عمان، وكان فيه أبو مازن بالشام، فكان التشاور بينهم دائماً.
أحمد منصور: مش عايز أشرد هنا، لكن عايز أفهم طبيعة -ويفهم معي المشاهدون- طبيعة العلاقة الخاصة التي ربطت كلا الرجلين أبو إياد وأبو عمار؟
محمد داوود عودة: يعني أنا مقاتل فلسطيني وهم.. أنا استلمت مواقع مؤثرة، وكانوا هم بالقيادة الفلسطينية، فلابد من الاتصال مع بعضنا، بالبداية أبو إياد أنا.. هو اللي رشحني للذهاب للدورة، وأبو عمار كان قائد الثورة بعمان، فلابد أن يكون اتصالي فيهم وثيق.
(12/429)
أحمد منصور: لا أعني هذا، وإنما أعني طبيعة العلاقة، توزيع السلطات، اتخاذ القرار، النفوذ داخل حركة فتح.
محمد داوود عودة: لأ، في حركة فتح كانت هناك اتصالات، فيه قرارات تؤخذ بالإجماع وفيه قرارات تؤخذ بالتمرير، كيف بالتمرير،؟ يعني أبو إياد وصل إلى اتفاق، مافيش إمكانية لجمع اللجنة المركزية والمجلس الثوري فيمرر القرار على اللجنة المركزية فرداً فرداً، ويأخذ موافقتهم، وتصبح هذا القرار موافق عليه من الجميع، وبعدها إذا كان فيه ظرف يجمعوا المجلس الثوري بياخدوا عليه القرار.
أحمد منصور: مرة أخرى لا أعني هذا، ولكن أعني العلاقة الخاصة، وتوزيع السلطات وأنت لا تريد..
أبو داوود[مقاطعاً]: إذن قل لي ماذا تعني حتى أجيبك عليه بصراحة.
أحمد منصور: سيدي، أنا أعني بالدرجة الأولى شخصية أبو عمار وشخصية أبو إياد على وجه الخصوص، وأبو جهاد باعتبار إن هذين الرجلين ظلوا مرافقين لياسر عرفات، وظلوا ينظر إليهم كبدائل لياسر عرفات في كثير من المراحل، كلا الرجلين الآن استشهد في فترتين مختلفتين في عمليات تمت لهما، كيف كانت طبيعة علاقة هذين الرجلين على وجه الخصوص..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: مع بعضهم البعض؟
أحمد منصور: وأبو عمار.
محمد داوود عودة: مع بعضهم ومع أبو عمار؟
أحمد منصور: نعم.
محمد داوود عودة: بدي أقولك شغلة يمكن كتير ناس ما بيعرفوها، كان كلما يقع أبو عمار في مأزق على الساحة الفلسطينية، أبو إياد وأبو جهاد كانوا من يتصدى لحل هذا المأزق، وإراحة أبو عمار منه.
أحمد منصور: ما طبيعية هذه المآزق؟
(12/430)
محمد داوود عودة: مثلاً كانوا أحياناً في المجلس الوطني يستعصي فريق على قبول قرارات المجلس الوطني، ويرفض، ويريد أن يخرج من المجلس، فطبعاً أبو عمار كان حريص على إنه يكون الجميع موجودين، فالذي يذهب ويقنع الفريق الآخر، ويجعله يوافق على القرارات كان أبو إياد، وبمساعدة أبو جهاد والآخرين، فأنا إذا فهمت سؤالك هأجيبك عليه بصراحة، يعني إذا أنا فهمت سؤالك لماذا استشهد أبو جهاد وأبو عمار وأبو إياد، وبقي أبو عمار حياً؟
أحمد منصور: هذا جزء من السؤال.
محمد داوود عودة: أنا بأقول إنه الأعمار بيد الله أولاً، والكل كان معرض، لأنه يستشهد أو يموت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن فيه أحداث كثيرة ووقائع كثيرة كان أبو عمار فيها تحت التهديد الإسرائيلي المباشر، والإسرائيليين هم الذين سعوا لعدم المساس بالرجل، فيم كان هذين الرجلين على وجه الخصوص مقصودين، وتمت تصفيتهم في أوقات مختلفة؟
محمد داوود عودة: مظبوط، أنا بأقول لك ليش؟ لأنه أبو عمار يمكن يكون، يمكن يكون كان حاجة إسرائيلية لضبط الأوضاع في داخل المنظمات، وإلا بيصير المنظمات ما إلها راس، أبو إياد ما كان طارح حاله إنه يكون راس لضبط هاي المنظمات، ولا أبو جهاد.
أحمد منصور: كانوا طارحين حالهم أيه طيب؟
محمد داوود عودة: بدلاء.. لا مش بدلاء، كانوا طارحين حالهم شركاء في القرار، وأنا سامع هذا الكلام من أبو إياد 100 مرة، أنا لست بديلاً، لكن أنا مُصرٌّ على أن أكون شريكاً في القرار.
أحمد منصور: أيهما كان أقرب لأبو عمار،وأكثر نفوذاً داخل فتح والمنظمة؟
محمد داوود عودة: إذا كان على الأقرب لأبو عمار فأبو جهاد كان أقرب، بس على من كان يؤثر في القرار الفلسطيني، فأبو إياد كان الأكثر تأثيراً.
أحمد منصور: أيه المقومات اللي كانت عنده اللي بتدفعه إلى أن يكون أكثر تأثيراً في القرار الفلسطيني من غيره..؟
(12/431)
محمد داوود عودة: كان عقل رهيب، كان عقل سياسي يعني نادر أن يكون مثيله.
أحمد منصور: فيه عقول سياسية كتير، ولكن قضية الدعم، من الذي كان يدعمه؟
محمد داوود عودة: لأ كان عقل سياسي صاحب فكر، صاحب رؤية، وهاي الرؤية مهمة جداً، كان أبو إياد عندما يعقد مجلس وطني فلسطيني هو آخر من يتكلم بلسان فتح، وكان يستطيع أن يقنع جميع الفئات والفصائل على أن توافقه على رأيه، وإنه ياخد القرار، قرار كانت اتخذته فتح وأصبح جماعيّاً بالنسبة إلها، بس اللي كان يبلور هذه القرارات كان أبو إياد.
أحمد منصور: هل أبو إياد بالفعل كان في بعض المراحل يقضم، أو يأخذ من صلاحيات ياسر عرفات في بعض الأشياء؟
محمد داوود عودة: أبو إياد كان يعتبر حاله شريك، كان لا يعتبر حاله تابع لأبو عمار أو يأتمر بأمره، كان يعتبر حاله شريك، وكان يُصر على هذه الشراكة وكان يصر عليها.
أحمد منصور: مدى قبول أبو عمار لها؟
محمد داوود عودة: يعني أبو عمار كان مرات يضايق من هذه الشراكة، لكن بالأخير كان يوافق عليها.
أحمد منصور: كان أبو إياد لحاله اللي بيعتبر نفسه، أم كان هناك شخصيات أخرى أيضاً تضع نفسها في وضعه؟
محمد داوود عودة: أبو إياد كان له تأثير على قطاع معين في فتح.. كبير يعني في فتح، لم يكن أبو إياد شخص، كان له تيَّاره، وله رؤيته اللي يري مثله أعضاء باللجنة المركزية وأعضاء بالمجلس الثوري.
أحمد منصور: لو سألتك، طيب واستبقت الأحداث عمن اغتاله، ومن كان له مصلحة في اغتياله؟
(12/432)
محمد داوود عودة: الأداة المباشرة كان أبو نضال، لكن من له مصلحة في اغتياله فكانوا كثيرين، منهم الموساد الإسرائيلي، ومنهم الأميركان، ومنهم بعض الأنظمة التي يمكن فسرت موقف أبو إياد خطأ، موقفه من حرب الخليج، أبو إياد كان له رؤية واضحة في حرب الخليج، كان ضد احتلال الكويت من قبل العراق، ولكنه كان ضد أن تضرب.. أن يأتي الأميركان ليضربوا القوة العراقية، كان يحرص على أن هذه القوة تخرج سليمة، لأنه كان يرى في قوة العراق قوة –بالحساب الأخير- مجيرة لمصلحة الفلسطينيين والعرب ضد العدو الصهيوني.
أحمد منصور: طيب، ربما يكفي المشاهدين هذا منك بالنسبة لأبو إياد، وأنت كنت من الشخصيات المقربة جداً منه، ونفس الشخص الذي سعي لاغتيالك في (وارسو) ربما هو الذي قام باغتيال..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: ممكن.
أحمد منصور [مستأنفاً]: أبو إياد أيضاً، أعود بك الآن إلى قضية الاتفاقات التي عقدتموها مع الحكومة الأردنية، مع وصفي التل على وجه التحديد بالنسبة لخروج ما بقي من القوات الفلسطينية في عمان إلى منطقة جرش.
محمد داوود عودة: عقب اتفاق أبو إياد -رحمه الله- مع وصفي التل -رحمه الله-كلاهما رحمهما الله، وكان الاتفاق -كما قلت لك- أساسه إنه سحب الأسلحة الثقيلة من عمان، والمقاتلين مش المليشيا، المقاتلين الفلسطينيين.. من -بقايا المقاتلين الفلسطينيين- من عَمَّان وتمركزهم في جرش وعجلون مقابل أن يسمح وصفي التل بحرية التحرك لهذه القوات باتجاه الغرب أي عمل عمليات والعودة إلى مواقعها في جرش وعجلون، ووافق أبو إياد على هذا الاتفاق، واتفق على ساعة صفر يقوم فيها وصفي التل بإدخال عدد محدود من الجنود الأردنيين لتفتيش الأحياء عن أسلحة ثقيلة، ولكن الذي حدث عندما بدأ الجيش الأردني في دخول عمان دخلها من منطقة الهاشمي الشمالي، ودخلها بكثافة كبيرة جداً دبابات، ومدافع، ومجنزرات.. وإلى آخره.
(12/433)
فأنا وقتيها شفت إنه هذا ليس روح الاتفاق، فرحت ماخذ [آخذ] أبو إياد بسيارتي على جبل النصر ومقابل جبل الهاشمي الشمالي وقلت له اتفرج أنت اتفقت معه أن يدخل بشكل خفيف ليفتش عن الأسلحة الثقيلة، هذا ليس تفتيشاً عن الأسلحة الثقيلة، ولكنه دخول للم كل الفدائيين.
أحمد منصور: شهر كام تفتكر؟
محمد داوود عودة: كان في شهر أربعة عام 1971م.
أحمد منصور: أبريل 71.
محمد داوود عودة: آه، وتَضايق أبو إياد على ما أذكر من المشهد، وما بأعرفش إذا كان ناقش وصفي التل في ذلك أو لا، ولكن المهم أنه دخل الجيش الأردني في كل أحياء عمان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حدث صدامات؟
محمد داوود عودة: لأ.. لأ، ما كان الأوامر عندنا إنه لا صدام، ليتفضلوا، إحنا اتفقنا إحنا وإياهم إنه نشتغل من جرش وعجلون باتجاه فلسطين.
أحمد منصور: كان وضعك أنت أيه في ذلك الوقت، كنت لا زلت قائد للميليشيا؟
محمد داوود عودة: أنا في ذلك الوقت كنت لا زلت مسؤول عن المليشيا، لكن بديت أتخلى عن مسؤولياتي شويه.. شويه، لأنه ماعادش فيه مشاكل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مجال للمواجهة يعني.
محمد داوود عودة: آه، فبقينا على هذا الحال حتى 15/5، فأنا كان رأيي إنه أبو إياد في ذكري إعلان الدولة الصهيونية واحتلال فلسطين إنه يعمل ندوة في الوحدات، فجمعت أهالي الوحدات، وأيضاً ناس من عمان، وألقي بهم تحت بنادق الجيش الأردني خطاب سماه "خطاب الوداع"، وقال لهم قد نلتقي -كما قيل- وقد نلتقي وقد لا نلتقي، إنه إنتو شعب صامد، فكانوا الناس يهتفوا ويقذفوا بأطفالهم الصغار، يهتفوا للثورة ولاستمرار الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني، وخرجنا خرج أبو إياد عن طريق جرش وعجلون ليرى المقاتلين هناك، وأنا خرجت من عمان عن طريق المطار،وبعدها كمل أبو إياد للشام،فالتقينا بالشام، وبقينا عندنا أمل كبير إنه هذا الاتفاق يتم.
(12/434)
أحمد منصور: لكن أنتم خروجكم الآن بهذه الطريقة أمَا يُعتبر تخلٍ عن القوات الموجودة، وأنها بقيت بلا رؤوس؟
محمد داوود عودة: لأ، بقي قادة مسؤولين عن القوات اللي في جرش وعجلون،إحنا كان إلنا مهمة بعَمَّان، انتهت مهمتنا عندما تركنا عَمَّان.
أحمد منصور: كان عدد القوات اللي بقيت، أو اللي نقلت إلى جرش وعجلون كم؟
محمد داوود عودة: يمكن حوالي 7 آلاف مقاتل أو أكثر.
أجمد منصور: من بين 20 ألف كانوا قادمين من ...
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: آه ما هو معظم الناس فيه منهم ترك ناس، والتحقوا بالجولان أو بلبنان أثناء وجود اللجنة العربية، وكان عندنا قوة جديدة انضافت لقواتنا، اللي هو 4 آلاف جندي وضابط أردني تركوا الجيش الأردني، والتحقوا فينا، وشكلنا منهم قوات اليرموك وعددهم 4 آلاف تقريباً، أو 4500 بقيادة المرحوم الشهيد سعد صهيله.
أحمد منصور:نعم.
محمد داوود عودة: وبعدما التقينا بالشام بعد فترة حان موعد المجلس الوطني الفلسطيني، فذهب الجميع إلى المجلس الوطني الفلسطيني، وأثناء وجودهم بالمجلس الوطني الفلسطيني هوجمت جرش وعجلون، وحصل مأساة حقيقية إنه من قسوة المدافع الأردنية بعض الفدائيين فضّل أن يخترق النهر، ويتجه للقوات الإسرائيلية، وهذا أكثر ما آلمني في هذا الحادث إنك تتجه إلى عدوك من أخوك، فشيء مأساوي.
أحمد منصور: أنت بتعتبر دي تمام لأحداث أيلول؟
محمد داوود عودة: آه هي استكمال، نهاية أيلول يعني، هي تصفية حسابات خارج نطاق الاتفاق، خارج نطاق الاتفاق وبعدها معروف إنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً مزقت القوات كلها تمزيقاً،ولم يبق هناك فدائي واحد في...
محمد داوود عودة: آه مزقت، آه لم يبق فدائي، معظمهم إما اعتقل، أو تدخل الرئيس حافظ الأسد، وأرسل وزير دفاعه لإخراج ما يمكن إخراجه من الفدائيين، ومنهم من قتل، ومنهم من اعتقل، وقتل لنا أو استشهد قائد لنا كان محبوباً اسمه أبو علي إياد في جرش وعجلون.
(12/435)
أحمد منصور: نعم.
محمد داوود عودة: هاي تركت غصة في نفوس الفلسطينيين -الخروج من جرش وعجلون- وأيضاً أجبرتنا إنا نلتجأ بعض المقاتلين أن يلتجؤوا إلى جبل الشيخ في لبنان، وبدأ اليأس يعني يتسرب إلى نفوس المقاتلين، فكانت المعنويات منخفضة جداً جداً، فكنا جالسين نتشاور يوم من الأيام -أبو إياد وأنا والمجموعة- فقلنا لابد من عمل شيء يرجع النهوض.. نهوض المعنويات للمقاتلين الفلسطينيين، ونتيجة التشاور فكرنا إنه لابد من تشكيل تنظيم لا يحمل اسم فتح والعاصفة، ولا يحملها المسؤولية، ولكن باسم تاني يخرج لخارج الوطن العربي، ليقوم بعمليات ترفع من معنويات المقاتلين الفلسطينيين -خاصة- وأننا في تلك الفترة أيضاً كنا نخضع لقصف -نحن ومخيماتنا في لبنان- مقصف غير معقول من قبل الطيران الإسرائيلي.
أحمد منصور: إحنا نقدر نقول دلوقتي إن خرجت.. انتهت فلول الفدائيين في الأردن..
محمد داوود عودة: في الأردن، نعم.
أحمد منصور: بشكل نهائي، وأصبحت لبنان هي البديل في العام 71.
محمد داوود عودة: يعني مش البديل لحد الآن،كان فيه محطة للفدائيين في جنوب لبنان.. في جبل الشيخ، ومن هنا جاءت فكرة أيلول الأسود.
أحمد منصور: مَنْ الذين قاموا أو الشخصيات اللي نستطيع أن نقول أنها أسست منظمة أيلول الأسود؟
محمد داوود عودة: يعني أنا بأقدر أقول أبو إياد أساسي، وأنا واحد من الناس الأساسيين، وفيه أبو محمد العمري –رحمه الله- وعاطف –رحمه الله- كانوا كمان ناس من ضمن.. يعني من ضمن مَنْ هم حول أبو إياد.
أحمد منصور: نقدر نقول إنكو الآن قررتم إنكو تاخدوا نهج وديع حداد..
محمد داوود عودة: لأ، كان لنا ضوابطنا.
أحمد منصور: ما هي الضوابط التي (وضعتموها)؟
(12/436)
محمد داوود عودة: نحن كنا نعمل عمليات ضد المخابرات الإسرائيلية في الخارج، نعمل عمليات نتجنب العمليات التي تؤذي المدنين في الخارج، نتجنب خطف الطائرات 100% لأنه خطف الطائرات يعني يوقعنا في مأزق وقع فيها وديع، ونريد أن نتجنبها، هاي كانت ضوابط 100% إحنا حاطينها ممنوع العمل في هذا الميدان،وعملت (أيلول الأسود) ومن عمل حتى باسمها لم يمسوا مدني، لم يمسوا طائرة، يعني انعملت طائرة (سابينا) وسموها باسم أيلول الأسود، لكن لم يكن لنا علاقة مطلقاً فيها.
أحمد منصور: بس إنتو لما اختارتم الاسم كتير استغلوه، كانوا يقوموا بعمليات ويلصقوها بأيلول الأسود.
محمد داوود عودة: مظبوط، مظبوط.. لأنه إحنا كنا متألمين مما حدث في أيلول، وكان سبب انحطاط معنويات شبابنا هو أيلول، فقلنا نسميها أيلول الأسود لكي تكون الدواء من نوع الداء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا كنا أطفال، وكان اسم أيلول الأسود ده (يتم طرحه) حتى في الأخبار.
محمد داوود عودة: نعم.. مظبوط، مظبوط، لأنه كان ما حدث في أيلول وفي جرش وعجلون كان حقيقة مؤلمة.
أحمد منصور: أنت بتعتبر وصفي التل دفع حياته ثمن لما حدث في جرش وعجلون بالدرجة الأولى أم بشكل عام؟!
محمد داوود عودة: أنا أتصور.. بأتصور هذا، لكن بأعتقد يمكن يكون فيه أسباب أخرى بيعرفها وصفي التل والسياسة الأردنية عامة.
أحمد منصور: مَنْ الذي قتله؟
محمد داوود عودة: إذا بدك بالشكل بأعرف، أما بالمضمون والله ما بأعرف.
أحمد منصور: طب بالشكل؟
محمد داوود عودة: بالشكل مجموعة من عند الأخ أبو يوسف النجار هي التي قامت بالعمل.
أحمد منصور: ما الذي كان يقوم به؟ أو صفة أو وضع أبو يوسف النجار؟
محمد داوود عودة: كان مسؤول المخابرات في لبنان.
أحمد منصور: الفلسطينية؟
محمد داوود عودة: آه، وهذا الشكل، أم بتعرف مضمون الاغتيال، يعني فيه اجتهادات كثيرة.
أحمد منصور: لكن إنتو أما حققتم في الأمر و...؟
(12/437)
محمد داوود عودة: لا، ما هو معروف الأشخاص اللي قاموا فيها، ومن جهة مسؤولة فلسطينية يعني، لا يحق إلنا أن نحقق في الموضوع.
أحمد منصور: أعود بك إلى قراركم بتشكيل منظمة أيلول الأسود، هل حددتم أهداف وعمليات واضحة تقومون بها؟
محمد داوود عودة: كنا حريصين أن نقوم بعمليات ليس في الوطن العربي وإنما في أوروبا ضمن أهداف تتعلق بالإسرائيليين، أو من يساندهم.
أحمد منصور: مَنْ هي الشخصيات التي .. أو كيفية اختيار الأفراد الذين يكونون ضمن خلايا أيلول الأسود؟
محمد داوود عودة: هذا كان يخضع لمقاييس كبيرة..
أحمد منصور: مَنْ كان المسؤول عنها؟
محمد داوود عودة: يعني أنا واحد من المسؤولين أنا وأبو إياد، كنا يعني بيجينا الشخص ندقق فيه أول مرة، وتاني مرة، وتالت مرة، و نختبره، ثم نقرر إنه ينضم لأيلول الأسود في معسكر كنا عاملينه بصيدا نضعه فيه كمان تحت التجربة والتدريب، لأنه العمل الخارجي لم يكن عملاً سهلاً، نحنا كنا بنجابه الموساد اللي بيستطيع إنه.. عنصره يكون بيعرف لغة البلد، وجوازه من نفس البلد، وكل هذا، إحنا ما كان عندنا، عناصرنا كلها لا تعرف لغة أجنبية، وعناصرنا كلها لا تحمل جوازات سفر،كنا نزور لهم جوازات سفر ونزور لهم الفيز.
أحمد منصور: يبدو إنتو كنتم على مستوى عالٍ في التزوير في ذلك الوقت؟
محمد داوود عودة: يعني كان عندنا قسم فيه شاب (فهلوي) تعلم الصنعة هيك بالخبرة، وأفادنا كثير، تزوير..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عملية التزوير يعني، لكن غير قضية التزوير ألم تستفيدوا من بعض الدول في أنها تمنحكم جوازات تتحركوا بها؟
محمد داوود عودة: لأ،كان الجوازات اللي بتمنحنا إياها الدول، إحنا ما نقحمها بعمليات حتى لا نسيء لهذه الدول.
أحمد منصور: كان كل الجوازات اللي كان يتحرك بها الفدائيين بالفعل كانت مزورة؟
(12/438)
محمد داوود عودة: العناصر المنفذة آه، معظمها كان مزور، يعني مثلاً أنا كنت أحمل جوازات عربية بأسافر فيها.
أحمد منصور: كذا جنسية؟
محمد داوود عودة: آه..يعني شكراً للعراق، وشكراً للجزائر، وشكراً للمغرب الذين كانوا يمنحونا هذه الجوازات.
أحمد منصور: أنت كشفت السر كده؟!
محمد داوود عودة: لأ، ما هو أنا.. ما هو السر هذا أصبح الآن مالوش قيمة، يعني جوازي الجزائري من كذا سنة، وجوازي العراقي انتهى من كذا سنة.. آه..
أحمد منصور: انتهوا يعني، الآن تحمل جواز فلسطيني؟
محمد داوود عودة: أنا بأحمل جواز أردني.
أحمد منصور: الآن؟
محمد داوود عودة: نعم.
أحمد منصور: دبلوماسي، أم عادي؟
محمد داوود عودة: لأ، عادي، مواطن عادي فقير.
أحمد منصور:فقير أو مش فقير، دي هنعرفها بعدين .
محمد داوود عودة: آه والله أنت.. أنت عندك إمكانية.. أنا بأتحدى طبعاً.. يعني الحمد لله مش فقير فقير، لكن مش غنيَّ حربٍ.
أحمد منصور: يعني أنتم حددتم الساحة الأوروبية كساحة للعمل، هل هناك أهداف واضحة ومحددة وضعتموها قبل عملية (ميونخ)؟
محمد داوود عودة: نعم، أهم شيء كنا نعاقب عناصر الموساد اللي كانوا مندفعين لتجنيد طلابنا في ذلك الوقت، وإعادتهم إلنا على أساس إنهم عملاء للإسرائيليين، فكان يجينا يوميّاً طالبين أو تلاتة.. بتعرف بيستغلوا حاجتهم وانقطاعهم عن أهاليهم.. فيه بعضهم أهاليهم بالضفة، أو بالقطاع، فالانقطاع الطويل من 67 لليوم، أنهكهم ماليّاً، فكانوا يستغلوا هذا الوضع، وخروجنا من عمان أيضاً، وانقطاع بعضهم عن أهاليهم بالأردن، كانوا يستغلوا هاي نقاط الضعف فيهم، فيعملوا على تجنيدهم وإرسالهم لفلسطين المحتلة وتدريبهم وإعادتهم.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنتو كده محتاجين جهاز استخبارات واسع لجمع المعلومات؟!
(12/439)
محمد داوود عودة: لأ كانوا.. يعني شعبنا هو جهازنا، كان معظم الشباب.. يعني ما بديش أقولك 90% منهم بس يتجندوا ويخلصوا، ويجوا ويبلغونا، يقولوا لنا إحنا صار معنا واحد، اتنين، تلاتة، أربعة، طبعاً أكيد فلت منا بعض ناس جواسيس حقيقيين، لكن بأقول معظمهم كان يجي يبلغنا، فكنا نحنا نعمل الخطة المضادة، بس نعرف بحكي من ها النوع.. نقوله امشي معهم زي ما بدهم، ونبدأ نعطيه المعلومات اللي تشفي غليل (Spencer) ضابط المخابرات الإسرائيلي حتى يثق فيه شويه أكثر، بعدين نقوله بدنا تيجيب لنا إياه على المكان الفلاني، يجيب لنا إياه على المكان الفلاني يكون فيه شاب من شبابنا جاهز لتصفيته.
أحمد منصور: أحكي لنا بقى بعض التصفيات اللي إنتو عملتوها؟
محمد داوود عودة: يعني أهمها كان ضابط المخابرات المسؤول عن أوروبا كلها كان في (مدريد) جريناه لمدريد، وقُتِل هناك.
أحمد منصور: سنة كام تفتكر..)؟
محمد داوود عودة: يمكن 72.
أحمد منصور: قبل عملية..؟
محمد داوود عودة: لأ، هذا بعد، أما فيه اتنين قبله، واحد في هولندا وواحد بأمستردام قبل ..
أحمد منصور: وصفيتوهم هناك؟
محمد داوود عودة: آه، قبل ميونخ، وكان أهم عملية، اللي بعدها ما بتقدر تقول فيه عمليات، اللي هي ميونخ.
أحمد منصور: كيف خططتم لعملية ميونخ؟ كيف اخترتم المكان والزمان، وقدرتم ترتبوا عمل المفروض محتاج دعم (لوجيستي) ضخم، دعم استخباراتي كبير؟
محمد داوود عودة: يعني أقول لك أولاً: فكرة عملية ميونخ كانت صدفة، أنا واحد من الناس لم أكن أهتم بالرياضة في ذلك الوقت، يمكن انشغالنا في وضعنا، أنا كنت ذاهب لألمانيا لأشتري سيارة عشان نظبطها في بلغاريا ونرجعها بالسلاح بتاعها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف بقى؟ أحكي لنا عملية تظبيط السلاح دي الأول.
محمد داوود عودة: كان فيه شركة ببلغاريا اسمها (إمبكس)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:شركة سلاح؟!
(12/440)
محمد داوود عودة: آه، شركة سلاح، فكان إلنا صديق في بيروت بيعرف أحد أعضاء هاي الشركة، فعرفني عليه، وأنا صرت صديقه الرجل، فطلبت منه مرة أنه يبيعنا مسدسات، فما كانش معنا فلوس نشتري مسدسات، فرحت أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف ما فيش معكم فلوس وأنتم يعني فيه 100 علامة استفهام على الفلوس بتاعتكم دي إلى الآن؟
محمد داوود عودة: ما هو هأقول لك.. جاي أقول لك ما هو أيامها كنا فقراء جداً، يعني ما بأعرفش ما كانش عندنا إمكانيات لهيك ميدان، فذهبت أنا وأبو إياد إلى ليبيا لشخص اسمه أبو محمود أحمد عبد الغفور رحمه الله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ليبي.. ليبي؟
محمد داوود عودة: لأ فلسطيني، فطلبنا منه فلوس، فقال أنا معي 5 آلاف دولار محوشهم لأولادي، تاني يوم راح سحب لنا إياهم من البنك وجابهم وناولهم لأبو إياد، فناولني أبو إياد الخمس آلاف، وقال لي اطلع على بلغاريا اشتري بيهم مسدسات.
أحمد منصور: كان يحيبوا وقتيها؟
محمد داوود عودة: كانوا آه.. كانوا يعني مبلغ محترم، يجيب له 10 مسدسات وأكتر، كان فيه..
أحمد منصور: فين مليارات فتح يا سيدي؟
محمد داوود عودة: ما كانش فيه أيامها مليارات، المليارات.. إحنا بلينا بالمليارات بعد 73 بعد ارتفاع سعر النفط، قبل سعر النفط كانوا كمان علينا بالقطارة، إحنا أصبنا بالتخمة اللي أصيبت فيها الأمة العربية بعد ارتفاع أسعار النفط.
أحمد منصور: لكن-أيضاً- فيه علامات استفهام حوالين السلاح اللي كان عندكم في الأردن وموارده؟
محمد داوود عودة: وين؟! لأ موارد السلاح اللي بالأردن، أنا أقول لك شغلة، كان أولاً (الكارل ستاف) كنا نشتريه بـ2 جنيه يمكن والدفع مؤجل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:المدفع الرشاش باتنين جنيه مصري؟!
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: الكلاشينات.. آه، وكان كمان يهرشوا [يمهلونا] علينا لفترة طويلة، يعني هم كانوا يعطونا إياه مجاناً، لكن اسميّاً كانوا بياخدوا حقه.
(12/441)
أحمد منصور: الحكومة المصرية؟
محمد داوود عودة: آه الحكومة المصرية، كمان الحكومة المصرية كانت تعطينا كليشينات، السوريين كانوا يعطونا كليشينات، الصين دفعتين تلاتة من الكليشينات اعطونا إياها، الروس لم يعطونا إلا بعد يمكن 70،71، بس...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن اسمح لي بسؤال-أنا أرجو ألا يكون محرج يعني أنتم الآن كمسؤولين طيب في السلطة في حركة فتح في ذلك الوقت ومتفرغين، فيه كلام كتير أيضاً عن المخصصات -في ذلك الوقت- أنا أقصد فترة أوائل السبعينيات، يعني الفترة اللي أنت بتقول لي فيها إن الخمس آلاف دولار كانوا مبلغ ضخم، وذهبت إلى بلغاريا اشتريت به سلاح..
محمد داوود عودة[مقاطعاً]: طيب أقول لك أنا مثلاً كيف كنت أعيش، أنا كنت مخصص لي أنا عندي أربعة أولاد وزوجة، وجاي من الكويت، كان معاي شوية مصاري من الكويت، تحويشتي كلها حاطتها بالبيت، فكنت آخذ 15 دينار –أنا- أردني في ذلك الوقت بالشهر، إذا خس علينا 10 دنانير نشيل من المضبوط، بعدين صار عندي جو أحسن، إنه أنا كنت متدرب بنقابة المحاميين، فنقابة المحاميين كانوا بيدفعوا للمتدرب 25 دينار، وللمحامي 50 دينار، لانقطاعه عن الضفة، فكنت أخد كمان 25 وأحطهم على المبلغ، وكنا نعيش مستورين فيهم، وبتعرف رخص أيامها، فبأعتقد كتير غيري هيك، ما عدا اللي إيده طويلة من الأول فكان مش عارف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ده متوسط المخصصات اللي كانت بتدفع للمسؤولين؟
محمد داوود عودة: هاي متوسطها.
أحمد منصور: أنت تقول.. نقدر نقول إنك كنت صف تاني، تقريباً في ذلك الوقت، أم في الصف الأول؟
محمد داوود عودة: آه أنا صف ثاني.. آه طبعاً، الصف الأول يمكن ما كانش بيزيد عني الضعف أو الضعف وزيادة شوية، لكن الكل كان له.. كلهم كانوا بالخليج، والكل كان له أصدقاء بالخليج، والكل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هل الأصدقاء كانوا..
(12/442)
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: كانوا بيساعدوا.. كانوا بيساعدوا، في ذلك الوقت كانوا بيساعدوا، كان بيجينا تبرعات من الكويت، ومن الخليج مبالغ هائلة، فموضوع المال أيامها ما كان فيه ثروة يعني.
أحمد منصور: نرجع لشركة إمبكس.
محمد داوود عودة: آه، فرحنا على شركة إمبكس، واشترينا المسدسات، فأنا رحت أجيب السيارة حتى يعملوا لي مخازن فيها وأخبيها، وكانوا خبراء بالمخازن، وأنا بألمانيا اتصل فيَّ أبو إياد، وقال لي أنا بإيطاليا لازم تمر عليَّ، فطلعت بالقطار لإيطاليا، بروما التقيت بأبو إياد، فكان معه أبو محمد العمري فجالسين.. أبو محمد كان هواية الرياضة ومتابعة العمل الرياضي، فقال لنا فيه أولمبياد بميونخ، والفلسطينيين قدموا لهم طلب ورفضوهم لأنه ممنوع فريق فلسطيني يدخل.
أحمد منصور: مين اللي قدم الطلب.. المنظمة وقتها؟
محمد داوود عودة: لأ، وقتيها أظن رعاية كان مؤسسة شباب فلسطيني، أو شيء من ها النوع، فقال شو رأيكم إنه هاي ميدان كويس هيجي عليه وفد إسرائيلي، فالتفت أبو إياد عليَّ وقال لي ممكن تدرس الموضوع؟ يعني ما عندناش فكرة، قلت له: والله أنا ما عندي فكرة، بس أنا بأرجع لألمانيا وبأشوف الأجواء كيف ممكن، فرجعت لميونخ –وبالقطار طبعاً- واكتشفت إنه فيه إمكانية، فركبت السيارة وعلى بلغاريا، وحطيت السيارة عند البلغار، ورجعت لبيروت لأتفق أنا وأبو إياد على التفاصيل، فقال لي: ok أنت حط الخطة ورتب الأمور، والاحتياجات إحنا بنأمنها من مالية فتح، فالاحتياجات كمان لا تزيد عن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني وضعت ميزانية للعملية.
محمد داوود عودة: آه، وضعت بحدود 5 آلاف دولار.
أحمد منصور: ميزانية كاملة؟!
محمد داوود عودة: آه، ميزانية كاملة اشترى.. طبعاً ما عدا تذاكر الشباب، لأنه هاي مش مسؤوليتي.
أحمد منصور: أنت الذي اخترتهم؟
(12/443)
محمد داوود عودة: لأ، اختيار الشباب تم بواسطة أبو محمد وأبو إياد، وأرسلوا لمعسكر تدريب في ليبيا، وبقوا هناك فترة على بال ما أنا جهزت الأوضاع والاستطلاع.. وإلى آخره، جبت...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ماذا فعلت خطوة.. خطوة؟
محمد داوود عودة: أولاً رحت بدي أعرف شو في داخل المدينة الرياضية، بالصدفة كان إلنا جارة فلسطينية موجودة في ميونخ.. يعني مجرد الصدفة.. سياحة، فاستغليتها أنا وبدون ما تعرف شو قصدي، قلت لها بدنا نروح نتفرج على المدينة –مدينة الألعاب- فرحنا.. أنا اخترت الباب الخلفي طبعاً، فجينا للحرس اللي على الباب الخلفي، تركتها هي تحكي معهم بالإنجليزي إلى آخره.. وأنا ساكت، فأقنعتهم إنه يفوتونا أنا وإياها لنعمل لنا جولة بالمدينة لمدة نص ساعة، قلنا لهم نص ساعة وبنرجع...
أحمد منصور [مقاطعاً]: قالت لهم أيه يعني بأي صفة إنتو دخلتم؟
محمد داوود عودة: إحنا دخلنا ناس فضوليين، يعني نشم الهوا.
أحمد منصور: وافقوا.
محمد داوود عودة: وافقوا، تعرف ما فيش حساسية، وبنت يعني يُغري السماع إلها، فرحنا..
أحمد منصور:[مقاطعاً]: أحسنت استغللت هذا الجانب؟
محمد داوود عودة: آه، يعني استغلال شريف يعني مش..
أحمد منصور: نعم،نعم.
محمد داوود عودة: على الصعيد الأمني..
أحمد منصور: بس هي ما كانتش فاهمة أبعاد الوضع ده أيه؟
محمد داوود عودة: لأ، لأ، ما تعرف لحد الآن، فرحت أناDirect على المبنى بتاع الإسرائيليين، فقلت لها نفوت، قالت لي إسرائيل، قلت لها نفوت ناخد شعارات نتفرج شو بيصير جوه، فدخلت أنا وإياها ورحبت فينا البنت الإسرائيلية، وأعطتنا شعارات، وفرجتنا على القاعة والاستعلامات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما سألتكوش أنت مين؟ جنسياتكم أيه؟ عايزين أيه ؟
محمد داوود عودة: أنا قلت لها، أنا بادرت وقلت لها أنا برازيلي.
أحمد منصور: أنت شكلهم برضه.
(12/444)
محمد داوود عودة: آه أنا بأشبه البرازيليين، فمشيت برازيلي وهي البنت كمان سمرا وطويلة يعني كمان توحي بأنها من أميركا الجنوبية، فدخلنا وأخذنا شعارات، اتفرجت على المداخل والمخارج، وأخذت فكرة.
أحمد منصور: كان هو ده المقر اللي سيقيم فيه الإسرائيليين؟
محمد داوود عودة: آه، معروف.. معروف إنه مقرهم، وعليه علمهم، وتحت قاعة الاستعلامات إلهم، وكل شيء.. ودعاية، ورجعنا..
أحمد منصور: كانت قبل الدورة بكام هذا الاستطلاع؟
محمد داوود عودة: يمكن أسبوع.
أحمد منصور: أسبوع..
محمد داوود عودة: آه.
أحمد منصور: لم يكن الفريق وصل ولا الدورة بدأت ولا أي شيء؟
محمد داوود عودة: لا، لا، الفريق واصل..
أحمد منصور: الفريق واصل!
محمد داوود عودة: الفريق واصل بس إحنا كان لسه الألعاب ما بدأتش، فبعدين رجعنا طلعنا، فأنا بعدها بيومين تلاتة، وصلوا الشباب التنيين اللي أنا مودي أوراقهم.. قادة العملية، فغامرت وقلت أن هألعب نفس اللعبة وأفوتهم هم كمان، فرحت على الباب حكيت أنا والحرس، كان حرس تاني طبعاً إنه ممكن أنه نفوت خمس دقايق نتفرج هيك ناخد فكرة، فقالوا اتفضلوا، ففوتنا أنا والاتنين اللي معاي، فرحنا على المبنى نفسه، كمان فوتنا أخدنا أعلام إسرائيلية، وعلقناها.. وإلى آخره، وفرجتهم على المدخل الأساسي ورجعنا طلعنا.
أحمد منصور: لم يلاحظ عليكم أحد أي شيء؟
محمد داوود عودة: لا لا، إحنا عبارة عن آلاف الناس اللي ماشيين في المدينة سياح مليانه… آلاف الناس..
أحمد منصور: ليه ما دخلتوش من الباب الرئيسي؟
محمد داوود عودة: الباب الرئيسي بيسألوا عن البطاقات وبيدققوا.
أحمد منصور: آه.
محمد داوود عودة: فتجنبت الباب الرئيسي أنا، لأنه بيسألوا عن البطاقات وعن التصاريح.. وإلى آخره، فأنا جيت من الباب الخلفي، فبعدين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مين الاتنين الشباب اللي دخلوا معاك؟
(12/445)
محمد داوود عودة: كان معي محمد مصالحة -رحمه الله- وتشي رحمه الله.
أحمد منصور: الاتنين استشهدوا بعد ذلك.
محمد داوود عودة: الاثنين استشهدوا بالعملية.
أحمد منصور: وهم كانوا الاتنين قادة العملية؟
محمد داوود عودة: واحد قائد عسكري -اللي هو تشي- والقائد السياسي والمفاوض كان محمد مصالحة الذي يتقن الألمانية أيضاً.
أحمد منصور: آه يعني عملية الاختيار هنا كانت عملية اختيار دقيقة.
محمد داوود عودة: آه، آه طبعاً، كان بيتكلم ألماني، لأنه درس بألمانيا، كان يدرس هندسة كيمياء، فصارت حرب 67 ترك آلاف الطلاب الفلسطينيين، قطع دراسته، والتحق بالعمل الفدائي.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من عملية اختيار الفريق الفلسطيني الذي نفذ العملية، والتفصيلات الدقيقة لها بعد هذه.. عملية الزيارة الاستطلاعية التي قمتم بها مرتين لموقع الفريق الإسرائيلي أشكرك شكراً جزيلاً.
محمد داوود عودة: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة نتابع تفاصيل عملية ميونخ، التي وقعت ضد الفريق الأولمبي الإسرائيلي عام 72، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/446)
الحلقة5(12/447)
الثلاثاء 24/10/1422هـ الموافق 8/1/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 00:05(مكة المكرمة)،21:05(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
21/08/1999
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة – أبو داوود (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني) أهلاً وسهلاً سيد أبو داوود.
محمد داوود عودة: أهلاً وسهلاً فيك.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند عملية ميونخ، عملية الاستطلاع الأولي التي قمت بها في البداية لوحدك مع واحدة من جيرانك، ثم المسؤولان الرئيسيان عن تنفيذ عملية ميونخ، المسؤول العسكري والمسؤول السياسي، كيف كانت عملية الاستطلاع الثانية التي قمتم بها لمقر الفريق الإسرائيلي في الأولمبياد؟
محمد داوود عودة: في الحقيقة لجأنا لنفس الأسلوب، وأخذت أنا محمد و(تشي) معي، وذهبنا على الباب الخلفي، وطلبنا من الحرس أن يدخلنا لمدة ربع أو تلت ساعة لنعمل جولة في داخل المدينة، وبالأسلوب اللطيف وبالإنجليزية الركيكة التي تصنعناها، يمكن يكون هو –كمان- إنجليزيته ضعيفة، فما فهمناش على بعض كويس، فريَّح حاله وسمح إلنا ندخل، فدخلنا، وطبعاً الشباب التنيين شافوا
المبنى، مداخله، ومخارجه، وتقريباً الدور الأرضي بالتفصيل، ورجعنا.. خرجنا من المدينة.
أحمد منصور: ماذا كان يضم المبنى تحديداً ؟
(12/448)
محمد داوود عودة: كان يضم قاعة تقريباً، وتدخل على قاعة تانية، ودرج بيؤدي إلى غرف النوم فوق، فأعتقد كان طابقين غرف النوم، فالشباب –كمان- جنبنا كان فيه البعثة السعودية عاملة جامع بنفس المبنى، فذهبنا للجامع ودخلنا فيه، وصلينا وبعدين اتفرجنا كمان على.. طلعنا فوق للجامع، وما كان فيه منع ولا شيء، لأنه كان مستغل فقط جامع، وطلعوا –كمان- على الطابق الأعلى والدرج والهيئة كيف ممكن يطلعوا عندما بيجوا للعملية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه يعني تقريباً.
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: نفس الشيء.
أحمد منصور [مقاطعاً]: نفس الشيء.
محمد داوود عودة: بالتفصيل نفس الشيء.. نفس الشيء، فبعدها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان إيه البعثات القريبة من البعثة الإسرائيلية، أو المواجهة ليها أو جيرانها كانوا..
محمد داوود عودة: على ما أذكر مقابلها كان (ألمانيا الديمقراطية) وبعدها كان الجامع السعودي، ولا أذكر مين حواليها، لأنه عمر هذا.. مدة طويلة من الزمن، وبعد ذلك عدنا، فأعدتهم إلى مواقعهم في أوتيل، وذهبت أكمل بعض الإجراءات السريعة شنطة لكل مناضل، حبال، سكاكين، أشياء ضرورية.. ساندوتشات، يعني كل ما يمكن أن يحتاجوه خلال 24 ساعة منقطعين مع الرياضيين.
أحمد منصور: في هذه اللحظة كنت.. الخطوات الأساسية لتنفيذ الهجوم، كانت وضعت وانتهت؟
محمد داوود عودة: كان تقريباً حطيت الخطة اللي ممكن أعملها.
أحمد منصور: ما هي بقى هذه الخطة بالتفصيل؟
محمد داوود عودة: كان المفترض –طبعاً- إنه أنا آخد في وجه الصباح.. آخد الرياضيين ونقص الشريط، أو نقفز عنه، ويدخلوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي شريط؟
محمد داوود عودة: فيه سياج حول المدينة كلها، المدينة كلها مسيجة ما فيش إلا الباب الرئيسي، والباب الخلفي، فكنا ناويين نقص الشريط من عند الباب الخلفي، وندخل على المبنى.
أحمد منصور: هتقصوه إزاي؟
(12/449)
محمد داوود عودة: معنا مقص أسلاك، وكل شيء جاهز –يعني- أنا محضَّر هذا، محضَّر مقص أسلاك لنقص الشريط وندخل، أو يدخلوا الشباب –طبعاً بإشرافي- لكن اللي صار يوم العملية، إنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا لسه في الخطة؟
محمد داوود عودة: آه هاي الخطة، فهاي الخطة كانت في ذهني واضحة، وطبعاً مبلغ الشباب أهم الأشياء فيها، إنه ماذا تعملوا بالداخل؟ إنه لا تقتلوا أحد، ولا تعتدوا على أحد إلا دفاعاً عن النفس، فلذلك جاي أقول لك، كيف أنهم مارضيوش يقتلوا واحد.. وليش قتلوا واحد، فهاي الخطة كانت معدة، الآن إجه دور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما قلت لناش حاجة من الخطة لسه عملية قص الشريط فقط.
محمد داوود عودة: قص الشريط، وبعدين الدخول للمبنى.
أحمد منصور: الشريط اللي كنتم.. يعني ستقومون بقصه قريب من البعثة الإسرائيلية.
محمد داوود عودة: لأ.. لأ، محيط في المدينة كلها -يعني- بعيد عن البعثة حوالي 500 متر.
أحمد منصور: يعني، إنتو كنتم اخدوا جولة حوالين المدينة بالكامل.
محمد داوود عودة: آه إحنا لفينا بنعرف.. آه.
أحمد منصور: وحددتم النقطة.
محمد داوود عودة: آه النقطة أقرب نقطة.
أحمد منصور: كام يوم تقريباً عملتم عملية الاستطلاع وتحديد المكان؟
محمد داوود عودة: أنا موجود إليّ أسبوع، بألف حول المبنى وبأشوف كيف الأجواء؟ ومن وين ممكن أقص الشريط؟ ومن وين ممكن أدخل الشباب؟
أحمد منصور: ليه اخترت النقطة دي لقص الشريط؟
محمد داوود عودة: لأنها، أولاً: مستورة، مش مكشوفة لمباني، ثانياً: هي يمكن كانت محضرنها ملعب جولف أو شيء من ها النوع فما فيش ملاصق إلها
مباني، بنفس الوقت أقرب نقطة للمبنى، فمش هياخدوا وقت يعني، طبعاً كل شيء معد، كل رياضي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الزي أعددتموه؟
محمد داوود عودة: كل شيء، الأسلحة كان أبو إياد صار مدخلها، وهلا بأحكي كيف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف دخلتم الأسلحة؟
(12/450)
محمد داوود عودة: اتفقت أنا وأبو إياد، إنه يدخل الأسلحة، واتفقنا على موعد إني انتظره أنا بفرانكفورت، بالفعل انتظرته على موعد الطائرة القادمة من بلد أوروبي يمكن (باريس) مش عارف يعني في ذلك الوقت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنتو جايبين الأسلحة عادي في..
محمد داوود عودة: بشنط عادية.. شايف..
أحمد منصور: ما شاء الله!! وفي طيران عادي.. رحلة طيران عادية للغاية.
محمد داوود عودة: ورحلة طيران عادية للغاية، في ذلك الوقت لازم تدرك إنه الأوضاع كمان كانت مختلفة -يعني- التشديد صار بعد ميونخ مش قبلها في العالم، فأبو إياد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنتو غيرتم مجرى الإجراءات الأمنية في شركات الطيران في العالم؟!
محمد داوود عودة: آه.. في العالم كله، فأبو إياد إيجه ومعه خمس شنط، ومعه ست مدام لا أعرفها، ومعه أيضاً شخص لا أعرفه، يعني بأعرفه مرة شفته في حياتي مرة أو مرتين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أبو إياد شخصياً اللي نقل السلاح؟
محمد داوود عودة: أبو إياد شخصياً، وأنا بأتفرج من الازاز في المطار، وباطلع عليهم وهم داخلين على الإجراءات الجمركية، فأبو إياد طلب منه بتاع الجمرك إنه يفتح شنطة، فقال له اتفضل، حط الشنطة على (الكونتر) وفتح الشنطة اللي فوق فطلع فيها ملابس داخلية حريمية بتخص الست اللي معهم، فطبق الشنطة بتاع الجمارك وقال له اتفضل، هلا بتقول أنت.. يعني طيب الأربع شنط الباقية فيها سلاح، طيب كيف لو قال له لأ كمان هذه.
أحمد منصور: صحيح.
محمد داوود عودة: كان عندنا خطة احتياطي، كان أبو إياد يحمل جواز سفر دبلوماسي وكان بيقول له: لأ أنا مابتفتش، مستعد أرجع، ويرجع بالشنط ويغادر.
أحمد منصور: يعني، كان دي الخطة البديلة، ومن حقه هنا من الناحية القانونية إنه يرفض التفتيش.
محمد داوود عودة: آه، من حقه، دا دبلوماسي وإذا ما بده يتفتش يرجع.
(12/451)
أحمد منصور: مين اللي حدد الشنطة اللي فيها الملابس الحريمي؟
محمد داوود عودة: هو، بس هم كانوا حاطينها على الواجهة، يعني بالصدفة، أو بتخطيط من أبو إياد، كان حاطتها أول شنطة، فهو بتاع الجمارك اللي قال له هاي افتح هاي كـsample يعني، فتحها لقى فيها أوعية حريمية
سكرها، فطلعوا، أنا هون بديت أحسب، قلت ليكون هاي القصة كلها
فيلم، إن الألمان عارفين شو في في الشنط، فتركت أبو إياد واللي معه
يطلعوا، وركبوا تاكسي، وأنا لحقت هم بتاكسي تاني.
أحمد منصور: بدون ما يعرفوا؟
محمد داوود عودة: بدون ما يعرفوا.. وبدون ما يشفوني، وعرفت بأي أوتيل نزلوا، قريب من محطة السكة الحديد، وأنا بقيت تقريباً ربع ساعة أو تلت ساعة حول الأوتيل، لأشوف إيش الإجراءات اللي صايره بالأوتيل.
أحمد منصور: يعني أنت توقعت أيضاً، أن يكون هناك كمين؟
محمد داوود عودة: احتمال يعني احتمال.
أحمد منصور: من الألمان؟
محمد داوود عودة: آه احتمال إنه.. يعني فتش شنطة وترك الباقي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني العملية الأمنية صاحية عندك وبتشتغل.
محمد داوود عودة: لأ معلوم، بدي أكون متنبهه بكل حواسي، لأن هاي القضية مش لعبة، هاي القضية مثل اللي بيفكك لغم، غلطة صغيرة ما بتتكررش، وأنا عندي مهمة مؤمن إني لازم أنجزها، فبعد ما شوفت الوضع هادي رحت على الأوتيل و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب تلت ساعة كافية إنك أنت تتأكد إن..
محمد داوود عودة: بيتركوهم مش أكتر، لأنه بيعرفوا إنه إذا تركوهم أكتر ممكن ترحل الشنط.
أحمد منصور: يعني حتى الآن دي الصورة اللي بتتم –تقريباً- في إجراءات الضبط الأمني لمثل هذه الحالات؟
(12/452)
محمد داوود عودة: بأعتقد آه، بأعتقد إنه لا يُتركوا مدة طويلة، لأنهم بيخافوا إنه بشكل أو بآخر، إذا فيه سلاح يتهرَّب، أو يروح، أو الناس تختفي، فلذلك يعني بيكون إذا فيه كمين لازم يكون كمان مؤقت كويس، فطلعت أنا وشفت أبو إياد، وقعدنا أنا وإياه يمكن نص ساعة دردشنا بقضايا كتيرة، وقلت له أعطني الشنط، أخدت الشنط ونزلت، وكانت الشنط ثقيلة جداً، بس أنا كان جسمي كمان بيتحمل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: شلت الأربع شنط؟!
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: آه شلت ها الأربع شنط لسكة الحديد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في القطار؟
محمد داوودا عودة: آه في القطار، وركبت القطار وذهبت إلى.. من (فرانكفورت) إلى ميونخ، هناك بالقطار نزلتهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فحصت الشنط قبل أن.. أو كما هي؟
محمد داوود عودة: لأ لأ، أنا واثق تماماً من إنه أبو إياد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا تعرف ما هي محتوياتها على وجه الدقة؟
محمد داوود عودة: لأ على وجه الدقة ما بأعرفش، بس بأعرف إنه فيه
سلاح، ووضعتها بخزانة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل رتبت مع أبو إياد أي ترتيبات، أضفت شيء على الخطة..
محمد داوود عودة: لأ، سألني أنا قلت له كل شيء.. كل شيء مرتب تمام، وقال لي أنا واثق من أنك أنت إذا كُلفت بعمل حتنجزه إنجاز كويس، فقلت له توكل على الله، الأمور ماشية الحمد لله.
أحمد منصور: لكن أنت ماعرفتش إزاي أبو إياد أدخل الأربع حقائب المليئة بالسلاح للمطار الأوروبي اللي انتقل منه إلى فرانكفورت؟
محمد داوود عودة: لأ، والله ما عرفت، هو جاي ترانزيت، مش عارف
من وين، حتى لم نبحث هذا الحكي مؤخراً، يعني كنا مبسوطين إنه الأمور وصلت السلاح لعندنا، ونقلت السلاح من القطار إلى محطة سكة الحديد، وخبيته بالخزائن، بتعرف فيه خزائن بسكة الحديد، بس يومياً كنت لازم أغير الخزائن، لأنه أحياناً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي الخزائن اللي تُستأجر لساعات يعني؟
(12/453)
محمد داوود عودة: آه، بتستأجر ليوم أو يومين.
أحمد منصور: ولا تُسأل عن محتوياتها؟
محمد داوود عودة: لا.. لا تسأل كان أيامها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس أنا كنت في دولة أوروبية وجيت أحط أغراضي سألوني قالوا لي ممكن..
محمد داوود عودة: الآن.. آه الآن بيفتشوا.
أحمد منصور: بل حتى فتحوها كمان.
محمد داوود عودة: آه ممكن آه، بس في ذلك الوقت ما كانوش بيسألوا على أن لا تتعدى 24 ساعة، فلذلك أنا كنت حريص أني أنقلهم قبل مضي 24 ساعة إلى خزائن جديدة.
أحمد منصور: ما كانش عندك مخاوف إن تكشف؟
محمد داوود عودة: لا، يعني،أنا من داخل الخزائن ماكنش عندي مخاوف إنه حد يفتح الشنط لأن الشنط مظهرها عادي كلها (سامسونيت)، بس احتياطاً كمان ما كنتش أتركها أكثر من 24 ساعة، أنقلها.. أبدل كل يوم لازم أروح أبدلها.
أحمد منصور: نوعية الأسلحة إيه؟
محمد داوود عودة: كلشنكان وفيه واحد منهم أظن رشاش (بورسعيدي).
أحمد منصور: يعني من الأسلحة -أيضاً- اللي كنتم بتستخدموها؟
محمد داوود عودة: آه.. لأ من أسلحتنا، من وين بدنا نجيب يعني؟!
أحمد منصور: يعني ما فكرتم الآن إن دي عملية (كوماندوز) محتاجة نوعية خاصة من السلاح الخفيف حتى على المتحركين؟
محمد داوود عودة: إحنا عملنا جهد لأنه تكون أسلحة (..) حديد من كلشن، اللي بينطوى يعني فهذا خفيف الوزن، وفي نفس الوقت مؤثر كبير جدّاً.
أحمد منصور: طيب، أنت كنت قلت لي إنك أنت ذهبت إلى بلغاريا من أجل إحضار سلاح لعملية ميونخ هذه.
محمد داوود عودة: لأ، لما اشترينا سلاح وبدينا ننقله تأخر المسدسات، فشفنا العملية تحتاج إلى غير المسدسات، فلذلك فضلنا نجيب كلشينات من بره.
أحمد منصور: كانت الأسلحة الموجودة معاها الذخائر معاها..؟
محمد داوود عودة: كل شيء.
أحمد منصور: كان فيه قنابل أم فقط سلاح؟
محمد داوود عودة: آه كان فيه عشر قنابل في..
أحمد منصور: يدوية كلها؟
محمد داوود عودة: يدوية آه.
(12/454)
أحمد منصور: هل فيه أسلحة مساعدة أخرى؟
محمد داوود عودة: لأ.. أسلحة فردية زائد عشر قنابل كان مع الشباب.
أحمد منصور: كمية الذخيرة لكل سلاح تقريباً كام؟
محمد داوود عودة: يعني مخزنين –يمكن- 60 طلقة لكل واحد.
أحمد منصور: فقط.. فقط!!
محمد داوود عودة: آه فقط.
أحمد منصور: ودول كافيين؟
محمد داوود عودة: لأ هو كافيين، لأنه أنت عندك 8 رشاشات بـ60 بـ400..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 500 طلقة ما يعملوش حاجة.
محمد داوود عودة: 480 لأ بعملية يعملوا، بمعركة ما يعملوش، بس عملية فدائية صغيرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على أساس إن كل طلقة هنا لها حساب.
محمد داوود عودة: آه طبعاً، وبعدين إحنا ما كناش متوقعين بصراحة أن نخوض معركة، هذا كان بآخر حساباتنا، وآخر تعليماتنا –كمان- ما كانتش إنه نخوض معركة، فجاء بعدين الموعد اللي لازم يجوا الشباب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كام يوم ظليت تنقل الحقائب في..
محمد داوود عودة: يمكن أربع أيام أو خمس أيام.
أحمد منصور: ما كانش عندك أي قلق؟
محمد داوود عودة: لأ، القلق.. القلق العادي موجود، بس الحذر موجود، أما القلق..
أحمد منصور: ما كانش.. لم يكن لديك خوف؟
محمد داوود عودة: لأ، الخوف لأ، يعني أنا جاي بعملية فدائية والمفترض إنه..
أحمد منصور: يعني الموت هو أول هدف؟
محمد داوود عودة: آه، إحنا.. الفدائي هو مشروع شهادة، وباستمرار هذا حسابه، من يوم ما قرر أن يلتحق بالعمل الفدائي، فكان مشروع شهيد، لذلك الخوف مش وارد، بس القلق مشروع، والحذر مشروع فإذا الموعد الذي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا الشابين مازالوا في ميونخ؟
محمد داوود عودة: آه، موجودين معاي.
أحمد منصور: كان فيه مهام معينة كلفتهم بيها خلال الأيام التي ذهبت فيها إلى..
محمد داوود عودة: إنه يستقبلوا الشباب اللي جايين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الآخرين كانوا سيأتوا إلى فرانكفورت.
محمد داوود عودة: آه.
(12/455)
أحمد منصور: من أين؟
محمد داوود عودة: بدؤوا من مختلف، كنا مش عامليين لهم خطوط معينة، كنا.. المكلف بإرسالهم كان يرسلهم على عدة خطوط، اتنين.. اتنين.
أحمد منصور: كل اتنين مع بعض!
محمد داوود عودة: كل اتنين مع بعض.
أحمد منصور: يعني، الآن فيه اتنين في ميونخ باقي ستة.
محمد داوود عودة: ستة، آه يعني، 3 رحلات مختلفة.
أحمد منصور: من أين؟
محمد داوود عودة: مش عارف بالضبط من وين، بس المهم إنه كانوا يصلوا لي، بيخبروني، إنه على الطيارة الفلانية، باخبر أنا الاتنين اللي عندي، بيطلعوا بيجيبوهم بأكون محدد لهم أي أوتيل يسكنوهم فيه.
أحمد منصور: أيضاً وزعتهم على الفنادق.
محمد داوود عودة: آه وزعتهم على الفنادق حتى يوم العملية، يوم العملية جمعتهم، وأخدتهم للعشاء في محطة القطار، لأنه -كمان- على مطعم تأخد تمانية وأنا تاسع مكلفة جدّاً، وإمكانياتنا ما كانتش تساعد، محطة القطار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم لسه في مرحلة النضال.
محمد داوود عودة: آه كنا في مرحلة النضال على رأيك.
أحمد منصور: مرحلة الفكَّة!
محمد داوود عودة: صحيح فاتعشينا بمحطة القطار.. مطعم محطة القطار لأنه أرخص، وبقينا سهرانين -طبعاً- أنا ما كنتش بأتكلم معاهم عربي.
أحمد منصور: بالمرة.
محمد داوود عودة: آه، الشباب ما يعرفوش أني أنا عربي أبداً، إنه أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الاتنين فقط.
محمد داوود عودة: الباقي فقط التنين [الاثنين] بيعرفوا.
أحمد منصور: لكن الستة الآخرين لا يعملوا؟
محمد داوود عودة: الستة لا يعلموا مين أنا، أو هكذا حاولت إني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بأي لغة طيب كنت تتكلم؟
محمد داوود عودة: كنت أحكي معهم بالإنجليزي.
أحمد منصور: كلهم.. وكلهم كانوا.
محمد داوود عودة: آه، ما هو ماكنتش أحكي مع التانيين، لأنه يمكن كلهم ما يعرفوش إنجليزي كمان الستة الباقين..
(12/456)
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كل علاقتك كانت بالأتنين تقريباً.
محمد داوود عودة: بالاتنين آه، وتعليماتي للتنين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب الستة الآخرين –عفواً- برضة الستة الآخرين كانوا يعرفوا إنك جنسيتك إيه؟
محمد داوود عودة: لأ، أنا كنت موهمهم إني أنا كوبيّ بأساعدهم، بس طلعت أنا اللي متوهم، بدليل إنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف؟
محمد داوود عودة: بالأخير بأحكي لك كيف، قعدنا ومضينا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان فيه طيب في هذا الوقت كان فيه غير فلسطينيين كانوا بيساعدوا المقاومة الفلسطينية؟
محمد داوود عودة: لأ، ما فيه إلا أنا ما فيه لم يروا أحد إلا أنا.
أحمد منصور: لأ، لا أقصد في هذه العملية..
محمد داوود عودة[مقاطعاً]: لأ ولا حد ساعدنا.
أحمد منصور: يعني أقصد قبل 72 كان فيه مناضلين زي؟
محمد داوود عودة: آه.. آه.. آه لأ طبعاً، كان فيه.. كان فيه عندنا من الأوروبيين ومن بعض أميركا اللاتينية، وكان عندنا متطوعين.
أحمد منصور: كانوا بيشاركوا معاكم متطوعين يقاتلوا مع الفلسطينيين؟
محمد داوود عودة: آه إيطالي.. إيطالي استشهد معنا بالصلت.. إيطالي، فرنسي استشهد معنا بالأغوار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا في فترة..
محمد داوود عودة: لما كنا بالأردن آه، وبعدها كمان، يعني ما بيخلاش كان فيه القوة التقدمية الأوروبية تعتبر إنه إحنا وارثين فيتنام بالنضال، وإنه لازم يدعمونا حتى نصل إلى هزيمة الإمبرالية كما هزمتها فيتنام، ومع الأسف إنه نجحناش..
أحمد منصور: الإمبرالية انتصرت الآن.
محمد داوود عودة: ما نجحناش نهزمها، فبعد ما صار الوقت طبعاً كان الشنط كل واحد كانت شنطته، معباي بكلشنه بعدته وعدته كلها.
أحمد منصور: عايز أسألك، إنتو كنتم واثقين من كل المجموعة الموجودة؟
محمد داوود عودة: آه، ها دولا شبابنا يعني، دول يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فين كانوا ادربوا؟
(12/457)
محمد داوود عودة: تدربوا في بيروت، وبعدين تدربوا بمعسكرنا بليبيا، قعدوا فيه فترة كمان.
أحمد منصور: لم يُدربوا في أوروبا الشرقية؟
محمد داوود عودة: لا لا.
أحمد منصور:لم يدربوا على أيدي غير فلسطينية؟
محمد داوود عودة: لأ.. لا، كله فلسطيني.. كلهم فلسطينيين.
أحمد منصور: كانوا الشباب دول كانوا طلبة بيدرسوا كانوا..
محمد داوود عودة: لأ، كان معظمهم من مخيمات لبنان، بل كلهم من مخيمات لبنان، شاهدوا ماذا حل بمخيمات لبنان من قصف وتدمير وذبح من الطيران الإسرائيلي، فكان عندهم حماس واندفاع إنه ينتقموا لأهاليهم اللي بيموتوا كل يوم تحت القنابل الإسرائيلية، وكانوا رايحين للموت بكل راحة نفس واطمئنان.
أحمد منصور: كانت علاقاتهم ببعض إيه.. قبل العملية؟
محمد داوود عودة: معظمهم.. بالعملية.. قبل العملية كانوا كلهم يكمن مخيم أو مخيمين مع بعض.
أحمد منصور: بيعرفوا بعض؟
محمد داوود عودة: بيعرفوا بعضهم.
أحمد منصور: ويعرفوا الاتنين القادة؟
محمد داوود عودة: آه بيعرفوهم كمان.
أحمد منصور: كمان!
محمد داوود عودة: بيعرفوهم لأنه كانوا معهم بالمعسكر فترة.
أحمد منصور: طيب أنت كنت في تلك الفترة، المفروض أنك انتقلت
لبيروت، والمفروض أنك معروف لم يسمعوا بيك أو يعرفوك؟
محمد داوود عودة: ما هو هذا اللي استغربته أنا، إن واحد منهم، أنا استلمت قيادة الميليشيا في لبنان لفترة قصيرة،وواحد منهم كان بالميلشيا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنت كنت تعرفة؟
محمد داوود عودة: وأنا قائد، أنا ما بأعرفوش، بس هو بيعرفني، فلذلك وأنا بأطلعه على السور، بيودعني بيقول لي مع السلامة يا أخ أبو داوود، وأنا عامل حالي كوبي وكلام فاضي، بس تتصور إنه ما حاولش يشعرني إنه بيعرفني حتى اللحظة الأخيرة التي طلع فيها.
أحمد منصور: اللي هو عارف إنه ممكن لا يراك بعدها.
محمد داوود عودة: آه، فلذلك بعد ما خلصنا حملنا أغراضنا.
(12/458)
أحمد منصور: بعد ما خلصتم العشا.
محمد داوود عودة: العشا، وحان الوقت يعني بعد العشاء قعدنا شوية، قدرت أنا إن الساعة واحدة.. واحدة ونص، قلت إذا بدنا ناخد تاكسيات.. تاكسيين تلاتة أربعة، بدها نص ساعة، تنتين، تنتين وربع بأكون وصلت المدينة، فوزعتهم على التاكسيات، وأخذت أنا وواحد منهم تاكسي، وذهبنا للمدينة، ومشينا باتجاه النقطة اللي أنا كنت مقدر إني أقص الشريط منها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي وقت من الليل أو النهار؟
محمد داوود عودة: يعني يمكن كانت تنتين، تنتين ونص على ما أذكر.
أحمد منصور: ظهراً أم ليلاً؟
محمد داوود عودة: ليلاً.
أحمد منصور: ليلاً.
محمد داوود عودة: ليلاً، كله مساء هذا الحكي، وليش أخدنا تاكسيات، لأنه مافيش ترام، مافيش أتوبان بيسمونه ما فيه، ولذلك اضطررينا أن نأخذ تاكسيات يعني نضحي، و.. معناها بعد الواحدة ونص بالليل، فوصلنا النقطة اللي لازم نقص الشريط منها، فلمحت أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب، التاكسي لما طلبت منه إنه يوقفكم في مكان زي..
محمد داوود عودة: بيوقف بالساحة، بعيد عن.. وبعدين إحنا بنمشي
مشي، نمشي تقريباً حوالي تلت ساعة مشي في شوارع ممنوع فيها
السيارات، يعني ممرات مشاة حول المدينة.
أحمد منصور: آه، طيب كيف تم توزيع المهام على التمانية؟
محمد داوود عودة: التوزيع كان مُعطى كافة التعليمات للتنين، وهم بيوزعوا المهام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا عايز أعرف صفات وشخصية الاتنين دول على وجه الخصوص، يعني الآن الشباب الآخرين، أنت قلت ربما يجتمعوا في صفة أساسية هم أنهم رأوا ما حلّ بأهاليهم ولديهم استعداد للموت في سبيل قضيتهم طبعاً بالدرجة الأولى، والأشياء التي رأوها حلت بأهاليهم تدفعهم لهذا، لكن الشخصيتين القياديتين على وجه الخصوص، أرجو أن تعمل لنا بروفيل صغير حوالينهم؟
(12/459)
محمد داوود عودة: خليني.. آه خليني أمسك لك واحد واحد منهم، أولاً محمد مصالحة وهو القائد السياسي، هذا لاجئ فلسطيني من شمال فلسطين لجأ إلى سوريا، وسكن أهله في بنياس، وهو تلميذ نجيب و كويس فخلص دراسته الثانوية بتفوق، فذهب ليتعلم في ألمانيا الهندسة الكيميائية، وبأقدر ليش اختار الهندسة الكيميائية، لأنه بنياس فيها مصفاة بترول، وكان يشوف إنه مصفاة البترول هاي بحاجة إلى مهندسين، فيمكن قدر، إنه إذا بيتخرج بيرجع بيشتغل جنب أهله في بنياس، وأثناء دراسته في ألمانيا بالهندسة حدثت 67، فمثله مثل مئات الطلاب الفلسطينيين، ترك الدراسة، وركض رأساً ليلتحق في العمل الفدائي في (...) في ذلك الوقت، ومن 67 مارس العمل الفدائي في أكثر من قطاع، وحصل على رتبة ضابط ملازم وملازم أول، وعندما -زي ما
قلت لك- أصيبت الروح المعنوية للعمل الفدائي بانهيار.
وكان هو أيضاً يعيش في جنوب لبنان، ويرى ماذا يعمل الطيران الإسرائيلي والمدفعية الإسرائيلية في المخيمات، فلذلك بس بدينا نسعى للاتصال بشباب يعملوا بالعمل الخارجي، كان أول من قفز لهذا العمل، وطبعاً بيكون يعني رشحه لأبو إياد شخص بيعرفه، وباجي للتاني (تشي) كان من سكان الضفة الغربية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إذن، هو كان يتقن الألمانية، وكان اختياره لهذه المهمة اختيار دقيق للغاية، شخصيته كانت تصلح أن يتفاوض؟
محمد داوود عودة: آه طبعاً لأنه.. آه قائد، كان –رحمه الله- أولاً مثقف، وثانياً يتكلم لغة، وثالثاً واعي الوضع السياسي الفلسطيني –شايف- وممكن أن يناقش فيه والشخص الآخر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان في بداية العشرينيات أو منتصفها؟
محمد داوود عودة: آه.. منتصف العشرينيات في ذلك الوقت، تشي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تشي اسمه الكامل إيه؟
محمد داوود عودة: لا، اسمه يوسف، لا أذكر والله يوسف إيش، بس هو..
أحمد منصور: لكن اسم تشي؟
(12/460)
محمد داوود عودة: تشي هو اسمه الحركي كان عامله (تشي جيفارا) يعني.. شايف..
أحمد منصور: آه.. نعم.
محمد داوود عودة: فكان يعمل على البواخر في الكويت في الخليج، ويعمل مع الأميركان، معظمهم من (النيجرو) فأخذ اللكنة الإنجليزية منهم، فكانت إنجليزية لكنة صعبة يفهمها الواحد، مع إني أنا بأدعي إن أنا بأحكي إنجليزي، وبأقرأ كتب إنجليزي ولكني كنت مرات كتيرة أقول له على مهلك عليَّ حتى أفهم، لما يكون يحكي بالإنجليزي مع واحد أقول له على مهلك عليَّ حتى أفهم شو بتحكي، فكان يعمل بالكويت.
وكمان بس بعد 67 ترك شغله، وذهب إلى مكتب منظمة التحرير أو مكتب فتح في الكويت، وانتقل إلى الجبهة كمان، وقاتل بالأردن ثم انتقل إلى لبنان، بلبنان بقي أيضاً يعمل عمليات في القطاع الجنوبي، وكان عسكري بارز، يُتقن القتال، ويُتقن إدارة العمليات العسكرية، فلذلك سلمناه مهمة العمل العسكري في داخل المهمة يعني هو اللي يوزع الحراسة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني يعتبر هو القائد الفعلي؟
محمد داوود عودة: لأ، القائد الفعلي القائد السياسي.
أحمد منصور: القائد السياسي، هو الزي يعطي الأوامر العسكرية.
محمد داوود عودة: آه عندنا كان.. في ذلك الوقت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنتو كده واخدين بنظام الدول، إن قرار الحرب والمعارك هو قرار سياسي، والقائد السياسي هو الزي يحرك العسكريين.
محمد داوود عودة: بقرار سياسي.. لأ إحنا عندنا حتى.. حتى بقطاعاتنا العسكرية في البداية كان المفوَّض السياسي في القاعدة هو اللي كان يعطي كل أوامره للعسكر وغير العسكر، فهو كانت مهمته مثلاً العسكرية كيف؟ يوزع الحراسات في نقاط حساسة تضمن أمن المجموعة وأمن الرياضيين اللي معاه.
أحمد منصور: كان مين غيرك وأبو جهاد تعلموا بتفصيلات هذه العملية؟
محمد داوود عودة: أبو إياد.
أحمد منصور:أبو إياد عفواً، عفواً.
(12/461)
محمد داوود عودة: ما بأعرفش أبو إياد كان.. أبو محمد العمري 100%.. شايف، وما بأعرفش أبو إياد كان مخبر مين في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 100% كان يعرف إن فيه عملية، لكن التفصيلات لديك وحدك.
محمد داوود عودة: لأ التفصيلات يعني ماحدش.. ماحدش لحق يعرف التفصيلات، لأن كل ما جرى هو إعدادي وأنا في ميونخ، يعني حتى أبو إياد ماكانش يعرف التفاصيل الصغيرة هاي اللي هتحصل.
أحمد منصور: أيه أهداف العملية بالضبط؟
محمد داوود عودة: العملية سميّناها أولاً عملية (إكريت وإكفار برعوم) في ذلك الوقت كانوا الإسرائيليين دمروا قريتين فلسطينيتين في شمال فلسطين، اسمهم (إكريت) و(إكفار برعوم)، ورحلَّوا أهاليهم، ولا زالت هذه القريتين مدمرتين وأهاليهم مشتتين في القرى الفلسطينية اللي تحت الحكم الإسرائيلي 48 يعني إسرائيليين، لازالوا حتى اليوم، وأخذت عدة أحكام تعيدهم لقراهم، ومع هذا لم تنفذ هذه الأحكام، فسميناها إكريت وإكفار برعوم تذكيراً للعالم، بأنه الإسرائيليين يبيدوا القرى الفلسطينية حتى التي تحت حكمهم، ويرحلّوها ويهجَّروا أهاليها منها، فهذا كان الهدف من تسمية العملية.
أما هدف العملية فكان..كان صار عندنا في سجون إسرائيل آلاف
المعتقلين، وكنا حاطين قائمة 200 أو 250 اسم من أشد الأحكام قسوة، وأشد الناس تعرضاً للتعزيب وإلى آخره، وكنا نطمح في أن نُخرج هؤلاء الأسرى من سجون الاحتلال الصهيوني أي بمبادلتهم بالرياضيين الإسرائيليين،لم يكن لنا نية إطلاقاً للقتل أو قتل أحد، وقلنا بتعليماتنا الأساسية والمهمة، أن لا قتل إلا في حالة الدفاع عن النفس، وكانت هاي تعليمات صارمة، وأعد بيانين: بيان باللغة الألمانية، وبيان باللغة الإنجليزية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الذي أعدهما؟
محمد داوود عودة: كتبهما أبو إياد.. المرحوم أبو إياد، بس هذا المحتوى.
أحمد منصور: قبل، أم بعد التنفيذ؟
(12/462)
محمد داوود عودة: قبل.. البيانين أعدوا بمطالبنا يعني قبل التنفيذ، وأرسلوا لي مع شخص، وأخذتهم أنا وطبعاً فيه منهم عدة نسخ وسلمتهم للشباب يوم العملية، عشية العملية، وقلت لهم دي البيانات إنتوا بتوزعوها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً تاريخ الأحداث محفور في ذاكرتك باليوم وبالساعة.
محمد داوود عودة: آه طبعاً، لأنه حدث ليس عادياً.
أحمد منصور: أشياء كثيرة في العالم تغيرت بعدها.
محمد داوود عودة: صحيح.. صحيح يعني وأنا بأدعي إني بهذه العملية أقحمنا القضية الفلسطينية في 500 مليون بيت، لأنه الناس يهتموا في قضايا الرياضة والرفاه أكثر ما يهتموا بقضايا مآسي الشعوب مع الأسف، لذلك يوم
العملية -كما قلت- ذهبنا مشياً على الأقدام، وعندما اقتربنا من النقطة التي كان يجب أن نقص الشريط منها، وهي قريبة من الباب الخلفي، لاحظت أن هناك ضجة على الباب، فذهبت ومعي الشباب، وقلت لهم الحقوني.. تعالوا فاكتشفت إنه فريق أميركي، وكان عدده كبير جدّاً، عامل party في مركز الإعلام اللي خلف الباب هذا، وعاملين حفلة وشاربانين وسكرانيين وحالتهم هيصه، ونازلين بيتسلقوا الباب، لأن الباب مسكر، فأنا قلت دي فرصة كويسه يعني.
أحمد منصور: من ضمن الفريق.
محمد داوود عودة: أنا أدخل.. أدخل الشباب مع الفريق، فصرت ووقفت بطولي.. وقامتي الطويلة، صرت أحمل الأميركان وأطلعهم من فوق الباب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا أذكر المشاهدين أنك -ما شاء الله- طولك مترين.
محمد داوود عودة: آه 193سم، أحمل الأميركان، واحد أميركي أحمله، أو بنت أميركية أحملها أطلعها، وأحمل واحد فلسطيني وأطلعه، واحد، واحد، واحد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خاصة الفتيات البنات.
(12/463)
محمد داوود عودة: كانوا موجودين يعني ما كانش عندي.. أنا..، يعني ما هو في ذلك الوقت لا تشعر إلا بأنك تريد أن تكمل المهمة، وهي مهمة حساسة، وهذا أسلم لي من إني أقص الشريط، لأن قص الشريط فيه أمل واحد بالألف أن يلاحظ أحدهم ويخبر إنه فيه ناس يقصوا شريط، بس ناس تتسلق باب وكلهم أميركان، ورياضيين وأنا من جملتهم، تسلق شبابنا من جملتهم، فلذلك كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان عددهم كبير الأميركان تقريباً؟
محمد داوود عودة: آه كانوا –والله- حوالي 25،30 واحد .
أحمد منصور: آه، فإنتو 8 في وسطهم..
محمد داوود عودة: إحنا 8 بوسطهم ضعنا بعد، بعدين وهم بيتسلقوا أنا بأرفع فيهم وأرفع فلسطيني، ماحدش هيتنبه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت اللي رفعت الكل، أم كان فيه آخرين بيرفعوا أيضاً؟
محمد داوود عودة: لأ.. كان في إشي يتسلق بدون رفع، فيه إشي يحتاج إلى مساعدة.
أحمد منصور: خاصة الفتيات البنات.
محمد داوود عودة: آه، يعني فيه مثلاً عندي أنا شباب -ما شاء الله- بسرعة تسلقوا.
أحمد منصور: ما احتاجوش يعني.
محمد داوود عودة: لأ.
أحمد منصور: مش كل التمانية رفعتهم.
محمد داوود عودة: مش كل التمانية حملتهم على أكتافي، بس حملت على الأقل أربعة منهم على أكتافي، ودخلوا، وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان وأنت بترفعهم، والآن فصال بينك وبينهم، ربما لا تراهم بعد ذلك، هم أيضاً ارتبطوا بيك ولو بساعات، وعرفوا إنك أنت، حتى ولو ظلوا على اعتقادهم أنك كوبي بتساعدهم، كانت إيه المشاعر في هذه اللحظات دي؟
محمد داوود عودة: يعني كانت مشاعر إنه أنا عارف قد أيش هم رايحين لخطر، وهم كانوا مش سائلين عن الخطر، بس حاسين إنه بدهم يشعروني إنه مش ممكن يتراجعوا.
أحمد منصور: حسيت إن حد منهم مرتبك.. حد خايف فيهم.
محمد داوود عودة: لا، لا، مطلقاً.. مطلقاً.
أحمد منصور: حد قلق؟
محمد داوود عودة: ولا حد مطلقاً، يعني لو كان..
(12/464)
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كنت قلق؟
محمد داوود عودة: لأ، لو كان فيه أي واحد منهم قلق لقلت له اتفضل استريح، يعني ما بأدخلوش.
أحمد منصور: كان كلهم حماس؟
محمد داوود عودة: كلهم اندفاع وحماس وذاهبين كأنهم ذاهبين إلى حفلة، فمع إنهم كلهم –على الأقل- التنين القادة، بأعرف قد إيش، كنا تناقشنا إنه هاي في هاي مرحلة مخاطر، ومخاطر قد تؤدي بالحياة، فإذا يا إخوان حدا منكم يتردد أي شيء يعني يرتاح وأنا بأدخل محله، فقالوا لأ، مش ممكن أنت تدخل وإحنا موجودين.
أحمد منصور: أنت ما فكرتش تشارك شخصياً في العملية؟
محمد داوود عودة: يعني ما كانش فيه احتياج، لو كان فيه احتياج ما أترددش.
أحمد منصور: ولو بدور سياسي؟
محمد داوود عودة: لأ، لأنه إحنا خططنا، إذا أنا شاركت بدور سياسي معناها انكشف كل الموضوع مالوش لزوم لا تقول أسود ولا أبيض.
أحمد منصور: كانوا هيعلنوا إن هم بيتحركوا باسم مين؟
محمد داوود عودة: كانوا يعلنون إنهم باسم (أيلول الأسود).
أحمد منصور: ودي كانت أول عملية كبيرة؟
محمد داوود عودة: هاي أول عملية.
أحمد منصور: كبيرة.
محمد داوود عودة: يمكن أول عملية حتى.
أحمد منصور: ليه، أنت قلت لي إن تمت تصفية بعض العملاء الإسرائيليين؟
محمد داوود عودة: آه هذه ما كناش نعلن عنها، قليل يعني.
أحمد منصور: ما كنتوش تعلنوا عنها.
محمد داوود عودة: ما كانش، يعني فيه عمليات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان اسم أيلول الأسود عُرف قبل ذلك في أي موقع، في أي مكان؟
محمد داوود عودة: لأ، عُرف إنه انتشر اسم أيلول الأسود قبل أن يعمل عمليات، فبين الشباب إنه تعال ننضم لأيلول الأسود، فبعدين..
أحمد منصور: كنتم بتخوفوا الناس بالاسم ده كتير؟
محمد داوود عودة: كنا مش ناويين نخوف الناس، كنا ناويين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا أذكر وأنا صغير كنت أحب أسمع إيه أيلول الأسود.. بتعمل إيه.
(12/465)
محمد داوود عودة [مستأنفاً]: كنا ناويين ننعش الناس، مش نخوف الناس، فننعش الهبوط اللي صار نتيجة جرش وعجلون.. خروجنا من الأردن، فلذلك كنا نقول للناس إنه إحنا.. يعني نقول للعناصر إنه هذا تنظيم اتفضل التحق بأيلول
الأسود، بعدها أعتقد دخل أبو يوسف النجار عمل عملية وصفي التل و ما بأعرفش مع مين تشاور مع أبو إياد أو غير أبو إياد، ولكن سمّاها باسم أيلول الأسود، فأول مرة بيطلع اسم أيلول الأسود كان في عملية وصفي، بس يعنى أيلول الأسود اللي إحنا كنا ومركبينها، لا كان في عنصر من عناصرها ولا واحد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن نقدر نقول من هو القائد الفعلي لأيلول الأسود، أبو إياد؟
محمد داوود عودة: أبو إياد.
أحمد منصور: ومين الرقم اتنين؟
محمد داوود عودة: أنا، إذا كان صح لي أن أقول هيك.
أحمد منصور: يعني أنت تعتبر الرجل الثاني، أو الرجل المسؤول عن التنفيذ في أيلول الأسود؟
محمد داوود عودة: هذا هيك كان المفترض، يعني ما بأحبش إني أقول إني أنا رقم كذا، أو رقم كذا بس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي من الناحية التاريخية إحنا بنسأل اللي له ادعاء تاني يقوله، والله أنا كنت غيرك يعني.
محمد داوود عودة: واقعاً كان أبو إياد وكان إخوان معه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كده ممكن الأميركان يطلبوك ويرصدوا كذا مليون..
محمد داوود عودة: يا سيدي، أنا ما كانش بيني وبينهم، أنا ما عملتش ضدهم أي عملية.. أنا ما عملتش ضدهم أي عملية، وبعدين أنا زي ما قلت لك هذا ملف انطوى بيننا وبين الإسرائيليين، ليش؟ اللبنانيين الآن إذاً سليم الحُصّ يطلب باراك –رئيس وزراء إسرائيل- بحجة أنه اخترق بيوت وقتل أشخاص في داخل بيروت، وهو لابس مرأة، ومذاكرته عندي إنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا هو بيفخر بذلك.
محمد داوود عودة: طبعاً.
(12/466)
أحمد منصور: وكان في الانتخابات الإسرائيلية كان بيقدم هذه دعاية رئيسية… بل كان بيفخر إنه هو حينما أطلق الرصاص على الزعماء الفلسطينيين، يقول أن بياض عيونهم انتثر على وجهه، هذا كلام نشره للأسف في دعائية الانتخابية والعرب انتخبوه برضه، بيحبوه يعني!
محمد داوود عودة: آه العرب انتخبوه، وإحنا هذا الملف أُقفل، فإن حبوا أن يفتحوا هذا الملف، فيمكن عندنا ملفات كتيرة، عندنا ملف (شارون) وقتل الأسرى المصريين الـ500 لأكثر من 500 أسير، وهذا لا تقبله شريعة بالأرض.. بالكرة الأرضية، إنه العسكري يوقف المستسلمين رافعي الأيدي ويطلق عليهم النار.
أحمد منصور: ولكن بعد تصفية الرجل الأول المسؤول عن أيلول الأسود وأنت الرجل الثاني، أما تخشى من التصفية، بصدق يعني؟
محمد داوود عودة: والله إن الأعمار بيد الله، وأنا تعرضت للموت أكثر من مرة، والله أعطاني النجاة، وإذا كان إحنا هلا مافيش أيلول الأسود، لو كان فيه عمل يمكن أخشى، بس إحنا صرنا بسلام وحمائم ومستسلمين للواقع المر اللي إحنا عايشين فيه.
أحمد منصور: يعني أنت صرت من الحمائم الآن؟
محمد داوود عودة: يعني شو.. ماهو ما عادش فيه أنياب بالوطن العربي يعني ما فيه.. مع الأسف مرة بيسألوني الشباب، بيقولوا لي طب ليه يا أبو داوود تسكت على أوسلو، قلت لهم يا أحبابي، لو كان عندي زي قال لي (أرشميدس):" أعطوني مكاناً في غير هذه الكرة الأرضية، لأرفع لكم الكرة الأرضية" أنا بأقول لكم آهو أعطوني كيلو متر مربع حر في هذا الوطن العربي من شرقه إلى غربه لما استسلمت، بس وين الكيلو متر المربع، ليس موجوداً.
أحمد منصور: بس كتير أبو عمار طالب شبر يرفع عليه العلم فقط.
محمد داوود عودة: يعني أنا بأقول كيلو متر أعمل أدبر فيه ناس، وأقاتل عدوي، ما في!!
أحمد منصور: يعني لازالت الحمية لديك؟!
(12/467)
محمد داوود عودة: والله، ما أعتقدش.. يعني هذا هو حقي الشرعي إنه يظل في قلبي شعلة للنضال من أجل فلسطين، فبعدما دخلوا الشباب، الآن سأروي لك ما حصل، مش مشاهداتي، كما عرفت من الشباب بعد أن خرجوا، دخلوا الشباب ورأساً بدؤوا يجمعوا الرياضيين من الغرف، ويضعوهم في غرفة واحدة، فأثناء هذا العمل، تقدم المصارع الروسي الأصل اليهودي الجنسية حديثاً، والزي ما لوش شهرين هاجر من الاتحاد السوفيتي على إسرائيل، وطلع بالمنتخب الرياضي ليكون الربّاع الأول، وحاول أن يخطف بندقية من شاب من الشباب ويطلق عليهم النار، طبعاً متدرب وعسكري وكلهم عسكر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اسمح لي بقى في الحلقة القادمة أسمع منك الرواية بالكامل أنا والمشاهدين جميعاً.
محمد داوود عودة: آه ماشي.. ماشي.
أحمد منصور: مما حدث بعد دخول الشباب إلى مقر البعثة الإسرائيلية، أشكرك شكراً جزيلاً أبو داوود.
محمد داوود عودة: أهلين.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى ما حدث في ميونخ عام 72 من أبو داوود، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/468)
الحلقة6(12/469)
الاثنين 23/10/1422هـ الموافق 7/1/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 23:04(مكة المكرمة)،20:04(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
28/08/1999
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داوود عودة -أبو داوود (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، والمنفذ لعملية ميونخ التي تمت ضد الفريق الأوليمبي الإسرائيلي
عام 72) مرحباً أبو داوود.
محمد داوود عودة: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند وداعك للمجموعة الفدائية التي قامت بتنفيذ العملية حينما رفعتهم لعبور سور المدينة الأوليمبية في الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل في الخامس من سبتمبر عام 72، وهو تاريخ تنفيذ العملية، لا أريد أن أدخل للداخل الآن، ولكن بعد ما قفزوا وتخطوا السور، هل دار بينك وبين أي منهم أي شكل من أشكال الحوار أو الكلام؟
محمد داوود عودة: لأ، عندما.. آخر واحد وأنا بأشيل فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان مين؟
محمد داوود عودة: كان اسمه إبراهيم الجيشري –رحمه الله- ففاجأني بيقول لي: مع السلامة يا أخ أبو داوود.
أحمد منصور: هذا كان أحد الستة الذين تقول لهم بإنك كولومبي؟!
محمد داوود عودة: آه أحد الستة.. نعم كوبي.
أحمد منصور: كوبي.
محمد داوود عودة: آه فعرفت إنه كل حيلي هاي مش منطلية عليهم.
أحمد منصور: انكشفت.
محمد داوود عودة: كانوا يعرفوني، بس ما كانوا يشعروني إنهم عارفين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كلهم كانوا عارفين الستة؟
(12/470)
محمد داوود عودة: مأعرفش بس هذا متأكد إنه كان عارف، لكن لم يشعرني ولو للحظة إنه بيعرفني، شوف مدى الالتزام وصرامة الالتزام والتنفيذ، فبعد ما دخلوا، طبعاً أنا الآن انتهى دوري كمخطط وكمشرف على العملية، أصبح القيادة بيد القائد السياسي والقائد العسكري، فاللي فهمته أنا طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رجعت إلى الفندق؟
محمد داوود عودة: أنا رجعت إلى الفندق، وبقيت به..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي ساورك في الطريق وأنت عائد؟
محمد داوود عودة: أنا كنت متعطش أنا أسمع أخبار، ماذا حصل؟
أحمد منصور: هم كانوا داخلين هينفذوا مباشرة في نفس الوقت؟
محمد داوود عودة: آه هيلموا الرياضيين، ويطالبوا بالشروط اللي إحنا حاطينها، إطلاق سراح أسرانا.
أحمد منصور: كان فيه حراسة على المباني في الداخل على الفرق؟
محمد داوود عودة: كان فيه حراسات على سطوح بعض أسطح المباني.
أحمد منصور: لكن في المداخل.. المباني.
محمد داوود عودة: لأ، ما كان فيه.. بالمدخل الرئيسي كان فيه، بس بالمدخل هذا الخلفي ما كان فيه حراسات.
أحمد منصور: لأ، أنا أقصد الآن، الإسرائيليين موجودين في مبنى، هل هناك أي شكل…
محمد داوود عودة: ما فيش على باب المبنى حراسات.
أحمد منصور: تماماً.
محمد داوود عودة: لأ ما فيه، فهم.. أنا فهمت عاد منهم التالي: هم دخلوا المبنى وبدؤوا يجمعوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف دخلوا.. دخلوا بمنتهى الهدوء؟
محمد داوود عودة: لأ.. دخلوا من الباب الرئيسي.. مفتوح.
أحمد منصور: كل واحد كان بيحمل معاه إيه وهم داخلين؟
محمد داوود عودة: كان بيحمل معاه شنطة رياضية فيها رشاشه، وفيها عدة حبل، أو مقص، أو سكين، أو مواد تموينية تكفيهم لمدة 24 ساعة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طعام.
محمد داوود [مستأنفاً]: طعام أو ماء، فكل هاي كانت مجهزة بالشنطة، فبعد ما دخلوا وهم بيجمعوا بالرياضيين..
(12/471)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان عندكم إحصاء عدد الإسرائيليين كام؟
محمد داوود عودة: لأ، ما عندنا، نحنا اتفجأنا أيضاً أن الإسرائيليين كان عندهم رحلة في ذلك اليوم، كثير من الفريق الإسرائيلي رايحين على الرحلة، فلذلك اللي باقي عدد قليل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي هم العشرة فقط.
محمد داوود [مستأنفاً]: لأ.. باقي حوالي 12، فبمجرد ما دخلوا، واحد كسر زجاج النافذة وقفز.
أحمد منصور: من الإسرائيليين؟
محمد داوود عودة: آه، وكان تحت مرمى نيران الشباب، فلم يطلقوا عليه النار، لأنه كانت الأوامر صارمة، أن لا يقتلوا أحداً إلا دفاعاً عن النفس، فترُك يركض لما راح للمبنى الثاني وما أطلقوش، مع إنه كان تحت مرمى نيرانهم، كان ممكن يقتلوه بسهولة، وهذا بيدل على إنه الأوامر كانت.. الأوامر اللي معطاة إلهم لا تقتلوا إلا دفاعاً عن النفس.
أحمد منصور: الذين نجوا ورووا لك ما حدث أخبروك، كان ردة فعل الفريق الإسرائيلي إيه لما هجموا.. ؟
محمد داوود عودة: طبعاً، أُصيبوا بالهلع.. يعني الإسرائيليين، لأنه غير متوقعة العملية، فيها مفاجأة، وأثناء جمعهم حاول الربَّاع الإسرائيلي إنه يخطف سلاح أحدهم فانقتل، بعدين جمعوهم بغرفة وجلسوا بعضهم يحرسهم، فحكى لي أحد الناجين: إنه وهو بيحرس فيهم، واحد منهم بيحكي عربي، قال لهم: أنا بردان فشلح أحد الحراس الجاكت بتاعته أو (الفيلد) اللي كان لابسه، ولبسَّوه إياه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا لابسين إيه الشباب؟
محمد داوود عودة: كانوا لابسين ملابس رياضية.. (كوت) رياضي يعني، فشلح الجاكت بتاعه ولبسَّه للإسرائيلي، وبعدين وهم يتناقشوا، بيقول له: أنتم متصورين شو نعمل فيكم؟ قال له: مش متصورين حاجة، أنتم مش هتقتلونا، لأنه أنا بردان وأنت بتغطيني، كيف بدك تقتلني؟!! وطلبوا منهم أنه يرووا لبعض نكت ، فكان العلاقة -يعني- فيه إنسانية بين الطرفين، مش..
(12/472)
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنسانية وخطف وسلاح مُشهر في وجه..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: طيب يعني الخطف مبرر..
أحمد منصور [مستأنفاً]: وليس مجرد خطف ناس ليس لهم علاقة ببعض، دا بالعكس دول أعداء في نظر البعض!
محمد داوود عودة: آه بس هاي الأوضاع لها مسبباتها، يعني هم ها دول الرياضيين عبارة عن جنود إسرائيليين، كلهم خدموا بالجيش الإسرائيلي، وعملوا عمليات أيضاً -شايف- والبيوجرافي بتاعتهم موجودة على الإنترنت، أي واحد بيقدر يقراها على الإنترنت على صفحة ميونخ 72، بتشوف كل واحد تاريخه.. ما في واحد منهم إلا خدم بالجيش الإسرائيلي.
أحمد منصور: لكن إنتو وقتها ما كانش عندكم دراية بتاريخ كل واحد من هؤلاء؟!
محمد داوود عودة: إحنا بنعرف أن الرياضيين معناها جنود، في إسرائيل ما في شاب إلا جندي.
أحمد منصور: يعني إنتو أيضاً لما قمتم بهذه العملية،لم تكونوا تهدفوا إنكم تقوموا بعملية ضد مدنيين؟
محمد داوود عودة: لأ.. لأ، مطلقاً مش مدنيين، ولما إحنا اخترنا نحن الرياضيين كنا بنعرف أن ها دول شباب وكلهم يخدموا أو خدموا، أو جنود احتياط في الجيش الصهيوني، من ها المنطلق إحنا اخترنا الهدف،لم نختر طائرة فيها المرأة، وفيها الصبي، وفيها الفتاة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده إنتو تاركينه لوديع حداد.
محمد داوود عودة: يعني هو حر بما اختار، لكن إحنا اخترنا أن نأخذ عمل فيه.. اللي تحت الخطر منهم، هم مثل شبابنا عسكر مقاتلين مش مدنيين ولا عاديين، فاللي صار بعدما تجمعوا، إنه قدم محمد طلباته للألمان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: في أي ساعة –تقريباً- الألمان خدوا علم الآن أن الفريق الإسرائيلي أُحتُجز؟
محمد داوود عودة: بعد خمس دقائق من الحادثة.
أحمد منصور: لأنه فيه واحد هرب.
(12/473)
محمد داوود عودة: لأنه فيه واحد هرب، وفيه إطلاق نار صار على الرياضي كمان الربَّاع الروسي، فانعرف إنه فيه الرياضيين الآن تحت سيطرة الفدائيين، فبدأت المساومة، وعرضوا على محمد مبالغ من المال، وعرضوا عليه أشياء كثيرة.
أحمد منصور: كيف كان تمَّ التفاوض هل.. ؟
محمد داوود عودة: كان ينزل محمد وحده، وكانوا يتقدموا الألمان (جينشر) والمفاوضين قريب من البيت و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: جينشر.. (هانز ديترش جينشر) اللي كان وزير خارجية ألمانيا؟! شخصيّاً كان يتفاوض؟!
محمد داوود عودة: هانز آه.. آه، كان هو وزير الداخلية في حكومة (بافاريا) فكان هو اللي بيفاوض، فكان يتقدم محمد خطوات، طبعاً تحت مراقبة إخوانه اللي فوق، ويحكي معهم ويرجع، وحاولوا يخدعوهم مرة بتموين ومش عارف أيه جابوا لهم أكل للرياضيين –يعني- جماعتنا بيصوموا مش مشكلة، بس كمان الرياضيين طلبوا أكل وميه… وإلى آخره، فحاولوا يدخلوا لهم مع الأكل جنود، فقالوا لهم هاي لعبة ما تمشيش علينا.
أحمد منصور: كيف عرفوا إن اللي داخلين جنود؟!
محمد داوود عودة: لأنه –يعني- قدَّروا، فقالوا لهم: بتحطوا الأكل وبترجعوا إلى ورا، وبعدين إحنا بنودي ناس يجيبوا الأكل، فبالفعل حطوا الأكل، وتبين إنه بالفعل أنه جنود ألمان اللي كانوا جايبين الأكل، وتركوا الأكل في مكان بعيد و...
أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أن القائم على تنفيذ عملية مثل هذه، لابد أن يكون ليس له عينين، وإنما مائة عين.. يعني كل شيء...
محمد داوود عودة: طبعاً.. طبعاً، أي لحظة.. أي لحظة بيغفل فيها بينتهي، وإلنا عمليات سابقة انتهوا منها بغفلة صغيرة.. يعني مثل عملية (سابينا)، مثل وعملية (بانكوك)، وإلى آخره، وكانوا بيُقتلوا لأنهم أغفلوا لحظة، فاحنا عشان هاي، كنا كتير يعني ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: (سابينا) و(بانكوك) أيضاً أيلول الأسود اللي نفذتها؟
(12/474)
محمد داوود عودة: لأ، سابينا –يعني- كانوا.. طبعاً إذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنعود.. لا نريد أن نخرج، ولكن بس أنا مجرد استفسار الآن، ربما نعود لها في الحديث بعد ذلك، ولنبقى في..
محمد داوود عودة: فبعد ذلك جرت مفاوضات، ولم تُسفر عن نتيجة، لأنه الإسرائيليين (جولدا مائير) قالت: لا يمكن أطلع فدائي واحد في مقابل الرياضيين.
أحمد منصور: يعني الآن تمَّ تقديم المطالب.. الأسماء، وكانت القضية واضحة من البداية، الحكومة الألمانية اتصلت بجولدا مائير -وكانت رئيسة الوزراء آنذاك- ورفضت جولدا مائير...
محمد داوود عودة: على العكس، بعتت إلهم رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي ليضع خطة تصفية الفدائيين وتحرير الرهائن، وعرضت على الألمان تنفيذ الخطة اللي بيضعها رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، والحساسية الموجودة بين الألمان وبين اليهود، ورجوعاً لحساسيات الحرب العالمية التانية، اُبتز الألمان، وخضعوا لابتزاز جولدا مائير، فوافقوا على تنفيذ الخطة التي وضعها رئيس الاستخبارات العسكرية الألماني.
أحمد منصور: قبل تنفيذ الخطة والحديث عن الخطة، كان في مخطط الفدائيين، أنهم -يعني- ترتيبات.. ما الخطة التي سيفرضونها هم إيه؟
محمد داوود عودة: هم كان عندهم الخطة البديلة، إنه إذا رفضوا خلال 24 ساعة أن يلبوا طلباتهم، أن يطلبوا طائرة مدنية، وأن يغادروا من مبنى الرياضيين، إما بالباصات أو بالهليكوبترات، هم والرهائن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اشمعنى الباصات أو الهليكوبترات؟
محمد داوود عودة: يعني إذا كان متاح هليكوبتر بيكون أحسن، إذا مش متاح هليكوبتر يؤمنوهم بباصين، وينقلوهم إلى المطار، وهناك يُعطوا طائرة من اللوفت هانزا الألمانية لنقلهم إلى أي بلد عربي، وبالبلد العربي كانوا فاهمين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم محددين طبعاً دول عربية معينة.
(12/475)
محمد داوود عودة: لأ -يعني- قلنا لهم على كيفكم، لأنه في ذلك الوقت ما كناش بنعرف مين البلد العربي اللي ممكن يستقبلهم ومين اللي يرفض استقبالهم، فقلنا لهم توصلوا بأي بلد عربي، نحنا بالبلد العربي قادرين على حمايتكم، وبتتركوا الرهائن للبلد العربي ليتصرف فيهم كيف يشاء، بيبقى يساوم فيهم، يبقى يبادلهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب إيه اللي إنتو حققتوه؟
محمد داوود عودة: يعني بهاي.. هذا الحل الأخير النهائي.
أحمد منصور: يعني لم يكن وارد بالمرة عملية قتل الإسرائيليين؟
محمد داوود عودة: لأ.. لأ، قتل لأ.
أحمد منصور: ولا أن تكون الحل الأخير في أي مرحلة من مراحل الخطة؟
محمد داوود عودة: لأ لأ، إحنا ما كنا ناوين، إحنا كان هدفنا من ميونخ بالذات أو من الأولمبياد بالذات إعلامي أكثر من إنه إخراج 200 واحد، كنا بدنا ندخل –زي ما قلت أنا سابقاً- بدنا ندخل القضية الفلسطينية على 500 مليون تليفزيون يعشقوا الرياضة، ولا يهتموا بمآسي الشعوب، هذا كان هدفنا، فإحنا قلنا بجانب هذا الهدف إذا بنطلع 200، 250 أسير من أسرانا، مكسب.
(12/476)
وكان هدفنا أيضاً إنه اسم العملية (إكريت وإكفار برعوم) أيضاً لنذكر العالم بأن إكريت وإكفار برعوم هي قرى فلسطينية هدمها اليهود، رغم أنها تحت احتلالهم، وشردوا أهلها رغم أنهم المسؤولين عنهم، هاي أهدافنا، فلذلك كان الحل النهائي عندنا إنه ينتقلوا الشباب الفدائيين مع الرياضيين إلى طائرة تنقلهم إلى أي بلد عربي، وكنا مفهمينهم، إنه من المدينة الرياضية بالهليكوبتر -إذا هليكوبتر- بدك 10 دقائق إلى 15 دقيقة لتصل مطار ميونخ الدولي –يعني المدني- بالباصات قد تستغرق معك ساعة إلا ربع، فبدك تقدر المسافة إن زادت عن ذلك فيجب أن تفهم أن هناك مكان آخر مُعدّ، وأن هناك كمين، فلذلك لما أطلعوا قادة العملية، وجدوا إنه نُقلوا بالهليكوبتر، طبعاً هم ركبوا الباصات لساحة للهليكوبتر، هم والرهائن، وركبوا مع الرهائن هليكوبترات هليكوبترين، وانتقلوا إلى ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الكلام ده إمتى يعني، أنت الآن الساعة اتنين ونص بالليل يوم خمسة أو فجر يوم خمسة، تمت عملية الدخول وحجز الإسرائيليين، تمَّ تقديم الطلبات بعدها بوقت وجيز جدّاً، وبدأت المفاوضات بين (جينشر) اللي كان وزير داخلية (بافاريا) وبين مجموعة الفدائيين، تمَّ تقديم الطلبات إلى إسرائيل، إسرائيل رفضت، وتمَّ إرسال رئيس الاستخبارات الإسرائيلية لوضع خطة، في أي ساعة تحركوا الشباب؟
محمد داوود عودة: يمكن مساءً.
أحمد منصور: مساءً.
محمد داوود[مستأنفاً]: آه بـ 8 أو 9، لأن أنا شاهدتهم لما تحركوا، أنا رجعت على المدينة وكنت اطَّلع عليهم، وشفت تحركهم بالباصات.
أحمد منصور: أنا عايز أرجع لك الوقتي، إمتى أمته عرفت إنه العملية بدأت؟
محمد داوود عودة: أنا مجرد ما دخلوا الشباب عرفت أن العملية بدأت، فرجعت لفندقي، كان يمكن الساعة تلاتة الصبح، وطبعاً مش لنفس الفندق اللي ساكن فيه، كنت مستأجر غرفة في فندق تاني، فالصبح بس طلع النهار يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نمت؟
(12/477)
محمد داوود عودة: يعني.. نوم قلق الصراحة، طبعاً كان فيه قلق، إنه تنجح العملية أو ما بتنجح –شايف- يعني يمكن استرخيت لنص ساعة زمان، بعدين قمت ورحت.. بعدما فتحت الدكاكين رحت اشتريت راديو (ترانزيستور) حتى أسمع منه بالـ B.B.C الأخبار، وبعدين حامل الراديو بإيدي –راديو صغير- وما فيه أخبار أنه فيه حجز رياضيين… وإلى آخره، وأخبار متضاربة وبطلبات الفدائيين.. وإلى آخره، كله معروف، وبعدين بعد الظهر رحت للمدينة أشوف شو الوضع هناك.. فكان فيه ناس كتير متجمهرين حتى نزلوا الشباب وانتقلوا إلى الباصات، وذهبوا هليكوبترات، فبعد خروج الهليكوبتر في السماء أنا رجعت، رجعت على الأوتيل لأنتظر الأخبار، فالشباب بس طلعوا على المطار فُوجئوا إنه الوقت أطول بكتير، فقدروا أن هناك كمين، فنزلوا على مطار عسكري، ما فيهوش طيارات إلا طيارة واحدة (لوفت هانزا) ولذلك بس نزلوا على الأرض، طلبوا إنه يذهبوا ويفتشوا الطيارة ويشوفوا جهازيتها للسفر.. يعني مش معقول طيارة بدون (كرو) بدون مؤن، بدون كلام، بدون..، بدها تحمل ناس، وتطلع فيهم.
الطيار على الأقل والمساعد.. وإلى آخره، فلما.. هون كان الجنرال الإسرائيلي رئيس الاستخبارات وضع خطة، وبلغ الألمان فيها، وبالابتزاز المعروف من اليهود لألمانيا وافق الألمان على الخطة حرفيّاً.
أحمد منصور: ما هي الخطة؟
محمد داوود عودة: قال لهم: "إن دول عرب يعني أنا بأعرفهم، وإحنا بنقاتلهم نعرف فيهم..، العرب اقتلوا منهم اتنين أو واحد بيستسلموا البقية، فبتيجوا تاخدوا الرياضيين وبتعتقلوا البقية، فلذلك قال إنه الخطة إنهم بس يروحوا يفتشوا الطيارة، وهم راجعين أطلقوا النار على اتنين فقط واقتلوهم، بعدها البقية بيستسلموا وبتاخدوا الرهائن".
واللي صار إنه بالفعل محمد وتشي فتشوا الطيارة وجدوها ما في إلها.. ما فيها أي شئ فاضية، فوهم راجعين أُطلقت عليهم كشافات (بروجكترات)، وأطُلق عليهم كمية هائلة من الرصاص..
(12/478)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا وحديهم رايحين يفتشوا الطيارة..
محمد داوود عودة: التنين آه.. لوحدهم البقية..
أحمد منصور: ما كانش معاهم حد من الألمان، حد من..
محمد داوود عودة: لأ.. لأ لوحدهم، الألمان ما كانوش.. ما رضيوش يروحوا معهم، قالوا لهم أنتم روحوا فتشوا الطيارة واتأكدوا من جهازيتها، بناءً على الخطة اللي وضعها رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
أحمد منصور: هو نقدر نقول هنا برضه إن هم أخطؤوا أو.. يعني إنهم شافوا إن فيه كمين أُعدَّ، وكان يجب يحتاطوا بشكل أفضل؟
محمد داوود عودة: لأ، هو.. هم تصرفوا تصرف طبيعي جدّاً، إنه فيه كمين، احتاطوا مبلغين شبابهم إنه ديروا بالكم، ممكن يكون كمين، ولكن نحنا نروح نشوف لعل وعسى.. يعني مافيش أمامهم غير هذا، فراحوا وفُوجئوا بالرجعة إنه البروجكتورات تنطلق عليهم وكثافة نيران هائلة باتجاههم، فطبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي نفذ مين بقى؟ الألمان أم كان فيه إسرائيليين؟
محمد داوود عودة: الألمان.. الألمان.
أحمد منصور: فقط الإسرائيليين وضعوا الخطة؟
محمد داوود عودة: ما أعرفش الإسرائيليين وضعوا الخطة، ما بأعرفش إذا كان شاركوا كمان بالتنفيذ، ما أعتقدش الألمان بيسمحوا للإسرائيليين مباشرة يشاركوا بالتنفيذ، بس المشكلة إنه ضعف الألمان وخضوعهم للابتزاز.. لابتزاز جولدا مائير يعني كان ممكن مالهم ومال الشغلة؟! إنه اتفضلوا.. حصل كتير في بالعالم، إنه اتفضلوا اركبوا الطائرة ومع السلامة، اخرجوا من أراضينا المهم.
لكن ها دول لو كانت دولة عادية مش ألمانيا، كان الحل الأسهل إلها إنه اتفضلوا اطلعوا، كان البقية كلهم الآن أحياء، وعلى الكرة الأرضية ويشاهدوا أحداث أخرى، لكن جولدا مائير وهي قاصدة، إنه مش مهم الدم اليهودي، المهم البروباجندا الإسرائيلية..
(12/479)
أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي مش مهم الدم اليهودي، وإسرائيل سياستها قائمة على أن.. لو واحد بس يُقتل الدنيا كلها تقوم ولا تقعد؟
محمد داوود عودة: البروباجندا الإسرائيلية أهم من الدم اليهودي، هون كان فيه مبدأ كتير مهم إن ما بدهاش تظهر أمام العالم إن إسرائيل تخضع لطلبات، ثانياً: بدها تلصق أي إشي بالعمل الفلسطيني مش بـ..، فابتزت الألمان على هذا، بس صار إطلاق النار –كما قلت لك- أُصيب تشي وأُصيب محمد فزحفوا زحفاً وهم يطلقون النار، الآن بدأ إطلاق النار من كل الجهات.. يعني شبابنا اللي حول الطائرات بدؤوا يطلقون النار، وكان يُرد عليهم، فأصبحت الطائرات اللي فيها الرياضيين الإسرائيليين تحت مرمى الرصاص من كل جهة ما حدا يقدر يقول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طائرتين أم واحدة؟
محمد داوود [مستأنفاً]: نعم.. طائرتي، ما حدا بيقدر يقول كيف انفجرت الطيارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والإسرائيليين كانوا عشرة كده، لأن واحد قُتل وواحد هرب من الـ 12 فصاروا عشرة.
محمد داوود عودة: آه هم عشرة آه اللي كانوا ..، فما حدا بيعرف مين أطلق النار على مين؟ جماعتنا أكيد كانوا يردوا على إطلاق النار اللي من الألمان، والألمان كانوا يطلقوا باتجاه.. مش محمد وتشي بس، أيضاً باتجاه اللي حول الهليكوبترات وانفجرت طائرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: انفجرت؟ بمن فيها؟
محمد داوود [مستأنفاً]: آه بمن فيها، يمكن يكون طلقة ايجت بخزان البنزين أو شيء، يعني ما حد بيعرف، ما حدش بيقدر يقر، ونتيجة هذه المعركة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: استمرت كم المعركة؟
محمد داوود عودة: قيل، إنها استمرت ساعة.
أحمد منصور: 500 رصاصة أو 480 رصاصة كافيين إن المعركة تستمر لمدة ساعة؟
(12/480)
محمد داوود عودة: نعم.. نعم، طبعاً، لأنه أي مقاتل.. أي مقاتل لا يمكن يحط ايده على الزناد ويتركه يرمي على كيفه، بيرمي (صاليات).. بيرمي صاليات وين ما ايجا شاف نيران، بيرمي عليها صالية وبيتوقف.
أحمد منصور: الصالية دفعة، يعني خمس ست طلقات.
محمد داوود عودة: آه دفعة، يعني خمس ست طلقات، فبعد نتيجة المعركة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما استخدموش القنابل أم؟
محمد داوود عودة: لأ، مافيش.. لم تُستخدم القنابل، لأنه مافيش حد تقدم عليهم، كله من الأبراج.
أحمد منصور: كله من بعيد.
محمد داوود عودة: كله من بعيد، من الأبراج رشاشات ثقيلة وكانت ترمي كثافة نيران هائلة، بعدما انتهت، وصار سكوت، تقدمت دبابات ألمانية، واكتشفوا إنه الرياضيين كلهم قتلوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: العشرة؟
محمد داوود [مستأنفاً]: وقتل أيضاً خمس شباب فلسطينيين من ضمنهم محمد ويوسف اللي هو (تشي) وبقي ثلاثة جرحى، فأعتقل الجرحى، وكان جراحهم بليغة.
أحمد منصور: مين يعني.. تذكر الأسماء؟
محمد داوود عودة: كان.. يعني بأذكر إبراهيم اللي حكيت عنه، وقريب إله كان اسمه جمال، وواحد اسمه أعتقد يوسف أيضاً، بس مش يوسف قائد العملية، وها دول اللي بقيوا أحياء، طبعاً إبراهيم –رحمة الله- تُوفي في موت عادي –يعني-بالخليج، والتنين التانيين لا أعرف أين هم الآن؟ ليس لهم أرض –يعني- انقطعت صلتنا فيهم بعد خرجوهم من بيروت يعني ما عندناش فكرة وين، وطبعا أنا بالنسبة إلي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً، وقتيها ماكانش فيه C.C.N ولا كان فيه (الجزيرة) برضه، فما كانش فيه أي تغطية مباشرة، وكان التقاط الأخبار..
(12/481)
محمد داوود عودة: صحيح من الراديو من الـ B.B.C، فأنا ظليت أسمع بالليل، ما في خبر، الصبح أُذيع نبأ من الـ B.B.C، أنه حرروا الرهائن وقتل الفدائيون وفرَّ بعضهم، فأنا بخطتي إنه في حال الفرار، فيه نقطة بنلتقي فيها لأن جوازاتهم معاي، حتى أعطي للناجي منهم جوازه ويتصرف، فأنا ركضت رأساً للنقطة المتفق عليها، فبقيت فيها يمكن حوالي ساعة، وأنا بأقلب بالراديو اللي بيقولوا.. لأ إنه قتل الرياضيين كلهم، وقتل خمسة من الفدائيين واعتقل ثلاثة، فأنا قلت الآن دوري انتهى، فجوازاتهم وأوراقهم معي.
أحمد منصور: كانت جوازات مزورة طبعاً؟
محمد داوود عودة: آه كلها جوازات مزورة.
أحمد منصور: جنسيات مختلفة؟
محمد داوود عودة: مختلفة.
أحمد منصور: فيه عرب فيها.. أم؟
محمد داوود عودة: فيه جوازات أردنية، فيه عربية تانية.
أحمد منصور: يعني ماكنتوش مخليين يعني.
محمد داوود [مستأنفاً]: لا.. كنا نأخذ جوازات -يعني- إحنا خاصة بالنسبة إلنا، الأقرب لنا الجواز اللبناني والأردني، لأنه اللغة كمان أسهل... وإلى آخره، فالمهم إنه أنا حملت الجوازات ورحت إلى المطار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خدتها معاك الجوازات؟
محمد داوود عودة: آه.. معاي، لا يمكن أتركها، وين أتركها؟
أحمد منصور: تتخلص منها في أي مكان.
محمد داوود عودة: لأ، ما هو أنا بالنسبة إليّ هاي تراث الجوازات، وبالنسبة إليّ ها دول الناس خاصة لَّما عرفت إنهم استشهدوا يعني.
أحمد منصور: لا زالت عندك؟
محمد داوود عودة: لأ، أعطاها أبو إياد للرئيس القذافي، لمعمر القذافي –على ما قال لي أبو إياد- لأنه –رحمه الله- لا أستطيع أن أنكر هذا الحكي الآن، فبعدها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت كان جوازك دبلوماسي في ذلك الوقت؟
محمد داوود عودة: لأ، عادي، فركبت الطائرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني نقدر نقول إنك يوم 6 سبتمبر ركبت..؟
(12/482)
محمد داوود عودة: آه بعد الظهر آه، طلعت على روما وبقيت في روما لصبيحة اليوم التالي في المطار.
أحمد منصور: دون أن تتصل بأحد؟
محمد داوود عودة: لأ.. ما اتصلت لأن أنا فيه اتفاق بيني وبين أبو إياد إنه أنتقل بعد العملية بعد انتهاء كل شيء إلى تونس لأقابله هناك، ولنتفق على وين نذهب، فرحت.. على تاني يوم طلعت على تونس، فطبعاً خبَّرت المكتب إني أنا جاي، وانتظرني واحد وطلبت أبو إياد، فقال لي: ناخدك لك على الأوتيل، فرحنا على الأوتيل، لقيت أبو إياد ظابب شنطه هو ومجموعة من الشباب معه ومسافر، فقال لي: امشي نرجع نسافر، فقلت له: وين، قال لي: بنطلع على ليبيا، لأنه بلغوني الإخوان في تونس أن نغادر البلد، فقلت: ليش؟ فحكى لي غلطة اُرتكبت أثناء وجود الشباب –خارج الخطة- أثناء وجود الشباب بالمدينة.. المدينة الرياضية.
أحمد منصور: ما هو هذا الخطأ الذي أُرتكب وأدى إلى ما حدث في تونس؟
محمد داوود عودة: نحنا كانت خطتنا ألا يجروا اتصال من داخل المدينة الرياضية تحت أي ظرف وإنه القادة التنين يتصرفوا كما تمليه عليهم الظروف والمصلحة، لكن كان أبو محمد العمري – رحمه الله- مُعطي رقم تليفون لأحد من الشباب، وقال له إذا بتحتاجوا لأي مساعدة فاحكوا معنا على هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مساعدة فين؟
(12/483)
محمد داوود عودة: يعني ما.. مش عارف السبب –يعني- خطأ، وخطأ لا أدري، لا أنا ولا أبو إياد فيه، فمعطيهم رقم تليفون، ورقم تليفون مين؟ رقم تليفون فرحان شبيلات والد الأخ وليد شبيلات وكان فرحان شبيلات سفيراً للأردن في تونس ثم ترك السفارة، وأبقاه أبو رقيبة معززاً مكرماً بتونس يسكن ويعيش هناك، وكان إله ابن بالصدفة اسمه طلال، وكان أبو محمد العمري –يُسمى طلال، فواحد من الشباب أثناء الوضع Tention المتشنج راح ضارب الرقم، فردوا عليه في بيت فرحان شبيلات فقال لهم: طلال موجود؟ قالوا له: لأ، مش موجود، فسكر التليفون، هنا الألمان أخدوا رقم التليفون، طبعاً كلم مين؟ كلم تونس، فأبلغوا الحكومة التونسية أن قيادة العملية موجودة في تونس، بالصدفة أبو إياد موجود، فكل المؤشرات إيجت إنه أبو إياد يقود العملية من تونس، فطلبوا منه السلطات التونسية -يعني- اترجوه بلطف إنه اترك البلد -يعني- الوضع محرج.
أحمد منصور: حتى من الناحية الأمنية.
محمد داوود عودة: آه حتى من الناحية الأمنية، ومن ناحية عدم إحراجهم، فلما أنا وصلت كانوا.. كان أبو إياد بيغادر، فرجعت أنا وإياه على المطار، وغادرنا إلى ليبيا، وبعدها مكثنا في ليبيا، يمكن أربع خمس أيام، ثم غادرنا إلى بيروت.
أحمد منصور: في هذا الوقت أُعلنت العملية باسم أيلول الأسود،لم يكن معروف إعلامياً مَنْ وراء أيلول الأسود؟
محمد داوود عودة:لم يكن معروف في ذلك الوقت –يعني- تكهنات، إنه أبو إياد، أبو داود، عاطف –رحمة الله- أبو محمد العمري هاي المجموعة يمكن هو تكون هي اللي تدخل بأيلول الأسود.
أحمد منصور: اعتبرتم نتائج العملية ناجحة أم.. ؟
محمد داوود عودة: إحنا رغم أسفنا.. رغم أسفنا على الضحايا..
أحمد منصور: منين؟
محمد داوود عودة: ضحايانا أولاً.. ضحايانا، شهداءنا أولاً، وأي ضحية أيضاً من غير قصد.
أحمد منصور: يعني إنتو أسفتوا على الإسرائيليين أيضاً.
(12/484)
محمد داوود عودة: يعني.. كناس، كبشر، أنا بأسف.. ديننا الإسلامي حضَّنا على الأسف على كل واحد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حضَّكم على قتالهم، وليس على الأسف.
محمد داوود عودة: قتال لأ، القتال في القتال، وهاي معركة، فإذا بأسف أنا بأسف على شهداءنا، ورغم أسفي على شهداءنا، أنا بأقول لك: إنه العملية كانت ناجحة لأنها حشرت القضية الفلسطينية في 500 مليون بيت في العالم.
أحمد منصور: حسيتوا أن هذه الرسالة دي وصلت بوضوح للناس؟
محمد داوود عودة: كتير، يعني كتير تغير.. يعني فيه شهادات لناس كتير.
أحمد منصور: ولكن وصلت على أنكم إرهابيين، على أنكم قتلة؟
محمد داوود عودة: معلهش لأ، بس صار.. بس صار فيه سؤال: أن ها دول القتلة ليش بيقتلوا؟ ها دول اللي عملوا الهجوم على المدينة الرياضية، مين هم الفلسطينيين؟ كلمة فلسطين لم تكن واردة على خارطة العالم، كنت تسأل حتى المتعاطف معك كشخص عندما تقول له أنا فلسطيني يقول لك: وين فلسطين دي؟
أنا بأعرف أنه فيه إسرائيل، وفيه مصر، وفيه الأردن، وفيه سوريا، بس ما فيش إشي اسمه فلسطين، فإحنا بهذا حشرنا اسم فلسطين رجوعاً لسنوات طويلة جدّاً على الخارطة السياسية في المنطقة.
أحمد منصور: وجاءت أوسلو بعد ذلك؟
محمد داوود عودة: يعني أوسلو لها ظروفها، بنختلف، بنتفق، إحنا متابعين أوسلو ok.
أحمد منصور: نعم، فيه ضابط ألماني قُتل في العملية، وقُتل العشرة الإسرائيليين، وقُتل خمسة من الفدائيين، وبقي ثلاثة، النتائج العسكرية للعملية إيه، الثلاثة الذين اللي بقوا لم يتكلموا؟
محمد داوود عودة: التلاتة اللي بقوا، عُرض علينا إنا نطلعهم بعملية اتفاق بيننا وبين الألمان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني، عُرف أيضاً، أنكم أنتم الآن وراء العملية؟
(12/485)
محمد داوود عودة: يعني مش أنا مباشرة.. يعني بُلِّغوا، طبعاً هم أكيد لّما انمسكوا، قالوا: إحنا من فتح، فلذلك اُتصل بفتح –يعني- أيلول الأسود، أكيد الشباب قالوا إحنا أيلول الأسود، لكن إحنا من فتح، فاتصل بقيادة فتح، وفي ذلك الوقت بأذكر إنه كمال عدوان اُتصل بيه، وإيجا وسألني قال لي: فيه مشروع إطلاق الشباب مقابل مبلغ من المال.
أحمد منصور: كيف؟ يعني قل لنا تفصيلات العملية.
محمد داوود عودة: يعني، ممكن نتفق إحنا والألمان، يعطونا مبلغ من المال، ونخطف طائرة (لوفت هانزا) ونلف فيها لفتين بالجو، ونطلب التلاتة، وننزل بمكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي حاجة حلوة خالص.
محمد داوود عودة: لكن حلوة ما هو كان عقلنا ما يستوعبش دي، يعني كان عقل ثوري Stiff يعني بشكل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت بتفهمني كده كأن الألمان عايزين يخلصوا من الموضوع.
محمد داوود عودة: هأقولك hot potato هاي رغيف سخن باليد –التلاتة- ليش يتحملوا مسؤولية بقاءهم معهم.
أحمد منصور: يعني هم خايفين أن يكون هناك تنفيذ فعلي لعمليات..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: آه، عمليات أخرى.
أحمد منصور [مستأنفاً]: أو عمليات ضد الألمان..
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: آه، ضد ألمان.
أحمد منصور [مستأنفاً]: من أجل الإفراج عن الثلاثة فيجب يكون هناك مبرر من أجل إطلاق سراحهم والخلاص منهم.
محمد داوود عودة: صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: وبالتالي تمَّ الاتصال معكم لتنفيذ هذا الأمر.
محمد داوود عودة [مقاطعاً]: نعم، فإحنا رفضنا.
أحمد منصور [مستأنفاً]: من الذي اتصل.. مين اللي اتصل بالألمان تفتكر؟
محمد داوود عودة: يمكن السفير الألماني في بيروت أيامها، وأعتقد إنه لما بلغني كمال أنا رفضت وأبو إياد أيضاً رفض معي، ما رضيناش ندخل هاي المساومة.
أحمد منصور: كانوا هيدفعوا لكم كام تقريباً؟
محمد داوود عودة: 9 مليون على ما أذكر.
أحمد منصور: مارك أم دولار؟
(12/486)
محمد داوود عودة: لأ، دولار، في ذلك الوقت يعني ثروة كبيرة.
أحمد منصور: طيب، دي حاجة ممتازة جدّاً، يعني هتخطفوا لكم طيارة، وهيدفعوا لكم فلوس.
محمد داوود عودة: ما هو عقلنا –أحمد- نحنا ثوار ثوار.. يعني متشددين، وعقلنا ما يستوعبش كمان.
أحمد منصور: كانت لسه مليارات النفط ما جاتش.
محمد داوود عودة: لأ، لسه ما حسيناش..
أحمد منصور [مقاطعاً]: واخدين على الفقر يعني.
محمد داوود [مستأنفاً]: ماحسيناش بنعمة الفلوس، لكن فيه ناس أوعى منا كانوا بها الميدان.. يعني مثلاً الأخ وديع -رحمه الله- كان أوعى منا، فلقط الشغلة، ونفذ العملية.
أحمد منصور: فعلاً.
محمد داوود عودة: آه، وطلَّع لنا التلاتة، وأخذ التسعة مليون.
أحمد منصور: وإنتو ما خدتوش حاجة؟
محمد داوود عودة: ما خدناش حاجة، وهذا يعني.. بالنسبة إله وديع أخذ كثير، لكن شهادة تاريخية لوديع أنه لم يتصرف بقرش واحد لشخصه أو لأسرته.
أحمد منصور: لكن هنا.. هنا قصة وديع حداد، وعمليات خطفه للطائرات والأموال التي كانت.. التي كان يأخذها أيضاً، مدى مشروعية ذلك.. يعني الآخر الآن بكل المعايير حينما تقيس هذا الأمر، ما علاقة ذلك بالثوار وبالثورة وبالنضال الفلسطيني؟
محمد داوود عودة: يعني فيه وجهتين نظر: فيه وجهة نظر تقول لك إنه من حق الثورة أن تمول نفسها بالطرق التي تراها، وفيه ناس يروا إنه قدسية الهدف تحتم أيضاً قدسية الوسيلة، فيه ناس برجماتيين بيقول لك الوسيلة تبرر.. الغاية تبرر الواسطة.
أحمد منصور: وإنتو كنتم من الطرف التاني.
محمد داوود عودة: إحنا من طرف إنه وسيلة.. هدف نظيف، وسيلة 100 % نظيفة، ولذلك أنا.. أنا شخصيّاً.. يعني بعدين ما بأعرفش مين استفاد من.. حتى لشبابي أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دول استفادوا كتير يا سيدي.
محمد داوود عودة: آه، يعني أنا مش مجبور إني أسمِّي أسماءهم، ورغم إني بأعرف لي الكثير منهم..
(12/487)
أحمد منصور [مقاطعاً]: الشواهد تدل عليهم.
محمد داوود عودة: لأ هم.. هم بيعرفوا أنفسهم، هم سامعيني الآن وسيصغروا ويصغروا ويصغروا حتى يتلاشوا بينهم وبين أنفسهم، بس أنا بأقول: أنا شخصيّاً كنت حريص على هذا المبدأ، أن الغاية الشريفة توجب وسيلة شريفة، وبقيت عليها حتى يومنا هذا،وأعتز بإنه أنا باقٍ عليها وإن شاء الله حتى آخر العمر.
أحمد منصور: لكن قل لي -بالله عليك- الآن لو أعدت التفكير مرة أخرى.. أو لو يعني استقبلت من أمرك ما استدبرت، كنت هتفكر تاخد التسعة مليون برضه لصالح الثورة الفلسطينية، وتعملوا.. وتاخدوا جولة بطيارة ألمانية وتفرجوا عن التلاتة.
محمد داوود عودة: يعني لو رجعت لنفس الظروف، هاخد نفس القرار.
أحمد منصور: نفس القرار.
محمد داوود عودة: نفس القرار.
أحمد منصور: لن تغيِّره؟
محمد داوود عودة: لا، لأنه أنا بأعتقد إنه المال مهم مظبوط للثورة، لكن أيضاً أنا أُتيحت لي فرص كبيرة، إنه آخد للثورة كمان 100 مليون، و50 مليون، و60 مليون من جهات أخرى يعني..
أحمد منصور: من أين؟
محمد داوود عودة: يعني من.. مثلاً شركات طيران، كانوا يجوا يساوموني إنه بتحمي الطيران وبتاخد مبلغ، أقول له: أنا مش شغلتي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف تحميه؟ يعني تحول دون خطفه، أو يبقى لك وجود عليه؟
محمد داوود عودة: يعني أنا أقول مثلاً.. ما هو إحنا بنعرف بعض، ولما يكون فيه مشروع، أي مشروع – فاهم- بتلاقي الشباب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما كانش حد بيخطف طيران أيامها غيركم إنتو الفلسطينيين؟
محمد داوود عودة: لأ، بعدين علمنا العالم، بعدين علمنا العالم.
أحمد منصور: يعني إنتو اللي بدأتوا...
محمد داوود عودة: آه إحنا اللي بدأنا، بس العالم تعلم -يعني- بعدين صاروا الكوبيين يخطفوا، واللبنانيين يخطفوا وحالة..
أحمد منصور: يعني.. كان فيه (فردة) على شركات الطيران أيضاً، بتسعى إنها تدفعها.
(12/488)
محمد داوود عودة: آه وكانوا بياخدوا ناس معينين، وكان أيضاً.. بيروت الغربية، يعني أنا كنت قائد بيروت الغربية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: آه، سنأتي إلى بيروت الغربية ربما في الحلقة القادمة، ولكن في إطار الآن عملية ميونخ، تمَّ الإفراج عن الشباب الثلاثة، عمليات التصفية التي تمت لشخصيات فلسطينية كثيرة باسم.. تحت إطار أنهم يتبعون أيلول الأسود.
محمد داوود عودة: أنا بدي أوريك كم هؤلاء الإسرائيليين كذابين! وكم هم مفترين! وكم أنهم كانوا يقتلوا الناس لأسباب أخرى مختلفة! أنا بدي أقول: أمسك واحد واحد، أولاً: وائل الزعيتر، كان فيلسوفاً، كان يحب الكتب، عمره ما حمل سلاح، دائماً كان يحمل تحت باطه كتاب، لكن هذا وائل الزعيتر كان مقنعاً سياسيّاً وبارعاً في جمع المتناقضات في إيطاليا، كان له علاقة
بـ(ألبرتوا مورفيا) كان له علاقة بالحزب الشيوعي، كان له علاقة بالحزب المسيحي، وكان يستقطب هؤلاء الناس لصالح القضية الفلسطينية، فإيجوا وقتلوه بحجة أنه شارك في عملية ميونخ.
أحمد منصور: هو كان مندوب فلسطين في إيطاليا؟
محمد داوود عودة: في إيطاليا، فكيف شارك في عملية ميونخ هذا؟ هذا الذي بحياته ما شاف مسدس أو شاف سلاح، وزي ما قلت لك أهم شيء كان يحمله هو الكتاب، كتاب فلسفة، كتاب أدب، كتاب.. إلى آخره، فقُتل تحت ستار عملية ميونخ.
أيضاً محمود الهمشري، محمود الهمشري كان رجلاً أيضاً يعمل في باريس، وكان مقنعاً، وكانت علاقاته واسعة بكل الأطراف، وكان يستقطب كثيرين للقضية الفلسطينية، ففُجِّر به لغم بالتليفون بحجة أنه شارك في ميونخ.
(12/489)
وين شارك في ميونخ هذا؟ شو إله علاقة بميونخ؟ أنا المسؤول عن ها الشغلة، وأنا عمال أحط بالبروجكتور أمام كل العالم، أن هؤلاء الذين شاركوا في ميونخ -شايف- يعني، يعني أنا بأتحمل هذه المسؤولية لجانبيين أيضاً لأكشف زيف الدعاية الصهيونية وممارستها التضليل على العالم في ذلك الوقت، واللي ممكن أن يتمارس بشكل أو بآخر، هذا التضليل في الأيام القادمة المقبلة، بكرة بيطلع لي باراك ويقول: أنا اشتراكي عالمي وحبيبي.. كل تقدم بالعالم، بس ما يقدم ليش أنا أي إشي من حقي.
أحمد منصور: حينما تقدم نفسك الآن كمسؤول أول وأخير عن عملية ميونخ في الوقت الذي قُتل فيه عشرات الفلسطينيين تحت مسمى صلتهم بهذه العملية، أما تخشى أن يكون -يعني- القتل هو مصيرك؟
محمد داوود عودة: الأعمار بيد الله، وأنا عندما تركت عملي بالكويت، وجيت للعمل الفدائي كنت بأعتقد إنه أنا سأواجه الشهادة بين يوم وآخر، وواجهتها وكنت على شفاها أكثر من عشر مرات في حياتي.
أحمد منصور: سوف أسمع منك التفاصيل، وكذلك المشاهدين في الحلقة القادمة.
محمد داوود عودة: إن شاء الله، إن شاء الله.
أحمد منصور: شكراً جزيلاً أبو داوود، كما أشكركم مشاهدينا الكرام، على حسن متابعتكم، تابعونا في الحلقة القادمة لمواصلة الاستماع إلى شهادة السيد
محمد داوود عودة -أبو داوود (منفذ عملية ميونخ، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/490)
الحلقة7(12/491)
الأحد 12/9/1423هـ الموافق 17/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:30(مكة المكرمة)،11:30(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
4/09/1999
- تصفية عدد من المسؤولين الفلسطينيين على يد أبو نضال وجماعته المنشقة.
- حقيقة ما أشيع عن العمليات الفدائية بأنها مأجورة.
- طبيعة علاقة أبو داود بكارلوس.
- خطة الهجوم على الأردن واحتجاز مجلس الوزراء الأردني والسفير الأميركي والهدف منها.
- القبض على أبو داود بالأردن.
محمد داود عودة
أحمد منصور
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داود عودة أبو داود (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني)، والمنفذ لعملية (ميونخ) التي وقعت ضد الفريق الأوليمبي الإسرائيلي عام 72، مرحباً أبو داود.
محمد داود عودة: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند بعض الشخصيات التي تم تصفيتها على اعتبار أن لها علاقات بـ(أيلول الأسود)، وتناولنا بعض الشخصيات مثل ممثل.. حركة فتح، أو منظمة التحرير في (إيطاليا) وفي (باريس)، هناك شخصيات أخرى حتى وصلت إلى أبو حسن سلامة، أيضاً قُتل وتم تصفيته على اعتبار أن له علاقة بأيلول الأسود، ما هي أهم الشخصيات الأخرى في الوقت الذي المسؤول الأول عن العملية يتكلم الآن إلى الناس؟
تصفية عدد من المسؤولين الفلسطينيين على يد أبو نضال وجماعته المنشقة
محمد داود عودة: يعني كثير ناس مثلاً مندوبنا في (قبرص) قتل أيضاً بحجة إنه له علاقة، والشهيد أبو حسن سلامة قتل بسبب نضاله الفلسطيني، بس مش عملية ميونخ يعني، هو مناضل فلسطيني كبير، لكن مش عملية ميونخ.
أحمد منصور: لكن كأن أبو حسن سلامة كان يأمل أن يكون له شرف المشاركة في ميونخ؟
(12/492)
محمد داود عودة: والله أبو حسن سلامة يعني كان إله شرف الانتماء بفتح، والقيام بمهام كتير بفتح، يمكن زي عملية ميونخ أو أقل أو أكثر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان علاقتك بأبو حسن سلامة – طالما تطرقنا له- فيها شيء من التوتر في بعض...
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، الحقيقة نحن كنا أصدقاء، وأصدقاء حميمين، وبقيت صداقتنا حتى استشهاده، لكن هناك صار فيه يعني حساسية في العمل أيام ما كنا بالأردن و.. وهذا شيء طبيعي بين اللي بيشتغلوا في ميدان واحد وبإطار واحد، ومش كل الناس تستوعب إنه تقدر تتعايش بالعمل و.. مثلما تتعايش بالحياة العادية.
حقيقة ما أشيع عن العمليات الفدائية بأنها مأجورة
أحمد منصور: عملية ميونخ بتطرح تساؤلات كثيرة حول وضع عمل المنظمات الفلسطينية أو التجمعات الفدائية على وجه الخصوص التي كانت تقوم بعمليات وصف بعضها بأنها أصبحت عمليات للإيجار بعد ذلك، يعني الآن الصورة التي أنت وصفت بها عملية الإفراج عن الثلاثة الذين بقوا أحياء في عملية ميونخ من الألمان تعتبر عملية للإيجار مثلاً، ويقال أن هذا الأمر تكرر كثيراً، وأصبحت بعض المنظمات الفدائية منظمات للإيجار؟
محمد داود عودة: لأ، يعني خليني أقول لك إنه وديع لم يكن عامل للإيجار، وديع كان عنده فلسفة، ويعني تصور إنه هذا نضال نأخذه عن الماركسية، لأنه الماركسية في فترة من الفترات مارست.. كان عندها حق ممارسة أي عمل ضد ما كان يسمى بالإمبريالية، فوديع لم يكن يعمل من أجل الإيجار، وديع كان عنده فلسفة وتصور، وتصور سياسي أنه هذا العمل مفيد، تختلف معه.. تتفق معه هذا شيء آخر، بس يعني مثلاً أبو نضال للإيجار، بس وديع يختلف عن أبو نضال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أبو نضال لك علاقة به ومعرفة به؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أيضاً كان صديقي واختلفنا على أسلوبه في العمل...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي أهم مميزات أو صفات شخصية أبو نضال؟
(12/493)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني له شخصية أنه شكاك جداً، ويترك لخياله العنان بأنه الأخطار كلها حوله، فلذلك ردود فعله بتكون ردود فعل سيئة.
أحمد منصور: كيف كُوِّن أبو نضال وأصبح يعني بهذه الهالة الكبيرة المطلقة حوله؟
محمد داود عودة: أبو نضال حركة فتح اللي خلقته وكونته، ولكونه هو مندوب منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في بلد مثل بغداد، كان عنده إمكانيات هائلة وكبيرة جداً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي طبيعة الإمكانيات التي كانت بيده؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني كان عنده موازنات كبيرة، وكان عنده كميات من السلاح كبيرة، وكان عنده ميدان كبير من الطلاب الفلسطينيين بحيث إنه كان يستقطبهم لحركة فتح...
أحمد منصور [مقاطعاً]: في أي فترة كان مسؤول عن فتح؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من 70 إلى يمكن 76..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فترة طويلة تعتبر!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: طبعاً، هو انشق بـ 76 طبعاً، يعني إحنا كنا متفقين مع أبو نضال حتى بالتصور السياسي وهذا .. يجب أن يكون واضحاً للعالم كله، أنا اختلفت مع أبو نضال اختلاف.. بداية الاختلاف عندما اغتال سعيد حمامي في لندن، فأنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يمكن سنة 77..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هو انشق 76، وأنت كنت لا زلت على علاقة..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كنت لا زلت على علاقة وأحاول أنا وأبو إياد أن نوفق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نقدر نقول أن من 70 لـ 76 لم يكن هناك أية خلافات ما بين..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا.. لا.. ما كان فيه، لا أنا ولا أبو إياد ولا أبو مازن، كنا مختلفين معه، خلافه مع أبو مازن بدأ بـ 74، أو بنهاية 74 أو 75، عندما حاول اغتيال أبو مازن، وأنا في ذلك الوقت...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لية حاول اغتيال أبو مازن؟
(12/494)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: مش عارف يعني، على أساس إنه أبو مازن كان إله وجهة نظر بالتعامل مع اليهود وإلى آخره، فيبدو أنه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا عايزين نفهم دي، في 74 وقت مبكر يعني للتعامل مع اليهود، والآن أبو مازن هو يعني مهندس (أوسلو) فكانت الأمور مبكرة.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أبو مازن.. أبو مازن بدأ يختلف مع كل اللي حوله بوجهة نظر معينة، إنه أبو مازن نتيجة لدراساته وعمل الدكتوراه (بموسكو)، شعر أن هناك فيه إمكانية للعمل داخل اليهود اللي في الأرض المحتلة، وكان مقسمهم (إشكيناز) و(سفرديم)، وممكن الاتصال فيهم، وممكن إقناع الدول العربية باستعادة بعضهم إلى البلدان اللي إجوا منها، فاتصل بالمغاربة، ووافقوا على إنه أي عائلة يهودية توافق على أن تترك فلسطين أهلاً وسهلاً فيها بالمغرب، وذهبت أنا وياه، لأناقش الأمر مع القيادة العراقية...
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يمكن 74، والعراقيين أجابوه إجابة مش واضحة، إنه اتركنا نفكر لأنه هاي قضية كبيرة.. فبأعرفش إذا ناقش مع دول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كان يهدف إلى تفريغ فلسطين؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من اليهود، كان إشي عنده وهم إنه فيه إمكانية لهجرة معاكسة، إنه تدفع فلوس لعائلات، ونجح في بعض العائلات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني مش نفس أساليب اليهود حينما هجروا اليهود من أوروبا وكذا بعملية التفجير والتخويف!!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: هو.. هو رأي أنه هذا أحد أساليب الصراع بيننا وبينهم...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن بالفلوس المرة دي مش بالتفجير، ولا بالتخويف والقلق يعني؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني هو كان يعتقد.. يعتقد يعني إذا أغريت عائلة تترك هذا مكسب، كل عائلة بتخرج من فلسطين هو مكسب للفلسطينيين..
(12/495)
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس كيف تفكرون بهذه الطريقة وكثير من العائلات أيضاً مربوط بوضع اقتصاد يدفعه للبقاء وليس للخروج؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني كيف يفكرون؟! ما تقولليش كيف تفكرون؟ كيف يفكرون، فكروا في هذه الطريقة، وأنا واحد من الناس اختلفت معهم بهذا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن ذهبت معاه!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا، أنا ذهبت معه للعراق لموضوعات كثيرة، وطرح هذا الموضوع بحضوري ولم يجيبوا، ما ذهبتش لهذا الموضوع مباشرة، مثلاً ذهب للمغرب هو لوحده، ويمكن ذهب لتونس ما أعرفش أخد موافقة أو لأ، فأبو مازن بذل جهداً كبيراً وعاونه في هذا الجهد المرحوم عصام سرطاوي، وكانوا مشكلين دائرة اسمها دائرة الهجرة المعاكسة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وحققت نتيجة أد إيه دي؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أعتقد مش كبيرة..
أحمد منصور: هل فيه عائلات مثلاً؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه فيه، فيه عائلات بس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً اللي الفقر واكلها، وهتروح هناك تتنعم!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني فيه عائلات.. فيه عائلات وجدت الخلاص بالخروج من فلسطين نظراً للتمييز العنصري اللي موجود بين إشكيناز وسفرديم، ونظراً للفقر كمان، وللوظائف المهينة اللي كانوا يعملوها، فكانوا ينجحوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: زي اليهود الشرقيين أو الأفارقة الآن!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ممكن .. ممكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والمعاناة اللي هما بيعانوها وإن هما ممكن.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا بأقول لك لو.. لو القوانين الإسرائيلية تفتح الآن المجال للهجرة للعودة إلى المغرب أو البلدان العربية كثير بيطلعوا.. كثير بيطلعوا، بس القوانين الإسرائيلية كانت صارمة ولازالت، وكانت هاي العائلات اللي بينجحوا بتهجيرها بتطلع سياحة لأوروبا ومن هناك تهرب.
أحمد منصور: يعني الآن أبو نضال اختلف مع أبو مازن حول هذا المحور؟
(12/496)
محمد داود عودة: يمكن حول هذا، ويمكن لأسباب أخرى داخلية،أبو مازن كان كتير صلب بالتعامل مع أبو نضال، فالمهم حاول يغتاله، أنا شخصياً لم أصدق هذا، ورغم صداقتي لأبو مازن الشديدة قلت مش معقول أبو نضال يفكر،و لكن ثبت أنني كنت مخطئاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وفعلاً كانت..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه كانت.
أحمد منصور: وهل دي كانت أول محاولة من أبو نضال لتصفية داخلية؟
محمد داود عودة: هاي أول محاولة، ما كناش واردة بذهننا، ولا كان أصلاً يعني كنا نتصور إن أبو نضال يلجأ لهذا الأسلوب، بعدها عملها ونفذ في سعيد حمامي، وأنا ذهبت من الكويت إلى بغداد وقابلته وتشاجرت أنا وياه، أنه هذا الحكي ما يصيرش، لن نعيد 36 من جديد، إنه نبدأ نصفي بعضنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طب أسباب تصفية عصام سرطاوي في لندن؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: نعم؟!..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي أسباب تصفيته؟!
محمد داود عودة : عصام، سعيد قصدك، سعيد حمامي.
أحمد منصور: سعيد حمامي، عفواً.
محمد داود عودة: كان له علاقات، سعيد حمامي من أنصار السلام.
أحمد منصور: من بدري يعني؟
محمد داود عودة: من بدري آه، وكان له علاقات بـ(يُرْعِي منيري) ومجموعته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سبق زمنه الراجل، ما انتظرش!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، كان .. كان متطرف في ذلك، بدليل إنه بأروي لك شغلة مذهلة، كان سعيد.. كانت طرحت النقاط العشرة على المجلس الوطني الفلسطيني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: 74، فأنا وناجي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ناجي علوش؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ناجي علوش، عارضنا النقاط العشرة من باب إنها بداية التنازلات التي تكر إلى تنازل.. وتنازل.. وتنازل حتى توصلنا إلى ما لا ندري ما هو، صَوَّت معنا سعيد حمامي، لكن من منظور مخالف، قال: أنا لا أوافق على هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي بسيطة يعني؟!
(12/497)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: النقاط.. لا.. لأنها برنامج متشدد، وهذا لا يؤدي إلى سلام، وسعيد كان ذاهب إلى هذا.. مع هذا.. مع هذه الأفكار من سعيد أنا كنت ضد أن يصفي جسدياً، لأن التصفية الجسدية شيء آخر، فبعدها أبو نضال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني نقدر نقول أن سعيد حمامي كان أول تصفية من أبو نضال ضد فلسطينيين في داخل منظمة؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: نعم.. نعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: 77، يمكن بداية 77 وبعدها، أعقبه تصفية لرجل رائع جداً، وشريف جداً، وليس له علاقة لا باليهود، ولا بشيء، ولا ندري لماذا صفي هذا الرجل الشريف الذي اسمه علي ناصر ياسين، وكان ممثلنا في الكويت، و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تم تصفيته في الكويت؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، عندما قتل علي ناصر ياسين أنا شخصياً أصبت بالذهول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: سنة 77، بس في يوليو 77 أو...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كده خلاص أبو نضال أخذ..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا أدري.. لا أدري.. حتى ما أكون غلطان بأعرفش يمكن 78، أو 77، يمكن 78 علي ناصر ياسين، فضربة أبو نضال لعلي ناصر ياسين كانت مذهلة لأن على ناصر ياسين رجل وطني مستقيم ليس له أي علاقات مشبوهة، بالعكس كان متشدداً في وطنيته، وأنا انذهلت.. طبعاً أبو نضال أنكر يومها، قال لي: مش أنا... بس أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تواجهتوا يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: نعم.
أحمد منصور: واجهت أبو نضال؟
محمد داود عودة: على طول، انجنيت لأن علي ناصر ياسين أولاً صديقي وصديق أبو إياد وصديقنا الحميم، وكنا إحنا لما نروح للكويت ننام ببيته يعني، وفيه علاقات أيضاً شخصية بينا وبينه، وأنكر هو طبعاً، بس كل الدلائل كانت بتشير إله.
أحمد منصور: لكن القتلة ما كانوش بيتم القبض عليهم.
(12/498)
محمد داود عودة: علي ناصر ياسين..لم يقبض عليهم على اللي قتلوه، ولا سعيد حمامي.
أحمد منصور: ولا سعيد حمامي!
محمد داود عودة: ولا سعيد حمامي.
أحمد منصور: لكن هو ما أنكرش لما واجهته في..
محمد داود عودة: هو ما أنكرش سعيد حمامي، بس أنكر علي...
أحمد منصور: كان وقتها أبو نضال يقيم فين؟
محمد داود عودة: نعم؟! الآن.
أحمد منصور: وقتها وقتها؟!
محمد داود عودة: وقتها يقيم في بغداد كان.
أحمد منصور: كان مستمر في بغداد.
محمد داود عودة: آه كان في بغداد، آه.
أحمد منصور: كده انشق وعمل فصيل خاص به في 76؟
محمد داود عودة: عمل فصيل إله سماه فتح المجلس الثوري، لأنه كان هو بالمجلس الثوري، فعمل كأنه كل المجلس الثوري معه، فسماه فتح المجلس الثوري.
أحمد منصور: كان يضم تقريباً عدد اللي كانوا منضمين ليه قد إيه كمقاتلين يعني؟
محمد داود عودة: مش كثير يعني كان.. يعني كان عنده يمكن 200، 300 واحد أكثر شيء في بغداد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كان لديه تمويل كبير؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كان إله عنده مادة كبيرة وكان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان فيه دول معينة بتدعمه؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: في ذلك الوقت يعني كان أخذ ميزانية فتح، ما كان..
أحمد منصور[مقاطعاً]: اللي كانت موجودة في بغداد..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: بفتح اللي كانت موجودة ببغداد..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكانت ميزانية ضخمة؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، كانت ضخمة يعني، كانت...
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان وقتها بقى النفط بدأ.. وبدأت المليارات...
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه طبعاً بدأ العز .. بدأ العز، ومع الأسف استغل هذه الأموال استغلالاً سيئاً، وكان عنده كمية من السلاح، لأنه الصفقة اللي إجت من الصين لها الميليشيا كانت وصلت عنده أخدها، استولى عليها...
(12/499)
أحمد منصور [مقاطعاً]: خاصة بموضوع المغرب يعني... بموضوع الأردن.. اللي أنت اتفقت فيها مع السفير الصيني؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، نعم.
أحمد منصور: طب كيف تطورت علاقتك بأبو نضال بعد ذلك؟
محمد داود عودة: بعد ذلك أنا صار يعني خلاف بيننا، وكان عنده مجموعة من الشباب بيعتبروني يعني إني أنا مثالهم، وبدءوا يتمردوا على أبو نضال، فتمردوا عليه وصار انشقاق تاني بينه وبين مجموعته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: بـ79.
أحمد منصور: 79، مين أهم الشخصيات الأخرى اللي أبو نضال قام بتصفيتها؟
محمد داود عودة: فيه .. شو اسمه بتاع بلجيكا هذا نعيم خضر، كان.. هو أداها، مع إنه الإسرائيليين مدعيين إنه الموساد هو اللي عملها، فبيكون هو والموساد اشتركوا فيها من غير ما يدري، ها يعني دول أهم شخصيتين، طبعاً هو مع الأسف صفى من عنده مجموعة كبيرة من الشباب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من عنده هو معارضين ليه..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، ويعني.. لأ.. من تنظيمه بس بيتوهم زي ما قلت لك، خياله واسع، توهم أنهم يعملون ضده، أنهم مع المخابرات الأردنية، فصفى مجموعة هائلة في بيروت، وصفى مجموعة أيضاً في معسكره في ليبيا.
أحمد منصور: يعني الآن هو ما بين بغداد، ما بين بيروت، ما بين ليبيا، كانت تحركات أبو نضال.
محمد داود عودة: لأ.. بيروت لأ، بيروت ما كانت بيدخلها.
أحمد منصور: يعني ما بين بغداد وليبيا؟
محمد داود عودة: بغداد وليبيا.
أحمد منصور: يعني إمتى تحول أبو نضال إلى بندقية للإيجار كما ذكر عنه (باتريك سيل)؟
محمد داود عودة: بأتصور إنه أبو نضال يعني بين 79 و80 مورس عليه ضغط كبير جداً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من مين؟
(12/500)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من حركة فتح، ومن الدول التي.. يعني مثلاً ارتكب أبو نضال حماقة قتل يوسف السباعي، هذا الرجل اللي كان عمل روايات عن القضية الفلسطينية، ويوسف السباعي أنا أتذكر بالـ74، كان أعتقد رئيس مجلس إدارة الأهرام، فعملنا أنا وأبو مازن وأبو لطوف ندوة وجمع رؤساء تحرير الأقسام بالأهرام، واتناقشنا كيف إنه نحسن أداءنا الإعلامي، وساعدونا بالأهرام.. وكان بإشرافه، يعني كان رجل يخدم القضية الفلسطينية بشكل فظيع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف صفاه أبو نضال؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: صفاه بقبرص، بعملية مش عارف ليش؟ يعني وقتيها عملية فاضية وبدأ بقتل يوسف السباعي، هذا المناضل يعني الذي ناضل لفلسطين أكثر من أبو نضال نفسه، وأيضاً يعني دمر أيامها اسم الفلسطينيين في القاهرة في مصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: متى رأيت أبو نضال؟!
أبو نضال [مستأنفاً]: نعم؟..
أحمد منصور [مقاطعاً]: متى رأيته للمرة الأخيرة؟
محمد داود عودة: بـ80.
أحمد منصور: أين؟
محمد داود عودة: في بغداد.
أحمد منصور: لم تره بعدها.
محمد داود عودة: بعدها لم أره.
أحمد منصور: ما الذي دار بينك وبينه من حوارات؟
محمد داود عودة: يعني في ذلك الوقت كان هو بده قائد سياسي لمجموعته، فإجى يفاوضني، أنا كنت في بغداد بالصدفة فإجى عندي وبدأ يفاوضني إنه أنا بأسلمك كل شيء وإلى آخره.
قلت له: إنت تسلمني كل شيء، وتسلمني تراث علي ناصر ياسين، وسعيد حمامي، وغيرهم، فهاي قسمة ضيزى، ما توفيش معاي، فرفضت طبعاً، ومن ذلك الوقت يمكن بدأ يحقد علي، وسعى هو ومن يعاونه من الأجهزة الصهيونية بمحاولة اغتيالي في الـ81..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنت في الفترة دي كنت عرفت إن إنت اللي وراء عملية ميونخ؟
(13/1)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني شوف الناس عارفين، أنا ما كنتش أحكي، أنا كنت بالعكس أنكر، دائماً ما ليش دعوة، ما ليش علاقة إلى آخره، بس الناس.. كل الشارع الفلسطيني كان عارف، والإسرائيليين أيضا كأجهزة رسمية كانوا عارفين.
أحمد منصور: متى رأيت.. قبل أن أدخل إلى كارلوس، ما الذي تعرفه عن وضع أبو نضال الآن؟
محمد داود عودة: لا أعرف شيء لأنه بأعرف إنه جزء من كادره الأساسي الآن انتقلوا إلى الأرض المحتلة، وسمحوا لهم الإسرائيليين بالدخول والإقامة بالضفة الغربية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حققوا معاهم.. خدوهم...
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا.. لا.. ولا حققوا معاهم ولا شيء، دخلوا، وأخذوا هويات وأقاموا بالضفة والقطاع بشكل عادي جداً.
أحمد منصور: أشيع إنه الآن بين القاهرة وليبيا؟
محمد داود عودة: يعني بأعرفش والله، بس يعني وين بده يروح بها الوطن العربي.
طبيعة علاقة أبو داود بكارلوس
أحمد منصور: كارلوس؟
محمد داود عودة: يعني كارلوس لا أنكر أنه صديقي، وكان صديقي، تعرفت عليه أنا متأخر في أوروبا الشرقية.
أحمد منصور: متى رأيته للمرة الأولى؟
محمد داود عودة: يمكن بـ79.
أحمد منصور: 79؟
محمد داود عودة: نعم.
أحمد منصور: كيف كان لقاؤكم؟ من الذي ..؟
محمد داود عودة: يعني واحد كان عنده واحد فلسطيني اسمه علي، وبأعرفه أنا، وبأعرف أيام ما كان بالجبهة الشعبية، و هوكان يشتغل هو وكارلوس بنفس التنظيم، فعرفنا على بعض، كنا نجلس، طبعاً ميدان كارلوس غير ميداني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني كارلوس مناضل أممى، يهتم بالعمل الأممي، وأنا مناضل فلسطيني أهتم بالنضال الوطني الفلسطيني.
أحمد منصور: لكن القضية الفلسطينية كانت على رأس جدول أعمال كارلوس؟
(13/2)
محمد داود عودة: مظبوط، بس أنا يعني اهتماماته الأولى هو كان الدعوة لتشكيل حزب أممي، وأنا هذا ما بيهمنيش يعني، بشكل حزب أممي على كيفه، بس أنا كان عملي منحصر في القضية الفلسطينية في الميدان الفلسطيني.
أحمد منصور: كيف كان يتحرك كارلوس ما بين دول العالم في تلك المرحلة بالذات قبل عملية...
محمد داود عودة: يعني كان يتحرك بين بيروت وبين الدول الاشتراكية.
أحمد منصور: كيف كان علاقته بأبو نضال.
محمد داود عودة: مالوش علاقة ولا يحب أبو نضال.
أحمد منصور: من الذي كان يموله أذا ؟
محمد داود عودة: كارلوس كان عنده مصادر تمويل كتيرة من الجماعات التي بتشتغل بأميركا اللاتينية وبتشتغل بأوروبا.
أحمد منصور: لكن لم تكن هناك جماعات فلسطينية تدعمه؟
محمد داود عودة: كان بداية فيه وديع بيدعمه، وبعدين اختلف هو ووديع بعد الأوبك، وانفصل عن وديع وبدأ يعمل تنظيماً مستقلاً له..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني في الفترة الأولى نقدر نقول إنه كانت علاقته بوديع؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: هي.. هي بدأت علاقته بالقضية الفلسطينية بتركه موسكو والالتحاق ببيروت و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يمكن 70، والتحق بالجبهة الشعبية بالأردن وبلبنان.
أحمد منصور: كيف كان كارلوس حينما يجلس يتحدث الـ...
محمد داود عودة: كارلوس.. كارلوس شاب من عائلة مرفهة، مش مثلنا إحنا الفلسطينيين، فكان له طباع معينة، يعني بيحب لما يكون في فندق إنه يعيش بحياة فخمة جداً، مأكل فخم، تدخين فخم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني عائلته كانت توفر له هذا؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، ما أعتقدش بس أنا بأتذكر إنه أحد الأشياء اللي أنا شاهد عليها إنه والدته وهي كانت غنية ومقيمة بلندن بعثت له رسالة تطلب منه ترك العمل والحضور إلى لندن، وهي مستعدة تعطيه أي شيء بده إياه، أي مبالغ هو عايزها، فوراني الرسالة وضحك.
(13/3)
أحمد منصور: سنة كام أنت وراك الرسالة؟
محمد داود عودة: يمكن 80، فقال لي شوف عايزة ترفهني وأنا أترك النضال، أنا مش عايز أترك النضال، فأنا هأرد عليها وأقول لها إن أنا بأرفض هذا العرض، يعني هذا ما شاهدته أنا من كارلوس، وما قرأته يعني من رسالته، ترجم لي إياها هو الرسالة اللي كانت بالإسبانيولي، بس ترجم لي الفقرة اللي بتقول له فيها أنا مستعدة أصرف عليك وإلى آخره..
أحمد منصور: كان يعرف شيئاً من اللغة العربية؟
محمد داود عودة: آه كان بيحكي شوية عربي، بس بيحكي إنجليزي كويس، وفرنسي كويس، ألماني كويس، روسي كويس، ألماني لأ شوية مش كثير.
أحمد منصور: كانت القضية .. قضيته كانت قضية واضحة ومرتبة وأفكاره مرتبة؟
محمد داود عودة: كان أفكاره بالنسبة للنضال العالمي يعني نأخذ روح (شي جيفارا) ومقتدي بها النموذج، البطل العالمي، فكان هو بيتهيأ له بذهنه إنه ممكن أن يكون شيء مثل شي جيفارا، طبعاً الظروف كانت مختلفة، والوضع الدولي كان مختلف، والعالم مختلف كمان.
أحمد منصور: كان فيه دول بتسهل له موضوع التحرك الجوازات، كان لما يروح دول أوروبا الشرقية يعرفوا إنه ده كارلوس،يروح..
محمد داود عودة: كان بيدخل رسمي، وبيحتفوا فيه ما عدا ألمانيا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ألمانيا الشرقية؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ألمانيا الشرقية
أحمد منصور [مقاطعاً]:لماذا ؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ما كانوش بيحبوا إنه يكون ببرلين جنب برلين الغربية للحساسيات الألمانيتين، والألمان مرة طلبوا مني إنه أوصل له رسالة إنه بلاش بيجي على برلين لأنه...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا يعرفوا صداقتك بيه؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ما.. كنا نلتقي أحيانا في برلين بيشوفونا بنجلس سوا بنفس الأوتيل، بيعرفوا إنه ما فيش علاقات عمل بيني وبينه، لكن فيه اتصالات شخصية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عرض عليك إنكوا تعملوا معاه؟
(13/4)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ.. لأ.. لأ.. لأ هو بيعرف إن أنا ما ممكن أوافق، ما ممكن يعني..
أحمد منصور: كان مين اللي بيشتغل.. كان فيه فلسطينيين بيشتغلوا معاه؟
محمد داود عودة: كان فيه فلسطينين، بعض الفلسطينيين وبعض اللبنانيين كانوا معاه، بأتذكر إنه.. وكان بعض الألمان وبعض الفرنسيين وبعض من أميركا اللاتينية، وكان بيجوا تبعين أميركا اللاتينية يقابلوه، فطبعاً في الجلسات السياسية بينهم حتى لو كنا جالسين لم نفهم شيئاً، كانوا بيتكلموا بالإسبانيولي، بس مثلاً يعزمهم على العشا ويعزمني أنا معهم، فنقعد مرات إنت جنبك واحد على العشا، بتحكي إنت وياه بكلمتين، من وين جاي؟ مثلاً من فنزويلا، كيف الوضع هناك؟ يحكوا، بس هما كان عنده علاقات كبيرة.
أحمد منصور: إلى أي مدى وصلت العلاقة الحميمية أو العلاقة بينك وبينه، الصداقة اللي بينك وبينه؟
محمد داود عودة: والله الصداقة مش كثير حميمة، يعني لأ، ما كناش نلتقي باستمرار يعني، أنا مش دايماً معاه ولا هو دايماً معي، بس كنا أصدقاء يعني، وأنا كنت بأوده، وبأشعر أنه ليس مرتزقاً، وإنما مناضل عالمي، يستحق بذلك الوقت احترام الجميع وتقديرهم.
أحمد منصور: كنت تعرف أنه ذهب إلى السودان؟
محمد داود عودة: لأ، اكتشفت أنه ذهب إلى السودان بعدما اعتقل بالسودان.
أحمد منصور: بعدما اعتقل في السودان، لكن تعتقد إنه دخل السودان بشكل رسمي؟
محمد داود عودة: نعم، دخل بموافقة السلطات السودانية.
أحمد منصور: على أنه هو كارلوس؟
محمد داود عودة: على أنه كارلوس، وعلى أنه يساعدهم في بعض الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان يعيش قبلها فين؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كان بالأردن، قعد فترة يمكن بعلم الأردنيين، أو بدون علمهم بأعرفش، واتزوج بالأردن من فتاة فلسطينية..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هاذي كانت المرة الأولى لزواجه؟
(13/5)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، هذه المرة الثانية، لأنه هو اتزوج فتاة ألمانية، كانت زوجته الرسمية وإله منها بنت وبعدين إجى على عمان وسمعت أنه أعلن إسلامه في المحكمة الشرعية (السويدة) واتزوج البنت هاي على سنة الله ورسوله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه التي أرسل لك من السجن من فرنسا لتبحث له عنها؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: نعم.. نعم.. نعم، وأنا بحثت لكن ما استطعت إني أوجدها.
أحمد منصور: لو قدرت توصل ليها الآن بعد نشر المقابلة هل ستدله عليها، هو يبدو إنه قلق جداً عليها الآن، أثار هذا الموضوع إعلامياً كثيراً؟
محمد داود عودة: نعم يبدو إنه بيحبها، وأنا بأدلها عليه، بأدلها كيف تتصل فيه بواسطة محاميته، لأني بأعرف اسم المحامي يعني، فهذا اللي بأقدر أعمله وياه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل اهتميت بعد القبض عليه.. بتعتبر طيب عملية القبض عليه في السودان تمت كصفقة يعني سودانية، ولا دخل بدون إذن وإن هما اكتشفوا يعني وجوده..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: مش صح، مش صح، يسمحوا لي السودانيين إني أقول لهم إنه كلامهم مش صحيح، كارلوس عاش أكتر من سنة بالسودان، وكان يتردد على منتديات معروفة إنها تعرف مين بيتردد عليها؟ وكيف؟ وليش؟ وكان لديه حراسة في السودان على منزله، وكان له علاقات بالسودان كبيرة جداً، وشباب بيطلعوا بيروحوا وبييجوا، يعني مش معقول تكون هاي كلها سرية، وأعتقد إنه يعني الصفقة التي عملت ضد كارلوس صفقة ليست أخلاقية، وأنا بأعتقد إنها ليست من شيم المسلمين، لأن الإسلام يوفي العهد، ويحفظ الحليف ولا يخونه.
أحمد منصور: إذا أنت تعتبر تسليم السودانيين لكارلوس إلى الفرنسيين صفقة معيبة، وتعتبر إن إقامته كان يعلم بها السودانيين، وكانت بشكل رسمي، تحت أي صفة كان يقيم كارلوس في السودان؟
(13/6)
محمد داود عودة: كان كارلوس يعني يقيم بموافقتهم، بموافقة الأجهزة السودانية، ومش معقول واحد زي كارلوس ولديه شباب رايحين جايين، داخلين الخرطوم وطالعين من مختلف الجنسيات، كانوا بيدخلوا ويطلعوا ويلتقوا فيه والأجهزة السودانية ما تعرفش، يعني إن كانت ما تعرفش فالبلوى أعظم، إنه مش قعد يوم ويومين وأسبوع، ده قعد أكثر من سنة ونصف، فبأعتقد إنه يعني أنا جازم أنهم كانوا يعرفون، ودخل بموافقتهم وأقام بعلمهم، وبموافقتهم، ولكن ماذا حصل بعد ذلك، هو صفقة بين السيد الترابي والفرنسيين.
أحمد منصور: الترابي أعلن أيضاً إنه هو لم يكن يعلم بوجود كارلوس، وإن كارلوس اخترق القوانين السودانية؟
محمد داود عودة: يعني إذا استطاع واحد مثل كارلوس أن يخترق القوانين السودانية، ويقيم بالخرطوم سنة ونص، فيعني بدي أسأل أين هذه القوانين السودانية، وأين الأجهزة السودانية التي تحمي السودان؟
أحمد منصور: تحت أي هوية كان يتحرك في الفترة؟
محمد داود عودة: كان بأعتقد إنه يحمل جواز سفر يمني جنوبي.
أحمد منصور: حتى الآن لو أتيحت لك الفرصة لتقديم أي مساعدة إلى كارلوس رغم أنه يعتبر إرهابي عالمي في العرف الحالي، هل كنت تقدم؟
محمد داود عودة: بأترددش إني أقدم ضمن القانون أي مساعدة لكارلوس ضمن ما يقتضيه القانون ودون الخروج عن القانون.
خطة الهجوم على الأردن واحتجاز مجلس الوزراء الأردني والسفير الأميركي والهدف منها
أحمد منصور: أبو داود، الآن لو عدت بك بعد عملية ميونخ في 72، كانت لك عملية أخرى كبيرة، كانت تهدف إلى الهجوم على الأردن، احتجاز مجلس الوزراء الأردني، احتجاز السفير الأميركي والمسؤولين في السفارة الأميركية، ما هو الهدف من هذه الخطة؟ وكيف كانت بالضبط؟ وما الذي أدى إلى فشلها؟
محمد داود عودة: يعني هأقول لك شغلة في ذاك الوقت، كان عندنا على الأقل أربعة.. 2500 فدائي معتقلين في سجون الأردن..
(13/7)
أحمد منصور [مقاطعاً]: بعد أحداث أيلول؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: بعد أحداث أيلول، وبعد أحداث جرش وعجلون، وكان من حقهم علينا أن نسعى للإفراج عنهم، وفكرنا في عملية تفرج عنهم، ولسوء حظ هذه العملية أنها اخترقت من داخلها، بشخص كان يعمل مع المخابرات الأردنية، وكان أيضاً يتعاون هو والمرحوم الشهيد أبو إياد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب قل لي الأول إيه الخطة اللي إنتوا رسمتوها؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: إحنا رسمنا الخطة إنه ندخل 16 واحد.. مسلحين.. وإنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بأسلحة من بره.. أسلحتهم؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، أسلحة دخلناها إحنا.
أحمد منصور: عن طريق إيه؟
محمد داود عودة: بمستودعات سرية في داخل السيارات بالطريقة الذي تعلمتها من البلغار، ونجحنا في إدخال العناصر والسلاح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من بيروت دخلتم إلى الأردن؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا.. لا.. لا، من بغداد إلى الأردن، من الكويت وبغداد ودمشق، يعني من مختلف طرق دخلنا الشباب إلى الأردن.
أحمد منصور: من الذي خطط لهذه العملية؟
محمد داود عودة: يعني تخطيط عام أنا وأبو إياد، وتنفيذ ما حصلش لأنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت أيضاً كنت مسؤول عن التنفيذ؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا كنت مسؤول عن الإشراف على التنفيذ.
أحمد منصور: بنفس طريقة ميونخ؟
محمد داود عودة: يعني باختلاف.. اختلاف الواقع والأرض والدوافع والناس أيضاً.
أحمد منصور: تفاصيل الخطة كانت إيه؟
محمد داود عودة: يعني أنا.. كان التفاصيل إنه الشباب.. مجموعة تقتحم مقر السفارة ومجموعة أيضاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: السفارة الأميركية؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: تقتحم مجلس الوزراء، طبعاً المجموعة الثانية لها رديف، إن فيه (لاندروفر) كان سيدخل بملابس أردنية.. جيش أردني ولم تتم، يعني لم يدخل هذا اللاندروفر.
أحمد منصور: ده بعد ذلك يعني؟
(13/8)
محمد داود عودة: آه، بعد ذلك طبعاً لما اتمسكوا الشباب طبعاً توقف التنفيذ.
أحمد منصور: كيف كشفت العملية؟
محمد داود عودة: كشفت إنه كان فيه شاب اسمه.. جابر.. كذا جابر، وكان أبو إياد متفق وياه، إنه نتصل فيه إحنا ليؤمن لنا أماكن لفك المستودعات وإخراج السلاح، وأنا بأعرفوش الشخص هذا أو أول مرة بحياتي أشوف هويته فقط، ولما وصلت عمان، كان أبو إياد –رحمة الله- بعث أحد يتصل فيه، وهذا الشخص يعرف إن أنا في الأوتيل، ففوجئت إنه هذا الـ.. جبر جايين على الأوتيل، فبس اتطلعت بوجهه شعرت إنه الخيانة تشع من عينيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عجيب!!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: فمسكته على جهة وقلت له اسمع، إذا أنا اتْسَلَّمت وصار لي أي شيء حياتك هي الثمن، فقال لي: لا.. لا، ما في شيء وإلى آخره، وطلب مني إنه نحضر على بيته مساء.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنت عايز تقول لي هنا إن.. إن فيه نوع من الفراسة.. ممكن أن يكون لدي القائد..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه طبعاً.
أحمد منصور: بحيث إنه هو.
محمد داود عودة: طبعاً يحس.
أحمد منصور: يحس ينظر في وجه الشخص ويحس؟
محمد داود عودة: بيحس طبعاً لأنه.. لأنه الخائن له عيون مختلفة، دائماً وباستمرار من يخفي شيء معيب في داخله لابد أن يظهر في عينيه، مش ممكن يكون يعني عادي، وفيه ناس بيستطيعوا يغطوا 60%، فيه ناس 50%، فيه ناس، 20% فهو كان مرتبك، وكان عينيه واضحة إنه فيه خيانة، فأنا قلت ok، بنروح نشوف البيت، ونشوف المستودعات، فأنا فعندما وصلت لبيته وجدت إنه ما فيش مستودعات بعكس ما أبلغنا وشعرت بالكمين، لكن أنا كانت مصيبتي إني معاي بنت صغيرة داخلة على أساس إنها زوجتي، فما قدرت إني أطلع بها الجبال، وأترك البنت هاي لمصيرها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانت جاية معاك من بغداد؟
(13/9)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من بغداد آه.. من الكويت كانت جاي معاي، هي زوجها كان معنا بالعملية أيضاً كان زوجها معانا بالعملية أيضاً، وهي بنت شهيد أيضاً، فيعني التزامي الأدبي تجاهها تركتي أجلس.. أفكر كيف ممكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب لماذا.. هل أعطيت إشارة للآخرين إن هما يهربوا؟
القبض على أبو داود بالأردن
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ما شفتهمش لسه، أنا موعدي معهم ما حل، وهما ما دخلوا بعد، أنا دخلت قبلهم بـ3 أيام، فموعدي بعد 4 أيام أنا وياهم في مكان معين، وهما عم بيدخلوا شوية، شوية. فالـ.. وأنا راجع وجدت كمين مسلح ضخم على الطريق، فطبعاً عرفت إنه اعتقلت أنا فقالوا لي لو سمحت، جواز سفري كان سعودي، فقالوا لي لو سمحت ممكن تروح معانا عالمغفر؟..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مزور ولا؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: مزور طبعاً.
أحمد منصور: ماكنتوش عاتقين أي دولة!!
محمد داود عودة: لأ، يعني إحنا نعتق.. نعتق ؟! هو حد عاتقنا.. إحنا حد عاتقنا يا أحمد، كنا مبليين بكل الناس، فالمهم إني رحت على المغفر، طبعاً إيش المغفر؟! إدارة المخابرات العامة، طبعاً ضحكت إنه هذا المغفر.. يعني ما فيش اتنين ما يعرفوش إن هذا إدارة المخابرات، فتطلعت لقيت إنه الضباط كلهم صافين، وطبعاً أنا بأعرف معظمهم، يمكن هما ما بيعرفونيش بالشكل، بس أنا بالشكل والاسم، أنا كنت قائد الميليشيا بالأردن، فمعظمهم يعني بأعرفهم، فضحكت يعني قلت مغفر حلو هذا، و بعدين تاني يوم بدأ المسلسل، مسلسل التعذيب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لك؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، وطبعاً أنا ظليت منكر إنه أنا جاي مع ناس وإلى آخره، فقلت أنا نازل على الأغوار بدي أقطع للأرض المحتلة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب وإنت اكتشفوا أنك غير سعودي، وإنك مزور الجواز؟
(13/10)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: طبعاً بيعرفوني هما التبليغ، إنه هذا أبو داود، لا هما عارفين 100%، هما الكمين اللي هما عملوه بقوته ما يعملوهوش لواحد سعودي مارق بالشارع مخالف، فـ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكانت البنت اللي معاك فين؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: البنت اللي معايا إجوا حجزوها هي واثنين، الراجل ومرته اللي كانوا معنا في بيت جبل.. مصطفى جبل، فبعدين رأساً هما عايزين يعني الشيء المحرز، فتركوهم.. أطلقوا سراحهم، وقالوا لهم مع السلامة فطبعاً أنا لم أبدي أي شك بإني أنا بأعرف موضوع مصطفى جبل، أو إنه عمل الكمين، فظليت تحت التعذيب منكر 3 أيام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على ما جاء الآخرين؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: باليوم الثالث.. اليوم الرابع واحد من الشباب داخل بسيارة أميركي كنت أنا عامل لها مستودعات، اكتشفت إنها غير صالحة فتركتها وغيرتها لسيارة أخرى (مرسيدس) وهو في بغداد قال لأبو إياد ممكن أنا أدخل بالسيارة، فأبو إياد قال له ادخل، فركب السيارة ودخل هو كمان، وواحد، لما وصل الحدود بالكشف تحت السيارة وجدوا المستودع، والتنين لبنانيين فرأساً تبادر بذهن الأردنيين أنه هو مهرب مخدرات، فقالوا له بتروح حطه مع شرطي من البادية اتفضل تروح على عمان إنت والشرطة ليشوفوك...
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الحدود؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من الحدود، فركب هو والشرطي، وهذا الشرطي كان أهله في الإجفاف فذهب حتى قال له ممكن نمر على أهلي، فمر على أهله وشربوا قهوة ومش عارف إيش، وكملوا لعمان، لما وصلوا قريب من عمان اكتشفوا أديش المخاطر اللي هم مرتكبينها فرموا الشرطي من السيارة، وهربوا بالسيارة.. لما بيعرفوش عمان..ما بيعرفوش تفاصيل الوضع، فعلى دوار الداخلية وقف وسلم حاله للشرطة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما شاء الله !
محمد داود عودة [مستأنفاً]: وقال لهم أنا..
أحمد منصور[مقاطعاً]: دول فدائيين نمرة واحد دول.
(13/11)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه.. آه، يعني انهار، المهم راح معترف على المجموعات اللي جاية وياه، فهما لما وصل المخابرات بالصدفة قالوا له بدنا نوريك واحد من اللي عندنا، فلما دخلوني عليه أنا، قال لهم هذا أبو داود إحنا جايين معه، فأنا رحت ضاربه كف، قلت إيش أبو داود، مين أبو داود؟ تعرف إنت مين أبو داود؟ تعرف مين؟ فالمهم إنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا مين اللي مختارهم دول؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أربكني، هذا والله اختيار قائد كبير يعني، شو بدي أقول لك مصيبة، فراح الأخ قايل هذا أبو داود، فأنا ضربته كف، وقلت له مين أبو داود، طبعاً هما الآن كشفوا الوضع فراحوا لامين الشباب وجايبين لي إياهم صافين صف، فأنا قلت للشباب يا شباب اللي بتعرفوه احكوه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلاص بقى!!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ما فيش، لأ، هما ما بيعرفوش حاجة.. ما بيعرفوش حاجة، هما بيعرفوا إنه جايين لعملية، بس وين العملية؟ كيف؟ وإلى آخره تفاصيلها ما بيعرفوا.. واحد اللي بيعرف وين السلاح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني حتى اللي داخلين بالسيارة ما يعرفوش إنه فيه سلاح في السيارة؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، بيعرفوا، فيه ناس بيعرفوا بس ما بيعرفوش وين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وركبوا الشرطي، ومشيوا عادي، وراحوا للداخلية؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ ها دول تبعين سيارة الشرطة مافيهاش سلاح فيها مستودع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فاضي؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: فاضي، بس السيارات اللي جايه مرتبة فيها سلاح بيعرفها واحد فقط من الـ16..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والباقيين ما يعرفوش إن السيارات فيها سلاح؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ما يعرفوش.. ما يعرفوش أبداً فـ...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أسرار العملية كلها كانت عندك أيضاً ؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: عندي أنا، والسلاح عندي وعند واحد بس!
(13/12)
أحمد منصور: والباقيين حينما طلب أن يتكلموا لم يكن لديهم معلومات.
محمد داود عودة: ما بيعرفوش، ما بيعرفوش شيء.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة نأخذ معك التفاصيل وحكم الإعدام الذي صدر عليكم بسبب هذه العملية، أشكرك شكراً جزيلاً أبو داود.
محمد داود عودة: أهلين.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داود عودة (أبو داود) (منفذ عملية ميونخ، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح)، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(13/13)
الحلقة8(13/14)
الأحد 12/9/1423هـ الموافق 17/11/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:31(مكة المكرمة)،11:31(غرينيتش)
محمد داود عودة
الحلقة 8 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
محمد داود عودة: عضو المجلس الثوري لحركة فتح
تاريخ الحلقة
11/09/1999
- أسباب فشل محاولة الاحتجاز ومحاكمة المنفذين.
- طريقة اختيار أعضاء العمليات الفدائية.
- الضغوط والمساعي لدى الأردن للإفراج عن الفدائيين المعتقلين في عمان.
- أسباب الإفراج عن أبو داود وجماعته.
- أسباب الصدام بين الفلسطينيين واللبنانيين عامي 75 و76.
- أبعاد شعار "لا للوجود الفلسطيني في لبنان".
محمد داود عودة
أحمد منصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد محمد داود عودة – أبو داود- (عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، وأحد مؤسسي منظمة (أيلول الأسود)، والمشرف المنفذ على عملية (ميونخ) التي وقعت للإسرائيليين في الدورة الأوليمبية عام 72، أستاذ أبو داود مرحباً بيك.
محمد داود عودة: أهلاً وسهلاً بيك.
أسباب فشل محاولة الاحتجاز ومحاكمة المنفذين
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند حادث هام في تاريخ العمل الفلسطيني، وفي تاريخك أيضاً الشخصي، وفي تاريخ صناعة الأحداث فيما يتعلق بعمليات النضال، وهو المحاولة التي كنتم قد رتبتم للقيام بها في الأردن عام 73، لاحتجاز مجلس الوزراء الأردني، والسفير الأميركي، وأعضاء السفارة بهدف الإفراج عن 2400 فلسطيني محتجزين في سجون الأردن آنذاك، وكشفت العملية في وقت مبكر، كيف تم القبض.. رويت لنا كيف تم القبض عليك، كيف تم القبض على باقي أعضاء المجموعة الذين يبلغ عددهم 16؟
(13/15)
محمد داود عودة: مثلما حكيت لك أنا إنه هذا اللي كان داخل بالسيارة الأميركية اللي فيها مستودع غلط، لما كشفوا المستودع فكروا إن هو مهرب مخدرات، فأرسلوه مع زميله بحراسة شرطي واحد لعمان، من الـ(h 4) لعمان، طبعاً مسافة طويلة، وطبعاً هو ما حسش بالخطر إلا لما وصل عمان، فألقوا بالجندي خارج السيارة وهربوا التنين، على الدوار وقَّف شرطي وسلم حاله، طبعاً كان منهار، فجابوه على السجن، كنت أنا بصالة التعذيب يعني عم بيقوموا بالواجب معي يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إيش أشكال التعذيب يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: والله يعني ما بديش أنكأ جروح يعني، تعذيب.. كل المخابرات العربية كانت تمارس التعذيب، والآن هما بيقولوا بطلنا نعذب وأرجو ذلك يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت ماجربتش اليومين دول..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا.. لا، بها الأيام لأ، وأرجو ألا أجرب.. ما عادش أحتمل يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا إحنا ولا إنت.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: إن شاء الله ولا محبينَّا كلهم.
أحمد منصور: آمين، ولا كل اللي بيسمعونا.
(13/16)
محمد داود عودة: إن شاء الله، فبعدين بالصدفة هما جابوه وقالوا.. يعني جابوني وقالوا لي.. صدفة يمكن يكون له علاقة في.. وهو ما بيعرفش إن أنا معتقل ولا شيء.. فقالوا له تعرف هذا.. إلا بيقول لهم آه طبعاً هذا الأخ أبو داود وأنا جاي معه، فأنا رحت ضاربه كف، وقلت له مين أبو داود اللي بتحكي.. فمسكوني فأخذوني رجعوني للصالة، و سألوه عن الموضوع فقال لهم أنا جاي ومجموعة شباب ومواعيدنا كذا كذا كذا، فراح معطيهم تفاصيل.. لأنهم مجموعات كان.. وقائد مجموعة كان، بيعرف المواعيد وين، بس ما يعرفش الهدف، ولا أي شيء، فالمهم راحوا لموا جزء منهم، وجزء هرب طلع ، كانوا عشرين هما، فأربعة استطاعوا إنه ينفذوا والـ 16 اتمسكوا، فجابوا إلى إياهم، صفوهم صف، وأنا طبعاً يعني بيحكوا إلى الشباب لما شافوا منظري يعني كان.. كان شيء عجيب، طبعاً من الضرب وجهي متنفخ ورجليه متنفخة و.. يعني وجهي غير وجهي، فقلت لهم يا شباب اللي بتعرفوه إحكوه، وعملت لهم بإيدي هيك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قدام الـ..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: قدام الضباط، فطبعاً يعني بدأ التحقيق من جديد معي، بدأ الضغط من جديد معي، واستطاعوا يعني يأخذوا بعض الأشياء من الشباب، لكن مستودعات الأسلحة ما عرفوها، لأن واحد بيعرفها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وما ذكر أي شيء عنها؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: وما ذكر أي شيء.
أحمد منصور: خلاصة ما ذكروه في التحقيقات إن .. تفاصيل العملية التي جئتوا من أجلها.. كانوا يعرفون بالمهمة؟
محمد داود عودة: لأ، ما كانوا يعرفوا، وأنا بقيت مخبي الهدف الرئيسي 4 أيام، على أمل إنه الـ 4 أيام اللي أنا معتقل فيها أول شيء، كنت أنا مخبي الهدف على أساس إنه بيجي واحد من بره بعدما اعتقلت أنا ويلم الشباب وينفذ الهدف.
أحمد منصور: آه، يعني كان فيه شخص بديل عنك؟!
(13/17)
محمد داود عودة: المفروض كان ييجي واحد، ما جاش.. إتأخر، اعتقلوا الشباب، فالمهم خدونا بعدين على المحكمة بشكل جماعي، وخلال خمس دقائق حكمنا القائد العسكري بالإعدام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مباشرة؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: مباشرة!
أحمد منصور: لا محامين ولا أي شيء؟
محمد داود عودة: ولا شيء.
أحمد منصور: التهم كانت واضحة؟!
محمد داود عودة: لأ، ما فيش يعني… هما يعني التهمة إن إحنا بنحتل مجلس الوزراء، فيعني حتى موضوع السفارة بقي لوقت متأخر كتير يعني.. فبعدين بأقول للقادة أنا يعني الدستور الأردني بالفعل فيه مادة بالدستور وأنا محامي بأعرف إنه بالقضايا الجنائية يجب أن يكون محامي، حتى إذا ما عندك محامي إنت، لازم المحكمة تحط لك محامي، فقال لي: عدالة المحكمة كفاية، فشتمته أنا طبعاً، ورحنا محكومين إعدام بعدين طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كلكم؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: الـ 16 وأنا..
أحمد منصور: 17..
محمد داود عودة: آه، فصارت ضغوط هائلة جداً.
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا هنا.. الشخص اللي تصرف في الأول التصرف اللي أنت أشرت إليه اللي راح سلم نفسه وارتبك وكذا.. إنت كلمتنا عن الشباب اللي كانوا معاك في ميونخ كلام من حيث الإعداد، التجهيز، الكتمان، التربية، عملية الـ... شباب فدائيين يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: نعم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يمكن أي واحد بيسمعنا يقول إنتوا جايبين دول من على أنهوا قهوة اللي رايحين يسلموا...
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لا.. لا.. أحب أوضح لك، القضية إنه واحد طلع معانا غلط وانهار، أما الـ 15 الباقيين فكانوا شباب بمستوى ميونخ وأحسن، وها دول الـ 15 يعني كانوا رجال بالفعل، وبقيوا حتى اليوم، منهم من يقاتل في لبنان، وبقي على صلابته، اللي رحنا فيه على عمان، واحد.. واحد وقع وهو يعني هو فيه أحياناً الصدف بتلعب دور عجيب..
طريقة اختيار أعضاء العمليات الفدائية
(13/18)
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن مثل هذه العمليات إنت بتعتقد إنها بتحتاج أيضاً إلى عملية إعداد واختيار غير عادي؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: مظبوط.. مظبوط.. مظبوط، ما لازم نغلط بواحد.. ما لازم نغلط بواحد، أنا معاك، بس غلطنا بواحد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولا في نصف واحد يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: غلطت.. يعني مش أنا بتعرف ما كنتش أنا يعني بأنقي الشباب، بس كنت بأختلط فيهم، ويمكن هو هذا الشخص أخفي حاله بعدما طلعنا إحنا، لم يخرج معنا بره، بقي.. عارف حاله إنه غلط غلطة كبيرة يعني فلذلك بقي بالأردن وطبعاً يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا طبعاً في رؤيتي للموضوع ليس عملية تأييد لأن العملية تتم أو ما تتمش، ولكن إحنا بنشوف معيار اختيار الأشخاص اللي ممكن يقوموا بعمليات مثل هذه العمليات الفدائية، أنتم هنا اتفضل!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: صحيح حتى أنا يعني.. أنا مش مع يعني الآن لو جيت تقيم أنا مش مع إن العملية تتم، يعني كل .. في ذلك الوقت كانت ظروف وحساسيات، وأهالي 2400 شخص بيطالبونا سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر بإنه أبناءهم شو ذنبهم يظلوا بالمعتقل..
الضغوط والمساعي لدى الأردن للإفراج عن الفدائيين المعتقلين في عمان
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن إنتوا ما بذلتوش محاولات سلمية؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كتير.. كتير، تعبنا وإحنا بنبذل محاولات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سعيتوا لدى رؤساء وملوك دول آخرين؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: واترجينا كل الناس، كانوا يذهبوا قيادة فتح ويترجوا من المرحوم الملك فيصل رحمه الله، وكان يسعى إلى ملوك ورؤساء عرب إلى دول الخليج وكلهم.
أحمد منصور: الوقع الإعلامي إيه في وقتها لعملية اعتقال مجموعة فدائية بقيادة أبو داود كانت تهدف إلى احتلال مجلس الوزراء الأردني والسفارة الأميركية والقيام بعملية كذا، كانت ردود الفعل إيه؟
(13/19)
محمد داود عودة: الكل كان يناشد الملك حسين إنه لا ينفذ حكم الإعدام، وبذل كثير من الناس، منهم المرحوم الملك فيصل جهداً كبيراً لوقف حكم الإعدام، والمرحوم الرئيس أبو مدين أيضاً، والشيخ سعد العبد الله، وطار بطائرته الشيخ سعد العبد الله لعمان، وكان في قسط متأخر وإلى آخره.. وجابه على أساس إنه يوقف حكم الإعدام، ونتيجة هاي الضغوط وأيضاً بالوضع الداخلي، الوضع الداخلي الأردني، نحن 16 واحد موزعين عل كامل فلسطين والأردن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كعائلات.. كتوزيع جغرافي يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كعائلات.. كعائلات بالصدفة يعني، إحنا مش مخططين له، لكن بالفعل فيه ناس في داخل الأردن مثل نزار بدران، ومحمد رسول الكيلاني، طلعوا لجلالة.. للملك حسين، كان هو الملك حسين مسافر بعدها، كان بالمغرب، فطلعوا له بس رجع يعني، وقالوا له إنت بتعدم 16 واحد من كامل.. يعني الضفة الغربية والأردن، فتخلق لك مشاكل هاي، فعمل عفو عام، ونزل حكم الإعدام.. عفواً عمل تنزيل لحكم الإعدام إلى المؤبد.
أحمد منصور: إنت في الفترة اللي.. من النطق بالحكم إلى تخفيف الحكم، كان شعورك إيه كإنسان الآن حكم عليه بالإعدام في دولة عربية وإنت بتعتبر نفسك بتناضل في سبيل قضية عادلة، وكنت هتقوم بعملية من أجل الإفراج عن زملاء ليك في السجن!
محمد داود عودة: يعني بتعرف المحكوم بالإعدام له إحساس فريد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طيب عيشنا الإحساس ده معاك!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: هأقول لك شغلة، بيختلف بين واحد وآخر، بس أنا شخصياً يعني كنت عندي إحساس داخلي إنه لا يمكن يتم التنفيذ، حتى لما كانوا أهلي إجوا يودعوني آخر يوم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: على أساس رايح إنت تعدم يعني؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: التنفيذ ثاني يوم كان، فإجوا والدي ووالدتي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تاريخ التنفيذ كام.. يعني إنت كان ممكن تكون في عداد...؟!
(13/20)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أول شهر 3..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أول مارس 73؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه فلذلك العمر زيادة يعني، فلذلك لما كان ابن عمي اللي جايبهم، وكان ضابط بالجيش، وبعدين صار ضابط مع الفدائيين بيبكي، وأنا بأقول له عيب عليك تبكي، إنت ضابط ومقاتل وما بيصير تبكي، طبعاً هو فاكر إني أنا مش فاهم إنه تاني يوم التنفيذ، بعدما طلعت قال لي إنت بتقول لي ما بتكيش وإنت مش عارف شو اللي كان صاير؟ قلت له لأ عارف، لأنه كنت يعني فيه ناس بييجي يرمي لي ورقة صغيرة عالزنزانة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الحراس؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: من الحراس، ويقول لي إنه التنفيذ بكرة إلى آخره يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يظل حكم التنفيذ لمن حوكموا بالإعدام سر إلى اللحظة الأخيرة!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، هما يعني بده يحضروك، يجيبوا خياط بيقيس لك البدلة الحمراء.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنت لبست البدلة الحمراء؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، إجى قاس لي إياها، فأنا بأقول له يعني (موهير) وإلا إيه، يعني البدلة فصار يبكي المسكين.
أحمد منصور: طلبت إنت قماش معين يعني؟
محمد داود عودة: أنا بأضحك، آه، بأضحك.. بأمزح معه فهو المسكين صار يبكي، فالكل كان متأثر لأنه إحنا ما كناش مرتكبين جريمة يعني ، لا سطو على بنك ولا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولم تقع الجريمة يعني!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ولم تقع.
أحمد منصور: حتى إذا.. إذا صنفت في عداد الجريمة؟
محمد داود عودة: يعني كتير كانت قاسية وبسرعة مذهلة.
أحمد منصور: كان.. كان لك أي اتصال من قريب أو بعيد بال 16 الآخرين تشوف مشاعرهم، أحاسيسهم؟
محمد داود عودة: آه طبعاً، لأ، أنا كان عندي أربعة منهم بالمخابرات مسجونين، والباقي انتقلوا على الزرقا، فدولك ما كانش فيه اتصال، بس بالأربعة كان اتصال يومي فيهم.
أحمد منصور: كان مشاعرهم إيه هما الآخرين؟
(13/21)
محمد داود عودة: كانوا صامدين.. كانوا صامدين بشكل فظيع يعني كنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: كنتم بتعتبروا أنفسكم شهداء في سبيل قضيتكم؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه طبعاً، إحنا يعني إحنا مشروع شهداء من يوم ما جينا، ومنهم ناس بعدها وقعوا في ظروف أقسى من هاي و صمدوا، يعني قاتلوا في 82، أحمد بن بيلا مثلاً كان معي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أحمد بن بيلا فلسطيني هذا أصلاً أحد مساعديك أظن الآن أو له علاقة بك؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، أحد الناس اللي لهم علاقة معي.
أحمد منصور: حتى لا يختلط بأحمد بن بيلا الجزائري؟!
محمد داود عودة: نعم، لا. لأ، أحمد بن بيلا يعني هو أحمد القيعي اسمه، هذا في 82، كان في داخل.. كان خارج بيروت، ودخل ماشياً، وقاتل في بيروت قتالاً عنيفاً، وعندي واحد من اللي كانوا معي أيضاً استشهد في الحرب اللبنانية في المسرح، كان قائد القوة اللي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي هي 75، 76؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: اللي هي 75، 76.
أحمد منصور: الآن صدر الحكم أو صدر تخفيف الحكم من الملك حسين بتخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد قبيل التنفيذ.
محمد داود عودة: نعم.
أحمد منصور: في نفس الليلة التي زارك فيها أمك وأبوك؟
محمد داود عودة: تاني يوم، جابهم هو وخدوهم على القصر، فيعني سلموا عليه، وقال لهم أنا خفضت الحكم لمؤبد.. بعدها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا هما جايين يسلموا عليك، كانوا عارفين إنهم جايين يودعوك..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه كانوا منهارين، كانوا منهارين، لأنهم بلغوا إنه تعالوا شوفوه للمرة الأخيرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي جاء والدك ووالدتك فقط، زوجتك ما جاتش ولا حد من..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، لا زوجتي وولادي بالشام، مافيش حداً بعمان يعني، وبعدها بقينا بالسجن يعني بشكل عادي، حتى مثل ما قلت لك إنه الـ..
(13/22)
أحمد منصور [مقاطعاً]: أفرج عنكم في 18 سبتمبر 73؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: الملك حسين التقى بالرئيس حافظ الأسد والرئيس السادات وأخبروه أنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً ده تفصيلاته في لقاء الملك حسين معك حينما جاء الملك حسين لزيارتك في السجن؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: جاني يوم ما.. عمل العفو العام، يعني نصحوه إنه ما بيصيرش فيه حرب في المنطقة ضد إسرائيل وعندك 2500 فدائي بالسجون، فنصحوه بعمل عفو عام، هو كان عنده عادة يعني، عنده عادة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفاصيل اللقاء الذي تم بينك وبين الملك حسين في سبتمبر 73!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا بصراحة اتفاجأت إنه قالوا لي إلبس أواعيك، وفتحوا لي الباب، وأخدوني على غرفة قريبة من الزنزانة اللي أنا فيها، فدخلت الباب، وفوجئت بإنه الملك حسين ومحمد رسول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الكيلاني.. كان محمد رسول وقتها رئيس المخابرات؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كان رئيس المخابرات، آه، والحمد لله إن محمد رسول عايش حتى يعني لا يقال إني بأروي شيء عن واحد توفي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه ناس كتيرة عايشين لأحداث إنت رويتها..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا بأحب يعني أروي رواية وفيه واحد عايش حتى ما يقولوا روى على لسان الأموات، وبالفعل كان الملك حسين بمنتهى اللطف والظرف، وتختلف معه سياسياً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف التقى معك وأنت كنت يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا سجين وهو الملك ومع هذا رحب فيَّ واتفضل.. استريح و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانت المرة الأولى التي بتلتقي معه؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، لأ، التقيت مرة بالشارع معه قبل.. قبل توترات الـ 70، ونزل وسلم علينا، ونزلنا إحنا وسلمنا عليه.
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان يعرفك وقتها إنك قائد الميليشيا؟
(13/23)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، ما أعتقدش في هذاك الوقت يعني ما كنتش معروف كتير يعني، بس هاي المرة الأولى اللي بأجلس أنا وياه جلسة طويلة يعني، فجلسنا نتحدث في كل شيء يعني، في أيلول وغير أيلول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إيش قال الملك عن أيلول؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني قال الملك إنه تجاوزات كثيرة وأيضاً ضغوط خارجية كثيرة، فكلاهما اجتمعا، إنتوا ما قدرتوا تغطوا الساحة كويس، وأنا ما قدرت أقاوم الضغوط الخارجية بشكل كبير، لأنه الأردن كمان موارد ما فيه، الأردن يعيش على المساعدات، فاللي بيجي.. اللي يعطيك المساعدة ويقول لك أحسن وضعك وإلا ما فيش مساعدات، يعني شغلة محرجة، فالمهم تعاتبنا، وأنا كان رأيي إنه يا جلالة الملك كان ممكن نخلص من هذه المشكلة بدون أيلول، فقال لي يعني هذا اللي حصل، إن إنتوا تجاوزات من جماعة آخرين، وروى لي موضوع الديمقراطية وموضوع الطيارات وقد إيش سببت إحراج دولي للأردن، وأنا موافقه على هذا، وروى لي أيضاً الضغوط الدولية اللي كان تمارس عليه، لأنه الجبهة اللي كنا فاتحينها مش سهلة على إسرائيل..
أسباب الإفراج عن أبو داود وجماعته
أحمد منصور [مقاطعاً]: الضغوط الدولية.. حدد لك دول معينة؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني هو كان رأيه إن أكبر ضغط كان من أميركا.
أحمد منصور: من أميركا؟
محمد داود عودة: نعم.. فبعدين قال لي بصراحة أنا جاي من القاهرة، وإن الإخوان يمكن يحاربوا وأنا إلي وجهة نظر في هذه الحرب، فقال لي يعني بصراحة إذا السادات خسر القاهرة سيذهب إلى أسوان، وإذا الأسد خسر دمشق سيذهب إلى حلب أما أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني عنده عمق استراتيجي؟!
(13/24)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، أما أنا إذا خسرت عمان وين أروح، على الصحراء، فقلت له والله ما أنا عارف شو بأحكي لك، بس هذه حرب إذا دارت في المنطقة لازم يكون للأردن دور فيها، قال لي أنا ما أقدرش أغامر مرة ثانية زي 67، بدهم يحاربوا الله يوفقهم، أما أنا مش هأحارب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كان فعلاً الملك حسين واخد قرار بعدم دخول حرب 73؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، بلغني إياه بصراحة فلذلك أنا قلت له إنه يعني ما دمت.. فقال لي ما تبقى البلد قلت له لا والله إنت جلالتك بتقول إن أنا ما بدي أحارب، وأنا الإخوان بيقاتلوا بدول أخرى، فلو سمحت يعني تسمح لي ألتحق فيهم، فهون اتدخل محمد رسول وقال لي ما بيصير يا أخي، جلالة الملك بيقول لك خليك هون..
أحمد منصور [مقاطعاً]: خليك هون يعني عرض عليك شيء معين، منصب، مسؤولية.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: يعني ماعرضش إشي معين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ومعروف إن الملك حسين كان يفرج عن معارضيه ويعينهم وزراء؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: ويعينهم وزراء آه مظبوط، أنا ما عرض علي بالتحديد، بس يعني لمح لي إن بإمكانك تقعد وتأخذ المنصب اللي إنت عايزه، فأنا قلت له يعني يا أخ محمد بيصيرش هذا الحكي هيك، أنا بعد أواعي زنزانتي، فتدخل الملك وقال لي يا أبو داود، إحنا إخوان وإنت عربي، وبلدك كل الوطن العربي، وين ما بتحب تروح أهلاً وسهلاً فيك، وعلى الرحب والسعة، وهذا قرارك وأنت حر فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان ليك تعليق لما الملك قال لك إنه مش هيدخل حرب .. الحرب مع مصر وسوريا أو كده.. ولا مجرد إنك كنت بتسمع؟
(13/25)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، أنا بأسمع لأنه أنا مش عارف شو الوضع يعني بس أنا بيني وبينك كشيت من عدم دخوله.. يعني قراره بعدم دخول الحرب، لأنه.. بعدين تبينت النتائج إنه كان قرار خاطئ، لو دخل الحرب كيف ما دخل كان أخذ فك ارتباط مثله مثل السادات، مثله مثل الأسد، وفك الارتباط بعلى النهر كان ريحنا من مشكلة النهر الأن اللي إحنا واقعين فيها إن الإسرائيليين متمسكين بقواتهم على النهر ومستعمراتهم على النهر، يعني هذا قرار تاريخي، يعني القادة أحياناً بقرار تاريخي بيعملوا المصايب، وبقرار تاريخي بيعملوا أيضاً الهائلات..
أحمد منصور: كيف كانت نهاية اللقاء مع الملك؟
محمد داود عودة: يعني بعد الحوارات أبلغني الملك إنه هو عمل عفو عام وإن أنا وزملائي...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني عمليتك نجحت كده!!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، نقدر نطلع بهذا.. نجحت بدون إراقة دماء وهذا بيسرني كمان، فبعدين دعا 4، 5 من قادة فتح والمنظمات اللي كانوا موجودين، وقعدنا إحنا وياه كمان نص ساعة، حكى كلام لطيف وعام وإلى آخره، وأنت مثل ما قلت أنا، بأختلف مع المرحوم الملك حسين سياسياً بأشياء كثيرة، لكن لمسته الإنسانية لا تستطيع أنك تنساها، عنده لمسة إنسانية رائعة، ورحمه الله هذا كان وطلعنا يومها .. طبعاً أصر محمد رسول إنه.. سريان العفو العام يبدأ في يوم 18..
أحمد منصور [مقاطعاً]: 18 سبتمبر؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: 18/9/1973، فظل يسلي فينا لصارت الساعة12، هو يعني ظريف في تخريجه للقضايا.
أحمد منصور: أنت نسيت بقى التعذيب اللي كلته على إيدين المخابرات؟!
محمد داود عودة: والله يعني يمكن يكون محمد رسول بالذات ما لوش دعوة فيه، ما كانش مدير مخابرات لما اتعذبت إجى بعدي هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت .. أنت مصر أن تحفظ للرجل صفحة بيضاء؟
(13/26)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: والله لأ، هو عنده سمعة إنه بيعذب، أما أنا شخصياً لم يعذبني، وأنا شوف كتير من الناس كانوا يطلعوا من السجن ويجيبوا سيرة محمد رسول ويحشوا ويقولوا لك لأ، محمد رسول عذبنا، ومش عارف إيش، أنا ما بأخجلش أقول فلان عذبني وفلان ما عذبني، ما عنديش يعني ها العقدة، أنا واثق من نفسي إنه لما أقول ما عذبنيش يعني ما عذبنيش، لما أقول عذبني يعني عذبني واللي عذبوني بيعرفوا حالهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ربما قاعدين يشاهدوك الآن؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: والله يعني يا ريت بأتمنى حتى يشعروا بتبكيت الضمير شوية.
أسباب الصدام بين الفلسطينيين واللبنانيين عامي 75، 76م
أحمد منصور: أستاذ أبو داود بعد الإفراج عنك في عام 73، انتقلت إلى لبنان، وكانت معظم القوات الفلسطينية التي خرجت من الأردن بعد أيلول 70، وبعد أحداث جرش، وعجلون في 71، اتجهت أيضاً إلى لبنان، وأصبحت لبنان هي القاعدة الرئيسية للقوات الفلسطينية، في 13 أبريل 1975، وقع حادث "عين الرمانة" الذي قتل فيه بعض الفلسطينيين على يد الكتائبيين واندلعت المواجهة أو حرب العامين 1975، 1976 بين الكتائب أو المارونيين من جهة، وبين الفصائل الفلسطينية والمسلمين اللبنانيين من جهة أخرى، ما هي التفاعلات التي أوصلت الأمور إلى حد المواجهة وإلى حرب العامين 75 و76، وأنت كنت وقتها قائداً للقوات الفلسطينية في بيروت الغربية؟
(13/27)
محمد داود عودة: يعني بأقول لك فيه تراكمات حصلت، أولاً: كان عند الإخوان في الجبهة اللبنانية اللي هما الموارنة اعتقاد بأن الفلسطينين هم جيش سنة، جيش المسلمين، السنة والشيعة، وكان هذا خاطيء، إحنا ما كناش جيش حد، إحنا كنا عايزين نوقف على الأرض وفي الجنوب لنقاتل.. نستمر في قتال الإسرائيليين، لكن هذا لعب دور تحريضي، كمان إحنا يعني كنا بنتخنها شوية بنتمدد من (فتح لاند) في جبل الشيخ إلى طرابلس ويعني كان.. ما أنكرش إنه كان عندنا أخطاء، وبعدين إحنا حلفاءنا ما كانوا المسلمين، كانوا حلفاءنا المسلمين والأحزاب الوطنية اللبنانية، وكان في الجبهة المقابلة الجبهة اللبنانية المشكلة معظمها من الموارنة بس من الكتائب، والأحرار وبعض المتطرفين، الأحزاب المتطرفة في الجهة الأخرى..
أبعاد شعار "لا للوجود الفلسطيني في لبنان"
أحمد منصور [مقاطعاً]: أي شكل من أشكال التطرف؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كانوا يرفعوا شعار "لا للوجود الفلسطيني في لبنان" يجب أن يخرجوا الفلسطينيين مش القوات الفلسطينية أو منظمة التحرير...
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى المهاجرين أو اللاجئين؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: حتى اللاجئين.. حتى اللاجئين، حتى اللاجئين يعني "لا لوجود أي فلسطيني على أرض لبنان".
أحمد منصور [مقاطعاً]: شعارات (لا) دية برضو انتشرت حتى في الأردن، (لا سلطة إلا للمقاومة) هنا (لا وجود للفلسطينيين)، يعني نسبة التطرف هذه التي دفعت إلى المواجهة، ما كان حجمها.. ما هو حجمها على الساحة اللبنانية كان؟
(13/28)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كانت تتطور الأمور بسرعة، مش بس بينَّا، إحنا الفلسطينيين كنا أقل مصادر التوتر، بس توتر كان فيه له جانبين أساسيين، كان فيه الصراع السياسي بين الفئات، الموارنة يريدوا أن يحتفظوا بالسيطرة والهيمنة السياسية على كل لبنان، وفيه ديمغرافيا انخلقت جديدة، فيه شيعة، فيه سنة كتروا وأصحبوا يعني شاعرين باضطهادهم من قبل الموارنة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنت الآن من أول انتهاء الانتداب الفرنسي على لبنان ظل للمورانة وضع متميز في السلطة، وفي السيطرة في الدولة، في الوقت الذي كانت فيه سلطات السنة وحقوقهم السياسية نستطيع أن نقول أقل بكثير؟!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: أنا، نعم السنة والشيعة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: خلال تقريباً 30 سنة حدث تغير ديموغرافي، وأصبح السنة يطالبوا بوضعهم، حينما أنتم خرجتم من الأردن، واتجهتهم إلى بيروت، أصبحتم أو اعتبركم المسلمين أنكم قوة يعني داعمة لهم، وممكن أن تحدثوا شكلاً من أشكال التوازن بينهم وبين الموارنة، هل هذه كانت الصورة؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، يعني مش بس السنة، كان عندنا الشيعة، والسنة، والأحزاب الوطنية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مسلمين بشكل عام.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، فيه موارنة منهم، يعني الحزب الشيوعي كان قائده ماروني، الحزب القومي السوري كان قائده ماروني،FREE قوة مارونية أيضاً.
أحمد منصور: باختصار ممكن نقول لي الخريطة هنا وهنا؟
محمد داود عودة: آه يعني، كان حزب الكتائب وحزب الأحرار هما عمود...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ده كان مين من الأحرار؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كميل شمعون، وببير جميل، هادول كانوا عماد الجبهة اللبنانية ما يسمى بالجبهة اللبنانية، وكان عندنا إحنا الـ.. فيه جهتنا الأحزاب الوطنية كان المسلمين السنة والشيعة زائد كمال جنبلاط وهو درزي، لكن كان أكبر من طائفته وأكبر من لبنان حتى، ورجل يعني...
(13/29)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان مين بيمثل السنة؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كان يمثل السنة رئيس الوزراء دائماً أي رئيس وزراء، أو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: صائب سلام كان وقتها أظن؟؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: في ذلك الوقت أظن على ما أعتقد... شو اسمه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: صائب سلام؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، بعديها..
أحمد منصور: بعدين، المهم أنه كان رئيس الوزراء هو بيمثل كتلة السنة، لكن على مستوى الأحزاب الأخرى كان عندكم كمال جنبلاط كممثل للدروز؟
محمد داود عودة: كان عندنا الحزب الشيوعي، الحزب القومي السوري شوية، ومجموعة أحزاب أخرى، وكانت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل دول.. كل دول كانوا بيمثلوا التكتل المقابل؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: كانوا بيمثلوا القوى الوطنية، ما يسمى بالقوى الوطنية، فلما صار انفجار عين رمانة إجى الأخ المرحوم كمال جنبلاط، وأقنع الجميع بمقاطعة الكتائب، أو عزل الكتائب سموه في ذلك الوقت، بما فيه المقاومة الفلسطينية، إحنا قبلها كان شكَّلنا لجنة تنسيق بيننا وبين الكتائب لننفث الجو، وكان بيرأس اللجنة من جانب الكتائب كريم بقردوني، وهو حي يرزق، وكان بيرأسها من جانب الفلسطينيين أبو إياد –رحمه الله – وأنا كنت عضو فيها، وكنا نتحاور إحنا وياهم على أساس إنه نشيل كل ها التوترات، ونشعرهم إن إحنا لا جيش سنة ولا جيش مسلمين، إحنا ناس بنتعاون مع كل لبنان في سبيل أن يبقى لبنان وأن تبقى لنا قاعدة انطلاق على أرضنا المحتلة .
أحمد منصور: عايز أسألك: في الوقت ده 75، كانت كل الفصائل دي على كلا الجهتين مسلحة؟
محمد داود عودة: آه، كان التسليح صار.. وصل يعني حده للأسنان، بين كل الفئات.
أحمد منصور: هل التسليح ده بدأ بعد انتقالكم من عمان إلى الأردن؟
(13/30)
محمد داود عودة: لأ، بالكتائب كانوا مسلحين من زمان قبل ما ندخل، وأنا بأقول لك، يمكن اختلف على بعض الفئات الوطنية أنه لجؤوا لنا فساعدناهم بالتدريب، أما التسليح فكانوا يدبروا راسهم
أحمد منصور: منين؟
محمد داود عودة: بيشتروه...
أحمد منصور: عايزين نعرف برضو الجهات التي مولت عملية الطرفين؟ من أين كان..
محمد داود عودة: بلبنان.. بلبنان تستطيع أن تشتري أي شيء في أي وقت تريد، وحتى السلاح، يعني المهربين شغالين على العالم كله.
أحمد منصور: السلاح موجود لكن التمويل..
محمد داود عودة: التمويل بأعرفش يعني، كل حزب له تمويله الخاص، يعني مثلاً كمال جنبلاط كان عنده يعني تمويله الخاص، عنده شركاته، عنده مصانعه، وعنده شعبه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بس دي حرب وسلاح وكذا تبتلع.. يعني أنظمة ودول يعني..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: تبلع كل شيء، لكن كمان كانوا يدبروا حالهم ، الشيوعيين كان عندهم تمويل يمكن الاتحاد السوفيتي كان يمدهم، القوميين السوريون إلهم امتداد في أميركا اللاتينية كان بيمدهم بمبالغ كبيرة جداً، من القوميين اللي هربوا بعد الانقلاب ال61، اللي حصل في لبنان عندهم قوميين وفشل راحوا هاجروا على إفريقيا وعلى أميركا اللاتينية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وصلوا الآن إلى رئاسة بعض هذه الدول!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: وصلوا بالفعل للرئاسة، فكانوا يمولوهم يعني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني فشلوا في رئاسة لبنان ونجحوا في رئاسة..
(13/31)
محمد داود عودة [مقاطعاً]: آه فشلوا بلبنان ونجحوا في أميركا اللاتينية، فكان التمويل يعني يجيهم وما فيش حداً منهم كان ما عندوش مصادره، وكانوا يشتروا يتسلحوا، إحنا يمكن أسهمنا أول ما أسهمنا في تدريب الكتائب، وقلنا لهم مستعدين ندربكم كمان على السلاح، لأنه إحنا كان بيهمنا أن الكل يتدرب، لتكون القرى اللي بالجنوب محصنة من دخول الجيش الإسرائيلي كان بيدخل وبيطلع بدون مقاومة، فلذلك لما المرحوم الإمام الصدر رفع شعار (البنادق زينة الرجال) أنا في هذلك الوقت كنت بأشتغل بالقوى الوطنية، فأنا كنت بأرافق الإمام الصدر في القرى الجنوبية الشيوعية والسنية، وهو يحرض الناس على حمل السلاح، وأنا طبعاً يعني مبسوط بها الشغلة لأنه بيهمنا إنه الناس كلها تحمل السلاح.
أحمد منصور: فين اتركز الفلسطينيين حينما دخلوا إلى لبنان؟
محمد داود عودة: بالبداية تركزوا في جبل الشيخ في العرقوب والجنوب اللبناني.
أحمد منصور: دول المقاتلين؟
محمد داود عودة: آه المقاتلين.
أحمد منصور: عددكم كان كام في سنة 75؟
محمد داود عودة: يعني ما .. مش أقل من 20 ألف يمكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مقاتل!
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه.
أحمد منصور: مدربين ويحملون السلاح؟
محمد داود عودة: ها دول المقاتلين.
أحمد منصور: نوعية السلاح إيه اللي كانت معاكم في ذلك الوقت؟
محمد داود عودة: كانت أسلحة خفيفة، بنادق و(بيشفنات) فقط، بعدين طورنا الأمر، وحصلنا على مدافع 130 و 155، وهذا ما اضطر الإسرائيليين لعقد وقف إطلاق النار معنا مرة تلو الأخرى.
أحمد منصور: الأمر الذي أدى إلى اشتعال الحرب بعد حادث عين الرمانة في 13 أبريل 75، وكيف أنتم الآن أصبحتم مع القوة الوطنية في جهة، والكتائب في جهة أخرى؟
(13/32)
محمد داود عودة: لما قرر المرحوم كمال جنبلاط عزل الكتائب، يعني صار هناك حتمية المعركة بيننا وبينهم، فإحنا طبعاً القوى اللبنانية خبرتها ضعيفة في القتال وها الشغلة، فلذلك قسمنا بيروت إلى أقسام، واستلمنا قيادة هذه الأقسام، بما فيها القوى اللبنانية اللي كانت موجودة والقوى الفلسطينية.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول بأن الفلسطينيين كانوا الجبهة الرئيسية وكل القوى انضوت تحت قيادتها؟
محمد داود عودة: آه، طبعاً..لأ، طبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنت الجبهة اللي كانت بتقودها في بيروت الغربية طوال حرب العامين، كان عندك لبنانيين تحت..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه طبعاً.
أحمد منصور: من الأحزاب الوطنية؟
محمد داود عودة: كان من الأحزاب الوطنية، كان من القوميين السوريين، وكان من الشيوعيين، وكان من منظمة العمل اللي بيرأسها محسن إبراهيم أيضاً، حتى نسيت أذكرها بالأول، من البُنُى الأساسية للحركة الوطنية، وكان شباب سنة عنده تنظيمات مثل المرابطون لإبراهيم قليلات، وكل ها دولا كانوا من هو بالمنطقة الغربية فكان يعني بإمرتي.
أحمد منصور: كيف كان سجال الحرب أو مسار الحرب باختصار؟
محمد داود عودة: خليني أقول لك بصراحة، بالبداية كان سهل علينا، يعني أنا لما بديت الصدام مع الجبهة اللبنانية.. كانوا بالحمراء، في منتصف منطقتي.. يعني بمنتصف بيروت الغربية، وما خدت عناء كبير إني أزيحهم باتجاه الشرق للبور إلا في بعض مواقع، مثل الفنادق الـ(هوليداي إن) لوضعه ال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مشهور هوليداي إن في طول الحرب.
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، لوضعه الصعب شويه، وفجأة عندما اقتربت من الميناء، وكان ذلك في يمكن بداية الـ 76، بالأشهر الأولى من بداية 76، اختلف الوضع أصبح القتال من جانبهم أكثر صعوبة وأصبح أداؤهم أفضل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي الأسباب؟
(13/33)
محمد داود عودة [مستأنفاً]: فأنا استغربت.. فأنا استغربت، أنا استغربت يعني مش معقول، وأسلحتهم أفضل.
أحمد منصور [مقاطعاً]: إنتوا كان في المعركة دي كنتم عايزين تكتسحوا تستولوا على المناطق ولا إنتوا بس؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ، إحنا كنا ناخد المناطق ونسلمها للبنانيين، يعني تنظيم لبناني، مثلاً الهوليداي إن أنا أخذته المرة الأولى وسلمته..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنت الذي خضت المعركة الأولى في الهوليداي إن؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: آه، أنا الذي أخذته في أول مرة وتاني مره، أخذته بالمرة الأولى وسلمته للمرابطون، بعد 3 ساعات الكتائب استعادوه من المرابطين، فرجعت مرة أخرى وأخدته بمساعدة أحمد جبريل يعني فنياً، فلما اختلف الوضع واختلف الأداء بدينا نبحث، ما السبب؟ وبعدين أنا كنت أنا يعني لي شاب –رحمه الله- قتل بيشتغل مع الأحرار، فجاني وقال لي أنا بدي أروح دورة، فقلت له وين الدورة اللي بدك تروحها، فقال لي على إسرائيل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني نقدر نقول إنه كان جاسوس أوعين لك؟
محمد داود عودة [مستأنفاً]: لأ يعني مش جاسوس، هو ..هو قومي، يعني حسه القومي العربي كبير فلذلك مرة كان يساعدنا يعني..
أحمد منصور: كان يجيب لكم معلومات؟
محمد داود عودة: آه، يجيب لنا معلومات عن الوضع بالشرق، فقال لي: بدي أروح على إسرائيل، وقلت ليش إسرائيل؟ فقال لي فيه دورة ستتحرك من الكتائب والأحرار للأرض المحتلة، تأخذ دورة تدريبية، فقلت له: لا، إوعى، لأنه هيك بإسرائيل مش لعبة، هيكشفوك، ويكشفوا علاقتك فينا ويذبحوك، ما تروحش، من هون بدينا نتطلع شو اللي صار، إذن معناها دخلوا الجماعة على خط إسرائيل، والآن صارت شغلة معروفة، أنهم ذهبوا...
(13/34)
أحمد منصور [مقاطعاً]: و أنا شفت الكتاب (كرة الثلج) للصحفي الإسرائيلي (شيمون شيفر) يكاد يكون ذكر محاضر الاجتماعات التي تمت ما بين الكتائبيين، وما بين الإسرائيليين، والأن زيارة كريم بقردوني لإسرائيل الأخيرة –أيضاً- فتحت أشياء كثيرة فيما يتعلق.. وحتى بعض الكتائبيين اتكلموا عن العلاقة..
محمد داود عودة [مقاطعاً]: لأ، هو فيه كتاب كمان طلع لواحد منهم، من قادتهم وصف الرحلة الأولى لهم اللي هي ببداية 76، وعرفنا ببداية 76، حتى بدون ما يذكر التاريخ من الدوار اللي صابهم بالبحر، يعني معناها كان البحر هايج، وحالتهم حالة، فاستعانوا بالإسرائيليين وبعدين إخواننا بسوريا لما دخلوا قالوا إحنا دخلنا لأن دول تعاونوا مع إسرائيل، بدنا نرجع نجرهم من الإسرائيليين.
أحمد منصور: الدخول السوري كان في سنة 76، لكن بعد التدخل الإسرائيلي إلى جوار الكتائبيين إلى أين صارت دفة..
محمد داود عودة [مستأنفاً]: بقي توازن، بقي توازن في الأسواق، لذلك طالت معركة الأسواق أكتر من اللازم يعني صرنا إحنا ناخد عمارة نستردها منهم بعد.. يستردوها منا بعد يومين، وهم ياخدوا عمارة، نستردها منهم بعد يومين، فبقينا تقريباً في مكاننا ما تقدمنا.
أحمد منصور: ما الذي فعلتموه حينما أدركتم أن هناك علاقة ما بين الكتائبيين وبين إسرائيل في الحرب؟
محمد داود عودة: يعني صار أمر واقع إن إحنا بنقاتل الإسرائيليين، فصار علينا صعوبة في القتال، فبدأنا نستقدم بعض قواتنا من الجنوب، ونركزها على المحاور في بيروت حتى نحمي حالنا.
أحمد منصور: لو حبيت إنت الآن تقيم الحرب اللبنانية في 75 – 76 بإيجاز، كأهداف، كأسباب، كنتائج؟
محمد داود عودة: يعني أنا بأقول بإيجاز، أسباب الحرب كانت الفروقات الاجتماعية، والفروقات في الحصة السياسية بين الطوائف والأحزاب اللبنانية، واحد.
(13/35)
اثنين: السعي الإسرائيلي لبناء دولة طائفية تحقيقاً لأحلام (بن جوريون) و(موشي شريت) بالخمسينات.
والتالت: وجودنا اللي أصبح يعتبره الجانب اللبناني الآخر كأن إحنا جيش المسلمين وجيش الوطنيين.
أحمد منصور: خسائركم إيه في المعركة؟
محمد داود عودة: والله خسرنا، خسرنا كادر كبير، إحنا خسرنا في عم.. في بيروت أكثر من عمان، وخسرنا كادر .. يعني من قادة، قادة من قادتنا خسرناهم بالمعركة.
أحمد منصور: نقدر نقول إنكم كنتم مستهدفين كفلسطينيين في هذه المعركة؟ أم أن الحرب فرضت عليكم واضطررتهم أن تدخلوها؟
محمد داود عودة: لا، إحنا دفاعاً عن النفس، نحن الشعارات اللي كانت مطروحة كانت مخيفة.
أحمد منصور: ما كانش فيه أي وسيلة لتفويت عملية الحرب، لاسيما وأنكم خرجتم من حرب أخرى في عمان خسرتم فيها؟
محمد داود عودة: حاولنا.. كنا.. كنا بنفاوض الكتائب يعني، إحنا ما كناش
–أحمد- يعني غاويين حرب.
أحمد منصور: ما كررتوش أخطاءكم في عمان؟
محمد داود عودة: لا.. لا، مطلقاً، ما فيه، ما فيه، يعني الأخطاء يمكن كان اللبنانيين بيرتكبوا أخطاء بين بعض، حتى يعني صار مثلاً أقول لك في المنطقة الغربية عندي أنا، اللبنانيين عندهم حالة عجيبة بالقتال، يعني فيه عندهم.. كانوا.. أرجو ألا تعود هذه مرة أخرى في لبنان، التصفيات الطائفية على الهوية، القتل على الهوية، أنا بالمنطقة الغربية إن كنت أعتز بشيء، فبأعتز أني كنت أمنع التصفيات على الهوية، وكان واحد اسمه أحمد شنجر، لا أدري وين الآن، يصفي أي مسيحي على الهوية، فأنا بعت أطارده، ولو اعتقلته في ذلك الوقت لأعدمته، فهرب من بيروت كلها، ومرة من المرات أيضاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني إنت عايز تقول إن قيادتك للقتال في بيروت الغربية كانت قيادة نظيفة؟
(13/36)
محمد داود عودة: آه، ما فيه، ما فيه مس بالطائفية، أولا قيادة نظيفة من جانبين، وهذا غريب، القتل على الهوية، واحتلال البيوت، أنا كنت أمنع قدر الإمكان أن يحصل هذا، مرات ما أستطيعش، نهب الأسواق كان غصباً عن إرادتي، وإرادة ناجي علوش الذي كان يشاركني في بيروت.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم - مشاهدينا الكرام- على حسن متابعتكم . وإلى اللقاء مع شاهد جديد على العصر
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(13/37)
مصطفى أحمد بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق(13/38)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
مصطفى أحمد بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق
تاريخ الحلقة
29/07/2000
مصطفى بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق - الحلقة 1
أحمد منصور
مصطفى بن حليم
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم هذه المرة من العاصمة البريطانية لندن، حيث نقدم لكم شاهدا جديدا من شهودنا على العصر.
ورغم أن شاهدنا على العصر قد اعتزل الحياة السياسية منذ مدة طويلة إلا أننا تمكنا من إقناعه بالإدلاء بشهادته عن الفترة الهامة التي شارك فيها في صناعة الأحداث في بلده ليبيا.
شاهدنا على العصر شارك بدور أساسي في صناعة الأحداث في ليبيا خلال الفترة الملكية، وتولى رئاسة الوزارة بين الفترة بين عامي 54 و 57 كما لعب أدوارا سياسية هامة أخرى خلال هذه الفترة، جعلته أكثر من مرة عرضة لأن يدفع حياته ثمنا لدوره السياسي ومواقفه السياسية.
وفي هذه الحلقة والحلقات القادمة يكشف كثيرا من التفاصيل والأسرار عن الحياة السياسية في ليبيا، هأنذا أدعوكم إلى الاستماع إلى هذه الشهادة فتفضلوا معي.
[يطرق أحمد منصور باب بيت بن حليم}
أحمد منصور :
Good morning
شخص ببيت بن حليم:
Good morning
أحمد منصور:
How are you
شخص ببيت بن حليم:
Fine
أحمد منصور:
Mr Ben Halim is here
شخص ببيت بن حليم:
yes
شخص آخر ببيت بن حليم:
Good morning
أحمد منصور:
Good morning sir
How are you
شخص ببيت بن حليم:
This is for you
أحمد منصور:
Thank you
أحمد منصور:
السلام عليكم
مصطفى بن حليم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحمد منصور:
إزي الصحة يا افندم إزي الحال؟
مصطفى بن حليم:
الحمد لله على السلامة
أحمد منصور:
لعلك تكون بخير
مصطفى بن حليم:
أهلا وسهلا حمد الله على السلامة
أحمد منصور:
الله يسلمك(13/39)
شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة السيد مصطفى أحمد بن حليم رئيس وزراء ليبيا الأسبق.
ولد السيد مصطفى أحمد بن حليم في مدينة الإسكندرية في التاسع والعشرين من يناير عام 1921، نشأ في مصر، وترعرع فيها، حيث كان والده أحد كبار التجار الليبيين المقيمين في الإسكندرية، درس في كلية ( سان مارك) وحصل منها على الشهادة الثانوية عام 41، التحق بعد ذلك في كلية الهندسة جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى هندسة الإسكندرية حيث تخرج منها عام 46، عمل بعد ذلك في شركة ( إيجيكو) للإنشاءات حتى عام 1950.
استدعي إلى ليبيا من قبل الأمير( محمد السنوسي) واختير وزيرا للأشغال العامة والمواصلات في أول حكومة لإمارة برقة، وهي حكومة (محمد الساقزلي) التي أعلنت في الخامس من يونيو 1950، وكان عمره آنذاك 29 عاما، عين بعد ذلك رئيسا لوزراء ليبيا في الثاني عشر من أبريل عام 54 واستمر في منصبه حتى الخامس والعشرين من مايو عام 57، وكان عمره حينما تولى رئاسة الوزراء 33 عاما، يصف المراقبون فترة رئاسته للوزراء في ليبيا بأنها من أهم الفترات في تاريخ ليبيا الحديث، حيث اكتشف خلالها النفط، وتم التفاوض على استقلال ليبيا مع كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، لم يغب بعد ذلك عن الحياة السياسية حيث عين مستشارا للملك ثم سفيرا لليبيا في فرنسا حتى عام 1960.
تفرغ بعد ذلك لأعماله الخاصة، وأسس العديد من الشركات والبنوك، صودرت ممتلكاته من قبل ثورة الفاتح من سبتمبر عام 69 وكان وقتها خارج ليبيا، تعرض لأكثر من محاولة اغتيال كانت أبرزها تلك المحاولة التي نفذت في بيروت في الثامن والعشرين من نوفمبر عام 72.
نتناول في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على أهم الأحداث التي شارك في صناعتها في ليبيا خلال الفترة الماضية.
سيد مصطفى بن حليم مرحبا بك.
مصطفى بن حليم:
مرحبا بك.
أحمد منصور:
(13/40)
أود أن أبدأ معك كما نبدأ عادة مع شهود العصر بالحديث عن النشأة والبيئة الأولى ومؤثراتها في تكوين شخصيتك؟
مصطفى بن حليم:
كما ذكرتم أنا ولدت في الإسكندرية من أب وأم ليبيين، والدي اضطر أن يهاجر من ليبيا سنة 11: 1911 لأنه نجا من حكم إعدام، أو لم يحكم بحكم إعدام في الواقع، ولكن لظروف خاصة تمكن من أن يبرأ، فقرر إنه لا يبقى في بلد الموت والحياة تتوقع، تتوقف على تدخل طيب من رئيس البلدية، اللي كان ابن عمنا أو لرد الطيب اللي أخرجه من حكم الإعدام.
أحمد منصور:
إلى أي مدينة تنتمون في ليبيا؟
مصطفى بن حليم:
نحن ننتمي إلى (درنة)، وعشنا في درنة أو عائلتنا عاشت في درنة مدة الـ 350 سنة السابقة.
أحمد منصور:
لكن والدك كان لو علاقة بالمقاومة؟ مقاومة الطليان؟
مصطفى بن حليم:
ما فيه شك، والدي والدي كان جا له حكم إعدام ثاني، ومحاولة ثالثة لما كنا في مصر، وكان اللجوء إلى مصر أكثر من أيه بلد آخر.
أحمد منصور:
أسباب اللجوء كانت تعود إلى شيء؟
مصطفى بن حليم:
(13/41)
خوف من الطليان، طبعًا الطليان جو بأحكام شديدة وبقمع وبقهر وبكذا، فناس كثيرة لجأت إلى مصر، وكذلك فيه حاجات ثانية، كذلك يعني مثلا الحكم الإيطالي كان يمنع تعليم الليبيين التعليم العالي، فأي عائلة عندها أولاد تبغى أن يتعلموا تعليم عالي لازم تلجأ خارج ليبيا، على أي حال والدي لجأ إلى مصر، وبدأ تجارة على ليبيا، وولدت أنا سنة 21، وأذكر أول مكان أرسلنا فيه للتعليم كتاب هو كتاب مدرسة، يعني مدرسة، ولكن على أساس كتاب، كان أسسه أستاذ من طرابلس الغرب اسمه -الله يرحمه- (محمد عمورة)، وكنا نتردد على هذا الكتاب، ونتعلم فيه وكان الوالد -الله يرحمه- يعلمنا القرآن، والدي كما كانت العادة في ليبيا أهم شهادة يأخذها الفتى هي حفظه القرآن، يعني زي البكالوريا في ... هي حفظه للقرآن فكان يعلمنا القرآن، ثم بعدين بنصيحة أحد أصدقائه من تونس أرسلنا -أخي عبد المنعم وأنا-أولا إلى سانت كاترين.
أحمد منصور:
دير سانت كاترين؟!
مصطفى بن حليم:
لا، لا، لا، مش دير سانت كاترين مدرسة سانت كاترين، ثم الثانوية مضيناها في سان مارك، كلية سان مارك، وكانت هناك يعني أغلب العائلات المصرية موجودة هناك، من ضمنهم صديقي الأخ (أحمد عصمت عبد المجيد) كان مع أخي عبد المنعم.
أحمد منصور:
تخرجت أنت من المدرسة، والتحقت في عام 41 بجامعة القاهرة، الفترة هذه كانت فترة احتلال بريطاني إلى مصر، كانت فترة أيضا الحرب العالمية الثانية كانت قائمة في تلك المرحلة، ليبيا محتلة من إيطاليا، وإيطاليا كانت في تحالف مع ألمانيا، بريطانيا كانت تحتل مصر، ومصر كانت تحارب إيطاليا.
يعني أوصف لنا بإيجاز الوضع يعني السياسي في مصر في تلك المرحلة، وشعورك أنت كمواطن ليبي بلده محتلة، في مصر أيضا وهي محتلة، وهناك حرب عالمية، بإيجاز؟
مصطفى بن حليم:
(13/42)
شوف في ذلك الوقت لم تكن القومية العربية لها تأثير كبير، والحكومات المصرية كانت حكومات يعينها الإنجليز أو ينصحوها الإنجليز، وأنا أذكر حادث يعني شخصي يدلك على، على ما أعني.
لما جيت قدمت أوراقي للالتحاق بكلية الهندسة، رجعت لي مرفوضة، وتحت الجنسية خط أحمر، فراجعت المسجل، وبعد شهر من المماطلة قابلته، وقال لي: يا ابني ما عندنا محل، احنا عندنا 250 محل، نحن في حاجة لكل مهندس مصري، ولذلك نأسف، فلجأت إلى صديق والدي، والدي كان متوفي ساعتها (عبد الستار باشا الباسل) -الله يرحمه ويحسن إليه-، وهذا حادث يعني منقوش في رأسي، أخذني معاه وراح، ورحنا لوزارة المعارف، دخل على (محمد حسين هيكل باشا).
أحمد منصور:
كان وزير المعارف.
مصطفى بن حليم:
دخل يعني فجأ هيك فتح الباب، ودخل عليه، وبعد كم دقيقة طُلبت للدخول على محمد حسين هيكل باشا، أول مرة أدخل مكتب وزير في مصر، وجدت عبد الستار الباسل يكاد يعني موقف كان في منتهى الشدة مع مع مع وزير المعارف، يقول له: ما إنتوعرب؟!
لا بد من فضحكم مرة ثانية، ليبي يرفض لأنو ليبي، والثاني يقول له: يا باشا أرجوك بس اصبر علي، حتى أختصر القصة في الآخر مسك التليفون، وكلم ( علي باشا إبراهيم) مدير الجامعة الجراح الكبير، وقال له: أنقذني من هجوم عبد الستار الباسل، وانتهت الموضوع إلى أني قبلوني في كلية الهندسة.
يعني معنى هذا إن ما كان فيه، كانت مصر فرعونية أكثر شوية منها الآن، ما فيه القومية العربية، ما كانتش جاية فيه، والحكومات -ما عدا حكومة الوفد- حكومة الوفد كانت تمثل الشعب ما في شك في هذا، بس الحكومات الثانية كانت حكومات يعني.
أحمد منصور:
أيضا قيل عن حكومة الوفد أشياء كثيرة.
مصطفى بن حليمً:
في الآخر.
أحمد منصور:
لا نريد أن ندخل في تفصيلات واسعة في تلك المرحلة باعتبارها فترة تكوين بالنسبة لك، ولكن وجودك في مصر في تلك المرحلة إحساسك إيه بوضع بلدك كبلد محتلة؟
(13/43)
ما هو شعورك بوضع بلدك ليبيا كبلد محتل من الإيطاليين في ذلك الوقت، والحرب العالمية الثانية كانت مشتعلة بين إيطاليا وألمانيا من جهة وبين بريطانيا والولايات المتحدة من جهة ؟
مصطفى بن حليم:
كان الأمير( إدريس) اتفق مع الإنجليز على تكوين جيش ليبي، الجيش السنوسي، حتى يساعدهم في حربهم مع إيطاليا، وهذا الجيش في الواقع قام بأعمال كثيرة ورا الخطوط، وأنا أول ما سمعت بيه ذهبت إلى المكتب السنوسي، ما قدرت أقابل الأمير، بس قابلت -الله يرحمه- إبراهيم الشافعي وقلت له أنا جاي لأتطوع، بعد ما دخلت كلية الهندسة، فرجع للأمير وقال لي.
أحمد منصور:
سنة كام هل تفتكير عملية تشكيل الجيش السنوسي؟
مصطفى بن حليم:
خليني أجي لك في هذا، خليني أخلصلك هذه، فراجع الأمير، ورجع علي، وقال لي، لأ إنت استمر في دراستك سنحتاج لك فيما بعد.
أحمد منصور:
كنت في كلية فيكتوريا أو في كلية الهندسة؟
مصطفى بن حليم:
كنت على وشك دخول كلية الهندسة، لكن لم أدخلها بعد، الجيش السنوسي له قصة ثانية، وكان لها أثرها فيما بعد في التداعيات اللي حصلت في ليبيا بعد الاستقلال، بدي اشرح لك حاجة يعني مهمة كتير جدا، وهو نظرة العرب إلى بريطانيا وإلى المحور، في شرق العالم العربي، مصر وشرق العالم العربي، كانوا يعتبروا أو يأملوا فوز المحور، لأن المحور ضد الإنجليز، والإنجليز هم اللي محتلينهم، وكذلك ربما يقضى على اليهود، ويريحهم في قضية فلسطين، لكن نحن في ليبيا كانت نظرتنا نظرة تختلف اختلاف جوهري في ذلك، احنا ما كان عنا أمل إلا في الله وفي فوز الحلفاء، ولذلك ارتمينا بكل قوة في مساعدة الإنجليز، وفي التعاون معهم وفي تكوين جيش، وفي أعمال مجيدة قام بها الجيش.
أحمد منصور:
(13/44)
دي نقطة خطيرة الآن يعني في تلك المرحلة في مصر على سبيل المثال، كثير من السياسيين المصريين كانوا يعملوا مع الألمان ومع الإيطاليين بغرض أن هؤلاء كانوا يحاربوا البريطانيين، أنتم كنتم تعملون مع البريطانيين على اعتبار أن البريطانيين كانوا بيحاربون الإيطاليين، واضح هنا إن ليس هناك عمل وطني مستقل وإنما العمل الوطني في ليبيا والعمل الوطني في مصر كان يرتمي في أحضان إحدى القوتين المتحاربتين من أجل تخليصه من الجهة الأخرى، تقييمك إيه؟
مصطفى بن حليم:
طيب أخ أحمد، قل لي ماذا كنا نستطيع أن نعمل؟ بعد 30 سنة من الجهاد، فنى فيه نص الشعب الليبي، ولجأ الأمير إدريس إلى مصر، وجو الإنجليز وقالوا له: نتعاون مع بعضنا، ونساعدك في تحرير بلدك.
أحمد منصور:
أخطر شيء بتستخدموه -عفوا- أنتم السياسيين الآن، هو سياسة الأمر الواقع ولا بد من القبول بها والتعامل معها، هذا أخطر شيء تعيشه السياسة العربية طوال الستين عام أو السبعين عام الماضية، إن هذا هو الواقع إن احنا أمامنا عدو وأمامنا حليف نتحالف معاه، واللي ثبت خلال الفترة دي كلها إن لا التحالف أدى إلى التخلص من الاستعمار كما حدث ولا عملية التخلي عن المبادئ الأساسية ساعدت في عملية التحرير.
مصطفى بن حليم:
بس في حالتنا احنا التعاون مع بريطانيا أثمر، صحيح إن بريطانيا ماطلت، ولعبت وكذا، ولكن في الآخر حصلنا على استقلالنا.
أحمد منصور:
أوضح لنا -لو سمحت- هذه النقطة، أرجو أن توضح لنا هذه النقطة؟
مصطفى بن حليم:
هذا يرجعنا قليلا، خليني أوضح النقطة الثانية هذه، نحن كنا أو السيد إدريس أو الملك أو الأمير إدريس كان يرى، أنا مرة سألته.
أحمد منصور:
سنة كام؟ في الفترة إمتى؟
مصطفى بن حليم:
سألته متى أو الآن.
أحمد منصور:
متى سألته؟
مصطفى بن حليم:
سألته في أول عهدي برئاسة الحكومة، وأرجع ولا بد أن أرجع كم سنة إلى الخلف حتى أشرح سبب سؤالي.
أحمد منصور:
(13/45)
سؤالك ليه كان في 54؟
مصطفى بن حليم:
لأن ساعتها توليت رئاسة الحكومة، وكان فيه إشكال، هذا الإشكال سببه نوع من الحساسية كانت عند الملك إدريس بالناحية لبعض زعماء طرابلس، ولذلك أنا بدي أرجع لسنة 40.. 9 أغسطس سنة 40، عندما وقع الأمير إدريس اتفاقية، اتفاقيته مع بريطانيا العظمى، وقعها عن بريطانيا الجنرال (ميتلاند ويلسون) اللي بعدين أصبح ماريشال.
أحمد منصور:
وقعت في القاهرة في مصر؟
مصطفى بن حليم:
وقع في القاهرة.
أحمد منصور:
وكان الملك وقتها لاجئًا مقيما في مصر؟
مصطفى بن حليم:
كان كان أمير معترف به، فكان عبد الرحمن عزام -الله يرحمه-، عبد الرحمن عزام كان له دور طيب سياسي.
أحمد منصور:
أول أمين عام للجامعة العربية.
مصطفى بن حليم:
أيوه، في طرابلس، فلما... وصار نوع من الاحتكاك بينه وبين الأمير إدريس، ما أعرف أسبابه إلى الآن على أي حال، فلما الأمير إدريس دعا الزعماء الليبيين كلهم اللي موجودين، كان عدد كبير، فجماعة برقة كلهم إجوا بكل إخلاص، جماعة طرابلس نصحهم عبد الرحمن عزام اللي كان عضو في حكومة علي باشا ماهر، كان أفتكر مسؤول عن الجيش المرابط إذا لم تخني الذاكرة.
أحمد منصور:
ده سنة 40 كله؟
مصطفى بن حليم:
سنة 40 نصحهم قال لهم ما تمشوا هذا السيد إدريس ماشي في سياسة خطيرة، لو انتصرت إيطاليا، وين حتروحوا إنتو ؟ فاللي صار إن بعد ما كانوا متفقين بعض زعماء طرابلس تأخروا وأحجموا عن الاشتراك، ولم يشترك من ولاية طرابلس اللي هي الولاية الكبرى إلا 40 متطوع.
أحمد منصور:
فقط؟
مصطفى بن حليم:
فقط، وقال، وأنا وأنا لما.
أحمد منصور:
ده الاتفاق اللي كون به الجيش السنوسي.
مصطفى بن حليم:
الجيش السنوسي يوم تسعة أغسطس سنة 1940، ومن يومها كان أصبح عيد الجيش هو يوم تسعة أغسطس.
أحمد منصور:
(13/46)
يعني الآن بريطانيا كونت جيشا ليبيا يسمى الجيش السنوسي من أجل مساعدها، مساعدتها في محاربة الإيطاليين.
مصطفى بن حليم:
وهي اللي كانت تموله وهي التي كانت تدربه وهي التي كانت كل شيء.
أحمد منصور:
يعني يعتبر جيش من العملاء؟
مصطفى بن حليم:
مش من العملاء لأ، لا، لأ لا لا لا.
أحمد منصور:
ماذا يعني أن تقوم دولة أجنبية بتكوين جيش من دولة أخرى محتلة من قبل عدو لها هي إيطاليا، لكي يحارب هذا المحتل وهو؟
مصطفى بن حليم:
لأن هذا الجيش أفراد هذا الجيش بدهم يحاربوا إيطاليا، جاءتهم فرصة إن بريطانيا تساعدهم وتدربهم.
أحمد منصور:
لكن هم مستعملين هكذا.
مصطفى بن حليم:
كيف مستعملين؟
أحمد منصور:
يعني بريطانيا بتستعملهم من أجل مصالحها هي وليس من أجل استقلالهم.
مصطفى بن حليم:
ما هو هذا هذه هي نقطة نقطة النقاش، هو في مصلحة لبريطانيا صحيح، ما جت بريطانيا للسيد إدريس إلا وهي عندها مصلحة فيه، ولكن في نفس الوقت فيه مصلحة ليبية، فيه مصلحة للمتطوعين، إنهم حا تحرر بلدهم، حيشتركوا في تحرير بلدهم، ولذلك لا يمكن.
أحمد منصور:
حتى يقعوا في براثن محتل آخر.
مصطفى بن حليم:
لا، لا ما وقعوا في براثن محتل، ما وقعوا في براثن محتل.
أحمد منصور:
التاريخ أثبت بعد ذلك إن بريطانيا صارت في وصاية بعد الحرب العالمية الثانية على ليبيا.
مصطفى بن حليم:
لأ ما صارت وصاية، خليني أشرح لك هذه، فأغلب الزعماء الطرابلسيين خصوصا (أحمد السويحلي) -الله يرحمه- و( طاهر المريّض) أحجموا، فكانت حزازة في الـ...، فأنا لما أنا توليت رئاسة الحكومة، ووجدت في ها الشعور هذا عند الملك فقلت له يا مولانا.
أحمد منصور:
بقي 14 عاما في نفسه هذا الأمر.
مصطفى بن حليم:
(13/47)
طبعا وبقى أكثر من هيك، مش مسألة سهلة، فقلت له يا مولانا طبعا الطرابلسية كانوا يقولوا إنك إنت يعني قبلت التعاون مع بريطانيا بدون ما يكون فيه إلا وعد شفاف، يعني وعد بسيط، قال لي: يا ابني ما كان أمامي إلا ذلك:
وأنا الغريق فما خوفي من البلل
لو انتصرت إيطاليا احنا رايحين رايحين، لو انتصرت بريطانيا عندنا أمل، سندخل معها في جدل في كذا وفي كذا إلى أن نصل إلى الاستقلال وهذا اللي حدث.
أحمد منصور:
أنا هنا طالما إنت رجعت إلى علاقة الملك بالبريطانيين، علاقة الملك بالبريطانيين علاقة معقدة ومليئة بالتداخلات الكثيرة، وهناك علامات استفهام كثيرة بحاجة إلى إيضاح بخصوص علاقة الملك محمد إدريس السنوسي ببريطانيا، في 9 أغسطس 1940 كان الاتفاق الكبير بين الطرفين بتكوين الجيش السنوسي لمحاربة الإيطاليين بدعم وترتيب وتدريب من البريطانيين.. كيف تدرجت العلاقة بين الملك أو بين الأمير في ذلك الوقت والبريطانيين؟
مصطفى بن حليم:
حتى أشرح موقف السيد إدريس أو الأمير إدريس أو الملك إدريس فيما بعد مع البريطانيين لا بد أن أبدأ من تاريخ مؤخر، متأخر شوية، سنة 1902 توفى والد السيد محمد إدريس السنوسي، وكان الملك إدريس عمره 12 سنة، فتولى القيادة السيد أحمد الشريف السنوسي ابن عم الملك وأبو الملكة فاطمة الموجودة الآن في القاهرة، وهذا الرجل كان راجل مجاهد إسلامي من الدرجة الأولى، من النوع اللي لا يقبل أيها مراوغة أو أيها...، ولكن المد السنوسي كان في اتجاه السودان وتشاد والبلاد هذه.
أحمد منصور:
كانت وقتها الحركة السنوسية في ذلك الوقت.
مصطفى بن حليم:
في نقطة كتير مهمة، كتير نقطة مهمة، عندي هنا مقال كتبه مؤرخ مسيحي مشهور (نيقولا زيادة) وقرأت هذا الكلام في عدة مصادر ثانية، عدد الوثنيين الذين أسلموا على يد الحركة السنوسية، على يد الحركة بقيادة السيد المهدي بلغ 4 ملايين وثني.
أحمد منصور:
في إفريقيا؟
مصطفى بن حليم:
(13/48)
في إفريقيا، والزوايا السنوسية كانت منتشرة ما بين مكة والمدينة إلى السنغال، نيجيريا، تشاد، النيجر، بوركينا فاسو، كل هذه كانت مليانة.
أحمد منصور:
كانت علاقة الحركة السنوسية إيه بالدولة العثمانية في ذلك الوقت؟
مصطفى بن حليم:
كانت علاقة في الأول كان يشوبها نوع من الشك، العثمانيين ما يحبوا السنوسية، ويخشوا منها، طيب لما صار توفى السيد المهدي، وتولى السيد أحمد الشريف القيادة، وصارت نكسات كبرى، الفرنساويين احتلوا زاوية العلالي في تشاد، وقتلوا قائدين شيوخ من كبار شيوخ السنوسية، واضطر السنوسيين يتراجعوا، وخشوا من إن تحتل (الكفرة) اللي هي مركز السنوسية، فالسيد أحمد الشريف أرسل إلى الباب العالي استنجد به.
أحمد منصور:
في تركيا، في اسطنبول.
مصطفى بن حليم:
السيد الباب العالي كان مشغول بحربه في البوسنة وفي الكذا وما عمل شيء، الأدارسة أولاد عم السنوسيين.
أحمد منصور:
كانوا في المغرب.
مصطفى بن حليم:
أيامها كانوا في السودان وفي مصر، وفي عسير، نصحوه قالوا له: خلينا نساعدك اتصل باللورد (كيتشنر) بالفعل أرسل له رسالة، وفورا أمر الفرنسيون بالتراجع.
أحمد منصور:
كيتشنر في ذلك الوقت كان هو المندوب السامي البريطاني في مصر.
مصطفى بن حليم:
كان هو المندوب السامي في مصر قبل أن يعين وزيرا للحربية، فأنا أبغى إن أضعك إنت في هذا المجال.
أحمد منصور:
يعني هذه هي بداية العلاقة؟
مصطفى بن حليم:
هذه بداية العلاقة، هذا الشاب السنوسي اللي عمره تناعشر سنة يرى إن ها الدولة العظيمة تدخلت لصالحهم، وأوقفت مد الفرنسي، في حين إن المسلمين الأتراك ما قدروا يعملوا شيء، إيش تتوقع يكون في ذلك؟
أحمد منصور:
هي برضه الدولة العثمانية في ذلك الوقت كانت في طريقها للانهيار، وكانت الاتحاد والترقي و...
مصطفى بن حليم [ مقاطعًا]:
(13/49)
على أي حال، كان لسه ما جاش الاتحاد والترقي، أنا بحكي سنة سنة 1902 و 1903 حدثت، طيب في.. حنا دائما دائما أنا دايما أنادي بإن لما نحكي على عصر، لازم نشوف الظروف اللي كانت في ذلك العصر، ما نحكم على عصر بالظروف اللي كان موجودة في عصر ثانٍ، إيش العصر اللي كان موجود في مصر؟ فى الشرق في العالم الإسلامي كله؟ العالم الإسلامي-يا سيدي الفاضل-كانت تحكمه ثلاث حكومات كلها بريطانية، كانت تحكمه حكومة الهند، وحكومة المندوب السامي، وحكومة لندن، ما فيه شك في هذا، إيش اللي صاير؟ أمريكا ما كان لها دخل، كانت بعيدة عن المجال، روسيا كانت هزمت على يد اليابان، فرنسا كانت طالعة لسه من هزيمتها على يد روسيا، روسيا ما كانت لسه، وبعدين الإنجليز بدهائهم وبمكرهم جعلوا ها الدول هذه ها الأغراض هذي ها السياسات هذي تتعارض بحيث إن كان حصيلتها صفر، فكانوا هم المسيطرين على الوضع، فيه شيء ذكرته أنا الملك إدريس دايمًا بنقد بسيط، هو إنو كان يظن إن التاريخ Static ( ثابت)، والتاريخ ما هو ثابت التاريخ متحرك.
أحمد منصور:
كيف ملك يغيب عنو هذا المفهوم البسيط جدا؟
مصطفى بن حليم:
والله نرجع مرجوعنا لتعليمه ولثقافته، يعني بقول لك هذي هذي بلد هذي بلد عظمى، وهي في الواقع كانت عظمى، ولذلك ليش ما أتعاون معها؟ ثم انتقل.
أحمد منصور[ مقاطعًا]:
يعني في تلاتين سبتمبر 1911، غزت بريطانيا شواطئ ليبيا، الحركة السنوسية قبل أن تغزو إيطاليا شواطئ ليبيا، كانت الحركة السنوسية لها علاقة بالبريطانيين.
مصطفى بن حليم:
لأ، لأ، لأ، لأ.
أحمد منصور:
لكن حضرتك كلمتني من 1902 بدأت علاقة البريطانيين بالحركة السنوسية، في 1909 توطدت علاقة البريطانيين بالحركة السنوسية.
مصطفى بن حليم:
(13/50)
أنا باحكي لك إيمتى توطدت العلاقة مع البريطانيين، العلاقة الأولى اللي بدت سنة 1902 كانت علاقة شكر، كثر خيركم وقفتم كذا، لكن ما كان في علاقة أكثر من هيك، بس بعدين إيش اللي صار؟
السيد أحمد قلنا إنو راجل جهادي درجة أولى، مسلم نظيف، ما بيعرف السياسة، ما بيعرف الكلام هذا، طبعا الأتراك كانوا في ليبيا، وساعدوا في الأول، وبعدين تنازلوا عن ليبيا.
أحمد منصور:
كانت ليبيا تخضع للدولة العثمانية؟
مصطفى بن حليم:
طبعا، تنازلوا عن ليبيا، وتنازلوا بمعاهدة عجيبة غريبة معاهدة (أوشيه) اقراها المعاهدة هذه، المعاهدة هذه يعني فيها مساخر، السلطان تمسك بأن الخطب خطب الجمعة تتلى باسمه وإن هو اللي يعين.
أحمد منصورً:
... وهزيلة للغاية.
مصطفى بن حليم:
وأعطى الليبيين استقلالهم وأعطى.
أحمد منصور:
لكنها تعكس الضعف الشديد اللي كانت تعيشه الدولة العثمانية؟
مصطفى بن حليم:
طبعا السيد أحمد انتقل إلى الشمال بهدف المقاومة ضد الإيطاليين، ضد الإيطاليين، إيجا وكان من الضباط اللي موجودين هناك (أنور باشا)، (مصطفى كمال أتاتورك) كلهم كانوا ضباط موجودين هناك، وبعدين السلطان يبغى في خطة، جعلها أنور باشا اللي تولى بعدين وزارة الحربية، يبغى أن يهاجم الإنجليز بكماشة من 3 أجزاء، الجزء الأول هو جيش جمال باشا اللي داخل في اتجاه.
أحمد منصور:
الآن دخلنا بالحرب العالمية الأولى.
مصطفى بن حليم:
سنة أنا بحكي عن سنة 15، بعدما دخلت تركيا في الحرب، جيش جمال باشا بمهاجمة الترعة، الترعة اللي هي.
أحمد منصور:
يعني عفوًا، مش عايزين ندخل في التفصيلات نفسها لنا وقفات محددة حتى نفهم ما بعدها.
مصطفى بن حليم:
(13/51)
هذه سيد أحمد هذه نقطة في منتهى الأهمية، في منتهى الأهمية وترد على تساؤلك هذا، على الترعة وأغروا السيد (أحمد الشريف) أن يهاجم مصر، يهاجم الإنجليز في مصر و(دينار) حاكم (دار فور) بيهاجمهم من تحت، على أي حال، السيد أحمد كون جيش من جزئين، الجزء الشمالي كان بقيادة العسكري كان (جعفر باشا العسكري) اللي تولى بعدين رئاسة الحكومة في العراق والجيش الجنوبي كان بقيادة السيد أحمد، الإنجليز طلعوا طوابير مدرعة، وهلكوا الجيش الليبي اللي في الشمال، في هذه الأثناء السيد أحمد السيد إدريس ما كان في الحكم، ولكن كان الإنجليز يتصلوا بيه، ويقولوا له: يا فلان احنا ما بدنا نحاربكم، احنا ما بدنا كذا، أنا رأيت في (أركايفز) هذه الموجودة في (Q-garden ) رسائل تقطر سكر من البريطانيين إلى السيد أحمد الشريف، إلى الحسيب النسيب سليل الدوحة النبوية، ماضيها كذا كذا.
أحمد منصور:
كانوا بيضحكوا عليه طبعا.
مصطفى بن حليم:
كانوا يتملقوه، وهذا لأسباب، قبل هذه المسائل بسنة، كان السيد إدريس في طريقه إلى الحجاز ليؤدي الحج، واجتمع بالحكومة بكبار رجال الحكومة البريطانية، وحاولوا بكل الطرق أن يقنعوه بإنه لا ناقة لهم ولا جمل في الهجوم على مصر، وإن هم يعني عندهم كل النوايا الطيبة بالنسبة لليبيا، ويعني أوحوا له إنه أحسن يوقف ابن عمه، فطبعا قال لهم: طالما الأمر في يد السيد أحمد أنا كل ما فيها إني أنصحه، وبالفعل نصحه، وحتى لما رجع كثير من الإخوان السنوسيين قالوا له: إن هذا العمل اللي حيقوم به السيد أحمد عمل خطير، فقالوا له: يجب أنك تتدخل، ورفض، وكان رده علي لما قلت له: طيب لماذا لم تتدخل؟ قال خشيت أن أقسم الحركة السنوسية إلى قسمين، على أي حال، اللي صار أن السيد أحمد ما كانشي بمصر، وإن الطابور الشمالي وصل إلى مرسى مطروح وقضي عليه.
أحمد منصور:
من البريطانيين؟
مصطفى بن حليم:
(13/52)
من البريطانيين، وجعفر باشا العسكري أسر، والسيد أحمد احتل الفرافرة والداخلة والخارجة، وكان على بعد عدة أميال من وادي النيل.
أحمد منصور:
هذا كان بيعتبر جهاد ضد البريطانيين في تلك المرحلة من قبل الحركة السنوسية؟
مصطفى بن حليم:
كان يعتبر -مع الأسف يعني- أنا شرحت لك إن السيد أحمد كان رجل جهاد، رجل مسلم، رجل كذا، لكن لا يفهم في السياسة كثيرا.
أحمد منصور:
يعني كان القرار في إيدوا؟
مصطفى بن حليم:
كان القرار تنفيذا لأمر السلطان، وهذا سلطان المسلمين، هذا خليفة المسلمين هذه وجهة نظره، فا على أي حال لما شاف إن الطابور الشمالي، رجع تراجع، تراجع إلى إلى (سيوة)، وهذه سنة الجفاف الشديد، إيش اللي صار بعد هذا؟ البريطانيين أوقفوا مرور أيها إمدادات من مصر.
أحمد منصور:
إلى ليبيا.
مصطفى بن حليم:
إلى ليبيا، والبريطانـ..، والإيطاليين قفلوا كل الموانئ الليبية بالأسطول، والمجاعة كانت ضاربة أطنابها، وهذا ما أشرت له بالكتاب الوثائقي اللي قال: إن سكان برقة كانوا في سنة 11 :300 ألف ووصلوا في أواخر سنة، سنة 15 إلى مية ألف.
أحمد منصور:
معنى ذلك إن المجاعة هذه كانت مهلكة؟
مصطفى بن حليم:
مجاعة مهلكة، وهجرة كذلك مهلكة.
أحمد منصور:
لكنها نتجت عن الحصار؟
مصطفى بن حليم:
عن الحصار، ويكذب من يقول لك: إنه كان في مدد غير المدد المصري، هذه حقيقة تاريخية، يجب، يجب إن أو أصحاب الأمر الآن في ليبيا أن لا ينسوا هذا.
أحمد منصور:
يعني هذه أيضا تضاف إلى جرائم البريطانيين والإيطاليين ضد الشعب الليبي؟
مصطفى بن حليم:
(13/53)
جاي لك في الكلام هدا، السيد، السيد إدريس، طبعا السيد أحمد تنازل وقال تولى إنت الأمر، فا إجى السيد إدريس وأمامه مجاعة، وجهاد توقف، ما في شك في هذا، فأرسل للبريطانيين قال لهم: يا جماعة خلينا نحكي نتصالح، خلينا نشوف هدنة، قالوا له: بكل سرور، ولكن يجب أن المفاوضات تشتمل على الإيطاليين كذلك، طبعا كانت هذه حاجة مرة كثير عليه، شاور السيد أحمد، السيد أحمد قال له: تفاوض مع الإنجليز، ولكن بلاش مع إيطاليا، ما كانش ممكن، وهذا السبب الأساسي في دخول السيد إدريس في مفاوضات مع البريطانيين ومع الإيطاليين، مع البريطانيين كان شروطهم قاسية ولكن مفهومة، شروطهم إنه تقفل كل الزوايا السنوسية في مصر، وتبتعد القوات الليبية عن الحدود المصرية.
أحمد منصور:
وتم الاستجابة لهذا؟
مصطفى بن حليم:
وتسلم يعني السيد إدريس يسلم الضباط الأتراك اللي موجودين في معيته، هذه رفضها، وقال لهم: لا يمكن كمسلم كقائد مسلم أن أسلم ضيوف علي، الحاجة الوحيدة اللي أعملها لكم هو إني أطلب منهم مغادرة البلد إلى بلادهم في أمان وبدون ما أن يمسهم ضرر.
أحمد منصور:
لكن هنا يقال تاريخيا: إن السيد إدريس كان لا يحب الأتراك، وكان يميل إلى البريطانيين، في الوقت الذي كان السيد أحمد الشريف السنوسي مرتبط بالدولة العثمانية، ويعتبرها دولة الخلافة وملتزم بما يأتيه من أوامر من السلطان العثماني، ما هو معرفتك الدقيقة بهذا؟
مصطفى بن حليم:
معرفتي الدقيقة إن كان في ليبيا، وحتى في عيلتنا كان من يرى إن السيد أحمد هو القائد الحقيقي.
أحمد منصور:
أحمد الشريف.
مصطفى بن حليم:
(13/54)
أحمد الشريف، برغم إنه القانون أو الطريقة السنوسية تعطي الزعامة للسيد إدريس، ولكن كان ينظروا للسيد إدريس كرجل وطني، ولكن سياسي، السيد أحمد رجل مجاهد، مجاهد ومجاهد، ما فيه حاجة تانية، ولكن ما أعتقد إن المسألة ميل السيد أحمد للأتراك أو ميل السيد إدريس للإنجليز، السيد إدريس واجه كارثة فلجأ إلى طريق المراوغة، واتفق مع الطليان ومع البريطانيين.
أحمد منصور:
لكن مسار الأحداث بعد ذلك -تاريخيا- يثبت أن الرجل لم تكن القضية قضية مناورة بقدر ما هو ارتمى في أحضان البريطانيين؟
مصطفى بن حليم:
خليني أنا أكمل الكلام، وبعدين سترى سيادتك كيف اللي صار؟ مع الطليان طالت المدة، وعادت عدة اجتماعات (عكرمة) و(بو مريم) وكذا كذا إلى أن اتفقوا في معاهدة (الرجمة) معاهدة الرجمة كان من شروطها: أن يعترف بالأمير إدريس كأمير على الدواخل، وأن يحافظ على التعليم القرآني وتنفيذ الشريعة الإسلامية في الأراضي اللي تحت الحكم الإيطالي.
وأن يقام برلمان، وهذا ما قام بالفعل ورئيسه كان السيد صفي الدين اللي هو أخو السيد أحمد الشريف.
أحمد منصور:
سنة كام دي؟
مصطفى بن حليم:
هذي سنة أفتكر 19 أو 20 ...، وقام البرلمان وكان في بنغازي، بس من شروط، من شروط الاتفاقية إن السيد إدريس بعد فترة تمن شهور يجعل المجاهدين يسلموا سلاحهم، وهذا ما لم يحدث إطلاقًا، كان في ليبيا كان حاكم متحرر كثير (دي مارتينو) (جاكو دي مارتينو).
أحمد منصور:
ده الحاكم الإيطالي؟
مصطفى بن حليم:
أيوه الحاكم الإيطالي، وكانت حكومة اشتراكية في في إيطاليا، فراوغ السيد إدريس وفي الآخر لما جت تمن شهور قال لهم: والله أنا آسف ما أستطيع إني أجردهم، (فجاكودي مارتينو) اقترح أن تقوم معسكرات مشتركة ما بين الليبيين والإيطاليين، وتمولها الحكومة الإيطالية.
أحمد منصور:
بهدف إيه؟
مصطفى بن حليم:
(13/55)
بهدف المحافظة على الأمن، مش قادرين مش راضين يسلموا سلاحهم مع الأقل نتفاهم معهم.
أحمد منصور:
يعني يريد من المسلحين أن يكونوا هم ضمن هذا ولا يريد ليبيين آخرين يقاوموا المسلحين؟
مصطفى بن حليم:
لا، لا، لا المقاومين الليبيين، صارت المسألة هذه لفترة بسيطة، والسيد إدريس شايف إنها لن تؤدي إلى خير، حدث إن (موسوليني) استولى على الحكم في إيطاليا، بس في حاجات ثانية كذلك جعلت الأمور تسوء بين السيد إدريس وبين الإيطاليين، أهم شيء هو البيعة الطرابلسية للسيد إدريس، البيعة الطرابلسية للسيد إدريس جعلته أمير على طرابلس، في حين الإيطاليين لا يقبلوا إطلاقا أن تكون فيه علاقة جوهرية بين برقة وطرابلس فطبعا شاورهم قالوا له: لأ، لا يمكن، طيب يا جماعة أتوسط بينكم وبين الطرابلسيين، ما فيش فايده، هنا قرر إنو ينتقل إلى مصر، ليش؟ لأن لو بقى، وقبض عليه تنتهي المقاومة.
أحمد منصور:
هو انتقل إلى مصر في نهاية العشرينيات.
مصطفى بن حليم:
انتقل إلى مصر أفتكر في 21 أو 22
أحمد منصور:
في بدايتها؟
مصطفى بن حليم:
أيوه فا إيش عمل؟ عين أخوه السيد السيد الرضا كنائب عنه.
أحمد منصور:
انتقاله إلى مصر، ألم يكن هروبا من الساحة؟
مصطفى بن حليم:
أنا جاي لك الآن، ولك أن تحكم إذا كان هروب أو، وعين السيد صفي الدين مسؤول عن الجهاد في برقة البيضاء برقة البيضا هي برقة الغربية، بيضا لأن أراضيها بيضا، وعين السيد عمر المختار منسق للأدوار، وقائد الجهاد في الجبل الأخضر، منسق الأدوار هذي يستدعي بعض الإيضاح، ما هي الأدوار؟
(13/56)
كل قبيلة كانت تحدد عدد من أفرادها للجهاد لفترة، ثم يرجعوا ينتهي دورهم، ويرجعوا جماعة تانية محلهم، السيد عمر المختار كان رجل سنوسي 100%، كان تلميذ في زاوية (جنزور) وزاوية (الجغبوب) وكان أساتذته الشيخ (الزروال المغربي) والشيخ (الفالح) ما أذكر بقية اسمه، وتخرج من زاوية الجغبوب، وعين شيخ على زاوية الجسور، زاوية الجسور في الجبل الأخضر.
أحمد منصور:
لا أريد أغرق تاريخيا، لا أريد أغرق تاريخيا.
مصطفى بن حليم:
ok، لابد حتى نبين لك.
أحمد منصور:
ما حضرتك، إحنا دي أرضية تاريخية عشان نفهم منها ما حدث بعد ذلك، لا نريد أن نغرق في التفصيلات.
مصطفى بن حليم:
ok ok على أي حال، السيد عمر المختار مثلما شرحت لك شيخ من شيوخ السنوسيين وجاهد، وحاولوا عدة مرات أن يتفاوضوا معاه.
أحمد منصور:
الإيطاليين؟
مصطفى بن حليم:
الإيطاليين، عدة مرات آخرها كان اجتماعه مع الماريشال (باديليو) ماريشال إيطاليا، وبتعرف ماريشال إيطاليا لها sound لها اسم خاص، هذا اللي تولى رئاسة الجمهورية فيما بعد.
أحمد منصور:
هذا في 29 تقريبا.
مصطفى بن حليم:
نعم 29، 29 وأنا الاجتماع طبعا ما كنت حاضروه، ولكن الله يرحمه السيد (عبد الله بلعون) ذكر لي، لأن هو كان اللي، اللي كان يترجم، والجنرال (دودِشي) اللي ظهر في الفيلم اللي عملوه، كذلك حكى لي في روما نفس الكلام.
أحمد منصور:
يعني أنت سمعت من الجنرال، وسمعت من.
مصطفى بن حليم:
من عبد الله بلعون.
أحمد منصور:
المترجم الليبي بين عمر المختار وبين الماريشال.
مصطفى بن حليم:
حتى أول ما إيجى الماريشال عطى له هدية ساعة ذهب، فرفضها السيد عمر المختار، عبد الله بلعون حاول يصلح الأمور قال له: والله هذول السنوسية ما يقبلوا الذهب، على أي حال، سأله الماريشال باديليو قال له: لماذا تحاربنا؟
(13/57)
رد عليه قال له: أحاربكم على الدين أنتم نصارى، إيش جايبكم إلينا؟ إنتوا نصارى جاين تعملوا إيش؟ إحنا بدنا نحافظ على ديننا، ووجودكم ضد هذا، صار حكي كثير، سيد عمر قدم له شروطه، وقال له: على أي حال أنا أنا مندوب، وكان يوقع كان يوقع على على على كتبه وعلى وعلى أوامره بوكيل النائب، النائب كان مين السيد الرضا، قال له روح للسيد إدريس في القاهرة، يجي لي أمر يجي لي أمر منه وقف نوقف، صار وهذه نقطة كتير مهمة إن أحد السنوسيين كان موجود، السيد الحصن، الحصن بن السيد الرضا والسيد الحصن كان من رأيه أن يتفق مع إيطاليا.
أحمد منصور:
إن عمر المختار يتفق مع الإيطاليين؟
مصطفى بن حليم:
إن هو يتفق مع إيطاليا، السيد عمر رفض، رفض ووبخه، وبعدين جاء أمر من السيد إدريس لابن أخوه بقول اه إن ما لك دخل، وكيلي هو السيد عمر المختار، على أي حال استمر جهاد تباع السيد عمر المختار.
أحمد منصور:
لأ إنت الآن أنت سمعت من الماريشال، وسمعت من الشخص الليبي اللي كان يترجم وأنت يعني ربما تكون شاهد وحيد سمعت هذه الشهادة بهذه الطريقة، فإحنا نريد تفصيلاتها، واسمح لي أبدأ الحلقة القادمة بالتفصيلات الدقيقة لما وقع بين عمر المختار، و بين الماريشال وما سمعته أنت بشكل مباشر من كلا الطرفين.
مصطفى بن حليم:
ربما أقولها لك الآن.
أحمد منصور:
اسمح لي أبدأ بها الحلقة القادمة، أشكرك شكرا جزيلا،
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد مصطفى أحمد بن حليم رئيس وزراء ليبيا الأسبق.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(13/58)
الحلقة2(13/59)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
مصطفى أحمد بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق
تاريخ الحلقة
5/08/2000
مصطفى بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق - الحلقة 2
أحمد منصور
مصطفى بن حليم
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.الأولى كوزير للأشغال العامة والمواصلات في الخامس من يونيو 1950.
أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد مصطفى أحمد بن حليم رئيس وزارة ليبيا الأسبق..
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا (أحمد منصور) يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (مصطفى أحمد بن حليم) رئيس وزراء ليبيا الأسبق.
مرحبا سيد بن حليم.
مصطفى بن حليم:
مرحبا بيك.
أحمد منصور:
في الحلقة الماضية توقفنا عند المفاوضات التي قامت بين السيد (عمر المختار) باعتباره قائدا للمجاهدين في ليبيا، وبين المارشال (بادوليو) الذي كان قائدا عاما إيطاليا في ليبيا، وأنت استمعت إلى كل من السيد (عبد الله بلعون)، الذي كان يتولى الترجمة بين عمر المختار وبين المارشال، ومن الكولونيل (دوداشي) الذي كان حاضرا في تلك المفاوضات، أرجو أن توجز لنا ما استمعته بدقة من كلا الطرفين.
مصطفى بن حليم:
شهادتي طبعا معتمدة على سماعي من شخصين، خصوصا عبد الله بلعون الذي كان رجلا وطنيا من الدرجة الأولى وتقي وورع، وكان في خدمة الحكومة الإيطالية، ولكن في مجال محاولة إيجاد نوع من المسالمة ما بين الحكومة الإيطالية والمجاهدين.
(13/60)
اللي حدث أن في الاول المارشال بادوليو أهدى ساعة ذهب إلى السيد عمر المختار، السيد عمر المختار رفضها، فجاء عبد الله وقال له: يا سي عمر إذا درت نياقك فاحتلبها، فرد عليه بالبرقاوي [لهجة برقة] قال له: احلبها أنت، بعدين عبد الله بلعون طبعا في إحراج قال للمارشال: تعرف السيد عمر سنوسي، والسنوسية يكرهوا لبس.. استعمال الذهب أو الحرير، فبدات المفاوضات بين السيد عمر والمارشال بادوليو، والسيد عمر كان حريص يقول له: احنا حريصين على الدين، احنا احنا بنحارب لصيانة ديننا، فبدنا نبغى إن المدارس القرآنية..، نبغي حكم الشرع، وبعدين أهم شيء هو أنا هنا ما أنا إلا مندوب وكيل الأمير إدريس، وكيل السيد إدريس، اذهبوا للسيد إدريس، اتفقوا معه، وأنا يأتيني أمر بايقاف بأوقف، ما لم يأتني أمر بإيقاف الجهاد أنا مستمر فيه، كان فيه السيد الحصن غير السيد الحسن اللي كان تولى بعدين ولي عهد، الحصن بن السيد الرضا وكان السيد الحصن أميل إلى التفاهم مع الطليان والتفاوض معهم، فالسيد عمر وبخه، وأرسل السيد إدريس الذي وبخ كمان ابن أخوه، وانتهت المقابلة على أنه يستمر الجهاد، واستمر الجهاد.
أحمد منصور:
ماذا قال لك دوداشي حينما لقيته في إيطاليا في عام 56 عما حدث في تلك ...؟
مصطفى بن حليم:
قال لي: إن السيد عمر كان مصرّ على أولا أن أي تفاهم يجب أن يصير مع الأمير إدريس وفي القاهرة، وكذلك كان طلب فورا أن المسائل الشرعية والمدرسية والقرآنية والمسائل كذا هذه لازم تتم، وقال إن الحكومة في روما رفضت، لأنها كانت تشعر كانت عارفة أن السيد إدريس لن يقبل شيء منهم، وإذا قبل فهي المراوغة لا أكثر ولا أقل..
أحمد منصور:
دوداشي أبدى لك أي انطباعات عن عمر المختار؟
مصطفى بن حليم:
(13/61)
دوداشي.. وسيأتي الكلام عنه.. دوداشي كان معجب بالسيد عمر المختار، لما قبض على السيد عمر المختار -خليني نرجع شوية- هذا الكلام هذا، ومقابلة بادوليو مع السيد عمر كانت سنة 29 استمر جهاده إلى سنة 31، الجهاد كان بقيادة السيد عمر المختار، فالسيد عمر المختار من قبيلة (لِمْنَفَا) وهي قبيلة صغيرة، ولكن كان تحت منه فرسان كبار، قادة كبار (يوسف بورحيل)، (عبد الحميد العبار)، (عثمان الشامي) (إقتات الحاسي)، (سنوسي بوبريدان) هادول [هؤلاء] من قبائل كبيرة وفرسان كبار، ولكن لأنه رجل مجاهد من الدرجة الأولى ورجل مسلم ورجل قوي الإيمان ومعينه السيد إدريس، كانوا ينصاعوا له، ولا نقاش معه، استمر الجهاد وكان جهاد كل يوم بيخسروا أكتر وأكتر.
أحمد منصور:
المجاهدين؟!
مصطفى بن حليم:
المجاهدين إلى يوم 11 سبتمبر 31 السيد عمر كان يبغي يصلي الفجر في مقام الصحابي السيد سيدي (رافح) اللي في (البيضة)، فبجراءة دخل هو وحوالي كام فارس معاه، وصلوا و طلعوا، فلحق بهم الفيلق الإريتري، وبالمناسبة أقول لك إن الجيش الإيطالي لم يقض علي الثورة الليبية، الجيش الايطالي كان دوره دور توجيه، واللي كانوا يحاربوا هم الإريتريين والصوماليين..
أحمد منصور:
يعني كما فعل البريطانيون في أنهم كونوا جيوش من الهنود وغيرهم كانوا يغزون بهم، كان كذلك فعل الإيطاليون.
مصطفى بن حليم:
بس البريطانيين كانوا يحاربوا، الإيطاليون لم يكونوا محاربين إلى يومنا هذا، على أي حال فطلعوا وراه وأصابوه..
أحمد منصور:
وحتى دورهم في الحربين العالميتين لم يكونوا محاربين؟
مصطفى بن حليم:
والله بريطانيا وقفت موقف صلب أمام الغزو الألماني، يعني لا يمكن أن ننكر عليهم صلابة عودهم في الحرب.
أحمد منصور:
إيطاليا تقصد!
مصطفى بن حليم:
لا، أنا باحكي على البريطانيين، على الإنجليز، طبعا استعملوا الهند، واستعملوا الباكستان وكل هذا، إمبراطورية..
أحمد منصور:
(13/62)
نعود إلى الفيالق الإفريقية التي كانت موجودة.
مصطفى بن حليم:
كان الفيلق الإريتري هو اللي طلع وراء السيد عمر، وأصابوه، وأصابوا فرسه، وقبضوا عليه، لما قبضوا عليه ما عرفوه، كان دوداشي أيامها هو حاكم الجبل الأخضر فجابوه وعرفه لأنه اجتمع معه كام مرة، قال له: يا سيد عمر أنكر أنك.. قال: لا أنكر..
أحمد منصور:
دوداشي قال له هذا وأنت سمعت من دوداشي نفسه؟
مصطفى بن حليم:
نفس الشيء، والشيء الغريب -يا أخ أحمد- قبض على السيد عمر في (جردس العبيد) قريب من جردس العبيد يعني قريب من المرج، المرج مع بنغاري 98 كيلو متر، الحكومة الإيطالية أو الجيش الإيطالي لم يتمكن أن يطمئن لنقل عمر المختار بطريق البر فجابوا فرقاطة إلى ميناء (طوكرة) اللي تحت ونقلوا عمر المختار إلى بنغازي.
أحمد منصور:
يعني هم لما قبضوا على عمر المختار كانوا مرعوبين؟
مصطفى بن حليم:
طبعا ما كانوا عارفينه لما قبضوا عليه، ولما عرفوه كانوا مرعوبين يفلت من أيديهم، أو يجي مجاهدون، فنقلوه في مدمرة، كان (غرازياني) في الخارج فاستدعي، وما أرويه الآن نقلا عن عدة مصادر.
أحمد منصور:
أهمها؟
مصطفى بن حليم:
أهمها (عبد الله بلعون) كذلك، دوداشي ما ذكر لي هذي.
أحمد منصور:
أنت في أي سنة سمعت من (عبد الله بلعون)، 56 سمعت من دوداشي، في أي سنة سمعت من عبد الله؟!
مصطفى بن حليم:
لا.. لا، عبد الله بلعون كان في الأربعينات، أنا بجيلك في الاربعينات.. كان رجل واثق.
أحمد منصور:
أنا لن أدخل في تفصيل وصف الرجل، لأن كونه يعمل مع الإيطاليين ومواقفه، هذه القصة لن أدخل فيها، لأن عبد الله بلعون لا يهمني، ما يهمني..
مصطفى بن حليم:
والله يا أخي فيه الكثير اللي عملوا مع الإيطاليين، لا أنا ولا أبي عملنا مع الإيطاليين..
أحمد منصور:
أنا لست معنيا بالرجل كثيرا.
مصطفى بن حليم:
(13/63)
على أي حال فيقال إن غرازياني قال له: أنا مستعد استصدر مرسوم من ملك إيطاليا (فيتوريو مانويل الثالث) بالعفو عنك شريطة أن تذهب للعصاة وتدعوهم لتسليم السلاح.
أحمد منصور:
المجاهدين؟!
مصطفى بن حليم:
المجاهدين، الطليان يسمونهم عصاة، مش مجاهدين فقال له: والله يا جنرال لو أطلقت سراحي سأحاربكم.. هذا مصيري..
أحمد منصور:
كان عمره كام سنة في ذلك الوقت؟
مصطفى بن حليم:
كان قد تعدى السبعين فجابوه في سلوق قرية قريبة من بنغازي وحوكم وحكم عليه بالشنق..
أحمد منصور:
في أيام، طبعا قبض عليه في 11 وأعدم 15 سبتمبر 1931.
مصطفى بن حليم:
بس نرجع شوية لوره.. غرازياني حتى يتمكن من القضاء على الثورة الليبية وعلى الجهاد الليبي نفذ خطة المارشال بادوليو اللي هي إيش إحاطة المدن الأربع، مكنش في برقة إلا مدن أربع اللي هي بنغازي والمرج ودرنه وطبرق.
أحمد منصور:
خطة غراز ياني قائمة على محاصرة المدن الرئيسية.
مصطفى بن حليم:
أقاموا على المدن الرئيسية أسوار محروسة ونقلوا، ما هو احنا شرحنا الأدوار، كانت القبائل مع المجاهدين، نقلوا كل أهل البادية كل البادية اللي في الجبل الأخضر نقلوهم إلى منطقة اسمها (البريقة) الآن فيها محطة تكرير بترول مشهورة، صحراء قاحلة، رجع منهم 30%، وأعطى أوامر أن يطلق الرصاص على ما يتحرك، القبائل نقلت، اللي فاضل المجاهدين، وفي المدن أخذ كل أعيان المدن إلى اعتقال سياسي في منطقة اسمها (بنين)، اللي فيها المطار الآن، إخوتي الاثنين الكبار: سليمان بن حليم وأمين بن حليم كانوا من الجماعة.. ضيوف اللي.....
أحمد منصور:
المعتقلين السياسيين.
مصطفى بن حليم:
كان كل يعني كل أعيان البلد، والدي ما كان موجود فأخذوا الاثنين الكبار، وجابوهم ليحضروا شنق عمر المختار، وقالوا لهم: جبناكم لتروا شنق إلهكم الصغير، طبعا الاستعمار الإيطالي كان فيه نوع من الغضب، من الكراهية الشديدة لما هو إسلام.
(13/64)
أحمد منصور:
كراهية عقائدية دينية يعني؟
مصطفى بن حليم:
كراهية طبعا، دي.. ربكم الصغير، طبعا المقاومة بعد هيك استمرت شوية (عبد الحميد العبار) و(يوسف بورحيل) عبد الحميد العبار -على فكرة- من الجماعة اللي اعتقلوا بعد الانقلاب، ويوسف بورحيل.
أحمد منصور:
أي انقلاب؟
مصطفى بن حليم:
انقلاب ما هو فيه انقلاب واحد.
أحمد منصور:
ثورة الفاتح من سبتمبر.
مصطفى بن حليم:
أنت تقول ثورة، لكن أنا باقول انقلاب على أي حال، ما بدنا نعرف الثورة والانقلاب الآن، فانتهت، صار نوع من الجهاد، نوع من المقاومة في (الكفرة) في أجدابيا كذلك بعض الشيء، ويعني قام بها (صالح باشا العطيش) من قبيلة المغاربة [كلام غير مفهوم] وأنا حكيت كل..
أحمد منصور:
يعني أعدم عمر المختار في 15 سبتمبر 1931، كم سنة بعده استمر الجهاد؟
مصطفى بن حليم:
شهور.
أحمد منصور:
شهور فقط، وانتهى الجهاد، وبدأ الملك الذي كان مقيما في مصر أو الأمير إدريس السنوسي في ذلك الوقت الدخول في مفاوضات مع البريطانيين.
مصطفى بن حليم:
لا.. لا.. ما بدا هذه السنة في 31، المفاوضات بينه وبين الإنجليز كانت سنة 40.
أحمد منصور:
بدأت، لكن في تلك الفترة كان يبحث عن مخرج للوضع الموجود.
مصطفى بن حليم:
في تلك الفترة كان يستعين بالإنجليز حتى لا يسلم للإيطاليين.
أحمد منصور:
فقط لحمايته يعني.
مصطفى بن حليم:
لأنه كما تذكر يا أخ أحمد كان البيت المالك المصري ذو ميول إيطالية شديدة، الملك فؤاد تدرب في البيت الملكي الإيطالي، ويقال إن أمه كانت إيطالية حتى هو قابل الأمير (إدريس)، وعرض عليه أن يتوسط مع إيطاليا، وقال له: ما أعتقد فيه فائدة، قال له: بس أنا بدي منك ألا تثير أيها مصاعب لنا، وكان خايف، فاستعان بالإنجليز حتى إنهم يحموه من أيها صعوبات يعملها البيت الملكي المصري، بس احنا حكينا هنا بتوسع عن الجهاد في (برقة)، في حين أنه كان فيه جهاد كبير جدا في طرابلس.
(13/65)
أحمد منصور:
ضد الإيطاليين أيضا؟
مصطفى بن حليم:
طبعا، ضد الإيطاليين، كان فيه (رمضان شتيوي)، وكان من المجاهدين الكبار، بس هو مات هو وإخوته وأولاده إبراهيم وسعدون، كان فيه (سليمان باشا الباروني) زعيم الإباضية، كان فيه عيلة المريث في(ثرهونة) كان فيه عيلة (عبودي بالخير)، الفرق الوحيد أنهم كانوا متفرقين، الميزة الكبرى في برقة كانت قيادة واحدة، القيادة السنوسية فقط، ما فيه قيادة تانية طبعا الطليان لعبوا بينهم وخلوا إنهم يتحاربون بينهم، ولكن كان فيه جهاد جهاد جهاد لا يقل عن الجهاد البرقاوي بأي طريقة، أنا عرفت بعض هذا الجهاد عن طريق قريب لوالدتي من عيلة (بو الغربون) اللي كان ضابط مع رمضان شتيوي..
أحمد منصور:
احنا قصدنا من فهم هذا الأمر هو فهم ما بعد ذلك، يعني احنا تعرضنا لهذه المرحلة لفهم ما بعد ذلك، وفي 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية، وكان البريطانيون يحاربون الإيطاليين، وبدأ الملك والبريطانيين... الأمير السنوسي في ذلك الوقت والبريطانيين يدخلوا في شكل من أشكال الاتفاقات والمراهنات، وتحدثنا في الحلقة الماضية عن نشأة الجيش السنوسي وكيفيتها، وما دفعنا للعودة التاريخية إلى الوراء هو أنك رغبت في استيضاح الصورة فيما بعد، وأن الملك بتوجهه إلى البريطانيين لم يكن في شكل من أشكال العمالة والاتهام بقدر ما كان الرجل يريد أن يتخلص من الإيطاليين، هُزم الإيطاليين [الإيطاليون] في الحرب العالمية الثانية، وتم جلاؤهم عن ليبيا، وكان الملك لا زال موجودا في مصر، ووقع عدة اتفاقات مع البريطانيين، من بينها اتفاق ينص على استقلال برقة، وعاد الملك إلى برقة بالفعل عام 1944 .
مصطفى بن حليم:
هذا الكلام يريد بعض الإيضاح.
أحمد منصور:
بإيجاز
مصطفى بن حليم:
(13/66)
البريطانيين والغرب ما بيساعدوا لعيونا الحمر أو لعيونا الزرق، فساعدونا على أمل إنا نكون في تعاون مطلق معهم، يعني نقبل وصاية منهم، ونقبل أن نعطيهم قواعد، ونعطيهم امتيازات، ونعطيهم شيء من كذا، حتى في البترول نعطيهم، فموضوع ليبيا نوقش في هيئة الأمم المتحدة، فأول مجال يعني، عدة اقتراحات من ضمنها استقلال ليبيا، وكلها فشلت.
أحمد منصور:
يعني هو نوقش مؤخرا في 49 أنا أود أن نبقى في الفترة اللي هي بعد انتهاء الحرب العالمية.
مصطفى بن حليم:
إنا جايلك لهذه، فيه مشروع (بيفين- فورزا) المشهور، مشروع بيفين-فورزا كان اتفاق مع إيرلس بيفين وزير خارجية بريطانيا وكوتس فورزا وزير خارجية إيطاليا، هذا المشروع كان يجعل ليبيا تنقسم إلي 3 محميات، محمية بريطانية في برقة، محمية إيطالية في طرابلس، محمية فرنسية في فزان.. طبعا هذا الموضوع يعني قوبل بمظاهرات ضخمة في ليبيا، وخذل في هيئة الأمم المتحدة بصوت واحد اللي هو صوت هايتي، ولذلك فيه شارع في طرابلس مسمينه شارع (هايتي) إكراما لها، لما كان فيه طلبات كثيرة للمظاهرات في بنغازي: بدنا الاستقلال، بدنا السيد إدريس، بدنا كذا، فالإنجليز تحسبا لما حيحدث، وكان خطتهم أنهم يعملوا نظام اتحادي فضفاض، قالوا: المرحلة الأولى ما قدرنا ندخل من الباب ندخل من النافذة، فاقترحوا على السيد إدريس أنه طيب نعطي استقلال ذاتي لبرقة، وتكون أنت أمير عليها، وتكون لكم كل الصلاحيات ما عدا الخارجية والدفاع، وهنا تكونت حكومة ولاية برقة حكومة برقة.
أحمد منصور:
يعني حكم ذاتي داخلي؟
مصطفى بن حليم:
حكم ذاتي داخلي
أحمد منصور:
... لا يزيل الاحتلال ولا ينهيه،
مصطفى بن حليم:
لا لا لا ....
أحمد منصور:
... ولا يعطي أي شكل من أشكال الاستقلال، ويبقى السيد الأمير السنوسي هو موظف لدى البريطانيين.
مصطفى بن حليم:
(13/67)
لا، مش موظف، لا.. لا.. ياما صار بينه وبين الإنجليز صار سياسة طويلة عريضة، وأخذ ورد طويل عريض.
أحمد منصور:
ماذا تسمي يعني الحكم في هذا الوضع؟
مصطفى بن حليم:
حكم ناقص، حيجيلك الكلام، حتى الاستقلال اللي نلناه عن طريق هيئة الأمم المتحدة كان ناقص، ما في داعي أن نغطي الحقائق.
أحمد منصور:
يعني كيف نسميه ناقص، وهو أصلا ما فيه شيء حتى نقول إنه ناقص، هو ليس حكما يعني, لا يوجد فيه أي شكل،هو عبارة عن نظام بلدي أو نظام محلي داخلي وهم في يدهم كل شيء.
مصطفى بن حليم:
لا.. لا.. كان كل الصلاحيات في يد الليبين البرقاويين ما عدا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هي الصلاحيات -عفوا- الباقية بعد الدفاع و(الداخلية) [عفوًا]... والشؤون الخارجية؟
مصطفى بن حليم:
الداخلية، الزراعة، التعليم، الصحة، كل الصلاحيات.
أحمد منصور:
كلها خدمية
مصطفي بن حليم :
وكيف؟
أحمد منصور :
ليس فيها سيادة
مصطفي بن حليم :
على أي حال، كان هذا حل مؤقت، قبلوا حل مؤقت، وأنا كنت معارض إله، حتي لو تري في كتابي، قلت لما دعاني الأمير إدريس سنة 50، كان مضى على هذا النظام سنة، كنت متردد جدا, متردد, لأنني أومن بوحدة ليبيا، وكان في برقة خصوصا، كان في ليبيا عموما، وفي طرابلس أغلبية كبرى تبغى الوحدة، في برقة كان فيه قسمين قسم اللي هو المدن والمثقفين(جمعية عمر المختار) كانوا هم ينادوا ويصروا على وحدة ليبيا، كان البادية، عموما.. البدو عموما ومشايخهم وبعض الحضر كانوا يروا إنه والله خلينا نضمن استقلال برقة، وإذا جات طرابلس أهلا وسهلا بها.
(13/68)
لما دعاني الأمير إدريس كنت أنا من (جماعة عمر المختار)، أنا على علاقة... وكان لها مؤسستين، واحدة في بلدنا درنة وكان رئيسها (إبراهيم أسطى عمر) الله يرحمه، شاعر مشهور ووطني من الدرجة الأولى، ورئيسها في بنغازي مصطفى بن عامر خلاصة زيت الوطنية فكنت متردد، وهذا يدلك على أن ما كانت مرغوبة من الناس كلها، لكن على أي حال..
أحمد منصور:
لكن كان فيه رفض كثير، أنا لسة مش عايز أوصل إلى 49، أنا خليني بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 45، دعني بعد الحرب العالمية الثانية في 45، وانهزام الإيطاليين الذين كانوا يحتلون ليبيا، كيف كانت صورة ليبيا التركة الإيطالية؟ كيف وزعت على الدول الجديدة: أمريكا بريطانيا فرنسا؟
مصطفى بن حليم:
كان ما وزعت، كان فيه حكم عسكري، الإدارة العسكرية البريطانية في برقة وفي طرابلس والإدارة والإدارة العسكرية الفرنسية في فزان.
أحمد منصور:
وماذا أخذ الأمريكان؟
مصطفى بن حليم:
ما خدوا شيء.
أحمد منصور:
كانت لهم قواعد؟!
مصطفى بن حليم:
آه.. جاي لك.. بالاتفاق مع الإدارة البريطانية أخذوا قاعدة (ويلسفلت)، لكن ما كان عندهم أيها منطقة سياسية على الإطلاق، كانت عندهم قاعدة واحدة بجوار طرابلس.
أحمد منصور:
كانت تكفيهم في تلك المرحلة.
مصطفى بن حليم:
بس اللي هو, كان اتفاق بينهم وبين الإدارة البريطانية، فكانت فيه حكومة عسكرية هذي لأن..
أحمد منصور:
يعني البريطانيين..البريطانيين الذين لجأ لهم الأمير إدريس من أجل تخليص ليبيا من الإيطاليين حلوا محل الإيطاليين بعد الحرب العالمية هم والفرنسيين.
مصطفى بن حليم:
مع تصرف، البريطانيين والفرنسيين وكلهم كانوا يقولوا إن المستعمرات الإيطالية السابقة لا يمكن التصرف فيها إلا بعد معاهدة الصلح.
أحمد منصور:
ووقع الإيطاليين معاهدة الصلح، وانتهت القصة وبقي هؤلاء...
مصطفى بن حليم:
(13/69)
بعدين لما صارت معاهدة الصلح عرض الموضوع على هيئة الأمم المتحدة، وصارت عدة اقتراحات أخرها كان (بيفين-فورزا) الذي فشل -كما شرحت-بصوت واحد، بعد هذا صار اقتراح بإعطاء ليبيا الاستقلال، وتعيين مندوب من هيئة الأمم المتحدة للإشراف على تسليم السلطات إلى الليبيين، وهنا تأتي النقاط اللي تهمك.
أحمد منصور:
الجمعية العامة للأمم المتحدة وافقت على استقلال ليبيا في 21 نوفمبر 49، ولكن قبليها كان فيه نقطة خطيرة جدا، وهي أن السنوسي أرسل رئيس الديوان (عمر الكخيا) إلى بريطانيا من أجل التفاهم مع بريطانيا على استقلال برقة وحدها دون باقي الأقاليم الليبية، هذا من المآخذ أيضا التي تؤخذ عليه.
مصطفى بن حليم:
نرجع مرجوعنا لنفس الكلام اللي قلته سابقا كان فيه اتجاهين، في برقة اتجاه وحدودي واتجاه برقاوي، والاتجاه البرقاوي كان البادية، وكان بعض رجال المدن اللي من ضمنهم عمر باشا منصور الكخيا، وأنا لا أتهمهم بالخيانة.. أنا أرى أن هم عندهم وجهة نظر بل كثير من الناس كانوا يقولوا..
أحمد منصور:
كل شيء السياسيين يقولوا عنه وجهة نظر.
مصطفى بن حليم:
لا..لا.. عنده وجهة نظر هو يقول لك..
أحمد منصور:
حتى التنازل عن الأراضي والتنازل عن الأوطان صار الآن وجهة نظر.
مصطفى بن حليم:
هلا (الآن) بس، أيامنا ما تنازلنا عن شيء...
أحمد منصور:
أيامها كان باقي ليبيا وكان الطرابلسيين والبرقاويين متألمين والفزانيين كانوا متألمين أن يعلن استقلال برقة وحدها، وتترك هذه الأماكن وتقسم ليبيا وتمزق.
مصطفى بن حليم:
(13/70)
يا سيدي الفاضل لما السيد إدريس أو الأمير إدريس أعلن إن هذا استقلال برقة مؤقتا إلى أن تنضم لها طرابلس إذا كانت تمكنت، قامت مظاهرات ويقولوا:(الوحدة قبل استقلال برقة) في بنغازي نفسها، واللي قام بهيا جمعية عمر المختار وغيرهم فكان فيه مخاض، مخاض والإنجليز يلعبوا، الإنجليز والفرنسيين يرغبوا أن يكون ما في ليبيا عبارة عن اتحاد فضفاض، نظام فيدرالي فضفاض علي الاخر.
أحمد منصور:
يتيح لهم أن يعني تكون لهم الكلمة العليا في البلاد.
مصطفى بن حليم:
جاي لك في الكلام، جاي لك في الكلام، لما سئل(موريس شومان) وزير خارجية فرنسا في البرلمان الفرنسي.
أحمد منصور:
متى؟
مصطفى بن حليم:
عندي في مذكراتي مكتوب تاريخها ومكتوب التصريح نفسه، قالوا له: كيف توافق على استقلال ليبيا وضمها لفزان؟ هذا الشعب اللي يهمنا، كيف توافق عليها، واحنا عندنا مصالح جوهرية في فزان؟ تعرف رد عليهم قال إيش؟ قال لهم: احنا ما وافقنا على الاستقلال الليبي إلا على شرط أن يكون في نظام اتحادي فضفاض حتى يمكنا أن نزاول نفوذنا في فزان، ونحافظ على مصالحنا فيها.
أحمد منصور:
الأمير إدريس كان مغيب عن كل هذه الأمور؟
مصطفى بن حليم:
ما كان مغيب، ولكن الأمير إدريس -كيف ما شرحت لك- كان يبغي أنه يأخذ أولا استقلال برقة، وبعدين مش استقلال برقة، لا، ها الكينونة البرقاوية الداخلية وضم الباقين معها داخل الاتحاد هنا فيه حاجتين..
أحمد منصور:
أنا لاحظت أني -عفوا- وأنا أطالع في المصادر التاريخية أن دي كانت غايبة خالص عن الأمير إدريس، وكانت نظرته محدودة بما يخطط له البريطانيون، وهو عملية استقلال برقة وحدها استقلال شكلي أيضا، وليس استقلال حقيقي..
مصطفى بن حليم :
يا أخ أحمد، اتفقت الأهداف بدون ما تتفق الأسباب.
أحمد منصور:
كيف؟
مصطفى بن حليم:
(13/71)
يعني البريطانيين كانوا بدهم اتحاد فضفاض، والسيد إدريس كان بده اتحاد فضفاض، البريطانيين والفرنسيين كانوا بدهم اتحاد فضفاض حتى يمكنهم الاستعانة بهذه الفرقة بينهم حتى يفرضوا شروطهم، ويفرضوا مصالحهم، السيد إدريس كان يرى -وشرحت لك- الحساسية اللي كانت عنده من ناحية طرابلس كان بده يضمن برقة، والتانية لما تيجي مرحبا بيها، مش ضد استقلال طرابلس، يعني صعب كتير جدا الواحد يحدد الفكرة هذي، اتفقت الأهداف بدون ما تتفق الأسباب.
أحمد منصور:
في يوليو 49 ولدت إمارة برقة...
مصطفى بن حليم:
46؟
أحمد منصور:
49.. ولدت إمارة برقة، بعد كل هذه الأمور، شكلت أول حكومة برقاوية، وكان النفوذ البريطاني فيها واضحا بشكل كبير، ولم تكن حكومة مستقلة، وإنما كان كل وزارة لها مستشار بريطاني، علاوة طبعا على الدفاع وعلى الخارجية، ما هو شكل هذا الاستقلال وشكل هذه الحكومة؟ خاصة وأنك شاركت في الحكومة التالية لها؟
مصطفى بن حليم:
في الحكومة التالية شاركت، وبدت العداوة بيني وبين البريطانيين من أيامها، لأني كنت جاي بآراء متحررة، وما كنت أنا راضي بها الوضع هذا، وأقول لك شيء، لما دعاني الأمير إدريس جئت مجاملة حتى أقول له: والله أنا مرتاح وكذا، وخليني بعدين.
أحمد منصور:
كيف دعيت؟ من الذي..؟ أنت كنت في ذلك الوقت تعمل في شركة إيجيكو في الإسكندرية وكنت مستقرا كمهندس ناجح في عملك.
مصطفى بن حليم:
أعمال كبيرة تحت مني ومهندسين أقدم مني تحت مني، ومبسوط 24 قيراط، فجاني أحد أقاربنا من الجماعة السنوسيين يعني..
أحمد منصور:
إلى ذلك الوقت لم تكن عشت في ليبيا قط؟!
مصطفى بن حليم:
لا، كنا نزور ليبيا، كنا نزور ليبيا.
أحمد منصور:
لكنك ولدت وعشت ونشأت وترعرعت في الإسكندرية.
مصطفى بن حليم:
(13/72)
في الإسكندرية، بس كنا نزور ليبيا تقريبا كل سنة إما الصحراء الغربية إما ليبيا، طبعا في ليبيا كنا تحت رقابة إيطالية شاعرين بيها رقابه أيطالية، كويس, أنا لما كنت بدي... شو دخلني في ها الإشكال هذا؟ خصوصا أن هذا الاستقلال استقلال ناقص، فجيت حتى إني أعتذر، لما مريت في دارنا اجتمعت في إبراهيم أسطى عمر، اللي حكيت لك عنه، وقلت له: يا إبراهيم أنا جاي و الله محتار.. قال: لا تخطئ، لا تخطئ هذا الخطأ، اشترك، وحاول أن تعمل من الداخل وتنصح الأمير، ونعتمد عليك، ونعاونك في هذا.
أحمد منصور:
كلهم يقولون ذلك.
مصطفى بن حليم:
هذا اللي حدث، شوف إبراهيم أسطى عمر حتى أعداء ليبيا لم يمسوه بشعرة واحدة في وطنيته، وطنية من الدرجة الأولى، وكان متطوع في الجيش السنوسي، وكان رجل رجل يعني راهب تقريبا.
أحمد منصور:
حسن النوايا تكفي في العمل السياسي؟
مصطفى بن حليم:
لا، كان رجل مثقف ثقافة كبرى، وله كتب، وله شعر.
أحمد منصور:
لا أقصد الرجل، أنا أقصد الشكل المطلق.
مصطفى بن حليم:
استناني بس.. إبراهيم أسطى عمر له شعر في عمر باشا منصور مسح به الأرض، لأنه تعاون مع الإنجليز، فاحنا أمامنا أشكال، بلدنا على وشك الاستقلال بطريقة غلط، نتركها تمشي أو نحاول أن نعدل الأمور؟
أحمد منصور:
بس أنت إلى ذلك الوقت لم يكن لك أي دور سياسي مسبق لعبته.
مصطفى بن حليم:
إلى إمتى؟
أحمد منصور:
لحد 1950، أنت دخلت في حكومة الساقذلي في (5 يونيو 1950م).. قبل 5 يونيو 1950
مصطفى بن حليم:
كنت أتتبع أخبار ليبيا.
أحمد منصور:
لكن لم يكن لك أي نشاط سياسي؟
مصطفى بن حليم:
لا، أبدا، ما كان عندي نشاط، وما كان عندي يعني رغبة في أن أرجع لليبيا.
أحمد منصور:
وأيضا لم تشكل أي موقف إزاء الأحداث التي تمر بها ليبيا.
مصطفى بن حليم:
حكيت لك، وقلت أنا كنت أرى أن الخطأ الكبير هو أن نسير مع برقة في استقلال، وننسى الوحدة.
أحمد منصور:
(13/73)
أنت كنت من أنصار الوحدة قبل الاستقلال.
مصطفى بن حليم:
طبعا وترى في مذكراتي كيف جاهدت، وحاولت أنسف النظام الاتحادي وأدخل نظام وحدوي، النظام الاتحادي كان هدية سيئة من الإنجليز حتى نظل دائما محتاجين لمعونة منهم.
أحمد منصور:
أما يعتبر تناقضا في مواقفك السياسية أنك ترفض الحكومة القائمة تحت الوصاية البريطانية بل وتحت الاحتلال البريطاني وتشارك فيها، وتصبح جزءا من اللعبة السياسية القائمة؟
مصطفى بن حليم:
لا أعتقد فيه أي تضارب، إما أن تعمل من الخارج كمعارض أو تعمل من الداخل.
أحمد منصور:
أنت لست نادما على انضمامك لحكومة الساقذلي في 5 يونيو 1950 وهي حكومة تحت الوصاية البريطانية؟
مصطفى بن حليم:
إطلاقا، إطلاقا، إطلاقا، إطلاقا, أنا لو أقول لك إيش اللي تم بيني وبين الإنجليز في السنة الأولى تشعر بأنني..
أحمد منصور:
سنعرف هذا بشكل من أشكال التفصيل، ولكن الآن نحن في نقطة البداية، عمرك ربما كنت في الثلاثين.
مصطفى بن حليم:
29
أحمد منصور:
29 عاما، عرضت عليك الوزارة صغير السن، ليس لك أي خبرة سياسة مسبقة لم تشارك بشكل مباشر في العمل السياسي، كل هذه الأشياء كانت حاضرة في ذهنك، وأنت بيعرض عليك أن تتولى الوزارة؟
مصطفى بن حليم:
أنا لما قابلت الأمير إدريس ما قال لي إنه سيعيني وزير.
أحمد منصور:
وما كنت تعرف لماذا استدعاك من مصر؟
مصطفى بن حليم:
أقول لك: استدعاني من مصر، لأنه يود أن أعاونه، وأقول لك إيش صار بين الأمير إدريس وبيني؟
أحمد منصور:
كان لك علاقة سابقة بالملك إدريس؟
مصطفى بن حليم:
(13/74)
طبعا، ذكرتها، وكانت علاقة عائلية كذلك، جيت إلى بنغازي، وقابلت الأمير إدريس قال لي: يا مصطفى أنت زمان كنت بدك تتطوع في الجيش، وأنا أرسلتك مع (إبراهيم الشلحي) أنك تكمل دراستك، الآن جاء عليك الدور يا بني أنا بابني دولة ما أستطيع أبنيها لوحدي، وأنا أنت شايف في بلادنا ما فيه ناس متعلمين في بلادنا،وما فيه كذا وأنا أودك أنت مهندس، وعندنا خراب هنا في البلد، بدي أنك تيجي تساعدني فيها، أنا لو كان في يدي سلاح لرميته ساعتها الرجل أمير البلد يقول لي إنه في حاجة لي، وإن فيه خراب في البلد، بدي أساعد في بنائه، أنا لا أستطيع أن أرفض.
أحمد منصور:
أمير دولة يسيرها البريطانيين.
مصطفى بن حليم:
مؤقتًا خطوة خطوة، خطوة خطوة، سياسة الأمير إدريس والملك إدريس بعدين كانت خذ وطالب ونجحت ووصلت إلى استقلال تام، نفس الخطة اللي كان بيتبعها بورقيبة مع الفرنسيين، ربما كان عنده أخطاء داخلية، لكن هذه الخطط نجحت.
أحمد منصور:
استقلال عسكري فقط ربما أصبح استقلال عسكري فقط .
مصطفى بن حليم:
استناني بس, بعدين لما صار استقلال ليبيا..
أحمد منصور:
لا.. أنا لسه هنا والأمير يبكلمك وبيعرض عليك عملية الإصلاح.
مصطفى بن حليم:
والله ما كنت عارف، صدقني، ما كنت عارف هيعيني وكيل وزارة أو مدير عام جاني، فقلت: حاضر، أعطني شهر حتى أصفي أعمالي.. لما رجعت، وشركة إيجيكو كانت أكبر شركة في مصر، رئيس مجلس إدارتها كان خال الملك.
أحمد منصور:
أعتقد أممت بعد ذلك ولا زال اسمها موجود؟
مصطفى بن حليم:
طبعا، طبعا، لما كلمت المدير العام قال: أنت مجنون، إيش شروطك إيش بدك؟
ما في شروط، ما باتركك؟ لأنه كذا كذا، وعلى أي حال أنا سأحاول إيجاد أحد زملائي ليحل محلي، أنا كنت ماسك أهم مشروع في الشركة.
أحمد منصور:
اللي هو كان ؟
مصطفى بن حليم:
أرصفة الركاب
أحمد منصور:
لميناء الاسكندرية
مصطفي بن حليم :
(13/75)
ميناء الاسكندرية.. أرصفة الركاب حتى تتراكي عليها عابرات المحيطات.
أحمد منصور:
اللي هي لا زالت موجودة الى الآن.
مصطفى بن حليم:
لا زالت، اللي بنوا عليها محطة الركاب في نفس الوقت، كنت ماسك المكتب الفني، كل الخوازيق، مش خوازيق بالمعني التاني بس خوازيق يعني مثلا مثلا المجمع اللي في القاهرة (خوازيقه) كانت من عندنا من المكتب الفني وهكذا.
أحمد منصور:
مجمع التحرير تقصد؟
مصطفى بن حليم:
تمام، فيعني كنت مشغول باستمرار ومبسوط، ومرتب عالي.
أحمد منصور:
كنت بتاخد كام أيامها معليش؟
مصطفى بن حليم:
كنت آخذ مرتب أساسي 50 جنيه.
أحمد منصور:
خمسة جنيه؟
مصطفى بن حليم:
خمسين جنيه
أحمد منصور
خمسين جنيه, ومع البدلات
مصطفي بن حليم
مع البدلات وسيارة، وكنت باحوش منهم.
أحمد منصور:
49؟
مصطفى بن حليم:
لا، حوالي خمسة وعشرين على الأقل، فيعني الناحية المادية وكذا، وأهم حاجة أن تشعر براحة، أو العمل اللي بتعمله بيعطيلك نوع من الراحة، ونوع من الرضا الداخلي على أي حال، وقلت له حاضر، وجئت لأحد زملائي -الله يرحمه إذا كان ميت، والله يمسيه بالخير إن كان حي- (محمد ثابت) زميلي قلت له: يا محمد أنابدي أترك.. قال مش معقول.. قلت له: شوف إنا هجيبلك نفس المرتب هذا -طبعا كان ضعف مرتبه اللي بياخده من الشركة التانية.. وجبته وسلمته كل شيء، وكذلك اللي ساعدني كذلك كثير (خطاب بيه محمد) اللي ورد ذكره، الرجل المسلم، والمهندس الكبير كان هو كبير مهندسي..
أحمد منصور:
في الشركة؟
مصطفى بن حليم:
لا، كبير مهندسي الموانئ والميناء وبعدين أصبح.. هو كذلك ساعد، وتركت ورجعت إلى ليبيا.
أحمد منصور:
حينما رجعت إلى ليبيا لم تكن تعرف أنك ستعين وزيرا في الحكومة؟
مصطفى بن حليم:
صدر مرسوم، وقرأته كما قرأه الناس التانية.
أحمد منصور:
يعني أنت عرفت أنك أصبحت وزير من المرسوم؟
مصطفى بن حليم:
نعم
أحمد منصور:
(13/76)
لكن كنت مهيئا لأنك تقوم بدور ما؟
مصطفى بن حليم:
طبعا، أنا جاي عشان إيش؟ جاي عشان أشتغل.
أحمد منصور:
والآن دورك هو أنك..
مصطفى بن حليم:
ما كان لي دور سياسي يا أخ أحمد.. ما كان لي دور سياسي.
أحمد منصور:
ما أنا باتكلم أنك في حكومة الساقذلي اللي هي في 5 يونيو 1950 كنت وزيرا للأشغال العامة والمواصلات، دورك كان واضح بالنسبة لك في بلد قفر صحراء محتلة؟
مصطفى بن حليم:
شوف يا سيدي، كان بنغازي مية الشرب حمرة.
أحمد منصور:
حمرة من إيه؟
مصطفى بن حليم:
من التراب اللي فيها.
أحمد منصور:
من البحر واللا من الأرض؟
مصطفى بن حليم:
لا لا.. من الأرض، كان الكهرباء Zoning مناطق، منطقة، ومنطقة كل شيء، التليفونات مانيفلة كل أربعة في كذا.. يا حاج عمر.
أحمد منصور:
الدنيا كلها كان منفلة.
مصطفى بن حليم:
لا، الطليان كان عندهم أوتوماتيك.
أحمد منصور:
وأنت حتقارن ليبيا بإيطاليا؟
مصطفى بن حليم:
في ليبيا نفسها، شيء مهما وصفت لا يمكن أن تتصور، طبرق كانت مدمرة 100% ما عدا مبنيين أو 3 بنغازي كانت 60% مصابة، فالحق الإنجليز ساعدونا، كان فيه مجموعة من مهندسين ممتازين.
أحمد منصور:
ساعدوكم في إعادة البناء؟
مصطفي بن حليم:
نعم ؟!
أحمد منصور:
ساعدوكم في إعادة البناء
مصطفي بن حليم :
ساعدونا في إعادة البناء.. وساعدونا
أحمد منصور:
أنا طبعا بشكل تفصيلي هآخذ دور البريطانيين، لكن الآن -أيضا- أريدك أن توصف البنية الأساسية في ليبيا في 1950 والتي انت كلفت, وزارتك هي الوزارة المسؤولة؟
مصطفى بن حليم:
يا أخ أحمد ما كان فيه شيء، مش احسن أقولك.. ما كان فيه شيء, كان كل شيء لابد يبدأ من جديد.
أحمد منصور:
كان فيه أي طرق مرصوفة؟
مصطفى بن حليم:
(13/77)
كان فيه طرق مرصوفة أيوه بس كان فيه، اكتشفت توجيه من وزارة الخارجية البريطانية عندما كانت إدارة عسكرية إلى المسؤول عن الأشغال كان General Brigidair كان يشتغل تحت مني، بعدم إصلاح أيها طريق غربي أجدابيا، أجدابي 170 كيلو متر من بنغازي، وتعرف معنى هذا.
أحمد منصور:
لا، أنا أريدك توضح لنا معنى هذا؟
مصطفى بن حليم:
معناه قطع الصلة بين طرابلس وبرقة، واضحة، فجيت أنا وكان الاتفاق بين الأمير إدريس والإنجليز أن هم يغطوا العجز، فأنا بديت..
أحمد منصور:
يعني هنا برضه أريد توضيح نقطة أو استيضاح نقطة معينة، كل وزير ليبي معاه واحد بمثابة وزير بريطاني معه في نفس الوزارة.
مصطفى بن حليم:
يا سيدي أنا بجيلك في النقطة هذه.
أحمد منصور:
أنت كان معك واحد بريطاني.
مصطفى بن حليم:
لا لا بس أنا أجي لك للنقطة هذه، أنا جاي من مصر بآراء استقلالية شوية و..
أحمد منصور:
وشباب لسه.
مصطفى بن حليم:
وشباب لسه، جيت وكان (حسين بلعون) أخو عبد الله بلعون اللي ذكرته كان هو مدير مكتبي، واللي كان قبلي مني وزير أشغال ومواصلات -الله يرحمه- السيد (علي أسعد الجربي) راجل لطيف مؤدب، وكانت فيه طبقة في ليبيا الجماعة اللي اشتغلوا تحت الطليان، كانوا يخافوا من الغرب (ظهرهم هذا ما هو واقف)، فقلت له أول مرة: طيب كيف علي بك يتصل (بالبريغدير وود) Brigidair Wood قال لي: والله كان يطلع له.. قلت له: إيه؟ كان يطلع له؟ لا يا عمي.. تقول له: يجيني بكرة الصبح الساعة كذا كذا، معاه في كذا [الملفات] كذا كذا. وعشان Brigidair كان وشه مقلوب شوية بديت أنا..
أحمد منصور:
هذا كان بداية تعاملك مع البريطانيين؟
مصطفى بن حليم:
آه تعاملي مع البريطانيين، أنا بأقول لك الآن إيش اللي فرقع المسألة، وبدأوا يقولوا عني The little Egyptian..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(13/78)
دي سنبدأ فيها ابتداء من الحلقة القادمة، طبيعة علاقتك بالبريطانيين، وتأزم هذه العلاقة من بداية توليك الوزارة(13/79)
الحلقة3(13/80)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
مصطفى أحمد بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق
تاريخ الحلقة
12/08/2000
مصطفى بن حليم، رئيس وزراء ليبيا الأسبق - الحلقة 3
أحمد منصور
مصطفى بن حليم
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(مصطفي أحمد بن حليم) رئيس وزراء ليبيا الأسبق مرحبا سيد بن حليم.
مصطفي بن حليم:
مرحبا بك.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند توليك وزارة الأشغال العامة والمواصلات في العام 1950 في حكومة (محمد الساقذلي)، وبداية تعاملك مع البريطانيين أو مع المستشار البريطاني الذي كان موجودا في الوزارة، والذي كان هناك مستشار بريطاني في كل وزارة في ذلك الوقت، كيف بدأت علاقتك بالبريطانيين؟
مصطفي بن حليم:
في الواقع لم يكن هناك مستشار في وزارة الأشغال والمواصلات، كان أدهى من هذا كان فيه في وزارة الأشغال العامة المدير العام جنرال من سلاح المهندسين، ويليه 3 عقداء برضو مهندسين.
أحمد منصور:
بريطانيين.
مصطفي بن حليم:
ويليهم 3 ثانيين رتبة أقل.
أحمد منصور:
يعني الليبيين رقم كم كده إذا في ليبي؟
مصطفي بن حليم:
ما كان فيه ليبيين.
أحمد منصور:
فقط الوزير صورة يعني؟
طيب كيف أنت كنت تدير وزارة البريطانيين هم كل شيء فيها؟
مصطفي بن حليم:
جاي لك جاي لك، بس اصبر علىَّ شوية، فجيت وكانوا مُتعودين على أن وزير الأشغال العامة والمواصلات يطلع للبريغدير Brigidair ويقول له والله أنا بدي كذا وكذا وإذا تسمح كده. وأنا طبعًا جاي من مصر وآرائي يعني شوية متحررة، قلت لهم: لا لا.. جيبوه لي هنا.
وابتدأت العلاقة مهنيا كانت ماشية كويس بس العلاقة بدأت مشدودة، هذا الجاي شاب صغير وهو جنرال في سلاح المهندسين فكيف يتلقى أوامر منه؟ في نفس الوقت..
أحمد منصور:
هل قبلها الجنرال في أول مرة؟
مصطفي بن حليم:
(13/81)
طبعا قبلها غصبا عنه.
أحمد منصور:
ما الذي يغصبه على قبولها؟
مصطفي بن حليم:
هلا باجي لك، بعدين في الآخر نقلته، فورته.. الخلاف بدا من وين؟ الحكومة البريطانية كانت متعهدة بتسديد العجز في الميزانية، أي عجز!! طيب أنا جئت وزير أشغال عامة ومواصلات، وبلد خربة من كل.. يعني مهما أقول لك أحسن شيء أنك تطلع على تقارير هيئة الأمم المتحدة اللي كانت هناك، شيء ما فيه شيء. بدي أنا أصلح طرق، بدي أبني مدارس، بدي محطة كهرباء..بدي مياه
أحمد منصور:
يعني ما فيش بنية أساسية.
مصطفي بن حليم:
ما فيش بنية أساسية، هذا كله لا بده تكاليف، فالعجز في الميزانية اللي كان السنوات السابقة، السنة السابقة مليون أصبح حوالي 3 مليون، فقامت قيامة المستشار المالي، المستشار المالي هذا تعرفت به أول مرة في ثاني مجلس وزراء أو ثالث مجلس وزراء بحضره برئاسة السيد محمد الساقذلي، جيت وكان الاجتماع بالليل يعني بالمغرب هيك، فجيت، ووجدت الكرسي اللي على يمين رئيس الحكومة فاضي، وأنا باجلس مع 2 من عمري (حسين مازق وعبد القادر العلام) والاثنين أصدقاء لي، فوجدت بعدين بعد شوية دخل واحد طويل ووجهه أحمر وبلبس نظارات سود.
أحمد منصور:
أول مرة تشوفه؟
مصطفي بن حليم:
أول مرة أول مرة أشوفه، وجاء، ودفس الشنطة بتاعته قدام وجلس.
أحمد منصور:
جنب رئيس الحكومة .
مصطفي بن حليم:
جنب رئيس الحكومة، بعدين بص لقى وجه جديد -اللي هو وجهي- فقال له: محمد بيه، من ها الزول [الرجل]؟ وشاور علي.
أحمد منصور:
باللغة العربية كده.
مصطفي بن حليم:
هو من السودان، هو جاي من السودان، قال له: والله هذا مصطفي بن حليم هذا عينه مولانا الأمير وكذا، أنا تضايقت، شو ها (الزول) هذا؟ قلت له..
أحمد منصور:
الزول دي حاجة كبيرة في السودان.
مصطفي بن حليم:
(13/82)
لكن أنا ما عجبتني، قلت له: محمد بيه بالله عليك مين الخواجة هذا؟ قال: أنا متأسف ما قدمتكم، هذا المستشار المالي، بس ساعتها نوع الاحترام اللي موجود ابتدا ينشرخ، وبدينا الاجتماعات.
أحمد منصور:
إيه وظيفة المستشار المالي البريطاني؟
مصطفي بن حليم:
المستشار المالي البريطاني هو الآمر.
أحمد منصور:
يعني هو الحاكم؟
مصطفي بن حليم:
من الناحية المالية هو الحاكم، بس رئيس الحكومة لما وجد أن يعني الجلسة مش الجلسة هذي، فيه جلسة بعد منها كم جلسة تانية وجد إنه طلباتي أنا أكثر كثير مما يقبله البريطانيين، اقترح أن نعمل لجنة من وزير المالية، وكان رجل ممتاز محمد بو دجاجة الله يرحمه، وأنا..
أحمد منصور:
وزير مالية إيه وأنتو ما حيلتكوش حاجة؟
مصطفي بن حليم:
والله هذا اللي الموجود، نبدأ من لا شيء، ونطلع واحدة واحدة، كويس. وأذكر كان اجتماع خاص، وقال: ها الميزانية مش ممكن لا بد أن تقصوا 25%.. كلام فج، لما إنت بدك تعمل توفيرات في الميزانية ما توفر 25 من كل بند، في بنود لا يمكن أن تمسها مثل مرتبات الموظفين، في بنود يمكن أن تشكلها على كم سنة، فأنا قلت له كمان طولك هذا نقصه 25%، فابتدا يضحك، وزال ها الاحترام اللي كان، ونستغرب -يا أخ أحمد- بدت بينا صداقة، واقترح أن نذهب إلى لندن.
أحمد منصور:
لم تخبرنا عن اسمه.
مصطفي بن حليم:
عن مين؟
أحمد منصور:
المستشار المالي البريطاني ما اسمه؟
مصطفي بن حليم:
اسمه مستر كلارك، بعدين جا اقتراح من رئيس الحكومة أن نذهب إلى مكتب الخارجية اللي مهتم بشؤون المستعمرات الإيطالية، وذهبت أنا ومحمد بو دجاجة.
أحمد منصور:
دي في زيارتك الأولى إلى لندن.
مصطفي بن حليم:
أول مرة.
أحمد منصور:
في يناير 1951.
مصطفي بن حليم:
أيوه، بالضبط، وكان معانا (محمد عبد الكافي السمين) اللي هو كان مدير الجمارك كسكرتير معانا. وكانت اجتماعات صاخبة.
أحمد منصور:
بينكم وبين؟
(13/83)
مصطفي بن حليم:
بين جنرال (لوس) اللي هو كان كبير المكتب هذا، وكان معاه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما كنتوش حاسين أنكو رايحين تتسولوا من البريطانيين؟
مصطفي بن حليم:
يا سيدي سمها ما تسمي، احنا الآن بدينا بداية سيئة، لكن بدينا نحسن فيها تدريجيا، أحد أمرين: إما أنك إنت تقبل تأخذ الموجود، وتحسنه خطوة خطوة، وإلا تقول: لا.. سياسة الملك (إدريس) هو خذ وطالب، ونجحت كما سترى في كلامنا ده، وصارت إلى أننا وصلنا إلى استقلال تام قبل قيام الانقلاب، كان استقلالنا تام ولكن كان فيه مستشارين من أذكى ما يمكن، واحد منهم كان سير (آرثردين)، هذا كان كبير مهندسي حكومة الهند أيام ما كانت حكومة واحدة في الهند كلها، تصور كبير مهندسي حكومة الهند، واحد تاني (جون بايك) كان هو المستشار المالي لحكومة ملايو..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا عايز أسألك هنا سؤال مهم: إنت مهندس professional لم يكن لك علاقة بالسياسة، مهني، حياتك كلها في مهنتك، فجأة في يوم وليلة وجدت نفسك في معمعة السياسة والمفاوضات مع البريطانيين والنقاش معهم... شعورك كان إيه في ذلك الوقت؟ قدرتك إيه على التفاوض مع ناس سياسيين يحكمو الإمبراطورية التي تملك العالم؟
مصطفي بن حليم:
بالعكس، بالعكس بالعكس بالعكس، تدريبي كمهندس يجعلني أستعمل المنطق، ويجعلني عملي (برغماتست) وما كان أي عائق لي، بالعكس نجحت في كثير من المواقع، طبعا في مواقع تانية فشلت فيها، فصارت مفاوضات طويلة، وإذ بينا نفاجأ بقنبلة.
أحمد منصور:
ما هي؟
مصطفي بن حليم:
نرجع شوية، محمد الساقذلي -الله يرحمه- كان راجل في منتهى النزاهة ومنتهى الوطنية، ولكن من النوع الذي يؤمن بقوة البريطانيين، ويؤمن بالسيادة لهم، ويخشاهم.
أحمد منصور:
دي كان لها تأثير أكيد على حكومته، وعلى سياستها معاهم؟
مصطفي بن حليم:
(13/84)
طبعا، ما فيه شك، فأرسلنا برقية، ما كان عندنا سفارة طبعًا ما كنا مستقلين، بعثنا برقية مفتوحة.
أحمد منصور:
أنتم جزء من الدولة البريطانية.
مصطفي بن حليم:
بعث لنا برقية مفتوحة يقول فيها: أنا بعثتكم للتفاوض معهم وللاتفاق، ما بعثتكم حتى تشاكسوا هناك، تصور الدش هذا اللي... على أي حال لملمنا أمورنا، ووصلنا مع سير آرثردين اللي كان قلت لك إنه مهندس بارز أن يوافقوا على طلباتنا بالقدر اللي ممكن الاقتصاد البرقاوي يستوعبه.
أحمد منصور:
أهم كانت طلباتكم إيه في تلك الفترة؟
مصطفي بن حليم:
محطة كهرباء، خط المياه، ميزانية للمدارس، كانوا محتلين أكبر مستشفى عندنا وحيجي الحديث عنه فيما بعد، يعني المسائل الأساسية الضرورية على الآخر، قال احنا نوافق. وأنا كانت وجهة نظري يا جماعة احنا حلفاؤكم، واحنا حاربنا معكم على أنكم تساعدونا على الاستقلال إيش اللي قدامنا الآن؟
اللي قدامنا فقر، إيش الحكي هذا؟ بعدين بلدنا خربت بالحروب اللي إنتم أقمتوها، طيب ما أتى الوقت إنكم تساعدونا في إعادة بناء وطننا؟ هذا وكان (محمد بو دجاجة) كذلك وطني من الدرجة الأولى، توصلنا إلى ها الاتفاق اللي كذا، وأخذنا منهم بعض المشروعات، وافقوا على بعض المشروعات، وحاجات وزعت على أكثر من سنة، وابتدينا في تنفيذ هذا.
أحمد منصور:
هذه الزيارة وثقت علاقتك بالبريطانيين؟
مصطفي بن حليم:
بالعكس..بالعكس
أحمد منصور:
كيف؟
مصطفي بن حليم:
يعني جعلتني أرى أنهم ما بينفذوا ما وعدوا به، وعدونا من الأول إن احنا سنساعدكم وسنبني كذا كذا، واللي توصلنا عليه توصلنا عليه كخلع الضروس.
أحمد منصور:
في 24 ديسمبر 1951 أعلن استقلال ليبيا، وتم قيام الدستور الليبي بعد ذلك، ما هو شكل الاستقلال هذا الذي أعلن في 51؟
مصطفى بن حليم:
سيدي كان استقلال ناقص، خلينا نسمي الأشياء بأساميها.
أحمد منصور:
كيف؟ يعني إيه صورة الاستقلال الناقص؟
مصطفي بن حليم:
(13/85)
بالله عليك دولة تقيم استقلالها، ولا تمتلك المال اللازم لتدفع لموظفيها، ما كان عندنا إيراد، الميزانية الأولى - يا أخ أحمد.
أحمد منصور:
البركة في البريطانيين.
مصطفي بن حليم:
الميزانية الأولى اللي قامت في ليبيا، طبعا الميزانية لازم تكون إيراداتها أيش؟، فكان محمود المنتصر -الله يرحمه- كان رجل وطني كذلك، بس ظروفه من أصعب ما يمكن.
أحمد منصور:
محمود المنتصر هو أول رئيس للحكومة الليبية بعد الاستقلال.
مصطفي بن حليم:
أول رئيس حكومة، نعم، ما بيعرف أديش حيأخذ من الإنجليز إيرادت جمارك، ما فيه إيرادات.
أحمد منصور:
على أي أساس مُنحتو الاستقلال؟
مصطفي بن حليم:
تنافس ما بين الدول وصل إلى أن نعطيهم استقلال ونخلص منهم، بس كمان أكثر من هيك، منحنا الاستقلال على نظام فيدرالي فضفاض. النظام الفيدرالي هذا يستدعي إيش؟ مجلس وزراء اتحادي، مجلس الشيوخ، مجلس النواب، والي في كل ولاية، مجلس تنفيذي في كل ولاية، مجلس تشريعي في كل ولاية، اجمعهم هادول، بعدين الصلاحيات، بدك مجموعة من القانونيين حتى كان واضح من هذا أنه فيه غرضين لهذا..
أحمد منصور:
ما هما؟
مصطفي بن حليم:
الغرض الأولاني أن تظل ليبيا دائما في حاجة، تمد يدها إلى الغرب، والغرض الثاني أن يكون لهم إمكانية التفاهم مع الولايات مباشرة، وطبعا حكومة موحدة لليبيا غير حكومات إقليمية، وهذا السبب اللي لما توليت رئاسة الحكومة حاربت هذا النظام بكل ما أوتيت من قوة.
أحمد منصور:
قبل أن نأتي إلى هذا الدستور الليبي الذي أعلن في أعقاب الاستقلال هل كان دستور؟
مصطفي بن حليم:
دستور ليبي.. آه، الدستور الليبي كان من أحدث الدساتير، وتم عن طريق جمعية تأسيسية ليبية وبنصائح من هيئة الأمم المتحدة، وكان فيها -حتى- عمر لطفي مستشار مصري مشهور.
أحمد منصور:
واضح أن القانونيين المصريين لعبوا دور في الحياة السياسية في ليبيا في ذلك الوقت أو الحياة القانونية؟
(13/86)