لما حصل إنه ما اترفضش، وهنا برضه بدي أقول حاجة: إن السعودية وقتها قالت ده بيضر الأمن بتاعي، خاصة بعد انسحاب الإنجليز من اليمن الجنوبية، وخاصة بعدما كان فيه اتفاق اسمه اتفاق (حرد) بين الملك فيصل والرئيس عبد الناصر، وكان بيضع توقيتات لانسحاب الجيش المصري من اليمن، لأن لما الإنجليز خرجوا من اليمن الجنوبية، المصريين ما خرجوش من اليمن الشمالية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سنة 1968م.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وده اعتبر إنه تهديد لأمن السعودية، وهنا عبد الناصر لُفِت نظره إلى هذا، والسعودية ابتدت بقى المؤتمر الإسلامي اللي هي بترد بيه على دعوة الدول الإسلامية، اللي بترد بيه على الحركة بتاعتنا في مصر اللي اتعملت برضه دعوة الدول الإسلامية، السياسة فيها حاجات كثير، ولما نتكلم بصراحة وبتسألني وأنا التزمت إني أقول لك بصراحة، أهو الوقت فات وانتهى، لكن نستفيد منه في المستقبل.
أيوه اللي حصل إني طيب.. من 67م ابتدت السعودية وابتدت.. الملك حسين على وجه الخصوص في الأردن يوجهوا إلى عبد الناصر اتهامات بأنك إنت والله قاعد تتكلم ما بتعملش حاجة كل الكلام ده، اللي حصل بعد كده جات حرب 67م لما أغلق عبد الناصر خليج العقبة، وقبليها طرد قوات (اليونايتد نيشن) من سيناء..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/222)
إحنا كده دخلنا على 67م وأنا عايز أرجع الآن، بعدما ناقشت معاك بعض الأوضاع الخارجية في سنة 61م تقريبا أو 62م كلفت.. كان هناك امتداد أيضاً مصري أفريقي في ذلك الوقت، وأنت كُلفت من الرئيس عبد الناصر بعمل بعض المشروعات في (مالي)، ما هو تقييمك لهذا الامتداد المصري اللي بدأ الآن يتفرع إلى تدخل في اليمن، إلى امتداد في أفريقيا، إلى دعم لبعض حركات التحرر، وكانت قبلها القوات المصرية شاركت في (الكونغو) ضمن القوات الدولية سنة 60 – 61م، في هذه الفترة مصر أمامها حرب، أمامها مواجهة، أمامها عدو، ومع ذلك القيادة السياسية توزع الطاقة المصرية في اتجاهات مختلفة؟
د. مصطفى خليل:
العلاقات الـ.. بلاش المصرية، أنا أقول العربية – الأفريقية، من وجهة نظري، يجب أن تحظى باهتمام كبير جداً من الدول العربية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يلاحظ أنها ميتة في خلال السنوات الماضية، وإسرائيل استطاعت بعد (كامب ديفد) أن تعيد علاقتها بأكثر من 35 دولة أفريقية.
د. مصطفى خليل:
بالضبط.. بالضبط، أنا بقول: يعني إذا كان لي إني أقول للحكام العرب، مع كل احترامي لهم وتقديري لهم، ما تنسوش أفريقيا وعلاقتنا بأفريقيا مهمة جداً، الناس اللي بيلعبوا دور وحيد نشط، اللبنانيين نمرة واحد، والسوريين نمرة اثنين..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في الجانب التجاري أيضاً.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/223)
في المجال التجاري وكله، بتجد جاليات لبنانية، وفي بعض البلاد جاليات سورية كبيرة، طبيعة نشاطهم، وأفراد لهم طبعاً ..نشاطات كبيرة، فالواحد بيرحب بالأمور دي، ولكن لابد بقدر الإمكان إن الدول الأفريقية خارجة من استعمار، نهب ثرواتهم، وتجارتهم كلها في الخامات، ونستطيع مع.. أنا باقول: الدول العربية وضعها النهار ده أفضل كثير من الدول العربية من عشرين سنة. الدول العربية النهار ده عندهم شباب متعلم، يستطيع أن يعمل، ويبان أثر هذا العمل مش بس من النواحي الاقتصادية، ولكن من نواحي بدل ما يقولوا علينا دول نامية تأدباً، وهما عايزين يقولوا دول متأخرة اللي صفاتها ونعتها كده، ويقولوا دول العالم الثالث، طيب هل أنا أرضى إن يفضل تعريفي دولياً إني دولة من دول العالم الثالث؟
أحمد منصور:
أنا عايز أسألك هنا هل كان عبد الناصر لديه استراتيجية واضحة للامتداد في إفريقيا، أم أيضا كان يتعامل مع..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش.. شوف سيادتك.. عبد الناصر يعود له الفضل كل الفضل في تحرير كثير من الدول الأفريقية والعربية من الاستعمار، وإذا الواحد بيوازن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بالشعارات يا دكتور.. ولا.. بالشعارات أيضاً؟
د. مصطفى خليل:
لا، لا مش بالشعارات، شوف مواقف في الكونغو، شوف مواقف في مالي، شوف مواقف في الجزائر والثورة الجزائرية، وعقابنا 56م على تدخل عبد الناصر في الثورة الجزائرية، لا كل الأمور دي تحسب للرئيس عبد الناصر، ولابد إن إحنا نكون -يعني- نتكلم الحقيقية، والواقع اللي حصل، أفريقيا النهار ده داخلين على اتفاقيات (غات) اتفاقيات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إحنا لسه عفوا في الستينيات، يعني أنا أريد أن..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/224)
أنا باقول في المدى البعيد، يعني لما أكون في الستينيات وببص على التسعينيات والعالم بيتغير، والعالم بيتقدم بسرعة ولابد من اللحاق بيه، وواجب الدول العربية، وواجب مصر، وأنا باقول الدور اللي لعبه ماكانش دور استعماري، يعني إحنا ما رحناش مالي علشان مصر تستعمر مالي، أو تاخد ثرواتها، عبد الناصر وقتها طلع قانون أنا أصبحت مسؤول عن تنفيذ مشروعات مالي، فنفذت أني مشروعات؟ نفذنا لهم لوكاندة وطريق..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الفندق اللي عقد فيه مؤتمر القمة الأفريقية..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
فندق الصداقة.
أحمد منصور:
لازال موجود إلى الآن؟
د. مصطفى خليل:
موجود، وطريق، وخدت مثلاً، كان فيه معامل اختبارات أخدتها، والفورم اللي اتحطت كانت بسيطة جداً، لما قلنا طيب هنمول إزاي؟ فكان موجود معانا ناس متخصصين، أحسن طريقة نبعت لهم بضائع مصرية تتباع في مالي، ولما تتباع حصيلة البيع تتحط في صندوق خاص بتمويل هذا المشروع، جميع الـ.. ما كانش عندهم غير ست مهندسين، العمالة بتاعة الخرسانة المسلحة والطرق دربناها، معامل سبناها. كل الأمور اللي ممكن إنك تكون منها جهاز يستطيع أنه يستمر في تنفيذ مشروعات بعد كده، مش لي له، وإحنا دورنا مش دور استعماري على وجه الإطلاق، إحنا دور تعاون وإن أنا أكسب وهو يكسب.
أحمد منصور:
لكن لم يستمر هذا الامتداد، لأنه لم تكن هناك استراتيجية واضحة للامتداد المصري في أفريقيا بقدر ما كانت مشروعات.
د. مصطفى خليل:
(10/225)
شوف سيادتك.. أفريقيا وضعها طبعاً مختلف كل الاختلاف عن بلاد ثانية، أفريقيا الاستعمار الإنجليزي والفرنساوي مزقها تمزيق، الألماني كمان كان موجود لغاية الحرب العالمية الأولى، لما تنازلوا عن مستعمراتهم بعضها راح انجلترا، وبعضها راح فرنسا. لما تقرأ تاريخ التطور الاقتصادي للإنجليز أو الفرنساويين، تجد إن أهم فترة لدفع الاقتصاد الإنجليزي وتطوره في الثورة الصناعية اللي جات بعد كده كانت نتيجة لنهب ثروات أفريقيا.
أحمد منصور:
في عام 1966م قدمت استقالتك إلى الرئيس عبد الناصر بسبب ظروفك الصحية، في الحلقة القادمة نتناول حرب 67م وأثرها، وفاة الرئيس عبد الناصر في سبتمبر 1970م، تعيينك قبلها رئيساً لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، ونقيّم فترة أو تجربة عبد الناصر، وبداية عملك مع الرئيس السادات، وتوليك مسؤولية الاتحاد الاشتراكي وما حدث بعدها.
د. مصطفى خليل:
إن شاء الله.
أحمد منصور:
شكراً يا دكتور على ما أدليت به.
د. مصطفى خليل:
العفو.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(10/226)
الحلقة4(10/227)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:49(مكة المكرمة)،19:49(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
12/02/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).. مرحباً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلاً بيك.
أحمد منصور:
إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند بعض الأحداث الهامة ومنها حرب 67م، ولكن في عام 1966م وبعد أحد عشر عاماً من بقائك وزيراً ونائباً لرئيس الوزراء، تقدمت باستقالتك إلى لرئيس جمال عبد الناصر، ما هي الظروف التي قدمت فيها استقالتك؟
د. مصطفى خليل:
في الحقيقة كانت ظروف صحية 100%..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم أنك كنت شباب يعني.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
اللي حصل إن كنت بالقي كلمة في اجتماع موسع وماشعرتش إلا وأنا واقع على الأرض، فسافرت يعني الرئيس عبد الناصر.. رحت انجلترا قعدت شهر، دخلت المستشفى، ولما خرجت طبعاً رجعت مصر فبلغت الرياسة إن أنا مقدرش في أي تشكيل ثاني أكون موجود، يعني حقيقة مكنتش قادر إني أفوت في العملية دي مرة ثانية.
أحمد منصور:
قبل 67م وأثناء وجودك في السلطة في ذلك الوقت، وقعت أو حدثت بعض الأشياء الهامة، منها تشكيل الاتحاد الاشتراكي في أوائل الستينيات تقريباً، وتقريباً ربما بعد الانفصال بين مصر وسوريا، ما هي قصة نشأة الاتحاد الاشتراكي، والهدف الرئيسي من تكوين حزب واحد فقط في الدولة؟
د. مصطفى خليل:
اللي أستطيع أن أقوله: إن الرئيس عبد الناصر تأثر جداً بالرئيس (تيتو)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رئيس يوغسلافيا.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/228)
نعم، الرئيس تيتو كان بيدّي نموذج لنظام اشتراكي، لأنه كانوا بيسموه اشتراكي حتى في الاتحاد السوفييتي يسمى اشتراكي، ومستقل تماماً عن روسيا، أو لا يخضع لأي إملاءات تيجي له أو أي تدخل خارجي بالنسبة له، الرئيس عبد الناصر أيضا كان مهتم بالتنمية الاقتصادية في البلد، وكان بيرى في التنمية الاقتصادية عن طريق النظام الشبيه بنظام تيتو إنه ممكن تتعمل تنمية اقتصادية، وفي الفترة دي على ما أعتقد أو ما أتذكر جاء الميثاق الوطني.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
والميثاق لما بنقراه بنجد إن جزء كبير منه له صبغة اشتراكية يعني منقدرش نخفيها على وجه الإطلاق، الأحزاب الشيوعية اللي كانت موجودة في أوروبا، وزي حضرتك ما بتعلم أن أوروبا الغربية كانت مختلفة في الأحزاب الشيوعية بتاعتها، الواحد سفرياته بتيجي فرصة يقعد وياهم وكده.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية كلها كانت بتقبل النظام القائم على حرية الفرد وانتخابات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
النظام الرأسمالي الموجود.
د. مصطفى خليل:
نظام ديمقراطي، لأن عمر الاشتراكيين ما بيوافقوا على النظام الرأسمالي، حتى النهار ده في الصين مثلاً، وأنا رحت من 3 سنين، بيسموا النظام نظام السوق الاشتراكي يعني مبيعترفوش إطلاقاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بالنظام الرأسمالي.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
إنه نظام السوق لابد أنه يكون رأسمالي، لا ممكن يكون نظام السوق ولكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
اشتراكي في نفس الوقت.
د. مصطفى خليل:
اشتراكي، وناس كثير بتوافق على أن أيوه الاقتصاد يبقى نظام السوق مبني على الكلام ده، ولكن تحت إشراف الحكومة، وده اللي باعتقد إن إحنا فيه في المرحلة دي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في مصر؟
د. مصطفى خليل:
في مصر.
أحمد منصور:
الآن وليس في الستينات؟
د. مصطفى خليل:
(10/229)
الآن وليس قبل ذلك.. الحصل إن الرئيس عبد الناصر فات بتجربة قبل كده، بتجربتين اللي هو الاتحاد القومي كان قبليه، وهيئة التحرير كانت قبليه، الدور ده الاتحاد القومي كان بيجمع جميع.. نقدر نقول الشخصيات الموجودة في البلد، ولكن ماكانش له نظام سياسي اقتصادي، البرنامج السياسي الاقتصادي ابتدى في الاتحاد الاشتراكي في تكوين الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
أنت كنت أحد مؤسسي الاتحاد الاشتراكي؟!
د. مصطفى خليل:
لا، مقدرش أقول كنت أحد مؤسسي، إنما أنا كنت أحد اللي شاركوا في هذا النظام.
أحمد منصور:
في وضع النظام.
د. مصطفى خليل:
أيوه، النظام نفسه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان مين معاك يا دكتور عفواً؟
د. مصطفى خليل:
شوف بدي أقول حاجة، نظام الاتحاد الاشتراكي النموذج اللي اتاخد ماكانش النموذج السوفييتي، وإنما كان النموذج الصيني.
أحمد منصور:
الصيني!!
د. مصطفى خليل:
أيوه، والاتحاد الاشتراكي لما ابتدى.. ابتدى أيضا اللي كان موجود مع التأميمات اللي حصلت سنة 61م، وبعدين جا الميثاق الوطني، ولما تقرأ سيادتك الميثاق الوطني بتجد فيه إن دي اشتراكية علمية Once [بمجرد] إن أنت قلت اشتراكية علمية، هي بقى مفهوم الكلام ده إنه الشيوعية بيطلق عليها اشتراكية علمية.
المهم أن الكلمات في حد ذاتها مش مهمة، يعني ممكن أقول أي كلمة، المهم التطبيق اللي حصل بعد كده، التطبيق اللي حصل زي سيادتك ما أنت عارف اللي هو تحديد الملكية الزراعية، وخدت.. تطورت الأول من 100 فدان خُفِّض إلى 50 فدان الأسرة الواحدة حتى لما بيكون فيها عدد أفراد يجب ألا يزيد..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الملكية للمجموع.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/230)
الملكية فيها للفرد عن 50 وللأسرة عن 100، وده كان موجود وطبق فعلاً، يعني بلاد كثيرة عملت إصلاح زراعي قبلينا، آخذ مثل على كده اليابان، اليابان من ألف وثمانمائة وحاجة وتسعين طبقت نظام إصلاح زراعي، ولكن الحكومة دفعت تعويضات لملاك الأرض، الطبقة اللي كانت بتمتلك الأرض، هي اللي بعد كده دخلت مجال الصناعة، وابتدت تطور الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن تم تعويضهم بشكل مناسب.
د. مصطفى خليل:
إنما تم تعويضهم، ما هو ده اللي أنا باقوله..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن ده لم يحدث في مصر.
د. مصطفى خليل:
ما حدثش في مصر، أنا ما قولتش حدث..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني إذن هذا كان شيء من الظلم.. فيه اختلاف.
د. مصطفى خليل:
فيه اختلاف طبعاً لازم نبقى فاهمينه وبنقوله، لأنه واقع حصل، والواقع ده هوَّت، وأنا باقول هذا الكلام، لأن طبعاً اليابان تقدمت تقدم ضخم جداً بعد كده، إنما كانت الطبقة اللي هي مالكة للأرض هي اللي أصبحت الطبقة الصناعية والمالكة للصناعة.
فتطبيق الإصلاح الزراعي في حد ذاته ممكن إنه يكون في نظام رأسمالي، ممكن يكون في نظام السوق، ومش ضروري أبداً إنه يكون في النظام الاشتراكي.
أحمد منصور:
التطبيق بالشكل الذي تم فيه حمل كثير من المظالم إلى الناس.
د. مصطفى خليل:
بجانب المظالم أنا بابص لنتيجة التطبيق من ناحية التصنيع نفسه في حد ذاته، زي سيادتك ما تعرف إن اللي بيدخلوا مجال التصنيع نوعين: نوع اللي هو بيطلق عليه اللي هو مروج المشروع و Entrepreneurs بتوع المشروع، وده بيدرس المشروع والاقتصاديات بتاعته، إذا كان دراسات جدوى، أو دراسات تسويق أو كله، والناس اللي بيقيموا المشروع دي طبقة اللي هي قادرة على أنها تبتدي وتقيم المشروع، وزي ما إحنا عارفين كلنا إن (طلعت حرب) يعني سنة 23م نستطيع إن إحنا نقول: إن هو كان منشئ الصناعة في مصر في حقيقة الأمر.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
(10/231)
(طلعت حرب) طبعاً أدى خدمات كبيرة جداً لمصر سواء في مجال المصارف، بنك مصر هو أحد المؤسسات اللي (طلعت حرب) يعني قام بيها، بجانب كده عمل مجموعة شركات كبيرة جداً في جميع مجالات النشاط الاقتصادي، فالنشاط الاقتصادي لم يبدأ مع الرئيس عبد الناصر، يعني مانقدرش نقول كده، إنما بدأ من وقت (طلعت حرب) اللي هو كان سنة 23م.
كنتيجة للتأميم واستيلاء الدولة على أسهم الشركات، إن الأفراد اللي لهم خبرة كـ Entrepreneurs أو كـ.. بيقوموا على الصناعات الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المصنعين، نعم.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
معظمهم ساب مصر وخرج.
أحمد منصور:
يعني إذن مصر خسرت من وراء عملية التأميم؟!
د. مصطفى خليل:
طالما إنك إنت بتقول الخسارة أنت بترجع لهذا النظام مرة تانية، أو ماشي في عملية ملكية الدولة، وبعدين النقطة الأساسية كمان اللي بتبقى موجودة، لما بنقول القطاع العام هو اللي حيمول، طيب إذا ميزانية الدولة نفسها فيها عجز، إذن بتضطر إن ما عندكش فائض من ميزانية الدولة إنك تنمي أو تقيم مشروعات، فيبقى المتاح قدامك إنك تستدين من الخارج، فلما تستدين من الخارج، وأنا باقول طبقاً لخبرة الواحد منذ ذلك الوقت: الاستدانة (Once) المشروع ماكانش مدروس من الناحية المالية، وتوفير الأموال المطلوبة له بطريقة معينة، ممكن يفشل لعدم وجود دراسة لأسلوب التمويل، وأسلوب أن.. بتدير هذا المشروع.
أحمد منصور:
طب دكتور، لو أردنا الآن أن نقف عند تجربة التأميم بسلبياتها وإيجابياتها، ما هي رؤيتك لها وأنت كنت في وضع المسؤولية في ذلك الوقت من خلال الواقع الآن؟!
د. مصطفى خليل:
(10/232)
أنا فيه نقطة مهمة اللي عايز أجيبها، وها أقول لسيادتك على النقطة دي، بجانب كده طلع تعريف العامل والفلاح، يعني وإحنا مازلنا لغاية النهار ده بنقول إن جميع المؤسسات الموجودة في البلد بالانتخاب زي –مثلا- مجلس الشعب لابد إن يكون تكوينه 50% من العمال والفلاحين، العمال والفلاحين ماهياش الصيغة اللي بترضي ناس كثير من دعاة الديمقراطية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده كان من المبادئ اللي وضعت في تأسيس الاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
أيوه.. أيوه كان مهم جداً، لأن فكر الرئيس عبد الناصر أن الفلاحين نفسهم اللي كان بيخليهم يصوتوا لده أو لده الملاك، إذن الفلاح نفسه كان محروم من مباشرة الحياة السياسية بتاعته، ولهذا طلع المبدأ القائل بأن 50% تبقى عمال و50% فلاحين، لما بتروح وتبص على الشخصيات اللي جات بعد كده نتيجة انتخاب عمال و فلاحين كانت شخصيات إيه يعني؟ هل هم عمال عمال أجراء بيشتغلوا في الأرض.
أحمد منصور:
طبعا لا.
د. مصطفى خليل:
طبعا لا، إنما تطورت إلى إن اللي يملك حيازة، يعني الحيازة في مصر معناتها إنك أنت في أي منطقة بتسجل نفسك كمستأجر للأرض وكمالك للأرض علشان تستفيد بالخدمات اللي بيقدمها بنك التسليف الزراعي، صاحب الحيازة بيبقى هو اللي بيزرع هذه الأرض مش المالك يعني إذا كان فيه مالك، ولكن فيه مستأجر.. المستأجر هو اللي بيسجل نفسه علشان يستفيد من الكلام. التعريف ده في حد ذاته رغم إن كثير من الرأي العام في مصر النهار ده بيطالب بـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بإلغاؤه، نعم وإعادة النظر فيه.
د. مصطفى خليل:
إعادة النظر فيه، ممكن إنك تلغيه بدون ما بتعمل أي نوع من رد الفعل السياسي، وطريقة الإلغاء بسيطة إنك بتعدل في تعريف العامل وبتعدل في تعريف الفلاح.
أحمد منصور:
وهذا لم يتم إلى الآن بالرغم من مرور 35 سنة.
د. مصطفى خليل:
تم في بعض حالات يعني منقدرش نقول إنه لم يتم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/233)
تسمح لي يعني علشان منخرجش إلى حاجات كثيرة من التطورات التي وقعت في تلك الحقبة، أن نبقى عند تجربة التأميم نفسها حتى لا نخرج عن إطارها، ثم نتطرق للأمور الأخرى، تقييمك لسلبيات وإيجابيات التأميم خاصة وأنه بعد أكثر من ثلاثين سنة على هذه التجربة، بدأت مصر تأخذ بنظام السوق الآن مرة أخرى، وأصبح هناك استثمارات وغيرها من الأمور، هل كانت التجربة خاطئة حتى اضطرت الدولة أن تغير نظامها؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مقدرش أقول خاطئة ومقدرش أقول.. إزاي نشأ نظام السوق؟ يعني وأنا كنت باتكلم مع سيادتك باقول: إن نفس اتفاقية السلام كان لها الآثار الجانبية في اللي هي.. الناحية السياسية، والناحية الاقتصادية. يعني منقدرش نقول: إن التعديل اللي حصل سواء من الناحية السياسية اللي هي تعدد الأحزاب بجانب، وإلغاء الاتحاد الاشتراكي أو بالنسبة للنواحي الاقتصادية كان سببها إن إحنا اكتشفنا منذ ذلك الوقت إن هذا النظام مش ماشي. الكلام ده اكتشفوه –مثلا- في الاتحاد السوفييتي نتيجة لحرب النجوم وأن (ريغان) جا وفرض على الاتحاد السوفييتي إنه يمول مشروع ضخم جداً مقدرش إنه يستكمله، فكان انهيار..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن بشكل عام طالما أن النظام يتوافق مع الناس بيستمر ويبقى طالما أنه صالح لحياة الناس، أما إذا ظهر أن هناك أخطاء فيه.. عفواً يا دكتور حدث التأميم، والآن القطاع العام الذي أمم وأخذ من الناس يباع إلى الناس مرة أخرى بعد ثلاثين سنة، ماذا يعني ذلك؟
د. مصطفى خليل:
النظام طبعاً بدون شك، شوف أنت لما بتدخل في نظام معين الناتج أو رد الفعل السياسي بيبقى مهم جداً، لأنك أنت دخلت في نظام اللي هو اشتراكي في وقت كان فيه يعني القمتين دولتين عظميين بيتصارعوا على الوضع السياسي في المنطقة.
(10/234)
فده حد من الأسباب الكبيرة اللي دعت عبد الناصر إلى أنه يأخذ هذا الشكل، كان رفض تمويل السد العالي من جانب الولايات المتحدة، وأنت عارف وقتها اللي حصل، وبعد ما كانت الدراسات جاهزة وكل الكلام ده، فجا وزير الخارجية في أمريكا وأعلن انسحاب الولايات المتحدة من هذا الوضع.
فطبعاً النظام بتاعك في أي وضع لابد أنك بتكيفه نتيجة للنواحي السياسية الأخرى، يعني مش بس من النواحي الاقتصادية أو إنه فشل اقتصادياً، ودون شك فشل اقتصادياً في كل أوروبا الشرقية ما حدش بيعارض، وفشل اقتصادياً في روسيا، وسياسياً كان له رد عنيف جداً بالنسبة لانهيار الاتحاد السوفييتي نفسه، واستقلال الدول اللي كانت داخلة وتشكل الاتحاد السوفييتي.
فهنا لما بنقول هل كان فقط الناحية الاقتصادية هي اللي لها تأثير على فكر عبد الناصر؟ أنا باقول لابد إن إحنا نفكر في الناحيتين، أما النتائج اللي سيادتك بتسأل عليها، طيب هل أدى هذا النظام الدور اللي كنا نتمنى له، بأن نرفع مستوى مصر إلى.. الشعب كله مستوى الدخل بتاعه؟ أستطيع أقول: إنه لم يحقق هذا، ولكن إني أفسر عدم تحقيقه لأنه نظام اشتراكي، أقول طيب ما هي الصين أهي بتطبق نفس الكلام ده تحت أسلوب اشتراكي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو برضه عندها معاناة
د. مصطفى خليل [مسأنفاً]:
مش بالدرجة اللي فيها الاتحاد السوفييتي، ولا اتعامل بالأسلوب اللي اتعامل في بلاد ثانية، يعني ما هو إحنا بنمر على تجارب، وبرضه لازم الشعب العربي يبقى فاهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/235)
هنا نقطة مهمة يا دكتور، يعني التجربة الاشتراكية الصينية أو الكورية أو السوفييتية أو اليوغسلافية، كل تجربة توافق طبيعة شعبها، أنت لما تيجي لشعب مصري عربي مسلم فيه أمور معينة لا تستدعي أبداً إنك تجيب نظام من أي دولة وتطبقه على هذا الوضع، لازم النظام ينبع من الشعب نفسه، أنتم حينما جئتم بهذا النظام لم تراعوا خصوصيات الشعب، ولا خصوصيات البلد، وإنما أحضرتم نظاماً وركبتموه على الشعب، فلم يركب عليه.. هذا ما حدث؟
د. مصطفى خليل:
أنا هاقول لسيادتك، النظام كان يهدف بدون أي شك إلى رفع مستوى الطبقات اللي هي أستطيع أقول إنها تحت خط الفقر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لماذا لم تقوموا بوضع مشروع من داخل البيئة نفسها وليس من المستورد؟!
د. مصطفى خليل:
ولكن يعني أنت لابد أن يبقى عندك فلسفة اقتصادية بتقوم بتنفيذها، يعني ومهما كان لما تقول لي النظام حيقوم على أسس كذا أو أسس كذا، وأنا مش عايز أتناول الموضوع بالـ.. هنضيع فيه وقت كثير، ولكن لما أقول إن فكر الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت كان مقبول من عامة الشعب.
أحمد منصور:
عايز تقول إن في الفترة من 52 إلى 61م لم يكن هناك نظام معين تدار من خلاله الدولة؟! وأن النظام الاشتراكي تبلور فقط في عام 61م مع نشأة الاتحاد الاشتراكي..
د. مصطفى خليل:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
والفترة اللي هيه تسع سنوات السابقة هذه لم يكن هناك أسس محددة لنظام معين تسير عليه الدولة؟!
د. مصطفى خليل:
الثورة لما جات.. ما نقدرش أبداً ندعي أنهم من أول ما استولوا على السلطة كان في دماغهم نظام اقتصادي معين.
أحمد منصور:
ماكانش واضح.
د. مصطفى خليل:
لا..لا.
أحمد منصور:
ولم يكن هناك ميول سواء اشتراكية أو رأسمالية في..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/236)
لا..لا بالعكس، يعني لما نقرأ كتاب (Game of Nations) لعبة الأمم، وتشوف العلاقات اللي كانت موجودة بين مصر والغرب، العلاقات اللي كانت موجودة بين مصر والغرب كانت علاقات قوية، وكان بالعكس يعني بتقدر تقول تقدر تعمل نظام اقتصادي ويبقى فيه عدالة اجتماعية موجودة بقدر الإمكان، وبترسم برنامج لرفع مستوى الشعب، ولكن الأحداث اللي حصلت يعني من الناحية السياسية سواء من وقت بناء السد العالي، أو حرب 56م دي كانت مهمة جداً، أو قيام الرئيس عبد الناصر بأنه هو تزعم بدون شك حركة تحرير الشعوب المستعمرة، وكان لها نتائج إيجابية كبيرة جداً سواء في العالم العربي أو في العالم الأفريقي..
أحمد منصور:
ألم تستنزف ثروات مصر؟!
د. مصطفى خليل:
مش كلها.
أحمد منصور:
لكن كان لها دور في استنزاف الثروة.
د. مصطفى خليل:
كان لها دور، يعني لما تسألني النهار ده وتقول الأفضل إن مافيش بلد بيبقى القائم عليها إنه يدخل حرب ماليهاش نتيجة، يعني أي نوع من الحرب بيتحسب ما هي النتائج السياسية لهذه الحرب؟ وكيف يمكن تحقيقها؟ لما بتفشل في تحقيقها بالطريق السلمي بتلجأ إلى العنف والحرب.
أحمد منصور:
لو انتقلت إلى الجانب السياسي في موضوع الاتحاد الاشتراكي، وهو نظام الحزب الواحد الذي لا يسمح لأي فرد يتبوأ منصب رئيسي في الدولة إلا وأن يكون منتمياً إلى هذا النظام.
د. مصطفى خليل:
أيوه..أيوه.
أحمد منصور:
وسعادتك أخبرتني بكده، إنه لم يكن هناك طريق أمام أي شخص يريد أن يكون له منصب رئيسي في الدولة إلا أن يكون منتمياً في الأساس إلى الاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
أيوه.. أيوه.
أحمد منصور:
هل هذا كان صحيح لمصلحة البلد؟
د. مصطفى خليل:
والله في نظري في ذلك الوقت كان صحيح.
أحمد منصور:
(10/237)
وأهل الخبرة أين يذهبون إذا لم يريدوا أن ينتموا إلى هذا النظام؟ هل يمكن لأمة أو شعب كامل يفكر بطريقة أحادية؟ أن هذا هو النظام الوحيد الذي من خلاله يمكن أن تخدم البلد؟
د. مصطفى خليل:
لما بتيجي للطريقة الأحادية هتجد فلسفات كثير جداً بتتنازعك في هذا الموضوع، يعني النهار ده الأوضاع اللي موجودة بتجد أقصى اليسار الموجود في مصر النهار ده، وأقصى اليمين، أقصى اليمين وأقصى اليسار اللي بيجمعهم مع بعض إنهم فلسفتهم بتقوم على هدم النظام القائم مش تطويره، ولما نقول ممكن إن أي نظام يتوجد عن طريق إنك بتطوره بتكسب رأي عام قوي، وممثلين لك وكل الكلام ده.. ولكن لما بيقوم على هدم هذا النظام، بعدين بنجد نتيجة التطبيق في بعض البلاد الأخرى إنه سواء كان أقصى اليسار لما نقول في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية فشل، لما آجي أقول: النظام القائم على أسس يمين زي إيران مثلا أو أفغانستان النهار ده، طبعاً بيدي ضوء أحمر لأي شخص اللي بيفكر في مصلحة بلده أو الناحية السياسية في المستقبل.
إذن هنا اللي بيبقى في الحكم أو المسؤول عن نظام الحكم، وجا نتيجة أستطيع إن أقول إنه كان مد شعبي ضخم جداً أيد الانقلاب العسكري ثم الثورة في مصر، منقدرش نحكم النهار ده بالأوضاع القائمة على الأوضاع اللي كانت قائمة وقتها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن عفواً يا دكتور –أيضاً- وقتها كان فيه ناس معارضين للنظام، وزج بهؤلاء الناس في السجون سواء من الشيوعيين، من الإخوان المسلمين، حتى من بعض ضباط الجيش الذين عارضوا الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت وعارضوا توجهه، لماذا لم يتم استيعاب كل هؤلاء ضمن النظام؟ وطبيعة البشر أنهم بيختلفوا في تفكيرهم؟!
د. مصطفى خليل:
شوف أي نظام بيجي، وأنا ما باقولش الكلام ده علشان حد يتهمني بالمكيافيلية واللا حاجة، لكن أي نظام بيجي أهم حاجة عند هذا النظام إن هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يرسخ الكرسي.. أو وجوده.
(10/238)
د. مصطفى خليل:
وجوده، ويرسخ وجوده في بعض الأحيان بتصل في بعض البلاد إلى إجراءات بتبقى متطرفة جداً ضد أعداؤه، ولكن حتى لغاية النهار ده لما بنذكر ثورة 52م باستمرار بيقولوا ثورة بيضاء، لأن ما فيهاش حالات عنف إلا العمال اللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
خميس والبقري، نعم.
د. مصطفى خليل:
نعم، مش معنى كده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو فيه بعد كده ناس أعدموا من الإخوان في 54م و65م، وناس من الشيوعيين –أيضا- ثم.. كان فيه حالات كثيرة الحقيقة برضه يا دكتور محتاجة نظر.
د. مصطفى خليل:
اللي أعدم منهم، ولما الواحد بيقرأ تاريخ عبد الناصر كويس، فبيجد إن حركة الإخوان المسلمين في مصر –مثلا- ماليش دعوة بالخارج، حركة الإخوان المسلمين في مصر كان فيه التنظيم العسكري سري اللي موجود ما نقدرش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما عبد الناصر كان على علم به وكان عضو فيه.
د. مصطفى خليل:
لا.. ماكانش عضو فيه، كان على علم بيه.
أحمد منصور:
وقيل أن هو بايع..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا، لا، يقولك المصحف والـ..
أحمد منصور:
نعم.. نعم.
د. مصطفى خليل:
لا..لا، عبد الناصر كان على علم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
خالد محي الدين ذكر هذا الكلام.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وكان عبد الناصر يعني تربطه ببعض قادة هذا النظام سواء اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح كان تربطه بيهم علاقات وكان يعرفهم جيدا..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كان له علاقات، يعني وجوده في خلية (حديتو) اللي هي..
أحمد منصور:
الشيوعية.
د. مصطفى خليل:
الشيوعية منقدرش ننكرها.
أحمد منصور:
(10/239)
أنا ربما أكمل يعني أتناول هذا الأمر حينما نأتي لتقييم تجربة حكم عبد الناصر بالكامل، ولكن أنا الآن أمام تجربة الاتحاد الاشتراكي بالشكل الذي وصفته لي، وبالطريقة التي وصفتها، وهي أحادية التنظيم، أحادية الحزب، ألاّ يكون هناك أي مجال أمام أي شخص أن يكون له دور مؤثر في الدولة إلا من خلال هذا التنظيم. بإيجاز هل هذا كان صواب أم أنه -أيضاً- تجربة يشوبها خطأ؟
د. مصطفى خليل:
لما أفكر فيها النهار ده أقول إنه غير مقبول إعادتها مرة ثانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تكفيني هذه الإجابة، وأعتقد أنها تكفي المشاهد أيضاً كتقييم من رجل صنع هذا النظام الاشتراكي..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا نقدر نقول: إن هذا الفكر والفلسفة دي ممكن قبولها مرة ثانية.
أحمد منصور:
دكتور هناك تجربة أخرى، ولكنها كانت تجربة سرية منظمة، كان الاتحاد الاشتراكي هو التجربة التنظيمية المعلنة، كان هناك تجربة سرية أيضاً أقامها الرئيس عبد الناصر، وأنت قبل ذلك قلت إنك لا تؤمن بالتنظيمات السرية ولا تحبها، وكانت تجربة التنظيم الطليعي، ما هي قصة هذا التنظيم؟
د. مصطفى خليل:
التنظيم الطليعي على مدى علمي لم يكن تنظيم مسلح على وجه الإطلاق، ولم يكن أفراده أفراد بيُعدوا لأي نوع من أنواع الصراع المسلح، إنما هو كان تنظيم بحيث إنه طبقاً لمفهوم ذلك الوقت، إن الناس اللي فعلاً مؤمنين بالثورة، مش كل أعضاء الاتحاد الاشتراكي، لأن لما بنقول كل أعضاء الاتحاد الاشتراكي، وزي سيادتك ما قلت عن حق إن أي واحد لازم يأخذ منصب كبير يبقى عضو في الاتحاد الاشتراكي، فهنا بتجد إنه احب يفرز ما بين نوعين من العضوية، ولكن التنظيم الطليعي مختلف كل الاختلاف عن أي تنظيم..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/240)
كيف؟ يعني وضح لنا هذا الأمر، لأن هناك غموض يحيط بهذا التنظيم، حتى إن الأستاذ هيكل يقول إنه شخصياً لم يكن يعرف رغم قربه الشديد من الرئيس عبد الناصر، ذكر في أكثر من كتاب له أنه حتى لم يكن يعرف كنه والشخصيات المنتمية لهذا التنظيم، في الوقت الذي كانت تتمتع فيه بنفوذ خاص؟
د. مصطفى خليل:
التنظيم الطليعي ما لعبش دور على وجه الإطلاق في تطور الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
هو كان يختلف تماماً عن الاتحاد الاشتركي.
د. مصطفى خليل:
لا، لا، هم نفس الأعضاء اللي كانوا موجودين في الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
يتم انتقاء بعضهم.
د. مصطفى خليل:
يتم انتقاء بعضهم وبيتعاملوا مع شخص واحد، وأنت عارف نظرية الحركات السرية دي، يعني إن كل الخلايا ما بيبقوش عارفين.
أحمد منصور:
يعني خلايا مغلقة؟!
د. مصطفى خليل:
دي خلايا مغلقة، بيبقى فيه ارتباط كل خلية بالتانية مش موجود، وإنما بتبقى فيه قيادات وخط تسلسل في القيادات هو اللي بيبقى عارف الوضع ده، التنظيم الطليعي ماكانش كده، وما قامش بأي دور أقدر أقول عليه كان حاسم في تعديل مسار نظام الحكم.
أحمد منصور:
مين اللي وراء فكرة تأسيسه؟!
د. مصطفى خليل:
الرئيس عبد الناصر طبعاً.
أحمد منصور:
نفسه.
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور:
أوكل بعض الشخصيات للقيام بهذا الأمر؟!
د. مصطفى خليل:
كان فيه بعض الشخصيات الموجودة.
أحمد منصور:
تفتكر بعض هؤلاء؟
د. مصطفى خليل:
لا.
أحمد منصور:
ماكانش لك أي دور أو علاقة بهذا التنظيم ونشأته؟!
د. مصطفى خليل:
ماكانش، يعني أنا زي ما باقول باستمرار أنا بابعد نفسي عن أي نوع من التشكيل اللي باراه مش طبيعي.
أحمد منصور:
يعني كأنه عرض عليك وأنت رفضت؟
د. مصطفى خليل:
هو تقريبا ما عرضش يعني، مقدرش أقول إنه عرض علي وأنا رفضت.
أحمد منصور:
لكن فكرتك إيه يا دكتور إن نظام حكم قائم ويحكم وفي يده كل شيء ويقيم تنظيم سري؟!
(10/241)
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن كان فيه اتجاهات كثير، وفيه آراء كثير اللي هي بتطالب بتعديل نظام الحكم اللي موجود..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مين كان بيتبنى هذه الاتجاهات؟ من داخل السلطة؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
حتى داخل الاتحاد الاشتراكي، يعني حتى داخل الاتحاد الاشتراكي، وسيادتك ذكرت دلوقت إن الاتحاد الاشتراكي كان تشترط عضويته لشغل أي منصب إذن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده بناء على كلام سعادتك أنت!
د. مصطفى خليل:
أيوه وده فعلا اللي كان حاصل، يعني أنا ما بانكروش، أنا باقول حصل، ودي فترة من تاريخنا لابد إن يبقوا عارفينها يعني حتى الشباب لغاية ما يكبر، وبعدين يبقى عارف إن ليه ما نجحش وليه نجح والكلام ده كله، لكن لما أبص لأوضاع الاتحاد الاشتراكي، هنا بقى الدعوة لما بتجي كان يقال: أيوه إحنا بنقبل المعارضة، إنما المعارضة دي تبقى معارضة لموضوعات منفصلة بعضها عن بعض. إزاي؟
أحمد منصور [مقاطعا]:
مش معارضة شاملة للنظام.
د. مصطفى خليل:
آه، يعني لما يجي موضوع التعليم، وهنا بتُطرح سياسة للتعليم، ربما فيه أعضاء برضه في الاتحاد الاشتراكي لهم رأي آخر في سياسة هذه السياسة، يبقى هنا يسمح لهم بتكوين أقرب ما يكون إلى غرفة معارضة، يعني مش معارضة قائمة على طول بتواجه الحزب الموجود..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، بتواجه مشروع معين مطروح.
د. مصطفى خليل:
ومتحركة، يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
متغيرة، مش نفس الأشخاص يعارضوا..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
يعني يجوز أنا أشوف أن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لك رأي في التعليم، لكن في الصحة أنت مؤيد.
د. مصطفى خليل:
لكن في الصحة أنا مؤيد للي بيتقال، علشان كده ماكانش موجود إنك بتعمل معارضة ثابتة، ده جا بعد كده.
أحمد منصور:
في فترة الرئيس السادات بعد ذلك.
د. مصطفى خليل:
بالضبط.
أحمد منصور:
(10/242)
لكن أنا هنا بقى لا أريد أن أخرج من إطار موضوع التنظيم الطليعي حتى تتضح بعض جوانبه، وأنت كنت شاهد على هذه الفترة وجزء من النظام وقتها، هذا.. ما الذي دفع إلى تكوين النظام الطليعي؟ هل وجود معارضة داخل.. أو ارتفاع الأصوات كما قلت بأن يتغير النظام، أو يكون هناك تعديلات عليه أو غيرها؟
د. مصطفى خليل:
لا.. هي احتياط أكثر منه حاجة..
أحمد منصور:
إن دول يحفظوا النظام، ويدافعوا عنه إذا تعرض لأي شكل من أشكال الاهتزاز، أو محاولات الانقلاب أو غيرها.. طب كيف يدافعوا عنه وهم غير مسلحين؟
د. مصطفى خليل:
والله أصل.. شوف لما تعمل أو حد بيفكر في انقلاب مسلح، انقلاب مسلح لابد أنه هيفكر هيواجه إيه؟ أنت العمل السياسي لابد يبقى واضح.. يعني، هنا مثلا التجربة اللي حصلت اللي هيه الانتفاضة الخاصة بالخبز.
أحمد منصور:
دي 17و 18 يناير؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
78م.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
آه، علاقتها إيه طيب بما نحن بصدده الآن؟
د. مصطفى خليل:
أنا كنت وقتها أمين عام الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
صحيح.
د. مصطفى خليل:
ولما حصلت الانتفاضة الرئيس السادات كان موجود في أسوان، واللي حصل إن كان الحكومة قدمت حوالي ليسته فيها ما يزيد عن ثلاثين سلعة رفعت أسعارها مباشرة دون تمهيد لهذه العملية، فطبعاً حركت جزء كبير من الشعب في.. والسادات سماها بعد كده (انتفاضة الحرامية) مش انتفاضة الـ.. كذا، إنما لما حصل الكلام ده قوات الشرطة اللي كانت موجودة ماكانتش تكفي لمواجهة اللي حصل.
أحمد منصور:
لم تكن تكفي ولاّ رفضت الدخول في مواجهة مع الشعب؟
د. مصطفى خليل:
(10/243)
لم تكن تكفي، وفيه قول: إن بعض حالات إن بعضهم.. بعض ضباط الشرطة ما وافقوش، إنما ده كلام أنا ماكانش كأمين عام الاتحاد الاشتراكي لا أستطيع أن أقول إن فيه دليل، أو أنا سمعته في ذلك الوقت، اللي حصل إن الاتحاد الاشتراكي كان عنده جهاز اللي هو الاتصالات التلفونية المباشرة بجميع أنحاء مصر..
أحمد منصور [مقاطعا]:
حتى القرى والنجوع..
د. مصطفى خليل:
آه، كان موجود، وطبعاً لما بيحصل حاجة زي دي أنت لابد أنك تكون على علم، وتكون متابع اللي حصل، فاللي حصل إن أول إجراء أنا قمت بيه كان عدم استخدام هذا الجهاز لأي واحد إلا بعدما يأخذوا إذني، يعني ما يقدرش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يتصل ويشوف إيه الـ..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
يتصل، وفيه بعض الإخوان اللي هم يساريين اتهموا بعد كده بأنهم وزعوا منشورات في..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
زي (رفعت السعيد) وغيره.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وحصل فعلاً اسأل (رفعت السعيد)، رفعت وقتها قابلني بعد كده قاللي أنا أدين لك بأنك أنت قلت الحق في الشهادة، لأنهم قالوا: إن (رفعت) بعت منشورات من الاتحاد الاشتراكي لأن هم كانوا يقدروا يتصلوا وإلى الجهات المختلفة.. جهات مختلفة، ده لم يحدث وقتها، وأنا لما سُئلت بالنسبة لـ(رفعت السعيد) قلت: لا، ما حصلش، ما حصلش إطلاقاً، ليه؟ لأنه أوقف، مافيش حاجة راحت للكل، وفي نفس الوقت اللي حصل إن أنا طلبت الرئيس السادات في أسوان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا لا أريد أن ندخل في تفصيل –اسمح لي عفواً يا دكتور- في 17و 18 ربما أعود إليها بعد ذلك، ولكن إحنا الآن قفزنا من منتصف الستينات ونشأة التنظيم الطليعي، إلى أحداث 17و 18 يناير وكنت وقتها أمين عام للاتحاد الاشتراكي، وقلت في قضية التنظيم الطليعي: أنه من كوادر الاتحاد الاشتراكي تم تخصيص بعض الناس للحفاظ على النظام، وكان سؤالنا: كيف بيستطيعوا المحافظة على النظام وهم غير مسلحين؟!
(10/244)
د. مصطفى خليل:
التنظيم الطليعي ما لعبش أي دور في 17 و18 يناير..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان لازال له وجود؟!
د. مصطفى خليل:
والله أنا مقدرش أحكم النهار ده، لأن لما بارجع بالذاكرة ما حدش اتصل بي على وجه الإطلاق.
أحمد منصور:
يعني حينما اخترت أمين عام للاتحاد الاشتراكي، وكان ذلك بعد وفاة الرئيس عبد الناصر بأربع سنوات، يعني في عام 74م حينما انتخبت أمين عام للاتحاد الاشتراكي، كان لا يزال التنظيم الطليعي موجود؟ وهو يتبع الاتحاد الاشتراكي وأنت الآن في منصب..
د.مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا ما اعتقدش بعد الرئيس عبد الناصر إنه كان له وجود.
أحمد منصور:
يعني انتهى بوفاة الرئيس عبد الناصر؟
د. مصطفى خليل:
انتهى أيوه، يعني ما اعتقدش، لأن أنا شخصياً كنت قلت لك بمنتهى الصراحة لا، بعد الرئيس عبد الناصر.. يعني فترة الرئيس السادات ماكانش فيه تنظيم طليعي.
أحمد منصور:
لكن هو يعني بعض التقارير بتشير إلى استمرارية وجود التنظيم، وإنه كان دوره هو إعداد قيادات تواصل مرحلة الحكم بعد ذلك، وكثير من قياداته اللي كانت موجودة أصبحت.. أصبح لها دور في الدولة بعد ذلك، ما مدى صحة ودقة هذا؟
د. مصطفى خليل:
لغاية النهار ده فيه ناس كثير لما بيتكلموا في الموضوع ده، فبيتكلموا فيه مش التنظيم الطليعي، لا، المعهد الاشتراكي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المعهد الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
هو كان موجود المعهد الاشتراكي، واللي كان ماسكه كان أحد الناس البارزين في الاتجاه اليساري..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان سري ولا كان معلن.. المعهد الاشتراكي؟
د.مصطفى خليل:
لا.. لا معلن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مين اللي كان ماسكه، طالما كان معلن مين كان اللي مسؤول عنه؟!
د. مصطفى خليل:
كان مسؤول عنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
آه
د. مصطفى خليل:
لا، مش هاقدر، أنا ما بجيبش أسماء.
أحمد منصور:
الشهادة ناقصة كده يا دكتور
(10/245)
د. مصطفى خليل:
أنا ما ليش دعوة بـ.. أنا باحكي لك الواقع.
أحمد منصور:
ما هو طالما شيء معلن، يعني طالما شيء معلن، والمعهد كان معلن وسعادتك الأمين..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
شوف المعهد خرج عدد كبير من الشباب، واللي الواحد كان بيسمعه من وقت للثاني إن دول مثلاً بتحطهم في الأجهزة الخاصة بالمواقع على المشروعات وبالـ.. فكانوا بيحاولوا إنهم يوقفوا ضد حاجات ممكن إنها كانت تمشي، ولكن التنظيم الطليعي ماكانش، يعني على مدى علمي زي ما باقول: المعهد الاشتراكي هو اللي كان له نشاط.
أحمد منصور:
لكن يقال حتى أيضاً إنه كان حتى أعضاء التنظيم الطليعي لهم نفوذ يقارب نفوذ الأمن السري أو الاستخبارات أو هذه الأشياء، وكانوا يعرفوا بعضهم البعض في المواقع المختلفة في الدولة، وكانوا موجودين في كل المؤسسات الرئيسية للدولة؟
د. مصطفى خليل:
والله أصل كلام كثير بيتقال طالما إنا مبنعرفش بالضبط طريقة تنظيمه طريقة إعداده وتثقيفه سياسياً وكل الكلام ده ممكن يتقال حاجات كثير.
أحمد منصور:
هو لذلك.. يعني كمرحلة من تاريخ مصر، فقط إحنا أردنا إن إحنا نعرفها، وأنت كنت شاهد على هذا الأمر، وكان لك دور في تأسيس الاتحاد الاشتراكي أمين عام بعد ذلك، وهذا كان جزء من الاتحاد الاشتراكي، فقط أردنا أن نعرف ما ليس بمعلوم عندنا..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
بس مع اختلاف التوجه، يعني لما تقول لي: طيب أنت التوجه اللي كان موجود عندي، لما الواحد بيقول أيوه أنا كنت أمين عام الاتحاد الاشتراكي، أمين عام الاتحاد الاشتراكي في الفترة اللي تحول فيها الاتحاد الاشتراكي إلى أحزاب.
أحمد منصور:
لكن أيضاً أنت كنت أمين عام مساعد في عهد الرئيس عبد الناصر.
د. مصطفى خليل:
لا، كنت عضو اللجنة التنفيذية العليا.
أحمد منصور:
أيضاً موقع ليس بسيط وليس سهل يعني..
د. مصطفى خليل:
أيوه.. أيوه لكن ماكنش.. ماليش علاقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/246)
يعني تشارك في صناعة القرار.
د. مصطفى خليل:
باشارك أيوه في صناعة القرار السياسي، ما نكرتش.
أحمد منصور:
يعني هذا كل ما لديك حول هذا الموضوع؟
د. مصطفى خليل:
أيوه حول الـ.. كل ما أتذكر عنه في الحقيقة.
أحمد منصور:
طيب ممكن –الآن- أنت حدثتنا عن المعهد الاشتراكي ودوره، وكان له دور أيضاً يخرج قيادات تواصل النهج الاشتراكي، وتواصل دورها في التواجد في مواقع التأثير وصناعة القرار في الدولة.
د. مصطفى خليل:
شوف لغاية يعني.. طول فترة حكم الرئيس السادات اللي هو في آخرها -زي ما قلت لسيادتك- حصل التحول اللي هو بعد حرب 73م..
أحمد منصور:
نعم، التحول السياسي من نظام الحزب الواحد إلى المنابر ثم الأحزاب بعد ذلك.
د. مصطفى خليل:
نعم المنابر ثم الأفراد، الاتجاه السياسي في مصر والتنظيم السياسي في مصر كان مرتبط تماماً بوجود الاتحاد الاشتراكي، محدش يقدر ينكر الكلام ده، مرتبط تماماً بوجود الاتحاد الاشتراكي، إنما بعد كده التعديل اللي حصل، حصل بأسلوب سلمي -زي ما قلت لسيادتك قبل كده- لما قامت الانتفاضة دي أنا اتصلت بالرئيس السادات في..
أحمد منصور:
في أسوان.
د. مصطفى خليل:
في أسوان، وقلت له سيادتك عندك بيان باللي حاصل إيه؟ قال أيوه كل حاجة under control قلت له: لا، مش كل حاجة Under Control فيه أوضاع كذا كذا كذا، واللي أنا شايفه إن سيادتك لازم ترجع، واللي أنا شايفه أيضاً –وده شيء ما كنتش أتمناه- إن الجيش ينزل.
أحمد منصور:
يعني أنت الذي طالبت بنزول الجيش..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش أنا بس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إلى الشوارع أثناء انتفاضة يناير 17 و18.
د. مصطفى خليل:
أنا أوضحت له الوضع، لأن أنت في وضع بتبقى أمين على شيء معين، أو إذا كان تحصل نقلة زي دي بالطريقة دي، مهيش في مصلحتي ولا في مصلحة بلدي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/247)
ربما أعود لتفصيل ما حدث حينما نصل لتلك المرحلة، ولكن اسمح لي في الحلقة القادمة أتناول حرب 67م، ووفاة الرئيس عبد الناصر وما تلاها من أحداث بعد ذلك.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
شكراً جزيلاً لك يا دكتور مصطفى.
د. مصطفى خليل:
العفو.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..(10/248)
الحلقة5(10/249)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:50(مكة المكرمة)،19:50(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
19/02/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق) مرحبا يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلا بيك.
أحمد منصور:
في عام 1966م أنت قدمت استقالتك لظروف صحية، وفي عام 1967م وفي خمسة يونيو وقعت هزيمة 1967م، هل الرئيس عبد الناصر كان جاداً في دخول حرب مع إسرائيل؟
د. مصطفى خليل:
الرئيس عبد الناصر كان دائما في اجتماعاته، وأنا حضرت بعضها اللي كان وقت الوحدة مع سوريا، بيرفض إنه يدخل في صراع عسكري مع الجانب الإسرائيلي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لماذا؟ ما هي الأسباب؟ وإسرائيل كانت تحتل -يعني- أراضي عربية في ذلك الوقت، أو بتهدد أمن الدول العربية؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، بس لما بتخش في صراع عسكري لو ما كنتش على درجة معينة من التدريب، ومكنتش على درجة معينة من التسليح، يبقى الدخول العسكري أو التورط في الناحية العسكرية لها نتائج خطيرة جداً.
أحمد منصور:
يعني كانت خطب الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت عبارة عن عنتريات فقط، ولم يكن هناك إعداد حقيقي للحرب؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش عنتريات، نقدر نقول: بإن في أوضاع دولية معينة بتفرض روحها، الأوضاع الدولية لابد إن إحنا نبقى على علم بها، سواء رضينا أو مرضناش، أو اتغيرت الآراء، هي إن الولايات المتحدة نمرة واحد كانت ومازالت، هي اللي تؤمن وجود إسرائيل، وهي اللي بتحمي إسرائيل.
(10/250)
الوضع مازال لغاية الآن، وتسلح إسرائيل بحيث إنها تبقى متفوقة على مجموع جيوش الدول العربية سواء من الناحية التقنية، أو من أي نواحي بحث، أو إنتاج أو... إلى آخره.
إذن اللي بيشتغل يعني بيبقى في مركز اتخاذ القرار بالنسبة لبلده، اللي ما يعرفش هذا الكلام يبقى كلام خطير جداً، لأن في أسلوب إنك بتواجهه بطرق مختلفة، لكن ما تدخلش حرب على أي وجه من الأوجه، وأنت على أقل ما فيها معترف بينك وبين نفسك إن أنت تسليحك أقل، وقدرتك العسكرية أقل.
أحمد منصور:
معنى ذلك إن قدرة مصر العسكرية وتسليحها في حرب 1967م لم يكن يؤهلها لدخول معركة متكافئة أو شبه متكافئة مع الإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن طبعاً التخطيط لحرب 1973م بُدئ مباشرة بعد هزيمة 1967م، ولكن اللي حصل إن.. والكلام الواحد سمعه عن مصادر كتير إن لما حصل اجتماعات بين الرئيس السادات(..) والقوات ورؤساء القوات وكلام زي كده 1973م كان الوضع مختلف، قال أهو دي الأسلحة اللي عندنا، وده اللي هنحارب بيه، لأن الهدف من المعركة كان إيه، يعني ما هو في فرق، أنت بتدخل حرب ليه لتحقق أوضاع معينة، أو لتغيير أوضاع معينة.
أحمد منصور:
الرئيس عبد الناصر قال إنه هيدخل الحرب علشان يرمي إسرائيل في البحر.
د. مصطفى خليل:
لأ. هنا برضه أنا بدي أقولك حاجة، أفصل دائماً في تفكيرك السياسي بس اللي بيقال كـ (ريترك) أو خطابات بتعتبر إنها موجهة إلى الرأي العام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لدغدغة عواطف الناس.
د. مصطفى خليل:
مش دغدغة، ولكن لإعطائهم صورة هو عايز يديهالهم، ولكن الأشياء الرئيسية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دي مفهاش خداع للشعب يا دكتور؟
د. مصطفى خليل:
مش تمللي، شوف في أي نظام حكم، مش تمللي الحقيقة الكاملة 100% اللي بيحكم بيقولها للشعب.
أحمد منصور:
لكن ليه في الغرب اللي بيحكم بيقول جزء كبير من الحقيقة..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/251)
حتى النهارده شوف.. حتى النهارده يعني لما الواحد يمشي بتفكيره اللي حصل في الماضي.. اللي حصل كذا كذا، وخد في الأوضاع مثلا الولايات المتحدة كل القصة بتاعة أي حدث مابتعتبر فش غير بعد ما بيفرحوا عن الوثائق المختلفة اللي هي مثلاً في أمريكا ثلاثين سنة.
أحمد منصور:
يعني الجانب التفصيلي الدقيق.
د. مصطفى خليل:
ما ببيقاش معروف.
أحمد منصور:
لكن في جزء من الحقيقة بيظل معروف للناس.
د. مصطفى خليل:
أيوه، لأن هو كرجل عسكري، وأنا بقول تفكيره صحيح إنه ما يدخلش معركة إلا لو كان ضامن بقدر الإمكان إن المعركة دي هتكون لمصلحته.
أحمد منصور:
طيب الآن الرئيس جمال عبد الناصر أعلن عن إغلاق مضايق (تيران) قام بطرد القوات الدولية أو طالب بترحيلها، وأصبح الجو هو جو توتر جو حرب، إلى هذه اللحظة، وأعتقد إن كان لك علاقة في ذلك الوقت رغم إنك كنت مستقيل بما يدور في كواليس السلطة، هل تعتقد إن أيضاً لم يكن هناك استعداد للحرب رغم كل ما تم؟ وأنا باخد من عندك الشق السياسي الذي أنت معني به.
د. مصطفى خليل:
أنا قلت لسيادتك إن حرب 1967م على وجه الخصوص لها أسباب قوية جداً بتواجد الجيش المصري في اليمن، وكان الرئيس عبد الناصر تحت ضغط مستمر، إن إنت بتتكلم كلام مش هيتحقق في يوم من الأيام بالنسبة للوضع بتاع إسرائيل.
إني أتصور إن أي رجل سياسي يقول: إني أنا هدخل الحرب علشان أرمي إسرائيل في البحر يبقى كلام أنا بقول من أول ما يقول الكلام ده أعرف إن الشخص ده تفكيره تفكير شاذ، لأنك أنت بتحط العوامل كلها وتشوف مقدرتك إيه، أو مقدرة حتى الدول العربية إيه، أو احتمالات تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه أيه بينك وبين الدول العربية، تبقى عارف بالظبط أنت رايح فين، لكن أن تفرض عليك معركة شيء، وبعدين أن تتخذ إجراءات تؤدي إلى نشوب المعركة شيء آخر.
أحمد منصور:
وهنا اتخذت إجراءات لنشوب المعركة.
د. مصطفى خليل:
(10/252)
وهنا اتخذت إجراءات، وأنا قلت سببها، قلت: إن فيه جزء منها كان شعور بعض الدول العربية بإن في تهديده لمصالحها مع وجود الجيش المصري في اليمن، وإنها قامت باتخاذ إجراءات ودعايات ضد عبد الناصر وضد النظام.
أحمد منصور:
وهو كان يفعل ذلك أيضاً ضد هذه الدول.
د. مصطفى خليل:
كان يفعل ذلك فين؟
أحمد منصور:
الرئيس عبد الناصر -أيضاً- كان يعادي هذه الأنظمة.
د. مصطفى خليل:
أيوه، لأن وقتها ما نقدرش ننكر، انقسمت البلاد العربية إلى أنظمة تقدمية، وأنظمة رجعية، وده كان موجود يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مين اللي قسم هذا التقسيم؟
د. مصطفى خليل:
والله مش هو بس يعني اللي.. يعني كانت بتجد صدى في الطرف الآخر، وبعدين لما الحياة السياسية أو العلاقات السياسية بين الدول العربية بعضها ببعض يعني كتير بيتحرجوا من إنهم يناقشها بموضوعية وصراحة كاملة، وإنما اللي حصل إن يعني زي ما سيادتك ما بتقول: إن فعلا الحرب.. وأنا لغاية النهاردة بأعتقد هذا إن كان قرار.. قرار غير صائب على وجه الإطلاق.
أحمد منصور:
ما حدث بعد الهزيمة من إعلان الرئيس لاستقالته حينما أعلن مسؤوليته عن الهزيمة، وخروج المظاهرات التي خرجت.. البعض بيشكك في مصداقية هذه المظاهرات، حتى ممن يقولون إنهم ناصريون، الآن ما هي رؤيتك لهذا الذي حدث؟ وهل الرئيس كان جاد فعلاً في قضية الاستقالة؟
د. مصطفى خليل:
المظاهرات لما قامت -في اعقتادي- يعني إن سواء كانت مظاهرات، يعني في ناس كتير، ومهواش سر، بيقولوا صدرت تعليمات من (علي صبري) وقتها أن مجموعات تشوف الكلام اللي هيقوله في التلفزيون، وحددوا أماكنهم بمجرد ما سمعوا إن هو بيقول إنه هيترك الحكم، هم دول اللي خرجوا تأييداً لعبد الناصر.
أحمد منصور:
وإن علي صبري كان أعد هؤلاء، كان موقعه إيه علي صبري في ذلك الوقت؟
د. مصطفى خليل:
(10/253)
هو.. علي صبري وصل لنائب رئيس جمهورية يعني في الأوقات دي، الكلام ده بيقال لكن ما حدش يقدر يقول إن في دليل عليه، يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
زي حاجات كتير ما فيش أدلة عليها، ولكن تقال.
د. مصطفى خليل:
إنما تقدر تقول ده كلام بيقال، إنما هل حقيقي مش حقيقي؟، المهم إن نزلت جماهير كبيره من الشعب، وأنا بأعتقد إن الشعور العام اللي كان موجود طيب طالما إن إنت المسؤول عن هذا الوضع، لابد أن تستمر حتى تزيل آثار العدوان يعني مش ضروري يكون كلها تأييد له على شكل، ولكن طالما إن حصل هزيمة بالمقياس ده، وأنا بقول مقياس كان فظيع، فظيع جداً، وكان في حقيقة الأمر نقطة.. تدهور فظيعة بالنسبة للأمة العربية كلها إنما الأمور وقد حدثت، فالواحد بيقول رأيه إزاي نتلافى الأخطاء ده، وكل الكلام ده، وعارف سيادتك عبد الناصر ما كنش يتوقع دخول إسرائيل الحرب.
أحمد منصور:
بعد كل ما فعلوا ما كنش متوقع؟!
د. مصطفى خليل:
نعم ما كنش متوقع.
أحمد منصور:
أمال إيه اللي كان بيتوقعه؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل، اللي لازم نعرفه إنه ابتدى أولا بإنه طلب إن قوات الأمم المتحدة ترحل عن مصر، في نفس الوقت اللي كان (يوسنت) على الطيارة وجاي مصر، يعني كان ممكن إن إحنا نستنى لغاية ما نشوف يوسنت جاي يقول إيه اللي حصل.
لو كنا وقفنا عند الوضع ده دون إغلاق القناة يمكن ما كنتش قامت حرب، ولكن لما أغلقت القناة، وأنا بدي أقول هنا فيه حاجات مهمة جداً، إغلاق خليج العقبة ما ابتداش مع عبد الناصر، يعني مش أغلق خليج العقبة بعد عبد الناصر ما قام بالثورة في عام 1952م، إغلاق خليج العقبة مسؤول عنه حكومة الوفد سنة 1951م.
أحمد منصور:
بعد إلغاء معاهدة 1936م؟
د. مصطفى خليل:
هي نفذت زي ما بقولك ترجع لأي مراجع هتلاقي الكلام ده واضح فيه إنه سنة 1951م حكومة الوفد برئاسة (مصطفى النحاس) باشا هي اللي أغلقت خليج العقبة.
أحمد منصور:
(10/254)
لكن الإغلاق الفعلي، الإغلاق الفعلي..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كانت مغلقة ما هي اللي.. نختلف يعني إيه معنى مغلقة، إيه الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شكل الإغلاق وغيره.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
شكل الإغلاق..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هنا سعادتك بتقول برضه إن من الحسابات الخاطئة للرئيس عبد الناصر إنه لم يكن يتوقع رغم كل ما فعله إن إسرائيل ستدخل الحرب.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
طيب والآن اعترضوا عملوا..
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
أنت عارف إسرائيل عملوا حكومة وحده وطنية.
أحمد منصور:
صحيح في ذلك الوقت نعم، وذهبوا إلى الولايات المتحدة وأخذوا ضوء أخضر، الأشياء اللي هيقوموا بها، وقامت الرحب في ذلك الوقت.
في الفترة من يوليو 1970م إلى إبريل 1971م، وكان وقتها الأستاذ (محمد حسنين هيكل) وزيراً للإعلام، واختارك الرئيس عبد الناصر، أو اختارك هيكل لتكون رئيساً للهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون، أنا هأقف عند شيء واحد فقط في هذا الأمر، وهو وفاة الرئيس عبد الناصر.
قبل ما أسألك عن الشيء اللي عايز أسألك عنه، نسألك عن تأثير وفاة عبد الناصر إيه على الشعب المصري في ذلك الوقت، وأنت كنت مسؤول عن جهاز الإعلام الرئيسي في الدولة.
د. مصطفى خليل:
أستطيع إني أقول: إن كل مصري حزن على الرئيس عبد الناصر.
أحمد منصور:
مؤيديه ومعارضيه.
د. مصطفى خليل:
مؤيديه ومعارضيه، أنا شخصياً يعني رغم إني بقول أيوه كان في قرارات، والقرار خاص بـ 1967م، لكن بيني وبين نفسي الرئيس عبد الناصر عمل لبلده، عمل للأمة العربية، وللشعوب اللي كانت تحت الاحتلال، عمل لها ما لم يكن أحد غيره يستطيع أن يعمله.
أحمد منصور:
أنت تعتبر 1967م فقط الخطأ الوحيد في نظام حكم عبد الناصر؟
د. مصطفى خليل:
أيوه أنا أعتبر 1967م..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/255)
لا تعتبر نظام الحكم الفردي، ولا الاعتقالات السياسية، ولا..لا تنظر إلى هذه الأشياء كأخلاق.
د. مصطفى خليل:
لأ، كان ممكن تتطور، وتطورت فعلاً، وكنا.. الكلام اللي هو بيقوله كان باستمرار هو عايز يعمل تطوير في الأوضاع، لكن أنا ببص للحاجة اللي هي كان لها تأثير، وأنا وصفي له تأثير شنيع على الوضع بالنسبة لإسرائيل، وعلى الوضع بالنسبة للدول العربية.
أحمد منصور:
أريد أن أسألك عن شاهد رئيسي، وأنت كنت رئيسا لهيئة الإذاعة والتليفزيون في أثناء وفاة الرئيس عبد الناصر، تم تسليط الكاميرات أثناء العزاء على السيد (زكريا محيي الدين) دوناً عن الرئيس أنور السادات، أو عن نائب الرئيس أنور السادات في ذلك الوقت، هل هذا كان مقصود؟ تلميع زكريا محيي الدين، وإنه هو الرئيس الذي سيخلف عبد الناصر؟
د. مصطفى خليل:
إطلاقاً إطلاقاً.
أحمد منصور:
ما هي الأسباب التي دفعت إلى إبراز زكريا محيي الدين أثناء تشييع الجنازة؟
د. مصطفى خليل:
مفيش إطلاقاً، أنا بأكد لم يحدث أبداً إن الإذاعة والتليفزيون خدت خط مؤيد لزكريا محيي الدين أثناء الأوضاع دي..
أحمد منصور:
أمال لماذا سلطت الكاميرا عليه؟ هل كان هذا عفوي؟
د. مصطفى خليل:
لا، هو اجتهاد من بعض الشخصيات اللي كانت موجودة، وخد مثلاً كان رئيس مجلس الشعب.. اسمه في ذلك الوقت..
أحمد منصور:
(لبيب شقير).
د. مصطفى خليل:
لبيب شقير، لبيب شقير طلع برأي قانوني، وهو كان رجل قانون، لبيب شقير الواحد يعرفه كويس شخصية ذكية جداً، وإنما لبيب طلع اللي قاله: إن الدستور ينص على النائب الأول هو اللي يخلف أويبقى..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يبقى الرئيس.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
مرشح للرياسة.
أحمد منصور:
مرشح للرئاسة.
د. مصطفى خليل:
وطالما إن السادات ما هواش النائب الأول، يبقى على الأقل ما فيها الموضوع مفتوح.
أحمد منصور:
كان مين النائب الأول، ولا ما كنش فيه مسمى للنائب الأول؟
(10/256)
د. مصطفى خليل:
ما فيش النائب الأول، ما كانش فيه نائب أول.
أحمد منصور:
كان السيد (حسين الشافعي) وكان السيد أنور السادات نائبا رئيس الجمهورية في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
أيوه، بس الرئيس عبد الناصر في الحقيقة لما.. هو كان مسافر المغرب على ما أتذكر يعني وإن هو في الزيارة دي طلب إن أنور السادات يبقى نائب رئيس، وعلشان كده حتى لما بيجوا يتكلموا عن مدى أحقية أنور السادات في إنه يرشح نفسه كرئيس، كتير من المؤيدين للوضع ده بيقولوا والله الدستور ما قالش إن لازم كان يأخد Tile اللي هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لقب.
د. مصطفى خليل:
أو مسمى النائب الأول.
أحمد منصور:
في الوقت اللي كان فيه حسين الشافعي نائب للرئيس منذ عام 1962م.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
وزكريا محيي الدين ترك في 1968م.
د. مصطفى خليل:
زكريا محي الدين بعد ما ساب السلطة ما أصبح لوش نشاط، وراح قعد في بلده جنبنا في (كفر شكر) والرجل ما بيتدخلش في أي وضع سياسي بعد ذلك.
أحمد منصور:
نأتي لقضية اختيار الرئيس السادات والملابسات التي ذكرتها، صحيح إن ما أطلق عليهم بعد ذلك باسم مراكز القوى هي التي وضعت السادات باعتباره في ذلك الوقت الأضعف من حيث النفوذ في وسطهم، حتى يتم الانقلاب عليه فيما بعد إذا تهيأت الأمور للانقلاب عليه فيما بعد؟
د. مصطفى خليل:
لأ. اللي حصل إن الرئيس السادات مشي في الإجراءات طبقاً للدستور، أنت عارف الدستور هنا يعني بسرعة خالص لابد إن المرشح للرئاسة يزكيه ثلث أعضاء مجلس الشعب، يعني لو حد اترشح للرئاسة لابد أولاً إن تلت يوافقوا على ترشيحك، نفرض إن حصل 2، 3 حبوا إنهم يرشحوا نفسهم لابد إن يبقى فيه التلت أولا، بعد ما بيخدوا التلت..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يبقى التلتين يوافقوا.
د. مصطفى خليل:
(10/257)
بالظبط، يبقى انتخاب الشخص لابد إن عدد الأصوات اللي واخدها ما تقلش عن تلتين، بعد كده بيتقدم هذا الشخص للاستفتاء عليه بنعم أو لا.
أحمد منصور:
ما حدش بيقول لأ.
د. مصطفى خليل:
ما هو ما حدش بيقول أنا رأيي ان المنصب منصب خطير جدًا، يعني من أخطر ما يكون, والسلطات التي بيحملها رئيس الجمهورية سلطات كبيرة، وإنك تجيب واحد ما عندهوش فكره خالص عن، ويجي من بره مش من داخل النظام ويقول أرشح نفسي، أنا بقولك محدش هينتخبه، وفي كل الدنيا كده، لما تشوف النهارده اللي ماسك الولايات المتحدة عشان الانتخابات اللي جاية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لما روسترو جه من بره ما حدش انتخبه.
د. مصطفى خليل:
أه، يعني العملية مش بالسهولة دي، ومهياش نظرية، في واقع سياسي، إنت بتواجهه، وفيه طبعاً آراء بتستشرق المستقبل، وبترى إن المفروض نعمل كذا وكذا بدون شك، نعم.
أحمد منصور:
طيب أنا هنا في قضية الاختيار قضية اختيار الرئيس السادات، قضية اختيار الرئيس السادات بالشكل الذي تمت به كان مرضياً عنها من كل الأطراف.
د. مصطفى خليل:
كان مرضياً عنها من جميع اللي لهم تأثير على الأوضاع السياسية في مصر.
أحمد منصور:
كان في حد عنده استعداد يرشح نفسه، أو كان في حد بيطمح فعلاً أن يكون هو رئيس الدولة غير السادات؟
د. مصطفى خليل:
على مدى علمي، لأ هو اللي حصل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ولا حتى النائب الثاني اللي هو السيد حسين الشافعي؟
د. مصطفى خليل:
لا، أنا هقولك اللي حصل إيه، اللي حصل بعد انتخاب الرئيس السادات مجموعة من الضباط الأحرار قدمت له مذكرة، هم مضوها أفتكر خمسة أو ستة، وطلبوا إن يتعمل مجلس للرئاسة، وطلبوا إن مجلس الرئاسة ده هو اللي الرئيس بيرجع لهم قبل اتخاذ القرار، الرئيس السادات رفض هذا.
أحمد منصور:
الكلام ده بعد ما تم اختيار الرئيس.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
(10/258)
تركت حضرتك بعد كده موضوع رئاسة الإذاعة والتليفزيون في إبريل في عام 1971م.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
بعدها بشهر في 14 مايو حدث إن الرئيس السادات أعلن القبض على ما أطلق عليه مراكز القوى، وتم تصفية ما يسمى بمراكز القوى، وأعلنت ثورة التصحيح التي أعلنها الرئيس السادات في 15 مايو.كان لك علاقة بأي شيء من الأحداث التي تمت دي؟
د. مصطفى خليل:
مش مباشر.
أحمد منصور:
بشكل غير مباشر.
د. مصطفى خليل:
يعني مش بشكل مباشر.
أحمد منصور:
إيه هي طبيعة العلاقة؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل، يعني بعد الوضع دع إن كان فيه انقسام فعلاً، فيه بعض الشخصيات اللي كانت لها اتجاهات مناصرة للجزء اللي وقف ضد الرئيس السادات، اضطر إن يسافر ومسبش نمرة تليفونه علشان ما يدخلش في العملية، وماحدش يحرجه بإن يقول له تعالى كده أو كده، والوضع كان أزمة حقيقية، يعني موجودة في الحكم، ولكن أكتر واحد يقدر يتكلم عن الفترة دي الأستاذ محمد حسنين هيكل.
أحمد منصور:
بعد ذلك أنت تركت المسؤولية، وشاركت مع تسعة أشخاص آخرين بينهم السيد (مدكور أبو العز)..
د. مصطفى خليل[مقاطعاً]:
والشرباصي.
أحمد منصور:
وأحمد شرباصي في رفع مذكرة إلى الرئيس أنور السادات تعترضوا على الاتفاقية التي وقعها مع السوفيت؟
د. مصطفى خليل:
بالنسبة للمجموعة الـ.. هم عشر شخصيات عامة، وزي سيادتك ما قلت كان مدكور موجود، ومدكور فيه صلة قرابة بيني وبينه من ناحية والدتي.
أحمد منصور:
هو كان قائد سلاح الطيران في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
أيوه، لما قامت الثورة.
أحمد منصور:
لما قامت الثورة، ثورة يوليو.
د. مصطفى خليل:
(10/259)
أيوه، اللي حصل إن الرئيس السادات فرض عليه من جانب الاتحاد السوفيتي إنه يوقع اتفاقية بين مصر والاتحاد السوفيتي، والاتفاقية دي اللي قالوه السوفيت في ذلك الوقت عبد الناصر قبلها، وإنما لم يوقعها، إنما في تفاهم إن هي ده اللي بتنظم العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي، الشيء المهم جداً أن الاتفاقية دا هي كانت بتنص على إن إذا اتكونت حكومة في مصر وطلبت معونة الاتحاد السوفيتي زي ما حصل في أفغانستان الاتحاد السوفيتي يتدخل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إذا الحكومة طلبت تدخله.
د. مصطفى خليل:
إذا الحكومة طلبت تدخله، إحنا كانت وجهة نظرنا إن ده شيء ما نقدرش إن يقبل.
أحمد منصور:
كانت مطروحة هذه الاتفاقية، مطروحة للنقاش أم كان الرئيس السادات وقع عليها؟
د. مصطفى خليل:
وقعها.
أحمد منصور:
أنتم اعتراضكم كان بعد التوقيع؟
د. مصطفى خليل:
إحنا اعتراضنا على إن الرئيس السادات، كنا بنقول الغ هذه الاتفاقية إحنا مش كنا ضد الرئيس السادات بالعكس، لأن في الوقت اللي راحت فيه العريضة دي الـ.. بيسموها عريضة كانت إشاعات كتير عن اتجاه مجموعة اللي هو السادات..بعد كده
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الكلام ده كان وأنت لسه رئيس للإذاعة والتليفزيون.
د. مصطفى خليل:
لأ.
أحمد منصور:
يعني قبيل 14 مايو.
د. مصطفى خليل:
أيوه، يعني قبيل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
معنى ذلك إن الرئيس السادات كان عنده هواجس، ومخاوف من أن يحدث عليه أي شكل من أشكال الانقلاب من هذه المجموعة أو غيرها؟
د. مصطفى خليل:
لأ، إحنا خفنا إن.. أولاً لو كان يحصل حاجة زي دي كان معنى كده إن البلد كلها بقت شيوعية، وإن الشيوعيين مسكوا الحكم، وحلني بأه ما دام الشيوعيين مسكوا الحكم، وهندخل في عملية بالنسبة للأوضاع الدولية، بالنسبة لوضع أمريكا، بالنسبة للاتحاد السوفيتي، كل الكلام ده مشاكل بجانب استيلاء الشيوعيين على الحكم ما كانش مصر تقدر إنها تواجهها.
(10/260)
فهنا كان رأينا إحنا لما بعتنا المذكرة دي للرئيس السادات اتصلنا بيه، مثل ما اتصلناش بيه، اتصلنا بيه قلنا لو إحنا واقفين بنؤيدك، فيه مجموعة بتؤيدك، ناس طالبين كذا كذا، اللي إحنا كنا.. وهو اللي قال.. طيب نوصلك العريضة دي إزاي، هو اللي قال تتوصل إزاي، وفعلاً زي ما قال عملنا وراحت العريضة له، وهو في مجلس الشعب شتم المجموعة الـ.. وقال كذا كذا، وأنا جاتلي عريضة بتقول كذا كذا، طبعاً الرئيس السادات كرجل سياسي كان لازم يعمل كده؟ وإحنا بعد كده ناس كتير لما كانوا يقابلونا إنتم عايزين تعملوا حرب، لأ أمال عايزين إيه.
أحمد منصور:
طيب دكتور تفتكر مين العشرة، يعني ليس كل العشرة، وإنما من تتذكره منهم سعادتك، ومدكور أبو العز، وأحمد الشرباصي.
د. مصطفى خليل:
و(طراف) دكتور طرافت، نور الدين طراف دخل فيها، واتنين من مجلس قيادة الثورة مضوا لأن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مين هم تفتكر.
د. مصطفى خليل:
كمال حسين و..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كمال الدين حسين.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
ومين؟ عبد اللطيف البغدادي.
د. مصطفى خليل:
عبد اللطيف البغدادي وكمال حسين.
وكان محافظ القاهرة (صلاح دسوقي) أيضاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وكان في منصبه؟
د. مصطفى خليل:
كان فيه منصب رسمي إنما..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما كانش المحافظ في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
آه، ما كانش محافظ.
أحمد منصور:
هل تعرض أحد منكم للأذى بعد؟
د. مصطفى خليل:
لأ.لأ إطلاقاً اللي حصل إنهم حققوا مع مدكور أبو العز.
أحمد منصور:
حينما اعتقلوه مع..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لأ.لأ معتقلوهوش.
أحمد منصور:
فقط تحقيق.
د. مصطفى خليل:
(10/261)
حقق معه، ومن ضمن الحاجات اللي قالوها له، تحقيق معاه طبعاً بيسأله أسئلة أنت ليه عايز تقلب نظام الحكم، طيب الجناح العسكري كذا، الجناح المدني يبقى فلان علي والشرباصي، فطبعاً التحقيق خد مدة طويلة، خد هو قال لي بعد كده خد حوالي 24 ساعة متواصلة، وبعدين أفرج عنه، والموضوع انتهى.
أحمد منصور:
اسمح لي هنا أدخل في الجانب الإنساني شويه، حينما علمت أنه قبض عليه ألم تخاف؟ ألم تنتابك مخاوف مما يمكن أن يحدث لك؟
د. مصطفى خليل:
لأ، كان هو اللي طلبني بعد كده، وجه قابلني وحصل كذا، إحنا معرفناش إلا لما..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
معرفتوش غير بعد ما أفرج عنه.
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور:
عينت رئيس لمستقبل مصر السياسي..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لجنة.
أحمد منصور:
لجنة مستقبل مصر السياسي، وكان هذا مؤشر لعودتك مرة أخرى إلى السلطة، ممكن تدينا موجز بسيط عن هذه اللجنة، ودورها اللي طلب منها؟
د. مصطفى خليل:
اللجنة اتكونت من 100 حاجة و40.
أحمد منصور:
هذه كانت بعد حرب أكتوبر؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
في عام 1974م تقريباً؟
د. مصطفى خليل:
في عام 1974م، واللجنة اتكونت زي ما بأقول من 100 حاجة و40 عضو رأسها في أول أسبوع (سيد مرعي) وبعدين جالي سيد مرعي، وقال لي يا فلان الرئيس السادات عايزك ترأس اللجنة، أنا ما كانش لي نشاط داخل الاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم دورك السابق الكبير فيه؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
لكن كنت مجمد.. أو عضويتك مجمدة، واللا فقط لم يكن لك دور في صناعة قرار في الاتحاد الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل:
أنا ما كانش لي دور في ذلك الوقت..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في صناعة القرار.
د. مصطفى خليل:
لا.
أحمد منصور:
لكن انتمائك كان قائم كما هو؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
(10/262)
رغم أنك درست في الغرب، وعشت في الولايات المتحدة، لكن رجعت تتبنى االنظام الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل:
مش اشتراكي، ما هو تفسير الاشتراكية دي فيه ألف تفسير لها.
أحمد منصور:
هل كان لك تفسيرك الشخصي، أم هو تفسير ما كنت تتبناه؟
د. مصطفى خليل:
أنا هأقولك، أنا لما خرجت من الحكومة يعني في الفترة دية أنا اشتغلت مع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
خرجت من الحكومة سنة 1980م.
د. مصطفى خليل:
اللي هو في 66.
أحمد منصور:
أه، لما خرجت الخروج الأول في 66، نعم.
د. مصطفى خليل:
أنا كنت كاتب كتاب في البترول قبل كده.
أحمد منصور:
ده كتبته تقريباً سنة 1973م.
د. مصطفى خليل:
بعد كده كتبت كتاب ثاني.
أحمد منصور:
كتاب آخر.
د. مصطفى خليل:
كتاب آخر، كتاب تاني كان الطاقة والوضع الدولي، يعني حاجة كدة ده كتبته لمركز الدراسات الاستراتيجية بتاعة الأهرام، وده اللي خلص..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يوم 4 أكتوبر.
د. مصطفى خليل:
4.. بالضبطك.
أحمد منصور:
قبل الحرب بيومين؟
د. مصطفى خليل:
قبل الحرب بيومين؟ وده اللي جابني في موضوع سياسة البترول وقت الحرب و..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا مضطر أرجع فعلاً هنا، ولزيارتك أنت والسيد مرعي إلى الملك فيصل بعد قيام حرب أكتوبر، لتشرحوا وجهة نظر السادات في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
أيوه بالظبط.
أحمد منصور:
بالنسبة لسياسة النفط، ماذا دار بينكما؟ ما هي المهمة التي كلفتما بها؟ وماذا دار بينكما وبين الملك فيصل؟
د. مصطفى خليل:
الأول لابد إن أقول إن اللي حصل إن قامت الحرب في 6 أكتوبر الساعة اتنين وتلت على ما أتذكر.
أحمد منصور:
اتنين وخمسة يقال..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/263)
أو اتنين وخمسة اتنين وحاجة، إن الساعة ستة بعد الظهر مساء كلمني السيد مرعي، لما كلمني السيد مرعي قال لي: أنت عملت دراسة عن البترول.. وضع البترول، قلت له: أيوه أنا عملت عنها دراسة، قال لي هي فين؟ قلت له عند السيد محمد حسنين هيكل، قال دا الريس كلفني إني أشوف الوضع ده، علشان أنا هسافر دول الخليج، قلت له بكل سرور هابعتلك الدراسة، وشوفها.
أحمد منصور:
كانت مسودة لم تطبع.
د. مصطفى خليل:
كانت مسودة كانت 900 صفحة، فلما بعتله المسودة، كلمني في التليفون بعد كده، وقال لي: أنت مستني إني أنا أقرأ 900 صفحة، قلت له والله أنت طلبت كده، وأنا بعتلك، أنت عايز إيه دلوقتي، قال تقدر تعمل لي مذكرة مختصرة بقدر الإمكان، وتعرضها بكره.. نتقابل في الاتحاد الاشتراكي، وبعدين نروح للدكتور (فوزي) ونور بها له، قلت له حاضر.
أحمد منصور:
دكتور فوزي كان وزير دولة للشؤون الخارجية في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
دكتور محمد فوزي لا، كان وزير خارجية.
أحمد منصور:
كان وزير خارجية.
د. مصطفى خليل:
المهم أنا ما بكتبش، أنا بملي، فطلبت من زوجتي إنها تقعد، مليتها الـ.. كان 16 صفحة، وخدتهم، ورحت زي ما اتفقنا الاتحاد الاشتراكي، حطهم على Type wnitr، وبعدين خلصوا، فرحت أنا والسيد مرعي وهيكل، وقابلنا الدكتور فوزي.
ولما قابلنا الدكتور فوزي قلت له والله أرجو إنك تطلب السفير، فيه وكيل وزارة موجود في الخارجية اللي هو ماسك الشؤون الاقتصادية أنه يحضر، فحضر وبعدين أنا قرأت ال16 صفحة، وطلبت رأي.. إذا كان فيه حاجة نقدر نعملها، حاجة تانية تحبوا نضيفها، حاجة نعدلها، الموضوع موضوع خطير مش موضوع..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ممكن تقول لنا في إيجاز: خلاصة أهم الأشياء الأساسية في هذه الدراسة؟
د. مصطفى خليل:
إننا لا نستخدم البترول كسلاح
أحمد منصور:
ده كان تصورك قبل الحرب ما تقوم؟
د. مصطفى خليل:
(10/264)
ومازال لغاية النهارده، والحرب لما قامت ما قلناش إطلاقا إن البترول هيستخدم كسلاح، مش حقيقي.
أحمد منصور:
طيب اللي أعلن؟
د. مصطفى خليل:
ولا اللي أعلن، وأنا لما رحت للملك فيصل وقابلته، وأنا بدي أقول الملك فيصل من الشخصيات العظيمة جداً في العالم العربي كله، والعالم الدولي.
أحمد منصور:
في تاريخ العالم العربي الآن.
د. مصطفى خليل:
أيوه، وأنا لما بيقول لي هتروح، وبعد كده اتفقنا إن أنا أروح بتعمل اعتبار للشخص اللي قدامك، نوعه إيه، يعني تكلمه إزاي، تقنعه بإيه، الموضوع باختصار كامل كان إن نتيجة الدراسة إن أمريكا عندها احتياط استراتيجي، أوروبا عندها احتياطي -الغربية- عندها احتياطي استراتيجي.
فيه اتفاق إن الدولة التي تمنع عنها البترول الاحتياط الاستراتيجي للأوروبيين يمدوها بهذا الوضع، إن الدول العربية ما تقدرش أبداً من ناحيتين احترام الاتفاق، إن إحنا نقول هينفذ، وأنا بقول ما نحطش الدول العربية في هذا الوضع، لأن الدول العربية معتمدة على صادرات البترول في ميزانيتها.
إذن ما نقدرش تقول لدولة معتمدة 90% أو 95% على صادراتها من البترول اقطعي البترول في يوم وليلة قبل ما كانت تعمل حسابها بمدة طويلة لسياسة تانية، طيب البترول نعامله إزاي، البترول يعامل كسلعة اقتصادية، واستراتيجية معنى اقتصادية إن حسب العرض والطلب يحدد السعر، استراتيجية معناتها إيه؟ معناتها إن لو كان فيه دولة بترتبط مع مصر مثلا أو بأنها تورد لي معدات عسكرية، وجت وخدت صف إسرائيل، ومنعت هذا، يبقى هنا بقى أنا من حقي أمنع عن هذه الدولة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
المنع هنا منع استراتيجي مخطط، وليس منع عام.
د. مصطفى خليل:
رغم علمنا إن هذا لن يؤثر اقتصادياً على هذه الدولة.
أحمد منصور:
لكن دكتور اللي حصل كان غيره كده، حينما قطع النفط..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
بعد أد إيه؟
أحمد منصور:
حتى بعد أد إيه يعني إذن هناك سلاح..
(10/265)
[حوار متداخل غير مفهوم]
د. مصطفى خليل:
ما هو أنا هأجيلك، اللي حصل.. طيب توصيتنا إيه بالنسبة للنفط، توصيتنا إن الدول العربية ممكن إنها تؤمن النفط، ولكن لا تؤمن بيع النفط، ونقله إلى الدول المستهلكة عملية النقل والبيع دي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هم يتكفلوا بها
د. مصطفى خليل:
بالظبط.
أحمد منصور:
وده هيلقي عليهم العبء، هيلقي عليهم عبء ومسؤولية معينة.
د. مصطفى خليل:
مبقدرش يعملوها، النقطة الثانية إن الكلام اللي كان موجود وقتها، إن تكاليف إنتاج برميل البترول العربي منخفضة جداً بالمقارنة ببحر الشمال.
أحمد منصور:
صحيح ولازالت حتى اليوم.
د. مصطفى خليل:
ولا زالت إنما السعر اللي ممكن يقبل في الغرب، والكتاب ركز عليها عشرة دولار.
أحمد منصور:
وكان وقتها سعر النفط في حدود 5 دولار.
د. مصطفى خليل:
كان 3 دولار، 30 سنت، وكانت الدول العربية في اتفاقية اسمها اتفاقية طهران، كان المفروض، اللي هي كانت ماشية في 1975م، وكان العرب بيطلبوا زيادة سعر البرميل 15 سنت، فإنت لما تروح تقول له لا والله بلاش 15 سنت، وهات العشرة دولار، يبقى كلام معقول، لأنك بتطلب منه إنه يعاونك، أنت مش رايح تطلب منه، إن هو تخربه اقتصادياً.
أحمد منصور:
طيب حتى لا نغرق في هذه التفصيلات، هذه هي أهم خلاصة ما في هذه الدراسة، وعرضتموها على الملك فيصل أنت والسيد مرعي، وكان قبل الملك فيصل ما عرضتموه عليه.
د. مصطفى خليل:
بالظبط.
أحمد منصور:
ولكن اللي حصل بعد ذلك هو إن النفط قطع عن الدول الغربية واستخدم كسلاح، هل صحيح إن الرئيس السادات هو الذي طلب من الدول النفطية أن تعيد تصدير النفط مرة أخرى إلى الغرب؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن هولندا هي اللي.. وكان برضه بتوصية مننا خفضوا الإنتاج 5% فقط، علشان ترفع سعر البرميل لعشرة دولار.
(10/266)
أنا بشوف اللي بيروِّج عملية النفط كسلاح اللي هي الدوائر المؤيدة لإسرائيل اللي في أمريكا، لأنك لما تقول أنا.. النفط ده خدوا بالكم العرب حطينوا كسلاح، وهيقطعوه عن الغرب وعن أمريكا رغم إن أنا بأقول إنه مش إطلاقاً، إنك تقطعه عنهم.. Completely [بالكامل] يعني الحظر كان غير ممكن الاستمرار فيه، تاني حاجة مش هتقدر تنفذه، ولا له أي تأثير، إنما مازال يردد على آثار..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما حدث في 1973م.
د. مصطفى خليل:
أيوه ده حصل لمدة قليلة.
أحمد منصور:
طيب النفط أصبح في أيديهم يا دكتور، ويسيطروا عليه من الناحية العسكرية، وهو يتدفق عليهم، قيل (كسنجر) وضع خطة يعني للسيطرة هي التي وصلت إليها الأمور إلى ما وصلت إليه الآن، حتى لا يتكرر ما حدث في 1973م؟
د. مصطفى خليل:
لأ. أبداً، شوف..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طيب عايز أسألك إذا عندك أي معلومات عن اللقاء الذي تم بين الرئيس بوميدين والرئيس حافظ الأسد، والرئيس السادات في الجزائر الذي اتخذ.. يقال إن أخذ فيه قرار سري بالضغط على الدول النفطية لإعادة النفط مرة أخرى وعدم اسخدام النفط كسلاح؟
د. مصطفى خليل:
لأ، والكلام اللي أنا بقوله هو الكلام اللي كان ماشي، والكلام اللي كسياسة عامة بالنسبة للبترول مازال بنعتنقه حتى الآن، كلام إنكم تفكر في النفط كوسيلة ضغط، كأسلوب يخلي الدول الأوروبية والولايات المتحدة تضغط عليها، غير وارد على وجه الإطلاق.
وأنا بأقول غير وارد وبدي أقول –أيضاً- إن لا يوجد حتى اليوم أي تضارب في المصلحة ما بين الدول العربية اللي بتبيع النفط بتاعها، والغرب اللي بشتري واليابان والولايات المتحدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الغرب علشان يمنع عملية الاستخدام هذه الآن متواجد بأساطيله في الخليج..
[حوار متداخل غير مفهوم]
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أساطيله في الخليج جت نتيجة لحاجة تانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/267)
يعني هي ما نقدرش نفصلها عن بعضها..
د. مصطفى خليل:
لا، أساطيله في الخليج جت بعد دولة عربية كبيرة تستولي على دولة عربية صغيرة وعايزة تطرد أهلها كلهم.
أحمد منصور:
ده مش ضمن سيناريو كبير.
د. مصطفى خليل:
هنا بقى اللي حصل مع الكويت بالذات، إن أولاً مروا بمرحلة إن الناقلات مترفعش العلم الكويتي اللي بترفع العلم الأمريكي، وكانوا بيدفعوا نظير هذا، وتطور الأمر بعد كده إلى الحرب اللي بين العراق وبين الكويت، واللي على آثارها حصلت القوات موجودة هناك، ولكن القوات وهي موجودة هناك مش معنى كده إنها بتتدخل في الشؤون الداخلية بتاعة الدول..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هم الغربيون نفسهم أعلنوا إن وجود هذه القوات لضمان تدفق النفط.
[حوار متداخل غير مفهوم]
د. مصطفى خليل:
أنا بدي أقولك حاجة ضمان تدفق النفط مش بس لمصلحة الغرب، ولمصلحة الدول العربية المنتجة والمصدرة للبترول.
أحمد منصور:
بس لا يؤخذ رغما عنها.
د. مصطفى خليل:
وهو بيتاخد غصبا عنك.
أحمد منصور:
إذا حاولت إن تمنعه سيؤخذ رغما عنها.
د. مصطفى خليل:
أمنعه ليه؟
أحمد منصور:
إذا حاولت.. إذا فكرت.
د. مصطفى خليل:
فكرنا ليه؟، أنا بقول مع وجود حاجة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو زي سيادتك قلت إنه كشيء استراتيجي ربما مصلحتي تستدعي إني استخدمه، أمنعه..
د. مصطفى خليل[مقاطعاً]:
ليه ما أنا بدي.
[حوار متداخل غير مفهوم]
د. مصطفى خليل:
في النقطة ده نستخدمه في إيه.
أحمد منصور:
العالم العربي أليس عرضة لأن يتعرض لمخاطر لحروب لأي شيء، وليس لديه شيء..
د. مصطفى خليل[مقاطعاً]:
العالم العربي الآن مواجه بشيء خطير جداً، بيجري بحثه في الوقت الحالي، حاجة اسمها Nergy Call اللي هي بتولد هيدروجين، علشان يشغل الآلات وكل الكلام ده..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
عشان الاستغناء عن النفط.
د. مصطفى خليل:
(10/268)
أيوه، فأنت هنا بنتكلم على إيه، على البترول أنا عايز أمنعه طيب تمنعه ليه، يعني واد ماسك نبوت وعصاية وأذى وأمنعه عن الغرب، طيب تمنعه ليه، هل أنت تقدر في البلاد العربية تعيش بدون ما تستورد طيارات، بدون قاطرات، بدون مية، بص لأي حاجة هنا، النور ده طيب أنت مولعه ليه، Television ده أنت بتستخدمه ليه، دي حضارة عالمية، إحنا ساهمنا فيها، كمصر وكعرب، لأن بعدما انتقلت من مصر إلى اليونان ثم روما، وجت العصر المتوسط، كانت حضارة إسلامية، وانتقلت من الأندلس.
إذن الحضارة الموجودة النهارده ما هياش حضارة غربية، دي حضارة أسهمنا فيها، ولي الحق إن أنا أستخدمها، فليه أحط لنفسي ضوابط ملهاش النتائج اللي إحنا بنرجوها.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة أتناول معك عودتك أميناً عاماً للاتحاد الاشتراكي، بعد تعيينك رئيساً للجنة مستقبل مصر.
د. مصطفى خليل:
وهو كذلك.
أحمد منصور:
ثم أيضاً رئاستك للوزراء؟ و(كامب ديفيد) وما حدث بعدها، شكراً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
العفو.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.(10/269)
الحلقة6(10/270)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:50(مكة المكرمة)،19:50(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
26/2/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى (خليل رئيس وزراء مصر الأسبق) مرحباً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلاً بيكم.
أحمد منصور:
إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند مرحلة هامة للغاية بعد زيارتك للمملكة العربية السعودية عام 1973م أثناء حرب أكتوبر بدأت تعود إلى ممارسة دور بارز في الحياة السياسية مرة أخرى حيث كلفت برئاسة (لجنة مستقبل العمل السياسي) هل هذه اللجنة كانت بمثابة بداية لتحول في مسار العمل السياسي في مصر في تلك المرحلة؟
د. مصطفى خليل:
أعتقد هذا لأن لمَّا الرئيس أنور السادات.. يعني في ذهنه حتى ذلك الوقت إن الولايات المتحدة هي التي تستطيع أن تؤثر في المفاوضات مش بأنها تحضر المفاوضات كساعي بريد مثلاً بيوصل الأطراف رأي الطرفين، ولكنه منذ البداية كان بيرى إن الولايات المتحدة لابد أن تلعب دور رئيسي في المفاوضات.
أحمد منصور:
تقصد هنا مفاوضات فك الاشتباك وغيرها التي كانت..
د. مصطفى خليل:
بعد فض الاشتباك، تذكر سيادتك إن فيه شيء اللي هو كان مؤتمر جنيف ومؤتمر جنيف خد تقريباً من وقت فض الاشتباك لغاية (كامب ديفيد) ما حصل، وكان مفروض إن الأطراف العربية والإسرائيلية يصلوا إلى حل، ومكانش لغاية ذلك الوقت متفق على إن مين اللي هايحضر مثلاً أو إيه الموضوعات أو حيتفاوضوا خارج مؤتمر جنيف، ومؤتمر جنيف يبقى حاجة احتفالية فقط، وفِضْلوا في هذه الخلافات في مختلف الآراء لغاية أستطيع إني: أقول زيارة الرئيس السادات للقدس.
(10/271)
أحمد منصور:
وكانت مصر وحدها فقط التي حضرت مؤتمر جنيف؟
د. مصطفى خليل:
لأ مش مصر وحدها، كان المسعى إلى وجود الدول العربية.
أحمد منصور:
لكن لم تحضر الدول العربية؟
د. مصطفى خليل:
لم تحضر الدول العربية، وقدر له أن يفشل، الرئيس السادات زي ما يقول عندما فكر في إعطاء الولايات المتحدة دور الشريك الكامل، كان لابد إنه يحدث تغيير في الأسلوب..الحكم في مصر، وكذلك النظام الاقتصادي.
أحمد منصور:
يعني هنا نظام الحكم سواء السياسي أو الاقتصادي في مصر حتى تلك المرحلة كان مرتبطاً بالنظام الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
ومن ثم حينما بدأت الولايات المتحدة يبرز لها دور بدأ الرئيس السادات يفكر في التحول إلى النظام الرأسمالي أو النظام الغربي.
د. مصطفى خليل:
النظام.. لا، هو الرئيس السادات من ناحيتين: ناحية النظام السياسي اللي هو كما هنتناول فيما بعد، كان قائم على التنظيم السياسي الواحد.
أحمد منصور:
اللي هو الاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
الاتحاد الاشتراكي .. الاتحاد الاشتراكي ما كانش ينظر له كحزب إنما كتنظيم أو وعاء يضم كل الآراء، ولما فكر في التغيير ابتدأ إن هو جمع ما سمي في ذلك الوقت لجنة مستقبل العمل السياسي في مصر، كان عدد أعضائها دعاهم من مختلف الاتجاهات.
أحمد منصور:
دي بدعوة مباشرة من الرئيس نفسه؟
د. مصطفى خليل:
من الرئيس نفسه.. وكان العضوية وصلت لـ 147 حاجة زي كده عضو من الأعضاء دخلها كل التيارات، وكل الأنظمة السياسية المختلفة اللي موجودة في الساحة.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم.
د. مصطفى خليل:
سيد مرعي الله يرحمه، رأس هذه اللجنة لمدة أسبوع وبعدين جاللي سيد مرعي وقال الرئيس السادات عايز إنك ترأس اللجنة.
أحمد منصور:
أنت كان بينك وبين سيد مرعي علاقة قديمة وثيقة.
د. مصطفى خليل:
(10/272)
أه لغاية لما توفي رحمة الله عليه فقلت له يا سيد طب كفاية ما هو.. قال: لأ رأى السادات عايز كدا، ولازم تقبل.. فقلت له: حاضر أنا أرأس اللجنة ورأست اللجنة.
أحمد منصور:
كان –عفواً- قبل أن ترأس اللجنة لم يكن لك وظيفة أو دور سياسي مباشر موجود في الدولة في ذلك الوقت؟
د. مصطفى خليل:
فيما عدا –طبعاً- عضويتي في اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي، ما كانش يعني لسه، وأنا في الحقيقة كنت متنحي يعني عن هذا الوضع لما قال لي هاتراس اللجنة، رأست اللجنة لمدة شهر، اللجنة توصلت إلى 8، وأنا أذكرهم بالضبط لأن كان فيهم شقيقي دكتور محسن خليل كان عميد كلية الحقوق جامعة السكندرية، وبعدين رئيس جامعة بيروت العربية، 8 قالوا لأ لابد إن إحنا ندخل فوراً إلى نظام الأحزاب السياسية.
أحمد منصور:
عفواً، كان دور لجنة العمل السياسي إيه؟ ما هو المطلوب من هذه اللجنة؟
د. مصطفى خليل:
إنها تعطي توصيات بالنسبة للمستقبل لأنه كان بيثار في ذلك الوقت إتاحة فرصة للمعارضة داخل الاتحاد الاشتراكي، فترجمة الوضع دا كان ما سمي بنظام المنابر ...المنابر كان طبقاً لتفكير الأعضاء في الاتحاد الاشتراكي، إنها زي متقول غرفة معارضة داخل الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
من نفس أعضاء النظام وموظفيه والعاملين فيه.
د. مصطفى خليل:
كله، وإنما لما بنقول غرفة معارضة كان مفروض في الحالة دي إن الأفراد يبقى لهم حرية الحركة، يعني لما بيجي أي موضوع بيقدر أنهم يتحركوا داخل هذا الموضوع، إنما المنابر كما تصورت إنه -طبقاً لتوصيات اللجنة- إن تنشأ المنابر داخل الاتحاد الاشتراكي بمعنى.. وكانت توصياتها –أيضا- إن يبقى فيه 3 منابر منبر في الوسط اللي هو يمثل الاتحاد الاشتراكي القديم، ومنبر على اليسار اللي هو كان يمثله حزب التجمع، ومنبر على اليمين يمثله (مصطفى كامل مراد) الله يرحمه.
أحمد منصور:
(10/273)
يعني– عفواً هنا- هل طلب من هؤلاء اللي هما اليساريين واليمينيين، اللي كان مصطفى كامل مراد يرأسهم، هل طلب منهم أن يقوموا بدور شكلي، لإضافة نقلة شكلية –أيضاً- في النظام السياسي؟
د. مصطفى خليل:
لأ، مكانش العملية شكلية ولا مرتبة، ولا حصل اجتماعات، وإياهم ولا مثلاً وعود بنوع معين.
أحمد منصور:
على أي أساس تم تصنيف إن هؤلاء يمين، وأن هؤلاء يسار وهؤلاء وسط؟
د. مصطفى خليل:
دا كان الرأي السائد سواء في الصحافة، أو في عموم المثقفين الموجودين في مصر.
أحمد منصور:
يعني هذه التوصية رفعت للرئيس السادات، ولم تكن من اقتراحاته أو من توصياته هو شخصياً؟
د. مصطفى خليل:
لأ ما كانتش.. أبداً الرئيس السادات لم يتدخل في هذا الحوار، واللي حصل إن عدد كبير يعني أغلبية كبيرة جداً هي اللي قالت بالمنابر، وكما ذكرت لسيادتك إن المنابر هنا اختلفت عن غرفة المعارضة في إنها أصبح هناك تكوين قائم لمنبر اليسار، مثلاً بعضوية موجودة فيه، فيه منبر الوسط ومنبر اليمين.
منبر اليمين كان مصطفى كامل مراد بيركز على النواحي الاقتصادية اللي هي ضرورة تغيير النظام الاقتصادي ليتواءم مع إعطاء حرية أكبر لرأس المال الخاص إلى آخره من هذه المعتقدات، اللجنة اشتغلت شهر، زي ما قلت لسيادتك، وبعد شهر توصلت إلى الثلاث توصيات، دي التوصية التالتة اللي هي بقاء الاتحاد الاشتراكي كما هو، وأعتقد.. الرقم اللي أنا أذكره كان 38 عضو..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مؤيد لهذا.
د. مصطفى خليل:
مؤيد لهذا الـ38 زائد الثمانية بتوع الأحزاب الباقي كلهم حوالي المائة كان مع نظام المنابر، التوصيات دي رفعت للرئيس السادات، ووافق عليها وتقرر وجود الثلاث منابر تشكيل..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا كان في بدايات عام 1974م تقريباً؟
د. مصطفى خليل:
(10/274)
تقريباً فبعد كده المنابر لغاية محصلت الانتخابات بعد كده، المنابر نزلت هذه الانتخابات كمنابر، ولكن منفصلة بعضها عن بعض مفيش أي توجيه بيجي للمنابر سواء من هنا أو من هناك، وهنا بقى لمَّا الرئيس السادات.. بعد الانتخابات واجتماع مجلس الشعب وقتها، وقف وخطب وقال: المنابر خاضت الانتخابات كأحزاب، وبالتالي تحولت المنابر إلى أحزاب سياسية، يعني الوسط كان فيه السيد (ممدوح سالم) اللي هو كان رئيس الوزراء في ذلك الحين، واليمين كان مصطفى كامل مراد، واليسار كان السيد (خالد محي الدين).
أحمد منصور:
أنا أريد هنا أن أحاول أن استفسر عن حرب أكتوبر، ومؤثراتها على التحول السياسي، هل كان هناك.. نجاح مصر في الحرب وانتصارها فيها دفع الرئيس السادات إلى هذا التفكير، أم أنه كان –أيضاً- يفكر في هذا قبل الحرب؟
د. مصطفى خليل:
تقرأ التاريخ..الرئيس السادات، وعلاقته كانت بالضباط الأحرار في ذلك الوقت، الشيء الغريب إن اللي كان بينادي بنظام ديمقراطي متعدد الأحزاب كان (جمال عبد الناصر) الرئيس جمال عبد الناصر.
أحمد منصور:
هذا كان في نهاية حياته؟
د. مصطفى خليل:
أه، الرئيس السادات مكانش لسه الفكرة نضجت بحيث إنه هو نقدر نقول: إنه كان من مؤيدي هذا الاتجاه من الأول خالص، طبعاً الناس سألوا لقوا الرئيس السادات، كان فكره السياسي إن يستمر الوضع زيما هو قائم، ولذلك من وجهة نظري الخاصة التفسيرية رد على سؤال سيادتك: إن لأ الفكر دا جاله بعدين، أو التفكير في تغيير النظام السياسي، ووجود الأحزاب السياسية في مصر جاء بعد حرب 1973م.
أحمد منصور:
هل أراد بذلك –أيضاً- أن يغازل الولايات المتحدة الأمريكية؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، أيوه.
أحمد منصور:
شهادة للتاريخ؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/275)
أيوه، لأن الواحد لازم يبقى صادق، الرأي العام يعرف وكل الكلام دا، لأن الرئيس السادات زي سيادتك ما أنت عارف أرجع كل الخبراء السوفيت اللي موجودين.
أحمد منصور:
خلال الحرب
د. مصطفى خليل:
في الحرب كان عددهم.. الخبراء السوفيت مكانش عددهم واحد واللا اتنين كان عددهم 17 ألف.
أحمد منصور:
حسب رواية الرئيس السادات.
د. مصطفى خليل:
حرب الاستنزاف اللي حصلت كان فيه طائرات سوفيتية، وطيارين سوفيت اشتركوا في الحرب في الدفاع عن مصر، وعن هذا الوطن، فهو أراد أن يوضح إن قطع الصلة، لأن اللي كان بيحدث على الساحة العالمية في ذلك الوقت لابد إن المشاهد يبقى عارف تقارب ودي بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.
أحمد منصور:
يعني هنا أيضاً –عفواً- في الجانب السياسي بالنسبة للرئيس السادات وعلاقاته، بعد حرب أكتوبر بدأت العلاقات مع الولايات المتحدة، وبدأ دور الولايات المتحدة في قضية التفاوض هل كان الرئيس يهدف أيضاً..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
هي الولايات المتحدة ما اقتصرش دورها على الفترة دي.
أحمد منصور:
يعني كبداية.
د. مصطفى خليل:
كان لها دور كذلك عندما قامت الثورة أو حركة الضباط الأحرار.
أحمد منصور:
ما هو أنا سألت سعادتك في وقتها لما تعرضنا لهذا الجانب عن الدور اللي لعبته الولايات المتحدة في قضية الضباط الأحرار، وما دمنا قد جئنا إليها، هل يمكن أن توضحها لنا بإيجاز؟ دور الولايات المتحدة في قضية تنظيم الضباط الأحرار.
د. مصطفى خليل:
دور الولايات المتحدة أعتقد إن المرجع فيه لكتاب لعبة الأمم لمغنسيمث.
أحمد منصور:
ما يلز كوبلاند.
د. مصطفى خليل:
أيوه مايلز كوبلاند، والكتاب شائع.
أحمد منصور:
هل تعتقد إن اللي ذكره كوبلاند -وأنت كنت وزيراً ونائباً لرئيس الوزراء في عهد عبد الناصر- إن ما ذكره كوبلاند صحيح كله؟
د. مصطفى خليل:
(10/276)
أعتقد إنه قال: الحقيقة في جزء كبير من الكتاب بتاعه، العلاقات ساءت بين مصر والولايات المتحدة بعد رفض الولايات المتحدة تمويل بناء السد العالي.
أحمد منصور:
يعني نقدر نقول: إنه ظلت إلى نهاية الخمسينيات ظلت هناك علاقات جيدة؟
د. مصطفى خليل:
أه، تقريباً.. تقريباً الوضع بعد كده إن تشكلت الأحزاب الاتحاد الاشتراكي، وزع على هذه الأحزاب جميع المقار، أنا قمت بالعملية دي، التلفونات، الشقق اللي واخدها الاتحاد الاشتراكي وزعت على الأحزاب.
أحمد منصور:
أنت في هذه المرحلة انتخبت في عام 1974م بعد نهاية مؤتمر (مستقبل مصر) كأمين عام للاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
حينما اخترت لتقوم بمهمة الأمانة العامة كان دور سعادتك واضح بالنسبة لك في ظل وجود منابر أو أحزاب سياسية بعد ذلك؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، كان واضح جداً بالنسبة لي.
أحمد منصور:
كان إيه الدور اللي واضح؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لإنه لو سألتني عن ضميري السياسي، أقولك: إن الديمقراطية مش ممكن إنك تؤصلها بحزب واحد، يعني الكلام.. حرية الرأي داخل الحزب.. الكلام دا.. ممكن يكون موجود، ولكن رئاسة الحزب باستمرار حتى في الأحزاب الموجودة النهارده في الديمقراطيات العريقة، وظيفة اللجنة اللي بتبقى مركزية أو المركز الحزب بيتأثر بشكل كبير جداً بشخصية رئيسه، يعني (بلير) النهارده شخصية الرئيس هي اللي طورت برنامج (العمال).
أحمد منصور:
في بريطانيا.
د. مصطفى خليل:
بحيث إنهم قدروا ياخدوا أغلبية النهارده، برضه في ألمانيا نفس الوضع لما تروح فرنسا نفس الوضع بتجد رئيس الجمهورية من حزب ورئيس الوزراء والأغلبية من حزب تاني يبقى هنا وجود الأحزاب السياسية يبقى ضرورة لتربية المواطنين تربية سياسية، وإنهم يفهموا دور الأحزاب إيه.
أحمد منصور:
(10/277)
حينما سمح الرئيس السادات بقيام الأحزاب، هل سمح لها –أيضاً- على أن تكون ديكور للديمقراطية، أم كان لديه استعداد أن يمنح حرية لهذه الأحزاب، بحيث لو نجح فيها أحد الأحزاب في أن يصل إلى السلطة أن يتنازل؟
د. مصطفى خليل:
لأ ماعتقدش إنه كان ديكور إطلاقاً، أعتقد إن الرئيس السادات كان مخلص تماماً في تبنيه للفكرة في حد ذاتها، مش إنه يعمل نظام هو ديكور، وعارف إنه هو اللي بيحركه من الخارج، لإن العلاقة بينه وبين التجمع مثلاً مبتسمحش بهذا بينه وبين مصطفى كامل مراد، أيضاً مصطفى كامل مراد كان واخد دور باستمرار اللي هو أقرب للاقتصاد الحر أنا ما بحبش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دا شيء معلن، لكن هو كان جزء من النظام طوال السنوات الماضية.
د. مصطفى خليل:
هو كان جزء من النظام مفيش شك، ولكن حزب التجمع -أنا آسف- حزب الوسط الحزب الوطني المصري في ذلك الوقت تحت رئاسة السيد ممدوح سالم هو كان الأساس اللي بعد كده جه الحزب الوطني الديمقراطي.
أحمد منصور:
حزب مصر، ثم الحزب الوطني الديمقراطي.
د. مصطفى خليل:
بالظبط..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم.
د. مصطفى خليل:
الرئيس السادات كان لابد من وجود قانون بقى ينظم نشاط الأحزاب.. القانون دا اتعمل –فعلاً- أنا مانكرش إن كان لي دور فيه يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مقلتليش عن دورك حينما عينت أمين عام للاتحاد الاشتراكي، لم تقل لنا.. وقلت: إن الأمر كان واضح بالنسبة لك، لكن ما هو الدور اللي كان واضح بالنسبة لك؟
د. مصطفى خليل:
إن إحنا نحول الاتحاد الاشتراكي إلى نظام حزبي، وأهم حاجة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أن يتم تصفية الاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
(10/278)
لأ، شوف أهم حاجة كانت بالنسبة للإنسان، لما بيفكر في الوضع، النظام الديمقراطي بيتيح تداول السلطة يعني بالانتخابات ممكن جداً إن الحزب سواء كان يسار أو اليمين إن هو يتفوق على الحزب اللي معاه الأغلبية، مش النظام الديمقراطي، بعض الناس بيفتكروا هنا إن الأحزاب السياسية معنى إنها تلعب دور سياسي إنها تشارك في الحكم.
حزب الأغلبية لأن دا واضع تاني، أهم حاجة إن الأحزاب السياسية في ذلك الوقت ما كانتش فيها التطرف في بعض الاتجاهات كما نرى في الوقت الحاضر تطرف يميني معين يساري معين، الوضع كان لغاية تكوين الأحزاب السياسية كان البلاد اللي كانت نظمها اشتراكية، كان بترى -مثلاً- الاتحاد السوفيتي مثلاً في النجاحات اللي حققها سواء اقتصادية كما كانت تعلن، إن الاتجاه دا لابد إنه يسير عليه، أو مثله حزب الوسط، الرئيس السادات لما أعلن عن بعد كده الأحزاب واتوافق على قانون نشاط الأحزاب السياسية أهم نقاط القانون..
أحمد منصور:
أنت رأست اللجنة التي وضعت هذا القانون؟
د. مصطفى خليل:
لأ أنا كنت عضو –طبعاً- في هذه اللجنة.
أحمد منصور:
بصفتك أمين عام للاتحاد الاشتراكي.
د. مصطفى خليل:
أمين عام للاتحاد الاشتراكي، وأهم حاجة في هذه الأحزاب إن الحزب ما يكونش فرع لحزب سياسي خارجي بمعنى إن الأحزاب الشيوعية، زي -سيادتك- ما أنت بتعرف كان الحزب الشيوعي الموجود في بلد بيدين بالولاء للاشتراكية الدولية، فقانون الأحزاب منع هذا الحزب ما يكونش مبني على أساس ديني، يعني منقدرش نسمح في ذلك الوقت بتكوين حزب مبادئه زي اليمين المتطرف النهارده، أو إن المسيحيين المصريين ينشئوا حزب.
أحمد منصور:
طيب هناك بعض الناس يقولوا ما المناع؟ وهناك مثلاً الحزب المسيحي حكم ألمانيا لفترة، الأحزاب المسيحية تحت هذا المسمى موجدة في أوروبا.
د. مصطفى خليل:
هي مسميات في أوروبا.
أحمد منصور:
أيضاً، كان يمكن أن تكون هنا –أيضاً- هي مسميات.
(10/279)
د. مصطفى خليل:
لأ.
أحمد منصور:
وتستوعب من يريد أن يدخل في إطارها.
د. مصطفى خليل:
هأقولك.. الأحزاب المسيحية الأوربية حاجة تاريخية فقط، وإنما بتدل كعنوان على إن الحزب دا واخد الاتجاه اليميني أكتر منه أي حاجة تانية، وزي ما حنا عارفين في فرق كبير من التعاليم المسيحية فيما يختص بالنشاط السياسي، ومعتقدات بعض المتطرفين اليمينيين بإن الدين أو الإسلام دين ودنيا يعني هنا إحنا بنواجه وضع مختلف عن الأحزاب..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني أنت بتعتبر.. أنا ناقشت معاك في حلق سابقة العلاقة بين الإسلام، يعني الإسلام دين ودنيا، ووصلت حضرتك لقناعة أساسية، هو أنك لا ترى أن يحكم رجال الدين، ولكن ترى أن رجال السياسية يحكموا بالإسلام.
د. مصطفى خليل:
طب ودا اللي حاصل النهارده، لأن تعاليم الإسلام، القوانين .. المصدر الرئيسي للقانون هو الشريعة.
أحمد منصور:
في هذا الجانب –أيضاً- جانب الأحزاب الدينية وعدم السماح ليها، أما ترى أن ذلك يغلق الباب أمام من يريد أن يعمل في الإطار الذي وضعته الدولة، وهذا هو الذي تسبب في نشوء تيارات كما يطلق عليها متطرفة، ويعني سبب قلاقل ومشكلات في المجتمع المصري، لم يرها من قبل بسبب التضييق السياسي عليه، وعدم إتاحة المجال أن يعبر هؤلاء في إطار نظام الدولة عن تجمعاتهم أو عن أفكارهم والدولة تستوعبهم بدلاً من أن تحاربهم؟
د. مصطفى خليل:
الفرق الأساسي إن اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف موش مستعد إن يلعب دور سياسي بالنظام القائم، إنما عايز يهد هذا النظام وينشئ نظام جديد قائم على معتقداته.
أحمد منصور:
هذا جانب من المتطرفين، فعلاً ممكن أن ينادي بذلك، يكفر النظام، يعتبر أن النظام خارج ولابد أن يهدم، لكن في كثيرين –أيضاً- ينادون بأن يعملوا من خلال النظام، وهناك دول عربية بتسمح لأحزاب إسلامية أن تعمل في إطارها ومستوعباها بالكامل، ولا تستطيع أن تخرج عن إطار النظام.
(10/280)
د. مصطفى خليل:
شوف، الأحزاب اللي هي بتبقى عقائدية باستمرار الجناح المتطرف هو في النهاية اللي بيسيطر، والخبرة اللي شوفناها بعد كده اللي حصل في إيران، واللي بيحصل في أفغانستان النهارده، الصراع الدموي اللي حاصل في الجزائر بعد الانتخابات البلدية عندهم لغاية النهارده، كل الحاجات دي بتدينا فكرة إن نقول: لأ لنشاط حزب ديني، لأن في الحالة دهيت، هانبص نلاقي نفسنا انزلقنا للوضع اللي كانت فيه لبنان لما..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
طب ماذا تفعل في المتدينين، وهم جزء أساسي من تكوينة الشعب المصري؟
د. مصطفى خليل:
المتدينين ممكن جداً ينضموا إلى حزب الوسط أو الحزب الوطني النهارده، لإن من مبادئ الحزب الوطني إن إحنا -أيضاً- بنادي أيوه إن الإسلام لابد إن بكون له دور ولكن دور فين؟ في التشريعات مش إن رجال الدين هما اللي يحكموا في فرق كبير جداً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هو حضرتك قضية رجال الدين ديا هي قضية فيصلية، هنا رجال الدين لم يحكموا في تاريخ الإسلام كله، يعني في تاريخ الإسلام كله يعني في تاريخ الإسلام من أوله لآخره، كان الخليفة حاكم سياسي، لكن هي القضية هي الحكم بالإسلام، الآن حتى لا ندخل كثيرا في إطار..
[حوار متداخل غير مفهوم]
د. مصطفى خليل:
القضية اللي سيادتك بتقول عليها تاريخياً صح، يعني لو بتدرس التاريخ تلاقي الكلام دا مضبوط، ولكن الأيدولوجية النهارده اللي بتسيطر على الجماعات الإسلامية ما بتقولش كدا مختلفة.
أحمد منصور:
على جانب منها.
د. مصطفى خليل:
إلا زي (حسن الترابي) ما كان بيسعى إنشاء خلافة إسلامية أو خلافة دينية أنا بأقول دا يبقى بداية النهاية بالنسبة لمصر أنا باتكلم على مصر فقط ما بتكلمش على البلاد العربية التانية، كل بلد حر ينظم نشاطه بالطريقة اللي تعجبه، ولكن ما تقدرش تمنع في الحالة دي حزب مسيحي إنه يتكون في مصر، وما تقدرش تمنع أحزاب تانية، كل واحد النهارده في 14 حزب.
(10/281)
أحمد منصور:
الأحزاب -في الآخر- أليست تجمعات سياسية، تسعى لمصالح الناس بالدرجة الأولى، وتعمل في إطار نظام الدولة نفسه؟
د. مصطفى خليل:
والله الأحزاب كلها لما تقارن البرامج بتاعتها بما يفعلونه بعد الاستيلاء على السلطة، دا بيبقى شيء ودا شيء يختلف، وبعدين ما نقدرش نقول والله أيوه إحنا بنقبل هذا وإذا حصل طب في المستقبل نعمل إيه، لأ في المستقبل بيستولي على السلطة، وبيفرض حكمه على غيره.
أحمد منصور:
يعني في النهاية إذا اختار الشعب، يعني في النهاية بنقول: إن في 14 حزب الآن في مصر تكاد تكون أرقام، مجرد أرقام أحزاب، وليس لها إي شكل من أشكال الفاعلية المباشرة في الحياة السياسية المصرية.
د. مصطفى خليل:
شوف أنا بدي أقولك حاجة كمان مهمة جداً، لإن الرأي اللي بتقوله سيادتك دا بيتداول إن الأحزاب السياسية، مثلاً ملهاش أقدر أقول جذور في الشارع، تعداد الأحزاب في الخارج.. يعني تجد حتى وقت الحزب تعداد الحزب الشيوعي كان لا يزيد2% من عدد السكان، إن أنا أتصور إن كل مواطن مصري هايبقى عضو في حزب، وعضو فعال في هذا الحزب، وكل الكلام دا أنا بأقول إمكانيات تحقيقه مش سهلة.
أحمد منصور:
لكن على الأقل تكون هناك نسبة..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
على الأقل يكون فيه نشاط مركزي.
أحمد منصور:
لكن يعني هناك الآن انفصام بين المواطن المصري، وما بين إن ثقته في هذه الأحزاب تعبر عنه، أو الحياة الحزبية بشكل عام هي حياة حزبية صادقة، وتعبر عن النظام الديمقراطي الفعلي حتى ينتمي إليها الناس، تعيش حياة انفصام ما بين أداء الأحزاب تحولت الأحزاب إلى مجرد أشياء تقوم على مصالح بعض الفئات، أو بعض الشخصيات أو بعض العائلات للأسف، والمواطن المصري صار ضايع، وفقد الثقة تماماً أن يكون له دور يمارسه من خلال هذه الأحزاب.
د. مصطفى خليل:
(10/282)
دور المواطن في الحقيقة، وزي ما قلت قبل كدا، إنك لما بتاخد الأحزاب السياسية، لو كان عندك حزب فيه واحد زائد واحد زائد واحد لمليوني، وملهمش تنظيم سياسي نشط بيبقوا كقوة واحد، إنما واحد زائد واحد + ميه لغاية ميه. إذا جمعهم تنظيم نشط ممكن إن ده يكون يمثل ميت ألف مش ميت واحد
أحمد منصور:
دكتور مصطفى.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
بالنسبة لقانون الأحزاب –أيضا- الكثير يعتبر إن العقبة فيه هو، لأنه لم يتح المجال لاستيعاب كافة التوجهات الموجودة على الساحة المصرية، وجعل قضية الأحزاب القائمة هي أحزاب شكلية، لا يمكن لأي حزب منها أن يصل إلى السلطة، القائمين على الأحزاب أنفسهم يقولون إنه يتم وضع العراقيل والعقبات أمامهم لمجرد أن يقوموا بعمل تجمع أو اجتماع أو غيرها، معنى ذلك إن هذا القانون بحاجة إلى إعادة نظر من جديد بعد مرور هذه السنوات الطويلة على وضعه؟
د. مصطفى خليل:
شوف سيادتكم -طبعاً- إعادة النظرة لأي قانون طبقاً لتغير الظروف، ممكن محدش يقدر يعارض الرأسي اللي بيتقال، ولكن لما نقول ما هي الأسباب اللي بتدعوا إلى إعادة النظر إلى هذا القانون، سيادتكم بتقول إن فيه عقبات في سبيل إنشاء الأحزاب. أنا بقول: إن فيه لجنة هي لجنة الأحزاب، أنا كنت برأسها، وقت ما كنت في الاتحاد الاشتراكي، النهارده اللي بيرأسها السيد رئيس مجلس الشورى، القرار بتعها مش نهائي، لإنه يقدر يستأنفه، وفيه تلت أحزاب اللجنة رفضت البرامج على اعتبار إن البرامج دهيت.. القانون ينص أن يكون متميز عن غيره من البرامج فوجدوا إن تلاتة لما رفعوا قضية كسبوا القضية وأصبحت أحزاب..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده معظم الأحزاب نشأت بأحزاب قضائية، وليس بموافقة اللجنة؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/283)
لأ، دا بعض الأحزاب نشأت بموافقة اللجنة، والبعض الآخر كان نتيجة زي سيادتكم ما بتقول الناحية القانونية، أنا بقول: ما فيش عقبات الكلام اللي بقوله ليه؟ إن إحنا بنضع عقبات مفتعلة أمام قيام أحزاب؟ ولكن الأحزاب اللي تكونت زي سيادتك ما بتقول، إذا كان فيه بعض الناس بيقولوا ملهمش برامج بتتصل بجماهير الشعب، ملهمش المساندة الشعبية الكبيرة.
أحمد منصور:
دكتور مصطفى، الآن أنا أعود لقضية الاتحاد الاشتراكي، وكيف تم تصفيته مع بروز الأحزاب السياسية؟ وأنت كنت الأمين العام، ومن المفترض أنك القائم على تصفيته؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل بالظبط إن الاتحاد الاشتراكي طبقاً لقانون الأحزاب -أيضاً في ذلك الوقت- استمر هو الجهة اللي لها حق الاتصال بأحزاب سياسية خارجية، يعني الأحزاب في ذلك الوقت طول وجود الاتحاد الاشتراكي، كان الاتحاد الاشتراكي هو اللي شامل الطرف الوحيد للاتصال بالأحزاب السياسية في الخارج، دلوقتي الشرط ده مش موجود،ولكن وقتها كان موجود، إذن لما جينا نوزع طبعاً كان فيه لجنة صغيرة داخل الاتحاد الاشتراكي اللي هي قامت بتوزيع الأماكن وتوزيع الخدمات بتعتمهم سيارات تليفونات إلى آخره، كلها مكنت الأحزاب من ممارسة نشاطها الأكتر من كده، إن الأحزاب محتاجة إلى تمويل، لإن منقدرش يعني إن أقعد في برج عاجي كده، وأفتكر إن الأحزاب دول هيعيشوا على اشتراكات العضوية، الاشتراكات العضوية مبجبش رقم كبير، وزي سياتك ما أنت عارف، حتى في الولايات المتحدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح.
د. مصطفى خليل:
مشكلة هي تمويل النشاط الحزبي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الحزبي.
د. مصطفى خليل:
(10/284)
في فترة معينة أو قدام انتخابات قادمة، القانون جعل الحكومة إنها تمد هذه الأحزاب بالمعونات المالية كل الأحزاب، دا حاصل لغاية النهارده، الاتحاد الاشتراكي لما حل طبعاً الواحد حرص على إن الحل يجي بالتدريج، وميجيش يعمل صدمة، ولا يبان أبداً إن فيه أعضاء الاتحاد الاشتراكي اللي بيقولوا يستمر كما هو، الاتحاد الاشتراكي يستمر كما هو، الاتحاد الاشتراكي يستمر كما هو، الاتحاد الاشتراكي يستمر كما هو تهيئة تغيير الوضع.
أحمد منصور:
قيام الأحزاب كما ذكرنا كان غزل للولايات المتحدة ماذا كان ردها على؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش غزل، مأدرش أقول كده، ولكن إنت بتعمل إصلاح سياسي داخلي، دو الاتجاه العام في العالم كله خد بهذا المنطق، حتى الاتحاد السوفيتي لما انحل، واللي حصل فيه، أستطيع أن أقول: إن الرئيس السادات كان تفكيره سياسي منذ الصغر، كما كتب إنه لما كان 13 سنة حتى ابتدى التفكير السياسي عنده هو.. ومنقدرش ننكر إن الرئيس السادات أحدث تغيرات جوهرية سواء في النظام السياسي أو الاقتصادي يعني لما جينا وقال نظام الانفتاح، يعني إيه نظام الانفتاح، تفتح على العالم طب وإنت نظامك الداخلي إيه هنا مكنتش متبلورة النقطة دي، كما تبلورت وقت حكم الرئيس حسني مبارك.
أحمد منصور:
طب إن هنا بقا طالما حضرتك ذكرت دي عايز أستفسر منك من حاجة، وتدلي بشهادتك بوضوح عليها، هل الرئيس السادات فعلاً كانت بعض الأفكار تأتي في ذهنه، ولم تتبلور ولم تدرس جيداً، فيطلقها ويفتح العنان لها ثم تظهر مثالبها بعد ذلك، وأخطائها فيتم النظر فيها وإعادة التصويت لها؟
د. مصطفى خليل:
(10/285)
لأ، كان فيه فرق كبير، الفرق إن ممكن الزعيم السياسي اللي بتيجي في دماغه أفكار معينة أو نتيجة دراسته نتيجة خبرته، إنه بيطرح هذه الأفكار على مجموعة تبقى موجودة، وبيحصل مناقشة فيها، ولما بيحصل مناقشة فيها بتتبلور أكثر وأكثر، يعني مش ضروري أبداً إنك تاخد قرار سياسي وتطبيقه تاني يوم، القرار السياسي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هل كان الرئيس السادات يفعل ذلك.
د. مصطفى خليل:
أه.
أحمد منصور:
في ذهابه في نوفمبر 1967م.
د. مصطفى خليل:
أيوه ذهابه في نوفمبر.
أحمد منصور:
إلى القدس.
د. مصطفى خليل:
هقول لسياتدك اللي حصل إن اجتمعت لجنة الأمن القومي المصري، وأنا كنت عضو فيها باعتباري أمين الاتحاد الاشتراكي، والرئيس السادات عرض على اللجنة فعلاً الأوضاع، لإن زي ما قلت: إن كان فيه مؤتمر جنيف، وكان علاقات بين الولايات المتحدة وروسيا ابتدت تميل إلى تعايش أكثر من ... السياسة اللي كانوا مشيين عليها، وهنا رأي الرئيس السادات الموضوع مش حيتحرك إلا إذا قام حرب ثانية، وكان حرب 1973م، وناقشنا الموضوع ده.
اللي حصل بعد حرب 1973م كان نقطة مهمة اللي هي كانت سياسة (كسنجر) الخطوة خطوة، ولكن الوضع بالنسبة لمصر على وجه الخصوص والدول العربية الأخرى، الوضع كان كيف تستطيع أن تحول الرأي العام داخل الولايات المتحدة، لتأييد الحل اللي كلنا بنعتقد إن هو حل سلمي، وفي نفس الوقت حل عادل وشامل.
أحمد منصور:
كلكم مين.
د. مصطفى خليل:
كل الاتجاهات في مصر، يعني لما بتكلم على اتجاهات السياسية في مصر متجتش، يعني أنا خط شوية، وأقولك إن فيه اتجاه يقولك إلغاء الاتفاقية المصرية الإسرائيلية، لأ الكلام ده غير وارد.
أحمد منصور:
(10/286)
طب خلينا نبقى في إطار.. الآن سعاتك ذكرت بإن الرئيس السادات قال إن.. يعني كأني أفهم من كلامك: إن حرب أكتوبر كان الهدف الرئيسي منها هو أن تدخل مصر إلى مفاوضات سلام مع إسرائيل، وأن يتم مصالحة وليس قضية مجرد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، يعني كان سبقها زي ما قلت اتفاقية (روجرز) اللي هي عرضت على الرئيس عبد الناصر اتجاه سلام 100%، يعني ميقدرش الواحد يقول لا دا روجزر، كان لما تقرا المواد اللي وارده في روجزر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا قرأتها في كتاب ويليم كونز.
د. مصطفى خليل:
تجد سياتك إن يمكن بقية كل اللي حصل يمكن 80% كان موجود في اتفاقية روجزر.
أحمد منصور:
لكن إسرائيل رفضتها في تل أبيب.
د. مصطفى خليل:
إن ما تم يعني مقدرش لها إنها تعيش مقدرش لها ليه؟ يعني المبدأ الأساسي اللي ابتدأ منذ احتلال إسرائيل لسينا أو الضفة الغربية أو الجولان، المبدأ الرئيس اللي بتجده في جميع المؤتمرات، وجميع المحاولات هو الأرض مقابل السلام، ولكن أي أرض، هنا الخلاف موجود، الآن بقت الأرض مقابل الأمن.
د. مصطفى خليل:
طب اتغير حاجات كتير فيها.
أحمد منصور:
يعني قضية السلام لم تعد حتى هي المحور الرئيسي..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
الموضوع ده هخرج عن الموضوع التاني.
أحمد منصور:
أه أنا أريد أن أبقى في هذا الإطار وإن.. هل الرئيس السادات استشار أحداً قبل أن يأخذ قراره بالذهاب إلى القدس في 17 نوفمبر..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
الرئيس السادات قبل ما يذهب ما ياخذ قراره، وزي ما قلت لسيادتك إن عرض الموضوع على لجنة الأمن القومي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل أن يعلن حتى عن الموضوع.
د. مصطفى خليل:
أيوه، قبل أن يعلن عن الموضوع.
أحمد منصور:
كان مين أعضاء لجنة الأمن القومي؟
د. مصطفى خليل:
(10/287)
كان رئيس الوزراء بيبقى عضو، كان وزير الدفاع بيبقى عضو، كان القوات العسكرية موجودة، وزير الخارجية عضو، أمين الاتحاد الاشتراكي عضو، وكانوا بيجتمعوا، أهم حاجة في العملية أستطيع أن أقول لمفهومي يعني إن الرئيس السادات جالوه ضوء أخضر مرتين..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من مين؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
الأولني: كان نتيجة المفاوضات اللي حصلت بين السيد حسن التهامي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يوشه ديان.
د. مصطفى خليل:
وموشيه ديان والتالي لما الرئيس السادات ذهب لمقابلة (تشاوسيسكو) وتشاوسيسكو كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس الروماني.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
لكن الآن كل المراجع التي رجعتُ لها ما بين حسن التهامي، وما بين موشيه ديان إن كلاهما كذَّب الآخر، كلاهما اتهم الآخر بالكذب، فيما نقله.. حسن التهامي نقل ضوء أخضر عن موشي ديان موشي، ديان نفى لإن هو بلغ التهامي بهذا الكلام..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
ما أنا معنديش غير الكلام بسال، وأنا سألت موشه ديان، وقال نفس الكلام اللي سيادتك بتقوله، ولك..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ماذا قال لك موشه ديان طالما أنت سألته مباشرة؟
د. مصطفى خليل:
قال: ما نقله حسن التهامي غير حقيقي ليه؟ منتظر إن قائد عسكري زي موشيه ديان، وهو اللي أنا تفاوضت كان رئيس لوفد المفاوضات بعد كده بالنسبة للاتفاقية المصرية الإسرائيلية، بعد كده إنه هيجي، ويعترف لحسن التهامي إن إسرائيل مستعدة إنها تنسحب من سيناء، إنما المهم في ذلك الوقت مش إنه أحقق الكلام اللي قاله حسن التهامي.
أحمد منصور:
أنتم كنتم على علم كمجلس أمن قومي بزيارة حسن التهامي، ولقاءه بديان في المغرب.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
قبل أن تتم.
د. مصطفى خليل:
لا لا لا بعد ما تمت، والرئيس السادات أشار إليها وبعد..
أحمد منصور:
معنى ذلك أنها خطوة منفردة من الرئيس السادات؟
د. مصطفى خليل:
(10/288)
مش خطوة منفردة يعني زي ما بقول لسيادتك: جميع الاتجاهات اللي كانت بعد 1973م إن يحصل اتفاق سلام عن طريق التفاوض، إنما التفاوض على أيه؟ وهنا بقول المهم جداً: مبدأ الأرض مقابل السلام.
أحمد منصور:
قضية اتفاقات السلام أن يتم اتفاق سلام ما بين مصر وإسرائيل، وما بين العرب وإسرائيل بشكل عام مطروح من سنة 1948م، دكتور (محمود رياض) حتى في مذكراته أشار إلى إن من 1946م وإسرائيل عايزة.. أو اليهود قبل قيام الدولة يريدون أن يتفاوضوا مع العرب، وبعد 1948م حصل بعض الاتفاقات شبه السرية، لأن تكون هناك مهادنة بين إسرائيل، وبين بعض الأنظمة العربية، فطرح أن يكون هناك اتفاقية سلام لا يعتبر طرح جديد؟
د. مصطفى خليل:
فيه فرق بين منهجين اللي بدي أقولهم: المنهج الإسرائيلي اللي ساروا عليه باستمرار، وهو بيقولك ، 242و 338 أساس لأي اتفاق، وملخص القرارين: كان أرض مقابل السلام.
أحمد منصور:
اللي هو كان شعار مؤتمر مدريد في 1991م.
د. مصطفى خليل:
إنما لما بنيجي نقول آني أرض؟ وآني سلام؟ هنا بقى تعريف الأرض والسلام هو اللي بيبقى محل التفاوض بين الطرفين، فلما بنجي ونقول رأيي، والرأي السادات رأي الرأي السادات في ذلك الوقت كان معنى الأرض لنا تعني سيناء، إحنا يعني لما تفاوض على موضوع الأرض بالنسبة للفلسطينيين أو الأردنيين، إحنا تفاوضننا على موضوع الأرض بالنسبة لمصر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذا فيما بعد، لكن حينما أعلنت قضية الأرض أو ورغبة الرئيس السادات في أن يذهب إلى القدس، هل كان في تفكيره -أيضاً- خطوة منفردة مصرية؟
د. مصطفى خليل:
(10/289)
لأ، مكنش خطوة منفردة، ولكن الرئيس السادات لما فشل مؤتمر جنيف، لما فشلت نتائج حرب 1973م إنها تحقق سلام لما وجد إن الولايات المتحدة لما بتيجي الولايات المتحدة تتدخل النهارده، أهم حاجة عند الرئيس الأمريكي، ولما تقرأ (سكونتو) وهو كاتب حتى مراحل تحت كل رئيس من الرؤساء الصحيحيين، لما تقرا كل رئيس أمريكي بتجد نقطة أساسية، هو عايز أيوه يحل مشكلة الأرض، لكن حريص على إنه ياخذ أغلبية في الكونجرس، ودي مهمة جداً، واللوبي اليهودي اللي موجود في الولايات المتحدة.
أحمد منصور:
قضية مصالحنا وارتباطها بإن إحنا نحددها، نحن بعيداً عن المراهنات على ما يقدمه لنا الآخرون قضية مهمة جداً، وبتعتبر من الأشياء التي دفعت محمد إبراهيم كامل وكان وزير خارجية إلى أن يستقيل، أن الرئيس السادات كان بيراهن على صديقه كارتر في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
لأ، سوف أنا بدي أقولك حاجة كلام محمد إبراهيم كامل في الكتاب بتاعة، وأنا قلته الكلام ده، لأن محمد إبراهيم كامل صديق، أنا كنت أعرفه وهو لسه صغير، يعني هو كان صديق شقيقي، وهو يعني اشتغل كسفير ممتاز، أي نعم لما تجيب سفير ممتاز علشان يبقى وزير خارجية ممتاز مش تملي دا اللي بيحصل.
أحمد منصور:
هي القضية –الآن- قضية مبادئ، يا دكتور يعني قضية مبادئ، وقضية مصالح دولة.
د. مصطفى خليل:
من ناحية المبادئ.
أحمد منصور:
لا يستطيع أحد أن يشكك في إسماعيل فهمي كوزير خارجية ممتاز.
د. مصطفى خليل:
لا، محدش شكك في إسماعيل فهمي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
استقال.
د. مصطفى خليل:
إلا حاجة واحدة، وأنا قلت لإسماعيل فهمي وقتها: إن قال إن موضوع زيارة القدس لم تعرض للمناقشة، وأنا قلتله اتصلت بإسماعيل فهمي، قلته يا فلان الموضوع عرض، وذكرته بكل الكلام ده، كان رده اللي بيقوله إن أنا مكنتش فاكر الرئيس السادات جاد في الكلام بتاعه.
أحمد منصور:
(10/290)
اسمح لي يا دكتور، شكراً جزيلاً، مشاهدينا الكرام في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(10/291)
الحلقة7(10/292)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:50(مكة المكرمة)،19:50(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- د. مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
04/03/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق.. مرحباً يا دكتور.
توقفنا في الحلقة الماضية عند النقلة التاريخية التي حدثت في تاريخ مصر الحديث بذهاب الرئيس السادات إلى القدس، الرئيس السادات قبل هذه أعلن في مجلس الشعب المصري وفاجأ العالم بإعلانه، وكان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية السيدياسر عرفات يجلس بين الحضور، وربما كنت تجلس إلى جواره.
د. مصطفى خليل:
كان جنبي على طول ساعة لما أعلن.
أحمد منصور:
كيف كان إعلان الرئيس؟ وكيف كان رد الفعل؟
د. مصطفى خليل:
هو الرئيس السادات في الحقيقة، يعني بنسيب بقى النقطة إيه اللي أقنعه، وأنا أشرت إلى الضوء الأخضر اللي جاله نتيجة زيارة (حسن تهامي) ومقابلته لـ(موشي ديان) في المغرب، وإن هو قابل (تشاوسيسكو) وكل ده، وإنما الرئيس السادات وجد نفسه إنه لا يستطيع تحريك القضية إلا بعمل أساسي اللي هو زيارة القدس، كان هدفه منها إنه يبلغ الرأي العام الإسرائيلي من خلال ممثليه في الكنيست برغبة مصر في التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
(10/293)
إسرائيل باستمرار عشان تبين نفسها إنها دولة محبة للسلام تفتعل أي حادث زي ما حصل في.. الآن سواء مع الفلسطينيين، وتقول والله سبب الكلام ده الطرف الآخر أنا دولة سلام، وعايزه سلام.. لكن أني شروط؟ هو ده المهم، أني أرض تنسحب منها؟ أني ترتيبات عسكرية ممكن إنها تدخل أي اتفاقيات تطبيع وسلام بين البلدين؟ يعني كل الحاجات دي مترتبة على الإعلام بتاعها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كانت واضحة في ذهن الرئيس السادات حينما أعلنها؟
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
حينما ناقشكم فيها كمجلس للأمن القومي؟
د. مصطفى خليل:
واضحة، والرئيس السادات الخطاب بتاعه في الكنيست خطاب رائع، وأنا أرجو إن.. يعني السادة المشاهدين إن يرجع للكلام اللي قاله الرئيس السادات في الكنيست، اللي حصل إن (بيغن) طلب الخطبة اللي كانت معدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح، بس أنا لسه الآن قبل الكنيست، أنا لا زلت في مصر لازلت في مجلس الشعب وإعلان الرئيس السادات، وقبل مجلس الشعب النقاش الذي دار في مجلس الأمن القومي، هل وافقتم جميعاً على الخطوة التي أعلن الرئيس السادات القيام بها.
د. مصطفى خليل:
أعتقد جميع من كان حاضراً هذا الاجتماع من أعضاء مجلس الشعب صقفوا [صفقوا] للرئيس السادات، ووافقوا على هذه الخطوة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، أنا أقصد مجلس الأمن القومي، هل اعترض أحد على ذهاب الرئيس أو رغبة الرئيس في عمل اتفاق سلام.
د. مصطفى خليل:
لا.. اللي بيحصل كان -طبعاً- بتتوجه أسئلة يعني.. طيب لو حصل كذا يبقى إيه، وكل ده، فتبقى مناقشة بتأخذ الأبعاد، وبعديها بيتضح الرأي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس السادات كان يعلم أن هذا الاتفاق سوف يجعل الدول العربية تقاطع مصر كما حدث، سوف يهز الرأي العام المصري ويقسمه أيضا؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/294)
خليني في الدول العربية، هو كانت وجهة نظره إنه مش عايز يضع على حكام البلاد العربية أي مسؤولية نتيجة تصرفه، مش إنه معتقد إنه هتيجي مقاطعة وبرغم هذا ذهب إلى القدس..أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني ما كانش يتوقع حدوث المقاطعة..
د. مصطفى خليل:
ما كانش يتوقع أبداً، بالعكس كان بيتوقع إنه بيفتح الباب، طالما إن الكل موافقين على التفاوض وعلى اتفاقيات سلام، إنما بيفتح الباب، وبيقول للشعب الإسرائيلي في نفس الوقت إحنا عاوزين سلام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هذا كان يتناقض حتى مع مبادئ الجامعة العربية التي تنص على عدم قيام أي دولة بصلح منفرد أو بالسعي للصلح مع إسرائيل..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
آه طبعاً صار يتعارض مع ما توصلت إليه القمة العربية في الخرطوم -لو تذكر سيادتك– اللاءات..
أحمد منصور [مقاطعا]:
اللاءات الثلاث
د. مصطفى خليل [مستأنفا]:
آه.. يعني يتعارض..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني بيتعارض، واعتبر- أيضاً – أنه يتعارض مع المصلحة العربية بشكل عام على اعتبار أن إسرائيل دولة معتدية ومستولية على أراضي عربية، وما كان ينبغي للرئيس السادات وقد وقف العرب إلى جواره في حرب 73م أن يخطو هذه الخطوة المنفردة.
د. مصطفى خليل:
هو ما دخلش منفرد هو حاول، إنما لما وجد إحجام من بعض الدول العربية، خاصة لما تيجي النهار ده، وبنقول طيب إيه السبيل لحل القضية، ما هو السبيل؟ حرب، طيب حتى لو كانت حرب، وأنا باقول الكلام ده لأنه قلت إن حرب 73م دخلت الولايات المتحدة في الصراع المسلح بين مصر وإسرائيل، إذا أنت عرضة لأن هذا يحدث مرة ثانية، على فرض إنه حصل أو ما حصلش كنت هتقعد ضروري مع الطرف الآخر تتفاوض وياه على إقامة سلام. ما كانش الموضوع أبداً في ذهن الدول العربية إن اليهود اللي موجودين في إسرائيل إنك ترميهم في البحر زي كوسوفو النهار ده، لا..
أحمد منصور:
لكن هذا كان أحد الشعارات السابقة التي أعلنت..
(10/295)
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
يا سيدي، كان أحد الشعارات اللي بتكسب رأي عام متسرع، رأي عام ما بينظرش إلى المصالح الحقيقية لبلده في أي اتجاه، ولكن لما تبص النهار ده لحل هذا النزاع، كيف يحل هذا النزاع؟!
أحمد منصور:
ليس بالضرورة أن يحل في هذا الآن وفي هذا الوقت، وأعمار الشعوب والأمم لا تقاس بسنوات الحكام الذين يحكمون، وإنما تتاح الفرصة لأجيال قادمة إذا عجز هذا الجيل عن حل هذا النزاع بالشكل الذي يضمن الحقوق كاملة، ويرد الأرض المغتصبة، تتاح الفرصة لأجيال قادمة، وتاريخ الأمم كله مليء بهذا.
د. مصطفى خليل:
فعلاً، بس فيه نقطة بقى مهمة اللي هي إن الضفة الغربية.. قطاع غزة مختلفين كل الاختلاف عن باقي الأراضي المحتلة الموجودة سواء سيناء أو الجولان أو القدس، وطبعاً أنا مش حاخش في الموضوع بتاع السفارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سندخل له بالتفصيل على اعتبار أن الضفة بتمثل بعد توراتي عقائدي يهودي يتمسك به الإسرائيليين، وليسوا على استعداد لأن يتنازلوا عنه.
د. مصطفى خليل:
طيب.
أحمد منصور:
طيب، الآن في مجلس الشعب، السيد ياسر عرفات أصر الرئيس السادات على أن يكون موجود في مصر، وأن يكون موجود في مجلس الشعب وهو يعلن عن استعداده للذهاب إلى إسرائيل. ويقال: إن الرئيس عرفات كان –أو السيد عرفات في ذلك الوقت– كان عنده رحلات مختلفة، ولكن تم الإلحاح عليه حتى جاء. ماذا كان يقصد السادات بالضبط من إعلان ذلك في وجود ياسر عرفات؟ وأن يفاجأ عرفات مثله مثل الآخرين؟ بل وأن يصفق – كما ذكرت سعادتك وكان يجلس إلى جوارك – مثله مثل الآخرين؟
د. مصطفى خليل:
شوف سيادتك أنا بدي أقول لك حاجة، طبقاً لاعتقادي الخاص، ونتيجة لتجربتي التفاوضية مع الإسرائيليين، أنا معتقد أن القضية الفلسطينية لو كانت نوقشت وتم التفاوض عليها بعد كده، كان الفلسطينيين ممكن يحصلوا على شروط أفضل جداً من اللي ممكن يحصلوا عليها.
(10/296)
إن إحنا نترك القضية للأجيال اللي هاتيجي لها محاذير كبيرة:المحذور الأول اللي هو بناء المستوطنات، وأنت عارف المستعمرات يعني تقدر تقول إنه بيغير وجه المنطقة، بحيث إن لما بتيجي بتتفاوض حتى عليها -كوسيلة تفاوض – بتجد الأطراف يقول لك: لا متخلكش بقى رجل بتتكلم في مبادئ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا معلش يا دكتور – اسمح لي – أنا مش عايز أقفز..
د. مصطفى خليل [مستأنفا]:
إحنا بنتكلم على الأرض..
أحمد منصور [مقاطعا]:
مش عايز أقفز –أيضاً- على هذه الأشياء، أنا الآن في إطار عرفات.
د. مصطفى خليل:
لا أنا لا.. إذا كان عرفات بيقول لي إنه أخذ وكذا وهو ما كانش موافق عليه، هذا رأيه.
أحمد منصور:
صحيح أنه خرج من مجلس الشعب مباشرة، وركب طائرته، وخرج من مصر؟
د. مصطفى خليل:
والله، أنا اللي شفته كان السيد ياسر عرفات.. عايز النهار ده يقول إنه مش موافق رغم أنه كان موافق قبل كده، ممكن جداً، ممكن لأن الظروف اتغيرت وكل حاجة، إن هو يبرر إنه صقف لما الرئيس السادات قال الكلام ده بكذا وكذا، باقبله، ما أجيش أخط ياسر عرفات، وأقول طيب أنت عملت كذا، زاي النهار ده بتقول.. لا؟
أحمد منصور:
كنت تعلم أن الرئيس السادات سيعلن بصفتك عضو في مجلس الأمن؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، إحنا لغاية ما أعلن الرئيس السادات.. اللي ما كانش معروف لنا، واللي قالوا بعد كده اللي هو تحديد موعد الزيارة، تحديد موعد الزيارة جا بعد إعلان الرئيس لذهابه للقدس. أنا باقول أي احد من الدول العربية أنا باقسمهم قسمين: دول معنية اللي هي في حقيقة الصراع مع إسرائيل، والدول العربية الخارجية اللي هي الدول اللي ما لهاش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دول المواجهة والدول المحيطة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
فكل واحد له رأيه، ولكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس السادات ذهب إلى الرئيس الأسد وحاول أن يقنعه قبل ذهابه إلى القدس؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
(10/297)
لما الرئيس السادات إحنا.. أنا كنت في المطار باودع الرئيس السادات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أثناء ذهابه إلى دمشق ؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
عندما ذهب إلى دمشق، ولاحظت إن السيد (إسماعيل فهمي) مش موجود وياه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وزير الخارجية.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وزير الخارجية، فطبعاً صار جدل بيني وبين (سيد مرعي).. طيب (إسماعيل فهمي) فين؟ ما طلعش ليه الطيارة؟ فقال: ده يمكن هو جاي من تونس كان في زيارة لتونس، فقال يمكن تعبان أو عيان، أنا هأسأله لما نروح مكتب (سيد مرعي) في مجلس الشعب. فأنا ركبت مع سيد ورحنا المكتب، وسيد اتصل بإسماعيل فهمي وبعد كده زاره، ولكن النتيجة إسماعيل فهمي قال: لا، أنا قدمت استقالتي يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده بعد إعلان الرئيس للزيارة.
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور:
وكذلك (محمد رياض) وزير الدولة للشؤون الخارجية؟
د. مصطفى خليل:
لا، حصل بعد كده.. الرئيس السادات راح سوريا، واللي اتوجد هنا كان الرئيس مبارك – النائب حسني مبارك وقتها – الرئيس السادات طلب من النائب حسني مبارك بأنه يطلب محمد رياض ويعرض عليه تعيينه في وزارة الخارجية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مكان إسماعيل فهمي
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه مكان إسماعيل فهمي، فعلاً الرئيس مبارك طلب محمد رياض، محمد رياض قابل الرئيس حسني مبارك في ذلك الوقت.. محمد رياض لم يرفض، وإنما تردد وقال: طيب أنا بدي أفكر, يعني ده اللي حصل بالضبط… طيب بدك تفكر، لا الموضوع ما يحتملش.. وبعد ما تفكر تيجي تقول قبلت أو ما قبلتش، ده موضوع منتهي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
معنى ذلك أنه الرجل أيضاً كان له موقف خاص بعملية ذهاب الرئيس السادات للقدس.
د. مصطفى خليل:
طبعاً، ممكن جداً كل واحد يعني مش بس هو، كل واحد في الشارع له رأي خاص.. ما يجراش حاجة.
أحمد منصور:
(10/298)
الانقسامات التي حدثت في الشعب المصري آنذاك، هل كان الرئيس السادات يعني له حساباته بالنسبة لها؟
د. مصطفى خليل:
لما رجع الرئيس السادات من زيارته للقدس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل الزيارة.. أنا لسه الآن كله قبل الزيارة.
د. مصطفى خليل:
لا قبل الزيارة كان بيعتقد إن الرأي العام معاه.
أحمد منصور:
حينما ذهب إلى دمشق وأنت كنت في وداعه في المطار، ماذا كان يتوقع من الرئيس الأسد؟
د. مصطفى خليل:
عدم القبول.
أحمد منصور:
طيب لماذا ذهب له؟
د. مصطفى خليل:
ذهب ليطلعه أو يحيطه علماً بالخطوة اللي حياخذها، بحيث إنه ما يقولش إن أنا فوجئت أو حصل كذا..
أحمد منصور:
ماذا قال لكم السادات بعد عودته من دمشق؟
د. مصطفى خليل:
قال أنا مش عايز أحرج أي رئيس من رؤساء الدول العربية في إنه يؤيدني أو مايؤيدنيش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كانت القضية محسومة بالنسبة له.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أنا متحمل المسؤولية.
أحمد منصور:
هل برضه مصائر الشعوب والقرارات المصيرية تؤخذ بهذه الطريقة؟
د. مصطفى خليل:
آه طبعاً الرئيس بيستشير المجموعة اللي بتبقى موجودة وياه، وبيضع الخطوات السياسية بتاعته، وده بيحصل في كل العالم.
أحمد منصور:
إذا وزير الخارجية اللي هو رجل الدبلوماسية الأول لم يستشر، وكذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية، وإسماعيل فهمي معروف أنه رجل عنده خبرة عريقة في العمل الدبلوماسي والرئيس تجاوزه، إذن الرئيس استشار من ضمن أنهم سيقولون له نعم.
د. مصطفى خليل:
ممكن جداً يخرجوا، وممكن جداً يبقى لهم آراء مخالفة للرئيس، وبعد كده كل واحد يخرج، وارد كل الكلام ده، لكن الحكم على أي سياسة من السياسات في النهاية – وخاصة في مصر وطبقاً للدستور – هي رئيس الجمهورية.
أحمد منصور:
يعني إذن الصلاحيات تكاد تكون مطلقة أو واسعة في يد رئيس الجمهورية حتى بالنسبة للقرارات المصيرية..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
(10/299)
أي قرارات في العالم، أي رئيس في العالم يعني أو النظام البرلماني أي رئيس حكومة فيه بيجي نتيجة للانتخابات، الرئيس بيبقى له دور فعال كبير جداً في القرارات اللي بتتخذ.
أحمد منصور:
لكن إحنا – على سبيل المثال – عندنا الجهة المقابلة – وهي إسرائيل، حتى الاتفاقات لابد أن الكنيست أن يقرها وأن يناقشها، وأن تأخذ قسط واسع حتى بعد موافقة رئيس الوزراء عليها.
د. مصطفى خليل:
هو اللي بيتعمل مش المناقشات في يعني في إسرائيل مش السابقة على اتخاذ القرار، المناقشات السابقة على اتخاذ القرار بتتم في مجلس الوزراء هناك أو مجلس الوزراء المصغر, إنما ما يتم الاتفاق عليه بيعرض على..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فإذا رفض يعتبر غير.. لا يطبق وليس له وجود …
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
كان أهم شيء عرض على الكنيست بعد ذلك في المفاوضات بين مصر وإسرائيل، موضوع المستوطنات، مصر أصرت على إن المستوطنات - كان فيه 13 مستوطنة - إن هم ينسحبوا.
أحمد منصور:
حينما ذهبت مع الرئيس إلى القدس من الذي اتخذ قرار ذهابك؟
د. مصطفى خليل:
ذهابي أنا؟
أحمد منصور:
آه.
د. مصطفى خليل:
أنا اللي أخذته.
أحمد منصور:
كيف؟
د. مصطفى خليل:
كلمت الرئيس السادات، ودي موجودة في كل المراجع وعمري ما نكرتها، وكلمته في التلفون لما عرفت القصة، قلت له: سيادة الرئيس، هل أنا عمري طلبت Favour منك أو من أي رئيس؟ قال: لا ما حصلش، قلت له: طيب، أنا لابد إن آجي معاك في زيارتك للقدس، ده كان الأساس، قال: أنا موافق، بعد كده لما طلع المطار، هو ثاني يوم طلع المطار بقى وراح سوريا، فإحنا واقفين علشان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت وقتها الأمين العام للاتحاد الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل:
(10/300)
كنت الأمين العام أيوه، والرئيس السادات لما فات سلم علي قال: أنت مستعد يا مصطفى؟ قلت له: أيوه، سيد مرعي كان جنبي على طول قام بص لي قال لي: مستعد إيه؟ كان فيه إشعاعات إن أنا مرشح كرئيس وزراء، قال: أنت قبلت تيجي رئيس وزراء؟ قلت له: لا، مش الموضوع، قال: الموضوع إيه؟ قلت له، ده اللي حصل بالضبط.
أحمد منصور:
أنت أدركت –مع تأييدك المطلق للرئيس السادات في خطوطه– أنه سيكون لك دور سياسي متميز في هذه المرحلة؟
د. مصطفى خليل:
أنا عمري ما فكرت كمنصب، ولكن الواحد بيفكر مستقبل بلده حيبقى إيه، وعمري ما فكرت أبداً إني أنا الوحيد اللي أقدر أعملها، باعتقد في الرأي العام المصري وفي القيادات الموجودة فيه ناس كثير جداً على درجة كبيرة من التميز، يعني مش باقول لك أنا الوحيد، إطلاقاً، إنما تسألني عن هل كنت موافق داخل ضميري أو لا؟ أيوه، لأني وجدت إن ده السبيل الوحيد اللي إحنا نقدر نعمله لحل الإشكالات اللي بيننا وبين إسرائيل.
أحمد منصور:
لك الحق أنت تعتقد ذلك وأنت في موضع المسؤولية، ولكن أنا هنا باسألك القناعة اللي كانت تملأك هذه، كنت أنت على يقين أيضاً إنك أكثر الناس المؤهلين للعب هذا الدور في ذلك الوقت، وإن السادات بالتأييد القوي اللي وجده منك يمكن أن يرشحك للقيام بدور متميز؟
د. مصطفى خليل:
ما كانش.. أنا عرض علي... ما كانش الموضوع منصب إطلاقاً، المنصب في حد ذاته يعني فرض علي أعباء ضخمة جداً، أن تتولى مسؤولية بلدك..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إحنا لسه الآن بعيد عن المنصب، وإنما عن دور في عملية التسوية أو في الزيارة وكده.
د. مصطفى خليل:
لا، مش ضروري، لأن طبعاً رئيس الجمهورية له الحق إن هو.. زي ما بعث حسن تهامي.. يعني حاجات كثير بيكلف بيها أشخاص معينين.
أحمد منصور:
(10/301)
حينما رفض (محمد رياض) المنصب، (إسماعيل فهمي) استقال، كان لابد لرئيس الجمهورية ألا يذهب إلى القدس إلا وفي معيته وزير خارجية أو وزير دولة للشؤون الخارجية في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
هنا جا دور الدكتور بطرس.
أحمد منصور:
أيوه، كيف وقع الاختيار على بطرس غالى؟
د. مصطفى خليل:
بطرس غالي أول علاقة له بالحكم –مؤسسات الحكم– كان معاي، لأن – زى ما قلت لسيادتك – إن العلاقات الخارجية بين الاتحاد الاشتراكي والأحزاب السياسية الأخرى؛ ده استمر مسؤولية الاتحاد الاشتراكي، فلما جبت أمين قلت طيب مين اللي هيعمل العملية دي؟ فاتصلت بالدكتور بطرس، جا قابلني، قلت له: تقدر تيجي وتمسك العملية دي قال: آه. هنا ابتدت علاقته بالحكم.. بالأجهزة اللي موجودة، علاقته أيضاً بالرئيس السادات.
أحمد منصور:
يعني مين اللي رشحه؟ يعني هل أنت رشحته لمنصب وزير الدولة للشئون الخارجية؟
د. مصطفى خليل:
أنا لما قالوا لي، طبعاً قلت أيوه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن مين..؟
د. مصطفى خليل:
فيه غيري يعني طريقة اختيار الوزراء في مصر لها System تاني.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مش هتكشف لنا سره يعني.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
فطبعاً لما الواحد بيسأل عن شخص، وأنا أكره جداً إني أقول مثالب أي واحد أو أي.. الجانب الآخر ما ليش دعوى به، أنا أقدر أقول: أيوه فلان يقدر يعمل الحكاية دي كذا كذا كذا أصلاً ما يقدرش يعني على حسب، إنما جميع النواحي التانية الرئيس هو اللي بيقدرها.
أحمد منصور:
مشاعركم إيه وأنتم في الطائرة المتجهة الآن إلى القدس؟
د. مصطفى خليل:
الرئيس السادات كان في حالة كويسه جداً، لما جات طيارات وده انتشط كثير أوي شوف ده إحنا طايرين على سيناء وبعث طيارات علشان تحيينا، لما وصلنا هناك. أنا كنت التاني في الـ.. يعني هو كان الرئيس السادات أنا كنت باتلوه في.. الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في الترتيب.
د. مصطفى خليل:
(10/302)
في الترتيب.
أحمد منصور:
ومين كمان أهم الشخصيات اللي كانت معكم؟
د. مصطفى خليل:
أهم الشخصيات.. اللي حصل إن بعد زيارة الرئيس السادات لسوريا ورجع وأعلن الموعد، الرئيس السادات طلب مني أذهب أنا وسيد مرعى إلى ممدوح سالم رئيس الوزراء في ذلك الوقت لـ.. إن إحنا نقترح عليه مين اللي هيرافقه في هذه الرحلة.
أحمد منصور:
يرافق الرئيس السادات ؟
د. مصطفى خليل:
أيوه … فتفكير جالنا إن أفضل حاجة إنك مش بتختار الشخصية باسمها، إنما قلنا اللجان النوعية اللي موجودة في مجلس الشعب، رؤساء هذه اللجان هم اللي يذهبوا كوفد مع الرئيس..وفعلا ده اللي تم.
أحمد منصور:
لكن كمسؤولين، غير أنت ووزير الدولة للشؤون الخارجية بطرس غالى.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
مين تاني كان معاكم من الوزراء أو المسؤولين؟
د. مصطفى خليل:
لا، رئيس الوزراء ما جاش وقتها ولا احد من الوزراء، كان الوفد كده.
أحمد منصور:
حينما فتح باب الطائرة قيل: إن الإسرائيليين كانوا يتخوفوا أن تكون الطائرة تحمل مجموعات كوماندوز مصرية بهدف تصفية القيادات الإسرائيلية التي كانت في المطار آنذاك، صحيح هذا الاعتقاد لدى الإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
الكلام ده قالوه بعض الكتاب في إسرائيل، ولكن أنا بدي أرد عليه: مش طبيعة مصر على وجه الإطلاق، إن رئيس الجمهورية يعلن إنه هيروح هناك وبدل ما هو يروح يبعث فريق إرهابي علشان يقتل الموجودين. مصر عمرها ما مارست أعمال إرهاب، يعني مصر الرسمية كحكومة لم تمارس على وجه الإطلاق أي نوع من الإرهاب ضد أي فرد أو منشأة أو.. أو إلى آخره..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من خلال صداقاتك وعلاقاتك مع الإسرائيليين..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
ولكن إسرائيل بيقولوا الكلام ده علشان يبينوا… إسرائيل عندهم هاجس باستمرار-تلاحظه– في حكاية الأمن، كل حاجة يترجمها للأمن.
أحمد منصور:
طبعاً مغتصب لابد أن هو يكون خايف…
(10/303)
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كل حاجة بتترجم لأمن، قالوا للرئيس السادات كنا خايفين، إحنا ما عرفناش إنهم كانوا خايفين.
أحمد منصور:
ألم يتحدثوا معاك أنت دار بينك وبينهم، ألم يسر لك أحد بهذا الكلام اللي نقل في كثير من…
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كلنا اللي كنا هناك كنا مدنيين مش عسكريين.. قبل الطيارة ما تقوم بـ 3 أيام راح أمين عام الرياسة لإسرائيل ورتب وياهم، ضروري، قعد 3 أيام ورتبوا كل حاجة، فمش معقول الرئيس السادات هييجي بدل الرئيس السادات يفتح الباب ينزل فريق إرهابي.
أحمد منصور:
كنت الشخص الثاني بعد الرئيس السادات التي وطئت قدماه أرض القدس.
د. مصطفى خليل:
آه، آه.
أحمد منصور:
نرجو أن تصف لنا الجانب النفسي وشعورك وأنت الآن ذاهب، وكيف تم عملية… لأن كان هناك صحفيين كثيرين معاكم كان موسى صبري، كان.. ربما أنيس منصور، تم توزيع الصحفيين كتوزيع الوفد.
د. مصطفى خليل:
إسرائيل كانت مجهزة عربيات نقل، المطار أصله يبعد عن القدس حوالي ساعة، فاللي رافقني كان وزير التخطيط (سامحا إرلخ)، (سامحا إرلخ) أصله بولندي أوروبي، أنا لما نزلت من الطيارة –أنا زي ما قلت قبل كده- ما عنديش شعور سيكولوجي معادي على وجه الإطلاق…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم كل ما فعلوا في الفلسطينيين؟!
د. مصطفى خليل:
رغم كل حاجة لغاية النهار ده، أنا مستعد للحديث وللكلام مع أي طرف آخر، حتى لو هو شعر إنه بيكلم عدوه أنا ما باشعرش بهذا.
أحمد منصور:
كان فيه امتداد لما تحدثنا عنه في الحلقة الأولى من مشاعرك تجاه الطرف الآخر، وخاصة اليهود سواء كانوا زملاءك أو غيره، مع ما وجدته حينما التقيت مع سامحا إرلخ والقادة الآخرين؟
د. مصطفى خليل:
(10/304)
أنا بعد ما التقيت مع سامحا إرلخ ركبت العربية أنا وهو، وكنت باسأله على.. أنت وزير تخطيط، تخطيط إيه؟ إذا كانت إسرائيل.. يعني المنهج الاشتراكي مش مطبق عندها، إيه بالضبط اللي بتعمله؟ فده كان موضوع الحديث اللي دار بيني وبين سامحا إرلخ.
أحمد منصور:
خلال أيام تواجدكم في القدس، الرئيس السادات كان يتوقع أن يحصل على إيه من هذه الزيارة؟
د. مصطفى خليل:
يحصل على؟
أحمد منصور:
على إيه من هذه الزيارة؟
د. مصطفى خليل:
تحريك الرأي العام الإسرائيلي تجاه السلام.
أحمد منصور:
وهل نجح في ذلك؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
الخطاب الذي ألقاه في الكنيست من الذي كتبه؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
الخطاب الذي ألقاه خطاب رائع، تمسك كامل بالحقوق العربية، ممكن الخطاب ده هو يترجم وجهة نظر الرئيس السادات فيما تم، و لكن اللي حصل -زي ما قلت لسيادتك- إن بعد ما اتكلم كثير على اعتبار تحديده لسيناء والضفة الغربية وكل الكلام ده، إن دي أراضي عربية محتلة ويجب على إسرائيل إنها تنسحب منها.. هنا بقى (بيغن) طلع واتكلم عن الضفة الغربية والتفكير الديني سيطر على…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرد الذي طرحه بيغن -أيضاً- نسف كل ما طرحه السادات.
د. مصطفى خليل:
آه طبعاً، وبعدين احنا بعد الخطبة رحنا، الكنيست فيه حجر للوفد، فأنا قعدت وأظهرت…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شعوركم إيه لما السادات راح قدم كل شيء، وبيغن نسف كل شيء؟
د. مصطفى خليل:
هو ما نسفش الـ Process العملية نفسها، هو أوضح عن معتقدات تشكل عقبة، طبعاً…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو عنده بعد توراتي، وأنتو أيضاً رايحين بدون البعد الإسلامي بتاعكم، صح؟
د. مصطفى خليل:
الإسلام كدين ما يدخلش هنا.
أحمد منصور:
طيب هم اليهودية كدين داخلة هنا.
د. مصطفى خليل:
مش داخلة كرجل دين..يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]:
داخلة كمعتقد.
د. مصطفى خليل:
بيغن داخل كمعتقد.
(10/305)
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
أنا عندي عقيدة أخرى.
أحمد منصور:
عقيدتك الآن أيضاً لها محرك تجاه التعامل مع اليهود، هل كان واضح عندكم إنكم رايحين تتفاوضوا… هم عندهم اعتقاد واضح في تعاملهم معاكم كمسلمين، كرجال سياسة هم..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
أنا ما بتكلمش الآن كرجال دين يهود، إنما هم كسياسة واضح في ذهن الإسرائيلي سواء كان سياسي أو كان طفل في الشارع أو كذا، معتقداته الدينية واضحة تماماً.
د. مصطفى خليل:
مش كلهم طبعاً.
أحمد منصور:
بشكل رئيسي، فيه أساسيات لا يمكن.. أنا لا أقصد الدين اليهودي كديانة، ولكن أساسيات لا يمكن التنازل عنها، مثل يهودا والسامرا وغيرها..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
يهودا والسامرا بتجد خلاف برضه في المعتقد بين حزب العمل والليكود مثلاً، مش كلهم بياخدوا الأمور بالطريقة دي.
أحمد منصور:
يعني أنا أقصد الآن إن البعد الدينى الدولة قائمة عليه أصلاً كفكر، البعد الدينى عندكم أيضاً أنتم كوفد رايح..
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
البعد السياسي إحنا كوفد رايح، رايحين عايزين إسرائيل تقيم سلام مع الدول العربية، مقابل هذا السلام انسحاب من كافة الأراضي المحتلة..
أحمد منصور:
فقط رؤيتكم رؤية سياسية؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
مهما كان وضعها.. وأنا إذا كان فيه وقت أقدر أقول لك قصة بمنتهى البساطة.
أحمد منصور:
اتفضل… اتفضل.
د. مصطفى خليل:
أنا كنت باتفاوض مع (موشي دايان) -وقلت الكلام ده قبل كده- وموشي دايان جا وقال I Feel أنا مش قادر أكمل المفاوضات وياك ويجي مستر بيغن، فوجئت تانى يوم إن مستر بيغن بيكلمني بالراديو ويقول: أنا مش هتفاوض وياك لأن أنا مفاوض.. أنا رئيس وزراء منتخب، وأنت رئيس وزراء معين. وبعد كده جا على الوضع التاني بتاع الأهرام قال إن اليهود هم اللى بنوا الهرم الأكبر !!!
(10/306)
الشق الأولاني أنا قلته قبل كده إن الـ Reaction بتاعتي للكلام ده، ورديت عليه فوراً، وبعد كده لما جا لمصر أنا لم أقابله، وإنما النقطة الأساسية قال: اليهود بنوا الهرم الأكبر، بعد كده إحنا كنا بنروح إسرائيل في جولة مفاوضات، وأنا في أثناء التفاوض ما كنتش باجلس مع الجانب المصري، والجانب المصري اتفقنا مضطر يقعد مع كل أعضاء الوفد الإسرائيلي، لأن كان مهم جداً إنك تفهم اللى قدامك ده بيفكر إزاي، فقعدت على الترابيزة وأنا باتغدى.. كان دكتور (بورغ) اللي هو كان رئيس…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(يوسف بورغ).
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
يوسف بورغ رئيس الحزب الدينى عندهم، قلت له يا دكتور جورغ قل لي: ده بيغن قال كذا، وبعد كده بيغن رجع وقال: لا.. أنا سألت إحنا ما بنيناش الهرم الأكبر، قلت له: بيكابر في المحال، قال: آه، قال: يعني الرأي ده مهم بالنسبة لك؟ قلت له: آه، أنا بدي أفهم مين اللي أقنع بيغن؟ قال لي: تعرف (إيغال يادين)؟ قلت له: طبعاً، أعرف إيغال يادين، قال لي: (إيغال يادين) راح له بالتوراة وقال: المصريين بنوا آثارهم بالحجر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دكتور مصطفى، معنى كده إن التوراة بتمثل مرجعية كانت بالنسبة لهم رئيسية حتى في تصوراتهم يعني، وتفسيراتهم لأي شيء..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش كلهم طبعاً، إنما بتجدها بارزة جداً في اليمين، خاصة عند بيغن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بيغن… بيغن الآن أنت في إطار بيغن كرجل تفاوضت معه، وهو الذي وقع على عملية السلام مع الرئيس السادات، أو مع الطرف المصري، أنت تقول إن بيغن كان متدين.
د. مصطفى خليل:
أيوه اللي حصل بعد الكلام بتاعه بالنسبة لي، أنا رديت عليه بشكل قاسي جداً.
أحمد منصور:
أنت رديت عليه قلت له إيه يا دكتور؟
د. مصطفى خليل:
(10/307)
قلت له أنا رئيس وزراء طبقاً للدستور المصري، وأنت ما لكش إنك تتدخل في النظام بتاع الحكم بتاعنا، قلت له نمرة 2: أنا أمثل دولة عمرها 7 آلاف سنة، وقت اليهود ما كانش يعني.. ولا فيه تنظيم في أي حتة دولة قائمة بجميع أجهزة الدولة الحديثة موجودة في مصر عبر السنين دي كلها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنت بتمثل دولة عمرها 30 سنة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
لا.. أعتقد، ما أقولش كده يعني، أنا باقول أنا كذا كذا، إنما أنت ما ليش دعوة بيك، قلت له بعد كده –النقطة المهمة– أنا ما طلبتش إنى أتفاوض وياك، اللي طلب موشي دايان، وموشي قال لي وأنا لم أتدخل، لأن أنا قلت تكوين وفد التفاوض ده راجع لكل دولة، بتغير بتجيب، أنا مستعد أتفاوض مع أي واحد، فلما رجعت مصر، أنا كنت باحيط – طبعاً – الرئيس السادات علم باللي بيحصل بيه. فبيغن لما جا أنا قلت للرئيس أنا مش هاستقبله في المطار، فهو عرف، فكلم الرئيس السادات وقال له: أنا عايز أنهي إذا كان فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وما استقبلتوش فعلاً ؟
د. مصطفى خليل:
ما استقبلتوش لا..
أحمد منصور:
على اعتبار طبعاً إن هو رئيس وزراء منتخب وزي ما قال لك أنت.
د. مصطفى خليل:
لا.. كلام يعني ما لوش معنى خالص، إنما يلاقي حجة يمسك فيها بأي حاجة، فالرئيس السادات كلمني، وقال لي ده بيغن عايز يصفي الموضوع وياك، وعايز يعزمك على عشا، إذا عزمك تروح؟ قلت له: أيوه أروح، فكلمني بعديها بيغن، قال الميعاد الساعة 7، ورحنا في الحتة اللي كان هو نازل فيها، رحت أنا لوحدي، ووجدته هو لوحده.
أحمد منصور:
يعني مفيش حد.
د. مصطفى خليل:
آه، فطبعاً الحديث دار بيننا، فقال أنت عارف أنا باقرأ الكتاب المقدس بتاعهم.
أحمد منصور:
التوراة.
د. مصطفى خليل:
التوراة، مرة كل أسبوع، من الجلدة للجلدة .
د. مصطفى خليل:
(10/308)
قلت له: مرة كل أسبوع! إزاي؟! وعندك وقت تعمل كده؟ قال: آه، قلت له: إحنا عندنا ناس بيقرؤوا القرآن مرة في الشهر، لكن أنا عمري ما سمعت على واحد بيقرأ كتابه المقدس في أسبوع، يعني كعملية بقى بتستغرق منه وقت طويل –معناته الكلام كده– فقال لي: لا أنا باقرأه كل أسبوع.
أنا نتيجة الأحاديث واللي أستطيع أني أقوله سواء أنا تفاوضت وياه أو الجماعة الأمريكيين أيضاً اللي عرفوه، الشعور اللي خرجت به إن الرجل ده عايش في الماضي.
أحمد منصور:
لو عدنا الآن إلى زيارة القدس والنتائج التي خرجتم بها من الزيارة وعودتكم إلى مصر؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن الزيارة بعد الرئيسين ما قالوا الخطب بتاعتهم، كانوا عاملين مأدبة عشاء، كان بيغن قاعد على يمينه، الرئيس السادات أنا كنت قاعد على شماله على طول، وبعدي كان (سامحا إرلخ)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مرافقك.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، فلاحظت إن السادات وبيغن مابيكلموش بعض، كل واحد مدي كتفه للتاني، فأنا قلت لـ (سامحا إرلخ) قلت له: اللي قاعد قصادي كان –الرئيس الحالي– (عيزر وايزمان)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صديقك أيضاً.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
صديقي.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
و(عيزر وايزمان) أنت عارف هو كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان لك به أي علاقة قبل اللقاء ده ؟
د. مصطفى خليل:
لا، (عيزرا وايزمان) كان ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان وزير الدفاع؟
د. مصطفى خليل:
كان وزير الدفاع، وكان مدير حملته الانتخابية اللي أدت إلى فوزه، فقلت له أنا عايز..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مدير حملة بيغن؟
د. مصطفى خليل:
بيغن، قلت له أنا عايز (عيزر وايزمان) و(إيغال يادين) يطلعوا في السويت.
أحمد منصور:
فندق الملك داود.
د. مصطفى خليل:
(10/309)
فقلت له بعد المأدبة، المأدبة خدت تلات أرباع ساعة، فجه وقلت للدكتور بطرس: تعالى يا دكتور بطرس السيد فلان وفلان.. وطلعت الأوضة، وابتدينا نتكلم فيما كان الإنسان يود أنه يتكلمه مع الجانب الإسرائيلي.
أحمد منصور:
ماذا قلت لهم باختصار؟
د. مصطفى خليل:
قلت لهم الكثير جداً عن الأوضاع السياسية، وإن لابد إن احنا نصل إلى اتفاق، والرئيس السادات جاد في موقفه، والاتفاق ممكن يبقى على أوضاع كذا كذا.. شوف لغاية الساعة 2 صباحاً عمّالين نتناقش في الموضوع.
أحمد منصور:
الرئيس السادات كان على علم بهذه الجلسة؟
د. مصطفى خليل:
لا، عيزر وايزمان قال لي: طيب فلان أنا عايز أسمع الكلام ده من الرئيس السادات، عايز أشوفه.. وهو كذلك، بعد كده كلمت الرئيس السادات الصبح الساعة 6.30، قلت له: حصل كذا كذا.. وعيزر وايزمان –أنا قلت له- عايز يسمع الكلام ده من سيادتك.
أحمد منصور:
يعني كان.. لم يكن يوجد حتى لدى الإسرائيليين ثقة في مبادرة السادات رغم إنه موجود عندهم في القدس؟
د. مصطفى خليل:
لا، مش ثقة، فيه نوع من التخوف باستمرار، هم عندهم العقدة دي وستظل.
أحمد منصور:
لأنهم مغتصبون.
د. مصطفى خليل:
يعني .. تقدر تقول، طلع بقى الساعة 9 أنا وعيزر وايزمان والسادات قابله وكانت مقابلة كويسه جداً، والسادات طلب الإفراج عن بعض الفلسطينيين المعتقلين، أفرج عنهم على طول، وبعد كده احنا رحنا غداء كان عامله بيغن، إنما أقدر أقول أصبح فيه نوع من Personal Chemistry بين السادات وبين عيزرا وايزمان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وليس بيغن ؟
د. مصطفى خليل:
أفندم ؟
أحمد منصور:
وليس بيغن ؟
د. مصطفى خليل:
لا.
أحمد منصور:
ولا السادات متأثر برد فعل بيغن عليه في الكنيست؟
د. مصطفى خليل:
أيوه .. آه.
أحمد منصور:
كان شاعر بإيه ؟
د. مصطفى خليل:
ولا حاجة، ما ده كلام بيتقال رد على كلام، إنما..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(10/310)
ما شعرش بإحباط؟
د. مصطفى خليل:
أبداً، لأن بعد كده السادات راح الكنيست وكان بيقابل اللجان المختلفة اللي في الكنيست، فقال: يا دكتور مصطفى أنت وبطرس اقعدوا بقى مع عيزر وايزمان ورتبوا الخطوات التالية اللي نعمل إيه، ففعلاً أنا لم أرافق الرئيس السادات في زيارته للكنيست ولا بطرس، ورحنا السويت بتاعت .. احنا كنا في الدور الثالث، السادات كان في الدور الخامس.
أحمد منصور:
في فندق الملك داود.
د. مصطفى خليل:
في الفندق، وقعدنا ورسمنا ما يمكن إنه يتعمل مستقبلاً.
أحمد منصور:
كنتو حاسين إن فيه تجسس عليكم، إن كل اللي بتقولوه بيسجل من الإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
لا، إحنا كنا حاسين إن.. أنا شخصياً.. إن لابد من دفع عملية السلام.
أحمد منصور:
بأي ثمن يعني؟
د. مصطفى خليل:
لا، مش بأي ثمن، احنا عرضنا على الدول العربية إنها تدخل رفضت، عرضنا على الفلسطينيين رفضوا، عرضنا على الأردن رفض، إذن الرئيس تحمل مسؤولية المبادرة لوحده، احنا كجزء –طبعاً وراء الرئيس في العملية دي كلها– كان واجب علينا إن الزيارة لا تفشل، نمرة واحد، نمرة اثنين: إنا احنا نحدد أسلوب العمل بيننا وبينهم بعدين.
أحمد منصور:
إحساس الرئيس السادات لما وزير خارجيته استقال اعتراضاً، ووزير الدولة للشؤون الخارجية، المرافقين اللي معاه.. الدكتور بطرس غالي كان معين ليلة السفر، سعادتك كنت أمين عام الاتحاد الاشتراكي، الحكومة بتاعته.. يعني لم يكن هناك ثقل حكومي وراه في خطوة تاريخية زي.. يعني مثل هذه؟
د. مصطفى خليل:
شوف تاريخية، والواحد قالها باستمرار هي مسؤولية الرئيس السادات نمرة واحد.
أحمد منصور:
كان فيه خوف لدى المسؤولين المصريين في ذلك الوقت من فشل..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا، ماكانش.. إطلاقاً لأني أنا باقول –لسيادتك– إن بعد رجوعه قابلوه في المطار فوق الخمسة مليون واحد.
أحمد منصور:
ما هي مترتبة!!
د. مصطفى خليل:
(10/311)
لا مش مترتبة، وأنا سألت، فقال: أنا بأُقسم إن اللي حصل ده لم يكن مرتباً.
أحمد منصور:
أنت مارست الحكم، وأشرت إلى أنه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر حينما أعلن استقالته –ربما– علي صبري كان مرتب –أيضاً– المسيرات التي خرجت، ألم ترتب المسيرات التي خرجت؟!
د. مصطفى خليل:
لا، وأنا رأيي إن الرئيس لابد أن يقود شعبه في الطريق اللي هو بيرى إن مصلحة مصر مرتبطة به.
أحمد منصور:
لكن ليس بشكل فردي، أم بشكل فردي؟
د. مصطفى خليل:
مش بشكل فردي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في ظل مؤسسات الدولة الفاعلة.
د. مصطفى خليل:
بالضبط.
أحمد منصور:
وهذه كانت متوفرة؟
د. مصطفى خليل:
متوفرة.
أحمد منصور:
بعد العودة من القدس، وكنت أنت الرجل الثاني المرافق للرئيس السادات في هذه الزيارة، بدا واضحاً أن أمامك دور يجب أن تقوم به، كيف عرضت عليك قضية رئاسة الوزارة؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إنهم.. (كارتر).. الرئيس (كارتر) كان له دور إيجابي نمرة واحد فيما حدث، مافيش رئيس جمهورية غيره اللي تدخل بصفته الشخصية وصفته كرئيس في مفاوضات بين طرفين في تاريخ أمريكا كلها.
أحمد منصور:
لمصلحته الشخصية.
د. مصطفى خليل:
(10/312)
الرئيس (كارتر) زي ما احنا عارفين ماكانش قابل أي زعيم عربي لغاية ما انتخب رئيس جمهورية، والرئيس (كارتر).. شوف هو رجل متدين جداً، ويعرف تاريخ اليهود معرفة كاملة، نقطة الضعف اللي كانت في الرئيس (كارتر) إنه جا من خارج مؤسسة الحكم اللي موجودة في (واشنطن) ومايعرفش المطبخ بتاعها معرفة كويسه، فده.. ده اللي كان يهمه بالدرجة الأولى إنه يصل إلى نتائج، لأن أي نتائج إيجابية بتحصل زي مثلاً النهار ده لما بيروح ياسر عرفات أو (رابين) ويعملوا في البيت الأبيض والرئيس (كلينتون) واقف وراهم. الرئيس (كلينتون) ماحضرش حاجة من الاتفاقيات ولا حاجة أبداً، إنما بتلعب نقطة شخصية لنجاح الرئيس اللي موجود، خاصة إن (كارتر) لما قام بالدور ده كان في السنة الأولى لحكمه، والسنة الأولى عادة ما بيدخلش الرؤساء بالكيفية دي، ولا بالمدى ده، ولا بيشتركوا في المفاوضات، وعشان كده أن باقول الرئيس (كارتر) لعب دور إيجابي كبير جداً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في المفاوضات فيما بعد.
د. مصطفى خليل:
في المفاوضات، لأن أنا قلت لسيادتك إن البند الخاص بأولوية الالتزامات أنا لم أوقعه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا لسه دكتور هاجي بالتفصيل في الحلقة القادمة لهذا الدور الذي قمت به، لكن أنا الآن في قضية اختيارك رئيس للوزراء، في الحلقة القادمة -اسمح لي- في الحلقة القادمة -اسمح لي- أبدأ بطريقة اختيارك رئيس للوزراء، كيف عرضت عليك الوزارة؟ والدور الذي كنت تتوقع القيام به، وعملية التفاوض التي قمت بها مع الإسرائيليين حتى توقيع اتفاقية السلام في 26 مارس 1979م، شكراً جزيلاً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.(10/313)
الحلقة8(10/314)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:51(مكة المكرمة)،19:51(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- د. مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
11/03/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر".. حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق)..
مرحبا يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلا بيك.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند العودة من رحلة القدس، وكنت مرافقا للرئيس السادات، أنت والدكتور بطرس غالي وآخرين.. لكنك كنت الشخص الثاني من حيث الوضع السياسي والمسؤولية السياسية، وكنت وقتها أمينا عاما للاتحاد الاشتراكي.. بعد عودة الرئيس السادات الموقف العربي انقلب على مصر.. الرئيس السادات بدأ يشعر بعزلة خارجية، وبدأ كذلك يشعر بعزلة داخلية حتى من المسؤولين الذين حوله بعد استقالة وزير الخارجية إسماعيل فهمي، وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد رياض، الأجواء هذه التي كانت بعد كامب ديفيد كيف كانت من خلال موقعك وقربك وبداية اقترابك الشديد من الرئيس السادات بعد مرافقتك له في الزيارة؟
د. مصطفى خليل:
والله لازم يعني هنا الحين أقول إن الرئيس السادات لما سافر وقابل الرئيس حافظ الأسد، الرئيس السادات ما كانش في ضميره أنه رايح يقنع حافظ الأسد إن هو يؤيد هذه الزيارة.
أحمد منصور:
هذا قبل الذهاب إلى القدس؟
د. مصطفي خليل
(10/315)
هذا قبل الذهاب، والرئيس السادات كان يعلم تماما أن هو مقدم على خطوة تتعارض فيها الآراء، خاصة بين الدول العربية ومصر، ولكن اعتقاده أنه وصل إلى نهاية الطريق اللي ممكن أنه يسلكه، بحيث إنه يحل القضية المصرية اللي هي قضية سيناء في ذلك الوقت، ولكن في نفس الوقت ماكانش أبدا في ضمير الرئيس السادات، ولا في طريقة تفكيره أنه بيعمل صلح منفرد، بياخد الوضع الخاص ببلده، وبيترك القضية العربية كلها.
أحمد منصور:
لكن اسمح لي دكتور.. الآن اتفاقية فض الاشتباك الأولى التي وقعت في 74، والثانية التي وقعت في 75 كانت ربما تنص أو تؤكد على مصر السعي لأن تسير في طريق الصلح المنفرد مع إسرائيل في بعض شروطها، وكثير من المراقبين الذين تناولوا هذه الاتفاقيات، الدكتور محمود رياض (الأمين العام الأسبق للجامعة العربية) في مذكراته، الأستاذ هيكل في كتابه عن مفاوضات السلام، وغيرهم من الذين تناولوا هذا الأمر، يروا أن مصر في اتفاقية فض الاشتباك الثانية على وجه الخصوص في 75 ألقت بكل أوراقها مع إسرائيل، وكذلك محمد إبراهيم كامل (وزير الخارجية)، ولم يعد هناك ما تراهن عليه مصر للحصول على أشياء أو أن تضغط على إسرائيل.
د. مصطفى خليل:
شوف سيادتك.. كل الكلام اللي أنت قلته صحيح، ولكن بيتناقض مع النتائج اللي حصلت عليها مصر من المفاوضات.. يعني إذا كان الكلام اللي ذكره، فكل واحد حر إن هو يبدي رأيه.
أحمد منصور [مقاطعا]:
لكن هذه كحقائق، كنصوص اتفاقيات.
د. مصطفى خليل:
تفسير الحقائق مختلف.
أحمد منصور:
(10/316)
يعني في اتفاقية فض الاشتباك الثانية في 75، حينما يفتح باب المندب.. الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.. عدم القيام بأي عمليات اعتداء من قبل المصريين على الجيوب الإسرائيلية التي كانت لا زالت موجودة.. التعهد بعدم شن أي عمليات من الأراضي المصرية على إسرائيل.. فتح المضايق، كل هذه الأمور التي أدت.. لم يعد هناك ورقة.. فتح قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية.. الضغط على الدول العربية لإعادة تصدير البترول.
د. مصطفى خليل:
الملاحة الإسرائيلية ده من زمان بعد 56.. يعني هنا برضه لازم الواحد يقول دقائق الموضوع كانت إيه.. فتح باب المندب ضروري لفتح قناة السويس، قناة السويس بعد حرب 56 سمح بمرور البضائع الإسرائيلية تحت أعلام أخرى.
أحمد منصور:
وكانت مصر تعلم ذلك؟
د. مصطفى خليل:
مصر اللي وافقت.
أحمد منصور:
يعني هذا كان فيه خداع، لأنه أيضا ربما يكون هذا اتفاق سري.
د. مصطفى خليل:
ما كانشي اتفاق سري
أحمد منصور:
الشعوب لم تكن تعلم أن البضائع الإسرائيلية تمر طوال فترة عبد الناصر من قناة السويس.
د. مصطفى خليل:
لا.. كانت بتمر، وأنا بدي أقول نسجل حقائق.
أحمد منصور:
طبعا هذا ما نريده.
د. مصطفى خليل:
الواحد ما يريد.. اللي حصل أن كل الأشياء التي قلتها سيادتك كويس حصلت ما حدش يقدر ينكرها، ولكن ما تؤديش بالتالي إلى أن مصر في المفاوضات.. طيب كيف أمكنها أنها تنتزع انسحاب كامل من إسرائيل، بدون أي مستوطنات عليها، مع أهمية هذه المستوطنات بالنسبة لهم، مع الاتفاقيات اللي تمت كلها اتفاقيات عادية، تحدث بين الدول بعضها والبعض الآخر..
أحمد منصور:
(10/317)
لكن دكتور مصطفى أيضا قيل عفوا هنا: إنه عرض على عبد الناصر في سنة 68، وهذا ما قاله الفريق الشاذلي وآخرون أيضا ممن التقيت معهم وتحدثت معهم، عرض على الرئيس عبد الناصر في سنة 68 أن تنسحب إسرائيل من سيناء بالكامل سنة 68 في مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء حرب الاستنزاف، وليس في مقابل معاهدة صلح وسلام، كما حدث الآن ورفض عبد الناصر في ذلك الوقت.. يعني ما حققتموه من وراء الاتفاقات كان شيء في متناول مصر أن تحصل عليه.
د. مصطفى خليل:
إذا كان اترفض..كيف يمكن أن أنا أفسر قبول الرئيس عبد الناصر اتفاقية (روجرز)؟
أحمد منصور [مقاطعا]:
ربما تغيرت الظروف.
د. مصطفى خليل:
طيب ما هو الوضع في السياسة الدولية باستمرار كده.
أحمد منصور:
لكن أنا أقصد هنا عملية تحرير سيناء.. يعني أنتم اعتبرتم خروج الإسرائيليين من سيناء والاستغناء عن المستعمرات بشكل خاص باعتبارها تمثل معتقدات توراتية لدى الإسرائيليين، التي كانت في سيناء، اعتبرتم هذا نصرا كبيرا، ومنحتم الإسرائيليين كثيرا من التنازلات.
د. مصطفى خليل:
لا.. ما كانش فيه، يعني أنا بدي أقول: لما بنذكر كلمة منحنا تنازلات.. إيه هي التنازلات؟
أحمد منصور:
إيه هي التنازلات؟! أصبحت سيناء مقسمة إلى ثلاث مناطق، الجيش المصري موجود فيها بحدود بسيطة، الطائرات المصرية ليس لها حق التحليق، البواخر المصرية حتى ليس لها حق الانطلاق في المياه الإقليمية لأكتر من 57 كيلو متر، إسرائيل تستطيع أن تأخذ سيناء مرة أخرى بهذا الوضع في حالة رغبتها في الاعتداء لعدم وجود قوات يمكن أن تدافع عنها.. اتفاقات التطبيع التي حدثت الآن وأصبحت مصر كما يقال يعني يرتع فيها الإسرائيليين -كما يشاؤون- عن طريق المعاهد والمؤسسات المنشأة.. هذا ما يقوله الذين ينتقدون الاتفاقية.
د. مصطفى خليل
(10/318)
اللي بينتقد الاتفاقية في الأمور اللي سيادتك بتقولها..أعتقد أن نظرته لم تكن شاملة لجميع الأوضاع، أو الأوضاع بالنسبة للشرق الأوسط، الأوضاع بالنسبة لمصر، الأوضاع بالنسبة للقوتين العظميين والعلاقة بينهم، مصر عندما قبلت تقسيم سيناء إلى 3 مناطق -زي سيادتك ما بتقول- كان باتفاق القوات المسلحة، القوات اللي سمح بوجودها، دي موافق عليها القوات المسلحة قبل ما نبتدي المفاوضات، اللي أدت إلى اتفاقية السلام، في شقها السياسي، يعني باستمرار الواحد بيقول: لو كانت فيه مفاوضات على أي جبهة من الجبهات العربية بعد كده، ما لم تسبق المفاوضات الخاصة بالأمن العسكري المفاوضات السياسية بيفضل الموضوع مختلط مع بعضه، ولا يعني ممكن أنهم يصلوا إلى نتيجة ما، زي ما قلت قبل كده، إنه بمجرد مكسب الجيش المصري في 73 تدخلت الولايات المتحدة.. كل اللي بيتكلموا..
أحمد منصور:
هم أيضا بيتهموكم بأنكم أنتم تصعدون حجم الدور الأمريكي، حتى تتخذوه كمبرر للاتفاقات التي وقعت..
د. مصطفي خليل:
ده يبقى كتير زيادة عن اللزوم في تصور أوضاع ما كانتش إطلاقا في عقل الرئيس السادات أو الجانب المصري.
أحمد منصور:
لكن الآن احنا في 77 بعد عودة الرئيس السادات، أريد أن أبقى في هذا الإطار، هل الرئيس رجع فعلا محبطا من رحلة القدس، بسبب يعني الخلافات التي كانت بينه وبين (بيغن)، والمقاطعة العربية التي حدثت؟ شعوره بأنه لم يحقق شيء من وراء هذه الزيارة، وأن الإسرائيليين أيضا مطامعهم كبيرة، ولم يعطوه أو يمنحوه أي شيء، في مقابل ما أعطاهم هو من ذهابه إلى القدس، وهدم أو إزالة شيء أشياء من الثوابت الرئيسية التي كانت تحول ما بين العرب والإسرائيليين.
د. مصطفى خليل:
أنا برضه بدي أقول الدول العربية إذا كانت في ذلك الوقت خدت موقف معادي لاتجاه الرئيس السادات، طيب لما جت مؤتمر القمة العربية في يونيو 96 قبلت بكل ما رفضته في الماضي.. كيف يمكن تفسير هذا؟
(10/319)
أحمد منصور:
تفسير هذا ببساطة شديدة هو أنه في سنة 90 تغيرت الخارطة، وأصبح نفوذ الولايات المتحدة لم يعد مجرد نفوذ سياسي، وإنما أصبح نفوذ عسكري، وأصبحت كثير من الدول العربية لا تستطيع أن تخالف.. سقط الاتحاد السوفيتي الذي كان يراهن عليه البعض، وتغيرت خريطة العالم، تغير ميزان القوى الدولية، وأصبحت الولايات المتحدة هي الآمر الناهي في السياسة الدولية.
د. مصطفى خليل:
إذن لما يجي الرئيس السادات ويعلم قبل ذلك أن الولايات المتحدة في علاقتها مع الاتحاد السوفيتي حتى ذلك الوقت كانت علاقة مش تصادم، محاولة إيجاد وضع يتفق عليه الطرفين.. ولما نشوف اللي اتكتب على مؤتمر جنيف مثلا، اللي هو بعد سيادتك ذكرت، سياسة الخطوة خطوة.. والكلام ده، ما قدروش يوصلوا إلى نتيجة، لأن الخلاف في جوهره خلاف عقائدي عسكري، نقدر نقول بالنسبة لمستقبل كل الشعوب اللي موجودة في المنطقة..
(10/320)
أهم حاجة كانت أمام أي رئيس أمريكي -والوضع ده لازم يبقى واضح لنا- إن الرئيس الأمريكي لما بياخد موقف في التفاوض بيأخد موقف بحيث أنه يضع في اعتباره اللوبي اليهودي اللي موجود في الولايات المتحدة، ويضع في اعتباره أعضاء الكونغرس، وسيادتك عارف أن الكونغرس النهارده ومن زمان فيه نوع من الاقتناع الكامل لدى أعضاء الكونغرس بأنهم يحابوا إسرائيل، سياسة الولايات المتحدة اللي لما بنقول: بتكيل بكيلين موجودة منذ ذلك الوقت، ما حصلش أبدا أن الولايات المتحدة بتيجي لأي طرف عربي وتعامله مثلما تعامل الطرف الإسرائيلي، كل هذه الأمور بتجعل كيف يمكن حل المشكلة.. هل حل عسكري؟ طيب 73 كان حل عسكري، ولكن اللي حصل فيه إيه؟ مش حصل على وجه الإطلاق إن احنا لما يتصوروا الجيش المصري بعد النصر اللي حصل طيب ليه ما وصلش؟ ليه ما تقدمش؟ ما تقدمش وما وصلش للمضايق لأن فيه الجيش الأمريكاني كان موجود، .. بـ2 وزي ما بأقول 3 من 10 بليون دولار معدات راحت لإسرائيل.. يعني هنا لما نقول غير المعدات... وأيضا لم يكن في نطاق العسكريين
أحمد منصور:
لم يستطيعوا أن يتقدموا.. لأنه لم يكن هناك سلاح مصري..
د. مصطفي خليل:
عندما نتخيل أن في المستقبل أنه من الممكن، أن الدول العربية تكسب جولة عسكرية ضد إسرائيل، يبقى كلام في الحقيقة لا يقنع أي واحد بيشتغل بالسياسة.
أحمد منصور:
دي دعوة للإحباط يا دكتور!!
د. مصطفي خليل:
لا، مش دعوة للإحباط، دعوة للإحباط لما تقول لي: مستقبل علاقتك بإسرائيل إيه؟ أقوم.. أفشل عن إيجاد السياسة اللي مصر ممكن أن تتبعها والدول العربية ممكن أن تتبعها في مواجهة الحدث اللي موجود.
أحمد منصور:
(10/321)
يعني أنا أنقل لك هنا اللي الأستاذ هيكل قاله للرئيس السادات، لما السادات شعر بأزمة شديدة فالرئيس قال له: يعني بيقول للريس احنا تعبنا. قال له: اللي تعب يترك لغيره المجال لغيره ليواصل، لأن قضية الصراع القائم بين الأمم لا تقاس أبدا بأنه لازم الجيل ده هو اللي يحل المشكلة.. ليه الأجيال الأخرى ما تتحملش؟ إذا حصلت هزيمة لجيل سبقنا قبل 3..4 عقود، الجيل اللي بعدينا اللي بعدينا اللي بعدينا، بحيث إن ثوابت الأمة تبقى.. الآن زيارة الرئيس السادات أسقطت الثوابت في الصراع العربي الإسرائيلي.
د. مصطفي خليل:
إطلاقا.. يعني لو تيجي النهارده ونحاول نقول: هل كان أفضل أن هذا الجيل يتركها للأجيال القادمة كان بقى وضع غير ممكن على وجه الإطلاق.. غير ممكن قبوله. لما تيجي تسألني أنا في ذلك الوقت، وأنا كان لي رأي مؤثر، أنا ما بانكرش هذا، هل ممكن القضية أن أنا أسيبها للجيل اللي بعديا، بدون ما أعرف إيه اللي هاقدر أعمله؟ وإيه بالضبط الهدف اللي أنا رايح له؟ هل أحرر أرضي أو لا أحررها؟ أحررها.. هل أجعل العلاقات بيني وبين الولايات المتحدة، وأنا باقول: أكبر خطأ بترتكبه الأمة العربية إنها تدخل على طول وتقول والله احنا لدينا سلاح.. السلاح ده اسمه إيه؟ سلاح البترول، والله أنا اللي بأقوله باستمرار ومن 73 وبعديها: ما فيش حاجة اسمها سلاح البترول في إيد العرب على وجه الإطلاق، يبقى انتم عايزين تخشو معركة عسكرية، كده بدون أسلحة اللي هي خيالية اللي في دماغهم وباستمرار يلقوا اللوم على.. العرب ما استخدموش سلاح البترول، وأنا شرحت ليه أن ده رأي خاطئ ما يصحش إن احنا نحطه في اعتبارنا.. الوضع الآن..
أحمد منصور:
لكن هو في النهاية خدم مصر..
د. مصطفي خليل:
لا.. أبدا.
أحمد منصور:
خدم الناس....
د. مصطفى خليل:
(10/322)
شوف سيادتك.. أنا من وجهة نظري الخاصة، وأعتقد أن فيه كتير بيعتنقوا هذا.. أنا بأقول مصالح بلدي هي نمرة واحد.. نمرة (2) لغاية مليون. وأنا عملت للفلسطينيين قلت لهم: شوفوا كامب ديفيد، زي إصبعاني دول [إصبعي هذين].. دي مصر، ودي القضية الفلسطينية.. أنا لا أساوي الاتنين، لأني أكون صادق مع نفسي، قبل ما أبقى صادق.... اللي حصل بعد كده، وما ذكرش على وجه الإطلاق.. استيلاء المنظمة على السفارة بتاعتنا اللي في أنقرة.
أحمد منصور:
احتجاجا على زيارة الرئيس السادات للقدس.
د. مصطفي خليل:
طيب إزاي يتحل هذا الموقف؟ كيف حل؟
أحمد منصور:
كنت وقتها أنت في وضع المسؤولية.
د. مصطفي خليل:
أنا كنت في وضع المسؤولية، وكلمني رئيس الوزراء كان في تركيا وقتها، وقال: احنا الجيش التركي يدخل السفارة قلت له..
أحمد منصور:
رئيس الوزراء كلمك التركي، وأنت كنت رئيس الوزراء المصري..
د. مصطفي خليل:
وأنا كنت رئيس الوزراء.. قلت له: لا ما يدخلش، دي مسؤولية مصرية، ومصر هتحل الإشكال، وأنت عارف هو الاستيلاء كان سببه أن فيه 2 اعتقلوا وقبض عليهم، والمنظمة كانت طالبة أن يفرج عنهم، ورفض هذا الطلب، رد على كده استولوا على السفارة بتاعتنا اللي هي في أنقرة. قلت له: لا.. الجيش ما يدخلش، طيب إيه اللي حصل في الموضوع كيف حل؟ أنا ما حبيتش أعمل دعاية لنفسي من العملية دي، ولا نصعد الأمور، ولا نقول المنظمة كذا.. ولا كذا.. ولا كذا.. أنا قلتها بمنتهى بساطة قلت: فيه أسلوب للرد على هذا الوضع، وكلمت الرئيس السادات، قال: نعمل زي ما عملنا في قبرص قبل كده؟ قلت له: لا.. ما نقدرش نعمل لأن تركيا مش قبرص، تركيا لها وضع غير قبرص، قال: طيب نعمل إيه؟ قلت له: أنا هاطلب سعيد كمال، وهابلغه رسالة، هيبلغها لياسر عرفات، على طول هتتحل المشكلة.
أحمد منصور:
سعيد كمال كان ممثل، ولا زال ممثل فلسطين في الجامعة العربية... نائب رئيس الجامعة العربية.
(10/323)
د. مصطفى خليل:
ولا زال في الجامعة العربية الآن. وفعلا اللي حصل أن أنا اتصلت بيه، وقلت له: بلغ ياسر عرفات سياسة معينة هتتبعها الحكومة، راح باعث 3 ومعاهم loud speaker ، نزلوا اللي كانوا مستولين على السفارة، قلت له: يسلموا نفسهم للأتراك.. وسلموا روحهم للأتراك، وانقضت الحكاية.. موضوع الرسالة ده أنا ما باعلنوش .. يعني..، وزي ما با أقول لك تماما، وسعيد كمال موجود.. قل له: حصل..؟
أحمد منصور:
أنت أول مرة تعلن الموضوع ده أو أعلنته قبل ذلك؟
د. مصطفي خليل:
لا.. أعلن في مجلس الشعب، بس ما أعلنش بالتفاصيل اللي أنا بأقول عليها.. تفاصيل طبعا.. فيه حاجات ما بنقدرش إن احنا نطرحها.
أحمد منصور:
صحيح..أنا عايز أرجع للخلف شوية، قبل توليك رئاسة الوزراء.
د. مصطفي خليل:
فلما باقول النهار ده: إن الوضع داخل إسرائيل، يجو ويقولوا: طيب.. اتفاقيات التطبيع اللي اتعملت.. اتفاقيات بتسمح بهيمنة الإسرائيليين على الاقتصاد المصري.. آه هو فات عشرين سنة، الهيمنة فين؟
أحمد منصور:
الشعب رافض.. الشعب يقف حائلا دون تطبيق الاتفاقات.
د. مصطفي خليل:
لما نيجي نقول فيه هيمنة..
[تداخل في الكلام]
د. مصطفي خليل [مواصلا]:
سواء قبل أو رضي، يعني هيعمل إيه؟ دي اتصالات خاصة في مختلف نواحي الحياة.
أحمد منصور:
الشعب بيقاطع البضائع الشعب بيقاطع بمجرد أن إسرائيلي أو يسمع إسرائيلي أو كذا، في كل بيت في مصر مكلوم بشهيد أو بأسير أو بمفقود من الحروب التي تمت مع الإسرائيليين..
د. مصطفي خليل:
أيوه بس..
أحمد منصور:
ما يرتكبه الإسرائيليون -يا دكتور- ضد الفلسطينيين لم يتوقف...
د. مصطفى خليل:
طب كيف تتعامل معاه؟
أحمد منصور:
أتعامل معاه بالأسلوب اللي هو بيتعامل معاي بيه، يعني هو يقتلني وأنا أروح أعطيه رقبتي.
د. مصطفي خليل:
(10/324)
لا.. هو ما قتلش مصري .. احنا النهار ده.. أنت الآن لما بتتكلم، تاخد أنت بتدافع عن القضية الفلسطينية.
أحمد منصور:
عفوا يا دكتور.. أيضا الآن كشفت فضائح كثيرة عن عشرات الآلاف مش عاوز أقول آلاف من الأسرى المصريين، الذين ذبحوا في الحروب التي تمت مع إسرائيل، بما فيها حرب 73.. 67.. 56 وحتى المسؤولين الموجودين الآن في السلطة في إسرائيل، شاركوا في هذه... بما فيها الرئيس الإسرائيلي الآن.
د. مصطفي خليل:
مش حقيقي وأنا سألت لما طلع الكلام ده للرئيس الإسرائيلي قلت له: اتكتب كذا؟، قال: هذا مش حقيقي -على وجه الإطلاق- الكلام اللي اتقال..
أحمد منصور:
هل يقول أنا ذبحت؟ هو أصدر أوامره، وهناك وثائق على ذلك.
د. مصطفي خليل:
لا..لا.. وقال أنا كنت فين وقتها؟ وعملت كذا بأدلة قاطعة.. إنما المهم أنا بدي أعرف ليه اتنشر هذا الكلام في ذلك التوقيت؟
أحمد منصور:
لا.. ولا زال بينشر الآن!! أنا لسه قارئه من أيام قليلة حول هذا الأمر،
د. مصطفي خليل:
وما زال ينشر حتى الآن. لما بتحصل الحروب.. بيحصل فيها أي حاجة، لماذا حصل؟ أنا بصيت لقيت في الصحف الإسرائيلية، طلع واحد جنرال بيقول أنا عملت كذا وكذا.. مش ده اللي حصل؟ وطلع واحد تاني قال، أنا لما رحت إسرائيل بعديها.. مين اللي بيحرك هذه الأمور؟ اللي بيحرك هذه الأمور الطرف اليميني المتطرف..
أحمد منصور:
يعني مش حقائق يا دكتور؟ يعني إحنا عايزين ندفن حقائق في صالحنا نحن؟ الأسر التي تنتظر أسراها ومفقوديها..
د. مصطفي خليل:
لما يقولوا، وأنا ما عنديش دليل إثبات على هذا؟
أحمد منصور:
نفس الشخص بيعترف.. بيقول: أنا فعلت.. أنا قتلت.. أنا ذبحت
د. مصطفى خليل:
أنا لما سألت (وايزمان) وقال: الحقيقة ما حصلش.. أنا ما دخلتش تحقيق، ولا عرفت إذا كان حصل ولا ما حصلش.. ولا أعداد اللي.. التوقيت بتاعها ليه.. يعني إيه؟ أنا أقول لك ليه..؟
أحمد منصور:
(10/325)
بغض النظر عن التوقيت.. لماذا لا نعرف هل هذه حقائق أم لا؟ واحد بيقول:أ نا قتلت.. أقول لا ..لا ..هذه هدفها سياسي.
د. مصطفي خليل:
أنا لا أقول ذلك.. لا بد من التحقق من كل شيء.. ما حدش قال ما نعملش نتحقق، ولكن أنا باأقول التوقيت ده ليه؟ الوضع اللي واخداه مصر النهار ده، بيفسر في بعض الجوانب في الولايات المتحدة أو غيرها. إن مصر هي التي بتوحي للفلسطينيين علشان ما يقبلوش ما يعرض عليهم.. كويس؟ الحقيقة مش كده، الاتفاقيات اللي بين إسرائيل وبين الفلسطينيين بتتم دون تشاور مع الجانب المصري، بنحاط علم بيها بعد ذلك، عشان يضرب الدور المصري اللي موجود، واللي كلنا بنصر عليه، ضرورة الاتفاق وحل القضية الفلسطينية بما يقبله الطرفين.. فيه بعض اتفاقيات بتتعمل وبتمضى، وبعدين بنجد أن سيد نيتانياهو جاء قال لا.. أنا مش مرتبط بهذه الاتفاقيات.. لما مصر تطلع وتقول رأيها.. لا لازم ترتبط بهذه الاتفاقيات، يبقى لا بد من تحييد موقف مصر، وده الهدف اللي هو اشتغلوا عليه مدة طويلة الجانب اليميني المتطرف داخل إسرائيل. لأنك لما تقول يعني أنا اللي بيدهشني.. طيب أنا ما باخذش بظاهر الأمور. إيه السبب أن يطلع هذا الوضع في هذا التوقيت بالذات؟
أحمد منصور [مقاطعا]:
واحد ضميره بيؤنبه.. بيعذبه..
د. مصطفي خليل:
واحد ضميره بيؤنبه،.. ويقول الكلام ده..
[تداخل في الحوار ]
أحمد منصور:
نعم، وبدأت لجان تشكل، وبدأت حقائق تطلع.. دي حاجة لازم نبحث عنها يا دكتور، أنتم في الاتفاقيات التي وقعتموها.. إذا الإسرائيليين على جثة طيار إسرائيلي سقطت في حرب أكتوبر دخلوكم في الاتفاقات، سواء في فض الاشتباك أو في غيرها عشان جثة إسرائيلي، احنا عشرات الآلاف من المصريين.. أنتم في الاتفاقات التي وقعتموها لا تبحثون حتى أين فقدوا، ولا أين جثثهم؟ وحضرتك الآن بتقول: إنها مربوطة بسياسات إسرائيلية وتطرف يميني؟
د. مصطفي خليل:
(10/326)
أيوه مربوطة بسياسات.. لكن أنت بتحط على عاتقي حاجات في الناحية العسكرية ما كانتش محل..
أحمد منصور:
في الاتفاقات التي وقعت، إذا الإسرائيليين يضعون قيمة كبيرة لجثث قتلاهم، احنا كمصريين مش عاملين أي قيمة للمصريين!!
د. مصطفي خليل:
لا.. لا.. مش هذه هي المقارنة.. طبعا أنت عارف أنه طبقا للمعتقدات اليهودية، .. الست اللي زوجها بيموت ما تقدرش لا بد فيه أثر من آثار الجثمان بتاعته، ليتأكدوا أن ده توفي.. ده وضع تاني.. مش وضع إن أنا في يوم من الأيام باقول إن مصر.. بالعكس مصر لما مرت في الحروب بتاعتها وشرف كبير جدا للعسكرية المصرية، كانت حروب نظيفة طول تاريخ مصر ما حصلشي أن مصر أطلقت -على الإطلاق- أي نوع من الـTerrorism [إرهاب] ضد إسرائيل، ما حصلش..
أحمد منصور [مقاطعا]:
مش Terrorism طالما فيه احتلال مش Terrorism
د. مصطفي خليل:
لا.. حتى وقت وجود الاحتلال بتاع سينا، ما كانش فيه أبدا.. كان فيه طلعات بيقوم بيها أفراد قوات مسلحة، مش جماعات إرهابية زي ما بنشوف.
أحمد منصور:
الإرهابية دي مصطلح جديد بدأنا نعرفه الآن، لكن وقتها كانوا فدائيين كانو مجاهدين كانوا أبطال، في كل العرف العربي، Terrorism دي بدأت إرهابيين بدأت بعد اتفاقيات السلام التي وقعت.. قبلها كان كل واحد بيقوم بعمليات ضد إسرائيل كان بطل، وكان فدائي..
د. مصطفي خليل:
فيه فرق كبير جدا بين إن احنا نعمل عمليات لها تأثير عسكري، وفيه فرق بين جماعات بتدعي لروحها الحق إنها تروح وتعمل الكلام ده، بدون ما تستشير السلطات الموجودة في أي دولة، هل حصل من الجانب السوري أي نوع من الإرهاب على الإسرائيليين حتى في الجولان؟
أحمد منصور:
لما يقوموا بأي عملية ما يبقاش إرهاب؟
د. مصطفي خليل:
فيه أي عملية حصلت؟
أحمد منصور:
(10/327)
هذا الأمر يدخل وأنت توليت السلطة يدخل ضمن الاتفاقات، ويدخل ضمن اتفاقات الهدنة، والتي موجزها -عفوا يا دكتور- في الأخير هو حماية أمن إسرائيل.
د. مصطفى خليل:
اللي بيمسك مسؤولية السلطة في بلده لا بد أنه بيضع أمامه مصلحة بلده نمرة واحد.. أنا لا أعيب على أي دولة اللي بتاخده من إجراءات، ولهم الحق أنهم ياخدوا أي إجراءات، ولكن في نفس الوقت، أنا لي الحق أن آخد أي إجراءات توصلني إلى المحافظة على المصالح المصرية، وعلى الأرض المصرية.. أرض -الحمد لله- رجعت بالكامل أنك تقول لي أن فيه منطقة (أ).. أيوه العسكريين وافقوا على كده، و(ب) و(ج) وافقوا على كدا و(د) في إسرائيل اللي هي بعرض 5 كيلو. طيب ما نشوف.. احنا مش عاجبنا الكلام.. طيب لما نرى الاتفاقيات الأخرى اللي هتعقد، وهل يستطيع الأطراف الأخرى إنها تحصل على ما حصل عليه المصريين وقت المفاوضات.
أحمد منصور:
أنتم متهمون أنكم وضعتم الأطراف الأخرى، في وضع حرج بسبب الاتفاق المنفرد الذي عقد؟
د. مصطفى خليل:
لا والله.. اللي يقدر يجيب أكتر يتفضل.
أحمد منصور:
عاوز أرجع إلى الفترة من 77 إلى مؤتمر كامب ديفيد الذي عقد في الفترة من 5 إلى 17 سبتمبر 78 بعدها في أكتوبر توليت أنت رئاسة الوزراء.. في هذه الفترة عانت مصر كثيرا من العزلة العربية، الرئيس السادات افتقد حوله من يؤازره ومن يقف إلى جواره في مسيرة التسوية التي بدأها بزيارة القدس، والتي قال إنها لا تراجع عنها، مهما كانت الأمور، ذكر كثير ممن تناولوا هذه الأحداث؛ محمد إبراهيم كامل في كتابه وغيره.. إن الرئيس السادات وأنت ذكرت لي أكثر من مرة: إن الرئيس السادات، كان يقول دائما: لا أريد أن أقف وحدي، أريدك إلى جواري يا دكتور أريد فلان.. أريد فلان ..أنا عايز أعرف المشاعر النفسية للرئيس السادات، في هذه المرحلة، وأنت كنت قريبا منه؟ كان يشعر فعلا بأنه واقف لوحده، وأن الكل مش موافق على القرار الذي اتخذه؟
(10/328)
د. مصطفى خليل:
الرئيس السادات ما كانش واقف لوحده.. يعني ده اللي أحب أؤكده، الرئيس السادات لما رجع من كامب ديفيد، واتصل بيا، وقابلته وأنا قابلته في القناطر، وهو لما رجع قال لي: يا فلان.. أنا ما أقدرش أقف لوحدي .. استخدم الألفاظ دي .. قلت له: في أني [أي] موضوع؟ قال: في موضوع الاتفاقيات، قلت له: سيادتك مش واقف لوحدك وكلنا وياك، لأن إبراهيم كامل استقال، وفلان ما وافقش.. همه أحرار.. يخرجوا..
أحمد منصور:
ده الكلام ده لما جه يكلفك، لسه وقتها إبراهيم كامل ما استقالش ، ولسه مؤتمر كامب ديفيد ما جاش، أنا في المرحلة التي بين زيارة القدس وبين مؤتمر كامب ديفيد، المرحلة التي حدث فيها بعض اللقاءات التي تمت بين الرئيس وبين بيغين في الإسماعيلية على سبيل المثال، المرحلة اللي عقد فيها مؤتمر في جنيف، المرحلة اللي التقى فيها الرئيس السادات مع الرئيس الأمريكي كارتر في أكثر من مرة في محاولة لتقريب وجهات النظر المصرية الإسرائيلية، المرحلة اللي اجتمع فيها محمد إبراهيم كامل عشرات المرات مع ديان، بصفته كان وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت في محاولة لتقريب وجهات النظر المصرية الإسرائيلية والتي كانت تعتبر مرحلة تفاوض أولي، تمهيدا لتوقيع الاتفاق.. في هذه المرحلة أين كان موقعك؟ وما الذي رأيته فيه قبل تكليفك برئاسة الوزراء، وقبل كامب ديفيد؟
د. مصطفى خليل:
موقعي كان أمين عام الاتحاد الاشتراكي.
أحمد منصور:
لسه لم يكن قد صفي؟!
د. مصطفى خليل:
لا.. يعني موقعي كان في الاتحاد الاشتراكي..
أحمد منصور:
الرئيس السادات كان بدأ يقربك منه، بعد مرافقتك ليه للقدس، بشكل خاص، أكثر من ذي قبل؟
د. مصطفى خليل:
(10/329)
لا..لا.. ما حصلش.. أنا علاقتي بالرئيس السادات علاقة قديمة، قديمة جدا وأنا ما كنتش في حاجة إلى أنه يقربني، أو أعرف وجهة نظره، ولكن لا بد أقول أنا مقتنع، وما زلت مقتنع 100%، أن الرئيس السادات كل خطوة خدها لحل النزاع المصري الإسرائيلي، كانت خطوة بتخليني أنا راضي النفس عن كل ما تم، حتى لما بارجع بذاكرتي إلى مش 20 سنة، 15 سنة، كل هذه الأوقات أقول: إن الرئيس السادات، اللي أداه لمصر لا يمكن إن احنا ننكره، أو نقول: إن الراجل ده ما دفعش حياته تمن لاتفاقية السلام.
أحمد منصور:
إيه هي دوافع الرضا دي عندك يا دكتور، ما هي دوافع الرضاء لديك وهناك اعتراضات على كل المستويات، مما قام به الرئيس السادات من توقيع الاتفاق مع إسرائيل وزيارة القدس وهدم الثوابت القائمة ما بين العرب وإسرائيل.
د. مصطفى خليل:
إطلاقا.. إطلاقا..أنا باقول: إن كل ما قام بيه الرئيس السادات، العرب قالوا بيه في اجتماع القمة بتاع 96 سنة 96 يونيو كل الخط السياسي اللي قال عليه الرئيس السادات.. اجتمعوا ووافقوا عليه، وهم النهار ده موافقين على هذا الخط.
أحمد منصور:
بس ده نتيجة كما يقول الكثيرون لما أقدم عليه السادات.
د. مصطفى خليل:
لا، هذا مش نتيجة، النتيجة من وجهة نظري، الأمور لم تكن واضحة لرؤساء العرب في ذلك الوقت بنفس وضوحها في الوقت الحاضر.. ما كانتش واضحة.
أحمد منصور:
يعني العوامل الدولية اللي دايما تستند إليها، أنت بتسقطها في 96.
د. مصطفى خليل:
(10/330)
شوف أقول لسيادتك حاجة.. باستمرارالقضية الفلسطينية أهم حاجة إنها بتتخد ذريعة.. ما نقدرش ننكر أن فيه اتجاهين، وأنا قلت الكلام ده قبل ذلك، عايزين تدمير النظام السياسي الموجود في مصر.. طالما كان فيه نزاع مع إسرائيل.. البلد مفككة.. فيه آراء كتير بتتقال.. أقصى اليسار له رأي.. أقصى اليمين له رأي.. إنما لما هذا أزيل اللي هو موضوع التوتر، واتفاقية السلام اللي أصبح النهارده يتباكى على هذا الكلام أقصى اليمين وأقصى اليسار، اللي كانوا عايزين شيء يستطيعة انهم يرتكزوا عليه لتدمير هذا النظام اللي هو بيتطور إلى نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب، واقتصاد ما بأقولش اقتصاد حر، اقتصاد السوق تحت رعاية الدولة.. ده باختصار شديد اللي أنا كنت مؤمن بيه، وما زلت مؤمن بيه، واللي أنا وقفت جنب الرئيس السادات لتحقيقه، واللي أنا لغاية النهارده بأقول صح من وجهة نظري 100%.
أحمد منصور:
يعني أنت غير نادم على أية خطوة قمت بها؟
د. مصطفى خليل:
إطلاقا..طلاقا أنا غير نادم، وإذا أتيح لي ظرف إن أنا أرجع تاني.. كنت هاقول طيب أعمل إيه، والله أنا ما يهمنيش على وجه الإطلاق فلان استقال يستقيل.. الدول العربية قاطعت مصر.. طيب ما أنا توليت المستقبل المسؤولية في الوقت اللي الدول العربية بتقاطع فيه مصر..
أحمد منصور:
أنت متهم بذلك أن متهم بأنك..
د. مصطفى خليل:
أنا لا يهمني هذا الاتهام على وجه الإطلاق..
أحمد منصور:
متهم بأنك رئيس الوزراء الذي أنزلت الأعلام العربية في عهده، ورفع علم إسرائيل على أرض مصر.
د. مصطفي خليل:
لا..لا.. أبدا، أنا ضميري مع الدول العربية كلها.. أتمنى لكل دولة الرفاهية، وانها تعيش أحسن عيشة، وكل الكلام ده.. والعلاقات بين مصر والدول العربية تبقى علاقات قوية جدا، إنما إذا كان الطرف الآخر هو اللي مش عايز علاقة معايا.. والله هو حر.. أنا لا أتباكى على إني عايز أرجع مصر...
أحمد منصور:
(10/331)
يعني أنت بتفضل إسرائيل عليهم؟
د. مصطفى خليل:
لا لا.. أنا لا أفضل إسرائيل إطلاقا على الدول العربية.
[ تداخل في الحوار ]
د. مصطفى خليل [مواصلا]:
.. لما تشوف اتفاقيات التطبيع؟ ..كل يوم بيقول لك.. اتفاقيات التطبيع.. ضد مصلحة مصر، قلت لهم: طيب وروني اتفاقية واحدة.. اللي بيلقي الكلام كده على عواهنه، أنتم مش عارف عملتوا إيه.. ما تتعاملوش مع إسرائيل، إسرائيل هتسيطر على الاقتصاد المصري.. طيب إسرائيل.. نيتنياهو بيقول: أنا مش عايز أسيطر، ومش عايز أدخل الشرق الأوسط دا هو كان عايز يبقى مع أوروبا وأمريكا، فيه اتجاه تاني بيقول: لا احنا دولة شرق أوسطية، ولا بد أن يبقى فيه اتفاق بين مصر، اللي هي أكبر دولة عربية مؤهلة علميا، ومؤهلة بكل ظروفها إنها تقود المنطقة بتاعتنا كلها.. مش العربية فقط..
أحمد منصور:
دي كانت أحلام بيريز في الشرق الأوسط.
د. مصطفى خليل:
لا.. لا.. مش أحلام بيريز، هي أحلام وآمال كل مصري في هذا الوقت.
أحمد منصور:
دكتور مصطفى، بعد كامب ديفيد.. هل في الفترة التي بين القدس وكامب ديفيد كنت تتابع من خلال علاقاتك كافة التطورات التي كانت تتم في الاجتماعات التي كان يعقدها الرئيس السادات أو..
د. مصطفى خليل:
لا كنت أحاط علم بيها.
أحمد منصور:
تحاط علما بها؟
د. مصطفى خليل:
نعم، أنا ما كانليش رأي في التوجيه.
أحمد منصور:
ولا كنت بتستشار؟
د. مصطفى خليل:
لا كنت باعرف بالضبط إيه اللي حصل، وإيه اللي تم الاتفاق عليه.
أحمد منصور:
مصادرك إيه في المعرفة؟
د. مصطفى خليل:
أفندم؟
أحمد منصور:
مصادرك في المعرفة إيه؟ من الذي كان يعرفك بما يتم؟ هل كان بشكل رسمي، أم بشكل علاقات؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.. الرئيس السادات نفسه، أنا كنت باسأله، وبيقول لي.. لما أشوفه.
أحمد منصور:
في كامب ديفيد، ألم يعرض عليك الرئيس السادات أن ترافقه في كامب ديفيد ، كما رافقته في زيارته للقدس؟
(10/332)
د. مصطفى خليل:
لا.. في كامب ديفيد، الرئيس السادات لم يعرض علي إني أنا أرافقه..
أحمد منصور:
في 5 سبتمبر 1978 إلى 17 سبتمبر، عقد مؤتمر كامب ديفيد، الذي وقعت فيه اتفاقية كامب ديفيد، أو إعلان المبادئ بين مصر وإسرائيل، وقبيل التوقيع أعلن محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية المصري استقالته لأسباب كثيرة أوردها في مذكراته، لكن من أهمها أن الرئيس السادات كان يراهن على مستقبل الرئيس كارتر أكثر مما كان، حسب كلامه هو لا حسب كلامي أنا.. على مصالح مصر العليا، وإن مصر أعطت الدنية في هذا الاتفاق الذي وقع مع الإسرائيليين في كامب ديفيد، وكان الرئيس السادات يقول: لقد أعطيت كارتر كل شيء حتى يعطيني إذا نجح، ولكن كارتر لم ينجح في الانتخابات.
د. مصطفى خليل:
أنا لا دخل لي باللي كتبه محمد إبراهيم كامل
أحمد منصور:
لكن كثيرين أكدوا على أنه.. هو ما حدث..
د. مصطفى خليل:
محمد إبراهيم كامل كان شخصية ممتازة وكان شخصية ممتازة كسفير، وأنا علاقتي بيه علاقة شخصية، من زمان جدا، له آراؤه الخاصة، ولكن أنا الملحوظة العامة إني لما قريت كتابه الواحد خدها أن كل الكلام اللي بيقول عليه، أنا بيني وبين نفسي كان رأيي كذا كذا، طيب ما رحتش للسادات ليه وقلت له رأيك..؟!
أحمد منصور:
كان بيقول للسادات وكان بيناقشه..
د. مصطفى خليل:
ارجع لكتاب محمد إبراهيم كامل، هتلاقي الكلام اللي قلته لك مضبوط..
أحمد منصور:
(10/333)
وأنا راجعته يا دكتور، وقرأته أكثر من مرة، وقرأت أيضا ما اقتبسه هيكل منه في الجزء الثاني من كتبه الثلاثة عن السلام، ورجعت إلى ما كتبه الدكتور محمود رياض أيضا في مذكراته عن هذه الفترة العصيبة، التي مرت بها مصر، قبيل مؤتمر بغداد، وما حدث من نقل للجامعة العربية وغيرها بعد ذلك، ويعني كل المسارات كانت بتؤكد على أن الرئيس السادات بيتجه اتجاه منفرد، حتى في القرارات التي كان يتخذها ومستشاريه حوله، لم يكن يؤخذ برأيهم كثيرا، بقدر ما كان الرئيس السادات في النهاية هو الذي يحسم الأمور.
وأنا سأتحدث معك بالتفصيل في الحلقة القادمة عن الأشياء التي حدثت في عهدك والمفاوضات التي تمت في عهدك، وكيف كان الرئيس السادات يعطي عهودا للإسرائيليين يتجاوز بها المفاوض المصري الرئيسي، الذي حدث في كامب ديفيد أيضا، كما يقال هو أن الرئيس السادات تجاوز المفاوضين الرئيسيين الذين معه، وأعطى للإسرائيليين أشياء اختلفوا معه فيها، وهذا ما دفع وزير الخارجية المصري..
د. مصطفى خليل:
كامب ديفيد.. إزاي اتعملت كامب ديفيد..؟ قل لي!
أحمد منصور:
أنا أقول لك كيف عملت كامب ديفيد؟
د. مصطفى خليل:
وتفاوضوا إزاي؟
أحمد منصور:
بعد المؤتمرات.. وإن كان أنا المفروض أنا الذي أسأل، ولكن بعد المؤتمرات العديدة التي.. تمت
د. مصطفى خليل:
أنا عايز أعرف يعني...
أحمد منصور:
(10/334)
بعد اللقاءات العديدة التي تمت من سفر محمد إبراهيم كامل إلى جنيف، ولقاءاته مع الإسرائيليين وغيرها، وجد الرئيس كارتر، أو وعد الرئيس السادات بأنه سيقوم بعمل اجتماع يحضر فيه رئيس الوزراء بيجين، ويحضر فيه الرئيس السادات، وتكون ورشة عمل لعدة أيام، يتم خلالها توقيع اتفاق مبادئ رئيسي، ما بين الإسرائيليين وما بين المصريين، سافر الرئيس السادات بالفعل في يوم 5، واستمر المؤتمر إلى يوم 17ما بين مفاوضات جذب وشد ما بين الإسرائيليين وما بين المصريين، ما بين الأشياء الأساسية التي تتعلق بإصرار إسرائيل على أن تدخل مصر منفردة في الاتفاقية، وكان الرئيس السادات والمفاوضين العرب حريصون على أن يكون هناك الأطراف العربية الأخرى، يتم إدراجها.. القضية الفلسطينية لا يتم إغفالها.. وضع الضفة وغزة أيضا لا يتم إغفالها ضمن هذه الأشياء.. فيما حرصت إسرائيل أن يكون هذا الاتفاق من أوله وآخره اتفاقا منفردا مع مصر، ورجعت في ذلك إلى اتفاقات فض الاشتباك التي وقعت في 74 و75.
أنا الآن أجبت عن سؤال -وأنا المفروض أن أسأل- إجابة سريعة ومختصرة حتى أسمع تعليق سعادتك.
د. مصطفى خليل:
إجابة سريعة ومختصرة، كل الكلام اللي قلته كويس جدا، فيما عدا إزاي تم التفاوض؟ ومين اللي تفاوض في ذلك الوقت بين الطرفين؟ ولما وصلوا إلى نتيجة..
أحمد منصور:
طبعا، كان كارتر هو اللي في الوسط..
د. مصطفى خليل:
لا.. ما عليهش.
أحمد منصور:
(ساويرس فانس) وزير خارجيته، يعني فيه حاجات كتيرة.
د. مصطفى خليل:
يمكن تاخد فكرة أكثر عما حدث.. لو بنقرأ كتاب وليام كوانت..
أحمد منصور:
عملية السلام..
د. مصطفى خليل:
نعم، واقرأ الجزء الخاص اللي هو تم في كامب ديفيد عشان...
أحمد منصور:
قرأته بكل ما جاء فيه، حتى من خطابات للرئيس كارتر، ومن غيرها طوال الفترة ما بين القدس إلى كامب ديفيد..
د. مصطفى خليل:
(10/335)
لما تقرأ كتاب كوانت، كوانت قالها صراحة أن لما فلان (علي) ابتدا المفاوضات كان عنده حرية كاملة أن يتفاوض في حين أن...
أحمد منصور:
أنا قرأت هذا في الشق المتعلق بيك يا دكتور، أنا ما زلت الآن في كامب ديفيد أنت لم تحضره.
د. مصطفى خليل:
أنا هأقول لك، بالعكس لما مسك الجانب الإسرائيلي، قال موشي ديان أو المفاوضين الإسرائيليين قال: ما كانشي عندهم سلطة التفاوض..
أحمد منصور:
وهم أعلنوا كده.. الرئيس.. عفوا.. بيغين نفسه، قال للرئيس السادات ما نصه: "أنت رئيس مفوض من الشعب المصري، ولكن يؤسفني أني أنا رئيس وزراء منتخب، وورايا الشعب الإسرائيلي، وورايا الكنيست، يسائلني عن كل خطوة باتخذها، فالرئيس السادات كان يعطي القرار بدون أي مرجعية، أما الآخر فكان له مرجعية..
د. مصطفى خليل:
لا.. الرئيس السادات كان له عادة في التفكير السياسي بتاعه، يعني كان يشوف مختلف الأوجه ومختلف الآراء، ويطرح.. لو حصل كذا نعمل إيه؟.. لو حصل كذا يبقى الوضع إيه؟.. لو حصل كذا يبقى الوضع إيه؟.. هو بعد كده بيبلور هذا الكلام في الخط اللي بياخده.. الرئيس السادات كامب ديفيد لما وافق عليها كامب ديفيد ما هياش اتفاقية سلام إطلاقا، أبدا إطلاقا.. واللي يقول.. كامب ديفيد مش اتفاقية سلام.. كامب ديفيد عبارة عن إيه مرجعية للمفاوض على أنه بياخد المبادئ الأساسية.. زي..
أحمد منصور:
طيب هذا مأخذ عليها أيضا.
د. مصطفى خليل:
ليه؟
أحمد منصور:
لأنها أولا، بعيدا عن مجلس الأمن، وعن الأمم المتحدة، وعن أي مرجعية دولية وقعت هذه الاتفاقية في الوقت الذي كانت تذكر فيه مجلس الأمن والأمم المتحدة، وغيرها من الأشياء في ثناياها، وكأنها مفوضة منها، ما هي المرجعية والضابط الرئيس لاتفاقية كامب ديفيد؟
د. مصطفى خليل :
(10/336)
أنا بدي أسألك سؤال، لما بتيجي في الاتفاقية المصرية، والقوات اللي اتوجدت اللي هي بين الطرفين، القوات الأجنبية، ما تقالش إطلاقا أن القوات دي قوات.. أمم متحدة، القوة دولية، ولا الأمم المتحدة لها دخل بيها، ليه؟ لأن فيه الفيتو السوفيتي اللي كل ما هتقدم حاجة هيرفضوها..، إذن مش هتصل لنتيجة، إذن الوضع كان..
أحمد منصور:
يعني كان الغرض هو الوصول لنتيجة أيا كانت هذه النتيجة، حتى ولو كانت على حساب المصالح المصرية.
د. مصطفى خليل:
لا.. لا.. نتيجة في مصلحتي 100% مصلحة بلدي 100%، مصلحة إن أنا أخلي الطرف الآخر ينسحب من سينا، مش Re-Deployment اللي هي إعادة تمركز القوات.. لا، أنا بدي الواحد يبقى فاهم للكلام اللي بيقولوا عليه WITH DRAWAL [انسحاب].
أحمد منصور:
انسحاب
د. مصطفى خليل:
انسحاب كامل من كل شيء، ورجعت لي سينا 100% الحمد لله، والكلام على اللي حصل بيني وبين الدول العربية الأخرى تم، بعد فترة الرئيس مبارك، إن عادت العلاقات بين مصر والدول العربية الأخرى.. ما كانوش في وضع يمكنهم من أنهم يروا الرؤية السياسية للرئيس السادات، هم أحرار.. وأنا كمان حر.
أحمد منصور:
لكن أصلا أنتم دخلتم المفاوضات دكتور لم يكن لديكم أية أوراق للضغط..
د. مصطفى خليل:
إزاي ما كانش عندي أوراق؟ أمّال [إذن] هل استجديت السلام؟
أحمد منصور:
كثيرون يرون ذلك بأنكم استجديتم السلام، لأنكم أنتم الذين طلبتموه..
د. مصطفى خليل:
إطلاقا.. أنا بدي مرجع أمريكي، يقول فلان كان بيستجدي السلام..
أحمد منصور:
إشمعنى الأمريكان؟ العرب هم أصحاب القضية.
د. مصطفى خليل:
العرب مش أصحاب القضية.
أحمد منصور:
مين أصحاب القضية؟
د. مصطفى خليل:
أنا صاحب القضية، والملك حسين صاحب قضية، وياسر عرفات صاحب قضية، وأنا مش هارجع على وجهي إطلاقا..
أحمد منصور:
ده تجزيء يا دكتور للمصلحة العربية العامة، وللرابط الذي يربط الأمة.
د. مصطفى خليل:
(10/337)
لما اجتمع العرب ليلة الموافقة على قرار 242، وعبد العزيز بوتفليقة اللي هو كان موجود ويا الـ....
أحمد منصور:
كان وزير خارجية الجزائر.
د. مصطفى خليل:
كان وزير الخارجية وهو اللي أصر على رفض المقترح..
أحمد منصور:
الذي تقدمت به دول أمريكا الجنوبية.
د. مصطفى خليل:
اللاتينية اللي كان أفضل 1000 مرة من 242، ما ننساش الكلام ده، وما ننساش إن احنا دول واقفة بعيد، ولا بتحارب ولا بتساعدك ولا بتعمل حاجة، ويقول لك: التضامن العربي، تضامن عربي ماذا؟
أحمد منصور:
المساعدات العربية يا دكتور، لا نستطيع أن ننكرها لمصر وللدول الأخرى.
د. مصطفى خليل:
لا..لا.. قل لي التضامن العربي، ماذا تعني به؟
أحمد منصور:
الموقف العربي.. حتى على أرض المعركة وبالدعم المالي.
د. مصطفى خليل:
أني دعم اللي بتتكلم عليه؟
أحمد منصور:
يعني الدعم المالي اللي كان موجود.. الدول العربية ساعدت، السعودية اشترت سلاح لصالح مصر، ودول أخرى، ودفعت فيها..
د. مصطفى خليل:
دي حاجات رمزية كلها.. مش حاجات اللي هي تؤثر في وضعك اللي موجود، اللي حصل استفادة كل الدول العربية بحرب 73.
أحمد منصور:
ما هي استفادة الدول العربية من حرب 73؟
د. مصطفى خليل:
رفع سعر البترول نمرة 1 و2 لـ10.
أحمد منصور:
ما هي أيضا عادت على مصر بالفائدة؟
د. مصطفى خليل:
عادت على مصر بإيه؟
أحمد منصور:
أيضا مصر دولة منتجة للبترول.
د. مصطفى خليل:
احنا دولة منتجة للبترول؟ و95% من ميزانيتي متوقفة على البترول.
أحمد منصور:
الدول الأخرى، أيضا ساعدت مصر.
د. مصطفى خليل:
أقول أيوه أنا عندي سلاح وأقدر أشهره.. وبعدين لما تيجي وتقول طيب اعملوا المقاطعة زي سنة 67، هل تم احترام المقاطعة؟ واللا هي كلمات بتروج لإثبات أن الوضع دا هو أساء للعرب، أساء للعرب في إيه؟ ولا حاجة. هل فرضت عليهم شيء؟ أبدا. هل أضريت بمصلحتهم؟ أبدا.
أحمد منصور:
(10/338)
أضريت بمصلحتهم في وضع الصراع العربي الإسرائيلي..
د. مصطفى خليل:
في وضع القدس؟
أحمد منصور:
في كل الأوضاع بشكل عام..
د. مصطفى خليل:
الملك حسين -الله يرحمه- لغاية ما توفى، قال: أنا راعي الأماكن الإسلامية في القدس، الملك الحسن فيه لجنة اسمها لجنة القدس من 7 أفراد أو 8 من الدول العربية، يقولوا لنا عملوا إيه؟ إذا كان اللي عملته مصر مش عاجب الدول العربية الأخرى طيب يتفضلوا.. احنا مستعدين نتعاون مع أي واحد يقول حاجة، لكن إذا كان ما فيش حاجة بتتعمل يلوموا على مصر أنها عملت، يلوموا على مصر أنها حررت أرضها.. طيب كنت أستنا بقى سايب الاحتلال الإسرائيلي لغاية بنى 13 مستوطنة، زي ما كان موجود وقت الـ.... زمان.. يبقوا 140 مستوطنة، وبعدين أبص ألاقي اليهود موجودين في سينا كذا مليون؟، وتقول لي: لا.. كنت تنتظر؟! انتظر إيه؟
أحمد منصور:
في 17 سبتمبر 1978 وقع الرئيس السادات معاهدة كامب ديفيد، وفي أكتوبر 78 عينك رئيسا للوزراء، في الحلقة القادمة فترة رئاستك للوزراء.
شكرا جزيلا دكتور مصطفي خليل، أشكرك على سعة صدرك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق، في الختام أأنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/339)
الحلقة9(10/340)
الإثنين 8/9/1421هـ الموافق 4/12/2000م، آخر تحديث الساعة: 22:51(مكة المكرمة)،19:51(غرينيتش)
د. مصطفى خليل، رئيس وزراء مصر الأسبق
الحلقة 9 (الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
- د. مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق
تاريخ الحلقة
18/03/2000
د. مصطفى خليل
أحمد منصور
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة لشهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق.. مرحبا يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
أهلا بك.
أحمد منصور:
في هذه الحلقة الأخيرة التي نواصل فيها الاستماع إلى شهادتك على الأحداث الأساسية التي شاركت في صناعتها طوال حياة سياسية حافلة بالأحداث نبدأ من حيث توقفنا في الحلقة الماضية عند عودة الرئيس السادات من كامب ديفيد بعد التوقيع عليها في 17 نوفمبر عام 1978، ارتأى الرئيس السادات أن يغير الحكومة ويأتي بحكومة تقوم بتوقيع عملية السلام أو بالإعداد لاتفاقية السلام التي سوف تتمخض عن اتفاقية إعلان المبادئ التي وقعت في كامب ديفيد.. اختارك الرئيس السادات رئيس للوزراء.. لكن قبل اختيارك كان هناك توجه لدى الرئيس السادات لاختيار نائبه السيد حسني مبارك ليكون رئيسا للوزراء.. نشر ذلك في بعض مصادر المعلومات على نطاق غير واسع.. هل صحيح كان حسني مبارك وليس أنت الذي كان مرشحا لرئاسة الوزراء؟
د. مصطفى خليل:
اللي أنا سمعته في الحقيقة وقتها أن كان هناك إشاعات داخلية بين كبار المسؤولين في مصر أن هناك تعديل وزاري.
أحمد منصور:
أعود إلى مرافقتك له في رحلتك إلى القدس.. هل هذه أيضا كانت دافع لأن يقربك الرئيس السادات منه حتى تعينه على المرحلة الصعبة التي كان ..
د. مصطفى خليل:
لا.. أنا ما شعرتش بهذا في الحقيقة يعني لما سألني الرأي أنا ما شعرتش، وأنا شخصيا ما كنتش غاوي حكومة وغاوي الوزارة.
(10/341)
أحمد منصور:
لكن أنت طول عمرك فيها يا دكتور
د.مصطفى خليل:
طول عمري، لكن كان أحسن وقت لما خرجت بعد كده, لأنك وأنت في الحكومة وفي الوزارة ما يبقى لكش حياة خاصة ما لكش حياة اجتماعية, ما لكش أي نوع من الحرية لتعمل أي حاجة.
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لكن فيه سلطة, فيه نفوذ.
د. مصطفى خليل:
إيه هي السلطة؟
أحمد منصور:
ناس كتير بتستمتع بيها.
د. مصطفى خليل:
فيه ناس كثير, لكن أنا بالنسبة لي، السلطة تعني إيه؟
أحمد منصور:
تعني حاجات كثير في عالم اليوم، ربما في كثير من الأقطار في كثير من المواقع، في كثير من مواضع التاريخ، كانت السلطة تعني المسؤولية المطلقة والعبء والأمانة الذي يؤرق صاحبها بالليل والنهار، لكن اسمح لي في كثير من المواضع الآن السلطة أصبحت سبيل للوجاهة ولتحقيق النفوذ في المجتمعات أكثر منها وسيلة لخدمة الناس والقيام على حياتهم.
د. مصطفى خليل:
ممكن يبقى ده عند بعض أفراد, ولكن سؤالي المهم بيبقى لأي شخص إيه الأهداف اللي أنت عايزها؟ أو ما هو الهدف الرئيسي لحياة الإنسان؟
أحمد منصور:
نعود إلى هذه المرحلة.. مرحلة عرض المسؤولية عليك.
د. مصطفى خليل:
الرئيس السادات -زي سيادتك ماقلت- كان فيه تشكيل آخر، أنا ما عرفش كلف مين, يعني مين اللي كان مكلف مش شغلتي، لكن لما الرئيس السادات فاتحني قلت له: احنا كلنا واقفين وياك. قال: طيب.. تيجي تمسك الوزارة. قلت له بكل سرور.. هأمسك الوزارة، بس لي بعض المطالب. قال لي: إيه هي؟ قلت له: والله أنا هاجي لفترة المفاوضات، أنا مش عايز أقعد سنين طويلة في الوزارة.. أنا هأجي، بس لا بد إن سيادتك تديني الحق في أني أختار الوزراء اللي يكونوا بيشتغلوا معايا.. لأنه فيه فرق كبير جدا بين أنك تشتغل مع فريق عارفين إن وجودهم, مسؤوليتك، وفيه فرق إنك تشتغل مع فريق عارف أن مجيهم أو الكراسي اللي همه قاعدين عليها بيدينوا إلى شخص آخر.
أحمد منصور:
(10/342)
لكن أنت كنت تعلم معنى كده من اللي كان سائد في تشكيل الحكومات في ذلك الوقت هو أن رئيس الوزراء كان بيكون صورة وبيفرض عليه الوزراء من هنا ومن هناك؟
د. مصطفى خليل:
مش تمالي [ليس دائما].. يعني ممكن اتفاق.. ممكن رئيس الوزارة يعرض على الرئيس عدة أسماء للوزارة الواحدة، وده أسلوب ممكن أنه يتبع في أي دولة من الدول طبعا.. الرئيس طبقا للدستور عندنا بيتمتع بحقوق كبيرة.. الخط الفاصل بين سلطة الرئيس وسلطة الوزارة أو رئيس الوزارة والوزراء تميل أكثر لجانب الرئيس مما تميل أكثر لجانب رئيس الوزراء، وعشان كده أنت لما بتشتغل لا بد أنك تبقى عارف حقائق الموضوع لما بتشتغل بتبقى عارف فين الحدود اللي مفروض إن الرئيس يقبلها أو يرفضها.
أحمد منصور:
كنت تعلم أن الرئيس كلف نائبه حسني مبارك قبل عدة أيام من تكليفك بتشكيل حكومة جديدة؟
د. مصطفى خليل:
لا.. ما أنا قلت لسيادتك أنا ما كنتش أعرف أنه كلف مين.
أحمد منصور:
لكن كنت تعرف أن فيه شخص مكلف.
د. مصطفى خليل:
أنا كنت أعرف أن فيه كلام عن أن فيه حكومة جديدة.
أحمد منصور:
فيه بعض المصادر ذكرت أن التوصية بتكليفك جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية ومن السفير الأمريكي في القاهرة على وجه الخصوص، أنه التقى بالرئيس السادات وقال له إن تكليف النائب بتشكيل الحكومة التي من المفترض أن توقع عملية السلام ليس من الناحية السياسية مقبول، لاعتبارات كثيرة شرحت في هذه المصادر ومنها كتاب الأستاذ هيكل، في الجزء الثاني منه، وأنه اقترح عليه أن يبقى النائب في وضعه السياسي على أن يشكل الحكومة شخص آخر وتم الاتفاق عليك.
د. مصطفى خليل:
(10/343)
شوف.. أنا لو كنت عندي شك واحد في الألف إن التوصية إن أنا أشكل الحكومة بناء على توصية الولايات المتحدة ما كنتش قبلت على وجه الإطلاق، أنا باشكل حكومة بناء على طلب رئيس الجمهورية وليس بناء على تدخل إطلاقا على وجه الإطلاق. ما حدش يقدر يقبل الكلام ده.
أحمد منصور:
منحك الرئيس السلطات والشروط التي طلبتها لتشكيل الحكومة؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
وقمت بتشكيل الحكومة.. ما هي التوازنات التي راعيتها في عملية التشكيل وأنت حددت مهمة رئيسية لنفسك وهي توقيع اتفاقية السلام؟.. ما هي كيفية الاختيار والتركيبة التي قمت بها لحكومة تساعدك على تحقيق هذا الأمر؟
د. مصطفى خليل:
شوف.. أساس العمل الوزاري كله والعمل في الحكومة إن أنا باستمرار, ولما جيت ومسكت رئاسة الحكومة، وفي أول اجتماع أنا قلت: كل وزير يرجع لي فيما يفشل في حله، أو يتطلب سلطة أعلى من سلطته، وإنما إذا كان في سلطة الوزير أنه ياخد خطوة في هذا الاتجاه.. كل اللي باطلبه هو وأنا عندي ثقة طبعا لا حدود لها في أي واحد في العملية دي أني أحاط علما بإيه إللي بيتم ولكن اللي يجئ يطلب مشورتي في أي حاجة الباب مفتوح، ويجي مثلا أي موضوع يحتاج إلى أكثر من وزارة كان لازم يتعمل.. الحكومة ما هيش عملية سهلة.. يعني الحكومة تجد في بعض الوزراء نشيطين جدًا يقومون بالشغل بتاعهم. لكن لا بد من التنسيق. فلما باجي لمجلس الشعب طب إيه علاقة الحكومة بمجلس الشعب، وفيه وزير شؤون مجلس الشعب ده من أيام ما كنت موجود.. أنا كنت أصر دائما إن جميع الأسئلة اللي توجه للوزراء أو الاستجوابات أو طلبات الإحاطة أن أحاط بيها ورد الوزير لا بد أن يعرض علي قبل ما يقوله، وإذا كان فيه أي تعديل فلا بد أن رأيي يتاخذ ويعمل بيه، لأن هذه مسؤولية جماعية.
أحمد منصور:
(10/344)
هذا بالنسبة للأمور الداخلية.. ولكن في القضايا الخارجية وكانت مصر مقبلة على مرحلة خارجية في العلاقات الخارجية مرحلة صعبة للغاية .
د. مصطفى خليل:
في العلاقات الخارجية بيتكون وفد للتفاوض بيبقى موجود، وفد التفاوض أحب أقول لك ممكن، وأنا كنت بعد كل زيارة في الخارج أقوم بها أرجع كنت بأجهز تقرير مفصل للرئيس السادات مختصر وبأبعثه وبيتقري في مجلس الوزراء كتقرير مني، ما هواش محتاج إلى آراء على وجه الإطلاق . أقرالهم عشان يكونوا في الصورة بالنسبة للأوضاع السياسية الموجودة, أبعثه للرئيس السادات، وبعدين يحصل اجتماع كان بيحضر هذا الاجتماع رئيس الجمهورية والسيد النائب وأنا كنت بأحضره، نتفق على الخطوة التالية، الموضوعات اللي حتثار، كذا وكذا وكذا، فين الحدود القصوي والحدود الدنيا، بعد كده يديني صلاحية كاملة في التفاوض.. وهنا الكلام ده معترف به من أكثر من مصدر، يعني مش كلام أنا باقوله لمجرد الكلام .
أحمد منصور:
في ظلال تشكيلك للحكومة وبداية أيامك الأولىفيها عقد وزراء الخارجية العرب مؤتمر لهم في بغداد ، وعقدت قمة بغداد في 2 نوفمبر 1978م التي قامت بقطع العلاقات العربية مع مصر، وكان هذا بداية.. أول بداية احتكاك لحكومتك حول العزلة العربية التي عاشتها مصر، كيف تصرفت مع هذا الموقف؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل من وجهة نظري أنا الخاصة ومدى معرفتي بأنظمة الجامعة العربية وأنا بعدها طلبت السيد محمود رياض علشان أقابله.. اللي بيدعو إلى عقد المؤتمرات مفروض أنه هو الأمين العام.. الانعقاد اللي حصل في بغداد ما كانش قانوني من وجهة نظر تطبيق قواعد ولوائح الجامعة العربية الشيء غير القانوني وما تم عليه من نتائج بتعتبر بالنسبة لي وقتها أنها غير قانونية .
أحمد منصور [مقاطعًا]:
القانون مين اللي وضعه يا دكتور ؟
د. مصطفى خليل:
(10/345)
ولكن.. إذا كانوا اخذوا هذا القرار وهم معتقدين أن هذا قرار صحيح، لما جم علشان ينقلوا مستندات الجامعة العربية وكل الأوراق بتاعتهم أنا رفضت خروج أي مستند للجامعة العربية من مصر ورفضت قبول المنطق بتاعهم إن مصر خارج جامعة الدول العربية .
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لكن موقف الدكتور محمود رياض حتى في الخطاب الذي ألقاه في القمة كان موقفا مؤيدا للدول العربية فيما اتخذته من قرارات مؤيد وواضح هذا في مذكراته.
د. مصطفى خليل:
لا ما كانش مؤيد. أنا ما أعرفش مذكراته.. يقول فيها اللي يقوله ولكن لما جاء وبعدين قعدت وياه قلت له: يا دكتور محمود أنت موافق على الكلام اللي عملوه؟ قال: لا.. ربما موافق على الموضوع، لكن الأسلوب نفسه .
أحمد منصور [مقاطعًا]:
لهذا شارك فيه؟ مشاركة الأمين العام وإلقاؤه خطاب مباشرة بعد خطاب الرئيس البكر.. الذي كان .
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
وجوده لم يكن قانوني أيضا .
أحمد منصور:
هو تحدث وألقى كلمة تجاوب معهم بالكامل، وهو رفض حتى حينما ألحوا عليه أن يبقى أمينا عاما للجامعة العربية بعد قرار بنقلها إلى تونس، هو رفض. في هذه المرحلة.. أنا هنا حتى لا أقف كثيرا عند هذه المرحلة.. أنا بس الشق الذي بدأت به رئاستك للحكومة ووقوع مصر تحت مقاطعة عربية، والتوجه الكلي الذي كانت مصر في ذلك الوقت متوجهة به نحو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل..
د. مصطفى خليل:
تسألني رأيي كان أيه؟
أحمد منصور:
موقفك كرئيس حكومة .
د. مصطفى خليل:
أولا: أنا ما كنتش رئيس وزارة فقط، أنا كنت الحاكم العسكري مش نائب الحاكم العسكري. يعني طلع قرار الرئيس السادات أمارس هذه السلطة .
أحمد منصور :
هذا في ظل قانون الطوارئ. منصب يكون في ظل قانون الطوارئ.
د. مصطفى خليل:
(10/346)
أنا كنت الحاكم العسكري وكنت رئيس الوزارة واللي قلته أنا والله الدول العربية فوق رأسي من فوق، ولكن إذا وصل الوضع إلى أنهم فاكرين يقدروا يغيروا مسار اللي احنا اتفقنا عليه أنا مش موافق على هذا الكلام.. أنا يعز علي جدا مقاطعة الدول العربية لكن مش مستعد أني آخذ بوجهة نظرهم. أنا ليه وجهة نظر أنا مصر عليها وأنا حأعملها وأنا حأمشي في المفاوضات، وفي نفس الوقت أصدرت تعليمات لكل المواني الجوية والبحرية حسن استقبال الإخوة العرب، لأن الفرد لا يجب أن أعامله بجريمة قرار يتاخذ من رئاسة الدولة .
أحمد منصور:
وهم كذلك أصدروا قرار بحسن معاملة المصريين في بلدانهم وعدم تحميل المصريين مسئولية تصرف الحكومة.
د. مصطفى خليل:
ده اللي لازم أقوله. مازلت أقوله.. احتمال الخلاف موجود في أي نقطة في أي قضية ولكن مش كل خلاف أعكسه على طريقة معاملة الشعب المصري أو الشعب العربي.
أحمد منصور [مقاطعا]:
ولكن كان يسرك إنزال الأعلام العربية من على أرض مصر ورفع العلم الإسرائيلي كأول حدث في عهد حكومتك تم ؟
د. مصطفى خليل:
لا يعين، شوف.. رفع العلم الإسرائيلي.. العلم الإسرائيلي والعرب يقابلوا الإسرائيليين في كل المحافل الدولية.
أحمد منصور [مقاطعا]:
أرض مصر التي تمثل مطمع توراتي أيضا بالنسبة للإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
إنما أرض مصر.. أنا ماعملتش 1967 م والنتائج التي ترتبت عليها أما مش رجل عسكري. أنا لما أجئ أقول نهاية أي صراع مسلح..
أحمد منصور [مقاطعا]:
أخطاء العسكريين عادة.. أي ما يجنيه العسكريون هو نتيجة لأخطاء سياسية . كما يقول كثيرون.. في المقام الأول يعني.
د. مصطفى خليل:
(10/347)
لا والله.. فيه القادة العسكريون اللي بيفتعلوا أساس للمعارك وموجود.. إنما في مصر أنا اللي أعرفه تمامًا من أيام الرئيس عبد الناصر وأيام الرئيس السادات كان توجه نحو حل الخلاف بين مصر وإسرائيل يتم بأسلوب سلمي، وقبلوا هذا، أو أسلوب التفاوض. لما أجئ بعد ذلك وأقول له: لا.. والله. لا.. طيب وبعدين الدول العربية اللي وافقت في يونيو 1996م، الدول العربية لما تقابلوا في المؤتمر الاقتصادي، اللي بعد كده عملوا أيه مش سلموا على المندوب الإسرائيلي؟
أحمد منصور [مقاطعًا]:
كل هذا نتاج للتواجد الأمريكي والحرب الخليجية الثانية وللخطوة التي قام بها الرئيس السادات 1977. هذا ما يقوله المعارضون .
د. مصطفى خليل:
لا..لشجاعة الرئيس السادات في أخذ الخطوة الأولى.. كان يجب على الرئيس السادات أن يأخذ الخطوة الأولى.
أحمد منصور:
في عهدك يا دكتور مصطفى تم حرمان معارضي اتفاقية السلام من العمل السياسي أصبح كل شخص معارض لاتفاقية السلام لا يتبوأ منصبًا سياسيًا. لا يحق له أن يشكل حزب أو يقوم بدوره السياسي في ممارسة العمل. مقارنة هذا ديمقراطيًا..
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
مين يا أخ أحمد ؟
أحمد منصور:
الآن.. مش فيه قانون صدرأن أي شخص يعارض اتفاقية السلام لا يحق له أن يشكل حزب سياسي، ولا أن يتبوأ منصبا رئيسيا.
د. مصطفى خليل:
طيب والجرائد اللي بيكتبوها دي؟! شوف سيادتك الصفحات التي بيقولوها.
أحمد منصور:
صحيح ده في الجرايد، لكن في قوانين الأحزاب لا يستطيعون .
د. مصطفى خليل:
مين اللي منع؟ ما فيش منع في مصر على وجه الإطلاق.
أحمد منصور:
هناك قانون..ألم يصدر قانون في عهد رئاستك للحكومة ينص على هذه الأشياء لمعارضي اتفاقية السلام؟ يعني أنت تنفي هذا الأمر تماما..عزلة مصر بعد كامب ديفيد كيف تعاملت معها على الصعيد العربي؟ كيف عوضت هذه العزلة التي لأول مرة تحدث في تاريخ مصر؟
د. مصطفى خليل:
(10/348)
مش بس كده.. إحنا كنا في أوضاع اقتصادية ماهياش مريحة، وكانا الظروف الاقتصادية في مصر في ظل أوضاع اتفاقية السلام كان لابد أن أمشي فيها، ولابد أن أوصل مصر إلى تحقيق الهدف اللي موجود أنا شخصيا مؤمن بهذا، وأنا شخصيًّا من دعاة أن الوطنية المصرية فوق أي حاجة.. أنا عشت شبابي ومعرفتي للحياة من أيام ما حصل لغاية الحرب.. كل اللي كنا بنسمعه الوطنية المصرية.. تماما زي السعودية لما السعودي بيقول لك أنا سعودي. تماما زي البلاد العربية الأخرى.
أحمد منصور [مقاطعا]:
بس ده ما يتعارضش مع التوجه العربي ولا الإسلامي.
د. مصطفى خليل:
إطلاقا.
أحمد منصور:
الوطنية موجودة ولا أحد يستطيع أن ينفيها.
د. مصطفى خليل:
مش بطريقة أن بأقول أنا بأخرج عن الصف العربي.. لا.. إنما فيه شرط أساسي أنك تعرف الللغة العربية أو البلاد العربية. هناك تميز اجتماعي واقتصادي وثقافي بين الدول العربية بعضها البعض، فإذا كنتش تبني سياستك على أساس هذا التميز وهذا الاختلاف يبقى كل السبع عشرة محاولة التي حصلت وفشلت لوجود نوع من الوحدة أو الاتحاد أو إلى آخره.. كلها فشلت.. ليه؟ لأن محدش أحد يريد أن يعترف بالواقع.
أحمد منصور:
أثناء رئاستك للوزراء أيضا حدثت انتخابات، وأيضا هناك اتهامات بالتزوير الذي وقع في الانتخابات.
د. مصطفى خليل:
مش انتخابات حصل استفتاء على الاتفاقية، وبعدين حصلت انتخابات اللي هي بالنسبة للأحزاب.. لكن الأحزاب اللي رفضوا الاتفاقية همه أحرار.. أنا عمري ما حسيت أن انا في حاجه بتطرني إني آخذ موقف علشان أتلافى فيه رفض طرف من الأطراف.
أحمد منصور:
ما يقال هنا يا دكتور مصطفى: إن إسرائيل مليئة بمعارضي الاتفاقية التي وقعت مع مصر، والاتفاقيات التي وقعت مع ذلك، ومع ذلك لا يلقى هؤلاء المصير أو المعاملة التي يلقاها معارضو الاتفاقية في مصر وفي الدول العربية.
د. مصطفى خليل:
(10/349)
معارضو الاتفاقية إذا كان من خارج كتلة التطرف -اللي بقولك عليها يمين وشمال- يتفضلوا يكتبوا اللي همه عايزينه.
أحمد منصور [مقاطعا]:
والرئيس مبارك قال لوايزمان: أنا لا أستطيع أن أمنع الناس أن تعبر حينما طلب وايزمان أيضا وحاولت إسرائيل أن تمارس ضغوط لإيقاف حجم سيل الكتابات الذي تم في هذه المرحلة.
د. مصطفى خليل:
هنا فيه فرق بين كتابات وكتابات، وأنا بأقول إن الصحافة بتاعتنا... أهلا وسهلا بالرأي المعارض، إنما معارض موضوعيا مش معارض أن أنا أمسك فرد، زي ما هو حاصل في الوقت الحاضر. لا.. دي مش معارضة .
أحمد منصور:
دكتور.. الآن لو أدخل إلى خطة تفاوضك مع الإسرائيليين وأهم الأشياء التي تمت بينك وبينهم في التفاوض قبيل توقيع اتفاقية السلام في 26 مارس 1979.. ماذا حدث ؟ أهم المواقف والأحداث ؟ ماذا كان يريد الإسرائيليون؟ وماذا كنت تريد أنت؟
د. مصطفى خليل:
حأقول لسيادتك.. وأنا باعتراف الأمريكيين الذين كانوا موجودين في عملية التفاوض.. بدون شك في كتاباتهم حتى قالوا: السادات أدى لفلان سلطات كاملة في التفاوض.. وده الوضع اللي أنا بأقوله للشهادة والتاريخ.. ما بقولش أبدا أن فيه حاجة أنا بأرمي اللوم على الرئيس السادات لكي أنقذ نفسي منها، لأ بأقول أنا كل ما ورد وأنا اشتركت فيه كان برضاء مني.. هنا لما نيجي بالنسبة للأوضاع الموجودة أستطيع أن أقول: إن مصر استطاعت أنها تجتاز هذه المرحلة.. مرحلة الجفاء ومرحلة قطع العلاقات وكل الكلام ده.. واستعادت علاقاتها مع الدول العربية، ولم تفرط في اتفاقية السلام ولا اتفاقيات التطبيع.. مصر مستعدة أنها تسير على هذا المنهج على طول مع الدول العربية، الدول العربية كذلك وافقت على هذه السياسة المصرية وأخذت بها في الوقت الحاضر.
أحمد منصور:
(10/350)
مع إغفال ما تقوم به إسرائيل تجاه الآخريين، يعني بعد زيارة الرئيس السادات للقدس في 1977م قامت القوات الإسرائيلية باجتياح جنوب لبنان في مارس 1978م ثم قامت في 82 واستبقت جزء من لبنان.. المذابح التي تتم.. قانا.. الأمور التي تتم للفلسطينيين.. الاعتقالات.. ما يحدث في جنوب لبنان وما يحدث في داخل فلسطين للفلسطينيين.. كل هذا لا يدخل ضمن الاعتبارات!؟
د. مصطفى خليل:
أزاي ما يدخلش ضمن الاعتبارات طبعا يدخل ضمن الاعتبارات وبيدخل على المستوى الأعلى في السلطة، بيبقى فيه اتصال بالجانب الآخر وإظهار المعارضة لمثل هذه الممارسات، ولكن اللي أنا بدي أقوله باستمرار أنه هل توجد وسيلة أخرى لأنك تأخذ حقوقك.. يا دول عربية محتلة من القوات الإسرائيلية؟ أنا ما بقولش على الدول العربية الأخرى بعيد عن المسألة.
أحمد منصور [مقاطعا]:
ليه تفصلها يا دكتور وهي لم تنفصل عن الموقف العربي؟
د. مصطفى خليل:
هي اللي فصلت نفسها.. هنا لما نيجي ما ننكرش على وجه الإطلاق إن كلا من الدول العربية النهار ده كل واحد فيهم يراعي مصلحته ما أقدرش أتغافل على أن فيه خلافات شديدة جدا بين الدول العربية وبعضها البعض.. لما تمسك من الخليج إلى المحيط وتشوف كل الدول، تجد كل دولة فيه خلاف بينها وبين جارتها على الحدود.. الكلام اللي طالع علينا في الصحافة الغربية واللي تمثل العربي أنه واحد عامل إيده كده.. وفيها خنجر وبيبوس الثاني، لما أجئ أقول: كيف أقوي مركز ياسر عرفات التفاوضي؟ أمامي لما بيغلقوا الضفة والقطاع بتكون نتيجتها أيه؟ 140 ألف عامل يقعدوا في بيوتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة.. طيب مابنعملش ليه صندوق اجتماعي بين الدول العربية.. والله قبل ما يقول لي: أنا (زعلان) وأنا أخذت جانب.. مش عارف هل أنت مستعد أنك تدفع أم غير مستعد؟!
أحمد منصور [مقاطعا]:
الآن حضرتك بتعالج السلبيات التي قامت عليها الاتفاقات بالدرجة الأولى.
د. مصطفى خليل:
(10/351)
أنا باعالج الأساسيات.
أحمد منصور:
الأساسيات ألا يكون هناك احتلال، وأن تكون هناك حرية، وأن يُمَكَّن أصحاب الأرض من أن يعودوا لأرضهم مرة أخرى.
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
إزاي الكلام ده كلام إنشاء!!
أحمد منصور:
كل الحاجات اللي تحولت إلى وقائع كانت إنشاء وأحلام، ثم قام أهلها بتحقيقها بعد ذلك.
د. مصطفى خليل:
لا.. لا.. ليست أحلام لابد أنك تأخذ خطوات.. إزاي اليهود قدروا أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه؟
أحمد منصور:
كانت أحلام.. لما تيودور هرتزل كان موجود في سنة7 189م، وأنا رحت لهذه القاعة ورأيتها، ورأيت برواز موجودا بها بالرخام إلى اليوم.. كان حلما بالنسبة للإسرائيليين فإحنا ليه ما نحلمش وبعد خمسين سنة نحقق.
د. مصطفى خليل:
أنا بودي أن أقول لك حاجة.. إن الدول التي تمنح الإسرائيليين المعونات الفنية.. طيب أخليها دول عربية.. الدول العربية هي اللي ما تتقدمش وتقول أنا حأعمل العملية دي.. ليه ماحطش صندوق اجتماعي اللي هو مائة وأربعون ألف عامل يكسبون (7) مليون دولار يوميا.
أحمد منصور [مقاطعا]:
هناك عوائق وأنت تعلمها يا دكتور .
د. مصطفى خليل:
عارف لما تيجي النقطة دي . هنا تلاقي البحث...
أحمد منصور [مقاطعا]:
لا الإسرائيليون حيسمحوا ولا الأمريكان، إن الأمريكيان بيتدخلوا فيما هو أكثر من مجرد تركيب صندوق.. فيه أشياء كثيرة تتعلق بسيادات الدول الآن الأمريكان بيتدخلوا فيها.
د. مصطفى خليل:
ومن يقبل هذا التدخل ؟
أحمد منصور:
اللي ما بيقبلش بيحصل له اللي حصل لميلوسوفيتش واللي يحصل لصدام حسين .
د. مصطفى خليل [ضاحكًا]:
أنت بتتكلم هنا واقع...
أحمد منصور:
دكتور مصطفى كانت هناك مهمة رئيسية لك هي السعي لتوقيع اتفاقية السلام، ما هي القضايا والمحاور الرئيسية التي كنت تتفاوض فيها مع الإسرائيليين في الفترة منذ توليك الوزارة في أكتوبر وحتى توقيع الاتفاقية في مارس 79؟
د. مصطفى خليل:
(10/352)
الاتفاقية المصرية الإسرائيلية في حقيقة الأمر كل واحد يقرأها.. ما كانتش فيه صعوبة في المبادئ اللي شملت الاتفاقية.. إنما نشأت صعوبة واحدة ودي خذت, الاتفاقية كان المفروض تخلص في ثلاثة أشهر .. فخذت أربع أشهر أخرى ودي اللي أنا سافرت فيها إلى ما سمي بعد ذلك بكامب ديفيد 2 المادة اللي بتنص على أولوية الالتزامات اللي هي (Priority of Obligations)اللي هي خاصة بأن هناك اتفاق دفاع عربي مشترك مصر مرتبطة به.. ما وضع هذا الاتفاق بالنسبة لاتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية؟ المادة دي رغم أهميتها الكبيرة جدًّا لدى الإسرائيليين أنا لم أتفاوض فيها بيني وبين الطرف الإسرائيلي، إنما التفاوض فيها تم بيني وبين الرئيس كارتر مباشرة.. واللي حصل إني أنا سافرت وقعدت ثلاثة أيام، وكل يوم كنت بأشوف الرئيس كارتر، هو كان يأخذ قلم وورقة ويبتدي يكتب، هو غاوي الحكاية دي، ونشوف كتب بعض المراجع جايبين بعض أمثلة.. المهم إنه كارتر كان بيكتب وبعدين يديني الورقة أشوفها، ونقترح عليه التعديلات.. نقول له: طيب.. باكر أنا حأتصل بالقاهرة وأشوف رأي الرئيس السادات إيه. هذه الحكاية فضلت مستمرة لمدة ثلاث أيام لغاية ما وصلنا إلى النص اللي ارتضاه الطرفين.. الاتفاقية ما فيهاش خروج عن المبادئ العامة اللي هي تربط مصالح الطرفين.
أحمد منصور:
لكن الاتفاقية في مجملها حتى حينما بدأتم من البداية كانت اتفاقية سلام منفرد بين مصر وإسرائيل .
د. مصطفى خليل:
شوف أتفاقيات اللي بتتم حتى النهار ده بين مصر وإسرائيل هي اتفاق بين مصر وإسرائيل زي اتفاق الهدنة سنة 1949.
أحمد منصور [مقاطعا]:
لكن ربما من البداية.
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
زي ما لسيادتك إن اتفاق الهدنة ده كان بين مصر حكومة 1949م في إسرائيل، حكومة الأردن، حكومة لبنان.
أحمد منصور [مقاطعا]:
تجزيء الموقف العربي ده بيصب في مصلحة إسرائيل طبعًا، وهي حريصة عليه وتطالب به.
(10/353)
د. مصطفى خليل:
أنا حأقول لك حاجة.. أنا لي وجهة نظر ثانية.. لو سألني: هل كنت تقدر تصل إلى اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل مع تدخل البلاد العربية؟ كنت حأقول لك: لا.. انا مش عايز تدخل، لأني ما أديش البلاد العربية الفيتو على ما أقبله بحكم سيادتي على بلدي على وجه الإطلاق إذا كانت سيادتي على بلدي اللي هي بتتكون.
أحمد منصور [مقاطعا]:
المشكلة هنا يا دكتور هي القضية الفلسطينية والتي هي لب الصراع العربي الإسرائيلي لم تكن صراع مصري إسرائيلي من البداية.
د. مصطفى خليل:
الصراع العربي الإسرائيلي انتهى، وأنا قلت الكلام ده أنتهى بهزيمة 67 الصراع أصبح صراع على سيناء، ما كانتش مصدر صراع بيني وبين إسرائيل قبل كده قبل 67 بنيجي عالجولان نفس الوضع، بنيجي عالضفة الغربية نفس الوضع. الصراع تغير.
أحمد منصور:
من الذي غيره؟ إسرائيل غيرته؟ أم...
مصطفى خليل:
الهزيمة العسكرية هي اللي غيرته.
أحمد منصور: دي وجهة نظر أيضًا يختلف معك فيها كثيرون.
د. مصطفى خليل:
أنت حر.. لكن أنا بقول لك الوضع بالنسبة لنا.. الهزيمة العسكرية غيرت.. قلبت صفحة العلاقات العربية الإسرائيلية، لكن أنا هأرجع إلى الموضوع.. لما بتقول: إن الدول العربية موقف موحد. أقول لك: لا.. لا يمكن.. أولا سيادة مصر على ترابها الوطني كانت مسئولية مصرية.. أنا لن أقبل على وجه الإطلاق، وإذا كان المبدأ ده معترف بيه طبقوه في الجامعة العربية، ونشوف هل ده ممكن تطبيقه واللا لا إن أي قرار تدخل الدول العربية وتأخذ مقررا..
أحمد منصور [مقاطعا:
ليس المقصود هذا.. عفوا.. ولكن الصراع العربي الإسرائيلي من أساسه حتى في قوانين الجامعة العربية وقراراتها بُنِي على أن لا يحق لأي دولة عربية أن تدخل منفردة في صراع مع إسرائيل، وأعتقد أننا ناقشنا...
د. مصطفى خليل:
وموقف ياسر عرفات النهار ده؟
أحمد منصور:
أعتقد أننا ناقشنا، ومصر كسرت القاعدة يا دكتور.
(10/354)
د. مصطفى خليل:
لا .. هو فيه قواعد؟
أحمد منصور:
يعني كل القوانين الموجودة ما لهاش قيمة؟
د. مصطفى خليل:
إطلاقا.. هو لو كانت هناك قاعدة كانوا يمشون على القاعدة التي مشت عليها مصر حتى وصلنا إلى اتفاقية السلام.. ما فيش هناك قواعد.
أحمد منصور [مقاطعا]:
مصر هي التي خرقت القاعدة.
د. مصطفى خليل:
وهل اتفاقية أوسلو ماشية على نفس قاعدة اتفاقية السلام مع مصر؟ لا.. اللي بيقول الكلام ده أنا بأحكم عليه أنه لم يقرأ الاتفاقية دي ولا الاتفاقية دي إنما هو مجرد كلام بيقوله.
أحمد منصور:
صحيح الرئيس السادات وعد الإسرائيليين بأنه سوف سيمدهم بمياه النيل؟
د. مصطفى خليل:
لا.. لم يعد أبدا.
أحمد منصور:
ألم يخبرك الرئيس السادات أكثر من مرة بأن حل القدس في جيبه؟ وحينما أردت أن تستفسر منه..
د.مصطفى خليل [مقاطعا]:
لا.. لا.. مش حل القدس.
أحمد منصور:
والمستوطنات وغيرها من الأشياء التي كانت محل خلاف بينكم وبين الإسرائيليين.
د. مصطفى خليل:
ما حصل بالضبط أن الرئيس السادات.. ده كان اجتماع بيني وبينه والنائب موجود، وحصل الموضوع وأثير مرة أخرى في أسوان؛ وهو موضوع الميه، وموضوع...
أحمد منصور [مقاطعًا]:
البترول.
د. مصطفى خليل:
لا.. البترول كنا انتهينا منه.. يعني إسرائيل...
أحمد منصور [مقاطعا]:
الإسرائيليون يقولون: إن الرئيس السادات وعدهم بامتيازات خاصة وعد الرئيس كارتر والرئيس كارتر وقع للإسرائيليين ورقة بهذا.
د. مصطفى خليل:
(10/355)
أنا سعيد أنك بتقول الكلام ده، ولكن أنا بأصحح بعض الأمور. الرئيس السادات لم يعد على وجه الإطلاق، اللي حصل بالنسبة للبترول أن كارتر كتب لهم جواب وقال لهم: إن الرئيس السادات قال أنه هو مستعد أنه يديكم 2 مليون طن (ON AN ON GOING BASES) على أساس مستمر بسعر مخصوص.. هذا الخطاب وراهولي (موداعيه) اللي كان وزير الطاقة وكان (عيزرا وايزمان) وياه في مكتبه، ولما وراني الخطاب قلت له: ودا فيها أيه؟ قال: أنت عارفز. قلت: أيوه عارف، لكن أولا أنا مش هاقدر اديك 2 مليون طن، قال :ليه ؟ قلت له: والله فيه أسلوب اللي هو هيئة البترول تتبعه في بيع البترول بتاعها وأنت تعلم هذا الأسلوب، إذا كانت الاتفاقية دي طيب ما أنت عامل اتفاقية مع الأمريكان، على أنهم يدوك بترول في حالة ما إذا تعذر عليك إنك تحصل على البترول.. قال لي: أنت عايزني أحط رقبتي تحت جزمة الأمريكان أنا آسف أني أقول الكلمة دي.ز قلت له: والله.. أنا ما يهمنيش.
أحمد منصور [مقاطعا]:
رغم العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، وأن ما يعد به الأمريكان سواء من الرؤساء أو من الكونجرس.
د. مصطفى خليل:
أنا بقول لك إللي حصل بالضبط للتاريخ.. قلت له: أنت فاكر أن أنا حاحط نفسي تحت ذراعك؟ أنك تفرض علي أديك بترول.. طيب نفرض.. كان وقتها حقل مرجان اسمه.. حصل فيه انخفاض كان ينتج 53 ألف برميل في اليوم قلت له: نفرض أنه حصل عندي حادثة زي دي في الآبار، ها أرود أشتريلك من السوق الدولي وأديلك... إيه الكلام إللي أنت بتطلبه؟
أحمد منصور:
والرئيس السادات ماذا فعل وهو كان وعدهم بهذا ؟
د. مصطفى خليل:
أبدا.. مشي الكلام اللي أنا بقوله.
أحمد منصور:
و فقضية الميه؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل أن الرئيس السادات قال: يا فلان أنت تاعب نفسك ليه.. ده أنا في جيبي الحل؟ قلت له: يا سيادة الرئيس طيب سايبنا نتعب ليه مع الطرف الآخر وتقول الحل في جيبك؟
أحمد منصور [مقاطعا]:
(10/356)
ده طبعا نتاج معاناة المفاوضات قبل التوقيع؟
د. مصطفى خليل:
آه.. قال: أيه رأيك في حكاية كذا؟ أنا كنت سمعت كلام اللي نقله لي كان بطرس غالي.. بطرس قابله اللي هو وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت كان (موشيه ديان)، وقال له: أنا سمعت من بيغن يقول: هو الرئيس السادات عايز يغير مبادئه أن يديني شوية ميه؟ أحكيلك الترجمة الحقيقية.. قلت له: مية أية؟ إنما دي نبهتني وخلتني أطلب وزير الأشغال، وقلت له: تعال اديني الاتفاقيات التي بيننا وبين الدول الإفريقية.. كل موضوع المياه درسته عشان أبقى على صدق.. المهم لما قال الرئيس السادات كده أنا كنت عارف.. كنت دارس الموضوع قلت له: باختصار كبير جدا أولا الحصه بتاعتنا إذا أدينا طرف ثالث لا يحق لنا.. وهو بيقول الكلام ده وعاوز يجس ويعرف بالضبط (Reactian) رد الفعل ماذا يكون؟ فلا يقول أيه الوضع لو عملنا كذا؟ قلت له: الوضع أنه إذا كنت سيادتك تظن أنك وضعت المحبس في يدك.. قلت له: ما نقدرش.. إذا فات سنة على أننا نمدهم بالميه لازم نمدهم على طول.
أحمد منصور [مقاطعًا]:
وهذا يبقى حقًّا مكتسبًا لهم.
د. مصطفى خليل:
المحبس مش حيبقى في أيدي، إنما في أيديهم همه.. ده يتعارض من وجهة نظري مع مستقبل السلام، لأن مستقبل السلام يوم ما ييجي حزب زي الليكود وعايز يطلع له أي (Argument) على إنه يدخل معايا في نزاعات... أسهل موضوع له محبس الميه قلت له: ده خطر.
أحمد منصور:
فيه حاجات كثيرة يا دكتور غير محابس الميه ممكن (يتعمل) عليها ولا زالت موجودة إلى الآن والإسرائيليون بيلعبوا عليها.
د. مصطفى خليل:
إسرائيل تأخذ ميه؟!
أحمد منصور:
لا.. مبياخدوش ميه لكن... أنا عاوز أعرف مستقبل موضوع الميه أيه؟ هل هناك أي تعرض له من قريب أو بعيد، أو هناك اتفاقيات سرية نصت على أن ترعة السلام التي ستمر من تحت قناة السويس يمكن أن تصل لكي تروي النقب في إسرائيل؟
د. مصطفى خليل:
(10/357)
أهم حاجه موضوع الميه خارج 100% عن اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل لأسباب لما أنا قلت له الاتفاقيات بيننا وبين الدول الإفريقية لا تسمح.. أنت بتمس عصب كل مصري لو أدينا ميه.. ده مخالف لأن أحنا عندنا خطة توسع زراعي، عايزين نزرع مساحات أكبر.. طبعا فيه رأي بيقولك: طيب محنا بنرمي في البحر 360 مليون متر مكعب.. أيوه, في بعض السنوات لكن مش على طول.
أحمد منصور:
دكتور . هل تري أن الاتفاقية التي وقعت في 26 مارس 1979 بين مصر وإسرائيل بحضور الولايات المتحدة وضماناتها هي اتفاقية أبدية أم أن من حق الأجيال القادمة أن تنظر فيها؟
د. مصطفى خليل:
هيه مافيش اتفاقيات أبدية على وجه الإطلاق.. الاتفاقية نصت على أنه بعد مرور 15 سنة، لو طرف تقدم بطلب تعديل، يتم هذا التعديل نتيجة للتفاوض بين الطرفين وموقف التفاوض حصل لما نشأ خلاف بيني وبينهم على طابا.. وأنا قلت لسيادتك قبل كده بصيت لقيت (سيروسفانس) يوم ما وقعنا اتفاقية السلام جاي بيقول لي بجواب، وأنا رديت عليه بجوابين رفضت فيهم مبدأ أن الولايات المتحدة تتدخل لأي خلاف يحدث بيني وبين إسرائيل مستقبلا.. وقلت له: أبدا.
أحمد منصور:
أنت غير نادم على كل ما فعلته بالنسبة لموضوع السلام؟
د. مصطفى خليل:
غطلاقا أنا اللي فعلته كان لمصلحة بلدي.. اللي فعلته..
أحمد منصور [مقاطعا]:
حتى لو اختلف معك الآخرون ورأوا أن مرحلة رئاستك للحكومة...
د. مصطفى خليل:
طبعًا ممكن.. هل فيه حكومة تيجي من غير ما حد يعارضها؟
أحمد منصور:
لكن المعارضة هنا هي أن فترة حكومتك هدمت فيها ثوابت رئيسية -كما يقولون هم- من ثوابت الأمة.
د. مصطفى خليل:
ما فيش فيه ثوابت رئيسية هدمت إطلاقا.. الثوابت الرئيسية بالعكس تماما تجددت كأسلوب للعلاقة بين الدول العربية بعضها والبعض الآخر.
(10/358)
النقطة الثانية أن الدول العربية رجعوا إلى نفس السياسة اللي أحنا قلنا عليها، وبيحاولوا أنهم يأخذوا حاجه.. الدول العربية إذا كانت عايزه تتدخل، ويعملون مجموعة تقف وراء من يتفاوض تعمل كده مع ياسر عرفات.. أنت تقول: القضية الفلسطينية دي قضية كل العرب..هل تعتقد..
أحمد منصور:
مش أنا اللي بقول وحدي.
د. مصطفى خليل:
رأي عام.. هنا هل الفلسطينيون يقبلوا هذا؟
أحمد منصور:
في 15 مايو 1980 تركت رئاسة الحكومة في ظروف يصفها البعض بأنها تشابه الظروف التي توليت فيها الحكومة، ما هي الأسباب التي جعلتك تترك المنصب أو تقال من المنصب في هذا التاريخ؟
د. مصطفى خليل:
أنا زي ما قلت لسيادتك قبل كده. أنا وقت ما كلفت قلت أنا جاي للمفاوضات أخرج بعد ما المفاوضات ما تتم.
أحمد منصور:
يعني أنت كنت تعتبر أن دورك انتهى بتوقيع الاتفاقية في 26 مارس؟
د. مصطفى خليل:
مش دوري انتهى.. أنا بأعتبر أن اللي بيجي في هذا المنصب لازم يكون شخص آخر.. لأن قدامنا أوضاع جديدة أنا قبلت أنهم يقولون أن فلانا هو الذي عمل اتفاقية السلام، وأُحَمَّل بكل هذا الكلام.
أحمد منصور :
لكن كان فيه كثيرين ليس عندهم الإستعداد لأن يحملوا هذه المسئولية.
د. مصطفى خليل:
أنا أخذت خطوة للوراء وتيجي خطوة واحد ثاني يدخل ويقابل هذه الأوضاع.
أحمد منصور:
بتنظر لموقفك في التاريخ إيه يا دكتور وهناك انتقادات كثيرة للاتفاقية لا زالت مستمرة بعد مرور أكثر من عشرين سنة على توقيعها؟
د .مصطفى خليل:
(10/359)
ممكن جدا الانتقادات تستمر مش عشرين, خمسين وحتستمر.. أساسا من طرفين أنا أعرفهم وعمري ما كان فيه تجاوب بيني وبينهم، ولا أقصى اليمين ولا أقصى اليسار. أنا واقف مع مصلحة بلدي، وخدمت بلدي، وأقولها بالصوت العريض إذا أتيحت لي فرصة هأعمل نفس الكلام، وأنا بأعتبر أن مصر كسبت مكاسب لن تستطيع الدول العربية الأخرى الحصول عليها في مفاوضتها مع إسرائيل.. اللي نادم على هذا هي الدول العربية مش أنا.
أحمد منصور:
لكن منذ عام 1980 م منذ أن تركت منصبك وإلى الآن وأنت حريص على زيارة إسرائيل مرتين كل عام كما ذكرت لي على الأقل. استمرارية هذه العلاقة بينك وبين الإسرائيليين وما تصفك به الصحف الإسرائيلية بأنك أحد أصدقاء إسرائيل في مصر.
د. مصطفى خليل:
مش أحد أصدقاء.. أنا عمري ما كنت صديق دولة.
أحمد منصور [مقاطعا]:
هكذا من أسبوع واحد فقط كتبت إحدى الصحف الإسرائيلية .
د. مصطفى خليل:
اللي يتقال يتقال.. لكن أنا لما ببص لمستقبل مصر بأقول: التحدي اللي هايجيلي من جانب إسرائيل ما هواش تحدي عسكري، هيكون تحدي اقتصادي ؛ تحدي في الـ (High Technology) أنا لابد أن أكون على علم كامل بما يدور داخل إسرائيل إذا كنت أروح مرتين مش كفاية أروح ثلاثة... أنا مش مغمي عنيه ولا وداني عن أيه اللي بيحصل في أسرائيل.. لأني بأقول للعرب إن ده أسلوب القرن 15 وليس أسلوب القرن 21، أسلوب القرن 21 أنك لازم تبقى عارف عن اللي قدامك كل شيء.. إذا معرفتش كل شئ يبقى خطأ.. أنا رحت لجامعة تل أبيب وقعدت مع هيئة التدريس، عندهم (دوسيه) لكل عالم مصري اشتغل في زراعة الصحراء.. قالوا: إن الأبحاث دي بعضها نكمل عليها، وبعض أبحاث بنأخذها ونطبقها مباشرة.
أحمد منصور:
طوال هذه الفترة من العمل السياسي التي اقتربت من 45 سنة تقريبا ألا ترى أن هناك أخطاء قمت بها في حياتك السياسة أنت نادم عليها؟
د. مصطفى خليل:
(10/360)
أنا بدي أقول حاجه: في الحقيقة أنا كنت لا أقدم على شيء أرجع أندم عليه.. وفي نفس الوقت عمري ما كان لي مطامع شخصية. كان أهدافي حاجات ثانية، سواء كنت بأدرس في الجامعة سواء خرجت في المعترك السياسي، سواء في الوقت الحاضر.. أنا أقول: حياة أي فرد لابد أن ترتبط بمستقبل بلده.. أيه اللي يقدر يعمله علشان يدفع بمستقبل بلده.
أحمد منصور:
دكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق ونائب رئيس الحزب الوطني الحاكم في مصر، أشكرك على ما تفضلت به من شهادة طوال تسع حلقات، وأشكرك على سعة صدرك، وأشكرك على ما تفضلت به.
د. مصطفى خليل:
في حقيقة الأمر يا أخ أحمد أنا اللي بأشكرك؛ لأنك دارس الموضوع دراسة جيدة جدًّا، واجهتني بكل المواقف بأسلوب متميز حضاري، وفي نفس الوقت أنا سعدت بهذه اللقاءات؛ لأنها أدتني فرصة أن أوضح بعض الأمور اللي ربما كانت ملتبسة على بعض الأفراد.
أحمد منصور:
وأنا سعدت جدًّا يا دكتور.. أشكرك شكرا جزيلا، وأعتز بهذه الشهادة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.. حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد..
هذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/361)
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق(10/362)
الأربعاء 20/3/1424هـ الموافق 21/5/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
18/05/2003
- نشأة صلاح عمر العلي في تكريت
- أسباب انتماء صلاح عمر العلي لحزب البعث عام 1957
- تدرج صلاح عمر العلي في المراتب المختلفة لحزب البعث
- رؤية صلاح عمر العلي لانقلاب 14 تموز 58
- معاناة حزب البعث بعد القبض على عبد السلام عارف في ديسمبر 1958
- أثر محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم على وضع حزب البعث في العرق
- أهداف حزب البعث من وراء انقلاب فبراير63
أحمد منصور: وُلد صلاح عمر العلي في مدينة تكريت عام 1937.
انتمى لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق عام 57، انتقل للإقامة في بغداد عام 58، وتدرَّج في مراتب الحزب التنظيمية المختلفة، حتى أصبح عام 63 أحد أبرز المسؤولين عن التنظيم السري للحزب في بغداد.
وبعد إطاحة عبد السلام عارف بالبعث من السلطة نهاية العام 1963، وانقسام الحزب بعد مؤتمره القومي السادس عُيِّن صلاح عمر العلي عضواً بالقيادة القطرية لحزب البعث في العراق، حيث شارك في التخطيط والتنفيذ للانقلاب الذي قام به البعث على حكم عبد الرحمن عارف في السابع عشر من يوليو عام 1968. وكُلِّف باصطحاب عارف من القصر الجمهوري إلى المطار، حيث ذهب عارف إلى المنفى الاختياري في تركيا. وفي الثلاثين من يوليو قام صلاح عمر العلي مع صدام حسين باعتقال رئيس الوزراء عبد الرحمن النايف أثناء تواجده في مكتب الرئيس أحمد حسن البكر بترتيب مسبق مع البكر، حيث أصبح الحكم خالصاً للبعث بعد ذلك.(10/363)
عُيِّن عضواً بمجلس قيادة الثورة، وعضواً بالقيادة القطرية لحزب البعث في العراق، وتولى وزارات عديدة، منها وزارة الإعلام، حتى وقع الخلاف بينه وبين قيادة البعث قدَّم على إثره استقالته في يوليو عام 1970.
إثر ذلك ذهب إلى المنفى الاختياري في مصر وبيروت حتى العام 73، حيث عاد للمشاركة في السلطة، وعُيِّن سفيراً للعراق لدى الدول الاسكندنافية، ثم إسبانيا، ثم مندوباً دائماً للعراق لدى الأمم المتحدة، حتى قدَّم استقالته في مايو عام 1982 احتجاجاً على الحرب العراقية الإيرانية، غير أن صلة صدام حسين بصلاح عمر العلي لم تنقطع، حيث كان آخر اتصال بينهما في شهر يناير الماضي عام 2003.
نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر حزب البعث في العراق.
نشأة صلاح عمر العلي في تكريت
أستاذ صلاح، مرحبا بك. أريد أن أبدأ معك من تكريت حيث وُلدت ونشأت وترعرعت هناك، كيف كانت نشأتك الأولى؟
صلاح عمر العلي: أنا نشأت في أسرة عربية في مدينة تكريت، هذه الأسرة كان لها مكانة اجتماعية في المدينة متميزة ومعروفة بين أوساط أبناء هذه المدينة، والدي عمر العلي له خمسة إخوة، اثنين منهم درسوا في بغداد، وكان لهم دور مهم، أحدهم كان يعني في.. اشتغل في المحاكم، وتبوَّأ مناصب كبيرة في وزارة العدل، وأما الثاني فهو (شاكر) العلي كان صحفياً، وأديباً، وكاتباً، ومذيعا إذاعياً معروفاً في كافة أوساط أهالي بغداد، وتوفي قبل سنوات قليلة، أما الباقي من أعمامي فهم إبراهيم العلي اللي هو كان العم الأكبر، ووالدي وهو الشخص الثاني كانوا بالحقيقة منصرفين إلى أعمال الزراعة، لأن كان جدي لأبي يملك يعني مساحات.. مساحات من.. مساحات من الأرض في المنطقة، وكان مطلوب أن يعني يهتموا في هذه الأراضي، وفيها يعني تُزرع مختلف أنواع الزراعة، وعندنا بساتين، وفي ذاك الزمان كان عندنا أيضاً أغنام وبعض الأشياء الأخرى.
(10/364)
أحمد منصور: أنت من تكريت نفسها، من المدينة.
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة من مدينة تكريت نعم..
أحمد منصور: نعم، هل..
صلاح عمر العلي: لي خمس إخوة أشقاء، وثلاث شقيقات.
أحمد منصور: متى ذهبت إلى بغداد لإكمال دراستك؟
صلاح عمر العلي: ذهبت إلى بغداد يعني في عام 1958.
أحمد منصور: هذه المرة الأولى التي تذهب، أو للإقامة في بغداد؟
صلاح عمر العلي: لأ، أنا سافرت طبعا سافرت عام .. زرت بغداد..
أحمد منصور: للإقامة أقصد يعني.
صلاح عمر العلي: لكن هذه السفرة كانت بقصد الإقامة في بغداد.
أحمد منصور: كانت بقصد إتمام الدراسة أم..؟
صلاح عمر العلي: إكمال الدراسة والإقامة في بغداد.
أحمد منصور: كيف وجدت بغداد، وكان عمرك تقريبا عشرين سنة في ذلك الوقت؟
صلاح عمر العلي: طبعاً وجدت بغداد كما يجدها أي قادم من مدن صغيرة، هي العاصمة، وكانت ذات، ومازالت ذات مساحة واسعة جداً، وفيها طبعاً كثير من الأمور اللي بتفتقر إلها المدن الصغيرة، فيها السينما، وفيها المسارح، وفيها الثقافة، وفيها المكتبات، وفيها الشوارع الفارهة، فطبعاً يعني لا شك أنه تأثرت كثيرا فيها..
أحمد منصور: هل وجدت تيارات سياسية معينة في ذلك الوقت تجاذبتك يميناً ويساراً..
صلاح عمر العلي: في مدينة تكريت أو في بغداد؟
أحمد منصور: في بغداد الآن نحن.
صلاح عمر العلي: بالحقيقة أنا قبل أن أقدم إلى بغداد انتميت إلى حزب البعث.
أحمد منصور: قبل أن تذهب إلى بغداد.
أسباب انتماء صلاح عمر العلي لحزب البعث عام 1957
صلاح عمر العلي: نعم، أنا انتميت إلى حزب البعث في عام 1957، وأنا في تكريت، وطبيعة الحال عندما سافرت إلى بغداد سرعان ما طبعاً نُقلت حزبياً إلى منطقة اسمها الفرات الشرقية، وتم الاتصال بي هناك، وبدأت العمل الحزبي في بغداد.
أحمد منصور: على يد من دخلت حزب البعث؟
(10/365)
صلاح عمر العلي: دخلت على يد شاب اسمه حسين السامرائي، كان موظف في شركة ألمانية كانت آنذاك مكلَّفة بتعبيد الطريق بين مدينتي سامراء وتكريت، وحقيقة بالصدف كنا نلتقي في المقاهي، وكانت المدينة صغيرة وعدد المقاهي محدودة، وحتى الشخص اللي مو قادر، يعني مش من المدينة، معروف يعني عدد الناس محدودين اللي يجون إلى المدينة، فكان حسين السامرائي شخص جذاب، وغاية في الأدب، ومثقف، وكنا نحتك فيه، ونلتقي فيه، وبالتدريج بدأ يعني يعرض عليَّ فكرة.. أفكار الحزب، ويشرح لي أفكار الحزب، وزوَّدَني بعدد من الكراسات..
أحمد منصور: لم يكن عُرض عليك أفكار أخرى لأي حزب سياسي آخر؟
صلاح عمر العلي: نعم، حاول الحقيقة الشيوعيين العراقيين يعني الشيوعية في المدينة، حاولوا كثيراً، وكان.. كنت محاط بعدد كبير من الأصدقاء ينتمون للحزب الشيوعي العراقي، وحقيقة جربوا كثيراً، وحاولوا كثيراً، ولكن لم أشعر بأي لحظة بالرغبة في الانتماء لهذا الحزب.
أحمد منصور: أيه الحواجز اللي منعتك من الانتماء للحزب الشيوعي؟
صلاح عمر العلي: في الواقع شيئين، الشيء الأول: يعني وعيي على نكبة فلسطين، نكبة فلسطين كانت عامل مهم جداً من العوامل اللي حالت دون رغبتي في الانتماء لهذا الحزب.
أحمد منصور: أيه علاقة الحزب الشيوعي بالنكبة؟
صلاح عمر العلي: لأنه في ذاك الوقت أُشيع أمامنا، وإحنا صبية شبان صغار، أُشيع أن الحزب الشيوعي العراقي كان مُصدر بيان يؤيد فكرة التقسيم، وفكرة إقامة دولة يهودية، هذا أحد الأسباب وأنا..
أحمد منصور: الأحزاب الشيوعية كلها أيدت ذلك في ذلك الوقت.
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: كان توجُّه الأحزاب الشيوعية كلها في ذلك الوقت تأييد فكرة التقسيم.
(10/366)
صلاح عمر العلي: هذا ما اتضح فيما بعد، لكن أنا أتحدث يعني عن التجربة اللي عشتها أنا، الحقيقة هذا هو الذي رد فعل عنيف جداً بالنسبة إلي، رغم أني كنت كما ذكرت لك كثير من الأصدقاء كانوا منتمين للحزب الشيوعي، وكان الحزب الشيوعي في العراق.. في تكريت حزب قديم وعريق ومهم، وكان يعني قسم من قادة الحزب الشيوعي، يعني منتمين إلى الحزب الشيوعي من أوائل.. من الثلاثينات، لكن الحقيقة لم أشعر ولا لحظة برغبتي أو بميلي..
أحمد منصور: هل كانت هناك أحزاب أخرى، أو حركات سياسية أخرى؟
صلاح عمر العلي: نعم، كانت هناك حركة الإخوان المسلمين.
أحمد منصور: نعم، دي دخلت على يد الشيخ محمود الصَّواف أعتقد إلى العراق في منتصف الأربعينات..
صلاح عمر العلي: نعم، وكانت قوية، وحقيقة أيضا يعني كسبت عدد كبير من.. من شباب المدينة، كنا نتعاطف لا شك مع.. مع هذه الحركة باعتبارها حركة دينية، وتحمل شعار إسلامي، وكنا نتعاطف حقيقة مع هذه الحركة، لكن في واقع الحال الحركة لم.. يعني طبعاً هناك موقف من النظام، نظام العراق السائد آنذاك.
أحمد منصور: اللي هو كان النظام الملكي.
صلاح عمر العلي: النظام الملكي، فالحركة.. حركة الإخوان المسلمين كان.. كانت تفتقر إلى شعارات ترفعها بوجه النظام، فلم تكن آنذاك ترفع مثل هذا الشعار، ولذلك كنا نتعاطف بكونها حركة إسلامية، إلا أن الوجه السياسي لهذه الحركة ما كنا يعني نريد إنه ما كانت ترفع هذا الشعار اللي كنا جميعاً سواء منتمين إلى حركة سياسة، أو غير منتمين فيه إجماع أن هذا النظام فاسد، ويجب أن يتغير.
أحمد منصور: هل حاول الإخوان أن يجذبوك إليهم، ويضموك إليهم؟
صلاح عمر العلي: نعم، جرت محاولات مثل هذا، لكن كانت محاولات خفيفة.
(10/367)
أحمد منصور: ما الذي جذبك إلى حزب البعث، وحزب البعث أُسس في سوريا على يد ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، وعقد مؤتمره الأول في دمشق في 4 إبريل 1947، دخل الحزب إلى العراق على يد ثلاثة من الطلبة السوريين يجمع بينهم على أنهم كانوا علويين، وكانوا ينتمون جميعاً إلى لواء الإسكندرون هم فايز إسماعيل ووصفي الغانم، وسليمان العيسى، والذي أصبح شاعر البعث بعد ذلك، كانوا يدرسون في جامعة بغداد، ودخل الحزب.. أو دخل حزب البعث إلى.. إلى العراق في سنة 1949. صحيح.
صلاح عمر العلي: نعم، صحيح.. قبل الإجابة على السؤال مباشرة ربما يكون من المفيد أن أسلط الضوء -ولو بشكل موجز- على يعني منشأ أو نشأة حزب البعث، لأن حقيقة هناك -كما أشعر- التباس كبير جداً يسود أوساط كثيرة من الأجيال العربية حول منشأ هذا الحزب.
أحمد منصور: تقصد الحزب بشكل عام، أم في العراق؟
صلاح عمر العلي: بشكل عام.. بشكل عام، في الواقع قبل أن يتأسس الحزب بشكل رسمي، قبل أن يُعلن عن تشكيل حزب بشكل رسمي كانت هناك مرحلة إرهاص لولادة هذه الحزب، هذه المرحلة الواقع يعني سبقتها كتابات وأفكار مهَّدت لولادة الحزب، وكان أبرز هذه الأفكار اللي طُرحت على يد الأستاذ زكي الأرثوذي وهو أيضاً عربي من الأسكندرون.
أحمد منصور: صحيح.
صلاح عمر العلي: هذه المرحلة - في الواقع - هيَّأت لولادة الحزب، الحزب تأسس إذن بناءً على هذه الأفكار اللي طرحت على يد الأستاذ زكي الأرثوذي، الحزب تأسس في البدء على يد ثلاثة أشخاص، هم السيد جلال السيد، والسيد صلاح البيطار، ثم السيد ميشل عفلق، تأسس في سوريا كحزب برلماني، ديمقراطي، غير ثوري، ولم يحمل في البدء شعار الاشتراكية أيضاً، إنما كان يركز على الوحدة العربية وعلى الحرية.
أحمد منصور: الاشتراكية جاءت بعد ذلك، حينما اندمج الحزبان في نوفمبر 52.
صلاح عمر العلي: بعد ذلك بعد أن اندمج الحزب مع حزب الأستاذ أكرم الحوراني.
(10/368)
أحمد منصور: في نوفمبر عام 1952.
صلاح عمر العلي: فهو.. نعم، فهذا الحزب عندما تشكل في البدء كان حزب برلماني ديمقراطي، ودخل.. سرعان ما دخل في الانتخابات البرلمانية، وفي أول انتخابات شارك فيها هذا الحزب فاز على حوالي 18 عضو برلماني، وكانت كافة الندوات اللي تُعقد في سوريا كانت تُعقد في المقاهي، في المنتديات العامة المكشوفة، بعد أن انتقل الحزب إلى العراق عن طريق..
أحمد منصور[مقاطعاً]: خلينا في.. في المرحلة دي طالما أنت فتحتها. زكي الأرثوذي كان هو قومي علوي ينتوي إلى.. ينتمي إلى لواء الأسكندرون، يقول أو يدعي دائماً بأن ميشيل عفلق هو الذي سرق منه الحزب، وأنه هو صاحب فكرة واسم الحزب الأساسية، وأنت الآن قلت إن كتابات زكي.. زكي الأرثوذي ساعدت أو ساهمت بشكل أساسي في قيام الحزب.
صلاح عمر العلي: في الحقيقة إحنا لازلنا يعني أجيال الحزب لازلنا نعتبر الأب الروحي لهذا الحزب هو الأستاذ زكي الأرثوذي..
أحمد منصور: بعد عودة فايز إسماعيل لسوريا في العام 1950 انتقلت قيادة حزب البعث في العراق إلى عبد الرحمن الضامن وهو سني من الأعظمية، بقي في قيادة الحزب لمدة عام واحد، جاء بعدها فؤاد الركابي زعيما للحزب إلى محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في العام 59، يعني بقى ثماني سنوات والركابي شيعي من الناصرية، هنا الحزب دخل على يد ثلاثة من العلويين إلى العراق، تولى المسؤولية لمدة عام أحد.. واحد سني وبعدين واحد شيعي بعد ذلك، هل كانت الطبقية والانتماءات المذهبية والعقائدية تلعب دوراً في قضية الانتماء للحزب؟
(10/369)
صلاح عمر العلي: والله دعني أكون معك صادق، يعني.. يعني آخر ما كان يدور في أذهاننا أو نفكر فيه هو مسألة الانتماءات الطائفية أو يعني الأشياء هذه، كان الاعتبار العام اللي يشدنا إلى العمل في هذا الحزب هو أفكار الحزب، مبادئ الحزب، شعارات الحزب، من يكون مسؤول الحزب عبد الرحمن الضامن، اللي كما وصفت من عائلة سنية أو فؤاد الركابي من عائلة شيعية، لم يخطر ببال أحد مننا هذه.. هذه المسائل، على العكس تماماً، فؤاد الركابي عندما يعني أصبح هو القائد الرئيسي للحزب، كان يحظى بحب واحترام يصل إلى درجة التقديس بين كل أعضاء الحزب، نظراً لتواضعه ولبساطته، ولذكائه، وحقيقة لما كان يحمله من مزايا كاريزمية، هذا الشخص كان يعني مسيطر على مشاعرنا جميعاً، أما كونه من عائلة شيعية، فهذا الحقيقة لا يمكن يعني أن يخطر ببال أحد، هو بالتأكيد ينتمي إلى.. إلى عائلة عربية معروفة واسعة الانتشار في جنوب العراق، الأسرة الركابية أسرة معروفة وواسعة وكبيرة جداً .
تدرج صلاح عمر العلي في المراتب المختلفة لحزب البعث
أحمد منصور: ما هي البنية التنظيمية للحزب؟ كيف انتميت وكيف تدرجت في المراتب المختلفة، حتى وصلت إلى أنك أصبحت أحد المسؤولين العسكريين الثلاثة عن بغداد، ثم بعد ذلك المسؤول عن كل المحافظات العراقية عدا بغداد؟
صلاح عمر العلي: لا أنا لم أكن عسكرياً إطلاقاً ولم أشغل منصب عسكري..
أحمد منصور[مقاطعاً]: البنية التنظيمية عفواً.
(10/370)
صلاح عمر العلي: نعم، أنا ذكرت لك كيفية نشوء الحزب في سوريا، بمعنى أنه كان حزب علني، وكان حزب دستوري وديمقراطي وانتخابي، وحتى الأفكار الثورية بمعناها الشائع لم يكن يتبناها الحزب في سوريا، عندما انتقل التنظيم إلى العراق ونشأ في العراق، واجه حقيقة، حقيقة أنه هناك أولاً نظام استبدادي بالمفاهيم اللي كانت سائدة آنذاك أولاً، ثانياً: كان هناك حزب شيوعي عريق وممتد عبر كافة المدن العراقية، وهذا الحزب طبعاً يعني.. تتوفر لديه خبرة دولية كبيرة جداً، وكان تنظيمه حديدي ومتين جداً ، فإذن سرعان ما وجد الحزب.. حزب البعث في العراق أمام حقيقة، إنه إذا أُريد له أن ينمو ويتطور، لابد له من أن ينهج نهج يكفل له يعني أولاً: عدم الاختراق من النظام.
ثانيا: قدرته على أن يتماشى مع الإمكانيات والتجارب اللي يملكها الحزب الشيوعي، فأصبح تنظيم الحزب بناء على هذا تنظيم سري يعتمد على نظام الخلايا السرية المتدرجة من.. من القاعدة إلى القمة.
أحمد منصور: ما هي هذه المراتب والدرجات؟
صلاح عمر العلي: المراتب.. أولى الحلقات الحزبية تسمى الحلقة الحزبية اللي تضم بين يعني من خمسة أشخاص إلى سبعة، سبعة أشخاص يقودهم مسؤول حزبي ثم هذا.. كل خمس إلى سبع حلقات حزبية يشكلوا ما يسمى بالفرقة.. الفرقة الحزبية، كذلك كل مجموعة من هذه الفرق تقود.. قادة الفرق يشكلوا ما يسمى بالشعبة، ثم نرتقي إلى الفرع.. فرع، ثم إلى القيادة القطرية، هذه هو التنظيم الهرمي للحزب.
أحمد منصور: كيف كان يتم اختيار المجموعة ووضعها في الحلقة؟
صلاح عمر العلي: نعم، طبعاً بدء الاتصال بالحزب، يعني أول مرحلة من مراحل الانتماء للحزب يسمى الصديق، الصديق يطلَّع على نشاط، يشارك في المظاهراتبعض الأحيان، ببعض الفعاليات البسيطة وهذا الصديق طبعاً يخضع لاختبارات يخضع لاختبارات..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هو الصديق نفسه المؤيد أو المؤيد..
(10/371)
صلاح عمر العلي: لأ بعدين يدخل إلى مرحلة المؤيد، والصديق نعم أشبه ما يكون بالمؤيد، بس أكثر تقدم، هذا يخضع لاختبارات كثيرة من أجل معرفة النوايا.
أحمد منصور: ما هي طبيعة هذه الاختبارات التي تعرضت لها أنت؟
صلاح عمر العلي: بالضبط، يعني نشارك بفعاليات، بندوات مثلاً أحياناً مظاهرة أحياناً توزيع نشرات أو بيانات حزبية ريثما يتم التأكد من أنه نواياه صحيحة وسليمة، ثم ينتقل إلى ما يسمى بالنَصِير درجة أولى، هذا يعني مهماته تزداد أكثر، لكن ما يزال هو لا يحمل صفة عضو، ثم نَصِير درجة ثانية، ثم ثالثة، ومن ثم يدخل كعضو في الحزب، طبعاً بعد أن تتقدم يعني تُرفع تقارير من قِبل المسؤول عنه إلى قيادة الفرقة، ثم قيادة الفرقة ترفعها إلى القيادات العليا، ثم يُبت في أمره، عندما يكتسب صفة العضوية بطبيعة الحال يكتسب كافة المواصفات والشروط اللي تتوفر للعضو.
أحمد منصور: ما هي هذه المواصفات والشروط؟
صلاح عمر العلي: أولاً: المشاركة في الانتخابات الحزبية، الترشيح لقيادات حزبية، حضور المؤتمرات الحزبية، ثم يمارس كافة الفعاليات الحزبية ويؤدي طبعاً اشتراك للحزب.
أحمد منصور: نعم، أنت هذه المراحل في أي مدة قضيتها، يعني استغرقت قد أيه؟
صلاح عمر العلي: أنا في الحقيقة قضيتها بفترة لا تزيد عن سنة.
أحمد منصور: يعني كنت نشيط يعني.
صلاح عمر العلي: نعم، بلا شك..
أحمد منصور: لكن عادة بتستغرق كم؟
صلاح عمر العلي: أحياناً تزيد على الخمس سنوات أو الست سنوات، نعم.
أحمد منصور: حتى يصل إلى درجة العضوية.
صلاح عمر العلي: نعم، وكثيراً ما نجد شباب هم أنصار يدخلوا السجن ينسجنوا سنة أو سنتين أو أكثر.
أحمد منصور: وهم لسه في أول درجة.
(10/372)
صلاح عمر العلي: وهم لسه بعد ما كاسبين صفة العضوية، كانت إذن هناك شروط قاسية جداً للانتماء للحزب، وأعتقد أحد الأسباب اللي دعت ليعني أن يكون هذا الحزب في العراق متين وقوي وقادر على الانتشار والتأثير في الأوساط الشعبية هو هذه الصرامة في.. في ال .. قبول للعضوية.
أحمد منصور: عملية التشدد هذه التي ذكرتها في قضية الانتماء إلى الحزب هل كان يقابلها عملية تشدد في العقيدة التي تطرح على الناس؟
صلاح عمر العلي: ماذا تعني؟
أحمد منصور: أعني عقيدة حزب البعث، هل كانت عقيدة متشددة تكافئ التشدد في مراحل الانتماء التي كنتم تضعونها؟
صلاح عمر العلي: يعني إذا افترضت.. أنه يعني إذا فهمت من سؤالك معنى.. معنى التشدد هو معنى التمسك بالعقيدة العامة لا شك في هذا.
أحمد منصور: لكن ظل الحزب أفكاره مبعثرة، لا توجد له .. يعني حتى في الأدبيات الخاصة لميشيل عفلق كلام شمال ويمين، يعني عبارة عن انطباعات أكثر منها يعني أشياء أو كراسات مرتبة و.. و.. وأفكار مرتبة، يمكن أن يكون هناك تناقض أو اختلاف بعض الشيء بين هذا وذاك يعني..
صلاح عمر العلي: ربما يكون هذا صحيح، لكن يبقى أيضاً يعني بجانب هذا أنه هناك وضوح في.. في الشعارات العامة على الأقل، يعني عند التأكيد على الوحدة العربية هذا الموضوع محسوم، التأكيد على الحرية هذا محسوم، موضوع الاشتراكية أيضاً دخل مؤخراً..
أحمد منصور: من السهل صياغة مثل هذه الأفكار، ولكن من الصعب صياغة الطريق إلى تحقيقها.
(10/373)
صلاح عمر العلي: ممكن.. ممكن يا سيدي هذا الأمر طبعاً لا شك في هذا، لكن عندما يقترن هذا الموضوع بوجود تنظيم وعمل شعبي منظم ومتواصل، وهناك قيادات، وهناك واجبات وعمل متواصل، هذا الأمر يختلف عن وجود شعارات عامة مطروحة في الصحافة، أو في الكتب، أو تأتي على لسان هذا المثقف أو ذاك المثقف، هذا موضوع مختلف، هناك تنظيم، هناك وعاء لهذا الفكر موجود ومنظم ودقيق وجذاب وممارسة.. ممارسة نضالية مستمرة ومتواصلة وضد الأنظمة الاستبدادية آنذاك..
أحمد منصور: قلت لي أن الركابي كان يعني العلاقة به ما يشبه التقديس.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: هل التقديس ده يعود إلى عملية العزلة ما بين الصف وما بين القيادة بحيث يظل العضو أو النصير أو المؤيد أو النصير المتقدم أو المرشح للعضوية، تلك الدرجات المختلقة في الحزب يظل القائد بالنسبة له هو شيء مُبهم وشيء مقدس وتروج له أشياء، وبالتالي حينما يلقاه يُصاب بهذه الهالة من القدسية، أم أن فعلاً الرجل كان بيتمتع بشخصية يمكن أن يشعر بها رجل الشارع والرجل البسيط الذي يتعامل معه؟
صلاح عمر العلي: إحنا إلى ما قبل ثورة 14 تموز عام 1958 طبعاً قيادات الحزب قيادات سرية، ورغم إنه إحنا نعمل في داخل الحزب، لكن ما نعرف من هو عضو القيادة.
أحمد منصور: كانت العلاقة تقف إلى حد مسؤول الحلقة أو..
صلاح عمر العلي: مسؤول الحلقة لا أكثر.. لا أكثر.
أحمد منصور: فقط، لا تعرف من فوقه؟
صلاح عمر العلي: أبداً، نعرف فيه بعثيين، أحياناً عندما نلتقي في يعني المنتديات أو في المقاهي أعرف إنه فلان بعثي ونتحدث عن فكر الحزب، لكن أنا ما أعرف شنو موقع هذا الإنسان في الحزب.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أن من.. من سياسات الحزب الداخلية الغير معلنة هي صناعة الزعامة وإحاطتها بهالة من التقديس لدى الأعضاء؟
(10/374)
صلاح عمر العلي: لأ، هو الحقيقة الأسباب الداعية لهذه السرية -كما ذكرت لك- أنه الحزب طبعاً يعمل ضد النظام، وخشية من اختراق النظام لهذا التنظيم لابد إذن أن يحمي نفسه بمزيد من السرية، وبمزيد من.. من بناء تنظيم متماسك وسري.
أحمد منصور: لكن كيف كان يُصوَّر لكم القائد أو الزعيم الذي لا تعرفونه؟
صلاح عمر العلي: لأ، الحقيقة إحنا ما كان.. ما.. ما كان يعني مهم بالنسبة إلنا أن نفهم عن شخصية الزعيم أو القائد بقدر ما كان.. ما كنا معنيين بالممارسة النضالية، وبالتعليمات اللي تصدر من القيادة، وبواجباتنا الحزبية، وبالفكر المتداول داخل الحزب.
أحمد منصور: إيه أهم الواجبات اللي كنتوا بتكلفوا بها في ذلك الوقت؟
صلاح عمر العلي: طبعاً يعني ممارسات عديدة كانت كلها تصب في مقارعة النظام.
أحمد منصور: يعني -كما قلت لك- كله متعلق بالنظام وليس بفلسطين.
صلاح عمر العلي: لأ هذا موضوع ثاني، يعني الحقيقة يعني.
أحمد منصور: كممارسة الآن أنا بأتكلم عن الممارسة.
صلاح عمر العلي: لا.. لا.. لأ، حتى ممارساتنا ضد النظام كانت تقع في إطار الرغبة في إزاحة هذه الأنظمة من أجل أن نكرس الجهد.. يعني جهد الأمة العربية لتحرير فلسطين، حقيقة أنا لا أزوِّر هذا الواقع.
أحمد منصور: الفكرة الانقلابية التي كان يروج لها عفلق دائما في شعاراته هل كانت هي الفكرة التي تسيطر عليكم ضرورة قلب هذه الأنظمة وإبعادها؟
صلاح عمر العلي: لا شك في هذا.
(10/375)
أحمد منصور: حنا بطاطو في الجزء الثالث في صفحة 52 يقول: أن القيادة القومية الأول لحزب البعث التي شُكلت في مارس 1954 كانت نسبة المسيحيين الأرثوذكس والدروز والعلويين أعلى بشكل ملحوظ في قيادة الحزب مقارنة بعدد السكان، وهذا الذي أشرت لك فيه أن قيادات الحزب الأساسية كانت من أقليات، سعت لترسيخ وجودها ورُسخت بشكل بارز حتى في أول مؤتمر عُقد للقيادة القُطرية في العام 54، ماذا يعني هيمنة الأقليات على قيادة الحزب منذ تأسيسه؟
صلاح عمر العلي: أستاذ أحمد، خلي أقول لك شيء مهم، قيادات الحزب تُنتخب انتخاب ديمقراطي و.. وحر.
أحمد منصور: متى كانت بداية الانتخابات؟
صلاح عمر العلي: منذ بدء تشكيل الحزب، القيادات..
أحمد منصور: ما الذي كان يجري في عملية الانتخابات والترويج لقيادة أو زعامة معينة؟
صلاح عمر العلي: أعضاء.. أعضاء.. ممنوع.. ممنوع الدعاية الانتخابية في .. من تقاليد الحزب منع الدعاية الانتخابية.. قيادات الحزب..
أحمد منصور: مافيش دعاية انتخابية، ولكن هناك تربيطات انتخابية.
صلاح عمر العلي: لا أبداً لم يوجد هذا..
أحمد منصور: هناك عملية إزاحة لمن يعارض.
صلاح عمر العلي: أبداً.. أنا..
أحمد منصور: هناك عملية إبراز لمن يُراد ان يكون في المقدمة.
صلاح عمر العلي: أنا بس أحب أسلط الضوء على ها النقطة هذه، قيادات الحزب تنتخب انتخاب من قبل المؤتمر القُطري أو القومي ولم يأتِ.. يعني لم يوجد عضو في القيادة القومية فرض نفسه من الخارج أو بدون انتخابات، إنما حديثك عن موضوع التكتلات هذه برزت فيما بعد، وهذا صحيح أحد الأمراض المستشرية اللي دخلت إلى الحزب واللي أدت إلى كثير من الانتكاسات داخل الحزب.
(10/376)
أحمد منصور: حتى في البداية يعني إذا رجعنا إلى مؤسسي الحزب الذين لهم أفكار مدونة ومكتوبة، ميشيل عفلق وزكي الأرثوذي، أحدهما أرثوذكسي والآخر علوي، البيطار ليس له شيء من الأدبيات إلا شيء قليل جداً مقارنة بأدبيات الاثنين، يعني الاثنين هما أفكارهم الأساسية التي.. حتى إنكم يعني في داخل الحزب أفكار الأستاذ، مقالات الأستاذ، ويكفي أن تقول الأستاذ في الحزب لكي يُعرف من هو الأستاذ كأشياء تعود إلى ميشيل عفلق.
رؤية صلاح عمر العلي لانقلاب 14 تموز 58
في 14 تموز عام 1958 قاد عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف انقلاباً عسكرياً أطاح بالنظام الملكي في العراق وأقاما النظام الجمهوري، ما هي درايتك أو معلوماتك عن هذا الأمر في حينه آنذاك وكنت أصبحت عضواً في حزب البعث؟
صلاح عمر العلي: في الحقيقة كان مطلب تغيير النظام آنذاك يكاد يكون مطلب كافة الحركات السياسية القائمة.
أحمد منصور: إصلاحه أم تغييره؟
صلاح عمر العلي: تغيير، باعتبار أن النظام آنذاك كان يُقيَّم بأنه بالإضافة إلى نزعته الاستبدادية ومعاداته للشعب كان متهم بأنه كان مرتبط بمصالح.. بالمصالح الغربية، وكان يُلبي المصالح الغربية في العراق من خلال زج العراق في عدد من المعاهدات المشبوهة، فعندما قامت ثورة 14 تموز عام 58 كانت تعبير عن رغبة واسعة وشاملة لدى أوساط الشعب العراقي، وطبيعة الحال السبب اللي دفع بجماهير الشعب العراقي بشكل عفوي ومنذ اللحظات الأولى لإعلان التغيير إلى التدفق إلى شوارع المدن العراقية وأبرزها مدينة بغداد إعراباً عن التأييد المطلق لهذه الثورة.
أحمد منصور: شارك الركابي في الحكومة الأولى؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: فكان هذا بمثابة مشاركة من البعث في أول حكومة بعد عملية الانقلاب، هل اقتنعتم بهذا الجزء من الكعكة -كما يُقال- أم أنكم كنتم من البداية ترون أن هذا الانقلاب يمهد لما تريدونه ولا يحقق طموحاتكم؟
(10/377)
صلاح عمر العلي: لأ في الحقيقة لم يكن هناك أي تفكير في.. في المراحل الأولى لقيام ثورة 14 تموز بيعني أن يكون.. مثلاً تكون محطة.. 14 تموز بمثابة محطة للقفز إلى مرحلة أخرى، أنا لا أعتقد بوجود أي شيء من هذا، ولن..
أحمد منصور: لكن أنت.. المنهج الانقلابي أساسي لديكم وهذا الانقلاب ليس انقلابكم..
صلاح عمر العلي: لأ هذا صحيح، لكن يعني قيادة الثورة بالنظر للعمل الكبير اللي قامت به وهو إزاحة كابوس النظام من صدر أبناء الشعب العراقي، ونظراً للدور المهم اللي مارسته قيادة الثورة كانت تحظى حقيقة باحترام وبتأييد مطلق من.. يعني ما.. لا أستطيع أن أقول مطلق ولكن واسع جداً لدى أوساط الأحلاف السياسية ولدى عامة أبناء الشعب، وليس هناك في أدبيات الحزب.. حزب البعث ما يشير إلى أن هذه الثورة كانت هي مجرد محطة في برامج..
أحمد منصور: هذه لا تدخل في الأدبيات، هذه في التكتيكات وليس في الأدبيات.
صلاح عمر العلي: لأ حتي في التكتيكات لا.. لا وجود لهذا، حقيقة أنا يعني بودي أن أكون أمين وصريح جداً معاك في هذا..
أحمد منصور: كيف كان موقعك في الحزب في تلك...؟
صلاح عمر العلي: أنا كنت مجرد عضو في الحزب..
أحمد منصور: لم يكن لديك أي مسؤولية إلى فترة 58 هذه بعد قيام الثورة..
صلاح عمر العلي: لا لم يكن هناك لي دور متميز أو قيادي.
أحمد منصور: مين الشخصيات التي كانت متميزة في الحزب في ذلك الوقت كقيادات؟
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال القيادة القُطرية، القيادة القُطرية اللي كان فيها..
أحمد منصور: مين أبرز الشخصيات؟ الآن أصبح الحزب بشكل علني يعني موجود بعد الثورة، كان سريا قبل ذلك؟
صلاح عمر العلي: لأ لم يكن علنياً بقي سري..
أحمد منصور: بقي سري..
صلاح عمر العلي: نعم بقي سريا ولم نعلن ..
أحمد منصور: يعني على الأقل الركابي دخل في الوزارة ومعروف إن هو بعثي وأنه ينتمي لحزب البعث..
(10/378)
صلاح عمر العلي: نعم، عرفنا بعض الأعضاء بالقيادة أو على الأقل استطعنا أن نشخص بعض أشخاص قياديين.
أحمد منصور: كانوا مجهولين بالنسبة لكم كأعضاء إلى ذلك الوقت.
صلاح عمر العلي: في الحقيقة ما كنا نستطيع.. ليس بمستطاع أي واحد من عندنا أن يميز، يعني كنا نعرف عدد من القياديين، لكن هل هم أعضاء قيادة قُطرية أم أعضاء في فرع في بغداد أم كذا؟ هذا غير ممكن.
أحمد منصور: أنا أريد أسألك يعني في جزئية تتعلق بالانتماء هنا العقائدي إلى أي تنظيم أو أي حزب أو كذا، هل يمكن للإنسان أن ينساق دون أن يعرف من يسوقه بمجرد بعض الأفكار والشعارات التي تُروَّج له؟
صلاح عمر العلي: نعم، هو بالحقيقة بتعرف أنت العمل السري بقدر ما فيه ايجابيات كذلك فيه سلبيات كثيرة، يعني العمل السري في الحقيقة من أبرز وأخطر سلبياته بفعل السرية المحاطة بالعمل الحزبي يسمح لعدد كبير.. لعدد من الناس ذوي النوايا الشريرة أن يتسلقوا داخل الحزب.
أحمد منصور: وهذا ما حدث.
صلاح عمر العلي: هذا ما حدث نعم، هذا لا شك فيه. ثانياً: ربما يعني يبرز أشخاص غير مؤهلين لدور قيادي إنما بفعل مواصفات خاصة يملكوها، بفعل الجو السري للعمل الحزبي، ويصبحوا أو يحتلوا مواقع قيادية في الحزب.
أحمد منصور: وهذا ما حدث.
صلاح عمر العلي: نعم، هذا أيضاً ما حدث، هذا صحيح.
أحمد منصور: عبد الكريم قاسم كان برتبة عميد، عبد السلام عارف كان برتبة عقيد، أقل درجة منه، مع ذلك كان عبد السلام عارف يعني يدَّعي دائماً أنه هو صاحب الثورة، والآن يعني الثورة ربما تناولناها مع شخص عسكري قبل ذلك، ولكن بعد تعيين عبد الكريم قاسم عيَّن نفسه رئيس أعلى للقوات المسلحة، رئيس للوزراء، وزير للدفاع. عبد السلام عارف مساعد له في القوات المسلحة، نائب في رئاسة الحكومة، وزير لـ.. يعني المناصب الأساسية.
صلاح عمر العلي: وزير الداخلية.
(10/379)
أحمد منصور: وزير للداخلية بالوكالة، المناصب الأساسية وزعوها على الاثنين، وبعد ذلك وُزعت مناصب أخرى على باقي الوزراء من هنا وهناك، بدأ الصراع يشتد بين الرجلين، كيف كنتم في حزب البعث تراقبون هذا الصراع؟
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة مهتم في هذه النقطة بالذات، وأحب أوضحها من جديد، يعني أنا أسبق لي أن أدليت برأيي في هذا الموضوع، لكن أحب أقف أمام هذه المسائل، الأحزاب السياسية العراقية هروباً من تحمل المسؤولية أشاعت منذ ذلك الوقت ومازالت تروج لشيء أعتبره أنا الحقيقة شيء يعني مزور وغير حقيقي، الإشاعة كانت مفادها شنو هي؟ أن الزعيمين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف سرعان ما اختلفوا.. اختلفوا فيما بينهم، ونقلوا خلافهم إلى الحركة السياسية، وانشقت الحركة السياسية، وبذلك بدأت مسيرة الدماء وانتكاسة الثورة، في الحقيقة كشاهد على العصر..
أحمد منصور: تحديداً.. تحديداً عبد الكريم قاسم من الحزب الشيوعي.
صلاح عمر العلي: عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.
أحمد منصور: عبد السلام عارف حزب البعث.
(10/380)
صلاح عمر العلي: لا لا أنا أتحدث لك قبل هذا، قبل أن يحصل هذا، يعني في الحقيقة كشاهد على العصر أقولها بكل تأكيد أن الذي حصل هو العكس، الصراع أول ما بدأ هو بين الحركة.. أطراف الحركة السياسية، وأعني بهم بالتحديد الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث، ومنذ الساعات الأولى لانبثاق الثورة بدأ الصراع، ثم بدأ هذا الصراع يتسع شيئاً فشيئاً، الأمر الذي أجبر كلا الحزبين للبحث عن مَنْ يستظل به من قادة الثورة، فعندما وجد حزب البعث أن بعض الشعارات التي.. التي رفعها عبد السلام عارف ذات صبغة قومية سرعان ما التف حزب البعث حول عبد السلام عارف، كذلك الزعيم عبد الكريم قاسم، بما أن هناك الكثير من التعابير المصطلحات التي كان استعمالها كانت قريبة من أدبيات الحزب الشيوعي التف الحزب الشيوعي حول عبد الكريم قاسم، ثم الأحزاب نقلت صراعها إلى الزعيمين، فانقسم الزعيمين بفعل الصراع في الحلقة السياسية القائمة..
أحمد منصور: يعني صراع الحركة السياسية المتواصل بين الحزب الشيوعي وحزب البعث والذي بدأ قديماً وليس قبل.. وليس بعد قيام الثورة، سعيتم بعد الثورة أو سعى الحزبين إلى استقطاب القيادتين الرئيسيتين، واستغلال الخلاف الموجود بينهما لكي يكون كل واحد منهما يعني حماية أو ظلاً لحزبه.
صلاح عمر العلي: هذا بالتأكيد، بالتأكيد هذه على الأقل وجهة نظري، نحن الذين ساهمنا مساهمة مباشرة في انقسام الثورة.
أحمد منصور: الشيوعيين والبعثيين.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم بلا شك.
أحمد منصور: يعني أنتم تتحملون مسؤولية الصراع بين الرجلين.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: وأنتم تتحملون مسؤولية ما حدث بعد ذلك في العراق.
صلاح عمر العلي: لا شك في هذا نتحمل مسؤولية كبيرة جداً.
أحمد منصور: الشيوعيين والبعثيين.
صلاح عمر العلي: نعم أنا يعني هذا في الحقيقة يعني لا أستطيع الهروب منه أبداً..
(10/381)
معاناة حزب البعث بعد القبض على عبد السلام عارف في ديسمبر 1958
أحمد منصور: قاسم ألغى منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة الذي هو منصب عبد السلام عارف، بعد ذلك ألغى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الذي هو منصب أيضاً عبد السلام عارف، ثم قرر تعيين عبد السلام عارف سفيراً في ألمانيا، رفض عبد السلام عارف أن ينفذ هذا الأمر، وبعد ضغوطات أخذته طائرة، ثم رجع مرة أخرى، في 3 أكتوبر 58 تظاهر أعوان عبدالسلام عارف وهتفوا لصالحه، وفي 6 ديسمبر 1958 ألقت الشرطة القبض على عبد السلام عارف، وحوكم في 27 ديسمبر 58 بتهمة محاولة قتل عبد الكريم قاسم وحُكم عليه بالإعدام في 7 فبراير 1959، لكن الحكم لم ينفذ، حتى انفصلت مصر عن سوريا في العام 61 خرج عارف من السجن.
في هذه الفترة عبد السلام عارف كان نصيركم أنتم البعثيين، الآن قبض عليه وأُلقي في السجن، حُكم عليه بالإعدام، وأصبح عبد الكريم قاسم نصير الشيوعيين، أو الذي استطاع الشيوعيين أن يستقطبوه هو الرئيس الأوحد والحاكم الفعلي في البلاد. كيف كان وضعكم كبعثيين في ظل هذا الوضع؟
صلاح عمر العلي: في الحقيقة دخلنا في مرحلة قاسية جداً للغاية، حيث أن الساحة أوشكت أن يعني تنفرد فيها قيادة عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي، فالحزب الشيوعي طبعاً شكل آنذاك ميليشيا شعبية سماها المقاومة الشعبية، وكان مهمات هذه الميليشيا الظاهرية هي حماية الثورة والدفاع عن الثورة وعن مكاسب الثورة، لكن كانت مهماتها الفعلية هو محاولة تصفية كافة القوى القومية وعلى رأسها حزب البعث ومطاردتهم وملاحقتهم بشكل قاسي للغاية، فدخلنا الحقيقة في مرحلة يعني شديدة الصعوبة وواجهنا ضغوط وملاحقات و..
أحمد منصور: أيه طبيعة ما واجهتموه؟
(10/382)
صلاح عمر العلي: بالواقع لاقينا شتى أنواع الاضطهاد والملاحقة من اعتقالات، إلى تعذيب، إلى مطاردة، إلى فصل عدد كبير جداً من دوائر الدولة، إلى ملاحقة كل الرؤوس القيادية في الحركة القومية عموماً وفي حزب البعث بالتحديد.
أحمد منصور: مع تعاظم نفوذ الشيوعيين بدأ الشيوعيون يرتبون للانتقام في ظل الدولة، في ظل رئيس الدولة من البعثيين بشكل أساسي، منظمة السلام الشيوعية عقدت مؤتمرها السنوي أو أعلنت عن عقده في الموصل في 6 مارس 1959، بما اعتبر كعملية استفزاز للبعثيين وللقوميين بشكل عام، عبد الوهاب الشوَّاف، وناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري كان رئيس المخابرات، اتفقوا على القيام بثورة ضد نظام عبد الكريم قاسم، واستغلوا عملية المؤتمر الذي عُقِدَ في الموصل - الذي عقده الشيوعيون - لكي يقوموا بالثورة، ولكن في النهاية تحرك الشَّواف وحده في مارس 59 من الموصل ضد الشيوعيين، في 8 مارس يعني بعد 6 مارس بيومين تحديداً يعني، ما هي دور.. ما هو دور البعثيين في ثورة الشوَّاف؟
صلاح عمر العلي: كانوا متعاونين مع عبد الوهاب الشوَّاف، وكان المشرف على إذاعة عبد الوهاب الشوَّاف كادر بعثي متقدم اسمه فاضل الشُّقَة من مدينة الموصل، وكان هو اللي يذيع بيانات عبد الوهاب الشوَّاف.
أحمد منصور: طبعاً الإذاعة دي المفروض كانت جايه من سوريا بناءً على ترتيبات مع عبد الناصر على أساس إن هذا كان انقلاب قومي لصالح عبدالناصر، أكثر من هو انقلاب بعثي.
صلاح عمر العلي: نعم هذا ما اتضح فيما بعد.. نعم..
أحمد منصور: إيه أسباب فسر.. فشل ثورة الشوَّاف من منظوركم كبعثيين؟
(10/383)
صلاح عمر العلي: الحقيقة يبدو أن عبد الوهاب الشوَّاف يعني ما كان مهيئ المستلزمات الكافية لنجاح مثل هذا العملية، كذلك كان منفعل، شديد الانفعال، ولم ينظر للأمور بمنظار موضوعي، ولم يهيئ يعني الأمور المطلوبة لمثل هذا الانقلاب، لذلك كان أحد الأسباب اللي منعت ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري للتعاون معه في هذه الثورة هو يعني معرفتهم بأنّه الأمور لم تعد ناضجة بالقدر اللي يسمح لمثل هذه الثورة، وفيما بعد اتضحت إنه من خلال المذكرات المكتوبة لدى عدد كبير من الضباط الأحرار أنه اختلف مع عبد الوهاب الشوَّاف لأنه كان هو مندفع ومستعجل على القيام بالثورة، بينما كانوا يسعون بشكل متأني وبطيء من أجل إنضاج الظروف الموضوعية للقيام بالثورة فاختلفوا ولم يتفقوا معه..
أثر محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم على وضع حزب البعث في العراق
أحمد منصور: أدّى هذا إلى.. أدى هذا إلى القبض على ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري وأحد عشر آخرين من الضباط وأعدموا في 20 سبتمبر 1959، في 7 تشرين/ أكتوبر 1959 وُضِعَ حزب البعث على الخارطة الأساسية في العراق، حينما قام عشرة من أعضاء الحزب بمحاولة لاغتيال عبد الكريم قاسم كان من بينهم صدام حسين الذي كان هذا أول بروز أساسي له، جُرِحَ فى العملية وقُتِلَ شخصٌ آخر فيها، كان لديك علم بهذه العملية قبل أن تتم؟
صلاح عمر العلي: لأ حتى تمت ماكان علم إنما بُلِّغنا بإنذار من قيادة الحزب، بُلِّغنا.. بُلغ يعني نزل إلى الحزب تبليغ بالإنذار، والإنذار يعني شيء استثنائي ربما سيحصل، عندما حاولنا نستفسر من المسؤولين الحزبيين، قِيل أنه يعني هناك احتمال أن تحصل عمليات شغب أو مظاهرات أو حدث غير عادي، الأمر اللي يتطلب من أعضاء الحزب أن يكونوا دائماً متواجدين مع بعض وأن يكونوا جاهزين لمثل هذه الاحتمالات.
أحمد منصور: إيه أثر محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم على وضع الحزب في.. يعني وضع الحزب في العراق؟
(10/384)
صلاح عمر العلي: طبعاً الحزب طُورد مطاردة شديدة جداً، ويعني سُجِنَ عدد كبير من أعضاء الحزب، وقُتِلَ عدد كبير آخر من عندهم، وطُورد عدد كبير، وهكذا في طبعاً ما بعد المحاولة، ولكن من جانب آخر.. من جانب آخر يعني الحزب.. هكذا تصور للفرد العراقي في.. يعني في الشارع العراقي أنَّ حزب البعث إذن هو حزب مناضل وقوي وصلب وشجاع، وبالتالي بدأ يواجه حزب البعث موجة واسعة جداَّ من المواطنين العراقيين الراغبين في الانتماء للحزب.
أحمد منصور: هذا نوع من التعاطف مع الحزب..
صلاح عمر العلي: تعاطف لا شك في هذا..
أحمد منصور: تعاطف مع المضطهد..
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: ليس بالضرورة قناعة بأفكار الحزب..
صلاح عمر العلي: لأ، بلا شك هذا صحيح..
أحمد منصور: ولا مبادئه ولا ما يدعو إليه..
صلاح عمر العلي: هذا كله صحيح.
أحمد منصور: وإنما الطبيعة النفسية.. طبيعة العوام أنها تتعاطف مع المضطهد.
صلاح عمر العلي: بلا شك هذا صحيح.
أحمد منصور: فالآن حينما أصبح للشيوعيين السطوة وحدث ما حدث في الموصل من عمليات قتل وصلت إلى خمسة آلاف إنسان قتلوا سحلاً وقتلاً في الشوارع، ودهساً على يد الشيوعيين، أصبح الناس يتعاطفون مع هؤلاء المضطهدين..
صلاح عمر العلي: بلا شك.
أحمد منصور: الذي ظهر كمضطهد هو حزب البعث، إذن ليس.. اضطهاد البعث هو الذي دفع الناس للتعاطف معه وليس أفكار البعث.
صلاح عمر العلي: هذا هو الصحيح، هذا صحيح، لكن هذا طبعاً ما بقى بهذا المستوى، إنما هذا التعاطف.. هذا التعاطف مع المضطهد، أيضاً يعني تم الاستفادة من عنده بحيث أنه حزب البعث بدأ يقبل عدد كبير من هؤلاء الناس إلى صفوفه، بدأ يضمهم إلى صفوفه.
أحمد منصور: بعدما ترك فؤاد الركابي قيادة الحزب تولاها حازم جواد، حازم جواد ابن خالة الركابي كان عمره 25 عاماً آنذاك، ينفع إنسان عمره 25 سنة يقود تنظيم في دولة كبيرة؟
(10/385)
صلاح عمر العلي: طبيعي مبدئيا لا ينفع، صحيح إنه شاب والعمر 25 يعني حتى كان من الصعوبة أن يقود حزب وحركة سياسية بهذا الشكل، لكن خليني أقول لك أنهَّ حازم جواد يعني في الواقع ثبت قدرة.. لديه قدرة تنظيمية عالية المستوى، وكان ذكي جداَّ وشخص حقيقة متوازن وذو شخصية متينة، وما عندنا إلى الآن أي ملاحظة.
أحمد منصور: تعرفه بشكل شخصي؟
صلاح عمر العلي: أنا الحق معرفتي محدودة بالسيد حازم جواد، لكن حقيقة لم يحفظ في ذاكرتي كبعثيين أي ملاحظة سلبية على الفترة اللي تصدى لقيادة الحزب فيما بعد.
أحمد منصور: هو سنة وأعتُقِلَ بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: تولى القيادة لمدة سنة ثم اعتُقِلَ، وعلي صالح السعدي أصبح هو الزعيم الفعلي للحزب.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: علي صالح السعدي أيضا كان عمره 32 سنة ليس أكثر من ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: إيه الفوارق الأساسية بين علي صالح السعدي وحازم جواد؟
صلاح عمر العلي: نعم.. الفوارق كبيرة، حازم جواد شخص يعني يتمتع بشخصية قوية جداً، ورجل يعني جاد، وصارم، وذو قابلية يعني تنظيمية كبيرة، ومؤثر في الأوساط القيادية البعثية اللي كان على احتكاك فيهم، على عكس شخصية علي صالح السعدي.. علي صالح السعدي شخص اجتماعي مفتوح ويمارس العديد من الأخطاء، ولم يكن متحفظاً في كثير من.. حتى من سلوكياته الشخصية.
أحمد منصور: أنت عَرُفت علي صالح السعدي من قرب؟
صلاح عمر العلي: نعم أنا عَرَفته عن قرب، والتقيت به عدة مرات.
أهداف حزب البعث من وراء انقلاب فبراير 63
أحمد منصور: كيف رتبتم كبعثيين انقلاب 8 شباط/ مارس 63.. فبراير 63؟
صلاح عمر العلي: أنا كما ذكرت لك أنا شخصيا حقيقة ما.. لم أكن من المخططين لهذا.. لهذا الانقلاب، إنما كنت كادر متقدم، القيادة القُطرية للحزب هي التي وضعت هذا التخطيط، بالتحالف مع أيضاً عدد من الضباط القوميين.
(10/386)
أحمد منصور: كان من أبرزهم كان طبعاً أصبح أحمد حسن البكر عضو في حزب البعث..
صلاح عمر العلي: نعم
أحمد منصور: من أبرز الشخصيات اللي قامت أيضاً صالح مهدي عمَّاش، العقيد خالد مكي الهاشمي، وعلي صالح السعدي، هؤلاء جميعاً كانوا من البعثيين الذين شاركوا في الانقلاب 63.
صلاح عمر العلي: علي صالح السعدي لم يكن عسكرياً كان..
أحمد منصور: لم يكن عسكريا كان من القيادات اللي شاركت في الانقلاب، كان هو يعتبر الأمين القُطري في ذلك الوقت..
صلاح عمر العلي: الأمين القُطري نعم.
أحمد منصور: نعم.. هل عرفتم ماذا كانت أهدافكم من وراء الانقلاب تحديداً؟ مجرد السيطرة على السلطة والانقلاب كمفهوم (....) حزب البعث؟
صلاح عمر العلي: لأ.. طبيعة الحال.. لا طبيعة الحال كانت يعني المفروض مبدئياً أن تغيير النظام هو عبارة عن مرحلة الهدف من عندها العمل على تطبيق مبادئ الحزب في القُطر العراقي، وطبعاً الخطة ربما يكون من المفيد أن أذكر لك أنه القيادة القطرية كان لديها مكتب عسكري، يضم عدد من العسكريين بمسؤولية عضو من أعضاء القيادة القطرية، وهذا المكتب العسكري هو اللي كُلِفَ بوضع الخطة بالتنسيق مع عدد من الضباط القوميين.
أحمد منصور: هل كان البعث مهيأ للحكم في ذلك الوقت؟
صلاح عمر العلي: والله أستطيع في القول يعني لم يكن مهيأ.. لم يكن مهيأ ليس في 63 فقط حتى في 68.
أحمد منصور: سآتي لـ68.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: ولكن في 63 تحديداً لماذا اخترتم عبد السلام عارف حتى تختبئوا وراءه؟
(10/387)
صلاح عمر العلي: لأ.. هذا لم يكن الهدف من عنده الاختباء، إنما كان كافة أعضاء القيادة القطرية هم أشخاص غير معروفين إلا في نطاق الحزب، ورئاسة الجمهورية تعرفوا يجب أن تتوفر فيها مميزات معينة، وبما أن عبد السلام عارف كان ارتبط اسمه بقيادة 14 تموز عام 58 وأصبح معروف باتجاهه وهويته المعينة، فكان الهدف هو وضع شخصية معروفة بهذا الموقع، لكي لا تحصل إشكاليات على هذا المنصب.
أحمد منصور: كغطاء مرحلي.
صلاح عمر العلي: نعم، لا شك، لكن لم يكن يعني موضوعه موضوع اختباء لأنه الناس اللي يملكوا القدرة على إزاحة زعامة عبد الكريم قاسم اللي كانت زعامة حقيقية وكانت إلها تأثير في الشارع العراقي، وكان إلها قوة حقيقية، لم أعتقد دا يفكروا بتلك اللحظة بمسألة الاختباء أمام.. وراء شخص معين، كانوا شجعان وكانوا قادرين على أن يعني اللي يتصدوا.
أحمد منصور: لكن لم يكن للشعب أن يرحب بهم ولا يعرف منهم أحد.
صلاح عمر العلي: بـ 63؟
أحمد منصور: نعم.
صلاح عمر العلي: لا، هذا الأمر غير صحيح، الواقع واجهوا.. قادة 63 واجهوا مقاومة عنيدة من الشيوعيين، نعم والقاسميين خلي نقول..
أحمد منصور: ومن السلطة.
صلاح عمر العلي: لكن.
أحمد منصور: الكل يقول أن عبد الكريم قاسم قاتل بشجاعة وشرف.
صلاح عمر العلي: نعم لا شك في هذا، ظل حوالي ثلاثة أيام معتصم.
أحمد منصور: بوزارة الدفاع.
صلاح عمر العلي: بوزارة الدفاع يقاتل وقاتل كل المتحالف معه..
أحمد منصور: قُبِض على عبد الكريم قاسم وحُوِكم بعد ذلك في محاكمة عاجلة وحُكِم عليه بالإعدام مع طه الشيخ وفاضل عباس المهداوي في دار الإذاعة، قُبِض عليه، حُوِكم في الأستديو، ونُفِّذ حكم الإعدام بشكل مباشر.
في الحلقة القادمة نتناول حُكم البعث للعراق بعد العام 63، ثم صراعهم بعد ذلك مع الشيوعيين ومع عبد السلام عارف، أشكرك شكرا جزيلاً.
(10/388)
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي ( عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق)، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/389)
الحلقة2(10/390)
الأربعاء 20/3/1424هـ الموافق 21/5/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
25/05/2003
- مرحلة حكم البعث للعراق 1963
- ممارسات البعث ضد المؤسسة العسكرية العراقية في الستينات
- أهم التيارات والتوجُّهات داخل البعث في الستينات
- حقيقة تسرُّب الفكر الماركسي داخل حزب البعث
- بروز ميشيل عفلق زعيماً في حزب البعث
- انقلاب عبد السلام عارف وسقوط البعث 1963
- مقتل عبد السلام عارف وخلافة أخيه للسلطة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة، وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح مرحباً بك.
في 8 فبراير 1963 وصل حزب البعث إلى السلطة في العراق، وجيء بعبد السلام عارف ليكون رئيساً للدولة، شُكِّل مجلس لقيادة الثورة من بعثيين وغيرهم، شُكِّلت حكومة برئاسة أحمد حسن البكر تضم واحداً وعشرين وزيراً، كثيرٌ منهم من البعثيين، منهم علي صالح السعدي، صالح مهدي عماش، ناجي طالب، حازم جواد، سعدون حمادي، وآخرين.
أنتم كبعثيين وجدتم أنفسكم الآن أصبحتم في السلطة بعدما كنتم مضطهدين وفي السجون، كيف مثَّل هذا الانقلاب مرحلة جديدة في تاريخ البعث في العراق؟
مرحلة حكم البعث للعراق 1963
(10/391)
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال يعني اعتُبرت هذه المرحلة مرحلة يعني مرحلة إيجابية، ومهمة جداً للغاية، وكانت الآمال متعلقة لدى أوساط الحزب أنه الحزب يبدأ بتنفيذ سياسته وأفكاره في أطر مهم، ذو موقع خاص في الساحة العربية، وكانت الآمال معلقة على أن تكون هذه التجربة نموذج لربما يُسرِّع العمل في باقي الأقطار الأخرى للاحتذاء بهذه التجربة، لكن ما حصل هو العكس تماماً، حيث أن الحزب -للأسف الشديد- وجد نفسه بيعني بفترة قصيرة جداً منساق وراء رد فعل عنيف تجاه الشيوعيين، الذين طبعاً كانوا حلفاء لدى عبد الكريم قاسم، واللي سببوا -حقيقة- الكثير من المآسي بالنسبة لأوساط عديدة من الشعب العراقي، وخاصة البعثيين.
ربما كان الشيوعيين إلى حدٍ ما يستحقوا بعض.. بعض العقوبات، لكن بهذا الحجم المأساوي الذي تعرضوا له على يد البعثيين حقيقة خرج عن كل الحدود المتوقعة وعن كل المقاييس المألوفة.
أحمد منصور: ما الذي قام به البعثيون ضد الشيوعيين؟
صلاح عمر العلي: لاحقوهم ملاحقة يعني واسعة جداً، شملت آلاف مؤلفة من.. من الشيوعيين، فمنهم من قُتِل، ومنهم من غُيِّب، ومنهم من افتُقد، ومنهم من طورد، ومنهم من اختفوا وهربوا خارج العراق، وأصبحت مسألة ملاحقة الشيوعيين -للأسف الشديد مرة أخرى أقولها- كأنما هي الشغل الشاغل والهدف الرئيسي للبعثيين ما بعد استلامهم السلطات.
أحمد منصور: انفلت الثأر.
صلاح عمر العلي: نعم، انفلت الثأر، ويعني تأججت نزعة الثأر والانتقام لدى أوساط البعثيين، الأمر اللي طبعاً بدأ يولِّد ردود فعل تدريجية لدى أوساط الشعب العراقي المتميز والمعروف بأنه دائماً وكثيراً ما يقف دائماً مع المضطهد ومع المظلوم، وهذه حقيقة من مزايا الشعب العراقي المعروفة أنه..
أحمد منصور: يعني الذين كرهوا الشيوعيين، الآن أصبحوا يتعاطفون معهم.
صلاح عمر العلي: بالضبط، تماماً.
أحمد منصور: والذين أحبوا البعثيين أصبحوا يكرهون البعث..
(10/392)
صلاح عمر العلي: بالضبط، وهذه في الحقيقة من المميزات اللي يحتفظ بها ويعتز فيها الشعب العراقي، دائماً يقف مع.. مع المظلوم ومع المضطهد، فطبعاً بدأت بالتدريج أخبار ملاحقة الشيوعيين تنتشر بين أوساط الشعب العراقي، فبدأت تتولد ردود الفعل بالتدريج، كذلك انتقلت أيضاً ردود فعل بين أوساط المؤسسة العسكرية أيضاً، الأمر أيضاً لم يقتصر فقط على ملاحقة الشيوعيين، إنما بدأت الممارسات الخاطئة كثيرة جداً على مستويات عديدة.
أحمد منصور: ما هي أشكال هذه الممارسات؟
صلاح عمر العلي: يعني مثلاً استفزاز عدد كبير من ضباط الجيش العراقي اللي لم ينتموا إلى حزب البعث أو مثلاً محسوبين على الصف القومي، استفزازهم، تحجيمهم، محاولة يعني التشكيك في مسيرتهم، في نواياهم، في إخلاصهم، طورد أيضاً عدد من منتسبي الحركة القومية بنفس الوقت، الأمر اللي يعني وجد يعني سرعان ما وجد حزب البعث نفسه يعيش حالة من العزلة، فقد الثقة في أوساط عسكرية عديدة، فقد أوساط جماهير واسعة كانت تلتف حوله، فقد ثقة أو علاقته بأوساط قومية أيضاً لها وزنها ولها قيمتها، كذلك يعني الموقف من الحزب الشيوعي المتميز في العداء غير المحدود، هذه كلها في مجموعها ولَّدت مناخ طبيعي لأي محاولة للإطاحة بالحزب، مناخ ناجح.
أحمد منصور: مِن.. كان هناك قيادة عسكرية، وكان هناك قيادة مدنية، كان هناك تناقضات ظاهرة بين القيادتين المدنية والعسكرية في البعث.
صلاح عمر العلي: نعم، بدأت التناقضات أيضاً مع هذا الجو بدأ التناقض، ليس فقط بين المؤسسة العسكرية البعثية وبين قيادة الحزب، حتى في داخل التنظيم المدني بدأت تناقضات.
أحمد منصور: ما هو شكل هذه التناقضات؟
(10/393)
صلاح عمر العلي: يعني أنا أقول لك بكل صراحة، أنا كنت في آنذاك كادر يعني متقدم في الحزب، وكنت مسؤول عن قطاع مهم في بغداد بما يُسمى الحرس القومي، لكن بعد أشهر قليلة جداً اصطدمت مع أحد قادة هذه المؤسسة اللي اسمه عطا محيي الدين..
أحمد منصور: قل لنا ما هو الحرس القومي؟
صلاح عمر العلي: الحرس القومي -كما ذكرت لك في الحلقة السابقة- هو عبارة عن مجموعة من الشباب المدنيين المنتمين إلى حزب البعث ممن مارسوا أو نفذوا مهام خاصة في عملية الثورة ضد عبد الكريم قاسم، فشُكِّلت بعد الثورة مباشرة هذه الميليشيا اللي جاءت على غرار الميليشيا اللي شكلها الحزب الشيوعي عام 58، 59.
أنا أذكر يعني كمثل شخص وهو ليس المثل العام أو يكفي لـ.. يعني بإعطاء صورة كاملة عما.. حسب العمليات، لكن فيما يتعلق بي أنا اصطدمت بالأشهر الأولى مع أحد قادة الحرس القومي اللي اسمه عطا.. عطا محيي الدين، الأمر اللي دعاني، طبعاً هددني بالقتل، هددني (...).
أحمد منصور: وأنت عضو مسؤول.
صلاح عمر العلي: نعم، أنا كنت عضو متقدم في الحزب، والأمر الذي اضطرني أن أستقيل وأن أهرب وأن أختفي فترة طويلة من الزمن إلى أن سقطت تجربة الحزب.
أحمد منصور: خوفاً من قيادة الحزب التي تنتمي إليه.
صلاح عمر العلي: من.. نعم، من قيادة الحرس القومي.. من قيادة الحزب، إنما هو كان أيضاً عضو في فرع بغداد للحزب.
أحمد منصور: الحرس القومي كان له تجاوزات كثيرة في تلك المرحلة؟
صلاح عمر العلي: نعم، هو كان الأداة لملاحقة هذه الأوساط اللي تحدثت عنها.
أحمد منصور: ما طبيعة ما مارسه الحرس القومي ضد هؤلاء الناس؟
صلاح عمر العلي: في الأيام الأولى لاستلامنا السلطة كانت المهمة الرئيسية هو البحث عن كوادر الحزب الشيوعي الأساسيين واعتقالهم، ثم بعد ذلك شُكِّلت لجنة للتحقيق في..
أحمد منصور: بعيداً عن سلطة الدولة؟
(10/394)
صلاح عمر العلي: لأ، هو بموافقة القيادة القُطرية للحزب واللي هو كان يحكم الدولة يعني، فشُكِّلت فيما بعد..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الآن فيه عفواً.. الآن فيه قيادة قُطرية للحزب، وفيه حكومة، وفي تنظيمات للحزب، عشان نفهم الصورة.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. نعم.
أحمد منصور: الآن الحرس القومي هذا من المفترض أنه بيتبع القيادة القطرية ولا يتبع حكومة الحكومة..
صلاح عمر العلي: طبعاً.
أحمد منصور: الآن أنتو أصبحتوا تقبضوا على الناس وتحاسبوهم، وتحققوا معهم.
صلاح عمر العلي: نعم، هذا هو اللي صار، شُكِّلت لجان للتحقيق.
أحمد منصور: غيِّبت الدولة في هذا الوضع كدولة، كشيء يعني من المفترض إن هو اللي بيهيمن على الحزب وليس الحزب اللي بيهيمن عليه.
صلاح عمر العلي: لأ، هو صار العكس طبعاً، لأنه هذا أُعتبر حكم الحزب يعني بهذا المعنى أنه الحزب هو اللي يقود الدولة، هو اللي يقود مؤسسات الدولة، هو اللي يقود الوزراء، ثم لا تنسَ أيضاً إنه رئيس الوزراء كان يعني أحد قادة الحزب اللي هو أحمد حسن البكر..
أحمد منصور: أحمد حسن البكر..
صلاح عمر العلي: كذلك مسؤول الحزب الأساسي علي صالح السعدي كان وزير، وحازم جواد كان وزير، و..
أحمد منصور: كان وزير الداخلية كمان علي صالح السعدي.
صلاح عمر العلي: نعم، ووزراء آخرين كانوا أيضاً أعضاء في قيادة الحزب، لذلك تداخلت..
أحمد منصور: لكن كان هناك.. كان هناك من الوزراء ناس غير حزبيين.
صلاح عمر العلي: نعم، لا شك في هذا، لكن..
أحمد منصور: معنى ذلك إن الحزب هو الذي كان يُسيِّر وليس الحكومة؟
صلاح عمر العلي: بالتأكيد.. بالتأكيد.
أحمد منصور: ومعنى ذلك أنكم أنتم كحزبيين أو كميليشيات أصبحتم تقوموا بدور الأمن أو أمن الدولة نفسه؟
صلاح عمر العلي: ربما ينطبق هذا المثل إلى حد كبير جداً حقيقة.
(10/395)
أحمد منصور: ومعنى ذلك أيضاً أن كل من لا ينتمي إلى الحزب فهو يعني.. يعني يستحق أن يُسحق أو يُنظر له كإنسان منبوذ أو متخلف؟
صلاح عمر العلي: لا.. لأ.. لا، حقيقة هذا غير دقيق، لكن كلما.. كل من يحاول أن يتصدى لمسيرة الحزب أو سياسة الحزب آنذاك يعتبر في صف.. صف الأعداء، لا شك في هذا.
أحمد منصور: فالأعداء كان كثروا.
صلاح عمر العلي: كثروا بعد سنة، إحنا مهمتنا..
أحمد منصور: وأنتم كان دوركم ملاحقة كل من يعاديه.
صلاح عمر العلي: إحنا أصلاً.. إحنا كنا عباقرة في خلق العداء، حقيقة آنذاك.
أحمد منصور: قل لي كيف؟
صلاح عمر العلي: نعم، مثل ما ذكرت لك من خلال الملاحقة لعدد أو أوساط عديدة من الشعب العراقي، بدأت بالحزب الشيوعي، وانتهت في الضباط اللي كانوا متعاونين متحالفين مع حزب البعث، ثم كافة المنظمات، القومية أو أغلبها على الأقل، نكون أكثر دقة، لوحقت من قِبَل الحزب الشيوعي، فبالتالي إذن كانت كأنها..
أحمد منصور: حزب البعث تقصد؟
صلاح عمر العلي: نعم، كأنها عبقرية مُورست بشكل سلبي، بأنه خلقنا أعداء بدون مبررات حقيقية ومنطقية.
ممارسات البعث ضد المؤسسة العسكرية العراقية في الستينات
أحمد منصور: هل يمكن أن نقول أن البعث في هذه المرحلة دمَّر مؤسسات الدولة؟
صلاح عمر العلي: لم يصل هذا التدمير إلى هذه المرحلة.
أحمد منصور: سأضرب لك مثالاً..
صلاح عمر العلي: مؤسسات الدولة كانت حقيقة..
أحمد منصور: الجيش على سبيل المثال..
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.
(10/396)
أحمد منصور: وأنت قلت إن الضباط الغير بعثيين أو الذين لم يكونوا ينتموا للبعث حتى من شاركوا في الثورة لصالح البعث هؤلاء اضطُهدوا، عملية الاضطهاد وصلت إلى عملية يعني إبعاد لعشرات من الضباط والكفاءات في الجيش العراقي، الجيوش حينما تؤسَّس بتؤسَّس بصعوبة، واختيار الكفاءات التي تقوم عليها الجيوش بيتم على مراحل، والضابط المحترف اللي بيدخل إلى الجيش بينذر حياته كلها إلى الجيش، نجد الضابط أصبح رائد أو مقدم أو عقيد، وفي اليوم التالي أصبح في الشارع..
صلاح عمر العلي: صحيح.
أحمد منصور: أليس هذا تدميراً لمؤسسة من مؤسسات الدولة؟
صلاح عمر العلي: هذا لا شك.. لا شك فيه، لكن خليني أقول لك أنه يعني أولاً: ما بعد 58 وإبان فترة عبد الكريم قاسم شهدت المؤسسة العسكرية تحديداً عمليات تطهير هائلة جداً من قِبَل كافة الضباط اللي لم يتم التأكد من ولائهم لعبد الكريم قاسم أو الشيوعيين.
أحمد منصور: أنتو فعلتم في فترتكم نفس..
صلاح عمر العلي: تقريباً فعلنا يعني شيء يمكن يكون أقل بكثير منهم..
أحمد منصور: كلاكما دمرتما المؤسسة العسكرية..
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.. هذا صحيح
أحمد منصور: المؤسسة العسكرية العراقية دُمِّرت على أيدي الشيوعيين والبعثيين.
(10/397)
صلاح عمر العلي: المؤسسة العسكرية صح، نعم.. نعم، إنما اللي جرى بعد 63 وليس من باب التبرير، لكن أنا حقيقة أقدم لك الوصف كما أعتقد، جرى كرد فعل، يعني مثلاً في المؤسسة العسكرية عندما استلمنا السلطة عام 63، كان هناك أبرز قادتها هم الشيوعيين، قادة الوحدات العسكرية في وزارة الدفاع كلهم شيوعيين، أو موالين لعبد الكريم قاسم، فما كان من الممكن عملياً وواقعياً أن تطمئن لهؤلاء وتبقيهم في مواقعهم، صحيح هي خسارة كبيرة جداً، وأدت بالنتيجة إلى تدمير المؤسسة العسكرية، لكن كان أمر مفروض على قيادة الحزب آنذاك أن تقوم بهذا العمل، خصوصاً وأن الذكريات لمرحلة عبد الكريم قاسم كانت مؤلمة جداً للغاية، ومازالت بعدها (طرية) في أذهان الناس، وبالتالي ما كان من الممكن أن يعني أن لا يتقدموا إلى هذا الأمر.
أحمد منصور: كان هناك..
صلاح عمر العلي: بس كان من المفروض أن تتوقف عند حدود معينة، لم تتوقف العملية، استمرت بحيث شملت ضباط قوميين أيضاً.
أحمد منصور: وضباط لم يشاركوا في الانقلاب.
صلاح عمر العلي: نعم، هذا صحيح.
أحمد منصور: يعني من وقف على الحياد لم يكن شيوعياً أو بعثياً تعرض هو الآخر إلى عملية إبعاد وتقاعد.
صلاح عمر العلي: نعم، هذا.. هذا صحيح.. هذا صحيح من باب الشكوك أن دولا ربما يكونوا كذا معادين أو غير موالين، أو غير..، أو سيتآمروا علينا في المستقبل، إذن الحل الأسلم أن يُبعدوا عن المؤسسة العسكرية، هؤلاء..
أحمد منصور: إحنا نريد أن نفهم الآن لأن دي مرحلة، دي مفاصل تاريخية قادت إلى ما نعيشه الآن في هذه المرحلة تحديداً تقييم المواطن والانتماء بالنسبة للإنسان أيه في ظل التصور والممارسة التي مارستموها؟
(10/398)
صلاح عمر العلي: يعني دعني أقول لك بكل أمانة وإخلاص ما ينطبق على.. على تقييمنا للمواطنة، يعني إحنا كبعثيين هو مارسه الحزب الشيوعي أيضاً، والمواطنة كانت في مفهوم الحزبين هو مقدار ولاء هذا المواطن للحزب أو قربه من الحزب أو بعده، بقدر ما تكون قريب من الحزب فإذن أنت مواطن صالح، عندما تكون بعيد عن الحزب أو في الموقع المضاد للحزب، فأنت مواطن مسلوب.. مواطنتك مسلوبة ومشكوك في ولائك للبلد.. للوطن والبلد..
أحمد منصور: معني ذلك أن كلاكما أيضاً ساهم في تدمير المواطنة والانتماء عند الإنسان؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: وهذا ما جعل كثيراً من خيرة أبناء العشب العراقي يهاجر في فترات مبكرة إلى خارج البلاد.
صلاح عمر العلي: بدأت الهجرة حقيقة من بعد 14 تموز 58 بشكل متواضع بداية، ثم بدأت تتطور وتتصاعد في خط بياني مستمر. نعم.
أحمد منصور: شُكِّلت حكومة أخرى في 13 مايو 1963 وجرت عليها بعض التعديلات البسيطة، ولكن بقي أحمد حسن البكر رئيساً للوزراء، كان يلاحظ في ذلك الوقت شيء آخر من الأشياء الهامة التي ساهمت في تدمير بنية العراق أيضاً، هو أن معظم المسؤولين الذين كانوا يتولون مسؤوليات أساسية كانوا من صغار السن وعديمي الخبرة، وكان يكفي انتماءهم للبعث، لكي يتولوا مسؤوليات.. مسؤوليات كبيرة بما فيها الوزارات؟
صلاح عمر العلي: صحيح، حقيقة يعني لو عدنا إلى مرحلة تأسيس الحزب، هو حزب البعث أول ما أسس على يد طلاب الجامعات.. طلاب الجامعات وطبعاً عندما تأسس الحزب -وهذه حقيقة كبرى- هو مهمة للغاية هو وجود حزب منظم وذو خبرة وإمكانيات هائلة وهو الحزب الشيوعي العراقي، لذلك الحزب وجد نفسه بفترة وجيزة.. يعني وجد نفسه في حلبة الصراع، في داخل دائرة الصراع الإقليمي والدولي وبالتالي لم يمنح الحزب فترة معقولة لكي يخلق كوادر يعني ذات خبرات وذات ثقافة واسعة وذات إمكانيات قيادية..
(10/399)
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك من أبناء البلد، ولماذا لا يكون الحاكم إلا بعثياً؟ لماذا لا يكون الوزير إلا بعثياً؟
صلاح عمر العلي: سيدي، هذا من أمراض الحركات السرية، هذه أحد الأمراض المستشرية لدى الحركات السرية، هذا واقع، هو الشيء اللي بتعرفه هو الشيء كان يجب أن يحصل، إنما الأحزاب خاصة الأحزاب عندما تعيش فترة من الصراع المرير لا يمكن أن تعتمد إلا على أعضائها، وهذا طبعاً شيء غير صحيح، وثبت خطأه. لكن هو اللي جرى هو هذا اللي جرى..
أحمد منصور: غيب القانون، تراجعت العدالة، أصبحت العلاقات الشخصية عوامل حاسمة في تقرير مصائر الناس ووضع البلد.
صلاح عمر العلي: لا شك في هذا.. لا شك في هذا ..هذا صحيح.
أحمد منصور: بدأ هناك أيضاً تنافس على المغانم وعلى عمليات التسلق داخل الحزب في ظل هذا الوضع، وأصبح الشباب اللي ممكن أن يكونوا مخلصين لمبادئ وأفكار الحزب منبوذين مثلك على سبيل المثال، تبحث عن مكان تختبئ به لتحتمي من أناس.. قيادات داخل الحزب هددتك بالقتل.
صلاح عمر العلي: صح، هو كلمة مغانم الحقيقة أنا بتلك الفترة ليس.. لم تكن هناك الكثير من المغانم المغرية، إنما..
أحمد منصور [مقاطعا]: المناصب تكفي والنفوذ..
صلاح عمر العلي: إذا كان مقصود..
أحمد منصور: هذا مغنم أيضاً.
صلاح عمر العلي: حتى نميز بين الأشياء حتى تكون الأمور واضحة، إذا كان المقصود بالمغانم هو المكاسب المالية أو الاقتصادية أو إلى آخره، الحقيقة أن ذاك الفترة لم تكن هناك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ستأتي فيما بعد.
(10/400)
صلاح عمر العلي: لكن إذا كان المغانم على الصعيد الحزبي نعم، ومثل ما ذكرت لك إنه الصراع بدأ داخل صفوف الحزب وبدأت تستشري ظاهرة الانقسامات والتكتلات داخل الحزب، وتيارات أيضاً بدأ تنمو بعض.. مثلاً تيار ماركسي داخل الحزب.. بدأ ينمو داخل الحزب، فبالتالي إذن بدأ كل مجموعة تحاول أن تعزز موقعها داخل الحزب من خلال مجموعة من السلوكيات، هذا صحيح.
أهم التيارات والتوجهات داخل البعث في الستينات
أحمد منصور: أيه أهم التيارات التي كانت موجودة وأهم التوجهات التي كانت تسعى للتسلق والسيطرة داخل الحزب آنذاك؟
صلاح عمر العلي: هو في الواقع التيار الغالب هو التيار القومي للحزب، هو التيار السائد، لكن بدأ ينمو تيار يتبنى الفكر الماركسي، ومن غريب الصدف أو من غريب ما حصل أنه هذا طبعاً التيار حصل قبل استلامنا السلطة ومعظم رموز هذا الحزب.. هذا التيار صُفُّوا على يد علي صالح السعدي الذي أصبح فيما بعد يقود أو أسس حركة ماركسية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وترك البعث.
صلاح عمر العلي: نعم، في حين هذه.. توفرت الفرصة، سنتحدث عن هذه المسألة وأسبابها ودواعيها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأنها بدأت في 64 ليس.. ليست متأخرة يعني.
صلاح عمر العلي: لأ طبعاً.. طبعاً.
أحمد منصور: آه يعني.. يعني إحنا لازلنا نتحدث في تلك المرحلة وعملية خروج علي صالح السعدي.
صلاح عمر العلي: نعم، نعم.. نعم.
أحمد منصور: كيف خرج علي صالح السعدي؟ كان من المفترض إن هو الأمين القُطري للحزب، يعني الرجل اللي بيوجه، اللي بيربي، اللي بينظم، اللي بيؤدلج الأفكار بالنسبة للناس ينحرف عن مساره ويصبح ماركسياً في اتجاه آخر، ما معنى ذلك أيضاً؟
صلاح عمر العلي: لأ هو طبعاً متى.. متى أصبح ماركسياً ومتى أصبح في الموقع المضاد لأفكار حزب؟ عندما أُبعِد خارج العراق.. أبعد خارج الحزب، وطبعاً عندما يعني صفَّى خارج العراق كحالة إنسانية مألوفة واعتيادية..
(10/401)
أحمد منصور [مقاطعاً]: دي أيضاً وسيلة من وسائل الحزب في إقصاء المخالفين، وسائل القيادة في إقصاء المخالفين لها، القيادة حينما كانت تختلف مع أحد في الأفكار، كانت تسعى إلى إقصائه أو تهديده بالقتل مثلما هُدِّدت أنت.
صلاح عمر العلي: نعم، هو في الحقيقة بس أحب أوضح إنه علي صالح السعدي وأعضاء القيادة طبعاً لم يُبعدوا من قِبَل الحزب تحديداً، جرى مؤتمر قطري، وتم انتخاب.. انتخابات، ونتائج الانتخابات.. المؤسسة العسكرية لم توافق عليها، فجرى اجتماع في داخل القصر.. القصر الجمهوري، وفي داخل هذا الاجتماع حدث الصِّدام والمؤسسة العسكرية.. أعضاء الحزب العسكريين اتخذوا قرارات، كان من بين هذه القرارات هو إبعاد علي صالح السعدي خارج العراق، ومن ثم بعد ذلك في فترة لاحقة أُبعِد حازم جواد وطالب شبيب أيضاً.
أحمد منصور: هذه المجموعة التي أبعدت إلى إسبانيا؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: هذه سآتي لها لأنها كانت قبيل سقوط البعث تقريباً وعندها علي صالح السعدي قال إن البعث جاء إلى السلطة بقطار أميركي، حدث اجتماع للحزب قُطري في 13 سبتمبر في العام 1963 وكان الحزب آنذاك تتجاذبه أطراف مختلفة، نجح المتشددون في قيادة الحزب وحضر ميشيل عفلق من دمشق، خصيصاً لهذا الاجتماع أين كنت أنت؟
صلاح عمر العلي: أنا كنت في بغداد وكنت عضو في المؤتمر القُطري، وكنت يعني على اطلاع مباشر بما جرى، يعني هو الحقيقة المؤتمر أفرز قيادة جديدة، طابعها العام كان طابع ماركسي، فطبيعة الحال..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أبرز القيادات هذه؟
صلاح عمر العلي: هو طبعاً على رأسها كان يعني هي نفس القيادة الحقيقة اللي فازت أغلبها يعني الحقيقة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: علي صالح السعدي كأمين قطري؟
صلاح عمر العلي: نعم، فاللي حصل بالواقع أنه كانت هذه النتائج مفاجئة بالنسبة للقيادة القومية باعتبار أن الحزب حزب قومي وليس ماركسي، وكان بالعكس كان..
(10/402)
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف تسلل الفكر الماركسي إلى الحزب؟
صلاح عمر العلي: كان حريص هذا الحزب على أن.. يميز دائما وباستمرار عن الخط الماركسي، عن الفكر الماركسي، عن الأحزاب الشيوعية الماركسية، كان حريص على أن يبقى في الساحة القومية، مع أنه طبعاً حزب اشتراكي، وحزب يعتبر نفسه تقدمي وثوري..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دا شعاراته يعني؟
صلاح عمر العلي: نعم..
أحمد منصور: لكن واقعه يبدو كان شيئاً آخر..
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، فإذن أول ما فاجأ هذا.. نتائج الانتخابات فاجأت القيادة القومية ثم فاجأت المؤسسة العسكرية، كما فاجأت حقيقة أوساط واسعة داخل الحزب لأنه بالواقع بروز هذه القيادة كان نتيجة تكتل وليس كنتيجة طبيعية، فعند ذاك بدأت، جاء عدد من أعضاء القيادة القومية إلى بغداد وكان في طليعتهم ميشيل عفلق وحاولوا أن يجدوا مخرج من هذا المأزق ولم يتوصلوا إلى هذا.. عقدت اجتماعات وآخر هذه الاجتماعات حصل في القصر الجمهوري كما ذكرت، وأدى ما أدى من نتائج، حيث طرد عدد من أعضاء القيادة، وثم أعقب هذا الموضوع الانقلاب اللي قاده عبد السلام عارف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن عفواً.. عفواً، هنا علي صالح السعدي لم يكن جديداً على القيادة، وإنما الرجل تولى القيادة...
صلاح عمر العلي: لأ طبعا عضو قيادة.. عضو قيادة نعم
أحمد منصور: حتى أنه تولي الأمانة العامة بعد ما أُبعد الركابي وجاء بعدة حازم لمدة.. لمدة بسيطة واعتقل، فهو تولى الأمانة..
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.
حقيقة تسرب الفكر الماركسي داخل حزب البعث
أحمد منصور: ربما في سنة 1960، الآن نحن صرنا في العام 1963، وتحديداً في نهايته 13 سبتمبر، يعني رجل يقود أو أمين قُطري منذ مدة، كيف تسرب الفكر الماركسي إلى داخل البعث والمفروض أفكار البعث تخالف الأفكار الماركسية؟
(10/403)
صلاح عمر العلي: أنا ذكرت لك أستاذ أحمد، علي صالح السعدي صفَّى، يعني الحقيقة الفكر الماركسي بدأ من أوائل الستينات يتسلق داخل صفوف الحزب على يد أعضاء من الحزب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بسبب ضعف أفكار الحزب وتشرذمه.
صلاح عمر العلي: ربما يكون هذا، وربما يكون أيضاً يعني خليني أذكر لك الآتي، حزب البعث يعني تأثر إلى حد كبير بوجود حركة ماركسية، والشعارات آنذاك كانت الشعارات المقبولة لدى الجماهير، يعني اللي تلقى ترحيب هي الشعارات المتطرفة واليسارية والشديدة التطرف، فبالتالي حزب البعث رغم أنه كان خصم مع الحزب الشيوعي العراقي، إلا أنه تأثر بطروحات الحزب الشيوعي، ليس فقط على صعيد الفكر، إنما حتى على صعيد التنظيم هذا التنظيم الحديدي اللي بناه حزب البعث في العراق، أيضاً تأثر في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: معظم الحركات السرية تنهج نفس التركيبة يعني..
صلاح عمر العلي: صحيح، لكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني.. يعني لو رجعنا إلى.. حتى خارج العالم العربي لأن هي كلها مستقاة من بره، أو هي الطبيعة البشرية بتقود إلى هذا..
صلاح عمر العلي: صحيح، لكن إذا ما قارننا حزب البعث كما ذكرت سابقاً عندما تأسس في.. في سوريا كان حزب علني، كانت الندوات تعقد في المقاهي وما كان هناك اتجاه لدى حزب البعث أن يتحول إلى حزب سري بهذه الطريقة المتقنة والشديدة الإتقان والانغلاق، هذا كله نتيجة تأثره بالحزب الشيوعي.
أحمد منصور: في.. بعد.. بعد هذا المؤتمر القطري، عُقد المؤتمر القومي السادس في 5 أكتوبر 1963 ووقع كثير من الصراعات في داخله وكان من أهم الأشياء التي بحثها الوحدة بين سوريا ومصر، كان لك حضور في هذا؟
صلاح عمر العلي: في أي مؤتمر.
أحمد منصور: المؤتمر القومي السادس.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: حضرته.
صلاح عمر العلي: حضرته نعم..
بروز ميشيل عفلق زعيماً في حزب البعث
(10/404)
أحمد منصور: نعم.. يعني المؤتمر استمر 18 يوماً ودي من أطول الأيام اللي عقدت فيها، وكان من أهم المؤتمرات أيضاً لأن كان ميشيل عفلق حريص على زعامته وكانت الصراعات بدأت تشتد بشكل كبير جداً لديكم صراعات داخل الحزب أصبحت مرتفعة.
صلاح عمر العلي: طبعاً إحنا بالحقيقة عندما حضرنا إلى هذا المؤتمر في.. في سوريا، سرعان ما اكتشفنا أن هناك تكتلات من نوع آخر..
أحمد منصور: ما هي؟
صلاح عمر العلي: يعني قصدي لم تكن ها التكتلات على.. قائمة على خلفية الصراع بين الفكر الماركسي والفكر القومي، إنما كانت هناك تكتلات غالبها كان ذا طبيعة شخصية يعني بين أشخاص القيادة.
أحمد منصور: مثل؟
صلاح عمر العلي: وكانت هناك شكوك، كانت هناك ريبة..
أحمد منصور: اوصف لنا الخريطة، أو قدم لنا خريطة هذه التكتلات.
صلاح عمر العلي: الخارطة هي بالشكل التالي، إنه طبعاً ميشيل عفلق في تلك الفترة كان يعتبر هو الرائد أو هو المثل للحزب بعد أن ترك الحزب كل من السيد جلال السيد وصلاح البيطار.
أحمد منصور: صلاح البيطار تركه بعد الوحدة..
صلاح عمر العلي: نعم فأصبح..
أحمد منصور[مقاطعاً]: وكذلك ليس صلاح البيطار وحده وإنما حتى أكرم الحوراني كذلك.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، فأصبح إذن رمز الحزب من هو؟ ميشيل عفلق.
أحمد منصور: اسمح لي هنا بنقطة، يقال إن عفلق لعب الدور في.. في إقصاء كلا الرجلين، حتى لا يكون له شركاء في زعامة الحزب.
صلاح عمر العلي: أنا والله لا أستطيع الحديث عن هذا الموضوع لأني الحقيقة ما كان إلي دور بتلك الفترة، ربما يكون وربما لا يكون صحيح، لكن في الواقع أو في الغالب يعني بشكل عام خاصة الخلاف بين صلاح البيطار وميشيل عفلق جرى بأجواء الانفصال عملية الانفصال اللي صارت، فبحينها اتهم صلاح البيطار بأنه أيد الانفصال، وعلى عكس ميشيل عفلق اللي كان متشدد في هذا الأمر، وهاجم الانفصال وضحَّى...
(10/405)
أحمد منصور: كيف وكان مطارد الرجل من عبد الناصر؟
صلاح عمر العلي: مطارد، هذا صحيح، لكن هذا مبدأ، هذا موضوع مبدأ، يعني موضوع الوحدة مبدأ، ما كان يعني هذا الموضوع..
أحمد منصور: هي كانت شعار أكثر منها مبدأ.
صلاح عمر العلي: مضبوط هو شعار من شعارات الحزب، بالتالي إذن جرى الصراع بين صلاح البيطار وبين ميشيل عفلق على خلفية هذا الموضوع، خلفية الانفصال والنتائج التي ترتبت على الانفصال، حتى..
أحمد منصور: حتى مفهوم الوحدة لديهم...
صلاح عمر العلي: حتى مع السيد أكرم الحوراني جرى هذا الموضوع، على نفس الخلفية.
أحمد منصور: حتى مفهوم الوحدة مفهوم مبعثر أيضاً في أفكار البعث.
صلاح عمر العلي: أستطيع أن.. أن أؤيدك بهذا الموضوع. نعم..
أحمد منصور: والدليل على ذلك أنه بعد أيام قليلة من قيام الانقلاب في مارس 63 هنا في سوريا، بحث.. بحثوا بعد.. بعد أيام قليلة لسه مافيش أي شيء شُكل، بحثوا الوحدة مع العراق، كأن قضية الوحدات ديت لعب عيال، يعني اسمح لي في .. في العبارة يعني، أوروبا قعدت 50 سنة حتى وصلت إلى الوحدة، هنا وحدة تتم في اجتماع، وتفصم بعده بساعة، جلسوا بعد ساعات من الانقلاب يبحثوا في الوحدة، وفي هذا المؤتمر القُطري القومي السادس أيضاً كان قضية الوحدة بين القُطرين كانت هي قائمة على .. دون وجود أي أسس للوحدة.
صلاح عمر العلي: بس دعني أقول لك أستاذ أحمد المقارنة أعتقد غير واقعية وغير عملية، الوحدة بين الدول الأوروبية كان لابد أن تمر بهذا المسار العسير، لأنها شعوب وقوميات وديانات ومصالح مختلفة، وهناك حروب.
أحمد منصور: في النهاية لم يتغير من ذلك شيء.
(10/406)
صلاح عمر العلي: لو سمحت لي، أيضاً هناك جرت الحروب بين هذه الدول، وصراعات مريرة فإذن لابد أن يعني تحتاج إلى وقت، ثم إنه الدول الأوروبية كانت تقدمت في ثقافتها وفي وعيها و.. إلى آخره، ثم تدرجت، كان السائد بين أوساطنا أنه إحنا شعب واحد وأمة واحدة، إجه الاستعمار قسمنا، فبالتالي إذن موضوعة الوحدة موضوعة مقبولة لدى جماهير الأمة العربية باستثناء النظم التي نصبتها القوى الاستعمارية، فبمجرد أن تزاح هذه الأنظمة معناها أن الجماهير مهيأة لمثل هذه الوحدة، لكن.. لكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الخلاف ليس على الوحدة وإنما على وسائلها وطرقها وأساليبها..
صلاح عمر العلي: نعم.. مفهوم الوحدة الحقيقة كان غير واضح، لفترة متأخرة كان هناك مفاهيم مختلفة، منهم من اعتبر الوحدة هي عبارة عن نمط من أنماط الاتحاد، ومنهم من اعتبر الوحدة هي عملية اندماج بالكامل تحت قيادة واحدة. هذا صحيح.
أحمد منصور: إلى الآن.. إلى الآن وهم يشرحون في الوحدة الاندماجية والوحدة الكاملة، ولكن يعني على سبيل المثال على أبسط شكل من أشكال الوحدة وهو الزواج، الرجل والمرأة، مافيش حد بيتجوز في نص ساعة، أنتم كنتوا في نص ساعة بتعملوا وحدة بين دولتين، بين شعبين، بين.. بين حتى عبد الناصر حينما جاء هنا، كلها أشياء عاطفية لا.. لم تقم على أسس، حتى حينما تباحث السوريون والعراقيون في العام 63 عن الوحدة، أشياء لم تقم وقامت قبلها توقيعات كثيرة جداً، وكانت قبل أن يجف المداد تنفض.
صلاح عمر العلي: تنفض صح، صحيح.
أحمد منصور: ويعني هناك.. هناك يعني شيء طبيعي في الحياة لابد أن يتم، لم يكن يتم، أرجع للتكتلات والخريطة التي كانت موجودة في البعث وميشيل عفلق تفضل.
(10/407)
صلاح عمر العلي: نعم، يعني قلت أنه وجدنا أن هناك تكتلات قائمة على خلفية مختلفة عن ما جرى في العراق، فكانت صراعات وكانت تكتلات وكل كان يعمل على حسم الأمور لصالح.. لصالحه، وبالتالي في هذا المؤتمر حُسمت النتائج لصالح خط ميشيل عفلق، وُصفي الآخرين.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: كيف تمت عملية تصفية الآخرين لاسيما وأنها يجب أن تذكر؟
صلاح عمر العلي: جرت انتخابات لكن انتخابات كانت تجري في ظل جو من التكتلات.
أحمد منصور: أوصف لنا كيف لأن.. الآن.. الآن هذا المقصد اللي.. يقول..
صلاح عمر العلي: يعني سلاح الأستاذ ميشيل عفلق كان سلاح إلى حد ما هو الغالب بين أوساط المؤتمرين، لماذا؟ لأنه ميشيل عفلق كان دائما متمسك بالخط القومي، دائما يركز على المفاهيم القومية، على.
أحمد منصور: ألم تكن الأبوية، ألم تكن...
صلاح عمر العلي: وكذلك هذا.. هذا...
أحمد منصور: الحرص دائما على.. وكان تهديد كذلك بأنه سيتخلى، سيعتكف، سيهاجر إذا لم يتم..
صلاح عمر العلي: لا.. لأ حقيقة أنا.. ما أسمع هذا النوع من التهديد، لكن حقيقة مسألة.. ظاهرة الأبوة والريادة وكون تأسيس الحزب أيضاً بعد أن خرج الآخرين، بدأ يرتبط باسم ميشيل عفلق، فبالتالي إذن هذه العوامل كلها هيأت لسيادة خط ميشيل عفلق.
أحمد منصور: في النهاية اتُّفِق على ترحيل علي صالح السعدي وهاني الفكيكي ومحسن الشيخ راضي وخالد مكي الهاشمي إلى مدريد، وتم هذا الأمر في عملية انقسام واضحة أو بداية صراعات وإقصاء للمخالفين داخل الحزب.
صلاح عمر العلي: هو جرى هذا مثل ما ذكرت لك في الاجتماع اللي حصل في القصر.. القصر الجمهوري، نتيجة لهذا الاجتماع حصل هذا الإبعاد.
(10/408)
أحمد منصور: أيوه.. يعني بعد ذلك جاء ميشيل عفلق وأمين الحافظ إلى بغداد، تقرر طرح.. طرد زعيمي الجناح المعتدل في الحزب هما حازم جواد وطالب شبيب وإعفائهما من مناصبهما في الوزارة، وبدأ الصراع داخل الحزب مما أدى إلى أن الذين تضرروا من الحزب منذ قيام 8 فبراير إلى ذلك الوقت يستعدوا لكي يستقووا، كانت الصراعات الداخلية في الحزب كفيلة بأن ينتبه الآخرون وجاء دور سقوط حزب البعث، يعني كيف تقييمك لهذه الصراعات في تلك المرحلة قبيل سقوط الحزب؟
صلاح عمر العلي: يعني هو ما عندي المزيد من الإضافة على ما ذكرت لك إياه، لكن أستطيع أن أقول أنه بأجواء الصراع والخلاف ومحاولة إيجاد صيغة توافقية آنذاك بين ها الأطراف هذي، كان بالجانب الأخر كان يجري سباق محموم وسريع جداً للانقضاض على كامل التجربة الحزبية من قبل عبد السلام.. عبد السلام عارف وعدد من الضباط القوميين كبار الرتب.
انقلاب عبد السلام عارف وسقوط البعث 1963
أحمد منصور: وهذا ما حدث بالفعل في 18 تشرين حيث اتفق عبد السلام عارف مع رئيس الأركان طاهر يحيى على إنهاء ما سمي بمهزلة حزب البعث في العراق، وألقي القبض على القيادتين القطرية والقومية، وكان وقتها ميشيل عفلق وأمين الحافظ هناك فقبض عليهما أو اعتقلا لمدة يومين بعد ذلك، وسقط حزب البعث في هذه التجربة، كُلِّف طاهر يحيى رئيس الأركان بتشكيل حكومة جديدة أعلنت في 20 نوفمبر 1963، أين كنت أنت في تلك المرحلة؟
(10/409)
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة قبل سقوط التجربة بحوالي أسبوع تركت البصرة عندما.. عندما اشتد الصراع، وبدأت السلطة مرتبكة جداً، وفلت زمام الأمن في بغداد وكثير من الأمور أصبحت الآن خارج قبضة السلطة، رجعت إلى بغداد بمبادرة شخصية من عندي، ورحت إلى مقر قيادة الحرس القومي في (....) الشرقية اللي كنت أنا أقودها، ودخلت إلى مقر القيادة فوجدت حالة حقيقة غريبة حيث وجدت في المقر عدد من أعضاء حزب البعث المتميزين معتقلين من قِبَل قيادة الحرس القومي.
أحمد منصور: من هؤلاء؟
صلاح عمر العلي: من أبرزهم كان خالد علي الصالح اللي هو مناضل مشهور معروف وطبعاً فيما بعد ترك الحزب، وجدتهم موضوعين في قبو ومعتقلين من قبل قيادة الحرس القومي، كإحدى نتائج هذا الصراع فبالحقيقة الشخص اللي كان مسيطر...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت من المفترض أنك كنت مسؤولاً عن ثلث بغداد.
صلاح عمر العلي: تقريباً.. تقريباً فالشخص اللي كان فارض نفسه...
أحمد منصور: يعني أنت أحد ثلاثة مسؤولين عن الحرس القومي في بغداد.
صلاح عمر العلي: هو يمكن كان أكثر من ثلاثة، لكن المنطقة اللي كنت أشغلها هي تقريباً أوسع منطقة في بغداد.
أحمد منصور: ومع ذلك هُددت وكنت مطارداً ثم رجعت.
صلاح عمر العلي: نعم.. فالحقيقة أخذت المبادرة آني بأن نحيت هذا الشخص عن قيادة الحرس القومي، واستلمت المسؤولية وأطلقت سراح..
أحمد منصور: كده من نفسك أنت.
صلاح عمر العلي: نعم أنا بالحقيقة، الرجل كان يعني يعاملني بود..
أحمد منصور: من هو؟
صلاح عمر العلي: وباحترام كبير جداً، كان اسمه صادق العباسي، فخدت مفاتيح القبو وفتحت لهم الباب وأطلقت سراحهم وطيبت خاطرهم احتضنتهم بمحبة شديدة جداً و(أخذوا) راحتهم، لكن أنت كانت.. كانت الأمور على وشك أن تنتهي.
(10/410)
أحمد منصور: عبد الناصر أَيَّد عبد السلام عارف في هذه الحركة التى قام بها ضد البعث، وكيف كان وضع البعث بعد اعتقال قياداته و تفرد عبد السلام عارف بالسلطة؟
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال واجهنا ضربة قاسية جداً على يد عبد السلام عارف وقيادته، وبساعات قليلة زج بعدد كبير جداً من البعثيين في السجون والمعتقلات، وعدنا من جديد يعني إلى يعني مرحلة الصراع الأول النضال السلبي.
أحمد منصور: كيف اعتقلت؟
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة اعتُقلت يعني صبيحة نفس اليوم يوم الانقلاب، أنا وضابط كان اسمه نعمة فارس الحياوي، أُخذنا في سيارة عسكرية إلى وزارة الدفاع، واعتقلت في وزارة الدفاع، لكن في الواقع لم أمكث إلا بضع ساعات، فجاء قائد الانضباط العسكري اللي كان يحمل رتبة عسكرية كبيرة اسمه سعيد سليط، والواقع شعرنا بأنه كان متألم جداً للغاية وما رضى، ما وافق على ها الصورة هذه زُجَّ بينا إحنا عدد كبير جداً في وزارة الدفاع فأطلق سراح عدد كبير من عندنا، والرجل حقيقة...
أحمد منصور: كنتم بعثيين جميعاً.
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: كلكم من البعثيين.
صلاح عمر العلي: كلاتنا بعثيين طبعاً، فأطلق سراحنا وكان نصيبي أنه يطلق سراحي على عجل.
أحمد منصور: لكن قُبِض عليك بعد ذلك في 64.
صلاح عمر العلي: نعم فيما بعد.
أحمد منصور: كيف قبض عليك؟ وكيف كانت الفترة اللي قضيتها في السجن؟ كانت طويلة يعني.
(10/411)
صلاح عمر العلي: والله أنا قبض علي بعد ذلك أكثر من مرة، المرة الأولى قبض علي بـ.. يعني مسألة يعني بسيطة جداً ويعني تكاد تكون سخيفة، ألقي القبض على شبان اثنين كانوا من مجموعة على صالح السعدي، أُلقي القبض عليهم كانوا يوزعوا بيانات معادية لسلطة عبد السلام عارف في شارع مهم اسمه شارع أبي نواس، فعندما جيء بهم إلى دائرة الأمن وضغطوا عليهم، وأرادوا يعرفون من أين استلموا هذه البيانات، ذكروا بأنه استلموها من صلاح عمر العلي، من عندي أنا وأنا في واقع الحال ليس لي علاقة بهؤلاء نهائياً فزج بي بالمعتقل، ويعني حقيقة تعرضت إلى تعذيب وإلى تحقيق قاسي جداً نتيجة هذه الفرية وهذا الكذب.
أحمد منصور: أيه أشكال التعذيب التي كانت تمارس في ذلك الفترة؟
صلاح عمر العلي: وبقيت حوالي (...) أشهر في المعتقل.
أحمد منصور: أيه وسائل التعذيب التي كانت تمارس في ذلك الوقت؟
صلاح عمر العلي: بالواقع يعني في.. في كل مكان كان نوع من التعذيب، في دائرة الأمن كان بنتعرض إلى ضرب شديد جداً من قِبل ضابط شرطة كان معروف قُتل فيما بعد وأعتقد على الغالب قُتِل من قِبل البعثيين، كان اسمه عز الدين نافي، وكان مشهور في تلك الفترة بقسوته وشراسته وعدائه المطلق للبعثيين، فلم ينجُ أي بعثي من.. من شراسة هذا الشخص، أي بعثي دخل في دائرة الأمن تعرض إلى تعذيب.
أحمد منصور: عددكم كان قد أيه تقريباً؟
صلاح عمر العلي: والله يعني في البدء كان عددنا بضع عشرات في دائرة الأمن، لكن فيما بعد تطور الأمر بحيث أصبح عددنا كبير جداً، وحتى لم تعد دائرة الأمن تتسع لهذا العدد بحيث فتحوا معتقلات أخرى وخصوصاً في منطقة اسمها خلف السدة، كانت هناك معسكرات للشرطة، فبدءوا يفرغوا عدد من قاعات الشرطة لكي يحولوها إلى معتقلات.
أحمد منصور: طبعاً أنتم أذقتم الناس من قبل ألوان من التعذيب في هذه الفترة.
صلاح عمر العلي: لاشك.. لا شك هذا صحيح.
(10/412)
أحمد منصور: وبالتالي كان عملية الانتقام والانتقام المتبادل ربما كانت هي السائدة في ذلك الوقت.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.. هذا صحيح.. صحيح.
أحمد منصور: مين.. مَنْ.. الآن أنتم تقريباً يعني أذقتم الشيوعيين ألوان شتى من العذاب ويعني شبه ضربتوهم ضربات قاصمة، وهم كانوا قبل ذلك أيضاً شاركوا في ضربكم، الآن استقويتم مرة أخرى وبقيتم عشرة أشهر في السلطة مارستم فيها كل الأساليب المختلفة، من هي القوة التي كانت بعد ذلك موجودة ومارست التعذيب عليكم؟
صلاح عمر العلي: علينا؟ بالواقع جاء دور القوميين، يعني لأنه السلطة الجديدة، سلطة عبد السلام عارف كانت أغلبها يعني ممثلة بضباط قوميين..
أحمد منصور: لم يرتكن إلى الشيوعيين باعتبارهم أعداءكم بحيث يستند لهم في مرة أخرى؟
صلاح عمر العلي: لأ، بالواقع يعني في المرحلة الأولى لم يتخذوا أي موقف عدائي من الحزب الشيوعي، إنما انصب أيضاً الجهد حول تصفية البعثيين ومطاردتهم وملاحقتهم. هذا اللي حصل.
أحمد منصور: نعم، وضع البعثيين الذين لم يكونوا في السلطة.. الذين لم يكونوا في السجون آنذاك ماذا كان وضعهم في الخارج؟
صلاح عمر العلي: هو حتى تفهم الصورة كتير وتتضح أكثر، طبعاً إحنا بهذه الفترة سرعان ما انقسم الحزب حيث أن علي صالح السعدي شكَّل منظمة ذات طبيعة ماركسية وبدأ يهاجم الحزب ببيانات مستمرة ونشريات مستمرة يهاجم الحزب ويعني..
أحمد منصور: حزب أميركي وجاء بقطار أميركي وخلافه.
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة أعيد من جديد وأقول أنه لم تتوفر لديّ وثيقة رسمية تؤكد أن علي صالح السعدي.. قال هذا.
أحمد منصور: هذه الأشياء تُسرَّب.
(10/413)
صلاح عمر العلي: لا شك في هذا، لكن إذا كان صحيح أن هذا الأمر صدر عن علي صالح السعدي فهو صدر في هذه الفترة حيث اتخذ موقف عدائي من الحزب وانشق على الحزب، وبدأ يشعر بتأنيب ضمير، لأنه هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما جرى خلال فترة العشر أشهر اللي حكم فيها حزب البعث، فبدأ يشعر أنه ثقل المسؤولية والجريمة الكبرى اللي اتخذت بحق هؤلاء الأبرياء اللي قتلوا، فمن باب التكفير عن هذه الخطيئة الكبرى اللي يتحملها نَهَجَ نَهْج ماركسي بالوقت اللي كان علي صالح السعدي مشهور ومعروف أنه هو قمع أي شخص في داخل الحزب ينحو باتجاه تبني الماركسية.
مقتل عبد السلام عارف وخلافة أخيه للسلطة
أحمد منصور: طاهر يحيى قدَّم استقالة حكومته في.. في الثالث من سبتمبر عام 1965 وكُلِّف عارف عبد الرزاق بتأليف حكومة جديدة، وقام عارف عبد الرزاق الذي كان ذا ميول ناصرية بمحاولة انقلابية فاشلة في 16 سبتمبر، يعني بقي في السلطة تقريباً 14 يوماً، ونحن سجلنا شهادته في هذا البرنامج، أثناء وجود عبد السلام عارف في مؤتمر القمة في الدار البيضاء، وفي 13 أبريل 66 قُتِل عبد السلام عارف في حادث طائرة لازال غامضاً إلى الآن هل أنتم بصفتكم بعد ذلك جئتم إلى السلطة هل كان الحادث مدبراً؟
صلاح عمر العلي: يعني أنا سألت أكثر من مرة أحمد حسن البكر سألته عن هذا الموضوع ونفى نفي قاطع أن يكون إلنا أي دور في تصفية عبد السلام عارف، إنما يعني كان يؤكد على أن الحادث غير مدبر وحادث يعني مجرد حادثة يعني نتيجة وجود زوبعة شديدة، والمنطقة اللي وقع.. سقطت فيها الطائرة معروفة في جنوب العراق بأنها منطقة زوابع رملية هائلة جداً.
أحمد منصور: لكن يُقال وقع انفجار في الطائرة.
صلاح عمر العلي: والله، بعض الأوساط يعني ومازالت فيه ناس ينسبوها لحزب البعث، لكن أنا الحقيقة..
أحمد منصور: يعني أنتم كبعثيين برآء من دم عبد السلام عارف؟
(10/414)
صلاح عمر العلي: والله للأمانة أنا أقول لك هذا ما سمعته، هذا ما سمعته، أنا ما كنت عضو قيادة آنذاك، لكن ما سمعته من أحمد حسن البكر أكثر من مرة أكد ونفى نفي قاطع أن يكون إله دور، لكن مثلاً عز الدين نافي هذا الضابط الشرطة اللي عذَّب البعثيين تعذيب شديد، أنا فيما بعد سألته فأكد لي أن البعثيين هم اللي قتلوه.
أحمد منصور: تولى عبد الرحمن البزاز السلطة حسب الدستور، وفي 17 أبريل أعلن عبد الرحمن عارف شقيق عبد السلام عارف رئيساً للبلاد حيث كان مرشحاً كلاً من عبد العزيز العقيلي وعبد الرحمن البزاز وأيضاً.. إلا أن عارف نجح في الاقتراع، شكل عبد الرحمن البزاز الحكومة واستقال في 6 أغسطس 66 وقيل إن حكومة البزاز كانت من أكثر فترات العراق استقلال في.. استقراراً في تلك المرحلة، صحيح هذا؟
صلاح عمر العلي: نعم، بالحقيقة يعني دعني أوضح أو أصحح خطأ، بعد أن توفي عبد السلام عارف عُقد اجتماع لما يُسمى بمجلس الدفاع الأعلى وانتخب عبد الرحمن البزاز القانوني الدستوري الأكاديمي المعروف في العراق، رجل قانون ورجل طبعاً معروف بميوله الصادقة لتبني النهج الديمقراطي، إنما انتخب.. انتخب في هذا الاجتماع، ولكن عدد من الضباط اللي كانوا مجتمعين في هذا الاجتماع رفضوا قبول هذه النتيجة وأصروا على أن يكون عبد الرحمن عارف هو الرئيس وفرضوه فرض، فأيجى إذن عارف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: قيل إن هناك عملوا دورة أخرى يعني عملوا اقتراع مرة أخرى صعد من خلالها عبد الرحمن عارف.
صلاح عمر العلي: نعم هو هذا.. هذا الشكل، فإذن جيء بعبد الرحمن عارف بهذه الصيغة، ليكون رئيس جمهورية يعني حقيقة من الإيجابيات اللي مارسها عبد الرحمن عارف هو اعتماد عبد الرحمن البزاز كرئيس وزراء، وفعلاً بدأت الحالة السياسية المتشنجة في العراق والتوتر القائم بين أوساط كل الحركة السياسية بمجموعها في العراق بدأت تأخذ مسار آخر وبدأت الناس تسترخي، حيث أنه بدأ..
(10/415)
أحمد منصور: طالما بعيد عن البعث والشيوعيين.
صلاح عمر العلي: البعث والشيوعيين صحيح، لاشك فيه، بدأ عبد الرحمن عارف بإجراء سلسلة من الإجراءات اللي فعلاً بدأت تهدئ الأوضاع على كافة المستويات، وبدأت مرحلة من الازدهار والهدوء والطمأنينة تسود الشارع العراقي، وحقيقة مقاهي بغداد شهدت نشاط شبه علني بين أوساط الحركة السياسية العراقية في ظل وزارة عبد الرحمن البزاز.
أحمد منصور: أبزر القوى أيه اللي ظهرت سياسياً؟
صلاح عمر العلي: هي نفس القوى، ذات القوى، القوميين والشيوعيين والبعثيين وحركات صغيرة أخرى.
أحمد منصور: ساهمت بشكل أساسي في انقلاب 17/30 تموز، في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذا الانقلاب ووصول البعث للسلطة، أشكرك شكراً جزيلاً.
صلاح عمر العلي: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو القيادة القُطْرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، وعضو مجلس قيادة الثورة).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/416)
الحلقة3(10/417)
الأربعاء 20/3/1424هـ الموافق 21/5/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
1/6/2003
- وضع حزب البعث بالعراق قبيل تنفيذ انقلاب 1968
- المؤتمر القومي السادس وخلافات البعثيين العراقيين مع البعثيين السوريين
- ترتيبات حزب البعث في العراق للإطاحة بعبد الرحمن عارف
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة، وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.
صلاح عمر العلي: مرحبا.
أحمد منصور: في الثالث عشر من إبريل عام 1966 قُتل عبد السلام عارف في حادث طائرة لازالت علامات الاستفهام تحيط به حتى الآن، في السابع عشر من إبريل أُعلن عبد الرحمن عارف شقيقه رئيساً للعراق، وفي 17 تموز 1968 قام البعث بانقلاب ضد عبد الرحمن عارف، أُعيد تشكيل حزب البعث في العراق قبل ذلك في العام 65، وكنت عضو قيادة قُطرية فيه، كيف بدأ الترتيب للإطاحة بحكم عبد الرحمن عارف؟
وضع حزب البعث بالعراق قبيل تنفيذ انقلاب 1968
(10/418)
صلاح عمر العلي: ذكرت لك فيما سبق من الحلقات بأنه حزب البعث في الحقيقة صار من بعد تلقيه ضربة على يد عبد السلام عارف عام 63 ولغاية الـ68 لم يتوقف عن محاولاته المستمرة للإطاحة بالنظام القائم، وربما يكون من المفيد أن أذكر أنه في شهر.. في الشهر التاسع من عام 64 جرت محاولة، وكان هناك التخطيط للقيام بانقلاب ضد عبد السلام عارف، بمعنى أن كانت الفترة الزمنية قصيرة جداً لا تتعدى حدود بضعة أشهر من قيام عبد السلام عارف بالإطاحة بتجربة الحزب، ولكن كُشفت هذه المحاولة، ثم زُج بعدد كبير جداً من البعثيين في السجون، وتوجَّه وتلقَّى الحزب ضربة قوية جداً إلا أن ذلك لم يمنع الحزب من استعادة قوته بالشارع وداخل صفوف الجيش واستمر في التخطيط للإطاحة بالنظام، وهكذا إلى أن وصلنا إلى عام 68. في الحقيقة الفترة اللي حكم فيها الرئيس عبد الرحمن عارف شهدت شيئاً من الانفتاح الكبير، وفي الواقع كانت هناك شبه هدنة غير معلنة أو غير رسمية بين القوة السياسية وبين النظام، بحيث لم تشهد الحركة السياسية بكل أطرافها وأطيافها السياسية أي يعني ملاحقة أو مطاردة أو قسوة، أو مضايقة.
على الصعيد السياسي، أو على صعيد الحركات السياسية بدأت مرحلة من السباق المحموم على الوثوب إلى السلطة واستلام السلطة.
أحمد منصور: أصبحت غاية لدى كل حزب.
صلاح عمر العلي: يعني هو الحقيقة..
أحمد منصور: بغض النظر عن الاستقرار السياسي أو الانفتاح أو الامتيازات التي يمكن أن يحصل عليها الأحزاب أو يعيشوا في ظلها مثل حكومة عبد الرحمن عارف..
(10/419)
صلاح عمر العلي: لأ هو.. نعم، هو في الحقيقة ربما يعني إذا سمحت لي أن أوضح وجهة النظر ربما يعني تتضح الأسباب، أولاً: العراق من الساحات التي كانت تشهد صراعات إقليمية ودولية، ساحة مهمة جدً للغاية، وكان هناك أيضاً مثل ما ذكرت صراع إقليمي ودولي على هذه الساحة، وحزب البعث طبعاً وجد نفسه في قلب هذه دائرة الصراعات، وكون الحكم القائم آنذاك رغم أنه كان فعلاً يعني متسامح ويعني لم تشهد الحركات السياسية أي مضايقة، إلا أن الحكم القائم آنذاك كان ضعيف جداً، لا يملك قاعدة شعبية، وليس فيه ضمانات للاستمرار، هذا الواقع دفع بكل حركة سياسية على حدة للنشاط غير الاعتيادي من أجل الإطاحة بالنظام واستلام السلطة ليس كغاية، بل من أجل ضمان مستقبل هذه الحركة ومن أجل توفير الظرف المناسب لتطبيق الأفكار والشعارات اللي تنادي بها هذه الحركة، فبالتالي إذن الحركات السياسية كانت تسعى من أجل.. خصوصاً أن هذه الحركات السياسية خاضت صراعات دموية منذ عام 58 لغاية 68، وكل الحركات السياسية شهدت هذه الصراعات، فإذن الحساسية القائمة بين الأحزاب السياسية كانت عالية جداً، كما أن بعض الحركات السياسية لها ارتباطات في الخارج، ولها..
أحمد منصور: مثل؟
صلاح عمر العلي: يعني لو أخذنا على سبيل المثال الحركات الناصرية، مثال على ذلك كانت طبعاً موجَّهة بشكل مباشر من قِبَل يعني القيادة المصرية، الحزب الشيوعي العراقي بحكم يعني كونه جزء من الحركة الأممية العالمية، ومركز الحركة هذه في.. في الاتحاد السوفيتي في موسكو، بطبيعة الحال كان أيضاً يخضع بدرجة أو بأخرى لمثل هذه الضغوط، وهذا..
أحمد منصور: وأنتم براءة؟!
صلاح عمر العلي: بالحقيقة أنا أستطيع أقول لك أنه حزب البعث كان من بين هذه الحركات اللي نستطيع أن نطلق عليه الحزب اليتيم، يعني..
أحمد منصور: كيف يتيم؟
صلاح عمر العلي: يتيم أنه ليس له..
أحمد منصور: وأميركا ألم تكن ترعاه؟
(10/420)
صلاح عمر العلي: لم يكن له مثل هذا الارتباط، أنا أتحدث عن ما عشته، وما شوفته، وما لمسته، أنا..
أحمد منصور: ليس بالضرورة أن تكون أنت على علاقة بترتيب هذه الأمور.
صلاح عمر العلي: أنا عضو قيادة.. أنا عضو قيادة، إذا كان هناك ارتباطات، فهي ارتباطات فردية، ليس لها علاقة بالقيادة كقيادة.
أحمد منصور: ارتباطات فردية لبعض القيادات يمكن أن يكون لها تأثير في توجيه الخط الخاص بالحزب.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، لكن أنا أتحدث عن الدور وعن الدور، يعني اللي كنت أمارسه كعضو قيادة، عن سياسة القيادة، عن القرارات التي كانت تتخذها القيادة بمعزل عن أي ضغط، لكن إذا كان هناك شخص ما في القيادة أو خارج القيادة كان له ارتباطات، فهذا موضوع الحقيقة أنا لا... فيه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أما تعتقد أن معظم الارتباطات تتم بهذه الطريقة، ليس بالضرورة أن يكون هناك اتفاق، أو إن ارتباط جماعي، وإنما بيكون ارتباط فردي؟
صلاح عمر العلي: ربما يكون ذلك صحيح، لكن أنا الحقيقة كإنسان مطلوب من عندي أن أكون شاهد على هذه المرحلة لا أستطيع أن أُزَوِّر هذه الحقائق حتى وإن كان بيني وبين القيادة فيما بعد..
أحمد منصور: وكيف كانت علاقتكم في حزب البعث في سوريا؟
صلاح عمر العلي: في الواقع علاقتنا مع الحزب في سوريا تأتي من خلال المؤتمرات القومية اللي بتعقد أولاً، والانتخابات العامة للقيادة القومية، فطبعاً هذه هي العلاقة، يعني لا تتم من خلال يعني الاتصالات المباشرة، باعتبار أننا قيادة قومية هي اللي يعني تقود الفروع في الأقطار العربية اللي فيها تنظيم للحزب.
أحمد منصور: أما تعتقد أن عملية الاختراق تمت أو ممكن أن تتم من قبل القيادة القومية؟
صلاح عمر العلي: ماذا تعني بالاختراق؟
أحمد منصور: أنت قلت أن الآخرين لهم ارتباطات بموسكو وبعبد الناصر.
(10/421)
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة يعني أستطيع أن أقول لك يعني أنه حزب البعث من وجهة نظري كان هو ما يطلق عليه بالحزب اليتيم لغاية ذلك الوقت، لأنه لم تكن هناك في..
أحمد منصور: ما كانش فيه أيتام في هذه المرحلة.
صلاح عمر العلي: أنا..
أحمد منصور: لا مكان للأيتام على مائدة...
صلاح عمر العلي: لو سمحت لي أنا التجربة التي عشتها آنذاك كانت تؤكد بمفردات كثيرة أن هذا الحزب فعلاً ليس له ارتباطات، وليس له مصادر تمويل، ولم يرتبط بجهة معينة، بحيث كان يلاقي من.. من الضغوط الشديدة جداً من قبل أطراف عديدة..
أحمد منصور: الكل كان..
صلاح عمر العلي: وكان يعيش ببساطة متناهية جداً، وأستطيع أؤكد لك أنه عدد كبير من.. عدد من قيادات الحزب أو من أعضاء القيادة كانوا يعيشوا دون الكفاف، وكنا كثيراً ما كنا نعاني من هذه المشكلات..
أحمد منصور: اضرب لي أمثلة..
صلاح عمر العلي: يعني خلي أضرب لك مثال التالي، طه الجزراوي..
أحمد منصور: طه ياسين رمضان.
صلاح عمر العلي: طه ياسين رمضان الذي أصبح أكبر طاغوت في.. في.. في العراق بعد صدام حسين كنا اشترينا له بالكاد استطعنا أن نشتري ماكينة خياطة لكي تستعملها زوجته حتى يقدر يديم حياته.
أحمد منصور: سنة كام هذا؟
صلاح عمر العلي: هذه كانت بالـ 66 إلى 67 و 68، وهكذا، فكنا يعني فعلاً وبدون أي مبالغات كنا نعيش حالة بسيطة جداً، وكنا نعيش على الكفاف، ولم نكن قادرين حتى على شراء طابعة للحزب، فإذن لو كنا..
أحمد منصور: بعد ذلك عشتم في القصور، وأكل الناس التراب.
صلاح عمر العلي: لا شك في هذا، هذا طبعاً حصل بعد 72 بعد تأميم البترول، وبعد أن أصبحت ثروة العراق ثروة طائلة كبيرة جداً، وطبعاً بفضل السياسة التبديلية اللي اتبعها..
أحمد منصور: كل الثوريين على فكرة كانوا يعيشون هذه العيشة التي تذكرها، وبعد ما وصلوا إلى السلطة تبدلت الأمور.
(10/422)
صلاح عمر العلي: والله أنا ما أستطيع أوافقك على.. على هذا الإطلاق، يعني لو أخذنا.
أحمد منصور: أقصد الثوريين في العالم العربي.
صلاح عمر العلي: في العربي.. في العالم العربي حتى في العالم العربي عدد يعني غير قليل من الثوريين أيضاً تمسكوا بالمبادئ وبأخلاقهم، وكانوا أوفياء مع أفكارهم ومع مبادئهم، ولم يعني يخرجوا عن هذا النمط من العيش.
المؤتمر القومي السادس وخلافات البعثيين العراقيين مع البعثيين السوريين
أحمد منصور: لا جدال في هذا، تعود لعلاقتكم بحزب البعث في سوريا.
صلاح عمر العلي: الواقع كما ذكرت لك يعني بالـ 65 عُقد مؤتمر قومي للحزب، وكنا آنذاك في العراق أيضاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هذا المؤتمر القومي السادس.
صلاح عمر العلي: المؤتمر القومي السادس، كنا آنذاك يعني في مرحلة إعادة بناء الحزب بعد أن تلقى ضربة قاسية على يد عبد السلام عارف، ولم نتمكن حتى من استكمال تنظيمات الحزب، فجاءتنا رسالة من القيادة القومية تقول بضرورة وأهمية حضور وفد، حتى وإن لم يكن هناك انتخاب أو مؤتمر قُطري، لأن عدم حضور ممثلين عن العراق وغياب ممثلين عن العراق سـ.. سيعني يصاب أعضاء المؤتمر بصدمة كبيرة جداً حيث أن للحزب دور مهم جداً في.. في النشاط القومي للحزب، فاضطرينا لتشكيل وفد وسافرنا إلى سوريا وحضرنا الجلسة الأولى للمؤتمر.
أحمد منصور: حضرت أنت؟
صلاح عمر العلي: أنا كنت أحد أعضاء الوفد..
أحمد منصور: مين آخر كان معك؟
(10/423)
صلاح عمر العلي: كان المرحوم عبد الله سلوم السامرائي وكان شكري الحديثي، وكان سعاد أديب، وكان موفق عسكر، وكان طارق عزيز، وكان كريم شنتاف ها.. هؤلاء اللي.. اللي أذكرهم حقيقة الآن، ففي الجلسة الأولى للمؤتمر.. في الجلسة الافتتاحية سرعان ما اكتشفنا بأن هناك تكتلين أو تيارين أو اتجاهين في المؤتمر القومي، وخصوصاً كان يتجسد في التنظيم السوري، حيث أن هناك تيار بـ.. يعني.. بقيادة ميشيل عفلق، وتيار آخر كان رموزه ويعني أعضاؤه البارزين هم المرحوم الدكتور نور الدين الأتاسي وصلاح جديد والمرحوم الرئيس حافظ الأسد ويوسف زعين وإبراهيم مقوس وإلى آخره.
أحمد منصور: الذين حكموا بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم، فـ.. في الواقع ونحن قادمين من.. من جو يعني الحزب يواجه ضربة قاسية ونواجه معاناة شديدة جداً في القُطر، وكانت آمالنا تتجه نحو التنظيم في سوريا، وكنا نطمح ونأمل في أنه التنظيم في سوريا أو الحزب في سوريا و(...) ستشكل لنا السند والداعم وممكن يُعاد الثقة في التنظيم من جديد، فعندما واجهنا هذا الواقع صُدمنا صدمة كبيرة جداً، والحقيقة كنا نتمنى لو لم نشارك في هذا المؤتمر.
أحمد منصور: أيه نقاط الخلاف الأساسية بين التيارين؟
صلاح عمر العلي: في الواقع الخلافات كثيرة، لكن كانت توصف بأنها خلافات بين الاتجاه القومي والاتجاه القطري، لذلك كان الخط اللي يمثله ميشيل عفلق كان يطلق عليه الاتجاه القومي، وكان الاتجاه الآخر يطلق عليه الاتجاه القطري، لكن في حقيقة الأمر وبعد مُضي سنوات على.. على هذا الحدث اكتشفنا أنه كلا التقسيمين لم تكن دقيقة وكانت هي عبارة عن اجتهادات خاصة بكلا الفريقين.
أحمد منصور: هل أثر ذلك عليكم في العراق؟
(10/424)
صلاح عمر العلي: في الواقع أثر علينا تأثير كبير جداً، خصوصاً أن الإخوة الذين. طبعاً بعد هذا المؤتمر بفترة حدثت حركة سميت بحركة 23 شباط حركة عسكرية للإطاحة بالقيادة القومية وطبعا بعد أن استلم الرفاق السوريين السلطة في سوريا..
أحمد منصور: 23 شباط 66.
صلاح عمر العلي: 66 نعم، وتحولوا إلى دولة فطبيعة الحال الدولة لها التزاماتها وعليها شروط ومن بين هذه الالتزامات هو أن تكون لها علاقات وطيدة مع الأنظمة العربية، فسرعان ما.. يعني الإخوة في سوريا أعادوا العلاقات مع العراق في ظل السلطة المعادية عندنا سلطة عبد السلام عارف، وطاهر يحي وكان رئيس وزراء، وكان الحقيقة واخد منا موقف شديد جداً، فطبعاً بحكم العلاقات القومية، وبحكم عديد من الشروط صارت علاقة بين سوريا وبين.. بين العراق وإحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وأنتم تتعرضون من الحكومة العراقية..
صلاح عمر العلي: وبما أنه..
أحمد منصور: للمطاردة والاضطهاد.
صلاح عمر العلي: بما أنه اتخذنا إحنا موقف سلبي إزاء التنظيم في سوريا، فأصبح كلا النظامين في سوريا وفي العراق تقريباً ضدنا، فأصبحنا حقيقة نعاني من ضغوط شديدة جداً، طبيعة الحال الإخوة في سوريا رفعوا شعارات منذ بدء استلام السلطة شعارات ثورية وطرحوا شعار حرب التحرير الشعبية وكانت هذه الشعارات هي شعارات المرحلة آنذاك، وكانت تستهوي الشباب، وتستهوي الكثير من العقول، فبالتالي هذه الشعارات انتقلت إلى صفوف الحزب في العراق، وبدأت تنمو بالتدريج، فبدأ.. بدأت القيادة تلمس تأثير الشعارات المطروحة في الساحة السورية على رفاقنا في العراق، وجدت القيادة القطرية أن الحل الأسلم لمعالجة هذه الظاهرة هو الدعوة إلى عقد مؤتمر قطري..
أحمد منصور: في العراق.
صلاح عمر العلي: في العراق، وعقدنا مؤتمر قطري سري، وناقشنا هذه الظاهرة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كم تذكر؟
(10/425)
صلاح عمر العلي: الحقيقة انعقد يعني بـ 66 نفسها فالمؤتمر القطري الذي عُقد ناقش هذه الظاهرة، وبحثنا الأمر ملياً وبالتفصيل ثم اتخذ قرار بتشكيل لجنة، اختيار لجنة من داخل المؤتمر، وتكلف بالسفر إلى سوريا، بهدف الاطلاع عن قرب على هوية الانقلابين وتوجههم السياسي وحقيقة التزامهم بخط الحزب القومي أو عدم التزامهم، وبعد ذلك تعود اللجنة ثم يعود المؤتمر القطري للانعقاد، فيُتلى التقرير على القيادة.. على المؤتمر، ولكل حادث يصبح له حديث، وهكذا حصل، فانتخبت اللجنة وسافرت إلى سوريا..
أحمد منصور: من.. كان؟
صلاح عمر العلي: والحقيقة كان من أبرز أعضائها هو المرحوم الدكتور عبد الله السامرائي وصلاح عمر العلي..
أحمد منصور: كنت أنت..
صلاح عمر العلي: نعم، كنت أنا..
أحمد منصور: عضواً أم رئيساً أم..؟
صلاح عمر العلي: الحقيقة كان أشبه ما أكون بالرئيس، ما كانت أكو رئاسة، لكن بما أن التيارين في داخل المؤتمر رشحوني واختاروني وأكدوا على ضرورة أن أكون أنا في اللجنة، فكان كل أطراف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كانت أيضاً نقدر.. نستطيع أن نقول أنه في 66 أيضاً بدأ يحدث شكل من أشكال الفرز للتيار القومي والقطري، حتى في العراق؟
صلاح عمر العلي: نعم، هذا صحيح.. نعم، فسافرنا إلى سوريا..
أحمد منصور: أنت كنت تنتمي إلى أيهما؟
صلاح عمر العلي: أنا كنت أنتمي للخط القومي في الحزب، وبقيت على هذا الخط، فبالنتيجة سافرنا إلى سوريا، والتقينا مع رفاقنا في دمشق، قادة الانقلاب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: التقيتم مع من؟
صلاح عمر العلي: بالحقيقة إحنا بعد ما.. بعد ما وصلنا دمشق، اتصلنا في القيادة القومية عبر التليفون..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كان لازال عفلق هنا؟
(10/426)
صلاح عمر العلي: لأ كان مختفي ومحكوم بالإعدام.. فتلفنَّا إلى القيادة القومية، وحكينا معهم وأبلغناهم بأنه إحنا قادمين من العراق بهذا الهدف، وحابين نلتقي مع رفاقنا في القيادة، فأبلغونا باستعدادهم للقاء الساعة الثامنة مساء، وهكذا حضرنا إلى مبنى القيادة القومية، ودخلنا إلى قاعة الاجتماع، وكان طبعاً قائد يعني أمين سر القيادة القطرية آنذاك هو صلاح جديد، فصلاح جديد عندما دخلنا إلى قاعة الاجتماع، طلب من عندنا أن نردد شعار الحزب، لكي نعقد جلسة رسمية، وطبعاً الجلسات الرسمية لها طقوس خاصة في حزب البعث، حيث يقف المسؤول ويردد العبارة التالية يقول: أمة عربية واحدة والباقين يرددوا بالقول: ذات رسالة خالدة، وعند ذاك تبدأ الجلسة الرسمية فطلب من عندنا أن نعقد جلسة رسمية فطلب قال: اتفضلوا يا رفاق نعقد جلسة رسمية، فأنا الحقيقة ابتسمت ما رددنا إحنا الشعار، قال سأل ليش تبتسم؟ قلت له إحنا جايين من بغداد أصلاً من أجل أن نتأكد فيما إذا أنتم بعثيين أو غير بعثيين، وبالتالي إذا رددنا الشعار وعُقِدت جلسة رسمية، معناها كل مهمتنا هذه الشاقة اللي كلفتنا وقت ومخاوف وطريق طويل..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهم كانوا في السلطة وعلى علاقة بالحكومة العراقية؟
صلاح عمر العلي: نعم، ونحنا يعني مغامرة عبرنا الحدود بمغامرة حتى نيجي لهنا لنتأكد من طبيعة الاتجاه اللي تقودوه طيب إذا إحنا رددنا الشعار، معناها مهمتنا انتهت، إذن إحنا أصبحنا يعني بدون مهمة، جايين للنزهة أو للسياحة، فدخلنا في جدل طويل وأنا أصريت، والمرحوم صلاح جديد أصر على هذا الأمر، وبالنتيجة لم نتفق ولم يُقعد اجتماع، وانتهت المناقشة بتأجيل اللقاء إلى اليوم الثاني، ففي اليوم الثاني عادوا نفس الموضوع أعاده السيد صلاح جديد علينا وحاول بكل الطرق أن يقنعنا، وامتنعنا الحقيقة، لأنه لا نملك الحق في أن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم تكونوا تخافوا؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
(10/427)
أحمد منصور: ألم يكن لديكم خشية؟
صلاح عمر العلي: مِن.. مِن ماذا؟
أحمد منصور: يعتقلوكم ويسلموكم للحكومة العراقية.
صلاح عمر العلي: لأ. حقيقة هذا أمر ربما يكون من المفيد أن تسألني هذا السؤال وأجاوبك عليه بصراحة لم يتسرب إلى شعورنا أي مخاوف لأنه جو الحزب آنذاك، لغاية تلك السنوات لم تكن هناك فيه ظاهرة التصفيات والقتول أو الانتقام أو.. أبداً، ولهذا السبب..
أحمد منصور: كان فيه عفلق محكوم عليه بالإعدام ومختفي..
صلاح عمر العلي: هذا أمر مختلف..
أحمد منصور: وهو كان أمين عام..
صلاح عمر العلي: هذا أمر مختلف، لكن في أجواء.. يعني حتى في.. في عام 63 بالعراق، رغم كل الصراعات اللي احتدمت داخل التنظيم، لكن ما جرت عملية يعني اغتيال أو اعتقال أو انتقام أو..
أحمد منصور: يعني لم يكن هناك غنائم بعد؟
صلاح عمر العلي: لأ. بعد، لغاية الآن لم تظهر.. أولم.. لم تنكشف ظاهرة الغنائم فالمهم بعد أن..
أحمد منصور: من الذي كان مع صلاح جديد في الطرف الآخر؟
صلاح عمر العلي: بالواقع كان المرحوم الأتاسي رئيس الجمهورية.. يوسف زعين..
أحمد منصور: نور الدين أتاسي..
صلاح عمر العلي: إبراهيم ماخوص، كل أعضاء القيادة القطرية، ورغم إصرارهم إحنا رفضنا هذا الأمر، وبالتالي السيد صلاح جديد عندما شاف إصرارنا على الرفض، قال طيب إخوان إحنا لازم ما نحرج رفاقنا القادمين من العراق، ويبدو أن مهمتهم حساسة مهمة جداً للغاية، وبالتالي بلا هذا الاجتماع الرسمي، إذن ليكن لقاءً، وبدأنا نتحدث معهم ونتساءل ونسأل ونستكشف التوجه لدى القيادة وشعاراتها وحقيقة شعاراتها، والتزامها بالخط القومي، وبالقضايا القومية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وفي الخلاصة..
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: في النهاية.
صلاح عمر العلي: في النهاية في الواقع إحنا رجعنا إلى العراق، وقدمنا تقريرنا..
أحمد منصور: ما الذي حملتموه في تقريركم؟
(10/428)
صلاح عمر العلي: الحقيقة كانت خلاصة التقرير اللي قدمناه للمؤتمر القُطري، أن.. أن القيادة الجديدة في سوريا ربما تكون ثورية ربما تكون يسارية، ربما تكون ماركسية ربما تكون وطنية سورية، إلا أنها قيادة بعثيه على النمط اللي إحنا نفهمه، هذا غير مقتنعين فيه..
أحمد منصور: يعني هنا بدأ عملية الانفصام بين..
صلاح عمر العلي: نعم، هذا.. هذا خلاصة التقرير حقيقة، هو تقرير..
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول أن هذه بداية الانشقاق أو الاختلاف بين البعث في سوريا والبعث في العراق؟
صلاح عمر العلي: لأ، هو بالحقيقة بذور الانشقاق حصلت منذ أن حصل الانقلاب الانقلاب طبعاً بحد ذاته هو أصلاً يعني كظاهرة استثنائية في تاريخ الحزب يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سبقه.. سبق الانقلاب وإحنا ناقشناها مع بعض الشهود السوريين، سبق الانقلاب عملية صراع داخلي أصلاً داخل الحزب.
صلاح عمر العلي: نعم هذا صحيح.
أحمد منصور: في سوريا انتهت بـ 23 شباط 66.. وأنتم اعتبرتموهم خارجين على مبادئ البعث، وهم اعتبروكم خارجين على مبادئ البعث وحدث هنا قيادة قومية وهنا قيادة قومية، وهنا قيادة قُطرية وهنا قيادة قُطرية، أليس كذلك؟
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.
أحمد منصور: تذكر تاريخ اجتماعكم هذا بالضبط؟
صلاح عمر العلي: لا والله، أنا الحقيقة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن في سنة 66
صلاح عمر العلي: أنا.. يعني أنا ذاكرتي بالحقيقة في الأرقام، في التواريخ ضعيفة، أما ما عدا ذلك، والحمد لله..
أحمد منصور: كان 66؟
صلاح عمر العلي: كل.. كل المعلومات أستطيع أن أؤكد لك إياها بشكل واضح ودقيق..
أحمد منصور: على اعتبار أن الانقلاب وقع في 23 شباط - فبراير 66، كان في 66 في نفس السنة التي وقع فيها الانقلاب.
صلاح عمر العلي: ماذا؟
أحمد منصور: هذا الاجتماع الذي حضرتم فيه هنا إلى سوريا.
صلاح عمر العلي: أيه طبعاً. طبعاً.
(10/429)
أحمد منصور: بعد الانقلاب بشهرين بثلاثة..
صلاح عمر العلي: لا أكثر.. لا لا، أخذ.. يعني تقريباً 5، 6 أشهر.
أحمد منصور: بعد ذلك حدث نوع من عدم الاتفاق أو عدم الالتقاء بينكم وبينهم.
صلاح عمر العلي: عدم.. إحنا.. الواقع أثناء وجودنا في سوريا لم نفصح عن موقفنا.
أحمد منصور: حينما قمتم بانقلاب 17- 30 تموز لم يكن هناك أي دعم من سوريا لكم في هذا الانقلاب؟
صلاح عمر العلي: لا، بطبيعة الحال كنا مفترقين، كانت الخصومات بيناتنا شديدة..
ترتيبات حزب البعث في العراق للإطاحة بعبد الرحمن عارف
أحمد منصور: كيف بدأتم الترتيب للإطاحة بعبد الرحمن عارف؟
صلاح عمر العلي: سيدي كما ذكرت لك إحنا طبعاً كنا باستمرار نسعى لاسترداد السلطة كما.. كما نتحدث عنه، ومن أجل الإطاحة في النظام بدأنا نكرس مجموعة من الأنشطة على الصعيدين العسكري والمدني، مدنياً: طبعاً إحنا يعني بدأنا نهيئ عدد من رفاقنا ذوي الخبرات العسكرية أو ممن مارسوا دور في 63، عام 63. وعلى الصعيد العسكري بطبيعة الحال بدأنا.. عندنا إحنا تنظيم عسكري، مكتب عسكري وتنظيم عسكري، وعدد كبير من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من الذي كان مسؤولاً عنه؟
صلاح عمر العلي: كان مسؤول عنا أحمد حسن بكر رئيس الجمهورية اللي أصبح رئيس..
أحمد منصور: وكان هو الأمين العام القطري أيضاً.
صلاح عمر العلي: وهو الأمين العام القطري نعم.
أحمد منصور: وأنت كنت عضو قيادة قطرية.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: وماذا كانت مسؤولياتك.
صلاح عمر العلي: كانت.. كان عندنا فرعين للحزب، فرغ بغداد، وفرع ما يسمى بالأطراف اللي هو يشمل..
أحمد منصور: باقي المحافظات.
صلاح عمر العلي: كافة المحافظات، فأنا كنت مسؤول المحافظات خارج بغداد..
أحمد منصور: مسؤول التنظيم في كل المحافظات.
صلاح عمر العلي: مسؤول تنظيم الحزب في المحافظات باستثناء مدينة بغداد.
(10/430)
أحمد منصور: من أعضاء القيادة القُطرية الآخرين ومسؤولياتهم؟
صلاح عمر العلي: عبد الخالق السامرائي كان مسؤول فرع بغداد، كان عبد الله سلوم مسؤول المكتب الثقافي الدكتور عبد الله سلوم السامرائي وكان صدام حسين مسؤول عن المكتب الفلاحي، وهو أقل وأبسط وأصغر تنظيم عندنا في الحزب، وهو تنظيم شكلي حقيقة، وكان عندنا الدكتور عزت مصطفى مسؤول المكتب المهني وكان عندنا طه الجزراوي.. طه ياسين رمضان كان يساعد أحمد حسن البكر في جزء من التنظيمات.. التنظيمات العسكرية يعني عندنا التنظيم..
أحمد منصور: كان عمله أيه طه ياسين؟ كان متفرغ للحزب؟
صلاح عمر العلي: نعم كان متفرغ.
أحمد منصور: ما هو تعليمه؟ ما هي ثقافته؟
صلاح عمر العلي: هو بالحقيقة تعليمه يعني مو أكثر من ثانوية، خريج مدرسة ثانوية، وكان يشغل وظيفة نائب ضابط في الجيش.
أحمد منصور: يعني صف ضابط.
صلاح عمر العلي: نائب ضابط احتياط.. يعني كان أكو بعض المدنيين خريجي الكليات أو خريجي الثانويات يأخذوهم..
أحمد منصور: مساعدين ضباط.
صلاح عمر العلي: بشكل مؤقت، فهو كان نائب ضابط احتياط.
أحمد منصور: في معظم الجيوش العربية موجودة.
صلاح عمر العلي: نعم، نعم..
أحمد منصور: هل قواتكم قبيل الانقلاب كانت تسمح للقيام بانقلاب؟
صلاح عمر العلي: هو بالحقيقة يعني نعم كانت تسمح، لأنه أولاً النظام ضعيف هذا.. هذا يجب أن نفهمه، النظام كان ضعيف جداً ولا يملك قاعدة شعبية، وكانت حتى رصيد بالجيش رصيد محدود بحدود مدينة بغداد، حيث أن عبد السلام عارف كدس عدد كبير من الجنود والضباط من عشيرته كدسهم في القصر الجمهوري في الوحدات المحيطة ببغداد، وكان هذا الوضع توارثه الرئيس عبد الرحمن عارف، ما عدا هذا الأمر لا يملك عبد الرحمن عارف رصيد حقيقي وكبير في الوحدات العسكرية سواءً كانت خارج بغداد أو حتى داخل بغداد.
أحمد منصور: كيف كان وضع الشيوعيين آنذاك؟
(10/431)
صلاح عمر العلي: الشيوعيين كانوا أيضاً يعانون من انقسام شديد جداً بين.. بين قيادتين قيادة اللجنة المركزية والقيادة المركزية والقيادة..
أحمد منصور: عزيز الحاج و..
صلاح عمر العلي: نعم، عزيز الحاج يقود القيادة المركزية وبصراحة أنه القيادة المركزية كانت أصبحت تضايق اللجنة المركزية في أيضاً بطروحاتها الثورية وبشعاراتها الثورية وبسياستها المتميزة بدأت تضايق اللجنة المركزية، فأصبحت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تعاني ما تعاني من.. من.. من مشاكل تنظيمية.
أحمد منصور: كيف كان وضع القوميين؟
صلاح عمر العلي: القوميين نفس الشيء، أيضاً تشرذموا على عدد كبير جداً من الحركات السياسية، حركات صغيرة صغيرة أيضاً نفس الشيء.
أحمد منصور: ماذا.. يعني كيف اخترتم تاريخ 17 تموز؟
صلاح عمر العلي: في الواقع كنا بالبدء.. كنا ناويين أن نقوم بالحركة يوم 14 تموز باعتبار يعني الثورة الأولى كانت يوم 14 تموز، لكن اكتشفنا بعض النواقص لم نستكملها، الأمر اللي دعانا لتأجيلها إلى يوم 17 تموز، فيوم 17 تموز طبعاً حدث التغيير.
أحمد منصور: هل صحيح أن يعني قضية الانقلاب على السلطة هي جزء أساسي ومنهجي في فكر البعثيين وفي فكر الحزب؟ كما جاء في الأدبيات التي كتبها عفلق؟
صلاح عمر العلي: هو.. هو في الحقيقة يعني هذه ليست مسألة مختصة بحزب البعث، كل الحركات الثورية في العالم تعتبر الوصول إلى السلطة هو هدف مهم جداً لغاية تحقيق أهدافها.
أحمد منصور: هل تعتقد الانقلابات العسكرية تعتبر هي الوسيلة أو الهدف الذي يمكن من خلاله..؟
صلاح عمر العلي: الآن.. الآن؟
أحمد منصور: برؤيتك الآن.
(10/432)
صلاح عمر العلي: بهذه التجربة اللي اكتسبتها وخصوصاً بعد أن عشت حوالي قرابة 30 سنة في الخارج أنا بالحقيقة يعني اكتشفت بوضوح تام غير قابل أصلاً للمراجعة بأن الـ.. يعني العمل ما يُسمَّى بالعمل الثوري سواء كانت ثورة أو انقلاب عسكري أو مدني لا تؤدي إطلاقاً إلا إلى مزيد من العنف ومزيد من الاضطرابات ومزيد من الخسائر، ولا تحقق أي شيء للشعب، العمل الصحيح هو بالمقاومة السياسية، بالعمل السياسي، بالشعارات السياسية، بمعنى أنه تطالب السلطات، تضغط على السلطات، تُحشِّد الجماهير، تحشد الشعب من أجل يعني جر السلطة لمزيد من التنازل أمام شعبها، أما العمل الثوري في الحقيقة أنا بعد هذه التجربة الطويلة اللي عشتها في الخارج، وبعد أن مُنحت فرصة حقيقية للمراجعة وللمراقبة وللقراءة ولدراسة التجارب الثورية، أنا الحقيقة الآن أستطيع أقول لك -بلا تردد- أن العمل الثوري بالمجمل لا يحقق أي خدمة لصالح الشعب.
أحمد منصور: ولم يحقق.
صلاح عمر العلي: ولم يحقق..
أحمد منصور: أما تعتقد أنه مدعاة أيضاً للتدخلات الخارجية ومحاولات الاستقطاب؟
صلاح عمر العلي: كذلك..
أحمد منصور: معنى ذلك أنه كان على الأقل هناك عملية اختراق بشكل ما لكم في تحركاتكم؟
صلاح عمر العلي: أنا سوف لن أزيد على ما ذكرت لك إياه في.. في.. فيما سبق، لكن طبعاً أنا لا أستطيع أن أُزكِّي ولا من واجبي أن أزكي أي شخص ولا أن أدافع عن أي شخص، طبعاً بعد أن استلمنا السلطة بدأت بعض الظواهر الملفتة للنظر نكتشفها تدريجياً شيئاً فشيئاً.
أحمد منصور: اضرب لي أمثلة.
(10/433)
صلاح عمر العلي: أمثلة: بعد أن استلمنا السلطة بأشهر عقدنا مؤتمر قطري للحزب في بغداد، بطبيعة الحال -كما يذكر- الجميع أن.. أن هزيمة 67.. الهزيمة القومية اللي حصلت بالحرب دفعت ببعض الأنظمة العربية لبعض الإجراءات منها مقاطعة أميركا، فنظام عبد الرحمن عارف اللي ثُرنا عليه قطع العلاقات الدبلوماسية مع أميركا، وكان هذا الإجراء يعتبر يعني يتجاوب مع مشاعر المواطنين العرب عموماً، في المؤتمر القطري الذي عُقد في بغداد وهذه أقولها لأول مرة فوجئنا بطرح محور -إذا جاز لنا التسمية- محور صدام البكر بفكرة عودة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية.
أحمد منصور: طرحه صدام وأحمد حسن البكر.
صلاح عمر العلي: طرحوا هذا المحور، وحقيقة هذا الطرح لقى رفض شديد جداً لدى كافة أعضاء المؤتمر القطري، وبالرغم من محاولتهم أن يقنعونا بجدوى عودة العلاقات، لكننا رفضنا هذه المسألة، هذه الحقيقة شكلت أول مؤشر بالنسبة إلنا يعني سلبي، وأثارت شكوك حقيقة..
أحمد منصور: وقتها.. أثارت شكوك في حينها؟
صلاح عمر العلي: نعم..
أحمد منصور: في حينها؟
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.
أحمد منصور: نعم، يعني أقلقتكم من صدام وأحمد حسن البكر.
صلاح عمر العلي: كثيراً.. كثيراً.
أحمد منصور: تناقشت فيها مع مَنْ أنت؟
صلاح عمر العلي: لم نناقشها خارج إطار المؤتمر القطري، لكن شكلت في نفوسنا يعني فيما بيننا علامة استفهام كبيرة جداً، وبدأت الحساسية منذ عقد المؤتمر نعم.
أحمد منصور: هذا يؤكد ما ذكره حنا بطاطو نقلاً عن الرئيس عبد الرحمن عارف، الذي أعتقد أنه لازال حياً إلى الآن عبد الرحمن عارف في العراق، يقول عبد الرحمن عارف أنه يعتقد اعتقاداً جازماً أن واحداً على الأقل من الخيوط المتعلقة بانقلاب 17-30 يوليو 1968 كان في أيدٍ خارجية غير عراقية.
(10/434)
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة يعني أعيد من جديد لا أستطيع أن أنفي ولا عندي معطيات بين إيديَّ ولا في ذاكرتي ما يؤكد هذا الشيء.
أحمد منصور: الانقلاب تم على مرتين 17 يوليو ثم 30 يوليو بشكل أساسي، في 17 يوليو شارك فيه عبد الرحمن النايف (مدير الاستخبارات العسكرية) إبراهيم الداوود (رئيس الحرس الجمهوري) وسعدون غيدان (قائد كتيبة الحرس الجمهوري المسؤولة عن حراسة القصر)، كيف رتبتم هذا ثم انقلبتم وأزحتم الآخرين من السلطة؟
صلاح عمر العلي: إحنا طبعاً من أجل أن يعني نهيئ كل مستلزمات النجاح لهذا الانقلاب كنا دائماً ما نُقيمِّ الضباط، وخصوصاً المتواجدين في الوحدات العسكرية اللي داخل بغداد وحول بغداد. كل ضابط على حده نحاول أن نقيّمه ونقيّم موقفه من الحزب، قربه أو بُعده. وعندما لم تتوفر لدينا معلومات كافية نكلف أصدقاءنا من أجل أن يتابعوا هذا الضابط لكي يعرفوا حقيقة نواياه. وبهذا وعلى هذا الأساس فاتحنا سعدون غيدان اللي هو كان آمر كتيبة القصر الجمهوري فاتحناه ووافق على الانضمام إلى هذا .. مشروع التغيير ويعني أبدى استعداد للتعاون معنا.
أحمد منصور: لم يكن بعثياً.
صلاح عمر العلي: لم يكن بعثياً آنذاك إطلاقاً كذلك يعني المعلومات التي توفرت لدينا عن إبراهيم عبد الرحمن الداوود كانت مشجعة لمفاتحته.
أحمد منصور: اللي هو قائد الحرس الجمهوري.
(10/435)
صلاح عمر العلي: اللي قائد فوج الحرس الجمهوري اللي هو أكبر رتبة من سعدون غيدان، فكانت المعلومات المتوفرة لدينا.. التي توفرت لدينا تشجع على مفاتحة عبد الرحمن الداوود، وفوتح على هذا الأساس، لكن بنفس الوقت كانت تتوفر لدينا معلومات أن هذا الرجل يعني المواصفات التي قدمت أو التقييم اللي قُدِّم لنا حول السيد عبد الرحمن الداوود أنه كان شجاع للغاية، كان متدين وذو ميول عربية، ورجل يعني صادق إلى حد كبير، لكن نقطة الضعف اللي كانت دائماً تتردد على مسامعنا أنه كان يُقاد من قِبَل عبد الرزاق النايف (معاون مدير الاستخبارات العسكرية) بسهولة وبيسر شديد جداً، فكانت هذه الإشكالية حقيقة موضع تردد من عندنا نفاتحه أو ما نفاتحه، فبالنتيجة تقرر مفاتحته، وفوتح عبد الرحمن الداوود وفوتح طبعاً من قِبل أحمد حسن البكر، وأدى القسم كلاً من أحمد حسن البكر وعبد الرحمن الداوود على أنه لم يفاتح أي شخص آخر.. ها.. إطلاقاً، لكن للأسف الشديد بعد أن تم هذا اللقاء ومفاتحة عبد الرحمن الداوود راح أبلغ عبد الرزاق النايف، عبد الرزاق النايف في الحقيقة هو الضابط الوحيد من.. من.. من بين عشرات، بل مئات من الضباط اللي كنا نحمل علامة استفهام كبيرة جداً حوله، وكنا نخشاه، وكنا غير راغبين في التعاون وياه، ربما يكون أيضاً من الطريف أن أقول لك أنه شخصين فقط كنا متحفظين عليهم: هو عبد الرزاق النايف اللي كان معاون مدير الاستخبارات، وشخص آخر عضو في قيادة فرع بغداد للحزب.. لحزب البعث اللي اسمه حكمت إزبان العزاوي اللي الآن اعتقل لدى القوات الأميركية واللي كان عضو قيادة بفرع بغداد، كنا نتحفظ عليه، وكان عندنا شكوك بأنه عنده.. عنده علاقة في دائرة الأمن، ولذلك هو العضو الوحيد في قيادات الحزب الذي لم يبلغ يوم 17 تموز بالثورة.
أحمد منصور: وكان عضو قيادة قُطرية؟
صلاح عمر العلي: كان عضو فرع.
أحمد منصور: عضو فرع.
(10/436)
صلاح عمر العلي: عضو قيادة فرع ببغداد، عندنا شكوك ما عندنا معلومات أكيدة، لكن كان عندنا شك ولذلك ما أُبلغ.
أحمد منصور: كان لديكم معلومات أن عبد الرزاق النايف وربما معه عبد الرحمن الداوود وغيدان لهم تنظيم يُسمى "الثوريون العرب" وكانوا يسعون أيضاً للقيام بانقلاب؟
صلاح عمر العلي: لأ، الحقيقة منظمة "الثوريين العرب" ليس لعبد الرحمن الداوود أي دور فيها، كانت هي منظمة وهمية، أنشأها عبد الرزاق النايف، كانت الغاية الأساسية من عندها هي محاولة الاندساس بين الحركات السياسية العراقية واستكشاف نواياها ورفع تقارير إلى الاستخبارات العسكرية حول هذه الحركات، ولذلك هذه الحركة الوهمية البسيطة اللي شكِّلت من عدد من العراقيين، بدأت بطرح شعارات ثورية، وكانت تطرح شعار إسقاط السلطة على الفور، وحاولت تنبث بين صفوف الحركة السياسية العراقية، هذي كانت مهمته، وكان يشرف عليها بعد الرزاق النايف وليس عبد الرحمن الداوود.
أحمد منصور: أيوه نعم هو كان نائب رئيس الاستخبارات، وكان الرجل القوي في الاستخبارات.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم هو الحقيقة كان نشيط وذكي جداً للغاية، وكان يعني من القوة بحيث كان طاغي على.. على.. على رئيس الاستخبارات العسكرية اللي هو اسمه شفيق دراجي.
أحمد منصور: نعم.. كيف رتبتم معهم لتقاسم الكعكة كما يقال؟
صلاح عمر العلي: اللي صار في الحقيقة بعد أن فاتحنا عبد الرحمن الداوود وفاتحنا سعدون غيدان، وهؤلاء طبعاً كانوا هم المسؤولين عن أمن القصر الجمهوري، في نفس الوقت كان مدير شرطة النجدة كان بعثي.
أحمد منصور: ما اسمه؟
(10/437)
صلاح عمر العلي: كان اسمه مهدي الرفاعي، كان بعثي، فإذن توفرت لدينا شرطة النجدة، واللي هي شبه مسلحة، واللي يسيطر على أمن المدينة خصوصاً في أوقات المساء، ومسؤول كتيبة الدبابات، ومسؤول فوج القصر الجمهوري وطبعاً عندنا تنظيماتنا في خارج بغداد، فبدأنا بوضع الخطة للتغيير، وطبعاً كان إحنا طوال السنوات الماضية كنا مشترين أسلحة، وكنا مشترين ملابس عسكرية لغرض الاستعمال في الوقت المحدد، فبدأنا بإخراج الأسلحة، وبإخراج الملابس..
أحمد منصور: أسلحة خفيفة طبعاً..
صلاح عمر العلي: أسلحة الحقيقة مدافع رشاشة صغيرة، بنادق رشاشة مش مدافع، ويعني..
أحمد منصور: من أين حصلتم على المال الذي اشتريتم به السلاح؟
صلاح عمر العلي: اشتريناها الحقيقة أولاً كانت عندنا من بقايا 63، كان عندنا عدد كبير من عندها، ثم قمنا بقسم من رفاقنا -لأستعمل هذه العبارة- سرقوا من بعض الوحدات العسكرية بعض القطع العسكرية، كما إنه اشترينا بعضها القليل الحقيقة من هذه المعدات، وما كانت كمية كبيرة.
أحمد منصور: عدد المسلحين من غير العسكريين كانوا كام تقريباً؟
صلاح عمر العلي: أنا لا أستطيع الحقيقة أن أحدد عددهم، لكن كافة الأماكن الحساسة في بغداد خاصةً شُكِّلت زُمَر من المدنيين لحمايتها أثناء عمليات التغيير.
أحمد منصور: والعسكريين كانوا..
صلاح عمر العلي: الجسور، محطات الكهرباء، الإذاعة، التليفزيون، محطات النفط، محطات البنزين وهكذا.
أحمد منصور: عدد الضباط تقريباً كان من البعثيين آنذاك.
صلاح عمر العلي: كذلك كان أيضاً بعض المدنيين كلِّفوا بالتوجُّه إلى بعض بيوت كبار المسؤولين.. كبار المسؤولين من أجل أن يُلقىَ القبض عليهم قبل أن يعني يفلتوا من.. من بين أيدينا، كذلك في النطاق العسكري وُزِّعت الخطة على يعني كافة رفاقنا المتواجدين داخل بغداد وخارج بغداد مع.. بالتنسيق مع سعدون غيدان وعبد الرحمن الداوود.
(10/438)
أحمد منصور: عدد الضباط البعثيين.
صلاح عمر العلي: والله أنا حقيقة لا أستطيع أن أقدم لك عدد، لأنها.. أنا بحياتي ما اشتغلت مع التنظيم العسكري، أنا شخص مدني، وما احتكِّيت بالتنظيم العسكري.
أحمد منصور: كيف رتبتم الأمور مع النايف والداوود.
صلاح عمر العلي: نعم.. قررنا أن يكون ساعة الصفر بالساعة الثانية بعد منتصف الليل.
أحمد منصور: يوم صبيحة 17 تموز.
صلاح عمر العلي: صبيحة يوم 17 تموز، وطبعاً كان هناك يعني صار هناك تجمعات للحزبيين سواء عسكريين أو مدنيين، وينطلقوا من هذه التجمعات، إحنا أخذنا قرار في حينها بأنه يجب أن نستفيد من تجربة 63 حيث أن العسكريين عام 63 كان لهم دور مميز وبارز، الأمر الذي جعلهم يشعروا بنوع من الزهو، من القوة بحيث أصبحوا يتحكموا فيما بعد بمسيرة القيادة، لذلك...
أحمد منصور: تقصد العسكريين البعثيين؟
صلاح عمر العلي: البعثيين العسكريين، فقلنا في هذه المرة يجب أن لا نكرر الخطأ، يجب أن يكون دور القيادة القُطرية للحزب هو أخطر الأدوار، فما هو أخطر الأدوار؟ هو احتلال القصر الجمهوري، فكانت واجبات القيادة القُطرية والمكتب العسكري، قيادة المكتب العسكري هو احتلال القصر الجمهوري، مع طبعاً التنسيق مع الشخصين المذكورين، وهكذا وزعنا الأدوار على عدد من العسكريين، طبعاً كان هناك لواء يقوده حمادي شهاب في منطقة اسمها الورار وأيضاً نسقنا مع هذا اللواء، وبعض الوحدات العسكرية في أبو غريب وفي معسكر الرشيد وفي التاجي، المهم أنه وضعنا الخطة بالتفصيل، ثم اتفقنا على أن تكون كما ذكرت لك الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وطبعاً من الساعات الأولى من مساء نفس اليوم، بدأنا اجتماعنا في منزل أحمد حسن البكر، وبدأنا نوجه التعليمات ونوجه رفاقنا للبدء بـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني كله على المكشوف، اجتماع في منزل.. في منزل البكر يعني كأن الدولة غائبة.
(10/439)
صلاح عمر العلي: لأ.. لأ ما كانش.. لأ هو الحقيقة هذا شيء مفيد أن.. أيضاً أوضح لك، أنه الدولة كانت من الضعف، و.. و.. ما كان هذه الأجهزة أصلاً المخابرات في العراق ما كان.
أحمد منصور: كل ده أنتم اللي أسستوه بعد كده.
صلاح عمر العلي: لا كان هناك مخابرات، ولا كانت هناك أجهزة مهمة.
أحمد منصور: طبعاً كان الناس تشعر بالأمن من ناحية..
صلاح عمر العلي: مثل ما ذكرت لك، أصلاً كانت أكو سيارة.. سيارة تابعة يعني تابعة للنجدة، كانت مكلفة بمراقبة أحمد حسن البكر، وهذه السيارة مسؤول النجدة هو بعثي، فتخيل إنه الوضع كيف كان آنذاك، فإحنا فعلاً تتمكن أن تطلق هذا التعبير والقول أنه إحنا كنا نشتغل شبه علني، لكن في الواقع هو مش علني، كان سرِّي، لكن هذا.. هذا الوضع، المهم وجهنا رفاقنا أن ينطلقوا في الساعات المطلوبة لـ.. كلٌ حسب المهمة المكلف بها، واجتمعنا القيادة القطرية وقيادة المكتب العسكري في منزل قريب من دار الإذاعة العراقية واللي هو قريب جداً من القصر الجمهوري، يعني تبعد أقل من كيلو متر عن القصر الجمهوري.
أحمد منصور: اللي هو منزل البكر؟
صلاح عمر العلي: لأ.. منزل شقيق زوجة البكر اللي اسمه عبد الكريم الندا، اجتمعنا في بيته وطبعاً في الساعة المحددة ومع الاتفاق مع سعدون غيدان إنه نكون إحنا في.. في اللحظة المناسبة نكون قد وصلنا إلى مدخل كتيبة الدبابات، فيكون هو موجود، يفتح لنا باب الكتيبة ثم بعد ذلك إحنا نستولى على دبابات الكتيبة ونطوق القصر الجمهوري، وطبعاً..
أحمد منصور: تعلنون البيان رقم واحد..
(10/440)
صلاح عمر العلي: نعم، هذا هو الصحيح، فبدأنا بالانتقال إلى.. إلى القصر الجمهوري، كان هناك سيارة عسكرية كانت سيارة تتجه إلى معسكر أبو غريب لكي يعني تغير الواجب ما.. يعني يصير تبادل، فكلفنا بعض رفاقنا على الطريق أن يوقفوا السيارة، وأن يخطفوها هذه السيارة، ويجيبوها إلى.. إلى هذا المكان حتى نستعملها، وجيء بالسيارة باعتبارها سيارة عسكرية، جابوا لنا إياها فصعدنا قسم بالسيارة وقسم بالسيارات الأخرى، وطبعاً حاملين سلاحنا ولابسين بدلات مموهة بدلات عسكرية وحاطين رتب مموهة كاذبة..
أحمد منصور: كانت رتبتك أيه؟
صلاح عمر العلي: والله كانت ملازم أول.
أحمد منصور: نعم، رتبة صغيرة مين كان أعلى رتبة؟
صلاح عمر العلي: وما كان عندي ولا نجمة عملتها بالحبر.
أحمد منصور: دول كرتونية..
صلاح عمر العلي: بالضبط يعني فالمهم يعني، الحقيقة أيضاً ربما يكون من الأمانة ومن المهم القول أنه في القيادة القُطرية عندما اتخذنا قرار التغيير، الشخص الوحيد اللي اعترض على عملية التغيير هو عبد الخالق السامرائي، اللي هو عضو قيادة قُطرية ومسؤول فرع بغداد، وكان سبب الاعتراض رأيه أنه.. أنه الظروف الموضوعية لمثل هذا التغيير من وجهة نظره لم تكن ناضجة بالقدر الكافي، وأن الحزب لم يكن بالقوة وبالنضج اللي يسمح له أن يحكم بلد، حقيقة هذه للأمانة لازم تذكر في مثل هذا الـ...
أحمد منصور: وأنتم كنتم كذلك حقيقة..
صلاح عمر العلي: اللقاء.. فعبد الخالق السامرائي باعتباره عضو قيادة قطرية اعترض ولكن نفذ، نفذ معنا، هذا كان امتثال للحزب، المهم فعندما اتجهنا.
أحمد منصور: ورأي السامرائي كان حقيقة..
صلاح عمر العلي: كشفت الحقائق أنه كان يعني كان حكيم حقيقة..
أحمد منصور: ولذلك نال جزاءه بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم، نعم.
أحمد منصور: الحكماء ليس لهم مكان وسطكم.
(10/441)
صلاح عمر العلي: جزاء سينمار..، فاتجهنا إلى.. إلى القصر، ومن المفارقة إنه وصلنا بالموعد المحدد فلم نجد سعدون غيدان.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من هنا، الوصول إلى القصر للقيام بالانقلاب ولم تجدوا قائد كتيبة دبابات الحرس الجمهوري الذي كان من المفترض أن يكون في انتظاركم لتنفيذ الانقلاب أشكرك شكراً جزيلاً.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/442)
الحلقة4(10/443)
الأربعاء 11/4/1424هـ الموافق 11/6/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
8/6/2003
- تفاصيل إنجاز ثورة يوليو 68 واستيلاء البعث على السلطة في العراق
- كيفية تعامل البعث مع عبد الرزاق النايف في ظل الارتياب في أمره
- تفاصيل الجزء الثاني من انقلاب يوليو 68 والتخلص من النايف والداود
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.
صلاح عمر العلي: مرحباً.
تفاصيل إنجاز ثورة يوليو 68 واستيلاء البعث على السلطة في العراق
أحمد منصور: وصلتم إلى أبواب القصر الجمهوري ليلة السابع عشر من يوليو/تموز عام 1968 ولم تجدوا قائد كتيبة دبابات الحرس الجمهوري سعدون غيدان في انتظاركم كما كان متفقاً عليه، ماذا فعلتم؟
صلاح عمر العلي: الحقيقة أصابنا يعني شيء من الارتباك الشديد، لأنه لم تكن لدينا خطة بديلة بسبب أنه كنا يعني نعتقد أن الخطة متقنة لدرجة كبيرة جداً، وليس هناك ما يدعو لوضع خطة بديلة، الأمر اللي وضعنا أمام حقيقة لحظات من الارتباك والتساؤل، ماذا سنعمل؟
أحمد منصور: شعرتم أنكم فشلتم؟ الانقلاب فشل؟
صلاح عمر العلي: لأ.... لأ، هو بالحقيقة فيما بعد إذا أُتيحت إلى الفرصة راح أتحدث لك عن شيء يمكن يغطي هذه اللحظات.
أحمد منصور: من الذي كان معك حينما وصلتم إلى أبواب القصر الجمهوري؟
صلاح عمر العلي: أعضاء القيادة بالكامل، كل أعضاء القيادة باستثناء..
أحمد منصور: تذكر لنا الأسماء ممكن؟
(10/444)
صلاح عمر العلي: باستثناء.. باستثناء عزت مصطفى اللي كان عضو قيادة، والدكتور عبد الله سلوم السامرائي، هؤلاء كانوا خارج العراق، وما عدا ذلك فالكل كانوا مشاركين معي..
أحمد منصور: أحمد حسن البكر.
صلاح عمر العلي: أحمد حسن البكر، صدام حسين، صلاح عمر العلي، طه ياسين رمضان، وعبد الكريم الشيخلي، وصالح مهدي عماش، وهذه أعتقد سبعة..
أحمد منصور: وصلتم إلى القصر في سيارة..
صلاح عمر العلي: في أكثر من سيارة.
أحمد منصور: سيارات تابعة للنجدة أو سيارات عادية؟
صلاح عمر العلي: سيارة لوري، وكانت معنا سيارة نجدة، وكانت سيارات مدنية أخرى، نعم.
أحمد منصور: يعني عشر أفراد رايحين يعملوا انقلاب؟
صلاح عمر العلي: لأ، مش..
أحمد منصور: بالاتفاق؟
صلاح عمر العلي: لا.. لا، مو عشر أفراد حقيقة هذا غير صحيح، يعني أولاً: مثل ما ذكرت لك يعني مئات من البعثيين وُزِّعوا على مهام كثيرة، منها معسكرات، منها مقرات حزبية، منها مقرات السياسيين منها المراكز، وطبعاً التنسيق مع رفاقنا أيضاً بالوحدات العسكرية، هذا طبعاً القيادة هي.. هي عددها محدود، هذا بلا شك، والمكتب العسكري كان عدده أيضاً محدود، لكن إحنا مهيئين للحظة بشكل كامل، إنما أتحدث لك عن هذا المقطع، هو موضوع القصر الجمهوري باعتبار إحنا قررنا أن ندخل إلى القصر الجمهوري لكي تبقى القيادة القُطرية فارضة يعني هيبتها وإقرارها على.. على تنظيم الحزب، ولكي لا تعطي نوع من الشعور بالضعف بأنها أخذت دور غير.. غير رئيسي، هذا هو الواقع، فالحقيقة سادتنا لحظات من الارتباك والتساؤل والحيرة عما سنعمل، فبعد يعني دقيقتين أو ثلاثة فوجئنا بقدوم سعدون غيدان، وطبعاً هناك لغة..
أحمد منصور: كانوا أطول ثلاث دقائق ربما؟
صلاح عمر العلي: كانت دهر، فطبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: عملتوا أيه بالضبط خلال الـ3 دقائق دول؟
(10/445)
صلاح عمر العلي: والله بالحقيقة بعد ما نزلنا من السيارات وانتشرنا يعني حول القصر، يعني حول واجهة القصر والكتيبة كانت محاذية لبناء القصر، جنب القصر..
أحمد منصور: لم يكن هناك جنود لاحظوا حركة غير عادية؟
صلاح عمر العلي: لأ، الجنود قسم المسؤولين عن.. عن المداخل مال القصر أو مدخل الكتيبة كانوا يلاحظونا، بس إحنا نازلين بصفتنا عسكريين.
أحمد منصور: آه.
صلاح عمر العلي: ضباط جيش وحدة يعني رتب كبيرة عميد وعقيد و.. وإلى آخره، وكان من أصغر..
أحمد منصور: كيف.. ماذا؟
صلاح عمر العلي: أصغر الرتب كانت ملازم أول.
أحمد منصور: رتبة صدام كانت أيه؟
صلاح عمر العلي: أيضاً كانت رتبته ملازم أول، هي بالصدفة حقيقة ما كان لا..
أحمد منصور: يعني اللي لقيته حطيته على كتفك؟
صلاح عمر العلي: بالضبط.. بالضبط، والقسم اللي ما لقوها رسموها بالحبر، على العموم فعندما وصل سعدون غيدان هناك تعرف كلمة سر أيضاً مع الحرس الموجودين، فناداهم بكلمة السر، ففتحوا أبواب الكتيبة، بمجرد فتحوا أبواب الكتيبة يعني أسرعنا في القفز على الدبابات.. على الدبابات اللي كانت موضوعة يعني مع سياج القصر.
أحمد منصور: يعني لم تستخدموا جنود الدبابات العاديين في؟
صلاح عمر العلي: لأ، لم نستخدمهم أبداً، لأنه كان عندنا قسم من الشباب اللي معنا مدنيين كانوا مدَّربين على استعمال الدبابات في سوريا.
أحمد منصور: آه، إحنا لم نتعرض لهذا أنكم تدربتم في سوريا..
صلاح عمر العلي: نعم، فترة..
أحمد منصور: في الفترة بعد الـ63..
صلاح عمر العلي: نعم، قبل.. قبل انقلاب 63، قبل انقلاب 63، عندما كان الحزب بعده تحت القيادة القومية..
أحمد منصور: يعني من 63 لـ66؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: في الفترة بين عام 63 إلى 66.
(10/446)
صلاح عمر العلي: بالضبط، لكن فوجئنا أيضاً أنه الدبابات الموجودة في هذه الكتيبة حديثة أكثر حداثة من الدبابات اللي تدربوا عليها رفاقنا في.. في سوريا، فواجهتنا سرعان ما واجهتنا مشكلة أخرى أنه ما حد يقدر يشغلوا الدبابات، ما عرفوا كيف يستعملوها، وأيضاً أخذت من.. من عندنا وقت، وإذن بإحدى الدبابات تشتغل، شغلها أحد إخواننا الموجودين معنا بالصدفة، فعند ذاك نزل من الدبابة وسلَّمها لأحد رفاقه، وراح لدبابة أخرى وهكذا، حتى شغلنا باقي الدبابات، عندما اشتغلت الدبابة الأولى كان عدد كبير من الجنود جنود الوحدة كانوا يغطون في النوم في قاعة كبيرة، فلما اشتغلت الدبابة نهضوا كلهم من.. من النوم، وأسرعوا بفتح باب القاعة، وإذن يواجهوا منظر غير عادي، فطبعاً صحنا فيهم أيضاً بلغة عسكرية وأعدناهم إلى.. إلى القاعة، فقفلنا عليهم الباب، وعملنا يعني..
أحمد منصور: كم دبابة تقريباً تحركتم بها؟
صلاح عمر العلي: والله بالأقل كانت يعني سبع دبابات أو ثمانية.
أحمد منصور: فقط؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: اتجهتم إلى القصر الجمهوري.
صلاح عمر العلي: هو إحنا بالقصر، يعني إحنا على..
أحمد منصور: بس هذه الكتيبة يعني.
صلاح عمر العلي: على سياج القصر نعم، فعندما طُوَّق القصر، وعندما تأكدنا من رفاقنا الآخرين أنه نفذوا مهماتهم بشكل ناجح وكامل في الأماكن الأخرى اتخذنا من مقر الكتيبة مركز لإدارة عملياتنا، فبعد كل هذا الشيء شال التليفون أحمد حسن البكر واتصل بداخل القصر، وطلب مكالمة عبد الرحمن عارف، لأن كانت معلوماتنا إنه كان ينام داخل القصر.
أحمد منصور: كانت الساعة مثلاً أصبحت؟
صلاح عمر العلي: كانت تقريباً 3:30.
أحمد منصور: ساعة ونص هذه الإجراءات؟
(10/447)
صلاح عمر العلي: نعم، فيعني استيقظ من النوم، وكلَّمه أحمد حسن البكر، فاستغرب الرئيس عبد الرحمن عارف من هذه المكالمة المتأخرة من الليل، وأنه شخص يعني رغم أنه بيناتهم يعني علاقة ومعرفة، وكانوا يجتمعون أيضاً..
أحمد منصور: البكر كان في هذه اللحظة لازال خارج الجيش حينما.. سُرِّح.. كان سُرِّح.
صلاح عمر العلي: خارج الجيش (...) طالع خارج الجيش، فطبعاً كلَّمه أحمد حسن البكر، وقال له يعني خاطبه بلغة أنه إحنا باسم الشعب نبلغك بأنه الثورة أُنجزت وكملت وكل شيء انتهى، وأنت رجل عاقل وإنسان تقدَّر هذه الظروف، فنرجو أن يعني.. يعني لا تحاول أي محاولة، تسلَّم نفسك، ومقابل هذا إحنا نضمن لك حياتك، ونضمن لك كل شيء، وأنت مو هدف بالقضية، بقدر ما الهدف هو حماية العراق وبلدنا من يعني من احتمالات خطرة وأكثر خطورة وإلى آخره، لم تكن أنت الهدف، فنرجو أن تطمئن، وإحنا إخوانك، وإحنا ما راح نسوي لك شيء إطلاقاً، فالمهم أنه بعد أيضاً يعني أن حاول عبد الرحمن عارف يتصل بالوحدات العسكرية.. اتصل بالفوج فوجد الفوج ضده، اتصل بالكتيبة الكتيبة ضده، اتصل بالوحدات الأخرى المحيطة ببغداد وجدها كلها آخذة موقف ضده، فناور حاول يعني لبضعة دقائق وجد أن الأبواب كلها موصدة أمامه، فالرجل استسلم..
أحمد منصور: كيف كان استسلام عبد الرحمن عارف؟
صلاح عمر العلي: عبد الرحمن عارف طبعاً يعني..
أحمد منصور: كنت حاضراً عملية الاستسلام؟
صلاح عمر العلي: نعم، أنا موجود يعني، والحقيقة أنا كنت واحد من الشخصين اللي رحُنا إلى مدخل القصر الداخلي اللي جبناه بسيارة عسكرية صغيرة نوعها الجيب.
أحمد منصور: من الذي كان معك؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: من الذي كان معك؟
صلاح عمر العلي: كان معي المرحوم أنور عبد القادر الحديثي، فطبعاً بعد ذلك الرجل أبلغ أحمد حسن البكر بأنه..
(10/448)
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ، أوصف لي بدقة الآن أنتم معكم سيارة جيب، كُلِّفتم من البكر باعتبار هو قائد الانقلاب أن تدخلوا لاستلام عبد الرحمن عارف، أوصف لي هذه اللحظات الدقيقة؟
صلاح عمر العلي: سأوصف لك إياها بالدقة، بعد أن حاول الرئيس عبد الرحمن عارف أن يجد يعني طريقة للإفلات من هاي العملية اتصل عدة مرات وحاول، فوجد الأبواب موصدة أمامه، بعد ذلك طبعاً البكر حكى معه آخر مرة، آخر مرة البكر قال له! أنا راح أعطيك دقيقتين أو ثلاثة، إذا ما راح تستسلم ستتحمل المسؤولية، وراح هذا القصر راح أهدمه على رأسك.
أحمد منصور: كنتم قلقين مضطربين؟
صلاح عمر العلي: طبعاً لاشك في هذا لأنه هذا عمل..
أحمد منصور: كنتم خائفين إن هؤلاء الذين تحالفتم معهم من الضباط يمكن أن يعودوا مرة أخرى، وينحازوا إلى عبد الرحمن عارف؟
صلاح عمر العلي: في الواقع كنا خائفين من عبد الرزاق النايف، وإذا سمحت بعد ذلك أتحدث عن هذا الموضوع، لأن هذا في الحقيقة يخليك أو يجاوب على سؤالك اللي تفضلت به حول كيفية أو لماذا صفينا عبد الرزاق النايف وعبد الرحمن الداوود، المهم فبعد أن.. قبل أن تنتهي المهلة رجع اتصل عبد الرحمن عارف، وأبلغ أحمد حسن البكر بقبول الاستسلام، واترجاه رجاء لأحمد حسن البكر أنه يعني يضمن أمنه وسلامته ويعني كذا..
أحمد منصور: كان خائفاً، هلعاً؟
صلاح عمر العلي: بلا شك.. بلا شك، هذا أمر إنساني وطبيعي.
أحمد منصور: يعني هو لم يكن يعني بغض النظر يعني، لكن الناس اللي بتتصدر للزعامة مهما كان خوفها في مثل هذه اللحظات بيكون عندها نوع من الشجاعة أو الرجولة أو..
صلاح عمر العلي: بالحقيقة الرئيس عبد الرحمن عارف يعني مع.. يعني مع إنه إنسان يعني حقيقة إنسان متواضع وطيب وبسيط، وإنسان يعني لم يؤذِ إنسان إطلاقاً، لكن ما كان هو من النوع اللي يحمل مواصفات كاريزمية، هو شخص ما تتوفر به مواصفات قيادية، مش..
(10/449)
أحمد منصور: الظروف وضعته في المنصب.
صلاح عمر العلي: على خلاف شقيقه عبد السلام عارف، وعلى خلاف عبد الكريم قاسم، هو الظروف دفعته أن يكون رئيس الجمهورية، ومو أكثر من هذا، فعندما أبلغ البكر بأنه يعني هو يعني قابل بهذا الشيء، وهو مستعد وكذا، طلب من البكر، قال له: أنا يعني أتمنى أن يعني تضمن أمني وتضمن سلامتي، فأولاً: من أي مدخل من مداخل القصر تحبون أطلع؟ قال له: من أي مدخل تحب أنت؟ قال له: من المدخل الرئيسي قال له: طيب، قال له: حتى سأله.. قال له: يعني أريد الأشخاص اللي يجون عندي يكونون موضع ثقة، قال له: طيب راح يجيك أنور عبد القادر الحديثي، وهو رجل عسكري أيضاً سابقاً، ورجل معروف يعني بين أوساط العسكريين، فاطمأن الرجل، ورحنا أنا وعبد الرحمن.. أنا وأنور عبد القادر الحديثي.
أحمد منصور: كان يعرفك عبد الرحمن عارف من قبل؟
صلاح عمر العلي: لا، لغاية ذاك الوقت ما يعرفني نهائياً، ولا سمع باسمي ولا.. عملنا كله سري، وأنا ما كان عندي أي موقع يعني متقدم..
أحمد منصور: نعم، كيف اختارك البكر دون غيرك؟
صلاح عمر العلي: بالصدفة، مجرد صدفة لا أكثر، فَرحنا أنا والمرحوم أنور الحديثي إلى مدخل القصر حملنا عبد الرحمن وخليناه [وأدخلناه] بالسيارة وجبناه إلى مقر..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كيف كانت صورته وهو نازل وهو..
صلاح عمر العلي: يعني كان حقيقة مرتاب غاية الارتياب وكان خايف كتير وكان..
أحمد منصور: كان وحده ليس معه..؟
صلاح عمر العلي: لا كان وحده وحده، فأخذناه بالسيارة جئنا..
أحمد منصور: تكلم معكم بشيء؟
صلاح عمر العلي: ما.. هذه هي عبارة عن بضعة أمتار ما كانت يعني مسافة طويلة حتى يكلمنا.
أحمد منصور: كيف أنتم تخاطبتم معاه، قلتوا له سيادة الرئيس قلتوا له..؟
(10/450)
صلاح عمر العلي: لا لا عاملناه بكل احترام حقيقة بكل احترام، فجبناه إلى مقر الكتيبة وسلم على الجميع وقام البكر صافحه وقبله البكر وأجلسه بجنبه وأعاد عليه التعهدات السابقة، قال له أنا يعني أحب أعيد عليك ما قلت لك في التليفون أنت لم تكن الهدف من هذه العمليات وأنت مش عدونا، أنت إنسان ما سويت لنا شيء إطلاقاً ولا آذيتنا أبداً، إنما العملية أكبر من عندك ومن عندي، بلد مهم وعليه مشاكل كبيرة وفيه سباق على كذا وإلى آخره وصراعات و.. وهذا بلد بألف قصة وقصة، وبالتالي لم تكن أنت الهدف من هذه العمليات، لذلك اطمئن ما يجري عليك إطلاقاً أي شيء، ويعني بكل احترام راح نعاملك، إن حبيت أن تغادر فربما يكون أفضل إلك، أن تغادر العراق لأنه أكثر أمان الآن في هذه الظروف، فهو الرجل قال لنا: إذا تسمحوا لي أغادر..
أحمد منصور: إلى؟
صلاح عمر العلي: أغادر.. هو اختار تركيا.
أحمد منصور: أنتم لم تخيروه.
صلاح عمر العلي: لأ، يعني هو البكر خيره حقيقة فاختار تركيا، وبعد أن يعني اختار تركيا طبعاً من أجل أن نهيئ له طيارة حتى يسافر فيها يقتضيها وقت، فأخذناه بسيارة.. سيارة حردان عبد الغفار التكريتي من مقر كتيبة الحرس القصر إلى بيت حردان، وكان حردان يسوق السيارة وحده، وأنا كنت جالس مع عبد الرحمن عارف كنت بجنبه بالضبط.
أحمد منصور: ورا يعني.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: في الكرسي الخلفي.
صلاح عمر العلي: نعم، فالحقيقة..
أحمد منصور: كنت مسلح؟
صلاح عمر العلي: نعم، كنت مسلح، كنت أحمل رشاشاً وكنت لابس عسكري.
أحمد منصور: وكان حردان مسلح أيضاً؟
صلاح عمر العلي: كان لابس عسكري أيضاً وكان مسلح.
أحمد منصور: يعني حردان يجلس في الكرسي الأمامي يقود وأنت والرئيس في الخلف..
صلاح عمر العلي: بالضبط.
أحمد منصور: ليس معكم أي سيارات ولا أي حاجة؟
(10/451)
صلاح عمر العلي: أبداً.. أبداً، فرحنا اتجهنا إلى بيت حردان عبد الغفار التكريتي وبالطريق طبعاً يعني كحالة إنسانية لازلت أذكر أنه بمجرد أن أتحرك حركة بسيطة كان يتحسب لها ألف حساب عبد الرحمن عارف.
أحمد منصور: هو، خوفاً.
صلاح عمر العلي: نعم، كان خائف، وكان يردد على مسامعنا أنه أنا يعني كل شيء كنت أحلم به إلا أن أكون بها الموقع هذا، أنا بلاني به عبد السلام عارف، أنا أيش جابني على المسألة هذه، أنا كنت ضابط وأنا أحب العسكرية وأنا مهنتي عسكرية ولم أكن في برنامجي ولا في تفكيري أي يوم أن أكون أنا بموقع سياسي، يعني الأقدار دفعت بي أن أكون..
أحمد منصور: رد فعلك أيه على سماع هذه؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: ماذا كان رد فعلك على سماع هذا؟
صلاح عمر العلي: كنا دائماً والله كل الطريق إحنا نحاذول نطمنه، يعني نعيد على مسامعه أنه أنت رجل طيب وأنت إنسان ما أذيت أحد، وأنت لم تكن هدف ويعني لكن هذه المسألة تعرف أنت يعني قصة خارج إطار يعني..
أحمد منصور: هل تلقيتم أي أوامر من البكر بالنسبة لمصاحبته إلى بيت حردان إذا فعل كذا؟ هل تلقيتم أوامر بإنكم ممكن تقتلوه إذا عمل أي شيء؟
صلاح عمر العلي: لأ، في الحقيقة ما تلقينا هذا الأمر، أقول لك بكل صراحة.
أحمد منصور: توقعتم أن الرجل منهار وسينقاد معكم أم توقعتم أي شكل من أشكال المقاومة؟
صلاح عمر العلي: أنا ما أستطيع أقول منهار، الانهيار شيء مختلف، لكن حقيقة هو كان يعني كان مرتبك شديد الارتباك وكان متخوف، وكان ما مطمئن، يعني حتى سأل إنه وين رايحين تودوني؟ وين موديني أنتم؟ لأي مكان موديني؟ يعني أكدنا له إنه أنت رايح إلى بيت حردان ومن أجل أن تُهيَّأ الطيارة حتى يعني تروح إلى القصر.
أحمد منصور: لم يكن له زوجة وأولاد وعائلة؟
صلاح عمر العلي: عائلته بالبيت، لغاية ذاك الوقت كانت عائلته بالبيت، فهذا الأمر اللي
(10/452)
أحمد منصور: لم يُبد أي قلق على أولاده أو عائلته؟
صلاح عمر العلي: طبيعي تحدث عن عائلته وتحدث عن أولاده وتحدث كيف أنه..
أحمد منصور: ماذا قلتم له؟
صلاح عمر العلي: يعني.. هل مسموح إلي أن آخذ عائلتي أهلي كذا، أروح وحدي، أروح كذا؟ قلنا له أبداً أنت الآن أنت تختار الطريقة اللي تروح فيها، عائلتك تبقى هنانا ما فيه مشكلة، تأخذهم معك ما فيه مشكلة، أي شيء تريد تأخذه معاك هذا الأمر إحنا مسموح إلنا أن نبلغك به أنه موافقين عليه مقدماً.
أحمد منصور: في تصورك لماذا اختار عبد الرحمن عارف تركيا؟
صلاح عمر العلي: والله أنا الحقيقة ما أعرف كتير، بس يعني هو رجل يعني بيئته وتربيته ووضعه لا أعتقد يسمح له أن يروح إلى دولة أوروبية أو أجنبية.
أحمد منصور: دولة عربية، عبد الناصر.
صلاح عمر العلي: ما بأتصور كان يعني هو أيضاً ما كان كتير يعني على انسجام مع.. مع النظام في سوريا.. في مصر..
أحمد منصور: في مصر.
صلاح عمر العلي: لأ ما كان على انسجام، وبسوريا طبعاً نظام يعني بعثي أيضاً.
أحمد منصور: كانت له علاقات خاصة بتركيا دفعته إلى اختيارها؟
صلاح عمر العلي: لا أعتقد هذا، لأ، إنما أعتقد كونه دولة مجاورة ودولة مسلمة ودولة شرقية ويمكن يكون يعني هذا سبب اختياره فالمهم أنه أُبلغت أسرته بيعني الاستعداد للسفر.
أحمد منصور: من الذي أبلغهم؟
صلاح عمر العلي: والله لا أعرف بهذا.
أحمد منصور: هل هناك خط آخر؟
صلاح عمر العلي: لأن أنا كنت مع.. يعني ببيت حردان.
أحمد منصور: بقيت معه في بيت حردان؟
صلاح عمر العلي: بقيت معه إلى أن أبلغونا بأنه الطائرة جاهزة وكل شيء جاهز، فأخذه حردان إلى القصر.. إلى.. إلى.. إلى مطار الرشيد العسكري.
أحمد منصور: المطار.. ذهبت زوجته وأولاده معه؟
(10/453)
صلاح عمر العلي: وراحوا معه نعم، وأخذ كل ما يحتاجه، حتى أذكر يعني كان فيه بعض الحاجيات بالقصر الجمهوري تذكرها هو بعد ما جبناه، تذكر قال هذه حاجيات يعني شخصية ما.. ما هي رسمية وأخذها معه الرجل.
أحمد منصور: أعطيتوه أموال؟
صلاح عمر العلي: لا أعتقد بهذا، لأ، ما.. هو أول.. أولاً الدولة آنذاك كانت من الفقر يعني بحيث يعني..
أحمد منصور: مهما كان الفقر.
صلاح عمر العلي: آه، بس.. بس الحقيقة أُبلِغت السفارة العراقية في.. في تركيا بأن ترعاه وأن تهتم فيه وأن تلبي كل حاجاته.
أحمد منصور: اتصلتم بالأتراك حتى تبلغوهم بهذا؟
صلاح عمر العلي: طبيعي.. طبيعي.
أحمد منصور: رحَّب الأتراك لم يمانعوا؟
صلاح عمر العلي: رحبوا نعم، غير ممكن أن تبعثه إلى دولة أخرى إذا ما تأخذ موافقة السلطات والطائرة وعبورها من الأجواء..
أحمد منصور: بين الساعة الثالثة والنصف لحظة القبض عليه وأنت أو.. أو بلاش القبض عليه.. لحظة استسلامه إليكم وأنت كنت الذي استسلم إليك وصَحِبته إلى بيت حردان وهيئت الطائرة، في الساعة كم تقريباً هُيئت الطائرة؟
صلاح عمر العلي: أنا ما أقدر أتذكر الآن بالضبط لكن..
أحمد منصور: صباحاً..
صلاح عمر العلي: يعني آه صباحاً طبعاً صباحاً.
أحمد منصور: لم.. لم تنم طوال الليل.
صلاح عمر العلي: يعني أنا؟ لا أنا ولا كل رفاقي كنا نايمين الليل أبداً.
أحمد منصور: نعم، كانت مهمتك مصاحبته إلى أن يسافر.
صلاح عمر العلي: نعم. أنا الحق لأ باستثناء يعني..
أحمد منصور: الذهاب إلى المطار..
صلاح عمر العلي: الذهاب إلى المطار ما رحت.
أحمد منصور: حينما ذهب حردان إلى المطار مع الرئيس عبد الرحمن عارف أين ذهبت أنت؟
صلاح عمر العلي: أنا رجعت إلى القصر إلى رفاقي.. إلى كتيبة القصر.
أحمد منصور: رجعت إلى القصر، كيف كانت الصورة؟ كيف كانت الصورة حينما رجعت؟
(10/454)
صلاح عمر العلي: رجعت طبعاً يعني الصورة كانت مدهشة بالنسبة إلنا لأنه استولينا على السلطة وعلى القصر وكانت..
أحمد منصور: دون دماء.
صلاح عمر العلي: وطبعاً دون دماء، ولذلك سميت بالثورة البيضاء، هذا.. هذه من.. من الأمور الحقيقة المثيرة.
أحمد منصور: ثم تحولت إلى الحمراء والسوداء بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: يا ريت حمراء وسوداء، غاية في.. في السواد وأحمر غامق جداً، انتشرت الدبابات طبعاً حول القصر الجمهوري، وانتشر الجنود والوحدات العسكرية.
أحمد منصور: وأذيع البيان رقم واحد.
صلاح عمر العلي: وأذيع البيان رقم واحد، نعم.
أحمد منصور: كيف استقبل الشعب العراقي ثورة 17 تموز؟
صلاح عمر العلي: لا أكذب عليك أن الشعب العراقي استقبل البيان رقم واحد بشيء من الفتور.
أحمد منصور: كل يوم انقلاب.
صلاح عمر العلي: نعم، هو وليس فقط لهذا السبب، السبب الأساسي أنه كانت الصورة.. التجربة مال.. لعام 63 مازالت طرية في أذهان المواطنين العراقيين وما قمنا فيه من.. من.. من دماء ومجازر تجاه أبناء شعبنا كانت مازالت حاضرة في ذاكرة الناس، وبالتالي استُقبل البيان استقبال فاتر.
أحمد منصور: وخوف من الناس؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: كان لديهم خوف من البعث؟
صلاح عمر العلي: هذا هو.. هو السبب اللي جعلهم يستقبلون البيان استقبال فاتر، هو طبعاً الخشية من أن تكرر التجربة.. التجربة بتاعة الـ60
أحمد منصور: أعلنتم الانقلاب باسم البعث؟
صلاح عمر العلي: لم نعلن باسم البعث، لأن هذا الاتفاق اللي صار..
أحمد منصور: كان بينكم شركاء؟
صلاح عمر العلي: نعم، كان اتفاق على هذا الأمر.
كيفية تعامل البعث مع عبد الرزاق النايف في ظل الارتياب في أمره
أحمد منصور: عبد الرزاق النايف كيف رتبتم الأمور معه؟
(10/455)
صلاح عمر العلي: ذكرت لك أنه من بين كل الأشخاص المعنيين بهذه الحركة اللي كنا متحفظين عليهم هو عبد الرزاق النايف كمعاون مدير الاستخبارات العسكرية وحكمت إزبان العزاوي اللي هو عضو قيادة الثورة في بغداد، ما.. ما بلغناه بالعملية، عبد الرزاق النايف في الحقيقة كنا نخشاه وكنا نتوجس خيفة من عنده، وكنا نشكك في علاقاته الخارجية، وكنا غير مطمئنين عنده، حتى أذكر في مرة من المرات يعني طبعنا بيان بنسخة واحدة فقط بهدف إيصاله إلى عبد الرزاق النايف عن طريق رفاقنا الموجودين في الاستخبارات العسكرية، كان هذا البيان فيه قرار لحل الحزب في العراق، كنا نمارس عملية تمويه على عبد الرزاق النايف، لكن هو كان حقيقة شديد الذكاء وما كنا..
أحمد منصور: كان يدرك شكوككم فيه؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: كان يدرك شكوككم فيه؟
صلاح عمر العلي: يعني ما أتصور لهذه الدرجة من الوعي والقدرة على فهم هذا الموضوع، لكن إحنا كنا نناور معه كثير، فعندما أُبلغ عبد الرحمن الداوود في العملية ووافق على العملية و.. وخرج من اللقاء مع البكر يبدو أن عبد الرحمن الداوود اتجه إلى عبد الرزاق النايف فأبلغه بأنه بالاتفاق مع..
أحمد منصور: يعني القسم.. القسم جف فور.. فور انتهائه.
صلاح عمر العلي: فبالتالي إحنا مساء.. يعني الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم وإحنا نعد ليعني نحضر للعملية فوجئنا بمجيء ضابط برتبة صغيرة يطرق باب أحمد حسن البكر، فأحمد حسن البكر فتح الباب وكان هذا الضابط مرافق عبد الرزاق النايف، وهو في نفس الوقت وبدون علم من عبد الرزاق النايف هو عضو في حزب البعث، هذا الضابط يحمل رسالة من عبد الرزاق النايف، الرسالة مفادها أنه علمت بمشروعكم في هذا اليوم.. في هذا المساء وأنا مستعد للتعاون معكم، وتوكلوا على الله. هذا خلاصة الرسالة.
أحمد منصور: شعرتم بأيه؟
(10/456)
صلاح عمر العلي: شعرنا يعني بأننا وقعنا في.. في الفخ صراحة، فعقدنا لقاء أو اجتماع وقرأنا الرسالة للبكر وبدأنا نناقش الموقف، فما كان أمامنا خيارات كثيرة، النايف اطلَّع على الخطة، إذا تراجعنا راح يعرف تراجعنا بسببه، إذن راح يطلعنا من بيوتنا ويعدمنا واحد إثر الآخر، إذن الخيار أمامنا شنو هو؟ أن نراهن أن نُقدِم على العملية تحت نوع من الرهان أو سمها لعبة قمار (بيش)، قلنا إذا يعني تراجعنا عن التنفيذ عبد الرزاق النايف راح يخرجنا من بيوتنا كالخرفان ويعدمنا واحد إثر الآخر، بينما إذا لعبنا معه game راح يعني يكون واحد من احتمالين: أما أن يعدمنا في.. وإحنا في.. في مرحلة التنفيذ، وبالتالي على الأقل سنترك لرفاقنا إرث نضالي أنه إحنا كنا رجال وكنا شجعان وكنا أوفياء مع مبادئنا وإحنا رحنا ننفذ عملية بهذا.. بهذا الحجم، وبالتالي يعدمنا عبد الرزاق النايف، لكن يبقى هذا تراث للحزب يبني عليه مواقفه القادمة، أو أن العملية ستنجح وبالتالي نفذنا الخطة، فإذن الهدف شنو هو؟ هو أن ننجح العملية، كيف ننجح العملية؟ بأن نكتب له.. لعبد الرزاق النايف الجواب التالي أنه إحنا تحاشينا مفاتحتك لسبب حساسية موقعك الوظيفي والأمر اللي دعانا أن نقتصر في.. في مفاتحة عبد الرحمن الداوود، وإحنا نعرف بالضبط علاقتك بعبد الرحمن الداوود، وبالتالي إحنا أبلغناك بشكل غير مباشر عن طريق السيد عبد الرحمن الداوود، ونحب في هذه المناسبة أن نقول لك أنه إحنا متخذين قرار غداً.. إذا الله وفقنا في هذه العملية ستكون رئيس وزراء العراق.
أحمد منصور: كنتم على قناعة بهذا أم محاولة للاستدراج؟
صلاح عمر العلي: لا بالحقيقة.
أحمد منصور: الأمر فُرض عليكم فرضاً.
صلاح عمر العلي: هذا.. هذا الوقت فرض علينا.
أحمد منصور: هل بيتَّم أن يكون رئيس مؤقت للوزراء؟ أم يمكن أن...
(10/457)
صلاح عمر العلي: نعم، وأخذنا قرار ثاني، أخذنا هذا القرار وقرار ثاني قلنا ما دام الأمر أصبح بهذا الشكل إذن يجب التخلص من كلا الشخصين بأقرب فرصة مناسبة.
أحمد منصور: أيدتم الغدر يعني.
صلاح عمر العلي: لأ ليس الغدر، إنما الغدر اعتبرناه صادر من.. من الداوود، لأنه..
أحمد منصور: هو مهمته أن يحافظ على هذا.
صلاح عمر العلي: لأنه أقسم على القرآن أستاذ أحمد، أقسم على القرآن بأن لن يفاتح أحد، وكنا مشددين على هذا الأمر، فالغدر منه نفذ الحقيقة، فبالتالي أخذنا هذا القرارين وبعثنا برسالة إلى عبد الرزاق النايف وواقعاً أنه الرجل ما مارس عملية الغدر ضدنا يعني نُفِّذت العملية وبعد أن دخلنا القصر كتيبة القصر جاء عبد الرزاق النايف بسيارة -لازلت أذكرها- مرسيدس بيضاء إيجا وقف معنا وهنانا وصافحنا وأكثر من هذا ما سوى..
أحمد منصور: يُلاحظ أن مجلس الوزراء هنا ضم فقط ثمانية من البعثيين من أصل 26 وزيراً، هل تعمدتم ذلك؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: الحكومة كانت يعني تقريباً نستطيع أن نقول أنها حكومة وطنية، لأنها ضمت معظم القوى السياسية الموجودة على الساحة، ثمانية من البعث، ثمانية من عصبة ضباط القصر أو ما كان يُطلق عليه ذلك، زعيم الإخوان المسلمين في العراق آنذاك عبد الكريم زيدان كان وزيراً، اثنين من الضباط الأحرار هما محمود شيت خطاب للمواصلات وجاسم العزاوي لشؤون الوحدة، وأربعة من الأكراد منهم ممثل شخصي للمُلاَّ مصطفى البرزاني هو محسن دزئي، أما كانت هذه الحكومة حكومة وطنية تستدعي منكم الاستمرار بدلاً من التمهيد والتخطيط لانقلاب 30 تموز؟
صلاح عمر العلي: دعني أواصل حديثي لكي أسلط الأضواء على ها المرحلة هذه وما رافقها من ملابسات وإلى آخره، أنا ذكرت لك في السابق أنه إحنا أخذنا قرارين قرار المراهنة مع عبد الرزاق النايف بإغرائه بالتعيين رئيس وزراء وهذا..
أحمد منصور: وعينتموه بالفعل.
(10/458)
صلاح عمر العلي: وهذا ما حصل، وأخذنا قرار ثاني بأنه.. بما أنه حصل عملية غدر وعدم أمانة في.. في اليمين أو القسم.
أحمد منصور: من الداوود الذي عينتموه وزير الدفاع.
صلاح عمر العلي: نعم، فبالتالي يجب أن نُطيح بالاثنين في أقرب فرصة، وحقيقة اللي حصل أنه بعد أن نجحت عملية التغيير وتشكل مجلس الوزراء وعُيِّن عبد الرزاق النايف رئيس وزراء...
أحمد منصور: مَنْ الذي تدخل في تشكيلة هذا المجلس الذي ضم معظم القوى السياسية عدا الشيوعيين؟
صلاح عمر العلي: كان بالواقع أُعطي لعبد الرزاق النايف نسبة من.. من.. من التعيينات من الوزراء والباقيين عيَّنهم الحزب.
أحمد منصور: الحزب عين كم؟
صلاح عمر العلي: الحزب..
أحمد منصور: فقط الثمانية البعثيين؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: فقط الثمانية البعثيين أم..؟
صلاح عمر العلي: لا كنا حريصين على أن أولاً لا يرفق اسم هذا التغيير بالحزب حريصين جداً، وكنا متقصدين بعدم زج عدد أكبر من البعثيين في.. في الوزارة.
أحمد منصور: لماذا؟
صلاح عمر العلي: للسبب اللي ذكرت لك إياه وهو أنه إحنا ما أردنا فوراً..
أحمد منصور: صورتكم دموية في أذهان الشعب.
صلاح عمر العلي: مضبوط هذا هو شيء.. شيء صحيح، وأردنا نصلح الصورة لدى المواطنين، ثُم مِن ثَمَّ نهيئ الظروف المناسبة لكي نفصح عن الهوية، ففي أول اجتماع للحزب بعد استلامنا السلطة عقدنا اجتماع وهذا.. في هذا الاجتماع نوقشت فكرة الإسراع بالتخلص من عبد الرزاق النايف والداوود.
أحمد منصور: بعد كم يوم؟
صلاح عمر العلي: يعني لا تزيد عن ثلاثة أو أربع أيام.
أحمد منصور: نستطيع أن نقول يوم 20 أو 21 يوليو
(10/459)
صلاح عمر العلي: بالضبط، فناقشنا هذا الموضوع واسترجعنا موضوع القرار وبدأنا نبحث موضوع التغيير، فأخذ أحمد حسن البكر الحديث.. أخذ دوره بالحديث بالقول: أنه إحنا أخذنا هذا القرار يا رفاق بظروف غير طبيعية وكنا متحسبين من عبد الرزاق النايف وكنا نخشاه وكنا.. كانت لدينا تحفظات كثيرة عليه، لكن النتائج حصلت على عكس ما كنا نتوقع، الرجل يعني لا أوقعنا في مصيدة ولا انتقم من عندنا، ولا قتلنا وكان بإمكانه يعمل لنا شيء ما، فبالتالي أنا أشعر أنه وبناءً على الصورة القاتمة لدى المواطنين العراقيين حول تجربتهم بـ63 ورغبة من عنده بأنه طيب إحنا يعني إذا بدأنا بالدماء ما راح ننتهي، بالتالي أنا أقترح عليكم يا إخوان أن نعطيه فرصة، نعطي هذا الرجل فرصة.
أحمد منصور: كان البكر هو رئيس الدولة.
صلاح عمر العلي: كان هو رئيس الدولة وهو مسؤول الحزب أيضاً في نفس الوقت، فاقترح علينا بإلحاح إنه نعطي فرصة للرجل لأنه ما سوى لنا شيء إطلاقاً هو دا يتعاون ويانا و.. ويعني أعرب عن التضامن معنا والتعاون المطلق معنا، فبالتالي يعني إحنا أخذنا هذا القرار بظروف مختلفة، لذلك أنا اقترح عليكم أن لا تلغوا القرار، إنما جمدوا هذا القرار لكي نختبر هذا الرجل، الأمر اللي أيضاً وضعنا أمام يعني.. يعني قبول لهذا الاقتراح.
أحمد منصور: في الجانب الآخر هل كان النايف يتربص بكم أيضا؟ ويفكر بنفس طريقتكم؟
(10/460)
صلاح عمر العلي: لغاية الآن ما عندنا أي مؤشر على أنه النايف كان يتربص حقيقة، فوافقنا على قرار بكر وجمدنا القرار، لكن بعد تقريباً خمسة أيام من هذا الاجتماع، دعانا البكر نفسه إلى عقد اجتماع عاجل وحضرنا في الاجتماع وإذا بالبكر يفاجئنا بالقول، يذكرنا أولاً برأيه في عبد الرازق النايف، وبتجميد القرار إزاء عبد الرازق النايف، ويقول لنا إنه عليكم أن تسرعوا فوراً للتخلص من عبد الرازق النايف لأنه توفرت لدي معلومات كاملة أنه يجري اتصالات بضباط.. بضباط بعثيين لا يعرف بهويتهم، يحرضهم على الانضمام إله من أجل الإطاحة بي، فرجاءً أسرعوا قبل أن يقضي علينا كلنا.
أحمد منصور: هل تأكدتم من هذا أم كان كلام البكر كافياً؟
صلاح عمر العلي: والله ما أكذب عليك.. ما أكذب عليك حقيقة إحنا طبعاً العمل الحزبي وخاصة السري يعتمد على شيء بسيط جداً هو الثقة، من فقد الثقة لا يوجد عمل.
أحمد منصور: أصبحتم دولة الآن.
صلاح عمر العلي: ويبقى الحزب حزب، فالثقة أولاً أنا مسؤول حزب رئيس الجمهورية، شخص هو طلب من عندنا أن.. أن لا ننفذ القرار، فإذن كيف إحنا نشك في هذا الأمر؟
أحمد منصور: كيف رتبتم للإطاحة بالنايف والداوود؟
صلاح عمر العلي: فـ.. تصدق.. طبعاً هو..
أحمد منصور: وبالحكومة الوطنية التي أُسست بعد 17 تموز.
صلاح عمر العلي: أبلغنا بهذا الأمر.. أبلغنا بهذا الوضع، وذكر قال أنا بعد الآن لن أجتمع معكم، اجتمعوا وحدكم، وأنا موافق على الخطة اللي راح توضعوها، لأنه لو اجتمعنا ربما يعني يكبسنا في هذا الاجتماع، وربما يقضي علينا كلاتنا، فأرجوكم اجتمعوا في أي مكان آخر وأنا موافق على الخطة مقدماً.
أحمد منصور: من منكم كان في الوزارة هذه؟ من القيادة القُطرية.
(10/461)
صلاح عمر العلي: كان.. كان عدد قليل في.. كان عبد الكريم الشيخلي، وزير الخارجية، وكان عندنا عبد الستار الجواري، وزير التربية، وكان عزت مصطفى، كان وزير الصحة، ويعني لا أذكر الآن العدد بالكامل، لكن المهم فعقدنا في اليوم الثاني اجتماع في مسكن الفريق صالح مهدي عماش عضو القيادة القطرية آنذاك.
أحمد منصور: ومن رأس الاجتماع؟
صلاح عمر العلي: هو وزير الداخلية.
أحمد منصور: كان وزير الداخلية.
صلاح عمر العلي: كان وزير الداخلية، نعم فطبعاً.
أحمد منصور: من الذي رأس الاجتماع؟
صلاح عمر العلي: لا أذكر الآن حقيقة، لا أذكر..
أحمد منصور: نعم من الذي كنتم تعتبروه الرجل الثاني بعد البكر؟
صلاح عمر العلي: أنا ما أعتقد أصلاً كان اجتماع رسمي، كان لقاء يعني بيناتنا، فبحثنا الموضوع.
أحمد منصور: من الذي كان حاضراً لو تذكر؟
صلاح عمر العلي: كل أعضاء القيادة القطرية ما عدا البكر، كافة أعضاء القيادة باستثناء البكر، فبحثنا الموضوع وكانت الحقيقة خطة من أبسط ما يكون وضعناها، إنه نتخلص من عبد الرازق النايف بأن نلقي القبض عليه بالقصر، ويكون عبد الرحمن عارف.. عبد الرحمن الداوود رايح إلى قطاعات صلاح الدين في المفرق بالحدود الأردنية، للتفتيش ثم نبعث له قسم من أعضاء المكتب العسكري للبعثيين يلقوا القبض عليه هناك ويسفروه إلى إسبانيا.
أحمد منصور: فقط أنتو المقصد فقط التخلص من رجلين.
صلاح عمر العلي: من رجلين نعم.
أحمد منصور: ليس أكثر.
صلاح عمر العلي: لا أبداً.
أحمد منصور: ليست عملية انقلاب.
صلاح عمر العلي: لا.. لا.. أبداً.
أحمد منصور: وإنما تصويب وتصحيح وتتمة لانقلاب 17 تموز..
صلاح عمر العلي: هذا.. هذا ما كنا نصوره، إنه هو عملية تصحيح وعملية إخراج هذا الجيب اللي دخل علينا بها الظروف الاستثنائية.
أحمد منصور: وأن يكون الانقلاب خالصاً للبعث دون شركاء.
(10/462)
صلاح عمر العلي: إيه صار فعلاً.. صار يعني الحكم صار بالكامل، طبعاً لأ كان أو أكو ناس غير بعثيين، بس كان القيادة العامة أو مجلس الوزارء كان طابعه العام هو بعثيين لكن مو كل المشتركين هم بعثيين.
تفاصيل الجزء الثاني من انقلاب يوليو 68 والتخلص من النايف والداود
أحمد منصور: كيف نفذ أو نُفِذَ الجزء الثاني من الانقلاب في 30 يوليو 68؟
صلاح عمر العلي: يوم الثلاثين تموز قررنا إحنا قبل يوم.. يوم 29 تموز كان عندنا لقاء في.. يعني لقاء غداء، فطرح فكرة أنه لدينا ثلاث فرق عسكرية في المفرق، وإلى الآن ما شافوا ولا واحد من القيادة، وبالتالي نعتقد أنه هناك حاجة ماسة لكي يقوم أحدهم بزيارة.. أحد العسكريين الكبار أن يقوم بزيارة الوحدات العسكرية ويتحدث وياهم ويشوِّفهم نفسه، ويتعرف على منهجنا وإلى آخره، فحردان عبد الغفار كان رئيس لأركان الجيش فاقترح إنه هو يروح إلى المفرق، عبد الرحمن الداوود اعترض، قال أنا وزير الدفاع فآني لازم أروح.
أحمد منصور: وأنتو عاملين كمين لعبد الرحمن الداوود.
صلاح عمر العلي: كنا صحيح، فطبعاً البكر تناول الحديث وقال يعني اقتراح عبد الرحمن الداوود في محله، أنا أقترح إنه يروح هو عبد الرحمن الداوود الآن، وبعد ما يرجع يروح حردان.
أحمد منصور: حضرت هذا الاجتماع.
صلاح عمر العلي: نعم أنا كنت موجود.
أحمد منصور: يعني كانت الحكومة بتجتمع مع الأمانة القطرية للبعث، يعني كان هناك تداخل؟
صلاح عمر العلي: لا لا كان.. كان لقاء على الغدا.
أحمد منصور: لقاء على الغدا.
صلاح عمر العلي: كان لقاء على الغدا الحقيقة في.. في.
أحمد منصور: لم يكن اجتماعاً رسمياً.
صلاح عمر العلي: لا.. لا في.. في.
أحمد منصور: لأن كان لدينا رأسين الآن، فيه هناك دولة وحكومة، وهناك حزب.
صلاح عمر العلي: نعم.. على لقاء غدا وداخل القصر الجمهوري، فتمت الموافقة وسافر عبد الرحمن الداوود.
(10/463)
أحمد منصور: بعد 17 تموز أريد أن أسألك هل كان هناك مجلس قيادة ثورة أيضاً بعد 17؟
صلاح عمر العلي: أيه كان طبعاً.. طبعاً.. طبعاً أيه كان.
أحمد منصور: كان بيرأسه البكر؟
صلاح عمر العلي: كان رئيسه البكر.
أحمد منصور: وكان له أعضاء مجلس قيادة ثورة، أكيد النايف والداوود وصالح مهدي عماش.
صلاح عمر العلي: النايف وسعدون غيدان، نعم.
أحمد منصور: وسعدون غيدان و..
صلاح عمر العلي: سعدون غيدان، محمد شهاب، النايف، عبد الرحمن الداوود، والبكر، وصالح عماش، وأظن إذا أنا مش غلطان كتير عبد الكريم الشيخلي وزير الخارجية.
أحمد منصور: يعني كبعثيين وغير بعثيين.
صلاح عمر العلي: أي نعم.. نعم، فيوم 29 إذن غادر السيد عبد الرحمن الداوود إلى المفرق.
أحمد منصور: أما يؤكد هذا إن الداوود والنايف لم يكونوا يخططوا للانقلاب ضدكم؟
صلاح عمر العلي: الواقع من أيش انطلقت أنت من هذا الاستنتاج؟
أحمد منصور: إن الرجل يريد أن يذهب إلى الحدود يعني فيه شعور من الأمن والثقة يعني.
صلاح عمر العلي: إحنا الحقيقة الشيء اللي أُبلغنا به ما كان عبد الرحمن الداوود، كان عبد الرازق النايف
أحمد منصور: كان النايف.. النايف كان يحضر هذا الاجتماع أو هذا اللقاء على الغدا؟
صلاح عمر العلي: أي نعم كان كل يوم.. كل يوم الظهر نلتقي، نتناول الغداء سوية كل يوم.
أحمد منصور: لم تلحظوا أي شيء غير عادي.
صلاح عمر العلي: لأ حقيقة.
أحمد منصور: فقط باستثناء ما أبلغكم به البكر من أن الرجل يتصل ببعض الضباط، بعضهم بعثيين لمحاولة التحرك معاه.
(10/464)
صلاح عمر العلي: بالضبط.. بالضبط، فالمهم عبد الرحمن الداوود سافر إلى المفرق يوم 29، يوم 30 كان بقى بس عبد الرازق النايف، عبد الرازق النايف كالمعتاد إجه إلى القصر وتناولنا الغذاء سوية بعد انتهاء الغداء اعتياديا يروح هو والبكر يعني إلى مكتب البكر يتشاوروا في بعض الأمور، وفي هذه المرة راحوا عبد الرزاق النايف وصالح مهدي عماش باعتباره وزير الداخلية وأحمد حسن البكر، دخلوا في المكتب ودخلنا آني وصدام حسين إلى مكتب البكر، أشهرنا أسلحتنا رأساً عليهم.
أحمد منصور: هذا كان المخطط.
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: لماذا أنت وصدام دوناً عن الآخرين؟
صلاح عمر العلي: والله هذا الاتفاق اللي صادر من القيادة، يعني أنا أعتقد لو أي عضو من أعضاء القيادة مكلف بهاي الموضوع هذا يقوم بنفس الدور، يعني ما.. مو لأنه عندنا مزايا أو مؤهلات خاصة..
أحمد منصور: عادة مثل هذه الأشياء بتحتاج إلى أناس ذوي مؤهلات خاصة يعني..
صلاح عمر العلي: والله أنا...
أحمد منصور: من المفترض ألا يكون في قلبهم أي شكل من أشكال الخوف، يكون عندهم إقدام، يكون عندهم شجاعة.
صلاح عمر العلي: والله أصارحك بكل..
أحمد منصور: يكون عندهم شيء من الدموية، استعداد لإطلاق الرصاص وقتل الآخر.
صلاح عمر العلي: أنا أقول لك بكل صراحة يعني أنا.. أنا أجاوبك من.. من خلال التجربة، ومن خلال الواقع، فيك أن تستنتج أي شيء آخر، لكن أنا أقول لك بصراحة لو أي عضو في القيادة مكلف يقوم بنفس الدور، وأنا مش أشجع الموجودين، على العكس يعني أنا شخص يعني ما عندي أي شيء متميز عن الآخرين.
أحمد منصور: سناً.. هل سناً أنت وصدام كنتم أصغرهم مثلاً؟
صلاح عمر العلي: لا ما كنا أصغر كان بعضهم أصغر من عندنا.
أحمد منصور: مع أنك لست عسكري وصدام ليس عسكري هو الآخر.
صلاح عمر العلي: طبعاً و لا عبد الخالق السامرائي إنه..
أحمد منصور: وهناك وهناك أعضاء عسكريين كانوا مثلاً..
(10/465)
صلاح عمر العلي: ولا عبد الخالق السامرائي عسكري، ولا عبد الله سلوم عسكري، ولا عزت مصطفى عسكري، يعني العسكريين ما كان عندنا كثير بالقيادة، نعم.
أحمد منصور: تعمدتم أنتم أن يكون النفوذ الأساسي للمدنيين وليس للعسكريين في هذا التصريح.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.. هذا صحيح.
أحمد منصور: كيف كان رد النايف على..؟
صلاح عمر العلي: دخلنا طبعاً إلى المكتب ورفعنا أسلحتنا عليهم، وصحنا بعبد الرزاق النايف أن يرفع إيديه، فكان على ما يبدو يحمل مسدس، حاول يمد إيده على المسدس، أخذنا من عنده المسدس.
أحمد منصور: أنت وصدام.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: ماذا كان البكر يفعل؟
صلاح عمر العلي: البكر الواقع عاش لحظات من الإحراج، يعني حاول يعني وكذلك صالح مهدي عماش، صالح مهدي عماش وقف صاح بينا قال يعني كأنه مُفاجأ بالموضوع أنه شو اللي حصل يا إخوان؟ خلونا.. خلونا نتفاهموا، فصرخنا فيه قلنا له إذا تحركت راح تقتل.
أحمد منصور: وكان صالح مهدي عماش والبكر يعلمون بالتمثيلية هذه.
صلاح عمر العلي: طبعاً إحنا.. إحنا خذنا الخطة بالكامل، قلنا يعني إحنا بحثناها وأخذناها، أخذنا بقرار من القيادة القطرية، وبالتالي فبعد أن أخذنا المسدس من عنده صار يتحدث بلغة أخرى، صار يتحدث عن عائلته عن أطفاله عن كذا، وأنه يعني أتأمل ما تؤذوني، ما تؤذون عائلتي وأنا ما عملت شيء ضدكم إلى آخره، فأيضاً نفس الشيء يعني أعطيناه أمان وضمان أنه ما يصح أن يقول شيء.
أحمد منصور: لم تحدثوا معه أنه كان يرتب لانقلاب ضدكم.
صلاح عمر العلي: بهذه اللحظات لا ما حكينا الحقيقة.. ما حكينا معاه بهذا الموضوع.
أحمد منصور: فقط كانت مهمتكم هو تجريده من السلاح والقبض عليه وأخذه إلى..
صلاح عمر العلي: نعم.. إلى مطار الرشيد العسكري.
أحمد منصور: مباشرة.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: كانت هناك طائرة تنتظر؟
(10/466)
صلاح عمر العلي: لأ ما كانت تتنظر، أيضاً هُيِّئت في.. وُضع في غرفة مجاورة لمكتب البكر، إلى أن هُيِّئت الطائرة، ثم خرج معه صدام حقيقة إلى.. إلى المطار، أنا ما.. ما طلعت.
أحمد منصور: لم تتحدثوا معه في أي شيء أخر؟
صلاح عمر العلي: يعني صار حديث بسيط جداً ما كان يعني ذو مغزى.
أحمد منصور: أخذ عائلته معه؟
صلاح عمر العلي: يعني مسألة العائلة مسألة كذا ولا تؤذوني إلى آخره.
أحمد منصور: أخذ معه عائلته؟
صلاح عمر العلي: عندما سُفِّر ما أخذ معه عائلته، فيما بعد راحت عائلته معه.
أحمد منصور: إلى أين؟ اختار المكان أم فرضتوه عليه؟
صلاح عمر العلي: أنا أعتقد راح إلى.. والله ما أذكر رأساً وين راح، بس أعتقد إلى.. إلى إنجلترا.
أحمد منصور: إلى إنجلترا صح، نعم، باختياره أم فرضتم عليه؟
صلاح عمر العلي: والله تعفيني أنا ها الموضوع ما دخلت في تفاصيله.
أحمد منصور: وماذا فعلتم؟
صلاح عمر العلي: أنا ما طلعت معه إلى المطار ولا اشتغلت في تحضير طائرة وها الاتصالات الأخرى.
أحمد منصور: صدام ذهب إلى المطار وأنت أين ذهبت؟
صلاح عمر العلي: أنا انتهى دوري.. انتهى دوري بمكتب الرئيس البكر.
أحمد منصور: وإلى أين ذهبت بعدها؟
صلاح عمر العلي: عدت إلى.. إلى... عادي يعني.
أحمد منصور: والداوود ماذا فعلتم به؟
صلاح عمر العلي: الداوود بعثنا في طائرة عسكرية خاصة إلى.. إلى المفرق، كان فيها عدد من أعضاء المكتب العسكري، راحوا لهناك، وطبعاً أيضاً يعني ألقوا القبض عليه، وحطوه في طائرة، وبعثوه إلى.. إلى إسبانيا، ثم صدر قرار بتعيينه سفير في إسبانيا.
أحمد منصور: كانت حتى الآن الحلول غير دموية.
صلاح عمر العلي: إلى الآن ما.. ما فيه دماء هذا صحيح.
أحمد منصور: صبيحة 30 يوليو/تموز 1986 أصبحت ثورة 68 أو انقلاب 68 بعثية خالصة، وأعيد تشكيل مجلس قيادة الثورة، وأصبحت أنت عضواً فيه.
صلاح عمر العلي: صحيح.
(10/467)
أحمد منصور: التشكيلة الجديدة للمجلس من أن.. ممن تكونت؟
صلاح عمر العلي: من كافة أعضاء القيادة القطرية زائداً حردان عبد الغفار.
أحمد منصور: حردان لم يكن بعثياً.
صلاح عمر العلي: لأ ما كان بعثياً يعني كان..
أحمد منصور: لكنه كان تكريتياً.
صلاح عمر العلي: سمه.. سمه صديقاً للحزب، وكذلك حمادي شهاب أيضاً، أضيف إلى مجلس قيادة الثورة وسعدون غيدان.
أحمد منصور: وأصبحت الكحكة خالصة لكم.
صلاح عمر العلي: بيد الحزب.
أحمد منصور: لا يشارككم فيها أحد.
صلاح عمر العلي: أبداً.
أحمد منصور: ووزعتم على أنفسكم المناصب والامتيازات.
صلاح عمر العلي: خالصة بيد القيادة.
أحمد منصور: نعم، كيف وزعتم السلطة بينكم كبعثيين في 30 يوليو 68؟
صلاح عمر العلي: في المرحلة الأولى الواقعة أيضاً كان يعني ما كانت الوزارة.. الوزارة خالصة للبعثيين، كان هناك عدد من أصدقائه ومن ذوي الاتجاهات الوطنية، وكان بجانب آخر كان الحوار مستمر ومتواصل بيننا وبين بعض الحركات السياسية، وأبلغها الأكراد والحزب الشيوعي العراقي، كنا نفاوض ونحاور منذ قبل استلامنا السلطة وبعد استلامنا السلطة، كنا نتحاور حول فكرة إقامة حكم ائتلاف وطني.
أحمد منصور: في هذه الفترة البكر كان تكريتي، صدام كان من تكريت، صالح مهدي عماش، حردان عبد الغفار...
صلاح عمر العلي[مقاطعاً]: لأ، صالح عماش ليس تكريتياً.
أحمد منصور: حردان عبد الغفار التكريتي.
صلاح عمر العلي: صحيح.
أحمد منصور: سعدون، حمادي شهاب.
صلاح عمر العلي: لأ، سعدون لم يكن تكريتياً، حمادي شهاب نعم.
أحمد منصور: حمادي شهاب كان تكريتي.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.
أحمد منصور: يُقال أن نسبة التكريتيين في مجلس قيادة الثورة كانت تمثل في سنة 69 حوالي 60% من الأعضاء؟
صلاح عمر العلي: ربما يكون هذا صحيح.
أحمد منصور: أنت كنت تكريتياً؟
صلاح عمر العلي: نعم.
(10/468)
أحمد منصور: نعم، كيف تفوق أهل تكريت أو التكارتة وسيطروا على مجلس قيادة الثورة والمناصب الرئيسية في الدولة؟
صلاح عمر العلي: هنا تبرز ملاحظتين الملاحظة الأولى: أنا طبعاً يمكن ذكرت لك في الحلقات السابقة أنه طبيعة المدينة.. طبيعة المدينة وكونها مدينة غير صالحة للزراعة دفعت منذ أوائل تشكيل الحكم الوطني، دفعت بأبنائها للتوجه نحو الدراسة بشكل عام، وخصوصاً الدراسات الغير مكلفة.. يعني غير مكلفة ماديًّا، فكان آنذاك الدراسات في الشرطة وبالجيش تتم على حساب الدولة، فلهذا السبب اندفع يعني أجيال كثيرة من أبناء هذه المدينة للدراسة العسكرية أو بالشرطة، فأصبح عدد العسكريين من هذه المدينة عدد كبير جداً، هذا أولاً.
ثانياً.. ثانياً: كون أحمد حسن البكر من هذه المدينة وكان له سمعة كبيرة جداً داخل صفوف العسكريين، بل يعني كان شخصيته جذابة وساحرة لدى أوساط العسكريين خصوصاً متوسطي وصغار الرتب، كان إله دور كبير جداً في جذب العسكريين إلى صفوف الحزب، هذا اثنين.
الملاحظة اللي.. اللي يجب أن لا تغيب عن البال أنه هذا الأمر لم يتم بدافع معين أو بتخطيط معين..
أحمد منصور: لم يكن هناك يعني بلديات مثلاً؟
صلاح عمر العلي: لأ، لأن..
أحمد منصور: بمفهوم المصريين؟
(10/469)
صلاح عمر العلي: أحب أوضح لك شيء.. الشكل بتاعنا، عام 63 قيادة الحزب طبعاً هذه عرفناها فيما بعد، لأنه إحنا في حينها لم نهتم بشخص من هذه المدينة أو من هذه الطائفة أو من هذا الدين، حزب علماني، حزب قومي، كان يعامل الجميع كل أعضائه بنفس القدر وبنفس المستوى، عام 63 قيادة الحزب المدنية كلهم بالكامل شيعة، باستثناء شخص واحد من عندهم كان سني، هذه القيادة الشيعية، وأرجو أن تهتم بهذا الموضوع، هذه القيادة المدنية الشيعية للحزب شكلت مكتب عسكري تابع لإلها، هذا المكتب العسكري بالكامل سُنَّة كلهم سنة، فعندما حان الموعد للقيام بثورة ضد زعيم حقيقي اسمه عبد الكريم قاسم، له شعبية له دور له يعني هيبة في.. في الدولة العراقية، القيادة المدنية هذه الشيعية كلفت الممثل العسكري السني أن ينفذ الثورة، وعملياً أنه إذا نجحتم في هذه الثورة سنستلم السلطة نحن المدنيين، وترجعوا إلى ثكناتكم، إذا فشلتم ستكونوا شهداء، وهذا اللي حصل عام 63، عام 68 صار العكس.
أحمد منصور: صار للسُّنة الأغلبية..
صلاح عمر العلي: نعم، لكن هذه في الحقيقة لم تكن يعني نتيجة تخطيط معين، الصدفة لعبت دور في هذا الموضوع.
أحمد منصور: لكن هنا يُلاحظ أيضاً فعلاً أن السنة أصبحوا أغلبية، والشيعة ربما شبه منعدمين في المجلس.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، كان عضو واحد.. عضو واحد في القيادة القطرية شيعي، هذا صحيح.
أحمد منصور: بعد ذلك بدأت.. صدام حسين بدأ يرتب أوراقه داخل الحزب بشكل أساسي رغم أنك قلت أنه كان أقلكم ربما رتبة في.. في المسؤولية حينما شرعتم بالثورة 17/ 30 تموز، وأصبح صدام حسين نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة، وبعد ذلك بدأ يهيمن على الحزب، ويقصيكم الواحد تلو الآخر، وتحولت الثورة البيضاء إلى ثورة حمراء وسوداء ودموية..
صلاح عمر العلي: صحيح.
(10/470)
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من بداية هيمنة صدام حسين على مقاليد الحزب وربما الدولة بعد ذلك قُبيل أو قبل أن يصبح رئيسا للدولة في العام 79.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/471)
الحلقة5(10/472)
الأربعاء 11/4/1424هـ الموافق 11/6/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
15/6/2003
- كيفية تصعيد صدام حسين داخل الحزب وداخل الدولة
- تآمر صدام حسين والبكر على صالح عماش
- تكليف صدام حسين ببناء الجهاز الأمني وترحيبه بذلك
- انتشار التلفيقات والاعتقالات والإعدامات بعد عام 68
- مؤهلات الوزراء والمسؤولين المعينين في العراق بعد عام 68
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.
نجح انقلاب 30 تموز 68، أصبح البعث يحكم العراق بشكل كامل، أحمد حسن البكر رئيساً للدولة وأميناً للحزب، عُيِّن حردان عبد الغفار التكريتي وصالح مهدي عمَّاش نائبين لرئيس الجمهورية، وُزِّعت المناصب المختلفة على أعضاء القيادة القطرية، ونالك منصب تقلبت في عدة وزارات مختلفة آنذاك، ولكن صدام حسين كان له ترتيب آخر يختلف عنكم جميعاً، كيف تم الترتيب لتصعيد صدام حسين في الحزب؟
صلاح عمر العلي: الحقيقة إحنا إلى.. إلى 30 تموز لم تتوفر بين أيدينا كأعضاء في القيادة مؤشرات جادة وحقيقية حول يعني نوايا صدام حسين أو البكر.
أحمد منصور: كيف كانت صفات وشخصية صدام آنذاك؟
(10/473)
صلاح عمر العلي: والله أنا الآن تعرف أنت.. الآن صدام حسين أصبح يعني خارج السلطة سواء كان ميت أو طيب، بس المهم أنه نظامه انتهى، ولكن للأمانة أقول: أنه لغاية هذا الوقت صدام حسين كان يتصرف بمنتهى الدبلوماسية واللياقة، وكان علاقاته وديِّة للغاية مع كافة أعضاء القيادة، وكان رجل يعني ما بدأ من عنده أي ما يسيء إلى عضو في القيادة، ويلتزم التزام شديد بكافة قرارات القيادة.
أحمد منصور: يعني لم تكونوا تعرفون قراءة شخصيته، أم أن شخصيته تبدلت وتغيَّرت؟
صلاح عمر العلي: أنا أحب أصارحك يعني لم تبرز مسألة يعني شاذة على سلوك صدام أو تصرفات صدام ما يوحي لنا بأنه يعني سيكون بهذا الشكل.. بهذا النمط من الطغاة في العالم أبداً.
أحمد منصور: لم يكن هناك في تاريخه في حياته ما يشير إلى أنه يخفي وراء هذا المظهر الذي يبدو وكأنه مظهر يعني فيه أدب ورقي واحترام للآخر شخصية دموية؟
صلاح عمر العلي: هو لاشك هو رجل يعني يتميز بفرادة في الشجاعة، وكثير من الأفعال والأعمال اللي أُوكلت إله أو هو بادر في.. في.. في تنفيذها كانت تنم عن شجاعة عالية، بس هذا ضمن مفاهيم المرحلة السابقة لم يكن يمثل صورة سلبية أو مؤشر سلبي إطلاقاً.
أحمد منصور: ثوريين يعني.
صلاح عمر العلي: يعني لأنه الشجاعة كانت مطلوبة في تلك المراحل، مثل ما مطلوبة بالنسبة للحركات الأخرى.
أحمد منصور: هناك فرق بين الشجاعة والدموية في التعامل مع الآخر، الشجاعة فيها رجولة، كل إنسان لابد أن يكون شجاع، يعني الشجاعة بتعطي الإنسان قيمة، لكن الدموية شكل آخر أيضاً من أشكال الصفات الشخصية.
صلاح عمر العلي: لأ، هو يعني لكي أكون أمين معك، هو فيه بعض الأحيان كان يمارس بعض الأفعال اللي توضع في خانة الشجاعة على وفقاً.. وفقاً..
أحمد منصور: كان تصوُّركم أيه للشجاعة آنذاك؟ ربما هي دموية، ولكن أنتم كبعثيين تسموها شجاعة.
(10/474)
صلاح عمر العلي: لأ.. لأ، خليني بس أكفي لك، لكن عنده ممارسات أخرى كانت تقع في الخانة الثانية.
أحمد منصور: هذا في الوقت في.. إلى 68..
صلاح عمر العلي: نعم.. يعني عملية مثلاً.. عملية اتهامه بقتل حاج سعدون مسؤول الحزب الشيوعي في تكريت، هذه كانت عملية غدر عملية غدر حقيقة.
أحمد منصور: سنة كام وقعت هذه لو تذكر؟
صلاح عمر العلي: عام 59، لكن بالمقابل مثلاً.. بالمقابل..
أحمد منصور: كيف وقعت هذه الحادثة إذا كنت تعرفها؟
صلاح عمر العلي: هذه الحادثة في الـ59 حصلت، حاج سعدون من نفس العشيرة عشيرة صدام، كان رجل محترم ويحظى بمحبة الكثير من أوساط المدينة، حتى اللي هم عندهم موقف من الحزب الشيوعي، أراد نظراً لدماثة خلقه وعلاقاته الاجتماعية الطيبة، هذا الشخص كان متهم من قِبل خال صدام اللي اسمه خير الله ترفاح.
أحمد منصور: أبو زوجته أيضاً.
صلاح عمر العلي: نعم، بأنه كان السبب وراء فصله من مديرية التربية في جانب الكرخ في بغداد على أساس كان هو وراء ها العملية فُصل خير الله ترفاح بعد 58، تعيَّن أولاً وبعدين فُصل، فخير الله ترفاح كان يعتقد أنه هو وراء هذه العملية، فخير الله ترفاح كلف صدام حسين بأن يقتل الحاج سعدون، وقتله في تكريت، وبطريقة بها غدر.. بها غدر.
أحمد منصور: كيف؟
صلاح عمر العلي: يعني أنه المدينة كانت بسيطة وصغيرة وشوارعها ضيقة، والكهرباء ما فيها، فكان الناس بعد.. يعني بعد أن تتناول العشاء في البيوت يتجهوا إلى مركز المدينة على المقاهي الشعبية يجلسوا فيها ساعتين أو ثلاثة يتحاوروا، يتناقشوا، ويلعبوا أشياء بسيطة جداً، يأخذوا الشاي، ثم يعودوا إلى منازلهم، وطبعاً في هذا الوقت ليس هناك كهرباء، فكان صدام راقبه الحاج سعدون، وعندما عاد إلى بيته اختبأ جنب البيت إلى أن إجا الحاج سعدون ضربه طلقتين أو ثلاثة وقتله.
أحمد منصور: ودخل صدام السجن، ولكن لم يحكم عليه؟
(10/475)
صلاح عمر العلي: أحيل إلى المحاكمة..
أحمد منصور: هو وخاله..
صلاح عمر العلي: هو وخاله وابن خاله عدنان خير الله، وأُفرج عنه لأنه ما.. ما كان أي أدلة حوله.
كيفية تصعيد صدام حسين داخل الحزب وداخل الدولة
أحمد منصور: كيف صُعِّد داخل الحزب؟
صلاح عمر العلي: داخل الحزب.
أحمد منصور: بعد ثورة 68 وداخل الدولة؟
صلاح عمر العلي: نعم، هو كان عضو في القيادة، كنا نناقش فكرة اختيار نائب لرئيس مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور: كان هناك نائبين لرئيس الجمهورية، ولكن لم يكن هناك نائب لرئيس مجلس قيادة الثورة.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، باعتبار أنه بروتوكولياً إذا غادر الرئيس البكر وهو رئيس مجلس قيادة الثورة سيعني نحتاج إلى من يحل محله كرئيس مجلس قيادة الثورة مثل رئاسة الجمهورية، وكانت الحقيقة بنظرنا أو بتفكيرنا إنه هاي فقرة ليس.. ليس لها قيمة، هي مسألة شكلية، ومع ذلك كان هناك مرشحين غيره لهذا المنصب، وأبرزهم هو صالح عمَّاش بحكم..
أحمد منصور: كان وزير الداخلية..
صلاح عمر العلي: بحكم مؤهلات كثيرة يحملها، لكن حقيقة هنانا هذه القصة اللي يعني أحدثت يعني فاد انعطاف في مسيرة الحزب.
أحمد منصور: ما هي؟
صلاح عمر العلي: في أحد الأيام كنا إحنا في اجتماع، وطرح أحمد حسن البكر علينا الفكرة التالية، قال: أنا يعني أقترح أنه أحد الإخوان أحد المسؤولين أحد أعضاء القيادة يحمل رسائل من رئيس الجمهورية، ويتجه إلى عدد من الدول العربية بهدف تعريف هذه الدول على يعني وضعنا الجديد.
أحمد منصور: بعد كم شهر من الانقلاب؟
صلاح عمر العلي: بأشهر قليلة ثلاث أربع أشهر.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول في شهر نوفمبر 68.
(10/476)
صلاح عمر العلي: يعني هي بالـ68 بعد ما إحنا بالـ68، فطبعاً إحنا استحسنا الفكرة، كلنا هذا شيء صحيح ومطلوب من عندنا، فقال: إذن أنا أقترح إنه الأخ صالح عماش يأخذ رسائل باسم رئيس الجمهورية ونتجه صوب المغرب العربي.. دول المغرب العربي، وهو يحدِّد الأيام اللي يقضيها في كل بلد، يوم، يومين، ثلاثة أيام، يشوف الإعلام، يشوف مثلاً وزير الخارجية، يشوف رئيس الدولة، يشوف، يلتقي مع الناس، يتحاور يعقد ندوة إلى آخره، وبعد أن يعود الأخ صالح أيضاً شخص آخر من بينكم يروح إلى الخليج العربي، فقلنا له: والله فكرة صائبة وممتازة، وإحنا مؤيديها، وهكذا المرحوم صالح عماش أخذ مجموعة رسائل من رئيس الدولة أحمد حسن البكر موجَّهة إلى رؤساء الدول في المغرب العربي، وغادر، بعد مغادرته بيعني إما ثلاثة أيام أو أربعة أيام دعانا أحمد حسن البكر لعقد اجتماع طارئ، والاجتماع الطارئ في الغالب آنذاك كان يعني حدوث شيء استثنائي، شيء طارئ غير اعتيادي..
أحمد منصور: فيه مؤامرة على الدولة، فيه تغيير أساسي سيحدث. نعم.
صلاح عمر العلي: فيه مؤامرة، فيه شيء استثنائي نعم.. نعم، فحضرنا إلى القصر الجمهوري، وكنا نجتمع في إحدى قاعات القصر، وعقدنا الاجتماع وإذا بأحمد حسن البكر يفاجئنا بما يلي بجو من التمثيل المتقن حقيقة، كان..
أحمد منصور: كان يجيده البكر؟
صلاح عمر العلي: والله أجاده إجادة كبيرة حقيقة، مع إنه أنا ما كنت مكتشف عنده ها الصفة هاي، فقال يعني أخذ السيجارة، وأخذ من عندها نفسين ثلاثة ويعني حكى أعرب عن.. عن يعني استيائه أو عن..
أحمد منصور: ممكن تذكر لي من الذي حضر هذا الاجتماع تحديداً؟
صلاح عمر العلي: كافة أعضاء القيادة ما عدا صالح مهدي عمَّاش.
أحمد منصور: اذكر لي عفواً الأسماء مرة أخرى المشاهد ينسى.
(10/477)
صلاح عمر العلي: نعم، صدام حسين، صلاح عمر العلي، عبد الله سلوم، عبد الخالق السامرائي، عبد الكريم الشيخلي، طه ياسين رمضان، عزت.. عزت الدوري، عزت مصطفى، يعني كل.. كل أعضاء القيادة باستثناء صالح مهدي عمَّاش، ما فينا ولا متغيب عن هذا..
أحمد منصور: هل كان هناك أعضاء في مجلس قيادة الثورة لا يحملون حقائب وزارية، أم أن الكل كان.. كان مستوزراً؟
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. نعم آنذاك.. آنذاك أغلبنا ما كان يحمل حقائب وزارية.
أحمد منصور: في ذلك الوقت؟
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، أنا من.. من بين الأشخاص ما كنت أحمل حقيبة وزارية ولا عبد الخالق السامرائي، ولا طه ياسين رمضان، لا كثير من عندنا ما كان يحمل..
أحمد منصور: طه ياسين رمضان كان يحمل ربما..
صلاح عمر العلي: لا.. لا.. بعدين..
أحمد منصور: من بعد..
صلاح عمر العلي: بعدين صار، المهم ففاجأنا البكر بالقول أنه لديه معلومات قاطعة غير قابلة للنقاش، غير قابلة لكذا للشك أن صالح مهدي عمَّاش يتآمر على الحزب والثورة، وأنا أطلب في هذا الاجتماع اتخاذ القرار المناسب.
أحمد منصور: ما شكل التآمر هذا الذي كان يتآمره عماش؟
صلاح عمر العلي: طبعاً هو أشار إلى أنه أيضاً يكتِّل بعض البعثيين، يعني يتصل بضباط بعثيين على انفراد ويحرضهم على الثورة وعلى الحزب من أجل الإطاحة فينا وفي التجربة..
أحمد منصور: كان الاتهام بالتآمر كفيل وسهل أن تلصق التهمة بأي شخص.
صلاح عمر العلي: أيوه سهل.. سهل صحيح، فطلب من عندنا اتخاذ القرار.
أحمد منصور: ماذا كان رد فعلكم؟
صلاح عمر العلي: سرعان ما انقسمنا إلى فريقين، فريق متمثل بطه ياسين رمضان وعزت الدوري، وبقدر أقل صدام كان يناور بالموقف، وطبعاً أحمد حسن البكر هو صاحب الفكرة، والباقين من الأعضاء يعني يمثلون طرف آخر، الطرف الأول سرعان ما طرح فكرة أنه يجب اتخاذ قرار بإعدام صالح مهدي عماش.
أحمد منصور: اللي هم المجموعة هذه..
(10/478)
صلاح عمر العلي: نعم، الحقيقة..
أحمد منصور: كده إعدامه مش محاكمته ولا التحقيق معاه..
تآمر صدام حسين والبكر على صالح عماش
صلاح عمر العلي: إعدام بدون محاكمة.. بدون محاكمة، خلاص بما أنه مسؤول الحزب ورئيس الجمهورية لديه هذه المعلومات ومتوفرة عنده هذه المعلومات إذن يكفي لاستصدار حكم الإعدام، الآخرين اللي إحنا كنا يعني سمِّنا مغفلين أو تسمينا مبدئيين أو سمِّنا ما شئت، أخذنا الموضوع بيعني بمفهوم آخر، أنه هذا مبدأ غير مقبول وغير ممكن، وإذا صار هذا المبدأ معناها كلتنا راح ننعدم بمجرد اتهام، فأخذنا موقف مضاد تماماً، ودخلنا في نقاش حاد للغاية فيما بيننا حول هذا الموضوع، فكان البكر يعني.. يعني يناور بين الطرفين، يحاول ما يظهر ميوله إلى الطرف الآخر، لكن واضح الموقف عنده.
أحمد منصور: كان لديكم قناعة بهذا الاتهام؟
صلاح عمر العلي: لأ، هو هذا اللي دعانا لاتخاذ الموقف يعني أنا شخصياً..
أحمد منصور: شعرتم بقلق ما؟
صلاح عمر العلي: إذا حدثتني إلي أنا شخصياً، أنا قناعتي أنه أي إنسان في القيادة ممكن يتهم بالتآمر إلاَّ صالح عمَّاش، لأني أعرفه عن قرب، وأعرف شو هو مزاجه، وكيف يفكر، الرجل كثيراً ما.. هو عسكري طبعاً.. عسكري قديم هو متمكن وضابط ركن، كثيراً ما كنت أحكي معه على انفراد، أنا كنت يعني أحكي معه أنه أنت يجب ما تنساش نفسك في العمل العسكري لأنه هذا يعني يشكل إلنا صمام أمان وضمان، لكن هو شخص حقيقة ذو ثقافة عالية، ومتنور جداً، وشخص يعني كاتب وشاعر وأديب وعنده إطلاِّع واسع جداً بالشؤون السياسية العربية والدولية، لذلك ما كان يهتم بهاي المسألة هاي نهائياً، كان شخص يعني طموحه محدود، تفكيره في هاي المسائل يعني شبه مقتول، الواقع لأنه إحنا مقتنعين إنه آخر من يتهم.. من يستحق هذا الاتهام صالح عمَّاش، لذلك إحنا سرعان ما..
(10/479)
أحمد منصور: أرجو أن تذكر لي هنا بشكل واضح مَن الذين وقفوا في هذه الجهة؟ ومن الذين وقفوا في هذه الجهة؟ لأنه من الواضح أن هذه الجلسة حددت مسار الحكم في العراق إلى 9 أبريل 2003.
صلاح عمر العلي: مضبوط.. من هنا.. من هنانا بدأت نكبة العراق، بل نكبة الأمة العربية، الطرف الأول اللي يعني رفعوا شعار إعدام صالح عمَّاش هو طه ياسين رمضان وعزت الدوري، عزت إبراهيم الدوري.
أحمد منصور: وكلاهما كوفئ من صدام بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم، بالدرجة الأولى، صدام طبعاً مثلما قلت لك وأحمد حسن البكر كان يناوروا بحيث يريدوا تطلع من الآخرين مش من عندهم.
أحمد منصور: كأن هناك توزيع أدوار..
صلاح عمر العلي: نعم، نعم.
أحمد منصور: شعرتم لحظتها أن هناك..؟
صلاح عمر العلي: لا.. لا إحنا ما شعرنا.. النتائج أثبتت هذا الشيء، الطرف الآخر اللي كنا صلاح عمر العلي، عبد الخالق السامرائي، عبد الكريم الشيخلي، عبد الله السامرائي، عزت مصطفى، يمكن هذه المهم.
أحمد منصور: تمت تصفية معظمكم.
صلاح عمر العلي: فاحتدم الصراع واحتدم النقاش واحتدم.. وارتفعت أصواتنا، وظلينا قرابة نصف ساعة إحنا نناقش هذا الموضوع، إحنا نرفض وهم يصروا على إنه لازم يعدم، فنفاجئ بأن يطلب الحديث البكر، قال: يا رفاق أنا أقترح أن يؤجل البت في قرار في.. في أمر صالح مهدي عماش، فإحنا اللي واخدين المسألة من منطلق مبدئي وأخلاقي افترضنا إنه هذا الموقف انتصار لموقفنا، وحقيقة حمدنا الله إنه طلعنا من هذا المأزق وهذه المشكلة الكبيرة، وهذا الصدام ربما يقودنا إلى كارثة، فرفُعت الجلسة، بهذا المفصل بعد تقريباً أربعة أيام عندنا كان عندنا اجتماع اعتيادي.
أحمد منصور: لأ، خلال الأربعة أيام هذه، ماذا حدث؟ الآن أنتم في مفصل تاريخي، في تاريخ الثورة والحزب وعلاقتكم ببعضكم البعض، هناك نائب رئيس الجمهورية متهم بالتآمر ومطلوب إعدامه من قِبل البعض والبعض الآخر معترض.
(10/480)
صلاح عمر العلي: نعم اعترضنا وأحمد حسن البكر أيَّد.. يعني بالمعنى.
أحمد منصور: أغلقت الجلسة هل توقف النقاش بعد ذلك طوال الأيام الأربعة؟
صلاح عمر العلي: لو سمحت، توقف النقاش طبعاً.. طبعاً..
أحمد منصور: حتى فيما بينكم بعضكم البعض في الخارج؟
صلاح عمر العلي: لا.. لا ما إحنا يعمل.. طبعاً على جانب ثنائية كنَّا نتحدث مع بعضنا يعني فافترضنا إنه الاقتراح اللي قدمه صالح.. أحمد حسن البكر كان انتصاراً لموقفنا، لأنه لما وافق على تأجيل البت بأمر صالح عمَّاش لغاية ما يرجع، فاعتبرنا هذا انتصار إلنا، وطلعنا لخارج الاجتماع وبدأنا نتحدث على أعقاب هذا النقاش اللي.. الدامي حقيقة فيما بيننا، فالمهم أنه عندنا إحنا اجتماع اعتيادي، هذا كان اجتماع طارئ، الاجتماع الاعتيادي حضرناه، لما حضرنا الاجتماع الطارئ.. الاعتيادي ناقشنا به عدة بنود، عدة فقرات تتعلق بالوزارات، بشؤون الحزب بشؤون الدولة، بشؤون المجتمع، ثم كانت هناك فقرة مدرجة في الاجتماع.. في جدول الأعمال اسمها اختيار نائب رئيس مجلس قيادة الثورة.
أحمد منصور: وكان عمَّاش لازال في سفره، ولم يبلغه أحد بأي شكل؟
صلاح عمر العلي: لازال في المغرب العربي، لم يبلغه أحد، وإذا بالبكر يطرح البند مع العلم إنه هذا.. هذه الفقرة كانت مؤجَّلة آخر مرة، باعتبارها غير مهمة، لأنه عندها أشياء أكثر أهمية من عندها، وإذا به يطرح هذه الفقرة ويطلب قال اللي يرشح نفسه لهذا المنصب يتفضل، طيب من فينا يملك الحق أو الجرأة أو.. أو الاستعداد لكي يطرح صالح مهدي عمَّاش، صالح مهدي عمَّاش متهم بالتآمر، كيف نطرحه؟
أحمد منصور: ومطلوب إعدامه من البعض.
صلاح عمر العلي: لاحظت ومع ذلك فوراً رفع إيده طه ياسين رمضان قال أنا أرشح الرفيق صدام، رجع عزت إبراهيم قال أنا أثني على هذا الترشيح..
أحمد منصور: يا سلام..
(10/481)
صلاح عمر العلي: وبما أن المناخ السائد آنذاك حقيقة إنه هذا المنصب هو عبارة عن شيء بروتوكولي شكلي ليس له قيمة.
أحمد منصور: يعني الآن إحنا من هذه الجلسة نفهم ما حدث في العراق بعد ذلك
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم..
أحمد منصور: وكيف بقى هذين الرجلين إلى جوار صدام إلى آخر لحظة.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم فمرَّ القرار بهذا الشكل..
أحمد منصور: وأنتم وافقتم ولم تعترضوا.
صلاح عمر العلي: إحنا لا يمكن أن نعترض أولاً..
أحمد منصور: لم تشعروا إن.. إن الاتهام اللي وجِّه لعماش كان تمهيداً لتمرير هذا القرار.
صلاح عمر العلي: أصارحك بالقول يعني كانت بعض الشكوك لكن ما وصلت إلى حد يعني القناعة المطلقة، كانت بدأت شكوك.
أحمد منصور: ماذا كانت مسؤوليات صدام في تلك المرحلة؟
صلاح عمر العلي: كان عضو قيادة قطرية.
أحمد منصور: لم يكن مسؤولاً عن أي شيء في الدولة
صلاح عمر العلي:لأ،لم يكن نهائي..
أحمد منصور: لم تكن بدأت قضية مسؤوليته عن أجهزة الأمن أو ميليشيا الجيش الشعبي التي شكلت؟
صلاح عمر العلي: لا.. لا بعد.. بعد ذلك اقترحنا فكرة يعني فكرة تتعلق بموضوع الأمن، يعني المهم..
أحمد منصور: نكمل هذا المفصل تفضل.
صلاح عمر العلي: اسمح لي أن.. أن أشرح هذه المسألة لأن حقيقة هي هاي..
أحمد منصور: هذا مفصل تاريخ العراق طوال..
صلاح عمر العلي: هاي المحطة اللي هي انطلقت من عندها كل الكلام اللي فات، فأصبح صدام نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وأحمد حسن البكر هو رئيس مجلس قيادة الثورة، الاثنين من نفس الأسرة ومن نفس العشيرة، خير الله ترفاح اللي هو خال صدام وابن عمة أحمد حسن البكر بدأ يلعب على وتر أو هو قبل الآن حقيقة كان يلعب على وتر تخويف أحمد حسن البكر من المستقبل، البكر..
أحمد منصور: كان وضع خير الله ترفاح أيه؟
(10/482)
صلاح عمر العلي: خارج السلطة وخارج الحزب، ما له علاقة، كان محافظ في بغداد.. محافظ بغداد، بس بدأ يدخل.
أحمد منصور: كانت مؤهلاته تسمح له أن يكون محافظ؟
صلاح عمر العلي: والله هو عسكري قديم وكمِّل حقوق أيضاً فيما بعد بوقت متقدم وكان مدير بالتربية والتنمية..
أحمد منصور: كان صدام تزوج من ابنته آنذاك؟
صلاح عمر العلي: هو متزوج من 63 حينما كان في القاهرة، فالمهم أنه البكر.. خير الله ترفاح بدأ يخوف أحمد حسن البكر، لأنه أحمد حسن البكر كما معروف أنه أول ضابط من الضباط الأحرار يُعتقل على.. على يد عبد الكريم قاسم بعد ثورة 58، ثم أحمد حسن البكر هو الذي خطط لما سُمي بثورة 14 رمضان عام 63، وطبعاً أُطيح به على يد عبد السلام عارف اللي جابه من بيته وحطه رئيس جمهورية، ثم هذه المرة الثالثة فكان خير الله ترفاح يضرب على هذا الوتر.. الوتر الحساس أنه عليك أن تستفيد من تجاربك السابقة، وعليك أن لا تكرر الأخطاء والفشل، وعليك أن لا تصبح أضحوكة أمام الآخرين، يجب أن ها تكون هذه فرصتك الأخيرة وحتى تكون فرصتك الأخيرة عليك أن تعتمد على الأسرة وليس غير، وشوف.. شوف حولك، كل النظم المستقرة هي النظم اللي تعتمد على الأسرة، وبالتالي إذن من حسن الحظ أنه وياك عضو في القيادة كأنه ابنك تقدر تربيه على.. على إيدك وتُهيِّئه في الوقت المناسب ممكن يكون هو بديلك، فأحمد حسن البكر تركبت في رأسه هذه.. هذه الفكرة خشية وخوفاً من أن تتكرر التجربة، فبدأ ينسق مع صدام، وتقاسموا السلطة وأصبحنا من الناحية الواقعية مجرد موظفين في.. لدى صدام حسين وأحمد حسن البكر.
أحمد منصور: متى بدأ نفوذ صدام بعد هذا التعيين في 68؟
صلاح عمر العلي: فوراً..
أحمد منصور: فوراً.
صلاح عمر العلي: فوراً رأساً انتقل إلى بناية المجلس الوطني وأحمد حسن البكر في بناية القصر الجمهوري، وتقاسموا السلطة وبدأ كلاهما يمارس السلطة من ماله، فوراً. إحنا طبعاً..
(10/483)
أحمد منصور: انتبه صدام إلى هذه النقطة وبدأ يمسك الأجهزة الأمنية في يديه.
صلاح عمر العلي: إحنا بالحقيقة كان عندنا جهاز أمني واحد هو الأمن العام، ما كنا نملك غير هذا، وكان بالجيش الاستخبارات العسكرية، فتصور المسخرة وين وصلت، إنه إحنا في أحد الاجتماعات تناولنا موضوع الأمن العام، وقلنا كان الرأي إنه هذه مديرية الأمن العامة أصبحت نقطة سوداء في تاريخ العراق، عذبت ناس، خطفت ناس، طاردت ناس إلى آخره، فيكفي إنه إحنا معتمدين على هذه الدائرة يجب أن تُلغى هذه الدائرة، بس حتى تلغى يجب أن نبحث عن جهاز أمني آخر، نشكل جهاز أمني آخر أنظف وأكثر إنسانية وأكثر إلى آخره، فبدأنا بتشكيل دائرة سميناها في البدء دائرة العلاقات العامة حتى تَقَصَّدنا أن.. لا نمنح هذه الدائرة صفة.. صفة أمنية، دائرة العلاقات العامة، وطُرح في الاجتماع في هذا الاجتماع طرح عليَّ أن أكون أنا رئيس هذه الدائرة ورفضت، وطرح على..
أحمد منصور: لماذا رفضت؟
صلاح عمر العلي: أنا بوقتها فوراً عندما يعني خيروني أن أكون أنا هذا قلت لهم مطلقاً لا يمكن أن أكون أنا مدير أمن، أنا..
أحمد منصور: لماذا؟
صلاح عمر العلي: كيف أكون مدير أمن؟ أنا إنسان سياسي وحزبي وعندي أفكاري وعندي يعني رفضت رفض بات.
أحمد منصور: ليس كراهية للنظام الأمني ولرجل الأمن..
تكليف صدام حسين ببناء الجهاز الأمني وترحيبه بذلك
صلاح عمر العلي: لا.. لا كراهية فعلاً لجهاز الأمن ولمهمة الأمن.
أحمد منصور: ممكن أن يكون الجهاز نظيفاً إذا وُجد في يد إنسان نظيف.
(10/484)
صلاح عمر العلي: هو.. هو المفروض أنه بدأ الجهاز يعني راح نبدأ تشكيله يعني ما كانت عندنا دائرة اسمها دائرة العلاقات العامة، يعني كُلفت ببناء جهاز أمني ورفضت رفض قاطع، وحاولوا قلت لهم مطلقاً هذا لا يمكن أن يكون، ثم اختير عبد الخالق السامرائي بديل عني، وكان عبد الخالق السامرائي آنذاك حقيقة إنه يعني شخص مبدئي وأخلاقي عالي وكذلك رفضها، رفض رفض بات، عندما..
أحمد منصور: كلكم رفضتم لأن صورة الأمن ورجل الأمن كريهة لدرجة..
صلاح عمر العلي: لا.. لكن عندما خيِّر صدام قبلها بدون نقاش.
أحمد منصور: لم يكن يسعى لها أو يرتب لها؟
صلاح عمر العلي: ما لا أعتقد بهذا لأنه..
أحمد منصور: لكن عرضت عليه.
صلاح عمر العلي: عرضت علي وعرضت على عبد الخالق السامرائي فلم نقبلها إحنا، فبدأ..
أحمد منصور: من اللي عرضها الرئيس؟
صلاح عمر العلي: طبعاً الرئيس، فقبلها صدام وهذه أيضاً كانت غلطة كبيرة جداً حقيقة لأن مكنَّا صدام من بناء منظمة أمنية رهيبة جداً، سرعان ما تحولت إلى أخطبوط امتد يعني في كل شغايل خلايا المجتمع، وصلت إلى حد أنه أي مسؤول عضو مجلس قيادة الثورة أو وزير لا يملك القدرة على أن ينقل موظف من دائرة إلى دائرة إلاَّ بموافقة الأمن المخابرات، ولا يملك القدرة على أن يفصل أو يعين موظف إلاَّ بموافقة هذه الدائرة، وهيمنت على كل مناحي الحياة في المجتمع، خصوصاً في فترة برزان التكريتي اللي هو أخ غير شقيق لصدام حسين.
أحمد منصور: نريد أن نعرف الآن.. سأعود يعني ستأتي كل هذه الأشياء تباعاً، ولكن نريد أن نعرف مصير صالح مهدي عمَّاش المتهم بالتآمر ماذا كان مصيره؟
صلاح عمر العلي: نعم، صالح عماش بعد فترة.. بعد أن انتهت مهمته عاد إلى بغداد، ونزل في المطار العسكري الرشيد.
أحمد منصور: كم امتدت مهمته تقريباً؟
(10/485)
صلاح عمر العلي: والله تقريباً عشرة أيام أو أكثر، فالرئيس البكر اتصل فيَّ وطلب من عندي أن أخرج إلى المطار لاستقباله وطلعت لاستقباله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يُطرح مرة أخرى قضية إعدامه والعقاب وبعد اختيار صدام؟
صلاح عمر العلي: أبداً، لم يُطرح نهائياً أنا خليته عندي بسيارتي الشخصية، وكنت أنا أسوق وهو جالس جنبي، حتى وصل البيت، وفي الطريق حكيت معه حول الاجتماع وما دار به، طبعاً قبل أن أطرح الموضوع، أنا بجو من الظرافة أو النكتة أو كذا، يعني تطلعت في صالح وقلت له يا صالح كيف أنت تسمح لنفسك أن تتآمر على الحزب وعلى الثورة؟ فهو صُدم، يعني فوجئ بالقصة، قال لي يعني شو ما القصة يعني، أنت جاد بالموضوع أم تمزح؟ قلت له حصل اجتماع وحكيت تفاصيل الاجتماع، فحضر رأسك للإعدام صالح تطلَّع فيَّ، تطلع فيَّ جيداً فسألني قال لي: أتمكن أن أعرف شو اللي حصل بعد، يعني فترة غيابي؟ حكيت له كثير من الأمور، يعني أصدقك القول أنه تقريباً نسيت مسألة اختيار صدام كنائب رئيس مجلس قيادة الثورة، كرَّر السؤال علىَّ أكثر من مرة، فقلت له: والله عُين صدام نائب لكذا، فابتسم بوجهي، قال لي: إذن مؤامرتي انتهت، قلت له شو بتقصد مؤامرتك انتهت؟
قال لي هي مؤامرة صدام وأحمد حسن البكر على صالح مهدي العماش، وليس العكس وراح تشوف أنه هذا الموضوع انتهى وبالفعل في أول اجتماع نحضر، ويحضر صالح عماش معنا، وإذن بأحمد حسن البكر يقرأ البنود..
أحمد منصور: محضر الاجتماع.
صلاح عمر العلي: محضر الاجتماع، وكان موجود به عدة نقاط ما عدا هذه المسألة كانت مغيبة، وإحنا..
أحمد منصور: إذن كانت المؤامرة هدفها الأساسي هو تمرير وصول صدام حسين، ليصبح نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة، حتى لو أدى هذا إلى إعدام شخص أو قتل آخر من الأشخاص، شعرت أيه وقتها؟
(10/486)
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، والله ما أكذب عليك يعني منذ تلك الجلسة بدأنا.. ليس أنا فقط إنما يمكن أنا أكثر واحد بهم شعرت بأني أنا خارج هذه اللعبة، خارج كل العمليات، خارج الحزب، خارج العمل السياسي، خارج مسؤولياتي، أصبحت أشعر بغربة شديدة جداً تجاه رفاقي.
أحمد منصور: وأصبحت تشعر بالمبادئ التي حملتها من أجل أن تحققها..
صلاح عمر العلي: أصبنا بصدمة ونكبة كبيرة جداً.
أحمد منصور: ومع ذلك بقيت.
صلاح عمر العلي: بقيت لأنه تعرف المسؤولية أمام شعبك، أمام رفاقك، أمام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف بدأ صدام يسيطر على المفاصل الأساسية للدولة من خلال جهاز الأمن الذي أصبح مسؤولاً عنه؟
صلاح عمر العلي: طبعاً أنشأ جهاز أمني أول مرة كان تحت اسم البلاغات العامة، ثم تحول اسمه إلى دائرة المخابرات وبدأ التركيز على هذه الدائرة، بدأت أولاً.. أول بداية بنائها كانت مبنية على أكتاف بعض البعثيين ذوي المؤهلات في هذا الميدان، الميدان الأمني أو المخابراتي أو إلى آخره، وبدأت تتطور بالتدريج، وطبعاً كُرِّست أو خُصص لها ميزانية مع الزمن بدأت تضّخم، خصوصاً بعد أن تمت عملية تأميم البترول..
أحمد منصور: سنة 72..
صلاح عمر العلي: وأصبحت موارد النفط كبيرة جداً في العراق، فأصبحت ميزانيتها مفتوحة.
انتشار التلفيقات والاعتقالات والإعدامات بعد عام 68
أحمد منصور: لكن أنا هنا في الفترة.. في العام 68، حصل عملية اتهامات وتلفيقات ومحاكامات وإعدامات للعشرات إن لم يكن المئات من أبناء العراق من شتى الطوائف ومن شتى المذاهب ومن شتى الأفكار السياسية، خيرة أبناء العراق بعد العام 68 تم تصفيتهم من قِبَل الثورة البيضاء التي تحولت منذ اليوم الأول إلى ثورة دموية ضد أبناء الشعب، التهم الملفقة الباطلة، اتهُّم عبد السلام عارف عام 69 بأنه عميل للـ CIA، في أكتوبر 69..
صلاح عمر العلي: عبد السلام عارف؟
(10/487)
أحمد منصور: عبد السلام عارف، قبضتم على عبد الرحمن البزاز، يعني كتاريخ كثورة يعني، الآن تشويه كل ما سبق، قُبض على عبد الرحمن البزاز الذي شهدت أنت بأنه كان من أنظف وربما أفضل رؤساء الحكومات في تاريخ العراق الحديث، وعُذب الرجل عذاباً أليماً، وحكمتم عليه بالسجن 15 عاماً، أصبح الشعب كله متآمراً عليكم، إذا أنتم بدأتم برفيقكم كمتآمر، أصبح الشعب كله متآمراً الشيعة، الأكراد، كثرت المحاكم الهزلية التي كان يرأسها ضباط صف وناس غير متعلمين كانوا أعضاء في مجلس قيادة الثورة، على سبيل المثال: في يناير 70 اتُّهمت مجموعة بالتآمر، وكان رئيس المحكمة طه ياسين رمضان الرجل الذي ليس معه شهادة عليا ليحكم على الناس، وكان معه ناظم كراز وحُكم بالإعدام على 42 شخص، يعني ما حدث من قِبَل المهداوي في عهد عبد الكريم قاسم كان رحمة بالشعب العراقي بالنسبة لما تم من قبلكم، في نوفمبر 68 اتهم مدحت الحاج سري شقيق رفعت الحاج سري الذي أُعدم في زمن عبد الكريم قاسم، وجهت له اتهامات بالعمالة، وظهر على التليفزيون، وكنت أنت وزيراً للإعلام، واعترف بتلفيقات طلبتموها منه، كيف أنت الآن رجل بدأت منذ اللحظة الأولى كما أشرت لي.. تقول أنك بدأت تشعر أنك غريب، ومع ذلك كنت يعني تسير في التيار، وكان هؤلاء البرآء من الناس يُقذفون إلى المحاكم وإلى المشانق وإلى الإعدامات وإلى المحاكمات الملفقة؟.
صلاح عمر العلي: نعم، أولاً أنا أحب أقول لك أنه أنا طبعاً كل عهدي يعني مع.. مع القيادة كان بحدود سنتين، يعني أنا انتهيت في شهر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا مليئين بالدموية.
صلاح عمر العلي: كان في شهر..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانوا مليئين بالمحاكمات الملفقة..
(10/488)
صلاح عمر العلي[مستأنفاً]: لو سمحت.. لو سمحت خليني أوضح لك ها المسألة، أنا خرجت من.. يعني كل مسؤولياتي في شهر يوليو عام 70 وخروجي من السلطة ومن الحزب طبعاً ما إجى نتيجة نزوة ولا إجى نتيجة يعني لحظة، إجى نتيجة تراكم لأزمات شديدة جداً كانت بيني وبين، يعني تحديداً بين أحمد حسن البكر وصدام حسين، وبدأت الحقيقة منذ الأشهر الأولى لاستلام السلطة، بدأت أزمتي، الأسباب اللي دعت أن أكون أنا متفرد ومن أوائل الذين اصطدموا بالشخصين المذكورين، كوني أولاً من نفس المدينة، هذا واحد.
أحمد منصور: تكريت.
صلاح عمر العلي: نعم، واثنين كوني كنت مسؤول عن ترتيبات الحزب خارج بغداد، فبدأت تقارير من البعثيين تصلني حول تجاوزات صدام وأقارب صدام، يعني خاصة خير الله ترفاح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: منها؟
صلاح عمر العلي: منها بدأ خير الله ترفاح على سبيل المثال، يستولي على أراضي وعلى بساتين وعلى دور وعلى مساكن لمواطنين، بدأ خير الله ترفاح كان كثير ما يروح إلى مدينة تكريت يوم الجمعة، يفتح الدائرة الرسمية اللي هي كان.. دائرة قائم مقام، ويبدأ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الحاكم للمدينة..
صلاح عمر العلي: نعم حاكم البلد، يوم الجمعة عطلة، فحاكم البلد يكون عطلته، هو يروح يفتحها..
أحمد منصور: يفتحها بالسر يعني؟
صلاح عمر العلي: لا لا، موجودين شرطة وهو محافظ بغداد، فيفتحها ويبدأ هو يبيع أراضي ويوزعها على أقاربه وبساتين، يستولي على أراضي، مواطنين عاديين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا في 68، يعني في الأيام الأولى للثورة69!!
صلاح عمر العلي: بالأشهر الأولى، بالأشهر الأولى.. بالأشهر الأولى بدأ خير الله ترفاح، ثم أيضاً أذكر جيداً أنه يوما ما جاني مدير الآثار العام، والآثار مرتبطة بوزارة الإعلام، فالدكتور..
أحمد منصور: كنت وزيراً للإعلام..
(10/489)
صلاح عمر العلي: عيسى سلمان، دكتور متخصص بالإعلام.. بالآثار، جاء عندي بالدائرة بالوزارة وبلغني بالشكل التالي قال لي أنا وصلتني معلومات أنه خير الله ترفاح الآن يؤسس لبناء مسكن إله قصر في قلعة أثرية قديمة اسمها قلعة (تكريت)، وهذه المنطقة منطقة أثرية ممنوع البناء فيها، فطبعاً أنا كل هذه الأمور بدأت يعني بحكم ارتباط أو تسلسل أعمالنا الحزبية أطرحها على البكر، وأحياناً يواعدني بالحل وما يحلها، ومرات يحل جزء من عندها، وهكذا بدأت تتأزم الأمور مع البكر خاصة، يوماً بعد يوم إلى أن تراكمت المشاكل وأصبحت لا تطاق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن كنتم تشعروا من اليوم الأول إن صدام بدأ يقاسم البكر السلطة فعلياً؟
صلاح عمر العلي: نعم طبعاً.
أحمد منصور: وبدأ نفوذ صدام يطغي منذ العام 68؟
(10/490)
صلاح عمر العلي: أنا بالنسبة إلى أتحدث عن نفسي، أنا بدأت الصورة أمامي واضحة جداً، آخر حدث.. آخر حدث حصل وأنت تتحدث عن موضوع المعتقلين والمعذبين وإلى آخره أنا كان في أحد الأيام عبد الله سلوم السامرائي، وهو عضو في القيادة معي انفرد بي، يعني خارج الاجتماع وأبلغني بقصة.. بالقصة التالية، قال لي: هناك طبيب معروف في بغداد اسمه شامل السامرائي استوزر فترة قصيرة جداً في أيام عبد السلام عارف، وهذا الرجل حقيقة لم يعرف عنه أي شيء سيء، بل كان.. كان معروف عنه أنه أيام الجمع.. أيام الجُمَع أيام العطل يفتح عيادته لمعالجة المرضى بالمجان، معروف عنه إنساني وإنسان يعني خلوق، يعني محبوب كثير في بغداد معتقل، طبعاً دون علمنا إحنا، لأنه الحقيقة تعرف أنت، إحنا غير قادرين أنه كل واحد من عندنا يروح يعرف رفيقه شو عم يعمل في.. في نطاق مسؤولياته، أنا عندي مسؤولية وصدام عنده مسؤولية أخرى، أنا ما.. ما أقدر.. أنا ما عندي هذا الوقت الكافي كي أشوف شون اللي عمله صدام حسين في هذه الدائرة، فلما أجي عبد الله السامرائي بلغني بأنه هذه الشخص معتقل ومُعرض إلى تعذيب وحشي، خطير للغاية، وقال لي بما أنه أنا من سامراء من نفس المدينة، وهو اسمه شامل السامرائي قال لي أنا أشوف أنه غير قادر أن أطرح هذا الموضوع، فأترجاك إذا ممكن تطرح موضوعه على الاجتماع..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني عضو وخائف يطرح الموضوع؟
(10/491)
صلاح عمر: لأ مش خائف، لأنه تعرف إنه من نفس المدينة، ربما تُفسر تفسير يعني غير صحيح، فرجاني أن أتبنى هذا الموضوع، أنا قلت له يا أخ عبد الله أنا جاهز لهذا الموضوع ما عندي أي مشكلة أطرحه، لكن بما أنه كما تعرف عندي مشاكل كثيرة صارت، ما أريد أعطي أي مستمسك لهؤلاء ضدي، فأريد أعرف بالضبط هل أن هذا الخبر صحيح 100% أم لا، فراح جاب لي شقيق شامل السامرائي والتقيت فيه، وسألته آني وأعطاني التأكيدات بأنه عندهم معلومات أكيدة أنه يُعذب تعذيب وحشي، وطرحت هذا الموضوع في الاجتماع.. في اجتماع القيادة، وأصريت أنه لم يناقش أي بند في هذا الاجتماع إلا بعد التأكد من هذا الموضوع وإذا كان هذا الرجل يعذب يجب اتخاذ الإجراء المناسب، وإذا لم يعذب فأنا أتحمل المسؤولية، هذا الموضوع حقيقة كان بمثابة القشة التي قصمت ظهرت البعير هو الذي خلق هذا الافتراق.
أحمد منصور: قبل هذا الموضوع.. قبل هذا الموضوع أنا عدَّدت لك لا أريد أن.. أن أمر على كل المحاكمات والاتهامات، أما كان البزاز يقتضي منك أن تتخذ موقفاً أقوى في محاكمته؟
صلاح عمر العلي: ما كنت.. أنا ما كنت أعرف أنه البزاز كان معتقل، أصارحك يعني.. أصارحك..
أحمد منصور: عضو مجلس قيادة ووزير ورئيس الوزراء السابق معتقل وحُكم عليه بـ 15 سنة وأنت لا تعرف؟!
صلاح عمر العلي: سيدي.. سيدي، خليني أقول لك إذا كان مسؤولياتي أنا يجي يتدخل فيها صدام حسين ولازم يعرف كل مفاصل..
أحمد منصور: لا هذه محاكمة لرئيس وزراء دولة.. رئيس وزراء سابق.
صلاح عمر العلي: بعد.. حُكم بعد ذلك مش يعني بالفترة اللي عم تتحدث عنها كان معتقل.
أحمد منصور: 69.. 69..
صلاح عمر العلي: كان معتقل نعم.
(10/492)
أحمد منصور: طيب يا شعب العراق العظيم عراق اليوم سوف لن يتسامح مع أي خائن أو جاسوس أو عميل للطابور الخامس، أنت يا إسرائيل اللقيطة، أنتم أيها الإمبرياليون الأميركان وأنتم أيها الصهاينة اسمعوني سوف نكشف ألاعيبكم القذرة سوف نعاقب عملائكم سوف نقدم كل جواسيسكم حتى لو كان هناك الآلاف منهم. سمعت الكلام ده قبل كده؟
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: ممن؟
صلاح عمر العلي: من صلاح عمر العلي.
أحمد منصور: ألقيت هذا الكلام من الإذاعة؟
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم..
أحمد منصور: في 5 يناير 69 حينما عُلِّق أربعة عشر متهماً على أعواد المشانق في ساحة التحرير منهم تسعة من اليهود العراقيين بتهمة التجسس، مصادر كثيرة قالت أن التهم كانت ملفقة إلى هؤلاء الناس.
صلاح عمر العلي: طيب راح أجاوب بالشكل التالي، طبعاً هذا الموضوع حقيقة يحتاج إلى جلسة.. إلى.. ندوة خاصة لأنه فيه تفاصيل فيه خلفيات كثيرة، ربما لا يتسع الوقت إلها، لأنه أيضاً سبق أن تحدثت عن هذا الموضوع في لقاءات تليفزيونية أخرى، بس لا بأس أن أعيد لك بتلخيص، أولاً: ليس كل من اعتُقل هو برئ، ليس كل من اُعتقل كان بريئاً، كان هناك مؤامرة سُميت بمؤامرة عبد الغني الراوي واعتُقل أشخاص كثيرين وربما أعدم عدد من عندهم، نجا من عندها عبد الغني الراوي، وعبد الغني الراوي مازال حي وموجود في المملكة العربية السعودية، أنا بعد كل ها السنين اللي مرت علي كنت وبعد أن تكشفت ألاعيب صدام وديكتاتورية صدام ودمويته بدأت أراجع كثير مع الأفكار، فبدأت أفترض أنه كل ما.. من اعتقل وكل المؤامرات التي اكتشفت كانت هي عبارة عن ملفقة لصدام حسين وكانت مفبركة من صدام حسين وهي مؤامرات صدام حسين ضد الآخرين.
أحمد منصور: على اعتبار أن صدام حسين كان الرجل الأول المسؤول عن الأمن، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، الرجل ذو النفوذ الذي كان يتقاسم مع البكر السلطة منذ العام 68.
(10/493)
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، ففي الـ 91 عام 91 التقيت عبد الغني الرواي في السعودية وأنا حدثته، قلت له أنا يا عبد الغني إحنا كنا سمعنا في وقتها عن مؤامرتك وأُعدم ناس واعتُقل ناس، الآن أنا أستطيع أن أقول أنها كانت مؤامرة صدام حسين ضدك، فما هو رأيك؟ هذا الرجل حي قال لي: لأ، الحقيقة أنا كنت متآمر، وكان يعني كنت ناشط وكنت أجري اتصالات مع.. مع جهات، وكان مركز التآمر عليكم في طهران مع شاه إيران ومع أميركان، والتقينا مع أشخاص وفلان وفلان وفلان وعدَّد لي أسماء كثيرة جداً وعن لقاءات وعن قصص كثيرة، ومع ذلك قال لي أنا حتى.. حتى يعني أطمئنك أنا عندي مذكرات مكتوبة بخط اليد فتفضل هاي النسخة من عندي احفظها بإيدك وأرجو ألا تنشرها إلا في الوقت المناسب، ومازلت أحفظ هذه المذكرات مال.. بخط إيده. ذكر لي أنه كان يتآمر مع CIA، مع شاه إيران، مع شخصيات عسكرية عراقية، مع مدنيين عراقيين، وقال لي أنه المؤامرة أوشكت أن تنجح لكن كان هناك اختراق الأمر اللي أفشل هذه المؤامرة، كان العراق قبل استلام السلطة يعج بشبكات تجسس كثيرة، وكان بعد استلام السلطة..
أحمد منصور: وبعد استلامكم للسلطة.
صلاح عمر العلي: لو سمحت لي، وبعد ما استلمنا السلطة، فحقيقة الأمر أقول لك إياها أنه أنا لا أتنصل من المسؤولية، لكن هذا الخطاب كان بطلب ورجاء من أحمد حسن البكر، لأنه قال لي أنه هذا معناه سنغرق في بحر من الدماء ومن ملاحقة الجواسيس و.. ستتكرر عملية 63، كانت مع الشيوعيين ها المرة راح ننساق مع.. مع شبكات التجسس، أرجوك تلقي خطاب بهذا المعني لكي أولاً تخيف الناس وتعطي فرصة للآخرين.. لمن متورط بهذا العمل أن يتراجع، نعم هذا أنا ألقيت الخطاب، لكن بنفس الوقت أريد أقول لك: وأنا حي، والحركات السياسية العراقية مازالت قائمة وموجودة أنا لم أشتغل في دائرة أمن، لم أعتقل شخص، ولم أضرب إنسان في حياتي كف واحد.
(10/494)
أحمد منصور: كنت جزءًا من النظام الذي كان يفعل ذلك.
صلاح عمر العلي: نعم، أنا أقول لك إياها أنا كجزء من النظام، أنا أتحمل مسؤولية يعني شو تسميها سمِّها، لكن أنا في حياتي لم أسمح لنفسي أنا كنت إنسان مبدئي وكنت أحب شعبي ومازلت أحب شعبي، ولن أسمح لنفسي ولا يوم أفكر في أن أهين إنسان عراقي والحركات السياسية المعارضة آنذاك موجودة حتى الآن، وربما الآن يسمعوا صوتي وسأكون أنا في أي لحظة من اللحظات مسؤول إذا تقدم واحد من حزب الدعوة، أو من الحزب الشيوعي، أو من الإسلاميين، أو من القوميين يتقدم ليؤكد أنه أنا يوم من الأيام قدته من بيته إلى السجن أو..أو ضربته أو اعتديت عليه أو حققت معه.
أحمد منصور: هذا لا يبرئك من المسؤولية.
صلاح عمر العلي: أبداً أنا قلت لك أنا أكون مسؤول مسؤولية تضامنية باعتباري كنت عضو في القيادة.
أحمد منصور: كيف كان صدام - باختصار- دعم مواقعه داخل الدولة؟ وعلى مَنْ اعتمد؟
صلاح عمر العلي: اعتمد أول ما اعتمد على المخابرات وبدأ..
أحمد منصور: من هم الرجال الذين اعتمدوا عليهم؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: من هم الرجال الذين اعتمد عليهم في..؟
صلاح عمر العلي: في الأيام الأولى اعتمد على أشخاص محدودين واحد من عندهم اسمه ناظم كزار، المشهور بالعراق. بأنه كان شخص دموي خطير للغاية وعلي رضا ويعني آخرين أنا الآن ما.. ما أقدر أتذكر أسماءهم الآن لكن معروفين لدى الشعب العراقي واحد واحد.
مؤهلات الوزراء والمسؤولين المعينين في العراق بعد 68
أحمد منصور: في هذه الفترة هل كان الوزراء مؤهلين لتولي مسؤوليات الحكم؟
صلاح عمر العلي: يعني الحكم على النجاح وعدم النجاح كيف شو المقاييس؟ ما هي مقاييسه؟
(10/495)
أحمد منصور: لأ يعني كان هناك بعض.. بعض الشخصيات التي كانت ربما شبه أمية كانت تتولى مناصب حساسة في الدولة، كانت تترفع، وديس على المؤسسة العسكرية وعلى عمليات الترقية والتنظيم التي كانت موجودة.
صلاح عمر العلي: نعم، في المجال العسكري طبعاً بالبدء يعني بعد ما استلمنا السلطة مباشرة أحمد حسن.. البكر باعتباره أصبح رئيس جمهورية فلم يعد قادر على أن يكون مسؤول المكتب العسكري فأنيطت مسؤولية المكتب العسكري بـ طه الجزراوي طه ياسين رمضان.
أحمد منصور: الذي كان نائب ضابط.
صلاح عمر العلي: نعم، وكان مكتبه في وزارة..
أحمد منصور: يرأس لواءات وجنرالات وأركان حرب!!
صلاح عمر العلي: نعم، وكان مقره في وزارة الدفاع، وبعد أسابيع للأمانة أقولها أنه بعد أسابيع من استلام السلطة في أحد الاجتماعات أحمد حسن البكر فاجأنا بطلب تنحية إخراج طه الجزراوي من.. من.. من عضوية القيادة، فعندما سألناه قال: هذا الإنسان إذا بقى أو هو كان مع.. قال إذا استمر في هذه المسؤولية معناها راح يعني يحرض كل الجيش العراقي علينا، ليش؟ قال: تعالوا شوفوا شو عم بيعمل بوزارة الدفاع، هو نائب ضابط بالجيش يجي ضابط برتبة لواء يؤدي له التحية قال هذه .. هذه بالنسبة للجيش يعني كارثة كبيرة.
أحمد منصور: يعني الآن...
صلاح عمر العلي: وصار يتقرب.. ويقرر مصائر الضباط، ينقلهم، ويعينهم إلى آخره، قال أنها مسألة غير قادر على أن أتحملها، يجب أن يخرج طه الجزراوي..
أحمد منصور: وهو الذي وضعه.
صلاح عمر العلي: هو اللي وضعه، فالحقيقة اللي صار أنه صار حل وسط بأنه أخرجناه من المكتب العسكري ولكن بقي عضو قيادة آنذاك، هذا فعلاً بالنسبة للأشخاص اللي أُنيط بهم وزارات، نعم يعني لو أخذنا مثال على ذلك هو..
أحمد منصور: إحنا بس كده عشان يعني نريد أن نفهم كيف حُكمت العراق من 68، ما هي مؤهلات الناس الذين حكموا هذه الدولة العظيمة؟
(10/496)
صلاح عمر العلي: مؤهلاتهم مثل مؤهلات الآخرين، فيهم ناجح يعني وفيه فاشل.
أحمد منصور: يا سيدي، ليس أقصد النجاح ولا الفشل، فين النجاح اللي أنتم حققتموه أنتم آنذاك؟
صلاح عمر العلي: تسمح لي أقول لك وين النجاح؟
أحمد منصور: فين؟
صلاح عمر العلي: تسمح لي؟
أحمد منصور: تفضل.
صلاح عمر العلي: أولاً: خلي يعني هذا الموضوع الحقيقة متداخل، أولاً: إحنا يعني نجحنا في تشكيل حكومة ائتلاف وطني اشترك فيها الأحزاب السياسية الوطنية في العراق.
أحمد منصور: قعدت أسبوعين ليس أكثر.
صلاح عمر العلي: لا.. لا مو أسبوعين، نجحنا في الاتفاق مع الأكراد بإصدار بيان الحكم الذاتي.. بيان 11 آذار سنة الـ 70.
أحمد منصور: بعد.. بعد.. بعد أيام تعرض البرزاني لمحاولة اغتيال.
صلاح عمر العلي: وهذا.. أنا أحكي لك.. أنا احكي لك عن فترتي.. فترتي أنا، أنا أحكي لك عن فترة كنت فيها مسؤول، أطلقنا سراح جميع السجناء السياسيين..
أحمد منصور: وبعد ذلك ملأتم السجون(..) الناس.
صلاح عمر العلي: أعدنا.. أعدنا كافة المفصولين لأسباب سياسية إلى وظائفهم، أعدنا الكفاءات المهاجرة إلى العراق نسبة كبيرة من.. من الكفاءات العراقية اللي كانت مهاجرة..
أحمد منصور: أنت واحد من أربعة ونصف مليون عراقي مشردين في الخارج.
صلاح عمر العلي: هذا.. هذا حصل فيما بعد، لكن أنا..
أحمد منصور: امتداد للنظام يا سيدي، البذرة الأولى وُضعت في.. في وقتكم.
صلاح عمر العلي: يا سيدي أنا.. أنا.. أنت عم تسألني سؤال محدد أنا أجاوبك عليه جواب محدد، أنا أحكي لك..
أحمد منصور: هذه ليست نجاحات.
صلاح عمر العلي: أحكي لك ضمن نطاق الفترة التي كنت أنا أحد المسؤولين فيها، شرّعنا قانون الإصلاح الزراعي ووزعنا أراضي على الفلاحين، وبعد أن كانوا..
أحمد منصور: وأذللتم ذوي الأملاك و.. مرمطُّوهم.
صلاح عمر العلي: هذا.. هذا لم يحصل في.. في المراحل الأولى، حصل فيما بعد سيدي، بعدين.
(10/497)
صلاح عمر العلي: أنا دائماً أتكلم عن الجذور..
صلاح عمر العلي: خليني بس..
أحمد منصور: الجذور التي قمتم بها في خلال الفترة من 68 إلى 70 التي كنت أنت فيها في السلطة..
صلاح عمر العلي: هذا أنا أحكي..
أحمد منصور: هي التي مهدت إلى تدمير العراق كلياً بعد ذلك ذلك.
صلاح عمر العلي: أنا أحكي لك عن الفترة التي كنت فيها مسؤول، نعم حققنا إنجازات كبيرة، حققنا إنجازات حقيقية، والأمر اللي دعا الأحزاب السياسية الأخرى أن توافق على المشاركة معنا، وإلا ما الذي دعا الحزب الشيوعي للمشاركة؟ ما الذي دعا مثلاً الأكراد للاتفاق معنا؟ هذه من الإنجازات.
أحمد منصور: هذا كان مخطط منكم، لأنكم كنتم مكروهين من الناس وبحاجة إلى أن تجمعوا الناس حولكم كفترة مرحلية حتى تتخلصوا منهم وتجزروهم بعد ذلك، وبعد ذلك تم مسلسل كبير من التآمر من صدام حسين تم تصفية فيه معظم قيادات البعث إما قتلاً أو إبعاداً أو..
صلاح عمر العلي: بالضبط دعني أقول أذكرك بهذا الأمر : صدام حسين بالحقيقة حتى يمهد لهيمنته المطلقة على الشعب العراقي أول ما بدأ بالبعثيين نفسهم، يعني بعد أن استكمل الهيمنة المطلقة على حزب البعث بفصل وطرد وإعدام و.. وعقوبات أخرى بعد أن تأكد من هيمنته الكاملة على حزب البعث انتقل في المرحلة الثانية إلى.. إلى المواطنين الآخرين، فإذن ضحيته الأولى هو حزب البعث.
أحمد منصور: سأبدأ معك الحلقة.. سأبدأ معك الحلقة القادمة من بداية تصفية صدام حسين لقيادات حزب البعث وهيمنته المطلقة على السلطة بعد ذلك، وهناك دور هام أنت قمت به في العام 68 أيضاً أتناوله معك في الحلقة القادمة هو ابتعاثك من قِبل القيادة إلى البرازيل للمجيء بالمؤسس ميشيل عفلق ليكون في العراق. أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم.
(10/498)
في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/499)
الحلقة6(10/500)
الأربعاء 25/4/1424هـ الموافق 25/6/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 16:14(مكة المكرمة)،13:14(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
22/6/2003
- مهمة صلاح عمر العلي للمجيء بميشيل عفلق من البرازيل إلى العراق
- استقبال ميشيل عفلق في العراق وموقف قيادات حزب البعث منه
- تقييم شخصية ميشيل عفلق ونقد أفكاره
- تعامل ميشيل عفلق مع مخالفيه في المؤتمرات القومية لحزب البعث
- أسباب ومبررات مدح ميشيل عفلق لصدام حسين
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح مرحباً بك.
بدأ صدام حسين بعد تعيينه نائباً لمجلس رئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤولاً عن الأجهزة الأمنية في إحكام قبضته شيئاً فشيئاً على مقاليد الحكم في العراق، رغم أن الرئيس كان هو أحمد حسن البكر، في البداية تقاسم معه السلطة، ثم بدأ بعد ذلك يسيطر عليها شيئاً فشيئاً، ولكن قبل أن أدخل إلى هذا الموضوع هناك مهمة أساسية كلِّفت أنت بها بعد ثلاثة أشهر تقريبا من قيام الثورة، تقريباً في أكتوبر عام 1968، حيث كُلِّفت من مجلس قيادة الثورة بالذهاب إلى البرازيل، حيث كان يقيم مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق للمجيء به إلى العراق، لماذا اُخترت أنت لهذه المهمة؟
مهمة صلاح عمر العلي للمجيء بميشيل عفلق من البرازيل إلى العراق
(11/1)
صلاح عمر العلي: الحقيقة قبل أن أجيبك مباشرة عن هذا السؤال في يعني.. يعني الأفكار أو بعض المعلومات لابد من الإشارة إلها لكي تكون الصورة واضحة، تحدثنا عن ما حصل في سوريا على يد رفاقنا في 23 شباط عام 66، حيث قاموا بانقلاب عسكري ضد ما كنا نطلق عليه القيادة القومية الشرعية باعتبارها قيادة قومية منتخبة وفق الأصول، وفق اللوائح.. القوانين الحزبية.
أحمد منصور: الحزبية.
صلاح عمر العلي: داخل الحزب، بعد أن قاموا بالانقلاب طبعا أطاحوا بالقيادة القومية، وصدرت أحكام بحقهم تتراوح بأن السجن لعدة سنوات وبين الإعدام، فاختفى معظم أعضاء القيادة القومية، وهربوا إلى.. إلى لبنان متخفيين، والقيادة البديلة التي سيطرت على الأوضاع في سوريا طبعاً كانت تفتقر إلى مرجعية قومية، فسرعان ما عقدوا مؤتمر قومي، مؤتمر قطري وثم مؤتمر قومي، ثم انتخبوا قيادة قومية جديدة، وكوَّنوا لهم مرجعية قومية، نحن في العراق أصبحنا بدون مرجعية، بل يعني ربما أستطيع القول أنه مرجعيتنا كانت فعلا شبه مغيبة، أولاً: قسم من عندهم تركوا الحزب. ثانيا: مختفية كما ذكرت لك، ويعني لم يعد..
أحمد منصور: مين أبرز من تركوا الحزب كمرجعيات؟
صلاح عمر العلي: السيد عبد الكريم الحوراني، الأستاذ صلاح البيطار، وآخرين، فأصبحت القيادة القومية على هذا الأساس تتمثل بعبارة بعن.. عن شيء رمزي فقط، وفي الواقع انحسرت مرجعيتنا القومية بشخص الأستاذ ميشيل عفلق.
أحمد منصور: محور الخلاف بينكم وبين السوريين، هل كان فيه شيء من الأفكار أو المعتقدات، أم أنها كلها خلافات شخصية؟
صلاح عمر العلي: لأ، بالواقع يعني هناك مزيج من..من الخلافات مزيج من الأسباب، فيها أفكار، فيها أسباب فكرية وسياسية، وفيها في الواقع كما أرى يعني فيها أشياء ذات طبيعة شخصية.
أحمد منصور: ما هي الجوانب الفكرية ومؤسس الحزب.
صلاح عمر العلي: هو بالواقع..
(11/2)
أحمد منصور: الثلاثة المؤسسين، اثنين ابتعدوا والثالث هرب إلى البرازيل.
صلاح عمر العلي: كان في الواقع يعني انتقاد الإخوة في سوريا ينصب في الإطار العام حول التركيز على أن القيادة القومية لم تعد قادرة على تطوير أفكار الحزب بشكل عام، ولم تعد أفكار الحزب قادرة على أن تتماشى مع معطيات ومتطلبات المرحلة اللي يعيشها الحزب.
أحمد منصور: هو كان فيه أفكار أصلاً، دا أفكار مشوشة.
صلاح عمر العلي: في الواقع.. لو سمحت لي، هو الحقيقة يعني الحزب كان طارح منطلقات فكرية ونظرية وهذه المنطلقات طبعاً لم يمنح الحزب يعني فسحة من الوقت أو من التأمُّل بحيث يستطيع أن يطورها، لأنه بمجرد أُعلن عن تشكيل الحزب وجد نفسه بسرعة داخل في.. في صميم الصراعات السياسية سواء كان على الصعيد السوري أو على الصعيد العراقي، على عكس مثلاً على سبيل المثال ما حصل بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي خلينا نقول، الحزب الشيوعي حتى في سوريا مُنح فرصة طويلة من النشاط وتطوير أفكاره في داخل القطرين، بحيث استطاع أن يخلق يعني كوادر أولاً قيادية وثقافة حزبية، وتمكن هو من تطوير أفكاره بالتدريج، بحيث يعني أصبح عند رؤية أكثر وضوح من رؤية الحزب، حزب البعث ما وُفِّرت إله مثل هذه الفرصة.
أحمد منصور: وفِّر أفضل يا سيدي..
صلاح عمر العلي: لأ.
أحمد منصور: الأحزاب الأخرى لم تتح لها فرصة أن تقفز إلى السلطة بمجرد أن تطرح بعض الأفكار الضبابية كما حدث، في سنة 49 ميشيل عفلق أصبح وزيراً في الحكومة في سوريا، ووزيراً لأخطر وزارة وهي وزارة التربية، بعد ذلك الحزب قفز في 63 عندكم ثم قفز هنا أيضاً في 63 إلى السلطة، ثم حدث الصراع وانقسم سنة 66، في حين أن هناك أيضاً مشاركات سابقة لم تُتح لـ.. حتى أحزاب أقدم من أحزابكم وأفكار أوضح من أفكاركم.
(11/3)
صلاح عمر العلي: أنا بتقديري، وأعتقد بناء على التجربة هو بالعكس تماماً المشاركة في السلطة أو القفز على السلطة كانت إحدى الأسباب اللي حالت دون توفُّر الإمكانيات للحزب بأن يطوِّر أفكاره وأن يطوِّر مبادئه، وأن يطوِّر..
أحمد منصور: كنتم غير مؤهلين يعني للسلطة.
صلاح عمر العلي: بالراحة.. لأ، ليس هذا السبب، قصدي المشاركة في السلطة لا تمنح الكادر الحزبي أو القيادي الحزبي بأن يتأمل وأن يطوِّر أفكاره ويطوِّر أفكار حزبه.
أحمد منصور: لم تكونوا ناضجين لا سياسياً ولا فكرياً للمشاركة في السلطة.
صلاح عمر العلي: سيدي، حالنا إحنا حالنا حال كل الأحزاب الأخرى ليس في الوطن العربي، إنما في كل الأقطار الأخرى، في..
أحمد منصور: أنت قلت أن الآخرين مُنحوا فرصة أن يطوِّروا أفكارهم.
صلاح عمر العلي: نعم، أنا تتحدث أنت عن أنه إحنا غير مؤهلين، لأ، هذا الأمر حقيقة إذا كان ينسحب علينا فهو ينسحب على عدد كبير جداً من الحركات السياسية في العالم..
أحمد منصور: لكن لنبقَ في إطاركم أنتم.
صلاح عمر العلي: هناك.. تتوفر لدينا كوادر متقدمة وناضجة ومؤهلة، كما أنه عندنا بعض الكوادر اللي لم تكن مؤهلة لاستلام السلطة، لكن..
أحمد منصور: لكن ممارستكم للسلطة أثبتت أنكم كنتم مؤهلين؟
صلاح عمر العلي: كان هناك عدد كبير من أعضاء الحزب كانوا مؤهلين، نعم.
أحمد منصور: أنا أقصد الممارسة الآن والنتائج هل أثبتت أن هناك تأهيلاً؟
صلاح عمر العلي: على.. على أي حال الآن .. نحن الآن بصدد الحديث عن هذا الموضوع، أنا أعتقد أن الحزب لو لم يواجه تآمر داخلي، تآمر داخلي ربما كان قادر على أن ينهج نهج سليم وبنَّاء.
أحمد منصور: ما هي.. ما هي خلفيات هذا التآمر شخصية أم خارجية؟
صلاح عمر العلي: بالواقع على الصعيد العراقي أنا أعتبر أنه يعني أخطر ظاهرة شاهدها الحزب هو الظاهرة المتجسدة في شخص صدام حسين.
(11/4)
أحمد منصور: الآن أبقى معك في إطار ميشيل عفلق والمهمة التي كُلفِّت بها عام 68 بعد صراع بين القيادتين القطرية والقومية عام 66 في سوريا، هرب الكثيرون من قيادات القيادة القومية، وكان من بينهم ميشيل عفلق الذي حوكم بالإعدام وكعادته عند يعني الملمات يهرب أو يختفي، هرب إلى البرازيل واعتكف هناك، لماذا كُلِّفت أنت بمهمة الذهاب إليه.
صلاح عمر العلي: والله أنا لا أحمل أي سبب يعني لا.. لا أملك على كل حال..
أحمد منصور: كيف حدث التكليف؟
صلاح عمر العلي: هو الواقع لم أُكلَّف من قبل مجلس قيادة الثورة، كُلِّفنا من قِبل قيادة الحزب.
أحمد منصور: من كان قائد الحزب؟
صلاح عمر العلي: كان..
أحمد منصور: أحمد حسن البكر.
صلاح عمر العلي: أحمد حسن البكر وباقي أعضاء القيادة القطرية في يعني اجتماع كُلِّفت بأن أغادر إلى البرازيل بقصد يعني العودة بالأستاذ ميشيل عفلق.
أحمد منصور: هل هناك شخص معين في قيادة الحزب هو الذي اقترح عودة ميشيل عفلق بحيث يكون المرجعية لكم.
صلاح عمر العلي: لأ، هو بالحقيقة كان هذا أمر بديهي وطبيعي، ولابد من حدوثه، يعني لأنه إحنا كما ذكرت لك كنا نفتقر إلى مرجعية قومية، والمرجعية القومية آنذاك كانت تتجسد في شخص ميشيل عفلق.
أحمد منصور: لماذا اختار عفلق البرازيل ولم يختر مكاناً آخر؟
صلاح عمر العلي: كما أعتقد كان عنده خال طبيب مقيم في البرازيل، وبما أن ميشيل عفلق كان محكوم بالإعدام ومتخفي في لبنان، وربما كان يخشى من يعني إلقاء القبض عليه، فضَّل أن يلجأ إلى خارج المنطقة العربية، وبما أنه ليس لديه أي إمكانية اللجوء إلى الدول الأخرى، وليس له.. مصادر مالية حقيقية سوى يعني.. يعني اللجوء إلى خاله، أنا أعتقد هذا هو الأمر الوحيد اللي دعاه أن يغادر إلى البرازيل بقصد يعني أولاً ضمان أمنه وأمن عائلته، وثانيا: إنه ما عنده مصدر مالي نهائياً.
(11/5)
أحمد منصور: كيف كنتم تنظرون أنتم كبعثيين عراقيين إلى ميشيل عفلق؟
صلاح عمر العلي: أنا لا أخفيك بأنه كان النظرة السائدة بين أوساط الحزب ترقى إلى مستوى التقديس والاحترام الكبير جداً.
أحمد منصور: في تلك المرحلة، كيف وجدت عفلق حينما ذهبت إليه ولقيته في البرازيل؟
صلاح عمر العلي: أنا بعد أن كلِّفت من قبل قيادة الحزب بهذه المهمة غادرت إلى بيروت، وطبعاً اصطحبت أحد البعثيين اللبنانيين.
أحمد منصور: مَنْ تذكر؟
صلاح عمر العلي: لأنه كان الحقيقة يجيد لغات أجنبية كثيرة، بينما أنا حتى ذلك الوقت لا أجيد إلا الإنجليزية، وكانت إنجليزيتي بسيطة جداً، فاصطحبته لهذا الغرض، ومن الغريب بمكان إنه بمجرد وصولنا إلى مطار سان باولو العاصمة آنذاك، وجدنا نفسنا أنا وهذا الرفيق على نفس المستوى، يعني فوجئنا بأن اللغة المستعملة في البرازيل هي اللغة البرتغالية، وهو شخص لا يجيد البرتغالية، على العموم اتصلنا بالسفارة العراقية، وطبعاً عن طريق السفارة العراقية اتصلنا بالأستاذ ميشيل عفلق وأخذنا موعد، فزرته أنا في البيت..
أحمد منصور: كيف وجدته؟
صلاح عمر العلي: البيت كان طبعاً بيت خاله، وكان يسكن فيه، خاله هو رجل متقدِّم في السن، وكان بيت بسيط ومتواضع، والأستاذ ميشيل كان عنده أربعة أطفال بالإضافة إلى زوجته، ويعني واقعاً أنا وجدته يعيش في حالة مزرية جداً للغاية في هذا البيت بيت صغير، وكان يتكَّدس أطفاله وزوجته، وهو في غرفة واحدة مع استعمال صالون صغير جداً.
أحمد منصور: ماذا كان موقف عفلق من انقلابكم؟
صلاح عمر العلي: عندما طبعاً التقيت فيه وحدثته عن ما حصل في العراق وعن رغبتنا في عودته إلى العراق حقيقة فوجئت بموقف سلبي وشديد السلبية، وكان يعني يرفض العودة إلى العراق، وطبعاً..
أحمد منصور: أسباب.. ما هي أسباب الرفض؟
(11/6)
صلاح عمر العلي: الأسباب في الواقع كما ذكر لي إياها في حينها قال لي: أنا الآن بدأت أشعر في غربة حقيقية إزاء الحزب حزب البعث، وسبب هذا أنه يعني كلاً من علي صالح السعدي، ذكر بالأسماء علي صالح السعدي في العراق وحمود الشوفي في سوريا خرَّبوا هذا الحزب وحوَّلوه إلى حزب آخر أنا لم أعد أشعر بأي علاقة في هذا.. في هذا الحزب.
أحمد منصور: من أي ناحية قصد التخريب التنظيم أم الأفكار؟
صلاح عمر العلي: قصد تخريب الأفكار والسياسات ويعني الأشخاص، حكى كثير حقيقة عن هذا الموضوع، واعتذر بشدة، وقال لي: أنا في الحقيقة أشكرك جداً، وأشكر رفاقك في العراق على هذا الموقف، لكن تعذرني أنا لم أعد يعني أشعر بأي علاقة في هذا الحزب.
أحمد منصور: صورة التقديس التي كانت في نفسك ماذا حدث لها حينما سمعت هذا الحوار؟
صلاح عمر العلي: صُدمت صدمة كبيرة جداً، لكن أنا طبعاً مُكَلَّف بمهمة ومسألة عدم عودة ميشيل عفلق ستعد أول مهمة فاشلة وتحسب عليَّ، ولذلك أصريت على عودته ودخلت في مناقشات معمقة معه استغرقت حوالي ثلاثة أسابيع حتى أقنعته بالعودة.
أحمد منصور: كيف أقنعته؟
(11/7)
صلاح عمر العلي: أقنعته بالعودة الحقيقة استعملت معه طبعا المنطق أنه أنت أولاً يعني أنت مؤسس حزب ولست عضواً منتمياً إلى حزب، فإذا كان جائز لي ولأي شخص منتمي إلى الحزب الاستقالة أو الانسحاب من الحزب تحت أي سبب من الأسباب إلا أنه أنت الوحيد الغير مسموح لك أن تنسحب من الحزب باعتبارك مؤسس وصاحب أفكار وعندك يعني موقف إزاء القضية القومية، فأنت الشخص الوحيد غير مسموح لك من.. من.. للانسحاب من هذا الحزب تحت أي ظرف، إذا كان الحزب كما ترى أنه شُوِّه ومُسخ وتحوَّل إلى شيء آخر، نحن الآن يعني عارضين عليك وراغبين في مجيئك إلى العراق وأنت بإمكانك أن تعيد الحزب إلى أصالته إذا كان هنالك شيء من الانحراف، علماً بأنه إحنا نعتقد أن التشويه في الحزب على الأقل ضمن التنظيم اللي كنا إحنا نقوده يعني إذا سلمنا بوجود تشويه فهو تشويه طفيف جداً ولا يعني يبرر هذا الموقف، فاستمريت على هذا المحور وتشعبت في العديد من الأفكار وكما ذكرت لك استغرقت حوالي ثلاثة أسابيع ثم أقنعته بالعودة على أن يعود على مراحل، قال لي: أنا أتجه من البرازيل إلى باريس لأن كان هناك عدد من رفاق عرب غير عراقيين مقيمين في باريس بقصد أن يلتقيهم وأن يتحاور معهم حول الحدث اللي حصل في بغداد ويسمع من عندهم الرأي، ثم بعد ذلك يتجه إلى لبنان بنفس الهدف، وبعد ذلك يصل إلى بغداد وهذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كانت له شروط في العودة؟
صلاح عمر العلي: الحقيقة ما كانت له شروط أبداً، يعني كانت فقط عنده هواجس، عنده مخاوف، عنده ريب من.. تجاه الحزب بس لا أكثر ولا أقل ما وضع أي شرط.
أحمد منصور: ربما كانت هذه هي المرة الأولى بالنسبة إليك التي تكون فيها قريباً بشكل أكبر من عفلق ومن أفكاره ومن شخصيته.
(11/8)
صلاح عمر العلي: صحيح أنا التقيت فيه بالسابق أكثر من مرة، لكن هذه المرة الأولى التي يعني التقي فيه كل يوم لمدة ثلاثة أسابيع، وتحاورنا مطولاً حول الحزب مستقبل الحزب، عمل الحزب، اتجاهاته، إلى آخره، يعني دخلنا بالعمق في كل القضايا اللي تتعلق بالحزب.
أحمد منصور: كيف تحوَّلت قناعاتك بشخصية الرجل الذي كنتم تقدسونه بعد هذا القرب الشديد في الحوار وفي اللقاءات؟
صلاح عمر العلي: أنا كما ذكرت لك حقيقة عندما يعني أعلن عدم استعداده للعودة إلى العراق صُدمت، لكن عندما بدأ يعني يشرح لي وجهة نظره في.. والأسباب الداعية لهذا الموقف السلبي طبعاً أنا قدَّرت هذا الموقف، لأنه أنا أيضاً يعني ما كنت مفاجأ بالصورة اللي طرحها عليَّ، بس طبيعة الحال هذه المبررات اللي طرحها في الواقع ما وصلت إلى حد أنه صورته اهتزت في.. في يعني ذاكرتي أو في عقلي، قدَّرت من عنده هذا الموقف أنا حقيقة، لأنه الواقع عمليا عندما تجد أنه مؤسس الحزب وباني هذا الحزب يعني يعيش في الغربة وفي أقصى المعمورة وفي هذا المنفى الضيق وفي هذه الحياة القاسية وفي وضع مزري للغاية جداً نتيجة لما حصل من تطورات داخل صفوف الحزب، بطبيعة الحال أنا قدرت فيه هذا الموضوع، لكن.. ولم تهتز قناعتي فيه إطلاقاً، لكن في الواقع كان لابد من أن أُصر على عودته وأواصل محاولتي لإقناعه، وبالتالي اقتنع الرجل.
استقبال ميشيل عفلق في العراق وموقف قيادات حزب البعث منه
أحمد منصور: كيف استُقبل في العراق؟
صلاح عمر العلي: استُقبل استقبال حافل كبير جداً.
أحمد منصور: كيف استقبل من قِبل البكر وصدام تحديداً؟
صلاح عمر العلي: الواقع كانوا في طليعة المستقبلين للأستاذ ميشيل عفلق.
أحمد منصور: ألم يكن كل منهما يشعر بأن وصول ميشيل عفلق يمكن أن يسحب من تحت أقدامهما بعضاً من الجماهيرية أو من التفاف الناس حولهم؟
(11/9)
صلاح عمر العلي: هذا الموضوع حقيقة أنا أوضح لك إياه، يعني قيادة الحزب عموماً رحبت ترحيب كبير جداً في الأستاذ ميشيل عفلق واستُقبل استقبال حافل من قِبل قيادات الحزب وكوادر الحزب وعدد كبير من المسؤولين في الدولة، وبعد أن وَصَل إلى العراق طبعاً يعني اتضح أنه تدريجيا أنه كان يعني فيه شيء من الحساسية أو سمها الموقف من تدخل.. من أي محاولة لتدخل القيادة القومية بالشؤون القُطرية العراقية، بشؤون العراق، كان هناك يعني أشبه ما يكون بالحاجز بين نشاطات القيادة القومية الحزبية وبين أنشطة العمل الحزبي والحكمي في داخل العراق، هذا في الواقع تجلى أول مرة على.. أو انعكس على سلوك أحمد حسن البكر ثم صدام حسين.
أحمد منصور: كيف؟
صلاح عمر العلي: يعني كانوا يمنعون أي محاولة لتدخل القيادة القومية في أي شأن يتعلق بشؤون القطر، و.. وخاصة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كان عفلق معزولاً عن شؤون القُطر العراقي.
صلاح عمر العلي: نعم، كان مقتصر نشاطهم فقط على شؤون التنظيم القومي للحزب، فروع الحزب بالعراق وخارج العراق فقط.
أحمد منصور: إذن الرجل لم يكن له دور تقريباً.
صلاح عمر العلي: هذا في الواقع هذا اللي حصل أنا أكون أمين وصريح معك.
أحمد منصور: إذا لم يكن له وضع في سوريا ولم يكن له وضع في العراق فجئ به ليكون صورة.
صلاح عمر العلي: بالضبط، يعني فيما بعد اتضحت الصورة بأنه أُريد إلُه أن يكون في العراق مجرد ديكور أو مجرد صورة أو مجرد يعني تعبير عن يعني إيهام الناس بأنه هناك قيادة قومية تقود هذا الحزب.
أحمد منصور: كيف انعكس هذا عليه؟
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة -كما ذكرت لك أكثر من مرة- أنا لم أستمر في الحزب سوى عامين أو بالأحرى أقل من عامين.. عام ونصف من بعد استلام السلطة.
أحمد منصور: في قيادة الحزب، ولكنك بقيت في الحزب بعد ذلك والسلطة إلى عام 82.
(11/10)
صلاح عمر العلي: لا لم أبق.. لا أستاذ أحمد أنا بالحقيقة تركت الحزب والسلطة وكل شيء عام 1970، ولم..
أحمد منصور: رجعت بعد ذلك في العام 73 إلى 72 كسفير وممثل للسلطة للحزب الذي يدير الدولة.
صلاح عمر العلي: أيوه بس أنا كنت.. أنا كنت بعيد كل البُعد عن كان.. عن كل ما يجري داخل العراق نهائيا.
تقييم شخصية ميشيل عفلق ونقد أفكاره
أحمد منصور: طيب سأبقى معك في إطار هذا الموضوع، ألم.. يعني هل كان ميشيل عفلق يتمتع بمواصفات الزعيم أم المفكر؟
صلاح عمر العلي: والله يعني أنا بالواقع يعني انطباعي الشخصي أنه كان يحمل كثير من المؤهلات القيادية، كثير من المميزات القيادية.
أحمد منصور: هل يوجد قائد في مسار حياته لقيادة حزبه يهرب ويختفي يعني يتراجع عن أفكاره ومبادئه في كل لحظة يتعرض فيها الحزب أو يتعرض فيها هو شخصيا لمحنة؟!
صلاح عمر العلي: يعني أستاذ أحمد ماذا تريد لشخص يُحكم بالإعدام؟ تريد يعني.
أحمد منصور: أنا لا أقصد هنا الإعدام، بعد انقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 49 اعتُقل ميشيل عفلق في 11 يونيو 1949 أرسل عفلق رسالة إلى حسني الزعيم وصفت بأنها رسالة خنوع وخيانة قال فيها: إننا على استعداد لاتباع خط غير منحاز ولكف لساننا إن كانت هذه رغبتكم -يخاطب الزعيم- أما بالنسبة لي فقد قررت اعتزال السياسة نهائياً، أعتقد أن مهمتي قد وصلت إلى نهايتها وأن طريقتي ليست ملائمة للعهد الجديد. ماذا تمثل هذه الرسالة في تلك المرحلة لزعيم حزبي كان ينظر له الناس بتقديس؟
صلاح عمر العلي: أنا.. أنا بالحقيقة.. أنا بالنسبة إلي حقيقة غير مؤهل لمناقشة هذه الرسالة أو هذه.. هذا الموقف، الموقف هذا ربما...
أحمد منصور: لا أنت الآن..
صلاح عمر العلي: لا لا بس خليني أوضح لك مسألة أنا شخصياً...
أحمد منصور: مش قضية مؤهل، أنت كنت أحد قيادات الحزب، أنت الذي ذهبت إلى الرجل وجئت به وتناقشت معه وكنت (...) معه..
(11/11)
صلاح عمر العلي: نعم أنا.. أنا ممكن أجاوبك.. ممكن أجاوبك عن الفترة اللي عشتها أنا، أما فيما سبق هناك ظروف.
أحمد منصور: مش زعيمك اللي كنت بتؤمن به!
صلاح عمر العلي: هناك ملابسات، هناك يعني دواعي معينة أنا لا أعرف في الحقيقة الأجواء التي أحيطت بميشيل عفلق لكتابة مثل هذه الرسالة، لكن إذا سألتني عما حصل من بعد 23 شباط اللي أنا كنت متابع ومشارك واللي كنت.. كنت أنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا الآن لا أسألك في التاريخ، ولكن أسألك في الشخصية، في الزعيم الذي...
صلاح عمر العلي: أنا سألتني وجاوبتك.. أنا جاوبتك بأمانة.
أحمد منصور: في الزعيم الذي اتبعتموه والذي آمنتم بأفكاره، أناقشك في هذه الأفكار، هذه الأفكار أنتم حينما اقتنعتم بها روَّجتموها بين أجيال مختلفة ولازالت تروج إلى الآن، هذه الأفكار هي التي جعلت حزب البعث يحكم من 1968 في العراق إلى 9 أبريل 2003 بنفس أفكار هذا الرجل، هذا الرجل له مسار وطالما أنه زعيم لحزب حكم فمن حقنا أن نناقش هذه الأفكار والمبادئ والمواقف...
صلاح عمر العلي: الحق كل الحق.
أحمد منصور: بصفتك كنت أحد تلك القيادات فأنا أسألك: أنت قلت أنه كان يحمل مؤهلات الزعامة، هل هذا يتوافق مع مؤهلات الزعامة؟
صلاح عمر العلي: أنا بالنسبة إلي مثل ما ذكرت لك أنا غير مؤهل لمناقشة شيء أنا لم أكن أعيشه ولا أمارسه ولا كنت يعني بموقع يؤهلني لمناقشة هذه الفكرة، لكن.
أحمد منصور: يعني حنا بطاطو حينما تناول تعليق، على هذه الرسالة في الجزء الثالث من موسوعته عن العراق قال في صفحة 34: خلَّفت هذه انطباعاً لصورة إنسان ضعيف وجبان بالوراثة، وأصيب أتباع عفلق قبل غيرهم بصدمة آنذاك. دا تعليقه هو حنا بطاطو حول هذا الموضوع.
صلاح عمر العلي: تعليق بطاطو.
(11/12)
أحمد منصور: فيه موقف آخر: انقلب سامي الحناوي على حسني الزعيم، والرجل الذي طلب العفو وظهر بهذا الوضع عرض على ميشيل عفلق وزارة التربية والتعليم وكان يُنظر للانقلابيون آنذاك على أنهم ديكتاتوريون ومن المفترض أنهم لا يتوافقون مع مبادئ الحزب قبلها عفلق في 14 أغسطس 1949 وبقي إلى 19 نوفمبر، والحناوي يوصف بأنه الديكتاتور العسكري الثاني، أما تعتبر هذه أيضاً ذلة كبرى في تاريخ الحزب؟
صلاح عمر العلي: الواقع أنا لا أملك التعليق على كل هذه المواقف لأسباب ذكرت لك إياها.. أنا ممكن..
أحمد منصور: أما تشير إلى أن شخصية عفلق كانت شخصية انتهازية؟
صلاح عمر العلي: ممكن أعلق وممكن أجاوبك على الفترة التي كنت أنا أحد الشهود عليها ما حدا يعرف..
أحمد منصور: أنت آمنت بالأفكار.. آمنت بالأفكار التي كتبها عفلق.
صلاح عمر العلي: أنا لم أؤمن بميشيل عفلق كفرد أنا أؤمن بأفكاره.
أحمد منصور: أفكاره، وأفكاره هي أفكار الحزب، أفكار عفلق المتناثرة في كراسات وكتيبات وكتب الحزب هل تعتقد أنها أفكار مرتبة أم مشوشة؟
صلاح عمر العلي: تسمح لي أقول لك يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور: اتفضل.
صلاح عمر العلي: منذ أن تأسس الحزب لغاية الآن لم تظهر أي حركة قومية في الوطن العربي تمكنت من تجاوز أفكار هذا الحزب مهما كانت، وهذا يكفي للتأكيد على أن.. على أصالة فكر الحزب بصراحة، إلى الآن لم تبرز حركة قومية قادرة على أن تتجاوز أفكار الحزب..
أحمد منصور: لكن هل كانت أفكار مشوشة..؟
صلاح عمر العلي: لو سمحت لي أستاذ أحمد، أرجوك أن.. أن تمنحني فرصة أن أعلق بالمزيد.
أحمد منصور: اتفضل.
(11/13)
صلاح عمر العلي: في الفترة التي ظهر فيها عبد الناصر وفي فترة تأجج النشاط القومي في المنطقة العربية واهتمام عبد الناصر بتعميق أو بطرح أفكار ومواقف قومية وبالرغم من امتلاك عبد الناصر تلك الزعامة الضخمة على صعيد الوطن العربي، وبالرغم من تعاطف عديد من الحركات القومية مع عبد الناصر، وامتلاكه لكوادر فكرية هائلة جداً في.. خاصة في القطر المصري، لم يتمكن عبد الناصر الذي كان يشعر بأن حزب البعث كان هو المنافس الأكبر له في الساحة العربية، لم يتمكن بالرغم من كل الجهود اللي بذلها من تجاوز أفكار الحزب، كل الأفكار اللي طرحها كانت تدور حول أفكار الحزب فقط، لم تكن هي أفكار الحزب كاملة، ولغاية الآن لم تكن كاملة، لكن رغم ذلك لم تبرز لغاية الآن أي حركة قومية استطاعت أن تتجاوز أفكار هاي الحزب، مما يؤكد على أن فكر الحزب كان أصيلاً ومازال أصيلاً، إلا أن ما حصل من تآمر على الحزب وخاصة أولئك الأشخاص الذين تآمروا من داخل الحزب هم الذي عطلوا مسيرة هذا الحزب.
أحمد منصور: إيه أهم أفكار الحزب؟
صلاح عمر العلي: تتجسد في الشعارات المطروحة الوحدة والحرية والاشتراكية.
أحمد منصور: هل تمكنتم من عمل الوحدة فيما بينكم؟ أول شيء فعلتموه انقسمتم على أنفسكم.
صلاح عمر العلي: هذا أمر آخر.. هذا أمر آخر.
أحمد منصور: إذا لم تتوافق الأفكار مع الواقع الذي يطرحه أصحاب هذه الأفكار، فإما الخلل في الأفكار وإما الخلل في الناس.
صلاح عمر العلي: تسمح لي أستاذ أحمد، أولاً: حزب البعث أول فرصة يستلم فيها الحكم في العراق وكان يعني في رأس الأهداف اللي طرحها هو المفاوضات مع القيادة المصرية لإعلان الوحدة، وسافر وفد كبير من العراق إلى مصر، ودخلوا في مفاوضات مع قيادة عبد الناصر، وأُعلنت الوحدة بين القطرين، ثم...
(11/14)
أحمد منصور [مقاطعاً]: لازلت على قناعة عفواً يا أستاذ صلاح بأنَّ مثل هذه الوحدات التي كانت تنقض قبل أن يجف مدادها، والتي كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى بث نوع من المشاعر لدى الجماهير دون وجود واقع ورغبة حقيقية، لازالت مقتنعاً بأن ما حدث هذا تاريخيا كان شيئاً يهدف إلى وحدة حقيقية أم شعارات فضفاضة ونتائج قادت الأمة إلى ما وصلت إليه الآن؟
صلاح عمر العلي: والله خلينا.. خليني أقول لك أستاذ أحمد، أنا أعيد من جديد إنه سافر وفد كبير ودخلوا في مفاوضات جادة مع عبد الناصر، رغم أن قيادة عبد الناصر كانت يعني تبدي شيء من السلبية إزاء هذا المشروع، ووُقِّع على هذا الميثاق، ولكن عملياً أنا لا أتهم ولا أبرئ ولا أدافع عن جهة، لكن هذا ما حصل، فوجئنا فيما بعد بأشهر بإعلان عبد الناصر ذاته التنصل من هذا الميثاق، هذا أولاً، اثنين قيادة الحزب في سوريا عملت نفس الشيء، ليس نفس الشيء فقط إنما عبد الناصر كان يملي شرط أنه لقبول الوحدة بين القطرين السوري والمصري يجب أن ينحل التنظيم في سوريا، ودخلت القيادة القومية في نقاشات معمَّقة، هل تقبل بمشروع الوحدة الذي يعتبر مشروع مصيري ومستقبلي ومهم جداً للغاية للأمة العربية؟ أم تتشبث في تنظيم الحزب في سوريا؟ وبالنتيجة وافقت القيادة القومية على حل الحزب رغم أن فروع الحزب الأخرى احتجت ورفضت هذا القرار، مقابل مشروع الوحدة، وأيضاً ما حصل مع العراق حصل مع سوريا نفس الشي، إذن أنا لا أستطيع أن أتهم وأشكك في هذا المشروع، المشروع طُرِح وبُذلت مجهودات حقيقية من أجل الوصول إلى اتفاق، لكن فشلت الوحدة لأنه أكو أسباب كثيرة جداً.
أحمد منصور: من أهم هذه الأسباب أن الأفكار التي كان يعتمد عليها الحزب وهي أفكار عفلق كانت كما يصف بعض المؤرخين ارتجالية ومتناقضة، وما تركه عفلق لو جُمِعَ إلى بعضه بعضاً فإنه لا يشكل وجه نظر متماسكة.
(11/15)
صلاح عمر العلي: يعني أنا ما ادعيت ولا مرة أن أفكار الحزب واضحة وكاملة..
أحمد منصور: يعني تتفق مع هذا؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: تتفق أن أفكار عفلق كانت مليئة بالارتجالية ولو وضعت إلى جوار بعضها البعض.
صلاح عمر العلي: ما.. ماذا.. ما.. ما هو المقصود بكلمة ارتجالية؟
أحمد منصور: يعني هناك تناقض بين ما كان يطرحه في بعض الأفكار والكراسات التي كان يطرحها، كانت الفكرة تأتي إلى عفلق ممكن أن يكون نقيضها بعد قليل.
صلاح عمر العلي: يا أخي هو الأفكار كما ذكرت لك، كانت يعني الأسس النظرية للحزب هي تقوم على 3 مبادئ، وكل ما كُتب كان مبني على هذه الأسس، ربما تكون هناك عدم وضوح...
أحمد منصور: هل الشعارات بتبني دول؟
صلاح عمر العلي: لو سمحت يا أستاذي، لو يعني كل ما كتب.. لأ ما هي الشعارات يا أستاذ؟
أحمد منصور: ما هو الآن إحنا بندور في 3 حاجات، الشعارات، وأول شعار هو الوحدة، لم يفلح الحزب في طوال مسيرته.
صلاح عمر العلي: لا.. يا سيدي، هي ليست شعارات.. يا سيدي، ذكرت لك حزب البعث عمل على دفع الأمور باتجاه الوحدة، لكن الوحدة في بلد. في بلدان عربية يعني محاطة بأجواء عديدة جداً وريب كثيرة، وهناك أعداء في الداخل وفي الخارج، ليس من السهل أن تنجح مثل هذه المشاريع، هناك يعني عدة أسباب في.. في منطقتنا تحول دون وحدة بلدين.. هذا.. هذي.. هذا.. هذا مشروع يغير...
أحمد منصور [مقاطعاً]: ..... أعداء الخارج؟ أنا لا أتكلم عن الوحدة.. يا سيدي، لا أتكلم الآن عن الوحدة بين الدول العربية، أتكلم عن الوحدة داخل الحزب نفسه، أتكلم عن الوحدة داخل الحزب نفسه الذي انشق بعد ذلك إلى مائة شق، والذي تحولت كثير من قياداته ومؤتمراته القومية إلى محاولات لبتر كل من يمكن أن يعارض المؤسس وهو ميشيل عفلق كما حدث في مؤتمر القطري السادس.. القومي السادس وأنت حضرته.
صلاح عمر العلي: طيب لو تركنا حزب البعث، تركنا حزب البعث.
(11/16)
أحمد منصور: أنا مش عاوز أتركه لأنه هو قضيتي.
صلاح عمر العلي: لا.. لا.. لأ يعني خلينا -حتى تكون المسائل واضحة- خلينا نأخذ الأحزاب الشيوعية العربية أو غير العربية اللي تحمل نظرية متكاملة، ونظرة كاملة حول يعني مش فقط الأقطار اللي تحكمها إنما حول الكون بالكامل، ماذا حصل بالنسبة للأحزاب الشيوعية، أين...
أحمد منصور: لأنها فكرة لم تكن متكاملة، انهارت على رأسها ورأس من حملوها.
صلاح عمر العلي: تعرضت.. تعرضت لنفس ما تعرض له حزب البعث، بل أكثر مرارة وقسوة، إذن.. إذن..
أحمد منصور: الفرق بينكم وبينها في العالم العربي أنكم توليتم السلطة وبسهولة ودون تعب وأرق، وهم لم يتولوا السلطة ظلوا مطاردين منكم وأنتم قضيتم...
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. مع ذلك هم لم يتولوا السلطة، وتعرضوا لانقسامات عديدة وتكتلات وتصفيات جسدية وحزبية، وياما قيادات أُخرِجَتْ وطُرِدَتْ وإلى.. إذن..
أحمد منصور: في إطار هذا أما تعتقد أنكم أنتم البعثييون والشيوعيون سبب في نكبة الأمة؟
صلاح عمر العلي: هذا بس خليني أعطيك وجهة نظري، يعني تبين لنا بالتجربة العملية أن.. أن العمل السري أولاً هو يحمل من الأمراض الخطيرة جداً للغاية داخل.. داخل الحزب نفسه وللمجتمع هذا أولاً، اثنين العمل الثوري الحقيقة.. العمل الثوري ثبت أنه كان ومازال عمل غير سليم ومن.. من الأمراض اللي يحملها هو ما جئنا على ذكره، هذا هو الصحيح، كان المفروض أن هذه الأحزاب تعمل تحت النور وتحت ضياء الشمس وفي العلن ولم تلجأ إلى العمل السِّري.
أحمد منصور: أنتم كنتم بتعملوا في علن أكثر من أنكم ماسكين سلطة، كنتم محتاجين علن أكثر من..
صلاح عمر العلي: لأ سيدي لأ.. لأ.. لأ.. هذا غير صحيح، بدأ الحزب في...
أحمد منصور: ما هي الفترة التي بقي فيها الحزب سرياً وعلنياً؟
صلاح عمر العلي: إحنا في العراق كل عملنا سِّري، كل فترة عملنا سِّري، حتى...
(11/17)
أحمد منصور: الحزب دخل إلى العراق في 1949، 1963 شارك في السلطة، 1968 تفرد بالسلطة إلى 2003، فترة العمل السري داخل الحزب أقل بكثير بكثير بكثير لا تتجاوز سنوات معدودة مقارنة بسنوات بقائه في الحكم.
صلاح عمر العلي: نعم.. لا.. هذا تقصد في سوريا.
أحمد منصور: في العراق وفي سوريا أيضاً.
صلاح عمر العلي: في العراق.. لا.. لا.. في العراق.. في العراق.
أحمد منصور: 68 من.. من الذي قام بالثورة في 68، البعث وحكم البعث إلى 9 أبريل 2003.
صلاح عمر العلي: خليني.. أستاذي خليني أقول لك، الحزب في العراق وهو يمارس السلطة عمله الحزبي سِّري، لم يمارس العمل العلني إطلاقاً، كل عمله سِّري، ولم تمر بالحزب سنة واحدة عمل علنياً.
أحمد منصور: طب خليني هذا ما يعني مسار التاريخ يختلف عن الذي تقوله، لأبقى في إطار عفلق كمؤسس للحزب، كيف كنتم تنظرون إليه؟
صلاح عمر العلي: أنا ذكرت لك.. ذكرت لك.
أحمد منصور: لكن في وقت مبكر من هذا وتحديداً في الستينيات كان كثير من أعضاء الحزب الذين بدءوا يفيقون على شخصية الرجل، بدءوا ينظرون إليه نظرة إلى حد ما فيها بعض السخرية، كتب عنها هاني الفكيكي في كتابه "أوكار الهزيمة".
صلاح عمر العلي: راح.. راح أذكر لك.. أستاذ حتى أعطيك يعني دليل آخر عملي يعني يسلط الضوء على ها الموضوع هذا، أنا في عام 64، في عام 69، في عام 69 كنت في الأردن بمهمة خاصة، وغادرت من الأردن إلى سوريا، وفي سوريا التقيت مع المرحوم حافظ الأسد عندما كان وزير للدفاع، زرته في مقر وزارة الدفاع، وكان طبعاً التنظيم في سوريا على خلاف شديد جداً مع التنظيم في العراق ومع القيادة القومية ومع يعني رموز القيادة القومية بما فيهم ميشيل عفلق، جلست أنا مع المرحوم الأسد، وأصر كنت يعني لديَّ مهمة حاولت ألتقيه من أجل أن يساعدني على حلها، ليس لها علاقة بقضية الحزب، فأصر في حينها على أن...
(11/18)
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه مجال أن تذكرها أم سرية إلى اليوم...
صلاح عمر العلي: لا ما في أي سرية نهائياً لكن قصدنا ما فيه يعني داعي لذكرها، فأصر على أن نتحدث عن مشكلة الحزب وانقسام الحزب قبل أن يبت في الموضوع اللي أنا جيت من أجله، ومع محاولتي الاعتذار من هذا الموضوع لأني أنا غير مكلف وغير مخوِّل بالحديث عن مسألة تتعلق بموضوع الحزب أصرّ على هذا، وأخيراً طلب من عندي مجرد الاستماع وأن يدلي بحديث عن هذا الموضوع، فحدثني عن ضرورة إعادة وحدة الحزب، وبدأ يتحدث عن التفاصيل، فقال لي إذا أنتم تعتقدوا أنه إحنا مشكلتنا مع الأستاذ ميشيل عفلق فهذا خطأ كبير جداً، الأستاذ ميشيل عفلق مؤسس حزبنا جميعاً ويحظى باحترام.. باحترامنا كما يحظى باحترامكم، ليس لدينا اعتراض على الأستاذ ميشيل عفلق، هناك آخرين عاطلين عن العمل، غير قادرين على أن يطوروا أنفسهم، غير قادرين على أن يعطوا شيء للحزب، تجاوزتهم الأحداث، اعتراضنا على هؤلاء، هذا تم سنة الـ69 من قِبل قائد حزبي كبير ومعروف وأصبح رئيس الدولة في سوريا فيما بعد، وحكم في سوريا قرابة 30 عام، أن يقول هاني الفكيكي هذا الأمر؟ قاله متى؟ قاله عندما يتحول أولاً انقطع عن العمل الحزبي، تحول في موقفه السياسي بحيث أصبح نائب لأحمد الجلبي اللي هو طبعا متبني المشروع الأميركي لعملية التغيير في العراق، وهذا موضوع طبعاً يمثل شهادة متلوة غير القائل لو كان أن.. في داخل هذا الأمر في فترة سابقة ممكن أن يحترم هذا الرأي.
أحمد منصور: هذا.. هذا يشكك في... أستاذي أنتَ شاركت في المؤتمرات القومية للحزب، انتميت إلى الحزب...
صلاح عمر العلي: لم أشارك في جميع المؤتمرات، شاركت في بعضها.
أحمد منصور: في بعضها كيف كان عفلق يتعامل مع مخالفيه في تلك المؤتمرات؟
تعامل ميشيل عفلق مع مخالفيه في المؤتمرات القومية لحزب البعث
(11/19)
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة في هذه المؤتمرات لم ألمس يعني سلوكيات واضحة جداً بحيث أستطيع أن أسلط الضوء عليها، لكن حدثتك في أحد المؤتمرات القومية اللي حصلت كان هناك انقسام، كان هناك تيارين في المؤتمر القومي، تيار أُطلق عليه التيار القومي، وتيار آخر أطلق عليه التيار القطري، كما أطلق على التيارين اليمين واليسار.
أحمد منصور [مقاطعاً]: على سبيل المثال أنا جمعت بعض الأشياء..
صلاح عمر العلي: لكن أنا لم ألحظ مثلاً.. نعم؟
أحمد منصور: جمعت أنا بعض الأشياء سأقولها لك، وإذا كان لك رأي مخالف قل لي، على سبيل المثال: في المؤتمر القومي الثالث فُصل الرِماوي وتياره في المؤتمر القومي الرابع تخلَّص ميشيل عفلق من فؤاد الركابي الذي كان ينظر إليه -كما ذكرت أنت وأكدَّت في حلقة سابقة- نظرة احترام وتقدير من كل البعثيين في العراق..
صلاح عمر العلي: كبير جداً..
أحمد منصور: في المؤتمر الخامس أطاح ميشيل عفلق بمنافسه اللدود أكرم الحوراني الذي كان له كاريزما وشعبية وزعامة تفوق عشرات المرات ما كان يتمتع به عفلق، كما أطاح بعد الرحمن منيف الروائي المعروف الذي يعرفه كل الناس، وأطاح بغسان شرارة وفيصل حبيب الخيرزان وعبد الوهاب الشمتلي، في المؤتمر السابع تخلَّص من علي صالح السعدي ومن حمود الشوفي الذي ذكرت أنه كان يعتبرهما غيرَّا في أفكار الحزب ومن ياسين الحافظ ومحسن الشيخ راضي وحمدي عبد المجيد وهاني الفكيكي وغيره ممن كان عفلق يتخلص منهم بشكل.. كل دول غلط؟ كل هذه الشخصيات التي كلها شخصيات معروفة في التاريخ الحزبي البعثي كانت كلها على خطأ وعفلق الذي كانت أفكاره متناثرة ومفككة وغير واضحة هو الذي كان على صواب؟
صلاح عمر العلي: أرجو ألا يُفهم من كلامي بأنه أنا يعني مهتم بالتأكيد على أن عفلق لم يقع في أخطاء أو أنه شخص مُنزَّه من الخطأ، لأ ليس هذا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أنا أيضاً أنت قلت لي إن..
(11/20)
صلاح عمر العلي: وقع في أخطاء..
أحمد منصور: إن هؤلاء ذكروا في وقت متأخر، لكن أنا أذكر لك هؤلاء اختلفوا مع عفلق في وقت مبكر.
صلاح عمر العلي: طيب يا سيدي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ومع أفكاره وهو انتهز فرصة هالة التقديس التي كنتم تضفونها عليه لإقصاء هؤلاء الذين كانوا يشكلون ركائز أساسية في الحزب في تلك المرحلة في الستينيات.
صلاح عمر العلي: يا أستاذي، لو أخذنا كل واحد من هؤلاء الذين فصلوا على انفراد هناك أيضاً أسباب ومبررات لمثل هذا العمل، قد لا تتفق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من هذا الحزب الذي ينفض كل هذه الكفاءات من حوله؟
صلاح عمر العلي: أنا ذكرت لك حزب البعث حاله حال كل الأحزاب ذات الطبيعة السرية والثورية، كلها تعرضت لنفس المشاكل بل أكثر، لا يمكن أن تذكر لي حزب لا في المنطقة العربية ولا خارج المنطقة العربية ما مارسشي نفس الشيء انطلاقاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى ينتهي الحزب على بعض الأشخاص المنتفعين في النهاية؟
صلاح عمر العلي: نعم هاي منتهي عندنا بالعراق، انتهى الحزب، لُخِّص في شخص صدام حسين، هذا صحيح أنا الآن بصدد الحديث عن حقائق ما جرى، ليس من باب الدفاع عن شخص إطلاقاً، ولا أحاول إطلاقاً...
أحمد منصور [مقاطعاً]: إحنا بنتكلم عن شخص..
صلاح عمر العلي: لا ميشيل عفلق ولا غيره.
أحمد منصور: أنزلتموه منزلة التقديس.
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: وأنزلتم أفكاره التي إذا.. أنا إذا بأقرأ في أفكار عفلق إلى الآن ما بأقدرش أفهم منها، ربما العيب عندي في الفهم ربما..
صلاح عمر العلي: يا سيدي أنا.. لا أحب.. لا أحب، وأنا..
أحمد منصور: لكن وجدت الآخرين مثلي..
(11/21)
صلاح عمر العلي: لا أنا لا أحب أن أكذب عليك ولا على المشاهدين ولا على المستمعين، هذا شهادة على العصر أنا بودي أن أضع الحقائق كما أفهمها كما شاهدتها، كما مارستها، شاركت فيها.. لازم أعطيك هذا الحقائق، أنا لغاية الآن حدثتك عن هذا الشيء، لكن لو سألتني عما حصل فيما بعد راح أعطيك صورة أخرى عن ميشيل عفلق.
أحمد منصور: كيف آمنت بأفكار عفلق؟ أنت قرأت أفكار عفلق؟
صلاح عمر العلي: أنا ذكرت لك.. ذكرت لك فيما سبق من الحلقات إنه بداية انتمائي للحزب، حينما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا أقصد من حيث إنها أفكار واضحة مرتبة، كنت تجد فيها هذا؟
صلاح عمر العلي: لم تكن واضحة بالوضوح المقصود يعني متكاملة وواضحة كاملاً، لكن حقيقة الأفكار اللي قرأتها أنا أقنعتني بأن هذا الحزب في المستقبل ربما يطور أفكاره ويصل إلى حالة من التكامل، لكن مجرد اطلاعي على هذه الأفكار أقنعتني بأنه هذا التوجه هو ما أسعى أو أفكر أو أرغب فيه، هذا هو الصحيح.
أسباب ومبررات مدح ميشيل عفلق لصدام حسين
أحمد منصور: الآن على سبيل الممارسة جاء عفلق إلى بغداد وأصبح هو المرجعية القومية بالنسبة للحزب وأصبح يكيل المديح إلى صدام حسين ويعتبر صدام حسين هو هبة السماء إلى البعث، في أي فكر في أفكار الحزب تدخل هذه الأشياء؟
صلاح عمر العلي: هذا الآن انتقلنا إلى مرحلة أخرى..
أحمد منصور: ما انتقلناش لمرحلة، هو دا المؤسس الذي ظلَّ يقدَّس إلى آخر يوم.
صلاح عمر العلي: خلينا.. أستاذ أحمد أرجوك.
أحمد منصور: اتفضل.
صلاح عمر العلي: أنا أؤكد إني عندما أتحدث.. أتحدث عن حقائق ما جرى وليس من باب الدفاع لا عن ميشيل عفلق ولا عن الآخرين، أنا إنسان لا أسمح لنفسي أن أُزوِّر هذه الحقائق، أعطيك ما أنا مقتنع فيه، وعلى المشاهدين أن يحكموا، ميشيل عفلق لغاية هذاك الوقت أنا قدمت لك صورته كما أفهمها، الآن راح ننتقل إلى مرحلة أخرى.
(11/22)
أحمد منصور: الآن عفواً يا سيدي الكريم، إحنا الآن مرحلة الستينات، أنت نقلت صورة، وكان واقع الحزب يشكل صورة أخرى بالنسبة لها عن إقصاء عفلق للآخرين وذكرنا المؤتمرات والشخصيات الأساسية، عفلق طُرد من سوريا وحكم عليه بالإعدام وهرب إلى البرازيل، وكان.. وكان سمته الدائم إما الهروب أو الاختفاء أو التراجع في الأفكار أو طلب التوبة والندم ممَّن كانوا يضغطون عليه هذا هو مواصفات الزعيم، علاوة على الأفكار التي ذكر جميع من تناولوها ومن يريد أن يقرأها الآن يرجع إليها، يجد إنها كلام من هنا ومن هناك رجع الرجل الآن إلى العراق، من المفترض أن هذا الرجل مؤسس وصاحب مبادئ وصاحب أفكار، يقول بشكل دائم، كان يكيل المديح إلى صدام حسين بعدما أدرك أن صدام حسين هو الرجل القوي الذي يحكم، وحتى يحافظ على امتيازاته وعلى مكتبه الكبير الذي وُصف بأنه مكتب كبير بصلاحيات صغيرة، حتى أنه قال هدية السماء إلى البعث وهدية البعث إلى الأمة العربية هو صدام حسين.
صلاح عمر العلي: متى قال هذا؟
أحمد منصور: أنا ماليش دعوة قاله إمتى لأنه ظل إلى آخر يوم هو مؤسس البعث.
صلاح عمر العلي: أنا راح.. أنا راح أذكر لك الأسباب، أنا راح أذكر لك، أنا استقلت عام 82 من وظيفتي في الأمم المتحدة، وطبعاً يعني قُطعت كل كافة علاقاتي بالسلطة في العراق الرسمية وغير الرسمية، مع أني طبعاً انقطعت علاقاتي الحزبية والمسؤوليات اللي كنت أحملها عام 70، بعد 82 طبعاً بدأ الأستاذ ميشيل عفلق يفصح أو يعلن باستمرار دعمه لصدام حسين، بخطب عديدة، أنا كُلِّفت من بعض رفاق سابقين في الحزب أن أغادر إلى فرنسا بقصد اللقاء مع الأستاذ ميشيل عفلق، والحديث عن.. معه حول هذه المسائل، والتقيت فيه بباريس وبحضور صديق لازال حي وموجود في لبنان..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه حرج أن تذكر من هو؟
(11/23)
صلاح عمر العلي: والله ممكن أذكر اسمه وهو طلال شرارة من عائلة عربية لبنانية معروفة، وأسرة أغلب أعضائها كانوا في حزب البعث، والآن كلهم بالكامل هم خارج الحزب..
أحمد منصور: كعادة الكثيرين يعني.
صلاح عمر العلي: نعم، التقيت مع الأستاذ ميشيل عفلق وحدثته بالعمق حول هذه المسائل، وحملته مسؤولية هذا النهج، حمَّلته مسؤولية، وذكَّرته بأنه بهذا النهج نهجك في إبداء الدعم المتواصل لميشيل عفلق.. لصدام حسين، يعني بأنك تدفع صدام حسين لارتكاب المزيد من الجرائم و.. و الارتكابات ضد الشعب العراقي وضد البعثيين بالذات، فأرجوك أنا مُكلَّف من قبل أشخاص، نطلب من عندك.. لا نطلب من عندك المستحيل فقط نطلب من عندك أن تستمر في بقائك في.. في فرنسا، لا تعد للعراق وأن تكف عن التصريحات فقط، هذا سيعني مع الزمن سيُفهم من قبل البعثيين عموماً بأنه عندك موقف سلبي أو عندك موقف تحفظ إزاء صدام حسين، وبعد الحديث المعمق حول هذا الموضوع وعدني وعد شرف بأنه سوف لن يعني يعود إلى بغداد وسوف لن.. الحقيقة بشكل أدق قال لي أنا ممكن أعود إلى بغداد فترة معينة وسأعود إلى فرنسا ولن أعود.
أحمد منصور: كانت مبرراته أيه في كيل المديح إلى صدام؟
صلاح عمر العلي: لو سمحت لي أنا بس راح أقول لك الآتي: فوعدني أنه سيعود إلى فرنسا ويمكث في فرنسا وسوف لن يعني يتحدث، بعدها بحوالي شهرين عاد إلى بغداد، فوجئت بهذا الخطاب، هذا الخطاب الذي ذكرت فقرة منه..
أحمد منصور: وكان قبله كان بيكيل مديح آخر؟
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، بس أنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا لم يكن النهاية، ولكن هذا نموذج.
(11/24)
صلاح عمر العلي: أنا.. أنا.. أنا شخصياً عندما أحدثك عن ميشيل عفلق، أحدثك عن مراحل مر فيها، ولابد أن أكون أمين في هذا الأمر، ولا أسمح لنفسي أن أكون مزور، ميشيل عفلق أنا شخصيًّا طلبت من عنده ووعدني، ولكن بعد شهرين ألقى هذا الخطاب الفاجعة الحقيقة التي.. الذي وقع على رؤوسنا كالصاعقة، هذا.. هذا ما حصل، طبعاً عندما حدثته برر لي الأمور بأنه يشعر بأنه أشبه ما يكون بالسجين أشبه ما يكون بالمعتقل، ثانياً: أنه أنا وصلت إلى مرحلة من العمر لست قادراً على مواجهة شخص بهذا الجبروت مثل صدام حسين، لكن أنا شخصياً لم أقتنع بهذا الأمر، ولذلك طلبت من عنده أنه إحنا لا نطلب من عندك تصدر بيان ضد صدام حسين ولا تهاجم صدام حسين، ولا تفصل صدام حسين من الحزب، إنما فقط تمكث في باريس، ومع ذلك ألقى هذا الخطاب.
أحمد منصور: تقييمكم أيه؟
صلاح عمر العلي: تقييمنا كارثة.. صدمة كبيرة جداً، وفاجعة الحقيقة.
أحمد منصور: أليس هذا الرجل الذي كان خائفاً في شبابه من حسني الزعيم هو نفسه الذي كان خائفاً في شيخوخته من صدام حسين؟
صلاح عمر العلي: والله أنا بالحقيقة أقول لك يعني شخصياً يعني هو ما كان حتى لو فرضنا أنه كان خائف، كان عنده خيار.. كان عنده خيار أن يبقى في فرنسا.
أحمد منصور: معنى ذلك.. معنى ذلك أنه اختار الامتيازات واختار الراحة وأن يمتدح صدام حسين وأن ينهي حياته وحياة الحزب بهذه الطريقة التي اختارها؟
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة وربما (...) أتطابق مع هذا الاستنتاج، لأنه في الحقيقة الامتيازات كانت شو الامتيازات؟ هو ميشيل عفلق شو كانت عنده امتيازات، حطه بمكتب؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو الثمن؟ أنا أسأل هنا عن الثمن، الثمن الذي كان يتقاضاه مقابل أن يقول هذا الكلام؟
صلاح عمر العلي: ما هو الثمن مثلاً شو الثمن؟
أحمد منصور: أنا أسألك أنا..
(11/25)
صلاح عمر العلي: ما كان عنده ثمن الحقيقة ما كان عنده ثمن، يعني لا.. يعني الرجل..
أحمد منصور: حينما يأتي الآن شاب صغير ينتمي إلى الحزب، ويجد هذه المعطيات أمامه، هل يمكن له أن يؤمن بأفكار الحزب أو أن..
صلاح عمر العلي: هذا ما حصل.. هذا ما.. النتيجة لهاي الأمور كما تراها نتيجة هذا السلوك المرتبك وغير واضح وغير مستقر.
أحمد منصور: بدأ صدام حسين يسيطر على مقاليد السلطة في البلاد ويذيق العراقيين صنوفاً من ممارسات شديدة باسم حزب البعث استمرت من العام 1968 إلى العام 2003 أبدأ معك من وسائل سيطرة صدام على السلطة في الحلقة القادمة.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/26)
الحلقة7(11/27)
الأثنين 1/5/1424هـ الموافق 30/6/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 18:39(مكة المكرمة)،15:39(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
29/6/2003
- حقيقة دور أهل تكريت في تدعيم حكم صدام حسين
- محاولة ناظم كزار الفاشلة للإطاحة بالبكر وصدام
- عملية تأميم النفط العراقي ومردوداتها على حكم البعث
- توقيع صدام حسين اتفاقية الجزائر مع شاه إيران
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.
بعد تعيين صدام حسين في أعقاب انقلاب البعث وسيطرته على السلطة في 30 تموز سنة 1968 نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة بدأ يتقاسم السلطة مع الرئيس أحمد حسن البكر، وربما أصبح أكثر نفوذاً منه شيئاً فشيئاً، بعدما أصبح صدام مسؤولاً عن الأجهزة الأمنية في الدولة التي كان يدير من خلالها كافة المرافق، كيف تدرج صدام في السيطرة على السلطة في عهد البكر؟
حقيقة دور أهل تكريت في تدعيم حكم صدام حسين
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال أنا ذكرت لك فيما سبق بعض المعلومات اللي تتعلق بهذا الأمر.
أحمد منصور: نريد أن نبني عليها.
صلاح عمر العلي: من المفيد أن نعيدها من جديد، الواقع بعد أن استلم السلطة كانت الصيغة الحزبية بقدر معقول هي السائدة، بمعنى أنه كان هناك مسؤول للحزب اللي هو أحمد حسن البكر وأعضاء في القيادة القطرية يمارسون دورهم وفق النظام الحزبي، بعد أن استلم السلطة مباشرة برزت ظاهرة خير الله تلفاح، وخير الله تلفاح هو خال صدام حسين ومن أقرباء الرئيس أحمد حسن البكر.
(11/28)
أحمد منصور: لا نريد أن نعود لهذا الموضوع، ولكن تحدثنا عن تأثير خير الله تلفاح على أحمد حسن البكر.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: وكذلك تأثيره في أن يكون صدام هو النائب له والمسرحية التي تمت بخصوص صالح مهدي عماش..
صلاح عمر العلي: لأ لم.. أنا ما راح أتطرق إلى هذا الأمر، بس راح آخذ آخر مقطع من.. من تأثيرات خير الله تلفاح على هذا الموضوع اللي سألتني عنه.
أحمد منصور: اتفضل.
صلاح عمر العلي: يبدو لي أن خير الله تلفاح يعني كان ركَّب برأس صدام حسين أو أقنع صدام حسين أو وجَّه صدام حسين لتبني مشروع شخصي خاص بصدام حسين، بعيداً عن مشروع الحزب..
أحمد منصور: على أن يكون الحزب هو المطيَّة لتحقيق هذا المشروع.
صلاح عمر العلي: بالضبط ليس الحزب فقط، إنما الدولة والسلطة كلها كانت وسائل لتنفيذ مآرب صدام حسين ومشروع صدام حسين، هذا هو في تقديري اللي حصل، وأنا طبعاً أبني هذا الموضوع ليس فقط على مجرد استنتاجات، إنما كنت أسمع من خير الله تلفاح مباشرة أفكار ومعلومات كانت تؤكد أو تشير إلى أنه كان هو يتبنى هذا الموضوع.
أحمد منصور: مثل؟
صلاح عمر العلي: كان في كثير من الأحيان يتحدث عن أنه الحزب شو دوره؟ شو يقدر يسوي الحزب؟ هذا الحكم ما ممكن يستقر إلا بأن تمسك به أسرة عائلة عشيرة، النظام إذا يستقر ها، لازم يشوف هذه الأنظمة المحيطة في العراق ليش مستقرة؟ لأنها تعتمد على الأسرة، حزب البعث غير قادر أن يحميكم، لو كان قادر على أن يحمي السلطة لحماها بالـ63 مثلاً، ليش انهار؟ لأنه ما كانت أكو أسرة تحكم، كان دائماً يشير إلى هذه الإشارات.
أحمد منصور: في أي وسط كان يشيع خير الله تلفاح هذه الأفكار؟
صلاح عمر العلي: كان طبعاً هو رجل ليس له علاقة بالحزب، بل هو أصلاً معادي للحزب منذ البدء معادي للحزب، لكن فيه كثير من المناسبات الاجتماعية وغيرها كان يبشر بهذا..
أحمد منصور: على الملأ وليس..
(11/29)
صلاح عمر العلي: لا.. لا ما.. لا.. لا مو على الملأ، إنما كان في نطاق اللقاءات اللي بتحصل كان يتحدث عن هذا الموضوع.
أحمد منصور: وأنت مباشرة سمعت منه؟
صلاح عمر العلي: نعم، أنا سمعت العديد من هذه الأفكار، وبما أني كنت أتصدى دائماً لهذه الطروحات اللي يطرحها خير الله تلفاح، فكان شديد العداء والخصومة إلي بطريقة اعتبرني أنا خصمه الأكبر في العراق.
أحمد منصور: رغم أنك تكريتي مثله.
صلاح عمر العلي: لأ، هو الحقيقة مثل ما ذكرت لك سابقاً هو من.. من قرية العوجة وأنا من مدينة تكريت، وهناك خلط كبير جداً بين.. بين ها المسألة هاي، الحقيقة..
أحمد منصور: كل من ينتمي إلى المنطقة صار تكريتياً بعد ذلك.
صلاح عمر العلي: يمكن من المفيد يا سيدي ممكن يكون من المفيد أن توضح ها المسألة، المدينة تحاط.. محاطة بقرى عديدة، قُرى يسكنوها مثلاً آل بوعجيل، آل بومحمد، الجبور، عشائر كثيرة، قرية اسمها العوجة جنوب تكريت في مسافة تقرب من 9 كيلو مترات تسكنها.. تسكنها عشيرة اسمها آل بوناصر التي ينتمي إلها صدام حسين وأحمد حسن البكر.
أنا لست من هذه القرية، أنا من المدينة، وهذه المدينة حقيقة ظُلمت مرتين، ظُلمت على يد صدام حسين، وظُلمت على يد الآخرين عندما اعتقدوا بأن صدام حسين يعني ابن مدينة تكريت..
أحمد منصور: كيف..
صلاح عمر العلي: واعتبروا أهالي تكريت هم داعمين لصدام حسين بالوقت اللي أؤكد لك الآن أؤكِّد لك بشكل قاطع ما قدمته مدينة تكريت من ضحايا على يد صدام حسين يفوق أي مدينة أخرى.
أحمد منصور: مثل مَنْ؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: مثل مَنْ؟ مَن أبرز الضحايا؟
صلاح عمر العلي: عشرات من الشهداء والضحايا على يد صدام حسين ومعروفين لدى العراقيين عموماً.
أحمد منصور: يعني أنا سعيت في المصادر إلى إني أطلَّع أو أبحث عن التكريتيين تحديداً الذين قُتلوا أو أبرزهم يعني، طاهر يحيى كان تكريتياً.
(11/30)
صلاح عمر العلي: تكريتياً نعم.
أحمد منصور: رئيس وزراء سابق اعتُقل بعد انقلاب 17.. 30 تموز ولم يُفرج عنه إلا إلى في عام 73 بعدما أُصيب بالعمى ولزم بيته حتى وفاته، في عام 1970 سيق رشيد مصلح وهو وزير داخلية إلى السجن، وكان بعثياً وأُعدم، عدنان التكريتي الذي كان قائد الحرس الجمهوري بعد 68 مات في ظروف غامضة سنة 1980، تركي الحديثي قُتل في 1993، هل صحيح أنه شقيق وزير الخارجية ناجي صبري الحديثي أو أن..
صلاح عمر العلي: تركي ليس من تكريت، تركي من مدينة..
أحمد منصور: من الحديثة نعم.
صلاح عمر العلي: في الفرات.. نعم هو..
أحمد منصور: صالح مهدي عمَّاش كان تكريتياً؟
صلاح عمر العلي: لأ.
أحمد منصور: لم يكن تكريتياً، يعني بعض القيادات التي يعني حاولت أن أبحث في بطون المراجع عن نسبتها إلى تكريت، ولكن عندي عشرات من الأسماء بعد ذلك، وأنت قلت معلومة ربما لا يعتقد الكثيرون شيئاً عنها، وهي أن أهل تكريت ظُلموا أكثر من غيرهم من صدام حسين.
صلاح عمر العلي: هذا هو الواقع..
أحمد منصور: والشائع أن صدام حسين اعتمد على أهل تكريت في ترسيخ أركان حكمه.
صلاح عمر العلي: صدام حسين لم يعتمد على أهالي تكريت، صدام حسين اعتمد على.. على كل من يمنحه الولاء، اعتمد على الشيعي، واعتمد على السني، واعتمد على الكردي وعلى العربي، اعتمد على مختلف المواطنين اللي كانوا يمنحوه ولاء مطلق دون مناقشة راح...
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن التكريتيين كانوا بارزين، كيف اعتمد على أهل تكريت؟
(11/31)
صلاح عمر العلي: أذكر لك مالي أستاذ أحمد، أذكر لك مالي طوال 35 عام من الحكم في العراق، واللي كان الشخصية البارزة فيه صدام، سواء كان نائب رئيس أو رئيس، لم ينطق شاعر من مدينة تكريت في تمجيد صدام حسين أو مدحه، لم يتقدم مغني في مدينة تكريت للغناء لصدام حسين، إنما كل المغنيين والشعراء والأدباء الذين تغنوا لصدام حسين ومجَّدوا صدام حسين هم من خارج تكريت، فالحقيقة هذه مسألة يعني ربما كثير من الناس لا يدركوها.
أحمد منصور: ألم يأتِ صدام...
صلاح عمر العلي: أهالي تكريت عندما.. عندما يزور صدام حسين مدينة تكريت كانوا فوراً يسكروا مخازنهم ويدخلوا إلى بيوتهم حتى لا يحرجوا أنفسهم بلقاء صدام حسين، مدينة تكريت كانت أكثر مدينة تعارض صدام حسين، وهذه المقولة الحقيقة فيها يعني شيء من.. من الظلم ومن عدم الدقة في ها المسألة هذه..
أحمد منصور: ألم يكن مجرد جندي في حرس صدام حسين أمي لا يقرأ ولا يكتب تفوق صلاحياته صلاحيات وزير في الدولة؟
صلاح عمر العلي: هذا صحيح 100%..
أحمد منصور: هذا كان من نفس منطقتكم، اعتمد على الجنود الأساسيين من تكريت.
صلاح عمر العلي: أستاذ أحمد، يعني أرجو أن نكون دقيقين في ها المسألة هاي، هذه.. هذا التأريخ الآن نتحدث عنه..
أحمد منصور: تفضل.
صلاح عمر العلي: صدام حسين اعتمد على الناس الموالين له الولاء المطلق، من أبرز هؤلاء هم أقاربه من مدينة العوجة، وأنا أذكر جيداً الآن بهذا المقام، أذكر لك القصة التالية.
أحمد منصور: اتفضل.
صلاح عمر العلي: بعد أن استلمنا السلطة ببضعة أسابيع كنا نجلس أنا وإياه..
أحمد منصور: يعني نقدر نقول.. نستطيع أن نقول أنتم تسلمتم السلطة في 30 يوليو، نقول في سبتمبر 68.
صلاح عمر العلي: لأ، قبل سبتمبر بالتأكيد..
أحمد منصور: يعني في يوليو 68.
صلاح عمر العلي: يعني..
أحمد منصور: أغسطس.
(11/32)
صلاح عمر العلي: بأغسطس يعني على وجه التقريب، كنا نجلس في إحدى غرف القصر أنا وصدام حسين، فصدام حسين وجه لي السؤال التالي، قال لي: يعني مَن تعتقد أخطر الجهات على.. على.. على الحزب أو على الثورة؟
فأجبته قلت له: أنا أعتقد إنه كل الفئات اللي راح تضر.. تتضرر من مسيرة الثورة هي اللي راح تكون الخطر على.. على الحزب وعلى الثورة.
فأجابني قال لي: أنه هؤلاء بلا شك أنه سيكونوا خطرين على.. على.. على الثورة وعلى الحزب، ولكن أنا أسألك سؤال محدَّد، مَنْ تعتقد أخطر هذه الفئات؟
(11/33)
قلت له: والله أنا ما عندي إجابة على هذا السؤال، لأنه الحقيقة ما أعرف القصد من هذا السؤال، يعني هناك بالتأكيد فئات وطبقات ستتضرر من مسيرة الثورة هي اللي راح تكون يعني خصم أو يعني يشكلوا خطر على الثورة، أكثر من هذا لا أعرف، قال لي: أنا أعتقد أن من يشكِّل خطر علينا الأخطر.. الأخطر حقيقة قال: هم الأقارب، واستعمل كلمة الحواشي، يعني لماذا يكونوا الأخطر؟ قال لي: الأخطر -من وجهة نظره- أخطر.. هؤلاء أخطر الناس علينا، لأنه هؤلاء الناس لا تعبانين، لا مناضلين، لا شافوا سجون، لا اعتقالات، لا تعذيب، فجأة يستيقظ من النوم فيجد صدام حسين ابن عمه أو ابن خاله في السلطة، فيجي هذا الإنسان يعني يتحرك بسرعة متناهية جداً من أجل انتهاز هذه الفرصة واستغلال وجود أقاربه في السلطة من أجل الاستغلال و.. و.. إلى آخره، هؤلاء في تقديري هم أخطر الناس علينا، صدام حسين الذي تحدث عن هؤلاء بعد فترة لا تزيد عن شهر فاجأنا بجلب حوالي 50 شاب من قرية العوجة ومن أقاربه تحديداً، وأغلبهم أميين لم يدخلوا المدارس، ولم يشاهدوا مدينة بغداد في حياتهم، جابهم إلى بغداد سلَّمهم أسلحة، أعطاهم سلطة، وزَّع عليهم دور وجعلهم مرافقين له أو جهاز حماية إله، نفسه هذا الشخص اللي كان يحذر من الأقارب هو بالتحديد أول من خالف هذه المقولة، وجلب هؤلاء لكي يكونوا حراس له في مدينة بغداد، ومنحهم سلطة.. سلطة منحهم، لم يجرؤ أي إنسان يتحدث معه.
أحمد منصور: مين اللي يجرؤ إلا أنتم.. أنتم أعضاء القيادة..
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: حتى أنتم أعضاء القيادة القطرية لم تجرءوا على أن..
صلاح عمر العلي: لأ، الحقيقة هذا أيضاً غير دقيق، تحدثنا وكنا جريئين في حينها، والأمر الذي بدأ مسلسل الإطاحة بنا واحد بعد الآخر، تحدثنا عن هذه الظواهر وعن ظواهر أخرى ربما سنأتي على ذكرها.
(11/34)
أحمد منصور: بدأت عملية الإطاحة بكل من يقفون في وجه صدام حسين الواحد تلو الآخر، وأنا وجدت قائمة طويلة، حتى إنه قيل أن هناك ما يقرب من 500 قيادي حزبي تم الإطاحة بهم في الفترة من 68 إلى 79، تقريباً من.. فيهم قيادات شفيق الكمالي، عبد الخالق السامرائي، فؤاد الركابي 71 قُتل بطعنة سكين وهو أول أمين قطري لحزب البعث في العراق، منيف الرزاز الأمين القومي، يعني وضع في السجن وذاق عذاباً أليماً حتى مات، محيي عبد الرشيد كثير من الأسماء التي..
صلاح عمر العلي: عدنان الحمداني..
أحمد منصور: في مارس 71 قتل حردان التكريتي، صُفي اللواء مهدي صالح السامرائي في بيروت، وبعد ستة أشهر في 28 سبتمبر 71 أعفي صالح مهدي عمَّاش من كل مناصبه أثناء وجوده في المغرب، وعُيِّن سفيراً في فنلندا ثم مات في ظروف غامضة في العام 75، عبد الكريم الشيخلي أعفي في نفس اليوم من جميع مناصبه الرئاسية في بغداد، وعُيِّن سفيراً في الأمم المتحدة ثم عاد إلى بغداد وقُتل في ظروف غامضة 82، عبد الرزاق النايف اغتيل في لندن أمام فندق الإنتر كونتننتال في عام 1978، بدأ صدام يصفي كل من يقف أمامه، أنت في العام 1970 حينما قدمت استقالتك لا أدري هم تخلصوا منك أم أنت الذي تخلصت منهم؟
(11/35)
صلاح عمر العلي: هذا سؤال جميل حقيقة، في الواقع أستاذ أحمد أنا بكوني من مدينة تكريت وعلى اطلاع مباشر بخلفية العائلة وبتصرفات صدام حسين وأحمد حسن البكر، بدأت أول عضو في القيادة القطرية بالاصطدام فيها بحكم هذه المواصفات وبحكم كوني مسؤول عن تنظيمات الحزب خارج بغداد، فبدأت تصلني عديد من التقارير عن مخالفات وعن ارتكابات يمارسها أقارب صدام حسين، وأبلغهم وأبرزهم هو خير الله تلفاح خال صدام حسين، فبدأت أول شخص بالاصطدام مع صدام حسين ومع أحمد حسن البكر، ومن حسن الحظ أنه بما أني كنت أول شخص يتعرض لهذا الموضوع ويتصدى لهذه الانحرافات وبما أنه مسألة القتل لازالت بعدها ما كانت يعني ظاهرة للعيان، كانت العقوبة آنذاك عقوبة عضو القيادة هو أن يُعيَّن سفير، فأول ما عُرض علي بعد الإطاحة بي من القيادة أن أكون سفير، وعندما رفضت فُرض علي اللجوء إلى.. يعني السفر إلى مصر، كذلك أيضاً سرى.. سرت هذه العقوبة على عدد آخر من أعضاء القيادة بما فيهم صالح عمَّاش وعبد الكريم الشيخلي لم يقتلوا، بعد.. تقريباً بعد محاولة ناظم الكيزار الفاشلة للإطاحة بهم بدأت عملية القتل وبدأ مسلسل الدماء بشكل أوضح، مع أنه مورس قبل هذه الفترة يعني عمل عنفي ضد فئات وأحزاب أخرى.
أحمد منصور: من أخطر الأشياء التي قام البعثيون في العراق بتصفيتها هو الجيش العراقي، حيث سُرِّح ما يقرب من ثلاثة آلاف ضابط عراقي من خيرة الكفاءات بتهمة عدم الانتماء للبعث أو عدم الإخلاص، أُعدم عشرات الضباط بعد ذلك بتهم المؤامرات التي كانت تُساق الواحد تلو الآخر، ورغم تأكيدك في حلقة سابقة أن إحدى المؤامرات وقعت، لكن ليس هذا بالضرورة أن كل المؤامرات التي تمت أو كل من اتهم بالتآمر كان اتهامه صحيحاً، كيف قضيتم كبعثيين عراقيين على الجيش العراقي وعلى نظام المؤسسة العسكرية العريقة فيه؟
(11/36)
صلاح عمر العلي: شوف يعني أحمد حسن البكر باعتباره كان منحدر من الجيش، وبرتبة كبيرة، ويعرف نظام الجيش ويعرف أهمية الموقع العسكري والنظام العسكري، كان حريص على أن لا تُمسَّ المؤسسة العسكرية بمثل هذا العمل كان حريص.. حق واضح، عملية يعني انهيار المؤسسة العسكرية وعملية تغييرها ومسخها بشكل صحيح بشكل شامل وقع بعد أن سُلِّم صدام حسين السلطة بشكل كامل، بعد أن أصبح رئيس جمهورية، لكن حتى لغاية عهد أحمد حسن البكر، حتى وهو بدأ يفقد السلطة.. مواقع السلطة..
أحمد منصور: البكر بدأ يفقد السلطة مبكراً، حتى أنه كان في 74-75 لا يجرؤ أن يوقع على ورقة دون إذن وموافقة صدام حسين.
صلاح عمر العلي: لا، هو الحقيقة لغاية 75 يعني كان يمارس السلطة وأنا أقول لك بصراحة، يعني أنا فهمي أنه كان أحمد حسن البكر لغاية 75 قادر لو أراد..
أحمد منصور [مقاطعاً] قادر لو أراد..
صلاح عمر العلي: نعم، قادر أن يطيح في صدام حسين لو أراد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي منعه من الإطاحة به؟
صلاح عمر العلي: أنا حكيت لك في الحلقات السابقة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الأمر لما بيصل إلى.. إلى نقطة إما أنا أو أنت، الأمر بيتغير.
صلاح عمر العلي: ما هو المشكلة وين؟ المشكلة تكمل بالشكل التالي: أحمد حسن البكر بعد أن بدأ يكتشف مشروع صدام حسين الخاص باستلام السلطة بشكل منفرد، بهذه الفترة أصبح حسن البكر فاقد للسلطة، فاقد القدرة على الإطاحة بصدام حسين، هاي هي المفارقة الحقيقية.
محاولة ناظم كزار الفاشلة للإطاحة بالبكر وصدام
أحمد منصور: صدام حينما بدأ يسيطر على الأمور ويبرز النزاع بينه وبين البكر بدأ بعض من ربَّاهم صدام على عينه ويديه مثل ناظم كيراز القيام بمحاولة كيراز.. كيزار عفواً القيام بمحاولة في 30 يونيو 1973، كنت أنت وقتها سفيراً في فنلندا؟
صلاح عمر العلي: كنت سفيراً في السويد.
(11/37)
أحمد منصور: في السويد، قام العقيد ناظم كيزار (مدير الأمن العام في العراق) الذي كان رجل صدام بمحاولة انقلابية فاشلة، قتل فيها وزير الدفاع حمادي شهاب، وجُرح وزير الداخلية سعدون غيدان، ما هي معلوماتك عن هذه المحاولة؟
صلاح عمر العلي: أنا بناء على المعلومات اللي يعني توفرت إلى فيما بعد، أنا أسميها هذه المسألة أسميها مؤامرة صدام حسين على البكر، وهي مؤامرة ناظم كيزار على صدام حسين والبكر.
أحمد منصور: من هو ناظم كيزار أولاً؟
صلاح عمر العلي: ناظم كيزار مدير الأمن العام، حزبي، يتصف بدموية شديدة جداً، وقسوة غير يعني متناهية في..
أحمد منصور: كأننا نشعر أن هذا الحزب ليس فيه واحد قلبه رحيم.
صلاح عمر العلي: عندما عُين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إلا ربما حينما صادفتك أنت..
صلاح عمر العلي: لو.. لو سمحت.. لو سمحت، عندما عُين ناظم كيزار، عندما عين ناظم كيزار مدير للأمن العام، واجه هذا التعيين رفض واحتجاج لدى كافة قادة الحزب، الأمر الذي أجبر صدام حسين على عقد ندوة لكادر الحزب المتقدم، لغرض فقط إقناعهم بمبررات تعيين ناظم كيزار في هذه الدائرة، وكنت حاضر أنا في هذه الندوة وعندما عُقدت الندوة، كافة أعضاء الحزب القياديين اعترضوا بشدة وهددوا بالانسحاب من الحزب وترك الحزب إذا أصريتم على بقاء ناظم كيزار في الأمن العام، صدام حسين أخذ الحديث وأقنعهم بطريقة براجماتية يعني عجيبة، تحدث معهم، قال لهم: نعم أنا كل ما حكيتوه عن ناظم كيزار أنا مؤمن به، وأنا أعرفه، لكن الآن إحنا بين إيدينا دولة، هذه الدولة فيها دوائر، دوائر فيها اختصاصات، لدينا دائرة اسمها الأمن، الأمن يجب أن نختار شخص يحمل مؤهلات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: دموية.
(11/38)
صلاح عمر العلي: مؤهلات قادرة على إدارة هذه الدائرة وتنفيذ واجباتها، فهل ترون هناك شخص أكفأ من هذا ناظم كيزار الذي يحمل عقل أشبه بالكمبيوتر؟ وهذا الإنسان الذي يعرف كل من يعارض الحزب وكل المنتمين للأحزاب الأخرى يفهمهم واحد واحد، تريدون من عندنا نجيب عبد الخالق السامرائي أو صلاح عمر العلي نحطه مدير أمن؟ ناظم كيزار شخص مؤهل لهذا العمل فإذن عليكم أن تفهموا هذا البعد الآن إحنا مو في إطار عملنا الحزبي فقط أمامنا دولة، فطبعاً بوقتها قبلوا الناس على مضض..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هنا سؤال مهم..
صلاح عمر العلي: ناظم كيزار إذن هو مدير الأمن العام، كُلِّف من قِبل صدام حسين بأن يقتل أحمد حسن البكر القادم من تشيكوسلوفاكيا على ما أعتقد في المطار، لكن ناظم كيزار في نفس الوقت كان يخطط للإطاحة بصدام وأحمد حسن البكر في نفس الوقت.
أحمد منصور: يعني كان الرجل يعد لانقلاب ثنائي يتخلص فيه حتى من الرجل الذي كلفه بالإطاحة، لصالح مَنْ كان يقود هذا الانقلاب؟
صلاح عمر العلي: أنا لا أعرف حقيقة لصالح من، لكن في الواقع هو بالقدر اللي قدمت لك إياه.. بقدر المواصفات القاسية والدموية اللي يحملها ناظم كيزار، إلا أنه من جانب آخر كان مؤمن بشيء اسمه حزب البعث، كان حزبي.. كان يعني يعني ناظم كيزار عَذَّب وقتل كثير من الناس، لكن لم يعتدِ على البعثيين أبداً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لماذا.. يعني.. يعني هنا مفهوم الحقيقة ربما يعاني منه معظم.. تعاني منه معظم الشعوب العربية أن هناك أناس مجرمين وفي نفس الوقت الذين يطاردونهم مجرمون مثلهم، ويتم اختيارهم بإجرام كأنما يجب أن تتوفر في رجل الأمن صفات إجرامية في الوقت الذي يمكن أن يكون فيه رجل الأمن هو رجل مصلح للنفوس بالدرجة الأولى وليس رجلاً دموياً ليقتل ويصفي ويعذب الناس.
(11/39)
صلاح عمر العلي: هذا ما يجب أن يكون، هذا ما يجب أن يكون، وتشوف الدول المتحضرة الآن، مدير الأمن.. مدير الاستخبارات، مدير المخابرات ناس إما أكاديميين أو مثقفين أو كُتَّاب ومهمتهم هي ليس للإرهاب وتصفية الناس والاعتداء على الآخرين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما معنى قبول.. قبولكم أنتم البعثيين بأن يكون قائد الأمن هو شخصية دموية تقتل وتعذب وتدمر الآدمية في نفوس الناس..
صلاح عمر العلي: أنا.. أنا حكيت لك حقيقة، أنا حكيت لك يعني اللي حصل، كل قيادي الحزب رفضوا، كله بالإطلاق رفض هذا التأييد.
أحمد منصور: هذا لا يبرر طبعاً.
صلاح عمر العلي: لأ، طبعاً لا يبرر لا.. لا..
أحمد منصور: وأن يحدث..
صلاح عمر العلي: لا أريد أن أبرر، أنا أقدم لك هذا الوصف، أقدم لك ما حصل.
أحمد منصور: ماذا تعرف عن تفاصيل المحاولة أو المخطط؟
صلاح عمر العلي: المحاولة هي محاولة صدام حسين للإطاحة بأحمد حسن البكر بواسطة ناظم كيزار..
أحمد منصور: كان..
صلاح عمر العلي [مستأنفاً] وناظم كيزار عندما اكتشف يعني مبكراً السلوكيات الملتوية التي يمارسها كلٌ من أحمد حسن البكر وصدام حسين، وعندما كُلِّف بهذه.. بهذه المؤامرة اللي أُطلق عليها اسم مؤامرة توصل إلى قناعة بأن هناك لعبة خارج يعني خارج ما هو منطقي ومقبول، بمعنى أنه كل ما يدور هو عبارة عن صراع بين شخصين من أجل استلام السلطة على حساب الحزب وعلى مبادئ الحزب وأفكار الحزب، فإذن صَمَّم وقرر أن يستغل هذه الفرصة من أجل أن ينتقم من الاثنين، أن يُخلِّص الشعب العراقي من الاثنين، فراح وضع خطته على هذا الأساس، بطبيعة الحال يعني هناك تفاصيل في هذه المسألة هذه، أحمد حسن البكر كان مقرر أن يصل في ساعة معينة إلى مطار بغداد..
أحمد منصور: تأخر..
(11/40)
صلاح عمر العلي: وطبعاً الهيئات الدبلوماسية وكبار المسؤولين العراقيين خرجوا لاستقباله، ناظم كيزار.. ناظم كيزار في هذه.. في هذه الساعات استدرج أحمد.. حمادي شهاب اللي كان وزير دفاع، وسعدون غيدان اللي كان وزير داخلية، وعدد آخر من الأشخاص اللي كان يخشى من تأثيراتهم عليه، استدرجهم للمجيء إلى دائرة الأمن واعتقلهم، اعتقلهم حتى يعني يضمن نجاح العملية وهيَّأ أشخاص وضعهم على.. على سطوح المطار كانوا يحملوا مدافع رشاشة وهم قناصة ومبلَّغين عندما ينزل أحمد حسن البكر من طائرته سيتقدم صدام حسين باستقباله ومصافحته ففي هذه اللحظة تضربون الاثنين وتقتلوهم، اللي حصل أنه وزير الدفاع ووزير الداخلية معتقلين.. اعتقلوا، وهؤلاء الموجودين على السطح، الطيارة تأخر وصولها إلى مطار بغداد، عندما تأخر وصولها إلى مطار بغداد بدأ ناظم كيزار يتحسس من الموضوع، أولاً وزير الدفاع ووزير الداخلية ما موجودين في الاستقبال، فإذن راح يحصل سؤال أنه وين وزير الداخلية والدفاع، هذا أولاً.
اثنين فيه قناصة على السطح، ومجهز عدد من.. من المنتسبين لدائرة الأمن لمهمات تحيط بالمطار وإلى آخره كان الوضع غير طبيعي، فتأخير وصول الطائرة خلق حالة من الارتباك لدى ناظم كيزار، الأمر الذي دعا فيه إلى الهرب بصحبة المختطفين عنده، المعتقلين عنده، واتجه إلى الحدود الشرقية مع.. مع إيران، وطبعاً صدام حسين يعني فهم العملية، فبعد ذلك وصل أحمد حسن البكر بطائرة فوجد بالمطار يعني.
أحمد منصور: الوضع غير طبيعي.
(11/41)
صلاح عمر العلي: ليس هناك.. ليس هناك بروتوكول، وليس هناك استقبال، وليس هناك صدام حسين وإلى آخره، بعدها بُلِّغ بالموضوع بأنه هناك مؤامرة وإلى آخره واكتُشفت مؤامرة ويقودها ناظم كيزار، ثم طورد ناظم كيزار، ناظم كيزار كان يحمل معه جهاز إرسال، وجه رسالة عبر هذا الجهاز وجهها إلى.. إلى القصر الجمهوري، كانت الرسالة تقول بأنه أنا مستعد أستسلم وأقترح أنه يصير نوع من.. من الاتفاق على شكل الاستسلام في منزل عبد الخالق السامرائي، الأمر الذي أطاح بيعني بعبد الخالق السامرائي ودخل السجن في زنزانة لمدة سبعة سنوات لم يره إنسان إطلاقاً، ثم رُفض هذا العرض، بعد ذلك أُلقي القبض على ناظم كيزار بعد أن قتل حمادي شهاب وجرح سعدون غيدان وجرح الآخرين أيضاً اللي كانوا معه من المعتقلين.
أحمد منصور: كيف كان شعورك الآن ورفاقك بيتساقطون الواحد تلو الآخر بأيدي القيادة البعثية؟
صلاح عمر العلي: والله يا أستاذ أحمد.. والله أصدقك القول أنا قبل أن تحصل هذه المؤامرة بحوالي شهرين كنت في بغداد، والتقيت المرحوم عبد الخالق السامرائي وكان عبد الخالق السامرائي يوجه لي اللوم بأني كأني استعجلت الصِّدام مع أحمد حسن البكر وصدام حسين، كان يوجه لي اللوم وكان يقول لي بالمعني التالي، يقول لي: شايف أنه الأمور بتتجه باتجاه التمسك بصيغة الحزب من خلال الرفيق صدام حسين، تصور إلى.. يعني الفاجعة وين، كان يراهن على صدام حسين...
أحمد منصور: رغم أن التصفيات بدأت في وقت مبكر.
(11/42)
صلاح عمر العلي: كان يراهن على صدام حسين أنه السلطة التدريجية تنتقل إلى صدام حسين، وهذا ابن الحزب وهذا يعني مدني وهذا شخص نما من شباب الحزب، بينما كان يعتقد أنه أحمد حسن البكر هو الخطر الحقيقي، فأنا والله في هذا اللقاء يعني جاوبته بالشكل التالي، قلت له: يا عبد الخالق، اسمع مني، والله هذا الكلام ستندم عليه قريباً جداً وستكتشف أن الخطر الحقيقي يكمن في شخص صدام حسين اللي أنت الآن تراهن عليه. هذا الكلام قبل أن يدخل الزنزانة بما لا يزيد عن ثلاثة أشهر، وربما شهرين فقط كنت في بغداد وحصل هذا اللقاء، الحقيقة يعني كان هذا الموضوع شديد الالتباس، شديد الغموض، يعني المسألة ما كانت واضحة عند كثير من أعضاء الحزب، كانت مفارقة عجيبة صدام حسين يبرز وجه نظيف وممارسته بشعة، ممارسته على عكس ما كان يظهر فيه.
أحمد منصور: لكن ممارسته مين اللي كان بيلمسها غيركم؟ ومين اللي كان بيشعر بها أكثر منكم؟
صلاح عمر العلي: ولهذا السبب حقيقة.. هذا اللي حصل.
أحمد منصور: طبعاً السامرائي أعدم بعد ذلك في أثناء المحاولة.
صلاح عمر العلي: بعد سبع سنوات من السجن.
أحمد منصور: طبعاً ألم تلاحظ في مسيرتكم أنتم كقيادات بعثية أنكم لم تكونوا تفيقوا إلا حينما كانت السكين على رقبة الواحد منكم؟
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال.. هذا ما دعانا أن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أنتم شايفين زملاءكم ورفقاءكم بيقتلوا الواحد تلو الآخر ولم تكونوا تفيقوا إلا لما السكينة تأتي إلى رقبتكم.
صلاح عمر العلي: لا يا أستاذي، القتل وهذا أنا كنت.. كنت طالع بالسبعين، القتل.. لا.. لا.. خليني..
أحمد منصور: أنت أنا ما بأتكلمش عليك أنت، بأتكلم عن هذا السامرائي الذي كنت تقنع فيه ويرى رفاقه يُصَفُّون ومع ذلك له.. يتكلم كلام آخر وغيره ممن بقوا إلى جوار القيادة لحد ما صُفُّوا بعد ذلك.
(11/43)
صلاح عمر العلي: هو حتى.. نعم.. حتى.. للدقة أكثر حتى لغاية اعتقال عبد الخالق السامرائي لم تكن هناك ظاهرة التصفية بشكل واسع.
أحمد منصور: كانت.
صلاح عمر العلي: يعني البعثيين لم يصفوا..
أحمد منصور: كانت وأنا ذكرت لك بالتواريخ يعني تواريخ عملية التصفية بدأت بالأسماء من 68 وكانت في 70، 71 عالية، 71 كان حردان التكريتي، 28.
صلاح عمر العلي: حردان ما كان بعثي.. ما كان بعثي.
أحمد منصور: لكن كان الرجل قدَّم للبعث خدمات لم يقدمها أي بعثي آخر.
صلاح عمر العلي: نعم.. هذا.. نعم صحيح، أنا لا أنكر هذا.
أحمد منصور: الآخر كان له جزاء سنمار كما يُقال.
صلاح عمر العلي: نعم، هذا صحيح.
أحمد منصور: ويعني أيضاً آخرين قتلوا وتم تصفيتهم في العام 70 رشيد مصلح كان بعثي وكان وزير الداخلية في العام 70.
صلاح عمر العلي: لا.. لا.. لم يكن بعثياً أبداً.
أحمد منصور: كان بعثي.
صلاح عمر العلي: لا يا أستاذ أنا يعني أنا عضو قيادة.
أحمد منصور: عدنان التكريتي لم يكن بعثي؟
صلاح عمر العلي: عدنان شريف نعم، عدنان شريف التكريتي، نعم.
أحمد منصور: طيب، يعني.. يعني الآن عملية التصفية كانت بدأت لكن أخذت الزخم العام بعد ذلك..
صلاح عمر العلي: ما بشكل واضح، ما كانت كتير.
عملية تأميم النفط العراقي ومردوداتها على حكم البعث
أحمد منصور: إلى أن وصلت في 79 إلى أن 55 من قيادات الحزب يُنادى عليهم ويشارك الرفاق في حفلات الإعدام التي ربما آتي لها تاريخياً في حينها، الآن في الأول من يونيو عام 1972 أذاع راديو بغداد رسائل ثورية ثم أطلق يوم النصر على يوم تأميم النفط العراقي، ما الذي عاد به تأميم النفط في العراق على حكم البعث.
صلاح عمر العلي: طبعاً أنا كنت آنذاك خارج العراق وليس لي أي دور في هذه العملية مع أنه إحنا.
أحمد منصور: كنت ممثلاً للنظام العراقي في الدول الاسكندنافية..
(11/44)
صلاح عمر العلي: لاشك في ذلك، بس خلينا نكون يعني دقيقين وواضحين وإحنا الآن في.. في ندوة تليفزيونية، نعم أنا كنت خارج السُلطة.. خارج السُلطة السياسية، أنا كنت سفير مُبعد، أنا.. أنا شخص مُبعد ومعاقب بتعييني سفير، عملية التأميم أنا ما مشارك فيها ولا إلي دور فيها، إنما كان عندنا إحنا أحد الشعارات الأساسية اللي كنا دائماً نحملها ودائماً نرددها واللي دائماً نكتبها في أدبياتنا هو القول بأن نفط العرب للعرب، دائماً كثير ما رددناه، فإذن عملية تأميم النفط كان هو مبدأ من مبادئنا اللي كنا نعمل ونكرس جهودنا من أجل الوصول إله، أُمِّم النفط، بمجرد تأميم النفط طبعاً فُرض حصار اقتصادي على العراق أيضاً وطبعاً هُدد الوضع في العراق وصل إلى مرحلة يعني خطيرة للغاية، لكن تم تجاوز هذه الأزمة وفُتحت الأسواق النفطية ابتداءً وأول دولة كسرت هذا الحصار هي إسبانيا، أول حاملات نفط اتجهت للعراق بعد التأميم هي إسبانية بأمر من (فرانكو) وبدأت...
أحمد منصور: طبعاً أنظمة استبدادية بتدعم بعضها..
صلاح عمر العلي: بدأت عملية كسر.. بدأت عملية كسر الحصار الاقتصادي، طبعاً بعد أن بدأت العملية أول شيء حصل أن واردات العراق من النفط قفزت قفزة هائلة جداً وأصبحت مليارات من الدولارات.
أحمد منصور: كانت في العام 72، 575 مليون دولار، في العام 74 أصبحت عشرة أضعاف 5.7 مليار دولار.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، يعني إحنا قبل أن يؤمم البترول بالسنوات اللي كنت أنا عضو قيادة فيها أصلاً كنا من الفقر.. من العوز للدرجة أنه طلبنا قرض من إحدى الدول العربية بما لا يزيد عن 5 ملايين حتى نمشي أمور الدولة، كان وضعنا الاقتصادي متدهور للغاية...
أحمد منصور: إذن بدأت العراق بعد العام 1972 فترة النمو الهائلة في ظل حكم البعث. وبدأ..
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. نعم، والله هذه الحقيقة العبارة لازم نحط تحتها شرطة.
(11/45)
أحمد منصور: لأ، ما حطيتش ليه أيامها.. ما حطيتش ليه أيام..
صلاح عمر العلي: أبداً.. هو ليس حكم البعث.
أحمد منصور: هو حكم البعث شئتم أو أبيتم حكم صدام حسين العراق إلى 9..
صلاح عمر العلي: لا أبداً.. أبداً.. أبداً، واقعياً حزب البعث أول.. أول فئة سياسية تُقمع على يد صدام حسين، أول فئة سياسية.
أحمد منصور: مالناش دعوى، قبلتم بهذا.
صلاح عمر العلي: من الذي قبل؟
أحمد منصور: أنتم قبلتم تستحقون.
صلاح عمر العلي: أنا قبلت؟
أحمد منصور: لا أتكلم عنك.
صلاح عمر العلي: أو عبد الخالق السامرائي قبل، أو عبد الكريم الشيخلي قبل أو صالح عمَّاش قبل؟ لا يا أستاذ...
أحمد منصور: تستحقون ما.. تستحقون ما جرى لكم لأنكم دعمتم الذي حز السكين على رقابكم.
صلاح عمر العلي: حتى إذا سلمت بهذا القول.. هذا.
أحمد منصور: لماذا لم تجتمعوا كبعثيين سابقين الآن وتقرروا أن هذا النظام لا يُشكِّل، كان الرفيق الكبير الأكبر.. المؤسس الأكبر كان يقول أن صدام هو هبة البعث من السماء إلى الأمة العربية وإلى البعث، قولوا ما شئتم أنتم في الخارج لن يسمع أحد منكم، الرجل كان عنده الغطاء الشرعي والغطاء التاريخي الذي كان يحكم من خلاله، وحرص على بقائه إلى النهاية، الآن تقولون لم يكن يمثل البعث!! يعني كان الكلام يجب أن يُقال وقتها وكان تجردوا الرفيق الأكبر أو المؤسس أو الزعيم من أن يكون هو الغطاء الذي كان صدام حسين يحكم به.
صلاح عمر العلي: فيه.. على ما يبدو أنت إلى الآن رغم كل ما حصل في العراق مبسط الأمور إلى درجة يعني تعتبر أنه مجرد.. يعني من البساطة بمكان أن نُعقد اجتماع ونتخذ قرار..
أحمد منصور: الذي يُبسط هو حضرتك الآن..
صلاح عمر العلي: أستاذي الكريم، صدام حسين.. صدام حسين.. صدام حسين...
(11/46)
أحمد منصور: لأن أنا الآن أتكلم.. صدام حسين كان يحكم باسم البعث، كان هناك قيادة قومية في العراق وقيادة قطرية في العراق ونظام بعث وشبيبة وأعضاء منتسبون وشعارات وزعيم مؤسس كل المقومات عنده...
صلاح عمر العلي: أستاذ أحمد صدام.. صدام حسين، لو سمحت لي صدام حسين بمنتصف السبعينيات صدام حسين شرى من الأجيال العربية من الكُتَّاب للشعراء، للصحفيين، كذا، اشترى، خارج المنطقة العربية قطاعات هائلة جداً من المثقفين والكتاب والسياسيين.. بدأ.. بدأ يرتبط بأجهزة مخابرات..
أحمد منصور: كلهم في مزبلة التاريخ، كل من، كل صحفي وكل كاتب يخرج عن نطاق أن يكون إنساناً ينشر الحقيقة ويقدمها للناس دخل مزبلة التاريخ.
صلاح عمر العلي: بحيث أصبح.. يا سيدي أصبح صدام حسين أخطبوط قادر على أن يجر أي إنسان بأي بلد كان، كان يخطف الناس من.. من بلدان أجنبية.
أحمد منصور: شخصية متميزة، مسحكم جميعاً وسيطر على السلطة.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح، أنا ما لا أنكر هذا، نعم مسحنا جميعاً ووثب على كرسي السلطة بشكل منفرد بعد أن يعني نصب مسلة إله من جماجم الأبرياء سواء البعثيين أو غير البعثيين.
أحمد منصور: دعمتموه حتى وصل إلى تحقيقها في البداية..
صلاح عمر العلي: لأ كيف هذا تقول أستاذ أحمد؟
أحمد منصور: كان يمكن أن تزيلوه.
صلاح عمر العلي: من الذي دعمه، أنا تارك من السبعين، كيف تقول هذا يا أستاذ أحمد؟
أحمد منصور: أنا الآن لا أتناول تاريخك الشخصي وشهادتك هي ممزوجة.. ممزوجة.. ممزوجة، أنا أقول الآن ما تقوله هو ممزوج بصفتك عضو قيادة في الحزب، وممزوجة بتاريخ الحزب ومساره في العراق.
صلاح عمر العلي: يا سيدي، أنت تقول أنتم...
أحمد منصور: أنتم الآن كبعثيين.
صلاح عمر العلي: أنتم كيف أنا عندما يبدأ اصطدامي بصدام حسين منذ الأشهر.. منذ الأشهر الأولى بدأت اصطدامي معه، ثم استمرت هذه الأزمة كما تعرف...
(11/47)
أحمد منصور: رفاقك كانوا يدعمونه، أنا أقصد أنتم كبعثيين تتحملوا المسؤولية كاملة فيما حدث.
صلاح عمر العلي: سيدي هذا.. هذا.. هذا الوصف غير دقيق، من الذي كان يساعده؟ صدام حسين أطاح بهم واحد بعد الآخر، لماذا؟ لأنه كانوا يدعموه! لماذا أطاح بهم؟ لأنهم كانوا يدعمون صدام حسين! لماذا لم يطح بعزت الدوري؟ لماذا لم يطح بطه الجزراوي؟ لا يجوز هذا الحكم.. لا يجوز هذا الحكم.. هذا الحكم غير مُنصِف.
أحمد منصور: كل واحد بيختار طريقه طالما.. طالما أن الأمر وصل إلى السلطة، فكل واحد بيختار طريقه، الذي يبحث عن الامتيازات، ويبحث عن دعم الزعيم حتى يبقى إلى جواره شيء، والذي يريد أن يعارض ويتمسك بالمبادئ والأفكار يدفع الثمن.
صلاح عمر العلي: هذا هو اللي حصل، ولذلك أطاح بالجزء الأكبر من القيادة بينما احتفظ باثنين من أعضاء القيادة.
أحمد منصور: كان عنده الزعيم الأكبر للقيادة كلها ميشيل عفلق، ظل إلى جواره إلى اللحظة الأخيرة، وظل يدعمه ويكون غطاءً أساسياً له، شئتم أم أبيتم، تقولوا أنكم بعثيون أو غير بعثيون، البعث الذي كان يحكم العراق إلى 9 إبريل 2003.
صلاح عمر العلي: هذا صحيح.. هذا رأيك.
أحمد منصور: لا مش رأيي، هذا التاريخ ومعطياته يا سيدي.
صلاح عمر العلي: لأ هذا رأيك أستاذي، حزب البعث.
أحمد منصور: من الذي كان يحكم العراق إلى 9 إبريل 2003؟
صلاح عمر العلي: إذا سمحت لي.. إذا.. إذا نعرِّف حكم الحزب تعريف دستوري أو سياسي.
أحمد منصور: هو فيه دساتير دلوقتي، فيه حد بيحترم دساتير؟!
صلاح عمر العلي: أنت سمعت يوم.. أنت سمعت يوم من الأيام أن.. هذه الأزمة الأخيرة اللي حصلت إلى أن أطيح بالنظام، سمعت يوم من الأيام أن قيادة الحزب اجتمعت واتخذت قرار، هل هناك دور لقيادة الحزب القطرية أو القومية؟ سمعت يوم من الأيام؟ صدام حسين منفرداً، كان يقرر كل شيء حتى..
أحمد منصور: وهم كانوا يطبلون له ولم يكن أحدهم فعلاً.
(11/48)
صلاح عمر العلي: هذا شيء آخر بس إن.
أحمد منصور: لأ، مش شيء آخر، هذه سياسة حزب، سياسة ناس مسؤولين عن الحزب.
صلاح عمر العلي: لا يا أستاذي.. لا.. أنت عندما تسمع أن القرارات تتخذ من قبل.. من قبل قيادة الحزب عند ذلك تقدر تعتبر أنه هذه فعلاً قيادة الحزب وتجربة في الحزب، وأن الحزب هو مستأصل.
أحمد منصور: إذا الرجل هبة السماء، عايزين تجتمعوا معاه ليه؟ إذا قال عنه ميشيل عفلق أنه هبة السماء..
صلاح عمر العلي: شو اللي بقى من حزب صدام حسين عندما.. عندما يدشن..
أحمد منصور: لما واحد.. لما أنت تجي تقول لي أنت هبة السماء، يعني بيني وبين الرسول شعرة، وهو جاء وغير التاريخ وقال إنه بينتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعني فيه شيء من الخلافة عايز بقى تجيب بعض الناس ويقعدوا يناقشوه ويقولوا له ماذا تفعل؟
صلاح عمر العلي: يا سيدي، هذه كله مزور، طيب عندما يدشن..
أحمد منصور: ألم يضفِ عليه هذه الهالة المؤسس الأكبر والزعيم الأكبر للحزب؟
صلاح عمر العلي: بس.. بس.. يا أستاذ أحمد.. عندما يدشن صدام حسين عهده كرئيس جمهورية بقتل 54 قائد حزبي خلال 48 ساعة، ثم بعد أسبوع يختفي ما لا يقل عن 300 كادر حزبي من هذا الحزب، كيف يجوز أن نعتبر أنه الحزب كان يحكم؟ كيف؟
أحمد منصور: ما هو أنا قلت لك أنتم.. قلت لك يا سيدي..
صلاح عمر العلي: أنا الآن عندما أتحدث.. أنا.. أنا الآن ليس لي صلة بالحزب، أنا تركت الحزب من عام 70، لكن أنا.. أنا..
أحمد منصور: لكن.. لكن.. كل البعثيين مسار التاريخ يؤكد إنه كل القيادات البعثية في العراق لم تكن تفيق إلا والسكين تحز رقبتها، هؤلاء الـ50 قائد كادر و 300 وكل هؤلاء الذين أعدموا وسآتي بشكل مفصَّل إلى حفلات الإعدام التي تمت، أليس هؤلاء الذين دعموا صدام حسين وكانوا يصفقون له؟ ألم يكن يصفق في الفيلم التليفزيوني أناس كانت تنادى على أساميهم بعد ذلك ليخرجوا إلى المذبحة؟
(11/49)
صلاح عمر العلي: والله.. هؤلاء.. نعم، والله هذه يا أستاذ أحمد، إذا نكون منصفين خليني أقول لك إياها بصراحة، صدام حسين عندما فرض هذا السطوة والرهبة من خلال العقاب الجماعي والقتل الجماعي أصبح المواطن العراقي يعني مواطن من نوع آخر، المواطن العراقي أصبح مغلوب وخائف..
أحمد منصور: إذا كل شيء..
صلاح عمر العلي: وأي شخص صدام حسين عندما يقف ويقول أنا أعرف الشخص المتآمر من نظرتي لعيونه، تخيل عنده مقولة تقول إنه أنا أقدر أميز الشخص المتآمر عليَّ أو ضدي من خلال النظر إلى عيون هذا الشخص، تخيل كيف ترك من آثار نفسية لدى المواطن العراقي عموماً ولدى البعثيين خصوصاً...
أحمد منصور: كانوا يصفقون له حينما كان يقول هذا، كان ينادي على رفيقه.. رفاقه ورفاقهم وهم يصفقون وهم كلهم شاركوا وقتلوا رفاقهم...
صلاح عمر العلي: نعم، إلى.. إلى.. لأ، ما شاركوا لا.. لا.. هذه.. هذه.. هذه غير حقيقة، هذه..
أحمد منصور: جمعوا وشاركوا في عملية القتل..
صلاح عمر العلي: لا.. لا، أبداً هذا غير صحيح، وأنا راح أوضح لك هذا الأمر فيما بعد، هذا غير صحيح.
توقيع صدام حسين اتفاقية الجزائر مع شاه إيران
أحمد منصور: طب خليني حتى أصل بالتسلسل التاريخي، في 6 من يونيو عام 1975 وعلى هامش اجتماع الأوبك في الجزائر وبمبادرة من الرئيس الجزائري هواري بومدين وقَّع صدام حسين الذي كان نائباً للرئيس العراقي آنذاك، وكان هو الرئيس الفعلي للبلاد اتفاقية مع شاه إيران تحقق تسوية لمشكلة الملاحة في شط العرب، ما هو أثر هذه الاتفاقية على صدام ومكانته في العراق؟
(11/50)
صلاح عمر العلي: طبعاً الاتفاقية حصلت في ظل الأجواء التالية، كان هناك ما يُسمَّي بالثورة الكردية في شمال العراق وكانت هناك مواجهات بين الميليشيا الكردية وبين وحدات الجيش العراقي، وطبعاً الجيش العراقي آنذاك كان ضعيف بعده لم يُبنَ ولم يعني تتوفر له المستلزمات اللازمة، وطبعاً أُنهكت وحدات الجيش وضعفت بالمقابل بدأت تقوى الميليشيا العسكرية الكردية واحتلوا كثير من المواقع الاستراتيجية في المنطقة، فأصبح نظام الحكم يعني مهدد حقاً، الأمر الذي اعتبر صدام حسين فرصة اللقاء بشاه إيران في الجزائر فرصة مهمة جداً، فرصة مهمة للغاية، طبعاً أنا لا أعرف كيف حصل هذا اللقاء؟ هل هي بمبادرة من صدام حسين؟
أحمد منصور: لكن رفعت أسهم صدام.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم خليني أجاوبك، أنا لا أعرف هل هي بمبادرة من شاه إيران أم من صدام حسين أم من الجزائر؟ لأنه أيضاً شاه إيران آنذاك كان أيضاً الحكم في العراق يمارس شيء من الممارسات داخل إيران ضد الشاه، كان بالاعتماد على عناصر معارضة كانت توجد في إيران، فالمهم وقَّع الاتفاق في هذه الأجواء، في ظل هذه الأجواء صدام حسين تنازل عن مسألة مهمة جداً للغاية في هذا الاتفاق.
أحمد منصور: ما هي؟
صلاح عمر العلي: وهو موضوع شط العرب، حقيقة هذه كانت أيضاً مفارقة تأريخية هامة للغاية، إنه مسألة حق تاريخي وطبيعي ليس من حق صدام حسين ولا أي إنسان يتنازل عنها، مهما كانت الظروف لكن صدام تنازل باستخدام هذه وسيلته.. وسائله في المناورة والمراهنات والمقامرة على كثير من الأشياء اللي برزت فيما بعد، ظهرت بشكل واضح للعيان، صدام تنازل عن هذا الموضوع مقابل.. مقابل ضمان شاه إيران الذي كان يمد الحركة الكردية بمستلزمات المقاومة والسلاح وإلى آخره، أنه تتوقف الحركة الكردية نهائيا، ووُقِّعت هذه الاتفاقية في أجزاء مع بنود أخرى، لكن هذا..
(11/51)
أحمد منصور: وفعلاً كان من أهم نتائجها أن توقف الدعم الإيراني للأكراد..
صلاح عمر العلي: وانهارت فوراً الحركة الكردية نعم.. نعم.. انهارت فوراً..
أحمد منصور: انهارت في يوم وليلة كما يقال وذهب مصطفى البرزاني إلى أميركا ومات هناك في العام 79..
صلاح عمر العلي: وطبيعي.. صح.. صدام حسين استفاد من هذه الاتفاقية يعني استرجع أنفاسه من جديد، فتفرغ للداخل، تفرغ بمعنى للداخل شوف بدأ يصفي كافة القوى التي يشك في ولائها إله، سواءً في داخل الحزب أو خارج الحزب.
أحمد منصور: هل صحيح أن هذه الاتفاقية حولت أحمد حسن البكر إلى صفر حقيقي في حكم العراق؟
صلاح عمر العلي: نعم، نعم، هو فعلاً تمكن أن يعني اعتبار الاتفاق الذي حصل بين صدام والشاه هي نقطة التحول فيما يتعلق بهذه المسألة.
أحمد منصور: كان هناك صراعات داخلية كثيرة؟ كان هناك تصفيات للشيعة؟ كان هناك مشاكل مع دول الجوار إيران وحتى سوريا كان هناك معها مشاكل، وقام الرئيس حافظ الأسد في زيارة للعراق في تشرين أول/ أكتوبر 1978، وقيل أنها رُتبِّت مع صدام حسين، وقيل أن صدام حسين كان يهدف إلى سحب البساط بشكل نهائي من تحت أقدام البكر، وإعلان وحدة مع سوريا من خلال هذه الزيارة.
صلاح عمر العلي: لا العكس هو الصحيح.
أحمد منصور: آه البكر عفواً هو الذي كان يهدف صح.
(11/52)
صلاح عمر العلي: البكر.. يعني أنا ذكرت فيما سبق أنه قبل استلام السلطة وبعد استلام السلطة، كانت تصلنا من المرحوم حافظ الأسد رسائل شفوية أو تحريرية تؤكد باستمرار على موقفه الإيجابي تجاهنا، وعلى رغبته الحقيقية في توحيد الحزب، فكان مقابل هذا أحمد حسن البكر يثق ثقة كبيرة جداً بالرئيس حافظ الأسد، وكان يعني دائماً يدفع باتجاه التجاوب مع هذه.. هذا الموقف اللي يعني دائماً يوصلنا إله الرئيس حافظ الأسد باستمرار، أحمد حسن البكر عندما بدأ يشعر بأنه ضعف وأن السلطة أصبحت لصالح صدام حسين، واحدة من وسائل يعني التخفيف من سلطة صدام حسين أو إخراج صدام حسين بالحقيقة من السلطة هو الضغط باتجاه الدفع باتجاه التوقيع على ميثاق وحدة بين سوريا وبين العراق، فعندما وُقِّع هذا الميثاق بين البلدين كان ينص على أن أحمد حسن البكر يكون رئيس الجمهورية.. الجمهورية يعني الموحدة والرئيس حافظ الأسد يكون نائب رئيس الجمهورية، ولم يكن هناك موقع لصدام حسين في هذا المشروع، طبعاً هذا المشروع استفز صدام حسين، وعرف إنه هذا يعني أو هكذا فسرها بأنها لعبة تستهدف إخراجه من السلطة، فبدأ صدام حسين يلعب لعبته.
أحمد منصور: وبالفعل لم يعد لصدام قناعة بأن يكون الرئيس غير المباشر فأزاح أحمد حسن البكر من السلطة في 16 يوليو/ تموز 1979، وبدأ يرسخ لآل صدام في السلطة، صدام كان رئيساً للدولة، ابن خاله عدنان خير الله وزيراً للدفاع، لجيش يضم 400 ألف بعثي، برزان أخوه غير الشقيق رئيساً للمخابرات وعطبان التكريتي محافظ لتكريت، مسؤول الأمن القومي سعدون شاكر، أما سبعاوي فقد كان نائباً لرئيس الشرطة...
صلاح عمر العلي: سعدون شاكر ليس تكريتياً.
أحمد منصور: سبعاوي.
صلاح عمر العلي: سبعاوي، نعم.. صحيح.
(11/53)
أحمد منصور: كان رئيس الشرطة، وأصبح الحزب يضم حوالي مليون شخص أو مليون منتفع على وجه الدقة بمفهوم أوضح، علاوة على الجيش الشعبي، هنا اختلط النظام بالعائلة بالحزب وأصبح كياناً واحداً، وبعد يومين فقط من القيام بإزاحة أحمد حسن البكر من السلطة في 16 تموز أعلن صدام حسين في 18 يوليو/ تموز أمام المؤتمر العام للحزب عن وجود مؤامرة كبيرة تم تصفية العشرات من قيادات الحزب، نبدأ بها الحلقة القادمة.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية في حزب البعث العربي الاشتراكي الأسبق في العراق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/54)
الحلقة8(11/55)
الثلاثاء 9/5/1424هـ الموافق 8/7/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 18:39(مكة المكرمة)،15:39(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
6/7/2003
- سيطرة صدام حسين على السلطة وأسلوب تصفيته للمعارضين
- تفاصيل لقاء صدام حسين بوزير خارجية إيران
- مخطط صدام حسين لشن الحرب على إيران
- المفاعل النووي العراقي وقصفه من قِبَل إسرائيل
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح مرحباً بك.
سيطرة صدام حسين على السلطة وأسلوب تصفيته للمعارضين
سيطر صدام حسين على السلطة في 16 يوليو عام 1979 وفي الثامن عشر من يوليو في مؤتمر للحزب أعلن صدام عن مؤامرة ضد الحزب صُوِّرت تليفزيونياً، كان يجلس محيي عبد الحسين شهدي (أمين عام مجلس قيادة الثورة) ليتحدث عن تفاصيل المؤامرة، ثم نودي على 54 من قيادات الحزب، كان كل واحد منهم يُنادى عليه كان الباقي يصفقون ثم يخرج مصحوباً بمجموعة من رجال الأمن، ثم يختفي بعد ذلك، من بين هؤلاء ثلث أعضاء مجلس قيادة الثورة، وبعد ذلك اختفى ثلاثمائة من قيادات الحزب، ما معلوماتك عن هذه المؤامرة؟
صلاح عمر العلي: يعني أول ما يجب أن نذكره أنه ما سُمِّي بالمؤامرة تزامنت بحدث مهم جداً حدث بالمنطقة وهي الثورة الإسلامية في إيران، هذا في غاية الأهمية، لأن الموضوع سيرتبط بهذا الموضوع فيما بعد.
(11/56)
ثانياً.. النقطة الثانية كما ذكرت في الحلقة السابقة أنه صدام حسين بعد التوقيع على ميثاق الوحدة بين القطرين وجد نفسه يعني خارج السلطة، فإذن هذين العاملين لعبت الدور الأساسي في اندفاع صدام حسين لإنهاء دور أحمد حسن البكر، فيوم 15 تموز اجتمع.. عقد اجتماع صدام حسين مع أحمد حسن البكر وأبلغه بأنه عليه أن يقدم استقالة في الاجتماع القادم ويتخلى عن السلطة وسيكون بديله هو، واتفقوا.. يعني وافق البكر بعد أن فهم بشكل مطلق أنه ليس السلطة الأولى، غير قادر أن يفعل شيء، فتم الاتفاق وعُقد اجتماع يوم 16 وفي الاجتماع الرسمي للحزب أبلغ أحمد حسن البكر المجتمعين بأنه هو أصبح الآن يعني تعبان وتقدم في السن وعاجز على إدارة شؤون الدولة، وبالتالي أعلن عن انسحابه من المسؤولية ورشح الرفيق صدام حسين بديلاً عنه، وأنه على ثقة كبيرة جداً بأنه قادر وكفوء ويملك من الإمكانيات ما يجعله قادر على تسيير دفة الحكم، وتمنى عليهم أن يدعموا هذا الموقف وأن يساندوه، أعضاء القيادة فوجئوا بهذا الأمر يعني فكان طبعاً الشعور السائد بين أوساط أعضاء القيادة أنه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كلهم أم يعني الموالون لصدام كانوا على.. الذين دعموه في 68.
صلاح عمر العلي: الحقيقة كان.. أنا ذكرت لك أنه كان أكو اثنين من عندهم حقيقة، هادولا كانوا منذ البدء هم ينسقوا مع صدام حسين ومتفقين مع صدام حسين وكانوا أدوات صدام حسين في القيادة وخارج القيادة.
أحمد منصور: هما؟
(11/57)
صلاح عمر العلي: وهم عزت إبراهيم، وطه ياسين رمضان، هادولا منذ البدء من عام 68. باقي أعضاء القيادة كان يسيطر عليهم شعور بأنه لازالوا في حاجة إلى أحمد حسن البكر باعتباره رجل يعني بمؤهلات معينة، بعدها ما متوفرة في.. لا في صدام حسين ولا في الآخرين، فاعترضوا على استقالة البكر وتمنوا أنه البكر يستمر فترة أطول ريثما تنضج الظروف ويعني تتعمق تجارب الآخرين بما فيهم صدام حسين، ثم بعد ذلك الأمر يأتي بشكل طبيعي. هذا الاعتراض صدام حسين اعتبره مؤامرة ضد طموحه.. ضد طموحه، فطبعاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من هم المتآمرون في مجلس قيادة الثورة؟
صلاح عمر العلي: في الواقع كانوا يعني على رأسهم عدنان الحمداني اللي كان (نائب رئيس الوزراء) وأظن على ما أعتقد (وزير المالية) آنذاك محمد محجوب، محمد عايش، محيي الدين الشمري، وغانم عبد الجليل، هؤلاء على رأس يعني المتهمين، وأعضاء في القيادة، وأعضاء في مجلس قيادة الثورة، فطبعاً أصر البكر على الاستقالة أصر تحت الاتفاق..
أحمد منصور: ضغوط صدام.
صلاح عمر العلي: نعم، وانسحب، وأعلن صدام حسين نفسه رئيس الجمهورية، وعقد ندوة ضمت كافة كوادر الحزب القيادية، أبلغهم في هذه الندوة عن مؤامرة وهمية نسجها في خياله.. مؤامرة سورية ضد الحكم في العراق، وطبعاً هذه المؤامرة يعني حقيقة لم تقنع حتى صدام حسين، وكل المبررات اللي طرحها لم تقنع عضو في الحزب لا مواطن عراقي ولا بعثياً، لأنها كانت مبررات..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن حصل شيء...
صلاح عمر العلي[مستأنفاً]: واهية متهافتة لا يمكن أن تقنع أي إنسان مهما كان ساذج.
أحمد منصور: صدام حسين صَوَّر هذه الجلسة تليفزيونياً وبثت ووزعت على نطاق واسع..
صلاح عمر العلي: ووزعت على كثير من الناس.
(11/58)
أحمد منصور: وظهر فيها إن صدام حسين أخرج منديلاً وكان يذرف الدموع والجوقة التي كانت في الأمام أيضاً أخرجوا مناديل وقعدوا يعني جلسوا يبكون هم الآخرون.
صلاح عمر العلي: نعم، طبعاً أستاذ أحمد يجب أن نقدر أنه في هذا المناخ وما سبقه من عقوبات جماعية ومن عنف مارسه صدام حسين على البعثيين وخارج البعثيين فرض نمط جديد من السلوكيات لدى المواطنين عموماً بهم.. بعثيين وغير بعثيين صاروا مرعوبين، صاروا يخافون من أنفسهم، يخافوا من عوائلهم، يخافوا من أطفالهم، صدام حسين وصل إلى حد أنه أخرج في التليفزيون عدة مرات أطفال يتهموا آباءهم بالتآمر ضد النظام، ويكافئهم هؤلاء الأطفال ويعدم آباءهم، أخ.. أظهر زوجات يتحدثوا عن أزواجهم بأنهم متآمرين أو ضد صدام حسين أعدمهم وكافأ زوجاتهم، فأصبح الرعب امتد بحيث شمل كافة قطاعات المجتمع، فهنانا الحقيقة المسألة يجب أن تعامل بحساسية، القول بأنه الناس كانوا يصفقوا، يصفقوا إنه ليس تأييداً لصدام حسين، لكن من باب الدفاع عن النفس، لأنه أي شخص راح يتصرف بغير هذا.. معناها نتيجته الإعدام القتل، ولذلك عمد إلى تسجيل هذه الندوة حتى يستعرض الفيلم فيما بعد ويشوف تصرفات كل واحد من عندهم على حدة، في هذه الندوة.. في هذه الندوة طبعاً.
أحمد منصور: لم تكن في العراق أنت.
صلاح عمر العلي: لأ، أنا طبعاً كنت خارج العراق، وقف في داخل الندوة علي حسن المجيد اللي هو ابن عم صدام حسين ورفع إيده وطلب الكلام فخاطب صدام حسين بالقول أن هذه المؤامرة سوف لن تكون الأخيرة ما دام عبد الخالق السامرائي مازال حياً.
أحمد منصور: وكان في السجن منذ سبع سنوات.
(11/59)
صلاح عمر العلي: عبد الخالق السامرائي كان يقضي سبع سنوات في زنزانة لم يشاهده أحد إطلاقاً، فيمسك شاربه صدام حسين على الطريقة البدائية البدوية ويقول له خدها من ها الشارب عبد الخالق السامرائي سوف لن تغيب عليه الشمس، لا محاكمة، لا قانون، لا عدالة، لا.. لا إنصاف بمنتهى الفظاظة والوحشية يخرج عبد الخالق السامرائي ويعدموه مع الباقين، وأعدم كل هؤلاء.
أحمد منصور: كيف أعدموا؟
صلاح عمر العلي: أعدموا بالشكل التالي: صدام حسين استدعى كافة قيادات الحزب في المحافظات وفي بغداد وسلم كل مجموعة من عندهم سلم قطع سلاح وكلف كل مجموعة من عندهم أن يرموا أحد أعضاء هذه القيادة، وكان.. كان خلف هؤلاء مسلحين من حرس صدام حسين ومكلفين بأنه أي شخص يتردد في قتل هؤلاء يقتل فوراً، فتصور نفسك في هذا الموقف، قسم من عندهم انهاروا، نفسياً انهاروا ووقعوا، وقسم مسكوا نفسهم ومارسوا، قسم ضربوا رصاص لكن ضربوها بالفضاء، مع أن هم معدومين معدومين هؤلاء الأشخاص، فكانت التراجيديا ليس لها مثيل في التاريخ، عملية إحنا حقيقة حتى في الخيال ما تخطر ببال إنسان، هذا الإنسان كان يعمد لإشراك هؤلاء من أجل أن يوزع الجريمة على الجميع، لم يكتفِ بأن يكون هو مجرم وأجهزته مجرمة، إنما حاول أن يُشرك هؤلاء الأبرياء بالجريمة بحيث يعمم الجريمة على كافة قطاع الحزب.
أحمد منصور: وأصبح كل قيادات الحزب مجرمين.
صلاح عمر العلي: ذبحهم، أهلكهم، وين قيادة الحزب أستاذ أحمد، وين قيادة الحزب؟ 54..
أحمد منصور: الذين شاركوا في عملية القتل
صلاح عمر العلي: 54 قائد حزبي في 48 ساعة يعدمهم، 300 شخص آخر من.. غيرهم غُيبوِّا، لو صار عندك وقت وقابلت أحد المعتقلين اللي نجوا من الموت من هؤلاء، والله تسمع من عندهم قصص لا يمكن حتى في الخيال أن.. أن تخطر ببال إنسان.
أحمد منصور: الكتب مليئة..
(11/60)
صلاح عمر: لا.. لا هؤلاء ما.. ما انكتب عنهم، الآن قسم من عندهم أحياء موجودين، يعني عرضَّهم إلى مهانة ومذلة، أروي لك مثال فقط واحد، كان هناك ضابط بعثي اسمه عبد الواحد الحاج مهيدي، هذا الضابط درس في الأكاديمية الروسية وتخرج بدرجة أول، رئيس الأكاديمية الروسية عندما منحه الشهادة وخاطب المجتمعين قال: هذه الأكاديمية إذا جاز لها أن تفخر يوماً فستفخر بأنها خرجت هذا الضابط اللامع العبقري العراقي اللي اسمه عبد الواحد الحاج مهيدي، هذا الضابط يُعتقل.. يُعتقل ويُعذب ويُهان وتُستعمل معه كافة الوسائل الدنيئة من أجل إذلاله وإهانته، وكان هذا الشخص خاطب بنت عراقية بعده لم يتزوجها، يجيبوا خطيبته إلى السجن ويفعلوا ما يفعلوا فيها، ويذلوه من أجل جره للاعتراف وهو ما عنده شيء، ثم يُعدم ويُقتل يقطعوا جسمه قطعة قطعة، هذا مثل واحد فقط، فإليك أن تتخيل ماذا جرى بالآخرين، أنا التقيت في أحد الضابط اللي نجا فيما بعد أطلقوا سراحه وكان.. كان ممزق كان يتحدث لي بأمور يعني حقيقة تشمئز من عندها النفوس مع هذا الرفيق.
أحمد منصور: ما هو أهم..؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: ما هي أهم الأشياء التي ذكروها؟
صلاح عمر العلي: يعني أقول لك بصراحة آخر ما حكاه معي بعد أن بكى أمامي، قال لي إحنا يا أخ صلاح في هذا السجن وعلى يد صدام حسين حتى شرفنا فقدناه، فقدناه، التعذيب الجسدي كان بسيط ممكن نتحمله، لكن فقدنا شرفنا، تخيل إلى أي درجة من الدناءة ومن الخسة ومن.. من الانحطاط وصل إله هذا الرجل، ويريد من.. من الشعب العراقي ومن البعثيين أن يدافعوا عنه ويدافعوا عن نظامه.
أحمد منصور: ودافعوا.
صلاح عمر العلي: كيف دافعوا يا أستاذ أحمد؟ بأي شكل؟
أحمد منصور: منذ أن سيطر..
(11/61)
صلاح عمر العلي: دافعوا عن وطنهم، دافعوا عن بلدهم، دافعوا عن.. عن شرفهم وعن تأريخهم، لم يدافعوا عن صدام حسين، عندما حان الوقت للصدام بين صدام حسين والآخرين لم يدافع عنه أحد أبداً.
صلاح عمر العلي: أستاذي.. أستاذي، صدام حسين بقي في السلطة من 79 بشكل مفرد ومنفرد إلى 2003، يعني بقي 24 عاماً يحكم شعب العراق، مدعوماً بحزب البعث العربي الاشتراكي وقياداته في العراق، ومدعوماً بقاعدة حزبية تزيد عن مليون شخص، ومدعوماً بأجهزة أمنية هو ابتكرها كلها كانت تنتمي للبعث، ومدعوماً بجيش الذي لم يكن ينتمي فيه إلى البعث كان يلقى ما يلقى من الإهانات ويُطرد خارج الجيش إن لم يكن يُعتقل وتُلفق له قضية أو محاولة، يعني كان الانتماء للحزب أصبح الحزب هو الدولة، أصبحت الدولة دولة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق.
صلاح عمر العلي: لك الحق في أن تقول ما تشاء.
أحمد منصور: هذا هو الواقع وهذه المعطيات..
صلاح عمر العلي: ولكن أنا.. أنا لا أوافقك على هذا.
أحمد منصور: هل المعطيات تخالف هذا الذي أقوله؟ هل النتائج تخالفه؟ هل مسيرة الدولة من 79 لـ 2003 تخالفه؟
صلاح عمر العلي: يا أستاذ إما.. يعني إما.. إما أن تكون أنت عضو القيادة وتدلي بشهادتك في هذا الموضوع أو تسمح لي أنا كعضو قيادة سابق.
أحمد منصور: هذه ليست شهادة مني.. هذه ليست شهادة يا سيدي.
صلاح عمر العلي: أنا.. تسمح لي أنا أعطي رأيي في هذه المسألة.
أحمد منصور: تفضل.
صلاح عمر العلي: أنت طالب رأيي.
أحمد منصور: ما أنا بأسألك.
(11/62)
صلاح عمر العلي: أنا أعطيك هذا الرأي، أقول لك إنه صدام حسين عندما خطط وعَمِل على تحويل دولة العراق إلى دولة مخابرات بفعل أجهزته وعبقريته في الإجرام وبفعل ما صرف من أموال وخلق أجهزة وخلق عملاء، وفرض هذه السطوة على كافة أنحاء البلاد أصبح.. بحيث أصبح –كما ذكرت لك فيما سبق- أن وزير في الدولة عضو مجلس قيادة الثورة لا يملك سلطة نقل موظف من غرفة إلى غرفة، ماذا تتوقع من سلوكيات هؤلاء الناس؟ تتوقع أن يقفوا أمام صدام حسين ويعترضوا على قراراته.. على.. على مسيرته؟ هذا ما حصل.
أحمد منصور: لكنهم دعموه، على الأقل لا يدعموه..
صلاح عمر العلي: كيف ما يدعموه؟ بأي طريقة ما..
أحمد منصور: لا يمدحوه.
صلاح عمر العلي: بأي طريق ما يدعموه، نعم فيهم ناس هربوا.. فيهم ناس هربوا من العراق بعثيين نعم، ومازالت أسماؤهم معروفة لدينا، فيهم ناس يعني اتبعوا وسائل أخرى من أجل التملص من هذه المسؤولية، لكن حقيقة صدام حسين فرض نمط غريب في العالم على العراقيين، أصبحت دولة العراق دولة الرعب الهائل، دولة المخابرات بشكلها التقليدي، بشكلها القانوني، كيف يتجرأ إنسان أن يقف أو يعترض على صدام حسين في ظل هذا..؟
أحمد منصور: كل هذا كان يتم باسم البعث وباسم حماية الرفيق الأكبر والمؤسس ميشيل عفلق..
صلاح عمر العلي: هذا ما يجعلني أقول لك أنه البعث ظُلم مرتين، مرة من صدام حسين ومرة من عندكم أنتم لأنه ما عارفين الحقائق.
أحمد منصور: عندنا مين؟
صلاح عمر العلي: يعني الآخرين يعني.
أحمد منصور: كيف إحنا ما نعرف الحقائق وأنا كل حق.. كل ما ذكرته لك من كتب البعثيين؟
صلاح عمر العلي: يا سيدي.. سيدي أنا.. أنا أؤكد لك ليس لي علاقة منذ السبعين بهذا الحزب، لكن عليَّ أن أكون صادق البعثيين ظلموا مرتين، ظلموا من الناس، لأنه دائماً ما يرددون أنه حزب البعث.
أحمد منصور: ومين ما هو كل واحد بيقول أنا البعث.
(11/63)
صلاح عمر العلي: وظلموا من صدام حسين أكثر من كل الأحزاب الأخرى.
أحمد منصور: إحنا بنظلم البعث لما نتحدث عما كان يفعله مؤسس الحزب من تغطية شرعية لكل ما كان يقوم به.
صلاح عمر العلي: انسَ هذا الموضوع، إحنا الآن...
أحمد منصور: لا كيف أنساه يا سيدي؟
صلاح عمر العلي: نتحدث عن تجربة حزب.
أحمد منصور: أنا عندي معطياتي الحزب كان يحتمي بميشيل عفلق في كل ما كان يفعله، ميشيل عفلق أنتم كنتم تقدسوه كبعثيين وهو كان يُقدس صدام حسين.
صلاح عمر العلي: نعم، في المراحل السابقة نعم.
أحمد منصور: هو كان يقدس صدام حسين، أليس كذلك؟
صلاح عمر العلي: حصل، إحنا الآن نتحدث..
أحمد منصور: لما يقول دا هبة السماء تقديس لصدام حسين وإضفاء لكل ما فعله..
صلاح عمر العلي: يا سيدي نتحدث الآن عن تجربة اسمها تجربة حزب البعث.
أحمد منصور: أنا الآن.. أنا الآن لما آخذ تجربة حزب البعث.. عفواً يعني، أنا بآخدها من شخص أم بأخدها من الكل بما فيهم المرجعية الأساسية، لماذا لم تتبرأوا أنتم كبعثيين بعدما التقيت مع عفلق في باريس، لماذا لم تتبرأوا من عفلق وتخرجوا وتعلنوا أن عفلق خرج عن مبادئ الحزب الذي أسسه؟
صلاح عمر العلي: أستاذي، أنا.. أنا مفصول من الحزب أتبرأ من أيش؟ أنا ما.. ما عدت أملك صفة حزبية.
أحمد منصور: مش أنت ذهبت له مع الرفاق؟
صلاح عمر العلي: ذهبت.. لا أنا ذهبت.. أنا ذهبت.
أحمد منصور: لتنقل كلام من الرفاق.
صلاح عمر العلي: أنا ذهبت وحدي، وذهبت بصفة الحقيقة ذهبت بتكليف شخصي وليس حزبي إحنا ما عاد لنا علاقة بالحزب، أنا..
أحمد منصور: ما هو شخصي، مش كلكم حزبيين سابقين بعثيين؟
صلاح عمر العلي: أنا لست.. أنا.. أنا آنذاك لما رحت التقيت بميشيل عفلق لا أحمل صفة حزبية حتى أصدر بيان...
أحمد منصور: مش أنتم تركتم الحزب؟ تركتم الحزب؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
(11/64)
أحمد منصور: مش أنتم تركتم الحزب؟ الذين بقوا في الحزب هم الذين فعلوا هذه الأشياء باسم الحزب.
صلاح عمر العلي: من هم مثلاً؟ تذكر لي مثل واحد، اذكر لي مثل واحد؟
أحمد منصور: صدام حسين..
صلاح عمر العلي: غانم عبد الجليل؟ عبد الخالق السامرائي..
أحمد منصور: أقول لك صدام حسين.. صدام حسين حكم العراق باسم الحزب.
صلاح عمر العلي: يا سيدي يعني..
أحمد منصور: كل هؤلاء كانوا قيادات حزب.
صلاح عمر العلي: حكيت لك كيف حكم صدام حسين، حكيت لك صدام حسين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أروح أبرؤه؟
صلاح عمر العلي: لأ ما تبرؤه.. لمن؟
أحمد منصور: أبرئ صدام حسين؟
صلاح عمر العلي: أعوذ بالله.. أعوذ بالله.
أحمد منصور: هل أبرئ البعث؟
صلاح عمر العلي: لأ، يعني أنا أنا أذكر لك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش دا النظام؟
صلاح عمر العلي: أذكر لك يا سيدي الحقائق كما.. كما.. كما هي، صدام حسين أول ما بدأ تجربته الدموية مع البعثيين وعندما صفى..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مع بعض البعثيين.
صلاح عمر العلي: لا.. لا، عندما صفى الكوادر الحزبية الحقيقية فتح الحزب على مصراعيه، ثم أغرقه بسيل من المنتفعين والانتهازيين والمرتزقة، ثم عندما فرض هذا النموذج من الحكم وجد المواطنين العراقيين بأنه لا سبيل لهم أن يُقبَل أبناؤهم في الكليات، في الوظائف، لا يترفع موظف إلا أن يحمل الهوية الحزبية، عند ذاك أُغرق الحزب بسيل هائل جداً وتحول الحزب من بضعة آلاف إلى مليونين أو مليون ونصف، هذا مو حزب بعث..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف تحول.. كيف..
صلاح عمر العلي: هذا مو حزب بعث، البعثيين الحقيقيين ما عاد إلهم وجود، الآن لو رحت إلى بغداد ستكتشف أن هناك الآلاف من البعثيين السابقين هم خارج الحزب، هم الكوادر الحقيقية، خارج الحزب من زمان.
(11/65)
أحمد منصور: لماذا اختار صدام حسين هذه الطريقة في التصفية وقد كان يُصفي البعثيين قبل ذلك إما بالسم أو بالقتل أو بالاغتيال أو بالسجن، والمحظوظين من أمثالك يُعينوا سفراء؟
صلاح عمر العلي: أستاذي، أنا ذكرت لك أنا أول ما بدأ بي وعند ذاك لم تكن هناك.. يعني لم تبدُ.. لم تبدأ مسألة العقوبات بالطريقة اللي اتبعت فيما بعد، ليس فقط معي، إنما مع عبد الكريم الشيخلي، مع صلاح عماش مع آخرين، بعد لم تبدأ عملية السيف بدأت عملية القتل تحديداً يعني بشكلها الواسع بعد 73.
أحمد منصور: صدام يلاحظ أيضاً أنه ألغى الألقاب، يعني حينما كان نائباً لرئيس الجمهورية كان يُدعى صدام حسين التكريتي، بعد ما أصبح رئيساً أصبح صدام حسين فقط، كان طه الجزراوي أصبح اسمه طه ياسين رمضان، عزت الدوري أصبح اسمه عزت إبراهيم ما هو المغزي في هذا.. لديك؟
صلاح عمر العلي: والله ما عندي تفسير لها، الحقيقة ما أعرف هذا السبب اللي دعاه أن يتبع الأسلوب دا.
أحمد منصور: كانت رسالة معينة أم يعني شيء لم يُفسر إلى الآن؟
صلاح عمر العلي: والله لأ يعني أنا ما أعتبرها مسألة مهمة ولا يعني..
أحمد منصور: مجلس قيادة الثورة في العام 1968 كانوا هم الأشخاص الذين قاموا بالثورة، يلاحظ إن يعني حتى الثورة الفرنسية اللي بيشار لها على إنها من أكبر الثورات، الثورة الإيرانية التي يشار لها على إنها ثورة حقيقية أيضاً، مافيش مجلس قيادة ثورة قعد 35 سنة، أصبح وظيفة مجلس قيادة الثورة.
(11/66)
صلاح عمر العلي: طبعاً، تخيل أنه بعد أن أُطيح بعدد كبير جداً.. بأغلب الأعضاء في مجلس قيادة الثورة، صار صدام حسين يُعيِّن أشخاص أعضاء في مجلس قيادة الثورة وكأنها أصبحت فعلاً دائرة حكومية، بينما المفهوم بداهة أن عضوية مجلس قيادة الثورة هم الأشخاص.. تقتصر على الأشخاص اللي قاموا بالثورة، صدام حسين من المهازل اللي مارسها في هذا المجتمع.. الاستهتار اللي كان يمارسه أنه يجيب أشخاص آخرين يحطهم يعينهم أعضاء في مجلس قيادة الثورة، فحوله إلى دائرة حكومية وفعلاً كما ذكرت 35 عام العراق يُحكم بظل دستور مؤقت وبظل مجلس قيادة الثورة، وطبعاً مجلس قيادة الثورة بصراحة ليس من باب الدفاع عن أحد إطلاقاً أنا لا.. يعني هؤلاء كلهم أحملهم المسؤولية كما أحمل صدام حسين، لكن السلطة الحقيقية بيد صدام حسين وبيد أبنائه الاثنين وشخصين آخرين هم عبده حمود وعلي حسن المجيد، وما عدا ذلك فكلهم مجرد موظفين، عضو مجلس قيادة الثورة، وزير، عضو قيادة قُطرية، عضو قيادة قومية، هم موظفون صغار وأؤكد لك بشواهد وممارسات عديدة ويعرفها كل العراقيين أن أعضاء مجلس قيادة الثورة لا يملكون سلطة مرافق لدى صدام حسين أو في جهاز الحماية لصدام حسين أو جندي في الحرس الجمهوري، هذا هو الواقع.
تفاصيل لقاء صدام حسين بوزير خارجية إيران
أحمد منصور: حينما عُقدت قمة عدم الانحياز في كوبا في أيلول/ سبتمبر عام 1979 حضرها صدام حسين كممثل للعراق، وكنت أنت ضمن الوفد العراقي على اعتبار كنت مندوباً دائماً للعراق لدى الأمم المتحدة آنذاك، التقى صدام حسين مع الوفد الإيراني الذي كان يرأسه إبراهيم يزدي (وزير الخارجية)، وحضرت أنت الاجتماع، ماذا دار في هذا الاجتماع الذي يعتبر اجتماع تاريخي؟
(11/67)
صلاح عمر العلي: نعم، يعني عندما عُقد هذا الاجتماع، الحرب لم تبدأ بين العراق وبين إيران، بل كانت هناك مشاكل كثيرة بين العراق وبين إيران بدأت عمليات تفجير واستفزازات على الحدود بين العراق وبين إيران، خطف بعض المخافر الحدودية، تفجيرات في بعض المدن العراقية، وخاصة بغداد، فبدأت تتصاعد الأزمة بين العراق وبين إيران بالتدريج، بحيث العديد من الناس كانوا يتوقعوا أن تتطور هاي المسألة هاي وصولاً إلى نشوب حرب، بس الحرب لم تبدأ، وإحنا طبعاً في اليوم الأول من المؤتمر اتصل بي ممثل إيران في الأمم المتحدة، اللي هو كان بالحقيقة موظف، لأنه السفير السابق كان من النظام الملكي، فأُطيح به يعني أُخرج من المسؤولية، فحل محله بشكل مؤقت الشخص الثاني، فأبلغني هذا الشخص برغبة الدكتور إبراهيم يزدي (وزير خارجية إيران) آنذاك باللقاء مع صدام حسين، وطبعاً حسب التسلسل الوظيفي اتصلت بوزير الخارجية آنذاك اللي هو الدكتور سعدون حمادي، وأبلغته برغبة الوزير فرفض أن يفاتح صدام حسين بهذا الأمر، طبعاً ألحيت عليه كثيراً وما استجاب، وأنا لغاية الآن لا أعرف لماذا رفض الدكتور سعدون حمادي الأكاديمي والمفكر..
أحمد منصور: فيه أكثر من علامة استفهام على تصرفات لسعدون حمادي سآتي لها تباعاً.
صلاح عمر العلي: نعم، الأكاديمي والمثقف والكاتب المعروف، لا أعرف طبعاً وزير لسنوات طويلة جداً في الخارجية لا أعرف لماذا رفض، مع إني حاولت بكل الوسائل أن أقنعه بأنه هذه مسألة مهمة جداً وأنه إحنا ما بحاجة إلى هذه الأزمة بيننا وبين إيران، وعلينا أن.. يعني نعمل ما بإمكاننا من أجل أن نطفئ هاي الأزمة، لكن ما استجاب، عند ذاك..
أحمد منصور: إلى اليوم لم تستطع تفسير هذا الموضوع؟
(11/68)
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة إلى الآن أستطيع القول ما أعرف.. ليس لدي تفسير، فرحت أنا بشخصي إلى صدام حسين وفاتحته بالموضوع، ثم بعد تردد أو بعد يعني تفكير وافق على الموضوع بعد أن سألني قال لي: شو رأيك أنت.. أنت تحديداً شنو رأيك بهذا العرض؟ قلت له: والله أنا بالنسبة لي أعتقد إنه هذه فرصة مهمة للغاية، علينا أن نستغلها، والمبادرة جاية من الإيرانيين وإحنا دولتين متجاورين، وما بحاجة إلى أي مشكلة مع إيران، دولة جارة فيها اضطرابات، فيها مشاكل بعد.. إلى آخره، فوافق وقال لي بكره بعد انتهاء الجلسة المؤتمر القمة.. مؤتمر عدم الانحياز أبلغ وزير الخارجية بأني سأكون في استقباله في.. في البيت اللي كان ساكن فيه، وإجا الدكتور إبراهيم يزدي استقبلته أنا من الباب وسلم علي الرئيس صدام حسين وجلسنا منفردين صدام حسين وإبراهيم يزدي وأنا كنت موجود، وبدأ الحديث حول موضوع المشاكل القائمة بين البلدين ودار حديث دبلوماسي بين الاثنين بمنتهى الإيجابية.. بمنتهى الإيجابية إبراهيم يزدي كان حقيقة يعني ترك ومازال انطباع عندي أنه هذا الإنسان كان يعني حريص كل الحرص على أن يُنهي هذه الأزمة بين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وصفوه بأنه كان وزير خارجية مميز.
صلاح عمر العلي: نعم الحقيقة كان مميز إنسان دمث الأخلاق، منفتح وكانت عروضه للرئيس صدام بشكل يعني غير معقول، أنه إحنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني فعلاً كانت إيران تريد أن تتحاشى الحرب بكل الطرق..
صلاح عمر العلي: أنا والله أقول لك يعني انطباعي كان هذا، يعني انطباعي أنا، ربما أكون مخطئ، ربما أكون صائب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كشهادة تاريخية الآن..
(11/69)
صلاح عمر العلي: لكن أنا.. أنا أقول لك إياها بكل صراحة، الانطباع اللي تولَّد عندي من خلال الحديث المتواصل للدكتور إبراهيم يزدي كان يبذل أقصى الجهد من أجل أن تنتهي الأزمة بين العراق وبين إيران، وصدام حسين بنفس الوقت كان حديثه أيضاً إيجابي حتى أكون صادق معاك، وكان دبلوماسي عالي الدبلوماسية ومتجاوب مع أفكار إبراهيم يزدي للدرجة اللي قبل أن ينتهي الاجتماع اتفقوا على أن.. على أن يبدءوا.. يبدءوا بتبادل وفود، وهذا كان حقيقة بعرض من إبراهيم يزدي، عرض على صدام حسين بأنه إذا شئتم أن.. أن تبعثوا لنا وفد إحنا حاضرين سواء علني أو سري، على المستوى أو غير هذا، إذا أردتم أن نبعث لكم وفد إحنا حاضرين بأي شكل، بأي طريقة، بعد أسبوع بعد عشرة أيام سري أو علني إحنا حاضرين، بس المهم ألا تتصاعد الأزمة بين البلدين، وصدام حسين كان متجاوب معه غاية التجاوب، وانتهى الاجتماع عند هذا الحد، وصاحبت إبراهيم يزدي ودعته في الباب، وأذكر لازلت أنا أذكر الرجل كان شاعر بنوع من الامتنان الكبير للدور اللي لعبته، قبلني وودعني بحرارة وشكرني شكر كبير، وكان يعني في غاية الامتنان، رجعت أنا إلى صدام حسين، وجدته كان ينتظرني واصطحبني إلى خارج القاعة إلى..
أحمد منصور: إلى الحديقة..
(11/70)
صلاح عمر العلي: إلى الحديقة، كان في الحديقة حوض سباحة، فطلب من المرافقين قال لهم تتقدموا كرسيين خلينا لنا إياهم على.. قريب من الحوض، وجلسنا أنا وصدام حسين على كراسي، فسادت لحظات واحنا ساكتين.. أنا أتأمل في المياه القريبة من عندنا، وهو ما.. ما أعرف كيف كان يفكر، فتطلع فيّ وسألني، قال لي بماذا تفكر يا صلاح؟ أشوفك منغمر في التفكير، قلت له والله أنا في الحقيقة يعني مازلت أعيش أجواء اللقاء وأنا سعيد جداً وفرح جداً للغاية، وأنا بالواقع أصبحت الآن متفائل كثيراً لأنه هذه الأزمة –إن شاء الله- عما قريب تنتهي بين البلدين، خصوصاً أن المسألة أصبحت بين إيديك أنت كرئيس دولة لم تصبح بيد موظف أو آخر أو وزير أو إلى آخره، بين إيديك وشفت هذا الحديث اللي دار بيناتكم بها الروح الإيجابية والبناءة وأنا متفائل وأنا سعيد وأنا.. وأنا.. كان.. كنت أتحدث بدافع تعزيز هذا التوجه لدى صدام حسين وأنا حقيقة كإنسان عراقي كنت شاكر.. يعني شاعر بالسرور، لأنه كنت أشعر بأنه سأقدم إنجاز مهم جداً لبلدي خاصة ولدولة جارة، فتحدثت معه بهذا الإطار هذا، سكت صدام حسين ولم يعلق، أبداً ما علق على الموضوع، بعد لحظات تطلع فيَّ، سألني قال لي: صلاح كم سنة صار لك تشتغل بالدبلوماسية؟ قلت له والله حوالي عشر سنوات، ففاجأني بأيش؟ قال لي تعرف يا صلاح هاي الدبلوماسية قد أيش مخربتك؟ قلت له تسمح لي أجاوبك على ها الموضوع؟ قال لي تفضل قلت له: أنا حقيقة أصدقك القول: لم أشعر بأهمية أن أكون وطني إلا بعد أن غادرت العراق واشتغلت بالدبلوماسية، أنا كنت في داخل العراق -حتى استعملت هذا التعبير- قلت له أنا كنت وطني أشبه ما أكون بالفوضوي، لا أعرف ليش صرت وطني، ربما بالصدفة، ربما ظروف محلية، لكن عندما خرجت إلى خارج العراق واشتركت في هذا.. هذا العمل الدبلوماسي والتقيت مع الناس والتقيت بالهيئات الدبلوماسية وخاصة في الأمم المتحدة، عندما وجدت ممثلي دول(11/71)
العالم في بقعة من الأرض لا تزيد عن نصف كيلومتر، كيف تتصارع وتقاتل من أجل الدفاع عن مصالحها، عند ذاك افتهمت كيف يجب أن أكون وطني وكيف أكون مدافع عن وطني وكيف يجب أن أصلح أوضاعي في الداخل، فأنا أعتبر إنه الآن أصبحت أنا يعني وطني صحيح ومواطن صحيح، فأنت الآن تقول لي مخربتك الدبلوماسية على أي أساس؟ قال لي تريدني أقول لك أنت مو خربان؟ وأنت تتحدث بها اللغة هاي، فأنا سرعان ما حقيقة بدأت أشعر بنوع..
أحمد منصور: بانقباض..
صلاح عمر العلي: من خيبة الأمل، قال لي أي صلح، أي حل للمشكلة بيننا وبين إيران؟ يا صلاح هذه القضية.. هذه الفرصة ربما لا تحصل في القرن مرة واحدة، هؤلاء أخذوا الأهواز من عندنا، أخذوا شط العرب من عندنا، اعتدوا علينا، يهددونا، يصدروا الثورة علينا وبالتالي فرصتنا الآن.. ها الآن مواتية، مفككين. جيشهم تبعثر، قواتهم موزعة، التصارع بيناتهم، ناس تقتل ناس، فإذن الآن فرصتنا التاريخية في أن نسترجع كافة حقوقنا بالكامل وهذا الأمر أقول لك إياه، حضر نفسك أنت كممثل للعراق بالأمم المتحدة، راح أضربهم ضربة أخلي كل الكرة الأرضية تسمع صوتها وأسترجع كامل حقوقنا، طبعاً هذا الحقيقة يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذه بعد أسابيع قليلة من سيطرة صدام على السلطة بشكل مطلق.. في أيلول/سبتمبر 79.
صلاح عمر العلي: هذا حصل.. هذا الكلام حصل في ثالث.. في ثالث أسبوع من سبتمبر..
مخطط صدام حسين لشن الحرب على إيران
أحمد منصور: وشن صدام الحرب في 22 سبتمبر.
صلاح عمر العلي: وشن الحرب.
أحمد منصور: يعني بعد عام كامل تقريباً 1980، واستمرت الحرب 8 سنوات، حتى أُعلن عن وقف إطلاق النار في 20 آب/أغسطس 88، الناس تتساءل: لماذا شن صدام هذه الحرب؟
صلاح عمر العلي: أنا طبعاً لا أستطيع أن أجاوبك على هذا السؤال حقيقة.
أحمد منصور: ربما كنت أول من عرف نوايا صدام.
(11/72)
صلاح عمر العلي: أنا عرفت يعني هذا الحديث اللي دار بيني وبين صدام بشهر.. بسبتمبر عام 79، الحرب أصبحت.. حصلت عام 80 الشهر الثالث تقريباً.. تقريباً 11 شهر بين..
أحمد منصور: ماذا يكشف هذا.. ماذا يكشف هذا في شخصية صدام حسين؟ رجل يدير حوار دبلوماسي عالي كما ذكرت، يعني يتفاهم مع الآخر، يعطيه الثقة ثم بعد ذلك كل ما في داخله غدر، وتخطيط لشيء آخر.
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. نعم، هذا صحيح يعني هذا يذكرنا بما دار في الندوة اللي تفضلت على ذكرها، الندوة للكادر الحزبي، عندما أخرج منديله وبدأ يبكي، وبعدها بأقل من ساعة راح أعدم 54 عضو حزبي.
أحمد منصور: التقيت مع أحد السياسيين ذات مرة الذين كانوا يلتقون مع صدام حسين، وقال لي.. قلت له: ما الذي خرجت به من شخصية صدام؟ قال: مرة صدام كان يتكلم معي ثم قال لي: إذا أردت أن تنجح في فعل شيء فلا تجعل من حولك يعرفون في أي شيء تفكر، أو ما الذي تنوي فعله، هل كان الرجل كذلك؟
صلاح عمر العلي: كان يمارسه عملياً نعم.
أحمد منصور: هل كان من الصعب أن تفهم ما في نواياه؟ ماذا في رأسه؟
صلاح عمر العلي: نعم، أنا أقول لك بصراحة، يعني صدام حسين.. صدام حسين كأنه يملك شخصيتين في جسد واحد، كثيراً من الأحيان عندما تجلس مع صدام حسين تجده دبلوماسي، دمث الأخلاق، نازك، مؤدب، راقي في علاقته معاك، وهو نفس صدام حسين في لحظة أخرى يتحول إلى وحش كاسر، شخص حقيقة معقد، غامض جداً، لا يمكن أن تفهم حقيقة نواياه أبداً، يظهر عكس ما يبطن.
أحمد منصور: هل كان يكره الإيرانيين؟
صلاح عمر العلي: هو بالحقيقة الإمام الخوميني اللي قاد الثورة، كان في العراق لمدة 16 عام، وكان جماعته الموجودين في العراق، كانوا تُقدم لهم مساعدات والخدمات في.. في معارضة الشاه.
أحمد منصور: كان يخشى من الثورة الإيرانية؟
(11/73)
صلاح عمر العلي: كان عندهم إذاعة، وكان عندهم وسائل كثيرة،وكان قسم من عندهم يتسللون إلى داخل الأراضي الإيرانية، كانوا يُسلحون، كانوا يُدربون، الشيء اللي أتصور صدام حسين ما قدر يقراه من بين الكثير من الأشياء اللي ما قدر يقراها قراءة صحيحة، أنه عندما نضجت الظروف لتغيير النظام في إيران، كان عليه أن يستثمر وجود الإمام الخوميني في.. في العراق، حان موعد استثمار هذه المسألة هاي، هو على العكس تصرف، طرد الخوميني وطرد أتباعه، وهو في سن متقدم، وخسر كل شيء.
أحمد منصور: لكن أنت هنا للتاريخ تقول: بأن الإيرانيين كانوا فعلاً على استعداد لتجاوز الأزمة، وأن يتصالحوا مع العراقيين.
صلاح عمر العلي: والله يا أستاذ أحمد أنا شخص عراقي، ليس لي علاقة بأي مواطن إيراني، لا مسؤول ولا غير مسؤول لا زرت إيران ولا عندي علاقة بإيران، أنا شخص عربي، أنا لست فارسياً، أنا لا.. لا عندي انتماء إلى حركة دينية حتى مثلاً يثير شكوك في هاي المسألة هاي، لكن للتأريخ أقولها: أنا خرجت بالانطباع أن إبراهيم يزدي كان بمنتهى الصدق وبمنتهى الأمان، وكان راغب رغبة أكيدة لتجاوز هذه الأزمة وحلها، هذا انطباعي أنا.
أحمد منصور: هل كان صدام الذي كان يتحدث معك في سبتمبر/ أيلول 79 في (هافانا) هو نفسه صدام الذي كنت تعرفه من قبل؟
صلاح عمر العلي: صدام اللي بدأت أعرفه من بعد استلام السلطة هو نفسه، لكن قبل استلام السلطة كان شخصية مختلفة تماماً.
أحمد منصور: هل دار بينك وبينه أية أحاديث عن الحرب العراقية الإيرانية بعد ذلك؟
صلاح عمر العلي: بالحقيقة عندما قررت الاستقالة عام 82، يعني...
أحمد منصور: لأ قبل شن الحرب.
صلاح عمر العلي: لأ قبل شن الحرب لأ.
أحمد منصور: وأنت بقيت من وقتها تدرك أن الحرب يمكن أن تندلع في أي لحظة.
صلاح عمر العلي: طبعاً، وأبلغني أنه الحرب قادمة، قال لي أنا راح أشن حرب عليهم، وراح استرجع حقوقنا.
(11/74)
أحمد منصور: ما هي الدول التي مولت هذه الحرب؟ وكان تشجع عليها؟ كنت أنت في الأمم المتحدة.
صلاح عمر العلي: يعني من المفارقات التاريخية النادرة جداً أنه صدام حسين بعد أن استلم رئاسة الدولة، وبفترة شن الحرب، كان هناك سباق محموم بين المعسكرين الغربي والشيوعي على كسب صداقة صدام حسين، وعلى دعمه ومساندته بكافة احتياجاته العسكرية وغير العسكرية، ولن أستثني دولة من هذه الدول أبداً، الدول الغربية بالكامل، الأوروبية وأميركا، ساندوا صدام حسين، دعموه بالمال والسلاح وبكل الإمكانيات، وكذلك الاتحاد السوفيتي، وهذه الحقيقة كانت مفارقة تأريخية عجيبة أنه صدام حسين يوحد المعسكرين في هذا المفصل التاريخي، يوحد أميركا وأوروبا مع الاتحاد السوفيتي.
أحمد منصور: ونفسهم كانوا يدعموا إيران.
صلاح عمر العلي: كانوا يدعمونها نعم أيضاً صحيح، لكن الحقيقة مو بهذا الحجم، خلينا نكون دقيقين، يعني كانوا يدعموهم لأغراض تكتيكية، أنه كانوا حريصين على استمرارهم في الحرب لأطول فترة ممكنة لكي يدمر البلدين، فعندما يشوفوا تفوق صدام حسين أصبح ملموس يحاولوا يساعدوا الإيرانيين بحدود معينة، و أيضاً مو كل الدول، هذا صحيح، ما كشفته الوثائق والمعلومات اللي نشرت، ما سُمِّي بإيران جيت وغيرها، وهذا صحيح.
أحمد منصور: بعض الدول العربية لعبت دور في الوساطة في وصول السلاح إلى العراق؟
صلاح عمر العلي: دعني أقول لك الآتي، الدول العربية كافة باستثناء سوريا.. باستثناء سوريا كلها كانت تدعم صدام حسين بشكل مباشر أو غير مباشر، بس أكثر دولة كانت في هذا المجال هي مصر في عهد الرئيس أنور السادات.
أحمد منصور: رغم إن صدام كان يشتم السادات بسبب ذهابه إلى إسرائيل، وتوقيع اتفاقية (كامب ديفيد) وتحت الطاولة شيء آخر؟
(11/75)
صلاح عمر العلي: نعم.. نعم هذا صحيح.. هذا كله صحيح، لكن.. لكن بدَّل الأمور بعد الحرب، وأعاد العلاقات مع السادات، وبدأت علاقات مختلفة وإلى آخره، في عهد السادات خُصِّص ضابط كبير مصري برتبة لواء.. لواء بالجيش، أُرسِل إلى واشنطن واشتغل في السفارة المصرية، كانت مهمته فقط متابعة احتياجات العراق من الأسلحة الأميركية، كانت تُقدِّم الحكومة العراقية طلباتها عن طريق هذا الشخص، وكانت بما أنه القوانين الأميركية لا تسمح ببيع الأسلحة لدولتين متحاربتين رسمياً، فكانت تقدم هذه القوائم باسم الجيش المصري، وتُشترى وتُمر عبر مصر، ومن مصر تهرب إلى صدام حسين، مو تهرب الحقيقة.. ترسل بمعرفة الأميركان.
أحمد منصور: لديك إحصاءات عن حجم الأموال التي أنفقها العراق على السلاح في تلك الحرب التي استمرت 8 سنوات؟
صلاح عمر العلي: خلي أوصلك بس إذا سمحت لي.. لأن هذا الحقيقة من الأشياء المهمة جداً، لأن نسلط الضوء على طريقة تفكير صدام حسين على ممارسته الشاذة، صدام حسين أيضاً أصبح أحد الموردين لأسلحة دولة إفريقيا الجنوبية.
أحمد منصور: جنوب إفريقيا.
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: العنصرية آنذاك.
صلاح عمر العلي: نعم كان يرسل وفود عسكرية عبر أميركا إلى جنوب إفريقيا لشراء أسلحة، وكانت جنوب إفريقيا تتمتع بصناعات عسكرية في بعض الصناعات العسكرية الجيدة جداً ومنها المدافع فكان يشتريها من جنوب إفريقيا.
أحمد منصور: بتنسيق مع إسرائيل طبعاً ومصانع السلاح.
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة لا أستطيع أن أقول هذا الشكل.
أحمد منصور: لأ، المصانع في جنوب إفريقيا كانت بتطور سلاحها باتفاق مع...
صلاح عمر العلي: لأ، أكون صريحاً، أنا لم تتوفر بين أيدي أي..
أحمد منصور: هذه نُشرت معلومات منشورة هذه..
صلاح عمر العلي: على كل حال، بس تسألني أنا أقول لك أنا ما عندي هذه الوثيقة، لكن كان يشتري من جنوب إفريقيا، نعم عبر أميركا.
(11/76)
أحمد منصور: صدام حينما تناقش مع في هافانا عن عزمه عن الحرب، تناقش عن أي تصور؟ يعني هل كان يدرك معنى إنه هو سيخوض حرب مع دولة مثل إيران؟
صلاح عمر العلي: أنا حكيت لك، هو قال بها الشكل هذا، قال أول..
أحمد منصور: يعني كان يتوقع إنه الحرب دي ستدوم أيام، أسابيع، أشهر، سنوات؟
صلاح عمر العلي: لأ هو كان في الغالب كان يتوقع إنه تدوم ربما أشهر، بس أكثر من أشهر ما تدوم، هذا هو قناعته، بعدين هو كان الأشياء اللي معتمدها أنه إيران بدت.. الآن بدأت تتفكك، جيشها بدأت يتفكك ينحل، ثم هناك صراعات داخل القيادة، اغتيالات وقتل ونسف، تذكر بالأسابيع الأولى من قيام الثورة في إيران.
أحمد منصور: كان كل هذا موجود، لكن القراءة بهذا الشكل لا أعتقد لم تكن قراءة صائبة يقرأها واحد في الشارع.
صلاح عمر العلي: طبعاً.. طبعاً.. بالتأكيد لا يمكن التصدي لثورة.. لثورة شعبية عارمة بهذا القوة.
أحمد منصور: فين.. فين المفروض الأجهزة اللي بتساعد صدام على أن تعطيه معلومات؟ هل كان يعتمد عليها؟
صلاح عمر العلي: صدام حسين لم يعتمد على أحد، أبداً يعتمد على تفكيره فقط، نعم يستشير، يسمع، يستشير، لكن النتيجة هو صاحب القرار، ومن المضحكات خاله خير الله تلفاح في إحدى ندواته التليفزيونية في التليفزيون العراقي كان يقول الآتي.. كان يقول الآتي.. يقول: إنه كافة قادة وزعماء العالم يحتاجوا إلى مستشارين يرشدوهم ويعلموهم على كثير من شؤون الحياة، صدام حسين كذلك عنده مستشارين، بس الفرق بين صدام حسين وبين القادة الآخرين، أن صدام حسين هو الذي يعلم المستشارين، هو الذي يعلم المستشارين، لاحظ النوع من التفكير المعقد والهابط إنه خير الله تلفاح يتحدث بهذه اللغة، إنه صدام حسين لديه مستشارين لكن صدام هو يُعلِّم مستشاريه، فصدام لم يستشر أحد.
المفاعل النووي العراقي وقصفه من قِبل إسرائيل
(11/77)
أحمد منصور: كان صدام بدأ في هذه المرحلة بناء المفاعل النووي الإيراني، وقام...
صلاح عمر العلي: العراقي.
أحمد منصور: العراقي عفواً في إبريل 79، كان هناك سفينة تحمل أجزاء من مفاعل ذري عراقي، قبل أن تغادر الميناء طولون الفرنسي تم تدمير هذه السفينة، و14 يونيو 80 اغتال عملاء الموساد عالم الذرة المصري المشهور يحيى المشد الذي كان يعمل مع العراق، ألم تكن هذه مقومات أو مقدمات لحماية المفاعل النووي العراقي؟
صلاح عمر العلي: طيب، المفروض بداهة أن هذه المسألة..
أحمد منصور: هل كان هناك حماية كافية حينما قُصِف المفاعل من قبل إسرائيل في 7 يونيو 81؟
صلاح عمر العلي: حتى.. أستاذ أحمد حتى بدون هذه العملية اللي ذكرتها.. بدون هذا يفترض أنه مفاعل نووي، هذا شيء خطير للغاية في دولة عربية وهناك مشكلة إسرائيل كان بداهة يجب أن يُحمى هذا المفاعل حماية شديدة جداً، لكن واقعاً من الناحية العملية لم نشهد هذا الشيء.
أحمد منصور: بصفتك كنت ممثل العراق لدى الأمم المتحدة لم يصدر من العراق أي إدانة لأميركا في هذا رغم تورط أميركا في إمداد إسرائيل بالصور وبالأشياء، وبالدعم اللوجستي لنسف المفاعل.
(11/78)
صلاح عمر العلي: إحنا في الأمم المتحدة إحنا ما تُقدَّم لنا هذه الأشياء، إحنا لم تقدم لنا، لكن إذا.. إذا سمحت لي اذكر لك الآتي: بعد قصف المفاعل النووي العراقي عُقد اجتماع في الجامعة العربية، وتم الاتفاق على تشكيل وفد وزاري عربي يغادر إلى نيويورك من أجل التنسيق مع وزير الخارجية العراقي، لوضع مشروع إدانة لهذه العملية، فالوفد الوزاري العربي وصل إلى نيويورك وعقدنا اجتماع في دار السفير.. داري اللي كنت أسكنه، وبحثنا هذا الأمر مطولاً للأمانة التأريخية كافة ممثلي الدول العربية في.. في الأمم المتحدة مع الوزراء المتواجدين كانوا يشددوا على ضرورة صياغة مشروع قوي جداً، الجميع، واتفقنا على صياغة هذا المشروع، صغنا مسودة المشروع، وكان آنذاك رئيس مجلس الأمن سفير مكسيكي، والسفير المكسيكي آنذاك كان متعاطف مع الموقف العربي، وكان يعني يرغب في أن يقدم مشروع قوي، وكثيراً ما التقى بي وأبلغني بأن الولايات المتحدة آنذاك كانت محرجة للغاية، محرجة بأيش؟ أنه هاي العملية يعني عملية قصف المفاعل النووي العراقي إذا قدم مشروع قوي لمجلس الأمن، ستجد نفسها الولايات المتحدة الأميركية مجبرة على تبني هذا المشروع وعدم رفضه، فكان يشدد على ضرورة أنه نشدد إلى أقصى حد في هذا المشروع، وهذا ما أقدمنا عليه، صغنا هذا الموضوع، وزير الخارجية آنذاك سعدون الحمادي.. سعدون الحمادي، في كل الدورات اللي حضرها وأنا كنت موجود هناك، كان يرفض اللقاء بأي دبلوماسي إلا أن أكون معه، حتى لو كان عندي شغل، حتى لو كان عندي موعد مهم، كان يشدد على ضرورة مشاركته في هذه الاجتماعات، اللي حصل.. اللي حصل قبل عقد مجلس الأمن بيوم واحد عقد اجتماع مع وزيرة الخارجية الأميركية واللي هي كانت الدكتورة (كيرك باتريك) هذا الاجتماع الوحيد الذي لم أشارك سعدون حمادي فيه.
أحمد منصور: هو الذي رفض؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: لم يطلبك للـ...؟
(11/79)
صلاح عمر العلي: لأ ما طلبني، فدخل إلى قاعة الاجتماع، وبعد أن انتهى الاجتماع، خرج سعدون حمادي وطلب من عندي أن نعقد اجتماع، وبدأ سعدون حمادي يقرأ فقرات المشروع من جديد، صار يشطب كثير من العبارات للحد اللي يعني صار كأنه مشروع جديد، مشروع جديد ليس له علاقة بالمشروع السابق اللي تم الاتفاق عليه من قبل وزراء الخارجية العرب أعضاء اللجنة، وممثلي الدول العربية، ولا حتى الوفد العراقي بما فيهم المرحوم عصمت الكتاني، الزهاوي، صلاح عمر العلي، كلاتنا كنا يعني مشددين على ضرورة أن يكون المشروع قوي، بدأ سعدون حمادي يغير كافة فقرات وبنود هذا المشروع بحيث أصبح مشروع لا طعم له.
أحمد منصور: ما تفسيرك؟
صلاح عمر العلي: لما ناقشته أنا الحقيقة، ناقشته أنا، قلت له معقولة إحنا نصل إلى حد إنه مثلاً سفير السودان أو وزير خارجية السودان يشدد على ضرورة أن يكون عندنا مشروع قوي وإحنا.. إحنا أصحاب القضية هذا مشروع نقدمه إحنا لمجلس الأمن، كان يتذرع بأنه يا أخي طيب السودان شو ضرها من هاي العملية، شو علاقتها بالمسألة هاي، الناس بدهم يزاودوا علينا، بدهم يحرجونا، بدهم كذا كذا إلى آخره، قال طيب ممثل فلسطين شو يعني زهدي الطرزي مثلاً كان حينها، قال لي طيب هذا الإنسان شو اللي ضره إذا كان المشروع قوي أو غير قوي؟ بل ربما الطرزي وغير الطرزي ربما هم بدهم يحرجونا من أجل أن نتبنى مشروعاً قوياً، الحقيقة أنا يعني حاولت أن أناقشه بها الموضوع هذا، وحاولت أن أشدد على الموضوع، لكن هو وزير الخارجية، فقدم مشروع متهافت لا قيمة له إلى مجلس الأمن، وأُقر هذا المشروع لأنه ما كان به أي شيء.
أحمد منصور: هل كان يتصرف بمنأى عن صدام حسين؟
صلاح عمر العلي: لأ طبعاً كان هو على اتصالات مستمرة، ودائمة مع...
أحمد منصور: يعني إذن هذا الموضوع نُسق مع صدام حسين؟
صلاح علي العلي: آني طبعاً لا أشك في هذا الأمر إطلاقاً.
(11/80)
أحمد منصور: ما تفسيرك لهذا الآن؟
صلاح عمر العلي: حقيقة ما عندي تفسير لغاية الآن.
أحمد منصور: كيف ما عندك تفسير؟
صلاح عمر العلي: يعني ربما.. ربما خليني أقول لك يعني ربما يكون أجواء الحرب.. أجواء الحرب اللي كانت قائمة آنذاك.
أحمد منصور: يعني واضح إنه المشروع اللي قُدِّم هو مشروع أميركي؟
صلاح عمر العلي: يعني خليني مثلاً أقول لك يعني ربما، وهذا الاحتمال هو الأكبر، أنه كانت أجواء الحرب قائمة بين العراق وبين إيران، وصدام حسين أصبح عنده شعور بالحاجة إلى أميركا.. بالحاجة إلى أميركا أو ربما أصلاً الحرب لم تقم بمعزل عن التنسيق مع أميركا بين إيران وبين العراق، وهذا ربما السبب الأساسي أو السبب المختفي وراء هذا الموقف.
أحمد منصور: كنت لازلت ممثلاً لنظام البعث العراقي في الأمم المتحدة حينما وَصَلت إلى نيويورك سَجدة زوجة صدام حسين في مارس عام 81 بطائرة خاصة من طراز بوينج 747، وبينت هذه الرحلة كيف تتصرف عائلة صدام في أموال العراق.
أبدأ معك الحلقة القادمة من هذا الموضوع، وستكون الحلقة الأخيرة لأنك بعد ذلك استقلت في مايو 82 من منصبك.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/81)
الحلقة9(11/82)
الثلاثاء 20/5/1424هـ الموافق 19/7/2003م، (توقيت النشر) الساعة: 18:39(مكة المكرمة)،15:39(غرينيتش)
حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي
الحلقة 9 (الأخيرة)
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيوف الحلقة
صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق
تاريخ الحلقة
13/7/2003
- طبيعة تصرف عائلة صدام في أموال العراق
- العلاقات السرية بين صدام حسين واللوبي الصهيوني
- أسباب استقالة صلاح عمر العلي من منصبه كمندوب للعراق في الأمم المتحدة
- أفكار حسين كامل بالإطاحة بصدام حسين
- تقييم صلاح عمر العلي لتجربة حكم البعث للعراق
- مستقبل حزب البعث في العراق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة الأخيرة إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القُطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.
طبيعة تصرف عائلة صدام في أموال العراق
كنت لازلت ممثلاً لنظام البعث العراقي في الأمم المتحدة حينما وصلت إلى نيويورك سَجدة زوجة صدام حسين في مارس عام 1981 بطائرة خاصة من طراز بوينج 747 يرافقها صهر صدام.. حسين كامل المجيد وثلاثون آخرون، هل كنت في استقبالها في المطار؟
صلاح عمر العلي: طبعاً، استقبلتها بالمطار هي والوفد المرافق إلها، كان على رأس الوفد هذا حسين كامل ولم يكن آنذاك صهراً، بعدها لم يكن متزوجاً، وسكنت عندي بالبيت طوال الفترة اللي كانت موجودة فيها، طبعاً وصلت إلى نيويورك يعني جاءت إلى نيويورك لسبب مرضي، كانت محتاجة إلى معالجة، ومكثت بالبيت إلى أن غادرت.
أحمد منصور: ما هي المدة التي بقيتها؟
صلاح عمر العلي: والله على ما أعتقد تقريباً أسبوعين.
أحمد منصور: فقط أسبوعين.
صلاح عمر العلي: أسبوعين نعم.
(11/83)
أحمد منصور: هل صحيح أنها أنفقت ملايين الدولارات في التسوُّق تحت رعايتك؟
صلاح عمر العلي: لأ، هذا الحقيقة غير دقيق وغير صحيح..
أحمد منصور: ما هي المحلات التي ذهبت إليها؟ هناك معلومات كثيرة تشير إلى أنها كانت تتسوق من أفخم المحلات في نيويورك؟
صلاح عمر العلي: لا، والله للأمانة أقول لك لم تزر محلات ولم تشترِ إلا الشيء البسيط جداً والقليل جداً، أنا أتمكن أن أؤكد هذا الشيء، وكانت يعني سلوكها كان حقيقة بمنتهى التواضع وتصرُّفها بمنتهى الحشمة، وكانت سيدة حقيقة يعني ليس.. لم تتشكل عندنا أي ملاحظة سلبية على تصرُّفها، كانت متواضعة بسيطة جداً، وما كانت حقيقة تواقة إلى أن حتى تتجول بالمدينة، إحنا في مرة من المرات يعني بضغط من عندنا أخذناها إلى هذا Tool Tower البرج التجاري، شَوَّفناها ورحنا ودِّيناها إلى تمثال الحرية، وما عدا ذلك حتى لم تكن حريصة على أن تزور الأسواق أو.. أو تشتري أو أن تصرف أموال.
أحمد منصور: كثير من المصادر أشارت إلى أنها أنفقت ملايين الدولارات على شراء الهدايا في تلك الزيارة، يعني كل من تناول.. الكتب كلها التي تناولت حكم صدام حسين تناولت هذه الزيارة تحديداً بشكل من المبالغات وبصفة يعني أنك تقدم شهادة للتاريخ، وأنها كانت في بيتك.
صلاح عمر العلي: والله للأمانة أنا الحقيقة أحكي لك كما شاهدت، الامرأة لم تتصرف بأي تصرُّف غير معقول.
أحمد منصور: كيف كان تعامل صدام معها خلال فترة وجودها؟
صلاح عمر العلي: كان طبعاً آنذاك كان الحرب يعني مستعرة بين العراق وبين إيران، وكانت في كل يوم هناك معارك وهناك قتلى، وهناك شهداء وإلى آخره، فكان صدام حسين يتصل بها باستمرار، يعني لم ينقطع فيه الاتصال حتى باليوم الواحد كان يتصل فيها ما لا يقل عن ثلاث مرات دائماً.
(11/84)
أحمد منصور: يعني ما تفسيرك لهذا في ظل ما كان يُشاع أن صدام يعني فيه أشياء أخرى عن جوانبه الإنسانية، عن علاقاته النسائية، عن.. يعني..
صلاح عمر العلي: أنا في الحلقة السابقة كما تذكر قلت لك أنه صدام هو في الواقع حتى نفهم شخصيته يجب علينا أن نتصوره هو شخصين، شخصين في هذا الجسد، شخص فيه ملامح إنسانية وظرافة وبساطة وتواضع وحب، وفيه شخص آخر بمنتهى الشراسة والدموية، فهنانا عندما يتعامل مع زوجته يبدو أن الشخصية الأولى هي اللي كانت يعني تبرز على شخصية صدام حسين، رجل عائلة، الزوج المثالي، وكان فعلاً يعني متابع وضعها بالساعات.. بالساعات كان يتابعها.
أحمد منصور: هل هذه الزيارة وثَّقت علاقتك مع حسين كامل بعد ذلك؟
صلاح عمر العلي: لأ، في الحقيقة حسين كامل كان أولاً فارق السن كبير بيني وبينه هذا أولاً، ثانياً: كان مجرد حارس لزوجة الرئيس، وأنا شخص يعني وزير وعضو مجلس قيادة الثورة وممثل العراق الدائم، ليس.. لم يكن هناك رابط بيني وبينه..
أحمد منصور: هل كان يحمل مؤهلات تدفع صدام إلى أن يزوِّجه ابنته؟
صلاح عمر العلي: لأ، هو.. هو شخص أشبه ما يكون بالأمي، أقرب للأمية، لكن حقيقة كان حاذق وذكي، ومادمنا بصدد الحديث عن صرف الأموال.. الأموال، زوجة الرئيس لم تصرف أموال أبداً، وأنا مسؤول عن هاي الموضوع، اللي صرف الأموال هو حسين كامل.
أحمد منصور: كيف؟
صلاح عمر العلي: الواقع أكثر ما صُرف على شراء أجهزة إلكترونية وعلى أسلحة، حتى..
أحمد منصور: إلكترونية شخصية أو إلكترونية للدولة؟
(11/85)
صلاح عمر العلي: لا للدولة، يعني حتى اشترى.. اشترى حينها جهاز سموه جهاز إنذار مبكِّر، وكان آنذاك يعني صناعته حديثة، لم تكن أصلاً منتشرة بالدول الأخرى، اشترى جهاز حسَّاس للغاية، جهاز إنذار مبكِّر معقَّد جداً، وبعلم من السلطات الأميركية، وحطه.. حمله بالطائرة، واشترى معدات كثيرة أخرى إلكترونية وأسلحة، وخلاَّها في الطائرة، طبعاً تعرف المطارات كلها فيها تفتيش دقيق وخاصة المطارات الأميركية تفتيش دقيق، فعملوا على إدخالها بسيارة لوري من بوابة خاصة حتى لا.. لا تخضع للتفتيش، وصعدت للطائرة وأخذها حسين كامل إلى بغداد ونصبوها في القصر الجمهوري، هذا الجهاز مكَّن صدام حسين من جديد على فرض هيمنة مطلقة على كافة تفاصيل الدولة.
أحمد منصور: يعني كان جهاز أمن داخلي.
صلاح عمر العلي: أمن داخلي، السيطرة على كافة أجزاء الدولة من خلال هذا الجهاز الإلكتروني.
أحمد منصور: طيب بصفة الجهاز شُري في عهدك حينما كنت في نيويورك، ما هي إمكانات هذا الجهاز مثلاً حتى يسيطر به على الدولة يعني؟
صلاح عمر العلي: هو.. هو اللوحة الإلكترونية تنوضع أمام صدام حسين، فيه مفاتيح، وفيه رموز، وفيه إشارات معينة، فكل المسؤولين في الدولة يرتبطوا بهذا الجهاز عن طريق هذه الرموز..
أحمد منصور: في أي مكان يتحركوا إليه؟
صلاح عمر العلي: أي مكان مرتبطين بهذا الجهاز، وبالإضافة إلى هذا بإمكان صدام حسين أن يوجِّههم أن يطلب من عندهم مثلاً إنذار، اختفاء، التصرُّف كذا عن طريق هذا الجهاز، هذا الجهاز كان حقيقة متقدِّم للغاية.
أحمد منصور: يعني لم يكن يخضع للدائرة التليفونية ولا الدائرة اللاسلكية ولا كل هذه..
(11/86)
صلاح عمر العلي: لا خارج نطاق الشبكة التليفونية وغيرها، وعلى أي حال صدام أيضاً بعد ذلك يعني اقتنى أجهزة متقدِّمة للغاية بحيث يعني أصبح صدام حسين عن طريق هذه الأجهزة يخترق حتى أجهزة أمنية في.. في الدول العربية المجاورة، الأمر اللي إذا تذكر عندما احتل الكويت من بين الأشياء اللي ثارت في وقتها كانت محادثة بين الملك فهد وبين أمير الكويت، كان ملتقطة عنده.. التقطها الجهاز..
أحمد منصور: آه، يعني حتى كان عن طريق الأقمار الصناعية تجسس.
صلاح عمر العلي: لأ، عن طريق هذا الجهاز وليس عن طريق الأقمار الصناعية، ما كان عنده صلة بالأقمار الصناعية، عن طريق هذا الجهاز.
أحمد منصور: إلى هذا الحد يصل تأثير الجهاز؟
صلاح عمر العلي: نعم، وهذا كان حقيقة يعني جهاز جداً معقَّد وجداً فخم وشديد القوة، أنا سبق أن ذكرت شيء يعني يعزِّز هذه المقولة، أنا التقيت بعد احتلال الكويت أو بعد الحرب حقيقة بعد أن صارت حرب عاصفة الصحراء، التقيت بضابط عربي كبير برتبة كبيرة، وسألته سؤال مباشر، قلت له: أنا يعني سمعت بأنه خطة عاصفة الصحراء وُضعت.. وُضعت بعد أن تمكنت المخابرات الأميركية من اختراق الجهاز الأمني لصدام حسين، والتقطت محادثات وكلام ومعلومات فوضعت الخطة على ضوء هذه.. هذه عملية الاختراق، فهل هذا صحيح؟ أجاب بالنفي المطلق، قلت له إذن وين الصحيح؟ قال لي: الصحيح.. الصحيح أن صدام حسين تمكَّن عن طريق هذا الجهاز اختراق الجهاز الأمني لحلف الأطلسي.
أحمد منصور: عجيب!!
صلاح عمر العلي: نعم، أنا هذه سمعتها من عنده مباشرة وكان معي أشخاص آخرين شهود على هذه المقولة.
أحمد منصور: بس فيه حماية بتُفرض في صناعة هذه الأجهزة بحيث لا يمكن مطلقاً إن الذي سيستخدمها أن يخترق الدول التي تُصنِّع أو التي لها مصلحة في هذا.
صلاح عمر العلي: أنا بالحقيقة.. أنا ما عندي أي يعني معلومة.. ما أستطيع أتحدث عن هذه الأجهزة، لأنه ما.. يعني
(11/87)
أحمد منصور: واضح إنه جهاز معقَّد كبير بيحتاج لوري يحمله يعني
صلاح عمر العلي: لكن هذا الجهاز.. هذا الجهاز ربما أُعطي لصدام حسين في فترة الحرب مع إيران، يعني وفَّر لصدام حسين أثناء تلك الفترة، وطبعاً الحرب التقت يعني أهداف صدام حسين مع أهداف دول كثيرة بما الاتحاد السوفيتي، أميركا، دول غربية وحتى الدول العربية أنه هذا نظام يهدِّدهم وجايب شعار تصدير الثورة الإسلامية ودولة كبرى ودولة قوية، وجايب ثورة وبزخم وثورة إسلامية كما تعرف.. كما تعرف إحنا دول إسلامية والشعار الإسلامي يحرِّكنا كلاتنا جميعاً، فإذن ربما مُنِحَ هذا الجهاز لصدام حسين في فترة عندما كان هو الحليف الأساسي هو شرطي المنطقة، هو كان الممثل لكل هذه الدول المتصارعة في الخارج، فمُنح هذا الجهاز، وهذا الجهاز حقيقة أنا فوجئت عندما ذكر لي هذا الضابط ها.. ها المعلومات عنه..
أحمد منصور: في هذه الفترة أيضاً نُشر كلام، طالما أنت قلت أن صدام كان شرطي المنطقة في الوقت الذي كان يشتم فيه، طبعاً هو أعاد العلاقات مع أميركا بعد ذلك بفترة وجيزة للغاية.
صلاح عمر العلي: بعد الحرب.
العلاقات السرية بين صدام حسين واللوبي الصهيوني
أحمد منصور: نعم، فيه هناك معلومات تسرَّبت عن علاقة السفير العراقي في واشنطن نزار حمدون مع اللوبي الصهيوني، كنت أنت وقتها مندوباً للعراق لدى الأمم المتحدة
صلاح عمر العلي: نعم.
أحمد منصور: لديك معلومات عن هذا؟
(11/88)
صلاح عمر العلي: تعرف إحنا المندوبين بالأمم المتحدة مهمتهم خاصة بالأمم المتحدة واجتماعات الأمم المتحدة وداخلين يعني إحنا ما.. ما مخوَّلين أصلاً أن نمارس أي عمل دبلوماسي خارج الأمم المتحدة، بطبيعة الحال كان العلاقة الدبلوماسية بين العراق وبين أميركا مقطوعة لا.. من الناحية العملية، لكن كان عندنا ممثلين، فعُيِّن نزار حمدون.. نزار حمدون الشاب الكفوء والدبلوماسي الناجح وذو الإمكانيات المميزة عُيِّن بداية قبل أن تعود العلاقات بين البلدين عُيِّن القائم بأعمال في السفارة العراقية، ومُنح يعني سلطات أكثر من سلطات وزير في العراق، ووُفِّرت إله ميزانية أكبر من.. من ميزانية وزارة.
أحمد منصور: هذا بشكل شخصي من صدام حسين..
صلاح عمر العلي: من صدام حسين، هو طبعاً نزار حمدون كان أحد الكوادر المهمة في المخابرات العراقية منذ أوائل تأسيسها، واعتمد عليه اعتماد قوي صدام حسين، وأطلق إيده بأن يتصرف بدون العودة إلى وزارة الخارجية أو غير وزارة الخارجية، طبعاً في فترة الحرب، فكان من المهمات اللي يعني يمارسها نزار حمدون هو خلق أجواء للتعاطف مع موقف العراق سواء على الصعيد الدبلوماسي، على صعيد العلاقات مع.. مع المكوِّنات السياسية والاجتماعية والفكرية الأميركية، أنا بدأت توصلني معلومات أن نزار حمدون تحديداً بدأ يلتقي في مسكنه ببعض ممثلي الحركة الصهيونية.
أحمد منصور: في الولايات المتحدة.
(11/89)
صلاح عمر العلي: في الولايات المتحدة، تصلني معلومات أخبار عن أنشطة السفير، بس بدت تتردد على مسامعي من عدة مصادر أنه سعد.. نزار حمدون بدأ يجتمع اجتماعات خاصة مع ها الأشخاص هذه، هذا قبل أن تعود العلاقات، بعد أن عادت العلاقات وأُعيد تعيين نزار حمدون سفير للعراق للأمم المتحدة.. في واشنطن بدأت المسألة تأخذ منحى آخر وأكبر وأكثر وضوح، طبعاً نزار حمدون كان ناشط للغاية، كان مميَّز من بين كل السفراء المعتمدين في واشنطن بحكم الإمكانيات المتوفرة بين إيده أولاً، وهو حقيقة رجل ناشط وذكي جداً، فلعب دور كبير جداً في خلق علاقة بين السفارة وبين اللوبي الصهيوني، وهذا طبعاً لم.. لا يمكن أن يجرؤ إنسان أن يمارسه إلا بتوجيه من صدام حسين، إطلاقاً.
أحمد منصور: يعني هذا البُعد لصدام حسين في الوقت الذي كان يعادي فيه الدول التي كانت تقيم علاقات مع إسرائيل، ويعتبر إسرائيل هي يعني الشيطان الأكبر بالنسبة له، وقيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي سنة 81، تفسيرك له أيه؟
صلاح عمر العلي: يعني أنا الحقيقة تفسيري شنو هو؟ صدام حسين عنده مشروع، كويس، وهو مهووس لأن يسير في هذا المشروع يطبِّقه، في إطار هذا المشروع صدام حسين يبيح لنفسه أن يمارس الشيء ونقيضه من أجل أن يحقِّق هذا المشروع.
أحمد منصور: أيه مشروع صدام حسين؟ قل لي أيه مشروع صدام حسين؟
صلاح عمر العلي: صدام حسين.. أستاذ أحمد، يعني لو رجعت إلى خطبه اللي ألقاها طوال فترة رئاسة الدولة، تضعها أمامك وتقرأها كان عبارات محددة كثيراً ما كان يردِّدها في كل الخطب.
أحمد منصور: وكانت مكتوبة ومعلَّقة في الجدران وفي الشوارع في بغداد، وفي كل مكان..
صلاح عمر العلي: نعم، في كل هذه الخطب..
أحمد منصور: وفي مؤسسات الدولة، وفي.. وفي الأسانسيرات..
(11/90)
صلاح عمر العلي: نعم، كان.. كل.. بأي مكان تلاقيها، كان كثيراً ما يُردِّد العبارة التالية أنه: إحنا القدر فرض علينا أن نكون مسؤولين ليس عن العراق وليس عن الأمة فقط وإنما على الإنسانية، فكان هذا الإنسان مهووس في أفكار خيالية، بأن هو مظلوم إذا كان رئيس للدولة العراقية، وكذلك راح يكون مظلوم إذا كان يعني قائد للأمة العربية فقط، إنما هو رسالته أكثر تتعدى حجم هذه المنطقة.. تتعدى حجم الأمة العربية، هو.. هو له دور قيادي بالعالم نفسه، هذا دائماً كان يردد ها العبارة بمعاني وبألفاظ مختلفة، لكن دائماً ما يردِّد هذا التعبير، وعلى طول وربما يعني من النادر أن تلقي.. تلقي خطاب خالي من ها التعبير هذا، فإذن صدام حسين كان مهووس في التفكير يعني بهذا العمق بهذا البُعد، وبالتالي من هنانا هو صار يجد نفسه أن يمارس ها الألاعيب، يرفع شعار ضد إسرائيل وربما هو خصم حقيقي لإسرائيل، لكن بنفس الوقت إذا تمت المصلحة يتهادن مع إسرائيل، وهكذا تنطبق هذه الفلسفة أو هذه النظرية على كافة علاقاته مع الآخرين، يطلع مصر من الجامعة العربية، وهو بنفسه يعيدها للجامعة العربية، هو اللي يشتم أنور السادات وهو اللي يتحالف مع أنور السادات، هو اللي شتم الرئيس الحالي محمد حسني مبارك، شتمه بأقذر الألفاظ ويعود من جديد لكي يبني علاقته معه عندما يحتاج، فصدام حسين شخصية متناقضة وغامضة جداً، وبالتالي يجوز إلي أن أعيد من جديد أن أقول لك أن صدام حسين ليس شخص واحد، أكثر من شخص.
أحمد منصور: كنت لازلت جزءاً من النظام العراقي حينما ارتكب صدام حسين واحدة من أكبر أفعاله الشريرة في حياته كما وُصفت، حينما قتل بنفسه وأثناء اجتماع مجلس الوزراء وزير الصحة رياض إبراهيم، ماذا تعرف عن هذه الحادثة؟
صلاح عمر العلي: أنا الحقيقة ما كنت موجود في بغداد خارج بغداد، لكن طبعاً ما..
أحمد منصور[مقاطعاً]: جزء من النظام، أنت جزء من النظام.
(11/91)
صلاح عمر العلي: يعني خليني أتسامح معاك وأقول لك نعم، أنا لست جزءاً من النظام، أنا افترقت مع النظام سنة 70..
أحمد منصور: شئت أم أبيت..
صلاح عمر العلي: ما هو..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بقيت سفيراً للعراق وتمثل العراق وتدافع..
صلاح عمر العلي: كيف.. ينطبق عليه جزء من النظام..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بتدافع عن النظام في الأمم المتحدة وتمثل النظام في الأمم المتحدة.
صلاح عمر العلي: آه، يا سيدي أنا أقول لك الآتي، يعني أنت..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كل السفراء العراقيين اللي بره دول ليسوا جزء من النظام؟
صلاح عمر العلي: خليني أقول لك، أنا شخص كنت سياسي وكنت عضو في القيادة، واصطدمت مع صدام حسين وأحمد حسن البكر وخرجت بوقت مبكر ثم ارتضيت على نفسي أن أكون لاجئ على ألا أكون سفير، ورحت إلى مصر ومن مصر ذهبت إلى.. إلى بيروت وبقيت إلى أن تأمم البترول، ثم سمحوا إلي بالعودة، وفي أجواء تأميم البترول وبعد عودتي إلى بغداد أعادوا من جديد عليَّ أن أقبل السفارة، وكان آنذاك وزير الخارجية هو مرتضى الحديثي هو الوسيط بيني وبينهم، ورفضت ورجع عليَّ مرتضى الحديثي أكثر من مرة وبعد ذلك سمعت كلام من مرتضى الحديثي نفسه وزير الخارجية وصديقي العزيز علي، قال لي يا صلاح..
أحمد منصور: ولقي جزاء سنمار هو الآخر.
صلاح عمر العلي: نعم، قال لي يا صلاح أرجوك تقبل هذا الموضوع حتى لا نخسرك يا صلاح، حتى لكي لا نفقدك..
أحمد منصور: تهديد يعني؟
صلاح عمر العلي: شنو هو هذا الكلام، كان معناه إنه هناك نية لقتلي، الأمر اللي وجدت أنه ما عندي خيار آخر فرحت أصبحت موظف، أنا لست جزء من النظام، أصبحت موظف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: بتمثل النظام.
(11/92)
صلاح عمر العلي: اسمح لي يا سيدي، أنا أصبحت موظف في الدولة، اسمي سفير لم يكن لي دور سياسي، أنا سفير. نعم موظف، فكيف أنا كنت أمثل النظام أستاذي؟ مع ذلك أنا اخترت أن أكون في يعني أنا فرضت قبولي شرطت أن أكون ممثل في أصغر دولة وفي أقل دولة عندنا علاقة بها، وهي السويد، حتى ابتعد عن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: بعد ذلك ذهبت إلى إسبانيا وإلى الولايات المتحدة.
صلاح عمر العلي: نعم هذا صحيح
أحمد منصور: الأمم المتحدة..
صلاح عمر العلي: لكن القصد من هذا أنه أنا أصبحت مجرد موظف في جهاز الدولة، حالي حال أي سفير آخر، عشرات السفراء..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني السفراء بيمثلوا الدول..
صلاح عمر العلي: وأنا من حقي.. أيضاً حقي كمواطن عراقي أن..
أحمد منصور[مقاطعاً]: السفراء بيمثلوا الدول، مش هأدخل معاك في جدل لأن المشاهدين برضو بيفهموا كويس، ما معلوماتك عن مقتل رياض إبراهيم؟
صلاح عمر العلي: نعم، رياض إبراهيم كما سمعت كما رويت أمامي قصص عديدة، طبعاً..
أحمد منصور[مقاطعاً]: هل روى لك أحد ممن كانوا حاضرين؟ من بين الروايات التي وصلتك؟
صلاح عمر العلي: يعني أنا سمعت من أعضاء بالقيادة..
أحمد منصور: أعضاء في القيادة..
(11/93)
صلاح عمر العلي: أعضاء في القيادة، رياض إبراهيم كل ما في الأمر.. كل ما في الأمر إنه كانت هناك حرب بين البلدين، وطبعاً بدأت كفة الحرب تميل لصالح إيران، وبدأ النظام يرتبك.. النظام العراقي، فصدام حسين اجتمع بمجلس الوزراء وطرح عليهم هذا الأمر أنه الآن الحرب أصبحت خطرة، وكما تلاحظون صارت لصالح إيران و.. إلى آخره فطلب من عندهم يعني مناقشة هذا الأمر، وما هي الاقتراحات اللي.. اللي ممكن يقدموها لتجنب الهزيمة، خصوصاً وأنه بدأت كثير من وسائل الإعلام تتحدث عن استقالة صدام أو عن ضرورة خروجه من السلطة، فرياض إبراهيم (وزير الصحة الأسبق) قدم الاقتراح التالي: قال له يا سيادة الرئيس إذا كان انسحابك من السلطة الآن وإن كان مؤقت وإن كان تكتيكي فيه حل لهذه الأزمة.. أنا أقترح.. أنا أقترح بموافقتك، تتنحى مؤقتاً ريثما نجتاز هذه المسألة، وأنت.. أنت رئيس الدولة، لاحظ شون؟ فطبعاً صدام حسين استقبل هذا الاقتراح بغضب شديد جداً، وقتل رياض إبراهيم..
أحمد منصور: كيف قتله؟
صلاح عمر العلي: والله ما أعرف التفاصيل حقيقة، ما أعرف. لكن قتله أثناء الاجتماع..
أحمد منصور: صحيح أنه ناداه وطلب منه أن يفتح فمه، ثم أطلق الرصاص على لسانه؟
صلاح عمر العلي: والله.. ما أعرف هذا، ربما كان صحيح وربما لم يكن صحيح، لكن المهم النتيجة أنه قتله..
أحمد منصور: أمام الحضور..
صلاح عمر العلي: كيف قتله؟ بأي شكل قتله أنا ما أعرف..
أحمد منصور: أمام الحضور..
صلاح عمر العلي: أعتقد..
أحمد منصور: في اجتماع مجلس الوزراء.
صلاح عمر العلي: أعتقد.
أحمد منصور: في يوليو عام 1980 أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن لقاءً سرياً عُقد بين صدام حسين ومستشار الأمن القومي الأميركي آنذاك (اسبينو بريجينسكي) يقال أنه عُقد في عمان في الأردن، بصفتك كنت مندوب العراق لدى الأمم المتحدة، هل لديك معلومات عن هذا اللقاء؟
(11/94)
صلاح عمر العلي: أبداً، ليس لدي أي معلومات عن هذا الموضوع، لكن سمعت كما سمع الآخرين.
أحمد منصور: هل لديك معلومات عن أن صدام وافق في العام 79 على افتتاح مكتب للـ(CIA) في بغداد؟
صلاح عمر العلي: أنا سمعت فيما بعد، سمعت فيما بعد أنه كان هناك مكتب للـCIA في بغداد، مهمة هذا المكتب تزويد صدام حسين بصور للأقمار الصناعية الأميركية حول يعني تحركات الجيش الإيراني واستعداداته للهجوم وما شابه ذلك. نعم.
أحمد منصور: كنت لازلت مندوباً للعراق أيضاً في الأمم المتحدة حينما وافقت إدارة (ريجان) عام 81 على طلب العراق شراء خمس طائرات (بوينج) طراز 747، هل كان لديك أي علاقة بهذه الصفقة؟
صلاح عمر العلي: لأ، طبعاً أنا ممثل بالأمم المتحدة، وهذه المسائل ما تيجي عن طريق الممثلية، تيجي عن طريق السفارة.
أحمد منصور: هل كانت تعكس بداية غزل وعلاقة بين الولايات المتحدة والعراق؟
صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال، ما يحتاج إلى أي تأكيد.
أحمد منصور: في مايو 1982..
صلاح عمر العلي: يعني آنذاك كانت العلاقات مازالت مقطوعة، ومع ذلك توافق أميركا على بيع الطائرات للعراق، فإذن كيف تمت؟ لازم تكون هناك يعني وراها صفقات سياسية وغيرها.
أسباب استقالة صلاح عمر العلي من منصبه كمندوب للعراق في الأمم المتحدة
أحمد منصور: في مايو 1982 قررت تقديم استقالتك وكنت وقتها مندوب للعراق لدى الأمم المتحدة، لماذا قررت الاستقالة؟
صلاح عمر العلي: في الواقع السبب الجوهري أنا أقول لك الآتي: أنا منذ أن.. بعد أن طلعت سفير للعراق في السويد وأنا بالسويد قدمت استقالة، حاولت أقنع رئيس الجمهورية بالاستقالة ما وافق، رفض..
أحمد منصور: كان أحمد حسن البكر؟
(11/95)
صلاح عمر العلي: نعم، انتقلت من السويد إلى إسبانيا، وكررت المحاولة من جديد وأذكر جيداً أنه بعدما أرسلت الرسالة وصلت إلى الرئيس، طلب استدعائي وجيت إلى بغداد والتقيت فيه، وناقشني حول موضوع الاستقالة، وأكدت له يعني حاولت ألجأ (..)، قلت له أنا مريض وعندي تقارير طبية، وما عاد بإمكاني أن أواصل عملي الدبلوماسي، فأرجو أن تقدر ظروفي، وأرجوك تقبل هذا الموضوع، وإذا كان عندكم أي هاجس حولي، أنا مستعد أتعهد لك أنه.. يعني أسكن في بيتي ولن أغادر هذا البيت، فقال لي طيب أنا متفهم وضعك وأنا موافق، بس أرجوك.. أرجوك إذا ممكن تروح إلى الأخ صدام تلتقي فيه، أي شيء تتفقون عليه أنا موافق، ورحت فعلاً التقيت بصدام حسين..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كم كان هذا؟
صلاح عمر العلي: هذا كان بالـ76.. 77 بها الحدود هذه..
أحمد منصور: كان صدام الحاكم الفعلي.
(11/96)
صلاح عمر العلي: كان النائب طبعاً، لكن كان هو الأقوى، فالتقيته صدام حسين وعرضت عليه الموضوع وهو كان عنده الفايل File، وناقشنا ها الموضوع، يعني ربما ليس هناك حاجة للمزيد من التفاصيل عن العملية، المهم بعد أن ناقشني رفض موضوع الاستقالة، وقال لي أي شيء، إذا الراتب ما يكفيك أنا هنزودك، إذا الشغلة ما عجبتك، لا تداوم بالدائرة، بس مسألة عودتك إلى بغداد أرجوك هذه المسألة انساها بالوقت الحاضر، أرجوك تنساها، أي شيء تطلبه من عندنا إحنا حاضرين نهيأ لك إياه ما عدا عودتك إلى بغداد، فرجعت إلى.. إلى إسبانيا، بعدها انتقلت إلى الأمم المتحدة صارت الحرب، وطبعاً الحرب إلها متطلباتها، على الجبهة كل يوم يقاتلوا عندنا بالآلاف، موارد العراق المالية كلها كُرست للحرب، بدأنا نجمع تبرعات.. تجمع الحكومة تبرعات من المواطنين وصلت إلى حد أن حلي النساء بدأت تنزعها تقدمها للحكومة لدعم الحرب، وفي نفس الوقت وأنا في نيويورك يعني يأتي بعض أقارب صدام حسين إلى نيويورك يحملوا الملايين لشراء المجوهرات والأحجار الكريمة و.. وإلى آخره..
أحمد منصور: من الذين كانوا يأتوا؟
(11/97)
صلاح عمر العلي: هذا واحد -إذا سمحت- هذا واحد من الأسباب، السبب الثاني وهو الأساسي الحقيقة هو موضوعة الحرب بحد ذاتها موضوعة الحرب، أنا حكيت لك عن محاولات اللي يعني لإطفاء الأزمة بين العراق وبين.. بين إيران وكنت أحلم بأنه يكون إلي دور كنت (...) يكون إلي يعني دور أتشرف به ويعني حقيقة أفتخر فيه، لكن فشلت في هذا الموضوع، بفعل إصرار وتصميم صدام حسين على الحرب، فأنا بالحقيقة عندما نشبت الحرب صار أمر واقع، أنا لما صار كل يوم يُقتل آلاف من العراقيين على الجبهة ما بإمكاني أن أقف مع إيران. هاي مستحيلة، لكن موضوعة الحرب بدأت تفعل فعلها في نفسي، كل يوم بدأت تؤثر عليَّ، بعدين في أول يوم للحرب عندما دخل الجيش العراقي إلى إيران اجتمعت مجموعة عدم الانحياز لمناقشة موضوعة الحرب، أخذت قرار يعني بالوساطة بين البلدين، فإيران سرعان ما وافقت، أنا اتصلت في وزير الخارجية لم يوافق.
أحمد منصور: سعدون حمادي..
(11/98)
صلاح عمر العلي: نعم سعدون حمادي لم يوافق، كررت عليه الطلب أكثر من مرة لم يوافق، وكان يجاوبني بشكل التالي.. بالشكل التالي كان يجاوبني، يقول لي شاغلهم للحركة ريثما نكمل شغلنا في إيران، حتى اضطريت في إحدى المكالمات قلت له يعني ماذا تقصد كمل شغلتك تحتل طهران؟ شو ها القصة هاي؟ قلت له يا أخي أنا الآن محرج، السفير الإيراني موافق، وأنا ملاحقات في كل الدنيا ما أقدر أعطيهم جواب، شو ها القصة هذه؟ بعدين إلى متى؟ شنو اللي ناوينه؟ تحتلون إيران؟ ما كان موافق، فكان رئيس الحركة هو وزير خارجية كوبا، التقى فينا آخر مرة، وقال لي أرجوك إحنا متعاطفين مع موقفكم مش مع إيران بس أنا أيضاً محرج، بدي جواب فأنا حكيت معه كلام بسيط جداً بهذا المعنى، قلت له يا أخي مبدئياً بالنتيجة لازم توافق بغداد على هاي الطلب، بس يبدو مشغول بقضية أكبر أو أهم، هو ما أعرف الترجمة ما أفهمها كويس أو تقصَّد لا أعرف، خرج على وسائل الإعلام، قال لهم: العراق وافق OK، طبعاً أخذت وكالات الأنباء هذا الخبر وبعد شي ساعة خابرني سعدون حمادي وكان غاضب شديد الغضب أنه إحنا ما أعطينا لك هذا الحق في أن تصرح ها التصريح كيف أعطيت ها التصريح؟ وشرحت الموضوع، فأصبحت.. صارت مشادة كلامية بيني وبين الدكتور سعدون حمادي، علماً بأن علاقتي الشخصية بسعدون حمادي علاقة جداً ممتازة، أصبح إذن أول يوم الحرب صار توتر بيني وبينه، بعد ذلك تطورت الأمور، صاروا اللي يرفضوا يعطوه رأي، صاروا شدوا لي.. عملوا لي نصبوا لي خط تليفوني أحمر من أجل أنه يتصلوا بي كل ساعة ادعُ مجلس الأمن، يفيقوني من النوم في منتصف الليل ويطالبوني بدعوة مجلس الأمن للانعقاد، لكن يا أخ سعدون مجلس الأمن موظفين عندك بوزارة الخارجية؟ هادول ممثلين الدول، وأنا بمنتصف الليل، كيف بدي أعمل اجتماع، جننوني، بعدين مسألة الحرب بعد سنتين من استمرارها بدأت تبدو حرب عبثية ليس لها هدف وليس لها غاية، ناس قتلى(11/99)
أبرياء من كلا الطرفين دخلتنا في متاهة، ما نعرف وين رايحة، أميركا وإسرائيل والدول الأخرى والاتحاد السوفيتي و.. إلى آخره، فحقيقة بدأت أشعر بتأنيب ضمير وبعذاب نفسي هائل مع نفسي، وبدأت مسألة الاستقالة تتبلور إلي، تتبلور بالتدريج كان عندي ابن عم سفير في اليونان اسمه حسام عبد العزيز إجا زارني في نيويورك وبدأت أتحدث معه حول الفكرة، وبدأنا نبني موقف أنا وحسام وكان سفير آخر صديق عزيز عندنا اسمه صفاء الفلكي اللي كان سفير في هولندا، وتصور من المفارقات العجيبة أنه كان آنذاك محمد سعيد الصحاف موجود في الوفد العراقي في الأمم المتحدة، وفاتحناه عن الموضوع، وأخذنا قرار أنه نبدأ بالاستقالة، سفير إثر سفير يعني يستقيل صلاح عمر العلي، ثم يعقد مؤتمر صحفي ثم كذا، إلى أن نتعب صدام حسين ويعني نضايقه ففي هذا المناخ وبعد أن تشاورت مع كثير من الأصدقاء..
أحمد منصور[مقاطعاً]: الصحاف وافق؟
صلاح عمر العلي: وافق على الفكرة، تخيل..
أحمد منصور: كويس إنه ما نفذش..
صلاح عمر العلي: تخيل..
أحمد منصور: ما كنش حصل.. الناس كانت هتفتقده في الحرب بتصريحاته..
صلاح عمر العلي: كيف تطورت الأمور من حالة إلى حالة، الصحاف بدون عناء وبدون تعب وافق على الاستقالة لأنه الصحاف كان سابقاً ممثل العراق بالأمم المتحدة واستدعي ووضع بالسجن وكاد أن يُعدم على يد صدام حسين، وخرج بأعجوبة. فالصحاف دون أن..
أحمد منصور: حتى يلعب دور تاريخي في إعلام صدام في الحرب مع أميركا..
صلاح عمر العلي: أبداً دون أن يتعبنا، الصحاف دون أن يتعبنا، بمجرد أن فاتحناه، يعني أحطناه بالأسباب وافق، فهذا كان الأمر الحقيقة، الشيء اللي قلت لك إياه إنه قسم من أفراد عائلة صدام حسين يعني من أقاربه كانوا يأتوا بالملايين.
أحمد منصور: قل لنا دي، لأن دي قضية مهمة الآن، واضرب لنا أمثلة لو عندك؟
(11/100)
صلاح عمر العلي: نعم، يعني مرة إجا ابن خال صدام حسين، اللي اسمه لؤي خير الله تلفاح إلى.. أثناء الحرب وأثناء ما كان نساء العراق ينزعوا حليهم الذهبية حتى يقدموها تبرعات لدعم الحرب، إيجا إلى نيويورك وكان بمنتهى الاستهتار، وكان يحمل مبالغ طائلة للغاية..
أحمد منصور: كاش.
صلاح عمر العلي: نعم كلها كان بالحقائب كان يحملها، بالحقيبة تبعه يحملها، بعدها أخذ زوجته أيضاً بنت خير الله تلفاح، كانت مرتين أو ثلاث مرات تجي، مرة تروح إلى كولومبيا لأن سامعين إنه فيها أحجار كريمة غالية الثمن، تروح إلى كولومبيا من أجل أن تشتري هذه الأحجار، وفي نيويورك ما خلت قطعة نادرة إلاَّ ما تشتريها، طيب.. معقولة حتى لو كان إنسان منزوع الضمير، منزوع الإحساس كيف أقبل أن أكون أستمر ممثل العراق الدائم للأمم المتحدة بهذا الوضع، كيف ممكن؟ مع ذلك أنا يعني قلت ربما أكون أنا كوني بعيد عن الأحداث، عن الساحة، عن مجرياتها، ربما أكون يعني متحمس أو مندفع أو.. أو إلى آخره، خليني أخطو الخطوة الأخيرة وهي أن أغادر إلى بغداد، وأن أحاول ألتقي صدام حسين، وأطَّلع على حقيقة الصورة من الداخل.
أحمد منصور: لم تكن خائفاً؟
صلاح عمر العلي: لأ أبداً.. أبداً لم يكن عندي أي خوف، وفعلاً غادرت إلى بغداد، وطلبت مقابلته والتقيته، وجلست معه جلسة طويلة...
أحمد منصور: أهم ما دار بينك وبينه..
صلاح عمر العلي: هو كان ينصب حول موضوعة الحرب، موضوعة الحرب ظلينا نتحدث أنا وياه، هو عنده رأي وأنا رأيي مختلف.
أحمد منصور: كان رأيه أيه باختصار في تلك الفترة؟
صلاح عمر العلي: كان مهووس بالموضوع، وكان عنده ثقة مطلقة إنه الحرب ستنتهي لصالح العراق، بعكس ما كان رأيي، المهم طلعت وأنا وياه مفترقين، غادرت الغرفة وأنا واخد قرار نهائي -لا عودة لها- بالاستقالة، هذا هو الحقيقة.
أحمد منصور: قدَّمت استقالتك في بغداد أم في نيويورك؟
(11/101)
صلاح عمر العلي: لأ كيف أقدم استقالتي في بغداد، هاي مزحة كبيرة جداً، أقدم استقالة في بغداد بعدها أُعدم، قدمتها بعد عودتي.
أحمد منصور: لم يكن يخشى منك وأنت كنت على خلاف معه، لم يكن متوجساً؟
صلاح عمر العلي: بالحقيقة أصدقك القول، أنا ما كنت رايح إلى بغداد حتى أستفزه أو حتى أثيره أو حتى أشوِّفه إنه أنا عدو، أنا كنت أتحدث بأنه بالمعطيات كيف نتجنب الهزيمة؟ كيف نتجنب اندحار أو انهيار البلد، (تحشيم) البلد.
أحمد منصور: لم تكن تخشى من.. من الرفاق أن يوشوا بك؟
صلاح عمر العلي: والله ما كنت حاسب لهذا الموضوع حساب أبداً، أنا باقي أعضاء القيادة القطرية حقيقة كانت بيني وبينهم علاقات شخصية ودية للغاية.
أفكار حسين كامل بالإطاحة بصدام حسين
أحمد منصور: عايز أَمُر معاك مرور سريع جداً على قضية أقارب صدام وعائلته، وكيف كانوا ينفقوا الأموال وثروات البلد؟ أنت التقيت مع.. بعد هروبه من العراق صهر صدام حسين
صلاح عمر العلي: حسين كامل.
أحمد منصور: حسين كامل التقيت به في.. في عَمَّان، هو الذي طلبك وأنت ذهبت، إيه ماذا كان هدفك من الذهاب؟
صلاح عمر العلي: والله طلبني بإلحاح شديد جداً، وأنا الحقيقة آخر من التقى لحسين كامل، من آخر الناس اللي التقوا فيه، يعني كثير من العراقيين راحوا شافوه بمبادرات شخصية من عندهم، أنا بالحقيقة لا حاولت اتصل فيه ولا غادرت إلى.. إلى عمان، إذا فاجأني بتليفون وألح عليَّ إلحاح شديد جداً أن.. أن أسافر إلى عمان حتى اسمعني إنه أنا يا صلاح الآن مخنوق، استعمل هذه العبارة، وأرجوك تعاونني على ها الموضوع هذا.
أحمد منصور: لماذا.. لماذا أنتِ يعني كان يلح على أن يراك؟
(11/102)
صلاح عمر العلي: لأ هو راح أغلب الشخصيات العراقية المعارضة خاصة، أغلبهم راحوا إلى عمان و التقاهم والتقوا به وحكي معهم وإلى آخره، فغادرت تحت هذا الشغل، إنه لابد أن يكون إذن شيء ما، خليني أروح، ورحت إلى عمان والتقيته، التقيته عدة مرات وتحدثنا عدة مرات، وكان عنده أفكار ومشاريع، وبده يعمل حركة سياسية، وبده يسوي يعمل برنامج سياسي.
أحمد منصور: كان يملك هذه المقومات، أنت قلت إنه كان شخص شبه أُمِّي؟
صلاح عمر العلي: أنا أقولك إياها، ومازلت أقولك إياها، الرجل راح إلى دار الحق، ولكن الآن..
أحمد منصور: وكان المسؤول عن أهم الوزارات في العراق، وزارة التصنيع الحربي ووزارة الدفاع..
صلاح عمر العلي: ليس هذا فقط..
أحمد منصور: وكان حارس.. ويطلع من حارس يصبح وزير.
صلاح عمر العلي: كان.. هذه.. هذا.. هذا الواقع، هذا اللي حصل، حسين كامل اللي كان هو مجرد حارس مُنح رتبة فريق ركن في الجيش العراقي، وأُعطي أخطر ثلاث وزارات، وزارة الدفاع، التصنيع العسكري والنفط، ليس هذا فحسب إنما أصبح حسين كامل هو يُعين الوزراء وهو يخرجهم من مجلس الوزراء، حسين كامل مُنِحَ سلطة يعني رئيس وزراء، سلطة رئيس وزراء، كان الشخص الثاني آنذاك، بس دعني أتسلسل بالموضوع، حسين كامل أنا زرته وأنا يعني لم يغب عن بالي أنه كان شبه أُمِّي، رغم إن هو فعلاً حاذق وذكي، مو مغفل، واعي، لكنه هو حقيقة شبه أمِّي، التقيت فيه عدة مرات في عمان وتحدثت وَّياه، وكان طبعاً يتحدث عن يعني عن.. عن إمكانيات متوفرة بإيده للإطاحة بصدام حسين، طبعاً كان معه أخوه، وكان معه ابن عمه اسمه عز الدين محمد، كان ضابط في الحرس الجمهوري، وسبق أن اعتُقل على يد صدام حسين، هو ابن عم صدام حسين، اعتقل على يده، وهرب من العراق، ومازال حي لم يُقتل لأنه لم يوافق على العودة إلى العراق.
أحمد منصور: على العودة.
(11/103)
صلاح عمر العلي: ومازال حي، وهذا ابن عم صدام حسين، طيب حسين كامل في عمان كما ادعى هو إنه طرحت عليه مشاريع مريبة.
أحمد منصور: مِنْ مَنْ؟
صلاح عمر العلي: من الأميركان ومن الأردن كما ادعى هو، أنا الحقيقة ما أعرف..
أحمد منصور: ما هي هذه المشاريع؟
صلاح عمر العلي: إنه كان أكو مشروع تقسيم العراق فإذا تبنيتها يا حسين إحنا نمنحك فرصة جداً وندعمك ونوصلك إلى بغداد، فهو كما ادعى أيضاً إنه رفض.. رفض قاطع.
أحمد منصور: أيه شكل التقسيم؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: ما هو شكل التقسيم؟
صلاح عمر العلي: إنه دولة في الجنوب ودولة في الوسط ودولة في الشمال.
أحمد منصور: ثلاث أقسام.
صلاح عمر العلي: هذا هو ما سمعته منه.
أحمد منصور: دولة كردية، سنية، شيعية.
صلاح عمر العلي: وأصر هو قال لي أنا هذا الموضوع أنا مستعد يسحقني صدام حسين بدبابة على أن أقبل هذا الموضوع، هذا ما سمعت من عنده حقيقة..
أحمد منصور: وكان يعتقد يعني.. واهماً إنه ممكن يزيح صدام وممكن يحقق..
صلاح عمر العلي: هو بأيه باني قناعته أستاذ أحمد؟ باني قناعته على الشكل التالي، إنه هو مؤسس الحرس الجمهوري، هو المؤسس للحرس الجمهوري، هو اللي بناه كما كان يذكر لي إنه...
أحمد منصور: مؤسس الحرس الجمهوري حارس أمِّي يعني يؤسس جيش دولة؟
صلاح عمر العلي: هذا أنا أروي لك اللي حصل.. أنا يعني..
أحمد منصور: حقيقة هو مؤسس الحرس الجمهوري.
صلاح عمر العلي: هو نعم هو المؤسس، قال لي أنا هادول الناس، جبتهم..
أحمد منصور: عشان كده الحرس الجمهوري راح في ساعتين.
(11/104)
صلاح عمر العلي: صحيح، قال لي أنا هادول جبتهم جندي جندي، وضابط ضابط، ودربتهم وربيتهم على أيدي، وهادول أغلبهم من أقاربي، فقال لي أنا هادول بأيدي يا صلاح، الشيء الآخر كان يعتقد إنه كان عندنا قاعدة جوية قريبة من الحدود الأردنية، قال لي أنا هذه القاعدة يعني بمجرد أن تتوفر عندي إمكانيات محدودة أحتل القاعدة، صدام حسين شو راح يكون رد الفعل تبعه؟ راح يحرك عليَّ الحرس الجمهوري، الحرس الجمهوري -كما يدعي- أنه راح ينضم إليَّ، وبالحرس الجمهوري أنا راح أسقِّط صدام حسين، هذه كانت النظرية تبعه، المهم تأزمت أموره بين.. يعني أوضاعه تأزمت مع الأردنيين..
أحمد منصور: الأردنيين.
صلاح عمر العلي: بالتدريج.. بالتدريج حتى وصل إلى حد أنه حوصر ويعني آخر شيء.. آخر شيء كان أحد الصحفيين ناشر عنه خبر معين بالجريدة، وفهَّمه أن هذا الخبر ملفق أو شيء من هذا النوع، فغضب شال التليفون، شتم وهدد الصحفي، فراح الصحفي أقام دعوة على حسين كامل، وصلت الأمور إذن إلى حالة من التأزم، طبعاً حاول أن يلقي مكان آخر غير الأردن.
أحمد منصور: ضاقت به الأرض بما...
(11/105)
صلاح عمر العلي: نعم، حاول أن يلقي مكان آخر يلجأ إله، ما وجد، أبلغ الأردنيين بأنه ما راح أغادر، جا جواب أنه بإمكانك تغادر لوحدك، أما.. أما بنات صدام حسين فهم ضيوفنا، ولن نسمح لك بمرافق.. بأخذهم، فوجد الأبواب كلها موصدة، فأصيب بجو من الهستيريا ومن يعني العصبية، وهو الرجل منحدر من أعلى موقع في السلطة بعد رئيس الجمهورية تأزمت أموره، تداخلت كثير من الأشياء بنفس الوقت أيضاً، صدام حسين لم ينقطع من محاولته باصطياد حسين كامل، كل أسبوع أو أسبوعين يبعت له واحد، أنه هذا بلدك وهاي المسألة بسيطة، وإحنا نعالجها وإحنا كذا ونعفى عنك، فما وجد طريق، وأنا سمعت آخر شيء من عنده، قال لي والله لأرجع للعراق يا صلاح حتى لو حط صدام حسين رأسي تحت صُرف الدبابة، أشرف لي من أتقبل هذا الوضع، ولا أستجيب لهذه الضغوط، هذا الحديث سمعته من عنده، هل هو صادق؟ هل هو غير صادق؟ لأن نشرت القصص كثيرة عن حسين كامل أنه أعطى معلومات وأوشى بأخبار وكذا وكذا لـCIA، لإسرائيل، للأردن، أنا الحقيقة لا أستطيع أؤكد ولا أنفي، لكن ما سمعته هو هذا، قال لي أنا لن أغادر العراق حتى أتحول إلى عبء وعار لأولادي ولا.. ولدولتي.
أحمد منصور: صحيح صدام قتل أبناءه من البنات.. من بناته.
صلاح عمر العلي: لأ أولاده ما قتلوا، لأ أولاد حسين كامل لم يقتلهم، قتلوا أولاد وزوجة عز الدين محمد اللي هو الآن خارج العراق ومعارض..
أحمد منصور: كان متزوج بنت صدام، كان متزوج من ابنة صدام.
صلاح عمر العلي: نعم.. عز الدين؟
أحمد منصور: آه..
صلاح عمر العلي: لا متزوج أخت حسين كامل، للأمانة.
أحمد منصور: أيه سبب أزمة حسين كامل، صحيح كانت مع عدي؟
صلاح عمر العلي: هو على ما يبدو بدأت مع عدي وتطورت المسألة، تطورت إلى أن أخذت يعني دور خطير جداً، فهرب من العراق هو وإخوانه الاثنين..
أحمد منصور: باختصار نفوذ عدي في الدولة وصل إلى أي مدى؟
(11/106)
صلاح عمر العلي: عدي رئيس دولة داخل العراق، رئيس دولة، عنده سجون، عنده محاكم، عنده إذاعات، عنده تليفزيونات، عنده صحافة، عدي فعلاً يعني إذا جاز إلنا استعمال هذا المصطلح هو رئيس دولة داخل العراق، يعني الدولة في العراق كانت أكتر من دولة، دولة صدام، دولة عدي، دولة قصي، دولة المخابرات، دولة الأمن، عدة دول مجموعة في إطار الدولة العراقية، فهو رئيس دولة، ميزانية عنده ثروة هائلة جداً، عنده جيش، عنده ميليشيا ها فدائيي صدام، عنده أشكال من..
أحمد منصور: باختصار شديد الكل يتساءل كيف سقط النظام العراقي بهذا الشكل المريع وبغداد على وجه التحديد؟ وأنت لك علاقاتك، وطوال الفترة الماضية تحدثنا كثيراً في هذا الموضوع، في دقائق معدودة، هل يمكن تقول لنا كيف سقط النظام البعثي في العراق بعد 35 عاماً من حكم العراق؟
صلاح عمر العلي: والله يا أستاذ أحمد خليني أقول لك فيه شيء يهمني أن أسمعك إياه بنصف دقيقة، يعني على الرغم من بشاعة النظام وشراسة صدام وعدوانيته، واستغلاله هو وعدد كبير من أفراد أسرته، لكن الحقيقة للأمانة أقول أنه جزء من أفراد أسرته ومن عشيرته من أنبل الناس وأطيبهم ولم يتورطوا بأي شيء، وبقوا عايشين كما يعيش الآخرين، هذه للأمانة أسجلها يعني، بما أني يعني مطلوب من عندي أكون شاهد على العصر، صدام حسين كل العراقيين -ومن بين هؤلاء العراقيين صلاح عمر العلي- متوقعين أنه يسقط بسهولة وبيسر، ولم ننخدع بهذا الأمر إطلاقاً، كنا نتوقع أن يعني أن تشهد الحرب مقاومة شعبية، مقاومة وطنية ليس دفاعاً عن النظام، يعني دفاعاً عن.. عن.. عن وطن، عن قيم، عن حرية، عن بلد، لكن لم تخطأ هذه الصورة، ولا النقاش فيها أن النظام جميع العراقيين كانوا مراهنين سيسقط من اللحظة الأولى، هذا هو ما حصل.
(11/107)
وأقول لك كانت أمانينا أن يسقط النظام على يد أبناء العراق، ليس على.. بالطريقة اللي حصلت، لكي ينتقم العراقيين من هذا الشرس، من هذا العدواني، هذا الطاغية اللي أُطلق عليه اسم طاغية العصر، وأنا أُطلق عليه اسم طاغية العصور وليس العصر، والله لو جمعت كل طغاة التاريخ والله لن يصلحوا إلاَّ يكونوا تلاميذ عند صدام حسين، هذا هو صدام، حقيقة صدام حسين، كنا نتمنى أن يسقط على يد العراقيين، لكن للأسف جرت الأمور بما جرت.
تقييم صلاح عمر العلي لتجربة حكم البعث للعراق
أحمد منصور: ما هو تقييمك لتجربة حكم البعث للعراق من 16.. 30 يوليو/تموز 68 إلى 9 أبريل 2003؟
صلاح عمر العلي: يعني التأريخ حكم عليها يعني أنا غير قادر أن أقدم حكم أكثر مما حصل، التجربة فشلت فشل ذريع، واندحرت اندحار كبير، لكن هذا الاندحار حقيقة حصل على يد صدام حسين قبل أن تحصل على يد الآخرين، اللي أفشل تجربة الحزب، واللي دمَّر تجربة الحزب، واللي يعني دمَّر آمال الناس وتأريخ هؤلاء الناس وآمالهم ونضالهم وتضحياتهم، والـ.. السجون والمعتقلات والخوف، من العهد الملكي إلى أن تسلَّط صدام حسين أسقطها صدام حسين بهذه الطريقة الدراماتيكية، بهذه الطريقة المأساوية، هذا ما حصل.
أحمد منصور: لكن صدام حسين كما وصفه عفلق كان هبة السماء إلى البعث وإلى الأمة العربية.
صلاح عمر العلي: أنا أعطيتك رأيي فيه. نعم.. نعم..
مستقبل حزب البعث في العراق
أحمد منصور: في الختام ما هي رؤيتك لمستقبل حزب البعث في العراق؟
صلاح عمر العلي: يعني دعني أقول لك الآتي وأكرر من جديد أنا لغاية الآن أنا ما عندي علاقة منذ.. منذ.. منذ 32 عام.
أحمد منصور: هل لازال هناك مجال للبعث في العراق؟
صلاح عمر العلي: أنا أعتقد أستاذ أحمد حزب البعث كباقي الأحزاب التأريخية في العراق، جذوره أصبحت عميقة في المجتمع العراقي، خصوصاً أنه 35 سنة.
أحمد منصور: من المنتفعين.
(11/108)
صلاح عمر العلي: خلينا، 35 سنة أستاذ أحمد، كافة الأحزاب الأخرى..
أحمد منصور: من الإرهاب، من الظلم.
صلاح عمر العلي: خليني بس.. خليني بس أقول لك، طلعت خارج العراق، البعثيين إذا استطاعوا.. إذا استطاعوا -أنا ما أعرف هذا- أن يتخلصوا من كافة المسيئين في هذا الحزب وهم طبقة كبيرة حقيقةً، كبيرة، إذا استطاعوا أن يتخلصوا من عندهم ويزيحوهم هذا أولاً، إذا استطاعوا أن يندمجوا بالمجتمع العراقي من جديد، إذا استطاعوا أن يعيدوا النظر بكل برامجهم ومناهجهم الفكرية والسياسية وتبني الأفكار المعاصرة الآن الحديثة بمعنى تبني المطالب اللي يتمناها كل المواطنين في العالم، الديمقراطية، التعددية، احترام الرأي الآخر، احترام حق الاختلاف..
أحمد منصور: أنت عايز ناس آخرين غير البعثيين؟
صلاح عمر العلي: نعم؟
أحمد منصور: تريدهم أناس آخرين غير البعثيين؟
صلاح عمر العلي: لأ هم موجودين حقيقة، وهم..
أحمد منصور: هو البعث آمن في لحظة واحدة بالآخر.
صلاح عمر العلي: هم.. أستاذ أحمد هم موجودين وهم غالبيتهم خارج التنظيم الآن، لكن أقول لك إذا استطاعوا أن ينجزوا هذا الأمر مع.. مع تمنياتي أن يكونوا جريئين وشجعان أمام شعبهم، ويعترفوا.. يعترفوا بالخطأ، ويعتذروا من شعبهم، هذا مطلوب حقيقةً، يعتذروا رغم أنهم ضحايا صدام حسين، لكن لكي.. لكي يثبتوا صدقهم وأمانتهم أمام شعب.. شعبهم، أنا أعتقد في هذه الحالة ستكون أمامهم فرصة، وأنا أتمنى أن تطبق..
أحمد منصور: فرصة لأي شيء، الناس هِبْل علشان يقبلوا بحكمهم مرة أخرى؟
صلاح عمر العلي: سيدي.. لو سمحت يا أستاذي.. يا أستاذي خليني لو سمحت لو.. أتمنى على الذين سيتولون السلطة أن يستفيدوا من تجربة الاتحاد السوفيتي وكيف سقطت وسمحوا للحزب الشيوعي بمعاودة نشاطه رغم أنه ارتكب آلاف المرات على ما ارتكب البعثيين في العراق، مع ذلك سمحوا للحزب الشيوعي أن يمارس دوره بعد أن تخلص من..
(11/109)
أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أنك لازلت بعثياً؟
صلاح عمر العلي: لا أستاذي، أنا قلت لك أنا الآن من عام 70 ما إلي علاقة، لكن أنا إنسان عراقي وإنسان يهمني وضع العراق ومستقبل العراق وشعب العراق، ولا أتمنى أنه يدخل العراق أيضاً في دوامة صراعات جديدة وانتقامات جديدة، يمنح الفرصة للشعب هو يقرر، هذا الحزب إذا كان فاشل أو مخطئ أو مجرم يعطون الشعب حقه في أن يحكم على هذه التجربة.
أحمد منصور: في ختام هذه الشهادة ما هي رؤيتك لمستقبل العراق تحت الاحتلال الأميركي؟
صلاح عمر العلي: والله أنا أعتقد هذا الشعب المعروف بتأريخه وتراثه وعنفوانه وقوته أنا على ثقة مطلقة بأنه سوف لن يقبل بالاحتلال، وسوف يتخلص من الاحتلال بأقرب فرصة ممكنة، وسيعيد بناءه من جديد، وأنا ملء الثقة بأن العراق أو شعب العراق سيعيد بناءه الحضاري، وسيثبت وجوده في الساحتين العربية والدولية، وأمامه آفاق المستقبل -إن شاء الله- مشرقة وعظيمة.
أحمد منصور: أستاذ صلاح عمر العلي، أشكرك شكراً جزيلاً على تحمُّلك لي أولاً، وعلى هذه الشهادة التي قدَّمتها للناس حول تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ومسيرته منذ دخوله في العام 1949 وحتى نهايته في العام 2003.
صلاح عمر العلي: أنا أشكرك جداً، وأشكر (الجزيرة) على إتاحة هذه الفرصة، وأتمنى لكم النجاح باستمرار.
أحمد منصور: شكراً لك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/110)
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق(11/111)
الثلاثاء 14/12/1422هـ الموافق 26/2/2002م(آخر تحديث) الساعة 10:48(مكة المكرمة), 7:48(غرينتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق - الحلقة 1
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
03/09/2001
- نشأته وتعليمه وتأثير ذلك عليه
- التحاقه بالثانوية العسكرية
- تأثير البريطانيين على الحكم في العراق
- ثورة رشيد علي الكيلاني أسبابها وفشلها
- العمل السياسي السري وتأثيره على عارف عبد الرزاق
- دراسته للطيران وسفره إلى لندن
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: شاهدنا على العصر في هذه الحلقة والحلقات القادمة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
ولد عارف عبد الرزاق في قرية (كبيسة) إحدى قرى لواء الرمادي في الناحية الغربية بين سوريا والعراق عام 1921م.
فقد أبوه وعمره 10 سنوات، إلا أنه أكمل دراسته، حيث التحق في دار العلوم ببغداد وأنهى دراسته المتوسطة عام 1939م.
التحق في نفس العام بالثانوية العسكرية وتخرج منها برتبة ملازم عام 1943م.
التحق بعد ذلك بالقوات الجوية، وأوفد في أكتوبر عام 43 لدراسة الطيران في بريطانيا، وتخرج طياراً متقدماً في مارس عام 1945م.
عاد في أبريل من نفس العام إلى بغداد، وأصبح ضابطاً طياراً في القوات الجوية العراقية.
شارك للمرة الأولى كطيار قاصف في إخماد تمرد الأكراد بقيادة المُلاّ مصطفى البرزاني عامي 45 و47، كما شارك في حرب العام 1948 كطيار مقاتل ضمن الجيوش العربية ضد إسرائيل.
وفي العام 49 أصبح طياراً للعائلة المالكة في العراق وحتى العام 51، م عاد مرة أخرى في سبتمبر عام 53 كمرافق وطيار للملك فيصل الثاني وولي عهده الأمير عبد الإله، مما مكنه من الاقتراب من العائلة المالكة التي حكمت العراق بين عامي 1921م وحتى العام 1958م.(11/112)
انتمى للتيار القومي العربي عام 56، وشارك في الانقلاب الذي أنهى النظام الملكي في العراق، وأعلن النظام الجمهوري وقاده عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف في الرابع عشر من يوليو /تموز عام 58.
أصبح بعد ذلك من المعادين لحكم عبد الكريم قاسم وشارك في محاولة الانقلاب التي قام بها العقيد عبد الوهاب الشواف ضد عبد الكريم قاسم في مارس عام 59، وقبض عليه، وقضى أكثر من ثلاثة أشهر في السجن، ثم أفرج عنه وأعاده عبد الكريم قاسم مرة أخرى إلى القوات الجوية، غير أنه سعى مع الكثيرين للتخلص من قاسم بعد ذلك، حتى نجح البعثيون في انقلابهم عليه بمشاركة القوميين في الثامن من فبراير عام 63. عين عارف بعد ذلك قائداً للقوات الجوية العراقية، غير أنه سرعان ما قدم استقالته بعد عشرين يومياً بسبب الفوضى والصراعات بين الضباط الانقلابيين، لاسيما القوميين منهم والبعثيين.
عين في حكومة طاهر يحيى وزيراً للزراعة من العشرين من نوفمبر عام 63 إلى الخامس عشر من ديسمبر من نفس العام حيث أعيد قائداً للقوات الجوية، وبقي في مصبه إلى الرابع من سبتمبر عام 65حيث عينه عبد السلام عارف رئيساً لوزراء العراق ووزيراً للدفاع حتى يحول بينه وبين محاولات انقلابية كان يسعى للقيام بها ضد عبد السلام عارف، غير أن ذلك لم يمنعه من السعي مباشرة لتنفيذ محاولاته الانقلابية بعد تعيينه رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع.
وفور سفر عبد السلام عارف إلى المغرب قام عارف عبد الرزاق بمحاولته الانقلابية التي كان مطمئناً إلى نجاحها بنسبة 100% باعتباره رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع في نفس الوقت، إلا أن محاولته فشلت، وفر بطائرة إلى مصر في الرابع عشر من سبتمبر عام 65.
(11/113)
بقي في مصر إلى الرابع من يونيو عام 66 حيث رتب مع عبد الناصر القيام بانقلاب ضد حكم عبد الرحمن عارف الذي خلف عبد السلام عارف بعد مقتل الأخير في حادث طائرة، وعاد عارف عبد الرزاق سراً إلى العراق، ثم قام بمحاولته الانقلابية الثانية في الثلاثين من يونيو عام 66، إلا أنها فشلت كذلك، وقبض عليه وأودع السجن دون محاكمة حتى أفرج عنه عبد الرحمن عارف في الحادي والثلاثين من مايو عام 67. تطوع بعد ذلك في قيادة القوات الجوية حيث وافق عبد الرحمن عارف على اشتراكه كقائد للقوات الجوية العراقية في جبهة الحرب العربية التي شكلت ضد إسرائيل تحت قيادة الفريق عبد المنعم رياض، والتي كان مقرها في الأردن.
عاد عارف عبد الرزاق إلى بغداد بعد هزيمة العام 67، وشكل مع آخرين حزباً قومياً سرياً يرتبط بالتنظيم الطليعي الناصري في مصر، غير أن انقلاب البعثيين في السابع عشر من يوليو /تموز عام 68 أطاح بآماله وآمال القوميين العرب في العراق.
قبض عليه في الرابع والعشرين من أكتوبر عام 68، وبعد أربعة أشهر قضاها في السجن أضرب عن الطعام، فأفرج عنه في الحادي والثلاثين من يناير عام 69 شريطة أن يغادر العراق ولا يقيم بها، فلجأ إلى مصر في التاسع عشر من فبراير عام 69، تعرض بعد ذلك لمحاولة اغتيال فاشلة في القاهرة في السادس والعشرين من فبراير عام 72. لازال يعيش لاجئاً بين مصر وبريطانيا منذ خروجه من العراق في فبراير عام 1969م.
سيد عارف مرحباً بك.
عارف عبد الرازق: أهلاً وسهلاً بك.
نشأته وتعليمه وتأثير ذلك عليه
أحمد منصور: أريد أن أبدأ معك من قرية "كبيسة" إحدى قرى لواء الرمادي الذي يقع في الناحية الغربية بين سوريا والعراق حيث ولدت عام 1921م. كيف نشأتك الأولى ومؤثرات هذه البيئة عليك؟
(11/114)
عارف عبد الرزاق: أنا ولدت –كما قلت- في سنة 1921م في شهر 10 سنة 1921م، ونشأت مثل ما ينشأ أهل أي قرية، كان قرية.. كبيسة قرية عربية بدائية يعني مفيهاش أي صور الحياة الحديثة، كان له.. يكون في بساتين القرية اللي هي عبارة عن نخيل، وفي.. أنا الولد الأصغر في العائلة، المولود الأصغر في العائلة، سبقوني 4 أولاد وبنت، فأنا كنت يعني تحت رعاية الآخرين. في سنة 1927م دخلت كتاتيب القرية.. كتاتيب القرية، وسنة 1928م انتقلت إلى المدرسة الابتدائية، كان مدرسة أولية من 3 صفوف، وبعد نجاحي من السنة الثالثة إلى الرابع عدت مرة ثانية وثالثة لأن لا توجد سنة رابعة، بعدين فتحوا لنا السنة الرابعة والخامسة، وفي سنة 35 كان اشتد عودنا وكبرنا فجينا كملنا الابتدائية سنة سادسة في (هيت)، كنا 7 طلاب من قريتنا جينا كملنا الدراسة هناك، بعد نجاحي من الابتدائية رحت لبغداد فدخلت دار العلوم كان فيها متوسطة، وفيها سنة رابعة وخامسة علوم عربية ودينية.
أحمد منصور: سنة كام تذكر؟
عارف عبد الرزاق: سنة 36، في نفس السنة تخرجت من الابتدائية يعني السنة الدراسية بتكمل اللي وراها، فالسنة دي دخلت.. بقيت فيها سنتان.. سنتين، نجحت إلى الثالث.. إعدادي، وتغير نظام هذا، صارت كلها عربية دينية، وأخذت شهادة نقل، ورجعت إلى الرمادي كملت المتوسطة في الرمادي.
أحمد منصور: في هذه الفترة من 1921 إلى 1936م، إلى 39 حيث أنهيت الشهادة الثانوية هل..
عارف عبد الرازق [مقاطعاً]: لأ 39 دي المتوسطة.
أحمد منصور: نهاية المتوسطة، هل هناك مؤثرات فكرية أو ثقافية معينة أثرت عليك في هذه المرحلة؟
(11/115)
عارف عبد الرازق: الحقيقة في داخل.. في السنين يعني بعد، سنة 36 لما.. وزارة ياسين الهاشمي أثارت.. حدثت ثورة في فلسطين بطلها أمين الحسيني، وهناك كثير من الناس اللي بعد فشل الثورة احتضنها العراق وساعدهم ببعض المساعدات الأولانية، الأولية يعني بعض الجنود وبعض الأسلحة الخفيفة بدون مراقبة الإنجليز، كان الإنجليز كانوا يمنعوها، بدأ التطور القومي يعني بالـ 36 ومجيء الملك غازي وإذاعته الخارجية والدعوة إلى العروبة والعربية، فحدث فكر وطني وقومي بنفس الوقت، لكن على نطاق يعني.. يعني أذكر سنة الـ 37 صار إعطاء ½4 كيلو متر من شط العرب إلى إيران فكانت اللي هاج المدارس كلها في بغداد، وكان نصيح: "كل نائب يمضي نقص إيده.. نقص إيده". لكن مع الأسف مضوا ولم يقصوا إيد.. إيد أحد.
أحمد منصور: طبعاً العراق كانت في ذلك الوقت تحت الحكم الملكي، البريطانيين جاءوا بفيصل بن الحسين عام 1921م.
عارف عبد الرازق: 21.
أحمد منصور: ونصبوه ملكاً على العراق بعدما فشل في إقامة مملكته في دمشق.
عارف عبد الرازق: صح.
أحمد منصور: نفس العام الذي ولدت فيه 1921م.
عارف عبد الرازق: 1921م.
أحمد منصور: هو نفس العام الذي أسست فيه الملكية في العراق، واستمر فيصل الأول إلى 1933م.
عارف عبد الرازق: 33.
أحمد منصور: حيث جاء بعده الملك غازي من 33 إلى 39.
عارف عبد الرازق: 39.
أحمد منصور: في 39 التحقت أنت بـ.
عارف عبد الرازق: الثانوية العسكرية.
أحمد منصور: الثانوية العسكرية.
عارف عبد الرازق: 15/10/39.
أحمد منصور: 39، نفس العام الذي قامت فيه الحرب العالمية...
عارف عبد الرازق: قبلها بسبتمبر.
أحمد منصور: الثانية.
عارف عبد الرازق: قبلها بشهر.. بعدها بشهر.
(11/116)
أحمد منصور: الملك غازي قتل في 4 أبريل 39، وهناك علامات استفهام تدور حول مقتله من أن البريطانيين هم الذين وقفوا وراء مقتله بسبب موقفه التي لم تكن مؤيدة كثيراً للبريطانيين. هل لديك معلومات في تلك المرحلة حول مقتل الملك غازي؟
عارف عبد الرازق: الأقاويل كثيرة حول الموضوع، أنا كنت في المتوسطة في الرمادي وقتها، وجينا إلى بغداد.. حضرنا إلى بغداد ورحنا تفرجنا على السيارة المضروبة، كان هو عنده قصر صغير يروح.. خلى به إذاعة محطة إذاعة، وكان يرافقه أحد السواق معه، وكان هو اللي يسوق في ليلة 3 على 4 أبريل 39، وأنا شوفت العمود اللي ضرب السيارة، لكن هل هو قاتله.. قاتله صدفة، يعني كلها أقاويل، لكن رأيي الشخصي أنه كانت السياقة سريعة، وكان عمود كهرباء انضرب بها، أنا عندي ثقة..
أحمد منصور: لكن هو قيل إن العمود كان ممغنط.
عارف عبد الرازق: قضاء وقدر، أنا رأيي الشخصي إنه قضاء وقدر.
أحمد منصور: كان ممغنط وهو الذي اجتذب السيارة إليه.
عارف عبد الرازق: لا لم يكن ممغنط، لم يكن ممغنط ولم يكن أي شيء، كان عمود كهرباء عادي.
التحاقه بالثانوية العسكرية
أحمد منصور: إيه اللي دفعك أن تفكر في الالتحاق بالثانوية العسكرية؟
(11/117)
عارف عبد الرازق: بعد تخرجي من الإعدادية كان.. كان لسه يعني الدراسة في العراق على بدايتها بعد العهد التركي، فكان هناك إما.. 3 ثانويات في العراق، ثانوية في بغداد اسمها "ثانوية مركزية"، وثانوية في الموصل، وثانوية في البصرة، وكان هناك كليتين: كلية الحقوق والكلية الطبية وكان البقية كلها عبارة عن مدارس، دار المعلمين، مدرسة الهندسة، كلها مدارس، دار المعلمين، مدرسة الهندسة، كلها مدارس، فكان أمامي إما أخش مدرسة الهندسة أو الثانوية المركزية، أو.. وكان طبعاً أغرانا الثانوية المركزية وكان بداية، (تشريعة) جديدة، فكانت.. أنا كنت من الدفعة الثانية، كان فكرة.. فكروا أنه على غرار الحكومة الألمانية يعني يسووا مدارس.. طلاب صغار ياخدوهم يعلموهم، يدرسون وبنفس الوقت حصلوا.. يتعلموا تعليم عسكري، كنا نتعلم تعليم عسكري وبنفس الوقت تعليم ثانوية فابتدأت التجربة هادي لأربع سنوات وبعدين صار بها سقوط كثير.. رسوب كثير، فألغوها، ورجعوا إلى الكلية العسكرية مباشرة. فكنت دخلنا من ضمن 150 واحد، كان الدفعة الأولى قبلنا كان 150 وإحنا 150 طالب..
أحمد منصور: كلكم من أبناء متوسطي الحال أو من الناس العاديين.
عارف عبد الرازق: متوسطي، لأ من مختلف ما.. مفيش شروط، بس كان هناك شرط 4 أو 5 من كل لواء، من كل محافظة.
أحمد منصور: آه كتوزيع جغرافي.
عارف عبد الرازق: كتوزيع جغرافي عدا بغداد والموصل والبصرة بأنه سكانها أكثر كان عدد الطلاب المنتسبين منها أكثر.
أحمد منصور: طبعاً الناس أو المجموعات التي التحقت بالثانوية العسكرية والكلية العسكرية في ذلك الوقت تحديداً بعد سنة 34، هم الذين لعبوا دوراً في الحياة السياسية في العراق بعد ذلك، لاسيما بعد انتهاء الملكية في العام 58.
(11/118)
عارف عبد الرزاق: لا، اللي لعبوا العسكر في السياسة اعتباراً من بكر صدقي، بكر صدقي في حركة (الآشوريين) سنة 1932م تعين قائد هو لإخماد هذه الثورة، فنجح فيها، وأعطته فرصة الزهو والاستعلاء. في سنة 1936م كان ياسين الهاشمي رئيس وزراء، وطلب منه غازي.. أوعز له غازي بأن يستقيل لظروف، ... هذا، فرفض ياسين الهاشمي، كان.. الدستور العراقي اللي كان ينص لا يجوز للملك إقامة الوزراء.
أحمد منصور: يعني كانت ملكية دستورية كما هنا في بريطانيا.
عارف عبد الرازق: ملكية دستورية.
أحمد منصور: يعني البريطانيين أسسوا الملكية في العراق على غرارها.
عارف عبد الرازق: لا تعتبر وزارة، لا تعتبر وزارة مستقيلة إلا.. إذا استقال ثلث أعضائها، فاستعان ببكر صدقي ومحمد علي جواد كان قائد القوات الجوية، فضربوا مقر رئاسة الوزراء في العراق محمد علي جواد بـ 7 قنابل، فعلى أثرها ياسين الهاشمي غادر.. ترك العراق، واستقالت وزارته، وشكلت حكومة "حكمت سليمان" اللي تعارف على ياسين الهاشمي.. على بكر صدقي سنة 32 لما كان هو وزير.. كان وزير الداخلية.. حكمت سليمان.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: واتجه الحكم.. إلى حكم وطني بإيقاظ التيار القومي.
أحمد منصور: طبعاً دي كانت فترة توتر شديدة في العراق وتغيير كبير في الوزارات، يعني الملك غازي حكم من سنة 33 إلى 39 وتحديداً من 8 أيلول /سبتمبر 33 إلى 4 أبريل /نيسان 1939م.
عارف عبد الرزاق: 39.
أحمد منصور: 6 سنوات فقط تغيرت فيها 9 وزارات، الملك فيصل الأول حكم من 21 إلى 33، يعني حكم 12 سنة شكلت فيها 15 وزارة من 23 أغسطس 21 إلى 18 سبتمبر 33، البريطانيين هنا كيف كانوا يديروا الأمور وهم الذين أنشؤوا الملكية في العراق؟
عارف عبد الرزاق: العراق دخل بعد سنة 1917م احتل العراق من قبل الإنجليز بدل الأتراك الجنرال.. بقيادة الجنرال (مود).
أحمد منصور: مع نهاية الحرب العالمية الأولى، نعم.
(11/119)
عارف عبد الرزاق: الجنرال (مود)، وحكموا بالحكم المباشر، الحماية والمندوب السامي، حدثت ثورة بالعراق سنة 1920م فأججت الشعور الوطني ... العراق.. البريطانيين شافوا أنه من الأصلح إيجاد حكومة عربية، فشكلت حكومة وطنية عربية بقيادة عبد الرحمن النقيب وبعدين على.. فشل.. طرد فيصل من الشام من قبل الجنرال (غورو) حسب التقسيم اللي كان سري بين.. بين الإنجليز والفرنسيين.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: فذهب إلى عصبة الأمم بمساعدة لورانس (Of Arabia) وقف جانبهم بعد وصولهم، وبعض الضباط الأتراك اللي هربوا من الحكومة التركية والتحقوا بالشريف حسين اللي هو الثورة أعلن الثورة على.
أحمد منصور: نعم، الثورة العربية الكبرى.
عارف عبد الرازق: سنة 1916م، والملك فيصل كان أحد.. أبناء عند كل واحد قيادة معينة، فكان فيصل هي القيادة الكبيرة واكبت الجنرال (اللنبي) اللي فتح فلسطين الجناح الأيمن منه، واحتل الشام قبل ما يوصل الإنجليز فرؤي أن يكون الملك فيصل بأنه بتخطيط عند الملك حسين إن يكون عبد الله هو ملك العراق وفيصل ملك الشام.
أحمد منصور: عبد الله الذي أصبح ملك للأردن.
عارف عبد الرزاق: أصبح كان أمير في الأردن وأصبح ملك من سنة 46.
أحمد منصور: 46 نعم.
عارف عبد الرزاق: وتوج فيصل في 1921م في أغسطس سنة 1921م، وحكم إلى أن توفى في سويسرا في سنة 1933م.
أحمد منصور: أنا أقصد.. أنا أقصد هنا البريطانيين.
(11/120)
عارف عبد الرزاق: اللي حكم العراق في ها الفترة هادي هم ضباط الأتراك اللي هربوا مع فيصل، وهم شكل: نوري السعيد، وجعفر العسكري وسيناج (موتارجم)، أكثرهم ضباط نفس العجينة بقايا خُمرة العجينة من.. من الجيش التركي، الجيش التركي في ذاك الوقت كان العراقيين في الجيش التركي كانوا إما عرب سنة أو أكراد أوتركمان، الشيعة ما كان يرغبون يخشون بالجهات العسكرية التركية، فكانوا يهربوا من.. من العسكرية ويتجهوا إلى مدارس دينية، وهناك من أسقط جنسيته.. إلى أخذ جنسية ثانية من إيران.
الكلية العسكرية تأسست سنة 1924م، أول خريجيها سنة 1927م.
تأثير البريطانيين على الحكم في العراق
أحمد منصور: أنا هنا أنا هنا بس أريد –يعني- أن.. أن نفهم ويفهم المشاهد آلية نظام الحكم في العراق في ظل البريطانيين، البريطانيين جاؤوا أو أسسوا مملكة في العراق أداروا من خلالها سيطرتهم على العراق.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح.
أحمد منصور: كيف كانوا.. كيف كانوا يسيطرون على الأمور أو يديرونها من وراء الكواليس؟
عارف عبد الرزاق: كان (بيرسي كوكسي) الممثل الأولاني اللي كان هو.
أحمد منصور [مقاطعاً]: المندوب السامي البريطاني.
(11/121)
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: المندوب السامي البريطاني كان.. فبعد مجيء الملك فيصل كان يستشار في تشكيل الوزارة أو يفرض قسم من عنده أو يفرض في شروط معينة، وهناك استشاريين في أكثر الوزارات من الإنجليز بدأت هذه الحالة حتى 1930م، (سنة) المعاهدة العراقية سنة 1930م يعني تبدأ قبول العراق سنة 1932م في عصبة الأمم، طبعاً هاي الفترة واكبتها كثير من العراقيل، يعني مثلاً سنة 1923م الشركات.. تشرف النفط في العراق سنة 1923م الإنجليز شركات النفط كانت تريد إلى مدة 100 سنة، المفاوض العراقي رفض إنه 100 سنة، فترة طويلة، فاضطروا أن يثيروا تركيا للمطالبة في الموصل باعتبار يوم 30 تشرين 1918م الإنجليز لم يدخلوا الموصل، لأنها تحت الحكم التركي، فطبعاً العراق ما كان عضو بعصبة الأمم فكان المدافع عن العراق هم الإنجليز، فبقت.. جابوا لجنة حدودية وساروا السكان من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو باعتبار حتى لا نغرق في الأمور التاريخية.
عارف عبد الرزاق: فكان الضغط عليهم، بعدين أظن وافقوا على شركات النفط سنة 1923م لمدة 90 سنة.
أحمد منصور: في سنة 39 حينما التحقت أنت.. بالكلية العسكرية وفي نفس الوقت قتل الملك غازي كان ابنه فيصل الثاني عمره أربع سنوات فقط.
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: لكنه ولي ملكاً على أن يكون خاله عبد الإله بن علي هو الوصي على العرش، وظل عبد الإله واصيا على العرش إلى العام 53 حينما بلغ فيصل الثاني السن القانونية التي جعلته يتوج ملكاً، هل في فترة 39 إلى 43 حيث تخرجت أنت من الكلية.
عارف عبد الرزاق: من الإعدادية.
أحمد منصور: من العسكرية.
عارف عبد الرزاق: لأ، 39 هذه المتوسطة.
أحمد منصور: من 39.
عارف عبد الرزاق: دخلت الثانوية العسكرية 39.
أحمد منصور: من 39 إلى 43 تخرجت من الثانوية العسكرية برتبة ملازم ثاني.
عارف عبد الرزاق: خمس سنين نعم.. نعم.
(11/122)
أحمد منصور: في هذه الفترة هل كان هناك أي تأثير أو توجه سياسي عليك، لا سيما وأنك ذكرت إنه المدرسين الفلسطينيين الذي أو.. أو الثورة العربية الكبرى في فلسطين التي اندلعت من 36 إلى 39 كان لها تأثير عليك؟
عارف عبد الرزاق: في الثانوية العسكرية أكثر مدرسين مدرسينا كانوا فلسطينيين، أذكر منهم المرحوم واصف كمال، فرحان شبيلات اللي هو والد الأستاذ شبيلات.
أحمد منصور: الليث شبيلات.
عارف عبد الرزاق: الليث شبيلات، عزالدين دروسه، الزهير عزت، الزهير، الزهير عفيفي، ممدوح السخن، كان كلهم يعني.. عبد القادر حسيني -الله يرحمه- بطل "القسطل"، فدول مع العلم أرضعونا حب الأمة العربية، ففعلاً كان هناك توجيه حسب فكرة إنه إيجاد خلايا تنظيمية..
أحمد منصور: فيه زملاء عراقيين لك في.. كانوا معك أيضاً حملوا نفس الفكرة أو تأثروا بنفس التأثر؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً كنا إحنا..
أحمد منصور: مين أبرز الشخصيات؟
عارف عبد الرزاق: أبرزهم، كثير منهم يعني.
أحمد منصور: التي عُرفت بعد ذلك.
[فاصل إعلاني]
عارف عبد الرزاق: يعني حتى يعني قسم من خلايانا راحوا صاروا شيوعيين، أذكر منهم ثابت حبيب، عصيان ديرول، حسين خضر الدوري.
فانتشرت فكرة الخلايا الموجودة يعني في.. بين الدورة الثامنة عشر والدورة التاسعة عشر والدورة العشرين والواحد وعشرين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كان فيه..
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: كان في كل سرية يعني خليتين رئيسية من ست أعضاء.
أحمد منصور: نستطيع أن نقول أن الفترة من 39 إلى 43 والتي قامت فيها حركة رشيد علي الكيلاني في العام 1941م، كانت حركة انتشار للمد القومي في العراق؟
عارف عبد الرزاق: أقول لك بعد.. بعد مقتل بكر صدقي في الموصل سنة 37، أنا أعتقد أنه هو قتل بفعل قومي أو هناك من يشير إلى أنه هناك الإنجليز (أعداء) هناك تبوأ الفكر القومي أربع قواد سموهم "المربع الذهبي".
أحمد منصور: من هم.
(11/123)
عارف عبد الرزاق: اللي هم صلاح الدين الصباغ، وكامل شبيب وفهمي السعيد، ومحمود سلمان. محمود سلمان كان قائد قوات جوية، فهمي السعيد كان آمر القوة الآلية، وصلاح الدين الصباغ كان مدير حركات، وشبيب كان آمر القطاعات الأخرى الموجودة فيها. فحاولوا يتدخلوا في السياسة في تشكيل وزارة جميل المدفع اللي خلفت وزارة حكمت سليمان، وبعدين في تغييرها ولما جه (رشيد عالي)، ابتدت يعني كانت الفكرة يعني كان سنة 41، بداية سنة 41، أنا سامعها من المرحوم عبد الإله نفسه شخصياً.
أحمد منصور: اللي هو الوصي على العراق.
عارف عبد الرزاق: اللي هو الوصي على العراق، كان هو غير لسه بعد، ما داخل بالسياسة كان عمره أقل، يعني أقل من سنتين، فجاؤوا للسفير البريطاني، وقال: إحنا حلفاء لكم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تفتكر سنة كام سمعت ده تحديداً؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: سمعت ده من عبد الإله متى؟
عارف عبد الرزاق: سمعته يعني بالبداية الخمسينات، اشتغلت أنا مرافق واشتغلت طيار مرافقاً لـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنأتي لها بالتفصيل.
عارف عبد الرزاق: ففي إحدى الجلسات حكي لنا إياها قال أنه.. دعي عبد الإله كل السياسيين الموجودين.. هم الفترة اللي أنت قلت لك عليها.. وزراء هي ما جاوزت خمسين واحد، هم كلهم كان تغيير وجوه بنفس..
أحمد منصور: صح، ما أنا ملاحظ، يعني على سبيل المثال.
عارف عبد الرزاق: نوري السعيد.
أحمد منصور: نوري السعيد شكل 19 وزارة!! نعم.
عارف عبد الرزاق: 19 وزارة، هناك مقولة أنه من فيصل لابنه غازي أنه إذا أردت استرضاء العراقيين فأكثر من إسقاط الوزرارات وتجديدها!! فهل هذه حقيقة أو لا؟ أنا أجهل هذا.
أحمد منصور: لأ التاريخ يقول ذلك، يعني إذا كل ست شهور أو سبوع شهور فيه وزارة..
عارف عبد الرزاق: على كل حال..
أحمد منصور: فطبعاً شيء لا.. لا ليس هناك استقرار سياسي.
(11/124)
عارف عبد الرزاق: فدعى كل السياسيين إلى اجتماع، وأخبرهم بما قاله السفير بالضبط، فتطوع العميد كان اللواء.. فريق أول طه الهاشمي وقال: المسألة هينة هنكلم رشيد ونقول له يستقيل بأبلغوا رشيد الكلام، رشيد علي.. رشيد علي التجأ إلى المربع الذهبي، فقولنا: لأ الإنجليز ما يسيطروا علينا.. إحنا نسيطر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: طبعاً رشيد علي الكيلاني كان رئيس للديوان، وطلب منه أن يشكل..
عارف عبد الرزاق: كان رئيس الديوان، وكان وزير الداخلية، وكان رئيس الديوان.
أحمد منصور: آه، طلب منه أن يشكل الحكومة كمخرج من مأزق كان موجود في ذلك الوقت.
عارف عبد الرزاق: في ذلك الوقت.
أحمد منصور: فلما شكل الحكومة طبعاً لم يرضِ الآخرين بسبب مواقفه التي كان يقال أنها كانت يعني غير متواكبة مع البريطانيين.
عارف عبد الرزاق: لأ، هو أول واحد كسر الطوق البريطاني بكر صدقي بكر صدقي كان انبعث.. يعني قائد القوات الجوية إلى إنجلترا لشراء بعض طائرات (جلاديتور) في ذاك الوقت، فكان الإنجليز سياستهم أن لا يملك العراق سلاح موازي أو.. لازم أقل من السلاح الموجود عند بريطانيا.. فكان عارضوه وقالوا: لأ، ما نقدر نعطيكوا، ما عندنا معنا إلا أربع أسراب، فأرسل له برقية أن يتوجه لإيطاليا، يعطيهم مدة ثلاثة أيام وإذا ما استجابوا لطلبه، أن يتوجه لإيطاليا يشتري من إيطاليا، ففعلاً راح توجه إلى إيطاليا، بعدين دار.. دار ولم يُلبَّ الطلب، أتوجه إلى إيطاليا واشترى سربين: سرب قاصفات "استافويا" وسرب مقاتلات (برويدا)، فبعدها الإنجليز جابوا أعطونا سرب (جلاديتور) بعد.. أول شيء، فهو اللي كسر الطوق الحكم السيطرة البريطانية هو بكر صدقي.. ما عندكوا شك فيه.
أحمد منصور: نعم، رشيد علي الكيلاني قام بحركة في 2 إبريل 1941م، واستمرت لمدة شهرين كان أسقطت تاريخياً أو أسقطها بعض المؤرخين من ملك الملك..
(11/125)
عارف عبد الرزاق: لأ، خليني أكمل لك بس.. يعني شوية توضيح عن علي بيه.
أحمد منصور: طيب.
عارف عبد الرزاق: تمنع رشيد علي عن تلبية الطلب استناداً علي قانون الدستور إنه ما يقدر يسوس، فرجع عبد الإله أمر وزراء نوري السعيد والآخرين اللي موجودين معهم أن يستقيلوا، فلعب رشيد علي دور الترقيع سياسة الترقيع، يعني يستقيل وزيرين.
أحمد منصور: يعين.
عارف عبد الرزاق: أو ثلاثة أو أربعة يقدم اثنين مكانهم يرجع.. الثالث أو الرابع.
أحمد منصور: لأن كما قلت أنت الدستور لا يمنح للملك حق الحل ولكن.
عارف عبد الرزاق: إلا استقالة الثلث.. استقالة الثلث بعدين هرب إلى الديوانية، بعد ما امتنع عن قيادة..، امتنع عن إصدار أي مراسيم، وهرب الديوانية كان هناك قائد الفرقة الرابعة إبراهيم الراوي، فكان بعضها أساس يستند على بعض العشائر أن يحموه من.. من بغداد فكانت الفرقة الرابعة فرقة هيكلية ما فيهاش قوات كافية معينة، فاعتذر له طه هاشمي.. إبراهيم الراوي، وبعدين ذهب له طه الهاشمي بترضية بعد اللي ترضية.. مع رشيد علي ومع القوات الأربعة إنه البلد إلى أن.. يصير إلى..، فأقنعه بالمجيء ووعده أن يكون هو راح يشكل الحكومة هو، وأنه سيسعى لنقل هادول القواد عن بغداد أو إحالتهم على التقاعد، فشكل فعلاً.. رجع، وتشكلت الحكومة لطه الهاشمي بس ما طالبت أكثر من شهر ونص قريب من شهر ونص، وصارت الاستقالة، لأنه طه الهاشمي لم يستطع نقل هذه القواد إلى.. إلى مواقع خارج بغداد. حسب..، فهنا في يوم من الأيام بعد صدام معين ذهبوا إلى اعتقال الوصي الأمير عبد الله، لكنه هو حس بالخبر واتجه بسيارة معينة إلى عمته الأميرة صالحة في شارع أبو نواس في بغداد، ومن هناك راح إلى السفارة الأميركية، ومن السفارة الأميركية ركب مع سيارة السفير وزوجته وغطوه بالورد، وذهب إلى "الحبانية"، بعض القطاعات كات على الطريق بنفتش تفتيش.
(11/126)
أحمد منصور: الحبانية كان فيها القاعدة البريطانية.
عارف عبد الرزاق: كان قاعدتين بريطانية، بعد.. بعد المعاهدة البريطانية سنة 36 احتفاظ الإنجليز بقاعدتين واحدة في الشعيبة، وواحدة في الحبانية، "الشعيبة" في البصرة بالجنوب، بالحبانية. ومن هناك يتحرك إلى البصرة، حاول القيام بعملية من البصرة، لكن البصرة أيضاً المصرف، لم يستطع، كان صالح جابر، وكان التيار القومي غلب الشعور الملكي موجود فيها، فعاش في.. في (دراجرز) حفارة من الحفارات في شط العرب، وكان بعض الضباط يرسلوا مراقبة يشوفوه بإمكانه يطلع عليهم ويشوفهم، منهم محمود وطاهر سيد فهمي كان.. بعدين فشل أعيد إلى الحبانية، أعيد إلى القدس إلى فلسطين. ويقول: أسوأ حالة في أيامها أنه لما المندوب السامي في فلسطين قال له: راح نرضخ للأمر الواقع وأنت انتخب أي بلد تعيش بيها.
أحمد منصور: يعني حتى لا نغرق في تفصيلات التاريخ العراقي ونحن في البرنامج نقتصر مع الشهود على ما عاشوه هم أو ما شاركوا فيه من صناعة أحداث. أنا بس أريد أن أمر مروراً سريعاً حتى نصل إلى بداية دورك الأساسي في صناعة الأحداث في العراق. هنا قام رشيد علي الكيلاني، أنتقل سريعاً إلى ما قام به في 2 أبريل 1941 من..
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: 2 نيسان، 2 مايو.
أحمد منصور: أبريل.. نيسان، إلى 1 يونيو استمر شهرين.
عارف عبد الرزاق: من 2 أبريل الحرب صارت 2 مايو.
أحمد منصور: نعم إلى 1 يونيو انتهى كل شيء ورجع الوصي على العرش.
عارف عبد الرزاق: إلى 30 يونيو.
ثورة رشيد علي الكيلاني أسبابها وفشلها
أحمد منصور: والملك.. الملك مرة أخرى فترة الشهرين ما هي الأسباب التي رفعت إلى قيام الثورة، والأسباب التي أدت إلى فشلها، وانعكاساتها عليكم أنتم كطلبة تدرسون في مدارس عسكرية؟
(11/127)
عارف عبد الرزاق: تنفيذاً للاتفاقية البريطانية – العراقية العراق يسمح بمرور قطاعات إنجليزية في حالة حرب، فلبوا الطلب وكان عندهم تمنع كان (كورنو) تعين سفير في العراق وما تقدم أوراق اعتماده، فوافقوا على إرسال قطاعات في.. في الجنوب في البصرة، واعتبروا أن مرور القطاعات فسروها قانونياً أنه المدة لا تتجاوز ثلاثة أيام أو أربعة أيام، ولكن القطاعات بقت مستمرة بها وطلبوا انزال قطاعات أخرى، فالعراق هنا أعتقد السياسة ما لعبت دور صحيح، يعني كان هم اللي ماشيين القواد الأربعة شوية سياسة.. كان إنجلترا (...) عبد الإله أو نوري السعيد أو غيره، المهم صالحها، لكن مع الأسف كان الغرور على القيادة الأربعة أكثر من موقعها، لأن أنت لو تناقش يعني العراق ما كان عاجز.. كان عاجز أن يقاوموا القوات الموجودة، فإذا سمح (بزيادتها).. ففيه تخوف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لم يكن يعني.. يعني حتى الجيش لم يكن يملك سلاح ولم يكن يملك معدات تؤهله إنه هو أن يقوم.
عارف عبد الرزاق: السلاح.. السلاح اللي قاتلنا به سنة 41 وقاتلنا سنة 43 في وقاتلنا سنة 48 به هو سلاح بكر صدقي سنة 36.
أحمد منصور: نعم، لم يكن هناك تسليح بعد ذلك؟
عارف عبد الرزاق: لا بعد الـ 41 رفض الإنجليز كل.. إعطاء كل شيء حتى سربين الطائرات اللي.. كان 7 أسراب عراقية السربين الإيطاليين كسروها.
أحمد منصور: هل ثورة أو حركة رشيد علي الكيلاني كانت وطنية عروبية قومية خالصة؟
عارف عبد الرزاق: آه طبعاً ماكو شك بها، ماكو شك بها، لكن كان علي.. نابيلون يقول: أنه السوط والسياسة أختان تؤمان، فيمشون اتنينهم مع بعض أو تساند واحدة الثانية، واحدة نبعد عن الثانية، خطأ.
أحمد منصور: إيه الأسباب التي أدت إلى فشل حركة رشيد علي الكيلاني بعد شهرين فقط من قيامها؟
(11/128)
عارف عبد الرزاق: يعني القطاعات اللي راحت إلى الحبانية كانت قطاعات تهديدية غير واقعة، يعني حتى ما.. ما حفروا خنادق بها، وبعدين المدرعات البريطانية كانت ضد الرصاص بينما الدرع.. المدرعات العراقية كان الرصاص الإنجليزي ينفد منها.
أحمد منصور: لم تكن مصفحة يعني..
عارف عبد الرزاق: وبعدين كان الجندي العراقي ما.. ما معلم على الطائرات وخاف الطائرات، فلما نشوف الطائرات طائرة كان يعتقد أنه هي تشوفه، ما دام هو يشوفها لازم هي تشوفه، فكان يهرب من.. قداحي المدفعية كانوا يهربون من مواقعهم بها، وبعدين القوة الجوية لعبت دور، وبعدين القطاعات الدونية بقيادة.. بقيادة مستر (جلوب) تقدمت هناك مع القطاعات الآشوريين الموجودة اللي هم يسموهم (...) كان، ومع هذا بعض القادة آمر يعني لواء سعيد يحيى في الرمادي دي عمل.. وحصر نفسه بالرمادي وحصر نفسه بالرمادي وكنا ندافع عن الرمادي نفسه..، وكان مفروض تتقدم على الحبانية، العقيد سعيد سقارية في الفالوجة أسر وهو يلبس بيجامة.. فمع الأسف يعني تخاذل بعض الضباط والقيادات.
أحمد منصور: هرب رشيد علي الكيلاني.
عارف عبد الرزاق: هرب رشيد علي وتعين.
أحمد منصور: وهرب بعض الضباط معه، وقبض على عشرات من الضباط الآخرين.
عارف عبد الرزاق: كثير.
أحمد منصور: وأعدموا.
عارف عبد الرزاق: لأ، أعدم القليل أعدم.
أحمد منصور: أعدم البعض وسجن آخرون، أثر ذلك عليكم أنتم أيه؟
عارف عبد الرزاق: لم نكن نشارك بها، أحد الجراح اللي في نفوس الضابط العراقي هي 41 ماكو شك فيها خسارته ضد الـ 41، وبعدين الحقد عند الأمير عبد الإله، يعني بعد إعدام صلاح الدين الصباغ بعد سنتين سنة 45، علقه على باب وزارة الدفاع نهار كامل، فقسم من الضباط كان يدي له التحية وهو معلق!! يعني..
أحمد منصور: حصلت فجوة بين عبد الإله كوصي على العرش والعيلة الحاكمة، وبين الشعب في ذلك الوقت؟
(11/129)
عارف عبد الرزاق: في ذاك الوقت بسبب هذه.. بسبب..
أحمد منصور: طيب.
عارف عبد الرزاق: أولاً: الرجوع على يوم 30 مارس على.. قطاعات بريطانيا ودخولها إلى بغداد كان بيها نوع من التحدي للشعب العراقي ماكو شك بيها والإذلال إله فكان.. يعني عطت نفس كراهية له وللإنجليز، بعدين اللي مثل ما قلت أنت كل الشباب القومي أكثرهم إما في.. السجون أو في معتقلات.
أحمد منصور: نعم، أدت حركة رشيد علي الكيلاني التي قامت في إبريل 41 إلى تأجيج الروح القومية العروبية الوطنية لدى العراقيين، وبدأت تتشكل منذ ذلك الوقت بعض الحركات السرية العسكرية على وجه الخصوص. في.. المدرسة الثانوية العسكرية حيث كنت تدرس في ذلك الوقت، هل قامت أي حركات سرية عسكرية؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هي الحقيقة هي التاريخ.. الحركات السرية كانت قبل.. قبل 41، بعد البطش اللي صار بـ 42 و43 حتى تلاميذ.. فتشونا.. واحنا مرات سألوا من يحفظ قصيدة ضد الإنجليز أو شيء آخر، وطردت بعض التلاميذ بهذا السبب، فتجمد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: النشاط السري.
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: النشاط السياسي السري، كان واحد من السوريين معنا عصام مراود، كان واحد من الأسماء الموجودة بها..
أحمد منصور: لكن فيه تنظيم اكتشف واعتقل قادته في السنة 43. هل كان لك علاقة بهذا التنظيم؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟ نعم.. نعم؟
أحمد منصور: هناك تنظيم عسكري سري اكتشف سنة 43، هل كان لك علاقة به؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو بقايا بعض البقايا من التنظيمات الأولانية استمرت، استمرت إلى الـ45.
أحمد منصور: كنت في ذلك الوقت تنتمي لتنظيم؟
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا كنت في 43 تركت.. رحت إنجلترا.
أحمد منصور: قبل أن تذهب إلى إنجلترا في تلك الفترة.
عارف عبد الرزاق: تجمدت بعد 42 و43 تجمد كل النشاط.
أحمد منصور: جمدت لكن..
عارف عبد الرزاق: البعض كان.
أحمد منصور: أنت كان لك انتماء؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
(11/130)
أحمد منصور: لم تكن تنتمي..
عارف عبد الرزاق: يعني كان هناك تحدي بالـ43 اكتشفت بعض الخلايا في كلية الحقوق، وسجن بعض الضباط، حوالي 9 ضباط من الدورة السابقة قبلنا وسجن بعض طلاب كلية الحقوق أذكر بينهم محمد..، عبد الستار عادل حسين ماهر.. شاكر ماهر، وممدوح السخن، فبروح التحدي رحنا بملابسي العسكري أنا وعيسى شاوي رحنا زرناهم بالسجن، يعني ما.. كان الخوف بعيد على قلوبنا.
أحمد منصور: لكن أنا لاحظت يعني.. آمل أن تكون ملاحظتي دقيقة في مذكراتك المخطوطة، والتي أشكرك أن منحتني نسخة منها، والتي لم تنشر، وأعتقد أن لم يطلع عليها كثير من الناس.
عارف عبد الرزاق: لسه.. لسه.
أحمد منصور: نعم، في هذه المذكرات أشرت إلى أن كان لك تجربة في تلك المرحلة مع تنظيم ما أثر على حياتك السياسية.
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا كنت عضو بيه.
أحمد منصور: أت كنت عضو فيه؟
عارف عبد الرزاق: كنت عضو فيه.
أحمد منصور: ما أنا أسألك أقول لك: أنت كنت تنتمي.
عارف عبد الرزاق: أنا كنت.. 41، 42.. 39، 40، 41.
أحمد منصور: كنت عضو في هذا التنظيم.
عارف كنت عضو فيه.
العمل السياسي السري وتأثيره على عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: ما تأثير العمل التنظيمي المبكر السري عليك في تلك المرحلة؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو اللي كان العراق هو تقريباً بعد مصر هو البلد الوحيد المستقل من البلاد العربية والسعودية، فكنا (نتلظى) للشعب السوري والشعب اللبناني والفلسطيني أو الليبي، فكان أكو شعور إيقاظ عربي، ماكو شك بها غاية منها في إيقاظ عربي، إيقاظ وعي عربي، هو كان.. كنت ندفع خمسين فلس لإدامة النثريات يعني كان.. يعني.. يعني مقبول يعني جهد..
أحمد منصور: ده كان شعور بالمشاركة.
عارف عبد الرزاق: جهودنا.. جهودنا.. جهودنا كان متواضع مو كان كتير بعد رجوعي بالـ 45.
أحمد منصور: أنا لسه الآن 39، تخرجت 43.
عارف عبد الرزاق: 43.
دراسته للطيران وسفره إلى لندن
(11/131)
أحمد منصور: اخترت دراسة الطيران، لم اخترت دراسة الطيران؟
عارف عبد الرزاق: والله، ليش اخترت دراسة الطيران، يعني أولاً أثر.. طائرات البريطانية بالقصف علينا أثناء الحرب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الحرب العالمية الثانية التي كانت مشتعلة في ذلك الوقت.
عارف عبد الرزاق: لأ، الحرب مش العالية، ما هو مش العالية [العالمية]، حرب الـ 41.
أحمد منصور: حرب الـ 41.. أثناء فترة.
عارف عبد الرزاق: حرب الـ 41، الطائرات الإنجليزية إحنا كنا بالثانوية العسكري بجنب معسكر القوة الجوية، فكنا الخنادق ما راح تجري على الخنادق، لسه بعدنا تلاميذ جدد، حفروا لنا ساقية وقعدنا بالخنادق بيجامات أحمر وأصفر والغارة جات من الصبح، فكانت 5 طائرات.. تقصف علينا..، فكان –يعني- شعور إنه ها دول الغلبة ها دول الطيارين، يعني فكان عندي شعور إنه ليش ما أصير مثلهم؟ يعني بس ما كانش شعور طاغي، يعني لو ما وصلت ما كانش مهم، لكن بعد أن طرت في الطيارة، لأ، لو كنت ما نجحت في الطيران كنت يمكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ذلك طبعاً حينما أصبحت طيار وقائد للقوات الجوية في العراق بعد ذلك كان واضح أنك تعشق الطيران.
عارف عبد الرزاق: ماكو شك.. ماكو شك بيها.
أحمد منصور: يعني حتى من يعني خلال الجلسات المطولة التي قضيناها على مدار عام، أو من خلال اطلاعي على مذاكرتك، أو من خلال ما كتبه الآخرون عنك وعن ما قمت به، واضح إن الطيران كان عشق بالنسبة لك، وشيء حياتي.
عارف عبد الرزاق: ما كو شك ما كو شك بيها.
أحمد منصور: وبشكل يومي كنت لابد أن تطير.
عارف عبد الرزاق: ماكو شك بيها.
أحمد منصور: ولذلك أنا هناك أسألك عن أسباب اختيارك للطيران، مغرم وإنما كان..
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: الفكرة يعني جت تتولد في من.. من الطائرات البريطانية اللي كانت ترمينا يعني.
أحمد منصور: ابتعثت إلى بريطانيا لدراسة الطيران في سنة 43.
عارف عبد الرزاق: 43.
(11/132)
أحمد منصور: كل من تقدم للطيران –يعني- أخذوه؟
عارف عبد الرزاق: لأ، إحنا بدورتنا اللي تخرجو من دورتنا، طلبوا.. فحصوا متبرعين أول مرة، فتبرع أكثر من خمسين.. أربعين، خمسين واحد.
أحمد منصور: البريطانيين اللي اختاروكم؟
عارف عبد الرزاق: لا..لا، كان فيه واحد معلم بريطاني ومعاه في المحلق.. بعد الـ 41 ألحقوا بالقوة الجوية معلم بريطاني.
أحمد منصور: طبعاً.
عارف عبد الرزاق: يعني دخلوا في شؤوننا العسكرية كلها.
أحمد منصور: بالضبط ما أنا هنا أسأل، لأن كانت الحرب العالمية الأولى.. الثانية لازالت قائمة، وكانت العراق متحالفة مع بريطانيا.
عارف عبد الرزاق: يعد الـ 41 الإنجليز دخلوا في كل مضامين الحياة مرة تانية.
أحمد منصور: لما أخذوكوا البريطانيين ليعلموكم الطيران حتى تكونوا جزء من الدفاع عن بريطانيا ومصالحها في المنطقة؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هي الموضع كان موضوع سياسي.. أكثر من..، كان إنجلترا تريد استرضاء المنطقة، فأخذت من تركيا عدة دورات، وأخذت من إيران دفعة، وأخذت من عندنا دفعة سنة 43.
أحمد منصور: كام واحد كنتم؟
عارف عبد الرزاق: إحنا رحنا ستة.
أحمد منصور: تذكر منهم مين؟
عارف عبد الرزاق: أذكر منهم عبد اللطيف محمود، عبد المجيد عبد الرزاق، قاسم محمد قاسم، إبراهيم إسماعيل وناجي جميل، وأنا، أنا كنت الظابط.. الظابط الأقدم فيهم، يعني لما تخرجت من الكلية العسكرية تخرجت الثامن على الدورة. وجينا دخلنا. وصلنا في إنجلترا –إذا بتريد..- يوم 24 أكتوبر سنة 1943م، وبقينا بها إلى.
أحمد منصور: أنا في مذكراتك ناقلها 26 نوفمبر 43؟
عارف عبد الرزاق: 26، لندن 24، 24 (جلاسكو) 24 جلاسكو.
أحمد منصور: أنت درست في جلاسكو؟
عارف عبد الرزاق: لأ، إحنا وصلنا جلاسكو..
أحمد منصور: يعني قمتم بالباخرة في.
عارف عبد الرزاق: بالباخرة حلاسكو، لأن.. كان بالقطار، فوصلنا لندن يوم 26، صح.
(11/133)
أحمد منصور: التقيت مع الوصي على العرش حينما وصلت إلى.. عبد الإله؟
عارف عبد الرزاق: بالضبط، كان هو جاي في زيارة.
أحمد منصور: أول مرة كنت تراه؟
عارف عبد الرزاق: لأ، كنا شفته بالتخرج مالنا، كان حضر التخرج مالنا، بس كان بعيد ما شفته من قريب.
أحمد منصور: لكن أول مرة تجلس معه بشكل مباشر؟
عارف عبد الرزاق: أول مرة نتكلم معه من قريب ونتعدى معه كان سنة 43.
أحمد منصور: ما هي انطباعاتك في تلك المرحلة في الوقت..
عارف عبد الرزاق: ما.. ما.. تقريباً لا توجد انطباع يعني.
أحمد منصور: يعني مثلاً الوصي على العرش أنت قلت إخماده لثورة رشيد علي الكيلاني وغيرها ولَّد لدي العراقيين شعور بالكراهية..
عارف عبد الرزاق: ماكو أشك بها.
أحمد منصور: أنت في دارستك.
عارف عبد الرزاق: أنا جاي.. إحنا جايين طلاب سنة للتدريب، ما كان عندنا.. يعني لو لو جبيناه أو كرهناه ما.. ما.. ما فايدة، فليقنا يعني لم لم يؤثر علي لا سلباً ولا إيجاباً.
أحمد منصور: هل شعرت أنك جئت إلى بريطانيا لتدرس الطيران لتدافع عن بريطانيا ومصالحها في المنطقة؟
عارف عبد الرزاق: لأ، طبعاً يعني هذه بعيدة كل البعد عني، أنا جيت أدافع عن العراق لا أدافع عن بريطانيا.
أحمد منصور: إيه تأثير..
عارف عبد الرزاق: بعدين إحنا مو.. البريطانيين اللي بعتونا، العراقيين بعثونا.
أحمد منصور: بعثوكم بناء على منحة قدمها البريطانيون.
عارف عبد الرزاق: منحة قدمها البريطانيون آه بس ما قدموها للعراقيين فقط، قدموها للي كان هناك..
أحمد منصور: بغض النظر إحنا بنحاول فهم ما يدور ونترك للمشاهد عملية الفهم والتأثير بعد ذلك. تأثير حياتك في بريطانيا إيه، وأنت أقمت تدرس الطيران من نوفمبر 43 إلى مارس 45؟
(11/134)
عارف عبد الرزاق: بالضبط، يعني خدونا السنة الثلاث أشهر الأولى دخلنا دروس نظرية فقط كانو يسموها International Training Wing (I.T.W) وبعدين رحنا إلى (ويفرهمتن) بشهر 3 سنة الـ 44 إلى شهر 6 سنة 44، تعلمنا على الطيران ابتدائي (E.F.T.S)Elementary Flying Training School ومن هناك رحنا إلى (كرمويل) طرنا هناك حوالي 200 ساعة كل واحد، 6 شهور، بقى كده 17/1 اتخرجنا.
أحمد منصور: تفتكر أول مرة أقلعت بطيارة؟
عارف عبد الرزاق: آه طبعاً أول مرة أقلعت بطيارة في العراق لنص ساعة.
أحمد منصور: قبل أن تذهب إلى..
عارف عبد الرزاق: قبل.. قبلها بأيام قليلة، لنص ساعة بس نشوف يعني.
أحمد منصور: كان شعورك إيه حينما أقلعت بالطائرة؟
عارف عبد الرزاق: والله ما كانش شعور يعني، كنا طيارة صغيرة وطيرنا بيها يعني شعور خليط من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا بأسألك لأن الطيارين دائماً يقال أنهم ناس بعيدون عن حياة الناس، دائماً يحلقون بعيداً، وكل اهتمامهم بالأزرار.. وبـ..
عارف عبد الرزاق: من قال؟ من قال هذا؟!
أحمد منصور: سنأتي إلى التفصيلات في شهادتك.
عارف عبد الرزاق: لأ، على كل حال كلام.. كلام بعيد عن الحقيقة.
أحمد منصور: سنأتي إلى التفصيلات في شهادتك بعد ذلك. أنهيت دراستك في بريطانيا في مارس 45.
عارف عبد الرزاق: 45.
أحمد منصور: وعدت في 14 إبريل.
عارف عبد الرزاق: لأ، أنهيتها في 17/1/45، لكن..
أحمد منصور: التخرج.
عارف عبد الرزاق: الدورة التقدمية مو كان ما أروح أعملها علىSpot Fire Fighter قائد القوات الجوية كان مر إلى بريطانيا، وخلانا نتدرب على طيارات قاصفة، فالـ Advanced Flying Training School ،Advance يعني بعد خدنا (...) مفروض نساوي كل واحد أربعين ساعة عليها على (Plane-M) فعملنا أربعين ساعة، وبعدين اتخرجنا واستعدينا للعودة إلى العراق.
(11/135)
أحمد منصور: قبل أن تعود إلى العراق، بقاؤك في بريطانيا سنتين للدراسة، ما هي الأشياء الأساسية التي تركتها كآثار عليك؟
عارف عبد الرزاق: والله النظام كان..
أحمد منصور: كان ليها تأثير كبير هذه الأشياء في حياتك.. بعد ذلك؟
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: ماكو شك فيها، يعني كان اللي.. كان إنجلترا في حرب، وكانت الدنيا في الليل Black Out ، والناس.. لكن النظام كان سائد الإنجليزي كان واثق من.. من قيامه بالحرب، كان عدم اهتمام، عدم الخوف، كل هذه العوامل أثرت علينا ماكو شك بيها.
يعني ما كان الناس خايفة من الحرب إنه بحرب، يعني كانت في حياتها ماشية عادية، بعض.. بعض مع بعض.. التقتير لبعض المقتنيات للأكل والسجائر والمشروب والأشياء الأخرى.
أحمد منصور: عدت إلى العراق في 14 إبرايل 1945م، التحقت بالقوات الجوية، شاركت في العام 45 وفي العام 47 في قمع حركة الأكراد التي قام بها الملا مصطفى البرزاني.
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: كطيار مقاتل.
عارف عبد الرزاق: لأ، كطيار قاصف.
أحمد منصور: كطيار قاصف. أنتميت إلى بعض التنظيمات السرية في ذلك الوقت، وشاركت مشاركة كطيار قاصف ومقاتل في حرب العام 48.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من قصفك مناطق الأكراد..
عارف عبد الرزاق: بس تصحيح عن.. أنا ما ما دخلت يعني بالـ 45 دخلت فرجت على خلايا بعض الخلايا مالتي بالـ 45.. يعني كزائر.. مو كشخص عامل، وبعدين ما انتميت إلا بالـ 56.
أحمد منصور: سنأتي إلى التفصيلات في الحلقة القادمة.
عارف عبد الرزاق: بس تصحيح عند هذه الجوانب.
أحمد منصور: نبدأ من قصفك لمناطق الأكرد في 45، 47، ثم مشاركتك في حرب العام 48، أشكرك شكراً جزيلاً.
عارف عبد الرزاق: العفو.
(11/136)
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق) في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم..
عارف عبد الرزاق: وتحياتي.
أحمد منصور: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/137)
الحلقة2(11/138)
الثلاثاء 14/12/1422هـ الموافق 26/2/2002م(آخر تحديث) الساعة 09:28(مكة المكرمة), 6:28(غرينتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 2
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
10/09/2001
- مشاركة عارف عبد الرزاق في قصف مواقع الأكراد
- مشاركته في حرب 48 ودور القوات العراقية فيها
- أسباب الهزيمة العربية في 48
- العلاقة بين سوريا والعراق في هذه الفترة
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
سيد عارف ، مرحباً بيك .
عارف عبد الرزاق : أهلاً وسهلاً بك .
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند مرحلة هامة في حياتك وفي تاريخ العراق أيضاً وهي إنهاء دراستك للطيران في بريطانيا وعودتك العراق في العام 1945م ، هل لاحظت تغيراً في الحياة السياسية في العراق قبل سفرك في العام 43 أو بعد عودتك في العام 45؟
عارف عبد الرزاق: الحياة السياسية مشت على نفس الروتين نفس الأشخاص، نفس الأشياء الأخرى، لكن الحاجات الجديدة اللي صارت كان هناك بعثة بريطانية في .. في القوة الجوية العراقية.. في الجيش العراقي، وكان دخلت بريطانيا في تقليص الجيش العراقي من 4 فرق إلى فرقتين.
أحمد منصور: إيه الدوافع التي دفعتها إلى ذلك؟
عارف عبد الرزاق: تخوفهم من بقايا تخوفهم من حركة 41، وبعدين دخلوا في كل مضامير الحياة في البنوك، في الأعمال الخارجية، في التمويل، في كل ما هنالك.. كل.. في كل وزارة كان هناك مستشار أو قائم.. منفذ فعلي للجيش البريطاني، بقت هذا الحال إلى سنة 48 ، 48 سحبوا القوات البريطانية من هناك حتى لا يقال أن هم ساعدوا العراق في حرب 48 ضد إسرائيل.
(11/139)
مشاركة عارف عبد الرزاق في قصف مواقع الأكراد
أحمد منصور: قبل أن نصل إلى 48، في العام 45 وفي العام 47 حصل تمرد أو تمردين متعاقبين للأكراد في العراق، وقضية الأكراد من القضايا الشائكة ومن القضايا القديمة، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتمرد فيها الملا مصطفى البرزاني على نظام الحكم في العراق، هنا أنت شاركت كطيار قاصف لمواقع الأكراد.
عارف عبد الرزاق: أنا بعد رجوعي وأنا في إنجلترا تعينت أنا ضابط طيار في السرب .. في الرف الثاني في السرب الأول، وكان آمري المرحوم محمود أيوب، وفي بعد بقائنا بأقل من .. خدت إجازة لمدة شهر ثم عدت، وبعد شهر حدث عصيان في الملا مصطفى، عصيان الملاّ .. عصيان الملا مصطفى لم يكن وليد ذلك اليوم، إحداث فتنة في داخل العراق أحدث .. أحد أسس التفرقة بين سكان العراق ، هناك الشيخ محمود ابتدا في تمرد سنة 1928م في السليمانية، وكان الجيش العراقي ذاك الوقت يعتمد على المتطوعين لم يكن التجنيد إجباري ملزم في العراق ، التجنيد الإجباري دخل في العراق سنة 35، 34 سُنِّن و35 دخل، السوق الأول، كان البريطانيين هم اللي ساعدوا على سحق الـ.. لكن كانوا لهم غايات تانية، يعني يثيروا فتنة من هنا و..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني البريطانيين كانوا وراء إثارة هذه الفتن؟
عارف عبد الرزاق: أنا يعني هناك دلائل كثيرة على هذه الفتنة، يعني حتى في سنة.. في خلال الحرب العالمية الثانية كان هناك نادي يعملوه للأكراد في داخل بغداد، وكان هُمَّ اللي يمولوه واللي أشرفوا على تنظيمه وإنشاء..
(11/140)
وبعدين الملا مصطفى أظن صار سنة 33، و35 و43، 43 كثير من ضباط الجيش العراقي الأكرد التحقوا بيها، وبعدين صفيت سياسياً، وأعيد الضباط اللي هربوا إلى القطاعات إلى.. الملا مصطفى إلى نفس وظائفهم السابقة، إلى أن حصل في الـ 45، بالـ 45 الخبير البريطاني قال إنه الجيش العراقي عاجز عن إخماد هذه الثورة، لكن صار رئيس أركان الجيش العراقي -كان صالح صائب- على إمكانية إخمادها من قَبِل الجيش العراقي، فتحرك رتلين، رتل من (عقرة) باتجاه (برزان)، والرتل الثاني من (بافستيان) من (خليفان بافسيتان) إلى (مازنا) إلى (مرق سوريا) (مرق سور) (مازنا) العفو، كان.. كانت القوة الجوية كان السرب السابع والسرب الأول..
أحمد منصور: إيه كان وضع القوة الجوية للعراق هنا، والعراق كان مهتم بقيام أو بعمل قوة جوية قوية من البداية؟
عارف عبد الرزاق: لأ هو بعد بالـ 44 – 45 بعد أن حطموا كثير من الطيارات البريطانية.. الإيطالية.. البريطانية فأعطونا سربين، باعوا لنا سربين (أنسن) من طائرات قديمة كانت مخزنة في شمال أفريقيا في الحرب العالمية الثانية.
أحمد منصور: البريطانيين اللي باعوها؟
عارف عبد الرزاق: البريطانيين اللي أعطونا إياها مقابل يعني بثمن.. بثمن غالي وعالي، مع الأسف بعدين ثبتت إنه ها الطائرة عدم كفاءتها، رغم إنه اشتغلت لفترة طويلة، لأنه إحدى الطائرات تفسخت بإحدى الطيارين بالجو، اتفرشت بيه سنة 48، لأنه كانت مصنوعة من خشب، وكانت مخزونة في شمال أفريقيا، بهذا الحال لمدة طويلة، فكانت غير.. غير صالحة للطيران في كتير..، فأنا كنت أحد الطيارين اللي بالسرب الأول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كم طيارة تقريباً كنتم تملكون في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: 30 طيارة من هذه.. من هذا النوع.
أحمد منصور: كان عدد الطيارين كم في القوة العراقية؟
عارف عبد الرزاق: كان لما رجعت كان حوالي 65 واحد، 65 واحد إلى 70 واحد.
(11/141)
أحمد منصور: فقط أنتم المجموعة الستة الذين درستم في بريطانيا والباقين كلهم درسوا في..
عارف عبد الرزاق: سقط منا 2 وعدنا 4 فقط، رسب.. لم ينجح 2 منا في.. في إنجلترا، وعدنا 4 طيارين فقط.
أحمد منصور: كانت المرة الأولى التي تقوم فيها بعملية قصف حينما قصفت الأكراد في 45؟
عارف عبد الرزاق: لا كنا في الكلية في الرمي تعلمنا الرمي على الأهداف.. قصف على الأهداف.
أحمد منصور: لا أنا بأقصد قصف حقيقي في معركة.
عارف عبد الرزاق: قصف حقيقي لأول مرة في.. في..
أحمد منصور: شعورك إيه وأنت طالع تقصف عراقيين مثلك؟
عارف عبد الرزاق: والله شعور مؤسف وواجب، واجب لازم تنفذه، لكن مؤسف لأنه يعني أنت تضرب قرية معينة ما تعرف شو بيها هل هي فارغة، هل بيها بشر يعني لابد أن يختلجك بعض الشعور بالندم.
أحمد منصور: لم تكونوا تقصفوا قوات وإنما كنتم تقصفون قرى.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا يوجد قوات.. هم كانوا المحاربين يختفون لما يشوفوا الطيارات يختفوا يختفي بين.. بين الأشجار الموجودة بالشمال، فكان القصف على إما لتأمين رأس رتل معين لحماية قدام الرتل، أو لقصف مدن معينة.. قرى معينة.
أحمد منصور: ألم تكن.. ألم تكن هذه العمليات التي يقوم بها الجيش العراقي تحديداً أيضاً مثاراً لاستمرار النزعات الانفصالية لدى الأكراد وزيادة الكراهية بينهم وبين باقي تركيبات السكان العراقيين؟
عارف عبد الرزاق: لأ هو اللي بذيك الحركات ما شارك كل الأكراد، يعني هناك (الزباريين) و(لولا.. أرشيد لولان) وكتير من الناس ما شاركوا في.. في الحرب، فكانت مقتصرة رغم إنه كان هم يمكن متعاهدين مع الملا مصطفى، لكن إما خانوه أو خذلوه ما أعرف شو يعني الكلمة المناسبة للكلام هذا، ما قاموا بعمل في ها الـ..
أحمد منصور: حينما رجعت كانت عملية التنظيمات السرية أيضاً كانت بدأت، هل دعيت للمشاركة في أي تنظيم سري؟
(11/142)
عارف عبد الرزاق: أنا حضرت في سنة 45 بعد رجوعي في أحد الاجتماعات في أحد شوارع.. شوارع.. شارع رشيد كمشاهد وليس كعامل في العملية، بقايا من الجماعات اللي شفتهم هناك موجودين وفيهم مدنيين مرة مشاركين فيها مدنيين، أذكر بهم قاسم المفتي (حاتم) كان موجودا.
أحمد منصور: ما الذي كان يدور في الاجتماعات في ذلك الوقت، أو داخل التنظيمات السرية؟
عارف عبد الرزاق: يعني أنه التنظيم مضمحل لابد من تنشيطه، لابد من، يعني النصائح الموجودة بيها.
أحمد منصور: إيه أهم التوجهات الفكرية التي كانت تحرك التنظيمات السرية في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: ما هو الشعور العربي، الانتماء العربي.
أحمد منصور: الشيوعيين؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: الشيوعيين البعثيين؟
عارف عبد الرزاق: لا الشيوعيين كانوا في طول عمرهم في.. في حزب سري غير معلن، ما حد يعرفه، لكن أنا قلت قسم من.. من دوراتنا السياسية.. من خلايانا بعد أن اضمحلت الاتجاه الثوري ضدهم راحوا لاتجاه الشيوعيين، ذكرت منهم حسين خضر الدوري، وثابت حبيب العاني.
أحمد منصور: أنت لم تفكر في الانضمام إلى الشيوعية؟
عارف عبد الرزاق: أبداً لأ.
أحمد منصور: هل دعوك للانضمام إليهم؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: كانوا يختاروا نوعيات معينة؟
عارف عبد الرزاق: ما أعرف لم.. لم أسبر غورهم مطلقاً.
أحمد منصور: إية هي الحركات الأخرى غير الشيوعيين وغير أنتم القوميين؟
عارف عبد الرزاق: لا كانوا، بالـ 46 أجيزت الأحزاب.
أحمد منصور: في 46 أجيزت الأحزاب وطبعاً كانت مجازة من قبل وكانت تجاز و..
عارف عبد الرزاق: لا لا، هو حزب.. حزب الاستقلال هو حزب الاتجاه القومي، وكانوا كحزب وسط اللي عشعش به الشيوعيين هو حزب الأهالي، وبعدين صار حزب الأمة وحزب الاتحاد الدستوري راسه هو كل من صالح جبر ونوري السعيد.
(11/143)
أحمد منصور: هل استوعبت هذه الأحزاب كل التوجهات السياسية على الساحة العراقية؟
عارف عبد الرزاق: هو حزب الاستقلال استوعب الاتجاه العراقي..
أحمد منصور: القومي.
عارف عبد الرزاق: القومي فقط، نعم.
أحمد منصور: باقي الأحزاب كانت منضمة..؟
عارف عبد الرزاق: باقي الأحزاب كانت انتهازية أكثر من إن هي حقيقية، الاتحاد الدستوري و.. عدا الأهالي، الأهالي لأ..
أحمد منصور: كان لك صلة غير مباشرة بأي حزب من هذه الأحزاب؟
عارف عبد الرزاق: أبداً لأ، لا، كنت.. كنت أقرأ تجاة لواء الاستقلال، كان شعوري الداخلي ميال إلى.. إلى حزب الاستقلال.
أحمد منصور: كان تأثير البريطانيين على القرار العراقي لازال قوي في تلك المرحلة؟
عارف عبد الرزاق: يعني نرجع إلى صفة الأمير عبد الإله، يعني من الناحية الدستورية لأ، لكن الأمير عبد الإله..
أحمد منصور: اللي هو الوصي على العرش.
عارف عبد الرزاق: الوصي على العرش، يخاف من الإنجليز، و ترك الحجاز كما يقول –رحمه الله- بطاقم واحد من ملابسه الداخلية، فكان يبقى عارياً إلى أن يغسلوا له ملابسه الداخلية، فكان يخاف أن يرجع إلى هاذيك الحالة، بعدين نفي جده الملك حسين إلى قبرص ومنع زيارته إلا قليل، فكل العوامل هذه أثرت عليه، أنا شفته سنة 48 بعد أن ذهب في الشتاء إلى (سرسنك) وأنا كنت أحد.. مرابط في السرب الأول في.. في الموصل، ونزل الطيارة.. طيارته اللي تحمله عندنا بالمطار، فشافني سلمت عليه مع.. مع بقية الضباط، وبعد اليوم الثاني والثالث..
أحمد منصور: كانت المرة الأولى التي تراه منذ أن لقيته في بريطانيا؟
عارف عبد الرزاق: لا.. لا شفته في الـ 47 شفته عندنا في لندن..
أحمد منصور: عرفك بشكل شخصي؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: كان يعرفك بشكل شخصي؟
عارف عبد الرزاق: بـ 47 يعرفني بشكل شخصي نعم بـ 47 كنت أشوفه.
أحمد منصور: بشكل دائم؟
(11/144)
عارف عبد الررزاق: 46 شافني أنا (بسبب..) كان يشوفني بشكل دائم.. أنا و مجموعة يعني لما كنا حوالي 20، 30 ضابط، فكان يشوفنا يعني. بالـ 48 بالشتاء قلت لك أول مرة، وأحد الضابط.. جاني أحد الضباط منه قال: سيدنا الأمير يقول: إذا تقدر تيجي لنا يوم.. يومين أهلاً وسهلاً بيك. قلت له أنا ضابط مرتبط بأمر وأسأل الآمر إذا وافق الآمر بآخذ رأيه. فوافق الآمر، وبعدين أنا قلت له: ما أقدر آجي اليوم، لأنه زوجتي تبقى وحدها بالموصل، فأرسلت برقية أو تليفون إلى أم زوجتي جت قعدت معها، ورحت هناك قعدت معهم يومين بالشتا.
أحمد منصور: كانت المرة الأولى التي تختلط فيها بالحاشية القريبة من الوصي على العرش.
عارف عبد الرزاق: لأول مرة.. أول مرة.. أول مرة، فكان البيت بتاعه هو كان عبارة عن مدرسة من (..) من الأشوريين، فواحد اسمه (القاشع) كان هناك قس، وكان عبارة عن غرفة صغيرة ويسكن بها هو وبها صالة للجلوس، وكان إحدى غرف الضباط بأحد صفوف من المدرسة ننام فيها كل 4 أو 5 ضباط في..
أحمد منصور: شعورك إيه لما شوفت الوصي على العرش والحاشية، ويعني كيف تدار الدولة يعني؟ يعني أنت مش رايح تقعد يومين (...).
عارف عبد الرزاق: ما عندي شعور، ما عندي شعور أنا.. أنا جاي شايف بإنجلترا وعايش بإنجلترا سنة ونص.. سنتين فعايش على الديمقراطية وعايش على حرية وعايش على..، فما كنت أهتم كتير.
أحمد منصور: لكن أنت كنت عايش فيها في أمورك الخاصة في حياتك في العراق؟
عارف عبد الرزاق: لأ أنا.. أنا ضابط وأنا عايش من.. من جهدي.. جهدي وبراعتي في الطيران.
أحمد منصور: طيب، الآن أنت يعني رأيت الوصي على العرش، الحاشية حواليه، قعدت معاهم يومين.
عارف عبد الرزاق: أنا بس.. بس، أنا بس أقول كلمة واحدة حتى أستشهد بها على خوفه من البريطانيين.
أحمد منصور: نعم.
(11/145)
عارف عبد الرزاق: بعد كان واحد اسمه جميل عبد الوهاب كان أحد.. كان سفير.. أحد السفراء وكان وزير في وقت ما، وكان هناك بعض الضباط الكتير، ضابط الطيار النقل وكنت أعرفه، وكنت أعرف أحد المرافقين كنت شوفته سنة 47 -الله يرحمه- علي الصانع، فما أعرفش بعد شوية شربوا كم قدح ويسكي فابتدى يبكي زي الطفل زي المرأة..
أحمد منصور: عبد الإله؟
عارف عبد الرزاق: عبد الإله، فاستنتجت أنه لابد هناك من لامه على فعل عدم التصديق على المعاهدة، فكان.. يعني وبعدين اضطرينا نترك ونخليه مع بعض المرافقين ماله.
أحمد منصور: يعني صار يبكي.. كان بيتكلم مع بكائه بيصف شيء؟
عارف عبد الرزاق: أبداً أبداً بس يبكي كالطفل وكالمرأة، يعني ينتحب، يعني لم أر شخص ينتحب..
أحمد منصور: وصل لمرحلة السكر أو كان لسه؟
عارف عبد الرزاق: لا كان في البداية، لا والله كان في البداية..
أحمد منصور: يعني مع أول كاسين عمل كده؟!
عارف عبد الرزاق: يعين بالضبط كده، يعني حتى لا أكون ظلمته أو ظلمت نفسي في هذا..
أحمد منصور: شعورك كان إيه طيب لما شعرت إن ده يعتبر الملك؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت.. كنت يعني.. يعني كلنا قدرنا إن هناك من لامه من الإنجليز على العملية دي، فكان يخاف أن يفصل.. كان يخاف يفصل.
أحمد منصور: من الوصاية على العرش.
عارف عبد الرزاق: الرجل –رحمه الله- كان في تعامله مع حاشيته جنتلمان، كان مسلم، كان يصوم ويصلي في رمضان، كان شعوره عربي ماكو شك فيها، وكان..
أحمد منصور: ويشرب برضو مش مشكلة!!
عارف عبد الرزاق: آه ويشرب كانوا كثير من العراقيين يشربون، كانوا كتير نسبة كبيرة بتشرب، لكن..
(11/146)
أحمد منصور: أنا سآتي إلى هذا بالتفصيل في الوقت الذي أصبحت فيه أنت الطيار والمرافق للعائلة الحاكمة، سنتحدث حول هذه النقطة. ولكن الآن في 29 نوفمبر 1947م صدر قرار تقسيم فلسطين وأصبحت المنطقة على شفا الحرب. العراق كانت محتلة من البريطانيين، أو كانت تحت الوصاية أو الانتداب البريطاني.
عارف عبد الرزاق: يعني محتلة.. محتلة من الداخل، بس اسمياً لأ.
أحمد منصور: تحت الانتداب البريطاني.
عارف عبد الرزاق: لأ مو تحت الانتداب لأ.
أحمد منصور: كان فيه مندوب سامي بريطاني كان لا بيقوم..
عارف عبد الرزاق: لأ.. لا ما كان مندوب سامي، كان سفير، المندوب السامي ألغي سنة 30.
أحمد منصور: ألغي المندوب السامي (لوكس) في سنة 30، لكن كانت..
عارف عبد الرزاق: لكن السفير.. الاسم.. تبدل الاسم.
أحمد منصور: تبدل الاسم، لكن الأمور لم تتغير كثيراً.
عارف عبد الرزاق: (لم تتغير كثيراً).
أحمد منصور: وكان هناك قاعدتين عسكريتيين كبيرتين لبريطانيا، وكان هناك مستشار بريطاني في كل مؤسسة أو وزارة.
عارف عبد الرزاق: مؤسسة..
أحمد منصور: وكان الوصي على العرش –كما ذكرت يعني- موظف لدى البريطانيين ويخشى أن يقيله البريطانيين أو يبعدوه عن موقعه.
عارف عبد الرزاق: كان شعوره.. يعني كان شعوره الخوف منهم.
[فاصل إعلاني]
مشاركته في حرب 48 ودور القوات العراقية فيها
أحمد منصور: الآن أصبح هناك تحرك عربي عام من أجل مواجهة اليهود في محاولتهم اغتصاب فلسطين، لا سيما بعد ما صدر قرار التقسيم في 29 نوفمبر 47. القوات العراقية قامت بدور، وكان الجيش العراقي –كشيء من الإنصاف والتاريخ- كان سباق إلى كل هبة كان يمكن أن تحدث فيما يتعلق بقضية فلسطين، وكان هناك توجه من البداية لكي يكون جيش العراق جيش قوي. أنتم كضباط في الجيش العراقي كطيار أنت كنت آمر سرب في ذلك الوقت، أم ماذا كان وضعك؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت ضابط بالسرب.
(11/147)
أحمد منصور: كنت ضابط بالسرب، شعوركم إيه لما صدر قرار تقسيم فلسطين وأنتم ضباط وقضية فلسطين كانت قضية الكل، وأنت قلت وأنت كنت في المدرسة الثانوية كان معلموك كلهم من الفلسطينيين وتركوا أثر كبير في حياتك؟
عارف عبد الرزاق: دعني أرجع قبيل.. أرجع قليل من قبل هذه..، في.. بعد التقسيم استقالت وزارة صالح جابر بعد (ألغيت) المعاهدة وتشكلت وزارة محمد الصدر، فقرر.. في بداية سنة 48، فصار إضراب طلابي في العراق، فاستجابة لرغبة الجماهير العراقية.. العربية في كل مكان حدث اجتماع سياسي في (بلودان).
أحمد منصور: في سويسرا؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: في بلودان؟
عارف عبد الرزاق: في بلودان في سوريا.
أحمد منصور: في سوريا، عفواً، نعم.
عارف عبد الرزاق: في سوريا.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وتقرر إيجاد متطوعين عرب مو جيوش، متطوعين عرب، بقيادة.. تعين طه الهاشمي قائد للمتطوعين ويعاونه اللواء إسماعيل صفوت من العراق. فطبعاً هذه ما أشبعت رغبات الجماهير العربية فاضطرت الطلبة إلى الاعتصام في مدارسها، المدارس الثانوية، والمظاهرات قائمة على قدم وساق، فاضطروا للاجتماع مرة ثانية في القاهرة، وتعين تشكيل قطاعات من الجيوش العربية تحت قيادة الملك عبد الله.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وكان رئيس الأركان بتاعه الجنرال (..).
أحمد منصور: الفريق نور الدين محمود؟
عارف عبد الرزاق: لا لا، الفريق نور الدين محمود.
أحمد منصور: كان قائد عام للجيوش العربية، والملك عبد الله كان قائد أعلى.
عارف عبد الرزاق: لا لا، كان أولاً نور الدين محمود كان قائد.. ما كان موجود هناك، اللي كان القائد.. صالح صائب كان رئيس أركان الجيش، وكان اللي صار.. قائد القوات..
أحمد منصور: صالح صائب تحرك نحو فلسطين بالقوات العراقية في 15 مايو/آيار 1948م.
(11/148)
عارف عبد الرزاق: (15 مايو).. مشيت القطاعات العراقية كلها، قررت إدخال المتطوعين القوة الأهلية.. القوة الأهلية.
أحمد منصور: كان معاه حوالي 12، من 10 إلى 12 ألف جندي.
عارف عبد الرزاق: القوة الأهلية.
أحمد منصور: في حدود من 10 إلى 12.
عارف عبد الرزاق: والقوة الأهلية عبارة عن كتيبة مدفعية زائد فوج مشاة زائد إن.. سرية هندسة.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وكانت كتيبة مدرعات خفيفة، وكان يوم 15 تقدمت السرية.. يعبرون من منطقة اسمه (كوكب الهوا)، كان السرية الأولى بقيادة النقيب طالب جاسم العزاوي، فمع الأسف اليهود كانوا متوقعين الحركة مالتهم كان مكشوفة وظاهرة وهناك جواسيس، فيتوقفوا لهم على التل على كوكب الهوا كان فيه أمطروهم وابل من الرصاص، فاضطرت السرية أنت تنسحب وقتل قائدها، والفوج انسحب ما.. ما كمل الهجوم بتاعه.
أحمد منصور ن: يعني هنا وضع الجيوش العربية..
عارف عبد الرزاق: مهلهلة.
أحمد منصور: لم تكن..
عارف عبد الرزاق: مهلهلة، وبعدين يعني أنت رايح تحارب دولة وتفكر بيها، هل.. هل هو تقدير خطأ للقوات الإسرائيلية، أم هو نوع من الجهل أو الغباء، أو ما.. ما أعرف شو أصفه إيه؟!
أحمد منصور: البريطانيين تدخلوا في تحرك العراقيين نحو قتال الإسرائيليين؟
عارف عبد الرزاق: لم.. لم.. لم يتدخلوا، لأ، لكن انسحبوا.. كل القطاعات اللي موجودة في الجيش العراقي انسحبت قبل 15.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: حتى لا يثار الرأي ضدهم، الرأي العالمي ضدهم إن هم عملوا مع.. مع العراق ضد.. ضد إسرائيل.
أحمد منصور: إيه وضع القوات الجوية العراقية في ذلك الوقت ودورها كان في المعركة؟
عارف عبد الرزاق: كان عندنا بقايا.. بقايا السربين دولا.. (الأنسن) وكان عندنا بقايا السرب (جلاديتور) بقايا..
أحمد منصور: يعني طائرات كلهاSecond hand وقديمة و..
(11/149)
عارف عبد الرزاق: كله Second hand، وكلها مستهلكة تقريباً، فكان تعين إرسال السرب السابع إلى المفرق.
أحمد منصور: من الذي كان يقوده؟
عارف عبد الرزاق: كان يقوده المقدم محمد رؤوف حسن.
أحمد منصور: وأنت كنت في أي سرب؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت في السرب الأول، لأ، كان الآمر عندي صديق العبيدي. ففي نفس اليوم كان إحنا يعني قائد القوة الجوية استطاع أنه.. أن يلوم البريطانيين على الطائرات هذه وإنها غير صالحة، وبعدين.. فاضطروا قبلوا أن يرجعوا لنا ثمنهم يمكن كان بعشرة آلاف دينار كل طيارة، اعتبروها رصيد سابق لـ30 طيارة.. (فيوري) من الطائرات المقاتلة الحلوة..
أحمد منصور: طبعاً كل الطالطيارات دي انتهت يعني.
عارف عبد الرزاق: لأ، كان.. انتهت، لكن وقتها كان.. وبعدين كانت طائرات حلوة، طائرات حلوة. لكن ما أعرقش جابوها وصلت منها أول عشرة طائرات أو 11 من النوع ده، واحدة احترقت، وبقت تسعة طائرات، لكن من دون عتاد بها مدافع لكن من دون عتاد.
أحمد منصور: طبعاً.. زي العصيان يعني!
عارف عبد الرزاق: وبعدين سووا.. ومنعوا وصول الباقيين، بتقدير شخصي بين فاروق وبين عبد الإله أعطونا 6 آلاف طلقة.
أحمد منصور: المصريين؟
عارف عبد الرزاق: المصريين.
أحمد منصور: للطائرات هذه الحديثة؟
عارف عبد الرزاق: ستة آلاف طلقة تعطي حوالي 12 طيران، كان مدافع الطيارة تشيل حوالي 500 طلقة..
أحمد منصور: 12 طلعة يعني..
عارف عبد الرزاق: 12 طلعة، إحنا نسميها طيران، (Sortie ) يسموها بالإنجليزي فبآخر 48، بيوم 15.
أحمد منصور: مايو.
عارف عبد الرزاق: مايو جينا.. جابونا من الموصل نتدرب على الطيارات (الفيوري).
أحمد منصور: دي جديدة؟
عارف عبد الرزاق: دي جديدة، فأعطونا شوية.. instruction عليها ما أكثر من عشر دقائق، أنه هاي الطيارة كذا كذا، وكنا أن طرنا بيها، بدون أي تدريبات.
أحمد منصور: كده بدون تدريب؟!!
(11/150)
عارف عبد الرزاق: فبقينا نستمر فيها إلى أن صدرت برقية بإلحاق رف من السرب الأول إسناد للسرب.. للسرب السابع.
أحمد منصور: اللي هو اللي مشترك في الحرب..؟
عارف عبد الرزاق: مشترك، الطائرات الفيوري خدوها، لأنه كانت طائرات تحوم علينا وإحنا في بغداد قاصفة مجهولة الهوية، وحاولنا نتصدى إلها بدون طيارات.. بدون عتاد.
أحمد منصور: عرفتوا هويتها بعد كده؟
عارف عبد الرزاق: على الأكثر بريطانية.
أحمد منصور: بريطانية.
عارف عبد الرزاق: على الأكثر بريطانية.
أحمد منصور: مدفوعة من قبل اليهود يعني؟
عارف عبد الرزاق: والله سميها ما تريد.
أحمد منصور: لأ، مش بأسميها، حضرتك اللي عشت الحدث.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا شفت الطيارة ما شفت ما شفت من دفعها، أنا شفت الطيارة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما قدرتوش تتوصلوا مين الـ..؟
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: أنا شفت الطيارة وطرت أقاطعها.
أحمد منصور: فوق.. فوق العراق؟
عارف عبد الرزاق: فوق العراق، فوق.. فوق بغداد.
أحمد منصور: فوق بغداد كمان؟
عارف عبد الرزاق: فوق بغداد، فوق معسكر رشيد، وبعدين اضطرت القوة الجوية أن تبعت الطيارات الفيوري إلى الموصل، وبقيت أنا مع الطيارات (الأنسن) معين للسرب السابع، لما تعطل إلهم طيارة، أو دي طيارة صالحة، وأجيب الطيارة العاطلة،وبقيت يمكن حوالي أسبوع أو عشرة أيام على هذا المنوال.
أحمد منصور: تحرككم في ذلك الوقت كان في إطار العراق فقط، أم كنتوا بتطلعوا طلعات فوق فلسطين؟
عارف عبد الرزاق: لأ، فوق فلسطين طبعاً.
أحمد منصور: أنت شاركت.. أنت شاركت في بعض..
عارف عبد الرزاق: أنا شاركت.. أنا شاركت في اليوم الأخيرة.
أحمد منصور: في اليوم الأخير.
عارف عبد الرزاق: في اليوم الأخير.
أحمد منصور: كيف كانوا..
عارف عبد الرزاق: قبل اليوم..
(11/151)
أحمد منصور [مقاطعاً]: قل لي أولاً طبيعة الدور اللي قام بيه.. اللي قامت به القوات الجوية العراقية في حرب 48، وبعدين نيجي على الدور اللي أنت قمت بيه في آخر يوم.
عارف عبد الرزاق: لأ، أسند للقوات العراقية قصف مدن معينة وبواخر معينة في حيفا نجح.. نجحت فيها.
أحمد منصور: كان بتنسيق مع باقي قوات.. كان فيه قوات جوية من دول عربية أخرى بتشارك؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً كانت قوات جوية سورية، كان طيارات (هارفارد)، وما فيها حتى رشاشات، فالمصريين أعطوهم رشاشات وأخذوا من عندهم بعض ذخيرات مكانها، وكان فيه طيارات مصرية (سكوت فيد) طاروا فوق مطار (رمد ديفيد)، وطارت عليه الطيارات الإنجليزية الـ (Tenpest)، كانت على أساس تحمي انسحاب البريطانيين في أول 48، أول.. أول.. أول غزو بعد 15 مايو، فأسقطوا 6 طيارات بريطانية منها، فالمصريين أحجموا بعدها أن.. يعني يقوموا بأي عملية بعدها، كان الملحق الجوي مالهم اسمه المقدم حشاد، وكان يقوم.. بمقر القوات الجوية واحد عراقي اسمه جاد جعفر، فكان فيه.. المقر كان فيه..
أحمد منصور: يعني كان جيوش ما يسمى بالجيوش العربية.
عارف عبد الرزاق: الجيوش العربية كلهم لها ممثلين في القيادة العامة، لكن رئيس القيادة العامة هو الجنرال جلوب.
أحمد منصور: كيف كانت مشاركتك أنت في الحرب؟
عارف عبد الرزاق: أنا.. في قبل.. الحرب، جه وقت الحرب وبعدين فيه.. فيه.. تميز بين القطاعات العربية، بعد مجيء قوات كتيرة من العراق، وتعيين مصطفى راغب (قائد للقوات العراقية في نابلس)، كان راغب ضابط تركماني بس ضابط جيد، وقام بواجباته، وبعدين –يعني- كان عمر علي أيضاً من الأبطال اللي قام بالعملية في معسكر جنين، جنين كان بها قطاعات عراقية بقيادة..
أحمد منصور: كان القطاعات العراقية في جنين، نابلس، طولكرم.
عارف عبد الرزاق: بعد.. بعد.. بعد أن توجهوا.. خليني..
أحمد منصور: قبل أن تخرج؟
(11/152)
عارف عبد الرزاق: بعد كوكب الهوا، توجهوا إلى جسر المجامع، جسر.. جسر المجامع فيه قلعة هناك، قلعة (كيشر) حاول كان طالب.. عبد الكريم قاسم كان قائد.. تولى قيادة الفوج هناك،وحاول ينسف الباب ويتقدم، لكن تكبد خسائر وما نجح. بعدين القيادة العراقية أرسلت أنه القوات هذه غلط، فجابوا فرقتين راحت هناك..، لكن تدريجياً ما على بعض، مو على.. واحد، فبعد التميز اللي.. القطاعات العربية أجبروا على هدنة لمدة ثلاثين يوم، بعد الهدنة استمرت الحرب مرة ثانية، فبعدين جتلي برقية بإلحاق رف من السرب الأول بالسرب السابع كما هي، فتحركنا 4 أربع طائرات من بغداد ووصلنا قبل الهدنة بيوم واحد، قبل بيومين، اليوم الأولاني ما أعطونا واجبات سابقة..
أحمد منصور: وصلتم إلى أي مطار؟
عارف عبد الرزاق: وطرنا إلى.. نطير من بغداد وننزل مطار (H3) ومن (H3) نصل إلى المفرق، لأنه كان الطيارة ما.. ما يكفي البنزين مالها لتروح.
أحمد منصور: كنتوا بتذهبوا إلى أين؟
عارف عبد الرزاق: إلى مطار اسمه 3 H داخل العراق.
أحمد منصور: إيش تريد؟
عارف عبد الرزاق: H3.
أحمد منصور: H3.
عارف عبد الرزاق: H3، كان هذا نسبة إلى حيفا، هذا المطار.. أنشأ من قبل شركة النفط اللي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وكنتم مباشرة تطيروا من المطار الثالث اللي هو؟
عارف عبد الرزاق: من المفرق.
أحمد منصور: من المفرق.
عارف عبد الرزاق: إلى.. إلى فلسطين.
أحمد منصور: تضربوا وترجعوا إلى المفرق.
عارف عبد الرزاق: ونرجع إلى المفرق، وكان اللي حتى مع الأسف يعني.. يعني القوات كانت ضعيفة وهزيلة، يعني كان آمر الدفاع الجوي الرابض من الدورة السابقة لي، فقلت له: ما.. كم عندك من عتاد؟ قال: ما يكفي الرمي منه نصف ساعة، كان عشرين ملليمتر حتى تقريباً.
أحمد منصور: وأنت كان عتاد طيارتك يسمح بأن تقاتل إلى أي مدى؟
(11/153)
عارف عبد الرزاق: أنا كان طيارتي بيها 3 تنك؟ لكن عندي قصف.. كانت بمدفعين (فيكس).. رشاشات فيكس، لكن الطيارين الجنود ما كانوا مدربين عليها، وكان فيه رشاشة واحدة قدام بس، وكان بيه دورين من.. من الطراز القديم.. مو كان بيها يعني..
أحمد منصور: في المقابل كان تسليح الإسرائيليين إيه في الطيران؟
عارف عبد الرزاق: كان عندهم.. في البداية ما كانش عندهم طائرات كثير، كان عندهم (هوستر)، وكان عندهم.. تركوا لهم الإنجليز طيارات صالحة (Speed Fier) في المطارات اعتبار.. يعني أحد الطيارين البريطانيين بلغني بهذا الكلام، وبعدين جابوا طيارين متطوعين، ما كان عدهم طيارين، فكان عندهم وصلوا (موستانج)، كان عندهم طيارات اللي ضربت ( الفلوري) وكان عندهم جابوا بالأخير.. بالأخير.. آخر يوم قبل يوم الهدنة الأخيرة (B.17) قاصفات ثقيلة، كان هذه الطائرات نزلت مطار (رمد ديفيد). فأنا أعطوني واجبي اليوم الأخير قبل الهدنة الأخيرة.. الواجب صباحاً طرت مع طيار اسمه صالح تكريتي هو كان رئيسي، وأنا كنت ملازم أول قصفنا على أساس نشوف بواخر في حيفا، وما لقينا حيفا نضرب معسكر ناتانيا ومعسكر عتليت.. عتليت في شمال تل أبيب، فنفذنا الواجبات، وبعدين أعطونا واجب آخر قبل الهدنة بخمس دقائق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وإنتو بتنفذوا الواجبات، أنت هنا شعورك، أنت قبل ذلك قصفت مواقع الأكراد، الآن بتقصف مواقع اليهود أو الإسرائيلين، شعورك مختلف في القتال؟
عارف عبد الرزاق: آه طبعاً، ماكو شك مختلف.
أحمد منصور: كانت إيه طبيعة الشعور الآن وأنت المعركة، أنت في اليوم الأخير منها بتشارك.
(11/154)
عارف عبد الرزاق: ... يعني حتى أنا ما كنت متحمس بالطلعة الأخيرة، لأنه أعرف بعد.. بعد نص ساعة راح تكون الهدنة، بس جات لي برقية إنه هناك طائرات (B 17) نزلت في المطار ده، وطلبوا طيارتين ترميهم بقنابل وقنابل حريق، فقلت لآمر السرب: أنا لم أستخدم قنابل حريق سابقاً، ما أعرف أرميها، فخليني.. خلي الطائرة الثانية تشيل قنابل حريق وأنا أشيل قنابل ميدان وأنا أستطيع أن أصيب.. أصيب الهدف، أنا عندي خبرة كبيرة..أقصف الهدف اللي أريده، فمع الأسف آمر السرب كان لا يستطيع –يعني- يتصرف، فقال لي: ها البرقية جاية، ننفذها مثل ما هي، فطار طيار اسمه.. واحد اسمه رشاد جاور كان رائد، وأنا كنت ملازم، لأول مرة شفت إنه نعمل (بريفنج) قبل الطيران، قال هذا: أنت طيارتك عطلت أنا أرجع، واثنين يرجعوا واثنين يواصل، عمل.. طبعا أن صبح ما ما عملش معايا، الآمر التشكيلي اللي طرت معهم.
ففعلاً قبل الساعة 6 كان سير.. الساعة 5 أو الساعة 6..
أحمد منصور: الهدنة.
عارف عبد الرزاق: قبل 5 دقائق (..) Leader القائد مالي كان على جبل كرمل، كان مكان ما يدور من اليمين نسوي دوران شمال، فكنا نأخذ نار من مطار (مجدو، ومن) مطار من رمد ديفيد، كان المدافع.. كان.. بس كان.. فاستطاع...
أحمد منصور: يعني مضادات الطائرات كانت بتقصف عليكم؟
عارف عبد الرزاق: المدافع ضد الجو كانت تقصف علينا، مرينا بثلاث مرورات: أول مرور استكشافي، ثاني مرور رمينا قنابل الميدان.. الحريق، وبعدين رمينا قنابل الميدان، فأحد.. الطيار رشاد جاور أصاب واحدة من الطيارات كانت Containr مع قنابل الحريق..، فمريت مرور واضح عليه أنا وجات لي برقية ما كان يكون كلام بيننا، جاتني برقية من اللاسلكي، قال لي: طيارات معادية بالجو، قلت: صحيح.. وطيرت بالجو.. توجهت أنا على القاعدة مالتي للمفرق، وبعد أول ما وصلت أعلنت الهدنة.
أسباب الهزيمة العربية في 48
(11/155)
أحمد منصور: كطيار مقاتل في حرب العام 48، ككقائد للقوات الجوية العراقية بعد ذلك، كيف تقيم أسباب هزيمة العام 48؟
عارف عبد الرزاق: أولاً: الجيوش العربية لم تكن على مستوى كافي من التسليح. ثانياً: ضرورة وجود قيادة موحدة، لم يكن هناك أي توحيد بين الجيوش، كان باستطاعة القوات.. الجيوش العربية فك الحصار عن الفالوجا، لكنها لم تفعل. الجيش السوري كان جيش في بداية تشكيله كان عبارة عن لوائين، ودخل في كل قواته بخبرة قليلة، وأعطى ضحايا كثير. الجيش العراقي بعد تكامل قوته استطاع أن يحتفظ بنابلس وطولكرم وجنين، وصل دير.. يعني إلى.. بعد أقل من عشرة كيلو متر عن البحر، أبلى بلاء حسن في جنين يعني.. كان آمر فوج في جنين اسمه العقيد نوح عبد الله، وكان حوصر من قبل القطاعات الإسرائيلية، ولحسن الحظ كان وصول قطاعات عراقية جديدة آمرها واحد اسمه العقيد عمر علي كان من الضباط الشجعان، استطاع أن يروح ويفك الحصار عنه ويسوي ويحتل جنين، لكن.. برضو في..
أحمد منصور: لكن لو الجيوش العربية على وضعها الذي كانت عليه، سلحت تسليحاً جيداً، وكان هناك تنسيق في القرار، هل يمكن كانت أن تحقق نصر على اليهود في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: أريد أتكلم شيء غير الجيويش، إن الجيوش العربية لم يكن عندها الإيمان الكافي للقتال.
أحمد منصور: بسبب؟
عارف عبد الرزاق: الفرد.. الفرد العربي ينقصه الإيمان الكافي، يعني الإسرائيلي.. الإسرائيلي عنده إيمان غذوه من سنة.. 1882م من بعد كتاب (هرتزل)، وفي خلال 1914م استطاعوا إن بيشكلوا فوج يهودي من 745 جندي شارك في بعض الحركات العسكرية. الحرب العالمية الثانية شكلوا لواء يهودي من فوجين أو ثلاثة شارك في شمال إفريقيا، اللي اتشكلت هذه نواة الجيش اليهودي في.. الإسرائيلي في فلسطين، في زمن الاحتلال البريطاني كانت عصابة (هاجانا) والعصابات الأخرى الموجودة بها اللي كانوا..
أحمد منصور: و(شتيرن).
(11/156)
عارف عبد الرزاق: (مناجم بيجين)، وكل الناس اللي كانوا موجودين، غذوا اليهودي.. إنه إحنا مع الأسف..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني كانت الحرب العالمية الثانية.
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: خلال.. خلال فترة خلال فترة مرينا بيها حوالي 500 سنة تعلمنا أعيش أنا ويموت غيري، اليهود غذوا روح جديدة: "أموت أنا ويعيش غيري". إحنا ما كان عندنا هذا الإيمان، ولحد الآن لا يوجد هذا الإيمان، إحنا عندنا عطف، لكن ما عندنا إيمان.
أحمد منصور: لكن –عفواً- اليهود حينما جاؤوا إلى فلسطين جاؤوا ليعيشوا وليسوا ليموتوا، وهم أكثر الناس حرصاً على الحياة.
عارف عبد الرزاق: جاؤوا ليعيشوا، لكن حتى يعيشوا لازم يبرهنوا أن هم أقوياء.
أحمد منصور: لكن هل كان..
عارف عبد الرزاق: لم يجيؤوا ليستجدوا، بعد.. بعد الجيش اللي احتل فلسطين من قبل الجنرال (اللنبي) وبعد.. وعد بلفورد سنة 1916م لوايزمان.
أحمد منصور: 17.
عارف عبد الرزاق: 16.
أحمد منصور: 1916م.
عارف عبد الرزاق: 16 سنة، مكتوبة 16، ابتدى عندهم –يعني- بنهاية الحرب، يعني شافوا أن هم غلبوا.. غلبوا. يعني حاولوا..، فعملوا هجرة رسمية من 10 آلاف يهودي كل سنة، لكن هناك هجرة غير رسمية تتضاعف على العدد، ففي حدود سنة الأربعينات كان وصل من عندهم حوالي مليون أو أكثر موجود بيها، يعني لكن كان عندهم.. كان في الحرب كان ينقصهم المدفعية والطيارات، لكن كان عندهم مدرعات، كان عندهم الفدائيين.
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول بأن اليهود حينما دخلوا الحرب كانوا على أتم الاستعداد ليها، عارف دربوا أنفسهم؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً، طبعاً، طبعاً.
أحمد منصور: كانت الحرب العالمية الثانية مسرحاً عملياً للتدريب؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً كانوا مستعدين.. مستعدين من زمان.
أحمد منصور: في المقابل.. كان عندهم تسليح جيد، أيضاً القوى العظمى وقفت إلى جوارهم وأيدتهم؟
عارف عبد الرزاق: موجود.
(11/157)
أحمد منصور: في المقابل العرب لم يكن لديهم الاستعداد لهذا، لا عسكرياً، ولا على الجانب المعنوي، لكن كانت هناك قوات المتطوعين، هل تعتقد أنها لعبت دوراً في تعديل كفة الحرب؟
عارف عبد الرزاق: لا أعتقد.
أحمد منصور: المتطوع هذا...
عارف عبد الرزاق: المتطوعين يعني قاموا في بعض العمليات، لكن لا لم تؤثر على.. نتائج الحرب، ماكو شك قاموا في عمليات فدائية، قام فيها عبد القادر الحسيني والآخرين..
أحمد منصور: تقييمك لدور الحكام العرب في ذلك الوقت إيه؟
عارف عبد الرزاق: والله هي خليط بين ضغط الجماهير العربية اللي ثارت عليهم، وعدم قناعة شخصية، أو.. أو يعني تقليل من الشأن اليهودي، فاكرين إن اليهودي ليس.. الموجود في بغداد مثل اليهودي..، لكن اليهودي اللي موجود في فلسطين يهودي.
أحمد منصور: لأ، أنا أقصد تقييمك لأداء الحكام إيه؟ هل كان الحكام فعلاً عن قناعة وعن يقين حينما تحركوا من أجل تحرير فلسطين؟
عارف عبد الرزاق: لأ، كان استجابة لضغط الجماهير.
أحمد منصور: فقط.
عارف عبد الرزاق: كان استجابة لضغط الجماهير.
أحمد منصور: ليس عن قناعة ولا عن إيمان.
عارف عبد الرزاق: كان استجابة لضغط الجماهير أولاً وأخيراً ما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما يقال عن عمليات فساد وخيانة.
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: هناك كان مؤتمر بلودان صار متطوعين، وبعدين ضغط الجماهير اللي خلتهم يسروا كل العمليات اللي قاموا بها.
أحمد منصور: ما يقال عن خيانة، وما يقال عن..؟
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع.. أن أملأ فمي بكلمة خيانة، لكن أقول تقدير سيء.
أحمد منصور: انتهت الحرب وأصبحت إسرائيل واقعاً في المنطقة، قامت على أطلال فلسطين، هل غير ذلك بالنسبة لك في ذلك الوقت.. كعسكري عراقي وطيار؟
عارف عبد الرزاق: لا، كان هناك اندمال جرح آخر في حياتنا، يعني لسه بنشعر بوخز الضمير وقلة الوفاء..
أحمد منصور: نكئ تقول نكئ.
عارف عبد الرزاق: نكئ.
(11/158)
أحمد منصور: يعني يكون هناك نكئ للجرح وليس اندمال؟
عارف عبد الرزاق: يعني كان.. كان.. يعني يحز الألم في.. في قلوبنا، إنه.. إنه ما ما إنه ما قدرنا نقوم نعمل عملية.. معينة.
أحمد منصور: العراق من الدول العربية التي وجدت فيها جالية يهودية كبيرة،وهناك الجبهة الصهيونية لبلاد ما وراء النهرين أسست في سنة 21، 22 شباط، وظلت قائمة هل ظل يهود العراق يلعبون دوراً في تقوية ودعم إسرائيل؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو من بعد الـ 49 صارت هجرة، يعني إسقاط الجنسية عن.. عن اليهود، وكان هو.. قسم منهم هربوا عن طريق إيران إلى.. فروا إلى إسرائيل، وقسم صار إسقاط الجنسية مشروع قانوني.. إسقاط الجنسية وخروجهم، يعني العراق ما أظن أن معني بالبقاء.
أحمد منصور: طبعاً الوضع في العراق في ذلك الوقت كان لازال فيه قلاقل في الفترة من 41 وحتى قيام ثورة 58 شهدت 29 وزارة، من 1 يونيو/ 41 إلى 14 تموز/58، 29 وزارة، فطبعاً كانت مسلسل تغيير الوزارات كان..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت يعني في كلامي السابق إنه تغيير وجوه أو هي نسف الوجوه نفس أدوات الشطرنج، نفس قطع الشطرنج، بس تغير مواقعها بس.
العلاقة بين سوريا والعراق في هذه الفترة
أحمد منصور: كان هناك دايماً عملية سوريا والعراق العلاقات بينهم كانت بتمتلئ بكثير من.. التنافس –نقول- أو محاولات الانقلاب، قامت أول محاولة انقلاب في سوريا.. أول انقلاب حقيقي قاده حسني الزعيم في سوريا، ثم جاء سامي الحناوي بعد ذلك، ثم جاء أديب الشيشكلي، ويقال أن هذه الانقلابات كانت بداية ليد مباشرة للولايات المتحدة الأميركية في تغيير أنظمة الحكم في المنطقة، العراق وقف وراء بعض هذه الانقلابات حتى يقال أن العراق كان وراء الإطاحة بحكم الشيشكلي.
عارف عبد الرزاق: أنت تقودني إلى مسألة سياسية أخرى.
(11/159)
كان الملك عبد الله يحلم بمشروع سوريا الكبرى، وفي سنة 1950م اقترح على.. الأمير عبد الإله –وها الكلام سامعه من عبد الإله نفسه_ قال له: أنه أولاده لا فائدة منهم، طلال ونايف، وإنه الأمل فيه، وأنه فيصل بعده لسه طفل ما معروف، وإنه الأمل في فيه عبد الإله، فاقترح عليه تشكيل اتحاد هاشمي بين العراق وبين.. وبين الأردن على أساس يكون الملك..
أحمد منصور: عبد الله.
عارف عبد الرزاق: عبد الله، ونائب الملك عبد الإله، فعبد الإله يقول: إنه لأ، أنا وصي أبقى نائب الملك، يبقى الملك فيصل، ووصل بعض العراقيين إلى هناك لاستطلاع رأي الشعب وإيجاد نوع من الدعاية، لكن أوقفت.. بريطانيا لم توافق على هذا، الأمير عبد الإله يعتبر نفسه كان الوريث الشرعي لعرش الحجاز، باعتبار أبوه كان آخر ملك ترك الحجاز، ففي سنة 38 بعد تخرجه من فيكتوريا دُعي إلى وليمة عشاء في فندق كان.. الملك داوود في القدس، وكان المندوب السامي بعد.. بعد الأكل.. بعد العشاء طلع ورقة المندوب السامي وأعطاها الأمير.. الأمير عبد الله ذاك الوقت، فقرأها وأعطاها لعبد الإله أن يوقع عليها، فعبد الإله يقول إنه ترك العشاء، وزعل وطلع بره، ما قبل يوقع عليها.
أحمد منصور: كان محتويات الورقة إيه؟
عارف عبد الرزاق: التنازل عن عرش الحجاز، فلم يوافق به.
أحمد منصور: المطلب القديم اللي كان لا يزال يحلم به.
عارف عبد الرزاق: المطلب القديم..، لأنه كان.. كان.. دعوى البريطانيين أنه يجب أن يكون الاستقرار بين العائلة الهاشمية والعائلة السعودية كما هو، لا.. لا يجوز أي تغيير فيه، فأي كان المشروع مشروع سوريا الكبرى كان مشروع لا.. لا توافق عليه بريطانيا.
أحمد منصور: العلاقة مع سوريا من خلال الصورية ديه.
عارف عبد الرزاق: العلاقة مع سوريا ابتدت من هنا.. ابتداء من هناك.. حسني الزعيم ابتدا في..، أنا حسني الزعيم شفته.
أحمد منصور: التقيت بيه، جلست معاه؟
(11/160)
عارف عبد الرزاق: جلسنا معاه واتغديت معاه.
أحمد منصور: في أي مناسبة شفته؟
عارف عبد الرزاق: إحنا ما.. ما خليتني أنت أكمل بعد..
أحمد منصور: ما بنقدرش نقف عند كل شيء بالتفصيل.
عارف عبد الرزاق: ما بعد.. بعد الهدنة، بعد بقائي 45 يوم في المفرق دعيت في برقية.. للتدريب على طائرات (الهنتر).. (الفيوري) بمجيء الطلقات اللي قلت عليها من فاروق هدية لعبد الإله..
أحمد منصور: جت بعد الحرب طبعاً!
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: جاءت بعد الحرب.
عارف عبد الرزاق: أثناء.. بعد الهدنة.. بالهدنة، فاقترح إن إحنا نروح استطلاع، أنه الطيارة لازم تطير على مطار.. مطارات مسفلته، فما كان هناك مطار إلا مطار (الرياق) ومطار دمشق في المنطقة، مطار المفرق كان مطار ترابي، مطار (الرياق) كان لتلك الساعة كانت تحت حكم الفرنسيين، وملك الفرنسيين، يعني رحنا قابلنا رئيس أركان الجيش الأمير شهاب، وبعدين فهمنا إنه هذا.. لا يزال بإيد الفرنسيين، فأعطونا ورقة نروح على أساس القائد شهاب نشوف.. المطار ما خلونا الحرس الفرنسي نشوفه، لكن أنا أخدت ما.. ما يلزم.. برغم وجودنا بالسيارة أخدنا ما يلزم من المعلومات، يعني كان هو دولا من الأشوريين العراقيين اللي هو سنة 3.. 32 من العراق.
أحمد منصور: أيوه.. نعم.
(11/161)
عارف عبد الرزاق: كان الحرس هناك. فبعدين اقترحنا يعني يكون المطار دمشق هو المطار الصالح.. في المنطقة اللي موجود فيها، وكان تعوزه بعض الأسفلت الموجود بيه، العراق كان.. مليان بالأسفلت مع الأسف ما كان ماكو تعاون أبداً بيناتهم، ففي ليلة من بعد منتصف الليل هناك من طرق الباب عليه يعني يريدوك في معسكر القوة الجوية، وجدنا ضباط طيارين قاعدين ننتظر إيه.. أنه نسافر إلى.. إلى الشام فيه برقية مستعجلة، نسافر للشام وين الطيارات.. العتاد عند.. الجندي.. والجندي في بيتهم ما حد يعرف عنوانه، فلما جانا الصبح إحنا قاعدين نعمل لا شيء، فما استطاع الجنود..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني حتى لا أدخل في تفصيلات لا تهم المشاهد، أنا عايز لقائك بحسني الزعيم.
عارف عبد الرزاق: راحت 6 طيارات إلى.. إلى الشام أنا واحد منهم، فدخلنا نزلنا.. حسيني الزعيم لقيته في المرة الأولى بأن استطلعنا مطار الشام فمدح وقال كل المطار تحت تسهيلاتكم، وكل الأشياء الأخرى، هو كان قائد القوات الجوية.. (خاندان) كان اسمه، وبعدين بعد أن جينا.. كل الضباط عزمنا في.. في مقره في الجبهة شوفنا الجبهة هناك بقنيطرا اتغدينا مع بعض، وكان وفد أميركي وفرنسي كان جاي من الولايات المتحدة يستطلعوا الموضوع، وشوفت الرجل..
أحمد منصور: تقييمك إيه لشخصيته باختصار؟
عارف عبد الرزاق: يعني معلوماته بسيطة ما كان عنده عمق استراتيجي، كان شوفنا الجبهة.. الجبهة بتاعتهم كان وراء الجسر بنات يعقوب حواليهم كده المصريين، وكان صفين صف من الصخر، والإسرائيليين كانوا أمامنا على بعد 450 متر وكان يشوف يعني إنه يعتقد إنه هذه المواقع حصينة وما أعتقد يعني كان له إمكانية معينة.
(11/162)
أحمد منصور: في 23 يوليو 1952م قامت ثورة يوليو في مصر أو انقلاب الضباط الأحرار في مصر، في 12 آيار/مايو 1953م بلغ فيصل سن الرشد وتوج ملكاً على العراق، وأصبح عبد الإله ولياً للعهد الذي كان وصياً على العرش، وفي أول سبتمبر 53 أصبحت طيار الملك ومرافقه، في الحلقة القادمة أبدأ معك..
عارف عبد الرزاق: لأ أنا طيار.. طيار من قبل هذا، طيار من 48.
أحمد منصور: الملك؟
عارف عبد الرزاق: طيار للنظام في الملكي آه.
أحمد منصور: نعم، لكن..
عارف عبد الرزاق: لكن حتى نكمل الموضوع على نهايته إنه الانقلابات اللي صارت في العراق انقلاب حزب سامي الحناوي من العراق، انقلاب الشيشكلي من السعودية ومن مصر، نكمل.. الموضوع.
أحمد منصور: أنا سأدخل في قضية الانقلابات لما أتناول ثورة يوليو، وأعود إلى..
عارف عبد الرزاق: مع الأسف أنا.. أنا لست خبير.. هو أخبر مني، لكن أنا كل ما هنالك أفرغ ما في جيبتي في.. في..
أحمد منصور: سنفرغ ما في جيبتك في هذا الموضوع، وخاصة وأن بعد انقلاب 52 أو ثورة 52 في مصر بدأ الإعداد لثورة 58 في العراق التي شاركت أنت بشكل مباشر فيها، أشكرك شكراً جزيلاً.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق)، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/163)
الحلقة3(11/164)
الثلاثاء 3/2/1423هـ الموافق 16/4/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 20:14(مكة المكرمة)،17:14(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 3
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
20/01/2002
- تحكم عبد الإله في العراق وعلاقته ببريطانيا
- نوري السعيد وعلاقته بعبد الإله
- علاقة العراق بمسلسل الانقلابات في سوريا
- حلف بغداد وأهداف دخول العراق فيه
- حرب عام 56 وتأثيرها على الضباط الأحرار في العراق
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).
حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
سيد عارف مرحباً بيك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بك.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند مرحلة هامة وهي قيام ثورة يوليو أو انقلاب يوليو 1952 في مصر بعد مسلسل انقلابات في سوريا كان للعراق يد في بعض ما وقع فيه من انقلابات، ماذا كان تأثير قيام انقلاب يوليو 52، أو ثورة يوليو 52 -كما أطلق عليها فيما بعد- عليكم أنتم الضباط العراقيين في الوقت الذي تحركت فيه مجموعة من الضباط المصريين للقيام بانقلاب على ملكية أشبه ما تكون بالملكية لديكم في العراق؟
(11/165)
عارف عبد الرزاق: والله أجاوبك بكل صراحة، أنه لم تؤثر تأثير كبير علينا، لأننا كنا نعدها على.. على نفس غرار الانقلابات في سوريا، وخاصة بعد أن صار الخلاف بين محمد نجيب وبين جمال عبد الناصر بالـ 54، لكن اللي غيَّر تاريخ العراق وغير التيار القومي في العالم العربي حرب الـ 56 خاصة بعد أن أدخلوا.. أدخلت بريطانيا وفرنسا إسرائيل معها، وأنا كنت في ذاك الوقت كان أنا وسربي بنتدرب على تحويل الطائرات بتاع Converting على طيارات هنتر في (سجنر) في إنجلترا، ولما قامت الحرب أنا رفضت القيام بالطيران لمدة 3 أيام، فكان..
أحمد منصور: في 56.
عارف عبد الرزاق: بالـ 56.
أحمد منصور: رفض أوامر عسكرية يعني.
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: رفض أوامر عسكرية.
عارف عبد الرزاق: لا كان.. كنا في مدرسة تحويل وأنا كنت الأقدم أنا كنت آمر السرب فكان يسموني (...) أو (...) آمر القاعدة، أو الـ (....) فكانوا يشتكوا الملحق العسكري في لندن أنه هو يدعي المرض لكن لم يراجع الطبيب، لكنه امتنع عن الطيران، هذه كانت حازة في قلبي إنه أنا في بريطانيا وبريطانيا تضرب العالم العربي في مصر وفي..
أحمد منصور: يعني حينما وقع عدوان 56 كنت هنا في بريطانيا.
عارف عبد الرزاق: كنت في بريطانيا، وأعتقد كتير كان من الناس يعني طبعاً الفضل كبير لروسيا و(لإيزنهاور) عدم مشاركة في الحرب بالبداية ووقاية من الله حمى مصر من ذا كليته تقريباً وإغراق السفن في قناة السويس، هذيك أعتقد أنا مفتاح للقومية العربية، يعني شعور بالتنفس، يعني أنا أعتقد إن جمال عبد الناصر في هاذيك العملية شخص أنقذ الأمة.. أنقذ السمعة العربية من الحضيض ونشرها بأعلى راية.
أحمد منصور: في تلك المرحلة كان هناك تنظيمات عسكرية سرية، أو كان تنظيمات سرية من الضباط في العراق، هل انتميت إلى أي تنظيم حتى ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: قبل 56 انتميت، قبل ذلك لا.
(11/166)
أحمد منصور: قبل ذلك، لكن كان لديك متابعة.
عارف عبد الرزاق: قبل ذلك كان هناك تنظيم صغير بقيادة رفعت حاج سري، لكن الانفتاح اللي صار على كل التنظيمات بـ 56.
أحمد منصور: يعني هل نستطيع أن نقول إن رفعت حاج سري له فضل إنشاء تنظيم الضباط الأحرار في مصر.
عارف عبد الرزاق: ماكو شك فيها، بدون شك فيها.
أحمد منصور: له الريادة في هذا الموضوع.
عارف عبد الرزاق: كان، بس كان تنظيم صغير وتنظيم منغلق يعني بس يعني كثير من الضباط.. ضباط صغار.
أحمد منصور: بغض النظر عادة ما تكون يعني مدخل لقيام..
عارف عبد الرزاق: ماكو شك.. ماكو شك هو الرجل حمل الراية من البداية للأخير.
أحمد منصور: رغم أن الرجل دفع حياته ثمناً في عهد عبد الكريم قاسم، سآتي لها خاصة وإنه كان لك علاقة خاصة يبدو ربطتك به، في أول سبتمبر 53 عدت مرة أخرى كمرافق وطيار للملك بعد ما..
أحمد منصور: تخرجت من كلية الأركان..
تحكم عبد الإله في العراق وعلاقته ببريطانيا
أحمد منصور: نعم، تخرجت من كلية الأركان وكنت طياراً للملك من 48 لـ 51، عادةً ما تكون الشخصيات القريبة من الرؤساء أو من الملوك أو من الحكام بشكل عام على اطلاع ببعض ما يدور وراء الكواليس، لو سألتك عن الوصي عبد الإله، كيف تصف لنا هذا الرجل؟ للحقيقة وللتاريخ، بصفتك كنت قريباً.
عارف عبد الرزاق: للحقيقة وللتاريخ بكل أمانة أن هذا الرجل كعلاقة.. يعني مفرداته الشخصية جيدة جداً.
أحمد منصور: مثل؟
عارف عبد الرزاق: يعني كان صديق لمرافقيه، صديق لحتى الجنود اللي يخدموه، كان.. يعني كان المرافق يقعد على الطعام مع عائلته مع زوجته وأمه وأخوته، كان يعاملهم بكل احتشام، كان يصوم ويصلي، كان يزور موتاه في كل رمضان.. في كل يوم جمعة...
أحمد منصور: يصوم ويصلي ويشرب، ليس مشكلة!!
عارف عبد الرزاق: يعني كان يشرب، لكن في رمضان كان يصوم، كان في رمضان كان يصوم.
(11/167)
أحمد منصور: كان يصوم في الليل وطول النهار نايم.
عارف عبد الرزاق: والله يعني كثير من الناس على هذا.. على هذا النمط.
أحمد منصور: لكن هذا كان واقعه فعلاً.
عارف عبد الرزاق: هذا واقعه كان.. وكان كثير من الناس مو هو بس، كان يسهر الليل كله وطبعاً يعوضه بالنوم، لكنه كان يخاف من الإنجليز خاصة كما كان يقول لأنه خرج من جدة بطرف.. بطقم واحد من.. من الحجاز.
أحمد منصور: يعني عقدة خروجه من الحجاز.
عارف عبد الرزاق: عقدة خروجه من الحجاز.
أحمد منصور: ظلت مؤثرة عليه طول حياته.
عارف عبد الرزاق: (.....) من جده.. في قبرص وتعيينه وسنادته من الإنجليز وفي حرب الـ 41 وكان هو يعرف أنه الشعب يكرهه.
أحمد منصور: كان يعرف ذلك.
عارف عبد الرزاق: كان يعرف أن الشعب يكرهه.
أحمد منصور: بسبب؟
عارف عبد الرزاق: بسبب.. أولاً: هو يعرف إنه هو مع العراق صعب.. صعب السيطرة عليه سياسياً، لأنه يقول العراق ناس ساندة ناس، وناس تتوسط ناس فيذكر مرة ذكر..
أحمد منصور: وبعدين ده حاكم نزل بالبارشوت على العراق.
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: يعني ليس عراقي وإنما يعني أحضره الإنجليز لحكم العراق.
عارف عبد الرزاق: لا ما هو أبوه كان موجود لاجئ بالعراق.
أحمد منصور: يعني لو تحدثنا عن يعني كيف (.....) البريطانيين للملكية في العرقية.
عارف عبد الرزاق: الملكة كلهم كانت لاجئة كلهم لاجئة من.. من الخارج، طبعاً الوضع السياسي بالبلاد العربية بالنسبة للإنجليز أنه فرق تسد، مجمع سوريا الكبرى كان مخيلة عبد الله وانتقلت إلى عبد الإله بعده، فكان الكره بين العائلة السعودية.
أحمد منصور: نعم، يعني بعد مقتل الملك عبد الله في 51.
عارف عبد الرزاق: حمل الراية.
أحمد منصور: عبد الإله.
عارف عبد الرزاق: عبد الإله.
أحمد منصور: في.. في حلم سوريا الكبرى.
عارف عبد الرزاق: في حلم سوريا الكبرى.
أحمد منصور: انقطعت أحلامه في عرش السعودية؟
(11/168)
عارف عبد الرزاق: لأ، لم تنقطع إلا بعد.. بعد الوحدة بين سوريا ومصر.
أحمد منصور: 58.
عارف عبد الرزاق: 57.
أحمد منصور: يعني ظل إلى..
عارف عبد الرزاق: يعني من 57 ابتدى بعد بوادر الوحدة بين مصر وبين سوريا كان.. ابتدى إقناع من قبل الإنجليز على قيام وحدة مشابهة حتى الوحدة القائمة بين.. بين مصر وسوريا، فقيام اتحاد دستوري ثم أردني وعراقي، وعلى أساس كان انضمام الكويت حتى تدفع رواتب الأردنيين باعتبار ما كان عندهم (......) كده، فهنا قيل، لأ هو ثمة أولاً زيارة الملك فيصل للسعودية في 57 ومجيء الملك سعود.
أحمد منصور: كان.. كان أمير في ذلك الوقت.
عارف عبد الرزاق: الملك فيصل.
أحمد منصور: فيصل كان أمير في 57، كان الملك سعود هو الملك.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا، الملك فيصل الثاني للعراق.
أحمد منصور: فيصل الثاني عفواً، نعم.
عارف عبد الرزاق: زار السعودية في 57 وسعود الملك جاء زار العراق 57، وزارنا في الحبانية حتى إحنا، عملنا له عرض جوي في.. في الحبانية، ونقلاً عن عبد الحميد سراج عن السفير في سوريا أنه..
أحمد منصور: عبد الحميد سراج حتى نعرف بس المشاهد به، هو كان رئيس للمخابرات السورية وكان نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة التي قامت بين مصر وسوريا.
عارف عبد الرزاق: بالضبط.. بالضبط، فنقلاً عنه قيل أنه عبد الإله تنازل عن عرش الحجاز، وقيل نقلاً عن السفير السعودي في سوريا، وأن عبد الإله..
أحمد منصور: مين فيهم، أي سفير سعودي في سوريا؟
عارف عبد الرزاق: السفير السعودي في سوريا، السفير السعودي في سوريا.
أحمد منصور: ما اسمه؟ السفراء كتير.
عارف عبد الرزاق: والله ما.. ما أذكر اسمه.
أحمد منصور: أنت سمعت منه بشكل مباشر يعني.
عارف عبد الرزاق: أنا من.. من الكلام اللي عبد الحميد سراج..
أحمد منصور: آه الرواية للسراج.
(11/169)
عارف عبد الرزاق: الرواية من عبد الحميد سراج، شيخ ما أعرف.. شيخ ما أتذكر اسمه الشيخ يوسف أو حاجة زي كده اسمه، فظهرت.. تم طبعاً المبادرة على.. على الشكل اللي كل.. كل الناس تعرفه بين العراق وبين الأردن، لكن سبقته طبعاً الأحوال بين مصر، يعني..
أحمد منصور: طبعاً هذا كان قبل قيام ثورة 14 تموز في العراق حصل التقارب العراقي الأردني.
عارف عبد الرزاق: بالضبط، الأردني.
أحمد منصور: وفي نفس الوقت التقارب السعودي العراقي، في هذا الوقت أنا شاهدي هنا هل في هذا الوقت ظل عبد الإله يُطالب بعرش السعودية وحتى سنة 57؟
عارف عبد الرزاق: في الـ 57 كان عنده أمل، يتأمل يعني كان فيه عنده أمل أو كان حلم، كان حلم.
أحمد منصور: كان فيه أمل، كان حلم، لكن لم يكن يسعى بخطوات لتحقيقه.
عارف عبد الرزاق: لأ، ماكانش عنده القدرة ولا القوة ولا عنده الوسيلة لفعل لخطوة كهذا.
أحمد منصور: تماماً مثل أبناء الملوك الآن اللي عايشين في أوروبا وأميركا وعلى أمل أن يعودوا إلى دولهم ليحكموها مرة أخرى.
عارف عبد الرزاق: أظن ما أعرفش..
أحمد منصور: بدون.. بدون، لا أنا يعني..
عارف عبد الرزاق: يعني كان عنده حلم.. كان عنده حلم.
أحمد منصور: زي عائلة شاه إيران مثلاً بتطالب بالعرش، لكن هناك..
عارف عبد الرزاق: الحقد بين العائلة الهاشمية والسعودية كان موجود إلى غاية 57، كل أفراد العائلة الهاشمية كانوا يحقدون على العائلة السعودية باعتبار كانت الحجاز كان ملكهم وطردوا منه من قِبَل عبد العزيز السعود وكان قائد الجيش اللواء البدوي فيصل.
أحمد منصور: فيصل الدويش؟
عارف عبد الرزاق: فيصل الدويش.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: فيصل الدويش.
أحمد منصور: هو كان يُغير من آن لآخر على جنوب العراق.
(11/170)
عارف عبد الرزاق: لأ، هو كان بجنوب العراق بعد.. بعد ما اختلف مع عبد العزيز السعود، وبعدين حوصر، مُنع من المياه في الكويت وسلم إلى الكويت.. إلى الحاكم البريطاني في الكويت على أساس يحمي حياته، حتى يحمي عائلته من.. من الظمأ، وسلم على أساس إنه عبد العزيز لا يقتله، ودخل بالسجن ومات في السجن.
أحمد منصور: من خلال أيضاً وصف عبد الإله بصفته عبد الإله لعب دور خطير في حياة أو في تاريخ العراق الحديث ابتداءً من العام 39 وحتى العام 58.
عارف عبد الرزاق: 58.
أحمد منصور: قيام الثورة؟ البُعد العروبي أو القومي كان عنده أيه؟
عارف عبد الرزاق: كان شعوره يعني شعور.. شعور عربي ماكو شك بيها، وكان يفرح لكل عمل عربي جيد، لكن غالب الخوف كان يطبع عليه..
نوري السعيد وعلاقته بعبد الإله
أحمد منصور: بصفتك أيضاً كنت طيار له وللملك، نوري السعيد كان من أكثر رؤساء وزراء العراق إثارة للجدل، شكل 19 وزارة في العراق في خلال فترة..
عارف عبد الرزاق: ووطني.. ووطني لا يُشك في وطنيته، لكنه كان أنه الإنجليز هم الأقوى وعليه مجاراتهم....
أحمد منصور: فين الوطنية هنا؟
عارف عبد الرزاق: ساعد الاستقلال وساعد الحرية منهم.
أحمد منصور: لم أجد أي مرجع يتكلم عن وطنية نوري السعيد إلا ربما ابنته كتبت كتاب عن حياته من بين يعني أكثر.
عارف عبد الرزاق: عصمت.. عصمت سعيد..
أحمد منصور: أكثر من 40 مرجع رجعت إليها وأنا أحضر للحلقة، أنت الآن تقول الرجل كان وطني إزاي الراجل وطني.
عارف عبد الرزاق: كان وطني.
أحمد منصور: وكان ينظر إليه على أنه يعني كان يحقق أحلام البريطانيين في العراق.
عارف عبد الرزاق: لله وللتاريخ، لله وللتاريخ ماكو شك كان وطني، ماكو شك فيها، لأنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني نوري السعيد وطني؟
عارف عبد الرزاق: أي نعم، لأنه في سنة 56..
(11/171)
أحمد منصور: يعني هنا هل.. هل مجرد نوايا السياسيين تغفر لهم ما مارسوه عملياً في حق الشعوب؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو كان يؤمن أنه.. أنه إنجلترا هي.. هي الدولة القوية في العالم كله.
أحمد منصور: هل معنى ذلك إنك تسخر إمكانيات دولتك لهذه الدولة القوية؟!
عارف عبد الرزاق: لأ، هو كان.. لا هو يعني أولاً المعاهدة سنة 30، 32 هو اللي أخذها من الإنجليز.
أحمد منصور: برضو توقيع السياسيين معاهدات يرهنون فيها مقدرات شعوبهم لدول أخرى أقوى، هل هذا يغفر لهم أو يسامح لهم أو يعطيهم مبررات لنقول أنهم وطنيون؟
عارف عبد الرزاق: والله الأعمال بالنيات، والأعمال بالنتائج.. بالظواهر دي كلها، يعني أذكر أنه سنة 56 كان طلبوا عبد الإله وغازي الدغداني الاتنين هم كانوا ناس بعيدين عن القوة الجوية، وطلبوا من الإنجليز أن يعطونا طائرات هنتر، فوصلنا 3 جسام محمد، وأنا، وفيليب واحد مقدم إنجليزي، فيليب لنتن، أو كلينتون أو حاجة زي كده، فقابلتنا مع نائب رئيس أركان القوات الجوية البريطانية فقال أنا كل (......) وأبناءهم علشان نلبي رغبة الحكومة البريطانية بإرسال طائرات الهنتر في مرور الجيش يوم 5 كانون سنة 57، فقلت قبل ما تبتدي بالطائرات ما هي نوع الطائرات الهنتر 4100؟ فيرد عليه وره قال: لأ، النوعية ما حد ذكرها، فإحنا فكرنا نعطيكم رقم 4، أنا ما اتفقت مع رئيس أركان الجيش العراقي، قلت له إذا ما كانت العلامة 6 إحنا.. إحنا نرفضها، ووافق الرجل عليها، فقالوا لأ إحنا ما عندنا علامة 6، قلت لأ موجودين عندكم 350 طيارة كانت موجودة معلومات بالصحف، (....) بها رجع وبعدين قال: لأ نعطيكم طيارات الأربعة علامات تتدربوا عليها، لكن بأجور الطيارة بالشهر 10 آلاف دينار إلى أن نعطيكم الطيارات البقية بالسنة الجاية أو.. أو بعدها، فكتبنا برقية مثل ما هي وكتبنا رأينا إحنا لا نوافق على هذا الطلب، فجت موافقة لا نوافق.
(11/172)
أحمد منصور: وأنت كنت في بريطانيا وأرسلتها إلى العراق.
عارف عبد الرزاق: الرجل وقف معنا ضد...
أحمد منصور: يعني موقف..
عارف عبد الرزاق: يعني.. يعني موقف مؤيد يعني أنا لم..
أحمد منصور: يعني هو في موقف عفواً اسمح لي برضو ليس موقفاً جوهرياً تُقاس به وطنية رئيس وزراء شكَّل 19 حكومة.
عارف عبد الرزاق: حتى أنت تحكم على شخص تحكم على تاريخه السياسي، نوري السعيد انهزم من الجيش التركي واتجه إلى.. بدافع الوضع اللي كان في تركيا وسياسات العدو التراكوة إنه ما كانت موجودة وعزيز علي المصري والجماعة.. جماعة العرب كلهم اللي ثاروا ضد الاتحاد التراكوة في تركيا، فهو بتجربته اللي فات لها والحروب اللي صار بها والهزيمة من الشام، أضيف لك إنه إنجليز فوق كل..
أحمد منصور: معنى ذلك.. معنى ذلك وأنت رجل سياسي وعلاوة على إنك رجل عسكري إن هناك عذر لكل سياسي يمكن أن يوقع معاهدة مع دولة كبرى يُرهن فيها مقدرات دولته على اعتبار ما قام به نوري السعيد، أو ما قام به غيره من الحكام من توقيع اتفاقات.
عارف عبد الرزاق: على حدث معين ما تقدر تسمي إلا على السيرة المعينة الكبيرة، في خلال نوري السعيد لم يرتزق من وظيفته، ولم يسرق ولم يرتشي، نوري السعيد في كل مواقفه كان يعني أذكر في حلف بغداد 58 كان موقفه موقف صلب، في أنقره كان اجتماع رئيس الوزراء هناك، لكن ظروف يعني السياسي يجب أن يقارن هو مَنْ وكيف؟ وعلى ماذا يستند؟
أحمد منصور: معنى ذلك إن السياسيين العرب الآن كلهم ملائكة، لأن –عفواً يعني- هناك واقع أميركا بتفرضه على الكل ومن خلال هذا الواقع هؤلاء يتعاملون.
عارف عبد الرزاق: والله..
أحمد منصور: فبالتالي كل هؤلاء ملائكة وهذه الشعوب الآن اللي عمالة تعارض الواقع العربي المُر والمأساوي عليها أن تدرك تماماً أن حكامها عبارة عن ملائكة وأنهم يفعلون يعني أفضل مما هو ممكن بسبب الضغوط الدولية عليهم!!
عارف عبد الرزاق: يعني.
(11/173)
أحمد منصور: إحنا ممكن نفهم السياسة على إنها كده؟!
عارف عبد الرزاق: السياسة خيار بين ما تريد وما لديك، السياسة فن أن تأخذ أكثر مما تعطي إذا استطعت.
أحمد منصور: إحنا بناخد حاجة؟
عارف عبد الرزاق: إحنا ما نقدرش ناخد حاجة، لكن هناك قوة أمامنا قوة محطمة تتفوق علينا سلاحاً وعلماً وسياسة وقوة.
أحمد منصور: يبقى ما المقابل؟
عارف عبد الرزاق: مقابلها مع هذا الانتحار، لكن هل.. هل الانتحار أحسن أو السير نحو وسيلة أحسن، أنا خيار لا أستطيع أن أجزم به، لكل زي.. لكل رأي ذا رأي.
أحمد منصور: هأرجع إلى علاقة عبد الإله مع نوري السعيد وكانت العلاقة طويلة، وكان نوري السعيد الخيار المفضل في تشكيل الحكومة.
عارف عبد الرزاق: ماكو شك بها، لكن في الـ 54 كنا في سارسنج أذكر وكان.. كنت أنا طلب مني نوري السعيد أنه يهيئ طيارة أوصله إلى بغداد، وطلبت من الأمير عبد الإله أنه طلب نوري السعيد هذا الموضوع، جواب عبد الإله كان جواب..
أحمد منصور: فين سارسنج؟
عارف عبد الرزاق: سارسنج كان شمال العراق، كان يروح يصيف بها عبد الإله، كان عنده بيت، كان بالمدرسة..
أحمد منصور: يعني رغم إن عفواً فيصل الثاني أصبح ملكاً وتوج في 2 مايو/ أيار 53 إلا إن ظل عبد الإله هو اللي بيحكم.
عارف عبد الرزاق: طبعاً لا يزال غارقاً في السياسة وبعد، يعني كان.. يعني بل يمكن بالـ 56، 57 بدأ.. بدأ يتنافس.. الملك فيصل، لكن ما كان..
أحمد منصور: طبعاً ما هو الملك حسين رغم أنهما توجا في يوم واحد تقريباً أو في فترة واحدة..
(11/174)
عارف عبد الرزاق: لا الملك حسين ما كان عنده، ما كان عنده، كان عنده (توفيق بروده) كان حاكمه شوية يعني، كان سياسي كبير، لكن.. لكن الملك حسين كان حاكم نفسه، يعني ما كانش يعني كان قراراته تنبع من نفسه، و(...) قيل أنه والدته كان لها سيطرة عليه ما أعرف هذا الرأي كان صح، هل كان الرأي صح أم خطأ، لكن فيصل ما كان يبت بأمر قبل.. قبل الرجوع إلى خاله، يعني كان يروح للزيارات بسيارة واحدة وهذا يداوم بغرفة وهذا يداوم بغرفة والناس تزور هذا وتزور هذا.
أحمد منصور: لكن القرار كان عند عبد الإله.
عارف عبد الرزاق: عبد الإله ما كان طلع قرارات كان مهتم بالقرارات كان يستشير..
أحمد منصور: تضرب لنا مثال كده وأنت قريب منه عدة سنوات يعني.
عارف عبد الرزاق: والله يعني الأمثلة كثير، يعني عبد الإله..
أحمد منصور: في هذا الموقف الذي تتحدث فيه عن طلب نوري السعيد منك أن توصله بطائرة إلى بغداد.
عارف عبد الرزاق: هناك لابد.. هناك كان من غضاضة كانت في الليل فيما بينهم، بعد أن طلب من نوري السعيد بدون أي يبدي أن غضاضة أنه أطلب من.. أن يوصله، فبعد مجيء عبد الإله وكان صايم في رمضان إلى منطقة الضباط ومنطقة..
فذكرت له.. قلت له: نوري باشا يريد أن أوصله بالطائرة إلى بغداد، فلم يجاوب. وبعد.. ربع ساعة أو عشرين دقيقة، نده على المرافق الأقدم علي أحمد الصانع وقال: هل عندكم سيارة تروح للموصل، طبعاً أحمد الصانع.. قال لنا السيارات كلها أرسلت، لكن إن كنت تريد أن أرسل سيارة طالبين نبعت سيارة أخرى، فدا كان بعتني بيها نوري باشا فشك إن كلام قريب جداً..
أحمد منصور: فيه إهانة له..
(11/175)
عارف عبد الرزاق: وما.. أكثر من اللزوم، فدا اللي لا يعمل، لكن عارف قاله ووعده، قلت له: أنا ما وعدته لو كنت عايز أقوله إن الطيارة عاطلة أقول له الطيارة عاطلة، فطبعاً بعد اللي صار ما كان قلت له سيدي عايزني أقول لسعيد الطيارة عاطلة أم أوديه؟ فبعد صمت قال لأ ودِّيه، طبعاً كان خلاف على موضوع سوريا..
أحمد منصور: أي موضوع في سوريا بالضبط؟
عارف يعني كان العراق يسعى يعطي بعض الرشاوي لجهات معينة في سوريا أو في لبنان..
أحمد منصور: مش لجهات معينة، لأن الآن المصادر التاريخية..
عارف عبد الرزاق: أشخاص معينين.. أشخاص معينين.
علاقة العراق بمسلسل الانقلابات في سوريا
أحمد منصور: المصادر التاريخية هنا طالما حضرتك تطرقت لهذه النقطة بتشير إلى إن مسلسل الانقلابات اللي كان بيحدث في سوريا كان عبارة عن صراع على النفوذ المطلوب بين الولايات المتحدة وبين بريطانيا، بريطانيا كان لها نصيبها في العراق والعراق كانت تدعم بعض الضباط السوريين للقيام بانقلابات ضد الضباط الموالين للولايات المتحدة، الانقلاب الأول اللي قام بيه حسني الزعيم مصادر، عشرات المصادر تشير إلى أن الولايات المتحدة كانت وراءه، الانقلابات اللي قام ضد. اللي هو انقلاب سامي الحناوي يقال أن العراق هي التي دعمت سامي الحناوي للقيام بانقلاب ثم جاء انقلاب الشيشكلي، ثم حدث انقلاب على الشيشكلي ويقال أن العراق كان.. علاقة العراق بمسلسل الانقلابات الذي كان يتم في سوريا والاتفاق عليه طالما أنت تطرقت إلى نقطة إن نوري السعيد كان يدفع؟
عارف عبد الرزاق: أنا أعتقد أن العراق دفع لانقلاب سامي الحناوي وانقلاب الشيشكلي دفعت له السعودية وتعهد بعدئذٍ الشيشكلي أن يقوم بانقلاب مرة ثانية وهنا العراق ابتدى يجيب الشيشكلي لجانبه وكانت هذه الأشياء ذكرت في محاكمة الهداوي في..
احمد منصور: بعد 58.
(11/176)
عارف عبد الرزاق: بعد 58، فكان حتى.. كميل كان (شمعون).. يستلم في الشهر 5000 دينار من العراق..
أحمد منصور: اللي هو صار رئيس للجمهورية..
عارف عبد الرزاق: صار للجمهورية وهو كان رئيس جمهورية.
أحمد منصور: يستلم وهو رئيس الجمهورية..
أحمد منصور: يعني الآن ما يقال عن إن فيه رؤساء دول بيتقاضوا راتب من جهات معينة..
عارف عبد الرزاق: لا تتهمني في.. أنا..
أحمد منصور: أنا لا أتهم، بس..
عارف عبد الرزاق: وأنا.. كما ترى..
أحمد منصور: فيه هناك حاجة اسمها القياس، فإحنا بنقيس على إن العراق كان بيدفع..
عارف عبد الرزاق: أنا أذكر لك ما عندي وأذكر أنت ما تريد..
أحمد منصور: يعني أنتم كنتوا بتدفعوا لكميل شمعون رئيس لبنان..
عارف عبد الرزاق: هذه بإدانة المحاكم، يمكن مش أنا يعني، المحاكم موجودة..، المحاكم كان يستلم منهم فلوس..
أحمد منصور:خلاص ما إحنا بس بنريد الناس تفهم كيف كانت تسير الأمور في ذلك الوقت ومقدرات الشعوب كانت تنفق كيف.
عارف عبد الرزاق: أنا أذكر لك شيء واحد، يعني مع الأسف يعني استطراداً.. استكمالاً للحديث لهذا الموضوع، لما كنا ضباط صغار، لما كانت تصير (...) في البلد كنا نقول دعنا من هذا الموضوع لأن هناك رجال أعلى مننا وأفهم مننا يقوموا بحلها..
أحمد منصور: مش سلبية دي؟ أليست سلبية؟
عارف عبد الرزاق: على كل حال.. تتكلم نحن في حرب إحنا ضباط صغار، لما طلعت فوق في الرف الفوقاني من الحكم، شفت أنا الحكم مناقشات اللي كانت بمستوى الداء الواطئ أنفع كثير من المناقشات..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كيف؟ كيف؟ وضح لنا دي.
(11/177)
عارف عبد الرزاق: لأنه بيكون براءة كانت المناقشات تيجي في المستوى الواطي، اللي في المستوى العالي كان مزيد من خوف من المسؤولية وعايز يرفع القضية عن.. عن.. عن المنضدة بتاعته، الورقة شنو.. هذه المشكلة تزاج من أمامه زي أي مسؤول في أي مكان.. تخوف من المسؤولية تخوف الناس من المسؤولية..
أحمد منصور: يعني من خلال تسجيلي لشاهد على العصر مع شخصيات من دول عربية مختلفة ورجوعي لعشرات المصادر التاريخية أشعر أن الفترة فترة الخمسينات والستينات كأن الحكام العرب في تلك الفترة لم يكن أحد مشغول بشيء اسمه إسرائيل وإنما كان كل حياتهم همه يدبر انقلاب على الحاكم الثاني، وكان هناك مراكز كده لتدبير الانقلابات والثورات ودعم ده، ودفع ده، وأعتقد إن ده كان له دور رئيسي في هزيمة 67 وفي تضخم إسرائيل بعد ذلك اللي ما حدش كان فاضي لها، كنت ترى هذه الصورة وأنت كنت قريب من الحكم في تلك المرحلة؟
عارف عبد الرزاق: وهل استتبت الحال الآن؟ وهل استتبت الحال الآن؟
أحمد منصور: يعني الآن إسرائيل تضخمت الآن والكل رضخ للأمر الواقع، لكن فترة الخمسينات والستينات.. يعني كما ذكرت لي وأنا أدردش معك؟
عارف عبد الرزاق: إذا تريد رأيي الشخصي للموضوع أنا أقول الأمة العربية تبقى..
أحمد منصور: مش رأي شخصي، أنت مسؤول بتتكلم.
عارف عبد الرزاق: الأمة العربية تبقى مستضعفة ومهينة ومذلة ما دامت (...) ومتفرقة، الوحدة هي السبيل الوحيد لعزة الأمة العربية.
أحمد منصور: أنت كنت قريب من الحكم الملكي في فترة الخمسينات، بل كنت طيار الملك وكنت مرافق الملك لفترة ليست بسيطة، التفكير والقضايا اللي بتشغل الحكام أو الحاكم في ذلك الوقت إذا كان الآن عمال يدبر لانقلاب ضد الانقلاب اللي تم في سوريا وعمال بيطالب بعرش السعودية وعمال يرتب للصراع مع الأردن أو يرتب مع وحدة معه، فين موقع إسرائيل.. إسرائيل من كل ما يدور هذا؟
(11/178)
عارف عبد الرزاق: ...، وأنا.. الآن يا أخي المواضيع كلها الابن يقتل أبوه ويطرد أبوه عشان منصب، فأنت تريد واحد مثل، عبد الإله ما يطمع بسوريا؟ كل يطمع في الآخرين.. كل واحد يطمع في الآخرين..
أحمد منصور: عبد الإله كان يرتب في ذلك الوقت أيضاً لسوريا الكبرى..
عارف عبد الرزاق: حلم خده.. تولاه بعد عمه.. بعد عمه عبد الله.
أحمد منصور: يعني دعمه للانقلابات التي كانت تتم في سوريا كان يأمل أن..
عارف عبد الرزاق: يعني كان.. يعني كان أولاً منفعة شخصية له ومنفعة للعراق، ثانياً اكتفاء شر توسع السعودية ومصر باتجاه سوريا حتى لا تخنقه سوريا، يعني كان العامل عاملين يعني.
حلف بغداد وأهداف دخول العراق فيه
أحمد منصور: الولايات المتحدة الأميركية..
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: الولايات المتحدة الأميركية ما دخلت المنطقة إلى بعد 55.
أحمد منصور: ما أنا بأسأل الآن بأنتقل لمرحلة الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تحتل أماكن النفوذ البريطاني، وشعرت إن أفضل وسيلة لتفيد الأنظمة الموجودة هو فكرة الانقلابات العسكرية التي بدأت تربطها بالخارج ابتداء من انقلاب حسني الزعيم، كوسائل سريعة المجيء لضباط ليحكموا ومن ثم تتبدل أمور كثيرة من الأنظمة في القائمة، في صيف 1955م تم ما سمي عليه تاريخياً حلف بغداد بين العراق وإيران وتركيا وباكستان والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ويقال إن إقحام العراق أو إدخالها في هذا الحلف جاء من أجل ضرب بعض مناطق النفوذ ومن أجل أن تصبح العراق جزء من المنظومة الأميركية في المنطقة.
(11/179)
عارف عبد الرزاق: حلف بغداد كان أعتقد حلف سياسي أكثر منه حلف عسكري، كان بالبداية يتكون من تركيا والعراق وإيران وباكستان وبريطانيا وأميركا مراقبين ودخلوا بعد سنة أو سنتين من تشكيل 56 أو 57، تركيا عضو بالناتو وباكستان عضو بالسيتو، فكانت اللعبة على العراق وعلى إيران تجاه ما يسمى بالتيار الشيوعي، كان من ذاك الوقت، فأنا كنت في لندن مع القوات الجوية كنت بسنة الـ 57 بالحلف.. حلف بغداد، وأنا شفت..
أحمد منصور: دورك كان إيه؟ دورك كان إيه في الحلف؟
عارف عبد الرزاق: منظم العمليات القوات الجوية العراقية في.. في الحلف.
أحمد منصور: اجتمعت مع القادة العسكريين.
عارف عبد الرزاق: لا.. مع.. مع.. مع (...) مال إيران، ومال تركيا، ومال الباكستان ومال العراق، ومال..
أحمد منصور: في نطاق مهمتك ودورك هنا، ما هي كانت طبيعة الدور العراقي في الحلف؟ من خلال دورك أنت؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو كان ما.. يعني إحنا لقينا تعليمات أن من قادة.. قادة الجيش العراقي وضباطه الكبار، أنه حاولوا أن تفيدونا عسكرياً ونقاشاتكم خليها تكون محصورة في جهة روسيا لا تتجهوا لإسرائيل مطلقاً، هاي التعليمات التي جت لنا.
أحمد منصور: مباشرة؟
عارف عبد الرزاق: مباشرة.
أحمد منصور: وفبلتوها؟
عارف عبد الرزاق: قبلناها، ما.. إحنا موظفين نؤدي واجب معين، فإحنا..
أحمد منصور: ما معنى ذلك عفواً؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: ما معنى ذلك؟
عارف عبد الرزاق: معنى ذلك أنا كنت.. إحنا نحاول أن نحصل للعراق أحسن ما يمكن، فكنا.. كانوا.
أحمد منصور: لأ، معنى ذلك.. معنى ذلك بالنسبة للحلف؟
عارف عبد الرزاق: خليني أكمل شوي.
أحمد منصور: طب اتفضل.
عارف عبد الرزاق: في الاجتماع أنا العضو مال تركيا كان صديقي، بأعرفه من (كرامبل)، والباكستاني كان موالٍ لنا.
أحمد منصور: (كرامبل) لما كنتوا بتدرسوا في بريطانيا؟
(11/180)
عارف عبد الرزاق: ندرس في بريطانيا، وكان مدير استخبارات.. الإيراني أيضاً معانا أيضاً بكرامبل، فخليته هو كان.. كان.
أحمد منصور: يعني كلكم تربية إنجليز؟!
عارف عبد الرزاق: لأ، كان هو (بريجيدير)، وأنا كنت (ليفتنانت كولونيل) فطلب كلام هو قلت له: لأ، أنا اسمع الكلام.
أحمد منصور: ياريت الرتب بالعربي حتى يفهمها المشاهد؟
عارف عبد الرزاق: يعني كان هو زعيم عميد وأنا كنت مقدم، فقلت له الكلام أطلب الكلام للعميد (...) اللي هو صار بعدين بالمخابرات الإيرانية بعدين بالانقلاب على الشام، فطلب 150 طيارة، وهم استبعدوا الأميركان والإنجليز استبعدوا حصولنا على طائرات قاصفة باعتبار القاصفات من (...) و (...) فلما جاء دوري أنا طلبت 200 طيارة للعراق، على أساس.. ما زاد من 115 (... فايتر) (.. فايتر) وطلبت سرب قاصفة على اعتبار إن القاصفات الخفيفة من التعبئة مو.. مو من الطوق، فكنت دايماً مع نصير أربعة ضد اتنين، تركي، والعراق، والباكستاني، والإيراني ضد الإنجليزي والأميركاني، فكانت حتى في المستوى المستويات العليا نائب.. نائب أركان الجيش رئاسة أركان الجيش، وحتى في بغداد في حلف بغداد.. في اجتمع برؤساء الوزراء في أنقرة، أعتقد في أنقرة سنة.. شهر واحد سنة 58، سلم القائد أركان الجيش الأميركي، وقال إحنا ما عندنا مانع نسوي 8 أسراب والعراق، لكن على أساس أن يكون للعراق 112، فطلبت من أركان الجيش الكلام أنا، وأنا كنت مقدم، فبالتالي ما أعتقد الجنرال دخل معلومات إن السرب العراقي 112، 115، 119 طائرة، فكنت ها المادية.. المادة المادية، إذا كان السرب العراقي النموذجي.. في سرب.. الناتو 20 كان 25..، فكانت ضجة ثارت داخل المؤتمر، فرئاسة أركان الجيش التركي فض المؤتمر وخلّى بس الـ Heads، طبعاً الـ Heads حطوا فيها مادة صحيح قبولها موقف إيران كان...
أحمد منصور [مقاطعاً]: سنة كام كان المؤتمر ده؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
(11/181)
أحمد منصور: سنة كام؟
عارف عبد الرزاق: شهر واحد/ 58.
أحمد منصور: يعني أما كنتم تشعرون أن حلف بغداد عبارة عن حلف أقامته بريطانيا والولايات المتحدة أو المتحدة تحديداً وبريطانيا لكي توجه هذه الدول ضد المد القومي الموجود في المنطقة وأن كل الدول العربية كانت تنظر إلى حلف بغداد على أنه مؤامرة عليها؟
عارف عبد الرزاق: قد يكون هذا رأي الكثير من الناس، لكن الرأي الآخر إن كان هو ضد.. ضد النفوذ الشيوعي، وكانوا يعتقدون أنه كثير من الدول العربية راح تنضم لهذا الحلف في البداية، أنا برأيي كان هو.. هو حلف سياسي أكثر مما هو عسكري.
أحمد منصور: لم يكن غطاءً لإسرائيل؟
عارف عبد الرزاق: لأ، ما أعتقد لها غطاء بالموضوع.
أحمد منصور: لماذا استثنت إسرائيل من أي تفكير فيما يتعلق بسياسات الحلف؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: استثناء إسرائيل؟
عارف عبد الرزاق: إسرائيل وجدت.. وجدت لتبقى بالنسبة للنظام الأميركي والإنجليزي، إسرائيل وجدت لتبقى، ولولا أميركا وروسيا لما وجت إسرائيل، أميركا بفعل أميركا قرار التقسيم، صار صدر من بريطانيا لكثير من الموجودين في بريطانيا.
أحمد منصور: تقييمك إيه للحلف ودوره؟
عارف عبد الرزاق: والله أنا تقييمي كان حلف سياسي، لكن إحنا كنا كضباط حاولنا نستفاد من الناحية العسكرية بما فيها الجيش العراقي أكثر.
أحمد منصور: استفدتم؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: استفدتم؟
عارف عبد الرزاق: يعني هم ما قلت لك الاجتماع اللي صار في بغداد في.. في أنقرة.
أحمد منصور: بعد 3 سنوات من..
(11/182)
عارف عبد الرزاق: بعد 3 سنوات، أنا كنت اشتركت في.. في سنة الـ 57، يعني.. يعني مش من الأول، قبلي كان واحد اسمه أحمد الشيخي، وراح كلية الأركان وانتخبت في مكانه، في الاتفاق اللي صار بين رؤساء الجيوش الستة بعد ما طردونا كل اللي كان من معانا، اتفقوا على أنا يكون 8 أسراب لكل من العراق وإيران، لكن تعتمد على.. على إمكانية هذيك الدولة لاستيعاب هذه الزيادة في.. في العام. طبعاً إمكانية إذا ما يساعدونهم، وطريق غير ممكن، فهم حطوا فيها مسمار لا.. لا يمكن..
أحمد منصور: إذاً كان دخولكم لاستخدامكم؟
عارف عبد الرزاق: والله كانت.. يعني كان.. كان وصلنا كان..كنا حصلنا على بعض الطيارات، كان ممكن لما حركة 14 تموز كان...
أحمد منصور: لا تسمن ولا تغني أكيد.
عارف عبد الرزاق: يعني كانت كان تيجي لنا سرب 3 طيارات كان ممكن.
أحمد منصور: موضوع 200 طائرة كنتوا تعتبروها مطالب أساسية؟
عارف عبد الرزاق: يعني.. يعني نحنا نحاول..
حرب عام 56 وتأثيرها على الضباط الأحرار في العراق
أحمد منصور: أممت قناة السويس في 26 يوليو 56، وبعد ذلك اندلعت حرب السويس في العام 56 وكانت العراق محتلة من قبل بريطانيا، وحضرتك أشرت في بداية الحلقة إلى إن.. يعني حرب السويس ألهبت حماس الضباط في العراق أكثر من ثورة 52؟
عارف عبد الرزاق: أنا أعتقد حرب 56 مفتاح لجدول قومية العالم العربي ككل، إحنا لم نؤمن بعبد الناصر ولا بمصر إلا بعد 56، بعد حرب 56، ومن هنا..
أحمد منصور: قبل كده كانت رؤيتكوا إيه، أو كنتم بتنظروا لعبد الناصر ومصر على أي أساس؟
(11/183)
عارف عبد الرزاق: يعني كنا على أساس على غرار الانقلابات اللي كانت في سوريا والمنافع الشخصية والطموح أو شيء آخر، ما كان عندنا يعني أي فكرة أكثر من كده، رغم أن في الـ 54 إجا صلاح سالم للعراق وحاول (سارسنج) مع نوري السعيد ومع مشير، وكان يعرف أشياء على السعيد، لكن ما أعتقد كان أكو شيء حب بين نوري السعيد وبين مصر في ذاك الوقت، حصل بعد هذا الانقلاب.
أحمد منصور: كنتم أنتم كضابط على غرار ما حدث في مصر، وعلى غرار ما يحدث كل عدة أشهر في سوريا، فكرتم في عمل انقلاب في العراق؟
عارف عبد الرزاق: بعد الـ 56 فكرنا نعم.
أحمد منصور: لكن قبل الـ 56؟
عارف عب الرزاق: لأ، يعني أنا شخصياً ما.. ما أعرف في ذلك الوقت..، لكن طبعاً كان تنظيم رفعت إنه التهيؤ لانقلاب، لكن امتى كان انقلاب.. امتى.. مواتية في الانقلاب ما حدش يعرف.
أحمد منصور: لكن في الفترة دي كان تنظيم الضباط الأحرار الذي أسسه رفعت حاج سري كان واخد أخد امتداده، وكان هناك تجمعات مختلفة من الضباط الأحرار بدأت..
عارف عبد الرزاق: بعد الـ 56
أحمد منصور: فيما بينها.
عارف عبد الرزاق: بعد الـ 56.
أحمد منصور: في هذه الفترة..
عارف عبد الرزاق: كان هناك تنظيم إسماعيل علي قائد مدفعية الفرقة الثالثة، كان تنظيم.. رجب عبد المجيد كان التنظيم الأكبر، تنظيم القادة الكبار وذوي.. كان ناس بتنظم الشخص اللي في منصب معين عشان يقوم بعمل، أما الشخص الآخر برغم كل شعوره ما كان أحد يشوف ها الموضوع، فآمر سرب.
أحمد منصور: أنت في الفترة دي تركت عملك كطيار للملك ورجعت.
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا كنت آمر ربط تعينت 1/1/55 آمر ربط السرب الخامس.
أحمد منصور: يعني إيه آمر ربط؟
عارف عبد الرزاق: يعني السرب يتكون من ربطين، كل.. كل ربط به 7 أو 8 طيارات مع بعضه، مع ضباط، مع جنود، لكن ده يعمل داخل السرب.
أحمد منصور: كنت دايماً في الحبانية؟
(11/184)
عارف عبد الرزاق: في الحبانية، كان سرب الحبانية، كان السرب في الحبانية رايح لعرض في بغداد فنقل للحبانية.. وكانت الحبانية قاعدة إنجليزية.
أحمد منصور: نعم.. كان معكم إنجليز في نفس الموقع.
عارف عبد الرزاق: لكن تصحيح.. تصحيحاً لكلامك.. العراق لم يكن محكوم من قبل الإنجليز في ذلك الوقت، كان العراق حاكم نفسه، لكن كان هناك سبب أقوى وهو معاهدة.. تنفيذاً للمعاهدة، وبعد مؤتمر بغداد.. بعد حلف بغداد تقريباً الإنفكاك العراقي.. الإنجليزي..
أحمد منصور: يا سيدي ليس بالضرورة أن العراق يحكم من قبل الإنجليز.. يعني ملك.. يعني رئيس وزراء بريطانيا هو اللي يسير الأمور، الآن معظم أو كثير من الدول تحكم عن طريق.. بـ 100 طريقة مختلفة، فالآن كان فيه معاهدة هي اللي كانت بتسير الأمور فالعراق كان.. أيضاً يحكم من البريطانيين بشكل أو بآخر.
عارف عبد الرزاق: لكن أنت تلح أن يكون العراق بيحكم من بريطانيا، أقول لك لأ، العراق كان يحكم من قبل نفسه، لكن هم العراقيين نفسهم ما كانوا..
أحمد منصور: بوصاية بريطانية.
عارف عبد الرزاق: بوصاية بريطانية.. برضاء بريطانيا، يعني الكل يطلب الرضا، يطلبوا منهم الرضا يمكن..
أحمد منصور: زي الآن ما أصبحت واشنطن قبلة الرضا.
عارف عبد الرزاق: آه طبعاً.. طبعاً..
أحمد منصور: كان في أيامكم في العهد القديم كانت لندن هي قبلة الرضا.. نرجع للـ..
عارف عبد الرزاق: لـ.. بعد بـ 15/3/55 صرت آمر السرب الخامس، وبـ 15/6 صرت آمر السرب السادس وبقيت آمر السرب السادس إلى... 58.
أحمد منصور: إلى 58.
عارف عبد الرزاق: وكان سرب.
أحمد منصور: أيه أهمية السرب السادس في...
(11/185)
عارف عبد الرزاق: السرب السادس كان سرب أحسن الأسراب الموجودة وكان دربناهم تدريب راقي جداً، وعلمناهم الرمي.. علمناهم الطيران الليلي، علمناهم الرمي على أهداف جوية وعلى أهداف أرضية، الرمي بالصواريخ، كان كل أسبوع من شهر الأخير أسبوع رمي، كان كل طيار لازم يعمل 22 طلقة.
أحمد منصور: كان مين العدو.. دايماً في ذهن العسكري أياً كان في عدو بيوجه تجاهه كل..
عارف عبد الرزاق: لا إحنا نعمل تعبئة ضد أي.. أي..
أحمد منصور: ما كانش فيه عدو محدد.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا إحنا كقوات جوية..
أحمد منصور: يعني إسرائيل ماكانش لها وجود كعدو.
عارف عبد الرزاق: إحنا كقوات جوية مثلاً كيف نقوم بغارة جوية أرضية.
أحمد منصور: على مين؟
عارف عبد الرزاق: على أهداف معينة أي أهداف.. بننتخب هدف بالصحراء ونروح.. على أي هدف كان.
أحمد منصور: لا الآن هذا في التدريب، لكن في التعبئة النفسية للمقاتل عادة ما يعبأ المقاتل ضد عدو معين.
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: كان مين العدو اللي في مخيلتهم.
عارف عبد الرزاق: ده راجع للخطة الاستراتيجية للبلد، يدخل بالخطة الاستراتيجية للبلد ما يخص التدريب، الخطة الاستراتيجية للبلد بتعمل أعمال مع جيرانها بالأول.. مواضع دفاعية إلى هجومية، إذا جاء العدو من هنا.. إذا جاء العدو من هنا..
أحمد منصور: كان مين العدو في الخطة هذه بالنسبة لكم..
عارف عبد الرزاق: بالخطة الاستراتيجية العراقية سابقاً؟
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: كان إما في جهة الشمال تركيا أو إيران أو الغرب يعني ناحية فلسطين والأردن إسرائيل.. هذا الموجود كان.
أحمد منصور: يعني كانت إسرائيل متساوية مع جيرانكم العرب؟!
عارف عبد الرزاق: لأ إحنا خارج الجيران يعني إحنا ما دخل لنا بالجيران لكن القصد يعني ما أظن كان بيدخل بالخطة الاستراتيجية مالنتنا.. يعني ليس معروفة لنا.
(11/186)
أحمد منصور: لا إحنا بس كشيء للفهم، نريد أن نفهم الآن إن هل كان بيربى الجندي العراقي في ذلك الوقت على إن إسرائيل هي العدو بتاعه أو إيران أو تركيا أو مين بالضبط؟
عارف عبد الرزاق: عزيزي هناك لكل دولة خطة استراتيجية مالتها تفترض كل الافتراضات المحتملة، مين هو عدو ومين صديقك، إذا صار انقلاب ماذا تعمل، كل هاي تهيأ قابلة للتغيير كل شهر وكل سنة وكل سنتين، هذه الخطة موجودة في داخل الحركات العراقية موجودة على طول.
أحمد منصور: في ذلك الوقت.
عارف عبد الرزاق: في ذاك.. في ذاك الوقت أنا ما اطلعت بس على النقيض يعني عندما كنت في حلف بغداد سنتين كنا نعرف هذه أراضي ننظر لطبيعة الأرض في.. في تركيا واحتمالات الأهداف مالتها واحتمالات الخطر مالتها واحتمالات الوجود مالتها وفي إيران وفي الموقف مالتها، هل إحنا قادر الجيش العراقي قادر على الهجوم، قادر على الدفاع قادر على الدفاع.. إحنا نناقش هذه الأمور.
أحمد منصور: لو رجعت لتنظيم الضباط الأحرار وقضية نموه بعد العام 56.
عارف عبد الرزاق: بعد 56 وصل يعني تنظيم أنا قلت تنظيم رفعت وتنظيم إسماعيل علي وتنظيم عبد الوهاب الشواف، أنا اللي فاتحني..
أحمد منصور: (.....) عبد الوهاب الشواف.
عارف عبد الرزاق: نعم.. كان هو صديقي وكان هو اللي فتح لي الحركة الأولانية وبعدين حتى التنظيم مال..
أحمد منصور: رفعت حاج سري..
عارف عبد الرزاق: مال رجب عبد المجيد وفاتحوني.. بداية ما كان(.....) ما كان حدا يقف مكان التنظيم الثاني والثالث، كل واحد له تنظيمات (.....) لعبد السلام عارف اللواء 19 واللواء 20.. دول كانوا تنظيم واحد.
أحمد منصور: دول الرتب.. الرتب الأعلى.
عارف عبد الرزاق: لأ، الرتب الأعلى كان التنظيم مال الرتب كان فيه ناظم الطبقجلي ومحيي الدين عبد الحميد، وبعديها اجتمعوا كلهم في إناء واحد.
أحمد منصور: كان كل مجموعة من هؤلاء كان هدفها إنها تعمل انقلاب.
(11/187)
عارف عبد الرزاق: أنا فوتحت على أساس إحنا نعمل انقلاب للانضمام للوحدة العربية الموجودة بين مصر وسوريا.
أحمد منصور: الوحدة بين مصر.. الوحدة بين مصر وسوريا لعبت دور كبير سنة 58.. فبراير 58.. 12 فبراير 58.
عارف عبد الرزاق: لأ، هي من 56 ابتدت الحركات كلها التجمعات يعني حتى.. حتى بوادر الوحدة بدأت من.. مش 58 من 57 بوادر الوحدة كانت 57.
أحمد منصور: في نهاية 57 من بعد زيارة السادات إلى دمشق، لكن كإعلان رسمي كان في..
عارف عبد الرزاق: كان تغير من قادة الجنوب من قبل الجانب المصري أكثر منهم من الجانب السوري.. كان السوري كان (...).
أحمد منصور: طبعاً لأن القضية كانت فوضى أكثر منها شيء قائم على..
عارف عبد الرزاق: يعني كان عاطفة.. عاطفة ثورية.. مو كان..
أحمد منصور: فوضى ثورية.
عارف عبد الرزاق: إحساس قومي مو متعقل.
أحمد منصور: يعني أنا أرجع للفترة.. أنا أرجع للفترة دية حتى ندرك كيف تكون تنظيم الضباط الأحرار في العراق الذي قام بثورة 14 تموز سنة 1958، كان عبارة عن خلايا كل خلية لها قائد منفصل عن الآخر، وكل تنظيم كان بيسعى لعمل انقلاب، هل كان فيه شيء يربط؟
عارف عبد الرزاق: بالأخير.. بالأخير كان يربط..
أحمد منصور: متى بدأ الربط؟
عارف عبد الرزاق: بـ 58.
أحمد منصور: لكن قبل ذلك كانت كل خلية تعمل بنفسها.
عارف عبد الرزاق: لا كانت أكو شيء، يعني بين رؤساء الفرق هناك تعاون.
أحمد منصور: طيب.. أنت دورك كان أيه في التنظيم.
(11/188)
عارف عبد الرزاق: أنا كان دوري السيطرة على معسكر الحبانية.. معسكر الحبانية كان فيه قطاعات إنجليزية، وكان بجيش حلف بغداد يسموه (.... Post) يعني منطقة ترحيب.. ما فيه طيارات لكن فيه كل مؤهلات والطيارات كانت تيجي (....)، فكان كل القاعدة الطيارات اللي فيها طيارات عراقية كان عندنا سربين في الحبانية.. السرب الخامس والسرب السادس، فكان موجود القطاعات الإنجليزية بعد يوم 14 تموز هذا ما طلبتها من عندهم..
أحمد منصور: لا أنا لسه ما وصلتش لـ 14 تموز.
عارف عبد الرزاق: لا بس القطاعات لو جت لنكمل عددهم كان.. كان 1300 جندي.. 91 ضابط.
أحمد منصور: بريطاني.
عارف عبد الرزاق: بريطاني.. 101..
أحمد منصور: وما كنتوش بتحكموا من بريطانيا.
عارف عبد الرزاق: لأ، كان معسكر هذا.. ما كانوا بيحكمونا.
أحمد منصور: يعني هم بيلعبوا في المعسكر.
عارف عبد الرزاق: Steading Post.. Steading Post
أحمد منصور: لتأمين المصالح البريطانية.
عارف عبد الرزاق: على كل هتسميه أنت.. هنحاول نرجع.. لا ماكناش مستعمرين.. لأ كنا في كامل حريتنا وبكامل..
أحمد منصور: وأنتوا في كامل الحريات كان معسكر واحد، القاعدة اللي أنت فيها كان فيها 1300 بريطاني.
عارف عبد الرزاق: آه 1300 و91 ضابط، 121 طفل، 155 إمرأة، وكان 43.. 38 عسكري أميركي كان جاي مساعدة في سرب طيارات.
أحمد منصور: مساعدة لمين؟
عارف عبد الرزاق: جاي مع حلف بغداد.. كان بداية.. بداية لمعسكر جديد جاي، جه 38 جندي أميركي و5 ضباط أميركان، وكان عندهم طبعاً قطاعات من ... اللي هم مستخدمين كحراسة ووسائل حراسة موجودة لكن إحنا أحكمنا، كان عندهم المشجب ما لهم يقع بين..
أحمد منصور: نعم.. طبعاً سنأتي للتفاصيل في ليلة 14 تموز لكن..
عارف عبد الرزاق: إحنا كان عندنا..
أحمد منصور: كنت.. يعني كان ليك اجتماعات منتظمة معهم..
(11/189)
عارف عبد الرزاق: مع الشواف.. مع الشواف.. كل ما بنطلع بغداد نلتقي.. ونشوف الشواف وهيعملوا أيه.
أحمد منصور: كنت على علم بباقي المجموعة أم فقط أنت والشواف؟
عارف عبد الرزاق: كنت.. كنت بأعرف يعني.. ما كانتش عندي يقين بس كنا نحصر من منهم.
أحمد منصور: بصفتك في منطقة بعيدة عن بغداد كنت على إطلاع دائم بكل الترتيبات التي تتم؟
عارف عبد الرزاق: لأ، مش كلها.. لأ مش كلها.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: كان يعني استعدادات الفرد كنت أسمع بيها بعد ما تصير أو...
أحمد منصور: في محاولات سبقت ثورة 14 تموز منها محاولة عبد الكريم قاسم في 6 يناير 58، محاولة عبد الغني الراوي في 11 مايو 58، محاولة الشواف صديقك في 20 يونيو 58، كنت على متابعة بهذه الحركات التي تمت...
عارف عبد الرزاق: مال 56 كان أكو شيء تهيؤ لكن ما شاركت أنا فيه.. كان آمر القطاعات الأرضية (...) في 6 كانون 1958.. قطاعات اللواء.
أحمد منصور: كانون اللي هو يناير.
عارف عبد الرزاق: اللواء 19.. 6 كانون.. 6 يناير.. فكان أكو فوج من اللواء الثامن مع اللواء.. فعبد الكريم قاسم اعتبر أنه قد يكون هذا الفوج ما يناوئه.. وما يكون معه، فاعتذر عن القيام بالعملية في.. بساعة.
أحمد منصور: 11 مايو -عندنا مايو وعندكوا أيار- 58.
عارف عبد الرزاق: 58 مال الشواف.. مال عبد الغني الراوي.
أحمد منصور: مال عبد الغني الراوي.
عارف عبد الرزاق: بعد مؤتمر (..) كان مؤتمر كبير كل القطاعات العراقية اشتركت بالصحراء وهناك فوتحوا كتير من الضباط من القادة هناك، عجيل العقيلي وكثير من الضباط فوتحوا وخليل سعيد فوتحوا بهذا التمرين. في خلال التمرين وجرت محاولة من المدفعية جداً جداً.. قيل متعمداً وقيل سهواً، أنا لا أستطيع الجزم للآن.. حتى الآن فيها..
أحمد منصور: والشواف؟!
(11/190)
عارف عبد الرزاق: الشواف.. دقيقة واحدة بعد رجوعهم من مؤتمر (..) مال.. عبد الغني الراوي جمع ضباط وقال أنا هأقوم بعملية وطلعت حوالي 50 إلى 60 عربية كل واحدة فيه ضابط أو ضابطين لقيادة وحدات من اللواء مال عبد الغني الراوي، عبد الغني الراوي كان مقدم لواء، فلما وصلوا (أبو غريب) اللي هو حوالي 12 كيلو متر عن بغداد، شافوا إن الجنود كلهم ما كانوا معهم في اللواء راحوا.. رايحين البلد ومالقوش ولا جندي هناك، لكن كانت الحكومة تغط في نوم عميق.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة نبدأ من هذا الباب، النوم العميق الذي كانت تغط فيه الحكومة العراقية لدرجة أن جرت أكثر من محاولة انقلابية لدرجة أن جرت أكثر من محاولة انقلابية دون أن يتم اكتشافها ثم محاولة الشواف..
عارف عبد الرزاق: حتى إن سرية من سرايا اللي عندها.. تقريباً أسلحة للسيطرة على قيادة أركان الجيش.
أحمد منصور: في 20 يونيو 1958م جرت محاولة شاركت أنت فيها.
عارف عبد الرزاق: الشواف.. الشواف..
أحمد منصور: اللي هي محاولة الشواف.
في الحلقة القادمة نبدأ من الأجواء التي سبقت ثورة 14 تموز 1958م، الوضع السياسي في العراق، مشاركتك في محاولة الشواف التي لم تتم، ثم مشاركتك بعد ذلك في ثورة..
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع أن أفي الموضوع حقه، يحتاج إلى صفحات كثيرة حتى أتكلم عن كل شيء.
أحمد منصور: سأعطيك.
عارف عبد الرزاق: سأعطيك المهلة أنت تسأل وأنا أجيب على قدر السؤال.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.
عارف عبد الرزاق: العفو.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحياتي فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(11/191)
الحلقة4(11/192)
الثلاثاء 14/12/1422هـ الموافق 26/2/2002م(آخر تحديث) الساعة 10:51(مكة المكرمة), 7:51(غرينتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 4
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
27/01/2002
- فشل محاولة الشواف في إنهاء الحكم الملكي
- الأنظمة المستبدة وما فعله العسكر
- أهم الأحداث في العراق بعد محاولة الشواف وثورة 14 يوليو/ تموز
- الاستعداد للقيام بثورة 14 يوليو/ تموز
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق)، سيد عارف، مرحباً بيك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بيك أخي.
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند مفصل تاريخي هام في تاريخ العراق الحديث، وهو الفترة التي سبقت قيام ثورة 14 تموز 1958م، وأنهت الحكم الملكي في العراق وانتقلت الدولة إلى عهد الجمهورية، كان هناك عدة محاولات سبقت محاولة 14 يوليو، منها محاولة عبد الكريم قاسم في السادس من يناير 58، ومحاولة عبد الغني الراوي في الحادي عشر من مايو عام 58، ومحاولة الشواف في 20 يونيو 58.تحدثنا عن أسباب فشل المحاولتين الأولتين: محاولة عبد الكريم قاسم ومحاولة الراوي، فكيف فشلت محاولة الشوَّاف؟
فشل محاولة الشواف في إنهاء الحكم الملكي
عارف عبد الرزاق: بيوم 12/6 على الأكثر حصلت اجتماع كل.. من مقدم إلى فوق في عدد كبير من الضباط الأحرار في دار الشواف كانوا مدعوين على الغداء، لكن الوفاق ولأول مرة يحضر عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم..
أحمد منصور: حضرت معهم؟
عارف عبد الرزاق: لم أحضر معهم لأ...
أحمد منصور: كونك في الحباّنية هذا كان بيحول بينك وبين حضور كثير من الاجتماعات التنظيمية.
(11/193)
عارف عبد الرزاق: كثير من الاجتماعات الموجودة فيها وبعدين كان.. برضو يشتغل بـ.. حلف بغداد (…)، فأكثر الأشياء ما كنت أحضر فيها، بس كانت بيبلغني بيها الشواف أول بأول. فهناك صار اختلاف بيناتهم على التنفيذ وعلى..، فيعني كان الهدف أن يضعون مجلس كمجلس برلمان من 300 ضابط اللي كانوا مشتركين في الحركة، ومجلس قيادة الثورة من ثلاثين ضابط، وطبعاً الفكرة إنه اتجه إلى بعد أن اعتذر (…) المدنيين أنه يروحوا يتفقدوا الجيش على عاتق أن يكون هم منه بعد اعتذار المدنيين عن الموضوع، فهناك صرخ عبد السلام عارف: ماكو زعيم إلا كريم..
أحمد منصور: كان بيقصد عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: عبد الرزاق: نعم، يقصد عبد الكريم قاسم، باعتباره هم الاثنين كانوا..
أحمد منصور: وده صار شعار بعد ذلك..
عارف عبد الرزاق: في معسكر جلولاء، الحزب كان اللواءين: اللواء 19 واللواء 20، كانوا في معسكر جلولاء.. والمنصورة في الجبل، فكانوا هم.. من قطاعات الفرقة الثالثة.
أحمد منصور: "ماكو زعيم إلا كريم" صارت شعار بعد ذلك.
عارف عبد الرزاق: صارت شعار بعد كده، هو كررها في.. في محاكمته السرية اللي صارت بعد كده، باعتبارهم شافوا يعني الأمور قد أينعت، حان قطافها.، الثورة يعني على وشك يعني.. جني ثمار موجودة فيها، فاستغل عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف عدم.. عدم إشراك الآخرين في الموضوع باعتبار همَّ اللي راح ينفذوا الثورة، وهم اللي لهم الحق في.. كجائزة هدية ثمن ابتداؤهم فيها، ابتدؤهم فيها، فقالوا أنهم لو استطاعوا أن يمر عند مرور اللواء 20 هيقوموا وهيبلغوا، لكنهم على الأسف لم يبلغوا إلا عدد قليل من الناس، بلغوا مجموعة ضباط أقل من عشرة أشخاص، حوالي أربعة خمسة من عندهم انتظار في قرب السفارة البريطانية واثنين من عندهم راحوا باعتبار دولك ضامنهم كان عبد الكريم قاسم بلغهم بالانتقال اللي هم سعيد مطر ووصفي طاهر.
(11/194)
أحمد منصور: يعني حضرتك بس عشان نفهم اللي حصل الآن قبيل قيام الثورة، سعى كل من عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف إلى إقصاء باقي الضباط الآخرين حتى لا يشاركوهم.
عارف عبد الرزاق: بالموضوع كده.
أحمد منصور: في الموضوع.
عارف عبد الرزاق: فالشواف أخد على عاتقه أيضاً أن يقوم بعملية.
أحمد منصور: أن يسبقهم.
عارف عبد الرزاق: أن يسبقهم باعتبار هم.. يعني لم يعطوا كلام واضح أنهم سيقومون بالعملية أو لأ، فالشواف جاءني يستشيرني أنه لديه حوالي 8 سرايا حرس وانضباط.
أحمد منصور: كان وضعه إيه الشواف في ذلك الوقت في الجيش؟
عارف عبد الرزاق: كان ضابط بمجال التدريب العسكري.
أحمد منصور: رتبته كانت؟
عارف عبد الرزاق: كانت عقيد ركن.
أحمد منصور: يعني نفس رتبة عبد السلام عارف.
عارف عبد الرزاق: نفس رتبة.. عبد السلام.. أقدم من عبد السلام عارف.
أحمد منصور: لكن كان بس عبد الكريم قاسم هو اللي كان برتبة لواء.
عارف عبد الرزاق: هو كان برتبة عميد.
أحمد منصور: عميد كمان، زعيم يعني.
عارف عبد الرزاق: زعيم.. ذكر إنه عنده حوالي..
أحمد منصور: عفواً هنا بس للاستفسار.. كان عبد السلام عارف كان أعلى رتبة في كل الضباط الموجودين؟
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: عبد الكريم قاسم عفواً؟
عارف عبد الرزاق: نعم، هو.. من نظر إلى جريدة.. الجيش بها تسلسل الضباط، فكل الضباط.. كل زعيم أقدم منه ولواء أحاله على التقاعد قبل.. بالبيان الأول.. بعد البيان الأول، فهنا ضحك على عبد السلام عارف، عبد السلام عارف قدامه حوالي 200 ضابط أقدم منه، فعينه نائب قائد له، وكان يزور قطاعات وقطاعات الفرق هذه كانت..
أحمد منصور: فأوغر صدور كل الضباط عليه.
عارف عبد الرزاق: أوغر صدور قادة الفرق هم كانوا..
أحمد منصور: سنأتي إلى هذا بالتفصيل، لكن أنا لسه في هذه المرحلة.
(11/195)
عارف عبد الرزاق: بالتفصيل، المرحلة.. الشواف.. الشواف ذكر إنه عنده 8 سرايا حرس وانضباط، وعنده كذا عجلة مدرعة، فقلت له: لأ، أنا غير مستعد أن أشارك إذا كانت الحركة اللي أقوم بها أقل من لواء..من..
أحمد منصور: على أساس إنك ستشارك بالطيران وهم بالمشاة؟
عارف عبد الرزاق: أشارك بالطيران.. يعني أسيطر على الحبانية وأشارك بالطيران بمنع اللواء الأول من المسيب بالتحرك نحو بغداد. اللواء الأول كان يقوده آمر آمره كان وفيق عارف أخو رئيس أركان الجيش توفيق عارف فكانوا يتخوفون من قيامه.. ومن المسيب مسافة قريبة عن بغداد ما تجاوز ساعة بالعربيات، فكان هم جهة خطر على الثورة موجودين هناك، لكن أنا كنت أنظر إلى أنه بغداد مدينة كبيرة والقطاعات هذه غير كافية لحراستها ولاستتباب الأمن فيها لتروح الناس تطلع تسير نظام النهب والسلب وعدم إمكان السيطرة عليها، فقال إنه باستطاعته أنه يجيب فوج من "الحلة".. فوج تدريب من الحلةّ، كان يرأسه عقيد إسماعيل مصطفى.
أحمد منصور: كلكم كنتم عقدا في ذلك الوقت تقريباً؟
عارف عبد الرزاق: يعني بين مقدم وبين عقيد وبين..، لأ، فيه رائد، وفيه ملازم، فيه كتير يعني..فين كتير.
أحمد منصور: لكن متوسط الرتب التي كانت تقود الأمور كانت عقيد و...
عارف عبد الرزاق: عقيد عدا يمكن ثلاثة بهم عمداء.
أحمد منصور: على رأسهم عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: على رأسهم عبد الكريم قاسم، وكان محيي الدين عبد الحميد، وكان عزير العقيلي، خليل سعيد، كان فيه بعض الناس في..
أحمد منصور: هو كان هناك مجلس قيادة متسلسل من 14 ضابط، سُمي "مجلس قيادة الثورة" أو مجلس..
عارف عبد الرزاق: لم يحدث..
أحمد منصور: هذا في كل كتب التاريخ، حّنا بطاطا ذكره في كتاب "العراق"، وأكثر من شخص..كانت يعني حتى ذاكرين تسلسلهم.
عارف عبد الرزاق: خلينا نرجع عليها، لما نرجع على 14 تموز هندخل فيها.
(11/196)
راح كان يوم خميس وعلى أساس تقوم العملية ومثبت هو، على أساس فوج الحراسة.. فوج الهندسة اللي موجود في الحلة يستطيع السير ويجيء.. المجيء إلى بغداد، وانظرته أنا في النادي العسكري، وبعدين بعد أن إغلاق النادي العسكري فاتفقنا أنه إذا ما.. إذا جاء ورجع بعد الساعة 12 يلاقيني في نادي اسمه "النادي الأهلي"، فانتظرته هناك يعني جاء الساعة واحدة بعد منتصف الليل فأخبرني إنه امتنع إسماعيل مصطفى على أنه لا يستطيع أن يقوم بعملية إذا نوري السعيد ما موجود ..موجود في الموضوع، وكان نوري السعيد.. مسافر إلى الأردن في ذاك اليوم، فقام قال لي: اعتذر صحيح، على كلٍ لم يكتب لها لا.. لا البدء ولا النجاح.
أحمد منصور: الفرق بين 20/6 اللي هي آخر محاولة سعى الشواف للقيام بها.. العقيد عبد الوهاب الشواف للقيام بها، وبين 14 يوليو يعتبر فرق أيام بسيطة، ما الذي بدّل الأمور، وجعل الأيام تتسارع، وأدى إلى قيام الثورة أو الانقلاب؟ أنتوا كل.. يعني مثلاً في سوريا انقلابات، لكن عندكم ما شاء الله ثورات يعني، ما بتخدوش الأمور من..
عارف عبد الرزاق: لأ، ما هو.. يعني الشعب كان موغر صدوره من العائلة المالكة والأمير عبد الإله..
أحمد منصور: ليه دا كل حاجة حصلت بعد كده كانت ثورة عندكم، يعني فيه كذا حركة كلها أصبحت ثورات يعني، لا.. لا لنبق في هذه.
عارف عبد الرزاق: والله هذه الفكرة الثورة أو انقلاب هذه اختلف المؤرخون فيها، يعني تغيير النظام هو.. يعني هو ثورة.. أو تغيير شو تسميه سميه، لكن المفروض أنه.
أحمد منصور: لكن هي المحصلة في النهاية أن مجموعة من الضباط.
عارف عبد الرزاق: هي ثورة.. ثورة على نظام معين.
أحمد منصور: مجموعة من الضباط هي التي تتحرك وهي.. الشعب يعني ربما في الآخر الشعب بسبب ضيقه من هذا الوضع يتعاطف معها، حتى أنها لم يكن يطلق عليها ثورات في البداية.
(11/197)
عارف عبد الرزاق: ردي على هذا السؤال على أولاً: أنه الضباط هم صحيح هم لهم واجب معين، ولكن هم من أفراد الشعب، وهم يتحسسون مثل أفراد الشعب، أفراد الشعب مهما كانت.. بلغوا من.. تهيؤهم إلى تغيير النظام ليس في استطاعتهم تغيير النظام، النظام عنده قوة فلازم من..
الأنظمة المستبدة وما فعله العسكر
أحمد منصور: بس في ظل الأنظمة المستبدة فقط، لا يستطيع الناس أن يغيروا النظام، ولكن ماذا فعل.. ماذا فعل العسكر؟
عارف عبد الرزاق: إحنا.. إحنا نحكي على أوضاعنا في الشرق..
أحمد منصور: ماذا فعل العسكر يا سيدي في دول الشرق منذ أن سيطروا على الحكم وحتى الآن؟
عارف عبد الرزاق: والله فعلوا الكثير، فعلوا تغيير بنظام.
أحمد منصور: إلى ما هو أسوأ ربما.
عارف عبد الرزاق: يعني هناك معوقات صحيح أصابت الثورة، لكن الثورة يجي أصحابها بكل نية وكل صدق وأمانة ليخدموا.. لغرض معين.
أحمد منصور: لكن..
عارف عبد الرزاق: لكن مع الأسف يلتفون حولهم نخبة عدد الانتهازيين.. والمنتفعين من كُثر مديحهم إلى الشخص يرفعوه إلى درجة فوق الإنسانية فوق البشر.
أحمد منصور: صناعة أصنام..صناعة أصنام.
عارف عبد الرزاق: يؤلّهوه، يؤلّهوه، أصنام فهو يبتدئ يشك في أصحابه اللي كانوا معه، فحتى قسم من أصحابه يصيروا انتهازيين آخرين..
أحمد منصور: يعني هؤلاء لم يكونوا..
عارف عبد الرزاق: عدا نفر..عدا نفر قليل يقوله له: لأ، هذا خطأ، فهو لا يستطيع أن يصدق بهؤلاء النفر اللي بيقولوا خطأ، يصبحوا أعداء له، هذا.. هذا اللي يحصل.
أحمد منصور: إذن.. إذن هؤلاء أشخاص ليسوا مهيأين في الأصل إلى أن يحكموا شعوب.
عارف عبد الرزاق: كلنا بشر.. كلنا.. كلنا بشر، كلنا بشر، وكلنا تتغير..
أحمد منصور: وإذا أعطينا مبررات لكل هذه التصرفات.
عارف عبد الرزاق: إحنا يعني بشر، وحتى الأنبياء يتغيرون، حتى الأنبياء يتغيرون.
أحمد منصور: الأنبياء لهم عصمتهم..
(11/198)
عارف عبد الرزاق: لهم عصمتهم...
أحمد منصور: لكن إحنا ..إحنا الآن يعني في نطاق محصلات ونتائج، ولسنا في نطاق الكلام عن النوايا.
عارف عبد الرزاق: والله أنت تسألني عن رأيي سواء أخذت به أو لم تأخذ، أنا أعتقد أن البشر يتغير في أحواله بالنسبة للمحيط إلا عدا نفر قليل.. قليل جداً جداً.
أحمد منصور: سآتي بها بالتفصيل لأن إحنا هندخل في إطار الآن الشخص الذي يحكم، هل له الحكم المطلق كما فعلتم أنتم حينما حكمتم هذه الشعوب، ولم تخيروها أصلاً في حكمكم لها، والآخر هي تشرب من الكأس المر الذي تتجرعه، أم إن الشعوب من حقها حينما ترى الحاكم يخطئ أن تبدله وأن تغيره؟ أنا أرجع إلى 14 يوليو.
عارف عبد الرزاق: أنت.. أنت تقول على بلاد لها مستوى عالي من الحرية والثقافة والعلوم.
أحمد منصور: بأتكلم عن النطاق الإنساني.
عارف عبد الرزاق: النطاق الإنساني ما.. النطاق الإنساني يختلف إلى وضعه الثقافي ووضعه العلمي ووضعه الاجتماعي ووضعه الاجتماعي.
أحمد منصور: ليس مبرر بأن الوضع الثقافي.. ليس مبرر.
عارف عبد الرزاق: يعني لا تستطيع أن تقيس أنت الشعب العراقي بشعب أوروبي.
أحمد منصور: ليه؟ أفضل منه مليون مرة من الأوروبي، في أصله وفي إنسانيته وفي دينه وفي كل شيء وفي تاريخه..
عارف عبد الرزاق: لأنه..لأ لأ..إحنا..وفي تاريخه في تاريخ الأولاني.
أحمد منصور: إحنا امتداد للتاريخ يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: إحنا حكمنا.. إحنا حكمنا 500 سنة من قبل الحكومة التركية، حكم متخلف، كان يعطوا الولايات للي يدفع أكثر للباب العالي، كان القرية اللي بها يقرأ ويكتب يسموها. يسموه (مُلاّ)، كانت الثقافة مجهولة.. ممحية، كانت حتى المحاكم في البلاد العراق. في العراق كانت باللغة التركية.
أحمد منصور: سيدي أنت درست في بريطانيا..
عارف عبد الرزاق: أنا تخرجت سنة 39 لم يكن في العراق إلا 14 مدرسة متوسطة فقط.
(11/199)
أحمد منصور: كل هذا مبرر؟ فيه دول بتغير واقعها الثقافي في خلال عقدين اتنين مفيش غيرهم، إنت لما جيت هنا كانت أوروبا كانت كلها مدمرة في الأربعينات، الآن في خلال خمسين سنة عملوا إيه بقى لنا خمسين سنة إحنا فين؟!
عارف عبد الرزاق: آه بس.. بس الأصل بتاعهم قوي، الأصل قبل..
أحمد منصور: إحنا أصولنا أقوى منهم.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ أصلنا. أصلنا مضى عليه 500 سنة.
أحمد منصور: لا.. لا.. لا..
عارف عبد الرزاق: أصلنا مضى عليه 500 سنة.
أحمد منصور: أنا لا أريد أن..
عارف عبد الرزاق: تعلمنا به الجبن، تعلمنا به الجهل.
أحمد منصور: أنتم العسكريين اللي ربتوا الناس على الجبن وعلى الجهل.
عارف عبد الرزاق: أنا لا أوافقك على هذا الكلام، أنا لا أعتقد إنه..
أحمد منصور: نرجع لـ 14 تموز، نرجع لـ 14 تموز، ونرى واقع الناس من خلال يعني أنظمة الحكم التي حكمتهم كيف حولتهم وكيف صنعت بهم.
الفترة التي سبقت الإعداد للثورة الآن، تحدثت حضرتك عن العقيد "الشواف" وكيف إن محاولته- وأنت كنت شريك أساسي فيها-لم تتم بسبب ظروف الترتيبات لها، من 20 يونيو إلى 14 يوليو أهم الأحداث التي تمت في تلك الفترة إلى أن قامت ثورة 14 تموز.
أهم الأحداث في العراق بعد محاولة الشواف وثورة 14 يوليو/ تموز
عارف عبد الرزاق: ما فيه أحداث، ما حدث أحداث، الأحداث المعينة يعني في آخر الليلة اللي كنا مجتمعين يوم الخميس أنا وعبد الوهاب الشواف مررنا على النقاط اللي موجودة في بغداد النقاط الحساسة كمحطة الإذاعة، ومحطة.. الجسور ونقاط الحيوية في الكهرباء والإشارة، ودايرة التليفونات، لقينا الحرس بتاعه متهالك نائم، فكانت الحكومة تغط في نوم عميق.
أحمد منصور: لم تعلم شيئاً عن هذه الاجتماعات ولا الرتب
(11/200)
عارف عبد الرزاق:لم تعلم، لأ.. لأ علمت.. علمت.. علمت لكنها لم تسيطر، علمت فيه هناك وشاية ..على رفعت حاج سري من قبل شخص اسمه علي الركابي، كان علي الركابي سكرتير شركة المنصور للسباخ وللأراضي.. توزيع الأراضي، وشركة "المنصور" كان الأرض بتاعتها مملوكة للعائلة المالكة، كان على علاقة بهم، وكان أحد الضباط بمجلس شكر ذكر إنه راح يصير انقلاب. وإنه راح يقومون بشيء وذكر اسم رفعت حاج سري وبعض الضباط.
أحمد منصور: طبعاً هو يعني بس المعلومة بعدما الواحد بياخد كاسين ويـ..
عارف عبد الرزاق: ينطلق اللسان بما لا يجب.
أحمد منصور: وكان هناك كثير من الظباط لديهم معلومات عن الإعداد للثورة، أو للانقلاب.
عارف عبد الرزاق: عن يعني عن التنظيمات وطبعاً معروف إنه عن التنظيمات يتفق عن تغير النظام.
أحمد منصور: يعني حينما أخبرتني حضرتك قبل قليل إن فيه 300 ضابط على علم بهذه الأمور عدد غير بسيط في أي جيش.
عارف عبد الرزاق: بس ما كانش حد يعرف، كان بيشك يعني كان يعرف، كل واحد يعرف الخلية اللي بها، كان هناك شكوك هذا معنا أو لأ، وبعدين كنّا لما نرشح واحد للمفاتحة نخبر اللي فوق، إنه هذا ندخلوا بيه يقولوا لنا آه أو لأ، يعني فيما يتعلق في معسكر الحبانية.
أحمد منصور: يعني هذا الضابط شرب كاسين..
عارف عبد الرزاق: فلت بعدها، فنقل رفعت الحاج سري كضابط تجنيدي إلى منطقة العمارة، كان أمير فوج هندسة، والضابط اللي شرب اسمه شكيب المدلل، لأ شكيب الفضلى، العفو (شكيب الفضلي) فأوقف وحيل على قائمة نصف الراتب، وبديك المرحلة رفعت الحاج سري.
أحمد منصور: تفتكر التاريخ بالضبط كان إمتى؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: قبل الثورة بكم.؟
عارف عبد الرزاق: قبل الثورة بأشهر.
أحمد منصور: أشهر يعني.
(11/201)
عارف عبد الرزاق: بأشهر، فرفعت الحاج سري جاب كل الخلايا الضباطية وأعطاها للرقيب عبد المجيد كي يتصرفوا بيهم، وقيل إنه هناك من أوعز بإفشاء آخر، نُسب إلى بعض الضباط كصالح عبد المجيد، "أسلم الراى"، وطلب حماية، قال أن القوميين راح يقتلوه، وعين ملحق عسكري في عمان، وكان هناك من يثير شكوك نحو ضابط آخر عميد، وهناك ضابط آخر عميد أيضاً ركن، نُقل ملحق عسكري في أميركا، بعد أن كان سكرتير رئيس أركان الجيش، ما عندي ما يثبت هذه الدلائل بها..
أحمد منصور: كان لكم أي اتصالات خارجية مع سوريا تحديدًا ومصر؟
عارف عبد الرزاق: الاتصال الوحيد اللي صار مع سوريا عن طريق سوريا أو مصر كان عن طريق عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.
أحمد منصور: هم اللي كانوا بيرتبوا بالاتصالات.
عارف عبد الرزاق: كان يبدو كان هناك في يتصلوا في بعض الضباط الموجودين هناك، لكن ما أعرف طبيعة الاتصال، ولا أعرف أي شيء عنها.
أحمد منصور: وما عرفت بعد ذلك تفصيلات؟
عارف عبد الرزاق: عرفت إنه وأمنوهم إنهم في طريقهم إلى الخلاص من العهد المالكي.
أحمد منصور: ويعني وأخذوا دعم أو "جرين لاين" من عبد الناصر.
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: لم يعطهم؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: أبلغني السيد محمد رسول كيلاني (رئيس المخابرات الأردنية الأسبق)، أنهم في ذلك الوقت، الأردن طبعاً كانت على متابعة دقيقة بما يدور في العراق، استطاعوا أن يجمعوا معلومات حول التنظيم العسكري العراقي، وأن هناك محاولة للانقلاب على النظام الملكي، وأمدوا النظام الملكي بهذه المعلومات، لكن الأردنيين… لكن العراقيين يعني استبعدوا تماماً أن يحدث هذا ولم يتحركوا بشكل جدي لمواجهة هذه الحركة، مما يؤكد ما ذكرته إن النظام كان يغط في ثبات عميق.
(11/202)
عارف عبد الرزاق: كان يغط في نوم، وكانت.. كانت الـ.. يعني ما كان يعتقدوا إن باستطاعتهم إنهم يقوموا بعملية، اذكر أنا لما كنت مرافق الأمير عبد الإله بُلغ من قبل الظباط بتاعه إنه الجيش على وشك أن يقوم بعملية، فكان تقارير هناك الناس كانت تتحسس أن هناك شيئاً.. شيئاً ما، ما أنت تقول إلى.. تقول لي قبل شوية إنه المدنيين والمدنيين، المدنيين لما يصير ضايقة بالحكم النظام يصرخون أين الجيش؟ أين الجيش؟ لما ينسقوه ويقوم الجيش بالعملية، تقول الجيش تسلط علينا وخدنا، الجيش من.. من، الضابط أخوه مدني، وابن عمه مدني، وصديقه مدني، فهو مجتمع متماسك مع بعضه، ماكو فرق بين الجيش، بين العسكر وبين المدنيين، أنا أكره هذه التسمية والتفرقة.
أحمد منصور: الآن..
عارف عبد الرزاق: مثل ما شاخ بعض الضباط.
أحمد منصور: لكن هي مسؤوليات يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: هناك مدنيين شاخوا بمثل ما شاخو بنهم أو أكثر..
أحمد منصور: هي مسؤوليات، هي مسؤوليات في الحياة وفي السياسة، الجيش دوره في كل دولة وفي كل نظام هو أن يقوم بحماية النظام السياسي، وأن يُترك للسياسيين إدارة البلاد، لكن ما حدث في الدول العربية هو شئ مختلف عن ذلك، بدأ مسلسل انقلابات وغرقت الدول..
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح.. هذا صحيح.. أوضاعنا الاجتماعية تختلف عن الأوضاع اللي أنت تتكلم عنها أنت، لو هناك فهم، وعي شعبي ناضج وقام بعملية.
أحمد منصور: الوعي الشعبي من يشكله؟ عفواً، من يشكل الوعي الشعبي؟ من يقضي على الأمية في الشعوب؟ أليس نظام الحكم؟ منذ خمسين عاماً والعسكريون يحكمون الدول والنظام كما هو اجتماعياً وثقافياً، بل هو يتدهور من آن لآخر، لأن دور العسكريين أن يبقوا في دورهم وأن يتركوا للسياسيين أن يديروا البلاد، كما يحدث في كل الدول التي تحترم آدمية شعوبها.
(11/203)
عارف عبد الرزاق: طيب الآن الأوضاع لو نعود على الطبيعة ونشرح، "صدام" من قبل الناس العراقيين مكروه من يستطيع أن يغير نظام صدام، هل الشعب يستطيع؟ ثارت ثورة في العراق بمدة 12 بمدة 12 لواء، ماذا عملوا؟
أحمد منصور: طب سألك سؤالاً، كل الانقلابات التي حدثت على أنظمة عسكرية مستبدة في العالم العربي خلال الفترة الماضية، هل جاءت بأفضل مما كان موجود؟ لأن مجرد السماح للعسكريين بأن يتخلوا عن دورهم وأن يدخلوا في نطاق الدخول في مسلسل الانقلابات لا يأتي نظام إلا وهو أسوأ مما كان قبله.
عارف عبد الرزاق: والله وجهة نظر معينة، فيه كتير من الأشياء نجحت وأنا أستطيع أن تناقش في...
أحمد منصور: وبعدين، كل مقدرات الدول..
عارف عبد الرزاق: هل صار ما صار، هناك كثير من الأمثلة صارت كويسه...
أحمد منصور: لأن أنتم الآن يعني قمتم بسلسلة كبيرة من الانقلابات، هذه الانقلابات الناس الآن تجني ثمار ما حدث من انقلابات عسكرية في الدول العربية.
عارف عبد الرزاق: ما هو الفكرة.. 14 تموز ما هي نرجع.. الهدف ما لها.. الانضمام إلى الوحدة القائمة بين مصر وسوريا كقطر ثالث هذا كان الهدف الرئيسي.
أحمد منصور: أنتم كنتم.. كنتم الآن..
(11/204)
عارف عبد الرزاق: فبعد التغير، الشيوعيين ركبوا هذا المركب المديح اللي هي كانت عبد الكريم قاسم، بعدين شافوا أن سبب ما عرفوا، عبد الكريم قاسم أوغل صدره من عبد السلام عارف، باعتباره هو عبد السلام عارف هو المنفذ وهو البطل، وعبد الكريم قاسم كان يجي بالدور الثاني بالثورة، فتحسس إنه موقفه ضعيف، فالتجأ للشيوعيين ليطلبون يعني إنه لا يوافق على تيار الوحدة، فالاختلاف بين مجلس قيادة الثورة والكتب اللي قريتها "حنا بطاطا" وإلى آخره، الرقم كان الأولاني بالجلسة كان 30 مجلس قيادة الثورة و300، هم بعدين بالتنفيذ عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسموا تجاهلوا اسم مجلس قيادة الثورة، بعد.. بعد قيام الثورة عبد الكريم.. عبد السلام عارف لما شاف موقفه ضعيف قدم مجلس قيادة الثورة من 14 و15 واحد، ما أذكر الرقم؟ لكن من رتب صغيرة جداً.
أحمد منصور: من 14 حتى كان فيهم رواد و..
عارف عبد الرزاق: وعبد الكريم قاسم طبعاً، في مناقشتي له لماذا لم تعمل بمبدأ مجلس قيادة الثورة في إحدى الجلسات مع عبد الكريم قاسم شخصياً بيني وبينه؟ قال: هل رأيت الأسماء اللي قدمها عبد السلام عارف؟ قلت له: لأ، قال: شوف الأسماء اللي…؟ قلت له: لأ إحنا اتفقنا بالأول ما كان مبدأكم اتفاق مع 30 واحد من مجلس قيادة الثورة، لماذا شردت عنه؟ فقال أنا أفكر بالموضوع.
أحمد منصور: طيب الآن نرجع إلى الأيام التي سبقت 14 يوليو 58.
عارف عبد الرزاق: والله إحنا صارت معقودة النية أنه هناك أمل أن تقوم اللواء العشرين أثناء مروره بـ..، فكان هذا الأمل هو الباقي للمجاهدين.
أحمد منصور: اللواء العشرين هنا كان مكلفاً بالانتقال إلى الأردن.
(11/205)
عارف عبد الرزاق: كان بناء على الوحدة مع سوريا والأردن أنه يرابط اللواء.. لواء "جحفة" اللواء مختلط بالأردن من كتيبة دبابات، كان سرية دبابات يمكن، ولواء مشاة، وبعض القطاعات الملحقة بالمدفعية "وجحفة" اللواء سير فكان اللواء اللي في مدة بالأردن رتل يمر "هارى" عليه هذه كان اسمه "رتل هادي" عميد يحكمه، فكان فترة تغيير يعني يروح هذا اللواء ويجي لواء يرجع ذاك اللواء من.. من الأردن، فكان موعده ما ثبت إلا بعد فترة قليلة، يعني حتى كان أول على شهر 6 يروح وبعدين تغير صار شهر 7، فأنا كنت في الحبانية يعني أنا بعد رجوعي من.. من ليلة الشواف مع الشواف، لم أسمع أي شيء، لم أسمع أي خبر، كل ما هنالك كان عندنا أمل موجود به، حتى أذكر إنه هناك سرية المرحوم عمر الهزاق وسمعت من محسن رفيعي اللي كان.. كنت من.. من التنظيم المنظمين إنه شو نسيطر على الحبانية، بلغني كان يشغل مقدم اللواء قال لي عمر الهزاق.. إحنا كنا مخططين إنه عمر الهزاق يتمرد بسريته ويجي يلتحق بيَّ حتى يدافع عن.. عن المطار، فأخبرني إنه عمر الهزاق بس إحنا.. سألنا عمر الهزاق كان يشرب وكان.. وكنّا يخاف يثرثر فكنا نحطه للمدة الأخيرة، فسمعت إنه هو ما أخذ إجازة.
أحمد منصور: مشكلة هو معظم الجيش كان بيشرب شكله..
عارف عبد الرزاق: ما هو يشرب نعمل لهم أيه يعني..
أحمد منصور: المشكلة بعد كاسين الأسرار كلها بتروح..
عارف عبد الرزاق: بعت عليه قلت له أنت واخد إجازة ليه؟ فقلت له: خللي أهلك يروحون بالإجازة وأنت أبق، وأهله راحوا فعلاً الإجازة وهو بقى في المعسكر آمر اللواء القوة اللي هناك قالوا ما حدش سأله أنت واخد إجازة وقاعد معسكر ليه؟ نفى حوالي أسبوعين ينتظر فرمان أسير أو لأ..
أحمد منصور: الأوامر ليتحرك.
عارف عبد الرزاق: فكانت الحكومة تغط في نوم عميق.
أحمد منصور: الآن اللواء العشرون الذي كان يقوده الزعيم أحمد حقي كان..
عارف عبد الرزاق: محمد علي..
(11/206)
أحمد منصور: كان.. أحمد حقي.
عارف عبد الرزاق: أحمد حقي محمد علي.
أحمد منصور: نعم، كان من المفترض أن يتحرك إلى الأردن، كان عبد السلام عارف يقود الكتيبة الثالثة.
عارف عبد الرزاق: الفوج..
أحمد منصور: في هذا..
عارف عبد الرزاق: اللواء..
أحمد منصور: اللواء، وبالتالي حينما بدأ اللواء يتحرك انحرف به إلى بغداد وتمت الثورة من خلال هذه التحركات، هل يمكن أن تصف لنا بدقة الخطوات التي اتبعت حتى تمكن عبد السلام عارف من أن يحرك الأمور، الدور الذي قمت به في الحبانية، والدور الذين قام به الآخرون في بغداد؟
(11/207)
عارف عبد الرزاق: الأول كان المفروض أنه.. أولاً اللواء كان المفروض يمر من داخل بغداد، ليس.. ليس هناك طريق، إنما داخل بغداد من الجسر المعلق من.. من الجانب الشرقي من بغداد، لكن كان أوامر الحركات أن يمر.. تمر القطاعات منزوعة السلاح، منزوعة العتاد، عندها سلاح، لكن منزوعة العتاد، لكن هم خلال تمارين الرمي السنوية كثير من الضباط يخزنوا بعض العتاد يبقوها عندهم بالمشاجب، فأنا كنت من.. أنا كنت واحد من الناس مخبي صندوق عتاد انتظار لعمل ما، فهمه بيخبوا اللواء الفوج عبد السلام عارف كان مخبي عتاد وهو بعد مخبي عتاد كبير بكمية لا بأس بها، حتى أحد الصناديق أرسلها معسكر رشيد، كان الفكرة أنه الضباط اللي كانوا ينتظرون عند.. عند السفارة الأميركية أن يمر أمير اللواء وهو مكتوف في علامة بدء الحركة، أمير اللواء أحمد حقي.. العميد أحمد حقي محمد علي مر وعلم اللواء كان يرفرف على سيارته فأحبط في أيديهم وكان الدنيا قريبة لوجه الصبح، ادعاء عبد السلام عارف إنه كان الفوج الثالث اللي هو فوج ياسين محمد رؤوف كان غير مبلَّغ الفوج الثاني عبد اللطيف دراجي ما هو مبلَّغ، وفوجه طبعاً هو، فراحوا دولا الأدلاء عشان (…) السرايا اللي تروح تحاصر وحدة نوري السعيد والأخرى اللواء عُبيد عبد الله موافي اللي كان هو آمر لواء الحرس الملكي ويسكن في منطقة.. منطقة.. منطقة قريب من مدرسة الشرطة في بغداد.
أحمد منصور: نعم..
(11/208)
عارف عبد الرزاق: فبدأ الصبح يظهر وإنه الحركة الضباط دولا احبطوا، فراحوا إلى معسكر رشيد يشوفونا بكت مبلغ هناك بمعسكر رشيد، وهم في معسكر رشيد الضباط اللي موجودين مبلغين هناك، قالوا: إحنا ما عندنا خبر، العسكر صاروا ولا لأ، فوصل ضابط يحمل صندوق عتاد، قالوا له: هل نويتم على الثورة؟ قال: أنا ما أعرفش، كل ما هنالك أعطيت هذا الصندوق أن أوصله لكم، وكان المفروض إنكم سرية تطلع من الهندسة تحاصر بيت رفيق عارف اللي هو في داخل معسكر رشيد، لكن لم يبلغ اللواء، فعبد السلام.. ادعى عبد السلام عارف أنه أمر اللواء طلب أنه يسبق الرجل فيقول كفانا شر اعتقاله وعبد السلام.. ذهبوا إلى ياسين محمد رؤوف لإقناعه بالاشتراك معهم فرفض فاعتقلوه.
أحمد منصور: كان مين ياسين محمد رؤوف؟
عارف عبد الرزاق: ياسين محمد رؤوف كان ضابط من بغداد وكان رفض يعني يشترك معهم.
أحمد منصور: كانت رتبته أيه؟ ومنصبه أيه؟
عارف عبد الرزاق: كانت رتبته عقيد ركن.
أحمد منصور: كان دوره أيه؟
عارف عبد الرزاق: فوج أحد الأفواج همه ثلاثة أفواج، اللواء به ثلاثة أفواج، ثلاثة أفواج مشاة، كان أمراؤه عبد السلام عارف وياسين محمد رؤوف وعبد اللطيف دراج كل واحد كان أمير لواء.. أمير فوج، فاستطاع عبد السلام عارف بمعاونة الضباط اللي موجودين معه من اعتقاله وجلبه مكتوف في.. في إحدى السيارات، وسيطروا على الفوج بتاعه، فاللي قسم السرية على أساس هو البلاغ الأول أعده عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم فقط لم يشاركهم أحد، كل الحركة وتتم..
الاستعداد للقيام بثورة 14 يوليو/ تموز
أحمد منصور: واضح أن باقي الضباط لم يكونوا على علم أن الثورة ستكون في 14
(11/209)
عارف عبد الرزاق: لم يكونوا على علم مطلقاً، لم يكونوا على علم مطلقاً، حتى أنا المفروض إنه أُبلَّغ قبل.. قبل يوم بالحركة حتى أقوم أسيطر على الحبانية، الحبانية مهمة جداً، لولا.. إمكان السيطرة عليها كان الحركة كلها تفشل، لم أُبلغ، لأني سمعت أنا بالليل أنه هناك القدم الأولي اللي يسموها قدم الاستطلاع لمعسكر صحراوي للواء العشرين وصلت قرب الحبانية ولم يأتيني أحد، كان هناك حفلة و.. الصبح أنا قلت يمكن عشان.. عشان الحركات الأخرى جرى لها تغيير صادفها جبن بالموضوع، فأحد الضباط اللي كنت مبلغه أنا إنه هناك احتمال نقوم بعملية، طلبت منه إبقاء العتاد، إحنا كنا في شهر ثلاثة وأربعة اشتركنا في تمارين مع الجيش الأردني، أنا اشتركت بـ 12 طيارة "انتر" و8 طائرات "فانم" في العرض وفي الإعداد لتمرين معين هناك، فأصريت أنه من ذهابي إلى الأردن أني أروح محمل عتاد حقيقي، فقلت أنا ما أريد هناك أن تصير.. أصير Bounds By يعني كلمة بالقوة الجوية من قبل طائرات إسرائيلية وبعدين اللوم كله يصير عليَّ أنا.. أنا جبنت أو عملت حاجة، فخدت بعدين آمنت هذا لضابط خدته في يوم سفره في المساء إلى الرمادي وبالطريق قلت له أنه حاول أن العتاد ما ترجعه (للمشاجب) خليه بمشجب السرب فجاني في اليوم الثاني قال لي: العتاد مرجعيه..
أحمد منصور: أي يوم كان؟
عارف عبد الرزاق: يعني يوم بعد.. بعد تبليغه إلى العملية كنت بلغته قبل العملية بحوالي 20 يوم.
أحمد منصور: يعني اديلنا التواريخ لأن التواريخ مهمة كده إن استطعت أن تتذكر.
عارف عبد الرزاق: والله ما أقدر.. ما أقدر بالضبط والله..
أحمد منصور: يعني إحنا في 14 يوليو.
(11/210)
عارف عبد الرزاق: 14 يوليو يعني.. يعني أكون بلغته أنا قبل يمكن يوم 30 أو واحد، 30 حزيران أو واحد يعني خلال المدة هذه، فقلت له أطلب عتاد للرمي 8 آلاف طلقة، فقال: هل أطلبها عتاد حق (Operational)؟ قلت له: لأ يعني بدل ما تثيرش علينا الضغينة وتقول (Operational) فيه عتاد نوعي للحركات وفيه عتاد للتدريب، قلت عتاد التدريب نفس العتاد لكن ما ينفلق.. الرصاصة لا تنفلق، فحضَّرنا 8 آلاف طلقة وموجودين بها، فهذا كان ضابط هربان من الليل عند صديقة في بغداد وكان راجع..وكان ممنوع الضباط يروحوا بالليل إلا عدا الخميس والجمعة إلى بغداد، فكان هذا ضابط هربان بالليل وراجع من الصبح بدري فشاف قطاعات غريبة.. حطت.. على قصر الرحاب موجودة هناك يعني على الطريق.. هي السرية اللي راحت تحاصر قصر الرحاب.. قصر الأمير عبد الإله وكان يسكن به الملك أيضاً بعد القصر الجديد لما انتقلوا إليه، فخبر أن هناك حركة مشبوهة في بغداد، هذا الضابط لقى الخبر وبعت لي سائق قال: خليه يجي بسرعة حركة في بغداد..
أحمد منصور: هذا يوم 14..
عارف عبد الرزاق: يوم 14.
أحمد منصور: ده اللي كان مزوَّغ بالليل؟
عارف عبد الرزاق: اللي كان مزوغ بالليل خبر آخر، خّبر ضابط، الضابط الثاني المُبلغ خبرني، الضابط اسمه..
أحمد منصور: يعني اللي بيشرب واللي سهران عند صديقة.
عارف عبد الرزاق: اللي زايغ اسمه خالد حسين نصر، يمكن موجود حي في بعض.. في مكان العالم يمكن بالسعودية، والمُبلَّغ.. المُبلَّغ مفيد المرحوم مفيد سعيد (أحد ضباط السرب الثالث) وهو اللي بعت لي الخبر، فأنا جيت خدت الطبنجة بتاعتي.. المسدس بتاعي وجيت إلى منطقة المشاجب فأمرت السرب أن يروح.. أنا كنت..
أحمد منصور: بينكم وبينهم كم ساعة عفواً؟
عارف عبد الرزاق: بيني وبين مَنْ؟
أحمد منصور: بين الحبانية وبغداد كم ساعة بالسيارة؟
عارف عبد الرزاق: بالسيارة حوالي ساعة.. ساعة..
أحمد منصور: ساعة؟
(11/211)
عارف عبد الرزاق: ساعة.. ساعة، أقل من ساعة.
أحمد منصور: وبالطيارة 5 دقائق.
عارف عبد الرزاق: إذا الطريق.. إذا الطريق.. هي حوالي 85 كيلو متر، إذا الطريق (فاضي) ممكن تيجي بأربعين، خمسين دقيقة، يعني هايدي إذا كنت تسير سريع فلما جيت شوفت الظباط هناك موجودين قسم منهم متجمعين –على وشك-إحنا في التصييف بنداوم بدري..
أحمد منصور: كانت رتبتك إيه عفواً؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت برتبة مقدم.
أحمد منصور: مقدم.
عارف عبد الرزاق: مقدم جوي ركن فأنا كنت طالب.
أحمد منصور: عفواً، وكان وضعك إيه في قاعدة الحبانية؟
عارف عبد الرزاق: أعمل بالسرب السادس، كانت القاعدة من سربين السرب الخامس، والسرب السادس والسرب يعني جناح فني به بعض الطائرات مثل "فان بايير"..
أحمد منصور: كان عندك كم طيارة في السرب؟
عارف عبد الرزاق: كان عندي حوالي 15 طيارة، و15 طيار وكان بالسرب الخامس نفس الرقم، لما وصلت أنا.. أنا كنت طالب 280.. تسليح السرب بالبنادق والرمي، ومن رميتهم بالتمايم ما يخرجوا، وأنت تعرف كان زمان أنه يرموا الجنود بتاعتهم، فأنا أصريت على تطبيق لائحة الجيش تطبيق كل جندي لازم يرمي سنوياً، فختلت [أخذت] صندوق عتاد من ألف وخمسمائة طلقة خليته بالمشجب وطلبت من العينا..
أحمد منصور: كيف المشجب؟
عارف عبد الرزاق: المشجب السلاح، يعني المشجب الموقع إللي يحطوه بيه الأسلحة والأعتدة، في داخل السرب، يعني غرفة..
أحمد منصور: مستودع، السلاح..
عارف عبد الرزاق: مستودع.. مستودع السلاح آه، فبعت مدير المشرف على السلاح كان العريف مانو كان لسه ما التحق فقلت لهم اكسروا المشجب، وأخذوا السلاح، المشجب الإنجليزي به حوالي أكثر من أربعة آلاف، خمس آلاف بندقية.
أحمد منصور: طبعاً في ذلك الوقت..
عارف عبد الرزاق: حوالي خمسة وسبعين رشاشة.
أحمد منصور: الحبانية، الحبانية كان فيها ألف و300 بريطاني.
(11/212)
عارف عبد الرزاق: أنا هأرجع إلى الموضوع حالاً
أحمد منصور: طيب ماشي..
عارف عبد الرزاق: بس.. الخطة بتاعتنا إننا نحاصر المشجب، ونمنع أي عسكري يخش على المشجب ياخد سلاح منه، الإنجليزي..
أحمد منصور: آه نعم.
عارف عبد الرزاق: فالمشجب كان بيقع بين " بنا " "وكرامتنا"..
أحمد منصور: نقول المستودع علشان الناس تفهم..
عارف عبد الرزاق: الحبانية بها أربع أوكار، فكان بين.. بين الوكر الثاني والثالث..
أحمد منصور: يعني أيه وكر برضو؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت بالوكر الثالث.
أحمد منصور: يعني أيه وكر؟
عارف عبد الرزاق: الوكر، الهنجر اللي بتعيش.. بتسكن بيه..
أحمد منصور: الطيارة؟
عارف عبد الرزاق: اللي بتسكن به الطيارات.
أحمد منصور: هناجر الطيارات.
عارف عبد الرزاق: هناجر الطيارات.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: إللي فجيت البندقية ووزعت صندوق العتاد على البنادق بين خمس طلقات وبين عشر طلقات وأعطيت، كان هناك خمس طرق تؤدي إلى المطار، فخليت وضعت على كل طريق ظابط معاه سته جنود، وأعطيت أمر النار، أنه ممنوع أنه أي عسكري يتقرب إنجليزي، أو أي آخر من أي جنس، قولوا له أنه ممنوع، اليوم أجازة، وممنوع المرور، وإذا عصاكم إرموا..
أحمد منصور: طبعاً ده بدون أي تنسيق مع أي قوات أخرى..
عارف عبد الرزاق: مع أي قوات أخرى..
أحمد منصور: طيب عفواً السرب الخامس كان آمره، كان مرتب معاك
عارف عبد الرزاق: آمره محمود عزيز، (ايجه أخذ الـ..) هو كان يجهل أنا مع مَنْ، فكان من انتهازية جه أمن معي، وراح أمن مع، تعين ظابط آمر موقع، هناك.. كان "أمر معاون" رئيس أركان الجيش للتدريب، فكان راح بين معاي ومعاه فكان حاير بين الاتنين.
أحمد منصور: اللي يكسب الآخر، ما هي أشبه عفواً ما تكون بالمقامرة يعني.
عارف عبد الرزاق: والله كانت مقامرة محسوبة، كانت مقامرة. كانت مقامرة محسوبة.
أحمد منصور: فاللي زي ده هو اللي بيكسب في الآخر.
(11/213)
عارف عبد الرزاق: ماكو عمل بالحياة الأوفيه نوع من الخطورة والمقامرة، أنت لو تقرأ كتاب "ويفل" يقول..
أحمد منصور: مين "ويفل" حتى يفهم المشاهدون؟
عارف عبد الرزاق: أحد قادة الجيش البريطانيين في الحرب العالمية الثانية، يقول صفات القائد، به أن عقله سليم، وأنه لو رموا في الطين والرمي وأثناء الرصاص، وبالجوع، وبالأيش يبقى عقله وقاد ويتخذ تدابير واقعية، وبيقول لازم (……)، لازم به عنده روح مقامرة، لأنه ماكو شيء 100% ناجح.
أحمد منصور: وإن كان يمكن أن تكون مغامرة في بعض التعريفات الأدق، لكن إحنا هنا عشان المشاهد يفهم صورة، كيف وقعت ثورة 14 يوليو "تموز" تحركت الـ… اللواء المشاة العشرون كل حتى لا أعيد..
عارف عبد الرزاق: كل على أهدافه على أهدافها.. كل على..
أحمد منصور: حتى لا أعيد ما ذكرته فيما يتعلق بتحرك عبد السلام عارف ولكن أنت، أنت كجزء..
عارف عبد الرزاق: …الأهداف اللي خطط لها عبد السلام عارف اللواء العشرين، حسب الأخطاط، اللي خططها لها عبد السلام عارف وعبد اللطيف دراجي، عبد السلام عارف هو المنفذ هو العقل المدبر لعبد اللطيف دراجي، واللواء الـ 19 إللي آمره عبد الكريم قاسم كان عنده واجب مسيرة مسلح بسلاحه، وكان عنده واجب مسيرة، وكان عنده راديو يستمر..
أحمد منصور: يعني أيه مسيرة، يعني تدريب، مناورة..
عارف عبد الرزاق: يعني في واجبات لأ.
أحمد منصور: مناورة..
عارف عبد الرزاق: إحدى وسائل التدريب، أن يقوم اللواء بالمسيرة لمدة، لمسافة 20 أو 25 كيلو متر، يقطعها مشي عند التمرين طبعاً قطع المسافات..
أحمد منصور: آه، آه مسيرة مسلحين..
عارف عبد الرزاق: مسلحين، بكامل أعدتهم وأسلحتهم، و.. وكان عنده راديو، كان يستمع إلى رأي إذاعة البغداد لمتى يذيع، بعد أن ذاعت أمر بغداد بللا بلغ الآمر إفراج وترجع بالسيطرة إلى بغداد.
(11/214)
أحمد منصور: يعني نستطيع أن نقول عبد اللطيف الدراجي، وعبد السلام عارف هم اللذين حركوا..
عارف عبد الرزاق: هم الشرارة الأولى..
أحمد منصور: هم الشرارة الأولى، بعد ذلك تحركت أنت أم تحرك قبلك عبد الكريم قاسم؟
عارف عبد الرزاق: لا أستطيع أن أقول، لأنني تحركت.. أنا تحركت من الإذاعة بعد منهم..
أحمد منصور: لكن كنت أنت الوحيد..
عارف عبد الرزاق: أنا تحركت في الإذاعة بعد ما (...) موجودة..
أحمد منصور: كنت أنت المسؤول عن تحريك القوات الجوية.
عارف عبد الرزاق: أي نعم.
أحمد منصور: لم يكن أحد آخر.
عارف عبد الرزاق: لم يكن أحد..
أحمد منصور: لم يكن هناك قادة أسراب أو أي مسؤولين في القوات الجوية غيرك؟
عارف عبد الرزاق: كان هناك ضباط، كان هناك حجان عبد الغفار، مرتبط من دون ما أعرف أنا..
أحمد منصور: كان رتبته أيه؟
عارف عبد الرزاق: كان رتبته رائد ركن..
أحمد منصور: أقل منك من الرتبة..
عارف عبد الرزاق: أقل مني، وكان في بغداد ما كنش في الحبانية..
أحمد منصور: لكن كنت أنت أعلى رتبه في القوات الجوية شاركت في الثورة،..
عارف عبد الرزاق: شاركت في الموضوع وكان المفروض، وكان المفروض أن أكون أنا قائد القوات الجوية، لكن عبد الكريم قاسم..
أحمد منصور: ده بعد الثورة.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا، قبل الثورة، التخطيط الأولاني، التخطيط الأولاني.
أحمد منصور: كنت أنت..
عارف عبد الرزاق: التخطيط الأولاني على أساس كل الضباط إللي قدام غير.. غير صالحين بالقوات الجوية، على أساس إحالتهم إلى التقاعد (...) أو إعطاء رتب كان فرق.. هل نعطي رتب..؟
أحمد منصور: في عهد الملك هذا.
عارف عبد الرزاق: كان، في عهد الملك أيه..
أحمد منصور: يعني كان المفروض أن تكون..
عارف عبد الرزاق: بالتخطيط للثورة، كان هل هناك.. هل نعطي رتب وقتيه أم نشوف له حل آخر؟
أحمد منصور: يعني زي حكومة ظل مثلاً.
(11/215)
عارف عبد الرزاق: لأ، لأ، زي ما أعطوا المشير عبد الحكيم عامر، أعطوه رتبة مشير، من رائد إلى مشير، حتى يحكم بها، لأنه هناك ضباط هل نتخلص منهم كلهم؟
أحمد منصور: بعد الثورة هذا.. بعد الثورة؟
عارف عبد الرزاق: لا هذه النقاط.. هذه الآراء اللي طرحت قبل الثورة، أنه هناك ضباط من الضباط الأحرار، هناك ظباط كثير أقدم من عندهم فماذا نعمل فيهم؟ هل نعطي الظباط المشتركين بالثورة رتب وقتية، حتى يصيروا أعلى من عندهم، أم نسرح هؤلاء الضباط كلهم إلى التقاعد؟ هذه كانت الفكرة يعني كانت إحدى النقاشات اللي تصير فحسب ما يعني طبعاً عبد الكريم قاسم ما كان يوافق على الرتب الوقتية.
أحمد منصور: الآن الصورة الواقعية التي يمكن أن يشاهدها المشاهد أن بعد ما تحرك عبد السلام عارف بالكتيبة بتاعته، أنت تحركت قبل أن تسمع من الإذاعة.
عارف عبد الرزاق: أنا بلغت من قبل الظابط الموجود من هذا المهزوم ورحت، لما رحت وصلت الأوكار ابتدت الإذاعة.. فالإذاعة سمعتها..
أحمد منصور: أحكمت السيطرة على مستودعات الأسلحة حتى لا يصل إليها البريطانيون.
عارف عبد الرزاق: لا يصل إليها البريطانيون..
أحمد منصور: عدد البريطانيين كانوا كم في القاعدة عندكم؟
(11/216)
عارف عبد الرزاق: دقيقة واحدة عشان نرجع للموضوع، كان هناك آمر قاعده اسمه (هيوي ادواردز) هو أسترالي، لكن كان يخدم بالقوات الجوية البريطانية، كان الرجل هذا، عنده وسام "فيكتوريا كروس" وكان من الضباط العاقلين والضباط الشجعان، ايجة بعد الإذاعة بحوالي بنص ساعة، هو وأمير جناح الطيران بتاعه، فجابوا الجنود، إللي مخليهم على الطريق، تحت الحراب لمواجهتي، هو طلب.. مواجهتي، وقال أنا جيت أخذ مسدسي، قلت له الموضوع، مسدسك لا يحميك، الموضوع كان.. سألني هل أنت موجود معهم؟ كان يشك أنه هو أنا أكون معهم، في مناقشة سابقة بيني وبينه قدام السفير البريطاني أنه أنتوا مش كويسين معانا، وانتوا ما عملتوش كويس أنتو ما أعرفش –في إحدى الليالي- فقلت له: لأ، لكن أنا أريد أعمل ما يفيد وطني، وحتى أعمل ما يفيد وطني أريد عدم التدخل في شؤوني، ولذلك أنا أمر إعطاء الرمي أعطيته، فإذا تساعدني أني نمنع قتله الجندي الأولاني، بعد قتلة الجندي الأولاني لا أستطيع أن أسيطر، فهو كان عنده محطة إذاعة داخلية، فقلت له: تطلب.. تذيع منع التجول بالنسبة لجنودكم وضباطكم، فراح ورجع وتصنت على الإذاعة.. الذبذبة بتاعتهم فعلاً ذاع ممنوع.. ممنوع التجول.
أحمد منصور: عددهم كانوا كم؟
عارف عبد الرزاق: عددهم طلبت..
أحمد منصور: القوائم..
عارف عبد الرزاق: القوة العمومية بتاعتهم بعد.. بعد يمكن مرور ساعة، طلبت القوة العمومية بتاعتهم، كان عندهم 1300 وشوية ضابط.. جندي، كان 91 ظابط فيهم نسبة كبيرة طيارين، كان 120 طفل و155 امرأة.
أحمد منصور: كان لهم طائرات غير طائراتكم السربين دول؟
عارف عبد الرزاق: لا طياراتنا بس..
أحمد منصور: يعني هم كانوا بيستخدموا طياراتكم؟
عارف عبد الرزاق: ممكن كانوا يستخدموا طياراتنا وممكن.. وكان فيه طيارات كان فيه 3 طيارين.. 5 طيارين أميركان.
أحمد منصور: أنا كنت هسألك عن القوة الأميركية في القاعدة أيضاً.
(11/217)
عارف عبد الرزاق: كان هناك قوة تدريبية جاية من 38 جندي من عدد 38 جندي و5 ضباط طيران، 3 منهم.. 3 منهم..
أحمد منصور: طيارات أمريكان..
عارف عبد الرزاق: 3 منهم طيارين وآمرهم ومهندس.
أحمد منصور: إذن هناك قلق كان فيه قوات بريطانية في قواعد أخرى؟
عارف عبد الرزاق: في " الشعيبة".
أحمد منصور: كانت عندك علم؟
عارف عبد الرزاق: لا أستجب مافيهاش قوات.. مافيهاش قوات جوية.
أحمد منصور: لكن القوة البريطانية الرئيسية كانت عندك.
عارف عبد الرزاق: في الحبانية.
أحمد منصور: وأنت أحكمت عليهم.
عارف عبد الرزاق: أنا كان في الحبانية كان فيه لواء عراقي لواء المشاة الثامن وكان غير موالي، عدا يعني مقدم اللواء كان منظم وكنا نجيب السرية تتمرد مع عمر الهزار تيجي تعاوني بالحصار على هذا المشجب.
أحمد منصور: إذن من المفترض الآن إنه هناك قلق بريطاني كبير لاسيما على 1300 جندي بريطاني موجودين في الحبانية.
عارف عبد الرزاق: ماكو شك بها.
أحمد منصور: كان هناك قلق أميركي أيضاً على اعتبار عدد الطيارين والجنود الأميركان اللي موجودين في الحبانية.
عارف عبد الرزاق: لا هو القلق الأولاني كان من أمر القاعدة نفسه، أمر القاعدة نفسه من اليوم الثاني طبعاً حضرتك لو جيت تسلسل لو تسمح لي أذكر تسلسل الأحداث علشان نعطي صورة للمشاهد مثل ما نريد.
أحمد منصور: سنأتي بالتسلسل.. الصورة التي سيفهمها المشاهد عن تسلسل الأحداث فيما حدث يوم 14 يوليو تموز في العراق سنة 58 سنبدأ بها الحلقة القادمة.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/218)
الحلقة5(11/219)
الأحد 26/12/1422هـ الموافق 10/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 14:09(مكة المكرمة)،11:09(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 5
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
03/02/2002
- استتباب الوضع للجيش بعد 14 تموز
- أطماع العسكريين في المناصب الكبرى بعد نجاح الثورة
- اغتيال الملك فيصل وولي العهد وأسرته والتمثيل بجثثهم
- القبض على نوري السعيد وسحله في شوارع بغداد
- تقسيم الكعكة على الضباط الأحرار في العراق
- تفجر الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر" حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق رئيس وزراء العراق الأسبق، سيد عارف.. مرحباً بك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بك.
أحمد منصور: الآن نحن في مشاهد الرابع عشر من يوليو "تموز" 1958، وصفنا بعض المشاهد في الحلقة الماضية، كيف تحركت بعض قطاعات الجيش العراقي للقيام بانقلاب، كنت أنت مسؤولاً عن تحريك القوات الجوية وتأمينها من خلال كونك كنت قائد السرب السادس في.. قاعدة "الحبانية" الجوية.. كان لديك ألف و1300 جندي بريطاني، وحوالي 40 جندي أمريكي مع بعض الطيارين، وأسرهم وعائلاتهم أيضاً كانت في القاعدة، تحرك أيضاً عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم في بغداد وأنت كنت في الشمال، ما هو المشهد بعد ذلك علي القطاعات المختلفة حتى أستتب الوضع لصالح العسكريين ؟
استتباب الوضع للجيش بعد 14 تموز
(11/220)
عارف عبد الرزاق: إحنا وصلنا بالحلقة السابقة إلى كيفية السيطرة على "الحبانية".. وبعد أن قسمت مراتب السرب إلى 3 أقسام، قسم للمراقبة للطرق التي تؤدى وقسم بالسلاح لمراقبة "المشجب" وقسم لإخراج الطيارات للقيام.. للاستعداد للقيام بواجباتها هذا اليوم وتسليحها..
أحمد منصور: كل هذا دون أي تنسيق أو اتصال مع القوات التي في بغداد.
عارف عبد الرزاق: لأ طبعاً لأ هو أنا مسؤول عنها، يدروا.. ما يعرفوا طبيعة ال.. ما يردون.. طيارة وطيارة تطير وتمنع ال..
أحمد منصور: أنا أقصد أن الذين تحركوا في بغداد لم..
عارف عبد الرزاق: معتمدين علىِّ، معتمدين على البلاغ الأولاني، على التوكل الأولاني لكن، المفروض كانوا يخبروني.. كا..
أحمد منصور: لم يبلغوك بالموعد..
عارف عبد الرزاق: لو لم أسبق الأحداث.. لتغير الحال.
أحمد منصور: لم يبلغوك بموعد قيام الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: صح..
أحمد منصور: وأنت تحركت بناءً على المعلومات التي وصلتك من مساعديك أو بعض الضباط لديك..
عارف عبد الرزاق: لأ.. اشتغلت الإذاعة العراقية بعدين، الإذاعة العراقية ابتدت.. عرفت إنه توصلت إليها.. فبعد مجيء آمر القاعدة الجوية البريطانية ومطالبتي بالموقف فكان هناك طلبات كثيرة من قبل القطاعات البريطانية لإيصال طعام وأو توجية الجنود للحراسة منطقة البحيرة أو منطقة الهضبة..
أحمد منصور: كل هذا في اليوم الأول ؟
عراف عبد الرزاق: في اليوم في الساعات الأولي. فكنت أبعت ال..
أحمد منصور: أي ساعة تحركت ؟
عارف عبد الرزاق: الساعة 6.. 5
أحمد منصور: صباحاً.
عارف عبد الرزاق: صباحاً.. هو جاني حوالي 6.30 ونص هو ما عرف الخبر إلا حوالي 6.30 ونص من الإذاعة ومن جهات معينة، فكان بعد هذه.. كان هناك مرسلات للإنجليز ما نعرف عنها شئ.. وكان هناك..
أحمد منصور: يعني آيه مرسلات.. عفواً. ؟
عارف عبد الرزاق: مرسلات لاسكين.. مجموعة يعنى..
(11/221)
أحمد منصور: آه.. يعنى رسائل لاسلكية..
عارف عبد الرزاق: سيطرنا عليها حتى نمنع أي خبر يطلع من القاعدة الإنجليزية إلى بره.. وهناك وحدة مخابرة لا تعرف عنها شيئاً.. تحت الأرض فبعتنا للسيطرة عليها ضابط وبعض الجنود فالإنجليز لما شافوا القطاعات متجهة إليهم نسفوها.. نسفوا القاعدة، كل ما نعرف عنها(...) لكن هي شئ طبيعتها شئ ما نعرف ؟!
حتى بعد ما فجروها جبنا خبراء من بغداد لنعرف طبيعة العمل اللي كانوا يسووا بيه.. ما كنا.. ما توصلنا إلى نتيجة لأن دمروا كل شئ بيها.. عدا الطابعات و"البرنتر" الموجود.. فزارني بعد الظهر مباشرة آمر القاعدة..
أحمد منصور: البريطاني.
عارف عبد الرزاق: البريطاني ليلعب على أعصابي إنه الأسطول السادس نزل في بيروت، ولواء مظلي.
أحمد منصور: الأسطول السادس الأمريكي..
عارف عبد الرزاق: الأمريكي
أحمد منصور: على اعتبار إنهم حلفاء يعني..
عارف عبد الرزاق: .. طبعاً.. ولواء مظلي إنجليزي نزل في عمان.. فهذا طبعاً عطاني تفكير إنه ننشر طيارات بره.. ما نخليها كلها في الأوكار حتى لا تصاب كلها.. البيض في سلة واحدة وتكسر كلها.. عندنا جهاز رادار بره.. (…) رادار إنجليزي حاولنا نسيطر عليه، بس ما عرفنا نشغله.. اتكلنا علي الله.. إنه العملية ناجحة.. بغداد.. آه قمنا بدوريات على اللواء الأول نشوف أي حركة طالعة ضمن نوع من الاستطلاع فوق طريق بين "المسيرا"وبغداد" إحنا..
أحمد منصور: اللواء الأول اللي كان بيقوده عبد الكريم قاسم..
عارف عبد الرزاق: "الحبانية" غرب بغداد مش شمال بغداد.. على ذكر (……)، وكلمني عبد السلام عارف حوالي الساعة 9.30 ونصف عشرة
أحمد منصور: صباحاً..،ماذا قال لك ؟
عارف عبد الرزاق: صباحاً.. قال لي أن يريد طيارات تطير فوق بغداد لترهب بغداد فطيرَّنا عشرين طائرة فوق بغداد.
أحمد منصور: خلاص السرب.. القاعدة كلها. بقت…
عارف عبد الرزاق: يعني أغلبيتها.
(11/222)
أحمد منصور: طب والقاعدة الأخرى.
عارف عبد الرزاق: القاعدة الرئيسية عندنا، القاعدة رئيسية عندنا.. وفي"كركوك" شويه وفي "بغداد" شويه وفي "الموصل" كان شويه، في "الموصل" كان في "الشعيبة" (……).. عملية بعد الظهر طبعاً اتكشفت وعلاقات مع.. عبد السلام عارف دائم الاتصال بيه.. لمعرفة النتائج اللي شو صار بيها.. واللواء آمر اللواء.. آمر القاعدة الجوية البريطانية دائم الاتصال بيه إنه يريد يطلع ال.. النساء والأطفال.. فقلت له: ما الذي يلجأك إلى هذا؟ قال: أنا خلينا نتكلم بصراحة.. أنت عسكري وأنا عسكري. لو حكومتي الغبية أمرتني أن أعمل شئ.. ماذا أستطيع أن أعمل وأنا عندي أطفال ونساء؟!.. فأنا كنت أريد هذه الكلمات.. كعذر لعدم التحرك بهم..
أحمد منصور: آه
عارف عبد الرزاق: فكان طلب مقابلة رئاسة أركان الجيش في بغداد، واحنا عرفنا إن السفارة البريطانية في بغداد دُمرت، لآن الملحق العسكري حاولوا بعض الشعب إنه يكسروا تمثال ل "جنرال مود" اللي فتح بغداد وهو مقابل السفارة البريطانية، فكان الملحق العكسرى البريطاني رمي طلقاته على وقتل بعض المتظاهرين الموجودين بيه، فكان المتظاهرين انهم توجهوا كلهم علي السفارة وقتلوا الملحق العسكري.. والسفير وزوجته التجأوا بره خارج..، حرقوا السفارة، وراحت قطاعات أمنية وأخذلهم إلى أحد الفنادق.. فـ
أحمد منصور: طب. كان هناك تأمين لباقي السفارات وباقي الدبلوماسيين.. وباقي.
عارف عبد الرزاق: تحركت كثير. قطاعات لتأمين بس تحركت متأخرة.. كان الغرض يعني أنا قلت الناس الضباط.. كل الضباط الأحرار.. كلها تحركت إلى مواقعها من دون أي أمر.. اعتبروا الإذاعة مركز تمديد للكل..
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: فالكل راح.. لجأ إلى قطاعاته.
(11/223)
أحمد منصور: يعنى هنا برضوه الضباط الأحرار لم تكن لهم قيادة واحدة وإنما كانت قيادات كثيرة.. ولكن الذي تحرك وأخذ المبادرة كان عبد السلام عارف.. عبد الكريم قاسم والكل تعاون معهم من كل أنحاء الجيش وكل واحد قام بدوره..
عارف عبد الرزاق: همه.. اللي.. اللي.. أشعلوا عود الثقاب.
أحمد منصور: معني ذلك إن كل المحاولات اللي قبل كده لو كان أي واحد فيهم نجح كان.
عارف عبد الرزاق: نجح الثاني بها..
أحمد منصور: لكن هي.. كما قرأت مقولة للسفير الأمريكي في بغداد.. في ذلك الوقت.. "جون جلمان". قال: "كانت مصادفة نجاح الثورة واحد في المليون".. لأن بالشكل الذي ذكرت فيه التحرك، بكل المعايير عملية النجاح لانقلاب بالشكل ده لا يمكن أن تتم.. أنت كمسئول عن القوات الجوية لم تكن لديك علم.. لم يكن لديك.. كل اللي كان بيتحرك كشخصين بيتحركوا علشان المساعدة.
عارف عبد الرزاق: آه.. اعزيها إلى أنانية.. بعد أن شافوا الثمار على وشك القطف استغلوا الفرصة هذى حتى لا يشاركهم الآخرين في السيطرة وفي تشكيل الوزارة.
أحمد منصور: ده عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم..
عارف عبد الرزاق: هم المسؤولين الأتنين بس حتى هذا أحد العوامل اللي ..
أطماع العسكريين في المناصب الكبرى بعد نجاح الثورة
أحمد منصور: هذا ما سنتناوله بالتفصيل طبعاً لأنه طالما الأمور قائمة على طمع وليس مصلحة شعب فبالتالي الشعب العراقي من يومها يجني ثمار ما قام به هؤلاء.
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع أن أبرئ نفسي أو أبرئ نفس الآخرين.. الأطماع الشخصية لكن أنا أعتقد بالنسبة لي أنا شخصياً لم يكن لي أي طمع إلا الوحدة العربية.
أحمد منصور: طمع قيادة القوات الجوية ما أنت قلت انهم كانوا بيرتبوا إنك تكون قائد القوات الجوية..
عارف عبد الرزاق: قيادة القوات الجوية جايتني جاتينى.. أنا ضابط كويس وخريج كلية الأركان وعندي سرب مقاتل
(11/224)
أحمد منصور: لما تيجي بدري شويه يبقي كويس..
عارف عبد الرزاق: لأ.. هي جاية جاية.. كل ما تيجي متأخرة كل ما تبقي أكثر
أحمد منصور: يعني الآن كنتم عماليين.. أو بقيتم تفكروا في عشرات أو مئات الضباط التي بين الرتب بين الرتب العليا و بين
عارف عبد الرزاق: مش أنا..
أحمد منصور: الضباط الأحرار.. أنت جزء منهم.
عراف عبد الرزاق: مش أنا مش أنا.
أحمد منصور: أنت جزء منهم..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت صارت محاورة.. صارت محاورة مثل هذى.. إنه كيف اللي يسيطر على الضباط هذى أخذوها درس من مصر هل نعطي.. هل نعطي رتب وقتية أم لأ.. كان يعني.. كانت مناقشة.. ما قرَّر فيها شئ..
أحمد منصور: التحرك كله وذلك الوقت.. كان واضح إنه كما قام الضباط السوريون بالاستيلاء على السلطة، وكما قام الضباط المصريون بالاستيلاء على السلطة، لما لا تقوموا أنتم الضباط العراقيون بالاستيلاء على السلطة ويكون لكم الحكم..
عارف عبد الرزاق: أنا لا أوافقك على الرأي مطلقاً..
أحمد منصور: أليس هذا هو الواقع يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: بغض النظر عن النوايا الحسنة.
عارف عبد الرزاق: لم يكن هذا الواقع.. الواقع تغيَّر بعد 14 "تموز"
أحمد منصور: كيف تغير بعد 14 تموز، وحضرتك قلت الآن وبتؤكد وكل كتب التاريخ تؤكد إن عبد السلام إن عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف لطمعهما في السلطة أثنوا باقي كل الضباط الأحرار.. وتخلصوا.. ووصلوا إلي الحكم
عارف عبد الرزاق: حتى.. لا يشركوا.. يقولك تخلصاً من ال.. من التقويل والمقاومة والمعارضة.. يعني كمعارضة تخلصاً من المعارضة إنه لم يقدموا بشيء فما لهم حق المعارضة؟
أحمد منصور: إذا (……).
عارف عبد الرزاق: نوع من الأنانية.. لكن الخلاف صار بعد… أنا أقول لك
أحمد منصور: إحنا لسه في 14 مخلصناش.
عارف عبد الرزاق: 14 لما تعدي عليه.. هزضع.
(11/225)
أحمد منصور: أنا أعود إلى أن كل القوات البريطانية الموجودة في العراق كانت تحت سيطرتك في ذلك الوقت..
عارف عبد الرزاق: منعت من استيلاء السلاح، وتناقلها كان محدود إلا بحراسة من عندي
أحمد منصور: يعني.. حبستهم أو حجزتهم أو حصرتهم؟
عارف عبد الرزاق: لا.. لأ لكن تنقلهم إلى خارج "الحبانية" لبحيرة الحبانية. كان عندهم فندق هناك وكان عندهم مطار الهضبة كان موجود به قطاعات حراسة تحركهم من.. وإلى.. كان تحت حراسة القوة الجوية العراقية.. وكان دائم الاتصال.
أحمد منصور: لكن.. منعت عنهم السلاح..
عارف عبد الرزاق: دائم الاتصال فيَّ مطالباً رئيس أركان الجيش.
أحمد منصور: منعت عنهم السلاح.
عارف عبد الرزاق: السلاح موجود عندي. ممنوع السيطرة عليه ممنوع الدخول بيه.
أحمد منصور: هل أبلغك عبد السلام عارف.. بأي شئ فيما يتعلق بوضعهم
عارف عبد الرزاق: لأ.. أبداً.
أحمد منصور: يعني كان ناسي إن فيه 1300 بريطاني و50 أمريكي
عارف عبد الرزاق: ما يعرفش حتى هذا العدد أو لأ.
أحمد منصور: قائد قوات الثورة لا يعلمون شيئاً.
عارف عبد الرزاق: ما يعرفوا.. أنا ما كنت أعرف عدد الجنود البريطانيين لو ما أخذت..
أحمد منصور: مش مهم العدد لكن فيه قوة بريطانية كبيرة موجودة في البلد عارف عبد الرزاق: فيه قوة بريطانية كانوا يتخوفون بها وكانوا واثقين من إني أستطيع أن أسيطر.
أحمد منصور: ومن المؤكد إن الألف و1300 دول كانوا مقاتلين أشداء مش ناس عاديين.
عارف عبد الرزاق: لأ ناس أكثرهم كانوا ميكانيكية و معامل وما شابه وماكنوش مقاتلين.
أحمد منصور: بغض النظر، ألف و1300 واحد من الجيش البريطاني.
عارف عبد الرزاق: معاهم حوالي نفس الرقم من الحراسة ال.. المسخرين من قبلهم..
أحمد منصور: وفي نفس الوقت قادة الثورة أو الذين قاموا بالانقلاب في بغداد لا يعلمون شيئاً ولم يكن في حساباتهم أي شيء.
(11/226)
عارف عبد الرزاق: لأ.. يعلمون أن هناك قطاعات بريطانية، لكن لا يعرفون عددهم.
أحمد منصور: ولم يكن لديهم خطة فيما يتعلق بشأنهم.
عارف عبد الرزاق: يعني كان وكل علي أساس إنه هناك قطاعات عراقية مكافئة مقابلة، اللواء الثامن.. اللي هو كان آمره غير مُبلغ.. وعُين له آمر جديد، عبد الرحمن عبد الستار. كان له آمر أسمه مظفر أحمد التك.. وعُين آمر عبد الرحمن عبد الستار كان أحد آمري الأفواج الموجودين عند عبد السلام عارف.. عبد الكريم قاسم.. اللي هو أُبلغ عبد الرحمن عبد الستار أبُلغ بالثورة وأن هناك ثورة من قبل عبد الكريم قاسم في أثناء المسيرة، كان أمير فوج، هو وأُبلغ أن هو أتعين آمر لواء بالثامن وعليه أن يستعد للمجيء "الحبانية" وصل الساعة واحدة بعد الهظر إلى الجانية واستلم قطاعات اللواء.. فأنا يعني حمل كبير عنى انتقل يعني إنه جاء ظابط من الظباط الأحرار للسيطرة على اللواء الثامن.
أحمد منصور: ماذا فعلت بالبريطانيين ؟
عارف عبد الرزاق: لم أفعل.. أُرسل إليّ قطع اللي قطع سّرية أخرى مدير من "العبودي" سّرية حراسة لتعزيز الحراسة الموجودة على "المجدب" وقفت مراقبة هناك.. وبعدين أرسلت قائد بعد أن أتصلت برئيس أركان الجيش، في يوم الثالث أو الرابع أرسلت آمر القاعدة إلى بغداد لمراجعة رئيس أركان الجيش وعاد آمر القاعدة وشكر برئيس أركان الجيش وقال انه لبي كل طلباته، وأنه فرحان كان عائد. أن الثورة ما شية بالنهج الصحيح .
أحمد منصور: في.. بعد ذلك الوضع كان أية في الأماكن الأخرى.. قُتل نوري السعيد..
اغتيال الملك فيصل وولي العهد وأسرته والتمثيل بجثثهم
عارف عبد الرزاق: لأ.. نوري السعيد لم يقتل في ذلك اليوم..
أحمد منصور: آه.. قتل في ذلك اليوم..الملك فيصل وولي العهد الأمير عبد الإله
عارف عبد الرزاق: الملك فيصل وولي العهد وأمه وأخته ووالدته وأخته يعني هو
أحمد منصور: ومُثل بهم تمثيل بشع..
(11/227)
عارف عبد الرزاق: علشان.. أنا كنت في "الحبانية" لكن أروى حادثه من آمر الفوج الحرس اللي هو العقيد طه المعمرلي يقول :
أحمد منصور: روي لك مباشرة..
عارف عبد الرزاق: إليّ مباشرة أو عن طريق آخر يقول: إنه كان هناك سرّية مستعدة للذهاب إلى المطار لتوديع الملك.. كان الملك يسافر ذاك اليوم إلى أنقرة.. سرّية حرس شرف.. وكان يعدها.. فجاء من يبلغه بأن جسر "الخر" المنطقة الواقعة بين الفوج وقصر الرحاب منطقة.. جسر الحز أحتل من قبل ظباط مشتركة فجاء بمدرعة ليستطلع الأمر.. فأوقف فشاف من قبل 9 ضباط.. حسب ما قال.. حتى واحد منهم كان لابس ملابس قوات جوية.. فحس إن الحركة عامة.. فأوقفوه وأخذوا مسدسه..
أحمد منصور: من الملك.
عارف عبد الرزاق: من ال.. طه المعمرلي العقيد طه المعمرلي.
أحمد منصور: اللي هو قائد الحرس.
عارف عبد الرزاق: قائد الحرس.. وبعتوه لإقناع الأمير عبد الإله بالتسليم.. لا خير من المقاومة.. ويقول إنه لما دخل من الباب طلب من سِّرية الحرس والسِّرية المهاجمة.. أن يقطع الرمي من سرية الحرس حتى السرية المهاجمة تقطع الرمي.. وذهب إلي مقابلة عبد الإله وعبد الإله طلب منه التريث وإلهاء القطاعات المهاجمة ريثما يستنجد بقطاعات أخرى عراقية.. هذا لسان الموجود حال.. في هالأثناء عبد السلام عارف لما استبطئ السيطرة على قسر الرحاب وجاده بعد موجود.. فذاع بالإذاعة أنه تحرك.. بعد استطلاع الناس بالمظاهرات.. فطلب منهم التوجه نحو الرحاب وسحل الملك وسحل العائلة المالكة هناك.. هذا جاء على لسان الإذاعة..
أحمد منصور: من عبد السلام عارف لكن قبل ما يوصل هذا.. إلى هناك.. هناك متطوعين من مدرسة المشاة آخذو مدفع 106 ملم وجابوا كان من التدريب في مدرسة المشاة وجابوه وحطوه أمام قصر الرحاب وضربوا طلقات بعيار 106.. قنابل 106 فأحدث حريق
أحمد منصور: يعتبر مدفع..
(11/228)
عارف عبد الرزاق: فأحدث حريق داخل القصر فاضطروا أن يطلع كل القصر من باب جانبي.. وكل سكان القصر من باب جانبي رافعين.. رايات بيض وقرآن.. ومصحف وهذى.. أحد الضباط كان أسمه عبد الستار على سبع العبوثي.. قام برميهم بدون تبصر فرمي كل الناس الموجودين، قتل كل الناس الموجودين حتى ضابط الحرس اللي كان مرافق مع عبد الإله أيضاً قتل.. الضابط اللي راح يستقبلهم استطاع أن يهرب وحتى الزوجة عبد الآله جرحت لكنها لم تمت.. وابتدت الغوغائية بسحل الناس مع الأسف.. والنهب في قصر الرحاب بما يملكوه.. قصر بسيط ما كانوا يملكون.
أحمد منصور: عايز حضرتك تسمى دي ثورة.
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: تسمي دي ثورة؟!
عارف عبد الرزاق: آه هي ثورة الثورة في اللغة العربية.
أحمد منصور: أنا مش في اللغة العربية أنا لي الواقع اللي تم ده..
عارف عبد الرزاق: ما هي معاناتها كلمة ثورة باللغة العربية أية؟ تثور علي نظام معين.. إنه ترفض وضع ذلك النظام بما أوتيت منه كل سلاح.. هذا معناة الثورة.
أحمد منصور: الأسلوب الدموي الذي تم فيه تصفية العائلة
عارف عبد الرزاق: فيه بريئين.. أنا أشك إن الضابط كان مبلغ.
أحمد منصور: هذا الضابط استجاب لما قاله عبد السلام عارف في الإذاعة .
عارف عبد الرزاق: يجوز يعني أنا أحمْل.. يعني أحمْل عبد السلام عارف قضية أمر الشعب بالزاحف نحو قصر الرحاب وسحل كل من فيه..، وهناك لا أبرئ أيضاً عبد الكريم قاسم.. أظن كان في تخطيطهم قتل الملك.. بينما أنا كان في التخطيط اللي بلغت بيه إنه ثورة بيضاء وإنه.. يعهد للملك بالبقاء وتعين رئيس وزراء جديد على غرار ما جاء في ثورة يوليو 1952 وتنازل الملك عم السلطة بعد فترة زمنية وتكون ثورة بيضاء لا يكون بها أي دم ولكن مع الأسف شذ عن هذا الموضوع.
أحمد منصور: أنت لم تلوث يديك بماء أحد في هذه الثورة؟
عارف عبد الرزاق: لأ..
أحمد منصور: لم تعط أمراً بالقتل.
(11/229)
عارف عبد الرزاق: أعطيت أمر بالرمي علي القطاعات المخالفة لأمري ولم يقتل عدا جندي بريطاني واحد ضُرب بحربة في يده.. امتنع.. ما قبل ينفذ أمر فضربه أحد الجنود بحربة في يده.. هذا هو الحادث الوحيد اللي صار "الحبانية"
أحمد منصور: جُرح يعني.
عارف عبد الرزاق: جُرح.. جرح بسيط.
أحمد منصور: لكن باقي كل القوات التي كانت تحت يديك وكل تحركاتك.. لم يقتل أحد؟
عارف عبد الرزاق: لم يرق أي دم في "الحبانية".
أحمد منصور: الدماء أريقت في قصر الرحاب..
عارف عبد الرزاق: في بغداد من الغوغائية..
أحمد منصور: الغوغائيين استجابوا.
عارف عبد الرزاق: من الشعب تسميه أنت الثورة الشعبية من الشعب هو . من العسكر..
أحمد منصور: الشعب استجاب للعسكر.. الضابط الذي قتل الملك وقتل أسرته هو من العسكر..
عارف عبد الرزاق: والله.. من ال.. هل الفرخة من البيضة أم البضة من الفرخة.. المدني والعسكر.. كله سوا.. عجينه واحدة..
أحمد منصور: ليست قضية فرخة وبيضة يا سيدي.. لا ليست عجينه واحدة.
عارف عبد الرزاق: عجينه واحدة برغيفين مختلفين.
أحمد منصور: أرجو ألا تحمل الناس مسئولية أخطاءكم.. من المفترض إن أي حركة بتقوم أول شئ بتعمل عليه هو تأمين حياة الناس وليس ما تم من أساليب دموية في التنفيذ.
عارف عبد الرزاق: آيه هذا وأنت جالس الآن على كرسي ولكن أنت لا تضع نفسك.
أحمد منصور لا يمنعني هذا أن أقيم.
عارف عبد الرزاق: لا تضع نفسك في شخص بين معلق بين الإعدام وبين النجاح ويتوقع كل ما يمكن لإنجاح ما قر عليه بتختلف النفوس وتختلف القرارات..
أحمد منصور: هل يمنعنا هذا أننا نجلس الآن بعد أكثر من 40 سنة.
(11/230)
عارف عبد الرزاق: أنا بس أريد أكمل.. أريد أكمل إنه إذا أنت من هذه المحاورة التي لا نهاية لها.. إن عبد الكريم قاسم توجه بعد ذلك إلى بغداد ووصل قريب الساعة العاشرة إلى بغداد ـ حسب المعلومات اللي عندي. وذهب إلى وزرة الدفاع وإلى مواقع رئاسة أركان الجيش فيه هناك وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش وجئ بعبد الإله مسحولاً وعلق على باب وزارة الدفاع بنفس المكان الذي علق به صلاح الدين الصبار سنة 45 ومثل بجثته.. وكان أتعين مدير استخبارات اسمه عبد المجيد سعيد عميد فجاء لعبد الكريم قاسم وقال سيدي أمنع هذه المهزلة.. هذا حرام بالدين.. لا يصير التمثيل بالجثث، فعبد الكريم قاسم نهره ولم يلبى طلبه وبعث على، أرسل على آكل كباب أتغذى.. هذه الواقعة رواي لي اياها نفسه عبد المجيد سعيد، فالنفوس تختلف من شخص إلى آخر .
أحمد منصور: لأ.. أنا أقصد شيء مهم جداً .. إحنا الآن حينما نتناول ما حدث.. حينما نتناول دورك السياسي.. حينما نتناول هذه الأحداث.. لا يمنعنا أننا نجلس على كراسي ونتكئ عليها الآن من إن إحنا نتناول الأخطاء والمحاسن والسيآت.. وإلا ليس هناك ضرورة لمثل هذا الحوار أو للشهادات بشكل عام .. فإض لما يكون فيه شيء فيه ملاحظة نقول.
عارف عبد الرزاق: أخى أنت تتكلم الأن في غرفة ولا تتكلم بنفس طبيعة الشخص اللي جاي أعصابه شايلها ودقه شايله على راحة كفة.. هل ينجح أو لأ..
أحمد منصور: هل هذا يعطي بعد له في تصرفاته.
عارف عبد الرزاق: هو ثار على عمل معين على شخص معين فكل المبررات بالنسبة إله تهون دون بلوغ غاياته.
أحمد منصور: بالنسبة إله هو لكن بالنسبة للي يقيم..
عارف عبد الرزاق: هذا الواقع.. هذا الواقع اللي تريده، ما نريد أنت تتفلسف بأشياء أخرى.
أحمد منصور: أنا لا أتفلسف.. عفواً.
(11/231)
معنى ذلك أن كل مجرم يرتكب جريمة نقول إن الراجل ده جه بظروف معينة وبالتالي يستحق البراءة، لانه في اللحظة التي ارتكب فيها الجريمة كان مشحون بكذا او كان عنده بكذا .
عارف عبد الرزاق: عند هذا لازم نناقش هل العمل اللي قام بيه مشروع أم غير مشروع.. أو هل الثورة صحيحة أم خطاء.. هذه اجتهادات الناس تختلف.
أحمد منصور: لا نتكلم عن الثورة يا سيدي أنا هنا لا أتكلم عن الثورة صحيحة أو خطأ.. الثورة حدثت وقامت بالفعل ومن حق كل مجموعة أن تتخذ
عارف عبد الرزاق: ومن حق كل الناس أنه.. إن المجزرة اللي صارت في قصة الرحاب كانت مجزرة خاطئة.. خاطئة.. خاطئة..
أحمد منصور: لا نريد أكثر من ذلك.. إناحنا بنقول هل هذا التصرف..
عارف عبد الرزاق: خاطئة.. خاطئة.. خاطئة وسحل نوري السعيد في اليوم الثالث أو الرابع للثورة في شوارع بغداد أيضًا خاطئة.. خاطئة أيضًا حرام خاطئة.
القبض على نوري السعيد وسحله في شوارع بغداد
أحمد منصور: كلمنا بقى كيف تم القبض على نوري السعيد وكيف حدث له ما حدث؟
عارف عبد الرزاق: العقيد طاهر وصفى كان يشتغل مرافق لرئيس الوزراء لفترة طويلة
أحمد منصور: نوري السعيد.
عارف عبد الرزاق: كل رؤساء الوزارة جملتهم نوري السعيد.
أحمد منصور: طبعاً هو لم يكن نوري السعيد رئيس الوزراء في ذلك الوقت وإنما كان أحمد مختار بابان هو أخر رئيس وزراء في العهد الملكي.
عارف عبد الرزاق: أحمد مختار بابان آه.
أحمد منصور: لكن نوري السعيد ألف عشرات الوزارات وظل هو علامة في تاريخ بغداد السياسي الملكي..
عارف عبد الرزاق: لكن كان رئيس وزراء بالوزارة المشتركة مع الأردن
أحمد منصور: نعم
عارف عبد الرزاق: في الـ… كان آخر السرِّية الملكفة بالهجوم على نوري السعيد في قصره اللى على نهر دجلة كان اسمه رائد بهجت سعيد فطلب وصفي طاهر أن يقطع الرمي ويخش لواحده يستطلع هل نوري السعيد موجود أم لأ
(11/232)
أحمد منصور: هو روى لك – وصفي طاهر –مباشرة.
عارف عبد الرزاق: لأ اللي وصفي لي اللي روى لي الأحداث اللي جرت بيها وصفي طاهر روى لي غير شكل.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وصفي طاهر بُلغ.. بلغ نوري السعيد أن عليه أن يهرب، فاستقل نوري السعيد أحد المراكب اللى بنسميها "بالام" بالبغدادي، لنقل نفرين أو تلاتة في داخل نهر دجلة مع " بالام " آخر وراح إلى الجانب الثانى من دجلة عله يروح على بيت آخر فشاف إنه الشارع مزدحم.. فرجع إلى بيت شخص اسمه صالح البصام.. لا يزال حى موجود في بغداد.. في لندن، والتجأ إليه.. صالح البصام خذه في سيارته مختفيًا في الصندوق الخلفى للسيارة إلى ماء الكاظمية.. الكاظمية ضاحية من ضواحي بغداد في.. كانت منعزلة كانت مدينة منعزلة الآن أصبحت مستمرة داخل بغداد، إلى بيت عائلة بيسمى عائلة "الاسترابادي" ومن هناك جاء.. باليوم الثالث أو الرابع إلى بيت بشخص أخوه اسمه ضياء جعفر كان سكرتير وزير الدفاع.. وكان وزير في وزارة نوري السعيد في مرات كثيرة، والتجأ عنده.. كانت الحكومة العراقية أعطت عبدا لكريم قاسم أعطت عشر آلاف دينار لمن يدلى بأوصاف.. مكان نوري السعيد..
أحمد منصور: نوري السعيد.
عارف عبد الرزاق: نفس ابن هذا الذي اختفى عنده مالت للحصول على الجائزة اللى هى عشرة آلاف دينار، فذهب إلى وزارة الدفاع. هذا ما قاله لى وصفي طاهر قال إن شخص رايد كان يقابل عبد الكريم قاسم شخصيًا، وارسلت له قال: أنا ابن اخته قال وهو يعرف أن عبد الكريم قاسم لا يملك له ابن اخت، قال له أنا اعرف.. إذا عندك خبر آخر قل لى ايه.. فقال له ما عندي من أخبار إن نوري السعيد يختبئ في بيتنا..
(11/233)
لكن أرجو أن القطاعات اللى تروح هناك لا نسوي ضجيج.. وتلقى القبض عليه، لإن والده مريض ويخاف عليه ليموت، وكان ويطمع هو في العشرة آلاف دينار، هذا ما رواه لى وصفي طاهر.. وفعلاً هذا حقيقى، لكن وصفي طاهر.. نوري السعيد والست اللى معه.. كان يروحون إلى بيت آخر اسمه محمد العريبي من منطقة من منطقة العمارة بيت على النهر على شارع "أبو نواس" على النهر فركبو تاكسي شئ على وجوههم..
أحمد منصور: يعني هو كان متنكر في زي امرأة.
عارف عبد الرزاق: كان متنكر في ذيّ امرأة، فتوه المحل، البيت اللي يعرفوه. ففيه كان حانوت صغير بيبيع حاجات للمحل هاك.. فنزلت الست تسأله عن بيت أحمد العريبي.. فكشفت الخمار مع نوري السعيد لغاه فشافه أحد جنود القوات الجوية.. فقال نوري السعيد.. فثاروا الناس عليه.. هو نوري السعيد كان انتبه كان عمره قريب إلى 70 فطلع مسدس كان يدافع عن نفسه، لكن خارت قواه ووقع مريض والجنود خطفوا المسدس وقتلوه بيه، جنود المارة. الجندى نائب العريف ده.. مع المارة الموجودين بيه، ووصل وصفي طاهر بعد أن شاف إنه في البيت.. وسمع الرصاص موجود هناك
أحمد منصور: في القوات الجوية.. من عندك؟!
عارف عبد الرزاق: موجود هناك، فرماه بالرصاص بالطول وبالعرض، بعدما كان ميت في الوقت اللى الصبح نصحه إنه يهرب، هذى الحالات الموجودة.. هذى هى الحقائق سواء أنت قبلتها أم لم تقبلها.. هذه هي الحقيقة
أحمد منصور: أنا مش قضية أقبل أو لا أقبل قضية أن احنا ننقل ما حدث للناس
عارف عبد الرزاق: ما حدث ذلك.
أحمد منصور: بعد ما قتلوه؟
عارف عبد الرزاق: قتلوه.. سحلوه مع الأسف سُحل في شوارع بغداد ولا أدري أين دُفن، لإنه أنا يعنى.. اشمأزيت من الوضع ولم أعقب أنه ما جرى له
أحمد منصور: شعرت بأيه وأنت شاركت
عارف عبد الرزاق: شعرت بعدم وجود للبشرية الإنسانية في الإنسان.. يعنى أنت بعدما قتلته ماذا نريد منه، ماذا تريد منه البشر بعد أن قتلته..
(11/234)
أحمد منصور: لكن الملاحظ في التاريخ العراقي إنه تاريخ دموي بشكل عام
عارف عبد الرزاق: هذا حقيقى.. التاريخ.. يعنى الرجوع للخلف، يعنى من أواخر عهد العباسيين كان هناك قتل واغتيالات من هارون الرشيد، من السفاح نفسه من عبد الله السفاح، من أول خليفة للعباسيين..
أحمد منصور: وأنتم كعراقيين.
عارف عبد الرزاق: والشاعر قيل إن اتنين أطفال أمويين جو للسفاح وكان يداريهم باعتبار أطفال صغار فأحد المنتفعين اللي.. اللي تسميهم أنت.
أحمد منصور: الحاشية.
عارف عبد الرزاق: الحاشية الغريبة المفسدة فقال:
لا يغررك ما ترى من رجال إن تحت الضلوع داء دويًا
جرد السيف وارفع الرمح حتى لا ترى فوق ظهرها أمويا
فهذه في التاريخ العربى كل فيه..
أحمد منصور: لكن من الملاحظ أيضًا انكم كعراقيين وحتى الآن إذا تنتقموا تنتقموا من بعض باسلوب دموي شديد.
عارف عبد الرزاق: والله هناك نفوس تختلف.. مش كل العراقيين.. فيه فيه طبقة موجودة لا تزال فيه.. في كل العالم موجودة ترى هذى..
أحمد منصور: يعنى قامت.
عارف عبد الرزاق: بس لا ينفرد بها العراق.
أحمد منصور: يعنى قامت انقلابات في دول عربية عديدة لكن عملية السحل والتمثيل بالجثث ربما انفردت بها بغداد.
عارف عبد الرزاق: يمكن التمثيل لكن السحل…والـ.
أحمد منصور: لإن الشيوعيين سيأتوا بعد ذلك ويفعلوا الأفاعيل نفسها
عارف عبد الرزاق: فعلوا.. فعلوا الأفاعيل نفسها.
أحمد منصور: يعنى النفسية التى تقوم بمثل هذا الفعل،
عارف عبد الرزاق: أنا ما عندي تفسير لها.. إلا أنها نفوس شريرة، نفوس شريرة تخلت من أى شعور أنساني.
أحمد منصور: أنت كنت ترفض ذلك.. عدد الرافضين كانوا كم في.
عارف عبد الرزاق: كثير.. لأ كثير، كثير جدا كثير جدًا إن سميناها.
أحمد منصور: هذه البداية الدموية للانقلابات أو للثورة إنسميناها أو اطلقنا عليها ثورة، أو كما يطلق عليها
(11/235)
عارف عبد الرزاق: ما هي إحدى.. أحدى عوامل الانقلاب على طبعًا، على عبد الكريم قاسم إن السحل اللي صار في 14 تموز سنة 59، السحل في الموصل بعدها. في ثورة " الشواف" يعنى جابوا بإنسان وعلقوه رجل بعربية جيب من هنا ورجل بعربية من هنا ومشيت… مع الآسف هذه الأحداث اللى صارت بيها.. هذه احدى العوامل وهو كان راضي فيها..
أحمد منصور: أنا صدقنى وأنا أقرأ هذه المرحلة كنت أشعر والكتب حولى بأنها كأنها إنما كتبت بالدم..
عارف عبد الرزاق: مشينة، مشينة، مهينة حتى في استعراضات لمجلس 59 امام عبد الكريم قاسم مرة الشيوعيون والراية اللى بيعملون حبال يقولون ماكو مها يصير والأحبال ممدوده في إشارة إلى سحل النبى آدم..
هذه هي الحقائق سواء رضى بها غيري أم لم يرض، هذه الحقيقة أرويها لله وللتاريخ وللحقيقة.
تقسيم الكعكة على الضباط الأحرار في العراق
أحمد منصور: بدأ الأمر يستتب لصالح الثورة، أصبح عبد الكريم قاسم أو اللواء عبد الكريم قاسم قائدًا أعلى للقوات المسلحة ورئيسًا للوزراء ووزيرًا للدفاع ورئيسًا رسميًا للضباط الأحرار، وأصبح العقيد عبد السلام عارف نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة نائب رئيس الوزراء ووزر الداخلية، كيف تم تقسيم باقي الكعكة على باقي الضباط؟
عارف عبد الرزاق: هم أيضًا.. خرجوا كل اللي يعتقدوهم مشاغبين أو معارضين أبعدوهم خارج بغداد، عبد الوهاب الشواف أعطوه لواء الموصل أمر، اللواء الخامس في الموصل، ناجى طالب عطوه البصرة، كثير من الناس شتتوهم خارج بغداد موجودين بيها هم خططوا للإنفراد بالسلطة ماكو شك فيها.. هذي لا يختلف عليها اثنان.
أحمد منصور: كلاهما؟ وإبعاد باقي الضباط..
عارف عبد الرزاق: كلاهما وبيتوا فيما بينهم بعذر ركيك للتخلص من الثاني، يعني عبد الكريم قاسم قال لي: إنه في يوم 18 تموز سرق الشيوعيين برقية من السفارة المصرية.
أحمد منصور: سرقوا… نعم..
(11/236)
عارف عبد الرزاق: برقية صادرة من السفارة المصرية، وكان برقية حقيقية في المقدمة وأضيف لها جملة أن الجماعة يستعدون للتخلص من عبد الكريم قاسم في أسرع وقت ممكن..
أحمد منصور: يعنى الآن ما ذُكر عن أن عبد السلام عارف أبلغ المصريين من أن وضع عبد الكريم قاسم أشبه ما يكون بوضع محمد نجيب كان حقيقي
عارف عبد الرزاق: أنا ما أعرف إن كان قد ابلغهم ذلك أم لا ، لكن يوم 18 بالضبط كان سافر وفد مختلط من الوزراء وعبد السلام عارف لملاقاة جمال عبد الناصر في..
أحمد منصور: دمشق
عارف عبد الرزاق: في دمشق
أحمد منصور: باعتباره رئيس الجمهورية العربية المتحدة.
عارف عبد الرزاق: باعتباره رئيس الجمهورية العربية المتحدة، وألقوا خطابات والقوا كل واحد كلمة وكل واحد إشي…
أحمد منصور: هل طلبوا فعلاً من عبد الناصر الوحدة مع مصر في ذلك الوقت..
عارف عبد الرزاق: آه.. ما أعتقد أثيرت هذي، لكن جمال عبد الناصر كان يوم 14 تموز في طريقه إلى زيارة يوغوسلافيا ( تيتو).. وكان في عرض البحر، وألغى الزيارة ورجع إلى مصر وأذاع أن كل اعتداء على الجمهورية العراقية يعتبر اعتداء على الجمهورية العربية المتحدة، واليوم الثاني.. اليوم الثاني أو الثالث أخذ الطيارة.. وطار إلى روسيا، روسيا حذرت أمريكا و إنجلترا من التدخل في الشؤون العراقية..
أحمد منصور: لكن أميركا و إنجلترا كأنهما ارتاحا لما تم في العراق..
عارف عبد الرزاق: بس خليني أكمل الموضوع من فضلك..
أحمد منصور: اتفضل.
عارف عبد الرزاق: وأرسل وفد عسكري على مستوى عالي من الجمهورية العربية المتحدة، وأنا جلست معهم في وزارة الدفاع.. ثلاثة أو أربع أيام
أحمد منصور: تفتكر تاريخه؟
عارف عبد الرزاق: واحد كان اسمه اللواء منير..
أحمد منصور: تفتكر تاريخ الوفد والمقابلة؟
(11/237)
عارف عبد الرزاق: يعنى بعيد 14 تموز بأيام.. بأيام.. لا يتجاوز أربعة أو خمسة أيام.. كان التهديد الأميركي والتهديد الإنجليزي في عمان، وخذ بنظر الاعتبار إن التهديد جاي من الغرب فتقرر نقل اللواء الأول، وفرقة.. فرقة إلى منطقة "الحبانية"، وانتقل اللواء الأول إلى " الحبانية "، اللواء الأول في يوم 14 رمضان كان آمره العميد وفيق عارف، وأمر بتحرك إلى بغداد، وكانت الثورة قد عينت عقيد ركن آخر آمر، لكن العقيد أجين وكان آمر فوج، ما استلم اللواء خاف يستلم اللواء، بعدين ثاروا ضباط صغار على وفيق عارف واحد منهم ملازم ثان اسمه طارق عباس حلمي سحب مسدس عليه وأدخله بالسجن، قال أنت في حالة تقاعد، لا أمر لك في اللواء.
أحمد منصور: طيب، أنا الآن الثورة أُيدت من عبد الناصر.
عارف عبد الرزاق: بس خليني أكمل الأسباب، أعطت.. المصريين أعطوا أكثر من كتيبة ضد الجو 37 مليمتر..
أحمد منصور: دعم للثورة.
عارف عبد الرزاق: دعم للثورة، وتقرر ارسال سرب.. سرب من الجمهورية العربية المتحدة إلى العراق.. ووصل هذا السرب متأخر، وصل شهر 9 يمكن آخر شهر 9، وكان آمره المقدم عبد العزيز بدر اللي هو الآن اللواء عبد العزيز بدر آمر مطار القاهرة، وكان فيه حوالي 20 طيارة وطيارين مختلطين بهم من مصر وبهم 4 من سوريا سوريين.
أحمد منصور: قبل أن أبدأ في تفصيلات الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.. لو طلبت منك وأنت عملت طيارًا للملك، وعايشت العهد الملكي بشكل قريب.. أن تقيم لنا فترة الحكم الملكي في العراق.
(11/238)
عارف عبد الرزاق: لأ.. فترة.. كان الحكم الملكي في العراق من الناحية النظرية يستند إلى دستور وإلى برلمان وإلى وزارة مدنية عهدت بالموضوع للأغلبية، لكن كان هناك تجاوزات موجودة معروفة… كان هناك أناس بالعشائر يؤئدون الشخص وهو حي.. يقتلون الشخص وهو حى ولا عقاب لهم.. وكان هناك قانون العشائر داخل القانون المدني العراقي، كان هناك قانون العشائر إحاله أي قضية بين.. وأكثر سكان العراق كانوا عشائر فأي قضية مدنية كانوا يزقونها. يقطومونها القانون الأساسي، يحيلوها إلى قانون العشائر، وكان هناك إقطاع.. كان هناك ناس يملكون 300 ألف دونم، 400 ألف دونم. كان موجود هذا الأملاك موجودة، كان هناك الفساد، لكن لم يكن يستشرى إلى الدرجة التي تثير السمعة كبيرة، يعنى حتى عبد الإله نفسه يعرف أن هناك فساد حتى قيل في يوم المناقشات إن هناك شركة تعمل في العراق واستوردت "شلمان" اللي هو حديد تسليح للبناء، وأنها لم تبع أي من هذا اللي بالسوق وأن هناك مدير سلطة سرق من هذا الحديدية وبنى بيته وطلب كشف على هذا البيت ورغم هذى اللي راحت كلها، يقول رغم هذه لا أستطيع أن أعمل لها شيئًا. وكان هناك الواسطة تعمل دورها.. وأكد ولكن ما كان يقاس بالسوء اللي أعقب الثورة.
أحمد منصور: انتهت ثورة، انتهى العهد الملكي في 14 يوليو عام 1958 وبدأ العهد الجمهوري في العراق بقيادة اللواء عبد الكريم قاسم وكان نائبه عبد السلام عارف، أصل الكثير من الضباط للتقاعد حتى يُسمح لعبد السلام عارف..
عارف عبد الرزاق: هنا عبد الكريم قاسم لعب على عبد السلام عارف شال كل الضباط اللي أقدم منه، لكن بقى حالي 200 ضابط أقدم من عبد السلام عارف لكن هو نائب رئيس جمهورية.
تفجر الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
أحمد منصور: لازم يقيل ثلاثة أرباع الجيش يعنى.
عارف عبد الرزاق: أكثر.. عبد السلام عارف إلقاء الخطب بتبجح.. بالثورة وهذا ما أوغل صدر عبد الكريم قاسم.
(11/239)
أحمد منصور: هنا بدأ الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
عارف عبد الرزاق: وبدأ الصراع.. وهنا بدأ الصراع..
أحمد منصور: ما هي صور الصراع بين الرجلين؟
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: كيف كانت صور الصراع بين الرجلين؟ أنا في.
عارف عبد الرزاق: كانت كثيرة في كل كلنا نسمع فيها.. "الحبانية" سمعت أن هناك خلاف، وجئت إلى عبد الكريم قاسم.. وقلت له: أنا معرفتي بك معرفة بسيطة، وعبد السلام عارف رأيته مرة أو مرتين أنا عشت مع الملك والوصي فترات طويلة وزرت في بيتي، زرتهم في بيوتهم وزاروني في بيتي، أنا جيت معكم على أساس أن هناك هدف.. الآن أرى شذوذ من هذا الهدف.. فلماذا؟
أحمد منصور: يبدو أن الهدف كان في ذهنك أنت فقط..
عارف عبد الرزاق: الهدف بتاعي الوحدة العربية..
أحمد منصور: هدفك أنت لكن الآخرين لم يكن هذا هدفهم..
عارف عبد الرزاق: والله اللي أنا جيت عليه وجم أكثر الناس الآخرين على هذا الهدف، ما كان الناس تتلفظ بأهداف.. وتضم أهداف أخرى أنا لا أعرفها.
أحمد منصور: أنت قلت الآن أنك لم تر الرجلين إلا مرة أو مرتين كيف تعرف مبادئهم وأهدافهم وكذا.
عارف عبد الرزاق: والله ما اعتقد الضابط اللي بلغني خانني في الأمر، عبد الوهاب الشواف كان هدفه هذا، وعبد والرجل.. عبد المجيد كان هدفه هذا.
أحمد منصور: " الشواف" حينما بلغك كان بسيعى هو أن يقوم بثورة.. أو يقوم بانقلاب.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا.. لا.. في البداية بال 56 ما كان هو.
أحمد منصور: لأ في 58 حينما سبق.
عارف عبد الرزاق: لكن مبلغني من 56 الرِّجال.
أحمد منصور: عن الرجلين عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: لأ بالتنظيم.. بالقيام بعملية.
أحمد منصور: أنا بقصد الآن مَنْ جنى الثمار هما عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: جنى الثمار صح.. هو جنى الثمار وبنيتهم بفترة وجيزة..
(11/240)
أحمد منصور: واستغللتم أنتم جمعيًا فتحقيق الهدف.
عارف عبد الرزاق: أبلغك ما قال لي عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: تفضل.
عارف عبد الرزاق: بلغني صورة هذه البرقية، بعد فترة يعنى، بعد شهر بعد أن طلع عبد السلام عارف من شهر 9..
أحمد منصور: 3 سبتمبر جُرد عن مناصبه سنأتي إلى..
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: جرد عبد السلام عارف من مناصبه في 3 سبتمبر 58.
عارف عبد الرزاق: لكن لأ.. من بعض المناصب ولكن وزير الداخلية بقى موجود بيها إلى.. إلى سبتمبر.
أحمد منصور: 30 سبتمبر عينه سفير في بون
عارف عبد الرزاق: نعم.. أنا كنت يعنى.. طلع اسمي في مجموعة 17 ضابط للأمم المتحدة اقحمت بها دون أن اعرف فكان عبد الكريم قاسم يريد يخلصنى من عندى حتى لا أحير ل.. عبد السلام عارف، كان يعتقد إلى من جماعة عبد السلام عارف.. بل أن أجيته مرتين، مرة طلبت منه من الوضع، فطمأننى قال لى: لا خلاف بيننا..
أحمد منصور: هذى المرة الاولي اللى تتحدث فيها..
عارف عبد الرزاق: المرة الأولي، المرة الثانية الخلاف واضح في كل مكان، فجيت أنا و" حردان" ورحنا على عبد اللطيف التراجى كان اتعين بالكلية العسكرية
أحمد منصور: حردان التكريتي.
عارف عبد الرزاق: حردان التكريتي، اللى كان ضابط أيضًا ومبلغ بالثورة.
أحمد منصور: كان له وضع بعد ذلك..
عارف عبد الرزاق: كان آمر جناح الطيران في قاعدة " الحبانية"، بقاعدة بغداد –العفو- فذهبنا إلى كان يوم خميس، قلت له الوضع شاف.. وزرنا عبد السلام عارف بالليل، قلنا له الوضع بها لشكل.. وادعي أنه هو أبو بالثورة وأنه هو جابه لأنه ضابط قديم.. كان ثرثرة لا تفيد ، فذهبنا صباح يوم الجمعة، عبد اللطيف دراجي وأنا.. على غرفة وزير الدفاع
أحمد منصور: مين عبد اللطيف دراجي بس..
عارف عبد الرزاق: أن راجي كان آمر فوج باللواء العشرين، وكان اتعين آمر الكلية العسكرية، فذهبنا صباح يوم الجمعة.
(11/241)
أحمد منصور: اللي هو ينسب له إنه صاحب الفضل الأول في الثورة.
عارف عبد الرزاق: لأ هو الرجل كان عنده فكر وحدوي ماكو شك فيه، وكان رجل "معم" وما كان عنده أى نيه سوى ولا كان عنده وصل ولا كان يسعى إلى منصب ولا إلى أى شغل آخر…، ودخلنا إلى غرفة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف كان الاثنين ينامون في نفس الغرفة – على الأرض – من دون سرير.. سراير وكان عبد السلام عارف يرتدي ملابسه العسكرية ويمتطى المسدس على وشك يخرج، فقلت له: يا ريت لو بقيت عندي كلام معاكم الاتنينكم.. فعبد الكريم قاسم قال: لا لأ.. عنده واجبات رئيسية بده أخليه خليه يروح، فطلع وظل عبد الكريم قاسم يحلق بأدوات حلاقة مثل الفرية اللي بعض الضباط كانوا… قدح للمية..
أحمد منصور: احنا هنا برضة عايزين ننوه إلى أن كلا الرجلين هما من أصل بسيط وفقير.
عارف عبد الرزاق: من أصل بسيط هذى ماكو شك فيها..
أحمد منصور: نعم.. فجأة أصبحوا همه بيحكموا البلد وبيحكموا الناس.
عارف عبد الرزاق: بيحكموا البلد.. فخلص الحلاقة.. وظل قلت له هل نبتدي بالكلام.. أم تروح تغسل وترجع.. قال لأ.. أروح أغسل، بق أن وقف فترة يعنى ينظر فيها.
أحمد منصور: عبد الكريم قاسم
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم راح يغسل وأيقظ وصفي طاهر والمهداوي، وبعثهم ليقابلونا.
أحمد منصور: مين وصفي والمهداوي؟
(11/242)
عارف عبد الرزاق: وصفي طاهر.. المهداوي رئيس محكمة الشعب وابن خالته.. ووصفي طاهر كان المرافق بتاعه.. من كلامنا وهو كان في الحمام بيغتسل.. فقلت يعني، المفروض إذا انتوا شفتو أى ثغرة ترتقوها.. لا توسعوا الثغرة اللى موجود بيها لإن اعداء كثيرين وأخشي على الثورة من الأصل أنها تفشل.. فبدو يعددوا مساوئ عبد السلام عارف وما قام بيه من أعمال والأشياء أخرى.. وفي ها الأثناء ودخل عبد الكريم قاسم قال: لا لا.. لا ماكو خلاف ماكو خلاف.. قلت له كيف ماكو خلاف وجماعتك يقولوا ها الخلاف.. فهو بعدين أخذني على.. بالفرقة لوحدي قال: أنت شى بتريد بالضبط، قلت له: أنت ليش رفضت مبدأ مجلس قيادة الثورة؟ قال لى: هل شفت أنت اعضاء مجلس الثورة اللى ارساهم عبد السلام عارف؟ قلت: لا والله.. قال: شوفهم بعدين كلمنى.. قلت: لأ.. إحنا نرجع على المقولة الأولانية انتوا اتفقتوا على ثلاثين واحد اعضاء مجلس قيادة الثورة، ليش ما نرجع ليها.. قال: افكر بالموضوع.. هنا صار الشك عند عبد الكريم قاسم إن أنا من جماعة عبد السلام عارف.. وأنا لم أكن من جماعة أحد، أنا كنت من جماعة الوحدة فقط.
أحمد منصور: في 5 تصاعد الصراع بين الرجلين في 30 سبتمبر جُرد عبد السلام عارف من مناصبه وعين سفير في بون، لكنه رجع في 5 نوفمبر وألقى القبض عليه وحوكم وحكم عليه بالإعدام وبدا أن الصراع بين الرجلين كبير، وأودع السجن وبدأ الشيوعيون في السيطرة على الوضع في العراق من خلال حكم عبد الكريم قاسم وقامت عدة ثورات، شاركت في بعضها لمحاولة تحجيم الشيوعيين، في الحلقة القادمة أبدأ معك من هذا المحور، أشكرك شكرًا جزيلاً، أرهقتك معي هذا اليوم..
عارف عبد الرزاق: أبدًا.. أنا أشكرك أيضًا كل ما هنالك عندي بعض الأسرار برت جسدي وأريد أن انفثها لأخبر الناس بالحقيقة، أنا لا أستطيع ان أقول: أعرف كل الحقائق عن الثورة، لكن اعرف الكثير عنها..
(11/243)
أحمد منصور: سوف أتيح لك المجال لإخراج كل ما لديك حتى ترتاح، شكرًا جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عراف عبد الرزاق رئيس وزراء العراق الأسبق في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/244)
الحلقة6(11/245)
الثلاثاء 7/12/1422هـ الموافق 19/2/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 20:11(مكة المكرمة)،17:11(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 6
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
10/02/2002
- الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
- زيارة الوفد العراقي لمصر في محاولة للانضمام إلى الوحدة
- تنحية عبد السلام عارف ووقعها على الضباط الأحرار العراقيين
- تصور الوحدة بين مصر وسوريا لدى العراقيين
- حركة الشواف ضد عبد الكريم قاسم وفشلها
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق).
سيد عارف، مرحباً بك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بك.
الصراع بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف
(11/246)
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند نجاح انقلاب 14 يوليو (تموز) سنة 1958 الذي أنهى نظام الحكم الملكي في العراق، وأصبح عبد الكريم قاسم قائداً أعلى للقوات المسلحة ورئيساً للوزراء، ووزيراً للدفاع، وأصبح عبد السلام عارف نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة ونائباً لرئيس الوزراء، ووزيراً للداخلية، أما باقي الضباط الأحرار فلم ينلهم كثير من المناصب أو المواقع، وبدأ الصراع بين الرجلين ابتداءً من اليوم الأول على السلطة، ورويت أنت في الحلقة الماضية جانباً مما لمسته بشكل مباشر من هذا الصراع من خلال لقاء لك تم مع عبد الكريم قاسم، وكان هناك أيضاً عبد السلام عارف، الذي انصرف ولم يتحدث، بدأ الصراع بين الرجلين يتصاعد، وربما كانت زيارة عبد السلام عارف إلى دمشق في 18 أيلول -أي بعد الثورة بأربعة أيام فقط- ولقائه مع جمال عبد الناصر، وكان محور اللقاء كله كما روى صدِّيق شنشل، يدور حول الصراع بينه وبين عبد الكريم قاسم في ذلك الوقت، وهذه رواها محمد حسنين هيكل أيضاً في كتابه (سنوات الغليان)، مراحل الصراع أو مطامع كلا الرجلين في الآخر، إلى أين وصلت؟
عارف عبد الرزاق: هو الحقيقة إنه الرجلان (.........) فانفردا بنفسيهما، وأعلنا البيان الأول والتنقلات الأولانية (........) بصفة عامة وعن بغداد بصفة خاصة، في.. باعتبار إن هم اللي راحوا يقومون بالعملية، وهم اللي راح يتحملون الجزء الأول والأخير منها، فكل الثواب بنوه لنفسهم، أنا أعتقد أن في داخلهم أيضاً..
أحمد منصور: ماذا كان موقفكم أنتم باقي الضباط الأحرار الذين اعتبروا أنفسهم مشاركين أساسيين في الثورة؟
عارف عبد الرزاق: يعني كان فيه تذمر على عدم وفاء بالوعود اللي كانت موجودة.
أحمد منصور: مين أبرز المتذمرين؟
عارف عبد الرزاق: والله تقريباً كلهم، لكن ما كان يغط عليهم، كان الشواف كان واحد من أحد المتذمرين فعلاً.
أحمد منصور: كان لك دور في عملية التذمر؟
(11/247)
عارف عبد الرزاق: أنا لأ، أنا.. أنا.. أنا كان عندي غاية أسمى من أي هدف آخر، فكنا نسعى لتحقيق ما إذا كان الماشيين بالطريقة الواحدة ما عندنا.. ما عندنا اختلاف عليها، اللي طبعاً، الاعتراض الأولاني كان على تشكيل مجلس قيادة الثورة، رفضوه بالأول اتنين هم، وبعدين إنشاف إنه عبد السلام وعبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: من الذي عرض تشكيلة المجلس؟
عارف عبد الرزاق: من الذي عارض؟
أحمد منصور: من الذي عرضها؟ من الذي قدمها؟ من الذي اقترح الاسم؟
عارف عبد الرزاق: كان فيه.. المناقشات الموجودة دايماً في الاجتماعات التي تصير أنه هناك مجلس قيادة ثورة، يعني كان بعد يعني تغير الموقف إنه إقالة.. إعطاؤه إلى حكومة مدنية، يرأسها منذر الشاوي، ويتم إسقاط..تنازل الملك عن العرش مثلما جرى في مصر، وتعذر منذر الشاوي عن الموضوع، فالبديل كان مجلس قيادة الثورة، فمجلس قيادة الثورة كان يقول رأيين أنا يمكن ذكرتها المرة اللي فاتت، أنه كان مجلس قيادة الثورة من ثلاثين واحد، ومجلس.. ومجلس يضم كل الضباط الأحرار من 300، المرجع بصفة كهيئة برلمان، لكن ما اتخذ قرار، يعني كان مناقشة تدور بيه، لكن لم نتخذ قرار رسمي فيها، لكن مجلس قيادة الثورة كان من أحد بنود الرئيسية في إحراز النجاح بعد الثورة.
أحمد منصور: صبحي عبد الحميد أحد قيادات الضباط الأحرار هو صاحب كتاب (أسرار ثورة 14 تموز) يقول: أن عبد السلام عارف هو الذي بدأ التعالي على عبد الكريم قاسم، وبدأ يتجول في أنحاء المحافظات المختلفة ليلقي خطب وخطابات وأقاويل ليس لها يعني جذور أو أصول، حتى أني أطلعت على كثير من هذه الخطب في كتاب "حنا بطاطا" عن العراق، وجدت يعني ثورجية واشتراكية وعبارات وألفاظ يعني غريبة وعجيبة الشكل.
(11/248)
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح، يعني هذا حدث، أحد بدايات، يعني ما قلنا عبد الكريم قاسم ما كان هو يضمر هو شراً في نفسه، لكن أحد الأسباب التي عجلت بنهاية عبد السلام عارف هو ادعاؤه.. اعترته نشوة النصر، باعتباره هو المنفذ الأول والأخير وأن عبد الكريم قاسم لم نشارك في الموضوع وأنه هو طمأن كل شيء قبل مجيئ عبد الكريم قاسم إلى بغداد، فهذا حزّ في نفس عبد الكريم قاسم، عبد الكريم قاسم كان إلى اليوم السابع أو الثامن من الثورة كان يشيل رشاش في إيده ويمشي، إلى أن نصحوه إنه هذا غلط.
أحمد منصور: يعني خوفاً..
عارف عبد الرزاق: والله إحسبها اللي تحسبها أنت.
أحمد منصور: لأ، مش هاحسبها أنت عايشت الأحداث..
عارف عبد الرزاق: أنا عايشت الأحداث هو يعني نوع من نشوة الانتصار، تحدي ونشوة الانتصار هو يعني لا أستطيع أن أجد لها تعليق آخر، لأن هو لو كان عاقل كان رمى الرشاش من أول يوم، مالهاش لزوم هالموضوع.
أحمد منصور: عبد السلام عارف من خلال الخطابات التي كان يلقيها يساراً ويميناً..
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح..
أحمد منصور: والعبارات التي لم تكن محضرة..
عارف عبد الرزاق: من أحد المشاكل مع عبد السلام عارف كنا بنقوله: أرجوك يا.. حتى بعد متأخراً بـ الـ 64، 65 أرجوك يا سيدي أكتب الكلمة (مالتك) ولا تحيد عنها، لكن هو مرة من المرات بعد أن ألزمناه بهذه الطريقة، ما.. ما..
أحمد منصور: من الذي ألزمه؟
عارف عبد الرزاق: يعني إحنا اللي أشرنا عليه إن هو أرجوك يعني الإنسان..
أحمد منصور: أنت شخصياً أم شاركك أحد في هذا؟
عارف عبد الرزاق: لأ، فيه ناس كتير شاركوا ها الموضوع يعني.
أحمد منصور: مين تذكر؟
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم فرحان، كان صبحي، أنا يعني التريث الانسياق نحو العاطفة قد يضر أكثر مما يفيد.
أحمد منصور: كان ردة فعل عبد الكريم قاسم إيه إزاء ما يقوم؟
(11/249)
عارف عبد الرزاق: وافق.. وافق على هذا، وأذكر في مرة من المرات كنا رايحين إلى "اشتري"، وكانت زيارة اللواء المدرع السادس، فابتدى يخطب بالكلمة التي كان كاتبها على ورقة،و بعدين شفناه رمي الورقة، فوعزنا إلى المسجل أن يقطع الخط يعني.. الإذاعة.
أحمد منصور: الإذاعة كانت على الهواء؟
عارف عبد الرزاق: الإذاعة كانت على الهواء.
أحمد منصور: وقُطع..؟
عارف عبد الرزاق: وقطع، وعن على الهواء، فكان هو العاطفة تعتريه كثير و
وتبجح بأنه هو.. هو بالثورة وهو الكل بالكل، كان هذا شعور موجود.
أحمد منصور: صحيح كان يهمل ذكر عبد الكريم قاسم تماماً، وكان يكثر في خطاباته حتى من ذكر معظم الضباط ويُغفل ذكر عبد الكريم.. عبد الكريم، وكان نصف خطابه يذكر فيه عبد الناصر والضباط العراقيين دوناً عن عبد الكريم قاسم؟
عارف عبد الرزاق: والله يعني ما عندي بالضبط ما ذكر في الخطابات ما أقدر، أقول لك، إن هو كان يروح يخطب في القطاعات، أحد..
أحمد منصور: أنا مش طالب من حضرتك تتذكر الخطابات ولكن هذا جو عام أقصده.
عارف عبد الرزاق: يعني هو كان خطاباته ارتجالية غوغائية أكثر منها مفيدة.
أحمد منصور: ردة فعل عبد الكريم قاسم إيه إزاء هذا الجو اللي بدأ عبد السلام عارف يقوم بيه؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً ابتدى يكيل الضغائن ويحسبها في نفسه.
أحمد منصور: وأنتم كضباط أحرار شاركتم في الثورة؟
عارف عبد الرزاق: أنا يعني.. يعني أوكل إلينا بعد الثورة مباشرة وضع خطة للدفاع عن بغداد، عن العراق بصفة خاصة، خاصة أنه اللواء المظلة نزل في الأردن، والأسطول السادس نزل في بيروت، فكنا نخاف أن أتقدم بها.
أحمد منصور: لواء مظلي بريطاني تقصد..
عارف عبد الرزاق: لواء مظلي بريطاني، فكان فريق من جمعية الأمم المتحدة كان موجودة، وكنا نجتمع يومياً إلى الصبح، لنضع خطة للدفاع عن العراق، وبعدين وضعنا هذه الخطة.
أحمد منصور: من الذي شارك في وضعها؟
(11/250)
عارف عبد الرزاق: ضباط عراقيين وضباط مصريين وسوريين.
أحمد منصور: تذكر منهم من؟
عارف عبد الرزاق: من العراقيين؟
أحمد منصور: آه.
عارف عبد الرزاق: كان جاسم محمد، كان فريق ضياء محمود، كنت أنا من الطيارين، كان فيه مجموعة ضباط موجودين.
أحمد منصور: في هذا الوقت كان هناك وحدة بين مصر وسوريا وأنتم كنتم تطمحون إلى أن تنضموا إلى..
عارف عبد الرزاق: هذا كان هدف موجود بيها نعم.
زيارة الوفد العراقي لمصر في محاولة للانضمام إلى الوحدة
أحمد منصور: في 16 أيلول سبتمبر 1958 ذهب وفد عراقي من 17 عضواً إلى مصر للقاء عبد الناصر، وكنت أنت ضمن هذا الوفد، ما هي أهم الأشياء التي حملتوها في مهمتكم هذه؟
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا أُقحمت في هذا الوفد، لم أكن راغباً في الذهاب.
أحمد منصور: كيف أقحمت؟
عارف عبد الرزاق: وضع اسمي بدون أن.. بدون أن يأخذ رأيي.
أحمد منصور: بغرض؟
عارف عبد الرزاق: بغرض. هو كان يبيت لإقصاء عبد السلام عارف..
أحمد منصور: عبد الكريم قاسم..
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم، فعبد الكريم قاسم كان يعتقدني أنا من أنصار عبد السلام عارف، وأنا ما كنت من أنصار عبد السلام عارف.
أحمد منصور: لست وحدك، وإنما كان ينظر إلى القوميين بشكل عام على أنهم من أنصار عبد السلام عارف.
عارف عبد الرزاق: إلى القوميين ككل، نعم صح، باعتبار.. تخلى هو.. تخلى وكل الاثنان يعني وإن كان عبد السلام عارف الرجل الثاني كان ينادي بالوحدة، عبد الكريم قاسم ما كان ينادي بالوحدة، كان شايف نفسه إنه الشخص الذي ينادي بيها شخص آخر أقل منه قدم.
أحمد منصور: سوف أدخل معك في تفاصيل الوحدة وشكلها الذي كنتم تطالبون به ولكن أبقى في هذه المرحلة وفي المهمة التي قمتم بها إلى مصر.
عارف عبد الرزاق: والله المهمة جينا زيارة للإقليم الجنوبي كان يسموه.. إلى جمهورية مصر العربية إلى 30 سبتمبر، كنا 17 ضابط، كنا 4 من القوات الجوية..
(11/251)
أحمد منصور: من 16 إلى 30.
عارف عبد الرزاق: من 16 إلى 30.
أحمد منصور: كلكم كنتم ضباط؟
عارف عبد الرزاق: كلنا ضباط أقدم واحد فينا كان محسن حسين حبيب كان عميد وأنا كنت مقدم.. كنت مقدم..
أحمد منصور: تذكر مين من الآخرين؟
عارف عبد الرزاق: كان فيه طيارين خلف الجنابي كان طيار، كان أعيد بالتقاعد أعيد للخدمة، كان فيه خليل علي، كان فيه ضباط مخابرات موجود من كل الصنوف ..كان.
أحمد منصور: كان مين رئيس الوفد؟
عارف عبد الرزاق: رئيس الوفد كان محسن حسين حبيب، كان عميد.
أحمد منصور: باعتباره.
أحمد منصور: وماذا تم في مصر؟
عارف عبد الرزاق: زيارات لمختلف الوحدات، القوات البحرية، القوات الجوية.
أحمد منصور: التقييم مع جمال عبد الناصر ماذا دار بينكم وبينه؟
عارف عبد الرزاق: التقينا ككل المجموعة الضباط 17 واحد مع المرافقين كانوا من القوات الجوية، من جمعية الأمم المتحدة معنا كان كلام مجاملة أكثر منه(..................).
أحمد منصور: من خليط من توجهات مختلفة.
عارف عبد الرزاق: من خليط منا وكان وضعين..
أحمد منصور: كان هناك البعثيون..
عارف عبد الرزاق: ما كانش هناك بعثيون.
أحمد منصور: البعثيون والشيوعيون والضباط الأحرار (..............).
عارف عبد الرزاق: هم ما كان أحد يعرفهم أصلاً.
أحمد منصور: قيل أنهم إلى العام 58 لم يكن يتجاوز عددهم في كل العراق 300 عضو وكما ذكر حنا بطاطا أيضاً.. في الجزء الثالث.
عارف عبد الرزاق: حتى 300 كثير، حتى 300 كثير يمكن هم..
أحمد منصور: لكن في هذا الوقت كنتم فقط الذين أوفدت إلى مصر شيوعيين وقوميين.
عارف عبد الرزاق: خليط من ضباط يعني على الرغم من انتماءاتهم، فكان هم كان بصورة خاصة كان واضع شخص لمراقبتي، واضعين شخص لمراقبتي.
أحمد منصور: باعتبار على أنك يعني.
(11/252)
عارف عبد الرازق: باعتبار ماذا يجري مع جمال مع (.........) كان حتى يندس نفسه من أن يسلم على عبد الحكيم عامر حتى (.........) حتى تسمع ماذا يدور بين عبد الحكيم عامر (.........) اشد حيلك يا عارف كلمة مجاملة ما فيها شيء فالمهدوي.
أحمد منصور: دوناً عن الآخرين.
عارف عبد الرزاق: فالمهدوي.. فالمهدوي.. نقلها للمهدوي والمهدوي في محاكماته في محاكماته كان يقول إنه المشير الفطيس (..........) عارف عبد الرزاق. اللي يقوله شد حيلك يا عارف يعني.. يعني (..........) علي عبد الكريم قاسم ما أذكر بالضبط لكن كلمات مجاملة لا تعد يتمنى.. يتمنى التوفيق (........) يعتقد إن هو الضابط العراقي ضابط معلوماته جيدة ومجهوده جيد ويتمنى النصر للحركة.
أحمد منصور: التقى فيك المشير عامر لقاءً خاصاً.
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: لماذا أنت دوناً عن الآخرين؟
عارف عبد الرزاق: وأنا.. أنا مالي شأن، الآخر.
أحمد منصور: هو الذي طلب ولست أنت.
عارف عبد الرزاق: لا كان مرافق كان أحد المرافقين معنا كان سكرتير اسمه عبد القادر عيد، فأخدني يوم من الأيام لزيارته هناك، والرجل يوميها كان يعني، (........) صراع بين الاثنين كثير من المشاكل، ومن مشاكل الزمن يعني، فكان مجاملة لا يتعدى هذا وخلاص.
أحمد منصور: عدت بعد ذلك إلى العراق وتحديداً مررت بسورية أثناء.
عارف عبد الرزاق: بعد يوم ثلاثين تركنا إلى سورية الإقليم الشمالي ذرت الإقليم الشمالي، وإقليم (........) 3 أو 4 أيام هناك.
أحمد منصور: التقيتكم مع من هناك؟
تنحية عبد السلام عارف ووقعها على الضباط الأحرار العراقيين
عارف عبد الرزاق: وفي يوم 30 صدرت الجرايد المصرية بتنحية عبد السلام عارف عن كل مناصبه.
أحمد منصور: نعم سنأتي إلى هذا، إلى هذه التنحية بالتفصيل، كيف كان واقع قرار التنحية عليكم؟
(11/253)
عارف عبد الرزاق: كان استغراب يعني كنا متوقعين بس استغربنا هذه السرعة، أنا شخصياً كنت متوقعة، لكن استغربنا إنه بهذه السرعة يعني.
أحمد منصور: يعني الثورة قامت في 14 أيلول، وفي 30 سبتمبر.
عارف عبد الرزاق: : يعني..
أحمد منصور: تم تجريد
عارف عبد الرزاق: يعني شهرين ونصف، 3.
أحمد منصور: ليس من جميع مناصبه وإنما هو جرد من، كما يقول صبحي عبد الحميد، جرد من منصب القائد العام للقوات المسلحة، وأحمد فوزي في كتابه أيضاً عن عبد السلام عارف يقول أنه جرد من منصبه وبقي وجرد من منصب وزير الداخلية وبقي إلى حين بعد ذلك تم إصدار قرار.. بإرساله إلى.. سفيراً في بون لكنه رفض..
عارف عبد الرزاق: في 5.
أحمد منصور: في 5 نوفمبر لأ. 5 نوفمبر عاد.
عارف عبد الرزاق: في بداية شهر أكتوبر.
أحمد منصور: في بداية أكتوبر.
عارف عبد الرزاق: لا هو.. هو.. هو جرى تصفيته على..
أحمد منصور: على عدة مراحل.
عارف عبد الرزاق: على دفعتين.
أحمد منصور: دفعتين.
عارف عبد الرزاق: دفعة من القائد العام، ودفعة من وزارة الداخلية.. ومن كل مناصبه.
أحمد منصور: نعم، في 11 أيلول من القائد العام وبعد ذلك من وزارة الداخلية وباقي المناصب، وبعد ذلك صدر قرار بتعيينه في بداية أكتوبر سفيراً في بون رفض أن يذهب إلا إنه ذهب في النهاية، ثم عاد في 5 نوفمبر وقبض عليه، سآتي إلى تفصيل هذا ولكن أنت بعد عودتك من دمشق، في دمشق التقيت مع من.
عارف عبد الرزاق: مع المجموعة كلها، زرنا الجولان، والمواضع الدفاعية اللي الموجودة كانت على الجبهة في.. في على بحيرة (الحوله) وكان اذكر جاد عز الدين كان قائد الجبهة كان عقيد أو عميد.
أحمد منصور: عدت في 4 أكتوبر.
عارف عبد الرزاق: عدنا في 4أكتوبر وكان.
أحمد منصور: كان الجو العام في العراق في ذلك الوقت بعد تنحية عبد السلام..
(11/254)
عارف عبد الرزاق: كنت في ذلك اليوم كان وصولي إلى الحبانية رأساً إلى الحبانية، رحت بالطيارة فكان آمر السرب الثالث اللي عينته أنا آمر السرب الثالث مكاني المرحوم مفيد سعيد كان قد توفي في يوم سابق فرحت مباشرة إلى تعزيته في (الوقار) ونقله إلى (الموصل) حيث كان يسكن هناك ومن هناك أُمرنا نكتب تقارير عن ما شهدناه في الأمم المتحدة، فكتبت بصورة أعطيتها للقوات الجوية وصورة أعطيتها لوزير الدفاع شخصياً فكنت بصدد إعطائي إلى مرافقيه وصفي طاهر وبدا.. أثناء اطلع عبد الكريم قاسم من مكتبه فأمرني أن أبقى معه على الغداء.
أحمد منصور: عبد الكريم قاسم نعم.
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم، فبعد.. أن تناولنا الغداء أنا وهو والسيد محمد حديد اللي هو كان وزير المالية فخدني على غرفة وبين لي إنه عبد الكريم قاسم إن هو لم يسيء لعبد الكريم قاسم..
أحمد منصور: إلى عبد السلام عارف.
عارف عبد الرزاق: وأن عبد السلام عارف هو اللي غدر بيه، وشوفني برقية اللي كانت مرسلة من الأمم المتحدة والتي أضيف إلى إنه الجماعة يجب التخلص منها، وزيارة وزير المستعمرات البريطاني اللي كان هو استقال في حرب السويس من وزارة "ايدن" ومجيئه إلى العراق وتشككه في أنه لماذا لا يعمل الضباط مثل ما عمل محمد نجيب في.. فكل هذه الأشياء خلته.. يبتعد عن عبد السلام عارف..
أحمد منصور: لكن هناك بعض الدراسات المختلفة تقول بأنكم أنتم القوميين كان ترتيبكم هو أن فعلاً تدعموا عبد السلام عارف ضد عبد الكريم قاسم ليصبح دور الرجلين أشبه ما يكون بدور جمال عبد الناصر ومحمد نجيب في عملية الثورة تماماً.
عارف عبد الرزاق: لا هذا غير صحيح، إحنا.. إحنا كنا نسند التيار الوحدة فعبد السلام عارف كان ينادي بتيار الوحدة وإن كان الرجل الثاني عبد الكريم قاسم أنكمش والتجأ إلى أنصار السلام وإلى..
أحمد منصور: لأن الواقع شيء والشعارات شيء آخر
(11/255)
عارف عبد الرزاق: أنكمش عنها ولم يبد أي.. أي تحرك باتجاهها.
أحمد منصور: في ذلك الوقت كانوا البعثيين أيضاً بدأ ينشطوا لكن كانت الكتلة الرئيسية هي كتلة الشيوعيين في مقابل القوميين، بدأ عبد الكريم قاسم يرتكن إلى الشيوعيين متخوفا منكم.
عارف عبد الرزاق: لأن عبد السلام عارف سار تيار الوحدة ومشي به، فتخوفه هو شخصياً من القوميين يعني لو عبد الكريم قاسم.. لو عبد الكريم مشي في خط الوحدة كنا معه.
أحمد منصور: أنتم أيضاً لم تكونوا تؤيدون عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: إحنا كنا نؤيد الوحدة.
تصور الوحدة بين مصر وسوريا لدى العراقيين
أحمد منصور: ما هي الوحدة التي كنتم تؤيدونها.
عارف عبد الرزاق: الوحدة كان هناك إقليم كان وحدة قائمة بين مصر وبين سوريا بين إقليمين موجود كان هناك إقليم ثالث كان على نفس الشروط الموجودة فيها، لا لم يكن أحد يرى أن هناك خطأ في هذه الوحدة.
أحمد منصور: لكن عبد السلام عارف حينما التقى مع جمال عبد الناصر في دمشق في اللقاء الأول وطلب في موضوع الوحدة عبد الناصر -كما روى هيكل نقلاً عن صديق شنشل أيضاً- أنه قال له: أنتم تعرفون الظروف التي أقمنا فيها الوحدة بين مصر وسوريا وعبد الناصر قال أنه أُضطر لقيام تلك الوحدة وطبعاً يعني عاصرنا تاريخياً من خلال ما كتب عن الوحدة والأخطاء التي تمت إنها كانت استجابة لعواطف الناس، أنتم أيضاً مجرد عواطف تريدون وحدة قائمة على عواطف وليست قائمة على أصول، أليس من الأولى أن تتوجهوا لبناء العراق نفسه أولاً ثم تبحثون عن الوحدة؟
عارف عبد الرزاق: والله هذه اسطوانة تمييع، لأن العراق لا يستطيع أحد أن يتعداه دائماً هذا نفس الكلام قلته لعبد الرحمن عارف قال: ليس بعد فشل في 30 حزيران قال هل تنون تعملون وحدة، قبل أن نعمل وحدة وطنية؟ قلت له وحدة وطنية مستحيل تصير، وهذه الاسطوانة ملتها الأسماع، الوحدة العربية أسمي من أي وحدة أخرى.
(11/256)
أحمد منصور: أليس توحيد الشعب والدولة أولى.
عارف عبد الرزاق: أولاً لم يكن هناك خطأ من يعتقد أن هناك خطأ بين وحدة مصر وبين سوريا وليس هناك خطأ هناك إقليمية.
أحمد منصور: لأنكم.. لأنكم تعيشون في الشعارات وليس في الواقع.
عارف عبد الرزاق: لأ، هناك إقليمية طغت أكثر منها هي اللي أدت للوحدة مع الأسف أنه الإقليمية بعد متأججة في ظهورنا رغم تفوقنا كثير يمكن إلى فترة زمنية، أنا الآن لو تسألني أقول لك: أنا أسعى إلى وحدة تدريجية، وحدة سياسية وحدة اقتصادية.
أحمد منصور: لا أحد يرفض الوحدة، الوحدة مطلب لكل إنسان عربي لأن الوحدة، لأن التشتت هو سبب التشرزم الذي هو موجود ولكن.
عارف عبد الرزاق: ياريت.. ياريت.. ياريت كل الناس تتطلب صحيح.
أحمد منصور: ولكن لكل شيء.
عارف عبد الرزاق: كل الناس تتغنى فيها ولكن.
أحمد منصور: بالضبط كل شيء له أصوله وأنتم لن تتبعوا أيه أصول في المناداة بهذه الوحدة.
عارف عبد الرزاق: إحنا جينا عملنا ثورة.. لهذا السبب.
أحمد منصور: عملتوا انقلاب.
عارف عبد الرزاق: عملنا.. ثورة أو انقلاب تسميتها أنا أسميها ثورة أنت تسميها سميتها انقلاب أنت سميها كما.
أحمد منصور: لا هذا هو الواقع..
عارف عبد الرزاق: الثورة في اللغة العربية أن تثور على نظام معين بي بالوسائل المتيسرة لتغييره، هذا أنا أفهمها من هذا المنطق، أنا أفهمهما من هذا المنطق.
أحمد منصور: الثورة عادة يتقوم بها، الثورات عادة تقوم بها الشعوب مثل الثورة الفرنسية، الثورة الإيرانية، لكن أنتم مجموعة من الضباط قمتم بانقلاب.
عارف عبد الرزاق: قسم من الكتاب، قسم من الكتاب من يعد إنه يتصل بها الشعب بيسموها ثورة واللي يتصل بها الشعب، أنا ... يحاولوا يفصلوا بين هذى وبين هذى أنا لا أريد هذا.
أحمد منصور: هي حركة عسكرية.
عارف عبد الرزاق: هي حركة عسكرية.. العسكر هم الأداة إذا ضاقت الأمور في الشعب العسكر هم الأداة.
(11/257)
أحمد منصور: العسكر.
عارف عبد الرزاق: يعني الشعب كله يريد وحدة.
أحمد منصور: أنتم كعسكر.
عارف عبد الرزاق: الشعب كثير من الشعوب من الشعب.. الشعب العربي في العراق كان يريد الوحدة.
أحمد منصور: أنتم كعسكر تخليتم عن دوركم في حماية العراق وأصبحتم أنتم حكام العراق وأصبحتم تتصارعون فيما بينكم كل يريد السلطة وكل..
عارف عبد الرزاق: العراق لم يُعرض لغزو، العراق لم يُعرض لغزو حتى نحميه العراق، العراق مش ما كان عليه أي خطر.
أحمد منصور: العسكر دائماً له دور، حتى لو لم تكن هناك حروب أنتم تخليتم عن هذا الدور وتفرغتم الآن للصراعات فيما بينكم.
عارف عبد الرزاق: ما تخلينا.. هذا غير صحيح.. هذا غير صحيح.
أحمد منصور: ماذا تفسر لي ما حدث بعد انقلاب 58 من تصفية عبد الكريم قاسم لعبد السلام عارف وسجنه وإعدامه وسآتي للتفاصيل من أنكم أنتم كنتم تخططون للتخلص من عبد الكريم قاسم طوال الوقت؟
عارف عبد الرزاق: أنت تسأل.. أنت تسأل عن أحداث دارت بين شخصين أو ثلاثة، لكن لا تسأل عن مجموع.. المجموع الأشخاص الذي كانوا.
أحمد منصور: ما هو المجموع أنكم أنتم تخططون للتخلص من عبد الكريم قاسم
عارف عبد الرزاق: المجموع.. المجموع كان..، لأ، لم يكن التخلص من عبد الكريم قاسم إلا بعد أن أعدم الضباط في ثورة الموصل، لم يجر هذا إلا بعد أن أعدم الضباط في ثورة الموصل..
أحمد منصور: كان يتخوف منكم من أن تتخلصوا منه.
عارف عبد الرزاق: بعد ثورة الشواف يعني، طبعاً ثورة.. ثورة الشواف ثارت أيضاً من أسبابها إذا تسألني عنها.
أحمد منصور: سآتي لها بالتفصيل، لكن أنا الآن يعني سأبقى في عملية إبعاد عبد السلام عارف تدريجياً ثم محاكمته والحكم عليه بالإعدام.
عارف عبد الرزاق: في هذا الجواب من عبد الكريم قاسم وحده لم يستشر أحد في الموضوع، عبد الكريم قاسم هو.. هو اللي قام بهذا التغيير.
أحمد منصور: بسبب مخاوفه منه ومنكم أنتم أيضاً.
(11/258)
عارف عبد الرزاق: ما جردنا بها الشكل هذا.
أحمد منصور: وضع الشيوعيين كان أية في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: كان يشتد.. يوماً بعد يوم.
أحمد منصور: بسبب؟
عارف عبد الرزاق: باعتبارهم أنه ألتزم الثاني والشخص الثاني هو اللي قائم بالأعمال ينفذ كل طلباتهم، فعبد الكريم قاسم طبعاً بعد مجيء عبد السلام عارف ومحاكمته استقال قسم من الوزراء القوميين من مجلس الوزراء، فعبد الكريم قاسم استقبل استقالتهم بكل ترحيب وجاب أعضاء خليط من أنصار السلام أو من جمعية الفلاحين الشيوعية.
أحمد منصور: أنتم كتيار قومي في الجيش العراقي -كما يقول محمد جمال بارود في كتابه عن حركة القوميين العرب- إنكم فعلاً كنتم متغلغلين داخل الجيش، لكن كنتم في نفس الوقت ممزقين لا تمثلون كتلة واحدة وليس لكم قيادة واضحة.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح.. أنت أرجو أن لا تخلط بين القوميين العرب وآكو حزب اسمه حزب القوميين العرب، إحنا مو من حزب القوميين العرب.
أحمد منصور: أنتم كتيار قومي، أنا أقصد التيار القومي.
عارف عبد الرزاق: إحنا تيار قومي، تيار قومي، تيار قومي كنا نؤمن بالأهداف اللي بيناتنا نتداولها صح، يعي ماكو شيء مكتوب بيناتنا، ولا أكو حزب يجمعنا، الحزب جاء بعدين متأخر، يعني في ذاك الوقت كان عندنا هدف ونسعى لتغيير هذا.. الوصول إلى هذا الهدف.
أحمد منصور: يعني أنتم عبارة عن مجموعة من الضباط لم تختاروا قيادة واضحة بالنسبة لكم كضباط قوميين، وإنما ركزتم دردشتكم وخلافكم في إطار.
عارف عبد الرزاق: لا لا، في الاجتماعات الأولانية اللي كان يصير، في الاجتماعات الأولانية.
أحمد منصور: لا أنا بقصد الآن في أثناء حكم عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: في أثناء حكم عبد الكريم قاسم هو الحاكم عبد الكريم قاسم فقط.
أحمد منصور: وضعكم أنتم الآن كمجموعة ضباط قوميين تطالبون بالوحدة.
(11/259)
عارف عبد الرزاق: (...) يعني كل ما هنالك إنه اجتمعت أنا مع عبد الكريم قاسم مرتين وعبد السلام عارف مرتين، كل ما هنالك إبداء النصح والمشورة، مهما.. ماذا تريدنا أن نفعل؟
أحمد منصور: في 10 أكتوبر استدعى عبد الكريم قاسم عبد السلام عارف وطلب منه الاستعداد إلى السفر، صحيح؟
عارف عبد الرزاق: صح
أحمد منصور: أحمد حسن البكر في ذلك الوقت حاول تحميس الضباط ضد عبد الكريم قاسم؟
عارف عبد الرزاق: هذا غير صحيح.
أحمد منصور: ليس لديك معلومات؟
عارف عبد الرزاق: هذا غير صحيح، هو تولى منصب آمر فوج بنفس فوج عبد السلام عارف، كان أمر استلام الفوج مع عبد السلام عارف هو اللي قام بالشرارة الأولى بـ14 تموز.
أحمد منصور: هذا كلام ذكره صبحي عبد الحميد، وصبحي عبد الحميد كان قائداً.
عارف عبد الرزاق: والله لكن إذا.. أنا ما عندي ما يؤيد هذا، لأنه
أحمد منصور: أنا طبعاً ما عانيت منه
عارف عبد الرزاق: هو أودع في السجن من دون أي ذنب، ولذلك لو كان له ذنب أو كان ذلك صحيح لحوكم، هو أودع بالسجن لمدة سبعة شهور وأخرج يوم 14 تموز 59 بنفس الليلة خرجت بها من السجن، ولم يُحاكم، ولم يعرض لأي سؤال.
أحمد منصور: لم آت لسجنك حتى الآن، أنا لازلت.
عارف عبد الرزاق: لا أنا، أنا على أحمد حسن بكر أقصد.
أحمد منصور: أنا لازلت الآن في عملك.
عارف عبد الرزاق: لو كان تهمة، لو كان هناك عليه شهود أو تهمة لأحالوه إلى محكمة، لكن لم يحيلوه إلى أي محكمة.
أحمد منصور: الآن في ذلك الوقت حينما قبض على طبعاً عبد السلام عارف رجع في 5 نوفمبر من بون وقبض عليه في 6 نوفمبر وقدم للمحاكمة وفي البداية لم يكن يرى القضاة- رغم أن المهدوي كان رئيس المحكمة- إعدامه إلا أن عبد الكريم طلب منهم معاودة حكمه وحكم عليه بالإعدام وذلك بعد خمسة أشهر فقط من قيام.
عارف عبد الرزاق: محاكمة سرية كانت غير علنية وأذيعت بعدين فصائلها وهو فيها تخفي وأدعى أنه هو.
(11/260)
أحمد منصور: نعم، في 27 ديسمبر 58 بدأ الحكم، بدأت محاكمته بشكل سري، وفي 5 فبراير 59 صدر عليه الحكم.
عارف عبد الرزاق: صدر الحكم بالضبط.
أحمد منصور: أفرج عنه طبعاً بعد ذلك في 25 تشرين الثاني "أكتوبر" 1961 بعد الانفصال الذي وقع بين مصر وسوريا، عبد السلام.. عبد الكريم قاسم حينما أفرج عنه هل بدأتم أنتم تشعرون بأن هذا الأمر في صالحكم؟ طبعاً فيه.. فيه قبل ذلك ثورة الشواف سآتي لها، ولكن أنتم كقوميين كنتم تعتبروا عبد السلام عارف يعني واحداً منكم؟
عارف عبد الرزاق: كان داعي، كان عبد السلام عارف واحد داعية كنا نعتقد بأنه داعية صادق إلى الوحدة، وكنا نؤمن به أنه داعية.. داعية صادق للوحدة صح.
أحمد منصور: تقييمكم أية طيب في المقابل لعبد الكريم قاسم في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: إحنا كنا نتحين، يعني الحقيقة بعد فشل حركة الشواف واعتقال الكثير من القوميين وإعدام الكثير منهم.
حركة الشواف ضد عبد الكريم قاسم وفشلها
أحمد منصور: أنا.. أنا يعني لا أريد أن استبق الأحداث، قبل الشواف، لآن الشواف تحرك بناءً على موقف من عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: لأ، الشواف.
أحمد منصور: الشواف تحرك في حركة انقلابية ضد حكم عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: بس خليها يعني حتى نيجي نقرأ الحقائق مثل ما هي، الشواف جاء اللي أنصار السلام اللي هم الغطاء الرئيسي الكبير للشيوعيين.
أحمد منصور: الآن إنه الشيوعيين بدأ نفوذهم يعلو في الدولة، وبدأ عبد الكريم قاسم يعتبرهم رجالته.
عارف عبد الرزاق: نعم، هم، بس اسمح لي بس أكمل.. أكمل لك.
أحمد منصور: بس عشان حضرتك بس المشاهد يفهم النقلة دي.
(11/261)
عارف عبد الرزاق: لا ما أنا عارف.. ما أنا عارف الموضوع إنه هناك لواءين استعصت على الشيوعيين دخولها .. "لواء الأنبار الرمادي" و"لواء الموصل"، فهما أرادا يسكيروا شوكة لواء الموصل، فقرروا إرسال قطار أنصار السلام لإعداد خطب وكسر شوكة الموصليين اللي معتبري بها، فجاء عبد الوهاب الشواف يترجى من عبد الكريم قاسم أن لا يرسل قطار سلام.
أحمد منصور: مين بقى عبد الوهاب الشواف؟ عرفنا به.
عارف عبد الرزاق: عبد الوهاب الشواف كان آمر لواء، كان من الضباط الأحرار وكان هو من.. من أحد الناس المنظمين لثورة تموز، كان عنده تنظيم خاص به وتعين حتى يخلصوا منه عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم أرسلوه آمر لواء السادس.. آمر اللواء الخامس بالموصل، فأبعدوه عن.. عن بغداد نهائياً، لأنهم خافوا.. كانوا يخافون منه ليتحرك، فعبد الكريم قاسم.. عبد السلام عارف يعني الشواف جاء قبل حركته بحوالي أسبوعين يترجى عبد الكريم قاسم أن لا.. أن لا يرسل أنصار السلام، لكن عبد الكريم قاسم..
أحمد منصور: أنصار السلام هذا كان غطاء للشيوعيين
عارف عبد الرزاق: غطاء للشيوعيين، عبد الكريم قاسم أصر إلا أن يذهب أنصار السلام.
أحمد منصور: في 7 مارس 1959.
(11/262)
عارف عبد الرزاق: هنا ابتدى الشواف نفذ الشواف ضباط الركن بتاعه وهو للحركة ضد عبد الكريم قاسم هنا ابتدا، أنه لو قام الشيوعيين بتحطيم مكاتب أو سواء القوميين أو التعدي عليهم راح يقوم الجيش بطردهم، لو، يعني لو ما قاموا عاملين ما كان يصير عملية فأرسل.. أرسل هناك من ضباط تبرعوا مو.. مو بعلم الشواف ضابطين تبرعوا لإرسال الروح إلى سوريا واحد اسمه مقدم ركن محمود عزيز والآخر أحمد عزيز شهاب، أحمد عزيز شهاب يُقيل أنه أُرسل من قِبَل ناظم الطبقشري أنا ما عندي ما يؤيد أو.. أو ينفيه، ذهبوا إلى سوريا، وعدوهم.. طلبوا منهم قوات 5000 عسكري أو عدد من الجنود، حسب المعلومات اللي عندي أنه السوريين يعني رجال عبد الحميد سراج قالوا لا نستطيع أن نرسل هذا العدد، كل ما عدوهم وعدوهم بمحطة إذاعة وعدد من الرشاشات.
أحمد منصور: يعني الآن حضرتك السيناريو الذي ذكرته اسمح لي أن أضيف له ما وجدته في معظم المراجع، هو أن الترتيب كان إن رفعت حاج سري وهو كان رئيس لجهاز المخابرات.
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: وكان قومياً ناصرياً.
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: وناظم الطبقجلي.
عارف عبد الرزاق: كان قومياً ناصرياً لكن ما وردة بالموضوع، تصحيح.. تصحيح.
أحمد منصور: هُمَّ يحسبونكم أنتم أنكم قوميون وناصريون.
عارف عبد الرزاق: تصحيح أصلاً كلمة ناصريين ما كانت موجودة في ذاك الوقت.
أحمد منصور: يعني قوميون ناصريون، يعين قوميين ما يشيين على خط عبد الناصر، كما وصفتوا آنذاك.
عارف عبد الرزاق: أنا أريد أن أصلح الأحداث والألقاب ناصريون جت، كلمة ناصريين جت بالـ 64، هذا الكلام سابق ما كان أحد يعرف اسم ناصريين.
(11/263)
أحمد منصور: أنتم كضباط قوميين كان رفعت حاج سري وناظم الطبقجلي وكان عبد الوهاب الشواف كان هناك ترتيب لحركة جماعية وليست حركة فردية، طلب ضد عبد الكريم قاسم هذا كان التحرك القومي في ذلك الوقت، كان لك علاقة مباشرة بهذا التحرك؟
عارف عبد الرزاق: أنا كل ما هنا.. أنا كنت مسحوب من القوة الجوية.. من الحبانية سحبوني بيوم 8/12.
أحمد منصور: 58.
عارف عبد الرزاق: 58.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: برقية كان آكو حركة سميت حركة رشيد على
أحمد منصور: حركة رشيد على سأتي لها
عارف عبد الرزاق: سميت بها .. فجاءت برقية من قائد القوات الجوية اقتضى حضورك لبضعة أيام للمداولة في أمور التدريب.
أحمد منصور: في بغداد.
عارف عبد الرزاق: في بغداد فكانت وصلت البرقية بعد قريب انتهاء الدوام، فكلمته تليفونياً، قلت له أنا لم.. الأوامر اليومية إذا القسم الثاني صدر ولم أُعيِّن وكيلاً عني أو نائباً عني، فقال.. فقلت له اتركني لبكرة، قال لي إذاً بكرة من الصبح تيجي فتاني يوم الصبح رحت أنا غافل لا أعرف أي شيء عن الموضوع، فأول ما وصلت كان هناك عميد طيار عمان العشو وضابط آخر طيار اسمه خالد حسين نظم قالوا: إحنا لا نعرف شيء عن البرقية، فمن قال لا نعرف شيء عن البرقية الهواجس دخلت في قلبي أنه أن هناك ما يُبيت ضدي، فدخلت على قائد القوات الجوية قال لي هناك ناس راح يجون، بعدين وصلنا الساعة 3 انتهاء الدوام قلت يعني الدوام راح ينهي حجة فقلت أرجوك تخبرني ما راح تنزل، فمع الأسف رحت إلى النادي العسكري بالليل كل اللي يخدموا في النادي كانوا يعرفوني.
أحمد منصور: ولم تكن علمت شيء عن ما صار بالنسبة لرشيد علي الكيلاني.
عارف عبد الرزاق: ولم أعرف أي شيء، أبداً لم أر شيء من الموضوع.
أحمد منصور: طبعاً بس للإشارة هو رشيد علي الكيلاني هو صاحب الحركة التي حدثت في العام 41.
عارف عبد الرزاق: 41.
(11/264)
أحمد منصور: وظل مطارداً خارج العراق إلى أن عاد إليها في 2 أكتوبر 1958، وبدأ الناس يزورونه وبدأ يتحدث ضد حكم عبد الكريم قاسم، وقُبض عليه في ديسمبر 58، وحُوكم.. وحُكم عليه بالإعدام إلا أنه أُفرج عنه في 14 تموز 61، باختصار حركة رشيد علي الكيلاني هذه التي اتُهمت بأنك طرف فيها في ديسمبر 59.
عارف عبد الرزاق: أنا في نفس اليوم يوم 8/12 ذهبت إلى النادي العسكري وإحنا بالليل النادي العسكري طلع سليم الفخري.. المرحوم مقدم ركن سليم الفخري..
أحمد منصور: من هو سليم الفخري؟
عارف عبد الرزاق: سليم الفخري كان ضابط شيوعي أُبعد عن الجيش قبل 58، وأُعيد إلى الجيش بعد 58، واستلم مدير الإدارة في بغداد، وأذاع أن رشيد علي قام بمحاولة انقلاب مستنداً على العشائر وأن بالتليفزيون طلعت، وأنه أدوات الجريمة القيام بثورة أو الانقلاب كان بندقية خرطوش وبوكس حديد من اللي كان يستعملوه للملاكمة، وأشياء الناس ضحكت عليها، رشيد علي صح قام أو حاول يقوم بعملية بعد.. بعد تحري، وكان هناك محامي ما أذكر اسمه بالضبط.. اسمه الراوي لقبه "الراوي"، كان هو اللي يقوم بالاستشارة والدعاية "للشوَّاف" وهو الذي أُلقي القبض عليه، وهو اللي بعد هذه العملية أُلقي القبض على أحمد حسن بكر وعلى أربع ضباط آخرين.
أحمد منصور: ليس الشوَّاف.. ليس الشوَّاف وإنما رشيد علي الكيلاني نعم..
عارف عبد الرزاق: رشيد علي الكيلاني، الشوَّاف ما كان إله بالموضوع دخل، الشوَّاف بالعكس كان..
أحمد منصور: أنت أُبعدت في أعقاب هذا الأمر عن الحبَّانية.
عارف عبد الرزاق: الحبَّانية.
أحمد منصور: إلى..
عارف عبد الرزاق: وبقيت في الحبَّانية في بغداد.
أحمد منصور: بقيت في بغداد لمدة ثلاثة أشهر.
عارف عبد الرزاق: 3 شهور..
أحمد منصور: في هذه الفترة كانت الترتيبات تتم بين رفعت حاج سري، ناظم الطبتفجلي، عبد الوهاب الشوَّاف، كان ليك دور في هذه الترتيبات؟
(11/265)
عارف عبد الرزاق: أبداً، أنا كل ما هنالك كنت أعرف أنه يعني سمعت.. أنا كنت في العمرة، سمعت أنه احتمال بعض أنصار السلام احتمال أن يقوموا بعملية ضد عبد الكريم قاسم إذا.. إذا أنصار السلام قامت في عملية في.. في الموصل، فعلى أساس لو تحركوا في الموصل أنا ألتحق بالحبَّانية، هناك من يُبلغني الالتحاق بالحبَّانية أُسافر على الحبَّانية.
أحمد منصور: بُلغت بهذا السيناريو؟ متى بالضبط؟
عارف عبد الرزاق: نعم، يعني في أواخر شباط بداية..
أحمد منصور: كان واضح الآن إن.. إن.. إنكم كضباط قوميين يعني مُمزقين ليس لكم قيادة ثابتة، كل واحد يرى شيئاً يتصرف فيه.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح، بعد انتهاء.. بعد 58 ما حد اجتمع.. الاجتماعات كلها فردية..
أحمد منصور: كان رفعت حاج سري بصفته رئيس المخابرات طلب من الشوَّاف عدم القيام بحركته في ذلك الوقت، لأن الوقت لم يكن مناسباً، ومع ذلك أصرَّ الشوَّاف على القيام بحركته في 8 مارس، وأعلن من الموصل..
عارف عبد الرزاق: ما.. يعني أنت الخلاف بيناتنا واضح..
أحمد منصور: مش بيناتنا ده أنا هأقول لحضرتك معاناتي الكبيرة هي إن العراقيين أنفسهم في مذكراتهم وكل الكتب رواياتهم متناقضة للغاية.
(11/266)
عارف عبد الرزاق: والله أنا المعلومات اللي عندي إذا كنت تستقيها: أنه حركة الشوَّاف كانت منوطة بما يعمله قطار أنصار السلام في.. في وكانت يوم جمعة راحوا، وكان بيتوقع لها أن تعمل أن تكون يوم الجمعة، يوم الجمعة الموصل قفلَّت أبوابها، أسواق الموصل قفلَّت أبوابها، ولم تتدخل في شؤون قطار السلام في المطار، ويوم السبت ابتدا أنصار.. أنصار السلام بمهاجمة مكاتب القوميين في مدينة الموصل وكسروا أبوابهم، وعبد الوهاب الشوَّاف أرسل برقية إلى عبد الكريم قاسم، وقال له إنه أنصار السلام ابتدوا يكسروا.. ويسوون مظاهرات داخل المدينة، وبعث له الحاكم العسكري بتوقيف 15 من كل واحد منهم، فأوقف 15 من القوميين و15 من البعثيين من الشيوعيين، وكانوا طالبين محمود عزيز للمقابلة معه أمام.. أمام الحاكم العسكري فكان خايف محمود عزيز لا يكونوا عرفوا بالحركة مركز الشام، فهو الذي أجَّج دخول الجيش وكان ده حركة خاطئة لأنه وضع الجيش كله داخل المدينة وأصبح ما عنده سيطرة، وكان عنده فوج الفوج الثالث في (عقره) لم يبعث لجلبه لهناك، فلذلك ما كان مستعد هو لثورة إذاً.
أحمد منصور: الكلام ده يناقض الواقع اللي حصل ويناقض الروايات الموجودة في معظم الكتب.
عارف عبد الرزاق: لا ما يناقض الواقع، هذا اللي هو حصل. هذا واقع.
أحمد منصور: حضرتك الآن كون إن هناك ترتيب أن تُرسل إذاعة من دمشق، معنى ذلك الإذاعة لا تُرسل إلا للثورة، كون بيان ثورة يُلقي من إذاعة الموصل التي لا يسمعها الناس إلا في الموصل، كون القيادة الموجودة أو الأشخاص الرئيسيين الموجودين في بغداد يطلبوا من الشوَّاف ألا يتحرك ويُصر الشوَّاف على أن يتحرك هذا أيضاً بيدل على إن هناك.. كان هناك ترتيباً ما، ولكن انفرد الجيش..
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا.. أنا قلت في بداية كلامي هناك شخصين تبرعا بالذهاب إلى سوريا من دون استشارة أحد، محمود عزيز..
(11/267)
أحمد منصور: ما هو استشارة مين إذا أنتم لستم قيادة منظمة؟!
عارف عبد الرزاق: محمود عزيز.. محمود عزيز وعزيز أحمد الشهابي.
أحمد منصور: لستم قيادة منظمة حتى يستأذنوا من أحد.
عارف عبد الرزاق: ما حد يعرف بيهم مع إن حتى رفعت الشوَّاف، حتى رفعت حاج سري ما يعرف بيهم.
أحمد منصور: رفعت حاج سري يتحرك على.. و..
عارف عبد الرزاق: رفعت حاج سري.. رفعت حاج.. أنت.. أنت تكلمنا كثير عن رفعت حاج سري.. رفعت حاج سري رجل في داخله إنسان طيب جداً جداً ويكره العنف، وهناك من جاءه بسبع رشاشات وسبع ضباط تطوعوا للذهاب إلى مكتب عبد الكريم قاسم وقتله فأبى، لكن كان يريد عبد الكريم قاسم.. يعني.. يعني ها الإنسانية والسذاجة أحسبها حسب ما تحتسبها، رفعت حاج سري كان يريد يعتقد إجبار عبد الكريم قاسم الرجوع إلى الخط.
أحمد منصور: أنا الآن..
عارف عبد الرزاق: ما كان يريد أي شر ضده.
أحمد منصور: أنا الآن بأتناول الأحداث بشكل متجرِّد.
عارف عبد الرزاق: والله هذه الأحداث اللي عشتها..
أحمد منصور: نوايا الأشخاص شيء، ورفعت حاج سري كُتب عنه الكثير.
عارف عبد الرزاق: والله هذه الأحداث اللي عشتها والحقيقية هي، أما الأحداث اللي قرأتها أنت روح ارجع..
أحمد منصور: ما هو من أناس عاشوها يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: من هم اللي عاشوها؟
أحمد منصور: صبحي عبد الحميد حينما كتب..
عارف عبد الرزاق: صبحي عبد الحميد ما كتب..
أحمد منصور: محمد حسن الزُبيدي في كتابه "ثورة العمل"..
عارف عبد الرزاق: محمد حسن الزُبيدي من هو؟ كتب اعتمد على.. شخص آخر..
أحمد منصور: ما هو أيضاً ذكر إن الراجل كان طالب في الجامعة وقتيها.
عارف عبد الرزاق: كان طالب.. كان استقى معلوماته من بعض أشخاص.
أحمد منصور: ما هو أنا أسألك عن أشياء أيضاً من المفترض أن يكون لك دور أساسي فيها، وحضرتك كنت موجود.
(11/268)
عارف عبد الرزاق: أنا أذكر لك بالضبط، أنا لو أنا.. أنا كان المفروض بتجلس كل يوم جمعة وحتى أن يوم السبت أنا كنت طلبت الرخصة لي في الطيران، ويوم السبت أنا طرت ساعة ونص.. ساعة و35 دقيقة، لو كنت أعرف بيها كنت التجأت للموصل وأعمل معاهدة، فكنا بنجهل أنه هناك حركة.
أحمد منصور: معنى ذلك أن هناك تخبُّط؟
عارف عبد الرزاق: لأ، مش تخبُّط كان العمل منوط أنه لو قام.. أنت لا تريد أن.. أن تعي ما أسمع.. ما أقول لو قام.. لو.. لو قام..
أحمد منصور: يا سيدي، أنا أعي كل شيء، الأحداث أمامي بكل خيوطها.
عارف عبد الرزاق: لو قام أنصار السلام بعمل سيكون رد فعل من قِبل الجيش.
أحمد منصور: قام معاه أنصار السلام وعقدوا مؤتمرهم في يوم 7.
عارف عبد الرزاق: نعم، وانتهى..
أحمد منصور: وطُلب من الشوَّاف ألا يتحرك يوم 8، لكنه تحرَّك، ما معنى ذلك؟
عارف عبد الرزاق: تحرَّك بعد قيام أنصار السلام بمهاجمة المكاتب القومية داخل الموصل، صارت ضوضاء وغلبة فاستنجدوا بالجيش.
أحمد منصور: في النهاية فشلت الحركة.
عارف عبد الرزاق: فشلت الحركة.
أحمد منصور: وقُضي عليها، وهناك روايات مختلفة حول الطريقة التي مات بها عبد الوهاب الشوَّاف أو قُتل بها، روايتك أنت إيه؟ وأنا أقول لك الروايات اللي أنا قريتها.
عارف عبد الرزاق: رواية عبد الوهاب الشوَّاف أحد أخطائه كان أرسل كل اللي عنده فوجين من اللواء الخامس إلى داخل المدينة للسيطرة عليها، وكان فقد السيطرة ما ظل عنده قطاعات، عنده قطاعات فوج الهندسة كان أكثر ضباط.. ضباطه وجنوده صاروا شيوعيين اللي موجودين هناك، فطار هناك من أوهم الشوَّاف أنه طائرات "الفينم" لا تستطيع أن توصل إلى الموصل وترجع، وهذا كان خطأ تقدير إذا كان صح، فطائرات أربع طائرات فينم راحت الصبح قصفت مركز الشوَّاف، ومركز الشوَّاف بقي في.. في دائرته.. دائرته في معسكر الغزلاني في موقع معيَّن وموجوده، فأثناء الضرب هو جُرح.
(11/269)
أحمد منصور: جُرح بسيط.
عارف عبد الرزاق: جُرح بسيط وكان.. وضابط نافع.. ما أذكر اسم أبوه كان فقد بصره واعدم وهو.. وهو بصير ضرير هو ضابط ما.. هو ضابط نفَّذ أوامر من فوقه، على كل حال هو راح إلى مطار الموصل كغرض التداوي أخذه أحد الضباط إلى مطار الموصل لغرض التداوي، وهناك جندي أطلق عليه الرصاص مرة ثانية، وهو يتداوى في..
أحمد منصور: هذه إحدى الروايات.
عارف عبد الرزاق: هذه الرواية، هذه الرواية الحقيقية.
أحمد منصور: ورواية أخرى.
عارف عبد الرزاق: وبعدين سُحل.. سُحل في كل الموصل بعد أن فقد.. ومحمود عزيز هرب كل الضباط الموجودين بيه هربوا إلى الموصل، ورح إلى السجن قتل كامل الغزانجي وعبد الله الشاوي من دون.. من دون أي سبب، كما.. ما.. ما.. ماكو مبرر إلها، وهربوا إلى الموصل، قسم وقفوا بالطريق وقسم وصلوا إلى.. إلى.. إلى سوريا.
أحمد منصور: كانت حركة الشوَّاف أو ثورة الشوَّاف طبعاً فيه رواية تقول أنه انتحر، وفي 3 روايات أخرى لموضوع قتله أنه قُتل على يد ضابط، وقتل على يد عسكري، وقُتل على يد مجموعة المهم أنه في النهاية قتل وسُحلَ في الشوارع ومبدأ القتل والسحل هذا لم يُعرف إلا عندكم أنتم العراقيين بدأً من ثورة 14 تموز.
عارف عبد الرزاق: إنت هاديك المرة بالجلسة السابقة ذكرتها.. وتذكرها الآن موجودة.
أحمد منصور: التمثيل بالجثث السحل.
عارف عبد الرزاق: (...) السحل.. السحل بدا في كل العالم، في كل العالم السحل والقتل.
أحمد منصور: أنا في العالم العربي أقصد في السنوات..
عارف عبد الرزاق: وحتى في العالم العربي، حتى في العالم العربي..
أحمد منصور: فين قوللي دول تانية عملت سحل.
عارف عبد الرزاق: آه، والله كتير يعني في أزمنة سابقة.
أحمد منصور: لا.. لا إحنا في الأزمنة الحالية، إحنا نعيش عصرنا..
عارف عبد الرزاق: في البلاد العربية، في التاريخ الإسلامي عبد الله بن.. مصعب بن الزبير علق..
(11/270)
أحمد منصور: لا نقصد.. بنقصد العصر الذي نعيشه الآن عملية.. عملية الانتقام البشعة..
عارف عبد الرزاق: في العصر إبتدأ.. إبتدأ.. مع الأسف إبتدأ يعني قل من الغوغائية هي اللي قامت بالعملية، حتى الشيوعيين بريئين فهم الحزب الشيوعي بريء منهم لكن القسم من قواعدهم الأخرية...
أحمد منصور: الحزب الشيوعي بريء.. والحزب الشيوعي بدأ منذ حركة الشوَّاف..
عارف عبد الرزاق: الحزب الشيوعي.. الحزب الشيوعي قام بالموصل بعد قتل الشوَّاف سحل الشوَّاف، تعليق حفصه العمري تعليق كتير من الناس على أعواد الكهرباء، إبتدت يعني ابتدت..
أحمد منصور: أربعين يوماً تُرك للحزب الشيوعي يفعل في الناس الأفاعيل.
عارف عبد الرزاق: أبتدى السحل ماكوشك بعد العائلة المالكة وقلت إنه كانت لطخه سوداء في جبين العراق، والشيوعيين مارسوها واعتبروها سلاحهم حتى في الاستعراض اللي صار أمام.. أمام عبد الكريم قاسم كان يعدو على أماناتهم حبال، ويرموها ويقول "ماكو ما أمر يصير والحبال موجودة"، مع الأسف يعني أقولها أنا أعتقد القيادة الشيوعية ما استطاعت أن تكبح جماح الغوغائية مرة تانيه.
أحمد منصور: أطلقت.. أطلق عنان الشيوعيين وسار هم يقبضون على الناس ويعقدون المحاكمات ويصدرون الإعدامات.
عارف عبد الرزاق: صح.. صح.. صح بعد.. بعد ما مات الشواف بعد.. بعد ما مات رشيد على، أول مرة بعد ما طلعنا من النادي العسكري وبعد مات رشيد علي، شفنا سيل المقاومة الشعبية طلعت بالشارع، من أنتم؟ ووقف السيارات، من أنتم؟ قال إحنا المقاومة الشعبية، مين المقاومة الشعبية؟ لأول مرة أشوفهم أنا يوم 8/12.
أحمد منصور: 1900..
عارف عبد الرزاق: 58..
أحمد منصور: 58..
عارف عبد الرزاق: بعد أن سمعنا البلاغ اللي ذاعه الشخص الآخر أول مرة أشوف كان طلعوا الشوارع يفتشون السيارات ويحاكمون سيارات.
(11/271)
أحمد منصور: ألا تعتبرون أنفسكم سبب أنكم تخليتم عن الوقوف إلى جوار عبد الكريم قاسم فكان لابد أن يبحث عمن يقفون إلى جواره فوجد الشيوعيين؟
عارف عبد الرزاق: والله هذا الكلام قاله عبد الكريم قاسم في لقائه الأخير، فكيف يقف معه من كان بالسجن؟!! إحنا كنا في السجون داخلنا في السجون نقف معه.
أحمد منصور: أنتم ليس لم تسجنوا حتى الآن قبل الشوَّاف.
عارف عبد الرزاق: السجن، قبل.. قبل الشوَّاف إحنا ما يعني أنا ذكرت لك أنا زرت عبد الكريم قاسم مرتين وزرت عبد السلام عارف مرتين، كان كل ما هنالك إبداء النصح أنه حرام تختلفون.. حرام تختلفون لأنه راح تضيع القضية، لكن مع الأسف كلهم يقول: لا، أنا ما مختلف أنا ما مختلف أنا صحيح، كان كلهم.. كلهم.. كلهم كانوا يكذبون.
أحمد منصور: فشلت حركة الشوَّاف، قُبض على رفعت حاج سري وناظم الطبقجلي، وقُبض عليك أنت أيضاً باعتبارك كنت في هذا، وأطلقت يد الشيوعيين، وانتهكوا كل شيء، وانتشرت عمليات الإعدام على أعواد المشانق والسحل في الشوارع حتى أن حنا بطاطا..
عارف عبد الرزاق: والإعدام في محاكمات المهداوي بدون تروي.
أحمد منصور: المهداوي هذا قصة أخرى أيضاً، عدد الذين قُتلوا في تلك الفترة يتراوح بين 1500 و5000 شخص.
في الحلقة القادمة أبدأ معك من محاكمتك مع الآخرين وسيطرة الشيوعيين على الأوضاع في العراق في عهد عبد الكريم قاسم، أشكرك شكراً جزيلاً.
عارف عبد الرزاق: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حُسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/272)
الحلقة7(11/273)
الأحد 19/12/1422هـ الموافق 3/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 11:07(مكة المكرمة)،08:07(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 7
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
17/02/2002
- سيطرة الشيوعيين على العراق وخلافهم مع عبد الكريم قاسم
- محاولات التخلص من عبد الكريم قاسم
- انقلاب البعثيين ضد عبد الكريم قاسم ودور القوميين فيه
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق) سيد عارف، مرحباً بيك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بك.
سيطرة الشيوعيين على العراق وخلافهم مع عبد الكريم قاسم
أحمد منصور: في 8 أزار/مارس 1959 فشلت حركة العقيد الركن عبد الوهاب الشوَّاف في الموصل وقُضي على حركته وقُبض على رفعت حاج سري (رئيس المخابرات) وناظم الطبقجلي وعشرات من الضباط وكنت أحد الذين قُبض عليهم وأطلقت يد الشيوعيين في العراق في عهد حكم عبد الكريم قاسم، هل يمكن أن تصف لنا ما فعله الشيوعيون في الشعب العراقي؟
عارف عبد الرزاق: آثارهم موجودة في الكثير من الأقاويل والناس، لكن الغوغائية تسلطت على الشارع العراقي بحيث.. لدرجة واحد، مجرد يقول أن هذا خائن تقتله الناس الآخرين بدون تروي، انكمش كل.. حتى الناس العشائر العربية اللي كانت تلبس الاشماغ، والعقال بدلتها بأشياء أخرى، كان الخوف يعني صار في كل أنحاء الشعب العراقي، في كل مكان.
(11/274)
أحمد منصور: ما فُعل بالشعب العراقي على يد الشيوعيين والذي استمر فترة تزيد على أربعين يوم كما جاء في كثير من المصادر، الناس كانت تُحاكم في الشوارع، كانت تُجر من بيوتها وتؤخذ بتهمة أنها خونة، ويُحكم عليها فوراً بالإعدام، وانتشرت عمليات سحل الناس في الشوارع.
عارف عبد الرزاق: وانتشر في زمن البعث في الوقت الحالي أيضاً كانوا يبعتوا على الناس من بيوتهم وحاكموهم بدون من دون أي محاكمة وأعدموهم.
أحمد منصور: لازلت.
عارف عبد الرزاق: الغوغائية لا تزال تسيطر يعني..
أحمد منصور: لازلت أنا في تلك.. في تلك الفترة عبد الكريم قاسم ترك للشيوعيين أن يفعلوا ما يريدون بالناس، في هذه الفترة أنتم كضباط قوميين تضررتم بشكل بالغ وقُتل الكثير منكم، وممن ينتمون إليكم من خلال ما فعله الشيوعيين، هذا صحيح؟
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح هذا.
أحمد منصور: قُبض عليك في 8 مارس 1959م، بقيت في السجن إلى 14 يوليو 1959م، وهي الفترة التي انتشى فيها الشيوعيون في العراق وفي نفس الوقت ارتكبت مجزرة كبيرة قام بها الشيوعيين في 14 يوليو/تموز في كركوك.
عارف عبد الرزاق: كركوك.
أحمد منصور: ربما كانت هي السبب في بداية تقليص نفوذهم في العراق.
عارف عبد الرزاق: هذه بعد مجزرة الموصل.
أحمد منصور: هذه بعد الموصل نعم، هذه في 14 تموز.
عارف عبد الرزاق: 59.
أحمد منصور: وقُتل فيها ما يزيد على مائتي تركماني من أعيان المدينة وشبابها المثقف، كما ذكر صبحي عبد الحميد في كتابه عن الثورة وكما ذكر أيضاً حنا بطاطو وآخرين كثيرين ممن تكلموا في تلك.. عما حدث في تلك المرحلة- أنت لماذا أُفرج عنك فيما أُعدم الآخرون؟
(11/275)
عارف عبد الرزاق: أنا اللي نفعني في المحاكمة إني كنت أطير يوم 9.. يوم 8، وما كنت أعرف، يعني أنا قلت أن.. الثورة كانت تيجي يوم 8.. يوم 7.. يوم جمعة، وما أعرف هداًية من الله بعثني إلى المطار وطرت حوالي ساعة ونص، فكنت أجهل أن هناك حركة رأسية، وأعتقد إن الحركة تأجلت، اعتقدت إن الحركة تأجلت، وكان بعد أن طرت في معسكر رشيد رجعت أريد أسأل وزارة الدفاع عن أسباب ليش التأجيل؟ وليش الفشل صار؟ فكان الشيوعيين عاملين يوم يسموه (يوم الأم) فشوارع بغداد شوارع مكتظة بالعربيات ومزينة وعليها بنات لابسين ملابس زاهية وخضراء أو زرقاء أو كل شيء، وطبول ودفوف تدق، وكان الشارع وصلت إلى.. حاولت أوصل لوزارة الدفاع ما قدرت أمشي من كُتر الزحمة الموجودة، فقلت نسمع بقى الباقي بعدين، ورجعت إلى بيتنا فجاءني شخص الساعة 6 بعد أن ذيع.. أُذيع الساعة يمكن 3.30 أو 4 بعد الظهر بإلقاء القبض على الشوَّاف حياً أو ميتاً، فجاءني شخص اسمه عدنان أحمد، فقال: أنا بُلِّغت أنت ما تتحرك إلا هيبلغك واحد من ثلاثة، يا إما رفعت حاج سري، يا إما محمد المجيدي يا إما أنا، قلت أنا: أذاعوها.. هو ما كان يعرف إنه أذاعوها بالإذاعة، فما.. ما الفائدة من الانتظار؟ فبقيت أنا..
أحمد منصور: معنى ذلك إن كان هناك استعداد للتحرُّك أيضاً؟
عارف عبد الرزاق: كان استعداد.. كان المفروض أنه.. يعني يجيني من يبلغني لأذهب إلى الحبَّانية عن طريق.. عن طريق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهذا الذي أختلف معك فيه في أن أنتم كقوميين كنتوا تعدوا لانقلاب وليس مجرد الدفاع.
عارف عبد الرزاق: إحنا لازال.. لازال أكرر إنه كان السبب لو قام أنصار السلام بعمل لنقوم ضدهم، وهذا كان السبب.
أحمد منصور: عمل مداه.. إيه العمل اللي هتقوموا بيه؟
عارف عبد الرزاق: همَّ يقوموا باضطرابات داخل المدينة وباحتلال المدينة.
أحمد منصور: كل الحركة كانت ستكون في الموصل فقط؟
(11/276)
عارف عبد الرزاق: كل الموصل.
أحمد منصور: لكن كان الترتيبات أيضاً أن تتحرك بغداد وباقي القوى.
عارف عبد الرزاق: بغداد كانت تتحرك من جماعة سري من أجل على أساس هناك قوميين بعثيين طلعوا بالصورة.. بالموضوع على أساس تطلع للشوارع ما طلعت للشوارع غُلبت على أمرها، لأن القضية تأجلت يوم واحد، تأجلت يوم واحد فعلاً لأنه أنصار السلام يوم الجمعة لم يعملوا أي شيء.
أحمد منصور: تقييمك إيه لهذه الفوضى؟
عارف عبد الرزاق: والله يعني أولاً الشوَّاف كان ممكن ينجح لو جاب الفوج الثالث من عقره، وكان ممكن ينجح لو استعد لهذه الحركة وما هو وزّع جيشه إلى داخل المدينة، وضاع المدينة.. فقد السيطرة عليها، وبعدين هو لو ثبت ذاك اليوم كان ممكن الأشياء الأخرى تتحرك.
أحمد منصور: ينجح في إيه بالضبط وهو الموصل معزولة عن العراق بمسافة طويلة؟
عارف عبد الرزاق: لو.. لو بقى صامد، لو صمد ذاك.. لو صمد يوماً آخر.
أحمد منصور: كان ممكن للآخرين أن يتحركوا..
عارف عبد الرزاق: كان ممكن يتقدموا، كان الحبَّانية تشتعل، كان بغداد.. كان كركوك تشتعل كان كثير..
أحمد منصور: حصل لقاء بينك وبين رفعت حاج سري قبل القبض عليك؟
عارف عبد الرزاق: بالسجن نعم، قبل، قبل.. السجن قبل السجن بلقاء بسيط سلام ما عندي.. ما عندي أي..
أحمد منصور: حينما قُبض عليك ماذا كان الوضع داخل السجن؟
عارف عبد الرزاق: والله الوضع في الأيام الأولى كنا في معسكر في سجن بمعسكر رشيد، فأحوالنا كانت لا بأس بها، لكن بعد أن أخذونا إلى معسكر كتيبة الدبابات كان الوضع سيئ جداً جداً، كنا نعيش في غرفة 3×3.30، 17واحد، وكان يُطلق لنا الذهاب إلى المراحيض مرتين بالنهار، وكان بالليل الباب كان مشاجب من العتاد كان لا.. لا توجد به أي إنارة وأي نوافذ، وكان الحرس يضربون الأبواب بالليل حتى يمنعونا حتى من النوم.
أحمد منصور: كان مين معك في الزنزانة؟
(11/277)
عارف عبد الرزاق: كان معي كثير منهم الله يرحمه أدهم داود سيد خليل كان ممتاز رمزي.. رمزي العمري، كان كتير.. إبراهيم النفطشي كان.. منصور خيَّاط، كان كتير من الناس.
أحمد منصور: ما الذي كان يدور بينكم من أحاديث؟
عارف عبد الرزاق: إحنا خليط من الناس، خليط من الناس الترجمان جايين إبراهيم نفطشي والآخرين ومحمد.. زيد محمد نافع، يعني ناس ما.. ما.. ما تربطنا أي شيء في الغرفة.
أحمد منصور: التقيت معرفة حاج سري وناظم الطبقجلي.
عارف عبد الرزاق: التقيت مع رفعت حاج سري بعد أن أحالونا إلى المحكمة، أحالونا زمرتين للمحكمة، زمرة بقيادة.. برئاسة ناظم الطبقجلي، وزمرة الطيارين والمهندسين برئاستي أنا، فجمعونا 28 واحد في.. في الموقف العام فاتصلت به لأسأله.. عن أسباب الفشل لما.. ما تحركت؟ فقال أنه ناظم بيتنصل منها الآن، لكن يوماً ما إن شاء الله نقعد ونتدارس ليش أسباب الفشل.
أحمد منصور: يعني ألقى اللوم على ناظم الطبقجلي؟
عارف عبد الرزاق: أنه لأ، لم يتحرك.. ابتدى يعني..
أحمد منصور: كان وضعه إيه ناظم في..؟
عارف عبد الرزاق: ناظم الطبقجلي ما كان يستطيع يتحرك، كان معسكر كركوك كله أكثره شيوعيين الجيش كله شيوعيين، فما كان باستطاعته يتحرك.
أحمد منصور: هو كان قائد منطقة..
عارف عبد الرزاق: هو كان قائد الفرقة.
أحمد منصور: في كركوك؟
عارف عبد الرزاق: في كركوك، اللواء الشوَّاف أحد.. أحد.. أحد ألوية الفرقة.
أحمد منصور: وأُعدموا دون أن تعرفوا أسباب الفشل؟!
(11/278)
عارف عبد الرزاق: مع الأسف أنا خرجت في يوم 14 تموز بعد أن.. يعني عبد الكريم قاسم جمَّد الأحزاب لمَّا شاف الشيوعيين أخذوا الأمور من.. استحلوا كل شيء، جمَّد الأحزاب، فيوم 10 تموز كان الاجتماع في قاعة الشعب بعد تجميد الأحزاب، فالشيوعيين ابتدوا بغوغائية ما خلوه يخطب، منعوه من الخطابة، بدءوا يصيحون "جبهة جبهة وطنية لا انحراف ولا رجعية" فكان الشيوعيين لمن يضيق به المجال يحتموا بشيء اسمه "الجبهة الوطنية"، وكان المفرجون هم الشيوعيين، بها الأثناء كان عبد الكريم قاسم زاد حنقه عليهم، وقام يصيح اقبضوا على ذاك، امسكوا ذاك، فأحال قسم من ضباط إلى التقاعد من الضباط الشيوعيين إلى التقاعد، أذكر منهم سلمان الحصَّان، خير إبراهيم العلي، أبا شاكر الخطيب، كتير من الضباط أحالهم إلى التقاعد قبل السن، فيوم 14 تموز يعني أنا اللي شفع لي فعلاً طيراني يوم السبت، لأني فعلاً ما كنت أدري.. أدري بالموضوع.. فحتى بعد اجتماعنا بعبد الكريم قاسم في يوم 4/8 بعد أن خرجت من السجن يوم 14، يعني وجَّه الكلام قال يمكن إذا كان مهما كان مهما كان.. بعضكم ما كان مشارك.. بحركة الشوَّاف كان يتمنى لها النجاح وكان ينظر إليَّ فاضطررت أن آخذ رهانه وأتقبله لأنه ما كان يمكن بالرد عليه.
أحمد منصور: طيب ممكن نقول إن فشل حركة الشواف يعود لعدة أسباب منها:
أن الموصل لم تكن مكاناً مناسباً.
انتشار الشيوعيين في حركة الجيش.
التصرف الفردي من الشواف وعدم امتثاله للتنسيق مع ناظم الطبقجلي ومع رفعت حاج سري.
كما أضفت أو كما ذكرت أنت الآن، ما نقلته عن رفعت حاج سري من أن ناظم الطبقجلي لم يتحرك أن كثيراً من الضباط لم يكونوا يعلمون بالخطة وعلى رأسهم أنت.. بموعدها تحديداً وعلى رأسهم أنت.
أيضاً عدم تقدير المسؤولية من الشواف وتحركه بشكل فردي، وذكر حنا بطاطو في كتابه إلى أن الشواف كان رجلاً ميسور الحال..
(11/279)
عارف عبد الرزاق: أنا.. دعني اذكر لك الحقائق مثل ما هي، أنا قلت مرتين أو ثلاثة كررت أنه الشواف كان رد فعله.. يعتمد على.. على عمل..
أحمد منصور: الشيوعيين.
عارف عبد الرزاق: قطار من أنصار السلام حتى يوم.. يوم الصبح يوم السبت لما قام المظاهرات، أوعد الحاكم العسكري بتوقيف 15 واحد من كل جبهة، ففعلاً أوقف 15 واحد من كل جهة من ضمنهم كامل القازنجي وها الأشياء غيرهم اللي هم كانوا أنصار السلام وما ابتدى الحركة إلا بعد الظهر.. إلا الظهر، ورطة.. اللي ورطه أكثر محمود عزيز، محمود عزيز كان مطلوب للمثول أمام الحاكم العسكري فكان خايف ليزج بالسجن أو ينقل من هناك، وهو الوحيد اللي كان يعرف، بأمر الإذاعة.. فهو لو..
أحمد منصور: أمرا الإذاعة التي كانت ستأتي من مصر أو من الجمهورية العربية المتحدة يعني معنى ذلك إنه فيه مخطط لانقلاب وراءه عبد الناصر..
عارف عبد الرزاق [مستأنفاً]: محمود عبد عزيز كان.. محمود عزيز كان.. محمود.. أنا قلت لك محمود عزيز وعزيز أحمد شهاب اتصلوا بالسوريين وأخذوا هذه الوعود، أنا قلت لك في بداية كلامي.
أحمد منصور: المصادر تقول إن عبد الناصر كان على علم بالانقلاب ووعد بقضية الإذاعة والإذاعة جاءت متأخرة وهذا كان من الأسباب أيضاً التي أدت..
عارف عبد الرزاق: أنا ما أعرف إذا كان عبد الناصر يعرف أم لا، لكن حتماً من أجهزته في سوريا كان بلغته بالموضوع.
أحمد منصور: بيلاحظ هنا قضية خيانة الضباط وإفشائهم الأسرار، وإن كل واحد بيشرب كاسين أو ياخد عصايتين في السجن كان بيطلع أسرار الآخرين.
عارف عبد الرزاق: هذا موجود في كل الأحوال والأزمنة.. في كل الأزمنة والأحوال في كل.. في كل.. في كل الظروف وفي كل وقت.
أحمد منصور: لكن هذا كان بشكل واضح جداً في معظم الحركات التي قمتم بها وفي حركتكم على وجه الخصوص؟
عارف عبد الرزاق: أي حركة تقصد؟
أحمد منصور: الشواف.
(11/280)
عارف عبد الرزاق: لأ الشواف هو كان.. ما قلت لك الشواف جاء لعبد الكريم قاسم يطلب منه أرجوك لا ترسل قطار السلام.
أحمد منصور: حتى لا نكرر هذا الموضوع إحنا قدام حدث انتهى وانتهى بالفشل وقُتل ناس وقُبض على ناس وأنت قُبض عليك ثم أُفرج عنك في 14 يوليو/تموز، فيما أُعدم الآخرون وهناك اتهامات لك بأن إفراجك هو ثمن لاعترافك على الآخرون.
عارف عبد الرزاق: أنا ما أعترف.. أنا ما أخذ.. أنا ما اعترفت على أي بشر، أنا ما.. ما، أنا سُئلت أنا.. بعد مرور 106 أيام (...) التحقيق مني، فالأسئلة الموجهة لي ما.. أيه علاقتك بالشواف؟ وأنت كنت ودعته في المطار، ماذا دار بينكم؟ ماذا تعرف عن..؟ هذه الأسئلة ما.. أنا ما أعرف ما جاب اسم من بعيد، أنا ما اشتركت.. مين من البشر اعترفت عليه؟ وثائقي اللي موجودة..
أحمد منصور: اتكلمت عنهم..
عارف عبد الرزاق: ما اتكلمت على أي بشر.
أحمد منصور: في مذكراتك أنت أشرت إلى أن المدعي العام العسكري العقيد محمد أمين، حينما كان يكيل الاتهام.. اتهامات لرفاقك كان يقول..
عارف عبد الرزاق [مقاطعاً]: لداود سيد خليل..
أحمد منصور: كما جاء في..
عارف عبد الرزاق: لداود سيد.. لداود سيد خليل.
أحمد منصور: في إفادة المتهم المتآمر عارف عبد الرزاق.
عارف عبد الرزاق: ما أنا قلت في البداية يعني هناك إخباريتين راحت المحكمة العسكرية، وبقت في المحكمة العسكرية، إخبارة بقيادة.. برئاسة ناظم الطبقجلي ومعه حوالي 15 ضابط.. 14،15 ضابط، وزمرة بقيادتي.. برياستي أنا.. أنا عن الطياريين والمهندسين فكانت إخبارة المتهم فيها أنا نعم.
أحمد منصور: لكن يعني، كما قلت لك علامات استفهام كثيرة حول الإفراج عنك تحديداً وأنت رتبة كبيرة وكنت على رأس هؤلاء.
عارف عبد الرزاق: علامات استفهام على أيه؟
(11/281)
أحمد منصور: على إن أنت أفرج عنك وأُعدم الآخرون، أُعدم 11 واحد مع الطبقجلي ومع رفعت حاج سري وأنت المفروض كرتبة وكوضع وكمسؤولية توضع في مصاف هؤلاء.
عارف عبد الرزاق: أنا ما أحد.. ما جاء اسم.. اعترف عليَّ اثنين، اعترف علي واحد اسمه أمين كروقجي قال إن الشواف يقول عارف عبد الرزاق من جماعتنا واعترف علي واحد اسمه جميل الخشالي كان يقول الشواف عارف من جماعتنا.. هذا.
أحمد منصور: أما كان هذا يكفي لمحاكمتك مثل الآخرين؟
عارف عبد الرزاق: كان ممكن يكون، ما أنا قلت لك أنا كنت.. أنا رايح إلى المحكمة وأنا قلت لك: أن السبب في إخراجي يوم 14/تموز أنا والطيارين والمهندسين كان بسبب تغيير عبد الكريم قاسم تجاه الشيوعيين.
أحمد منصور: فقط.
عارف عبد الرزاق: فقط.
أحمد منصور: لو كان الشيوعيين استمروا كان ممكن أن يحكم عليك مثل الآخرين..
عارف عبد الرزاق: كان ممكن هو.. نعم.. نعم، من الذي..
أحمد منصور: ولكن لماذا تم استثناءك وحكم على رفعت حاج سري والآخرين؟
عارف عبد الرزاق: أنا رفعت حاج سري بقائمة أخرى غير قائمتي أنا، حتى في يوم 4 كانون في 4/8 لما اتصلنا بعبد الكريم قاسم ترجيناه إنه هادولا اخوتك افرج عنهم، لكنه لم يعط الموعد، قال.. ألم يخونوني؟ أنا ما اعترفت على.. أتحدى أي بشر أني اعترفت على أي بشر كان، لو اعترفت كانوا أخذوني في هذه المحكمة، أليس هذا دليل؟
أحمد منصور: توقعت أن يحكم عليك؟
عارف عبد الرزاق: أنا توقعت أن يحكم عليَّ، نعم
أحمد منصور: أية الحكم اللي توقعته؟
عارف عبد الرزاق: توقعت الإعدام، لأنه كان المهداوي كان يكرهني.
أحمد منصور: المهداوي كان رئيس المحكمة.
عارف عبد الرزاق: رئيس المحكمة.
أحمد منصور: محكمة المهداوي اشتُهرت على مدار التاريخ العربي بشكل عام أو حتى على مدار التاريخ.
عارف عبد الرزاق: سيرك المهداوي.
(11/282)
أحمد منصور: أيوه، عُرفت محاكم المهداوي في العراق والدجوي في مصر وحتى بعد قيام الثورة في إيران عُرفت محاكمة (خالخالي) فيه شخصيات معينة عُرفت أنها الإعدام هو أقل الأحكام التي تصدرها على الناس، ممكن تعرفنا بالمهداوي ومحاكماته بشكل سريع؟
عارف عبد الرزاق: المهداوي كان أمير سرية حرس في (المسيب) قبل الثورة، وكان يصير ابن خالة عبد الكريم قاسم، و..
أحمد منصور: كان عقيد؟
عارف عبد الرزاق: كان عقيد.
أحمد منصور: فاضل المهداوي.
عارف عبد الرزاق: وكان جابوه إلى (الحبانية) باعتبار آمر لواء الأول بعد ما وضعنا خطة للدفاع عن العراق –كما ذكرت- من ضمنها كان إرسال كتيبة دبابات ولواء مدرع إلى.. ولواء مشاة إلى (الحبانية)، فكان العميد محيي الدين عبد الحميد قلنا له كيف يقود المهداوي –وهو من سرية حرس لواء مشاة- الحرب ضد الإنجليز فأرجوك خلصنا منه فراح قال، مكان، وديته.. اقترحت إنه يكون رئيس المحكمة.
أحمد منصور: يعني اقترح محيي الدين عبد الحميد.. نعم.
عارف عبد الرزاق: فمع الآسف برضو مشي بدبكة الشيوعيين وأمتزج معاهم وسيركه ومحاكمته موجودة، حتى أنا عندي أجزاء موجودة بعد ما مزقتها موجودة عندي قسم في البيت.
أحمد منصور: أوصف لنا كده كيف كان يدير المحاكمات؟
عارف عبد الرزاق: كان يديرها عشوائياً، لا يستند إلى.. كان المدعي العام ماجد محمد أمين يمكن أفهم منه شوية، كان ضابط هندسة، أما هو فكان حافي الفقه واللغة وكل.. وكل ممتلكات الحاكم.
أحمد منصور: هكذا كان يُفعل بمصائر الناس؟!
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: هكذا كان يُفعل بمصائر الناس؟
عارف عبد الرزاق: نعم، هكذا كان يفعل بمصائر الناس..
أحمد منصور: عدت في 4 آب أغسطس 1959م إلى الحياة العسكرية مرة أخرى والتقيت بعبد الكريم قاسم وذكرت لنا جانباً مما دار بينك وبينه، كيف يعيدك عبد الكريم قاسم وهو متخوف منك وأنت متورط في العداء له؟
(11/283)
عارف عبد الرزاق: أنا قلت لك: في يوم 4 استدعينا أنا وعبد الكريم فرحان وعبد اللطيف دراجي ومحمد مجيد وحردان التكريتي لمقابلة عبد الكريم قاسم، فهناك لكل.. ظل معاه من الساعة 3 للساعة التاسعة 6 ساعات يتكلم عن تغلبه على الشيوعيين وأنه ليس شيوعي وأنه.. وأنه تخلينا عنه، فقلنا: كيف يتخلى عنك من كان مسجوناً؟! وأنه لم يعرف بالتعذيب اللي صار بالضباط والفلقات اللي كان موجودة وأنه المهداوي هو من يخبره، وكان كله كذب، وبنهاية الاجتماع قال إنه يريد موازنة مع الشيوعيين، في القوات الجوية بصورة خاصة، فكان ينظر إليَّ وإلى حردان أنه واحد يبقى في بغداد والآخر يرجع إلى.. في الحبانية يعني أنا كنت في الحبانية فاشترطت معنا أن يكون أنا أرجع إلى الحبانية القاعدة، كتخوفه من.. من جعفر كان هو. فكان هو عبد الكريم قاسم يعيش على الموازنة، يعتقد أنه يخلي الموازنة بينهم وهو يعيش بيناتهم.. بعدها قال إنه عبد اللطيف دراجي وعبد الكريم فرحان يروحون (لوظائف مدنية)، ومحمد مجيد وحردان وعارف يروجون للقوات الجوية، حردان اعتقل إحنا فقدنا قسم التقاعد لأن كنا محالين على التقاعد، كان هناك ناس أعطيناهم رتب وقتية، يستاهلونها عارف أم لا؟
قلت له والله إذا كانوا يستاهلون أو لا يستاهلون فأنت أحق بيهم، يقصد بيه طه الشيخ أحمد وجعفر الربقائي أعطاهم رتبة عميد، فكان هو متحرض ضد الشيوعيين، هذا السبب الرئيسي اللي رجعنا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هو كان بيلعب الآن؟
عارف عبد الرزاق: بيلعب، بس خليني أكمل..
أحمد منصور: تارة أبرز الشيوعيين وتارة..
عارف عبد الرزاق: اليوم، إحنا تركنا جاسم العزاوي وكان السكرتير بتاعه فأوصيناه، أعطيناه اسم 100 ضابط لأنه كان أحال حوالي 300 ضابط على التقاعد فقلنا ألا تستطيع أن ترجع منهم؟ نعم فرجع 19 ضابط، يوم يعني بعد تركناه بالليل، الصبح يوم 5 بالشهر أُعيد إلى الخدمة 19 ضابط متقاعد.
(11/284)
أحمد منصور: من بين أكثر من 100 أعطيتم أسماءهم.
عارف عبد الرزاق: من بين حوالي 100 أعطينا أسماءهم.
أحمد منصور: طبعاً الصورة هنا الآن إن كان كل حاكم عسكري أو كل من يقومون بانقلاب حينما يقومون بالانقلاب الذي لا يحيلونه إلى المحاكمة يحيلونه إلى التقاعد؟
عارف عبد الرزاق: آه، يعني طبعاً يتخلص منه.. يتخلص منه بطريقتهم..
أحمد منصور: يعني أنتوا عسكريين تتخلصوا من بعض..
عارف عبد الرزاق: هذا شائع عن الدنيا كلها، على كل حال بعد أن الشيوعيين انكمشوا بعد الفترة اللي صارت بعد 13/تموز أطول انكماش، وهو استطاع أن عبد الكريم قاسم يقول إنه استطاع ألا يدخل إلى سراديبهم نور إسماعيل لم يستطع أن يدخل إلى سراديبهم لكن هو استطاع أن يدخل إلى سراديبهم، فهنا بعد الـ 19 واحد كلهم تعينوا بعد مباشرة عدا أنا، أتندم على رجوعي عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: لماذا؟
عارف عبد الرزاق: انكماش الشيوعيين وأعتقد أنه هو أتغلب عليهم، ما أعرف السبب ليش أتغير علي.. عبد الكريم قاسم، أعيد كل الناس للخدمة في شهر 8 عدا أنا انتظرت إلى يوم 3/9 إلى أن صدر أمري.. صدر أمر برجوعي للحبانية آمر جناح طيران، كنت آمر قاعدة، آمر جناح طيران، وجاب 2 أقدم مني عبد الحميد فرج وصادق العزاوي، فاعتقد عبد الكريم قاسم أنه راح أطلب استقالة، وما استمر لأنه نزلني.. لأنه نزلني الخدمة من آمر قاعدة إلى آمر جنحاح، فأنا لما كنت جناح الطيران بتاعي بقى في القاعدة لا تسوى شيء.. لا تسوي شيء فرحت.
أحمد منصور: من أول يوم رحت سألت أخذت سلام إلى جلال جعفر قائد القوات الجوية فقال لي من أين إلى أين، فقلت والله من السجن إلى التقاعد إلى الخدمة مرة ثانية، إلى تعيين بالحبانية، قال: نجهل الأمر، رحت جبت له أمر من.. من صفة ثانية، فقلت أطلب ورقة تسفيري إلى الحبانية، وذهبت في الحقيقة إلى الحبانية بأسرع وقت، قبل.. قبل الضابطين الآخرين.
(11/285)
أحمد منصور: في هذا الوقت كان الشيوعيين بدأ نجمهم يخبوا، بدأ نجم القوميين يرتفع والبعثيين في نفس الوقت وكان في نفس..
عارف عبد الرزاق: فترة.. فترة هدوء.
أحمد منصور: كله بيعيد تجميع أوراقه مرة أخرى.
عارف عبد الرزاق: كله.. كله، نعم، بالضبط.
محاولات التخلص من عبد الكريم قاسم
أحمد منصور: بدأت هناك تفكير في محاولات من كلا الأطراف المختلفة للقضاء على عبد الكريم قاسم وفي سنة 59 قام البعثيين بأول محاولة ولم تنجح ثم قاموا بعدة محاولات بعد ذلك وأنت والقوميين طبعاً -على مفهوم القوميين الذي ذكرناه من أنكم مجموعة تعمل بشكل منفرد- كل كان يسعى للقضاء على عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: إحنا كان الهدف، إحنا كان الهدف مالنا إنه نخلص إخواننا اللي بالسجن رفعت حاج سري والطبقجلي وجماعته من الإعدامات، لأن كانت النية متجهة لإعدامهم بالمحاكمة، فالحقيقة أنا لما رجعت للحبانية، الحبانية بها حوالي 600 ضابط عدد القوات الجوية، القوات الجوية منسوبهم حوالي 70، 80.. 70 ضابط أكواش اللواء الثامن وكان اكواش مقر الفرقة فكان كل ضابط يحمل رتبة.. يحمل صورة عبد الكريم قاسم (صورتين) أو ثلاثة وقسم منهم من ذهب، فأنا.. حتى داومت في وظيفتي.. باقتراح.. الطيران فقط بدون أي.. وسام أو أي صورة.
أحمد منصور: تعلقيك أية على هذا الموضوع؟
عارف عبد الرزاق: أنا إعطاء معنويات، لأنه كانت المعنويات بتنحط ممكن قوم كبير.. جيش كبير يهزم بثلة صغيرة، المعنويات إذا فقدت..
أحمد منصور: معنويات تعطى بتأليه أو تقديس زعيم معين؟!
عارف عبد الرزاق: خاف، لأ في 14 تموز اللي أنا جيت بيه بعد شوية بعد.. شهرين إلى الحبانية كان الجنود هو.. قدام الضباط خوف الضباط بالحبال.
أحمد منصور: الجنود يخوفوا الضباط.
عارف عبد الرزاق: الجنود يخوفوا الضباط بالحبال.
أحمد منصور: بالمشانق.
عارف عبد الرزاق: بالمشانق، حبال السحل.
(11/286)
أحمد منصور: بالسحل في الشوارع.
عارف عبد الرزاق: بالسحل، فأنا جمعتهم يوما ما، كل (...) الجوية وقلت أنا أعرف نصفكم وكلكم تعرفوني وأعرف استمعت كل الأدوار الأخلاقية والسيئة اللي حدثت بـ 14 تموز 59، اللي يستطيع يمثل الدور المسرح موجود خليه يتفضل يمثل الدور بس وكنت (...) لأن أنا كنت في وضع نفسي سيئ لأن كان أعدم بنفس الليلة أعدم عبد الكريم قاسم ناظم الطبقجلي ورفاقه بنفس اليوم، فأنا كان عندي الموعد مع المحاضرة موجود فما كنت أستطيع أن ألغيها.. أو.. أو أتراجع عنها، وبقيت أنا آمر القاعدة، لكن أنا بعد شهر من رجوعنا الحبانية لم يبق من يحمل صورة عبد الكريم قاسم إلا 2 قائد الفرقة وآمر الضباط العسكري.
أحمد منصور: طيب ألم يصل هذا إلى عبد الكريم قاسم؟
عارف عبد الرزاق: وصل.
أحمد منصور: كان رد فعله أيه؟
عارف عبد الرزاق: ولا شيء، ولا شيء، بس أنا كل ما هنالك منعني من الترقيات.. سنتين منعني من الترقية.
أحمد منصور: وأنت توقعت أيه أكثر من أن يمنعك من الترقية؟
عارف عبد الرزاق: متوقع أي شيء، متوقع.. أوراقي بقت بالمحكمة لم يسحبها، رغم أنه أرجعت لرتبتي مرة ثانية أوراقي بقت في المحكمة العسكرية.
أحمد منصور: يعني القضية لم تكن قد انتهت.
عارف عبد الرزاق: لم تكن قد انتهت.
أحمد منصور: وأنت رجعت إلى الحبانية.
عارف عبد الرزاق: وأنا رجعت إلى الحبانية.
أحمد منصور: سعيت للقضاء عليه وقتله.
عارف عبد الرزاق: عدة مرات.
أحمد منصور: ما هي أهم المرات التي سعيت فيها للتخلص منه.
(11/287)
عارف عبد الرزاق: والله المرة الأولى رغم أنه قد انسجنا (...) فأنا اتصلت بأخواني كريم فرحان ومحمد خالد والناس اللي موجودين في بغداد اللي أعيدوا للخدمة من جديد، هل تستطيعون أن تثبتوا في وحداتكم؟ قلت أنا أريد بس تحموا لي الإذاعة لمدة ساعة أو ساعتين وأنا أنفذ البقية كلها من الحبانية وأنا سيطرت على الحبانية حتى اللواء المشاة.. قوات المشاة سيطرت عليها يعني بالاتصال بيها، يعني بالصداقة وبالمعرفة، فكلهم أبدوا استعداد، فكان الهدف كان مستعجل بهذا الشكل هذا، وكريم فرحان قال: أسأل الجماعة وأرجع لك، فمع الأسف أنا ذكرتها يمكن في جريدة القدس قبل سنة، كريم فرحان كاتب في مذكراته أنه خلاف الواقع، فاتصلت بيه مرة ثانية كنا نروح بسيارة اللي يسوق بيها حردان، سيارة حردان، وبيها عبد الكريم فرحان ومحمد خالد وأنا، بالليل في أطراف بغداد نشوف النتائج، هل يستطيعون أن يركزوا في محالهم، فقال: أنا اتصلت بأكثر الضباط اللي أعيدوا للخدمة، فلكهم يقولوا الوقت قليل ما نستطيع أن نقف ..شو اسمه؟ فقال: هو اقتراح إنه إحنا في كلتا الحالتين رابحين، إذا أعدمهم رابحين، وإذا ما أعدمهم رابحين، فكان يعني.. يعني يعتقد إعدامهم أسلوب للربح بتاعه اللي يحسب له حساباته، وكان خاف عليَّ قال: إذا أنت خايف إنه يعيد محاكمتك عبد الكريم قاسم تستطيع أن تهرب بالطيارة. قلت له أنا لو أريد أهرب كنت هربت وما جيت أستشيرك، أنا جاي لإنقاذ جماعة معينة، إنقاذ إخواني من السجن، من الإعدام، لكن مع الأسف إنتهى الدرس اللي بيني وبينكم، فأنزلته من العربية هو ومحمد خالد واستمرينا أنا وحردان، هذه المحاولة الأولى، المحاولة الثانية..
أحمد منصور: تفتكر تاريخها بالضبط؟
عارف عبد الرزاق: يعني حوالي يعني بين 20 إلى 25 أيلول..
أحمد منصور: 59..
عارف عبد الرزاق: 59.
أحمد منصور: يعني بمجرد ما رجعت..
عارف عبد الرزاق: بعشرين يوم.
(11/288)
أحمد منصور: إنت رجعت يوم 5؟ يوم 20.
عارف عبد الرزاق: يوم 3.
أحمد منصور: يوم 3..
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: ويوم عشرين كنت بتحاول تعمل أول محاولة انقلاب جاهز ما شاء الله.
عارف عبد الرزاق: جاهز..
أحمد منصور: في يومين عندكم الثورات بتاخذ يومين ثلاثة مش كتير..
عارف عبد الرزاق: لأ، يعني الضباط كلهم التفوا عليَّ بعد ما رجعت، الضباط القوميين كلهم يعني صحيح ما كان في (...) لكن هناك كان إخوة وشعور يجمعنا.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: فيعني.. بدليل بس إنزال صورة عبد الكريم قاسم دليل.. دليل نجاح كبير.
أحمد منصور: المحاولة الثانية أو المحاولة الأهم.
عارف عبد الرزاق: المحاولة الثانية جاني اللي هي يوم.. البعثيين جاني محامي اسمه عبد الستار علي حسين وهو صديقي من المتوسطة.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وقال: إنه القوميين بـ.. بيقصد إنه القوميين العرب ها دولا مو البعثيين اللي قاموا بالعملية، كان هيك محاولة أخرى..
أحمد منصور: من القوميين العرب.
عارف عبد الرزاق: من القوميين العرب، لأن عبد الكريم قاسم كان يتسوق.. يسوق سيارته بداخل بغداد بـ.. بسائق والمرافق فقط وبدون أي حماية، فأُعد له أن يرموه بقنابل يدوية في شارع الرشيد.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: فأنا دخلت قلت: لأ، القنابل اليدوية لا تكفي، لازم رشاشات زائد قنابل يدوية، وبعد أن أيضاً اتصلنا بالجماعة.. هل مستعدون تقومون؟ قالوا: لأ، فأطلقت الرسالة قلنا: لأ، ما مستعدين نقوم بالعملية، فصارت يوم 7.
أحمد منصور: 9.. 7 أكتوبر 59؟
عارف عبد الرزاق: 7 أكتوبر 59، أنا كنت في بيتي وسمعت من الإذاعة فرأساً اتصلت بعبد الودود فرج كان أقدم مني فوعدت عبد الودود فرج أن يصدر الأوامر اللي أريدها أنا، فإحنا سيطرنا على الحبانية، وننتظر النتيجة، لكن أن طلع عبد الكريم قاسم على الإذاعة وقال إنه سليم وما فيه شيء..
(11/289)
أحمد منصور: طبعاً، السائق قُتل وهو أصيب برصاصات.. برصاصة في كتفه وكذا لكن نجا منها.
عارف عبد الرزاق: نجا منها، 3 رصاصات أصيب بتلات رصاصات، هناك 84 رصاصة في سيارته، لكن سيارته اللي نفعه هو نزول الزجاج في داخل باب السيارة، فالزجاج..، هو انبطح على الأرض، فـ..
أحمد منصور: طبعاً كان رصاص عادي.
عارف عبد الرزاق: نعم..
أحمد منصور: رصاص عادي فلم يخترق.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ، كأن الاختراق من باب السيارة، ومن الزجاج كان صعب يوصل، لكن الصعوبة من.. من طفَّى النور لما جه يطفي النور جات الطلقة في إيده.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: ومع الأسف الشباب كان صغيرين فناس ضربت ناس..
أحمد منصور: يعني محاولات اغتيال مثل اللعب يعني.
عارف عبد الرزاق: لأ، وشباب.. شباب بعده غير.. يعني ما مارس ضرب ورصاص، مو متهيئين..
أحمد منصور: هل هناك محاولة أخرى؟
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم؟
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: له أعداء كثير.
أحمد منصور: مما قمت به أنت اقصد.
عارف عبد الرزاق: لأ، جاني مره بزيارة عبد الكريم قاسم إلى (H3) لملاقاة القدسي.
أحمد منصور: (H3)..؟
عارف عبد الرزاق: (H3) محطة..
أحمد منصور: (H3)، نعم..
عارف عبد الرزاق: (H3) محطة كان يسير مجرى لحيفا.
أحمد منصور: نعم.. نعم.
عارف عبد الرزاق: كان بخط النفط، بطرات معسكرات بنتها شركات النفط لـ H1، H2، H3، H4، H5 وإلى حيفا، وكانت إلى طرابلس يسموه T1، T2.
أحمد منصور: نعم.. نعم.
عارف عبد الرزاق: ومن كركوك K1، وK2 كانت تسميات شركات النفط.
أحمد منصور: شركات النفط، خطوط الإمداد، نعم.
(11/290)
عارف عبد الرزاق: فاتصلوا بيناتهم هناك، وكان سرياً ما أُعلن عنها، بس أنا بأسلوبي الخاص أنا كنت رئيس نادي الضباط في الحبانية بالانتخاب طبعاً، صاروا بينتخبوني، فاستعاروا من عندنا شوك و.. قيادة الفرقة والأطباق، وقالوا إحنا رايحين لعملية معينة مموه، فعرفنا من أصدقائنا إن هو في طريقها، فجاني على أساس منذر الونداوي على أساس نُقتل عبد الكريم قاسم بالجو.
أحمد منصور: إيه.. ما هو الخطة بقى؟
عارف عبد الرزاق: الخطة إن جماعة يسيطرون عليها في بغداد، على الإذاعة واحنا نقتل..
أحمد منصور: يعني الانقلاب، إذاعة وقتل الرئيس.
عارف عبد الرزاق: آه، إنقلاب .. إذاعة.. إذاعة.. الإذاعة مهمة جداً في التغيير.. الإذاعة مهمة جداً كمان، حتى بـ 30 حزيران قلت لهم الإذاعة مهمة ما كو إذاعة ما نقدرش ننجح.
أحمد منصور: اللي يسيطر على الإذاعة نجح في الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: اللي يسيطر على الإذاعة ويصمد بيها لمدة بضع ساعات ينجح، كل الناس تؤيد به، وبعدين قيل أنه..
أحمد منصور: تضربوه بصاروخ إنت ومنذر.. الونداوي؟!
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: كنتم ستضربونه بالصواريخ؟
عارف عبد الرزاق: لأ، بالعتاد، من طيارات.. طيارات.. طيارات تطير عليه.
أحمد منصور: يعني إنتم هتطيروا بطيران..
عارف عبد الرزاق: هو كان رايح بطائرة (هيرين) إلى الحبانية وكان طاير، فأحد الأسباب اللي منعتني من القيام من التنفيذ كان محسن الرفاعي وهو صديقي كان في نفس الطياره فخفت أن أرميه يعني أرميه يصاب وهو وياهم مو أنا.. أرمي طيارين.. يرموه.
أحمد منصور: لكن كان كل.. بس أوقفت التنفيذ لهذا السبب؟!
عارف عبد الرزاق: أوقفت لأ، هذا السبب ولأن بغداد ما كانت مستعده.
أحمد منصور: هذا السبب الرئيسي إن بغداد ما كانت مستعدة؟
عارف عبد الرزاق: هذا السبب الرئيسي.. هذا السبب الرئيسي.
انقلاب البعثيين ضد عبد الكريم قاسم ودور القوميين فيه
(11/291)
أحمد منصور: في 7 شباط 1963م تحرك البعثيون بانقلابهم ضد عبد الكريم قاسم وكنتم أنتم القوميون لديكم محاولات كثيرة لكنها لم تتم، حينما بدأ البعثيون في تحركهم انضممتم أنتم إليهم لكنهم هم كانوا قادة إنقلاب 8 شباط 1963م الذي أزاح عبد الكريم قاسم من السلطة،كيف تم ترتيب هذا الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: لو سمحت لي أمر مر قصير على الفترة قبل التنفيذ هذا، أنا أوقف ترفيعي سنين عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: من 59 لـ 61.
عارف عبد الرزاق: إلى 62.
أحمد منصور: إلى 62.
عارف عبد الرزاق: إلى 62.
أحمد منصور: كنت برتبة عميد؟
عارف عبد الرزاق: كنت برتبة عقيد، مقدم.
أحمد منصور: مقدم عفواً.
عارف عبد الرزاق: وصلت عقيد بـ 6 شباط 62، فمررت أمر بكل ما أروح بغداد وأشوف الجماعة هناك كان ألتقي في محل بعيد عن المراقبة، فقلت لإخواني هناك أنتم..
أحمد منصور[مقاطعاً]: كان مين إل هناك بالضبط اللي بترتب معاه؟
عارف عبد الرزاق: كان صبحي عبد الحميد، محمد مجيد، عبد الكريم فرحان، هادولا اللي كنت بألتقي معهم، يعني كانوا محمد مجيد وعبد الكريم فرحان فقلت لهم أنتم طبل فارغ يدق وليس به قوة، فمصيركم معدوم، معلوم ومعدوم فائدة بكم، أنا بيني وبينكم هذا (...) فيَّ إذا ما عملتم شيء، إحنا راح عبد الكريم قاسم يحصدنا وإحنا ما نقدر نحصده.. نصل إلى شيء، و.. إذا ما سويتوا شيء، أنا راح أستقيل، وفعلاً ما سووا شيء وقدمت استقالتي يوم في شهر 6 سنة 62.
أحمد منصور: استقالة من القوات الجوية؟
عارف عبد الرزاق: من.. الخدمة العسكرية.
أحمد منصور: من الخدمة العسكرية؟
(11/292)
عارف عبد الرزاق: وهناك من عقَّبها ومنعها من وصولها لعبد الكريم قاسم، لكن جلال جعفر قال.. خدها هديَّة، فأوصل.. فبلَّغ عبد الكريم قاسم بأنه عارف عبد الرزاق حال بطلب إحالة على التقاعد، في.. كل يوم ترفيع، جدول ترفيع، عبد الكريم قاسم يُرفَّع من يريد ويحيل على التقاعد وينقل فيصير فيه جدول تنقل، وجدول الإحالة على التقاعد، فأوصى الضابط الركن إن هناك عريضة من عارف عبد الرزاق قدمها، فقدمها إله بالمغرب، وبقت عنده الصبح، فمكان ما يحيلني للتقاعد ثبتني آمر قاعد من جديد، وأحال وكيل آمر القاعدة السابق على التقاعد فترجعت آمر قاعدة بسنة 62، بس يعني هناك بعد أن مرة واحد وانضرب واتشفى، كما ضباط الحبانية رحنا لزيارته وتهنئته باللي يصير، فندهني في كلمة...
أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعاً متآمرين عليه تقتلوه ولما نجى رُحُتوا قولتوا له حمد الله على السلامة!
عارف عبد الرزاق: أنا ما كنت معاهم، أنا ما أعرف عنهم شيء، أنا ما بأعرف إنه هتيجي، فهو سألني كان هو السرب الخامس كانوا واخدين لبغداد وسرب بغداد الحبانية كان في السرب السادس، فسألني هو كيف المطار عندكم؟ قلت له: المطار فارغ ما به حد، والبيت الفارغ.. المطار الفارغ مثل البيت الفارغ غير.. لا يصلح ساكن للسكنى ويخرب ببقائه فارع فأرسل السرب الخامس كانوا يسموه سرب موسكو، بعدين بـ 63 سوينا به انقلاب.. بهذا السرب مال موسكو اللي جاي بيه.
أحمد منصور: كانت علاقة عبد الكريم قاسم إيه بجمال عبد الناصر؟
عارف عبد الرزاق: طبعاً كان جمال عبد الناصر بخطبه كان يتقن الكلام على عبد الكريم قاسم، عبد الكريم قاسم في خطبه لم يلقي كلمة جارحة على جمال عبد الناصر، يقول: الاخوة هناك، الأخوه في الجمهورية العربية المتحدة يعني ما كان بذئ الكلام في خطبه.
أحمد منصور: لكن كانت علاقتهما سيئة ببعضهما البعض؟
عارف عبد الرزاق: إيه طبعاً ما أكو شك.
(11/293)
أحمد منصور: في انقلاب 8 شباط 63 أنتم كضباط قوميين طبيعة الدور الذي قمتم بيه أيه في الوقت الذي تحدي فيه البعثيون؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هو اللي يعني الفئات القومية اللي صار فيها قوميين عرب والقوميين اللي هم اللي.. والبعثيين.
أحمد منصور: إنتم يعني قوميين غير منظمين؟
عارف عبد الرزاق: قوميين غير.. بقايا ظباط 14 تموز.
أحمد منصور: بقايا ضباط 14 تموز؟
عارف عبد الرزاق: بقايا ضباط 14 تموز.
أحمد منصور: أُعدم من أُعدم منكم في حركة الشواف.
عارف عبد الرزاق: أُعدم من أُعدم وترك من ترك وبقي من بقي.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: كان الفكرة على أساس يصير محاولة انقلاب في 6 كانون، في النادي العسكري.
أحمد منصور: كانون يوم يناير.
عارف عبد الرزاق: يناير.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وفجأةً إن عبد الكريم قاسم خد خبر وألغاها، ألغى الزيارة للنادي العسكري.
أحمد منصور: طبعاً كان تسريب محاولات الاغتيال كان من أسهل ما يكون؟
عارف عبد الرزاق: يعني موجودة..
أحمد منصور: لأن أسهل شيء إن ضابط يشرب كاسين ويطلع اللي عنده.
عارف عبد الرزاق: حتى.. حتى مال 63 جرى تسريبها..
أحمد منصور: طبعاً، جرى تسريبها ما هو مافيش حاجه ما جراش تسريبها.
عارف عبد الرزاق: جرى تسريبها وسمع بها عبد الكريم قاسم، وأحال.. وأحال ضباط على التقاعد فيها، أنا شخصياً ما كنت أعرف بها.
أحمد منصور: 63؟
عارف عبد الرزاق: 63.. لأ..
أحمد منصور: ما كنت تعلم بها؟
عارف عبد الرزاق: أبداً، أنا كنت جرت.. جرى القصه باختصار.. جرى إيقاف صالح حماد عماش وعلي صالح السعدي.
أحمد منصور: بعثيان؟
عارف عبد الرزاق: بعثيين.
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: يوم.. يوم سبت، فخافوا البعثيين أنه ها دول يعرفون كل أسماء القيادات البعثية والبعثيين طبعاً، خافوا إنه تحت التعذيب راح يلقوا القبض عليهم كلهم ويسجنوهم، فحدث اجتماع يوم أربعاء..
(11/294)
أحمد منصور: تاريخ؟
عارف عبد الرزاق: يعني يوم 6.
أحمد منصور: 6.. مارس؟
عارف عبد الرزاق: 6 شباط.
أحمد منصور: فبراير عفواً.
عارف عبد الرزاق: فبراير 6، شباط، في بيت أحمد حسن بكر، وحضره منذر الونداوي.. منذر الونداوي وهو بطل 69 ما أكو شك بها.
أحمد منصور: هذا مُنذر الونداوي كان أحد ضباط القاعدة لديك؟
عارف عبد الرزاق: كان أحد ضباط القاعدة.. أنا اللي شوفته بالسجن، ما كان، بعدين جاء معي، يعني ما كان طيار هو خريج (كُرونويل) من إنجلترا، وأول مرة أشوفه بالسجن، وقفوه..
أحمد منصور: حينما سجنت؟
عارف عبد الرزاق: بالـ 59..
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: لكن بعد ما رجعت الحبانية كان هو في السرب الثالث، أنا كنت آمر جناح طيران، شوية والـ..
أحمد منصور: يعني كان تحت إمارتك عسكري..
عارف عبد الرزاق: تحت إمارتنا، وبعدين راح نقل إلى مكان آخر، نقل جلال عند جعفر..
أحمد منصور: لم يكن بعثياً هو؟
عارف عبد الرزاق: هو بعثياً..
أحمد منصور: كان بعثي..
عارف عبد الرزاق: لا بعثياً.. لا بعثياً، لكن جاء هو واتبرع هو أن يقوم بالقوة الجوية، بالضربة، بالقوة الجوية، واتبرعت القواعد.. أن هم يسيطرون على معسكرات.. الشرطة.
أحمد منصور: أيوه لأن هو قام بمحاولة خطيرة.
عارف عبد الرزاق: وعلى منع القوات من معسكر رشيد بالتحرك من البوابات، وكان عنده عبد الكريم قاسم، كان عنده داخل وزارة الدفاع 8 سرايا انضباط، و3 سرايا حراسة، وكان عنده فوج من لواء العشرين، من لواء الـ 19، فوج آمره ييجي على إسمي، هو إسمه عارف بس مش عارف إسمه إيه، على كل حال..
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة في هذا السن وتذكر الأحداث بشكل جيد.
(11/295)
عارف عبد الرزاق: عارف الحافظ، عارف الحافظ، عارف يحيى الحافظ، فكان يعتمد على ها القوة بها وكان الخطة أن يقومون بكتيبة دبابات من معسكر (أبو غريب) يتقدمون بيها والقوة الجوية تقوم بيها، تسوي كل شيء، فأنا كنت برمضان عادة أسهر وأتسحر وأنام مرتاح خاصة يوم خميس ليلة جمعة، فأيقظتني زوجتي قالت لي: هناك ضابط يريدك، قلنا له نايم، قال: صَحوه، فبصيت من الشباك الثاني شوفته.. من الباب الثاني أشوفه هذا الضابط عارفه، اسمه حمدي جواد وضابط في السيطرة الجوية، وأعرفه إنه بعثي فطلعت له.
أحمد منصور: أنتم كنتم كضباط عفواً تعرفون إنتماءات بعضكم البعض؟
عارف عبد الرزاق: إحنا كنا نعرف بعثيين وكنا نعطف عليهم، وكنا نساعدهم يعني حتى بتبرعات بالأشياء الأخرى نساعدهم يعني باعتبار المبدأ الآخر يقول لك "لا تستطيع أن تقابل تنظيم إلا بتنظيم آخر".
أحمد منصور: وأنتم لم يكن لديكم تنظيم.
(11/296)
عارف عبد الرزاق: لكن لا تنخرط فيهم، فقال إنه ما.. سيدي، كان الوالد يرتجف، الكلمات كانت تخرج متقطعة من فمه، يقول: إنه واجبك تنتظر بعد طيران ومنذر الونداوي، قلت له منذر الونداوي قام بحركة، يلعن أبوك لأبو منذر الونداوي، فرجعت كلمني آمر السرب يونس محمد صالح فقال: الطيارات طارت، قال لي الطيارات طارت اتشجعت كم طيارة؟ قامت، قال: ثلاثة (بننام) قلت: دا كويسه، فكان.. فرحت.. رُحت إلى المطار وجدت مجموعة ضباط صف ومهندسين حوالي عشرة بلباس مدني، وآمر السرب الخامس، فوجدت إنه منذر الونداوي طار بطيارة (هنتر) وكان هناك ضابط أسلحة اسمه عبد اللطيف عبد الرزاق هو اللي سوى له الصواريخ وكان رابط له الصواريخ بالمفطلوب يعني خلي الوايرات بالصواريخ عكس فما صارت.. صار صواريخه وطار طيارتين واحد بقيادة واثق عبد الله والأخرى بقيادة فائق عبد الخالق السعدون، طيارة (ميج 17)، قاموا بضرب الطائرات اللي موجودة في بغداد وضرب وزارة الدفاع، فرجعت أنا أنا أعطيت أمر أنا مسيطر على اللواء الثامن كله فأعطيت أمر إنذاري بالحركة ووصيت مقدم اللواء، اللواء اللي هو عارفه بعثي وين صمنهم بيسيطر على المعسكر.. المعسكر المدني في الحبانية بـ فيه الجنود وسكنه والعمالة وكثير من الناس بيه.
أحمد منصور: أيضاً قمت بحركتك دون تنسيق مع أحد.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا بلغت بالصبح.. أنا بلغت الصبح.. أول ما وصلت.. أول ما وصلت..
أحمد منصور: يعني حينما قامت الحركة..
عارف عبد الرزاق: أول برقية بعتها لكل القواعد "يُمنع التحليق إلا بأمر من آمر القاعدة والمخالف يعاقب بالإعدام حتماً"، هذه أول برقية ابعتها..
أحمد منصور: على طول.
عارف عبد الرزاق: على طول.
أحمد منصور: سهل حاجة عندكوا الإعدام؟
عارف عبد الرزاق: لا يعني أنت.. أنت.. واحد يقوم بعملية يا إما تنجح يا إما تخسر..
أحمد منصور: يا تعيش يا تموت..
(11/297)
عارف عبد الرزاق: مافيش في النص يا تعيش يا تموت.
أحمد منصور: نعم، مقامرة يعني..
عارف عبد الرزاق: مقامرة.. مقامرة.. كل الحركات مقامرة، يعني في كتير ماكو حركة 100% مضمونة طيارة من الطيارات (الميج 17) ضربت في صاروخ هذا.. بناء على وشاية أحد الضباط آمر الكتبة اللي اسمه خالد الهاشم إلى.. إلى الحاكم العسكري وإلى سكرتير عبد الكريم قاسم بأن هو أصبح كل ما يقعد مع زوجته وأولاده يشعر بأنه راح يفارقهم وأنه لازم.. فأعطى الخطة مباشرة كلها التنفيذية.
أحمد منصور: طبعاً، يا يشرب كاسين، يا يخاف على العيال.
عارف عبد الرزاق: فجابوا مدفع 40 مللي حطوه قدام بوابة وزارة الدفاع فهو اللي ضرب الطائرة، وقعها، ودخلوا مدفع ضد دبابات في خلف وزارة الدفاع لضرب الدبابات اللي قال إنها هتدخل.. أنه الدبابات راح ترميه من جانب (الخلفي).. من الجانب الثاني أمام وزارة الدفاع فخلوا مدافع ضد الدبابات.. مدافع ضد الدبابات هناك، وأوقف كثير من الضباط، لكن ما أخد موقف بعد حد يعني ظهر عبد الكريم قاسم يمكن بيعتمد على قوته كلها عند اللواء 19 بـ.. بمعسكر..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني بكل المعايير طبعاً تحرك مجرد مجموعة طيارات وكذا وكان عبد الحكيم.. عبد الكريم قاسم تحت يده كل شيء كان لم يكن يتوقع أن تنجح الحركة ضد.
عارف عبد الرزاق: لم يكن يتوقع أن تنجح الحركة، واللي نجح الحركة اللواء الثامن اللي هو بالحبانية اللي أعطيته الأمر أنا، تعين له آمر لواء عبد الغني راغب كان محال إلى التقاعد.
أحمد منصور: لكن تحركت أيضاً القوة الأخرى.. الألوية الأخرى التي كانت قريبة من بغداد تحركت واستطاعت السيطرة على وزارة الدفاع، بعد معارك طبعاً استمرت، الشعب أيضاً تحرك وخرج الناس..
عارف عبد الرزاق: لا.. لا للحقيقة أن تحرك الشعب شيوعيين ملوا شارع الرشيد صباحية، أنا استلمت الأمر مباشرة بعد الساعة تسعة، تسعة وعشرة يمكن..
(11/298)
أحمد منصور: طبعاً الشيوعيين قاتلوا لأنهم أدركوا أن نهاية حكم عبد الكريم قاسم هي نهايتهم فكانوا يقاتلون القتال الذي..
عارف عبد الرزاق[مقاطعاً]: بس إذا سمحت.. بس.. بس إذا سمحت لي.. أكمل الحكاية، عبد الكريم قاسم كان يسهر بالليل وينام بالنهار.. فهناك من سيطر على.. على.. بدأ قبل بداية الطيارات سيطر على معسكر الشرطة في.. يعني مدينة الضباط (....) فانكشف أمرهم فأيقظوا عبد الكريم قاسم وصحا، فجاء من الشارع ناس طلعت بعد الإذاعة والناس طلعت شارع الرشيد امتلأ كله شيوعيين فعبد الكريم قاسم كان يشاور لهم خمس دقائق.. خمس دقائق ويخلص عليهم والتجئ إلى وزارة الدفاع، فعلاً إحنا ابتدينا بالرمي لما شوفنا الشوارع مليانة كنا نعتقد موالين فمنعنا الرمي حتى لا تحدث خسائر كثيرة، فبعدين طيارين بدأ يضمنا سير من الطيارات المراقبة الدورية فكان خبرتني الطيارات أنه الدبابات نزلت من أبو غريب وهذا نعرف (...) موالية وأن هناك 8 دبابات في منطقة الميدان مقارب لوزارة الدفاع، وأن هناك دبابتين أمام وزارة الدفاع، وبعد عشر دقائق الدبابتين في طريق وزارة الدفاع والدبابات الستة ما هم موجودة، فاعتقدت إن ها الدبابتين ضربت.
أحمد منصور: ما فيش تنسيق في أي حاجة بالبركة الأمور ماشية.
عارف عبد الرزاق: بالبركة كله بالبركة، فاتصلت تليفونياً بوزارة.. أن طبعاً بالحبانية سيطرت على التليفونات ممنوع حدا يحركها، ممنوع حد يتكلم إلا تحت سيطرتي فعلى سائر التليفونات السرية.. والبدالة العادية، فاتصلت أنا بالتليفون السري إلى بدالة معسكر رشيد بدالة الدفاع جاب لي واحد اسمه نائب عريف وادي ترن ترن قال أنا عريف وادي قلت له: ماذا عندكم، قال لي لا شيء، زعيمكم، أنا قلت له: أنا فلان قلت اسمي بصراحة، زعيمكم وين؟ قال زعيمنا بغرفته، ما فيش حاجة.. مافيش شيء.
أحمد منصور: تقصد عبد الكريم قاسم طبعاً.
(11/299)
عارف عبد الرزاق[مستأنفاً]: فعندي طيارتين بالجو أنا أوصيتهم بالرمي على.. باتجاه غرفة عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: في وزارة الدفاع.
عارف عبد الرزاق: بوزارة الدفاع، اللواء الثامن أعطيته أمر إنذاري من الساعة تسعة، (مسيطر) عليه كان عندنا فوجين عندهم يسيطروا عليهم، فوج اسمه محمد يوسف ضابط اسمه محمد يوسف عقيد ركن.. مقدم ركن كان وفوج عبد الجبار علي حسين هذا من (دورته) أعرف إنه مضمون، الفوج الآخر كان أمين شاهين كان هذا الرجل لا يلتقي بنادي لا يروح لمجلس شرب فكنا خايفين منه..
أحمد منصور: دا كان عمله نادرة طبعاً!!
عارف عبد الرزاق: عملة.. عملة.. عملة مخفية ما حدش عرف بيها.
أحمد منصور: كله بيشرب وبيسكر وبيلعب قمار.
عارف عبد الرزاق: لأ، مش كله لأ، مش كله لكن هذا ما كان يختلط، ما كان يختلط مع أحد لا يروح سينما، لا يروح نادي، يروح.. لا يروح كله هذا محمد يوسف فتحته أنا في السينما، أخذته السينما وفتحته بالسينما، بعد ما سألنا عنه منين وكل ضابط يجي الحبانية كان نسأل عنه منين هذا، اتجاهه شنو، وإدبارية أيش، فـ الحبانية كانت كلها موالية فأصدرت أنا أمر تحرك حتى فوج عبد الجبار حسين كان عنده واخدين منه حوالي سريتين لحراسة خط الأنابيب والنفط لأن الأكراد قصفوها فأخذوهم وكان حماية لخط الأنابيب، فاستعنا بكتيبة.. دبابات خدنا منها 84 جندي ألحقناها..
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني الآن أنت تحركت من أنك كنت نائماً حين بدأت الحركة إلى أنك أصبحت تلعب دوراً رئيسياً.
أشكرك ونكمل في الحلقة القادمة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق)، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/300)
الحلقة8(11/301)
الجمعة 15/1/1423هـ الموافق 29/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 11:26(مكة المكرمة)،08:26(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 8
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
24/02/2002
- انقلاب البعثيين على عبد الكريم قاسم
- القبض على عبد الكريم قاسم وإعدامه بمحاكمة صورية
- الصراع الخفي بين القوميين والبعثيين بعد أن أصبحوا شركاء في السلطة
- محاولة عبد الناصر غزو سوريا عبر العراق
- دور عارف عبد الرزاق في السلطة
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
سيد عارف مرحباً بك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بيك
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند التحرك ضد عبد الكريم قاسم وكيف أن أحد ضباط قاعدتك الجوية منذر الونداوي وهو ضابط بعثي قام بالتحرك دون علمك حيث كنت نائماً وأبلغت من أحد الضباط أو المجندين عندك بأن منذر الونداوي تحرك فتحركت إلى القاعدة وساندت حركة منذر الونداوي، كيف تم القبض على عبد الكريم قاسم؟.
انقلاب البعثيين على عبد الكريم قاسم
عارف عبد الرزاق: إحنا تكلمنا بالحلقة اللي فاتت عن تحرك اللواء الثامن، (....) الراوي ومجيء قائد الفرقة تحت سيطرتنا من أول دقيقة، فسيطرنا على الحبانية ومنذر والراوي جاء إلى أخذ قيادة اللواء مع إنه كان متقاعد، قاد اللواء وعبد السلام عارف اتصل بي وأراد فوج يروح للدفاع وفوج يروح الكاظمية وفوج..
أحمد منصور: اتصلت فيك..
عارف عبد الرزاق: اتصل بيَّ، آه.
أحمد منصور: يعني عبد السلام..
عارف عبد الرزاق: عبد السلام عارف اتصل بي.
أحمد منصور: عبد السلام عارف بدأ يتحرك مع الانقلابيين؟
(11/302)
عارف عبد الرزاق: بعد ما هو راح.. من اليوم الأول أخدوه وراح للإذاعة معاهم وبعدين نزل تحت علشان خاطر الأستوديو بالصالحية.
أحمد منصور: يعني اتصل فيك في اليوم التالي.
عارف عبد الرزاق: في اليوم الأول
أحمد منصور: في اليوم الأول.
عارف عبد الرزاق: الأول.. في الساعات الأولى..
أحمد منصور: يوم 8/ 8..
عارف عبد الرزاق: يعني على الساعة 10.30، 11 قطعت لبغداد اللواء الثامن.
أحمد منصور: هو طبعاً لم يشارك في ترتيب أي شيء وإنما هم..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت اللي شاركوا هم دول البعثيين اللي يجتمعوا ببيت أحمد… واللي قاد الحملة كلها كان منذر الونداوي وبعد..
أحمد منصور: يعني البعثيين قاموا بالانقلاب وأنتم تحركتم معهم.
عارف عبد الرزاق: هم.. هم الذين ضربوا الجرس.. رنوا الجرس وإحنا دخلنا..
أحمد منصور: يعني كما قيل أنهم استخدموكم لصالح انقلابهم.
عارف عبد الرزاق: والله يعني هي شوف العراق باليوم كان ينقسم كان في قوتين: قوة قومية سواء كان بعثية أو قومية عرب أو قوميين وقوة شيوعية، أحدهما لازم يصعد، اتنين لا يجوز بقائهم الاثنين مستحيل.
أحمد منصور: لكن حصل في 61 انفصام.. يعني انفصام داخل الكتلة القومية وتفرقت إلى بعثية وقومية، وكان هناك انفصام واضح.
عارف عبد الرزاق: البعثية.. البعثية قبل ما نكون فيه كانت على نفق قليل جداً وكانت نادراً إما تسمع بها.
أحمد منصور: لكن نجح البعثيون بعد 58 في أن يصبحوا القوة رئيسية.
عارف عبد الرزاق: نجح البعثيون وتقووا على حساب الشيوعيين، … الشيوعيين شجعنا كل الضباط القوميين أن يكونوا (...) شجعناهم.
أحمد منصور: وعلى حسابكم أنتم أيضاً باعتباركم غير منظمين ليس لكم تنظيم قوي.
(11/303)
عارف عبد الرزاق: إحنا من بضعفتنا قمنا (...) إنه أول مرة كنا نوصف الشيوعيين بأنهم قوميون متطرفون، وتاني مرة البعثيين باعتبارهم قوميين يعني لا خلاف على واحدة حرية هي لا خلاف عليها هذا من أهدافنا، لكن ما كنا نتوقع إنه هم الأنانية والسيطرة الفردية وهي دينهم، هم وغيرهم لأ، هذه كانت مع الأسف يعني إحنا صرنا أخذنا الأمور كما نرى أنفسنا لا كما نرى الآخرين فيها.
أحمد منصور: كضبط قوميين حينما تحركتم في مساندة البعثيين للانقلاب كنتم تدركون لحساب مَنْ تقومون بتنفيذ الانقلاب، أم كان هدفكم مجرد الخلاص من عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: لا مو كان.. الخلاص من الشيوعيين، الشيوعيين وعبد الكريم قاسم الاتنين.. الاتنين.
أحمد منصور: لكن الشيوعيين تقلص نفوذهم..
عارف عبد الرزاق: لا لم يتقلص نفوذهم.. لم يتقلص نفوذهم..
أحمد منصور: إلى حدٍ كبير تقلص نفوذ بعد.. بعد..
عارف عبد الرزاق: لا هو موجود، لكن هم.. هم دائماً تحت الأرض، يطلعوا فوق الأرض (....) المناطق موافق، لما يكون يد واحدة، يرجعوا يستخبون تحت الأرض، هم نفس القوى ما تغيرت.
أحمد منصور: يعني أنتم تحركتم دون أهداف حقيقية واضحة.
عارف عبد الرزاق: أبداً يعني إحنا.. إحنا كنا متهيئين لحركتنا كما سبقت عدة مرات يعني من.. من..
أحمد منصور: دون أهداف واضحة..
عارف عبد الرزاق: لأ، دون.. على الهدف الأولاني على أساس أنها دولة في إطار نرسم حرية ووحدة اشتراكية، يعني على أساس إنه أحد أهدافنا إحنا أهدافنا الحرية والوحدة الاشتراكية أيضاً.
أحمد منصور: يعني فقط الشعارات التي حركتكم وليس هنا برنامج واضح للتنفيذ.
عارف عبد الرزاق: هو صار اتفاق بيناتهم إنه أي واحد يشعلها ها الباقيين يخشون معه..
أحمد منصور: بين مين ومين بالضبط؟
عارف عبد الرزاق: والله بالضبط أنا ما.. ما أعرف هذا الاتفاق اللي صار بين القوميين وبين.. وبين قيادة البعث.
(11/304)
أحمد منصور: قبض على عبد السلام.. على عبد الكريم قاسم.
(11/305)
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم قاوم النهار كله، أنا ابتدينا بالضرب مباشرة بعد أن هو هيأ قوة إنها تروح أن تذيع من إذاعة (...) كان مهيأ قوة كتب لها خروج على كان بده البيان يذيعه وعبد الكريم قاسم مرة يصف نفسه كمذيع ومرة ثانية يصف نفسه كزعيم الأوحد وكان يمكن إذا أذاعه كان يمكن يكون له تأثير بس هو ظل القوة الجوية (...) إحنا طرنا ذاك النهار 44 طيارة، 44 طلعة، حتى آخر.. ما كان عندنا إلا 77 قذيفة إحنا، كل القوى هناك خدوها إلى كركوك وإحنا طلعت.. قعدت من محطة قطار كركوك لأنه كان عندنا دعوة (…) خارجي أنه هناك مظاهرة أمام كلية الأركان، فكان من العقل إننا نستعد لي دائماً أكون أداة (..) نوع من السلاح اللي استخدمته في الحشد، فاستغرق أخذ (....) آخر الصواريخ وضعتها في حسابي لضرب الإذاعة في حالة يكون عبد الكريم قاسم منتصر علينا، فهو اللي بالنهار بالليل بعد أن طلع الليل إما دخلوا في سراديب مال وزارة الدفاع أو هربوا بالليل.. طبعاً الكهرباء انقطع والماء انقطع عن وزارة الدفاع والقسم الشرقي منها ابتد بالحرائق بيحكي لي آمر الفوج محمد يوسف لما دخل يعني وزارة الدفاع حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر كان قرب الغروب كان وصل إيا، نص وزارة الدفاع قبل.. قبل أن يأتي الليل ستاره والصبح بقى نفر قليل، يعني عبد الكريم قاسم اتصل بالليل مع عبد السلام عارف مرتين، اتصل مرة إنه طلب يخرج خارج العراق، فلم يعده بذلك، هذا ما قال لي عبد السلام عارف، وعبد السلام عارف حكاها أمام أكثر من عشر ضباط كانوا بالإذاعة وقتها، فما.. ما أحد كدَّب الخبر.. الكلام الذي قاله، وقد اتصل به مرة ثانية فوعدوه بمحاكمة عادلة. وهو بالصبح يوم 9 شباط التجأ إلى محكمة الشعب ترك وزارة الدفاع، في محكمة الشعب المجاورة لوزارة الدفاع، هو وطه الشيخ أحمد والمهداوي ومرافق ماله قاسم الجنابي وواحد ضابط اسمه كنعان فكان نبهه عبد السلام عارف أنه ليس هناك مجال(11/306)
للزوغان واللعب، انتهى كل أمر
أحمد منصور: كنعان خليل حداد..
عارف عبد الرزاق: نعم
أحمد منصور: كنعان خليل حداد..
القبض على عبد الكريم قاسم وإعدامه بمحاكمة صورية
عارف عبد الرزاق: كنعان آه، فهذا كان متعين آمر الانضباط جديد، فكان ماشي من باب.. باب المعظم يسموه اللي هي وزارة الدفاع فقتله بالطريق وهو ماشي، بعد كده على وشك يسلِّمون، فاضطرت بعدين تحت.. يعني.. عليه مدرعتين وسلمتهم كلهم أربعتهم زائد إن قاسم الجنابي المرافق مال.. المرافق قاسم الجنابي كان من القوميين، بس..
أحمد منصور: ونقلوه إلى الإذاعة للمحاكمة..
عارف عبد الرزاق: ونقلوه إلى الإذاعة و..
أحمد منصور: يلاحظ هنا قبل ما تذهب إلى الإذاعة إن عبد الكريم قاسم كان رجل شجاع ولم يستسلم..
عارف عبد الرزاق: ماكو شك شكلي.. ماكو شك
أحمد منصور: ووقف يدافع باستماتة..
عارف عبد الرزاق: وقف.. فيه مواقف في فلسطين معارك جيدة جداً..
أحمد منصور: أنا بأقصد هنا في.. حتى عملية الانقلاب عليه لم يكن جبان، لم يفر، تحصن حينما أشار عليه بعض ضباطه بإنه يدافع، وراح إلى وزارة الدفاع ورتب كل ما تحت لديه من قوة للمقاومة.
عارف عبد الرزاق: للمقاومة.. لكن غُلب على أمره من القوات الجوية.
أحمد منصور: يعني أنتم كنتم السبب فيها، لكن أنا بس –بين قوسين- شجاعة عبد الكريم قاسم بغض النظر طبعاً عن حكمه المليء بالدماء وبغيره لكن كان يدافع بشجاعة واستماتة..
عارف عبد الرزاق: بدون شك هو تاريخه الأولاني تاريخ شجاع، حتى في حرب 48 هو كان مدير..، بعيد عن قطاعات..، فهو تبرع.. تطوع أن يقود.. أن يكون يروح للجبهة
(11/307)
أحمد منصور: أحمد فوزي في كتابه "أين الحقيقة في مصرع عبد الكريم قاسم"، وكتابه الآخر "عبد الكريم قاسم وسنواته الأخيرة.. ساعاته الأخيرة"، بيقول: إن عبد الكريم قاسم أيضاً حينما ذهب يستسلم كان أنيقاً، رغم إنه خاض معركة، لكن لما استسلم كان أنيق في ملبسه وكان يرتدي بزته العسكرية، ويعني لازال يعيش..
عارف عبد الرزاق: هو يعني ما كل البشر.. خالص الأخطاء كان أخطاؤه كانت على أقل ما يمكن للناس يعني هو لم يستخدم أقرباءه هو منافع شخصية لم يستبح أموال الدولة، كان مخلص في كل أعماله، كان شجاع، حتى اللحظات الأخيرة شجاع يعني..
أحمد منصور: لكن فقط يعني شيء بسيط خالص فعله، هو إنه ترك للشيوعيين إباحة دماء العراقيين وكان يقتِّل ويذبح في الناس دا يعني شيء بسيط خالص..
عارف عبد الرزاق: وهذا.. هذا خطأ اللي هو.. والخطأ الثاني..
أحمد منصور: لكن بقية الأشياء الأخرى هذه تُعتبر حسنات..
عارف عبد الرزاق: الخطأ الأول.. الخطأ الأول: عدم اتمام الوحدة، وهذا الخطأ الثاني..
أحمد منصور: دا ربما من حسناته أنه لم يتم وحدة شكلية كالتي حدثت في سوريا.
عارف عبد الرزاق: والله أنا أعتقد الوحدة في سوريا ما.. لم يكن فيها أي خطأ، وإلا ما كان الخطأ في الناس اللي داروا أمور الوحدة
أحمد منصور: بغض النظر عن الوحدة في سوريا قل لي: هل فيه وحدة من الوحدات اللي قامت بين الدول العربية نجحت أو قامت على أسس ناجحة في الأصل؟
عارف عبد الرزاق: لأنه الأطماع الشخصية دائماً تقف حائل بين تحقيق المنافع العامة وغيرها..
أحمد منصور: إذن كل هؤلاء غير مؤهلين أن يقيموا وحدة أصلاً؟
عارف عبد الرزاق: هذا.. الحقيقة تاريخنا الأولاني السحيق اللي تغلبت فيه الأنانية على المصلحة العامة..
أحمد منصور: ما.. بأي تاريخ تقصد يعني؟
عارف عبد الرزاق: والله تاريخ الـ500 سنة اللي فاتت على الدول العربية..
(11/308)
أحمد منصور: لا لا، خلينا في تاريخكوا أنتو، يعني سيب الـ500 سنة اللي..
عارف عبد الرزاق: كنا لسه إحنا لسنا في دور اليقظة، ما كناش في دور السبات يعني لسه في دور..
أحمد منصور: أي يقظة ويقال أن معظم الضباط في ذلك الوقت كانوا سكِّيرين ويلعبون القمار في كثير من الأوقات، وما كانوا يقومون به من تحركات ضد بعضهم البعض كان شكلاً من أشكال المقامرة التي كانوا يقامرون بها على موائد القمار..
عارف عبد الرزاق: لا، أنا.. أنا.. أنا..
أحمد منصور: لكن في هذه كانوا يقامرون.. يقامرون بدماء الشعوب..
عارف عبد الرزاق: شوف أنت خلطت بالاثنين، كان فيه ضباط قسم منهم يشربون، نعم كانوا يشربون، لكن كانوا يقامرون يراهنون بينهم، لأ هذا غير صحيح، غير واقع يعني كان لكل واحد يحمل أهداف في مخيلته أهداف نبيلة، سواء كان انتماءه إلى قومية أو إلى بعثية أو إلى شيوعية كان يحمل في مخه، لكن..
أحمد منصور: ما الذي جنته هذه الأشياء البعثية والشيوعية والقومية، ما الذي.. ما هي المحصلة للشعوب في النهاية؟
عارف عبد الرزاق: لأ، إحنا ما نقيس على النتائج، لو نقيس كل شيء.. كل.. إحنا.. إحنا
أحمد منصور: لأ، القياس على النتائج وليس على النوايا..
عارف عبد الرزاق: هذا أحد أخطاءنا إحنا نقيس النتائج، الناجح منها نمجد بيه و..
أحمد منصور: يا سيدي دائماً القياس على النتائج وليس على حسن النوايا
عارف عبد الرزاق: لا لا.. لأ..
أحمد منصور: النتائج في كل.. في كل شيء على.. ربنا ما بيحاسبش الناس على نياتهم، بيحاسب الناس على أفعالهم.. التاريخ كله..
عارف عبد الرزاق: لأ، ويحاسبهم على نياتهم.. نياتهم إذا اُقترنت بأعمالهم صح، لكن إذا خالفتها لأ.
أحمد منصور: يعني عفواً يا سيدي، أنا الآن التاريخ كله قائم على نتائج، كرة القدم على نتائج، كل الحاجات اللي في الدنيا في قائمة على نتائج وليس على نوايا..
(11/309)
عارف عبد الرزاق: أنا أختلف معك من هذه الناحية..
أحمد منصور: لما أقول الآن ضابط –عفواً- طول الليل سكران ويشرب.. ويلعب قمار وسكران وأقول الصبح ده هو اللي هيحقق لي الوحدة..
عارف عبد الرزاق: إذا.. إذا إحنا..
أحمد منصور: وهو سكران يخرج أسرار الانقلاب اللي هيقوم به على الآخر..
عارف عبد الرزاق: إذا إحنا مشينا على نظريتك معناته نابليون بونابرت اللي خسر المعارك في أوروبا وخسرهم كلهم..
أحمد منصور: دي قضية أخرى.
عارف عبد الرزاق: لأ لا، ما هو.. لا لا..
أحمد منصور: أنا بأتكلم عن العرب..
عارف عبد الرزاق: لا.. لا.. لا ما نفس الشيء، ليه.. ليه..
أحمد منصور: أنا بأتكلم عن..
عارف عبد الرزاق: ليه ذاك صح وهذا خطأ؟
أحمد منصور: لأن التاني عنده قضايا أمة وناس بتحاسبه على اللي هو بيعمله، القضية مختلفة هنا..
عارف عبد الرزاق: لا.. ما القضية..
أحمد منصور: ليست طريق لتحرير الشعوب
عارف عبد الرزاق: أيضاً مغامر عسكري هو.. أيضاً مغامر عسكري..
أحمد منصور: لا، ما هو برضو نابليون له أخطاء ولا أريد أن أدخل في تاريخه..
عارف عبد الرزاق: ما هو كل بشر عنده أخطاء، مفيش بشر ما عنده أخطاء..
أحمد منصور: لكن إحنا الآن المشكلة هي إن الأخطاء صارت هي الأصل الآن
عارف عبد الرزاق: يا حبيبي لو أنه اللي تم.. لو أُتيح للوحدة أن تتم لكان الموقف العام العربي..
أحمد منصور: تمت بين مصر وسوريا ونتائجها الناس كلها شربتها..
عارف عبد الرزاق: تمت، لكن.. لا لا.. لم لم.. لم تمهل الوقت..
أحمد منصور: لم؟
عارف عبد الرزاق: لم تمهل الوقت.. تستعد، عجل.. عَجَل عليها المنافقون..
أحمد منصور: ما أنتو أيضاً لم يكن لديكم أي أسس للوحدة وبتطالبوا بالوحدة لمجرد شعار
عارف عبد الرزاق: لأنه كل.. لا ما هو شعار أبداً كانت هذا..
أحمد منصور: يعني هي كانت حل مشاكل العراق كلها كانت في الوحدة؟
(11/310)
عارف عبد الرزاق: أنا.. إحنا نرجع مع من الأول، الوحدة ابتدت منذ حرب 56، حرب 56 كانت بوادر العطف.. عطف القومي، ماهواش إيمان صح، لكن تتفاوت بين شخص وآخر، لكن كان هدف.. كان هدف، لو أتيح للأمة العربية أن تنجح هذه الوحدة، وتصير قطر ثالث ليها.. للوحدة كانت. اللي كانت من أحسن الوحدات، ما كانت.. لكن دائماً إحنا.. دائماً نضع..
أحمد منصور: إيه الأسس اللي بتقومو عليها.. قل لي حضرتك الآن، قل لي الأسس اللي تقوم عليها هذه الوحدة إيه؟
عارف عبد الرزاق: دائماً.. حبيبي، دائماً نجد تعليل لكل فشل.
أحمد منصور: إحنا ما بنلاقيش تعليل إحنا الآن في نتائج وفي واقع، وأنت رجل من الناس اللي لعبوا دور في تاريخ العراق، والتاريخ كله من أول سنة 58 إلى الآن تاريخ مليء بالدماء.
عارف عبد الرزاق: لو.. لو أمهلنا واستجبنا لغايتنا لكان وجه الأمة العربية اختلف..
أحمد منصور: أي غايتكم أنتم؟ كل يوم والتاني مجموعة بتعمل انقلاب على الآخرين وبتذبحوا بعض، وبتسحلوا بعض في الشوارع، هل الغاية..؟
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ، مش كده، لأ، مش كده.
أحمد منصور: قل لي يا سيدي
عارف عبد الرزاق: إحنا ما.. ما سوينا في انقلاب على عبد الكريم قاسم إلا عندما جاء الشيوعيين ومن قتل الرفاق.. بعد أن قتل رفاقه.
أحمد منصور: ما خلاص الآن دخلتوا في مسلسل.
عارف عبد الرزاق: ما هو دخل المسلسل.
أحمد منصور: الآن دخلتوا في مسلسل
عارف عبد الرزاق: أخطاء الحاكمين هي اللي دخلتنا في مسلسل، صح؟
أحمد منصور: مين الحاكمين؟ هم منكم ضباط مثلكم
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: ضباط مثلكم
(11/311)
عارف عبد الرزاق: يا أخي، كل الشعب العراقي ما هو ضباط هو الحاكم، الضابط.. اللي وقفوا مع عبد الكريم قاسم كلهم ناس مدنيين.. كلهم ناس مدنيين، كل اللي ساعدوه، يعني الرجال اللي يقوموه في الحكم ناس مدنيين ما كان عبد الكريم قاسم، هو استشارته للمدنيين هي اللي خربتهم، أنت تفرق بين المدني والعسكري، عندما نقول المدني والعسكري هو مجتمع واحد.
أحمد منصور: كمجتمع، كبناء، كتركيبة، لكن لكل إنسان وظيفة
عارف عبد الرزاق: صح.
أحمد منصور: حينما يتخلى إنسان عن وظيفته ويقوم بوظيفة الآخر يحدث ما تتجرعه الشعوب إلى الآن.
عارف عبد الرزاق: في.. في.. في.. فيما لو وصلنا للمدنيين يستطيع أن.. أن.. أن يطالب بحقه وأن يناله وبوسط برلمان وبوسط قضاء، لكن لما يكون هذا مفقود هي الجيش دائماً.
أحمد منصور: الذي أفقده هو الجيش؟
عارف عبد الرزاق: لأ، الذي ينقذ الناس من.. من.. من أخطاء الحاكمين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنقذتوش الشعوب العربية ليه من 50 سنة من أول ما سيطرتم على الأوضاع في الدول التي فيها انقلابات عسكرية والشعوب العربية هي من أردأ الشعوب رغم الثروات الهائلة ورغم غيرها؟
عارف عبد الرزاق: لأ، شوف ثورة 14 تموز لها إيجابيات وسلبياتها مو كلها سلبيات، يعني أولاً: قادة العراق من حلف بغداد، ثانياً: قوانين الإصلاح الزراعي اللي صار بيها، ثانياً: إلغاء قانون العشائر، في العراق كان.. كان المواطن الحكم بقانونين قانون العشائر إذا يريده.. العشائر ما فيه إعدام والقانون المدني فيه إعدام، لو هناك واسطة تتوسط في ذاك الشخص يقولوا إنه أصله.. أصله ابن عشائر فيُحاكم بالقانون العشائري، كانت أخطاء كبيرة موجودة فيه.
أحمد منصور: يعني أصلاً حتى الحاجات اللي حضرتك بتشير إلى أنها نتائج وحسنات للثورة هي تعتبر أيضاً من مثالبها؟
عارف عبد الرزاق: إزاي
(11/312)
أحمد منصور: أنتقل الآن أنتقل.. إزاي يعني عملية قوانين الإصلاح الزراعي وعمليات التأميم التي تمت وغيرها من الأشياء ظلم ناس على حساب ناس
أحمد منصور: يعني أنت تؤيد.. تؤيد شخص يملك صفر وشخص يملك 400 ألف دونم؟
أحمد منصور: إذا كان هذا الذي يملكه حقه فلا يُسلب منه.
عارف عبد الرزاق: حقه من أين أخذه؟ من.. من أعطاه إياه؟
أحمد منصور: طب ماذا فعلتم بعد ذلك؟ ماذا فعلتم بعدما جردتم الناس، وكان واضح إن الحقد الطبقي بيلعب دور في هذا الموضوع؟
أنا لست ابن ثراء أنا إنسان فقير وبسيط، لكن أقول لك أن الحقد الطبقي هو الذي لعب الدور الأساسي في هذا، الحقد الطبقي هو الذي لعب الدور الأساسي في كل قوانين التأميم التي حدثت وكنتم تتلذذون في إذلال هؤلاء الناس..
عارف عبد الرزاق: ما هو هو إحنا.. ما.. ما إحنا.. إحنا يجي القائد بهدف سامي جداً العسكرية والمدنية بهدف سامي جداً تحيطه زمرة انتهازية، زمرة لا شأن لها إلا منفعتها الخاصة فيمتدحون ذلك الحق فيغيبوه عن الواقع الحالي، فيرى.. يرى نفسه في موقع خلاف.. خلاف موقعه الأصلي يعني.. يغيب يغيب يغيب في.. يتيه.. يتيه، يعتقد أنه كل ما يقولوه هو صح، حتى لو أخطأ يقولوا: هذا صح، هذا هو الصح.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: إذاً أنت تقول الحقيقة الآن، أن الحكام هم السبب والزمرة التي حولهم
عارف عبد الرزاق: لأ، الزمرة ما الحكام.
أحمد منصور: هو الحاكم مش مسؤول عن الزمرة؟
عارف عبد الرزاق: ما.. هو الزمرة ما..
أحمد منصور: واحد أغواك تقول: لأ، أنا مش ذنبي هو اللي أغواني.
(11/313)
عارف عبد الرزاق: يا عزيزي، الحاكم يجي مع زمرة 100 ضابط.. نفرض 100 ضابط، هل 100 ضابط كانوا يقولون.. يصارحوه ويقولون هذا صح وهذا خطأ، يجيء بعد.. ضابط قسم منهم أيضاً يتيهون يأخدون دورة الانتهازية مثل الآخرين، فبعدين نفر قليل منهم يقول له هذا خطأ، فهو يتيه، يقول: لا ما معقول، كل الناس تقول صح وأنتوا تقولوا خطأ، فيعتبر هادول صحيح يعتبرهم خطأ.
أحمد منصور: يعني المسلسل اللي كان بيحدث عندكم في العراق كان بيتكرر في الدول العربية الأخرى التي سيطر فيها..؟
عارف عبد الرزاق: يتكرر في كل مكان ما.. ما دوم لا نستطيع أن نُميز بين الأنانية والمصلحة العامة
أحمد منصور: بدأ.. بدأت مرحلة لسه لازلت في عبد..
في عبد الكريم قاسم والحكم عليه بالإعدام وأسلوب المحكمة التي عُقدت له في دار الإذاعة، وحرص عبد السلام عارف في مناقشته مع عبد الكريم قاسم في مناقشته مع عبد الكريم قاسم فقط على شيء واحد إن عبد الكريم قاسم يعترف إن عبد السلام عارف هو الذي قام بالتخطيط والقيام بانقلاب 14 تموز 58؟
عارف عبد الرزاق: والله أنا ما حضرت المحكمة سمعت من الكثير من اللي حضروا المحكمة أنا كنت في الحبَّانية، وحوكم هو يعني من مجيء الخمسة هناك من أخذ قاسم الجنابي ولم يدخله ضمن المجموعة الآخرين، فدخل الأربعة إلى غرفة الأستديو.. تصميم مال الإذاعة، أنا شفت بعض الدم أنا شفته بعد.. أنا جيت يوم الأحد وأُعدم يوم السبت الصبح.. فأوجدوا له محكمة صورية حكم عبد الغني الراوي بعض أعضاء.. وحاكموه بعد مناقشة التهيئة.. إن هو عمل… بيوت للفقراء وعمل مدائن، وقالوا له: أنت أضعت قبراً مع كل بيتٍ بيتاً، نقاش غوغائي لا يستند إلى أصول محكمة من الأول ولا الآخر، وحاكموه بالإعدام وجم يشدون عينه حتى يضربوه ويعدموه رفض يشد عينه.
أحمد منصور: هذا من شجاعته أيضاً.
(11/314)
عارف عبد الرزاق: من شجاعته أيضاً، .. وأعدموا ضباط صف آخرين بإيعاز طبعاً من القيادة الموجودة كانت وقت ذلك، أنا كان بودي أن يُحاكم محاكمة عادلة؟
أحمد منصور: تقييمك إيه لمحاكمة عبد الكريم قاسم؟
عارف عبد الرزاق: محاكمة صورية سخيفة، أنا كان بودي أن يُحاكم، لكن هُمَّ دعوتهم أنه كان لولا.. لولا لو طال به الأمد لما نجحت الثورة، كان الشيوعيين انتصروا له أكثر، لكن لما مات وإعلانه أمام الناس كان سبب في إخماد الحركات الموجودة في الكاظمية..
أحمد منصور: تفاصيل عملية الإعدام قرأتها في حوالي 4 أو 5 كتب على الأقل من المجموعة الكبيرة من الكتب التي رجعت إليها، لكن حنا بطاطو في نهاية ما وصف قال: لقد كان عبد الكريم قاسم أفضل من حكم العراق، وكان محبوباً من شعبه، وكان يوَّزع راتبه علي مجموعة من الفقراء من الناس، ما رأيك في هذا التقييم؟
عارف عبد الرزاق: قد يكون هذا هو لم.. لم يقتني مالاً ولم يثبت وجود له ذلك، لكن هو لا يخلو من.. يعني نتكلم بصراحة مثلما هي عبد الكريم قاسم جاء سنة 47 إلى بغداد.. إلى لندن لاعتقاده أنه مريض في معدته وأمعائه فلما لم يكن ذلك.. لم يجد له الأطباء أي سبب للموضوع هذا.. كان هناك حبة بغداد على منخاره، فعمل عملية لحم للي الحبة الموجودة في منخاره، وطلب من الأمير عبد الإله أن يكون ذلك على حساب الحكومة، فعبد الإله.. لأ ما معقول واحد يجي يصلح خشمه على حساب الحكومة. فظلت هذه.. فظلت هذه العملية حازة في نفسه، لما صار هو وزير دفاع ورئيس وزراء أخذها قانون، وقيل إنه (…) لكن شوف اللي.. اللي الحقد اللي بداخله موجود، ودا النية موجودة يعني.
أحمد منصور: إيه دخل ده فيما نتحدث فيه؟
عارف عبد الرزاق: داخلها إنه.. إنه يعني.. كان ما.. يعني..كان هو الغاية يعني إذا كان يعطي راتبه للآخرين، ويعطي الناس الصداقات، كان لغرض منفعة شخصية له لا لغيره.
(11/315)
أحمد منصور: الآن البعثيون قاموا بالانقلاب وأصبح أحمد حسن البكر نائباً لعبد السلام عارف الذي أصبح بدوره رئيساً، وعاد مرة أخرى بعد ما كان قد حكم عليه بالإعدام في عهد عبد الكريم قاسم وأفرج عنه عبد الكريم قاسم وترجاه عبد الكريم قاسم قبل إعدامه أن يتركه، ولكنه رفض وأُعدم عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: ترجاه بالتليفون لم يترجاه في المحاكمة.
أحمد منصور: الذين رووا الرواية من الكتب.. أنت لم تحضر المحاكمة.
عارف عبد الرزاق: أنا لم أحضر، لكن أنا سألت كل اللي حضروها.
أحمد منصور: هناك كتاب لأحمد فوزي فيه روايات لأكثر..
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم لم.. لم ير عبد الكريم قاسم.. أما عبد الكريم قاسم لم.. للتاريخ.. أنا أحكي اللي.. كل اللي أعرفه لوجه الله والحقيقة، عبد الكريم قاسم لم يترجى عبد السلام عارف أن يتركه أبداً، وطلبه في التليفون الأولاني طلب منه عنده ترك العراق خارج العراق، يدير بطيارة خارج العراق.
أحمد منصور: طلب منهم أن يذهب إلى تركيا أو إلى اليونان.
عارف عبد الرزاق: إلى خارج العراق.. صح.. طيارة، لم يعدوه بذلك.
أحمد منصور: قيل أنه.. الذين ذكروا الروايات..
عارف عبد الرزاق: لكن وعدوه أن يحاكم محاكمة عادلة
أحمد منصور: أنا من حقي أذكر روايات الآخرين الذين تحدثوا في الروايات الأخرى قالوا أنه في المحكمة طلب منهم ألا يعدموه، وطلب من عبد الكريم ألا يعدمه.. من عبد السلام ألا يعدمه وأن يرسله إلى تركيا أو إلى اليونان حتى هو..
عارف عبد الرزاق: أنا حسب المعلومات المتيسرة عندي أنفي ذلك نفياً قطعياً.
الصراع الخفي بين القوميين والبعثيين بعد أن أصبحوا شركاء في السلطة
(11/316)
أحمد منصور: المهم الآن أصبح هناك شريكين في الثورة، البعثيون وأصبح أحمد حسن البكر نائباً لعبد السلام عارف والقوميون، وأقصد هنا القوميون غير المنظمين اللي هم عبد السلام عارف وصبحي عبد الحميد، عفواً عارف عبد الرزاق، صبحي عبد الحميد، هادي خماش، عبد الكريم فرحان ومحمد مجيد، وأُطلق عليكم الشركة الخماسية. عبد السلام عارف أطلق عليكم هذا.. صحيح هذا الاسم؟
عارف عبد الرزاق: لم نسمع بهذا الاسم.
أحمد منصور: أول مرة تسمع عن الشركة الخماسية؟
عارف عبد الرزاق: أول مرة أسمع الشركة الخماسية.
أحمد منصور: طيب أنتم الآن الشركة الخماسية أو الخمس ضباط القوميين الرئيسيين الذين دعمتم عبد السلام عارف في الانقلاب، أصبح لكم أيضاً دور وأصبح هناك تنافس بين القوميين وبين البعثيين.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ في الانقلاب الثاني، دا انقلاب..
أحمد منصور: انقلاب 8 شباط 63.
عارف عبد الرزاق: 8 شباط ما دعمنا عبد الكريم قاسم.. عبد السلام عارف.
أحمد منصور: دعمتم البعثيين في الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: بعثيين آه.
أحمد منصور: وأصبحتم الآن شركاء أنتم والبعثيون في السلطة.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لا البعثيين هم اللي أحرجونا، هم الوحداوويين، الوحيد المسيطرين الباقين كلهم لا ذات لهم.
أحمد منصور: كنتم.. كنتم موجودين، وأصبح هناك صراع بين القوميين وبين البعثيين، صح؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: لم يبدأ الصراع في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. إذا كان صراع داخلي..
أحمد منصور: صراع داخلي أو
عارف عبد الرزاق: أولاً مجلس قيادة الثورة اللي صار كلها بعثية، لم يدخل ولا قومي فيها..
أحمد منصور: صحيح.
عارف عبد الرزاق: فإذاً هم المسيطرين..
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: وأنا بناء على هذه استقلت بعد 20 يوم من الحركة.
أحمد منصور: أنت عُينت بعد.. في اليوم الأول قائداً للقوات الجوية.
(11/317)
عارف عبد الرزاق: أنا عُينت في اليوم الأول قائداً للجوية، واستقلت يوم 28.
أحمد منصور: بقيت في منصبك من 8 لـ 28، 20 يوم فقط.
عارف عبد الرزاق: 20 يوم فقط، واستقلت.
أحمد منصور: قدمت استقالتك..
عارف عبد الرزاق: قدمت استقالتي لأُعلن للناس أنه هادولا اللي مسيطرين على الوضع…
أحمد منصور: لأنك كنت تريد أن تكون عضواً في مجلس قيادة الثورة.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا.. أنا أعتقد إن أنا كنت أحق واحد فيهم، لو.. لولا القوة الجوية ما نجحت الثورة.
أحمد منصور: لكنك لم.. لم تشترك من البداية.. هم استخدموك.
عارف عبد الرزاق: لأ.. هم.. إذا كان هذا هو رد الاستخدام والله لم يدفعوا لي شيء لما يرشوني حتى يستخدموني، لكن أنا كنت متهيئ لعمل، هناك فرق بين الاتنين.
أحمد منصور: أنت متهيئ للعمل وأعطوك مكافأة، أصبحت قائد للقوات الجوية.
عارف عبد الرزاق: لأ.. أنا.. أنا..
أحمد منصور: على قدر ما قمت به، ما هي كعكة وبتتقسم الآخر.
عارف عبد الرزاق: لأ.. يعني إذا كنا كعكات لأ أنا أموت ولا أبقى كعكعت.. ولا قسمت..
أحمد منصور: ولكنك طالبت بأن تكون عضواً في مجلس قيادة الثورة.
عارف عبد الرزاق: لم أطالب.. أنا طالبت مشاركة القوميين مو أنا..
أحمد منصور: طالبت بأن تشارك في حضور اجتماعات مجلس قيادة الثورة.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا طالبت أن تكون.. يكون جميع المشاركين.. عزل.. عزل القوميين عنهم، وهيمنتهم استحواذ عن السلطة فقط.
أحمد منصور: كان هذا بداية للصراع بين القوميين والبعثيين.
عارف عبد الرزاق: هذا الصح.. هذا الصح لو هم كانوا صافين النية لأدخلوا الضباط القوميين معهم، لكنهم لم يكونوا صافي النية.
أحمد منصور: هم لم يطلبوا منكم، هم تحركوا وأنتم كنتم كان كل واحد..
عارف عبد الرزاق: هما اللي طلبوا عليَّ وبعثوا عليَّ حتى.. أقود.. إزاي لم يطلبوا مننا.
أحمد منصور: البعثيين تحركوا..
(11/318)
عارف عبد الرزاق: وأما منذر الونداوي اللي قام بالثورة أنا عينته أمر الضباط بالحبانية.
أحمد منصور: هو لم يستأذن منك حينما قام، كنت أنت نائماً وهو تحرك..
عارف عبد الرزاق: آه. بس هو لما اطمئن إن أنا موجود في الحبانية يا الله قام بالعملية.
أحمد منصور: بغض النظر، الكل.. كل المصادر وأنت كمان تؤكد على أنك كنت نائماً حينما هو تحرك.
عارف عبد الرزاق: أنا قلت صح، أنا قلت.. أنا قلت.. أنا قلت.. أنا هنا لأقول الحقيقة كما هي.
أحمد منصور: كان فيه علاقة لجمال عبد الناصر بثورة 8 شباط.
عارف عبد الرزاق: لأ.. أنا قلت إن أسباب.. أسباب معناته إنه كان (…) و (….)كانوا موقوفين، فكان خوفهم من إفشاء السر، هذا السبب الرئيسي لإله.
أحمد منصور: صلاح نصر في مذكراته، في الجزء الثاني في صفحة 337 تحديداً يقول: "إن عبد الناصر أو إحنا في مصر كان معلوماتنا عن معرفة أن القوميين هم الذين كانوا سيقومون بالثورة وليس البعثيين".
عارف عبد الرزاق: صحيح.. هذا موجود، وهذا اتجاه..
أحمد منصور: معنى ذلك أن كان في اتصال معين بين القوميين وبين جمال عبد الناصر فيما يتعلق بـ..
عارف عبد الرزاق: والله أنا (….) لو كان هناك اتصالاً، أنا أجهله.
أحمد منصور: لم تكن هناك..
عارف عبد الرزاق: لم يكن هناك اتصالاً بهذا..
أحمد منصور: هل كانت أميركا على صلة أو على أيضاً بهذا الموضوع باعتبار أميركا كانت على علاقة بمعظم الانقلابات التي تحدث؟
عارف عبد الرزاق: أنا.. هناك من ينسب أن أميركا كان لها علم بالموضوع علي صالح (….) يقول جئنا في قطار الأميركي، أنا أنفي هذا نفياً قاطعاً.
أحمد منصور: من أي مصدر وأنت لم يكن لديك علمٌ بما خُط.
(11/319)
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا معلوماتي اللي عندي موجودة، أسبابها وإزاي صارت إذا كان هناك شخص له اتصال بـ.. وهو صالح عماش، له اتصال مع الملحق العسكري الأميركاني، لا أدري صالح عماش كان موقوف، ما كان يعرف بالثورة.
أحمد منصور: لكن من الممكن من خلال اتصاله بالملحق العسكري الأميركاني، بيمهد زي ما كل مرحلة كانت بتتم، هو لازم أميركا تبعت جنود للقيام بالثورة.
عارف عبد الرزاق: كل الاتهام إنه هناك الملحق العسكري كان بعث رسالة فيها صورته، وهذا الافتراء اتهام..
أحمد منصور: هل (.....) نشر، نقلاً عن محمد حسنين هيكل حوار أجراه مع الملك حسين ملك الأردن، بعد قيام الانقلاب مباشرةً في سنة 1963 ونشرته الأهرام في ذلك الوقت وأكد الملك حسين أن البعثيين الذين قاموا بثورة 63 أو بانقلاب 63 كانوا على علاقة بالمخابرات الأميركية.
عارف عبد الرزاق: والله فليقل من يقول أنا رأيي الشخصي كده.
أحمد منصور: وقع الانقلاب بين مصر وسوريا في 61 أنتم، بدأ عبد السلام عارف الحكم، وكان أول مطلب من مطالبكم له هو الوحده.
عارف عبد الرزاق: هذا بعد.. بعد.. بعد. ما بعد 18 تشرين
أحمد منصور: في 18 تشرين/ أكتوبر طبعاً دا أنهى عبد السلام عارف حكم البعث، هل طلب منكم دعمه.
عارف عبد الرزاق: لأ هو الـ.. شوف.. أنا قلت أن العلاقات الشخصية والأنانية هي اللي دايماً تتحكم في عناصر السلطة، فكان قد اتعين قائد قوات جوية حردان التكريتي، وتعين معاون ماله.. المجال الجوي التعبوي منذر الونداوي، حردان التكريتي طيار.. طيار طيارة نقل لا يعرف شيئاً عن القوات الجوية، منذر الونداوي طيار.. طيار مقاتل يعرف كثير عن القوات الجوية فكان يستهين بحردان التكريتي.
أحمد منصور: حردان كان بعثي؟
عارف عبد الرزاق: حردان كان بعثي، ومنذر بقى بعثي، الاثنين بعثيين لكن..
(11/320)
أحمد منصور: لكن الآن البعث، عفواً علشان الصورة تكون واضحة، بعد انقلاب 63 ووصول عبد السلام عارف إلى السلطة الذي أوصله إليه البعثيون أصبح البعث يقود كل شيء في العراق.. يعني بعدتم أنتم..
عارف عبد الرزاق: نعم، يعني كل شيء..
أحمد منصور: كيف كانت العلاقة مع الشيوعيين، بين البعث والشيوعيين؟
عارف عبد الرزاق: لا مصائب الشيوعيين.. يعني الشيوعيين أوجدوا لطخة عار صغيرة في جبين العراق؟ البعثيين وسعوا اللطخة.. اللطخة إلى أكبر..
أحمد منصور: كيف؟
عارف عبد الرزاق: والله.. قسوا في محاكمتهم وقتلهم للناس بدون محاكمات صورية.
أحمد منصور: بعد 63 مباشرة.
عارف عبد الرزاق: بعد 63 مباشرة.
أحمد منصور: يعني هنا الشيوعيين حينما صمدوا في القتال ضد البعثيين أثناء قيام الثورة كانوا يقاتلون قتال من يعرف أنه إذا استسلم سيقتل؟
عارف عبد الرزاق: يعني ما كانوا على مستوى المقاومة الكبيرة قاوموا في اليوم الأول فقط.
أحمد منصور: قُبض على الشيوعيين وفعل البعثيون فيهم ما فعلوه هم في الناس قبل ذلك.
عارف عبد الرزاق: لا وأكثر..
أحمد منصور: كيف؟ صف لنا..
عارف عبد الرزاق: وأكثر..
أحمد منصور: صف لنا..
عارف عبد الرزاق: والله لا أدخل، يعني لم أشارك ولم أعرف الكثير منه، لكن أخذوا من ..
أحمد منصور: كنت قائد القوات الجوية؟
عارف عبد الرزاق: أنا كنت قائد القوات الجوية، لكن لم يحدث شيء.
أحمد منصور: 20 يوم حصل فيها مذابح..
عارف عبد الرزاق: في زماني لم يحدث شيء مطلقاً.. إذا حدث..
أحمد منصور: مش لازم أنت اللي تقوم بيها.
عارف عبد الرزاق: يعني حتى لما تركتها يوم 28 شباط لم يقتل إلا أربعة.. قتلهم سعيد صالح السعدي وهم حسين خضر الدوري وداوود الجنابي ومجيد جليع.. محمد جليل وشخص على ما أذكر، ها دول أربعة بس بالتحقيقات قتلهم حوالي 27.. 26 شباط.
أحمد منصور: قتلهم إزاي..
(11/321)
عارف عبد الرزاق: بالمحاكمة.. راح سحب عليهم المسدس قتلهم بعدين أعلنوا أنه حاكمهم وقتلهم، أنا تركت ... ولم يقتل أي شخص..
أحمد منصور: تريد تقول أن تاريخ وجودك في السلطة تاريخ نظيف..
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ، أنا أحكي لك المحكمة ما هي؟ الأشياء اللي صارت.. التوقيفات صارت.. التوقيفات صارت قبلها، لكن الإعدامات اللي صارت وراها، أخذوا كل من تقول قيادة الثورة من سجن الـ.. هو كان قصر الرحاب مال الأمير عبد الإله.. أخذوا حوالي 14 واحد وأعدموهم بدون محاكمة.
أحمد منصور: مين الـ 14؟
عارف عبد الرزاق: والله ما أعرفهم.. ما أعرف اسمائهم..
أحمد منصور: أخذوهم منين؟
عارف عبد الرزاق: من السجن.. وبعدين دفنوهم في أبو غريب.. بعد أبو غريب.. دفنوهم بأحذيتهم.. بهدومهم.. حتى إنهم قالوا إن الكلاب نهبت رجليهم..
أحمد منصور: عمليات الإعدام توسعت بعد ذلك بالنسبة للشيوعيين.. بعد الـ 14 دول.. في الفترة من 8 شباط إلى 18 أكتوبر 63.. الفترة التي وُجد فيها البعثيون في السلطة..
عارف عبد الرزاق: لأ كرر السؤال مرة ثانية!
أحمد منصور: في هذه الفترة توسعت عمليات القتل والسحل ضد الشيوعيين..
عارف عبد الرزاق: استمرت.. استمرت للأخير.. ما لم تنقطع.
أحمد منصور: كان موقف عبد السلام عارف أيه؟
عارف عبد الرزاق: موقف المؤيد.. المتفرج المؤيد..
أحمد منصور: تماماً كما كان يفعل عبد الكريم قاسم.
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: حينما فعل الشيوعيون.. وقف موقف المتفرج المؤيد.
عارف عبد الرزاق: حينما فعل الشيوعيين لأ هو عبد الكريم قاسم خطب في 14 تموز.. شجب أعمال في كركوك لكن لم يجري بأعمال الموصل..
أحمد منصور: اللي حصل في الموصل أسوأ من اللي حصل في كركوك.
عارف عبد الرزاق: آه يعني..
أحمد منصور: آلاف الناس.
عارف عبد الرزاق: أنا لست بمؤرخ، أنا كل ما هنالك..
أحمد منصور: مش مؤرخ أنت شاهد عيان وأنا باخد منك الأحداث.
(11/322)
عارف عبد الرزاق: أنا أعطيك.. أنا أعطيك الأحداث وأنت تصفها كما تريد.
أحمد منصور: أنا لا أصف شيء.
عارف عبد الرزاق: أنا الأحداث اللي عشتها هذه هي..
أحمد منصور: أنا رجل دوري هو أن استخرج المعلومات من الضيوف عن طريق ما لديهم وعن طريق ما اطلعت عليه في الكتب.
عارف عبد الرزاق: والله ما اطلعت.. أنت اللي اطلعت كل ما اطلعت عليه في الكتب.. كلها لا تستند على دراسة صحيحة.
أحمد منصور: 40 كتاب كلهم ما فيه حاجة صح؟
عارف عبد الرزاق: منهم حنا بطاطو استند إلى تاريخ يعني المخابرات.
أحمد منصور: تاريخ المخابرات، يا سيدي، الرجل رجع إلى كل المصادر.
عارف عبد الرزاق: من المصادر؟
أحمد منصور: ارجع إلى كتابه وأنا بأعتبره من أوثق الكتب التي كتبت عن العراق.
عارف عبد الرزاق: والله..
أحمد منصور: "حركة القوميين العرب" أيضاً كتاب مرجعي من الدرجة الأولى.. صبحي عبد الحميد..
عارف عبد الرزاق: صبحي عبد الحميد إيش قال؟!..
أحمد منصور: صبحي عبد الحميد، كذا من بين المراجع التي رجعت إليها ورجعت لك في أكثر من شيء..
عارف عبد الرزاق: قولي عن..
أحمد منصور: أحمد فوزي في كتابه عن عبد الكريم قاسم وكتابه الآخر عن عبد السلام عارف وكتابه الثالث.. كتاب ثورة يوليو الذي كتبه.. اللي كان رسالة دكتوراه أيضاً كل الكتب هذه غيرها أنا عندي قائمة طويلة من الكتب يعني.. أنت تعرف صار لنا سنة أحضر في البرنامج..
عارف عبد الرزاق: يا حبيبي.. يا عزيزي.. يا عزيزي..
أحمد منصور: كل دول روايتهم أكبها في البحر وأستمع إلى آراء حضرتك فقط.
عارف عبد الرزاق: يا عزيزي إذا كنت تثق بكتبهم ومهاراتهم ليش استدعتني إذن..
أحمد منصور: لا أنا بأسألك.. ما أنا بأقارن بينك وبينهم، ليس بالضرورة أنهم خطأ وأنت صح...
عارف عبد الرزاق: إذا أنت تثق بهم ليش استدعتني.
أحمد منصور: أنا أقول لك ما لدي، لك الحق أن تروي رواية أخرى.
(11/323)
عارف عبد الرزاق: أنا أقول لك هذا الكتاب، كل هذه الكتب خارجة عن الحقيقة.
أحمد منصور: قل لي بقى الحقيقة.
عارف عبد الرزاق: أنا بأقول لك على الحقيقة.. ما أنا بأقول لك الحقيقة اسألني وأنا أجاوبك وأقولك على الحقيقة.
أحمد منصور: ما أنا سألت حضرتك على الحقيقة تقولي فسر أنت زي ما أنت عايز.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ سألتني.. سألتني عن العنف عند الشيوعيين.
أحمد منصور: الآن أنت في ما فعله البعثيون من 8 شباط إلى..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت لك أعنف ما ذكره الشيوعيون.. أنا بأقول ذلك.. ما تريدني أن أقول..
أحمد منصور: في هذه الفترة.. في هذه الفترة أنتم كقوميين.. هل كنتم تخططون أيضاً للإنقلاب أيضاً على البعثيين مرة أخرى.
عارف عبد الرزاق: لأ إحنا كنا عملوا اجتماع في نيسان سنة 63 مع جمال عبد الناصر لعمل الوحدة، فكل ما هنالك بعثنا لتثبيت أواصر الوحدة.. طلبنا أن يكون جيش.. جيوش مختلطة من هنا وهناك في كل أرض، فبعدين اللعبة انكشفت، أنه اللي صاروا يسوون الوحدة (....) كانوا يحاولون يجرون رجل عبد الناصر في الموضوع، على أنه يكون يتبرأ من عنده، فلقيناه.. بعدين حركة جاسم علوان في سوريا والتغيرات اللي صارت من قبل البعث عليهم فشكل .... إن هادولا ضد كل الناس بس ماعدا مصلحتهم..
أحمد منصور: لما قامت حركة جاسم علوان في سوريا في 23 يوليو 1963.. صلاح نصر في مذكراته يقول: أنه بعد فشل هذه الحركة سعى عبد الناصر للقيام بغزو عسكري لسوريا عبر العراق.. لديك معلومات عن هذا الموضوع؟
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: ما هي بقى هذه المعلومات؟
عارف عبد الرزاق: دي بعد..
أحمد منصور: يعني صح صلاح نصر.. أهو طلع واحد صح.
عارف عبد الرزاق: لا أنا ماقلتش لا.. أنا أقول لك على الصح صح وعلى الخطأ خطأ.
(11/324)
أحمد منصور: ليس في الكتاب الواحد أنتم يعني ما أرهقني طوال الفترة الماضية التضارب في الروايات وفي الأحداث بشكل صعب وبين الكتب..
عارف عبد الرزاق: لأنهم كلهم.. لأنهم كلهم كتبوا غير الحقيقة.. لو كتبوا الحقيقة لما كنت أجلس بين يديك الآن.
أحمد منصور: يعني حتى في بعض.. الكتاب الواحد أجد أكثر من رواية للحدث.
عارف عبد الرزاق: لأنهم كلهم استندوا على أشياء قيل وقال.
أحمد منصور: حتى الشهود العيان، يعني بعض شهود العيان بيروا أشياء ولا يرووا عنها شيئاً.
عارف عبد الرزاق: ذات الإنسان تختلف وشعور..
أحمد منصور: لذلك أنا أعتبر أيضاً أن شهادتك أيضاً ستثير زوابع بالنسبة للرواية التي تقول أنها الرواية الوحيدة الصحيحة.
عارف عبد الرزاق: أنا نفسي تثير زوابع، أنا لا أبتغي منها سبيل إلا المصلحة العامة والحقيقة..
أحمد منصور: أنت تقول أن روايتك هي الرواية الصحيحة الوحيدة حتى الآن..
عارف عبد الرزاق: يعني حتى مذكراتي.. حتى مذكراتي لما أكتبها أعتقد أنها تثير زوابع لكني لو كتبت لن أكتب إلا الحقيقة.
محاولة عبد الناصر غزو سوريا عبر العراق
أحمد منصور: قل لنا ما سعى إليه عبد الناصر من غزو عسكري لسوريا عبر العراق بعد فشل حركة جاسم علوان عام 63 أو ما سمي بانقلاب الناصريين؟
عارف عبد الرزاق: لأ، بعد فشل ثورة الشواف آه.. بعد جاسم علوان بكثير بعد سنة 64 بعد 18 تشرين.. جاءنا وفد في..
أحمد منصور: طبعاً 18 تشرين أصبحتم أنتم القوميين الآن، أُبعد البعثيون عن السلطة...
عارف عبد الرزاق: إحنا انتهزنها، إحنا انتهزنها اللي قام بيها
أحمد منصور: طيب، حتى لا إحنا انتهزنها نقفز على الأحداث قول لنا كيف تخلص عبد السلام عارف من البعثيين وأعاد القوميين إلى السلطة في 18 تشرين أكتوبر 63.
(11/325)
عارف عبد الرزاق: لأ هو كان الموقف من العراق ملازمين صغار ومجموعة دبابات في كل بلد بالعراق بإستطاعت مجموعة عشرة أو 15 ضابط أن توجه لدعوة أو بيان.. يصير إنقلاب.
تعينت أنا بعد أن تعينت وزير الزراعة عارض البعثيين أن أكون قائد قوات جوية بالأول وتعينت.. رجعت للقوات الجوية مرة ثانية فأعدنا ترتيبه و
أحمد منصور: اتعينت وزير زراعة في 2 نوفمبر 63 إلى 15 ديسمبر.
عارف عبد الرزاق: نعم
دور عارف عبد الرزاق في السلطة
أحمد منصور: اتعينت وزير زراعة في 2 نوفمبر في حكومة طاهر يحيى 63، وبقيت في منصبك كوزير زراعة إلى 15
عارف عبد الرزاق: 15 كانون أول
أحمد منصور: ديسمبر يعني أقل من شهر ونصف
عارف عبد الرزاق: أقل من شهر
أحمد منصور: دايماً بتختار مدد قصيرة..
عارف عبد الرزاق: أنا في البداية البعثيون خافوا من أنا أكون أرجع للقوات جوية، أنا ما عندي هدف وزارة ولا أسعى لوزارة أنا أقدر أخدم بالقوات الجوية أكثر ما أخدم بأي مجال آخر، بالبداية حردان كان هو اللي قائم بالثورة عارض مجيئي إلى قوات جوية باعتبار باقي صغار الضباط البعثيين ما عندهم صفة تيار علمي.. تيار صحيح إلا الشعوذة البعثية.
أحمد منصور: قل كيف رجعت الأول إلى القوات الجوية؟
عارف عبد الرزاق: ما أنا بأقول لك بعد أن.. استطعنا أنه.. عبد السلام عارف كان ضعيف وخائف من عم.. من حردان فلما رجعنا إحنا شدينا العزم مرة ثانية.
أحمد منصور: متى رجعت بأي تاريخ؟
عارف عبد الرزاق: إلى أين؟
أحمد منصور: إلى القوات الجوية؟
عارف عبد الرزاق: يوم 15/12
أحمد منصور: 15/12 لكن قبلها كنت وزير للزراعة
عارف عبد الرزاق: وزير الزراعة
أحمد منصور: أنت بعدما قدمت استقالتك في 28 شباط، خلاص تقاعدت ولا
عارف عبد الرزاق: تقاعدت
أحمد منصور: تقاعدت
عارف عبد الرزاق: تقاعدت ومرة رجعت..
أحمد منصور: لم ترجع إلا حينما رجعت وزير زراعة
(11/326)
عارف عبد الرزاق: لأ، شاركت بس 18 تشرين طبعاً
أحمد منصور: شاركت في 18 أيه طبيعة الدور اللي شاركت في 18تشرين
عارف عبد الرزاق: أسيطر على القوات الجوية..
أحمد منصور: وأنت كنت خارجها
عارف عبد الرزاق: وأنت.. وأنا كنت خارجها
أحمد منصور: كيف تخلص عبد الكريم قاسم من البعثيين في 18 تشرين أكتوبر؟
عارف عبد الرزاق: عبد الكريم قاسم من البعثيين؟!
أحمد منصور: عبد السلام عارف.
عارف عبد الرزاق: عبد السلام عارف..
أحمد منصور: ما عبد الكريم قاسم طغي علينا.
عارف عبد الرزاق: كان هناك كتيبة دبابات مرابطة في بغداد استطاع أن ينقلوها إلى.. بمعاونة الجميع نقل إلى جنوب العراق.. بعاد عن الموقع بها وبعدين رحت لعبد السلام عارف وقلت له إذا كنت تستطيع أن تهرب اهرب إحنا أقوياء.
أحمد منصور: كنت تمثل مين في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: أمثل التيار القومي
أحمد منصور: مين اللي كان معاك في التيار القومي؟
عارف عبد الرزاق: كان معايا.. صبري عبد الحميد، عبد الكريم فرحان، محمد نجيب.
أحمد منصور: كنتم في الجيش، كم كان..
عارف عبد الرزاق: كنا.. كنا كلنا في الجيش، فرحان كان وزير وصبري عبد الحميد كان وزير الباقي كنا.. ما نزال (..) فيعني بقايا الضباط اللي ربيتهم بالقوة الجوية كلهم أعتمد عليهم في أي مكان (..) فيوم تعييني قائد قوات جوية، أعدت تنظيم القوات جوية.
أحمد منصور: لى هنا ما رجعناش لقوات الجوية إحنا في 18 تشرين
عارف عبد الرزاق: ما هو 18 و15، 18 تشرين أنا قلت لك كان.. كان فصل.. خصام بين منذر الونداوي وحردان التكريتي بالدرجة الأولى
أحمد منصور: تشرين/ نوفمبر
عارف عبد الرزاق: نوفمبر
أحمد منصور: تشرين/ نوفمبر.
عارف عبد الرزاق: لأ، تشرين/ أكتوبر.
أحمد منصور: تشرين/ أكتوبر، ما هو أنا في أكتوبر الآن
عارف عبد الرزاق: ما هو أكتوبر آه.
(11/327)
أحمد منصور: أنت لم ترجع.. أنت كنت في ذلك الوقت في أكتوبر 18 تشرين كنت لازلت خارج.. الوظيفة يعني كنت مستقيل وتجلس في بيتك أنت لم ترجع قائد للقوات الجوية إلا بعد.. الوزارة
عارف عبد الرزاق: .. تشرين ثاني.. تشرين ثاني.. كان نوفمبر
أحمد منصور: نوفمبر
عارف عبد الرزاق: نوفمبر عفواً
أحمد منصور: ما هو تشرين وإحنا عندنا
عارف عبد الرزاق: ما هو عندنا.. خبطنا..
أحمد منصور: طيب الآن أنت من 2 نوفمبر لـ15 ديسمبر كنت وزير زراعة، صح؟
عارف عبد الرزاق: وزير زراعة
أحمد منصور: بعد 15 ديسمبر أصبحت قائد للقوات الجوية مرة أخرى.
عارف عبد الرزاق: مرة أخرى
أحمد منصور: أنا هنا في 18 أكتوبر يعني قبل ما تبقى وزير زراعة
عارف عبد الرزاق: أكتوبر ما فيش، ما فيش حاجة أكتوبر أنت كله بتشرين
أحمد منصور: أنهى عبد السلام عارف حكم البعث في 18 أكتوبر 63، صح أكتوبر اللي هو أن هو أكتوبر بتسموه أيه عندكوا، مش تشرين، تشرين أول.
عارف عبد الرزاق: هو 18 تشرين أول.
أحمد منصور: تشرين أول.
عارف عبد الرزاق: أنت لخبطني بتشرين أول 18 تشرين أول صح.
أحمد منصور: تشرين أول اللي هو أكتوبر
عارف عبد الرزاق: وصار يوم 22 تشرين أول مو.. نوفمبر اتعينت وزير يوم 22 أكتوبر
أحمد منصور: 22
عارف عبد الرزاق: نفس الشهر، نفس الشهر
أحمد منصور: في نفس الشهر
عارف عبد الرزاق: و15 نوفمبر مو ديسمبر أنا اتعينت قائد قوات جوية.
أحمد منصور: نوفمبر
عارف عبد الرزاق: نوفمبر
أحمد منصور: رجعت قائد قوات جوية.
عارف عبد الرزاق: قوات جوية، أنت.. سبقت شهر بالموضوع
أحمد منصور: ما سبقتش شهر، المصادر اللي أنا ناقل منها
عارف عبد الرزاق: المصادر اللي نقلت منها.. نقلت
أحمد منصور: حتى في مذكراتك حاولت أضبط التواريخ اللي إحنا وصلناه
(11/328)
عارف عبد الرزاق: التواريخ هذه هي.. ابتدت الحركة 18 تشرين أول، انتهت بمجلس الوزراء اتعينت بمجلس الوزراء يوم 21 و22 أنا اتعينت.. كوزير زراعة
أحمد منصور: كوزير زراعة
عارف عبد الرزاق: كوزير زراعة
أحمد منصور: بقيت شهر في منصبه
عارف عبد الرزاق: بقيت أقل من شهر
أحمد منصور: أقل من شهر في.. وبعدين أصبحت قائد للقوات الجوية.
عارف عبد الرزاق: قائد للقوات الجوية 15 تشرين/ تشرين الثاني/ نوفمبر
أحمد منصور: نوفمبر 63
عارف عبد الرزاق: 63
أحمد منصور: وبقيت في منصبك إلى 4 كقائد للقوات الجوية
عارف عبد الرزاق: ..4/9 ..4/9/65..
أحمد منصور: 4 ديسمبر 65 حيث عينت رئيس للوزراء
عارف عبد الرزاق: 65، نعم
أحمد منصور: صح كده
عارف عبد الرزاق: أيوه صح
أحمد منصور: يبقى ضبطنا (……)، الآن أنتم ساعدتم عبد السلام عارف في السيطرة على السلطة وإبعاد البعثيين وبدأت مرحلة القوميين في السلطة إلى جوار عبد السلام عارف
عارف عبد الرزاق: أيه والإعداد.. والإعداد لتهيئة الوحدة
أحمد منصور: والإعداد لتهيئة الوحدة.
عارف عبد الرزاق: لتهيئة، نعم
أحمد منصور: التي لم تتحقق، وسعيتم أنتم للإنقلاب على عبد السلام عارف، في الحلقة القادمة محاولتك الانقلابية على عبد السلام عارف بعد تعيينك رئيس للوزراء والفترة من 63 إلى قيامك بالمحاولة سنة 65.
عارف عبد الرزاق: إحنا بس ما ذكرنا عن ما يصير بـ64 قبله.. قبله يعني
أحمد منصور: هي في تلك المرحلة إحنا لسه الآن عند نوفمبر/ تشرين الثاني 1963
عارف عبد الرزاق: تشرين آه
أحمد منصور: تشرين الثاني
عارف عبد الرزاق: 15 تشرين الثاني
أحمد منصور: ما إحنا متلخبطين بين المصري وبين الشامي.
عارف عبد الرزاق: بين المصري والشامي.
(11/329)
أحمد منصور: نضبطها في الحلقة القادمة، أشكرك شكراً جزيلاً كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/330)
الحلقة9(11/331)
الخميس 23/12/1422هـ الموافق 7/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 10:17(مكة المكرمة)،07:17(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 9
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
03/03/2002
- تشكيل حكومة طاهر يحيى وتعيين عارف وزيراً للزراعة فيها
- أسباب رفض عارف عبد الرزاق المنصب وقبوله بعد ذلك
- خطة غزو سوريا من العراق لتحقيق الوحدة
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقةٍ جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق) سيد عارف، مرحباً بيك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً بك.
تشكيل حكومة طاهر يحيى وتعيين عارف وزيراً للزراعة فيها
أحمد منصور: المحاولة الانقلابية التي سعى البعثيون.. التي سعى البعثيون القيام بها في شهر نوفمبر عام 63، والتي قام (منذر الونداوي) أثنائها أيضاً بعملية قصف بالطائرات إلى مقر القصر الجمهوري وغيره، تمكنتم أو تمكن عبد السلام عارف من القضاء عليها في 18 تشرين الثاني/نوفمبر عام 63 فيما أُطلق عليه ثورة 18 تشرين، كنت في ذلك الوقت أنت خارج السلطة، لكنك سعيت أو قُمت بدورٍ ما في عملية الإخماد، شُكلت حكومة طاهر يحيى في 20 نوفمبر 63، وعُينت فيها وزيراً للزراعة، لم تكن راضياً عن هذا التعيين، كنت تطمح أو تأمل أو تطمع في منصب أكبر، أليس كذلك؟
عارف عبد الرزاق: بسم الله الرحمن الرحيم.
قبل أن أبدأ بالإجابة على هذا السؤال أحب أستوضح بعض النقاط التي وردت في الجلسات السابقة، لقد وجهت لي اتهام خطير بأنني أفشيت.. اعترفت على بعض أصدقائي وزملائي وكثواب لهذا الاعتراف أُطلق سراحي من السجن.
أحمد منصور: هذه في محاولة انقلاب الشوَّاف.
(11/332)
عارف عبد الرزاق: في محاولة انقلاب الشوَّاف، فأرجو أن تدلني على.. الأول: ما بأسمح بهذا الاتهام، فأرجو تدلني أين قرأته؟ أو أين سمعت هذا الخبر؟
أحمد منصور: ليست القضية قرأت أو سمعت، ولكن المدَّعى العام أثناء تحقيقاته أو أثناء توجيه الاتهامات إلى المتهمين قال كان.. كما يقول أو كما اعترف المتهم عارف عبد الرزاق.
عارف عبد الرزاق: لم يقل كذلك.
أحمد منصور: وأنت ذكرت ذلك في مذكراتك.
عارف عبد الرزاق: لأ، قال كما جاء في إضبارة.
أحمد منصور: في إضبارة.
عارف عبد الرزاق: الإضبارة كانت تشمل عدة ضباط طيارين ومهندسين، لست أنا فقط، الإضبارة كانت تشمل زمرة كما قلت لك في السابق، زمرة الطيارين والمهندسين، وأنا كنت رئيسها، وأوراقي بقت في المحكمة للأخير، واستيضاحاً.. استيضاحاً لهذا أنا أقول لم يجري أي ضابط بإفشاء أو اعتراف على أي ضابط آخر، فهناك.
أحمد منصور: عملية الإفشاء أسهل شيء كان هناك.
عارف عبد الرزاق: فهناك الكثير.. اسمح لي بس أكمل، فهناك الكثير من الضباط ممن كانوا يعرفون بثورة الشواف لم يدخلوا.. السجون، والكثير من الضباط الذين دخلوا السجون أُدخلوا جوه.. ولم.. ولم يجري محاكمتهم، لأنه لم يجرِ اعتراف من أي قِبل أي ضابط على ضابط آخر، إحنا أكثر.. أكبر من أن نفشي أسرار الآخرين.
أحمد منصور: عملية إفشاء الأسرار يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: الوحيد الذي أفشاه هو المرحوم (عبد العزيز أحمد شهاب)، لكنه استدرك بالأخير وأنكر، وقال أنه تحت التعذيب، الوحيد الذي قال في..
أحمد منصور: عملية إفشاء الأسرار ليست قاصرة عند هذا، وإنما كل عملية إفشاء الأسرار كانت شائعة.
عارف عبد الرزاق: لأ، عملية إفشاء.. عملية إفشاء الأسرار.. عملية إفشاء الأسرار..
أحمد منصور: عملية شائعة ومن خلال كل مصادر كتب التاريخ اللي اتكلمت عن الفترة دي.
عارف عبد الرزاق: والله لم تكن شائعة.. لم تكن شائعة بيننا.
(11/333)
أحمد منصور: عملية شائعة كان إفشاء الأسرار يتم قبل حدوث التلبس.
عارف عبد الرزاق: لأ، إحنا عندنا هذا من أعيب الأعياب.. العيب.
أحمد منصور: كان كل ضابط يشرب كأسين، يقول حتى قبل عملية الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: أنا كنت هأرجع أقول على.. كنت هأرجع أقول على هذه، أنت.. أنا في إحدى جلساتي قلت إن (عمر الرزاق) لم نخبره، لأنه خوفنا من إنه يفشي السر بعد أن يشرب، وأنت ادَّعيت إن كل الضباط العراقيين يشربون.
أحمد منصور: أنا ما قلتش كل الضباط العراقيين عفواً.
عارف عبد الرزاق: أنا بس.. لأ، قلتها.. بس أنا أقول أنه هناك من الضباط العراقيين من يعاقر الخمر، وهناك الكثير ممن لم يقربها، فإطلاق العموم على إطلاق الخاص خطأ، والنقطة الثانية.
أحمد منصور: أنا.. أنا عملت هنا فيمن.. فيمن يقومون بالاعتراف وإفشاء الأسرار على الانقلابات.
عارف عبد الرزاق: هناك.. المجتمع يجمع السيئ والحسن، وكل يجري على.
أحمد منصور: هذه الانقلابات بتقوم على
عارف عبد الرزاق: لكن لا تستطيع أن تقيس أنت لا تستطيع المجتمع أن تقيسه بأقلية، أنت أيضاً نقلت المجتمع العراقي وشبهت التهمة بالسحل، الشعب العراقي أبي عن السحل، لكن هناك شرذمة صغيرة.. شرذمة صغيرة.
أحمد منصور: أنا لم.. عفواً يا سيدي، أرجوك.. أرجوك.
عارف عبد الرزاق: شرذمة صغيرة لا لا، أنت قلتها.
أحمد منصور: أرجوك، أنا لم..
عارف عبد الرزاق: أنت قلت.
أحمد منصور: أنا لم أتكلم في عموميات عن الشعب العراقي، بالعكس أنا تكلمت عن الذين حكموا الشعب العراقي.
عارف عبد الرزاق: لا لا لا.. لأ، أنت قلتها، أنت قلتها.
أحمد منصور: عفواً إحنا مش..
عارف عبد الرزاق: أنت قلتها حتى قلت لك تجري في كل مكان قلت: لأ، في الشعب العراقي فقط، إذا كنت نسيت أنا مُسجِّله.
أحمد منصور: أنا ما قلتش.. أنا أقول في العراق وليس في الشعب العراقي، والذي يقوم بعمليات السحل..
عارف عبد الرزاق: في العراق.
(11/334)
أحمد منصور: هم الذين حكموا.. هم الذين حكموا الناس والشعب هو الضحية في النهاية، الشعب العراقي كان ضحية على مستوى.. طوال الفترات الماضية كان ضحية من الذين حكموه والذين كانوا ينقلبون على بعضهم البعض منذ قيام الثورة في عام 58 وحتى الآن، بل منذ قيام الثورة في 58 وحتى 66 ، وهي آخر محاولة انقلابية قمت بها لم يكن لكم أي اهتمام أنتم العسكريين سوى التآمر على بعضكم البعض والانقلاب ومحاولات الانقلاب على بعضكم.
عارف عبد الرزاق: هذا أيضاً غير صحيح هذا أيضاً.. هذا اتهام أرده أرده..
أحمد منصور: شوف كام محاولة انقلاب تمت.
عارف عبد الرزاق: محاولة انقلاب لأنه كنا.. لأنه.. لأنه الثورة انحرفت عن هدفها الأصلي.
أحمد منصور: كل واحد بيتهم الآخرين أنهم انحرفوا.
عارف عبد الرزاق: لأ، ما هو كل واحد مبرراته هي.
أحمد منصور: (منذر الونداوي) قام أكثر من مرة بقصف القصر الجمهوري، ولعدة أيام متواصلة الدبابات تضرب هنا وهناك، بعد ذلك أنتم سعيتم لأكثر من محاولة انقلاب، يعني سآتي لها بالتفصيل.. مين.. من ينظر في تاريخ العراق من 58 إلى 66 وهي آخر محاولة انقلابية قمت بها يجد أنه لم يكن هناك أي اهتمام للعسكريين سوى إن كل مجموعة تستطيع أن تسعى لعمل انقلاب على الأخرى أو على النظام القائم كانت تقوم به.. مقدرات الشعب العراقي فين؟
عارف عبد الرزاق: أحب أنورك إنه.. إنه الضابط العراقي أو أي ضابط أو أي عسكري آخر لا يستطيع أن يقوم بعمل لوحده أو يقنع ضباط يأمرهم بوحدة إذا لم يكن هناك تناقض في الحكم أو هناك انحراف عن هدف معين.
أحمد منصور: مين اللي يحدد الانحراف؟ معايير الانحراف كل واحد فيكم بيحددها على.. على.. على إرادته.
عارف عبد الرزاق: شباب العراق والأمة العراقية، العمال العراقية ارتضت أكثريتها -لا أقول كلها- ارتضت أكثريتها الوحدة العربية فالشذوذ عن هذا الهدف كان حركات التصحيح لغرض هذا الهدف.
(11/335)
أحمد منصور: كلما سألتك عن الوحدة العربية هي عبارة عن شيء هلامي وشيء وهمي.
عارف عبد الرزاق: أنت.. أنت.. أنا أستنكر هذا الكلام من عندك، الوحدة العربية هدف وشرف لكل الأمة العربية.
أحمد منصور: لا جدال في ذلك، ولكن كل شيء بيقوم على أسس.
عارف عبد الرزاق: ولو لم تكن.. وإذا بقيت على حالها لم تكن الأمة العربية باقية..
أحمد منصور: سيدي، كل شيء يقوم على أسس، ما هي الأسس التي كان يمكن للوحدة العربية أن تقوم عليه؟
عارف عبد الرزاق: يا حبيبي، الأسس مهما كانت خطأ هناك تصحح، لكن الانفصام وعدم الدعوة إلى الوحدة خطأ لا يُصحح.
أحمد منصور: أولاً: شوفوا مصالح الشعب العراقي وبعدين ابحثوا عن الوحدة.
عارف عبد الرزاق: لأ، ما مصالح الشعب العراقي موجودة، ما لها؟ ما..
أحمد منصور: من قال؟ الشعب.. الشعب العراقي سُحق، العراق من أغنى الدول، والشعب العراقي..
عارف عبد الرزاق: من الذي سحقه؟ من الذي سحقه؟
أحمد منصور: الذين حاكموه، أنتم الذين حكمتم.
عارف عبد الرزاق: لأ، مش الذين حاكموه، مش الذين حاكموه، المبادئ الهدامة اللي موجودة كانت لدى.. كانت المذاهب الشيوعية والبعثية، هذا اللي سحقته.
أحمد منصور: يعني الشيوعيين والبعثيين الذين سحقوه؟!
عارف عبد الرزاق: همَّ.. همّ.. همَّ إذا هناك سيئة في العراق فهم ارتكبها هؤلاء الشيوعيين والبعثيين.
أحمد منصور: طب نرجع إلى أحداث شيئاً فشيئاً ونوضح مثل هذه الأمور.
عارف عبد الرزاق: لأ، بس أحب أكرر مرة ثانية على الوشاية، أولاً: أنا لو وشيت لأخذها (المهداوي) و(عبد الكريم قاسم) طبل ورن به على الكل، وثانياً: لاستُدعيت من قِبَل المحكمة، ثم على من أحكم؟ ما على مَن؟ هناك ناس أعدموا قبل.. أنا قلت للإفادة لإفادتي بعد مرور 106 أيام على اعتقالي، يمكن آخر واحد أنا كنت فيها، وهناك من أُعدم قبلي عشرات فعلى مَنْ أعترف؟ على مَنْ أعترف؟
(11/336)
أحمد منصور: ألم يكن إلى الآن هناك علامة استفهام كبيرة؟ كنت من كبار الضباط..
عارف عبد الرزاق: أبداً، هذا أول.. أول مرة اسمع هذا علامة الاستفهام منك أنا.
أحمد منصور: كنت من كبار الضباط، أي واحد.. أنا بأقرأ التاريخ، أنا قرأت.. حطيت المصادر كلها قدام.
عارف عبد الرزاق: بس ما.. ما من حقك توجه اتهام، أنت ليس من حقك توجه اتهام، وإلا كنت قابلت هذا إلى.. إلى محاكمة العصر لا شاهد على العصر.
أحمد منصور: يا سيدي أنا لا أحاكمك ولا أوجه اتهام.
عارف عبد الرزاق: حبيبي، عزيزي أقلب المنهج إلى محاكمة العصر ولا شاهد على العصر.
أحمد منصور: ليس محاكمة أنا لا أحاكم أحد.
عارف عبد الرزاق: لا لا، أنت تحاكمني، أنت تتهمني.
أحمد منصور: يا سيدي أنا لا أتهمك.
عارف عبد الرزاق: أنت اتهمتني.. اتهمتني أخطر اتهام في حياتي.
أحمد منصور: ألم أنقل.. ألم أنقل.
عارف عبد الرزاق: ومن حقي أن أقاضيك.
أحمد منصور: ألم أنقل.
عارف عبد الرزاق: أنا من حقي أن أقاضيك، وأنا أشهد الناس أنا من حقي أن أقاضيك.
أحمد منصور: يا سيدي..
عارف عبد الرزاق: أنت اتهمتني اتهام من أخطر اتهام في حياتي.
أحمد منصور: أنا نقلت من مذكراتك ما نقلته أنت الآن.
عارف عبد الرزاق: لأ لأ، أنت لم تنقل في.. أنا قلت فيه اتهام أنت.. أنت قلت أنت متهم، من اتهمني؟
أحمد منصور: هذا.. أليس هذا نص اتهام؟
عارف عبد الرزاق: مين نص اتهام؟
أحمد منصور: كونه يقول أنه الاعترافات أُخذت من الإذبارة الخاصة بك، وقلت إن هذا كان يؤلمك؟
(11/337)
عارف عبد الرزاق: لأ، ما يؤلمني أنا، نحن يؤلمني أنه كضابط وأنا أكون في الوحدة مالتي، أنا هو جاء الإضبارة جاء الاتهام على ضابط اسمه (داود سيد خليل)، وهذا كله كل ما هنالك استدلوا بهذا الضابط، المحاكمات كانت جزافية تجريبية، ذنبه الوحيد أنه كان يفتح.. محطة صوت العرب، وأنه في يوم ثورة (الشواف) كان عنده وديعة في البريد راح استلمها، هذا كل ذنبه وأُعدم، المحاكمات كانت تجري جزافة.. مجرد.. مجرد التهديد، والموقوفين ليسوا كانوا كلهم ممن يعرف (الشوَّاف)، تسع أعشارهم ما.. ما كانوا يعرفوا بحركة (الشواف)، كانت خليط من كل الناس.
أحمد منصور: في حالة.. في حالة وجود أي شكل من أشكال الاتهام إلى طرفٍ ما، إلى شخصٍ ما حينما يُقال له أنت متهم في هذا الموضوع إحنا هنا لسنا في محاكمة.
عارف عبد الرزاق: لأ، أنت تحاكم، أنت توجه اتهام، أنت وجهت الاتهام.
أحمد منصور: توجيه الاتهام ليس محاكمة.
عارف عبد الرزاق: لأ، محاكمة.
أحمد منصور: وأنا لم أوجه هذا الاتهام من عندي، وجهته من مذكراتك أنت.
عارف عبد الرزاق: مذكراتي ماذا تقول؟
أحمد منصور: ومن نص الجملة التي أنت ذكرتها الآن
عارف عبد الرزاق: ما ذكر.. هذه..
أحمد منصور: وأنت كنت أن هذا كان يؤلمك كلما كان يُذكر لاسيما وأنك قمت في هذا الوقت خارج السجن وكان الآخرون يحاكمون، حينما يقال لشخص أنت متهم بهذا الأمر كما جاء في إدبارة عارف عبد الرزاق، ماذا يعني ذلك؟
عارف عبد الرزاق: لأ، حبيبي لأ، أنت أنت.. أنت فهمت السؤال خطأ، وقرأت المذكرات خطأ.
أحمد منصور: أنا، أليس هذا هو النص..؟
عارف عبد الرزاق: أنا كل ما هنالك.. اللي كاتبه في مذكراتي أن (ماجد محمد أمين) في.. في.. وأنا كنت ملتحقاً بالقاعدة الجوية كآمر جناح الطيران ذكر في محاكماته كما جاء في إضبارة المتهم عارف عبد الرزاق.
أحمد منصور: ماذا يعني ذلك؟
(11/338)
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا قلت لك أننا إحنا 28 ضابط ذهبنا إلى الموقف العام لغرض المحاكمة.. لا أعرف كل العدد بالضبط منهم تحت زمرة المرحوم (ناظم الطبقجلي)، وبقية الطيارين والمهندسين تحت زمرتي أنا، الزمرة مالتي تضم بإضبارة تضم بكل الضباط الذين هم متهمين بهذه القضية وأُطلق سراحنا، البقية.. وبقية الضباط بقيت في المحكمة إلى.. إلى.. إلى يوم 14 رمضان.. إلى 8 تشرين كانت موجودة هناك، ولا أدري ماذا صار.. ماذا حل فيها، إحنا أوراقي في المحكمة لم تسحب، أنا هذا اللي قلته، أنا لم أقل أنا متهم، أنا.. أنا أبعد من أن أُتهم، أنا أعلى من أن أتهم.
أحمد منصور: بعد كل هذا، سنأتي إلى كل الأشياء بالتفصيل. في حكومة (طاهر يحيى) في 20 نوفمبر سنة 63، عُينت وزيراً للزراعة إلى 15 ديسمبر 63، لم تكن قابلاً للمنصب في البداية ثم قبلته بعد ذلك.
(11/339)
عارف عبد الرزاق: الوضع السياسي في العراق بعد 8 شباط تلقفوه الغرب، أميركا وإنجلترا، وأسددوا كثير من السلاح وعاونوا الحكومة وقت ذاك.. وقتئذٍ بإلقاء أسلحة للقضاء على حركة الأكراد اللي كانت موجودة.. اللي أقيمت في 63، وكان فيه طيارات نزلت (للحبانية) محملة أسلحة وبعد أن جيت قائد القوات الجوية وجدت أنه كان قد.. كانوا يمنعون عننا شراء صواريخ، لأن قائد القوات الجوية الأسبق (حردان تكريتي) عمل اتفاق مع الإنجليز لتجيهزه بـ20 ألف صاروخ، استلم منها ألف وباقي 19 ألف كانت، في الغرب شافوا في البعث يعني هما.. يعني السياسة الأولانية كانوا يساعدوا العراق.. بالبعث.. بأي شيء آخر ضد الشيوعية لما الشيوعية انكفأت، أرادوا يفشلوا التيار القومي، فساعدوا سوريا والعراق على الانفصال عن عبد الناصر.. عن التيار القومي لأن كان الخطرين واحد هما يسددوا الآخر التيار الشيوعي والتيار القومي، فلما اجتازوا عقبة التيار الشيوعي، بدء يساعدون من.. من وراء الكواليس لتقوية الانفصال بين.. بين بعد أن صارت الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، لتقويتها على الانفصام وإيجاد كل ما يمكن من مساعدة لهذه القطرين، هذه كل الموجود به، فكان هذه يحز في نفوسنا خاصة أنه حركة الانفصال اللي صارت (جاسم علوان) والقضاء اللي صار به الشكل هذا والحزازات اللي صارت كانت داخل الحزب كلها، كانت تشير إلى أنه الحزب يسير في صورة خطأ.. نحو نهاية خاطئة.
(11/340)
كان لابد أن يكون ضابطاً اللي يقوم بحركة تصحيح لمجيء هذا الآخر، فـ.. اللي صار.. صار اختلاف بين (منذر الونداوي) بدرجة أولى وبين (حردان تكريتي) اللي كان هو قائد قوات جوية وذكركان آمر جعفر الجوي بتاع (…) وكان (منذر الونداوي) يعتقد أنه هو أعلم وأقدر من (حردان تكريتي) لأن حردان تكريتي كان طيار نقل ما كان طيار قاصفات أو مقاتلة فما كان يفهم في القوات الجوية كثيراً، لكن (حردان) رجل شجاع وعنيد، وكان يقبل بهذا الشكل هذا، كان يذعن لظروف معينة، فلما حصل الاختلاف بين القيادة القُطرية وداخل القيادة القُطرية في 11نوفمبر قام بحركة تصحيح على.. داخل بيناتهم (منذر الونداوي) بيوم 13 نوفمبر، فنتيجتها (حردان) استعان بقوة جوية من (كركوك)، وهو راح (الحبانية) مع عدد قليل من ضباطه وأخذ طيارة من آمر السرب اللي هو (حميد شعبان)، وطير طيارات ضربت القصر الجمهوري والانضباط العسكري، والانضباط العسكري كان رئيسه من أعز أصدقائي طبعاً فكان (سعيد صليبي) فكان هو يكره الاثنين يعتقد إن هما دول عقبة كأعداء في عدم دخولهم إلى المعسكرات، يعني تذمر الجيش يعني.. يعني الشيوعيين والبعثيين أوجدوا واحدة اسمه المقاومة الشعبية والآخر الحرس القومي وهادول هما كانوا مسيطرين على الشارع، أهانوا حتى الضباط، قاموا بتفتيش الضباط مرات ما يدخلوا معسكراتهم، فحصلت نفرة بين الضابط وبين هؤلاء الناس، فكانوا يتخلصوا من عندهم فما كانت الغاية انقلابات وحسابات شخصية كما تدَّعي.
أحمد منصور: مش كما أدعي.. التاريخ كله بيقول هذا.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا ما يقول التاريخ.. التاريخ كله يقول خطأ.
أحمد منصور: كل التاريخ خطأ؟!
عارف عبد الرزاق: والله.
أحمد منصور: كل المحاولات الانقلابية التي تمت، كل الدماء التي سالت خطأ!! كل عمليات القصف.. كل ضابط ياخد طيارتين ويطلع يضرب خطأ.
(11/341)
عارف عبد الرزاق: اسمح لي.. اسمح لي بس.. اسمح لي بس خلينا نيجي واحدة واحدة.. بدون أن نكيل الاتهامات جزافاً.
أحمد منصور: أنا ما بأكيلش حاجة جزافاً يا سيدي، كل شيء بالتواريخ وبالأحداث.
عارف عبد الرزاق: من.. من هي؟.. وين التواريخ؟
أحمد منصور: ابتداءً.. ابتداء.. من 13 نوفمبر تشرين الثاني قام (منذر الونداوي).
عارف عبد الرزاق: ما أنا بحكي لك الموضوع.
أحمد منصور: بتحكي لي الموضوع.. تفسير ده أية تاريخياً طيب؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: ما التفسير التاريخي لهذا؟.. مجموعة ضباط يركبوا طيارات ودبابات ويروحوا يضربوا.
عارف عبد الرزاق: هم.. هم.. أنا أقول لك.. أنا أقول لك.. أنا أقول لك أن حزب.. حزب البعث أنقسم على بعضه.. انقسم على بعضه، (فعبد السلام عارف) ونحن جينا استغلينا القسم الثاني من الانحراف إحنا لم.. إحنا لم نقم.. لم تكن المبادرة من عندنا.. القومية إحنا استغلينا الموقف.
أحمد منصور: وتمكنتم في 18 تشرين الثاني نوفمبر من السيطرة على الوضع.
عارف عبد الرزاق: لأ يوم 18 ابتدت.. ابتدت بمساعدة (حردان)، لولا حردان.. حردان لولا قسم.. لولا..
أحمد منصور: هو كان قائد القوات الجوية.
عارف عبد الرزاق: لولا مساعدة البعث نفسهم لما انتهزنا.. لما استطعنا.
أحمد منصور: وهرب (منذر الونداوي) إلى.
عارف عبد الرزاق: هرب (منذر الونداوي) يوم 13.. هرب (منذر الونداوي) تقدير الموقف أنا شايف الطيارات ميج 17.. جت هي اللي قصفت طيارته فاعترف.. فشاف إنه هذه الطيارات لا تستطيع الرجوع إلى.. (كركوك) وعليه لازم أن تكون سقطت.. نزلت في معسكر رشيد في (بغداد).. فإذن أنه معسكر (رشيد) لم يكن موالي له، وأنه كان بيعتبر حساباته أنه معسكر (رشيد) راح يكون موالي له، فلذلك اضطر هو يركب سيارته ونزل إلى (سوريا).
أحمد منصور: شُكِّلت الحكومة الجديدة.
(11/342)
عارف عبد الرزاق: بينما كانت.. كانت كل قواعده كلها فعلاً احتلت كل موقع عدا.. عدا المعسكرات.
أحمد منصور: سوء لتقدير الموقف. شُكِّلت الحكومة الجديدة في 20 نوفمبر 63 وكان نصيب القوميين فيها أفضل مما سبق، وكان هناك وجود طبعاً للبعث على اعتبار أن قسم من البعث شارك في القضاء على حركة مُنذر.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح.
أسباب رفض عارف عبد الرزاق للمنصب وقبوله بعد ذلك
أحمد منصور: بقيت أنت من 20 نوفمبر إلى 15 ديسمبر فقط تقريباً 25 يوم في الوزارة، قيل أنك رفضت في البداية ثم قبلت المنصب بعد ذلك.
عارف عبد الرزاق: بالضبط.
أحمد منصور: أية أسباب رفضك، وأسباب قبولك؟
عارف عبد الرزاق: لأنه أنا بعيد عن الزراعة وما أعرف عنها شيء آخر، وأنا ما جئت لأتولى المناصب، أنا أستطيع أن أخدم بالقواة الجوية أكثر مما أستطيع أن أخدم بأي مكان آخر، لكن أيضاً تعنت البعث بعد 18 تشرين وعدم قبولي.. قبول (حردان) والبعثيين كمجيء لقائد القوات الجوية اضطرت (عبد السلام عارف) والبقية الآخرين أن.. أن يستجيبون لطلبهم لأنه هما القوة..
أحمد منصور: هو
عارف عبد الرزاق: فجيت أنا يعني على بال ما رجعت إلى بيتي وجاءني صديق وقال لي: أنه، أنا ما كنت أعرف الوزراء هادولا، لأنه هادولا وزراء قوميين وحضورك معهم يؤيدهم ويؤيدك أحسن إن تكون النتيجة أخطر.. فجئت على هذا الأساس أنا وعلى أساس أنه المستقبل لن يستمر.
أحمد منصور: بعد كل محاولة انقلابية أو كل ثورة كانت تتم.. كان بيتم توزيع المناصب على الناس بشكل كمكافآت على الأدوار التي قاموا بها.
عارف عبد الرزاق: لأ لأ هذا مش صحيح.
أحمد منصور: أمال كيف كان؟
عارف عبد الرزاق: لا موش صحيح.
أحمد منصور: هل فيه..
عارف عبد الرزاق: كان كفاءة.. كان كفاءة وكانت إجهاد ماكو شك بها.. وكان كفاءة..
أحمد منصور: طيب ما الذي كان يدفعكم إلى الاعتراض عليهم دائماً؟
عارف عبد الرزاق: على مَنْ؟
(11/343)
أحمد منصور: على الذين.. اعترضتم في البداية على (عبد الكريم قاسم) ثم اعترضتم على (عبد السلام عارف).
عارف عبد الرزاق: لاما اعترضنا على (عبد الكريم قاسم).. لا.. لا.. لا أرجوك أرجوك حدد واحدة.. واحدة إحنا لم نعترض على (عبد الكريم قاسم)، إحنا ساعدنا مع عبد الكريم قاسم.
أحمد منصور: ساعدت في البداية لكن..
عارف عبد الرزاق: في البداية لكن بعد أن انحرف.. بعد أن انحرف
أحمد منصور: المهم إن فيه محاولات انقلابية عدَّة قامت.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا أعرف الملك والعائلة المالكة أكثر مما أعرف (عبد السلام عارف) و(عبد الكريم قاسم)، وأعرف.. لكن أنا.. أنا فضلت الأمة العربية على.. على أي شخص آخر، فكان الهدف ما إنه إيجاد وحدة عربية، أنت تقول إن الوحدة كانت مهلهلة وكان.. لم نرى كان فيها هذا التهلهل ولو صدقت أنت فهناك عامل التصليح.
أحمد منصور: ليست كلامي.. إحنا أمام تاريخ، إحنا أمامنا واقع يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: عامل التصليح.. الأشخاص لا يبقون للأبد، الأشخاص يزولون، الأشخاص يزولون لكن الوحدة تبقى للأبد.
أحمد منصور: أنا لا أختلف معك على مبدأ الوحدة، لا أختلف مطلقاً على مبدأ ولا يختلف عليه أحد أثنان.
عارف عبد الرزاق: لأ أنت في بالمرة الثانية قلت لي هل الوحدة كانت لو ما الجيوش الباقية كنت قلت لي هذا.
أحمد منصور: يا سيدي لا أختلف.. أنا أعرف ماذا أقول جيداً.. كل كلمة أقولها وكل لفظ أوكل حرف أعرف ماذا أقول.. هناك.. ليس خلافاً مني ولكن كل معطيات الوحدة التي كنتم تنادون بها في ذلك الوقت لم تكن قائمة على أسس حتى الوحدة بين مصر وسوريا حينما ذهبتم إلى عبد الناصر حينما..
عارف عبد الرزاق: أنا أنا لا أدعي الكمال للوحدة، لأنه الوحدة.
أحمد منصور: ليس كمالاً.. ليس هناك أسس في الأصل، في الهواء كانت.
عارف عبد الرزاق: لا لا مو في الهواء.
(11/344)
أحمد منصور: حينما ذهب.. حينما ذهب عبد السلام عارف لدي دليل من تاريخكم.
عارف عبد الرزاق: أعداد الوحدة من مبررات الانفصال.. هذه المبررات الانفصاليين.
أحمد منصور: دليل من تاريخكم، حينما ذهب عبد السلام عارف بعد أربع أيام فقط من قيام ثورة 14 تموز في 18 تموز والتقى بعبد الناصر وطلب منه الوحدة، ماذا قال له عبد الناصر؟ قل لي أنت.
عارف عبد الرزاق: أنا لا أعرف هذاك.
أحمد منصور: لا تعرف؟
عارف عبد الرزاق: لا أعرف شيئاً.. لا أعرف شيئاً عن هذا.
أحمد منصور: كل مصادر التاريخ بقى بتقول وتحديدا كتبها (هيكل) في (سنوات الغليان) ونقلها (حنا بطاطو) أيضاً في كتابه عن العراق ويعني المصادر كثيرة، قال لهم: أنتم تعرفون الظروف التي أجبرت فيها على عمل الوحدة مع سوريا وحينما تتهيأ الظروف المناسبة للوحدة نقوم بها. إذن لم تكن الظروف مهيأة لقيام وحدة حقيقية في ذلك الوقت وأنتم حينما تطالبون بالوحدة والشعب العراقي مهلهل من الداخل وهناك صراعات وهناك مشاكل وليس هناك استقرار.
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع أن أغير رؤيتك.
أحمد منصور: بتنظروا إلى الخارج ولا تنظروا إلى البيت.
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع أن أغير رؤيتك.. ورؤيتك غير.. مخالفة للحقيقة كما وحقيقة.
أحمد منصور: أنا لا أرى بعيني وإنما أرى بعين المؤرخين وعين الناس التي كتبت المذكرات.
عارف عبد الرزاق: والله المؤرخين إذا كنت تستند إلى المؤرخين.
أحمد منصور: وبمعطيات الواقع: إحنا الآن قدامنا واقع.
عارف عبد الرزاق: إذا كنت إذا كنت.. تستند إلى المؤرخين فاستند إلى المؤرخين لو (...) ولا تستمع إلى الآخرين.
أحمد منصور: أستند لمين؟
عارف عبد الرزاق: إذا.. إذا كنت مقتنع أنت.
(11/345)
أحمد منصور: مش قضية اقتناع، أنا لا أعبر عن رأيي الشخصي هنا يا سيدي، أنا دائماً أتبنى الرأي الآخر المضاد لضيفي حتى يكون هناك موضوع أصلاً، إذا أنا اتفقت معاك فيما تقول، لا يكن بيننا حوار، أنا أتبنى رأي الآخرين دائماً، أنا قضيت عدة أشهر أحضر وأنت تعرف حجم التحضير اللي مكث أكثر من سنة، وأنا جيت لك عدة مرات فيها ودردشنا.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا اتفقت معاك.. تسمح لي.. تسمح لي بقى، تسمح لي بقى، أنا.. أنا اتفقت معاك في البداية على إن يكون الحوار هادئ، وغير مثير.
أحمد منصور: إحنا حوارنا هادئ..
عارف عبد الرزاق: طيب، اسمح لي بس.. الحوار الهادئ، أنا عندي أسرار أقولها.. أقولها شهادة لله.. أقولها كما هي.
أحمد منصور: أنا بأتيح لك.. بس بناقشك.. من حقي أناقشك فيها..
عارف عبد الرزاق: بدون تغيير وبدون خوف.. بدون خوف وبدون خوف من أحد.. وبدون خوف من أحد خدمة لأجيال الأمة العربية.. خدمة لأجيال الأمة العربية فأي.. تجرني لأشياء أخرى أنا مضطر لأختلف معاك.. لا أختلف..
أحمد منصور: لا أجرك يا سيدي وإنما من حقي أناقشك في روايتك.
عارف عبد الرزاق: لا مو من حقك تناقشني، أنت من حقك تناقشني لكن مو من حقك مو من حقك تتهمني أبداً..
أحمد منصور: كيف؟ أنا قلت لك أنا لم أتهمك، وأنا هنا لا أتهم أحد.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ إنت قلت أنت متهم، موجودة بالتسجيل، أنت قلت أنت متهم.
أحمد منصور: متهم من مذكراتك إنت.
عارف عبد الرزاق: لأ، مذكراتي ما اتهمتني، كيف تتهمني مذكراتي؟!
أحمد منصور: نص مذكراتك.. نص مذكراتك كما ذكرته أنت في بداية الحلقة وللمشاهدين أن يحكموا، كل الإلماحة هي اتهام إليك، وأنت قلت إن هذا كان يسيء إليك، معنى ذلك أن هذا كان يحمل شكلاً من أشكال الاتهام إليك ليس مِني وإنما من المدعي العام العسكري الذي كان يحاكمك.
(11/346)
عارف عبد الرزاق: المدعي العام العسكري كان بده يقول.. أنا لو ذهبت إلى هناك لأعدموني، المدام كانت تغني قبل أن أصل لهناك عليَّ أنا.. أنا اللي خدمني.. أنا اللي خدمتني في الحياة هي ظاهرة أنه أنا يوم السبت راح رحت طرت ساعة و35 دقيقة، لو كنت أعرف بها كانت على أساس تيجي السبت.. الجمعة، لو كنت أعرف بالثورة كنت إلتحقت إما (بالحبانية) أو (بالموصل)، فهذه هي.. هي.. هي اللي وقفت شاهد في.. في موقفي.
أحمد منصور: وبعدين إحنا في الحلقة السابقة وفي هذه الحلقة وفي كل حلقة أنت متاح لك المجال لتعبر عن رأيك وتصحح الأشياء الموجودة..
عارف عبد الرزاق: آه طبعاً أنا.. لا يستطيع.. لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يكتم فمي.. لا تستطيع أنت ولا غيرك أن يكتم فمي..
أحمد منصور: يا سيدي أنا ليس دوري أن أكتم، أنا أذهب إلى الناس وأركض وراء الناس حتى يتحدثوا، دوري هذا أقوم به وأشرف بالقيام بهذا الموضوع.
عارف عبد الرزاق: فخليهم.. فخلي الناس يتحدثون إذن، فخلي الناس يتحدثون بما عندهم، خلي الناس يتحدثون بما عندهم.
أحمد منصور: أنا لم أمنعك يا سيدي، لم أمنعك، لكن الرواية التي ترويها أنا أناقشك فيها، أنا حضَّرت من عشرات الكتب ومن حقي أناقشك فيها.. التاريخ.. التاريخ ليس ملكك لوحدك، الشهادة..
عارف عبد الرزاق: ناقش.. ناقش لكن لا تتهم، لا توجه اتهام، من حقك أن تناقش أنا ما قلت لك لأ، لكن ما توجه اتهام.. ما توجه اتهامات.
أحمد منصور: مش عايزين ندور في الدائرة دي الآن إحنا خلصنا فيها كلام، الآن إحنا بننقل إلى محور مهم جداً وهو أنه بعد أن تركت وزارة الزراعة في 25.. في 15 ديسمبر..
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ في مرور الزمن من تشكيلي كوزير زراعة، و.. حصل تغيير في القوة في بغداد، لأن كانت كتائب دبابات كلها أكثرها ضباط بعثيين صغار كان ممكن واحد.. يتجمعون ثلاثة أو أربعة ويروحوا الإذاعة ويذيعوا بيان..
(11/347)
أحمد منصور: ويعملوا انقلاب، يعملوا ثورة..
عارف عبد الرزاق: ويذيعوا بيان، فاضطرينا أن نعمل قوى.. بالتوازن قوى في.. استطعنا أن نرسل الكتيبة الرابعة إلى.. يعني مش أنا يعني الضباط الموجودين بالحركات إلى (الشهيبة)، فبعد مرور الأزمان، يعني بعد مرور ها الفترة هذه، موقف القوميين أقوى فجينا ساندنا (عبد السلام عارف) حتى يستطيع أن يتغلب على.. على (حردان)، فلما طلبنا الموافقة من قيادة القوات الجوية (حردان) ما استطاع أن يقول لأ.. لأ ما لا موافق، حتى بعدين اعتذر مني (حردان) وقال: أنا أقول راضي يستفزني حتى.. حتى نكون يعني ننقلب على (عبد السلام عارف)، أنا أقول إنت لا تصلح، أنا أقول تصلح أنت تصلح لمنصب أعلى من هذا، فقلت له أنا كنت أنصح (حردان) قلت له أنت.. أنت أمامك خيارين، لم.. إما أن تكون بعثي وتبقى بعثياً، وما كان تعمل الانقلاب اللي صار في 18 نوفمبر، أو أن تبقى أنت بعد أن انحرفت تتجرد من البعثية وتسلك سلوك آخر، اللعب على الحبلين لا يفيدك، هذا الذي كلامي قلته، فبعد يوم 15/12 أنا عُينت قائداً للقوة الجوية ورجعت رحت سلمت على موظفين الزراعة، والتحقت بالساعة الأولى، (حردان) لا يزال موجود هناك وبعض الضباط البعثيين كلهم لا يزالون هناك، والتحقت بمقر القوة الجوية واستلمت منهم ومن أول يوم قمت بما يؤمِّن مستقبل الحركة هناك.
أحمد منصور: أصبحت قائد للقوات الجوية في 15 ديسمبر 63 وبقيت في منصبك إلى 4 أيلول/ سبتمبر 1965، حيث شكلت رئاسة الوزارة، في ذلك الوقت رغم أنك قائد للقوات الجوية، إلا إنك كنت تشارك في الاجتماعات الرئيسية التي كان يتم فيها تحديد مصائر الدولة، حضرت الاجتماع الذي عُقد في 13 تموز 64 وتم فيه إقرار ما سُمي بالقرارات الإشتراكية، حضرت هذا الاجتماع؟
(11/348)
عارف عبد الرزاق: أنا بعد في.. بعد نيسان في بداية (مايو) بيسأل لما جاء (عبد الحكيم عامر) إلى (العراق) أرسل، بعث (عبد الكريم قاسم).. (عبد السلام عارف) تشكيل مجلس قيادة الثورة، وقال في الجرائد أنه مجلس قيادة الثورة أعطاه كل صلاحياته، وهذا كان مخالف للحقيقة، فراح من.. مَنْ.. مَنْ جمع مجلس القيادة.. مجلس قيادة الثورة جمع ضباط مع قادة الفرق وقادة القوات الجوية، فبصفتي قائد القوات الجوية صرت عضو مجلس قيادة الثورة، فدعينا إلى غداء ونشر الخبر بدون أن نعرف فطالبنا أنه بتشكيل مجلس قيادة الثورة وفعلاً أن القرارات تطلع منها قرار مجلس قيادة الثورة، فأما رأيي إن (عبد السلام عارف) كان لعوب رحمه الله، فكان.. إذا كان يريد تمشية أمور سريعة، مجلس قيادة الثورة كان موجودين، يعني ايجوا معاون رئيس أركان جيش، مدير استخبارات، مدير حركات، قائد قوات جوية، رئيس وزراء، وهو، وإذا كان يريد يتغلب علينا يجيب قوات الفرق، قوات الفرق ما كانوا موالين لنا، كانوا ناس يمشون مع الهوى، فكان الموقف يعني موقف غير.. مترجرج فبعد نيسان/ مايس صارت الوحدة الدستورية بين مصر وبين العراق.
أحمد منصور: مايو.. 26 مايو..
عارف عبد الرزاق: مايس..
أحمد منصور: مايس عندكم مايو عندنا..
عارف عبد الرزاق: سميه.. أنا اسميه زي مثل ما أسميه أنا، مثل. ما أعرف أنا، فبهذه يعني تشكيل لجان معينة، وبيها انتقال.. تدريجياً إلى الوحدة.
أحمد منصور: وكان هذا كان استجابة من (عبد السلام عارف) إلى ضغوطكم أنتم القوميين لعمل شكل من أشكال الود مع مصر، الراجل كان إيجابي أو راح عمل.
عارف عبد الرزاق: نعم.. نعم.. كان إيجابي، كان المصيبة إن (عبد السلام عارف) كان لم.. لا يثبت على قرار، وأنا قلت له -رحمه الله- في مناسبة وأمام الناس أخرى قلت له إنت تصلي ساعة.........
أحمد منصور: حتى يُرضي كل الأطراف (......) في العراق..
(11/349)
عارف عبد الرزاق: أنت تصلي ساعة.. أنت تصلي ساعة وتشتم الناس الآخرين بقية الساعات، وهذا غلط، أنا قلت له في إحدى.. جاء ذكرى، قلت له: أن العراق يمكن أن يحكم بطريقة شيوعية، ولها قواعد، ولها دولة.. دول قائمة، ولها حزب عريق، وممكن أن يتجه بعثي وإلى قواعد لا بأس بيها، وإلى دولة.. وإلى غرب يساندها، وإلى سوريا دولة قريبة مجاورة لها، وممكن يكون اتجاه قومي وهو أكثر قواعد وأكثر من الكل لكن مبعثرةً..
أحمد منصور: بالضبط كما كنتم أنتم مبعثرين..
عارف عبد الرزاق: مبعثرين، فالشكل إن هذا ابن خاله، وهذا ابن عمه يجعلنا في إطار صغير أي واحد ييجي يضربه ينكسر علينا، لكن مع الأسف لا يُنصح، أنا قلت له في إحدى جلساتي، ويشهد الله على الجلسة هذه كنت أنا وهو نتعشى فقلت له: يا سيدي الحياة فيلم سينمائي صغير يبتدي بـ (أ) وينتهي (ي)، و(ي) جاييه مش اليوم بكره اللي و.. تبدأ.. تبدأ في صفحة كبيرة حياته وتتقلص إلى سطر وإلى نقطة وإلى محاء، إلا الذين يعملون شيء لهذه.. للإنسانية في الحياة، اللي يبدع اختراع حسن، اللي يعمل وحدة، فإعمل وحدة اسمك يبقى بيها مستمر حتى ولو انفصمت، يقول أي، لكن نرى.. بنطلع بره نرى أشياء مخالفة لهذا الظاهر، فإذاً لأ، إحنا لم ننتقم إلى شخص معين، وإنما كان لتصحيح خط الوحدة، هذه كل الحركات اللي صارت شاركت بها أنا..
أحمد منصور: القرارات الاشتراكية التي..
عارف عبد الرزاق: كل الحركات اللي شاركت فيها أنا كانت بغرض تصحيح خط الوحدة..
أحمد منصور: هذا ليس مبرر لما قمتم به..
عارف عبد الرزاق: والله أنت لا تبرر.. لكن أنا كنت مبررة أنا، أنا كنت هذا مبرر.. أنت لا تبرر هذا شأنك.. هذا شأنك..
أحمد منصور: مبرر من مقدرات العراق والقيام بالثورة من أجل العراق..
عارف عبد الرزاق: أين خلافات العراق، ما ذنبنا في خلافات العراق؟ أين ذنبنا فيها؟
(11/350)
أحمد منصور: كل يا سيدي الإنقلابات التي قمتم بها على بعضكم البعض هذا من أجل شيء اسمه الوحدة.. كل ما أطلب منك قول لي أسس الوحدة التي تقوم عليها.. ليس هناك أسس.. أنتم القوميون كنتم مبعثرين، كل واحد في اتجاه، لم تكونوا تنظيم.
عارف عبد الرزاق: يا حبيبي.. لا.. لا.. لا تنكر علي ذلك.. لا تنكر علي ذلك.
أحمد منصور: أنا لا أنكر عليك..
عارف عبد الرزاق: لا تنكر علي ذلك كانت الوحدة في سوريا وفي مصر من مجلس نيابي مشترك، ويكون العضو فيه أربعين واحد وكان على أساس إنه قيام 40 واحد آخرين بالإضافة إلى.. إلى 80 الموجودين الآخرين، لا تقول.. لا.. لا، لو كان هناك قيادة حكومة في كل إقليم صغيرة لأ، كان موجودة لأ، لا تخفي الأشياء وكأنك أنت تشربها ويثبت الماء..
أحمد منصور: أنا.. أنا لأ أفعل ذلك يا سيدي..
عارف عبد الرزاق: لا تقل ذلك.. لأ كانت هناك وحدة قائمة..
أحمد منصور: مر على هذه المحاولات 40 سنة..
عارف عبد الرزاق: كانت هناك، قد يكون هناك أخطاء، لكن الأخطاء لا تبرر الانفصام والابتعاد عن الوحدة أبداً..
أحمد منصور: لنبقى للمشاهدين يحكموا على هذه الوحدة التي لم تقم.
القرارات الاشتراكية التي صدرت في 13 تموز كان لها تأثير سيئ أدت إلى هروب رؤوس الأموال بالنسبة للعراق وإلى تراجع الوضع الاقتصادي؟
عارف عبد الرزاق: لأ، هذا غير صحيح، إحنا..
أحمد منصور: مش كلامي أنا برضو، الكلام اللي موجود في كل الكتب ومعطيات الواقع أيضاً..
(11/351)
عارف عبد الرزاق: ما هو الكلام، معطيات الواقع ما هي المظهر، ما هي الضرورة اللي صار بها، أُممت بعض المصانع ما يزيد دخلها على ربع مليون فما فوق، وأنا شاركت فيها فعلاً، لأن إحنا.. إحنا نريد أن نتعاون مع دولة اشتراكية، الدولة الجمهورية العربية المتحدة كانت دولة اشتراكية، فلا يمكن أن يكون.. يبقى رأسمالية عندنا، هذا.. هذا التحليل ما تشكل، ثم أنا أعطينا إضفاء لكل رؤوس المال.. المحافظين في رؤوس الأموال، كلها أُطفأت كلها أعطيت لهم، لم يتضرر أحداً، لم يتضرر أحد مطلقاً، هذا إجابتي على سؤالك؟
أحمد منصور: لأ طبعاً، فيه واقع هناك موجود أنت قلت رأيك..
عارف عبد الرزاق: لأ.. وين الواقع؟ أينه؟
أحمد منصور: كيف لم يتضرر أحد وأنتم الشركات اُممت..؟!
عارف عبد الرزاق: ولو تضرر بعض.. تضرر أشخاص، لأنه..
أحمد منصور: كيف أشخاص؟
عارف عبد الرزاق: تضرر أشخاص من المزيد من الانتفاع..
أحمد منصور: أنتم غيرتم النظام الاقتصادي في الدولة، أليس هذا تغييراً للاقتصاد؟
عارف عبد الرزاق: أرجوك.. أرجوك.. أرجوك تضرر أشخاص من.. من المزيد من الانتفاع، لكن حقه لا ضاع.. لم يضع.. كلهم أخذوا حقوقهم..
أحمد منصور: هل..
عارف عبد الرزاق: كلهم أخذوا حقوقهم، لكن على فترات.
خطة غزو سوريا من العراق لتحقيق الوحدة
أحمد منصور: في 14 تموز 64 زار وفد مصري العراق لدراسة إمكانية غزو سوريا من العراق، وسألتك عن هذا السؤال..
عارف عبد الرزاق: في كم؟ في كم؟
أحمد منصور: 14 تموز 64.
عارف عبد الرزاق: نعم..
أحمد منصور: سألتك عن هذا من قبل، وقلت لك سآتي له في حينه، شاركت أنت في الإشراف على عملية خطة الغزو أو اشتركت فيها وكانت..
عارف عبد الرزاق: مش.. مش إشراف، كنت بأشارك مش إشراف، كان الاجتماع برئاسة (عبد السلام عارف)، و(أمين هويدي) كان سفير..
أحمد منصور: كان سفير مصر في العراق.
(11/352)
عارف عبد الرزاق: وكان ظابط اسمه (محمد منير) أو (منير محمد) ما ذاكر اسمه أيه، وكان طيار اسمه (محمد أيوب)، المرحوم (محمد أيوب) اللي مات في السجن مع (عبد الحكيم عامر)، فكانت الفكرة.. يعني أنا جاء (لؤي الأتاسي) مع (عبد الحكيم عامر) ووقفت الطيارة، وترجاني -اثنين منهم حيين (مجيد فريد) و(أمين هويدي)- أن أطيب خاطره وأطلع عليه بالطيارة، قلت له: لأ، هذا ضرب القوميين بكندرته فلا أستطيع أنا أمد إيدي إله وأصافحه، وبقي في الطيارة، وبعدين بعد شهرين رجعوا الجماعة علينا بخطة موجودة إنه يقومون.. إنه مجمل الخطة أن يقوم (لؤي الأتاسي) مع.. بإلقاء مع.. لقاء مع محطة إذاعة في منطقة (دير الزور) ويذيع ويطلب.. طلب حكومة.. نجدة من الحكومة العراقية وتقدم وكان بالصيف، وستقدم القطاعات العراقية مَنْ يشتريه وأنه.. بما أنه المنطقة حر والطقس صيف، فالمشكلة هي مشكلة إيجاد رطل إسقاء، فإنه المصريين كانوا محضَّرين.. رطل إسقاء لهذا الغرض، وأنه خلال.. احتل الشام في خلال 24 ساعةً، فأنا اعترضت على هذا، قلت أنا.. هذا موقفي السياسي مع (...) إذا كان هذا صح أو خطأ، عبد الناصر كان بيقوم به أو لأ.. لكن أنا كعسكري أقول: هذه العملية خطأ، أنا لا أستطيع أن.. أولاً: لا أعرف عن قطاعات سوريا وراح تدافع فين و(بالشامات) أو (بعزرا) أو بأي منطقة من اللي موجودين هناك، هذه يسموها بالعسكرية (المعركة التصادفية) التصادفية معركتها، أولاً لازم يكونوا القوة القادمة أربع أخماس القوة الموجودة أو ست أخماس القوة الموجودة، ست أمثال –العفو- القوة الموجودة، حتى تقدر تزيحها بسرعة، ثم من قال لو.. لو تغيرت الأمور وما وصلنا بـ 24 ساعة، هلا.. أكتب على كل القوة اللي راحت إنه هذا بالإعدام؟! فإذا كنتوا تريدون اجعلوا الخطة تروح على خط المياه أو على خط (تضمر)، ماكو منابع مياه، للقوة للتجه، فقالوا إحنا ما نستند للخطة الموجود هذه وإذا كانت موجودة بهذا الشكل.
(11/353)
أحمد منصور: مين اللي وضع الخطة أصلاً المصريين أم العراقيين؟
عارف عبد الرزاق: المصريين.. لأ المصريين، لأ المصريين وحتى بمناقشتي لهم..
أحمد منصور: وكان عليكم أنتم عملية التنفيذ فقط..
عارف عبد الرزاق: لأ، عملية المناقشة والتنفيذ، مع إيجاد قوات مصرية، مع إيجاد قوات مصرية..
أحمد منصور: نعم، طبعاً هذا كان رد على فشل محاولة الناصريين سنة 63 في سوريا التي قام بها (جاسم علوان) ومحاولة التغلب على البعثيين في ذلك الوقت الذين كانوا يحكمون العراق.. سوريا؟
عارف عبد الرزاق: أنا لا أستطيع أن أجزم ما هي الغاية.
أحمد منصور: يعني أنت مشارك في خطة لا تعرف ما هي الغاية الآن!!
عارف عبد الرزاق: لكن أنا الدراسات.. الدراسات اللي درستها أنه أصعب شيء كان على عبد الناصر هو الانفصام، فكان هو دائماً.. كانت غصَّة في حياته أن يعيد الوحدة مع سوريا، فالمهم إحنا علينا نتكلم عن.. خليني أتكلم عن وجه الأحداث وبعدين إذا عندك سؤال قوله..
أحمد منصور: لأ، ما هو أنا سؤالي الآن: كيف تشارك الآن في خطة لا تعرف الغاية منها؟ بتقول لي أنا ماليش علاقة بالغاية!!
(11/354)
عارف عبد الرزاق: الغاية، دع الغاية.. ما أنا قلت لك الله، ما أنا قلت لك يا أخي الغاية إيجاد واحد اسمه (لؤي الأتاسي) ده كان رئيس جمهورية في سوريا، مع إيجاد قوة معينة صغيرة.. وإنزال قوات هليكوبتر في منطقة (دير الزور) وإعلان حكومة إلها للغرض إنه تكون وحدة بيناتنا، أيضاً لغرض الوحدة، وانتصار، لأنه (لؤي الأتاسي) راح يطلب من العالم، حتى يبرر لدخول قوات عراقية إلى هناك، فهذا كان.. إحنا كان هذا.. إحنا كنا.. إحنا كنا نناقش كعسكريين، مو كسياسيين، أنا قلت لهم أنا لا أتفق مع الموقف السياسي، ولا أعتقد أنه هذا صح، لكن أنا مو شغلتي، أنا شغلتي.. أنا شغلتي كعسكري، أنا في العسكر يسمون هذه معركة تصادفية، أنا لا أعرف.. أولاً لا عندنا معلومات عن القوة، لأنه بمناقشتهم عن.. بمناقشة المصريين عن القوة السورية.. القوة الجوية السورية، كانوا يعتقدون (بمج 17) كانوا موجودة قبل قيام الوحدة، بينما إحنا معلوماتنا إنه عندهم (مج 21).. فهم كان معلوماتهم يعني معلومات وأفكار ناقصة.
أحمد منصور: رفضت الخطة وذهبت والتقيت بعبد الناصر؟
عارف عبد الرزاق: رفضت الخطة وقالوا أنتوا.. يعني المصريين قالوا أنتوا عليكم هتناقشوا عبد الناصر.
أحمد منصور: شخصياً..
عارف عبد الرزاق: شخصياً.
أحمد منصور: ذهبت أنت..
عارف عبد الرزاق: فذهبت أنا و(محمد يوسف) ضابط.. مدير الأركان، و(محمد مجيد) و(صبحي عبد الحميد)، وكان وقت صيف كان هو بالمعمورة، ودعانا الرجل على العشاء، وبعد العشاء قال إنه صرف النظر عن الخطة.
أحمد منصور: بدون مناقشة.
عارف عبد الرزاق: بدون أي مناقشة، صرف النظر عن الخطة، لأنه موقف الانتخابات الأميركيين تغير. قلت له: الحمد لله، كفانا الله شر القتال، ورجعنا.
(11/355)
أحمد منصور: بعد ذلك بقيتم أنتم القوميين وكان هناك نوع من الشد والجذب بينكم وبين (عبد السلام عارف) إلى أن قام الوزراء القوميون، خمس وزراء قوميون بتقديم استقالاتهم مرة واحدة وكُلِّفت أنت بتشكيل الحكومة في 5 سبتمبر 65.
عارف عبد الرزاق: لأ أنا يعني بتمر، حضرتك بتمر مرور سريع على أحداث عمرها حوالي.. سنتين، بعد رجوعنا إحنا من عبد الناصر ووصولنا إلى..
أحمد منصور: أنا لا أستطيع أقف عند كل حدث صغير، لأن أنا..
(11/356)
عارف عبد الرزاق: لا ما حدث.. ما.. ما أنا أبين الأسباب يا أخي، أنا لدي.. أنت تسألني ولدي مبرراتي، لازم أذكر مبرراتي ديَّة، أنا بعد ما رجعنا وصلنا إلى معسكر (رشيد)، أُخبرنا بوجود اجتماع في الكلية العسكرية لتأييد الرئيس (عبد السلام عارف)، وكانت الحركة حركة غبية، كلنا ضباط وكلنا مؤيدين، فلماذا كان الانقسام؟ ليش هادولك راح يؤيدون؟ ليش إحنا ما نؤيدهم؟ كان فيه واحد ضابط اسمه.. واحد تاجر اسمه (عبد الرحمن رحيم)، (عبد الرحمن رحيم) كان سلطة خارج القانون وخارج السلطة، كان يعني مدراء.. مديري أمن. متصرفين، قائمي مقامين، وكنا نسمع بهذا الكلام، ونيجي نقول له هذا الكلام وهو ينكر، كان.. كان هو صديقه الخاص، كان صديقه الخاص، وهذا ابتدي كان رجل الرجل كان مهرب، ابتدى مهرب فجاء لنا.. جئنا لـ.. عبد السلام عارف عدة مرات يا أخي اتركنا إحنا إخوتك كلنا إخوتك، لماذا السر جاءني واحد يومها محامي اسمه.. (ممتاز العمري)، فقال:إنه (عبد الرحمن رحيم) يجيب ظباط في بيته ويحلِّفهم اليمين والقسم بالولاء (لعبد السلام عارف)، فذهبت إليه، قلت له إحنا كلنا إخوتك.. إخوتك لماذا تعمل هذه الأعمال؟ لماذا سر؟ قال ماذا؟ قلت له: هل الحادثة.. الواقعة صح أم خطأ؟ إذا كان صح أم خطأ أقدر أجيب الصبح.. الشخص اللي جه قالي، فقال لي: وبعدين هو نكرها، قلت له: لأ، جه الظابط الشخص اللي قال إياه فلان، فابتدى يشتم خالته وأمه، وجدته هذا ما.. مو علاج آخر كنا نسمع عن إنه هو راح إلى (الموصل) وهناك الشابات في المدارس الثانوية يصيحوا يا أسمر.. يا أسمر، قال لهم أمَّال إحنا بيض، مش إحنا أسمر؟ نسمع كلماته عنه إنه الجنيه المصري بنص دينار، قال ما تقولون لأولاد الكلب دول يسوون الجنيه معنا بربع دينار.. بربع دينار، كنا نسمع أشياء غريبة عنه.. فهذه يعني.. ها الالتزام، وبعدين القيادة السياسية كان اجتماعها كل شهرين، ابتدى الست شهور ما راح، قال أنا عندي(11/357)
كرامة، مثلما رحت عليه لازم ييجي عبد الناصر، قلنا له: يا سيدي عبد الناصر عنده أحساسيه من حادثة اغتيال أو شايف الحادثة الأمنية في العراق غير أمينة، فكبرياءك ليس في كبرياءك، هذا كبرياء الأمة كلها.. كبرياء الشعب كله فكان هنا إن.. يعني إلا نحميه بالعافية ليروح يحضر..
أحمد منصور: ولذلك فتح..
عارف عبد الرزاق: فكان هو يقول.. يقول الوحدة لا أحد يخسر إلا أنا، ما (......)كلكم في موقعكم إلا أنا أخسر ليه؟ مع الأسف يعني هذا.. هذا كان، هذا الشعور الموجود به..
أحمد منصور: ولهذا سعيتم بشكل من أشكال الضغط إلى أن قام عبد الكريم فرحان (أمين عام الاتحاد الاشتراكي ووزير الإرشاد) في 23 يونيو 65 بتقديم استقالته تبعه صبحي عبد الحميد (وزير الداخلية) ووزراء..
عارف عبد الرزاق: لأ، لا.. هذا..
أحمد منصور: ووزراء آخرين..
(11/358)
عارف عبد الرزاق: حدث هذا قبل آخر.. قبل هذا. في شهر (مارت) سنة 65 ابتدى (عبد السلام عارف) يتهيأ ضرب الأكراد، وجمع قواد الفرق وطبعاً كلهم هيدعوا أنه باستطاعتهم التغلب على الأكراد، وأنه هناك من قال أنه هناك كثير منهم يخافون من (الملا مصطفى) لمجرد وجود الجيش هناك راح يلجأون لسيرهم مع الحكومة مثل (إبراهيم أحمد) وغيره وإيش إلى آخره، فأنا كنت أرى خلاف هذا، أنا قلت إحنا جربنا القتال مع الأكراد مرات عديدة وما استطعنا نصل إلى نتيجة معهم، فهذا راح تكون عينة على غرار اللي فاتت، ولا تودون الجيش العراقي كله تودوه هناك لأنه.. البعثيين ارتكبوا خطأ وهو عزل الضباط والجنود الأكراد من الجيش في المقاتلة بينما كان.. كان جيش يقاتل ضد (...) فانقلبت المعركة من عرب إلى أكراد وهذا خطأ، فقلت أنا: من كل التفاؤلات التي ذكروها الإخوان أرجو أن يكون.. يبين لي أحد امتى راح تنتهي الحركات؟ فلما أنا أحرجتهم بهذا السؤال قالوا: لأ، إحنا ما نقدر نعطيك.. قلت من صفات القائد أن يعطي يوم تقريباً لانتهاء الحركات، لكن إذن أنتوا كلكم (...) فبعدين قبل هذه الحادثة كانت هناك حادثة عُيِّن شخص كحاكم عسكري في بغداد اسمه (سعيد الصقلي)، (سعيد الصقلي) كان حاكم عسكري في (كركوك) وكان عليه مجلس تحقيقي لتقاضيه رشوة 5000 دينار ومساعدة 11 مساجين من السجناء الذين قاموا بسحل أشخاص في (الموصل)، فاللي رشحه كان (عبد الرحمن رحيم)، فإيجي إلى قاعة الاجتماع فمدير الاستخبارات عبر لي ورقة إنه هذا عليه مجلس تحقيقي، قال الأخبار اللي ذكرتها قبل شوية، فشلت إيدي آخر مرة بعد أن تم الاتفاق، قلت هذا عليه مجلس تحقيقي، ينتهي المجلس التحقيقي وبعدين ينظر في أمره، وهذا شيء طبيعي يعني، فرفض ما صار به، اليوم الثاني نقرأ بالجرائد إنه تعين آمر.. مدير.. مدير المنطقة الصناعية أكبر من وزير، فالظباط اجتمعوا بغاية للضباط القوميين –اللي كانوا.. المبعثرين اللي سميتهم(11/359)
مبعثرين وهاي حقيقة- حوالي عشرة في بيت واحد اسمه (نهاد الفخري)، (نهاد فخري)، فعاتبوا (كريم فرحان) و(صبحي) باعتبارهم هم الوزراء القوميين الموجودين في الوزارة الباقيين، فقالوا إنه: الأمر طلع من.. طارئ من دون أن يستشيرنا، هو صدر أمر، فأنا قلت: أنتوا بأي حق تناقشون الموضوع، أنتوا شو علاقتنا إحنا وياهم حتى نربطهم، إذا كان إحنا عندنا هدف، لازم نهدي.. نحط الهدف قدامنا، لازم نكون من نحن؟ ماذا نريد؟ كيف نصل إلى ما نريد؟ لازم نتبع هذه الخطوات إذا (....)، فمثل أيقظتهم من سبات، فاجتمعنا في بيت (محمد خالد) أحد الضباط القوميين في ذاك الوقت..
أحمد منصور: تفتكر التاريخ؟
عارف عبد الرزاق: لا والله.
أحمد منصور: المهم إن الأمور وصلت إلى مرحلة أنهم قاموا بتقديم استقالتهم في الشهر..
عارف عبد الرزاق: لا.. لا بس، خليني أكمل بس هذه القصة، خليني أكمل هذه القصة، أرجو أن يعني تمهلني أن أكمل هذه القصة.
أحمد منصور: انتهى وقت الحلقة..
عارف عبد الرزاق: انتهى وقت الحلقة، يعني ليتنا وقت لابد من تكملتها لأنه هذا يقول لك إحنا بدينا بتنظيم، بدينا بتنظيم عسكري داخل الجيش..
أحمد منصور: في الحلقة القادمة تبدأ من التنظيم العسكري داخل الجيش الذي شكلتموه أنتم القوميون والذي وصل في النهاية إلى مرحلة تكليفك بتشكيل الحكومة في 5 سبتمبر 65. أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/360)
الحلقة10(11/361)
الخميس 14/1/1423هـ الموافق 28/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 09:38(مكة المكرمة)،06:38(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 10
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
10/03/2002
- تشكيل التنظيم العسكري للضباط القوميين
- تعيين عارف عبد الرزاق رئيساً للوزراء
- انقلاب عارف عبد الرزاق وأسباب فشله
- تأثيرات فشل الانقلاب وهروب عارف إلى مصر
- مقتل عبد السلام عارف وتأثيره على الانقلابيين
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق).
سيد عارف، مرحباً بك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً.
تشكيل التنظيم العسكري
للضباط القوميين
أحمد منصور: قبيل تكليفك بتشكيل الحكومة في الخامس من سبتمبر عام 65 كنتم قد سعيتم أنتم الضباط القوميون في الجيش العراقي إلى تشكيل تنظيم عسكري قبل هذا الموضوع، باختصار كيف تم تشكيل هذا التنظيم؟
عارف عبد الرزاق: ذكرت الاجتماع اللي صار مع بيت نهاد فخري، وبعدين تحديد الأهداف، إحنا منهم هذا نريد كيف نصل إلى.. إلى ما نريد، وعلى هذا الأساس تحسس الضباط بوجود تنظيم، لازم.. وجود تنظيم فاجتمعنا في بيت العقيد محمد خالد عبد الله، فشاهدنا.. شاهدت إنه عبد الكريم فرحان وصبري عبد الحميد يحاولون أن لا يلجأوا إلى هذا الأسلوب، وإنه.. عبد السلام عارف راح يوصل وأنه راح يتغلب عليهم أو يطردهم أو أي أشياء أخرى، فبعد أن وضعنا الأسماء يعني في حلقة صغيرة بأسماء انتخاب الرئيس، كل واحد يكتب مَنْ، فشوفت..و جدت إن الجو غير موالي لإجراء انتخابات فاقترحت عليهم أن تؤجل ليوم آخر.
أحمد منصور: رئيس للتنظيم تقصد؟
(11/362)
عارف عبد الرزاق: رئيس للتنظيم، وفي يوم من الأيام جاءني العقيد هادي خماس، وركبني بسيارته الصغيرة (فولكس واجن) وقال إحنا معزومين على شاي عند بيت عرفان عبد القادر وجدي، وأقسم أنني لم أعرف السبب، لماذا؟
أحمد منصور: تفتكر التاريخ أو الوقت أو الشهر، الشهر طيب.
عارف عبد الرزاق: يعني.. يعني في أواخر 64.. في أواخر الـ 64، بعد قيام الانتخابات مع..
أحمد منصور: أنا.. أنا حضرتك لا أستطيع أقف عند التفصيلات الدقيقة سواء اللي جاءت في مذكراتك أو اللي جاءت في الكتب، إحنا في التليفزيون بنأخد رؤوس الموضوعات، وإلا هنقعد 100 حلقة على ما نخلص.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح جداً.
أحمد منصور: فأنا الآن يعني خلاصة كيف تم تشكيل التنظيم؟
عارف عبد الرزاق: ما أنا أي عليك، أنا دعيت إلى دي الشاي، وهناك وجدت الضباط كلهم مجتمعين، وتكلم أول ما ابتدأ.. قبل الشاي ابتدا محمد مجيد وقال أنا أرشح عارف عبد الرزاق.. للرئاسة، وقام شخص آخر عدنان محمود أيوب.. عدنان أيوب صبري وقال أنا أرشح محمد.. أنا أوافق على ترشيح وأرشح محمد مجيد نائب للرئيس، و هكذا تمت، وإجتمعنا تقريباً..
أحمد منصور: عدد الضباط كان كم؟
عارف عبد الرزاق: عدد الضباط حوالي 16 واحد.
أحمد منصور: أهم الضباط اللي حضروا الاجتماع؟
عارف عبد الرزاق: تقريباً كتير يعني، فأسسنا عدة لجان، لجنة لماذا فشلت حركة 14 تموز في تحقيق أهدافها؟ لجنة تنظيمية، لجنة دعائية، لجنة مالية، ولجنة دراسة إحصاء من هم.. من هي العقول الموجودة في العراق و.. وميولها للاستفادة منتها؟ وابتدينا بنظام قريب، يعني انطوائي جداً، وحتى (...) يجب أن لا نخبر.. يكون سرية، لأن لو عرف عبد السلام عارف أننا تخلينا عن.. عن صبحي عبد الحميد وعبد الكريم فرحان لطردهم في يوم واحد.
أحمد منصور: أطلقتم على هذه الحركة اسم الحركة الاشتراكية العربية؟
عارف عبد الرزاق: لأ.. دا تنظيم سري فقط ضباط.
(11/363)
أحمد منصور: تنظيم سري للضباط.. يختلف عن الحركة الاشتراكية العربية؟
عارف عبد الرزاق: للضباط.. يختلف دكهي بعد.. بعد سنة صارت.. كملت.
أحمد منصور: طيب إيه الأهداف الأساسية اللي وضعتوها لتنظيم الضباط؟
عارف عبد الرزاق: مقاومة أي.. أي.. انفراج، أو أي حركة تقوم بها قوات أخرى، لأننا كنا.. مهددين من البعثيين ومن الشيوعيين.. الشيوعيين ماتوا تقريباً، قبروهم.. البعثيين، لكن أصبحت القوة المناوءة لنا هي البعثية اللي موجودة بها الشكل.
أحمد منصور: كنت أنت قائد القوات الجوية؟
عارف بعد الرزاق: شوف يعني حتى نكون حقيق، يعني في زمن عبد الكريم قاسم كانت هناك قوتين، قوة قومية وقوة شيوعية، أحدهما لازم تتغلب على الثانية، كان موقف.. موقف.. تهيأ لأي من القوتين ضد. في زمان عبد السلام عارف كان بعد.. هو وقف على التل، فكان بدايات قومي.. تيار بعثي نخاف مه ليثور أو إحنا، فمن يسبق الثاني؟ كان هذا.. كان هذا.. الثاني مو كان تغيير، كنا نسبق.. إنخاف لتسبق البعث الحركة الثانية ويحول مجراه، كان ما فيش تنظيم بعثي موجودة، وكان هناك تنظيم يقوم به عبد السلام موجود. تنظيم كذابي كله، و.. وكان هناك تنظيم حقيقي هو تنظيمنا إحنا.
أحمد منصور: تنظيم حقيقي إزاي وأنتم كنتم مبعثرين ولا تتفقون على أفكار ثابتة؟
عارف عبد الرزاق: لا بس ابتدينا.. ابتدينا وجمعنا الضباط من جديد.. ابتدينا وجمعنا الضباط من جديد.
أحمد منصور: قل لي أهم القيادات اللي كانت معك؟ أنت كنت قائد القوات الجوية، هل كان هناك قيادات بارزة أخرى من الجيش معكم في هذا التنظيم؟
عارف عبد الرزاق: كان مدير حركات محمد مجيد، كان معاون مدير حركات محمد يوسف، كان.. مدير استخبارات كان هادي خماس، كان عندنا أعمدة ألوية موجودين، كان موجودين.
أحمد منصور: حددتم وقتاً للقيام بحركة أو انقلاب؟
عارف عبد الرزاق: كان الضباط الصغار، متعمدين على الضباط الصغار أكثر من الكل.
(11/364)
أحمد منصور: سعيتم للقيام بحركة أن انقلاب في ذلك الوقت، أم فقط مجرد أنكم تحافظوا على التوازن؟
عارف عبد الرزاق: مجرد تنظيم، يعني أنا حاولت في شهر ثلاثة سنة 65.
أحمد منصور: مارس.
عارف عبد الرزاق: نعم، يعني بعد أن.. ابتدت حركات الشمال، فاجتمعنا في بيت.. دار هادي خماس، كل الضباط القياديين، فقلت أنه الحركة.. حركة فاشلة وغير مطمئنة.
أحمد منصور: حركتم أنتم؟
عارف عبد الرزاق: لأ، حركة الجيش ضد الأكراد.
أحمد منصور: آه، نعم.
عارف عبد الرزاق: ولو كتب لها النجاح لادَّعى عبد السلام عارف هو النجاح وتغلب على كل التيارات الأخرى، ولكن الفشل موجود بيها، والفشل يعم على الكل، فبمجرد وجود.. تحرك الجيش إلى الشمال، راح ينقل قسم من ضباطنا إلى الشمال.. بدعوة الحرب و.. وما تستطيع أن تنفذ يقول لك هذا أجمل، فهو بمرور الوقت في بغداد راح يضعف، يقوي وإحنا نضعف، فكان هناك فوجين جاية من واحد من المسيب، وواحد من.. من الحبانية،كان موالينا، وهو كان عنده قوتين، عنده قوة.. اللواء العشرين وبقيادة.. والحرس الجمهوري، وحنا كان عندنا القوة الجوية، وكان عندنا قسم الدبابات وكان عندنا فوجين جايين من هناك، فكان فرصة إنه يعني.. نقوم بعملية.. يعني.. اختطاف أو شيل لعبد السلام عارف أو.. أو حركة حرب معينة، لكن ما عدا اسمه محمد مجيد اعترض وقال هذه خيانة، وما نضرب الجيش من الخلف، فمن يريد أن يخطط لهذا.. فليعمل، فشفت على وجوه الضباط أنهم يكونوا غير موافقين، فبعد أن شتمتهم انصرفت.
أحمد منصور: ظل التنظيم قائم إلى أن كلفت.. بالوزارة في 5 سبتمبر 65؟
عارف عبد الرزاق: ضعف.. ضعف.
أحمد منصور: ضعف.. بعد هذا الموقف بالذات ضعف.
عارف عبد الرزاق: لأ، هناك جت ظروف أخرى معينة مع الأسف.
أحمد منصور: يعني لم يكتمل عمره سنة واحدة.
عارف عبد الرزاق: لم يكتمل عمره سنة، لأ. هو بقاياه موجودة، يعني.. يعني البذرة موجودة، لكن بقي..
(11/365)
أحمد منصور: دا دليل على إنه أنتم القوميين لم يكن لديكم أفكار ثابتة ومحددة، وأيضاً لم تكونوا تلتقوا على.
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ.. لأ.. لأ.. لأ.. دا أنا أخالفك الرأي.
أحمد منصور: اسمح لي، ما أنا.. أنا بس بأقرأ الواقع وخالفني كما تريد.
عارف عبد الرزاق: تقرأ.. الواقع، تقرأه.. تقرأه بالمقلوب.
أحمد منصور: ما بأقرأوش بالمقلوب أنا بأقره بالمعطيات.
عارف عبد الرزاق بتقرأه بالمقلوب.
أحمد منصور: كون تنظيم ضباط، عفواً، كون تنظيم ضباط الآن يُشكَّل، وفي أول مرة تجلسوا حتى تخدوا قرار حاسم، شكلتم في آخر.. في آخر 64، في مارس 65 سعيتم لاتخاذ موقف معين، أنت كرئيس للتنظيم قلته.. خالفك الآخرون.. ولم تقم ثم بدأ يضعف.
عارف عبد الرزاق: تركت.. تركت.. تركت الآخرين بدأ يضعف.
أحمد منصور: تنظيم لا يثبت لمدة سنة، ما.. ما هو قراءتك لذلك؟
عارف عبد الرزاق: يعني.. هذا لأ يعني أنا لم أقول، أنا اختلفت معاهم، لكن لم ننفصل.. اختلفت معاهم لكن لم ننفصل، وكل ما هناك امتنعت على الاجتماع معاهم.. كم مرة.
أحمد منصور: إنت الرئيس.
عارف عبد الرزاق: مع إن الرئيس بس أكو قواعد أخرى موجودة تشتغل، أكو قواعد موجودة تشتغل، يعني إحنا شكلنا اللجان، كل لجنة تشتغل لوحدها.. كل لجنة تشتغل بدون..
أحمد منصور: يعني بدون رأس دائماً يحرك كل الأحداث الموجودة في العالم، حتى على مستوى الأسرة نفسيها، اللي هي أصغر مكون جماعي موجود في أي مجتمع بدون رأس يسيطر ويوجه كل شيء بيتفكك، إذن أنت كرئيس للتنظيم بدأت تتخلى عن إنك تحضر الاجتماعات بشكل منتظم، وحصل فجوة بينك وبين الآخرين، إذن بدأت يتهلهل التنظيم ويتفكك.
عارف عبد الرزاق: يعني.. أنت.. تعتبرها عثرة لكن هي.. مو..
أحمد منصور: أنا ما فيش شيء شخصي بيني وبينك.
عارف عبد الرزاق: ولا.. ولا أنا فيه بيني وبينك شيء شخصي.
(11/366)
أحمد منصور: طيب يا سيدي أنت تعرف علاقتي بك منذ أكثر من عام منذ أن تعرفت عليك، فأنا.. بالضبط.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا.. أنا بيني وبينك الحقائق.. أنا بيني.. أنا بيني وبينك الحقائق، أنا.. أنا.. أنا.. أنا.. أنا كل ما هنالك نتكلم بالحقائق، لكن أنت ما تخليني أتكلم في حقائق.
أحمد منصور: أنا يا سيدي أعطي لك الفرصة كاملة.
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنت بتتهمني.. إنت تتهمني.. إنت تتهمني أنا نختلف و.. وأن نختلف، لأ، إحنا.. أعلى مما تصورنا، إحنا ما تجدنا في.. إحنا مثل الألماظ، إحنا من.. من أول منشأتنا إلى الأخير إلى نموت وإحنا نعشق.. بنعشق الوحدة العربية، إحنا نعشق الوحدة العربية.
أحمد منصور: أنا بأعشقها أكثر منك لا تزايد عليَّ في أمر الوحدة.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا مستحيل تكون أكثر مني، لا مستحيل تكون أكثر مني.. مستحيل تكون أكثر مني.
أحمد منصور: صدقني لا تزايد عليَّ في أمر الوحدة، أعشقها بأسسها وأصولها، لكن أنا هنا لست في إطار إن أنا أتكلم عن أمور شخصية متعلقة بي، إحنا بنتكلم في أحداثنا.
عارف عبد الرزاق: إنت بتقول، أنا لا.. أنا لا.. أنا لا عندي طبلة أدق بيها حتى أقول لك (....)، لكن تسألني أسئلة وأنا أجيبك عليها.
أحمد منصور: أنا أسألك يا سيدي الآن، أنا.. أنتم التنظيم الآن إلى سبتمبر 65 كان ضعف وبدأ.
عارف عبد الرزاق: ما.. ما تخليني نكمل أنت ما تخليني نكمل أبداً.
أحمد منصور: أنا ما بأخليكش تكمل؟
عارف عبد الرزاق: آه، طبعاً ما تخليني نكمل.. بعد هذا الحادث صار اجتماع في وزارة الدفاع، حضره ناجي طالب كان وزير خارجية، مسيس الحبيب كان وزير دفاع، وحضره رئيس أركان الجيش عبد الرحمن عارف وعبد السلام عارف، وإحنا ضباط الفرق وكان ماكومالناش ترقية، وإحنا في.
أحمد منصور: تاريخه كان امتى؟ الآن في مارس؟
عارف عبد الرزاق: في.. في بداية.. في.. في بداية 65.
أحمد منصور: يعني بعد مارس.
(11/367)
عارف عبد الرزاق: إي في بداية آيار 65، في بداية آيار 65.
أحمد منصور: شهر مايو يعني.. نعم.
عارف عبد الرزاق: شهر مايو.. في..يعني بعد أن الحرب ابتدا، يعني في.. في بداية الاجتماعات فجاء عبد السلام عارف.. عبد الرحمن عارف قال أنا.. هو اتعين حاكم عسكري في الشمال، يعني للمنطقة في كركوك، فهو رئيس أركان الجيش فكان.. كانت رواية.. تمثيلية سخيفة، هو يستطيع أن يصدر أوامر لمن يريد، لا يستطيع أن يرئس الجمهورية، المفروض إنه يرئس أركان جيش هو اللي يقوم.. بالترقية، فقال محتاج إلى ضباط ركن، ومحتاج إلى عمل أميري وحدات ما.. ما موجودين عندي، فقد يسجل،.. محمود عبد الكريم، هذا ضابط كويس لكن ما يريد أريد أن يروح فوج، يكون أمير، سيادة ضابط ركن فاروق صبري، هنا ثار محمد مجيد وقال هذا غلط، إحنا ما..
أحمد منصور: ماعلهش أنا.. أنا مع تقديري التام لهذه الرواية، لكن التفصيلات هذه لا تهم المشاهد كثيراً، ولا تهمنا في الشهادة. إحنا عند موضوعات رئيسه الآن، التنظيم..، لأن أنا بهذا الشكل..
عارف عبد الرزاق: يا إما تخليني.. يا إما تخليني أتكلم مثل ما أريد، يا إما لأ تتعبني..
أحمد منصور: يا سيدي تتكلم كما تريد.
عارف عبد الرزاق: ما أبا بأقول لك الأحداث ما بتيجي بها..
أحمد منصور: لا أستطيع أنقل كل صغيرة وكبيرة.
عارف عبد الرزاق: مع إن نتيجة هذا.. نتيجة هذا أجبرنا عبد السلام عارف أنه يروح إلى.. إلى.. إلى عبد الناصر، والاجتماع بالقيادة السياسية.. يا أخي أنت ما تخليني أتكلم كده، أنا في إيدي نقوم ونقطع المنهج، نعم أنا مستعد أقطع المنهج.
أحمد منصور: اسمعني يا سيدي أرجوك.. أرجوك، أنا لا أستطيع كل تفصيل اجتماع صغير أن..
عارف عبد الرزاق: لا تسألني أنا.. لا تسألني.
تعيين عارف عبد الرزاق رئيساً للوزراء
أحمد منصور: أنا بأسألك عن الآن تعيينك رئيس للوزراء.
(11/368)
عارف عبد الرزاق: ما كان.. ما أخر أحداث اللي.. ليش جئت رئيس وزراء؟ ناتج ليش لماذا جئت رئيس وزراء؟
أحمد منصور: هذا سؤال كنت سأسألك لماذا تم اختيارك رئيس وزراء؟
عارف عبد الرزاق: لماذا أه.. لماذا اخترت؟ لأنه هو بعد.. الاختلاف حول إذن بيني وبين كريم فرحان بعد..، كريم فرحان ارتكب خطأ كبير.
أحمد منصور: من كان كريم فرحان.
عارف عبد الرزاق: كريم كان وزير إرشاد.. وزير ثقافة وإرشاد.
أحمد منصور: اللي هو استقال في 23 يونيو سنة 65.
عارف عبد الرزاق: 23 يونيو؟
أحمد منصور: أيوه 32...
عارف عبد الرزاق: ...30 أو 29 مايو.
أحمد منصور: في 30 كانت الاستقالة الجماعية، 30/6/65 كان صبحي عبد الحميد، وهو ووزراء آخرين.
عارف عبد الرزاق: أي هو استقال قبلهم بيوم واحد أو يومين، يوم واحد.
أحمد منصور: أنا المصدر اللي نقلت منه إنه استقال في 23/6/65، في 26/9 مش فارقة كثيرة مش هأختلف معاك في التاريخ.
عارف عبد الرزاق: لا.. لا.. جيت أن..
أحمد منصور: نعم.
عارف عبد الرزاق: أنا كنت رحت معرض طيران اللي في فرنسا، وكان هو على أساس (....) اجتماع قمة عربية في الجزائر، وكان على أساس المفروض يعني.. يعني أنا.. أحد أعضاء مجلس الرئاسة. فكنا مبتين أن نعمل عملية، أدا موجود بأقل تضحية من الناس، في.. وأنا في باريس قام (بوميدين) بإنقلاب على (بن بلا)، فتغيرت الأوضاع فجيت كملت أنا كان عندي شغل في إنجلترا في.. لأنه.. دعوة من قبل بعض شركات الرادار كنا بنحاول نشتيرها، فقضيت أسبوع آخر بالإضافة إلى.. فكن قضيت حوالي 12 يوم. رجعت من دون أن أخبر أحد أنا عن موعد وصولي، والطيارة وصلت الساعة 2 بعد نصف الليل.
أحمد منصور: بتاريخ؟
عارف عبد الرزاق: بتاريخ 26/9.
أحمد منصور: نعم.
(11/369)
عارف عبد الرزاق: ففعلاً جيت لقيت المطار غاص بالمستقبلي، فقلت آني أكو شيء صار العراق، فلحقني إلى بيتي سيارتين، سيارة سعيد..، ومحمد.. والأخ الأستاذ فقلت له (....) فيها إيه، قالوا لأ ما فيش، قلت لأ، يعني مش معقول هذا الاجتماع كله موجود جاي ببلاش، فحكوا لي قصة كريم فرحان، وأن هو كتب كتاب إلى رئاسة الجمهورية أنه.. موظفيكم اتدخلوا في شغل.. الإذاعة، يرجى توجيه الامتناع عن هذا وتوجيه رسائلكم إلينا مباشرة حتى نحنا ننقلها في الإذاعة، كان به نوع من الفظاظة.. فعبد السلام عارف كلم وزير الدفاع.. رئيس الوزراء طاهر يحي، وشتم عبد الكريم فرحان، ورئيس الوزراء أعطى التليفون ليسمع عبد الكريم فرحان، فعبد الكريم فرحان استقال واليوم الثاني الصبح يوم الخميس.. أنا وصلت الأربعاء بالليل، هو الخميس سافر إلى القاهرة.
أحمد منصور: قيل إن الرسالة اللي وجهها كانت قاسية جدًا، لا توجه إلى أي رئيس دولة، عبد الكريم فرحان...
عارف عبد الرزاق: صح.. صح..
أحمد منصور: وكذلك رد رئيس الدولة عليه..
عارف عبد الرزاق: ورد رئيس الدولة بكلام...
أحمد منصور: لا يوجه إلى وزير.
عارف عبد الرزاق: هذا صحيح، وأنا..
أحمد منصور: يعني المستوى نزل..
عارف عبد الرزاق: وأنا خبرت يوميها في..
أحمد منصور: المستوى نزل..
عارف عبد الرزاق: الأشخاص، المستوى يعني.. ما يعني أنت.. يعني الإنسان لما يدخل في دور التهيج والعصبية تصدر منه أشياء..
أحمد منصور: يعني الشيء اللحظي يعني، إحنا بنوصف اللحظة يا سيدي، إحنا بنوصف اللحظة..
(11/370)
عارف عبد الرزاق: كل.. كل.. كل البشر، كلهم بشر وكلهم أخطاء، كلهم بشر وكلهم يخطأون، رحت أنا أزور الصبح يوم خميس 30 شفت طاهر يحيى وقال هناك 8 وزراء استقالوا اثنين منهم كانوا مستقيلين سابقًا وعبد الهادي الراوي والعبوسي، وستة من ضمنهم كريم فرحان، فقلت لو أنا مكانك خليها لما نشوف (...) يبضغط على الوزراء أو يشوف (...)، لكن مع الأسف طاهر يحيى كان على العموم من الأشخاص بيعتمد..
أحمد منصور: عين مكانهم مباشرة...
عارف عبد الرزاق: أعطوها الأسماء كلها لعبد السلام عارف مباشرة.. فقبل المغربية رحت أنا وسعيد صليبي بدي أتكلم مع عبد السلام عارف عن الموضوع، فقلت يعني هو غلط ولو أنت أقلته بدون هذا الكلام اللي سمعه بكلام شارع ما كان هناك غضاضة لأي بشر عليك، لكن هم لما استقال دول.. استقالوا.. الكلام النابي اللي سمعه.. سمعه عبد الكريم فرحان ولابتعاده عن هدف معين فرجعت إلى البيت رجع معايا سعيد صليبي فقال: لماذا تقول لو رشحت إلى رئيس وزراء
أحمد منصور: هذا أول مفاتحة ليك كانت في 30/6 أو في أول يوليو..
عارف عبد الرزاق: كانت في 30/6 بالفعل..
أحمد منصور: يعني إحنا عندنا يوليو وأغسطس، وفي 5 سبتمبر أصبحت فعلاً رئيس للوزراء، طوال الشهرين دول إلى 5 سبتمبر، المفاوضات لم تتوقف معك في العرض أن تكون رئيس وزراء.
عارف عبد الرزاق: لأ، هي بس خليني أكمل لك..
أحمد منصور: لو خدت الشهرين دولة هأقعدهم فيهم شهرين أسجل، أنا عايز رؤوس أقلام يا سيدي.
عارف عبد الرزاق: رؤوس أقلام، خلاص وجيت يوم 5 سبتمبر رئيس وزراء..
أحمد منصور: 5 سبتمبر، طيب في الفترة من أول عرض عليك، حينما عرض عليك سعيد صليبي وكان سعيد صليبي يعني..
عارف عبد الرزاق: آمر الانضباط العسكري..
أحمد منصور: آمر الانضباط العسكري وعلى صلة مباشرة..
عارف عبد الرزاق: حاكم بغداد.. حاكم بغداد..
(11/371)
أحمد منصور: طبعًا لم يكن عرضه منه وإنما كان عن طريق عبد السلام عارف…
عارف عبد الرزاق: ما قلته إن.. هذا العرض ليس منك ولا من عبد السلام، أنا مستعد أجرب نصوص الحل، حتى لو كان الناس (تنتقدني) بها، على شرط أن يبقى هو رئيس جمهورية دستوري لا يتدخل في أشياء أخرى، فكان رده بدل بعدين سرت على أساس ناجي طالب كان من العنصر الشيعي النظيف وكان هو رئيس للخارجية.. وزير الخارجية، فانتظرناه في يوم 3 بعد الرجوع، فكلمناه بعدما شافوه جماعة آخرين، فاستكبر أنه كان معلم مالي في كلية الأركان وأنا تلميذ أصغر منه أصير رئيس وزراء عليه، فعقد الموضوع وقال إحنا نحوله للرف ونجيب كل الغرض من.. الجيش في الشمال هنرجع كل الوزراء الموجودين فيها، قلت هذا الموضوع راح والوزراء كلها عرفها هذا الموضوع..
أحمد منصور: كان موقف طاهر يحيى أيه رئيس الوزراء في ذلك الوقت؟
عارف عبد الرزاق: ولا شيء.. طاهر يحيى..
أحمد منصور: علم بالموضوع وإنك أنت عُرض عليك المنصب؟
عارف عبد الرزاق: طاهر يحيى كان همه.. همه أن يبقي رئيس وزراء ..
أحمد منصور: كان همه أن يبقي رئيس وزراء..
عارف عبد الرزاق: همه كان رئيس وزراء..
أحمد منصور: أنت لما عُرض عليك في الفترة من، نقول من أول يوليو إلى 5 سبتمبر، طبيعة الأخد والرد بينك وبين عبد السلام عارف كانت أيه؟
عارف عبد الرزاق: ما أنت تخليني.. ما أنت تخليني أتكلم، أنت تقول.. أنت تقول..
أحمد منصور: ما أنا ممكن دول..
عارف عبد الرزاق: ما هو طبيعة الرد ما أنا قلت لك..
أحمد منصور: دول يا سيدي سبعين يوم..ما ممكن نقعد سبعين ساعة نتكلم..
(11/372)
عارف عبد الرزاق: يا حبيبي.. التغيرات.. التغيرات اللي صارت، أنا اتعرضت على ناجي طالب أمام عبد السلام عارف أن يشكل وزارة وقلت له لك علي أي شخص في العراق تريده أن يشتكي.. قال يجي تشتغل أنت صبحي عيسي، كلهم.. كنت أي شخص بالعراق موجود، كان يوم خميس وكان يوم جمعة مر (سوكارنو)، بالعراق، فانتظرناه يوم جمعة بوزارة الخارجية، فجاء ناجي طالب وقال: أنا مستعد أشكل وزارة لكن أنا صاحب أخلاق، ما ممكن أخلي طاهر يحيى.. أخليه نائب رئيس جمهورية فقلت له: يا نجدي طالب تقول أنك تفهم بالأشخاص، عبد السلام عارف يشك في حتى في أبيه، فبعد أن كان بالدستور النائب المؤقت.. نائب رئيس الجمهورية وأحمد حسين بكر شاله، تريدني أرجع واحد ثاني في مكانه، طب أُمَّال لماذا الاستعلاء لعبد الكريم؟ إذا كنت تريد أحمد.. إذا كنت تريد طاهر يحيى أن يجي نائب رئيس في مكان ما أنا أجيب لك إياه.. فأصر على رأيه فانفصلنا..
أحمد منصور: والآن أنت..
عارف عبد الرزاق: فصار اجتماعات مجلس قيادة الثورة وراها مباشرة، فاقترحوا أن يكون طاهر يحيي هو.. ويكون نواب رؤساء اثنين أنا وناجي طالب..
أحمد منصور: نواب رئيس وزراء؟
عارف عبد الرزاق: نواب رئيس وزراء، أنا وناجي طالب..
أحمد منصور: قبلت هذا أم رفضت؟
عارف عبد الرزاق: قبلت على مضض باعتبار أنه قال أنه لن يقبل الوزارة ما لم يرجع كل الوزراء هذا شرطه كان الرئيسي.
أحمد منصور: الذين استقالوا..
عارف عبد الرزاق: استقالوا ليش.. فباليوم الثاني صبحي عبد الحميد.. فقلت له.. جبت الإخوان إحنا مقابل الوزراء اللي يعتمد عليها عبد السلام عارف إحنا نطردهم مقابل الوزراء اللي راح يطلعون، ونجيبهم بوظائف مقابلة للوزير..
أحمد منصور: كل المهم، التفصيلات دي كلها انتهت إلى لا شيء..
عارف عبد الرزاق: كل الأشياء كانت التشكيل..شكل وزارة ترقيعية، تشكيل وزارة ترقيعية..
أحمد منصور: لم تستمر وكُلفت أنت..
(11/373)
عارف عبد الرزاق: لم تستمر.. استمرت بها إلى تشرين فجاء.. أَعيدت مرة ثانية في أغسطس واستمرت حوالي أسبوع زمان، إلى أن أنا عرضت أن ما أقوم يعني على مبدأ إنه يبقى رئيس جمهورية دستوري وأنه أنا أنتخب الوزراء، طبعًا يكون فيه شد وبدل، هو يبدل وأنا أروح، أنا يعني لا كنت أريد أقطع الحبل معاهم، ولا كنت أجاريه على كل الأمور..
أحمد منصور: كيف شكلت حكومتك؟
عارف عبد الرزاق: شكلت حكومتي من.. كيف شكلتها؟
أحمد منصور: آه..
عارف عبد الرزاق: شكلتها من أشخاص ما كنت أعير كثير اهتمام يعني، أكثرن ناس تعبوا عبد الرحمن بزاز..
أحمد منصور: كان اللي هو وزير الخارجية وكان نائباً لك؟
عارف عبد الرزاق: ونائب ليَّ، فكنا نجيب ناجي ... عقيلي قبل ما يجي إلى وزير دفاع وأنا ما كنت أرى إنه ما نعطيه وزارة الدفاع..
أحمد منصور: أنت اشترطت أن تكون وزيراً للدفاع لعبد السلام عارف أم هو الذي منحك؟
عارف عبد الرزاق: لا أنا اشترطت.. اشترطت..
أحمد منصور: أنا اشترطت؟ لم يكن خائفًا من هذا الشرط منك؟
عارف عبد الرزاق: والله هو الخوف موجود، وأغير ما يعني ما أقول غير موجود وتصف بالشكل هذا، بس هو كما.. أنا.. أنا يعني.. أنا جيت رئيس وزراء ليش..أجي أعمل انقلاب ما أجي أشكل حكومة..
أحمد منصور: يعني أنت مخطط لانقلاب متى فكرت فيه وبدأت فيه؟ متى فكرت فيه وبدأت فيه؟
عارف عبد الرزاق: نعم، من .. من .. فكرت فيه من أول من بعد ما عمل الانتخاب اللي صار بين.. كلية الأركان، بالكلية العسكرية، ومفاتحة الضباط بالولاء له شخصيًا، فكرت بهذا وابتعاده عن الخط.. خط الوحدة.
أحمد منصور: لكن متى بدأت التخطيط الفعلي له؟
عارف عبد الرزاق: والله التخطيط ما أنا قلت عدة محاولات صارت..
أحمد منصور: أنا بأقصد الآن أنت في أول يوليو حينما عرضوا عليك أن تصبح رئيس للوزراء، هل كنت في ذلك الوقت تفكر في الانقلاب؟
(11/374)
عارف عبد الرزاق: نعم، نضال سلمى، لكن امتى كان السؤال امتى..
أحمد منصور: كان كل الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: كان كل.. كل أسبوع زمان و.. خاف للي راح للمغرب لاجتماع قمة، فهل كانت أنه بعد التجربة ما بينت (...)، يعني من بعدما اتطلعنا على خلاف بيني وبينه حتى نقوم بعملية، فها اللي كان هذا.. هذا كان نقطة بتاعة تأخير، النقطة التعجيلية أنه هو بره، مين اللي يمكن ما يطلع بره بعد سنة وأسلم التغييرات أن يكون هو بالخارج حتى لا.. لا نضحى..
أحمد منصور: هو كان يشعر أنك تعد للقيام بإنقلاب، ولذلك سعى لاستيعابك فعرض عليك رئاسة الوزراء؟
عارف عبد الرزاق: هو كان يخاف مني، بس ما أقول كان.. كان أحد الاجتماعات كان طلب عبد الرحمن عارف من عبد الكريم فرحان أن يحلف يمينًا بطلاق مرته أنه هو ما.. لم يعرض، ومع الأسف عبد الكريم فرحان حلف بعد الجدال.. النقاش قال له أنت من يقولون الناس عليك أنت لا تصلح رئيس أركان الجيش، لأن كونك رئيس أركان الجيش لأنك أخو عبد السلام عارف وصارت مشادة، فصارت مناقشة في اليوم الثاني على أساس مناقشة الوزراء أنا احتجيت إنه.. إن كنا أن مجلس الوزراء أصح مجلس لا يفي بالمرام، وأنه كانت الأكثر أعضاؤه في اجتماعات خاصة إذا لم يشاركوا الانتخاب للوزراء عليه السكوت فقط.
أحمد منصور: قبلت برئاسة الوزراء بنية القيام بانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: كنت رتبت أي شيء قبل ما تتولى رئاسة الوزراء لتنفيذ الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: على طول كانت القوة الجوية كلها على طول عندي باستمرار..
أحمد منصور: اعتمدت على أي قوة أخرى غير القوة الجوية؟
عارف عبد الرزاق: في الانقلاب اللي صار؟
أحمد منصور: آه، أنا الآن لسه وأنت أول يوم رئيس وزراء وتركت لعبد الرحمن البزاز تشكيل الحكومة وتصريف أمور الوزارة كمان، صح؟
(11/375)
عارف عبد الرزاق: آه، كان .. أنا كان عندنا قوات جوية وكان عندنا بعض الدبابات وكان الحق يعني أصلح إحنا للقيام بالعمل بالنهار، بالليل إحنا عاجزين عن العمل، سعيد صليبي أو عدني أنه لو.. لو لم يأت عبد السلام عارف إلى الخطة، لا تفق معي وسعيد صليبي من صفي من..
أحمد منصور: هو آمر الانضباط العسكري؟
عارف عبد الرزاق: هو آمر الانضباط العسكري.
أحمد منصور: وكان من أكثر الناس ولاءً لعبد السلام عارف..
عارف عبد الرزاق: لأ، كان مخلص للكل، كان مخلص لواجباته..
أحمد منصور: هو الذي كشف انقلاب..
عارف عبد الرزاق: لا.. لا، هو ولاءه ليَّ أكثر من عبد السلام عارف..
أحمد منصور: ولاءه ليك هو الذي أفشل الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: بس هو كان يرى.. هو كان يرى..هو كان يرى ما لا أراه، وكان يرى أنه جماعتي غير.. غير قادرين على العمل، وكان على اختلاف مع..
أحمد منصور: يعني هو أكثر بصيرة بجماعتك منك أنت؟
عارف عبد الرزاق: يعني أنا.. أنا كنت أعتمد على ماضيهم، هو كان يعتمد على حاضرهم، ما أدري.
أحمد منصور: يعني لم تكن تعرف حاضر من حولك؟
عارف عبد الرزاق: لأ، يعني لا تحاول أن تدس الكلام دس..
أحمد منصور: أنا ما بأدسش يا سيدي، أنا بأسأل..
عارف عبد الرزاق: لا.. لا بتدس، هذا دس.. هذا دس لا يخفى علي..
أحمد منصور: أنا لا أدس..
عارف عبد الرزاق: أرجوك أن يكون الحوار أدبي..
أحمد منصور: أنا لم أتجاوز يا سيدي..
عارف عبد الرزاق: أنت تقول لي أنت لا تعرف أنت..
أحمد منصور: لأ، هو كلام سيادتك أنت، مش كلامي أنا..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت لك.. أنا قلت لك أنا اعتمدت على ماضيهم، ماضيهم الأولاني كله كان تمام كويس، وكان ليكوا مدى في إقامة حركات معينة، هو كان يرى هذا غير ما أراه أنا.
أحمد منصور: هل وضَّح لك هذه الأمور وقال لك أن هؤلاء غير أكفاء وسيخذلوك؟
عارف عبد الرزاق: قال هذا الكلام.
أحمد منصور: لكن أنت رفضت كلامهم.
(11/376)
عارف عبد الرزاق: أنا رفضت اعتماداً على أخلاقي إنه وها دول جماعتي من الأول..
أحمد منصور: لماذا وأنت الآن أصبحت رئيس للوزراء لم تسع للتغيير الذي كنت تنشده وأنت في أرفع منصب بعد رئيس الدولة، بل المنصب التنفيذي المسؤول؟
عارف عبد الرزاق: سعيت..
أحمد منصور: عشرة أيام أنت بقيت رئيس الوزراء..
عارف عبد الرزاق: عشرة أيام آه..
أحمد منصور: سعيت عشرة أيام للإصلاح؟
عارف عبد الرزاق: عشرة أيام لأ.. إصلاح الوضع، لا يمكن إصلاح الوضع..
أحمد منصور: طبعًا تصلح وضع البلد
عارف عبد الرزاق: لا.. لا، هو عبد السلام عارف اختلف نهائياً وابتعد عن الوحدة خط نهائيًا خلاص، ما فيش فايدة..
أحمد منصور: كنت تستطيع هذا، ألم يطلب منك سعيد صليبي منح الرجل فرصة عدة أشهر وإذا لم يقم من خلال وجودك أنت بجواره كرئيس للوزراء إذا لم يقم بتنفيذ هذا الأمور سيكون معك في الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: لا.. غير صحيح..
أحمد منصور: ألم يكن الرجل أيضًا..
عارف عبد الرزاق: أنا قلت لك.. أنا قلت لك كنت في.. قوتين تشدني، واحدة لم يجرب عبد السلام عارف بعد معي والثانية قد لا تتيح فرصة أخرى أن يكون بعيد عن الوطن، فكان كل الهدف منه أن نقوم بالتغيير بأقل عدد من الضحايا.
أحمد منصور: هل رجعت للتنظيم قبل القيام بهذه الحركة أم.. أم كانت بشكل فردي منك.
عارف عبد الرزاق: لأ طبعًا قمنا بالتنظيم..
أحمد منصور: كنت تهدف من وراء هذا أن تكون رئيسًا للدولة.
عارف عبد الرزاق: لأ، إحنا كان في تخطيط.. كان في تخطيطنا أن يكون رئيس وزراء فقط.
أحمد منصور: أصبحت رئيس وزراء الآن تقوم بانقلاب وأنت رئيس للوزراء؟!
عارف عبد الرزاق: إذا.. إذا أنت لا تصدق فاسأل من كان معي..
أحمد منصور: يا سيدي مش قضية تصديق، أنا بأسألك ومن حقك أن.
عارف عبد الرزاق: أنا ما قلت لك يعني في تقديمنا في الحركة.. حتى لا.. حتى لحظة ما في المنصب كان منصب رئيس وزراء فقط.
(11/377)
انقلاب عارف عبد الرزاق وأسباب فشله
أحمد منصور: أصبحت رئيس للوزراء في 5 سبتمبر، في 12 سبتمبر سافر عبد السلام عارف لحضور القمة العربية في الرباط، وأنت قمت بحركتك مساء 15 صبيحة 16 أيلول/ سبتمبر..
عارف عبد الرزاق: كان الأربعاء أو الخميس..
أحمد منصور: ما الذي.. ما هي الترتيبات التي قمت بها للانقلاب وما الذي أدى إلى فشله؟ تكون رئيس وزراء ووزير دفاع وتفشل في حركة انقلابية ورئيس الدولة في الخارج، يعني كل عوامل النجاح مهيأة لك ومع ذلك فشلت الحركة؟
عارف عبد الرزاق: أنا في يوم الأربعاء زارني..
أحمد منصور: كان تاريخه كام –عفوًا- الأربعاء؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: تاريخه كام الأربعاء؟
عارف عبد الرزاق: 15.
أحمد منصور: 15.
عارف عبد الرزاق: جاءني عبد الهادي خماس.. وقال لي أنه هذا البيان أعده صبحي ومحمد مجيد وأنا..
أحمد منصور: صبحي عبد الحميد..
عارف عبد الرزاق: ومن زحمة الزوار ومن زحمة الأشياء الأخرى وقطعنا الخطة، الخطة وضعوها كل فلان وفلان..
أحمد منصور: يعني أنت لم تضع خطة الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: وضعها الـ..
عارف عبد الرزاق: الضباط الموجودين الآخرين..
أحمد منصور: الضباط.. نعم، قلن بأي شيء كنت مشغول وأنت كنت تترك إدارة شؤون رئاسة الحكومة إلى مساعدك البزاز؟
عارف عبد الرزاق: البزاز ما كنش موجود..
أحمد منصور: البزاز كان مع الرئيس..
عارف عبد الرزاق: وهو.. أنا ما تركته، كيف أترك أنا كنت مشغول برئاسة الوزراء زيه..
أحمد منصور: مشغول برئاسة الوزراء أيه وأنت واخد رئاسة الوزراء يعني..
عارف عبد الرزاق: بس.. هي اجتماعات دورية في مجلس الوزراء يومياً فيه اجتماع ما أعرفش أيه وما أعرفش أيه، وفيه زوار جايه مهنئة وفيه..
أحمد منصور: إذا الدنيا هتنقلب بعد يومين وسيادتك اللي هتقوم بهذا الانقلاب، كل هذه الأمور تعتبر أمور شكلية؟
(11/378)
عارف عبد الرزاق: على كل حال أنا اعتمدت على الخطة اللي يضعها ثلاث ضباط ركن بأتركهم، ما كنت أعتقد أنها تكون الخطة غير حقيقية.
أحمد منصور: يعني الخطة كانت غير واقعية؟
عارف عبد الرزاق: الخطة بها نقص.. الخطة بها نقص ..
أحمد منصور: اتطلعت عليها قبل التنفيذ؟
عارف عبد الرزاق: ما اتطلعت عليها قبل التنفيذ، بالتنفيذ
أحمد منصور: وأعطيت أمر بالتنفيذ دون الاطلاع عليها..
عارف عبد الرزاق: أنا اتفقت معهم على أني أمر الساعة السادسة مساءًا إلى مديرية الأمن وأقول لهم (Off) or (on) فجاءني حميد قادر، فأنا كنت أحاول أجذبه سعيد صليبي إلى جنبي حتى لن.. لن نضع خسائر كثيرة، كان أكو دعوة في السفارة الإيرانية وحميد قادر جابه إلى القوة الجوية عندي، رحت له القوات الجوية أثناء (...) بالقوة الجوية أنا ماسك قائد قوات جوية كنت، فحاولت.. أهتدي بالأخير، بعد أن كان فيه عندهم مساعد اسمه عزيز عباس، أنا كنت مفاتح عزيز عباس قبل هذا لو صار كذا.. كذا من تكون.. مع أي جانب؟ فهناك من ضباطنا اللي راحوا في الحركة بعد أن مريت على الاستخبارات والأمن قلت لهم (on) هم استعجلوا في إرسال القطاعات، القطاعات المفروض تروح الساعة 11 هم بعتوها الساعة 10 بداية فأحد الضباط خان وراح أفشى لسعيد صليبي أنا بعد موافقة عزيز عباس...
أحمد منصور: لكن سعيد صليبي كان عنده علم منك أنت؟!
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا خبرته.
أحمد منصور: طيب هذا الضابط خان ليه؟ المعلومة عند سعيد صليبي أصلاً.
عارف عبد الرزاق: أنا لم أذكر له تفاصيل سعيد صليبي أنها ستكون هذه الليلة أو متى..
أحمد منصور: يعني فقط هو عنده علم، لكن ليس عنده علم بالوقت.
(11/379)
عارف عبد الرزاق: بس أنا عايز أقوم بعملية لا أعطيه.. لم أعطيه أي تفاصيل بالعملية، لكن هنا..ذاك من أعطاه الضباط تحركوا، وأعطى أسماء الضباط اللي تحركوا، فأنا دائمًا طلعت من قيادة القوات الجوية، مررت بالحرس الجمهوري، فشفت حركة غيرها تأتي بالموضوع، كان عندي ضباط ركن حوالي عشر ضباط ركن في مقر وزارة رئيس الوزراء، أول ما وصلت خبروني أنه سعيد صليبي وحميد قادر أعطوا إنذار لكل القطاعات إلى في بغداد وللشرطة ولقاعدة بغداد، فاتصلت بسعيد فقلت له تعال، فجاء.. هناك كأنها..
أحمد منصور: يعني سعيد الآن هو الذي واجهك في إفشال الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: بس خليني أتكلم يعني إذا تسمح لي نتكلم نشوف مو.. جاني، أنا جبت سعيد وبشير طارق كان على الحزب الجمهوري تكلم فجبت جبنا على أساس ما يخرجون..
أحمد منصور: تحبسهم عندك...
(11/380)
عارف عبد الرزاق: أحبسهم، لكن كان النقص من تلك الخطة.. أنه الخطة.. الجماعة الأولى تروح الساعة 11 والثانية تروح الساعة 6 للقادة، ففرقت الساعة 6.. الساعة 8 يعملوها بالليل؟ هنا.. هنا نقطة الخطأ، فبعدين هناك أحد الضباط.. الضباط لم.. 5 راحت إحدى سيارات راحت إحدى السيارات تأخرت ما راحت فلما دخلوا للمعسكر مع كتيبة تدريب.. قطعوا التليفون السري اللي بتحاول نتصل بماذا عندكم، وحبسوا الآمر واللي موجود هناك، وأمروا الحرس ألا يخلون أحد يدخل، فالسيارة الخامسة.. الحرس منعها إن تدخل، فرجعت السيارة الخامسة خبروا هادي خماس إنه الجماعة اللي راحوا قُبض عليهم، وإن كان ها الحال هُمَّ كان القابضين، فمخابرة تليفون خاطئة لضباط الركن وأعيب على ضباط الركن أن همَّ لم يذهبوا للتحقق من الأمر، لأن هو قطع التليفونات الموجودة بيها، فوافقوا على الكل على إنه كلام شرف أنه نعدها ليوم آخر، حتى سعيد صليبي، فبعد أن سمعت أنا بعدين بشكل أنا حاولت أنتحر أخذوا المسدس مني، لأن الحركة مكشوفة يعني كشفت الموضوع بها الشكل، فانتظرت مصيري يعني أنتظر للصباح بعد أنن أخذوا.. جردوني من السلاح، أنتظر مصيري..
أحمد منصور: مين اللي جردك؟
عارف عبد الرزاق: حميد القادر وسعيد صليبي والجماعة اللي كانوا موجودين...
أحمد منصور: جردوك من السلاح بعدما سعيت للانتحار.
(11/381)
عارف عبد الرزاق: للانتحار جاءني شخص الصبح وقال لي الدنيا لم تنتهي، إن راح تبقي وهناك راح يعدمك عبد السلام عارف أنت والجماعة الباقين، فلماذا لا تأخذ طيارة وتروح تنزل بهم والدنيا ما.. هناك مستقبل آخر، فمشيت أنا حاولت الصبح عن إني أقوي جبهة من.. من الحبَّانية، في الحبَّانية كان عندي 3 دبابات، وكان عندي الفرقة الثالثة، لكن عندي قوة مقابلة للفرقة الثالثة مناوئة للفرقة الثالثة، وكان عندي كل القوات الجوية في الحبَّانية، فقلت الصبح لعبد الحميد الاتحاد الاشتراكي بتاعكم إنه هل تستطيع أن تقوم بالمظاهرة وأنا أنهي الموضوع من هناك، فأيضًا تردد وقال لأ، غير.. غير قادر.. مو يستطيع أن يجمع هذا العدد..
أحمد منصور: حليفك؟
عارف عبد الرزاق: ما بيستطيع أن يجمع هذا العدد في وقت قليل، فكان فترة الانتهاء.. الانتظار.. انتظار قدري، فجاء نبهني هذا الموجود بها الشكل أنا.. هناك.. هو حميد قادر عطاني 200 دينار والآخر 150 دينار، ما كان.. أنا كنت رئيس وزراء ما كان في جيبي إلا 15 دينار.
أحمد منصور: نقدر نقول هنا إن كان فيه ارتجالية في.. في ترتيب الانقلاب، كان عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف بصفة عبد الرحمن عارف كان رئيس أركان الجيش وأخو عبد السلام عارف كانوا متيقظين وكان فيه معلومات..
عارف عبد الرزاق: لم يكونوا.. لم يكونوا متيقظين..
أحمد منصور: فيه معلومات، برجالهم سعيد صليبي والرجال هؤلاء همَّ الذين أنقذوا الوضع، وهؤلاء كان لديهم معلومات ما كانش فيه عنصر مفاجأة في الانقلاب، كان أنت مطمئن إنك رئيس وزراء ووزير دفاع وقائد طيران، وكل شيء عندك، والبلد كلها بتتكلم عن إن عارف عبد الرزاق سيقوم .. بإنقلاب
عارف عبد الرزاق: شوف حضرتك لو. لو.. لو استطاع هذا ضباط القادة الوصول إلى بغداد في.. مع القوات اللي راحت هناك...
أحمد منصور: ما فيش (لو) في الانقلابات.
عارف عبد الرزاق: نعم؟
(11/382)
أحمد منصور: ما فيش (لو) في الخطط العسكرية!!
عارف عبد الرزاق: ما هو الخطة.. الخطة كانت ناقصة، الخطة خطأ.
أحمد منصور: الخطط العسكرية، المشكلة كمان أنك تحركت، كما يعني جمعت أنا الأشياء المختلفة كان فيه فردية في التحرُّك وأنت رئيس وزراء.. رئيس وزراء ووزير دفاع ومسؤول.
عارف عبد الرزاق: أين الفردية أخي؟ أنا هأقول لك كل الضباط هم قاموا بحركات تكون فردية؟!
أحمد منصور: ما همَّ الضباط همَّ اللي أفشلوه أيضاً.
عارف عبد الرزاق: ما همَّ.. همَّ اللي وضعوا الضباط الخطة تقول فردية.. مو فردية أنا كنت .. أنا.. أنا كنت أشد من قوتين عبد السلام.. سعيد صليبي قال أمهله بعض الوقت، وأنا هذا.. هذا نقطة مهمة جداً، والثانية أنه قد لو جاء هو يتعذر قيام انقلاب إلا بضحايات كثيرة.
أحمد منصور: هو لازم يبقى فيه انقلاب؟ مش ممكن إصلاح الوضع من الداخل؟
عارف عبد الرزاق: مش ممكن.. شخص يقول لك أنا.. أنت إذا صارت وحدة أنا اللي.. الخاسر بكم الوحيد.. شخص يقول...
أحمد منصور: يعني حتى أنت رئيس وزراء ولا تستطيع أن..
عارف عبد الرزاق: يا أخي، أنا تكلمت مع عبد السلام عارف كلام خشن جداً في كلماتي الكثيرة، وأسمعته كلمات كثيرة، لكن مع الأسف هو يقول إيه ويقول لك إيه، وعندما تطلع يتغير..
أحمد منصور: كان فيه سوء ..سوء استقبال بين الانقلابيين نفسيهم.. مفيش اتصالات؟ فيه مكالمة تليفونية جت هدمت الأمور، أنت مسؤول أساسي عن الانقلاب ولم تراجع الخطة.
عارف عبد الرزاق: هذا صح؟
أحمد منصور: ولم تقراها والآن تحملهم مسؤولية الفشل.
عارف عبد الرزاق: لأ، أحملهم مسؤولية الفشل، لأن همَ.. يعني واضع الخطة واضع أمامه الجبن...
أحمد منصور: دايماً الرئيس بيبقى مسؤول، ما تعتبرش مسؤول عن.. عن فشل الانقلاب؟
عارف عبد الرزاق: أنا.. أنا أعلنت عن عدم مسؤوليتي لها، أنا لا.. عدم المسؤولية..
أحمد منصور: المسؤولية الرئيسية..
(11/383)
عارف عبد الرزاق: أنا لا أدعي عدم مسؤوليتي لها، لكن أنا أحكي لك تسألني عن المبررات هذه المبررات..
أحمد منصور: ربما تكون من المرات النادرة إن رئيس وزراء يسعى لعمل انقلاب، وهو رئيس وزراء ووزير دفاع، صح؟
عارف عبد الرزاق: وزير دفاع ما..
أحمد منصور: لما فكرت في الانتحار هل كان الانتحار مخرج أو كان يوافق يعني حتى تاريخك وماضيك وأسلوب تفكيرك؟
عارف عبد الرزاق: لأ، يعني على نظرية "الزبال بيهدي إلى بئر ابن عمرو"، يعني ما كنت أريد يتشفي بيَّ عبد السلام عارف.
أحمد منصور: حينما قررت أن.. أن تستقل طائرة وتذهب إلى مصر أو تهرب إلى مصر، ألم تفكر في مصير الضباط الذين خلفك والذين تورطوا معك؟
عارف عبد الرزاق: أخذتهم معي.. أخذتهم معي.
أحمد منصور: أنت أخذت معك الكبار، لكن لم تأخذ الضباط الصغار الكثيرين.
عارف عبد الرزاق: لا أحد.. لم يعرفهم أحد، لم يعرفهم أحد.
أحمد منصور: كيف وتم القبض عليهم ومحاكمة كثيرين منهم؟
عارف عبد الرزاق: أبدًا.. أبدًا.. الشكوك اللي قُبض عليهم قُبض ناس ما لهم دخل بالموضوع.
تأثيرات فشل الانقلاب وهروب عارف إلى مصر
أحمد منصور: أثر إخفاق الانقلاب إيه؟ كان عبد الناصر عند علم بهذا المخطط؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: حينما وصلت إلى مصر تحت أي مُسمي وصلت؟
عارف عبد الرزاق: وصلت بطيارة خدت طيارة عراقية وخدتهم معايا، جاني سامي شرف وما كان يعتقد إنه ما فيه مشاكل، فأخبرته إنه هناك.
أحمد منصور: لم يكونوا يعرفوا أنكم دبرتوا محاولة انقلابية وأنكم وصلتوا.
عارف عبد الرزاق: لا.
أحمد منصور: طبعاً عبد الناصر وعبد السلام عارف كانوا في مؤتمر الرباط، وعبد السلام عارف حينما علم بهذه المحاولة أدرك إنه وراءها عبدا لناصر، لا سيما وأنك هربت..
عارف عبد الرزاق: إلى مصر.
(11/384)
أحمد منصور: إلى مصر، ومصر آوتك في هذا الموضوع، حتى إن عبد السلام عارف وهو راجع إلى.. إلى العراق من الرباط مر بالقاهرة وكان متخوِّف خلال الفترة اللي قضاها، وشاهد الطيارة اللي أنت فررت بها إلى هناك، وكذلك الضباط الآخرين..
عارف عبد الرزاق: لأ.. لأ.. لأ، الطيارة اللي جيت فررت بها رجعت في نفس اليوم، لكن هناك طيارة (اليوشن) فرر بيها ناس، ما.. ما كان عليها..
أحمد منصور: في اليوم التالي..
عارف عبد الرزاق: في اليوم التالي.. بعض طيارين ، اللي همَّ ممتاز سعدون، وعمرو عبد الله، وزهير كان معي، هم خافوا لأحد يفشي بهم ويعرفهم فتخوفوا منه وجابوا طيارة ثانية، فصادفوه طيارة ثانية فهو جي خاف من ركوب الطيارة فركبه حسين عبد الناصر معه بالطيارة
أحمد منصور: دي قصة العودة، لكن طالب عبد السلام عارف من عبد الناصر أن يسلمك لمحاكمتك صح؟
عارف عبد الرزاق: لأ.
أحمد منصور: لكن عبد الناصر طلب منه العفو عنك، ورفض عبد السلام عارف.
عارف عبد الرزاق: لأ، أنا لا.. لا.. كل الكلام اللي سمعته من عبد الحكيم عامر أنا لم أقابل عبد الناصر زي ما قلت لحضرتك.
كل اللي سمعته ممكن من عبد الحكيم عامر قال له: ماذا تريدون من الضباط؟ قال خذوهم اعملوا بيهم اللي تعملوه، أنا ما.. ما أريدهم بعد الآن، فإحنا بقينا رهائن في مصر.
أحمد منصور: كم ضابط كنتم؟
عارف عبد الرزاق: حوالي 16، 17 ضابط.
أحمد منصور: لم يُنسق معكم المصريون في خلال هذه الفترة أي شيء؟
عارف عبد الرزاق: مين؟
أحمد منصور: المصريين لم ينسقوا معكم شيء فقط.. فقط آووكم فقط؟
عارف عبد الرزاق: يعني مع الأسف صحيح أنهم أعطونا راتب لجوء.
أحمد منصور: 200 جنيه.
أحمد منصور: 200 جنيه لي أنا، والباقي على 100.. ضابط وعلى 180.. 100 للضباط الآخرين.
أحمد منصور: بصفتك الزعيم..
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: بصفتك الزعيم.
(11/385)
عارف عبد الرزاق: بصفتي رئيس الوزراء آه فطلبنا حتى الهرب إلى داخل العراق بحجة الحج فرفض طلبنا.
أحمد منصور: يعني عوملتم معاملة غير جيدة في البداية؟
عارف عبد الرزاق: لأ، معاملة جيدة، لكن لم يُسمح لنا بالخروج خارج مصر.
أحمد منصور: لم تلتق مع عبد الناصر؟
عارف عبد الرزاق: أبداً.
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر التقي بك مرة واحدة ولا أكثر؟
عارف عبد الرزاق: التقي بيَّ مرتين.
أحمد منصور: ماذا كان دار بينك وبينه.
عارف عبد الرزاق: المرة الأولى إنه ليش فشلتم وإنه مكالمة تليفون فشلت، والمرة الثانية عندما قُتل عبد السلام عارف، وكان جاي لنا، فقال لي إيه رأيك من يكون هناك (....) يكون في العراق.
مقتل عبد السلام عارف وتأثيره على الانقلابيين
أحمد منصور: في 13 إبريل/ نيسان 66 سقطت طائرة عبد السلام عارف المروحية، قيل أنه قضاء وقدر وقيل أنها مؤامرة، لكن في النهاية في 16 إبريل تولى شقيقه عبد الرحمن عارف رئاسة الدولة بعد انتخابات جرت نافسه فيها البزاز، ثم انسحب البزَّاز بعد ذلك لصالحه، في تلك الفترة تأثير مقتل عبد السلام عارف كان عليكم إيه، وأنتم كنتم تعتبروه عدوكم اللدود؟
عارف عبد الرزاق: رجل سيئ، لكن كان تغيير في السياسة المصرية تجاهنا، ابتدوا الآن يساعدونا ويحركونا..
أحمد منصور: كيف؟
(11/386)
عارف عبد الرزاق: يعني كان عندما التقينا مع ضباط داخل العراق، لأن لم أحد يكتشفهم يعني.. كل من يكشفوه كان (....) فكان هناك ضابط سوري اسمه عبد الوهاب الخطيب كان هو الوكيل مال الاتصال مع كل الضباط اللي هناك في بغداد، وكانت الرسائل مستمرة بينا وبينهم، وكان طبعًا مع إنه كانت تيجي على جواز الإرسال مال العسكر المصريين، كان المصريين يعرفون بيها، لكن كانوا يغضون الطرف، إلى أن شافوا إنه توجه الساسة بالعراق اتجه اتجاه غير.. غير.. غير وحدوي، يعني مثلاً عبد الرحمن البزاز كان يروح يزور السعودية، ويبعث وزير وحدة.. لا شأن له وعبد الرزاق محيي الدين لزيارة مصر، فمصر استكبرت الموضوع إنه.. إنه يعني قل الاهتمام بها، ابتدت تساعدنا يعني موضوعياً.
أحمد منصور: أنت في هذا الوقت بدأت تُعد لمحاولة انقلابية جديدة؟
عارف عبد الرزاق: أنا المحاولة ما انقطعت من.. من مُخيلتي حتى في الزمن الأولاني، حتى أرسلنا الضباط وممد أعطينا الضباط .. اتصلنا اجت بجوازات مزورة، وبعثنا واحد بجواز مزور إلى العراق، وكنا في طريقنا إلى .. إيجاد جوازات مزورة والهرب من.. من مصر
أحمد منصور: هناك محاولة أخرى سعيت للقيام بها في 30 يونيو/ حزيران، لكن قبل أن أصل لها ودور المصريين اللي لعبوه معكم فيها، تقييمك إيه للمحاولة التي قمت بها على عبد السلام عارف في 16 أيلول 65؟
عارف عبد الرزاق: والله أنا أعتقد الخطأ فيها كان خطأ في التوقيت إنه.. وبعدين ألوم ضباط الركن أنهم استلموا مكالمة تليفونية (...) تبعد 15 دقائق أو ربع ساعة بالسيارة كانوا راحوا يستطلعون الأمر، لا يعتبرون إن هذا الرسالة إن ها الرسالة كان من مجهول.. من ضابط..
أحمد منصور: ألا تُحمل نفسك المسؤولية أنك ما أتحت الفرصة لعبد السلام عارف؟ لو استقبلت ما استكبرت؟
(11/387)
عارف عبد الرزاق: أنا قلت أنا.. أنا.. أنا قلت أنا لا أحمل عبد السلام عارف.. عبد السلام عارف جربناه سنتين لا يمكن أن ينعدل، لكن أنا أقول أنا يعني.. كل ما هنالك كنت أستطيع أن.. جلب سعيد صليبي إلى جانبي أكثر، لكن القوة الأخرى اللي يقول أنه الانقلاب وعبد السلام عارف بره نسبة نجاحه أكثر.
أحمد منصور: دعمكم المصريون للقيام بمحاولة انقلابية أخرى وتسللت سراً إلى العراق في الرابع من يونيو عام 66، وجمَّعت الضباط للقيام بمحاولة انقلابية سعيت.
عارف عبد الرزاق: أنا آخر واحد.. نعم.
أحمد منصور: في 30 حزيران 66، لكنها أيضاً فشلت..
عارف عبد الرزاق: نعم.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة والأخيرة أتناول المحاولة الانقلابية الثانية لك ومشاركتك في حرب العام 67.
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.
في الحلقة القادمة والأخيرة من شهادة السيد عارف عبد الرزاق نواصل الاستماع إليه.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/388)
الحلقة11(11/389)
الثلاثاء 5/1/1423هـ الموافق 19/3/2002م، (توقيت النشر) الساعة: 13:56(مكة المكرمة)،10:56(غرينيتش)
العراق من الملكية إلى الجمهورية كما يراها عارف عبد الرزاق – الحلقة 11 والأخيرة
مقدم الحلقة
أحمد منصور
ضيف الحلقة
عارف عبد الرزاق، رئيس وزراء العراق الأسبق
تاريخ الحلقة
17/03/2002
- المحاولة الانقلابية الثانية ودور مصر فيها
- الاختراق البريطاني لصفوف الانقلابيين وفشل المحاولة
- مشاركة عارف في حرب يونيو 67 وأسباب الهزيمة
- انقلاب البعثيين وأسباب نجاحهم وخروج عارف من العراق
- تقييمه للأعمال التي قام بها وتعليقه على الأحداث
أحمد منصور عارف عبد الرزاق
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عارف عبد الرزاق (رئيس وزراء العراق الأسبق). سيد عارف، مرحباً بك.
عارف عبد الرزاق: أهلاً وسهلاً.
المحاولة الانقلابية الثانية ودور مصر فيها
أحمد منصور: فشلت المحاولة الانقلابية الأولى التي قمت بها أثناء ما كنت رئيساً للوزراء في السادس عشر من أيلول/سبتمبر عام 65، لجأت إلى القاهرة بطائرة مع كبار الضباط الذين شاركوا معك في الانقلاب، قُتل عبد السلام عارف أو في حادث طائرة في.. في 13 أبريل/نيسان عام 66، وطوال تلك الفترة منذ لجؤك إلى القاهرة إلى مقتل عبد السلام عارف كانت معاملة القاهرة لكم يعني إلى حدٍ ما كان فيها شيء من العزلة، بعد ذلك تغيرت المعاملة، وبدأت تخطط مرة أخرى لانقلابٍ جديد، ما الذي أدى إلى تغير موقف القاهرة منكم؟
عارف عبد الرزاق: ذكرت بالحلقة السابقة إنه التغير السياسة بعد مجيء عبد الرحمن البزاز، شافوا به انحراف نحو السعودية واتجاه.
أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعاً عبد الرحمن البزاز –عفواً- كان أول رئيس وزراء مدني منذ قيام انقلاب 58، عينه عبد السلام عارف بعدك مباشرة.
(11/390)
عارف عبد الرزاق: إذ إنه الأولاني كان عبد الكريم قاسم، وبعدين طاهر يحيى، يعني ما صار به مسكه كان هو كان نائب مالي.. بتاع...
أحمد منصور: كان نائب رئيس وزراء ووزير خارجية في حكومة.. بدأ بعض الضباط لديك يتسللوا سراً إلى العراق، مصر وافقت على منحكم جوازات، ألم يكن هذا فيه شيء من التورُّط المصري المباشر في تلك المحاولة؟
عارف عبد الرزاق: ما هو أنا قلت في البداية لما كان في زمن.. عبد السلام عارف كان مُنعنا حتى من الحج، وبدأنا الالتجاء إلى جوازات سفر مزورة، لكن بعد مقتل عبد السلام عارف وتطور الأوضاع كان هناك رأي قومي موجود بالموضوع يعني مرة التيارات الموجودة فاتصل به مرة شمس بدران.
أحمد منصور: كان وزير الحربية.
عارف عبد الرزاق: وزير الحربية، وقال إنهم يريدوك في العراق، لكن لا نريدك تسافر وبين.. بين موجود (….)، لا نريدك أن تسافر على طائرات مصرية، حتى ولا على خطوط مصرية.
أحمد منصور: ماذا يعني يريدوك في العراق؟
عارف عبد الرزاق: يعني القوميين في العراق أو.. الناس في العراق يريدوك.
أحمد منصور: أي ناس، بتوع الحكومة أم..؟
عارف عبد الرزاق: لأ، يقصد الضباط اللي كانوا موجودين.. كان المراسلات مع.. قلت لك مع الضابط المقدم عبد الوهاب الخطيب، كان هو ممثلنا هناك.
أحمد منصور: الضباط القوميين؟
عارف عبد الرزاق: الضباط القوميين، وكان التنظيم بعده ماشي رغم وجودنا في القاهرة، كان التنظيم موجود.
أحمد منصور: كان تنظيم ماشي على نظامه الأول؟
عارف عبد الرزاق: على المقام الأولاني، على نفس التنظيم هو الأولاني، يمكن.
أحمد منصور[مقاطعاً]: زي مواصفات التنظيم اللي تكلمنا عنها قبل كده.
عارف عبد الرزاق: لأ، يعني إحنا قلنا يعني شكلنا عدة لجان.. واللجان كانت مستمرة للقيام بيها، ابتدى...
(11/391)
أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني عفواً هنا كلمك شمس بدران على إنك ممكن تروح على طائرة عادية تعود إلى العراق؟ ولم تكن الحكومة العراقية لتقبض عليك؟ ألم تكن متهماً بالقيام بمحاولة انقلابية؟
عارف عبد الرزاق: كل ما.. كل الأمر أنه عبد الحميد سراج لما راح مع جملة الناس المعزيين.
أحمد منصور: المعزيين في..
عارف عبد الرزاق: مع.. مع عبد الحكيم عامر.
أحمد منصور: عبد الرحمن عارف.. في عبد السلام عارف..
عارف عبد الرزاق: نعم؟ في وفاة عبد السلام عارف نعم، راح اتصل بسعيد صليبي في.. في وزارة الدفاع، فسعيد صليبي قال له وأين عارف عبد الرزاق؟ قال له ما.. ألم يأت معك؟ فقال عبد الحميد سراج: هل تريدني أبعث برقية بمجيئه؟ فتردد عبد العزيز...
أحمد منصور: سعيد صليبي.
عارف عبد الرزاق: سعيد صليبي وقال: ليس الآن، لكن إن شاء الله سيرجع.
أحمد منصور: معنى ذلك إنه فيه انفراج من..
عارف عبد الرزاق: لكن الضباط القوميين.. الضباط القوميين هم تنظيم مالنا طلبوا رجوعي، طلبوا رجوعي على أساس القيام بعملية ضد عبد الرحمن عارف، هُمَّ.. هُمَّ يعني تنظيم طلب الرجوع.
أحمد منصور: يعني ما تبتوش من العملية اللي فاتت؟
عارف عبد الرزاق: نعم؟
أحمد منصور: ألم تتوبوا من العملية..؟
عارف عبد الرزاق: لأ، لو أتهيأت لي الظروف الآن لأعمل انقلاب أنا..
أحمد منصور: مرة أخرى؟
عارف عبد الرزاق: والله وعشرين مرة إلى أن أحقق.
أحمد منصور: تعمل انقلاب على الرئيس صدام؟
عارف عبد الرزاق: أو أفنى دونه.
أحمد منصور: نعم؟
عارف عبد الرزاق: إما أُحقق الوحدة أو أفنى دونها.
على كل جاني سامي شرف مرة وأعطاني 300 Pound إنجليزي، قال: أساساً كان يريدون عبد الأمير الربيعي.
أحمد منصور: سامي شرف كان مدير مكتب الرئيس عبد الناصر.
(11/392)
عارف عبد الرزاق: ومنذر الرويسي يسافرون عن طريق بيروت فكان عطى لكل واحد منهم 100 إسترليني أُعطيت لعبد الأمير الربيعي وإلى منذر الرويسي اللي هو الآن في إنجلترا، وهناك.. وبقيت 100 أعطيناها لكل إرسالية 20 دينار مع بعض الدنانير العراقية لمساعدتهم على الصرف في الطريق.
أحمد منصور: يعني كده مصر دخلت بشكل مباشر في عملية تسيير المحاولة الانقلابية؟
عارف عبد الرزاق: دخلت بشكل مباشر، وأعطتنا جوازات سفر.. بأسماء مزورة، همَّ اللي عطونا..
أحمد منصور: مصرية؟
عارف عبد الرزاق: ونقلونا إلى.. ساعدونا في النقل إلى السفارة المصرية في الكويت، ومن هناك تسللنا إلى بسيارات دبلوماسية مصرية إلى السفارة المصرية، ومن هناك اعتمدنا على التنظيم اللي كان موجود هناك.
أحمد منصور: يعني هنا في المرة الأولى مصر لم تكن على علم بمحاولتك الانقلابية، في المرة الثانية مصر هي التي وقفت وراء تلك المحاولة.
عارف عبد الرزاق: ساعدتنا في الوصول ولم تقف معنا، لأنه طلبنا من عندهم عتاد في.. كان عندهم قوة في التاجي، دبابات حوالي مائة دبابة، فطلبنا منهم عتاد فرفضوا أن يعطونا قالوا: إلى أن تبين نتائج النزاعات.
أحمد منصور: طبعاً.
عارف عبد الرزاق: فنتائج.. بعد ما قدرنا نحتاجها، فعلى كلٍ..
أحمد منصور: يعني على الأقل بداية نجاح الانقلاب ممكن يدعموكم، لكن تورُّط مباشر هكذا يكفي أنهم قدموا لكم الدعم الكفيل لعودتكم.
عارف عبد الرزاق: على كل حال هذه ظروف سياسية ما بدي أخوض بها.. وخارج.. خارج الشهادة..
أحمد منصور: وصلت في 4 يونيو 66 متسللاً سراً إلى العراق.
عارف عبد الرزاق: متسللاً..
أحمد منصور: وبدأت ترتب، كيف بدأت اتصالاتك وتدبير عملية الانقلاب؟
(11/393)
عارف عبد الرزاق: اتصالاتي كان.. كان المقدم عبد الوهاب الخطيب لكل الضباط اللي راحوا أوجد لهم بيوت سرية سكنوا فيها، وكان يمولنا هو الرجل في.. المواد الغذائية وفي احتياجاتنا الخارجية وكلها خارجية، كل الضباط –على ذكر الفلوس- كل الضباط راحوا.. لم يصرف منها أي فلس، ولا أخدوها إلا عدا عدنان.. عرفان عبد القادر وجدي وممتاز سعدون قالوا: لم نصرف بها فأعادوا الفلوس فبعثتها إلى زوجة ممتاز سعدون، لأنها كانت ما عندها مال.. لم يكن لديها مال، فاتصلنا بضباطنا اللي موجودين هناك...
أحمد منصور[مقاطعاً]: لم تكن الحكومة العراقية على علم بتصرفكم (...) الضباط الآخرين.
الاختراق البريطاني لصفوف الانقلابيين وفشل المحاولة
عارف عبد الرزاق: بتصرفي لم.. لم تطلع، لكن أخذت علم بعد مرور حوالي 10 أيام عن طريق السفير القائم بالأعمال البريطاني.
أحمد منصور: هنا بقى كيف استطاع البريطانيون أن يكشفوا..
عارف عبد الرزاق: لهم عيونهم.. لهم عيونهم..
أحمد منصور: معنى ذلك أنكم مخترقون؟
عارف عبد الرزاق: لأ، مش إحنا اللي مخترقون، يعني اختُرقنا من طريق آخر، أنا عندي شك بنقطتين.. باثنين كان الضابط اللي انهزم اللي اسمه منير روفه، كان..
أحمد منصور: منير روفه ده الطيار الإسرائيلي في تموز 66.
عارف عبد الرزاق: كان نعمة.. نعمة الدليمي كان واخد رضاه، فاحتمال إنه نعمة سرب له خبر.
أحمد منصور: نعمة دليمي كان أحد ضباطكم؟
عارف عبد الرزاق: كان أحد ضباطنا.
أحمد منصور: وكان على علاقة بيه..
عارف عبد الرزاق: لأ مش كان.. هو كضباط كان ملاكم، وكان ضابط عنده في السرب، فكان حبه يعني يجوز أفشي، أنا ما.. ما نعمة..
أحمد منصور: لا تدخل مرة أخرى في قضية إفشاء الأسرار.
عارف عبد الرزاق: إفشاء الأسرار آه، لأ، ما كان.. ما.. هو ما كانش نعمة ما كانش سكير ولا كان يشرب.
أحمد منصور: لكن فيه ضابط سكير آخر سرب الخبر.
(11/394)
عارف عبد الرزاق: هو لأ، ما كان سكير نعمة، نعمة لم يشرب، لكن هو قد يكون عبد الله.
أحمد منصور: فيه ضابط سكير آخر سرب الخبر.
عارف عبد الرزاق: ضابط سكير آخر كان احتمال أنه يكون هو سرب الخبر، احتمال يكون هو ما عندي شك.. ما عنديش يقين عليها، على كل حال اتصل بوزير المالية شكري صالح زكي، وشكري صالح زكي اتصل بعبد الرحمن.. عبد الرحمن البزاز، وعبد الرحمن البزاز اتصل برئيس الجمهورية أمام شاكر محمود شكري اللي هو نسيب صبحي عبد الحميد، فبلَّغ صبحي عبد الحميد بالخبر، وفعلاً كان عندنا حركة خلال 6 أيام، وأجلناها 15 يوم على هذا الخبر.
أحمد منصور: يعني الآن كُشفت الحركة عن طريق البريطانيين هذه المرة؟
عارف عبد الرزاق: كُشفت عن طريق البريطانيين.
أحمد منصور: ومع ذلك صممت أيضاً على القيام بالتحرك.
عارف عبد الرزاق: أجلناها 15 يوم، أجلناها 15 يوم.
أحمد منصور: هل هي كفيلة لإعادة ترتيب الأمور؟
عارف عبد الرزاق: الأمور كانت موجودة، وكانت الهيئة يعني كل الخطة كان ما يخر منها نقطة ماء، لكن مع الأسف مشيئة الله وجبن بعض القادة هو اللي..
أحمد منصور: إزاي دا الميه خرت من كل جانب؟
عارف عبد الرزاق: لأ، ما خرتش..
أحمد منصور: بعدين..
عارف عبد الرزاق: لأ، لم.. لم تجرِ أي انقلاب في العراق يشترك بيه الحبَّانية، والموصول، وكركوك، وبغداد..
أحمد منصور: ويفشل.. ويفشل..
عارف عبد الرزاق: ويفشل.. ويفشل..
أحمد منصور: مثل.. لم يحدث انقلاب في العراق قام به رئيس وزراء وفشل، قام.. حدث انقلاب رئيس وزراء وفشل.
عارف عبد الرزاق: بمشيئة الله.. مشيئة، أعزيها لمشيئة الله.
أحمد منصور: كل شيء فيه أسباب يعني.
عارف عبد الرزاق: وجبن.. وجبن بعض القادة، جبن بعض القادة.
أحمد منصور: إيه الأسباب التي.. أولاً: كيف كان ترتيبك للانقلاب بشكل موجز؟
(11/395)
عارف عبد الرزاق: الخطة الأولانية نعرف إنه المرسلات في.. في (أبو غُريب) كان محطة الإذاعة الأستوديو في بغداد داخل بغداد، وكان يغذيها مجموعتين مرسلات واحدة بنسميها (إمباك) وواحدة من أبو غُريب، فاللي نسميها (إمباك) كانت متروكة وأبو غُريب كانت هي عاملة، ونعرف إن عبد السلام عارف شال قسم من.. مولد، لو انقطع التيار الكهربائي مولد دينمو حتى يقيمنا، فيخرب قسم من المولد، فاعتمدنا على شخص يصلح الدينمو، واعتمدنا على شخص.. لو انقطع الكهرباء، لأنه ما أعرف يعني مفتاح الكهرباء فين بإنه محطة تحويل في جسر (الخر) يعبرنا خط على أبو غريب الموجود بيها، لأنه قلنا إحنا أفضل الحلول أنه يكون إحنا عندنا إذاعة والحكومة ليس لها إذاعة.
أحمد منصور: دايماً أنت بتركز على الإذاعة كشيء أساسي؟
عارف عبد الرزاق: الإذاعة مهمة في.. في مثل هذه الحركات هي لأن أكثر الناس انتهازيين ويكتبون البرقيات للتهاني لهذه الجهة أو دي أو ديك.
أحمد منصور: طيب الأدوات التي اعتمدت عليها في الانقلاب الإذاعة، القوات الجوية..
عارف عبد الرزاق: والدروع.
أحمد منصور: والدروع اللي هي الدبابات يعني أو قوات المشاة، المدرعات.. كنت مستوثق.. كنت مستوثقاً من كل من سيقومون بهذا الانقلاب.
عارف عبد الرزاق: أنا اتصلت فيهم كلهم، أنا اتصلت فيهم.. شخصياً.. أنا تركت كلهم أصروا على قيام القوة الجوية بالصفحة الافتتاحية، فالقوة الجوية في ذاك الوقت كانت أكو حركات بالشمال مع الأكراد، فالسرب السادس في الموصل والسرب الرابع في كركوك وسربين في بغداد، سرب M12، 19 في بغداد وكان سرب اليوشن.. سرب اليوشن بالشمال، ده كان سرب قاصف موجود في الحبانية.
أحمد منصور: يوم 30/6 كيف تحركتم؟ وكيف فشل الانقلاب؟
(11/396)